دعوى وفاة ووراثة
F محمد عبده .
رمضان 1317 هجرية
M 1 - الحكم بالوفاة والوراثة متى استوفى شرائطه الشرعية اللازمة كان صحيحا شرعا .
2 - ادعاء الخصم قيام أدلة على بطلان الحكم والدعوى بعد أن حاز الحكم على قوة الأحكام القضائية بعدم استئناف فى الميعاد لا يلتفت إليه بشرط أن يكون هذا الادعاء من خصم كان ممثلا فى الدعوى .
3 - ادعاء الخصم عدم العلم بمضى ميعاد الاستئناف بناء على عدم العلم بصدور الحكم غير معتبر
Q بإفادة من نظارة الحقانية مؤرخة أول يناير سنة 1900 29 شعبان سنة 1317 نمرة 1 مضمونها أنه ورد لها مكاتبة من المالية رقم 20 ديسمبر سنة 1899 نمرة 325 ثبت ادعاء موسى خطاب وأختيه الوراثة فى الحرمة فاطمة بنت السيد خطاب المتوفية عن بيت المال ومعها الأوراق عدد 19 بما فيها الإعلام الصادر من محكمة مديرية المنوفية بتاريخ 29 مارس سنة 1899 بثبوت وراثتهم لها ورغبت الاطلاع على ذلك والإفادة بما يقتضيه الحكم الشرعى فى الإعلام وفيما ذكر بالأوراق
An اطلعت على الإعلام الشرعى الصادر من محكمة مديرية المنوفية بتاريخ 29 مارس سنة 1899 القاضى بثبوت وراثة موسى خطاب وأختيه للحرمة فاطمة بنت السيد خطاب وعلى ما جاء فى خطاب المالية والأوراق المرتبطة بالقضية .
أما الإعلام فقد وجد صحيحا مستوفيا الشرائط اللازمة للحكم وقد صرح فيه بأن المأذون بالمخاصمة عن المالية لم يأت بطعن فى أدلة المدعين فتكون الأدلة مثبتة للدعوى .
ولو صح ما ادعته المالية من قيام أدلة على بطلان الدعوى لكان الواجب ذكرها فى المرافعة .
فلو ذكرت وأضربت عنها المحكمة ولم تعتبرها من مبطلات الدعوى لكان الواجب على المالية استئناف الحكم وعرض أدلتها على المحكمة العليا لتنظر فيها لكن لا يظهر من الأوراق أنها قامت بشىء من ذلك بل صرحت بأن ميعاد الاستئناف قد مضى بدون أن تعلم بصدوره فيكون الحكم قد حاز قوة الأحكام النهائية فلا يجوز الطعن فيه الآن ممن صدر فى وجه وكليه .
ولعل عناية سعادتكم تتوجه إلى أن تبسطوا لنظارة المالية ما تحتوى عليه اللوائح المحددة لاختصاص المحاكم الشرعية الابتدائية منها والاستئنافية ليراعى قلم قضاياها أحكام تلك اللوائح فى القضايا التى ترفع أمامها ولا يلتجئ إلى الاستفتاء فيما لا يحتاج إليه وطيه الأوراق عدد 20(5/455)
ادعاء الحمل
F محمد بخيت .
ربيع الأول 1338 هجرية 11 ديسمبر 1939 م
Mأكثر مدة الحمل سنتان فقط
Q رجل توفى عن زوجته وبنته وأخويه لأبيه وهما ذكر وأنثى فقط وعند تقسيم التركة على الورثة المذكورين .
ادعت الزوجة أنها حامل وحصلت على قرار وصاية على الحمل المدعى من المجلس الحسبى .
والحقيقة أنها لم تكن حاملا ولكنها تقصد عدم قسمة التركة والإضرار بالورثة ومضى على ذلك سنتان وثلاثة أشهر و 18 يوم .
فهل إذا ادعت الزوجة المذكورة أنها حامل إلى الآن تسمع دعواها وتوقف قسمة التركة أو لا تسمع وتعتبر كاذبة فى دعواها
An نفيد أن أكثر مدة الحمل باتفاق الحنفية سنتان ولا تزيد عن ذلك لحظة واحدة .
ومن ذلك يعلم أن زوجة المتوفى إذا ادعت الحمل بعد وفاته ومضت سنتان ولم تضع حملا كانت دعواها .
باطلة ولا تصدق شرعا(5/456)
دعوى الوفاة والوراثة
F عبد المجيد سليم .
ذى القعدة 1351 هجرية 21 مارس 1933 م
Mتسمع دعوى النسب ضمن دعوى المال مطلقا، وتسمع فيها البينة وليست دعوى اقرار بالنسب، حتى لا تسمع عملا بالمادة 98 من القانون 78 سنة 1931 وليست دعوى نسب مجردة عن المال حتى لا تسمع بعد وفاة الوالد .
لأنها بتجردها عن المال تكون من الدعاوى الشخصية التى لا ترفع إلا على المتوفى شخصيا ولا تسمع مجردة على الوراث
Q شخص توفى عن أولاده ومنهم بنت قاصر رضيعة أدعت أمها على باقى أولاد المتوفى وفاته ووراثة بنتها القاصر الرضيعة لنصيبها فى تركته فأنكر المدعى عليهم بنوتها للمتوفى ووراثتها .
فهل لو كان ولى الأمر قد منع من سماع دعوى الاقرار بالنسب بعد وفاة المورث إلا اذا وجدت أوراق تدل على صحة الدعوى تكون دعوى أم الصغيرة المذكورة لبنتها المذكورة بوراثتها لنصيبها فى المتوفى المذكور من قبيل دعوى الاقرار بالنسب فلا تسمع إلا اذا وجدت الأوراق المذكورة، أم أن الدعوى ليست من هذا القبيل فتسمع مطلقا (بصرف النظر عن وجود الأوراق المشار اليها) وتقبل البينة عليها ويحكم بها
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأن دعوى النسب نفسه غير دعوى الاقرار به .
فما اشترطه ولى الأمر فى سماع دعوى الاقرار بالنسب فى المادة 98 من القانون رقم 78 لسنة 1931 ليس شرطا فى سماع دعوى النسب نفسه .
وعلى هذا العمل فى المحاكم الشرعية .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(5/457)
مصروفات المأتم
F محمد عبده .
محرم 1320 هجرية
M 1 - إنفاق أحد الورثة فى المأتم ونحوه بلا وصية من الميت ولا إذن من الورثة يحتسب ذلك من نصيبه إن كان ما صرفه من مال التركة ويكون تبرعا منه إذا كان ما أنفق من مال نفسه .
2 - له الرجوع على التركة بما أنفق فى تكفين الميت كفن مثله ولو بغير إذن الوارث
Q من محمود يوسف فى رجل مات عن زوجة وابن أخ ثم إن الزوجة ادعت أنها صرفت على مأتمه مصاريف مثل أجره فراش وطباخ وفقهاء عتاقة وإسقاط صلاة وغير ذلك .
مع أن المتوفى لم تصدر منه وصية بعمل شىء مما ذكر، ولم يأذنها ابن الأخ المذكور بشىء من ذلك .
فهل لها الرجوع عليه بما يخصه فيما ادعت صرفه أولا ترجع إلا بما يخصه فى التكفين أفيدوا الجواب
An المعروف فى كتب الفقه أنه إذا أنفق أحد الورثة للمأتم وشراء الشمع ونحوه بلا وصية ولا إذن من باقى الورثة فإنه تحسب من نصيبه، ولو كان ذلك من مال نفسه يكون متبرعا به كما فى العقود نقلا عن حاوى الزاهدى وعلى هذا يحسب ماصرفته هذه الزوجة فى لوازم المأتم وإسقاط الصلاة وغير ذلك من نصيبها إن كان ما صرفته من التركة أما لو كان من مال نفسها فإنها تعد متبرعة به حيث كان ذلك بلا وصية ولا إذن من ذلك الوارث الآخر، ولا حق لها فى الرجوع بشىء من ذلك .
نعم لها أن ترجع فى التركة بما أنفقته من مالها فى تكفين المورث كفن المثل ولو كن يغير إذن ذلك الوارث .
واللّه تعالى أعلم(5/458)
كفن الميت
F بكرى الصدفى .
ربيع الأول 1330 هجرية
M 1 - كفن السنة للرجل إزار وقميص ولفاقة، وكفن الكفاية إزار ولفافة، وكفن الضرورة ما وجد .
2 - يخاط الكفن خياطة خفيفة، وهى ما تعرف بالشل ولا حاجة إلى كفها أى خيطاتها مرة أخرى
Q كيف يكفن الميت شرعا
An فى الهندية كفن الرجل سنة إزار وقميص ولفافة، وكفاية إزار ولفافة وضرورة ما وجد، هكذا فى الكنز .
والإزار من القرن إلى القدم واللفافة كذلك، والقميص من أصل العنق إلى القدم، كذا فى الهداية بلا جيب ودخريص وكمين كذا فى الكافى - انتهى - وفى نور الإيضاح وشرحه ( ولايجعل لقميصه كم ) لأنه لحاجة الحى (ولا دخريص) لأنه لا يفعل إلا للحى ليتسع الأسفل للمشى فيه (ولا جيب) وهو الشق النازل على الصدر لأنه لحاجة الحى .
فيكفى بقدر ما يدخل منه الرأس (ولا تكف أطرافه) لأن ذلك لصيانته ولا حاجة إليها .
ولو كفت جاز بلا كراهة على الصحيح أفادة القهستانى انتهى .
بتصرف وزيادة من حاشية السيد الطحطاوى ونحوه فى البحر وغيره .
وفى مختار الصحاح ما نصه . وكف الثوب خاط حاشيته وهى الخياطة الثانية بعد الشل .
ومن ذلك يعلم أن قيمص الميت لاخياطة فيه ثانية، ويشق بقدر ما يدخل الرأس، وهو من أصل العنق إلى القدمين إلى آخر ما سبق بيانه .
وفى مختار الصحاح أيضا مانصه شل الثوب خاطه خياطة خفيفة .
والحاصل أن قميص الميت تكفى فى أطرافه الخياطة الخفيفة التى هى الخياطة الأولى وهى الشل، ولا حاجة إلى كفها الذى هو الخياطة الثانية، لأنه للصيانة ولا حاجة إليها .
هذا ما ظهر لى فى جواب هذا السؤال .
واللّه تعالى أعلم(5/459)
الحكم فى كفن الزوجة
F بكرى الصدفى .
ربيع الثانى 1331 هجرية
M 1 - الأصل أن كفن من لا مال له يجب على من تجب عليه نفقته وأن من له مال يكون كفنه فى ماله، إلا فى الزوجة فإن تكفينها واجب على الزوج موسرة كانت أو معسرة اعتبارا بالنفقة .
2 - إذا كان هناك مانع من وجوب النفقة على الزوج كما فى حالة نشوزها أو صغرها فلا يجب تكفينها على الزوج .
3 - إذا كانت ناشزا أو صغيرة ولها مال كان كفنها فى مالها وإلا كان على من تجب عليه نفقتها من ذوى قرباها
Q توفيت امرأة عن زوجها وأبيها وأمها وتركت مؤخر صداقها فى ذمة زوجها، كما تركت مصاغ وكفنها زوجها وقام بما يلزم لدفنها على الوجه الشرعى .
فهل ذلك يكون على الزوج خاصة ولا يلزم باقى الورثة منه شىء أو يكون له أن يحتسب ذلك فى تركتها التى عنده
An فى التنوير وشرحه .
وكفن من لا مال له على من تجب عليه نفقته واختلف فى الزوج .
والفتوى على وجوب كفنها عليه عند الثانى وإن تركت مالا ورجحة فى البحر بأنه الظاهر، لأن ككسوتها انتهى ملخصا .
ونقل فى رد المحتار بعد ذكر الخلاف فى ذلك مانصه .
والذى اختاره فى البحر لزومه عليه موسرا أولا، لها مال أو لا، لأنه ككسوتها وهى واجبة عليه مطلقا قال وصححه فى نفقات الولوالجية .
ثم قال قال فى الحلية ينبغى أن يكون محل الخلاف ما إذا لم يقم بها مانع يمنع الوجوب عليه حالة الموت من نشوزها أو صغرها ونحو ذلك .
وهو وجيه لأنه إذا اعتبر لزوم الكفن بلزوم النفقة سقط بما يسقطها .
ومن ذلك يعلم أن الكفن والتجهيز الشرعيين فى هذه الحادثة واجبان على الزوج فى ماله خاصة ولو كانت غنية على مارجحه فى البحر متى كان الأمر كما ذكر والله تعالى أعلم(5/460)
تجهيز الزوجة المتوفاة وأجر علاجها
F محمد بخيت .
جماد آخر 1338 هجرية 23 فبراير 1920 م
Mيجب على الزوج شرعا تجهيز زوجته المتوفاة من ماله ولو كانت غنية .
وذلك بفعل ماتحتاجه من حين موتها إلى حين دفنها من الكفن الوسط عددا وقيمة .
وكذا أجرة مثل الحمل والمصاريف اللازمة حتى القبر .
و ما عدا ذلك من الإنفاق فى أجرة الأطباء وثمن الأدوية وفى ليالى المأتم والأخمسة لايلزم الزوج
Q خرجت الزوجة إلى منزل والدها بدون إذن زوجها .
فمرضت عند أبيها .
فصرف عليها والدها عند الأطباء واشترى لها الأدوية .
وبعد موتها عمل لها والدها مأتما صرف عليه مبالغ طائلة . فهل له حق الرجوع على زوجها بما أنفقه عليها فى أجرة الأطباء والأدوية، والنفقات الطائلة التى صرفها فى التكفين والتجهيز والمأتم أم لا ويعتبر متبرعا .
علما بأنه لم يشهد على الزوج بما أنفق .
وإذا كان له حق الرجوع على الزوج . فما هو الشىء المطالب به الزوج شرعا
An اطلعنا على هذا السؤال - ونفيد أنه قال فى رد المحتار نقلا عن الجوهرة بصحيفة 1003 جزء ثان طبعه أميرية سنة 1286 مانصه (ويجب عليه ما تنظف به وتزيل الوسخ كالمشط والدهن والسدر والخطمى والاشنان والصابون على عادة أهل البلد .
أما الخضاب والكحل فلا تلزمه، بل هو على اختياره .
وأما الطيب فيجب عليه ما يقطع به السهوكة ( الرائحة الكريهة ) لا غبر، وعليه ما تقطع به الصنان لا الدواء للمرض ولا أجرة الطبيب ) .
وفى الفتاوى المهدية بصحيفة 5 جزء 7 مانصه (سئل فى امرأة ماتت فى حياة والدها وزوجها فجهزها والدها زيادة عن الكفن الشرعى عددا بغير إذا فهل لا يجاب لذلك أجاب- كفن المرأة على زوجها للأب الرجوع بما أنفقه فى الكفن ولا بد من كون ذلك من غير إسراف بحسب ما ذكره الأئمة فى كفن السنة .
ومراعاة حال المرأة بما تلبسه للزيارة، وليس له الرجوع بما زاد على ذلك والله أعلم ) انتهى - ونصوا على أنه يجب على الزوج شرعا تجهيز زوجته المتوفاة من ماله ولو كانت غنية على قول أبى يوسف المفتى به، وذلك يفعل ما تحتاجه من حين موتها إلى حين دفنها من الكنف الوسط عددا وهو كفن السنة بأن يكون خمسة أثواب .
وهى إزار وقميص ولفافة وخمار وخرقة يربط بها ثدياها، وقيمة بأن يكون من نوع ما تلبسه فى حياتها لزيارة أبوبها وكذلك أجرة مثل الحمل والمصاريف اللازمة حتى القبر .
وما عدا ذلك من الإنفاق فى ليالى المأتم والأخمسة لا يلزم الزوج - ومن ذلك يعلم أنه ليس لأب المتوفاة المذكورة حق الرجوع على زوجها بما أنفقه فى أجرة الأطباء وثمن الأدوية .
كما أنه ليس له حق الرجوع عليه بما زاد عن تجهيزها وتكفينها الشرعيين على الوجه المذكور .
لأن الواجب على الزوج هو فعل ما تحتاجه من حين موتها إلى دفنها من الكفن الوسط عددا على الوجه الذى بيناه وقيمه بأن يكون من نوع ماتلبسه فى حياتها لزيارة أبويها .
ومازاد على ذلك لا يلزمه، والله أعلم(5/461)
أجرة الطبيب وكفن الزوجة
F عبد الرحمن قراعة .
ذى القعدة 1341 هجرية - أول يوليو 1923 م
M 1 - يجب على الزوج شرعا أن يكفن زوجته المتوفاة من ماله ولو كانت غنية بفعل ما تحتاج إليه من حين موتها إلى حين دفنها .
2 - مصاريف العلاج التى صرفها عليها والدها لا تلزمه ولا تلزم الزوج ولكن للأب الرجوع بذلك فى تركتها متى كان الصرف بإذنها
Q مرضت امرأة ثم توفيت عن تركة .
وقد صرف عليها والدها أثناء مرضها مصاريف عند الأطباء لعلاجها وجهزها حين موتها، وقد استدان والدها كل هذه المصاريف على حسابها .
فهل ما صرفه والدها فى كلا الحالين يلزم به أو يلزم الزوج أو يكون دينا فى تركتها فيؤخذ منها
An المقرر شرعا أنه يجب على الزوج أن يجهز زوجته المتوفاة من ماله ولو كانت غنية على قول أبى يوسف المفتى به .
وذلك بأن يفعل ما تحتاج إليه من حين موتها إلى حين دفنها .
ويدخل فى ذلك تكفينها الكفن الوسط من جهة العدد والقيمة وأجرة الحمل والمصاريف للازمة للدفن حتى القبر .
وأما المصاريف التى صرفها والدها أثناء مرضها عند الأطباء لعلاجها فإنها لا تلزم الزوج ولا تلزم الأب، ومتى ثبت أن والدها صرفها بإذنها فيكون له الرجوع بما صرفه عليها من تركتها .
وهذا حيث كان الحال كما ذكر فى السؤال، والله أعلم(5/462)
ثمن الدواء والكفن للزوجة
F عبد الرحمن قراعة .
جماد آخر 1342 هجرية - 27 يناير 1924 م
M 1 - كفن المثل للمرأة وتجهيزها بما يلزم فعله من وقت وفاتها إلى دفنها بدون إسراف ولا تقتير على زوجها وما عدا ذلك فليس على الزوج والورثة شىء منه .
2 - مصاريف العلاج إن كانت بإذنها فهى من مالها الخاص، وإلا فلا حق لمن صرف فى الرجوع على تركتها لأنه متبرع فى هذه الحالة
Q زوجة توفيت عن زوجها ووالدتها وولدها القاصر، وهى موسرة فمن الملزم بمصاريف علاجها وخرجتها ودفنها وجنازتها ومأتمها، مع العلم بأن زوجها موسر .
وهل يلزم القاصر بجزء من المصاريف المذكورة وما المفروض شرعا فى تجهيز المتوفاة
An المنصوص عليه شرعا أن كفن المرأة على زوجها ولو كانت غنية على ما هو المعتمد .
ومنه يعلم أنه لا يلزم ابنها القاصر ولا غيره من ورثتها بشىء منه سوى زوجها .
والواجب على زوجها إنما هو كفن مثلها، وتجهيزها بما يلزم فعله من وقت وفاتها إلى دفنها بدون إسراف ولا تقتير .
وما عدا ذلك فليس على الزوج ولا الورثة شىء منه .
أما مصاريف علاجها قبل وفاتها فإنها تكون من مالها الخاص إذا كان ذلك بإذنها، فإن لم يكن الصرف بإذنها فلا حق لمن صرف فى الرجوع على تركتها، لأنه متبرع فى هذه الحالة .
والله أعلم(5/463)
لا يلزم الكفيل بتجهيز زوجة مكفولة المتوفاة
F عبد الرحمن قراعة .
شوال 1343 هجرية 16 مايو 1925 م
Mلا يلزم الكفيل فى أمور الزوجية بتجهيز وتكفين زوجة مكفوله لأن ذلك ليس من النفقة والكسوة والمسكن المكفول بها
Q من عبد اللطيف محمد .
فى رجل كفل ولده بقسيمة الزواج بما نصه (كفلت ولدى فيما يتعلق بحقوق الزوجية من النفقة والكسوة والمسكن لزوجته ولأولادها) فهل بموت الزوجة يدخل التجهيز والتكفين والمصاريف الأخرى التى تلزم لحين دفنها فى رمسها فى الكفالة ويكون الكفيل ملزما بتجهيزها وتكفينها أم لا - أفيدونا الجواب
An لا يدخل التجهيز والتكفين والمصاريف التى تلزم لحين دفن الزوجة المتوفاة المذكورة فى كفالة الأب ابنه الزوج فيما يتعلق بحقوق الزوجية من النفقة والكسوة والمسكن لزوجته ولأولادها - وذلك لأن التجهيز والتكفين والمصاريف المذكورة ليست من النفقة والكسوة والمسكن المكفول بها .
والله أعلم(5/464)
تكفين الميت
F عبد الرحمن قراعة .
جمادى الثانية 1344 هجرية - 31 ديسمبر 1925 م
M 1 - يبدأ من تركة الميت بتجهيزه ودفنه بلا تبذير ولا تقتير إلى حين دفنه والعبرة فى ذلك بأمثاله .
2 - للمنفق الرجوع على التركة بما أنفق فى الحدود المذكورة أما ما زاد عليها فإن كان بإذن الورثة أو بعضهم فله الرجوع وإلا فلا
Q من الأستاذ / الشيخ محمد جاد بما صورته .
فى رجل يدعى صالح محمد توفى عن وارثيه الشرعيين هما زوجته التى مات وهى على عصمته وابن عمه الشقيق، وترك لهما نصف منزل فقط، وقد صرف على مأتمه من تكفين وتجهيز وأجره حانوت وأجرة فراش وثمن طعام وأجرة وغير ذلك .
فهل تلزم التركة بجميع ذلك أم لا أفيدونا بالجواب
An المنصوص عليه شرعا أن يبدأ من تركة الميت بتجهيزه وتكفينه بدون تبذير ولا تقتير إلى حين دفنه .
ويعتبر فى التجهيز والتكفين ما يجرى فى أمثاله ومازاد على ذلك من مصاريف المأتم وأجرة الفراش والفقهاء وثمن الطعام وغير ذلك يلزم به من أنفقه لأنه متبرع .
إلا إذا أذنه به الورثة أو بعضهم فإنه يلزم من أذن به والله أعلم(5/465)
تكفين المراة غير لازم على أخيها
F عبد الرحمن قراعة .
ربيع الأول 1344 هجرية - أكتوبر 1926 م
Mلا يلزم الأخ بشىء من تكفين أخته وتجهيزها كأمثالها إلى أن توارى التراب .
وإنما ذلك على زوجها ولو كانت غنية
Q من محمود قناوى .
فى امرأة توفيت فى منزل زوجها ولها أخ شقيق، والمطلوب هل الملزم بتكفينها وتجهيزها وغير ذلك فيما يحتاج إليه شرعا زوجها أو أخوها، وما المطلوب لها شرعا لحين دفنها فى قبرها
An المنصوص عليه شرعا أن كفن المرأة وتجهيزها كأمثالها إلى أن توارى فى قبرها واجب على الزوج شرعا ولو كانت غنية .
وبه علم أنه لا يلزم الأخ فى هذه الحادثة شىء مما ذكر .
والله أعلم(5/466)
تشييع النساء للجنازة وتلقين الميت
F عبد الرحمن قراعة .
ربيع الآخر 1341 هجرية - 26 نوفمبر 1922 م
M 1 - خروج النساء لتشييع الجنازة مكروه كراهة تحريمية .
2 - تلقين الميت بعد دفنه غير ممنوع
Q ما الحكم الشرعى فى منع تشييع النساء للجنازات أو تعقهن لها ومنع تلقين الموتى داخل حدود الجبانات
An أما تشييع النساء وإتباعهن للجنائز فهو مكروه تحريما .
كما صرح به فى الدر المختار .
واستدلوا له بما رواه أبو يعلى على أنس رضى الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى جنازة فرأى نسوة فقال أتحملنه قلن لا، قال أتدفنه قلن لا، قال فارجعن مأزورات غير مأجورات نقله العلامة الطهطاوى فى حاشيته مراقى الفلاح عن شرح البدر البين على البخارى ومتى كان حكم الخروج الكراهة التحريمية كما علم كان المنع عنه سائغا وأما تلقين الميت بعد دفنه فقيل فى حكمه إنه مشروع، وقيل لا يلقن وقيل لا يؤمر به ولا ينهى عنه .
والذى أجنح إليه عدم المنع أخذا مما روى عن القاضى الكرمانى حينما سئل عنه فقال ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وإنما لا ينهى عن التلقين بعد الدفن لأنه لاضرر فيه، بل فيه نفع فإن الميت يستأنس بالذكر على مارود فى الآثار - ملخصا من حاشية مراقى الفلاح ورد المحتار - وتحرر هذا للمعلومية(5/467)
حمل الميت للدفن
F عبد الرحمن قراعة .
ذى القعدة 1344 هجرية 26 مايو 1926 م
M 1 - حمل الميت على أعناق الرجال هو المتعارف بين المسلمين من الصدر الأول إلى اليوم، أما حمله على دابة أو غيرها فمكروه، لأن فيه تشبيها للأموات بالأمتعة، وهو مناف لكرامتهم .
2 - إن كان البعد شاسعا والمشقة عظيمة بين مكان الوفاة ومكان الدفن فإنه فى هذه الحالة يسوغ حمل الميت على أداة من أدوات الحمل لذلك العذر
Q بخطاب المحافظة رقم 10 مايو سنة 1926 بما صورته لا يخفى على فضيلتكم أن مدينة القاهرة قد أصبحت مترامية الأطراف، وأن المبانى اتسعت فيها اتساعا كبيرا بحيث إن الإنسان قد يقضى بضعة ساعات سائرا على الأقدام لأجل الوصول من جهة إلى أخرى .
كذلك لا يخفى على فضيلتكم أن موتى المسلمين ينقلون إلى الجبانات المراد الدفن فيها بطريقة الحمل على الأكتاف، ويسير المشيعون خلف النعش من الجهة التى حصلت فيها الوفاة إلى المدفن، ويتحمل المشيعون فى هذا السبيل الكثير من العناء والمتاعب .
وبما أنه من المرغوب فيه معرفة رأى فضيلتكم عما إذا كان يحوز من الوجهة الشرعية تشييع جنازة المتوفى بالطريقة الجارية الآن إلى أقرب مسجد للمسكن الذى حصلت فيه الوفاة وبعد الصلاة على الجثة يحمل النعش على عربة أو ما يشاكلها، ويركب خلفه المشيعون على عربات أيضا إلى المدفن، وذلك لعرض الأمر على لجنة الجبانات المنظور عقدها قريبا .
فالأمل الإفادة عما يرى فى ذلك
An علم ما جاء بخطاب سعادتكم رقم 10 مايو سنة 1926 نمرة 653 والموافق للسنة هو حمل الميت على أعناق الرجال كما هو المتعارف بين المسلمين من من الصدر الأول إلى اليوم، أما حمله على دابة أو غيرها من أدوات الحمل فمكروه، لأن فيه تشبيها للأموات بالأمتعة وهو مناف لإكرامهم، ولا ينبغى أن يصار إلى هذا المكروه رفقا بالمشيعين الأحياء الذين لا يقومون بحمل الميت - نعم إن كان البعد شاسعا والمشقة عظيمة كما لو كان الميت فى مصر الجديدة والدفن فى قرافة الإمام الشافعى رضى الله عنه فإنه يسوغ حمل الميت فى هذه الحالة على أداة من أدوات الحمل لذلك العذر وتفضلوا بقبول فائق الاحترام(5/468)
حمل الميت للدفن
F عبد الرحمن قراعة .
شوال 1345 هجرية 18 ابريل 1927 م
M 1 - السنة هى حمل الميت على أعناق الرجال تكريما .
إلا إذا كان هناك بعد شاسع بين مكان الوفاة ومكان الدفن وكانت المشقة عظيمة، فإنه يجوز حمل الميت على أداة من أدوات الحمل .
2 - لا تقدير للمسافة بين محل الميت وبين المقبرة
Q بخطاب المحافظة رقم 16 المرسل فى سنة 1927 رقم 6159 وبالمستخرج من محضر جلسة اللجنة الفرعية الجبانات المرافق له ونص الخطاب كالآتى أتشرف بأن أحيط فضيلتكم علما أنه بالنسبة لما سبق وروده رقم 57 فتاوى فى 26 مارس سنة 1926 بخصوص تشييع جنازة الموتى ، قد اجتمعت اللجنة الفرعية للجنة جبانات المسلمين بمدينة القاهرة بديوان المحافظة اليوم، وبعد أن تناقشت فيه قررت ما هو واضح بالمستخرج المرفق طيه .
فنرجو التكرم بالإفادة بما يرى قبل الموعد المحدد، وصورة المستخرج نصها ( نظرت اللجنة الفرعية للجنة جبانات المسلمين بمدينة القاهرة والمنعقدة بديوان المحافظة فى يوم السبت 16 أبريل سنة 1927 فى موضوع تشييع جنازة الموتى إلى أقرب مسجد، وحمل النعش بعد ذلك على عربة أو ما شاكلها للمدافن، وذلك منعا لتحمل المشيعين كثيرا من العناء والمتاعب لسبب بعد المدافن، وقررت اللجنة بعد المناقشة أن تستوضح من فضيلة المفتى فى المسافة البعيدة بالكيلو متر، بأن تجعل مازاد عن كيلو واحد فيه المشقة محققة والعذر فيه واضح، وخصوصا فى أيام الصيف والأمطار، فضلا عما فيه من رجوع المشعين على القدم فى الغالب الكثير من الجماهير مما يضاعف المسافة والشقة .
هذا فضلا عن اتساع مناطق البنيان فى مدينة مصر الآن . وأصبحت المقابر بعيدة جدا عن الأحياء التى أنشئت حديثا مع ملاحظة أنه فى الزمن الماضى كان لكل حى مقابر خاصة، تجاوره أو بلصقه مثل المقابر التى كانت بحى العتبه الخضراء وبجوارها حى قسم الموسكى، ومقابر معروف بجوار قصر النيل، وكانت مخصصة لأحياء بولاق وعابدين وشبرا، ومقابر سيدى زينهم مخصصة لجهة قسم السيدة، وكان سكان هذه الأحياء كلها وما يماثلها لا يتحملون أى مشقة فى دفن موتاهم، وغير خاف ما عليه الآن حالة المرور فى مدينة مصر وشوارعها، وخصوصا الرئيسية منها التى توصل للمقابر فإنها مزدحمة جدا بالترام والسيارات والعربات والحركة التجارية وما شاكلها مما يترتب عليه حوادث فضلا عن شل حركة هذه المواصلات سواء كان للمارة أو المشيعين .
فى حين أن حالة الدفن فى بلاد الأرياف الآن لا تكبد المشيعين أقل عناء لعدم بعد قرافاتها عن المساكن إذ تقدر المسافة بأقل من كيلومتر بكثير .
وفى النهاية ترجو اللجنة من حضرة صاحب الفضيلة مولانا مفتى الديار المصرية أن ينور اللجنة بما اقترحته فى هذا الصدد قبل اجتماعها يوم السبت القادم 23 أبريل سنة 1927، لإمكانها تقرير المصير فى هذه المادة
An اطلعنا على خطاب سعادتكم رقم 16 أبريل سنة 1927 نمرة 6159 وعلى المستخرج المرافق له .
ونفيد أنه سبق لنا أن أبدينا رأينا فيما يختص بتشييع جنائز المسلمين بالفتوى 57 المؤرخة 26 مايو سنة 1926، وبينا فيها أن السنة هى حمل الميت على أعناق الرجال تكريما له كما هو المتعارف بين المسلمين من صدر الإسلام إلى اليوم، ولا يصار إلى مخالفته وارتكاب المكروه إلا إذا كان هناك بعد شاسع بين محل الميت وبين المقبرة التى يدفن فيها، وكانت المشقة عظيمة، كما لو كان الميت مثلا بمصر الجديدة والمدفن بقرافة الإمام الشافعى، فإنه فى مثل هذه الحالة اتقاء لتلك المشقة يجوز حمل الميت على أداة من أدوات الحمل .
ومطلوب الآن بإفادتكم تقدير ذلك بالكيلومتر، ولقد رأينا فى كثير من الجنائز أن سار الشيوخ الذين يتجاوزون الثمانين من أعمارهم فى تشييعها من محطة مصر أو محطة كوبرى الليمون إلى قرافة الإمام الشافعى وإلى مسجد الرفاعى ولم يصبهم فى ذلك نصب ولم تلحقهم مشقة، ولذا لا أوافق على التقدير الذى جاء فى المذكرة المرسلة مع خطاب المحافظة، وعلى الجملة فقد بينت المبدأ الشرعى فيما هو سنة وما هو مكروه، ومتى يصار غلى ارتكاب ذلك المكروه وبذلك قمت بواجبى، والسلام عليكم(5/469)
موت ناظر الوقف مجهلا
F محمد عبده .
جمادى الآخرة 1318 هجرية
M 1 - المجهل هو من يموت ولم يبين حال ما بيده من مال .
2 - يشترط فى المجهل أن لا يكون عالما بأن وارثه يعلم تلك الحال .
3 - كون الوارث عالما بأى طريق من طرق العلم لا يكون معه الميت مجهلا .
4 - السكوت عن الألفاظ اعتمادا على علم الوارث يكون بيانا .
5 - جريان العرف قديما وحديثا على اعتبار الكتابة بشروطها من أفضل أنواع البيان فى هذا المجال .
6 - ما وجد بعد وفاة الناظر من صكوك ودفاتر حجة عليه ولا يكون معها قد مات مجهلا لمال الوقف .
7 - يعتبر الناظر ضامنا لما هو ثابت بالدفاتر من أموال الوقف وتؤخذ من تركته
Q من السيد حسين فى ناظر على أوقاف عين واقفها لكل منها مصرفا وشرط فى بعضها أن يبدأ من غلته بعمارته وتكملته وفى بعضها أن ما يتجمد من إيرادها بعد المصارف المخصوصة يبقى بيد الناظر إلى أن يصير مبلغا جسيما فيشترى به ما يعود نفعه على الوقف من عقار وخلافه .
وتولى ذلك الناظر العمل فى تلك الأوقات وجمع إيراداتها وصرفها ووضع لذلك دفاتر جمعت حسابها وقيد فيها الريع، وما صرف منه وجرى العمل فى تلك الدفاتر على أن يصدر إذن منه لكاتب الوقف بختمه أو خطه بصرف مبلغ كذا ويقيد ذلك الإذن بدفتر الحساب بنمرته على طريق تكون النمر به متسلسلة وبين فى تلك الدفاتر ما بقى بيد الناظر من إيرادها ثم مات ذلك الناظر وتولى النظر على تلك الأوقاف غيره وأراد محاسبة التركة وأن يأخذ منها ما بقى عند الناظر الأول بمقتضى تلك الدفاتر .
فهل يكون له ذلك ولا يقال بعد هذا البيان إن الناظر الأول مات مجهلا، وإذا قيل إنه مع هذا يكون مجهلا أفلا يكون ضامنا لما تحقق أنه لم يصرف فى المصارف التى عينها الواقف خصوصا إذا شرط الواقف البداءة بالعمارة وتكملة بعض الأعيان ولم يفعل الناظر شيئا من ذلك ولا يكون التجهيل حينئذ نافيا للضمان وهل إذا كان شىء من تلك الأوقاف على معينين لا تسقط حقوقهم بمضى المدة مع استمرار استجرارهم من الناظر بعضها حال حياته وهل إذا وجدت أوراق بالإذن بالصرف خالية من ختم الناظر وخطه وليست منمرة بنمرة متسلسلة حسبما هو متبع فى أمثالها لا تعتبر وتكون بمنزلة حشو بين بقية النمر لو وجدت واردة فى دفاتر الحساب أفيدوا الجواب
An بين الفقهاء ما يقصدون من لفظ المجهل الذى ناطوا به حكمه سواء كان ناظر وقف أو وصيا أو مودعا، وصرحوا أنه الذى يموت ولم يبين حال ما بيده من المال فإن كان مودعا مثلا كان هو الذى لم يبين حال الوديعة ومقرها وهل هى موجودة أو مفقودة وهل فقدت بإهماله أو بسبب قاهر ونحو ذلك مما يتعلق بها، وشرطوا فى كون غير المبين مجهلا أن لا يكون عالما بأن وارثه يعلم تلك الحال التى وصفنا، فإن كان المودع يعلم أن الوارث يعرف حال المال الذى عنده وصاحب الوديعة يعرف كذلك أن الوارث يعلم ولم يبين بالفظ لم يعد مجهلا لأنه لا داعى إلى البيان فيكون سكوته اعتمادا على علم الوارث وعلم صاحب الوديعة .
فإن كان من بيده المال قد جرى فى تصرفه أيام حياته على طريقة توجب على الوارث بحال المال الذى عنده وصاحب الوديعة أو من يخلف الميت على مال اليتيم أو الوقف يعلم أن تلك الطريقة موجبة لعلم الوارث بما يجرى فى المال من صرف وحفظ أو ضياع فلا ريب أنه لا يسمى مجهلا ولا يجرى عليه حكم المجهل بل يعتبر مبينا بل أشد الناس حرصا على البيان، وقد جرى العرف قديما وحديثا على أن الكتابة على شروطها المعروفة من أفضل أنواع البيان خصوصا الصكوك والوصول والدفاتر، فقد صرح الفقهاء بأن هذه الأنواع من المحررات حجة على صاحب الخط أو الختم فى حياته وبعد موته متى لم تكن شبهة فى نسبتها إليه، وقد عظم الاعتماد على الكتابة وإفادتها العلم فى زماننا هذا حتى كاد يهمل العمل بالقول المجرد عنها إلا فى بعض الشئون، أما فى أعمال الدوائر ومعرفة ما يرد وما يصرف من الأموال فلم يبق طريق للعلم سواها، فإن كان متولى الوقف فى حال حياته يعتمد فى بيان ما يدخل فى يده من مال الوقف وما يصرفه فى وجوهه وما يبقى فى ذمته على الدفاتر والصكوك والوصول فلا شك فى أنه على ثقة من كون الوارث يعلم ذلك كله بالاطلاع على ما يكتبه أو يختمه .
فإذا مات - مات عالما بأن الوارث يعلم ذلك وعالما بأن المستحق ومن يتولى الوقف بعده يعلمان بعلم الوارث به بل ويعلمان أن هذه هى طريق علمهما أنفسهما وما يذكره الفقهاء فى حال المجهل لا ينطبق على من يجرى فى معاملاته على هذه الطريقة، وإلا لم يبق مبين فى هذا الزمان وهل للورثة ما دخل عليهم من مال الأوقاف والأيتام إذ لا يخطر ببال من ضبط الريع وما أنفق منه فى دفتر أن يحصى ما ورد وما صرف وينطق بلفظ وبقى فى ذمتى كذا لاعتماده على أن ذلك كله قد أحصى فى وقته - وسيصل إلى أيدى الوارث ومن يتولى الوقف بعد موته، وهذا من البديهيات التى لم يكن تحتاج إلى البيان لولا خفاء البديهيات على بعض من يزعم أن الشرع الإسلامى ينكر من طرق العلم ما اتفق عليه الناس أجمعون، وبعد ما تبين معنى المجهل والمبين ظهر أن ناظر الوقف فى حادثتنا لا يعد مجهلا وأن ما وجد من الصكوك والوصول والدفاتر يعد حجة عليه، فما ثبت بها أنه ورد من الريع يعتبر واردا داخلا فى يده وما ثبت بها أنه صرف فهو ما خرج من يده وما عدا ذلك فهو الباقى فى يده إلى موته فيؤخذ من التركة لا محالة ثم لو فرض أن الناظر مات مجهلا فى حادثة مثل حادثتنا ولم يكن فيها بيان بالطريقة المتقدمة لم يكن حكمه عدم الضمان بل إن كان الريع مشروطا لمستحقين فغلة الوقف مملوكة لهم وهى فى يده وديعة فيضمنها بلا نزاع وإن كان الواقف قد عين مصارف ولم يصرف الناظر فيها مخالفا شرط الواقف، كما فيما خصص للعمارة والترميم وتكملة الناقص ولم يصرف فى وجوهه فالشأن فيه الضمان كذلك لأنه قد حفظ المال تحت يده وديعة إلى أن يصرف فى وجهه وليس بمأذون أن يصرفه فى غير وجهه أما ما ذكروه فى مسألة الناظر على مسجد وأنه لا يضمن لو مات مجهلا فمرادهم من يكون ناظرا على صرف ما تقوم به الشعائر وهو مأذون فيه، فيحتمل أنه صرفه، فلو كان حيا صدق فى أنه صرفه بيمينه ولو مات مجهلا لا يضمن لاعتباره كأنه صرفه، أما من يخالف شرط الواقف كما فى حادثتنا فلا يقبل منه قول فيما صرفه إلا ببيان .
وعلى ذلك يكون حال ورثته فالناظر فى حادثتنا ضامن على كل حال خصوصا إن كان يغمز عليه فى سيرته ولا يحمد الناس عفته واستقامة حاله أما المستحقون فما داموا يأخذون مما يستحقون ويقيد لهم فى دفاتر الحساب ما يصرف وما يبقى فلا يسقط حقهم فيما بقى مهما طال الزمان لأن العمدة عندهم على الحساب وليس ما يوجب المحاسبة فى وقت دون وقت خصوصا إذا سبقت لهم مطالبة بالحساب وبيانه ولم يصدر من الناظر جحود لاستحقاقهم من أصله وإنما وكل الأمر إلى ما هو مقيد فى صكوكه ودفاتره، وأما الأوراق التى لا يوجد عليها إمضاء الناظر ولا ختمه وليست عليها نمرة توافق ما قبلها وما بعدها ففيها شبهة أنها ليست صادرة منه وإن قيدت فى الدفاتر فلا تعتبر حجة للناظر ما لم يقم دليل على أن ما احتوت عليه قد صرف حقيقة واللّه أعلم .
ے(5/470)
حكم إقامة مأتم الأربعين
F حسنين محمد مخلوف .
ذى الحجة 1366 هجرية - 13 نوفمبر 1947 م
M 1- إقامة مأتم الأربعين بدعة مذمومة، لا ينال منها الميت رحمة ولا ثوابا، ولا ينال منها الحى سوى المضرة، ولا أصل لها فى الدين .
2- فيها تكرير للعزاء وهو غير مشروع، لحديث (التعزية مرة)
Q ما حكم إقامة مأتم الأربعين
An (أ) أحوال الروح فى البرزخ .
1- تبقى الروح فى البرزخ بعد مفارقتها الجسد حية مدركة تسمع وتبصر، وتشعر بالنعيم والعذاب، وترد أفنية القبور، وتأوى إلى المنازل غير محددة بمكان ولا محصورة فى حيز، ولا ترى كما ترى الماديات .
2- قد يأذن الله لها أن تتصل بالبدن كله أو بأجزائه الأصلية اتصالا برزخيا خاصا، كاتصال أشعة الشمس بالعوالم الأرضية اتصال إشراق وإمداد وقد لا يأذن لها بذلك وهذا هو مذهب أهل السنة، وبه وردت الأحاديث والآثار .
3- تتصل بالأرواح الأخرى وتناجيها وتأنس بها، سواء أكانت أرواح أحياء أم أرواح أموات .
4- كل ما يقال أو يؤثر عن العلماء فى معنى الروح من قبيل ذكر الأوصاف والأحوال التى هى من باب الآثار والأحكام، وليست من قبيل الكشف عن حقيقتها الذاتية، لأن ذلك مما استأثر الله بعلمه فلا تحيط به عقول البشر .
(ب) الحياة فى القبر والسؤال فيه .
1- حياة القبر ثابتة بأحاديث كثيرة بلغت حد التواتر، دلت عليها وعلى سؤال الميت فى قبره ونعيمه أو تعذيبه فيه .
2- لا بعد ولا نكير فى كون الميت يعذب برد الروح إليه عارية تعذيبا لا يقدر البشر على رؤيته .
3- يسمع الموتى ويجيبون ويردون السلام، لحديث القليب ولحديث المرأة التى كانت تقم المسجد (تكنسه) فقد ثبت منه ردها على الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقولها (قم المسجد) إجابة على سؤاله أى الأعمال وجدت أفضل ولحديث ابن عباس ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه .
4- يسأل الميت ملكان ويجيبهما، ولا عبرة بمن ينكر ذلك .
5- رأى ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فى عذاب الروح أو نعيمها وهل هو خاص بها أم يشمل بدن الميت أيضا .
(ج) وصول ثواب جميع الطاعات للميت .
1- مذهب الحنابلة والحنفية وصول ثواب جميع الطاعات إلى الميت انية كانت أو مالية، ومن ذلك قراءة القرآن بغير أجر وإهداؤها إليه، فإن كنت بأجر فلا ثواب فيها للقارئ حتى يمكن إهداؤه إلى الميت .
2- الاستئجار على مجرد تلاوة القرآن لم يقل به أحد من الأئمة وإنما اختلفوا فى الاستئجار على تعليمه، فأجازه المتأخرون ضرورة حفظه .
3- الدعاء للميت ينفعه باتفاق ويصل أثره إليه، والصدقة عنه يصل أجرها إليه، للأحاديث والآثار الواردة فى ذلك، ولا يشترط فى أى منهما أن يكون من ولده .
4 - الحج عن العاجز بموت أو عضب ( المغضوب الضعيف والزمن الذى لا حراك به ) جائز عند الجمهور، سواء أكان عن فرض أو نذر أوصى به الميت أم لا وبجزىء عنه .
وهذا مذهب الجمهور وعند مالك الليث لا يجوز الحج إلا عن ميت وعن حجة الفرض فقط غير أن ما ذهب إليه الجمهور هو الحق .
5- آية { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } عام مخصوص بالأحاديث الواردة فى جواز ذلك ولا تعارض بينهما .
6- الصوم عن الميت مستحب عند الجمهور ومنهم الشافعى فى القديم ، وعند بعض السلف الصالح فرضا كان الصوم أم نذرا .
وذهب مالك وأبو حنيفة والشافعى فى الجديد إلى أن الولى لا يصوم عنه لا فى النذر ولا فى غيره ولكن يطعم عنه مسكينا عن كل يوم، لأنه عبادة بدنية وهى لا ينوب فيها أحد عن أحد كالصلاة .
وذهب أحمد والليث إلى أنه لا يصوم عنه إلا فى النذر فقط ويطعم فى غيره عن كل يوم مسكينا .
7- المراد بالولى هنا هو القريب وارثا أو غير وارث، وقيل هو الوارث خاصة .
وقيل هو العصبة خاصة . وقال الحنفية إنه المتصرف فى المال ويشمل عندهم الوصى ولو أجنبيا عن الميت .
8- هل يختص الولى بالصوم أم يقبل منه ومن غيره قيل .
وقيل لا يختص به، ويقبل ممن تبرع به ولو أجنبيا .
9- الولى يطعم عن الميت من ثلث ماله وجوبا إن أوصى بذلك وجوازا إن لم يوص، فإن تبرع به جاز معلقا على مشيئة الله، وكان ثوابه للميت عند الحنفية، والصلاة فى ذلك كالصوم استحسانا .
10- لا يجوز عند الحنفية أن يصوم الولى أو يصلى عن الميت ليكون هذا قضاء عن الميت عما وجب عليه، ولكن له ولغيره أن يجعل ثواب صومه أو صلاته للميت بمثابة الصدقة، وبهذا يصل ثواب ذلك إليه، وعليه عمل المسلمين من لدن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا .
11- قراءة سورة يس على الموتى وعلى المقابر مستحب، وتخصيصها بالقراءة لما فيها من التوصية والمعاد والبشرى بالجنة للمؤمنين، وللتخفيف عن الموتى بشرط ألا تكون بأجر عند الحنفية وابن تيمية وابن القيم .
12- مذهب الشافعية فى العبادات البدنية المحضة عدم وصول ثوابها إلى الميت ولو كانت تبرعا كالصلاة وتلاوة القرآن .
وهذا هو الشهور عندهم .
والمختار عند بعضهم وصول ثوابها إلى الميت لأن طلب إيصال ثوابها دعاء وهو جائز بما ليس للداعى، فيجوز بما هو له من باب أولى .
وهذا لا يختص بالقراءة بل عام فى جميع الطاعات إذا اقترنت بسؤال الله إيصال ثوابها إلى الميت، فإنه يصل إليه شأنها فى ذلك شأن كل دعاء ترجى استجابته .
13- قراءة القرآن عند المالكية مكروهة للموتى وأجازها المتأخرون منهم بشرط أن تخرج مخرج الدعاء للميت، فإن كانت كذلك وصل ثوابها إلى الميت قولا واحد .
14- رأى الإمام القرافى فى أنواع القربات أنها ثلاثة قسم لا يجوز نقله إلى غير صاحبه كالإيمان والتوحيد .
وقسم أذن الله سبحانه وتعالى فى نقله للميت كالصدقة .
وقسم اختلف فيه وهو الصيام والحج وقراءة القرآن وما شابه ذلك .
وهذا لا يصل منه شىء للميت عند مالك والشافعى ويصل ثوابه عند أبى حنيفة وأحمد ، ورفع الإمام القرافى الخلاف فى لك بحصول بركة للميت بالقراءة ولا يحصل له ثوابها .
15- قراءة القرآن للميت لا ينبغى إهمالها، فلعل الحق هو وصول ثوابها .
لأن ذلك من الأمور الخفية، وليس الخلاف فى حكم شرعى وإنما فى أمر واقع هل هو كذلك أم لا .
(د) حكم أخذ الأجرة على قراءة القرآن وتعلمه .
1- الاستئجار على تلاوة القرآن أو تعليمه غير جائز عند الحنفية وكثير من السلف .
فلا تجب به أجرة ولا يجوز أخذها ولا إعطاؤها . 2- استثناء متأخرى الحنفية جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن كان خشية ضياعه، وترغيبا فى حفظه وكان ذلك للضرورة وعليه الفتوى لذلك .
3- قراءة القرآن بالأجر لا ثواب فيها للقارئ، وآخذ الأجرة ومعطيها آثمان وأجازها المالكية فى قول .
تأسيسا على وصول ثوابها لمن قرئت لأجله كالميت .
4- الأفضلية بين القراءة بأجر على رأى المالكية فى قول وبين الصدقة بالنقود تختلف باختلاف مقدار الصدقة ونفعها للفقير ومال المتصدق واختلاف القراءة وما يدفع للقراء من أجر .
(هاء) حكم زيارة القبور .
1- زيارة القبور مستحبة للعظمة والاعتبار وتذكر الموت، وهى واجبة عند ابن حزم ولو فى العمر مرة .
2- الزيارة للرجال باتفاق، وهى مكروهة للنساء، إلا إذا أمنت الفتنة وكانت للاعتبار والترحم من غير بكاء .
3- للزيارة آداب .
منها عدم الجلوس، وأن يكون الزائر مستدبر القبلة مستقبلا الميت .
ومنها السلام على أهل القبور، ولا يمسح ولا يمس ولا يقبل قبرا، وإن يدعو عنده بما أثر عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم ينصرف عقب ذلك .
4- أفضل أيامها يوم الجمعة، وقيل هو ويوم قبله ويوم بعده .
(و) سنة حسنة .
1- فتوى فى الاحتفال بذكرى الأربعين نشرت الأهرام الكلمة الآتية تحت هذا العنوان فى عدد يوم الأحد التاسع من شهر رمضان سنة 1366 (27 من يوليو سنة 1947) .
لقد ابتلانى الله بفقد الولد ( توفى إلى رحمة الله فى يوم الأربعاء 29 من رجب سنة 1366 الموافق 18 من يونية سنة 1947 ولدى عبد الحميد الطالب بكلية العلوم بجامعة فؤاد الأول ) فصبرت، واقتطع من فلذة الكبد فيما تبرمت، فله الحمد على نعمة الرضا بالقضاء .
ومنه وحده المثوبة وعظيم الجزاء . وقد تساءل أصدقائى عن ليلة الأربعين فأخبرتهم أن إحياءها على النحو المتبع بدعة مذمومة لا أصل لها فى الدين .
وإنى مكتف فيها وفى غيرها من الأيام بما بينى وبين ربى من عمل يرجى ثوابه بمشيئته لمن افتقدته .
ولهم منى مع عظيم الشكر أطيب التمنيات . مفتى الديار المصرية حسنين محمد مخلوف .
2- وعلى إثر ذلك ورد إلى السؤال الآتى فأجبت عنه بالفتوى المسجلة برقم 377 بتاريخ 14 أغسطس سنة 1947 بدار الافتاء ونشرت الأهرام خلاصتها مع السؤال فى عدد يوم الثلاثاء 112 من أغسطس سنة 1947 بالنص الآتى مأتم الأربعين سؤال لفضيلة المفتى ورده عليه .
تلقينا من صاحب التوقيع الكلمة التالية إلى فضيلة الأستاذ مفتى الديار المصرية .
أتقدم بكل تجلة واحترام إلى فضيلة الأستاذ الأكبر مفتى الديار المصرية بمناسبة فتواه الحقة فى موضوع الاحتفال بذكرى الأربعين المنشورة فى الأهرام راجيا أن يتفضل علينا بتبيان الأعمال التى يرجى ثوابها للميت، كما جاء فى كلمة فضيلته القيمة، أنى ممن اتبع فعلا السنة الحسنة التى استنها فضيلته فى عدم إحياء ليلة الأربعين رغم إجماع الناس عليها إجماعا باطلا وأنتهز هذه الفرصة فألتمس من فضيلته أن يتكرم علينا بنشر ما يجهله الناس أو يتجاهلونه من أحكام الشريعة الغراء فى المآتم، وما يجرى فيها من بدع وسخافات .
أجزل الله أجر الأستاذ الأكبر وأنزل السكينة فى قبله الحزين وأدام عليه نعمة الرضا بالقضاء، وله من الله أوفى الجزاء .
3- رد المُفْتى .
وقد أحالت الأهرام هذا الكتاب إلى صاحب الفضيلة المفتى فرد بالكلمة التالية (ونشرت الأهرام الخلاصة المشار إليها) أما الفتوى فنصها ما يأتى إقامة مأتم الأربعين بدعة مذمومة يحرص كثير من الناس الآن على إقامة مأتم ليلة الأربعين لا يختلف عن مأتم يوم الوفاة، فيبلغون عنه فى الصحف ويقيمون له السرادقات، ويحضرون القراء وينحرون الذبائح .
ويفد المعزون فيشكر منهم من حضر ويلام من تخلف ولم يعتذر .
وتقيم السيدات بجانب ذلك مأتما آخر فى ضحوة النهار للنحيب والبكاء وتجديد الأسى والعزاء .
ولا سند لشىء من ذلك فى الشريعة الغراء، فلم يكن من هدى النبوة ولا من عمل الصحابة ولا من المأثور عن التابعين .
بل لم يكن معروفا عندنا } إلى عهد غير بعيد .
وإنما هو أمر استحدث أخيرا ابتداعا لا اتباعا وفيه من المضار ما يوجب النهى عنه .
فيه التزام عمل ممن يقتدى بهم وغيرهم، ظاهره أنه قربة وبر، حتى استقر فى أذهان العامة أنه من المشروع فى الدين وفيه إضاعة الأموال فى غير وجهها المشروع، فى حين أن الميت كثيرا ما يكون عليه ديون أو حقوق الله تعالى أو للعباد لا تتسع موارده للوفاء بها مع تكاليف هذا المأتم، وقد يكون الورثة فى أشد الحاجة إلى هذه الأموال، ومع هذا يقيمون مأتم الأربعين استحياء من الناس ودفعا للنقد، وكثيرا ما يكون فى الورثة قصر يلحقهم الضرر بتبديد أموالهم فى هذه البدعة .
وفيه مع ذلك تكرير العزاء وهو غير مشروع لحديث (التعزية مرة) لهذا وغيره من المفاسد الدينية والدنيوية أهبنا بالمسلمين أن يقلعوا عن هذه العادة الذميمة التى لا ينال الميت منها رحمة أو مثوبة .
بل لا ينال الحى منها سوى المضرة إذا كان القصد مجرد التفاخر والسمعة أو دفع الملامة والمعرة .
وأن يعلموا أنه لا أصل لها فى الدين قال تعالى { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } الحشر 7 .
----- (1) أى عند جمهور المسلمين بمصر بهذه الصورة الراهنة .
(2) كما فى نيل الأوطار للعلامة محمد بن على بن محمد الشوكانى قاضى قضاة القطر اليمانى المتوفى سنة 1255 هجرية على منتقى الأخبار للإمام المجتهد المطلق مجد الدين أبى البركات عبدالسلام ابن تيمية الموفى بحران سنة 652 وهو جد الإمام تقى الدين أبى العباس ابن تيمية المشهور شيخ الإمام ابن القيم .
----- .
4- ما يعمل لأجل الموتى أما الذى يعمل فى هذا الموطن لا فى خصوص الأربعين فهو ما فيه نفع للميت وثواب يرجى أن يصل إليه من غير أن يقترن به ضرر للحى أو مالا يسوغ شرعا من الأعمال .
5- بحث فى أحوال الروح الإنسانى فى البرزخ وقيل أن نبينه نمهد له بأنه ينبغى أن يعلم أن عالم الأرواح (1) يختلف عن عالم المادة اختلافا كثيرا فى أحواله وأطواره، فالروح يسلكها الله تعالى فى البدن فى الحياة الدنيا فتوجب له حسا وحركة وعلما وإدراكا ولذة وألما ويسمى بذلك حيا .
ثم تفارقه فى الوقت المقدر أزلا لقطع علائقها به فتبطل هذه الآثار، ويفتى هيكل البدن ويصير جمادا، ويسمى عند ذلك ميتا ولكن الروح تبقى فى البرزخ { ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } المؤمنون 100 ، وهو ما بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة من يوم الموت إلى يوم البعث (2) والنشور حية مدركة تسمع وتبصر وتسبح فى ملك الله حيث أراد وقدر .
وتنصل بالأرواح الأخرى وتناجيها وتأنس بها سواء أكانت أرواح أحياء أو أرواح أموات .
وتشعر بالنعيم والعذاب واللذة والألم بحسب حالتها، وما كان لها من عمل فى الحياة الدنيا .
وترد أفنية القبور (3) وتأوى إلى المنازل وهى فى كل ذلك لطيفة لا يحدها مكان ولا يحصرها حيز ولا ترى بالعيون والآلات كما ترى الماديات .
وقد يأذن الله لها وهى فى عالم البرزخ أن تتصل بالبدن (4) كله أو بأجزائه الأصلية اتصالا برزخيا خاصا لا كالاتصال الدنيوى، يشبه اتصال أشعة الشمس وأضواء القمر بالعوالم الأرضية وهو اتصال إشراق وإمداد فيشعر البدن كذلك بالنعيم والعذاب ويسمع ويجيب بواسطة الروح .
وقد لا يأذن الله لها بالاتصال بالبدن فتشعر الروح بذلك كله شعورا قويا، ويستمر ذلك الشأن لها إلى ما شاء الله حتى يوم البعث والنشور .
هذا هو مذهب جمهور أهل السنة وبه وردت الأحاديث والآثار .
----- (1) الروح الإنسانى جسم نورانى لطيف مبدع من غير مادة سار فى جوهر الأعضاء سريانا يشبه سريان الماء فى النبات أو النار فى الفحم لا يتبدل ولا يتحلل وهو الحامل لصفات الكمال من العقل والفهم .
وهو الإنسان فى الحقيقة والمشار إليه بلفظ نادون الهيكل المخصوص القابل للزوال .
وإلى هذا ذهب مالك وجمهور المتكلمين والصوفية والرازى وإمام الحرمين واختاره ابن القيم وقال أنه هو الذى دل عليه الكتاب والسنة وانعقد عليه اجماع الصحابة وأقام عليه زهاء مائة دليل فى كتاب الروح - وهناك مذاهب أخرى فى معنى الروح ولك م يؤثر عن العلماء فى ذلك إنما هو من قبيل ذكر الأوصاف والأحوال التى هى من باب الآثار والأحكام لا من قبيل الكشف عن الحقيقة الذاتية لأنها مما استأثر الله بعلمه فلا تحيط به عقول البشر ولذلك لما سأل اليهود النبى صلى الله عليه وسلم عن حقيقة الروح وكنهه امتحانا له وتعجيزا لم يجبهم بها بل أجيبوا بقوله تعالى { قل الروح من أمر ربى } أى العلم بكنهه من شأنه تعالى وحده (المطالب القدسية وتفسير العلامة شهاب الدين السيد محمود الألوسى البغدادى المتوفى سنة 1270 لقوله تعالى فى سورة الإسراء { ويسألونك عن الروح } الإسراء 85 ، والروح لغة يذكر ويؤنث .
(2) فى الإحياء لحجة الإسلام أبى حامد الغزالى المتوفى بطوسى سنة 505 الحق الذى تنطق به الآيات والأخبار أن الموتى انتقال وتغير حال وأن الروح باقية بعد مفارقة الجسد منعمة أو معذبة ومعنى مفارقتها له انقطاع تعرفها عنه وكل ما هو وصف للروح بنفسها من إدراك وحزن وغم ونعيم، وفرح يبقى لها بعد مفارقتها للجسد وماهو وصف لها بواسطة الأعضاء كبطش باليد وسمع بالأذن وبصر بالعين يتعطل بموته إلى أن تعاد الروح إلى الجسد .
أما إدراكها المسموعات والمبصرات من غير آلة كإدراك الملائكة والجن فهو من جملة معارفها الثابتة لها بنفسها كما هو ظاهر .
(3) فى زاد المعاد لابن المقيم أن الموتى تدنوا أرواحهم من قبورهم وتوافيها فى يوم الجمعة فيعرفون زوارهم ومن يمر بهم ويسلم عليهم ويلقاهم أكثر من معرفتهم بهم فى غيره من الأيام فهو يوم تلتقى فيه الأحياء والأموات وروى أن الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده .
(4) ذهب أبو محمد بن حزم الأندلسى المتوفى سنة 456 فى كتاب المحلى إلى أنه لا مساءلة فى القبر إلا للروح وأنها لا تعود إلى الجسم بعد مفارقته إلا يوم القيامة ورد عليه العلامة ابن القيم فى كتاب الروح بما دحض حجته .
----- .
6- الحياة فى القبر والسؤال فيه قد ورد فيها حديث سؤال القبر (1) ونعيمه وعذابه، وأن المعذب والمنعم فيه الروح والبدن معا، وحديث سماع الموتى وإجابتهم وحديث السلام على من سلم عليهم (2) .
واستقر رأى سلف الأمة على ذلك - ولا عبرة بمن ينكره، فإن شأن الأرواح يدق ويسمو عن مدارك المحجوبين بحجب المادة .
قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية (ومذهب سلف الأمة وأئمتها أن العذاب أو النعيم لروح الميت وبدنه، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة، وقد تتصل به فيحصل له معها النعيم أو العذاب) وقال فى موضع آخر (واستفاضت الآثار بمعرفة الميت أهله وأحوال أهله وأصحابه فى الدنيا وأن ذلك يعرض عليه .
وجاء فى الآثار أنه يرى أيضا وأنه يدرى بما يفعل عنده فيسر بما كان حسنا ويألم بما كان قبيحا (3) وتجتمع أرواح الموتى فينزل الأعلى إلى الأدنى لا العكس .
وقد أوضح ذلك تلميذه شيخ الإسلام ابن القيم فى كتاب (4) الروح واستوعب هذا البحث وأفاض فى بيانه والاستدلال عليه الأستاذ الوالد رحمه الله فى كتاب المطالب القدسية فى أحكام الروح وآثارها الكونية (5) .
(1) عن عثمان رضى الله عنه قال كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل رواه أبو داود وأخرجه البزار والحاكم وصححه وفيه دليل على ثبوت حياة القبر وقد وردت بها أحاديث كثيرة بلغت فى دلاتها عليها حد التواتر ودليل على سؤال القبر .
وقد وردت به أيضا أحاديث صحيحة فى الصحيحين وغيرهما وعن النبى عليه السلام أن قوله { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } إبراهيم 27 ، نزل فى عذاب القبر وكان من دعائه عليه السلام لمن صلى عليه صلاة الجنازة قوله (وأعذه من عذاب القبر) وقوله اللهم وقه من فتنة القبر ومن عذاب جهنم اللهم ثبت عند المسألة منطقه ولا تبتله فى قبره وهل السؤال فى القبر مختص بهذه الأمة أو عام لها ولغيرها رجح الأول الحكيم الترمذى والثانى ابن القيم ومما ورد فى ذلك حديث البراء من عازب .
وهو حديث متصل الإسناد مشهور رواه جماعة عنه وأخرجه أحمد وأبو داود وجمع طرقه الدار قطنى فى مصنف مفرد .
وفى الاعتصام للإمام أبى إسحاق الشاطبى المتوفى سنة 790 هجرية أنه لا بعد ولا نكير فى كون الميت يعذب برد الروح إليه عارية ثم تعذيبه على وجه لا يقدر البشر على رؤيته .
(2) فى الصحيحين عن أبى طلحة قال لما كان يوم بدر وظهر الرسول على مشركى قريش أمر ببضعة وعشرين من صناديدهم فألقوا فى القليب ونادى الرسول بعضهم بأسمائهم أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا فإنى وجدت ما وعد ربى حقا فقال عمر يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها فقال والذى نفسى بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم .
وأخرج أبو الشيخ حديثا قال فيه كانت امرأة بالمدينة تقم المسجد (تكنسه) فماتت فلم يعلم بها النبى صلى الله عليه وسلم فمر على قبرها وسأل عنه فأخبروه أنه قبر أم محجن التى كانت تقم المسجد .
فصلى عليه وقال أى العمل وجدت أفضل قالوا يارسول الله أتسمع قال ما أنتم بأسمع منها وذكر النبى صلى الله عليه وسلم أنها أجابته قم المسجد وأخرج ابن عبد البر بإسناد صحيح عن ابن عباس مرفوعا ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه .
وفى الصحيحين عن أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم واللفظ للبخارى أن العبد إذا وضع فى قبره وتولى عنه أصحابه حتى أنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان ما كنت تقول فى هذا الرجل محمد فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا فى الجنة .
قال النبى فيراهما جميعا وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدرى كنت أقول ما يقول الناس فيقال له لا دريت ولا تليت يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين أ انتهى .
فالموتى يسمعون ويجيبون فى قبورهم وإليه ذهب كثير من أهل العلم - واختاره الطبرى وابن قتيبة .
وذهب آخرون إلى عدم سماع الموتى لقوله تعالى { إنك لا تسمع الموتى } النمل 80 ، وقوله { وما أنت بمسمع من فى القبور } فاطر 22 ، والجواب أن السماع المنفى عنهما هو سماع الانتفاع والقبول لا مطلق السماع بدليل المقابلة فى قوله تعالى { إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا } النمل 81 ، أى سماع انتفاع وقبول تترتب عليه آثاره، وهذا لا ينافى السماع المثبت للموتى فى الحياة البرزخية قال الألوسى والحق أن الموتى يسمعون فى الجملة بأن يخلق الله فى بعض أجزاء الميت قوة يسمع بها متى شاء الله السلام وغيره .
أو بأن يكون السماع للروح ولا يمتنع أن تسمع بل أن تحس وتدرك بعد مفارقتها للبدن بدون وساطة قوى فيه وحيث كان لها على الصحيح تعلق لا يعلم كنهه ولا كيفيته إلا الله تعالى بالبدن كله أو بعضه بعد الموت وهو غير التعلق الدنيوى به أجرى الله سبحانه عادته بتمكينها من السمع وخلقه لها عند زيارة القبر وعند حمل البدن إليه وعند الغسل .
وقال الشاطبى فى الاعتصام إنه لا يصح تحكيم العادة الدنيوية المشاهدة فى مثل هذا وتحكيمها على الإطلاق فى كل شأن غير صحيح لقصورها .
وهذه شئون لا تحيط بكنهها العقول ولكنها فى متناول القدرة الإلهية الشاملة { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } يس 82 ، (3) انظر الإحياء وعمدة القارى شرح صحيح البخارى للإمام الحافظ قاضى القضاة بدر الدين العينى الحنفى المتوفى سنة 855 هجرية .
(4) هو الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن بكر الدمشقى الحنبلى المفسر النحوى الأصولى المتكلم الشهير بابن قيم الجوزية ولد سنة 691 ولازم شيخة تفى الدين ابن تيمية وتوفى فى رجب سنة 751 ومن مؤلفاته كتاب الروح وهو كتاب سلفى قيم وكتاب زاد المعاد فى هدى خير العباد (5) هو العلامة الأصولى المنطقى البارع فى المعقول شيخ الشيوخ بالجامع الأزهر الشيخ محمد حسنين مخلوف العدوى المالكى الأزهرى ولد ببنى عدى فى 15 رمضان سنة 1277 وتوفى بالقاهرة فى سنة 1355 .
(11 أبريل سنة 1936) وكتابه طبع فى سنة 1350 بمطبعة السيد مصطفى البابى الحلبى بمصر .
----- .
7- مذهب الحنابلة وصول ثواب جميع الطاعات للميت إذا علم هذا فالصحيح كما قال ابن تيمية أن الميت ينتفع بجميع العبادات البدنية من الصلاة والصوم والقراءة (أى تطوعا بلا أجر) (1) كما ينتفع بالعبادات المالية من الصدقة ونحوها .
باتفاق الأئمة (راجع إلى العبادات المالية) وكما لو دعى له واستغفر له .
وقال ابن القيم فى كتاب الروح .
أفضل ما يهدى إلى الميت الصدقة والاستغفار والدعاء له والحج عنه، وأما قراءة القرآن وإهداؤها إليه تطوعا بغير أجر فهذا يصل إليه كما يصل إليه ثواب الصوم والحج - وقال فى موضع آخر والأولى أن ينوى عند الفعل أنها للميت، ولا يشترط التلفظ بذلك (2) .
وقد ذكر الإمام ابن قدامة الحنبلى فى كتابه المغنى (3) أن أية قربة فعلها الإنسان وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك بمشيئته تعالى وأنه لا خلاف بين العلماء فى الدعاء والاستغفار له والصدقة وأداء الواجبات التى تتأتى فيها النيابة لقوله تعالى { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } الحشر 10 ، وقوله { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } محمد 19 ، ----- (1) زدنا هذا القيد أخذا من عبارة ابن القيم الآتية ولقول ابن تيمية (ولا يصح الاستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة الإذن فى ذلك وقد قال العلماء إن القارئ إذا قرأ لأجل المال فلا ثواب له، فأى شىء يهديه إلى الميت وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح .
والاستئجار على مجرد التلاوة لم يقل به أحد من الأئمة وإنما تنازعوا فى الاستئجار على العليم بحروفه ومثل القراءة فى ذلك سائر العبادات البدنية إلا ما استثناه الفقهاء (رسالة شفاء العليل للعلامة الفقيه السيد محمد أمين الشهير بابن عابدين الحنفى فرغ من تأليفها فى الثامن من جمادى الآخرة سنة 1299) وسيأتى للبحث بقية .
(2) شفاء العليل .
وحاشية ابن عابدين علىالدر المختار فى بابى الجنائز والحج عن الغير .
(3) هو الإمام موفق الدين أبو محمد عبد الله ابن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلى المتوفى سنة 620 هجرية صاحب كتاب المغنى على مختصر الإمام أبو القاسم الحزقى وهو من أجل الكتب الفقهية والعمدة فى مذهب الحنابلة - قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام ما رأيت فى كتب الإسلام فى العلم مثل المحلى والمجلى لابن حزم وكتاب المغنى لابن قدامة فى جودتهما وتحقيق ما فيهما - ونقل عنه أنه قال لم تطب نفسى بالفتيا حتى صارت عندى نسخة من المغنى - وناهيك بالعز بن عبد السلام الذى اعترف له العلماء بالاجتهاد المطلق وكانوا يلقبونه بسلطان العلماء وقد أمر بطبع كتاب المغنى بمطبعة المنار بمصر ملك الحجاز عبد العزيز آل سعود كما ذكره العلامة السيد محمد رشيد رضا صاحب المنار فى مفتتح الجزء الأول من المغنى .
----- .
8- الدعاء للميت والتصدق عنه وقد دعا النبى صلى الله عليه وسلم لكل ميت صلى عليه (1) وسأله رجل فقال يارسول الله إن أمى ماتت أفينفعها إن تصدقت عنها قال نعم (2) ----- .
(1) فى الدعاء أمران أحدهما ابتهال الداعى إلى الله تعالى وتوجهه إليه والثانى طلب حصول أمر مرغوب فيه للمدعو له .
والأول خاص بالداعى وله ثوابه .
والثانى خاص بالمدعو له - ففى نحو اللهم اغفر له وارحمه يطلب الداعى من الله تعالى الغفران والرحمة له ويرجو حصوله له ونفعه به- وقد قال عليه السلام فيما رواه أبو داود .
إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء والأمر هنا للوجوب - وكما شرع الدعاء للموتى فى صلاة الجنازة شرع الدعاء لهم عند زياره القبور وكان عليه السلام يعلم أصحابه ما يدعون به لهم إذا خرجوا لزيارتها ويطلب منهم الاستغفار لهم .
وفى زاد المعاد .
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا زار قبور أصحابه يزورهما للدعاء لهم والترحم عليهم والاستغفار لهم ويأمر من معه بالسلام عليهم والدعاء لهم وكان يتعاهد أصحابه بزيارة قبورهم والسلام عليهم والدعاء لهم كما يتعاهد الحى صاحبه فى دار الدنيا - وفى شرح المنهج أن الدعاء متفق عليه أنه ينفع الميت والحى القريب والبعيد بوصيته وغيرها وفيه أحاديث كثيرة بل كان أفضل الدعاء أن يدعو المؤمن لأخيه بظهر الغيب - وحكى الإمام محيى الدين أبو زكريا النووى الشافعى المتوفى سنة 676 فى شرحه على صحيح الإمام مسلم الإجماع على وصول الدعاء إلى الميت .
(2) عن عائشة رضى الله عنها أن رجلا قال للنبى صلى الله عليه وسلم أن أمى أفلتت (ماتت فجأة) وأراها لو تكلمت تصدقت فهل لها أجر إن تصدقت عنها قال نعم (متفق عليه) وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رجلا قال يارسول الله إن أمى توفيت أينفعها إن تصدقت عنها قال نعم قال فإن لى مخرفا (بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الراء - بستانا) فإنى أشهدك أنى قد تصدقت به عنها (رواه البخارى والترمذى وأبو داود والنسائى) وفى بدائع الصنائع للإمام الكاسانى الحنفى المتوفى سنة 587 أن سعد ابن أبى وقاص سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله إن أمى تحب الصدقة أفأتصدق عنها فقال النبى صلى الله عليه وسلم تصدق .
قصد الابن أن ينفع أمه بوصول ثواب هذه الصدقة إليها - وفى هذه الأحاديث دليل على أن صدقة الولد تنفع الوالدين بعد موتهما بدون وصية منهما ويصل ثوابها إليهما .
وحكى النووى فى شرح مسلم الإحماع على أن الصدقة تقع عن الميت ويصل ثوابها إليه من غير تقييد يكونها من الولد (نيل الأوطار) .
----- .
9- الحج عن العاجز وعن الميت وجاءت امرأة إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت يارسول الله إن فريضة الله فى الحج أدركت أبى شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته .
قالت نعم . قال فدين الله أحق أن يقضى (1) .
----- .
(1) رواه أحمد والنسائى بمعناه .
وعن ابن عباس قال جاءت امرأة من خثعم عام حجة الوداع فقالت يارسول الله إن فريضة الله على عبادة فى الحج أدركت أبى شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستوى على الراحلة .
فهل يقضى عنه أن أحج عنه . قال نعم (رواه الجماعة) وفى الحديثين دليل على جواز الحج من الولد نيابة عن والده إذا كان ميئوسا من قدرته على الحج المفروض وقوله عليه السلام نعم معناه حجى عنه أى قضاء عنه فيقيد أن الحج يقع عن المحجوج عنه وهو ظاهر الرواية عند الحنفية ومختار السرخسى وجمع من المحققين .
وقال فى نيل الأوطار ولا يختص ذلك بالخثعمية لأن الأصل عدم الخصوص .
ولا بالابن خلافا لمن ادعى أنه خاص به . قال فى الفتح ولا يخفى أن دعوى لاختصاص به جمود .
وعن ابن عباس أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت إن أمى نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفاحج عنها قال نعم .
حجى عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته .
اقضوا الله .
فالله أحق بالوفاء . (رواه البخارى والنسائى بمعناه) وفى رواية لأحمد والبخارى بمثل ذلك وفيها قال .
جاء رجل إلى النبى فقال إن أختى نزرت أن تحج -(وفى قوله نعم ) دليل على إجزاء الحج عن الميت من الولد من غيره فيما وجب عليه بنذر أو غيره بدليل قوله اقضوا الله فالله أحق بالوفاء (وفى قوله أكنت قاضيته) دليل على أن مات وعليه حج وجب على وليه أن يجهز من يحج عنه من رأس ماله كما أن عليه قضاء ديونه منه ويلحق بالحج كل حق ثبت فى ذمته لله تعالى من نذر أو كفارة أو زكاة أو غير ذلك وفى الرواية الثانية دليل على صحة الحج عن الميت من غير الوارث لعدم استفصاله صلى الله عليه وسلم للأخ هل هو وراث أولا وترك الاستفصال منه صلى الله عليه وسلم فى مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم فى المقال كما تقرر فى الأصول - وعن ابن عباس قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم رجل فقال إن أبى مات وعليه حجة الإسلام أفأحج عنه قال أرأيت لو أن أباك ترك دينا عليه أقضيته عنه قال نعم .
قال فاحجج عن أبيك رواه الدار قطنى وفيه دليل على أنه يجوز للابن أن يحج عن أبيه حجة الإسلام بعد موته وإن لم يقع منه وصية ولا نذر .
ويدل على جواز الحج عن الميت من غير الولد حديث شبرمة وهو ماروى عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة .
فقال من شبرمة . قال أخ لى أو قريب لى .
قال حججت عن نفسك . قال لا . قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة (رواه أبو داود وابن ماجة) قال النووى فى شرح مسلم ويؤخذ من حديث الخثعمية جواز الحج عن العاجز بموت أو عضب وهو الزمانة والهرم ونحوهما .
وهو مذهب الجمهور سواء أكان العجز عن فرض أم نذر وسواء أوصى به أم لا ويجزىء عنه .
وقال مالك والليث .
لا يحج أحد عن أحد إلا عن ميت لم يحج حجة الإسلام وحكى عن النخعى وبعض السلف أنه لا يصح الحج عن ميت ولا غيره وهى رواية عن مالك وإن أوصى به .
ولعل وجه هذا القول ماذكره القرطبى من أن ظاهر حديث الخثعمية مخالف للقرآن أى لقوله تعالى { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } النجم 39 ، فيرجح ظاهر القرآن لتواتره .
قال الشوكانى ولكنه يقال هو عموم مخصوص بأحاديث الباب ولا تعارض بين عام وخاص انتهى - والحق ما ذهب إليه الجهور لهذه الأحاديث الصحيحة وهو صريح فى انتفاع الميت به وفراغ ذمته مما شغلها ووصول ثوابه إليه .
والله أعلم . ----- .
10- الصوم عن الميت وسأله رجل عن أمة التى ماتت وعليها صوم شهر .
أفأصوم عنها . قال نعم (1) .
----- .
(1) عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله إن أمى ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها .
فقال لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها قال نعم .
قال فدين الله أحق أن يقضى(رواه مسلم) وعنه قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يارسول الله إن أمى ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها فقال أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدى ذلك عنها قالت نعم .
قال فصومى عن أمك (أخرجه الشيخان) .
وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مات وعليه صيام صام عنه وليه(متفق عليه) وروى نحوه عن ابن عباس رضى الله عنهما وهو تقرير لقاعدة عامة فيمن مات وعليه صوم واجب بأى سبب من أسباب الوجوب وكذلك حديث ابن عباس الأول ويشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم فيه (فدين الله أحق أن يقضى) .
وأما حديث ابن عباس الثانى فهو تنصيص على بعض أفراد العام وهو صوم النذر فلايصلح مخصصا ولا مقيدا لحديث عائشة فاستفيد من هذه الأحاديث أن الولى يصوم عمن مات وعليه صوم واجب اى صوم كان نذرا أو غيره، وجوبا كما قال ابن حزم أو استحبابا كما ذهب إليه الجمهور ومنهم الشافعى فى القديم وصححة النووى .
وقال إنه المختار من قول الشافعى وقال به من السلف طاووس والحسن والزهرى وقتادة .
وأبو ثور وإليه ذهب أصحاب الحديث وجماعة من محدثى الشافعية والأوزاعى .
وقال البيهقى هذه السنة ثابتة لا أعلم خلافا بين أصحاب الحديث فى صحتها وذهب مالك أبو حنيفة والشافعى فى قوله الجديد إلى أن الولى لا يصوم عن الميت فى النذر ولا فى غيره بل يطعم عنه لكل يوم مسكينا لما أخرجه النسائى عن ابن عباس موقوفا أنه قال لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلى أحد عن أحد ولما أخرجه عبد الرازق عن عائشة موقوفا أنها قالت لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم ولأن الصوم عبادة بدنية لا ينوب فيها أحد عن أحد كالصلاة .
وفتيا ابن عباس وعائشة بهذا - وهو خلاف مارويناه مرفوعا من صوم الولى - بمنزلة رواية الناسخ ورده الشوكانى بأنى الحق اعتبار ما رواه الصحابى دون مارآه .
وماروى مرفوعا فى الباب يرد ذلك كله . وذهب أحمد والليث وأبو عبيد إلى أن الولى لا يصوم عن الميت إلا فى النذر تمسكا بأن حديث عائشة مطلق وحديث ابن عباس الثانى مقيد فيحمل الملطق على المقيد ويكون المراد من قوله فى الحديث وعليه صيام أى صيام نذر وقد علمت الجواب عن ذلك مما سلف .
أما فى غير النذر فالواجب أن يطعم عنه كل يوم مسكينا لما روى عن ابن عمر موقوفا من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا وعن عائشة قالت يطعم عنه فى قضاء رمضان ولا يصام عنه وسئل فلطعم عنه مكان كل يوم مسكينا وعن عائشة قالت يطعم عنه فى قضاء رمضان ولا يصام عنه وسئل ابن عباس عن رجل مات وعليه نذر صوم شهر وعليه صيام رمضان فقال أما رمضان فليطعم عنه وأما النذر فيصام عنه .
وفرق فى المغنى بين النذر وغيره وقال تفريعا عليه إن الصوم (أى فى النذر) ليس بواجب على الولى لأن النبى شبهه بالدين ولا يجب على الولى قضاء دين الميت وإنما يتعلق بتركته إن كان له تركة وإلا فلا شىء على وارثه .
ولكن يستحب أن يقضى عنه لتفريغ ذمته وفك رهانه .
فكذلك ههنا ولا يختص ذلك بالولى بل كل من صام عنه قضى ذلك عنه وأجزاء لأنه تبرع .
فأشبه قضاء الدين عنه انتهى - وقد اختلف الفقهاء فى المراد بالولى فاختار النووى فى شرح مسلم أنه القريب وارثا أو غير وارث وقيل هو الوارث خاصة وقيل العصبة خاصة .
وذهب الحنفية إلى أنه هو المتصرف فى المال فيشمل الوصى ولو أجنبيا .
كما ذكره ابن عابدين فى الصوم كما اختلفوا فى أنه هل يختص الصوم بالولى أولا فقيل يختص به ورجحه الشوكانى لأن الأصل عدم النيابة فى العبادة البدنية فى الحياة فكذلك بعد الموت إلا ما ورد فيه النص فيقتصر عليه ويبقى الباقى على الأصل .
وصححه النووى وقال إنه لو صام عن الميت أجنبى فإن كان بإذن الولى صح وإلا فلا .
وزاد الإمام القسطلانى الشافعى المتوفى 923 أنه يصح الصوم عن الميت من الأجنبى إذا أذن له الميت أو الولى بأجرة أو بدونها انتهى .
وقيل لا يختص به بل يقبل من المتبرع ولو أجنبيا وهو صريح عبارة المغنى وظاهر صنيع البخارى وبه جزم أبو الطيب الطبرى - وقال الحنفية إن الولى يطعم عن الميت من ثلث ماله وجويا إن أوصى وجواز إن لم يوص .
فإن تبرع به جاز معلقا على مشيئة الله تعالى وكان ثوابه للميت والصلاة كالصوم فى استحسان المشايخ ولا يجوز أن يصوم الولى أو يصلى عن الميت ليكون قضاء عما وجب عليه لما قاله ابن عباس لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلى أحد ولكن للولى وغيره أن يجعل ثواب صومه أو صلاته للميت تبرعا بمثابة الصدقة لما صرح به الهداية من أن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو حجا أو غيره .
وروى الدار قطنى أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم فقال كان لى أبوان أبرهما حال حياتهما فكيف لى ببرهما بعد موتهما فقال النبى صلى الله عليه وسلم إن من البر بعد الموت أن تصلى لهما مع صلاتك وتصوم لهما مع صيامك .
وفى البدائع أن قوله عليه السلام لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلى أحد عن أحد إنما هو فى حق الخروج من العهدة لا فى حق الثواب فإن من صام أو صلى أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والأحياء جاز ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنة والجماعة .
وعليه عمل المسلمين من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا من زيارة القبور وقراءة القرآن عليها والتكفين والصدقات والصوم والصلاة وجعل ثوابها للأموات - ولا مانع من ذلك عقلا لأن إعطاء الثواب من الله إفضال منه لا استحقاق عليه فله إن يتفضل على من عمل لأجله بجعل الثواب له كما له أن يتفضل بإعطاء الثواب من غير عمل رأسا .
وفى البحر الرائق للعلامة ابن نجيم الحنفى المتوفى سنة 969 على متن الكنز للإمام النسفى والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوى عند الفعل الغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره لإطلاق كلامهم .
ومن هذا يظهر انتفاع الميت بحج غيره عنه ووصول ثوابه إليه وبإطعام غيره عنه لأن فى الإطعام برا بالمساكين وسدا لحاجتهم ولذلك ثواب عظيم وما عمل ذلك إلا لأجل الميت فيصل إليه ثوابه لتسببه فيه فى الحقيقة .
----- .
11- قراءة يس على الموتى وعلى المقابر وهذه أحاديث صحاح تدل على انتفاع الميت بسائر القرب لأن الدعاء للميت والاستغفار والحج والصوم عبادات بدنية (1) وقد أوصل الله ثوابها إلى الميت فكذلك ماسواها مع ما تقدم من حديث ثواب القراءة .
وقد ورد حديث فى ثواب من قرأ يس وتخفيف الله تعالى عن أهل المقابر بقراءتها (2) ----- .
(1) ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الحج عبادة تؤدى بالمال والبدن معا وقد عده المصنف فى العبادات البدنية فيحتمل أن يكون ذلك جريا على ما ذهب إليه بعضهم ومنهم قاضيخان من أئمة الحنفية من أنه عبادة بدنية كالصلاة والصوم .
والمال شرط الوجوب فقط . ويحتمل وهو الأقرب أن يكون المراد بالبدنية هنا ما يشمل المحضة كالدعاء والاستغفار والصوم وكذا قراءة القرآن والذكر وغير المحضة كالحج .
فإنه مالى من حيث أشتراط الاستطاعة ووجوب بارتكاب محظوراته وبدنى من حيث الوقوف والطواف والسعى .
والقسم الثالث عبادة مالية محضة كالزكاة والكفارة والصدقة .
وقد نازع ابن حزم فى الصوم فذهب إلى أنه عبادة مركبة كالحج من حيث الإمساك والإطعام فى جبر مانقص منه .
(2) يشير ابن قدامة بهذا إلى قوله قبل هذا الفصل (وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم) أنه قال من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذ وكن له بعدد من فيها حسنات) وروى عنه عليه السلام (من زار قبر والديه فقرأ عنده أو عندهما يس غفر له ) وإلى ماذكره فى باب ما يفعل عند المحتضر من قول أحمد (ويقرءون عند الميت إذا احتضر ليخفف عنه بالقراءة يقرأ يس وأمر بقراءة فاتحة الكتاب ) وفى الشرح الكبير فى هذا الباب (ويقرأ عنده سورة يس لما روى معقل بن يسار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اقرءوا يس على موتاكم) رواه أبو داود .
وروى أحمد (يس قلب القرآن .
ولا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له واقرءوها على مرضاكم) وحديث معقل كما فى نيل الأوطار رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائى وابن حبان وصححه وأعله القطان وضعف الدار قطنى وحمله ابن حبان على من حضرته الوفاة مجازا باعتبار ما يؤول إليه لا على الميت حقيقة ورده المحب ابن حبان على من حضرته الوفاة مجازا باعتبار ما يؤول إليه لا على الميت حقيقة ورده الطبرى وقال الشوكانى إن للفظ نص فى الميت وتناوله للحى المحتضر مجاز فلايصار إليه لا بقرينة أ انتهى .
وهذا الحديث مع ضعف إسناده يفيد بإطلاقه ومع إرادة المعنى الحقيقى للفظ الموتى استحباب قراءة يس على مطلقا سواء أكانت القراءة عن المقبرة أو بعيدا عنها .
والحديثان الآخران يفيدان جواز قراءتها عند المقبرة وفى شرح الجامع الصغير للعزيزى وحاشيته أن إسناده ضعيف وأن يس تقرا على المحتضر وعلى الميت جمعا بين القولين وأن تخصيصا بالقراءة كما قال ابن القيم لما فيها من التوحيد والمعاد والبشرى بالجنة للمؤمنين .
ولتحمل للميت بركتها ليخفف عنه ما يجده .
وقد ثبت فى الصحيح اختصاص بعض آيات القرآن وسوره بفضائل كما فى الفاتحة وآية الكرسى وآخر البقرة والإخلاص وغيرها ( وبعد) فإذا جازت قراءة يس عند المريض لتخفيف وطأة المرضى عنه وعند الحضر لتخفيف سكره الموت عنه فلم لا يجوز قراءتها على من مات للتخفيف عنه أيضا .
وأى فرق بين هذه الأحوال بعد أن ثبت بالسنة المستفيضة أن الروح حية باقية تشعر بالذة والألم ولم يقل أحدبان الحديث موضوع وغاية ماقيل فيه أنه ضعيف الإسناد وهو يعمل به فى مثل هذا المقام .
ونوط التخفيف بقراءة يس إنما هو من سعة الرحمة وعظيم الفضل الإلهى كما نيط الشفاء بقراءة الفاتحة فى حديث الرقية المشهور ، وقد تكون الحاجة من دار العمل أشد وأعظم ولا مانع من استعمال لفظ موتى فى المحتضر والميت حقيقة جمعا بين الحقيقة والمجاز وهو جائز عند الشافعية أو فى معنى يعمهما وهو من انقطع الرجاء فى حياته أو نحو ذلك فيكون من باب عموم المجاز وهو جائز فى الاستعمال باتفاق الأصوليين .
ثم أعلم أن القراءة مطلقا إنما تجوز عند الحنفية وعند ابن تيمية وابن القيم إذا كانت تبرعا بدون أجر والله أعلم .
----- .
12- مذهب الشافعية فى العبادات البدنية المحضة وقال الشافعى إن الذى يصل ثوابه إلى الميت الدعاء والاستغفار والصدقة والواجب الذى يقبل النيابة كالحج .
وما عدا ذلك (1) لا يفعل عنه ولا يصل ثوابه إليه - ملخصا - ونقل العلامة ابن عابدين فى شفاء العليل وفى حاشيته على الدر أن مالكا والشافعى ذهبا إلى أن العبادات البدنية المحضة كالصلاة وتلاوة القرآن لا تصل إلى الميت .
بخلاف غيرها كالصدقة والحجز وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصارى الشافعى إن مشهور المذهب أى فى تلاوة القرآن محمول على ما إذا قرىء لا بحضرة الميت ولم ينو الثواب له أو نواه ولم يدع (2) انتهى - وفى شرح المنهاج من كتب الشافعية لا يصل إلى الميت عندنا ثواب القراءة على المشهور ،والمحتار الوصول إذا سأل الله إيصال ثواب قراءته وينبغى الجزم به لأنه دعاء، فإذا جاز الدعاء للميت بما ليس للداعى فيجوز بالأولى بما هو له .
ويبقى الأمر موقوفا على استجابة الدعاء، وهذا المعنى لا يختص بالقراءة بل يجزى فى سائر الأعمال (3) .
وفى المجموع للنووى سئل القاضى أبو الطيب عن ختم القرآن فى المقابر فقال الثواب للقارىء ويكون الميت كالحاضرين ترجى له الرحمة والبركة ويستحب قراءة القرآن فى المقابر لهذا المعنى، وأيضا فالدعاء عقب القراءة أقرب إلى الإجابة والدعاء ينفع الميت (4) .
----- .
(1) أى وهو العبادات البدنية المحضة ومنه قراءة القرآن لا يصل ثوابها إلى الميت ولو فعلها تبرعا لقوله تعالى { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } النجم 39 ، وقوله عليه السلام (إذا مات ابن آدم انقطع عمته إلا من ثلاث علم علمه أو صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم عن أبى هريرة وذهب المعتزلة إلى أنه لا يصل إلى الميت ثواب شىء من العبادات مطلقا بدنية أو غير بدنية استدلالا بهذه الآية لأنها ليست من سعيه .
والجواب عنها أولا كما قال ابن حزم فى كتاب الحج أن هذه الآية مكية اتفاقا وقد روى النبى صلى الله عليه وسلم أخبار متواترة من طرق صحاح عن خمسة من الصحابة فى الحج عن العاجز فصح أن الله تعالى بعد أن لم يجعل للإنسان إلا ما سعى تفضل على عباده فجعل لهم ما سعى فيه غيرهم بهذه النصوص الثابتة .
وقال فى كتاب الصوم إن الله الذى أنزل هذه الآية هو الذى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم { لتبين للناس ما نزل إليهم } النحل 44 ، وقال { من يطع الرسول فقد أطاع الله } النساء 80 ، فصح أنه ليس للإنسان إلا ما سعى وما حكم الله أو رسوله بأنه من سعى غيره عنه والصوم عنه من جملة ذلك انتهى - وحاصله أن الآية منسوخة أو مخصصة بما دلت عليه هذه الأحاديث من انتفاع الميت بحج غيره وصومه عنه وهما ليسا من سعيه وعمله ولا فرق بين الحج والصوم فى ذلك .
ثانيا كما قال الكمال ابن الهمام الحنفى المتوفى سنة 681 فى فتح القدير أن الآية يجب تقييدها بما لم يهبه العامل للميت وذلك أنه قد ثبت فى الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته واشتهرت رواية هذا الحديث عن عدة من الصحابة فيجوز تقييد هذه الآية به وثبت ثبوتا بلغ مبلغ التواتر أن من جعل شيئا من الصالحات لغيره نفعه الله به مثل حديث صلاة الولد وصيامه لوالديه مع صلاته وصيامه لنفسه .
وحديث قراءة سورة الإخلاص وهبة أجرها للأموات .
وقراءة يس على الموتى . وحديث إنا نتصدق عن موتانا ونحج عنهم وندعو لهم ووصول إليهم وأنهم ليفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدى إليه - وثبت الأمر بالدعاء للوالدين فى قوله تعالى { وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا } الإسراء 24 ، واستغفار الملائكة للمؤمنين فى قوله تعالى { والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض } الشورى 5 ، وذلك قطعى فى حصول الانتفاع بعمل الغير .
فقطعنا بانتفاء إرادة ظاهر الآية وبتقييدها بما لم يهبه العامل - ملخصا - .
ومعنى الآية أنه ليس ينفع الإنسان فى الآخرة إلا ما عمله فى الدنيا مالم يعلم له غيره عملا ويهبه له فإن ينفعه كذلك فمن صلى أو صام أو تصدق أو أتى بأية قربة فجعل ثواب ذلك لغيره جاز لا فرق بين أن تكون القربة عبادة مالية أو بدنية أو مركبة منهما .
ثالثا كما فى الألوسى وغيره أن انتفاع الميت يسمى الميت غيره له مبنى على إيمانه وصلاحه وهما من عمله وسعيه خاصة فجعل عمل الغير نفس سمى الميت وعمله بهذا الاعتبار .
وقد دل على بنائه على ذلك ما أخرجه أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص (أن العاص بن وائل نذر فى الجاهلية أن ينحر مائة بدنة وأن هشام بن العاص نحرحصته خمسين وأن عمرا سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال أما أبوك فلو أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك ) فقد أخبره الرسول بأن موت أبيه على الكفر مانع من وصول الثواب إليه وأنه لو أقر بالتوحيد لأجزأ ذلك عنه ولحقه ثوابه وحاصل المعنى أنه ليس للإنسان إلا ما سعى فيه وهو ما باشره من عمل نفسه وما تسبب فيه بإيمانه من عمل غيره لأجله وذلك يشمل كل قربة يعملها الغير لأجل الميت ويهب ثوابها له كما هو ظاهر والجواب عن الحديث كما قال ابن حزم والزيلمى أنه لا يفيد إلا انقطاع عمل الميت فقط وليس فيه دلالة على انقطاع عل غيره عنه أصلا ولا المنع من ذلك .
قال ابن حزم وليس بصحيح ما قاله الفقهاء من أن عمل الأبدان لا يعمله أحد عن أحد .
بل كل عمل أمر النبى صلى الله عليه وسلم به أن يعمله المرء غن غيره وجب أن يعمل على الرغم من ذلك وقياسهم العبادات البدنية على الصلاة قياس باطل لاتفاقهم على جواز أن يصلى المرء الذى يحج عن غيره ركعتين عند المقام عن المحجوج عنه فإذا أجازوا ذلك فليقس عليه سائر أعمال الأبدان .
وكذلك قولهم لا يصام عنه كما لا يصلى عنه قياس باطل ببل يصل عنه النذر والفرض إن نسبه أو نام عنه ولم يصله حتى مات لدخول ذلك تحت وقوله صلى الله عليه وسلم فدين الله أحق أن يقضى .
ولا فرق بين الصيام والحج فلمال مدخل فى كل منهما .
ففى الحج بجبرة بالهدى والإطعام وفى الصوم بجبره بالعتق والإطعام .
(2) انظر شفاء العليل ويؤخذ ويؤخذ من أنه إذا قرىء القرآن يحضره البين ونوى القارىء الثواب له يصل إليه ثواب القراءة .
ويؤيد ذلك حديث قراءة يس عند المحتضر .
وكذلك إذا قرىء فى غيبة الميت أى عند القبر أو بعيدا عن ونوى الثواب له ودعا القارىء بأن يصل ثواب القراءة إلى الميت وهذه الصورة هى ما فى عبارة شرح المنهاج .
(3) نيل الأوطار جزء 4 فجميع أعمال الطاعات إذا اقترنت بسؤال الله إيصال ثوابها إلى الميت يصل إليه بمشيئة الله شأن كل دعاء ترجى استجابته .
(4) فبين أن حكمة استحباب قراءة القرآن فى المقابر أمران رجاء حصول الرحمة والبركة للميت ببركة القرآن ورجاء قبول دعاء القارىء له لأن الدعاء بعد قراءة القرآن أقرب إلى الإجابة وفى هذا البيان جنوح إلى القول المشهور .
وقد نقل النووى فى الأذكار عن جماعة من أصحاب الشافعى أنه يصل ثواب القراءة إلى الميت كما ذهب إليه ابن حنبل وجماعة من العلماء .
----- .
13- مذهب المالكية فى العبادات البدنية وفى الشرح الكبير وحاشيته للعلامة الدسوقى المالكى فى باب الحج أن الصدقة والدعاء والهدى مما تقبل فيه النيابة عن الغير يصل ثوابه إلى الميت بلا خلاف، ويكون وقوعه من النائب بمنزلة وقوعه من المنوب عنه فى حصول الثواب، بخلاف الصلاة والصوم فإنه لا تقبل فيها النيابة، وأما الحج عن الغير فيجوز مع الكراهة .
14- قراءة القرآن للموتى عند المالكية واختلف فى قراءة القرآن للميت، فأصل المذهب كراهتها، وذهب المتأخرون إلى جوازها، وهو الذى جرى عليه العمل، فيصل ثوابها إلى الميت، ونقل ابن فرحون أنه الراجح، كما ذكره ابن أبى زيد فى الرسالة وقال الإمام ابن رشد محل الخلاف مالم تخرج القراءة مخرج الدعاء بأن يقول قبل قراءته اللهم اجعل ثواب ما أقرؤه لفلان، فإذا خرجت مخرج الدعاء كان الثواب لفلان قولا واحدا وجاز من غير خلاف انتهى .
وعلى هذا ينبغى أن يقول القارىء قبل قراءته ذلك ليصل ثواب القراءة إلى الميت باتفاق أهل المذهب .
15- مذهب الحنفية وصول ثواب الطاعات للميت وذهب الحنفية إلى أن كل من أتى بعبادة سواء كانت صلاة أو صوما أو صدقة أو قراءة قرآن أو ذكرا أو طوافا أو حجا أو عمرة أو غير ذلك من أنواع البر له جعل ثوابها لغيره من الأحياء أو الأموات (1)، ويصل ثوابها إليه (2)، كما فى الهداية والفتح والبحر وغيرها وقد أطال فى بيان ذلك صاحب الفتح وفيه روى عن على عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال من مر على المقابر وقرأ (قل هو الله أحد) إحدى عشرة مرة ثم وهب أجرها للأموات أعطى من الأجر بعدد الأموات وعن النبى عليه السلام أنه قال اقرءوا على موتاكم يس رواه أبو داود وعن الدار قطنى أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم فقال كان لى أبوان أبرهما حال حياتهما فيكف لى ببرهما بعد موتهما فقال إن من البر بعد الموت أن تصلى لهما مع صلاتك وتصوم لهما مع صيامك .
وعن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل فقال السائل يارسول الله إنا نتصدق عن موتانا ونحج عنهم وندعولهم هل يصل ذلك إليهم قال نعم إنه ليصل إليهم وإنهم ليفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدى إليه .
وأما قوله تعالى { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } النجم 39 ، فهو مقيد بما إذا لهم يهد ثواب عمله للغير كما حققه فى الفتح (3) .
وقال الشوكانى فى نيل الأوطار إن عموم الآية مخصوص بالصدقة والصلاة والحج والصيام وقراءة القرآن والدعاء من غير الولد (4) .
----- (1) أى إهداءه له بأن يسأل الله تعالى أن يجعل ثواب مافعله من الطاعات لذلك الغير ولا بعد فى ذلك لأن الذى يملك ثواب المؤمن وجزاءه هو الله وحده والذى رتب الجزاء على الفعل هو الله وحده والذى قدره ويضاعفه إن شاء هو الله وحده .
فله أن يمنح الثواب للفاعل وله أن يمنحه لمن جعله الفاعل له فضلا منه ورحمة ولا معقب لحكمه - والمجعول له قد أهل نفسه لهذه المنحة بإيمانه وتصديقه وإقراره بالعبودية لله فكان فى المعنى ساعيا فى هذا الفعل الذى جعل ثوابه له .
وأماما روى من أنه لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلى أحد عن أحد فمحمله عدم خروج المنوب عنه من عهدة التكليف بفعل النائب لعدم قبول هاتين العبادتين النيابة وهذا شىء غير جعل ثواب الصوم والصلاة للغير بحيث ينتفع به الميت كانتفاعه بالدعاء والصدقة ومثلهما قراءة القرآن تبرعا وإهداء ثوابها للميت كما تقدم عن ابن القيم .
(2) أى إذا فعل ذلك تبرعا بدون أجركما سيأتى (3) تقدم بيانه فى الجواب عن استدلال الشافعية والمعتزلة بهذه الآية .
(4) قال الشوكانى الحق أن عموم الآية مخصوص بالصدقة من الولد لأحاديث الصدقة وبالحج منه لحديث الخثعمية ومن غيره لحديث المحرم عن شبرمة وبالصلاة من الولد لحديث صلاة الولد وصومه لوالديه مع صلاته وصومه لنفسه وبالصيام منه لهذا ولحديث صوم المرأة عن أمها ومن غيره لحديث صيام الولى وبقراءة يس من الولد وغيره وبالدعاء من الولد لحديث أو ولد صالح يدعو له ومن غيره لقوله تعالى { والذين جاءوا من بعدهم } الحشر 10 ، ولحديث استغفروا لأخيكم وحدث أفضل الدعاء للأخ .
وكما تخصص الأحاديث المذكورة هذه الآية تخصص حديث أبى هريرة إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث .
وقيل يقاس على هذه المواضع غيرها فيلحق الميت كل شىء فعله غيره - ملخصا - .
وقيل يقتصر على ما ورد .
وإنما قلنا (من غير الولد) لأن ما يفعله الولد قد يقال إنه من سعى الوالد لحديث (ولد الإنسان من سعيه) فكل ما يفعله الولد داخل فى الآية فلا حاجة إلى التخصيص وظاهر إن هذه المخصصات منها ما ورد فى عبادة بدنية ومنها ما ورد فى عبادة مالية .
ومنها ماورد فى عبادة مركبة منهما فلا يتم الاستدلال بالآية والحديث للشافعية والمعتزلة والله أعلم ----- .
16- رأى الإمام القرافى من أئمة المالكية وفى فروق العلامة القرافى المالكى فى الفرق الثانى والسبعين بعد المائة أن أنواع القربات ثلاثة قسم حجر الله تعالى على عباده فى ثوابه ولم يجعل لهم نقله إلى غيرهم كالإيمان والتوحيد ، وقسم اتفق الناس على أنه تعالى أذن فى نقله للميت وهو القربات المالية كالصدقة والعتق .
وقسم اختلف فيه هل فيه حجر أم لا وهو الصيام والحج وقراءة القرآن (1) فلا يحصل شىء من ذلك للميت عند مالك والشافعى (2) .
وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل يصل ثواب القراءة للميت .
فمالك والشافعى يحتجان بالقياس على الصلاة ونحوها (3) مما هو فعل بدنى والأصل فى الأفعال البدنية أن لا ينوب فيها أحد عن أحد .
ولظاهر قوله تعالى { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } ولحديث إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به وصدقة جارية وولد صالح يدعو له .
واحتج أبو حنيفة وأحمد بالقياس على الدعاء .
فإن، الإجماع على وصول ثوابه للميت فكذلك القراءة والكل عمل بدنى - وبظاهر قوله عليه السلام للسائل (صل لهما مع صلاتك وصم لهما مع صومك) أى لوالديك .
وبعد أن ناقش الدليلين قال .
إن الذى يتجه ولا يقع فيه خلاف أنه يحصل للموتى بركة القراءة لا ثوابها (4) كما تحصل لهم بركة الرجل الصالح يدفن عندهم أو يدفنون عنده .
----- .
(1) لم يرد الحصر كما هو ظاهر (2) أى فى المشهور فى المذهبين وإلا فالمتأخر ون من علماء المذهبين ذهبوا إلى حصول النفع للميت فى هذه العبادات ومنها القراءة ونفعها إما بوصول ثوابها أو حصول بركتها (3) علمت أن الصلاة عن الميت مشروعة فى منسك الحج عنه وفى صلاة الولد عن والديه مع صلاته كما فى حديث الدار قطنى ومتى ورد النص كان هو المعول عليه (4) يوافق رأى القاضى أبى الطيب من الشافعية .
----- .
17- احتياط معقول ثم قال وهذه المسألة وإن كان مختلفا فيها فينبغى للإنسان أن لا يهملها فلعل الحق هو الوصول إلى الموتى، فإن هذه أمور خفية عنا، وليس الخلاف فى حكم شرعى إنما هو فى أمر واقع هل هو كذلك أم لا، وكذلك التهليل (1) الذى اعتاد الناس عمله ومن الله الجود والإحسان .
هذا هو اللائق بالعبد (2) انتهى . ----- .
(1) قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير راجع فى فضلها الصحيحين .
(2) فى هذا رد على من يضيق واسعا ويصعب سهلا فإن فضل الله عظيم ورحمته وسعت كل شىء ولا حرج على الفضل الإلهى أن يجعل وثواب هذه الطاعات لمن جعلها له فاعلها فإن أبوا إلا التحجير والتضييق مع دلالة ما قدمنا من الأسانيد فلهم دينهم ولى دين ----- .
18- الخلاصة والخلاصة فى ذلك أن مذهب الحنفية والحنابلة وصول ثواب جميع العبادات والقربات إلى الميت وانتفاعه بها إذا جعل ثوابها .
ومذهب الشافعية فى المشهور والمالكية فى الأصل وصول ثواب القربات ما عدا العبادات البدنية المحضة كالصلاة والصوم وتلاوة القرآن والذكر، وقد علمت رأى المتأخرين من الشافعية والمالكية، وإن المختار عندهم وصول الثواب إلى الميت (1) .
----- .
(1) أى بالشروط السابق ذكرها .
----- .
حكم أخذ الأجرة على قراءة القرآن .
غير أنه مما يلزم التنبيه له إن وصول ثواب تلاوة القرآن إلى الميت مقيد بما إذا كانت القراءة تطوعا بدون أجر كما ذكره ابن القيم (1) وأئمة الحنفية (2) .
سواء كانت القراءة من ولد الميت أم من غيره (3) وأما الاستئجار على تلاوة القرآن فغير جائز عند الحنفية وأجازه المالكية (4) وذكر ابن فرحون أن جواز أخذ الأجرة على قراءة القرآن مبنى على وصول ثواب القراءة لمن قرىء لأجله كالميت وهو الراجح عندهم كما سلف .
----- .
(1) وهو رأى ابن تيمية (2) ذهب الحنفية إلى عدم جواز الاستئجار على الطاعات كتعليم القرآن وتلاوته والفقه والأذان والإقامة والوعظ والحج والعمرة والغزو والصلاة والصيام وغير ذلك مما يعد فى نفسه طاعة بمعنى أنه لا تجب الأجرة ولا يجوز أخذها ولا إعطاؤها والإجارة باطلة وبه قال الضحاك وعطاء والزهرى والحسن البصرى وابن سيرين وطاووس والشعبى والنخعى واستثنى المتأخرون منهم تعليم القرآن وأخذ الأجرة عليه تحرزا من ضياعه وترغيبا فى حفظه وعليه الفتوى وبعضهم استثنى أيضا الأذان والإقامة وتعليم الفقه والوعظ للضرورة وبقى أخذ الأجرة عليها كما لا يجوز لأخذ الأجرة على الصلاة والصيام - نعم يجوز للإنسان أن يتبرع بثواب هذه العبادات لغيره حيا أو ميتا بدون استنابة ولا تأخير فيرجى أن يصل ثوابها إليه فإذا تبرع إنسان بقراءة القرآن للميت وجعل ثوابه له جاز سواء كانت القراءة عند القبر أو بعيدا عنه ففى وصايا الولوالجية لو زار قبر صديق أو قريب له وقرأ عنده شيئا من القرآن فهو حسن انتهى .
وفى خزانة المفتين ولو زار قبر صديق له فقرأ عنده لا باس به انتهى - وقد نقل عن الإمام القول بكراهة القراءة عند القبر وهو رواية والكراهة فيه يظهر أنها تنزيهية وينبغى أن يعلم أن الكلام هنا فى مقامين أحدهما قراءة القرآن تبرعا وإهداء ثوابها إلى الميت والثانى الاستئجار على القراءة للميت أو لغيره والأول جائز والثانى ممنوع فقد نصوا على أن التبرع بالقراءة وإهداء ثوابها للميت بمثابة الدعاء إذ القارىء يسأل الله أن يجعل الثواب للميت ولا ضير فى ذلك ولا نيابة فيه .
ونصوا على أن القارىء للدنيا وهو الذى يقرأ لأجل لاثواب له والآخذ والمعطى آثمان (شفاء العليل) وعند أهل المدينة يجوز أخذ الأجرة على التلاوة وبه أخذ الشافعى ونصير وعصام وأبو النصر الفقيه وأبو الليث (مغنى) ولعله لضرورة إحياء القرآن والحث على تلاوته ولما ذكره ابن فرحون ولحصول البركة بقراءته ففى صحيح مسلم عن أبى هريرة وما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده وقال النووى إن التقييد بالمسجد خرج مخرج الغالب لاسيما فى ذلك الزمان فلا يكون له مفهوم يعمل به .
(3) وسواء أكانت القراءة عند القبر أو بعيدة منه .
(4) أى فى قول كما تفهمه العبارة الآتية .
----- .
20 - فتوى للأستاذ الوالد فى قراءة القرآن للميت ووصول ثوابها إليه وبعد تحرير هذا وقفت على فتوى للأستاذ الوالد رحمه الله وهو مالكى المذهب حررها فى سنة 1349 جوابا عن أسئلة وردت إليه جاء فيها ما نصه وأما قراءة القرآن للميت سواء أكانت على القبر أم بعيدا عنه فقد اختلف العلماء فى وصول الثواب إليه، والجمهور على الوصول (1) وهو الحق خصوصا إذا وهب القارىء بعد القراءة ثواب ما قرأه للميت، وللقارئ أيضا ثواب لا ينقص من أجر الميت شيئا، والتفضيل (2) بين القراءة والصدقة بالنقود يختلف باختلاف مقدار الصدقة ونفعها للفقير وحال المتصدق واختلاف القراءة .
وما يدفع للقراء من الأجر (بناء على رأى للمالكية فى جواز أخذ الأجرة على القراءة) ومسألة الأجر والثواب قلة وكثرة موكولة إلى الله تعالى وفى يده بيسطها لأيهما كيف يشاء .
وقد ورد فى كل ما يحث على فعله .
وقد علمت أنه لا فرق فى ذلك بين القرب والبعد لأن الله تعالى هو المطلع على القارىء وإحسانه العمل وإخلاصه فيه، وعلى المتصدق وإخلاصه فى صدقته، وهو المقدر لهذا وذاك والقرب والبعد بين القارىء والمتصدق وبين الميت لا دخل له فى وصول الثواب وعدم وصوله .
وهناك هدايا كثيرة غير النقود يتصدق بها على الميت كالدعاء وجميع الارتفاقات المعاشية التى ينتفع بها الفقراء من طعام وشراب ولباس ووقف أرض أو دار أو إسكان مستحق لذلك إذا قصد إهداء ثوابه لروح الأموات كالنقود سواء .
والله أعلم انتهى . هذا ما اتسع له الوقت فى الإجابة عن هذا السؤال .
والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .
مفتى الديار المصرية حسنين محمد مخلوف ----- (1) وهو رأى الحنفية واحمد بن حنبل وابن تيمية وابن القيم والمتأخرين من المالكية والشافعية .
(2) هذا جواب عن أحد الأسئلة المتعلقة بالقراءة والصدقة .
----- خاتمة فى زيارة القبور وزيارة القبور مستحبة للعظة والاعتبار، وتذكر الموت وأهوال الآخرة وانتفاع الموتى بالدعاء لهم، ففى الحديث (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد فى زيارة قبر آمنة فزوروها فإنها تذكر الآخرة) رواه الترمذى وصححه وأخرجه مسلم وأبو داود والحاكم .
وفى حديث آخر أخرجه الحاكم (فزوروا القبور فإنها تذكر الموت) وكان عليه السلام يزور قبور شهداء أحد كل حول مرة ، ويسلم عليهم، ويزور قبور أهل بقيع الفرقد بالمدينة مرارا ويسلم عليهم ويدعو لهم، ويقول السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية) رواه مسلم وأحمد وابن ماجه .
وكانت فاطمة تزور قبر عمها حمزة رضى الله عنه وكان ابن عمر لا يمر بقبر إلا وقف عليه وسلم عليه .
وفى زاد المعاد كان النبى - صلى الله عليه وسلم - إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاء لهم والترحم عليهم والاستغفار لهم، ويأمر من معه من أصحابه أن يقول السلام عليكم أهل الديار إلخ .
وكان يتعاقد الميت بالزيارة إلى قبره والسلام عليه والدعاء له كما يتعاهد إلى صاحبه فى الدار الدنيا .
وذهب ابن حزم إلى أن زيارة القبور واجبة ولو فى العمر مرة لورود الأمر بها، والزيارة مأذون فيها للرجال باتفاق، أما النساء فقيل بكراهتها .
وذهب الأكثر إلى الجواز إذا أمنت الفتنة، وقال بعض الفقهاء إن كانت زيارتهن للاعتبار والترحم من غير بكاء وكن عجائز جاز، وإن كانت لتجديد الحزن والبكاء والندب كرهت تحريما .
ومن آداب الزيارة أن يزورها الإنسان قائما مستدبر القبلة مستقبلا بوجهه الميت، وأن يسلم على أهل القبور، ولا يمسح القبر ولا يمسه فضلا عن أن يقبله، ويدعو عنده قائما بما علم رسول الله أصحابه الدعاء به عند الزيارة، وأن ينصرف عقب ذلك، وقد كان ابن عمر يجئ إلى قبر الرسول فيقول السلام على النبى .
السلام على أبى بكر .
السلام على أبى وينصرف وكذلك أنس بن مالك . ولا بأس أن يقرأ سورة يس لحديث من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات (بحر) وأن يقرأ من القرآن ما تيسر له من الفاتحة وأول البقرة وآية الكرسى وآخر البقرة من قوله تعالى { آمن الرسول } وسورة يس وتبارك (الملك) والتكاثر والإخلاص ثم يقول اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان أو إليهم (ابن عابدين) وفى المغنى ولا بأس بالقراءة عند القبر وقد روى عن أحمد أنه قال إذا دخلتم المقابر فاقرءوا آية الكرسى وثلاث مرات { قل هو الله أحد } الإخلاص 1 ، ثم قولوا اللهم إن فضله لأهل المقابر .
وفى رواية الإحياء (إذا دخلتم المقابر فاقرءوا الفاتحة والمعوذتين وقل هو الله أحد .
واجعلوا ثواب ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم ) انتهى - وما روى عن أحمد من قوله .
إن القراءة عند القبر بدعة قد رجع عنه كما ذكره ابن قدامة الحنبلى، وأفضل أيام الزيارة يوم الجمعة، وقيل هو ويوم قبله ويوم بعده .
وقد ذكر فى زاد المعاد أن الموتى تدنو أرواحهم من قبورهم يوم الجمعة فيعرفون زوارهم ومن يمر بهم ويسلم عليهم .
وروى محمد بن واسع أن الموتى يعلمون زوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده، ولا يخفى أن وصول ثواب القراءة إلى الميت لا يتوقف على أن تكون حال الزيارة بل يصل الثواب إليه مطلقا، وقد قال ابن القيم فى كتاب الروح (وأما قراءة القرآن وإهداؤها إلى الميت تطوعا بغير أجر فهذا يصل إليه كما يصل إليه ثواب الصوم والحج) فكما أن ثواب الصوم والحج عنه يصل إليه وهما لا يكونان حال الزيارة كذلك يصل إليه ثواب القراءة مطلقا سواء كانت عند القبر أو بعيدة عنه .
ويؤيد هذا ما سبق نقله عن كثير من الفقهاء، وقول ابن القيم فى زاد المعاد إن قراءة القرآن للميت عند القبر أو غيره بدعة مكروهة ينافى ما ذكره نفسه فى كتاب الروح .
وما ذكره غيره من الفقهاء خلا أبا حنيفة الذى روى عنه القول بكراهة القراءة عند القبر .
والذى ينبغى التعويل عليه ما ذكره فى كتاب الروح، وأى فرق بين قراءة القرآن له .
والصلاة والصوم والحج والدعاء والاستغفار له وكلها طاعات يرجى من الله أن يجعل ثوابها للميت إذا جعلها الفاعل له، ولا حرج على الله فى فعله وفضله .
وجملة القول فى الزيارة أنه يجب اتباع هدى النبوة فى آدابها وتجريدها من المآثم حتى تقع فى موقعها الشرعى .
اللهم اجعلنا من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه .
وفقهنا فى الدين ولا تحرمنا أجر العاملين .
واهدنا الصراط المستقيم . وصل وسلم على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين .
تم تحرير هذه التعليقات بعون الله تعالى فى يوم الجمعة 13 من شوال سنة 1366 (29 من أغسطس سنة 1947) بيد الفقير إلى الله تعالى .
حسنين محمد مخلوف مفتى الديار المصرية(5/471)
تشبه المسلم بالكافر
F عبد المجيد سليم .
جمادى الآخرة 1347 هجرية - 26 نوفمبر 1928 م
M 1- الكفر شىء عظيم فلا يحكم به على مؤمن متى وجدت رواية أنه لا يكفر .
ولا يكفر مسلم إلا إذا اتفق العلماء على أن ما أتى به يوجب الردة .
2- لا يكفر المسلم متى كان لكلامه أو فعله احتمال ولو بعيدا يوجب عدم تكفيره .
3- لا يخرج الرجل من الإيمان إلا جحود ما أدخله فيه .
4- ما يتيقن بأنه ردة يحكم بها عليه، وما يشك فى أنه ردة لا يحكم به ن لأن الإسلام الثابت لا يزول بالشك .
5- مناط التكفير هو التكذيب أو الاستخفاف بالدين .
6- مجرد لبس البرنيطة ليس كفرا، لأنه لا دلالة فيه على الاستخفاف بالدين ولا على التكذيب بشىء مما علم من الدين بالضرورة حتى يكون ذلك ردة إلا إذا وجد من لابسها شىء يدل دلالة قطعية على الاستخفاف أو التكذيب بشىء مما علم من الدين بالضرورة بأن ذلك يكون ردة .
7- كل من حبذ واستحسن ماهو كفر إذا وجد مه ما يدل على ذلك دلالة قطعية يحكم بكفره .
8- لابس البرنيطة قصد التشبه بغير المسلمين مع عدم ما يدل على الاستخفاف أو التكذيب بشىء مما علم من الدين بالضرورة يكون آثما ولا يحكم بكفره .
9- قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - من تشبه بقوم فهو منهم يحمل على أنه يكون كافرا مثلهم إن تشبه بهم فيما هو كفر كتعظيم يوم عيدهم تبجيلا لدينهم، أو لبس شعارهم قاصدا الاستخفاف بالدين وإلا فإنه يكون آثما مثلهم فقط .
10- يحرم التشبه بأهل الكتاب فيما كان مذموما وبقصد التشبه بهم .
11- لبس القبعة وغيرها بدون قصد التشبه بالكفار بل قصدا لدفع برد أو حر فلا إثم فى ذلك أبدا مادام لم يوجد منهم استخفاف أو تكذيب
Q من مفتى مدينة كملجة بما صورته أن أناسا قلائل ممن تسمى بأسماء المسلمين قد خلعوا منذ آونة أزياءنا وبرزوا بين ظهرانينا بالقبعة مع أننا سكان (تراكيا) الغربية المسلمين كنا ولا نزال فى سعة وحرية تامتين من جهة حكومتنا اليونانية ليس علينا أدنى حرج ولا نظره شزر إذا احتفظنا بأزيائنا القديمة وتقاليدنا الإسلامية وها أنا حاكم شرعى ومفت شرعى فى هذا البلد أحكم أفتى على منهج ديننا الحنيف حسبما فتح الله لى فى اجتهادى، لكن هؤلاء المتجددين لا يعبئون بنا وبمنهجنا الشرعى ويعتبروننا رجعيين إلى الخلف، ويقتدون فى تطوراتهم برئيس الجمهورية التركية محبذيه فى كل ما ابتدعه ، وإنى بصفتى الرسمية لا أقر لهم ببدعهم ولا أوقع على وراثتهم من المسلمين ولا على زواجهم من المسلمات، فيسخطون على ويحسبون أنى حرمتهم حقوقهم وظلمتهم، وفى اعتقادى أنى لا أحكم فيهم بغير ما حكم به الشرع الإسلامى { وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون } آل عمران 117 ، وبالجملة أنهم يريدون ألا يخضعوا لأقضيتى التى تحول بينهم وبين ميراث المسلمين ونساء المسلمين فيتخذوننى شكية عند الناس وعند الحكومة .
والحكومة لا تدرى المسألة الشرعية، فربما تقع فى خلدها شبهة منى ومن عدالتى وأمانتى، فإن كنت على حق فيما حكيته لكم فساعدونى رحمكم الله وأيدونى بكلمتكم الفصل، وإلا فدلونى على ما هو الحق الحقيق بالاتباع، أطال الله بقاءكم ومتعنا والمسلمين بعلومكم
An أما بعد .
فاعلم هدانى الله وإياك إلى الحق ورزقنا اتباعه وجنبنا الزلل فى القول والعمل .
أن علماءنا قالوا إن الكفر شىء عظيم، فلا نجعل المؤمن كافرا متى وجدنا رواية أنه لا يكفر، فلا يكفر مسلم إلا إذا اتفق العلماء على أن ما أتى به يوجب الردة، كما أنه لا يكفر مسلم متى كان لكلامه أو فعله احتمال ولو بعيدا يوجب عدم تكفيره .
فقد روى الطحاوى عن أبى حنيفة رحمه الله وأصحابنا أنه لا يخرج الرجل من الإيمان إلا جحود ما أدخله فيه، ثم ما يتيقن بأنه ردة يحكم بها له، وما يشك بأنه ردة لا يحكم بها .
إذ الإسلام الثابت لا يزول بشك، مع أن الإسلام يعلو .
وينبغى للعالم إذا رفع إليه هذا أن لا يبادر بتكفير أهل الإسلام مع أنه يقضى بصحة إسلام المكره .
وقد قال صاحب جامع الفصولين بعد نقله هذه العبارة ما نصه (أقول قدمت هذه لتصير ميزانا فيما نقلته فى هذا الفصل من المسائل فإنه قد ذكر فى بعضها أنه كفر مع أنه لا يكفر على قياس هذه المقدمة فليتأمل ) .
وقالوا أيضا إن مناط الكفر والإكفار التكذيب أو الاستخفاف بالدين، فقد نقل صاحب نور العين على جامع الفصولين عن ابن الهمام فى المسايرة أن مناط الإكفار هو التكذيب أو الاستخفاف بالدين .
وقد قال فى جامع الفصولين ما نصه (شد زنارا على وسطه ودخل دار الحرب للتجارة كفر قيل فى لبس السواد وشد الفائزة على الوسط ولبس السراغج ينبغى أن لا يكون كفرا استحسنه مشايخنا فى زماننا وكذا فى قلنسوة المغول إذ هذه الأشياء علامة ملكية لا تعلق لها بالدين .
إذا علمت هذا علمت أن مجرد لبس البرنيطة ليس كفرا لأنه لا يدل قطعا على الاستخفاف بالدين الإسلامى، ولا على التكذيب بشىء مما علم من الدين بالضرورة حتى يكون فى ذلك ردة .
نعم إذا وجد من لابس القبعة شىء يدل دلالة قطعية على الاستخفاف بالدين أو على تكذيب شىء مما علم من الدين بالضرورة كان ذلك ردة فيكفر .
وعلى ذلك يكفر كل من حبذ واستحسن ما هو كفر إذا وجد منه ما يدل على ذلك دلالة قطعية وإذا لبسها قاصدا التشبه بغير المسلمين ولم يوجد منه ما يدل على الاستخفاف بالدين ولا على التكذيب بشىء مما علم من الدين بالضرورة كان آثما فقط، لما روى أبو داود فى سننه حدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا أبو النضر يعنى - هاشم بن القاسم - حدثنا عبد الرحمن بن ثابت حدثنا حسان ابن عطية عن أبى جنيب الجرشى عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهذا إسناد جيد، وبين ذلك فى كتابه اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام (فهو منهم) أنه كافر مثلهم إن تشبه بهم فيما هو كفر كأن عظم يوم عيدهم تبجيلا لدينهم، أو لبس زنارهم أو ما هو من شعارهم قاصدا بذلك التشبه بهم إستخفافا بالإسلام، كما قيد به أبو السعود والحموى على الأشباه وإلا فهو مثلهم فى الإثم فقط لا فى الكفر كما فى الفتاوى المهدية، وإنما شرطنا فى الإثم قصد التشبه لأن فى الحديث ما يدل على ذلك إذ لفظة التشبه تدل على القصد .
ومن أجل ذلك قال صاحب البحر ما نصه ثم أعلم أن التشبه بأهل الكتاب لا يكره فى كل شىء فإننا نأكل ونشرب كما يفعلون إنما الحرام هو التشبه فيما كان مذموما وفيما يقصد به التشبه كذا ذكره قاضيخان فى شرح الجامع الصغير ،وكتب ابن عابدين فى حاشيته على البحر تعليقا على هذا ما نصه أقول قال فى الذخيرة البرهانية قبيل كتاب التحرى قال هشام رأيت على أبى يوسف نعلين مخصوفين بمسامير فقلت أترى بهذا الحديد بأسا قال لا .
فقلت إن سفيان وثور بن يزيد رحمهما الله تعالى كرها ذلك، لأن فيه تشبها بالرهبان، فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال التى لها شعر، وإنها من لباس الرهبان فقد أشار إلى أن صورة المشابهة فيما تعلق به صلاح العباد لا تضر .
وقد تعلق بهذا النوع من الأحكام صلاح العباد، فإن الأرض ممالا يمكن قطع البعيدة فيها إلا بهذا النوع من الأحكام .
وعلى هذا فهؤلاء الناس الذين لبسوا القبعة آثمون إذا قصدوا من لبسها التشبه بالكفار، أما إذا لبسوها غير قاصدين التشبه بهم ، كأن كان لبسهم إياها لدفع برد أو حر أو غير ذلك من المصالح فلا إثم .
وهذا كله إذا لم يوجد منهم ما يدل دلالة قطعية على استخفافهم بالدين، أو تكذيبهم بشىء مما علم من الدين بالضرورة وإلا كانوا كفارا مرتدين يحكم عليهم بأحكام المرتدين من عدم صحة أنكحتهم وعدم توريثهم من الغير إلى غير ذلك .
والله سبحانه وتعالى أعلم(5/472)
رعية المسلم (جنسية)
F محمد عبده .
رمضان 1322 هجرية
M 1- تقضى الشريعة الإسلامية على اختلاف مذاهبها بأنه لا جنسية فى الإسلام ولا امتياز فى الحقوق بين مسلم ومسلم .
2- البلد الذى يقيم فيه المسلم من بلاد المسلمين هو بلده، ولأحكامه عليه السلطان دون أحكام غيره
Q المسلم إذا دخل بمملكة إسلامية .
هل يعد من رعيتها . له مالهم وعليه ما عليهم على الوجه المطلق .
وهل يكون تحت شرعها فيما له وعليه عموما وخصوصا .
وما هى الجنسية عندنا . وهل حقوق الاميتازات المعبر عنها عند غير المسلمين بالكبيتولاسيون موجودة بين ممالك الإسلام مع بعضهم بعضا
An من المعلوم أن الشريعة الإسلامية قامت على أصل واحد، وهو وجوب الانقياد لها على كل مسلم فى أى محل حل ن وإلى أى بلد ارتحل، فإذا نزل ببلد إسلامى جرت عليه أحكام الشريعة الإسلامية فى ذلك البلد، وصار له من الحق ما لأهله، وعليه من الحق ما عليهم، لا يميزه عنهم مميز ولا أثر لاختلاف البلاد فى اختلاف الأحكام .
نعم قد يكون الحاكم فى بعض الأقطار حنفيا وفى بعضها مالكيا مثلا، ولكن هذا لا أثر له فى الحق للشخص أو عليه .
فمتى قضى له أو عليه فله ما قضى له به وعليه أداء ما قضى به عليه على أى مذهب كان متى كان القاضى مولى من طرف الحاكم العام إذ حكم الحاكم يرفع الخلاف .
ولا ذكر لاختلاف الأوطان فى الشريعة الإسلامية إلا فيما يتعلق بأحكام العبادات من قصر الصلاة للمسافر أو جواز الفطر فى رمضان مثلا، وقد يتبع ذلك شىء فى اختصاص المحاكم من حيث تعيين الجهة التى يكون لقاضيها الحق فى أن يحكم فى الدعوى التى ترفع إليه من شخص على آخر، هل هى محل المدعى أو محل المدعى عليه غير أن شيئا من ذلك لا يغير من حق للمدعى أو المدعى عليه .
فالشريعة واحدة والحقوق واحدة يستوى فيها الجميع فى أى مكان كانوا من البلاد الإسلامية، فوطن المسلم فى البلاد الإسلامية هو المحل الذى ينوى الإقامة فيه ويتخذ فيه طريق كسبه لعيشه، ويقر فيه مع أهله إن كان له أهل، ولا ينظر إلى مولده ولا إلى البلد الذى نشأ فيه، ولا يلتفت إلى عادات أهل بلده الأول، ولا إلى ما يتعارفون عليه فى الأحكام والمعاملات .
وإنما بلده ووطنه الذى يجرى عليه عرفه وينفذ فيه حكمه هو البلد الذى انتقل إليه واستقر فيه .
فهو رعية الحاكم الذى يقيم تحت ولايته دون سواه من سائر الحكام، وله من حقوق رعية ذلك الحاكم وعليه ما عليهم لا يميزه عنهم شىء لا خاص ولا عام .
أما الجنسية فليست معروفة عند المسلمين، ولا لها أحكام تجرى عليهم لا فى خاصتهم ولا عامتهم .
وإنما الجنسية عند الأمم الأوروبية تشبه ما كان يسمى عند العرب عصبية .
وهو ارتباط أهل قبيلة واحدة أو عدة قبائل بنسب أو حلف يكون من حق ذلك الارتباط أن ينصر كل منتسب إليه من يشاركه فيه .
وقد كان لأهل العصبية ذات القوة والشوكة حقوق يمتازون بها على من سواهم .
جاء الإسلام فألغى تلك العصبية ومحا آثارها وسوى بين الناس فى الحقوق فلم يبق للنسب ولا لما يتصل به أثر فى الحقوق ولا فى الأحكام .
فالجنسية لا أثر لها عند المسلمين قاطبة . فقد قال - صلى الله عليه وسلم - إن الله أذهب عنكم عبية ( بضم العين وكسر الباء المشددة وفتح الياء أى - عظمة ) الجاهلية عظمتها وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقى وفاجر شقى، الناس كلهم بنو آدم، وآدم خلق من تراب وروى كذلك عنه ليس منا من دعا إلى عصبية وبالجملة فالاختلاف فى الأصناف البشرية كالعربى والهندى والرومى والشامى والمصرى والتونسى والمراكشى مما لا دخل له فى اختلاف الأحكام والمعاملات بوجه من الوجوه .
ومن كان مصريا وسكن بلاد المغرب وأقام بها جرت عليه أحكام بلاد المغرب، ولا ينظر إلى أصله المصرى بوجه من الوجوه .
وأما حقوق الامتيازات المعبر عنها بالكابيتولاسيون فلا يوجد شىء منها بين الحكومات الإسلامية قاطبة .
فهذه بلاد مراكش وبلاد أفغانستان لكل من البلدين حكومة مستقلة عن الآخرى .
وكلا الحكومتين مستقل عن الدولة العثمانية، ولا يوجد شىء من حقوق الامتيازات بين حكومة من هذه الحكومات وأخرى منها .
وما نراه من الوكلاء لحكومة مراكش مثلا من الممالك الثمانية لا يعتبرون سفراء مثل سفراء الدول الأجنبية، وإنما هم وكلاء لشخص الحاكم ورجال دولته لقضاء بعض المصالح الخاصة والمساعدة مواطنيهم فيما يعرض لهم من الحاجات، ولا أثر لهم فيما يدخل فى الشرائع والأحكام، وما يوجد من أثر الامتياز فى الحقوق لرعية شاه العجم أو سلطان مراكش فى بعض الممالك الإسلامية كمصر فإن الإيرانيين والمغاربة قد نالوا ضربا من الامتياز بالتقاضى إلى المحاكم المختلطة من عدة سنوات .
ذلك الذى تراه من أثر الامتياز يناقض أصول الشريعة الإسلامية كافة .
فلا أهل السنة يجيزونه ولا مجتهدو الشيعة يسمحون به، وإنما هو شىء جر إليه فسوق بعض الرعايا وميل المحاكم المختلطة إلى التوسع فى الاختصاص .
وما قضت به بعض القوانين المصرية من أن سائر العثمانيين لا ينالون حق التوظف فى مصالح الحكومة المصرية، ولا حق الانتخاب فى مجالس شوراها إلا بقيود مخصوصة يشبه تقرير الحقوق فى انتخاب مجالس البلدية فمجلس بلدية الاسكندرية مثلا لا يدخل فى انتخاب أعضائه المقيم بالقاهرة .
فهو من باب تفضيل سكان المكان على سكان غيرهم، وإيثارهم أولئك بالنظر فى المنافع على هؤلاء لقربهم مع استواء الكل فى الانتساب إلى شريعة واحدة، واشتراكهم فى الحقوق التى قررتها الشريعة بلا امتياز .
هذا ماتقضى به الشريعة الإسلامية على اختلاف مذاهبها .
لا جنسية فى الإسلام ولا امتياز فى الحقوق بين مسلم ومسلم .
والبلد الذى يقيم فيه المسلم من بلاد المسلمين هو بلده ولأحكامه عليه السلطان دون أحكام غيره، والله أعلم(5/473)
تفشى حمى التيفوس
F محمد بخيت .
شعبان 1337 هجرية - 27 مايو 1919 م
M 1- كل من الحمى التيفوسية والحمى الراجعة تنتقل من شخص إلى آخر بواسطة القمل وغيره، وللوقاية منها لا بد من الاهتمام بالنظافة مطلقا دوار ومساكن وأماكن عبادة وأمكنة تجمعات وملابس وأجساد .
2- لا عدوى مؤثرة بطبيعتها، وإنما قد يجعل الله بمشيئته وإرادته مخالطة صحيح الجسم لمن به مرض معد سببا لإصابته بهذا المرض .
3- يجب تجنيب الأصحاء عن أصحاب الأمراض الوبائية محافظة على الأصحاء من ذوى العاهات
Q من إدارة عموم الصحة أن الحمى التيفوسية أخذت تتفشى وتنتشر فى مصر منذ بضع سنوات حتى بلغ عدد إصاباتها فى خلال السنوات الخمس الماضية بحسب البلاغات التى وردت عنها مائة ألف وتسعمائة إصابة، والغالب أن العدد الحقيقى هو أكثر من هذا الإحصاء المبنى على البلاغات الرسمية وفى العام الماضى حصلت إصابات عديدة بالحمى الراجعة .
وقد علم من التجارب أن كلا من الحمى التيفوسية والحمى الراجعة تنتقل من شخص إلى آخر بوسائط منها القمل، وتريد إدارة عموم الصحة أن تنشر بيانا لإبادة القمل وطرقا للوقاية من هذين المرضين .
وحيث إنهما من الأمراض الوبائية التى جرت العادة بانتشار العدوى منها أردت أن أبين حكم الدين وما يلزم شرعا بإزاء الوقاية من كل مرض يعدى
An إن ديننا الحنيف ربط الأسباب بمسبباتها، وناط النتائج بمقدماتها وليس فى الوجود أعز من الصحة والعافية، ولا أدل على ذلك من قول النبى صلى الله عليه وسلم - لذلكم الأعرابى الذى جاءه ليعلم ما يسأل الله عنه بعد الصلوات الخمس (سل الله العافية) وقوله فى حديث آخر (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس .
الصحة والفراغ) فعلى المفتقر إلى الصحة أن يسعى وراءها بكل ما أوتيه من قوة وعلم، وعلى المتمتع بها أن يحتفظ بها كل الاحتفاظ، وأن يباعد بنفسه عن الأمراض المعدية عملا بقول الله تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } البقرة 195 ، وشر المهلكات أمراض تتفشى وحميات تنتشر وتفتك بالنفوس فتكا ذريعا بإهمالنا تعاليم الدين الصحيحة إرشاداته النافعة فى كل ما يتعلق بالنظافة والاحتياطات الصحية وها هى كتب الدين مفعمة بما لو أخذنا ببعضه لكانت حالتنا الصحية اليوم غير ما ترى أخرج مسلم من حديث عمرو بن الشريد الثقفى عن أبيه قال كان فى وفد ثقيف رجل مجذوم يريد مبايعة الرسول - صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه رسول الله إنا قد بايعناك فارجع وقال النبى - صلى الله عليه وسلم تعليما وإرشادا (اتقوا المجذوم كما يتقى الأسد) وقال - صلى الله عليه وسلم - (كلم المجذوم وبينك وبينه قدر رمح أو رمحين) وقال عليه الصلاة والسلام(فر من المجذوم كما تفر من الأسد) وقال عليه السلام (لا يورد ممرض على مصح وإن الجرب الرطب قد يكون بالبعير فإذا خالط الإبل أو حككها وآوى إلى مباركها وصل إليها بالماء الذى يسيل منه) وقال صلى الله عليه وسلم فى الطاعون ( من سمع به بأرض فلا يقدم عليه) وقد عمل بقوله عليه السلام ثانى الخلفاء الراشدين سيدنا عمر ابن الخطاب - رضى الله تعالى عنه - عند ما خرج إلى الشام وكان معه جمع عظيم من المهاجرين والأنصار حتى إذا ما قرب منها أخبره أمراء الأجناد أن الوباء قد وقع بأرض الشام، فنادى عمر فى الناس إنى مصبح على ظهر فأصبحوا عليه .
قال أبو عبيدة بن الجراح أفرادا من قدر الله فقال له عمر رضى الله تعالى عنه - لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله .
أرأيت لو كانت لك إبل هبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله بعد ذلك جاء عبد الرحمن بن عوف - رضى الله تعالى عنه- وكان متغيبا فى بعض حاجته فقال إن عندى فى هذا علما .
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (إذا سمعتم به) الوباء (بأرض فلا قدموا عليه) فحمد الله عمر وانصرف .
ومثل هذا قال العلماء فى المجذومين وأمثالهم من أصحاب العاهات المعدية .
إنهم يمنعون من المساجد ويتخذ لهم مكان منفرد عن الأصحاء الذين يجب عليهم أن يفروا من ملاقاتهم ومخالطتهم لئلا يلقوا بأنفسهم إلى التهلكة التى نهى الله عنها، وكذلك قال جمهور العلماء يثبت الخيار للزوجين فى فسخ النكاح إذا كان بأحدهما جذام .
وما أكثر ما جاء فى كتب السنة من الحث على النظافة التى هى من الإيمان .
ومن أهم أنواعها نظافة المساكن والدور وأماكن العبادة والمجتمعات، وكذلك نظافة الملابس والأجساد وتمشيط الشعر وتسريح اللحية وقتل الحشرات والهوام كالقمل والبراغيث والبق والذباب وغير ذلك مما ثبت أخيرا أنه من أكبر العوامل على انتشار الأمراض وتفشى الحميات تفشيا مريعا فى طول البلاد وعرضها حتى بلغ عدد الإصابات إلى تلك الكثرة التى جاءت فى مكاتبة إدارة عموم الصحة .
هذا ولا يتقرب إلى ذهب العامة مخالفة ما قلناه إلى ما جاء فى الحديث الآخر (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر) فإن أصح ما قيل فيه ما حمله عليه الإمام البيهقى وابن الصلاح وكثير غيرهم من جلة العلماء والمخرجين لأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن هذا الحديث إنما سيق للرد على الجاهلية الذين كانوا يعتقدون أن الأسباب تؤثر بطبيعتها فى المسببات وأن الله لا يؤثر فيها - فرد عليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - بألا عدوى مؤثرة بطبيعتها .
وإنما قد يجعل الله بمشيئته وإرادته مخالطة صحيح الجسم لمن به مرض معد سببا لإصابته بهذا المرض، ولهذا كان الأمر باجتناب الأصحاء عن أصحاب الأمراض الوبائية إنما هو للمحافظة على المحافظة على الصحيح من ذوى العاهة، فلا تنافى بين هذا الحديث وبين ما قدمنا .
لأن هذا إنما كان للرد على عقيدتهم من أن التأثير للطبيعة وباطل ما كانوا يعتقدون .
فواجب المسلمين أن يبذلوا جهدهم ويشدوا عزيمتهم .
ويتعاونوا جميعا على محاربة هذه الأمراض المهلكة بكل الوسائل التى يرشدهم إليها الموثوق بهم .
فقد جعل الله لكل شىء سببا ولكل داء دواء والله سبحانه وتعالى كفيل أن يعينهم ويصلح أحوالنا وأحوالهم(5/474)
وقف الجبانات فى مصر
F حسونة النواوى .
رجب 1313 هجرية
M 1 - سفح المقطم وقف من عهد عمر بن الخطاب على موتى المسلمين .
2 - يصح وقف الإمام شيئا من أرض بيت مال المسلمين على جهة عامة للمسلمين .
3 - استمرار جريان العمل على ذلك منذ صدر الإسلام حتى الآن
Q من محافظة مصر بإفادة مؤرخه 7 رجب سنة 1313 الإفادة عما يثبت شرعا أن أرض القرافات بمصر بما فيها قرافة المجاورين موقوفة لدفن الأموات لضرورة الوقوف على ذلك
An نص العلماء على أن قرافة مصر موقوفة وأنه لا يجوز الإنتفاع بها بغير الدفن .
ونصوا أيضا أن سبب وقفها ما رواه ابن الحكم عن الليث بن سعد أن المقوقس سأل عمرو بن العاص رضى اللّه عنه أن يبيعه سفح المقطم بسبعين ألف دينار فكتب إلى عمر - رضى اللّه عنه - بذلك فكتب إليه أن سله لم أعطاك هذا القدر وهى أرض لا تزرع ولا ينتفع بها فسأله فقال إنا نجد صفتها فى الكتب وأنها محل غراس الجنة فكتب عمرو إليه بذلك فكتب إليه عمر أنى لا أرى غراس الجنة إلا المؤمنين فأقبر بها من مات من المسلمين ولا تبعها بشىء فامتثل أمره ودفن فيها .
وكان أول من دفن فيها رجل من المعافر يقال له عامر، وصرحوا بأن سفح المقطم وقف من عمر على موتى المسلمين وأن القرافة جعلها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه - لدفن موتى المسلمين فيها واستقر الأمر على ذلك .
ونصوا أيضا على أنه يصح وقف الإمام شيئا من أرض بيت المال على جهة عامة للمسلمين كوقف عمر - رضى اللّه عنه - سواد العراق ونصوا أيضا على أن حد سفح المقطم الموقوف المذكور من قصر المقوقس الذى كان ببركة الحبش المعروف الآن بالبساتين إلى اليحموم وهو الجبل الأحمر المطل على القاهرة من شرقها الشمالى الكائن بشرق العباسية .
فلعم مما ذكر أن أرض القرافات بمصر التى من ضمنها قرافة المجاورين موقوفة لدفن أموات المسلمين من قبل عمر بن الخطاب - رضى اللّه عنه - خصوصا والعمل على ذلك من صدر الإسلام للآن .
وقد نصوا أيضا على أن العمل حجة فى مثل ذلك كشرط الواقف .
واللّه تعالى أعلم(5/475)
الأرض الموقوفة لدفن موتى المسلمين لا تقسم قسمة افراز
F محمد بخيت .
جماد أول 1338 هجرية 24 يناير 1920 م
M 1 - صحراء قرافة المجاورين وقف لدفن أموات المسلمين من قبل سيدنا عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه .
2 - متى كانت كذلك فلا يجوز قسمتها قسمة إفراز بين أشخاص يختص كل منهم بجزء منها، بل لكل واحد من المسلمين حق الدفن فى أى جزء منها .
3 - من أنفق مالا فى إصلاح قبر فجاء رجل ودفن فيه ميته، إن كانت الأرض موقوفة ما أنفق عليه ولا يحول ميته من مكانه لأنه دفن فى وقف .
4 - لا يجوز لأحد من المسلمين أن يمنع غيره من زيارة القبور لأنها مندوبة شرعا للأمر بها فى الحديث الشريف (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها)
Q من حافظ أفندى بما صورته .
معروف أن صحراء قرافة المجاورين الكائنة جهة الشارع المماليك وقف لدفن أموات المسلمين من قبل سيدنا عمر بن الخطاب - رضى اللّه عنه - فهل يصح تعاقد كل من الشيخ محمد السجينى التاجر بمصر والست نبوية بنت مصطفى أن يقتسما قطعة أرض بالصحراء المذكورة مع بعضهما بأن يختص كل منهما بجزء من تلك القطعة بحيث يترك ويتناول الشيخ محمد السجينى للست نبوية المذكورة فى الجزء الذى سيقتسمه عن قبور مدفون بها والداه وأولاده وأهله من باقى عائلته، ويكون مانعا هذا التنازل الذى سيحصل منه لزيارته وزيارة عائلته لتلك القبور ودفن أمواته فيها التى سيتنازل عنها وهل للست نبوية المذكورة أن تمنعه وعائلته من ذلك، وهل لهما الحق فى وضع يدهما على تلك الأرض الموقوفة المذكورة وقسمتها قسمة إفراز وتحرير شروط بالقسمة ببينهما فقط، وهل هذه الشروط تكون نافذة شرعا ومعول عليها .
مع العلم بأن الست نبوية بنت مصطفى أجنبية من الشيخ محمد السجينى، وفقط لها تربة مدفون بها والدها بعيدة عن ترب الشيخ محمد السجينى غير أن الأرض متصلة .
كما لا يخفى على فضيلتكم فى مثل هذه الأحوال أن الصحراء وقف لدفن أموات المسلمين ولا يصح اختصاص واحد بجزء منها .
أفيدوا ولكم جزيل الشكر والثواب
An اطلعنا على هذا السؤال - ونفيد أنه حيث كانت صحراء قرافة المجاورين المذكورة موقوفه لدفن أموات المسلمين فلكل شخص من المسلمين حق الدفن فيها فلا يجوز قسمتها قسمة إفراز بين أشخاص يختص كل منهم بجزء على أن من أنفق مالا فى إصلاح قبر فجاء رجل ودفن فيه ميته، إن كانت الأرض موقوفه يضمن ما أنفق عليه ولا يحول ميته من مكانه لأنه فى وقف كذا يؤخذ من الفتاوى الخيرية نقلا عن التتارخانية بصحيفة 15 جزء ثان طبعة أميرية سنة 1300 هجرية وكذا لا يجوز لأحد من المسلمين أن يمنع غيره من زيارة القبور، لأنها مندوبة شرعا للأمر بها فى الحديث الشريف (كنت نهيتكم عن زيارة القبول ألا فزوروها)(5/476)
بناء المساكن على أرض المقابر
F محمد إسماعيل البرديسى .
شوال 1338 هجرية - 14 يونيه 1920 م
Mأرض الجبانة لا يجوز شرعا بناء المساكن عليها ولا غرس الأشجار أو النباتات فيما .
كما يجوز بيعها ولو نقلت منها عظام الموتى إلى مكان آخر، لأن لها حكم المقبرة
Q فإفادة واردة من وزارة الداخلية رقم 29 يونية سنة 1920 نمرة 277 صورتها .
ز وفى مدنية بورسعيد جبانة منع الدفن فيها منذ زمان بعيد ثن نقلت منها العظام والرفات إلى موضع آخر من عهد قريب وقد حصل الشروع فى هذه الأيام فى تقسيم أرض تلك الجبانة القديمة إلى ثلاثة أقسام، يكون أحدهما مخصصا لإقامة ورشة عليه لأجل إصلاح عربات البلدية، والثانى لإنشاء مشتل لتربية النباتات والأشجار، وأما القسم الثالث فسيباع بالمزاد العلنى للإفراد لاستخدام ثمنه فى الوفاء بالنفقات التى أوجبها نقل تلك العظام والرفات يجب أن تبقى مقدسة، ولا يليق أن يبنى عليه مساكن وغيرها .
فبناء عليه نرجو فضيلتكم إصدار الفتوى الشرعية فى هذه المسألة .
وتفضوا يا صاحب الفضيلة بقبول وافر احترامنا
An اطلعنا على خطاب دولتكم رقم 29 يونية سنة 1920 نمرة 2777 الذى يتضمن أن فى مدينة بورسعيد جبانة قديمة منع الدقن فيها منذ زمان بعيد، ثم نقلت منها العظام والرفات إلى موضع آخر من عهد قريب .
وقد حصل الشروع فى هذه الأيام فى تقسيم أرض تلك الجبانة القديمة إلى ثلاثة أقسام .
أحدهما يكون مخصصا لإقامة ورشة عليه وثانيها لإنشاء مشتل التربية النباتات والأشجار وثالثها سيباع بالمزاد العلنى للأفراد .
وأن بلدية بورسعيد قد رأت فيما بعد أن أرض الجبانات ولو نقلت منها العظام والرفات يجب أن تبقى مقدمة ولا يليق أن يبنى عليها مساكن وغيرها، ويراد إصدار فتوى شرعية منا فى هذه المسالة ونفيد أنه قال فى الفتاوى الهندية بصحيفة 470 جزء ثان ما نصه وسئل هو (أى القاضى الإمام شمس الأئمة محمود الأزوجندى، أيضا عن المقبرة فى القرى إذا اندرست .
ولم يبق فيها أثر الموتى لا العظم ولا غيره هل يجوز زرعها واستغلالها قال لا ولها حكم المقبرة كذا فى المحيط .
ومن ذلك يعلم أن أرض الجبانة المذكورة لا يجوز شرعا أن يبنى عليها مساكن ولا أن تغرس فيها أشجار ولا نباتات، ولا يجوز شرعا بيعها، ولو نقلت منها عظام الموتى إلى محل آخر .
لأن لها حكم المقبرة . ولإحاطة تحرر هذا والخطاب المذكور عائد من طيه كما ورد .
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام(5/477)
تنازل عن مدفن
F عبد الرحمن قراعة .
رجب 1339 - 2 ابريل 1921 م
M 1 - أرض المقبرة التى بالقرافة الصغرى والتى بها قبر الإمام قبر الشافعى موقوفة مع غيرها من قبل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لدفن موتى المسلمين ولا يجرى فى الوقت ثوارث .
2 - بناء المقبرة ملك لمن أحداثه ويورث عنه شرعا
Q بخطاب وزارة المالية رقم 17 مارس سنة 1921 نمرة 244 - 3 - 912 بما صورته .
الست فريدة تملكت مدفن بأراضى الإمام الشافعى معد لدفن الموتى .
وقد تنازلت عن منفعة هذا المدفن والمبانى إلى كل من مصطفى أفندى حسن، ومحمد أفندى حمزة الشركسى بمقتضى تنازل عرفى تاريخه 3 مارس سنة 1918 .
ثم توفيت فى 6 أكتوبر سنة 1920 وترغب وزارة المالية معرفة ما إذا كان هذا المدفن يعتبر ملكا للمتوفاة ويجوز للحكومة التصرف فيه أسوة بباقى الأملاك الآيلة للحكومة، ولا يصير التعرض للمتنازل عنه لهما فاقتضى تحريره لفضيلتكم على أمل التكرم بالإفادة عما يقتضيه الحكم الشرعى فى ذلك .
وتقبلوا بقبول فائق الاحترام
An اطلعنا على كتاب الوزارة رقم 17 مارس سنة 1921 نمرة 244 - 3 - 1912 بخصوص مادة المدفن تعلق الست فريدة هانم وعلى صورة التنازل عن منفعة هذا المدفن والمبانى والترب الصادر منها إلى كل من مصطفى أفندى .
ومحمد أفندى حمزة الشركسى - ونفيد أن الكلام هنا فى موضعين فى الأرض وفيما حدث فيها من البناء وغيره - أما الأرض فقد صرح العلماء بأن أرض القرافة الصغرى، وهى القرافة التى بها قبر الإمام أبى عبد اللّه محمد إدريس الشافعى رضى اللّه عنه موقوفة مع غيرها من سفح المقطم .
على أن تكون مقبرة يدفن فيها موتى المسلمين من قبل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه .
وجرى العمل على ذلك من عهدة للآن ومعلوم أن الوقف لا يجرى التوارث فيه - وأما البناء وما أحدثته المتوفاة فى هذه الأرض فهو ملك لها .
ولا يوجد بالعقد المرافق للأوراق مايدل على ناقل شرعى لملكيتها لهذا البناء وما معه إلى غيرها .
وبذلك يكون بناؤها وما أحدثته تركة تورث عنها لمن يرثها شرعا .
وللإحاطة تحرر هذا والأوراق عائدة من طيه كما وردت .
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام واللّه سبحانه وتعالى أعلم(5/478)
أرض المقابر
F محمد إسماعيل البرديسى .
ربيع الأول 1339 هجرية 8 ديسمبر 1920 م
Mإذا كانت أرض الجبانة ملكا للحكومة وقد بلى ما بها من أموات وصارت ترابا، يجوز شرعا زرعها والبناء عليها، بخلاف ما إذا كانت وقفا
Q بخطاب وزارة الداخلية رقم 4 - 12 - 1920 نمرة 981 بما صورته - بالاطلاع على الفتوى نمرة 12 فتاوى ج 20 المذكورة بخطاب فضيلتكم المؤرخ 14 يوليو سنة 1920 الموافق 28 شوال سنة 1338 نمرة 135 - 42 - 2 عن الجبانة القديمة بمدينة بورسعيد الممنوع الدفن فيها من زمن بعيد، ونقلت العظام والرفات منها إلى موضع آخر رأينا مع احترام الفتوى المشار إليها أن نبين لفضيلتكم أنه فضلا عن أن أرض هاته الجبانة وما يماثلها ملك للحكومة، وأن بقاءها فضاء يجعلها دائما عرضة لإلقاء القاذورات والأسبخة بها وأخذ الأتربة منها، حتى تصبح حفرا ترشح منها المياه وتتعفن رغما عما يتخذ من الاحتياطات لمنع حصول هذا، ولا يخفى على فضيلتكم ما يترتب على ذلك من تفشى الأمراض الخبيثة المتنوعة أيضا بصحة أهالى تلك البلاد وما يجاورها .
الأمر الذى تحتاط له الحكومة دائما وتسعى بكل ما لديهم من الوسائل للوقاية منه .
لهذا بادرنا بترقيمه بأمل إعادة التأمل . لعل أن يكون لهاته الأسباب الهامة قول يبيح معها استعمال أرض الجبانات سالفة الذكر لغرس الأشجار بها والبناء عليها مما يمنع الضرر عن الأهالى، وتتوفر به الصحة العامة .
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
An اطلعنا على خطاب الوزارة رقم 4 - 12 - 1920 نمرة 981 .
ونفيد أنه حيث كانت أرض الجبانة المذكورة ملكا للحكومة كما جاء بذلك الخطاب وبليت الأموات التى كانت بها، وصارت ترابا جاز شرعا زرعها والبناء عليها .
وأما ما ذكرناه سابقا بالفتوى نمرة 12 جزء 20 - فذلك فيما إذا كانت وتفضلوا بقبول فائق الاحترام(5/479)
عدم جواز احداث مستودع نجبس بمقابر المسلمين
F عبد الرحمن قراعة .
شعبان 1341 هجرية - 3 ابريل 1923 م
Mيكره تحريما التبول والتغوط فى المقابر وقريبا منها .
ولا يجوز إحداث مستودع نحس فيها . وما كان موجودا ينبغى إزالته
Q رجل أجرى بناء حوش بجبانة المسلمين بأرض الإمام الليث رضى اللّه عنه، وجعل فى بناء الحوش مرحاضا عموميا بجوار المقابر، حتى إن حيطان هذا المجرور سالت منها المياه النجسة وبها بعض من الغائط على المقابر التى بجوارها .
حيث جئت بميت لى لدفنه، وبفتح القبر الذى بجوار المجرور وجدته مملوءا بالمياه ويتبعها شىء من الغائط، وشاهد ذلك كثير من المعزين أى المؤاجرين فى الجنازة، وقد أحضر بعضهم من الأتربة لتجفيف القبر ونزول الجثة، ولم يزل هذا المحل يصب من جميع جوانبه إلى القبور المجاورة له .
فهل يجوز فتح هذا المجرور بأرض وقف المسلمين وبها موتى المسلمين ويكون ذلك شرعا .
أفيدوا الجواب
An قال فى متن نور الإيضاح وشرحه ما نصه (وكره تحريما قضاء الحاجة أى البول والتغوط عليها بل وقريبا منها (أى القبور) انتهى .
ومنه يعلم بالأولى أن إحداث مستودع للمياه النجسة المخلوطة بالبول والغائط فى الأرض الموقوفة على دفن موتى المسلمين مكروه تحريما .
فينبغى إزالة ذلك الأذى عن هؤلاء الموتى لأنهم مكرومون بعد وفاتهم كما هم مكرمون فى حياتهم ولأن هذا خروج عما أعدت له تلك الأرض الموقوفه .
واللّه أعلم(5/480)
صيرورة المقبرة وقفا
F حسن مأمون .
ذو القعدة 1379 هجرية - 23 مايو 1960 م
Mتخرج المقبرة عن ملك صاحبها وتصير وقفا، ولا يجوز إرثها متى أذن بالدفن فيها ودفن فعلا
Q بالطلب المقيد برقم 664 سنة 1960 المتضمن أن مقبرة من المقابر قد أذن بالدفن فيها ودفن فيها فعلا .
هل تعتبر هذه المقبرة ملكا لصاحبها وتورث عنه أولا
An إنه مادامت هذه المقبرة قد أذن بالدفن فيها ودفن فيها فعلا، فإنه تكون قد خرجت عن ملك صاحبها، وصارت وقفا، وتبقى وقفا خيريا أبدأ .
ولا يجوز إرثها . ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال .
والله أعلم(5/481)
المقابر المندثرة
F أحمد هريدى .
جمادى الأولى 1380 ه- - 12 نوفمبر 1960 م
M 1 - المقبرة التى اندثرت ولم يبق فيها أثر للموتى، واستغنى الناس عنها بالدفن فى غيرها .
إن لم تكن هذه المقبرة موقوفة من أحد كانت أرضها لبيت المال، وتعتبر وقفا وإرصادا على الدفن .
وإن كانت قد وقفت من مالكها لتكون مقبرة فقد اختلف فقهاء الحنفية فى ذلك .
قال الإمام أبو يوسف ببقائها وقفا أبدا على هذه الجهة .
وقال الإمام محمد ببطلان وقفها حينئذ وعودها إلى ملك الواقف إن كان حيا، أو ورثته إن كان ميتا، وإلا أخذت حكم اللقطة، فتصرف للعاجز من الفقراء فقط على رأى، أو إلى المصالح العامة على رأى آخر .
2 - الأخذ برأى محمد أوفق وأرفق بالناس، لما فيه من تحقيق المصلحة لهم
Q بالطلب المقيد برقم 1146 سنة 1960 المتضمن أن مقبرة داخل سكن البلد اندثرت ولا حجة بوقفها .
وقد ترك الدفن بها للاستغناء عنها بعمل مقابر أخرى خارج مساكن البلد .
وأنه لا يوجد بهذه المقبرة موتى أو رفاتهم بعد أن زال تخصيصها للدفن .
وطلب السائل الإفادة عن حكم أرض هذه المقبرة .
وهل تبقى بعد ذلك وقفا، أم تصير ملكا لصاحبها إن كان حيا ولورثته من بعده
An إذا لم تكن أرض هذه المقبرة موقوفة من أحد كانت أرضها لبيت المال، وبتصريح ولى الأمر بالدفن فيها وتخصيصها لتكون مقبرة للمسلمين تعتبر وقفا وإرصادا على هذا الدفن .
فقد نص الفقهاء على أن لولى الأمر أن يرصد أرضا من بيت المال على جهة عامة كمسجد ومقبرة أو لينتفع بها من يستحق فى بيت المال كالمدرسين والغزاة ونحوهم .
وقالوا إن مثل هذا الإرصاد يجب تأبيده لمصلحة الجهة المرصد عليها لأنه ليس وقفا من جميع الوجوه، إذ الأرض ليست مملوكة لمن رصدها فى الحقيقة، ولكن تأخذ حكم الوقف من أكثر الوجوه .
وإذا استغنى الناس عن الدفن فى هذه الأرض بما أنشئ لهم من مقبرة أخرى جاز لولى الأمر أن يحولها إلى جهة من جهات بيت المال العامة، إذا لم يبق فيها أثر للموتى ولا شئ من العظام، ولم يترتب على تحويلها إلى الجهة الأخرى نبش القبور وإخراج العظام لأن هذا غير جائز .
فالتصرف فى الأرض فى هذه الحالة من حق بيت المال .
أما إذا كانت أرض هذه المقبرة قد وقفت من مالكها لتكون مقبرة، ثم بطل الدفن فيها واستغنى الناس عنها بغيرها، واندثرت بحيث لم يبق فيها عظام ولا أثر للموتى، ولا يرجى الدفن فيها مستقبلا، فقد حصل خلاف بين فقهاء الحنفية فالإمام أبو يوسف يقول ببقائها وقفا أبدا على هذه الجهة كما فى المسجد إذا تخرب واستغنى الناس عنه، فإنه يقول ببقائه وقفا أبدا على تلك الجهة، والإمام محمد يقول ببطلان وقفها حينئذ وعودها إلى ملك الواقف إن كان حيا أو ورثته إن كان ميتا ن وإذا لم يكن له ورثة فتأخذ عنده حكم اللقطة - أى تصرف للعاجز من الفقراء فقط على رأى أو إلى المصالح العامة على رأى آخر .
فعلى رأى محمد فى المسجد يتخرب ويستغنى الناس عن الصلاة فيه إن لم يعرف بانيه، أو عرف ولا وارث له، واجتمع أهل المحلة أو القرية على بيعه والاستعانة بثمنه فى المسجد الآخر فلا بأس .
وأكثر العلماء على قول أبى يوسف . وقالوا إن الفتوى على مذهبه وصحح جماعة من الفقهاء مذهب محمد .
وعلى رأى الإمام محمد إذا لم يعرف واقف لأرض هذه المقبرة، أو عرف ولا وارث له جاز لأهل القرية أو المحلة أن يجتمعوا على بيعها، والاستعانة بثمنها فى إصلاح المقبرة التى أقيمت لهم واستغنوا بها ولا شك فى أنه يلزم على مذهب أبى يوسف تعطيل هذه الأرض، وتركها مهملة لا ينتفع بها، ولذلك كان مذهب محمد محققا للمصلحة، والأخذ به أوفق وأرفق بالناس .
وقد مشى عليه الخصاف فى المسجد الذى تخرب واستغنى الناس عنه .
فقال فى كتابه صفحة 322 إنه يعود إلى بانيه .
وبهذا علم الجواب عن السؤال . والله أعلم(5/482)
جبانة المسلمين وقف لا يجوز التصرف فى جزء منها
F أحمد هريدى .
6 أغسطس 1962 م
M 1 - متى خصصت ارض المقبرة لدفن موتى المسلمين صارت وقفا على ما خصصت له على التأبيد .
2 - لا يجوز شرعا إخراج جزء منها عما رصدت له لدفن موتى الأقباط به
Q طلب مجلس مدينة سمالوط بكتابه رقم 7599 بيان الحكم الشرعى فى تخصيص جزء من جبانة المسلمين لدفن موتى الأقباط بها
An إن أرض المقبرة إن كانت مملوكة لفرد أو أفراد، وخصصت لدفن موتى المسلمين - صارت وقفا على ما خصصت له .
وإن كانت من مال الدولة تكون بتصريح ولى الأمر بالدفن فيها وقفا وإرصادا على هذا الدفن .
ويلزم تأبيدها على الجهة المرصد عليها . ولما كانت المقبرة فى السؤال رصدت لدفن موتى المسلمين - فلا يجوز شرعا إخراج جزء منها عما رصدت له، وهو دفن موتى المسلمين .
وعلى ذلك فلا يجوز تخصيص جزء من جبانة المسلمين لدفن موتى الأقباط بها(5/483)
دفن الرجال مع النساء فى مقبرة واحدة
F أحمد هريدى .
26 أكتوبر 1963 م
M 1 - المنصوص عليه شرعا أن الميت يدفن فى قبره لحدا إن كانت الأرض صلبة .
وشقا إن كانت الأرض رخوة - ولا يدفن معه غيره إلا عند الضرورة كضيق المقابر .
2 - يجوز دفن الرجال مع النساء فى مقبرة واحدة للضرورة، بشرط الحيلولة بين كل ميت بحائل من التراب
Q من السيد / بالطلب المقيد برقم 716 سنة 1963 المتضمن أن السائل بنى مقبرة على أن يدفن فيها الرجال والنساء من أهله ، وقد أفاد البعض منهم أن دفن الرجال مع النساء لا يجوز .
وأنه فقير لا يستطيع بناء مقبرة ثانية حتى يخصص واحدة للرجال وواحدة للنساء .
وطلب بيان الحكم الشرعى فيما لو دفن الرجال والنساء فى هذه المقبرة
An المنصوص عليه شرعا أن الميت يدفن فى قبره لحدا إن كانت الأرض صلبة، وشقا إن كانت رخوة .
ولا يدفن معه غيره إلا عند الضرورة كضيق المقابر مثلا، فإنه يجوز دفن أكثر من واحد فى مقبرة واحدة على أن يدفن الرجل الأكبر من جهة القبلة ثم يليه الأصغر، ويقدم الرجال على النساء، ويحال بينهما بالتراب، ولا يكفى الكفن فى الحيلولة .
وعلى ذلك فإنه يجوز دفن الرجال والنساء فى مقبرة السائل للضرورة التى هى عجزه عن بناء مقبرة أخرى للنساء بالطريق المشروحة، بشرط أن يجعل بين كل ميت حائلا من التراب .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال . والله أعلم(5/484)
تحصيل رسم على دفن موتى المسلمين
F أحمد هريدى .
26 ديسمبر 1963 م
M 1 - تحديد رسوم لحفظ وصيانة ومقابل أجر الخفر وغيره لا مانع منه شرعا .
2 - أخذ قيمة تكاليف الحفر وغيره، لتهيئة المقبرة للدفن والمحافظة عليها جائز شرعا .
3 - لا يجوز شرعا تحصيل رسوم على الدفن فى ذاته .
4 - ما جمع من أموال لصيانة المقابر وحفرها يكون أمانة فى يد من قبضها، وعلى من يقوم بالإنفاق المحافظة عليها وإنفاقها فيما خصصت له .
5 - بتعديه عليها يكون آثما شرعا، ويجب عليه رد ما أخذه منها
Q طلبت وزارة الأوقاف ( المدير العام للمكتب الفنى لوزير الأوقاف ) بكتابها رقم 3747 الخاص بالشكوى المقدمة من مسلمى مدينة الكاب .
الإفادة عن الحكم الشرعى فى مسألتين الأولى تحصيل رسم على دفن موتى المسلمين من جماعة يقومون بإدارة هذه المدافن، الثانية حكم الإسلام على هؤلاء الناس
An نفيد بأنه تبين من الاطلاع على دستور مجلس إدارة مقبرة المسلمين بمدينة الكاب، وعلى الأوراق المرافقة، أنه ليس بها ما يفيد أن الجمعية فرضت رسوما محددة بدستورها نظير الدفن .
وكل ما جاء بذلك الدستور فى الفقرة السادسة عشرة منه ما يأتى يمكن لمجلس الإدارة من وقت لآخر أن يصدر أحكاما وتنظيمات تهدف لبقاء المقبرة فى حالة جيدة، وبخصوص إعطاء التصاريح وتحديد الأماكن الخاصة بدفن الأعضاء، ومن أجل تنسيق وتقوية سور المقبرة أو عمل مقابر أخرى، أو صيانة الموجود فعلا، يمكنهم تحديد أو فرض رسوم أو مصاريف تتطلبها تلك المدافن وظاهر من تلك الفقرة أنه إن كانت هناك رسوم، حددها مجلس إدارة المقبرة ، فإنه جاء تنفيذا للفقرة المذكورة، وتكون تلك الرسوم نظير الحفر والصيانة والأعمال الأخرى المتعلقة بالمقبرة، وليست نظير الدفن .
وتحديد الرسوم على تلك الصورة لا مانع منه شرعا، مادامت الجمعية لا تمنع المسلمين من الدفن فى تلك المقبرة، التى صارت وقفا يدفن فيها عامة المسلمين بمجرد إعدادها لتكون مقبرة وإباحة الدفن فيها .
ومن حق كل مسلم الدفن فيها فى أى مكان منها لم يعد ويهيأ بالحفر للغير .
وإن دفن فيما أعد للغير ضمن قيمة الحفر شرعا .
جاء فى كتاب الاسعاف فى أحكام الأوقاف ( ولو حفر قبرا فى موضع يباح له الحفر فيه فى غير ملكه فدفن غيره فيه لا ينبش القبر، ولكن يضمن قيمة حفره، ليكون جمعا بين الحقين ومراعاة لهما ) فهذا النص يفيد أن للجمعية أخذ قيمة تكاليف الحفر وغيره لتهيئة المقبرة للدفن والمحافظة عليها .
ومن ذلك يتبين أن عمل الجمعية غير مناف لتعاليم الشريعة الإسلامية، مادامت الجمعية لا تمنع أحد من المسلمين من الدفن فى تلك المقابر .
وما دامت الرسوم التى تحصلها هى نظير حفر المقابر وصيانتها، والأعمال الأخرى، وليست أجرا على الدفن ، وأما الأموال التى فى عهدة الجمعية والتى حصلت من المسلمين لهذا الغرض، فإنها ليست ملكا للجمعية ولا لأحد فيها .
وإنما هى أموال تبرع بها المتبرعون لإنفاق على هذا المشروع الخيرى .
وعلى من يقوم بالإنفاق على هذا المشروع الخيرى .
وعلى من يقوم بالإنفاق أن يحافظ عليها، وينفقها فى وجوه الخير المخصصة لها .
وإن هو تعدى أو اغتال منها شيئا لنفسه، أو أعان الغير على ذلك كان آثما شرعا، ووجب عليه رد ما أخذه .
والله أعلم(5/485)
دفن المسلم وغير المسلم فى مقبرة واحدة غير جائز
F أحمد هريدى .
19 أبريل 1964 م
M 1 - لا يجوز دفن المسلم فى مقبرة غير المسلمين، كما لا يجوز العكس .
2 - موت النصرانية وهى حامل من مسلم يقتضى دفنها فى مقبرة بين مقابر المسلمين ومقابر النصارى
Q بالطلب المقيد برقم 219 سنة 1964 أن أهالى سيدى سالم - محافظة كفر الشيخ - مسلمين ومسيحيين - اتخذوا مكانا واحدا لدفن موتاهم .
وتم ذلك فعلا . وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى ذلك
An المنصوص عليه فقها أنه يجب أن تخصص مقبرة لدفن موتى المسلمين ولا يجوز أن يدفن غير المسلم فى مقبرة المسلمين، ولا أن يدفن المسلم فى مقبرة غير المسلمين .
فقد ورد فى كتب الفقهاء فى مختلف المذاهب أنه إذا ماتت نصرانية وهى حامل من مسلم دفنت بين مقبرة المسلمين ومقبرة النصارى .
وهذا هو المختار والأحوط ، لأنها نصرانية لا تدفن فى مقبرة المسلمين ولأن ولدها مسلم لا يدفن فى مقابر النصارى ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال والله أعلم(5/486)
الانتفاع بأرض الجبانات المندثرة
F أحمد هريدى .
12 يناير 1969 م
Mيجوز الانتفاع بأرض الجبانات المندثرة إذا بليت العظام التى بها ولم يبق لها أثر - سواء كانت تلك الأرض موقوفة أو مرصودة للمنفعة العامة، بشرط عدم نبش القبور أخذا بمذهب الإمام محمد
Q بالطلب المقيد برقم 4 سنة 1969 المتضمن أنه يوجد بقرية المنشأة الكبرى مركز كفر شكر مقبرة للمسلمين .
وقد توقف الدفن بها منذ خمسين سنة .
ومنذ خمس سنين صرحت وزارة الصحة لأحد أهالى القرية المذكورة بنقل رفات الموتى الموجودة بها إلى مقبرة أخرى وتم ذلك .
كما قام أهل البلدة بتسويتها وأقيم ملعب رياضى عليها .
وأن أهل القرية يرغبون فى إقامة مدرسة إعدادية، وقد وقع اختيارهم لمكان المدرسة على أرض هذه المقبرة المذكورة .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى إقامة هذه المدرسة وما يتبعها من دورات مياه وخلافه على ارض هذه المقبرة والحال كما تقدم بيانه
An المنصوص عليه شرعا أن الجبانة المندثرة إذا بطل الدفن فيها بالاستغناء عنها بأرض أخرى أو بأى سبب آخر، فإن كان لا يزال بها عظام فهى على ما هى عليه، لبقاء المنفعة التى من أجلها وقفت، إذ لا يجوز نبشها شرعا فى هذه الحالة .
وإن اندثرت بحيث لم يبق بها عظام أو لم يدفن فيها أو فى بعضها، ولا يرجى أن يعود الدفن فى وقت من الأوقات، فقد حصل خلاف بين أبى يوسف ومحمد .
فمحمد يقول ببطلان وقفها وتعود إلى ملك الواقف غن كان حيا أو إلى ورثته إن كان ميتا، وإن لم تكن له ورثة تكون لمصالح عامة المسلمين مطلقا .
وعند أبى يوسف تبقى وقفا أبدا على هذه الجهة، كما فى المسجد إذا تخرب واستغنى الناس عنه .
هذا إذا كانت الأرض موقوفة أو مرصودة، لأنه وإن لم يتحقق الوقف فيها إلا أنه يلزم تأييدها إلى الجهة المرصد عليها، وإذا كانت خاصة فإنها مثل الموقوفة يجوز الدفن فيها، لتحقق شرط التسليم على مذهب الإمام محمد .
وخلاصة القول أنه يجوز لولى الأمر سواء أكانت أرض الجبانات موقوفة أو مرصودة الانتفاع بها لأغراض المنافع العامة ما لم يترتب عليها نبش القبور .
وعلى ذلك فإنه يجوز الانتفاع بها لأغراض المنافع العامة ما لم يترتب عليها نبش القبور .
وعلى ذلك فإنه يجوز الانتفاع بأرض الجبانات التى اندثرت وبليت العظام بها ولم يبق لها اثر .
وذلك لتيسير الانتفاع ولتحقق المصالح الملائمة لقواعد الدين الإسلامى التى كلها يسر ورحمة لأن العمل بمذهب الإمام محمد أيسر وأوفق بمقاصد الدين السمحة .
وأما مذهب أبى يوسف فيجعل الأرض مهملة بدون انتفاع، فيترتب عليه ضرر بالمصالح التى عينها الواقف بتفويت المنفعة وفى حادثة السؤال المصلحة واضحة، ورؤى العمل بمذهب الإمام محمد فى هذا الشأن .
ومن ثم يجوز لولى الأمر أن يتصرف فى هذه المقبرة بما فيه المصلحة العامة للمسلمين، بإقامة المنشآت العامة عليها كالمدرسة بشرط أن لا يكون فيها شئ من رفات الموتى .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال . والله تعالى أعلم(5/487)
كيفية غسل الميت قاصرا أو بالغا
F محمد خاطر .
رمضان 1398 ه- - 28 أغسطس 1978 م
M 1 - يجب أن يوضع الميت على شئ مرتفع عند غسله .
2 - أن يبخر حال الغسل ثلاثا أو خمسا أو سبعا، ثم يجرد من ثيابه ما عدا ساتر العورة .
3 - يندب ألا يكون معه أحد سوى الغاسل ومن يعينه .
4 - يبدأ فى وضوئه بوجهه، وتنظيف الأسنان والمنخرين بخرقة يقوم مقام المضمضة والاستنشاق .
5 - يغسل رأسه ولحيته بمنظف كالصابون ونحوه إن كان عليهما شعر، وإلا فلا يغسلان كذلك .
6 - يضجع على يساره لغسل يمينه، ويصب الماء على شقة الأيمن من رأسه إلى رجليه ثلاث مرات، حتى يعم الماء الجانب الأسفل .
7 - لا يجوز كبه على وجهه لغسل ظهره، بل يحرك من جنابه حتى يعمه الماء، وهذا هو غسل الكفاية .
8 - أما غسل السنة فبزيادة غسلتين فى الأولى يجلسه الغاسل ويسنده إليه، ويمسح بطنه برفق ويغسل ما يخرج منه، بعد أن يضجعه الغاسل على يمينه، ويصب الماء على شقة الأيسر بالكيفية المتقدمة .
وفى الثانية يضجع على يساره، ويصب الماء على يمينه بالكيفية المتقدمة .
9 - يجفف الميت ويضع عليه الطيب .
ولا تشترط النية فى صحة الغسل، ولا فى إسقاط فرض الكفاية .
10 - الصبى الذى لا يعقل الصلاة يغسل بالكيفية السابقة فيما عدا الوضوء .
11 - بوصول الماء إلى جميع أجزاء الفم والأنف وسائر الجسد فى الغسل من الجنابة لا يلزم الوضوء للصلاة بعد ذلك
Q بالطلب المقدم من السيد / ر م من دار السلام - التابعة لجمهورية تنزانيا - المقيد برقم 49 لسنة 1977 المتضمن أن السائل يريد بيان الحكم الشرعى فى الأمور الآتية : 1 - كيفية غسل الطفل الميت الذى لم يختتن بعد، أو الشخص البالغ قبل الدفن .
2 - إذا مر وقت إتمام الوضوء ريح قبل إكمال كل الأجزاء الضرورية من جسمه .
هل يجب أن يستمر فى تنظيف بقية الأجزاء أو يبدأ من جديد .
3 - فى حالة الجماع أو الاحتلام .
هل يكون من الضرورى إتمام الوضوء بعد الاستحمام الكلى لكل أجزاء الجسم قبل الصلاة .
4 - الآلات الموسيقية الصغيرة عادة تعزف عند سماع القساوسة أو مديح النبى .
كيف يحسب لهم . وهل يسمح من الناحية الدينية استخدام هذه الآلات بالنسبة للذين لم يختتنوا بعد
An 1 - عن السؤال الأول المنصوص عليه فى فقه الحنفية فى كيفية غسل الميت هو أنه يوضع الميت على شئ مرتفع ساعة الغسل كخشبة الغسل، ثم يبخر حال غسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا، بأن تدار المجمرة حول الخشبة ثلاث مرات أو خمسا أو سبعا، ثم يجرد من ثيابه ما عدا ساتر العورة ويندب ألا يكون معه أحد سوى الغاسل ومن يعينه .
ثم يلف الغاسل على يده خرقة يأخذ بها الماء ويغسل قبله ودبره - الاستنجاء - ثم يوضأ ويبدأ فى وضوئه بوجهه، لأن البدء بغسل اليدين إنما هو للأحياء الذين يغسلون أنفسهم فيحتاجون إلى تنظيف أيديهم، أما الميت فإنه يغسله غيره - ولأن المضمضة والاستنشاق لا يفعلان فى غسل الميت، ويقوم مقامهما تنظيف الأسنان والمنخرين بخرقة كما تقدم - ثم يغسل رأسه ولحيته بمنظف كالصابون ونحوه إن كان عليهما شعر، فإن لم يكن عليهما شعر لا يغسلان كذلك، ثم يضجع الميت على يساره ليبدأ بغسل يمينه ، فيصب الماء على شقه الأيمن من رأسه إلى رجليه ثلاث مرات حتى يعم الماء الجانب الأسفل ولا يجوز كب الميت على وجهه لغسل ظهره ، بل يحرك من جانبه حتى يعمه الماء - وهذه هى الغسلة الأولى .
فإذا استوعبت جميع بدنه حصل بها فرض الكفاية - أما السنة فإنه يزاد على هذه الغسلة غسلتان أخريان، وذلك بأن يضجع ثانيا على يمينه ثم يصب الماء على شقة الأيسر ثلاثا بالكيفية المتقدمة، ثم يجلسه الغاسل ويسنده إليه ويمسح بطنه برفق، ويغسل ما يخرج منه وهذه هى الغسلة الثانية، ثم يضجع بعد ذلك على يساره ويصب الماء على يمينه بالكيفية المتقدمة .
وهذه هى الغسلة الثالثة - وتكون الغسلتان الأوليان بماء ساخن مصحوب بمنظف كورق النبق والصابون .
أما الغسلة الثالثة فتكون بماء مصحوب بكافور، ثم بعد ذلك يجفف الميت ويوضع عليه الطيب كما تقدم .
هذا ولا يشترط لصحة غسل الميت نية، وكذلك لا تشترط النية لإسقاط فرض الكفاية على التحقيق وإنما تشترط النية لتحصيل الثواب على القيام بفرض الكفاية هذا بالنسبة للميت البالغ - أما الصبى الذى لا يعقل الصلاة فلا يوضأ وفيما عدا الوضوء فإنه يغسل بالكيفية السابقة .
2 - عن السؤال الثانى إذا كان المقصود من السؤال هو أن المتوضئ أثناء وضوئه وقبل أن يكمل وضوءه خرج منه ريح، هل يستمر فى وضوئه أم يبدأ الوضوء من جديد - إذا كان هذا هو مقصود السائل من سؤاله .
فإننا نجيب بأن الواجب على هذا الشخص أن يبدأ وضوءا جديدا، لأن خروج الريح منه نقض ما فعله من الوضوء قبل تمامه، فيجب عليه الوضوء من جديد إذ أن الريح ينقض جميع الوضوء، فينقض بعضه قبل تمامه كذلك أما إذا كان المقصود بخروج الريح ليس هو الحدث، وإنما هبت الريح من السماء عليه، فجف الماء من على أعضاء وضوئه التى تم غسلها، فتجيب بأن هذا الشخص لا يجب عليه وضوء جديد، وإنما يجب عليه أن يكمل وضوءه، لأن الموالاة بين الأعضاء ليست شرطا فى صحة الوضوء فى مذهب الحنفية .
3 - عن السؤال الثالث إذا كان هذا الشخص الذى حصلت له الجنابة من الجماع أو الاحتلام قد تمضمض واستنشق بحيث أصاب الماء جميع أجزاء فمه وأنفه، وغسل جميع أجزاء جسده بالماء، فليس بلازم له أن يتوضأ للصلاة بعد هذا الغسل، لأن هذا الغسل أزال الحدث الأكبر، فمن باب أولى يزيل الحدث الأصغر .
لأن النية ليست فرضا فى الوضوء أو الغسل عند الحنفية، بل هى سنة .
والأولى النية والوضوء قبل الغسل، لأن ذلك سنة .
4 - عن السؤال الرابع هذا السؤال ليس بواضح ولا محدد ولا يدرى ما هو المقصود به، ولذلك لا يمكننا الإجابة عليه .
فإن وضح وحدد أجبنا عليه .
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالأسئلة إذا كان الحال كما ورد بها .
والله سبحانه وتعالى أعلم(5/488)
جبانات ومقابر
F محمد عبده .
جمادى الثانية 1317 هجرية
M 1 - إذا كان الشارع من المنافع العامة سواء كان في مقبرة أو غيرها فلا يسوغ لأحد البناء فيه متى أضر ذلك بالمارة .
2 - للسلطان أو نائبه أن يمنع من البناء فيه إذا اقتضت المصلحة ذلك
Q مقبرة معدة لدفن أموات المسلمين، يوجد بها شوارع عامة للمرور فيها، وبعض الناس بنى على جزء من هذه الشوارع .
فهل يجوز اعتبار الشوارع المذكورة من المنافع العمومية ومنع التعدى عليها بالبناء فيها وهل يجوز وضع مواسير مياه بها لتوصيل المياه منها للشرب والرش بالمقبرة وبجهات مجاورة لها لكون المصلحة العامة تقتضى ذلك أم لا
An ذكر أن المقبرة المعدة لدفن أموات المسلمين بها شوارع عامة للمرور فيها، وأن بعض الناس بنى على جزء منها فحصل ضيق بسبب ذلك البناء واستفهم هل يجوز شرعا اعتبار الشوارع المذكورة من المنافع العمومية ومنع التعدى عليها بالبناء فيها ، وهل يجوز أن توضع بها مواسير مياه للشرب وغيره لاقتضاء المصلحة العامة ذلك أم لا وحيث إن هذه الشوارع الموجودة بتلك المقبرة عامة للمرور فيها وقد سلكها الناس، فلا ريب تعد من المنافع العمومية، ولا يسوغ لأحد البناء فيها متى أضر ذلك بالمارة، ولسلطان أو نائبه أن يمنع من البناء فيها إن كان ذلك مصلحة للمسلمين، كما أن له أن يأذن بوضع مواسير المياه المذكورة بها إذا اقتضت المصلحة ذلك .
لما صرحوا به من أن للسلطان أو نائبه التصرف فى حق الكافة بفعل ما فيه المصلحة لهم واللّه أعلم(5/489)
هدم قبة على قبر
F محمد عبده .
ذى الحجة 1319 هجرية
Mبناء بيت أو قبة على القبر مكروه، ولا بأس بهدم القبة التى على القبر بل هو الأولى إذا كانت تجتمع حولها القاذورات
Q ضريح قديم عليه قبة فى شارع مطرق ليلا ونهارا معرضة للبول والأقذار .
وبجوار هذا الضريح مسجد منسوب لصاحبه، وفى هذا المسجد باب لذلك الضريح .
فهل يجوز هدم القبة ونقل الضريح إلى داخل المسجد أو يبقى فى محله
An المروى عن الإمام أبى حنفية أن بناء بيت أو قبة على القبر مكروه .
وهو يدل على أن لا بأس بهدم القبة المذكورة، بل إنه الأولى .
فإذا كانت تجتمع حولها القاذورات واعترضت فى الطريق تأكدت الأولوية .
أما موضع القبة وهو الضريح فيسوى بأرض الشارع، لأنه لو فرض أن تحته ميتا مدفونا فقد بلى، فيجوز استعمال أرضه فى غير الدفن .
واللّه أعلم(5/490)
تسوية المقبرة وزراعتها
F بكرى الصدفى .
ذى القعدة 1324 هجرية
M 1 - يجوز لمالك المقبرة القديمة تسويتها وتقصيبها وزراعتها بدون نبش متى تحقق أن من فيها قد صار ترابا .
2 - لا يجوز كسر عظام الميت ولا تحويلها ولو كان ذميا
Q من الدكتور ع .
فى أرض زراعية بها مقبرة قديمة منعت الصحة الدفن بها من مدة تبلغ نحو الأربعين سنة .
وفى هذا الزمان يغلب على الظن أن العظام قد بليت ( عظام الموتى المدفونين فيها ) فهل يجوز لمالك الأرض والمقبرة تقصيبها وزرعها بدون أن تنبش القبور وتخرج عظامها أفيدوا الجواب ولكم الثواب
An فى رد المحتار ما نصه وقال الزيلعى ولو بلى الميت وصار ترابا جاز دفن غيره فى قبره وزرعه والبناء عليه انتهى .
وفى شرح مراقى الفلاح ما نصه ولو بلى الميت وصار ترابا جاز دفن غيره فى قبره .
ولا يجوز كسر عظامه ولا تحويلها ولو كان ذميا . ولا ينبش وإن طال الزمان انتهى - فعلى ذلك يجوز لمالك أرض المقبرة المذكورة تسويتها وزراعتها بدون أن تنبش تلك القبور متى تحقق أن من فيها من الأموات صار ترابا على وجه ما ذكر .
واللّه تعالى أعلم(5/491)
نقل الموتى
F بكرى الصدفى .
رجب 1326 هجرية
M 1 - يجوز نقل الميت قبل دفنه بمقدار ميل أو ميلين على ما هو ظاهر من مذهب أبى حنيفة .
2 - لا يجوز نقل الميت بعد دفنه مطلقا إلا لموجب شرعى، كأن تكون الأرض التى دفن فيها مغصوبة أو أخذت بالشفعة
Q بخصوص نقل جثة من مقبرة إلى أخرى .
فما الحكم الشرعى فى ذلك
An علم ما تضمنته إفادة الحقانية الواردة لنا بتاريخ 26 سنة 908 نمرة 2347 بناء على ما ورد بها من نظارة الداخلية بتاريخ 18 منه نمرة 89 من طلب الإفادة عما يقتضيه الحكم الشرعى فيمن له حق الأولوية فى طلب نقل جثث المتوفين المسلمين من الأقارب وغيرهم على الوجه الذى تضمنته إفادة الداخلية - والإفادة عن ذلك .
أن نقل الميت قبل دفنه لا بأس به بقدر ميل أو ميلين على ما هو الظاهر من مذهب أبى حنيفة رحمه اللّه تعالى .
وأما نقله بعد دفنه فلا يجوز مطلقا إلا لموجب شرعى .
مثل أن تكون الأرض التى دفن فيها مغصوبة أو أخذت بشفعة .
ففى شرح مراقى الفلاح ولا يجوز كسر عظامه ولا تحويلها ولو كان ذميا .
ولا ينبش وإن طال الزمان انتهى ومثله فى كثير من الكتب .
ثم لا فرق فى عدم جواز نبش القبور ونقل من فيها من الموتى بين الأقارب وغيرهم .
فإن الأقرب والأبعد فى ذلك سواء واللّه سبحانه وتعالى أعلم(5/492)
عدم جواز البناء على القبور
F بكرى الصدفى .
جمادى الأولى 1328 هجرية
Mلا يجوز البناء على المقابر ولا نبشها متى كانت الأرض موقوفة على دفن الموتى وإن اندثرت ولم يبق فيها أثر الموتى
Q فى مقابر المسلمين المسبلة والموقوفة إذا درست ودثرت ولم يبق بها عظم الأموات ولا لحمهم .
هل يجوز البناء ونبشها أم كيف الحال
An لا يجوز البناء على المقابر المذكورة ولا نبشها والحال ما ذكر، ففى الاسعاف من فصل فى ذكر أحكام تتعلق بالمقابر والربط ما نصه - مقبرة قديمة لمحلة لم يبق فيها آثار المقبرة .
هل يباح لأهل المحلة الانتفاع بها قال أبو نصر رحمه اللّه تعالى لا يباح .
قيل له فإن كان فيها حشيش . قال يحتش منها ويخرج للدواب وهو أيسر من إرسال الدواب فيها انتهى - وفى الهندية من كتاب الوقف من الباب الثانى عشر فى الرباطات والمقابر ما نصه - سئل القاضى الإمام شمس الأئمة محمود الأوز جندى فى مسجد لم يبق له قوم وخرب ما حوله واستغنى الناس عنه، هل يجوز جعله مقبرة قال لا .
و سئل هو أيضا عن المقبرة فى القرى إذا اندرست ولم يبق فيها أثر الموتى لا العظم ولا غيره .
هل يجوز زرعها واستغلالها قال لا .
ولها حكم المقبرة كذا فى المحيط انتهى . وهذا لا ينافى ما قاله الزيلعى فى باب الجنائز من أن الميت إذا بلى وصار ترابا جاز زرعه والبناء عليه .
لأن المانع هنا كون المحل موقوفا على الدفن فلا يجوز استعماله فى غيره .
واللّه تعالى أعلم .
ے(5/493)
نقل الميت
F بكرى الصدفى .
محرم 1328 هجرية
Mعدم جواز نبش القبور التى هى مسبلة لدفن الموتى ولا نقل من فيها وإن طال عليها الزمن، متى كانت الأرض موقوفة لدفن الموتى
Q يوجد بين قبور أموات المسلمين بقرافات صحراء المقطم أضرحة لبعض الأولياء وقباب على قبور بعض الأمراء بناؤها متقن الصناعة ويعتبر من الآثار العربية التى يجب التحفظ عليها وصيانتها .
ولذلك قررت لجنة حفظ الآثار إخلاء جوانبها بعرض 40 مترا ومجلس مدينة القاهرة جعلها عشرين مترا .
وهذا يستدعى نقل القبور الموجودة فى موضعها .
وهذه القرافات أراض موقوفة لدفن موتى المسلمين .
فما رأى الشريعة الغراء فى ذلك
An وردت لنا إفادة سيادتكم بتاريخ 12 يناير الجارى سنة 1910 نمرة 265 تتضمن أنه يوجد بين قبور أموات المسلمين بقرافات صحراء المقطم أضرحة لبعض الأولياء .
وقباب على قبور بعض الأمراء .
بناؤها متقن الصناعة ومقبرة من الآثار العربية التى يجب التحفظ عليها .
وتعهدها بأعمال الصيانة ولذلك قررت لجنة حفظ الآثار العربية إخلاء جوانبها وترك مسافة خالية حول كل منها بعرض أربعين مترا من كل جهة فيكون بصفة ميادين عمومية وأن مجلس تنظيم مدينة القاهرة قرر هذه الميادين، ولكنه جعل عرض كل جهة منها عشرين مترا فقط وبما أن إنشاء الميادين المذكورة يستدعى نقل القبور الموجودة فى موضعها .
ومن المعلوم أن أراض القرافات بتلك الصحراء وقف لدفن موتى المسلمين .
ولكل مسلم الحق فى حفر القبور والدفن فيها ويراد قبل اعتماد هذا القرار الإفادة منا عما تقتضيه الشريعة الغراء فى ذلك والإفادة عن ذلك أن الذى تقتضيه أحكام الشريعة الغراء عدم جواز نبش القبور المذكورة التى هى مسبلة لدفن الموتى .
ولا نقل من فيها وإن طال عليها الزمن .
وللاحاطة لزم تحريره أفندم(5/494)
الاختلاف على دفن الميت
F بكرى الصدفى .
ربيع الثانى 1330 هجرية
M 1 - إذا اختلف أقارب الميت على دفنه فى مقبرة معينة فإن اتحدت المسافة بين المقبرتين كان حق الأولوية فى الاختيار لمن هو أقواهم قرابة بالمتوفى .
2 - إذا اختلفت المسافة فتراعى فى ذلك أقرب جهة
Q فى بعض الأحيان يحصل اختلاف بين أقارب المتوفى على المحل الذى يدفن فيه .
بمعنى أن كلا منهم يريد دفنه فى المدافن المعتاد دفن موتاه فيها ويترتب على ذلك تأخير الدفن بضع ساعات وفى ذلك انتهاك حرمة الأموات وربما ينشأ عن تأخير الدفن ما يضر بالصحة خصوصا إذا حصل فى زمن اشتداد الحر .
فمن له حق الأولوية من الأقارب وغيرهم فى اختيار محل الدفن حسب ترتيبهم باعتبار جهة وقوة ودرجة القرابة والنسب
An علم ما تضمنته إفادة سعادتكم الواردة لنا بتاريخ 20 مارس سنة 1912 نمرة 3191 وصار الاطلاع على مكاتبة مصلحة الصحة المرفقة معها بخصوص أخذ رأينا فيمن له حق الأولوية من الأقارب فى اختيار محل دفن المتوفى عند حصول اختلاف بينهم على المحل الذى يدفن بمعنى أن كلا منهم يريد دفنه فى المدفن أو الجبانة المعتاد دفن موتى عائلته فيها، ويترتب على ذلك تأخير الدفن بضع ساعات وفى ذلك انتهاك حرمة الأموات مالا يخفى وربما ينشأ عنه ما يضر بالصحة خصوصا إذا حصل فى زمن اشتداد الحر والإفادة عن ذلك .
أنه ينبغى إذا تنازع أقارب الميت فى محل دفنه أن يكون من له حق الأولوية فى اختيار محل الدفن عند استواء المسافات هو أقواهم قرابة للمتوفى فيقدح الأخ على العم مثلا .
وأما إذا كانت المسافات مختلفة فيراعى فى ذلك جهة قرب المسافة .
هذا ما ظهر لى أخذا من كلام العلماء فى كتبهم ففى متن التنوير وشرحه ما ملخصه يندب دفن الميت فى جهة موته وتعجيله وأنه يقدم فى الصلاة عليه بعد السلطان ونائبه والقاضى وإمام الحى الولد بترتيب عصوبة الإنكاح إلا الأب فيقدم على الابن اتفاقا إلا أن يكون عالما والأب جاهلا فالابن أولى فإن لم يكن له ولى فالزوج .
وفى الجوهرة على القدورى ما نصه ويكره نقل الموتى من بلد إلى بلد لقوله عليه السلام عجلوا بموتاكم وفى نقله تأخير دفنه انتهى - وفى حواشى مراقى الفلاح ما نصه (انظر حكم ما إذا تعددت المقابر فى محل وأبيح الدفن فى كلها أو له فى كل قبر، هل يكون الدفن فى القربى أو يعتبر الجيران الصالحون يحرر) انتهى - وفى الدرر عن الخانية ما نصه ويستحب فى القتيل والميت دفنه فى المكان الذى مات فيه فى مقابر أولئك المسلمين، وإن نقل قبل الدفن إلى قدر ميل أو ميلين فلا بأس به انتهى - واللّه تعالى أعلم(5/495)
زيارة القبور
F محمد بخيت .
ذى الحجة 1337 هجرية 22 سبتمبر 1919 م
M 1 - زيارة القبور فى ذاتها مندوبة للرجال والنساء للعظمة والاعتبار والترحم ولكنها مكروهة للشابات من النساء .
2 - يكره المبيت على القبور من الرجال والنساء أيام المواسم والأعياد والأكل والشرب إلخ، كما يكره النياح وقضاء الحاجة عند القبر، كما يكره وطؤه والجلوس والصلاة عليه .
3 - اختلاط الرجال بالنساء فى المقابر وما يحدث عندها من مفاسد ومنكرات لا يؤدى إلى ترك الزيارة لأن القربات لا تترك بالمنكرات وعلى الإنسان فعلها وإزالة البدع إن أمكنه ذلك .
4 - يجب منع المنكرات على اختلاف أنواعها فى المقابر وغيرها، أما شرب الخمر وارتكاب جريمة الزنا فى المقابر فهذا حرام ومنكر شنيع واجب منعه فى المقابر وغيرها بالإجماع
Q هل يجوز للأمة أن تبيت على القبور أيام المواسم والأعياد وغير ذلك من النساء والرجال والأطفال والعائلات بأجمعها، ويأكلون ويشربون ويصنعون المنكرات على اختلاف أنواعها، ويصنعون المراحيض فى القبور ويتبولون وأغلبهم يشربون الخمر ويرتكبون جريمة الزنا ولا يخافون اللّه فهل هذا حرام أو حلال
An نفيد أن زيارة القبور فى ذاتها مندوبة للرجال والنساء لقوله عليه الصلاة والسلام (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها) وأما قوله عليه الصلاة والسلام (لعن اللّه زائرات القبور) فهو إما منسوخ لحديث كنت نهيتكم أو محمول على ما إذا كانت زيارتهن للقبور لتجديد الحزن والبكاء والندب على ما جرت به عادتهن، وأما إن كانت زيارتهن للاعتبار والعظة والترحم من غير بكاء والتبرك بزيارة الصالحين فلا بأس بها من النساء إذا كن عجائز، ويكره إذا كن شواب لحضور الجماعة فى المساجد، قال ابن عابدين وهو توفيق حسن .
وأما المبيت على القبور أيام المواسم والأعياد من الرجال والنساء والأطفال والأكل والشرب فهو مكروه قال فى الفتح ويكره الجلوس على القبر ووطؤه .
وحينئذ فما يصنعه من دفن حول أقاربه خلق من وطء تلك القبور إلى أن يصل قبر قريبه مكروه .
ويكره النوم عند القبر وقضاء الحاجة بل أولى .
وكل ما لم يعهد من السنة، والمعهود منها ليس إلا زيارتها والدعاء عندها قائما .
وفى الأحكام عن الخلاصة وغيرها لو وجد طريقا إن وقع فى قلبه أنه محدث لا يمشى عليه وإلا فلا بأس .
وفى خزانة الفتاوى عن أبى حنيفة لا يوطأ القبر إلا لضرورة ومن أرض بعيد ولا يقعد وإن فعل يكره .
وقال بعضهم لا بأس بأن يطأ القبور وهو يقرأ أو يسبح ويدعو لهم .
وقال فى الحلية ويكره الصلاة عليه (أى القبر) وإليه لورود النهى عن ذلك .
ثم ذكر عن الإمام الطحاوى أنه حمل ما ورد من النهى عن الجلوس على القبر على الجلوس لقضاء الحاجة، وأنه لا يكره الجلوس لغيره جمعا بين الآثار، وأنه قال إن ذلك قول أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد، ثم نازعه بما صرح به فى النوادر والتحفة والبدائع والمحيط وغيره من أن أبا حنيفة كره وطء القبر والقعود أو النوم أو قضاء الحاجة عليه لأنه ثبت النهى عن وطئه والمشى عليه وتمامه فيها .
وقيد فى نور الإيضاح كراهة القعود على القبر بما إذا كان لغير قراءة قلت وتقدم أنه إذا بلى الميت وصار ترابا يجوز زرعه والبناء عليه، ومقتضاه جواز المشى فوقه ثم رأيت العينى فى شرحه على صحيح البخارى ذكر كلام الطحاوى المار ثم قال فعلى هذا ما ذكره أصحابنا فى كتبهم من أن وطء القبور حرام وكذا النوم عليها ليس كما ينبغى فإن الطحاوى هو أعلم الناس بمذاهب العلماء ولا سيما بمذهب أبى حنيفة .
قلت لكن قد علمت أن الواقعة فى كلامهم التعبير بلفظ الكراهة لا بلفظ الحرمة، وحينئذ فقد يوفق بأن ما عزاه الإمام الطحاوى إلى أئمتنا الثلاثة من حمل النهى على الجلوس لقضاء الحاجة يراد به نهى التحريم، وما ذكره غيره من كراهة الوطء والقعود الخ يراد به كراهة التنزيه فى غير قضاء الحاجة وغاية ما فيه إطلاق الكراهة على ما يشمل المعنيين هذا كثير فى كلامهم، ومنه قولهم مكروهات الصلاة وتنتفى الكراهة مطلقا إذا كان الجلوس للقراءة كما يأتى واللّه سبحانه أعلم انتهى - من رد المحتار بصحيفة 945 جزء أول طبعة أميرية سنة 1286، ونقل مثل هذا الخلاف فى الهندية بصحيفة 351 جزء خامس، وزاد نقلا عن ابن مسعود رضى اللّه عنه لأن أطأ على جمر أحب إلى من أن أطأ على قبر، وعن علاء الدين الترجمانى أنه قال يأثم بوطء القبور لأن سقف القبر حق الميت، وعن شمس الأئمة الحلوانى أن بعض العلماء رخص المشى على القبور انتهى - ونقول إن العلماء قد اختلفوا فى هذه المسألة كما ترى، والأحوط كراهة وطء القبور لما تقدم عن الفتح من أن كل ما لم يعهد من السنة مكروه، وأن المعهود منها ليس إلا زيارتها والدعاء عندها قائما، وقد بين ذلك فى الهندية فقال وإذا أراد زيارة القبور يستحب له أن يصلى فى بيته ركعتين يقرأ فى كل ركعة الفاتحة وآية الكرسى مرة واحدة والاخلاص ثلاث مرات ويجعل ثوابها للميت يبعث اللّه تعالى إلى الميت فى قبره نورا، ويكتب للمصلى ثوابا كثيرا ثم لا يشتغل بما لا يعنيه فى الطريق، فإذا بلغ المقبرة يخلع نعليه ثم يقف مستدبرا القبلة مستقبلا لوجه الميت ويقول السلام عليكم يا أهل القبور يغفر اللّه لنا ولكم أنتم لنا سلف ونحن بالأثر .
كذا فى الغرائب . وإذا أراد الدعاء يقوم يستقبل القبلة كذا فى خزانة الفتاوى .
وإن كان شهيدا يقول سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، وإذا كانت قبور المسلمين مختلطة بقبور الكفار يقول السلام على من اتبع الهدى، ثم يقرأ سورة الفاتحة وآية الكرسى، ثم يقرأ سورة إذا زلزلت وألهاكم التكاثر كذا فى الغرائب .
من الهندية بصحيفة 350 جزء خامس .
فهذه هى كيفية الزيارة الشرعية للرجال والنساء .
وأما اختلاط الرجال بالنساء فقد قال ابن حجر فى فتاويه ولا تترك (أى الزيارة) لما يحصل عندها من منكرات ومفاسد كاختلاط الرجال بالنساء وغير ذلك لأن القربات لا تترك لمثل ذلك .
بل على الإنسان فعلها وإنكار البدع بل وإزالتها إن أمكن .
قلت ويؤيده ما مر من عدم ترك اتباع الجنازة وإن كان معها النساء والنائحات انتهى - من رد المحتار بصحيفة 942 جزء أول .
ومن ذلك يعلم أن الواجب منع المنكرات على اختلاف أنواعها مطلقا فى المقابر وفى غيرها .
كما أن الواجب منع اتخاذ المراحيض فى القبور والتبول فى المقابر، وأما شرب الخمر وارتكاب جريمة الزنى فهذا حرام ومنكر شنيع، ويجب منع كل ذلك فى المقابر وفى غيرها بإجماع المسلمين واللّه تعالى أعلم(5/496)
ما يشترط فى تلقين الميت
F عبد الرحمن قراعة .
ربيع آخر 1342 هجرية - 28 نوفمبر 1923 م
Mمدار الاستحباب فى تلقين الميت على كون الملقن غير متهم بالمرة بموته وعلى اعتقاد الخير فيه
Q بخطاب وكيل وزارة الداخلية رقم 17 نوفمبر سنة 1923 رقم 546 بما صورته لجنة جبانات المسلمين بمدينة القاهرة حضرت مشروعا للائحة الجبانات ووضعت مادة هذا نصها يشترط فيمن يقوم بتلقين الموتى أن يكون حاصلا على إجازة به من لجنة الجبانات إلا إذا كان حائزا للشهادة العالمية أو الأهلية من أحد المعاهد الدينية، ولما كان ذلك من الأمور الشرعية نرجو إفادتنا بما ترون فضيلتكم فى هذه الحالة من الوجهة الشرعية
An علم ما جاء بإفادة سعادتكم رقم 17 نوفمبر سنة 1923 نمرة 546 وما يراد به من أخذ رأينا فى المادة التى وضعت فى مشروع لائحة الجبانات التى نصها (ويشترط فيمن يقوم بتلقين الموتى أن يكون حاصلا على إجازة به من لجنة الجبانات إلا إذا كان حائزا للشهادة العالمية أو الأهلية من أحد المعاهد الدينية) والذى نص عليه الفقهاء أنه يستحب أن يكون الملقن غير متهم بالمرة بموته وأن يكون ممن يعتقد فيه الخير .
كذا فى الهندية نقلا عن السراج الوهاج، ومعلوم أن الحائز للشهادة العالمية أو الأهلية أو الثانوية من أحد المعاهد الدينية ممن يعتقد فيه الخير، وبالجملة فمدار الاستحباب فى التلقين على كون الملقن غير متهم بالمرة بموته وعلى اعتقاد الخير فيه .
وهذا ما لزمت به الإفادة(5/497)
ترخيص ببناء أرض موقوفة لدفن موتى مسلمين لا يفيد ملكا
F عبد الرحمن قراعة .
شوال 1342 هجرية - 27 مايو 1924 م
M 1 - أرض القرافة التي بسفح جبل المقطم موقوفة من قبل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على أن تكون مقبرة لدفن موتى المسلمين .
2 - عدم جواز تملكها أو تمليكها للغير .
3- من رخص له بالبناء عليها لا يملكها بذلك وإنما يملك البناء فقط
Q من رجل .
فى أن أرض القرافة الكائنة بسفح جبل المقطم بمصر كالقرافة الصغرى، وقرافة الإمام الشافعى، وقرافة باب النصر، التى هى موقوفة على دفن الموتى من المسلمين .
هل لو تحصل أحد على رخصة من التنظيم ببناء حوش فى أرض فضاء، فهل تنقلب من وقف إلى ملك بسبب هذه الرخصة
An صرح العلماء بأن أرض القرافة التى بسفح جبل المقطم بمصر موقوفة من قبل أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه على أن تكون مقبرة لدفن موتى المسلمين، وجرى العمل على ذلك من عهده للآن .
وحيث كانت وقفا فلا يجوز تملكها ولا تمليكها للغير .
وبناء على ذلك لا تعتبر ملكا لحامل رخصة البناء، وإنما يملك البانى البناء(5/498)
زيارة القبور، وحكم الموسيقى، وشرب الدخان
F عبد الرحمن قراعة .
شوال 1344 هجرية 12 مايو 1926 م
M 1 - زيارة القبور مندوب إليها دون مس ولا تقبيل ولا طواف .
2 - شرب الدخان لم يكن موجودا فى عهد النبى - صلى اللّه عليه وسلم - ولا فى عهد خلفائه الراشدين ولا الصحابة والتابعين لهم بإحسان وإنما حدث فى القرون الأخيرة .
3 - اختلف فيه العلماء اختلافا كثيرا فمنهم من قال بحومته ومنهم من ذهب إلى إنه مكروه .
ومنهم من قال بإباحته . وأعدل الأقوال هو القول بكراهته فينبغى تركه وعدم الإصرار على تعاطيه، فإن الإصرار على الصغائر يقبلها كبائر .
4 - أما الموسيقى فحكمها من جهة الإيقاع والاستماع حكم اللّهو واللعب والعبث، وهو الكراهة التحريمية .
ولم يستن إلا ضرب الدف فى الأعراس، والأعياد الدينية، وإلا ملاعبة الرجل زوجه، وتأديبه لفرسه ومناضلته بقوسه
Q بخطاب سعادة وكيل الداخلية الرقيم 27 شوال سنة 1344 - 10 مايو سنة 1926 صورته .
نتشرف بأن نبعث لفضيلتكم برفق هذا صورة من التلغراف المرسل من حضرة صاحب الجلالة ملك الحجاز وسلطان نجد لحضرة صاحب الدولة وزير الداخلية .
رجاء الاطلاع عليه والتكرم بالإفادة عما تقضى به الشريعة الغراء نحو ما جاء به وتفضلوا فضيلتكم بقبول فائق احترامنا .
والمرجو التكرم أيضا بالإفادة عما إذا كان مع ما ذكره جلالة الملك ابن سعود فيما يتعلق بالموسيقى وشرب الدخان وزيارة القبور يباح الحج أولا وتفضلوا فضيلتكم بقبول وافر احترامى .
صورة التلغراف حضرة صاحب الدولة وزير الداخلية بمصر استلمت البرقيتين بشأن المحمل المصرى هذا العام .
قابلت جلالة ابن السعود وقرأت على مسمعه بحضور وزيريه كل رغبات الحكومة المصرية وسلمته كتابا حاويا كل ما جاء بالبرقية وصلى الرد الآتى حضرة صاحب العزة القائم بأعمال القنصلية المصرية بحدة السلام عليكم ورحمه اللّه وبركاته وبعد لقد تناولت كتابكم المؤرخ 19 شوال وإجابة لرغبة حكومة صاحب الجلالة ملك مصر .
نوضح لكم الحالة توضيحا تاما فيما يلى أولا أقدم شكرى الجزيل لحكومة مصر ومليكها لحسن تعطفاتها وتقديرها حسن مساعينا التى نبذلها لخدمة الحجاج والزوار واننا لا نحمل لمصر ومليكها إلا كل محبة وإجلال واحترام لما له من الأيادى البيضاء على الإسلام والعرب، ولقد سررت جدا لمقابلة حكومته قول أهل الإفك والبهتان بالاحتراس والحذر .
ثانيا إننا لم نقبل القيام بأعباء إدارة هذه البلاد إلا لإعلاء كلمة اللّه، والقضاء على البدع الباطلة، وتطهير بلد اللّه الحرام من كل أمر يخل بمركزها الدينى، وأن البلاد التى كانت مهبط الوحى ومبعث النور الإسلامى يجب أن ترجع لعهدها الأول، وأن مصر ذات المركز الممتاز فى العالم الإسلامى، والتى يدين لها المسلمون والعرب بالأفكار الناضجة والرغبة إلى الإصلاح إنى أعتقد أنها تكون أكبر مساعد وعضد فيما نريد من الإصلاح ثالثا إن الأمن ولله الحمد مستتب فى الحجاز كله، وأن الحجاج بفضل اللّه لم تتمتع بالأمن فى جميع حياتها مثل تمتعها الحالى، ولا بد أن مساعد أمير الحج المصرى البكباشى عبد الرحمن بك إبراهيم محدث حكومة مصر بما شاهد وسمع رابعا إن القوة المعتاد إرسالها مع الحمل والتى بينتموها فى كتابكم وما يتبعها من البعثات الطبية لا اعتراض لنا عليه، وسنقوم بواجبنا إزاءه من توفير وسائل الراحة له .
والمحافظة عليهم أنم محافظة، وإجلالهم واحترامهم فى كل مكان يحلون فيه وكذلك لا ترى حكومة الحجاز مانعا من اشتراك مندوبيها مع أمير الحج المصرى فى توزيع القمح والمرتبات على الفقراء والمستحقين، ونحن لا قصد لنا إلا إيصال الخير لأهله خامسا إننا لا نتداخل فى عقائد الناس فهم موكولون إلى خالقهم، ولكن ما يظهر من الأعمال التى تخالف أصول الشريعة، ولا تتفق مع تعاليم الأئمة المجتهدين وعمل السلف الصالح ندعو المخالف إلى الطريق القويم، ونرى أنفسنا مسئولين أمام اللّه عن سكوتنا على المعاصى وانتهاك الحرمات، وهذا بلا شك سيقابل من حكومة مصر وعلماء مصر ذوى الغيرة الدينية بكل ارتياح .
سادسا إننا لا نمنع أحدا من زيارة القبور على الوجه المعروف فى كتب السنة ، ولكن الغلو فى التمسح بالقبور والصلاة عندها والطواف عليها وغير ذلك مما يأتيه الجهلة وينكره عموم العلماء وعلى الأخص علماء مصر لا يسعنا إلا تنبيه الجهلة وإيقافهم عند حد الشريعة، وذلك قياما بما يفرضه علينا الدين من إبداء النصيحة لإخواننا المسلمين - سابعا أما مسألة الموسيقى والدخان فهى من المسائل التى أحب أن ألفت نظر حكومة صاحب الجلالة ملك مصر إليها والتى أود من صميم فؤادى أن تقابل بالموافقة والارتياح حفظا لأواصر الصداقة التى أحرص عليها كل الحرص وأن الآمال الكبيرة التى لنا فى مصر والغاية السامية التى يسعى إليها الجميع لا يصح أن تكون أمثال هذه المسائل عقبة فى طريقها، وعهدى بمصر وحكومتها الحكيمة، وبعد النظر وتقدير الظروف والزمن بما يناسبه أن الموسيقى يعتبرها فريق كبير من أهل نجد وغيرهم من الملاهى التى إن صح أن تكون مسلية للجند ومكملة لنظامهم فى السير، فلا يليق أن تستعمل فى أماكن العبادة مثل مكة ومنى وعرفات الأماكن التى يكثر فيها التلبية والذكر والنسك وأنا لا أحب أن تظهر حكومة مصر المحبوبة إلا بالمظاهر المتفقة مع مكانتها فى العالم الإسلامى، وليس لدى من مانع من استصحاب الموسيقى إلى جدة، وإنى لا أشك أن حكومة مصر التى نحرص كل الحرص على رضائها والتى ينظر إليها العرب نظرهم إلى الزعيم البعيد النظر لا نلاحظ شعور فريق من المسلمين بما يمس شرفها وكرامتها، بل بالعكس إن هذا الأمر مما يزيدنا محبة فى مصر، ويقوى مركزها، لا فى قلوب العرب فقط بل فى قلوب المسلمين أجمعين .
أما مسألة الدخان فهو من الشجر الخبيث الذى يجب أن تطهر منه البلاد المقدسة التى يجب أن يحرق فيها العود والصندل والسند .
ولذا فاحتراما لحرمة هذه البقاع منعنا شرب الدخان جهرا، وما ابتلى بشىء منه وتستر فى بليته فلا سبيل لنا عليه .
إن مصر أحرص منا على تطهير البلاد المقدسة من كل ما يدنسها، ولئن فات العامة بعض المصالح فالعلماء والحكومات الرشيدة لا يفوتها شىء من ذلك، إنى من أحرص الناس على المحافظة على العادات والتقاليد إلا ما خالف الشريعة منها، وإنى لعلى ثقة تامة من أن حكومة مصر التى أظهرت لها فى فرص مختلفة عظيم احترامى لها وشدة محبتى لأهلها وسعي فى اتحادى معها مما يرفع شأن الإسلام والمسلمين ستقابل ذلك بمثله .
واللّه يوفق الجميع لما فيه رضاه . هذا وتقبلوا فائق احتراماتى، ملك الحجاز وسلطان نجد 0 ختم جلالته - إنى يا صاحب الدولة ننتظر التعليمات بالبرق لنهو هذه المسألة بما يرضى حكومتنا بعد فحصها هذا البيان من حكومة الحجاز
An علم ما جاء بخطاب سعادتكم رقم 10 مايو سنة 1926 نمرة 91 إدارة المرافق له صورة من التلغراف المرسل من حضرة صاحب الجلالة ملك الحجاز وسلطان نجد لحضرة صاحب الدولة وزير الداخلية بمصر المطلوب به الإفادة منا عما تقضى به الشريعة الغراء فيما اشتملت عليه صورة التلغراف من الموضوعات والإفادة أيضا عما يتبع فى إقامة الحج أولا فى هذا العام مع ما ذكره صاحب الجلالة الملك ابن السعود - وبالنظر فيه وجدنا أن ما يصلح موضعا للاستفتاء هو ما جاء بالوجهين السادس والسابع مما يتعلق بزيارة القبور والموسيقى والدخان على الوجه المذكور بتلك الصورة .
فأما ما يتعلق بزيارة القبور فنقول إنها مندوب إليها شرعا بقوله صلى اللّه عليه وسلم (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزورها) .
وكان النبى . صلى اللّه عليه وسلم يزور قبور المسلمين ببقيع الفرقد ويقول ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء اللّه لكم لاحقون .
اسأل اللّه لى ولكم العافية ) وكان يزور شهداء أحد على رأس كل حول ويقول (السلام عليكم بما صبر تم فنعم عقبى الدار) - ونقل محشى إمداد الفتاح عن القهستانى ما نصه قال فى الإحياء ( والمستحب فى زيارة القبور أن يقف مستدبر القبلة مستقبلا وجه الميت وأن يسلم ولا يمسح القبر ولا يقبله ولا يمسه ) وبين الفقهاء جملة مما يكره عند زيارة القبور ثم أجملوا ذلك بقولهم ( وكذا كل ما لم يعهد من غير فعل السنة) وهى قاعدة كلية ينبغى تطبيقها على أى فعل لم يعهد فى السنة وقد مثلوا له بالمس والتقبيل .
ومعلوم أنه لم يعهد من فعل السنة الطواف بغير الكعبة - وأما ما يتعلق بشرب الدخان فنقول إنه لم يكن موجودا فى عهد النبى صلى اللّه عليه وسلم ولا فى عهد خلفائه الراشدين ولا الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا فى زمن الأئمة المجتهدين .
وإنما حدث فى القرون الأخيرة، واختلف العلماء فيه اختلافا كثيرا، فمنهم من قال بحرمته عملا بحديث أحمد المروى عن أم سلمة رضى اللّه تعالى عنها (نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر وقال إنه إن لم يكن مسكرا كان مفترا) وجنحوا مع هذا إلى نهى ولى الأمر عنه، والقواعد الفقهية تقضى أن ولى الأمر لو نهى عن مباح لمصلحة دينية حرم .
ومنهم من ذهب إلى أنه مكروه نظرا لما فيه من الضرر الظاهر للأبدان وإضاعة الأموال - ومنهم من لا يرى أنه مفتر فقال بإباحته أخذا بالقاعدة العامة، وهى أن الأصل فى الأشياء الإباحة أو التوقف .
ورد على من قال بالحرمة أو الكراهة بأنهما حكمان شرعيان لا يثبتان إلا بدليل ولم يوجد .
والذى يظهر أن أعدل الأقوال هو القول بالكراهة، فينبغى تركه وعدم الإصرار على تعاطيه .
فإن الإصرار على الصغائر يقلبها كبائر - وأما الموسيقى فحكمها من جهة الإيقاع والاستماع حكم اللّهو واللعب والعبث وهو الكراهة التحريمية .
فإن فقهاءنا نصوا على كراهة كل لهو كالرقص والسخرية والتصفيق وضرب الأوتار من الطنبور والبربط والرباب والقانون والمزمار والصنج والبوق .
فإنها كلها مكروهة تحريما ولم يستثن من ذلك إلا ضرب الدف فى الأعراس والأعياد الدينية وإلا ملاعبة الرجل زوجه وتأديبه لفرسه ومناضلته بقوسه .
هذا ونرى أن تأخذ حكومتنا السنية حرسها اللّه تعالى بتسهيل أمر الحج عن المسلمين .
والسلام عليكم ورحمة اللّه(5/499)
التركيبة والبناء على القبر غير جائز شرعا
F عبد المجيد سليم .
محرم 1347 هجرية 2 يوليو 1928 م
M 1 - يحرم رفع البناء بتركيبة أو غيرها على القبر إذا كان ذلك للزينة ويكره إذا كان للإحكام بعد الدفن .
كما تكره الزيادة العظيمة من التراب على القبر لأن ذلك بمنزلة البناء .
2 - الوصية بأن يطين القبر أو يوضع عليه قبة باطلة إلا فى حالة ما إذا كان يخشى على الميت من سبع ونحوه فإن التطيين فى هذه الحالة يكون مباحا ولا شىء فيه .
3 - الوصية بمبلغ لشراء تركيبة ووضعها على القبر باطلة ويصرف المبلغ على الفقراء والمساكين إلا إذا كان بالوصية نص يقتضى الصرف إلى غيرهم
Q من أحمد أفندى الحاضر عنه محمد أفندى فى أن الست عائشة والدتنا بنت عبد الرحمن وقفت وقفا وقررت فيه أنه بعد وفاتها يعمل تركيتين رخام من إيراد الوقف توضع إحداهما فوق قبرها والأخرى فوق قبر المرحوم على أفندى الدالى زوجها المتوفى قبلها وهو والدنا بمبلغ من 30 جنيه إلى أربعين جنيه للتركيبتين الرخام، وبصفتى ناظرا للوقف ومكلفا بالقيام بتنفيذ هذه الوصية سمعت همسا من أحد حضرات القضاة الشرعيين بأن هذا محرم وغير جائز شرعا وكيف يحصل التصرف فى المبلغ الذى تقرر لهذا العمل
An اعلم أنه يحرم رفع البناء على القبر لو للزينة، وبكره للإحكام بعد الدفن، بل تكره الزيادة العظيمة من التراب على القبر، لأنه بمنزلة البناء وهو منهى عنه، لما فى صحيح مسلم عن جابر قال نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يبنى عليه ا هجرية من الدر المختار وحاشيته رد المحتار وفى الفتاوى الهندية .
وإذا أوصى بأن يطين قبره أو توضع على قبره قبة فالوصية باطلة إلا أن يكون فى موضع يحتاج إلى التطيين لخوف سبع أو نحوه - وبناء على ذلك فوضع التركيبتين لا يجوز شرعا، ومتى كان الأمر كذلك بطل شرط الواقفة شراءهما بالمبلغ الذى عينته، ووجب صرف هذا المبلغ إلى الفقراء لأن ما بطل صرفه إلى الجهة التى عينها الواقف صرف إلى الفقراء، وهذا إذا لم يكن فى حجة الوقف التى لم يرسلها المستفتى إلينا ما يقضى بصرفه فى جهة أخرى غير الفقراء واللّه أعلم(5/500)
ادعاء ملكية لجهة وقف دون سند لأرض بها جبانة للمسلمين
F عبد المجيد سليم .
جمادى الثانية 1348 هجرية - 16 نوفمبر 1939 م
M 1 - وضع اليد على عقار أو بعضه بصفة النظارة على وقف وضعا ظاهرا بنية الملك للوقف يجعل موضوع اليد وقفا على الجهة التى عينها الناظر .
2 - ليس للامام أن يخرج شيئا من يد أحد إلا بحق ثابت معروف .
3 - إقرار الرجل بأن الأرض كانت ملكا لرجل عينه وأنه وقفها لجهة معينة وجعله الناظر عليها فإن صدقه من قال إنه الواقف فى ذلك كان القول قوله وظلت الأرض فى يده، وإن أنكر ذلك كان القول قوله أيضا وللمنكر أخذها من يده ويحل ورثته فى ذلك ملحه إن كان ميتا، فإن لم يكن له ورثة كانت فى يد المقر ولا تخرج من يده حيث يقبل قوله فيما فى يده حتى يقوم خلافه .
4 - إقرار واضع اليد بأن الأرض ملك لرجل مجهول، وإنه وقفها على جهة معينة يكون القول قوله أيضا ولا تخرج من يده .
5 - تعتبر الأرض وقفا بإقراره هو بالنسبة لما فى يده منها وتكون وقفا على الجهة التى عينها بإقراره .
6 - إقراره بأنها موقوفة لدفن الناس عامة تكون كما ذكر، ولا يجوز له الرجوع فيه بأنها قاصرة على دفن طائفة خاصة من الموتى، لما فى ذلك من إبطال حق العامة الثابت بإقراره، ولما فيه أيضا من أن رجوعه من باب الإنكار بعد الإقرار وهو غير جائز، وإقراره ابتداء بأنها لدفن طائفة خاصة من الموتى يكون صحيحا ويعتد به، وتكون الأرض جبانة خاصة بالطائفة المذكورة .
7- يجوز تعيين ناظر على المقبرة ممن تكون له ولاية ذلك من واقف أو قاض غير أن ولايته تكون محدودة بالمحافظة على المقبرة وتنفيذ شرط الواقف فقط .
8- إبطال الدفن فى هذه الأرض للاستغناء عنها بأخرى لا يجيز نبشها شرعا إذا كان بها عظام موتى وتبقى على ما هى عليه لبقاء المنفعة التى وقفت من أجلها .
9- إذا اندثرت، ولم يبق بها عظام، ولم يدفن فيها من مدة، ولا يرجى الدفن فيها فى وقت من الأوقات .
يبطل وقفها على ذلك، وتعود إلى ملك الواقف إن كان حيا ولورثته إن كان ميتا عند محمد رحمه اللّه تعالى، فإن لم يكن له ورثة تصرف مصرف اللقطة تصرف إلى العاجز من الفقراء فقط على رأى، أو إلى المصالح العامة مطلقا على رأى آخر - وتبقى وقفا مؤبدا كالمسجد عند الإمام أبى يوسف رحمه اللّه تعالى .
10- إذا لم يثبت أن هناك وارثا للواقف، وقال صاحب اليد إن هذا وارث له، فإنها تكون لمن ذكره لأن القول فى بيان الورثة لقول صاحب اليد أيضا .
11- احتياج ولى الأمر إلى جزء منها للمنافع العامة يجيز له أخذ ذلك الجزء ما لم يترتب عليه بنش القبر، ولا يدفع عوضها عن ذلك سواء كانت الجبانة عامة أو خاصة، فإذا استغنى ولى الأمر عما أخذ منها رجع ذلك إلى ما كان عليه من جبانة أو مسجد .
12 - لو ضاق المسجد بأهله وبجواره ملك لأحد، وأريد توسيع المسجد يؤخذ ذلك الملك بقيمته ولو كرها .
إذا كانت الأرض المجاورة موقوفة فإنها تؤخذ بلا عوض إلا إذا فوت ذلك منفعة خاصة على الوقوف عليهم كأن كانت موقوفة للسكنى أو الاستغلال على أناس معينين فتدفع القيمة فى هذه الحالة على أن يشترى بها عينا أخرى بدل الأولى .
13- العبرة فيما ذكر باليد القديمة، ولا عبرة باليد الحديثة فإن لم تكن فى وضع يده قديما كانت لبيت المال .
14- لولى الأمر أن يرصد أرضا من بيت مال المسلمين على جهة عامة كمقبرة ومسجد وسقاية أو أرضا ينتفع بها من يستحق فى بيت المال وهذا ليس وقفا حقيقة لعدم ملك ولى الأمر للموقوف، ومع ذلك يلزم تأبيده على الجهة المرصد عليها .
15 - ما جاء بالسجلات من تأشيرات عماك فك الزمان وما جاء من تنازل الحكومة للناظر عن كل أو بعض هذه الأرض لا يعتبر حجة على أنها ليست لبيت المال، أو على أنها خرجت بالتنازل عن ملكية بيت المال لها لأن الحكومة لا تملك التنازل عنها لبيت المال لغير من هو مستحق فيه .
16 - مجرد التأشير بالسجلات ومجرد التنازل لا يعتبر إرصادا من الحكومة لهذه الأرض للدفن فيها .
لأن القصد من كل منهما هو الاعتراف بكونها تابعة لوقف معين وليس المقصود به إرصادا جديدا .
17- مجرد الدفن فى أرض ووجود مقابر بها، لا يدل بذاته على تبعيتها لوقف خاص، ولا يدل أيضا على أنها ليست المال
Q من حضرة صاحب السعادة رئيس لجنة قضايا الحكومة السؤال الآتى بكتابه رقم 356 المؤرخ أبريل سنة 1929 .
موضوع الفتوى أرض ليس لها أسانيد ملك ولا كتاب وقف بها جبانات للمسلمين .
(أ) منها مقدار نحو الأحد عشر فدانا فيه جبانات وطريق موصل لها حصرت فى أعمال فك الزمام بوصف أنها منافع عامة .
(ب) ومنها مقدار نحو الستة عشر فدانا حصرت بأنها وقف فلان وأخوته .
(ج) ومنها مقدار نحو الإثنى عشر فدانا حصرت باسم الحكومة على أنها فضاء رمال فساد يتخلله جبانات وطرق .
مع العلم بأن الأراضى ب، ج واردة فى خرط المساحة بلا حدود معينة، وكل ما فيها من التحديد أنها واقعة مع الأرض (أ) فى حوض معين معروف الحدود ومع العلم بأن الإشارات التى ترد فى أعمال فك الزمام أساسها أن عمال فك الزمام يقبلون ما يتلقونه من أقوال أصحاب الشأن وبأنه يغلب أن تكون هذه الأرض بأقسامها الثلاث أرض جبانات .
تظلم فلان بوصف أنه ناظر وقف من حصر الجبانات (أ) فى المنافع العامة ومن حصر ال 12 فدانا (ج) باسم الحكومة محتجا بأن كلا المقدارين تابع للوقف الذى هو ناظره .
وبناء على اعتراضه عدل قيد السجلات فقيد أرض الجبانات (أ) بأنها جبانات خصوصية لوقف فلان كما أضيفت الإثنى عشر فدانا (ج) إلى اسم وقف فلان .
(د) وقبل ذلك وإلى جانب هذا الحوض أراض همت الحكومة بتقسيمها قطعا معدة للبناء وبيعها .
فاعترض فلان المتقدم ذكره مدعيا بأن بعض القطع التى شملها التقسيم هى من أعيان الوقف المشمول بنظره الموقوفة على المقابر، وأن كتاب الوقف قد ضاع ومستدلا على دعواه بوجود مقابر تحت الأرض وبناء على ذلك اتفقت الحكومة معه على التنازل عن اعتبار القطع موضع الشكوى من أملاكها محتفظة بالحق فى إنشاء شارع يخترقها دون دفع تعويض عنه على أن ترد أرضه إلى الوقف فى حالة الاستغناء عنه .
1 - فهل ثمة مانع شرعا من أن الحكومة تعتبر التنازل المتقدم ذكره وإشارات السجلات مجرد تخصيص أرض من جانبها ليست ملكا ولا وقفا لأحد لأغراض الدفن شعورا منها بالحاجة إلى جبانة فى هذه الجهة واحتراما لما ألفه الأهالى من الدفن فى تلك الأرض .
وهل ثمة مانع أيضا من أن الحكومة بالزعم من استعمال وصف الوقف فى التنازل والسجلات المتقدم ذكرها تعتبر هذا التخصيص من نوع أعمال المنافع العامة مما تملك التصرف فيه وتحويله عن وجهه بحسب ما نملى عليها أسباب المصلحة العامة .
2 - فإن لم يستقم ذلك شرعا .
فهل تعتبر هذه الأرض جميعها المشار إليها فى أ، ب، ج، ه، د وقفا على الجبانات .
3 - فإن اعتبرت وقفا فما هو الضابط لهذه الصفة، وليس هناك كتاب وقف، أهو إقرار الحكومة وإشارات السجلات، أم هو طبيعة الأرض من حيث احتواؤها على آثار الدفن، أم هو دعوى من يوصف بأنه ناظر ذلك الوقف مع العلم بتداخل الجبانات فى الأراضى الفضاء .
4 - فإذا كانت وقفا على الجبانات .
فهل يمكن مع المساحة المتقدم ذكرها ومع أن الدفن فيها عام أن تكون جبانات خصوصية كما ورد فى بعض إشارات السجلات بمعنى أن يكون نفعها قاصرا على أسرة الواقف أو من يحملون اسمه أو هل هى جبانات عامة .
5 - وهل يكون لمثل ذلك الوقف ناظر وكيف تعين .
فإذا وصف أحد الناس بأنه ناظر ذلك الوقف، فما هى حقوقه وحدود ولايته والدفن فى الأرض حاصل .
6 - فإذا بطل الدفن فى بعض هذه الأرض بالفعل منذ زمن طويل وفى بعضها الآخر بأمر الحاكم، فماذا يكون حكم تلك الأرض أتستمر وقفا أم تعود ملكا (أ) فإذا استمرت وقفا فما هو حكمها من حيث الانتفاع بها أو التصرف فيها .
وماذا تكون حقوق الناظر وحدود ولايته وإذا احتاج الحاكم لبعض هذه الأرض (سواء كان ما يحتاج إليه مما ورد ذكره فى أ .
أو ب أو ج أو د ) لتوسيع الطريق أو لغير ذلك من أغراض المنافع العامة .
فهل يجب أن يدفع عن ذلك عوضا . هو ثمن الأرض .
ولمن يدفع . وفيم يستعمل مع العلم بأن الحاكم يأخذ على نفسه عرفا وفعلا أن يوفر للناس حاجاتهم فيما يتعلق بأراضى الدفن ، وأنه حين أبطل الدفن فى تلك الأرض أوجد تسهيلات لمن كانوا يدفنون فيها ليستعيضوا عنها بغيرها ومع العلم كذلك بأن تخصيص الأراضى للدفن أصبح يلحظ فيه اعتبارات صحية وعمرانية لا يترجم عنها غير الحاكم، فهو الذى يحدد مناطق الدفن، وهو الذى شرع السبيل اللازم لإيجاد الأراضى اللازمة لذلك، وأنشأ لجانا للقيام على أعمال الجبانات .
وبعبارة أخص هل يكون لناظر الوقف المشار إليه حق فى طلب ثمن الأرض التى تؤخذ للطريق العام .
وإذا كان له حق فى ذلك ففيم يستعمل ثمن البدل، ومن هو القيم على هذا الاستعمال إذا كان المحقق أنه لا محل لأن يستبدل بتلك الأرض أرضا غيرها للدفن .
وإذا كان يجب دفع ثمن البدل وتخصيصه لمنفعة عامة ففيم الدفع من جانب الحكومة إلى فرد من الأفراد .
أو ليست هى الأولى بأن تحبس الثمن بيدها ليكون شأنه شأن سائر الأموال العامة ما دامت وظيفة الحكومة انفاق الأموال العامة فى أغراض المنافع العامة .
فإذا كان لا يجب أن يدفع تعويض عما يأخذه الحاكم .
فهل ثمة مانع شرعا من أن يصدر الحاكم قرارا بجمع العظام فى هذه الأرض جميعها ونقلها إلى مكان آخر وتخصيص الأرض للسكنى إذا كانت قد أصبحت متداخلة فى أجراء مدينة عامرة وهل ثمة مانع مع وجود الناظر من أن يتولى الحاكم تقسم الأرض وبيعها، وصرف ثمنها فى أغراض المنافع العامة .
(ب) فإذا كان إبطال الدفن وزوال معالمه يعيدها ملكا، ففى ملك من تدخل هذه الأرض .
أفى ملك من يصفون أنفسهم بأنهم المستحقون (يلاحظ أنه لا يوجد كتاب وقف يحدد المستحقين) أو فى ملك ذرية وورثة من يقال إنه واقف هذه الأرض .
وهلا يجب . فى الحالين أن يثبت أصل الوقف وصحة نسبته إلى الواقف .
وأن يثبت الاستحقاق فى الحالة الأولى . وفى الحالة الثانية أن يثبت تسلسل الإرث بلا انقطاع حتى الورثة الحاليين .
وما هو الطريق شرعا إلى إثبات هذه المسائل المختلفة . 7 - وهل يمكن أن تكون أرض مخصصة للدفن، أو حصل فيها الدفن ملكا لمالك أو أن الدفن يجعلها بطبيعة الحال وقفا، وماذا تكون أحكام ذلك الوقف الخاص
An نفيد سعادتكم بأن هذه الأراضي المذكورة بالسؤال - إما أن تكون كلها أو بعضها فى يد فلان المذكور أولا (والمراد بكونها فى يده أن تكون اليد ظاهرة فى الدلالة على أنه له بأن لا يكون طارئة لما نص عليه الفقهاء من أنه لا اعتبار شرعا لليد الحادثة ) فإن لم تكن هذه الأرض فى يده بهذا المعنى كانت لبيت المال، وحينئذ فللحكومة أن تقفها وترصدها على جهة عامة يستوى فى الانتفاع بها عامة الناس .
فقد نص الفقهاء على أن لولى الأمر أن يرصد أرضا من بيت المال على جهة عامة كمسجد ومقبرة وسقاية أو يرصد أرضا لينتفع بها من يستحق فى بيت المال كالمدرسين والغزاة وغيرهم، وقالوا إن هذا النوع من الوقف والإرصاد ليس بوقف حقيقة لعدم ملك ولى الأمر للموقوف، ومن أجل ذلك لا يجب مراعاة شروطه وإنما يلزم تأبيده على الجهة المرصد عليها .
وعللوا وجوب التأبيد بأن فى تأبيده عونا للمستحق للوصول إلى حقه، وعلى هذا فالظاهر جواز تحويله إلى جهة أخرى إذا كانت الجهة المرصد عليها تستغنى بأرض أخرى أو بمال يعينه ولى الأمر لأن المقصود هو وصول المستحق إلى حقه أو توفير المصلحة على العامة .
وعلى هذا فإذا كانت هذه الأرض لم تكن تحت يد أحد من الناس لا فلان المذكور ولا غيره، كان لولى الأمر حينئذ أن يقفها للدفن فيها وله أن يحولها عن هذه الجهة إلى جهة أخرى من جهات المال العامة إذا استغنى الناس عنها بما أنشأه لهم من الجبانات الأخرى وهذا مالم يترتب على تحويلها بنش القبور وإخراج العظام منها، فإن هذا لا يجوز شرعا كما سيأتى بيانه ولا يمنع من كون هذه الأرض لبيت المال ما جاء فى السجلات من تأشيرات عمال فك الزمام، ولا تنازل الحكومة للناظر المذكور ، لأن هذه التأشيرات لا تعتبر حجة شرعا على أن هذه الأرض كلها أو بعضها ليست لبيت المال .
كما أنه لا يعتبر تنازل الحكومة للناظر المذكور مخرجا لها عن تبعيتها لجهة بيت المال، لأن الحكومة لا تملك شرعا التنازل عما لبيت المال لغير من يستحق فيه، لأن هذا تصرف أو إقرار مبطل لحق العامة وهى لا تملكه كما أنه لا يعتبر مجرد التأشيرات ولا التنازل إرصادا منها لهذه الأرض للدفن فيها، لما هو ظاهر من أن قصدها الاعتراف بأنها تابعة للوقف المذكور لا إرصاد ابتداء منها .
وخلاصة ما قلنا أن الناظر المذكور إذا لم يكن واضعا يده على جزء من هذه الأرض أو وضع يده عليها أو على بعضها وضعا حادثا كانت هذه الأرض لجة بيت المال .
فللحكومة أن تتصرف فيها التصرفات السائغة لها فى أموال بيت المال .
ولا يفوتنا أن نذكر أن مجرد الدفن فى هذه الأرض ووجود المقابر بها لا يدل على أنه تابعة لوقف خاص ولا على أنها ليست لبيت المال لأن الدفن كما يكون فى الأرض الموقوفة يكون فى غيرها كما سيأتى ذكره، هذا كله إذا لم يكن من يزعم أنه ناظر واضعا يده على جزء منها .
أما إذا كان واضعا يده عليها كلها أو بعضها بالمعنى الذى قلناه سابقا كان ما هو واضع يده عليه منها وقفا على الجهة التى عينها، وذلك لأن ذا اليد مقبول القول فى يده شرعا فيقبل قوله فى أنها لغيره ملكا أو وقفا .
ومن أجل ذلك فى الإمام أبو يوسف فى كتاب الخراج ليس للامام أن يخرج شيئا من يد أحد إلا بحق ثابت معروف .
وقال الخصاف فى كتابه أحكام الأوقاف ما نصه (قلت فإن أقر بأن هذه الأرض كانت لفلان رجل سماه معروف وأن ذلك الرجل وقفها فى وجوه سماها وجعله القيم بأمر هاو المفرق لغلتها فى الوجوه المسبلة فيها، قال إن كان الرجل الذى أقر بأنه وقفها حيا كان القول قوله إن أقر بمثل ما أقر به هذا الذى فى يديه، وإن أنكر ذلك كان القول وكان له أن يأخذها من يدى المقر، وإن كان الرجل ميتا وله ورثة فالقول قول الورثة فى ذلك، وإن لم يكن له ورثة لم أخرج الأرض من يدى المقر .
قلت فلم لا تجعلها لبيت المال ويبطل إقراره لأنه قد نسبها إلى مالك لها فلما نجد لذلك المالك وارثا جعلناها لبيت المال .
قال لأن القياس أن يقبل قوله فيما فى يديه حتى يصح خلاف ذلك وكذلك لو سمى رجلا مجهولا يعرف فقال كانت هذه الأرض له فوقفها على هذه الوجوه فإن القول قوله إلى آخر ما قاله فى صفحة 187 وما بعدها) وعلى ذلك فالمفيد لكونها وقفا فى هذه الحالة هو إقراره لأنه ذو اليد عليها، وذلك لا يعتبر هذا الإقرار إلا بالنسبة لما فى يده منها وتكون وقفا للدفن فيها إذا أقر بأنها لدفن الناس عامة كانت كذلك ولا يصح وجوعه بعد ذلك عن هذا الإقرار يجعلها قاصرة على دفن طائفة خاصة، لأن فى ذلك ابطالا لحق العامة الثابت بإقراره أولا .
أما إذا أقر ابتداء بأنها وقف لدفن طائفة خاصة غير عامة الناس فهو صحيح .
فقد جاء فى البحر ما نصه (وقف أرضا على أن يدفن فيها أقرباؤه فإذا انقطعوا فآخره للفقراء ودفن فيها من أقربائه حال حياته صح الوقف ) .
والظاهر من قول صاحب البحر صحة الوقف على هذه الجهة، وإنما اشترط أن يدفن فيها من أقربائه حال حياته ليتحقق شرط التسليم على مذهب محمد الذى يشترط فى لزوم الوقف التسليم وهو فى كل شىء بحسبه وهو فى المقبرة بالدفن فيها .
ومن هذا يعلم أنه يصح أن تكون جبانات خصوصية إذا أقر بذلك ولم يسبق منه إقرار بأنها جبانات عامة، ويصح أن يكون لهذا الوقف ناظر فقد جاء فى الهداية فى مبحث تسليم المسجد والخان من كتاب الوقف ما نصه (والمقبرة فى هذا بمنزلة المسجد على ما قيل لأنه لا متولى له عرفا، وقيل هى بمنزلة السقاية والخان فيصح التسليم إلى المتولى لأنه لو نصب المتولى يصح وإن كان بخلاف العادة) .
وقال فى الفتاوى الظهيرية (مقبرة فيها أشجار هل يجوز صرفها إلى عمارة المسجد قال نعم إن لم تكن وقفا على وجه آخر قيل له .
إن تداعت حيطان المقبرة إلى الخراب يصرف إليها أو إلى المسجد .
قال إلى ما هى وقف عليه إن عرف، وإن لم يكن للمسجد متول ولا للمقبرة فليس للعامة تصرف فيها بغير إذن القاضى) فعلم من هذا أنه يصح نصب ناظر على المقبرة، وتعيينه يكون ممن له ولاية التعيين من واقف أو قاض وحدود ولايته لا تتعدى المحافظة على المقبرة، وتنفيذ ما يكون قد شرطه الواقف فيها .
فليس له حق إبدال جزء منها أو إخراجها عن كونها مقبرة .
وإذا بطل الدفن فى هذه الأرض بالاستغناء عنها بأرض أخرى أو بأى سبب آخر فإن كن لا يزال بها عظام فهى على ما هى عليه لبقاء المنفعة التى من أجلها وقفت إذ لايجوز نبشها شرعا فى هذه الحالة .
وإن اندثرت بحيث لم يبق فيها عظام أو لم يدفن فى بعضها، ولا يرجى أن يعود الدفن فيها فى وقت من الأوقات فقد حصل خلاف فى هذه الحالة بين أبى يوسف ومحمد .
فمحمد يقول ببطلان وقفها حينئذ وعودها إلى ملك الواقف إن كان حيا أو إلى ورثته إن كان ميتا كما جاء بكتاب المنتقى، وإن لم يكن له ورثة فهى كاللقطة عنده تصرف مصرف اللقطة فتصرف للعاجزين الفقراء فقط على رأى، أو إلى المصالح العامة مطلقا على رأى آخر .
وأما عند أبى يوسف فتبقى وقفا أبدا على هذه الجهة كما فى المسجد إذا تخرب - واستغنى الناس عنه والسقاية والرباط وغير ذلك عنده .
وقد قالوا إن الفتوى على مذهب أبى يوسف وأنه الأوجه وعليه أكثر العلماء، وقد صحح قوم مذهب محمد على ما فى الفتاوى الخيرية .
فعلى مذهب أبى يوسف تبقى هذه الأرض وقفا على الجهة التى عينها الواقف وإن استغنى الناس عنها وعلى هذه الأرض إلى مالكها أو إلى ورثته، والقول فى ورثته لواضع اليد، إن لم يثبت وارث ببينة أنه وارث له فتكون له .
قال فى المبسوط فى صفحة 83 من الجزء الثلاثين ما نصه (ولو أن رجلا فى يده ألف درهم ورثها عن أبيه وهو مجهول النسب فأقر بأخ له من أبيه فقال المقر به أقررت أن هذا الألف تركها أبى وإنك تزعم أنك ابنه ولست ابنه فادفعها إلى .
فالقول قول الذى فى يده الألف، وللمقر به نصفها لأنه كان مستحقا لما بيده وإنما أقر للمقر به بنصفها ولا يأخذ أكثر من ذلك إلا أن يقيم البينة على نسبه، فحينئذ يأخذ الجميع لأنه أثبت سبب استحقاقه بالبينة وليس للآخر سبب مثله فلا يزاحمه، وفى الأول سبب استحقاقه بإقرار ذى اليد وهو ما أقر له إلا بالنصف، وصحة إقرار ذى اليد باعتبار كونه وارثا للميت إلى آخر ما قال ) .
والظاهر من كلام الفقهاء أنه على مذهب أبى يوسف لا يجوز الانتفاع بها بغير المنفعة التى حبست من أجلها فقد جاء فى الإسعاف ما نصه (مقبرة قديمة لمحلة لم يبق فيها آثار المقبرة .
هل يباح لأهل المحلة الانتفاع بها قال أبو نصر رحمه اللّه لا يباح قيل له فإن كان فيها حشيش قال يحش منها ويخرج للدواب وهو أيسر من إرسال الدواب فيها) وفى كتاب أحكام الجنائز للشيخ إبراهيم بن يوسف البولوى الموجود بدار الكتب الملكية سنة 197 وسئل هو أيضا (يعنى القاضى الإمام محمود الأوز جندى عن المقبرة فى القرى إذا اندثرت ولم يبق فيها أثر الموتى لا العظم واللحم هل يجوز زراعتها واستغلالها قال لا ولها حكم المقبرة نعم فى الزيعلى صفحة 246 من الجزء الأول ما نصه (ولو بلى الميت وصار ترابا جاز دفن غيره فى قبره وزرعه والبناء عليه ) .
وقد وفق بعضهم على ما جاء فى كتاب أحكام الجنائز المذكور بأن مافى الزيلعى محمود على الأرض المغصوبة أو المملوكة مطلقا لا المقبرة الموقوفة، إذ لا يجوز زرعها ولا البناء عليها .
وبمثل هذا التوفيق والمرحوم الشيخ البحراوى فيما كتبه على الفتاوى الهندية .
فعلم من هذا كله أنه على مذهب أبى يوسف تبقى المقبرة الموقوفة وقفا ولا ينتفع بها بالزرع ولا بالبناء ولا بغيره، ولا ريب أنه يلزم على مذهب أبى يوسف تعطيل هذه الأرض وتركها مهملة إذا لم يرج عود لدفن إليها وكان مذهب محمد أظهر من حيث المصلحة ولذلك مال إليه خير الدين الرملى فيما إذا تعينت المصلحة ومشى عليه الخصاف فى كتابه فى المسجد الذى تخرب واستغنى الناس عنه فقال إنه يعود إلى بانيه صفحة 322 ولو أن أبا يوسف أجاز الانتفاع بهذه الأرض إذا لم يترتب عليه نبش القبور التى يكون بها عظام باستغلالها وصرف غلتها إلى الفقراء كما أجاز الفقهاء على ما فى الخصاف استغلال الخان والرباط والدور الموقوفة بمكة لسكنى الحجاج عند استغناء من وقفت عليهم للسكنى وصرف غلتها لمرمة الموقوف وصرف ما يفضل بعد ذلك للفقراء، أو أجاز إبدال هذه الأرض بأرض أخرى يتيسر الانتفاع بها المنفعة التى عينها الواقف لو أنه أجاز هذا أو ذاك لكان مذهبه أقوى دليلا وملائما تمام الملاءمة لقواعد الدين الإسلامى التى أو ذاك لكان مذهبه أقوى دليلا وملائما تمام الملاءمة لقواعد الدين الإسلامى التى كلها يسرو رحمة، والتى ما شرعت إلا لجلب المصالح أو تكميلها أو درء المفاسد أو تقليلها ولكان مذهبه أقرب إلى غرض الواقف إذ لا يقصد الواقف بقاء ما وقفه مهملا بدون أن ينتفع به أية منفعة أخرى عند تعذر المنفعة التى عينها ألا يرى أن أبا يوسف أجاز إبدال الموقوف للاستغلال، وإن لم يشرط الواقف الإبدال، إذا كان فى الإبدال منفعة ومصلحة للموقوف عليهم، بل لو شرط الواقف ألا يبدل وقفه لم يعتبر شرطه على ما قاله الطرسوسى فى أنفع الوسائل .
وأرى أنه لا يبعد القول بجواز الإبدال فى هذه الحالة على مذهب أبى يوسف قياسا على الموقوف للغلة أو للسكنى لكنى لا أستطيع الجزم بجواز ذلك عنده، إذ لم أجد أحدا من الفقهاء صرح به أو أشار إليه بل ظاهر كلامهم هنا أن مذهبه بقاء الموقوف عند الاستغناء على حاله وعدم جواز إبداله كالمسجد الذى تخرب واستغنى الناس عنه على مذهبه وخلاصة القول أن مذهب أبى يوسف ليس فى الأخذ به مصلحة، إذا لم يجوز أحد الأمرين اللذين قلناهما .
ويكون الأخذ بقول محمد هو الأظهر، وأرى أن يرفع الأمر إلى القاضى الشرعى الذى جعل له فى الأوقاف التصرف فيها بحسب مايراه من المصلحة ليتصرف بما يراه محققا لها .
هذا وحقوق الناظر فى هذه الحالة لا تزيد على ما أسلفناه من المحافظة على العين، فليس له حق إبدالها وإذا جرينا على مذهب أبى يوسف من بقائها وقفا، واحتاج ولى الأمر لبعض هذه الأرض لتوسيع الطريق، أو لغير ذلك لأغراض المنافع العامة فذلك جائز ملم يترتب عليه نبش القبور .
والظاهر لنا أنه لا يدفع عن ذلك عوضا سواء أكانت خاصة أم عامة .
أما إذا كانت عامة فالأمر ظاهر لما نص عليه الفقهاء من أن لولى الأمر أن يوسع الطريق العام من المسجد، والمسجد من الطريق لأن الكل للعامة .
غاية الأمر أنه إذا استغنى عما أخذ رجع إلى ما كان عليه من طريق أو مسجد كما يؤخذ من جامع الفصولين .
وأما إذا كانت خاصة فكذلك لأنه إنما يستعاض عن المأخوذ مما وقف للسكنى أو للاستغلال ليشترى بالعوض عين أخرى ينتفع بها الموقوف عليهم كالانتفاع الذى فات بأخذ العين الموقوفة .
وهنا لم تفت منفعة على من أبيح لهم الدفن فى هذه الأرض لبطلان المنفعة قبل الأخذ والاستغناء عنها بما جعلته الحكومة من الجبانات العامة .
ويؤيد ما قاله فى جامع الفصولين ونصه (جعل شيئا من المسجد طريقا ومن الطريق مسجدا جاز وأرض الوقف لو كان بجنب مسجد يجوز أن يزيدوا بها فى المسجد بإذن القاضى، وكذا من الدور والحانوت، ولو كان ملك رجل وضاق المسجد على أهله تؤخذ أرضه بقيمته كرها) .
فقد نص على أخذ القيمة فى الأرض المملوكة، أما فى أرض الوقف فلم ينص على ذلك .
فهذه المقابلة بين الملك والوقف تفيد أن الوقف يؤخذ بدون قيمة .
نعم هذا ظاهر فى أرض وقف لم تفت بأخذها منفعة على الموقوف عليه كما هنا أما إذا فاتت منفعة كالموقوف للسكنى أو للاستغلال فالظاهر أخذ القيمة كما فى الملك ليشترى بهذه القيمة عين ينتفع بها بدل العين التى أخذت .
وهذا ما نستظهره وإن كنا لم نجد للفقهاء فيه نصا صريحا بعد البحث الدقيق كما أننا نستظهر أن ما يؤخذ من هذه الجبانة يبقى وقفا على حاله، وغاية مافى الأمر أنه ينتفع به العامة إلى أن يستغنوا عنه فيعود إلى جهة الوقف كما كانت .
ومما قلناه يعلم الجواب عن الفقرة الأخيرة تحت أ فلا يجوز نبش القبور وجمع العظام منها ولا إخراج تلك الأرض عما جعلت له فى هذه الحالة .
نعم إذا بليت العظام فلم يبق لها أثر فإنها تعود ملكا على مذهب محمد كما قدمنا .
وإذن تكون للواقف أو لورثته له ورثة وإلا فتصرف مصرف اللقطة كما قدمنا .
هذا ماظهر لنا . ومما قلناه يظهر الجواب عن جميع ما سئلنا عنه واللّه أعلم(6/1)
يجوز اتخاذ التابوت للنساء مطلقا وللرجال عند الضرورة
F عبد المجيد سليم .
ربيع أول 1355 هجرية - 23 مايو 1936 م
Mيجوز اتخاذ التابوت للنساء عند الدفن تحرزا عن مسها، ويكره اتخاذه للرجل إلا إذا كانت الأرض رخوة أو ندية
Q امرأة تريد بعد وفاتها أن توضع فى صندوق وتدفن فيه فهل هذا يجوز شرعا أم لا
An نص الفقهاء على كراهة اتخاذ التابوت أى الصندوق للميت إلا إذا كانت الأرض رخوة أو ندية يسرع فيها بلى الميت فلا بأس باتخاذه حينئذ، ويكون من رأس المال .
وينبغى (أى يسن) أن يفرش فيه التراب وتطين الطبقة العليا مما يلى الميت ويجعل اللبن الخفيف على يمينه ويساره ليصير بمنزلة اللحد، وهذا التفصيل فيما إذا كان الميت رجلا .
قال ابن عابدين فى رد المحتار ما نصه مفهومه أنه لا بأس به - أى باتخاذ التابوت للمرأة مطلقا، وبه صرح فى شرح المنية فقال وفى المحيط استحسن مشايخنا التابوت للنساء يعنى ولو لم تكن الأرض رخوة فإنه أقرب إلى الستر والتحرز عن مسها عند الوضع فى القبر .
وبهذا علم أنه على ما جاء فى المحيط من استحسان المشايخ لاتخاذ التابوت للنساء مطلقا يجوز ما تريده المرأة المذكورة بالسؤال .
هذا ما ظهر لنا واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/2)
تلقين الميت
F عبد المجيد سليم .
جمادى الثانية 1355 هجرية - 16 سبتمبر 1936 م
M 1 - لا مانع من تلقين الميت عقب .
ولا تشترط شروط فيمن يلقنه غير أنه ينبغى أن يكون ممن يحسن صيغته، وهذا بالنسبة للكبير أما الصبى فلا يلقن لعدم التكليف .
2 - تلقين الميت مستحب عند الشافعية والحنابلة .
ومكروه عند الإمام مالك رضى اللّه عنه
Q جاء من محافظة مصر الكتاب الآتى نحيط فضيلتكم علما أن لائحة جبانات المسلمين بمدينة القاهرة المصدق عليها من وزارة الداخلية فى 4 مارس سنة 1936 نصت بما يأتى (يشترط فيمن يقوم بتلقين الموتى أن يكون حاصلا على إجازة به من لجنة الجبانات إلا إذا كان حائزا لشهادة العالمية أو الأهلية أو الثانوية من أحد المعاهد الدينية) ورأت اللجنة قبل النظر فى تنفيذ ما تقضى به هذه المادة إحالة نظر موضوع التلقين والملقنين على دار الإفتاء لتفتى بما تراه فى هذه الموضوع من الوجهة الشرعية .
فنرجو التكرم بالنظر والإفادة بما يرى
An اطلعنا على كتاب المحافظة رقم 358 المؤرخ 18 يوليو سنة 1936 المطلوب به أن ننظر موضوع التلقين والملقنين لنفتى بما نراه فيه من الوجهة الشرعية .
ونفيد بأن موضوع الاستفتاء هو التلقين عقب الدفن - وقد أفادت دار الإفتاء محافظة مصر بتاريخ 26 - 11 - 1922 بما قاله علماء الحنفية فى هذا الموضوع، وذلك فى عهد حضرة صاحب الفضيلة المفتى السابق الشيخ عبد الرحمن قراعة، وقد جنح فضيلته إلى عدم المنع من هذا التلقين - تراجع فتواه المذكورة .
ونحن نوافق على ما جنح إليه .
وذهب جماعات من الشافعية إلى استحباب هذا التلقين . فقد جاء فى المجموع للإمام النووى صفحة 303 من الجزء الخامس ما نصه الرابعة قال جماعات من أصحابنا (يعنى الشافعية) يستحب تلقين الميت عقب دفنه ، فيجلس عند رأسه إنسان ويقول يافلان ابن فلان ويا عبد اللّه ابن أمة اللّه اذكر العهد الذى خرجت عليه من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث حق وأن الساعة آتية لاريب فيها وأن اللّه يبعث من فى القبور، وأنك رضيت باللّه ربا وبالإسلام دينا .
وبمحمد صلى اللّه عليه وسلم نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا إلى أن قال ما نصه وسئل الشيخ عمرو ابن الصلاح رحمه اللّه .
عنه فقال التلقين هو الذى نختاره ونعمل به، قال روينا فيه حديثا من حديث أبى أمامة ليس إسناده بالقائم لكن اعتضد بشواهد وبعمل أهل الشام قديما .
هذا كلام أبى عمرو قلت حديث أبى أمامة رواه أبو القاسم الطبرانى فى معجمه بإسناد ضعيف ثم ذكره النووى وقال بعد ذلك قلت، وهذا الحديث وإن كان ضعيفا فيستأنس به .
وقد اتفق علماء المحدثين وغيرهم على المسامحة فى أحاديث الفضائل والترغيب والترهيب وقد اعتضد بشواهد من الأحاديث كحديث واسألوا له التثبيت، ووصية عمرو بن العاص وهما صحيحان سبق بيانهما قريبا ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا فى زمن من يقتدى به وإلى الآن، وهذا التلقين إنما هو فى حق المكلف الميت .
أما الصبى فلا يلقن واللّه أعلم انتهت عبارة المجموع ملخصة وقد جاء فى الجزء الخامس من كتاب فتح التبريز شرح الوجيز للأمام الرافعى من الشافعية صفحة 242 ما نصه ويستحب أن يلقن الميت بعد الدفن، فيقال يا عبد اللّه ابن أمة اللّه إلخ وقد استحبه أيضا بعض الحنابلة، كما يتبين هذا من المغنى والشرح الكبير من كتب الحنابلة .
أما مذهب الإمام مالك .
فقد جاء فى شرح الرسالة لأبى الحسن ما نصه وكذا يكره عنده - أى عند مالك - تلقينه بعد وضعه فى قبره - ومما ذكرنا يعلم حكم التلقين عقب الدفن على المذاهب الأربعة .
هذا ولم نجد فى كتب الحنفية ولا فى غيرها اشتراط شىء فيمن يلقن الميت بعد الدفن - لكن الذى يظهر لنا أنه ينبغى أن يكون الملقن ممن يحسن صيغة التلقين ربما ذكرنا علم الجواب عما هو مطلوب الإجابه عنه .
وكتاب المحافظة مرافق لهذا(6/3)
حكم مصاريف التحنيط والنقل
F عبد المجيد سليم .
محرم 1357 هجرية - 27 مارس 1938 م
Mلا يلزم تركة المتوفى شىء من مصاريف تحنيطه ونقله
Q توفى شخص عن غير عقب عن ورثته وهم زوجته وأمه وأخوه شقيقه وأخته لأمه فى مركب تجارية، وأنزلت جثته فى ميناء تابعة لدولة غير إسلامية ولكن فيما مسلمين ومقابر للمسلمين .
فهل هناك وجه شرعى لضرورة تحنيط الجثة واستحضارها لدفنها هنا على غير إرادة أخته لأمه وفى حالة التحنيط والإرسال على غير إرادة أخته لأمه هل يلزمها ما يوازى نصيبها فى مصاريف التحنيط والإرسال بقدر نصيبها فى التركة
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أن نصوص الفقهاء تقضى بأنه لا يلزم تركة المتوفى شىء من مصاريف تحنيطه ونقله .
وعلى ذلك فلا يلزم أخت المتوفى لأمه شىء من هذه المصاريف فى نصيبها من التركة وهذا إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال واللّه أعلم(6/4)
عدم جواز دفن موتى بهائيين فى مقابر مسلمين لأنهم مرتدون
F عبد المجيد سليم .
محرم 1358 هجرية - 11 مارس 1939 م
M 1 - البهائيون بمعتقداتهم ليسوا بمسلمين .
ومن كان منهم فى الأصل مسلما أصبح باعتقاده لمزاعمهم مرتدا وتجرى عليه أحكام المرتد .
2 - لا يجوز شرعا دفن موتاهم فى مقابر المسلمين
Q كتبت وزارة العدل ما نصه أرسلت إلينا وزارة الداخلية مع كتابها رقم 59-539 المرسلة صورته مع هذا كراسة تشتمل على قانون الأحوال الشخصية لجماعة البهائيين، وصورة من كتابها رقم 32 إدارة السابق ارساله منها لهذه الوزارة بتاريخ 30 يونية سنة 1931 طالبة فتوى فضيلتكم بشأن التماس هذه الجماعة تخصيص قطع من الأراضي لدفن موتاهم بها بمصر والاسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية فترسل الأوراق رجاء التفضل بموافاتنا بالفتوى اللازمة لهذا الموضوع لنبعث بها إلى وزارة الداخلية
An اطلعنا على كتاب سعادتكم رقم 647 المؤرخ 21 فبراير سنة 1939 وعلى الأوراق المرافقة له التى منها كتاب وزارة الداخلية رقم 59-539 المؤرخ 24 يناير سنة 1939 المتضمن طلب الإجابة عما إذا كان يجوز شرعا دفن موتى البهائيين فى جبانات المسلمين أم لا .
ونفيد أن هذه الطائفة ليست من المسلمين - كما يعلم هذا من عرف معتقداتهم، ويكفى فى ذلك الاطلاع على ماسموه قانون الأحوال الشخصية على مقتضى الشريعة البهائية المرافق للأوراق .
ومن كان منهم فى الأصل مسلما أصبح باعتقاده لمزاعم هذه الطائفة مرتدا عن دين الإسلام وخارجا عنه، تجرى عليه أحكام المرتد المقررة فى الدين الإسلامى القويم .
وإذا كانت هذه الطائفة ليست من المسلمين لا يجوز شرعا دفن موتاهم فى مقابر المسلمين سواء منهم من كان فى الأصل مسلما ومن لم يكن كذلك يراجع صفحة 196 وما بعدها من الجزء العاشر من كتاب المبسوط السرخسى وبما ذكرنا علم الجواب عما طلب الإجابة عنه(6/5)
ذات المقبرة وقف وما عليها من مبان ملك
F عبد المجيد سليم .
رجب 1363 هجرية - 6 يوليو 1944 م
Mالمبادئ: 1 - مبانى حوائط الحوش وما بها من أخشاب وجميع مبانى وأخشاب الحجرات التى تبنى فى الحوش للجلوس ملك لا وقف، وتكون تركة عن بانيها بعد وفاته وكذلك التركيبة .
2 - المبانى التى فى جوف الأرض الخاصة بالقبر نفسه تعتبر وقفا ظاهرا لدلالة بنائها عرفا على وقفها، وإن لم يوجد لفظ يدل على وقفها كالمسجد إذا بناه صاحبه فإنه يصير وقفا بالبناء وإن لم يتلفظ بوقفه .
3 - ما دفع تعويضا للمبانى المعتبرة وقفا تبنى به قبور أخرى، أما ما دفع تعويضا للملك فإنه يكون تركة
Q من عباس حسين قال المرحوم عثمان باشا - وكان مديرا لأسيوط أقام مدفنا بجبانة باب النصر استدعت أعمال المنفعة العامة إدخال أرض هذا المدفن للتخلية حول سور مصر القديم وقدر التعويض عن مبانيه بمبلغ 172 جنيها تقريبا، فما هو الحكم الشرعى فى هذا المبلغ هل يبنى به مدفنا بدل المنتزع ملكيته لنقل الرفات به ولدفن من يموتون من الورثة، وما هو الحكم الشرعى إذا رفض أحد الورثة الاشتراك فى عمل مدفن جديد، فهل يعتبر هذا المبلغ كأنه جزء من التركة يصح توزيعه على الورثة الشرعيين، وفى هذه الحالة أين تنقل الرفات
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أن مبانى حيطان الحوش والأخشاب التى فيها وجميع مبانى وأخشاب الحجر التى تبنى فى الحوش للجلوس ملك ولا وقف فتعتبر تركة عن بانيها بعد وفاته وتقسم قسمة تركته، وكذلك التركيبة التى يستعملها أهل مصر فوق القبور تعتبر تركة كذلك .
أما المبانى التى فى جوف الأرض الخاصة بالقبور نفسها فالظاهر أنها تعتبر وقفا لدلالة بنائها عرفا على وقفها عرفا وإن لم يوجد لفظ يدل على وقفها كالمسجد إذا بناه صاحبه فإنه يصير وقفا بالبناء وإن لم يتلفظ بوقفه، هذا وما دفع تعويضا للمبانى التى اعتبرت وقفا يبنى به قبور أخرى، أما دفع ثمنا لما قلنا أنه ملك وتركة فيوزع على الورثة على حسب أنصبتهم الشرعية فى تركة البانى المالك لها .
وبهذا علم الجواب عن السؤال واللّه أعلم(6/6)
جواز نقل الميت من بلد غير اسلامى إلى بلد اسلامى
F حسنين محمد مخلوف .
22 جمادى آخر 1367 هجرية - 1 مايو 1948 م
Mيجوز إخراج الميت من قبره بعد دفنه لعذر شرعى .
كما إذا كان مدفونا فى أرض مغصوبة ولم يرض مالكها بدفنه فيها .
كما يجوز نقل الميت لمصلحة تتعلق بالحى كتطيب نفسه .
أو بالحى والميت كجريان الماء على القبر .
وبالأولى يرخص فى النقل إذا دفن فى بلد غير إسلامى بين قوم غير مسلمين إلى مقابر فى بلد إسلامى
Q من صاحب السعادة أحمد باشا قال تعلمون فضيلتكم أن امراء الدولة العثمانية هاجروا بعد الانقلاب الأخير فى تركيا، ونزح كل منهم إلى جهة، والسلطان عبد المجيد الثانى آخر خلفاء الدولة العثمانية هو وزوجته السلطانة شاه سوار أقاموا فى الأراضى الفرنسية وتوفوا إلى رحمة اللّه هناك، وحيث إننا تحصلنا على أمر كريم من الحكومة المصرية الموقرة بدفن جثمان الخليفة فى الأراضى المصرية حيث إن جثمانه محنط ولم يدفن للآن تراءى لنا أن تنقل جثمان زوجته السلطانة المغفور لها شاه سوار بعد استخراجها من التراب الذى دفنت فيه .
وحيث إنها كانت على مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان رضى اللّه عنه .
فنرجو التكرم بصدور فتوى شرعية عن جواز نقلها لدفنها معه بجواره فى الأراضى المصرية
An إن الحنفية قد نصوا على أن إخراج الميت من قبره بعد دفنه يجوز لعذر شرعى وهو رعاية حق آدمى، مثل ما إذا دفن فى أرض مغصوبة ولم يرض مالكها بدفنه فيها .
وأجازوا نقله إذا تطرقت إلى القبر رطوبة أو مياه كما فى الفتاوى الهندية آخر كتاب الوقف، وفى حديث جابر الذى أخرجه البخارى فى باب الجنائز دليل على جواز نقل الميت لمصلحة تتعلق بالحى كتطيب نفسه، أو بالحى والميت كجريان الماء على القبر وإذا كان مثل هذه الأعذار قد رخص فيها بنقل الميت من قبره، فبالأولى يرخص فى نقله إذا دفن حين الموت فى بلد غير إسلامى بين قوم غير مسلمين إلى مقابر المسلمين فى بلد إسلامى لما فى ذلك من المصلحة له وللأحياء .
ومن هذا يعلم جواز نقل المغفور لها السلطانة شاه سوار من مقابر فرنسا إلى المقابر الإسلامية بمصر .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/7)
ضم عظام الموتى فى المقبرة عند ملئها
F أحمد هريدى .
التاريخ 6 ديسمبر سنة 1967 م
M 1 - لا يجوز نبش الموتى بعد دفنهم واهالة التراب عليهم طالت المدة أو قصرت إلا لعذر .
2 - لا يجوز حفر القبر لدفن آخر إلا أن بلى الأول أو وجد بد من دفن هذا الآخر .
3 - يجوز عند الضرورة ضم عظام موتى كل مقبرة فى ناحية منها لاستعمالها فى دفن الموتى الآخرين ويجعل بين الأولين ومن سيوجدون حاجز من التراب
Q من السيد / عيد ح .
بالقاهرة بطلبه المقيد برقم 663 لسنة 1967 المتضمن أنه يملك مقبرة مكونة من عينين أحداهما لدفن الرجال والأخرى لدفن السيدات وأنهما قد امتلأتا بجثث الموتى ولم يبق فيهما مكان لدفن آخرين .
وطلب الافادة عما اذا كان يجوز شرعا أن يحفر حفرة كبيرة فى كل عين ويوارى التراب على العظام ويعود لاستعمال كل عين من جديد أو لا يجوز ذلك
An المنصوص عليه شرعا أنه لا يجوز نبش الموتى بعد دفنهم واهالة التراب عليهم لمدة طويلة ولا قصيرة إلا لعذر .
ولا يحفر فبر لدفن آخر إلا أن بلى الأول فلم يبق له عظم الا أن يوجد بد .
فيضم عظام الأول ويجعل بينهما حاجز من التراب .
وعلى ذلك يجوز للسائل أن يضم عظام موتى كل مقبرة فى ناحية منها ويعود لاستعمالها فى دفن الموتى الآخرين .
وذلك بشرط أن يجعل بين الأولين ومن سيوجدون حاجزا من التراب بشرط وجود ضرورة لذلك كما سبق بيانه والله سبحانه وتعالى أعلم(6/8)
البناء على القبر والجلوس عليه
F عبد اللطيف حمزة .
صفر سنة 1403 هجرية - 23 نوفمبر سنة 1982 م
Mالبناء على القبر والقعود والمشى عليه منهى عنه شرعا
Q من الأستاذ / شاهين ع .
رئيس الادارة المركزية للشئون المالية بوزارة العدل بطلبه المقيد برقم 242 لسنة 1982 م المتضمن أن جده أقام مسجدا بمدينة منوف وأقام بجواره مقبرة أوصى بأن يدفن فيها هو وزوجته وأولاده قد تم تنفيذ وصيته حيث توفى هو وزوجته وأولاده الذكور الثلاثة .
وقد رأى أهل الخير - أن تسغتل هذه المقبرة - والتى تقع فى وسط المدينة - فى اقامة مدرسة لتحفيظ القرآن - ويريد استطلاع الرأى فى الآتى 1 - هل يجوز شرعا استخدام الحيز المكانى للمقبرة وتحويله إلى مدرسة لتحفيظ القرآن .
2 - هل يجوز أن توضع صبة من الخرسانة فوق المقبرة بعد ازالة الشاهد المقام فوقها وتبليطها والجلوس بعد ذلك فوق المقبرة من الراغبين فى حفظ القرآن وتلاوته .
3 - هل هناك رأى آخر أكثر صلاحية من الناحية الشرعية فى هذا الخصوص
An لقد وردت أحاديث كثيرة متواترة تمنع البناء على القبر والقعود والمشى عليه والصلاة اليه وعليه فقد روى أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى ان يبنى على القبور أو يقعد عليها أو يصلى عليها .
وروى ابن ماجه النهى عن البناء عليها فقط ( ص 61 ج - 3 ) مجمع الزوائد وص 244 ج - 1 ابن ماجه ) .
كما روى أبو هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه حتى تخلص الى جلده خير له من ان يجلس على قبر ) أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجه - وقد ورد عن عقبة بن عامر رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه سلم قال ( لأن أمشى على جمرة أو سيف أو أخصف نعلى برجلى أحب فى من أن أمشى على قبل مسلم ) .
من هذه الأحاديث غيرها يتبين النهى عن البناء على القبول - سواء كان هذا البناء متعلقا بالميت كالقبة أو بالحى كحجرة أو مدرسة أو خباء أو مسجد أو بيوت للاستراحة فيها عند الزيارة وغيرها .
أو ما كان على نفس القبر ليرتفع من أن يوطأ كما يفعله كثير من الناس - وقد حمله الأئمة على الكراهة اذا لم يقصد به الزينة والتفاخر والا كان حراما .
( الفتح الربانى مسند الامام أحمد ج - 8 ص 84 ) وعلى ذلك - وطبقا لما ذكر لا يجوز للسائل أن يحول مكان المقبرة إلى مدرسة لتحفيظ القرآن أو أن يبنى فوقها مكانا ليجلس عليه من يرغب فى حفظ القرآن وتلاوته .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال والله أعلم(6/9)
صلاة الجنازة وأين يقف المصلى من جثمان الميت
F عبد اللطيف حمزة .
جمادى الآخرة سنة 1403 هجرية - 10 ابريل سنة 1983 م
M 1 - لصلاة الجنازة فضل عظيم وثواب جزيل للمصلين وللمصلى عليه .
2 - يقوم المصلى بحذاء صدر الميت أماما كان أو منفردا ذكرا كان الميت أو أنثى
Q من السيد / ابراهيم بطلبه المقيد برقم 57 لسنة 1983 م المتضمن سؤاله عن صفة صلاة الجنازة وأين يقف المصلى من جثمان الميت وهل هناك فرق بين ما اذا كان الميت ذكرا أو انثى
An ان لصلاة الجنازة فضلا عظيما وثوابا جزيلا للمصلين وللمصلى عليه فقد ورد فى فضلها ( عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أحاديث كثيرة منها ما روى عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال من أتبع جنازة مسلم ايمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فانه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فانه يرجع بقيراط .
أخرجه البخارى والنسائى ( انظر ص 80 ج 1 فتح البارى ) - والحديث كناية عن الأجر العظيم الذى يحصل للمصلى على الجنازة أما ما يحصل للميت فقد جاء فى حديث مرشد بن عبد الله الزينى عن مالك بن هبيرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( ما من مؤمن يموت فيصلى عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب ) أى أوجب اصطفافهم المغفرة أو الجنة للميت .
وفى رواية أحمد الا غفر له .
أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقى والحاكم وصححه الترمذى وحسنه ( انظر ص 201 ج 7 الفتح الربانى ) أما عن صفة صلاة الجنازة وموقف المصلى منها فقد قال الحنفية صفة صلاة الجنازة أن يقوم المصلى بحذاء صدر الميت ثم ينوى أداء فريضة صلاة الجنازة عبادة لله تعالى إلخ وهو المشهود فى مذهب الحنفية فالسنة عندهم وقوف المصلى أمام كان أو منفردا حذائى صدر الميت ذكرا كان أو أنثى وذلك لقول سمرة بن جندب صليت وراء النبى صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت فى نفاسها فقام عليها للصلاة وسطها .
أخرجه السبعة والبيهقى ( انظر ص 312 ج 1 بدائع الصنائع ) ( ووجهه ) أن الصدر هو وسط البدن لأن الرجلين والرأس من الأطراف والبدن من العجيزة إلى الرقبة فكان وسطه الصدر والقيام بحذاء الوسط أولى ليستوى الجانبان فى الحظ من الصلاة ولأن القلب معدن العلم والحكمة فالوقف بحياله أولى وهذا هو ما نميل اليه لظهوره وقوة أدلته - ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم - والله الموفق والهادى سواء السبيل، والله سبحانه وتعالى أعلم(6/10)
زيارة القبور وبناؤها بالطوب الأحمر والمسلح
F عبد اللطيف حمزة .
ربيع الآخرة سنة 1405 هجرية - 12 يناير 1985 م
M 1 - زيارة القبور مندوبة للرجال والنساء للعظة والاعتبار بشرط أمن الفتنة عند خروج النساء وعدم اشتمال زيارتهن على ما حرم الله .
2 - الموتى ينتفعون بالدعاء والاستغفار لهم من الزائرين ويأتنسون بهم .
3 - أحياء ذكرى الموتى لا سند لها فى الشريعة ولا هى من عمل الصحابة ولا من المأثور عن التابعين .
4 - لا حرمة فى بناء القبور بالطوب الأحمر والمسلح لأنه أكثر صيانة للميت
Q من السيد / عيد بطلبه المقيد برقم 229 لسنة 1984 م المتضمن استفساره عما يأتى : 1 - ما رأى الدين فى زيارة الموتى وهل صحيح أن الميت يشعر بوجود زائريه ويعرفهم .
2 - ما رأى الدين فيمن توفى وأوصى بعدم اقامة سرادق له وبعدم قراءة القرآن والسبوع الخمسة عشر يوما والأربعين .
3 - ما رأى الدين فى بناء المقابر بالطوب الأحمر والدبش والمسلح
An أما عن زيارة القبور فهى مندوبة للرجال والنساء للعظة والاعتبار بجلال الموت وحال من كانوا أحياء ثم صاروا ترابا فترق القلوب وتتدارك النفوس ما فاتها من الخير - فضلا عن أن الموتى ينتفعون بالدعاء والاستغفار لهم والسلام والترحم عليهم من الزائرين ويأتنسون بهم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكركم الآخرة ) رواه مسلم والترمذى .
والخطبا للرجال ويشمل النساء لأنهن اشد حاجة إلى العظة والاعتبار هذا بشرط أمن الفتنة من خروجهن وعدم اشتمال زيارتهن على ما حرم الله وكان صلى الله عليه وسلم يزور أهل البقيع مرارا ويسم عليهم ويدعو لهم .
وقال ابن القيم ان الأحاديث والآثار تدل على أن الزائر متى جاء علم به المزور من الأموات وسمع سلامه ورد عليه وأنس به ويشهد لذلك ما جاء فى الصحيحين عن أبى طلحة قال لما كان يوم بدر وظهر الرسول على مشركى قريش أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ببضعه وعشرين من صناديدهم فألقوا فى القليب ونادى الرسول على بعضهم باسمائهم ( أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا فانى وجدت ما وعد ربى حقا ) فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( والذى نفسى بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ) وأخرج ابن عبد البر بأسناد صحيح عن ابن عباس مرفوعا .
( ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه ) .
يتضح مما سبق أن الموتى يسمعون ويجيبون فى قبورهم ويعرفون من كانوا يعرفونه فى الدنيا اذا زارهم .
أما من توفى وأوصى بعدم اقامة سرادق له واحياء ذكراه فى الخمسين والأربعين وذبح ذبيحة خاصة بالميت الخ - فنفيد بأن كل هذه الأمور لا سند لشئ منها فى الشريعة الغراء ولا هى من عمل الصحابة ولا من المأثور عن التابعين وانما هى أمور مستحدثة ومبتدعة وفيها من المضار ما يوجب النهى عنها وفيها اضاعة للمال فى غير وجوهه المشروعة، وقد يكون أهل الميت أحوج اليها فضلا عن أن فى احياء الذكرى ( الخمسين والأربعين والذكرى السنوية ) تكرارا للعزاء وتجديدا للأحزان وهو غير مشروع .
لأن التعزية مرة واحدة كما ورد فضلا عن أن هذه الأمور المبتدعة لا ينال الميت منها رحمة أو مثوبة اللهم الا قراءة القرآن من مقرئ مخلص يتقى الله ولايغالى فى أجر قراءته ويهب ثواب القراءة لروح الميت والتصدق على روح الميت فان ذلك ينفعه باذن الله .
أما ما يفعل بقصد السمعة والتفاخر فليس من الإسلام فى شئ .
ونرى وجوب تنفيذ وصية الميت لأنها إيصاء بتنيذ شرع الله .
أما عن بناء المقابر بالطوب الأحمر والدبش والمسلح فاننا نرى أنه لا حرمة فى ذلك لأنه أكثر صيانة للميت من عبث العابثين أو من نبش سبع ونحوه بشرط عدم الاسراف والمغالاة فى بناء القبور والمتفاخر والمباهاة لأنها ليست سبيلا لذلك وكفى بالموت واعظا .
هذا وبالله التوفيق . والله سبحانه وتعالى أعلم(6/11)
دفن الموتى فى ساحات ملاصقة للدور للتبرك بهم
F عبد اللطيف حمزة .
جمادى الأولى 1405 هجرية - 27 يناير 1985 م
M 1 - الدفن فى اللحد أفضل من الشق إلا أن تكون الأرض رخوة .
2 - يكره دفن الميت ولو صغيرا فى المنزل لأن هذا خاص بالأنبياء والأفضل دفن الأموات فى المقابر المعدة لذلك
Q من السيد / سيد بطلبه المقيد برقم 261 لسنة 1984 م المتضمن بيان الحكم الشرعى فيمن يدفنون موتاهم فى ساحتهم الملاصقة لدورهم التى يسكنون فيها من جميع النواحى ليتبارك الناس بموتاهم
An قال تعالى { قتل الإنسان ما أكفره .
من أى شىء خلقه . من نطفة خلقه فقدره .
ثم السبيل يسره . ثم أماته فأقبره } عبس 17 - 21 ، من مفهوم هذه الآيات الكريمة يتبين أن أقبر الانسان أى دفنه فى القبر من تكريم الله له ومن نعم الله عليه ، وأقل القبر حفرة توارى الميت وتمنع بعد ردمها ظهور رائحة منه تؤذى الأحياء ولا يتمكن من نبشها سبع ونحوه وأكمل القبر اللحد وهو حفرة فى جانب القبر جهة القبلة يوضع فيها الميت وتجعل كالبيت المسقف ينصب اللبن عليه ( البن هو الطوب النئ ) والدفن فى اللحد مستحب بالاجماع لقول عائشة رضى الله علينها ( لما مات النبى صلى الله عليه وسلم اختلفوا فى اللحد والق حتى تكلموا فى ذلك وارتفعت أصواتهم فقال عمر لا تصخبوا عند النبى صلى الله عليه وسلم حيا ولا ميتا فأرسلوا إلى الشقاق واللاحق جميعا فجاء اللاحد فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دفن ) أخرجه ابن ماجه بسند صحيح ورجاله ثقات وأحاديث أخرى دلت على أن الدفن فى اللحد أفضل من الشق إلا أن تكون الأرض رخوة لينة يخاف منها انهيار اللحد فيصار إلى الشق وهو حفرة مستطيلة فى وسط القبر وتبنى جوانبها باللبن أو غيره يوضع فيها الميت ويسقف عليه باللبن والخشب أو غيرهما ويرفع السقف قليلا بحيث لا يمس الميت، أما اذا كانت الأرض صلبة فالدفن فى الشق مكروه ويكره عند الحنفيين دفن الميت ولو صغيرا فى المنزل لأن هذا خاص بالأنبياء والدفن فى المقبرة المعدة للدفن أفضل لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يدفن الموتى بالبقيع وهو مكان مخصص لدفن الموتى وورد أن النبى صلى الله عليه وسلم دفن أصحابه فى المقبرة فكان الاقتداء بفعله أولى، أما الدفن فى المنزل أو الدار فهذا خاص بالأنبياء لقول أبى بكر من حديث ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ما قبض نبى الا دفن حيث يقبض ) وقد وافق على كرم الله وجهه الصديق على ذلك وقال أنا سمعته أيضا .
وعلى ذلك نرى أن الأفضل والأولى على ذلك وقال أنا سمعته أيضا .
وعلى ذلك نرى ان الأفضل والأولى دفن الأموات فى المقابر المعدة لذلك وفى المكان المخصص للمقابر اقتداء بفعل النبى صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه وتعالى أعلم(6/12)
أحياء ذكرى الميت وزيارة القبور ومدة الحداد
F محمد مجاهد .
ربيع الأول 1406 هجرية - 2 ديسمبر 1985 م
M 1 - الأخمسة وذكرى الأربعين والذكرى السنوية للميت أمور غير مشروعة وفيها تجديد للحزن وضياع للمال ولا ينال الميت منها مثوبة أو رحمة .
2 - التعزية مرة واحدة وتكون عند التشييع أو عند المقابلة الأولى لمن لم يحضره .
3 - ينتفع الميت بما كان سببا فيه من أعمال البر فى حياته كما ينتفع بأعمال غيره اذا دعا واستغفر له وصديق عليه .
4 - زيارة القبور مستحبة للعظة والاعتبار ومحرمة على النساء اذا لم يؤمن منها الفتنة أو اشتملت على محرم .
5 - الاحداد يكون بترك الزينة ولمدة ثلاثة أيام على من مات من الأقارب وأن كان الميت زوجا حد عليه من زوجته أربعة أشهر وعشرة أيام
Q من السيد / عبد المنعم بطلبه المقيد برقم 230 لسنة 1985 م المتضمن استفساره عن الحكم الشرعى فيما يقوم به أهل الميت من عمل أخمسة - وذكرى الأربعين - والذكرى السنوية وزيارة القبور فى أول رجب ونصف شعبان والأعياد والمواسم وغير ذلك وتوزيع المأكولات واستئجار مقرئين على القبور ولبس ملابس الحداد لفترات طويلة .
وما هى الطريقة الشرعية التى تتبع حيال الميت لينال الثواب وما هى مدة الحداد لأفراد أسرة الميت
An ان الناس قد اعتادوا أمور كثيرة فى المآتم وغيرها .
ولم يعتمدوا فى أكثرها إلا على مجرد الاستحسان الشخصى أو الطائفى - وأخذت هذه العادات تنتقل من جيل إلى جيل حتى عمت وصارت تقاليد يأخذها حاضر الناس عن ماضهيم ناظرين اليها الى أنها سنة الآباء والأجداد ولم يجدوا من ينكر المنكر منها عليهم ولعلها وجدت من يبيحها أو يستحسنها ويقويها - ففعلها واعتادها غير المتفقين وسايرهم فيها المتفقهون واحتملوا اثمها واثم من ابتكرها وفعلها إلى يوم الدين .
وجاء الإسلام وللناس عادات بعضها حسن طيب مفيد فأقرها وبضها سئ خبيث ضار فأنكرها وحاربها وألغاها وهذا هو شأن الإسلام فى كل ما جد ويجد فى ظله من عادات .
الحسن يقره ويسميه . ( سنة حسنة ) وجعل لمن سنها أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة والسئ يدفعه وينكره ويسميه ( سنة سيئة ) وجعل على من سنها وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة .
وان ما يقوم به أهل الميت من خميس صغير وكبير وذكرى الأربعين والذكرى السنوية للمتوفى والخروج للمقابر فى المواسم والأعياد كل ذلك من البدع المذمومة التى لا أصل لها ولا سند لها فى الشرع الإسلامى لا فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فى عهد الصحابة رضوان اله عليهم ولم يؤثر عن التابعين وهذه أمور مستحدثة منذ عهد قريب وفيها من المضار ما يوجب النهى عنها .
من ضياع للأموال فى غير وجهها المشروع وربما كان أهل الميت فى حاجة ماسة اليه وفيه مع ذلك تجديد للأحزان وتكرار للعزاء وهو أمر غير مشروع لحديث ( التعزية مرة ) وتكون عند التشييع أو عند المقابلة الأولى لمن لم يحضر التشييع .
لهذا نهيب بالمسلمين أن يقلعوا عن هذه العادات الذميمة التى لا ينال الميت منها رحمة أو مثوبة ولا ينال الحى منها سوى المضرة فليس لذلك أساس فى الدين ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) أما ما ينبغى عمله لأجل الميت فمن المتفق عليه ان الميت ينتفع بما كان سببا فيه من أعمال البر فى حياته .
قال صلى الله عليه وسلم ( اذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) وكذلك يلحقه ثواب مصحف ورثه أو مسجد بناه، أو بيت بناه لابن السبيل أو صدقة أخرجها من ماله فى صحته .
وكذا ينتفع بأعمال غيره اذا دعا له واستغفر - والصدقة عليه كمساعدة المحتاج واطعام الجوعان وارواء الظمآن لكل ذلك ثواب يصل إلى الميت لمدة ثلاثة أيام بلياليها من الوفاة على من مات من الأقارب ويحرم بعد ذلك .
ما لم يكن الميت زوجا فان امرأته تحد عليه أربعة أشهر وعشرة أيام وجوبا لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها فانها تحد أربعة أشهر وعشرا ) .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/13)
صلاة الجنازة
F محمد مجاهد .
رجب 1406 هجرية - 19 مارس 1986 م
M 1 - صلاة الجنازة فرض كفاية اذا قام به البعض سقط عن الباقين .
وأن لم يقم به أحد أثم الجميع . 2 - من لم يصل عليه قبل دفنه صلى عليه فى قبره
Q من السيد / محمود منصور بطلبه المقيد برقم 276 لسنة 1980 والمتضمن أن المسلمين فى بلدتهم يدفنون موتاهم دون أن يصلوا عليهم صلاة الجنازة بحجة استعجال أهل الميت والحانوتى - وبعد يومين أو ثلاثة يكلفون أيا منهم ليصلى على القبر .
فما حكم ذلك شرعا
An من المتفق عليه أن صلاة الجنازة فرض كفاية اذا قام به البعض سقط عن الباقين - وان لم يوجد سوى مسلم واحد تعينت عليه وأصبحت فرض عين يأثم بتركه - وان لم يقم بها أحد من المسلمين أثموا جميعا .
والمطلوب فى صلاة الجنازة النية وأربع تكبيرات ، والقيام فيها من أولها التى آخرها مع استقبال القبلة، والطهارة، وستر العورة والدعاء للميت بالرحمة والمغفرة وختمها بالسلام وهى من قبيل الدعاء للميت أمر الله بها نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم فقال تعالى { وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم } أى راحة وطمأنينة ورحمة وقال صلى الله عليه وسلم عندما مر بالبقيع فرأى قبرا جديدا فسأل عنه فقيل .
فلانة ، فعرفها فقال ألا آذنتمونى بها ( أى أخبرتمونى بموتها ) قالوا كنت قائلا من القيلولة وهى النوم ظهرا صائما فكر هنا أن نؤذيك .
فقال صلى الله عليه وسلم ( لا تفعلوا لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتمونى به فان صلاتى عليه رحمة .
ثم أتى القبر وصف المسلمين خلفه وكبر عليه أربعا ) رواه أحمد والنسائى والبيهقى وابن حيان وصححاه عن زيد بن ثابت .
وقال صلى الله عليه سلم ( اذا صليتم على الميت فاخلصوا له الدعاء ) .
ويسن أن يصلى على الميت جماعة ثلاث صفوف لقوله صلى الله عليه وسلم ( ما من مؤمن يموت فيصلى عليه ثلاثة صفوف الا أوجب ) أى أوجب اصطفافهم المغفرة أو الجنة للميت، وفى رواية أحمد إلا غفر له .
فكان مالك اذا استقبل أهل الجنازة جزاهم ثلاثة صفوف .
أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقى والحاكم وصححه والترمذى وحسنه .
ولصلاة الجنازة فضل عظيم وثواب كبير كما أشارت بذلك الأحاديث الشريفة والوارد منها ما رواه الجماعة عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( من تبع جنازة وصلى عليها فله قيراط، ومن تبعها حتى يفرع فله قيراطان اصغرهما مثل أحد ) واحد جبل عظيم بمكة .
والوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين أن صلاة الجنازة على الميت عقب تكفينه وقبل دفنه واستقر الأمر على ذلك فيجب علينا أن نلتزم بذلك .
إلا اذا وجد عذر يحول دون الصلاة قبل الدفن ففى هذه الحالة تجز صلاة الجنازة صلاة الجنازة على الميت فى مقبرته ويصلى عليه ولو بعد سنوات لما ورد أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى على شهداء أحد بعد ثمانى سنوات .
وما ورد فى السؤال من أن العلة فى دفن الميت قبل الصلاة عليه استعجال أهله والحانوتى فليس عذرا مقبولا ولا معقولا .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/14)
تقبل العزاء فى المبنى الملحق المسجد
F محمد مجاهد .
ذو القعدة 1406 هجرية - 20 يوليه 1986 م
M 1 - التعزية لصاحب المصيبة مندوبة ووقتها من حين الموت إلى ثلاثة أيام .
2 - لا بأس بالجلوس للتعزية فى غير المسجد ويكره فيه .
3 - المبنى الملحق بالمسجد يكون مسجدا بمجرد القول وأن لم يصل فيه ويأخذ حكم المسجد
Q من الشيخ / أحمد بطلبه المقيد برقم 224 لسنة 1985 المتضمن أن أهالى قريته قد ساهموا وأقاموا مبنى ملحقا بمسجد القرية .
قاصدين بذلك توسعة هذا المسجد . وقد جعلوا لهذا المبنى الملحق بابين يصلانه بالمسجد .
يمكن فتحهما وغلقهما حسبما شاؤا .
كما جعلوا له بابا ثالثا للخارج وأضاف السائل قائلا ان مبنى المسجد الأساسى يسع المصلين فى جميع الأوقاف .
ما عدا صلاة الجمعة والعيدين فانه لا يسعهم . ولذا يستعينون بالمبنى الملحق عند أدائهم لتلك الصلوات وانه قد توفى أحد أهالى تلك القرية .
وترك صغارا . ولم يترك لهم ميراثا .
وليس لديهم من المال ما يمكنهم من اقامة سرادق لتقبل العزاء لهذا المتوفى ويريدون تقبل العزاء بالمكان الملحق بالمسجد .
رأفة بأبناء المتوفى الصغار . وأن هناك حالات كثيرة تمر بنفس الظروف .
وطلب السائل . معرفة الحكم الشرعى فى أنهم لو سلكوا هذا المسلك .
وأقاموا ليالى العزاء - نظرا لظروفهم المادية - فى المبنى الملحق بالمسجد - والذى تتلى فيه آيات القرآن الكريم فى تلك الليالى .
هل يكون فى ذلك مساس لحرمة المسجد .
أو مساس لدينهم أم لا
An اقامة المآتم ليلة فأكثر على الوجه المعروف من نصب السرادقات والانفاق عليها بما يظهر بهجتها هى قطعا اسراف محرم بنص القرآن الكريم .
لأن فيها إضاعة الأموال فى غير وجهها الشرعى فى حين أن الميت كثيرا ما يكون عليه ديون أو حقوق لله تعالى لا تتسع موارده للوفاء بها مع تكاليف هذا المأتم .
وقد يكون الورثة فى أشد الحاجة إلى هذه الأموال .
وكثيرا ما يكون فى الورثة قصر يلحقهم الضرر بتبديد أموالهم فى اقامة هذا المأتم .
ولم تكن التعزية عند مسلمى العصور الأولى إلا عند التشييع أو عند المقابلة الأولى لمن لم يحضر التشييع .
ففى زاد المعاد ما نصه وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعزية أهل الميت .
ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء . لا عند قبره ولا غيره .
وكل هذا بدعة حادثة مكروهة . وكان من هديه السكون والرضا لقضاء الله والحمد لله والاسترجاع .
وكان من هديه أن أهل الميت لا يتكلفون الطعام للناس .
بل أمر أني ضع الناس لهم طعاما يرسلونه اليهم .
وهذا من أعظم مكارم الأخلاق . وفى فقه المذاهب الأربعة .
الطبعة السادسة ما نصه التعزية لصاحب المصيبة مندوبة .
ووقتها من حين الموت إلى ثلاثة ايام . وتكره بعد ذلك إلا إذا كان المعزى غائبا فانها لا تكره حينئذ بعد ثلاثة أيام إلى أن قال ويكره لأهل المصيبة أن يجلسوا لقبول العزاء سواء أكان فى المنزل أم فى غيره .
أما الجلوس على قارعة الطريق وفرش البسط ونحوها مما اعتاد الناس فعله فهو بدعة منهى عنها .
ويقول الحنفية ان الجلوس للتعزية خلاف الأولى .
والأولى أن يتفرق الناس بعد الدفن . ويكره الجلوس فى المسجد ) انتهى - وفى الدر المختار وحاشيته ج 1 ص 842 وهو من كتب فقه الأحناف - ولا بأس بالجلوس لها - أى للتعزية - فى غير المسجد .
أما فى المسجد فيكره . كما فى البحر عن المجتبى وجزم به شرح المنية - انتهى - وعلق ابن عابدين فى حاشيته على قول صاحب الدر هذا ان استعمال لا بأس هنا على حقيقته .
لأنه أى الجلوس للتعزية خلاف الأولى كما صرح به فى شرح المنية - انتهى - ويقول ابن عابدين فى نفس الصحيفة من هذا المرجع نقلا عن غيره ما نصه ( وفى الامداد .
وقال كثير من متأخيرى أئمتنا . يكره الاجتماع عند صاحب البيت ويكره له الجلوس فى بيته حتى يأتى اليه من يعزى بل اذا فرع ورجع الناس من الدفن فليتفرقوا .
ويشتغل الناس بأمورهم وصاحب البيت بأمره ا ه قلت - أى قال ابن عابدين - وهل تنتفى الكراهة بالجلوس فى المسجد وقراءة القرآن حتى اذا فرغوا قام ولى الميت وعزاه الناس كما يفعل فى زماننا .
الظاهر . لا لكون الجلوس مقصودا للتعزية لا للقراءة ولا سيما اذا كان هذا الاجتماع والجلوس فى المقبرة فوق القبور المدثورة .
ولا حول ولا قوة إلا بالله - انتهى قول ابن عابدين . هذا وتتمة للموضع نقول ان تمام المسجدية على ما قاله ابن عابدين فى رد المحتار .
يكون بالقول على المفتى به . أو بالصلاة فيه على قولهما .
ويريد بالمفتى به مذهب الامام أبى يوسف الذى لا يشترط فى تمام المسجدية للصلاة فى المسجد بعد الاذن من بانيه .
بل يكون مسجدا بمجرد القول بأن يقول - جعلته مسجدا - وان لم يصل فيه .
والمفهوم من كلامهم أنه لا يلزم هذا القول بل بناؤه على صورة المساجد كاف عند أبى يوسف فى تمام مسجديته .
لأن هذا البناء فعل منبئ عرفا بجعله مسجدا . الفتاوى الإسلامية الصادرة من دار الافتاء، المجلد الحادى عشر ص 3965 وبناء على ما تقدم يكون المبنى الملحق بالمسجد قد تمت مسجديته قولا وفعلا حيث كان القصد من بنائه هو توسعة المسجد الأساسى حسبما جاء بالسؤال وقد صلى الناس فيه فعلا .
وبذا يكون الجلوس فيه للتعزية مكروها شرعا .
وفق الله المسلمين لما يحب ويرضى .
والله أعلم(6/15)
القصاص بالشنق جائز شرعا
F عبد المجيد سليم .
شعبان 1356 هجرية 31/10/1937 م
M 1 - اختلف العلماء فى كيفية استيفاء القود .
فذهب الكثير منهم إلى أنه يقتل بمثل ما قتل به القتيل إلا إذا كان قد قتله بمحرم كإيجاره الخمر فلا يجوز ذلك .
لما جاء بالفتوى من أدلة قرآنية وأحاديث نبوية .
وذهب علماء الكوفة ومنهم أبو حنيفة وأصحابه إلى أن القصاص لا يكون إلا بالسيف لحديث لا قود إلا بالسيف وغيره .
2 - الظاهر من مذهب الحنفية هو عدم إرادة منع الاستيفاء بغير السيف إذا كان غيره أسهل وأيسر فى إزهاق الروح .
3 - إذا كان الاستيفاء بغير السيف أيسر وأسرع، فإنه يجوز الاستيفاء به بدلالة نص الحديث (لا قود إلا بالسيف إذا كان غيره مثله فى يسر وسرعة إزهاق الروح، ولأن العلة فى كون القصاص بالسيف هى أن القتل به أيسر وأسهل .
فإذا وجد نوع من القتل بطريقة لم تكن معهودة وكانت أسرع فى إزهاق الروح، فالظاهر أنه يجوز بها .
بدلالة نص الحديث . 4 - إذا كان القتل بالمشنقة أسرع وأسهل من القتل بالسيف جاز ذلك
Q من حضرة سكرتير مجلس ولاية بهويال بالهند والى محمد بما ترجمته حسبما ورد من وزارة الحقانية بكتابها رقم 5007 46 21 6 فى 24 أكتوبر سنة 1937 .
سيدى العزيز تحية واحتراما وبعد فإن عقوبة الإعدام تنفذ فيمن يحكم عليهم بها فى الولايات الإسلامية الهامة فى الهند مثل بهويال وحيدر اباد ونوتسك وخير بور وغيرها على أنها قصاص .
وذلك بمباشرة فصل الرأس عن الجسم بترا بالسيف .
ويرى بعضهم أن هذه الطريقة فيها شىء من القسوة . ويقترحون استبدالها بطريقة الإعدام شنقا .
ولكن أئمة الدين الإسلامى وعلماءه يخالفونهم فى الرأى ويرون التمسك بالطريقة المعمول بها قديما وهى استخدام السيف فى فصل الرأس عن الجسم عند إعدام المحكوم عليه .
فحبذا لو تكرمتم بإفادتى بما هو متبع فى مصر وتركيا وإيران وتونس ومراكش وبما يراه المبرزون من رجال الدين بمصر فى هذه النقطة .
وإننى أستميحكم العذر وأرجو أن تتفضلوا بقبول شكرى سلفا مع عظيم احتراماتى
An اطلعنا على الترجمة العربية لكتاب حضرة سكرتير مجلس ولاية بهويال بالهند المؤرخ 18 أغسطس سنة 1937 الوارد إلينا مع كتاب وزارة الحقانية رقم 5007 المؤرخ 24 أكتوبر سنة 1937 بشأن الاستفتاء عن تنفيذ القصاص بغير السيف .
ونفيد أن علماء المسلمين قد اختلفوا فى كيفية استيفاء القود .
فذهب كثير من العلماء إلى أنه يقتل القاتل بمثل ما قتل به المقتول إلا إذا كان قتله بشىء محرم شرعا كإيجاره الخمر فإنه لا يجوز أن يقتل بذلك .
وقد استدلوا على مذهبهم بظاهر قوله تعالى { ولكم فى القصاص حياة } البقرة 179 ، فإن كلمة القصاص تنبئ عن معنى المماثلة والمساواة وبقوله تعالى { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين } النحل 126 ، وبقوله تعالى { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } البقرة 194 ، وبقوله تعالى { وجزاء سيئة سيئة مثلها } الشورى 40 ، وبما رواه الجماعة غير أنس أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين فقيل لها من فعل بك هذا فلان أو فلان حتى سمى اليهودى فأومأت برأسها فجئ به فاعترف فأمر به النبى صلى اللّه عليه وسلم فرض رأسه بحجرين وبما أخرجه البيهقى والزار عنه صلى اللّه عليه وسلم ت من حديث البراء وفيه ومن حرق حرقناه ومن غرق غرقناه فدلت ظواهر الآيات الكريمة وما ورد من الأحاديث على أنه يثبت لولى القتيل حق استيفاء القود بمثل ما قتل به المقتول .
وذهب علماء الكوفة ومنهم أبو حنيفة وأصحابه إلى أن القصاص لا يكون إلا بالسيف .
واستدلوا بما روى عنه صلى اللّه عليه وسلم من قوله لا قود إلا بالسيف وهذا الحديث قد روى من طرق يقوى بعضها بعضا فيكون حسنا يقبل الإثبات به .
وقد بين الشيخ علاء الدين الماردينى الشهير بابن التركمانى فى كتابه الجوهر النقى طرقه ، ثم قال فهذا الحديث قد روى من وجوه كثيرة يشهد بعضها لبعض فأقل أحواله أن يكون حسنا فلا يضر حينئذ تضعيف بعض المحدثين لسند هذا الحديث .
وبما روى عنه صلى اللّه عليه وسلم من قوله إن اللّه عز وجل كتب الإحسان على كل شىء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته فأمر النبى صلى اللّه عليه وسلم فى هذا الحديث بأن يحسنوا القتلة وإحسان القتلة لا يكون بغير ضرب العنق بالسيف، كما أمر أن يريحوا ما أحل اللّه ذبحه من الأنعام .
فما الظن بالآدمى المكرم المحترم . وقد أجابوا عن ظواهر الآيات الكريمة بأن المراد بالمثلية فيها هو المثلية فى مجرد إزهاق الروح، ولا تتناول الآلة لأن استعمال غير السيف يؤدى إلى الاعتداء المنهى عنه فى غير مآربه .
فإذا قتل شخص آخر بالضرب مثلا فمات بضربتين واستوفينا القصاص بالضرب أيضا وضرب القاتل حتى مات فجاز ألا يموت إلا بأكثر من ضربتين .
وفى ذلك مجاوزة للحد .
ولو ضربناه ضربتين وقتلناه بالسيف كان فى ذلك مجاوزة للحد .
ولو ضربناه ضربتين وقتلناه بالسيف كان فى ذلك مجاوزة للحد أيضا، وأجابوا عن حديث اليهودى الذى رض رأسه بأنه يحتمل وجهين أحدهما أن يكون هذا الرض كان مشروعا ثم نسخ، كما نسخت المثلة بالنهى عنها .
الثانى أن يكون اليهودى ممن سعى فى الأرض بالفساد فيقتل كما رآه الإمام ليكون أردع وهذا هو الظاهر .
فإن قصد اليهودى كان أخذ المال .
فقد روى عن أنس ابن مالك رضى اللّه عنه أنه قال عدا يهودى على جارية فأخذ أوضاحا حليا كانت عليها، فيكون القتل على هذا ليس من باب القصاص الذى نحن بصدده وأما حديث ومن حرق حرقناه إلخ فقال البيهقى إن فى إسناده بعض من يجهل وإنما قاله زياد فى خطبته .
قال الحنفية إن الثابت حينئذ من الآيات ومن السنة هو إتلاف نفس القاتل بأيسر الوجوه وأوحاها أى أسرعها وليس ذلك إلا بالسيف .
فلا يجوز استيفاء القصاص بالتحريق والتغريق والرضخ وما جرى مجرى ذلك .
هذه خلاصة أقوال فقهاء المسلمين فى هذا الموضوع . والذى يظهر لنا أن الحنفية ومن قال بمقالتهم لا يريدون إلا أنه لا يجوز القصاص بغير السيف مما يكون مظنة التعدى وتجاوز الحد فى القاص من التحريق والتغريق والضرب .
وما جرى مجرى ذلك . ولا يريدون أن يمنعوا استيفاء القود بغير السيف إذا كان غير السيف أيسر وأسهل وأسرع فى إزهاق روح القاتل .
كما يتبين هذا من استدلالهم بحديث إن اللّه عز وجل كتب الإحسان على كل شىء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة إلخ (وكما يتبين أيضا من حديث لا قود إلا بالسيف وذلك لأن هذا الحديث يفيد بمنطوقه أمرين أولهما .
أنه يجب استيفاء القصاص بالسيف الثانى أنه لا يجوز استيفاؤه بغيره مما لا يكون فى مثل سهولته ويسره .
ويفيد أيضا بطريق دلالة النص جواز القتل بغير السيف إذا كان غيره مثله فى سرعة إزهاق الروح ويسره أو أولى منه فى ذلك فإنه يفهم لغة من هذا الحديث أن العلة فى وجوب استيفاء القصاص بالسيف .
هى أن القتل به أيسر وأسهل، فإذا وجد نوع من القتل بطريقة لم تكن معهودة، وكانت هذه الطريقة أسرع فى إزهاق الروح وأسهل فظاهر أنه يجوز القتل بها بدلالة نص هذا الحديث .
وحينئذ . يكون القصر فى قوله عليه الصلاة والسلام لا قود إلا بالسيف من قبيل القصر الإضافى، والمقصود به أنه لا يستوفى القصاص بغير السيف مما فيه احتمال مجاوزة الحد .
والخلاصة أن الأدلة التى استدل بها الحنفية يظهر منها أنه يجوز القتل بغير السيف إذا كان القتل بغيره أسهل وأسرع فى إزهاق روح القاتل .
وعلى ذلك إذا كان القتل بالمشنقة علو وجه يكون أسرع وأسهل من القتل بالسيف جاز ذلك بمقتضى الأدلة التى استدل بها الحنفية، ويظهر من كلامهم أنهم يجوزون القتل بهذه الطريقة .
ومن أراد زيادة البيان فليرجع إلى ما قاله الجصاص فى كتابه آيات الأحكام فى باب كيفية القصاص من الجزء الأول، وما قاله عند قوله تعالى { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } من آخر سورة النحل فى آخر الجزء الثالث من الكتاب، وإلى ما جاء فى باب الرجل يقتل رجلا كيف يقتل، من كتاب معانى الآثار للطحاوى فى الجزء الثانى، وإلى ما قاله الشوكانى فى باب قتل الرجل بالمرأة بالجزء السادس من نيل الأوطار وإلى شرح الزيلعى على الكنز .
هذا ما ظهر لنا فى هذاالموضوع .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/16)
حكم التحريض على القتل
F حسنين محمد مخلوف .
جمادى الآخرة 1372 ه- - 23 فبراير 1953 م
M 1 - التحريض على القتل محرم .
2 - إذا كان التحريض مصحوبا بإكراه بملجىء اقتضى القصاص من المحرض على خلاف فى ذلك
Q من حرم الشهيد ع ط قالت إن التحقيقات القانونية التى أجريت فى قضية القتل الذى دبر لزوجى الشهيد - قد أثبتت أن فلان كان اليد المحركة للآثمين الجناة .
فما حكم الشريعة الغراء فى المحرض على القتل الدافع إليه
An اطلعنا على هذا السؤال، ولم نطلع على التحقيقات الرسمية فى القضية المشار إليها .
والجو اب أن التحريض على ارتكاب جريمة القتل المحرم بمعنى الإغراء عليه لا شك أنه حرام شرعا، للنهى عن قتل معصوم الدم بقوله تعالى { ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق } الإسراء 33 ، وقوله عليه السلام (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزانى، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) وللوعيد الشديد عليه فى قوله تعالى { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما } النساء 93 ، ولعظم جرمه ورد فى الحديث أن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة فى الدماء وذهبت طائفة من الأئمة إلى أنه لا توبة لقاتل ، وأن الوعيد لاحق به لا محالة وأن القصاص فى الدنيا لا يمحو عنه الإثم فى الآخرة .
والتحريض على القتل المحرم وسيلة إليه، فيحرم بحرمته، لأن للوسائل حكم مقاصدها شرعا .
وأما إذا كان التحريض مصحوبا بإكراه وكان المكره قادرا على تحقيق ما أوعد به، وغلب على ظن المكره أنه لو لم يمتثل يلحقه ما أوعد به .
فإما أن يكون الإكراه ملجئا - وهو ما كان بنحو التخويف بالقتل أو قطع العضو أو الضرب الشديد الذى يخاف منه تلف النفس أو العضو ويسمى الإكراه التام - ومنه كما ذكره الشافعية الأمر الصادر من ذى سطوة اعتاد فعل ما يحصل به الإكراه عند مخالفته فأمره كالإكراه أو يكون غير ملجىء - وهو ما كان بما دون ذلك من نحو الحبس والقيد والضرب الذى لا يخشى منه التلف ويسمى بالإكراه الناقص - فإذا كان الإكراه على القتل إكراها ملجئا فالقصاص على المكره (الآمر) عند أبى حنيفة ومحمد ولا قصاص على المكره (المأمور) لكونه بمنزلة الآلة - وعند أبى يوسف لا قصاص عليهما وعلى الآمر الدية .
وعند المالكية والشافعية والحنابلة يجب القصاص من الآمر لتسببه ومن المأمور لمباشرته - وإن كان الإكراه عليه إكراها غير ملجىء فلا قصاص على المكره (الآمر) بل يقتص من المأمور باتفاق أئمة الحنفية .
وكذلك عند المالكية إن لم يكن الآمر حاضرا وقت القتل، فإن كان حاضرا اقتص منهما جميعا وعلى الآمر فى الحالين إثم التحريض مع الإكراه .
(راجع بدائع الصنائع فى مذهب الحنفية، وشرح متن خليل فى مذهب المالكية، وتحفة المحتاج وحواشيها فى مذهب الشافعية، والمغنى لابن قدامة فى مذهب الحنابلة) هذا هو حكم الشريعة الغراء فى التحريض، وأما تطبيقه قضاء فيعتمد ثبوت الإكراه لدى المحكمة بعد رفع الدعوى بالطريق الشرعى .
والله تعالى أعلم(6/17)
القصاص وشروطه
F حسن مأمون .
رمضان 1376 ه- - 27 ابريل 1957 م
M 1 - لا يقتص من الجانى إلا بتحقق أربعة شروط كونه مكلفا والمقتول معصوم الدم، وأن يكون المجنى عليه مساويا للجانى فى الدين والحرية ذكرا كان الجانى أو أنثى أو المقتول كذلك .
غير أن أبا حنيفة لا يشترط المساواة فى الدين، ويرى قتل المسلم بالذمى، وكون القاتل ليس أبا للمقتول على خلاف فى ذلك .
2 - ما يوجب القصاص نفسا يثبت بالإقرار والبينة، ولا يقبل فيها إلا شهادة رجلين عدلين .
3 - لا يثبت القتل إلا بالشهادة القاطعة فيه، والشبهة فيها مانعة من القصاص .
4 - ترجيح أن المتهم قتل المجنى عليه عمدا، مع سبق الإصرار يقتضى الاطمئنان إلى أن الحكم بإعدامه لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية
Q فى القضية رقم .
سنة . جنايات
An تقرير فى القضية المذكورة أجمع المسلمون على تحريم القتل بغير حق .
والأصل من ذلك الكتاب والسنة والإجماع . أما الكتاب - فقوله تعالى { ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا } الإسراء 33 ، وقوله تعالى { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا } النساء 92 ، وقوله تعالى { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما } النساء 93 ، وأما السنة - فقد روى عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم (لا يحل دم امرئ يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزانى، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) متفق عليه .
وأما الإجماع - فلا خلاف بين المسلمين فى تحريم القتل بغير حق .
وقد قسم الفقهاء القتل إلى عدة أقسام منها القتل العمد الموجب للقصاص، وهو أن يتعمد ضربه فى أى موضع من جسده بآلة تفرق الأجزاء، كسلاح ومثقل ولو من حديد ومحدد من خشب أو زجاج أو حجر إلى آخره .
وموجبه الإثم كما ذكرنا أولا، والقود عينا . لقوله تعالى { كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } البقرة 178 ، وقوله تعالى { ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب } البقرة 179 ، وقد اشترط الفقهاء فى القصاص أربعة شروط الأول أن يكون الجانى مكلفا، والثانى أن يكون المقتول معصوما، الثالث أن يكون المجنى عليه مكافئا، أى مساويا له فى الدين والحرية والرق، سواء كان القاتل ذكرا أو أنثى، وسواء كان المقتول ذكرا أو أنثى، وفى هذا الشرط خلاف بين الفقهاء .
فذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن المسلم يقتل بالذمى وهو الراجح المفتى به فى المذهب والذى نرى الإفتاء به .
الرابع أن لا يكون القاتل أبا للمقتول على خلاف بين الفقهاء فيه .
وقد قرر الفقهاء أن ما أوجب القصاص فى النفس كالقتل العمد يثبت بالإقرار وبالبينة، ولا يقبل فى إثباته بالبينه إلا شهادة رجلين عدلين، فلا يقبل فيه شهادة رجل وامرأتين ولا شاهد ويمين الطالب الذى يطلب الحكم بالقصاص (ولى الدم) ولا يعلم فى هذا الحكم خلاف بين العلماء .
كما قرروا أيضا أنه لا يثبت القتل بشهادة الشهود إلا مع زوال الشبهة فى الشهادة، مثل أن يقول الشاهدان نشهد أنه ضربه فقتله أو فمات منه، وقد تبين من الاطلاع على أوراق القضية وتحقيقات البوليس والنيابة ومحاضر محكمة الجنايات أنه بينما كان المجنى عليه نائما فى حجرة نومه مع زوجته إذ تسلل إلى حجرة نومهما ليلا المتهم زوج ابنتهما وأطلق على المجنى عليه عيارا ناريا أرداه قتيلا فى الحال، وأن زوجة المجنى عليه حاولت القبض على المتهم وأمسكت بملابسه، ولكنه استطاع أن يهرب منها، وقد شهدت بذلك زوجة المجنى عليه كما حضرت زوجة المتهم وبنت المجنى عليه وشاهدت والدتها تحاول القبض على المتهم، ولا يوجد شهود آخرون، وقد استطاع المتهم الهرب وكان أهم شىء هو البحث عن السلاح الذى ارتكب فى الحادث، وقد أمكن العثور عليه فى بيت أحد الأهالى الذى شهد هو وزوجته بأن المتهم أحضره فى وقت عينه، وتبين أنه يوافق الوقت الذى ارتكبت فيه الحادثة، كما أن والد المتهم وهو عمدة البلدة أكد فى أقواله وفى شهادته أنه لا يوجد من يرتكب هذا الحادث سوى ولده المتهم .
وقد وجد بجسم المتهم بعض سجحات يرجح أنها نشأت من تسلقه سور بيت المجنى عليه للتوصل بواسطته إلى حجرة نومه وارتكاب الحادث .
وقد استخلصنا من دراستنا أوراق هذه القضية ما يرجح عندنا أن المتهم قتل المجنى عليه عمدا مع سبق الإصرار بعد أن عرف أنه لم يقبل وساطة والده العمدة فى إرجاع زوجته إليه وأنه فعل ذلك وقد عرف فى وسطه بسوء الخلق وكثرة مشاغباته مما يجعلنا نطمئن إلى أن الحكم بإعدامه لا يخالف أحكام الشريعة(6/18)
توبة المحكوم عليه بالاعدام عند تنفيذ الحكم
F حسن مأمون .
جمادى الآخرة 1379 ه- - 2 ديسمبر 1959 م
M 1 - التوبة النصوح هى الندم على الذنب حين يقع مع الاستغفار وعدم العودة إليه أبدا .
2 - التوبة واجبة على كل مسلم على الدوام وفى كل حال، ويجب أن تكون فى وقت يستطيع فيه المذنب أن يعمل من الحسنات ما يمحو به السيئات قبل أن تصل حياته إلى نهايتها .
3 - التوبة النصوح تلحق صاحبها بمن لم يرتكب معصية أصلا إذا صدرت من المذنب فى وقتها مستوفية لشروطها، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له .
4 - من قتل ظلما فوجب عليه القصاص فذهب مختارا إلى ولى الدم معترفا بجرمه فاقتص منه كان ذلك منه توبة مقبولة .
5 - من أنكر الذنب حتى أخذت الأدلة بتلابيبه، فحكم عليه بالإعدام قصاصا فتاب وهو فى طريقة إليه لا تقبل توبته، ولا تنجيه من ذنبه الذى أخذ به فى الدنيا .
6 - ما جرى عليه العمل من تلقين التوبة للمذنب عند التنفيذ عليه بالإعدام لا يقطع بقبولها، إلا إذا كان المذنب قد سبقت له التوبة بعد ارتكاب الذنب مستسوفية شرائطها، حيث يكون التلقين الأخير من قبيل التوبة عن هذا الذنب
Q بالطلب المقيد برقم 1445 سنة 1959 أنه عند تنفيذ حكم الإعدام فى مذنب يأتى واعظ السجن يلقنه بعض كلمات يستغفر الله فيها ويتوب مما قدمت يداه، وأن الله تعالى يقول فى سورة النساء { إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما .
وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنى تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار } النساء 17 ، 18 ، وسأل هل توبة المذنب واستغفاره لحظة الموت صحيحة وهل الواعظ وهو يلقى عبارات التوبة والوعظ فى مقامهما وطلب بيان الحكم مدعما بالأسانيد، شاملا القتلة وغيرهم من المذنبين الذين يرتكبون جرائم يحكم عليهم بسببها بالإعدام
An إن التوبة شرعا هى الندم على ارتكاب الإثم، والعزم الصادق على ترك العود إليه، فقد ورد فى الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (التوبة النصوح الندم على الذنب حين يفرط منك فتستغفر الله تعالى ثم لا تعود إليه أبدا) وقال عليه السلام فيما روى عن ابن مسعود - (التوبة من الذنب أن لا تعود إليه أبدا) فمتى وجد العزم والندم الصادقان من المؤمن المذنب على ترك المعصية، وعدم العود إليها، ذلا لله وخوفا من عقابه كانت توبته حينئذ صحيحة، ونرجو أن تكون منجية له من العذاب إن شاء الله .
قال تعالى { وهو الذى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات } الشورى 25 ، وقال تعالى { وإنى لغفار لمن تاب } طه 82 ، وهذا وعد من الله لمن أخلص النية فى التوبة من الذنب والندم عليه، ووعده الحق سبحانه لا يتخلف، فضلا منه ورحمة .
وقال الغزالى فى إحياء العلوم فى باب التوبة من الجزء الحادى عشر وهى (أى التوبة) واجبة على كل مسلم على الدوام وفى كل حال، لأن البشر قلما يخلو عن معصية بجوارحه، فإنه إن خلا فى بعض الأحوال عن معصية الجوارح، فلا يخلو عن الهم بالذنوب بالقلب فإن خلا فى بعض الأحوال من الهم، فلا يخلو عن وسواس الشيطان بإيراد الخواطر المتفرقة المذهلة عن ذكر الله ن وإن خلا عن ذلك كله فلا يخلو عن غفلة وقصور فى العلم بالله وصفاته وأفعاله، ولكى تكون التوبة مقبولة يجب أن تكون فى وقت يستطيع المذنب فيه أن يعمل من الحسنات ما يمحو به سيئاته، قبل أن تصل به حياته إلى نهايتها ، وتزايله كل ما كان فيه من قوة على اختيار ما ينفعه، حينئذ يتجرع غصة اليأس عن تدارك ما فاته ولا يجد إلى إصلاح حاله سبيلا بعد أن تقطعت من حوله كل السبل على أن يعمل .
وأن يعمل خيرا يزيل آثامه، ويجده خيرا فى أخراه عملا بقوله تعالى { إن الحسنات يذهبن السيئات } هود 114 ، وقوله عليه السلام (أتبع السيئة الحسنة تمحها) وإلى ذلك يشير قوله تعالى { وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنى تبت الآن } وقوله تعالى { إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب } فإن معنى القريب - قرب العهد بالخطيئة بأن يندم عليها بعد ارتكابها مباشرة، أو بعده بقليل ويمحو أثرها بالحسنات يردفها بها قبل أن يتراكم الرين على قلبه، فلا يقبل المحو منه .
فالتوبة النصوح إذا صدرت من المذنب فى وقتها مستوفية شروطها تلحق التائب بمن لم يرتكب المعصية أصلا .
لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له .
فمن قتل ظالما بقتله ووجب عليه القصاص شرعا وذهب مختارا إلى ولى الدم معترفا بجرمه، واتقص منه ولى الأمر كان ذلك منه توبة مقبولة .
يدل لذلك ما روى أن ماعزا لما جاء إلى النبى عليه السلام معترفا بأنه زنى وطلب من الرسول أن يجده، رده عليه السلام، فعاد إليه ثانية فرده فعاد إليه الثالثة، فأمر به فرجم .
فكان الناس فيه فريقين، فقائل يقول لقد هلك وأحاطت به خطيئته .
وقائل يقول ما توبة أصدق من توبته . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم (لقد تاب توبة لو قسمت بين أمته لوسعتهم) وروى أيضا أن الغامدية جاءت الرسول عليه السلام فقالت إنى قد زنيت فطهرنى، فردها، فلما كان الغد قالت يا رسول الله لم تردنى لعلك تريد أن ترددنى كما رددت ماعزا، فوالله إنى لحبلى، فقال عليه السلام أما الآن فاذهبى حتى تضعى فلما ولدت أتت بالصبى فى خرقة، فقالت هذا قد ولدته قال اذهبى فأرضعيه حتى تفطميه فلما فطمته أتت بالصبى وفى يده كسرة خبز، فقالت يا نبى الله قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الصبى إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها، فأقبل خالد بن الوليد بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها، فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرض رأسها فتضح الدم على رأسه فسبها، فسمع رسول الله عليه السلام سبه إياها فقال مهلا يا خالد، فوالذى نفسى بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ن ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت - أما من لاذ بذنبه فارا به منكرا له حتى أخذت الأدلة بتلابيبه فقضى بإقامة الحد عليه وتاب وهو فى طريقه إلى ساحة القصاص، لم تقبل توبته ولم تكن منجية له من ذنبه الذى اقترفه، لأنها توبة لم تستكمل شرائطها شرعا .
فالقاتل الذى لاذ بالفرار متخفيا بجرمه، وأقيمت عليه الدعوى بأنه قتل فلانا عمدا عدوانا، فأنكر فقامت عليه البينة القاضية بالقصاص منه، أو اعترف رغما منه بعد أن حاطته هذه الأدلة، ولم تترك له إلا سبيل الاعتراف بذنبه بعد أن يئس من التخلص منه، وقضى عليه عندئذ بالقصاص، ثم تاب وهو فى طريقه إلى حبل المشنقة لم تقبل توبته، لأنها أيضا لم تستوف شرائط قبولها شرعا، وهكذا كل كبيرة يتوب منها المذنب وهو فى حال يستطيع معه أن يأتى من الحسنات ما يمحو إثمه، فإن توبته فى هذه الحال تكون مقبولة بإذن الله .
وإن لم يتب حتى جر إلى ساحة القصاص فتاب عندئذ لم تقبل توبته شرعا .
وما جرى عليه العمل من تلقين التوبة للقاتل وقت تنفيذ حكم الإعدام عليه لا يقطع بقبول هذه النوبة .
بل ينظر ، فإن كان هذا المذنب قد سبقت له التوبة من هذا الذنب بعد ارتكابه، وكانت توبته فى وقتها مستوفية شروطها، كان تلقينه التوبة حينئذ من قبيل تكرار التوبة عن هذا الذنب، وإن لم يكن سبقت له التوبة من جرمه قبل القضاء عليه بالقصاص، وسوقه إلى إقامة الحد عليه لم تفده توبته، لأنها جاءت فى غير وفتها مجردة عن شروط قبولها .
أعاذنا الله من الإثم، وهدانا إلى سواء السبيل .
والله الموفق، والله أعلم(6/19)
الدفاع عن النفس مشروع
F عبد الرحمن قراعة .
رجب 1344 هجرية - 7 فبراير 1926 م
M 1 - الدفاع عن النفس مقرر فى الشريعة الإسلامية، ولا يختص به مذهب دون مذهب .
2 - من رفع سيفا على مسلم قاصدا قتله كان للمرفوع عليه السيف قتل رافعه ولكن بشرط ألا يكون فى إمكانه دفعه إلا بقتله .
3 - إذا تحقق الشرط المذكور فدفعه فقتله فلا شىء عليه .
4 - إذا قتل رافع السيف - بعد تحقق الشرط - أحد من الناس فلا شىء عليه أيضا .
5- الدفاع عن النفس دعوى لابد من إقامة البينة على صحتها حسب القواعد الفقهية فى ذلك
Q 1 - هل الدفاع عن النفس من المبادئ المقررة فى الشريعة الإسلامية وفى مذهب أبى حنيفة على الأخص .
2 - وتنص الشريعة الإسلامية على أن الدفاع عن النفس يجب أن يثبته شاهدان أم أن هذا الإثبات مما يترك لرأى المحكمة
An نعم مبدأ الدفاع عن النفس مقرر فى الشريعة الإسلامية، ولا يختص به مذهب أبى حنيفة، وإنا نورد هنا ماجاء فى بعض كتب الحنيفة .
قال فى كنز الدقائق وشرحه تبيين الحقائق مانصه (ومن شهر على المسلمين سيفا وجب قتله ولا شىء بقتله ) لقوله عليه الصلاة والسلام من شهر على المسلمين سيفا فقد أطل دمه ( أى أهدره) ولأن دفع الضرر واجب، فوجب عليهم قتله إذا لم يمكن دفعه إلا به، ولا يجب على القاتل شىء لأنه صار باغيا بذلك وكذا إذا شهر على رجل سلاحا فقتله أو قتله غيره دفعا عنه فلا يجب بقتله شىء لما بينا - أما الجواب عن السؤال الثانى .
فإنه يؤخذ مما نبينه وهو أن الحجج الشرعية ثلاث البينة والإقرار والنكول، والذى يقدر صحة الدعوى وإقامة البرهان عليها إنما هو القاضى المترافع لديه المنوط بفصل الخصومات وفقا للقواعد المرعية فى الأحكام والله أعلم(6/20)
دية
F حسونة النواوى .
ذى القعدة 1315 هجرية
Mتعتبر الدية من التركة وتقسم بين الورثة حسب الفريضة الشرعية
Q فى دية المقتول خطأ عن زوجة وأخ وأخت شقيقين .
هل تقسم هذه الدية التى حكم بها بناء على طلب الزوجة بحسب الفريضة الشرعية ويكون للزوجة الربع فيها والباقى للأخوين المذكورين أم كيف الحال
An قال فى رد المحتار ما نصه أعلم أنه يدخل فى التركة الدية الواجبة للقتل الخطأ .
وفى التنقيح ما نصه والمستحق للقصاص من يستحق مال القتيل على فرائض اللّه تعالى، يدخل فيه الزوج والزوجة وكذا الدية .
وعلى هذا . فتقسم الدية المذكورة بين ورثة المقتول المذكور على فرائض اللّه تعالى .
لزوجته الربع فرضا، والباقى للأخ والأخت الشقيقين تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين .
هذا حيث لا مانع واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/21)
قيمة الدية فى الشريعة الإسلامية
F جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الأول 1401 هجرية - 11 فبراير 1981 م
M 1 - الدية فى القتل الخطأ وردت مطلقة فى القرآن، والسنة بينتها وهى واجبة بالاجماع ولم ينكرها أحد، والحكمة فى شرعيتها مع تقديرها شرعا رفع النزاع وهى غير التعويض، وتكون على العاقلة ويدخل الجانى معها على خلاف فى ذلك، وتثبت بالإقرار بالقتل أو بالدليل عليه .
2 - الفتاوى مبينة للحكم الشرعى غير ملزمة فلا تنفذ قهرا إلا بحكم قضائى إلا فى بعض الأحوال .
3 - الصلح فى الدية مشروع وملزم إن تم .
4 - قرار لجنة المصالحات غير ملزم إلا برضى الطرفين بشرط ألا يكون على محرم شرعا
Q بالطلب المقيد برقم 172 سنة 1980 المقدم من المواطنة / وقد جاء به وأن السيد / ف ع ا قتل خطأ بسيارته المرحوم / م ع وأن لجنة المصالحات حكمت على صاحب السيارة بدية القتيل يؤديها إلى ولده ع ع ع وقد تحددت الدية بألف دينار من الذهب تقدر قيمتها عند الدفع بقيمة الذهب حسب تقدير أهل هذه الصناعة .
وقد أفتى بهذا شيوخ من الأزهر . ثم انتهت الطالبة إلى طلب بيان أصل هذه الفتوى فى الشريعة الإسلامية وهل للفتوى الشرعية الحجية على الكافة شرعا وواجبة النفاذ .
أم لا وبيان ما إذا كان قرار لجنة المصالحات يعتبر مشارطة ومن التحكيم الإسلامى أم لا
An قال الله سبحانه وتعالى { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما .
ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد لله عذابا عظيما } النساء 92 ، 93 ، وتشير نصوص فقه مذهب ( بدائع الصنائع للكاسانى ج - 7 ص 234 وتكملة فتح القدير على الهدية ج - 8 ص 252 ) الإمام أبى حنيفة إلى أن القتل الخطأ هو الفعل الصادر من الجانى الخالى من قصد القتل عند مباشرة المقصود لترك التثبت والاحتياط .
وفى فقه الإمام مالك ( حدود ابن عرفة ج - 1 ص 477 ) هو ما مسببه غير مقصود لفاعله .
باعتبار أن صنفه غير منهى عنه، فيدخل فيه القتل الخطأ بالتسبب .
وفى فقه الإمام الشافعى والإمام أحمد ( مغنى المحتاج ج - 4 ص 4 والمغنى لابن قدامة مع الشرح الكبير على متن المقنع ج - 9 ص 320 و 321 ) بن حنبل أن القتل الخطأ هو ما صدر من الإنسان بفعل لم يقصده أصلا، أو قصد دون قصد الشخص المقتول، ويوافق جمهرة فقهاء مذهب الإمام أحمد فقهاء المذهب الشافعى فى هذا التحديد .
ولقد شرع الله سبحانه فى الآية المرقومة الدية فى القتل الخطأ دون بيان قدرها، وجاءت السنة الشريفة مبينة لها من هذا ما روى أبو بكر بن محمد بن عمر بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا جاء فيه (أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول وأن فى النفس الدية مائة من الإبل إلى أن قال وأن الرجل يقتل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألف دينار) .
( رواه النسائى ، نيل الأوطار للشوكانى ج 7 ص 57 وسبل السلام للصنعانى ج 3 ص 322، وما بعدها ) وقد أجمعت الأمة ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبى ج 6 ص 188 ) من لدن النبى صلى الله عليه وسلم على وجوب الدية، ولم يعرف عن أحد أنه أنكرها .
والحكمة من شرعية الدية وتقديرها، هى رفع النزاع فى تقدير القيمة إذا وكل إلى أولياء القتيل .
وحتى لا يغالب هؤلاء أهل القاتل .
وحتى يدخل الناس فى تقديرها عناصر أخرى غير الآدمية، إذ مهما اختلفت منازل الناس وأجناسهم، فهم جميعا أمام تقدير الدماء سواء فلا تفاوت بينهم، لذلك لم يترك الشارع أمر تقديرها للحاكم، بل تولى تقديرها بنفسه .
والدية المقررة فى شريعة الإسلام، لا تدخل فى نطاق التعويض أو الغرامة التى تتردد فى قانون العقوبات الوضعى .
ذلك لأن الدية وإن أشبهت الغرامة لما فيها من معنى الزجر للجانى بحرمانه من جزء من ماله، إلا أنها تخالفها فى أن الجانى لا يتحمل عبء الدية وحده فى أغلب الأحوال، كما أنها لا تؤول إلى الخزانة العامة كالغرامة .
كما أن الدية تختلف عن التعويض إذا يدخل فى عناصر تقدير التعويض مقومات متعددة، مادية وجسدية وأدبية، بينما الدية جاءت مقدرة شرعا، غير داخل فى تقديرها احتساب كل ما نتج عن الجريمة من الأذى والخسارة، وإنما كمقابل للنفس التى هلكت بالقتل فقط أو الأعضاء التى أتلفها الجانى، أما قدر الدية فقد اتفق الفقهاء ( بداية المجتهد ج - 2 ص 401 ) على أن مقدارها فى قتل الحر المسلم مائة من الإبل كما جاء فى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن .
ثم اختلفوا فى هل الأصل فى الدية هو الإبل، وأن ما عداها من الأصناف هو تقدير لها أم لا فقال الإمامان أبو حنيفة ومالك وهو أحد قولين فى مذهب الإمام الشافعى إن الدية إنما تكون فى واحد من أصناف ثلاثة هى الإبل والذهب والفضة، وأن كل واحد أصل بنفسه .
وذهب الإمام أحمد وصاحبا الإمام أبى حنيفة إلى أن الدية تكون من هذه الأصناف ومن البقر والغنم وانفرد هذان الصاحبان إلى أنها أيضا تكون من الحلل .
وقد قالوا إن هذه الأصناف أصول فى الدية .
وذهب الإمام الشافعى فى الجديد ورواية عن الإمام أحمد إلى أن الأصل فى الدية الإبل، أما غيرها فهو بديل عنها وقيمة لها .
ولكل جهته وأدلته المبسوطة فى موضعها من كتب الفقه .
ومن ثم كان لزاما على فقهاء كل عصر أن يراعوا الميسور المتداول من هذه الأصول .
ولما كان الأخذ بالمعيار النقدى أضبط وأيسر وأنسب وكان الذهب من أصول الأثمان، ولا خلاف فى تقدير الدية به فى الشريعة ، فقد وردت نصوص السنة بأنها ألف دينار من الذهب .
والدينار اسم للقطعة من الذهب المضروبة المقدرة بالمثقال فهى متحدة من حيث الوزن ولا تفاوت بينها فتكون منضبطة .
من يحمل الدية فى القتل الخطأ يحملها فى هذا عاقلة الجانى باتفاق الفقهاء، ويرى الإمامان أبو حنيفة ومالك أنه يحمل معها، بينما يرى فقه الإمامين الشافعى وأحمد أن الجانى لا يحمل مع العاقلة شيئا .
وأميل فى هذا الأخذ بقول فقه مذهبى الإمامين أبى حنيفة ومالك، حتى يتحقق الزجر والرجع للجانى، بانتقاض ماله بسبب تقصيره ووقوع جريمته .
وإذا ثبت القتل الخطأ بإقرار الجانى أو بدليل شرعى آخر، كانت دية القتيل ألف دينار من الذهب .
ولما كان الدينار يزن الآن 4 .
25 جراما، تكون جملة الدية 4250 جراما من الذهب تدفع عينا لولى القتيل، أو قيمتها بالنقد السائد حسب سعر الذهب يوم ثبوت هذا الحق، ورضاء أو قضاء .
وبهذا تكون الفتوى الصادرة من بعض العلماء فى هذا الموضوع صحيحة فى جملتها ذات سند شرعى .
هل الفتوى فى مثل هذا الموضع حجة وملزمة شرعا قال الفقهاء إن المفتى مخبر عن الحكم، أما القاضى فملزم بالحكم وله حق الحبس والتعزيز عند عدم الامتثال، كما أن له إقامة الحدود والقصاص .
لما كان ذلك تكون الفتوى من حيث هى مبينة للحكم الشرعى، ولكنها غير ملزمة، بمعنى أنها لا تنفذ إلا إذا صدر بمقتضاها حكم قضائى .
ومع ذلك تصير الفتوى ملزمة فى الأحوال التالية (أ) إذا التزم المستفتى العمل بها .
(ب) شروعه فى تنفيذ الحكم الذى كشفته الفتوى .
(ج -) إذا اطمأن قلبه إلى صحة الفتوى والوثوق بها لزمته شرعا .
هل قرار لجنة المصالحات - فى هذا الموضوع - يعتبر مشارطة ، ومن التحكيم الإسلامى أم لا .
إن التصالح فى أمر الدية مشروع بنص القرآن الكريم ( الآية 92 من سورة النساء ) بل إن هذا النص فوض لأهل القتيل النزول عن هذه الدية، ومن يملك النزول عن الكل، يملك التصالح فى شأنها .
وإذا تم الصلح بين الجانى وولى القتيل فى نطاق ما تقضى به الشريعة، كان صلحا ملزما شرعا .
أما قرار لجنة المصالحات، فليس له فى ذاته قوة الإلزام، إلا إذا ارتضاه طرفا الصلح والتزما به وبشرط ألا يكون صلحا على محرم شرعا .
للحديث الشريف الذى رواه أبو داود ( نيل الاوطار للشوكانى ج - 5 ص 254 ) وابن ماجه والترمذى عن عمرو بن عوف أن النبى صلى الله عليه وسلم قال (الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما .
وزاد الترمذى المسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما) قال الترمذى هذا حديث حسن صحيح .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/22)
اعتناق اسلام
F محمد عبده .
صفر 1320 هجرية
M 1 - متى جاء الدرزى ونحوه طائعا معلنا رجوعه عن عقيدته وتبرؤه من كل دين يخالف دين الإسلام وجب قبول قوله واعتبر بذلك مسلما .
2 - من لم يقبل رجوعه إلى الإسلام يكون راضيا ببقائه على الكفر ويكون بذلك آثما .
3 - لا يحتاج فى إثبات الرجوع إلى الإسلام إلى طريق رسمى بل يكفى أن يعلم اللّه عنه ذلك ولا يحتاج فى سريان أحكام الإسلام عليه إلا أن يعرف الناس عنه ذلك ويشتهر أمره بين من يعرفونه
Q من باشكاتب محكمة شرعية لواء نابلس الشيخ عبده بكر التميمى فى رجل أقر أنه كان من طائفة الدروز ويريد الآن أن يترك ما كان عليه من الإعتقادات الدرزية ويعتنق الدين الإسلامى الحنيف المبين .
فهل والحالة هذه إذا أتى بالشهادتين مع عبارة التبرى من جمعي ما يخالف دين الإسلام يعتبر بنظر الشرع مسلما ويعامل معاملة المسملين فورا ولا يعد منافقا وإذا صح إسلامه بتلك الصيغة فما حكم من لم يقبل إسلامه من المسملين، وهل يشترط لقبول إسلامه أن يكون رسيما أرجو الجواب
An الذى قالوه إنه متى جاء الدرزى ونحوه طائعا معلنا بأنه كان على عقيدته وأنه رجع عنها ومتبرئا من كل دين يخالف دين الإسلام وجب قبول قوله واعتبر مسلما .
وقالوا كذلك إن من لم يقبل رجوع من يريد الأوبة إلى الإسلام يكون راضيا ببقائه على الكفر .
وقالوا غن اقل ما فى ذلك أن يكون آثما مسئا ثم إنه ليست لنا سنة نتبعها فى اعتبار المتحول إلى الإسلام مسلما منا له مالنا وعليه ما علينا فى أخوة الدين إلا سنة نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم وقد كان عليه السلام يقبل الرجعة إلى الإسلام بعد الردة والإخلاص بعد النفاق ولم يكن ينظر إلى من شهد أن لا غله إلا اللّه وأن محمد رسول اللّه وأن القرآن حق والآخرة حق وأن جحميع ما فرضه اللّه فى كتابه واجب الأداء وما منعه يجب عنه الانتهاء إلا نظرة المسلم للمسلم ولم يكن يفرق بين المسملين فى الإسلام إلا أن يطلعه اللّه على ماكن شخص من نفاق أو قامت له على ذلك شواهل قاطعة .
وكتب السنة شاهدة بذلك فكيف لا نقنع من الناس ما قنع صلى اللّه عليه وسلم منهم وكيف نطالبهم بأكثر مما طالبهم به وهو صاحب الشريعة وإليه المرد عند النزاع .
فهذا الدرزى الذى اعترف بما كان عليه وجاء الآن طائعا من نفسه يشهد أنه على الدين الحق وأنه ينبذ كل دين يخالفه .
يعد مسلما حقا .
ومن لم يقبل منه ذلك يخشى أن يبوء بها نعوذ باللّه فليتق اللّه المسلمون وليرجعوا إلى حكم اللّه وحكم رسوله ولا يكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم واللّه ينقذهم مما صاروا إليه وهو يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم .
أما اعتبار الراجع إلى العقيدة الصحيحة مسلما فلا يحتاج إلى أن يكون ذلك من طري رسمية بل يكفى ان يعلم اللّه عنه ذلك ثم فى جريان أحكام المسلمين عليه لا يحتاج إلا إلى أن يعرف الناس منه ذلك وتبين أمره بين من يعرفونه .
واللّه تعالى أعلم(6/23)
اسلام الزوجة الكتابية
F بكرى الصدفى .
رمضان 1331 هجرية
M 1 - النطق بالشهادتين كاف فى صحة الإسلام دون توقف على شىء آخر .
2 - إسلام الزوجة لا يفسخ عقد الزواج بمجرد إسلامها بل لابد من عرض الإسلام على زوجها فإن أبى أو سكت فرق القاضى بينهما بطلقة بائنة
Q إمرأة مسيحية نطقت بالشهادتين واشتهر أمرها بالإسلام .
واتخذت إجراءات شهر إسلامها وكلن لم يتحرر لها إعلام شرعى بذلك .
فهل يكفى لإسلامها النطق بالشهادتين وهل يفسخ الزواج بمجرد إسلامها
An نطق المرأة المذكورة بالشهادتين كما ذكر كاف فى صحة إسلامها بدون توقف على تحرير إعلام شرعى بذلك .
وبإسلامها كما ذكر يعرض الإسلام على زوجها القبطى فإن أسلم بقيت زوجة له .
وإن أبى أو سكت فرق القاضى بينهما .
وما لم يفرق بينهما فهى زوجة له .
وتفريق القاضى بينهما فى هذه الحالة يعتبر طلاقا وللاحاطة لزم شرحه .
ے(6/24)
اسلام الصبى المميز
F عبد المجيد سليم .
جمادى الأولى 1351 هجرية - 4 من سبتمبر 1932 م
M 1 - إسلام الصبى المميز صحيح ولا يشترط البلوغ فى صحة إسلامه باتفاق الإمام وصاحبيه .
2 - يعتبر الولد مسلما بإسلام أحد والديه .
3 - لا يجوز أن يبنادى باسمه الأول (المسيحى) إذا رغب فى اسم من أسماء المسلمين
Q صبى تجاوز الحادية عشرة من عمره فى إصلاحية الأحداث إسمه وجيع عبد المسيح وهو يدين بالإسلام رغم أنه من أم مسيحية .
ويرغب فى تسميته باسم عبد الحميد إبراهيم منصور ويصر والده على تسميته باسم وجيع عبد الحميد منصور واعتباره مسلما تبعا لدينه الإسلامى الذى يدين به فى الأصل عن آبائه وأجداده، فهل أصبح الغلام مسلما وأى الإسمين ينادى به
An نفيد بأن الغلام المذكور هو مسلم بإسلامه بنفسه إذ لا يشترط فى صحة الإسلام البلوغ باتفاق الإمام أبى حنيفة وصاحبيه بل متى كان الصبى مميزا بأن بلغ سبع سنوات فأكثر وأسلم صح إسلامه .
وهذا الغلام سنه الأن أكثر من إحدى عشرة سنة كما علم من الأوراق فصح إسلامه استقلالا على أنه إذا لم يكن قد أسلم يعتبر مسلما تبعا لوالده المسلم .
هذا ولا يجوز أن ينادى بالاسم الذى سمى به أولاد وهو وديع عبد المسيح بل ينادى بالاسم الذى رغب فى تسميته به(6/25)
لا يتوقف الدخول فى الإسلام على اشهاد
F عبد المجيد سليم .
محرم 1355 هجرية - 11 من أبريل 1936 م
Mلا يتوقف الإسلام على الإشهاد الشرعى أمام الجهات الرسمية .
فمتى نطق الشخص بالشهادتين وأقام الشعائر كان مسلما وإن لم يعمل بذلك إشهاد رسمى
Q رجل كان يعتنق الدين المسيحى فلما نارت بصيرت اعتقد بأن خير الأديان هو دين محمد صلى اللّه عليه وسلم فقال معترفا بقوله أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمدا رسول اللّه وأن عيسى عبده ورسوله وأن برىء من كل دين يخالف دين الإسلام وأقام شعائر الدين بأن صلى وصام إلى آخره ولكنه لم يشهد بالمحكمة لظروف خاصة قاسية - فهل دينه صحيح مطابق للإسلام ومرض أمام اللّه وقد أشهد واعترف أمام الناس .
فهل يعامل معاملة المسملين دينا أم لا .
فتكون عليه الواجبات الدينية لا المدينة وله كذلك الحقوق الدينية الشرعية
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأنه لا يتوقف الإسلام على الإشهاد الشرعى أمام المحكمة .
فمتى كان الحال كما ذكر بالسؤال كان هذا الشخص فى الأحكام كالشخص الذى أسلم وأشهد على إسلامه أمام المحكمة .
هذا ما ظهر لنا واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/26)
الإسلام عقيدة
F عبد المجيد سليم .
شوال 1358 هجرية - 9 من ديسمبر 1939 م
M 1 - لا يتحقق إسلام الرجل فيما بينه وبين اللّه تعالى إلا بوجود تصديق بالقلب وإيمان وقبول لما علم من الدين بالضرورة .
2 - لما كان التصديق بالقلب من الأمور الخفية والأحكام تناط بالظواهر فقد جعل الشارع مناط ذلك النطق باللسان بالشهادتين
Q رجل مسيحى تزوج من فتاة مصرية مسيحية ثم وقع بينهما شقاق فتركت منزل الزوجية إلى منزل والدها ورفعت عليه دعوى نفقة ورفع هو عليها دعوى طلاق .
ثم أشهر إسلامه أمام محكمة مصر الشرعية وفى اليوم التالى طلق زوجته وقرر فى محضر تحقيق رسمى ما يأتى وحصل بينى وبينها شقاق وأردت أن ننفصل عن بعضنا ولكن الدين المسيحى لم يسمح بذلك إلا بعد إجراءات طويلة جدا وكان الشقاق على أشده فأشهرت إسلامى فى المحكمة الشرعية يوم 18 فبراير وطلقتها أمام القاضى الشرعى بالمحكمة الشرعية يوم 19 فبراير، مثل هذا الرجل هل يقع إسلامه صحيحا وهل الإسلام عقيدة أم مجرد ألفاظ يلوكها أى إنسان هو نفسه يعلن أنه اتخذها أداة للانتفاع من بعض أحكام هذا الدين الحنف وللإضرار بحقوق الناس
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه سبق أن أجبنا عن سؤال آخر بتاريخ 20/11/1935 بما نصه ونفيد أنه لا يتحقق إسلام مثل هذا الرجل فيما بينه وبين اللّه تعالى إلا إذا وجد منه تصديق بالقلب وإذعان وقبول لما علم بالضرورة أنه من دين محمد صلى اللّه عليه وسلم بحيث يعلمه العامة من غير افتقار إلى نظر واستدلال من وحدانية اللّه تعالى والنبوة والبعث والجزاء ووجوب الصلاة والزكاة وحرمة الخمر إلى غير ذلك .
لكن لما كان هذا التصديق أمرا خفيا لا يطلع عليه إلا علام الغيوب .
والأحكام الدنيوية إنما تناط الأمور الظاهرة المنضبطة .
جعل الشارع مناط الأحكام الدنيوية الإقرار باللسان .
بأن يأتى المرء بكلمتى الشهادتين أعنى شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه أو ما فى معناهما .
فإذا أتى بهما الشخص المذكور حكمنا بإسلامه وأجرينا عليه أحكام المسلمين الدنيوية من جواز الصلاة خلفه والصلاة عليه إذا مات ودفنه فى مقابر المسلمين إلى غير ذلك، وإن كان الإسلام فيما بينه وبين اللّه تعالى لا يتحقق إلا إذا كان مصدقا بقلبه التصديق المذكور وبهذا علم الجواب عن السؤال واللّه أعلم(6/27)
لا يتبع الولد البالغ والده فى اسلامه
F عبد المجيد سليم .
جمادى الأولى 1359 هجرية - 26 من يونية 1940 م
M 1 - لا توارث بين مختلفى الديانة .
2 - يتبع الأولاد خير الأبوين دينا إذا كانوا صغارا .
3 - لا يتبع الولد أباه فى الدين إذا كان بالغا عاقلا
Q توفى رجل كان مسيحيا وأسلم وكان وقت إسلامه له أربعة أولاد (ذكر وثلاث إناث) وابنه الذكر كان قد بلغ شرعا وهو عاقل قبل إسلام أبيه ثم توفى هذا الرجل عن زوجته وهى على دينها وعن أولاده المذكورين وطلب السائل معرفة من من هؤلاء الأولاد يتبع أباه فى إسلامه ومن لا يتبعه ومن يرث المتوفى من المذكورين
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأن الولد الذى بلغ وهو عاقل لا يتبع أباه فى الإسلام بل تنقطع تبعيته لأبيه بمجرد بلوغه البلوغ الشرعى وهو عاقل .
بمعنهى أنه إذا أسلم والده وهو بالغ البلوغ الشرعى وهو عاقل لا يتبع أباه فى الإسلام .
وعلى هذا يكون الابن المذكور غير تابع لوالده فى الإسلام لأنه بالغ شرعا وعاقل على ما جاء بالسؤال .
أما البنات الثلاث فيتبعن والدهن فى الإسلام .
ويكون الميراث كله لهن فرضا وردا بالسوية بينهن إذا لم يوجد وارث آخر مسلم .
أما الزوجة والابن المذكور فلا يرثان عن المتوفى لاختلاف الدين المانع من الإرث وبهذا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر واللّه أعلم(6/28)
صحة الإسلام لا تتوقف على اشهاره
F عبد المجيد سليم .
جمادى الأولى 1362 هجرية - 17 من مايو 1943 م
Mلا يشترط فى صحة الإسلام إشهاره أمام المحكمة
Q امرأة مسلمة أحبت رجلا مسيحيا وأراد الزواج بها حلالا .
فأسلم إسلاما صحيحا بقوله أشهد أن لا إله إلا اللّه وأن سيدنا محمد رسول اللّه وأن سيدنا عيسى عبد اللّه ورسوله وأنى برىء من كل دين يخالف دين الإسلام، واختار لنفسه من الأسماء .
محمد شحاته محمد المهدى .
وبعد ذلك تزوجت هذه المرأة بهذا الرجل بعد أن عرفت أنه اعتنق الدين الإسلامى بأن قدم طلبا لمحكمة عابدين الشرعية لإشهار إسلامه وفعلا تم الزواج بتاريخ 24 فبراير سنة 1943 ودخل بها هذا الرجل وعاشرها معاشرة الأزواج وبتاريخ 20 أبريل سنة 1943 أشهر إسلامه رسميا أمام محكمة عابدين الشرعية بإشهاد رقم 895 سنة 1943 واستمرت الزوجية بينهما للآن .
فهل معاشرة الزوجة المذكورة لزوجها قبل إشهار إسلامه رسميا صحيحة أم لا مع العلم أنه اعتنق الدين الإسلامى صحيحا .
والإفادة عن صحة عقد الزواج الصادر قبل صدور إشهاد الإسلام .
وهل يتوقف إسلام الشخص على صدور إشهاد الإسلام أم يعتبر مسلما بعد النطق بالشهادتين واتباع قواعد الإسلام
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه إذا كان الحال كما ذكر به .
كان عقد الزواج المذكور صحيحا . لأن الإشهاد أمام المحكمة ليس بشرط فى صحة الإسلام .
وكانت معاشرة الزوج لزوجته قبل صدور الإشهاد المذكور حلالا .
وهذا إذا لم يكن هناك شىء آخر يمنع من هذا من هذا الزواج .
واللّه أعلم(6/29)
اسلام المميز
F عبد المجيد سليم .
جمادى الأولى 1363 هجرية - 9 من مايو 1944 م
M 1 - لا يشترط فى صحة الإسلام سوى التمييز ولا تشترط سن معينة فى صحته .
2 - اختلف فى الصبى المميز فقيل ما بلغ سبع سنين فأكثر وقيل هو الذى يعقل أن الإسلام سبب النجاة ويميز الخبيث من الطيب
Q إسرائيلية ولدت بمصر وجنسيتها إيطالية وتبلغ من العمر سبعة عشر عاما هجريا اعتنقت الدين الإسلامى وهى فى هذا السن وعملت إشهادا رسميا بذلك لها .
فهل إسلامها صحيح وهى فى هذا السن أم لا .
وهل يشترط فى دخول الكتابية الإسلام سن معينة أم لا
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه إنما اشترط فى صحة الإسلام التمييز ولا يشترط فى صحته سن معينة بعد أن يكون قد أسلم مميزا .
وقد اختلف فى الصبى المميز . فقيل هو ما كان ابن سبع سنين فأكثر وقيل هو الذى يعقل أن الإسلام سبب النجاة ويميز الخبيث من الطيب والحلو من المر .
وعلى هذا فإسلام الإسرائيلية المذكورة صحيح .
وبهذا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به .
واللّه أعلم(6/30)
اقرار غير المسلم باسلام معتبر شرعا
F حسنين محمد مخلوف .
صفر 1369 هجرية - ديمسبر 1949 م
M 1 - إقرار المسيحى بأنه مسلم فى إقرارات عرفية ورسيمة كاف فى ثبوت إسلامه من تاريخ أول إقرار له ولو لم يدر بها جميعا نطقه بالشهادتين ولا أنه تبرأ من كل دين يخالف دين الإسلام .
2 - إذا قال اليهودى دخلت فى الإسلام يكحم بإسلامه وإن لم يقل تبرأت من اليهودية وإذا قال المجوسى أسملت أو أنا مسلم يحكم بإسلامه وبعامل معاملة المسملين فى جميع الأحكام الدنيوية .
3 - إذا رجع كل منهم عن إقراره كان مرتدا شرعا ويعامل معاملة المرتدين
Q من حضرة الأستاذ أحمد بك رشدى المحامى الوطنى المتضمن أن رجلا مسييحيا يدعى نيقولا ح .
أسلم وسمى نفسه فى الإسلام إسماعيل كامل حبش ثم تزوج بالسيدة منيرة عثمان بنت المرحوم محمد بك المسلمة زواجا صحيحا شرعيا بإيجاب وقبول شرعيين وبحضور شاهدين على كتاب اللّه وسنة رسوله بموجب عقد عرفى فى أول أبريل سنة 1943 موقع عليه منه باسمه قبل الإسلام واسمه بعد الإسلام ثم اعترف بذلك الزواج فى محضر رسمى بتاريخ 14 - 7 - 1943 وقد رزق على فراش الزوجية الصحيحة من زوجته سالفة الذكر بولد سمى فريد بتاريخ 29 - 10 - 1947 وهو الذى أبلغ عن هذه الولادة وقرر أن الولد ولده وأن الأم منيرة عثمان زكى ثم وقع على هذا التبليغ باسمه إسماعيل كامل حبش وقد أوصى كذلك لولده هذا بموجب غشهاد شرعى صدر منه بمحكمة مصر الشرعية فى 27 نوفمبر سنة 1947 بنصيب من ثروته وقد اعترف فى هذا الإشهاد بأن الولد المذكور فريد إسماعيل كامل حبش ابنه وقد رزق به من زوجته منيرة عثمان زكى المسلمة وفى أول يناير سنة 1949 فرض على نفسه نفقة لزوجته ولابنه المذكور واعترف فى ورقة النفقة بالإسلام والزواج والبنوة .
وطلب معرفة الحكم الشرعى فى قيمة هذه الأوراق بالنسبة لإسلام نيقولا حبش بن ميخائيل حبش الذى سمى نفسه بعد ذلك بإسماعيل كامل حبش .
كما أطلعنا على الصور الشمسية للأوراق العرفية والرسمية الآتية أولا عقد الزواج المدنى المحرر بين نيقولا ميخائيل حبش إلياس ومنيرة عثمان زكى فى أول أبريل سنة 1943 والموقع عليه منهما المتضمن إقراره بزواجه بها زواجا صحيحا شرعيا بشهادة مسلمين - وإقراره بأنه مسلم ديانة وقد سمى نفسه فى الإسلام باسم إسماعيل حبش .
ثانيا محضر تحقيق بوليس حماية الآداب بالقاهرة فى أول أبريل سنة 1943 وأنه أسلم فيما بينه وبين نفسه وسمى نفسه إسماعيل حبش .
ثالثا مستخرج رسمى من دفاتر مواليد صحة العباسية قسم الوايلى مؤخر 24 - 11 - 1947 بأنه فى 29 أكتوبر سنة 1947 ولد فريد أسماعيل حبش المسلم ووالده إسماعيل كامل حبش المسلم ديانة ووالدته منيرة عثمان زكى والمبلغ عن هذا هو الوالد إسماعيل كام لحبش .
رابعا إشهاد وصية مؤرخ 27 نوفمبر سنة 1947 أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية رقم 186 متتابعة جزء ثالث متنوع سنة 1947 تضمن أن نيقولا ميخائيل حبش قد أوصى بتسع ثروته التى يموت عنها لابنه الذى سماه فريد إسماعيل كامل حبش المقيد فى دفتر مواليد العباسية بهذا الاسم المزروق به من زوجته منيرة عثمانه المسلمة والذى كان نتيجة زواج صحيح شرعى حصل بينهما على كتاب اللّه وسنة رسوله .
خامسا عقد اتفاق بين هذين الزوجين تاريخه 27 - 12 - 1948 ذكر فيه صراحة أنهما تزوجا زواجا صحيحا شرعيا ورزقا بعد المعاشرة بالولد المذكور وفرض على نفسه نفقة لزوجته وولده المذكور شهريا وأن نيقولا ميخائيل حبش كان مسيحيا وأسلم وسمى نفسه إسماعيل كامل حبش وهذه الإقرارات الصادرة من نيقولا ميخائيل حبش المذكور كافية شرعا فى ثبوت إسلامه من تاريخ أول إقرار وهو أول أبريل سنة 1943 ولو لم يرد بها ما يفيد نطقه بلفظ الشهادتين ولاما يفيد تبرؤه من ديانته السابقة
An فى مجمع الأنهر عن الخانية وعن بعض المشايخ إذا قال اليهودى دخلت فى الإسلام يحكم بإسلامه وإن لم يقل تبرأت من اليهودية .
لأن قوله دخلت فى الإسلام إقرار بدخول حادث فى الإسلام .
وأفتى البعض فى ديارنا بإسلامه من غير تبرى وهو المعمول به الآن .
والمجوسى إذا قال أسملت أو قال أنا مسلم يحكم بإسلامه . وعن الحسن بن زياد إذا قال رجل للذمى أسملت أو قال يحكم بإسلامه .
وعن الحسن بن زياد إذا قال رجل للذمى أسلم فقال أسملت كان مسلما .
ومثله فى الفتاوى الانقروية وفى رد المحتار على الدر المختار وفى المغنى لابن قدامة باب المرتد (وإن قال أنا مؤمن أو أنا مسلم قال القاضى يحكم بإسلامه بهذا وإن لم يلفظ بالشهادتين لأنهما اسمان لشىء معلوم معروف وهو الشهادتان فإذا أخبر عن نفسه بما تضمن الشهادتين كان مخبرا بهما .
وروى المقداد أنه قال يارسول اللّه أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلنى فضرب إحدى يدى بالسيف فقطعها ثم لاذ منى بشجيرة فقال أسلمت أفأقتله يا رسول اللّه بعد أن قالها قال لا تقتله فإن قتلته فإنه يمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التى قالها .
وعن عمران بن حصين . قال أصاب المسلمون رجلا من عقيل فأتوا به النبى صلى اللّه عليه وسلم فقال يا محمد إنى مسلم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لو كنت قلت وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح رواهما مسلم) .
وحقق العلامة ابن عابدين فى حاشيته رد المحتار على الدر المختار أن الذمى يهوديا كان أو نصرانيا إذا قال أنا مسلم صار بذلك مسلما فى عرف بلادنا وإن لم يسمع منه النطق بالشهادتين كما صرحك به فى شرح .
وإذا علم أن هذا المقر صار مسلما بهذا الإقرار .
فإذا رجع عنه كان مرتدا شرعا عن دين الإسلام .
ومن هذا يعلم . أن نيقولا ميخائيل حبش الذى تسمى بعد الإسلام باسم إسماعيل كحامل حبش مسلم بمقتضى هذا الإقرار ويعامل معاملة المسملين فى جميع الإحكام الدنيوية كالصلاة عليه إذا مات ودفنه فى مقابر المسملين وإرث ورثته المسملين منه وجواز زواجه بالمسلمة وغير ذلك من الآثار المترتبة على الإسلام دنيويا وأنه إذا ارتد بعد ذلك عن دين الإسلام يعامل شرعا معاملة المرتدين واللّه تعالى أعلم(6/31)
إكراه على الكفر
F علام نصار .
شعبان 1370 هجرية - 23 مايو 1951م
M 1- من أجرى كلمة الكفر على لسانه أو كتبها تحت إكراه وقلبه مطمئن بالإيمان لا يكون بذلك كافرا، وعلى هذا إجماع الأئمة الأربعة .
2- متى زال الإكراه أمر بإظهار إسلامه، فإن أظهره فهو باق على إسلامه
Q من رجل قال اعتنقت الإسلام منذ حوالى عام، وأشهرت إسلامى بإعلام شرعى بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية بتاريخ 19/4/1951 .
وتحت تهديد من عائلتى بالقتل أملى على إقرار كتابى ضد إرادتى وعقيدتى لرجوعى إلى المسيحية، وبما أنى مازلت مؤمنا بقلبى بالإسلام، ومؤديا لجميع الفروض، ومتزوجا من سيدة مسلمة من عائلة كريمة، فقد حررت خطابا رسميا لرئيس المجلس الملى القبطى أعلن فيه إشهارى للإسلام، واستنكارى لما أملى على تحت التهديد، وهذا الخطاب مؤرخ بتاريخ 16/5/1951 ومسجل وتاريخه ثانى يوم لكتابة التهديد .
فهل أعتبر مرتدا عن الإسلام بمجرد كتابى لهذا الإقرار أمام الله، أم لا أزال مسلما كما أعتقد
An إن من أكره على الكفر فأجرى كلمته على لسانه أو كتبها مكرها وقلبه مطمئن بالإيمان لا يكفر بذلك عند الله، ولاتجرى عليه أحكام الكفر، فلا تبين امرأته، ويرثه المسلمون ويرثهم، ويدفن فى مقابرهم، وعلى هذا أجمع الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعى وابن حنبل رضى الله عنهم، واستدلوا بما روى أن عمار بن ياسر رضى الله عنه أخذه المشركون فضربوه حتى تكلم بما طلبوا منه (من الكفر) - فقيل يارسول الله إن عمارا كفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكى فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عينيه ويقول مالك إن عادوا فعدلهم بما قلت قوله تعالى { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } النحل 106 ، ومتى زال الإكراه أمر بإظهار إسلامه فإن أظهره فهو باق على إسلامه .
والله ولى التوفيق(6/32)
الاشهاد على الإسلام رسميا واجب
F حسنين محمد مخلوف .
جمادى الأولى 1373 هجرية - 10 يناير 1954م
Mمن اعتنق الإسلام دينا وجب عليه إشهاره رسميا، وإلا وجبت الحيلولة بينه وبين زوجته المسلمة التى تزوجها بعقد عرفى
Q من رجل قال أنا أنتمى لطائفة الروم الكاثوليك، مولود فى 25 مارس 1877 ومن سنة 1897 بعد مطالعتى للتوارة والإنجيل والقرآن الكريم زاد إيمانى بالرحمة، واعتقادى رسخ فى أن النبى الكريم محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين، فأسلمت من ذاك التاريخ، وعندما أرتل آيات القرآن البعض يحاورنى وأنا أقعنهم أن هذا الإسلام رضاء من رب العالمين - إلى أغسطس 1948 حصل تعارف مع أرملة مسلمة، وتم الاتفاق على الزواج .
ولراحة ضمير الطرفين حررنا عقدا عرفيا شرعيا عند أحد الكتبة العموميين وبشهادة اثنين من المسلمين، وصداق معين، وعلى كتاب الله وسنة رسوله تم هذا الزواج، فبعض إخوان السوء الجهلة قصدوا الإيقاع بيننا لعدم اتخاذه رسميا، ولما سألت البعض الذين لهم معرفة قالوا لماذا لا تشهر إسلامك فقلت لهم أنا مسلم صميم من سنين عديدة، ولو فرضنا أنى كنت شابا وسأتزوج لا أشهر إسلامى حتى لا يقال عنى ليس حبا فى الدين بل لأغراض كثيرة فلراحة ضميرى أرجو التكرم بآرائكم فى صحة هذا الموضوع
An اطلعنا على السؤال والجواب - أنه مادام السائل قد اعتنق الإسلام دينا كما يقول وجب عليه أن يشهر إسلامه رسميا، بعمل إشهاد بذلك أمام الجهة المختصة، حتى يعتبر إسلامه قانونا، وتترتب عليه جميع آثاره، ومنها تزوجه بالمسلمة المذكورة، وإلا وجبت الحيلولة بينها وبينه، حتى لا يعاشرها معاشرة الأزواج، ولا عبرة بقوله إنه لا يشهر إسلامه حتى لايقال إنه أسلم لأغراض أخرى غير اقتناعه بالإسلام والله أعلم(6/33)
اعتناق الإسلام
F حسن مأمون .
30 نوفمبر 1955 م
M 1- الإقرار باعتناق الدين الإسلامى فى الطلب المقدم إلى المحكمة الشرعية يعتد به، ويكون المقر مسلما من تاريخ تقديم الطلب أما الكافة .
2- عند عدم إقراره فى الطلب بذلك يعتد بإسلامه من تاريخ الإشهاد به .
3- لا يعتد بإسلامه فى المدة السابقة على تقديم الطلب بذلك
Q من سائل قال إنه كان مسيحيا منذ ولادته، وبعد الدرس والاطلاع ابتدأ فى اعتناق الدين الإسلامى، وتقدم بطلب إلى المحكمة الشرعية بتاريخ 16/1/1955 وتضمن الإشهاد أنه أشهد على نفسه أنه كان مسيحيا أرثوذكسيا وقد هداه الله إلى الإسلام، واعتنقه، ونطق بالشهادتين، وكان ذلك بتاريخ 3/4/1955، وطلب الإفادة عن تاريخ اعتناقه الإسلام، هل يكون من تاريخ الطلب أو من قبل تاريخ الطلب إذ أنه كان محبا للإسلام من خمس سنوات منذ ابتداء تعليمه أو من تاريخ الإشهاد
An بأن إسلامه المعتد به فى حق الكافة من تاريخ إقراره فى الطلب الذى تقدم به إلى المحكمة وهو - 16/1/1955 - إذا كان قد ذكر فى الطلب أنه اعتنق الدين الإسلامى كما يفهم من الإشهاد، إذ لم يشر فيه إلى إسناد الإسلام لتاريخ سابق على ضبطه فيكون إسلامه من تاريخ الإشهاد وهو - 3/4/1955 - وأما المدة السابقة على تقديم الطلب وهى مدة الميل والتعلم فلا يكون فيها مسلما .
وبهذا علم الجواب عن السؤال والله أعلم(6/34)
عودة المرتد إلى الإسلام
F حسن مأمون .
جمادى الثانية 1378 هجرية - 9 مارس 1958 م
M 1- ردة من أسلم ثم إشهاده بعودته إلى الإسلام صحيح وبه يكون مسلما، ولا أثر لردته السابقة، وتعود به إليه عصمة نفسه وماله .
2- تقديم طلب منه إلى البطريركية برجوعه إلى المسيحية وعدم متابعته له ثم إشهار إسلامه بتاريخ لاحق له يعتبر به طلبه كأن لم يكن ولا أثر له على إسلامه الثانى من صدور قرار فى غيبته بقبول عودته إلى المسيحية .
3- عقده على مطلقته المسلمة بعقد ومهر جديدين صحيح شرعا
Q من السيدة/ بالطلب المقيد برقم 2526 سنة 1958 المضموم إليه الطلب المقدم من زوجها السيد / المقيم معها قالت إن زوجها المذكور كان مسيحيا قبل أن يتزوج منها وأشهر إسلامه بتاريخ 7/12/1957 بإشهاد رقم 15978 سنة 1957، ثم تزوجت به بتاريخ 8/12/1957 لدى المأذون .
وبتاريخ 11/7/1958 طلقها نظير الإبراء بإلحاح وضغط أهلها وهو لايزال مسلما .
ثم بتاريخ 15/7/1958 تقدم إلى البطريركية بطلب رجوعه إسلامه بالإشهاد، ولم يتابع إجراءات هذا الطلب، ثم بتاريخ 9/8/1958 جدد إسلامه بالإشهاد رقم 9545، وعقد عليها من جديد بتاريخ 10/8/1958، ثم بتاريخ 7/10/1958 قرر المجلس الإكليركى للأقباط الأرثوذكسى قبول رجوعه إلى المسيحية فى غيبته بناء على طلبه السابق المؤرخ 15/7/1958 الذى تبرأ منه .
وسألا عن حكم الزواج القائم بينهما الآن فى ضوء هذه الوقائع
An إن المنصوص عليه شرعا أن المرتد هو الراجع عن دين الإسلام بإجراء كلمة الكفر على لسانه بعد الإيمان وهو عاقل صحيح غير مكره على إجرائها وحكمه أنه يعرض عليه الإسلام وتكشف شبهته إن كانت له شبهة، فإن تاب بأن أتى بالشهادتين، وتبرأ عن كل دين سوى دين الإسلام صار مسلما كما كان وتعود إليه عصمة نفسه بمجرد رجوعه إلى الإسلام وكذا عصمة ماله لأنها تابعة لعصمة نفسه .
ومادام أن زوج السائلة قد جدد إسلامه ثانية بمقتضى الإشهاد رقم 9545 بتاريخ 9/8/1958 فإنه على فرض أنه ارتد فعلا بعد إسلامه الأول يكون بذلك راجعا إلى الإسلام، ويصبح وكأنه لم يرتد أصلا .
هذا - وصدور قرار من المجلس الإكليريكى بتاريخ 7/10/1958 بقبول رجوعه إلى الديانه المسيحية بناء على طلبه المشار إليه المقدم منه بتاريخ 15/7/1958 لا يغير من الواقع شيئا، وأن هذا الزوج قد عاد إلى الإسلام وأصبح مسلما فعلا بمقتضى الإشهاد الثانى الصادر بتاريخ 9/8/1958 ولايزال مصرا على الإسلام، كما يتضح ذلك من طلبه، فلا يخرج منه بقرار من المجلس المذكور فى حالة غيبته، وأيضا فإن النص الشرعى يقضى بأن المرتد عن الدين الإسلامى لا دين له، فلا يقبل منه شرعا غير دين الإسلام .
فإن أسلم فبها، وإلا وجب قتله شرعا .
عملا بقوله عليه الصلاة والسلام من بدل دينه فاقتلوه - فقرار المجلس المشار إليه باطل شرعا ونظاما ولا أثر له .
هذا بالنسبة لإسلام هذا الزوج . وأما بالنسبة لعلاقة زوجته (الطالبة) به شرعا فإنه بعد أن تزوجها وهو مسلم فى المرة الأولى طلقها وهو مسلم أيضا نظير الإبراء بتاريخ 11/7/1958 وبذلك بانت منه بينونة صغرى، ثم أعادها إلى عصمته بعقد جديد بتاريخ 10/8/1958 بعد تجديد إسلامه فى 9/8/1958 فيكون زواجه الثانى منها صحيحا شرعا .
والله أعلم(6/35)
إسلام زوجة الكافر فى دار الإسلام ودار الحرب
F أحمد هريدى .
30 نوفمبر 1964م
M 1- إسلام زوجة الكافر وهما فى دار الإسلام يقتضى عرض الإسلام عليه، فإن أسلم فهى امرأته، وإن أبى فرق بينهما، ويكون ذلك بقضاء القاضى .
2- إسلامها وهما فى دار الحرب لا تقع به الفرقة بينهما حتى تحيض ثلاثا إن كانت من ذوات الحيض، وإلا فبمضى ثلاثة أشهر، ثم تبين منه إن لم يسلم قبل انقضاء هذه المدة .
3- الإسلام ليس سببا للفرقة، ولكن الإباء عنه من الزوج هو السبب فيها، وهذا إذا كان إسلامها فى دار الإسلام .
4- عند تعذر عرض الإسلام عليه لكونهما فى دار الحرب - لقصور الولاية - يقام شرط الفرقة وهو هنا مضى الحيض أو المدة مقام السبب هو الإباء .
5- بإسلام زوجها قبل حيضها ثلاثا، أو قبل مضى ثلاثة أشهر يكونان على نكاحهما .
6- خروج أحدهما إلى دار الإسلام بعد إسلام أحدهما فى دار الحرب يكون الحكم كما إذا أسلمت وهما فى دار الحرب لعدم ولاية القاضى على من كان فى دار الحرب .
7- تجب عليها العدة الصاحبين، وتبدأ من عقب وقوع الفرقة بمضى ثلاث حيضات، أو بمضى ثلاثة أشهر، ولا عدة عليها عند أبى حنيفة
Q من السيدة/ بطلبها المقيد برقم 761 سنة 1964 المتضمن أنها تحمل جنسية جمهورية بورما وكانت تدين بالمسيحية، وتزوجت من المدعو / الإنجليزى الجنسية والمسيحى الديانة، وكانت تقيم معه فى بورما، وفى شهر يونية سنة 1962 تركته وذهبت إلى إنجلترا للدراسة وأقامت بلندن .
أما زوجها فقد عاد إلى بلده أقام بها حتى الآن بمفرده وحدث أثناء إقامتها بلندن للدراسة أن درست تعاليم الدين الإسلامى وصممت عن اقتناع على الدخل فى الإسلام، وفعلا أشهرت إسلامها فى يناير سنة 1964 فى المركز الإسلامى بلندن، وحصلت على إشهاد بذلك، وعندما علم زوجها بإسلامها أخذ فى مضايقتها ومطاردتها غير آبه باختلاف الدين مع أن صلته به قد انقطعت منذ سنة 1962 عند مغادرتها بورما إلى إنجلترا للدراسة، وأنها اضطرت إثر مالاقته من متاعب ومطاردة من زوجها إلى البحث عند بلد إسلامى تلجأ إليه لحمايتها، ولتحصل على رأى الدين فى عقد زواجها من زوجها المسيحى، وقد حضرت إلى الجمهورية العربية المتحدة فى الثانى من شهر أبريل سنة 1964 وطلبت السائلة الإفادة عن الآتى : 1- مصير عقد زواجها من هذا الإنجليزى المسيحى عد إسلامها وهجرتها إلى بلد إسلامى ووجوده ببلد مسيحى هى إنجلترا، وهل تقرير مصير هذا العقد يحتاج إلى حكم القاضى للتفريق بينهما، أم يق بمجرد إسلامها ووجودها ببلد إسلامى ووجود الزوج فى دار حرب 2-إذا اعتبر أن عقد الزواج مفسوخ منذ إسلامها فى يناير سنة 1964 فهل هذا الأمر يحتاج إلى عدة قبل زواجها من مسلم، أم لا يحتاج إلى ذلك
An المنصوص عليه فى مذهب الحنفية أنه إذا أسلمت المرأة وزوجها غير مسلم وكانا فى دار الإسلام عرض عليه الإسلام من القاضى، فإن أسلم فهى امرأته وإن أبى فرق بينهما .
أما إذا كانا فى غير دار الإسلام وأسلمت الزوجة وزوجها غير مسلم لم تقع الفرقة بينهما حتى تحيض ثلاث حيض إن كانت ممن تحيض، وإلا فبعد مضى ثلاثة أشهر، ثم تبين من زوجها إن لم يسلم قبل انقضاء هذه المدة .
قال صاحب الهداية وإذا أسلمت المرأة وزوجها كافر عرض عليه الإسلام فإن أسلم فهى امرأته، وإن أبى فرق القاضى بينهما .
لأن المقاصد قد فاتت، فلا بد من سبب تبنى عليه الفرقة، والإسلام طاعة فلا يصلح سببا فيعرض الإسلام لتحصل المقاصد بالإسلام أو تثبت الفرقة بالإباء .
ثم قال وإذا أسلمت المرأة فى دار الحرب وزوجها كافر لم تقع الفرقة عليها حتى تحيض ثلاث حيض ثم تبين من زوجها .
وهذا لأن الإسلام ليس سببا للفرقة، وعرض الإسلام متعذر لقصور الولاية، ولابد من الفرقة دفعا للفساد، فأقمنا شرطها وهو مضى الحيض مقام السبب كما فى حفر البئر ولا فرق بين المدخول بها وغير المدخول بها .
وقال صاحب الفتح تعليقا على قول صاحب الهداية حتى تحيض ثلاث حيض إن كانت ممن تحيض وإلا فثلاثة أشهر، فإن أسلم الآخر قبل انقضاء هذه المدة فهما على نكاحهما وإن لم يسلم حتى انقضت وقعت الفرقة، وقال صاحب تبيين الحقائق (ولو أسلم احدهما ثمة فى دار الحرب لم تبن حتى تحيض ثلاثا، فإذا حاضت ثلاثا بانت، ثم قال وكذلك الحكم إذا خرج أحدهما إلى دار الإسلام بعد إسلام أحدهما فى دار الحرب لا تقع الفرقة بينهما حتى تحيض ثلاث حيض، لعدم ولاية القاضى على من بقى فى دار الحرب، فما لم يجتمعا فى دار الإسلام لا يعرض على المصر سواء خرج المسلم أو الآخر .
ثم إذا وقعت الفرقة بعد انقضاء الحيض الثلاث تلزمها العدة عند الصاحبين، ولا تلمها عند أبى حنيفة .
وبما أن السائلة أسلمت فى لندن فى يناير سنة 1964 وزوجها مسيحى يقيم بلندن فلا تقع الفرقة بينها وبين زوجها إلا بعد مضى ثلاث حيض إن كانت ممن تحيض، أو مضى ثلاثة أشهر إن كانت من غير ذوات الحيض من تاريخ إسلامها، من غير حاجة إلى عرض الإسلام أو إلى حكم القاضى، ثم إذا وقعت الفرقة بعد انقضاء الحيض الثلاث لزمها قبل أن تتزوج من آخر عدة عند الصاحبين، ولا يلزمها عند أبى حنيفة، فيحل لها الزواج بعد انقضاء الحيض الثلاث الأول التى تقع بعدها الفرقة عنده، وبعد انقضاء العدة عقب الفرقة عندها .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال .
والله أعلم(6/36)
إسلام زوجة الكتابى
F أحمد هريدى .
ربيع الآخر 1385 هجرية - 12 يولية 1965 م
M 1- بإسلام زوجة الكتابى يعرض الإسلام على زوجها، فإن أسلم فهى امرأته، وإلا فرق القاضى بينهما بتطليقة بائنة قبل الدخول كان ذلك أم بعده .
2- ينقص هذا التفريق من عدد طلقاته عليها، بمعنى أنه إذا أسلم بعد ذلك وتزوجها قبل زواجها من آخر لا يكون له عليها سوى طلقتين فقط .
3- تجب عليها العدة من تاريخ صدور حكم التفريق وتجب نفقتها عليه مادامت فى العدة .
4- الولد يتبع خير الأبوين دينا
Q من السيدة/ بالطلب المقيد برقم 480-1965 المتضمن أنها كانت مسيحية الديانة ومتزوجة ورزقت ببنتين .
الأولى سنها سنة ونصف والثانية تسعة أشهر، وقد اعتنقت السيدة المذكورة الدين الإسلامى عن يقين وإيمان مؤمنة بأنه الدين الحق الذى يجب اعتناقه، وأشهرت إسلامها بإشهاد رسمى صادر من مكتب توثيق القاهرة رقم 5791 بتاريخ 14/7/1965 وطلبت السائلة بيان الآتى : 1- هل تعتبر منفصلة عن زوجها المسيحى من تاريخ شهر إسلامها 14/7/1965 .
2- هل من حق زوجها المسيحى أن يدعى أن الزوجية بينهما لاتزال قائمة تأسيسا على أن العدة لم تنقض بعد .
3- وإذا أشهر الزوج إسلامه بعد إسلامها وقبل انقضاء عدتها فهل تعتبر الزوجية بينهما قائمة
An المنصوص عليه فى فقه الحنفية أنه إذا أسلمت زوجة الكتابى (المسيحى أو اليهودى) عرض الإسلام على الزوج، فإن أسلم بقيت الزوجية بينهما .
وإن لم يسلم حكم القاضى بالتفريق بينهما بإبائه عن الإسلام، وبهذا الحكم تنقطع العلاقة الزوجية بينهما ولا سلطان له عليها .
ويكون هذا التفريق طلاقا بائنا سواء أكان قبل الدخول أم بعده فلا يملك مراجعتها وينقص بهذا الطلاق عدد الطلقات التى يملكها الزوج على زوجته، حتى لو أسلم بعد ذلك وتزوجها قبل أن تتزوج غيره لا يكون له عليها سوى طلقتين إذا كانت طلقة التفريق غير مسبوقة بطلاق آخر، وتجب عليها العدة وهى أن ترى الحيض ثلاث مرات كوامل من تاريخ صدور حكم التفريق إن كانت من ذوات الحيض، وأقل مدة تصدق فيها أنها رأت الحيض ثلاث مرات كوامل ستون يوما أو أن تضع حملها إن كانت حاملا، أما إذا لم تكن من ذوات الحيض ولا حاملا بأن كانت صغيرة لا تحيض أو كبيرة وبلغت سن اليأس، فعدتها ثلاثة أشهر من تاريخ الطلاق أى الفرقة وجملة ذلك تسعون يوما - ويجب على الرجل نفقة العدة لهذه المرأة إذا كان هناك دخول، لأن المانع من استمرار الزواج قد جاء من جهته بسبب إبائه عن الإسلام، وكذلك يقع طلاقه عليها إذا طلقها مرة أخرى وهى فى العدة .
هذا - والمقرر شرعا أن الولد يتبع خير الأبوين دينا، وأن حضانة الصغير مقررة شرعا للأم مالم يعقل الولد الأديان أو يخاف أن يألف الكفر .
وطبقا لما ذكرنا فبإسلام السائلة زوجة المسيحى لا تقع الفرقة بينهما قبل عرض القاضى الإسلام عليه وإبائه عن الإسلام وتفريق القاضى بينهما بهذا الإباء، فإذا أسلم الزوج المذكور عند عرض القاضى الإسلام عليه فهى زوجته، وإن أبى فرق القاضى بينهما، ويعتبر هذا التفريق طلاقا بائنا كما أسلفنا، وبه تنقطع العلاقة الزوجية بينهما، ولا سلطان للزوج عليها حتى ولو أسلم بعد ذلك سواء أكان إسلامه أثناء العدة أم بعدها ويكون أولادها الصغار مسلمين تبعا لها، لأن الولد يتبع خير الأبوين دينا، وحق حضانتهم ثابت شرعا متى كانت أهلا للحضانة حتى يبلغوا السن المقررة للحضانة، ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال، والله سبحانه وتعالى أعلم(6/37)
تغيير الاسم ليس شرطا للدخول فى الإسلام
F جاد الحق على جاد الحق .
رمضان 1399 هجرية - 4 أغسطس 1979 م
M 1 - جمهور علماء المسلمين على أن الإسلام والأيمان نطق باللسان وعمل بالأركان .
2 - الدخول فى الإسلام يكون بالنطق بالشهادتين والتبرؤ مما سوى دين الإسلام ولا يشترط فى ذلك النطق باللغة العربية .
3 - تغيير الاسم ليس من الشروط الضرورية للدخول فى الإسلام ولكن الأولى اتخاذ اسم من أسماء المسلمين
Q بالطلب المقدم من السيد / .
المتضمن أن أحد أصدقائه وهو إنجليزى مسيحى كاثوليكى يرغب فى اعتناق الإسلام، ويطلب عما إذا كان تغيير اسمه إلى اسم إسلامى يعتبر شرطا لتمام إسلامه أولا
An إن جمهور علماء المسلمين على أن الإسلام والإيمان عند الله تعالى نطلق باللسان وعمل بالأركان، ويريدون بهذا أن الأعمال شرط تمام الإسلام، ثم إن أركان الإسلام هى المبينة فى الحديث الذى رواه البخارى مسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان) والدخول فى الإسلام يكون بالنطق بالشهادتين والتبرؤ من الأديان كلها سوى الإسلام فإذا كان الداخل فى الإسلام نصرانيا تبرأ من النصرانية وشهد بأن عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله ويشهد كذلك بأنه دخل فى الإسلام، ولا يشترط فى كل ذلك النطق باللغة العربية، بل بأى لغة يحسن الحديث بها وأن يعتقد اسم معتنق الإسلام إلى اسم إسلامى أو أن هذا ليس من الشروط الضرورية للدخول فى الإسلام بالنظر فى الأحاديث النبوية الشريفة وأقوال الفقهاء .
نرى أن تغيير الاسم ليس من الشروط الضرورية للدخول فى الإسلام، من اسمه، واستقر العرف كذلك على أن للمسلمين أسماء تجرى بينهم ولكل ديانة أخرى كاليهودية والمسيحية أسماء كذلك يتعارفونها، فالأولى للداخل فى الإسلام أن يتخذ له اسما من أسماء المسلمين لأنه مظهر من مظاهر الإسلامية، ولأن العرف السليم له فى الإسلام اعتبار فى الأحكام الشرعية والله سبحانه وتعالى أعلم(6/38)
الإسلام الثابت لا يزول بالشك
F جاد الحق على جاد الحق .
صفر 1399 هجرية - 21 يناير 1979 م
M 1 - المقرر شرعا أن المسلم يعتبر مرتدا عن الإسلام إذا نطق بكلمة الكفر صريحا، أو تلفظ بما يقتضى الكفر لجحوده حكما معلوما بالضرورة فى الإسلام .
2 - متى ثبت ارتداد المسلم عن الإسلام على هذا الوجه ترتبت عليه الآثار المقررة شرعا .
3 - من اعتنق الإسلام قانعا مختارا، أو أشهر ذلك رسميا، واخذت الشركة التى يعمل بها التغييرات اللازمة بوصفه مسلما، ثم تقدم إلى الشركة تحت ضغط رجال الدين المسيحى طالبا إعادة اسمه إلى ما كان عليه لا يعتبر ذلك منه ردة، وعلى الشركة ألا تسايره فيما طلب
Q بالطلب المقدم من الشركة المصرية لتعبئة الزاجات المؤرخ 22/5/1977 المقيد برقم 187 سنة 1977 المتضمن أن شخصا اعتنق الدين الإسلامى بموجب إشهاد رسمى رقم 7100 بتاريخ 16/6/1975 وغير اسمه وتقدم بطلب لإدارة الشركة التى يعمل بها لاتخاذ اللازم لإخطار الجهات الرسمية بهذا التغيير، وفعلا تم تغيير الاسم فى سجلات الشركة، وأثناء اتخاذ باقى الإجراءات بالنسبة للتأمينات الاجتماعية عاد هذا الشخص وقد طلبا بأنه وقع تحت ضغوط رجال الدين المسيحى وتسلموا منه إشهار الإسلام بعد أن وقع عليه بالتنازل - كما قدم طلبا للشركة لإعادة اسمه إلى ما كان عليه لإنهاء المشاكل المترتبة على إشهار إسلامه، بعد أن قرر أن إسلامه لا رجوع فيه، وأنه فى القلب وأمره مع الله سبحانه وتعالى .
وقد طلبت منه الشركة أن يقوم بإلغاء إشهار إسلامه فلم يتمكن .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع، وهل يجوز أن تعيد الشركة اسمه إلى ما كان عليه أم يظل كما هو بالاسم الجديد
An المقرر شرعا أن المسلم يعتبر مرتدا عن الإسلام إذا نطق بكلمة الكفر صريحا أو تلفظ بما يقتضى الكفر لجحوده حكما معلوما بالضرورة فى الإسلام، كما إذا أنكر فرضية الصلوات الخمس، أو صلاة الجمعة، أو صوم شهر رمضان، أو استحل الزنا، أو فعل ما يقتضى الكفر .
ومتى ثبت ارتداد المسلم عن الإسلام على هذا الوجه ترتب عليه الآثار المقررة شرعا .
ولما كان الظاهر من السؤال أن الشخص المسئول عنه قد اعتنق الإسلام طائعا مختارا وأشهر ذلك رسميا، واتخذت الشركة التغييرات اللازمة فى سجلاتها بوصفه مسلما، ثم إنه تقدم بطلب آخر راغبا العودة إلى اسمه الأول ج - س - ز - وأن هذا كان لوقوعه تحت ضغط رجال الدين المسيحى الذين تسلموا منه إشهار الإسلام بعد أن وقع عليه بالتنازل .
لما كان ذلك فإن هذا لا يعتبر ردة عن الإسلام بالمعنى السابق ذكره، لأن المقرر شرعا أن الرجل المسلم لا يخرجه عن الإسلام إلا جحود ما أدخله فيه، ثم ما ثبت يقينا أنه ردة، إذ الإسلام الثابت لا يزول بالشك .
وعلى ذلك فلا يجوز للشركة أن تسايره فيما طلب . ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/39)
ردة
F جاد الحق على جاد الحق .
جمادى الآخرة 1399 هجرية - 2 مايو 1979 م
M 1 - باعتناق المسلم للديانة المسيحية وتسميه باسم مسيحى يصير مرتدا عن دين الإسلام .
2 - يقضى الحكم الشرعى بقتل المسلم الذى بدل دينه إذا أصر على ردته ولم يتب ولم يرجع إلى الإسلام متبرئا مما فعل، وهذا لا يتنافى مع الحرية الشخصية .
3 - إذا كان واقع الحال أن حد الردة غير منفذ الآن، فإن حماية المجتمع تقضى بإنزال العقوبات التأديبية السريعة الرادعة باعتباره مخالفا للنظام العام
Q طلبت وزارة التربية والتعليم - مكتب الوزير - بكتابها رقم 7/1337 سرى المؤرخ 29/4/1979 إبداء الرأى فيما يقتضى اتخاذه قبل السيد /أ ك أ المدرس بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية واعتناقه الديانة المسيحية وتسميه باسم م ع
An نفيد أن ما فعله هذا الرجل يصير به مرتدا عن دين الإسلام، وأن الحكم الشرعى يقضى بقتل المسلم الذى بدل دينه إذا أصر على ردته ولم يتب ولم يرجع إلى الإسلام متبرئا مما فعل، وهذا الحكم لا يتنافى مع الحرية الشخصية لأن حرية العقيدة لا تستتبع الخروج عن الإسلام بمؤثرات المادة أو التضليل .
وإذا كان واقع الحال أن حد الردة - بقتل المرتد إذا أصر على ردته - غير منفذ الآن فإن حماية المجتمع المدرسى الذى يعمل فيه هذا الرجل تقضى بإنزال العقوبات التأديبية السريعة الرادعة باعتباره صاحب فكر ملحد ومخالف للنظام العام الذى تأمر القوانين بالتزامه .
فقد نص الباب الأول من الدستور - وهو خاص بالدولة - فى المادة الثانية على أن دين الدولة الإسلام، وأن لغتها الرسمية اللغة العربية ، وأن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع .
وهذا يقطع بأن نظام الدولة العام هو الإسلام، وأن خروج المسلم عن هذا الدين يعتبر خروجا عن النظام العام للدولة، الأمر الذى يستتبع المساءلة التأديبية على هذا الجرم .
وهذا الشخص بحكم عمله التربوى ووضعه بين الطلاب والمدرسين والعمال يصبح خطرا على فكر هؤلاء جميعا من حيث إثارة الفتنة بين طوائف الأمة، بل إنه بخروجه عن دين الإسلام يعتبر قد خرج على مقتضى واجبات وظيفته التربوية لارتباطها بعقيدته وسلوكه، ولا شك أن من المخالفات التأديبية الأساسية الخروج على النظام العام للدولة - وإذ كانت شريعة الإسلام تأمر باستتابة المرتد عنها ونصحه وإزالة شبهته فإنى (وإلى أن يتم اتخاذ الإجراءات التأديبية) أقترح الآتى : أولا - انتداب هذا الشخص فورا لعمل مكتبى بعيدا عن البيئة التى افتتن فيها، وإبعادا له عن الطلاب والمدرسين والعمال الذين يعرفون ما وقع فيه .
ثانيا - استتابته ونصحه وإزالة شبهته الدينية بمعرفة أحد علماء المسلمين المختصين حتى تتضح هويته والمغريات التى تعرض لها ومن هم وراء تضليله، فإن كثيرا من الأفكار الملحدة المستوردة تلبس الآن ثوب الدين أو الخروج عليه لإحداث الفتن والخلافات بين عنصرى الأمة الأمر الذى يجب أن يشد انتباه المسئولين فى كل المواقع .
ثالثا - لما كان ما وقع فيه هذا الشخص مخالفا للنظام العام للدولة فإنه لا يقر عليه، ومن أجل هذا فواجب الإدارة ألا تسايره فى تغيير اسمه وديانته فى الأوراق الرسمية .
رابعا - اتخاذ الإجراءات التأديبية ضده كموظف عمومى تربوى خرج على النظام العام للدولة وعلى مقتضيات وظيفته بهذا الاعتبار حتى ينال جزاءه تأديبيا بعد إذ تعذر مساءلته جنائيا .
هدانا الله جميعا إلى الاعتصام بالإسلام دينا عقيدة وشريعة(6/40)
ردة وعودة إلى الإسلام
F جاد الحق على جاد الحق .
جمادى الأولى 1401 هجرية - 28 مارس 1981 م
M 1 - المرتد هو البالغ العاقل الذى يرجع عن الإسلام طوعا .
إما بالتصريح بالكفر، وإما بلفظ يقتضيه، أو بفعل يتضمنه .
2 - من الفعل الذى يصير به المسلم مرتدا السعى إلى كنائس المسيحيين أو معابد اليهود ودخولها وتأدية طقوسهم .
3 - الشبان المسلمون الذين ذهبوا إلى الكنائس المسيحية اليونانية وأعلنوا اعتناق الدين المسيحى دون إكراه وإنما طواعية بقصد الزواج وتيسير الإقامة والعمل .
زواجهم باطل ومعاشرتهم لزوجات المسيحيات اليونانيات من باب الزنا فى حكم الإسلام .
4 - تقبل توبة المرتد عن الإسلام لأن الردة من كبائر المعاصي .
5 - باعتذارهم بأنهم ما غامروا بما قالوا وما فعلوا إلا ابتغاء الزواج من مواطنات يونانيات فإنه تصحيحا لمواقفهم وتعاملهم شرعا يتبع الآتى (أ) يشهرون توبتهم بأعلام رسمى بين يدى القنصل بالسفارة المصرية .
(ب) يعدون زواجهم من جديد مع زوجاتهم اليونانيات وفقا لحكم الإسلام .
(ج) أولادهم ثمرة للزواج الأول وقبل تجديده فى نطاق أحكام الإسلام يثبت نسبهم منهم وتثبت ديانتهم على أنهم مسلمون تبعا لآبائهم .
(د) أقضية الأحوال الشخصية بالنسبة لهم تحكمها القواعد الإسنادية المبينة فى المواد 12، 13، 14 من القانون المدنى المصرى 131 لسنة 1948
Q من السيد الوزير المفوض أ ن م القنصل العام بسفارة جمهورية مصر العربية بأثينا - اليونان .
بخطاب السفارة الرقيم 32 المؤرخ 12/3/1981 والذى قيد برقم 93 لسنة 1981 م وقد جاء به إن بعض الشباب المسلم المقيم فى اليونان أقدم على الزواج من مواطنات يونانيات فى الكنيسة طبقا لما تقضى به طقوس الكنيسة اليونانية، وهى تلزم هذا الشباب بإعلانه اعتناق الدين المسيحى لإتمام الزواج، وحتى يتمكن فى ذات الوقت من الحصول على اعتراف السلطات اليونانية بقانونية هذا الزواج، وما يترتب عليه من حصوله على حق الإقامة والعمل فى اليونان .
ولقد عاد هذا الشباب بعد ذلك مبديا رغبته فى استخراج شهادات ميلاد لأولادهم من الزوجات اليونانيات، باعتبار أن الأولاد مسلموا الديانة وطالبوا إعادة إشهاد إسلامهم وعقد زواجهم مرة أخرى طبقا للشريعة الإسلامية، معلنين أن انضمامهم للديانة المسيحية أثناء زواجهم بالكنسية كان أمرا شكليا بعيدا عما استقر فى القلب، بغية إتمام الزواج من مواطنات يونانيات لتيسير سبل العمل والإقامة فى اليونان .
فما حكم صنيع هذا الشباب ، وهل كانوا بإتمام الزواج بالكنيسة ليسوا فى حكم المرتدين عن الإسلام ، وما حكم معاملة هؤلاء الشباب شرعا فيما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية
An إن المرتد هو البالغ العاقل الذى يرجع عن الإسلام طوعا، إما بالتصريح بالكفر وإما بلفظ يقتضيه، أو بفعل يتضمنه، ومن الفعل الذى يصير به المسلم مرتدا، السعى إلى كنائس المسيحيين أو معابد اليهود، ودخولها وتأدية طقوسهم .
لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أن شباب المسلمين المسئول عنهم، قد ذهبوا إلى الكنائس المسيحية اليونانية وأعلنوا اعتناق الدين المسيحى دون إكراه، وإنما طواعية بقصد الزواج وتيسير الإقامة والعمل، كان من فعل ذلك مرتدا عن الإسلام .
ولما كانت تصرفات المرتد التى تعتمد الملة باطلة، فقد اتفق فقهاء المسلمين على أن زواج المرتد باطل سواء تزوج بمسلمة أو كتابية .
وإذ كان ذلك ك كان زواج هؤلاء المرتدين، بإعلانهم اعتناق الدين المسيحى وتزوجهم طبقا لطقوس الكنيسة زواجا باطلا وكانت معاشرتهم لزوجاتهم المسيحيات اليونانيات من باب الزنا فى حكم الإسلام .
ولما كان المرتد عن الإسلام تقبل توبته، لأن الردة من كبائر المعاصى وقد قال الله سبحانه { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما } النساء 48 ، وقال جل شأنه { قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } الزمر 53 ، وإذ هداهم الله وأبقى قلوبهم عامرة بالإيمان، موقنة بالإسلام واعتذروا بأنهم غامروا بما قالوا وما فعلوا ابتغاء الزواج من مواطنات يونانيات ،فإنه تصحيحا لمواقفهم وتعاملهم شرعا وقانونا يتبع الآتى : أولا - يشهرون توبتهم بإعلام رسمى بين يدى القنصل العام بالسفارة المصرية باليونان ويثبت فى الإشهاد وبعد نطقهم بأنهم تابوا إلى الله سبحانه عما فعلوا وعما قالوا، وأنهم يشهدون أن لا إليه إلا الله وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله إلى الناس كافة، وأنهم برئوا من كل دين يخالف دين الإسلام ، ويستغفرون الله سبحانه من كل قول أو فعل صدر منهم مخالفا لعقيدة الإسلام وشريعته، وذلك بعد التثبت من شخصياتهم .
ثانيا - يعقدون زواجهم من جديد من زوجاتهم المواطنات اليونانيات ولو بقيت زوجاتهم على دينهن المسيحى، لأن الله سبحانه أباح للمسلم التزوج بالمسيحية واليهودية فى قوله تعالى { اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو فى الآخرة من الخاسرين } المائدة 5 ، ويكون تجديد عقود زواج هؤلاء الشبان وفقا لحكم الإسلام، أى بإيجاب وقبول بأن تقول المرأة للرجل زوجتك نفسى على كتاب الله القرآن الكريم وعلى سنة محمد رسول الله، وأن يجيبها الرجل فورا قبلت زواجك لنفسى على ذلك فى حضور شاهدين مسلمين، ويجوز أن يكونا مسيحيين أو يهوديين أو أحدهما غير مسلم، وأن يسمع الشاهدان الإيجاب والقبول بلغة يفهمانها ويعرفان أن ما سمعاه عقد زواج .
ثالثا - إذا كان قد ولد لهؤلاء الشبان أولاد من الزواج الأول فى الكنيسة وقبل تجديده فى نطاق أحكام الإسلام يثبت نسبهم من آبائهم وتثبت ديانتهم على أنهم مسلمون تبعا للآباء الذين تابوا عن الردة ورجعوا بالتوبة مسلمين، ويؤخذ إقرارهم ببنوة الأولاد إقرارا صحيحا ثابتا رسميا .
رابعا - فى شأن معاملة هؤلاء الشباب فيما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية فإنه قد جرى نص المادة 14 من القانون المدنى المصرى 131 لسنة 1948 بأنه فى الأحوال المنصوص عليها فى المادتين السابقتين ( 12، 13 ) إذا كان أحد الزوجين مصريا وقت انعقاد الزواج يسرى القانون المصرى وحده فيما عدا شرط الأهلية للزواج .
لما كان ذلك كانت أقضية الأحوال الشخصية بالنسبة للمسئول عنهم تحكمها القواعد الإسنادية المبينة فى المواد 12، 13، 14 من هذا القانون فى شأن تنازع القوانين من حيث المكان .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/41)
الردة بالفعل أو بالقول
F جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الأول 1401 هجرية - 27 يناير 1981 م
M1 - إنابة المسيحى - الذى أسلم وتزوج بمسلمة - غيره فى تجديد جواز سفره المدون به ديانته السابقة لا يعتبر بها مرتدا
Q بالطلب المقيد برقم 26 لسنة 1981 الذى جاء به أن رجلا كان مسيحيا وأسلم ثم تزوج بمسلمة، وقد كان لهذا الرجل قبل إسلامه جواز سفر أوشكت مدته على الانتهاء، وعهد به إلى صديق له ليقوم بتجديده واستخراج جواز سفر آخر جديدا بديلا للجواز الذى أوشكت مدة صلاحيته على الانتهاء، وقد قام هذا الصديق باستخراج جواز السفر الجديد مطابقا للجواز القديم الذى كان له قبل الإسلام من حيث البيانات جميعها - الديانة والحالة الاجتماعية - أعزب .
والاسم والسن ،كما كان ثابتا بالجواز القديم المحرر قبل الإسلام ، وقد أعتذر الصديق الذى قام باستخراج جواز السفر الجديد عن هذا بأنه رغب فى الإسراع فى استخراجه .
ولقد سافر الزوجان إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأقاما هناك حوالى عامين، لم يخالف الزوج تعاليم الإسلام، ولم يباشر أى شىء من الطقوس الدينية التى كان يباشرها قبل اعتناقه الإسلام .
ثم تصادف أن اطلعت الزوجة على جواز سفر زوجها، ولما رأت بياناته عن الديانة وغيرها تشككت فى أمره، وقيل لها إن زوجها بهذا العلم - الذى باشره غيره - قد ارتد عن الإسلام، فى حين أن الزوج لم يرتد ولم يباشر أى شىء يخالف الإسلام وتعاليمه، وقد أبت الزوجة معاشرة زوجها، وتركت منزل الزوجية، اعتقادا منها أنه باستخراجه جواز السفر بالبيانات التى كانت قبل إسلامه - التى حررت بفعل غيره - قد ارتد والعياذ بالله، وهى فى الوقت نفسه متألمة من معاشرته إياها قبل علمها بما دون فى هذا الجواز من بيانات .
فما الحكم الشرعى فى ذلك - وهل الزوجة محقة فى تركها زوجها معتقدة ردته عن الإسلام أم لا
An إن المستخلص مما جاء فى هذا السؤال أن الزوج المسئول عنه لم يحرر بنفسه بيانات جواز السفر، ومنها ديانته قبل اعتناقه الإسلام، وأنه أعزب، وإنما حرر تلك البيانات صديق له أنابه فى استخراج هذا الجواز، وأنه قد عاش مع زوجته المسلمة قرابة العامين فى الولايات المتحدة مسلما، لم يخالف الإسلام أو تعاليمه، ولم يصدر منه ما يصير به مرتدا عن الإسلام .
ولما كان المرتد - فى اللغة - هو الراجع مطلقا، وفى اصطلاح فقهاء الشريعة الإسلامية هو الراجع عن دين الإسلام، وركن الردة إجراء كلمة من كلمات الكفر على اللسان بعد الإسلام والإيمان .
وشروط وقوع الردة أن تقع من مسلم عاقل يقظ طوعا واختيارا، ويجرى مجرى النطق بألفاظ الكفر كتابتها أو كلمة منها بنفسه، مدركا معناها ومرماها مع تحقق تلك الشروط .
فإذا كان هذا الزوج لم يكتب بنفسه فى أوراق جواز سفره ديانته قبل إسلامه، ولم يصدر منه منذ اعتناق دين الإسلام ما يخرجه عن هذه العقيدة، وكان ما دون بجواز السفر من فعل غيره لم يكن مسئولا عنه فى عقيدته، فلا يعتبر به مرتدا عن الإسلام، ولا يحاج به فى هذا الشأن، لأن الردة عن الإسلام ذاتية أى بفعل أو قول صادر من ذات المسلم بالشروط المتقدمة .
وإذ كان ذلك لم يكن لأحد اعتبار هذا الرجل مرتدا بما لم يقله أو يكتبه وإنما كتبه غيره، إذ أن الإسلام والارتداد عنه - والعياذ بالله سبحانه - لا بد أن يصدر من ذات الإنسان حتى تجرى عليه الأحكام الشرعية المقررة على المسلم أو المرتد، ففى القرآن الكريم قوله تعالى { ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى } الأنعام 164 ، وقوله { ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى } الإسراء 15 ، وقوله { أم لم ينبأ بما فى صحف موسى .
وإبراهيم الذى وفى .
ألا تزر وازرة وزر أخرى . وأن ليس للانسان إلا ما سعى } النجم 36 ، 37 ،38 ، 39 ، وإذ كان الأمر على هذا الوجه، لم يصر به هذا الزوج مرتدا عن الإسلام، وكانت معاشرته لزوجته المسلمة معاشرة زوج مسلم، ولم يجز لها شرعا ترك معايشته أو معاشرته، متى كان بينا لها صدق هذه الوقائع وصدقته فيها، وما لم يكن هناك سبب شرعى آخر لاجتنابه .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/42)
قتل الانسان نفسه ليس سبيلا إلى النجاة
F عبد المجيد سليم .
صفر 1362 هجرية - 22 فبراير 1943 م
Mقتل الإنسان نفسه ليس سبيلا إلى نجاته من عذاب اللّه بل هو مما يزيد فى الآثام والذنوب، فهو كبيرة من أعظم الكبائر، وإنما السبيل إلى النجاة من العذاب هو التوبة الصادقة بالندم والعزم الصادقين على عدم العودة
Q شاب مسلم فشل فى دراسته، فأخذ فى البحث عن عمل يبعده عن الأفكار الأثيمة التى تراوده فلم ينفع، ووجد نفسه قد صار فى طريق المعصية بعد طاعة اللّه .
وأخذ يحاسب نفسه فى يوم ما ووجد ما ينتظره من عذاب فى الآخرة، ففكر فى قتل نفسه لعل اللّه يغفر له .
ولكنه قرأ قول اللّه تعالى { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب اللّه عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما } النساء 93 ، وإزاء حيرته طلب بيان الحكم الشرعى فى ذلك
An اطلعنا على كتابكم هذا .
ونفيد أن السبيل لك إلى نجاتك من عذاب اللّه أن تتوب إلى اللّه توبة صادقة خشية منه سبحانه وتعالى وخوفا من عقابه بأن تندم ندما صادقا من قلبك على ما اقترفت .
فإذا وجد الندم والعزم الصادقان وانكسر قلبك ذلا لله وخوفا من عقابه .
كانت توبتك حينئذ صادقة، ونجاك اللّه من عذاب ما اقترفت من سيئات، وفرح اللّه بهذه التوبة أكمل فرح وأتمه .
كما يدل على ذلك الحديث الصحيح عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد تكون بهذه التوبة أكرم عند اللّه وأفضل منك قبل حصول الذنب الذى تبت منه .
أما قتلك نفسك فليس سبيلا إلى نجاتك من عذاب اللّه، بل هو مما يزيد فى آثامك وذنوبك، فإنه كبيرة من أعظم الكبائر .
وربما كانت شرا أكبر مما اقترفت من سيئات وذنوب .
فقاتل نفسه أشد وزرا من قاتل غيره .
وإنما السبيل إلى نجاتك ما هديناك ودللناك عليه . واللّه أسأل أن يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه ويجنبك الزلل فى القول والعمل والسلام، واللّه أعلم(6/43)
ردة الزوجة لا تقتضى فسخ نكاحها
F محمد عبده .
جمادى الأولى 1317 هجرية
M 1 - لا ينفسخ النكاح ولا تقع الفرقة بمجرد ردة الزوجة وتبقى على عصمة زوجها .
2 - المهر واجب على الزوج بالدخول ولا يسقط بردتها
Q زوجة ارتدت عن الإسلام بقصد فسخ النكاح وعادت إلى الإسلام فورا فهل يفسخ النكاح ردا لقصدها أولا يفسخ ولا ينفذ قصدها .
وإذا فسخ فما حكم الصداق .
هل يقرر على الزوج بالدخول أو يلزمها حيث إن الفسخ من جهتها وأن الزوج تركها من مدة ثلاثة شهور ولم يسأل عنها إلى الآن
An قال فى الفتح قد أفتى الدبوسى والصفار وبعض أهل سمرقند بعدم وقوع الفرقة بالردة ردا عليها .
وغيرهم مشوا على الظاهر .
ولكن حكموا بجبرها على تجديد النكاح مع الزوج . ولما كان الإجبار على النكاح غير متيسر ولانفاذ له وكان كثير من الزوجات قد اتخذن دينهن لعبة يخلعنه كلما أدرن التخلص من أزواجهن وهى وسيلة من أقبح الوسائل وجب لذلك إقفال هذا الباب فى وجوههن خصوصا مع تعذر إجراء أحكام الردة عليهن كما هو معلوم فلهذا لا ينفسخ النكاح ولا تقع الفرقة بمجرد ردة الزوجة بل تبقى الزوجة فى عصمة زوجها والمهر واجب عليه بالدخول لا يسقط بردتها كما هو ظاهر واللّه أعلم(6/44)
حكم زوجة المرتد
F محمد عبده .
صفر 1313 هجرية
M 1 - الردة فسخ للزواج .
2 - تبين الزوجة بردة زوجها وتبدأ عدتها من تاريخ الردة وبعد انقضاء عدتها يحل لها التزوج بغيره
Q من حسن م .
فى رجل كان كافرا فأسلم وتزوج بمسلمة وأتى منها بثلاثة أولاد وهو فى الإسلام .
ثم ارتد إلى دينه من مدة ثلاث سنوات .
فهل تبقى من غير زوج تنتظر لعله يسلم أن تحل للأزواج بمجرد رجوعه للدين المذكور من غير أن تتوقف على ما يحل العصمة منه بعد ارتداده
An من المقرر شرعا أن المرتد هو الراجع عن دين الإسلام، وأن ارتداد أحد الزوجين فسخ تبين به الزوجة .
وعليه فمتى تحقق ارتداد الزوج المذكور فى هذه الحادثة عن دين الإسلام انفسخ نكاح زوجته المذكورة بارتداده وبانت منه بذلك وبعد انقضاء عدتها من حين الردة يجوز لها أن تتزوج بغيره .
واللّه أعلم(6/45)
ارتداد مسلم موجب للفرقة بينه وبين زوجته بلا قضاء
F عبد المجيد سليم .
رجب 1354 هجرية - أول أكتوبر 1935 م
M1 - إذا ارتد المسلم عن دين الإسلام يفرق بينه وبين زوجته ولا تتوقف الفرقة على القضاء
Q إذا اترد مسلم عن دين الإسلام إلى النصرانية .
فهل يتوقف فسخ النكاح والفرقة بينه وبين زوجته المسلمة على قضاء القاضى بذلك أم لا
An إذا ارتد الزوج والعياذ باللّه تعالى وقعت الفرقة بينه وبين زوجته بلا توقف على قضاء القاضى واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/46)
ملك المرتد
F عبد الرحمن قراعة .
رجب 1345 هجرية 6 من يناير 1927 م
M 1 - مال المرتد موقوف .
فإن عاد إلى الإسلام عاد إليه ملكه . وإن مات على ردته .
فما كسبه حال إسلامه استحقه وارثه المسلم . وما كسبه حال ردته فهو فىء بعد قضاء دين ردته .
2 - المرتد لا يرث من أحد مطلقا
Q فى شخص مصرى الجنسية مقيم بألمانيا ويملك قطعتين من الأرض اشترى إحداهما والثانية آلت إليه بالإرث الشرعى - ولكنه يرغب فى اعتناق الدين المسيحى ويخشى أن يفقد امتلاكه لهاتين القطعتين المذكورتين خاصة ما آلت إليه بالميراث الشرعى فما الحكم فى القانون المصرى
An علمنا ما جاء بكتاب سعادتكم رقم 29 - 12 - 4556 والأوراق المرفقة له والذى نفيده أن القانون الخاص بتوارث المسملين المصريين .
هو الشرعية الإسلامية . وهو يقضى بأن المسلم الذى ارتد عن دينه وانتقل منه إلى دين آخر زال ملكه عن ماله زوالا موقوفا، فإن عاد إلى الإسلام عاد إليه ملكه، وإن مات على ردته ورث ماله الذى كسبه فى حال إسلامه وارثه المسلم بعد قضاء ما استدانه فى إسلامه - أما ما كسبه فى حال ردته فهو فىء بعد قضاء دين ردته - ويقضى أيضا بأن المرتد لا يرث من أحد .
لا من مسلم ولا من مرتد ولا من كافر أصلا . والأوارق عائدة من طيه(6/47)
ردة الزوجة وما يتبع معها
F حسن مأمون .
ربيع الأول 1375 هجرية - 5 نوفمبر 1955م
M 1- المرتدة تحبس حتى تعود إلى الإسلام وتعزر بالضرب كل ثلاثة أيام حتى تعود .
2- بمجرد ردتها تقع الفرقة بينها وبين زوجها، لأن العقد يبطل بالردة عند الشافعية يشترطون فى بطلان العقد قضاء القاضى بذلك .
3- لا يجوز لها أن تتزوج بغير زوجها الأول بعد عودتها إلى الإسلام .
4- يجوز لكل قاض تجديد عقد زواجهما بزوجها الأول بمهر يسير رضيت بذلك أم لا .
5- لا يجوز لأى دولة إسلامية أن تضع نظما أو إجراءات تبيح للمسلم الخروج عن الإسلام، ولو وضعت هذه النظم أو الإجراءات كانت باطلة شرعا
Q من السيد/ وكيل نيابة الميناء الجزئية ببورسعيد بكتاب النيابة رقم 7440 المؤرخ 20/10/1955 المطلوب بيان الإجراءات التى تتبع فى ارتداد مسلمة عن الإسلام وزواجها بمسيحى
An إنه لما كان النبى صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء عليهم السلام ورسالته هى آخر الرسالات التى أنزل الله بها الوحى على الرسل الكرام من قبله وكانت رسالته عامة لجميع العالمين، كان الناس جميعا مخاطبين برسالته عليه السلام، ومطالبين بالنظر فيما جاء به .
قال تعالى { إن الدين عند الله الإسلام } آل عمران 19 ، وقال تعالى { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين } آل عمران 85 ، وقال تعالى { وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون } سبأ 28 ، لما كان الحال كذلك عنيت الشريعة الإسلامية بالمحافظة على العقيدة الإسلامية وانتشارها، ووضعت العقوبات الشديدة لمن يدخل فى الإسلام ثم ينقلب عليه حيث جاءت بقتل الرجل المسلم الذى يرتد عن الإسلام ولا يرجع إليه ثانية بعد ردته، كما جاءت بأحكام أخرى تفصيلية لمعاملته فى ماله الذى كسبه حين إسلامه وماله الذى كسبه حين ردته ولمن يؤول إليه هذا المال فى الحالين، كما بينت حكم بيعه وشرائه وهبته ورهنه وتصرفه فى ماله حال ردته إلى آخر ما جاء فى الفقه الإسلامى من الأحكام المتعلقة به .
هذا بالنسبة للرجل المسلم الذى يرتد عن دين الإسلام .
أما المرأة المسلمة فإن الشريعة وإن وافقت بينهما فى معظم الأحكام الخاصة بهما إلا أنها لم تقض بقتلها إذا ارتدت عن الإسلام ولم تعد إليه ، وإنما اتفق فقهاء المسلمين على أنها تحبس أبدا حتى تعود إلى الإسلام وتبرأ من كل دين سوى دين الإسلام وإن أبت أجبرت عليه .
جاء فى الجامع الصغير (وتجبر المرأة على الإسلام ولا تقتل إن أبت العود كالرجل ولكن تحبس إلى أن تعود أو تموت لأن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء) وجاء فى الفتح أخرج الطبرانى فى معجمه عن معاذ بن جبل رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين بعثه إلى اليمن أيما رجل ارتد عن دين الإسلام فادعه فإن تاب فاقبل منه وإن لم يتب فاضرب عنقه ، وأيما امرأة ارتدت عن دين الإسلام فادعها فإن تابت فاقبل منها فإن أبت فاستتبها) وعن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال (لا تقتل النساء إذا هن ارتددن عن الإسلام ولكن يحبسن ويدعين إلى الإسلام ويجبرن عليه) وذكر الفقهاء أنها تعزر بالضرب كل ثلاثة أيام حتى ترجع عن الكفر وتتبرأ من كل دين يخالف دين الإسلام، وبمجرد ردتها تقع الفرقة بينها وبين زوجها، لأن الردة تبطل عقد النكاح .
وعند الحنفية تقع الفرقة بينهما بمجرد ردة أحدهما، واشترط الشافعى لبطلان عقد الزواج قضاء القاضى بالفرقة - أنتهى تنقيح الحامدية - .
ولا يجوز لها أن تتزوج بغير زوجها الأول، وإن فعلت كان نكاحها باطلا شرعا، لأنه ليس لها أن تتزوج بغير زوجها بعد أن تعود إلى الإسلام، ولكل قاض أن يجدد عقد النكاح بينهما حينئذ بمهر يسير رضيت بذلك أو أبت .
جاء فى التنقى شرح ملتقى الأبحر (ولا يصح تزوج المرتد ولا المرتدة أحدا من الناس مطلقا) هذه هى مجمل الأحكام الشرعية فى هذا الموضوع .
ومما تقدم يعلم أن المرتدة تحبس حتى تعود إلى الإسلام، ولا يصح زواجها بغير زوجها الأول ولو تزوجت غيره كان زواجها باطلا شرعا، لأنه من التصرفات التى اتفق الفقهاء على أنها باطلة ما دامت المرتدة فى دار الإسلام ولم تلحق بدار الكفار، ومن ثم والحكم ما سبق لا يجوز شرعا لدولة مسلمة أن تضع النظم والإجراءات لخروج المسلمين من دينهم ولو وجدت هذه الإجراءات فى أية دولة مسلمة كانت باطلة شرعا .
والله أعلم(6/48)
ردة غير معتبرة شرعا
F حسن مأمون .
ربيع الآخر 1375 هجرية - 19 نوفمبر 1955 م
M 1- قول الرجل لزوجته (إنت كفرتينى) أو (أنا خلاص خرجت من دين المسلمين لدين النصارى) لا يعتبر ردة وبالتالى لا ينفسخ به عقد الزواج بينهما متى كان غير واع لما ينطق به ولا قاصدا له .
2- يشترط فى صحة الردة عن الإسلام العقل والصحو والطوع فلا ردة لمجنون أو معتوه أو مدهوش
Q من رجل قال إنه سلم زوجته عشرين جنيها أمانة لأصحابها عنده لتحفظها، ولما حل ميعاد تسليمها طلبها منها فأحضرت له ستة عشر جنيها منها فقط، فثار عليها وحلف قائلا (والله إن ما كنتيش تجبيبى الأمانة دى تكونى على ذمة نفسك مشى على ذمتى) .
وقال أيضا أثناء ثورته وبدون وعى منه (أنت كفرتينى وضربت نفسى بالنعال أنا خلاص خرجت من دين المسلمين لدين النصارى) وقال إنه لم يدرك ما قاله فى ثورته ولا يقر ما أتاه ولا يقيم عليه بضمير خالص لله - ويطلب بيان الحكم الشرعى فيما صدر منه
An إنه يظهر من قول السائل لزوجته بعد أن ظهر له أنها تصرفت فى جزء من الأمانة التى أودعها عندها (والله إن ماكنتيش تجيبيى الأمانة دى تكونى على ذمة نفسك مشى على ذمتى) وأنه علق طلاقها على عدم الإتيان بباقى الأمانة الذى تصرفت فيه منها فهو طلاق معلق، وحكمه أنه إذا قصد به مجرد حمل زوجته على الإتيان بالأمانة كاملة فلا يقع به شئ، وإذا قصد به تطليقها إذا لم تنفذ ما طلبه منها وقع طلاق رجعى .
ويبدو مما جاء بسؤاله أنه أراد بهذه الصيغة حملها على الإتيان بمبلغ عشرين جنيها فورا، بدليل أنه ثار لمجرد علمه بأنها لم تحتفظ بالأمانة كاملة إلى وقت طلبها، ولا يقصد بها رد الأمانة فى أى وقت ولو طال بها الأجل - كما يظهر أنه علق طلاقها على رد الأمانة ليحملها على المبادرة بإكمالها ليتمكن من ردها لأصحابها كاملة حين طلبهم إياها منه، ومع هذا الأمر موكول إلى غرضه وقصده من تعليق الطلاق المذكور، فإن قصد به الحمل فقط لم يقع به شئ من الطلاق، وإن قصد به وقوع الطلاق عند عدم الإتيان بالأمانة كاملة فورا وقع به طلاق رجعى واحد كما سبق أن بينا .
هذا بالنسبة ليمين الطلاق المذكور . وأما قوله أثناء ثورته وبدون وعى (أنت كفرتينى وضربت نفسى بالنعال، وقوله أيضا أنا خلاص خرجت من دين المسلمين لدين النصارى) فلا يعتبر ردة ينفسخ بها عقد النكاح بينه وبين زوجته لصدوره منه بدون وعى كما يقول، أى أن ثورته أفقدته عقله فنطق بما نطق به بدون قصد ولا وعى لما نطق به، لأن الفقهاء نصوا على أن شرط صحة ردة المسلم عن الإسلام العقل والصحو والطوع، وعلى عدم صحة ردة مجنون ومعتوه ومدهوش - ولكننا مع هذا ننصح السائل بأن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى مما نطق به بدون وعى وأن يملك نفسه عند الغضب حتى لا يتعرض لمثل هذا الموقف الذى لا يليق بالمسلم .
والله الهادى إلى سبيل الرشاد . والله أعلم(6/49)
إسلام الصبى وردته وارثه
F حسن مأمون .
ربيع الآخر 1357 هجرية - 3 نوفمبر 1957م
M 1- ارتداد الصبى العاقل صحيح عند أبى حنيفة ومحمد وإسلامه إسلام عندهما ولا ميراث له من أبويه إن كانا كافرين .
2- مذهب أبى يوسف أن ردته غير صحيحة وإسلامه صحيح .
3- بإسلام والديه أو أحدهما يصير مسلما تبعا له
Q من السيد/ .
قال إن مسيحيا رزق من زوجته المسيحية ابنا وبنتا ثم أسلم بإشهاد شرعى فى 9 مارس سنة 1942 .
ثم طلق زوجته المسيحية وتزوج من مسلمة، ثم مات فى 15/5/1952 وكانت زوجته المسلمة حاملا ووضعت حملها ابنا بعد الوفاة بنحو سبعة أشهر .
أما ولداه الآخران من المسيحية فكانت سن الابن وقت وفاته إحدى عشرة سنة وكانت سن البنت إثنتى عشرة سنة وقد كانا فى يد أمهما المسيحية منذ ولادتهما ولا يزالان يقيمان معها ومع زوجها المسيحى فى مسكن واحد وقد عمدتهما أمهما عقب الولادة وهما يتعلمان من قبل وفاة والدهما وإلى الآن (الديانة المسيحية ويعيشان مع أمهما وزوجها المسيحى بالكنائس لأداء الطقوس الدينية الكنيسة من قبل وفاة والدهما وإلى الآن، والبنت لا تزال تلبس الصليب فى صدرها، وقد أقيمت أمها المسيحية وصيا عليها واعترفت بهذه الصفة بأنهما مسيحيان، ثم استبدل بها وصى آخر اعترف أيضا بأنهما مسيحيان .
وطلب السائل بيان حكم الفقه فى شأن الولدين المذكورين أيرثان والدهما المسلم، أم هما ممنوعان من ميراثه لأنهما - وقد تجاوزا حد التمييز والعقل - ابتغيا من قبل وفاة والدهما ووقت وفاته غير دين الإسلام
An إن المنصوص عليه فى مذهب الحنفية أن الولد يتبع خير الأبوين دينا وأن ارتداد الصبى العاقل صحيح عند أبى حنيفة ومحمد، خلافا لأبى يوسف قال صاحب تنوير الأبصار وشارحه الدر المختار بالنسبة للتبعية فى الدين والولد يتبع خير الأبوين دينا إن اتحدت الدار ولو حكما بأن كان الصغير فى دارنا والأب ثمة .
وعلق عليه صاحب رد المحتار بقوله هذا يتصور من الطرفين فى الإسلام العارض بأن كانا كافرين فأسلم أو أسلمت ثم جاءت بولد قبل العرض والتفريق أو بعده فى مدة يثبت النسب فى مثلها، أو كان بينهما ولد صغير قبل إسلام أحدهما فإنه بإسلام أحدهما يصير الولد مسلما وقال صاحب الهداية بالنسبة لارتداد الصبى العاقل (وارتداد الصبى الذى يعقل ارتداد عن أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله، ويجبر على الإسلام ولا يقتل وإسلامه إسلام لا يرث أبويه إن كانا كافرين، وقال أبو يوسف ارتداده ليس بارتداد وإسلامه إسلام .
وعلق صاحب العناية على قوله وارتداد الصبى الذى يعقل ارتداد بقوله يعنى يجرى عليه أحكامه فيبطل نكاحه ويحرم من الميراث ويجبر على الإسلام ولا يقتل .
وقال صاحب الكنز فى ذلك أيضا وارتداد الصبى العاقل صحيح كإسلامه ويجبر عليه ولا يقتل .
وعلق صاحب البحر على ارتداد الصبى بقوله أما الثانى أعنى ردته ففيها خلاف أبى يوسف نظرا إلى أنها مضرة محضة .
ولهما أى أبى حنيفة ومحمد أنها موجودة حقيقة ولا مرد للحقيق .
ومما سبق من النصوص يظهر الجواب على السؤال وأنه بإسلام والد الولدين المسئول عنهما وهما صغيران أصبحا مسلمين تبعا له باتفاق الفقهاء وأنه بغشيانهما أماكن عبادة غير المسلمين واشتراكهما مع غير المسلمين فى عبادتهم وطقوسهم الدينية بعد تجاوزهما سن التمييز عاقلين أصبحا مرتدين عن دين الإسلام عن الإمام ومحمد، وهو ما نرى الأخذ به وبما أن الولدين المذكورين كانت ردتهما قبل وفاة والدهما المسلم ووقت وفاته فلا يرثانه شرعا، ن المرتد لا يرث أحدا، وتكون جميع تركة المتوفى المذكور لزوجته المسلمة تستحق الثمن لجود الفرع الوارث ولابنه الذى كان حملا وانفصل قبل مضى سبعة أشهر من وفاة والده الباقى بعد الثمن تعصيبا طبقا للمادة 43 من قانون المواريث رقم 77 سنة 1943 وهذا إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال .
ولم يكن للمتوفى وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة .
والله أعلم(6/50)
ردة
F حسن مأمون .
محرم 1379 هجرية - 27 يولية 1959 م
M 1- من الثابت شرعا أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين .
2- من قال بظهور نبى بعده فهو مرتد عن الإسلام ولا يرث من مسلم ولا يجوز أن يكون وكيلا أو وليا على أحد من أقاربه المسلمين
Q بالطلب المقيد برقم 170 لسنة 1959 المتضمن أن جماعة من المسلمين يسمون باسم خاص بهم ويقيمون فى إحدى البلاد الإسلامية يؤمنون بنزل نبى فى باكستان بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذه الطائف، وهل يجوز لأحد منهم أن يرث أباه المسلم وهل يجوز أن يكون وكيلا أو وليا عن أشقائه المسلمين أولا
An إن من الثابت شرعا أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين وثبوت ذلك بالكتاب والسنة والإجماع .
فمن قال بظهور نبى بعده نص الفقهاء على أن يكون مرتدا، وحكم المرتد أنه لا يرث من أبيه المسلم ولا من أحد أقاربه المسلمين، ولا يجوز شرعا أن يكون وكيلا أو وليا على أحد منهم لأنه لا ملة له .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال حيث كان ما ذكر به صحيح وثابتا والله أعلم(6/51)
حكم مرتكب المعاصى والآمر بها
F أحمد هريدى .
17 اكتوبر
M 1- مرتكب المحرمات أو الآمر بها اعتقادا بحلها كافر .
2- باعتقاد كل منهما حرمتها يكون عاصيا ويستحق العقاب شرعا
Q بالطلب المقيد برقم 646 لسنة 1964 والذى يطلب فيه السائل بيان حكم الشريعة الإسلامية فى مسلم بالغ عاقل يرتكب المحرمات المنصوص عليها فى الكتاب والسنة كقتل المسلم وهتك عرضه وأخذ ماله من غير حق شرعى معتقدا جواز ذلك وحله، أو أمر بارتكاب هذه المحرمات معتقدا كل ذلك جوازها وحلها .
وكذلك بيان الحكم فيمن ارتكب هذه المحرمات معتقدا تحريمها وعدم جوازها
An أجمع المسلمون على أن من أنكر ما ثبتت فرضيته كالصلاة والصوم أو حرمته كالقتل والزنا بمصدر تشريعى قطعى فى ثبوته عن الله تعالى ودلالته على الحكم وتناقله جميع المسلمين كان خارجا عن ربقة الإسلام لا تجرى عليه أحكامه ولا يعتبر من أهله .
قال الإمام ابن تميمة فى مختصر فتاواه ومن جحد وجوب بعض الواجبات الظاهرة المتواترة كالصلاة أو جحد تحريم المحرمات الظاهرة المتواترة كالفواحش والظلم والخمر والزنا والربا .
أو جحد حل بعض المباحات المتواترة كالخبز واللحم والنكاح فهو كافر مرتد وعلى ذلك فالمسلم العاقل الذى يرتكب المحرمات المنصوص على حرمتها فى الكتاب أو السنة كقتل المسلم وهتك العرض وأخذ المال من غير حق شرعى أو يأمر غيره بارتكابها معتقد جواز هذه الأعمال يكون جاحدا لتحريم المحرمات المتواترة، ومنكرا لحرمة ما ثبتت حرمته بدليل قطعى فيكون كافرا مرتدا .
أما من يرتكب المحرمات وهو يعلم بحرمتها ومن يأمر بارتكابها وهو يعلم بعدم جوازها فيكون مسلما عاصيا فاسقا يستحق العقاب شرعا ولا يخرج بذلك عن ربقة الإسلام .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(6/52)
ردة الصبى المميز معتبرة شرعا
F أحمد هريدى .
12 مايو 1968 م
M 1- ردة الصبى المميز معتبرة ولكنه لا يقتل إلا بعد البلوغ وإصراره على ردته على الأصح .
2- سن التمييز عند الحنفية يكون ببلوغه سبع سنوات .
3- تعميد الصبى المميز بالكنيسة وهو فى العاشرة من عمره بواسطة أبيه المرتد يعتبر مرتدا، ولا يعتبر نصرف أبيه إكراها له على الردة مادام لم يصدر منه ما يدل على عدم القبول .
4- زواج المرتد باطل فى الشريعة الإسلامية أيا كانت ديانة الزوجة التى تزوجها .
5- لا ولاية للمرتد على أحد مطلقا
Q إن مصريا مسلما تزوج من مسيحية وأنجب منها ولدا فى سنة 1923 وفى سنة 1931 ارتد هذا الشخص عن الإسلام واعتنق الدين المسيحى، وفى سنة 1934 قام بتنصير ابنه الذى رزق به فى سنة 1923 وكانت سنه إذ ذاك نحو عشر سنوات، وفى سنة 1942 تزوج هذا الابن الذى عمده أبوه ونصره من سيدة مسيحية وتم الزواج فى الكنيسة السريانية الكاثوليكية، وكانت سنه وقت الزواج تسعة عشر عاما وأنجب أولادا ثلاثة بنين وبنات .
وسأل الطالب . هل هذا الزواج صحيحا شرعا وهل استمرار إقرار الزوجين به سنين عديدة يصحح ما يكون قد شابه من عوار عند الانعقاد وهل يلزم لصحة الزواج أن يتم أمام الجهة الشرعية المختصة وما مدى ولاية الأب المرتد على القاصر وتنصيره له وهو ناقص الأهلية ولا تقدير له وهل يعتبر ما وقع ارتداد من الابن مع ملاحظة أنه حينما بلغ وأدرك لم يرجع إلى دينه الإسلام، ولم يوجد من حوله من يبصره بدين الإسلام وتعاليمه ليستطيع المفاضلة بين الإسلام وغيره .
وجاء ضمن الأوراق المقدمة شهادة من بطركخانة السريان الكاثوليك بالقاهرة بأن السيد/ قد قبل العناد الذى وقع فى 6 مايو سنة 1933
An اختلف فقهاء الحنفية فى اعتبار البلوغ شرطا لصحة الردة .
فقال أبو حنيفة ومحمد إن البلوغ لا يعتبر شرطا فى صحة الردة من الشخص ويكفى العقل .
ومن ثم لو ارتد الصبى المميز عن الإسلام تعتبر ردته وتبنى عليها الأحكام ماعدا القتل فإنه لا يقتل إلا بعد البلوغ والاستمرار على الردة .
وقال أبو يوسف يعتبر البلوغ شرطا لصحة الردة ومن ثم لا تصح ردة الصبى المميز عنده ما لم يبلغ والأول هو الأصح .
والصبى المميز هو الذى يميز الخبيث من الطيب والضار من النافع، وقدر فقهاء الحنفية سنة التمييز بسبع سنين .
والصبى فى حادثتنا قد نصره أبوه وعمده وهو فى سن تزيد عن العاشرة، ولا يمكن أن يعتبر تصرف أبيه إكراها على الارتداد مادام لم يصدر من الصبى ما يدل على عدم قبوله هذا التنصير فيعتبر والحالة هذه مرتدا، ويؤيد ذلك أنه استمر على الارتداد وقبول الردة بعد أن بلغ وتزوج وهو على هذه الحال، والمقرر أن المرتد لا دين له وأن زواجه يعتبر باطلا شرعا فى نظر الإسلام أيا كانت ديانة الزوجة التى تزوجها، ومن ثم لا نجد مجالا للبحث فى صحة هذا الزواج فى نظر الديانات والشرائع الأخرى، ولا فيما قد يترتب عليه من آثار فى نظر تلك الديانات والشرائع .
ومادمنا قد جرينا على اعتبار ردة الصبى المميز واعتبرنا بالتالى ردة الصبى موضوع الحادثة باعتبارها صادرة منه عن رضا وطواعية .
فإنه لا مجال للبحث فى مدى ولاية الأب المرتد على ابنه إذ لا ولاية للمرتد على أحد، والفعل مسند إلى الشخص لا إلى أبيه ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(6/53)
اعتناق الدين البهائى ردة عن الإسلام
F أحمد هريدى .
25 مارس 1968 م
M 1- من اعتنق الدين البهائى يكون مرتدا عن الإسلام .
2- يستتاب ويعرض عليه الإسلام وتكشف شبهته إن كانت، فإن تاب فبها وإلا قتل شرعا .
3- لا مانع من إحالة أوراقه إلى مصلحة الشهر العقارى والتوثيق لعمل إشهاد توبة له
Q طلبت مديرية أمن الغربية قسم السكرتارية بكتابها رقم 2042 بمرفقاته الإفادة بما يتبع نحو التماس المواطن السيد/ .
اعتناق الدين الإسلامى الحنيف لسابقة انتسابه لطائفة البهائيين، وأنه ثابت بكل من شهادة ميلاده وبطاقته الشخصية أنه مسلم
An إن السيد أ س ج (موضوع السؤال) كان فى الأصل مسلما من أبوين مسلمين وثابت فى شهادة ميلاده وبطاقته الشخصية أنه مسلم ثم اعتنق الدين البهائى أو نسب إليه اعتناقه كما يقول هو - ومن اعتنق الدين البهائى يكون مرتدا عن الدين الإسلامى، وحكم المرتد شرعا أنه يستتاب ويعرض عليه الإسلام وتكشف شبهته إن كانت فإن تاب فبها وإلا قتل شرعا .
وبما أن المذكور يريد التوبة والعودة إلى دينه الأصلى (الإسلام) وقد كان العمل جاريا قبل إلغاء المحاكم الشرعية على أن من خرج عن أحكام الدين الإسلام ثم أراد التوبة يعمل له إشهاد توبة أمامها ويسجل فى الدفاتر والمضابط الرسمية ولما ألغيت المحاكم الشرعية أحيلت أعمال التوثيق بها فى مصلحة الشهر العقارى والتوثيق، ولا مانع مطلقا من إحالة الأوراق إلى مصلحة الشهر العقارى والتوثيق لعمل إشهاد توبة للشخص المذكور أمامها .
والله أعلم(6/54)
اسلام زوجة المسيحى
F حسن مأمون .
جمادى الأولى سنة 1376 هجرية - 19 ديسمبر سنة 1956 م
M 1 - المسيحية المتزوجة بمسيحى إذا أسلمت عرض الإسلام على زوجها فإن أسلم بقى الزواج بينهما وان امتنع عن الإسلام فرق القاضى بينهما بطلقة بائنة .
2 - تكون الزوجية بين من أسلمت وبين زوجها المسيحى قائمة حتى يفرق القاضى بينهما .
3 - زواج المسيحية التى أسلمت بمسلم قبل عرض الإسلام على زوجها المسيحى وقبل تفريق القاضى زواج غير صحيح شرعا
Q من مواطن بطرف السيد / صلاح الدين .
قال ان مسيحية متزوجة بمسيحى أسلمت فى 3 سبتمبر سنة 1955 وأسلم معها مسيحى آخر فى 12 سبتمبر سنة 1955 وظهر بعد العقد أن هذا الزوج متزوج بمسيحية هى أخت زوجته التى أسلمت وزوجها المسيحى وهو لا بد من التفريق بينهما بحكم قاض
An نفيد أن المنصوص عليه شرعا أن المسيحية المتزوجة بمسيحى إذا أسلمت عرض الإسلام على زوجها فإن أسلم بقى الزواج بينهما وإن امتنع عن الإسلام فرق القاضى بينهما بطلقة بائنة وإذا فلا بد للتفريق بين المسيحية التى أسلمت وزوجها المسيحى من عرض الإسلام عليه وأن يكون التفريق بواسطة القاضى عند الامتناع عن الإسلام بعد العرض عليه فإن لم يفرق القاضى بينهما تكون الزوجية قائمة ومن ذلك يتبين أن زواج المسيحية التى أسلمت بمسلم قبل عرض الإسلام على الزوج وقبل تفريق القاضى يكون زواجا غير صحيح لأن الزوجة لا تزال على عصمة زوجها المسيحى ويجب التفريق بين زوجها الثانى وبينها شرعا هذا فضلا عن أنه لو فرق القاضى بين الزوجة التى أسلمت وبين زوجها السيحى فلا يحل له الزواج بها لأنه متزوج من أختها ولا يحل الجمع بين الأختين شرعا وبهذا علم الجواب على السؤال والله تعالى أعلم(6/55)
عقد الذمة واسلام وردة
F حسن مأمون .
جمادى الثانية سنة 1376 هجرية - 27 يناير سنة 1957 م
M 1 - إذا قبل أهل الكتاب عقد الذمة كانت أموالهم كأموال المسلمين ودماؤهم كدماء المسلمين ما لم ينقضوا العهد أو يلحقوا بدار الحرب أو يحاربوا جماعة المسلمين .
2 - إذا أسلم الذمى فى دار الإسلام استمرت عصمة نفسه وماله التى كانت على شرف الزوال بنقضه عقد الأمان وأصبحت عصمته مؤبدة .
3 - إذا ارتد من أسلم عن الإسلام ومات على ردته فإنه لا يرث أحد من أهل ملته غير المسلمين شيئا فى ماله .
4 - مال المرتد الذى تملكه قبل اسلامه أو بعده لورثته المسلمين وماله الذى تملكه حال ردته لبيت مال المسلمين
Q من السيد / عبد المحسن أحمد .
قال أن مسيحيا أسلم ثم ارتد ثم توفى سنة 1953 عن أولاد رزق بهم حال مسيحتيه الأولى وأولاد رزق بهم حال اسلامه وأطيانه التى كسب بعضها حال مسيحيته الأولى واكتسب بعضها حال اسلامه واكتسب بما فيها حال رجته وطلب بيان حكم أطيانه فى الحالات الثلاث
An أن المنصوص عليه شرعا كما جاء فى بدائع الصنائع جزء 7 كتاب السير وغيرها من كتب المذهب أن عقد الذمة مع أهل الكتاب ( وهم المسيحيون فى دار الإسلام ) جائز شرعا ومن أحكامه عصمة النفس وعصمة المال لأنها تابعة لعصمة النفس وحينئذ تطبق عليه أحكام الإسلام ومنها احترام ملكيته لما فى يده كالمسلم تماما لقوله عليه الصلاة والسلام لصخريا صخران القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم فادفع إلى القوم مالهم وقوله عليه السلام فى المشركين إذا نطقوا بالشهادتين فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم ولقول سيدنا على رضى الله عنه إنما قبلوا عقد الذمة لتكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا ) فتبقى ملكيتهم لجميع أموالهم عقارا كانت أو منقولا بمجرد عقد الأمان ما لم ينقضوا العهد أو يلحقوا بدار الحرب أو يحاربو جماعة من المسلمين فإذا أسلم الذمى فى دار الإسلام استمرت عصمة نفسه وماله التى كانت على شرف الزوال بنقضه عهد الأمان بما ذكر وأصبحت عصمة مؤبدة ويستمر جاريا فى ملكه حال اسلامه ما كان مالكا له حال مسيحيته ويصير الكل سواء ما ملكه قبل اسلامه وما ملكه حال اسلامه مال مسلم ولذا قال شمس الأئمة الرضى فى المبسوط بعد نقله هذه الآثار وغيرها فبالإسلام تعصم نفسه فلا يفرض عليها الرق لأن الإسلام ينافيه وماله فلا ينزع من تحت يده بل يبقى ملكه فيه ويكون معصوما باسلامه عصمة نفسه فإذا حدث وارتد هذا المسلم عن الإسلام والعياذ بالله ومات على ردته فإنه لا يرث أحد من أهل ملته غير المسلمين شيئا فى ماله باتفاق فقهاء المسلمين .
واختلف فى ماله الذى اكتسبه قبل ردته سواء ملكه قبل اسلامه أو بعد حال اسلامه لورثته المسلمين باتفاق الامام وصاحبيه واختلفوا فى ماله الذى اكتسبه حال ردته فمذهب الصاحبين أن حكمه حكم ماله الذى اكتسبه قبل ردته أى أنه يكون ميراثا عنه لورثة المسلمين ومذهب الامام الذى عليه الفتوى أنه يكون فيئا فى بيت مال المسلمين لأنه بردته زالت عصمة نفسه وكذا عصمة ماله لأنه تابع لها فإذا مات على ردته استقر كفره وزال ملكه عن أمواله من وقت ردته لأنه بها يعتبر ميتا حكما وكان ما اكتسبه منها فى حال ردته فيئا فى بيت مال المسلمين لأنه مال لا مالك له شرعا فيكون لبيت مال المسلمين .
وبهذا علم الجواب عن السؤال والله أعلم(6/56)
آثار زواج المرتدة عن الإسلام
F حسن مأمون .
رجب سنة 1379 هجرية - 30 يناير سنة 1960 م
M 1 - المرتدة عن الإسلام لا يصح أن تتزوج أحدا من الناس مطلقا وتحبس حتى تتوب وتتعود إلى الإسلام .
2 - إذا تزوجت المرتدة كان زواجها باطلا لا يترتب عليه أى أثر من آثار الزواج الصحيح إذا كانت الحرمة معروفة للزوجين عند العقد .
3 - إذا تزوجة المرتدة وكانت الحرمة غير معروفة عند العقد كان الزواج فاسدا تترتب عليه بعض الآثار
Q من سيد محمود صاحب ورشة حدادة بطلبه المقيد برقم 2180 لسنة 1959 أن مسيحية تزوجت بمسيحى ثم اعتنقت الدين الإسلامى وطلقت منه بحكم ثم تزوجت بمسلم وطلقت منه بقسيمة طلاق ثم ارتدت عن الدين الإسلامى وتزوجت بزوج ثالث مسيحى بعد أن عادت إلى الدين المسيحى ثم قضى ببطلان زواجها من هذا الزوج الثالث المسيحى .
ثم تزوجت بزوج رابع مسيحى هو زوجها الحالى الذى دخل بها وسأل أولا هل زواجها من زوجها الرابع زواج صحيح شرعا .
وثانيا إذا افترق عنها زوجها الرابع بعد أن كشفت له حقيقتها على الوجه السابق هل تستحق عليه نفقة زوجية لها .
ثالثا هل تعتبر هذه الزوجة بعد ردتها مسلمة أو مسيحية
An ان المنصوص عليه شرعا كما جاء فى الدر المختار والمنتقى شرح ملتقى الأبحر وغيرها من المعتبرات فى المذهب .
أن المرتدة عن الإسلام لايصح أن تتزوج أحدا من الناس مطلقا وتحبس حتى تتوب وتعود إلى الإسلام فلو تزوجت المرتدة حال ردتها يعتبر زواجها باطلا شرعا ويجب التفريق بينها وبين من تزوجته جبرا عنهما ولا يترتب على هذا الزواج أى أثر من آثار الزواج الصحيح شرعا وهذا إذا كانت الحرمة بينهما معروفة لهما عند العقد وأما إذا كانت الحرمة غير معروفة عند العقد كان زواجها بالمسيحى فاسدا لا باطلا وبدخول زوجها المسيحى بها فإن هذا الزواج الفاسد يترتب عليه شرعا وجوب مهرها على الزوج وثبوت نسب الولد الذى تحمل به من الدخول فى هذا الزواج ووجوب العدة على الزوجة بعد التفريق بينهما وحرمة المصاهرة ولا يترتب عليه غير ذلك من آثار الزواج الصحيح الشرعى فلا تجب به نفقة ولا طاعة ولا يتوارث الزوجان ولا يحل استمتاع أحدهما بالآخر مما سبق من النصوص يتضح أن زواج هذه المرأة بزوجها الرابع المسيحى وهو لا يعلم شيئا عن حقيقتها .
زواج فاسد شرعا تترتب عليه الآثار السابقة ومنها عدم وجوب شئ من نفقة الزوجية لها عليه بسبب هذا الزواج وهى مادامت مرتدة لا دين لها ولا يقبل منها شرعا غير التوبة والعودة إلى دين الإسلام لأن المرتد لا دين له حتى يتوب ويرجع إلى الإسلام والله سبحانه وتعالى أعلم(6/57)
فرقة بسبب الإسلام
F أحمد هريدى .
التاريخ 15 مايو سنة 1966 م
M 1 - إذا أسلمت المرأة جون زوجها وكانا فى دار الإسلام عرض الإسلام عليه فإن أسلم فهى امرأته وإن أبى فرق بينهما .
2 - إذا أسلمت الزوجة دون زوجها وكانا فى غير دار الإسلام لم تقع الفرقة بينهما حتى تنقضى عدتها أن لم يسلم قبل انقضائها وكذا الحكم إذا خرج أحدهما إلى دار الإسلام بعد إسلام أحدهما فى دار الحرب
Q من السيد / عبد الفتاح بطلبه المقيد برقم 293 لسنة 1961 المتضمن بأن المرأة مسيحية الديانة متزوجة برجل يهودى الديانة وقد أشهرت هذه المرأة اسلامها بتاريخ 15/11/1965 على يد إمام المسلمين بالنمسا وتقوم الآن بأداء الشعائر الدينية الإسلامية .
وأنها بعد اسلامها لم تعاشر زوجها اليهودى وسكنت منزلا آخر وقد لاحقها زوجها وأهلها بالاهانة والإيذاء لإسلامها وطلب السائل بيان الآتى 1 - هل يصح شرعا أن تعاشر هذه الزوجة المسلمة زوجها الغير مسلم .
2 - هل يجوز شرعا أن تتزوج هذه المرأة بمسلم الآن .
أم لا بد لها من الحصول على حكم بالطلاق من زوجها اليهودى .
3 - هل يجوز لها أن تطلب الطلاق بالجمهورية العربية المتحدة أم لا
An المنصوص عليه فى مذهب الحنفية أنه إذا أسلمت المرأة وزوجها غير مسلم وكانا فى دار الإسلام عرض عليه الإسلام من القاضى فإن أسلم فهى امرأته وإن أبى فرق بينهما .
أما إذا كانا فى غير دار الإسلام وأسلمت الزوجة وزوجها غير مسلم لم تقع الفرقة بينهما حتى تحيض ثلاث حيض إن كانت ممن تحضن .
وإلا فبعد مضى ثلاثة أشهر .
ثم تبين من زوجها أن لم يسلم قبل انقضاء هذه المدة .
قال صاحب الهداية وإذا أسلمت المرأة وزوجها كافر عرض عليه الإسلام فإن أسلم فهى امرأته .
وان أبى فرق القاضى بينهما .
لأن المقاصد قد فاتت فلا بد من سبب تنبنى عليه الفرقة .
والإسلام طاعة فلا يصح سببا فيعرض الإسلام لتحصل المقاصد بالإسلام أو تثبت الفرقة بالاباء .
ثم قال وإذا أسلمت المرأة فى دار الحرب وزوجها كافر لم تقع الفرقة بينهما حتى تحيض ثلاث حيض ثم تبين من زوجها .
وهذا لأن الإسلام ليس سببا للفرقة والعرض على الإسلام متعذر لقصود الولاية ولا بد من الفرقة دفعا للفساد .
فأقمنا شرطهما وهو مضى الحيض مقام السبب .
ولا فرق بين المدخول بها وغير المدخول بها .
وقال صاحب الفتح . تعليقا على قول صاحب الهداية حتى تحيض ثلاث حيض أن كانت ممن تحضن .
والا فثلاثة أشهر فإن أسلم الآخر قبل انقضاء هذه المدة فهما على نكاحهما .
وإن لم يسلم حتى انقضت وقعت الفرقة . وقال صاحب تبيين الحقائق ولو أسلم أحدهما ثمة فى دار الحرب لم تبن حتى تحيض ثلاثا .
فإذا حاضت ثلاثا بانت . قال وكذلك الحكم إذا خرج أحدهما إلى دار الإسلام بعد اسلام أحدهما فى دار الحرب .
لاتقع الفرقة بينهما حتى تحيض ثلاث حيض لعدم ولاية القاضى على من بقى فى دار الحرب .
فما لم يجتمعا فى دار الإسلام لا يعرض على المصر سواء خرج المسلم أو الآخر .
ثم إذا وقعت الفرقة بعد انقضاء الحيض الثلاث تلزمها العدة عند الصاحبين ولا تلزمها عن أبى حنيفة .
وبما أن هذه المرأة قد أسلمت فى النمسا بتاريخ 15/11/1965 وزوجها يهودى مقيم بالنمسا فلا تقع الفرقة بينهما إلا بعد مضى ثلاث حيض إن كانت ممن تحضن أو مضى ثلاثة أشهر إن كانت من غير ذوات الحيض من تاريخ اسلامها من غير حاجة إلى عرض الإسلام أو إلى حكم القاضى .
ثم إذا وقعت الفرقة بعد انقضاء الحيض الثلاث لزمها قبل أن تتزوج من آخر عدة عند الصاحبين ولا يلزمها عند أبى حنيفة .
فيحل لها الزواج بعد انقضاء الحيض الثلاث الأول التى تقع بعدها الفرقة عنده وبعد انقضاء العدة عقب الفرقة عندهما .
هذا ولايحل لها ان تمكن زوجها اليهودى من أن يعاشرها معاشرة الأزواج من وقت اسلامها شرعا .
كما أن خروجها إلى الجمهورية العربية المتحدة أو أى بلد اسلامى لا يغير الحكم بالنسبة لعدم وقوع الفرقة حتى تحيض ثلاث حيض من غير عرض الإسلام على الزوج لعدم ولاية القاضى على من بقى فى غير دار الإسلام كما سبق بيانه .
ويحل لها الزواج بعد مضى الحيض المذكورة سواء بقيت فى النمسا أو خرجت وحدها إلى أى بلد اسلامى .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله تعالى أعلم(6/58)
ردة عن الإسلام
F عبد اللطيف حمزة .
شعبان سنة 1403 هجرية - 6 يونيه سنة 1983 م
M 1 - إذا قال الذمى أو المجوسى دخلت فى الإٍسلام، أو أسلمت - كان مسلما ويحكم بإسلامه، ولو لم ينطق بالشهادتين، لأن الإسلام يتضمنها .
2 - لما كانت الإحكام الدنيوية تناط بالأمور الظاهرة فقد جعل الشارع مناطها الإقرار باللسان، بأن يأتى بالشهادتين أو ما فى معناهما .
3 - إذا كان الولد غير بالغ أو غير عاقل يتبع خير الأبوين دينا .
4 - الولد الذى صار مسلما تبعا لأحد والديه أو تبعا لهما يظل مسلما بعد بلوغه ولا يحتاج إلى تجديد اسلامه ولو وارتد أبواه عن الإسلام أو ارتد من أسم منهما ظل هو على اسلامه .
5 - ابداء الرغبة فى اثبات الديانة المسيحية ممن أسلم بالبطاقة يعتبر ردة عن الإسلام يجب قتله إن لم يتب ويرجع إلى الإسلام متبرئا مما فعل
Q بكتاب السيد اللواء / محمد أمين مدير الإدارة العامة للشئون الإدارية بوزارة الداخلية الرقيم 573 المؤرخ 26م4م1983 المقيد برقم 152 لسنة 1983 المتضمن الافادة بالرأى فى أن أحد المسيحيين قد رغب فى الزواج من مسلمة فأشهر اسلامه وتزوج منها وكان متزوجا من قبل بمسيحية وأنجب منها ولدين على الديانة المسيحية وأنه لدى بلوغهما سن السادسة عشر استخرجت بطاقة شخصية لكل منهما أثبت بخانة الديانة أنهما مسلمان طبقا لديانة والدهما الظاهرة وبعد بلوغهما السابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين أبديا أنهما ظلا على عقيدتهما الأولى المسيحية ويرغبان تغيير بيانات بطاقتهما الشخصية باثبات الديانة المسيحية الباقيين عليهما
An أنه قد جاء فى مجمع الأنهر عن الخانية وعن بعض المشايخ إذا قال اليهودى دخلت فى الإسلام يحكم بإسلامه وإن لم يقل تبرأت من اليهودية لأن قوله دخلت فى الإسلام إقرار بدخول حادث فى الإسلام وأفتى البعض فى ديارنا باسلامه من غير تبرى وهو المعمول به الآن والمجوسى إذا قال رجل للذمى أسلم فقال أسلمت كان مسلما ومثله فى التفاوى الأنفروية وفى رد المحتار على الدر المختار وفى المغنى لابن قدامة ( وإن قال أنا مؤمن أو أنا مسلم قال القاضى يحكم بإسلامه بهذا وإن لم يلفظ بالشهادتين لأنهما أسمان لشئ معلوم معروف وهو الشهادتان فإذا أخبر عن نفسه بما تضمن الشهادتين كان مخبرا بهما وروى المقداد أنه قال يا رسول الله أرأيت أن لقيت رجلا من الكفار فقاتلنى فضرب إحدى يدى بالسيف فقطعها ثم لاذمنى بشجيرة فقال أسلمت افأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأن بمنزلته قبل أن يقول كلمته التى قالها وعن عمران بن حصين قال أصاب المسلمون رجلا من عقيل فأتوا به النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد أنى مسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت قلت وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح رواها مسلم - انتهى - وحقق العلامة ابن عابدين فى حاشيته رد المحتار على الدر المختار إن الذمى يهوديا كان أو نصرانيا إذا قال أنا مسلم صار بذلك مسلما فى عرف بلادنا وإن لم يسمع منه النطق بالشهادتين كما صرح به فى شرح السيد ولما كانت الأحكام الدنيوية إنما تناط بالأمور الظاهرة المنضبطة جعل الشارع مناطها الإقرار باللسان بأن يأتى المرء بكلمتى الشهادتين أعنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أو ما فى معناهما فإذا كان الثابت أن الأب فى الحالة المعروضة قد أشهر إسلامه وتزوج من مسلمة حكمنا بإسلامه وأجرينا عليه أحكام المسلمين الدنيوية من جواز الصلاة خلفه والصلاة عليه إذا مات ودفنه فى مقابر المسلمين إلى غير ذلك .
أما عن الولدين فقد قال الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شىء كل امرئ بما كسب رهين } وفى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة ( كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه ) وقد أخذ الفقهاء من هذين النصين وغيرهما قاعدتهم أن الولد إذا كان غير بالغ وغير عاقل يتبع خير الأبوين دينا فإذا كان الأبوان كتابين وأسلم أحدهما تبعه الأولاد الذين لم يبلغوا أو كانوا غير عقلاء ويسمون هذا بالإسلام تبعا ولو تزوج مسلم كتابية أو يهودية أو نصرانية فأولاده منهما يكونون مسلمين تبعا له ويظل الولد الذى صار مسلما بالتبع للمسلم من أبويه أو بالتبع لهما إذا أسلما يظل مسلما بعد بلوغه ولا يحتاج إلى تجديد اسلامه ولو ارتد أبواه عن الإسلام أو ارتد من أسلم منهما والعياذ بالله ظل هو على إسلامه .
لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أو الوالد قد اعتنق الإسلام كان ولداه من زوجته المسيحية مسلمين بالتبع له منذ اعتناقه الإسلام وذلك بمقتضى نص الآية الكريمة والحديث الشريف المرقومين وقد تأكد إسلام الولدين باستخراج البطاقة الشخصية لكل منهما عند بلوغه السادسة عشرة وإثبات أنه مسلم فى خانة الديانة .
وما أبداه الولدان من رغبة فى تغيير بطاقتهما وإثبات الديانة المسيحية فيها يكونان به مرتدين عن دين الإسلام والحكم الشرعى يقضى بقتل المسلم الذى بدل دينه إذا أصر على ردته ولم يتب ولم يرجع إلى الإسلام متبرئا مما فعل وهذا الحكم لا يتنافى مع الحرية الشخصية لأن حرية العقيدة لا تستتبع الخروج عن الإسلام بمؤشرات المادة أو التضليل وإذا كان نواقع الحال أن حد الردة بقتل المرتد إذا أصر على ردته غير منفذ الآن فإن حماية المجتمع تقتضى انزال العقوبات الرادعة بهما باعتبارهما مخالفين للنظام العام الذى تأمر القوانين بالتزامه فقد نص الباب الأو من الدستور وهو خاص بالدولة - فى المادة الثانية على أن دين الدولة الإسلام وإن لغتها الرسمية اللغة العربية وإن الشرعية الإسلامية مصدر للتشريع وهذا يقطع بأن نظام الدولة العام هو الإسلام وإن خروج المسلم عن هذا الدين يعتبر خروجا على النظام العام للدولة الأمر الذى يستلزم - المساءلة التأديبية على هذا الجرم وإذا كانت شريعة الإسلام تأمر باستتابة المرتد عنها ونصحه وإزالة شبهته فأنى أقترح أولا استتابتهما ونصحهما وازالة شبهتهما الدينية بمعرفة أحد علماء المسلمين المختصين حتى تتضح هويتهما والمغريات التى تعرضا لها .
ثانيا لما كان ما رغبا فيه مخالفا للنظام العام للدولة فإنهما لا يقرأن عليه فالواجب عدم مسايرتهما فى تغيير ديانتهما فى الأوراق الرسمية .
ثالثا اتخاذ الإجراءات التأديبية ضدهما إذا كانا موظفين عموميين لخروجهما على النظام العام للدولة وعلى مقتضيات وظيفتهما بهذا الاعتبار حتى ينالا جزاءهما تأديبيا بعد إذ تعذر مساءلتهما جنائما(6/59)
الاستعانة بغير المسلمين وغير الصالحين على مافيه الخير جائزة
F محمد عبده .
محرم 1322 هجرية
M 1 - قامت الأدلة من الكتاب والسنة وعمل السلف على جواز الاستعانة بغير المؤمنين وغير الصالحين على ما فيه خير ومنفعة للمسلمين .
2 - استعان الخلفاء من بنى أمية وبنى العباس بأرباب العلوم والفنون من الملل المختلفة فيما هو من فنونهم على أعين الأئمة والأعيان والفقهاء والمحدثين بدون نكير .
3 - الذين يعمدون إلى هذه الاستعانة لجمع كلمة المسلمين وتربية أبنائهم وما فيه خير لهم لم يفعلوا إلا ما اقتضته الأسوة الحسنة بالنبى صلى الله عليه وسلم - وأن من كفرهم أو فسقهم فهو بين أحد الأمرين إما كافر أو فاسق
Q الحمد لله رب العالمين .
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد فقد ألقى إلى أستاذ من أساتذة الجامع الأزهر وهو موظف كبير فى المحاكم الشرعية سؤالا ورد من الهند إلى بعض أبنائه يطلب الجواب عليه والسؤال موجه إلى العلماء لا إلى عالم واحد كما هو مذكور فى نصه، فرأيت أن يكون الجواب عليه محتويا على مقال كثير من أفاضل العلماء، وقد انتدب حضرة حامل السؤال إلى كتابة ما يجده كثير من أفاضل العلماء، وقد علماء الحنفية فى موضوعه، وأرسلت بنسخة من السؤال إلى حضرة الأستاذ شيخ الحنابلة فى الجامع الأزهر، فورد منه ما رآى أن يجيب به وكلفت جماعة من أساتذة الشافعية والمالكية أن يكتبوا ما يعتقدون أنه الحق فى جواب السؤال، فكتبوا وأشبعوا، جزاهم الله خيرا، وإنى أبتدىء بما أجاب به أفاضل الشافعية والمالكية بعد ذكر السؤال، ثم أثنى بجواب شيخ الحنابلة وأختم بمقال الأستاذ الحنفى ثم بما يعن لى أن أضمه إلى أقوال جميعهم والله الموفق للصواب .
وهو الهادى إلى الصراط المستقيم (السؤال)
An ما يقول السادة العلماء فى جماعة من المسلمين يقرون أنهم على عقيدة أهل السنة والجماعة ،ومن تعابعى فقهاء الأئمة الأربعة ، ويسعون فى تحصيل الألفة والاتفاق بين أهل الإسلام ويدعون أهل الردة واليسار إلى تربية أيتام المسلمين، وإلى إشاعة الإسلام فى مقابلة حملات الكتابيين وصولات الوثنيين، إلا أنهم مع ذلك يستعينون بالكفار وأهل البدع والأهواء لنصرة الملة الإسلامية وحفظ حوزة الأمة المحمدية وجمع شملها واتحاد كلمتها فهل مثل هذه الاستعانة تجوز شرعا وهل لها نظير فى القرون الثلاثة الفاضلة المشهود لها بالخير وهل يجوز شرعا وهل يجوز لأحد من المسلمين أن يعارضهم فى هذه الأعمال الجليلة والمقاصد الحسنة ويسعى فى تثبيط الهمم عن معاونتهم والتنفير من صحبتهم نظرا إلى أنهم يستعينون فيها بالكفار وأهل البدع والأهواء ويدخلون مجالسهم ويخالطونهم لمثل هذه المصالح العامة وما حكم من يرميهم بمجرد هذه الأعمال بالكفر والتضليل وسوء الاعتقاد والخروج عن أهل السنة والجماعة أفيدوا الجواب ولكم الثواب .
(ما كتبه جماعة من أفاضل المالكية والشافعية) .
أما السعى فى تحصيل الألفة والاتفاق بين أهل الإسلام، فلا نزاع فى أنه من أفضل الأعمال الدينية وأعظمها عند الله تعالى، فإن التآلف والتودد بين المسلمين هو مدار الإيمان وأساس الإسلام ، والسبب الوحيد لنظام المدنية وقوام المجتمع الإنسانى ومدار سعادته فى الأولى والآخرة، وقد حث النبى صلى الله عليه وسلم على الأخذ به وبيان فوائده فى كثير من الأحاديث، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ) وقوله (لا يؤمن عبد حتى يحب للناس ما يحب لنفسه من الخير) وقوله ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) وقوله (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل ومن يارسول الله قال الذى لا يأمن جاره بوائقه ( شروره ) أى لا يأمن جاره شره وقوله ( نظر المؤمن إلى أخيه المؤمن حبا له وشوقا إليه خير من اعتكاف سنة فى مسجدى هذا ) وقوله (أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا أو تقضى عنه دينا) وقوله (أفضل الفضائل أن تصل من قطعك وتعطى من حرمك ) وقوله (من أصلح فيما بيته وبين الله أصلح الله فيما بينه وبين الناس، ومن أصلح جوانيه أصلح الله برانيه) ومن تأمل فى قوله تعالى { إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون } الحجرات 10 ، وقوله تعالى { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين } الأنفال 46 ، مع قوله صلى الله عليه وسلم لا تباغضوا ولا تدابر ولا تنافسوا وكونوا عباد الله إخوانا) وقوله (دب فيكم داء الأمم قبلكم ألا وهى البغضاء والحسد والبغضاء هى الحالقة ولا أقول حالقة الشعر وإنما هى حالقة الدين) من نظر فى ذلك كله عرف ما للسعى فى تحصيل الألفة والمحبة بين الناس من المكانة فى الدين وأنه من أعظم الأعمال وأفضل الخصال، وعرف وجه حث الشارع عليه والتنويه بشأنه وتعظيم قدره .
وأما تربية أيتام المسلمين ودعوة المثرين إليها فمن الأمر بالمعروف فى الدين ومن أفضل أعمال البر وأحبها عند الله تعالى، والسنة مملوءة بطلب الرفق بالأيتام والضعفاء والمساكين .
ففى الحديث (من أحسن إلى يتيم أو يتيمة كنت أنا وهو فى الجنة كهاتين) وفيه خير بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه أنا وكافل اليتيم فى الجنة كهذا وقال بإصبعيه السبابة والوسطى ) وفيه أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك) وكان عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه إذا ذكر النبى صلى الله عليه وسلم بكى وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالناس وكان لليتيم كالوالد، وكان للمرأة كالزوج الكريم، وكان أشجع الناس قلبا وأوضحهم وجها وأطيبهم ريحا وأكرمهم حسبا، فلم يكن له مثل فى الأولين والآخرين .
إلى غير ذلك من الأحاديث - أما القرآن فكثيرا ما قرب بين اليتامى وذوى القربى والمساكين وابن السبيل فى مقام الأمر بالإحسان والعبادة .
قال تعالى { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين } النساء 36 ، وقال { وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين } البقرة 177 ، إلى غير ذلك من الآيات - وأما إشاعة الإسلام فى مقابلة حملات الأجانب والدعوة إليها فهى أول مسألة من مسائل الدين وأساس وجوده وعليها حفظ كيانه وبقائه بل هى النوع الميسور الآن من أنواع الجهاد فى سبيل الله تعالى كالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .
قال { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس } المائدة 67 ، وقال تعالى { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين } الحجر 94 ، وقال تعالى { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } التوبة 122 ، وقال تعالى { وأنذر عشيرتك الأقربين .
واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين } الشعراء 214 ، 215 ، وقوله { وقل إنى أنا النذير المبين } الحجر 89 ، إلى غير ذلك من الآيات .
وفى الحديث عن طارق قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوق ذى المجاز فمر وعليه جبة حمرا وهو ينادى بأعلى صوته يا أيها الناس لا تطيعوه .
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين النصيحة قيل لمن يارسول الله قال لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم وقال عليه الصلاة والسلام لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم والآيات والأحاديث فى هذا الباب أكثر من أن تحصر .
وليست هذه المسائل الثلاثة من محل الخلاف بين العلماء، بل هى مما أجمع الكل عليه وأما الاستعانة بالكفار وأهل البدع والأهواء على مصالح المسلمين، فإن كانت بأموالهم وكانت لمصلحة دينية أو منفعة دنيوية ولم تشتمل على معنى الإذلال والولاية المنهى عنها، فلا نزاع فى جوازها، خصوصا إذا نظرنا للكفار وأهل الذمة من جهة أنهم نقضوا العهود وتمردوا على الأحكام فإنه لا بأس بتناول أموالهم والانتفاع بها متى أمنت الفتنة والرذيلة وقد قبل النبى صلى الله عليه وسلم الهدية من المشركين، ففى صحيح البخارى قال أبو حميد أهدى ملك أيله للنبى صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء وكساه بردا وكتب له ببحرهم ( أهل بحرهم والمقصود - بلدهم - والمعنى أنه أقره عليهم بما التزمه من الجزية ) وعن قتادة عن أنس أن أكيد ردومة أهدى إلى النبى صلى الله عليه وسلم .
وعن أنس بن مالك أن يهودية أتت النبى صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجىء بها فقال ألا نقتلها قال لا .
فما زلت أعرفها فى لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وعن عبد الرحمن بن أبى بكر قال كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة فقال النبى صلى الله عليه وسلم هل مع أحد منكم طعام فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه فعجن ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها فقال النبى صلى الله عليه وسلم بيعا أم عطية أو قال أم هبة .
قال بل بيع فاشترى منه شاة فصنعت وأمر النبى صلى الله عليه وسلم بسواد البطن أن يشوى وأيم الله ما فى الثلاثين والمائة إلا وقد حز النبى صلى الله عليه وسلم له حزة من سواد بطنها إن كان شاهدا أعطاها إياه وإن كان غائبا خبأ له .
وطلب صلى الله عليه وسلم من يهودى له دين على صحابى مات وترك أيتاما أن يبرئهم من الدين فما قبل .
وقصته فى البخارى . وفى الألوسى عند قوله تعالى { وما كنت متخذ المضلين عضدا } الكهف 51 ، مانصه وأما الاستعانة بهم فى أمور الدنيا فالذى يظهر أنه لا بأس بها سواء كانت فى أمر ممتهن كنزع الكنائف أو فى غيره كعمل المنابر والمحاريب والخياطة ونحوها انتهى - وكتب على قوله تعالى { لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شىء إلا أن تتقوا منهم تقاة } آل عمران 28 ، ما نصه قال ابن عباس .
نزلت فى طائفة من اليهود كانوا يباطنون نفرا من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم، فقيل لأولئك النفر اجتنبوا هؤلاء اليهود واحذروا لزومهم ومباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم وملازمتهم فأنزل الله هذه الآية ونهى المؤمنين عن فعلهم .
وحكى فى سبب نزول الآية غير ذلك . ثم أفاد أن المنهى عنه من الموالاة ما يقتضيه الإسلام من بغض وحب شرعيين يصح التكليف بهما، لما قالوا إن المحبة لقرابة أو صداقة قديمة أو جديدة خارجة عن الاختيار معفوة ساقطة عن درجة الاعتبار .
وحمل الموالاة على ما يعم الاستعانة بهم فى الغزو مما ذهب إليه البعض .
ومذهب الحنفية وعليه الجمهور أنه يجوز ويرضخ له .
وما روى عن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لبدر فتبعه رجل مشرك كان ذا جراءة ونجدة ففرح أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم حينما رأوه، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ارجع فلن أستعين بمشرك فمنسوخ - لأن النبى صلى الله عليه وسلم استعان بيهود بنى قينقاع ورضخ لهم واستعان بصفوان بن أمية فى هوازن .
وذكر بعضهم جواز الاستعانة بشرط الحاجة والوثوق .
أما بدونها فلا تجوز . وعلى ذلك يحمل خبر عائشة، وكذا ما رواه الضحاك عن ابن عباس فى سبب نزول الآية .
وبه يحصل الجمع وأدلة الجواز . ومما أشار إليه من أدلة المنع والجواز مارواه أحمد وسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذى تبعه ارجع فلن أستعين بمشرك، ثم تبعه فقال له تؤمن بالله ورسوله ن قال نعم .
فقال له فانطلق وعن الزهرى أن النبى صلى الله عليه وسلم استعان بناس من اليهود فى خيبر وأسهم لهم .
وأن قرمان خرج مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وهو مشرك فقتل ثلاثة من بنى عبد الراد حملة لواء المشركين حتى قال صلى الله عليه وسلم إن الله ليأزر هذا الدين بالرجل الفاجر .
كما ثبت ذلك عند أهل السير . وخرجت خزاعة مع النبى صلى الله عليه وسلم على قريش عام الفتح .
وقد تصدى أئمة الحديث والفقهاء إلى الجمع بين هذه الآثار بأوجه منها ما تقدم .
ومنها ما ذكره البيهقى عن نص الشافعى رضى الله عنه إن النبى صلى الله عليه وسلم تفرس الرغبة فى الذين ردهم فردهم رجاء أن يسلموا .
ومنها أن الأمر فى ذلك إلى رأى الإمام . ومنها أن الاستعانة كانت ممنوعة ثم رخص فيها .
قال الحافظ فى التلخيص وهذا أقربها عليه نص الشافعى .
وحكى فى البحر عن العترة وأبى حنيفة وأصحابه أنه تجوز الاستعانة بالكفار والفساق حيث يستقيمون على أوامره ونواهيه واستدلوا باستعانته صلى الله عليه وسلم بناس من اليهود وبصفوان بن أمية يوم حنين قال فى البحر وتجوز الاستعانة بالمنافق إجماعا لاستعانته صلى الله عليه وسلم بابن أبى وأصحابه - انظر نيل الأوطار .
وفى الألوسى عند قوله تعالى { إلا أن تتقوا منهم تقاة } مامفاده وفى الآية دليل على مشروعية التقية وعرفوها بمحافظة النفس أو العرض أو المال من شر الأعداء سواء كانت عداوتهم مبنية على اختلاف الدين كالكفر والإسلام أو على أغراض دنيوية كالمال والمتاع والملك والإمارة إلى أن قال وعد قوم من باب التقية مداراة الكفار والفسقة والظلمة وإلانة الكلام لهم والتبسم فى وجوههم والانبساط منهم وإعطائهم لكف أذاهم وقطع لسانهم وصيانة العرض ولا يعد ذلك من باب الموالاة المنهى عنها بل هى سنة وأمر مشروع، وقد روى الديلمى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن الله تعالى أمرنى بمداراة الناس كما أمرنى بإقامة الفرائض) وفى رواية بعثت بالمداراة، وفى الجامع سيأيتكم ركب مبغضون .
فإذا جاءوكم فرحبوا بهم، وروى ابن أبى الدنيا رأس العقل بعد الإيمان بالله تعالى مداراة الناس، وفى رواية البيهقى رأس العقل المداراة، وأخرج الطبرانى مداراة الناس صدقة .
وأخرج ابن عدى وابن عساكر .
من عاش مداريا مات شهيدا، قوا بأموالكم أعراضكم وليصانع أحدكم بلسانه عن دينه وعن عائشة رضى الله عنها قالت (استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس ابن العشيرة وأخو العشيرة .
ثم أذن له فألان له القول فلما خرج قلت يا رسول الله قلت ما قلت ثم ألنت له القول، فقال يا عائشة (إن من شر الناس من يتركه الناس أو يدعه الناس اتقاء فحشه .
وفى البخارى عن النبى عن ابن أبى الدرداء إنا لنكشر ( نشكر بفتح النون وسكون الكاف وكسر الشين أى نضحك ونبتسم ) فى وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم .
وأخرج ابن أبى شيبة عن شعيب قال كنت مع على بن عبد الله فمر علينا يهودى أو نصرانى فسلم عليه قال شعيب فقلت إنه يهودى أو نصرانى فقرأ على آخر سورة فسلم عليه قال شعيب فقلت إنه يهودى أو نصرانى فقرأ على آخر سورة الزخرف { وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون .
فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون } الزخرف 88 ، 89 ، وقيل لعمر بن عبد العزيز كيف تبتدئ أهل الذمة بالسلام .
فقال ما أرى بأسا أن نبتدئهم . قلت لم قال لقوله تعالى { فاصفح عنهم وقل سلام } الزخرف 89 ، وروى البيهقى ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا بد له من معاشرته حتى يجعل الله له فى ذلك مخرجا، إلى غير ذلك من الأحاديث، غاية الأمر لا تنبغى المداراة إلى حيث يخدش الدين ويرتكب المنكر وتسىء الظنون إذا علمت ذلك فالاستعانة بالكفار وأهل البدع والأهواء المشار إليها فى السؤال متى خلت عما أومأنا إليه فلا بأس بها بل هى من الأمر المشروع كما تقدم .
وقد علمت نظيرها فى القرون الفاضلة المشهود لها بالخير متى كانت الاستعانة من هؤلاء لنصرة الملك وحفظ حوز الملة وحينئذ لا يجوز لأحد من الناس أن يعارضهم فى هذه الأعمال الجليلة ويسعى فى تثبيط الهمم عن معاونتهم بل الواجب على كل واحد من أفراد الأمة أن يشاركهم فى هذا العمل لأنه من البر والخير وقد قال تعالى { وافعلوا الخير لعلكم تفلحون } الحج 77 ، { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } المائدة 2 ، والمؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضا والله فى عوف العبد ما دام العبد فى عون أخيه .
وأما حكم من يرميهم بالكفر والتضليل وسوء الاعتقاد فإن كان يعتقد أنهم كفار حقيقة بمثل هذا العمل وأنهم خرجوا عن دين الإسلام بمجرد ذلك، فحديث إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ظاهر فى تكفير هؤلاء المضللين وقد نص شراح الحديث وعلماء الأمة على الأخذ بظاهر هذا الحديث بالقيد المذكور، وإن قصدوا أن هؤلاء بولايتهم للكفار واستعانتهم بهم يفعلون فعل الكفار وليسوا بكفار حقيقة، فمع افترائهم وجهلهم بالدين قد أثموا وارتكبوا جريمة تقرب من الكفر بهذه الكلمة الشنيعة التى لا تصدر من مسلم، فضلا عن عالم .
وفى الحديث ( أبغض عباد الله إلى الله طعان لعان) وإن من أخلاق المؤمن ألا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، ولا يضيع ما استودع ولا يحسد ولا يطغى ولا يلغى، ويعترف بالحق وإن لم يشهد عليه، ولا يتنابز بالألقاب - فى الصلاة متخشعا إلى الزكاة مسرعا فى الزلازل وقورا .
فى الرخاء شكورا قانعا بالذى له، لا يدعى ما ليس له، ولا يجمع فى الغيظ، ولا يغلبه الشح عن معروف عليه صبر حتى يكون الرحمن هو الذى ينتصر له هذه هى أخلاق المؤمنين حتى إذا خرجوا منها فسدت أخلاقهم وانطفأ نور إيمانهم ونقضوا عرى الإسلام عروة عروة حتى لا يبقى منهم شىء نسأله السلامة وفى الفروق القرافية اعلم أن النهى يعتمد كما أن الأوامر تعتمد المصالح فأعلى رتب المفاسد الكفر، وأدناها الصغائر، والكبائر متوسطة بينهما، وأكثر التباس الكفر إنما هو بالكبائر، فأعلى رتب الكبائر يليها أدنى رتب الكفر، وأدنى رتب الكبائر يليها أعلى رتب الصغائر .
وأصل الكفر إنما هو انتهاك خاص لحرمة الربوبية، إما بالجهل بوجود الصانع، أو صفاته العلية، أو جحد ما علم من الدين بالضرورة، قال ابن رشد لا يحكم على أحد بالكفر إلا من ثلاثة أوجه وجهان متفق عليهما .
والثالث مختلف فيه . فأما المتفق عليهما فأحدهما أن يقر على نفسه بالكفر بالله تعالى، والثانى أن يقول قولا قد ورد السماع وانعقد الاجماع أن ذلك لا يقع إلا من كافر، وإن لم يكن ذلك نفسه كفرا على الحقيقة وذلك نحو استحلال شرب الخمر وغصب الأموال وترك فرائض الدين والقتل والزنا وعبادة الأوثان والاستخفاف بالرسل وجحد سورة من القرآن وأشباه ذلك مما يكون علامة على الكفر وإن لم يكن كفرا على الحقيقة، والثالث المختلف فيه أن يقول قولا يعلم أن قائله لا يكنه مع اعتقاده والتمسك به معرفة الله تعالى والتصديق به، وإن كان يزعم أنه يعرف الله تعالى ويصدق به .
وبهذا الوجه حكم بالكفر على أهل البدع من كفرهم، وعليه يدل قول مالك فى العتبية ما آية أشد على أهل الأهواء من هذه الآية { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } آل عمران 106 ، انظر فتاوى أبى عبد الله .
والحاصل أن هؤلاء المضللين المكفرين قد ارتكبوا بهذه الكلمة كبيرة من الكبائر التى تفضى إلى الكفر إن لم يكونوا معتقدين كفر هؤلاء الجماعة المتمسكين بعقائد أهل السنة وأعمال الإسلام والمسلمين، ولعلهم إن شاء الله تعالى يكونون كذلك غير معتقدين كفر هؤلاء، وإنما نطقوا بهذه الكلمة تعصبا وعنادا ظاهريا، فإن باب التكفير باب خطير ينبغى الاحتراز عنه ما وجد إليه سبيل، ولا يعدل بالسلامة شىء وإن كن قولهم بالكفر من الجهل العظيم والإقدام على شريعة الله تعالى وأحكامه بالجهالة وعلى عباده بالفساد والظلم والعدوان، وأما إن كانوا يكفرون أولئك الساعين فى الخير وهم يعتقدون أنهم كفار حقيقة فيكونون هم الكافرين كما سبق فى أول الكلام للحديث ومع ذلك نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح حالهم وينقذهم من هذه الضلالة ويهديهم إلى الصراط المستقيم - ما كتبه الأستاذ شيخ الحنابلة الحكم عندنا معاشر الحنابلة أن الشرع الشريف ألزمنا ألا نكفر أحدا أهل القبلة إلا إذا عرض نفسه للكفر وكفر بمخالفته ما شرعه لهذه الأمة سيد البشر صلى الله عليه وسلم وكان المخالف فيه مجمعا عليه، وعلماء أهل السنة والجماعة المتصفون بهذه الصفات الممدوحة شرعا من تحصيل الاتفاق والائتلاف بين فرق أهل الإسلام من غير اختلاف وشقاق وغير ذلك من بقية الصفات التى حث عليها الشارع ليسوا كذلك، وإن استعانوا بالكفار فى تحصيل مصالح المسلمين العامة كالصنائع والجهاد وغيرهما، فإن الصنائع مأمور بها شرعا .
وقد اتصف بها آدم ومن بعده الأنبياء والمرسلين كما نص عليه ابن عباس .
وقد نقل المروذى عن الإمام أحمد أنه قال فى قوم لا يعملون ويقولون نحن متوكلون ويقولون نحن متوكلون - هؤلاء مبتدعة - واستعانة المسلمين بالكفار جائزة فى الجهاد للضرورة كضعف المسلمين ولو كان العدو من بغاة المسلمين .
لما روى الزهرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعان بناس من اليهود فى حربه فأسهم لهم .
رواه سعيد . وإذا جازت الاستعانة بالكفار فى الجهاد فتجوز الاستعانة من المسلمين بهم فى غيره مما فيه مصلحة لعموم المسلمين بجامع أن كلا من المصالح العامة، وتكفير علماء أهل السنة والجماعة بالاستعانة بأهل البدع والأهواء ودخولهم فى مجالسهم واختلاطهم معهم فى هذه المصالح العامة لا يجوز شرعا .
وإن قال ابن مفلح فى الفروع إن الاستعانة بهم مختلف فيما، قيل بالجواز، وقيل بالمنع، بل مكفروا هؤلاء العلماء هم الكفار .
قال فى منتهى الإرادات وشرحه للبهوتى وعن الإمام أحمد أن الذين كفروا أهل الحق والصحابة - كفار قال المنقح وهو أظهر من القول بأنهم فسقة خوارج بغاة .
وقال فى الإنصاف والقول بتكفيرهم هو الصواب وهو الذى ندين الله به .
وقال ابن مفلح فى الفروع وعن الإمام أحمد أنهم كفار، وقال فى الترغيب والرعاية إنه الأشهر .
وذكر ابن حامد أنه لا خلاف فيه وفى الحديث الشريف الصحيح (إن من كفر أحدا بلا تأويل فقد كفر) وقال الشيخ برهان الدين الحلبى ومن كفر أخاه المسلم بغير تأويل فهو كافر يجب عليه تجديد الإسلام والتوبة من ذلك وتجديد نكاحه إن لم يدخل بزوجته، وكذا إن دخل بها عند أبى حنيفة .
وأما عندنا فالعصمة باقية إن عاد إلى الإسلام بالتوبة قبل انقضاء العدة .
فيجب على المسلم أن يصون من التكفير بغير موجب قطعي كل فرد من أفراد أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ومرتكب ذلك لغرض نفسه لاريب هو من الضالين الممقوتين والله ولى المتقين وقد روى أبو داود بإسناده عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من أصل الإيمان الكف عمن قال لا إله إلا الله لا نكفره بذنب ولا نخرجه عن الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثنى الله إلى أن يقاتل آخر أمتى الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار .
والله أعلم. ما كتبه الأستاذ الفاضل الحنفى قال الله تعالى فى كتابه العزيز { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } المائدة 2 ، وقال عز من قائل { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا } آل عمران 103 ، وقال مخاطبا لصفوته من خلقه { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة } النحل 125 ، وقال فى محكم آياته { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين } الممتحنة 8 ، وهى آية محكمة لم تنسخ على ما عليه أكثر أهل التأويل .
وقال صلى الله عليه وسلم (المؤمن إلف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) وقال عليه السلام ( إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) وهو فى الصحيحين .
إذا تمهد هذا . فنقول أما تكفير المؤمن، فإن مذهب أهل الحق عدم جوازه بارتكاب ذنب ليس من الكفر إن صغيرا كان الذنب أو كبيرا عالما كان مرتكبه أو جاهلا، وسواء كان من أهل البدع والأهواء أولا، نص عليه عبد السلام شارح الجوهرة عند قول المصنف فلا نكفر مؤمنا بالوزر وقال فى الدر من باب المرتد لا يفتى بالكفر بشىء من ألفاظه إلا فيما اتفق المشايخ عليه .
وقال فى جامع الفصولين لا يخرج الرجل من الإيمان إلا جحود ما أدخله فيه، وما يشك فى أنه ردة لا يحكم به إذ الإسلام الثابت لا يزول بالشك مع أن الإسلام يعلو وينبغى للعالم إذا رفع إليه هذا ألا يبادر بتكفير أهل الإسلام .
وقال فى الفتاوى الصغرى الكفر شىء عظيم فلا أجعل المؤمن كافرا متى وجدت رواية أنه لا يكفر .
وقال فى الخلاصة وغيرها إذا كان فى المسألة وجوه وتوجب التكفير ووجه واحد يمنعه، فعلى المفتى أن يميل إلى الوجه الذى يمنع التكفير تحسينا للظن بالمسلم .
وقال فى التتار خانية لا يكفر بالمحتمل لأن الكفر نهاية العقوبة ، فيستدعى نهاية الجناية، ومع الاحتمال لانهاية وفى رد المحتار من باب البغاة ما يفيد إجماع الفقهاء المجتهدين على عدم تكفير أهل البدع .
قال وإن ما يقع من تكفير أهل مذهب لمن خالفهم ليس من كلام الفقهاء الذين هم المجتهدون، بل من غيرهم، ولا عبرة بغير الفقهاء، وفى الدر وحواشيه من باب الإمامة من كان من قبلتنا لا يكفر بالبدعة، حتى الخوارج الذين يستحلون دماءنا وأموالنا وسب أصحاب الرسول صلى الله عليه سلم غير الشيخين وينكرون صفاته تعالى وجواز رؤيته لكونه عن تأويل وشبهه والمراد بالخوارج من خرج عن معتقد أهل الحق، لا خصوص الفرقة التى خرجت على على، فيشمل المعتزلة والشيعة وأما الاستعانة بالكفار وبأهل البدع والأهواء على نصرة الملة الإسلامية فهذا مما لا شك فى جوازه وعدم خطره، يرشد إلى ذلك الحديث الصحيح المار ذكره (إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) وقال صلى الله عليه وسلم ( إن الله ليؤيد الإسلام برجال ماهم من أهله) وقال فى الدر المختار من كتاب الغنائم عند قول المصنف أو دل الذمى على الطريق ومفاده جواز الاستعانة بالكافر عند الحاجة .
وقد استعان عليه الصلاة والسلام باليهود على اليهود ورضخ لهم، وفى شرح العين على البخارى أن النبى عليه الصلاة والسلام استعان بصفوان ابن أمية فى هوازن واستعار منه مائة درع وهو مشرك وفى المحيط من كتاب الكسب ذكر محمد فى السير الكبير لا بأس للمسلم أن يعطى كافرا حربيا أو ذميا وأن يقبل الهدية منه لما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث خمسمائة دينار إلى مكة حين قحطوا وأمر بدفعها إلى أبى سفيان بن حرب وصفوان بن أمية ليفرقاها على فقراء مكة .
ولأن صلة الرحم محمودة فى كل دين . والأهداء إلى الغير من مكارم الأخلاق وفى شرح السير الكبير للسرخسى لا بأس أن يصل الرجل المسلم المشرك قريبا كان أو بعيدا محاربا كان أو ذميا، وفى الدر المختار من كتاب الوصايا أوصى حربى أو مستأمن لا وراث له هنا بكل ما له لمسلم صح .
وكذا لو أوصى له مسلم أو ذمى جاز .
ثم قال وصاحب الهوى إذا كان لا يكفر فهو بمنزلة السلم فى الوصية .
وقال الفخر الرازى فى تفسير قوله تعالى { إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم } الممتحنة 9 ، إلى قوله تعالى { أن تولوهم } قال أهل التأويل هذه الآية تدل على جواز البر بين المشركين والمسلمين وإن كانت الموالاة منقطعة .
وفى البخارى ما يدل على وصية عمر رضى الله عنه بالقتال عن أهل الذمة وأن لا يكلفوا إلا طاقتهم .
هذه هى نصوص الفقهاء وأصحاب الحديث وأهل التفسير فى وجهى السؤال .
وبها تندفع كل شبهة فى عمل هؤلاء الموفقين لخير أهل الملة الحنيفية السمحاء العاملين فى تحصيل الائتلاف والاتفاق بين فرق أهل الإسلام الداخلين بتربية أيتام المسلمين فى قوله صلى الله عليه وسلم كما فى صحيح البخارى (أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا وقال بإصبعيه السبابة والوسطى) المجاهدين بعملهم هذا لإعلاء كلمة الله ونصرة الموحدين ولا يمنع من صحة عملهم دخولهم فى مجالس أهل البدع واختلاطهم معهم فى هذه المصالح العامة متى كانت نيتهم تحصيل ذلك الخير العام .
فإن الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى .
والله أعلم . هذا ما ذكره هؤلاء الأفاضل ثم نقول .
المطلع على ما نقله حضرات الأساتذة من علماء الأزهر من نصوص الكتاب والسنة وأقوال الأئمة والعلماء من أهل المذاهب الأربعة يعلم حق العلم أن ما يفعله أولئك الأفاضل دعاة الخير هو الإسلام ومن أجل مظاهر الإيمان وأن الذين يكفرونهم أو يضللونهم هم الذين تعدوا حدود الله وخرجوا عن أحكام دينه القويم .
أولئك الدعاة إلى الخير قاموا بأمر الله فى قوله { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } آل عمران 104 ، أما خصومهم فقد خالفوا نهى الله سبحانه وتعالى فى قوله { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم } آل عمران 105 ، وإن كانوا يعتقدون كفر أولئك المؤمنين حقيقة فالمفتى به عند الحنفية أنهم يكفرون بذلك لاعتدادهم الإيمان وأعماله كفرا وهو جحود لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم .
وإن كانوا يقولون ذلك نبذا بألسنتهم فأخف حالهم أن يدخلوا فى الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا وقد قال الله فيهم { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة } النور 19 ، لأنهم يضللون من يؤمن بالله واليوم الآخر وبما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ويرمونهم بالفسق فى أعمالهم وهو إشاعة الفاحشة فى الذين آمنوا وما أعظم الوعيد عليه فى قوله تعالى { لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة } النور 19 ، فهو من فظائع الكبائر بقى أن بعض الجهلة المتشدقين ربما تعرض لهم الشبهة فى فهم قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم } آل عمران 118 ، إلى آخر الآية ، وقوله تعالى { ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون } المجادلة 14 ، وقوله تعالى { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم } المجادلة 22 ، وقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا فى سبيلى وابتغاء مرضاتى تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل } الممتحنة 1 ، وما لم أتذكره مما قد يكون فاتنى من الآيات التى تصرح أو تشير إلى المنع من موادة المؤمنين لغير المؤمنين على أنه لا شبهة لهؤلاء الجهلة فى مثل هذه الآيات تسوغ لهم تفسيق إخوانهم أو تكفيرهم بعدما جاء فى الآية المحكمة من قوله تعالى { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين .
إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون } الممتحنة 8 ، 9 ، وبعدما جاء فى القصص الذى قصه الله علينا لتكون لنا فيه أسوة إذ قال تعالى { وإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفا } لقمان 15 ، وبعدما أباح الله لنا فى آخر ما أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم نكاح الكتابيات ولا يكون نكاح فى قوم حتى تكون فيهم قرابة المصاهرة ولا تكون تلك القرابة حتى تكون المودة .
وحقيقة ما جاء فى الآيات الدالة على النهى عن موالاة غير المؤمنين أو مودة الفاسقين والمحادين لله تعالى أنه نهى عن الموالاة فى الدين ونصرة غير المؤمن على المؤمن فيما هو من دينه وإمداد الفاسق بالمعونة على فسقه، وعن اتخاذ بطانة من غير المؤمنين يكون من صفتها أنها تبذل وسعها فى خذلانهم وإيصال الضرر إليهم فيكون إدلاء المؤمنين إليها بأسرارهم وغلب الظن بالمنفعة ولم يكن فى الموادة معونة على تعدى حدود الله ومخالفة شرعه فلا حظر فى الاستعانة بمن لم يكن من المسلمين أو لم يكن من الموفقين الصالحين ممن يسمونهم أهل الأهواء، فإن طالب الخير يباح له بل ينبغي له أن يتوسل إليه بأية وسيلة توصل إليه ما لم يخالطها ضرر للدين أو للدنيا .
وقد بينت السنة وعمل النبى صلى الله عليه وسلم ما صرح به الكتاب فى قوله تعالى { لا ينهاكم الله } الخ ولقد كانت لنا أسوة حسنة فى استعانة رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفوان بن أمية فى حرب هوازن وفى غيرها من الوقائع كما هو معروف فى السنة ثم كان فى سيرة الخلفاء الراشدين من لدن عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى على كرم الله وجهه ما فيه الكفاية لمسترشد إذا استرشد فقد أنشأ عمر رضى الله عنه الديوان ونصب العمال واحتاج المسلمون إلى من يقوم فى العمل فى حساب الخراج وما ينفق من بيت المال واحتاجوا إلى كتاب المراسلات والقوم أميون لا يستطيعون القيام بما كان يطلبه العمل من العمال فوضعوا ذلك كله فى أيدى أهل الكتاب من الروم وفى أيدى الفرس ولم يزل العمل على ذلك فى خلافة بنى أمية بعد الراشدين إلى زمن عبد الملك بن مروان، ولا شك فى أن هذا استعانة بغير المسلمين على أعمال هى من أهم أعمالهم، فكيف ينكر هؤلاء الجهال جواز تلك الاستعانة، بل قد استعان كثير من ملوك المسلمين بغير المسلمين فى حروبهم، وإنا نذكر ما قاله ابن خلدون فى ذلك كله .
قال فى باب ديوان الأعمال والجبايات وأما ديوان الخراج والجبايات فبقى بعد الإسلام على ما كان عليه من قبل ديوان العراق بالفارسية، وديوان الشام بالرومية، وكتاب الدواوين من أهل العهد من الفريقين، ولما جاء عبد الملك .
ابن مروان واستحال الأمر ملكا وانتقل القوم من غضاضة البداوة إلى رونق الحضارة ومن سذاجة الأمية إلى حذق الكتابة وظهر فى العرب ومواليهم مهرة فى الكتابة والحسبان فأمر عبد الملك سليمان بن سعد وإلى الأردن لعهده أن ينقل ديوان الشام إلى العربية فأكمله لسنة من يوم ابتدائه ووقف عليه سرحون كاتب عبد الملك فقال لكتاب الروم اطلبوا العيش فى غير هذه الصناعة فقد قطعها الله عنكم، وأما ديوان العراق فأمر الحجاج كاتبه صالح بن عبد الرحمن وكان يكتب بالعربية والفارسية ولقن ذلك عن زادن فروخ كاتب الحجاج قبله .
ولما قتل زادان فى حرب ابن الأشعث استخلف الحجاج صالحا هذا مكانه وأمره أن ينقل الديوان من الفارسية إلى العربية ففعل ورغم لذلك كتاب الفرس .
وقال فى الكلام على الوزارة وأما حال الجباية والإنفاق والحسبان فلم يكن عنده برتبة، لأن القوم كانوا عربا أميين لا يحسنون الكتابة والحساب فكانوا يستعملون فى الحساب أهل الكتاب أو أفرادا من موالى العجم ممن يجيده وكان قليلا فيهم، وأما أشرافهم فلم يكونوا يجيدونه، لأن الأمية كانت صفتهم التى امتازوا بها، وكذا حال المخاطبات وتنفيذ الأمور لم يكن عندهم رتبة خاصة للأمية التى كانت فيهم، والأمانة العامة فى كتمان القول وتأديته، ولم تخرج السياسة إلى اختياره لأن الخلافة إنما هى دين ليست من السياسة الكلية فى شىء وأيضا فلم تكن الكتابة صناعة فيستجاد للخليفة أحسنها لأن الكل كانوا يعبرون عن مقاصدهم بأبلغ العبارات ولم يبق إلا الخط فكان الخليفة يستنيب فى كتابته من عماله من يحسنه .
وقال فى الحروب ومذاهب الأمم فى ترتيبها فصل ولما ذكرناه من حرب المصاف وراء العساكر وتأكده فى قتال الكر والفر صار ملوك المغرب يتخذون طائفة من الإفرنج فى جندهم واختصوا بذلك لأن قتال أهل وطنهم كله بالكر والفر، والسلطان يتأكد فى حقه ضرب المصارف ليكون ردءا للمقاتلة أمامه فلابد وأن يكون أهل ذلك الصف من قوم متعودين للثبات فى الزحف وهم الإفرنج ويرتبون مصافهم المحدق بهم فها هنا على ما فيه من الاستعانة بأهل الكفر .
وإنما استخفوا ذلك للضرورة التى أريناكها من تخوف الإجفال على مصاف السلطان والإفرنج لا يعرفون غير الثبات فى ذلك لأن عادتهم فى القتال الزحف فكانوا أقوم بذلك من غيرهم، ثم جاء فى الأحكام السلطانية لقاضى القضاة ابن الحسن على بن محمد بن حبيب البصرى البغدادى فى الكلام على وزارة التنفيذ وهذا الوزير وسط بين الإمام وبين الرعايا والولاة يؤدى عنه ما أمر وينفذ عنه ما ذكر ويمضى ما حكم ويخبر بتقليد الولاة وتجهيز الجيوش ويعرض عليه ما ورد من مهم وتجدد فى حدث ملم ليعمل فيه ما يؤمر به، فهو معين فى تنفيذ الأمور وليس بوال عليها ولا متقلدا لها، فإن شورك فى الرأى كان باسم الوزارة أخص، ثم قال ويجوز أن يكون هذا الوزير من أهل الذمة، وإن لم يجز أن يكون وزير التفويض منهم واستعانة الخلفاء من بنى أمية وبنى العباس بأرباب العلوم والفنون من الملل المختلفة فيما هو من فنونهم مما لا يمكن لصبى يعرف شيئا من تاريخ الأمة إنكاره وقد كانوا يستعينون بهم على أعين الأئمة والعلماء والفقهاء والمحدثين بدون نكير، فقد قامت الأدلة من الكتاب والسنة وعمل السلف على جواز الاستعانة بغير المؤمنين وغير الصالحين على ما فيه خير ومنفعة للمسلمين وأن الذين يعمدون إلى هذه الاستعانة لجمع كلمة المسلمين وتربية أيتامهم وما فيه خير لهم لم يفعلوا إلا ما اقتضته الأسوة الحسنة بالنبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأن من كفرهم أو فسقهم فهو بين أحد الأمرين إما كافر أو فاسق .
فعلى دعاة الخير أن يجدوا فى دعوتهم وأن يمضوا على طريقتهم، ولا يحزنهم شتم الشاتمين، ولا يغيظهم لوم اللائمين .
فالله كفيل لهم بالنصر إذا اعتصموا بالحق والصبر .
والله أعلم .
ے(6/60)
دور المرأة فى الجهاد، والاستعانة بغير المسلم فى الحروب
F حسن مأمون .
جمادى الأولى 1376 هجرية - 8 ديسمبر 1956 م
M 1 - لم يفرض الجهاد فى سبيل الله على المرأة، وهذا لا يمنع من أن للنساء دورا هاما فى الجهاد، وهو مداواة الجرحى والمرضى وخدمة المجاهدين .
2 - عدم فرض القتال على النساء لا يسلبهن حقهن فى الدفاع عن أنفسهن وعن بيوتهن وبلادهن .
3 - يجوز الاستعانة بغير المسلمين فى الحرب بشرط عدم تسلطهم وعدم تدخلهم، وأن يضمن المسلمون أنه ليس وراء هذه الاستعانة خيانة لهم وإضعاف لقوتهم
Q من السيد مندوب روز اليوسف قال : 1 - ما رأى الشرع فيما قامت به المرأة فى الفترة الأخيرة من حمل السلاح وتدريب على القتال .
2 - فى الحرب هل يجوز أن نستعين بمن يخالفوننا فى الدين والعقيدة
An عن السؤال الأول لم يفرض الله سبحانه وتعالى على النساء الجهاد فى سبيله أى حمل السلاح والقتال .
وذلك لأن القتال فى الحرب يحتاج إلى قوة بدنية وإلى مشقة لا تتوافران فى المرأة .
فقد روى عن السيدة عائشة رضى الله عنها أنها قالت قلت يا رسول الله هل على النساء جهاد فقال الرسول ( جهاد لا قتال فيه - الحج والعمرة ) وقد بين صاحب المغنى علة عدم وجوب الجهاد عليها بقوله ( لأنها ليست من أهل القتال لضعفها وخورها ) - وقال صاحب نيل الأوطار - وإنما لم يكن الجهاد واجبا على النساء لما فيه من مغايرة المطلوب منهن من الستر ومجانبة الرجال، ولذلك كان الحج أفضل لهن من الجهاد .
ولعل من عرف ما يحتاج إليه المجاهد أثناء القتال من قوة وصبر ومشقة يدرك تمام الحكمة فى أن الله خفف عن النساء ولم يفرض عليهن الجهاد بمعنى مقاتلة العدو بالأسلحة المختلفة .
وهذا لا يمنع من أن للنساء دورا هاما فى الجهاد، وهو مداواة الجرحى والمرضى، والقيام بخدمة المجاهدين وغير ذلك من الشئون التى يستعان بها على قهر العدو والتغلب عليه .
ففى صحيح مسلم والبخارى وأحمد أن الربيع بنت معوذ قالت كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نسقى القوم ونخدمهم، ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة وعن أم عطية الأنصارية قالت غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم فى رحالهم، وأصنع لهم الطعام وأداوى الجرحى وأقوم على الزمنى - فالأعمال التى كانت تقوم بها النساء فى الغزوات والحروب التى وردت فى هذين الحديثين من الإعانة على الغزو، قد اعتبرت غزوا، لأنهن ما أتين إلى ميادين القتال لسقى الجرحى ونحو ذلك إلا ذهبن عازمات على المدافعة عن أنفسهن .
وقد ورد فى صحيح مسلم أن أم سليم اتخذت خنجرا يوم حنين فقالت اتخذته إن دنا منى أحد من المشركين بقرت بطنه .
وهذا يدل على أنه وإن لم يفرض القتال على النساء إلا أن هذا لا يسلبهن حقهن فى الدفاع عن أنفسهن، وعن بيوتهن وبلادهن، كما فعلت سيدات بور سعيد اللآتى اشتركن مع الرجال فى الذود عن حياض الوطن ... وعن السؤال الثانى اختلف الفقهاء فى جواز الاستعانة فى الجهاد بغير المسلمين .
جاء فى البحر عن أبى حنيفة وأصحابه أنه يجوز الاستعانة بالكفار والفساق حيث يستقيمون على أوامر الحاكم المسلم ونواهيه .
واستدلوا على هذا الحكم باستعانة الرسول صلى الله عليه وسلم بناس من اليهود - وباستعانته بصفوان بن أمية يوم حنين وعلل المخالفون من الفقهاء لهذا الحكم بالخوف من أن يتسلط غير المسلمين على المسلمين بسبب الاستعانة بهم .
وأن يكون فى ذلك جعل سبيل الكافر على المسلم، وهذا يخالف لقوله تعالى { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } النساء 141 ، فإذا لم يترتب عليها شىء من ذلك، وضمن المسلمون أن يكون أمرهم بيدهم ينفذون به أحكام الله، ولا يتدخل فى شئونهم أجنبى عنهم بسبب معاونته لهم فى جهادهم، وأمنوا أن يكون من وراء هذه المعاونة خيانة لهم، أو إضعاف لقوتهم جازت الاستعانة بهم، وكانت فى هذه الحالة متمشية مع مصلحة جماعة المسلمين .
وكل ما يحقق مصلحة عامة للمسلمين لا يمتنع على الحاكم المسلم أن يفعله والله أعلم(6/61)
خيانة الوطن
F حسن مأمون .
جمادى الأولى 1367 هجرية - 5 ديسمبر 1956 م
M 1 - الخيانة للوطن من الجرائم البشعة التى لا تقرها الشريعة الإسلامية 2 - لم تحدد الشريعة الإسلامية عقوبة هذه الخيانة، وتركت لولى الأمر تحديدها بما يردع صاحبها، ويمنع شره عن جماعة المسلمين، ويكفى لزجر غيره
Q من السيد / مندوب مجلة التحرير قال ما حكم الشريعة الإسلامية فى المسلم الذى يخون وطنه فى هذه الوقت الحاضر
An إن الشريعة الإسلامية أوجبت على كل مسلم أن يشارك إخوانه فى دفع أى اعتداء يقع على وطنه، أو على أى وطن إسلامى آخر، لأن الأمة الإسلامية أمة واحدة .
قال الله تعالى { إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون } الأنبياء 92 ، وكل بلد أغلب أهله مسلمون يعتبر بلدا لكل مسلم .
فإذا وقع اعتداء من حكومة أجنبية على أى وطن إسلامى بقصد احتلاله، أو احتلال جزء منه أو بأى سبب آخر - فرض على مسلمى هذه البلد فرضا عينيا أن يجاهدوا وقاتلوا لدفع هذا العدوان، وعلى أهالى البلاد الإسلامية الأخرى مشاركتهم فى دفع هذا العدوان، ولا يجوز مطلقا الرضا إلا بجلاء المعتدى عن جميع الأراضى .
وكل من قصر فى أداء هذا الواجب يعتبر خائنا لدينه ولوطنه وبالأولى كل من مالأعدو المسلمين وأيده فى عدوانه بأى طريق من طرق التأييد يكون خائنا لدينه - فإن الإعتداء الذى يقع على أى بلد من البلاد الإسلامية اعتداء فى الواقع على جميع المسلمين - والخيانة للوطن من الجرائم البشعة التى لا تقرها الشريعة الإسلامية، والتى يترك فيها لولى الأمر أن يعاقب من يرتكبها بالعقوبة الزاجرة التى تردع صاحبها، وتمنع شره عن جماعة المسلمين وتكفى لزجر غيره - ولم تحدد الشريعة الإسلامية هذه العقوبة وتركت لولى الأمر تحديدها .
شأنها فى ذلك شأن كل الجرائم السياسية .
فقد جاء فى الجزء الثالث من ابن عابدين ما نصه والجهاد فرض عين إن هجم العدو .
فيخرج الكل، أى أن دخل العدو بلدة بغتة .
وهذه الحالة تسمى النفير العام، وهو أن يحتاج إلى جميع المسلمين .
ولا أعلم مخالفا لذلك من المسلمين ونصت الآية الكريمة على وجوب قتال الكفار إذا قاتلوا المسلمين وبدءوهم بالعدوان قال الله تعالى { وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين .
واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين .
فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم . وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين } البقرة 190، 191، 192، 193 ، وقد نهى القرآن عن اتخاذ أعداء المسلمين أولياء .
قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا فى سبيلى وابتغاء مرضاتى تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل .
إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون } الممتحنة 1 ، 2 ، وحكم هذه الآية كما ينطبق على المشركين الذين أخرجوا الرسول من بلده ينطبق على كل طائفة غير مسلمة تهاجم بجيوشها دارا من ديار الإسلام .
والله أعلم(6/62)
خيانة الأمانة
F عبد الرحمن قراعة .
ذى القعدة 1345 هجرية - 16 مايو 1927 م
M 1 - يد الوكيل على مال الموكل يد أمانة وتضمن بالتعدى .
2 - من تصرف فى شىء من ملك موكله لمنفعته كان خائنا، وعليه رده إن كان قائما، أو ضمن قيمته إن كان قيميا، أو مثله إن كان مثليا
Q رجل اؤتمن على أشياء سلمت إليه بصفته وكيلا بالأجرة، واستعملها فى أمر معين لمنفعة مالكها، فخان الأمانة واختلس بعضها وأخذها لنفسه فما الحكم
An نفيد أن مال الموكل أمانة فى يد وكيله .
ويضمن بالتعدى، فإذا اختلس الوكيل بعض الأشياء التى سلمت إليه لا ستعمالها لمنفعة مالكها فى أمر معين وأخذها لنفسه كان خائنا للأمانة وأثم بذلك شرعا .
وعليه ردها إذا كانت قائمة، وإن استهلكها بالتعدى ضمن قيمتها إن كانت قيمية وضمن مثلها إن كانت مثلية، هذا ولا توجد عقوبة مقررة فى الشريعة الغراء لمن فعل مثل ذلك وإنما يعزر حسبما يراه الحاكم(6/63)
سب الدين كفر
F عبد المجيد سليم .
شوال 1352 هجرية - 6 يناير سنة 1934 م
Mمن يلعن الدين كافر مرتد عن دين الإسلام بلا خلاف
Q تشاجر شخصان وتنازعا فذهب الأول إلى الثانى يستسمحه عما حدث واستعطفه باسم النبى الكريم بأن قال له (أرجو السماح .. عشان خاطر النبى اللى زرته) أى الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذى حج الأول إليه وزاره فأجابه الثانى بقوله يلعن دين النبى اللى زرته أى أنه سب دين النبى - صلى الله عليه وسلم - علنا فتجدد النزاع وتضاربا وشكا الأول المسبوب الثانى الساب وبنيهما موضع نظر .
فما حكم الدين على مثل هذا الحادث وما يقرر من نظر فيه
An نفيد بأن من قال هذه الجملة الخبيثة المذكورة (يلعن دين النبى الذى زرته) فهو كافر مرتد عن دين الإسلام بلا خلاف بين أئمة المسلمين والأمر فى ذلك ظاهر لا يحتاج إلى بيان .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/64)
شتم الدين
F عبد المجيد سليم .
جمادى الثانية 1355 هجرية - 2 سبتمبر 1936 م
M 1- لا يفتى بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن .
2- يحكم بفسخ نكاح المرتد .
3- يؤمر بتجديد نكاح من تاب احتياطا
Q رجل حج ووقف بعرفات وتشاجر مع زوجته فقال لها على الحرام إنك كاذبة فيما تقولين .
وتبين أنها كاذبة فلعن دينها وملتها .
فقال أحد الحاضرين قد كفرت وحرمت عليك زوجتك فاستغفر ربه وتاب ونطق بكلمة التوحيد واغتسل وجدد إحرامه وطوافه ووقف بعرفة فى يومه ثم اعتمر وأفدى وعقد على زوجته بعقد ومهر جديدين فهل تحل له بعد ذلك أم لا
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه جاء فى باب المرتد من التنوير وشرحه ما نصه واعلم أنه لا يفتى بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن .
وكتب ابن عابدين على هذا ما نصه ظاهره أنه لا يفتى به من حيث استحقاقة للقتل، ولا من حيث الحكم ببينونة زوجته، وقد يقال المراد الأول فقط، لأن تأويل كلامه للتباعد عن قتل المسلم بأن يكون قصد ذلك التأويل وهذا لا ينافى معاملته بظاهر كلامه فيما هو حق العبد، وهو طلاق الزوجة وملكها لنفسها، بدليل ما صرحوا به من أنه إذا أراد أن يتكلم بكلمة مباحة فجرى على لسانه كلمة الكفر خطأ بلا قصد لا يصدقه القاضى، وإن كان لا يكفر فيما بينه وبين ربه تعالى فتأمل ذلك .
وجرره نقلا فإنى لم أر التصريح به، نعم سيذكر الشارح أن ما يكون كفرا اتفاقا يبطل العمل والنكاح، وما فيه خلاف يؤمر بالاستغفار والتوبة وتجديد النكاح ، وظاهر أنه أمر احتياط ثم إن مقتضى كلامهم أيضا أنه لا يكفر بشتم دين مسلم أى يحكم بكفره لإمكان التأويل، ثم رأيته فى جامع الفصولين حيث قال بعد كلام أقول وعلى هذا ينبغى أن يكفر من شتم دين مسلم، ولكن يمكن التأويل بأن مراده أخلاقه الرديئة ومعاملته القبيحة لا حقيقة دين الإسلام فينبغى أن لا يكفر حينئذ والله تعالى أعلم انتهى ، وأقره فى نور العين ومفهومه أنه لا يحكم بفسخ النكاح وفيه البحث الذى قلناه، وأما أمره بتجديد النكاح فهو لا شك فيه احتياطا خصوصا فى الهمج الأرذال الذين يشتمون بهذه الكلمة فإنهم لا يخطر على بالهم هذا المعنى أصلا .
ومن هذا يعلم أنه إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال فلا شبهة فى حل الزوجة المذكورة لزوجها المذكور، والله أعلم(6/65)
عبادات
F بكرى الصدفى .
ذى الحجة 1326 هجرية
Mعصاة المؤمنين لا يخلدون فى النار
Q عن التنافى بين قوله تعالى { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها } وبين قول صاحب كتاب زبد العقائد التوحيدية ولم يبق فى النار الجحيم موحد ولو قتل النفس الحرام تعمدا
An الدلائل متضافرة على أن عصاة المؤمنين لا يخلدون فى النار .
وهذا معنى كلام العقائد المذكور . وأما الخلود فى قوله تعالى { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها } النساء 93 ، فالمداد منه المكث الطويل أو هو محمول على المستحل لذلك .
كما ذكره المسفرون .
فإن استحلال قتل المؤمن محقون الدم عمدا بلا شبهة كفر العياذ بالله تعالى .
والله تعالى أعلم(6/66)
مفهوم المخالفة
F حسونة النواوى .
25 جمادى الآخر 1314 هجرية
Mيؤخذ بمفهوم المخالفة فى الأدلة وكلام الناس وأقول الواقفين لأن تخصيص الشىء بالذكر يدل على نفى ما عداه فى كلام الناس ولا يؤخذ به فى خطابات الشارع
Q بإفادة من نظارة الحقانية مؤرخه 13 جماد آخر سنة 1314 مضمونها أن قاضى ثغر اسكندرية بعث لها مكاتبة تتضمن حصول خلاف بين مستحقى وقف من يدعى الشيخ حسين القاضى المشمول الآن بنظارة سعادة مدير عموم الأوقاف واشتباه حضرته فيما أفتى به مفتى ثغر اسكندرية فى هذا المقام .
وطلب عرض ذلك على فضيلتكم للإفادة بما يقتضيه الحكم الشرعى بأمل النظر فى ذلك وإفادة النظارة بما يتم .
ومضمون كتاب الوقف المذكور أن المواقف وقف وقفه على نفسه أيام حياته ثم من بعده بعضه وهو القهوة التى عينها على ولده محمد القاضى خاصة دون باقى ورثيه، وباقيه وهو الأماكن التى عينها على باقى ورثته وولده محمد القاضى المذكور، ثم على أولاد ولده المرحوم الحاج عبد القادر بالفريضة بينهم ومن سيحدثه اللّه للواقف من الذكور والإناث بالفريضة بينهم أولاد الظهور أولاد البطون، ثم على أولادهم وأولاد أولادهم، ثم على أولاد أولادهم ذكورا وإناثا بالفريضة بينهم الطبقة العليا تحجب الطبقة السفلى، إلا أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه إليه، فإن لم يترك ولدا ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه لمن هو فى درجته وذوى طبقته .
فإن لم يكن فى درجته أحد فلبقية المستحقين معه فى الوقف المذكور .
ومن مات منهم قبل دخوله فى هذا الوقف واستحقاقه لشىء من منافعه وترك فرعا وارثا قام فرعه مقامه فى الدرجة والاستحقاق كل ذلك مع مراعاة الفريضة الشرعية وحجب الأصل لفرعه، فإذا انقرضت أولاد الظهور كان على أولاد البطون على النص والترتيب المشروحين .
فإذا انقرضت ذرية الظهور وذرية الإناث كان ذلك وقفا على من يوجد من ذرية أخ الواقف المرحوم أحمد بن القاضى عبد القادر على النص والترتيب المشروحين .
فإذا انقرضت ذرية أخيه أحمد المرقوم كان ذلك وقفا على جامع الخطبة الذى أنشأه والد الواقف المذكور بالثغر المرقوم يصرف جميع ذلك على إقامة شعائره، فإن تعذر الصرف له صرف ريع ذلك للفقراء والمساكين القاطنين بالثغر .
ومضمون فتوى مفتى اسكندرية المذكور أن الحكم الشرعى فى عبارة الواقف المذكور أنه حيث كرر لفظ الأولاد ثلاث مرات ينسحب وقفه إلى سائر ذريته ويراعى فيهم ما ذكره من حجب الطبقة العليا للطبقة السفلى ومن إعطاء نصيب من مات عن فرج إلى فرعه وعن غير فرع إلى من فى درجته وقيام فرع من مات قبل الاستحقاق مقام أصله لا فرق فى ذلك كله بين أولاد الظهور وأولاد البطون لأن الواقف لم يقيد الاستحقاق بأولاد الظهور إلا فى أولاد لصلبه .
وهم لا يكونون إلا أولاد ظهر بالنسبة إليه وقد أطلق أولاد أولاده وأولادهم وأولاد أولادهم ولم يقيد استحقاقهم بكونهم من أولاد الظهور وبعد تقييد استحقاقهم بحجب الطبقة العليا للطبقة السفلى استثنى بعد ذلك من مات منهم عن ولد أو عن غير ولد بعد الاستحقاق أو قبله بقوله إلا أن من مات منهم وترك ولدا وقوله ومن مات قبل دخوله فى هذا الوقف قام فرعه مقامه .
وهذا الاستثناء متأخر فيجب العمل به لعمومه لأن لفظ من فى قوله من مات منهم يشمل الذكر والأنثى ولفظ الولد أو الفرع الذى تركه يشمل أولاد الظهور .
وأولاد البطون، ولا يمنع من استحقاق أولاد البطون قوله بعد ذلك فإذا انقرضت أولاد الظهور كان ذلك على أولاد البطون لأن هذا يفيد انتقال جميع الوقف لأولاد البطون عند انقراض أولاد الظهور .
وهنا قد أعطى الوقف لمن يوجد من أولاد أولاده وأولادهم على الوجه المذكور سواء كانوا من أولاد الظهور أو من أولاد البطون .
وعلى هذا يكون الواقف قد جعل لاستحقاق أولاد البطون سببين .
أولهما خاص ببعض أولاد البطون وهو موت أحد الذرية عن ولد، وهذا بعمومه يشمل ولد البنت - وثانيهما عام يشمل جميع أولاد البطون وهو فيما إذا انقرضت أولاد الظهور فينتقل جميع الوقف لأولاد البطون .
كما نص على ذلك فى تنقيح الحامدية والفتاوى الخيرية وغيرهما على أنه إذا وجد فى كلام الواقف ما يقتضى الإعطاء والحرمان .
فقد نص علماؤنا رحمهم اللّه على أن الإعطاء أقرب لغرض الواقفين .
ومضمون إفادة القاضى المذكورة أنه حصل اشتباهه فيما أفتى به المفتى المذكور بما أن المنظور ان غرض الواقف اختصاص أولاد الظهور كما يؤخذ من فحوى عبارته حيث قال فى كتاب وقفه بعد أن ذكر ما ذكره فإذا انقرضت أولاد الظهور كان على أولاد البطون .
فإنه يستفاد منه أن ما ذكر قبله جميعه متعلق بأولاد الظهور وأن لا استحقاق لأولاد البطون إلا بعد انقراض أولاد الظهور المذكورين ولذا كان النظار السابقون جارين على صرفه لأولاد الظهور
An بالاطلاع على إفادة عطوفتكم، وعلى كتاب وقف المرحوم الشيخ حسين عبد القادر القاضى، وعلى فتوى حضرة مفتى الثغر المرقوم المتعلقة بذلك الوقف وعلى مكاتبة حضرة قاضى المحكمة المذكورة، وعلى باقى الأوراق المرسلة إلينا .
ظهر أن الوقف المذكور يختص بأولاد الظهور ولا ينتقل لأولاد البطون إلا بعد انقراض أولاد الظهور عملا بقول الواقف المتأخر .
فإذا انقرضت أولاد الظهور كان على أولاد البطون .
فإنه أفاد أن استحقاق أولاد البطون مشروط بانقراض أولاد الظهور .
وما قاله فى الخيرية وغيرها من أن المفاهيم لا يجوز الاحتجاج بها فى كلام الناس فى ظاهر الرواية كالأدلة .
ذكر فى رد المحتار ما يخالفه .
حيث قال نقلا عن البيرى إن تخصيص الشىء بالذكر يدل على نفى ما عداه فى متفاهم الناس وفى المعقولات وفى الروايات .
وعن ابن أمير حاج أن تخصيص الشىء بالذكر لا يدل على نفى الحكم عما عداه فى خطابات الشارع .
أما فى متفاهم الناس وعرفهم وفى المعاملات والعقليات يدل .
وفى التحرير وتداوله المتأخرون . ثم قال بعد ذلك فعلم أن المتأخرين على اعتبار المفهوم فى غير النصوص الشرعية .
وحيث كان المفهوم معتبرا فى متفاهم الناس وعرفهم وجب اعتباره فى كلا الواقف أيضا، لأنه يتكلم على عرفه وعن هذا قال العلامة قاسم إلى آخر ما قاله فى هذا المقام ، وقال فى شرح منظومة رسم المفتى أن الاحتجاج بالمفهوم يجوز كما نقله البيرى عن السرخسى فى السير الكبير واستظهر العمل عليه، كما اختاره الخصاف وذكر أنه لم ير من خالفه .
وفيه أيضا بعد نقل كلام البيرى أن العمل على الاحتجاج بالمفهوم لكن لا مطلقا بل فى غير كلام الشارع، على أنه قال فيه إن الذى رآه فى السير جواز العمل به حتى فى كلام الشارع، فهذا كله دليل على اعتبار ما أفاده قول الواقف .
فإذا انقرضت أولاد الظهور كان على أولاد البطون، من أن استحقاق أولاد البطون مشروط بانقراض أولاد الظهور كما قلنا .
ولا يمنع من ذلك ما ذكر من عدم جواز الاحتجاج بالمفهوم فى ظاهر الرواية، لأنه حيث ترجح جواز الاحتجاج بالمفهوم بأن عليه العمل فلا مانع حينئذ من تقديمه على ظاهر الرواية كما قولوه فى غير هذا الموضوع .
وأيضا لو كان مراد الواقف أن أولاد البطون يستحقون جميع الوقف عند انقراض أولاد الظهور ويشاركونهم عند عدم انقراضهم لكان ذلك مستفادا من قول الواقف قبل ذلك .
فإن لم يترك ولدا ولا ولد ولد أسفل من ذلك انتقل نصيبه لمن هو فى درجته وذوى طبقته فإن لم يكن فى درجته أحد فلبقية المستحقين معه فى الوقف المذكور ويلغو حينئذ قوله فإذا انقرضت أولاد الظهور إلخ .
لأن قوله فإن لم يترك ولدا إلخ يفيد استقلال من يوجد من المستحقين بجميع الوقف واحدا كان أو متعددا فلو دخل أولاد البطون فيما ذكر لكان حكم استقلالهم بجميع الوقف عند انفرادهم وانقراض أولاد الظهور مستفادا مما ذكر ولا يكون هناك حاجة لقول الواقف فإذا انقرضت أولاد الظهور إلخ .
ولا شك أن إعمال الكلام أولى من إهماله .
ولو كان مراد الواقف ماذكر أيضا لنص على مثله فى أولاد الظهور وقال فإذا انقرضت أولاد البطون كان على أولاد الظهور ويدل على ما قلناه أيضا قول الواقف فإذا انقرضت ذرية الظهور وذرية الإناث كان ذلك وقفا على من يوجد من ذرية أخ الواقف .
ثم قوله فإذا انقرضت ذرية أخيه كان ذلك وقفا على الجامع الذى عينه إلخ .
فإن ذرية أخيه لا تستحق إلا بعد انقراض ذرية الظهور وذرية الإناث وانتقال الوقف للجامع المذكور لا يكون إلا بعد انقراض ذرية أخ الواقف المذكور .
فيكون مثل ذلك قول الواقف فإذا انقرضت أولاد الظهور كان على أولاد البطون ليكون الاستحقاق بالانتقال مرتبا فى كلام الواقف على نمط واحد .
ومن جميع ما ذكر يعلم أن غرض الواقف اختصاص الوقف بأولاد الظهور وأنه لاحظ ذلك فى جميع الطبقات .
وقد نصوا على أن غرض الواقف يخصص - خصوصا إذا ثبت أن عمل النظار على ذلك .
وهذا على حسب ما هو مسطور بكتاب الوقف المذكور .
واللّه تعالى أعلم(6/67)
المذهب الباشفى
F محمد بخيت .
شوال 1337 هجرية 2 يوليو 1919 م
M 1 - طريقة البلشفية تقوم على هدم الشرائع السماوية، وعلى الأخص الشريعة الإسلامية فهى تأمر بفعل ما نهى اللّه عنه ورسوله، حيث تأمر بسفك الدماء والاعتداء على مال الغير وأعراضه والخيانة والكذب، وتجعل الناس فوضى فى كل شىء، من معاملات وأموال ونساء وأولاد إلى غير ذلك حتى يصيروا كالبهائم .
2 - جماعة البلشفية كفار .
أساس طريقتهم هدم كيان المجتمع الإنسانى د وانحلال نظام العمران وإنكار الأديان .
3 - واجب كل مسلم أن يحذرهم ويتباعد كل البعد عن ضلالتهم وعقائدهم الفاسدة وأعمالهم المنكرة
Q سأل الشريف السيد حسن بما صورته - فى طريقة جماعة البلشفية التى فشت فى هذا الزمان وعم ضررها .
وحاصل طريقتهم أنهم يدعون إلى الفوضى والفساد وإنكار الديانات وإباحة المحرمات، وعدم التقيد بعقيدة دينية، وإلى الاعتداء على مال الغير، وينكرون حق الأشخاص فيما يملكون ويعتقدون أنه يسوغ لكل واحد أن يغتصب ماشاء ممن يشاء ويستبيحون سفك الدماء وينكرون حقوق الزوجية بين كل زوجين، كما ينكرون نسبة الأولاد إلى آبائهم، بل يجعلونهم منتسبين إلى حكومتهم ويهدمون سياج المعيشة العائلية، ولا يفرقون بين حلال وحرام، وكل امرأة تحل لكل واحد منهم ولو لم يكن بينها وبينه عقد زواج .
ويستبيحون دم كل امرأة تصون عرضها عن واحد منهم، وكثيرا ما يجبرون النساء على انتهاك حرماتهن إذا كن غير متزوجات، وعلى تلويث شرفهن وشرف أزواجهن وأولادهن إذا كن متزوجات وذوات أولاد .
وبالجملة فهم قائلون بإباحة كل شىء حرمته الشرائع الإلهية . أفيدونا تؤجروا أثابكم اللّه
An نقول إن هذه الطريقة قديمة، وأنها ملة رجل منافق من الفرس من أهل فيسا يقال له زرادست ابتدعها فى المجوسية فتابعه الناس على بدعته تلك وفاق أمره فيها، وكان ممن دعا العامة إليها رجل من أهل نزرية يقال له مزدق ابن بإمداز وكان مما أمر به الناس وزينه لهم وحثهم عليه التساوى فى أموالهم وأهلهم، وذكر لهم أن ذلك من البر الذى يرضاه اللّه ويثيب عليه أحسن الثواب، وأنه إن لم يكن الذى أمرهم به وحثهم عليه من الدين فهو مكرمة فى الفعال ورضا فى التفاوض، وحض بذلك سفلة الناس على ملتهم واختلط له أجناس اللؤماء بعناصر الكرماء، وسهل سبيل الغصب للغاصبين والظلم للظالمين والعهد والزنا للعهار والزناة حتى يقضوا نهمتهم ويصلوا إلى النساء الكرائم اللائى لم يكونوا يطمعون فيهن وشمل الناس بلاء عظيم لم يكن لهم عهد بمثله .
وكان ذلك فى مدة ملك قباذ ابن فيروز ابن يزدرج من ملوك الفرس .
ولما مضى على ملكة عشر سنين اجتمع عظماء دولته ورؤساء ديانته على إزالته عن ملكه فأزالوه عنه وحبسوه لمتابعته مزدق المذكور مع أصحاب له قالوا إن اللّه إنما جعل الأرزاق فى الأرض ليقتسمها العباد جميعا بينهم بالسوية، ولكن الناس تظالموا فيها وجعلوا منهم فقراء ومنهم أغنياء وأنهم يأخذون من مال الأغنياء للفقراء ويردون من المكثرين على المقلين وأن من كان عنده فضل من الأموال والنساء والأمتعة فليس هو بأولى به من غيره .
فانتهز السفلة حينذاك هذه الفرصة واغتنموها وكاتفوا مزدق المذكور وأصحابه وشايعوهم وعاونوهم على ذلك فابتلى الناس بهم وقوى أمرهم .
حتى كانوا يدخلون على الرجل فى داره فيغلبونه على منزله ونسائه وأمواله ولا يستطيع الامتناع منهم .
وحملوا قباز على تزيين ذلك وتحسينه وتوعدوه بخلعه إن لم يفعل ما يريدون .
فلم يلبثوا إلا قليلا حتى صار الناس لا يعرف الرجل منهم ولده، ولا الولد أباه ولازوجته، ولا أحدا من أقاربه ولا يعرف له رحما محرما ولا غير محرم، بل صاروا كالبهائم وصار الرجل منهم لا يملك شيئا مما كان بيده وجعلوا قباز فى كل مكان لا يصل إليه أحد سواهم وقالوا له إنك قد أثمت وعصيت بسبب أعمالك فيما مضى ولا يخلصك ويطهرك مما علمت إلا إباحة نسائك وراودوه على أن يدفع إليهم نفسه فيذبحوه ويجعلوه قربانا للنار .
وكان من أنصار قباز رجل يقال له زرمهر فلما رأى زرمهر المذكور ما صنع أولئك القوم خرج بمن شايعه من الأشراف باذلا نفسه فقتل من أصحاب مزدق خلقا كثيرين وأعاد قباز إلى ملكه فأخذ أصحاب مزدق المذكور بعد ذلك يحرشون قباز على زرمهر حتى قتله، وكان قباز من خيار ملوك الفرس حتى حمله مزدق المذكور على ما حمله عليه مما تقدم، فانتشرت الفوضى فى أطراف البلاد وأواسطها وفسدت الثغور واستمر الأمر كذلك إلى أن انتقل الملك إلى كسرى أنو شروان ابن قباز المذكور فنهى الناس عن أن يسيروا بشىء مما ابتدعه زرادشت ومزدق وأبطل بدعتهما وقتل خلقا كثيرا ممن ثبتوا على تلك البدعة ولم ينتهوا عما نهاهم عنه منها، حتى استأصل تلك الطائقة وثبت المجوسية ملتهم التى كانوا لا يزالون عليها .
وقد جاء الإسلام فقضى على تلك الطريقة الفاسدة، وأنزل اللّه كتابه العزيز على رسوله صلى اللّه عليه وسلم، فأمر فيه الناس كافة بكل خير ونهاهم عن كل شر، وأمرهم بالاعتقاد بالعقائد الصحيحة فى حقه تعالى بوصفه بكل كمال يليق بشأن الألوهية وتنزيهه عن كل نقص تتعالى عنه صفة الربوبية، وكذلك فى حق الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، فأمر باعتقاد عصمتهم عن المعاصى وتنزيههم عن كل نقص يخل بمنصب الرسالة وشرع العقود الناقلة للملك من بيع وهبة ووصية وغير ذلك .
وبين المواريث ونصيب كل وارث مما يرثه عن مورثه وبين فى كتابه العزيز أنه هو سبحانه الذى تولى بنفسه قسمة المعيشة بين الخلائق فقال تعالى { نحن قسمنا بينهم معيشتهم } الزخرف 32 ، وقال تعالى { اللّه يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له } العنكبوت 62 ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة .
وقد خطب النبى صلى اللّه عليه وسلم فى حجة الوداع التى انتقل بعدها ليسير من دار الفناء إلى دار البقاء، فقال عليه الصلاة والسلام (إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد اللّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه، وأحثكم على طاعة اللّه، وأستفتح بالذى هو خير .
أما بعد أيها الناس اسمعوا منى أبين لكم، فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا فى موقفى هذا .
أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا .
ألا هل بلغت اللّهم اشهد . فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى الذى ائتمنه عليها وإن ربا الجاهلية موضوع وإن أول ربا أبدأ به ربا عمى العباس بن عبد المطلب، وإن دماء الجاهلية موضوع، وإن أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيع ابن الحرث بن عبد المطلب وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية، والعمد قود .
وشبه العمد ما قتل بالعصا أو الحجر وفيه مائة بعير فمن زاد فهو من أهل الجاهلية .
أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد فى أرضكم هذه، ولكنه قد رضى أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم .
أيها الناس إنما النسىء زيادة فى الكفر يضل له الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ماحرم اللّه .
وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق اللّه السماوات والأرض وإن عدة الشهور عند اللّه اثنا عشر شهرا فى كتاب اللّه يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ثلاثة متواليات وواحد فرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب الذى بين جمادى وشعبان ألا هل بلغت اللّهم اشهد .
أيها الناس إن لسنائكم عليكم حقا ولكم عليهن حق .
لكم عليهن ألا يوطئن فراشكم غيركم، ولا يدخلن أحدا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ، ولا يأتين بفاحشة .
فإن فعلن فإن اللّه قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن فى المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح .
فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف .
وإنما النساء عندكم عوان ( أسرى أو كالاسرى ) لا يملكن لأنفسهن شيئا، أخذتموهن بأمانة اللّه واستحللتم فروجهن بكلمة اللّه، فاتقوا اللّه فى النساء واستوصوا بهن خيرا .
الأهل بلغت اللهم اشهد . أيها الناس إنما المؤمنون إخوه، فلا يحل لامرىء مال أخيه إلا عن طيب نفس منه .
ألا هل بلغت اللّهم اشهد . فلا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم أعناق بعض، وإنى قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لم تضلوا بعده كتاب اللّه وأهل بيتى ألا هل بلغت اللّهم اشهد .
أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، أكرمكم عند اللّه أتقاكم، وليس لعربى على عجمى فضل إلا بالتقوى، ألا بلغت اللّه اشهد قالوا نعم .
قال فليبلغ الشاهد منكم الغائب .
أيها الناس إن اللّه قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث، ولا يجوز لوارث وصية فى أكثر من الثلث .
والولد للفراش وللعاهد الحجر، ومن ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل اللّه منه صرفا ولا عدلا .
والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته ) . ومن ذلك كله يعلم أن طريقة جماعة البلشفية طريقة تهدم الشرائع السماوية، وعلى الأخص الشريعة الإسلامية رأسا على عقب فهى تأمر بما نهى اللّه سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز على لسان نبيه صلى اللّه عليه وسلم فهى تأمر بسفك الدماء والاعتداء على مال الغير والخيانة والكذب وهنك الأعراض، وتجعل الناس فوضى فى جميع معاملاتهم فى أموالهم ونسائهم وأولادهم ومواريثهم ، حتى يصيروا كالبهائم بل هم أضل سبيلا .
وقد نهى اللّه عن كل ما ذكر فهم كفار طريقتهم تفضى إلى هدم كيان الاجتماع الإنسانى، وإلى انحلال نظام العمران وإنكار الأديان، وتنذر العالم أجمع وتهددهم بالويل والثبور، وتحرض الطبقات السافلة حتى تثير حربا عوانا على كل نظام قوامه العقل والأدب والفضيلة - فعلى كل مسلم صادق أن يحذر منهم ويتباعد كل البعد عن ضلالاتهم وعقائدهم الفاسدة وأعمالهم الكاسدة، فإنهم بلا شك ولا ريب كفار، لا يعتقدون شريعة من الشرائع الإلهية، ولا يعتقدون دينا سماويا ولا يعرفون نظاما .
وبالجملة فكسرى أنو شروان الذى هو مجوسى يعبد النار لم يرض طريقة هؤلاء الجماعة، لأنها مضادة للعدل والنظام فكيف بأهل الإسلام الذين أمرهم اللّه على لسان نبيه بقوله تعالى { إن اللّه يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون } النحل 90(6/68)
فرق الشيعة
F حسنين محمد مخلوف .
ذى الحجة 1368 هجرية - 25 أغسطس 1949 م
M 1- الشيعة من أكبر الفرق الإسلامية، وهم من تشيعوا إلى الإمام على كرم الله وجهه - وتنحصر أصولها فى ثلاث وهم (1) غلاة الشيعة وهم المتطرفون فى التشيع حتى خرجوا عن الإسلام بمزاعم مفكرة ومعتقدات باطلة .
(ب) الشيعة الزيدية ومقرهم اليمن وأكثرهم يرجع فى الأصول إلى عقائد المعتزلة وفى الفروع إلى مذهب الحنفية .
(ج) الشيعة الإمامية وهم الزاعمون بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نص على إمامة على، ويطعنون على سائر الصحابة .
2- طائفة البكتاشية بمصر من المبتدعة
Q بما تضمنه الآتى حضرة صاحب السعادة وكيل وزارة الداخلية تلقينا كتاب الوزارة المؤرخ 29 يولية سنة 1949 رقم 59 - 5 - 80 ورقم 10 سرى المتضمن طلب الشيخ أحمد سرى بابا شيخ الطريقة البكتاشية بمصر جعل الرياسة العامة للطريقة البكتاشية فى مصر وتركيزها فى التكية الخاصة بهم المعروفة بتكية المغاورى بجل المقطم .
وأن فى ذلك الاعتراف بالطريقة نفسها، والإفادة عما يراه فى هذا الموضوع،
An وأجابة عن ذلك وضعنا البحث الآتى الذى يشمل نبذة من تاريخ الشيعة عامة، والإمامية خاصة، ونشأة الطريقة البكتاشية ومبدأ دخولها بمصر، ومشيخة التكية وشيخها الحالى وعقيدة البكتاشية وأنهم شيعة إمامية، ولهم نحل وعقائد وبدع لا يقرها الدين الحنيف فنقول : 1- الشيعة من أكبر الفرق الإسلامية الشيعة، وهم الذين انتحلوا التشيع لعلى كرم الله وجهه وقالوا إنه الإمام بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم بالنص الجلى أو الخفى وأنه الوصى بعده بالاسم أو الوصف دون الصديق وعمر وعثمان، وأن الإمامة لا تخرج عنه ولا عن أولاده وإن خرجت فلظلم من غيرهم أو بتقية منه أو من أولاده .
والشيعة مع تعدد فرقها تنحصر أصولها فى ثلاث غلاة وزيدية وإمامية .
(أ) غلاة الشيعة والغلاة عدة فرق تطرفت فى التشيع حتى خرجت عن ربقة الإسلام بمزاعم مكفرة ومعتقدات باطلة - ومنها فرقة تزعم ألوهية محمد وعلى وفاطمة والحسن، والحسين وأنهم شىء واحد، وأن الروح حالة فيهم بالسوية لا مزية لواحد منهم على الآخر ويسمون هؤلاء الخمسة أهل العباء .
ومنها فرقة تزعم أن الإله قد حل فى على وأولاده وأنه قد ظهر بصورتهم ونطق بألسنتهم وعمل بأيديهم ومنها الباطنية وتسمى الإسماعيلية نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق أو إلى زعيمهم محمد ابن إسماعيل .
والقرامطة والمحرمية لإباحتهم المحرمات والمحارم، والسبعية لزعمهم أن الرسل سبعة آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ومحمد المهدى، وأن بين كل اثنين منهم سبعة أئمة يحمون الشريعة، ولا بد فى كل عصر من سبعة بهم يقتدى وبهم يهتدى وقد نشأت الإسماعيلية فى بلاد الفرس وأسست دعوتهم على الإباحية المطلقة واستعجال اللذائذ والشهوات وتأويل التكاليف الشرعية بما يفضى إلى إبطال الشرائع وعودة المجوسية إلى سيرتها الأولى .
(ب) الشعية الزيدية وأما الزيدية فينسبون إلى زيد بن على زين العابدين، ومقرهم اليمن وأكثرهم يرجع فى الأصول إلى عقائد المعتزلة وفى الفروع إلى مذهب أبى حنيفة إلا فى مسائل، وهم بالإجمال أقرب فرق الشيعة إلى أهل السنة والجماعة .
(ج) الشيعة الإمامية وأما الإمامية فيزعمون أن الرسول قد نص نصا جليا على إمامة على بعده وأنه هو وصيه ويطعنون فى سائر الصحابة وخاصة الشيخين، بل منهم من يكفرهم وساق عامتهم الإمامة من على فى بنيه إلى جعفر الصادق - وفريق كبير منهم ساقها من جعفر الصادق إلى ابنه موسى الكاظم، ثم إلى ابنه على الرضى، ثم ابنه محمد التقى، ثم إلى ابنه على التقى، ثم إلى ابنه الحسن الزكى المعروف بالحسن العسكرى ثم إلى ابنه محمد الذى يزعمون أنه الإمام المنتظر، وأنه المهدى الذى يظهر آخر الزمان فكان الأئمة عندهم اثنى عشر وآخرهم اختفى فى سنة 226 هجرية ولا يزال حيا وسيظهر آخر الزمان، ومن ذلك سموا الإثنى عشرية وزعموا - أن الإمامة لابد أن يكون هاشميا عالما بجميع مسائل الدين معصوما، ولهم فى أبى بكر وعمر مطاعن ومثالب يظهرونها فيما بينهم عند الأمن ويخفونها تقية عند الخوف وكلها كذب وبهتان ويقدسون كربلاء والنجف الأشرف وما فيهما من مشاهد، ويحملون من أرضها قطعا يسجدون عليها فى الصلاة .
2- تاريخ البكتاشية أول من أسس هذه الطائفة الشيخ محمد خنطار المعروف بالحاج بكتاش الذى ولد فى سنة 645 بنيسابور من أعمال خراسان وينتسب إلى موسى الكاظم، وقد سلك طريقة التصوف على يد شيخ تركستانى يدعى لقمان خليفة أحمد يسوى، ثم ارتحل إلى بلاد الأناضول ونشر بها دعوته وطريقته بين العامة حتى وصلت إلى مسمع السلطان أورخان ثانى سلاطين آل عثمان فخف لزيارته والتماس البركة منه ثم دعاه ليبارك الجيش الذى أسسه فحضر واختار له اسم الإنكشارية ووضع على رأس من باركه من الجند خرقة من ملابسه فصار من شعار الإنكشارية وضع خرقة فى القلبق الذى يلبسونه وتوفى فى سنة 738 ودفن بالقرية المسماة باسمه التابعة لمدينة قير شهر وله بها مزار مشهور .
وقد ترك خلفاء قيل إن عدته ثلاثمائة وستون خليفة واستمرت سلسلة المشيخة من بعده فى أسرة تدعى أسره جلبى إلى أن ولى المشيخة شيخ يدعى بالم سلطان فوضع نظاما للطائفة يقضى بانتقال المشيخة إلى الدراويش الذين يقيمون بالتكايا متجردين عن الدنيا وزينتها كما يقولون، ولذلك تعددت تكاياهم فى القرى التى انتشرت بها طريقتهم وفيها يقيمون فى أتم صحة وأرغد عيش .
(أ) مؤسس البكتاشية بمصر لم تعرف مصر هذه الطريقة حتى وفد إليها فى سنة 761 هجرية شيخ يدعى قيغوسز سلطان الذى اشتهر أخيرا باسم عبد الله المغاورى وهو ألباني المولد والنشأة فاجتمع عليه خلق كثير للتبرك به واقام ينشر طريقته البكاشية، ثم سافر إلى الحجاز سنة 776 ثم إلى النجف الأشراف وكربلاء وعاد إلى مصر فى سن 799 وتوفى بها فى سنة 818 ودفن فى المغارة التى بجبل المقطم، ومن ذلك يسمى المغاورى واستمر فى الدعوة إلى طريقته خلفاؤه من بعده، وجميعهم مدفونون فى هذه المغارة وعددها خمسة وثلاثون خليفة .
(ب) الشيخ محمد لطفى بابا والخليفة السادس والثلاثون يدعى الشيخ محمد لطفى بابا (وبابا أى الوالد المعنوى أو الروح) وهو ألبانى المولد والنشأة اتخذ طريقة البكتاشية على يد شيخ ألبانى ثم ارتحل إلى الآستانة فى سنة 1300 هجرية فتتلمذ للحاج محمد على و 55 شيخ تكية البكتاشية فى ضواحيها ثم ارتحل إلى كربلاء وعاد إلى الأناضول وأقام بتكية مؤسس الطريقة وفى سنة 1319 بعد أن عاد إلى الآستانة عين شيخا للبكتاشية بمصر فجاء إليها وأقام بالتكية ثم تنازل عن المشيخة إلى الشيخ أحمد سرى بابا (الشيخ الحالى) بإعلام شرعى فى سنة 1354 .
(ج) الشيخ أحمد سرى بابا ألبانى المولد والنشأة استقدمه إلى مصر شيخه محمد لطفى بابا ليوليه المشيخة، فحضر إليها بعد أن طوف بالبلاد التى بها تكايا البكتاشية وتنقل بين بلاد الأرناؤوط وبغداد وكربلاء ولنجف الأشرف واستخلفه شيخه وتنازل له عن المشيخة وأصبح شيخا للبكتاشية بمصر من هذا التاريخ .
(د) طريقة البكتاشية نستمد التعريف بهذه الطريقة من رسالة أحمد سرى بابا المطبوعة بمصر فى سنة 1939 م ومن المذكرة التفسيرية لها المطبوعة بمصر فى سنة 1949 ومن مصادر تاريخية أخرى قالوا إن أساس الطريقة هو التجرد عن الدنيا وزينتها والانقطاع للعبادة فى التكايا وسموا هؤلاء المتجردين بالدراويش واشترطوا فى الدرويش عشرين خصلة ومثلها فى المرشد .
وتقوم الطريقة على محبة آل البيت النبوى والتشيع لهم خاصة وعلى التولية والتبرئة، ومعناهما الحب لآل البيت ومن والاهم والبغض لمن يبغضهم واخترعوا لطريقتهم تقاليد خاصة لا تعرف فى الطريق الأخرى فقالوا للطريقة أربعة أبواب الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة ولها أربعون مقاما لكل باب عشر مقامات وسبعة عشر ركنا وثلثمائة وستون منزلا وطبقات الولاية اثنتا عشرة وللولاية سبع دوائر وأربعة أقسام، وقالوا إن الأئمة اثنا عشر فقط وهم الذين ذكرهم الشيعة الإمامية وأنهم معصومون، وكذلك يزعمون العصمة لأربعة عشر طفلا من آل البيت ماتوا وأعمارهم تتراوح بين الأربعين يوما والسبع سنين، وأن هناك سبعة عشر من أولاد على بن أبى طالب سموهم المتحزمين لأن عليا -رضى الله عنه - أعدهم للجهاد وأعطاهم الأسلحة وربط أحزمتهم بنفسه وكان وهو يربط لكل واحد حزامه يذكر اسما من أسماء الله تعالى غير ما يذكره عند تحزيم الآخر، وقد استشهد أكثرهم فى موقعة كربلاء التى استشهد فيها الإمام الحسين - رضى الله عنه - ومن تقاليدهم لبس التاج البكتاشى أو الحسينى وهو لبدة بيضاء من الصوف ذات اثنى عشر خطأ وأربعة أركان يرمزون بالخطوط، كما قالوا لاجتماع اثنى عشر خصلة فى الدرويش ولحروف كل من كلمتى (لا إله إلا الله) و (محمد رسول الله) وبالأركان إلى الأبواب الأربعة التى أشرنا إليها .
ولكن الواقع أنهم يرمزون بالخطوط إلى الأئمة الاثنى عشر .
ومنها لبس الجبة، زعموا أن الرسول ألبس عليا جبة ثم توارثها الأئمة بعده إلى أن انتهت إلى مؤسس الطريقة البكتاشية فى القرن السابع الهجرى وزعموا أن (قبلة الجبة) هى المرشد (ووجهها) القطب (ويمينها) اليد اليمن (ويسارها) اليد اليسرى (وبطانتها) السر (وقبلة البطانة) وظاهرها معرفة القطب (وباطنها) الأدب (ومكتوب فى ذيلها) يا واحد يا صمد يا فرد .
ومنها سجودهم أثناء الذكر لأسماء هؤلاء الأئمة ولأشياخهم كما يفعل المولوية عند ذكر على وجلال الدين الرومى ويحاولون تأويل السجود بأنه ليس سجود عبادة وإنما هو سجود تكريم واحترام .
ومن أدعيتهم المأثورة اللهم نور قلوبنا بأنوار فيض ساداتنا الأئمة الإثنى عشر وبموالينا المعصومين الأربعة عشر اللهم بجاه موالينا مفخرة أهل الإيمان ومصدر الفيض والعرفان بالم سلطان وقيغوسز سلطان ومن إليهم من ذوى الفضل والإتقان والثلاثة الأكرمين والخمسة أهل العباء الطاهرين والسبعة أهل اليقين والأربعين الواصلين والباطنين الحاضرين والغائبين وفقنا لما تحبه وترضاه يا معين اللهم اجعل لنا نبيك محمدا معينا ووصيه عليا ظهيرا ولهم دعاء يسمى دعاء السراج، منه وفى محبة الأئمة الاثنى عشر المقبولين وفى محبة موالينا الأربعة عشر المعصومين وفى محبة شيخنا بكتاش قطب الزمان الأمين .
ومن عاداتهم الاحتفال بذكرى مقتل الحسين فى يوم عاشوراء من كل سنة كسائر الشيعة الإمامية واعتبار هذا اليوم يوم حزن وبكاء وعزاء .
(هاء) مذهب البكتاشية يبدو من تصريحاتهم وتقاليدهم أنهم شيعة إمامية أخذوا بطرف من مذاهب الغلاة واخترعوا كثيرا من البدع السيئة التى لا أصل لها فى الدين فقد زعموا انحصار الإمامة فى الإثنى عشر ورجعة المهدى المنتظر وعصمة هؤلاء الأئمة ورمزوا إليهم بخطوط التاج ويجعل طبقات الولاية اثنتى عشرة .
ودأبوا على إقامة العزاء يوم عاشوراء وعلى ترك الترضى عن سائر الصحابة عدا آل البيت بل على عدم ذكرهم بإحسان كما تشهد بذلك أدعيتهم وأورادهم التى ليس فيها شىء مما ورد فى السنة وأثر عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وابتدعوا السجود عند ذكر أئمتهم وأشياخهم واقتبسوا من الإسماعيلية السبعيات حيث جعلوا الولاية سبع دوائر وقدسوا أربعة عشر طفلا لا غير من آل البيت وزعموا العصمة لهم وقدسوا أهل العباء الخمسة وعظموا النار فوضعوا للسراج دعاء خاصا مع أن ذلك غير معروف فى سائر طرق التصوف الإسلامية وهذا المزيج لا يقره الدين الصحيح فى جملته وتفصيله، فلا عصمة فيه لغير الأنبياء والرسل من الخلق ولا انحصار للإمامة فى آل البيت ولا فى الإثنى عشر ولا وصية من الرسول لعلى لا بنص خفى ولا أصل فى الدين لخرافة المهدى المنتظر الذى زعموا أنه اختفى فى سنة 226 ولا يزال حيا فى الأرض وسيظهر آخر الزمان .
ولا أصل لاتخاذ هذا التاج، ولا لخطوطه الإثنى عشر، ولا لأركانه الأربعة ورموزه، ولا للسبعيات والإثنى عشرية ولا لتقديس من عدا الرسول الأكرم من أهل العباء، ولا لعصمة أطفال لم تجاوز أعمارهم السبع سنين، ولا لتخصيصهم بالعصمة مع وجود أطفال آخرين من أهل البيت غيرهم، ولا للسبعة عشر المحزمين، ولا لتحزيمهم وذكر اسم من أسماء الله عند التحزيم لكل واحد ولا لشد الرحال إلى كربلاء والنجف الأشرف وتقديسهما كما يزعمون .
ومن الإثم والضلال الذى لا خلاف فيه بين المسلمين السجود التقليدى الذى ابتدعوه عند ذكر الأئمة والشيوخ ولو على جهة التكريم كما قالوا لأن السجود مطلقا لا يكون فى شريعتنا إلا الله تعالى وحده .
ولا أصل لاتخاذ يوم عاشوراء يوم حزن وعزاء بل كل ماورد فى شأنه استحباب صومه وقيل استحباب التوسع فى النفقة على العيال أيضا .
والثابت عن الإمامية عامة ومن انتحل عقيدتهم أنهم يطعنون على الشيخين وعلى سائر الصحابة إلا أنهم لا يصرحون بذلك أمام يذكره البكتاشية وغيرهم فى بعض عباراتهم مما يفيد الثناء على أبى بكر وأنه هو الذى تلقى الذكر الخفى عن الرسول فإنهم يذكرونه تقية فقط وكذلك ما يقولونه مما يفيد التمسك بأهداب أهل السنة والجماعة كما فى الرسالتين فإنهم يزعمون كسائر الإمامية أنهم هم أهل السن والجماعة وهم الفرقة الناجية فى حديث افتراق الأمة وأن غيرهم من الفرق ضال غير مهتد، ولذلك سموا أنفسهم أهل السنة والجماعة وكيف يقولون بالتمسك بأهداب أهل السنة والجماعة وأهل السنة يبرئون من التشيع والغلو ومن جميع هذه المزاعم والنحل والبدع .
والخلاصة أن البكتاشية إذ كانوا كذلك لا نعدهم من الصوفية ولا من أهل السنة والجماعة ولا نقرهم على تقاليدهم وفيها ما يأباه الدين كالسجود ونحوه ونعدهم من المبتدعة .
ولا نرى أن تعترف بهم مصر رسميا وهى القائمة على حماية الدعوة الحقة إلى الله والهدى النبوى الصحيح منذ انقرضت الدولة الفاطمية الشيعية، وقامت الدولة الأيوبية السنية إلى الآن .
ويقول مؤرخ تركى إن البكتاشية فى الحقيقة دعوة إباحية وإن السلطان محمودا حين أراد التخلص من الإنكشارية لعظم مفاسدهم وأخطارها رأى لهذا السبب نفسه أن يتخلص من البكتاشية فى سنة 1241 فنفاهم من الآستانة ومنهم المؤرخ الرسمى للدولة محمد عطا أفندى سامى زاده وكان بكتاشيا لذلك أرى عدم جواز إجابة هذا الطلب، والله أعلم(6/69)
حكم الإسلام فى مبادىء الشيوعية
F حسنين محمد مخلوف .
ذو الحجة 1372 هجرية 31 أغسطس 1953 م
M 1 - الملكية الفردية محترمة فى الإسلام وتحميها أحكامه .
2 - الشيوعية إلحاد وإشاعة للفاحشة فى المجتمع، وتقويض لنظام الأسرة، وقضاء على الحريات وعلى الملكية الفردية .
3 - الإسلام وسط بين الشيوعية والرأسمالية فوق أنه دين الله .
4 - معتنق الشيوعية كافر لتكذيبه ما أجمعت عليه الرسالات السماوية
Q من السيد رئيس نيابة أمن الدولة
An ورد إلينا كتاب النيابة رقم 49/917 المؤرخ 11/8/1953 المتضمن أن محامى المتهم الحادى عشر فى قضية الجناية العسكرية رقم 490 عليا سنة 1952 شيوعية طلب من المحكمة ضم الفتاوى الصادرة من دار الإفتاء بشأن ( تحديد الملكية ) من سنة 1944 فطلبت منا المحكمة موافاتها بها قبل جلسة 5/9/1953 ونفيد : أولا - بأنا قد بينا فيما أدلينا به أمام المحكمة العسكرية العليا - بجلسة 9/8/1953 أن من أخطر المبادئ التى قامت عليها الشيوعية إحلال الإلحاد واللادينية محل الأديان السماوية - وإشاعة الإباحية الفاحشة فى المجتمع وتقويض نظام الأسرة وفصم روابطها والقضاء على الحريات الإنسانية فى كل مظاهرها - وإلغاء الملكيات الفردية للعقار إلغاء تاما - وانتزاع جميع الأرض من ملاكها وجعلها ملكا للدولة وإلجاء الشعوب إلى نوع من الحياة لا يمتاز عن حياة سوائم الأنعام - وتطبيق كل ذلك بالقهر والجبروت - فكانت الشيوعية هادمة لا بانية - باغية لا عادلة - عذابا لا رحمة - نقمة لا نعمة - ثم هى بعد ذلك كذب ومخادعة واستغلال وإذلال .
والشريعة الحنيفية السمحة التى من أصولها وجوب المحافظة على الدين والعقل والنفس والمال والعرض - ومن مبادئها احترام الحقوق وتقرير الحريات العامة للانسان تنكر كل ذلك أشد الإنكار - وترى اعتناقه كفرا بواحا لتكذيبه ما أجمعت عليه الرسالات السماوية وأخصها الرسالة المحمدية الجامعة بين خيرى الدين والدنيا، ولأفضل منهاج للاجتماع والعمران، وهى أعم رسالة وأشملها وأوفاها وأكملها .
ثانيا - إن الشيوعية وقد ألغت الملكية الفردية وحرمتها على الشعوب فى بلادها وفيما اجتاحته من البلاد ظلما وعدوانا لا يمكن بداهة أن تقر مبدأ تحديد الملكية الفردية على أية صورة وفى أى نطاق، إذ فيه إثبات ووجود للملكية أما الإلغاء فهو نفى ومحولها .
ثالثا - ونحن من وضوح ما شرحناه أمام المحكمة من أنه لا شأن لنا بوقائع القضية ولا بأشخاص المتهمين ولا بالشهادة لهم أو عليهم وأن مهمتنا بيان حكم الإسلام فى مبادىء الشيوعية - لا نرى بدا من الإشارة إلى التباين الظاهر بين إلغاء الملكية وتحديد الملكية ولا يسوغ إقحام موضوع تحديد الملكية فى هذه القضية لبعده عنها كل البعد .
رابعا - فى أوائل سنة 1948 وزعت منشورات فى طول البلاد وعرضها جاء بها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد وضع العلاج لما تعانيه مصر من التباين الشاسع فى توزيع الملكيات، فأوجب تحديد الملكية الفردية بطاقة الإنسان على زرع أرضه بحيث لا يجوز له أن يتملك سوى القدر الذى يكفيه ليعيش الكفاف وما زاد عن ذلك يجب أن يعطيه مجانا للمعدمين، ويحرم عليه استغلاله بالإيجار أو المزارعة وجاء فيها أن الإسلام يحارب الشيوعية اللادينية والرأسمالية الإقطاعية، وأن ما وضعه الرسول هو العلاج الوسط لهذه المشكلة .
وقد طلبت وزارة الداخلية فى 9 مارس سنة 1948 منا بيان حكم الشريعة الإسلامية فى ذلك فأفتينا فى 3 أبريل سنة 1948 بما خلاصته : 1 - إن المبادئ الشيوعية المعروفة لا شك أن الإسلام ينكرها كل الإنكار وأن الرأسمالية إذا احتكرت الملكية بطبقة معينة وحصرتها فيها مع تحريمها على سائر أفراد الأمة فالإسلام لا يقرها - وأما إذا لم تحتكر الملكية وأبيح التملك لكل فرد فى الأمة فمن المجازفة القول بأن الإسلام يحاربها .
2 - إن الإسلام وقد أباح الملكية الفردية واحترمها مسايرة لسنن الوجود ومقتضيات العمران أوجب بجانب ذلك على الأغنياء فى أموالهم ومنها ما تثمره أراضيهم حقوقا معلومة للفقراء والمساكين وذوى الحاجة لينعم الكل فى ظل هذا النظام بطيب العيش والهناء، وحث على المزيد من ذلك فى القرآن والسنة - وبدهى أن هذا ضد ما قامت عليه الشيوعية من إلغاء الملكية الفردية إلغاء تاما، وانتزاع الأراضى من أهلها بالقوة وجعلها ملكا للدولة، وهو فى الوقت نفسه ضد الرأسمالية التى تحتكر الملكية .
3 - إن الإسلام قد ترك الناس أحرار فى البيع والشراء والتأجير والمزارعة وسائر التصرفات الناشئة عن الملكية بصورها المختلفة ، ولم يقيدهم فى ذلك إلا بما يكفل صحة العقود ويدفع التنازع والتخاصم وأكل الأموال بالباطل مع وجوب أداء حقوق المال لمستحقيها أخذا بالسنن الاجتماعية والنواميس الطبيعية، وعملا بكتاب الله وسنة رسوله وإجماع المسلمين .
4 - فمن الكذب على الإسلام وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينسب إليه أنه أوجب تحديد الملكية الفردية بطاقة الإنسان الزراعية بحيث لا يجوز له أن يملك إلا ما يزرعه بنفسه بقدر عيش الكفاف - وأنه يوجب عليه أن يمنح ما زاد عن طاقته للمعدمين مجانا - ومن الكذب على الإسلام ورسوله أن ينسب إليه أن الإسلام يحجر على الإنسان أن يستغل أرضه بالتأجير أو المزارعة - وقد بينا الأسانيد فى ذلك والخطأ الواضح فى تفسير بعض الأحاديث الواردة فى هذه الشأن وحملها على غير ما أريد منها .
5 - وأشرنا فى ثنايا الفتوى غلى أن وجود طبقة غنية وطبقة فقيرة فى كل أمة أمر طبيعى لا مندوحة عنه قضى به تفاوت الناس فى القوى والمدارك والآمال والعمل والإنتاج والنشاط والخمول .
وقد قال تعالى { والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق } النحل 71 ، وقال { الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } الرعد 26 ، وقال { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } التوبة 60 ، وقال { إن تبدوا الصدقات فنعما هى وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم } البقرة 271 ، ففى إيجاب الزكاة على الأغنياء للفقراء وفى الحث على التصدق والإنفاق والبر والإحسان والمعونة والمواساة فى القرآن والسنة دليل واضح على تفاوت الناس بالغنى والفقر - وتلك سنة الله فى خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا - والتفكير فى تسوية الناس فى المال ضرب من والهم والخيال، بل نوع من الخداع والتضليل ينادى به دعاة الشيوعية لاجتذاب الدهماء والتأثير فى عقول البلهاء .
6 - وخلاصة الفتوى أن النظام المالى فى الإسلام يحترم حق الملكية الفردية ويبيح للمالك حق التصرف فى ملكه بما يشاء من أنواع التصرف ولا يوجب عليه أن يمنح ما زاد عن ذلك مجانا للناس .
وأن ما نسب فى هذه المنشورات للإسلام ورسوله كذلك صراح وهو ليس بعلاج كما ظنوا وإنما علاج مشاكلنا كلها فى اتباع صريح القرآن والسنة وتعاليم الإسلام الحنيف، لا بمبادىء الشيوعية الهادمة ولا بالتمكين للرأسمالية الظالمة، ولا بما جاء بمثل هذه المنشورات الكاذبة .
وفى التشريع الإسلامى من الوسائل لسعادة الفرد والأمة اقتصاديا واجتماعيا وتعليميا وسياسيا ما يغنى المسلمين إذا أخذوا به جملة وتفصيلا عن مذاهب وآراء استحدثها الغرباء عنه، وأولع بها الجهلاء به وهى بعيدة كل البعد عن عقائدنا وتقاليدنا وتراثنا الإسلامى الخالد والإسلام يمتاز بأنه دين فطرى، ونظام اجتماعى، وتشريع مدنى صنع الله الذى أتقن كل شىء، يهدف إلى بناء دولة وإقامة أمة لها من مقومات الحياة القوية ما يكفل البقاء أمد الدهر - ويقر كل نظام صالح ولا ينكر إلا ما فيه مفسدة ظاهرة للفرد أو الجماعة - وقد وضع الحدود وأقام المعالم للمصالح والمفاسد بما أمر به ونهى عنه قطعا لعذر الجاهل أو المتجاهل، قال جل شأنه { وأن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } الأنعام 153 ، وقال تعالى { ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون } البقرة 229 .
7 - هذه خلاصة الفتوى التى طبعت ونشرت فى أواخر أبريل سنة 1948 فى موضوع هذا الاستفتاء .
ومنها يتبين أنها لم تتعرض إلا ( 1 ) لمبدأ إلغاء الملكية رأسا وهو المبدأ الشيوعى - ( 2 ) ولتحديد الملكية بحيث لا يملك الإنسان إلا ما يفى بعيش الكفاف فقط - مع وجوب تنازله بالمجان عما زاد عن ذلك للمعدمين، وهو ما ألصق بالإسلام كذبا فى هذه المنشورات وبينت الفتوى أن كليهما ليس من الإسلام فى شىء - ومرفق بهذا البيان سبع نسخ مطبوعة من هذه الفتوى الصادرة من دار الإفتاء فى 23 جمادى الأولى سنة 1367 هجرية الموافق 3 أبريل سنة 1948 م برقم 109 سجل 59 لسنة 1948 .
وفيما ذكرنا خلاصة وافية لها .
والسلام عليكم ورحمة الله(6/70)
اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل وأثرها
F جاد الحق على جاد الحق .
محرم 1400 هجرية - 26 نوفمبر 1979 م
M 1 - الإسلام دين الأمن والسلام .
2 - جنوح العدو للسلم أثناء الحرب واجب القبول .
3 - المعاهدات بين المسلمين وغيرهم جائزة ويجب الوفاء بها ما لم يطرأ ما يقتضى نقضها .
4 - بدء المسلمين بالصلح جائز ما دام ذلك لجلب مصلحة لهم أو لدفع مفسدة عنهم .
5 - قبول المسلمين لبعض الضيم جائز ما دام فى ذلك دفع لضرر أعظم .
6 - نصوص اتفاقية السلام وملحقاتها لم تضيع حقا ولم تقر احتلالا .
7 - ما كان لقلة من العلماء أن تنساق أو تساق إلى الحكم بغير ما أنزل الله وتنزل إلى السباب دون الرجوع إلى أحكام شريعة الله .
8 - صلح الحديبية كان خيرا وبركة على المسلمين، وفى صلحنا المعاصر مع إسرائيل نتفاءل ونأمل أن يكون فتحا نسترد به الأرض ونحمى العرض، وتعود به القدس عزيزة إلى رحاب الإسلام وفى ظل السلام
Q عن حكم اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل وأثرها
An كان الإسلام ولازال دين الأن والأمان والسلام والسكينة والصفاء والمودة والإخاء وليس دين حرب أو شحناء أو بغضاء، لم يستخدم السيف للتحكم والتسلط إنما كانت حروبه وسيلة لتأمين دعوته، وقد أمر القرآن الكريم المؤمنين بالامتناع عن القتال إذا لم تكن هناك ضرورة، ففى كتاب الله قوله سبحانه { فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا } النساء 90 ، وقوله { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله } الأنفال 61 ، ومن تعاليم الإسلام للمسلمين أن يردوا كل ما يختلفون فى معرفة أحكامه إلى الله ورسوله قال تعالى { فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } النساء 59 ، وأكد الله سبحانه هذا المبدأ بوجوب الإذعان لحكمه وحكم رسوله فى قوله فى القرآن الكريم { إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا } النور 51 ، وها نحن العرب قد اختلفنا مع اليهود، وقامت الحرب بيننا سنوات ثم قامت لهم دولة اعترف بها المجتمع الدولى، وظاهرتها أقوى دول العالم وعقدنا معها اتفاقية الهدنة بعد الحرب الأولى بيننا سنة 1948 ثم وقعت حرب سنة 1956 مع مصر وقامت هدنة أخرى ثم حرب سنة 1967 حيث احتلت إسرائيل جميع أراضى فلسطين وزادت فاحتلت سيناء من أرض مصر والجولان من سوريا ولم ترض مصر بهذه الهزيمة وما استكانت، بل استعدت وجندت أبناءها وعبأت مواردها ثم ضربت ضربة رمضان المنتصرة فاستردت بها هيبة العرب واضطرت معها إسرائيل أن تستغيث بنظرائها وفى أوج النصر العسكرى عرض رئيس مصر السلام أملا فى أن يسود هذه المنطقة الأمن وأن يسترد العرب أنفاسهم من حرب طالت واستطالت دون أن يبدون فى أفقها نهاية، واستطاع رئيس مصر أن يسترد أجزاء كبيرة من سيناء سلما فوق ما استرده بالحرب ثم كانت مبادرته ونداؤه بالسلام فى القدس وفى حضور الخصوم ليشهد عليهم العالم إن أبوا الدخول فيه وصبر وجادلهم بالحجة والمنطق كما جالدهم بقوة السلاح وعزم الرجال حتى جنحوا للسلم وارتضوه عهدا تنحل به هذه الأزمة وقبلوا بحرب رمضان - أن يرحلوا عن الأرض التى احتلوها فوق العشر سنوات ورضوا من الغنيمة بالإياب والمسالمة فما حكم الله ورسوله فى هذا الصلح الذى تم بين مصر وإسرائيل بعد تلك الحروب وإنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا .
إننا إذا نظرنا فى كتاب الله قرآنه الكريم نجد أنه قد قرر أن العلاقة الأساسية بين الناس جميعا هى السلم نجد هذا واضحا فى قوله تعالى { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم } الحجرات 13 ، وقوله سبحانه { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام } النساء 1 ، وبهذا النداء للناس بوصفهم بنى الإنسان كان السلم هو الحالة الأصلية التى تشيع المودة والتعاون الخير بين الناس، وكانت الدعوة إلى غير المسلمين بأنهم إذا سالموا كانوا سواء مع المسلمين فى نظر أحكام الإسلام لأنهم جميعا بنو الإنسان، ولم يجز الإسلام الحرب إلا لعلاج حالة طارئة ضرورية، وإذا كانت هذه هى منزلة الحرب فى الإسلام فإنه يقرر بأنها إذا وقعت وجنح أحد الطرفين المتحاربين إلى السلم وجب حقن الدماء نرى هذا واضحا وجليا فى قوله تعالى { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم .
وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله } الأنفال 61 ، 62 ، هذا حكم الله أنزله إلينا، وهو يجيز لنا أن نتعاهد ونقيم المعاهدات مع غير المسلمين إبقاء على السلم أصلا أو رجوعا إليه بوقف الحرب وقفا مؤقتا بمدة أو وقفا دائما، كما يجيز أن تتضمن المعاهدة مع غير المسلمين تحالفا حربيا وتعاونا على رد عدو مشترك .
قال القرطبى إن كان للمسلمين مصلحة فى الصلح لنفع يجتلبونه أو ضرر يدفعونه فلا بأس أن يبتدىء المسلمون إذا احتاجوا غليه، وقد صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر على شروط نقضوها فنقض صلحهم، وهادن قريشا عشرة أعوام حتى نقضوا عهده ثم قال ومازالت الخلفاء والصحابة على هذه السبيل التى شرعناها سالكة وبالوجوه التى شرحناها عاملة .
ثم نقل قول الإمام مالك رضى الله عنه فقال تجوز مهادنة المشركين النسة والسنتنين والثلاث وإلى غير مدة - الجامع لأحكام القرآن ج - 8 ص 39 - 41 فى تفسير سورة الأنفال .
وفى التعقيب على تفسير الآيتين 89، 90 من سورة النساء حيث انتهت الأخيرة بقوله تعالى { فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا } قال القرطبى ص 309 ج - 5 فى هذه الآية دليل على إثبات الموادعة بين أهل الحرب وأهل السلام إذا كان فى الموادعة مصلحة للمسلمين .
وفى فتح البارى لابن حجر العسقلانى بشرح صحيح البخارى فى باب الموادعة والمصالحة مع المشركين تعليقا على الآية الكريمة { وإن جنحوا للسلم } إن هذه الآية دالة على مشروعية المصالحة مع المشركين .
وفى نتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار وشرحه نيل الأوطار للشوكانى ج - 8 ص 39 فى غزوة الحديبية بعد أن نقل الأحاديث فى شأنها أن مصالحة العدوم ببعض ما فيه ضيم على المسلمين جائزة للحاجة والضرورة دفعا لمحظور أعظم منه .
وإذا تتبعنا سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده، نجد أنهم قد تعاهدوا مع غير المسلمين ولم ينقضوا عهدا عقدوه إلا أن ينقض من الغير، ولعل فاتحة عهود الرسول ومعاهداته كان العهد مع يهود المدينة وتحالفة معهم ثم تعامله وصحبه اقتصاديا، ولقد ظل وفيا بهذا الوعد والعهد حتى نقضه اليهود فانتض، وصلح الحديبية شروطه مشهور واعتراض الصحابة عليه، كل ذلك فعله رسول الله، ولنا فيه القدوة ولانه فعل ما فيه المصلحة للمسلمين، ولقد عاهد خالد بن الويد أهل الحيرة وصالحهم، وصالح عمر بن الخطاب أهل إيلياء وكان يستدعى الزعماء غير المسلمين ويشاورهم ويستأنس بآرائهم كما فعل عندما أراد تنظيم الطرق بعد فتحها، وكما استشار المقوقس عظيم القبط فى مصر بعد الفتح .
وقد عقد الفقهاء المسلمون على اختلاف مذاهبهم الفقهية أبوابا فى كتبهم ابانوا فيها أحكحام المهادنة والمصالحة مع غير المسلمين، واتفقت كلمتهم على أن لرئيس الدوملة المسلمة أن يهادن ويصالح محاربيه من غير المسلمين يوقف الحرب معهم مادام فى هذا مصلحة للسلمين، واستندوا فى هذا إلى قول الله سبحانه { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها } الأنفال 61 ، وإلى صلح الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة عام الحديبية، وأضاف الفقهاء قولهم ولأن الموادعة جهاد معنى إذا كان خيرا للمسلمين لأن المقصود هو دفع الشر الحاصل بالحرب .
(كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق لإبن نجيم الحنفى ص 78 وما بعدها ج - 5 وبدائع الصنائع للكاسانى الحنفى ص 108 وما بعدها ج - 7 ومجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر - فقه حنفى ج - 1 ص 645 وما بعدها والمغنى لابن قدامة الحنبلى ج - 10 ص 517 وما بعدها وحاشية الدسوقى على الشرح الكبير فقه مالكى ج - 2 ص 232 وحواشى تحفة المحتاج بشرح المنهاج ج - 9 ص 304 وما بعدها .
وكتاب قواعد الأحكام فى مصالح الأنام للسلطان العز بن عبد السلام الشافعى ج - 1 ص 103) .
بل ان فقهاء الشيعة الامامية صرحوا بهذا فى كتبهم .
ففى كتاب المختصر النافع فى فقه هذا المذهب ج - 1 ص 112 فى كتاب الجهاد وإن اقتضت المصلحة المهادنة جاز لكن يتولاها الإمام ومن يأذن له .
ويقول الفقيه ابن القيم فى كتابه زاد المعاد ج - 2 ص 184 ولما قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة صار الكفار معه ثلاثة أقسام قسم صالحهم ووادعهم على ألا يحاربوه ولا يظاهروا عليه ولا يوالوا عليه عدوه وهم على كفرهم آمنون على دمائهم وأموالهم .
وقسم حاربوه ونصبوا له العداوة . وقسم تاركوه فلم يصالحوه ولم يحاربوه بل انتظروا ما يؤول إليه أمره وأمر أعدائه .
فقابل كل طائفة من هذه الطوائف بما أمره به ربه تبارك وتعالى .
ثم قال فى ص 200 فى فقه صلح خيبر وفى القصة دليل على جواز عقد الهدنة مطلقا من غير توقيت بل ما شاء الإمام ولم يجىء ما يسنخ هذا الحكم البتة، فالصواب جوازه وصحته .
وقد نص عليه الشافعى فى رواية المزنى، ونص عليه غيره من الأئمة .
ويقول العلامة ابن تيمية فى كتابه الاختبارات ص 188 فى باب الهدنة ويجوز عقدها مطلقا ومؤقتا والمؤقت لازم من الطرفين يجب الوفاء له ما لم ينقضه العدو، ولا ينقض بمجرد خوف الخيانة فى أظهر قولى العلماء وأما المطلق فهو عقد جائز يعمل الإمام فيه بالمصلحة .
أسس المعاهدات فى الإسلام وحينما نطالع أقوال علمائنا فى تفسير آيات القرآن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شأن الحرب والصلح، ونطلع كذلك على ما نقله الفقهاء فى هذا الشأن نرى أنهم قد استوجبوا توافر الأسس التالية لقيام المعاهدات مع غير المسلمين شرعا .
الأول ما دل عليه قول الرسول عليه الصلاة والسلام (كل شرط ليس فى كتب الله فهو باطل) وهذا مفاده أنه يتعين على ولى أمر المسلمين الذى يتعاهد مع غير المسلمين ألا يقبل شرطا يتعارض صراحة أو دلالة مع نصوص القرآن الكريم، محافظة على سمة الشريعة العامة واحتفاظا بعزة الإسلام والمسلمين قال تعالى { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } المنافقون 8 ، ومثال الشروط أو التعهد بمقتضاها بالقعود عن نجدة المسلمين عند الاعتداء على ديارهم وأموالهم .
الثانى تحديد الشروط فى المعاهدات بينة واضحة على مثال المصالحات التى عقدها الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد كانت محددة فى الحقوق والالتزامات المتبادلة بين المتعاقدين وذلك حتى لا تكون وسيلة للغش والخداع واستلاب الحقوق .
الثالث أن تعقد المعاهدة فى نطاق التكافؤ بين طرفيها، فلا يجوز لولى أمر المسلمين أن يعاهد ويصالح تحت التهديد، لأن مبدأ الإسلام التراضى فى كل العقود .
ومسالمة المسلمين لمخالفيهم فى الدين أمر يقره الإسلام ، فمن المبادئ العامة التى قررتها الشريعة فى معاملة أهل الكتاب تركهم وما يدينون والمنع من التعرض لهم متى سالموا بل والتسوية بينهم وبين المسلمين فى الحقوق الواجبات العامة، وأجازت مواساتهم وإعانة المنكوبين وأباحت الاختلاط بهم ومصاهرتهم، وما أباحت قتالهم إلا ردوا لعدوان قال تعالى { فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم } التوبة 7 ، وقال سبحانه { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان } المائدة 5 ، وكان من أوامر الإسلام الوفاء بهذه المعاهدات إذا انعقدت بشروطها داخلة فى نطاقه غير خارجة على أحكامه وحافظ عليها الطرف الآخر ولم تنفذ ظروف انعقادها، وهذا هو القرآن الكريم يقول { إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم } التوبة 4 ، ويقول فى شأن توقع الخيانة من المعاهدة دعوة إلى اليقظة والحذر { وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين } الأنفال 58 ، ذلك حكم الإسلام فى التعاهد والمصالحة، بل والمحالفة مغ غير المسلمين يقر المعاهدات التى تضمن السلام المستقر وتحفظ الحقوق، وهو فى ذات الوقت ينهى عن خيانة العهد ويأمر بالوفاء بالوعد، فالعلاقة بين الناس فى دستور الإسلام علاقة سلم حتى يضطروا إلى الحرب للدفاع عن النفس أو للوقاية منها، ومع هذا يأمر الإسلام بأن يكتفى من الحرب بالقدر الذى يكفل دفع الأذى، ويأمر كذلك بتأخيرها ما بقيت وسيلة إلى الصبر والمسالمة، ولم يجعل الإسلام الوفاء بالعقود والعهود من أعمال السياسة التى تجوز فيها المراوغة عند القدرة عليها، بل جعله أمانة من الأمانات واجبة الأداء يكاد الخارج عنعا أن يخرج عن الإسلام، بل ويخرج عن آدميته ويصبح بهذا فى عداد السائمة قال تعالى { وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون .
ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هى أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون } النحل 91 ، 92 ، وبعد فإن الإسلام صاغ الحياة البشرية فى نطاق قوله تعالى { ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } الإسراء 70 ، هذا التكريم للإنسان، أى إنسان، بغض النظر عن لونه أو دينه أو جنسه أو وطنه أعاد إلى فكر الإنسان وقلبه أن النسا جميعا بنو آدم وحواء جعلهم الله شعوبا وقبائل ليتعارفوا، وأرسل إليهم الرسل لهداءتهم من الضلال، حتى كان الإسلام خاتما لجميع الرسالات يحوى كتابه ما حملته الكتب السابقة عليه منقيا عقيدته وعبادته وتشريعه مما لم يعد ملائما لدين الله الخالد إلى يوم الدين .
ثم حث الإسلام على الدعوة إلى الله بالمنطق والعقل، فجعل توحيد الله أساسا تتعاون فى ظله كل الديانات قال تعالى { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله } آل عمران 64 ، ووجه القرآن الكريم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنمط الدعوة المطلوب فقال { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن } النحل 125 ، وفى نطاق هذا الاتجاه والتوجيه، عقد الرسول حين قدم المدينة مهاجرا معاهدة بين المسلمين واليهود وباقى الأقليات التى كانت تساكنه فى المدينة وما حولها، رسم بها سبيل دولة الإسلام فى التعاون المشترك مع مواطنيها وجبرتها من أهل الأديان الأخرى، وهذه المعاهدة التى قد نسميها بأسلوبنا المعاصر (معاهدة دفاع مشترك) يرشدنا فقهها إلى أن نسلك هذا السبيل ونقتدى بها ما دام فى مثلها مصلحة للمسلمين .
ولقد كان من آثار هذه المعاهدة كما سبق القول التعاون المالى والاقتصادى بين جميع القاطنين فى المدينة وما حولها دون نظر إلى الاختلاف فى العقيدة والدين .
والإسلام يضع بذلك إطارا للتعايش بين بنى الإنسان على اختلاف مللهم ونحلهم بهذا الوصف الإنسانى، ويخاطبهم به داعيا إياهم للتراحم والتعاطف والتساند فى الشدائد والملمات، ثم يخص المسلمين بتوجيه أوفى وتوصيف أوسع وأسمى، فيجعل أخوتهم الدينية أعلى نسبا وأقوى لحمة من كل الأنساب والأحساب التى يتفاخرون بها، ويضع لهم نماذج نقية لما يجب أن يأخذوا أنفسهم به فقال تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } المائدة 2 ، وقال جل شأنه { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } التوبة 71 ، وقال أيضا { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } آل عمران 104 ، بهذا المنطق كان توجيه القرآن الكريم للمسلمين إلى أحسن السبل للتعاون وتنقية المجتمع والحفاظ على مصالح المسلمين .
وبنفس المنطق يحددالرسول صلى الله عليه وسلم المسئولية ويضعها على عاتق أولياء الأمور كل فى موقعه فيقول (كلكم راع ومسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته) ( رواه البخارى ) ويقول (ما من أمتى أحد ولى من أمر الناس شيئا لم يحفظهم بما يحفظ به نفسه إلا لم يجد رائحة الجنة ..) ( رواه الطبرانى عن ابن عباس فى الصغير والأوسط ) .
ومن هذا يبين مدى مسئولية رئيس الدولة فى الإسلام، وأن عليه أن يحفظ الرعية مما يحفظ به نفسه، لأنه قد التزم العمل لمصلحتها وفى نطاق هذه المسئولية وفى خضم نزاع العرب وإسرائيل وفى ظلال هزيمة سنة 1967 التى لحقت بالعرب كل العرب فنكست رؤوسهم خطط رئيس مصر لرفع هذا العار وحاربت مصر فى رمضان وكان النصر من عند الله للمؤمنين الذين رابطوا وجاهدوا حتى محوا خزى العار ووضعوا أكاليل الغار، ثم كانت تلك النظرة الثاقبة الفاحصة للمجتمع الدولى وموقفه من النزاع، هذه النظرة التى تمثلت فى مبادرة السلام فى نوفمبر سنة 1977، السلام المطلوب سلام العزة ومن موضع القوة لا من موقع الضعف والهزيمة، وجاهد رئيس مصر وفاوض وكافح حتى سلم الخصم أو استسلم بعد إذ رأى مفاوضا قوى الحجة ثابت الجنان مستمسكا بأرض العرب كل العرب ومقدسات المسلمين لم يفرط فى حق ولم تلن عزيمته، بل كان صابرا ومثابرا للوصول إلى غاية الطريق بعد أن بدأ بخطوات رشيدة شديدة، ومازال يهدف إلى الغاية ويحث الخطى حتى يصل الحق إلى أصحابه بعون من الله وتأييده .
قال تعالى { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم } محمد 7 ، إذا عرضنا اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل على قواعد الإسلام التى أصلها القرآن وفصلتها السنة، وبينها فقهاء المذاهب جميعا على نحو ما أجملنا الإشارة إليه نجد أنها قد انطوت تحت لواء أحكام الإسلام .
فهى قد استخلصت قسما كبيرا من الأرض التى احتلتها إسرائيل فى هزيمة سنة 1967 بما فيها وعليها من مواطنين عادت إليهم حريتهم وثروات نستفيد بها بدلا من أن يستنزفها الخصوم، فهل استرداد الأرض والثروة مما يأمر به الإسلام أو مما ينهى عنه وهل فى هذا مصلحة محققة للمسلمين أو شر ما حق لاحق بهم وهل فى عودة المواطنين التى تحررت أرضهم إلى دولتهم ترعى شئونهم من تعليم وصحة ودعو وتجارة وكل مسئوليات الدولة نحوهم، هل هذا مما أمر به الإسلام أو مما نهى عنه حين نعرض هذه الاتفاقية فى ضوء مسئوليات الحاكم المسلم نجد أن رئيس مصر قد نصح للأمة قوام بالمسئولية، فحافظ على الرعية حفاظه على نفسه، حارب حين وحد ألا مندوحة من الحرب بعد أن استعد وأعد، وفاوض وسالم حين ظهر ألا مفر من السلم وأنه يستطيع الوصول إلى الحق والحصول عليه سلما لا حربا، والإسلام يقرر أن الحرب ليست حرفة ولا غاية وإنما هى ضرورة دفاع أو وفاية، وكما قال الرسول الأكرم (إن الله يحب الرفق فى الأمر كله) ( رواه البخارى ومسلم ) أى ان الله سبحانه يحب لين الحانب فى الفعل والقول، كما يحب الأخذ بالأيسر الأسهل فى أمور الدين والدنيا ومعاشرة الناس فإذا استعصت الحرب كوسيلة لاسترداد الحق، وتيسر السلم أفلا يكون هو الأول والأولى اللهم ان السلام تحية الإسلام وخلق الإسلام وصمام أمنه وأمانه يتمثل هذا فى قول رسول الله عليه الصلاة والسلام (إن الله جعل السلام تحية لأمتنا وأمانا لأهل ذمتنا)( رواه الطبرانى والبيهقى ) وإنما كانت تحية المسلمين بهذا للفظ للإشعار بأن دينهم السلام والأمان وأنهم أهل السلم محبون للسلام .
بقى أنه قد يقال ان مصر انفردت بالصلح مع إسرائيل وخرجت بذلك عن تعاهد العرب على حل جماعة، ولكن هذا القول لا يلتقى مع الواقع، واقع الاتفاق الذى تم والخطوات المترتبة عليه، فإن العرب متفقون على حل سلمى بعد أن استحالت الحرب للظروف الدولية التى لا يمكن الإغضاء عنها، فإذا تقاعس بعض العرب عن السعى إلى الحل السلمى دون سبب ولا سند، كان على من يستطيع كسب الموقف السابق إليه وصولا للغاية المرجوة، والأمر موكول إلى القدرة على الحركة، فمن استطاع تقدير الأمور وارتباطاتها الدولية، ووجد من نفسه القدرة على استخلاص الحق، كان له بل كان عليه أن يسعى إليه، لأن هذه المسئولية ولى أمر المسلمين يعمل لصالح الجماعة يحافظ عليها .
وإذا كانت نصرة السملم للمسلم واجبة (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) ( متفق عليه من حديث أنس ) فقد كان واجب الحكام العرب بله المسلمين أن ينصروا رئيس مصر وهو يكافح وينافح فى سبيل استرداد الأرض والمقدسات، لا أن يخذلوه ويقيموا العراقيل فى سبيله بينما هو يعمل لصالح الجميع .
(المسلمون يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم) .
حين نستعرض نصوص اتفاقية السلام وملحقاتها وعرضها على القرآن والسنة، ولا نجد فيها ما ينأى بها عن أحكامهما إذ لم يتضيع حقا وما أقرت احتلال أرض وإنما حررت واستردت .
وما دامت هذه الاتفاقية قد أفادت المسلمين ووافقت مصلحتهم فإنه لا يليق بمسلم أن يبخسها حقها من التقدير .
قال تعالى { ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين } الأعراف 85 ، بل إن الغض من شأنها والغش فى بيان أهدفاها وآثارها لا يليق بمسلم، لأن من واجبه بحكم القرآن والسنة أ، يشد من أزر من ثابر وبذل الجهد بل غاية الوسع فى سبيل الستخلاص الحقوق التى لولا حرب مصر فى رمضان لصارت نسيا منسيا، ولصارت سياسة الأمر الواقع واللاسلم واللاحرب قانونا يقضى به على رقاب العرب ، وتضيع فى ظلاله حقوقهم ولكن الله قيض خير أجناد الأرض وشد من عزمهم فكانت رمية الله هى رمايتهم، فصعق العدو من بأسهم بعد أن أخذوا بتلابيبه وسر الصديق بنصر الله .
ولعلنا نذكر الاخوة المسلمين بوصايا الرسول صلى الله عليه وسلم بمثل قوله ( المؤمن للمؤمن كابنيان يشد بعضه بعضا ) ( متفق عليه ) ولا إيذاء بين المسلمين بقول أو فعل (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )( متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو ) .
ويقول فى ختام حديث طويل يأمر فيه بالفضائل (فإن لم تقدر فدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدقت بها على نفسك) .
( متفق عليه من حديث أبى ذر ) وبعد فإنه لابد من كلمة وجيزة أوجهها لعلماء المسلمين فى كافة أنحاء الأرض على اختلال جنسياتهم السياسية .
هى أن الله وكل إليهم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قال جل شأنه { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } آل عمران 104 ، وقال { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم } التوبة 122 ، هذا هو واجب العلماء الذين سماهم فقهاء الإسلام أهل الحل والعقد أهل العلم والبصر بأمور اللدين والدنيا كل ذى خبرة فى ناحية من نواحى الحياة، علماء المسلمين قد فاه بعضهم بما ليس حكما لله تعالى ولا لرسوله، بما ليس نصحا لله ولا لرسوله ولا لأئمة المسلمين وعامتهم .
إرضاء للساسة الذين لا يحتكمون إلى الله ورسوله قال تعالى { والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين } التوبة 62 ، وما كان لبعض من رمى مصر والمصريين بالخروج بهذه الاتفاقية عن الإسلام .
ما كان لهؤلاء أن يسارعوا إلى حكم لا يملكون إصداره قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم فى سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا } النساء 94 ، ما كان لهذه القلة من العلماء الذين انساقوا أو سيقوا إلى الحكم بغير ما أنزل الله، ثم انزلقوا إلى السباب دون أن يراجعوا أحكام شريعة الله، ومن غير أن يتثبتوا وزعوا الكفر على المسلمين دون رؤية أو استظهار لحكم الإسلام، مع أن القرآن علمنا إلا نتقدم على حكم الله فقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم } الحجرات 1 ، نعم .
لهؤلاء الذين تسرعوا فى الحكم دون علم أو عن غرض نتلوا قول الله تعالى { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين } يونس 39 ، إن كل مسلم بلغه حكم الله فى أى أمر من الأمور .
يجب عليه أن يتبعه ولا يحل له أن يتخطاه، بل وعليه أن يعلنه ويعلمه الناس سيما إذا كان من العلماء الذين وكل الله إليهم علم دينه وبيان أحكام شريعته .
إن ربنا سبحانه يقول { ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم } النساء 83 ، ويقول { لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة } الأحزاب 21 ، ولقد رددنا أمر اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل وعرضناها على القرآن والسنة فوسعتها أحكامهما .
قال تعالى { إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين } الأنعام 57 ، وبعد فإن الإسلام دين الوحدة، وحدة المعبود ووحدة العبادة ووحدة القبلة، ومن أجل هذا دعا الله سبحانه إلى الاعتصام بحبله قال تعالى { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا } آل عمران 103 ، فكونوا أيها العلماء دعاة وحدة واخاء كما أمر الله، وبصروا الحكام بأوامر الله حتى تجتمع الأمة على كلمة الله لا تفرقها الأهواء، واستمعوا لقول رسول الإسلام (لا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخ المسلم لا يظلمه ولا يحرمه ولا يخذله، بحسب المرء من الشر أن يحقر أخاه المسلم) .
( متفق عليه من حديث أبى هريرة ) وهذا أمر الله سبحانه للمسلمين حكاما وعلماء ومحكومين قال تعالى { فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين } الأنفال 1 ، وقال سبحانه { إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } هود 88 ، وقال جل شأنه { ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم } الممتحنة 10 ، وبعد فإن صلح الحديبية كان خيرا وبركة على الإسلام والمسلمين ، فتح الله به قلوبا غلفا آمنت بالله وبرسوله وانضوت تحت لواء القرآن على بصيرة من الله، وفى طريق عودة الرسول صلى الله عليه وسلم من الحديبية أنزل الله عليه أكرم بشرى (سورة الفتح) .
قال تعالى { إنا فتحنا لك فتحا مبينا } الفتح 1 ، فانظروا أيها العرب والمسلمون كيف كان هذا الصلح فتحا ونصرا لدين الله ولرسوله، وكيف مهد الأرض لانتشار الإسلام، مع أن أصحاب الرسول كانوا له من الرافضين وعن تنفيذه من القاعدين ، حتى علموا خيره فانصاعوا لأمر الله ورسوله .
ونحن وفى صلحنا المعاصر مع إسرائيل نتفاءل، ونأمل أن يكون فتحا نسترد به الأرض، ونسترد به العرض، وتعود به القدس مقدسة عزيزة إلى رحاب الإسلام وفى ظل السلام(6/71)
الصلح مع اليهود . والمعاهدات مع الدول المعادية
F حسن مأمون .
جمادى الأولى 1375 هجرية - 8 يناير 1956 م
M 1 - هجوم العدو على بلد إسلامى يوجب على أهلها الجهاد ضده بالقوة، وهو فى هذه الحالة فرض عين .
2 - يتعين الجهاد فى ثلاثة أحوال عند التقاء الزحفين، وعند نزول الكفار ببلد، وعند استنفار الإمام لقوم للجهاد حيث يلزمهم النفير .
3 - الاستعداد للحروب الدفاعية واجب على كل حكومة إسلامية .
4 - ما فعله اليهود بفلسطين اعتداء على بلد إسلامى يوجب على أهليه أولا رده بالقوة، كما يوجبه ذلك ثانيا على كل مسلم فى البلاد الإسلامية .
5 - الصلح مع العدو على أساس رد ما اعتدى عليه إلى المسلمين جائز، أما إن كان على أساس تثبيت الاعتداء فهو باطل شرعا .
6 - موادعة أهل الحرب أو جماعة منهم جائزة شرعا، ولكن بشرط أن تكون لمدة معينة، وأن يكون فيها مصلحة للمسلمين، فإن لم تكن فيها مصلحة فهى غير جائزة بالإجماع .
7 - قوله تعالى { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله } وإن كانت مطلقة لكن إجماع الفقهاء على تقييدها برؤية مصلحة للمسلمين فى ذلك أخذا من قوله تعال ولا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون .
8 - المعاهدات التى يعقدها المسلمون مع دول أخرى غير إسلامية جائزة شرعا إذا كانت فيها مصلحة للمسلمين، أما إذا كانت لتأييد دولة معتدية على بلد إسلامى فإنها تكون تقوية لمن اعتدى ، وذلك غير جائز شرعا .
9 - لليهود فى فلسطين موقف خاص، فهم موجودون بها بحكم سياسى هو الهدنة التى فرضتها الدول على الفريقين، ونزلت الحكومات الإسلامية على حكمها غلى حين وجود حل عادل للمسألة .
10 - ما فعله المسلمون من منع السلاح والذخيرة عن اليهود بعدم السماح بمرور ناقلاتها فى بلادهم جائز ولا شىء فيه، وإن كان اليهود يعتبرون ذلك اعتداء عليهم
Q من السيد / .
قال ما بيان الحكم الشرعى فى الصلح مع دولة اليهود المحتلة .
وفى المحالفات مع الدول الاستعمارية والأجنبية المعادية للمسلمين والعرب والمؤيدة لليهود فى عدوانهم
An يظهر من السؤال أن فلسطين ارض فتحها المسلمون وأقاموا فيها زمنا طويلا، فصارت جزءا من البلاد الإسلامية أغلب أهلها مسلمون، وتقيم معهم أقلية من الديانات فصارت دار إسلام تجرى عليها أحكامها وأن اليهود اقتطعوا جزءا من أرض فلسطين وأقاموا فيه حكومة لهم غير إسلامية وأجلوا عن هذا الجزء أكثر أهله من المسلمين .
ولأجل أن نعرف حكم الشريعة الإسلامية فى الصلح مع اليهود فى فلسطين المحتلة دون نظر إلى الناحية السياسية - يجب أن نعرف حكم هجوم العدو على أى بلد من بلاد المسلمين هل هو جائز أو غير جائز .
وإذا كان غير جائز فما الذى يجب على المسلمين عمله إزاء هذا العدوان - إن هجوم العدو على بلد إسلامى لا تجيزه الشريعة الإسلامية مهما كانت بواعثه وأسبابه، فدار الإسلام يجب أن تبقى بيد أهلها ولا يجوز أن يعتدى عليها أى معتد، وأما ما يجب على المسلمين فى حالة العدوان على أى بلد إسلامى فلا خلاف بين المسلمين فى أن جهاد العدو بالقوة فى هذه الحالة فرض عين على أهلها يقول صاحب المغنى يتعين الجهاد فى ثلاثة - الأول إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان - الثانى إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم - الثالث إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير ولهذا أوجب الله على المسلمين أن يكونوا مستعدين لدفع أى اعتداء يمكن أن يقع على بلدهم .
قال الله تعالى { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم } الأنفال 60 ، فالاستعداد للحرب الدفاعية واجب على كل حكومة إسلامية ضد كل من يعتدى عليهم لدينهم، وضد كل من يطمع فى بلادهم، فإنهم بغير هذا الاستعداد يكونون أمة ضعيفة يسهل على الغير الاعتداء عليها .
والخلاف بين العلماء فى بقاء الجهاد أو عدم بقائه وفى أنه فرض عين أو فرض كفاية - إنما هو فى غير حالة الاعتداء على أى بلد إسلامى، أما إذا حصل الاعتداء فعلا على أى بلد إسلامى فإن الجهاد يكون فرض عين على أهلها .
وقد بحث موضوع الجهاد الحافظ بن حجر وانتهى إلى أن الجهاد فرض كفاية على المشهور، إلا أن تدعو الحاجة إليه كأن يدهم العدو، وإلى أن التحقيق أن جنس جهاد الكفار متعين على كل مسلم إما بيده وإما بلسانه وإما بماله وإما بقلبه .
وعلى ضوء هذه الأحكام يحكم على ما فعله اليهود فى فلسطين بأنه اعتداء على بلد إسلامى يتعين على أهله أن يردوا هذا الاعتداء بالقوة حتى يجلوهم عن بلدهم ويعيدوها إلى حظيرة البلاد الإسلامية وهو فرض عين على كل منهم، وليس فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين .
ولما كانت البلاد الإسلامية تعتبر كلها دارا لكل مسلم فإن فرضية الجهاد فى حالة الاعتداء تكون واقعة على أهلها أولا، وعلى غيرهم من المسلمين المقيمين فى بلاد إسلامية أخرى ثانيا .
لأنهم وإن لم يعتد على بلادهم مباشرة إلا أن الاعتداء قد وقع عليهم بالاعتداء على بلد إسلامى هى جزء من البلاد الإسلامية وبعد أن عرفنا حكم الشريعة فى الاعتداء على بلد إسلامى يمكننا أن تعرف حكم الشريعة فى الصلح مع المعتدى هل هو جائز أو غير جائز والجو اب إن الصلح إذا كان على أساس رد الجزء الذى اعتدى عليه إلى أهله كان صلحا جائزا، وإن كان على إقرار الاعتداء وتثبيته فإنه يكون صلحا باطلا لأنه إقرار لاعتداء باطل، وما يترتب على الباطل يكون باطلا مثله .
وقد أجاز الفقهاء الموادعة مدة معينة مع أهل دار الحرب أو مع فريق منهم إذا كان فيها مصلحة للمسلمين .
لقوله تعالى { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله } الأنفال 61 ، وقالوا إن الآية وإن كانت مطلقة لكن إجماع الفقهاء على تقييدها برؤية مصلحة للمسلمين فى ذلك بآية أخرى هو قوله تعالى { فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون } محمد 35 ، فأما إذا لم يكن فى الموادعة مصلحة فلا تجوز بالإجماع .
ونحن نرى أن الصلح على أن تبقى البلاد التى سلبها اليهود من فلسطين تحت أيديهم وعلى عدم إعادة أهلها إليها لا يحقق إلا مصلحتهم، وليس فيه مصلحة للمسلمين .
ولذلك لا نجيزه من الوجهة الشرعية إلا بشروط وقيود تحقق مصلحة المسلمين أما هذه الشروط والقيود فلا تتعرض لها، لأن غيرنا ممن اشتغل بهذه القضية أقدر على معرفتها وبيانها على وجه التفصيل منا والجواب عن السؤال الثانى إن الأحلاف والمعاهدات التى يعقدها المسلمون مع دول أخرى غير إسلامية جائزة من الناحية الشرعية إذا كانت فى مصلحة المسلمين .
أما إذا كانت لتأييد دولة معتدية على بلد إسلامى كاليهود المعتدية على فلسطين فإنه يكون تقوية لجانب المعتدى يستفيد منه هذا الجانب فى الاستمرار فى اعتدائه، وربما فى التوسع فيه أيضا، وذلك غير جائز شرعا ونفضل على هذه الأحلاف أن يتعاون المسلمون على رد أى اعتداء يقع على بلادهم، وأن يعقدوا فيما بينهم عهودا وأحلافا تظهرهم قولا وعملا يدا واحدة تبطش بكل من تحدثه نفسه بأن يهاجم أى بلد إسلامى .
وإذا أضيف إلى هذه العهود والمواثيق التى لا يراد منها الاعتداء على أحد وإنما يراد منها منع الاعتداء السعى الحثيث - بكل وسيلة ممكنة فى شراء الأسلحة من جميع الجهات التى تصنع الأسلحة، والمبادرة بصنع الأسلحة فى بلادهم لتقوية الجيوش الإسلامية المتحالفة .
فإن ذلك كله يكون أمرا واجبا وضروريا لضمان السلام الذى يسعى إليه المسلم، ويتمناه لبلده ولسائر البلاد الإسلامية بل ولغيرها من البلاد غير الإسلامية .
ويظهر أن لليهود موقفا خاصا فلم يعقد مع أهل فلسطين ولا أية حكومة إسلامية صلحا ولم تجل بعد عن الأرض المحتلة وهى موجودة بحكم سياسى .
وهو الهدنة التى فرضتها الدول على الفريقين، ونزلت على حكمها الحكومات الإسلامية إلى أن يجدوا حلا عادلا للمسألة، ولم يرض بها اليهود ونقضوها باعتداءاتهم المتكررة التى لم تعد تخفى على أحد .
وكل ما فعله المسلمون واعتبره اليهود اعتداء على حقوقهم هو محاصرتهم ومنع السلاح والذخيرة التى تمر ببلادهم عنهم .
ولأجل أن نعرف حكم الشريعة فى هذه المسألة نذكر أن ما يرسل إلى أهل الحرب نوعان .
النوع الأول السلاح وما هو فى حكمه . الثانى الطعام ونحوه وقد منع الفقهاء أن يرسل إليهم عن طريق البيع السلاح، لأن فيه تقويتهم على قتال المسلمين، وكذا الكراع والحديد والخشب وكل ما يستفاد به فى صنع الأسلحة سواء حصل ذلك قبل الموادعة أو بعدها، لأنها على شرف النقض والانقضاء فكانوا حربا علينا، ولا شك أن حال اليهود أقل شأنا من حال من وادعهم المسلمون مدة معينة على ترك القتال، وعلى فرض تسمية الهدنة موادعة فقد نقضها اليهود باعتداءاتهم ونقض الموادعة من جانب يبطلها ويحل الجانب الآخر منها - وأما النوع الثانى فقد قالوا إن القياس يقضى فى الطعام والثوب ونحوهما بمنعها عنهم إلا أنا عرفنا بالنص حكمه وهو أنه صلى الله عليه وسلم أمر ثمامة أن يمير أهل مكة وهم حرب عليه - وقد ورد النص فيمن تربطه بالنبى صلة الرحم ولذلك أجابهم إلى طلبهم بعد أن ساءت حالتهم .
وليس هذا حال اليهود فى فلسطين . ولذلك نختار عدم جواز إرسال أى شىء إليهم أخذا بالقياس، فإن إرسال غير الأسلحة إليهم يقويهم ويغريهم على التشبث بموقفهم الذى لا تبرره الشريعة .
والله تعالى أعلم(6/72)
التجسس فى الإسلام
F حسن مأمون .
ذو القعدة 1376 هجرية - 12 يونية 1957 م
M 1 - الجاسوسية واقعة مادية تثبت بالإقرار وبالبينة كما تثبت بالأوراق القاطعة فى ذلك .
2 - مذهب الأئمة الثلاثة الشافعى وأحمد وأبى حنيفة عدم جواز قتل الجاسوس .
أما المالكية فإنه يجوز عندهم قتله ولو كان من المسلمين ولا يستتاب ولا دية له عندهم .
3 - التجسس على المسلمين لأعدائهم نوع من السعى فى الأرض فسادا .
وعقابه عقاب المحارب شرعا . 4 - سد الذرائع مناط للتشريع، وأصل من أصول الأحكام الاجتهادية .
5 - درء المفاسد عن المسلمين واجب، وعلى ولى الأمر أن يعطيها ما تستحق من العناية
Q عن رأى الإسلام فى التجسس
An بناء على القرار الصادر من محكمة جنايات القاهرة فى قضية الجناية رقم لسنة 1957 - قصر النيل كلى سنة 1957 المؤجل النطق بالحكم فيها لجلسة 22 يونية سنة 1957 لإبداء رأينا بالنسبة للمتهم الرابع وفقا لنص المادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية .
قد اطلعنا على أوراق القضية وتحقيقات النيابة وعلى محاضر الجلسات أمام محكمة الجنايات وأمام غرفة الاتهام وذلك بالنسبة للمتهم المذكور .
وتبين أنه ألقى القبض عليه وهو فى بيت المتهم الأول فى 27 أغسطس سنة 1956، وأن نيابة أمن الدولة حققت معه .
وأقواله مدونة بالصفحات من 15 إلى 21 كما أنها استجوبته بالصفحات 209 وما يليها .
وهذه الأقوال واضحة فى اعتراف المتهم بأنه كان يعطى المتهم الأول معلومات عن القوة المصرية، وانه كان يستخدم فى ذلك ابن شقيقته الذى يعمل فى سلاح الصيانة .
كما كان يستخدم ابنه وغيرهما وكان ينقل كل ما يصل إليه من معلومات نظير الأجر الذى يتقاضاه، وقد اعترف أيضا أمام غرفة الاتهام أنه لم يفعل شيئا وأن ما ذكره كان من الجرائد وأنه ذكر عدة أسماء ليتقاضى نقودا ، واعترافه أمام غرفة الاتهام لا ينفى شيئا من أقواله أمام النيابة بل يؤكدها، ويحاول التنصل منها ومن تبعاتها بما ذكره من أنه كان ينقل ما ينقله من الجرائد .
ولما سئل من المحكمة عن التهم المنسوبة إليه أنكرها، ولما واجهته المحكمة بأنه اعترف بها فى التحقيق أجاب بأنه اعترف تحت تأثير التهديد فى الأودة الضلمة من المباحث العامة .
ولما سئل عن التعذيب الذى يفهم من إجابته أجاب بأنه تهديد فقط إلى آخر أقواله التى لا تخرج عن محاولة إنكار اعترافاته أو نسبتها إلى التهديد الأمر الذى لم يقم عليه دليل فضلا عن أنه قد أكد هذه الاعترافات أمام غرفة الاتهام كما بينا ز ولهذا كله نرى أن تهمة الجاسوسية ثابتة عليه من اعترافات أمام غرفة الاتهام كما بينا .
ولهذا كله نرى أن تهمة الجاسوسية ثابتة عليه من اعترافاته التى تأيدت بأقوال غيره من أقاربه ومن غيرهم وبما ضبط من أوراق .
أما حكم الشريعة فيمن يتجسس على المسلمين وينقل أخبارهم وخاصة ما كان منها متعلقا بالدفاع عن البلاد الإسلامية فقد اختلف فيه الفقهاء فذهب كثير منهم إلى عدم قتل المسلم الجاسوس كالشافعى وأحمد وأبو حنيفة .
وذهب الإمام مالك وابن القيم من أصحاب أحمد وغيرهما إلى إباحة قتل الجاسوس المسلم .
وقد استدل الفريق الثانى بحادثة حاطب بن أبى بلتعة .
فعن على رضى الله عنه قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد بن الأسود قال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تتعادى بناخيلنا حتى انتهينا إلى الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجى الكتاب .
فقالت ما معى من كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبى بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حاطب ما هذا قال يا رسول الله لا تعجل على إنى كنت امرأ ملصقا فى قريش ولم اكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتنى ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتى وما فعتل ذلك كفرا ولا ارتدادا ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد صدقكم .
فقال عمر يا رسول الله دعنى أضرب عنق هذا المنافق فقال إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ماشئتم فقد غفرت لكم فنزلت الآية الكريمة { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق } الممتحنة 1 ، وقد ورد فى هذه الآية النهى عن موالاة غير المسلمين إذا عرفت عداوتهم لهم قال تعالى { إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم } الممتحنة 9 ، وقد جاء فى كتاب زاد المعاد لابن القيم بالصفحة 377 جزء 3 المطبوع على هامش القسطلانى مانصه بعد أن أورد الحديث الخاص بتجسس حاطب بن أبى بلتعة ( واستدل به من يرى قتله كمالك وابن عقيل من أصحاب أحمد رحمة الله وغيرهما قالوا لأنه علل بعلة مانعة من القتل منتفية فى غيره، ولو كان الإسلام مانعا من قتله لم يعلل بأخص منه، لأن الحكم إذا علل بالأعم كان الأخص عديم التأثير وهذا أقوى ) وقد جاء فى صفحة 143 من الجزء الثانى من كتاب تبصرة الحكام لابن فرحون المالكى قال سحنون فى المسلم يكتب لأهل الحرب بأخبارنا يقتل ولا يستتاب ولا دية لورثته كالمحارب - وقد نقل صاحب نيل الأوطار هذا الحديث وقال إنه متفق عليه .
وقال فى التعليق عليه وفى الحديث دليل على أنه يجوز قتل الجاسوس وأن فيه متمسكا لمن قالوا إنه يجوز قتل الجاسوس ولو كان من المسلمين .
وقد نقل ابن حجر فى شرحه المسمى فتح البارى الجزء السابع .
منه - أن عمر رضى الله عنه لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم - أليس قد شهد بدرا قال بلى ولكنه نكث وظاهر أعداءك عليك .
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم - وهذا يؤكد ما ذهب إليه من استدل بهذا الحديث على جواز قتل الجاسوس المسلم على ما بينا - وأيضا فإن التجسس على المسلمين لصالح أعدائهم عمل يعرض مصالح المسلمين وبلادهم للضرر، وهو نوع من السعى بالفساد وقد نزلت الآية الكريمة فى عقاب من يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا وهى قوله تعالى فى سورة المائدة { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم } المائدة 33 ، وقد بين ابن جرير الطبرى فى تفسيره أن سبب نزول هذه الآية قد بينه ابن عباس رضى الله عنه قال كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين النبى صلى الله عليه وسلم عهد وميثاق فنقضوا العهد وأفسدوا فى الأرض فخير الله رسوله إن شاء أن يقتل وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف .
ونقل مثل ذلك عن غير ابن عباس رضى الله عنه - وقد بين القرطبى فى تفسيره أن العلماء اختلفوا فيمن يستحق اسم المحاربة فقال مالك المحارب عندنا من حمل على الناس فى مصر أو برية أو كابرهم عن أنفسهم وأموالهم دون ثائرة أى هائجة ولا دخل أى ولا ثأر ولا عداوة .
وقال الشافعى وأبو ثور يجرى هذا الحكم سواء أكان فى المصر أو فى المنازل والطرق وديار أهل البادية والقرى .
وقال ابن المنذر هو كذلك لأن كلا يقع عليه اسم المحاربة والكتاب على العموم وليس لأحد أن يخرج من عموم الآية قوما بغير حجة .
وقالت طائفة لا تكون المحاربة فى المصر إنما تكون خارجة عن المصر وهو قول النووى وإسحق والنعمان - واختلفوا فى حكم المحارب .
فقالت طائفة يقام عليه بقدر فعله وقال أبو ثور ومالك وقد روى عن كثير من الصحابة أن الإمام مخير فى الحكم على المحاربين .
واستدلوا بظاهر الآية قال ابن عباس ما كان فى القرآن - أو - فصاحبه بالخيار وهذا القول أشعر بظاهر الآية .
ومما تقدم يظهر أن فى حكم الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا قولين أحدهما أنه يحكم على كل بقدر فعله .
والثانى أن الإمام مخير فى الحكم عليهم بإحدى العقوبات الواردة فى الآية ومنها القتل، وأن القول الثانى هو المتفق مع ظاهر الآية الكريمة .
والحكمة فى تشديد العقوبة على المحاربين لله ورسوله أى لأوليائهم وهم المسلمون - ويسعون فى الأرض فسادا هو ضمان أمن المسلمين فى بلادهم .
ومن يتجسس على المسلمين ويتصل بأعدائهم ويعطيهم علما بأسرار عسكرية سرية لينتفعوا بها فى البطش بهم، وإلحاق الأذى والضرر ببلادهم جدير بأن نعامله معاملة من يحارب الله ورسوله ويسعى فى الأرض فسادا فلكل أمة نظمها العسكرية .
والمصلحة العامة تستلزم أن تحتفظ لنفسها بأسرار تخفيها عن أعدائها، ولا يعلمها إلا أهلها المتصلون بحكم عملهم بها .
فإذا سولت نفس أحد المواطنين له بأن يستطلع أمر هذه الأسرار بطرقه المختلفة - وينقلها إلى أعدائه وأعداء بلاده كان جاسوسا وكان ممن يسعى فى الأرض بالفساد ولأن من شأن اطلاع العدو على هذه الأسرار أن يسهل عليه محاربة المسلمين وتوهين قواهم، وربما آل الأمر إلى احتلال بلادهم لاقدر الله وبسط سلطانه ونفوذه عليها .
ولا نزاع فى أنه يبدو من الاطلاع على أوراق القضية أن المتهم الرابع هو المسئول الأول عن التجسس الذى ثبت ثبوتا لا مجال للشك فيه وأنه رضى بأن يبيع بلده وأمته لأعدائهم نظير ما كان يتقاضاه من الأجر الذى كان يعطى له نظير قيامه بهذه المهمة - بل إننا نرى أن شأنه من ناحية الخطورة والضرر الذى قد يصيب أمته من عمله أعظم من شأن من يقف فى الطريق ويقطعه على المارة ويهددهم فى أنفسهم وأموالهم .
وقد أجاز الحنفية القتل سياسة، فأجازوا قتل الساحر والزنديق الداعى، لأن كلا منهما يفسد فى الأرض بسعيه فى إفساد عقيدتهم .
وقد جاء فى تنقيح الحامدية مانصه ( سئل فى رجل عدائى مفسد غماز يسعى فى الأرض بالفساد ويوقع الشر بين العباد ويغرى على أخذ الأموال بالباطل وذبح العباد ويؤذى المسلمين بيده ولسانه ولا يرتدع عن تلك الأفعال إلا بالقتل فما حكمه - وأجاب صاحب التنقيح بأنه إذا كان كذلك أو خبرجم من المسلمين بذلك يقتل ويثاب قاتله لما فيه من دفع شره عن عباد الله - وجاء فى الجزء الأول من تفسير الإمام محمد عبده أنه جعل سد ذرائع الفساد والشر وتقرير المصالح وإقامة الحق والعدل فى تنازع الناس بعضهم مع بعض مناطا للتشريع، وأصلا من أصول الأحكام الاجتهادية وذلك لأن الله علل به شرعه للقتال ومنته على نبيه داود وجنده بالنصر على عدوهم، وما ترتب عليه من إيتائه الحكم والنبوة إذ قال { فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين } البقرة 251 ، وفى معناه تعليل الإذن للمسلمين فى القتال أول مرة بقوله تعالى { أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير .
الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز } الحج 39 ، 40 ، وما هنا أعم لأنه يشمل درء المفسدة فى الدين وغيرها من الفساد الدينى والدنيوى وهو المتأخر فى النزول - ومن هنا نعرف أن درء المفاسد والشرور عن المسلمين من الواجبات التى يجب على ولى الأمر أن يوليها ما تستحق من العناية - ولا نزاع فى أن الجاسوسية من أخطر الأعمال التى تعرض البلاد للفساد والشر والضرر إذا لم يضرب بيد قوية على من تسول له نفسه أن يقدم عليها غير مراع فى عمله حرمة دينه وبلاده وأهله ووطنه، ومالهم عليه من حقوق أقلها أن يكون مواطنا صالحا يتعاون معهم على البر والخير، ولا يتعاون على الإثم والعدوان .
ولهذا كله نرى مطمئنين إلى فتوانا أنه يجوز قتل المتهم المذكور .
والله أعلم(6/73)
أحياء الأرض الميتة مكسب لملكيتها
F محمد عبده .
شعبان 1317 هجرية
Mإحياء الأرض الموات مكسب للملكية ولا يتعلق به حق الشفعة
Q رجل أحيا أرضا مواتا وصرف فى إصلاحها كثيرا، واستمرت تحت يده ست عشرة سنة .
وعندما تم الإصلاح أرادت الحكومة أن تجرى صورة المبايعة لواضع اليد لإثبات التملك رسميا وحصل ذلك .
فهل يسوغ لأحد أن يأخذ هذه الأرض بالشفعة
An حيث إن إحياء الموات يعطى حق الملكية لمحييه خصوصا وقد وضع المحيى يده على الأرض التى أحياها مدة ست عشرة سنة وهى مدة يسقط بها حق المطالبة .
فالأرض كانت بذلك ملكا صريحا لمن أحياها، ولم يكن للحكومة حق البيع، فالبيع الصادر منها قد صدر على غير ملك لها، فهو صورة لا حقيقة لها .
وواضع اليد على الأرض مالك لها قبل البيع بسبب الإحياء بوضع اليد تلك المدة، فتلك الصورة التى عبر عنها ببيع لا أثر لها فى إكساب حق الشفعة ، وليس لأحد أن يطالب واضع اليد بحق الشفعة بوجه من الوجوه، واللّه أعلم(6/74)
احياء الموات
F محمد عبده .
محرم 1320 هجرية
M 1 - من أحيا أرضا ووضع يده عليها ملكها .
2 - بعد أن أعطته الحكومة إياها لا حق لأحد فى معارضته فيها .
3 - سبب الملكية هنا هو إحياؤها
Q من محمد أفندى فى أرض موات أعطتها الحكومة لأحد الأفراد على سبيل التمليك، ووضع يده عليها وأحياها وتصرف فيها بالزرع ونحوه .
فهل يعد ذلك هبة تعتبر سببا للملك أولا يعد، ويكون إحياؤها والتصرف فيها كما ذكر هو سبب الملك، بحيث لو عارضه فيها معارض والحال ما ذكر يمنع من معارضته .
أفيدوا الجواب
An من المقرر شرعا أن إحياء الموات يعطى حق الملكية لمحييه .
وعليه يكون سبب الملك هو الإحياء . فيملك هذه الأرض من أحياها ووضع يده عليها وتصرف فيها بعد أن أعطته الحكومة إياها ، ولا حق لأحد فى معارضته فيها والحال ما ذكر، وليس ذلك من قبيل الهبة كما لا يخفى .
واللّه تعالى أعلم(6/75)
جهالة المدة فى عقد المزارعة مفسدة له
F بكرى الصدفى .
محرم 1329 هجرية
Mيكون عقد المزارعة فاسدا شرعا إذا حدد بموت الشجر أو النخل موتا طبيعيا للجهالة
Q هل تحديد مدة عقد المزارعة بموت الشجر موتا طبيعيا يعتبر تحديدا كافيا مع العلم بأن الأشجار المزروعة هى أشجار عنب وما قيمة هذا العقد المشروط بهذا الشرط فى نظر الشرع الشريف
An فى رد المحتار من كتاب المساقاة ما نصه (ولو دفع أصول رطبة يقوم عليها حتى تذهب أصولها وينقطع نبتها وما خرج نصفان فهو فاسد .
وكذلك النخل والشجر . لأنه ليس لذلك وقت معلوم، فكانت المدة مجهولة) انتهى - ومنه يعلم أنه متى كان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال يكون ذلك العقد فاسدا شرعا لجهالة المدة، واللّه تعالى أعلم(6/76)
بيع الوصى ممتلكات القاصر
F حسونة النواوى .
محرم 1314 هجرية
M1 - إذا ثبتت خيانة الوصى ضمن مال القاصر ويعزله القاضى
Q بإفادة من قاضى مديرية الغربية 1314 مضمونها .
أنه لما أرسل لمفتى مديرية الغربية دعوى أمين عطا اللّه على السباعى محمد دنيا .
الوصى على يتيمى المرحوم طلخان دنيا . بخيانته فى مال القاصرين المذكورين لاطلاعه عليها والإفادة .
وردت مكاتبة بأنه حصل له اشتباه ولهذا يأمل القاضى المذكور الإطلاع عليها والإفادة بما يظهر .
ومضمون صورة الدعوى المذكورة أنه بعد التعريف الشرعى ادعى أمين عطا اللّه معاون بيت المال بالمديرية المذكورة حالا ابن عطا اللّه حسن بعد الإذن له بالخصومة من القاضى المذكور فيما يأتى وقبوله لذلك منه على على السباعى محمد دنيا الوصى الشرعى على أبى الفتوح وخضر القاصرين يتيمى المرحوم طلخان دنيا الوصاية المختارة من قبل والدهما المذكور المقبولة منه فى حال حياته وبعد مماته التى لم يرجع عنها ومات مصرا عليها المحكوم بها من قبل الشيخ حسن الحكيم الشهير بذلك قاضى محكمة مركز السنطة الشرعية حالا بأن طلخان دنيا المذكور توفى وانحصر إرثه الشرعى فى زوجته زينب أبى زيد سلامة وولديه منها أبى الفتوح وخضر القاصرين المذكورين لا وارث له سواهم وأن إرثه الشرعى قد انتقل إليهم ومن ضمن ما هو مخلف عنه وتركه ميراثا لهم على فرائض اللّه تعالى الثلث ثمانية قراريط شائعا فى تسعة وعشرين ماشية جاموسا وأبقارا .
لزوجته المذكورة قيراط واحد . ولولديه المذكورين سبعة قراريط باقى ذلك للذكر منهما ضعف الأنثى وأن هذا الوصى المدعى عليه وضع يده على التسعة وعشرين ماشية المذكورة التى من ضمنها نصيب القاصرين المذكورين وخان فيما يخصهما بسبب أنه باع جميع حصتهما التى قدرها سبعة قراريط المذكورة على الشيوع فى التسعة والعشرين ماشية المذكورة بمبلغ قدره ثلاثة آلاف ومايتان وثلاثة وستون قرشا ونصف وربع قرش فضة صاغا جيدة رايجة مستعملة منسوبا ضربها لمصر بعقد بيع صحيح شرعى جرى بينه وبين المشترى لذلك يإيجاب وقبول شرعيين وخلى بين المبيع والمشترى المذكورين وقبض من المشترى المذكور ثمن المبيع المذكور وهو المبلغ المرقوم، واستهلكه فى شئون نفسه الخاصة بدون مسوغ شرعى ولم يصرف منه على القاصرين المذكورين شيئا .
وبسبب ذلك صار خائنا فى حقوقهما .
وطالب هذا المأذون المدعى هذا الوصى المدعى عليه برد مثل مبلغ ثمن المبيع المذكور وهو القدر المذكور الذى استهلكه هذا المدعى عليه فى شئون نفسه ليحوزه للقاصرين المذكورين بالفريضة الشرعية وطلب الحكم عليه بثبوت استهلاكه لعين هذا المبلغ الموصوف المذكورة وأمره برد مثل المبلغ المذكور له ليحوزه للقاصرين المذكورين بالفريضة الشرعية بينهما وسأل سؤال هذا المدعى عليه وجوابه عن ذلك .
وبسؤاله عن ذلك أجاب طائعا بالتصديق على جميع دعوى المدعى المذكورة .
ما عدا استهلاكه للمبلغ المرقوم وصرفه فى شئون نفسه فإنه أنكر ذلك وجحده جحدا كليا
An بالاطلاع على صورة الدعوى المرفقة بهذه المكاتبة ظهر أنه يكلف المأذون المدعى إثبات ما أنكره الوصى المدعى عليه من استهلاكه فى شئون نفسه ما خص القاصرين فى ثمن المبيع ومتى ثبت ذلك بالوجه الشرعى على الوصى المذكور ضمن ما خص هذين القاصرين فى ذلك الثمن واستحق العزل عن الوصاية عليهما لخيانته بذلك(6/77)
بيع فاسد
F محمد عبده .
ربيع أول 1318 هجرية
Mلا يعتبر عقد البيع سند للملكية إذا اشتمل العقد على ما يمنع صحته
Q من مزارع بمركز شربين فى صورة عقد محرر بينه وبين وكيل البنك العقارى المصرى يتضمن أن البنك باع وتنازل إليه وإلى ولده القاصر مناصفة بينهما 870 فدان وما عليها من أشجار ومبان وسواقى وغيره بدون استثناء ولنفسه خاصة المنزل المعد للسكنى على أرض ألف ذراع تقريبا مبينة اشتمالاته وحدوده وأن البنك يملك العقارات المذكورة وبأحكام مسجلة وأن المشترى بصفته المذكورة واضع اليد على العقارات المذكورة ومنتفع بها وعليه الأموال والعشور الميرية وقد قبل المشترى شراء الأطيان والبيت صفقة واحدة بدون فرز ولا تقسيم فى نظير مبلغ يسدد للبنك على أقساط سنوية وإن تأخر المشتريان فى سداد قسط واحد فى ميعاده يعتبر البيع ملغيا من نفسه .
واستفهم السائل عما إذا كان البيع بما اشتمل عليه العقد المذكور فاسدا شرعا أم لا
An لا يعتبر هذا العقد سندا لملكية المبيع لفساد البيع المذكور فيه بسبب اشتماله على ما يمنع صحته مما هو مذكور .
فى البند الخامس فلا يعول عليه شرعا إلا إذا كان مستوفيا شرائط الصحة المعروفة واللّه أعلم(6/78)
ما يدخل فى المبيع تبعا وحق الشفعة
F محمد عبده .
شعبان 1319 هجرية
M1 - شراء أحد الشركاء فى نخيل بعضه مع شرط البقاء فى الأرض والقرار فيها يدخل الجزء القائم عليه النخيل من الأرض فى المبيع ويكون لمشترى الدار (الشريك فى الأرض) الشفعة فى النخيل تبعا للأرض
Q من على محمد فى رجل اشترى دارا فيها نخيل مشترك مع الأرض بينه وبين آخرين ثم إن أحد شركائه فى النخيل باع نصيبه فيه لآخر من باقى الشركاء فاشترى الآخر للقرار فلما بلغ البيع مشترى الدار طلب الشفعة فى هذا النصيب الذى اشترى للقرار تب4عا للشفعة فى الأرض التى قام عليها النخيل فهل يصح له هذا الطلب ويكون له الشفعة فى النخيل تبعا للأرض التى قام عليها، أفيدوا الجواب
An إذا اشترى أحد الشركاء فى النخيل بعضه مع اشتراط البقاء فى الأرض والقرار يدخل ماقام عليه ذلك الجزء من الأرض فى البيع ويكون لمشترى الدار الشريك فى الأرض التى قام النخيل على بعضها الشفعة فى النخيل تبعا للأرض .
فإذا استوفى طلب الشفعة شروطه كان له الأخذ بها واللّه أعلم(6/79)
بيع بشرط
F محمد عبده .
رمضان 1319 هجرية
M 1 - البيع بشرط الخيار لمدة خمس سنوات فى دفع الثمن وإمضاء البيع أورده مع ترك الديون فى حالة الرد يفسد به البيع .
2 - بيع المشترى جزءا من المبيع إليه بالعقد الأول بشرط الخيار فى إمضائه إن تم العقد الأول ونفذ يكون فاسدا أيضا ولا حق لمن له حق الشفعة طلبها بعد سقوط الخيار لا قبله ويبقى حق الشفيع محفوظا إلى أن يلزم المبيع أو يبطل الخيار
Q من جناب الخواجة جبرائيل يوسف فى بيع جعل فيه الخيار للمشترى فى دفع الثمن بعد مدة معينة وهى خمس سنوات على أن يدفع عربونا للبائع ثم إذا اختار رد المبيع ترك العربون الذى دفعه .
ثم باع المشترى جزءا من العين المبيعة لآخر وأخذ منه عربونا على شرط أن له الخيار فى فسخ البيع ورد العربون إذا هو لم يتمم عقده مع البائع الأول هل تصح الشفعة لمن له حق طلبها من المشترى الثانى لو كان البيع صحيحا لازما وهل يجب على طالب الشفعة أن يطلبها بمجرد سماعه بعقد هذا البيع مع بقاء شرط الخيار للبائع فإذا لم يطلب الشفعة سقط حقه فيها، أو لا يلزم طلب الشفعة إلا بعد سقوط الخيار ولزوم البيع ويكون حقه فى طلب الشفعة محفوظا باقيا إلى أن يصير البيع لازما
An شرط الخيار فى مدة الخمس سنوات فى دفع الثمن وإمضاء البيع أو رد المبيع وترك العربون مما يفسد البيع فيكون البيع الأول فاسدا ولما كان البيع الثانى قد شرط فيه المشترى الأول أن له الخيار فى إنفاذه إن أمضى العقد الأول الذى شرط لنفسه الخيار فيه مدة خمس سنوات وعدم إنفاذه إن لم يمضه .
فهذا العقد يكون فاسدا أيضا وعقد البيع إذا كان فاسدا لا يكسب حق الشفعة لمن له الحق لو كان البيع صحيحا ولا يثبت حق الشفعة إلا إذا زال الفساد ووجد ما يقتضى لزوم العقد وامتناع التفاسخ .
وعلى هذا .
فإذا كان الحال فى هذه الواقعة أن الفساد قد زال ولم يبق خيار للبائع الثانى فى فسخ العقد جاز طلب الشفعة بعد سقوط خيار البائع ولا يجوز قبلها ولاشك أن حق الشفيع فى طلب الشفعة يبقى محفوظا له إلى أن يلزم البيع ويبطل الخيار فيه واللّه أعلم(6/80)
بيع المورث فى مرض موته لبعض الورثة
F محمد عبده .
رمضان 1320 هجرية
Mالبيع فى مرض الموت لبعض الورثة موقوف على إجازة الباقين
Q شخص مرض ثم مات وقبل وفاته بشهرين باع للذكور فقط من أولاده معظم أطيانه وعقاراته بثمن بخس وحرم الإناث من بناته .
فهل يصح البيع أو يكون باطلا موقوفا على إجازة الورثة
An بيع المريض لوارثه موقوف على إجازة الباقى وعلى صحة المريض فإن صح فى مرضه نفذ، وإن مات فيه ولم تجز الورثة بطل .
وهكذا قال علماؤنا . ومنه يعلم أن البيع الصادر من هذا الرجل يكون نافذا إن أجازه باقى الورثة وإلا فلا واللّه أعلم(6/81)
البيع فى حالة الصحة لبعض الورثة نافذ
F بكرى الصدفى .
رمضان 1334 هجرية
M 1 - بيع المورث حصة لبعض ورثته فى حال صحته نافذ شرعا متى استوفى العقد شرائطه وأركانه .
2 - إسقاط ثمن المبيع عن الوارث وإبراء ذمته منه نافذ شرعا متى كانت المورثة أهلا للإسقاط .
3 - ليس للورثة الآخرين الاعتراض على البيع أو الإسقاط المذكورين
Q من على حبيب .
مهندس بنظارة الأشغال العمومية فى امرأة تمتلك أطيانا ففى حياتها وكمال صحتها ونفاذ تصرفاتها الشرعية باعت جزءا شائعا فى الأطيان المذكورة إلى بنت ابنها البالغة العاقلة بيعا بتا بإيجاب وقبول شرعيين بثمن معلوم، ثم سامحت البائعة المشترية من الثمن المذكور وأبرأت ذمتها منه، وقبلت ذلك منها المشترية المذكورة ووضعت يدها على ذلك وتحرر بذلك عقد عرفى مبين فيه حدود ومواقع تلك الأطيان البيان النافى للجهالة شرعا، وتسجل هذا العقد بمحكمة مصر الابتدائية المختلطة، ثم توفيت البائعة المذكورة بعد ذلك بسنة وربع سنة عن بنت ابنها المشترية المذكور وعن ابن أخيها شقيقها لا وارث لها سواهما، فقام الآن ابن الأخ المذكور يعارض فى هذا البيع المذكور وفى المسامحة من الثمن ويريد إبطال البيع أو الرجوع بما يخصه من الثمن زاعما أن البيع المذكور حكمه حكم الهبة وأنه لم يتم .
فهل لا عبرة بزعمه هذا ويكون هذا البيع نافذا والإبراء من الثمن صحيحا وليس لابن الأخ المذكور معارضة المشترية فى شىء من ذلك أم كيف
An حيث باعت المرأة المذكورة الجزء الشائع المذكور من تلك الأطيان، وهى فى كمال صحتها وسلامة عقلها وعدم وجود مرض بها ونفاذ تصرفاتها الشرعية لبنت ابنها البالغة العاقلة الرشيدة بيعا منجزا مستوفيا شرائطه الصحية شرعا بإيجاب وقبول شرعيين بثمن معلوم، ثم سامحت البائعة المشترية وأبرأت ذمتها من الثمن المذكور، وقبلت المشترية ذلك منها ووضعت يدها على ذلك إلى آخر ما تضمنه هذا السؤال .
كان ذلك من البيع الصحيح الشرعى لا من باب الهبة .
وإبراء البائعة المشترية من الثمن والحال ماذكر من باب التصرف فى الثمن بإسقاطه ممن هو عليه، وذلك صحيح نافذ أيضا مادامت المسقطة صحيحة كاملة العقل ولا مرض بها كما ذكر .
فليس لابن الأخ المذكور التعرض للمشترية المذكورة فى شىء من ذلك والحال ما ذكر بدون وجه حق شرعى واللّه تعالى(6/82)
بيع عقار القاصر
F بكرى الصدفى .
ذى الحجة 1325 هجرية
M 1 - لا يجوز للأب بيع أطيان أولاده القصر بغبن فاحش .
2 - إجازة القاصر له بعد البلوغ باطلة لأنه غير موقوف على الإجازة حتى تصححه، بل غير صحيح
Q فى رجل له أولاد صغار لهم أطيان ورثوها عن والدتهم قام والدهم ببيع الأطيان لجدهم أب أمهم فى حال صغرهم بطريق الولاية بغبن فاحش ثم مات البائع وبلغ الأولاد القصر ويريدون معرفة صحة هذا البيع شرعا حيث لم يعلموا بالبيع إلا الآن بعد مضى مدة عشر سنوات مع عدم احتياج الوالد إلى ذلك
An إذا كان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال .
فبيع الأب أطيان أولاده الصغار بالغبن الفاحش غير جائز شرعا .
ففى جامع الفصولين من تصرفات الأب وغيره ما نصه وأما الأولياء كأب وجد ووصى وقاض فلهم البيع بيسير الغبن لا بفاحشه وكذا شراؤهم .
انتهى وفى جامع أحكام الصغار من مسائل البيوع ما نصه وفى الحاصل من شرح الطحاوى .
بيع الأب والوصى والمضارب بغبن يسير يجوز وبغبن فاحش لا يجوز ثم الحاصل فى بيع الأب والوصى مال اليتيم على ما عليه الفتوى .
إذا باع عقار الصغير بمثل القيمة وبغبن يسير يجوز إذا كان محمودا أو مستور الحال، وإن كان مفسدا لا يجوز انتهى - ونحوه فى تنقيح الحامدية والفتاوى الهندية .
وفى أدب الأوصياء من البيع ما نصه ولهم (الأب والجد والقاضى وأوصيائهم) ولاية بيع أموالهم (الصغار) بمثل القيمة وبأكثر وبأقل بقدر ما يتغابن فيه الناس .
أما لو كان بالغبن الفاحش يبطل عندهم ولا يتوقف على الإجازة بعد البلوغ لأنه لا مجيز له حالة العقد حتى يتوقف انتهى - واللّه تعالى أعلم(6/83)
بيع منزل المدين الذى يسكنه ولا يملك سواه
F بكرى الصدفى .
ذى الحجة 1330 هجرية
M 1 - إذا كان المدين لا يملك سوى مسكنه الضرورى الذى يسكنه هو وعائلته فقط، فلا يملك الدائن بيعه عليه سدادا لدينه مادام معسرا حقيقة .
2 - إذا عرض المدين تقسيط الدين عليه فلا مانع من قبول ذلك التقسيط حسب ما يناسب حالة
Q من شخص فى رجل عليه دين لجهة وقف وهو معسر ولا يملك إلا المنزل مسكنه الضرورى بحيث لا يزيد هذا المنزل عن سكناه وسكنى عائلته فطلب الدائن بيع هذا المنزل لسداد الدين فقال المديون هذا المنزل سكنى وسكن عائلتى وليس فيه زيادة عن ذلك ولا مانع من أن يقسط على هذا الدين على أقساط تناسبنى .
فهل يجاب لذلك أم لا
An إذا كان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال وكان المديون معسرا حقيقة ومنزله المذكور لا يزيد عن سكناه وسكنى عائلته، فلا مانع من قبول تقسيط هذا الدين عليه بأقساط تناسب حاله .
هذا وفى تنقيح الحامدية مانصه (سئل) فى مديون معسر ثبت إفلاسه واعتباره بالوجه الشرعى بموجب حجة وليس له مال سوى مسكن واحد بقدر كفايته ولا يمكنه الاجتزاء بما دون ذلك المسكن ويكلفه دائنه إلى بيعه وأداء دينه من ثمنه فهل ليس له ذلك (الجواب) نعم انتهى - واللّه تعالى أعلم(6/84)
بيع الأب لولديه القاصرين بعض ماله
F بكرى الصدفى .
ربيع الأول 1331 هجرية
M 1 - يجوز للوالد بيع ماله أو بعضه لأولاده القصر بمثل القيمة ما لم يوجد مانع شرعى من ذلك .
2 - تقوم عبارته (الإنجاب) مقام العبارتين (الإنجاب والقبول) فى ذلك فيكفى الإيجاب فقط فى ذلك ولا ضرورة لقوله (قبلت) .
3 - لا ينوب قبضه الأصلى كمالك للمبيع عن قبض الشراء بصفته وليا طبيعيا ومشتريا لأولاده .
بل لابد من القبض الحقيقى بعد البيع بصفته المذكورة .
4 - إذا لم يقبض الوالد قبض الشراء فهلك المال كان هلاكه من مال الأب .
5 - يجوز له التنازل عن الثمن بعد القبض لأنه إسقاط وهو من أهله
Q رجل باع لابنيه القاصرين فدانا ونصفا كان ذلك القدر مملوكا له وقد وقع منه البيع وهو فى حال صحته ونفاذ تصرفاته الشرعية وأقر باستلام الثمن فى صلب العقد وقد حدد القطعة بحدودها الأربعة وصار العقد مستوفيا شرائطه الشرعية وقد أوجب لهما البيع من نفسه وقبله عنهما بصفته وليهما لقصرهما فهل يجوز شرعا أن يوجب البيع من نفسه ويقبله عنهما بصفته وليهما لقصرهما .
وهل يجوز أن يتنازل لهما عن الثمن
An حيث كان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال ولم يوجد مانع من الموانع الشرعية وكان الأب المذكور عدلا أو مستور الحال جاز له بيع ماله من ابنيه القاصرين المذكورين بمثل القيمة وتقوم عبارته مقام عبارتين .
فيكفى فى ذلك الإيجاب ولو لم يقل قبلت لكن لا ينوب قبضه الأصلى عن قبض الشراء بل بلاد من تمكن الأب من القبض حقيقة بعد ذلك .
ففى الفتاوى الأنقروية باع ماله من ابنه الصغير لا ينوب ذلك عن قبض الشراء فما لم يتمكن الأب من القبض حقيقة يهلك من مال الأب .
نقلا عن المنية . وفى رد المحتار بالعزو إلى جامع الفصولين ما نصه لو باع ماله من ولده لا يصير قابضا لولده بمجرد البيع حتى لو هلك قبل التمكن من قبضه حقيقة هلك على الوالد .
ولو شرى مال ولده لنفسه لا يبرأ عن الثمن حتى ينصب القاضى وكيلا لولده يأخذ الثمن ثم يرده على الأب ويتم البيع بقوله بعت من ولدى ولا يحتاج إلى قوله قبلت .
وأما تنازله عن الثمن بعد ذلك والحال ما ذكر فلا مانع منه شرعا لأنه حق من حقوقه أسقطه وهو من أهل الإسقاط فيجوز واللّه تعالى أعلم(6/85)
بيع المرأة فى مرض موتها لشقيقها
F محمد بخيت .
ربيع الأول 1333 هجرية
M 1 - البيع فى مرض الموت إذا كان لغير وارث ومن غير محاباة نافذ .
2 - إذا كان فى البيع محاباة يكون القدر المباع وصية تنفذ فى حدود الثلث .
3 - إذا كان المشترى وارثا كان البيع موقوفا على إجازة الباقين
Q امرأة باعت لشقيقها ما تملكه من عقار، وكانت مريضة قبل وفاتها بشهرين، وأشهد المشترى على عقد البيع بعض أقاربه فهل يعد هذا البيع صحيحا
An علمنا ما توضح بهذا السؤال .
والإفادة عن ذلك أن المرأة المذكورة متى كان البيع لشقيقها المذكور صادرا منها فى مرض موتها .
فإما أن يكون شقيقها وارثا لها أو غير وارث . فإن كان غير وارث وكان البيع المذكور من غير محاباة كان ذلك البيع نافذا شرعا .
وإن كان مع المحاباة بأن باعت له ما ذكر بأقل من قيمته يكون وصية فى قدر المحاباة فينفذ من الثلث، وإن كان الأخ المذكور وارثا لها فهذا البيع والحال ما ذكر موقوف على إجازة باقى الورثة ولو بمثل القيمة على قول الإمام الأعظم(6/86)
البيع مع شرط المنفعة للبائع فاسد
F محمد بخيت .
جمادى الأولى 1333 هجرية
M 1 - البيع مع شرط المنفعة للبائع فاسد ويبقى المبيع فى ملك البائع وله حق فسخ العقد .
2 - إذا قبض المشترى المبيع مع وجود هذا الشرط ملكه
Q باعت امرأة لزوجها فدانا بثمن قدره خمسون جنيها وقد أبرأت البائعة زوجها المشترى من قيمة ثمن هذا القدر وتحرر بذلك عقد عرفى وقد ذكر بصلب العقد (أنا فلانة لى حق الانتفاع بالفدان المباع مدة حياتى .
وبعد وفاتى ينتقل حق التصرف المذكور إلى زوجى المشترى المذكور) وقد توفى المشترى المذكور وترك ذرية من غير البائعة .
فهل هذا العقد صحيح بجميع ما ذكر فيه من الإبراء المذكور من قيمة هذا الثمن ولا رجوع فيه .
وهل ورثة المتوفى يرثون فى هذا القدر بعد وفاة زوجته البائعة المذكورة أم لا
An قال فى التنوير وشرحه .
ولا يصح بيع بشرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه وفيه نفع لأحدهما أو لمبيع هو من أهل الاستحقاق بأن يكون آدميا ولم يجر العرف به ولم يرد الشرع بجوازه .
وصرح فيهما أيضا بأن المشترى إذا قبض المبيع برضا بائعه وإذنه صريحا أو دلالة فى البيع الفاسد ولم ينهه البائع عن القبض ولم يكن فيه خيار الشرط ملكه، ويجب على كل واحد من المتعاقدين فسخه قبل القبض وبعده مادام المبيع بحاله فى يد المشترى إعداما للفساد لأنه معصية يجب رفعها .
ولا يبطل حق الفسخ بموت أحدهما فيخلفه واريه ومن ذلك يعلم أن بيع البائعة المذكورة للأرض المذكورة بيع فاسد لوجود الشرط الفاسد فى صلب العقد الذى لا يقتضيه ولا يلائمه ولم يجر العرف به ولم يرد الشرع بجوازه، وفيه نفع للبائعة المذكورة كما هو واضح .
ويعلم أيضا أن الأرض المبيعة المذكورة باقية فى ملك البائعة ولم تخرج عن ملكها ولم تدخل فى ملك المشترى بمقتضى ذلك البيع لأنه لم يقبض الأرض المذكورة إلى أن مات وأن للبائعة المذكورة حق فسخ البيع المذكور(6/87)
بيع اليانصيب
F محمد بخيت .
رجب 1333 هجرية
M 1 - بيع الأشياء عن طريق البخت (النصيب) حرام لأنه إما باطل أو فاسد للجهالة .
2 - كل من يدفع شيئا لا يدرى عين المبيع الذى يأخذه أو لا يدرى شيئا عما إذا كان يأخذ نظير ما دفع أم لا فهو فى حكم القمار
Q من حضرة على بك رئيس مجلس إدارة كلية المرحوم مصطفى كامل باشا بشارع أمير الجيوش فى 20 مايو سنة 1915 ما مضمونه إن طلاب الكلية كتبوا إلى إدارة الكلية طالبين إنشاء صندوق إعانة بها يسمى (صندوق معاونة الطلاب للطلاب) وعرض الطلب على مجلس الكلية فتقبله بقبول حسن واقترح لها مشروع قانون، غير أنه جاء فى هذا المشروع أن يكون أحد مصادر إيراد هذا الصندوق بيع الأشياء من طريق البخت (النصيب) وأن يكون ثمن الشىء المبيع أربعة أمثال ثمنه الحقيقى وأن تضم الزيادة المكتسبة إلى إيراد الصندوق و لا تخرج الأشياء المبيعة عن عونها كتبا أو أدوات علمية تنفع الرابحين من الوجهة العلمية وأن يكون البيع خاصا بطلاب الكلية وأساتذتهم لا يتعدى بابها وقد اختلف فى هذا المشروع الأساتذة فمنهم من يقول إنه حرام ومنهم من يقول إنه حلال ما دام النفع عائدا على جميع الطلاب سواء كان الرابحون أو المنتفعون .
بالإيراد من فقراء المسلمين .
فأرجو من فضيلتكم إبداء رأيكم الخاص فى هذا الموضوع لأنى أعتمد كثيرا على علمكم الغزير وفضلكم الكبير أفندم
An ورد خطابكم المسطر به السؤال أعلاه ونفيد أن بيع الأشياء عن طريق البخت (النصيب) حرام بلا شك لأنه بيع باطل أو فاسد للجهالة ولكونه على خطر لأن كل من يدفع شيئا لا يدرى عين المبيع الذى يأخذه ولا إن كان يأخذ فى نظير ما دفع شيئا أم لا فهو فى حكم القمار واللّه أعلم .
ے(6/88)
خيار العيب
F محمد بخيت .
ربيع أول 1336 هجرية 7 يناير 1918م
Mكل ما أوجب نقصان الثمن عند الخيار هو عيب وللمشترى فسخ البيع
Q شخص اشترى من آخر دارا بثمن متفق عليه بينهما ودفع جزءا منه واستأجلا لدفع باقى الثمن لحين تحرير عقد البيع وقبل مضى هذا الميعاد وقبل استلام المشترى المبيع اتضح له أن به قبرا لبعض المشايخ .
وأن هذا القبر كان خفيا على المشترى ولم يخبره البائع بوجوده فى الدار المبيعة فهل هذا يعتبر عيبا فى المبيع يجعل للمشترى الحق فى فسخ البيع أم لا
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أن المصرح به إذا باع شخص عقارا وكان ذلك العقار مشتملا على مسجد معمور أو على مقبرة أو على طريق للعامة ولم يستثن المسجد أو المقبرة أو طريق العامة من البيع كان البيع فاسدا يجب على كل من المتعاقدين فسخه .
فإن تراضيا على فسخه فيها ونعمت . وإلا فسخه القاضى كما هو الحكم فى كل بيع فاسد .
وأما إذا استثنى المسجد أو المقبرة أو طريق العامة من البيع وباع الشخص ماعدا ما ذكر، فإن ذكر حدود المسجد أو الطريق صح البيع اتفاقا فيما عدا المسجد والطريق، وأما إذا استثنى المقبرة من البيع فلا بد فى صحة البيع من ذكر حدودها إلا إذا كانت المقبرة مكانا مرتفعا لا تحتاج إلى التحديد لامتيازها فإن البيع يصح فيما عداها أيضا كما يؤخذ كل ذلك من الفتاوى الهندية .
ومن ذلك يعلم أن وجود المقبرة المذكور بالسؤال لا يمنع من صحة بيع الدار فيما عدا ذلك شرعا .
ولا يحتاج إلى تحديد لكونه مكانا ممتازا بارتفاعه لكن إذا كان المشترى لا يعلم بوجود ذلك القبر فى الدار وقت الشراء ولم يرض به بعده كان وجوده بها عيبا من العيوب الشرعية التى تجعل لذلك المشترى حقا فى فسخ البيع لما صرح به فى الهداية والكنز من أن كل ما أوجب نقصان الثمن عند التجار فهو عيب ولاشك أن وجود القبر فى الدار المذكورة على الوجه المذكور بالسؤال عيب ينقص به ثمنها ويقلل الرغبة فيها واللّه أعلم(6/89)
بيع فاسد
F محمد بخيت .
ذى القعدة 1336 هجرية 3 سبتمبر 1918 م
Mالبيع يفسد بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه به .
ويكون لأحد المتعاقدين المطالبة بفسخه ما لم يوجد مانع من موانع الفسخ، ولا يبطل حق الفسخ بموت أحدهما فيخلفه الوارث على القول المفتى به
Q إن سليمان عوض باع لأخيه رزق اللّه أطيانا وعقارات مبينة بصورة العقد مرفقة (الموقع عليها منى بطبق الأصل) وقد أبرأ ذمة المشترى من الثمن ولم يقبض شيئا بالمرة مقابل وضع يده على الأعيان المباعة مدة حياته واشترط أن هذا الشرط يسرى على زوجته من بعده فيما يخصها بالميراث فقط إلى آخر البيانات والاشتراطات المبينة بصورة العقد المذكورة فأرجو الإطلاع على هذه الصورة وإفادته بما تقتضيه النصوص الشرعية عما إذا كان هذا بيعا صحيحا أو لا وهل يجوز للبائع الرجوع فيه أم كيف مع العلم بأن البائع واضع يده6 على الأعيان للآن ويفضل كذلك لحد مماته .
أفيدونا بالجواب
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة عقد البيع المذكورة وتبين منها أن المبيع المذكور بعضه أطيان زراعية موضحة بالعقد المذكور وبعضه حصة مشاعة فى منزل عقار للسكن وغيره قدرها 93 ذراعا معماريا مبين الحدود والأحواض وأن ذلك البيع بثمن قدره 250 جنيها وأن البائع المذكور أبرأ المشترى المذكور من هذا المبلغ بالنسبة للشروط الآتية وهى (أولا) أن البائع يستمر واضع اليد على جميع المبيع المذكور وينتفع بريع تلك الأطيان مدة حياته وله الحق فى الانتفاع به هو وزوجته وأنه إذا توفى هو قبلها فيكون لها الحق فى الانتفاع بقيمة نصيبها بالميراث الشرعى فقط فى هذا القدر مادامت على قيد الحياة (ثانيا) أن البائع ملزوم بسداد الأموال الأميرية وأقساط البنك العقارى من طرفه خاصة4 مادام واضع اليد عليها ويتمتع بريعها هو وزوجته (ثالثا) أنه إذا توفى المشترى المذكور قبل البائع وزوجته فتسرى هذه الشروط على ورثته مادام البائع وزوجته على قيد الحياة (رابعا) بعد وفاة البائع وزوجته يصبح هذا البيع نهائيا وتكون تلك الأطيان والعقارات أيضا ملكا خاصا للمشترى وفى ذلك الوقت يكون له كامل التصرفات الشرعية بدون منازع ولا معارض ونفيد أن المنصوص عليه شرعا فى عامة كتب المذهب أنه إذا وجد فى صلب العقد شرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه وفيه نفع لأحدهما أو لمن هو من أهل الاستحقاق بأن يكون آدميا ولم يجر العرف به ولم يرد الشرع بجوازه يكون البيع فاسدا ويكون لأحد المتعاقدين المطالبة بفسخه مالم يوجد مانع من موانع الفسخ المذكورة فى كتب المذهب ولا يبطل حق الفسخ بموت أحدهما فيخلفه الوارث على القول المفتى به .
كما أنهم نصوا على أنه إذا قبض المشترى المبيع برضا بائعه صريحا أو دلالة فى البيع الفاسد ولم ينهه ملكه ملكا خبيثا وأن المشترى لا يملكه قبل قبضه وعلى أن البيع يفسد بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه به وعلى أنه إذا باع عشرة أذرع من دار سواء سمى جملتها فإنهما يقولان بصحة البيع .
وبناء على هذه النصوص يكون هذا البيع على هذا الوجه المذكور بصورة العقد المذكورة فاسدا فى جميع البيع المذكور (أولا) لوجود الشرط الفاسد الذى لا يقتضيه العقد وهو أن البائع يستمر واضعا يده على جميع المبيع وينتفع بريع الأطيان مدة حياته وله الحق فى الانتفاع هو وزوجته (ثانيا) لوجود التعليق الذى ذكره رابعا بقوله (بعد وفاتى أنا وزوجتى يصبح هذا البيع نهائيا الخ) .
ومع وجود هذين الوجهين فى بيع الحصة فى الدار التى ذكرها فى هذا العقد فإن بيعها فاسد أيضا من وجه ثالث لما قدمناه من أنهم نصوا على أن بيع عشرة أذرع من دار فاسد لأن الذراع معين وليس مشاعا خصوصا وأنه لم يسم هنا جملة أذرع الدار فيكون بيع الحصة المذكورة من هذا الوجه أيضا فاسدا بالاتفاق وحيث علم من السؤال أن البائع مازال واضعا يده على جميع المبيع المذكور وأن المشترى لم يقبضه فيكون باقيا على ملك البائع للآن فيكون له فسخه والامتناع من تسليم المبيع للمشترى(6/90)
تنازل عن ملكية مقابل مصاريف الدفن
F محمد بخيت .
جماد آخر 1337 هجرية 30 مارس 1919 م
Mتعليق التنازل عن الملكية على الوفاة مقابل تجهيز المتنازل بعد موته عقد معاوضة غير صحيح شرعا لفقد شرط التنجيز فى مثل هذا العقد ويكون المتنازل عنه ملكا للمتنازل ومن حق ورثته من بعده بعد إخراج تكاليف تجهيزه ودفنه
Q توفى مصطفى شعلان عن غير وارث تاركا ما يورث عنه شرعا المنقولات الموضحة بالمحضر طيه وقيل بأنه فى حال حياته تنازل عنها إلى محمد على رجب بعد وفاته نظير مبلغ 500 قرش مصاريف خرجته بمقتضى الورقة المرفقة طيه فالأمل بعد اطلاع فضيلتكم على الأوراق طيه الإفادة عما إذا كانت الورقة المنسوب صدورها من المتوفى تعتبر وصية ومن الحوادث الواقعة بعد سنة 1911 وطيه 3 ورقات .
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
An اطلعنا على خطاب الوزارة رقم 25 مارس سنة 1919 نمرة 244 13 39 وعلى الأوراق المرفقة به وقد تبين من ورقة التنازل عن جميع الموجود بالدكان أن من يدعى مصطفى شعلان الحمصانى تنازل عن جميع الموجود بالدكان والمنزل من متروكاته إلى محمد على أبو رجب نظير مبلغ قدره 500 خمسمائة قرش لأجل خرجته بعد حياته إلى آخر ما بها .
وحيث إن الصيغة الموجودة بهذه الورقة ليست صيغة وصية بل هى صيغة معاوضة وقد علق المتنازل ملك المتنازل إليه للمنقولات المتنازل عنها على وفاته فلم تكن هذه المعاوضة منجزة فهى غير صحيحة شرعا .
وحينئذ تكون جميع الموجودات تركة عن المتوفى المذكور فيبدأ منها بتجهيزه بما يلزم له من مبدأ موته إلى أن يدفن فى قبره وما بقى يؤخذ منه دينه إن كان عليه دين ثم وصيته إن كانت هناك وصية صحيحة صدرت منه غير ما جاء بالورقة المذكورة وما بقى بعد ذلك جميعه يكون لوارثه إن كان له وارث وإن لم يكن له وارث وضع ذلك الباقى فى بيت مال المسلمين ليصرف فى مصارفه الشرعية .
هذا ما رأيناه والأوراق عايدة من طيه كما وردت(6/91)
بيع فى مرض الموت
F محمد بخيت .
جماد أول 1338 هجرية 19 فبراير 1920 م
Mالبيع الصادر من الزوج لزوجته فى مرض الموت ولم يكن له وارث غيرها يكون وصية منه لها نافذة شرعا فى جميع المبيع المذكور بالعقد ولا يتوقف على إجازة بيت المال لأن استحقاق بيت المال مؤخر عن الموصى له بالكل
Q من الشيخ أحمد عبد السلام بما صورته .
ترفع لفضيلتكم خديجة إسماعيل نور الدين الحاضر عنها الشيخ عبدالسلام .
فى أربع شعبان سنة 1313 .
توفى والدى وأنا قاصرة فأقيم المرحوم إبراهيم أفندى حلمى وصيا على وعند بلوغى سن الرشد تزوج بى ووكلته رسميا فى إدارة أعمالى وكان يتصرف وينفق ما يتجمد من ريع أطيانى على نفسه خاصة .
وفى اليوم الخامس من شهر جمادى سنة 1337 باع لى جميع مما يمتلكه من أطيان وعقار وهو مريض مرض الموت وجعل ثمن ذلك ما فى ذمته لى من الحقوق وتوفى بعد ذلك بخمسة وعشرين يوما ولا وارث له غيرى فما حكم هذا البيع
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى عقد البيع الصادر بتاريخ 5 جمادى الثانية سنة 1337 الموافق 6 مارس سنة 1919 .
عن إبراهيم افندى حلمى لزوجته الست خديجة بنت إسماعيل نور الدين ومسجل بمحكمة مصر المختلطة .
ونفيد أنه قال فى متن التنوير وشرحه الدر المختار ص 644 جزء خامس طبعة أميرية سنة 1286 (ولا لوارثه وقاتله مباشرة إلا بإجازة ورثته وهم كبار، أو يكو القاتل صبيا أو مجنونا أو لم يكن وارث سواه كما فى الخانية أى سوى الموصى القاتل أو الوارث حتى لو أوصى لزوجته أو هى له ولم يكن ثمة وارث آخر تصح الوصية .
ابن كمال زاد فى المحبيه . فلو أوصت لزوجها بالنصف كان له الكل .
قلت وإنما قيدوا بالزوجين لأن غيرهما لا يحتاج إلى الوصية لأنه يرث الكل برد أو رحم) .
وقد نص الفقهاء على أن تصرفات المريض الإنشائية كالبيع والشراء حكمها حكم الوصية وفى الهندية ص 90 (ولو أوصى بجميع ماله وليس له وارث نفذت الوصية ولا يحتاج إلى إجازة بيت المال كذا فى خزانة المفتين ) انتهى .
ومن ذلك يعلم أن البيع الصادر من الزوج المذكور لزوجته المذكورة إذا كان صادرا فى مرض الموت ولم يكن لهى وارث غيرها كانت وصيته منه لها نافذة شرعا فى جميع المبيع المذكور بالعقد ولا يتوقف على إجازة بيت المال أى الحكومة لأن استحقاق بيت المال مؤخر عن الموصى له بالكل(6/92)
فساد عقد البيع بالشرط الفاسد
F عبد الرحمن قراعة .
شوال 1339 هجرية
M 1 - اشتمال عقد البيع على شرط المنفعة للبائع مدة حياته مفسد له شرعا ولا يصلح أن يكون العقد وصية لأنها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع وهذا ليس كذلك .
2 - فساد العقد يقتضى بقاء المبيع على ملك البائع ويورث عنه شرعا
Q بخطاب وزارة المالية 29 مايو سنة 1921 نمرة 244 17 88 بما صورته مرفق ضمن الأوراق طيه الواردة بمكاتبة مديرية الشرقية رقم 7 الجارى نمرة 134 صورة عقد بيع مقول بصدوره من عبد الغنى موسى عسكر بيع 4 س و 7 ط أرض زراعية ومعطى له بمقتضاه حق الانتفاع أيام حياته على أن تكون بعد وفاته الأرض المذكورة وجميع ما يمتلك ملكا وأثرا واستحقاقا لزوجته الست نفيسة بالأمل بعد الاطلاع على صورة العقد المذكور بالإفادة عما يقتضيه الحكم الشرعى فيما إذا كان العقد المذكور يعتبر وصية تمليك مضافا إلى ما بعد الموت أو يعتبر بيعا صحيحا شرعيا نافذا بعد وفاته .
أم لا هذا ولا ذاك أو يعتبر مالا موروثا عن المتوفى وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
An اطلعنا على خطاب الوزارة رقم 29 مايو سنة 1921 نمرة 442 17 88 بخصوص العقد المقول بصدوره من عبد النبى موسى عسكر .
ونفيد أن البيع الذى اشتمل عليه العقد لم يكن بيعا صحيحا شرعيا لاشتماله على شرط مفسد للبيع وهو اشتراطه أن يكون الانتفاع له طول حياته .
وليس وصية أيضا لأنها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع .
وتمليكه هنا لم يكن بهذا الطريق .
وحينئذ يكون القدر المبيع مما يجرى فيه التوارث لأنه باق على ملك البائع .
وللإحاطة تحرر هذا والأوراق عائدة طيه كما وردت واللّه أعلم(6/93)
التعهد بعدم الانتفاع بالمبيع غير لازم شرعا
F عبد المجيد سليم .
جمادى الأولى 1347 هجرية الموافق 4 نوفمبر 1928 م
Mتعهد الابن لوالده البائع له بعدم انتفاعه بالعين المباعة له منه مدة حياته غير لازم شرعا لأنه من باب التزام ما لا يلزم
Q رجل بالغ عاقل رشيد أهل للتصرفات الشرعية اشترى من والده العاقل الرشيد المحسن للتصرفات نصف منزل على الشيوع وتحرر بذلك عقد عرفى مسجل بثمن قبضه فى مجلس العقد على يد الشهود الموقعين فيه ثم إنه فى ذلك اليوم الذى حصل فيهي البيع حرر الابن لوالده ورقة أخرى منفصلة عن ورقة عقد البيع جاء فيها .
أنه تعهد على نفسه وهو بغاية الصحة التامة أمام شهود أنه طول وجوده على قيد الحياة لا يكون له حق التمتع فى إيجار نصف المنزل المباع له ولا يتصرف فى مبيعه بشرط أن يكون والده هو الملزوم بدفع عوايد الأملاك وأجرة الخفر وثمن المياه وجميع ما يلزم للمنزل المذكور فهل يلزم الابن المشترى بهذا التعهد بمعنى أنه لا يكون له حق فى الانتفاع بإيجار نصف المنزل كما أنه لا حق له فى بيع نصف المنزل المذكور كما هو مذكور بهذه الورقة أم كيف الحال
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن تعهد الابن لأبيه على الوجه المذكور بالسؤال لا يلزم الوفاء به شرعا فقد قال فى تنقيح الحامدية مانصه (سئل) فيما إذا وعد زيد عمرا أن يعطيه غلال أرضه الفلانية فاستغلها وامتنع من أن يعطيه من الغلة شيئا .
فهل يلزم زيدا شىء بمجرى الوعد المذكور (الجواب) لا يلزم الوفاء بوعده شرعا وإن فى فيها ونعمت واللّه الموفق .
والمسألة فى الأشباه من الحظر والإباحة وتفصيلها فى حواشيه .
وهذا حيث كان الحال كما ذكر فى السؤال . واللّه تعالى أعلم(6/94)
عقد البيع
F عبد المجيد سليم .
جمادى الثانية 1348 هجرية 23 نوفمبر 1929 م
Mعقد البيع متى استوفى شروط صحته كان صحيحا وموجبا لآثاره ولو كان لبعض زوجاته وأولاده منها متى كان فى صحته وفى حيازته لقواه العقلية
Q باع شخص وهو فى صحة جيدة وحائز لقواه العقلية منزلا يملكه لإحدى زوجتيه وأولاده منها بمبلغ 200 جنيه وتبرع لهم بمبلغ الثمن وهو فى صحته وحائز لقواه العقلية أيضا وأصبح المنزل المذكور ملكا لهم بالسوية بينهم .
فهل فى حالة وفاته يكون لباقى ورثته زوجته الثانية وأولادها منه حق الإرث فى المنزل المذكور
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأنه متى كان عقد البيع المذكور قد استوفى جميع شروط صحة البيع كان صحيحا موجبا لملك المشترين للمبيع وحينئذ فلا حق لباقى ورثة البائع فى شىء منه وهذا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال من صدور العقد فى حالة صحة البائع لا فى مرض موته .
واللّه تعالى أعلم(6/95)
بيع الرجل لأنجاله شامل للذكور منهم والاناث
F عبد المجيد سليم .
جمادى الآخر 1352 هجرية 8 اكتوبر 1933 م
Mكلمة الأنجال ككلمة الأولاد تتناول لغة وعرفا الذكور والإناث
Q رجل باع لزوجته وأنجالها .
فهل لفظة أنجال تطلق على الذكور والإناث أو الذكور فقط مع ملاحظة أنه لم يكن لها إلا ولد واحد وثلاث بنات فى وقت البيع
An نفيد بأن كلمة الأنجال ككلمة الأولاد تتناول لغة وعرفا الذكور والإناث واللّه تعالى أعلم(6/96)
بيع المسلم فيه
F عبد المجيد سليم .
رمضان 1356 هجرية 21 نوفمبر 1937 م
Mلا يجوز التصرف فى المسلم فيه ولو إلى المسلم إليه قبل قبضه وليس لرب السلم سوى المسلم فيه بشرط أن كون السلم صحيحا فإن كان فاسدا فليس لرب السلم سوى رأس ماله
Q أعطى رجل آخر مبلغا من المال على قنطار من القطن لأجل أن يسلمه له فى شهر أكتوبر مثلا .
فهل يجوز لرب السلم أن يأخذ بدل القنطار فى الميعاد المحدد ثمنه بالسعر التجارى السائر فى البلد مع ملاحظة أن المسلم إليه موجود عنده القطن وعند غيره وقادر على تسليم القطن فلو أعطاه الثمن فى هذه الحالة يكون ذلك ربا أم لا
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه لا يجوز التصرف فى المسلم فيه ولو إلى المسلم إليه قبل قبضه وليس لرب السلم إلا المسلم فيه وهذا إذا كان السلم صحيحا أما إذا كان السلم فاسدا فليس له إلا رأس ماله .
وبهذا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر واللّه أعلم(6/97)
وجوب التبليغ عن المخالفات
F عبد المجيد سليم .
جمادى الأولى 1362 هجرية 19 من يونيه 1943 م
Mيجب على من يعلم أن من التجار من يبيع بأسعار مرتفعة تزيد عن الأسعار المقررة أن يبلغ الحكومة .
كما يجب عليه أن يبلغها عمن يختزن من أقوات المسلمين وما يلزمهم فى معاشهم وهو واجب كفائى
Q من وزارة التموين قالت يتحرج بعض الناس من التبليغ ضد التجار الجشعين لبيعهم المواد بأسعار مرتفعة فادحة تزيد على الأسعار المقررة، أو ضد من يختزنون أقوات الناس وأهم ما يلزمهم من احتياجات معاشهم من ذوى الأطماع ومنتهزى الفرص لاعتقادهم أن هذا التبليغ ليس واجبا عليهم شرعا بينما ترى الوزارة أن التبليغ عن هؤلاء المجرمين توجبه الشريعة .
فما رأى الشريعة السمحاء فى ذلك
An اطلعنا على كتاب وزارة التموين رقم 325 المؤرخ 16/5/1943 ونفيد أنه إذا قررت الحكومة أسعارا لما يحتاجه الناس فى معيشتهم من طعام ولباس وغيرهما دفعا لظلم أربابها ومنعا للضرر العام عن الناس وجب شرعا البيع بهذه الأسعار وكان البيع بأزيد منها من الظلم المحرم شرعا وإذا نهت عن اختزان ما يحتاجه الناس كان الاختزان أيضا محرما شرعا ومنكرا يجب إزالته ويجب على كل من يعلم أن من التجار من يبيع بأسعار زائدة عن الأسعار المقررة أو يختزن ما يحتاجه الناس مما نهوا عن اختزانه أن يبلغ الحكومة لتعمل على إزالة هذا المنكر وتغييره فإنها لا تستطيع إزالته إلا إذا علمت به فإذا توقف منع الظالمين عن ظلمهم وإزالة المنكر على تبليغ وإعلام الحكومة به وجب شرعا على من يعلم أن يبلغها ويعلمها بذلك لأن ذلك سعى فى إزالة الظلم والسعى فى إزالة الظلم من أعظم وجوه البر .
وقد قال اللّه تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } المائدة 2 ، وكيف لا يكون هذا ظلما وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على تحريم الاحتكار وهو احتباس الشىء انتظارا لغلائه .
فقد روى مسلم فى صحيحه عن النبى صلى اللّه عليه وسلم قال .
لا يحتكر إلا خاطىء الخاطىء المذنب العاصى وروى أحمد بن حنبل رحمه اللّه عن النبى صلى اللّه عليه وسلم أنه قال من دخل شىء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقا على اللّه أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة) أى بمكان عظيم من النار وروى أيضا عن النبى صلى اللّه عليه وسلم أنه قال من احتكر حكرة يريد أن يغلى بها على المسلمين فهو خاطىء وقد روى هذا الحديث الحاكم بما نصه - من احتكر حكرة يريد أن يغلى بها على المسلمين فهو خاطىء وقد برئت منه ذمة اللّه، وروى ابن ماجه عن عمر أنه قال سمعت النبى صلى اللّه عليه وسلم يقول من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه اللّه بالجذام والإفلاس إلى غير ذلك من الأحاديث .
وهذه الأحاديث تدل بمجموعها بطريق العبارة أو بطريق دلالة النص على تحريم اختزان أقوات الناس وسائر ما يحتاجون إليه فى معايشهم من غير فرق بين قوت الآدمى والدواب وبين غيره .
وقصر حظر الاحتكار على قوت الآدمى والدواب قصر لا يقوم عليه دليل .
كيف . وظاهر أن العلة هى الإضرار بالناس وهى متحققة فى كل ما يحتاجون إليه ولا تقوم معيشتهم إلا به .
هذا ولولى الأمر أن يسعر ما يحتاج إليه الناس إذا كان فى هذا التسعير إكراه التجار على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة عليه وذلك إذا امتنع أرباب السلع عن بيعها مع حاجة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة كما هو حال التجار الآن فى هذه الحالة يجب عليهم بيعها بقيمة المثل ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بالبيع بهذه القيمة .
والتسعير هاهنا كما قال شيخ الإسلام ابن القيم فى كتابه الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية إلزامهم بالعدل الذى ألزمهم اللّه به .
وماورد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من تركه التسعير ومن قوله إن اللّه هو القابض الباسط هو من قبيل واقعة الحال التى لا تعم إذ ليس فى هذه الواقعة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية أن أحدا امتنع عن بيع ما الناس يحتاجون إليه وحينئذ فالتسعير كما قال ابن القيم فى هذه الحالة جائز بل واجب .
فإذا سعرت الحكومة وجب العمل بما سعرت به وحرم تعدى السعر الذى حددته لأن طاعة ولى الأمر واجبة بالكتاب العزيز وبالسنة الصحيحة وبإجماع علماء المسلمين إذا أمر بما ليس بمعصية .
هذا وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية فى كتابه الجوامع فى السياسة الإلهية ما خلاصته .
ولو كان رجل يعلم مكان المال المطلوب بحق أو الرجل المطلوب بحق وجب عليه الإعلام به والدلالة عليه ولا يجوز كتمانه فإن هذا من باب التعاون على البر والتقوى وذلك واجب إلى أن قال .
فإذا امتنع هذا العالم من الإعلام بمكان المال المطلوب بحق أو الرجل المطلوب بحق جاز عقوبته بالحبس وغيره حتى يخبر به لأنه امتنع من حق واجب عليه .
وهذا مطرد فيما يتولاه الولاة والقضاة وغيرهم فى كل من امتنع من حق واجب عليه من قول أو فعل وليس هذا من قبيل عقوبة الرجل بإثم غيره حتى يدخل فى قوله تعالى { ولا تزر وازرة وزر أخرى } فاطر 18 ، بل هذا يعاقب على ذنب نفسه وهو أن يكون قد علم بمكان الظالم الذى يطلب حضوره لاستيفاء الحق منه أو يعلم بمكان المال الذى قد تعلق به حقوق المستحقين فامتنع من الإعانة ومن النصرة الواجبة عليه بالكتاب والسنة والاجماع .
إما محاباة وحمية لذلك الظالم وإما إعراضا عن القيام لله بالقسط الذى أوجبه اللّه تعالى وجبنا وفشلا وخذلانا إلى آخر ما قال .
وما معنا من قبيل أو نظير ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية والخلاصة .
أنه يجب على من يعلم أن من التجار من يبيع بأسعار مرتفعة تزيد عن الأسعار المقررة أن يبلغ الحكومة ذلك .
كما يجب عليه أن يبلغها من يختزن أقوات المسلمين وما يلزمهم فى معاشهم كما جاء فى كتاب الوزارة .
وإذا كان من يعلم ذلك شخصا واحدا وجب عليه وحده التبليغ فإن ليم يبلغ كان آثما .
وإذا كان من يعلم أكثر من واحد وجب على كل منهم أن يبلغ فإذا قام به بعضهم لم يأثم أحد منهم لحصول المقصود بتبليغ بعضهم .
وإذا تركوا كلهم التبليغ كانوا جميعا لآثمين كما هو حكم الواجب الكفائى(6/98)
معنى الجدك
F عبد المجيد سليم .
جمادى الأولى 1363 هجرية 7 من مايو 1944 م
M 1 - الجدك هو ما يبينه المستأجر فى الحانوت من ماله لنفسه وما يضعه فيها من آلات الصناعة ونحو ذلك بإذن المالك أو من باعه ذلك ويثبت به حق القرار فى العين مادام يدفع أجرة مثل الحانوت خالية عن الجدك .
2 - خصه البعض بما يثبت فى الحانوت على وجه القرار مما لا ينقل ولا يحول كالبناء والإغلاق ونحو ذلك .
3 - يشمل الجدك سقف الحانوت وبابه وأرضيته الخشبية
Q أرجو التكرم بافادتى عن معنى (الجدك) وهل يشمل الجدك سقف الحانوت أو بابه أو أرضيته الخشبية
An اطلعنا على السؤال ونفيد أنه قد جاء فى تنقيح الحامدية من باب شد المسكة من الجزء الثانى بعد أن بين معنى الكردار ما نصه ) وهذا الكردار يوجد فى زماننا أيضا فى الحوانيت ويسمى جدكا وهو ما يبنيه المستأجر فى الحانوت من ماله لنفسه وما يضعه فيها من آلات الصناعة ونحو ذلك من الأعيان القائمة فيها بإذن المتولين له بذلك أو لمن باعه ذلك وثبت له بذلك حق القرار مادام يدفع أجرة مثل الحانوت خالية عن جدكه) ثم ذكر صاحب التنقيح بعد ذلك مانصه (وقد يخص الجدك بما يثبت فى الحانوت على وجه القرار مما لا ينقل ولا يحول كالبناء والإغلاق ونحو ذلك وهذا يسميه الفقهاء سكنى) انتهى - فقد ذكر للجدك عندهم معنيين معنى عام يتناول ما يوضع فى الحانوت لا على وجه القرار كما يتناول ما يثبت فيه على وجه القرار مما لا ينقل ولا يحول ومعنى خاص وهو المسمى بالسكنى وهو ما يثبت فى الحانوت على وجه القرار مما لا ينقل ولا يحول كالبناء والإغلاق ونحو ذلك فلا يتناول ما يوضع فيه لا على وجه القرار، وهو بكلا المعنيين يشمل سقف الحانوت وباب الحانوت وأرضيه الخشبية .
وبهذا علم الجواب عن السؤال . واللّه تعالى أعلم(6/99)
التأخر فى باقى الثمن لا يمنع المشترى من الانتفاع بالمبيع
F حسنين محمد مخلوف .
22 من ابريل 1948 م
Mللمشترى حق الانتفاع بالمبيع الذى تسلمه بالعقد برضاء البائع بدون مقابل غير الثمن المسمى بالعقد .
وتأخره فى دفع باقى الثمن لا يبيح للبائع أخذ شىء فى مقابله لأن الأجل لا يصح مقابلته بفائدة شرعا
Q من أحمد حلمى قال بعقد ابتدائى بتاريخ 2/8/1944 بعت ثمانية أفدنة بمبلغ 1200 جنيه قبضت من ثمنها 200 جنيه عند تحرير العقد واشترط دفع باقى الثمن عند التوقيع على العقد النهائى الذى اشترط أن يحر بمعرفة المشترى ويقدم لى لتوقيعه كما اشترط أنه فى حالة تأخير المشترى عن تحرير العقد المذكور فغاية نهاية أكتوبر 1944 يكون ملزما بدفع 300 جنيه أخرى من الثمن ولم يذكر بالعقد الابتدائى شيئا عن موعد دفع باقى الثمن وقد استمر المشترى إبتداء من نوفمبر سنة 1944 فى دفع أقساط من الثمن بلغ مجموعها حتى نهاية مايو سنة 1945 800 جنيه ثم فى 5/6/1945 حرر العقد النهائى ودفع باقى الثمن، ونظرا لأن المشترى وضع يده على الأطيان المذكورة واستغلها ابتداء من تاريخ العقد الابتدائى ولم يدفع باقى الثمن ومقداره 400 جنيه إلا بعد انقضاء نحو ثلثى سنة 1945 الزراعية فضلا عن أن 800 جنيه التى دفعها من الثمن كانت تدفع أقساطا من مدة عشرة أشهر لذلك قد أخذت من المشترى علاوة على 1200 جنيه الثمن المتفق عليه مبلغ عشرين جنيها كإيجار للقدر الذى استغله قبل أن يدفع ثمنه فهل يحل لى أخذ مبلغ العشرين جنيها المذكورة أو أنه لا يحل لى أخذها وتعتبر من قبيل الربا المحرم
An اطلعنا على السؤال وإذا كان الحال كما ذكر به فإن أخذ العشرين جنيها لا يحل للبائع شرعا لأن البيع قد تم بالعقد وتسلم المشترى المبيع برضا البائع فله الانتفاع به شرعا بدون مقابل غير الثمن المسمى بالعقد .
وتأخر المشترى فى دفع مبلغ الأربعمائة جنيه باقى الثمن لا يبيح للبائع أخذ شىء فى مقابله، فأخذ المبلغ المذكور فى نظير الأجل غير جائز .
لأن الأجل لا يصح مقابلته بفائدة شرعا .
وحينئذ يجب شرعا على البائع رده إلى المشترى واللّه أعلم(6/100)
بيع بثمن مؤجل يعقبه شراء نقدا بسعر الحاضر
F حسن مأمون .
رجب 1375 هجرية - 4 فبراير 1956 م
M 1- شراء الشخص ما باعه بنفسه أو بوكيله ممن اشتراه بثمن أقل من ثمن البيع قبل دفع كل الثمن الأول فاسد شرعا، وإن رخص السعر للربا .
2- لا يجوز بيع المنقول قبل قبضه سواء بيع لمن باعه أولا أو لغيره .
أما إذا قبضه المشترى من البائع فلا يجوز بيعه له ثانية إلا بالثمن الذى اشتراه به أو أكثر منه، ولا يجوز بيعه بالأقل منه لأنه ربا .
3- أجاز المالكية تصرف المشترى فى المبيع قبل قبضه بالبيع سواء أكان المبيع عينا ثابتة أو منقولة أو طعاما بيع جزافا .
فإن كان الطعام مكيلا أو موزونا أو معدودا واشتراه كذلك فلا يصح تصرفه فيه قبل قبضه
Q من السيد/ .
قال إنه تاجر أسمدة كيماوية يبيع الكيماوى لمدة سنة تقريبا فأقل فأكثر بثمن أكثر من ثمنه الحال - فإذا اشترى منه مشتر إلى أجل بثمن المؤجل وكتب الكمبيالة، وقبل أن يخرج من محله اشترى منه ما باعه له بالنقد بالسعر الحاضر، فهل فى هذا التصرف حرمة
An إن المنصوص عليه فى مذهب الحنفية كما جاء فى التنوير وشارحه الدر المختار أن شراء ما باع بنفسه أو بوكيله من الذى اشتراه بالأقل من قدر الثمن الأول قبل نقد كل الثمن الأول فاسد شرعا .
صورته باع شيئا بعشرة قروش ولم يقبض الثمن ثم اشتراه بخمسة لم يجز وإن رخص السعر للربا - وجاء فى حاشية رد المحتار تعليقا على ذلك قوله أى لو باع شيئا وقبضه المشترى ولم يقبض البائع الثمن فاشتراه بأقل من الثمن الأول لا يجوز - زيلعى - أى سواء كان الثمن الأول حالا أو مؤجلا هداية وقيد بقوله وقبضه لأن بيع المنقول قبل قبضه لا يجوز ولو من بائعه وعلل عدم الجواز بقوله لأن الثمن لم يدخل فى ضمان البائع قبل قبضه فإذا عاد إليه عين ماله بالصفة التى خرج عن ملكه وصار بعض الثمن قصاصا ببعض بقى له عليه فضل بلا عوض فكان ذلك ربح ما لم يضمن وهو حرام بالنص - زيلعى - وجاء فيه بعد ذلك فى (فصل فى التصرف فى المبيع والثمن قبل القبض) قوله ولا يصح بيع المنقول قبل قبضه ولو من بائعه وقوله بعد ذلك ولو باعه منه (أى من بائعه) قبله (أى قبل القبض) لم يصح هذا البيع ولم ينتقض البيع الأول لأنه يلزم عليه تمليك المبيع قبل قبضه وهو لا يصح .
مما سبق من النصوص يظهر أن الحنفية ذهبوا إلى أنه لا يجوز بيع الأعيان المنقولة قبل قبضها سواء بيعت لمن اشتريت منه أو لغيره، أما إذا كان مشتريها قد قبضها من البائع فإنه لا يجوز له أن يبيعها له ثانية إلا بالثمن الذى اشتراها به أو أكثر منه ولا يصح بيعها إليه بأقل من الثمن الذى اشتراها به لأن ذلك ربا .
وذهب الشافعية إلى أنه لا يصح للمشترى أن يتصرف فى المبيع قبل قبضه ولو قبض البائع الثمن وأذن فى قبض المبيع، لأن بيعه إياه قبل القبض يقع باطلا حتى ولو كان ممن اشتراه منه لضعف الملك قبل القبض، فلا يصح التصرف فى المبيع بالبيع قبل القبض إلا فى ثلاث صور : 1- أن يبيعه لمن اشتراه منه بنفس الثمن الذى اشتراه به .
2- أن يتلف المبيع عند البائع، فإن للمشترى أن يبيعه له بمثله .
3- أن يشترى شيئا لم يقبضه وثمنه دين فى ذمة البائع، فإنه يصح له أن يبيعه لمن اشتراه من بنفس الثمن فى ذمة البائع الأول - أو يشترى شيئا لم يقبضه ويدفع الثمن فإنه يصح له أن يبيعه من بائعه بنفس الثمن فى ذمته، لأن البيع فى هذه الصور ليس بيعا حقيقة إنما هو إقالة بلفظ البيع أى نقض للبيع الأول .
وذهب الحنابلة إلى أن التصرف فى المبيع المنقول مكيلا كان أو موزونا أو معدودا بالبيع قبل قبضه لا يصح، وإذا باع المرء سلعة بثمن مؤجل أوحال ولم يقبضه فإنه يحرم على البائع أن يشتريها من الذى باعها إليه، فإن فعل وقع بيع المشترى لها ممن باعها إليه باطلا إذا اشتراها الأول ثانية بنفسه أو بوكيله وبثمن أقل من الثمن الأول ومن جنسه .
وذهب المالكية إلى أنه يصح للمشترى أن يتصرف فى المبيع قبل قبضه بالبيع سواء أكان المبيع أعيانا ثابتة كالأرض والنخيل أو منقولة، ويستثنى من ذلك الطعام كالقمح والفاكهة فإنه لا يصح بيعه قبل قبضه إذا كان قد اشتراه مكيلا أو موزونا أو معدودا، لورود النهى فى الحديث عن بيع الطعام قبل أن يكتاله أما إذا كان قد اشتراه جزافا فإنه يصح له أن يبعه قبل قبضه، لأنه بمجرد العقد يكون فى ضمان المشترى فهو فى حكم المقبوض .
مما سبق يتبين أن الأئمة الثلاثة عدا مالكا ذهبوا إلى أنه لا يجوز بيع المنقول مكيلا كان أو موزونا قبل قبضه، وكذلك الحكم عند الإمام مالك إذا كان المبيع طعاما مكيلا كان أو موزونا، أما إذا كان طعاما بيع جزافا أو كان غير طعام فإنه يجوز بيعه قبل قبضه خلافا لما ذهب إليه الأئمة الثلاثة .
من هذا التفصيل يتبين أن البيع المسئول عنه غير صحيح عند الأئمة الثلاثة عدا مالكا، أما عنده فإنه بيع جائز لا شئ فيه .
وبهذا علم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(6/101)
خيار الشرط لا يمنع خروج المبيع عن ملك البائع
F حسن مأمون .
ذو الحجة 1376 هجرية - 2 يولية 1957 م
Mخيار الشرط للمشترى لا يمنع من خروج المبيع عن ملك البائع اتفاقا للزوم ذلك فى جانبه، فإن قبض المشترى المبيع فهلك فى يده لزمه الثمن حيث لا يمكن بعد الهلاك رد المبيع
Q من السيد / .
بالطلب المتضمن أنه اشترى جاموسة من أحد الأشخاص - على فرجة - بلغ 73 جنيها دفع من ثمنها مبلغ 60 جنيها وقت استلامها، وبقى من الثمن 13 جنيها على حساب المعاينة والفرجة، وأحضرها إلى منزله الساعة 12 ظهرا، فلما وضع لها الأكل أكلت خفيفا، وعند المساء وقت الحلاب عاكست، وفى منتصف الليل أراد أن يضع لها برسيما فوجدها ميتة، وقد طالبه البائع بباقى الثمن وهو 13 جنيها .
وطلب السائل إفادة عن الحكم الشرعى فى هذا الموضوع
An إن الظاهر من السؤال أن المشترى اشترى الجاموسة واشترط لنفسه الخيار فى ردها إذا ظهر بها عيب .
والمنصوص عليه شرعا كما فى مجمع الأنهر وغيره .
أن خيار المشترى لا يمنع خروج المبيع من ملك البائع اتفاقا للزوم البيع فى جانبه، فإن هلك المبيع فى يد المشترى لزم الثمن إذ لا يمكن رد المبيع فيلزم العقد الموجب للثمن المسمى - وعلى ذلك يكون هلاك الجاموسة المشتراة فى يد المشترى الذى له الخيار مانعا من ردها للبائع، وموجبا لجميع الثمن المسمى للزوم العقد، وعلى المشترى أن يدفع للبائع باقى الثمن المتفق عليه وهو ثلاثة عشر جنيها .
وبهذا علم الجواب عن السؤال والله أعلم(6/102)
بيع المفلوج (المشلول) صحيح
F حسن مأمون .
12 أكتوبر 1957 م
Mبيع المفلوج صحيح نافذ مادام لم يعتبر مرض موت
Q من السيد/ .
قال مرض رجل بمرض الشلل سنة 1944 وكان يملك منزلا قيمته ألف وخمسمائة جنيه، وأرضا زراعية حوالى ثلاثين فدانا قيمتها نحو تسعمائة جنيه، وفى أثناء مرضه تحت ضغط ابنيه تصرف لهم فى المنزل بالبيع سرا، ولم يعط بناته منه شيئا، وسجل عقد البيع سنة 1951 وكان إمضاؤه فى تلك المدة بيده اليسرى نظرا لمرضه وتحت يدنا إمضاءاته بيده اليمنى قبل مرضه المذكور، وبالرغم من تصرفه فى المنزل لابنيه سرا فإن الأوراق الرسمية كعقود الإيجار وغيرها كان يتصرف فيها هو بإمضائه لغاية سنة 1956 لئلا يشعر أحدا من بناته بهذا التصرف تحت ضغط ابنيه أيضا، ثم توفى هذا الرجل فى شهر يوليو سنة 1957 عن زوجته وابنيه وبنتيه، وبعد وفاته اكتشف هذا البيع هل هو صحيح أو لا .
وهل لنا أن نرفع دعوى أمام القضاء لفسخ هذا البيع إذا كان مخالفا للشريعة الإسلامية أو لا
An إنه جاء فى تنقيح الحامدية فى باب البيع ج 1 ص 213 سئل فى امرأة بها داء سعال طال نحو سنتين، ولم تصر صاحبة فراش فباعت فيه زوجها حصة معلومة من عقار بثمن معلوم مقبوض لدى بينة شرعية، ثم ماتت عنه وعن ورثة غيره .
فهل يكون البيع والقبض صحيحين الجو اب نعم والمقعد والمفلوج (المشلول) الذى لا يزداد مرضه كل يوم فكا لصحيح وكذلك صاحب الجرح والوجع الذى لم يجعله صاحب فراش فهو كالصحيح كما فى فتاوى قاضيخان إلى أن قال وكتبت فى أوئل كتاب الوصايا من حاشية رد المحتار ما نصه .
وفى المعراج وسئل صاحب المنظومة عن عد مرض الموت فقلت كثرت فيه أقوال المشايخ واعتمادنا فى ذلك على قول الفضلى وهو أن لا يقدر أن يذهب فى حوائج نفسه خارج الدار، والمرأة لحاجتها داخل الدار لصعود السطح ونحوه .
- انتهى - وهذا الذى جرى عليه وهذا الذى جرى عليه فى باب طلاق المريض وصححه الزيلعى قلت والظاهر أنه مقيد بغير الأمراض المزمنة التى طالت ولم يخف منها الموت كالفالج ونحوه وإن صيرته ذا فراش ومنعته عن الذهاب فى حوائجه، فلا يخالف ما جرى عليه أصحاب المتون والشروح هنا .
ومن هذا يتضح أن المريض بالفالج لا يعتبر مريضا مرض موت مادام قد زاد مرضه على أكثر من سنة، والمريض فى حادثة السؤال قد مرض أكثر من ثمانى سنوات، ولم يذكر بالسؤال أن مرضه كان يزداد كل يوم، فلا يعتبر مرضه هذا مرض موت، ويكون تصرفه كتصرف الصحيح، وعلى هذا فيكون بيعه صحيح نافذا ولا يصح الاعتراض عليه، خاصة أنه توفى بعد تسجيل هذا البيع بنحو ست سنوات تقريبا وإن كان هذا البيع صادرا لبعض ورثته دون البعض الآخر لأن كل مالك له حق التصرف فى ملكه وهو صحيح يصرفه حيث شاء ولمن أحب، سواء أكان تصرفه لوارث أم لغير وارث، وسواء أكان هذا التصرف ببيع أم بهبة أو نحوهما .
هذا هو حكم الشريعة الإسلامية أم حكم القانون المدنى والبحث فى صورية العقد وعدمه فهو من اختصاص المحاكم الوطنية .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال. والله أعلم(6/103)
بيع المواضعة (البيع الصورى)
F حسن مأمون .
جمادى الآخرة 1379 هجرية - 13 ديسمبر 1959 م
M 1- بيع المواضعة وهو أن يتفق طرفا العقد على أنهما يتكلمان بلفظ البيع عند الناس ولا يريدانه فاسد، ولا يترتب عليه أثر، ويكون المبيع باقيا على ملك البائع ويورث عنه شرعا عند موته .
2- تسجيل العقد الصورى والتصرف بعده بالبيع لبعض المبيع تصرف غير صحيح شرعا
Q من السيد / .
بالطلب المتضمن أنه بتاريخ سنة 1921 كتب له والده خمسة أفدنة بعقد بيع عرفى صورى لكى يعين فى وظيفة شيخ بلد، ولم يدفع لوالده ثمن هذه الأفدنة، ولم يضع يده على هذا القدر، بل بقى مع باقى أطيان والده تحت يده إلى أن توفى فى سنة 1922 وفى سنة 1935 حمله أخواه على تسجيل العقد باسمه على أن يقسم هذا القدر بينهم مثالثة، ويحرم أخواته البنات وتم ذلك فعلا ونقل التكليف باسمه، وكتب لكل من أخويه عقدا عرفيا بالثلث وحرم أخواته البنات منه، ولم يسجل أخواه عقديهما للآن .
وطلب السائل الإفادة عما إذا كان عليه إثم فى هذا التصرف وإذا كان عليه إثم .
فما هو الطريق الذى يسلكه لتصحيح موقفه ورفع الإثم عنه
An إن ركن البيع كما قال صاحب فتح القدير .
هو الفعل المتعلق بالبدلين من المتخاطبين أو من يقوم مقامهما الدال على الرضا بتبادل الملك فيهما ولهذا نص الفقهاء على أن البيع لا ينعقد مع الهزل لانعدام الركن وهو عدم الرضا بحكمه .
كما نصوا على أن البيع لا ينعقد مع المواضعة .
كما جاء فى ابن عابدين. وذلك بأن يتوافقا قبل العقد على أنهما يتكلمان بلفظ البيع عند الناس ولا يريدانه، فلو تم البيع صورة بعد ذلك فسد لعدم الرضا بحكمه، فصار كالبيع بشرط الخيار أبدا لكنه لا يملك بالقبض لعدم الرضا بالحكم .
ومما ذكر يتبين أن البيع الصورى المسئول عنه بيع فاسد لا يترتب عليه أثره، ويكون القدر المذكور باقيا على ملك البائع وهو والد السائل، ويكون تركة تورث عنه بعد وفاته وعلى ذلك فتسجيل السائل هذا القدر المبيع له بيعا صوريا باسمه ثم تصرفه فى بعضه بعقود عرفية إلى أخويه الذكرين وحرمان أخواته الإناث من نصيبهن فيه تصرف غير صحيح شرعا، لأن القدر المذ1كور كما ذكرناه تركة تقسم بين جميع ورثة والده بالفريضة الشرعية، ولا يملك السائل التصرف فيه وإن استمر على ذلك ولم يعط أخواته الإناث نصيبهن فيها كان آثما شرعا .
والله أعلم(6/104)
بيع السلم جائز
F أحمد هريدى .
1 يناير 1966 م
M 1- السلم بيع آجل بعاجل بشرط أن يتم التسليم فى مدة أقلها شهر، وهو جائز شرعا متى استوفى العقد أركانه وشروطه .
2- لا يجوز للمشترى فيه توكيل البائع فى بيع ما اشتراه قبل تسلمه منه ودخوله فى ملكه، لأنه توكيل ببيع ما لا يملك وهو غير جائز شرعا .
3- لا يجوز للبائع إعطاء المشترى ثمن المبيع على أساس السعر الحاضر لأيلولة ذلك إلى بيع ثمن بثمن مع الزيادة فيكون ربا وهو محرم شرعا .
4- اتفاقهما على فسخ العقد يقتضى رد الثمن الذى قبضه البائع فقط
Q من السيد/ .
بالطلب المتضمن السؤال الآتى اعتاد بعض الناس شراء الأرز وهو فى بداية زراعته بملبغ 12 جنيها للضريبة، على أساس أن يتسلم منه المحصول بعد حصاده أرزا، أو يوكل البائع فى بيع الأرز نيابة عنه بالثمن الذى كان محددا قبل هذا العام وهو 7 جنيها للضريبة .
وهذا على أساس أنه بيع سلم كما قال بعض العلماء وأفتوا بحله أخرجوه عن دائرة الربا .
وفى هذا العام تسلم البائعون ثمن الأرز 12 جنيها للضريبة كما هى العادة .
إلا أن سعر الأرز ارتفع هذا العام وأصبح 20 جنيها للضريبة، فامتنع البائعون عن تسليم الأرز على أساس 17 جنيها كما هو المعتاد .
وطلب السائل الإفادة عن حكم هذا البيع شرعا، علما بأنه عند التسليم زادت قيمة الضريبة إلى عشرين جنيها
An إن بيع آجل من أرز ونحوه بثمن عاجل هو المعروف عند الفقهاء ببيع السلم وهو جائز شرعا على أن يتم تسليم المبيع بعد مدة أقلها شهر والواجب على المسلم إليه أن يسلم المسلم ضرائب الأرز حسب عقد المسلم متى كان العقد قد وقع صحيحا ومستوفيا أركانه وشروطه شرعا، بأن يذكر فى العقد ما يفيد كمية المبيع ونوعه وصفته ومقداره ووقت التسليم ومكانه والثمن المقبوض بما يرفع الجهالة ويمنع وقوع النزاع ولايجوز للمشترى أن يوكل البائع صاحب الأرز فى بيع القدر المتفق عليه قبل أن يتسلمه منه ويدخل فى ملكه، لأنه قبل ذلك يكون توكيلا فى بيع ما لا يملكه وهو لا يجوز شرعا .
كما لا يجوز للبائع أن يعطى المشترى ثمن القدر المتفق عليه على أساس السعر الحاضر وقت ظهور المحصول وهو عشرون جنيها للضريبة أو سبعة عشر جنيها، لأنه يؤول إلى بيع ثمن بثمن مع الزيادة فيكون ربا وهو حرام شرعا .
وإنما الجائز أن يرد الثمن الذى قبضه فقط إذا اتفقا على فسخ العقد، وإذا لم يتفقا على الفسخ فيجب على البائع صاحب الأرز أن يسلم المشترى القدر المتفق عليه من الأرز .
وبهذا علم الجواب عن السؤال والله أعلم(6/105)
الربح الناتج عن شرط جزائى فى العقد حلال
F أحمد هريدى .
13 يونية 1986 م
M 1- الشرط الجزائى فى العقد جائز، ويترتب عليه آثاره من حيث المال المشروط .
2- من اشترى شيئا ودفع بعض ثمنه واستأجل لدفع الباقى لأجل معين فاشترط البائع عليه أنه إن لم يدفع الباقى عند حلول الأجل يكون المعجل ملكا للبائع فقبل ذلك صح الشرط وترتب عليه أثره عند الحنابله .
3- كل شرط جائز فى العقود إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا وإلا ماورد الشرع بتحريمه بخصوصه عند الحنابله .
4- اشتراط الزوجة فى عقد زواجها دفع مبلغ من المال إذا تزوج عليها زوجها وقبل ذلك صح الشرط ويجب الوفاء به عند المالكية .
5- دفع مال الزكاة إلى وكيل عنه لتوصيله إلى مصرفه وفقده منه يقتضى ضمانه .
6- دفع مال الزكاة إلى رسول لتوصيله إلى مصرفه وفقده منه لا يقتضى الضمان إلا بالتعدى .
7- لا تتم براءة ذمة دافع الزكاة إلى الوكيل أو الرسول إلا ببلوغ المال الواجب إخراجه إلى يد الفقير أو عامل الزكاة .
8- يجب عليه إخراج القدر الواجب عليه شرعا إلى مصرفه إذا لم يصل ما سبق إخراجه إليه
Q من السيد/ .
بالطلب المتضمن : أولا - أن له شركة بالجمهورية السودانية، وقد تعاقدت هذه الشركة مع آخر على بضاعة بقصد تصديرها للخارج .
وقد نص بعقد الاتفاق على شرط جزائى مؤداه أنه فى حالة عدم قيام المتعاقد معه على إحضار البضاعة يلزم برد ثمنها المدفوع إليه ويضاف إليه أقل ربح كان يمكن أن يحصل عليه دافع الثمن الأصلى فى حالة الوفاء .
والقدر الذى انطوى عليه الشرط الجزائى وهو أقل ربح ممكن لا جهالة فيه بل هو معروف ومصطلح عليه .
ولما كان المتعاقد لم يقم بالتزامه ولم يسلم البضاعة المتعاقد عليها اضطر السائل لرفع الأمر للقضاء طالبا أصل الثمن مضافا إليه قيمة الربح بمقتضى الشرط الجزائى، وصدر حكم القضاء بأحقية السائل بثمن البضاعة وقيمة الربح والمصروفات .
وطلب السائل بيان هل يحل شرعا قيمة هذا الربح الذى حكم به كشرط جزائى ثانيا - كلف السائل أحد الأشخاص الموثوق بهم ويعمل مديرا لشركته ليخرج ما هو واجب عليه من زكاة المال، ويعطيه لشخص ثقة لديه ليوزعه على الفقراء، ولكن المبلغ قد سرق من مدير شركتنا المذكورة، وبالتالى لم تصل الزكاة للفقراء، وأن السائل لا يشك فى سرقة هذا المبلغ لأمانة مدير الشركة لديه، ولكن مدير الشركة اعتمد هذا المبلغ على حسابه .
وطلب السائل بيان هل يحل شرعا قبول هذا العوض .
وهل ذمته قد برئت والحالة هذه من الزكاة الواجبة شرعا
An أولا أجاز بعض الفقهاء الشرط الجزائى وأوجب الوفاء به ورتب عليه أثره من حيث المال المشروط .
فقد نص الحنابلة فى البيع على أن من اشترى شيئا ودفع بعض ثمنهن واستأجل لدفع الباقى، فاشترط عليه البائع أنه إن لم يدفع باقى الثمن عند حلول الأجل يصبح ما عجل من الثمن ملكا للبائع صح هذا الشرط وترتب عليه أثره .
ويصير معجل الثمن ملكا للبائع إن لم يقم المشترى بدفع الباقى فى أجله المحدد .
وقالوا إن القاعدة عندهم فى الشروط أنها جائزة فى العقود من الطرفين إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا، وإلا ما ورد الشرع بتحريمه بخصوصه .
ومثل هذا الشرط لم يرد عند الشارع ما يحرمه، وما دام لم يحل حراما ولم يحرم حلالا فإنه يكون مشروعا .
وجاء فى التزامات الخطاب المالكى أن الزوجة إذا اشترطت على زوجها فى عقد النكاح أنه إذا تزوج عليها يلزم بدفع مبلغ كذا من المال إليها صح الشرط ووجب الوفاء به، وإن تزوج عليها لزمه دفع المال المشروط إليها، وهذا صريح فى اعتبار الشرط الجزائى، ووجوب دفع المال المشروط لصاحب الشرط عند عدم الوفاء به، والشرط فى حادثة السؤال ليس فيه ما ينافى الشرع، والقدر المشروط ليس فيه جهالة يمكن أن تؤثر فى عقد الاتفاق فيكون معتبرا عند هؤلاء الفقهاء وفى رأيهم الذى نختاره للفتوى لضرورة التعامل وجريان العرف ودفع الحرج، ومادام المشروط عليه الشرط قد امتنع عن الوفاء وصدر عليه حكم قضائى بدفع المبلغ المشروط، فإنه يحل لصحاب الشرط أخذ هذا المال ثانيا وأما ضمان الشخص الذى أخذ مبلغ الزكاة ليوصله إلى الفقير وضاع منه، فإذا كان صاحب المال دافع الزكاة قد أعطاه القدر الواجب إخراجه للزكاة ووكله عنه فى أدائه إلى مصرفه، فإنه يكون ضامنا أخذا مما نص عليه الحنفية من أن الوكيل عن أكثر من شخص فى إيصال مال زكاتهم إلى مصرفه إذا خلط مقادير الزكاة الخاصة بموكليه بماله يكون بذلك ضامنا لمال موكليه إذا يصير بالخلط ملكا له .
ويكون ضامنا لأصحابها أما إذا لم يكن وكيلا وكان مجرد رسول فإنه يكون أمينا شرعا ويده يد أمانة لا يضمن إلا بالتعدى أو الإهمال فلا يكون ضامنا حينئذ .
أما براءة ذمة صاحب المال وجبت عليه الزكاة فلا تتم ولا تحل إلا بوصول القدر الواجب إخراجه للزكاة شرعا إلى يد الفقير أو إلى أصحاب الأموال، ومادام المبلغ الذى أخرجه قد ضاع ولم يصل إلى يد الفقراء، ولا من ينوب عنهم كالساعى الذى يجمع الزكاة مثلا فلا تبرأ ذمته، ويجب عليه أن يؤدى القدر الذى وجب عليه شرعا إلى مصرفه .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله تعالى أعلم(6/106)
بيع السلم والبيع بالأجل جائزان شرعا
F أحمد هريدى .
24 نوفمبر 1975 م
Mبيع المحاصيل قبل حصادها بثمن معين متفق عليه بيع جائز شرعا وانعقد عليه الإجماع لحاجة كل من البائع والمشترى إليه .
كما أن بيع السلعة بثمن محدد على أن يكون الثمن مؤجلا جائز شرعا
Q من السيد/ .
بالطلب المتضمن أن السائل يعمل تاجرا بقريته ويتعامل مع الجماهير فى البيع والشراء بالأجل، ويحدث أن يأتى إليه أحد الناس يريد أن يبيع له محصول الفول أو القمح مثلا قبل الحصاد بشهرين أو ثلاثة، فيتفق معه على الثمن ويعطيه المبلغ الذى يحصل عليه، كما يحدث أيضا أن يأتى إليه أحد الناس ويريد الشراء منه بالأجل، وذلك بأن يتفق مع المشترى على ثمن معين لسلعة يرغب شراءها منه ثم يعطيه السلعة ويسدد ثمنها فى الموعد المتفق عليه .
وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى فى هذين التعاملين المشار إليهما
An إن بيع المزارعين محاصيلهم كالفول والقمح مثلا قبل حصاده بثمن معين متفق عليه - هو المعروف فى الفقه الإسلامى ببيع السلم أو السلف .
وهو بيع آجل (وهو القمح ونحوه) - بعاجل (وهو الثمن) وقد رخص الشارع فيه، وإن كان البيع معدوما عند البائع وقت العق بنص القرآن الكريم فى آية المداينة فى سورة البقرة - وبالسنة الصحيحة - لما ورد عن ابن عباس - رضى الله عنهما - قال قدم النبى - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يسلفون الثمار السنة والسنتين .
فقال (من أسلف فى شئ فليسلف فى كيل ووزن معلوم إلى أجل معلوم) رواه الجماعة وانعقد عليه الإجماع .
قال الكمال بن الهمام فى فتح القدير بيانا لحكمة مشروعية هذا النوع من البيع (لحاجة كل من البائع والمشترى إليه) فإن المشترى وهو رب السلم يحتاج إلى الاسترباح لنفقة عياله، وهو بالسلم أسهل، إذ لابد من كون المبيع وهو المسلم فيه نازلا عن القيمة فيربحه المشترى - والبائع وهو المسلم إليه قد يكون له حاجة فى الحال إلى المال وقدرة فى المال على المبيع فتندفع به حاجته الحالية إلى قدرته المالية .
فلهذه المصالح شرع انتهى . والقمح والفول ونحوهما مما يجوز فيه السلم شرعا، فيجوز للمزارعين أن يتعاقدوا على بيع كمية معلومة من القمح أو الفول بالثمن الذى يقبضونه من التاجر المشترى له فى مجلس التعاقد .
وعلى أن يسلم المبيع إلى المشترى فى الوقت والمكان المعينين للتسليم .
ويجب أن يذكر فى العقد ما يفيد بيان نوع القمح أو الفول وصفته ومقداره ووقت التسليم ومكانه والثمن المقبوض بما يرفع الجهالة ويمنع وقوع النزاع .
فمتى توافرت الشروط فى هذا البيع المسئول عنه كان صحيحا وجائزا شرعا .
أما النوع الثانى من التعامل وهو البيع بالأجل .
وهو بيع السلعة بثمن محدد على أن يكون الثمن مؤجلا .
فهذا بيع جائز أيضا. إذ أنه يجوز فى البيع شرعا أن يكون الثمن حالا أو مؤجلا لأجل معلوم .
ومما ذكر يعلم أن التعاملين المسئول عنهما جائزان شرعا .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/107)
اجارة الوقف لمدة طويلة
F محمد عبده .
ذى الحجة 1317 هجرية
M 1 - لا تجوز إجارة الوقف لمدة طويلة ولا بعقود مترادفة إلا لضرورة .
2 - الإجازة لمدة طويلة فاسدة كما أن الإجازة بأقل من أجر المثل بنقصان فاحش فاسدة أيضا
Q بافادة من عموم الأوقاف مؤرخ فى 16 أبريل سنة 1900، 16 ذى الحجة سنة 1317 نمرة 1283 مضمونها أن ناظر وقف نزيرأغا سابقا أجر أطيانا لهذا الوقف بموجب شرطيتين الأولى لمدة ثلاث سنوات غايتها أكتوبر سنة 1898 والثانية لمدة ثلاث سنوات أخرى ابتداء من شهر نوفمبر سنة 1898 بواقع السنة 43 جنيها وكسور ولما تنظر الديوان على هذا الوقف فى 18 أكتوبر سنة 1897 أى قبل نهاية المدة الأولى ورأى أن العين المؤجرة بها تلك الأطيان هى بالأقل عن أجر المثل وأن هذا التأجير متفق عليه بدليل أن تحرير العقد الثانى كان قبل انتهاء مدة العقد الأول بخمسة عشر شهرا وأن المستأجر فى وقت عمل العقود كان وكيلا عن ناظر الوقف حصل اختصام المستأجر المذكور لدى المحاكم الأهلية بغرض بطلان العقد الثانى وهو تمسكه بفتوى قدمها للمحكمة هذا نصها (أنه يجوز لناظر الوقف أن يؤجر أعيان الوقف إلى مدة ثلاث سنوات ويجوز له أيضا تأجيرها إلى مدة ثلاث سنوات أخرى بعقد آخر .
وحيث إن المحكمة كلفت الديوان بأن يستحضر فتوى بأنه إذا كان ناظر الوقف أجر أعيان الوقف لمدة ثلاث سنوات بعقد وقبل انتهاء تلك المدة بخمسة عشر شهرا هل يجوز له أن يؤجرها لمدة ثلاث سنوات أخرى بعقد آخر أو يكون هذا العقد من قبيل العقود المترادفة التى لا يعمل بها ورغب الديوان الإفادة بما يقتضيه الحكم الشرعى فى ذلك
An صرح علماؤنا .
بأنه لا يجوز لغير اضطرار إجارة دار الوقف إجارة طويلة ولو بعقود مترادفة، وأنه لا تصح إجارة الوقف بأقل من أجر المثل إلا بنقصان يسير إذا لم يرغب فيه إلا بالأقل .
وعلى ذلك فمتى كانت إجارة الأطيان المذكورة هذه المدة لغير ضرورة وكانت بأقل من أجر المثل بنقصان فاحش تكون فاسدة فى العقد ويجب أجر المثل، وإن كانت بأجر المثل أو بنقصان يسير كانت صحيحة فى الأول غير لازمة فى الثانى فيجوز فسخه واللّه أعلم(6/108)
اجارة طويلة لعين الوقف
F محمد عبده .
شوال 1318 هجرية
M 1 - عدم جواز الإجارة الطويلة لعين الوقف إلا لضرورة ولو بعقود مترادفة .
2 - إن تحققت الضرورة جازت الإجارة بإذن القاضى .
3 - تأجير الناظر عين الوقف لمدة معلومة بأجرة معلومة وقبل انقضاء المدة أجر نفس العين لآخر لمدة معلومة بزيادة فاحشة تكون هذه الإجارة فاسدة .
4 - للناظر إبقاء المستأجر الأول فى العين المؤجرة بأجرة المثل مطلقا .
5 - إذا كانت الزيادة الثانية تعنتا وإضرارا من الثانى للأول كانت الأجرة الأولى هى المعتبرة شرعا وإن لم تكن إضرارا وتعنتا كان الأول أحق بالإجارة بالزيادة
Q من سيد عبد الله فى حانوت جاء فى وقف مؤجر من قبل ناظره لشخص مدة معلومة بأجر المثل ولم تنقض مدة إجارته فزاد آخر للناظر فى أجرة الحانوت المذكور زيادة فاحشة من قبيل التعنت والإضرار بالمستأجر فأجرها له الناظر المذكور سنتين بعقد واحد قبل انتهاء مدة الإجارة الأولى بالأجرة الفاحشة المذكورة لغير ضرورة وبدون إذن من قاض شرعى ولا بشرط الواقف .
ويريد المستأجر الأول البقاء فى ذلك الحانوت مع دفع أجر المثل الذى أجر به أولا إن كانت لا تعتبر زيادة الأضرار المذكورة وكانت الإجارة الثانية لاغية أو مع دفع تلك الزيادة إن كانت معتبرة شرعا .
نرجو الإفادة عن الحكم الشرعى فى ذلك
An صرحوا بأنه لا يجور بغير اضطرار إجارة دار الوقف أو أرضه إجارة طويلة ولو بعقود مترادفة .
فإن وجدت حاجة إلى ذلك كعمارة الوقف بأن تخرب ولم يكن له ريع يعمر به جاز لهذه الضرورة إجارتها مدة طويلة بإذن القاضى .
وصرحوا بأن المتولى إذا أجر حوانيت الوقف سنتين إجارة مضافة، وقد أهمل الواقف بيان المدة فتكون هذه الإجارة فاسدة .
وصرحوا بأن الناظر إذا أجر دار الوقف مدة بأجرة معلومة ثم زاد آخر فى أثنائها زيادة معتبرة فى أجرتها فتعرض الزيادة على المستأجر الأول فإن قبلها فهو الأحق بها .
وصرحوا بأن الزيادة إن كانت إضرارا وتعنتا لم تقبل .
ومما ذكر يتبين أن الإجارة الثانية فى حادثة السؤال فاسدة، وللناظر إبقاء المستأجر الأول فى ذلك الحانوت بأجرة المثل مطلقا سواء الأجرة الأولى إن كانت الزيادة المذكورة إضرارا وتعنتا أو الأجرة الثانية إن لم تكن تلك الزيادة كذلك وقبلها .
واللّه تعالى أعلم(6/109)
اجارة الوقف على الشيوع
F محمد عبده .
شوال 1318 هجرية
M 1 - الإجارة تفسد بالشيوع .
2 - ليس لناظر الوقف تأجير أرضه على الشيوع ولو كانت القسمة الزراعية ممكنة
Q من مرقص فهمى فى ناظر وقف أجر أعيانه بصفته وقف وهى أطيان إلى المستحقين ولشخص ذمى بعقود مختلفة بطريق الشيوع لكل من المستحقين قدر معين من الأفدنة لمدة ثلاث سنوات واقتسم المستأجرون الأطيان قسمة زراعية ووضع كل منهم يده على قدره المعين بمقتضى عقده .
فهل تكون العقود صحيحة وقد دفع الذمى للناظر جزءا من الأجرة ومات الناظر وحل محله ناظر آخر أجر الأعيان لمستأجرين آخرين ولم يدفع للذمى ما عجله من الأجرة .
فهل يصح له هذا التأجير .
وهل للذمى حق الرجوع على الناظر الجديد بالأجرة المعجلة التى قبضها منه وصرفها فى شئون الوقف .
وهل إذا أجر الناظر على الشيوع أعيانا من الوقف وكانت القسمة الزراعية بين المستأجرين ممكنة تكون الإجارة صحيحة أفيدوا الجواب
An المصرح به فى كتب المذهب .
أن إجارة المشاع فيما يقسم وفيما لا يقسم فاسدة كما عليه الفتوى .
وأنه لا يجوز لغير حاجة إجارة أرض الوقف إجارة طويلة ولو بعقود متوالية .
وعلى ذلك فتأجير الناظر الأول على الشيوع بعقود مختلفة على ما فى السؤال فاسد شرعا، ولهذا الذمى أن يرجع بما دفعه معجلا من الأجرة فى تركة الناظر الأول، وترجع ورثته على مال الوقف بمطالبة الناظر الثانى متى تحقق أن مورثهم قبض ذلك وصرفه فى شئون الوقف .
وحيث إن الإجارة تفسد بالشيوع، فليس للناظر الجديد أن يؤجر شائعا من الوقف وإن كانت القسمة الزراعية ممكنة .
واللّه تعالى أعلم(6/110)
عدم جواز أخذ الأجرة على قراءة القرآن الكريم
F محمد بخيت .
صفر 1336 هجرية 26 من نوفمبر 1917 م
M 1 - لا يجوز أخذ الأجرة على تلاوة القرآن الكريم ويأثم الدافع والقارىء بأخذ الأجرة .
2 - يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم والآذان والإمامة للضرورة
Q فقيه يقرأ القرآن دعى فى مأتم وأدى القراءة ثلاث ليال ولم يشترط جعلا مخصوصا عينه لصاحب المأتم، وبعد انتهاء الليالى المذكورة أعطاه صاحب المأتم الأجرة بحسب حاله وبحسب اللائق أيضا فأبى الفقيه المذكور أن يأخذ المبلغ الذى أعطاه إياه، وطلب ضعفه برغم أنه من مشاهير القراء ذوى الصيت فهل لا يجاب الفقيه المذكور إلى طلب الزيادة عما يدفعه إليه صاحب المأتم حيث لم يشترط عليه مبلغا معينا أو يجاب
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أن العلامة ابن عابدين نص فى تنقيح الحامدية بصحيفة 126 جزء ثان طبعة أميرية سنة 1300 على أن عامة كتب المذهب من متون وشروح وفتاوى كلها متفقة على أن الاستئجار على الطاعات لا يصح عندنا .
واستثنى المتأخرون من مشايخ بلخ تعليم القرآن، فجوزوا الاستئجار عليه وعللوا ذلك فى شروح الهداية وغيرها بظهور التوانى فى الأمور الدينية وبالضرورة وهى خوف ضياع القرآن، لأنه حيث انقطعت العطايا فى بيت المال وعدم الحرص على الدفع بطريق الحسنة يشتغل المعلمون بمعاشهم ولا يعلمون أحدا ويضيع القرآن .
فأفتى المتأخرون بالجواز لذلك واستثنى بعضهم أيضا الاستئجار على الأذان والإمامة للعلة المذكورة لأنهما من شعائر الدين ففى تقويتهما هدم الدين فهذه الثلاثة مستثناه للضرورة فإن الضرورات تبيح المحظورات إلى أن قال .
وقال فى الهداية الأصل أن كل طاعة يختص بها المسلم لا يجوز الاستئجار عليها عندنا لقوله عليه الصلاة والسلام .
إقرءوا القرآن ولا تأكلوا به الخ . فالاستئجار على الطاعات مطلقا لا يصح عند أئمتنا الثلاثة أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد .
قال فى معراج الدراية (وبه قال أحمد وعطاء والضحاك والزهرى والحسن بن سيرين وطاوس والشعبى والنخعى .
ولا شك أن التلاوة المجردة عن التعليم من أعظم الطاعات التى يطلب بها الثواب فلا يصح الاستئجار عليها .
لأن الاستئجار بيع المنافع وليس للتالى منفعة سوى الثواب ولا يصح بيع الثواب، ولأن الأجرة لا تستحق إلا بعد حصول المنفعة للمستأجر والثواب غير معلوم) ثم قال (ورأيت التصريح ببطلان الوصية بذلك فى عدة وعزى فى بعض الكتب إلى المحيط لسرخسى والمحيط البرهانى والخلاصة والبزازية .
فإذا كانت الوصية للقارئ لأجل قراءته باطلة لأنها تشبه الاستئجار على التلاوة فالإجارة الحقيقية تكون باطلة بالأولى .
فهذه نصوص المذهب من متون وشروح وفتاوى متفقة على بطلان الاستئجار على الطاعات ومنها التلاوة كما سمعت إلا ما استثناه المتأخرون للضرورة كالتعليم والأذان والإمامة .
ولا يصح إلحاق التلاوة المجردة بالتعليم لعدم الضرورة إذ لا ضرورة داعية إلى الاستئجار عليها بخلاف التعليم) .
ومثل ما ذكره العلامة فى التنقيح ذكره أيضا فى رد المحتار وفى حاشيته على البحر وخالفه العلامة المرحوم الشيخ المهدى فى فتاواه حيث قال بصحيفة 155 من الجزء السابع ما نصه (وأما الموصى به للتجهيز والتكفين وقراءة الصمدية والعتاقة والختمات فالمبلغ الذى عينه لذلك بعد تحقيق ما ذكر شرعا ضمن دعوى أحد الورثة على الباقى أو مأذون له4 فى الخصومة من قبل القاضى يخرج منه حوزة تجهيزه وتكفينه الشرعيين وما بقى يصرف لجهة الخيرات التى عينها الموصى وهذا بناء على ما عليه عمل الأئمة فى ديارنا فى سائر الأزمان من حكم الشرع والعلماء .
وبنوه على فتوى المتأخرين فى جواز أخذ الأجرة على الطاعات للضرورة ولتساهل الناس وتكاسلهم فى الأمور الخيرية .
كما صرحوا بجواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن والإمامة والأذان وهذا بخلاف ما أفتى به العلامة خير الدين الرملى فى فتاواه المشهورة وجرى عليه الأستاذ ابن عابدين وأول فى هذه المسألة وقصر فتوى المتأخرين على نحو التعليم والإمامة واستدل بأنهم عللوا ذلك بالضرورة وأنه لا ضرورة فى غير ذلك فى الختمات والعتاقات والسبح وبنى على ذلك بطلان الوصية لمثل ذلك والوقف على مثل هذه الخيرات وحرم قراءة القرآن بشىء لمن يقرؤه وأثم القارىء والدافع وجزم بعدم حصول الثواب على شىء من ذلك وما نقله فى ذلك يمكن حمله على ما ذهب إليه المتقدمون وهذا كله مخالف لما عليه عمل الناس من العلماء والقضاة وعامة المسلمين وهو مستفاد من بعض عبارات كتب المذهب بناء على فتوى المتأخرين وإن لم يرتضه الاستاذ المذكور والتعليل بالضرورة وتكاسل الناس المعلل به فتوى المتأخرين لامانع من تحقيقه فى مثل ذلك لاسيما فى هذا الزمان وقد كثرت وتداولت أوقاف المسلمين بمثل ذلك وتحررت به الحجج الشرعية وحكم به من حكم الشريعة الحنفية بين ظهرانى العلماء فى كل زمان) انتهى والذى قاله ابن عابدين فيما يتعلق بالاستئجار على تلاوة القرآن المجردة عن التعليم وما ماثل ذلك وأخذ الأجرة على ذلك هو الموافق للقواعد الشرعية ولنصوص المذهب وإن كان محالفا لعمل الناس فإن عمل الناس لا يكون حجة مع مخالفته النصوص الشرعية وأما ماقاله الأستاذ الشيخ المهدى من أن التعليل بالضرورة وتكاسل الناس لامانع من تحقيقه فى مثل ذلك فهو ممنوع لأنه لابد فى جواز أخذ الأجرة على الطاعة من تحقق الضرورة بالفعل كما هو مقتضى فتوى المتأخرين .
ولا يمكن القول بأن تلاوة القرآن المجردة عن التعليم تتحقق فيها الضرورة بالفعل فإنها غير محققة قطعا ومجرد عدم المانع من تحققها فى ذلك لا يكفى .
ومن ذلك يعلم أن قول المتقدمين والمتأخرين على عدم جواز الاستئجار على قراءة القرآن المجردة عن التعليم وعدم جواز أخذ الأجرة عليها فلا يستحق القارىء أجرة إذا استؤجر لمجرد تلاوة القرآن ولا يحل له أخذ الأجرة على ذلك كما لا يحل للمعطى أن يعطيه واللّه أعلم(6/111)
عمل الزوجة فى ملك زوجها يخضع للعرف
F محمد بخيت .
جمادى الأولى 1330 هجرية 8 من فبراير 1920 م
M 1 - عمل الزوجة فى ملك زوجها بدون عقد إجارة لا تستحق معه أجرا إلا إذا كان مثلها يعمل بالأجر وكان العرف يقضى بذلك .
2 - إذا عملت بعقد فلها المسمى إن علم وإلا فلها أجر المثل وعلى كل فلا ملكية لها فيما عملت فيه
Q رجل إسمه أحمد م .
كان يملك أرضا ثم غرس فيها نخيلا وكانت زوجته عائشة تقوم بسقى أشجار النخيل كما هى العادة فى هذه البلاد من أن الزوجات يذهبن فع أزواجهن إلى الأرض التى لها ويساعدونهم فى الزراعة وسقى الأشجار ثم توفيت الزوجة المذكورة .
فقام ورثتها وهما بنتها من غيره وأخوها شقيقها بدعوى على ورثة الزوج الذى توفى بعدها بأن لهم حق الريع فى هذه الأشجار بسبب أنه آل إليهم من والدتهم عائشة زوجة أحمد محمد لكونها أجرة سقى النخيل المذكور مع كون العرف فى هذه البلد أن الزوجة تساعد الزوج فى الزراعة وفى سقى النخيل .
فهل لهم الحق فى ذلك كما يدعون أم كيف الحال مع العلم بأن الرجل المذكور لم يؤجر زوجته المذكورة لسقى النخيل ملكه الكائن فى أرضه المملوكة له لا بعقد ولا بغيره وإنما كانت تسقى هذا النخيل مساعدة له بدون أجرة كما هو العرف فى بلدنا من أن الزوجات يساعدن أزواجهن فى الزراعة وسقى النخيل بدون أجرة
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه متى ثبت أن الزوجة المذكورة عملت مع زوجها بدون عقد إجارة، وكان العرف أن مثلها لا يعمل بأجر بل تعمل مع زوجها مساعدة له بلا أجر فلا شىء لها فى النخيل المذكور وعلى فرض أنها عملت بعقد إجارة فلها الأجر المسمى إن علم وإلا فلها أجر مثل عملها .
وكذا إذا كان العرف أنها تعمل بأجر يكون لها أجر المثل .
وعلى كل حال فلا شىء لها فى النخيل المذكور(6/112)
شرط التعليق فى الاجارة مفسد لها
F عبد المجيد سليم .
ربيع الآخر 1359 هجرية 5 من يونيه 1940 م
Mالإجارة من العقود التى تفسد بالتعليق
Q ما قولكم دام فضلكم فيما يأتى .
وقف المغفور له محمد توفيق نسيم باشا أعيانا على الوجه المبين بحجج أوقافه .
وفى حياة الواقف أجر حضرة صاحب العزة أحمد بك عبد الخالق بصفته وكيلا عن المغفور له الواقف فى إدارة أوقافه طرق أول إلى حضرتى حافظ أفندى والخواجا جبران خليل وهما من رعايا الحكومة المحلية متضامنين طرف ثان .
الأطيان الزراعية البالغ قدرها 12 س 8 ط 631 ف كائنة بنواحى التسيحية وميت لوزة ومن ضمن ما جاء بعقد الإيجار البند الثانى ونصه مدة هذه الإيجارات ثلاث سنوات ابتداء من أول أكتوبر سنة 1937 لغاية آخر سبتمبر سنة 1940 وإذا قام المستأجر بجميع واجباته التى التزم بها فى هذا العقد وعلى الأخص بسداد الإيجار فى مواعيد استحقاقه مع محافظته على العين المؤجرة وملحقاتها ومواظبته على العناية بها وتحسينها فتجدد الإجارة لمدة سنة رابعة تنتهى فى آخر سبتمبر سنة 1941 بدون تنبيه أو إنذار وبنفس هذه الشروط، وذلك بمقتضى عقد الإيجار الصادر فى أوئل سنة 1937 وقد وضع المستأجر يده على أطيان الوقف المؤجرة إبتداء من مدة الإيجار وقام بتنفيذ ما نص عليه بالبند الثانى من عقد الإيجار المذكور .
وقد توفى الواقف فى مارس سنة 1938 فهل مع قيام الطرف الثانى بتنفيذ ما جاء بالبند الثانى من عقد الإيجار يكون له الحق فى تجدد إيجاره الأطيان سنة رابعة نهايتها آخر سبتمبر سنة 1941 كما هو نص البند الثانى من عقد الإيجار المذكور .
أم تكون الإجارة قاصرة على ثلاث سنوات فقط نرجو التكرم بالإجابة عما ذكر، ومرفق مع هذا صورة من عقد الإيجار وصورة من آخر حجة صادرة من الواقف
An الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبى بعدة .
اطلعنا على هذا السؤال وعلى الشروط المذكورة فيه من عقد الإيجار المشار إليه به ونفيد أن الإجارة من العقود التى لا يصح تعليقها، بمعنى أنها تفسد بالتعليق وحينئذ لا يكون للطرف الثانى بمقتضى هذا الشرط حق فى إيجار الأطيان المستأجرة السنة الرابعة شرعا (يراجع مبحث ما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه من الجزء الرابع من الدر المختار وحاشيته رد المحتار) .
وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذكر واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/113)
اجارة فاسد
F جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الأول 1400 هجرية - 24 يناير 1981 م
M 1 - ترك المكان المملوك لشخص إلى آخر لاستعماله دون عقد إيجار يكون إجارة فاسدة إن جرى العرف بذلك وإلا فلا .
2 - الإجارة الفاسدة إذا نفذت وجب فيها أجر المثل
Q من أمين فتوى حماه - الجمهورية السورية - بالكتاب المتضمن أن شخصين تشاركا على تعهد بناء للحكومة، أحدهما مهندس والآخر عامل وممول، وبعد عقد الشركة بينهما تناقشا فى استئجار مستودع لمواد البناء وآلاته، ثم فطن العامل أن عنده مكانا يصلح لأن يكون مستودعا فذكره لشريكه المهندس فرفض ذلك، وقد استعملا هذا المكان ولكن لم يذكر شيئا عن مقدار أجره وبقى هذا الأجر مجهولا إلى أن انتهت شركتهما وأرادا الانفصال وقد طالب صاحب المستودع شريكه المهندس بدفع نصف أجرة المستودع فرضى شريكه بذلك بادىء الأمر، وبعث رجلا مختصا فخمن أجرته ورضى صاحب المستودع بذلك التخمين أيضا - ثم قال له بعض أهل العلم إن هذا طالما كان من الشريك يعتبر تبرعا .
وقد جاء بالكتاب المذكور أن السائل أفتى بأن هذا من قبيل الإجارة الفائدة وفيها أجر المثل حيث لم يذكر فيها بدل الإيجار، وليس هذا من قبيل التبرع، حيث لم يذكر التبرع نصا ولا دلالة ولا العرف يدل عليه بل يدل على الإجارة - وطلب السائل الإجابة عن هذه الواقعة
An إن الإجارة باتفاق الفقهاء مع اختلاف العبارة عقد يفيد تمليك المنفعة بعوض .
وأركانها عند فقهاء الحنفية الإيجاب والقبول .
وما عدهما يدخل فى الشروط . بينما يرى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة أن أركانها بالإيجاب والقبول والعاقدان والأجرة والمنفعة .
وللإجارة شروط فى العاقدين وفى الصيغة وفى المنفعة التى هى محل الإجارة، وشروط فى بدل المنفعة وهو الأجرة .
وبعض الفقهاء يقرر شروطا للنفاذ وشروطا للزوم، والذى يهم الآن ذكره إجمالا هو شروط المنفعة وشروط الأجرة .
أما الأولى وهى شروط المنفعة فيشترط أولا أن تكون المنفعة معلومة عند التعاقد علما يرفع الجهالة المفضية للنزاع ، وعلم المنفعة يكون ببيان العين التى وقعت الإجارة على منفعتها ومن عناصرها بيان المدة، وذلك مع اختلاف عبارات هذا الشرط بين فقهاء المذاهب .
والشرط الثانى أن يكون استيفاء المنفعة مقدورا .
والثالث أن تكون المنفعة مقصودة بمعنى أن يعتاد استيفاؤها بعقد الإجارة والتعامل بها يجرى بين الناس الرابع ألا تكون المنفعة مطلوبا فعلها قبل الإجارة .
الخامس عدم انتفاع الأجير بالعمل المعقود عليه مع اختلاف فى عبارات فقهاء المذاهب فى مؤدى هذا الشرط وما يخرج به .
السادس أن تكون المنفعة مملوكة للمؤجر .
وأما الثانية وهى شروط الأجرة فإن الأجرة فى عقد الإجارة كالثمن فى عقد البيع، ويشترط الحنفية أن تكون مالا متقوما معلوما - ويجمع فقهاء المذاهب على اشتراط أن تكون الأجرة معلومة فى عقد الإجارة كالثمن فى البيع وإن وقع الخلاف فى ماهية الأجرة وتقومها أو كانت فى الذمة (بدائع الصنائع للكاسانى فقه حنفى ج - 4 والشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقى فقه مالكى ج - 4 ونهاية المحتاج شافعى ج - 5 كشاف القناع فقه حنبلى ج - 2 فى الإجارة) .
لما كان ذلك وكان الثابت فى الواقعة المطروحة أن الشريك مالك المستودع لم يجر مع شريكه الآخر صيغة عقد إجارة على ما هو باد من السؤال .
وأن رضا هذا الشريك قد ينصرف إلى ارتضائه مجرد استعمال المكان المعروض مستودعا فإن كان العرف قد جرى على أن مثل هذا لا يكون استعماله إلا بأجرة اعتبرت إجارة معاطاة كبيع المعاطاة ويؤكد هذا العرف أنهما كانا قد تذاكرا فى استئجار مستودع قبل أن يفطن الشريك العامل لوجود هذا المستودع لديه .
وإذا اعتبرت إجارة معاطاة بهذا النظر وقعت إجارة فاسدة، لأن الأجرة لم تكن معلومة وقت العقد بافتراض تحقق باقى الشروط السابق إجمالها فى خصوص المنفعة المتعاقد عليها .
هذا ويجمع فقهاء المذاهب الأربعة الإسلامية على أن الإجارة الفاسدة متى نفذت وجبت فيها أجرة المثل على اختلاف بينهم فى تسميتها فى هذه الحال، هل هى أجرة أو بدل أو عوض .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/114)
الاجارة لا تفسخ إلا لمبرر
F جاد الحق على جاد الحق .
رمضان - 1401 هجرية - 25 يوليه 1981 م
M 1 - الإجارة شرعا مت تحقق شروطها وجب تسليم العين المؤجرة عند العقد أو عند ابتدائه، ولا مفاضلة بين المستأجرين عند تعددهم .
2 - لا يحق فسخ عقود الإجارة أو واحد منها بمعرفة المالك وحده دون مبرر شرعى .
3 - يتعين الالتزام بأحكام قانون إيجار الأماكن باعتباره فى الأغلب تقنينا لمباح
Q بالطلب المقيد وقد قال السائل فيه إنه يمتلك عمارة مكونة من عشرين شقة، وأنه قد قام بتحرير عقود إيجار لبعض الناس، منهم العاملون بالخارج ومنهم من استأجر شقة انتظارا لكبر أبنائه ليزوجهم فيها، ومنهم من يسكن فى شقة، ولرخص إيجار الشقة عند السائل فضل السكنى عنده، ومن المستأجرين المتزوجون الذين لم يدخلوا بعد بزوجاتهم، ولم يجدوا مسكنا، وهؤلاء كثيرون .
وانتهى الطالب إلى السؤال التالى أى فئة من تلك الفئات تستحق السكنى فى عمارته ثم أضاف أنه قد حرر بعض عقود إيجار فعلا لبعض هؤلاء المستأجرين ويسأل هل لو ألغيت بعض هذه العقود يعتبر مخالفا للشرع
An قال الله سبحانه وتعالى فى افتتاح سورة المائدة { يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود } والعقود جمع عقد، ومعناه فى الأصل ضد الحق لأنه الجمع بين أطراف الشىء وربط بعضها ببعض .
وأصل استعماله فى الأجسام، كعقد الحبل وعقد البناء، ثم استعير لعقد المعانى، فيقال عقد البيع، وعقد الرهن، وعقد الزواج وكل ما كان عقدا بين طرفين، والوفاء والإيفاء هو الإتيان بالشىء تاما وافيا لا نقص فيه .
ومن ثم يكون معنى هذه الفقرة من الآية (والله أعلم) إن الله قد أمر المؤمنين بأن يوفوا بما يتعاقدون عليه فيما بينهم، وبعقودهم أو عهودهم مع الله سبحانه بالوفاء بعبادته والالتزام بأوامره ونواهيه .
والإجارة عقد يفيد تمليك المنافع بالعوض، وقد اتفق الفقهاء على جوازها شرعا وعلى أن من شروط صحتها أن تكون المنفعة والعوض معلومين .
وقد يكون محلها منفعة أشياء، كمنافع الدور والثياب والحيوان وقد يكون منفعة أعمال وهى ما يقوم به العمال من الأعمال التى تطلب منهم بعقد إجارة، كالخياطة والصياغة والصناعة والنجارة والبناء والنقل ونحو ذلك، ولما كان محل الإجارة المنافع كان الواجب عند انعقادها تسليم والعين المؤجرة إلى من استأجرها استيفاء لحقه، وتنعقد الإجارة بالإيجاب والقبول .
ومتى انعقدت صحيحة مستوفية أركانها وشروطها كانت عقدا لازما باتفاق جمهرة فقهاء المذاهب لم يخالف فى هذا غير البعض، منهم الأباضية وشريح .
ومتى كانت لازمة لم يجز لأحد طرفى العقد أن يستبد بفسخه، وإنما يكون فسخ عقد الإجارة باتفاق طرفيها ما لم يوجد عذر أو سبب شرعى يستتبع الفسخ، نص على هذا فقهاء المذهب الحنفى، وقال فقهاء المالكية إنها عقد لازم، سواء كانت منجزة أو مضافة .
ويرى فقهاء الشافعية أنها عقد لازم كذلك فلا يستقل أحد العاقدين بفسخها، وجرى فقه الإمام أحمد بأنها عقد لازم كالبيع وليس لأحد طرفيها فسخها سواء بعذر أو دون عذر .
ويرى فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك وأحمد جواز إضافة الإجارة إلى زمن مستقبل، فإذا أضيف العقد إلى زمن معين ابتدأ بحلوله، ومنع فقه الإمام الشافعى إضافة عقد إجارة منافع الأعيان إلى زمن مستقبل، ويتفق الفقه بوجه عام على أنه يترتب على استئجار العين المعينة وجوب تسليمها إلى مستأجرها عقب العقد أو عند ابتدائه عند من يجيزون إضافة الإجارة إلى زمن مستقبل .
لما كان ذلك وكان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء به ( صحيح الترمذى ج - 7 ص 103 و 104 فى الصلح ) ( والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما) كانت عقود إجارة هذا العقار التى تمت بين مالكها الطالب وبين أولئك المستأجرين لازمة، إما فى الحال إذا كان العقد غير مضاف إلى زمن مستقبل، وإما من التاريخ الذى أضيف إليه العقد، ولا محل للمفاضلة بين المستأجرين إذا كانت عقود الإجارة قد انعقدت مستوفية أركانها وشروطها الشرعية، ولا يحق فسخها أو أى واحد منها بمعرفة المؤجر المالك وحده، وأى إلغاء لعقد من تلك العقود دون مبرر يقره الشرع يكون مخالفا لنصوص القرآن والسنة سالفة البيان .
هذا ولا يخفى أن هناك قانونا منظما لإيجار الأماكن، يتعين الالتزام بأحكامه، باعتبارها فى الأغلب تقنينا لمباح، يرى ولى الأمر الإلزام به ابتغاء المصلحة .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/115)
التأمين على الحياة غير جائز شرعا
F بكرى الصدفى .
شعبان 1328 هجرية
M 1 - التأمين على الحياة غير جائز شرعا، ومن ثم فلا تعتبر قيمة التأمين تركة تقسم بين الورثة .
2 - مادفعه المتوفى للشركة يعتبر تركة تقسم بين الورثة بحسب الفريضة الشرعية .
3 - مازاد على مادفعه المتوفى أثناء حياته إن تراضى الطرفان على قسمته بين الورثة شرعا بصرف النظر عن التعاقد قسم بينهم واعتبر كأنه مبلغ متبرع به ابتداء
Q تعاقد شخص فى حال حياته مع إحدى شركات التأمين على مبلغ يدفع إن توفى لولد وابنتين له مثالثة بينهم .
وذلك فى مقابل مبلغ كان يدفعه للشركة من ماله الخاص .
ولما مات كانت وفاته عن أولاده الثلاثة المذكورين وبنت رزق بها بعد التعاقد وزوجة هى أمهم .
فهل المبلغ يعتبر تركة توزع على الورثة بحسب الفريضة الشرعية أو يكون المبلغ لمن تعاقد مع الشركة على إعطائه لهم فقط
An الذى يقتضيه الحكم الشرعى فى ذلك .
أن التعاقد المذكور ليس من التصرفات الشرعية حتى يترتب عليه أن يعتبر ذلك المبلغ تركة توزع بين الورثة بحسب الفريضة .
نعم المقدار الذى كان يدفعه المتوفى المذكور سنويا باسترداده من الشركة يقسم بين الورثة بالفريضة الشرعية .
وأما مازاد على ذلك . فإن حصل اتفاق من الشركة والورثة على قسمته بين الورثة بحسب الفريضة الشرعية أيضا بصرف النظر عن ذلك التعاقد ويعتبر كأنه مبلغ تبرع ابتداء فليس فى الشرع ما يمنعه .
هذا وفى تنقيح الحامدية ما نصه (سئل) فيما إذا كان زيد يدفع لعمرو فى كل سنة مبلغا من الدراهم ظانا أن ذلك حق عمرو المدفوع له ومضى لذلك سنون وهما على ذلك .
ثم تبين أن ذلك لم يكن حق عمرو بل حق زيد الدافع، ويريد زيد الرجوع على عمرو بنظير مادفعه له فى المدة بعد ثبوت ما ذكر بالوجه الشرعى .
فهل له ذلك (الجواب) نعم والله سبحانه وتعالى أعلم - انتهى - هذا ماظهر فى الجواب(6/116)
التأمين ضد الحريق
F محمد بخيت .
13 ربيع آخر 1337 هجرية - 15 يناير 1919 م
M 1 - التأمين ضد الحريق غير جائز شرعا .
2 - ضمان الأموال فى الشريعة الإسلامية .
إما أن يكون بطريق الكفالة أو بطريق التعدى، أو الاتلاف، وليس عقد التأمين شيئا من ذلك .
3 - عقد التأمين ليس عقد مضاربة، لاشتراط أن يكون المال من جانب والعمل من جانب آخر
Q من محمد رمضان .
بما صورته . توجد شركات تدعى شركات التأمين على الحريق، وظيفتها أن تقبل من صاحب الملك مبلغا معينا يدفعه إليها كل سنة، وفى نظير ذلك تضمن له دفع قيمة ما عساه يلحق الملك المؤمن عليه من أضرار الحريق إذا حصل .
وقد اعتاد كثير من أرباب الأملاك التأمين على عقاراتهم لدى هذه الشركات .
فهل مثل هذا العمل يعد مطابقا لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء أم لا وهل يجوز لناظر الوقف أن يؤمن على أعيان الوقف التى يخشى عليها من خطر الحريق بهذه الكيفية أم لا نرجو إفادتنا عن ذلك بما يقتضيه الوجه الشرعى
An اطلعنا على هذا السؤال - ونفيد أن عمل شركات التأمين على الوجه المذكور فى السؤال غير مطابق لأحكام الشريعة الإسلامية ، ولا يجوز لأحد سواء كان ناظر وقف أو غيره أن يعمله .
وذلك لما هو مقرر شرعا أن ضمان الأموال إما أن يكون بطريق الكفالة أو بطريق التعدى أو الإتلاف، وهذا العمل ليس عقد كفالة قطعا .
أن شرط عقد الكفالة أن يكون المكفول به دينا صحيحا لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء، أو عينا مضمونة بنفسها بأن يجب على المكفول عنه تسليمها للمكفول له .
فإن هلكت ضمن المكفول عنه للمكفول له مثلها إن كانت مثلية، وقيمتها إن كانت قيمية، وذلك كالمغصوب والمبيع بيعا فاسدا وبدل الخلع وبدل الصلح عن دم عمد .
كما صرح بذلك فى جميع كتب المذهب المعتبرة كالبدايع وغيرها، وعلى ذلك لابد فى عقد الكفالة من كفيل يجب عليه الضمان، ومن مكفول له يجب تسليم المال المضمون إليه، ومكفول عنه يجب عليه إحالة تسليم المال المكفول به ومن مكفول به وهو المال الذى يجب تسليمه للمكفول له، وبدون ذلك لا يتحقق عقد الكفالة، ولا يوجد شىء مما ذكرناه فى عقد الكفالة فى عمل شركات التأمين المذكورة بالسؤال .
فالكفالة لا تنطبق عليه بلا شبهة، لأن المال الذى جعله صاحبه فى ضمان الشركة لم يخرج عن يده ولا يجب عليه تسليمه لأحد غيره فلم يكن دينا يجب عليه أداؤه، ولا عينا مضمونة عليه بنفسها كما أن المال المذكور لم يدخل فى ضمان الشركة، لأنه لم يكن دينا عليها ولا عينا مضمونة عليها بنفسها، فتبين أن العمل المذكور ليس ضمان تعد ولا ضمان إتلاف ،لأن أهل الشركة لم يتعد واحد منهم على المال المؤمن عليه ولم يتلفه ولم يتعرض له بأدنى ضرر، بل إن هلك المال المؤمن عليه فإما أن يهلك بالقضاء والقدر أو باعتداء متعد آخر أو إتلاف متلف آخر، فلا وجه حينئذ لدخول المال المؤمن عليه فى ضمان الشركة، ولا لأخذ الشركة ما تأخذه فى نظير ذلك ولا يجوز أيضا أن يكون العقد المذكور عقد مضاربة لأن عقد المضاربة يلزم فيه أن يكون المال من جانب رب المال والعمل من جانب المضارب والربح على ماشرطا - لأن أهل الشركة إنما يأخذون المبالغ التى يأخذونها فى نظير ضمان ماعساه أن يحلق الملك المؤمن عليه من إضرار الحريق ونحوه لأنفسهم، ويعملون فى تلك المبالغ لأنفسهم لا لأربابها، ومن هذا الذى فصلناه يتبين جليا أن العمل المذكور بالسؤال ليس مطابقا لأحكام الشريعة الإسلامية، بل هو عقد فاسد شرعا، لا يجوز شرعا الإقدام عليه سواء كان العقار المؤمن عليه ملكا أو وقفا فلا يجوز لناظر الوقف أن يقدم على هذا العمل بحال من الأحوال، أن هذا العمل معلق على خطر وهو ماعساه أن يلحق العقار المؤمن عليه من الضرر .
وتارة هذا الضرر يقع، وتارة لا يقع فيكون هذا العمل قمارا معنى يحرم الإقدام عليه شرعا .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/117)
عقد التأمين على العقار
F عبد الرحمن قراعة .
جمادى الثانية 1344 هجرية - 23 ديسمبر 1925 م
M 1 - التأمين على العقارات ضد هلاكها بالحريق أو الغرق أو الإتلاف مقابل مبلغ معين يدفع للشركة المؤمنة فى مدة معينة غير جائز شرعا لعدم تحقق الكفالة بشروطها .
2 - هذا العقد معلق على خطر الوجود تارة يقع وتارة لا يقع، وهو بهذا المعنى يكون قمارا معنى، وهذا هو سر فساده شرعا
Q من الشيخ عبد الرزاق القاضى .
بما صورته . من ضمن التابع لوقف المغفور لها الأميرة زينب هانم كريمة المرحوم محمد على باشا والى مصر سابقا، ثمانية عمارات كائنة بمصر .
وقد تعين حارسا عليها من قبل المحكمة المختلطة حضرة صاحب السمو الأمير محمد عباس باشا حليم، وكانت العمارات المذكورة قبل تبعيتها لوقف زينب هانم مملوكة للشركة البلجيكية الأجنبية وفى حال ملكها لها تعاقدت مع شركة تأمين العقارات الأجنبية المسماة فى العرف الآن بشركة السو كرتاه على أن تدفع الشركة البلجيكية المذكورة لشركة التأمين فى كل سنة مبلغا معينا فى نظير ضمان هلاك العمارات المذكورة بحريق أو غرق أو إتلاف وذلك لمدة مخصوصة - وحيت إن العمارات المذكورة صارت تابعة الآن لوقف زينب هانم، وقد انقضت مدة التأمين فى مدة تعيين سمو الأمير محمد عباس باشا المشار إليه حارسا، والمستحقون فى الوقف يحتمون على سمو الحارس أن يؤمن العقارات المذكورة لأى شركة من شركات التأمين الأجنبية، مع العلم بأن العمارات المراد تأمينها فى مصر وهى بلد الإسلامى .
فهل يجوز لسمو الحارس أن يجيب طلب المستحقين لذلك ويتعاقد مع شركة أجنبية، على أن تضمن تلك الشركة هلاك العمارات المذكورة بحرق أو غرق أو إتلاف فى نظير مبلغ يدفعه للشركة الأجنبية فى كل سنة أو أن ذلك ممنوع شرعا نرجو إفادتنا
An من حيث إن التعاقد مع شركة السكورتاه على الوجه الوارد بالسؤال يتلخص فى أن المتعاقد معها يلتزم دفع مقدار معين من الدراهم فى كل سنة لأصحاب تلك الشركة لمدة معينة فى مقابل ضمان العمارات المؤمن عليها لوهلكت بحرق أو غرق أو إتلاف ، وحيث إنه يفهم من تعيين سمو الحارس على تلك الأعيان الموقوفة أنها تحت يده وله التصرف فيها بالوجه الشرعى لأن الحارس هنا فى قوة ناظر الوقف يعمل عمله ويتصرف تصرفه، وليس لأحد من أصحاب تلك الشركة تصرف فى هذه الأعيان ولم تكن تحت يد أحد منهم فيكون هذا العقد التزاما بما لا يلزم شرعا لعدم وجود سبب يقتضى وجوب الضمان شرعا لأن أسباب الضمان فى الماليات إما التعدى أو الإتلاف أو الكفالة ولا أثر للتعدى والإتلاف هنا، لعدم حصول واحد منهما من أصحاب تلك الشركة لأن العقارات المؤمن عليها لا تزال تحت يد الحارس عليها، وكذلك الكفالة هنا غير متحققة لأنه لا بد فيها من كفيل يجب عليه الضمان، ومن مكفول له يجب تسليم المال المضمون إليه، ومكفول عنه يجب تسليم المال عليه، ومن مكفول به يجب تسليمه للمكفول له، ولا بد أن يكون المكفول به دينا صحيحا لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء أو عينا مضمونة بنفسها يجب على المكفول عنه تسليمها بعينها للمكفول له إن كانت قائمة حتى إذا هلكت ضمن مثلها إن كانت مثلية وقيمتها إن كانت قيمية، ولا شبهة فى أن شيئا من هذا لا يوجد فى ذلك العقد فلم تتحقق الكفالة، فيكون ذلك العقد فاسدا لأنه معلق على خطر، تارة يقع وتارة لا يقع، فهو قمار معنى .
على أن الحارس هنا غير مالك للعمارات الموقوفة، وإنما يجب عليه صرف ريع الوقف فى وجوهه التى عينها الواقف له فصرف بعض الريع فيما ويسمى ضمانا لهذه الأعيان الموقوفة إضاعة لمال الوقف وخارج عما شرطه الواقف مصرفا للريع، فهو غير جائز شرعا هذا هذا ما ظهر لنا .
والله أعلم(6/118)
تأمين وادخار واستثمار
F حسنين محمد مخلوف .
شعبان 1372 هجرية - 11 مايو 1953 م
M 1 - استثمار الأموال المدخرة يقتضى توزيع أرباحها نسبة رءوس الأموال، بشرط مطابقة ذلك لما تقتضيه الأحكام الشرعية .
2 - التعاون بين الناس مطلوب شرعا .
3 - القرض الحسن ثوابه عظيم .
4 - التوسط والاعتدال فى المعيشة مندوب إليهما شرعا
Q من حضرة الصاغ أركان الحرم م ر ح قال تكون بين ضباط القوات المسلحة صندوق للتأمين والادخار، بقصد تنمية روح الادخار بين الأعضاء والمعاونة على تحسين حالهم، اجتماعيا واقتصاديا بتحقيق الأغراض الآتية : 1- إعانة عائلات الأعضاء الذين يتوفون أثناء عضويتهم .
2- إعانة الأعضاء الذين يصابون بعاهات مستديمة تعجزهم كلية عن العمل .
3- إقراض الأعضاء لمواجهة الأزمات العارضة، وقد اشترطت أن يكون القرض حسنا بدون فوائد .
4- يدفع العضو اشتراكا شهريا يتغير على رتبته ودرجته كلما رقى .
5 - تتكون أموال الصندوق من الاشتراكات والتبرعات التى ترد للصندوق عن طريق الوقف والوصايا والهبات وغيرها، ومن أرباح وفوائد استثمار الأموال ( وقد اشترطت ألا تتنافى هذه المعاملات فى استثمار الأموال مع الشريعة الإسلامية السمحة ) .
6 - عندما يصل سن العضو إلى الخامسة والخمسين من عمره يجوز له أن يسترد كل ما دفعه من أموال مدخرة، مضافا إليها نصيبه فى الهبات وأرباح الأموال .
7- إذا توفى العضو يقوم الصندوق بدفع مبلغ معين من المال إلى الورثة الذين يعينهم، أو حسب الميراث الشرعى - هذا المبلغ يختلف باختلاف الرتبة التى بدأ فيها العضو سداد الأقساط .
فمثلا إذا بدأ الضابط الاشتراك وهو فى رتبة الملازم ثان، فإن الصندوق يدفع لورثته إذا توفى فى أى سن مادام مشتركا مبلغ ألف جنيه .
وإذا بدأ وهو فى رتبة الصاغ فإن الصندوق يدفع للورثة 825 جنيها وهكذا .
وذلك بصرف النظر عما يكون قد تم سداده من الأقساط .
8- إذا أصيب العضو وهو فى الخدمة العسكرية بعجز كلى مستديم نتج عن عدم لياقته للخدمة .
فإن الصندوق يصرف له مكافأة تعادل المبلغ المؤمن به الأصلى، وهو نفس المبلغ الموضح فى البند رقم 7 عاليه ويختلف أيضا باختلاف الرتبة التى بدأ فيها سداد الأقساط .
9- هذا الصندوق خاص بضابط القوات المسلحة ويقوم بإدارته مجلس إدارة معين منهم، وتسقط العضوية فيه عند الاستقالة من الخدمة العسكرية بدون استحقاق معاش، أو عند شطب اسم العضو من سجل أسماء الضباط - وفى هذه الحالة يسترد الفرد كل ما كان قد دفعه من أقساط مضافا إليه استحقاقه فى الأرباح والهبات
An اطلعنا على الاستفتاء المقدم من حضرة السائل بتاريخ 16 مارس 1953 وما تضمنه من مشروع نظام صندوق الادخار والتأمين لضباط القوات المسلحة، فوجدناه نظاما تعاونيا مفيدا سليما مما يوجب تحريمه، حيث اشترط فيه صراحة أن يكون القرض للمتعاونين قرضا حسنا بلا فائدة، وأن لا تستثمر أمواله بما ينافى أحكام الشريعة الإسلامية السمحة - ولكن يجب أن يزاد فى الشروط أن يكون توزيع الأرباح الناتجة فعلا من استثمار أمواله المنصوص عليه فى البند الخامس مطابقا لما تقتضيه الأحكام الشرعية المعروفة فى ذلك بحيث يوزع الربح الناتج من الاستثمار لا بنسبة مئوية، بل بنسبة رءوس الأموال، كما فى بعض شركات بنك مصر كشركة الغزل والنسيج - والمشروع مع ذلك سبيل للاقتصاد وترك الإسراف والبذخ فى العيش، وبحث على الادخار من اليوم إلى الغد، والتعاون مطلوب شرعا بقوله تعالى - { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } المائدة 2 ، وبقوله تعالى { وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا } المزمل 20 ، والقرض الحسن له ثواب عظيم، ففى حديث ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (ما من مسلم يقرض قرضا مرتين إلا كان كصدقتها مرة) والتوسط والاعتدال فى أمور العيش مندوب إليهما ففى الحديث الشريف أمرنى بتسع (منها) القصد فى الغنى والفقر - أى فى الحالتين - لذلك نرى المضى فى إقرار هذا المشروع لخير الضباط مع وجوب النص على هذه الشروط فى صلبه وتطبيقها عمليا .
والله الموفق للخير(6/119)
ما يستحق من الجمعيات الخيرية ليس تركة
F أحمد هريدى .
12 مارس 1964 م
M 1 - المبالغ التى تدفع من الجمعية أو الهيئة إلى ورثة المتوفى من أعضائها تعتبر امتيازات تقوم بها لصالحهم ولا تعتبر تركة .
2 - ما يدفع يكون من قبيل العون المالى لورثة من يتوفى، ولا تخضع هذه المبالغ لأحكام الوصية أو الميراث .
3 - وصية المتوفى بها لبعض ورثته غير معتبرة، لكونها غير تركة وإنما يكون هذا منه تعيينا لبعض ورثته الذين يستحقون العون والمساعدة من الجمعية، أو الهيئة على نظام التأمين المعمول به للموظفين .
4 - تصرف هذه المبالغ لمن عينه المتوفى فى الوصية بدون إجازة من الباقين، ولا حق لباقى الورثة فى شىء منها
Q بالطلب المقدم من السيدة / ز ع ر المتضمن أن المرحوم عبد الرحمن توفى بتاريخ 13 يونيه سنة 1963 عن زوجته الطالبة وعن بناته الثلاث وعن أخويه الشقيقين فقط .
وأنه كان حال حياته مشتركا فى جمعية البر والإحسان والضمان الاجتماعى التابع لها، وفى الرابطة العامة للكتابيين، وفى الرابطة العامة للعمال بالاسكندرية، وكل هذه الهيئات بالسكة الحديد، وأنه قد أوصى بجميع حقوقه لدى هذه الهيئات، وبكافة الامتيازات التى تمنحها تلك الهيئات للورثة بعد الوفاة لزوجته وبناته الثلاث .
على أن يكون للزوجة الثمن وللبنات الباقى بالسوية بينهن - وتقول الطالبة إن شقيقى المتوفى وهما باقى الورثة ينازعان فى تنفيذ هذه الوصية بالنسبة لما زاد على الثلث .
وطلبت السائلة بيان الحكم فى هذه الوصية .
وقد أرفقت بطلبها صورة من إشهاد الوفاة والوراثة الخاص بوفاة زوجها المذكور عن هؤلاء الورثة .
وورقة الوصية العرفية المشار إليها، وهى بتاريخ 24/4/1960 دلت على صدور الوصية على النحو المشار إليه
An ظاهر من الأوراق أن المتوفى كان مشتركا فى الجمعيات والهيئات المشار إليها .
وأن هذا الاشتراك يجعل له بعض الحقوق قبلها بمقتضى النظام الموضوع لها .
وتتمثل هذه الحقوق فى مبالغ مالية تدفعها الجمعية أو الهيئة لورثة من يتوفى من المشتركين وامتيازات تقوم بها لصالحهم، وأن الوصية قد انصبت على هذه الحقوق والامتيازات، ومثل هذه الحقوق والامتيازات لا تعتبر تركة تورث عن المتوفى، ولا تدخل ضمن الحقوق التى اعتبرها الفقهاء مما يورث عن الميت، لأنه لم يثبت للشخص حق تقرر لدى الهيئة أو الجمعية، وإنما تقوم الجمعيات والهيئات بما تقوم به من قبيل العون المالى، والمساعدات المادية والأدبية لورثة من يتوفى .
وهى غير مقدرة ولا محددة المقدار، بل تقدرها الجمعيات على ضوء اعتبارات وعوامل يتضمنها النظام الذى تسير عليه، ومن ثم لا تخضع لأحكام التركات ولا تنطبق عليها أحكام الميراث .
وإذن فلا يعتبر ما صدر من المتوفى وصية بالتركة، أو ببعض منها لبعض الورثة، حتى تنطبق أحكام المادة رقم 37 من القانون رقم 71 لسنة 1946 بأحكام الوصية، وإنما يعتبر تعيينا من المتوفى للأشخاص الذين يستحقون العون والمساعدة التى تدفعها الجمعيات والهيئات على مثال ما يفعله الموظفون بالنسبة للتأمين .
وإذن فتستحق الزوجة والبنات الثلاث جميع ما تصرفه الجمعيات والهيئات المذكورة لهن بالنسبة التى حددها المتوفى .
الثمن للزوجة والباقى للبنات الثلاث بالسوية بينهن دون توقف على إجازة الأخوين الشقيقين، ودون أن يكون لهذين الأخوين حق فى تلك المبالغ، وذلك من الوجهة الشرعية .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء به السؤال .
والله أعلم(6/120)
التأمين ضد الحريق محرم شرعا
F جاد الحق على جاد الحق .
صفر 1401 هجرية - 14 ديسمبر 1980 م
M 1 - التأمين ضد الحريق من الوجهة القانونية يعتبر عقدا احتماليا ولا ترى الشريعة الإسلامية جوازه لما فيه من غبن وضرر .
2 - التزام المسلمين بنصوص الشريعة الإسلامية واجب
Q بالطلب المتضمن أن إحدى الهيئات المختصة بإقراض الجهات القائمة على بناء المساكن قد طلبت منا إبرام عقد للتأمين ضد الحريق كشرط يتوقف عليه قيام هذه الهيئة بإقراضنا المال اللازم لإنشاء المبانى التى تزمع جمعيتنا إنشاءها، وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان يجوز للجمعية إبرام هذا العقد ضد الحريم شرعا أم لا يجوز وهل يدخل هذا العقد ضمن عقود الغرر
An المعروف أن وثيقة التأمين ضد الحريق التى تصدرها شركات التأمين فى مصر تحتوى على بند مضمونه ( تتعهد الشركة بتعويض المؤمن له أو ورثته أو منفذى وصيته أو مديرى تركته كل تلف مادى بسبب الحريق بالعين المؤمن عليها طبقا للشروط العامة والخاصة الواردة بهذه الوثيقة ) .
ونصت المادة 766 من التقنين المدنى ( القانون المدنى المعمول به الآن فى مصر رقم 131 لسنة 1948 م ) المصرى على أنه ( فى التأمين ضد الحريق يكون المؤمن مسئولا عن كافة الأضرار الناشئة عن حريق أو عن بداية حريق، يمكن أن تصبح حريقا كاملا ، أو عن خطر حريق يمكن أن يتحقق، والتأمين ضد الحريق على هذا يكون مقصودا به تعويض المؤمن عليه عن خسارة تلحق ذمته المالية بسبب الحريق ) .
وتطبيقا لنصوص هذا القانون ينشىء عقد التأمين إلتزامات على عاتق كل من المؤمن والمؤمن له إذ على هذا الأخير أن يدفع أقساط التأمين، وعلى الأول أن يدفع للمؤمن له العوض المالى أو المبلغ المؤمن به، ومع هذا فهو من الوجهة القانونية يعتبر عقدا احتماليا حيث لا يستطيع أى من العاقدين أو كلاهما وقت العقد مرعفة مدى ما يعطى أو يأخذ بمقتضاه فلا يتحدد مدى تضحيته إلا فى المستقبل تبعا لمر غير محقق الحصول أو غير معروف وقت حصوله .
وإذا كان واقع عقد التأمين من وجهة هذا القانون أنه يعتبر عملية احتمالية حيث جاءت أحكامه فى الباب الرابع من كتاب العقود تحت عنوان عقود الغرر لأن مقابل القسط ليس أمرا محققا، فإذا لم يتحقق الخطر فإن المؤمن لن يدفع شيئا ويكون هو الكاسب، وإذا تحقق الخطر ووقع الحريق مثلا فسيدفع المؤمن إلى المؤمن له مبلغا لا يتناسب مع القسط المدفوع، ويكون هذا الأخير هو صاحب الحظ الأوفى فى الأخذ، وبذلك يتوقف أيهما الآخذ ومقدار ما يأخذه من عملية التأمين على الصدفة وحدها، وإذا كان عقد التأمين ضد الحريق بهذا الوصف فى القانون الذى يحكمه تعين أن نعود إلى صور الضمان والتضمين فى الشريعة الإسلامية لنحتكم إليها فى مشروعية هذا العقد أو مخالفته لقواعدها .
وإذا كان المعروف فى الشريعة الغراء أنه لا يجب على أحد ضمان مال لغيره بالمثل أو بالقيمة إلا إذا كان قد استولى على هذا المال بغير حق أو أضاعه على صاحبه، أو أفسد عليه الانتفاع به بحرقه أو بتمزيقه أو هدمه مثلا أو تسبب فى إتلافه، كما لو حفر حفرة فى الطريق فسقطت فيها سيارة أو حيوان أو وضع يدا غير مؤتمنة على مال، كيد البائع بعد البيع أو يد السابق، أو غر شخصا كأن طلب منه أن يسلك طريقا مؤكدا له أنه آمن، فأخذ اللصوص ماله فيه، أو كفل أداء هذا المال ولا شىء من ذلك بمتحقق فى التأمين ضد الحريق، بل وغيره من أنواع التأمين التجارى، حيث يقضى التعاقد أن تضمن الشركة لصاحب المال ما يهلك أو يتلف أو يضيع بغرق أو حرق أو بفعل اللصوص وقطاع الطرق كما أن المؤمن لا يعد كفيلا بمعنى الكفالة الشرعية، وتضمين الأموال بالصورة التى يحملها عقد التأمين محفوف بالغبن والحيف والغرر، ولا تقر الشريعة كسب المال بأى من هذه الطرق وأشباهها لأنها لا تبيح أكل أموال الناس بغير الحق .
قال الله تعالى { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } البقرة 188 ، وقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } النساء 29 ، وإنما تبيح العقود التى لا غرر فيها ولا ضرر بأحد أطرافها، وفى عقد التأمين غرر وضرر محقق بأحد الأطراف، لأن كل عمل شركة التأمين أنها تجمع الأقساط من المتعاقدين معها وتحوز من هذه الأقساط رأس مال كبير تستثمره فى القروض الربوية وغيرها ، ثم تدفع من أرباحه الفائقة الوفيرة ما يلزمها به عقد التأمين عن تعويضات عن الخسائر التى لحقت الأموال المؤمن عليها ، مع أنه ليس للشركة دخل فى أسباب هذه الخسارة لا بالمباشرة ولا بالتسبب، فالتزامها بتعويض الخسارة ليس له وجه شرعى، كما أن الأقساط التى تجمعها من أصحاب الأموال بمقتضى عقد التأمين لا وجه لها شرعا أيضا، وكل ما يحويه عقد التأمين من اشتراطات والتزامات فاسد، والعقد إذا اشتمل على شرط فاسد كان فاسدا .
والمراد من الغرر فى هذا المقام المخاطرة .
كما جاء فى موطأ مالك فى باب بيع الغرر، أو ما يكون مستور العاقبة كما جاء فى مبسوط السرخسى (ج - 13 ص 194) .
وهذا متوفر فى عقد التأمين ، لأنه فى الواقع عقد بيع مال بمال وفيه غرر فاحش، والغرر الفاحش يؤثر على عقود المعاوضات المالية فى الشريعة باتفاق الفقهاء ، ولا خلاف إلا فى عقود المعاوضات غلى المالية وهو قمار معنى، لأنه معلق على خطر تارة يقع وتارة لا يقع، وبذلك يكون مبناه الاعتماد على الخطر فيما يحصل عليه أى من المتعاقدين، ومع هذا ففى عقد التأمين تعامل بالربا الذى فسره العلماء بأنه زيادة بلا مقابل فى معاوضة مال بمال .
والفائدة فى نظام التأمين ضرورة من ضرورياته ولوازمه، وليست شرطا يشترط فقط فى العقد، فالربا فى حساب الأقساط حيث يدخل سعر الفائدة وعقد التأمين محله عبارة عن الأقساط مضافا إليها فائدتها الربوية، وتستثمر أموال التأمين فى الأغلب أو على الأقل احتياطها بسعر الفائدة وهذا ربا .
وفى معظم حالات التأمين - (حالة تحقق أو عدم تحقق الخطر المؤمن ضده) يدفع أحد الطرفين قليلا ويأخذ كثيرا أو يدفع ويأخذ وهذا ربا .
وفى حالة التأخير فى سداد أى قسط يكون المؤمن له ملزما بدفع فوائد التأخير وهذا ربا النسيئة وهو حرام شرعا وقطعا .
وإذا كان التأمين ضد الحريق من عقود الغرر - بحكم التقنين المدنى المعمول به فى مصر فضلا عما فيه من معنى القمار ومن الغبن ومن الشروط الفاسدة وكان القمار وعقود الغرر من المحرمات شرعا بأدلتها المبسوطة فى موضعها من كتب الفقه كان هذا العقد بواقعه وشروطه التى يجرى عليها التعامل الآن من العقود المحظورة شرعا .
ولما كان المسلم مسئولا أمام الله سبحانه عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، كما جاء فى الحديث الشريف الذى رواه الترمذى ونصه ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيم فعل وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه ) ( صحيح الترمذى ج - 9 ص 253 فى أبواب صفة القيامة والرقائق والورع ) وجب على المسلمين الالتزام بالمعاملا التى تجيزها نصوص الشريعة وأصولها والابتعاد عن الكسوب المحرمة أيا كانت أسماؤها ومغرياتها .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/121)
حرمة دراهم البنك والسبرتو وميتة السلحفاة
F بكرى الصدفى .
محرم 1325 هجرية
M 1 - الأخذ من أموال البنك بالفوائد على سبيل التجارة ربا وهو محرم شرعا .
2 - السلحفاة إذا كانت برية المولد ولها دم سائل تكون ميتها نجسة وإلا فلا .
3 - الأصل أن من مات بالجرح بيقين فهو حلال وإن كان بالثقل فلا يحل قطعا وإن شك فيه لا يحل احتياطا .
4 - الجرح بالرصاص بواسطة آلة الصيد المعروفة الآن بالبندقية هو من الإحراق والثقل بسبب قوة اندفاعه لأنه ليس له حد يجرح به الصيد ولا يحل ذلك .
5 - الاسبرتو إذا كان مأخوذا من نيىء ماء العنب فهو حرام وإن كان من غيره كالقصب والبنجر فإن كان مسكرا ففيه الخلاف الوارد فى الأشربة المحرمة غير الخمر من حيث الحرمة والتغليظ والتخفيف والطهارة .
6 - السكر المار على العظام المجهولة الأصل طاهر لأن الشأن فيه الطهارة إلا إذا علم بيقين أنه عظم خنزير أو كلب فإنه يكون نجسا
Q فى البر والبحر هل هى طاهرة الميتة كالسمك أم لا .
وفى البندق الذى يصاد به الحيوان هل يحل أم لا .
وفى الاسبرتو هل هو نجس أم لا .
وإذا كان نجسا فما العلة فى نجاسته . وفى السكر الأبيض المار على العظام المجهولة الأصل .
هل يحكم عليه بالطهارة أم لا أفتونا مع النقل الصحيح أثابكم اللّه تعالى
An أما الجواب عن حرمة دراهم البنك أو حلها فيؤخذ من حاشية الحموى على الأشباه ونص عبارتها فى التمر تاشى فى باب مسائل متفرقة من كتاب الكراهة مانصه لرجل مال حلال اختلطه مال من الربا أو الرشا أو الغلول أو السحت أو من مال الغصب أو السرقة أو الخيانة أو مال يتيم فصار ماله كله شبهة ليس لأحد أن يشاركه أو يبايعه أو يستقرض منه أو يقبل هدية أو يأكل فى بيته ، وكذا إذا منع صدقاته وزكاته وعشره صار ماله شبهة لما فيه أخذه من مال الفقير .
وينبغى أن ترى الأشياء حلالا فى أيدى الناس فى ظاهر الحكم مالم يتبين لك شىء مما وصفنا - انتهى - وأما الأخذ من دراهم البنك على سبيل التجارة بالفاض كما هو المعتاد الآن فلا شك أنه من باب الربا المحرم إجماعا .
وأما السلحفاة المذكورة، فإن كانت برية المولد ولها دم سائل تكون ميتها نجسة وإلا فلا .
وأما الصيد بالبندق فقد أفاد حكم العلامة ابن عابدين فى رد المختار بقوله وفى التبيين والأصل أن الموت إذا حصل بالجرح بيقين حل .
وإن بالثقل أو شك فيه فلا يحل حتما أو احتياطا انتهى ولا يخفى أن الجرح بالرصاص إنما هو بالإحراق والثقل بواسطة اندفاعه العنيف إذ ليس له حد .
وبه أفتى ابن نجيم - انتهى - أما الإسبرتو فيتخذ من أشياء كثيرة مثل القصب والبنجر .
ونهاية ما يقال فيه إنه إن كان مسكرا أو لم يكن أصله النيىء من ماء العنب يجرى فيه الخلاف الذى ذكر فى الأشربة المحرمة غير الخمر ففى الدر من باب الأنجاس بعد الكلام على الخمر مانصه وفى باقى الأشربة روايات التغليظ والتخفيف والطهارة ورجح فى البحر الأول والنهر الأوسط انتهى .
وأما السكر المار على العظام المجهولة الأصل فالشأن فيه الطهارة خصوصا وقد نص العلماء على أن عام الميتة إلا الخنزير والكلب فى رواية طاهرة إذا كانت خالية من الدسومة واللّه تعالى أعلم(6/122)
استثمار المال فى أذون الخزانة وسندات التنمية
F جاد الحق على جاد الحق .
15 ربيع الآخر 1399 هجرية 14 مارس 1979 م
M 1 - قيام البنك باستثمار أموال الأفراد حسب رغبتهم إنما هو من باب الوكالة من أمر خاص بشروط محددة .
2 - أذون الخزانة وسندات التنمية التى تصدرها الدولة بمعدل فائدة ثابتة من باب القرض بفائدة التى حرمتها الشريعة الإسلامية أيا كان المقرض والمقترض لأنها من باب الربا شرعا .
3 - رغبة المستثمرين وحرصهم على الكسب الحلال يستلزم ألا تستغل أموالهم على غير رغبتهم حتى لا يخرج البنك عن حدود ما وكل فيه
Q من بنك مصر - الإدارة العامة للتنظيم وترتيب الوظائف - بكتابه المؤرخ 7 فبراير سنة 1979 والمقيد برقم 59 - 1979 المتضمن أن كثيرا من أبناء الجاليات المصرية بالبلاد العربية طلبوا من إدارة البنك أن تتولى إصدار شهادات استثمار يتم اكتتابهم فيها، بشرط ألا تستغل هذه الأموال فى الإقراض أو فى أعمال ربوية وغير محددة، حتى تكون إسلامية المنبع ولا شبهة فى عوائد استثمارها .
وأن البنك يقوم حاليا بإعداد مشروع يسمح باستثمار هذه الأموال فى أعمال بعيدة عن شبهة الربا تتلخص فى الآتى (أ) تخصيص جزء مما يملكه البنك فى أسهم الشركات المساهم فيها حيث لا تخضع لنسب ربحية ثابتة، وأن هذه الشركات تقوم بالأعمال التجارية أو الصناعية، وليست فى أعمال الائتمان أو الإقراض .
(ب) شراء بعض الأسهم من الشركات الممتاز من سوق الأوراق المالية والخاصة بالعمليات التجارية والصناعية .
(ج) تخصيص جزء من أسهم الشركات الجديد التى يقوم البنك بتأسيسها والتى تتعام فى الصناعة والتجارة بعيدا عن العمليات المالية، واستكمالا لهذه المشروعات التى ينوى البنك إنشاءها رأت إدارة البنك استطلاع رأى دار الإفتاء بالنسبة لإمكانية شراء الأنواع الآتية، وإضافتها إلى الأنواع المشتراه لنفس الغرض .
1 - أذون الخزانة التى تصدرها الدولة وتكتتب فيها البنوك وهى بمعدل فائدة ثابت .
2 - سندات التنمية التى تصدرها الدولة وتساهم البنوك فى شراء جزء كبير منها وهى بمعدل فائدة ثابت، وعلى أن يوضع فى الاعتبار أن للدولة بما لها من حق السيادة الحصول من المواطنين على الإيرادات المختلفة السيادية والخدمية بما يزيد عن المعدلات التى تمنحها للمشتركين فى هذه السندات أو الأذونات كما أنها ليست عرضة للخسارة مما يجعل الاشتراك فى شراء هذه السندات أو الأذونات بعيدا عن شبهة الحرام أو الربا
An إن الظاهر أن رغبة هؤلاء المصريين المستثمرين متجهة إلى البعد عن المعاملات المالية الربوية، وأن البنك حين يقوم بهذه المهمة فى حدود هذه الرغبة يكون عمله من باب الوكالة فى أمر خاص بشروط محددة .
ولما كان البنك يستطيع الرأى الشرعى فى إمكانية استغلال أموال هؤلاء فى شراء أذون الخزانة التى تصدرها الدولة وتكتتب فيها البنوك وهى بمعدل فائدة ثابت، وكذلك فى شراء سندات التنمية وهى بمعدل فائدة ثابت .
ولما كانت أذون الخزانة وسندات التنمية التى تصدرها الدولة بمعدل فائدة ثابت من باب القرض بفائدة، وقد حرمت الشريعة الإسلامية القروض ذات الفائدة المحددة أيا كان المقرض أو المقترض لأنها من بباب الربا المحرم شرعا بالكتاب والسنة والإجماع، فإن تحقيق رغبة المستثمرين وحرصهم على الكسب الشرعى الذى أحله الله يستلزم ألا تستغل أموالهم على غير رغبتهم فى هذه الأذون والسندات، وإنما تستغل فى المشروعات غير الربوية كالمبينة بكتاب البنك، وحتى لا يخرج البنك عن حدود وكالته لهؤلاء يتعين الالتزام بما رغبوا فيه(6/123)
ربا النسيئة
F جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الأول 1400 هجرية - 17 مارس 1980 م
M 1 - فقهاء الشريعة الإسلامية عرفوا البيع بأنه مبادلة المال بالمال تمليكا وتملكا على اختلاف بينهم فى التعبير عن هذا المعنى .
2 - اقتران عقد البيع بالشرط الفاسد مفسد للعقد .
3 - اشتراط هيئة الأوقاف المصرية فى عقد التمليك ومحلقاته دفع المشترى للوحدة السكنية 5 من جملة الثمن المؤجل كريع نظير باقى الوحدة التى لم يدفع ثمنها .
هو عقد آخر على المشترى يدخل فى نطاق الشرط الفاسد، وهو من ربا النسيئة
Q نشرت جريدة الأهرام فى عددها يوم الجمعة الموافق 21 ربيع الأول سنة 1400 هجرية 8 فبراير سنة 1980 المقيد برقم 107 لسنة 1980 فى شأن ما تتقاضاه هيئة الأوقاف المصرية من المتعاملين معها فى تمليك العقارات وأطلقت عليه اسم فائض الريع إذ قالت رسالة المواطن / ع - ع - م إن الهيئة تأخذ فائدة سنويا فوق الثمن المتعاقد عليه مقدارها 5 % فى المائة على باقى ثمن الشقق التى تعرضها للتمليك .
بينما أجاب السيد الأستاذ رئيس مجلس إدارة الهيئة - كما هو منشور فى ذات هذا العدد - بأن هذا فائض ريع وليس تحصيل فوائد، ذلك لأن مشترى الشقة بالتقسيط يدفع مقدما 25 % فى المائة من ثمنها ويسدد الباقى على 40 سنة وبذلك يكون له منطقيا 25 % فى المائة من الملكية وللهيئة الباقى 75 % فى المائة حتى تمام السداد، وخلال فترة التأجيل ينتفع المشترى بكامل الشقة رغم أنه لم يملك سوى 25 % فى المائة فقط، ولا تنتفع هيئة الأوقاف بشىء ولها 75 % فى المائة من الملكية .
ومن هنا ومحافظة على استثمار أموال الأوقاف لجأت الهيئة إلى حساب دخل الشقة لو كانت مؤجرة طوال مدة الأجل 40 عاما مثلا ، ثم خصمت من جملة الدخل 25 % فى المائة ويكون للهيئة الباقى، وكان هذا الحساب على أساس 10 من التكلفة، فوصلت حصة الهيئة إلى 25 ألفا من الجنيهات عن الشقة المكونة من حجرتين وصالة وفقا لقانون الإيجارات، ولكن الهيئة لم تجر المحاسبة على هذا واكتفت بحساب 5 % فى المائة فقط كفائض ريع .
كما اطلعنا بعدد الأهرام يوم الجمعة 13 ربيع الآخر 1400 هجرية الموافق 29 فبراير 1980 على كلمة السيد المستشار فتحى لاشين المفتش القضائى الأول بوزارة العدل تعليقا على ما سبق من أقوال السيد الأستاذ رئيس مجلس إدارة الهيئة، حيث جاء بها أن عقد البيع ورد على كامل الوحدة السكنية موضوع العقد، وأن الرابطة تبعا لهذا بين بائع وبين مشتر وأن هذا استمرار فى التعامل مع الربوى مع رفع شعار تطبيق الشريعة الإسلامية فى المجال الاقتصادى .
هذا وقد ورد إلى دار الإفتاء من السيد المستشار فتحى لاشين نسخة من نص كلمته إلى الأهرام .
وبناء على طلب دار الإفتاء ورد من هيئة الأوقاف المصرية صورة طبق أصلها من عقد التمليك الذى تبرمه الهيئة مع المشترين لوحداته السكنية، وأحد عشر كشفا ببيان الأقساط والريع المستحق سنويا والتى يقتضى سدادها طبقا لنوع الشقة وحجراتها وبذلك مع كتابيها رقم 1620 فى 10/3/1980 ورقك 1686 فى 12/3/1980
An إنه لما كان ما نشرته الأهرام وما جاء بالأوراق الواردة من هيئة الأوقاف المصرية وبأوراق السيد المستشار فتحى لاشين يفيد أن المشترى لوحدة سكنية من هيئة الأوقاف يتملك مبانيها فقط بمجرد التوقيع على العقد، وأن هناك جداول ملحقة بالعقد، ومعتبرة جزءا لا يتجزأ منه وتجرى المحاسبة طبقا لها .
وقد جاء بهذه الجداول بيان الأقساط بدون ريع، وبيان الريع المستحق بواقع 5 % فى المائة وجملتهما ، وبيانات أخرى مفصلة تبعا لعدد حجرات الوحدة .
ولما كان البين من صورة العقد الواردة من هيئة الأوقاف أنه عقد بيع بالشروط المبينة فى مواده وبالجداول الملحقة به ، ومن هذه الشروط استحقاق ا2لهيئة لنسبة 5 % فى المائة من جملة المبلغ المؤجل من ثمن الوحدة السكنية موضوع التعاقد .
وبما أن البيع قد عرفه فقهاء الشريعة الإسلامية بأنه مبادلة المال بالمال تمليكا وتملكا على اختلاف بينهم فى التعبير عن هذا المعنى، وهو مشروع بنصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة وبإجماع المسلمين .
وقد اتفق الفقهاء جميعا على أن اقتران عقد البيع بالشرط الفاسد مفسد للعقد، وتكاد عباراتهم تتفق على أن الشرط الفاسد هو ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه أو يضر بالعقد، وأن من قبيل الشروط الفاسدة أن يشترط أحد المتعاقدين على صاحبه عقدا آخر، ومن أمثلتهم للشرط الفاسد إذا قال البائع للمشترى بعتك هذه الدار وأجرتكها شهرا لم يصح لأن المشترى ملك منافع الدار بعقد البيع، فإذا أجره إياها فقط شرط أن يكون له بدل فى مقابلة ما ملكه المشترى فلم يصح .
ولما كان اشتراط هيئة الأوقاف المصرية فى عقد التمليك وملحقاته أن يدفع مشترى الوحدة السكنية 5 % من جملة الثمن المؤجل، وفسر هذا السيد الأستاذ رئيس مجلس إداراتها بأن هذا ريع مستحق نظير إيجار باقى الوحدة التى لم يدفع ثمنها، فيكون هذا الشرط بهذا المعنى عقدا آخر على المشترى يدخل فى نطاق الشرط الفاسد بالمعيار، بل وبالمثال السابق الذى نص الفقهاء على عدم صحته .
وعلى ذلك يكون واقع الأمر على ما تفيده نصوص العقد وملحقاته أن نسبة الخمسة فى المائة جاءت فائدة مقررة على المبلغ المؤجل من ثمن الوحدة السكنية المباعة، لأن البيع قد تم بالعقد وتسلم المشترى المبيع برضا البائع، فله الانتفاع به جميعه شرعا بدون مقابل غير الثمن المسمى بالعقد، وأخذ نسبة 5 % على المؤجل من الثمن يكون فى نظير التأجيل، وهذا هو ربا النسيئة الذى حرمه الله تعالى فى القرآن الكريم وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
من هذا قول الله سبحانه فى سورة البقرة { ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا } البقرة 275 ، لما كان ذلك وكانت تلك النسبة 5 % إما فى مقابلة تأجيل الدين وإما فى مقابلة تأجير باقى العين كما جاء بتفسير رئيس مجلس الإدارة لهذا الشرط وإن كان هذا التفسير لا تدل عليه بنود العقد ولا ملحقاته التى تقررت بها هذه النسبة فتخلص تلك النسبة إما ربا نسيئة لا محالة لا يخرجها أى اسم أو وصف يطلق عليها عن هذه الحقيقة، أو عقد إجارة فاسد لا تستحق به الأجرة، لأنه ورد على ما ملكه المشترى بعقد البيع مع تأجيل بعض الثمن، وفى كل حال لا تقع هذه النسبة 5 % فى المائة فى نطاق نص مبيح شرعا لاشترطها ، بل وقعت فى نطاق المحرمات على الوجه المبين .
هذا ومما ينبغى تبيانه للناس أن الأصل فى البيع أن يكون بثمن حال، ويجوز أن يكون بثمن مؤجل كلا أو بعضا إلى أجل معلوم حتى لا يؤدى تجهيل الأجل إلى النزاع، والزيادة فى الثمن عند البيع مؤجلا اختلف الفقهاء فى حلها والجمهور على صحة البيع مع تأجيل الثمن والزيادة فيه عن الثمن الحالى .
كما أن من صور البيع التى أجيزت شرعا بيع المرابحة .
وصورته أن يبيع الشىء بربح .
فيقول ثمن هذا المبيع مائة جنيه وأبيعه بمائة وعشرين جنيها مثلا، وهذا جائز لا خلاف فى صحته شرعا .
ولما كان ذلك فإن لهيئة الأوقاف المصرية أن تسير فى هذه العقود على هذا الوجه امتثالا لقوله سبحانه { وأحل الله البيع وحرم الربا } فتضيف فوق التكاليف الفعلية للمبانى الربح المناسب، ثم تبيع الوحدة بثمن محدد لا تتقاضى أكثر منه بهذا الوصف فائض الريع أو إجارة باقى الوحدة السكينة لمشتريها حيث دخل فى نطاق الربويات المحرمات شرعا .
ولقد حذرنا رسول الله بتسميتها بغير اسمها فقال ليشربن أناس من أمتى الخمر ويسمونها بغير اسمها وفى رواية لتستحلن طائفة من أمتى الخمر باسم يسمونها إياه .
وهذا هو الواقع لآن مع الخمر ومع الربا وغيرهما من المحرمات يسميها المسلمون بغير اسمها ويستحلونها .
وبعد فإن الله سبحانه وتعالى قد توعد المتعاملين فى الربا بما لم يتوعد به فى غير هذه الكبيرة فقال سبحانه فى سورة البقرة { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين .
فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون } البقرة 278 ، 279 ، نقل القرطبى فى تفسير هذه الآية أن الإمام مالكا قال إنى تصفحت كتاب الله وسنة نبيه فلم أر شيئا أشر من الربا، لأن الله أذن فيه بالحرب .
هذا وقد روى الشيخان عن النعمان بن بشير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/124)
تعاليم الإسلام ومدى توافقها مع المنظمات التعاونية
F جاد الحق على جاد الحق .
جمادى الآخرة 1401 هجرية 15 أبريل 1981 م
M 1 - التعاون الإسلامى فى الماليات مشروط بألا يدخل فى نطاق الربا المحرم .
2 - كل زيادة مشروطة فى القرض أو استفادة بسببه من باب الربا المحرم فى الإسلام .
3 - كل صورة للتعاون بين الناس تجلب خيرا ولا تحوى إثما أو تجر إليه تكون من مشمولات التعاون المشروع فى الإسلام .
4 - شرع الإسلام مبدأ الوظائف وأعطى العاملين أجرا لتفرغهم لعملهم .
5 - حرم الإسلام الربا بنوعيه حرصا على تنمية المال واستثماره .
6 - المسلمون فى دار الإسلام يجب عليهم اتباع أحكام القرآن .
أم المسلم الذى يقيم فى بلد غير إسلامى فهو فى حال ضرورة إذا اضطر للتعامل بغير ما يقضى به الإسلام
Q بكتاب سفارة نيجيرا بالقاهرة المؤرخ 14 نوفمبر سنة 1980 المرفق به ورقة الأسئلة الموجهة من السيد الحاج رينجيم .
رئيس اتحاد توفير القرض النيجيرى وقد جاء بها إن هذا الاتحاد يعمل بصفة عامة من أجل أربعة أغراض هى : 1 - تقوية الاقتصاد .
2 - توفير الضمان بأقل معدل من الفائدة .
3 - تعليم الناس الاستغلال الحكيم لأموالهم والإدارة الصالحة لمواردهم المحدودة .
4 - تعليم الناس التعاون بتجميع جميع الموارد المالية والإنسانية من أجل حل مشاكلهم .
ثم إن هذا الاتحاد مجموعة من الأشخاص قرروا أن يوفروا أموالهم من أجل توفير قروض والحصول على فائدة قليلة بينهم .
وعلى سبيل المثال أعضاء الاتحاد هم بعض الأفراد فى المجتمع، أو العاملين فى أى وزارة حكومية أو من سكان القرى، والعضوية فيه مفتوحة للجميع بغض النظر عن الديانة أو الجنسية أو الانتماء السياسى .
ويعمل الاتحاد بقبول مدخرات أعضائه، ومن هذه المدخرات يوفر القروض للأعضاء بأقل سعر من الفائدة لمواجهة النفقات المتزايدة .
ويحرص الاتحاد على أن تظل النفقات على أقل قدر ممكن، وأن غرضها الأساسى هو أن تؤدى خدمات دون أن تحصل على فائدة .
وما تحصله من فوائد على القروض إنما هو لتتمكن من دفع التكاليف لمواجهة كل الاحتياجات المطلوبة ودفع فائدة عادلة على المدخرات للأعضاء، ثم إن هذه الفائدة تدفع منها التكاليف والنفقات لتعود إلى الأعضاء مرة أخرى لتقسم على المدخرات، فليس هناك أى استغلال، وينتخب الأعضاء من بين أنفسهم المدير ومجلس الإدارة لإدارة اتحاد الضمان، والاتحاد يقبل جميع المدخرات من جميع الأعضاء، وبهذا تتجمع الاعتمادات المالية، وهذه الاعتمادات تعود ثانية إلى الأعضاء على شكل قروض لمن يحتاجها من الأعضاء، ولا يتم توزيع النقود كل عام إلا بعد دفع المصاريف .
ثم انتهت الورقة بالأسئلة التالية : 1 - هل تعاليم الإسلام تتوافق مع المنظمات التعاونية عموما أم لا .
2 - كيف يرى الإسلام دور الوظائف للتنمية فى تطوير المجتمعات الأفريقية وأنظمتها السياسية والاقتصادية .
3 - كيف إن مشكلة الفائدة وتعاليم القرآن من الممكن أن تحل فى ضوء الاكتفاء الذاتى عن طريق التعاون والتطوير .
4 - إلى أى مدى يمكن التعاونيات عموما واتحاد الضمان من أن يستفاد منها فى البلاد الإسلامية وأماكن انتشار الإسلام فيها قليل .
5 - مع المؤسسات والمنظمات الإسلامية ينبغى البحث عن رفعة الإنسان عن طريق التعاون عموما واتحاد الضمان الخاص .
6 - ما هى الطريق المثلى - حسب تعاليم الإسلام - لتنظيم اتحادات الضمان بين المسلمين .
7 - أى الفائدة محرمة إسلاميا
An إن الله سبحانه وتعالى أورد الربا فى القرآن فى مواضع متعددة، وكان آخر الآيات نزولا ( ج - 1 ص 267 تفسير فتح القدير للشوكانى ) فى شأنه (على ما صح عن عمر بن الخاب وابن عباس رضى الله عنهم) قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين .
فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون .
وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون .
واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون } البقرة 278 ، 281 ، وفى السنة الشريفة ( سبل السلام للصنعانى ج - 3 ص 8 وما بعدها ) روى البخارى ومسلم وغيرهما عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد) .
وهذا النص من السنة قد قسم الأشياء التى يراد تبادلها إلى ثلاثة أضرب الضرب الأول أن يكون البدلان من نوع واحد، كالذهب بالذهب فهاهنا يخضع التبادل لشرطين التساوى فى الكم، والفورية فى التبادل، بمعنى عدم تأجيل شىء من البدلين .
الضرب الثانى اختلاف نوعى البدلين مع أنهما من جنس واحد كالذهب بالفضة وكالقمح بالشعير، فها هنا شرط واحد، وهو الفورية فى التبادل والقبض، ولا يضر اختلاف الكم .
الضرب الثالث أن يكون البدلان من جنسين مختلفين، كالفضة والطعام ،فلا يشترط فى هذا شىء من هذين القيدين، بل تكون المقايضة فيهما حرة .
والقواعد المستفادة من هذا الحديث الشريف وغيره فى باب التبادل والتقايض .
تهدف إلى حماية النقود والأطعمة، وهما أهم حاجات الناس وأعظم مقومات حياتهم، وذلك بمنع تعريضهما للتقلبات المفاجئة فى التنمية، فوق منع احتكارهما أو إخفائهما، ومن جهة أخرى الحرص على حماية الفقراء وغيرهم من طرق الغين والاستغلال .
ونجد هذا الهدف واضحا فى الحديث الشريف الذى رواه مسلم فى صحيحه (أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشىء من التمر .
فقال له النبى ما هذا من تمرنا فقال الرجل يا رسول الله بعنا تمرنا صاعين بصاع، فقال صلى الله عليه وسلم ذلك الربا ردوه، ثم بيعوا تمرنا، ثم اشتروا لنا من هذا) .
ما هو الربا فى لغة العرب أن الربا الزيادة .
وفى اصطلاح فقهاء المسلمين زيادة مال فى معاوضة مال بمال بدون مقابل .
وهذه الزيادة إما أن تكون حقيقية كالزيادة فى أحد البدلين المتجانسين على الآخر مع التقايض فى الأصناف التى يجرى فيها الربا، وهى ما أطلق عليه الفقهاء (ربا الزيادة) وإما أن تكون الزيادة حكمية، أو زيادة فى المعنى كالتأجيل فى قبض أحد البدلين فى الأصناف التى يجرى فيها هذا النوع من الربا، وفى هذه الحالة تمسى الزيادة ربا النسيئة أى التأخير، وقد تصاحب هذه الزيادة الحكمية زيادة حقيقية فى البدل المشروط تأجيله فى مقابلة الأجل .
فالزيادة إذا كانت مشروطة فى العقد صراحة أو معروفة للمتعاقدين عند إجراء العقد، بحيث يستغنيان بهذه المعرفة عن اشتراطها صراحة تكون ربا من غير شك .
والذى تفيده الأحاديث النبوية الشريفة التى رواها رجال الحديث الموثوق بهم - البخارى ومسلم والنسائى وأحمد - فى أبواب المضاربة والمزارعة والمساقاة أن اشتراط جزء معين من ربح ذلك وثمراته لأحد المتعاقدين منهى عنه، لأنه يخل بالمقصود من العقد، وهو الاشتراك فى النتائج والثمرات .
ومن أجل هذا اشترط الأئمة الفقهاء لزوم خلو العقد من مثل هذه الاشتراطات، تطبيقا للسنة الصحيحة، وهى الأصل الثانى للشريعة .
ولقد أثبت الإمام مالك ( ما يجوز من الشرط فى القراض وما لا يجوز ج - 3 ص 157، 158 شرح الزرقانى على موطأ مالك - المطبعة الخيرية ) فى الموطأ ما يفيد انعقاد الإجماع على أنه لا يجوز اشتراط جزء معين غير نسبى من الربح لصاحب المال فى القراض نفسه .
فقد قال (فى رجل دفع إلى رجل مالا قراضا واشترط عليه فيه شيئا من الربح خالصا دون صاحبه إن ذلك لا يصلح، وإن كان درهما واحدا إلا أن يشترط نصف الربح له، ونصفه لصاحبه أو ثلثه أو ربعه أو أقل من ذلك أو أكثر، فإذا سمى شيئا من ذلك قليلا أو كثيرا فإن كل شىء سمى من ذلك حلال، وهو قراض المسلمين .
قال ولكن إن اشترط أن له من الربح درهما واحدا فما فوقه خالصا له دون صاحبه، وما بقى من الربح فهو بينهما نصفين، فإن ذلك لا يصلح، وليس على ذلك قراض المسلمين) .
لما كان ذلك كانت الفائدة المحرمة فى الإسلام، هى تلك التى سماها (الربا) وهو كل زيادة مالية فى معاوضه مال بمال بدون مقابل حقيقى .
تحريم الربا بهذا المعنى أمر مجمع عليه فى كل الأديان السماوية، كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم .
( سورة البقرة الآيات من 275 إلى 281 وسورة آل عمران من 130 إلى 132 وسورة النساء من 160 الى 161 وسورة الروم الآية 39 ) وبينت السنة النبوية الشريفة تحريمه بنوعيه - ربا الفضل وربا النسيئة - فى أحاديث وحوادث كثيرة حوتها كتب السنة ( فتح البارى شرح صحيح البخارى ج - 4 وصحيح مسلم بشرح النووى ج - 11 ونيل الأوطار للشوكانى ج - 5 ) الصحيحة .
ولقد حث الإسلام بنى الإنسان على التعاون على البر والتقوى ونهاهم عن التعاون على الإثم العدوان .
فقال الله سبحانه فى القرآن الكريم { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } المائدة 2 ، ومن أوجه التعاون على البر المأمور به فى هذه الآية تعاون المسلمين فى الأمور المالية كالتجارة والمزارعة والمساقاة والصناعة، وذلك فى نطاق القواعد العامة التى بينها الله سبحانه فى آيات أخرى كقوله { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } البقرة 188 ، ومع المحافظة على التوازن بين مصلحة الفرد ومصالح الجماعة، على ما تشير إليه آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فالتعاون على الخير بوجه عام أمر مقرر فى الإسلام، وهو الوسيلة القويمة إلى إصلاح المجتمع وإيجاد الصفاء والوفاق بين أفراده، بديلا للجفاء والشقاق والتباغض التحاسد .
والتعاون الإسلامى فى الماليات مشروط بألا يدخل فى نطاق الربا المحرم الذى سبق بيان وصفه وعنوانه وأدلته .
أما دور الإسلام فى ترتيب الوظائف العامة فإن القرآن الكريم قد وضع أساس هذه الوظائف ورتب لها الأجر نظير العمل .
نجد هذا واضحا فى القرآن الكريم .
حيث قال الله سبحانه { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها } التوبة 60 ، إذ فى جعل (العاملين عليها ) أصحاب سهم من الصدقات نظير تفرغهم للقيام على جمعها وإيداعها بيت المال وحفظها .
فى هذا دليل على جواز إنشاء الوظائف اللازمة لإدارة أموال المسلمين ومختلف شئونهم ( بداية المجتهد لابن رشد ج - 1 ص 276 طبع الحلبى بمصر ) وترتيب الأجور والمرتبات بما يكفى حاجتهم ويصرفهم إلى القيام بما أسند إليهم من أعمال، وعلى هذا جرى عمل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده، وتواتر عمل المسلمين عليه فى جميع العصور .
ووفقا لما تقدم عن بيان مفهوم الربا المحرم شرعا (الفائدة) فإنه يجب على المسلمين اجتناب التعامل بهذه الفوائد الربوية بوصفه تعاملا محرما شرعا، ويمكن إيجاد بديل لهذه الفوائد المحرمة باستثمار الموال المدخرة فى شركات للتجارة أو للصناعة أو للزراعة، ويقوم بهذا جمعية تدير هذه الشركات، إما بوصفها وسيطا، وإما بوصفها وكيلا عن أصحاب الأموال المدخرة .
وبمعيار الربا المحرم يمتنع فى نطاق أحكام الإسلام تلك الأعمال التى تقوم بها المصارف التجارية التى تباشر عمليات القروض، إذ أن عملها فى هذا المضمار يقع على ضربين : 1 - اقتراضها الأموال من أصحاب الودائع مقابل فائدة تعطى لهم لأن الودائع فى مثل هذه الحال بمثابة قروض نظير فائدة .
2 - إقراضها الأموال المتجمعة تحت يدها، أو جزءا منها إلى عملاء آخرين مقابل فائدة بسعر أعلى تحصل عليها .
وتثرى هذه المصارف بما يتجمع لديها من فروق بين سعر فائدة الاقتراض وسعر فائدة الإقراض، وهذا هو الربا الذى حرمه الإسلام لما فيه من مضار ومفاسد، ولما يترتب عليه من خلق فئة متعطلة وحبس المال عن التداول .
ومن هنا كان لابد للمسلمين من التفكير فى الالتجاء إلى نظام آخر يبتعدون به عن هذا الربا، ويتمثل هذا النظام بوجه عام فى التعاون على استثمار أموالهم فى الوجوه المشروعة فى الإسلام، وإقراض المحتاجين دون فوائد، وإقراض المنتجين والمستثمرين بمشاركتهم فى مشروعاتهم التجارية أو الزراعية أو الصناعية .
واتحاد الضمان - المسئول عنه - وحسبما جاء بورقة السؤال من إيضاح تدخل أعماله فى نطاق الفائدة المحرمة فى الإسلام، باعتبارها من الربا الذى حرمه الله سبحانه فى القرآن الكريم وعلى لسان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .
فقد جاء بالسؤال عن كيفية عمل اتحاد الضمان ما يلى (إن اتحاد الضمان يقبل مدخرات أعضائه، وبهذه المدخرات يوفرون القرون للأعضاء بأقل سعر من الفائدة، لمواجهة النفقات المتزايدة) .
فهذه الفائدة مهما كانت قليلة تدخل فى نطاق ربا الزيادة أو ربا الفضل الذى سبق بيانه، باعتبارها قدرا من المال زائدا عن أصل القرض فتكون محرمة شرعا .
ذلك لأن عقد القرض فى الشريعة الإسلامية -كما عرفه الفقهاء - هو تمليك شخص لآخر عينا من المثليات له قيمة مالية مما لا ينتفع به إلا باستهلاكه، ويكون ذلك بمحض التفضل، بمعنى أن تكون منفعة القرض عائدة على المقترض فقط، وبهذا خرج عقد الربا، لأنه قرض فى نظير منفعة تعود على المقرض .
والقرض بمعناه الشرعى - سالف الذكر - مشروع بالكتاب والسنة والإجماع .
قال الله تعالى { من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون }البقرة 245 ، وفى السنة الشريفة من حديث الرسول صلى الله ( صحيح البخارى ص 60 ج - 2 ) عليه وسلم ( ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ) .
وقد أجمع المسلمون على مشروعيته فى جميع العصور .
وقد نقل صاحب المغنى ( ابن قدامة الحنبلى ج - 4 ص 360، 361 مع الشرح الكبير ) أن كل قرض شرط أن يزيده فهو حرام بلا خلاف، وقد روى عن أبى بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة .
لما كان ذلك كانت كل زيادة مشروطة فى القرض أو مستفادة بسببه من باب الربا المحرم فى الإسلام .
وإذ كان الظاهر من السؤال أن اتحاد الضمان هو مجموعة من الأشخاص قرروا أن يوفروا أموالهم من أجل توفير قروض والحصول على فائدة قليلة منهم، وأن اتحاد الضمان يقبل مدخرات أعضائه ، وبهذه المدخرات يوفرون القروض للأعضاء بأقل سعر من الفائدة لمواجهة النفقات المتزايدة .
إذ كان ذلك كان الهدف هو تضامن أعضاء هذا الاتحاد وتعاونهم بما يؤدونه من اشتراكات للصندوق الذى يقرض المحتاج من الأعضاء المشتركين فيه .
وإذا كان هذا هو المستهدف . لم يجز فى نطاق أحكام الإسلام فى القروض أن يحصل الصندوق على فائدة من المقترض، مهما كان قدرها، حتى لا يدخل تعامل صندوق الاتحاد مع أعضائه فى نطاق الربا الذى حرمه الإسلام .
وإنما لإدارة هذا الاتحاد أن تحصل من المقترض على مبلغ ثابت وقت القرض فى نظير أجور القائمين على إدارة الاتحاد ورصد حساباته باعتباره أجرة كتابة لا فائدة للقرض .
ذلك لأن فقهاء المسلمين لم يختلفوا على جواز أخذ الأجرة على كتابة صك الدين ،وأن الأجرة فى هذه الحال على المدين ( أحكام القرآن لأبى الرازى الجصاص ج - 1 ص 576 فى تفسير آية المدانية رقم 282 من سورة البقرة وكتاب جامع الفصولين فى الفقه الحنفى ج - 1 ص 349 فى الفصل التاسع عشر فى مسائل الاجازات بين المقرض والمستقرض ) .
وعلى هذه الإدارة أيضا أن تستثمر فائض الأموال المدخرة بالطريق المشروع فى الإسلام، مثل التجارة أو الزراعة أو الصناعة، ولا يجوز لها شرعا الاستثمار بالإقراض بفائدة محددة قدرا وزمنا، كإقراض مائة مثلا بواقع 7 لمدة سنة أو سنتين، لأن القرض على هذا الوجه من الفائدة ربوى محرم فى الإسلام .
ومما تقدم يمكن أن نستظهر الإجابة على الأسئلة المحددة المطروحة على الوجه التالى : 1 - هل تعاليم الإسلام تتوافق مع المنظمات التعاونية عموما بالاتفاق أولا على هذا السؤال أجاب القرآن بقول الله تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } المائدة 2 ، فأى صورة للتعاون بين الناس تجلب خيرا ولا تحوى إثما أو تجر إليه تكون من مشمولات التعاون المشروع فى الإسلام .
2 - كيف يرى الإسلام الوظائف للتنمية فى تطوير المجتمعات الإفريقية وأنظمتها السياسية والاقتصادية من آية { إنما الصدقات } التوبة 60 ، نستفيد مشروعية الوظائف، فقد أعطت هذه الآية نصيبا للعامل الذى يتولى جمع الصدقات واعتبرت عمله هذا وظيفة، وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الولاة والقضاة والعمال على الجهات التى دخلها الإسلام، وأعطاها على ذلك أجرة لتفرغهم لعملهم الذى فيه صلاح حال الناس وقضاء أمورهم .
ومن ثم فالإسلام قد شرع المبدأ .
أما نوعية الأعمال والوظائف فإنها تختلف بحسب الزمان والمكان والعرف والعادة، ولكل قوم أن ينظموا الوظائف حسب مقتضى الحال فى ديارهم فى نطاق قواعد الإسلام العامة، التى لا يتسع مجال هذا السؤال للاستطراد فى بيانها .
3 - كيف إن مشكلة الفائدة وتعاليم القرآن من الممكن أن تحل فى ضوء الاكتفاء الذاتى عن طريق التعاون والتطوير إن الإسلام حرم الربا - بمعناه المتقدم - حرصا على تنمية المال واستثماره بطرق يستفيد بها ومنها أكبر عدد من الناس حتى يتسع مجال العمل والزرق للكثيرين الذين قد تكون لديهم القدرة على العمل، وليس فى أيديهم رأس مال .
ومن هنا كان من دواعى تحريم الإقراض بفائدة أن صاحب المال سيصبح متعطلا عن العمل المثمر، لأنه سيكتفى بفوائد قروضه ، وكان هذا داعيا أيضا لحبس المال عمن يستطيع استثماره بالعمل .
وبهذا وغيره من الحكم التى ابتغاها القرآن بتحريمه للربا تصبح الفائدة المحددة قدرا وزمنا، لا محل لها فى الإسلام بعد أن حث على العمل وعلى استثمار الأموال فى التجارة والصناعة وإمكان القيام به، وهذا من أوجه التعاون فى الإسلام، فإن إقامة الشركات المساهمة - مثلا - تعاون فى سبيل الاستثمار والاكتفاء .
4 - إلى أى مدى يمكن التعاونيات عموما واتحاد الضمان من أن يستفاد منها فى البلاد الأفريقية وأماكن انتشار الإسلام فيها قليل إن المسلم عليه واجب الإيمان بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فى القرآن وفى السنة، وأن ينتهى عما نهى الله عنه، ولقد اعتاد العرب قبل الإسلام التعامل بالربا، فلما حرمه الله .
انتهوا عنه بكل صوره . ومن ثم فإن المسلمين إذا كانوا فى مجتمع إسلامى أو ما سماه الفقهاء المسلمون جار الإسلام وجب عليهم اتباع أحكام القرآن الذى رسم طريقا واحدا للتعاون، هو التعاون على البر والتقوى، ومقتضاه أن نبتعد فى كل صورة للتعاون عما حرم الله سبحانه، أما المسلم الذى يقيم فى بلد غير إسلامى فهو فى حال ضرورة إذا اضطر للتعامل بغير ما يقضى به الإسلام .
5 - مع المؤسسات والمنظمات الإسلامية، ينبغى البحث عن رفعة الإنسان عن طريق التعاون عموما واتحاد الضمان الخاص .
هذه حقيقة لأن الإسلام جاء بالأحكام التى ترفع الإنسان ماديا وأدبيا، فهو قد نظم الحياة الشخصية للمسلم، فرتب سلوكه مع الله بالعبادات، ورتب سلوكه مع نفسه بإرشاده إلى الطرق التى يتغلب بها على مشقات الحياة، وتقوية عزيمته على مواجهة الصعاب، كما رتب سلوكه مع الناس فى المجتمع الذى يعايشه، بأن أبان الطرق الصحيحة للتعامل المالى والأخلاقى بما يؤدى إلى ترابط وتكافل أفراد المجتمع الإسلامى خاصة والإنسانى عامة، ووضع ضوابط للحلال المباح من المعاملات، ونهى نهيا باتا عن المحرمات وبينها أوضح بيان .
6 - ما هى الطريقة المثلى - حسب تعاليم الإسلام - لتنظيم اتحادات الضمان بين المسلمين إن معيار التعاون على البر والتقوى بين المسلمين، هو ما أمر به القرآن الكريم فى قول الله سبحانه { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } المائدة 2 ، واتحاد الضمان - المسئول عنه - بمقاصده وأهدافه الواردة بالسؤال .
قد يدخل فى هذا النطاق إذا لم يقتض فائدة من المقترضين منه، لأن الفائدة المحددة قدرا وزمنا من باب الربا المحرم فى الإسلام كما تقدم ويمكن أن نسميه اتحاد التكافل الإسلامى، وأن يدفع المقترض مبلغا ثابتا فى نظير أجور العاملين على إدارة أموال الاتحاد، كما يمكن استثمار فائض هذه الأموال فى المشروعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة، ويحرم إقراضها بفائدة ربوية فى الإسلام .
7 - أى أنواع الفائدة محرمة إسلاميا الإسلام حرم الربا (الفائدة) كما حرمته الأديان السماوية من قبل، وإن استحله أتباعها، كما حكى القرآن الكريم عنهم ( من الآية 160 و 161 من سورة النساء ) .
والربا المحرم نوعان : الأول - ربا النسيئة ( أحكام القرآن للجصاص ج - 1 ص 552 و 553 ) وهو أن يقول الدائن للمدين أتقضى الدين أم تربى فإن لم يقض الدين زاد فى المال، فيزيد الدائن فى الأجل .
فزيادة المال فى هذا النوع جاءت فى مقابل تأجيل موعد السداد .
الثانى - ربا الفضل أو ربا الزيادة وهو أن يزيد فى التبادل فى المتفقين جنسا، كتبادل ذهب بذهب، أو شعير بشعير ، أو نقود بنقود، فإذا اقترض شخص مائة جنيه من شخص آخر ثم ردها إليه مائة وعشرين، كانت العشرون الزائدة ربا محرما .
ومن هذا يتضح أن أية زيادة فى القرض، سواء كانت فى مقابل تأجيل سداد الدين، أو كانت مشترطة قدرا مثل 5 ، تصبح فائدة محرمة فى الإسلام .
وفى هذا الصدد جاء الحديث الشريف الذى رواه الدار قطنى ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبى ص 350 و 351 ) وغيره عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسم (الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، لا فضل بينهما ..) وفقنا الله للتمسك بالإسلام وكتابه القرآن، وسنة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، إذ ذلك هدى الله { يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم } المائدة 16 ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
ے(6/125)
أرباح بنك ناصر
F جاد الحق على جاد الحق .
ذو القعدة 1399 هجرية - 18 أكتوبر 1979 م
Mاستثمار البنك للأموال فى مشاريع صناعية، وصرفه الأرباح المحققة على حملة دفاتر الاستثمار دون تحديد نسب للربح مقدما .
جائز شرعا وخال من الربا لاحتمال الربح والخسارة
Q بالطلب المتضمن أن السائل يطلب الإفادة عن الأرباح التى يصرفها بنك ناصر الاجتماعى لحملة دفاتر الاستثمار، ويقول فى طلبه إن إدارة البنك أفادته بأنها تستثمر هذه الأموال فى مشاريع صناعية فقط، ثم تصرف الأرباح المحققة على حملة الدفاتر دون تحديد نسب للربح، فهل هذه الأرباح يدخل فيها أى نوع من أنواع الربا، وما الحكم الشرعى فى ذلك
An إذا كان الحال كما ذكر السائل بسؤاله من أن البنك يستثمر الموال فى مشاريع صناعية، ويصرف الأرباح المحققة على حملة دفاتر الاستثمار دون تحديد نسب معينة للربح مقدما فإن هذا التعامل جائز شرعا، لأنه استثمار الأموال دون تحديد للربح سلفا ، وبهذا يخلو هذا التعامل من الربا الذى يحرمه الشرع الإسلامى، إذ الربح فى هذه الحال محتمل والخسارة كذلك محتملة، وبهذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(6/126)
عائد شهادات الاستثمار
F جاد الحق على جاد الحق .
صفر 1400 هجرية - 9 ديسمبر 1979 م
M 1 - الإسلام حرم الربا بنوعيه ربا الزيادة وربا النسيئة وهذا التحريم ثابت بالقرآن الكريم والسنة الشريفة وإجماع أئمة المسلمين منذ صدور الإسلام حتى الآن .
2 - الوصف القانونى الصحيح لشهادات الاستثمار بأنها قرض بفائدة .
يدخلها فى نطاق الفائدة المحددة مقدما التى حرمتها نصوص الشرعية وجعلتها من ربا الزيادة، فلا يحل للمسلم الإنتفاع بها وكذا فوائد التوفير أو الإيداع بفائدة .
3 - القول بأن هذه الفائدة تعتبر مكافأة من ولى الأمر قول غير صحيح بالنسبة للشهادات ذات العائد المحدد مقدما .
4 - الشهادات ذات الجوائز دون الفوائد تدخل فى نطاق الوعد بجائزة الذى أجازه بعض الفقهاء
Q بالطلب المتضمن الإفادة عما إذا كان عائد شهادات الاستثمار حلالا أو حراما وهل يعتبر هذا العائد من قبيل الربا المحرم، أو هو مكافأة من ولى أمر فى مقابل تقديم الأموال للدولة لاستغلالها فى إقامة المشروعات التى تعود على الأمة بالنفع
An إن الإسلام حرم الربا بنوعيه - ربا الزيادة وربا النسيئة - وهذا التحريم ثابت قطعا بنص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وبإجماع أئمة المسلمين منذ صدر الإسلام حتى الآن .
ولما كان الوصف القانونى الصحيح لشهادات الاستثمار أنها قرض بفائدة ، وكانت نصوص الشرعية فى القرآن والسنة تقضى بأن الفائدة المحددة مقدما من باب ربا الزيادة المحرم، فإن فوائد تلك الشهادات وكذلك فوائد التوفير أو الإيداع بفائدة تدخل فى نطاق ربا الزيادة لا يحل للمسلم الانتفاع به، أما القول بأن هذه الفائدة تعتبر مكافأة من ولى الأمر فإن هذا النظر غير وارد بالنسبة للشهادات ذات العائد المحدد مقدما لاسيما وقد وصف بأنه فائدة بواقع كذا فى المائة، وقد يجرى هذا النظر فى الشهادات ذات الجوائز دون الفوائد، وتدخل فى نطاق الوعد بجائزة الذى أجازه بعض الفقهاء .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/127)
جوائز شهادات الاستثمار المجموعة (ج -) ودفاتر التوفير
F جاد الحق على جاد الحق .
صفر 1400 هجرية - 10 يناير 1980 م
M 1 - جوائز شهادات الاستثمار من الفئة (ج -) وجوائز دفاتر التوفير تدخل فى نطاق الوعد بجائزة الذى أباحه بعض الفقهاء .
2 - الفائدة المحددة مقدما لبعض أنواع الشهادات وعلى المبالغ المدخرة حرام، لأنها من باب ربا الزيادة المحرم شرعا
Q بالطلب المتضمن أولا هل الجوائز التى يحصل عليها أصحاب شهادات الاستثمار من فئة (ج -) حلال أم حرام ثانيا السائل لديه دفاتر توفير فى بنك الاسكندرية باسم أولاده - وقد تنازل عن الفائدة لأنها ربا محرم ،ولكن البنك يجرى على الدفاتر سحب شهرى بجوائز لها - فما هو الحكم الشرعى لهذه الجوائز
An إن الجوائز التى تعطى للفائزين من أصحاب شهادات الاستثمار من الفئة (ج -) وللمدخرين فى دفاتر التوفير تدخل فى نطاق الوعد بجائزة الذى أباحه بعض الفقهاء .
أما الفائدة المحددة مقدما لبعض أنواع شهادات الاستثمار الأخرى، وعلى بالمبالغ المدخرة بدفاتر التوفير بواقع كذا فى المائة فهى المحرمة، لأنها من باب ربا الزيادة المحرم شرعا .
لما كان ذلك فإنه يباح للسائل أن يحصل على الجائزة عن شهادات الاستثمار فئة (ج) أو عن دفاتر، التوفير .
أما الفوائد فإنها محرمة .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/128)
استثمار الأموال فى البنوك
F جاد الحق على جاد الحق .
صفر 1400 هجرية - 12 يناير 1980 م
M 1 - الاستثمار بإيداع الأموال فى البنوك بفائدة محددة مقدما، أو بشراء شهادات الاستثمار ذات الفائدة المحددة مقدما قرض بفائدة، وهى بهذا الوصف تكون من ربا الزيادة المحرم شرعا .
2 - الاستثمار دون تحديد فائدة مقدما وبقاؤه خاضعا لواقع الربح والخسارة كل عام جائز وحلال شرعا .
3 - تجب الزكاة فى رأس المال أو الربح الحلال متى بلغ نصابا وهو ما يقابل 85 جراما من الذهب عيار 21 مع توافر باقى الشروط بواقع 2 .
5 فى المائة
Q بالطلب المتضمن أن السائل عنده مال يودع بعضه فى شهادات استثمار البنك الأهلى، ويودع البعض الآخر فى حساب استثمارى فى بنك ناصر الاجتماعى .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى بالنسبة لعائد كل من المبلغين المودعين فى كل من البنكين كما يطلب بيان رأى الدين فى الزكاة الواجبة فى المبالغ المودعة بالبنكين وهل تجب على رأس المال المودع أم على العائد الذى يحصل عليه السائل من البنكين
An الاستثمار بإيداع الأموال فى البنوك بفائدة محددة مقدما أو بشراء شهادات الاستثمار ذات الفائدة المحددة مقدما قرض بفائدة، وبهذا الوصف تكون الفائدة من ربا الزيادة المحرم شرعا، أما الاستثمار دون تحديد فائدة مقدما بل يبقى خاضعا لواقع الربح والخسارة كل عام فهو جائز شرعا، لأنه يدخل فى نطاق عقد المضاربة الشرعية، والربح والاستثمار بهذا الطريق حلال .
ومن هذا يتضح أن العائد من الاستثمار بالطريق الأول حرام ، باعتبار أن فائدة الشهادات محددة مقدما فهى من ربا الزيادة ، وبالطريق الآخر حلال، باعتبار أن الربح غير محدد بل يتبع الواقع من ربح وخسارة، ويتعين على المسلم أن يتخلص من الفائدة المحرمة بالتصدق بها ولا تجب عليها زكاة .
هذا والزكاة تجب فى رأس المال والربح الحلال إذا بلغ المجموع قيمة النصاب الشرعى وهو ما يقابل قيمة 85 جراما من الذهب عيار 21 وذلك بواقع ربع العشر مع توافر باقى شروط وجوب الزكاة فى المال، وتصرف الزكاة على بعض الأصناف الثمانية المبينة فى آية { إنما الصدقات } التوبة 60 ، الواردة فى سورة التوبة .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/129)
التعامل مع البنوك بفائدة محرم شرعا
F جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الأول 1400 هجرية - 22 يناير 1980 م
Mالفائدة المحددة التى تصرفها البنوك نظير إيداع الأموال بها هى من قبيل ربا الزيادة المحرم شرعا ولا فرق فى حرمة التعامل بالربا بين الأفراد والجماعات أو بين الإفراد والدولة
Q بالطلب المتضمن أن المصارف فى مصر تعطى فائدة سنوية لكل مائة مبلغا قدره 7 .
5 أو 8.5 أو 13 وقد أفتى بعض العلماء بجواز ذلك، حيث أن التعامل ليس مع الأفراد ولكن مع المصارف التى تتبع الحكومة، وطلب السائل الإفادة عن حكم هذه الفائدة
An قال الله تعالى فى سورة البقرة { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم } البقرة 275 ، 276 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذهب بالذهب يدا بيد والفضل ربا) ومن هذه النصوص الشرعية وغيرها يكون الربا محرما، سواء أكان ربا نسيئة أو ربا زيادة، ولما كان إيداع المال بالبنوك نظير فائدة محددة مقدما قد وصفه القانون بأنه قرض بفائدة فإن هذه الفائدة تكون من قبيل ربا الزيادة المحرم شرعا، وبالتالى تصبح مالا خبيثا لا يحل للمسلم الانتفاع به وعليه التخلص منه بالصدقة .
أما القول بأن هذا التعامل ليس بين الأفراد ولكن مع المصارف التى تتبع الحكومة فإن الوصف القانونى لهذه المعاملات قرض بفائدة لا يختلف فى جميع الأحوال ولم يرد فى النصوص الشرعية تفرقة بين الربا بين الأفراد وبين الربا ينهم وبين الدولة، وعلى المسلم أن يكون كسبه حلالا يرضى عنه الله والابتعاد عن الشبهات .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/130)
شهادات الاستثمار
F جاد الحق على جاد الحق .
رمضان 1400 هجرية - 2 أغسطس 1980 م
M 1 - الربا بقسميه ربا الزيادة وربا النسيئة .
محرم شرعا بالقرآن والسنة وإجماع المسلمين .
2 - شهادات الاستثمار ذات الفائدة المحددة مقدما من قبيل القرض بفائدة، وكل قرض بفائدة محرم شرعا .
(3) شهادات الاستثمار من الفئة (ج -) ذات الجوائز تدخل دون الفائدة فى نطاق الوعد بجائزة .
وقد أباحه بعض الفقهاء
Q بالطلب المتضمن أن السائل قام بشراء شهادات استثمار من النوعين ( ا، ج - ) ذات الجوائز، وطلب الإفادة عن رأى الدين والشرع فى كل نوع منهما، لأنه قرأ فى الجرائد أن شهادات الاستثمار من النوعين ( ا،ب ) أحلها فريق وحرمها آخرون، وأن النوع ( ج - ) ذات الجوائز حلال .
فما هو رأى الشرع فى ذلك
An يقول الله فى كتابه الكريم { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم الآيتان } البقرة 275 ، 276 ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عن أبى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الذهب الذهب .
والفضلة بالفضلة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطى فيه سواء ) رواه أحمد والبخارى .
ويظهر من هذا أن الربا بقسميه - ربا النسيئة وربا الزيادة - محرم شرعا بهذه النصوص من القرآن والسنة وبإجماع المسلمين .
لما كان ذلك وكانت شهادات الاستثمار ذات الفائدة المحددة مقدما من قبيل القرض بفائدة، وكان كل قرض بفائدة محددة ربا محرما .
ومن ثم تدخل الفوائد المحددة مقدما لشهادات الاستثمار فى ربا الزيادة المحرم شرعا بمقتضى تلك النصوص الشرعية .
أما شهادات الاستثمار من الفئة (ج -) ذات الجوائز دون الفائدة، فتدخل فى نطاق الوعد بجائزة الذى أباحه بعض الفقهاء، ومن ثم تصبح قيمة الجائزة من المباحات شرعا .
لما كان ذلك كان مباحا للسائل أن يحصل على الجائزة من شهادات الاستثمار فئة (ج -) إن جاءت إليه نتيجة القرعة الشرعية ، أما فوائد شهادات الاستثمار الأخرى فهى من قبيل ربا الزيادة المحرم شرعا دون ضرورة أو حاجة .
ويجب على المسلم أن يتحرى الكسب الحلال ويبتعد عن كل ما فيه شبهة الحرام، امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم دع ما يريب إلى ما لا يريبك والله سبحانه وتعالى أعلم(6/131)
الأموال المودعة فى البنوك وبنك فيصل الإسلامى
F جاد الحق على جاد الحق .
ذو القعدة 1400 هجرية - 8 أكتوبر 1980 م
Mتحديد الفوائد عن الأموال المودعة بالبنوك مقدما من قبيل القرض بفائدة وهو محرم شرعا .
وعدم تحديدها مقدما هو من قبيل المضاربة فى المال وهى جائزة شرعا
Q بالطلب المتضمن الإفادة بيان حل أو حرمة الحصول على الفائدة عن المبالغ المودعة بالبنوك التجارية، وكذلك فوائد المبالغ المودعة ببنك فيصل الإسلامى من وجهة نظر الشريعة الإسلامية
An جاء فى القرآن الكريم قوله تعالى { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم } البقرة 275 ، 276 ، وروى البخارى وأحمد عن أبى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذهب بالذهب .
والفضة بالفضلة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطى فيه سواء) .
بهذه النصوص وأمثالها فى القرآن الكريم والسنة الشريفة وبإجماع المسلمين ثبت تحريم الربا سواء كان ربا الزيادة أو ربا بالنسيئة .
لما كان ذلك وكان إيداع النقود بالبنوك التجارية بفائدة محددة مقدما من قبيل القرض بفائدة، كانت هذه الفائدة من باب ربا الزيادة المحرم بتلك النصوص الشرعية - وإذا كانت الفوائد التى يؤديها بنك فيصل الإسلامى محددة مقدما كانت من هذا القبيل المحرم شرعا، أما إذا كان طريقها الاستثمار دون تحديد سابق للفائدة، وإنما يبقى العائد خاضعا لواقع الربح والخسارة كل عام أو فى كل صفقة كان هذا التعامل داخلا فى نطاق عقد المضاربة الشرعية، والربح واستثمار الأموال بهذه الطريقة حالا لشدة الحاجة إليها فى التعامل، لأن من الناس من هو صاحب مال ولا يهتدى إلى التصرف، ومنهم من هو صاحب خبرة ودراية بالتجارة وغيرها من طرق الاستثمار ولا مال له، فأجيز عقد المضاربة الشرعية لتنظيم وتبادل المنافع والمصالح .
هذا وإن الله سائل كل مسلم ومسلمة عن ماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/132)
ايداع الأموال فى البنوك بدون فائدة مباح
F جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الأول 1401 هجرية - 13 يناير 1981 م
M 1 - الإسلام حرم الربا بنوعيه ربا الزيادة وربا النسيئة .
وهذا التحريم ثابت قطعا بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وبإجماع أئمة المسلمين .
2 - إيداع الأموال السائلة (النقود) فى البنوك عامة بدون فائدة بقصد حفظها مباح .
لأنها لا تتعين بالتعيين . واختلاطها بأموال ربوية لا يجعل الإيداع محرما .
3 - استثمار الأموال فى البنوك دون تحديد فائدة محددة مقدما مشروع فى الإسلام
Q بالطلب المتضمن الإفادة عن بيان الحكم الشرعى فيما يلى : 1 - فوائد البنوك عامة والتى تعطى بنسب ثابتة على المبالغ المودعة طرفها .
2 - هل إيداع الأموال فى البنوك دون أخذ فوائد عليها حلال أو حرام .
3 - الإفادة عن بنك فيصل الإسلامى وبنك ناصر الاجتماعى، وهل إيداع المبالغ بهما بالطرق المختلفة سواء أكانت حسابا جاريا أو وديعة أو دفتر توفير .
حلال أم حرام وهل الفوائد من البنك الأخير (بنك ناصر الاجتماعى) حلال أم حرام .
مع العلم بأنه يتم خصم نسبة الزكاة المفروضة شرعا من فوائد الحسابات المذكورة سابقا .
أى فوائد خالصة الزكاة
An إن الإسلام حرم الربا بنوعيه ربا الزيادة .
كأن يقترض من إنسان أو من جهة مبلغا بفائدة محددة مقدما أو ربا النسيئة .
وهو أن يزيد فى الفائدة، أو يقدرها إن لم تكن مقدرة فى نظير الأجل أو تأخير السداد .
وهذا التحريم ثابت قطعا بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وبإجماع أئمة المسلمين .
قال تعالى { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم } البقرة 275 ، 276 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذهب بالذهب يدا بيد والفضل ربا) .
ومن هذه النصوص الشرعية وغيرها يكون الربا محرما، سواء أكان ربا الزيادة أو النسيئة .
فإذا كانت الفوائد المحددة مقدما على المبالغ التى تودع فى البنوك عامة أو بدفاتر البريد قد وصفها القانون بأنها قرض بفائدة فتكون من أنواع ربا الزيادة المحرم فى الإسلام بالنصوص السالفة وإجماع المسلمين .
أما إيداع الأموال السائلة (النقود) فى البنوك عامة بدون فائدة، وإنما بقصد حفظها فهو مباح، لأن النقود لا تتعين بالتعيين فاختلاطها بأموال ربوية لا تجعل الإيداع محرما .
هذا والمعروف عن نظام الاستثمار المعمول به فى بنك فيصل الإسلامى وبنك ناصر الاجتماعى .
أنه لا يجرى على نظام الفوائد المحددة مقدما وإنما يوزع أرباح عملياته الاستثمارية المشروعة بمقادير غير ثابتة، بل خاضعة لمدى ما حققه المشروع من كسب .
والتعامل على هذا الوجه مشروع فى الإسلام، باعتباره مقابلا لما جرى عليه فقهاء المسلمين فى إجازة عقود المضاربة والشركات التى يجرى فيها الكسب والخسارة .
وإذ كان ذلك كان على أصحاب الأموال من المسلمين استثمار أموالهم بالطرق المشروعة التى لا تجلب الحرام، لأن الله سبحانه سائل كل إنسان عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، كما جاء فى الحديث الشريف لا سيما إذا كانت هذه البنوك تتعامل وتستثمر الأموال وتخرج زكاتها كما يقضى الإسلام .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/133)
شهادات الاستثمار والعائد منها والزكاة فيه
F جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الأول 1401 - 2 فبراير 1981 م
M 1 - شهادات الاستثمار ( أ، ب ) ذات الفائدة المحددة المشروطة مقدما زمنا ومقدارا .
داخلة فى الربا المحرم شرعا . 2 - شهادات استثمار (ح-) ذات الجوائز .
تدخل فى باب الوعد بجائزة .
وقد أباحه بعض الفقهاء . 3 - الأرباح الناتجة عن الشهادات ذات العائد المحدد مقدما ربا محرم ويتخلص منه بالتصدق به .
4 - إذا بلغ المال النصاب الشرعى وجبت فيه الزكاة بشروطها
Q بالطلب المقدم من السيد / عوض ح .
الذى يطلب فيه بيان الحكم الشرعى فى شهادات استثمار البنك الأهلى المجموعة (ب) ذات العائد الجارى، وهل هى حلال أم حرام كما يطلب الإفادة عن كيفية الزكاة فيها، وكفيفة التصرف فى العائد منها والمستحق له الآن، وما سبق أن أخذه من البنك من هذا العائد
An جرى اصطلاح فقهاء الشريعة الإسلامية على أن الربا هو زيادة مال بلا مقابل فى معاوضة مال بمال، وقد حرم الله سبحانه وتعالى الربا بالآيات الكثيرة فى القرآن الكريم، وكان من آخرها نزولا على ما صح عن ابن عباس رضى الله عنهما قول الله سبحانه وتعالى { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم } البقرة 275 ، 276 ، ومحرم كذلك بما ورد فى الحديث الشريف الذى رواه البخارى ومسلم وغيرهما عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الذهب بالذهب والفضة بالفضلة ،والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطى فيه سواء ) .
ولما كان مقتضى هذه النصوص أن الربا بكل صورة محرم شرعا وأنه يدخل فيه كل زيادة فى المال المقترض بالشرط والتحديد بلا مقابل .
وأجمع المسلمون على هذا التحريم . ولما كانت شهادات الاستثمار ( ا، ب ) ذات فائدة محددة مشروطة مقدما زمنا ومقدارا، كانت داخلة فى ربا الزيادة المحرم بهذه النصوص الشرعية باعتبارها قرضا بفائدة مشروطة .
أما شهادات الاستثمار (ج -) ذات الجوائز، فإنها تدخل فى باب الوعد بجائزة إذ ليست لها فائدة مشروطة ولا محددة زمنا ومقدارا، فتدخل فى باب المعاملات المباحة عند بعض فقهاء المسلمين الذى أجازوا الوعد بجائزة أما عن الأرباح التى حصل عليها السائل فائدة للشهادات ذات العائد المحدد مقدما فهى ربا محرم، وسبيل التخلص من المال الحرام هو التصدق به - أما عن الزكاة فى هذا المال فإذا كان رأس المال يبلغ النصاب الشرعى وجبت عليه الزكاة فيها، ولكن بشروط وهى أن تكون ذمة مالكها خالية من الدين، وأن تكون فائضة عن حاجته المعيشية وحاجة من يعوله .
وأن يمضى عليها سنة كاملة . والنصاب الشرعى الذى يجب فيه الزكاة بعد استيفاء باقى الشروط .
هو ما تقابل قيمته بالنقود الحالية 85 جراما من الذهب عيار 21 - ويجب عليه إخراج الزكاة بمقدار ربع العشر أى 2 .
5 % فى المائة وتصرف هذه الزكاة للأصناف التى حددها الله تعالى فى قوله { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل } التوبة 60 ، والله سبحانه وتعالى أعلم(6/134)
نقص قيمة الشهادات مع أرباحها عن قيمتها لا يحل الفائدة
F جاد الحق على جاد الحق .
محرم 1402 هجرية - 2 نوفمبر 1981
M 1 - شهادات الاستثمار من الفئة (ب) ذات الفائدة المحددة مقدما زمنا ومقدارا .
داخلة فى ربا الزيادة المحرم شرعا . 2 - نقصان قيمة الشهادات الشرائية مع أرباحها عن قيمتها وقت شرائها لا يكون مبررا لحل فوائدها الربوية
Q بالطلب المتضمن أن السائل أهديت له شهادات استثمار من الفئة (ب) ذات العائد الجارى من والده بمناسبة زواجه وهى فى حوزته إلى الآن .
وقد استحق صرفها حاليا ولها أرباح عن فترة حيازته لها .
والسؤال هل هى حلال بأرباحها .
علما بأن قيمتها الشرائية الآن مع أرباحها أقل من قيمتها وقت الإهداء والشراء
An اصطلح فقهاء الشريعة على أن ربا الزيادة هو زيادة مال بلا مقابل فى معاوضة مال بمال .
وقد حرم الله الربا بالآيات الكثيرة فى القرآن الكريم .
وكان آخرها نزولا على ما صح عن ابن عباس رضى الله عنهما قول الله سبحانه وتعالى { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم } البقرة 275 ، 276 ، وحرمه كذلك بما ورد فى الحديث الشريف الذى رواه البخارى ومسلم وغيرهما .
عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر ، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطى فيه سواء) .
ولما كان مقتضى هذه النصوص أنا الربا يدخل فيه كل زيادة على المال المقترض أو المودع بالشرط والتحديد بلا مقابل، وقد أجمع المسلمون على تحريمه إعمالا لنصوص القرآن والسنة الشريفة .
ولما كانت شهادات الاستثمار من الفئة (ب) ذات فائدة محددة مشروطة مقدما زمنا ومقدارا، كانت داخلة فى ربا الزيادة المحرم شرعا بمقتضى تلك النصوص، باعتباره قرضا بفائدة مشروطة مقدما زمنا ومقدارا أما ما جاء بالسؤال من أن قيمة هذه الشهادات الشرائية الآن مع أرباحها أقل من قيمتها وقت إهدائها إلى السائل أو وقت الشراء فلا يصلح مبررا لاستحلال هذه الفوائد الربوية، فقد نقل الإمام الإسبيجابى فى شرح الطحاوى اتفاق الفقهاء على أن الفلوس إذا لم تكسد ولكن غلت قيمتها أو نقصت، فعلى المقترض مثل ما قبض من العدد مادام نوع الفلوس محددا (رسالة تنبيه الرقود على مسائل النقود من رخص وغلاء وكساد وانقطاع للعلامة ابن عابدين ج - 2 مجموع الرسائل ص 58 - 67) .
وإذ كان ذلك كانت القيمة الاسمية لهذه الشهادات حلالا باعتبار أن أصلها جاء هدية من كسب حلال فى الغالب حملا لحال المؤمنين على الصلاح، كما هو الأصل .
أما الفائدة التى استحقت عليها طبقا لنظام إصدارها فهى من باب ربا الزيادة المحرم، باعتبارها محددة زمنا ومقدارا، ولا يحل للمسلم الانتفاع بهذه الفائدة باعتبارها من الأكساب المحرمة، وله قبضها وتوجيهها إلى أى طريق من طرق البر ( انظر كتاب احياء علوم الدين للامام الغزالى ص 882، 883 مسلسل ج - 5 ص 92، 93 تحت عنوان الحلال والحرام - النظر الثانى فى المصرف طبعة لجنة الثقافة الإسلامية 1356 هجرية ) كبناء المساجد أو المستشفيات أو إعطائها لفقير أو مسكين على ما أشارت إليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى التصرف فى الكسب الحرام، إبراء لذمة المسلم من المسئولية أمام الله .
فقد ورد فى الحديث الشريف عن أبى برزة الأسلمى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيم فعل وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه ) ( صحيح الترمذى ج - 9 ص 253 ) والله سبحانه وتعالى أعلم(6/135)
تقسيط ديوانى
F بكرى الصدفى .
ربيع الثانى سنة 1324 هجرية
M 1- التقسيط الديوانى هبة ولا تبطل بالشرط الفاسد وتتم بالقبض .
2- قول الرجل لآخر أعطيتك دارى حياتك فإذا مت تكون لى فالهبة صحيحة ويبطل الشرط .
3- قول صاحب التقسيط ومن بعد انقراض ذريتها الخ لا يكون التقسيط به وقفا ولا تأثير به على صحة الهبة
Q من محمد بك توفيق من ذوى الأملاك بمصر فى تقسيط رزنا مجى هذا عنوانه تقسيط أطيان جفالك رزقة بلا مال بوجه الإيهاب من لدن المراحم الخديوية وهذا نصه إعطا عن جانب سعادة لا مع النور دستور وقور الخديوى الأكرم أفندينا ولى النعم مد سعيد باشا المعظم حامى حمى الإسلام بالديار المصرية من أطيان ناحية طبنوها عن أصل أطيان جفالك سعادة أفندينا ولى النعم المشار إليه بمديرية الغربية باسم الست كلفدان جركس من تعلقات أفندينا ولى النعم المشار إليه رزقة بلا مال عن ما كانت تلك الأطيان مقيدة باسم سعادة افندينا ولى النعم المشار إليه رزقة بلا مال من ضمن تقسيط ديوانى مؤرخ فى غرة رجب سنة 1255 والآن بمقتضى الإرادة السنية أطيان مذكورة برموجبه دفتر إفراز وتحديد تلك الأطيان الواردة من مديرية الغربية بأختام عمد النواحى المذكورة ومعاون المالية وإفادة المديرية رقم 17 ذى سنة 1270 بعهدة الست المومى إليها ما دامت بقيد الحياة هى وذريتها إعطا وتوجيه شده ومن بعد انقراض ذريتها الثلثاى من تلك الأطيان إلى مدفن مرحومة جنتمكان الست عين الحياة هانم والدة سعادة أفندينا ولى النعم المشار إليه والثلث إلى مسجد الأستاذ الأباصيرى رضى الله عنه عن جانب سعادة أفندينا ولى النعم المشار إليه بجهتين مذكورتين وقف وإرصاد شدة بر موجب منطوق إرادة سنية الصادرة من المالية عربى العبارة رقم 10 ذى سنة 1270 وعلى موجبها إفادة المالية رقم 25 ذى سنة 1270 فبناء على منطوق الإرادة المشار إليها تطبيقا للأصول المقررة أطيان مذكورة باعتبار عن أول توت سنة 1269 بر وجه مشروح رزقة بلا مال دردفتر أرزاق ثبت وقيد شدة .
وكما هى الأصول قد تحرر هذا التقسيط الديوانى بديوان الرزنامجة العامرة - انتهى - فهل يعتبر هذا التقسيط تمليكا على وجه الإيهاب وقد تمت الهبة فيه بالقبض وحيازة الموهوب له العين الموهوبة ويكون شرط الوقف بعد انقراض الذرية شرطا فاسدا لا يؤثر على صحة الهبة كما قضت به المحكمة العليا فى مثل هذا التقسيط أو أنه يعتبر وقفا ذلك هو ما نستمده من علم فضيلتكم طبقا لما تقضى به نصوص الشريعة الغراء أدامكم الله مخدمها ومن طيه ورقة التقسيط
An فيما سبق بتاريخ 12 القعدة سنة 1323 رفع إلينا مثل هذا السؤال بنصه ومعناه فأجبنا عنه بما نصه نص العلماء على أن الهبة لاتبطل بالشروط الفاسدة، وقالوا لو قال أعطيتك دارى حياتك فإذا مت فهى لى صحت الهبة وبطل الشرط .
وقالوا .
إن قال جعلته باسم ابنى يكون هبة لأن الناس يريدون به التمليك والهبة إذا تقرر هذا فنقول إن المتبادر من عبارة هذا التقسيط وعنوانه أن ما تضمنه من الإعطاء والتوجيه على الوجه المبين به من باب الهبة الصحيحة ولا ينافى ذلك قوله ومن بعد انقراض ذريتها إلى آخره، لأنه شرط فاسد والهبة لا تبطل به .
فحيث صدر الإعطاء والتوجيه ممن يملكه للست دلاور المذكورة وقبضت تلك الأطيان المعطاه ووضعت يدها عليها بالطريق الشرعية فى حياة الواهب مفرزة معينة غير مشغولة بغيرها تمت تلك الهبة ، وكانت الأطيان المذكورة ملكا للست دولار المرقومة ولا تكون وقفا بمجرد ما جاء فى التقسيط المذكور من قوله ومن بعد انقراض ذريتها إلى آخره كما علمت وهذا بعينه هو جواب هذا السؤال والله تعالى أعلم(6/136)
ارصاد أطيان وعقارات من ولى الأمر
F بكرى الصدفى .
رجب سنة 1326 هجرية
M 1- إرصاد الأطيان من السلطان عن جهة خير وقف نافذ شرعا مادامت من بيت مال المسلمين .
2- لا يجوز نقض ذلك مادام المرصد معينا والمرصد معلوما معينا كذلك .
3- التغيير بدون وجود شرعية تقتضيه غير معتبر ولا يلتفت إليه
Q بافادة واردة من نظارة الحقانية بتاريخ 5 يوليو سنة 908 نمرة 2120 بناء على ما ورد لنا من نظارة المالية بتاريخ أول يوليو سنة 908 نمرة 250 وصورة ما ورد من نظارة المالية ما نصه (فحوى الأمر العالى الصادر من الخديوى الأسبق إسماعيل باشا إلى نظارة المالية فى 11 شوال سنة 1290 42 المنسوخة صورته بالورقة المرفقة بأنه أعطى وأوهب كافة الأملاك والقارات والأطيان التى تخلفت لحد الآن (وقتها) على ذمة الميرى من مبايعة عبد الحليم باشا ما عدا ما استثنى منها فى هذا الأمر إلى المكاتب الأهلية بنوع الإنفاق لصرف ريعه ومستغلاته على المكاتب المذكورة وأنه قبل التسليم فى إيقافها ينظر فيها بمعرفة مدير عموم الأوقاف والمدارس وإذا تراءى له أن بعضها يلزم تصريفه بالمبيع على ذمة الأوقاف وتحصيل ثمنه لصرفه فى شئون بنايات أو عمارات تتعلق بالمكاتب الأهلية أو استبدال شىء بخلافه يتحصل منه إيراد وريع للمكاتب بمراعاة ما فيه المنفعة فى هذا وذاك فما يتراءى له فى ذلك يكون مرخص بإجراء وتنفيذه قبل توقيع مسوغ الاتفاق وما يتبقى بعد ذلك من الأملاك والعقارات والأطيان المذكورة ويستقر الحال على إنفاقه مع ما يكون حصل استبداله لجهة الوقف على وجه ما ذكر .
فبعد المداولة مع المومى إليه يجرى عملية الاتفاق وتحرير الوقفية اللازمة عن ذلك باسم المكاتب الأهلية .
وحيث إنه للان لم تتحرر وقفية بالأعيان المذكورة من المحكمة الشرعية باسم المكاتب الأهلية .
وحيث يهم نظارة المالية معرفة ما إذا كان فى الحالة التى ذكرت تعتبر الأعيان المحكى عنها وقفا أم لا، بناء عليه اقتضى تحريره لسعادتكم بأمل التنبيه باستفتاء حضرة مفتى أفندى الديار المصرية عما يقتضيه الحكم الشرعى فى ذلك والتكرم بالإفادة أفندم
An علم ما تضمنته إفادة الحقانية الواردة لنا بتاريخ 5 يوليو سنة 908 نمرة 2120 وما تضمنتنه إفادة المالية المرسلة لنظارة الحقانية بتاريخ أول يولية سنة 908 نمرة 250 وما تضمنته صورة أمر كريم صادر لنظارة المالية فى 11 شوال سنة 1290 نمرة 42 والإفادة عما يراد الاستفهام عنه أن ما تضمنته صورة ذلك الأمر يفيد إرصاد العقارات والأطيان المبينة به على المكاتب الأهلية من قبل المرحوم إسماعيل باشا خديوى مصرى الأسبق .
وقد نص العلماء على أن إرصاد الأطيان والعقارات التى هى من حقوق بيت المال على مصلحة عامة من مصالح المسلمين من قبل الأمراء والوزراء الذين هم نواب السلطان صحيح نافذ شرعا لا يجوز نقضه .
فمتى كانت الأطيان والعقارات المذكورة فى الأمر المشار إليه معلومة معنية وقد أرسلها ووقعها المرحوم إسماعيل باشا على المكاتب الأهلية المعدة لتعليم القرآن يكون ذلك من قبيل الوقف على المساجد والحصون وقراء القرآن والفقهاء ونحو ذلك من كل ما فيه معنى التأبيد فيكون معتبرا شرعا .
ولا ينافى ذلك ما جاء فى حاشية الأمر المشار إليه عما يشعر بأن إنفاق ما ذكر لم يتم نهائيا، فإن المعول عليه إنما هو ما صدر أولا ولا يغيره ما جاء ثانيا، فإن التغيير بدون وجود شروط شرعية تقتضيه لا يلتفت إليه .
هذا ما ظهر لى فى الجواب . وللإحاطة تحرر هذا والأوراق عائدة من طيه كما وردت .
والله تعالى أعلم(6/137)
تقسيط ديوانى
F بكرى الصدفى .
ربيع أول سنة 1332 هجرية
Mالتقسيط الديوانى من باب الهبة الصحيحة متى تمت بالقبض وهى لا تبطل بالشروط الفاسدة وتكون الأعيان الموهوبة ملكا للموهوب له وتورث عنه شرعا
Q من محمد أفندى فى التقسيط الديوانى الآتى ذكره .
هل يعتبر ملكا أم وقفا ونص عبارة التقسيط المذكور هى كالآتى (براى عن جانب سعادة لامع النور دستور وقور الخديوى المكرم أفندينا ولى النعم حامى حمى الإسلام بالديار المصرية عن أطيان الناحية المذكورة أدناه عن أصل أطيان جفلك سعادة أفندينا ولى النعم المشار إليه بمديرية الغربية باسم الست شهرات جركس من تعلقات أفندينا ولى النعم المشار إليه رزقة بلا مال عما كانت تلك الأطيان مقيدة باسم سعادة أفندينا ولى النعم رزقة بلا مال ضمن تقسيط ديوانى مؤرخ فى غرة رجب سنة 55 والآن بمقتضى الإرادة السنية أطيان مذكورة برموجب دفتر إفراز وتحديد تلك الأطيان الوارد من مديرية الغربية بأختام عمد النواحى المذكورة ومعاون المالية وإفادة المديرية رقم 17 جاء سنة 70 بعهدة الست شهرات جركس المومى إليها مادامت بقيد الحياة هى وذريتها إعطاء وتوجيه شده ومن بعد انقراض ذريتها الثلثاى من ذلك الأطيان إلى مدفن مرحومة جنتمكان الست عين الحياة هانم والدة سعادة أفندينا المشار إليه والثلث إلى مسجد الأستاذ الأباصيرى رضى الله تعالى عنه عن جانب سعادة أفندينا ولى النعم المشار إليه بجهتين مذكورتين وقف وإرصاد شدة برموجب منطوق إرادة سنية الصادرة للمالية عربى العبارة رقم 10 جاء سنة 30 وعلى موجبها إفادة المالية فى 25 جاء سنة 70 فبناء على منطوق الإرادة المشار إليها تطبيقا للأصول المقررة أطيان مذكورة باعتبار عن أول توت سنة 99 بروجه مشروح رزقة بلا مال ورد دفتر أرزاقه ثبت وقيد شده وكما هى الأصول قد تحرر هذا التقسيط الديوانى من ديوان الروزنامجه العامرة وبافرمان شريف أفيدوا الجواب ولكم الأجر والثواب
An نص العلماء على أن الهبة لا تبطل بالشروط الفاسدة، وقالوا لو قال أعطيتك دارى حياتك فإذا مت فهى لى صحت الهبة وبطل الشرط، وقالوا إن قال جعلته باسم ابنى يكون هبة، لأن الناس يريدون به التمليك والهبة إذا تقرر هذا فنقول إن المتبادر من عبارة هذا التقسيط أن ما تضمنه من الإعطاء والتوجيه على الوجه المبين به من باب الهبة الصحيحة ولا ينافى ذلك قوله ومن بعد انقراض ذريتها إلى آخره، لأنه شرط فاسد والهبة لا تبطل به .
فحيث صدر هذا الإعطاء والتوجيه ممن يملكه للست شهرات جركس المذكورة وقبضت تلك الأطيان المعطاه ووضعت يدها عليها بالطريق الشرعى فى حياة الواهب مفرزة غير مشغولة بغيرها تمت تلك الهبة، وكانت الأطيان المذكورة ملكا للست شهرات المرحومة ولا تكون وقفا بمجرد ما جاء فى التقسيط من قوله ومن بعد انقراض ذريتها إلخ كما علمت، فتورث عنها بعد وفاتها لورثتها الشرعيين .
والله تعالى أعلم(6/138)
التقسيط الديوانى لا يفيد وقفا
F بكرى الصدفى .
ربيع الثانى سنة 1332 هجرية
M 1- قبول واحد من الناس النظر على عين من أعيان التقسيط الديوانى لا يعتبر إقرارا منه بأنها وقف .
2- إقامة الناظر من القاضى على التقسيط الديوانى بما له من الولاية العامة على أوقاف مديريته غير معتبر ولا ينعقد به الوقف
Q من حضرة محمد بك حلمى بما صورته - ما قولكم دام فضلكم فى صيغة الإعلام الشرعى الآتى بيانها (قد أقمنا نحن قاضى مديرية الغربية بما لنا من الولاية العامة على أوقاف هذه المديرية الست شهرت هانم الجركسية ببنت عبد الله بن عبد الله معتوقة أفندينا المرحوم محمد سعيد باشا والى مصر سابقا المقيمة باسكندرية الحاضرة بالمجلس ناظرا شرعيا من قبلنا مؤقتا على الأطيان الموقوفة عليها من قبل أفندينا المشار إليه الكائنة ببهوت بمركز طلخا مديرية الغربية البالغ قدرها مائة فدان وقيراط واحد وسدس قيراط من فدان الصادر بها التقسيط الديوانى المؤرخ 22 ربيع أول سنة 1271 لتدير شئون هذا الوقف ولتصرف له وعليه بما يسوغ للنظار فعله شرعا بما فيه المصلحة له لأهليتها لذلك ولخلو الوقف المذكور من ناظر شرعى وقبلت منا ذلك لنفسها بعد أن تحقق لنا ما ذكر مع معرفتها شرعا) انتهى - فهل بهذا الإعلام الشرعى ينعقد الوقف ويكون صحيحا مع كون التقسيط الديوانى لا يفيد الوقف، والمرحوم محمد سعيد باشا المنسوب إليه ذلك الوقف لم يوقف تلك الأطيان عليها ولم يصدر منه كتاب وقف بذلك بل ذكر فى التقسيط المشار إليه أن الأطيان المذكورة عهدة الست شهرت مادامت بقيد الحياة هى وذريتها إعطاء وتوجيه ومن بعد انقراض ذريتها الثلثاى من تلك الأطيان لمدفن المرحومة الست عين الحياة هانم والثلث إلى مسجد الأستاذ الأباصيرى وقف وإرصاد .
وهل قبول الست شهرت النظر على الوقف يعتبر إقرارا منها بالوقف ويسرى إقرارها على ذريتها مع كون الإعلام الشرعى لم يذكر فيه شىء عن الذرية بل ذكر بصريح العبارة هكذا (الأطيان الموقوفة عليها) وهل مع تسمية الواقف بالإعلام الشرعى المذكور وهو المرحوم محمد سعيد باشا والى مصر يصبح إعتبار إقرار الست شهرت المذكورة بلا نظر إلى اسم المنسوب إليه الوقف الذى لم يصدر منه كتاب وقف بذلك أفيدوا الجواب ولكم الأجر والثواب
An لا ينعقد الوقف والحالة هذه بمجرد ما جاء فى الإعلام المذكور بعد أن عرف عدم صدور كتاب وقف بذلك كما ذكر .
ولا يعتبر قبولها مع ذلك النظر إقرارا بالوقف .
وبالجملة فبعد ما كتبناه فى هذا الموضوع لا يلتفت إلى ما جاء بالإعلام الشرعى المذكور، ولا تصير الأطيان المذكورة بمقتضاه وقفا، بل المدار على ما بيناه فيما سبق .
والله تعالى أعلم(6/139)
تقسيط ديوانى
F محمد بخيت .
ذو الحجة 1337 هجرية - 24 سبتمبر سنة 1919 م
Mالتقسيط الديوانى تمليك من ولى الأمر وليس وقفا، وحكمه حكم سائر الأملاك الشرعية التى تورث عن ملاكها وتوزع على الورثة حسب الشريعة الإسلامية
Q من فاطمة محمد بما صورته فى التقسيط الديوانى المحرر من الروزنامجه بتاريخ 9 رجب سنة 1274 نمرة 15 قد صار اعطاء وتمليك شرعى رزقة بلا مال إلى ما شاء الله تعالى من أطيان جفلك سعادة أفندينا ولى النعم الخديوى الأكرم باسم الست ثروت جركس من متعلقات سعادة أفندينا ولى النعم المشار إليه ما دامت بقيد الحياة هى وذريتها ثم من بعد انقراضهم يكون الثلثان من ذلك إلى مدفن المرحومة جنتمكان الست عين الحياة هانم والدة سعادة أفندينا المشار إليه والثلث إلى مسجد الأستاذ الأباصيرى رضى الله عنه بطريق الإيقاف من جانب سعادة أفندينا المشار إليه حينما كانت تلك الأطيان مقيدة باسم سعادته رزقة بلا مال ضمن تقسيط ديوانى مؤرخ فى سنة 1265 وسبق أعطاها إلى الست المذكورة بالشروط المحكى عنها بمقتضى منطوق إرادة سنية صادرة إلى المالية عربى رقم 10 رجب 1270 وعلى موجبها إفادة المالية رقم 25 فى سنة باعطاء ذلك على الوجه المشروح وتحرر لها بذلك تقسيط ديوانى مؤرخ فى 22 رجب سنة 1271 والآن صدر أمر مجلس الأحكام تركى العبارة رقم 8 رجب سنة 1274 نمرة 16 سايرة خطابا للروزنامجه مشيرا به أن التقسيط المذكور صار ضياعه وأن يجرى تحرير تقسيط بدلا عن الضائع وإن ظهر القديم فلا يعمل به .
فبناء على أمر المجلس قد تحرر هذا التقسيط الديوانى بدلا عن التقسيط الضائع بعد ثبوت قيده بدفاتر الروزنامجه بتاريخ 9 رجب سنة 1274 ليكون سندا بيدها بشرط تأدية العشور سنوى وعلى وجه ما ذكر أعلاه قد جرى قيد أطيان الجفلك المذكورة البالغة مائة فدان رزقة بلا مال باسم الست ثروت جركس المذكورة أعلاه ما دامت بقيد الحياة هى وذريتها ثم من بعد انقراضهم يكون الثلثان من ذلك إلى مدفن المرحومة جنتمكان الست عين الحياة هانم والدة سعادة أفندينا ولى النعم والثلث إلى مسجد الأستاذ الأباصيرى كما توضح أعلاه بمقتضى الأمر العالى والتقسيط الديوانى السابق تحريره إليها على وجه ما توضح أعلاه .
وبما أن التقسيط المذكور صار ضياعه وصدر أمر المجلس المشار إليه أعلاه بتحرير تقسيط بدلا عن ضائع فقد تحرر هذا التقسيط الديوانى بدلا عن التقسيط الضائع ليكون سندا بيدها كالأصول ثم نرجو من فضيلتكم بعد الاطلاع على صورة التقسيط الديوانى المذكور التكرم بابداء ما يقتضيه الحكم الشرعى نحو تقسيم هذه الأطيان وريعها على ذرية الست ثروت جركس المذكورة ذكورا وإناثا بعد وفاتها وهل عبارة التمليك الشرعى الواردة فيه تفيد أن الأطيان ملك أو وقف وأرجو أن تتفضلوا بقبول عظيم احترامى
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة التقسيط المذكور المستخرجة من الدفتر خانة المصرية بتاريخ 14 أغسطس سنة 1915 الذى يتضمن الإنعام فى سنة 1270 على الست ثروت جركس بمائة فدان بناحية طنبوها بمديرية البحيرة - ونفيد أن صريح التقسيط المذكور أن الأطيان التى ذكرت معطاة للست ثروت جركس الذكورة على سبيل التمليك الشرعى لا الإيقاف .
وحينئذ يكون حكمها كسائر الأملاك الشرعية التى تورث عن ملاكها بعد وفاتهم .
وحيث أنه تبين من إفادة محافظة مصر الواردة لنا بتاريخ 14 يوينو سنة 1915 نمرة 1912 أنها توفيت عن أولادها الأربعة ثلاثة ذكور وأنثى .
فتقسم هذه الأطيان بينهم قسمة الميراث الشرعى أعنى للذكر مثل حظ الأنثيين حسبما أفتينا به عن الإفادة المذكورة بتاريخ 7 شعبان سنة 1333 نمرة 27 فتاوى ج 10(6/140)
تقسيط من مال الدولة
F حسنين محمد مخلوف .
17 ديسمبر 1953 م
M 1 - يجوز لولى الأمر أن يعطى بعض الأفراد أو الجهات بعض الأراضى المملوكة لبيت المال تمليكا دائما مع إعفائهم من ضريبة الخراج بشرط أن يكون المعطى له ذلك من مصارف بيت المال كالمساجد والمجاهدين والعلماء والقضاة والعمال والمفتين والأرامل الخ .
2 - الأطيان التى ملكها ولى الأمر لفقراء الأرمن مصر وسلمها إلى رئيسهم ليست وفقا عليهم ولا إقطاعا ولا إرصادا صحيحا حيث كان المعطى لهم وهم الفقراء من الأرمن ليسوا من مصارف بيت المال .
3 - لا شىء لذمى فى بيت المال إلا أن يهلك لضعفه فيعطى ما يسد به جوعته .
4 - لا يجوز إعطاء مطلق فقراء الطائفة عامة أرضا من بيت مال المسلمين على سبيل الدوام والاستمرار، وإنما يكون ذلك بالنسبة لكل فرد على حدة وبشرط تحقق الهلاك له جوعا إذا لم تسد جوعته .
5 - لمن يلى الأمر بعد هذا الوالى مخالفة ما أمر به الوالى السابق إذا لم يصادف الإعطاء محله الشرعى
Q من فضيلة الأستاذ ح .
م قال تحررت وثيقة رسمية هذا نصها ( تقسيط أبعاديات انعام من لدى المراحم العلية تمغه ثلاثة غروش تقسيط ديوانى محرر من ديوان الرزنامجة العامرة ) قد صار إعطاء وتمليك شرعى رزقة بلا مال إلى ما شاء الله تعالى من أطيان متروكة بناحية أقفهص التابعة لمديرية المنيا وبنى مزار إحسان إلى فقراء ملة الأرمن بمصر من لدن المراحم العلية بناء على التماس بطريق الملة المذكورة بمقتضى أمر كريم عال صادر لنظارة المالية تركى رقم 4 رجب سنة 277 نمرة 4 عرض وعلى موجب أمر المالية للرزنامجة تركى رقم 9 ش سنة 277 نمرة 28 بإخراج التقسيط اللازم بذلك وتسليمه إلى البطريق المرسوم وجرى قيد وثيقة ذلك بدفاتر الرزق بديوان الرزنامجة بتاريخ 20 ش سنة 277 مع ملاحظة أن الأرض التى تناولها هذا التقسيط كانت من أملاك الدولة عند تحرير هذه الإنعامية فهل هذه الأطيان تعتبر وقفا أم ملكا أم إرصادا
An اطلعنا على السؤال المشتمل على نص التقسيط المطلوب الاستفتاء عنه والجو اب إن هذه التقاسيط عبارة عن وثائق تتضمن تمليك ولى الأمر بعض الأراضى المملوكة لبيت المال لبعض الأفراد أو الجهات تمليكا دائما مع إعفائهم من الخراج - والأصل الفقهى أن ذلك جائز لولى الأمر إذا كان المعطى له من مصارف بيت المال كالمساجد والمجاهدين والعمال والعلماء والقضاة والمفتين والأرامل والفقراء وطلاب العلم وذراريهم، وذلك لأن بيت المال من المصالح العامة للمسلمين، والتصرف فيه من ولى الأمر منوط بهذه المصالح ومقيد بها، بحيث لا ينفذ إذا جاء بخلافها ويجب مخالفته إذا كان مخالفا للشرع .
والأطيان التى ملكها ولى الأمر لفقراء الأرمن بمصر وسلمها لرئيسهم ليست وقفا عليهم كما هو واضح من عبارة التقسيط، كما أنها ليست اقطاعا ولا ارصادا صحيحين حيث كان المعطى له وهم هؤلاء الفقراء من الأرمن ليس من مصارف بيت المال .
فقد نص الفقهاء كما فى شرح الدر فى باب مصرف بيت المال أنه ( لاشىء لذمى فى بيت المال إلا أن يهلك لضعفه فيعطيه ما يسد جوعته ) انتهى - وظاهر أن ذلك لا يكون بإعطاء مطلق فقراء الطائفة عامة أرضا من بيت مال المسلمين على سبيل الدوام، وإنما يكون بالنسبة لكل فرد على حدة يتحقق فيه الهلاك إذا لم يعط ما يسد جوعته .
ولمن يلى الأمر بعد هذا الوالى أن يخالف ما أمر به الوالى السابق إذا لم يصادف الإعطاء محله الشرعى والله تعالى أعلم(6/141)
نماء التركة شركة ملك
F محمد عبده .
ربيع الثانى 1317 هجرية
M 1 - نماء التركة على يد الورثة جميعا بالعمل يقتضى توزيع التركة ونمائها على الورثة جميعا، ويقسم بينهم بالسوية، ولو اختلفوا فى العمل كثرة وقلة ما دامت التركة لم تقسم ولم تتميز حصة عن أخرى .
2 - ما اشتراه أحدهم من مال الشركة ونمائها فهو له .
ولكن يضمن حصص الشركاء فيه، لأن هذا العمل يعتبر من باب شركة الملك التى تقتضى توزيع الكسب فيها للجميع
Q رجل مات بمدينة خليل الرحمن عن ابنيه وترك لهما تركة واستحقاقا فى وقف آل إليهما بموته فبقى ابناه فى عائلة واحدة بصناعة القرب، ويتجران فى غيرها ثم مات أحدهما عن أولاد وبقوا مع عمهم فى عائلتين يصنعون القرب ويتجرون فى غيرها ثم سافر عمهم إلى القاهرة وأقام بها وتأهل وصار أولاد أخيه المذكورون يصنعون القرب ويرسلونها إليه ويتجرون فى البضائع الأخرى وصار عمهم يبيع القرب ويرسل ثمنها لهم إلى أن نمت الشركة وزادت فصار بعض أولاد من مات يشترى أملاكا ويدفع ثمنها من التركة المذكورة ويكتب ذلك باسمه ويجدد بناء على أرضه الموقوفة وغراسا فى بعض ما اشتراه من الأراضى ويدفع تكاليف ذلك من التركة ونمائها .
فما الحكم فيما شراه على الوجه المذكور وفيما بناه على أرض الوقف وما غرسه فى أرض الوقف وما اشتراه من الأراضى وكتبه باسمه أفيدوا الجواب
An ما فى السؤال يعد من شركة الملك .
فمتى كان سعى الشركاء واحدا والكسب مختلطا ولم يتميز ما حصله كل واحد منهم كان ما جمعوه مشتركا بينهم بالسوية وإن اختلفوا فى العمل كثرة وفى الرأى جودة .
كما نص عليه الفقهاء وما اشتراه أحدهم لنفسه فهو له ولكن يضمن حصة الشركاء فى ثمنه .
فلهم الحق أن يطالبوه بحصصهم فيه حيث دفعه من مال الشركة وكذلك يضمن حصة شركائه فيما صرفه فى الغراس والبناء فى الأرض التى اشتراها باسمه ويكون النباء والغراس له وليس للشركاء إلا حصصهم فى ثمنه كما قدمنا .
أما ما بناه فى أرض الوقف . فإن لم تصدر به حجة انشاء باسمه فهو مشترك بين الشركاء جميعا إذا كانت النفقة عليه من مال الشركة، وكذلك الحال فى الغراس فى أرض الوقف ويكون البناء والغراس ملكا لهم يتوارثه ورثهم لأن البناء لم يبن من مال الوقف ولا للوقف .
وكذلك الغراس فإن وجد ناظر للوقف ورأى أن يكلفهم بقلع البناء والغراس فله ذلك إن لم يضر بالأرض واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/142)
شركة ملك
F محمد عبده .
محرم 1319 هجرية
M 1 - نماء التركة متى كان سعى الشركاء واحدا والكسب مختلطا ولم يتميز ما حصله كل منهم كان ما جمع مشتركا بينهم بالسوية .
2 - إن كان نماء المواشى بالشراء من مكسبهم فهو مشترك بينهم بالسوية .
3 - إن كان نماء المواشى بالتوالد كان هو والمواشى الأصلية والعقارات والأطيان المذكورة تركة عن مورثهم تقسم بينهم حسب الفريضة الشرعية
Q من إبراهيم أحمد فى رجل مات من نحو عشرين سنة وخلف أطيانا وعقارات ومواشى وبنين وبنات قصر وبلغ ومازالوا مع بعضهم فى معاش واحد وكسب واحد حتى بلغ القاصرون ونمت المواشى وزادت الأطيان ثراء من كسبهم ولما بلغ القاصرون رشدهم استولوا على المواشى جميعها وأخذوها لأنفسهم خاصة .
فهل يجوز لهم ذلك أو تصير القسمة بينهم بالفريضة الشرعية أفيدوا الجواب ولكم الثواب
An الشركة المذكورة من قبيل شركة الملك .
فمتى كان سعى الشركاء واحدا والكسب مختلطا، ولم يتميز ما حصله كل منهم كان ماجمعوه مشتركا بينهم بالسوية وإن اختلفوا فى العمل كثرة وفى الرأى جودة كما نص عليه الفقهاء .
وعلى ذلك فليس لبعضهم الاستيلاء على جميع المواشى لأن نماءها إن كان بالثراء من كسبهم فهو مشترك بينهم وبين باقيهم بالسوية، وإن كان بالتوالد كان هو والمواشى الأصلية والعقارات والأطيان المذكورة تركة عن مورثهم تقسم بينهم بالفريضة الشرعية حيث لا وارث له سواهم .
واللّه تعالى أعلم(6/143)
شركة مضاربة
F محمد عبده .
صفر 1319 هجرية
M1 - اتفاق الرجل مع آخر أو أكثر على أن يدفع له مبلغا معلوما فى مدة معلومة على أقساط معينة للاتجار فيه فيما يبدو له من الحظ والمصلحة فإذا مضت المدة أخذ ماله مع ما ربح من التجارة فى تلك المدة كان هذا من قبيل شركة المضاربة وهى جائزة شرعا ويحل ورثته محله فى ذلك
Q من جناب مدير شركة قمبانية متوال ليف الأمريكانية فى رجل اتفق مع جماعة (قومباينة) على أن يعطيهم مبلغا معلوما فى مدة معلومة على أقساط معينة للاتجار به فيما يبدو لهم فيه الحز والمصلحة وأنه إذا مضت المدة المذكورة وكان حيا يأخذ هذا المبلغ منهم مع ما ربحه من التجارة فى تلك المدة وإذا مات فى خلالها تأخذ ورثته أو من يطلق له حال حياته ولاية الأخذ المبلغ المذكور مع الربح الذى ينتج مما دفعه .
فهل ذلك يوافق شرعا أفيدوا الجواب
An إتفاق هذا الرجل مع هؤلاء الجماعة على دفع ذلك المبلغ على وجه ما ذكر يكون من قبيل شركة المضاربة وهى جائزة ولا مانع للرجل من أخذ ماله مع ما أنتجه من الربح بعد العمل فيه بالتجارة .
وإذا مات الرجل فى أثناء المدة وكان الجماعة قد عملوا فيما دفعه وقاموا بما التزموه من دفع المبلغ كله لورثته أو لمن له حق التصرف بدل المتوفى بعد موته جاز للورثة أو من يكون له حق التصرف فى المال أن يأخذ المبلغ جميعه مع ماربحه المدفوع منه بالتجارة على الوجه المذكور واللّه أعلم(6/144)
ليس لمالك أرض الساقية منع شركائه
F محمد عبده .
صفر 1319 هجرية
M 1 - حمل الناس فى معاملاتهم على مقاصدهم ومحاسن عادتهم .
2 - ليس لصاحب الأرض منع شركائه من الانتفاع بالساقية
Q اشترك جماعة فى حفر وبناء ساقية فى ملك أحدهم بدون بيع ولا هبة منه لشركائه للأرض التى بنيت فيها الساقية وبعد الفراغ منها والانتفاع بمائها مدة يسيرة أراد صاحب الأرض نزع شركائه من الساقية وإعطاءهم قيمة ما صرف منهم فهل له ذلك
An هذه المسألة ليست من قبيل الإعارة للبناء والغرس التى يحق للمالك فيها أن يرجع بأرضه ولكنها ترجع فى الحقيقة إلى مسائل الشرب والاتفاق فإن البناء فى الساقية غير مقصود لذاته لأنه لمنع انسياب الأتربة والطين فى العين وإنما المقصود بالذات هو الماء والثلاثة شركاء فيه بالعمل والإنفاق للوصول إليه وحفظه ومن العمل البناء وهم بعد الوصول إلى عين الماء مالكون للماء جميعا بالشركة فليس لأحدهم منع الآخر من إصابة حظه فيه .
وعلى هذا ليس لصاحب الأرض منع شركائه من الانتفاع بالساقية بحال .
هذا، وقد جرى عرف الناس قاطبة فى بلادنا على أن هذا التعاطى لا يقصد منه التوقيت بل التأبيد فهو قائم مقام التمليك فى دوام المنفعة إذ لا بد من حمل الناس فى معاملاتهم على مقاصدهم ومجارى عاداتهم .
ولهذا يجب أن يكون الحكم ما قررنا من أن صاحب الأرض ليس له منع شركائه من الانتفاع بالساقية واللّه تعالى أعلم(6/145)
استثمار المال فى بعض الشركات التجارية
F محمد بخيت .
صفر 1338 هجرية 11 من نوفمبر 1919 م
M 1 - يجوز شرعا استثمار المال فى الشركات التجارية بشرط أن يكون توزيع الربح سنويا على حصص رأس مال الشركاء وعلى ما شرط فى الربح .
2 - إذا طرأت خسارة تكون على حسب رءوس الأموال أيضا
Q يريد شخص أن يستثمر أمواله فى الشركات التجارية لأنها تقسم الربح سنويا على الحصص (السهوم) وتعطيها نصيبها من الأرباح وإذا طرأ عليها خسارة نصيب تلك السهوم .
فهل هناك مانع شرعى يمنع المسلم من استغلال ماله فى مثل هذه الشركات
An قال فى رد المختار جزء ثالث من كتاب الشركة ما نصه (ولا خلاف أن اشتراط الوضيعة بخلاف قدر رأس المال باطل واشتراط الربح متفاوتا عندنا صحيح) .
وفى الأنقروية بصحيفة 379 جزء ثان ما نصه (ولو اشتركا ولأحدهما ألف درهم وللآخر مائتا دينار قيمتها ألف وخمسمائة على أن الربح والوضيعة بقدر رأس المال صح تتار خانية فى الفصل الرابع فى العنان) .
وفى الفتاوى المهدية بصحيفتى 342 - 343 جزء ثان ما نصه (سئل) فى مال مشترك بين رجلين لكل واحد منهما نصفه وهما يتجران فيه شركة بينهما بالسوية وما قبض من الربح يكون بينهما مناصفة فهل إذا حصل فى التجارة ربح من الشريكين يقسم بينهما مناصفة ويجبر الشريك الممتنع من قسم الربح ويكون الربح والخسران على قدر المالية (أجاب) الربح فى شركة المال الصحيحة على ما شرطا .
وفى الفاسدة على قدر المال والخسران على قدر المالين ولو شرط غيره .
ومن ذلك يعلم أنه لا مانع شرعا من استثمار أموال من يريد استثمارها فى الشركات التجارية مثل شركة سكة حديد تركيا ونحوها متى كانت تقسم الربح سنويا على حصص رأس مال الشركاء أو على ما شرط فى الربح وتعطى كل واحد من الشركاء نصيبه من الأرباح على قدر رأس ماله وعلى ما شرط وإذا طرأت خسارة تكون على حسب رءوس الأموال أيضا .
واللّه تعالى أعلم(6/146)
شركة
F محمد بخيت .
جمادى الأولى 1338 هجرية 3 من فبراير 1920 م
M 1 - ثمن الجاموسة المشتركة بين الأب وزوجة ابنه يكون مناصفة بينهما .
ومتى ثبت أن الأب سلم الابن زوج شريكته الثمن وأنه صرفه بغير إذنه وكان تسليم نصيب الزوجة بإذنها كان الكل أمانة تحت يد الابن فلا يجوز له أن يصرفه إلا بإذنهما .
وإن كان تسليم نصيب الزوجة بغير إذنها كان الأب ضامنا لنصيبها .
2 - ليس للابن أن يصرف ثمن الجاموسة فى مصالح الدار إلا بالإذن .
فإن صرف بلا إذن كان ضامنا ويرجع على إخوته بما صرفه عليهم إن كان قد صرفه بإذنهم
Q من محمد عيسوى بما صورته .
قد تركت أطيانى ببلد لأولادى ينتفعون بريعها بعد دفع الأموال الأميرية مع بقائها على ملكى ثم إننى أخذت من زوجة ابنى مائتى قرش وأعطيتها عجلة جاموس شركة بينى وبينها بالنصف ثم لما كبرت الجاموسة وبلغت ستة عشر سنة مرضت فبعتها للجزار بألف وخمسمائة قرش وقبضت ذلك الثمن وسلمته لابنى زوج شريكتى فأراد ابنى المذكور أن يشترى جاموسة غيرها لتكون شركة كما كانت الأولى فامتنع إخوته من ذلك وقالوا لى بع يا والدنا جزءا من الأطيان نشترى بثمنه جاموسة أخرى خالصة للدار لا شركة فيها لأحد وبالفعل بعت جزءا من الأطيان واشتريت بثمنه جاموسة أخرى وبعد خمس سنين تحسنت أثمان البهائم حتى بلغ ثمن الجاموسة الأخيرة الموجودة الآن ماية وثلاثين جنيها .
فطمع ابنى الذى هو زوج المرأة المذكورة شريكتى فى الجاموسة الأولى المباعة وادعى أنه صرف ثمن الجاموسة الأولى فى مصالح الدار، وأراد أن يأخذ لزوجته نصف الجاموسة الأخيرة المشتراة بثمن الأطيان فى نظير مبلغ على العمل ادعاء فى غير علمى وإذنى له فى ذلك .
فهل يصدق فى دعوى الصرف بدون إذنى وعلى فرض تصديقه بعد اليمين فهل يكون له حق فى طلب شركة زوجته فى الجاموسة المشتراة أخيرا من ثمن الأطيان خاصة أو يكون المبلغ الذى ادعى صرفه دينا على المحل ويكون لزوجته نصفه والنصف الآخر للوالد المذكور بمقتضى الشركة الأولى أفيدوا الجواب
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه ليس لزوجة ابن الرجل المذكور الحق فى شركة الجاموسة المشتراة أخيرا من ثمن الأطيان المملوكة للرجل المذكور بل هذه الجاموسة ملك خاص بهذا الرجل حيث إنها مشتراة بثمن الأطيان المملوكة له .
وأما الجاموسة الأولى المشتركة بينه وبين زوجة ابنه مناصفة فحيث بيعت بمبلغ الألف وخمسمائة قرشا صاغا فيكون ذلك الثمن بينهما مناصفة .
ومتى ثبت أنه سلم الثمن لابنه وأن ابنه صرفه بغير إذنه وكان تسليم نصيب زوجة الابن لولده بإذنها كان الكل أمانة تحت يد الابن .
فلا يجوز له أن يصرفه ولا شيئا منه إلا بإذن صاحبى المبلغ المذكورين .
وإن كان تسليم نصيبها لزوجها بغير إذنها كان الأب المذكور ضامنا لنصيبها .
وعلى كل حال فليس للابن المذكور أن يصرف ثمن الجاموسة الأولى فى مصالح الدار إلا بالإذن فإن صرف بلا إذن كان ضامنا ويرجع على إخوته بما صرفه عليهم إن كان قد صرفه بإذنهم(6/147)
شركة
F عبد الرحمن قراعة .
جمادى الآخرة 1343 هجرية 28 من ديسمبر 1924 م
M 1 - إيداع الأب وابنه مبلغا من المال على أن تكون معاملتهما لدى البنك بالاشتراك لا بالانفراد .
ثم إيداع الإبن مبلغا بالنظام السابق يفيد شركة الأب وابنه فيما أودع أولا وثانيا بحق النصف لكل منهما لأن الشركة عند عدم بيان النصيب تحمل على التساوى .
2 - ليس فى الإيداع والإذن للبنك المذكورين ما يدل على هبة الأب لابنه أو العكس
Q من حضرة محمود أفندى بما صورته رجل أودع هو وولده البالغ ببنك الكريدى ليونيه مبلغا قدره عشرة آلاف جنيه لحسابهما بأن تكون معاملتهما مع البنك المذكور بخصوص هذا الحساب بامضائهما الإثنين بالاشتراك لا بالانفراد ثم أودع الولد وحده بعد ذلك فى نفس البنك مبلغ خمسة آلاف جنيه باسمه واسم أبيه تحت الحساب السابق ثم بعد ذلك أذن الولد وأبوه للبنك المذكور بأن يشترى لحسابهما أوراقا ذات قيمة (سندات الدين الموحد المصرى) بجزء من مجموع المبلغين قدره عشرة آلاف جنيه ثم أذن الأب وابنه البنك أيضا بدفع مبلغ خمسة آلاف جنيه ثمن لسندات من هذا النوع لبائعهما مقابل استلام هذه السندات بهذه القيمة منه .
وأصبح مجموع السندات المذكورة بقيمة خمسة عشر ألف جنيه مودعة بالبنك لحساب الابن وأبيه بإقرارهما .
كل ذلك صدر من الطرفين برضاهما واختيارهما فى حال صحتهما جسدا وعقلا وهما بأكمل الأوصاف المعتبرة شرعا .
ثم توفى الأب بعد ذلك فقام من عدا ابنه المذكور من الورثة ينازع الابن المذكور فى السندات التى تخصه بقيمة 7500 جنيه سبعة آلاف جنيه وخمسمائة برغم أنه ما كان يملك شيئا وأن جميع المبلغ المودع مملوك للوالد وأن إقرار الوالد المذكور على ما ذكرنا يؤخذ منه كأنه هبة لمشاع يحتمل القسمة لم يقسم ولم يقبضه الموهوب له مفرزا قبضا كاملا فهى هبة فى زعمهم باطلة شرعا فضلا عن أنها لم تتم بالقبض .
فهل مع الإيداع الصادر من الأب وابنه أولا للبنك المصرح فيه بأن يقيد المبلغ لحسابهما مع عدم تبيين نصيب كل منهما والإيداع من الابن وحده باسمه واسم أبيه لحسابهما بالطريقة السابقة، وهل مع إذنهما بعد ذلك للبنك بأن يشترى بمبلغ عشرة آلاف جنيه أولا لحسابهما من أوراق السندات المذكورة وإذنهما بعد ذلك للبنك أيضا بأن يدفع لبائع السندات لهما من النوع المذكور مبلغ خمسة آلاف جنيه لحسابهما أيضا فهل مع هذا يكون الابن شريكا لأبيه بحق النصف فيما أودع أولا وثانيا ومالكا فيما اشترى من السندات ما يوازى نصف المبالغ المودعة المذكورة .
وهل يصح الادعاء مع هذا بأن هذا التصرف هو من نوع الهبة، وهل لو زعم زاعم أنه هبة معنى يوجد ما يدل عليه فى هذه الحادثة
An إيداع الأب وابنه أولا مبلغ العشرة آلاف جنيه بالبنك المذكور .
لحسابهما وتصرفهم بأن تكون معاملتهم مع البنك المذكور بخصوص هذا الحساب بإمضاء الإثنين بالاشتراك لا بالانفراد ، وإيداع الابن وحده ثانيا مبلغ خمسة آلاف جنيه بالبنك المذكور باسمه واسم أبيه لحسابهما أيضا بالطريقة السابقة يفيد أن الأب وابنه شريكان فيما أودع أولا وثانيا بالبنك المذكور كل منهما بحق النصف .
لأنه من المعلوم أن الشركة عند عدم بيان النصيب تحمل على التساوى كما نص على ذلك بصحيفة 540 من حاشية ابن عابدين على الدار المختار من الجزء الثالث طبعة أميرية سنة 1286 من كتاب الشركة نقلا عما أفتى به فى الخيرية ونصه (فى زوج امرأة وإبنها اجتمعا فى دار واحدة وأخذ كل منهما يكتسب على حدة ويجمعان كسبهما ولا يعلم التفاوت والتساوى ولا التمييز ف أجاب بأنه بينهما سوية) .
وإذن الأب وابنه للبنك المذكور بأن يشترى لحسابهما سندات الدين الموحد المصرى بمبلغ عشرة آلاف جنيه وإذنهما أيضا للبنك المذكور بأن يدفع مبلغ خمسة آلاف جنيه لبائع السندات لهما من النوع المذكور .
كل هذا توكيل منهما للبنك المذكور فى الشراء والدفع بالمبلغ المملوك لهما لأنه معلوم أن توكيل الغير بالشراء بمبلغ مودع باسمه لا باسم غيره لا يكون الابن مالك ذلك المبلغ فبمقتضى هذين التوكيلين يكونان مالكين للمبلغ المذكور مناصفة .
وحيث إنه اشترى وفق ما تقدم ببعض المبلغ المودع سندات بقيمة خمسة عشر ألف جنيه فيكون للابن سندات بقيمة النصف وهو سبعة آلاف جنيه وخمسمائة جنيه .
هذا، وليس فى شىء من الإيداع والإذن المذكورين ما يدل على هبة الأب لابنه أو العكس حتى يصح البحث فى عدم تمامها بالقبض أو فسادها بالشيوع واللّه أعلم(6/148)
عقد مضاربة
F حسنين محمد مخلوف .
ربيع الثانى 1373 هجرية - 29 ديسمبر 1953 م
M 1- عقد المضاربة جائز شرعا بشرط ألا يتجاوز العاقدان حدوده .
2- لمن بيده المال أن يتصرف فيه بجميع أنواع التصرف الجائزة شرعا ويكون الربح بينهما على ما اتفقا عليه .
3- المنصوص عليه شرعا أن للوصى دفع مال اليتيم إلى من يعمل فيه مضاربة بطريق النيابة عن اليتيم
Q من رجل قال دفعت لى السيدة أختى مبلغا من المال بعضه يخصها وبعضه يخص أولادها القصر المشمولين بوصايتها، وطلبت منى أن أشتغل بهذا المبلغ في التجارة على أن يكون الربح بيننا .
الخمس لها والأربعة أخماس لى .
فهل هذا العقد جائز شرعا أم لا
An اطلعنا على السؤال والجواب أن هذا العقد عقد مضاربة وهو جائز شرعا بشرط أن لا يتجاوز العاقدان حدوده، ومنها ما نص عليه في شأن الخسارة، ولمن بيده المال أن يتصرف فيه بجميع أنواع التصرف الجائزة شرعا، ويكون الربح بينهما على ما اتفقا عليه .
وكما هو جائز فيما يخص هذه السيدة من المال جائز أيضا فيما يخص القصر المشمولين بوصايتها لأن المنصوص عليه شرعا أن للوصى دفع مال اليتيم إلى من يعمل فيه مضاربة بطريق النيابة عن اليتيم كأبيه .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال والله أعلم(6/149)
الشركة في البهائم
F حسنين محمد مخلوف .
ربيع الآخر 1378 هجرية - 23 أكتوبر 1958 م
M 1- مشاركة شخص آخر فى بقرة بحق النصف على أن يدفع كل نصف الثمن وأن يقوم الثانى بتكاليفها وحده نظير أخذ لبنها وسمادها وحده على أن يكون إنتاجها مناصفة بينهما - صحيحة شرعا لتعامل الناس بها وتعارفهم عليها، ولأن للنا فيها حاجة، ولم يوجد نص يمنع ذلك بعينه .
2- النتاج الحاصل من البقرة يكون بينهما مناصفة باتفاقهما ولو تعدد هذا النتاج
Q بالطلب المتضمن أن رجلا تشارك مع أحد الناس على بقرة بالنصف ودفع ثمنها والآخر النصف على أن يقوم الثانى بالتكاليف، ولا يدفع الآخر في النفقة شيئا، وقد أنتجت البقرة حتى أصبح العدد أربع بقرات يقوم بتربيتها وتكاليفها المزارع .
وطلب السائل الإفادة عن حكم ذلك شرعا. وهل للشريك الحق في الشركة في الأبقار الأربعة
An إن المعاملة على الوجه الوارد بالسؤال وعلى الوجه الشائع في الريف من أن يدفع الشريكان الثمن مناصفة ويقوم أحدهما وهو المسمى بالقانى بما يلزم للماشية من أكل وشرب في نظير أخذ لبنها وسمادها، والآخر وهو المسمى الشريك المرفوع لا يدفع شيئا في النفقة، ولا يأخذ شيئا من لبنها وسمادها على أن يكون نتاجها بينهما مناصفة .
هذه المعاملة ليس فيها مانع شرعى مع تعامل الناس بها وتعارفهم عليها وللناس فيها حاجة ولم يوجد نص يحظرها بعينها من كتاب أو سنة أو إجماع .
ولا يترتب عليها ما يترتب على ما حظره الشارع من التصرفات من التنازع والشحناء وإيقاع العداوة والبغضاء أو الظلم والفساد .
فتكون صحيحة وجائزة شرعا دفعا لما يلزم من الحرج وتيسيرا على الناس .
وعلى ذلك فيكون النتاج الحاصل من البقرة شركة بين الشريكين، ويكون للشريك المرفوع الحق في الأبقار الأربعة، وتكون الأبقار المذكورة شركة بالنصف بين الشريكين حسب الشروط .
وبهذا علم الجواب عن السؤال والله أعلم(6/150)
الشركات المساهمة
F حسن مأمون .
ذو الحجة 1378 هجرية - 4 يولية 1959 م
Mالشركات المساهمة جائزة شرعا عند جميع الأئمة، ولكن يجب ألا يستعمل رأس مالها بفائدة أو ربا، أو بيع أو شراء شئ محرم فى الشريعة الإسلامية
Q بالطلب المقدم من السيد ع ع بالخرطوم إنهم في السودان يريدون إنشاء بنك تجارى بأسهم يشترك فيها عامة الشعب .
وقد بلغ السائل أن الإمام الشيخ محمد عبده قد أصدر فتوى في الشركة .
وطلب السائل صورة من هذه الفتوى مشفوعة برأى دار الإفتاء في هذا الشأن
An إن صورة فتوى الشيخ/ محمد عبده الصادرة بتاريخ 4 صفر سنة 1321 والمسجلة برقم 137 متتابعة جزء 3 نصها سأل جناب المسيو هور روسل في رجل يريد أن يتعاقد مع جماعة (شركة الجريشام مثلا)على أن يدفع له مالا من ماله الخاص على أقساط معينة ليعملوا فيه بالتجارة، واشترط معهم أنه إذا قام بما ذكر، وانتهى أمد الاتفاق المعين بانتهاء الأقساط المعينة، وكانوا قد عملوا في ذلك المال وكان حيا، فيأخذ ما يكون له من المال مع ما يخصه من الأرباح، وإذا مات في أثناء تلك المدة فيكون لورثته أو لمن له حق الولاية في ماله أن يأخذوا المبلغ تعلق مورثهم مع الأرباح .
فهل مثل هذا التعاقد الذى يكون مفيدا لأربابه بما ينتجه من ربح لهم جائز شرعا .
نرجو التكرم بالإفادة - أجاب . لو صد مثل هذا التعاقد بين ذلك الرجل وهؤلاء الجماعة على الصفة المذكورة كان ذلك جائز شرعا .
ويجوز لذلك الرجل بعد انتهاء الأقساط والعمل في المال وحصول الربح أن يأخذ لو كان حيا ما يكون له من المال مع ما يخصه في الربح، وكذا يجوز لمن يوجد بعد موته من ورثته أو من له ولاية التصرف في ماله بعد موته أن يأخذ ما يكون له من المال مع ما أنتجه من الربح والله تعالى أعلم .
هذا ويجب أن يكون معلوما أن شركات المساهمة جائزة شرعا عند جميع الأئمة، وقد أفتى بها المفتون، ونظمها وأسسها بأنواعها موجودة بتفصيل في كتب الفقه جميعها .
إلا أنه يجب أن لا يستعمل مالها بفائدة أو ربا، أو بيع أو شراء شئ محرم في الشريعة الإسلامية ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال والله أعلم(6/151)
فقد مال الشركة مبطل لها
F أحمد هريدى .
ذو القعدة 1389 هجرية - 11 يناير 1970م
M 1- هلاك مال الشركة بسرقته من أحد الشريكين مبطل لعقد الشركة بينهما .
2- المبلغ المسروق يكون عليهما معا إلا إذا تعدى أو أهمل المسروق منه فيضمن
Q بالطلب المتضمن أن رجلا كون مع آخر شركة لتجارة الخيول برأس مال قدره 126جنيها، وأن مبلغ الشركة كان مع أحدهما ولكنه سرق منه وهو في السوق .
وطلب السائل الإفادة عما إذا كان المبلغ يتحملانه معا، أو أن الذى يحمله هو الذى يلزم به
An المنصوص عليه في الفقه الحنفى .
أنه متى اختلط مال الشركة بعضه ببعض، ثم هلك قبل أن يشترى به شيئا بطلت الشركة لعدم فائدتها بعد ذلك والمال الهالك تتحمله الشركة، لأنه بعد خلطه يكون غير متميز .
ومن ثم كان الهالك من المالين، ولأنه بدفع أحد الشريكين ماله إلى صاحبه يكون قد رضى بأمانته وحفظه .
وعلى ذلك يكون هلاك مال الشركة بسرقته من أحد الشريكين مبطلا لعقد الشركة بينهما من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن المبلغ المسروق يكون عليهما معا، لأنه أمانة في يد صاحبه والأمانة لا تضمن إلا بالتعدى أو بالإهمال .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(6/152)
صكوك مضاربة وقرض حسن
F محمد خاطر .
4 ديسمبر 1977م
M 1- المضاربة شرعا عقد على الشركة في الربح بمال من أحد الشريكين وعمل من الآخر بشروط .
2- صكوك المضاربة التى أصدرتها الشركة الاستثمارية متى تحققت شروط المضاربة فيها كانت صحيحة شرعا وإلا فهى فاسدة .
3- صكوك الأمانات المأذون للشركة في استثمارها لمدة معلومة أو غير معلومة على أن ترد لأصحابها عند الطلب دون زيادة .
جائزة شرعا وتسمى بصكوك القرض الحسن
Q بالطلب المتضمن أن شركة استثمارية تستثمر أموالها فقط فيما أباحه الله تعالى في أوجه الاستثمار، وقد نظمت طريقها إلى ذلك بأن أصدرت صكوك مضاربة بين أطراف الشركة على أن توزع أرباحها بين المشتركين بنسبة حصة كل منهم، ورأت تدعيما للشركة أن تأذن للمشتركين وغيرهم بأن يضموا إلى الشركة زيادة على رأس المال أمانات مأذونة للشركة في استثمارها على أن ترد هذه الأمانات إلى أهلها عند طلبها .
وعلى هذا الأساس قسمت صكوك الشركة إلى جزءين صك مضاربة وصك أمانة اختيارى .
فأما صك المضاربة فيقوم على أساس مشاركة بين صاحب المال والعمل حسب قواعد المضاربة في الشريعة الإسلامية، ويجرى عليها قاعدة الغرم بالغنم عند توزيع الأرباح .
أما صك الأمانة المأذون باستثماره سواء أكان لمدة معلومة أو غير معلومة فترد لصاحبها عند طلبه، ولا يجرى عليها أى غرم ولا أى ربح - وكل ما هناك أن ضم هذه الأمانة للشركة سيزيد من رأس مالها، وبالتالى قد يزيد من أرباحها، وقد قرر المودع أن ما قد يؤول من عائد نتيجة استثمار وديعته التى أذن باستثمارها هو من حق الشركة تتصرف فيه بمعرفتها، إذ ليس للمودع إلا رأس ماله فقط دون ربح أو خسارة .
هذا علاوة على أن هذا المال المودع له الحق في سحبه وهى مزية لا تتوافر للمشارك .
وعلى هذا الأساس أصدرت هذه الشركة الإسلامية للاستثمار صكوكا ذات جزءين أحدهما يمثل المضاربة في الشركة، والآخر صك أمانة اختيارى .
وطلب السائل بيان حكم الشريعة الإسلامية الغراء في هذه الشركة
An عن الشق الأول المضاربة شرعا عقد على الشركة في الربح بمال من أحد الشريكين وعمل من الآخر، ولا مضاربة بدون ذلك لأنها بشرط الربح لرب المال بضاعة وللمضارب قرض، وإذا كان المال بينهما تكون شركة عقد وركنها إيجاب وقبول .
ومن شروط صحتها أن تكون بالمال، ولا تصح فيه إلا بالدراهم والدنانير والفلوس النافقة ولا تجوز فيما سوى ذلك إلا أن يتعامل الناس بها كالتبر (الذهب غير المضروب) والنقرة (الفضة غير المضروبة) وأن يكون الربح المشروط بينهما لاحتمال ألا يحصل من الربح إلا قدر ما شرط له، ولابد أن يكون المال مسلما للمضارب ليتمكن من التصرف، وأن يكون لا يد لرب المال فيه بألا يشترط عمل رب المال، لأنه يمنع خلوص يد المضارب، وأن يكون رأس المال معلوما بالتسمية أو الإشارة .
فإن تحققت هذه الشروط في المضاربة المسئول عنها في الشركة الاستثمارية المذكورة مع بقية شروط المضاربة المنصوص عليها في كتب الفقه كانت المضاربة صحيحة شرعا وإن لم تتحقق فيها هذه الشروط كانت فاسدة شرعا .
عن الشق الثانى الأمانة والوديعة وهما بمعنى واحد لاشتراكهما في الحكم .
والوديعة شرعا تسليط الغير على حفظ ماله، وهى أيضا اسم لما يحفظه المودع .
وصك الأمانة المسئول عنه في هذه الشركة إذن الاستثمار فيه أخرجه عن الأمانة وعن الوديعة، ولا ينطبق عليه شرعا والحالة هذه إلا اسم العارية في مذهب الحنفية، إذ أن العارية شرعا تمليك المنافع بغير عوض .
وقد نص على العارية في الدراهم والدنانير والمكيل والموزون عند الإطلاق قرض، لأن الإعارة تمليك المنافع، ولا يمكن الانتفاع إلا باستهلاك عينها، فاقتضى تمليك العين ضرورة وذلك بالهبة أو القرض، والقرض أدناها فيثبت، ولأن من قضية الإعارة الانتفاع ورد العين، فأقيم رد المثل مقامه بهذه الصفة، أى أن هذه الإعارة تؤول شرعا بالصفة المذكروة إلى أنها قرض .
وعلى هذا يؤول صك الأمانة على الوجه الوارد بالسؤال في هذه الشركة إلى قرض شرعى لم يشترط فيه زيادة عند الرد، فإذا كان كذلك ولم يجر نفعا للمقرض، يكون هذا التصرف والحالة هذه جائزا شرعا - ونرى أن يسمى الصك الثانى بصك القرض الحسن (أى بدون فائدة) ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤالين، وهو الجواز شرعا متى تحققت الشروط الشرعية المنصوص عليها في المضاربة، ولم يجر صك القرض إلى نفع .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/153)
تحديد فوائد التجارة
F جاد الحق على جاد الحق .
صفر 1400 هجرية - 14 أبريل 1981 م
M 1 - تحديد مبلغ معين شهريا من قبل الشريك لشريكه مبطل للشركة وهو من باب ربا الزيادة ولا يحل الانتفاع به .
2 - الفائدة المحددة سلفا لبعض أنواع شهادات الاستثمار أو التوفير ربا وحرام شرعا
Q بالطلب المقدم من السيد / أ م ل المتضمن الإفادة عن الآتى أولا إن له صديقا مخلصا يتصف بالأمانة وحسن الخلق وصدق المعاملة، يعمل لحسابه فى نقل البضائع بواسطة سيارة نقل يمتلكها .
وقد عرض على صديقه هذا أن يكون شريكا له فى عمله بمبلغ خمسة آلاف جنيه على أن يقسم صافى الربح أو الخسارة بينهما فى نهاية كل سنة بنسبة رأس مال كل منهما، إلا أنه رفض هذه المشاركة بحجة أنه تعود أن يزاول عمله ويديره بنفسه، كما أن هذه المشاركة تضطره إلى إمساك دفاتر حسابية مما يزيد عبء العمل عليه وتزداد مسئولياته أمام شريكه وأخيرا وبعد إلحاح قبل مبدأ المشاركة على أساس أن يعطيه مبلغا من المال محددا شهريا وعلى مدار السنة، وقد قبل هذا العرض .
ويقول السائل إن تعاملى مع هذا الصديق على هذا النحو الذى يريده وقبلته منه .
هل يجيزه الدين الإسلامى أم أنه يعتبر تعاملا بالربا ثانيا شهادات الاستثمار قسم (ب) التى يصدرها البنك الأهلى المصرى ذات العائد الجارى والتى يدفع عنها البنك أرباحا سنوية قدرها 9 من قيمتها .
هل هذه الأرباح حلال أم حرام
An أولا - إن التعامل مع هذا الصديق على هذا النحو الذى ذكره وهو تحديد مبلغ محدد قدره بمعرفته وقبله منه السائل بمطل لهذه الشركة إن كانت فى نطاق أحكام المضاربة الشرعية، ويكون المبلغ المحدد من قبل الشريك من باب ربا الزيادة المحرم شرعا بنص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وبإجماع أئمة المسلمين، منذ صدر الإسلام حتى الآن، إذ أن هذا التعامل من قبيل القرض بفائدة، وكل قرض جر نفعا فهو حرام .
وعلى ذلك فإن المبلغ المحدد الذى يدفعه الصديق للسائل يدخل فى هذا النطاق ويكون ربا لا يحل للمسلم الانتفاع به .
ثانيا - لما كان واقع شهادات الاستثمار ذات الفائدة المحددة والعائد الجارى وتكييفها قانونا أنها قرض بفائدة، وكان مقتضى نصوص الشريعة الإسلامية أن الفائدة المحددة من قبيل ربا الزيادة المحرم، فإن الفوائد المحددة سلفا لبعض أنواع شهادات الاستثمار أو للتوفير تدخل فى هذا التعاملين على الوجه المشروع غير جائز شرعا ويحرم التعامل به .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/154)
تقادم حكم مع الاقرار بالحق الذى حكم به
F محمد عبده .
ذى الحجة 1319 هجرية
M 1 - كون المحكوم عليه لا يزال مقرا بالحق الذى حكم به عليه غير أنه يعارض بسقوط الحكم بمضى 15 سنة عليه دون تنفيذ فإقراره بالحق حجة معتبرة يعامل به المقر ولو طال الزمن مادام صاحب الحق لم يأخذ حقه .
2- الحق لا يسقط بالتقادم ولا بعدم أخذه مع التمكن ولا عبرة بالمعارضة فى ذلك
Q من عوض الله أنيس فى رجل اسمه على خ .
صدر له حكم من مجلس بنى سويف الملغى بتاريخ 20 القعدة سنة 302 بإلزام محمد عبد الهادى بأن يدفع له مبلغ 4940 .
016 وقد بقى هذا الحكم بلا تنفيذ حتى ألغى المجلس لإفلاس المحكوم عليه ثم افتتحت المحاكم الأهلية بالوجه القبلى وفى 5 ربيع الأول سنة 319 أعلن هذا الحكم للمحكوم عليه لأجل تنفيذه فعارض المحكوم عليه بسقوط حكم المجلس الملغى لمرور مدة تزيد عن خمس عشرة سن وبأن منع القاضى من سماع الدعوى بعد مرور الزمن خمس نتيجة سقوط الحق وبأن القول بعدم سقوطه بتقادم الزمان هو أن صاحبه لو تكمن من الحصول عليه بدون واسطة القضاء لحل له أخذه ديانة .
فهل يوجد بأحكام الشريعة نص يسقط الحكم بمرور الزمن وهل ما قيل موافق للشريعة .
أفتونا فى هذه الحادثة
An من هذا السؤال يظهر أن المكوم عليه لا يزال مقرا بهذا المبلغ الذى حكم به عليه، غاية الأمر أنه يعارض بسقوط الحكم بالنظر لما ذكر والذى يقتضيه الحكم الشرعى أنه مع الإقرار به يلزمه، لأن الإقرار حجة معتبرة يعامل به المقر ولو طال الزمن مادام لم يأخذ صاحب الحق حقه، لأن الحق لا يسقط بتقادم الزمان ولا بعدم أخذه مع التمكن فلا عبرة بما عارض به المحكم عليه .
واللّه تعالى أعلم(6/155)
التقادم لا يسقط الحق مهما طال الأمد
F محمد بخيت .
رمضان 1338 هجرية
Mوضع اليد المدة الطويلة لا يسقط الحق فى الملكية مهما طال الزمن ولكن لا تسمع الدعوى فى الملكية لمضى خمس عشرة سنة وفى الوقف والميراث بمضى ثلاث وثلاثين سنة بشروطها طبقا للقانون
Q رفع على حسن وأخوه فرج حسن دعوى على وزارة المالية أمام محكمة مصر الشرعية تحت نمر 82 سنة 1916 قالا فيها إن المحكمة واضعة اليد على جميع البناء المعروف الآن بالحوض بالمرصود وأبت تسليمه إليها مع أنه تابع لوقف المرحوم صالح بك مصطفى جاهين اللذين تنظرا عليه حديثا وطلبا الحكم عن الوزارة بتسليمه إليهما ومنع معارضتها لهما فى إرتكازا على وقفية شرعية تاريخها 20 رجب 1174 لأن هذا الوقف كان شمولا بنظر كريمة خديجة هانم حسب شرط الواقف على أن الحكومة مالكة الحوض المرصود وواضعة اليد عليه المدة الجديدة والسنين العديدة بدون منازع ولا معارض لها فيه لا من قبل وفاة صالح بك ولا بعد وفاته ولا من كريمة خديجة هانم لأن صالح بك المذكور توفى فى 1182 وكانت خديجة هانم المذكورة مشاهدة وضع يد الحكومة عليه من عهد وفاة والدها حتى وفاتها الحاصلة سنة 1251 ولم تطالب الحكومة بشىء مع التمكن وعدم العذر الشرعى .
أما باقى الأعيان المعينة بكتب الوقف المذكور كانت واضعة اليد عليها خديجة هانم المذكورة من عهد وفاة والدها دون الحوض المرصود وتحصلت على حجة أيلولة بالنقص منها من المحكمة الشرعية فى سنة 1250 واشترت جملة عقارات بعد وفاة والدها بمقتضى حجج شرعية ووقفتها مع باقى الأعيان الموضحة بكتاب الوقف وبحجة الأيلولة أيضا على نفسها وجعلت النظر إليها عليها أيام حياتها ثم من بعدها على ما هو معين ومشروح بحجج الوقف المؤرخة إحداها 15 شوال سنة 1234 والثانية بتاريخ 25 محرم سنة 1238 والثالثة بتاريخ 7 ربيع أول سنة 1240 والرابعة والخامسة بتاريخ 5 القعدة سنة 1250 أما تواريخ حجج المشترى وتاريخ حجة الأيلولة مدون بالوقفيات المذكورة فالعقارات التى اشترتها بعد وفاة والدها كانت بمقتضى خمس حجج الأولى تاريخها 10 شوال سنة 1190 والثانية تاريخها 5 صفر سنة 1229 والثالثة تاريخها 15 شهر صفر المذكور والرابعة والخامسة والسادسة تاريخها 25 محرم سنة 1238 أما حجة الأيلولة تاريخها 23 شوال سنة 1250 دليل على أن خديجة هانم المذكورة كانت مشاهدة وضع يد الحكومة على الحوض المرصود من عهد وفاة والدها حتى يوم وفاتها ولما كانت هذه القضية تستوجب إهتماما خاصا قد تحصلت وزارة المالية على المستندات الخاصة بموضوع هذه الدعوى فكان من ضمنها أربعة عشر مستندا كلها أوامر العالية تفيد صراحة امتلاك الحكومة للحوض المرصود وثابت بها بيان ما حصل فيه من التغييرات فى المدة من سنة 1244 أعنى التى فى حال حياة خديجة هانم المذكورة وأيضا أوراق يرجع تاريخها إلى سنة 1286 فكان من بينها خطاب من محافظة مصر إلى ديوان عموم الأوقاف تاريخه 28 جماد آخر سنة 1286 ص 16 يقضى بأن اقتضت الإرادة السنية الشفوية بأخذ باقى الحوش نظارة إبراهيم أفندى شركس الناظر على وقف خديجة هانم لتوسيع السكة أمام أبواب وبداخل الحوض المرصود دليل آخر على أنه ملك الحكومة وعلى الخطاب المذكور تأشير من ديوان الأوقاف إلى مأمور قسم رابع بتثمينه وتحديده ومقاسه وعمل رسم عنه وعن السابق أخذه وفعلا تم ذلك بمعرفة عبد المقصود أفندى معاون قسم رابع أوقاف وذلك كان فى يوم الأربعاء غرة رجب سنة 1286 وقد بلغ مسطح الجزء المطلوب 6114 مترا بما فى ذلك مسطح قطعة الأرض التى ما بين حوض شركس والورشة من قبلى وورشة النجارين التى تحد الورشة من جهة شرق ومعمل الحصر المحاور لذلك وبناء على ذلك فوزارة المالية قد صرفت من خزينتها مبلغ 34080 جنيه بإذن تاريخه 17 جمادى الآخرة سنة1286 ثمن الجزء الذى سبق أخذه، كذلك ثابت بصورة الرسم المستخرجة من خريطة الإستحكامات والعمارات العسكرية بالمحروسة التابعة لديوان الجهادية أنه ينطبق تماما على واجهة الحوض المرصود فى الوقت الحاضر ويتضح من تاريخ عمله وهو سنة 1874 أنه كان تابعا لوزارة الحربية كل ذلك يدل دلالة صراحة لا مراء فيها بملكية الحكومة للحوض المرصود من عهد محمد على باشا والى مصر بناء عليه تقدم وزارة المالية لفضيلتكم المستندات الموضح بيانها بالحافظة طيه وقدرها عدد 23 بأمل بعد الاطلاع عليها التكرم بالإفادة عما إذا كانت المحكمة الشرعية ممنوعة من سماع هذه الدعوى عملا بالمادة 376 من اللائحة وعما يقتضيه الحكم الشرعى فى هذا الموضوع
An اطلعنا على خطاب الوزارة رقم 23 مايو سنة 1920 نمرة 223 - 7 - 22 وعلى المستندات المرفقة معه التى قدرها عدد 23 ونفيد أنه قال فى المادة (587) من قانون العدل والإنصاف أخذا من تنقيح الحامدية (الحق لا يسقط بتقادم الزمان، فلو وضع شخص يده على دار أو أرض أو غيرهما مدة سواء طالت المدة أو قصرت وهو معترف بأنها ملك فلان فإنه يؤمر بردها إليه إذا طلب فلان ذلك، وإن كان منكرا أنها ملك فلان وفلان يدعى أنها ملكه ينظر إن كان مضى على وضع يده خمس عشرة سنة فأكثر لا تسمع دعوى المدعى إلا فى الإرث والوقف وعند وجود عذر شرعى لكن فى الإرث والوقف إنما تسمع الدعوى بعد مضى هذه المدة إذا لم يمض على وضع اليد وثلاثون سنة، أما إذا مضى ذلك فلا تسمع دعوى الإرث والوقف أيضا إلا عند وجود عذر شرعى) وهذا ما يقتضيه الحكم الشرعى - وأما مجرد الإطلاع على المستندات المذكورة فليس كافيا فى القول بأن المحكمة الشرعية ممنوعة من سماع هذه الدعوى عملا بالمادة (376) من لائحة المحاكم نمرة 31 سنة 1910 أو غير ممنوعة بل ذلك يتوقف على بحث تلك المستندات وتطبيقها على الواقع وتقديرها قدرها وذلك فى الأعمال القضائية وللإحاطة تحرر هذا والأوراق عائدة من طيه كما وردت(6/156)
جمع المال وادخاره
F حسن مأمون .
ذو القعدة 1375 هجرية - 24 يونيه 1956 م
M 1 - جمع المال من وجوه الحل على وجه لا يقسو به القلب ولا يوجب الطغيان مع أداء الواجبات فيه مندوب إليه شرعا .
2 - أخذ الزكاة من الرأسماليين لإنفاقها على الفقراء والمحتاجين اشتراكية منظمة .
3 - تبذير المال وإنفاق كل ما جمع ولو كان ذلك فى سبيل الله منهى عنه، ورعاية لحق الورثة ولتعطيل شرعية الزكاة .
4 - لا يعارض هذا ما ذهب إليه أو ذر الغفارى رضى الله عنه من وجوب إنفاق جميع المال الفاضل عن الحاجة عملا بظاهر الآية الكريمة .
لأن المراد بالكنز فيها هو المال الذى لم يخرج منه ما وجب إخراجه
Q من الأستاذ / ه أ بطلبه قال إنه يريد بيان حكم جمع المال وادخاره فى الإسلام مع بيان حقيقة مذهب أبى ذر الغفارى بالنسبة لجمع المال وادخاره
An إن الإسلام لم يحرم جمع المال وادخاره، بل ندب إلى جمعه من وجوه الحق مع المحافظة على مواساة أرباب الحاجات، وإخراج الواجبات والصدقات وتفريج الكروب والتيسير على المعسرين، وإطعام اليتيم والبائس والمسكين كما أمر بإخراج الزكاة يأخذها الإمام قهرا من الرأسماليين لينفقها على الفقراء والمحتاجين .
وتلك هى الاشتراكية المنظمة التى تسير جنبا إلى جنب مع مبدأ العدالة ونظام التعاون، والتى ترمى إلى حفظ النظام وعدم إثارة الفوضى بين أفراد الإنسانية، وعدم التبرم والامتعاض من أى ناحية فيها - كما ترمى إلى مقصد واحد هو الإبقاء على النوع الإنسانى صحيح الحياة هانىء العيش - وإن الناظر فى القرآن الكريم يجد جميع آياته فى هذا الصدد تدعو فى رفق ولين إلى التعاطف والتراحم، وتشرح للناس مبدأ الأخوة وما يستوجبه فى تأثير وبلاغة .
فهو تعالى يقول { من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا } البقرة 245 ، ويقول جلبت قدرته { قد أفلح المؤمنون .
الذين هم فى صلاتهم خاشعون . والذين هم عن اللغو معرضون .
والذين هم للزكاة فاعلون } المؤمنون 1 - 4 ، ويقول لنبيه عليه الصلاة والسلام { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } التوبة 103 ، وإن الإنسان لو وقف على ما فى الزكاة من نظام لتأكد له أن مشروعيتها قد لوحظ فيها عدم تبرم الغنى وسد حاجة الفقير .
فإن إشراك الفقير فى مال الغنى محدد مقدر مشروط . إذن ففرضية الزكاة على النظام الشرعى اشتراكية مهذبة معقولة يستسيغها العقل، وتهدأ إليها نفس صاحب المال، وتطيب بها روح الفقير الطامع الطامح الذى يريد أن يدمر كل شىء يعترضه فى سبيل الوصول إلى رزقه - ومن هذا يتبين أنه لا بد من تفاوت الناس وتفاضلهم فى الرزق، وأن جمع المال قد حث عليه الإسلام بشرط أن يكون ذلك من وجوه الحل، وأن يكون على وجه لا يقسو به القلب ولا يوجب الطغيان والتجبر والكبرياء والترفع عن أداء ما وجب فيه من الحقوق والواجبات التى لوحظ فى مشروعيتها المحافظة على حق الفقير وصاحب المال - فبينما نجد الإسلام قد حث صاحب المال على أداء الواجبات نهده عن الإسراف وتبذير المال إلى حد يجعله فقيرا ويترك ورثته عالة يتكففون الناس قال الله تعالى { ولا تبذر تبذيرا .
إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا } الإسراء 26 ، 27 وكذلك كان النبى صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه عن تبذير أموالهم وإنفاق كل ما جمعوه ولو كان ذلك فى سبيل الطاعات رعاية لحق ورثتهم .
فقد روى ( أن سعد بن أبى وقاص مرض بمكة فعادة الرسول بعد ثلاث فقال يا رسول الله إنى لا أخلف إلا بنتا أفأوصى بجميع مالى قال لا قال أفأوصى بثلثى مالى قال لا قال فبنصفه قال لا قال فبثلثه قال الثلث والثلث كثير لأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ) أى يسألون الناس كفايتهم - فقد أفاد هذا الحديث احترام جمع المال كما أفاد المحافظة عليه وعدم تبذيره وعدم إنفاقه كله ولا يعارض هذا كله ما ذهب إليه أبو ذر الغفارى رضى الله عنه من وجوب إنفاق جميع المال الفاضل عن الحاجة عملا بظاهر قول الله تعالى { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم } التوبة 34 ، لأنه ليس المراد بالكنز فى هذه الآية جمع المال مطلقا .
بل المراد بالكنز فيها هو المال الذى لم يخرج منه ما وجب إخراجه كالزكاة والكفارات ونفقات الحج والأهل والعيال وغير ذلك من الحقوق والواجبات التى بينها الله سبحانه وتعالى فى قوله { ولا ينفقونها فى سبيل الله } فكل شخص لم يخرج من ماله ما وجب إخراجه شرعا فهو داخل فى الوعيد ويفسر هذا ما أخرجه الطبرانى والبيهقى فى سننه وغيرهما من ابن عمر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما أدى زكاته فليس بكنز ) أى بكنز أو عد عليه فإن الوعيد عليه مع عدم الإنفاق فيما أمر الله تعالى أن ينفق فيه - ولعل سيدنا أبا ذر رضى الله عنه كان قد غلبت عليه فى آخر أيامه نزعة الزهد فى الدنيا، وعاطفة الإيثار إلى حد جعله يذهب غلى وجوب إنفاق ما فضل من المال فى سبيل الله رغبة فى الثواب الأخروى وإن كان ذلك لا يبرر له ما رآه من بقاء الآية على ظاهرها ، فإن فى ذلك تعطيلا لشرعية الزكاة والمواريث وغير ذلك من الواجبات التى ترمى إلى حفظ النظام والإبقاء على النوع الإنسانى صحيح الحياة .
ومهما يكن من قول فى مذهب أبى ذر الغفارى فإنه مذهب فردى لم يتابعه عليه أحد من المسلمين ولم يستند إلى دليل من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام - ولهذا كثر المعترضون على مذهبه، وكان الناس يقرؤون له آية المواريث ويقولون له لو وجب إنفاق كل المال لم يكن للآية وجه، وكانوا يجتمعون عليه مزدحمين حيث حل مستغربين منه ذلك .
فاختار العزلة واستشار خليفة المسلمين سيدنا عثمان رضى الله عنه فأشار عليه بالذهاب إلى الربدة وهى مكان قريب من المدينة فسكن فيها حتى لا يتأثر الناس بمذهبه .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/157)
الشيوع قائم فى الأرض المملوكة ما عدا الزراعة
F حسنين محمد مخلوف .
جمادى الثانية 1372 هجرية -15 فبراير 1953 م
M 1 - القسمة بالتراضى للاستغلال جائزة ولا تأثير لها على الشيوع .
2 - ما يكشف بهذه الأرض من ذهب وفضة وكل ما ينطبع بالنار يكون خمسة للإمام يضعه فى مصالح المسلمين والباقى ملك لهم بالسوية عند أبى حنيفة وصاحبيه - وفى رواية عنه أن جميع ما يوجد ملك لهم بالسوية .
ويرى المالكية ترك الأمر فيه للإمام مطلقا .
3 - قسمة المهايأة بالتراضى مانعة من طلب الزيادة .
4 - يجوز لكل شريك نقض هذه القسمة فى أى وقت شاء وإجراؤها على الوجه الذى تتعادل فيه الأقسام
Q من السيد / .
من بنى غازى - ليبيا بالسؤال الوارد إلينا المتضمن أن ثلاثة من الناس يمتلكون قطعة أرض زراعية على الشيوع بسند رسمى ولم يقتسموها بينهم قسمة نهائية إلى الآن، وإنما تراضوا فيما بينهم على أن يختص كل واحد منهم بقسم يزرعه بصفة مؤقته، ولم تكم الأقسام متساوية فى المساحة .
فهل يحق لصاحب القسم الأصغر أن يطلب إيجارا من صاحب القسم الأكبر من مقدار الزيادة فى قسمه - وهل حكم الشيوع قائم بالأرض كلها فى حق ما عدا الزراعة - فإذا بيعت قطعة منها كان ثمنها للجميع ،إذا كشف فى قطعة منها معدن كان للجميع، وما بقى من الأرض يكون للثلاثة بالسوية أو لا
An بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسوله الكريم اعلم أن هذه الأرض إذا كانت مملوكة للشركاء الثلاثة بالسوية فقسمتها بينهم قسمة وقتية بالتراضى لمجرد الاستغلال والاستثمار لا يزول بها ملك كل واحد منهم لنصيبه فيها شائعا، فيبقى أثر الملكية الشائعة قائما فيما بينهم فى حق ما يباع منها، فيقسم ثمنه بينهم بالسوية وفى حق ما يكشف فيها من الذهب أو الفضة وكل معدن ينطبع بالنار فتكون أربعة أخماسها مملوكة لهم بالسوية اتفاقا بين أبى حنيفة وصاحبيه فى رواية الجامع الصغير، والخمس للامام يضعه فى مصالح المسلمين وفى رواية الأصل عن الإمام أن جميع ما يوجد بهذه الأرض من المعادن المذكورة ملك لهم بالسوية، واختارها صاحب الكنز وصاحب التنوير .
والراجح من مذهب الإمام مالك أن ما يوجد فى مثل هذه الأرض من المعادن يكون التصرف فيه إلى الإمام، فإن شاء أعطاه لهم وإن شاء جعله لمصالح المسلمين - فإن كان ذهبا أو فضة بلغ النصاب وجبت فيه الزكاة بشروطها وإن لم يحل عليه الحول .
وأما فى حق الاستغلال فحيث كانت القسمة مهيأة بالتراضى على الوجه الذى اختص به كل واحد من الثلاثة بقسم من الأرض فليس لصاحب القسم الأصغر مطالبة صاحب القسم الأكبر بإيجار القدر الزائد فى قسمة ماداموا متراضين على القسمة بهذه الكيفية ويجوز لكل منهم نقض هذه القسمة فى أى وقت شاء وإجراؤها على الوجه الذى تتعادل به الأقسام الثلاثة أو الاشتراك فى استغلالها على الشيوع بأى طريق من طرق الاستغلال .
والله تعالى أعلم(6/158)
عقار مغتصب
F جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الأول 1400 هجرية - 7 فبراير 1980 م
M 1 - الغصب هو الاستيلاء على حق للغير تعديا وحكمه رد المغصوب إلى صاحبه .
2 - تصرف الغاصب فى المغصوب موقوف على إجازة المغصوب منه فإن أجازه نفذ وإلا بطل .
3 - للمالك استرداد العين المغصوبة، وله الرجوع على الغاصب بأجرة مثلها مدة الغصب، ومقابل ما نقص منها بالاستعمال أو التعدى أو الاهمال .
4 - من صار إليه أمر العين المغصوبة يلزم شرعا بإزالة الغصب وتمكين مالك العقار منه متى كان الغصب ثابتا بدون شبهة .
وإن لم يفعل مع تمكنه وقدرته كان آثما ومشاركا للغاصب الأول .
5 - على المغصوب منه إقامة الدعوى أمام القاضى وتقديم الدليل .
فإن ثبتت الدعوى كان القضاء له بحقه وفقا للنصوص الشرعية .
وبذلك جرى قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء والقضاة المسلمين
Q بالطلب المتضمن أن زيدا فى عهد سلطته ومكنته أخذ عقار عمرو غصبا بدون عذر شرعى أو لزوم، وبدون إعلام وإخبار عنه وتقير لأسباب الأخذ والغصب .
ثم وهبه لإدارة لم يكن لها سابق عهد بعمرو ولا بعقاره ، واتفق أن سيطر بكر على زيد وغالبه على جميع اختصاصاته وسلطته وأخذ عهدة رد المظلمة والاحتساب وجزاء الاعتداء على الحقوق، فصار عقار عمرو المغصوب والإدارة التى وهبها زيد هذا العقار كلها بيد بكر وتحت إمرته، ولكن بكرا لم يهتم برد هذا العقار إلى عمرو مع طلب عمرو له مرارا واستغاثته، ملحا على بكر وطال عليه الأمد ولم يبد سبب ظاهر لإغفال بكر هذا الأمر، فلم يتقدم ولو شبرا لإزالة تلك الجناية لزيد على عمرو ولإعادة العقار إليه ورد المظلمة للآن بل استأثره واستبد به .
وطلب السائل الإفادة عما يجب على بكر فى هذا الشأن وما هى ذمته فى هذا العقار المغصوب أمام الحق، وإزاء نصوص القرآن وأحاديث النبى الكريم، فإن كان هناك حكم فى إدانة الغاصب لعقار عمرو بدون حق وتمليكه لرجل آخر أو إدارة خاصة .
هل ينطبق ذلك الحكم على هذا الظلم الأخير الذى اجترأ بكر فى إدامة الغصب والغض فيه مع استغاثة المجنى عليه عمرو لعقاره المغصوب ، ومع القدرة التامة لبكر على النصفة ورد المظلمة من إعادة الحق إلى صاحبه فما قضى بكر شيئا للآن فى حق عمرو وربما يريد أن يقضى وطره منه، فهل يعاقب بكر على عمله هذا أم لا وما هى العقوبة الشرعية لمثل هذا العمل فى ضوء كتاب الله وسنة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وآثار الفقهاء وأقضية القضاة وتوصيات المجتهدين الكرام
An إن الغصب هو الاستيلاء على مال الغير بلا حق عقارا كان أو منقولا أو انتفاعا، وهو محرم بالقرآن وبالسنة وبإجماع المسلمين .
أما الكتاب فقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } النساء 29 ، وقوله تعالى { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون } البقرة 188 ، وقوله تعالى { أما السفينة فكانت لمساكين يعملون فى البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا } الكهف 79 ، وأما السنة فما رواه جابر من قول الرسول صلى الله عليه وسلم فى خطبة يوم النحر (إن دماءكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا) وما رواه سعيد بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه الله من سبع أرضين) متفق عليهما وما رواه أبو إسحاق الجوزجانى بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يحل مال امرىء مسلم إلا بطيب نفس منه) وقد أجمع المسلمون على تحريم الغصب فى الجملة، ومن أجل هذا اتفق الفقهاء على أن من غصب شيئا - عقارا أو منقولا لزمه رده لقول النبى صلى الله عليه وسلم (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) ولأن حق المغصوب منه معلق بين ماله وماليته ولا يتحقق إلا برده .
هذا وتصرفات الغاصب فى العين المغصوبة إما باطلة لأنه لا يملك ذات العين، وإما موقوفة على إجازة المالك .
فإذا وهب الغاصب العين المغصوبة لآخر ولم يجز المالك هذه الهبة وقعت باطلة، وكان للمالك أخذ العين وأجرة مثلها مدة الغصب، ومقابل ما نقص منها بسبب الاستعمال أو التعدى أو الإهمال .
لما كان ذلك ففى واقعة السؤال يكون زيد آثما بغصبه عقار عمرو بدون وجه شرعى، أو إذن من مالكه ثم إن هبة زيد هذا العقار المغصوب لأية جهة تقع باطلة، لأنه غير مالك لما وهب، ولو اتخذها مسجدا حرمت الصلاة فيه باتفاق الفقهاء، وإن اختلفوا فى سقوط الفرض بها أو عدم سقوطه .
ثم إن بكرا الذى صار إليه أمر هذه العين المغصوبة يلزمه شرعا إزالة الغصب، وتمكين مالك العقار منه إذا كانت واقعة الغصب ثابتة قطعا دون شبهة وإن لم يفعل مع تمكنه وقدرته كان آثما ومشاركا لزيد الغاصب الأول .
أما عقوبة الغصب يوم القيامة فقد بينتها الأحاديث الشريفة المسطورة آنفا .
وأما فى القضاء فى الدنيا فإن على المغصوب منه إقامة دعواه أمام القاضى وتقديم دليله، فإن ثبتت الدعوى كان القضاء له بحقه وفقا للنصوص الشرعية وإجماع المسلمين، على أن على الغاصب رد ما أخذ .
بذلك جرى قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء والقضاة والمسلمين المجتهدين فإن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/159)
بناء صاحب العلو على علوه جائز مالم يضر بالسفل
F علام نصار .
ذو القعدة 1370 هجرية - 13 أغسطس 1951 م
M 1 - إذا كان إحداث بناء فوق العلو لا يضر بالسف جاز لمالك العلو إحداثه شرعا، رضى به صاحب السفل أم لا .
2 - إذا كان ذلك يضر بالسفل أو أشكل الأمر فلم يعلم أيضر بالسفل أم لا فلا يجوز لصاحب العلو إحداثه شرعا
Q من السيد /م أ - قال - صدرت فتوى من دار الإفتاء بتاريخ 17 رجب 1355 هجرية رقم 407 ح - 42 وكانت إجابة عن سؤال نصه - مسجد مأذون بالصلاة العامة فيه، وعلى مطهرته ومراحيضه مبان للغير قديمة تبلغ المائة سنة، وأراد مالك هذه المبانى العلوية المتخربة تجديد بنائها على نفس هذه المطهرة والمراحيض .
فهل له ذلك شرعا أو يمنع منه - تضمنت هذه الفتوى أن صاحب الفضيلة مفتى الديار المصرية استظهر استنباطا من النصوص الفقهية، أن لصاحب المبانى العلوية المتخربة تجديد بنائها على المطهرة والمراحيض بالصفة التى كانت عليها متى كانت قديمة ، ولا يمنع منة ذلك كون السفل مطهرة أو مراحيض موقوفة على العامة - فقام صاحب العلو بالتجديد لعلوه والسفل - ولما كانت المبانى بالطريق الحديثة متينة وتتحمل أكثر من طبقة واحدة فقد أراد أن يبنى فوق هذه المبانى التى يملكها - هل له أن يقوم بالبناء فوق هذه المبانى مادام هو المالك لها، وكل مالك حر فى ملكه أو يمنع من ذلك
An اطلعنا على السؤال - والجواب : أن النصوص الفقهية قد اختلفت فى جواز إحداث صاحب العلو ( الذى له حق القرار على السفل شرعا ) علوا فوق علوه .
فقد صرح فى الفتاوى الخيرية نقلا عن علماء المذهب أنه ليس له إحداث بناء على العلو زائدا عما كان عليه فى السابق، وإن أحدث يرفع وأطلق ذلك فشمل المنع ما إذا كان يضر بالسفل أولا - وحكى العلامة ابن عابدين فى تنقيح الحامدية قولين أحدهما قول أبى حنيفة أنه يمنع من ذلك مطلقا ما لم يرض صاحب السفل سواء أكان ذلك يضر بالسفل أم لا - وثانيهما قول الصاحبين غن ذلك لا يجوز إذا أضر بالسف، أما إذا لم يضر فإنه يجوز .
وفى الدر المختار ما نصه ( يمنع صاحب سفل عليه علو من أن يقد فى سفله أو يثقب كوة، وكذا بالعكس بلا رضى الآخر، وهذا قوله وهو القياس .
وقالا لكل فعل ما لا يضر ) ونقل ابن عابدين فى هذا الموضع عن العينى ما نصه ( وعلى هذا الخلاف إذا أراد صاحب العلو أن يبنى على العلو شيشا أى بيتا أو يضع عليه جذعا وقال إن المختار للفتوى أنه إذا علم أن البناء فوق العلو لا يضر يجوز إحداثه وإن أشكل أنه يضر أولا لا يجوز ) ومعنى هذا أنه يفتى بقول الإمام فيما أشكل الضرر فيمنع وبقول الصاحبين فيما إذا علم أنه لا ضرر فيجوز .
ومما تقدم يعلم أن ما حكاه صاحب الخيرية هو قول الإمام، وأن قول الصاحبين هو المفتى به إذا علم أن البناء فوق العلو لا يضر فيفتى فى حادثتنا بما صرح أنه المختار للفتوى، وهو أنه إذا علم أن إحداث بناء فوق العلو لا يضر بالسفل يجوز شرعا .
وهذا يتفق مع قاعدة أن المالك يتصرف فى ملكه بما شاء مالم يضر بالغير، أما إذا أشكل الأمر فلم يعلم هل يضر أو لا، فإنه لا يجوز إحداثه .
وبالله التوفيق(6/160)
لا تعويض عن الضرر الناتج من الدابة المنفلتة
F حسن مأمون .
شوال 1376 هجرية - 1 مارس 1958 م
Mالمنصوص عليه شرعا أن الدابة المنفلتة إذا أصابت إنسانا أو حيوانا بأى ضرر، فلا يلزم صاحبها بتعويض ذلك الضرر ، نهارا كان ذلك أو ليلا لقوله صلى الله عليه وسلم العجماء جبار ولأن فعلها مقتصر عليها غير مضاف إليه، ولعدم ما يوجب نسبة الفعل إليه من ركوبها أو سوقها ونحو ذلك
Q بالطلب المتضمن أن رجلا قال إن لى حمارا مربوطا بحقلى المجاور لترعة عمومية، ومر به أحد المارة يركب حمارا آخر صاح عند مروره بحمارى، وأن حمارى حينئذ قطع الحبل المقيد به وجرى وراء الحمار الآخر وراكبه، واشتبك الحماران فى صراع، وسقط الراكب من على دابته وكسرت ساقه اليسرى، وادعى أن حمارى رفسه فى ساقه فكسرها .
وقد طالبنا المصاب بتعويض عن إصابته .
وطلب بيان الحكم الشرعى فى هذه الواقعة
An إن المنصوص عليه شرعا أن الدابة إذا انفلتت فأصابت آدميا أو مالا نهارا أو ليلا لا يضمن صاحبها .
لقوله صلى الله عليه وسلم ( العجماء جبار ) أى فعل العجماء هدر - قال محمد هى المنفلتة، لأن فعلها مقتصر عليها غير مضاف إلى صاحبها، لعدم ما يوجب نسبته إليه من الركوب أو السوق ونحوهما لأن فعلها إنما يضاف إليه إذا كان راكبا أو سائقا لها استحسانا، صيانة للأنفس والأموال، فإذا لم يوجد منه السوق لها بقى فعلها على الأصل منسوبا إليها ولا يجوز إضافته إليه لعدم الفعل منه مباشرة أو تسببا ت يراجع البحر ومجمع الأنهر وغيرهما .
وعلى ذلك يكون ما ترتب على انفلات حمار السائل من عقاله، واشتباكه مع الحمار المار به، وكسر ساق راكبه، غير مضمون على السائل، لأن حماره كان مربوطا بقيده، ولم يكن السائل سائقا له ولم يرسله خلف الحمار المار به حتى ينسب فعل حماره إليه ويضمن ما ترتب عليه من أضرار بذلك المار .
عملا بهذه النصوص التى توجب إهدار فعل حمار السائل فى هذه الحالة والله أعلم(6/161)
التعويض عن الضرر الأدبى ليس تركة
F أحمد هريدى .
16 يونية 1966 م
M 1 - التعويض المقدر بحكم نهائى لوالدى القتيل يكون بينهما مناصفة لعدم التفاوت بينهما فيما وقع عليهما من ضرر أدبى .
2 - بوفاة أحد الوالدين يكون نصيبه فيه تركة عنه لورثته الشرعيين
Q طلبت مديرية أمن القاهرة بكتابها رقم 7273 المؤرخ 21/5/1966 بمرفقاته بيان توزيع مبلغ التعويض المحكوم به للمرحوم أ .
ع الذى توفى سنة 1958 عن زوجتيه وأولاده وعن أولاد ابنه الذى توفى قبل وفاته
An إن مال التعويض مبلغ قدره القضاء وحكم به نهائيا لطالبى التعويض .
والدى القتيل السيد / أع والسيدة أ أ ص - تعويضا لهما عما أصابهما من ضرر بفقدانهما القتيل من الوجهة الأدبية ولم تبين المحكمة مقدار نصيب كل من طالبى التعويض فى المبلغ المحكوم به ، وهما باعتبارهما والدين لا يتفاوتان فى الضرر من الوجهة الأدبية .
فيقسم المبلغ بينهما بالتساوى، وتستحق السيدة والدة القتيل نصيبها وهو نصف المبلغ، ويعتبر نصيب المرحوم السيد / أ .
ع أ . تركة تورث عنه، ويقسم بين ورثته طبقا لأحكام القانون رقم 77 سنة 1943 الخاص بأحكام الميراث .
وثابت من الأوراق أنه توفى عن زوجتين وأولاد ذكور وإناث وعن أولاد ابنه الذى توفى قبله .
فبوفاة المرحوم أ . ع أ عن المذكورين فقط سنة 1958 بعد العمل بقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 - يكون لأولاد ابنه الذى توفى قبله فى تركته وصية واجبة بمقدار ما كان يستحقه والدهم ميراثا فى تركة والده لو كان موجودا وقت وفاته فى حدود الثلث طبقا للمادة 76 من القانون المذكور .
وبقسمة تركة المتوفى أ ع أ إلى 104 مائة سهم وأربعة أسهم يكون لأولاد ابنه منها أربعة عشر سهما تقسم بينهم للذكر ضعف الأنثى وصية واجبة، والباقى وقدره تسعون سهما هو التركة التى تقسم بين الورثة .
للزوجتين الثمن مناصفة بينهما فرضا لوجود الفرع الوارث .
والباقى بعد الثمن لأولاده للذكر منهم ضعف الأنثى تعصيبا .
والله أعلم(6/162)
الزرع فى أرض الغير
F أحمد هريدى .
رجب 1389 هجرية - 10 أكتوبر 1969 م
M 1 - غرس نخل فى أرض الغير دون إذنه يعتبر غصبا، ويجب على الغارس قلع ما غرس ورد الأرض إلى صاحبها .
2 - إن كانت الأرض تنقص بقلع ما غرس، فللمالك تملك الغرس بقيمته مقلوعا
Q بالطلب المقدم من السيد م ع م المتضمن أنه يستأجر مساحة من الأطيان الزراعية من السيد ف .
ش ويقوم بزراعتها .
وبجوار هذه المساحة توجد قطعة أرض أخرى ملك السيد ع .
ع ونظرا لغيابه قام السائل بغرس نخلة فيها دون إذن منه وأنتجت هذه النخلة نخيلا آخر .
وقامت بينه وبين صاحب الأرض منازعة حول أحقية كل منهما فى هذا النخل .
وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى
An غرس السائل لشجرة النخل فى ملك غيره دون إذن منه يعتبر نوعا من الغصب .
والمقرر فقها أن من غصب أرضا فغرس فيها شجرا أو نحوه يجب عليه قلع ما غرسه ورد الأرض إلى صاحبها .
فقد جاء فى الهدية وفتح القدير ج 7 ص 383 ما نصه من غصب أرضا فغرس فيها .
قيل له اقلع الغرس ورد الأرض إلى صاحبها .
لقوله صلى الله عليه وسلم ليس لعرق ظالم حق والعرق الظالم هو أن يجىء الرجل إلى أرض بملكها غيره فيغرس فيها، أو يزرع زرعا بدون إذنه .
فإن كانت الأرض تنقص بقلع ما غرسه الغاصب، فللمالك أن يضمن له قيمة الغرس مقلوعا ويكون له ، لأن فيه نظرا لهما ودفع الضرر عنهما .
وكيفية ضمان مالك الأرض لما غرسه الغاصب .
هو أن يضمن له قيمة نخل يؤمر بقلعة، فتقوم الأرض بدون نخل، وتقوم وبها النخل، لصاحب الأرض أن يأمره بقلعه فيضمن فضل ما بينهما .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/163)
شفعة
F محمد عبده .
صفر 1317 هجرية
Mللشفيع أخذ المبيع بالثمن الأول وإن لم يرض المشترى الثانى
Q أرض مملوكة باعها مالكها بثمن معين، ثم باعها المشترى منه بثمن آخر أكثر من الثمن الأول .
فهل لشفيعها بالجوار أو بغيره أن يأخذها بالثمن الذى اشترى به الأول جبرا عن المشترى الثانى، ولا يكون له أن يتمسك بالثمن الثانى الذى اشترى به على الشفيع
An نعم .
للشفيع أخذ المبيع بالثمن الأول وإن لم يرض المشترى الثانى وليس للمشترى الثانى حق التمسك بالثمن الذى اشترى به على الشفيع، واللّه أعلم(6/164)
شفعة فى وقف
F محمد عبده .
ربيع الأول 1317 هجرية
M 1 - ما لا يملك بحال من الوقف لا تجوز الشفعة فيه .
2 - ما يملك بحال تجوز الشفعة فيه .
3 - استبدال الواقف أحد أعيان الوقف بما له من هذا الشرط تجعل العقد صحيحا وتجرى فيه الشفعة بعد استيفاء شروطها الشرعية
Q رجل وقف عقارا وشرط فيه الاستبدال لنفسه، ثم باع هذا العقار الموقوف لكى يستبدل به عقارا آخر للوقف حسب شرطه .
فهل يجوز لملك العقار المجاور لذلك العقار المبيع أن يأخذه بالشفعة إذا توفرت الشروط الشرعية أفيدوا الجواب
An نصوا على أن ما لا يملك من الوقف بحال لا تجوز فيه الشفعة .
أما ما يملك منه بحال فتجوز فيه . والواقعة اليوم فى وقف شرط فيه واقفه لنفسه الاستبدال ولم يسبق فيه حكم، فالوقف يملك بحال وهو حال البيع للشرط خصوصا مع عدم سبق الحكم، فيكون البيع صحيحا بالاتفاق والشفعة إنما تعتمد صحة البيع وجوازه، وقد جاز فى هذه الواقعة وصح كما ذكرنا .
فللمالك لعقار مجاور للعقار المبيع من الوقف الذى وقع فيه البيع بمقتضى الشرط حق الشفعة بملكه المجاور له، وإنما يلزمه استيفاء الشرائط الشرعية فى الشفعة والإتيان بجميع الطلبات المنصوصة شرعا واللّه سبحانه تعالى أعلم(6/165)
شفعة
F محمد عبده .
رجب 1319 هجرية
M1 - التنازل للغير تنازلا شائعا فى جملة أطيان غير مفرزة ولا مقسمة وتسمية ذلك فى العقد تخارجا، ولا شركة بينه وبين المتنازل له فى شىء ما ولا شيوع ولا جوار، فلا يكون ذلك تخارجا ، ولكنه عقد بيع تجوز فيه الشفعة لمن يستحقها
Q من عبد الرحمن أباظة فى رجل مات من سبع وعشرين سنة مضت عن جملة أولاد اقتسموا تركته قسمة إفراز وتخصيص إلا أحدهم فقد رضى أن يكون مع أشقائه على الشيوع فيما أفرز لهم إلى أن جاء أحد هؤلاء فتنازل عن حصته تنازلا شائعا فى جملة أطيان غير مفروزة ولا مقسومة لا إلى أحد شركائه فى ذلك النصيب الشائع، بل إلى أحد أولاد المتوفى ممن خرج بنصيبه مفرزا مقسوما من سبع وعشرين سنة مضت، وسمى ذلك التنازل تخارجا .
فى حين أن لا شركة بين المتخارجين فى شىء ما، ولا شيوع ولا جوار .
فهل هذا العقد يعد تخارجا شرعا، أو هو بيع سمى تخارجا تجوزا، وهل ثبت فيه الشفعة شرعا وهذا التنازل فى نظير عوض معلوم
An مثل هذا التنازل ليس من قبيل التخارج، بل هو بيع تجوز فيه الشفعة، واللّه أعلم(6/166)
حق الشفعة
F جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الأول 1400 هجرية - 5 فبراير 1980 م
M 1 - الخليط الذى طلب أحقيته فى شراء القدر المباع على الشيوع بحق الشفعة متى تحقق سببها وشرطها وركنها أحق بالقدر المباع من المشترى باتفاق فقهاء المذاهب جميعا .
2 - يتحقق تملكه لهذا القدر إما بالأخذ رضاء أو بحكم من المحكمة المختصة عند النزاع فى الأحقية
Q بالطلب المتضمن أن ع م ح توفى عن أولاده شلبية وحمدية وأحمد وترك لهم قطعة أرض زراعية على المشاع لم تفرز بعد، وقد حدث أن باع كل من السيدة حمدية والسيد أحمد نصيبهما الذى ما زال على المشاع إلى شخص أجنبى يدعى محمد أبو الفتوح، وقد أرادت أختهما الشقيقة السيدة شلبية شراء القدر المباع على الشيوع بحق الشفعة .
وطلب السائل الإفادة عما إذا كانت السيدة شلبية شقيقة أحمد وحمدية لها حق شراء هذا القدر المباع على الشيوع من أخويها .
علما بأن المشترى المذكور لا يمتلك أرضا بجوار القطعة المباعة وليس شريكا فى المنافع ولا فى الميراث، وذلك طبقا للشريعة الإسلامية
An الشفعة شرعا هى تملك البقعة جبرا على المشترى بما قام عليه وسببها اتصال ملك الشفيع بالمشترى، لأنها تجب لدفع ضرر الدخيل عنه على الدوام بسببه سوء المعاشرة والمعاملة .
وشرطها أن يكون العقد عقد معاوضة مال بمال .
وركنها أخذ الشفيع من أحد المتعاقدين عند وجود سببها وشرطها .
وحكمها جواز الطلب عند تحقق السبب .
وصفتها أن الأخذ بها بمنزلة شراء مبتدىء، حتى يثبت بها ما يثبت بالشراء نحو الرد بخيار الرؤية والعيب .
وتجب للخليط فى نفس المبيع . ثم للخليط فى حق المبيع كالشرب والطريق إن كان خاصا، ثم للجار الملاصق، لما روى جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة فى كل شركة لم تقسم ربعة وحائط لا يحل له أن يبيعه حتى يؤذن شريكه .
فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، وإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به رواه مسلم والنسائى وأبو داود .
وعن عبادة بن الصامت أن النبى صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة فى الأرضين والدور .
رواه عبد الله به أحمد فى المسند، وقال عليه الصلاة والسلام .
الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا .
وقال عليه الصلاة والسلام جار الدار أحق بالدار من غيره .
رواه أحمد وأبو داود والترمذى وصححه .
وهذا هو فقه مذهب أبى حنيفة. وقال مالك والشافعى وأحمد بن حنبل إن الشفعة لا تجب إلا للشريك القاسم .
فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة . لقول جابر رضى الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قضى بالشفعة فى كل مال لم يقسم .
من كل هذه النصوص يتبين أن حق الشفعة يثبت للخليط فى نفس المبيع قبل القسمة باتفاق الفقهاء جميعا .
ثم للخليط فى حق المبيع ثم للجار الملاصق عند فقهاء الحنفية، وذلك إذا تحقق سببها وشرطها وركنها، وقد وجبت عند الحنفية على هذا الترتيب المذكور لدفع الضرر الدائم الذى يلحق الشفيع من جهة المشترى، فكل ما كان أكثر اتصالا كان أخص بالضرر وأشد تبعا معه .
فكان أحق بها لقوة الموجب لها . ولما كان السائل يقرر فى طلبه أن قطعة الأرض موضوع السؤال قد آلت ملكيتها للسيدة شلبية عبد المجيد محمد خليفة وأخويها شقيقيها السيدة - حمدية عبد المجيد والسيد - أحمد عبد المجيد عن والدهم المتوفى ، وأنها مازالت على الشيوع بينهم لم تفرز بعد .
وأن المشترى من البائعين السيد - محمد فريد أبو الفتوح ليس شريكا فى هذه القطعة ولا جارا، وأن السيدة / شلبية عبد المجيد محمد خليفة قد طلبت أحقيتها فى شراء القدر المباع على الشيوع بحق الشفعة .
فإذا كان ذلك مع تحقق سببها وشرطها وركنها، فتكون باتفاق فقهاء المذاهب جميعا أحق بالقدر المباع من المشترى، ويتحقق تملكها لهذا القدر إما بالأخذ إذا سلمها المشترى رضاء، أو بحكم من المحكمة المختصة عند النزاع فى الأحقية، لأن ملك المشترى قد تم بالشراء فلا يخرج عنه إلى الشفيع إلا برضاه أو بحكم قضائى باعتبار أن القضاء ولاية عامة .
هذا وعلى الشفيع التحقق من توافر الشروط والإجراءات المقررة فى القانون المدنى فى شأن الأخذ بالشفعة إذ أنها موافقة فى الجملة لما اشترطه الفقهاء .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال . والله سبحانه وتعالى(6/167)
دفع مبلغ لآخر خطأ
F حسونة النواوى .
ربيع أول 1315 هجرية
M 1 - لو ظن أن عليه دينا لآخر فدفعه إليه ثم ظهر خلافه يرجع بما أدى .
2- لو تبرع بأداء دين غيره ظنا منه أنه عليه ثم ظهر خلافه رجع بما أدى ولا يكون متبرعا
Q دفع رجل مبلغا معلوما من الجنيهات لآخر ظنا منه أنه دين على ابنه للمدفوع إليه واجب عليه دفعه عنه لكونه فى معيشته .
والحال أنه ليس عليه ولا على ابنه شىء للمدفوع إليه بوجه من الوجوه الشرعية .
فهل يجوز لهذا الدافع الرجوع بما دفعه على المدفوع إليه أم كيف
An قال فى الأشباه من القاعدة السابعة عشر - ولو ظن أن عليه دينا فبان خلافه يرجع بما أدى .
وفى شرحه لهبة اللّه البعلى - وكذا لو تبرع بقضاء دين غيره ظانا أنه عليه ثم ظهر خلافه رجع بما أدى انتهى - وحينئذ يرجع الدافع هنا بما دفعه على المدفوع إليه سواء كان المدفوع عن نفسه أو عن ابنه حيث لا حق للمدفوع إليه والحال ما ذكر بالسؤال .
واللّه أعلم(6/168)
التعويض عن زيادة السعر وقت العقد
F حسن مأمون .
ربيع الآخر 1378 هجرية - 20 أكتوبر 1958 م
M 1 - التعاقد على بناء عقار على أساس الأسعار السائدة وقت العقد فزادت الأسعار بلا فعل من أحد، ولكن بموجب عمل سياسى خارج عن إرادة الطرفين، يكون من قبيل الاستصناع، وهو بيع ما يصنعه العامل عينا، ويطلب فيه من الصانع العمل والعين جميعا ، وهو عقد صحيح استحسانا .
2 - يرفع الغبن عن العامل بما يعوضه عن ارتفاع أسعار المواد المستعملة فى البناء، لأن التعاقد تم فى ظروف عادية بالأسعار العادية المعروفة وقت العقد .
3 - لا يكون التعاقد لازما بالأسعار العادية، ويكون للعامل الحق فى طلب الزيادة، ويرجع فى تقديرها إلى الخبراء فى ذلك
Q بالطلب المتضمن أن أحد السعوديين قد تعاقد مع الحكومة السعودية على إقامة بناء بمنطقة الظهران لقاء مبلغ معين فى أوائل أبريل سنة 1956 - على أساس الأسعار السائدة لمواد البناء وقت التعاقد وحينما وقع الاعتداء الثلاثى على قناة السويس تعطل نقل هذه المواد غلى المملكة العربية السعودية، وارتفعت أسعار مواد البناء فكانت تباع محليا بثلاثة أضعاف قيمتها وقت التعاقد، فأوقف المقاول أعمال البناء كى ترفع الحكومة السعودية من قيمة المقاولة بما يعوض هذه الخسارة وتقدم بعدة طلبات إلى الحاكم الإدارى مؤيدة بالمستندات الدالة على التكاليف الفعلية، وكان الحاكم الممثل للطرف الثانى يجيبه فى كل مرة بطلب الاستمرار فى العمل حتى إتمامه، ولا يخشى شيئا وسينظر فى الأمر وطلب بيان حكم الشريعة الغراء فى هذا الأمر ومدى حق المقاول فى المطالبة بتعويض يرفع عنه هذه الخسارة الكبيرة
An إن التعاقد المسئول عنه من قبيل الاستصناع وهو لغة طلب العمل ، وشرعا بيع ما يصنعه عينا، فيطلب فيه من الصانع العمل والعين جميعا وهو صحيح استحسانا، وقد جرى التعامل به من عهد الرسول عليه السلام إلى يومنا هذا فقد استصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما ومنبرا، فصار كدخول الحمام بأجر، فإنه جائز استحسانا للتعامل، وإن أبى العباس جوازه لجهالة مقدار المكث وما يصب من الماء .
ولمبيع هو العين بعد إتمام العمل، وقد توالى العمل به فى سائر الأعصار من غير نكير متى بين وصف العمل على وجه يحصل به التعريف، وينعقد إجارة ابتداء، ويصير بيعا انتهاء قبل التسليم بساعة وهذا هو الصحيح، كما ذكره صاحب الهندية بالجزء الثالث من فتاويه ولاشتمال هذا التعامل على عقدى إجارة وبيع وجب أن تتوافر فيه الشروط اللازمة شرعا لصحة كل منهما فيجب أن يكون عوض العمل والأوصاف المحددة للعمل النافية لجهالة معروفة لدى الطرفين حتى ينقضى العذر بينهما ولا يفضى هذا التعاقد إلى المنازعة مستقبلا، كما يجب أن تكون الزيادة التى تظهر فى الثمن المقابل لهذا العمل عما تعورف ثمنا له فيما بين الناس زيادة قليلة يتغابن الناس فى مثلها، فإن فحشت بأن كانت كبيرة لا يتغابن الناس فى مثلها فى العادة كان ذلك سببا فى فساد التعاقد الأول ووجوب الزيادة فى القيمة غلى الحد الذى يرفع الضرر عمن وقع عليه متى قبل صاحب العمل وتمسك بالتعاقد .
ويتحقق ذلك بتحكيم أهل الخبرة فى مثل هذا العمل باتفاق الطرفين لتقدير قيمته حسب أمثاله وقت تسليمه إلى الطرف الآخر، أو الرجوع باتفاقهما إلى قيمة المثل بدون تحكيم ، وما يظهر من الفرق بين القيمتين يأخذه الطرف الواقع عليه الضرر وهو الصانع من الطرف الثانى وهو المستصنع الحكومة السعودية - وبذا يرتفع الضرر وتحل الزيادة لمن أخذها ومن الأسباب الموجبة لهذا المصير تغير السعر بعد التعاقد عنه وقت التعاقد - فقد جاء فى الشرح الكبير لابن قدامة أن السلعة المباعة إن تغير سعرها وهى بحالها فإن غلت قيل لا يلزم البائع الإخبار بذلك، لأنه زيادة فيها وهو صادق بدون الإخبار بذلك، وقيل يلزمه الإخبار بالحال لأنه أبلغ فى الصدق وأقرب إلى البيان وبذلك ينتفى التدليس، كما يلزمه بيان العيب، ولأن المشترى ربما بعد البيان لا يرضاها بهذا السعر فكتمان البيان تقرير وبالنسبة للرجوع إلى القيمة فى هذه الحالة جاء فى الفتاوى البزازية ج- 2 - تقبل من رجل بناء حائط بلبن وطين من عند البانى فسد، فإن بنى ينظر إلى قيمة اللبن والطين يوم الخصومة ، مثلا قيمته ثلاثون يقوم الحائط مبنيا، مثلا قوم بأربعين علم أن قيمتها ثلاثون وقيمة أجر البناء عشرة فيلزم قيمتها وأجر مثل البناء لا يتجاوز عن عشرة .
وفى الهندية ج- 4 لو شرط على البناء أن يكون الآجر والجص من عنده وكل شئ من هذا الجنس يشترط فيه على العامل شيئا من قبله بغير عينه فهو فاسد فإذا عمله فالعمل لصاحبه المتاع، وللعامل أجر مثله مع قيمة ما زاد كذا فى المبسوط وفى الهندية ج- 3 الزيادة فى الثمن والمثمن جائزة حال قيامها سواء كانت الزيادة من جنس الثمن أو من غير جنسه، وتلحق بأصل العقد ويعتبر كأنه باعه مع هذه الزيادة وكما تصح الزيادة من المشترى فى الثمن يصح الحط منه من البائع كما تصح الزيادة فى المبيع ويلحق كل ذلك بأصل العقد، والزيادة فى الثمن والحط منه سواء مادام البيع لم يمض لثبوت الخيار فيه لأحد المتعاقدين أولهما معا، مما سبق من النصوص يظهر الحكم فى هذه الحادثة وهو أنه يجب شرعا رفع الغبن عن هذا المقاول بما يعوضه عن ارتفاع أسعار المواد التى استعملها فى إقامة هذا المبنى، لأنه حين تعاقد فى ظروف عادية بالأسعار المعروفة حينئذ كان لكل من المتعاقدين الخيار شرعا إلى أن يفرغ العمل، ويسلم المبنى إلى الحكومة السعودية، فلم يكن التعاقد لازما إلى هذا الوقت، وبتغيير الحال على الوجه المشار إليه فى السؤال بارتفاع الأسعار إلى أضعاف ما كانت عليه يصبح المقاول فى حل من طلب الزيادة ولصاحب العمل أن يقبل أو يرفض، والفصل فى ذلك لأهل الخبرة والقضاء وقد تقدم المقاول إلى الطرف الثانى متظلما طالبا الزيادة فى قيمة العمل حتى يمكنه إتمامه، فأمره ممثل الحكومة السعودية بمتابعة العمل وأعلمه بأنه سيراعى هذه الظروف وهذا منه عدول عما اتفق عليه من الثمن سابقا وقبول الزيادة فيه، وذلك جائز شرعا كما لو ابتدأ صاحب العمل ورفع الثمن بدون طلب من العامل فإنه جائز شرعا، وتحل الزيادة للبائع - المقاول - بلا نكير وإن لم تكن محددة المقدار كما هنا ، فإذا اتفق الطرفان على زيادة معينة ترفع الضرر والغبن عن المقاول لزمت وارتفع النزاع وإلا حكمنا خبراء الصنعة لتقدير قيمة العمل عند الخصومة، والله أعلم(6/169)
التعويض عن الضرر
F حسن مأمون .
رمضان 1378 هجرية - 4 إبريل 1959 م
M 1 - راكب الدابة فى الطريق العام ضامن لما وطئت أو أصابت بيدها أو رجلها، أو صدمت من نفس أو مال .
2 - قائد السيارة ضامن لما وطئت سيارته، ويحل للمصاب أو مالكه أخذ قيمة ما أتلف من نفس أو مال
Q من السيد / .
بالطلب المتضمن أنه يمتلك جاموسة تساوى من الثمن 100 جنيه، وقد صدمتها وهى تعبر الطريق سيارة، وتسببت الصدمة فى كسر فخذها، وأصبحت لا تصلح للعمل، وبيعت لحما بمبلغ 22 جنيها فقط، وعمل مجلس عرفى دفع بمقتضاه صاحب السيارة مبلغ 50 جنيها لاستكمال شراء جاموسة، وطلب السائل الإفادة عما إذا كان يحل لصاحب الجاموسة أخذ مبلغ 50 جنيها من صاحب السيارة أم لا
An إن المنصوص عليه فقها أن راكب الدابة فى الطريق العام يضمن ما وطئت دابته أو أصابت بيدها أو رجلها أو صدمت من نفس ومال .
وراكب السيارة وقائدها مثل راكب الدابة فى الحكم .
وعلى ذلك فيضمن قائد السيارة ما وطئت سيارته، ويحل لصاحب ما وطئته السيارة أخذ قيمة ما أتلف من مال .
وبهذا علم الجواب عن السؤال وأنه يحل لصاحب الجاموسة أخذ مبلغ ال 50 جنيها التى دفعها صاحب السيارة قيمة الخسارة التى لحقت صاحب الجاموسة، والله أعلم .
ے(6/170)
ضمان الطبيب
F أحمد هريدى .
ذو القعدة 1381 ه- - 22 أبريل 1962 م
M 1 - اتفق الفقهاء على أن الطبيب الذى يجرى جراحة لمريض ثم يترتب على إجرائها ضرر به لا يضمن الطبيب أثر هذه الجراحة للمريض إلا إذا تحققت شروط إدانته شرعا .
2 - متى كان الضمان واجبا على الطبيب وحكم به فإنه يحل أخذه شرعا لمن وجب له
Q بالطلب المتضمن أنه فى عام 1949 كان مريضا بالمسالك البولية، ودخل مستشفى الأمريكان بطنطا للعلاج وتقرر له إجراء عملية جراحية، ثم عاوده المرض مرة أخرى ، فأدريت له عملية تحويل البول من مجراه الطبيعى ( القبل ) إلى مجرى البراز ( الدبر ) دون استشارته ودون إذنه .
ولم تحصل منه المستشفى على إقرار كتابى بموافقته على إجراء هذه العملية .
وبعد إجراء العملية تبين له حصول ضرر شرعى حدث له بسببها حيث فقد الناحية الجنسية وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما لو تقدم بدعوى تعويض ضد المستشفى عما أصابه من أضرار جسمية، وحكم له بالتعويض .
فهل يكون مبلغ التعويض الذى يحكم له به حلالا شرعا أم حراما
An جاء فى حاشية ابن عابدين الحنفى على الدر المختار ولا ضمان على حجام وفصاد لم يجاوز الموضع المعتاد، وكان بالإذن - قال فى الكافى عبارة المختصر ناطقة بعدم التجاوز وساكنة عن الإذن .
وعبارة الجامع الصغير ناطقة بالإذن ساكتة عن التجاوز .
فصار ما نطق به هذا بيانا لما سكت عنه الآخر - ويستفاد من مجموع الروايتين اشتراط عدم التجاوز والإذن لعدم الضمان حتى إذا عدم أحدهما أو كلاهما يجب الضمان ولو شرط على الحجام ونحوه العمل على وجه لا يسرى لا يصح لأنه ليس فى وسعه إلا إذا فعل غير المعتاد فيضمن عمادية، وفى تنقيح الفتاوى الحامدية لابن عابدين أيضا سئل فى طبيب غير جاهل طلبت منه امرأة مريضة دواء لها فأعطاها دواء شربته فى بيتها فزعم ابنها أنه قد زاد مرضها بالدواء المذكور وأن الطبيب يلزمه ديتها إذا ماتت من المرض المذكور، فهل لا يلزمه شئ ولا عبرة بزعمه الجواب .. نعم وجاء فى حاشية الدسوقى المالكى على الشرح الكبير وكذا الختان والطبيب فلا ضمان إلا بالتفريط، فإذا ختن الخاتن صبيا أو سقى الطبيب المريض دواء أو قطع له شيئا أو كراه ( كرى النهر حفره - والمقصود أجرى له عملية جراحية فمات ) فمات من ذلك فلا ضمان على واحد منهما، لا فى ماله ولا على عاقلته، لأنه مما فيه تغرير فكأن صاحبه هو الذى عرضه لما أصابه، وهذا إذا كان الخاتن أو الطبيب من أهل المعرفة ولم يخطئ فى فعله، فإذا كان قد أخطأ فى فعله والحال أنه من أهل المعرفة فالدية على عاقلته، فإذا لم يكن من أهل المعرفة عوقب وجاء فى المغنى لابن قدامة الحنبلى والشرح الكبير ولا ضمان على حجام ولا ختان ولا طبيب إذا عرف منهم حذق الصنعة ولم تجن أيديهم وجملته أن هؤلاء إذا فعلوا ما أمروا به لم يضمنوا بشرطين أحدهما - أن يكونوا ذوى حذق فى صناعتهم، ولهم بها بصارة ومعرفة لأنه إذا لم يكن كذلك لم يحل له مباشرة الفعل .
وإذا قطع مع هذا كان فعلا محرما فيضمن سرايته كالقطع ابتداء .
الثانى - ألا تجنى أيديهم فيتجاوزوا ما ينبغى أن يقطع، فإذا وجد الشرطان لم يضمنوا، لأنهم قطعوا قطعا مأذونا فيه فلم يضمنوا سرايته كقطع الإمام يد السارق إذ فعل فعلا مباحا مأذونا فى فعله، فأما إذا كان حاذقا وجنت يده مثل أن يتجاوز قطع الختان إلى الحشفة أو إلى بعضها أو قطع فى غير محل القطع أو قطع بآلة يكثر ألمها أو فى وقت لا يصلح القطع فيه وأشباه هذا ضمن فيه كله، لأنه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ فأشبه إتلاف المال، ولأن هذا فعل محرم فيضمن سرايته كالقطع ابتداء .
وهذا مذهب الشافعى وأصحابه لا نعلم فيه خلافا .
هذه هى النصوص الفقهية التى وردت فى كتب الفقه فى المذاهب المختلفة خاصة بموضوع الضمان فى الحالات التى تماثل الحالة موضوع السؤال وبالتأمل فيها يتبين أن الفقهاء قد اتفقوا على أن الطبيب الذى يجرى جراحة لمريض ثم يترتب على إجرائها ضرر بالمريض لا يضمن إذا توفرت فيه الشروط الآتية أولا أن يكون الطبيب ذا خبرة فى فنه وحذق فى صناعته .
وبالتعبير المصطلح عليه أن يكون جراحا أو إخصائيا فى الجراحة .
فإذا لم يكن كذلك بأن لم يكن طبيبا أصلا أو كان طبيبا لا معرفة له بالجراحة فإنه يضمن بمجرد الفعل، بل ويعاقب على فعله، لأنه يكون متعديا فى فعله، ومرتكبا محرما شرعا ولو لم يقع منه خطأ فنى فى العمل .
ثانيا أن يكون مأذونا من المريض أو ممن له ولاية عليه فى إجراء الجارحة - وعبارة ابن قدامة الحنبلى فى المغنى - تدل على أنه متى كانت الجراحة لازمة وكان الطبيب حاذقا تكون الحالة مأذونا فيها بالإذن العام كالإمام يقطع يد السارق يعتبر فعله مباحا ومأذونا فيه لا يضمن ما يترتب عليه من السراية .
فكذا هذا .
ثالثا أن لا يقع من الطبيب خطأ فنى فى العمل ولا إهمال فى الاحتياط اللازم لنجاح الجراحة، وتلافى المضاعفات التى يحتمل حدوثها فى مثل حالة المريض وحالة الجراحة .
رابعا ألا يجاوز الطبيب الموضع المعتاد للجراحة إلى غيره، ولا القدر المحدد لها إلى أكثر منه - فإذا توفرت هذه الشروط كلها فلا ضمان على الطبيب إذا ترتب على الجراحة ضرر بالمريض يستوجب الضمان، لأنه يكون حينئذ فى غير طاقته، وخارجا عن إرادته، أما إذا تخلف شرط من هذه الشروط بأن كان الطبيب غير عالم فى فنه، أو أجرى الجراحة بدون إذن خاص، أو عام، أو وقع منه خطأ فنى فى عمله ترتب عليه الضرر، أو جاوز المكان المعتاد أو تعدى القدر المعتاد، أو أهمل أو قصر فى الاحتياط، كأن استعمل آلة غير صالحة، أو عمل فى وقت غير صالح، أو مع قيام حالة بالمريض غير ملائمة فإنه يكون ضامنا لما يصيب المريض من أضرار نتيجة لعمله وجراحته، وهذا الذى قرره الفقهاء من مئات السنين هو ما استطاعت القوانين الوضعية والتشريعات الحديثة أن تصل إليه بعد أن اصطدمت بالواقع، وانتزعت قواعدها وأحكامها من تجارب الأحداث .
وظاهر مما ذكر أنه متى كان الضمان واجبا على الطبيب فى الأحوال التى أشير إليها وحكم بالضمان، فإنه يحل لمن وجب له الضمان أن يأخذه شرعا .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال، والله أعلم(6/171)
جناية الدابة
F أحمد هريدى .
رجب 1382 هجرية - 1 ديسمبر 1962 م
M 1 - الفقهاء متفقون على أن جناية الدابة لا تكون مضمونة على صاحبها إذا لم يكن معها ولم تكن له يد عليها .
2 - اتفقوا كذلك على أنه إذا كان السبب فى جناية الدابة شخصا آخر غير السائق أو القائد أو الراكب، كمن نخسها أو نفرها فجنت جناية فإن الضمان عليه دون الراكب والسائق والقائد .
3 - بوفاة الشخص الذى عقره الجمل بعد أن أثاره دون أن يكون صاحب الجمل موجودا لا ضمان شرعا على صاحب الجمل نظير جناية جمله
Q من السيد / .
بالطلب المتضمن أنه اشترى جملا فى أكتوبر واستمر عنده لغاية يوم 11/11/1962م ولم يحدث منه شئ إطلاقا، وفى يوم 11 المذكور دعاه أحد أهالى العزبة لنقل زراعة الأذرة، فذهب إلى الحقل وحمل الجمل أول حمل وأوصله للمكان المقصود أمام منزل صاحب الأذرة .
وعاد إلى الحقل وحمل الجمل الحمل الثانى وأراد الذهاب به، فطلب منه نجل صاحب الأذرة أن يسوق وراء الجمل فأبى، ولما ألح عليه وافقه على طلبه، وكان مقصده أن يسوق الجمل ذهابا وإيابا، لأن المشال بالعرق، وبعد وصوله أمام منزله قابله والده، وقاد الجمل وأرغمه على الصعود فوق الجمل الأول لوضع كل حملين فوق بعض فعصى الجمل وامتنع عن الصعود فجذبه من رسنه بقوته ( والرسن من الصلب والحديد ) ومن إرغام الجمل صعد على الحمل الأول، فبمجرد أن فرط الحمل عن الجمل وانحنى أمامه لتسليك السلب عقره الجمل من عنقه فقضى على الرجل بعد قليل، وقد حصل ذلك أمام جمع ممن شاهدوا الحادث، وأحيل الجمل إلى مقر البوليس وتوقع الكشف الطبى عليه فوجد سليما، وبعد دفن المتوفى حصل خلاف بين عائلة صاحب الجمل وعائلة المتوفى وتدخل الناس لحسم النزاع، فمنهم من قال تلزم صاحب الجمل دية الفقيد ومنهم من قال نصف دية ومنهم من قال لا يلزمه شئ .
وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى فى هذه الحادثة .
وهل تجب على صاحب الجمل دية المجنى عليه أم لا
An جاء فى الجزء العاشر من كتاب المغنى لابن قدامة الحنبلى صفحة 358 وما بعدها ما يأتى مسألة قال وما جنت الدابة بيدها ضمن راكبها ما أصابت من نفس أو جرح أو مال وكذلك إن قادها أو ساقها .
وهذا قول أبى حنيفة والشافعى . وقال مالك لا ضمان عليه لقول النبى صلى الله عليه وسلم العجماء جرحها جبار لأنه جناية بهيمة فلم يضمنها كما لو لم تكن يده عليها .
ولنا قول النبى صلى الله عليه وسلم الرجل جبار وتخصيص الرجل بكونه جبارا دليل على وجوب الضمان فى جناية غيرها ولأنه يمكنه حفظها عن الجناية إذا كان راكبها أو يده عليها بخلاف من لا يد له عليها .
وحديثه محمول على من لا يد له عليها . مسألة قال وما جنت برجلها فلا ضمان عليه .
وبهذا قال أبو حنيفة - وعن أحمد رواية أخرى أنه يضمنها لأنه من جناية بهيمة يده عليها فيضمنها كجناية يده - ولنا قول النبى صلى الله عليه وسلم الرجل جبار ( الجبار الهدر ) ولأنه لا يمكنه حفظ رجلها عن الجناية فلم يضمنها، كما لو لم تكن يده عليها - فأما إن كانت جنايتها بفعله مثل أن كبحها بلجامها أو ضربها فى وجهها ونحو ذلك ضمن جناية رجلها، لأنه السبب فى جنايتها فكان ضمانها عليه ، ولو كان السبب فى جنايتها غيره مثل أن نخسها أو نفرها فالضمان على من فعل ذلك دون راكبها وسائقها وقائدها، لأن ذلك هو السبب فى جنايتها - وجاء فى كتب فقه الحنفية مثل هذا الحكم - وظاهر من النص المذكور أن الفقهاء متفقون على أن جناية الدابة لا تكون مضمونة على صاحبها فى حالة ما إذا لم يكن معها ولم تكن له يد عليها - فقد نظر الطرفان فى الحكم نفيا وإثباتا بحالة ما إذا لم تكن له يد عليها متخذين ذلك أساسا للحكم بعدم الضمان، وكذلك اتفق الجميع على أنه إذا كان السبب فى جناية الدابة شخصا آخر غير السائق أو القائد أو الراكب كمن نخسها أو نفرها ونشأ عن ذلك أن جنت جناية فإن الضمان يكون على هذا الغير المتسبب فى جنايتها، دون الراكب والسائق والقائد .
والحادثة موضوع السؤال تضمنت أن الجمل عادى لم يعرف عنه صاحبه العقر، وأن صاحب الجمل لم يكن معه حين جنى هذه الجناية وأن المجنى عليه قد جذب الجمل جذبا شديدا أحدث به ألما أثاره، وانتهز فرصة ميل المجنى عليه إلى الأرض لشد الحبل وتخليصه من تحت الأذرة وعقره بصورة أدت إلى وفاته فهو المتسبب فى الجناية فلو كان هناك ضمان لكان هذا الضمان عليه أما صاحب الجمل فلا ضمان عليه -، ولا يجب عليه شرعا أى شئ نظير جناية جمله على المجنى عليه لأنه لم تكن له يد على الجمل حين حدوث الجناية، ولأن الجناية وقعت بسبب من المجنى عليه .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال، والله أعلم(6/172)
الضرر البين يزال
F بكرى الصدفى .
شعبان 1324 هجرية
M 1 - لا يمنع الشخص من التصرف فى ملكه إلا إذا أضر ذلك بالغير ضررا بينا .
2 - يمنع الشخص من فتح طاقة يشرف منها على نساء جاره دفعا للضرر البين عن جاره .
3 - إذا فتح نوافذ أو شبابيك يطل منها على نساء جاره يجبر على سدها بالطريق الشرعى
Q من الشيخ يوسف سليمان فى رجل بنى بيتا مشرفا على دار جاره الملاصقة، وفتح للبيت نوافذ وشبابيك تطل على قصر حرم جاره ونسائه، حتى تعذر على أهل الجار وحريمه إدارة حركات البيت وشئونه .
فهل يسوغ الشرع الشريف لذلك الجار أن يجبر صاحب البيت المشرف على سد نوافذ بيته وشبابيكه المطلة على مقر حرمه وأهله أفيدوا الجواب
An فى فتاوى تنقيح الحامدية ما نصه سئل فى رجل أحدث فى داره طبقة وقصرا لهما شبابيك وباب وأحدث مشرفة أيضا وصار يشرف من ذلك كله على حريم جاره ومحل جلوسهن وقرارهن إذا صعد لذلك وطلب الجار سد الشبابيك والباب ومنعه من الصعود للمشرفة .
فهل يجاب .
الجار إلى ذلك الجواب نعم - انتهى - وفى التنوير وشرحه ما نصه (ولا يمنع الشخص من تصرفه فى ملكه إلا إذا كان الضرر بجاره ضررا بينا فيمنع من ذلك .
وعليه الفتوى . بزازيه واختاره فى العمادية وأفتى به قارئ الهداية حتى يمنع الجار من فتح الطاقة .
وهذا جواب المشايخ استحسانا) . وفى رد المحتار ما نصه ( وفى المنح عن المضمرات شرح القدورى .
إذا كانت الكوة للنظر وكانت الساحة محل الجلوس للنساء يمنع .
وعليه الفتوى ) انتهى .
ومن ذلك يعلم أنه متى كان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال يجبر ذلك الرجل على سد نوافذه وشبابيكه المذكورة بالطريق الشرعى حيث كان الضرر بينا والضرر البين يزال .
واللّه تعالى أعلم بحقيقة الحال(6/173)
ايذاء الغير منهى عنه شرعا ايا كان مصدره
F عبد الرحمن قراعة .
ذى القعدة 1342 هجرية - 30 يونيه 1924 م
M 1 - يحرم البول فى الماء القليل أو بالقرب منه .
2 - يكره البول فى الماء الجارى أو بالقرب منه كراهة تنزيهية .
3 - معلوم من قواعد الدين العامة أن كل مؤذ منهى عنه شرعا وينبغى للمسلم تجنب ما يؤذى
Q قد ثبت علميا أن مرض البلهارسيا (البول الدموى) والانكلستوما (الرهقان) وغيرهما ينقل من مريض لآخر بواسطة المياه الملوثة من بول وغائط المريض، وهذه الأمراض مضعفة للقوى، ومهلكة للأنفس وتصيب خلقا كثيرين، ويصبح المرضى بها عديمى القوى نحال الجسم، ولا يقوون على عمل، ويصبحون عالة على ذويهم .
لعد مقدرتهم على العمل . فهل لا يحرم الدين والحالة هذه التبول والتغوط فى المياه المذكورة أو بالقرب منها .
وما حكم الشرع الشريف فيمن يتبول أو يتغوط فى المياه المستعملة للشرب وللاستحمام أو بالقرب منها إذا كانت نتيجته الضرر بصحة الغير مع ذكر الأحاديث النبوية الخاصة بذلك
An نفيد أنه جاء فى صحيح الإمام مسلم عن أبى هريرة رضى اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لا يبولن أحدكم فى الماء الدائم ثم يغتسل منه .
والمراد بالماء الدائم - الماء الذى لا يجرى - كما يعلم ذلك مما رواه مسلم أيضا فى صحيحه عن أبى هريرة أيضا بسند آخر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لا تبل فى الماء الدائم الذى لا يجرى ثم تغتسل منه .
قال شارحه النووى - وأما الدائم فهو الراكد، وقوله صلى اللّه عليه وسلم الذى لا يجرى تفسير للدائم وإيضاح لمعناه، وهذا النهى فى بعض المياه للتحريم وفى بعضها للكراهة .
والتغوط فى الماء كالبول فيه وأقبح، وكذا إذا بال بقرب النهر بحيث يجرى إليه البول .
وكله مذموم قبيح منهى عنه إلى أن قال قال العلماء ويكره البول والتغوط بقرب الماء وإن لم يصل إليه .
لعموم نهى النبى صلى اللّه عليه وسلم عن البراز فى الموارد، ولما فيه من إيذاء المارين بالماء ولما يخاف من وصوله إلى الماء .
هذا ملخص ما تمس الحاجة إليه من شرحه لهذا الحديث وقال فقهاء الحنفية إنه يكره البول والغائط فى الماء ولو كان جاريا فى الأصبح .
كما صرح بذلك فى متن التنوير وشرحه وقال صاحب البحر .
إن الكراهة فى الماء الراكد تحريمية وفى الجارى تنزيهية .
وكتب العلامة ابن عابدين على قوله ولو جاريا فى الأصح ما نصه لما روى عن جابر بن عبد اللّه عن النبى صلى اللّه عليه وسلم أنه نهى أن يبال فى الماء الراكد .
رواه مسلم والنسائى وابن ماجه . وعنه قال نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يبال فى الماء الجارى .
رواه الطبرانى فى الأوسط بسند جيد والمعنى فيه أنه يقذره وربما أدى إلى تنجيسه، وأما الراكد القليل فيحرم البول فيه .
أنه ينجسه ويتلف ماهيته ويضر غيره باستعماله، والتغوط فى الماء أقبح من البول .
وكذا إذا بال فى إناء ثم صبه فى الماء أو بال بقرب النهر فجرى إليه فكله مذموم قبيح منهى عنه .
فعلم من هذا أن البول فى الماء القليل أو بالقرب منه حرام .
والبول فى الماء الجارى أو بالقرب منه مكروه كراهة تنزيهية هذا ومعلوم من قواعد الدين العامة أن كل مؤذ منهى عنه شرعا وينبغى للمسلم اجتناب ما يؤذى .
تعليق بهامش الفتوى ثم بعد أن أرسلت هذه الفتوى إلى مصلحة الصحة وجدنا فى فتح الغفار وفى شرح السندى للدر المختار ما يزيد المسألة وضوحا فألحقناه هنا لمجرد الفائدة العلمية قال فى فتح الغفار شرح تنير الأبصار للتمر تاشنى مؤلف المتن المذكور (وكذا يكره بول أو غائط فى ماء ولو كان الماء جاريا ) على الأصح كما فى شرح النظم الوهبانى وعزاه شارحه إلى قاضيخان وعزاه فى الواقعات إلى الإمام .
قال لأنه يسمى فاعله جاهلا . وإذا علم الحكم فى الجارى علم فى الراكد بطريق الأولى إن كان قليلا، وإن كان كثيرا فمن باب المساواة، لأن الكثير كالجارى، ويدل على كراهة التحريم قوله عليه الصلاة والسلام (لا يبولن أحدكم فى الماء الدائم) وقد أطلق بعضهم الحرمة على البول فى الماء الراكد .
ومراده كراهة التحريم بما لا يخفى لعدم قطعية الدليل انتهى - وقال السندى .
وفى البحر أنها أى الكراهة فى الراكد تحريمية يعنى إذا كان قليلا .
وفى الجارى أى حقيقة أو حكما تنزيهية(6/174)
احداث فتحة فى حائط مشترك غير جائز إلا باذن
F عبد المجيد سليم .
رجب 1347 هجرية - 18 ديسمبر 1928 م
Mلا يجوز للشريك فتح باب أو كوة فى حائط مشترك إلا بإذن شريكه فإن إذن له فليس لوارثه حق الاعتراض
Q رجل أحدث بابا فى حائط منزل مشترك بينه وبين شركاء آخرين مع وجود الباب الأصلى للمنزل المذكور وذلك من غير رضاء الشركاء ولا إرادتهم فهل له إحداث الباب المذكور، أو ليس له ذلك، ويؤمر بسد الباب الذى أحدثه وإعادة جدار المنزل إلى الحالة التى كان عليها، مع العلم بأن هذا الحائط يحمل فوقه أخشاب سقف الطبقة الأولى وما يليها من طبقات المنزل المذكور .
وإذا أحدث أحد الشركاء طاقة أى شباكا فى منزل مشترك لأجل الضوء والهواء وذلك فى حال حياة شريكه وبعلمه ورضاه، ثم مات هذا الشريك فهل لوارثه الحق فى طلب سد الشباك المذكور علما بأن هذا الشباك يشرف على طريق أفيدونا
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد .
أولا الفقهاء نصوا على أنه ليس لأحد الشركاء أن يحدث فى الحائط المشترك حدثا بغير إذن شريكه .
فليس له أن يفتح كوة أو بابا بغير إذن شريكه وكان لشريكه ولاية المنع .
وعلى هذا فليس للرجل المذكور بالسؤال أن يحدث بابا آخر فى حائط المنزل بدون إذن شركائه، ويؤمر بسد الباب الذى أحدثه بدون إذنهم لتعديه .
وثانيا بأنه إذا أحدث الشريكين شباكا فى منزل مشترك بإذن شريكه ثم مات الشريك الآذن .
فليس لوارثه حق فى طلب سد الشباك المذكور حيث كان بإذن مورثه ورضاه .
وهذا متى كان الحال كما ذكر فى السؤال .
واللّه أعلم(6/175)
يمنع المالك المجاور للمسجد من الاضرار به
F عبد المجيد سليم .
ربيع الأول 1348 هجرية 19 أغسطس 1929 م
M 1 - للمالك أن يتصرف فى خالص ملكه مالم يضرب بغيره ضررا بينا .
2 - يمنع مالك وابور الطحين الذى بناه بجوار المسجد متى أضر ببناء المسجد وآذى المصلين بالضوضاء والروائح الكريهة
Q إن مسجدا بنى من مدة تنوف عن عشر سنين ولم يوجد بالبلد مسجد ينتفع به سواه، وقد أحدث أحد الجيران بجواره وابورا للطحين يبعد عنه ثلاثة أمتار فقط .
وقد قرر المهندس خمسة عشر مترا واعتبر المقاس من نفس الماكينة لا من الأحجار، وقد قرر غيره ثلاثة أمتار فقط على حسب الواقع ومع كل ذلك فإن الوابور محدث للتشويش والاضطرابات الشديدة والغوغاء وروائح كريهة من أرواث الدواب وبولها، فضلا عما يترتب عليه من الخلل فى البنيان وضياع حرمة المسجد .
فهل هذا كله يجوز شرعا ولصاحب المسجد منع صحاب الوابور من الإدارة أرجو صدور الحكم فى ذلك
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأنه لا يجوز شرعا إحداث هذا الوابور ولصاحب المسجد منع صاحبه من الإدارة بالطريق المشروع، أى بالطريق القضائى .
وذلك إذا كان الأمر كما ذكر بالسؤال من أنه يحدث منه اضطرابات شديدة وغوغاء وروائح كريهة من أرواث الدواب وبولها ويترتب عليه خلل فى البنيان وضياع حرمة المسجد .
وهذا ما عليه الفتوى .
ومن أن للمالك أن يتصرف فى خالص ملكه مالم يضر بغيره ضررا بينا وقد نص الفقهاء على أن من أراد أن يبنى فى داره تنورا للخبز الدائم أو رحى للطحن أو مدقة للقصارين يمنع عنه لتضر جيرانه ضررا فاحشا على ماجاء فى جامع الفصولين، وفيه لو اتخذ داره حماما ويتأذى الجيران من دخانها فلهم منعه إلا أن يكون دخان الحمام مثل دخان الجيران .
وهذا كله إذا صح ما جاء فى السؤال واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/176)
تشريح جثة الميت
F عبد المجيد سليم .
شعبان 1356 هجرية - 31 أكتوبر 1937 م
Mيجوز تشريح جثة الميت إذا كان فيه مصلحة، سواء أكانت للقتيل لإثبات التهمة على القاتل، أو كانت للمتهم لإثبات براءته من التهمة
Q إذا كانت الوفاة بالسم .
فهل يجوز تشريح الجثة بعد الوفاة بمعرفة إدارة التحقيق فى حالة الوفاة المشكوك فيها والتى ليست طبيعية
An اطلعنا على الترجمة العربية لخطاب حضرة سكرتير مجلس بوبال بالهند المؤرخ فى 17 أغسطس سنة 1937 الوارد إلينا بكتاب وزارة الحقانية .
رقم 4246 المؤرخ فى 5 سبتمبر سنة 1937 بشأن الاستفتاء عن تشريح جثة الميت فى حالة الوفاة غير العادية، مثل الوفاة بالسم، ونفيد أننا لم نجد بعد البحث فى كتب الفقهاء تعرضا لهذا الموضوع، وما وجدناه لهم هو موضوع شق بطن من ماتت وولدها حى أو بالعكس، وموضوع شق البطن لإخراج مايكون قد ابتلعه الميت من مال قبل وفاته .
فقال علما الحنفية فى الموضوع الأول .
أنه إذا ماتت امرأة حامل واضطرب فى بطنها شىء وكان رأيهم أنه ولد حى شق بطنها لأن هذا وإن كان فيه إبطال لحرمة الميت ففيه صيانة لحرمة الحى وهو الولد فيجوز .
وإذا مات الولد فى بطن أمه وهى حية فإن خيف على الأم قطع وأخرج بأن تدخل القابلة يدها وتقطعة بآلة بعد تحقق موته .
أما لو كان الولد حيا فلا يجوز تقطيعه، لأن موت الأم به موهوم، فلا يجوز قتل آدمى حى الأمر موهوم .
والمأخوذ من كلامهم فى الموضوع الثانى . أن المال إما أن يكون للميت أو لغيره .
فإن كان له يشق بطنه لاستخراجه . لأن حرمة الآدمى وإن كان ميتا أعلى من حرمة المال .
ولا يجوز إبطال حرمة الأعلى لصيانة حرمة الأدنى .
وكذلك الحكم فيما إذا كان المال لغيره وقد ترك الميت مالا فإنه لا يشق بطنه فى هذه الحالة أيضا بل تدفع قيمة المال مما تركه الميت إلى صاحبه .
أما إذا كان المال لغيره ولم يترك الميت مالا فإنه يشق، لأن حق الآدمى مقدم على حق اللّه تعالى، ومقدم على حق الظالم المتعدى .
وقد زالت حرمة هذا الظالم بتعديه على مال غيره هذا مذهب الحنفية فى الموضوعين .
وأما مذهب الشافعى . فخلاصته فى المسألة الأولى .
أنه إذا ماتت امرأة وفى جوفها جنين حى شق جوفها وأخرج إن كان يرجى حياته بعد الإخراج، بان يكون له ستة أشهر فصاعدا أما إذا كان لا يرجى حياته بعد الإخراج فالأصح أنه لا يشق بطنها .
وخلاصة مذهبه فى المسألة الثانية أن المشهور للأصحاب إطلاق الشق حينئذ من غير تفصيل إذا كان المال لغيره وطلبه، قال بعضهم إنه يشق جوفه إذا لم يضمن الورثة مثله أو قيمته .
أما إذا بلع جوهرة لنفسه فلها وجهان مشهوران الأول أنه يشق والثانى أنه لا يشق .
والخلاصة أن عند الشافعية رأيا بالشق مطلقا لاستخراج المال من الجوف .
هذه خلاصة ما نقله الإمام النووى فى شرح المهذب، وقد نقل فيه عن أبى حنيفة وسحنون المالكى أنه يشق مطلقا فى مسألة المال .
وقد علمت مذهب الحنفية فى ذلك، ونقل عن أحمد وابن حبيب المالكى أنه لا يشق .
والذى وجدناه فى كتب السنة ماجاء فى السنن الكبرى للبيهقى وسنن أبى داود وسنن ابن ماجة عن عائشة أنها قالت قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كسر عظم الميت ككسره حيا قال السيوطى فى بيان سبب الحديث مانصه .
عن جابر خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى جنازة فجلس النبى صلى اللّه عليه وسلم على شفير القبر وجلسنا معه فأخرج الحفار عظما ساقا أو عضدا فذهب ليكسرها .
فقال النبى صلى اللّه عليه وسلم لاتكسرها، فإن كسرك إياه ميتا ككسرك إياه حيا، ولكن دسه فى جانب القبر انتهى - وبهذا الحديث استدل من قال من الفقهاء بعدم جواز شق بطن الميت لاستخراج مافيه من مال مطلقا .
والذى يقتضيه النظر الدقيق فى قواعد الشريعة وروحها أنه إذا كانت هناك مصلحة راجحة فى شق البطن وتشريح الجثة من إثبات حق القتيل قبل المتهم أو تبرئة هذا المتهم من تهمة القتل بالسم مثلا أنه يجوز الشق والتشريح ولا ينافى هذا ما جاء فى الحديث الشريف من قوله عليه الصلاة والسلام كسر عظم الميت ككسره حيا فإن الظاهر أن معنى هذا الحديث أن للميت حرمة كحرمة الحى فلا يتعدى عليه بكسر عظم أو شق بطن أو غير ذلك لغير مصلحة راجحة أو حاجة ماسة، ويؤيد ذلك ما نقلناه عن السيوطى فى بيان سبب الحديث، فإنه ظاهر أن الحفار الذى نهاه النبى صلى اللّه عليه وسلم عن كسر العظم كان يريد الكسر بدون أن تكون هناك مصلحة فى ذلك ولاحاجة ماسة إليه، وبما قلناه ينفق معنى الحديث الشريف وقواعد الدين الإسلامى القويم، فإنها مبنية على رعاية المصالح الراجحة، وتحمل الضرر الأخف لجلب مصلحة تفويتها أشد من هذا الضرر على أن الظاهر الآن أنه يجوز شق بطن الحى إذا ظن أنه لا يموت بهذا الشق وكان فيه مصلحة له .
ولعل الفقهاء لم ينصوا على مثل هذا ،بل أطلقوا القول فى تحريم شق بطن الحى، لأن فن الجراحة لم يكن قد تقدم فى زمنهم كما هو الآن وبهذا علم الجواب عن السؤال .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/177)
عدم جواز اجراء عملية جراحية تفضى إلى الموت غالبا
F حسنين محمد مخلوف .
ذى الحجة 1368 هجرية - 29 سبتمبر 1949 م
Mلا يجوز شرعا الإقدام على عملية جراحية مادام الراجح بل الأرجح أنها تفضى إلى الموت
Q ولد أصيب فى عامه الرابع من عمره بمرض الصرع، وبعرضه على كثير من أطباء الأعصاب كانوا يعالجونه بالأدوية والحقن المخدرة حتى ازدادت حالته سوءا يوما بعد يوم حتى أصبح فاقد النطق والإحساس والحركة ولا يستطيع المشى ولا الكلام ولا الفهم، وهو عبارة عن جثة فيها روح وعمره الآن ثمانى سنوات وتعب أهله من العناية به وبنظافته وأكله وشربه ولكنهم لم يلجئوا للشعوذة لعلمهم أنها خرافات .
وأخيرا أشار عليهم بعض الأطباء بإجراء جراحة فى المخ وأفهموهم أنها خطيرة لا يرجى منها إلا بنسبة واحد إلى عشرة آلاف أى سينتهى أمره بعد العملية .
وعللوا ذلك بأنه ربما تنجح العملية ويستفيد منها، أو إذا قدر له الموت فسيستريح ويريح أهله من الشقاء، ولخوفهم من أن يكون فيها ما يغضب اللّه فيطلبون الحكم الشرعى فى ذلك
An إنه لا يجوز الإقدام على هذه العملية الجراحية مادام الراجح بل الأرجح إفضاؤها إلى الموت .
وسيجعل اللّه بعد عسر يسرا .
واللّه أعلم(6/178)
دين فيه ريا
F محمد عبده .
صفر 1321 هجرية
Mيحل أجل الدين يموت المدين .
وللدائن طلب الدين من تركته فيما عدا الربا .
وإذا حكم للمدين بذلك الدين ورباه لا ينفذ الحكم إلا فى أصل الدين فقط
Q سأل الخواجة حبيب عازر فى رجل يطالب تركة آخر بدين فيه ربا قبل حلول أجله المضروب بسند الدين .
فهل يعتبر هذا الدين شرعيا وتلزم التركة بأدائه قبل حلول أجله وإذا حكم بأدائه ورباه قبل حلول أجله هل يكون الحكم نافذا أو باطلا أفيدوا الجواب
An يموت المدين حل الأجل .
وللدائن طلب الدين من تركته وهو شرعى فيما عدا الربا .
فعلى التركة دفع أصل الدين دون رباه، وإذا حكم بذلك الدين ورباه لا ينفذ الحكم إلا فى أصل الدين فقط(6/179)
دين الوارث يستوفى من تركة المورث ولو قسمت
F بكرى الصدفى .
شوال 1324 هجرية
Mالمبادئ: 1 - أخذ باقى الورثة العين المرهونة من الدائن للمورث فسخ للرهن .
2 - لا يسقط الدين عن المورث .
وللوارث الدائن المطالبة به من التركة .
3 - تقسيم التركة لا يمنع من رفع دعوى المطالبة بالدين .
وترد القسمة إلا إذا قضى كل من الورثة نصيبه فى الدين من ماله
Q فى رجل يسمى أحمد ش .
توفى عن بناته، زهرة وأمونة وأرضية ووردة وأم أحمد وفاطمة وصالحة، وعن زوجته وعن أبناء أخويه الشقيقين وهم حسنين ومتولى ومدنى وعبادى، وكان المتوفى مديونا بمبلغ ثلاثمائة جنيها مصريا لثلاثة من بناته هن زهرة وأمونة وأرضية دينا صحيحا شرعيا، وكان رهن فى نظير ذلك 7 قراريط و 10 أفدنة رهنا صحيحا شرعيا .
وبعد وفاته طلب كل من الورثة استحقاقه فى المرهون وأخذه بطريق الميراث الشرعى .
فهل والحالة هذه يضيع أصل الدين أو يكون على الورثة .
فإن كان ذلك فما يخص كل واحد من بقية الورثة مع ما توضح، فإن الدائنات المرتهنات المذكورات لم يوجد منهن ما يقتضى إبراء ذمة الورثة ولا المتوفى المذكور من ذلك الدين، وإنما سلمن بعض ما فى أيديهن من الأرض المرهونة لبقية الورثة جبرا بمقتضى حكم من المحاكم الأهلية مع حفظ حقهن فى الدين المذكور .
أفيدوا الجواب
An فى الخيرية من القسمة ما نصه سئل فى ورثة اقتسموا تركة ثم ادعى أحدهم بعد القسمة دينا .
هل تسمع دعواه وتقبل بينته وترد القسمة أم لا أجاب .
نعم تسمع دعواه وتقبل بينته وترد القسمة إلا إذا قال بقية الورثة نقضى ما يخصنا من الدين من مالنا، كما أفاده البزازية فى كتاب القسمة واللّه أعلم سئل فى رجل ارتهن عقارا ومات الراهن والحال أن المرتهن من جملة ورثته فاقتسموا جميعهم التركة جميعها حتى الدار الرهن هل يسقط الدين أم لا وإذا قلتم لا .
هل يبطل الرهن ويصير له المطالبة فى التركة أم لا أجاب لا يسقط الدين وله المطالبة فى التركة وقد انفسخ الرهن والحال هذه .
واللّه أعلم انتهى كلام الخيرية . ومنه يعلم جواب هذه الحادثة والذى يخص بقية الورثة هنا من الدين المذكور هو بحسب ما يخصهم من الميراث الشرعى .
واللّه تعالى أعلم(6/180)
دين ووصية وهبة
F محمد بخيت .
صفر 1334 هجرية - 11 ديسمبر 1915 م
M 1 - تمليك الدين ممن ليس عليه الدين باطل، إلا فى الوصية والحوالة والتسليط، أى تسليط الملك غير المديون على قبض الدين من المدين فيصح حينئذ .
ومنه ما لو وهبت من ابنها ما على أبيه فالمعتمد الصحة للتسليط .
2 - دين الأم على ولديها صحيح شرعا، والوصية به للغير صحيحة شرعا ولكنها لا تنفذ جبرا عن ورثتها إلا فى الثلث .
3 - إشتراطها ربحا لهذا الدين مدة حياتها باطل .
لأنه ربا وهو محرم شرعا فى جميع الأديان .
4 - هبة ولديها لها مبلغا لم تقبضه باطلة، لأنها لا تتم إلا بالقبض .
5 - ما أعطاه الولدان لوالدتها كأرباح عن الدين يكون دينا عليها .
لأنها أخذته بدون حق شرعى، ولأنه التزام بما لا يلزم، ولهما حق الرجوع به فى تركتها
Q فى سيدة مسيحية أرملة ومن رعايا الحكومة المحلية كان لها ابن وابنة وحفيدان قاصران مرزوقان لابنة لها متوفاة .
وكانت هذه السيدة وصية على هذين الحفيدين، فتخارجت السيدة بموجب عقد من ميراث زوجها لصالح ابنها وابنتها على مبلغ بقى دينا لها عليهما، وأمرتهما بأن يدفعاه بعد وفاتها لحفيديها المذكورين .
على أن يدفع ولداها لها مدة حياتها أرباح ذلك المبلغ المتفق عليها بينهما - وبعقد آخر وهب ابنها وابنتها لها مبلغا أبقته أيضا تحت أيديهما، على أن يدفعا لها أرباحه ومنصوص فى هذا العقد أنه إذا لم تتصرف السيدة فى حياتها فى هذا المبلغ فيعطى بعد وفاتها لحفيديها المذكورين .
وقد استمر الولدان فى إعطاء أرباح المبلغين المتفق عليهما إلى والدتهما بانتظام، ثم حصل الاتفاق بينهما وبين والدتهما بعد ذلك على تخفيض هذه الأرباح، واستمر الولدان على دفع الأرباح لها بانتظام أيضا بعد هذا التخفيض .
وبعد وفاة السيدة استمر الولدان فى دفع هذه الأرباح مخفضة إلى حفيدى السيدة اللذين بلغا رشدهما وذلك مدة تسعة عشر شهرا على كامل المبلغ الوارد بعقدى التخارج والهبة سالفى الذكر .
ولما طلب الحفيدان من خالهما وخالتهما أن يدفعا لهما المبلغين المذكورين رفض الخال والخالة المذكوران دفعهما إليهما بدعوى أنهما ليسا ملزمين إلا بالثلث .
وهذا القدر الذى يمكن للسيدة والدتهما التصرف فيه للحفيدين - فهل ما فعله الابن والابنة بعد وفاة السيدة والدتهما من دفع الأرباح عن كامل المبلغين اللذين تركتهما والدتهما السيدة المذكورة إلى الحفيدين يعتبر إجازة من الابن والابنة لكامل ما أوصت به هذه السيدة لحفيديها أم لا أفيدونا أفادكم اللّه
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد . أنه قال فى متن التنوير وشرح الدر عليه من فصل فى مسائل متفرقة فى أواخر كتاب الهبة بصحيفة 795 ج 4 ما نصه تمليك الدين ممن ليس عليه الدين باطل إلا فى ثلاث .
حوالة ووصية، وإذا سلطه أى سلط الملك غير المديون على قبضه أى الدين فيصح حينئذ .
ومنه مالو وهبت من ابنها ما على أبيه فالمعتمد الصحة للتسليط انتهى - وبناء على ذلك نقول إن السؤال المذكور قد اشتمل على أمور (الأول) أنها تخارجت عن نصيبها فى تركة مورثها لابنها وبنتها الوارثين معها على مبلغ بقى دينا لها عليهما وأمرتهما بأن يدفعاه بعد وفاتها لحفيديها المذكورين - والحكم فى ذلك أن الدين المذكور صحيح شرعا، والوصية به صحيحة شرعا، ولكنها لا تنفذ جبرا عن ورثتها إلا فى مقدار ثلث ما يترك عنها شرعا - (الأمر الثانى) أنها شرطت أن يدفع ولداها المذكوران لها مدة حياتها أرباح ذلك المبلغ المتفق عليها بين من ذكر، وهذا الشرط باطل شرعا، ولا يلزمهما أن يدفعا لها شيئا من تلك الأرباح، لأن تلك الأرباح ربا .
والربا حرام شرعا فى جيمع الأديان (الأمر الثالث) - أن ولديها المذكورين وهبا لها مبلغا أبقته أيضا تحت يديهما على أن يدفعا لها أرباحا، وعلى إنها إذا لم تتصرف هى فى حياتها فى هذا المبلغ فيعطى بعد وفاتها لحفيديها المذكورين - والحكم فى ذلك أن هبة ذلك المبلغ منهما لها هبة باطل شرعا .
لأن شرط تمام الهبة وملك المال الموهوب للموهوب له أن يقبض الموهوب له ذلك المال الموهوب .
فإن لم يقبضه فالهبة غير تامة ولا يملك الموهوب له ذلك المال الموهوب وحيث إن والدتهما لم تقبض ذلك المبلغ وماتت قبل قبضه فقد بطلت الهبة فلم يدخل المبلغ المذكور فى ملكها وبناء على ذلك تكون الوصية به لحفيديها وصية باطلة أيضا، وأما ما شرطاه لها من الأرباح فهو باطل على كل حال (الأمر الرابع) - أن ولديها المذكورين استمرا فى إعطاء أرباح المبلغين إلى والدتهما زمنا، ثم اتفقوا على تخفيضها واستمر الولدان أيضا على دفعها لها بعد هذا التخفيض - والحكم فى هذا أن ما أخذته والدتهما منهما يكون دينا عليها، لأنها أخذته بغير حق وقد دفعاه لها لاعتقادهما أنهما يلزمهما دفعه .
والحكم الشرعى أنهما لا يلزمهما دفعه . فيكون دينا لهما عليها .
ولهما حق الرجوع به فى تركتها لافرق فى ذلك بين مادفعاه لها أرباحا عن دين التخارج وما دفعاه لها أرباحا عن المبلغ الموهوب هبة باطلة - والحكم الشرعى أن الدين مقدم على الوصية وعلى ذلك .
فجميع ما دفعاه لها فى حياتها من الأرباح المذكورة وصار دينا عليها يؤخذ أولا من تركتها سواء كان دين التخارج أو غيره مما هو متروك عنها - ثم إن كان هناك مال تركته غير دين التخارج المذكور فبعد أخذ دينهما من جميع التركة إن بقى شىء بعد وفاء الدين تنفذ الوصية لحفيديها فى ثلثه، فيعطيان بقدر دين التخارج من التركة إن خرج جميعه من الثلث، وإن لم يخرج من الثلث فيعطى لهما ثلث الباقى بعد وفاء الدين، وإن لم يبق بعد سداد الدين المذكور شىء واستغرق دين الولدين جميع تركتها بطلت الوصية، ولاشىء لحفيديها المذكورين، هذا ما يقتضيه الحكم الشرعى - ومن ذلك يعلم أن ليس للحفيدين أن يطالبا خالهما وخالتهما إلا بثلث ما بقى بعد وفاء دينهما من التركة إن بقى شىء منها بعد سداد ذلك الدين وان استغرق الدين جميع التركة فليس للحفيدين أن يطالبا خالهما وخالتهما بشىء .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/181)
الدين الثابت بدفاتر المدين واجب الأداء
F محمد بخيت .
ذى القعدة 1336 هجرية - 3 سبتمبر 1918 م
Mما يثبته التاجر على نفسه فى دفتره بخطه يعمل به لانتفاء الشبهة .
أما مايثبته على الناس فلا يقبل منه لقوة التهمة
Q توفى تاجر إلى رحمة اللّه تعالى .
وعليه دين ثابت فى دفاتره الخاصة به، فهل يعمل بهذه الدفاتر فيما عليه، وتكون حجة موجبة على الوصى والورثة فى سداد الدين المذكور من التركة ولو بعد قسمتها على الورثة
An نفيد أنه قال فى تنقيح الحامدية بصحيفة 21 جزء ثان طبعة أميرية 1300 بعد أن نقل أقوال أئمة المذهب ما نصه ( فالحاصل أن المدار على انتقاء الشبهة ظاهرا .
وعليه فما يوجد فى دفاتر التجار فى زماننا إذا مات أحدهم وقد حرر بخطه ما عليه فى دفتره الذى يقرب من اليقين أنه لا يكتب فيه على سبيل التجربة والهزل يعمل به .
والعرف جار بينهم بذلك . فلو لم يعمل به لزم ضياع أموال الناس .
إذ غالب بياعاتهم بلا شهود، فلهذه الضرورة جزم به الجماعة المذكورون وأئمة بلخ كما نقله فى البزازية وكفى بالإمام السرخسى وقاضيخان قدوة .
وقد علمت أن هذه المسألة مستثناة من قاعدة أنه لا يعمل بالخط فلا يرد ما مر من أنه لا تحل الشهادة بالخط على ما عليه العامة .
ويدل عليه تعليلهم بأن الكتابة قد تكون للتجربة، فإن هذه العلة فى مسألتنا منفية، واحتمال أن التاجر يمكن أن يكون قد دفع المال وأبقى الكتابة فى دفتره بعيد جدا على أن ذلك الاحتمال موجود، ولو كان بالمال شهود فإنه يحتمل أنه قد أوفى المال ولم يعلم به الشهود .
ثم لا يخفى أنا حيث قلنا بالعمل بما فى الدفتر فذاك فيما عليه .
كما يدل عليه ما قدمناه عن حزانة الأكمل وغيرها .
أما فيما له على الناس فلا ينبغى القول به، فلو ادعى بمال على آخر مستندا لدفتر نفسه لا يقبل لقوة التهمة .
ومن ذلك يعلم حكم هذه الحادثة(6/182)
دين مؤخر الصداق مقدم على الإرث
F محمد بخيت .
ذى الحجة 1337 هجرية - 11 سبتمبر 1919 م
Mمؤخر صداق المرأة دين يقدم على الميراث
Q توفى رجل عن زوجته وعن والده وعن والدته .
وقد قدمت زوجته إلى الجهة التى كان يعمل بها طلبا ترغب به صرف مؤخر صداقها وقدره 10 جنيهات من المستحق إليه .
وبما أن ماهيته هى مبلغ 3 جنيهات و 617 مليما .
فكيف يصرف المستحق له لكل منهم
An اطلعنا على خطاب المحافظة رقم 3 سبتمبر 1919 وعلى باقى الأوراق المرسلة معه، وتبين منها أن الزوجة المذكورة تستحق بذمة زوجها مبلغ 10 جنيهات مؤخر صداقها بمقتضى قسيمة الزواج رقم 6 الحجة سنة 1336 نمرة 12836 الصادرة من مأذون قسم الخليفة، وحيث إن قسيمة الزواج من الأوراق الرسمية كما قضت بذلك المادة 132 من قانون المحاكم الشرعية رقم 31 لسنة 1910 فمتى لم يثبت أنها مزورة تكون حجة فيما تضمنته بمقتضى المادة 134 من ذلك القانون وكافية للحكم بها بدون حاجة إلى غيرها، كما قضت بذلك المادة 138 من ذلك القانون .
وحيث إنه فضلا عما ذكر فقد قال فى فتاوى الانقروية بصحيفة 83 ج 2 مانصه (مات وعليه ديون لا تفى التركة بها وادعت امرأته مهرها، فالقول قولها إلى مقدار مهر مثلها من غير بينة فتحاص الغرماء به كما إذا وقع الاختلاف بينها وبين الورثة ولم يلتفت إلى ما يتحامل من الفرق .
فبناء على ذلك يكون مؤخر الصداق البالغ قدره 10 جنيهات دينا بذمة المتوفى المذكور .
وبوفاته انتقل إلى تركته والدين مقدم على الميراث، فحينئذ يصرف مبلغ 3 جنيهات و 617 مليما المذكور للزوجة وحدها من مؤخر صداقها المذكور، ولا شىء لوالده ووالدته .
لأن الإرث لا يكون إلا بعد سداد الديوان(6/183)
ديون
F عبد الرحمن قراعة .
صفر 1342 هجرية - 8 أكتوبر 1923 م
Mديون المتوفى تقضى من تركته خاصة لا من مال أولاده طبقا للحكم الشرعى
Q فى امرأة توفيت عن زوجها وعن ولديها منه وهما ابن وبنت ، وتركت ما يورث عنها شرعا، ومالهما الذى ورثاه من أمهما تحت ولاية أبيهما ثم توفى أبوهما المذكور، وانحصر ميراثه فى ولديه المذكورين وزوجة أخرى وبنت منها، وترك تركة وعليه ديون خاصة نفسه .
فهل تقضى ديونه من ماله الذى تركه خاصة بدون دخل لمال الولدين الذى كان تحت تصرفه الموروث لهما من أمهما المتوفاة قبل والدهما المذكور وليس من تركة والدهما المذكور أم كيف الحال
An الحكم الشرعى أن ديوان المتوفى تقضى من تركته خاصة لا من مال أولاده واللّه أعلم(6/184)
استدانة الوصى
F عبد الرحمن قراعة .
ربيع الآخر 1342 هجرية 11 نوفمبر 1923 م
Mاستدانة الوصية إن كانت لحاجة القاصرة جائزة .
وإلا فلابد من أمر الحاكم .
أما تنازلها عن نصف نصيب القاصرة فغير جائز شرعا
Q فى وصية على ابنتها القاصرة بموجب قرار وصاية صادر من المجلس الحسبى الذى قرر للقاصرة شهريا مائتى قرشا صاغا لجميع لوازمها، يصرف ذلك القدر لوالدتها الوصية لتنفقه عليها، وهو من استحقاق القاصرة إذ أنها مستحقة فى وقف أهلى تحت يد ناظر، ويبلغ مقدار ريع نصيبها سنويا نحو ثمانين جنيها مصريا يصرف منه مقدار النفقة والباقى يحفظ للقاصرة ومع هذا فإن الوصية قد التزمت بدين استدانته بصفتها المذكورة على القاصرة، وتنازلت عن نصف ريع نصيبها فى الوقف سنويا سدادا لما استدانته، كل هذا ولم تكن ثمة ضرورة تضطر الوصية للاستدانة، لأن ريع نصيب القاصرة كاف لها وزيادة كما هو واضح - فهل تصرفاتها هذه نافذة على القاصرة ملزمة لها، وهل تلزم القاصرة شرعا بهذا الدين وسداده، فى حين أن الوصية لم تحصل على إذن من المجلس الحسبى بالاستدانة أم لا نرجو الإفادة مع بيان النص الشرعى فى ذلك
An قال فى كتاب جامع أحكام الصغار جزء ثان طبعة أزهرية سنة 1300 هجرية بصحيفة 31 ما نصه (ولو استدان الوصى لليتيم فى كسوته وطعامه ورهن به متاعا لليتيم جاز .
لأن الاستدانة جائزة للحاجة، والرهن يقع إيفاء للحق فيحوز أه وفى كتاب أدب الأوصياء بصحيفة 175 من الطبعة المذكورة ما نصه وفى فصول الأستر وشتى أراد الوصى الاستدانة على الصبى جاز له ذلك إن كان أمره الموصى به، وإلا فالمختار أن يرفع الأمر إلى الحاكم فيأمره به .
ومن ذلك يعلم أن الاستدانة المذكورة بالسؤال إن كانت لحاجة القاصرة فى كسوتها وطعامها فهى جائزة، وإن لم تكن لحاجة القاصرة فلا تكون جائزة إلا إذا كانت بأمر الحاكم - وأما تنازل الوصية عن نصف نصيب القاصرة والحال ما ذكر بالسؤال فهو غير جائز شرعا .
أنه ليس فى مصلحة القاصرة .
واللّه أعلم(6/185)
دين المرتهن مقدم على سائر الغرماء
F عبد الرحمن قراعة .
ذى القعدة 1344 هجرية - 23 مايو 1926 م
Mيستوفى المرتهن دينه بالكامل من العين المرهونة أولا ، وما بقى يقسم بين باقى الغرماء
Q توفى محمود المسلم فى سنة 1923 عن تركة وورثة، وقد بيعت التركة بعد وفاته فى سنة 1925 بالمزاد العلنى بمبلغ 1500 جنيها، وكان فى حال حياته مدينا لكل من زيد وخالد وبكر وجعفر .
فأما دين زيد فمقداره خمسمائة جنيه مصرى، وثابت ذلك بمقتضى عقد رسمى واجب التنفيذ صدر من المتوفى حال حياته أمام مكتب العقود لدى المحاكم المختلطة ومؤمن برهن عقارى على عقارات المتوفى المباعة فى سنة 1921، وأما دين خالد فمقداره 500 جنيه مصرى وثابت بمقتضى عقد دين صادر من المتوفى فى حياته .
وقد استصدر خالد المذكور بدينه حكما ضد ورثة المتوفى بعد وفاته، وعمل اختصاصات على العقارات المبيعة قبل بيعها، وسجل ذلك بتاريخ 1924 .
وأما دين بكر فمقداره 500 خمسمائة جنيه مصرى بعقد دين صادر من المتوفى حال حياته، وقد استصدر بكر حكما بذلك الدين ضد ورثة المتوفى، وعمل اختصاصا على العقارات الموروثة المباعة مسجل فى سنة 1925 - وأما دين جعفر فمقداره 500 خمسمائة جنيه مصرى وثابت بمقتضى عقد دين صادر عن المتوفى ، واستصدر بموجبه حكما ضد ورثة المتوفى فى سنة 1925 .
ولم يعمل اختصاصا بذلك على العقارات المباعة وكل هذه الديون حصلت من المتوفى فى حالة صحته ونفاذ تصرفه .
فكيف تكون قسمة قيمة التركة على أرباب الديون المذكورة .
وهل يقدم فى ذلك صاحب الرهن على غيره لأنه على ما يقول أحق بالعين من غيره فيأخذ حقه كاملا ويوزع الباقى على الديانة الباقين بنسبة دين كل منهم هذا ما نرجو الإفادة عنه
An فى الفتاوى المهدية بصحيفة 376 جزء خامس مانصه (سئل) من طرف أمين بيت المال فيما إذا توفى شخص وكانت تركته مستغرقة بالديون وأحد الدائنين معه رهن على دينه - فهل له أن يستوفى دينه بالكامل من ثمن الرهن أو يدخل ضمن قسمة الغرماء (أجاب) المرتهن أحق بالرهن من سائر غرماء الراهن فيوفى دين المرتهن من ثمن الرهن بعد بيعه، وما بقى من الثمن يقسم بين باقى الغرماء .
ومن ذلك يعلم الجواب عن هذا السؤال واللّه أعلم(6/186)
عدم جواز الانتفاع بالرهن إلا بإذن
F عبد المجيد سليم .
شعبان 1352 هجرية 18/11/1933 م
Mلا يحل للمرتهن أن ينتفع بالرهن بأى وجه من الوجوه، كما أنه يكون ضامنا لما أكل من ثمرة النخيل المرهون، ويحتسب ذلك من الدين .
وهذا إذا كان الانتفاع مشروطا فى مقابلة الأجل، أو إذا كان الانتفاع معروفا أنه لو لم ينتفع بالمرتهن لما صبر بدينه .
لأن المعروف كالمشروط
Q رهن رجل جزءا من منزله لآخر على مبلغ معين .
واشترط المرتهن أخذ الجزء المرهون تحت يده إلى أن يوفيه الراهن بالدين، ويم يعين الراهن والمرتهن مدة معينة لسداد الدين .
فهل يجوز للمرتهن أخذ ريع الجزء المرهون شرعا أم لا
An نفيد بأنه لا نزاع فى أنه لا يحل للمرتهن الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن .
واختلفت كلمة الفقهاء فى حل انتفاعه بإذنه، ففى عامة المعتبرات أنه يحل بالإذن .
وعن عبد اللّه محمد بن أسلم السمرقندى لا يحل له أن ينتفع بشىء منه بوجه من الوجوه وإن أذن له الراهن، لأنه إذن له فى الربا لأنه يستوفى دينه كاملا، فتبقى المنفعة فضلا فيكون ربا .
وفى جواهر الفتاوى إذا كان مشروطا صار قرضا فيه منفعة وهو ربا .
وإلا فلا بأس .
قال ابن عابدين .
إن هذا يصلح للتوفيق وهو وجيه، وذكروا نظيره فيما لو أهدى المستقرض للمقرض، إن كان بشرط كره وإلا فلا .
وقد سئل الخير الرملى فى رجل رهب زوجته شجر زيتون ببقية مهر لها عليه على أن تأكل ثمرته نظير صبراها عليه فأكلت الثمرة هل تضمنها أم لا ف أجاب بقوله نعم تضمن لعدم صحة مقابلة الصبر بأكل الثمرة، إذا هو ربا فكان مضمونا عليها .
ومن هذا يعلم أنه إذا كان انتفاع المرتهن مشروطا فى مقابلة الأجل لم يحل للمرتهن أن ينتفع بالمرهون بأى وجه من الوجوه، كما أنه يكون ضامنا لما أكل من ثمرة النخيل المرهون، ويحتسب ذلك من الدين .
ومثل ما إذا كان مشروطا ما إذا كان المعروف أنه لو لم ينتفع المرتهن بالمرهون لما صبر بدينه ولما انتظر به .
لأن المعروف كالمشروط . قال الطحاوى ما نصه . والغالب من أحوال الناس أنهم إنما يريدون عند الدفع الانتفاع ولولاه لما أعطاه الدراهم، وهذا بمنزلة الشرط لأن المعروف كالمشروط وهو مما يعين المنع .
ومثله يقال فى هذه الحالة أنه لولا انتفاعه بالمرهون لما صبر عليه ورضى بالأجل .
أما إذا لم يكن الانتفاع مشروطا ولا معروفا عرفا فيحل للمرتهن الانتفاع بالمرهون بإذن الراهن، ولم يجب عليه شىء فى مقابلة المنفعة .
وبعد أن أفتينا بهذه الفتوى اطلعنا على رسالة مستقلة للشيخ محمد عبد الحى اللكنوى سماها بالفلك المشحون فيما يتعلق بانتفاع المرتهن بالمرهون .
جاء فيها بعد أن ذكر أقوال الفقهاء وأدلتهم فى الموضوع ما نصه (وأولى الأقوال المذكورة وأصحها وأوفقها بالروايات الحديثية هو القول الرابع إن ما كان مشروطا يكره .
وما لم يكن مشروطا لا يكره . أما كراهة المشروط فلحديث القرض الذى جر منفعة ربا .
وأما عدم كراهة غير المشروط فلحديث الظهر يركب ولبن الدر يشرب، والمراد بالكراهة التحريمية، كما يفيده تعليلهم بأنه ربا ن وهى المرادة من الحرمة فى قول من تكلم بحرمة المشروط فإن المكروه التحريمى قريب من الحرام، بل كأنه هو .
ثم المشروط أعم من أن يكون مشروطا حقيقة أو حكما، أما حقيقة فبأن يشترط المرتهن فى نفس عقد الرهن أن يأذن له الراهن على ما هو المتعارف فى أكثر العوام أنهم إذا ارتهنوا شيئا ودفعوا الدين يشترطون إجازة الانتفاع، ويكتبون ذلك فى صك الرهن، ولو لم يأذن له الراهن أو لم يكتب فى الصك لم يدفع المرتهن الدين ولم يرتهن .
وأما حكما فهو ما تعارف (لعل الصواب ما تعورف فى ديارنا أو ما تعارف أهل ديارنا) أنهم لا يشترطون ذلك فى نفس المعاملة لكن مرادهم ومنويهم إنما هو الانتفاع فلولاه ما دفع المرتهن الدين .
إلخ ما قال .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال، واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/187)
الانتفاع بالرهن
F حسن مأمون .
ذو الحجة 1367 ه- 26 يونية 1957 م
M 1 - لا يجوز الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن باتفاق، فإن أذن الراهن به فيرى الحنفية جواز الانتفاع به مطلقا .
ويرى محمد بن أسلم السمرقندى عدم جوازه ولو مع الإذن .
2 - إذا كان الانتفاع مشروطا لا يحل، وإلا فهو جائز شرعا، ومثل الانتفاع المشروط ما إذا كان معروفا بين الناس أنهم لا يقرضون أموالهم إلا فى مقابل الانتفاع بالرهن .
3 - مذهب الحنابلة أن الدين إذا كان قرضا فلا يجوز الانتفاع بالرهن مطلقا ولو مع إذن الراهن به، فإن كان غير قرض أو كان الرهن بثمن مبيع أو بأجر دار فإن الانتفاع بالرهن يجوز بإذن الراهن، أما إذا كان الرهن حيوانا مما يركب ويحلب وله مؤنة فإنه يجوز الانتفاع بركوبه وغيره ولو بغير الإذن ولكن بشرط الإنفاق على الرهن، ويرى المالكية أن الدين إذا كان قرضا واشترط الانتفاع لا يجوز ذلك أما إن كان ثمن مبيع ونحوه واشترط الانتفاع فلا بأس به فى الدور والأراضى بشرط تحديد مدة الانتفاع .
4 - مذهب الشافية أن اشتراط الانتفاع بالرهن مدة غير محددة مبطل للعقد، فإن حددت المدة وكان الرهن ثمن مبيع صح العقد والانتفاع .
5 - خلاصة الفتوى أنه لا يجوز الانتفاع بدون إذن الراهن، ويجوز بإذنه مطلقا متى كان الإذن بالانتفاع لمدة محدودة شرط ذلك المرتهن .
فى العقد أم لا، لأن الراهن مالك للعين والمنفعة، والإذن للمرتهن بالانتفاع تمليك له لبعض ما يملك هو، ولا حرج شرعا فى ذلك
Q بالطلب المتضمن أنه قد كثر الجدل واختلفت الآراء بين العلماء والناس حول حل الانتفاع المرتهن بالعين المرهونة وعدم حله، مما ترتب عليه اضطراب أفكار الناس لتمسك من يقول بالحل برأيه، ومن يقول بالحرمة برأيه، ولكل فريق من يؤيده .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى الانتفاع بالرهن حتى تقطع دابر الفتنة .
ويسير الناس على هداه
An إنه سبق أن أصدرنا فتاوى عدة متصلة بهذا الموضوع، منها الفتوى الصادرة بتاريخ 17 أكتوبر سنة 1955 رقم 463 متتابعة سجل رقم 74 متنوع - وخلاصة إجابتنا فى ذلك - هى أنه لا نزاع فى أنه لا يحل للمرتهن الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن، فقد اتفق الفقهاء على ذلك، واختلفت كلمتهم فى حل انتفاعه بإذنه .
ويتلخص رأى الحنفية فيما يأتى : أولا - لا يجوز أن ينتفع المرتهن بالرهن بدون إذن الراهن سواء أكان سببه قرضا أو ثمن مبيع أم غيرهما .
ثانيا - يحل للمرتهن أن ينتفع بالرهن بإذن الراهن بكافة الانتفاعات سواء أكان عقارا أو غيره وعليه عامة المعتبرات .
ثالثا - لا يحل للمرتهن أن ينتفع منه بشىء بأى وجه من الوجوه ولو أذن له الراهن، وذهب إلى هذا الرأى محمد بن أسلم السمرقندى .
رابعا - إذا كان الانتفاع مشروطا لا يحل، وإن لم يكن مشروطا يحل روى ذلك فى جواهر الفتاوى .
خامسا - قال ابن عابدين فى حاشيته رد المختار إن هذا الرأى الأخير يصلح للتوفيق بين الرأيين السابقين، وهو يشير بهذا إلى ترجيحه له وعليه فإذا كان الانتفاع مشروطا لم يحل ولو أذن للراهن، وإذا لم يكن مشروطا يحل بإذن الراهن، ومثل الانتفاع المشروط فى هذا الحكم ما إذا كان معروفا بين الناس أنهم لا يقرضون أموالهم إلا فى مقابلة منفعتهم بالرهن، فإنه يحرم الانتفاع بالرهن فى هذه الحالة، كما يحرم انتفاعه به إذا اشترط ذلك فى العقد، وعلى ذلك يحل للمرتهن الانتفاع بالرهن بإذن الراهن إذا كان الانتفاع غير مشروط، ولم يكن متعارفا بين الناس ويحرم فيما عدا ذلك على ما استظهره العلامة ابن عابدين .
ويتلخص رأى الحنابلة فيما يأتى : أولا - إذا كان دين الرهن قرضا لا يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن مطلقا ولو أذن له الراهن .
ثانيا - إذا كان الرهن بدين غير القرض أو بثمن مبيع أو بأجر دار فإنه يجوز للمرتهن الانتفاع به بإذن الراهن .
ثالثا - إذا كان الرهن حيوانا مما يركب ويحلب وله مؤنة فإنه يجوز للمرتهن إذا أتفق عليه أن ينتفع به فيركبه ويشرب لبنه ولو لم يأذن له الراهن، ويتحرى العدل فى ذلك، فينتفع بقدر إنفاقه عليه، وهو رواية عن الإمام أحمد، واختاره بعض فقهاء الحنابلة، وفى الرواية الأخرى عن الإمام أحمد أن المرتهن لا ينتفع به بغير إذن الراهن، وهو متبرع بما أنفق، وإليه ذهب الحنفية والشافعية والمالكية .
ويتلخص رأى المالكية فيما يأتى : أولا - إذا كان دين الرهن قرضا واشترط المرتهن الانتفاع به لم يجز .
ثانيا - إذا كان دين الرهن ثمن مبيع أو نحوه واشترط المرتهن الانتفاع به فلا بأس به فى الدور والأرضين وغيرها إن حدد مدة الانتفاع وإلا لا يجوز .
ويتلخص رأى الشافعية فيما يأتى : أولا - يبطل الرهن إذا اشترط المرتهن منفعة الرهن بدون تحديد أجل الانتفاع .
ثانيا - يصح الرهن المشروط فى بيع ويجوز انتفاع المرتهن به إذا كانت مدته محددة .
هذه هى آراء فقهاء المذاهب المختلفة فى حكم انتفاع المرتهن .
(صاحب الدين) بالرهن . ونحن نرى أنه لا يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن، ويجوز انتفاعه به مطلقا سواء أكان حيوانا أم عقارا أم أرضا أم غيرها، متى أذن له الراهن بالانتفاع بالعين المرهونة إلى أجل محدد معين، سواء شرط ذلك فى عقد الرهن أم لم يشرطه، وذلك لأن الراهن يملك العين المرهونة ويملك منفعتها، فإذا أذن للمرتهن فى الانتفاع فقد ملكه بعض ما يملك ولا حرج فى ذلك شرعا، وهذا موافق لما ذهب إليه الحنفية، مع الأخذ بما ذهب إليه الشافعية والمالكية فى تحديد مدة الانتفاع، ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(6/188)
الانتفاع بالرهن والبيع بثمن مؤجل مع الزيادة فى الثمن
F حسن مأمون .
ذو القعدة 1378 ه- - 13 يونية 1959 م
M 1- لا يحل الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن، ويجوز الانتفاع مطلقا بإذنه سواء كان الرهن حيوانا أو عقارا أو أرضا أو غير ذلك بشرط أن يكون الإذن بذلك إلى أجل محدد، وسواء شرط ذلك فى العقد أم لا .
2- البيع بثمن حال أو مؤجل غلى أجل معلوم بزيادة فى الثمن صحيح وجائز شرعا، فإن كان الأجل مجهولا فسد البيع .
3- اشتمال عقد البيع على الربا بنوعيه مبطل له شرعا .
4 - بيع الدين بثمن معجل مع التفاوت بينهما قدرا غير جائز شرعا إذا كان الدين والثمن من الأموال الربوية
Q بالطلب المقدم من السيد / ع .
ا اللاذقى ببيروت بالآتى : 1 - هل يجوز للإنسان أن يرهن أرضا أو بيتا أو دكانا بقيمة معلومة على أجل معلوم، بشرط أن ينتفع المرتهن بالأرض أو البيت أو الدكان من سكنى أو إيجار، سواء كان الإيجار من الراهن أو من غيره أم لا .
2 - هل يجوز للإنسان أن يشترى كيسا من الأرز أو ثوبا من القماش أو غيره بزيادة عن الثمن الذى يشترى به نقدا بسبب الأجل المسمى أو غير المسمى أم لا .
3 - هل يجوز إنسان معه كمبيالة مالية على إنسان تستحق بعد مدة معينة أن يعطيها لمصرف أو تاجر أو لغيره، ويقبض قيمتها بعد أن يخصم منها المصرف أو التاجر أو غيره مبلغا يتفق عليه لقاء انتظار مدة استحقاق الكمبيالة أم لا
An نفيد عن السؤال الأول - بأنه سبق أن أصدرنا فتاوى متصلة فى هذا الموضوع، منها الفتوى الصادرة بتاريخ 17 أكتوبر سنة 1955 برقم 463 متتابعة سجل رقم 73 متنوع، ولخصت فى الفتوى الصادرة بتاريخ 10 يناير سنة 1957 رقم 255 متتابعة سجل رقم 78 متنوع، ونصها أنه لا نزاع فى أنه لا يحل للمرتهن الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن، فقد اتفق الفقهاء على ذلك واختلفت كلمتهم فى حل انتفاعه بإذنه، فالحنفية يتلخص رأيهم فيما يأتى : أولا - لا يجوز أن ينتفع المرتهن بالرهن بدون إذن الراهن، سواء أكان سببه قرضا، أو ثمن مبيع أم غيرهما .
ثانيا - يحل للمرتهن أن ينتفع بالرهن بإذن الراهن بكافة الانتفاعات سواء أكان عقارا أم غيره، وعليه عامة المعتبرات .
ثالثا - لا يحل للمرتهن أن ينتفع بشىء منه بأى وجه من الوجوه ولو أذن له الراهن، وذهب إلى هذا الرأى محمد بن أسلم السمرقندى .
رابعا - إذا كان الانتفاع مشروطا لا يحل، وإن لم يكن مشروطا يحل روى ذلك عن جواهر الفتاوى .
خامسا - قال ابن عابدين فى حاشيته رد المختار على الدر المختار إن هذا الرأى الأخير يصلح للتوفيق بين الرأيين السابقين، وهو يشير بهذا غلى ترجيحه له .
وعليه فإذا كان الانتفاع مشروطا لم يحل ولو أذن الراهن وإذا لم يكن مشروطا يحل بإذن الراهن، ومثل الانتفاع المشروط فى هذا الحكم ما إذا كان معروفا بين الناس أنهم لا يقرضون أموالهم إلا فى مقابلة منفعتهم بالرهن، فإنه يحرم الانتفاع بالرهن فى هذه الحالة، كما يحرم انتفاعه به إذا اشترط ذلك فى العقد، وعلى ذلك يحل للمرتهن الانتفاع بالرهن بإذن الراهن إذا كان الانتفاع غير مشروط ولم يكن متعارفا بين الناس، ويحرم فيما عدا ذلك، على ما استظهره العلامة ابن عابدين .
ويتلخص رأى الحنابلة فيما يأتى : أولا - إذا كان دين الرهن قرضا لا يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن مطلقا ولو أذن له الراهن .
ثانيا - إذا كان الرهن بدين غير القرض أو بثمن مبيع أو بأجر دار، فإنه يجوز للمرتهن الانتفاع به بإذن الراهن .
ثالثا - إذا كان الرهن حيوانا مما يركب ويحلب وله مؤنة، فإنه يجوز للمرتهن إذا أنفق عليه أن ينتفع به، فيركبه ويشرب لبنه ولو لم يأذن له الراهن، ويتحرى العدل فى ذلك، فينتفع بقدر إنفاقه عليه، وهو رواية عن الإمام أحمد، واختاره بعض فقهاء الحنابلة، وفى الرواية الأخرى عن الإمام أحمد أن المرتهن لا ينتفع به بغير إذن الراهن، وهو متبرع بما أنفقه وإليه ذهب الحنفية والشافعية والمالكية .
ويتلخص رأى المالكية فيما يأتى : أولا - إذا كان دين الرهن قرضا واشترط المرتهن الانتفاع به لم يجز .
ثانيا - إذا كان دين الرهن ثمن مبيع أو نحوه واشترط المرتهن الانتفاع به فلا بأس به فى الدور والأرضين وغيرها إن حدد مدة الانتفاع وإلا لا يجوز .
ويتلخص رأى الشافعية فيما يأتى : أولا - يبطل الرهن إذا اشترط المرتهن منفعة الرهن بدون تحديد أجل الانتفاع .
ثانيا - يصح الرهن المشروط فى بيع ويجوز انتفاع المرتهن به إذا كانت مدته محددة - هذه هى آراء المذاهب المختلفة فى حكم الانتفاع المرتهن (صاحب الدين) بالرهن - ونحن نرى أنه لا يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن، ويجوز انتفاعه به مطلقا سواء أكان حيوانا أم عقارا أم أرضا أم غيرها متى أذن الراهن له بالانتفاع بالعين المرهونة إلى أجل محدد معين، سواء شرط ذلك فى عقد الرهن أم لم يشرطه، وذلك لأن الراهن يملك العين المرهونة، ويملك منفعتها، فإذا أذن للمرتهن فى الانتفاع فقد ملكه بعض ما يملك ولا حرج فى ذلك شرعا، وهذا موافق لما ذهب إليه الحنفية، مع الأخذ بما ذهب إليه الشافعية والمالكية فى تحديد مدة الانتفاع .
عن السؤال الثانى المنصوص عليه شرعا أن البيع يصح بثمن حال وبثمن مؤجل إلى اجل معلوم .
فإذا كان الأجل فى البيع المسئول عنه معلوما صح هذا البيع ولا شىء فيه لأنه من قبيل المرابحة، وهى نوع من أنواع البيوع الجائزة شرعا التى يجوز فيها اشتراط الزيادة فى الثمن فى مقابلة الأجل، لأن الأجل وإن لم يكن مالا حقيقة إلا أنه فى باب المرابحة يزاد فى الثمن لأجله إذا ذكر الأجل بمقابلة زيادة الثمن قصدا، فاعتبر مالا فى المرابحة احترازا عن شبهة الخيانة فيها .
أما إذا كان الأجل مجهولا فلا يصح ويفسد البيع، لأن جهالة الأجل تفضى إلى المنازعة فيفسد .
عن السؤال الثالث - إذا أردنا الوقوف على حكم هذا التصرف من الناحية الشرعية وجدنا أنه يقوم على أساس بيع الدين بثمن معجل مع التفاوت بينهما فى القدر .
فإن كان الدين والثمن من الأموال الربوية كما هو واضح من السؤال، فهو ممنوع فى نظر الشريعة لما فيه من الربا، إذ أن المصرف أو التاجر يدفع قليلا ليقبض أكثر منه بعد مدة، ومن شروط بيع الدين ألا يؤدى إلى محظور شرعى .
ومن المحظورات الشرعية اشتمال عقد البيع على الربا بنوعيه التفاضل والنساء، وهما متحققان فى السؤال والله أعلم(6/189)
حكم رهن الأرض والنخيل
F أحمد هريدى .
9 مايو 1973 م
Mرهن الأرض أو النخيل مقابل الانتفاع بها إلى أن يسدد الدين حرام شرعا، لأنه قرض جر نفعا فيكون ربا
Q من السيد / .
بطلبه المتضمن أن أهالى بلدته يتعاملون برهن الأراضى الزراعية والنخيل .
وتتلخص هذه المعاملة فى أنه إذا أراد شخص مبلغا من المال لأى عذر من الأعذار وكان يملك أرضا زراعية أو نخيلا، فإنه يأخذ المبلغ المحتاج إليه من شخص يملك مالا ويحرر لهذا الدائن عقد رهنية للأرض أو النخيل - وبمقتضى هذا العقد يتسلم الأرض أو النخيل، ويقوم إما بزراعتها أو تأجيرها ويستولى على زراعتها أو إيجارها أو ريعها، ولا يدفع إيجارا لصاحب الأرض أو صاحب النخيل، وتمكث الأرض أو النخيل فى يده يستغلها كيف يشاء، إلى أن يسدد الدائن دينه بالكامل مهما طال الزمن .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا التعامل، وهل هو جائز شرعا أو حرام ، حتى يعرف أهل البلدة أنه حلال فيتعاملون به، أو حرام فيمتنعون عن التعامل به
An المقرر فقها أن عقد الرهن هو عقد استيثاق لا استثمار واسترباح وعلى هذه المشروعية العامة اتفق الفقهاء .
ويكون عقد الرهن بناء على هذا هو عقد ضمان للدين، بمعنى الصك والكفيل، كما اتفق الفقهاء أيضا على أنه ليس للدائن بمقتضى هذا العقد أن ينتفع بشىء من العين المرهونة .
وقد اختلفوا فى الانتفاع بالعين المرهونة فى حالة ما إذا أذن صاحبها للدائن بالانتفاع بها .
فغير الحنفية يقولون إنه لا يجوز الانتفاع بالعين المرهونة وإن أذن صاحبها للدائن بالانتفاع بها، لأنه انتفاع جره قرض وهو منهى عنه بالحديث - وهو قول النبى صلى الله عليه وسلم (كل قرض جر نفعا فهو ربا) - أما الحنفية فقالوا فى معتبرات كتبهم بجواز الانتفاع بالعين المرهونة إذا أذن المالك للدائن بالانتفاع لأنه ملكه وللمالك أن يأذن لمن يشاء فى الانتفاع بملكه .
ويقولون إن الانتفاع بالرهن انتفاع جره الإذن ولم يجره القرض فلا يكون حراما .
والذى نراه أنه إذا تم عقد الرهن بين الطرفين ولم يتفق فى العقد على الانتفاع بالعين المرهونة، ولم يكن ذلك الانتفاع متعارفا كالمشروط وإن لم يتفق عليه، ثم بعد فترة من الزمان أذن المالك للدائن فى الانتفاع بالعين المرهونة لفترة محددة من الزمان متبرعا بذلك من تلقاء نفسه وبغير طلب من المرتهن، فإنه فى هذه الحالة فقط يحل للمرتهن الانتفاع بالعين المرهونة طوال الفترة التى حددها له الراهن .
وذلك لأن الراهن يملك العين المرهونة ويملك منفعتها، فإذا أذن للمرتهن فى الانتفاع فقد ملكه بعض ما يملك، ولا حرج فى ذلك شرعا إذا كان إذن المدين للدائن بالانتفاع بالعين المرهونة ليس إذنا صوريا اضطرته إليه ظروف الدين .
أما الرهن على الوجه المشروح فى الحادثة موضوع السؤال فهو حرام شرعا ويجب الامتناع عن التعامل به، لأنه قرض جر نفعا فيكون ربا .
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما جاء بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/190)
وديعة
F حسن مأمون .
ذو الحجة 1375 هجرية - 16 يولية 1956 م
M 1- الأصل فى الوديعة أنها أمانة لدى المستودع يجب عليه حفظها بمقتضى قبوله لها .
2- لا ضمان على المستودع إذا هلكت بدون تعد منه .
3- بمجرد خلطك مال الوديعة بمال المستودع يجب الضمان
Q في رجلين صديقين اتفقا فيما بينهما بإيجاب وقبول على أن يودع أحدهما عند الآخر بعضا من ماله الفائض عن حاجته، وأخذ المودع يسلمه هذا الفائض على دفعات، وكان من حين لآخر يسترجع منه بعضا من هذا المال كلما دعت حاجته لذلك، ولضبط الحساب خصصا دفترا يقيد فيه المودع بحضور المستودع المال المدفوع والمقبوض، وكان الرصيد يرتفع وينخفض تبعا لذلك، واستمر الحال على هذا المنوال إلى ما يقرب من السنتين، مع الإحاطة بأن المستودع تاجر ولديه نقود كثيرة يقرضها للناس بالفائدة، وكان مال الوديعة مخلوطا بماله النقدى دون تمييز .
وفى يوم من الأيام سرق جميع المال النقدى من متجره .
ولم يوفق البوليس لمعرفة اللصوص. وبعد مضى مدة تزيد على الشهر من افتضاح أمر السرقة، طلب المودع استرداد بعض ماله كعادته، فامتنع المستودع من إعطائه شيئا من هذا المال، بحجة أن اللصوص سرقوا جميع ماله النقدى ومنع مال المودع، ولم يبلغ المستودع المودع بسرقة ماله إلا عند المطالبة .
والمطلوب هو معرفة الحكم الشرعى فيما إذا كان يجب على المستودع أن يرد للمودع رصيد ماله الذى كان أمانة تحت يده أو لا
An إن هذا الاتفاق من قبيل الوديعة .
والأصل في الوديعة أنها أمانة لدى المستودع يجب عليه حفظها بمقتضى قبوله لها، وإذا هلكت من غير تعد منه تهلك على صاحبها المودع، ولا يضمنها له المستودع .
والتعدى في مال الوديعة له وجوه كثيرة منها أنه إذا خلطها المستودع بماله بحيث لا تتميز سواء كانت مخلوطة بجنسها كالنقود بالنقود أو بغير جنسها كالحنطة بالشعير، فإن هذا يعتبر تعديا واستهلاكا عند الإمام أبى حنيفة وحينئذ يجب على المستودع ضمانها وتسليم مثلها للمودع .
وعند الصاحبين الحكم كذلك فيما إذا خلطت بغير جنسها، أما إذا خلطت بجنسها كالنقود بالنقود، فإن المودع بالخيار إن شاء ضمن المستودع وإن شاء شاركه في المال المخلوط بنسبة ماله .
كما جاء في فتح القدير وفى الاختيار من باب الوديعة (وظاهر أن إرادة الشركة لا تتحقق إلا إذا كان المال جميعه باقيا تحت يد المستودع) وبناء على هذا .
فإذا كان المستودع في حادثة السؤال قد خلط مال الوديعة بماله بحيث لا يمكن تمييزه بأن كان مخلوطا بجنسه كما جاء بالسؤال، فإن هذا الخلط يعتبر تعديا من المستودع، فيجب عليه ضمان مال الوديعة للمودع وتسليم مثله له كاملا دون نقصن وذلك طبقا لرأى الإمام أبى حنيفة ولرأى الصاحبين في حالة ما إذا اختار المودع تضمين المستودع، وحالة الضمان هى المتعينة في هذه الحادثة على ما نرى، لأن حالة إرادة الشركة غير ممكنة لهلاك المال بالسرقة .
أما حادث السرقة على وجه العموم فإنه لا دخل له فيما ذكرناه من الأحكام لأن الضمان وجب على المستودع بمجرد خلط مال الوديعة بماله قبل حدوث السرقة، فيكون وجوب الضمان سابقا على الهلاك، فكان المال المسروق كله ملك للمستودع .
أما مال الوديعة فإن مثله دين ثابت في ذمته يجب عليه أداؤه للمودع، ولا أثر لحادث السرقة فيه .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/191)
وديعة
F جاد الحق على جاد الحق .
محرم 1400 هجرية - 11 ديسمبر 1979 م
M 1 - ما قدمه الخاطب لمخطوبته من منقولات بقصد استعمالها فى منزل الزوجية ولم يجر العرف بإهدائها .
يكون خاضعا لأحكام الوديعة ولا تسرى عليه أحكام هدايا الخطبة والهبة .
2 - المقرر شرعا أن الوديعة تظل على ملك المودع وبذا تكون هذه المنقولات من تركة الخاطب منذ وفاته .
3 - يجب على المخطوبة تسليمها لورثته الشرعيين إن كانت قائمة بذاتها، فإن هلكت بفعلها أو بتقصيرها ضمنت قيمتها وإلا فلا
Q بالطلب المتضمن أن شقيق السائل خطب فتاة واتفق على إعطائها صداقا وقدره ثمانمائة جنيه بخلاف الشبكة وذلك حسب العرف .
وقد قدم لها الخاطب بعض الملابس والأدوات المنزلية لتستعمل فى بيت الزوجية، كما قدم لها بوتاجاز وخلاط وطقم فرن وطقم ميلامين وأباجورة، وغير ذلك من الأدوات التى لم تستهلك .
ويقول السائل إن شقيقه قد توفى إلى رحمه الله قبل أن يعقد قرانه على خطيبته، فطلب أهل الخاطب من أهل المخطوبة استرداد تلك الأشياء فرفضوا .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى ذلك
An الظاهر من السؤال أن الخاطب قد أودع لدى المخطوبة تلك المنقولات بقصد استعمالها فى منزل الزوجية وأنها ما تزال فى حوزتها، وأن الخاطب توفى قبل عقد زواجه عليها، ولما كان العرف لم يجر بإهداء هذه المنقولات للمخطوبة، ولكن الجارى أن يعد الخاطب مثل تلك المنقولات لمنزل الزوجية .
ومن ثم تكون هذه الواقعة خاضعة لأحكام الوديعة، ولا تسرى عليها أحكام هدايا الخطبة والهبة .
ولما كانت الوديعة تظل على ملك المودع شرعا باتفاق فقهاء المذاهب الإسلامية وأن يد المودع لديه أمين للحفظ فقط وليست يد تملك .
وإذ كان ذلك فإن المنقولات المسئول عنها تكون من تركة الخاطب منذ وفاته، ويجب على المخطوبة تسليمها لورثته الشرعيين إذا كانت قائمة بذاتها، فإذا كانت قد هلكت بفعلها أو بتقصيرها فى حفظها ضمنت قيمتها لا، وإذا هلكت بغير فعلها ودون تقصير منها فلا ضمان عليها لأن يدها يد أمانة .
وهذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/192)
سرقة الوديعة
F محمد بخيت .
ذى القعدة 1335 هجرية 23 من أغسطس 1917 م
M1 - لا ضمان على المودع إذا سرقت منه الوديعة دون تفريط فى حفظها
Q امرأة أودعت مصاغا عند رجل وضعه فى حرز مثله وبقى فيه واستمر مدة يسيرة فجاء ليلة من الليالى اللصوص وسرقوا المصاغ المذكور مع نقود المودع المذكور بكسر حرز المثل المذكور وبحثت الحكومة عن الفاعل فلم تجده .
فهل والحالة هذه لا يكون الرجل المودع المذكور ضامنا للمصاغ المذكور
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه أجاب فى الفتاوى المهدية بصحيفة 527 جزء رابع عن سؤال نظير هذه الحادثة بما نصه (حيث وضع الوديعة فى حرز مثلها وسرقت من غير تفريط فى حفظها لا يكون ضامنا) .
ومن ذلك يعلم الحكم فى هذه الحادثة ، وهو أنه لا ضمان على المودع المذكور متى كان الحلى المذكور سرق منه بدون تفريط فى حفظ واللّه أعلم(6/193)
نذر
F محمد خاطر .
10 مارس 1977 م
M 1- المقرر فى فقه الحنفية أن النذر يجب الوفاء به لجنس المنذور له مادام قد استوفى شروطه .
2- ما ذر لطعام الفقراء فلا يجوز شرعا صرفه إلا لهم .
3- لا يجوز بيع العجل المنذور للفقراء وشراء آخر بثمن أقل ودفع الفرق فى بناء مسجد .
بل يتعين ذبحه لإطعامهم أو إعطائهم كل القيمة
Q من السيد / .
بالطلب المتضمن أن السائل عنده عجل جاموس كان قد نذره لله على أن يقيم به وليمة للفقراء هذا العام، وأن هذا العجل قد قدر بملبغ (300) ثلاثمائة جنيه .
وأنه يقام بجوار إقامة السائل مسجد جديد، وأن السائل تبرع للمسجد المذكور بأكثر مما طلب منه وأنه يريد أن يبيع هذا العجل وأن يشترى عجلا آخر بملبغ (100) مائة جنيه ويوفر ال (200) جنيه الباقية من ثمن العجل المنذور ليدفعها فى إقامة المسجد المذكور لأنه محتاج إلى مبلغ كبير .
وطلب بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع - وهل يجوز له بيع العجل المنذور بالثمن المذكور وشراء عجل آخر بالثمن المشار إليه، ودفع الفرق بين الثمنين لبناء المسجد سالف الذكر، أم لا يجوز ذلك شرعا
An المقرر فى فقه الحنفية أن النذر يجب الوفاء به مادام قد استوفى شروط المنصوص عليها فى كتب الفقه لجنس المنذور له .
فما نذر لطعام الفقراء لا يجوز صرفه إلا للفقراء - أما صرفه إلى غير جنس المنذور لهم فلا يجوز شرعا، وإن كان لا يتعين بالفقير ولا بالزمان ولا بالمكان .
وعلى هذا ففى الحادثة موضوع السؤال لايجوز شرعا للسائل أن يبيع العجل المنذور للفقراء وشراء عجل آخر بثمن أقل ودفع الفرق بين الثمنين فى بناء المسجد - بل يتعين على السائل أن يذبح العجل المنذور ويطعم به الفقراء وفاء بنذره، أو يعطى الفقراء كل قيمته، لقول الله عز وجل وعلا فى محكم كتابه { وليوفوا نذورهم } الحج 29 ، ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/194)
تعليق النذر بالمشيئة
F محمد خاطر .
ربيع الآخر 1398 هجرية - 26 مارس 1978 م
M 1- قول الرجل (إن شاء الله ما تلده المواشى التى أربيها فى بيتي من ذكور لأهل الله) ليس من صيغ النذر التى وردت فى كتب الفقه .
2- على فرض أنها من صيغ النذر فقد علقها بالمشيئة والتعليق بالمشيئة مانع من الوفاء به شرعا .
3- مادام العمل الذى اعتاد القيام به من ذبح ذكور الماشية وإطعامها لأهل بلده ليس نذرا، فله بيع العجل الذى استوى للذبح ودفع ثمنه فى تجديد مسجد قريته
Q من السيد/ .
بالطلب المتضمن أن السائل نذر نذرا نصه كالآتى (إن شاء الله تعالى ما تلده المواشى التى أربيها فى بيتى من ذكور لأهل الله) وأن السائل يوفى بهذا النذر منذ أكثر من عشرين عاما، وطريقة تنفيذ هذا النذر يكون بالآتى (فى حالة ولادة الجاموسة يتم ذبح المولود بعد شهرين من ولادته أو أكثر ويوزعه على الفقراء الموجودين بالقرية الصغيرة التى يعيش فيها، كما يرسل منه لأقاربه الموجودين فى القرى المجاورة، وفى حالة ولادة البقرة يتم ذبح المولود بعد ثلاث سنوات أو أكثر من ولادته، ويوزع على جميع أهل القرية التى يعيش فيها، وبعض أقاربه وأصدقائه يحضرون لتناول الطعام من، ويحيى منه ليلة ذكر لله، وذلك بحضور أحد المشايخ ويقرر السائل أن عنده الآن عجل بقر (ثور) استوى للذبح وعندهم فى قريتهم الصغيرة مسجد آيل للسقوط، ولا يوجد فى القرية مسجد سواه .
ويطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان يجوز له أن يبيع هذا العجل وينفق ثمنه فى بناء هذا المسجد وتجديده، أم لا يجوز ذلك شرعا
An الصيغة التى قررها السائل وهى قوله (إن شاء الله ما تلده المواشى التى أربيها فى بيتى ممن ذكور لأهل الله) ليست من صيغ النذر التى وردت فى كتب الفقه .
وعلى فرض أنها صيغة من صيغ النذر فقد علقها بالمشيئة بقوله (إن شاء الله) التى افتتحها بها .
والتعليق بالمشيئة لا يلزم الوفاء بالمنذور شرعا. ومادام السائل قد اعتاد أن يقوم بذبح العجول الذكور التى تلدها مواشيه التى يربيها، ويوزع لحومها على جميع أهل قريته التى يعيش فيها ويرسل ببعض لحومها على جميع أهل قريته التى يعيش فيها ويرسل ببعض لحومها لأقاربه وأصدقائه من القرى المجاورة، فهذا عمل خير نقره عليه، وليس هناك ما يمنع شرعا من المداومة عليه .
كما أنه يجوز شرعا للسائل مادام العمل الذى يقوم به ليس نذرا، بل هو نوع من التقرب إلى الله تعالى، ووجه من وجوه البر المشروعة أن يبيع العجل البقر الذى استوى للذبح، ويدفع ثمنه فى تجديد مسجد قريته الآيل للسقوط، لأن عمارة المساجد قربة عظيمة، حث الله عباده عليها، ودعاهم إلى المسارعة إليها .
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/195)
أخذ الأخ الفقير من النذر جائز شرعا
F جاد الحق على جاد الحق .
15 صفر 1399 هجرية - 14 يناير 1979 م
M 1 - يشمل النذر جميع أوجه البر والطاعة، ومنها بناء المساجد وصلة ذوى القربى .
2 - متى كان الخ فى حاجة للبر به فإنه يجوز شرعا أن يوجه إليه أخوه بعض المنذور، ويوجه البعض الآخر لبناء مسجد قريته
Q بالطلب المتضمن أن السائل يعمل فى دولة الإمارات العربية (أبو ظبى) وأنه قبل أن يكتب عقد العمل فيها عقد عزمه بينه وبين نفسه على أنه إذا كان هناك نصيب فى سفره وعمله بهذه الدولة فسوف يخصص مرتب شهر من دولة الإمارات لوجه الله تعالى، وأنه يريد تنفيذ ما عقد عزمه عليه ، ويقرر بأنه له أخا شقيقا يراه فقيرا فهو لا يملك شيئا يخصه، وإنما يزرع فى (30) قيراطا أرضا زراعية مملوكة لوالدته التى لا تزال على قيد الحياة وتقيم مع هذا الأخ فى معيشته، وفضلا عن ذلك فهو يعول أطفاله الصغار الأربعة، وأنه يوجد فى بلد السائل مسجد هدم ويعاد بناؤه، وقرر السائل أن مرتبه يعادل (300) جنيه مصرى .
وطلب بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع . وهل يجوز له شرعا أن يخص أخاه المذكور بجزء من هذا المبلغ وكفيفة توزيعه
An إن ما عقد السائل العزم عليه من التقرب إلى الله بإنفاق مرتب شهر هو من قبيل النذر الواجب الوفاء به لقوله تعالى { وليوفوا نذورهم } الحج 29 ، وقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه وفى الحديث الشريف (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى) فإذا كان السائل قد عقد عزمه وصحت نيته على إنفاق مرتب شهر 300 جنيه مصرى لوجه الله تعالى فإن ذلك يشمل جميع أوجه البر والطاعة، ومنها بناء المساجد وصلة ذوى القربى، وما دام يرى أن أخاه فى حاجة للبر به فإنه يجوز له شرعا أن يوجه إليه بعض هذا المنذور، ويوجه الباقى للإسهام فى استكمال بناء مسجد قريته أو فى وجه من وجوه الخير والإحسان يراه أولى وأحق تقربا إلى الله تعالى وتصديقا بوعده قال تعالى { وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه وهو خير الرازقين } سبأ 39 ، ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(6/196)
نذر
F عبد الرحمن قراعة .
رمضان 1345 هجرية 19 مارس 1927 م
M 1 - النذر لمخلوق لا يجوز لأنه عبادة والعبادة لا تكون لمخلوق .
كذلك النذر للميت لأنه لا يملك .
والاعتقاد بأنه يتصرف فى الأمور دون اللّه تعالى كفر .
2 - لا يجوز لخادم الشيخ أخذه ولا أكله ولا التصرف فيه بوجه من الوجوه إلا أن يكون فقيرا وله عيال فقراء عاجزون عن الكسب وهم مضطرون فيأخذونه على سبيل الصدقة المبتدأة .
3 - ما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت وغيرها وينقل إلى ضرائح الأولياء تقربا إليهم حرام باجماع المسلمين ما لم يقصدوا صرفها للفقراء الأحياء قولا واحدا .
4 - حسن الظن بالمسلمين يقتضى حمل أعمالهم على ما يطابق أحكام شريعتهم .
5 - متى علم أن هذه النذور صدقات للفقراء فحكمها حكم الصدقة وهى لا تملك إلا بالقبض ولا يختص بها أشخاص من الفقراء بأعيانهم .
6 - إذا كان للضريح والمسجد ناظر معين لإدارة شئونهما فله تقسيم ما يرد لصندوق النذور وتوزيعه على الفقراء مطلقا بحسب ما يراه فى كل وقت ولا يقيده اتفاق سابق حصل منه مع آخرين
Q من حضرة صاحب الفضيلة الشيخ محمد القوصى رئيس محكمة أسيوط الشرعية بما صورته ما حكم الشريعة الغراء فى الأموال التى ينذرها أصحابها لبعض الأولياء فيضعونها فى الصناديق الموجودة بأضرحتهم هل تصح المطالبة بها من أى شخص يدعى بأن له فيها حقا لانتسابه إلى هذا الولى وإذا كان للضريح أو المسجد ناظر معين لإدارة شئونهما من قبل القاضى فهل يكون هذا الناظر حرا فى توزيع النذور حسب إرادته .
وإذا سبق لهذا الناظر عمل اتفاق مع بعض أشخاص على توزيع هذه النذور بطريقة مخصوصة .
فهل يكون ملزما بتنفيذ هذا الاتفاق أم يكون له حق العدول عنه وإذا توفى من حصل الاتفاق بينهم وبين الناظر أو بعضهم فهل يكون لأحد غيرهم الحق فى التمسك بهذا الاتفاق بصفته وارثا لمن حصل هذا الاتفاق معه
An قال فى البحر صحيفة 320 ج 2 نقلا عن الشيخ قاسم فى شرح الدرر ما نصه (وأما النذر الذى ينذره أكثر العوام على ما هو مشاهد كأن يكون لأنسان غائب أو مريض أوله حاجة ضرورية فيأتى بعض الصلحاء فيجعل سترة على رأسه فيقول يا سيدى فلان إن رد غائبى أو عوفى مريضى أو قضيت حاجتى فلك من الذهب كذا أو من الفضة كذا أو من الطعام كذا أو من الماء كذا أو من الشمع كذا أو من الزيت كذا فهذا النذر باطل بالإجماع لوجوه .
منها أنه نذر لمخلوق والنذر لمخلوق لا يجوز لأنه عبادة والعبادة لا تكون للمخلوق، ومنها أن المنذور له ميت والميت لا يملك، ومنها أنه ظن أن الميت يتصرف فى الأمور دون اللّه تعالى، واعتقاده ذلك كفر اللّهم إلا إن قال يا اللّه إنى نذرت لك إن شفيت مريضى أو رددت غائبى أو قضيت حاجتى أن أطعم الفقراء الذين بباب السيدة نفيسة أو الفقراء الذين بباب الإمام الشافعى أو الإمام الليث أو اشترى حصرا لمساجدهم أو زيتا لوقودها أو دراهم لمن يقوم بشعائرها إلى غير ذلك مما يكون فيه نفع للفقراء والنذر لله عز وجل وذكر الشيخ إنما هو محل لصرف النذر لمستحقيه القاطنين برباطه أو مسجده أو جامعه فيجوز بهذا الاعتبار .
إذ مصرف النذر الفقراء وقد وجد المصرف ولا يجوز أن يصرف ذلك لغنى غير محتاج ولا لشريف ذى منصب لأنه لا يحل له الأخذ مالم يكن فقيرا .
ولم يثبت فى الشرع جواز الصرف للأغنياء للاجماع على حرمة النذر للمخلوق .
ولا ينعقد ولا تنشغل الذمة به ولأنه حرام بل سحت .
ولا يجوز لخادم الشيخ أخذه ولا أكله ولا التصرف فيه بوجه من الوجوه إلا أن يكون فقيرا وله عيال فقراء عاجزون عن الكسب وهم مضطرون فيأخذونه على سبيل الصدقة المبتدأة فأخذه أيضا مكروه مالم يقصد به الناذر التقرب إلى اللّه تعالى وصرفه إلى الفقراء وبقطع النظر عن عن نذر الشيخ .
فإذا علمت هذا فما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت وغيرها وينقل إلى ضرائح الأولياء تقربا إليهم فحرام بإجماع المسلمين مالم يقصدوا صرفها للفقراء الأحياء قولا واحدا .
وحسن الظن بالمسلمين يقتضى حمل أعمالهم على ما يطابق أحكام شريعتهم، فوضعهم للأموال فى الصناديق الموجودة بأضرحة الأولياء إنما يقصدون به التصدق على الفقراء الموجودين بذلك الضريح لا تمليك صاحب الضريح لجزمهم بموته، ولأن عقيدة المسلمين أن الضار والنافع هو اللّه سبحانه وتعالى ومتى علم أن هذه النذور صدقات للفقراء فحكمها حكم الصدقة لا تملك إلا بالقبض ولا يختص بها أشخاص من الفقراء بأعيانهم فيستوى فيها القريب من صاحب الضريح والأجنبى عنه وإذا كان للضريح والمسجد ناظر معين لإدارة شئونهما من قبل القاضى وكان من مشمولات نظره تقسيم ما يرد بصندوق النذور وتوزيعه ف4له تقسيمه وتوزيعه على الفقراء مطلقا بحسب ما يراه فى كل وقت ولا يقيده اتفاق سابق حصل منه مع آخرين واللّه أعلم(6/197)
حكم النذر على الأضرحة والأولياء
F عبد المجيد سليم .
محرم 1364 هجرية 25 ديسمبر 1944 م
M 1 - النذر لأصحاب الأضرحة والأولياء والصالحين باطل بالإجماع لأنه نذر لمخلوق وهو غير جائز لأن النذر عبادة وهى لا تكون لمخلوق أبدا ولأن المنذور له ميت والميت لا يملك .
2 - إذا ظن الناذر أن الميت يتصرف فى الأمور دون اللّه سبحانه وتعالى واعتقده كان ذلك كفرا والعياذ باللّه إلا إذا قال إنه ينذر لله سبحانه وتعالى إذا شفى مريضه أو قضيت حاجته أن يطعم الفقراء الواقفين بباب السيدة نفيسة أو الإمام الشافعى الخ مما يكون فيه نفع الفقراء فيكون جائز .
3 - لا يجوز صرف النذر لغنى غير محتاج ولا لشريف ذى منصب ولا الذى علم من أجل علمه ما لم يكن كل هؤلاء فقراء .
4 - إذا كان النذر لغير اللّه تعالى فهو حرام والمال المنذور يجب رده إلى صاحبه إن علم وإلا يكون من قبيل المال الضائع الذى لا يعلم له مستحق فيصرف على مصالح المسلمين أو على الفقراء .
5 - التنازل عن الحق فى صندوق النذور باطل لأن الحق فيه لم يثبت شرعا حتى يمكن التنازل عنه وعلى فرض أن له حقا فيه فهذا من الحقوق التى لا تقبل التنازل أو التمليك أو التى تنتقل بالإرث
Q سيدة لها حصة فى صندوق النذور والصدقات بضريح أحد الأولياء قد تنازلت هذا السيدة عن هذه الحصة لأولاد بنتها .
فهل يصح هذا التنازل شرعا وهل هذه الصدقات والنذور تورث
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأنه قد جاء فى البحر قبيل باب الاعتكاف من الجزء الثالث نقلا عن الشيخ قاسم وفى شرح الدرر ما نصه - وأما النذر الذى ينذره أكثر العوام على ما هو مشاهد كأنه يكون لإنسان غالب أو مريض أو له حاجة ضرورية فيأتى بعض الصلحاء فيجعل سترة على رأسه فيقول يا سيدى فلان إن رد غائبى أو عوفى مريضى أو قضيت حاجتى فلك من الذهب كذا، من الفضة كذا، أو من الطعام كذا، أو من الماء كذا أو من الشمع كذا، أو من الزيت كذا .
فهذا النذر باطل بالإجماع لوجوه .
منها أنه نذر لمخلوق والنذر للمخلوق لا يجوز لأنه عبادة والعبادة لا تكون للمخلوق .
ومنها أن المنذور له ميت والميت لا يملك .
ومنها أن ظن (ولعل الصواب أنه ظن) . أن الميت يتصرف فى الأمور دون اللّه تعالى واعتقاده ذلك كفر اللهم إلا إن قال يا ألله إنى نذرت لك إن شفيت مريضى أو رددت غائبى أو قضيت حاجتى أن أطعم الفقراء الذين بباب السيدة نفيسة أو الفقراء الذين بباب الإمام الشافعى أو بباب الإمام الليث أو أشترى حصرا لمساجدهم أو زيتا لوقودها أو دراهم لمن يقوم بشعائرها إلى غير ذلك مما يكون فيه نفع للفقراء والنذر لله عز وجل .
وذكر الشيخ إنما هو محل لصرف النذر لمستحقيه القاطنين برباطه أو مسجده أو جامعه فيجوز بهذا الاعتبار إذ مصرف النذر الفقراء وقد وجد المصرف ولا يجوز أن يصرف ذلك لغنى غير محتاج ولا لشريف ذى منصب لأنه لا يحل له الأخذ مالم يكن محتاجا فقيرا ولا الذى النسب لأجل نسبه مالم يكن فقيرا ولا لذى علم لأجل علمه مالم يكن فقيرا .
ولم يثبت فى الشرع جواز الصرف للأغنياء للإجماع على حرمة النذر للمخلوق ولا ينعقد ولا تشغل الذمة به ولأنه حرام بل سحت ولا يجوز لخادم الشيخ أخذه ولا أكله ولا التصرف فيه بوجه من الوجوه إلا أن يكون فقيرا أو له عيال فقراء عاجزون عن الكسب وهم مضطرون فيأخذونه على سبيل الصدقة المبتدأة، فأخذه أيضا مكروه مالم يقصد به الناذر التقرب إلى اللّه تعالى وصرفه إلى الفقراء بقطع النظر عن نذر الشيخ .
فإذا علم هذا . فما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت وغيرها وينقل إلى ضرائح الأولياء تقربا إليهم فحرام بإجماع المسلمين مالم يقصدوا صرفه للفقراء الأحياء قولا واحدا انتهى - والظاهر لنا أن هؤلاء العوام وإن قالوا بألسنتهم إنى نذرت لله أو تصدقت لله فمقصدهم فى الواقع ونفس الأمر إنما هو التقرب إلى الأولياء والصالحين وليس مقصدهم التقرب إلى اللّه تعالى وحده ولم يبتغوا بذلك وجهه .
ولقد صدق حضرة صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن قراعة رحمه اللّه تعالى إذ يقول فى رسالته التى ألفها فى النذور وأحكامها ما أشبه ما يقدمون من قربان وما ينذرون من نذور وما يعتقدون فى الأضرحة وساكنيها بما كان يصنع المشركون فى الجاهلية وما يغنى عنهم نفى الشرك عنهم بألسنتهم .
وأفعالهم تنبئ عما يعتقدون من أن هؤلاء الأولياء لهم نافعون ولأعدائهم ضارون انتهى وقد جاء فى سبل السلام شرح بلوغ المرام ما نصه وأما النذور المعروفة فى هذه الأزمنة على القبور والمشاهد والأموات فلا كلام فى تحريمها لأن الناذر يعتقد فى صاحب القبر أنه ينفع ويضر ويجلب الخير ويدفع الشر ويعافى الأليم ويشفى السقيم وهذا هو الذى كان يفعله عباد الأوثان بعينه فيحرم كما يحرم النذر على الوثن ويحرم قبضه لأنه تقرير على الشرك ويجب النهى عنه وإبانة أنه من أعظم المحرمات وأنه الذى كان يفعله عباد الأصنام .
لكن طال الأمد حتى صار المعروف منكرا والمنكر معروف انتهى وجاء فى الروضة الندية وشرحا ومنه رأى من النذر غير الصحيح النذر على القبور لكون ذلك ليس من النذر فى الطاعة ولا من النذر الذى يبتغى به وجه اللّه تعالى بل قد يكون من النذر فى المعصية إذا كان يسبب عنه اعتقاد فاسد فى صاحب القبر كما يتفق ذلك كثيرا انتهى ولو عبر صاحب الروضة بقوله بل هو نذر فى المعصية إذ يتسبب عنه اعتقاد فاسد فى صاحب القبر لكانت العبارة أو فى بما هو الواقع عند العوام وقد أطال القول فى ذلك الشوكانى فى رسالته المسماة شرح الصدور فى تحريم رفع القبور ولولا خشية الملل لذكرناه .
وما ذكرناه فيه الكفاية . مما ذكر يتبين أن نذر العوام لأرباب الأضرحة أو التصدق لهم تقربا إليهم وهو ما يقصده هؤلاء الجهلة مما ينذرونه أو يتصدقون به حرام بإجماع المسلمين والمال المنذور أو المتصدق به يجب رده لصاحبه إن علم .
فإن لم يعلم فهو من قبيل المال الضائع الذى لا يعلم له مستحق فيصرف على مصالح المسلمين أو على الفقراء ولا يتعين فقير بصرفه إليه فليس لفقير معين ولو كان خادما للضريح أو قريبا لصاحبه حق فيه قبل القبض .
ومن قبض منهما شيئا وكان فقيرا فإنما تملكه بالقبض ولا يجوز لغنى أن يتناول منه شيئا فإذا تنازل منه شيئا لا يملكه ووجب رده على مصارفه .
ومن هذا يعلم أنه ليس للمتنازلة المذكورة حق فيما يوضع فى الصندوق المذكور من الأموال فإذا تنازلت فإنما تتنازل عن شىء لم يثبت لها شرعا .
وعلى فرض أن لها حقا فيه فليس هذا الحق من الحقوق التى تقبل التنازل والتمليك أو التى تنتقل بالإرث عنها لورثتها .
وبهذا علم الجواب عن السؤال .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/198)
جواز الوفاء بالنذر ليلة العرس
F حسنين محمد مخلوف .
جمادى الآخرة 1367 هجرية 8 مايو 1948 م
Mيجوز الوفاء بالنذر ليلة زواج صاحب النذر ولا يلزم ذبح غيره فيها للعرس وإن كان من السنة أن يولم بشاة
Q نذر شخص لله نذرا وهو عجل بقر أى أنه بصفة أن يعمل ليلة لله وهو يريد زواج أحد أولاده فى هذه الليلة .
فهل يجوز ذبح العجل فى هذه الليلة علما بأنه أثناء نذره كان ولده الذى يرغب زواجه مريضا وقد نذر ذلك إن عافاه اللّه
An اطلعنا على السؤال والجو اب أن المفهوم من السؤال أن السائل نذر لله تعالى ذبح عجل بقر يعمل به ليلة لله تعالى إن شفى اللّه ولده من مرضه وهو ظاهر فى أن المنذور ذبح العجل لعمل ليلة لله تعالى به أى إقامة حفل يطعم فيه الفقراء بلحمه بعد شفاء ولده من مرضه لأن الليلة لا تكون لله تعالى إلا إذا كان فيها تصدق على الفقراء بلحمه وهذا جائز شرعا .
وقد نص فقهاء الحنفية على أن الناذر لو قال إن برئت من مرضى هذا فلله على أن أذبح شاة لزمه النذر ووجب الوفاء به .
وكذلك لو قال أذبحها وأتصدق بلحمها . والسائل قد جمع بين ما يدل على النذر وهو قوله نذر لله تعالى وبين التصدق على الفقراء بقوله ليلة لله تعال .
ويجب عليه الوفاء بالنذر إذا تحقق الشفاء وقد شفى اللّه ابنه المريض وحل وقت زفافه فلا مانع أن يكون العرس ليلة الوفاء بالنذر فيذبح العجل ويطعم الفقراء بلحمه فى هذه الليلة ولا يلزم ذبح غيره فيها لأجل العرس لعدم وجوب ذلك عليه وإن كان من السنة أن يولم فى العرس بشاة واللّه تعالى أعلم(6/199)
وكالة الوكيل بالزواج غيره فيه
F بكرى الصدفى .
ذى الحجة 1323 هجرية
Mوكيل الزوج إذا وكل غيره فى التزويج صح مع وجوده
Q شخص وكل عمه فى قبول العقد فقبل منه هذه الوكالة .
وعند حضور الوكيل ووالد الخاطب فى بيت الخطيبة .
وكل عم الخاطب والد الخاطب فى قبول الزواج .
فقبل منه الوكالة . وعقد العقد مع والد الزوجة بحضور عم الخاطب الوكيل المذكور ولم يكن الخاطب حاضرا ولم يأذن لعمه بأن يوكل غيره فما الحكم وإذا طلقها قبل الدخول والخلوة يقع أم لا
An الحكم فى هذا العقد والحال ما ذكر الصحة .
ففى الفتاوى الخانية من كتاب الوكالة ما نصه (الوكيل بالتزويج ليس له أن يوكل غيره فإن فعل فزوجه الثانى بحضرة الأول جاز) انتهى - وقد نقله عنها فى الفتاوى الهندية مت كتاب النكاح .
فلو طلق الزوج المذكور بعد ذلك زوجته المرقومة ثلاثا قبل الدخول والخلوة بعبارة واحدة بدون تفريق وقع الطلاق الثلاث .
واللّه تعالى أعلم .
تعليق صدر القانون 25 سنة 1929 ونص فى مادته الثالثة بأن الطلاق المقترن بعدد لفظا أو إشارة لا يقع إلا واحدة(6/200)
صلح الوكيل عن الوصى بدون اذن غير صحيح
F بكرى الصدفى .
ذى الحجة 1328 هجرية
M 1 - لا ينفذ الصلح شرعا إلا ممن يملكه .
2 - الصلح الصادر من الوصى لا يكون معمولا به شرعا إلا إذا جلب مصلحة للقاصر
Q أقيمت امرأة وصية على ابنها القاصر وأقامت وكيلا عنها يدير شئونه وإثر نزاع بين الورثة والوصية اصطلح وكيلها مع الأخصام بأخذ مبلغ أربعمائة جنيه وتنازل عن باقى مال القاصر وقيمته نحو الستين ألف جنيه وقد حصل ذلك منه بدون استئذان المجلس الحسبى .
وتقول الوصية أنها لم تأذن وكيلها بالصلح وإن ما فعله كان بدون علمها واطلاعها .
فهل والحال ما ذكر يكون هذا الصلح نافذا شرعا معمولا به أم كيف الحال
An لا يكون هذا الصلح نافذا شرعا والحال ما ذكر .
لأن الصلح عن جهة القاصر ممن يملكه إنما يجوز إذا كان فيه مصلحته لجهته .
فحيث كان خاليا من المصلحة بل فيه ضرر عليه كما تضمنه هذا السؤال، فلا يكون معمولا به شرعا .
ولو صدر هذا الصلح من نفس الوصية على وجه ما .
ذكر . واللّه تعالى أعلم(6/201)
الوكالة بالاستقراض
F بكرى الصدفى .
جمادى الأولى 1331 هجرية
M 1 - التوكيل بالاستقراض غير جائز شرعا على ما هو مبين فى كتب الفقهاء .
2 - إذا تم القرض بطريق الوكالة، فلا يثبت الملك فيما استقرض للموكل .
3 - إذا بلغ الوكيل بالاستقراض على سبيل الرسالة، فإن الملك يثبت للمستقرض، وما استقرض من المقرض يكون للوكيل، وله أن يمنعه من الآمر، ولو هلك مال القرض هلك من ماله
Q أشهدت سيدتان على نفسيهما أنهما وكلتا عنهما والدهما فى كافة أمورهما وشئونهما المتعلقة بهما وعليهما وفى الدعاوى والمرافعات والمخاصمات لدى عموم المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وجهات الإدارة على اختلاف درجاتها وفى الإقرار والإنكار وفى الصلح وفى تسليم وتسلم الأوراق الخاصة بذلك وسحب صور الأحكام وتنفيذها وفى توريد ما يلزم توريده من الرسوم واستلام باقيها وفى تعيين آل خبرة واستبدالهم بغيرهم والطعن فى تقاريرهم وفى محاسبة من تلزم محاسبته وفى الإيجار وقبض الأجرة وفى البيع وقبض الثمن وفى الشراء ودفع الثمن وفى الرهن وفكه وفى قبض قيمة الرهن وفى قبض كافة مالهما من الحقوق قبل أى شخص كان وأى جهة .
تكون من البنوك وخلافها وفى الإبراء وفى طلب تحليف اليمين الشرعية وردها عند الاقتضاء وفى استئناف الأحكام والمعارضة .
وللوكيل المذكور أن يرافع ويدافع ضد من يدعى على الموكلتين أو إحداهما أو من ينوب عنه بشأن ذلك وفى قبض ما يخصهما فى ريع وقف جدهما فلان وفى محاسبة الناظر عليه وفى كل ما يتعلق بشئونهما وأمورهما وما يستحقانه فى أملاكهما من عقار وأطيان وخلافه والوقف المذكور وما يتعلق به من استحقاق ريع أو نظر توكيلا مفوضا لقوله ورأيه وفعله فى ذلك وأذنتاه بتوكيل الغير مرارا .
فهل لوالدهما بمقتضى هذا التوكيل أن يقترض عيهما مبالغ من أى إنسان إذ التوكيل فى الاستقراض غير مقبول شرعا بفرض أن هذا التوكيل بعمومه يشمل الاستقراض أرجو الإفادة
An التوكيل بالاستقراض لا يصح شرعا على الوجه الذى بينه العلماء فى كتبهم ففى الفتاوى الهندية من كتاب الوكالة ما نصه (ولا يصح التوكيل بالاستقراض فلا يثبت الملك فيما استقرض للموكل إلا إذا بلغ على سبيل الرسالة فيقول أرسلنى إليك فلان يستقرض كذا فحينئذ يثبت الملك للمسقرض وما استقرض للوكيل وله أن يمنعها (أى دراهم القرض) من الآمر ولو هلك هلك من ماله كذا فى الكافى) انتهى وفى الأنقروية ما نصه (وإن وكل بالاستقراض إن أضاف الوكيل الاستقراض إلى الموكل فقال إن فلانا يستقرض منك كذا أو قال إقرض فلانا كذا كان القرض للموكل وإن لم يضف الاستقراض إلى الموكل يكون القرض للوكيل) ، واللّه تعالى أعلم(6/202)
تعيين وكيل عن الغائب غيبة منقطعة
F محمد بخيت .
ربيع الثانى 1333 هجرية
Mيجوز للحاكم الشرعى تعيين وكيل عن الغائب غيبة منقطعة لإدارة شئونه
Q قال رجل إن أخاه متغيب بالمدينة المنورة من ستة أشهر انقطعت فيها أخباره وتعذر عليه العودة لانقطاع طرق المواصلات بسبب الحرب .
ونظرا لوجود أطيان له مرهونة للبنك العقارى ومستحق عليها ثلاثة أقساط اتخذ البنك الإجراءات القانونية لنزع ملكيتها فرغب السائل تسوية الحالة مع الدائنين ولكن لعدم وجود صفة قانونية له طلب من المجلس الحسبى تعيين وكليل له .
ولما كان غياب المذكور لا يعتبر غيبة منقطعة لمعرفة محل وجوده، فكيف التصرف فى مثل هذه الحالة وهل يجوز له قياسا على الغيبة المنقطعة لوجود موانع المواصلات أن يعين وكيلا له أم لا
An نفيد أن الذى يؤخذ مما صرح به الخصاف وغيره أن الغائب غيبة منقطعة هو من يكون فى بلد بحيث لا تصل إليه القافلة ولا تجئ منه وكذا إذا كان فى بلد لا تعلم .
وبناء على ذلك إذا كان البلد الذى به الشخص المذكور لاتصل إليه ولا تجئ منه القافلة، يكون غائبا غيبته منقطعة، فمتى كان عليه حقوق ولم يكن له وكيل قد أقامه هو قبل غيبته جاز للحاكم الشرعى أن يقيم عنه وكيلا .
واللّه تعالى أعلم(6/203)
عزل الوكيل بتصرف الأصيل فيما وكله فيه
F عبد الرحمن قراعة .
رجب 1340 هجرية 9 مارس 1922 م
Mإذا وكله فى شىء معين ثم تصرف الموكل فى هذا الشىء بنفسه بتأجيره مثلا فالوكيل ينعزل بهذا التصرف، ولا ينفذ تأجيره للغير حيث لم يصادف محلا
Q من الشيخ محمد إبراهيم فى قيمة وكلت عنها فى إدارة شؤونها شخصا آخر ثم أجرت هى بنفسها أطيان محجورها البالغ قدرها ثلاثون فدانا بسعر 1350 قرشا ألف وثلثمائة وخمسون قرش صاغ وعشرون فدانا بسعر 650 ستماية وخمسون قرش صاغ لمدة سنة بعقد تاريخه 29 أغسطس سنة 1921 ثم جاء وكيلها فأجر لآخر نفس هذه الأطيان القدر الأول بسعر الفدان 1300 ألف وثلثمائة قرش صاغ والقدر الثانى بسعر 550 خمسماية وخمسون قرش صاغ لمدة سنتين .
تاريخه بعد الأول الصادر من القيمة فهل يكون العقد الأول الصادر من القيمة الموكلة صحيحا شرعا أم العقد الصادر بعده من وكيلها أفتونا ولكم الثواب
An من حيث إن الموكلة عقدت عقد الإجارة بنفسها قبل أن يعقد وكيلها فقد تم العقد بتأجيرها، ولم يصادف عقد الوكيل عنها موضعا، لأن الوكيل ينعزل بتصرف الأصيل فيما وكل فيه .
كما هو صريح كلام فقهائنا .
واللّه أعلم(6/204)
عمل الوكيل بعد العلم بعزله باطل
F حسنين محمد مخلوف .
16 ابريل 1948 م
M 1 - مباشرة الوكيل ما وكل فيه قبل العلم بعزله نافذ ويلزم موكله أما بعده فباطل .
2 - إذا كانت الوكالة ببيع بعض العقارات وشراء قطعة أرض ووقفها وبناء مسجد عليها بباقى الثمن فنفذ الوكيل الوكالة بالنسبة للبيع والشراء ثم عزلته الموكلة فإنه ينعزل، وتكون قطعة الأرض المشتراة ملكا للموكلة وليست وقفا .
3 - العبارة الواردة فى التوكيل من شراء قطعة أرض ووقفها لا تفيد وقفها منجزا لأنها لم تكن ملكا لها وقت التوكيل ولا يصح اعتبارها وقف معلقا على ملكيتها .
4 - يشترط فى صحة الوقف، أن يكون منجزا غير معلق على شرط غير كائن .
5 - التعليق بالشرط الكائن تنجيز ويصح معه الوقف .
6 - إقامة الوكيل لبناء المسجد بعد علمه بالعزل بغير إذن الموكل يكون غصبا ومستحق النقض شرعا، والصلاة فيه ما دامت أرضه مغصوبة مكروهة شرعا
Q سيدة وكلت وكلاء فى بيع ثمانية أفدنة من ملكها يخصص ثمنها لبناء جامع ببندر شربين على القطعة رقم 23 بحوض شميس بزمام شربين التى ستشترى من الثمن المذكور ثم وقفها وقف المسجد باسمها .
فباع الوكلاء ثمانية الأفدنة واشتروا قطعة الأرض المذكورة وهنا أبلغت الموكلة المذكورة النيابة طالبة كل مالها لدى الوكلاء المذكورين وقررت فى التحقيقات أنها عدلت عن بناء المسجد ولم توقف هى ولا وكلاؤها المذكورون هذه الأرض بعد شرائها ثم عزلتهم من التوكيل فتجاهلوا العدول والعزل واتفقوا مع مقاول على بناء مسجد على هذه الأرض فأنذرت هذا المقاول رسميا بعدم ارتباطها بتعاقدهم معه على بناء هذا المسجد لعدولها عنه وعزلها لهم وباعت الأرض فعلا ورغم هذا سار المقاول فى البناء، وفى أثناء إقامة الأسوار توفيت ولكن المقاول رغم هذا استمر فى إتمام الأسوار ووضع السقف بناء على طلب الوكلاء بعد علمهم بالعزل .
فهل ما كان منها من مبدئه إلى نهايته يعد وقفا للمسجد ويكون ملزما لها ولورثتها من بعدها أو لا يكون وقفا ولا تكون هى ولا ورثتها ملزمين بقيمة هذه المبانى .
وما حكم الصلاة فى هذه الأرض بعد بنائها على هذا النحو
An الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبى بعده .
والجواب أن الظاهر من الوقائع المذكورة بالسؤال ومن عبارة التوكيل إذا كانت صيغته كما ذكر بالسؤال، أن صيغته تضمنت التوكيل فى بيع الأرض المملوكة للموكلة وشراء قطعة أرض أخرى معينة من الثمن ووقف هذه القطعة وإقامة مسجد عليها من الثمن ووقفه، وأن الوكلاء قد نفذوا الأمرين الأولين فقط وعزلتهما الموكلة، وعلموا بالغزل قبل مباشرة ماعداهما مما وكلوا فيه بل نهتهم عن ذلك بمقتضى الشكوى المقدمة منها للنيابة التى جرى فيها التحقيق فيكون ما فعله الوكلاء قبل العلم بالعزل صحيحا نافذا، وما فعلوه بعد العلم بالعزل من إقامة بناء المسجد على هذه القطعة بواسطة مقاول مع نهيها عن ذلك غير جائز ولا نافذ وبذلك تكون القطعة المذكورة ملكا للموكلة فى حياتها ولورثتها بعد وفاتها وليست وقفا لعدم صدور ما يفيد وقفها من جهتها لا بإشهاد بوقفها مسجدا ولا بالأمر بإقامة الصلاة فيها، وعدم صدور ما يفيد ذلك من جهة وكلائها قبل العلم بالعزل كما يفيده السؤال ، وعبارة التوكيل لا تفيد وقف الأرض وقفا منجزا كما هو ظاهر، لأن الأرض لم تكن مملوكة للموكلة حين صدور التوكيل ولا يصح أن يعتبر وقفها وقفا معلقا على ملكيتها، لأن تعليق الوقف على الملكية لا يجوز .
قال فى الفتح (وشرط أن يكون منجزا لا معلقا بشرط غير كائن لأن الوقف لا يحتمل التعليق بالحظر فلا يجوز التعليق إلا بكائن) .
بتصرف وفى الإسعاف (لو قال إن كانت هذه الأرض ملكى فهى صدقة موقفة فإن كانت فى ملكه وقت التكلم صح الوقف وإلا فلا .
لأن التعليق بالشرط الكائن تنجيز) فتعين أن تكون الأرض ملكا للموكلة ثم لورثتها، ولا يصح للوكلاء أى تصرف فيها بوقف أو غيره بعد أن علموا بالعزل، فإقامتهم البناء عليها بغير إذنها يعد غصبا، ويجب عليهم ردها إلى الورثة من بعدها بإجماع الفقهاء، وبناؤهم عليها مستحق للنقض شرعا والصلاة فيها مادامت مغصوبة مكروهة شرعا .
وهذا إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/205)
وكالة
F حسن مأمون .
ربيع الآخر 1376 هجرية - 1 ديسمبر 1956م
M 1- الوكيل وكالة عامة يملك كل شئ إلا الطلاق والعتاق والوقف والهبة والصدقة على المفتى به .
2- يقبل قول الوكيل فى إنفاق ثمن ما باعه، لأنه موكل بالصرف والوكيل أمين والقول قوله .
3- يكتفى منه بالإجمال فى المبيعات والنفقات .
وإن كان ثقة يصدق فيما قال .
وإن اتهم حلف
Q بالطلب المتضمن أن أشقاء أربعة أبناء الحاج محمود وكلوا أخاهم الكبير الحاج محمد بتوكيل صيغته - لقد نصبنا أخانا فلانا وعيناه وكيلا مفوضا بصورة عامة، على أن يكون مأذونا بالمحاكمة والمخاصمة بداية واعتراضا واستئنافا وتنجيزا وإعادة ونصحا بصفته مدعيا ومدعى عليه ووكيلا فى الدعوى كما أنه مأذون بالأخذ والقبض والصرف وبالصلح والإبراء والقسمة والإقرار .
والمهايأة وبالبيع والشراء والفراغ والاستفراغ والإيجار والاستئجار والهبة وإجراء كافة المعاملات التى يستطيع الإتيان بها ضمن دائرة القانون .
وطلب السائل بيان رأى السادة الحنفية فى الموضوعات الآتية : أولا - ادعى الآن أحد الموكلين على شقيقه الوكيل فطالبه بنصف أثمان أشياء كانت مشتركة بينهما من صوف وسواه باعها الوكيل فأجاب الحاج محمد (الوكيل) بأنه باعها بحسب وكالته، أنفق ثمنها على الحوائج الضرورية العائدة للفريقين، فهل يقبل قول الحاج محمد بيمينه فيما أنفقه وفيما باعه وهل يكلف بالتفصيل فى مفردات المبيعات فى وجوه النفقات أم يكتفى منه بالإجمال ثانيا - ادعى عبدالحميد بأن شقيق الحاج محمد باع إلى المستر لينى تسعا وتسعين بالة صوف عام 1942 مشتركة بينهما وقبض ثمنها وطالب شقيقه بنصف ثمن الصوف المذكور، فأجاب الحاج محمد إننى لم أبع للمستر لينى سوى ثلاث وثلاثين بالة صوف بمبلغ 6869 ليرة سورية فكلف الحاج عبدالحميد إثبات بيع ست وستين بالة الباقية فأظهر عجزه عن إثباتها وطلب يمين شقيق، وقبل أن يحلف اليمين وفى نفس المجلس أجاب الحاج محمد بأننى فى الحقيقة قبضت قيمة التسع والتسعين بالة وصرفتها على حوائجنا المشتركة أنا وأخى، فهل يصدق الحاج محمد بقوله مع يمينه فى هذه الأمور باعتباره أمينا شريكا ووكيلا أم خرج عن الأمانة بإنكاره أولا الست والستين باله واعترافه بالثلاث والثلاثين، أم عادت له صفة الأمانة وهل تعتبر فحوى الوكالة وكالة بالخصومة والمحاكمة وبالصرف على الخصومات والمحاكمات، أم على مطلق الأمر يكون وكالة بجميع ما حدث مطلقا
An عن الموضوع الأول يقبل قول الوكيل فى إنفاقه ثمن ما باعه لأنه موكل بالصرف، والوكيل أمين والقول قول الأمين، ولا يكلف الوكيل بتفصيل مفردات المبيعات ووجوه النفقات، اكتفى منه بالإجمال وإن كان ثقة يصدق فيما قال وإن اتهم حلف .
جاء فى قرة عيون الأخبار فى باب الوكالة (والوكيل أمين فيما فى يده كالمودع فيضمن فيما يضمن به المودع ويبرأ به القول قوله فى دفع الضمان عن نفسه) وجاء فى تنقيح الحامدية فى جواب ما إذا طالب ورثة الموكل الوكيل ببيان ما أنفق وصرف وهل يجب عليه أن يبين بقوله إن كان ثقة يصدق فيما قاله وإن اتهموه حلفوه وليس عليه بيان جهة الإنفاق .
ثانيا - عن المسألة الثانية لا يصير الوكيل المذكور غير أمين بقوله للموكل إنه باع للمستر لينى 33 بالة من الصوف حين قال له الموكل إنه باع للمستر لينى تسعا وتسعين بالة، ثم قوله بعد ذلك إنه حقيقة قبض ثمن تسع وتسعين بالة وصرفها فى حوائجهما المشتركة لأنه لا تناقض بين الإخبارين، لإمكان الجمع بينهما، لأنه باع للمستر لينى وغيره تسعا وتسعين بالة، منها 33 بالة للينى حسب إخباره وباقيها لغيره، لأن الأصل فيه الأمانة ولا يصار إلى غيرها إلا إذا قام الدليل على ذلك ولم يتحقق لعجز المدعى عن إثبات دعواه، وبما أن الوكيل لم ينف عنه الأمانة فيكون القول قوله فى صرف ثمن ما باعه، لأنه موكل فى الصرف لما سبق بيانه فى المسألة الأولى .
ثالثا - عن المسألة الثالثة التوكيل نوعان عام وخاص .
فالعام ما يكون بصيغة العموم نحو وكلتك وكالة مطلقة عامة ونحو أنت وكيلى فى كل شئ .
والخاص ما بغير صيغة عامة . والوكيل وكالة عامة يملك كل شئ إلا الطلاق والعتاق والوقف والهبة والصدقة على المفتى به كما فى الخلاصة والبزازية، إلا إذا صرح الموكل بذلك فى التوكيل فيملكه الوكيل، والتوكيل المذكور عام يملك الوكيل به إجراء كافة الأمور التى تدخل فى نطاق التوكيل العام، وما ذكره فيه مما لا يدخل تحت التوكيل العام، وذلك لأن الموكل صدره بصيغة عامة، ثم ذكر بعض مشتملات العموم للغاية بها، وزاد بعض الأمور التى لا تدخل فى نطاق التوكيل العام وختمه بعبارة تفيد العموم أيضا .
وبهذا علم الجواب عن المطلوب. والله سبحانه وتعالى أعلم(6/206)
الوكالة فى قبض المهر
F حسن مأمون .
شعبان 1379 هجرية - 14 فبراير 1960م
M 1- الوكيل أمين فيما فى يده كالمودع لا يضمن إلا بالتعدى .
2- توكيل البنت والدها فى العقد وقبض المهر وقيامه بذلك تكون يده على مهرها يد أمانة .
3- إنفاق والدها مهرها فى جهازها ليس تعديا موجبا ضمانه شرعا ويكون القول قوله فى ذلك ولا يصح لبنته مطالبته به شرعا
Q من السيد/ .
بطلبه قال إن له بنتا كانت مريضة منذ صغرها، وصرف عليها أموالا كبيرة فى سبيل علاجها حتى شفيت، ثم قام بتعليمها بالمدارس حتى تخرجت، ثم استقالت لتتزوج، فقام بزواجها وقبض مهرها وقدره - 45 جنيها وجهزها بهذا المهر وبمبالغ كبيرة من ماله الخاص، كما هم المتبع والمعروف بين الناس، ثم زفت إلى زوجها بهذا الجهاز، ولسوء تفاهم حصل بينها وبين زوجها بعد أن عادا من ليبيا التى يعمل بها، تقدمت بنته هذه تطالبه برد المهر الذى قبضه وذلك بتحريض زوجها، وسأل هل يجوز شرعا أن تطالبه برد مهرها الذى أنفقه فى شراء جهازها
An المنصوص عليه شرعا أن الوكيل أمين فيما فى يده كالمودع لايضمن إلا بالتعدى على ما أ}تمن عليه والقول قوله فى دفع الضمان عن نفسه، وبتوكيل ابنة السائل والدها فى مباشرة عقد زواجها وقبض مهرها تكون يد والدها على مهرها يد أمانة فلا يضمنه إلا بالتعدى - وبصرف والدها مهرها فى شراء جهازها ليس تعديا يوجب الضمان شرعا، لأنه فعل برضاها ما تعارف الناس عليه، فهو بمنزلة الإذن منها عرفا، لأن الناس تعارفوا على صرف مهور بناتهم فى شراء جهازهن، فيكون القول فى هذه الحالة قول والدها فى أنه جهزها بمهرها الذى قبضه حين تزويجه إياها، وبذا تكون ذمته بريئة منه ولا يصح شرعا لبنته هذه أن تطالبه به والله أعلم(6/207)
أ- سلخ قرنية عين ميت وتركيبها لحى، ب- وكالة واختلاف دين
F أحمد هريدى .
23 اكتوبر 1966م
M 1- سلخ قرنية العين من ميت لتركيبها لحى غير جائز شرعا إلا للضرورة التى تكون المصلحة فيها أعظم من الضرر الذى يصيب الميت .
2- اتحاد الدين ليس شرطا فى صحة الوكالة فى الخصومة عند الحنفية والشافعية .
3- الردة لا تمنع صحة الوكالة عند الحنفية، فلو وكل مسلم مرتدا جاز ذلك عندهم .
4- اختلاف الدارين مانع من صحة الوكالة بالنسبة لغير المسلمين عند الحنفية .
5- كل من صح تصرفه فى شئ بنفسه وكان مما تدخله النيابة صح أن يوكل فيه غيره مطلقا عند الحنابلة .
6- توكيل الذمى ذميا على استخلاص دين له على مسلم ممنوع عند المالكية، وإن كان الدين على غير مسلم جاز ذلك .
7- توكيل المسلم ذميا فى البيع والشراء وتقتضى الديون ممنوع عند المالكية .
8- مذهب الشافعية أن من صح منه مباشرة الشئ صح توكيل غيره فيه، وأن يوكل هو فيه عن غيره
Q من الشيخ عبدالحليم رئيس المجلس الأعلى لشئون الإسلام بولاية قدح (ماليزيا) بكتاب وزارة الخارجية إدارة العلاقات الثقافية رقم 7936 ث ملف رقم 96/355 اث المقيد برقم 673 سنة 1966 المطلوب به الإفادة عن الحكم الشرعى فى الموضوعين الآتيين : 1- سلخ قرنية العين من الميت وتركيبها للكفيف .
2- قيام المحامى المدنى غير المسلم بما يقوم به المحامى الشرعى وتدخله تدخلا مباشرا فى الدفاع عن القضايا والأحكام الشرعية
An عن الموضوع الأول الإنسان الحر بعد موته تجب المحافظة عليه ودفنه وتكريمه وعدم ابتذاله - فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم النهى عن كسر عظم الميت لأنه ككسره حيا - ومعنى هذا الحديث أن للميت حرمة كحرمته حيا، فلا يتعدى عليه بكسر أو شق أو غير ذلك .
وإخراج عين الميت كإخراج عين الحى، ويعتبر اعتداء عليه غير جائز شرعا، إلا إذا دعت إليه ضرورة تكون المصلحة فيها أعظم من الضرر الذى يصيب الميت، وذلك لأن قواعد الدين الإسلامى الحنيف مبنية على رعاية المصالح الراجحة وتحمل الضرر الأخف لجلب مصلحة يكون تفويتها أشد من هذا الضرر، فإذا كان أخذ عين الميت لترقيع قرنية عين المكفوف يحقق مصلحة ترجح مصلحة المحافظة على الميت جاز ذلك شرعا، لأن الضرر الذى يلحق بالحى المضطر لهذا العلاج أشد من الضرر الذى يلحق بالميت الذى تؤخذ عينه بعد وفاته، وليس فى هذا ابتذال للميت ولا اعتداء على حرمته المنهى عنه شرعا، لأن النهى إنما يكون إذا كان التعدى لغير مصلحة راجحة أو لغير حاجة ماسة .
وقد ذهبنا إلى جواز ذلك فى تشريح جثث الموتى ممن لا أهل لهم قبل دفنهم فى مقابر الصدقة لتحقيق مصلحة عامة راجحة للناس إحياء لنفوسهم أو علاجا لأمراضهم أو لمعرفة أسباب الحوادث الجنائية التى تقع عليهم مستندين إلى ما سبق أن أوضحناه، وإلى أن القواعد الأصولية تقضى بإيجاب ما يتوقف عليه أداء الواجب .
فإذا أوجب الشارع شيئا تضمن ذلك إيجاب ما يتوقف عليه ذلك الشئ .
وعلى ذلك وتطبيقا لما ذهبنا إليه فى الإفتاء بجواز تشريح الجثث للموتى نقول بجواز سلخ قرنية عين الميت وتركيبها للكفيف شرعا إذا كان فى ذلك مصلحة للكفيف .
عن الموضوع الثانى - ظاهر من السؤال أن المراد الاستفسار عن حكم توكيل المحامى المدنى غير المسلم ليقوم بما يقوم به المحامى الشرعى ويتدخل تدخلا مباشرا فى الدفاع فى القضايا والأحكام الشرعية أى التوكيل بالخصومة .
وقد اتفق الفقهاء على أن التوكيل بالخصومة جائز من الخصم طالبا كان أو مطلوبا، لأنه يملك أن يباشرها بنفسه فيملك إسنادها إلى غيره ليقوم فيها مقامه، فإن الحاجة تدعو إلى ذلك، إما لقلة هدايته وإما لصيانة نفسه عن الابتذال فى مجلس الخصومة .
وقد كان الإمام على كرم الله وجهه إذا خوصم فى شئ من أمواله وكل عقيلا رضى الله عنه، ولما كبرت سن عقيل كان يوكل عبدالله بن جعفر، وقال هو وكيلى فما قضى عليه فهو على، وما قضى له فهو لى .
وكان يقول إن للخصومة فحما، وإن الشيطان ليحضرها، وإنى لأكره أن أحضرها .
وقال ابن قدامة الحنبلى هذه قصص اشتهرت لأنها فى مظنه الشهرة، ولم ينقل إنكارها .
وأخذ من ذلك إجماع الصحابة على جوازها. وقال السرخسى الحنفى .
وقد جرى الرسم على التوكيل على أبواب القضاة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا من غير نكير منكر ولا زجر زاجر، ومع اتفاق الفقهاء على أصل الجواز اختلفوا فقال مالك والشافعى وأحمد وابن أبى ليلى وأبو يوسف ومحمد يجوز التوكيل فى إثبات الحقوق والمخاصمة فيها صحيحا كان الموكل أو مريضا .
طالبا كان أو مطلوبا. شريفا كان أو وضيعا. رضى بذلك صاحبه أو لم يرض .
وقال أبو حنيفة إن التوكيل بالخصومة صحيح إلا إنه لا يلزمه بدون رضا الخصم إلا أن يكون الموكل مريضا أو غائبا مدة السفر أو امرأة مخدرة، فإنه إن كان معذورا بمثل هذه الأعذار جاز توكيله ولزم من غير رضا الخصم .
واتحاد الدين ليس شرطا فى صحة الوكالة عند الحنفية، فيصح أن يوكل المسلم الذمى، والذمى المسلم فى الخصومة .
والردة لا تمنع صحة الوكالة عندهم أيضا، فلو وكل المسلم مرتدا جاز، لأن توقف تصرفات المرتد لتوقف ملكه وهو إذا كان وكيلا لا يتصرف فى ملكه، بل يتصرف فى ملك الموكل وهو نافذ التصرفات .
أما اختلاف الدارين فهو مانع من صحة الوكالة عندهم بالنسبة لغير المسلمين .
فلو وكل المسلم أو الذمى فى دار الإسلام حربيا فى دار الحرب، أو وكل الحربى أحدهما فالوكالة باطلة .
سواء كان مدعيا أو مدعى عليه، كما لا يصح أن يحضر وكيلا عن الحربى حربى مستأمن فى دار الإسلام .
وعند الإمام أحمد كل من صح تصرفه فى شئ بنفسه وكان مما تدخله النيابة صح أن يوكل فيه رجلا أو امرأة حرا أو عبدا مسلما أو كافرا، سواء أكان هذا الكافر ذميا أو مستأمنا أو حربيا أو مرتدا .
وفى فروع المالكية إن توكيل الذمى على استخلاص دين له على مسلم ممنوع .
لأنه ربما أغلظ له وشق عليه فى الطلب وإن كان غير ذلك فلا منع وإن توكيل المسلم للذمى فى البيع والشراء وتقاضى الدين ممنوع، لأنه لا يعرف الشروط ولا يتحرى وقد يتعمد مخالفتها إذا عرفها .
وقال الدسوقى فى حاشيته. لا يمنع توكيله إلا فى هذه الثلاثة، ومقتضى ذلك جواز توكيل المسلم الذمى فى الخصومة وإن كان مقتضى تعليل المنع فى الأمور الثلاثة بأنه لا يعرف الشروط ولا يتحرى وقد يتعمد مخالفتها إذا عرفها - ألا يصح التوكيل فى الخصومة وعند الشافعية .
من صح منه مباشرة الشئ صح توكيله فيه غيره، وأن يوكل فيه عن غيره .
واستثنوا من الثانى توكيل الكافر فى شراء المسلم ويصح فى الأصح مع امتناع شرائه لنفسه، وكذلك توكيله فى طلاق المسلمة يصح فى الأصح (الأشباه والنظائر للسيوطى) فى فقه الشافعية .
صفحة 572، 573. ومقتضى التعميم فى بيان الحكم .
وظاهر الفروع التى سيقت على سبيل الاستثناء من الشق الثانى أن اختلاف الدين لا يمنع من صحة الوكالة عند الشافعية .
ونتيجة ذلك كله أن توكيل المسلم أو الذمى غير المسلم فى الخصومة جائز .
وتطبيقا على ذلك يجوز توكيل المحامى المدنى غير المسلم فى الدفاع فى القضايا والأحكام الرعية وقيامه مقام المحامى الشرعى فيما ذكر .
والله تعالى أعلم(6/208)
الهبة
F حسونة النواوى .
جمادى الآخرة 1314 هجرية
M 1 - الهبة لاثنين أو أكثر على الشيوع فيما يقسم غير صحيحة شرعا ولو اتصل بها القبض .
2 - إذا كان الموهوب لهما فقيرين وقت الهبة وأقاما الدليل على ذلك شرعا كانت الهبة صحيحة لأنها ليست هبة حقيقية ولكنها مجاز عن الصدقة
Q بافادة من نظارة الحقانية فى 2 جماد أول سنة 1314 مضمونها أن محافظة سواكن كانت بعثت للنظارة مكاتبة أوردت فيها أن ورثة محمود جابر عرضوا لها أن مورثهم ترك قطعة أرض بجزيرة سواكن أخذها آخرون بدون حق وأنه لما أحيل نظر تضررهم على محكمة سواكن أفادت سبق نظر دعوى الورثة وصدور إعلام بذلك للخصم بعد سماع دعواهم ولذا رغبت المحافظة عرض الأوراق المتعلقة بذلك على المجلس الشرعى بمحكمة مصر فحولت عليه وقرر ما يفيد أنه باطلاعه على الإعلام المذكور ظهر أنه غير صحيح شرعا بالكيفية التى بينها بقراره الذى أصدره فى شأن ذلك ولما تبلغ ذلك من النظارة لقاضى سواكن للتأشير بموجبه على الإعلام المذكور وعلى سجله وردت إفادته بما ترآى له من المعارضة فى ذلك القرار بالكيفية التى أبداها وطلب النظر فى ذلك بطرف فضيلتكم وعليه تحرر هذا بأمل النظر والإفادة ومضمون صورة الإعلام المذكور الحكم من قاضى محكمة سواكن الشرعية للحرمة أرديت السوداية عتيقة فاطمة أبكر والحرمة فاطمة قعود بثبوت الهبة والصدقة الصادرة لهما من فاطمة أبكر المذكورة فى الأرض الكائنة بسواكن بحارة الكوم وكونها مقبوضة لهما باذنهما فارغة عن كل شاغل ومانع وبمنع التعرض لهما فى الأرض المذكورة من محمود الجزار من سواكن حكما أبرمه القاضى المذكور وذلك بعد دعوى من الموهوب لهما المذكورين على محمود المعارض لهما المذكور بهبة الأرض المذكورة مناصفة والتصدق بها من فاطمة أبكر المذكورة لهما وحددتاها وقالتا إنها مما لا يقسم وإنهما قبضتاها قبضا تاما من الواهبة المذكورة حال حياتها بإذنها فارغة وأنها ملكها وذكرتا مقاسها من الجهات الأربع وأن محمود المذكور المدعى عليه عالم بذلك ومعارض وبعد سؤاله وجحوده الهبة المدعاة المذكورة وتكليف الموهوب لهما البينة وإقامتها وشهادتها طبق الدعوى وتزكيتها التزكية الشرعية ومضمون القرار المذكور أن كلا من الدعوى بأن قطعة الأرض المحدودة المذكورة ملك للمرأتين المذكورتين وشهادة الشهود بذلك غير صحيح لأن قطعة الأرض المذكورة حسب التحديد والمقاس المذكورين بالدعوى والشهادة قابلة للقسمة وقولهم فى الدعوى والشهادة إنها لا تقبل القسمة يناقض ما يقتضيه التحديد والمقاس ولا ينطبق عليه وهبة ما يقبل القسمة شرعا من واحد لاثنين على الشيوع كما هو الموضوع هنا غير صحيحة ولا تفيد الملك ولو اتصل بها القبض وتبطل بالموت وحينئذ فما انبنى على ما ذكر من الحكم المذكور بالصورة المرقومة غير صحيح شرعا .
ومضمون ما عارض به قاضى سواكن .
أن المنصوص أنه إذا تصدق بعشرة أو وهبها لفقيرين صح .
وأنه ثبت عنده فقر الحرمتين الموهوب لهما من وقت الهبة إلى الآن بعد التحرى من أعيان البلدة وتجارها فتكون الهبة لهما مجازا عن الصدقة إلى آخر ما عارض به مما يطول ذكره
An بالاطلاع على إفادة عطوفتكم المسطورة، وعلى صورة الأعلام الصادر من محكمة سواكن الشرعية والمسجل بها بتاريخ 14 رجب سنة 1310، وعلى قرار المجلس الشرعى بمحكمة مصر الكبرى الشرعية الصادر فى شأن ذلك بتاريخ 18 ربيع الأول سنة 1314، وعلى ما عارض به قاضى محكمة سواكن المذكورة بإفادته للنظارة المؤرخة فى 5 جمادى الأولى سنة 1314 ، وعلى باقى الأوراق المتعلقة بهذه المادة .
ظهر أن ما تضمنه القرار المذكور من عدم صحة الحكم المسطور بتلك الصورة لعدم صحة ما بها من الدعوى وشهادة الشهود بالنظر للتعليل المذكور بذلك القرار موافق شرعا .
أما إذا ادعى الموهوب لهما أنهما كانتا وقت الهبة فقيرتين وأثبتتا ذلك بالطريق الشرعى كانت الهبة على الوجه المذكور صحيحة لاعتبارها حينئذ مجازا عن الصدقة .
وما ذكره القاضى المذكور بإفادته المذكورة من أنه ثبت عنده فقر الموهوب لهما من وقت الهبة بعد التحرى من أعيان البلدة وتجارها غير كاف فيما ذكر لعدم إفادته الثبوت المذكور بعد دعوى شرعية فى وجه خصم شرعى واللّه أعلم(6/209)
هبة
F محمد عبده .
رجب 1317 هجرية
Mالموهوب إذا كان غير مشاع صحت الهبة وتتم بالقبض .
أما إذا كان مشاعا قابلا للقسمة فإن الهبة لا تصح
Q وهب أحمد حسن 300 متر وكسور لعتقاه، وقد ظهر من التحريات الإدارية أنهم لم يضعوا يدهم على الموهوب لهم إلا بعد وفاة الواهب فما الحكم الشرعى فى ذلك
An من المقرر أن الموهوب إذا كان غير مشاع وكان مميزا صحت الهبة فيه وتمت بقبضة .
أما إذا كان مشاعا قابلا للقسمة فإنه لا تصح الهبة فيه ولا تتم بقبضه(6/210)
تبرع وهبة لمحرم
F بكرى الصدفى .
جمادى الآخرة 1326 هجرية
M 1 - هبة ذى الرحم المحرم لمحرمه لا تقتضى الرجوع عليه بما وهبة .
2 - هلاك العين الموهوبة أو استهلاكها مانعان من الرجوع فى الهبة
Q شخص تبرع أخواه بالإنفاق عليه من مالهما الخاص، وأشهدا على ذلك أمام القنصلية الغربية التابعين لها ثم عادا يطالباه بما أنفقاه عليه بحجة أن ذلك هبة ولهما حق الرجوع فى المتبرع به
An حيث كان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال .
وقد أنفق بالفعل الأخوان المذكوران على أخيهما المذكور من مالهما الخاص بهما متبرعين كما ذكر بدون قصد رجوع عليه فى ماله وبدون أمره وأشهدا على ذلك وحررا كتابة على ما ذكر على الوجه المرقوم فلا يكون لهما الرجوع بعد ذلك فى مال أخيهما المذكور بدون وجه شرعى، ولا معنى لما تعللا به من أن هذه هبة لهما الرجوع فيها .
فإن من وهب لذى رحم محرم منه نسبا لا يكون له الرجوع فى الهبة ، وكذا هلاك العين الموهوبة أو استهلاكها يمنعان من الجوع أيضا .
واللّه تعالى أعلم .
ے(6/211)
هبة لقاصر
F بكرى الصدفى .
شوال 1326 هجرية
M 1 - هبة الأب لابنه القاصر صحيحة، وقبضه ينوب عن قبض الصغير إلا إذا كانت فى يد الغاصب أو المرتهن أو المستأجر حيث لا تجوز الهبة .
2 - بانقضاء مدة الاجارة تنقلب الهبة صحيحة .
ما لم يوجد تصرف من الواهب قبل انقضائها
Q رجل يملك جملة أطيان .
ويملك جملة عقارات . من ضمنها منزل كبير أفرز بعضه لسكناه والباقى مؤجر لغيره .
وجميع الأطيان والعقارات المذكورة مؤجرة للغير بموجب عقود .
وأثناء وجودها تحت يد المستأجر وهبها لولده القاصر المشمول بولايته .
فهل تكون الهبة المذكورة غير نافذة شرعا .
ولا تفيد الملك للموهوب له .
وللواهب التصرف فيها بالبيع فى أثناء مدة الإجارة وهى تحت يد المستأجر أم كيف الحال
An نعم هبة الأب لطفله الأطيان والعقارات المذكورة أثناء وجودها تحت يد المستأجر بمقتضى عقود الإجارة كما ذكر لا تنفذ لعدم قبضه الذى ينوب عن قبض الصغير، لأن قبض المستأجر لنفسه، ولا تفيد الملك للموهوب له .
فلو تصرف فيها الواهب بالبيع وهى فى يد المستأجر لنفسه، ولا تفيد الملك للموهوب له .
فلو تصرف فيها الواهب بالبيع وهى فى يد المستأجر قبل انتهاء مدة الإجارة صح تصرفه .
غير أنه يكون موقوفا على إجازة المستأجر مراعاة لحقه .
وإذا انقضت مدة الإجارة نفذ كما يعلم ذلك من نصوص العلماء .
ففى البحر من الهبة عند قول المصنف وهبة الأب لطفله تتم بالعقد مانصه (لأن قبض الأب ينوب عنه وشمل كلامه ما إذا كانت فى يد مودع الأب لأن يده كيده بخلاف ما إذا كانت فى يد الغاصب أو المرتهن أو المستأجر حيث لا تجوز الهبة .
لعدم قبضة لأن قبضهم لأنفسهم) انتهى - وفى الدر مانصه (ولو سلمه شائعا لا يملكه حتى لا ينفذ تصرفه فيه فيكون مضمونا عليه وينفذ فيه تصرف الواهب ذكره قاضيخان انتهى) وفى تنقيح الحامدية نصه (سئل) فيما إذا كان لزيد ثلث بستان معلوم جار فى ملكه على سبيل الشيوع أرضا وغراسا فوهبه من أولاده الثلاثة القاصرين من غير قسمة والبستان يحتمل القسمة والبيع نافذا (الجواب) هبة المشاع فيما يحتمل القسمة وهو ما يجبر القاضى فيه الآبى عن القسمة عند طلب الشريك لها لا تفيد الملك للموهوب له فى المختار مطلقا شريكا كان أو غيره إبنا أو غيره فلو باعه الواهب صح انتهى - ثم نقل بعد ذلك ما يخالفه ثم حقق أن الأول هو ظاهر الرواية وأن الذى نص عليه محرر وأنه قول أبى حنيفة فهو الذى عليه المعول ونحو ذلك يقال فى حادثة هذا السؤال .
وأما ما قاله السائحانى من أن هبة الأب لطفله العين المستأجرة تتم بانقضاء مدة الإجارة فمجمله ما إذا لم يوجد تصرف الواهب فى أثناء مدتها بنحو البيع كما هو ظاهر .
واللّه تعالى أعلم(6/212)
هبة باطلة
F بكرى الصدفى .
ذى القعدة 1327 هجرية
M 1 - الهبة شرعا لا تتم إلا بالقبض ولا تجوز فى المشاع .
2 - تبطل الوصية بموت الموصى له قبل الموصى
Q رجل مسيحى وهب لزوجته نصف اجزاخانة وجميع منقولات منزله وحصل قبول وإيجاب بواسطة عقد مسجل ولكن لم يحصل قبض .
واشترط لنفسه الانتفاع بالشىء الموهوب مدة حياته .
وماتت الزوجة ولم تترك نسلا (أولادا) .
فهل يجوز لورثتها الآخرين أن يطالبوا بما يستحقونه فى الشىء الموهوب للزوجة وهل لا تكون هبة لأنها لم تتم لعدم القبض ولا تكون وصية لأنها بطلت بموت الموصى له وتكون باقية على ملك الواهب
An ما صدر من الخواجة يوسف المذكور على وجه ما ذكر أعلاه، وماتدون بعقد الهبة المحرر بقلم العقود الرسمية بمحكمة مصر المختلطة المؤرخ فى 8 مارس سنة 1902 الذى صار الاطلاع على صورته الرسمية لا يكون هبة صحيحة شرعا لعدم القبض إلى أن توفيت الموهوب لها وللشيوع أيضا بالنسبة لنصف منقولات الأجزاخانة المذكورة .
ولا يكون ذلك من باب الوصية لأن العبارة لا تساعد عليها، ولوفاة الموصى لها على فرض أنها وصية قبل موت الموصى .
فتكون الأشياء المذكورة باقية على ملك الخواجة المذكور إلى وفاته .
فتقسم بين ورثته بالطريق الشرعى واللّه تعالى أعلم(6/213)
هبة المعتوه باطلة
F محمد بخيت .
جمادى الأولى 1333 هجرية
M 1 - لا تصح هبة المعتوه .
2 - هبة المشاع فيما يحتمل القسمة باطلة على الصحيح
Q رجل سفيه معتوه لا يحسن التصرف وقد عين عمه قيما عليه لينظر فى مصالحه، ثم حصل من ذلك القيم ترغيب ذلك السفيه المذكور فى أن يهب ثلث ما يملكه من العقار لابن ذلك القيم، وبعد موت ذلك السفيه أبرز الموهوب له حجته .
فهل تصح تلك الهبة أو لا تصح
An نفيد أنه قال فى التنوير مانصه (وشرائط صحتها فى الواهب العقل والبلوغ والملك وفى الموهوب أن يكون مقبوضا غير مشاع مميزا غير مشغول) انتهى - ومن ذلك يعلم أنه متى كان الواهب فى هذه الحادثة معتوها لا تصح هبته وعلى فرض أنه غير معتوه فعلى مقتضى ما ذكر فى السؤال أنه وهب ثلث ما يملكه من العقارات وهذه حصة مشاعة فيما يملكه، فمتى كان ما يملكه من العقارات يحتمل القسمة .
فالمنصوص عليه أن هبة المشاع فيما يحتمل القسمة باطلة على الصحيح .
واللّه تعالى أعلم(6/214)
حكم الرجوع فى الهبة
F محمد بخيت .
رجب 1333 هجرية
M 1 - هبة الأطيان المحددة المفرزة إذا كانت بعوض وتم القبض نافذة ولا يجوز الرجوع فيها .
2 - لا يجوز للواهب الرجوع فى الهبة متى كانت لذى رحم محرم منه وتم قبضها
Q من محمد أبو العطا فى رجل يدعى إبراهيم جنه وهب لابن ابنه محمد سالم جنه جانب أرض من أطيان مع الزرع والزراعة وحددها له بمبلغ 3500 ثلاثة آلاف وخمسمائة قرش صاغ قبضها منه وسلمه الأرض المذكورة الموهوبة له ومضى على ذلك نحو إثنتى عشرة سنة من تاريخ 18 أغسطس سنة 1902 لغاية الآن تبلغ مساحتها 20 س، 20 ط وحرر الواهب للموهوب له بذلك عقدا وسجل بالتاريخ المذكور كما هو موضح بالعقد المذكور وطيه العقد المسجل المذكور .
فهل للواهب المذكور الرجوع فيها واستردادها من ابن ابنه محمد المذكور أم لا أفيدوا الجواب ولكم الثواب
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى العقد المذكور .
ونفيد أنه متى كانت الأطيان الموهوبة مفرزة محدودة، واستلمها الموهوب له ووضع يده عليها، واستلم الواهب العوض المذكور على وجه ما ذكر بالسؤال وبالعقد المرفق معه المؤرخ فى 18 أغسطس سنة 1902 فليس للواهب المذكور الرجوع فيما وهبه والحال ما ذكر ، لوجود مانعين يمنعان شرعا من رجوعه فيما وهب .
وهما العوض وكون الموهوب له قريبا ذا رحم محرما من الواهب(6/215)
هبة للابن القاصر
F محمد بخيت .
رمضان 1333 هجرية
M 1 - هبة الرجل لابنه القاصر عقارا مفرزا بعقد مسجل صحيحة شرعا وتنتقل بها ملكية الموهوب إلى الموهوب له .
2 - بيع الرجل بعض ما وهبه لابنه القاصر إلى الغير بصفته وليا على القاصر نافذ وتنتقل به الملكية إلى المشترى .
3 - شراء الرجل عقارا لنفسه بثمن البيع ثم وقفه بحجة شرعية فكل من العقد والوقف صحيح ويضمن الثمن لابنه القاصر .
4 - إذا توفى الولد كان ثمن المبيع من ضمن تركته ويسقط منه ما يخص الوالد ولباقى الورثة الرجوع على الوالد بنصيبهم فيه
Q رجل وهب لابنه القاصر أملاكا معلومة مفرزة محدودة هبة صحيحة شرعية فى يد والده بطريق ولايته عليه بعقد قانونى أمام قاضى العقود ثم بعد مضى زمن أثناء وجود ابنه الموهوب له فى بلاد أوروبا باع والده وابنه المذكور القاصر تحت ولايته بعضا من هذه الأملاك الموهوبة واشترى بثمنها أرضا لنفسه لا لابنه .
وذكر فى عقد الشراء أنه اشتراها لنفسه ودفع ثمنها من ماله الخاص أى من مال الأب .
ثم أن الأب وقف هذه الأرض حجة إيقاف شرعية ثم توفى ابنه الموهوب له وانحصر إرثه الشرعى فى أبيه الواهب المذكور وأمه فقط، فهل الثمن الذى باع به الأب بعض الموهوب يكون دينا على الأب الواهب .
وهل لوالدة الابن أن تطالب الأب الواهب بما خصها من ذلك الدين بالميراث الشرعى عن ابنها الموهوب له المتوفى .
أم كيف الحال أفيدوا والجواب لفضيلتكم
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أن الثمن الذى باع به الأب بعض الموهوب لابنه المذكور واشترى به أرضا لنفسه ووقفها على وجه ما ذكر بالسؤال يكون دينا على الأب المذكور لابنه .
وحيث مات الابن الموهوب له وانحصر إرثه الشرعى فى أبيه المذكور وأمه فقط .
فيكون ذلك الدين الذى للابن على أبيه تركة تورث عنه ، فيخص أباه منها الثلثان، ويخص الأم الثلث وماخص الأب يسقط عنه لأنه أصبح مستحقا له ميراثا من ابنه .
ولا يمكن للشخص أن يطالب نفسه بدين أصبح حقا له، وللأم مطالبة المذكور بما خصها من ذلك الدين الموروث من ابنها المذكور واللّه أعلم(6/216)
هبة
F محمد بخيت .
صفر 1334 هجرية 25 ديسمبر 1915 م
Mهبة الرجل لولده الصغير تتم بمجرد الإيجاب، وينوب قبض الأب الواهب عن قبض الصغير الموهوب له
Q تبرع رجل لابنته الصغيرة بحلى وأودعه أمانة عند أمين، وشرط عليه أن يسلمه لها عند بلوغها، وأشهد على ذلك، وقد بلغت البنت رشيدة ولكن الأمين امتنع عن تسليم الأمانة وكذلك بعض الورثة فما الحكم
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أن المصرح به فى كتب المذهب أن تبرع الرجل لابنته الصغيرة بالحلى هبة منه لها، وهبة الأب لولده الصغير تتم بمجرد الإيجاب وينوب قبض الأب الواهب عن قبض الصغير الموهوب له، ويدخل الموهوب فى ملك الصغير بشرط أن يكون الموهوب معلوما غير مشاع وهو فى يد الأب أو مودعه أو مستعيره .
وعلى هذا فمتى كان الحلى المذكور معلوما للواهب وهو فى يد الأب وقت الهبة أو فى يد مودعه أو مستعيره .
ولم يكن مرهونا عند أحد ولا مغصوبا تمت الهبة من الأب المذكور لابنته الصغيرة المذكورة وقام قبض الأب مقام قبضها وصار الحلى المذكور ملكا للصغيرة المذكورة .
وليس للأب أن يرجع فى تلك الهبة .
وإيداع الأب إياه أمانة عند أمين لا يبطل الهبة .
لأن للأب أن يودع مال ولده الصغير . فمتى بلغت البنت رشيدة وتحقق ما ذكر بالطريق الشرعى وجب على الأمين أن يسلم الحلى إليها وليس لبعض الورثة أن يعارضها فى ذلك واللّه أعلم(6/217)
هبة لقاصر
F محمد بخيت .
ذى الحجة 1334 هجرية 4 سبتمبر 1916 م
M 1 - هبة من له ولاية على الطفل فى الجملة هبة صحيحة شرعا وتصح بمجرد الإيجاب منه متى كان الموهوب معلوما .
2 - بوفاة القاصر يكون الموهوب تركة عنها لورثتها الشرعيين
Q أودع رجل عند أحد التجار مبلغ من المال على ذمة جهاز بنته القاصرة بموجب خطاب الصورة الآتية بالنسبة لوجود بنت قاصرة لى تسمى فلانة قد تبرعت وأوهبت لها مبلغ كذا لذمة جهاز تأهيلها إن لم يطل أجلى وذلك الجهاز يكون بمعرفة أولادى فلان وفلان ولثقتى بصداقة وحسن ذمة حضرتكم لحفظ الأمانات قد استحسنت إيداع هذا المبلغ تحت يدكم لذمتها على الوجه المشروح .
ثم بعد ذلك توفى المودع ومن بعده توفيت البنت القاصرة وهى صغيرة السن لم تتأهل ولم تتجهز .
فهل والحالة هذه يعتبر هذا المبلغ تركة للمودع أم تركة للمودع على ذمتها .
وفى الحالة الأولى من الذين يرثون هذا المبلغ أورثة المودع الموجودون عند وفاته أم ورثته الموجودون عند وفاة البنت القاصرة المودع على ذمتها المبلغ
An المنصوص عليه شرعا أن الهبة تتم بالقبض وأن هبة من له ولاية على الطفل فى الجملة تتم بالعقد إذا كان الموهوب معلوما وكان فى يده أو يد مودعه لأن قبض الولى ينوب عنه .
ومن ذلك يعلم الحكم فى هذه الحادثة، وهو أن هبة الأب المذكور لبنته المذكورة المبلغ المذكورة هبة صحيحة شرعا، تصح بمجرد الإيجاب منه، ويقوم ذلك مقام القبول منها حيث كانت قاصرة، وكان ذلك الموهوب معلوما وفى يده، وقبض الأب ينوب عن قبضها .
ويكون إيداع الأب هذا المبلغ تحت يد ذلك الأمين بطريق ولايته عليها بالنيابة عنها بعد تمام الهبة ودخول الموهوب فى ملك البنت القاصر .
وبناء على ذلك بوفاتها يكون المبلغ المذكور تركة عنها لورثتها الشرعيين(6/218)
هبة
F عبد المجيد سليم .
رجب 1356 هجرية سبتمبر 1937 م
M 1 - لا تتم الهبة إلا بقبض الموهوب، فما قبض من الموهوب تمت الهبة فيه، ومالم يقبض منه لا تتم الهبة فيه .
2 - لا ينوب قبض البعض الباقى
Q ما قولكم فيما يأتى أولا القاعدة الشرعية أن هبة المال المنقول لا تتم إلا بالقبض .
فهل يشترط لذلك قبض المبلغ الموهوب كله أو يكفى جزء منه .
حتى تكون صحيحة ونافذة فيما لم يقبض ثانيا إذا تبرع شخص لأخته الشقيقة بمبلغ من المال عند زواجها ودفع لخطيبها جزءا منه ولم يتم الزواج وتوفى الواهب (الشقيق) فهل تكون هناك هبة شرعا فيما لم يتم قبضه يد الواهبة إلى الآن لم تسلمه لبنتها المذكورة وهى عاقلة بالغة وقت الهبة .
فهل لا تتم الهبة فى الحلق حيث لم يوجد من الموهوب لها البالغة قبض ولا حيازة ويكون باقيا على ملك الواهبة ولها التصرف فيه
An .
نعم . لا تتم الهبة فى الحلق المذكور بدون القبض والحيازة .
ويكون للواهبة التصرف فيه بما تشاء واللّه أعلم وبهذا علم الجواب عن السؤال المذكور حيث كان الحال كما ذكر به .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(6/219)
هبة مصاغ لابنه القصر
F حسنين محمد مخلوف .
رجب 1366 هجرية 17 يونية 1947 م
M 1 - الأصل أن كل عقد يتولاه الواحد يكتفى فيه بالإنجاب فقط، وأن القرابة والموت من موانع الرجوع فى الهبة .
2 - إذا تمت الهبة لابنه القاصر بقبض الولى عليه شرعا فلا يجوز له الرجوع فيها للقرابة .
3 - إذا مات القاصر بعد القبض، كان الموهوب تركة عند يقسم بين ورثته حسب الفريضة الشرعية
Q رجل وهب لابنه القاصر بعض مصاغ من ذهب وفضة بعقد عرفى .
وقد توفى الولد .
فهل ترد الهبة لأبيه شرعا . أم تعتبر تركة للمتوفى فتورث عنه
An المنصوص عليه فى الدر المختار وغيره من كتب المذهب أن هبة من له ولاية على الطفل فى الجملة تتم بالإيجاب لو كان الموهوب معلوما، وكان فى يد الولى لأن قبض الولى ينوب عن قبضه .
والأصل أن كل عقد يتولاه الواحد يكتفى فيه بالإيجاب . وأن القرابة وكذا الموت من موانع الرجوع فى الهبة .
فإذا كان الأمر كما جاء بالسؤال .
فقد تمت هبة المصاغ المذكور لهذا القاصر بقبض والده الولى عليه شرعا .
وليس له الرجوع عن الهبة للقرابة .
وبموت الصغير الموهوب له يكون ذلك الموهوب تركة عنه تقسم بين ورثته بالفريضة الشرعية .
واللّه تعالى أعلم(6/220)
هبة
F محمد بخيت .
ربيع الآخر 1338 هجرية 30 ديسمبر 1919 م
Mرئيس الشركة الذى وهب المسجد الذى بنته الشركة على الأرض التى استأجرتها من الحكومة لمدة ثلاثين سنة والذى وهب بناء المسجد المذكور للشيخ فلان بصفته رئيسا لمسلمى تلك الجهة .
إن كان رئيس الشركة قد أذن للشيخ الذكور فى نقض البناء كانت الهبة جائزة وكانت الأنقاض ملكا للموهوب له ينقلها حيث يشاء وإلا فالأنقاض باقية على ملك الواهب .
وعلى كل فالأرض والبناء على الوجه المذكور لم يصر واحد منهما وقفا ولا مسجدا وليس لواحد منهما حكم المسجد أصلا
Q بخطابى أقسام الحدود وعن الحاكم العسكرى رقم 4 ديسمبر 1919 نمرة 145 ورقم 25 ديسمبر سنة 1919 نمرة 173 5 وصورتهما مانصه (الأول) نمرة 145 أتشرف بأن أحيط علم فضيلتكم بأن جناب مصفى شركة أراضى مصر العربية قدم لهذه المصلحة طلبا أورى به أن الشركة المذكورة كانت فى سنة 1910 بنت بمركز الشركة بالواحات الخارجة مسجدا كبيرا وأهداه رئيس إدارة الشركة لمستخدميها .
ويقول إنه لم يبق منهم بالواحات الآن من أهالى وادى النيل إلا ناظر الشركة ومستخدم أو اثنان .
وهذا طبعا بخلاف المستخدمين من أهالي الواحات وقد أورى جنابه بأنه منذ إخلاء مبانى الشركة لم يستعمل المسجد المذكور، وغير منظور أيضا استعماله طالما هو فى النقطة المقام بها .
ونظرا لأن جناب المصفى قال بأن وزارة الأوقاف لم تعترف به وقت بنائه فقد أصبح من الصعب البت نحو ملكية المسجد .
وقد استفهمت هذه المصلحة بافادة رسمية نمرة 145 5 2 بتاريخ 21 يونية سنة 1919 من وزارة الأوقاف عما إذا كانت بعد أن رفضت الاعتراف به سابقا تطالب بملكيته الآن .
فأجابت بإفادتها 827 رقم 7 أغسطس سنة 1919 أن هذا المسجد غير تابع للوزارة، وليس لها شأن به وأوردت أن التصرف فيه بالهدم أو خلافه يتعلق برأى المحكمة الشرعية الداخل فى دائرة اختصاصها وفعلا خاطبت هذه المصلحة حضرة فضيلة قاضى تلك المحكمة فأجاب بكتابه نمرة 25 رقم 28 سبتمبر سنة 1919 بأن مسجد شركة مصر الغربية لا ينتفع به الآن لتخرب ما حوله من المساكن، وقد أوشكت أن تدفنه الرمال إن بقى على هذه الحال ستة أشهر فيتعذر بعد ذلك الحصول على شىء من أنقاضه .
وحيث إنه بالنظر لما أبداه حضرة مدير الشركة محمد سعيد وشركاه وهى الشركة التى خلفت شركة مصر الغربية فى كتاب لهذه المصلحة أن المسجد المذكور لا علاقة له بشركة مصر الغربية بل كان قد بنى حال المستر روبرت الذى أهداه للشيخ محمد سعيد بصفته رئيسا لمسلمى تلك الجهة فى ذلك الوقت وحيث أن محمد سعيد وشركاه خلفاء شركة مصر الغربية يرغبون استعمال أنقاض وأخشاب المسجد المشار إليه لبناء مسجد آخر على بعد ثلاثة كيلو مترات منه أعنى بجوار المساكن التى بنيت حديثا فقد أفتانا حضرة القاضى المشار إليه بأنه إذا صح تخرب ما حول المسجد المحكى عنه من المساكن، وأنه لا ينتفع به الآن وأن الغرض من هدمه أخذ أخشابه وباقى أنقاضه لبناء مسجد آخر بجوار المساكن الجديدة التى أنشئت بعيدا عن المسجد جاز هدمه وأخذ أنقاضه لبناء المسجد المذكور، وعليه لا يجوز أخذ شىء من أخشابه وباقى أنقاضه لغير ذلك ولذا قد اقتضى عرض المسألة بصفته الموضحة أعلاه على فضيلتكم .
فيما إذا كان يجوز هدم الجامع المذكور والتصرف فى أنقاضه وأخشابه أم لا (الثانى) ردا على كتاب فضيلتكم نمرة 131 بشأن الأرض التى بنى عليها المسجد .
نتشرف أن نبلغ فضيلتكم أن شركة أراضى مصر الغربية كانت قد استأجرت من الحكومة الأرض المقام عليها المسجد المذكور لمدة ثلاثين سنة، وحفظت لنفسها الحق بأن يكون لها الخيار ببيعها فى خلال هذه المدة ،ويكون للمشترى حق التصرف بها كالمالك الحر، وأن الأرض المذكورة لم توهب مع المسجد كذلك لم يسع المستر على وقفه .
بل يظن بأن المسلمين من مستخدمى تلك الشركة التمسوا من وزارة الأوقاف وقف المسجد المحكى عنه ولكن لم تأت مساعيهم بجدوى فما رأيكم
An اطلعنا على خطابى جنابكم رقم 25 ديسمبر سنة 1919 ورقم 4 منه نمرة 145 5 2 وتبين منهما .
أن الأرض التى بنى عليها المسجد المذكور ملك الحكومة استأجرتها الشركة من الحكومة لمدة ثلاثين سنة، وأن رئيس هذه الشركة أهدى المسجد المذكور الذى بنى على الأرض ملك الحكومة للشيخ محمد سعيد بصفته رئيسا لمسلمى تلك الجهة فى ذلك الوقت، وبناء على ذلك يكون جناب رئيس الشركة وهب بناء المسجد المذكور للشيخ محمد سعيد المذكور دون الأرض التى بنى عليها المملوكة للحكومة .
وقد نص فى الفتاوى الأنقروية بصحيفة 288 جزء 2 على أنه يجوز هبة البناء دون العرصة (أى الأرض إذا أذن الواهب للموهوب له فى نقضه وحينئذ إذا كان جناب رئيس الشركة حينما وهب بناء المسجد المذكور للشيخ محمد سعيد أذنه فى نقض البناء كانت الهبة جائزة وكانت الأنقاض ملكا للموهوب له المذكور ينقلها إلى حيث يشاء وإن لم يأذن له فى نقض البناء كانت الأنقاض باقية على ملك الواهب الذى هو جناب رئيس الشركة ولجنابه أيضا أن ينقلها إلى أى محل يشاء .
وعلى كل حال فالأرض والبناء على الوجه المذكور بالسؤال لم يصر واحد منهما وقفا ولا مسجدا، وليس لواحد منهما حكم المسجد به أصلا(6/221)
حكم المكافأة عند انتهاء العمل فى الشركات
F حسن مأمون .
ذو القعدة 1376 هجرية - 11 يونيو 1957 م
Mالمكافأة التى تمنحها الشركة أو المصلحة عند انتهاء مدة العمل تكون هبة جائزة مادامت خالية من الربا والفائدة
Q من السيد/ .
قال إنه موظف بإحدى الشركات المصرية بالقاهرة، وقد اضطر إلى الاستقالة من العمل بهذه الشركة، وطالب بحقه في المكافأة عن مدة خدمته بالشركة، وقبل صرف هذه المكافأة أفهمه صاحب العمل بقوله له إن هذه المكافأة حرام شرعا، فهل تعتبر حلالا شرعا أو لا
An المكافأة التى تمنحها المصلحة أو الشركة عند انتهاء مدة عمله بها عن مدة خدمته لها كما جرى على ذلك العرف .
والعمل، تعتبر تبرعا وهبة من المصلحة أو الشركة لهذا الموظف، والتبرع والهبة مباحان شرعا بشرط خلوهما من الربا والفوائد .
ومن هذا يتبين أن المكافأة المقررة لهذا السائل من الشركة التى كان يعمل بها جائزة شرعا مادامت خالية من الربا والفوائد والله أعلم(6/222)
الهبة بعوض مجهول فاسدة
F أحمد هريدى .
29 يونية 1966 م
M 1- تنازل الأم عما ورثته من ابنها لأولاده فى أرض زراعية بشرط إعطائها الريع مدى حياتها هبة فاسدة، ويكون الموهوب ملكا للواهب ويورث عنه بعد وفاته .
2- إذا كان فى الأرض الموهوبة كرم وأشجار تجوز الهبة ويبطل الشرط، لأن الواهب فى الثمر اشترط رد بعض الموهوب على من وهب فتجوز ويبطل الشرط لأنها لا تبطل بالشروط الفاسدة
Q بالطلب المتضمن أن جدة السائل توفيت بتاريخ 15/7/1965 عن ورثتها وهم ولدان وأنثى، وكان لها ابن توفى قبلها عن أولاده، والمتوفاة المذكورة قد كتبت فى حياتها تنالا عن ميراثها فى ابنها المتوفى المذكور لأولاده وأنها تنازلت عن ميراثها من عقار وأطيان وأموال .
ويقدر ذلك بمبلغ 102 جنيها وقالت أقر وأعترف أنى تنازلت عن جميع ذلك لأولاد ابنى ، وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى تقسيم تركة هذه المتوفاة ، ونصيب كل وارث، وهل التنازل صحيح أولا .
وهل ما تنازلت عنه لأولاد ابنها يعتبر الوصية الواجبة .
وإذا لم يكن ملكا لهم فما هو القدر الذى يستحقونه بطريق الوصية الواجبة .
وإذا لم يكن ملكا لهم فما هو القدر الذى يستحقونه بطريق
An الظاهر من عبارة التنازل الواردة بالسند الكتابى أن السيدة المذكورة قد تنازلت عما ورثته من ابنها المتوفى لأولاده مع احتفاظها بريع الأرض والأموال التى تنازلت عنها لنفسها مدى حياتها لا يأخذه غيرها إلا بإذنها وهذا تمليك منجز للأعيان لأولاد ابنها مع اشتراط أن يعطوها الريع الذى ينتج منها مدى حياتها، فتكون هبة بعوض مجهول، لأن ما تنتجه الأعيان الموهوبة غير معلوم ولا مقدر .
وقد جاء فى الفتاوى الخانية جزء ثالث صفحة 366 ما نصه (رجل وهب لآخر أرضا على أن ما يخرج منها من زرع ينفق الموهوب له ذلك على الواهب وقال أبو القاسم إن كان فى الأرض كرم وأشجار جازت الهبة وبطل الشرط، وإن كانت الأرض قراحا فالهبة فاسدة .
قال الفقيه أبو الليث لأن فى الثمر شرط على الموهوب له رد بعض الهبة على الواهب فتجوز الهبة ويبطل الشرط ، لأن الهبة لا تبطل بالشرط الفاسدة .
وفى الأرض القراح شرط على الموهوب له عوضا مجهولا، لأن الخارج من الأرض نماء ملكه فيكون له فكان مفسدا للهبة، فيكون هذا التنازل هبة فاسدة طبقا لهذا النص، ويكون القدر المتنازل عنه بمقتضى ذلك باقيا على ملك هذه السيدة، ويكون تركة تورث عنها بعد وفاتها لورثتها الشرعيين .
ويكون لأصحاب الوصية الواجبة حق فيه بمقتضى أحكام قانون الوصية، وبوفاة هذه المتوفاة المذكورة بعد العمل بقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 عن المذكورين يكون لأولاد ابنها الذى توفى قبلها فى تركتها وصية واجبة بمقدار ما كان يستحقه والدهم ميراثا لو كان موجودا وقت وفاة والدته فى حدود الثلث طبقا للمادة 76 من القانون المذكور، ولما كان ذلك أكثر من الثلث يرد إلى الثلث فتقسم تركة هذه المتوفاة إلى أربعة وعشرين سهما لأولاد ابنها منها ثمانية أسهم وصية واجبة تقسم بينهم للذكر ضعف الانثى والباقى هو التركة وقدره ستة عشر سهما تقسم بين ولديها زكى وبدور للذكر منهما ضعف الأنثى تعصيبا .
وهذا إذا لم يكن للمتوفاة المذكورة وارث آخر، ولم تكن أوصت لأولاد ابنها بشىء ولا أعطتهم شيئا بغير عوض عن طريق تصرف آخر غير ما ذكر .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم(6/223)
هبة العين مع حبس منفعتها وقف
F أحمد هريدى .
9 مايو 1973 م
Mالعقد الصادر بهبة الأرض وما بنى عليها للطائفة الإسرائيلية بغرض جعلها معبدا دون حق التصرف ببيع وغيره ليس عقد هبة، وإنما هو من قبيل الوقف الذى هو حبس العين والتصدق بمنفعتها
Q اطلعنا على الطلب المقدم من السيد / .
وعلى الترجمة الرسمية للعقد المرافق له، وتضمنت صورة العقد أن نائب رئيس الطائفة الإسرائيلية بالاسكندرية تعاقد بصفته وكيلا للطائفة مع السادة : 1 - إيرمينو روسانو إيزاك .
2 - فينا كاسترو سالمون .
3 - مويزدى بوتون يعقوب .
4 - جوزيف إبراهام .
واتفقوا على أنه بموجب عقد مسجل فى 3 مايو 1911 اشترى السادة الأربعة قطعة أرض مساحتها 2505 ذراعا مربعا كائنة بالرمل بمحطة باكوس مبينة الحدود بالعقد المحرر بقلم العقود بمحكمة الاسكندرية المختلطة بتاريخ 26-4-1911 بثمن إجمالى قدره خمسة وعشرون ألف قرش صاغ، وقد نص فى العقد على أنه قد تم شراء قطعة الأرض المذكورة بغرض أن يقيم عليها المشترون من مالهم الخاص وبالاشتراك مع آخرين مبنى يخصص لاستعماله معبدا إسرائيليا تحت اسم معبد يعقوب ساسون على أن يتشاور المشترون فيما بينهم ، وأثناء إنشاء المعبد قرر المشترون ومن اشتركوا معهم أن يقوموا عند الاقتضاء بهبته إلى الطائفة الإسرائيلية بالاسكندرية على أن تقوم الأخيرة بصيانته للغرض المذكور .
وقد تم بناء وتأثيث معبد يعقوب ساسون بتاريخ 21 فبراير 1916 بتكاليف قدرها ألفان وخمسمائة جنيه مصرى تقريبا، وأن هذا المبلغ مصدره مال المشترين ومال بعض المكتتبين الآخرين، واتفق الطرفان على أن وهب الأربعة المذكورون على سبيل التبرع إلى الطائفة الإسرائيلية القابل عنها وكيلها قطعة الأرض المذكورة، وكذا مبانى معبد يعقوب ساسون المقام على هذه القطعة وجميع أثاثه .
وتعهدت الطائفة الإسرائيلية بالاسكندرية بأن تخصص معبد يعقوب ساسون المذكور لممارسة الطقوس وضمان إقامة الشعائر الدينية به بصفة علنية أسوة بباقى المعابد، كما تحتفظ الطائفة الإسرائيلية بكامل حريتها فى تعيين مديرى المعهد المذكور، وبأن تتحمل مصاريف الصيانة وتستفيد من جميع الإيرادات، وقد تمت ممارسة الشعائر بالمعبد من تاريخ حيازته بتاريخ 30 مايو سنة 1912، وطلب السائل الإفادة عما إذا كان العقد المذكور عقد هبة أم يعتبر وقفا
An ظاهر من العقد المذكور أن غرض الواهبين هو جعل الأرض المملوكة لهم معبدا عاما للطائفة الإسرائيلية لممارسة الطقوس الدينية الخاصة بهم فيه، على أن تقوم الطائفة بضمان إقامة الشعائر الدينية فيه بصفة علنية أسوة بباقى المعابد، وأن تتحمل صيانته ومصاريف الصيانة والاستفادة من جميع الإيرادات وظاهر أيضا أنه قد تم بناء المعبد من مال المشترى ومن بعض المكتتبين، ومقتضى هذا الظاهر أن المقصود من هذا العقد ليس هو تمليك الأرض وما بنى عليها، وإنما الغرض جعلها معبدا تقام فيه الشعائر الدينية للطائفة الإسرائيلية، على أن تتولى الطائفة الإشراف عليه وصيانته، وبهذا يخرج هذا العقد عن كونه عقد، لأن الهبة تمليك عين بغير عوض، ومن آثارها أنه بحق للموهوب له أن يتصرف فى الموهوب بكل التصرفات من بيع وغيره، والصيغة الواردة بالعقد المذكور لا تحتمل هذا المعنى، إذ أنه لم يكن يحق للطائفة أو مندوبها التصرف فى المعبد بالبيع .
فيكون من قبيل الوقف الذى هو حبس العين والتصدق بمنفعتها ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال .
وأن هذا العقد ليس عقد هبة، وإنما هو عقد وقف، إذ أن الواهبين قد حبسوا العين لتكون معبدا .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/224)
الاطلاق فى الهبة يقتضى التسوية بين الموهوب لهم
F جاد الحق على جاد الحق .
محرم 1402 هجرية - 22 نوفمبر 1981 م
M 1 - التسوية بين الذكر والأنثى فى الهبات والعطايا وما فى حكمها مطلوبة شرعا .
2 - الحصة التى اشتراها الأب لأبنائه القصر بصفته وليا شرعا دون تحديد نصيب كل منهم يستحقونها بالتساوى الذكر كالأنثى ولا يجرى فيها التفاضل
Q بالطلب المتضمن أن والد السائل اشترى بتاريخ 11/7/1927 بصفته وليا شرعيا على أولاده القصر وهم بنتان وولد .
حصة قدرها 12 قيراطا بالمشاع بينهم فى كامل أرض وبناء المنزل الكائن بقسم باب الشعرية .
ولم يحدد فى العقد - المرفق صورة ضوئية منه - نصيب كل منهم، كما لم يذكر كلمة بالتساوى بينهم .
ويطلب إفادته عن نصيب كل منهم فى هذه الحصة
An انه جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (سووا بين أولادكم فى العطية ولو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء) ورواه ابن عباس عند الطبرانى والبيهقى وسعيد بن منصور نيل الأوطار ج - 6 ص 6 ومن هذا الحديث أخذ الفقهاء أن التسوية بين الذكر والأنثى فى الهبات والعطايا وما فى حكمها مطلوبة شرعا .
لما كان ذلك وكان الظاهر من الصورة الضوئية غير الرسمية لعقد شراء والد السائل العقار المبين به أنه قد اشتراه لأولاده المذكورين به بوصفه وليا شرعيا عليهم، دون أن يحدد نصيبا لكل منهم، ومن ثم يكون استحقاقهم للقدر المشترى بالتساوى الذكر كالأنثى، ولا يجرى فيه التفاضل لأنه ليس ميراثا عن والدهم، وإنما اشتراه لهم نائبا عنهم فى العقد بوصفه وليهم الشرعى .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/225)
غصب منزل وقف وهدمه
F حسونة النواوى .
ربيع الثانى 1315 هجرية
M 1 - إذا غصب رجل دارا موقوفة وهدمها ألزم بإعادتها إلى ما كانت عليه .
2 - إذا توفى الهادم لها قبل إعادتها يعاد بناؤها من تركته إن كانت بعد تحقق الغصب بالوجه الشرعى .
3 - إذا لم يكن له تركة لا يكلف الوارث بإعادته من ماله كما لا يكلف ناظر الوقف بإعادته من ريع الوقف .
4 - لا يمنع هذا من إقامة الدعوى الشرعية بطلب إعادة أرض المنزل لجهة وقفها
Q بإفادة من عموم الأوقاف مؤرخة فى 16 رجب سنة 1316 مضمونها أن المرحوم الشيخ حسن العدوى أدخل فى المسجد الذى أنشأه بجهة سيدنا الحسين منزلا وقف المرحوم على أغا الرزاز، واعترف فى إجابة مؤرخة فى 13 شوال سنة 1289 بإدخال المنزل فى المسجد وأنه اتفق مع شيخ المقارىء أن يعطيه مبلغا بدلا عنه، وفى إجابة أخرى مؤرخة فى 18 شوال سنة 1293 بالبحث عن حصته فى عقار يوافق أخذها لجهة الوقف بقيمة المنزل المذكور ولم يف بما وعد حتى مات .
وولده الشيخ . محمد الأزهرى أجاب فى 21 محرم سنة 1308 بأن والده لم يترك تركة تورث حتى كان يسدد منها القيمة التى قدرت لذلك، وأنه ناظر الوقف المرصد على المسجد ورغب أخذ رأى مفتى الديوان فيما إذا كان يجوز صرف القيمة المذكورة من ريع الوقف أم لا .
وباستفتاء المفتى المذكور عن ذلك أجاب بأنه إن لم يستبدل المنزل بالوجه الشرعى يعاد إلى ما كان عليه، وأما الدفع من ريع الوقف فلا .
وقد طلب الديوان من المحكم الشرعى الإذن للسيد محمد الدنف مندوبه فى القضايا الشرعية بالخصومة مع أولى الشأن بطلب رد ذلك المنزل لجهة وقفه .
ولكن المندوب المذكور رد الآن أوراق المسألة للديوان بمكاتبة منه قائلا فيها إن الطريق الشرعى مشتبه عليه فى هذه المادة، وأن المرحوم الشيخ العدوى لم يكن له تركة بيد ورثته ورغب أخذ فتوى فيها من فضيلتكم .
ولذا هاهى أوراق المسألة مرفقة بهذا بأمل الاطلاع عليها والإفادة بما يقتضيه المنهج الشرعى
An المصرح به فى كتب المذهب أنه إذا غضب رجل دارا موقوفة وهدمها ألزم بإعادتها إلى الصفة الأولى .
وحيث مات الهادم لبناء المنزل الموقوف المذكور ولم يعده إلى ما كان عليه فيعاد من تركته إن كان له تركة بعد تحقق الغصب بالوجه الشرعى .
وإن لم يكن له تركة فلا يكلف الوارث بإعادته من ماله، ولا الناظر على المسجد بإعادته من ريع وقفه وهذا لا يمنع من إقامة الدعوى الشرعية ممن يملكها بطلب إعادة أرض المنزل المذكور لجهة وقفها حيث لا مانع .
واللّه أعلم(6/226)
وقف الذمى
F محمد عبده .
ذى الحجة 1318 هجرية
M 1 - وقف الذمى لا يصح عند الحنفية إلا فيما هو قربة عندنا وعنده وعلى ذلك فوقفه مسجدا لا يصح عندهم .
2 - وقف الذمى صحيح عند الشافعى لأن شرط الواقف عنده أن يكون مختارا ومن أهل التبرع فقط، فيصح عنده من كافر ولو لمسجد اعتبارا بكونه قربة عندنا وإن لم يكن عنده .
3 - الإذن بإقامة الجمعة والخطبة لا يتوقف على صحة وقف المسجد لأنه ليس من شروط الجمعة .
4 - لا مانع شرعا من صحة الإذن على مذهب الحنفية، وصحة وقف المسجد منه على مذهب الشافعية
Q من سعادة رئيس ديوان عربى خديوى مؤرخة فى 19 ذىالحجة سنة 1318 نمرة 15 مضمونها أن رجلا اسمه جرجس أفندى مطر أنشأ مسجدا بأبعادية بناحية قلمشاه بمديرية الفيوم والتمس التصريح بإقامة الخطبة فيه، ومن التحريات التى جرت تبين أن هذا المسجد تام البناء وعلى وضع صحى، ومستعد ولائق لإقامة الخطبة فيه، وأرضه مملوكة للمنشىء المذكور ووقفها لهذا الغرض .
ومدير الأوقاف يرغب العرض عن ذلك للأعتاب .
السنية وصدور البيور لدى العالى المؤذن بإقامة الخطبة فى المسجد المذكور .
وحيث إنه مقتضى العلم بما تقتضيه النصوص الشرعية فى جواز الإذن للمنشىء الواقف المذكور فإقامة الخطبة فى هذا المسجد من عدمه فالأمل الإفادة من فضيلتكم عن ذلك
An المعروف فى مذهب الحنفية أن وقف غير المسلم لا يصح إلا فيما هو قربة عندنا وعنده .
ووقف المسجد ليس من القربات عنده وإن كان من القربات عندنا، فوقف المسجد الصادر من القبطى الذى كتبتم عنه لنا بتاريخ 19 ذى الحجة سنة 1318 نمرة 15 لا يصح، ولكن الإذن بإقامة الجمعة والخطبة لا يتوقف على صحة وقف المسجد، إذ ليس ذلك من شروط الجمعة، وإنما الشرط فيها إذن الحاكم، فمتى أذن بإقامتها فى مكان صحت فيه .
ثم إن الحكم فى مذهب الإمام الشافعى رضى اللّه عنه صحة الوقف فقد قال فى المنهج وشرحه وشرط الواقف كونه مختارا من أهل التبرع فيصح من كافر ولو لمسجد وقال محشيه البجيرمى على قوله ولو لمسجد وإن لم يعتقده قربة اعتبارا باعتقادنا أى وكوقف مصحف ومثل المصحف الكتب العلمية والمسألة مسألة دينية محضة، فيصح الأخذ فيها بما يعاون المسلمين على العبادة، ولاريب فى حاجة المسلمين فى تلك القربة إلى أداء العبادة على وجه يحفظ احترامها فى أنفسهم، ولو تركوا فربما نسوها بالمرة، فلا أجد مانعا شرعيا من الإذن على مذهب الحنفية، وأرى أن يعتبر المسجد وقفا كذلك على مذهب الشافعة حرصا على منفعة المسلمين .
واللّه يوفق مولانا الخديوى المعظم لما فيه خير العباد .
واللّه أعلم .
وطيه مكاتبة سعادتكم(6/227)
وقف خيرى ومصرفه
F محمد عبده .
صفر 1319 هجرية
M 1 - وقف حانوت ومغسل لغسل الموتى وحملهم على الآلة إلى محل الدفن يجعل الوقف خيريا محضا .
2 - تغير الوضع بقيام الحكومة بهذا العمل بالنسبة لمن لا أهل له يقومون بذلك، وبقيام من له أهل بذلك العمل - أصبح لذلك غرض الواقف غير محقق، ويستغنى عن هذا الوقف لهذا الغرض، ويستغل الحانوت وتصرف غلته مصرفها الشرعى
Q بإفادة من عموم الأوقاف مؤرخة 16 صفر سنة 1319 نمرة 1739 مضمونها أن من ملحقات وقف السلطان الغورى مسجدا يسمى مسجد المؤمنين بجهة المنشية، وبجواره حانوت أموات ومغسل معد لغسل الرجال والنساء من أموات المسلمين، وقد كانت اتجهت الرغبة لاستئجارها فى سنة 1301 من بعض الأشخاص، ولكن للقول ممن كانوا مقيمين بها أنهم قائمون بغسل أموات المسلمين والحرقى والغرقى والقتلى أخذ رأى مفتى الديوان فأفتى بعدم جواز التأجير، وظل هذان المحلان لا تنتفع المصلحة بشىء من ريعهما .
وقد ظهر أن المقيم فيهما الآن جعلهما محلا مزخرفا لوضع خشب الموتى فيه، ومن المعلوم أن غسل الموتى الآن لم يكن حاصلا إلا بمحلات المتوفين ، أو فى المحلات التى أعدتها الحكومة لمن تدعو الحالة لغسله بواسطتها، وفى هذه الحالة تكون إقامة من هو مقيم بذلك المحل الآن على غير الصفة التى نص عليها الواقف لتعذر تنفيذها فى الوقت الحاضر، وإعداد المحل المذكور فى الحالة الحاضرة لوضع أخشاب الموت هو بالضرورة مقابل انتفاع المقيم به بأجر حرفته مع أن الوقف صاحب تلك العين محروم من ريعها .
لهذا اقتضى ترقيمه بأمل الإفادة عن أحقية الوقف فى أخذ أجرة عن المحل المذكور من عدمها .
أفندم
An الذى يظهر أن الواقف وقف حانوت الأموات والمغسل المذكورين بقصد تغسيل من يموت من الغرباء والقتلى والغرقى ونحوهم بهذا المغسل وحمله على الآلة الخشب من هذا الحانوت إلى محل الدفن على ما كان جاريا فى زمنه .
فإن المعروف فى ذلك الزمن أن من يموت من هذا القبيل وليس له من يقوم بما يلزمه من وقت موته إلى مواراته فى رمسه يغسل فى مثل هذا المغسل ويحمل للدفن على تلك الآلة من مثل ذلك الحانوت .
فالواقف قصد بوقف ما ذكر الخير والثواب .
كما قصد غيره ممن سلك نهجه أما الآن فمن يموت من مثل هؤلاء وكان له أهل - تولى أهله تغسيله وحمله ودفنه ومن لم يكن له أهل قامت الحكومة بذلك فى شأنه كما هو معلوم، فلا يتأتى الآن موافاة غرض الواقف .
وبذلك حصل الاستغناء وقفه لهذا الغرض فيستغل حينئذ المحل المحدث عنه بهذا الرقيم، وتصرف غلته فى مصرفها الشرعى .
واللّه تعالى أعلم(6/228)
وقف خيرى
F محمد عبده .
ذى الحجة 1319 هجرية
M 1 - متى عرفت العين الموقوفة بأنها وقف وليست ملكا واشتهر ذلك تعتبر وقفا لأن تعلق الوقف بالعين يثبت بالشهرة والسماع عند تحققهما .
2 - لا عبرة بالعقود التى بأيدى المدعى عليهم لصدورها عن غير مالك
Q من محمد أبو سن فى رجل اسمه الحاج درويش أبو سن بنى مسجدا باسكندرية للعارف باللّه تعالى سيدى عبد الرحمن الأعرج وبنى للمسجد المذكور مطهرة وأماكن عليها حال حياته، ثم مات فجاء شقيقه محمد بك أبو سن ووقف على المسجد المذكور جملة عقارات وصار ناظرا عليها وعلى المسجد المذكور وما يتبعه من تلك الأماكن التى كان يستغلها حال حياته لجهة المسجد المرقوم حيث كانت معلومة للكافة بأنها وقف للمسجد المذكور على وجه الشهرة، ولم يشتهر أنها مملوكة للبانى ولا لغيره بل المعلوم أنها وقف من جملة ملحقات المسجد المذكور، وكان قد أسكن الناظر المذكور بعض أقاربه بها مدة إلى أن توفى وتوفيت الساكنة عن ورثة تصرفوا فى تلك الأبنية بالبيع بمقتضى عقود عرفية فى سنة 1302 حال كون مورثتهم ليست وارثة لباقى المسجد شرعا .
ثم لما تقرر أحد أولاد محمد بك أبو سن ناظرا على وقف والده والمسجد المذكور بعد بلوغه تنازع مع واضع اليد بالمحكمة الأهلية، فصدر حكمها بأنه قبل الفصل فى الموضوع يكلف الناظر بأن يقدم فتوى شرعية من فضيلة مفتى الديار المصرية بما يقتضيه الحكم الشرعى فى هذا البناء إن كان بإنشائه على مطهرة المسجد من قبل الواقف يلحق بوقف المسجد المذكور ولو لم يصرح بذلك فى كتاب وقفه حتى مات .
فهل يكون الحكم كذلك والحال ما ذكر بهذا السؤال، وقد جرى عرف الناس أجمع أن من بنى مسجدا وجعل له مطهرة ولواحق فوقها يكون ذلك تابعا للمسجد بعد الإذن بالصلاة فيه أم كيف الحكم .
أفيدوا الجواب
An متى كان نظار الوقف السابقون يستغلون هذه الأماكن للمسجد باعتبارها وقفا وقضت الشهرة والسماع عند الكافة بأنها وقف ولم تعرف بأنها ملك وتحقق كل ذلك وجب أن تعتبر وقفا .
لأن تعلق الوقف بالعين يثبت بالشهرة والسماع عند تحققهما .
ولا قيمة حينئذ للعقود التى فى أيدى المدعى عليهم لأنه ليس للبائعين ملك صحيح فى تلك الأعيان بعد مضى الشهرة والسماع وتحققهما .
واللّه أعلم(6/229)
وقف المدين للمرهون
F محمد بخيت .
شوال 1335 هجرية - 13 من أغسطس 1917 م
M 1 - متى كان الدين غير محيط بجميع الأطيان الموقوفة وكان الوقف فى حال الصحة فهو صحيح .
2 - وقف الراهن المعسر والمدين بمحيط باطل وينقلب صحيحا إذا شرط فى وقفه وفاء الدين من الغلة .
3 - نزع ملكية الموقوف وبيعه جبرا وبقاء شىء من الثمن بعد سداد الديون يشترى بالباقى من الثمن أعيان أخرى للوقف، وتكون وقفا حسب شرط الواقف
Q فى رجل مات عن والدته وزوجته وأبناء ابن عمه الشقيق، وقبل وفاته وقف أطيانا جعل نصفها وقفا على زوجته، والنصف الآخر لبنات أخيه، ونظرا لأن المتوفى كان مدينا والأطيان كانت مرهونة وإيقافها كان بعد الدين والرهن فأحد دائنيه نزع ملكية الأطيان وبيعت بيعا جبريا، وبعد سداد الدين تبقى من الثمن جزء بخزينة المحكمة المختلطة - فما هو الحكم الشرعى فى باقى الثمن .
هل يعتبر تركة توزع على الوارثين شرعا أم يشترى به عين توقف لمن كانت موقوفة عليهم الأطيان الأصلية بحسب استحقاقهم فى الوقف الأصلى أم كيف مع العلم بأن الوقف لم يكن فى مرض الموت - أفيدوا الجواب ولكم من اللّه الأجر والثواب
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه قال فى الدر ما نصه (وبطل وقف راهن معسر ومريض مديون بمحيط بخلاف صحيح لو قبل الحجر .
فإن شرط وفاء دينه من غلته صح . وإن لم يشترط يوفى من الفاضل عن كفايته بلا سرف ولو وقفه على غيره فغلته لمن جعله له خاصة (فتاوى ابن نجيم) قلت قيد بمحيط لأن غير المحيط يجوز فى ثلث ما بقى بعد الدين لو له ورثة .
وإلا ففى كله فلو باعها القاضى ثم ظهر مال شرى به أرض بدلها .
وقال فى حاشية رد المحتار إن وقف مديون صحيح فإنه يصح ولو قصد به المماطلة، لأنه صادف ملكه .
كما فى أنفع الوسائل عن الذخيرة . ومن ذلك يعلم أنه حيث كان الوقف فى هذه الحادثة صادرا فى حالة الصحة وكان الدين غير محيط بجميع الأطيان الموقوفة فما بقى من ثمن هذه الأطيان بعد سداد الديون يشترى به أعيان أخرى، وتكون وقفا على حسب إنشاء الواقف وشروطه المبينة بكتاب وقفه لهذه الأطيان، واللّه أعلم(6/230)
وقف المنفعة
F محمد إسماعيل البرديسى .
صفر 1339 هجرية 19 أكتوبر 1920 م
Mوقف منفعة الأرض الزراعية غير صحيح شرعا
Q من محمد أفندى فى رجل اسمه على موسى جوريحى بك حمليان بن حسين بن عبد الرحمن من ناحية الجيزة، أجر من وقف مير اللواء من الست الناظرة هى زينب خاتون بنت محمد أغا عشرة أفدنة بحوض الجرن الكبير لمدة تسعين سنة بمقتضى حجة شرعية مؤرخة 15 ربيع آخر سنة 1202، وبعد سنتين أسقطت الست الناظرة حقها فى مبلغ الإيجار مقابل مبلغ دفعه لها المؤجر على موسى جوريحى بحجة شرعية مؤرخة 28 رجب سنة 1204، وبعد عشرين سنة دفع عنها التقسيط الديوانى الدفترى بمقتضى حجة تقسيط مؤرخة 19 محرم سنة 1223، ثم بعد ثمانية سنوات أوقفها على نفسه وأولاده بمقتضى حجة إيقاف مؤرخة فى 27 ربيع اول سنة 1231 مستندا على حجة 15 ربيع آخر سنة 1202 وعلى حجة التقسيط الديوانى الدفترى المكمل بالختم والعلامة على العادة فى ذلك المؤرخ 19 محرم سنة 1223 وواضع يده عليها للآن .
فهل وقفه للعشرة أفدنة المذكورة صحيح أم غير صحيح ولفضيلتكم الشكر .
الحجج المذكورة أعلاه مرفقة مع هذا للاسترشاد بها هدانا اللّه بفضلكم إلى حسن السبيل
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتابى الوقف والتآجر المحكى عنهما ونفيد بأنه حيث كان الحال كما ذكر من أن المستأجر المذكور وقف منفعة زراعته الأرض المذكورة فيكون الوقف المذكور غير صحيح شرعا .
واللّه أعلم(6/231)
وقف أم ملك
F عبد الرحمن قراعة .
رمضان 1339 هجرية - 21 مايو 1921 م
Mما ورثته الواقفة عن جاريتها بسبب عتقها لها ثم وفاتها هى عن غير وارث يكون ماورثته ملكا لها، ويدخل فيما أوصت به بكتاب الوقف بالنسبة لما اعتبر منه وصية، ولا يدخل فى الوقف حسب شرطها
Q بخطابى وزارة المالية رقم 16 أبريل سنة 1921 نمرة 244 -9 - 39 ورقم 30 أبريل سنة 1921 بما صورتهما أولا إيماء لإفادة فضيلتكم الرقيمة 29 أكتوبر سنة 1918 نمرة 94 بخصوص مادة تركة الست خديجة هانم الخازندار نفيد أنه فى حالة حياة الست المذكورة توفيت جاريتها عائشة السودانية بتاريخ 29 يوليو سنة 1917 وقد أثبتت وراثتها لها فى مواجهة وزارة المالية بحكم شرعى من محكمة مصر الكلية الشرعية تاريخه 24 فبراير سنة 1918 وتركت هذه الجارية ما يورث عنها شرعا منقولات بيعت بمعرفة محافظة مصر فى 8، 9 أغسطس سنة 1917 قبل إثبات وراثة الست خديجة هانم المذكورة لها .
ثم توفيت بعد ذلك الوارثة المذكورة عن الحكومة وبناء على طلب قسم قضايا المالية بإفادته الرقيمة 9 الجارى نمرة 395 يؤمل التكرم بالإفادة عما إذا كان ثمن المنقولات المذكورة يدخل والحالة هذه ضمن ما أوقفته بموجب الحجة المؤرخة فى 22 شعبان سنة 1330 أم لا .
فاقتضى تحريره لفضيلتكم على أمل التكرم بالإفادة عما يقتضيه الوجه الشرعى فى ذلك .
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام فى 16 أبريل سنة 1921، ثانيا .
إلحاقا لما تحرر من هذا لفضيلتكم بتاريخ 16 أبريل سنة 1921 نمرة 244 - 9 - 39 مرفق فى طيه محضرى حصر وبيع منقولات تركة المرحومة عائشة السودانية، وكذا مرفق طيه الفتوى المعطاه من فضيلة المفتى السابق رقم 29 أكتوبر سنة 1918 نمرة 94، وصور ثلاث حجج الإيقاف السابق صدورها من الست خديجة هانم الخازندارة بأمل بعد الاطلاع على تلك الأوراق التكرم بالإفادة عما تحرر .
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
An اطلعنا على خطابى وزارة المالية رقم 16 أبريل سنة 1921 نمرة 244 9 - 39 ورقم 30 أبريل سنة 1921 والأوراق المرافقة لهما بخصوص مادة ثمن المنقولات تركة المرحومة عائشة السودانية معتقة المرحومة الست حفيظة هانم الخازندارة، بما فيها من حجة التغيير الصادرة منها المؤرخة 22 شعبان سنة 1330 المسجلة بنمرة 22 متتابعة ونمرة 71 صحيفة وتبين من تلك الحجة أن الواقفة شرطت فيها شرطا جاء نصه هكذا (ثالثا) إذا توفيت الواقفة عن غير ذرية لها من الموقوف عليهم وكان عندها نقود فى بيتها أو عند الغير بأى نوع كان، أو كان لوقفها غلة ناضجة وقت وفاتها، أو كان لها أجرة أطيان أو عقار متأخرة فى ذمة المستأجرين، أو دين بأى سبب كان على أحد، فكل ذلك يقبضه من يكون ناظرا على هذا الوقف ويستلمه ويبدأ منه بصرف مبلغ قدره ألفا جنيه مصرى أو ما يقوم مقامها من النقود وقتها فيما يلزم لتجهيزها وتكفينها ومواراتها فى رمسها أسوة أمثالها وعمل مأتمها من سبح وجمع وختمات كأمثالها إلى آخره، ولا شك أن هذا يعد من الواقفة وصية بالأنواع الموجودة فى هذا الشرط الثالث، ويكون ثمن المنقولات التى تركتها المرحومة عائشة السودانية لورثة معتقتها السيدة حفيظة هانم الخازندارة الواقفة داخلا ضمن ما أوصت به بعد موتها ويشمله قول الواقفة (أو كان عندها نقود فى بيتها أو عند الغير بأى نوع كان)، ومتى كان ثمن المنقولات المذكورة وصية كما ذكرنا فسبيل صرفه الأوجه التى بينتها الواقفة فى هذا الشرط الثالث على ما هو مقرر فى حكم الوصية، وللإحاطة تحرر هذا .
والأوراق عائدة من طيه كما وردت . وتفضلوا بقبول فائق الاحترام(6/232)
وقف حصة على فقراء قرابته
F محمد إسماعيل البرديسى .
صفر 1339 هجرية - أول نوفمبر 1920 م
M 1 - ملك القريب منزلا زائدا عن مسكنه أو أرضا يؤجرها يكون بذلك غنيا، ولا يستحق فى الوقف بوصف كونه فقيرا .
2 - إن كان للقريب أرض تساوى مائتى درهم فهو غنى ولو كانت غلتها لا تكفيه، ولا استحقاق له فى الوقف .
3 - الفقير الذى يستحق فى الوقف على الفقراء هو من يجوز له أخذ الزكاة .
4 - يكون الاستحقاق للأقرب من أقارب الواقف، فأولاد الأخت الشقيقة يمنعون أولاد الأخت لأب من الاستحقاق .
5 - كل من وجبت نفقته فى مال إنسان وله أخذ ذلك بدون رضاه أو قضاء القاضى وكانت منافع الأملاك بينهما متصلة بحيث لا تقبل شهادة أحدهما للآخر يعد غنيا بغنى المنفق كالوالدين والمولودين والأجداد .
6 - كل من وجبت نفقته فى مال غيره بفرض القاضى ولا يأخذ النفقة من ماله إلا بقضاء أو رضا ومنافع الأملاك بينهما متميزة حتى يجوز شهادة أحدهما للآخر لا يعد غنيا بغنى المنفق فى حكم الوقف كالإخوة والأخوات وسائر المحارم .
7 - إذا كان للواقف قريب غنى لكن له أولاد فقراء فإن كانت نفقتهم واجبة عليه فلا استحقاق لهم فى الوقف .
8 - إذا كان للواقف قريب غنى وله إخوه فقراء أو ولد كبير فقير يتكسب فلهم الخط فى الاستحقاق فى الوقف .
9 - إذا كان للواقف قريبة فقيرة لها زوج غنى فلا حظ لها فى الوقف .
10 - القريب للواقف إذا كان زوجا وهو فقير ومتزوج من غنية فله حظ فى الوقف
Q من الحفنى الطرزى فى رجل وقف وقفا وجعل جزءا من زايد ريعه على الفقراء من أرحامه وأقاربه فلو وجد واحد من ذوى الأرحام أو الأقارب يملك منزلا زائدا عن سكنه أو له أرض يؤجرها فهل يستحق فى الجزء من زايد الريع المذكور سواء كان إيجاز أرضه يكفيه أم لا يكفيه، وبماذا يعرف الفقير الذى ينطبق عليه شرط الواقف، وهل يستوى الذكر مع الأنثى أو يتفاضل عنها، وإذا وجد فى ذوى الأرحام والأقارب ذرية أخت شقيقة وأخت لأب وأخ لأب وأخت لأم هل تستوى هذه الذرية جميعها فى الاستحقاق حيث استوت فى الدرجة أو تمنع ذرية الشقيقة ذرية غيرها .
وإذا وجدت امرأة متزوجة وكانت فى درجة من يستحق هل تمنع من النصيب سواء كان زوجها غنيا أو فقيرا قادرا على النفقة أم لا لأن نفقتها واجبة عليه أو تعطاه بشرط، وإذا كانت خالية الأزواج ولها أب أو ابن تجب النفقة عليه شرعا، هل تدخل فى الاستحقاق أم لا وإذا تحقق شرط الصرف لعدد وكان الجزء المستحق صرفه بالغا قدرا يصيب الواحد من أهل الاستحقاق ما يبلغ نصاب الزكاة أو يزيد عليه يعطى ذلك النصيب بالغا ما بلغ، أو يعطى أقل من النصاب حيث شرط فيه وصف الفقر، وإذا تحقق إعطاؤه أقل من النصاب وكان الجزء المستحق صرفه يزيد منه شىء بعد الصرف على من ذكر يصرف للفقراء من الدرجة التى بعدهم أم كيف أفتونا بالجواب ولكم الأجر والثواب
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب التغيير - ونفيد أن من يملك من ذوى الأرحام والأقارب منزلا زائدا عن مسكنه أو له أرض يؤجرها سوءا كان إيجارها يكفيه أم لا فهو غنى .
فلا يستحق فى الجزء الزائد من الريع الذى جعله الواقف للفقراء من ذوى أرحامه وذوى قرابته كما نص على ذلك بصحيفة 385 من الجزء الثانى من الهندية حيث قال وإن كان له مسكنان وخادمان والمسكن الفاضل والخادم الفاضل يساوى مائتى درهم فهو غنى فى حق حرمة أخذ الزكاة والوقف، وإن لم يكن غنيا فى حق وجوب الزكاة وقال فيها أيضا ما نصه وإن كانت له أرض تساوى مائتى درهم ولا تخرج غلتها ما يكفيه فهو غنى على المختار .
وقال فى الإسعاف ثم الفقير الذى يجوز له الدخول فى الوقف على الفقراء هو الذى يجوز له أخذ الزكاة .
وفى الهندية بصحيفة 385 جزء ثان - وإن كان له مائتا درهم أو عشرون مثقال ذهب فلا حظ له من الوقف .
ويستوى الذكر والأنثى فى الوقف على ذوى الأرحام والقرابة، ففى الأنقروية بصحيفة 213 ج أول ما نصه رجل قال أرضى هذه صدقة موقوفة على أقاربى أو على قرابتى أو ذى قرابتى قال هلال يصح الوقف ولا يفضل الذكر على الأنثى .
ويعتبر فى الوقف على الأقارب وذوى الرحم والوصية لهم عند أبى حنيفة وهو الصحيح المحرمية والأقرب فالأقرب للاستحقاق، ويعطى للاثنين فصاعدا حيث كان التعبير بلفظ الجمع كما هنا، وبناء على ذلك تمنع ذرية الأخت الشقيقة ذرية غيرها من الأخت لأب والأخت لأم وفى رد المحتار وفى البزازية وقف على فقراء قرابته فجاء رجل وادعى أنه من أقرباء الواقف وهو فقير كلف أن يبرهن على الفقر، وأنه من أقارب الواقف، وأنه لا أحد تجب عليه نفقته وينفق عليه والفقر وإن كان أمرا أصليا يثبت بظاهر الحال لكن الظاهر يكفى للدفع لا للاستحقاق وإنما شرط عدم المنفق لأنه بالإنفاق عليه يعد غنيا فى باب الوقف وشرط لزومه، لأنه لو لم يكن واجبا عليه فالظاهر ترك الإنفاق فيكون فقيرا .
وفى الهندية بصحيفة 386 جزء ثان ما نصه كل من وجبت نفقته فى مال إنسان وله ابن يأخذ ذلك من غير قضاء ولا رضا، ويقضى القاضى بالنفقة فى ماله حال غيبته، ومنافع الأملاك متصلة بينهما حتى لا تقبل شهادة أحدهما لصاحبه يعد غنيا بغنى المنفق ، وذلك كالوالدين والمولودين والأجداد، وكل من وجبت نفقته فى مال غيره بفرض القاضى ولا يأخذ النفقة من ماله إلا بقضاء أو رضا ، والقاضى لا يقضى بالنفقة فى ماله حال غيبته ومنافع الأملاك متميزة حتى تقبل شهادة أحدهما لصاحبه لا يعد غنيا بغنى المنفق فى حكم الوقف .
وذلك كالإخوة والأخوات وسائر المحارم، وعلى هذا الأصل تدور المسائل كذا فى المحيط .
وإذا وقف أرضه على فقراء قرابته وله قريب غنى ولهذا الغنى أولاد فقراء فإن كانوا صغارا ذكورا وإناثا أو كانوا كبارا إناثا لا أزواج لهن أو ذكورا زمنى أو مجانين فلاحظ لهم فى هذا الوقت وإن كان لهذا الغنى إخوة أو أخوات فقراء أو ولد له كبير فقير مكتسب فلهم حظ فى هذا الوقف ، كذا فى محيط السرخسى .
وإذا كانت امرأة فقيرة ولها زوج غنى لا تعطى من الوقف .
والزوج إذا كان فقيرا يعطى من الوقف وإن كانت امرأته غنية .
وإذا كان لقريبه ولد كبير لازمانة به وهو فقير ولهذا الولد أولاد صغار فقراء فإنه لا يعطى أولاد الوالدين من الوقف لأن فرض نفقتهم من مال جدهم، وأما أبوهم وهو ولده القريب لصلبه فله حظ فى الوقف، لأنه لا نفقة له على الأب لأنه كبير لا زمانة به، وإذا كان للرجل ابن غنى وهو فقير لا يعطى من الوقف، كذا فى الذخيرة .
وفى شرح الدر ما نصه يكره إعطاء نصاب لفقير من وقف الفقراء إلا إذا وقف على فقراء قرابته .
قال فى رد المحتار أى فلا يكره لأنه كالوصية ولأنه وقف على معينين لا حق لغيرهم فيه فيأخذونه قل أو كثر .
ومن ذلك كله يعلم الجواب عما ذكر فى هذا السؤال .
واللّه أعلم(6/233)
وقف خيرى واستحقاقى فى مرض الموت
F عبد الرحمن قراعة .
صفر 1344 هجرية - 29 أغسطس 1925 م
M 1 - وقف عقار التركة فى مرض الموت ولا يوجد سواه نافذ من الثلث فقط مناصفة بين الخيرات الواقفة وأولادها من بعدها والباقى يكون تركة موروثة عنها شرعا لورثتها حسب الفريضة الشرعية .
2 - الوقف فى مرض الموت بمنزلة الوصية، ووقفها أو وصيتها لبنتها غير نافد إلا بإجازة الورثة .
وحيث أجازت الأخت الشقيقة فقط من الورثة تنفذ الوصية فى نصيبها فقط
Q من الشيخ أمين عبد الواحد بما صورته السيدة جليلة حسن نور .
فى حال مرضها مرض الموت وقبل وفاتها (بستة أيام وقفت نصف منزل كان بالجيزة، نصفه من بعدها على الخيرات، والنصف الآخر يكون من بعدها أيضا على بنتها عنترة، ثم على أولادها وأولاد أولادها إلى حين انقراضهم بالصيغة التى بينتها بكتاب الوقف، وجعلت آخره لجهة بر لا تنقطع، وتوفيت الواقفة المذكورة عن ورثتها شقيقتها عزيزة وبنتها عنترة وزوجها أمين عبد الواحد، وقد أجازت أخت الواقفة عزيزة المذكورة هذا الوقف بعد موت الواقفة حيث قبلت النظر عليه بعد طلبها تمكينها من النظر على هذا الوقف أى وقف أختها من القاضى الشرعى، ولم تترك الواقفة مالا غير الموقوف ولم يجز باقى الورثة هذا الوقف، فما مقدار ما يكون وقفا مما وقفته جليلة المذكورة ، وما يبطل وقفه منه ن وما مقدار نصيب كل واحد من الورثة فيما يبطل من الوقف الخيرى والأهلى، وهل ما أجازته الأخت يحسب تبعا للوقف الخيرى أو يكون أهليا أو ما الكيفية أرجو الإفادة عن ذلك ولكم الثواب
An حيث وقفت الواقفة المذكورة فى حال مرض موتها الإثنى عشر قيراطا فى المنزل المذكور وماتت ولم تترك غير الإثنى عشر قيراطا المذكورة التى وقفت نصفها من بعدها على الخيرات المبينة بكتاب وقفها والنصف الآخر من بعدها على بنتها، ثم على أولادها وأولاد أولادها إلى آخر ما بينته بكتاب الوقف المذكور، فينفذ ذلك الوقف من الثلث وهو أربعة قراريط فى المنزل المذكور .
قيراطان للخيرات وقيراطان لبنتها وأولادها بعدها، والباقى وهو ثمانية قراريط يكون تركة عن الواقفة لورثتها وهم زوجها وبنتها وأختها الشقيقة، فيكون للزوج منها الربع وهو قيراطان وللبنت النصف أربعة قراريط وللأخت الشقيقة قيراطان .
وحيث إن الوقف فى مرض الموت بمنزلة الوصية وحيث إن الواقفة على بنتها وهى وارثه، والوصية لوارث لا تجوز إلا إذا أجازها بقية الورثة .
وإذا أجاز البعض جاز على المجيز بقدر حصته ومتى ثبت أن الأخت الشقيقة أجازت هذا الوقف الذى هو بمنزلة الوصية فينفذ فى نصيبها فقط وهو القيراطان، وعلى ذلك يضم هذان القيراطان إلى الأربعة قراريط التى نفذ فيها الوقف، فيكون المجموع ستة قراريط، ثلاثة منها تكون وقفا على بنت الواقفة، وثلاثة منها للخيرات، فما خص الخيرات يصرف ريعه إليها كاملا، وأما ريع الثلاثة القراريط التى خصت بنت الواقفة فيصرف ريعها لباقى الورثة وهو الزوج والبنت حسب الفريضة الشرعية .
الربع للزوج والباقى للبنت، وهذا ما دامت بنت الواقفة موجودة على قيد الحياة، فإذا توفيت وانتقل الاستحقاق لأولادها من بعدها فإنهم يأخذون ريع الثلاثة قراريط كاملا حسب شرط الواقفة، واللّه أعلم(6/234)
وقف خيرى أم أرصاد
F عبد المجيد سليم .
ربيع أول 1347 هجرية 6 سبتمبر 1928 م
M 1 - للقاضى أن ينصب ناظرا على الوقف الذى ليس فى ولايته متى كان الموقوف عليهم فى ولايته وهذا فى الوقف الحقيقى .
2 - إذا كان الوقف من السلطان لم يكن وقفا حقيقيا لعدم ملكه الموقوف ملكا حقيقيا وقت الوقف، بل يكون من قبيل الأرصاد الذى هو تعيين شىء من بيت المال على بعض مستحقيه .
وهو ثابت ولازم ولا يجوز تحويله عن مستحقيه إلى جهة أخرى .
3 - تصرف ولى الأمر أو نائبه منوط بالمصلحة، ولا مصلحة فى قطع أرزاق المستحقين من بيت المال .
4 - أوقاف الملوك والأمراء لا يراعى شرطها، لأنها من بيت المال أو ترجع إليه ويجوز مخالفة شروطهم .
5 - معنى لزوم الإرصاد هو تأبيد صرفه على الجهة التى عينها ولى الأمر ليصل الحق إلى مستحقه .
6 - لا يجوز للقاضى التدخل فى شئون الناظر على الإرصاد اللازم لأنه ليس ناظرا فى الحقيقة على وقف، بل هو عامل من عمال بيت المال الذى يرجع الأمر فيه إلى ولى الأمر، فإن شاء أبقاه وإن شاء استبدل به غيره، وإن شاء أشرك معه آخر
Q بخطاب وكيل وزارة الداخلية رقم 30 يونية سنة 1928 نمرة 192 بما صورته - نبعث فى 23 يونية الجارى رقم 3309 والإنذار المقدم من السيد محيى الدين أفندى طرابزونى ناظر وقف خيرات المرحوم عباس باشا الأول بالمدينة المنورة، وكذا العريضة المؤرخة فى 22 يونية الجارى المقدمة من أخيه الشيخ محمد أمين طرابزونى الذى تعين ناظرا على هذا الوقف مع أخيه المذكور بموجب الإعلام الشرعى الصادر من محكمة المدينة المنورة بتاريخ 3 جماد الآخر سنة 1346 مرفقة بمذكرة تفصيلية عن هذا الموضوع والملف نمرة 209 - 4 - 77 الخاص بهذه المسألة برجاء بعد فحصه التكرم بإفادتنا عن رأى فضيلتكم عما إذا كانت وزارة الداخلية تعتمد تعيين الشيخ محمد أمين طرابزونى ناظر مشتركا مع أخيه الشيخ محيى الدين طرابزونى كما أشارت بذلك وزارة الحقانية فى كتابها المؤرخ فى 21 مايو سنة 1928 رقم 4925 والتكرم بإعادة الأوراق
An اطلعنا على خطاب سعادتكم المؤرخ فى 30 يونية سنة 1928 رقم 192 إدارة، المطلوب به إفادتكم عن رأينا فيما إذا كانت وزارة الداخلية تعتمد تعيين الشيخ محمد أمين طرابزونى ناظرا مشتركا مع أخيه الشيخ محيى الدين طرابزونى كما أشارت بذلك وزارة الحقانية فى كتابها المؤرخ فى 21 مايو سنة 1928 رقم 4925 كما اطلعنا على الأوراق المرافقة له - وبناء عليه نفيد .
بأن ما أشارت به وزارة الحقانية فى كتابها المذكور مبنى على أن للقاضى أن ينصب ناظرا على وقف ليس فى ولايته متى كان الموقوف عليهم فى ولايته، على ما نص عليه بعض الفقهاء .
فيكون له بناء على هذا حق إشراك آخر مع الناظر، وظاهر أن ما قاله الفقهاء إنما هو فى الوقف الحقيقى - وما معنا ليس بوقف حقيقى كما صرح به الفقهاء لعدم ملك الواقف للموقوف ولغير ذلك هنا كما هو ظاهر، بل هو من قبيل الإرصاد الذى هو تعيين شىء من بيت المال على بعض مستحقيه .
وقد نصوا على أنه لا يجوز نقضه بمعنى تحويله عن مستحقيه إلى جهة أخرى .
وعلله الحموى فى رسالته فى الإرصاد بأن تصرف ولى الأمر أو نائبه منوط بالمصلحة .
وظاهر أنه لا مصلحة فى قطع أرزاق المستحقين من بيت المال .
وهذا كما قال ابن عابدين معنى .
كون الإرصاد وقفا .
فمعنى كونه وقفا تأبيد صرفه على الجهة التى عينها السلطان وقد نصوا على أن السلطان يجوز له مخالفة الشرط فى هذا النوع من الوقف، لأن أصله لبيت المال .
فقد نقل صاحب الدر عن المنظومة المحبية عن خواهر زاده فى مبسوطه أن السلطان يجوز له مخالفة الشرط إذا كان غالب جهات الوقف قرى ومزارع فيعمل بأمره وإن غاير شرط الواقف لأن أصلها لبيت المال .
ونقل عن أبى السعود أن أوقاف الملوك والأمراء لا يراعى شرطها .
لأنها من بيت المال أو ترجع إليه .
فتجوز مخالفة شروطهم كما قال ابن عابدين لأن المقصود وصول الحق إلى مستحقه والمراد من ذلك أن لولى الأمر أو نائبه أن يزيد فيها وينقص ونحو ذلك، وليس المراد أن يصرفها عن الجهة المعينة .
وإذ كان هذا النوع من التصرف ليس وقفا حقيقه وأن معنى لزومه هو تأبيد صرفه على الجهة التى عينها ولى الأمر ليصل المستحق إلى حقه - وأنه لا تراعى شروط الواقف لعدم كونه وقفا صحيحا إذا كان الأمر كذلك، فشرط النظر فى هذه الوقفية لا يلزم مراعاته .
بل يجوز لولى الأمر أو نائبه مخالفته بتعيين طريقة أخرى لإيصال الحق إلى مستحقه ومن عينه الواقف حينئذ ليس له حق لازم بمقتضى شرطه قبل بيت المال كما أنه لا حق للقاضى فى التدخل فى شئون هذا الناظر إذ هو فى الحقيقة ليس ناظر وقف بل عامل من عمال بيت المال يرجع الأمر فيه لولى الأمر فى بيت المال فإن شاء أبقاه وإن شاء استبدل به غيره، وإن شاء أشرك معه آخر وذلك لأن من الظاهر أن إيصال الحقوق من بيت المال إلى مستحقيها منوط بولى الأمر أو من يعينه لذلك وهو حق له لا تأثير لهذا الإرصاد فى سلبه عنه، إذ لا أثر له إلا فى تأبيد صرف ما أرصد فى الجهة المعينة على ما هو ظاهر من كلام الفقهاء .
هذا إذا اعتبرنا أن النظر فى حادثتنا قد آل إلى الشيخ محيى الدين طرابزونى بمقتضى الشرط ولكن مقتضى قواعد الفقهاء أن النظر لم يؤل إليه بل قد بطل شرط النظر بالنسبة إليه وبيان هذا أن الفقهاء قد نصوا على أنه يصح تعليق التقرير فى الوظائف وأنه إذا مات المعلق قبل حصول الشرط المعلق عليه يبطل التعليق لزوال ولايته .
فمثلا إذا قال ولى الأمر لشخص إذا خلت وظيفة كذا فقد قررتك فيها فمات قبل .
أن تخلو بطل هذا التعليق، بحيث إذا خلت بعد وفاته لم يكن لهذا الشخص من حق فى هذه الوظيفة .
ومثله التعليق معنى، فقد فرع صاحب الدر على أن التعليق يبطل بموت المعلق ما لو أقطع السلطان لشخص أرضا ولأولاده ولنسله وعقبه على أن من مات منهم انتقل نصيبه إلى أخيه فمات السلطان ثم مات المقطع له فقال إن مقتضى قواعدهم إلغاء التعليق، ومراده كما قال ابن عابدين أنها لا تكون لأولاده لبطلان التعليق بموت السلطان المعلق، لأن معنى قوله ولأولاده أنه إن مات عن أولاد فلأولاده من بعده، فهل تعليق معنى وعلى هذا يكون شرط النظر فى حادثتنا قد بطل بوفاة المغفور له عباس باشا الأول بالنسبة لمن لم يؤل إليه النظر حال حياته، إذ النظر بالنسبة إلى هذا معلق معنى على موت من له النظر قبله إذ معنى قول الواقف (ثم من بعد انتقال محمد أفندى المنتظر النقشبندى يكون النظر على ذلك لنجله السيد محمد خير الدين ثم من بعد انتقاله إلى دار الكرامة يكون النظر على ذلك للأرشد فالأرشد من أولاد السيد الشريف محمد المنتظر أنه إن مات محمد أفندى يكون النظر على ذلك لنجله محمد خير الدين، فإذا مات كان النظر على أفندى يكون النظر على ذلك السيد محمد المنتظر .
وقد توفى المغفور له عباس باشا الأول فى سنة 1854 م أى قبل أيلولة النظر للسيد محمد خير الدين كما علم من الورقة رقم 67 من أوراق الملف فبطل شرط النظر بالنسبة إليه وإلى من بعده وهو الشيخ محيى الدين طرابزونى وليس هذا كشرط النظر فى الوقف الحقيقى كما أسلفنا فى عدم بطلان تعليقه بموت الواقف لأن النظر فى الوقف الحقيقى بعد الوفاة من قبيل الوصاية التى تقبل التعليق ولا تبطل بموت المعلق - ومقتضى ذلك أن النظر لم يؤل إلى الشيخ محيى الدين بشرط الواقف لبطلانه فلم يكن له حق فيه باء على هذا أيضا .
وجملة القول أنه سواء أقلنا إن النظر قد آل لمحيى الدين أو بطل فالآمر فى إيصال هذه المرتبات إلى الجهات المعينة بالوقفية يرجع إلى وزارة المالية بالنيابة عن حضره صاحب الجلالة مولانا الملك ولى الأمر، فلها أن تجعل الواسطة فى الإيصال الشيخ محيى الدين وحده أو منضما إليه أخوه أو غيرهما فتتخذ الطريقة التى نراها كفيلة بإيصال هذه المرتبات إلى تلك الجهات وليس للشيخ محيى الدين ولا لأخيه مطابقا لقواعد الفقهاء التى ذكرناها فيما طلبت الإفادة عنه .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم .
والأوراق عائدة من طيه كما وردت(6/235)
التنازل غير الاقرار
F عبد المجيد سليم .
رمضان 1347 هجرية - 14 فبراير 1929 م
Mإذا شرط الواقف حرمان المستحق من الوقف إذا أقر لأجنبى عنه بالاستحقاق فيه فتنازل أحد المستحقين عن استحقاقه لآخر لمدة معينة فإن هذا لا يقتضى الحرمان، لأن الإقرار غير التنازل
Q رجل وقف أوقافا على أناس مذكورين بكتاب وقفه .
وشرط لاستحقاقهم شروطا .
منها أن كل مستحق من مستحقى وقفه يقر لأجنبى عن أهل الوقف باستحقاقه لشىء من ريع هذا الوقف يكون مخرجا ومحروما منه قبل إقراره بثلاثة أيام، حتى لا يصادف فعله وجها شرعيا ويكون استحقاقه من هذا الوقف لمن يستحقه من مستحقى الوقف المذكور على النص والترتيب المشروحين بكتاب وقفه - ثم احتاج أحد المستحقين لمبلغ من المال لضرورة من ضرورات الحياة ولم يجد أمامه طريقا يوصله للحصول على هذا المال إلا طريق تنازله مؤقتا ولمدة معينة عن بعض استحقاقه لجهة من الجهات المالية نظير أن يقرضه المبلغ المذكور وبعد استيفائها مبلغها يرد من تنازل عنه المستحق إليه .
فهل هذا التنازل يتناوله شرط الواقف المذكور بناء على هذا التنازل أو أن التنازل المذكور غير الإقرار المنصوص عليه فى شرط الواقف .
فلا يحرم المتنازل عن حقه بتنازله
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأن هذا التنازل لا يتناوله شرط الواقف المذكور .
لأن التنازل لا يعتبر فى لسان الفقهاء ولا فى العرف جزئيا من جزئيات الإقرار .
إذ الإقرار من قبيل الإخبار بالشىء .
وما التنازل فهو إسقاط الشخص ما له من حق للغير وهذا هو المعروف فى لسان الفقهاء وفى العرف .
وعلى ذلك فلا يجرم المتنازل المذكور من حقه فى الوقف بتنازله واللّه أعلم(6/236)
الوقف على قراءة القرآن وعمل الموالد
F عبد المجيد سليم .
ربيع الثانى 1361 هجرية 27 ابريل 1942 م
Mالمبادئ: 1 - الوقف على قراءة القرآن وعلم الموالد صحيح، ويصرف الريع على الفقراء والساكين بعد إذا المحكمة المختصة بذلك .
2 - ما جعلته الواقفة للقراء لا يصح صرفه إليهم، لأن يكون استئجارا على قراءة القرآن وهو غير جائز ولان عمل المولد يستحضر فيه قراء أيضا بالأجر وهو غير جائز شرعا .
3 - عمل الموالد بالصفة التى عليها الآن لم يفعله السلف الصالح ولو كان ذلك من القرب لفعلوه
Q من حسين أفندى قال إن الزوجة الست عريفة قادن معتوقة المرحوم الأمير محمد بك أبو الذهب وقفت حال حياتها ونفاذ تصرفاتها أعيانا كائنة بمصر .
وهو جميع المنزل الكائن بحارة ثم شمس الدولة وعطفة الزنكلان قسم الدرب الأحمر بمقتضى حجة وقفها الصادرة من محكمة الباب العالى بتاريخ 22 ذى الحجة سنة 1217 هجرية وأنشأت وقفها هذا من تاريخه على أن يصرف من ربع ذلك لعشرة أنفار قراء من حفظة كتاب اللّه المبين يقرءون عشرة أجزاء من الربعة الشريفة بمنزل الواقفة المكورة فى كل يوم صبيحة بعد صلاة الصبح ويقرءون عشرة أجزاء من الربعة الشريفة فى كل يوم بعد صلاة العصر ويختمون قرائتهم المذكورة بصورة الإخلاص والمعوذتين وفاتحة .
الكتاب والتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير ويهدون ثواب قراءتهم إلى حضرة النبى - صلى اللّه عليه وسلم - والصحافة والقرابة التابعين وأولياء اللّه الصالحين أجمعين وفى صحائف الواقفة فى حياتها وإلى روحها بعد وفاتها، ثم إلى روح المرحوم أيوب بك أمير الحج الشريف المصرى كان، ثم إلى روح معتقها المرحوم الأمير محمد بك أبو الذهب ثم إلى روح عتقائها وعتقاء زوجها المذكور المرحوم أيوب بك وذريتهم ونسلهم وأموات المسلمين فى ذلك من كل سنة من سنى الأهلة نظير قراءتهم على الحكم المذكور أربعة آلاف نصف لكل نفر منهم فى كل شهر أحد وثلاثون نصفا فضة من ذلك، ولمن يكون شيخا عليهم ودعجيا ويقرض الأجراء ويلمها ويصفها فى صندوقها على العادة فى ذلك زيادة عن معلومه فى كل شهر أربعون نصفا فضة باقى ذلك وما تفضل من ريع الوقف المذكور يصرف جميعه فى عمل مولدين شريفين، أحدهما فى ليلة النصف من شهر شعبان والثانى فى ليلة عيد الفطر فى كل سنة ، وفى ثمن أطعمة وخبز قرصة وبن قهوة وشمع وقود وأجرة الفقهاء القراء وما يحتاج الحال بحسب ما يراه الناظر على ذلك ويؤدى إليه اجتهاده ن فإن تعذر الصرف لذلك صرف ريع ذلك للفقراء والمساكين من المسلمين أينما كانوا وحيثما وجدوا، وشرطت شروطا فى وقفها منها أن يبدأ الناظر عليه بعمارته ومرمته ولو صرف فى ذلك جميع غلته .
فأرجو إفتاى ما يقتضيه المنهج الشرعى فى هذا الوقف من صرف الخيرات المذكورة، مع العلم بأن عين الوقف فى غير حاجة إلى العمارة وتأتى بريع شهرى أكثر مما قدرته الواقفة فيما شرطته ولا يقل إيرادها الشهرى عن ثلاثين جنيها .
وهل لناظر هذا الوقف أن يصرف ريعه فى غير ما اشترطته الواقفة فى وقفها، مع عدم تعذر الصرف على ما اشترطته الواقفة .
أفتونا ولكم الأجر والثواب تحريرا فى 12/4/1941
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة رسمية من كتاب الوقف المذكور .
ونفيد بأن ما جعلته الواقفة للقراء لا يصح صرفه إليهم لأن هذا استئجار على قراءة القرآن والاستئجار على قراء القرآن غير جائز، كما حققه العلامة البركوى وابن عابدين وغيرهما وبيناه فى فتاوى كثيرة - ولأن عمل مولد يستحضر فيه القراء وتدفع لهم أجرة ويعمل لهم أطعمة وخبز قرصة وبن قهوة وما يحتاج الحال إليه كما قالت الواقفة ليس بقرية لاشتماله على استئجار من يقرأ القرآن وهو غير جائز كما سبق وثانيا - لأن عمل الموالد بالصفة التى يعملها الآن لم يفعله أحد من السلف الصالح ولو كان ذلك من القرب لفعلوه .
وعلى هذا فيصرف صافى ريع الوقف للفقراء والمساكين، وإن كان المرحوم الشيخ المهدى أفتى بجواز الوصية والوقف على من يقرأ القرآن وعليه عمل الناس الآن .
وينبغى للناظر إذا رآى أن يعمل بما رأيناه أن يستأذن المحكمة المختصة فى صرف ريع الوقف للفقراء والمساكين .
وبما ذكر علم الجواب عن السؤال واللّه تعالى أعلم(6/237)
وقف مجهول
F محمد عبده .
جمادى الآخرة 1317 هجرية
Mاستمرار العمل فى الأطيان على أنها وقف وصدور فتوى بمنع بعض الذرية واعطاء آخرين، واستمرار الحال على ذلك إلى انقراض الذرية، يجعل هذه الأطيان وقفا .
ولا عبرة مع هذا بصدور الأمر يتمليكها قبل الوقف أو بعده، لأنه إن اعتبر وقفا مجهولا فيحتج فيه بعمل النظار
Q بإفادة من عموم الأوقاف مؤرخة فى 14 أكتوبر سنة 1899 نمرة 3728 مضمونها أنه ورد للديوان مكاتبة محكمة مديرية البحيرة الشرعية نمرة 556 بأنه لما ورد لها مكاتبة الديوان رقيمة 26 يونيو سنة 99 نمرة 2257 بشأن إقامة ناظر على مائة فدان بناحية سرنباى المقال بأنها وقف المرحوم أحمد أغا محافظ أبو قير سابقا كان موجودا بالمحكمة أوراق تختص بتطلب أحمد بك رشوان تحرير حجة أيلولة بمائة وثلاثة وثلاثين فدانا لموكلته زهره حرم المرحوم عبد اللطيف رشوان الآيلة إليه من والدته الست زهرة بنت أحمد أغا المذكور، من ضمنها القدر المرغوب إقامة ناظر عليه، وأن هذه الأوراق وردت للمحكمة بمكاتبة الحقانية رقيمة 7 يونية 99 نمرة 163 وأن البك المذكور حضر حينذاك وعرف بأن ديوان الأوقاف إنما ارتكن فى طلب إقامة الناظر على التقسيط المؤرخ فى 1257 حالة أنه يلغى بالأمر العالى الصادر فى 5 محرم سنة 1258 إلى آخر ما قال، وأن النظارة أفادت المحكمة فى هذا الشأن بمكاتبة رقيمة 13 أغسطس 99 نمرة 221 بأن ما عليها سوى ابتاع القواعد الشرعية واللوائح والمنشورات، وعدم إجراء ما من شأنه الضرر بحقوق الغير وأوردت المحكمة بإفادتها المذكورة أن الأمر العالى الصادر بتاريخ 5 محرم المذكور مندرج بالجزء الأول من قاموس الإدارة والقضاء ورغبت الاطلاع عليه وفحصه لظهور ما إذا كان بمقتضاه تكون الأطيان المطلوب إقامة ناظر عليها ملكا، ويكون الحال كما عرف البك المذكور أن الأمر المذكور لا ينافى ما هو مدون بالتقسيط وتكون هذه الأطيان وقفا وإفادتها .
ورغب الديوان الإحاطة بما اشتملت عليه مكاتبة المحكمة المذكورة وما تشتمله أوراق هذه المادة والفتاوى المعطاة فيها ونظرها بهذا الطرف والإفادة بما يرى وطيه الأوراق 31 بحافظة
An حيث إنه صدر فى هذه الأطيان وقف سابق على العوائد الجارية فى ذلك الوقف، ثم استمر العمل فى الأطيان الموقوفة على أنها وقف ، وصدرت فتوى بمنع بعض الذرية وإعطاء بعض ولازال الأمر كذلك حتى انقرضت الذرية، وشهد من يعرف ذرية الواقف بذلك فهذا، يدل على أن الواقف مات وهو يعتقد أن الأطيان وقف، وأن ذريته من بعده كذلك كانوا يعتقدون وجرى عملهم على هذا فتكون الأطيان وقفا، وأما صدور أمر بالتمليك بعد الوقف أو قبله فلا يدل على شىء، وأقل ما يعتبر فى هذا الوقف أنه مجهول فيحتج فيه بعمل النظار .
والله أعلم(6/238)
وقف واستحقاق بالتقادم
F عبد المجيد سليم .
شعبان 1351 هجرية - 13 ديسمبر 1932 م
M 1 - لا ينزع شىء من يد أحد إلا بحق ثابت معروف، مالا كان هذا الشىء أو حقا أو استحقاقا، لأن كلمة شىء نكرة واقعة فى سياق النفى فتعم المال وغيره، ولأن القديم يترك على قدمه لظهور الحق فيه .
2 - ثبوت صرف غلة الوقف من قديم إلى من ينسبون إلى الواقف من ذريته من النظار السابقين وإلى أصولهم من الناظر الحالى يعتبر حجة فى الاستحقاق، ولا يكلفون اثبات نسبهم إلى الواقف .
3 - إذا كان الصرف غير قديم فلا بد فى الاستحقاق من إثبات النسب إلى الواقف .
4 - التصرف القديم ووضع اليد من أقوى الحجج
Q من السيد مشهور ضامن بالآتى رجل وقف وقفه على نفسه أيام حياته ثم من بعده على أولاده وأولاد أولاده ونسله وعقبه إلخ، فإذا انقرضوا فإلى الزاوية الفلانية، فإذا تعذر الصرف إليها فإلى المسجد الفلانى إلخ ما جاء بكتاب وقفه، يوجد على هذا الوقف متول شرعى، وقد تصرف فى غلته حسب تعامل النظار السابقين وقسمها على من ينسبون إلى الواقف فى ذريته، والآن أقامت دائرة الأوقاف دعوى على المتولى بحجة أن ذرية الواقف قد انقرضت والصرف على الزاوية تعذر، وتطلب تسليم هذا الوقف إليها لأنه وقف خيرى فهل والحالة هذه تجاب دائرة الأوقاف إلى طلبها أو لا .
وإذا كانت تجاب إلى طلبها وصار تكليف المتولى إثبات نسبه بذرية الواقف هل يشترط تسلسل النسب حتى يصل إلى الواقف أم يكتفى بذكر ( أنه من ذريته ) ويشهد الشهود على ذلك
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأنه إذا ثبت أن صرف غلة هذا الوقف إلى من ينسبون إلى الواقف من ذريته قديم بأن كان لا يعرف إلا الصرف إليهم وإلى أصولهم من هذا الناظر ومن النظار السابقين اعتبر هذا حجة من استحقاقهم ولا يكلفون إثبات نسبهم إلى الواقف، كما أفتى بذلك صاحب الحامدية غير مرة، فقد جاء فى أول كتاب الوقف منها ما نصه ( سئل ) فى وقف تقادم أمره ومات شهوده وله رسوم فى دواوين القضاة وقد عرف من قوامه صرف غلته إلى جماعة مخصوصين جيلا بعد جيل وأنه إذا مات أحد من مستحقى ريعه عن غير ولد ولا أسفل منه يصرفون نصيبه إلى الأقرب فالأقرب إلى الميت .
هل يجب إجراؤه على ما كان عليه من الرسوم ولا يكلف أحد منهم إلى بينة فى نسبه إلى الوقف حيث كان فى أيديهم جيلا بعد جيل ( الجواب ) نعم يجب إجراؤه على ما كان عليه من الرسول فى دواوين القضاة، ويعتبر تصرف القوام السابقين ولا يكلف أحد منهم إلى بينة فى اتصال نسبه إلى الواقف .
وقد جاء فيها من الباب الثانى ما نصه ( سئل ) فى رجل له قدر استحقاق معلوم متصرف به يتناوله من ناظر الوقف آيل إليه ذلك عن أبيه وجده من مدة تزيد على مائة سنة من غير معارض له، ثم مات الناظر وتولى النظر رجل ينكر استحقاق المستحق المذكور وثبوت نسبه للواقف فهل إذا أثبت المستحق ما ذكر بوجهه الشرعى يؤمر بدفع استحقاقه المذكور ( الجواب ) نعمق ال ابن عابدين فى التنقيح ما نصه أقول وأفتى به الشيخ إسماعيل وذكر فى جواب سؤال آخر التصرف القديم ووضع اليد من أقوى الحجج، وفى جواب سؤال آخر كسؤالنا حيث جهل الحال، يعمل بتصرف النظار السابقين ويؤمر الناظر بإعطائه .
لكن فى الفتاوى الخيرية فى نحو النصف من كتاب الوقف ضمن سؤال وجواب طويل ما نصه الشهادة بأنه هو ووالده وجده متصرفون فى أربعة قراريط لا يثبت به المدعى إذ لا يلزم من التصرف الملك ولا الاستحقاق فيما يملك وفيما يستحق فيكون كمن ادعى حق المرور أو رقبة الطريق على آخر وبرهن أنه كان يمر فى هذه لا يستحق به شيئا كما صرح به غالب علمائنا، ومما امتلآت به بطون الدفاتر أن الشاهد إذا فسر للقاضى أنه يشهد بمعاينة اليد لا تقبل شهادته وأنواع التصرف كثيرة فلا يحل الحكم بالاستحقاق فى غلة الوقف بالشهادة بأنه هو وأبوه وجده متصرفون، فقد يكون تصرفهم بولاية أو وكالة أو غصب أو نحو ذلك ما فى الخيرية .
ويؤيده ما فى الفصل الحادى عشر فى الوقف على القرابة من التتارخانية وإذا وقف على قرابته وجاء رجل يدعى أنه من قرابته وأقام بينة فشهدوا أن الواقف كان يعطيه مع القرابة فى كل سنة شيئا لا يستحق بهذه الشهادة شيئا، وكذلك لو شهدوا ان القاضى حجة .
فليتأمل فى ذلك فإن سد باب التصرف القديم يؤدى إلى فتح باب خلل عظيم انتهت عبارة التنقيح .
والذى يظهر لنا أنه يجب التعويل على ما أفتى به صاحب الحامدية والشيخ إسماعيل وذلك أولا لأن الأمر كما قال ابن عابدين من أن سد باب التصرف القديم يؤدى إلى فتح باب خلل عظيم .
وثانيا أن هذا هو الذى يتفق مع قواعدهم فقد قالوا إنه لا ينزع شىء من يد أحد إلا بحق ثابت معروف، وقالوا إن كلمة شىء فى هذه القاعدة نكرة فى سياق النفى فتعم الأموال والحقوق والاستحقاق وقالوا أيضا إن القديم يترك على قدمه لظهور الحق فيه .
وثالثا أن ما استند إليه الخير الرملى رحمه الله لا يتفق مع ما أخذوا به واستحسنوه فى فصل الشرب كما يعلم ذلك من الرجوع إلى الدر المختار وحاشية رد المحتار عليه فى هذا الفصل ، ومن أجل ذلك نرى أن كلام الخير الرملى وما فى التتارخانية فى تصرف غير قديم، كما أن ما فى الدر من أنه لا يكفى صرف الناظر لثبوت استحقاقه بل لابد من إثبات نسبه محمول على ذلك .
ومن هنا تلتئم كلمات الفقهاء وتكون جميعها متفقة مع قواعدهم التى بنوا عليها كثيرا من المسائل أما إذا كان الصرف إلى من ينسبون إلى ذرية الواقف غير قديم فلابد حينئذ من إثبات نسبهم غلى الواقف، بإثبات تسلسل نسبهم حتى يصل غلى الواقف، ولا يكفى أن يذكر الشهود أن فلانا من الذرية، وذلك لما نقله المرحوم الشيخ الرافعى فى تقريره على رد المحتار عن تتمة الفتاوى ونصه فإذا حضر القيم وجاء يعنى مدعى القرابة بشاهدين على أنه قريب هذا الواقف فالقاضى لا يقبل شهادتهما حتى يشهدا بنسب معلوم، فيشهدا أنه ابنه أو أخوه أو عمه أو ابن عمه وما أشبه ذلك، وينبغى مع ذلك أن يبينوا أنه أخوه لأبيه وأمه أو لبيه أو لأمه، والجواب فى هذا نظير الجواب فى فصل الميراث إذا شهدوا بوراثة رجل، وكذلك على هذا إذا وقف على نسله فجاء رجل يدعى أنه من نسل الواقف وأقام على ذلك بينة لا تقبل شهادتهم ما لم يبينوا أنه ولده لصلبه أو ولد ابنه أو ولد بنته أو ما أشبه بذلك - انتهى - وعلى هذا فما ساتظهره ابن عابدين فى رد المحتار من أنه يكفى إثبات أنه من ذرية الواقف المستحقين للوقف بدون ذكر النسب إذا كان الوقف على الذرية، لأنه يحصل المقصود بذلك إلى آخر ما قال لا يعول عليه، لأنه كما قال الشيخ الرافعى فى تقريره خلاف المنقول هذا ما ظهر لنا .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/239)
وقف معلق على الموت
F محمد إسماعيل البرديسى .
صفر 1339 هجرية - 28 أكتوبر 1920 م
M 1 - الوقف المعلق على موت الواقف وصية وليس وقفا، فإن أجازه الورثة نفذ وإن كان بجميع التركة، وإن لم تجزه الورثة نفذ فى الثلث فقط .
2 - ما يخص الذرية على اعتبار أنه وقف يوزع على جميع الورثة بما فيهم زوجة الواقف ولو لم تكن من الذرية
Q من حضرة صاحب الفضيلة الشيخ محمد النجدى شيخ السادة الشافعية بالأزهر - ما قولكم ساداتنا العلماء أيد الله بهم الدين ونفع بعلومهم المسلمين فى رجل أوقف ضمن وصية أوصى بها فى حياته وهو بحال الصحة المعتبرة شرعا أنه إذا حان عليه القضاء المبرم - أولا أوقف على المساجد المذكور بأسمائها بعد توضيح حدود البيوت والمرابع، كما هى مسطرة من 10 إلى نمرة 11 والثانى بعد وقفية المساجد أوقف على الذرية كما هو موضح فى نمرة 14 إلى 16 وهذه صورة الوقفية كالآتى - يند 14 باقى العقار جميعه والأراضى الموجودة بموصع واسمرا وقندع وسقنيتى مع الذى يحدث بعد الآن يكون وقف الذرية وهم أولادى ذكورا وإناثا وما يتناسل منهم بطونا بعد بطون ويحسب فى ذلك أولاد الذكور الذين توفوا بحياتى ويكون لهم ذرية حتى يكونوا عوضا عن آبائهم فيما يخصهم مثل باقى الورثة فى هذه الوقفية فقط والإيرادات بعد خصم المصروفات والخدمة المائة خمسة يقسم الصافى بينهم على الذكر وعلى الأنثى على حدة سويا بما فيهم الذين توفوا من أولادى بحياتى وهم الذكور فقط، ويكون لهم ذرية كما سبق الإيضاح عنهم أعلاه، أعنى كل ذرية يكونون عوضا عن أبيهم فى هذه الوقفية ذكرا كان أو أنثى يقسم فى ذلك حسب الإرث من أبيهم ولازم من تصليح العقار أولا بأول حتى لا يحدث فيه الخراب، وعند الضرورة تتوقف الإيرادات لحين تتميم المصروفات، وتعتبر هذه الوقفية لذرية الذرية وما يتناسل منهم بطونا بعد بطون، وهذا العقار لا يباع ولا يرهن ولا يورث ولا يوهب ولا يحصل التنازل فيه من واحد لواحد ولا من أى نوع كان، ولعنة الله على كل من يبدل ما تقرر منى وبعد انقراض الذرية وذرياتهم وما تناسل منهم بطونا بعد بطون مع ذريات أولادى الذين توفوا بحياتى بطونا بعد بطون كما سبق الإيضاح، يكون لأهل العصبة وذرياتهم ومن بعدهم لذوى الأرحام وذرياتهم، والناظر على ذلك الراشدون من أولادى وذرياتهم وما تناسل منهم بطونا بعد بطون وبعدهم الراشدون من أهل العصبة وذرياتهم وبعدهم الراشدون من ذوى الأرحام وذرياتهم وعند انقراض الجميع يكون جميع العقار المذكور وقفا لوجه الله تعالى لجميع جوامع ومساجد مصوع وحطملو وحرقيقو وأمير رمى يقسم بينهم صافى الإيراد قسمة متساوية، ويصير تسليم العقار المذكور لمن هو ناظر على الجوامع والمساجد المذكورة - بند 15 - على جميع النظار الذين يعينون من ذريتى، وذرياتهم وما تناسل منهم بطونا بعد بطون وأهل العصبة وذرياتهم وذوى الأرحام وذرياتهم أن يقدموا حساباتهم سنويا لجميع الورثة حتى يكونوا على علم من ذلك منعا للإشكال بينهم، وإن حصل ذلك فلا يكون خلاصته بواسطة الدعاوى والشكاوى، بل يختار فلان من المسلمين ينظر بينهم مسألة الخلاف الذى يحصل بينهم وبما يقرره يكون نافذا عليهم - بند 16 - هذه وصيتى من بعد مماتى ولى الخيار فى تغييرها فى حياتى ولا تكون باطلة إلا إذا حررت عوضا عنها بثبوتها - بند 17 - هذه الوصية تحررت منى بخطى وإمضاى حسبما أوضحته بها وتكون محفوظة بطرف الوصى عبد الحميد أحمد الغول الذى حضر تحريرها ولى الحق فى طلبها فى أى وقت كان لتغييرها فى حياتى، وأذنت لمن شهد على بذلك والله خير الشاهدين، تحريرا بمصوع غرة محرم الحرام سنة 1338 قول الواقف ( يكون وقف ذريته وهم أولادى ذكورا وإناثا وما تناسل منهم بطونا بعد بطون ) الذرية تشمل أولاد البنات أم لا وهل قوله وما تناسل بطونا بعد بطون يكون وقف اشتراك ويدخل فى الوقف أولاد الأولاد بوجود ىبائهم أم لا وإذا كان بعض الورثة الذين من الموقوف عليهم بعارضون فى إبطال الوقفية ويدعون بعدم قبولها وقصدهم تكون ميراثا بينهم هل تسمع دعواهم فى ذلك أم لا وزوجة الواقف تدخل فى الوقفية أم لا أفتونا ولكم الأجر والثواب من الملك الوهاب .
تحرر بمصوع غاية القعدة سنة 1338
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة الوصية المذكورة ونفيد بأن الوقف فى هذه الحادثة معلق على موع الواقف، الوقف المعلق على موت الواقف وصية، فإن أجازه الورثة نفذ وإن كان الوقف لكل التركة، وإن لم تجز الورثة نفذ من ثلث التركة، فينظر إلى قيمة ما وقف على مسجد جمال الأنصارى وقيمة ما وقف على مسجد المرغنى وقيمة ما وقف على جامع الحنفى وقيمة ما وقف على الذرية، فيوزع الثلث من التركة على ذلك فما خص مسجد جمال الأنصارى من الثلث نفذ فى العين الموقوفة عليه، وما خص وقف الذرية صار وقفا عليهم فيوزع ريعه عليهم، فما خص غير الوارثين منهم أخذوا، وما خص الوارثين منهم يوزع على جميع الورثة الموقوف عليهم وغيرهم بالفريضة الشرعية فى الميراث، فالزوجة تشارك الورثة فى الموقوف عليهم فتأخذ ثمن ما يخصهم من الثلث، والوقف فى هذه الحادثة على الذكور والإناث وأولاد كل منهم، إلا أنه مرتب الطبقات فلا يستحق أولاد الأولاد مع وجود آبائهم، ولفظ الذرية شامل لأولاد البنات، مع العلم بأن مشاركة الزوجة لباقى الورثة الموقوف عليهم مقيدة بمدة حياتهم .
والله أعلم(6/240)
الوقف الخيرى المعلق على الموت
F أحمد هريدى .
16 أغسطس 1966 م
M 1 - تعليق الوقف على الموت جائز ويلزم بتحقق الشرط ويعتبر من الثلث كالوصية .
2 - ذرية الشخص هم كل من ذر ونسل منه ذكرا وكان أو أنثى بعدت درجته أو قربت .
3 - قرابة الشخص تشمل كل ما يجمعه مع الشخص أبعد أب له فى الإسلام من الرجال قريبا أو بعيدا محرما أو غير محرم وذلك عند أبى يوسف ومحمد، وتشمل كل ذى رحم محرم من الشخص ويقدم الأقرب فالأقرب، وتفضل قرابة الأب على قرابة الأم وذلك عند أبى حنيفة .
4 - لا تشمل القرابة الأبوين ولا ولد الصلب لأن كلا منهم أقرب من أن يقال له قرابة .
5 - كفاية الشخص تشمل كفايته ومن يعول من الأولاد وغيرهم .
6 - عيال الشخص كل من يكون فى نفقته .
فتدخل فيهم آمرأته وولده وكل من يكون فى نفقته من ذوى رحم محرم منه أو من غيره، والحشم بمنزلة العيال ولا يشترط فى المعال أن تكون نفقته واجبة على العائل له لأن المعيار هو قيامه بالإنفاق عليهم .
م7 - لأهل الوقف ولكل مسلم أن يطالب بعزل الناظر - بعد إذنه بالمخاصمة من المحكمة المختصة - متى قامت الأسباب التى تدعو لذلك
Q من السيد / فجحان هلال المطيرى كويت .
بلاد العرب بالطلب المقيد برقم 460 1966 والمرافق به الصورة الشمسية من كتاب الوقف، وقد تضمن الطلب أن والده قد أنشأ وقفا خيريا على جهات بر عينها وأن من الجهات التى عينها المساجد، وأن الدولة هناك تقوم بالإنفاق على المساجد بجميع ما يلزمها، وأن أولاد الواقف وذريته أولى بهذا الوقف - وأن الواقف قد توفى ويتولى النظر عليه الآن أحد أبنائه، وأن بعض الأقارب يطالبون بعزله، ويطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما يأتى : 1 - معنى الأقارب وحدود درجاتهم وحقهم فى طلب عزل ناظر الوقف والاستفادة من ريع الوقف .
2 - معنى الأرحام وحدود درجاتهم وحقهم فى الاستفادة من ريع الوقف .
3 - مدى إمكان حل هذا الوقف كله أو بعضه وتوزيع الموقوف على أولاد الواقف الفقراء .
وتضمنت صورة كتبا الوقف المقدمة أن هلال بن فجحان أشهد على نفسه إشهادا شرعيا لدى المحكمة الكلية للأحوال الشخصية بالكويت فى 17 من شوال سنة 1355 هجرية برقم 264 أنه متى نزل به حدث الموت - الذى لابد منه - أن يكون المنزل الكبيرة الكائن فى بومباى المسمى مزكام والبيت الكائن فى البحرين المشترى من يوسف كانون وقفا بعد موته من الثلث تصرف غلات البيتين المذكورين فى وجوه الخيرات والمبرات من إطعام جائع وكسوة عار من يتيم وفقير ومسكين وأرملة وتعمير بيوت الله تعالى، وكلما يرى من وجوه الخيرات والمبرات .
وأمر بأن يكون ممن يقوم بالصدقة عليه من غلات هذا الوقف أقاربه وأرحامه المحتاجون .
ومتى افتقر أحد من ذرية الواقف فهو الأحق بالإنفاق عليه منها يعطى كفاية سنة فسنة - تصرف واردات هذا الوقف فى مصارفه المذكورة، بعد أن تقام منها عمارة البيتين ومصالحهما من بناء وغيره مما يضمن دوام غلاته وحبسها بعد موته لا يغير عن حاله ولا يبدل عن سبيله قائما على أصوله محفوظا على شروطه حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، فمن سعى فى تغييره وتبديله الله سائله وولى الانتقام منه وشرط الواقف أن يعطى حمد الناصر من إيراد الوقف ثلاثين روبية شهريا وأن يعطى كذلك جميع المصاريف التى ينفقها فى الذهاب والإياب للتعمير والإصلاح وتحصيل الإيراد .
وشرط أن يتولى هذا الوقف حمد الناصر وخالد المخلد ثم من بعدهما الصالح من أولاد الواقف ثم الصالح من أولاد أولاده ثم الصالح من المسلمين
An ظاهر من الاطلاع على كتاب الوقف ونصوصه التى لخصناها فى الوقائع أن هلال ابن فجحان أشهد أمام المحكمة أنه إذا مات يكون البيتان المبينان بكتاب الوقف وقفا على جهات البر والخير التى بينها، والوقف على هذا النحو وقف معلق على موت الواقف .
وتعليق الوقف على موت الواقف جائز فى مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أحد أقوال ثلاثة عندهم، ونصوا على انه إذا تحقق الشرط المعلق عليهم وهو موت الواقف يكون الوقف لازما ويعتبر من الثلث كالوصية، وقد نص الواقف على تأبيد الوقف وبقائه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وحذر من التغيير والتبديل فيه، فلا شك إذن فى صحة هذا الوقف ولزومه شرعا - وبالنظر إلى مصارف هذا الوقف التى حددها الواقف يتبين أنها الفقراء والمساكين وتعمير بيوت الله تعالى - وخص الواقف الفقراء من أقاربه وأرحامه المحتاجين ومن يحتاج من ذريته بالذكر - ونص على إعطائهم الكفاية، ريع الوقف وغلته ثم عمم فى كل وجوه البر والخير فهو وقف خيرى لا استحقاق فيه لأحد إلا بعنوان أنه فقير ومحتاج يأخذ منه بقدر الكفاية لا على سبيل الاستحقاق بالمعنى المتعارف، وذرية الشخص كل من ذر ونسل منه ذكرا كان أو أنثى بعدت درجته أو قربت - وقرابة الشخص اختلف الفقهاء فى تحديدها وبيان من تشمله هذه الكلمة إذا وردت فى كتب الفقه أو الوصية ت فقيل إنها تشمل كل من يجمعه مع الشخص أبعد أب له فى الإسلام من الرجال، القريب والبعيد والمحرم وغيره فى ذلك سواء - وهذا رأى أبى يوسف ومحمد من أصحاب أبى حنيفة - وقيل انها تشمل كل ذى رحم محرم من الشخص ويقدم الأقرب فالأقرب وتفضل قرابة الأب على قرابة الأم وهذا قول أبى حنيفة، ولا تشمل القرابة الأبوين ولا ولد الصلب الاتفاق لأن كلا منهم أقرب من أن تقال له قرابة - واختلف هل تشمل الأجداد والجدات من قبيل الآباء والأمهات وإن علوا وأولاد الذكور والإناث وإن نزلوا أولا تشملهم جاء فى كتاب الإسعاف فى أحكام الأوقاف للطرابلسى ( ان القرابة تتناول النافلة وإن نزلت والأجداد والجدات من قبل الآباء والأمهات وإن علوا وتتناول المحارم وغيرهم من أولاد الإناث وإن بعدوا وهذا عند الصاحبين وعند أبى حنيفة تقيد المحرمية والأقرب فالأقرب للاستحقاق ،وليس ابن الابن والجد من القرابة عند أبى حنيفة وأبى يوسف فلا يدخلان وعند محمد منها فيدخلان، وقال القهستانى إن قول الإمام هو الصحيح - ونص ابن عابدين فى حاشية رد المحتار على الدر المختار على أنه عليه المتون فى كتاب الوصايا - والخلاف إنما هو إذا لم ينص الواقف على شئ معين وإلا فيتبع نصه اتفاقا - وطبقا لرأى الإمام يراد بالقرابة كل ذى رحم محرم من الشخص ويقدم الأقرب فالأقرب عند الإعطاء فى الاستحقاق - والأرحام مثل القرابة فى المعنى والشمول - جاء فى كتاب الإسعاف، والقرابة والأرحام والأنساب كل من يناسب الشخص إلى أقصى أب له فى الإسلام من قبل أبيه وإلى أقصى أب له فى الإسلام من جهة أمه ما خلا أبويه وولده لصلبه فإنهم لا يخلون فى ذلك، وفى الدر المختار شرح تنوير الأبصار ( وقرابة الشخص وأرحامه وأنسابه إلى أقصى أب له فى الإسلام من قبل أبويه سوى أبويه وولده لصلبه فإنهم لا يسمون قرابة اتفاقا .
والمحتاج هو الفقير .
جاء فى هلال . وفى الخانية - أن الفقر هو الحاجة .
وأن الغير والمحتاج بمعنى واحد . والكفاية - تشمل كفاية الشخص وكفاية عياله ومن يعولهم .
جاء فى الخانية - رجل وقف ضيعة على رجل وشرط أن يعطى كفايته كل شهر وليس له عيال فصار له عيار فإنه يعطى له ولعياله كفايتهم لأن كفاية العيال من كفايته، وقال الخصاف .
إن عيال المرء هم كل من يكون فى نفقته فتدخل فيهم امرأته وولده وكل من يكون فى نفقته من ذى رحم محرم منهم أو من غير ذى رحم .
وقالوا إن الحشم الذين يعولهم بمنزلة العيال .
فلا يشترط إذن فى من يعوله أن تكون نفقته واجبة عليه .
وألا يكون زوجته ولا ولدا ولا قريبا وإنما العبرة بقيامه بالإنفاق عليهم .
والكفاية تختلف باختلاف الناس والبيئات فلكل محتاج كفاية مثله .
وفى ضوء ما ذكرنا نقول إن هذا الوقف لازم ومؤبد لا يجوز الرجوع فيه ولا إنهاؤه ولا حق لأولاد الواقف وذريته وأقاربه وأرحامه الأغنياء بالمعانى التى ذكرناها فى ريع هذا الوقف .
وأن الريع إنما هو لجهات البر والخير التى ذكرها الواقف، ومن جهات البر والخير التى تقدم فى الإعطاء الفقراء والمحتاجون بالمعنى المتقدم من أولاد الواقف وذريته وأقاربه يعطون متى كانوا فقراء قدر كفايتهم بمعنى الكفاية التى أوضحناها أى يعطى كل واحد منهم بقدر كفايته إن اتسع ريع الوقف لكفاية جميع الفقراء من الذرية والأقارب، وإلا فيبدأ بالأقرب فالأقرب فيعطى الأقرب قدر كفايته ثم الذى يليه وهكذا ثم جهات البر التى أشار إليها الواقف .
وما أثاره السائل من قيام الدولة بالصرف على المساجد بما يكفل عمارتها وصيانتها وإقامة الشعائر فيها على الوجه المطلوب شرعا ، وأنه لم يكن لها حاجة إلى شئ من ريع الوقف هذا الذى أثاره السائل لا أثر له فى توزيع ريع الوقف وصرفه لأن الواقف لم يعين مسجدا أو نوعا من المساجد بالذات .
ولو كانت قد عين واستغنى المسجد المساجد المعينة عن حاجتها إلى ريع الوقف لما اثر ذلك، وإذ المقرر شرعا أن الريع يصرف فى هذه الحالة فى جهات البر والخير الأخرى التى أشار إليها الواقف .
بقى بعد ذلك ما يشير إليه السائل من حق الأقارب والأرحام فى المطالبة يعزل ناظر الوقف .
والمقرر شرعا - أن لأهل الوقف ولكل مسلم أن يطالب بعزل ناظر مثل هذا الوقف بعد أن يأذنه القاضى بمخاصمة الناظر .
وبعد أن تتوفر الدواعى لتلك المحاصمة .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله أعلم(6/241)
انتهاء الوقف قانونا وقسمته
F أحمد هريدى .
صفر 1387 هجرية - 11 مايو 1967 م
M 1 - إذا آل الوقف إلى حالة أصبح نصيب كل مستحق فيه فى الغلة ضئيلا وتوفر السبب الموجب لإنهاء الوقف فيه، وأن أكثر المستحقين لا ينتفعون بنصيبهم من الغلة انتفاعا ذا قيمة أو غناء - انتهى الوقف فيه بقرار من المحكمة بناء على طلب ذى الشأن طبقا للمادة 18 من القانون 48 لسنة 1946، ويصير ملكا للواقف أو للمستحقين وقت الحكم .
2 - نص القانون المذكور على أن لكل من المستحقين أن يطلب فرز حصته فى الوقف متى كان قابلا للقسمة، ولم يكن فيها ضرر بين .
وتحصل القسمة بواسطة المحكمة، وتكون لازمة
Q من السيد / محمد ل .
البحرين - الخليج العربى بالطلب الوارد لنا مع كتاب السيد / مدير مكتب فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر 1105 - 22/2/1967 والمقيد برقم 119 سنة 1967 والمرفق به الصورة العرفية من كتاب الوقف الصادر من محكمة الشرع فى 27 من رجب سنة 1341 هجرية والمتضمنة أن المرحوم سلمان ابن أحمد بن جاسم وقف بيت سكناه المعلوم لدى العموم بحدوده مع توابعه من أرض وبناء وحيطان وغرف ومنازل من ثلث ماله وقفا صحيحا شرعيا على الذكور والإناث من ذريته وذرية ذريته مهما تناسلوا بطنا بعد بطن ينتفعون بالسكنى وغيرها طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نل وأن يكون لأخته سارة الحق فى سكنى البيت المذكور مدة حياتها لا يخرجها من بيت أحد من الذرية ولا غره وعلى الذرية الساكنين فى البيت المذكور والمنتفعين به ترميمه وتصليحه إذا احتاج إلى ذلك كل على حسب طاقته وقدرته، وقد جعل الناظر على الوقف المذكور ابنه وقرة عينه عبد الله وأوصاه بتقوى الله تعالى وطاعته واجتناب نواهيه وأوصاه بصلة الأرحام والأقارب والإحسان إليهم وإلى عمته سارة وإكرامها وتضمن الطلب أن الواقف قد توفى منذ 41 سنة وكان بعض أولاده صغيرا فاستولى أخوهم الكبر على معظم البيت وقد توفى منذ 4 سنوات وقد طلب جميع الورثة قسمة البيت قسمة تراض ،وقد عارض فى ذلك ورثة أخيهم الكبر المذكور الذين سيشغلون ما كان يشغله أبوهم فى البيت المذكور، وطلب السائل بيان الآتى : 1 - هل يمكن حل هذا الوقف كما حصل فى مصر .
2 - إذا لم يمكن حل هذا الوقف فهل يجوز تقسيمه بين الورثة .
3 - بعض الورثة يسكنون المنزل الموقوف والبعض الآخر لا يسكنون فهل لهؤلاء الذين لا يسكنون فيه الحق فى الأجر .
4 - إذا وافقت الطبقة الأولى من الورثة على القسمة وامتنعت الطبقة الثانية فهل من الممكن إجراء القسمة
An تنص المادة 18 من القانون 48 لسنة 1946 بأحكامؤ الوقف المعمول به فى الجمهورية العربية المتحدة على ما يأتى إذا تخربت أعيان الوقف كلها أو بعضها ولم تمكن عمارة المتخرب أو الاستبدال به على وجه يكفل للمستحقين نصيبا فى الغلة غير ضئيل ولا يضرهم بسبب حرمانهم من الغلة وقتا طويلا انتهى الوقف يه كما انتهى الوقف فى نصيب أى مستحق يصبح ما يأخذه من الغلة ضئيلا ويكون الانتهاء بقرار من المحكمة بناء على طلب ذى شأن، ويصير ما انتهى الوقف فيه ملكا للواقف إن كان حيا وإلا فلمستحقه وقت الحكم بانتهائه، وظاهر من نص هذه المادة أنها تقرر أحكام انتهاء الوقف فى حال صيرورته بمنزلة العدم، وفى حالة بقائه على صورة لا نفع للمستحقين فيه أصلا أو فيه نفع ضئيل لا يكاد يذكر تجنبا لما يؤدى غليه المر فى هذه الأحوال من الاختلاف والتخاصم بين المستحقين بعضهم مع بعض أو بينهم وبين النظار وشغل الجميع وشغل المحاكم وضياع الأوقات وتحمل النفقات بسبب الوقف الذى أصبح فى حكم المعدوم وقد روعيت فى تقرير حكم انتهاء الوقف فى الحالتين الواردتين لهذه المادة مصلحة المستحقين والمصلحة العامة تجنبا للأثر السئ الذى ينشأ من بقاء الوقاف على هذه الصورة، وما يحدثه هذا فى الحالة العمرانية والاقتصادية ومن ثم لم يراع المشرع فى الأخذ بهذا الحكم حقوق من يأتى بعد المستحقين من أهل الوقف ولم يرتب المشرع حكم الانتهاء على قيام السبب بمقتضى القانون بل جعل ذلك للمحكمة تصدر به قرارا بعد النظر والتقدير لأن سبب الإنهاء قد يكون موضع تقدير كما فى ضآلة الاستحقاق إذ يختلف باختلاف الأشخاص والبيئات والأصقاع والأنظار وتختلف فيها وفى غيرها من أسباب الانتهاء، ومتى صدر قرار الانتهاء يكون الانتهاء وما يترتب عليه من وقت صدوره .
وبانتهاء الوقف بقرار المحكمة يصبح الموقوف ملكا للواقف إن كان حيا ، وإن لم يكن فلمستحقى الغلة، ومنهم المشروط له السكنى ويتصرفون فيه كما يتصرفون فى الملك .
وحكم الإنهاء وصيرورة الموقوف الذى ينتهى فيه الوقف ملكا للواقف إن كان حيا أو للمستحقين أخذه المشرع من أقوال بعض الفقهاء ومنم العبدوس من المالكية، فقد قرر هذا الفقيه بقول جامع صريح أن الوقف ينتهى متى كانت هناك مصلحة تفضل بقاءه حتى انها لو كانت موجودة حين الوقف لفضلها الوقف وامتنع عن وقفه لما وقف وهذه المصلحة أعم من أن تكون حاجة الموقوف عليه إلى القوت أو توسيع المسجد والطريق والمقبرة أو أى مصلحة أخرى ولا ريب أن حال كل من تخرب الموقوف بحيث لا تمكن عمارته إلا بضرر الموقوف عليه ضررا بينا وضآلة النصبة فى الوقف ووصلوها إلى شئ لا يغنى مما يندرج تحت هذا الحكم ولو كان هذا هو الحال حين الوقف لامتنع الواقف عنه .
ويبدون من السؤال أن وقف النزل الوارد بكتاب الوقف المرافق قد آل إلى حالة أصبح نصيب كل مستحق فيه فى الغلة ضئيلا وتوفر السبب الموجب لإنهاء الوقف فيه وأن أكثر المستحقين لا ينتفعون بنصيبهم من الغلة انتفاعا ذا قيمة أو غناء .
وقد رأينا من الأوفق اختيار هذا الرأى للافتاء به فى مثل هذه الحالة تحقيقا لمصلحة المستحقين - أما قسمة الموقوف بين المستحقين قسمة لازمة فقد أجازها القانون المذكور إذ نص على أن لكل من المستحقين أن يطلب فرز حصته فى الوقف متى كان قابلا للقسمة ولم يكن فيها ضرر بين وتحصل القسمة بواسطة المحكمة وتكون لازمة، وجواز قسمة الموقوف بين الموقوف عليهم قسمة لازمة كما تقسم العيان المملوكة هو أحد قولين فى مذهب الحنابلة، وهو مفرع على أشهر الأقوال عندهم من أن الأعيان الموقوفة مملكة للموقوف عليهم، والأخذ بهذا الرأى يحقق مصلحة الوقف والمستحقين إذ يباشر المستحقون إدارة أموال هم أحق برعايتها والمحافظة عليها، ويتجنبون تحكم النظار فيهم وجورهم عليهم ويستقل كل منهم بنصيبه يرعاه ويستغله بالطرق التى يرى فيها خيره وخير ذريته، غير أنه يشترط لجواز القسمة على الوجه المشار إليه شرطان الأول أن تكون العين قابلة للقسمة .
فان كانت غير قابلة لها بأن كان يترتب عليها عدم الانتفاع بالأنصبة بعدها انتفاعا معتبرا فإنها لا تجوز .
والثانى لا يترتب عليها ضرر بين بعين الوقف أو بالمستحقين كأن يكون الموقوف منزلا إذا قسم ينشأ عن قسمته ضعف الانتفاع بدرجة يكون فيها غبن بين أو يترتب عليها حرمان بعض الأقسام من المرافق الضرورية أو نحو ذلك فحينئذ لا تجوز القسمة والأمر فى تقدير عدم قابلية العين للقسمة وتقدير ما يترتب على القسمة من ضرر بين موكول إلى المحكمة التى تقدر فى كل حالة بحالتها .
ونظرا لما فى القول بجواز قسمة أعيان الوقف بين المستحقين على الوجه المشار إليه من المصلحة الظاهر أخترنا الإفتاء به على أن تكون القسمة بالشروط والأوضاع التى أشرنا إليها - أما الذين لا يسكنون فى المنزل فيجوز لهم أخذ الأجر من الذين يسكنون فيه بمقدار ما يوزاى حقهم فى الاستحقاق - ويزيد عن حق الساكنين فى هذا الاستحقاق .
لذلك لا نرى مانعا من الأخذ بانتهاء الوقف فى المنزل الموقوف موضع السؤال أو بقسمته على أن يعرض المر على المحكمة المختصة لتصدر قرارها بانتهاء الوقف فى المنزل أو بقسمته بين المستحقين أو فرز نصيب من يطلب القسمة منهم إذا رأت الأخذ برأى الفقهاء الذين أشرنا إليهم فى الحدود والأوضاع التى بيناها .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال . والله أعلم(6/242)
وقف منقطع
F محمد عبده .
ربيع الأول 1314 هجرية
Mإذا توفى الموقوف عليه دون عقب - فى حياة الواقف قبل الاستحقاق - يكون ريع الوقف للفقراء إذا لم ينص الواقف على الصرف لأحد بعينه حال الموت قبل الاستحقاق عن غير عقب
Q بإفادة من عموم الأوقاف بتاريخ 20 ربيع الأول سنة 1314 نمرة 54 مضمونها أن من ضمن الأطيان الموقوفة من قبل المرحومة الست خديجة هانم الفروجية بأراضى ناحيتى ميت السراج ومحلة القصب بمديرية الغربية بمقتضى حجة الإيقاف المسطرة من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 14 رمضان سنة 1275 مائة فدان موقوفة من قبل الست المشار إليها على بنت أخيها المرحوم السيد محمد الفروجى هى الست زينب ولوفاة زينب المذكورة فى حياة الواقفة لا عن عقب آلت المائة فدان المذكورة للفقراء وتقررت الحضرة الخديوية فى النظر عليها بموجب تقرير من المحكمة المذكورة مؤرخ بتاريخين ثانيهما 22 ربيع الثانى سنة 1310 هجرية ولم يضع الديوان يده على المائة فدان المذكورة بسبب التعرض الحاصل من مستحقى باقى أطيان الوقف المذكور وادعائهم أيلولة المائة فدان المحكمى عنها إليهم ولذلك عزم الديوان على رفع دعوى شرعية عليهم أمام المحكمة المذكورة بشأن ذلك ولكن قبل الدخول فى موضوع هذه الدعوى رؤى موافقة اطلاع فضيلتكم على صورة وقفية الوقف المحكى تاريخها أعلاه وعلى الفتاوى السابقة اعطاؤها فى أمر المائة فدان المذكورة من مفتى مجلس الأحكام سابقا ومن حضرة الأستاذ الشيخ العباسى مفتى أفندى الديار المصرية وعلى صورة تقرير نظر الجناب العالى المشار غليها بأمل ورود الإفادة عما ترونه فضيلتكم فى ذلك شرعا من جهة أيلولة المائة فدان المرقومة للفقراء لإجراء اللازم وبناء عليه اقتضى ترقيمه لفضيلتكم عن يد ناقله حضرة السيد محمد عبد الهادى مندوب الأوقاف الشرعى ومرسل معه الأوراق المذكورة عدد 4
An قد صار الاطلاع على إفادة عزتكم المسطورة رقم 54 وعلى ما معها من الأوراق التى من جملتها صورة حجة تغيير وقف الست خديجة هانم بنت المرحوم السيد عبد الله الفروجى المحررة الحجة المذكورة من محكمة مصر الشرعية فى 14 رمضان سنة 1275 وصورة جواب مفتى الأحكام سابقا وفتوى حضرة الأستاذ مفتى الديار المصرية المؤرخة فى 20 ربيع الثانى سنة 1293 نمرة 17 مضبطة والذى ظهر فى حكم المائة فدان الموقوفة من قبل الست خديجة المذكورة على الست زينب بنت أخيها السيد محمد الفروجى المستفهم عنها بهذه الإفادة هو ما أفتى به حضرة الأستاذ مفتى افندى الديار المصرية المومى إليه فى ايلولة ريعها للفقراء لكونه منقطع الوسط مادام أحد من أولاد أخ الواقفة التسعة وذريتهم موجودا لموت زينب المذكورة قبل الاستحقاق لاعن عقب وذلك لعدم النص فى شرط الواقفة على صرف ذلك لأحد بعينه حال الموت قبل الاستحقاق عن غير عقب على الوجه المسطور بفتوى حضرة الأستاذ المومى إليه وأيضا لعدم ذكر ما يدل على غرض للواقفة يخالف ما ذكر حتى يتعين العمل به والله أعلم(6/243)
الشفعة فى الوقف
F محمد عبده .
ربيع الأول 1317 هجرية
M 1 - ما لا يملك بحال من الوقف لا تجوز الشفعة فيه وما يملك بحال تجوز الشفعة فيه .
2 - استبدال الواقف لأحد أعيان الوقف بما له من هذا الشرط يجعل العقد صحيحا وتجرى فيه الشفعة بعد استيفاء شروطها شرعا
Q فى رجل وقف عقارا وشرط فيه الاستبدال لنفسه ثم باع هذا العقار الموقوف لكى يستبدل به عقارا آخر للوقف حسب شرطه .
فهل يجوز لمالك العقار المجاور لذلك العقار المبيع أن يأخذه بالشفعة إذا توفرت الشروط الشرعية أفيدوا بالجواب
An نصوا على أن مالا يملك من الوقف بحال لا تجوز فيه الشفعة، أما ما يملك منه بحال فتجوز فيه والواقعة اليوم فى قوف شرط فيه واقفه لنفسه الاستبدال ولم يستبدل فيه حكم فالوقف يملك بحال وهو حال البيع للشرط خصوصا مع عدم سبق الحكم فيكون البيع صحيحا بالاتفاق والشفعة إنما تعتمد صحة البيع وجوازه وقد جاز فى هذه الواقعة وصح كما ذكرنا فللمالك لعقار مجاور للعقار المبيع من الوقف الذى وقع فيه البيع بمقتضى الشرط حق الشفعة بملكه المجاور له وإنما يلزمه استيفاء الشرائط الشراعية فى الشفعة والإتيان بجميع الطلبات المنصوصة شرعا .
والله سحبانه وتعالى أعلم(6/244)
وقف على القرابة الفقراء
F بكرى الصدفى .
ذى الحجة 1324 هجرية
Mإذا شمل الوقف ذرية الواقف ومصالح الزاوية، بالعطف تقسم غلة الحصة بينهما مناصفة
Q من السيد ع د فى مرافعة صدرت أمام الحاكم الشرعى من ضمن ما بها ادعى السيد / ى والسيد/ ع ، ع م المذكورون أعلاه على الشيخ شمس الدين م د المومى إليه أعلاه بأن من الجارى فى وقف جد المدعين المذكورين هو المرحوم الشيخ حسن ا ا خليفة الشيخ دمرداش جميع الحصة التى قدرها أربعة قراريط وربع قيراط فى كامل ناحية منيل أبو دويب ولاية المنوفية بموجب كتاب الإيقاف المسجل بمصر المحروسة المؤرخ بثالث عشر رجب سنة 948 والإفراج الديوانى المؤرخ فى 28 صفر سنة 1104 وأن الناظر السابق على وقف جدهم حسن الرومى المذكور كان يدفع لهم مبلغا معلوما من خراج الحصة المذكورة من نحو خمسة عشر سنة سابقة على تاريخه وأن المدعى عليه المومى إليه واضع يده على ذلك مدة الخمسة عشر سنة المذكورة من غير وجه شرعى، ويطالبونه برفع يده عن الحصة المذكورة وتسليمها لهم لحوزوها لجهة وقف جدهم المذكور، وسئل المدعى عليه عن ذلك فأجاب بالاعتراف بوضع يده على ذلك مع باقى الناحية المذكورة بوجه شرعى بمقتضى أن كامل الناحية المذكورة مرصودة ومرتبة من قبل المرحوم إسماعيل باشا كافل الديار المصرية سابقا على زاوية الشيخ الدمرداش المذكور، والنظر باسم كل من يكون ناظرا وشيخا على الزاوية المذكورة وذرية الشيخ الدمرداش المومى إليه بموجب التقاسيط الديوانية التى من جملتها التقسيط الديوانى المؤرخ فى سنة 1108 والتقسيط الديوانى المؤرخ فى رابع عشر من ربيع الأول سنة 1112 مؤكدا ذلك بالبيور لديات الشريفة من قبل وكلاء مولانا السلطان نصره الله تعالى الذين لهم ولاية الأمر فى ذلك التى من جملتها البيور لدى الشريف من قبل الوزير المعظم عابديى باشا محافظ مصر سابقا مؤرخ فى سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين ومائة وألف وأن المدعى عليه المومى إليه واضع يده هو ومن مقدمه لجهة وقف الدمرداش المومى إليه على كامل الناحية المذكورة مدة تزيد عن خمسين سنة سابقة على تاريخه، وأن الوقفية التى بيد المدعيين مقطوعة الثبوت ولم يسبق لهم التصرف فى ذلك بوجه من الوجوه ولا أسلافهم، وأن العلماء من المذاهب الأربعة أفتوا بمنع المدعين المذكورين وعدم سماع دعواهم بذلك لطول المدة المذكورة ولاعتمادهم على الوقفية المنقطعة الثبوت إلى آخر ما تضمنته تلك المرافعة من أنه لما ثبت لدى مولانا شيخ الإسلام المشار إليه صدور الدعوى والسؤال والجواب وما شرح أعلاه مكن الشيخ محمد الدمرداش المومى إليه من التصرف فى كامل الناحية المذكورة على موجب ما بيده من التمسكات الشاهدة لوقف جده المومى إليه خصوصا التقاسيط والبيورلديات المذكورة ومنع المدعيين من المعارضة لجهة وقف الشيخ دمرداش، وأن دعواهم غير مسموعة شرعا لكون الوقفية منقطعة الثبوت وطول المدة التى لا عذر معها، وحكم بموجب ذلك هذا .
ما تضمنته تلك المرافعة . فهل والحال ما ذكر يكون لفظ ذرية الشيخ دمرداش المومى إليه معطوفا على قول زاوية الشيخ دمرداش فيكون وقف الحصة المذكورة مشتركا بين مصالح الزاوية وذرية الشيخ دمرداش المذكور، كما يشهد لذلك أن عمل بعض النظار السالفين على التشريك بينهما أو ما هو الحال وإذا قلتم بعطف ذرية الشيخ دمرداش على زاوية الشيخ دمرداش فما يخص مصالح الزاوية وما يخص ذرية الشيخ من الحصة المذكورة شرعا نرجو التكرم بإفادتنا عن ذلك
An العبارة المذكورة والحال ما ذكر فى السؤال تحتمل وجوها أظهرها عطف لفظ ذرية المذكور على لفظ زاوية المذكور قبله، ولا يمنع من ذلك تخلل الكلام على النظر بينهما خصوصا مع كون عمل بعض النظار السالفين على الشتريك بينهما كما ذكر، وأما كيفية توزيع الحصة المذكورة على الجهتين المذكورتين بناء على العطف المذكور فتعلم مما يأتى قال الإمام هلال فى كتابه لوق ال صدقة موقوفة لقرابتى وللفقراء والمساكين والغارمين وفى سبيل الله وفى الرقاب وابن السبيل، قال ينبغى على قياس قول أصحابنا أن يضرب لكل واحد من القرابة بسهم وللفقراء بسهم وفى سبيل الله بسهم وفى الرقاب بسهم ولابن السبيل بسهم، وعلى قياس القول الآخر أن يضر للمساكين بسهمين وللرقاب بسهمين وللغارمين بسهمين ولكل واحد من القرابة بسهم انتهى - ونحوه فى غيره من الكتب، وفى التنوير وشرحه من باب الوصية بثلث المال، وبثلثه لأمهات أولاده وهن ثلاث وللفقراء والساكين لهن ثلاثة أسهم من خمسة وسهم للفقراء وسهم للمساكين وبثلثه لزيد وللمساكين .
لزيد نصفه ولهم نصفه ولو أوصى بثلثه لزيد وللفقراء والمساكين قسم أثلاثا عند الإمام وأنصافا عند أبى يوسف وأخماسا عند محمد انتهى .
فعلى ذلك الوجه الذى ذكره هلال يكون لكل واحد من الذرية المذكورة فى هذا السؤال سهم إن كانوا يحصون ولمصالح الزاوية وقف وقفا على الفقراء وأقربائه قال نصير الوقف بين الفقراء والقرابات نصفان، قال داود ذهب بعض المتأخرين إلى أن هذا يكون إذا كان الأقرباء لا يحصون فإن كانوا يحصون فلكل واحد منهم سهم وللفقراء سهم .
والصواب ما قال نصير لأنه مراد الواقف وبه يفتى انتهى - وعلى ما قاله نصير تقسم غلة الحصة المذكورة فى السؤال بين الذرية ومصالح الزاوية نصفين فيكون للذرية النصف ولمصالح الزاوية النصف، وقد نص العلماء على أن لفظ وبه يفتى من أكد ألفاظ التصحيح .
هذا وبمراجعة نسخة أخرى من كتاب هلال وجدناها مطابقة للعبارة المذكورة، ثم إن هذا كله حيث صدر الوقف المذكور ممن يملكه مستوفيا شرائط الصحة شرعا، هذا ما ظهر لى فى جواب هذا السؤال، نعم إن ظهرت تلك التقاسيط والمستندات المذكورة وتبين منها ما يخالف ذلك فيكون المراد على ما يظهر ويتحقق والله تعالى .
وما قيل فى الحصة المذكورة يقال فى باقى الناحية المرقومة على الوجه الذى توضح أعلاه(6/245)
الوقف على الفقراء من الأقارب
F عبد المجيد سليم .
رمضان 1351 - 11 يناير 1933 م
Mإذا وقف الشخص على أقاربه، فالأظهر - على ما قاله الصاحبان - إنه يتناول المحارم من ذوى الرحم وغيرهم، ويشمل الأقرب والأبعد .
ففى هذا الوقف يشارك ابن ابن الأخ ولدى أخ اواقف - باسوية بينهم - متى كانوا مستحقين طبقا لشرط الواقف
Q من غبريال شحاتة بالآتى توفى رجل وكان واقفا وقفا على نفسه مدة حياته ثم من بعده لمن عينهم بكتاب وقفه، وقد شرط فى وقفه أن يكون منه ثلاثة قراريط تصرف ريعها لمن يكون فقيرا ومستحقا من أقاربه ذكورا وإناثا بالسوية بينهم ماداموا موجودين على قيد الحياة ، وأما إذا كانوا موجودين وغير محتاجين أو لم يوجدوا فيكون وقفا مصروفا ريعه على الفقراء المحتاجين بناحية قليوب، وقد توفى الواقف والوقف باق على حاله وترك من أقاربه المنطبق عليهم شرط الواقف من الفقراء المحتاجين (الطالب) وأخت شقيقة له وهما أولاد أخى الواقف وخليل إبراهيم غطاس ابن ابن أخى الواقف ولم يوجد فقراء محتاجون من أقارب الواقف خلاف من ذكر .
فهل يتبع شرط الواقف ويصرف لهم ما نص عليه الواقف فى كتاب وقفه أو لا
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى حجة الوقف الصادرة من محكمة بنها الشرعية فى 12 رمضان سنة 1310 - ونفيد بأنه قد اختلف الإمام وصاحباه فيما إذا أوصى الشخص لأقاربه أو وقف عليهم هل يعتبر الأقرب فالأقرب فلا يستحق الأبعد قرابة مع وجود من هو أقرب منه أم لا كما اختلفوا فى أن لفظة الأقارب تتناول غير المحارم من ذوى الرحم أم لا فذهب أبو حنيفة غلى أن اسم الأقارب لا يتناول من ليس بمحرم كما أنه يقدم الأقرب فالأقرب، وذهب الصاحبان إلى أن اسم الأقارب كما يتناول المحارم من ذوى الرحم يتناول وغيرهم منهم ويتناول الأبعد والأقرب، وقد قالوا إن مذهب الإمام هو الصحيح وعليه المتون، وعلى مذهبه أفتى المرحوم الشيخ المهدى كما جاء بصحيفته 737 من الجزء الثانى من فتاواه، فإذا جرينا على مذهب الإمام فى حادثتنا هذه اختص ولدا أخى الواقف بريع الحصة الموقوفة على فقراء الأقارب بالسوية بينهما إذا كان فقيرين ولم يكن لأحدهما من تجب نفقته عليه ممن يعد هو عرفا غنيا بغناه من أصل وفرع أو زوج بالنسبة لبنت الأخ ولا شىء لابن ابن الأخ، أما إذا جرينا على مذهب الصاحبين لم يختص الولدان المذكوران بريع هذه الحصة بل يشركهما ابن ابن الأخ بالسوية بينهم متى كان فقيرا ولم تجب نفقته على من يعد غنيا بغناه من أصل أو فرع على ما ذهب إلى هذا التقييد هلال وإن نازعه الخصاف فيه، والوجه فى نظرنا هو مذهب الصاحبين لأن اسم الأقارب كما يتناول عرفا الأقرب يتناول الأبعد حين تناوله للأقرب لأنه من صيغ العموم التى تتاول جميع أفراد مفهومها دفعة واحدة، ولا يوجد دليل على أن المتكلم بهذه اللفظة يريد أن الأبعد لا يستحق مع ونجود الأقرب كما أنه لا دليل على أن لفظة الأقارب تختص بالمحارم عرفا أو لغة، ومن وقف على دليل كل من الرأيين لا يتوقف فى استظهار ما ذهب إليه الصاحبان فى مسألة الوقف .
هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال .
والله أعلم(6/246)
وقف استحقاقى على النفس ثم على فقراء عائلة الواقف
F حسن مأمون .
شعبان 1380 هجرية - 22 يناير 1961 م
M 1 - المراد بالأقرب فى اصطلاح الفقهاء أقرب الناس التصاقا بالشخص من جهة الرحم لا من جهة الإرث أو العصوبة .
2 - أصول الشخص وفروعه أقرب إليه رحما ممن تفرع من أصول والده وأجداده .
3 - ابن الابن أقرب للشخص من أخيه لأبيه
Q اطلعنا على الطلب المقدم من السيد - محمد خالد محى الدين من حمص بالإقليم الشمالى المتضمن أن رجلا وقف عقارات على نفسه مدة حياته ثم من بعده على فقراء عائلته الأقرب فالأقرب .
وطلب السائل الإفادة عن الآتى هل الأخ لأب أقرب أم الحفيد الذكر
An كلمة عائلة تطلق عرفا الآن على من يجتمع معهم الشخص فى نسب واحد من جهة أبيه وأجداده وإن علوا وعلى أولاده لصلبه وأولاد بنيه وإن سفلوا، وهى مرادفة لكلمتى آل أو أهل البيت فى اصطلاح الفقهاء - وقد عرف الفقهاء الآل وأهل البيت بأنهم هم الذين يناسبوه إلى جده الكبر من قبل أبيه فكل من كان يناسبه من قبل أبيه إلى أقصى أب له فى الإسلام فهم آله وأهل بيته وتشمل الوالد والأبناء وأبناء الأبناء وإن نزلوا، والمراد بالأقرب فى اصطلاح الفقهاء أقرب الناس التصاقا بالشخص من جهة الرحم لا من جهة الإرث أو العصوبة فأصوله وفروعه أقرب إليه رحما ممن تفرع من أصول والده وأجداده، وعلى ذلك يكون ابن لابن ( الحفيد ) أقرب للشخص من أخيه لأب لأن من تفرع منه أقرب إليه ممن تفرع من أبيه لما ذكرنا .
وبهذا علم الجواب على السؤال . والله أعلم(6/247)
وقف استحقاقى وكيفية أيلولته طبقا لقانون 180 سنة 1952
F حسنين محمد مخلوف .
جمادى الثانية 1272 هجرية - 8 مارس 1953 م
M 1 - تقسم الواقف وقفه إلى حصص معينة يقتضى حصر المستحقين لكل حصة فيهم فقط .
2 - جعل الواقف حصة معينة من الموقوف لمستحق معين بشرط النظر يقتضى جعل هذه الحصة له وحده فقط مادام ناظرا على أن تكون هذه الحصة مستحقة لمن يتولى النظر من ذريته خاصة .
3 - إذا لم يستحق النظر على الوقف أحد من ذريته لا يستحق هذه الحصة .
4 - حصر الواقف استحقاق النظر فى ذرية ولد معين من أولاده يقتضى عدم انتقال الاستحقاق عنهم إلا إذا فقد شرط الأرشدية فيهم جميعا .
5 - بصدور القانون 180 سنة 1952 تصبح الحصة الموقوفة ملكا للمستحقين لها بشرط وجودهم على قيد الحياة وقت العمل بالقانون .
6 - الحصة الموقوفة على معين بشرط النظر تكون مستحقة له بشرط النظر وليست مجرد أجر نظر، وتنتقل ملكية هذه الحصة إليه طبقا للقانون 180 سنة 1952 متى كان ناظرا على الوقف وقت العمل به .
7 - وقف حصة معينة على أن يشترى بمتجمد ريعها كله أعيان تلحق بالموقوف ويأخذ حكمه ومصرفه حالا ومآلا تعتبر نماء وزيادة فى الوقف حسب بيان الواقف فى وقفه ويكون فى الواقف مرصدا عليهم، ولمصلحتهم ويكون المستحقون لغيرها مستحقون لها أيضا .
8 - إذا كان الوقف مقسما إلى ثلاث حصص تقسم الحصة الموقوفة بقصد نماء الوقف مناصفة بين أصحاب الحصتين الأخريين، ويقسم الوقف كله مناصفة بين المستحقين جميعا وما يصيب كل واحد منهم يكون ملكا له متى تحققت شروط القانون 180 سنة 1952
Q من الأستاذ سعد فخرى قال بموجب حجة الوقف الصادر بها إعلام شرعى من محكمة مديرية الدقهلية فى 4 يوليو سنة 1904 ( 94 حصر و 80 متباينة ) أنشأ المرحوم الكونت خليل صعب من أعيان وتجار بندر المنصورة وقفا أهليا خالصا مكونا من عدة عقارات وأملاك مبنية كائنة بالمدينة المذكورة، وجاء فى حجة الوقف أنه أنشأ جناب الكونت خليل صعب الواقف المذكور وقفه هذا على نفسه مدة حياته ينتفع بذلك وبما شاء منه بسائر وجوه الانتفاعات الشرعية من سكن وإسكان وأجرة واستغلال أبد ما عاش ودائما ما بقى ثم من بعد انتقاله من هذه الدار الفانية يكون ذلك وقفا مصروفا ريعه لمستحقيه حسب البيان الآتى وعلى الوجه المعنية بعد - فمن ذلك ثلث ريع جميع العقارات المذكورة يصرف لأولاد جنابه وهم عزيز ونجيب وسليم وفؤاد فقط - ينتفعون بذلك على السواء مدة حياتهم - فإذا توفى أحدهم عن ذرية تشترك ذريته مع باقى المستحقين فى الثلث المذكور ويقسم على عدد رءوسهم للذكر مثل حظ الأنثيين وهكذا فى باقيهم ثم على أولاد أولادهم ذكورا وإناثا كذلك من أولاد الظهور دون أولاد البطون ثن لذريتهم ونسلهم وعقبهم كذلك من أولاد الظهور دون أولاد البطون تكون القسمة على عدد رءوسهم جميعا للذكر مثل حظ الأنثيين حسبما تقدم ذكره على أن الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع وعلى أن من مات منهم قبل دخوله فى هذا الوقف واستحقاقه لشئ منه وترك ولدا أو ولد أو ولد ولد شارك الموجودين من ذرية الواقف وكان له استحقاق كواحد منهم إن كان ذكرا فكا الذكر منهم - وإن كان أنثى فكا الأنثى منهم بحسب عدد الرءوس يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى حين انقراضهم أجمعين - فإن لم يكون له ولد ولا ولد ولد انتقل نصيبه من ذلك كباقى المستحقين يوزع عليهم على عدد رءوسهم للذكر مثل حظ الأنثيين - وإذا انقرضت ذرية جناب الواقف بأسرهم انتقل ما كان يصرف لهم لمن يوجد من ذرية الإناث المتصل نسبهم لجناب الواقف المومى إليه للذكر منهم مثل حظ الأنثيين حسب النص والترتيب المشروحين أعلاه إلى حين انقراضهم أجمعين - فيكون الثلث المذكور مصروفا فى الوجوه الآتية ومن ذلك الثلث الثانى من الريع يستولى عليها ابنه عزيز المذكور ما دام حيا ومتوليا النظر ولا يشارك إخوته فى الثلث الذى يصرف للمستحقين مادام ناظرا على هذا الوقف، ويستمر صرف الثلث المذكور لمن يتولى النظر من ذرية المذكور حسب النص والترتيب المشروحين، ومن لم يستحق النظر منهم يشارك مع باقى المستحقين فى الثلث الأول - وإذا لم يعقب أولادا ذكورا أو كانوا ولكن ليست فيهم اللياقة التى تؤهلهم للنظر على هذا الوقف أو قام بهم مانع شرعى أو تولى النظر منهم واحد وحصل منه ما يوجب عزله فعزل ولم يوجد غيره من الذرية فيه الصلاحية لذلك يختار ناظر من الذرية الآخرين بمعرفة البطركخانة مجلس الطائفة المارونية ومصادقة أكثر المستحقين ويصف لمن يتولى النظر منهم الثلث المذكور - والثلث الباقى يودع فى أأمن بنك مؤتمن مضمون ويكون ما يودع من ذلك لحساب الوقف خاصة ويذكر فى وصولات الاستلام أن المبلغ وارد أمانة مني د فلان الناظر على وقف جناب الكونت دى صعب ويكون ذلك أولا فأولا - ومتى تكامل فيه ما يتيسر يشترى عقار به أو إنشاء عقار منه على أرض فضاء الوقف ويصرف فى هذا الغرض ويلحق بهذا الوقف بشرط أن كل فضاء الوقف ويصرف فى هذا الغرض ويلحق بهذا الوقف بشرط أن كل ما يحدثه ابنه عزيز أو غيره من النظار فى أعيان الوقف من الإنشاء والعمارة وكل ما يشترى من باقى ريعه يكون تابعا له ويلحق به حكمه كحكمه وشرطه كشرطه ومصرفه كمصرفه فى الحال والمال ولما صدر المرسوم بقانون 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات رغب المستحقون الأربعة المذكورون فى أن يقوموا بشهر حصصهم فى تملك عقارات الوقف طبقا للإجراءات والقواعد المقررة فى شأن حق الإرث المنصوص عليها فى القانون 164 لسنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقارى، وحيث إن استكمال هذه الإجراءات يستلزم تحديد نصيب كل من مستحقى الوقف المذكور وهم الإخوة الأشقاء الأربعة - عزيز ونجيب وسليم وفؤاد أبناء الواقف - فقد رأيت أن أرفع الأمر لفضيلتكم طالبا إفتائى فى هذا الأمر بتحديد نصيب كل من مستحقى وقف المرحوم الكونت خليل صعب طبقا لما تضمنه نص حجة الوقف الوارد فى صلب هذا الطلب
An اطلعنا على السؤال وعلى صورة غير رسمية من إنشاء كتاب الوقف المذكور بالسؤال وأنه صادر من حضرة الكونت خليل صعب أمام محكمة مديرية الدقهلية الشرعية بتاريخ 4 يولية سنة 1904 وتبين منه أنه جعل وقفه بعد وفاته ثلاث حصص ( الحصة الأولى ) وهى ثلث صافى ريع الوقف خص بها أبناءه الأربعة وهم عزيز ونجيب وسليم وفؤاد فقط - ينتفعون بها هم وذريتهم حسب الشروط الواردة بكتاب الوقف ( والحصة الثانية ) وهى ثلث صافى ريع الوقف أيضا خص بها ابنه عزيز المذكور مادام حيا ومتوليا النظر، ومتى تحقق له ذلك واستولى على هذه الحصة لا يشارك إخوته الثلاثة المذكورين فى الحصة الأولى على أن تكون هذه الحصة بعد وفاته لمن يتولى النظر من ذريته خاصة ومن لم يستحق النظر من ذريته يشترك مع باقى المستحقين فى الحصة الأولى - ( والحصة الثالثة ) وهى الثالث الباقى بشرط الواقف أن يشترى بما يتجمع من صافى ريعها أعيان تلحق بهذا الوقف وتأخذ شرطه وحكمه ومصرفه فى الحال والمآل وأنه اشترط النظر على هذا الوقف لابنه عزيز ثم للأرشد فالأرشد من ذرية عزيز المذكور فى جميع الطبقات فحصر استحقاق النظر فى ذرية عزيز المذكور لا ينتقل عنهم إلا إذا فقد شرط الأرشدية فيهم جميعا - ( والجواب ) أن الحصة الأولى المستحقة لأولاد الواقف الثلاثة وهم نجيب وسليم وفؤاد ومقدارها ثلث الموقوف تصبح ملكا لهم إذا كانوا موجودين على قيد الحياة وقت العمل بالقانون رقم 180 لسنة 1952 - وأن الحصة الثانية وهى ما شرطه الواقف لابنه عزيز ومقدار الثلث أيضا هى استحقاق له لا مجرد أجر نظر كما تفهمه عبارته وكما نص عليه فى فتح القدير والإسعاف وحاشية البحر فتعتبر ملكا له إذا كان على قيد الحياة حين العمل بهذا القانون - وأما الحصة الثالثة التى شرط الواقف أن يشترى بمتجمد ريعها أعيان تلحق بالموقوف وتأخذ شرطه وحكمه ومصرفه فى الحال والمآل فهى نماء وزياد فيما وقفه على أولاده وذريته حسب البيان الوارد بكتاب الوقف، وحيث كان قصد الواقف من ذلك استمرار نماء الوقف وزيادته ليقابل ذلك نماء ذريته فى المستقبل فيكون فى الواقع مرصدا عليهم ولمصلحتهم، ويكون المذكورون هم المستحقين الحاليين لهذه الحصة فتمشيا مع غرض الواقف وتطبيقا للقانون المذكور مع رعاية ما قصده المشرع فيه من خر المستحقين الحاليين يقسم هذا الثلث قسمين متساويين أحدهما لأهل الحصة الأولى والآخر لصاحب الحصة الثانية وبذلك يكون نصف الوقف كله ملكا لأهل الحصة الأولى والنصف الآخر ملكا لصاحب الحصة الثانية، وهذا إذا لم يكن فى أصل كتاب الوقف خيرات مشروطة، فإذا كان كذلك تتبع فيها ما تقضى به قوانين الوقف والله أعلم .
ے(6/248)
وصية الواقف بالتسوية بين الذكر والأنثى
F حسنين محمد مخلوف .
ربيع الثانى 1373 هجرية - 3 يناير 1954 م
Mنص الواقف على المساواة بين الذكر والأنثى فى الاستحقاق نافذ ويعمل به حتى بعد صدور القانون 180 سنة 1052 وتكون حصة كل مملوكة له طبقا للقانون المذكور
Q من عبد المجيد السيد قال أوصى صاحب الوقف أن الأنثى مثل الذكر بالسوية فهل بعد قانون حل الوقف تتغير هذه الوصية أم مازالت سارية بعد حل الوقف
An قد اطلعنا على السؤال المسطر بعاليه - والجواب - أنه إذا نص الواقف فى كتاب الوقف على التسوية بين الذكر والأنثى فى الاستحقاق فى سائر الطبقات أو سكت عن ذلك فلم ينص على المفاضلة أو التسوية بين الذكر والأنثى فى سائر الطبقات فتكون أعيان الوقف التى أصبحت ملكا للمستحقين بمقتضى القانون رقم 180 لسنة 1052 مملوكة لهم بالتساوى بين الذكر والأنثى .
والله أعلم(6/249)
وقف يصير ملكا خاضعا للوصية الواجبة
F حسنين محمد مخلوف .
ربيع الثانى 1373 هجرية - 4 يناير 1954 م
M 1 - بوفاة الواقف بعد القانون 180 سنة 1952 تصبح جميع الأعيان الموقوفة ملكا له إن كان له حق الرجوع فيه وتكون تركة عنه .
2 - إذا كانت وفاته عن ورثة وعن أصحاب وصية واجبة يستحق أصحاب الوصية الواجبة مثل نصيب أصلهم فى حدود الثلث طبقا للمادة 76 من قانون الوصية
Q من السيد / محمد عبد الحليم قال سبق أن أوقف المرحوم والدى أطيانا وقفا أهليا على نفسه مدة حياته ثم من بعده يكون ريع هذا الوقف لى ثم من بعدى لذريتى طبقة بعد طبقة وهكذا إلى آخر ما جاء بالإشهاد وشرط فى وقفه هذه الشروط العشرة المعروفة لنفسه مدة حياته وقد صدر القانون رقم 180 لسنة 1952 بحل الوقف الأهلى حال حياته - كما أنه يملك غير هذا الوقف أطيانا أخرى وغيرها وكانت له بنت تزوجت وماتت فى سنة 1937 عن ابنين - وقد توفى المرحوم والدنا فى 1953 عنى وعن والدتى وبنت أخرى غير التى توفيت - فكيف تقسم تركته وهل أطيان الوقف المنوه عنها سابقا تكون وهى وغيرها تركة واحدة أم لها حكم خاص وهل أبناء شقيقتى المتوفاة قبل الذى سابقة الذكر يستحقون شيئا فى التركة سواء فى الأطيان التى كانت موقوفة وفى الأطيان التى لم توقف وغيرها أم لا وإن كانوا يستحقون شيئا فما مقداره وما نصيب كل وارث منا نحن الورثة المذكورين بعاليه كما أنه لا يوجد مستحق آخر فى الوقف غيرى
An اطلعنا على السؤال والجواب - أنه بوفاة الواقف بعد العمل بالقانون رقم 180 لسنة 1052 الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات تصبح جميع الأعيان الموقوفة منه ملكا له ،غن كان له حق الرجوع فيه وتدخل ضمن تركته بعد وفاته - وبوفاته بعد صدور قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 المعمول به ابتداء من أول أغسطس سنة 1946 عن زوجة وابن وبنت وعن ابنى بنت توفيت قبله فقط - يكون لولدى بنته فى تركته وصية واجبة بمثل ما كانت تأخذه أمهما لو كانت موجودة عند وفاة أبها فى حدود الثلث طبقا للمادة 76 من القانون المذكور - فتقسم تركة المتوفى إلى واحد وثلاثين سهما لابنى بنته منها سبعة أسهم وصية واجبة مناصفة بينهما والباقى وقدره أربعة وعشرون سهما يقسم بين الورثة للزوجة منه الثمن فرضا ولولديه الباقى تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين فيخص الزوجة ثلاثة أسهم ويخص الابن أربعة عشر سهما ويخص البنت السبعة الأسهم الباقية - وهذا إذا لم يكن للمتوفى وارث آخر ولم يوص لواحد من ابنى بنته بشئ ولم يعطه شيئا بغير عوض عن طريق تصرف آخر والله أعلم(6/250)
الوقف على بعض الذرية ابتداء وتحوله إلى ملك
F حسن مأمون .
صفر 1375 هجرية - 29 سبتمبر 1955 م
M 1 - الوقف على بعض الذرية ابتداء دون الوقف على نفسه واشتراط الواقف فيه لنفسه الشروط العشرة يكون له حق الرجوع فيه طبقا للمادة 11 من القانون 48 لسنة 1946 .
2 - بوفاة الواقف بعد العمل بالقانون 180 سنة 1952 يكون الموقوف تركة عنه لورثته الشرعيين ومنهم أولاده سواء فى ذلك من كان موقوفا عليه ومن لم يكن موقوفا عليه .
3 - إذا كان له أولاد بنت توفيت قبله يكون لهم استحقاق فى الموقوف وغيره بطريق الوصية والواجبة .
4 - شراء الواقف لباقى أولاده غير الموقوف عليهم مثل ما يوازى حقهم فى الوقف غير مانع من ميراثهم فى الموقوف الذى آل إلى ملك - كما لا يكون كون ذلك الشراء لهم مانعا من الرجوع فى الوقف لعدم ورود أى احتياط فى القانونين 48 سنة 1946، 180 سنة 1952 فى مثل الحالة النادرة .
5 - إقرار المورث بتوزيع تركته على هذه الصورة غرضه منه تحقيق العدالة بين أولاده جميعا ضمانا لعدم وقوع خلاف بينهم مستقبلا فهو تصرف أشبه بوصية وليس وصية حتى يأخذ حكمها لأنه إقرار لم تستوف شروطه الشكلية ولا القانونية الواردة بقانون الوصية .
6 - توزيع المورث تركته على هذه الصورة حرص منه على تنفيذ ما أراده قبل وفاته وبعدها غير أن صدور القانون 180 سنة 1952 كان عقبة فى تنفيذ هذه الرغبة المحمودية الجائزة شرعا .
7 - قانون مراعاة العدالة والتعاطف والتراحم الخ هو الذى يوجب تنفيذ رغبة المورث وحده بطاعة جميع الورثة له وتنفيذ رغبته .
8 - إذا رأى الورثة الأخذ بقانون العدالة فلا يكون هناك مانع من الأخذ بتوزيع مورثهم لتركته وديا مع غض النظر عما يعطيه القانون لبعضهم إرضاء لله ولرسوله وللناس .
9 - إذا كانت هناك زيادة فى القيمة بين ما أوقف وصار ملكا وبين ما اشتراه المورث لباقى أولاده كانت الزيادة بمثابة وصية اختيارية تنفذ من ثلث جميع التركة دون إجازة باقى الورثة
Q من السيد / الصاغ أركان حرب عبد الخالق صالح قال أوقف المرحوم السيد / صالح السيد محمد بتاريخ 22 يولية سنة 1922 أمام محكمة الإسكندرية الشرعية .
وتبين منه أنه وقف واحدا وعشرين قيراطا فى كامل أرض وبناء منزل بالإسكندرية وأنشأه على نفسه ثم من بعده على أولاده السيد ونبوية ودولت ونعمات وحياة ومن سيحدثه الله له من الذرية ثم من بعدهم على أولادهم وقفا مرتب الطبقات على الوجه الوارده به .
وشرط لنفسه فيه الشروط العشرة، وبمقتضاها غير فى وقفه هذا بإشهاد التغيير الصادر منه أمام محكمة السنطة الشرعية بتاريخ 25 يوليو سنة 1945 بأن اخرج وحرم أولاده الموقوف عليهم المذكورين وذريتهم نظرا واستحقاقا إخراجا وحرمانا كليين وأدخل بدلهم من تاريخ هذا الإشهاد أولاده يحيى وحسين وعصمت وماجدة ومن سيحدثه الله له من الأولاد بعد ذلك بالفريضة الشرعية .
ثم من بعدهم على أولادهم وذريتهم وقفا مرتب الطبقات إلى آخر ما جاء به واحتفظ لنفسه بحث الشروط العشرة وتكرارها فى هذا الوقف - أما ثانى كتابى وقفه فإنه صدر منه أمام محكمة طنطا الشرعية بتاريخ 6 أكتوبر سنة 1933 بوقف منزل بطنطا هو المبين به .
وأنشأه من تاريخ على أولاده محمد وعبد الخالق وإبراهيم وحسن وحفيظة المرزوقين له من زوجته الست سنية السيد يوسف، وجعل لهذه الزوجة الثمن والباقى لأولاده المذكورين للذكر ضعف الأنثى بشرط أن تبقى هذه الزوجة على عصمته إلى وفاته ولا تتزوج بعده بغيره، فإن حصل ذلك رد نصيبها لأصل الوقف، ثم من بعد كل من أولاده يكون نصيبه وقفا على أولاده وهكذا وقفا مرتب الطبقات .
وشرط لنفسه فى هذا الوقف أيضا الشروط العشرة .
كما اطلعنا على صورة غير رسمية من الإقرار الصادر منه بتاريخ 26 يولية سنة 1945 المتضمن أنه اشترى لابنه السيد صالح السيد من ماله الخاص منزلا بالمنصورة فى سنة 1929 بمبلغ ألف جنيه وبنى به دورا آخر بألف جنيه وأنه أعطاه فى سنة 1926 مبلغ ألف جنيه جنيه نقدا ليتجر فيها .
وقال وتركت له كل كذلك نظير ما يستحقه من تركتى بعد وفاتى، وفى سنة 1934 اشترى أيضا من ماله الخاص اثنين وعشرين فدانا لبناته نبوية ودولت ونعمات وحياة وترك لهن الريع من يوم الشراء لكى ينتفعن به، وقال وقد اعتمدت على أن يكون هذا كله بصفة ميراث منى لهن فى حالة حياتى وبعد وفاتى - ثم قال ولى أولاد آخرون من زوجتى الست سنية السيد يوسف وهم بعد الخالف وحسن وإبراهيم وحفيظة ومحمد حسنى ويحى وحسين وعصمت واجدة وقد وقفت عليهم أملاكى الباقية وهى المنزل الكائن بطنطا وهو لعبد الخالق وحسن وإبراهيم ومحمد حسنى وحفيظة والمنزل الكائن بالإسكندرية وهو ليحيى وحسين وعصمت وماجدة .
وهذه القيمة نظير ما أخذه إخوتهم السابقون ولو أن هذه القيمة لا تساوى ما أخذه الآخرون شرعا ولكن ما تقدم كان فى حالة ميسرتى فى تجارتى وحيث أن تجارتى أوقفت فقد وقفت إلى ذلك ووقفت ذلك حفظا لحقوق أولادى من الست سنية السيد يوسف وذلك لتربيتهم وهذا اعتراف منى بذلك - وتبين من السؤال أن الواقف المذكور توفى بتاريخ 23 يولية سنة 1954 عن أولاده المذكورين جميعا ما عدا بنته نبوية التى توفيت قبله فى سنة 1935 عن ذرية موجودين .
وطلب السيد السائل معرفة مصير الأعيان الموقفة بعد العمل بقانون إلغاء الوقف وهل تصير ملكا للاقف وإذا صارت ملكا له فهل أولاده غير الموقوف عليهم يرثون مع أخوتهم الموقوف عليهم فى الأعيان الموقوفة فى حالة اعتبارها ملكا للواقف وهل توزيع المتوفى لثروته فى حياته يعتبر تصرفا شرعيا يجب تنفيذه بعد وفاته أولا وما هى جهة الاختصاص التى يجب أن يحتكم إليها الطرفان فى هذا النزاع وهل يجوز الاستئناف فى الحكم الذى تصدره هذه الجهة أم لا
An أولا إن الوقفين المذكورين وهما وقف حصة منزل الإسكندرية ووقف منزل طنطا وإن كان الواقف لم يقفهما على نفسه ابتداء إلا أنه وقفهما على بعض ذريته واشترط لنفسه فى كليهما الشروط العشرة فيكون له حق الرجوع فيهما طبقا للمادة 11 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 .
وبصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات يصير هذان الوقفان ملكا للواقف طبقا للمادة الثالثة منه، وبوفاة فى 23 يوليو سنة 1954 بعد العمل بالقانون المذكور يعتبران تركة عنه ويرثهما ورثته الشرعيون ومنهم جميع أولاده سواء فى ذلك الموقوف عليهم هذين الوقفين وغير الموقوف عليهم، وفى هذه الحالة يستحق أولاد بنته نبوية المتوفاة قبله وصية واجبة بمثل ما كانت تستحقه أمهم لو كانت موجودة وقت وفاته طبقا للمادة 76 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 ولا يمنع من ذلك شرؤه لباقى أولاده غير الموقوف عليهم ما يوازى حقهم فى هذين الوقفين من تركته لأنه تصرف منجز مباح ومنفصل عن الوقف ولا علاقة له به وللواقف تمام الحرية فيه .
وهو كذلك ليس من موانع حق الرجوع فى الوقف المنصوص عليها المادة المذكورة - كما أن القانونين المذكورين لم يحتط فيهما لمثل هذه الحالة النادرة .
ثانيا إن إقرار المورث المذكور بتوزيع تركته غرضه فيه واضح بين وهو تحقيق العدالة بين أولاده لضمان عدم وقوع الخلاف بينهم وخشية أن يطغى فريق منهم على فريق آخر وخاصة أنهم جميعا غير أشقاء وفيهم القاصر وغير القاصر فهو تصرف أشبه بوصية وليس بوصية حتى يأخذ حكمها .
فهذا التوزيع كان المورث يحرص كل الحرص على تنفيذه قبل وفاته وبعدها لولا صدور قانون إلغاء الوقف المذكور الذى قام عقبة فى تنفيذ هذه الرغبة، ولا شك أنها رغبة محمودة وجائزة شرعا عند كثير من الفقهاء، وهو الذى اخترته المادة 13 من قانون الوصية المذكور .
إلا أن هذا الإقرار لم يستوف الشروط الفقهية ولا الشروط القانونية التى جاءت بالمادة المذكورة وغيرها من مواد هذا القانون .
فلا يمكن والحالة هذه تنفيذ ما جاء به لا من الناحية الفقهية ولا من الناحية القانونية، ولا يوجد ما يوجب تنفيذه إلا شىء واحد وهو قانون مراعاة العدالة والتعاطف والتراحم والمودة بين الإخوة والوفاء من الأولاد الموهوب لهم لمورثهم، ويظهر ذلك فى طاعتهم له بتنفيذ رغبته خضوعا لإرادته وعرفانا بجميله وإرضاء له سيما وأن الذين سيلحقهم الجوار أغلبهم قصر .
فإذا توفرت هذه الصفات المحمودة بين الورثة فإنا نرى بعد التجاوز عن القيود القانونية والفقهية، وإذا ثبت لديهم أن هذا الإقرار صاد عن مورثهم فإنه لا مانع من الأخذ به بهذا التوزيع وديا تلبية لداعى العدالة وإرضاء للضمير ومراعاة لما ذكر مع غض النظر عما يعطيه القانون من حقوق للموهوب لهم من الورثة .
وفى ذلك إرضاء لله ورسوله والناس .
وحينئذ تعطى الأعيان التى كانت موقوفة لمن كانت موقوفة عليهم من ذريتهم ويعطى الآخرون الأعيان التى اشتريت لهم .
فإذا زادة قيمة ما أعطى لفريق عما أعطى لفريق آخر كان مجموع هذه الزيادة كأنه وصية اختيارية تنفذ من ثلث جميع التركة دون توقف على إجازة باقى الورثة طبقا للمادة 37 من قانون الوصية المذكور وفى هذه الحالة يقوم أولاد نبوية مقام أمهم ويستحقون نصيبها - ثالثا بعد أن بينا حكم هذه الحادثة من الناحية القانونية فى البند الأول فلا داعى إذن لرفع الأمر إلى القضاء لأن الحل الوحيد المنتج هو ما ذكرناه فى البند الثانى .
ومن هذا يعلم الجواب عن الأسئلة والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب(6/251)
وقف استحقاقى على الأولاد والذرية
F حسن مأمون .
ربيع الأول 1375 هجرية - 5 نوفمبر 1955 م
M 1 - الوقف على أولاد الواقف وذريته ونسله وعقبه يعتبر وقفا أهليا غير مرتب الطبقات، فمن يوجد من أولاده وذريته ونسله وعقبه وقت ظهور الغلة يكون طبقة واحدة يجعل الواقف نفسه .
2 - كل من يوجد من أولاده وذريته ونسله وعقبه وقت ظهور الغلة وكان مولودا قبل صدور القانون 180 سنة 1952 يكون مستحقا فى الوقف بنفسه بشرط الواقف لا فرق فى ذلك بين صغير وكبير وذكر وأنثى .
3 - يقدر استحقاق كل شخص بواسطة المحكمة بعد الاستعانة بالخبراء المختصين فى بحث حالة كل منهم مادام أن استحقاق كل منهم منوط بالصرف عليه من طعام وكسوة وغير ذلك حسب اللائق .
4 - بعد تقدير استحقاق كل مستحق تفرز لكل مستحق حصة من أعيان الوقف تفى غلتها بما يقدر له من مرتب وتكون تلك الحصة ملكا له طبقا للقانون 180 سنة 1952 فى مادتيه 2، 3
Q من السيد / الصاغ محمد مصطفى قال إن السيد أحمد البدراوى ذكر فى كتاب وقفه أمام محكمة المنصورة الشريعة بتاريخ 5 فبراير سنة 1907 أنه على الناظر أن يصرف لأولاد الواقف وذريته ونسله وعقبه ذكورا وإناثا ما يحتاجون إليه وما يلزم لهم من طعام وإدام وكسوة أو غير ذلك كالسكنى ونحوها بحسب اللائق بمقام كل منهم وحاله وللواقف المذكور بنت بنت ابنه هى السيدة سميرة محمود الحفناوى بنت السيدة نعيمة بنت محمد ابن الواقف ولدت فى 23/12/1930 ومتزوجة بالسيد السائل ولها منه أربعة أولاد ذكر وثلاث إناث وجميعهم ولدوا قبل سنة 1952 ما عدا البنت الصغر فقد ولدت بعد سنة 1952 .
فما الحكم الشرعى فيما إذا كان الوقف بمقتضى الشرط المذكور يعتبر وقفا أهليا أو خيريا - وهل الطبقة العليا من الموقوف عليهم تحجب الطبقة السفلى وهل الأصل يحجب فرعه وهل هناك امتياز فى الاستحقاق لأهل طبقة عليا من أهل طبقة سفلى وهل الاستحقاق يكون بالسوية بين الذكر والأنثى أو بالتفاضل وهل السيدة المذكورة بنت بنت ابن الواقف تستحق فى هذا الوقف هى وأولادها أولا
An أولا إن الموقوف على أولاد الواقف وذريته ونسله وعقبه بمقتضى الشرط المذكور يعتبر وقفا أهليا غير مرتب الطبقات فتتكون من جميع الموجودين من أولاد الواقف وذريته ونسله وعقبه وقت ظهور الغلة طبقة واحدة بجعل الوقف، بمعنى أنه لا تحجب طبقة عليا طبقة سفلى ولا يحجب أصل فرعه ولا فرع غيره .
فكل من يوجد من أولاد الواقف وذريته ونسله وعقبه وقت ظهور الغلة وكان مولودا قبل يوم 14 سبتمبر سنة 1952 .
وهو ابتداء تاريخ العمل بالقانون رقم 180 لسنة 1952 الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات يستحق فى هذا الوقف بحكم هذا الشرط بنفسه سواء فى ذلك من كان فى درجة عليها أو فى درجة أسفل منها بعدت درجته أو قربت صغيرا كان أو كبيرا ذكرا أو أنثى أولاد بنين أو أولاد بنات لأن لفظ الذرية والنسل يتناولهم جميعا غنيا أو فقيرا لأن الواقف لم يشترط الفقر فى استحقاقهم وسواء أكان أصله موجودا على قيد الحياة أم غير موجود .
وحيث إن الواقف لم ينص على التسوية أو التفاضل بين الذكر والأنثى من المستحقين المذكورين فإن الأصل فى القسمة بمقتضى هذا أن تكون بالسوية بينهما إلا أن الواقف قد ناط الاستحقاق بما يلزم لكل مستحق من طعام وكسوة وإدام وسكنى وغير ذلك بحسب اللائق بكل منهم وحاله .
وهذا يقتضى حتما التفاوت فى مقدار استحقاق كل جزء إذ لا يمكن أن يكون جميع المستحقين فى درجة واحدة من الناحية الاجتماعية والثقافية ومن ناحية البيئة والوسط والإقامة والمسئولية وغير ذلك من الظروف المحيطة بكل فرد .
فقد يحتاج الصغير مثلا أكثر مما يحتاج الكبير والأنثى أكثر مما يحتاج الذكر .
وكل هذه الأحوال مما تختلف فيه الأنظار ويتباعد فيها وجهات النظر - وحينئذ لابد من التفاوت بين هؤلاء المستحقين فى مقدار الاستحقاق تبعا لما ذكر والمتولى على هذا الوقف لا يستطيع مهما كانت مقدرته تقدير حالة كل مستحق وإننا نرى أنه من الأوفق تحقيقا للعدالة بقدر الإمكان أن يعرض هذا الأمر على المحكمة المختصة لتبحث حالة كل مستحق مستعينة فى ذلك برأى الخبراء المختصين وتقدر على ضوء ذلك ما تراه مناسبا ولائقا بكل مستحق - وبذا يمكن الوصول إلى ما يحقق العدالة أو ما يقاربها .
ثانيا بناء على ما ذكر يتضح أن السيدة سميرة بنت بنت ابن الواقف المذكورة تستحق فى هذا الوقف هى وأولادها الثلاثة الذين ولدوا قبل يوم 14 سبتمبر سنة 1952 أما مقدار استحقاق كل واحد منهم فإنه يقدر وفقا لما رأيناه آنفا وبتطبيق المادتين الثانية الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 1952 المذكور على حالتهم يجب أن تفرز لكل واحد منهم حصة من أعيان هذا الوقف تفى غلتها بما يقدر له من مرتب وتصير حصة كل واحد منهم ملكا له، لأن هذه المرتبات مرتبات فى حكم المعينة المنصوص عليها فى هذه القانون .
أما بنتها الصغرى التى ولدت بعد التاريخ المذكور فلا استحقاق لها فى هذا الوقف لأنها ولدت بعد أن صار الوقف منتهيا .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال حيث كان الحال ما ذكر به ولم يكن صدر من الواقف ما يخالف ذلك .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/252)
وقف اسحقاقى صار ملكا قانونا
F حسن مأمون .
ربيع الثانى 1375 هجرية - 25 نوفمبر 1955 م
M 1 - للوقف حق الرجوع فى وقفه إذا وقف ابتداء على نفسه طبقا للمادة 11 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 .
2 - بصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 يصبح الموقوف ملكا لواقف من تاريخ العمل به .
وبوفاة الواقف بعد هذا التاريخ يعتبر تركة تورث عنه شرعا .
3 - طبقا لقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 يكون لفرع كل من ولديه المتوفيين قبله فى تركته وصية واجبة بمقدار ما كان يستحقه أصل كل منهم لو كان موجودا وقت وفاة أبيه فى حدود الثلث طبقا للمادة 76 من هذا للقانون
Q من السيد / عبد المجيد على قال إنه بتاريخ شهر أكتوبر سنة 1945 وقف رجل وقفا وأنشأه على نفسه ابتداء ثم من بعده على أولاده إلى انقراضهم أجمعين .
وقد ميز بعض أولاده عن بعض فى الوقف ولم يدخل أولاد بنته المتوفاة قبل صدور هذا الوقف سنة 1932 - وأن الواقف المذكور توفى بتاريخ أول يناير سنة 1954 عن زوجته وأولاده محمود وعبد المجيد وعبد الباقى ونفيسة وعن ابن ابنه المتوفى قبله سنة 1916 وعن أولاد ابنته المتوفاة قبله سنة 1936 .
فما الحكم الشرعى والقانونى فى كيفية توزيع هذا الوقف بعد صدور قانون إلغاء الوقف الأهلى
An إن هذا الواقف وقف وقفه المشار إليه على نفسه ابتداء فيكون له حق الرجوع فيه طبقا للمادة 11 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 وبصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات يصبح هذا الوقف ملكا له من تاريخ العمل بهذا القانون وهو 14 سبتمبر سنة 1952 طبقا للمادة الثالثة منه - وبوفاته بعد هذا التاريخ من أول يناير سنة 1954 يعتبر هذا الوقف تركة عنه يرثه ورثته الشرعيون كباقى تركته طبقا لأحكام قانون الميراث والوصية - وحيث إنه توفى بعد العمل بقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 أيضا عن زوجته وأولاده محمود وعبد المجيد وعبد الباقى ونفيسة وعن ابن ابنه المتوفى قبله وعن أولاد بنته المتوفاة قبله يكون لفرع كل من ولديه المتوفيين قبله فى تركته ومنها أعيان هذا الوقف وصية واجبه بمثل ما كان يأخذه أصلح لو كان موجودا وقت وفاة أبيه بشرط ألا يزيد مجموع ذلك على الثلث طبقا لمادة 76 من قانون الوصية المذكور - فتقسم تركته ومنها أعيان هذا الوقف إلى ثمانين سهما لأولاد ولديه منها واحد وعشرون سهما تقسم بين اصولهم للذكر ضعف الأنثى فيستحق أبن ابنه منها أربعة عشر سهما، ويستحق أولاد بنته سبعة أسهم تقسم بينهم للذكر ضعف الأنثى، والباقى هو الميراث وقدره تسعة وخمسون سهما تقسم بين ورثته لزوجته ثمنها فرضا لوجود الفرع الوارث ولأولاده الباقى للذكر ضعف الأنثى تعصيبا، وهذا إذا لم يكن للمتوفى وارث آخر ولم يكن أوصى أولاد ولديه بشىء ولا أعطاهم شيئا بغير عوض عن طريق تصرف آخر وهذا حيث كان الحال ما ذكر بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/253)
وقف استحقاقى على الذرية والأخ ابتداء
F حسن مأمون .
صفر 1376 هجرية - 2 أكتوبر 1956 م
M 1 - الوقف على الذرية وأخ الواقف ابتداء غير مانع له من حق الرجوع فيه ولو كان قد حرم نفسه من الشروط العشرة طبقا للمادة 11 من القانون 48 سنة 1946 كما يجوز له التغيير فيه فى حدود ما رسمه القانون .
2 - يمنع الواقف من الرجوع فى وقفه فى حالتين ( أ ) إذا ثبت أن الاستحقاق فيه كان مقابل عوض مالى أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف .
( ب ) إذا جعل الاستحقاق لغيره وحرم نفسه وذريته منه ومن الشروط العشرة بالنسبة للموقوف .
3 - مادام الواقف على قيد الحياة بعد القانون 180 سنة 1952 يصير ما وقفه ملكا له ويورث عنه بعد وفاته شرعا
Q من السيد / أحمد محمود قال إنه بتاريخ 3 يونية 1929 أمام محكمة بنى سويف الابتدائية الشرعية وقف ما هو مبين بكتاب وقفه وأنشأه من تاريخه على أولاده حسن وحسين وغريب ومحمود وفتحية وزينب ووهيبة وسعاد ومحمد ومن سيحدثه الله له من أولاد ذكورا وإناثا وعلى أخيه سيد محمود حزين لأولاده من ذلك ثلثا المنزل والقطعة والأرض شائعا، ولأخيه المذكور الثلث شائعا أيضا على أن يكون الموقوف على أولاده .
من بعدهم على أولادهم ومن بعدهم على أولاد أولادهم وهكذا طبقة بعد طبقة وجيلا بعد جيل للذكر ضعف الأنثى إلى آخر ما جاء بشروطه، وعلى أن الثلث الموقوف على أخيه المذكور يكون بعده وقفا على أولاده ومن بعدهم على أولاد أولادهم وهكذا طبقة بعد طبقة إلى آخر ما جاء بشروطه، ونص على أنه إذا انقرضت ذرية أخيه الموقوف عليه عاد الموقوف عليهم إلى أولاده وذريتهم بعدهم منضما إلى الموقوف عليهم، وإذا انقرضوا جميعا كان هذا الوقف وقفا على الفقراء والمساكين ببنى سويف إرى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، وحرم نفسه وغيره من الشروط العشرة المعروفة، وأن الواقف لا يزال على قيد الحياة، وطلب بيان من يملك الأعيان الموقوفة بصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 هل الواقف الطالب أو الموقوف عليهم ابتداء وذرية من توفى منهم
An إن الوقف المذكور وإن كان الواقف لم يجعله على نفسه ابتداء إلا أن وقفه على ذريته وأخيه وجعل ما هو موقوف على أخيه إذا توفى وانقرضت ذريته وقفا على ذريته هو فيكون له حق الرجوع فيه وإن حرم نفسه من الشروط العشرة المعروفة طبقا للمادة 11 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 التى نصها ( للواقف أن يرجع فى وقفه كله أو بعضه كما يجوز له أن يغير فى مصارفه وشروطه ولو حرم نفسه من ذلك على ألا ينفذ التغيير إلا فى حدود هذا القانون ولا يجوز له الرجوع ولا التغيير فيما وقفه قبل العمل بهذا القانون وجعل استحقاقه لغيره إذا كان قد حرم نفسه وذريته من هذا الاستحقاق ومن الشروط العشرة بالنسبة له الخ .
) فإنه طبقا لهذه المادة يمنع الواقف من الرجوع فى وقفه فى حالتين .
الأولى أن يثبت أن استحقاق الريع للموقوف كان بعوض مالى أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف .
والثانية أن يكون الواقف قد جعل لغيره استحقاق غلة الموقوف وحرم نفسه وذريته منه ومن الشروط العشرة بالنسبة للموقوف ولم تتحقق إحدى هاتين الحالتين فى الواقف السائل، فيكون له حق الرجوع فى هذا الوقف، وطبقا للمادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 1952 المعمول به ابتداء من 14 سبتمبر سنة 1952 والخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات يصير هذا الوقف ملكا للواقف ويورث عنه بعد وفاته كباقى تركته .
وبهذا علم الجواب عن السؤال والله أعلم(6/254)
المقصود بالعصبة فى الوقف
F عبد المجيد سليم .
صفر 1361 هجرية - 16 مارس 1942 م
M 1 - العصبة عرفا هم أقرباء الشخص الذين لم يدخل فى نسبتهم إليه أنثى، كما هو مقرر فى العصبة بالنفس فى باب المواريث .
2 - المقوصد بالعصبة المتسحقين فى هذا الوقف، هم أبناء ابنى عمى الواقفة دون البنات منهم
Q من ميشيل جباله قال بتاريخ 15 أكتوبر سنة 1914 أوقفت الست مريم ديمترى وقفها المبين بحجة الوقف المذكور على نفسها مدة حياتها ثم من بعدها على شقيتها تيودورا يوسف جباله وابن شقيقتها المذكورة توفيق أنطون عون مناصفة بينهما على الشيوع ثم من بعد وفاة كل واحد يكون نصيبه على أولاده ذكورا وإناثا بالسوية فإذا انقرضوا جميعا ولم يبق أحد من ذرية تيودورا وابنها الخواجة توفيق كان ذلك وقفا على أقرب العصابات للموكلة المذكورة وذريتهم على الترتيب المتقدم ذكره، فإذا لم يبق أحد من عصبتها كان ذلك وقفا مصروفا ريعه على الفقراء والمساكين من الطائفة المسيحية الأرثوذكسية الموجةدة بمدينة الفيوم ذكورا وإناثا إلى أن يرث الله الأرض بمن عليها وهو خير الوارثين على أن يكون النظر على هذا الوقف من الآن يكون للست مريم ديمترى بنت يوسف جباله الواقفة مدة حياتها ثم من بعدها يكون النظر لابن أخيها الخواجه توفيق ابن أنطوان عون مدة حياته ثم يكون النظر للأرشد فالأرشد من الموقوف عليهم المذكورين يستمر ذلك كذلك إلى أن يئول هذا الوقف للفقراء والمساكين من المسيحيين الأرثوذكس يكون الوقف عليه حينذاك لأسقف الطائفة الأرثوذكسية المسيحية الموجودة بمدينة الفيوم، وقد توفيت الواقفة وتوفيت تيودورا وتوفى ابنها توفيق ولم يتركا ذرية مطلقا، وآل الآمر إلى أقرب العصبات وهم أولاد ابنى عمى الواقفة الشقيقين وهم عبد الله وكاترين ولدا ابن عم الواقفة الشقيق جرجس عبد الله جباله وينى وقسطندى وميشيل وسليم والياس وإيلين أولاد جرجس الياس جباله ابن عم الواقفة الشقيق وهؤلاء الأولاد هم الموجودون من العصبات الآن
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة غير رسمية من كتاب الوقف الصادر من محكمة الفيوم الشرعية فى التاريخ المذكور - ونفيد أن العصبة عرفا هم أقرباء الشخص المذكور الذين لم يدخل فى نسبتهم إليه أنثى وهم المسمون فى باب المواريث بالعصبة بالنفس ، وعلى هذا يكون المستحق لصافى ريع الوقف هم أبناء ابنى عمى الواقفة الشقيقين بالسوية بينهم ولاحظ لبنات ابنى عمى الواقفة الشقيقين لأنه لا يصدق على واحدة منهن أنها من العصبة بالمعنى المذكور بل هن لسن من عصبات الواقفة مطلقا عند الفقهاء، نعم إذا كان عرف الواقفة فى بلدها أن عصبات الشخص يراد بها ما يتناول كل قريب إليه من جهة أبيه ذكرا كان أم أنثى اتسحق البنات أيضا، ولكن لم تظهر لنا هذا العرف وبهذا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به ولم يكن بكتاب الوقف الرسمى ما ينافى ما جاء بالصورة المقدمة .
والله أعلم(6/255)
الوقف فى مرض الموت على بعض الورثة
F حسونة النواوى .
رجب 1313 هجرية
M 1 - إذا خرج الموقوف فى مرض الموت من ثلث مال الواقف كان وقفا صحيحا بالنسبة لعينه وتقسم غلته بين جميع الورثة حسب الفريضة الشرعية مادام الورثة الموقوف عليهم أحياء، وإذا مات واحد منهم انتقل نصيبه إلى ورثته ما بقى واحد منهم .
2 - إذا انقرض الورثة جميعا يصرف ريع الوقف لمن عينهم الواقف بعدهم .
3 - إذا لم يخرج الموقوف من الثلث بل خرج بعضه فقط كان الحكم كما سبق والباقى يكون ميراثا بين جميع الورثة
Q فى رجل وقف وقفا على بعض ورثته فى مرض موته دون البعض ولم يجزه البعض الآخر الذى لم يدخله فيه .
فهل ينفذ فى الثلث لعدم التسليم به فيكون الثلث وقفا على الموقوف عليهم دون الباقين والثلثان ملكا يقسم على جميع الورثة حسب الفريضة الشرعية ويصرف ريع الثلث بعد وفاة الموقوف عليهم لمن يوجهه إليه الواقف أو بالنظر لكون الورثة الذين لم يدخلهم الواقف المذكور فى وقفه ليسوا راضين بما صنع ولا بمجيزين فى الثلث أيا تقسم غلته على جميع الورثة حسب الفريضة كالثلثين مع اعتباره وقفا حيث قيل بأن الوقف فى مثل هذه الحالة لا يبطل أصله وإنما يبطل ما جعل فى الغلة لبعض الورثة دون بعض فيصرف على قدر مواريثم عن الواقف مادام الموقوف عليهم أحياء وبعد موتهم إلى منش رطه الواقف أو ما هو الحكم أفيدوا الجواب
An المصرح به فى كتب المذهب أن المريض مرض الموت إذا وقف وقفا على بعض ورثته ولم يجزه البعض الآخر إن خرج من ثلث ماله يكون جيمعه وقفا بالنسبة لعينه وتقسم غلته بين جميع الورثة على حسب الفريضة الشرعية مادام الورثة الموقوف عليهم أحياء، وفإذا مات بعضهم ينتقل نصيبه إلى ورثته ما بقى أحد من الورثة الموقوف عليهم حيا، فإذا انقرضوا يصرف ريع الوقف المذكور لمن عينه الواقف بعدهم، وإن لم يخرج من ثلث ماله بأن خرج بعضه كان حكم هذا البعض حكم ما سبق والباقى يكون ميراثا يقسم بين جميع الورثة على حسب الفريضة الشرعية والله أعلم(6/256)
وقف فى مرض الموت ودين
F محمد عبده .
ربيع الأول 1318 هجرية
M 1 - الوقف فى مرض الموت باطل متى كانت التركة مستغرقة بالديون ويباع الموقوف فى الدين سواء قبل الورثة تنفيذ الوقف أم لم يقبلوا مادام الغرماء لم يجيزوا الوقف .
2 - استغراق الدين للتركة يمنع انتقال الملكية للورثة، فليس لهم التصرف فى بعض أعيان التركه إلا بإجازة الدائنين
Q من يوسف إلياس فى امرأة مديونة دينا مستغرقا وفى مرض موتها وقفت ما تملك من أطيان وعقار - البعض على ورثتها والبعض على غيرهم والبعض على الفقراء، وشرطت النظر على ذلك لنفسها مدة حياتها ثم من بعدها لأحد الموقوف عليهم حتى ينتهى تسديد جميع الديون وأنه لا يسوغ لأحد من الموقوف عليهم أخذ شىء من ريع هذا الوقف إلا بعد سداد الديون، وهذا الوقف صدر بإشهاد منها ولم تصدر به حجة شرعية ولم يحكم به حاكم شرعى .
وقد ماتت وقام الدائنون يطالبون الورثة بديونهم وليس للأعيان الموقوفة ريع يفى بسداد الديون والورثة لم يجيزوا الوقف المذكور .
فهل يكون باطلا وللورثة قسمة الأماكن بينهم بالفريضة
An حيث إن التركة مستغرقة بالدين والوقف فى المرض فالوقف باطل وياع الموقوف فيما على الواقفة من الدين، سواء قبل الورثة تنفيذ الوقف أم لم يقبلوه مادام الغراماء لم يجيزوا ذلك الوقف ، وكما يمنع استغراق الدين من صحة الوقف يمنع أيضا انتقال الملك إلى الورثة، فيمنع تصرفهم إلا بإجازة الدائنين والله أعلم(6/257)
الوصية بالوقف
F حسنين محمد مخلوف .
رجب 1368 هجرية - 23 مايو 1949 م
M 1 - إذا أوصى الموصى بشراء أرض من ثلث ماله ووقفها يجب على الوصى تنفيذ ذلك .
2 - إذا أوصى أن تكون أرضه صدقة موقوفة بعد وفاته على أولاده إلخ كان هذا بمنزلة ما لو وقف عليهم فى مرض موته .
3 - الوقف فى مرض الموت إذا كان على أجنبى وكان الموقوف يخرج من الثلث ولم يجزه الورثة نافذ على ما شرط الواقف
Q من حسنين إدريس قال وقفت المرحومة السيدة هديات هانم كريمة المرحوم محمد أفندى أطيانا قدرها 1 سهم، 22 قيراطا 877 فدانا بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية فى 8 أبريل سنة 1942 بكتاب وقفها رقم 86 متتابعة سنة 1941 - 1942 على من عينتهم بكتاب وقفها المذكور، وكانت لها أطيان مملوكة لها لم تدخل فى القدر الذى وقفته لوقفها هذا لعدم تقديم سندات الملكية عنها إذ كانت غير مكلفة باسمها وقت الوقف وأرادت وقفها بعد ذلك، وأوصت على الناظر أن يتخذ الإجراءات لنقل التكليف ثم يقفها بعد وفاتها إن لم يتم ذلك فى حياتها وهذا نص ما ذكرته عن هذه الأطيان - ومنها أى من الشروط أن الواقفة إذا توفيت ولم تعمل على تصحيح تكليف ال- 63 فدانا قيمة باقى المملوك فها بحوض الأفندى السابق ذكره ووقفه على الست سميرة هانم عبد اللطيف المكباتى المشار إليه، فعلى ناظر الحصة الموقوفة على الست سميرة المذكور وذريتها أن يعمل على تصحيح تكليف ذلك القدر ووقفه على الست سميرة المذكورة وإلحاقه بحصتها ليكون حكمه كحكمها وشرطه كشرطها، ومنها أن الواقفة إذا توفيت أيضا ولم تعمل على تصحيح تكليف ال- 45 فدانا قيمة باقى المملوك لها بحوض الشهاوية السابق ووقفه على السيدتين ليلى وسعاد المذكورتين سابقا بالسوية بينهما شيوعا فعلى ناظرى الحصتين المذكورتين أن يعملا على تصحيح تكليف هذا القدر وإلحاقه بما هو موقوف عليها ليكون حكمه كحكمه وشرطه كشرطه، وقد توفيت الواقفة فى 24 يوليو سنة 1944 م وانحصر ميراثها الشرعى فى زوجها وأبناء عميها الشقيقين السيد وأبى الفرج ومن أولاد أبى الفرج محمد عبد الرحمن وأحمد بن السيد محمد عبد الرحمن وأن الموقوف عليهن السيدات سميرة وسعاد وليلى بنات أخ شقيق وأن الواقفة تركت غير الموقوف بنحو من 508 فدانا منها 108 فدانا التى ذكرت فى آخر الوقفية وخصصتها ببنات أخيها المذكورات ولكن هذا القدر هو الثلث مما تركت من المال الحر فما الحكم فى هذه الصيغة .
هل يكون القدران المذكوران وقفا بقول الواقفة متى تمت إجراءات نقل التكليف أو لابد أن يقفها الناظر أو ليس على الناظر أن يفعل ذلك ويكون ملكا للورثة
An اطلعنا على السؤال وعلى صورة رسمية من كتاب الوقف الصادر فى 8 أبريل سنة 1942 م والجو اب أنه تبين من كتاب الوقف أن الواقفة وقفت الأعيان المبينة به وذكرت فى الشروط ما نصه ( ومنها أن الواقفة إذا توفيت ولم تعمل على تصحيح تكليف ال 63 فدانا قيمة باقى المملوك لها بحوض الأفندى السابق ذكره ووقفه على الست سميرة هانم عبد اللطيف المكباتى المشار إليه فعلى ناظرى الحصة الموقوفة على الست سميرة المذكورة وذريتها أن يعمل على تصحيح تكليف ذلك القدر ووقفه على الست سميرة وإلحاقه بحصتها ليكون حكمه كحكمها وشرطه كشرطها - ومنها أن الواقفة إذا توفيت أيضا ولم تعمل على تصحيح تكليف ال 45 فدانا قيمة المملوك لها بحوض الشهاوية السابق ذكره ووقفها على السيدتين ليلى وسعاد المذكورتين سابقا بالسوية بينهما شيوعا، فعلى ناظرى الحصتين المذكورتين أن يعملا على تصحيح تكليف هذا القدر وإلحاقه بما هو موقوف عليها فيكون حكمه كحكمه وشرطه كشرطه ) وهذا من قبيل الوصية بالوقف قال فى الإسعاف ( ولو أوصى بأن تشترى من ثلث ماله أرضا وتوقف على ولد زيد وعلى ولد ولده ونسلهم أبدا ما تناسلوا ثم من بعدهم على المساكين يجب أن يفعل كما أوصى ) .
ومثله فى أحكام الأوقاف للخصاف . وظاهر أن هذه وصية بوقف أعيان مملوكة لها وقفا ملحقا بوقفها المذكور فى أحكامه وشروطه، فإذا كانت فى حالة الصحة فالمنصوص عليه شرعا أن لها حكم الوقف فى مرض الموت قال الخصاف ( لو أوصى أن تكون أرضه صدقة موقوفة بعد وفاته على ولده وولد ولده وأولاد أولادهم أبدا ما تناسلوا ومن بعدهم هلى المساكين كان هذا بمنزلة ما لو وقف عليهم فى مرض موته ) .
وحكم الوقف فى مرض الموت أنه إذا كان على أجنبى وكان الموقوف يخرج من الثلث ولم يجزه الورثة ينفذ الوقف على ما شرط الواقف، وقد تبين من السؤال أن الموصية كانت تملك وقف وفاتها غير ما وقفته بالإشهاد المذكور نحو ثمانية وخمسمائة فدان وأن ما أوصت بوقفه على بنات أخيها الثلاث يخرج من ثلث ما تملك فيجب تنفيذ وصيتها كما شرطت ن وعلى الناظر على حصة الست سميرة أن ينفذ الوصية فيما أوصى بوقفه عليها وكذلك على الناظرين على حصتى السيدتين ليلى، سعاد، أن ينفذا الوصية فيما اوصىب وقفه عليهما على الوجه الذى شرطته الموصية، وهذا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/258)
وقف وأجر نظر
F محمد بخيت .
صفر 1333 هجرية
M 1 - الناظر بشرط الواقف يكون له ما عينه الواقف، ولو كان أكثر من أجر المثل، وإذا أدخل معه رجلا آخر كان للناظر بالشرط أجر المثل .
2 - للحاكم أن يجعل لذلك الرجل شيئا من المشروط للناظر إن كان كثيرا، وله أن يجعل للرجل رزقا من غلة الوقف إن كان ما شرط للناظر قليلا
Q من أحمد سليمان فى رجل تعين ناظرا على وقف بتعين الواقف، وقدر له بكتاب وقفه أجرة معلومة، ثم نسب له إهمال فضم إليه ناظر آخر مع إطلاق التصرف له وكان الأول يشارك الأخير فى العمل - فهل والحالة هذه المعين من قبل الواقف يستحق الأجرة المذكورة أم لا نرجو الجواب أفندم
An اطلعنا على هذا السؤال بعاليه .
ونفيد أن الناظر بشرط الواتقف يكون له ما عينه الواقف ولو أكثر من أجر المثل، وإذا أدخل معه رجلا آخر لوجود المتقضى كان أجر الناظر بالشرط الذى عينه له الواقف بأمثاله وإن رأى الحاكم أن يجعل لذلك الرجل منه شيئا فلا بأس إن كان كثيرا وإن كان المال قليلا فلا بأس بأن يجعل للرجل رزقا من غلة الوقف ويقتصد فيه كما حرره فى أنفع الوسائل أخذا من كلام الخصاف .
والله أعلم(6/259)
أجر النظر
F عبد المجيد سليم .
شوال 1350 هجرية - 14 ديسمبر 1931 م
M 1 - الواقف إن عين للناظر شيئا من ريع الوقف فإن جعله فى مقابلة العمل فلا يستحق ما جعل له إلا إذا عمل .
وإن لم يجعله فى مقابلة عمله استحق الناظر ما جعل له ولو لم يعمل .
2 - الناظرتان اللتان قررت المحكمة ضم ثقة إليهما فى النظر وأطلقت له التصرف فى إدارة شئون الوقف دونهما لأسباب من جهتهما لا تستحقان شيئا مما جعله الواقف لمن يتولى النظر نظير عمله
Q من الشيخ سعد القاضى بالآتى وقف حسين باشا الفريق أطيانا بمقتضى كتاب وقفه المحرر من محكمة مصر الشرعية المؤرخ بتاريخين ثانيهما غرة ربيع الأول سنة 1298 وأنشأ الواقف المذكور وقفه على نفسه ثم من بعده يكون بالصفة المبينة بكتاب وقفه التى منها أن جعل الواقف ثمانية قراريط وقفا لكل من يتولى النظر على هذا الوقف من بعد الواقف مضافا لنصيبه نظير عمله، وقد جعل النظر لنفسه، ثم من بعده لزوجته الست حفيظه هانم، ثم من بعدها لأخيها شقيقها زكريا أفندى موسى ، ثم من بعده للست عائشة هانم شقيقة زكريا أفندى موسى، ثم من بعدها للست شريفة ثم من بعدها يكون النظر على ذلك للأرشد من أولادهم وذريتهم ونسلهم وعقبهم من كل طبقة مستحقة، ثم من بعدهم يكون النظر على ذلك للأرشد فالأرشد من عتقاء الواقف وعتقاء عتقائه وذريتهم ونسلهم وعقبهم على النص والترتيب المشروحين بكتاب الوقف، وقد مات الواقف ومات من مات بعدهم من الموقوف عليهم فآل الوقف إلى من عينهم بكتاب وقفه وفى 15 مارسى سنة 1900 صجر قرار من محكمة مصر الشرعية بإقامة حبيبة إحدى المستحقات فى الوقف بنت زكريا أفندى موسى فى النظر على الوقف المذكور، وفى 15 يونيو سنة 1907 صدر قرار من المحكمة المذكورة قضى بضم الست شاها هانم إحدى المستحقات فى الوقف كريمة المرحوم أحمد أفندى إسماعيل الجركسى معتوق الواقف إلى الست حبيبة هانم المذكورة فى النظر على الوقف المذكور بحيث لا تنفرد إحداهما عن الأخرى فى إدارة شىء منه، وبتاريخ 30 يوليو سنة 1907 صدر قرار من المحمة المذكورة أيضا باستحقاق الست شاها المذكورة لنصف ريع الثمانية قراريط المشروطة لكل من يتولى النظر على هذا الوقف وأذنت بقبض ريع الأربعة قراريط المذكورة من ريع الوقف، ثم من بعد ذلك رفعت قضية بمحكمة مصر الشرعية قيدت تحت رقم 6 سنة 15 - 16 من محمد أفندى مختار ومحمود أفندى الفريق بصفتهما مأذونين بالخصومة ضد الست حبيبة هانم والست شاها هانم بطلب عزلهما من النظر على الوقف لجنايات نسبها إليهما المأذون بالخصومة، وبتاريخ 2 أبريل سنة 1916 صدر قرار من محكمة مصر الشرعية بضم شخص أجنبى ليس مستحقا فى الوقف ولا من أهله إلى الناظرتين المذكورتين وإذنه بالانفارد فى إدارة شئون الوقف، واستمر الناظر المنضم إليهما فى النظر على الوقف إلى أن توفيت الست حبيبة الناظرة الأصلية فى أواخر سنة 1929 ولم يدفع للناظرتين الأصليتين حبيبة وشاها شيئا من المعلوم المشروط من قبل الواقف لمن يكون ناظرا على وقفه وقدره ثمانية قراريط، وبوفاة الست حبيبة انتهت نظارة الست شاها هانم المنضمة إليها كما انتهت نظارة الناظر الأجنبى المنضم إلى الناظرتين حبيبة وشاها فهل مع البيان الذى ذكرناه تكون الست حبيبة والست شاها مستحقتين لأجر النظر المشروط من قبل الواقف لمن يكون ناظرا فى المدة من 11 يوليو سنة 1916 تاريخ ضم الأجنبى إليهما وإذنه بالانفراد لغاية وفاة الست حبيبة الناظرة الأصلية الحاصل ذلك فى أواخر سنة 1921 لأنهما لازالتا ناظرتين وصفة النظر باقية لهما لغاية المدة المذكورة، ولا يمنع ذلك انفراد الناظر المضموم الأجنبى إليهما أم كيف يكون الحال
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى شرط الواقف من كتاب وقفه وهو قوله ( وما هو لكل من يتولى النظر على هذا الوقف من بعد الواقف المذكور ثمانية قراريط من ذلك مضافا لنصيبه نظير عمله ) وعلى قرار الضم والإذن بالانفراد الصادر من محكمة مصر الشرعية الابتدائية بتاريخ 2 أبريل سنة 1916 الذى جاء به ( فلهذه الأسباب ) قررنا ضم ثقة إلى الست حبيبة والست شاها المدعى عليهما المذكورتين فى النظر على وقف إسماعيل باشا سليم الفريق المذكور، وقررنا إطلاق التصرف فى إدارة شئون الوقف للثقة المضموم وحده دون المدعى عليهما المذكورتين والاكتفاء بذلك الخ ونفيد بأن المنصوص عليه أن الواقف إن عين للناظر شيئا من ريع الوقف فلا يخلو الحال إما أن يجعله فى مقابلة عمله أولا، فإن لم يجعله فى مقابلة عمله استحق الناظر ما جعله له الواقف ولو لم يعمل، أما إذا جعله له فى مقابلة العمل فلا يستحق ما جعل له إلا إذا عمل - قال ابن عابدين فى حاشيته على البحر بعد كلام ما نصه ( فتحرر أن الواقف إن عين له ( أى الناظر ) شيئا فهو له كثيرا كان أو قليلا على حسب ما شرطه عمل أو لم يعمل حيث لم يشرطه فى مقابلة العمل كما هو مفهوم من قولنا على حسب ما شرطه الخ ما قال ) وعلى هذا فإذا لم تعمل الناظرتان المذكورتان فى المدة المذكورة مع الناظر المضموم إليهما بل انفرد هو بالعمل فيها لم تستحق واحدة منهما شيئا مما جعله الواقف لمن يتولى النظر نظير عمله .
لا يقال قد جاء فى المادة 261 من قانون العدل والانصاف أخذا من الدر المختار ورد المختار أن صاحب الوظيفة يستحق المرتب المقرر له عند قيام المانع من العمل ولم يكن بتقصيره، سواء كان ناظرا أو مدرسا أو غيرهما وهنا عدم العمل من الناظرتين كان لقيام المانع من العمل ولم يكن بتقصيرهما .
وقد أفتى بعض المشايخ فى مثل هذه الحادثة باستحقاق الناظر المضموم إليه آخر مع إطلاق التصرف لهذا الآخر وحدث بناء على ما جاء بالمادة المذكورة لأنا نقول إنه بالرجوع إلى ما أخذت منه المادة المذكورة من الدر المختار ورد المختار وإلى فتاوى سراج الدين الحانوتى التى اعتمد صاحب رد المختار على ما جاء بها يعلم أن محل الاستحاق ما إذا لم يكن للمشروط له المرتب مدخل فى عدم عمله ألا يرى قوله ( ولم يكن بتقصيره ) المفيد أنه لا مدخل للمشروط له فى عدم العمل وفى حادثتنا عدم العمل من الناظرتين المذكورتين كان بناء على أسباب من جهتهما اقتضت أن المحكمة تضم إليهما ناظرا وتطلق له التصرف فى إدارة شئون الوقف كما يعلم من صورة حكم المحكمة المرافق للأوراق فلم تكن هذه الحادثة داخله فيما جاء بالمادة المذكورة إذ لولا ارتكاب الناظرتين لما ارتكبتا مما هو مذكور بصورة الحكم ما وجد هذا المانع وهو ضم ناظر إليهما مع إطلاق التصرف له فى إدارة شئون الوقف هذا ما ظهر لنا بعد الرجوع إلى كلام الفقهاء والتأمل فيه وحمله على ما تقضى به قواعد العدل والانصاف والله سبحانه وتعالى أعلم(6/260)
وقف خيرى وأجر نظر
F عبد المجيد سليم .
شعبان 1350 هجرية - 27 ديسمبر 1931 م
Mإذا صدر إذن من المحكمة بصرف باقى الريع على معين، فإنه لا يكون ملزما للناظر أو الوكيل بالصرف عليه، لأن هذا الاذن لا يجعله هو المصرف الذى يتعين فيه الصرف
Q من نعمات أحمد بالآتى وقف أيوب بك أوقافا بموجب حجج أربع منها حجة تغيير يبين بها أعيان وقفه والجهات الموقوفة عليها التى منها جهات الخير الموضحة بتلك الكتب وأن ما يتبقى من ريع وقفه بعد العين صرفه فى جهات البر وغيرها التى بينها بتلك الكتب المذكورة يحفظ تحت يد الناظر إلى آخر ما بينه فى هذا الشأن ومات الواقف بعد صدور تلك الكتب المذكورة يحفظ تحت يد الناظر إلى آخر ما بينه فى هذا الشأن ومات الواقف بعد صدور تلك الكتب منه ولم يحصل منع تغيير ماء وبتاريخ 31 أكتوبر سنة 1909 صدر إذن من حضرة صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرازق الرافعى قاضى مديرية أسيوط فى ذاك الوقت لحضرة صاحب السعادة محمد حنفى باشا الطرزى ناظر الوقف ولوكيلى الوقف معه فى ذاك الوقت بأن يصرف الباقى من ريع تلك الأوقاف بعد الصرف على المصارف التى عينها الواقف بكتب وقفه على جهات الخير والبر حسبما يراه الناظر بعد أخذ رأى الوكيلين .
وبتاريخ 16 نوفمبر سنة 1909 صدر من حضرة صاحب الفضيلة قاض المديرية المومى إليه بناء على طلب قدم من سعادة الناظر إذن باتحاده مع وكيلى الوقف بأن يصرف 250 جنيها مصريا سنويا من زائد ريع الوقف إلى ديوان الأوقاف أو إلى نظارة المعارف مما هو متجمد لديه أو مما سيتجمد يتولى منه الصرف على المعهد العلمى لتربية أولاد المسلمين الفقراء فيه مجانا وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم ببندر منفلوط ابتداء من سنة 1910 إلى ما لا نهاية مادام المعهد موجودا وأذن أيضا كل من يتولى النظر على الوقف بذلك وعين ذلك المبلغ لصرفه على المعهد المذكور فى كل سنة من زائد ريع الوقف المذكور وبعد أنشئت مدرسة إبتدائية ببندر منفلوط سميت باسم مدرسة أيوب بك جمال الدين يتعلم فيها المسلمون وغيرهم التعليم الجارى بالمدارس الابتدائية التابعة لمجلس المديرية ومشمولة بادارة مجلس المديريةوإيراد الوقف لا زائد به الآن من ريع الوقف يقوم بذلك .
وعلى فرض وجود زائد فى الريع فى المستقبل هل الناظر والوكيلان على الوقف ملزمون بتسليم مجلس مديرية أسيوط ما أذن بصرفه على المعهد المذكور بموجب الإذنين المذكورين حيث لا يوجد معهد دينى والمدرسة المذكورة لا يصدق عليها أنها معهد دينى وليس الذى يطلب الصرف إليه لهذا المبلغ هو ديوان الأوقاف ولا نظارة المعارف بل مجلس مديرية أسيوط كما نص على ذلك فى الإذنين المذكورين أم غير ملزمين بذلك
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى حجج الوقف والتغيير وعلى الإذنين الصادرين من محكمة أسيوط الشرعية ونفيد بأن الإذنين المذكورين لا يلزمان الناظر والوكيلين بأن يصرفوا على المدرسة الابتدائية المذكورة مما يتبقى من الريع بعد صرف ما شرط الواقف صرفه .
أولا - لأن هذه المدرسة لا تعتبر هى المعهد الدينى المأذون بالصرف عليه مما يبقى .
وثانيا - أنه على فرض أنها هى المعهد الدينى فإذن القاضى بالصرف عليه لا يحتم على الناظر والوكيلين أن يصرفوا عليه لأن إذن القاضى لا يجعله هو المصرف الذى يتعين الصرف مما يبقى عليه .
فقد قال الفقهاء ان القاضى لو أمر الناظر على وقف الفقراء بالصرف من ريعه إلى فقير من قرابة الواقف لا يعتبر هذا الأمر حكما يلزم الناظر به .
وقالوا انه لو صرفه مع هذا الأمر إلى فقير آخر صح الصرف .
هذا ما ظهر لنا . والله سبحانه وتعالى أعلم(6/261)
أجر نظر على وقف
F عبد المجيد سليم .
محرم 1354 هجرية - 22 أبريل 1935 م
M 1 - إذا لم يشترط الواقف للناظر المعين من قبله أجر فلا يستحق شيئا إلا إذا جعل له القاضى أجر مثله إذا كان المعهود انه لا يعمل إلا بأجر .
2 - يستحق الناظر أجر مثل عمله المنصوب له مدة العمارة الضرورية
Q من محمد حافظ بالآتى توفى والد وترك لبناته منزلا وقفا وانحصرت النظارة فى إحداهن حسب شرطه وقد اشترط على من يتولى النظر إجراء العمارة اللازمة لإصلاحه ولو أدى ذلك إلى صرف جميع الريع المتحصل منه .
وقد أجريت به عمارة إصلاحه استنفدتجميع الريع المتحصل فى سنتين متتاليتين ولم يوضح الواقف فى كتاب وقفه شيئا يختص بالنظر فما هو الحكم بالنسبة للمبلغ الذى يصرف للناظرة نظير النظر وهو عدا استحقاقها الأصلى وهو عشرة فى المائة حسب اتفاق المستحقين وتراضيهم على ذلك فهل لا تستحقه فى هاتين السنتين بسبب استهلاك جميع الريع فى عمارة الوقف أم تستحقه ويجب أن يعلى على ذمتها ويخصم لها من ريع السنين التالية وهل المبلغ الذى تستحقه الناظرة يخصم لها بالنسبة لأصل الريع المتحصل قبل خصم المصاريف اللازمة منه كالعوايد وغيرها أو يكون بالنسبة لصافى الريع الذى يقسم بين المستحقين
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة غير رسمية من كتاب الوقف الصادر من محمد بك ناصح أمام محكمة مصر الشرعية فى ثامن محرم سنة 1326 وتبين منها أن الواقف لم يشرط لمن يكون ناظرا على الوقف جعلا .
ونفيد بأن الإجابة على هذا السؤال تستدعى الكلام على مسألتين ( الأولى ) هل الناظر من قبل الواقف يستحق أجرا على عمله إذا لم يكن الواقف جعل له جعلا وما مقدار ما يستحقه ( الثانية ) هل يستحق أجرا زمن العمارة الضرورية للوقف التى تستنفد الريع كله أما المسألة الأولى فنقول فيها قال فى البحر وأما بيان ماله ( أى الناظر ) فإن كان من الواقف فله المشروط ولو كان أكثر من أجرة المثل وإن كان منصوب القاضى فله أجر مثله .
واختلفوا هل يستحقه بلا تعيين القاضى فنقل فى القنية أولا ان القاضى لو نصب قيما مطلقا ولم يعين له أجرا فسعى فيه سنة فلا شىء له وثانيا ان القيم يستحق أجر مثل سعيه سواء شرط له القاضى أو أهل المحلة أجرا أو لا، لأنه لا يقبل القوامة ظاهرا إلا بأجر والمعهود كالمشروط .
وكتب الخير الرملى على قوله ( فإن كان من الواقف فله المشروط ما نصه فلو لم يشترط له الواقف شيئا لا يستحق شيئا إلا إذا جعل له القاضى أجرة مثل عمله فى الوقف فيأخذه على أنه أجرة، ووفق بين القولين اللذين ذكرهما صاحب البحر عن القنية فى منصوب القاضى بحمل القول الأول وهو عدم استحقاقه أجرا إذا لم يعين له القاضى أجرا على ما إذا لم يكن معهودا ويحمل القول الثانى وهو استحقاقه أجر مثل سعيه سواء شرط له القاضى أو أهل المحلة له أجرا أم لا على ما إذا كان شرط له شىء أو كان معهودا أنه لا يقبل القوامة ظاهرا إلا بأجر لأن المعهود كالمشروط وقال الرملى بعد كلام ما نصه فتحرر أن الواقف إن عين له شيئا فهو له كثيرا كان أو قليلا على حسب ما شرطه عمل أو لم يعمل حيث لم يشرطه فى مقابلة العمل كما هو مفهوم من قولنا على حسب ما شرطه ، وإن لم يعين له الواقف وعين له القاضى أجر مثله جاز وإن عين أكثر يمنع عنه الزائد عن أجرة المثل هذا إن عمل وإن لم يعمل لا يستحق أجرة وبمثله صرح فى الأشباه فى كتاب الدعوى، وإن نصبه القاضى ولم يعين له شيئا ينظر إن كان المعهود أنه لا يعمل إلا بأجرة المثل فله أجرة المثل لأن المعهود كالمشروط وإلا فلا شىء له انتهى - وظاهر ما قاله الخير الرملى من أن الناظر من قبل الواقف إذا لم يشترط له الواقف شيئا لا يستحق شيئا إلا إذا جعل له القاضى أجرة مثل عمله فى الوقف فيأخذه على أنه أجرة .
أن الناظر من قبل الواقف الذى لم يشرط له شيئا لا يستحق أجرا إلا بجعل القاضى سواء أكان لا يقبل القوامة ظاهرا إلا بأجر أم لا، كما أن الظاهر منه أنه لا يكفى اتفاق المستحقين معه على تعيين أجر له بل لا بد من جعل القاضى الذى له الولاية العامة له أجرا ، وعلى هذا فلا تستحق الناظرة المذكورة فى السؤال أجرا مطلقا إلا إذا جعل لها القاضى أجر مثل عملها .
ولكن لو قال قائل يجريان التفصيل الذى ذكر فى منصوب القاضى فى الناظر من قبل الواقف لكان وجيها .
فإذا كان المعهود فيه أنه لا يقبل القوامة ظاهرا إلا بأجر استحق الأجر لأن المعهود كالمشروط وإلا فلا، وإذا استحقت أجرا على عملها فلا تستحق إلا أجر مثلها على مثل هذا العمل سواء كان هذا الأجر عشر جميع الغلة أو عشر صافى الريع أو أزيد أو أقل كما يعلم هذا مما قلناه فإذا كان عشر جميع الغلة لا يزيد عن أجر مثلها أخذته وإلا فر يحل لها أخذ ما زاد على أجر مثلها .
أما المسألة الثانية وهى هل الناظر يستحق أجرا زمن العمارة الضرورية التى تستنفذ الريع كله فنقول فيها انه قد جاء فى الفتح ما نصه ولا تؤخر العمارة إذا احتيج إليها وتقطع الجهات الموقوف عليها لها إن لم يخف ضرر بين فإن خيف قدم .
وأما الناظر فإن كان المشروط له من الواقف فهو كأحد المستحقين فإذا قطعوا للعمارة قطع إلا أن يعمل كالفاعل والبناء ونحوهما فيأخذ قدر أجرته وإن لم يعمل لا يأخذ شيئا .
والمفهوم من هذا أن الناظر إذا عمل زمن العمارة المحتاج إليها يأخذ أجره مثل عمله وأن المراد من العمل العمل الذى نصب لأجله من القيام بمصالح الوقف من عمارة واستغلال وبيع غلات الخ .
وقد فهم صاحبا البحر والنهر العمل بهذا المعنى من عبارة الفتح ولكن ابن عابدين فى حاشيته رد المختار على الدر ومنحة الخالق على البحر الرائق ذهب إلى أن المراد بالعمل العمل فى العمارة بإذن القاضى حيث قال ما نصه نعم فى عبارة البحر والنهر خلل من وجه آخر وهو أن كلامهما مبنى على أن المراد بالعمل فى عبارة الفتح عمله فى وظيفته وهو بعيد لأنه إذا عمل فى وظيفته وأعطى قدر أجرته لم يقطع بل صدق عليه أنه قدم كغيره ممن فى قطعه ضرر كالإمام وهذا خلاف ما مر من تقديم الأهم فالأهم، وأيضا من لم يعمل عمله المشروط له لا يعضطى شيئا أصلا ولو كان فى قطعة ضرر فلا فرق بينه وبين غيره فيتعين حمل العمل فى كلام الفتح على العمل فى التعمير، وعبارة الفتح صريحة فى ذلك فإنه قال إلا أن يعمل كالفاعل والبناء ونحوهما فيأخذ قدر أجرته .
لكن هو مقيد بما إذا عمل بأمر القاضى .
فعلى ما قاله ابن عابدين لا تستحق الناظرة المذكورة أجرا مطلقا فى السنتين المذكورتين متى كانت العمارة ضرورية اما على أجر مثل عملها الذى نصبت لأجله من القيام بمصالح الوقف إلى آخره - والذى يظهر لنا أن الأعدل والذى ينبغى التعويل عليه هو ظاهر كلام الفتح من استحقاقها أجر مثل عملها المنصوبة لأجله فى مدة العمارة الضرورية فإذا لم تأخذه من ريع السنتين المذكورتين أخذته من ريع السنة الثالثة لهما وذلك لأن ما قاله ابن عابدين عند تدقيق النظر غير وجيه وكيف تكلف من الأعمال ما هو ضرورى للوقف بدون أجر .
وهذا كله مع رعاية ما قلناه أولا من أنها لا تستحق أجرا إلا بجعل القاضى أو كان المعهود أنها لا تقبل القوامة إلا بأجر على ما استوجهناه وينبغى لها أن ترفع الأمر إلى المحكمة المختصة لتقرر ما تراه .
هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال والله أعلم(6/262)
تأجير عين الوقف
F محمد عبده .
ذو الحجة 1314 هجرية
M 1 - لناظر الوقف تحصيل مثل أجرة الأرض الموقوفة مدة بقاء الزرع فيها من الغرماء لأنه دين عليهم وللمستحقين مطالبة الناظر بذلك .
2 - ما صرفه الناظر على الزرع من ماله لا يرجع به على الغرماء إلا إذا كان قد صرفه بإذنهم أو بإذن القاضى
Q بافادة من دولتلو أفندم حسين باشا كامل مؤرخ فى 22 أبريل سنة 1897 نمرة 23 مضمونها أنه لما عرض لهذا الطرف من معاون أشغال دائرته بالاستفتاء عما يقتضيه الحكم الشرعى فى المزروعات التى زرعتها المرحومة البرنسيس جميلة هانم لنفسها حال حياتها فى الأطيان الموقوفة فيها أعطيت الفتوى من هذا الطرف بتاريخ 31 أغسطس سنة 1896 نمرة 253 سايرة بأنه إذا كانت البرنسيس المومى إليها زرعت ذلك حال حياتها لنفسها ببذرها المملوك لها فى الأطيان المذكورة فيكون الزرع ملكا لها يورث عنها شرعا إنما إذا انتقل جميع الوقف بموتها لغير ورثتها فيلزم الورثة أجر مثل أرض الوقف من حين موتها إلى وقت تخلية الأرض من الزرع المذكور، أما إذا انتقل بعضه للورثة وبعضه لغيرهم فلا يلزم الورثة من أجر مثل الأرض المذكور إلا بقدر ما يخص غيرهم فى الوقف المرقوم، وحيث ان البرنسيس المومى إليها توفيت عن ورثة وهم زوجها واخوتها ذكور أربعة وإناث ثلاث وآل ريع الوقف المذكور الذى تنظر عليه دولته بعد وفاتها حسب الشرط إلى اخوتها السبعة المذكورين وأنجال المرحوم أخيها المتوفى قبلها ولداعى وجود جملة ديون عليها قد انتدبته المحكمة الأهلية لبيع جميع مخلفاتها بما فى ذلك محصول الزرع الشتوى الذى زرعته حال حياتها لنفسها ببذرها المملوك لها فى الأطيان الموقوفة من قبل والدتها عليها مدة حياتها وإيداع صافى ثمن ذلك فى خزينة المحمة المختصة بذلك لأجل توزيعه على الديانة، وقد اتضح الآن بعد إتمام البيع المذكور وحصر الديون المذكورة أن قيمة الديون هى أزيد من قيمة ثمن المخلف عن البرنسيس المومى إليها .
فهل والحالة هذه يلزم ورثة البرنسيس المذكورة الذين لم يتمكنوا من أخذ شىء من ثمن محصول الزرع المذكور ولا من ثمن باقى مخلفاتها أن يدفعوا أجر مثل الأرض الموقوفة المذكورة إلى أنجال المرحوم أخيها بقدر ما يخصهم فى الوقف المذكور من حين وفاتها إلى وقت تخلية الأرض من الزرع المذكور أو يخصم أجر مثل جميع الأرض المذكورة عن المدة المرقومة والمصريف التى صرفت من ماله على نمو الزرع المذكور وحصاده ومشاله وتخزينه لحين بيعه من ثمن محصول الزرع المذكور قبل إيداعه فى خزينة المحكمة وتوزيعه بمعرفتها على الديانة قسمة غرماء أم كيف يرجاء الإفادة عما ذكر
An لناظر الوقف المذكور أخذ مثل أجر أرض الوقف المذكورة المدة التى بقى الزرع فيها من الغرماء لأنه دين عليهم وللمستحقين فى هذا الوقف مطالبته بذلك وما صرفه على الزرع المذكور من ماله لا يرجع به إلا إذا كان ذلك بإذن من الغرماء أو من القاضى وهذا حيث كان الحال ما هو مذكور بالإفادة والله أعلم(6/263)
اجارة وقف على الشيوع
F محمد عبده .
شوال 1318 هجرية
M 1 - إجارة الوقف على الشيوع فاسدة .
2 - ليس لناظر الوقف تأجير أرضه على الشيوع ولو كانت القسمة الزراعية ممكنة
Q من مرقص فهمى بمصر فى ناظر وقف أجر أعيانه بصفته ناظر وقف وهى أطيان إلى المستحقين ولشخص ذمى آخر بعقود مختلفة بطريق الشيوع لكل من المستحقين قدر معين من الأفدنة لمدة ثلاث سنوات واقتسم المستأجرون الأطيان قسمة رزاعية ووضع كل منهم يده على قدره المعين بمقتضى عقده، فهل تكون العقود صحيحة وقد دفع الذمى للناظر جزءا من الأجرة مقدما ومات الناظر وحل محله ناظر آخر أجر الأعيان لمستأجرين آخرين ولم يدفع للذمى ما عجله من الأجرة .
فهل يصح له هذا التأجير وهل للذمى حق الرجوع على الناظر الجديد بالأجرة المعجلة التى قبضها منه وصرفها فى شئون الوقف .
وهل إذا أجر الناظر على الشيوع أعيانا من الوقف وكانت القسمة الزراعية بين المستأجرين ممكنة تكون الإجارة صحيحة أفيدوا بالجواب
An المصرح به فى كتب المذهب أن إجارة المشاع فيما يقسم وفيما لا يقسم فاسدة كما عليه الفتوى وأنه لا يجوز لغير حاجة إجارة أرض الوقف إجارة طويلة ولو بعقود متوالية وعلى ذلك فتأجير الناظر الأول على الشيوع بعقود مختلفة على ما فى السؤال فاسد شرعا، ولهذا الذمى أن يرجع بما دفعه معجلا من الأجرة فى تركة الناظر الأول وترجع ورثته على مال الوقف بمطالبة الناظر الثانى متى تحقق أن مورثهم قبض ذلك وصرفه فى شئون الوقف، وحيث ان الإجارة تفسد بالشيوع فليس للناظر الجديد أن يؤجر شائعا من الوقف وإن كانت القسمة الزراعية ممكنة .
والله أعلم(6/264)
استحقاق أجرة الوقف
F محمد عبده .
رجب 1320 هجرية
M 1 - المدار فى استحقاق الأجرة هو ادراك زمن حلولها، فمن أدركه كان مستحقا وإلا فلا .
2 - تكون هذه الأجرة مستحقة إلى مستحقى الوقف بعد موت الواقف
Q من سعادة محمد شكيب باشا فى رجل وقف أطيانا زراعية ومات وهى مؤجرة السنة أولها شهر أبيب وآخرها نهاية بؤونة وميعاد سداد الإيجار نهاية بابه من السنة التالية أى بعد سنة الإيجار بأربعة شهور وكانت وفاته فى 29 بؤونة، فهل السنة التى مات فيها يكون إيجارها تركة لحد تاريخ وفاته ومنه لآخر السنة يكون وقفا ولو أنه لم يستحق سداده أو يكون الإيجار كله وقفا اعتبارا من تاريخ استحقاق سداده نرجو الجواب
An دل هذا السؤال على أن سنة الإيجار تنتهى بنهاية شهر بؤونة وأن مبلغ الأجرة يحل بعد أربعة شهور تليه وأن الواقف المؤجر مات قبل انتهاء تلك السنة وقبل حلول زمن أداء الأجرة وعلى ذلك تكون هذه الأجرة مستحقة إلى مستحقى الوقف بعد موت الواقف وذلك بناء على ما يستفاد من كلامهم من أن المدار على اعتبار إدراك زمن حلول الأجرة لأنه كادراك الغلة .
فمن كان موجودا عنده استحق ومن لا فلا .
أما ما قالوه من أنه لو مات الموقوف عليه قبل انتهاء مدة الإجارة يكون ما وجب فى الغلة إلى أن مات لورثته وما يجب فيها بعد موته لجهة الوقف فمحله إذا كانت الأجرة مستحقة أو كانت الأجرة معجلة ولم تقسم بين المستحقين .
كما يدل عليه لفظ وجب وما هنا ليس كذلك إذ من البديهى أن الواقف فى حادثتنا مستحق فى الوقف ينال ريعه بوصف كونه مستحقا فلا تكون الأجرة تركة له إلا إذا استحقت بالفعل .
لأن التركة ما كان يملكه الميت قبل موته حقيقة أو حكما .
فالملك الحقيقى ما كان فى حوزته بالفعل والحكمى ما كان له حق المطالبة به والواقف المتوفى لم يكن حائزا للأجرة ولم يكن له حق المطابة بها عند موته فلا يمكن أن تكون تركة له بوجه من الوجوه فلا تكون إلا حق مستحقى الوقف بعد موته .
والله أعلم(6/265)
وقف وأجارة
F محمد عبده .
شوال 1320
Mلا حق للناظر الجديد فى فسخ الإجارة وهدم البناء الذى تم بإذن الناظر القديم مادام المستأجر يدفع أجرة المثل
Q من محمد عبد الجواد فى رجل وقف قطعة أرض وشرطه لنفسه النظر عليها مدة حياته .
وقد رأى أنها بسبب كونها خالية عن البناء وغير صالحة للزراعة لا مصلحة للوقف فيها ولا يتيسر استغلال ريع منها مادامت بهذه الصفة فأجرها لشخص مدة معينة بإيجار معين وأذنه بأن يقيم بناء عليها على أن يكون ملكا له وتكون الأرض باقية على وقفيتها يدفع عنها المستأجر هذه الأجرة مادام البناء قائما، وقد مات الواقف وتولى على الوقف بعده ناظر آخر يريد فسخ هذه الإجارة وهدم البناء .
فهل له ذلك أو تبقى الأرض فى يد مستأجرها مع بقاء البناء عليها إلى أن تنتهى المدة المذكورة مادام قائما بدفع أجرة المثل المتفق عليها بينة وبين الواقف أفيدوا الجواب
An متى كانت الإجارة صحيحة وما تضمنته من الإذن بالبناء صحيحا وقد بنى المستأجر بناء على تلك الإجارة وذلك الإذن الصادر رضا له من الواقف فلا حق للناظر الجديد فى فسخ الإجارة المذكورة ولا يكلف المستأجر البانى برفع بنائه مادام يدفع أجرة المثل .
والله أعلم(6/266)
المزارعة فى الوقف
F محمد عبده .
ذى القعدة 1320 هجرية
M 1 - لو قال أرضى هذه صدقة موقوفة لله عز وجل أبدا ولم يزد تصير وقفا ويدخل فيه ما فيها من الشجر والبناء .
2 - البذر إن كان ملكا للواقف وقد زرعه لنفسه فالزرع يكون ملكا له ويورث عنه .
3 - إذا انتقل الحق فى ريع الوقف لغير ورثة الواقف يلزم ورثته بأجر مثل أرض الوقف من حين موته إلى وقت حصاد الزرع وتخلية الأرض منه .
4 - المزارع عليه إن كان البذر من الواقف كان نصيبه فى غلة المزارعة وتركة عنه لورثته وإن كان من العامل وكانت المدة لا تنتهى إلا عند الثمرة ونضجها .
فلو مات قبل ذلك فلا يكون تركة بل للمستحقين .
5 - أجرة المثل إن استحقت قبل موت الواقف فهى تركة .
وإلا فهى للمستحقين
Q من الشيخ أحمد مكى من الأزهر فى رجل يملك أرضا خراجية وفيها أشجار وبناء وقد وقف الأرض المذكورة ولم ينص على وقف ما فيها من الأشجار والبناء ثم انه زرع بعض الأرض لنفسه ببذره وآجر البعض وزارع على البعض ومات فى أثناء السنة قبل نضج الزرع وأمنه العاهة فيما زرعه لنفسه وزارع عليه .
وقبل أن يحل قسط من أقساط ما آجره .
فهل يكون ما فى الأرض من الأشجار والبناء وقفا تبعا لوقف الأرض وإن لم ينص عليه ويكون ما ينتج من الريع لمستحقى الوقف أو ميراثا لورثته أفيدوا الجواب
An صرحوا بأنه لو قال أرضى هذه صدقة موقوفة لله عز وجل أبدا ولم يزد تصير وقفا ويدخل فيه ما فيها من الشجر والبناء .
وأنه متى كان البذر ملك الواقف وقد زرعه لنفسه فالزرع يكون ملكا للزارع فيورث عنه لأن نماء ملكه .
غير أنه إذا انتقل الحق فى ريع الوقف لغير ورثته فيلزم الورثة أجر مثل أرض الوقف من حين موته إلى وقت حصاد الزرع وتخلية الأرض منه، وعلى ذلك يكون ما فى الأرض المذكورة من الأشجار والبناء وقفا وإن لم ينص على ذلك .
والزرع الذى هو ثمرة ذلك البذر يكون تركة عنه لورثته ويلزمهم أجر مثل الأرض من حين الموت إلى وقت الحصاد إن كان الحق فى ريع الوقف لغيرهم .
هذا فى زرعه لنفسه . أما ما زارع عليه فإن كان البذر منه كان نصيبه من غلة المزارعة تركة عنه كذلك لورثته لأن المزارع يكون أجيرا عنده فى عمله والثمرة نماء ملكه .
وإن كان البذر من العامل كان العامل بمنزلة المستأجر للأرض .
فإذا كانت مدة المزارعة لا تنتهى إلا عند ظهور الثمرة ونضجها فليس لصاحب الأرض أن ينال من الثمر شيئا إلا عند نهاية المدة وظهور الثمر، فلو مات قبل نضج الثمر كما فى حادثة السؤال فقد مات قبل أن يملك نصيبه من ثمرة الزارعة فلا يكون تركة تورث عنه بل يكون للمستحقين، وأما الأرض المؤجرة فأجرتها للمستحقين لا للورثة إذا كان الواقف المؤجر مات قبل حلول قسط من الأجرة واستحقاقها لأنه مات قبل أن يملكها .
والله أعلم(6/267)
تأجير الواقف عين الوقف بغبن فاحش
F بكرى الصدفى .
رجب 1324 هجرية
Mتأجير الواقف أعيان الوقف مدة طويلة بغبن فاحش ثم وفاته يقتضى رفع الأمر إلى القاضى لفسخ الإجارة فإذا ما ثبت ذلك فللقاضى فسخ الإجارة
Q من الست خديجة فى رجل وقف أطيانه بمقتضى حجة اشترط فيها جملة شروط منها ان الناظر عليه لا يؤجر الأطيان الموقوفة أزيد من ثلاث سنوات ولا يدخل عقدا على عقد حتى تنقضى مدة العقد الأول وقد صدر من نفس الواقف مدة حياته جملة عقود تأجير لمدة أكثر من المنصوص عليها بالوقفية .
وكذلك أدخل عقدا على عقد آخر قبل انقضاء مدة العقود الأولى ولم يذكر فى تلك العقود أنها وقف بل أجرها باعتبار أنها ملك فضلا عن تأجيرها بالغبن الفاحش .
وغرضى أن أعلم هل يجوز لى شرعا بصفتى ناظرة على هذا الوقف أن أبطل العقود التى صدرت من الواقف قبل وفاته بتأجير الأطيان لمخالفتها ما اشترطه بالوقفية أو لا يجوز ذلك مع العلم بأنه باق من مدة الإجارة نحو الخمس سنوات وأن الواقف توفى بعد كتابة الإجارة أفيدوا الجواب
An فى رد المختار وذكر الخصاف أن الواقف أيضا إذا آجر بالأقل مما لا يتغابن الناس فيه لم تجر ويبطلها القاضى وكذا إذا آجرها الواقف سنين كثيرة ممن يخاف عليها أن تتلف فى يده يبطل القاضى الإجارة ويخرجها من يد المستأجر انتهى ملخصا .
فمن ذلك يعلم أنه متى كان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال فللناظرة المذكورة أن ترفع الأمر للحاكم الشرعى لفسخ تلك الإجارة بعد ثبوت وتحقق ما يقتضى الفسخ بالطريق الشرعى على الوجه المذكور .
والله تعالى اعلم(6/268)
اجارة الوقف
F محمد بخيت .
ذو القعدة 1333 هجرية
M 1 - لا يملك الموقوف عليه إجارة عين من أعيان الوقف إلا إذا كان ناظرا من الواقف أو القاضى أو مأذونا له ممن له ولاية ذلك .
2 - ليس لناظر الوقف أن يستأجر شيئا من أعيانه لنفسه إلا إذا اجره له القاضى بأجر المثل .
3 - استئجار الناظر لحصة الوقف من زوجة الواقف دون إذن من القاضى فاسد شرعا، ويجب عليهما فسخ العقد
Q من إبراهيم جاهين فى رجل وقف أرضا وقفا صحيحا شرعيا على زوجته وأولاده منها ومن غيرها، وشرط النظر على وقفه من بعده لأحد أولاده من غير الزوجة المذكورة وسماه باسمه الخاص به، ثم مات الواقف بعد تسجديل وقفه لدى القاضى الشرعى قبل أن يتسلم منه حجة الوقف، ثم ان الزوجة المذكورة أجرت ما يخصها ويخص أولادها القصر لأحد أبناء الواقف من غيرها الذى جعل الواقف النظر له من بعده وعينه باسمه فى كتاب وقفه ثم لما أخذ الموقوف عليهم حجة الوقف من القاضى بعد تسجيلها لديه فوجد بها أن النظر على عموم وقفه من بعده لابنه فلان الذى أجرت المرأة المذكورة ما يخصها ويخص أولادها القصر له - فهل والحالة هذه لا تصح الإجارة المذكورة وعلى الناظر فسخها وتأجيرها بأجر المثل ممن يأتمنه الناظر على تحصيل الإيجار بدون تعب عليه ولا يكون على الناظر مسئولية من أحد فى فسخ الإجارة المذكورة وتأجيرها بأجر المثل ممن يؤتمن عليه أو ما الحكم أفيدوا الجواب
An اطلعنا على السؤال الموضح أعلاه ونفيد أنه قد صرح فى الدر المختار ورد المختار عليه وتنقيح الحامدية أن الموقوف عليه لا يملك تأجير أعيان الوقف إلا إذا كان متوليا من قبل الواقف أو القاضى أو مأذونا ممن له ولاية الإجارة من ناظر أو قاض - وقد صرح أيضا فى رد المختار والهندية وغيرهما أنه لا يجوز للقيم أى الناظر على الوقف أن يؤجر عقار الوقف لنفسه ولا أن يسكنه ولو بأجر المثل وأنه إن تقبل الإجارة لنفسه من القاضى بأجر المثل صحت الإجارة - وحيث ان الزوجة المذكورة من الموقوف ولا من قبل القاضى ولم تكن مأذونه بذلك من قبل ناظر الوقف ولا من قبل القاضى فلا تملك إجارة شىء من أعيان الوقف المذكور - وحيث إن ناظر الوقف ليس له أن يستأجر شيئا من أعيانه لنفسه إلا إذا أجره له القاضى بأجر المثل، وهذا الناظر إنما استأجر تلك الحصة فى الوقف من الزوجة التى هى من الموقوف عليهم لا من القاضى وبناء على ذلك تكون الإجارة المذكورة فاسدة شرعا، ويجب على كل واحد من المتعاقدين فسخها، وعلى الناظر المستأجر أجر مثل ما استأجره إجارة فاسدة قبل فسخ الإجارة كما يعلم مما صرحوا به على وجه ما ذكرناه نقلا عن كتب المذهب المذكورة .
والله أعلم(6/269)
محاسبة المستأجر ومصاريف العمارة
F محمد بخيت .
محرم 1335 هجرية - 12 نوفمبر 1916 م
M 1 - الناظر ليس له محاسبة المستأجر على أجر المثل اعتبارا من أول إجارته بل من حين قبول الزيادة أو من حين اعتبار المستأجر غاصبا على تفصيل فى ذلك .
2 - مصاريف العمارة يرجع فيها إلى أهل الخبرة
Q من عبد المجيد محمود فى ناظرة وقف أجرت عين الوقف وهى أرض بناء بالقاهرة بشارع جامع البنات قريبا من الموسكى لمستأجر وذكرت بالعقد أنه مسانهة وأذنت المستأجر بالبناء عليها فبنى ثلاثة دكاكين ومخزنا واعترفت الناظرة أن مصاريف العمارة بلغت 61720 قرشا وذكر فى العقد أن الأجرة سنويا ( أربعون بينتو ) يخصم منها عشرون بينتو من أصل مصاريف البناء والعشرون بينتو الأخرى تدفع للوقف سنويا وذكر أيضا أن ليس للناظرة ولا لمن يليها فى النظر أن تزيد الأجرة إذا بلغت أجرة المثل حتى تنتهى مدة الإيجار ولا يطالب بشىء زيادة عن المربوط - وقد توفيت الناظرة من مدة خمس سنوات تقريبا وآل النظر والاستحقاق لغيرها وقد بلغت أجرة المثل سنويا أضعاف الأجرة المتفق عليها إذ أن العوائد المربوطة على العقار الآن تبلغ عشرين جنيها وهى عبارة عن إيجار شهر واحد - فهل يحق للناظر الآن أن يحاسب المستأجر على أجر المثل اعتبارا من أول إجارته ويفسخ عقد الإيجار - وهل لهذا الناظر الحالى أن يناقش المستأجر المذكور الحساب عن مصاريف العمارة التى اعترفت بها الناظرة المتعاقدة معه والإجارة طيه أفيدوا الجواب ولكم الثواب
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى عقد الإيجار المذكور الذى تبين أنه موافق لما ذكر فى السؤال ونفيد أنه قال فى الأنقروية بصحيفة 297 جزء ثان ما نصه .
ولو استأجر رجل دارا كل شهر بدرهم ولم يذكر عدد الشهور كانت الإجارة صحيحة فى شهر واحد فان سكن المستأجر فيها يوما واحدا من الشهر الثانى لزمته الإجارة فى الشهر الثانى وهكذا فى كل شهر - وفيها أيضا بصحيفة 234 من الجزء المذكور ما نصه استأجر أرضا موقوفة وبنى فيها حانوتا وسكنها فأراد غيره أن يزيد فى الغلة ويخرجه من الحانوت ينظر إن كان أجرها مشاهرة فللقيم فسخ الإجارة عند رأس الشهر انتهى .
وفى مرشد الحيران بمادة 586 أخذا من تنقيح الحامدية ما نصه إذا احتاجت دار الوقف إلى العمارة فأذن الناظر للمستأجر بعمارتها من ماله للوقف فعمرها فله الرجوع على الناظر بما أنفقه على العمارة ليوفيه له من غلة الوقف وإن لم يشترط الرجوع إذا كان يرجع معظم منفعة العمارة للوقف، وأما إذا كان يرجع معظم منفعتها إلى المستأجر فلا يرجع مالم يشرط الرجوع انتهى .
وفى مرشد الحيران أيضا بالمادة 581 أخذا من الدر ورد المختار ما نصه إذا زاد أجر المثل فى نفسه لكثرة الرغبات العمومية فيه لا لتعنت فى أثناء مدة الإجارة زيادة فاحشة تعرض على المستأجر فإن رضيها فهو أولى من غيره ويعقد معه عقد ثان بالاجرة الثانية من حين قبولها إلى تمام مدة الإجارة ولا يلزمه إلا المسمى عن المدة الماضية - وبمثل ذلك أفتى فى الفتاوى المهدية بصحيفة 709 جزء ثان - وفى مرشد الحيران أيضا بالمادة 582 أخذا من رد المختار ما نصه إذا لم يقبل المستأجر الزيادة المعتبرة العارضة فى أثناء مدة الإجارة يفسخ العقد ويؤجر لغيره ما لم تكن العين المستأجرة مشغولة بزراعته، فان كانت كذلك يتربص إلى أن يستحصد الزرع وتضاف عليه الزيادة من وقتها إلى حصاد الزرع وفسخ العقد .
وحيث ان الإجارة المذكورة على الوجه المذكور فى السؤال هى مسانهة على الشروط المذكورة فى السؤال فنفيد أن مقتضى ما ذكرناه من النصوص أن هذه الإجارة قد انعقدت فى سنة واحدة وهى السنة الأولى وكلما دخلت سنة بعدها انعقدت الإجارة فيها وهكذا كل سنة دخلت بعد السنة التى مضت فالإجارة تنتهى فى آخر كل سنة وتبتدىء فى أول كل سنة جديدة بدون تجديد عقد، وبناء على ذلك يكون للناظر أن يفسخ هذه الإجارة فى رأس كل سنة قبل دخول السنة التى تليها وانعقاد الإجارة فيها بدخولها وليس له أن يفسخ عقد الإجارة فى أثناء مدة انقعد عقد الإجارة فيها بدخولها إلا إذا زاد أجر المثل فى أثناء تلك السنة زيادة فاحشة بنفسه بأن كثرت الرغبة لا بزيادة التعنت ، فإذا زاد أجر المثل فى أثناء مدة سنة انعقد فيها عقد الإجارة بدخولها تعرض الزيادة على المستأجر فان رضيها فهو أولى من غيره ويعقد معه عقد ثان بالأجرة الثانية من حين قبولها إلى تمام مدة الإجارة وتلزمه الزيادة من حين قبولها ولا يلزمه إلا المسمى فى المدة الماضية ، فغن لم يقبل الزيادة وكانت فاحشة يفسخ العقد وتؤجر العين لغيره هذا إذا كان الفسخ فى أثناء سنة انعقد فيها الإجارة، وأما إذا فسخ الناظر فسخا مضافا إلى آخر السنة قبل دخول أول يوم من السنة التى تليها فقد انفسخت الإجارة بفسخها عند انتهاء مدتها لما قلنا ان مدتها سنة واحدة فإذا كان أجر المثل قد زاد زيادة فاحشة أو غير فاحشة عرضها الناظر على المستأجر، فان قبل الزيادة عقد معه عقدا جديدا، وإن لم يقبل الزيادة ولم يسلم العين المستأجرة بل سكنها كان غاصبا فيلزمه أجر المثل بالغا ما بلغ ومن ذلك يعلم أن ليس للناظر الآن أن يحاسب المستأجر على أجر المثل اعتبارا من أول إجارته، بل له أن يحاسبه على أجر المثل من حين قبول الزيادة أو من حين اعتبار المستأجر غاصبا على التفصيل الذى قلنا، كما أن مصاريف العمارة التى اتعترفت بها الناظرة إن كان أهل الخبرة والبصيرة يقولون انها نفقة المثل على تلك العمارة فى زمان عملها أو تزيد زيادة غير فاحشة فلا يجوز للناظر أن يناقش المستأجر الحساب، وإن كان أهل الخبرة والبصيرة يقولون ان ما صرفه المستأجر يزيد عن نفقة العمارة المذكورة فى زمانها زيادة فاحشة لا يغابن الناس فيها جاز للناظر أن يناقش المستأجر الحساب عن نفقات العمارة المذكورة .
والله أعلم(6/270)
وقف وأجارة
F عبد الرحمن قراعة .
رجب 1340 هجرية - 21 مارس 1922 م
M 1 - ترك الواقف تعيين مدة الإجارة مانع من زيادتها عن سنة فى الدور وثلاث سنوات فى الضياع إن كان التأجير من الناظر .
2 - تجوز الزيادة فى المدة بإذن من القاضى بشرط أن تكون هناك مصلحة للوقف فى ذلك، فإن لم تكن كذلك كانت غير صحيحة .
3 - تأجير الناظر بغبن فاحش فاسد، ويلزم المستأجر بدفع أجر المثل مستقبلا وما نقص عنها فى المدة السابقة
Q من محمد بك توفيق عن ناظرة الوقف بما صورته - وقفت المرحومة الست نفيسة فادن أملاكا كانت جارية فى ملكها إلى حين وقفها منها وكالتان كائنتان بالغورية بمصر قسم الدرب الأحمر، وقد توفيت الواقفة المذكورة ثم عينت ناظرة على هذا الوقف الست زيليخا هانم كريمة المرحوم محمد كاشف سليم من سنة 1306 هجرية لغاية الآن، وقد ضمت محكمة مصر الابتدائية الشرعية ثقة عليها وأذنته بالانفراد بصفة نهائية حضرة الست عائشة إبراهيم ولما أرادت الثقة وضع يدها على أعيان الوقف المذكور تنفيذا لحكم المحكمة الشرعية وجدت أن الناظرة السابقة أجرت أعيان الوقف بمدد مستقبله هى ست سنوات ابتداء من سنة 1922 لغاية سنة 1927 بعقدين عملا بتاريخ سنة 1920 وأخذت الإيجار عن هذه المدد مقدما قبل تحرير هذه العقود .
فما هو الحكم الشرعى فى تلك الإجارة مع ما نص عليه الفقهاء من أنه ليس لناظر الوقف خصوصا إذا لم يكن هو الواقف أن يؤجر أعيان العقارات أزيد من سنة ولم ينص الواقف على مدة الإجارة بل أهملها ولم يقيدها بمدة، مع ملاحظة أن هذا التأجير الذى صدر منها كان بغبن فاحش لا يحتمل وبدونه اذن القاضى وبلا مصلحة لجهة الوقف أفيدوا الجواب ولفضيلتكم الثواب
An إذا ترك الواقف تعيين مدة إجارة العقار فلا تزاد على سنة فى الدور وعلى ثلاث سنين فى الضياع إن كان المؤجر هو الناظر ولم يكن الواقف - نعم تزاد على ذلك إذا صدرت باذن من القاضى لمصلحة الوقف، فإن لم تكن كذلك لم تكن صحيحة .
ومن هنا يعلم جواب السؤال عن تأجير الناظرة المدة الطويلة .
أما تأجير أعيان الوقف بالغبن الفاحش فهو فاسد، ويلزم المستأجر إتمام أجر المثل ودفع ما نقص منه فى المدة الماضية من العقد كما يؤخذ ذلك من الفتاوى المهدية وغيرها من كتب المذهب .
والله أعلم(6/271)
زيادة أجرة الوقف عن أجر المثل
F عبد الرحمن قراعة .
جماد آخر 1343 هجرية - 14 يناير 1925 م
M 1 - إذا كانت عين الوقف مؤجرة، وزاد أجر مثلها - رغبة فيها - فى أثناء مدة الاجارة زيادة فاحشة، فإن رضى المستأجر بالزيادة العارضة التزم بها مستقبلا لتمام مدة الاجارة، والا فسخ العقد وتؤجر لغيره .
2 - لناظر الوقف مطالبة المستأجر بتلك الزيادة، ولا يجوز للمستأجر التمسك بالأجرة التى حصل عليها الاتفاق
Q من الشيخ على هانى فى سيدة تملك منزلا أجرته خمسة عشر سنة، وبعد عقد الإيجار وقفته على نفسها ثم من بعدها على جهة خيرية وماتت بعد ذلك وانتقل الوقف لجهة الخير ولم تنته مدة الإيجار التى تعاقدت عليها مع المستأجر قبل الوقف ، وقد أصبح المنزل المذكور يساوى من الأجرة أضعاف ما هو مؤجر به، فهل لناظر الوقف طلب زيادة الأجرة بأجر المثل ويكون المستأجر ملزما بتلك الزيادة، أو ليس لناظر الوقف أن يطلب زيادة عما حصل الاتفاق عليه بين المستأجر وبين الواقفة، لأن عقد الإيجار حصل والعين مملوكة لها ولا يكون المستأجر ملزما بزيادة الأجرة بأجر المثل باعتبار أنه تملك حق الانتفاع بالعين فى مدة الإيجار بالقيمة التى حصل الاتفاق عليها وقت أن كانت العين مملوكة أفيدوا الجواب ولكم الأجر والثواب
An إذا كانت عين الوقف مؤجرة وزاد أجر مثلها فى نفسه لكثرة الرغبات لا للتعنت فى أثناء مدة الإجارة زيادة فاحشة يعرض على المستأجر فان رضيها فهو أولى من غيره، ويعقد معه عقد ثان بالأجرة الثانية وتلزمه من حين قبولها إلى تمام مدة الإجارة، ولا يلزمه عن المدة الماضية إلا المسمى فإذا لم يقبل المستأجر الزيادة العارضة فى أثناء مدة الإجارة يفسخ العقد وتؤجر لغيره ، وبناء على ذلك يكون لناظر الوقف المذكور مطالبة المستأجر بتلك الزيادة، ولا يجوز للمستأجر التمسك بالأحرة التى حصل الاتفاق عليها وقت أن كانت العين مملوكة .
وهذا ما تقتضيه نصوص فقهائنا كما يعلم ذلك من مراجعة التنوير وشرحه الدر المختار ورد المختار عليه بصحيفتى 616 و 617 من الجزء الثالث طبعة أميرية سنة 1286 هجرية والله أعلم(6/272)
حكم اجارة الناظر لنفسه
F عبد المجيد سليم .
ذو الحجة 1361 هجرية - 4 يناير 1942 م
M 1 - لابد من تعدد العاقد فى الحقوق التى ترجع إلى نفس العاقد إلا ما استثنى .
2 - لا تنعقد إجارة ناظر الوقف لنفسه ويكون العقد باطلا
Q من محمود أفندى قال أجر وكيل ناظر الوقف أطيانا من الوقف لنفسه فصار متوليا طرفى العقد ومؤجرا ومستأجرا، فهل يصح هذا العقد سواء كان الأجر المسمى فيه أجر المثل أو أقل منه بما لا يتغابن فيه الناس
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن نصوص الفقهاء تقضى بأنه لابد من تعدد العاقد فى الحقوق التى ترجع فيها الحقوق إلى نفس العاقد ومنها الإجارة إلا ما استثنى من ذلك وليس عقد الوكيل لنفسه منها، وعلى هذا لا تنعقد الإجارة المذكورة ويكون العقد باطلا .
وبهذا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/273)
الأذن بالعمارة فى الوقف
F محمد بخيت .
جمادى الآخرة 1333 هجرية
M 1 - المأذون له بعمارة الوقف من قبل الناظرة له أن يرجع بما أنفقه على العمارة المذكورة من ماله فى غلة الوقف متى كانت نفقة المثل .
2 - إذن الناظرة له بالسكن فى بعض أماكن المنزل الموقوف بلا أجر مدة حياته باطل .
لأنه من قبيل التبرع بمنفعة الوقف . والناظرة لا تملك ذلك شرعا
Q من السيدة زنوبة فيما يأتى ( أن الحاجة فاطمة ح .
وقفت جميع الحصة التى قدرها النصف أثنا عشر قيراطا من أصل أربعة وعشرين قيراطا على الشيوع فى كامل الحوش الكائن ببولاق بخط الخصوصيين المعروف بحوش الشيخ عامر على نفسها ثم من بعدها على أولادها مصطفى وفطومة وزنوبة ووالدتها مسعدة بنت إبراهيم ومن سيحدثه الله لها من ألوللاد ثم من بعد والدتها تكون حصتها وقفا على أولاد الواقفة المذكورة مضافا لما يستحقونه ثم من بعد كل من أولاد الواقفة فعلى أولاده إلى آخر ما جاء فى حجة وقفها الصادرة بتاريخ 12 ربيع الثانى سنة 1290، وقد شرطت فى وقفها شروطا منها البداءة من ريعه بعمارته وما فيه البقاء لعينه ولو صرف فى ذلك جميع غلته - وان المرحومة الحاجة أمان بنت الحاج حسن وفا المذكور وقفت النصف الباقى من الحوش المذكور على نفسها ثم من بعدها على ابنتها نبوية ووالدة الواقفة هى الحرمة مسعدة المذكورة ومن سيحدثه الله لها من الأولاد ثم من بعد الحرمة مسعدة تكون حصتها وقفا على أولاد الواقفة ثم من بعد كل من أولاد الواقفة فعلى أولاده إلى أن قالت ثم بعد انقراضهم يكون ذلك وقفا على أختها هى فاطمة المذكورة أولا ثم من بعدها على أولادها إلى آخر ما جاء بحجة وقفها الصادرة من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 12 ربيع الثانى سنة 1290، وقد شرطت فى وقفها شروطا منها البداءة بعمارته وما فيه البقاء لعينه ولو صرف فى ذلك جميع غلته - وقد مات كل من الواقفتين المذكورتين ومات من مات بعدهما وانحصر الوقف الآن فى أولاد الواقفة الحاجة فاطمة المذكورة وهما زنوبه بنت فتوح أبو طالب وشقيقها إسماعيل فتوح أبو طالب وأن زنوبة المذكورة قد أقيمت ناظرة على الوقفين المذكورين بمقتضى تقرير نظر صادر من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 20 أبريل سنة 1911 - ومن حيث ان الحوش الموقوف المذكور من الواقفتين المذكورتين كان متهدما ولا ريع له يفى بعمارته كما وأنه لم يكن للواقفتين المذكورتين وقف آخر يصرف منه على الوقف المذكور للقيام بعمارته مع العلم بأن الوقف وإن كان متهدما إلا أنه قائم الجدران ويأتى بريع - ومن حيث انه لهذا أذنت الناظرة المذكورة وشقيقها إسماعيل المذكور - المنحصر فيهما الوقف المذكور استحقاقا - الأسطى على أحمد النجار ابن أحمد عبد الجبالى الساكن ببولاق بأن يقوم بعمارة ما يلزم الحوش المذكور من المبانى والمرمات من أخشاب وشبابيك وجميع ما يلزم للعمارة من ماله خاصة وله فى نظير ذلك فاضل ريع المنزل المذكور إلى أن يستوفى جميع ما صرفه على عمارته، وكان ذلك بمقتضى عقد عرفى محرر بينهم بتاريخ 16أكتوبر سنة 1912 ومسجل بالمحكمة المختلطة ، وفعلا قد قام الأسطى على أحمد المذكور ببناء الحوش المذكور حتى صار منزلا واحدا وله ريع وصرف على جميع ذلك 122 جنيها و 437 مليما .
فهل والحال ما ذكر يكون ما عملته الناظرة وشقيقها المذكوران من الإذن المذكور صحيحا وهل للأسطى على أحمد المذكور أن يضع يده على المنزل الموقوف المذكور حتى يستوفى جميع ما صرفه أفيدوا الجواب ولكن الثواب
An فى الفتاوى المهدية بصحيفة 477 جزء أول من كتاب الوقف ما نصه ( سئل ) فى وقف انحصر نظره واستحقاقه فى امرأة من ذرية الواقف فتخربت أماكنه وانهدم معظمها فأذنت الناظرة المذكورة لشخص بعمارة الأماكن المذكورة من ماله على أن يكون ما يصرفه من مال نفسه له ان يرجع به فى ريع الوقف - فهل إذا عمرها الرجل المذكور وبناها بحسب إذن الناظرة المذكورة له بذلك على الوجه المسطور يكون له الرجوع فى ريع الوقف بما صرفه من مال نفسه ليرجع ( فأجاب ) عمارة الوقف بإذن متولية ليرجع بما أنفق توجب الرجوع باتفاق أصحابنا بما أنفق وإن لم يشترط الرجوع، ذكر فى جامع الفصولين فى عمارة الناظر بنفسه قولين وعمارة مأذونه كعمارته فيقع الخلاف فيها، وقد جزم فى القنية والحاوى الزاهدى بالرجوع وإن لم يشترطه إذا كان معظم منفعة العمارة إلى الوقف كذا فى فتاوى العلامة الرملى والله تعالى أعلم انتهى - ومن ذلك يعلم حكم الحادثة المذكورة وأن الرجل المذكور المأذون له بالعمارة من قبل الناظرة له بأن يسكن فى بعض أماكن المنزل المذكور بلا أجر مدة حياته فهو باطل، لأنه من قبيل التبرع بمنفعة الوقف والناظرة لا تملك ذلك شرعا .
والله أعلم(6/274)
اقرار الوقف بملك غيره لشىء من الموقوف
F عبد المجيد سليم .
ذو القعدة 1335 هجرية - 30 يناير 1937 م
Mمجرد إقرار الواقف بعد الوقف بملك غيره لشىء مما وقفه غير مقبول شرعا .
بل لابد من حكم قضائى مبنى على حجة متعدية مستوفية جميع الشرائط الشرعية
Q من الشيخ سعد القاضى قال ما قولكم دام فضلكم فيما يأتى المرحوم موسى أغا توفى وانحصر إرثه الشرعى فى زوجته الست سلوت البيضاء بنت عثمان عبد الله وولده منها محمد موسى ثم توفى بعده ابنه محمد موسى وانحصر إرثه الشرعى فى والدته الست سلوت فقط بمقتضى حكم الوراثة الذى بنى على بينة شرعية الصادر من محكمة مصر الشرعية فى 5 رمضان سنة 1295 فآل كل ما كان يملكه المتوفى الأول إلى الست سلوت المذكورة بعضه بطريق الميراث عن زوجها موسى أغا حسن والبعض الآخر بطريق الميراث عن ابنها محمد المذكورين وهو عبارة عن ثلاثة وتسعين فدانا كائنة بناحية العزب مديرية الفيوم ونصف منزل كائن بدرب الجماميز بمصر ثم بعد ذلك وقفتها بمقتضى حجة صادرة من محكمة مصر الشرعية فى 28 ربيع أول سنة 1307 ثم بعد ذلك ادعى من أسمى نفسه كوك على أوغلى إلياس وجود ورقة كتب عليها لفظ إقرار بملكية نصها كما يأتى إقرار بمليكة فى تاريخه أدناه قد حضر كوك على أوغلى إلياس ابن على ابن حسنى ابن على من أهالى جيوغة قرية سى التابعة لانطاليا من ولاية قوته من رعايا الدولة العلية وادعى كوك على أوغلى إلياس المذكور بأنه يرث من ابن عمه محمد القاصر المتوفى عن والدته الست سلوت وعن ابن عمه كوك على أوغلى إلياس المذكور وأنه آل إليه بحق الثلثاى من متروكاته عن والده موسى أغا بن حسنى بن على والثلث لوالدة محمد القاصر المتوفى بمقتضى إعلام شرعى ثبت له إرثه من محمد القاصر المذكور مؤرخ فى 9 ربيع أول سنة 1311 من ولاية انطاليا وبمقتضى شهادة بيده مؤرخة فى 5 شباط الموافق 5 رجب سنة 1311 ثبت أنه على قيد الحياة وحصل الرضا والتوافق بينه وبين الست سلوت زوجة المرحوم عمه موسى أغا المذكور على أن يأخذ مبلغ مائتى جنيه انكليزى فى مقابلة جميع ما خصه فيما آل إليه بالميراث بالوجه الشرعى من ابن عمه محمد موسى المذكور من عقار وأطيان ومنقولات وغير ذلك من سائر الحقوق المالية واستلم هذا المبلغ المذكور نقدا وعدا من الست سلوت المذكورة وأقر واعترف وأشهد على نفسه دون غيره وهو بأكمل الأوصاف المعتبرة شرعا من صحة جسم وسلامة عقل وحسن تصرف وجواز الإشهاد عليه شرعا كوك على أوغلى إلياس المذكور أنه لا حق له فى عموم التركة المتروكة من قبل ابن عمه ولا دعوى ولا طلب ولا خصومة ولا مرافعة بوجه من الوجوه جهة الست سلوت المذكورة وقد أخرج نفسه من عموم التركة بهذا المبلغ المذكور وأمر الست المذكورة بتسجيل هذا العقد بأى محكمة من المحاكم الأهلية وغيرها وأقر أيضا كوك على أوغلى إلياس المذكور بأنه الوارث الوحيد من محمد موسى المذكور وإذا ظهر أحد يدعى أنه الوارث عن محمد موسى المذكور يكون هو المدان والمحام بمقتضى القوانين الأصولية وأشهد على نفسه بذلك الشهود العارفين له حسبا ونسبا وعينا وذاتا المعرفة التامة يشهدون بذلك والله خير الشاهدين تحريرا فى يوم الأحد الموافق 16 شوال سنة 1311 المقر بما فيه .
كوك على أوغلى إلياس المذكور والختم ناطق الياس يشهد بذلك صالح بكر من انطالية بدون ختم كاتبه صالح بكر بمصر جبوعة قرية سى اهاليدن شهد بذلك السيد عم أمين والختم ناطق السيد عمر شهد بذلك أحمد حمدى من أنطاليا كاتبه أحمد حمدى أنطاليا اهاليدن بدون ختم شهد بذلك مصطفى أغا بكباشى والختم ناطق مصطفى محمد .
فهل ما جاء بهذه الورقة بالحالة التى هى عليها ومع كون الست سلوت التى ورد اسمها فيها لم تكن طرفا ولم توقع على هذه الورقة ومع كون وارثة المتوفين المذكورين قد انحصر فيمن ذكرنا وآلت تركتهما إلى الست سلوت المذكورة ثم وقفتها بالحجة المبينة، وهل ما جاء بالورقة المذكورة مع ما ذكرنا يؤثر على الوقف الصادر من الست سلوت بالبطلان أم لا يؤثر عليه وهو وقف صحيح نافذ مؤبد نرجو التكرم بالإفادة عن ذلك ولفضيلتكم الأجر والثواب
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى الحكم المحرر من محكمة مصر الكبرى الشرعية فى ليلة الخامس من شهر رمضان المعظم سنة خمس وتسعين ومائتين وألف للست سلوت هانم البيضاء بنت عثمان عبد الله بوفاة زوجها موسى أغا صاعقول أغاس وانحصار إرثه فيها وفى ولده منها محمد القاصر ثم وفاة ابنها محمد المذكور وانحصار إرثه فيها كما اطلعنا على ملخص الوقف الصادر من الست سلوت المذكور أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية فى الثمن والعشرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وثلثمائة وألف وعلى صورة من الورثة المشار إليها فى السؤال، ونفيد بأن مجرد ما جاء بهذه الورقة لا يؤثر شرعا على الوقف الصادر من الست سلوت المذكورة قبل صدور هذه الورقة أولا لأنه ليس فى هذه الورقة ما يدل على اعتراف الست سلوت الواقفة زوجة المتوفى الأول ووالدة المتوفى الثانى بوارثة كوك على أوغلى إلياس لابنها المتوفى الثانى ثانيا أنه على فرض أن فى هذه الورقة إقرار من الست سلوت والدة المتوفى الثانى بوارثة هذا الشخص لابنها فلا يؤثر هذا الإقرار على ما صدر منها من الواقف الأعيان التى كانت مملوكة لها بالإرث عن زوجها وولدها لأن مجرد إقرار الواقف بعد الوقف بملك غيره لشىء مما وقفه غير مقبول شرعا .
إنما الذى يؤثر فى حجة الوقف هو إثبات كوك المذكور وارثته لابن الواقفة على النحو الذى يدعيه بحكم قضائى مبنى على حجة متعدية مستوف جميع الشرائط الشرعية فإن كان الإعلام الذى قال كوك المذكور فى الورقة المذكورة أنه يرث بمقتضاه محمدا القاصر ابن الست سلوت الواقفة إعلاما بحكم قضائى بالصفة التى أشرنا إليها كان حيئنذ وارثا لابن الواقفة .
وكان مستحقا لبعض ما وقفته الواقفة ويكون وقف الست سلوت لما استحقه كوك المذكور بمقتضى هذا الحكم قد صدر منها وهى لا تملكه فيكون وقفها له غير صحيح إلا إذا كانت قد تملكت هذا القدر ممن يملكه بسبب شرعى ووقفته بعد أن تملكته من مالكه .
والخلاصة أن مجرد ما جاء بهذه الورقة لا يؤثر فى حجة الوقف بل هو وقف صحيح إلا إذا تبين بحكم قضائى بالصفة التى ذكرناها وارثة كوك للولد المذكور بما يدعى وأن الست سلوت وقفت نصيبه قبل أن تتملكه منه بسبب شرعى هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال .
والله سحبانه وتعالى أعلم(6/275)
وقف
F محمد عبده .
ذو الحجة 1317 هجرية
M 1 - إذا اقتضت عبارة الواقف أن للناظر أو لأحد الذرية حق إخراج غيره منها، فليس له أن يحرم غيره ويعطى نفسه .
2 - لا يحمل كلام الواقف على تحكيم هوى أحد من الموقوف عليهم فى الباقين .
يتصرف فيهم بمشيئته دون مراعاة مصلحتهم فيما اختصهم به الواقف فى وقفه
Q من حضرة قاضى محكمة مصر الشرعية بإفادة مؤرخة فى 2 من ذى الحجة سنة 1317 هجرية رقم 395 مضمونها أنه مقدم له إشهاد من الست بهية هانم كريمة المرحوم على باشا برهان بأنها ناظرة على وقف جدها المرحوم عثمان أفندى برهان المعين بكتاب وقفه الصادر من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 19 صفر سنة 1233 هجرية وأن الواقف شرط فى وقفه هذا شروطا منها الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإسقاط لنفسه ولأولاده وذريته ونسله وعقبه بحسب ترتيب طبقاتهم، وأنها ترغب حرمان كل مستحق من الموقوف عليهم ما عدا شخصها لتتصرف فى ذلك بحسب ما تراه، وتطلب تعيين من يلزم لتحرير إشهاد شرعى بذلك، وأرسلت كتاب الإيقاف وصورة إعلام سبق صدوره من هذه المحكمة فى 9 ربيع أول سنة 1313 هجرية مبين به أسماء المستحقين ومقدار ما يستحقه كل منهم وها هى الأوراق المذكورة عدد 3 مرسلة مع هذا بأمل الاطلاع عليها وإعادتها بالإفادة عما يقتضيه المنهج الشرعى فيما هو مرغوب
An اطلعت على رقيم سماحتكم المؤرخ بيوم تاريخه وعلى ما معه من الأوراق فوجدته يختص بطلب الست بهية هانم كريمة المرحوم على برهان باشا إخراج من عدها من المستحقين فى وقف جدها المرحوم عثمان أفندى برهان المؤرخ فى 19 صفر سنة 1323 هجرية على حسب شرطه الذى نص فيه على أنه له مدة حياته ولأولاده وذريته ونسله وعقبه بحسب ترتيب طبقاتهم، وقد طلبتم سماحتكم فى ذلك الرقيم بيان ما يقتضيه المنهج الشرعى فى طلبها ذلك، وحيث ان نص عبارة الواقف فى الحجة الشرعية المؤرخة بالتاريخ المذكور هو (وشرط الواقف لنفسه مدة حياته ولأولاده وذريته ونسله وعقبه بحسب ترتيب طبقاتهم فى وقفه هذا الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والشروط المعروفة لمن شاءوا متى شاءوا مدة حياة كل منهم، وليس لأحد من بعدهم فعل شىء من ذلك) وظاهر هذه العبارة كما يشعر به قوله مدة حياة كل منهم يفيد أن لكل واحد منهم مدة حياته أن يخرج من يساء متى يشاء على حسب ترتيب الطبقات فلو أن أربعة أو أربعين منهم كانوا فى طبقة واحدة كان لكل منهم أن يخرج الآخرين سواء كانوا معه فى طبقته أو فيما هو أدنى منها، غير أن هذا الظاهر لا تمكن إرادته بالضرورة وإلا لصح لكل ممن فى طبقة واحدة أن يخرج الآخر فإما أن يخرجوا جميعا من الوقف أو لا يخرج منهم أحد أو يكون النافذ هو إخراج من سبق منهم، ولا يخفى فساد هذا المعنى على أحد، فلا يصح أن يكون الواقف أراده .
وبهذا تبين أن ظاهر نصه غير مراد بالبداهة فيكون الواقف قد تجوز فى كلامه أو جرى على ما هو متعارف بين الناس فى إلقاء مثل هذه العبارات على ما فيها اعتمادا على ما يفهمه أهل عرفه وعلى كلا الحالين أنه أراد بوقفه إصلاح شأن ذريته لا إفساده تعين أنه أراد بشرطه ذلك أن تلك الشروط هى فى ذريته يمكنهم العمل بها فى غيرهم من الموقوف عليهم من بعدهم ويؤيده قوله وليس لأحد من بعدهم فعل شىء من ذلك أما من بعدهم فلا تكون لهم هذه الشروط، وفرض ذلك فى وقفه لدفع ضرر من يخرج عن الطريق القويم من عتقاه، وهذا مما لا يرتاب فيه من له أدنى إلمام بمقاصد الواقفين، ثم العرف شاهد بذلك أيضا كما هو معروف لكل مصرى له خبرة بمرامى كلام العاقدين فى مثل واقعتنا، وعلى هذا فليس لأحد من الموقوف عليهم أن يخرج أحدا من ذرية الواقف فى هذه الواقعة وربما صح ذلك فى واقعة يصرح الواقف فيها بمقصده على وجه لا يتطرق إليه التناقض ولا يعرض له الاحتمال، ثم قد جاء فى الإسعاف فى فصل التخصيص والحرمان ما نصه (ولو قال أرضى هذه صدقة موقوفة على أن للقيم أن يعطى غلتها لمن شاء من الناس جاز له والوقف ومشيئته بحالهما لأن الإعطاء يستلزم معطى له والإنسان لا يعطى نفسه) ومن هذا يثبت أنه لو فرض أن عبارة واقف تفهم أن للناظر أو لحد الذرية أو جماعة منهم حق إخراج غيره منها فليس له ذلك على أن يحرم غيره ويعطى نفسه كما هو الشأن فى واقعتنا بل يكون ذلك عند رعاية مصلحة الموقوف عليهم ولا شىء من رعاية المصلحة فى هذه الواقعة كما هو ظاهر .
وعلى كل حال فلا يمكن أن يحمل كلام واقف على تحكيم هوى أحد من الموقوف عليهم فى الباقين يتصرف فيهم بمشيئته دون أن يرعى مصلحتهم فيما اختصهم به الواقف من وقفه لإصلاح حالهم فى معاشهم .
والله أعلم(6/276)
تقسيط هو وقف
F محمد عبده .
جمادى الآخرة 1318 هجرية
Mتقسيط الأطيان على شخص معين وعلى ذريته من بعده، ثم أيلولتها بعد انقراض ذريته إلى جهة بر لا يجعلها ملكا، لأنها وقف عليه وعلى ذريته، فإذا انقرضوا جميعا صارت إلى ما صارت إليه كشرط الواقف
Q من مصطفى بك الباجورى بطنطا فيما يأتى صورة تقسيط أطيان جفالك رزقة بلا مال بوجه الإيهاب من لدن المراحم الخديوية إعطارى عن جانب سعادة لامع النور وستور وقدر الخديوى الأكرام أفندينا ولى النعم محمد سعيد باشا المعظم حامى حمى الإسلام بالديار المصرية من أطيان ناحية طنبوها عن أصل أطيان جفلك سعادة أفندينا ولى النعم المشار إليه رزقة بلا مال عما كانت تلك الأطيان مقيدة باسم سعادة أفندينا ولى النعم المشار إليه رزقة بلا مال من ضمن تقسيط ديوانى مؤرخ فى غرة رجب سنة 1255 والآن بمقتضى الإرادة السنية صار فرز وتحديد الأطيان المذكورة بموجب دفتر الإفراز والتحديد الوارد من مديرية الغربية بأختام عمد النواحى المذكورة ومعاون المالية وإفادة المديرية رقم 17 من ذى الحجة سنة 1270 بعهدة الست المومى إليها ما دامت بقيد الحياة هى وذريتها ومن بعد انقراض ذريتها الثلثان من تلك الأطيان إلى مدفن المرحومة الست عين الحياة والدة سعادة أفندينا ولى النعم المشار إليه والثلث إلى مسجد الأستاذ البوصيرى رضى الله عنه عن جانب سعادة أفندينا ولى النعم المشار إليه بالجهتين المذكورتين وقف وإرصاد بموجب منطوق الإرادة السنية الصادرة للمالية رقم 10 ذى القعدة سنة 1270 فبناء عليه على منطوق الإرادة المشار إليها وتطبيقا للأصول المقررة تعتبر الأطيان المذكورة من أول سنة 1269 رزقة بلا مال ثبت ذلك وقيد بدفتر الأرزاق حسب الأصول، وتحرر هذا التقسيط الديوانىب الرزنامجة العامرة، هذه هى صورة التقسيط الصادر من الرزنامجة بتاريخ 22 ربيع أول سنة 1271 وبناء على ذلك وضعت الست كلفدان المذكورة يدها على تلك الأطيان، ثم توفيت عن ولد ذكر وبنت وضعا أيديهما عليها بعد وفاة والدتهما، ثم توفيت البنت عن ورثة شرعيين .
فهل المائة فدان المذكورة تعتبر ملكا للست كلفدان المذكورة بموجب التقسيط المذكور وتقسيم على ولدها وبنتها بحسب الفريضة الشرعية للذكر مثل حظ الأنثيين وما جاء فى هذا التقسيط من أن الأطيان المذكورة تكون وقفا بعد انقراض ذرية الست كلفدان المشار إليه وإرصادا على الجهتين المذكورتين بالتقسيط يكون باطلا بسبب خروج هذه الأطيان عن ملك المعطى بموجب التقسيط المذكور وانتقالها إلى ملك الست كلفدان المعطى إليها المذكورة أم كيف الحال أفيدوا الجواب بما يقتضيه الحكم الشرعى فى ذلك
An العوائد الجارية فى تقاسيط الأطيان الوقف هى كما ذكر بصورة التقسيط المذكور، والغرض مما ذكر بهذه الصورة أن الأطيان المذكورة بها وقف على الست المومى إليها مدة حياتها هى وذريتها، ويساعد على هذا الغرض قوله (ومن بعد انقراض ذريتها الثلثان من تلك الأطيان إلى مدفن المرحومة الست عين الحياة والثلث إلى مسجد الأستاذ البوصيرى) إذ لا يتأتى لمن يريد الوقف لشىء يسوغ وقفه أن يملكه لغيره ثم يصدر منه وقف فيه، فلو لم يكن القصد وقف تلك الأطيان على الست المذكورة هى وذريتها ثم من بعد انقراض الذرية تكون وقفا على الوجه المذكور لما قال (ومن بعد انقراض ذريتها إلخ) على أن قوله وقف وإرصاد صريح فيما ذكر ، وغاية الأمر أن الواقف استعمل لفظ الإعطاء مدة الحياة فى معنى الوقف، وقوله هى وذريتها عبارة عامية مدلولها أن ذلك لذريتها كما هو لها، أى وقف عليهم، فيتساوى فيه جميع الذرية وإن اختلفت طبقاتهم، ويقسم ريع الأطيان عليهم بالسوية لأن هذا الضرب من القسمة هو المعروف فى الوقف، والأصل فيه ولا يكون التفاضل بين الذكر والأنثى إلا بنص صريح ولم يوجد فى كلامه .
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/277)
انعقاد الوقف
F محمد عبده .
صفر 1319 هجرية
M 1 - ينعقد الوقف بمجرد قول الواقف وقفت .
2 - بعد صدور الوقف صحيحا لازما لا يقبل التمليك أو التملك .
3 - من موجبات لزومه تسجيله بسجل المحكمة الشرعية
Q من يوسف أفندى فى رجل وقف فى مدة حياته وقفا أهليا من عقارات وغيرها على نفسه مدة حياته ثم بعد وفاته على ذريته وذرية ذريته طبقة بعد طبقة وجيلا بعد جيل لحد انقراض الذرية وذرية الذرية يكون الوقف المذكور للحرم الشريف، وهذا الوقف مسجل بسجلات إحدى المديريات من مدة ثلاثين سنة تقريبا منذ كانت سجلات المحاكم الشرعية بالمديريات والواقف وقتها لم يستخرج حجة شرعية للوقف المذكور بل اكتفى بالتسجيل المذكور ثم بعد وفاة الواقف استخرجت ذريته الحجة المحكمى عنها من سجل المحكمة مصدقا عليها من قاضى الجهة .
فهل بعد ذلك يكون هذا الوقف لازما ولا يجوز التصرف فيه ببيع ولا برهن ولا غير ذلك .
أفيدوا الجواب
An المصرح به فى كتب المذهب أن الوقف يصير وقفا بمجرد القول لأنه بمنزلة الإعتاق عند أبى يوسف وعليه الفتوى، وأنه بعد صدوره صحيحا لازما لا يقبل التملك والتمليك، وعلى هذا فالعقارات الموقوفة وغيرها مما يصح وقفه صارت وقفا بمجرد القول، ومتى كان صدوره على وجه الصحة لزم، ولا يجوز فيه البيع والشراء ونحوهما من أنواع التصرف الممنوعة فى الوقف، ومن موجب لزومه أيضا تسجيله بذلك السجل متى كان من السجلات المصونة الخالية من شبهة التزوير المحفوظة من التغيير والتبديل، والحجة المذكورة إن كانت مطابقة لذلك السجل، وهذا كله بعد تحققه وثبوته .
والله أعلم(6/278)
الوقف للسكنى
F محمد عبده .
شعبان 1319 هجرية
M 1 - ليس لمستحقه السكنى فى عين من أعيان الوقف أن تسكن معها أولادها البلغ على سبيل الدوام مادواموا متزوجين ومعهم زوجاتهم وأولادهم، لأن شرط حق السكنى للأيم من النساء فقط .
2 - لمستحق السكنى أن يسكن معه ما هو تابع له كأولاده القصر .
3 - يسقط الحق فى السكنى بزواج الأيم كشرط الواقف ويرجع لها الحق بالتأيم .
4 - بلوغ الأولاد القصر يقتضى إخراجهم إلا إذا كانوا فقراء فيسكنون تبعا إلى أن يتزوج الإناث ويبلغ الذكور أشدهم
Q من عبد الوهاب أفندى فى واقف وقف وقفا من ضمنه مكان نص عليه فى كتاب وقفه بقوله فأما المكان المذكور يكون وقفا على معتوقاته التسع وسماهن ومن سيحدثه الله له من العتقاء الإناث ينتفع بالسكنى فى المكان المذكور كل من معتوقاته التسع المذكورات ومن سيحدثه الله له من العتقاء الإناث على الدوام مدة حياة كل منهم مادمن عزبات، وكل من تزوجت منهن سقط حقها فى السكنى فى المكان المذكور، فإن تأيمت عاد حقها فى السكنى وهكذا كلما تزوجت وتأيمت يجرى الحال فى ذلك كذلك وتستقل بالسكنى فى المكان المذكور الواحدة منهن إذا انفردت ويشترك فيه الاثنتان فما قوفهما عند الاجتماع يتداولن ذلك بينهن كذلك إلى انقراضهن إلى آخر ما نص عليه، وقد استقل بالسكنى فى هذا المكان واحدة ممن حدث من العتقاء الإناث بسبب تأيمها وسكن معها ولدها وزوجته وبنتها وزوجها وما زالوا مستمرين على السكنى معها فى هذا المكان، فهل لهم الحق فى السكنى معها حال كون الواقف لم يشرط السكنى إلا لمعتوقاته، وأن الواحدة منهن تستقبل بالكسنى إذا انفردت وكانت غير متأيمة ولم يشترط السكنى لأولاد واحدة منهم ولا لزوجات أبنائهن ولا لأزواج بناتهن، أم ليس لهم الحق فى ذلك وإذا لم يكن لهم ذلك الحق يلزم الناظر على هذا الوقف منعهم من السكنى فى ذلك المكان لعدم شرط الواقف السكنى لهم فيه .
أفيدوا الجواب
An من المقرر شرعا أن شرط الواقف كنص الشارع فى أنه يتبع ويجب العمل به، فشرط الواقف السكنى فى ذلك المكان لكل من هؤلاء المعتقات التسع ومن يحدث له من العتقاء الإناث على الدوام ما دمن عزبات وأنه إذا تزوجت واحدة منهن سقط حقها فى السكنى وإن تأيمت عاد حقها فى السكنى وأن الواحدة منهن تستقل بالسكنى فى المكان المذكور إذا انفردت .
لا ريب يجب العمل بهذا الشرط فيمن سماهن الواقف مادمن موصوفات بالتأيم، وفيمن يحدث له من العتقاء الإناث ما دمن على هذا الوجه ولا يتناول غيرهن بالنسبة للحصر والتعيين والتقييد فى كلامه وحيث انفردت هذه المعتقة الحادثة واستقلت بالسكنى فى ذلك المكان لتأيمها بناء على ذلك الشرط فيقتصر هذا الاستقلال عليها ولا يشمل غيرها إذ شموله لغيرها خروج عن غرض الواقف الذى دل عليه ذلك الشرط دلالة ظاهرة ، وقد قلنا إنه كنص الشارع فى ابتاعه ووجوب العمل به، وابتاعه ليس إلا فى قصر السكنى على تلك المعتقة المستحقة فليس لغيرها من ابنها وزوجته وبنتها وزوجها حق السكنى فى ذلك المكان وإلا لزم العدول عن غرض الواقف، وقد قلنا إن مراعاة غرضه واجبة، فعلى الناظر منع هذا الابن مع زوجته وتلك البنت مع زوجها من السكنى فى ذلك المكان عملا بشرط الواقف .
أما قولهم إن كان الموقوف عليهم ذكورا وإناثا فإن كانت الدار ذات حجر ومقاصير وكان لكل واحد منهم حجرة يسكنها يغلق عليها بابها فلكل واحد من الذكور أن يسكن أهله وحشمه وجميع من معه ولكل ابنة منهم أن تسكن زوجها معها فى الحجرة التى هى فيها، وإن لم يكن لها حجر وكانت دارا واحدة لم يستقم أن تقسم بينهم ولا تقع فيها مهايأة فسكناها لمن جعل الواقف له ذلك دون غيرهم، فمحله فى الموقوف عليهم أنفسهم إذا أرادوا أن يسكنوا معهم من هو تابع لهم لا يمكن انفصاله عنهم بحكم ضرورة المعيشة كما نراه فى صريح عبارتهم وفيما إذا أطلق والواقف لهم السكنى وإنما الموقوف عليها هنا هى تلك المعتقة، وقد نص الواقف على أنه لا يجوز لها أن تسكن زوجها معها بل متى تزوجت سقط حقها فى السكنى ، فيجب أن يكون الأمر على ما شرط، فإذا رجع لها الحق بالتأيم لم يجز لها أن تسكن معها إلا ما هو من قبيل الحشم وما لابد منه كبناتها وأبنائها القاصرين الذين فى حضانتها، ومتى تجاوزوا سن الحضانة سقط حقهم فى السكنى ووجب أن يخرجوا من دار أمهم إلى دار من استحق حضانتهم فإن كانوا فى الفقر بحيث لا يجدون ما يسكنون فيه جاز أن يسكنوا معها على الطريق التبع إلى أن يتزوج الإناث ويبلغ الذكور راشدين، فإذا تزوج الإناث لا يسوغ سكناهن وإذا تأيمن لا يسكن كذلك لأنهن بمجرد تزوجهن خرجن عن أن يكن تابعات لوالدتهن التى لها الحق فى السكنى وكذلك الأولاد الذكور إذا بلغوا راشدين لا يكون لوالدتهم حق فى إسكانهم معها سواء تزوجوا أو لمو يتزوجوا عملا بصريح ذلك الشرط وأما تصريحهم بجواز الإعارة دون الإدارة فقد عللوه بأن الإعارة لا توجب حقا للمستعير بل المستعير بمنزلة ضيف أضافه بخلاف الإجارة وعلى هذا فلا يكون لهذه المعتقة المستحقة للسكنى أن تسكن أولادها معها على سبيل الدوام وتطالب به كأنه حق منحته من قبل الواقف لأن ذلك مما يخالف حكم الإعارة .
والله أعلم(6/279)
وقف خيرى
F محمد عبده .
ربيع أول 1321 هجرية
M 1 - كل ما يجىء فى عبارات الواقفين من تعيين وظائف أو أماكن لم ترد فى الكتاب ولا السنة يجب رده إلى أصول الدين .
2 - شرط الواقف كنص الشارع فى تحديد النصيب وحالة المستحق لا فى تحديد القربات وأوقاتها وأماكنها .
3 - تعيين الواقف القراءة أو مكانها يرجع فيه إلى صاحب الدين عليه السلام، وهو لم يعين مكانا .
فللقراء أن يجتمعوا فى أى مكان ولهم أن يتفرقوا .
4 - يجوز استبدال صهريج المياه بالمرشح الذى ترد إليه مياه الشركة لنقائه ونفعه للمدرسة
Q بإفادة من أوقاف خديوية مؤرخة 14 يونية سنة 1903 نمرة 277 مضمونها أنه من القرر فى وقف خليل أغا ضمن الخيرات صرف مبلغ كل عام يشترى به خبز ويفرق على عشرة فقهاء يقرءون الختمة برسم مقرآة فى أحد عشر ضريحا عينها الواقف مبينة بكشف مع هذه الإفادة ولتعذر ملاحظتهم لتباعد المسافات بين تلك الأضرحة وعدم اجتماعهم فى وقت واحد وعدم التمكن فى تفريق الخبز عليهم مرة واحد رؤى اجتماعهم فى مكان واحد لتيسير مراقبتهم وتفريق الخبز عليهم بعد التلاوة وأن يكون هذا المكان تكية الواقف التى أمام المشهد الحسينى لأنها متوفرة فيها الشروط التامة، وكذا فهذا الوقف مدرسة بها صهريج يملاء كل عامين مرة، ومياهه توزع على مشرحات ومحال أخرى وهذا على ا فيه من زيادة المصاريف غير ملائم للصحة تماما خصوصا وأن قوة الضغط ليست كافية لترشيح الكمية التى تفى لشرب التلامذة الكثيرين والخوجات والخدم ولو أدخلت مياه القومبانية بواسطة مواسير ووضعت عليها المرشحات يؤخذ منها الماء الكافى ويكون الماء مجددا دواما ولا شك فى أن يكون أقل مصرفا من قبل وبين هذه الحالة والحالة الأولى من المزايا ما لا يخفى .
وعليه نرجو إعطاء الفتوى بما يرى
An الذى أراه أن كل ما يجىء فى عبارات الواقفين من تعيين وظائف أو أماكن لم ترد فى الكتاب ولا السنة يجب رده إلى أصول الدين ولا يجوز أن يعتبر الواقف مشرعا محددا لشىء من القربات بل يتحتم إرجاع كل ما يخصصه إلى ما اعتبره الدين وعممه .
وقولهم إن شرط الواقف كنص الشارع لا يفيد أن الشارع قد نصبه منصب المعصوم صلى الله عليه وسلم فى تحديد القربات وأوقاتها وأماكنها أيضا بل ذلك فى النصيب وفى حالة المستحق ونحو ذلك مما لا يكون فيه افتئات على صاحب الشرع .
ولذلك فنص الواقف فى مثل هذه الحادثة يعتبر أولا فى أن ما عينه قربة فلابد أن يصرف إلى الفقراء لا إلى الأغنياء ثم فى العدد الذى عينه، أما تعيينه القراءة أو مكانها فذلك يرجع إلى اعتبار صاحب الدين عليه السلام وهو لم يعين مكانا فلهم أن يجتمعوا فى أى مكان ولهم أن يتفرقوا ثم هم يقرءون القرآن ولا يباح لهم أن يجعلوا القراءة فى مقابلة الخبز بل عليهم أن يقرءوا لله تعالى وقد أخذوا الخبز بوصف الفقر، لأن القراءة من العبادات التى لا يجوز أخذ الأجر عليها مهما قال القائلون .
أما مسألة الصهريج فإنى لا أرى ما نعا فى استبدال المرشح به ترد إليه مياه شركة المياه متى كانت فيه كفاية لشرب التلامذة ومن أنشىء الصهريج لشربهم وانتفاعهم، لأن الواقف لا يريد إلا أن يكفى من فى المدرسة حاجتهم إلى الماء وجعل المرشح بدل الصهريج يرجح إذا كان الماء به يكون أنقى والمنفعة للمدرسة أوفر .
والله أعلم(6/280)
وقف
F بكرى الصدفى .
ربيع الثانى 1325 هجرية
M 1 - أيلولة الوقف لابن الواقف وزوجته بالسوية بينهما ثم أخرجته الزوجة من الاستحقاق بمالها من ذلك الشرط كان إخراجها له نافذا .
2 - إدخال الولد نفسه فى الوقف - بعد وفاتها - وجعل نفسه مستحقا فى الوقف ومن بعده لذريته بماله من الشرط صحيح ونافذ ولا يمنع من ذلك إخراج زوجة أبيه له، وذلك عملا بنص الواقف
Q من كل من حضرة أحمد حمدى ومحمد نجيب المحامى بمصر فى رجل وقف وقفا وأنشأه على نفسه، ثم من بعده على زوجته وولده القاصر بالسوية بينهما، ثم من بعد كل منهما يكون ما هو له وقفا على الآخر، وشرط الواقف المذكور أن النظر على ذلك من بعده لزوجته مدة حياتها، ثم من بعدها يكون النظر على ذلك لولده المذكور مدة حياته ثم من بعده يكون النظر للأرشد فالأرشد من الموقوف عليهم .
وشرط لنفسه فى وقفه ولزوجته المذكورة من بعده ولولده المذكور من بعدها فى الوقف المرقوم الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإبدال لمن شاء كل منهم متى شاء يفعل ذلك مرارا، وليس لأحد من بعدهم فعل شىء من ذلك، ثم توفى الواقف المذكور وآل الوقف لزوجته وابنه بالسوية حسب الشرط، فأخرجت زوجة الواقف المذكور ابن زوجها المومى إليه فى الوقف هو وذريته وحرمتهم وصيرتهم لا حق لهم فيه لا باستحقاق ولا بحصة ولا بنصيب، ثم توفيت الزوجة المذكورة وآل الوقف والنظر عليه بالشرط غلى ابن زوجها المذكور وبما له من الشروط العشرة فى وقف والده المرقوم أخرج من أدخلته زوجة أبيه وأدخل نفسه فى وقف والده المومى إليه وجعل نفسه مستحقا له ومن بعده لذريته .
يموجب إعلام شرعى من محكمة مصر الشرعية صادر فى يوم 19 صفر سنة 1313 نمرة 55 ج - 4 .
فهل ما أجراه ابن الواقف المذكور من الإخراج وإدخال نفسه فى وقف والده وجعله مستحقا له حسب الشرط المذكور أعلاه صحيح وله ذلك أم كيف الحال أفيدوا الجواب ولكم جزيل الثواب
An حيث شرط الواقف فى وقفه الشروط المذكورة لابنه المذكور وكان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال يكون ما أجراه ذلك الابن وهو بالغ عاقل رشيد بعد وفاة زوجة الواقف من الإخراج والإدخال على الوجه المرقوم على حسب الشرط صحيحا شرعا .
ولا يمنع من ذلك إخراج الزوجة المذكورة له ولذريته لوجهين .
الأول أنها إنما أخرجته هو وذريته من الاستحقاق والحصة والنصيب فقط ولم تتعرض للشروط كما هو الظاهر من عبارتها فى الإخراج .
الثانى ما نص عليه العلماء من أن شرط التغيير والتبديل والإدخال والإخراج ونحوها إنما يرجع إلى مصارف الوقف لاى إلى الشروط أيضا فلا تملك الزوجة المذكورة إخراجها من يد الابن المذكور على فرض حصول ذلك منها فهى باقية له وبمقتضاها فعل ما ذكر وصدر به الإعلام الشرعى المذكور هذا ما ظهر لى فى جواب هذه الحادثة .
والله تعالى أعلم(6/281)
وقف
F بكرى الصدفى .
جمادى الأولى 1325 هجرية
M 1 - معنى استشارة الواقف وإقراره فى دخول أولاد الفقراء المسلمين المدرسة التى عينها أخذ رأيه إن كان حيا ومن عينه بعد موته لذلك لاعتماد دخولهم، ومتى أذن الواقف فى ذلك تتخذ إجراءات قيدهم بها .
2 - لا يجوز مطالبة الناظر بالمبالغ عن المدة الماضية ولو لم يكن بالمدرسة تلاميذ لمخالفة ذلك شرط الواقف .
3 - لا يجوز صرف المبلغ المعين صرفه على تلاميذ هذه المدرسة بعد تركهم لها والتحاقهم بمدارس أرقى درجة منها
Q بإفادة واردة من نظارة المعارف بتاريخ 26 جمادى الأولى سنة 1325، 7 يوليو سنة 1907 نمرة 2353 بما صورته .
علمت النظارة من مكاتبة وردت من حضرة ناظر مدرسة طنطا بتاريخ 20 مايو سنة 1907 نم- 208 أن المرحوم أحمد باشا المنشاوى خصص فى كتاب وقفه المثبوت بمحكمة طنطا الشرعية مبلغ 250 جنيها لقبول عدد من التلاميذ أولاد الفقراء المسلمين بهذه المدرسة .
وحيث إنه بالاطلاع على الجزء الذى يخص نظارة المعارف فى كتاب الوقف المذكور الوارد للنظارة بمكاتبة من نظارة الحقانية فى 20 يونيو سنة 1907 نمرة 171 وجد أن المرحوم اشترط على نفسه أن يصرف من ريع وقفه كل عام مبلغ 250 جنيها المذكور لقبول عدد من التلاميذ المذكورين بالمدرسة المذكورة، وذلك بعد استشارية وإقراره مادام حيا باقيا، فإن مات كان لحرمه الست فاطمة هانم وحضرة بسيونى بك الخمطيب هذا الحق ماداما على قيد الحياة، وحيث إنه مقتض استفتاء فضيلتكم فى معنى الاستشارة والإقرار السالف ذكرهما وهل يجوز مطالبة نظار هذا الوقف بالمبلغ المذكور عن المدة الماضية ولو لم يكن أثناءها بالمدرسة المذكورة تلاميذ من هذا القبيل، ثم فى جواز صرف ذلك المبلغ على أولئك بعد تخرجهم من المدرسة المحكى عنها وإلحاقهم بمدارس أخرى ارقى من هذه لتلقى العلوم .
فنأمل التكرم بإفادتنا عما ذكر لإجراء المقتضى وطيه صورة نص ذلك الجزء من كتاب الوقف الوارد من نظارة الحقانية فى هذا الشأن أفندم
An على مما تضمنته إفادة النظارة الواردة لنا بتاريخ 7 يوليو سنة 1907 نمرة 2353 ومن صورة النص المرفقة معها ان المرحوم أحمد باشا المنشاوى خصص فى كتاب وقفه المسجل بمحكمة طنطا الشرعية بتاريخ 5 ذو القعدة سنة 1322 مبلغا وقدره 250 جنيها فى كل عام لمدرسة طنطا الأميرية لقبول عدد من التلاميذ أولاد الفقراء المسلمين ممن يصح دخولهم بها مادامت هذه المدرسة تعلم أولاد المسلمين العلوم وعقائد الدين الإسلامى وأركانه، ولا يقبلون إلا بعد استشارة الباشا المشار إليه وإقراره ما دام حيا باقيا، فإن مات كان لحرمه الست فاطمة هانم وحضرة بسيونى بك الخطيب هذا الحق ماداما على قيد الحياة، ويراد الاستفتاء فى هذا الطرف عن معنى الاستشارة والإقرار السالف ذكرهما، وهل يجوز مطالبة نظار هذا الوقف بالمبلغ المذكور عن المدة الماضية ولو لم يكن اثناءها بالمدرسة المذكورة تلاميذ من هذا القبيل وهل يجوز صرف ذلك المبلغ على أولئك التلاميذ بعد تخرجهم من المدرسة المحكى عنها وإلحاقهم بمدارس أخرى أرقى من هذه لتلقى العلوم والإفادة عن ذلك أن معنى الاستشارة والإقرار المذكورين هو ما يعطيه العرف من أنه لا يقبل ذلك المقدار من التلاميذ فى المدرسة المذكورة إلا بعد أخذ رأى الواقف المذكور فى حياته ورأى من عينهما بعد وفاته، بمعنى أن ناظر تلك المدرسة يعين الأشخاص الذين يراد دخولهم فيها على طرف الوقف المذكور ببيان أسمائهم وألقابهم وأنهم أولاد فقراء من المسلمين ويصح دخولهم فيها على الوجه الذى شرطه الواقف ويعرض ذلك على الواقف أو على من عينه لذلك من بعده لأخذ الرأى والاعتماد، ومتى أذن الواقف أو من عينه من بعده باعتماد قبولهم يتبع الإجراء على هذا الوجه، هذا هو معنى الاستشارة والإقرار وأما مطالبة نظار هذا الوقف بالمبلغ المذكور عن المدة الماضية ولو لم يكن أثناءها بالمدرسة المذكورة تلاميذ من هذا القبيل فلا وجه لها لمخالفتها لما شرطه الواقف، وكذا لا يصرف المبلغ المذكور على أولئك التلاميذ بعد خروجهم من المدرسة المحكى عنها وإلحاقهم بمدارس أخرى أرقى لمخالفته لشرط الواقف أيضا، فإنه إنما يقصد الصرف عليهم ما داموا فى المدرسة المذكورة على الوجه المشروح، وشروط الواقف الصحيحة الشرعية لا تجوز مخالفتها شرعا .
وللإحاطة تحرر هذا أفندم والصورة المذكورة عائدة من طيه(6/282)
وقف مقبرة
F بكرى الصدفى .
رجب 1325 هجرية
Mالمقبرة الموقوفة لا يجوز لأحد أن يتملك جزءا منها ما دامت موقوفه لدفن موتى الأفباط الأرثوذكس
Q من أسقف الأقباط الأرثوذكس بالمنيا توماس فى كنيسة لطائفة الأقباط الأرثوذكس محاطة بجبانة (أى مقبرة) موقوفة تلك المقبرة بالطريق الشرعى على دفن موتى هذه الطائفة من نحو خمسمائة سنة وهم يدفنون بها موتاهم بلا منازع ولا معارض، والآن انسلخ منهم جماعة إلى مذاهب أخرى مثلا الكاثوليك والبروتستانت وتريد هذه الجماعة أخذ جزء من تلك المقبرة على وجه التملك واستعمالهم لها استعمال الملاك فى أملاكهم .
فهل لهم حق فى هذا الطلب الذى هو طلب جزء منها على وجه التملك كما ذكر أو يمنعون من ذلك نرجو الإفادة عما يقتضيه الحكم الشرعى فى ذلك ولكم الثواب أفندم
An حيث كان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال فلا يجوز لهؤلاء الجماعة أن يتملكوا جزءا من المقبرة المذكور الموقوفة لدفن الموتى بالطريق الشرعى على وجه ما ذكر .
ففى الفتاوى الهندية من الجزء الثانى فى الباب الثانى عشر ما نصه (وسئل هو أيضا عن المقبرة فى القرى إذا اندرست ولم يبق فيها أثر الموتى ولا العظم ولا غيره هل يجوز زرعها واستغلالها قال لا ولها حكم المقبرة انتهى) وفيها أيضا من الباب المذكور ما نصه (وحكى عن الحاكم المعروف بمهرويه أنه قال وجدت فى النوادر عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى أنه أجاز وقف المقبرة والطريق كما أجاز المسجد انتهى) ونحوه فى الإسعاف .
والله تعالى أعلم(6/283)
وقف
F بكرى الصدفى .
ربيع أول 1326 هجرية
M 1 - يراد بالخيرات فى الوقف خصوص الجهات الخيرية التى عينها الواقف .
2 - إذا ضاق نصيب الخيرات يؤخذ للصرف عليها من غيرها بلا رد إليه .
3 - لا يقدم أحد على أحد إلا بنص الواقف .
4 - تقديم بعض أرباب الشعائر على بعض إنما يكون عند عدم تعيين الواقف لكل واحد قدرا، فحينئذ يقدم من هو أعم مصلحة
Q من حضرة بسيونى بك الخطيب بما صورته .
مذكور بكتاب وقف المرحوم أحمد المنشاوى باشا الصادر من محكمة مديرية الغربية الشرعية بتاريخ 10 شوال سنة 1322 أنه خصص من ريعه نقودا على دجهات خيرية معينة بكتاب الوقف المذكور كل جهة لها قدر معلوم من ريع الوقف المذكور وقدر صرف مبلغ ألف جنيه على ذوى القربى حسبما هو موضح بكتاب وقفه المذكور، وقدر صرف مبلغ 2006 من الجنيهات المصرية على أشخاص معينين بكتاب الوقف المذكور ثم من بعدهم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم بكيفية موضحة بكتاب الوقف المذكور، ووقف ريع الف فدان مع ما يتبعها مما هو مبين بكتاب الوقف المذكور على زوجته وعلنيا وعلى آخرين مذكورين بكتاب الوقف المذكور، ثم من بعدهم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم كما هو مبين بكتاب الوقف المذكور، ثم شرط الواقف بكتاب وقفه المذكور بصحيفة 102 (ومنها أن يبدأ من ريع الوقف المذكور بجميع الخيرات المتقدم ذكرها) وهذا الشرط جاء بكتاب الوقف بعد بيان الحصص وجهات مصرفها المعينة بكتاب الوقف المذكور وبعد ما شرط البداءة بدفع الأموال الأميرية والعمارة وتسديد الديون وبناء المسجد والتكية وغير ذلك - فهل يدخل الموقوف عليهم نقود والموقوف عليهم أطيان فى ضمن الجهات الخيرية المعينة بكتاب الوقف المذكور لكون الواقف اعتبر الأشخاص الذين لهم نصيب نقدى فى الوقف فى حصة قدرها 2408 فدانا وكسور مع الجهات الخيرية بقوله (فإن تعذر الصرف فى شىء من الخيرات المذكورة صرف ما كان يصرف لها لباقيها بالنسبةف إن تعذر الصرف لها جميعا صرف ريع الحصة المذكورة للفراء والمساكين إلخ) راجع صحيفة 97 من كتاب الوقف المذكور - وفى بعض عبارات وقفه اعتبرهم وقفا أهليا بقوله فى صحيفة 104 من كتاب الوقف المذكور (وليس لأحد من بعده فعل شىء من ذلك سوى زوجته الست فاطمة هانم فإن لحضرتها الإدخال والإخراج فى الوقف الأهلى فقط لمن نازعها إلخ) ولم يكن بكتاب الوقف المذكور وقف أهلى سوى ما هو مقرر لذوى القربى وللأشخاص المقرر لهم نقود ولذريتهم والألف فدان السابق ذكرها أعلان وبصحيفة 108 اعتبرهم وقفا مغايرا للوقف الخيرى حيث قال ما نصه (وإذا ضاق ريع هذا الوقف عما خصص للجهات الخيرية أو بعضها وعما خصصت للأشخاص الذين لهم نصيب نقدى أو بعضه إلخ) فهل مع هذا يصرف للأشخاص الذين لهم نصيب نقدى وللموقوف عليهم أطيان، كما يصرف لجهات الخيرات المذكورة بالنسبة لحصة كل عند ضيق الريع عن الجميع أو تقدم جهة الخيرات عملا بشرط الواقف المتقدم ذكره - وهل إذا دخلوا ضمن جهات الخيرات المذكورة ولم يف الريع بالصرف لهم ولجهات الخيرات المذكورة يكون الصرف من الريع على جميع جهات الخيراتب النسبة لنصيب كل جهة أو تقدم بعض الجهات الخيرية على الأخرى بمعنى تقديم الأهم فالأهم - ثم جاء بصحيفة 107 من كتاب الوقف المذكور ما نصه (ومنها أن يؤخذ فى كل عام جنيه من ريع كل فدان ويوضع فى مأمن بطنطا من وقف سعادة الباشا الواقف المشار إليه ويسمى ملجأ القرض الحسن) إلى أن قال بصحيفة 108 ما نصه (وإذا ضاق ريع هذا الوقف عما خصص للجهات الخيرية أو بعضها وعما خصص للأشخاص الذين لهم نصيب نقدى مقدر من جهة سعادة الباشا الواقف المشار إليه أو بعضه بعد أخذ ما قدر للملجأ سنويا من ذلك الريع أخذ من مال الملجأ المتحصل المرصد له ما يتمم به المطلوب للجهات الخيرية والأشخاص الذين لهم نصيب نقدى فى الوقف المذكور لا سلفا ولاقرضا بل إعطاء من غير إرجاع له وليس للملجأ طلب استرداد ذلك المبلغ حيث إنه صرف فيما شرطه الواقف للجهات الخيرية ورأس مال الملجأ المذكور يبدأ به من حين انتقال هذا الوقف عن الباشا والواقف إلى من بعده فى الاستحقاق، ثم يتمادى الأخذ له عن كل فدان جنيه واحد إلخ) .
فهل إذا ضاق الريع عما خصص للملجأ والجهات الخيرية والأشخاص الذين لهم نصيب نقدى يؤخذ ما هو مقرر للملجأ أولا ويعمل الملجأ مما أخذ ويقدم على الجهات الخيرية وما بقى يصرف للجهات الخيرية والأشخاص الذين لهم نصيب نقدى بالنسبة لحصة كل أو تقدم بعض الجهات على الأخرى، وإذا كان لا يفى الفاضل ببعض الجهات الخيرية على فرض تقدمها على غيرها فهل يتمم لها من الملجأ عملا بشرط الواقف والباقى من الملجأ يوزع على حسب الشرط أم كيف الحال أفيدوا الجواب ولكم الثواب وكتاب الوقف مصحوب مع هذا للاطلاع عليه أفندم
An يحتمل كلام الواقف والحال ما ذكر فى السؤال وما جاء بكتاب الوقف أنه جعل الجهات الخيرية المذكور وما يتصرف للأشخاص الذين لهم نصيب نقدى، وما يصرف لذوى القربى، كل ذلك ليس من الوقف الأهلى وأما الوقف الأهلى فهو خاص بوقف الألف فدان، بدليل أنه قدم قوله فإن تعذر الصرف فى شىء من الخيرات المذكورة إلى آخره عليها، ولا ينافى ذلك قوله بعد وإذا ضاق ريع هذا الوقف عما خصص للجهات الخيرية أو بعضها وعما خصص للأشخاص الذين لهم نصيب نقدى أو بعضه غلخ لأنه يمكن أن يقصد بذلك أن ما عدا الوقف الأهلى منه ما هو وقف على جهات خيرية ومنه ما هو وقف على أشخاص ومنه ما هو وقف على ذوى القربى، وكل ذلك داخل عموم الوقف الخيرى الذى هو مقابل للوقف الأهلى، وعلى ذلك فما عدا الوقف الأهلى المذكور وهو الأقسام الثلاثة المذكور التى هى معتبرة وقفا خيريا يأتى فيه صريح قول الواقف، فإن تعذر الصرف إلى آخره فتلاحظ فيها النسبة عند التوزيع، لكن ربما يعكر على هذا قول الواقف فى الشروط ومنها أن يبدأ من ريع الوقف المذكور بجميع الخيرات المتقدم ذكرها، ويحتمل كلام الواقف غير ذلك بأن يقال إن الأشخاص المذكورين ليسوا من الخيرات بدليل عطفهم على الجهات الخيرية فى آخر كلامه، والعطف يقتضى المغايرة، والعمل فى كلام الواقفين على المتأخر ويشهد لهذا تقديم الخيرات عند ذكر الشروط كما شبق، وعليه فلا يدخل الأشخاص المذكورون فى القسمة النسبية عند تعذر الصرف لبعض الجهات الخيرية كما لا يدخلون عند ضيق الريع عن الجميع بل تقدم جهة الخيرات المذكورة عملا بشرط الواقف المتقدم ذكره، وإن ضاق الريع عن جميع الخيرات يصرف إليها الريع بالنسبة لنصيب كل جهة ولا تقدم جهة على الأخرى لكون الواقف عين لكل جهة قدرا معينا ولكونه بنى كلامه عند التعذر السابق على مراعاة النسبة، وربما يعكر على هذا أيضا قول الواقف فإن تعذر الصرف فى شىء من الخيرات المذكورة إلى آخره .
ويمكن الجواب عن هذا بأن يقال أراد بالخيرات فى عبارته هذه خصوص الجهات الخيرية التى بينها نحو التسكين والمستشفى، ويكون معنى قوله صرف ريع الحصة المذكورة أى حصة هذه الخيرات، والذى تميل غليه نفسى الآن هو الاحتمال الثانى، وأما الجواب عما إذا ضاق الريع عن الخيرات واللمجأ ابتداء ففى كلام الواقف ما يبينه، وذلك لأنه ذكر أنه إذا ضاق الريع عن الخيرات بعد تحقق الملدأ المذكور يؤخذ للخيرات مما تخصل للملجأ بدون رد إليه فهذا يفيد أن غرضه تقديم الخيرات على الملجأ عند ضيق الريع ابتداء وغرض الواقف تجب مراعاته حتى نص الأصوليون على أن الغرض يصلح مخصصا - وهذا فى تنقيح الحامدية ما نصه (وفى فتاوى الكازرونى عن الحانوتى (سئل) هل يقدم الإمام والمؤذن فىس الصرف على مؤدب الأيتام وعلى الأيتام مع أن الواقف عين لكل قدرا (أجاب) هذه المسألة لم تقف على من نص عليها إلا بعض من الحنفية ونصه والذى يبتدأ به من ريع الوقف عمارته ثم ما هو أقرب إلى العمارة وأعم للمصلحة كالإمام للمسجد والمدرس للمدرسة يصرف إليهم إلى قدر كفايتهم ثم السراج والبساط كذلك إلى آخر المصالح، لكن قيد هذا الكلام بعد ذلك بقوله هذا إذا لم يكن معينا فإن كان الوقف معينا على شىء يصرف إليه بعد عمارة البناء انتهى فمقتضى كلامه أن التقديم المذكور لأرباب الشعائر محله إذا كان لغير معين كما لو كان وقفه على المسجد وشعائره ومدرس وطلبة من غير تعيين، أما إذا عين وجعل لكل شخص قدرا معلوما فلا يقدم أحد ن ويدل على ذلك قوله يصرف إليهم إلى قدر كفايتهم، لأنه إذا كان هناك تعيين إنما يصرف لهم ما هو المعين والله أعلم وقوله بعض من الحنفية مراده صاحب الحاوى ولم أر أحدا حرر هذا التحرير الحسن فعليك به فإنه نفيس جدا (أقول) حاصل هذا أن تقديم بعض أرباب الشعائر على بعض إنما هو فيما إذا لم يعين الواقف لكل واح قدرا فحينئذ يقدم من أعم مصلحة، أما غذا عين فلا تقديم انتهى كلام تنقيح الحامدية ثم استدرك عليه بما يخالفه وأطال فى ذلك .
هذا ما تيسر لى فى جواب هذا السؤال .
والله تعالى أعلم بحقيقة الحال .
ے(6/284)
وقف خيرى
F بكرى الصدفى .
جمادى الثانية 1327 هجرية
M 1 - تعمر الزاوية - مما بقى من ريع القيراطين المذكورين فى الوقف الأول ومن ريع الثمن من الوقف الثانى - كما كانت عليه زمن الواقف ولو استغرقته .
2 - يتحد ناظر الوقف والزاوية فى عمارتها بالطريق الشرعى .
ويستقل ناظر الزاوية بتنصيب وعزل أرباب الشعائر الدينية، ويتولى ناظر الوقف صرف ما هو مقرر لهم .
3 - المبلغ المشروط صرفه على موظفى المسجد والزاوية يصرف مناصفة بينهما، ويعطى لكل واحد منهم وهم يحصون ما يناسب حاله كما يقتضيه العرف وغرض الواقف
Q من حضرة السيد / محمد الحفنى فى رجل وقف على نفسه أطيانا من أملاكه وبعد موته يكون منها قيراطان من أربعة وعشرين قيراطا وقفا على مسجد جده المرحوم على كاشف جلال الدين بناحية منفلوط وزاويته المعروفة بزاوية سيدى الشيخ على الأرضى بمنفلوط، أيضا على أن يصرف من ريعهما نقود عينها بكتاب وقفه على مؤذنى وإمام تلك الزاوية وعلى غيرهما على حسب المبين به، إلى أن قال وما بقى من ريع القيراطين يحفظ تحت يد الناظر للحاجة من عمارة أو ترميم يريد حاجة الزاوية والمسجد المذكورين ووقف الاثنين وعشرين قيراطا الباقية على جهات خيرية بينها فى كتاب وقفه إلى أن قال وما بقى من ريع الإثنين وعشرين قيراطا المذكورة يصرف على ذريته وعلى خدمهم وعائلتهم فى نفقة وكسوة تليق بهم .
ويصرف نفقه للواردين والمترددين على منزله، فإن انقطع الواردون على منزله يكون نفقه لعموم الفقراء، ولم ينص على الباقى من نفقه ذريته وخدمهم وعائلتهم لمن يصرف ولا على الباقى من المترددين على منزله على فرض عدم انقطاعهم ووقف أيضا على نفسه فى كتاب آخر أطيانا مملوكة له، ثم من بعده على جهات بر لا تنقطع منها أن الثمن من هذه الأطيان يصرف ريعه على المبين بحجة وقفه التى قال فيها ويصرف منه أى من الثمن ثلاثون جنيها مصريا فى كل سنة لموظفى المسجد والزاوية المذكورين قبله، وما بقى من ريع الثمن المذكور يحفظ تحت يد الناظر للزوم تعمير المسجد والزاوية المذكورين عند الحاجة لذلك .
وقد مات الواقف بعد ذلك والذى يتولى إدارة أوقافه المذكورة الآن ناظر من قبل القاضى الشرعى الذى يملك ذلك .
وغرضه السؤال عن جملة الأشياء الآتية والإفادة عنها بما يقتضيه الحكم الشرعى فى ذلك وهى : أولا - الزاوية المذكورة تخربت الآن وتعطلت فيها الشعائر الدينية، والمسجد المذكور عامر غير محتاج للعمارة، والباقى من ريع القيراطين فى الوقف الأول والباقى ايضا من ريع الثمن من الوقف الثانى المحفوظ كلاهما تحت يد الناظر لو صرف فى عمارة الزاوية استغرقته العمارة كلها ولو حفظ منه شىء لاحتمال عمارة المسجد فى المستقبل لا يفى الباقى بعمارة الزاوية وتبقى معطلة مع أن ريع الوقف متجدد فى كل سنة، فهل والحالة هذه يصرف ذلك المحفوظ تحت يد الناظر فى عمارة الزاوية المذكورة ولو استغرقته جميعه .
ثانيا - هل يملك ناظر الوقف المذكور إدارة تلك الزاوية فى عمارة وتنصيب وعزل أرباب الشعائر الدينية بها والصرف إليهم من الوقف على حسب شرط الواقف مع كونها تابعة لوقف آخر لها ناظر .
ثالثا - كيف يصرف الناظر الثلاثين جنيها المذكورة الموقوفة على موظفى الزاوية والمسجد المذكورين تنفيذا لشرط الواقف، بمعنى ما هو مقدار نصيب موظفى المسجد ومقدار نصيب موظفى الزاوية، وهل نصيب كل جهة يصرف لموظفيه بالسوية بينهم ، وإن كانت الزاوية متخربة وليس لها موظفون فما يعمل إذن فى نصيبها .
رابعا ماذا يصنع الناظر بالباقى من ريع أوقاف الواقف بعد صرف ما هو مقرر فى كتب وقفه وقد قال الواقف فى كتاب وقفه ما نصه (وما بقى من ريع الوقف بعد المنصرف يحفظ تحت يد الناظر بخزينة الوقف ومع انتهاء السنة وأعمال المحاسبة فما يكون فائضا يوضع فى دفاتر السنة التى بعدها والدفاتر التى قبله تحفظ بالخزينة) ولم يبين وجوه صرف ذلك الباقى .
أفيدوا الجواب مأجورين أفندم
An الجواب عن السؤال الأول أن الباقى من القيراطين المذكورين فى الوقف الأول وفى الثمن من الوقف الثانى تعمر به الزواية كما كانت عليه زمن الواقف ولو استغرقته .
وأما الجواب عن السؤال الثانى فالاحتياط فيه أن يتحد ناظر هذا الوقف مع ناظر الزاوية فى إجراء ما يلزم لها من العمارة بالطريق الشرعى، وأما صرف ما هو مقرر لأرباب الشعائر الدينية بها فله أن يتولاه بنفسه أو وكيله كنص الواقف وليس له تنصيب وعزل أرباب الشعائر المذكورين، بل ذلك يملكه الناظر على تلك الزاوية .
وأما الجواب عن السؤال الثالث فهو أن الثلاثين جنيها المذكورة يصرف نصفها إلى موظفى المسجد والنصف الآخر إلى موظفى تلك الزاوية ففى الهندية فى الوقف ما نصه (فإن قال لعبد الله وللمساكين نصف لعبد الله ونصف للمساكين كذا فى الحاوى) انتهى - ومثله فى التنوير فى الوصية وأما كيفية الصرف على أهل كل جهة من الجهتين المذكورتين فإنه يعطى لكل واحد منهم وهم يحصون ما يناسب حاله كما يقتضيه العرف وغرض الواقف، فإن الواقف لا يقصد فى مثل ذلك أن يسوى بين الفراش والإمام مثلا، وغرض الواقف تجب مراعاته ويصلح مخصصا وكذا العرف ، ففى نشر العرف فى بناء بعض الأحكام على العرف ما نصه (وفى فتاوى العلامة قاسم التحقيق أن لفظ الواقف والموصى والحالف والناذر وكل عاقد يحمل على عادته فى خطابه ولغته التى يتكلم بها وافقت لغة العرب ولغة الشارع أولا) انتهى - ونحوه كثير من الكتب وفرق بين موضوعنا هذا وما جاء فى الفتاوى الهندية من أنه إذا وقف على فقراء قرابته وقريته وكانوا يحصون يوزع على الفريقين بعددهم من غير تفضيل لأن قصده الوصية وفى الوصية الحكم كذلك، فإن موضوعنا هذا ليس من الوصية فى شىء بل يشبه أن يكون أجرة عمل فإنه قال (ويصرف منه ثلاثون جنيها مصريا فى كل سنة لموظفى المسجد الجامع وزاوية الشيخ على الأرضى وقف المرحوم على كاشف جمال الدين) ويؤيد ذلك أن الواقف المذكور فى بعض عباراته فضل بين بعض الموظفين عند توزيع ريع القيراطين فى الوقف الأول، فقد جعل للزاوية ثلاثة مؤذنين أحدهم رئيس وله مائة وخمسون قرشا ولكل من الاثنين الباقيين مائة قرض وجعل للإمام مائة قرش إلى غير ذلك مما يعلم من مراجعة كلامه، وأما إن كانت الزاوية متخربة وقت الوقف وليس بها موظفون وقته فالذى يظهر أن نصيبها من ذلك يكون من قبيل منقطع الأول، فيصرف إلى الفقراء إلى أن تعمر ويعين لها موظفون فيرد ذلك النصيب إليهم على الوجه المتقدم .
وأما الجواب عن السؤال الرابع فهو أنه يجب على الناظر أن يتبع فيه صريح نص الواقف وهو قوله (وما بقى من ريع الوقف بعد المنصرف يحفظ تحت يد الناظر بخزينة الوقف إلى آخر ما ذكر) لجواز ان يحدث فى الوقف حدث وأعيانه بحال لا تغل، نعم لو سكت الواقف عن مصرف فائض الوقف ولم ينص على حفظه فللناظر صرفه إلى جهة بر بحسب ما يراه كما ذكره قاضيخان، وأفاد الخصاف أنه يصرف إلى الفقراء وهذا فى غير الموقوف على المسجد والزاوية، أما الموقوف عليهما فالباقى منه بعد الصرف على حاجتهما يشترى به الناظر مستغلا لهما من أرض وعقار وغيرهما .
هذا ما ظهر لى فى جواب هذا السؤال والحال ما ذكر فيه وما تضمنه كتاب الوقف .
والله تعالى أعلم(6/285)
الوقف على غير معين باطل
F بكرى الصدفى .
ذى القعدة 1327 هجرية
Mالوقف على إنشاء زاوية ومدرسة ومكتب - دون أن يبين الواقف موضعها على التعيين، وعلى مصالحها كذلك، غير صحيح، وترجع الأرض إلى ملك الواقف، وتورث عنه بالطريق الشرعى
Q من كل من السيد / أحمد س .
والسيد / على ا. فى واقف اسمه السيد ع .
س. فى حال حياته ونفوذ تصرفاته الشرعية وقف لله سبحانه وتعالى بطوعه واخيتاره جملة عقارات كائنة ببندر المنصورة، كان يملكها بالملك الصحيح الشرعى إلى يوم صدور وقفه لها وقفا صحيحا شرعيا، جعل ماله لجهة بر لا تنقطع، أنشأ وقفه لها على نفسه ايام حياته ثم من بعده يكون المنزل المعروف بسكن الواقف المذكور المبين بكتاب وقفه الآتى ذكره فيه موقوفا لسكنى المستحقين المبينين بكتاب وقفه، وتكون باقى الأعيان الموقوفة مصروفا ريعها على أربع جهات .
الجهة الأولى حصة قدرها الربع ستة قراريط على جميع المستحقين المعينين بكتاب وقفه وملحقه على البيان والتوضيح المذكور فيهما .
والجهة الثانية حصة قدرها الربع ستة قراريط يصرف ريعها على إنشاء زاوية للعبادة ومدرسة لتعليم طالبى العلم ومكتب لتعليم الأطفال ، وعين قطعة أرض تبنى عليها لاثلاثة المذكورة قدرها 350 مترا ثلاثمائة وخمسون مترا مربعا من ضمن قطعة أرض زراعية مملوكة له بالملك الصحيح الشرعى بزمام ميت طلخا نص فى إلحاقه الآتى ذكره بأنه سيشهد بإيقاف القطعة الأرض المعينة لإنشاء ما ذكر وعلى مصالح الزاوية والمدرسة والمكتب حسب البيان الوارد بكتاب وقفه وملحقه الآتى ذكرهما .
والجهة الثالثة حصة قدرها الربع ستة قراريط على ما يطلب للحكومة من عوائد الأملاك ومن مبالغ الأحكار وغير ذلك مما هو مبين بكتاب وقفه وملحقه .
والجهة الرابعة حصة قدرها الربع ستة قراريط يشترى بها أملاك تكون وقفا ملحقا بوقفه هذا حكمه كحكمه وشرطه كشرطه .
ونص الواقف المذكور بكتاب وقفه بأنه إذا تعذر الصرف على أى جهة من الجهات الأربع المذكورة صرف ما كان يصرف عليها لباقيها وإذا تعذر الصرف على جميعها يكون جميع لك وقفا مصروفا ريعه على الفقراء والمساكين من المسملين أينما كانوا وحيثما وجدوا، واشترط الواقف المذكور شروطا منها أن النظر على وقفه هذا لنفسه أيام حياته ثم من بعده لكل من وملد ابنه على إبراهيم السعيد ولزوج بنت بنته أحمد سليمان مقدمى هذا إلى آخر ما شرطه الواقف المذكور بكتاب وقفه الصادر من محكمة المنصورة بتاريخ 17 ديسمبر سنة 1904 نمرة 156 سجل وبكتاب إلحاقه الصادر منها بتاريخ 8 ربيع الثانى سنة 1324 وأن السيد عثمان السعيد الواقف المذكور مات بعد ذلك إلى رحمة الله تعالى فى يوم 16 ربيع الثانى سنة 1324 ودفن بالمنصورة محل توطنه حيال حياته قبل أن ينشىء الزاوية والمدرسة والمكتب، وقبل أن يشهد بإيقاف القطعة الأرض المذكورة كما وعد بذلك فى حياته بكتاب وقفه وملحقه المذكورين فهل والحالة هكذا يكون الوقف على الجهة الثانية صحيحا وتكون القطعة الأرض المعينة لها وقفا صحيحا أيضا ، ويكون تعيينه لها حال حياته وقفا وإن لم يصدر من الواقف إشهاد خاص بوقفها، وإذا كان كذلك تجبر الورثة على تسليم القطعة الأرض المعينة لبناء ما ذكر بعد قسمتها وفرزها للناظرين المذكورين لإنشاء الزاوية والمدرسة والمكتب المذكورة عليها تنفيذا لشرط الواقف المذكور، وإذا لم يكن شىء من ذلك يعتبر ما ذكر حينئذ من قبيل ما يتعذر صرفه ويعمل فيه بما شرطه الواقف أم كيف الحال أفيدوا الجواب ولكم الثواب أفندم
An فى تنقيح الحامدية ما نصه (سئل) فيما إذا أوصى رجل فى مرض موته بمبلغ معلوم من الدراهم ليعمر به سبيل ماء فى مكان مهيأ لبنائه فى طريق ليشرب منه المارة ووقف كرمه على ذلك تصرف غلته فى مصالحه ثم مات من مرضه المذكور عن تركة يخرج المبلغ والكرم من ثلثها فهل يصح (الجواب) نعم - وقف عقارا على مسجد أو مدرسة هيأ مكانا لبنائها قبل أن يبنيها اختلف المتأخرون والصحيح الجواز وتصرف غلته إلى الفقراء غلى أن تبنى وإذا ننيت ردت إليها الغلة ابن الهمام على الهداية من الوقف .
ونقل المؤلف عن ده ما صورته (سئل) فيما إذا أنشأ رجل وقفه على مسجد سيعمره فإن تعذر الصرف عليه فعلى جهة بر أخرى متصلة، ثم مات الواقف ولم يعمر المسجد الموقوف عليه ولا أعد مكانا لتعميره .
فهل يكون الوقف المذكور باطلا وتقسم الأماكن الموقوفة بين ورثة الواقف على الفريضة الشرعية أم لا (الجواب) الحمد لله ذكر فى كتب الفتاوى رجل هيأ موضعا لبناء مدرسة وقبل أن يبنى وقف على هذه المدرسة قرى بشرائطه وجعل آخره للفقراء وحكم قاض بصحته .
أفتى القاضى الإمام صدر الدين أن هذا الوقف غير صحيح معللا بأن هذا الوقف قبل وجود الموقوف عليه وأفتى غيره من أهل زمانه بصحته ورجح بأن بعضا من المسجد بل هو الأصل فيها قد كان موجودا زمان الوقف وهو الموضع المهيأ لبناء المدرسة وأما فى هذه الصورة حيث لم يهيأ موضعا لبناء المدرسة فهو فى الحقيقة وقف على معدوم وهو أحرى بما علل به الإمام القاضى صدر الدين من البطلان والله أعلم - انتهى - فحيث كان الأمر كما ذكر وما تضمنه كتاب الوقف والإلحاق المذكورين لا يكون الوقف على إنشاء تلك الأماكن وعلى مصالحها صحيحا لأنه لم يبين موضعها على التعيين بل قال (من ضمن القطعة الأرض إلى آخره) فقد جعله على الشيوع فى قطعة الأرض المذكورة ولم يوقف المقدرا المذكور الذى هو ثلاثمائة وخمسون مترا مربعا كما ذكر لأنه وعد بوقفه بقوله (التى سيشهد الواقف بوقفها بإشهاد مستقل) ومات ولم يحصل منه ذلك فيكون ذلك المقدار باقيا على ملكه إلى وفاته يقسم بين ورثته بالطريق الشرعى، وبالجملة فإن كلا من الوقف على إنشاء تلك الأماكن ومصالحها ووقف المقدار المذكور من الأمتار غير صحيح لما ذكر فترجع الأرض إلى ملك الواقف وتورث عنه بالطريق الشرعى .
والله تعالى أعلم(6/286)
وقف بورقة عرفية
F بكرى الصدفى .
ربيع أول 1328 هجرية
Mالوقف متى صدر من واقفه مستوفيا شرائط الصحة شرعا يقع لازما على المفتى به، ولا ينافى ذلك عدم ذكر التأييد بالنسبة للمضيفة لأن ذكر التصدق يفيده
Q بإفادة واردة من نظارة المالية بتاريخ 19 مارس سنة 1910 نمرة 229 - 6/11 صورتها ردا على إفادة فضيلتكم الرقيمة 6 مارس الجارى نمرة 129 - 3223 الأمل التكرم بإفادة نظارة المالية عما إذا كان الوقف الصادر من على عوض مستوفيا شرائط الصحة شرعا وهل يعمل به شرعا أم لا وطيه 19 ورقة أفندم
An علم ما تضمنته إفادة سعادتكم هذه والإفادة عما يراد الاستفهام عنه أنه متى كان الأمر كما تضمنته الوقفية العرفية المذكورة من أن الواقف المذكور وقف وتبرع وتصدق وأفرغ وهو بأتم وأكمل الأوصاف المعتبرة شرعا إلى آخره يكون ذلك الوقف صحيحا معمولا به، ولا ينافى ذلك عدم ذكر التأبيد بالنسبة للمضيفة لأن ذكر التصدق يفيده وهذا بالنسبة لما تقتضيه الأصول الشرعية وأماب النظر للائحة إجراءات المحاكم الشرعية فقد سبقت الإفادة منا عنه بتاريخ 6 مارس الجارى نمرة 129 فتاوى وللإحاطة لزم شرحه والأوراق عائدة كما وردت(6/287)
حق استعمال الشروط العشرة
F بكرى الصدفى .
ذى الحجة 1328 هجرية
M 1 - شرط التغيير والتبديل والزيادة والنقصان والإدخال والإخراج راجع إلى مصارف الوقف .
2 - لبنت ابن الواقفة - التى حرمتها من الوقف إذا تزوجت بفلان ثم آلت إليها الشروط العشرة وتكرارها - الزواج بمن تشاء وبذلك الشخص لأنها تملك التغيير بوجه الإطلاق بدون قيد
Q من الشيخ على عبد الرحمن فى امرأة وقفت أطيانها المملوكة لها على نفسها مدة حياتها ثم من بعدها على كريمة ابنها المرحوم ثابت ابن على المسماة نعمت ثم من بعدها على ذريتها ذكورا وإناثا إلى حين انقراضهم أجمعين، يكون وقفا على جهة بر لا تنقطع حسب المدون بكتاب وقفها، ثم شرطت فى هذا الوقف شروطها منها أنها جعلت النظر عليه لنفسها مدة حياتها ثم من بعدها لكريمة ابنها نعمت المذكورة ومنها أن نعمت المذكورة لا تستحق فى هذا الوقف بعدها إلا إذا كانت متزوجة أحد ابنى شقيقتيها الست حفيظة والست خديجة وهما تمام بن حسين ومحمد أحمد سليمان أو أحد أولادهما أو أحد من ذرية جدها عبد العال عثمان ما عدا ذرية كل من إسماعيل تمام وعبد الرحيم حسين تمام أم خالية من الزواج ومقيمة بمنزلها، فإذا تزوجت بغير من ذكر فلا استحقاق لها ولا لذريتها من هذا الوقف إلخ .
ومنها أنها جعلت لنفسها ولكريمة انبها نعمت المذكورة من بعدها الشروط العشرة يكررها كل منهما المرة بعد المرة، ثم إن الواقفة بما لها من الشروط المذكورة ألغت وغيرت شروط هذا الوقف وجعلته من يوم تاريخه على الوجه الآتى بقولها ما نصه فى كتاب تغييرها الذى صدر لدى قاض شرعى وهى أنها جعلت هذا الوقف على نفسها مدة حياتها ثم من بعدها يكون وقفا على نعمت المذكورة سواء كانت خاليه من الأزواج أو متزوجة بمن يختاره الله لها من أى عائلة كانت ما عدا ذرية إسماعيل تمام فإنها لو تزوجت بأحد من ذريته تكون محرومة من هذا الوقف، ثم مات الواقفة وآلت الشروط العشرة لابنة ابنها نعمت المذكورة على الوجه المذكورة فهل لبنت ابنها نعمت المذكورة أن تغير ما غيرته جدتها الواقفة وتجعل لها التزوج بمن شاءت حتى أولاد إسماعيل تمام التى منعت استحقاقها فى هذا الوقف إذا تزوجت بأحد أولاده أو ذريته أو ما الحكم أفيدوا الجواب أفندم
An فى شرح الدر ما نصه وفيها (يعنى فى فتاوى ابن نجيم) سئل عمن شرط السكنى لزوجته فلانة بعد وفاته مادامت عزبا فمات وتزوجت وطلقت هل ينقطع حقها بالتزويج أجاب .
نعم . قلت وكذا الوقف على أمهات أولاده إلا من تزوج أو على بنى فلان إلا من خرج من هذه البلدة فخرج بعضهم ثم عاد أو على بنى فلان ممن تعلم العلم فترك بعضهم ثم اشتغل به فلان شىء له إلا أن يشرط انه لو عاد فهل فليحفظ خزانة المفتين انتهى - وفى رد المحتار ما نصه (قوله أجاب نعم) أى ينقطع حقها بالتزوج إلا أن يشترط أن من مات زوجها أو طلقها عاد حقها إسعاف وفتح .
وفى لسان الحكام لابن الشحنة أن جده أجاب كذلك وأن الكافيجى خالفة وقال يعود الدوام كما كان بالفراق ووقع النزاع بين يدى السلطان وأن جده أخرج النقول فوافقه الحاضرون - انتهى وفى الخصاف ما نصه قلت وكذلك لو اشترط لوالى هذه الصدقة من بعده أن له أن يبيع هذه الضيعة وما رأى منها وأن يشترى بثمن ذلك ما يكون وقفا على ما سبله قال فهو جائز، قال واشتراطه ذلك اشتراط لنفسه وله مادام حيا أن يبيع ذلك وأن يستبدل به وللوالى من بعده أن يبيع وأن يستبدل - انتهى إذا تقرر هذا فلبنت الابن المذكورة التى آلت لها تلك الشروط وتكرارها أن تغير على الوجه المذكور لأنها تملكها بوجه الإطلاق بدون قيد .
هذا وفى الفتاوى المهدية بعدم كلام ما نصه لأن شرط التغيير والتبديل راجع إلى مصارف الوقف، وكذلك الزيادة والنقصان وكذلك الإدخال والإخراج، كما أفتى به العلامة ابن الغرس حسبما أفاده العلامة الطورى فى فتاويه .
انتهى .
هذا ما تيسر من الجواب والله تعالى أعلم(6/288)
الزائد فى الوقف يأخذ حكمه
F بكرى الصدفى .
شعبان 1330 هجرية
M 1 - الذرع فى القيميات من باب الوصف لا يقابله شىء من الثمن إلا إذا كان مقصودا .
2 - إذا باع المذروع على أنه مائة ذراع مثلا أخذ المشترى الأقل بكل الثمن، أو تركه وأخذ الأكثر بلا خيار للبائع .
3 - الوصية بجميع نصيب الموصى فى الدار باعتبار أن النصيب هو الثلث، فإذا به هو النصف فاللموصى له النصف كله
Q عن طرف مشيخة الجامع الأزهر بتاريخ 20 يونيه سنة 1912 بما صورته - نرسل لفضيلتكم مكاتبة حضرة عثمان بك خالد شريكنا فى نظر وقف المرحوم أحمد بك راغب بأمل بعد الإحاطة بما اشتملت عليه نرجو الإفادة بالحكم الشرعى فيما يطلبه (صورة مكاتبة عثمان بك خالد) .
سبق حررنا لفضيلتكم بتاريخ 20 ديسمبر 1911 نمرة 20 بخصوص استبدال الجزء الذى تبقى من أطيان وقف المرحوم أحمد بك راغب نظارتنا بحوض أم الحيف بعد مرور المصرف العمومى المنحصر الآن بين المصرف المذكور وأطيان حضرة خسرو أفندى شاكر وأخذ بدلها من أطيان المومى إليه بحوض البحيرة بجوار القطعة السابق أخذها منه الملاصقة لأطيان الوقف، فوردت إفادة المشيخة المؤرخة 24 ديسمبر سنة 1911 بعدم المانع من الشروع فى تنفيذ طلب حضرة خسرو أفندى فى استبدال الأطيان المقتضى أخذها من أطيان الوقف وإعطاء بدلها من أرضه لما فى ذلك من الأرجحية لجهة الوقف، وعلى ذلك بلغنا حضرته ما أجابت به المشيخة وكلفناه علاوة على ذلك بأن يقبل أخذ قطعة أخرى للوقف بحوض القططية الصغيرة من زمام الدهتموت قدرها 16 س 10 ط 1 ف لأنها على حدتها وبعيده عن أطيان الوقف وأن يعطينا بدل القطعتين المذكورتين قطعة واحدة بحوض البحيرة بجوار أطيان الوقف فقبل ذلك غير أنه رغب استبدال 4 س 7 ط 15 ف الكائنة بحوض الدفينات الكبيرة الموقوف عليه وعلى ذريته من بعده المشمولة بنظرنا بقطعة أخرى قدرها 18 س 2 ط 15 ف كائنة بناحية بنى عياص يفصل بينها وبين أطيان الوقف ترعة النصرانية، على ان تربة هذه الأرض أقوى وأجود من تربة الأرض الموقوفة عليه وقيمة إيجار الفدان منها 800 قرش بخلاف الأطيان الموقوفة عليه المذكورة فإن قيمة إيجار الفدان منها 300 قرش وإنما لصعوبة تحصيل إيجارات أطيان الوقف وضعف ترتبها وتعصب مجاوريها يريد أن يتخلص منها بتقديم ما هو أجود منها من أطيانه لكن بعد الاستبدال يتصرف فيها كيف يشاء - بناء عليه أرسلنا من يعاين تلكم الأطيان وظهر من معانيتها أن الحظ والمصلحة فى ذلك لجهة الوقف سواء بالنسبة لتربة الأرض ومعدنها أو قيمة إيجارها فى الحال والاستقبال بناء عليه حررنا جوابا لسماحة قاضى مصر بطلب الاستبدال بالكيفية الواضحة بالجواب المذكور المرسل طى هذا، وكان تحت عرضه على فضليتكم والتوقيع عليه ولكن حضرة خسرو أفندى أخبرنا بأن الأطيان الموقوفة عليه ولو أنها بكتاب الوقف 4 س 7 ط 15 ف لكن فك الزمام وجد عنده زيادة فضمها على الأصل وصارت القطعة الموقوفة عليه 8 س 6 ط 16 ف بحسب مساحة فك الزمام، فهو يرغب استبدال هذا القدر طبق عمل فك الزمام ربما أنه لو احتسب له هذا القدر يعجز أطيان الوقف بقدر الزيادة التى ظهرت له، لأن الأطيان كلها من زمام الدهتموت ومكلفة باسم الوقف بورد واحد، ولو أن القطعة الموقوفة عليه قائمة بنفسها، وهذا لا يمكن اعتمادة إلا بعد معرفة الحكم الشرعى فيه ومعرفة إن كانت الزادة التى ظهرت فى الحوض الموقوف عليه تعتبر له أو للوقف، بما أنه مشروط له قدر معلوم واضح بالوقفية .
بناء عليه بادرت بترقيمه نرجو الاستفهام من حضرة مفتى أفندى الديار المصرية عن ذلك بشرح من فضيلته على الإفادة التى سترسل له من المشيخة للعمل بموجبه افندم 4 يونيه سنة 1912
An بأنه علم ما تضمنته إفادة فضيلتكم، وهذه الإفادة المرسلة لكم من حضرة عثمان بك خالد، والإفادة عن ذلك أنى لم أر نصا صريحا فى هذه الحادثة لكن ذكر العلماء فى الفرق بين القدر فى المثليات من مكيل وموزون وبين الذرع فى القيميات فى كتاب البيوع أن الذرع فى القيميات فى باب الوصف لا يقابله شىء من الثمن حتى لو باع المذروع على أنه مائة ذراع مثلا أخذ المشترى الأقل بكل الثمن أو ترك وأخذ الأكثر بلا خيار للبائع، لأن الذرع وصف لتعينه بالتبعيض ضد القدر والوصف لا يقابله شىء من الثمن إلا إذا كان مقصودا، وفى الأنقرويه فى كتاب الوصايا ما نصه وفى نوادر ابن سماعة عن محمد إذا قال أوصيت لفلان بجميع نصيبى من هذه الدار وهو الثلث فإذا نصيبه فى الدار النصف فله النصف كله .
وانتهى المقصود منه . فعلى ذلك يدخل الزائد فى هذه الحادثة فى الموقوف المذكور ويكون وقفا على خسرو أفندى المرقوم .
هذا ما ظهر وتيسر لى فى جواب هذه الحادثة . والله تعالى أعلم .
بعد تحرير الجواب على الوجه المذكور رأينا فى الفتاوى الخيرية من كتاب الوقف ما نصه (سئل) فى محدود وقفه واقف وسمى حدوده الأربعة وداخلها مشتمل على فاخورة ومعصرة زيتون أعنى بدا غير أن كتاب الوقف فيه اسم الفاخورة وليس فيه اسم البد فهل يشمل الوقف جميع ما هو داخل الحدود عملا بالتحديد أم يخص الفاخورة دون البد عملا بالتسمية وما الحكم (أجاب) يشمل الوقف ما أحاط به الحدود إذ المحدود وقع عليه الوقف وهو اسم لما بداخل الحدود غايته أنه ترك شيئا لا يشترط ذكره إجماعا، وأيضا قد تقرر أن العقار تقع المعرفة به بحدوده لا باسمه، حتى اشترط ذكرها فى الدعوى والشهادة، وهذا ظاهر والله أعلم انتهى .
وهو كالصريح فيما ذكرنا لأن الموقوف على خسرو أفندى المذكور معين محدود كما يعلم من الاطلاع على كتاب هذا الوقف ولكمال المعلومية لزم الإيضاح(6/289)
وقف
F محمد بخيت .
رجب 1333 هجرية
M 1 - قول الواقف عند الكلام على ذرية العتقاء (على النص والترتيب المشروحين) من قبيل الشرط فيكون راجعا للعتقاء وذريتهم جميعا .
2 - لفظ النص عام فيشمل جميع ما نص عليه الواقف قبل ذلك ويكون شاملا للسكن والإسكان والغلة والاستغلال ويكون للعتقاء كما يكون لأولاد الواقف
Q من محمد أفندى فى واقف أنشأ وقفه فى تاريخه على أن يصرف من ريعه مبلغ معين بأصل ذلك فى وجوه خيرات وما فضل بعد المصاريف والأحكار المعينة بالحجة يشغله الواقف مدة حياته، ثم من بعده يصرف ذلك بعد المصاريف والأحكار المذكورة على من سيحدثه الله للواقف من الأولاد ذكورا وإناثا بالفريضة الشرعية بينهم، ينتفعون بذلك وبما شاءوا منه سكنا وإسكانا وغلة واستغلالا بسائر وجوه الانتفاعات الشرعية، ثم من بعد كل منهم على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولادهم ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة، الطبقة العليات منهم تحجب السفلى من نفسها دون غيرها على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل انتقل نصيبه لولده أو ولد ولده وإن سفل، فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل انتقل نصيبه لأخوته وأخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق مضافا لما يستحقونه من ذلك، فإن لم يكن له اخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى، وعلى أن من مات منهم قبل دخوله فى هذا الوقف واستحقاقه لشىء منه وترك فرعا وارثا قام ولده أو ولد ولده فى ذلك مقامه واستحق ما كان أصله يستحقه إلى حين انقراضهم أجمعين كان ذلك وقفا مصروفا ريعه بعد المصاريف والأحكار على عتقاء الواقف ذكورا وإناثا بيضا وسودا للذكر مثل حظ الانثيين مع مشاركة زوجته الحاجة رقية خاتون بنت حسن أوده باشا الشهير بالطويل مدة حياتها ثم من بعدها تنتقل حصتها وتضاف لعتقاء الواقف ذكورا وإناثا، فعلى أولاده وذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة على النص والترتيب المشروحين مضافا لما هو موقوف عليه من قبل الواقف المشار إليه المعين بمستند وقفه المذكور بالحجة قيدا ولو فى ذلك إلى حين انقراضهم فإذا انقرض عتقاء الواقف وذريتهم كان ذلك وقفا مصروفا ريعه بينهم، ثم من بعد كل منهم على أولادهم وذريتهم على النص والترتيب المشروحين إلى حين انقراضهم يكون وقفا مصروفا ريعه على جهة بر لا تنقطع - فهل للعتقاء وذريتهم حق السكنى فى أماكن الوقف المذكور أم ليس لهم إلا الاستغلال فقط، وإذا جاز سكنهم هل يكون بلا ريع وهل لناظر الوقف الحق فى إخلاء الأماكن من سكنهم أم لا أفيدوا الجواب ولكم الثواب .
أفندم
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف المذكور ونفيد أنه فى تنقيح الحامدية ما نصه قال العلامة صدر الشريعة فى توضيح الأصول فى بحث الحروف ان على تستعمل للشرط كقوله تعالى { يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا } وذكر بعده أن على للشرط حقيقة وفى شرح المنار لابن ملك كلمة (على) تدل على الشرط حقيقة إلى أن قال فيحمل عليه إذا أمكن .
والشرط إذا تعقب جملا متعاطفة متصلا بها فإنه للكل كما صرح بذلك العلامة ابن نجيم فى بحره من شتى القضاء ومثله فى المنح وذكره المحقق العلامة العضد فى شرح مختصر المنتهى أصول جمال العرب العلامة ابن الحاجب فقال وعن أبى جنيفة أنه أى الشرط للجميع، وذكره أيضا العلامة ابن قاسم العبادى الشافعى فى حاشيته على جمع الجوامع المسماة بالآيات البينات ونص عبارته وقد نقل الإمام عن الحنفية موافقتنا على عود الشرط إلى الكل إلى أن قال لأن الشرط وإن تأخذ لفظا فهو متقدم تقديرا وقال أيضا قبله إن توسط الحرف الموضوع للتشريك والجمع يجعل الكل بمنزلة جملة واحدة .
ومن ذلك يعلم أن قول الواقف فى هذه الحادثة عند الكلام على ذرية العتقاء (على النص والترتيب المشروحين) من قبيل الشرط فيكون راجعا للعتقاء وذريتهم جميعا - وحيث ان لفظ النص فى قوله على النص عام يشمل جميع النص المتقدم فى أولاد الواقف وذريتهم فيكون شاملا للسكن والإسكان والغلة واستغلال فيكون للعتقاء وذريتهم فى هذا الوقف حق السكن والإسكان والغلة واستغلال كأولاد الواقف وذريتهم والله أعلم(6/290)
الوقف والناظر الحسبى
F محمد بخيت .
ذو القعدة 1333 هجرية
M 1 - الناظر الحسبى المعين من الواقف والذى بين عمله فى كتاب وقفه يجب عليه ابتاع ذلك .
2 - سكوت الواقف عن عمل الناظر الحسبى يجعله مشرفا على الناظر الأصلى .
3 - تعيين الناظر الحسبى من القاضى يقتضى عدم تصرف الناظر الأصلى بدون مشاركته .
4 - يجوز للقاضى أن يزيد فى وظيفة الناظر الحسبى متى رأى فى ذلك مصلحة للوقف وذلك كأن يجعله شريكا للأصلى فى تصرفاته .
5 - يجوز إذن أحد الناظرين للآخر إذنا عاما فى بعض أو جميع التصرفات .
6 - اشتراط الواقف للناظر أجرا معينا فإنه يستحق ذلك ولو كان أكثر من أجر المثل واحدا كان أو متعدددا .
7 - تقدير أجل أقل من أجر المثل من الواقف للناظر يجوز للقاضى معه رفع ذلك غلى اجر مثله بحسب العرف والعادة فى ذلك
Q بإفادة واردة من وزارة الحقانية بتاريخ 8 سبتمبر سنة 1915 صورتها - نظرا لوجود أوراق بالإدارة الشرعية تحت البحث يتوقف إعطاء الرأى فيها على معرفة الحكم الشرعى فى المسائل الآتية فنرجو من فضيلتكم إفادة الحقانية عن إعطاء رأيكم فيها .
1 - ما هو اختصاص الناظر الحسبى .
2 - هل يجوز للقاضى أن يزيد فى اختصاص الناظر الحسبى إذا رأى أن مصلحة الوقف تقتضى ذلك كأني جعل له حفظ المال أو قبض الديون .
3 - إذا كان أجر الناظر مبينا فى كتاب الوقف فرأى القاضى أن يعين ناظرين أصليين أو ناظرا أصليا وناظرا آخر حسبيا فكيف يقسم الأجر فى كل من الحالتين وتفضلوا فائق الاحترام
An اطلعنا على خطاب عزتكم المسطر أعلاه ونفيد : أولا - الجواب عن السؤال الأول إن الناظر الحسبى إن كان بشرط الواقف وقد بين ما يعمله مع الناظر الأصلى فى كتاب وقفه وجب اتباع ما بينه الواقف، فلو قال الواقف مثلا ان الناظر الأصلى لا يتصرف إلا برأى الناظر الحسبى كانا ناظرين على الوقف ولا يجوز لأحدهما أن يتصرف فى شئون الوقف بدون مشاركة الآخر إلا فيما هو مستنثى من المواضع التى يجوز فيها انفراد أحد الناظرين، ولو قال الواقف إن الناظر الحسبى يحاسب الناظر الأصلى على غيراد ومصرف الوقف وجب على الناظر الحسبى ذلك وهكذا ، وإن شرط الواقف أن يكون مع الناظر الأصلى ناظر حسبى وسكت عن بيان عمله كان ذلك الناظر الحسبى مشرفا على الناظر الأصلى .
وقد أفتى فى الحامدية بأنه ليس للمتولى التصرف فى أمور الوقف بدون إذن المشرف واطلاعه، أخذا مما صرحوا به فى المشرف على الوصى، لأن الوقف يستقى من الوصية وإن كان الناظر الحسبى من قبل القاضى بأن ضم القاضى مع الناظر الأصلى ثقة لوجود ما يقتضى ذلك شرعا فليس للناظر الأصلى أن يتصرف بدون مشاركة الناظر الحسبى الذى ضمه إليه القاضى .
ثانيا - الجواب عن السؤال الثانى أنه يجوز للقاضى أن يزيد فى وظيفة الناظر الحسبى إذا رأى أن مصحلة الوقف تقتضى ذلك كأن يجعله شريكا للناظر الأصلى فى التصرفات إن لم يكن شريكا بشرط الواقف أن يطلق له الانفراد بالتصرف إن كان شريكا فى جميع شئون الوقف أو يجعل له حفظ المال أو قبض الديون .
ثالثا - الجواب عن السؤال الثالث نعم يجوز لأحد الناظرين أن يأذن الآخر إذنا عاما ببعض أو جميع التصرفات التى لابد من اشتراك الناظرين فيها، لأن هذا الإذن توكيل وللناظر أن يوكل غيره فيما هو من وظيفته .
رابعا - الجواب عن السؤال الرابع إذا كان الناظر شرط له الواقف أجرا مبينا فى كتاب وقفه ناظرا بشرط الواقف استحق ذلك الناظر بالشرط ما عينه الواقف له ولو كان أكثر من أجر مثله، سواء كان الناظر واحدا أو متعددا .
وأما إن كان أحد الناظرين بشرط الواقف فهو الذى يستحق الأجر المعين فإن ضم معه القاضى ناظرا أصليا آخر فأجر الناظر بشرط الواقف باق على حاله ، وإن رأى القاضى أن يجعل لذلك الرجل الآخر منه شيئا فلا بأس، فإن كان الأجر قليلا جعل القاضى للرجل الآخر أجرا من غلة الوقف ويقتصد فيه، وهكذا يكون الحكم فى الأجر الذى بينه الواقف فيما غذا كان أحدهما ناظرا أصليا والآخر ناظرا حسبيا وهذا كله إذا لم يعين الواقف أجرا للناظر الأصلى وأجرا آخر للناظر الحسبى، فإذا عين الواقف وجب العمل بما عينه ولو زاد ما عينه عن أجر مثل كل منهما، فإن كان ما عينه لكل منهما أقل من أجر مثل عمله جاز للقاضى أن يقدر لكل منهما أجر مثل عمله بحسب العرف والعادة فى ذلك والله أعلم(6/291)
وقف ونظر
F محمد بخيت .
ذو القعدة 1333 هجرية
M 1 - يجب على الناظر حفظ نصف ريع الوقف حسب نص الواقف، ولا يمنع من ذلك ما شرط الواقف بناءه من ذلك النصف .
2 - يجب على الناظر مشاركة الشركاء فى الدائرة فى الصرف على الدورين الثانى والثالث فى أى وقت أمكن ذلك .
3 - ما استجد من أماكن اشتريت لجهة الوقف بمال الوقف تلحق بجهة الوقف إذا رضبى المستحقون بذلك وكانوا من أهل التبرع، ويكون حمها كحكمه وشرطها كشرطه، ويجب على الناظر العمل فى صافى ما استجد على الوجه الذى يعمله فى أصل الوقف
Q من محمود أفندى فى أن المرحوم الحاج / أبو العينين حسن وقف جملة أماكن بثغر اسكندرية بخمس حجج من محكمة اسكندرية الشرعية، وجاء بمكتوب وقفه الأخير المحرر من المحكمة المشار إليها تحت نمرة 61 المؤرخ 10 ربيع أول سنة 1309 أنه وقف وقفه وشرط فيه شروطا، منها أن يحفظ النصف من صافى غلة وقفه هذا وأوقافه السابقة الملحقة تحت يد الناظر على الوقف المذكور بعد إخراج ما شرطه الواقف المذكور ويبنى من النصف المحفوظ المذكور ثلاثة أدوار على قطعة الأرض الموقوفة المذكورة ثانيا بمكتوب وقفه المذكور، وأن يبنى دوران اثنان على الفرن والمفازتين المذكورين به أيضا من نص الغلة المذكورة، وأن يبنى دور ثان على الدار المذكورة ثانيا بمكتوب وقفه السابق المؤرخ فى تاسع عشر شعبان سنة 1300 من الغلة المذكورة، وأنه إذا أراد الشركاء فى الدائرة السابق وقف نصفها من الواقف المذكور، المذكورة بمكتوب وقفه المؤرخ فى حادى عشر ربيع الأول سنة 1285 نمرة 203 أن يبنوا على الدائرة المذكورة دورا ثانيا وثالثا فعلى الناظر مشاركتهم فى الصرف على البناء المذكور من نصف الغلة المحفوظ المذكور بقدر ما يخص الوقف فيها، ويكون جميع بناء ما ذكر وقفا كأصله - ثم توفى الواقف المذكور وتنفذ جميع ما شرطه الواقف المذكور من البناء ما عدا الدائرة المشتركة المعلق بناؤها على رضاء الشركاء الذين لا يمكنهم المشاركة فى بناء المذكور لعدم مقدرتهم وقلة ريع وقفهم وكثرة عددهم، ولما امتنع الشركاء عن البناء مع الناظر لحالتهم هذه وتوفر مبلغ من النصف المحفوظ فى سنة 1909 بأنه يستحق فى المبلغ المتوفر المتجمد فحكم فيها من محكمة اسكندرية الشرعية المرؤوسة بفضيلتكم بالآتى حيث إن الواقف شرط حفظ النصف من صافى غلة أوقافه تحت يد ناظر الوقف المذكور بعد إخراج ما شرطه الواقف المذكور على الوجه المشروح أعلاه ويبنى ثلاثة أدوار على الوجه المذكور المدون بكتاب رقفه المؤرخ 10 ربيع الأول سنة 1309 نم- 61 ولم يبين ما يفعله الناظر بالنصف المحفوظ بعد البناء المذكور فلا يصرف منه شىء لمستحقيه إلا بشرط من الواقف يقتضى ذلك ولم يوجد ذلك وحينئذ يلزم عملا بشرط الواقف أن يستمر حفظ النصف من صافى ريع أوقافه المذكورة تحت يد الناظر، ولا يمنع من إتمام بناء ما شرط الواقف بناءه من ذلك النصف ولا تعذر بعض ما شرط بناؤه حيث صرح الواقف بأنه يبنى ما شرط بناؤه من النصف .
فبناء على ذلك قررنا نحن وحضرتا العضوين المشار إليهما منع على هذا المدعى من دعواه استحقاقه شيئا من صافى ريع الوقف المشروط حفظه تحت يد الناظر هذا المدعى عليه منعا كليا لعدم وجود شرط من الواقف يقضى استحقاقه شيئا منه صادر ذلك بحضور هذا المدعى عليه محمد المذكور وفى وجه على هذا وبحضور وكيله الشيخ حسن الملاحه وحكمنا لهذا المدعى عليه على هذا المدعى بما ذكر بحضور الشيخ محمد رجب هذا وكيل المدعى عليه - وتأيد هذا الحكم من محكمة استئناف مصر العليا، وبعد ذلك الحكم تقدم طلب من مقدم هذه الفتوى محمود كامل بصفته وكيلا عن والدته الست مسعودة بنت الواقف الناظرة الآن لفضيلتكم وقتما كنتم رئيسا لمحكمة اسكندرية الشرعية بطلب التحفظ على الغلة المحفوظة التى كانت مودعة تحت يد ناظر الوقف واستثمارها فتأشر على هذا الطلب بسحب المبلغ المتجمد وإيداعه بخزينة المحكمة على ذمة الوقف لمشترى أملاك وتضم لجهة الوقف وبناء على هذا التأشير تقرر من المجلس الشرعى باسكندرية بتاريخ 22 فبراير سنة 1912 تحت رئاسة فضيلة الشيخ موسى كساب نائب المحكمة وقتها بمشترى نصف منزل كان شركة الوقف وفعلا اشترى هذا النصف وضمه لجهة الوقف، والآن تجمد مبلغ ينوف عن الألفين ومائتى جنيه وأن الدائرة المشتركة المعلق بناؤها على رضا الشركاء آيلة للسقوط وقل الانتفاع بها، وأن ناظر وقف البنان يريد استبدال النصف شركته فيها بمنزل آخر - فهل لو تم استبدال هذا النصف يجوز لناظر وقف أبى العينين المذكور أن يشترى هذا النصف ممن استبدله من ناظر وقفه ويكون للناظر أيضا هدم الدائرة المذكورة بأكملها وبناؤها من النص الذى اشترط الواقف حفظه تحت يد ناظر وقفه والبنا منه - وهل يجوز لناظر وقف أبى العينين أن يشترى أملاكا وتضم لجهة الوقف بما يتبقى من النصف المحفوظ الآن بعد إتمام جميع البناء المشروط بناؤه على الوجه المطلوب وغيره حيث قالوا إنه يفتى بكل ما هو أنفع لجهة الوقف، ويكون حكم ما اشترى حكم الوقف بحيث يصرف فى مصارف الوقف المذكورة الشرعية حسبما نص عليه الواقف فى كتاب وقفه وهل بعد ذلك يجوز صرف جميع صافى غلة الوقف المذكور مع ما يستجد من ريع الماكن التى تشترى لجهة الوقف فى مصارفه التى نص عليها الواقف ولا يلام الناظر على ذلك حيث يفهم من كلام الواقف ضمنا أن غرضه صرف ريع وقفه بأكمله لمستحقيه بعد إتمام بناء الجهات التى حددها ونص عليها فى كتاب وقفه أو ما الحكم فى ذلك أفيدنا بالجواب ولكم الثواب
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أولا عما يتعلق بحفظ نصف صافى الريع فيجب أن يتبع فيه ما دون بالحكم الصادر من محكمة اسكندرية الشرعية فى 11 جمادى الأولى سنة 1321 هجرية و 31 مايو 1909 أفرنكية المؤيد ذلك من لمحكمة اسكندرية رقم 26 يونية 1909 نمرة 138 المستخرجة صورته من تلك المحكمة بتاريخ 27 مايو سنة 1915 و 15 رجب سنة 1323 من أنه يلزم عملا بشرط الواقف أن يستمر حفظ نصف صافى ريع أوقاف الواقف المذكور تحت يد الناظر ولا يمنع منه ما شرط بناؤه من ذلك النف ولا تعذر بعض ما شرط بناؤه حيث صرح الواقف أنه يبنى ما شرط بناؤه من النصف المذكور ، وفضلا عن ذلك فإن الواقف قال فى شطره وإنه إذا أراد الشركاء فى الدائرة السابق وقف نصفها من الواقف المذكور المذكورة بمكتوب وقفه المؤرخ فى 21 ربيع الأول سنة 1285 المسجل بنمرة 203 أن يبنوا على الدائرة دورا ثانيا وثالثا فعلى الناظر مشاركتهم فى الصرف على البناء المذكور من نصف الغلة المحفوظ المذكور بقدر ما يخص الوقف فيها، ويكون جميع بناء ما ذكر وقفا كأصله - وحينئذ يكون الصرف على البناء المذكور من نصف الغلة المحفوظ المذكور معلقا على إرادة الشركاء فى الدائرة المذكورة، وهذه الإرادة ممكنة وغير متعذرة لا فى الحال ولا فى الاستقبال، ومجرد امتناع الشريك عن البناء لا يقتضى التعذر، وحينئذ يكون الواجب على الناظر حفظ نصف صافى ريع أوقاف الواقف المذكور وأن ينفذ شرطه، وأن يشارك الشركاء فى الدائرة المذكورة فى الصرف على بناء الدور الثانى والثالث فى أى وقت أمكن ذلك فى الحال أو الاستقبال، لأن الواقف لم يخص ذلك بناظر معين على وقفه ولا بشريك معين فى تلك الدائرة - وأما شراء نصف الدائرة ممن استبدله من ناظر وقفه إذا تم استبداله بشىء من النصف المحفوظ فهذا يتوقف على إذن المحكمة الشرعية به .
ومتى كان الوقف على محتاج إلى العمارة جاز الشراء بإذن القاضى ، وقد اختلف العلماء فى أنه يصير وقفا تبعا لأصله أو لا .
فذكر أبو الليث فى الاستحسان أنه يصير وقفا وهذا صريح فى أنه المختار كما قاله الرملى، ولكن فى التتارخانية والمختار أنه يجوز بيعها إن احتاجوا غليه كذا يؤخذ من رد المحتار على الدر والعمل على أنه يجوزب يعه ولا يصير وقفا .
نعم إن رضى جميع المستحقين لتلك الغلة بالمشترى ليكون وقفا ملحقا بأصله كان وقفا كما حصل فى المشترى لجهة ذلك الوقف المحرر به الحجة الشرعية من محكمة اسكندرية المؤخرة فى 20 يناير سنة 1912 المستخرجة صورتها من تلك المحكمة فى 27 مايو سنة 1915 فإن شراء العقار المبين بها من غلة الوقف كان بناء على طلب الناظر وجميع المستحقين لريع هذا الوقف فلذلك صارت الحصة المشتراة بموجب تلك الحجة جارية فى وقف الواقف - ومتى كانت الدائرة المشتركة المذكورة آيلة للسقوط فعلى ناظر الوقف مع الشركاء هدمها وعمارتها متى كان ذلك فى مصلحة الوقف، فإن امتنع الشركاء من مشاركته فيما ذكر وخيف الضرر على جهة الوقف رفع الناظر الأمر إلى القاضى لإجراء اللازم فى ذلك بما يقتضيه الحكم الشرعى، ويكون عمارة وبناء ما يخص الوقف فى تلك الدائرة من جميع غلة الوقف، لأن الواقف شرط أن يبدأ من غلة وقفه بعمارته وترميمه وما فيه البقاء لعينه والدوام لمنفعته ولو صرف فى ذلك جميع غلته، وأما أن الناظر يشترى أملاكا مما يبقى من النصف المحفوظ تحت يد الناظر من غلة الوقف إلى آخر ما بالسؤال فقد علم الحكم فى ذلك مما قدمناه عن رد المحتار من أنه إنما يشترى على وجه ما ذكر بإذن القاضى عند عدم حاجة الوقف للعمارة، وأن العلماء قد اختلفوا فى ضم ما يشترى لجهة الوقف وعدمه على الوجه الذى تقدم - وأما صرف جميع صافى غلة الوقف مع ما يستجد من ريع الأماكن التى تشترى لجهة الوقف فى مصارفه إلى آخر ما بالسؤال .
فالحكم الشرعى فى ذلك أن الواجب على الناظر أن يحفظ النصف من صافى غلة الوقف على حسب ما ذكرناه أولا وعلى حسب المبين بكتاب الوقف - وأما صافى ريع ما يستجد من الأماكن التى تشترى لجهة الوقف إن وقع ذلك الشراء بشروطه فمتى جرينا على القول بأنها تلحق بأصل الوقف أو رضى المستحقون جميعا وكانوا من أهل التبرع بإلحاقها بأصل الوقف وأن حكمها كحكمه وشرطها كشرطه وجب على الناظر أن يعمل فى صافى غلة ما يستجد على الوجه الذى يعمله فى صافى غلة الوقف الأصلى .
والله إعلم(6/292)
الافراد فى الوقف
F محمد بخيت .
صفر 1334 هجرية - 27 ديسمبر 1915 م
M 1 - إفراد وكيل الواقفة ما هو موقوف على الأغوات بإنشاء خاص .
وما هو موقوف عليه وعلى من معه بإنشاء آخر أحال فيه النص والترتيب على الأول يجعل ما هو موقوف على الأغوات وقفا مستقلا وما هو موقوف على الوكيل ومن معه وقفا آخر .
2 - تعبيره فى الوقف الثانى بكل يجعل ما هو موقوف عليه وعلى من معه أوقافا متعددة فتنقض القسمةب النظر إلى فروع كل واحد منهم بانقراض الطبقة العليا منهم، ويقسم على الطبقة التى تليها منهم دون فروع الآخر .
3 - هذا لا يمنع أنه وقف واحد بالنظر إلى عود نصيب من يموت عقيما وليس له إخوة ولا أخوات غلى جميع من فى درجته من فروعهم جميعا
Q بإفادة من إدارة أوقاف الحلمية بتاريخ 23 نوفمبر 1915 نمرة 126 صورتها - وقفت المغفور لها والدة المرحوم إلهامى باشا حال حياتها وقفين على نفسها ثم من بعدها على أشخاص وجهات عينت لكل شخص وكل جهة نصيبا معلوما، واشترطت لنفسها الشروط العشرة وتكرارها وبما لها من حق الإدخال والإخراج فى وقفيها المذكورين أخرجت أشخاصا وأدخلت آخرين فيهما، وجعلت لكل منهم نصيبا معينا من الريع، وشرطت أن من بعد كل من المدخلين المذكورين يكون نصيبه لأولاده ثم لأولاد أولاده ثم لأولاد أولاد أولاده ثم لذريتهم ثم لنسلهم ثم لعقبهم ذكروا وإناثا بالسوية بينهم، طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل، الطقبة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها، بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع، على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل، فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته وأخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق مضافا لما يتسحقونه من ذلك فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل الوقف إلى -خر ما هو مذكور بكتاب التغيير الصادر من محكمة مصر الكبرى الشرعية بتاريخ غرة رجب سنة 1300 نمرة 18 .
وحيث إن من ضمن هؤلاء المدخلين من تسمى ظرافات توفيت عن بنتين إحداهما تدعى نفيسة والثانية تدعى آمنة وانتقل نصيبها لهما سوية بينهما حسب الشرط ثم توفيت إحدى البنتين وهى نفيسة وتركت بنتا قاصرة تسمى زينب وهذه توفيت أيضا عقب وفاة والدتها بأسبوع واحد ولم يبق من ذرية ظرافات سوى آمنة كما ثبت بالإعلام الشرعى الصادر بتاجريخ 31 أكتوبر سنة 1915 - وحيث إن المراد هو معرفة ما إذا كان نصيب نفيسة بنت ظرافات يئول بوفاتها ووفاة ابنتها لأختها آمنة أو ينتقل لأهل الوقف، وهل بانتقال هذا النصيب لأهل الوقف يكون لمن فى طبقة ظرافات أو من فى طبقة بنتها آمنة - بناء عليه نرسل لفشيلتكم كتاب الوقف المذكور برجاء الاطلاع عليه والتكرم بالإفادة عن الحكم الشرعى فى ذلك لابتاعه
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب التغيير الصادر من محكمة مصر الكبرى الشرعية بتاريخ غرة رجب سنة 1300 نمرة 18 وتبين منه أن وكيل الواقفة المذكورة بعد أن أخرج أشخاصا مذكورين بكتاب التغيير أدخل نفسه هو وآخرين سماهم بكتاب التغيير المذكور وصار هو وباقى المدخلين معه مستحقين بعد وفاة الموكلة لمبلغ وقدره 71380 قرشا صاغا فى كل سنة من ريع الوقفين المذكورين أولا وثانيا بحجة التغيير وعين لكل من المدخلين مبلغا مخصوصا إلى أن قال يصرف ذلك جميعه للأشخاص المذكورين من ريع الوقفين المذكورين كل منهم بقدر ما هو معين له مدة حياته، ثم من بعد الشيخ أحمد المؤذن بالحرم المكى يصرف ما هو معين له لمن يلى وظيفته وهلم جرا - ومن بعد وفاة كل من رضا أغا على وعبد الله أغا ويوسف أغا وعبد الحميد أغا وعبد اللطيف أغا وبهرام أغا المذكورين أعلاه يكون ما هو المعين له لعتقائه بيضا وسودا وحبوشا ذكروا وإناثا بالسوية بينهم مدة حياتهم، ثم من بعد كل منهم يكون نصيبه من ذلك لأولاده ثم لأولاد أولاده إلى أن قال على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل، فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته وإخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق، فإن يم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم إلخ - ثم قال ومن بعد وفاة كل من الوكيل المشهد وإبراهيم أغا أدهم وعثمان أفندى وأخيته زينب وفاطمة وحسن أفندى محمود ومحمد أفندى محمود وحميدة وزهره وجز مكاد ومهرى أداد وليشار وقمر شاد وفرح زاد وعنجة كل وكلنوش وكلشين وإيلادوه وصديقه وصالح الغربمى وألاستى بخت فراح وألاستى قرنفيل وألاستى مبروكة وألاستى جميلة وألاستى بنت اللماء وألاستى شرين وألاستى منور وألاستى زلف كمان وألاستى ظرافات وألاستى سلوجهان المذكورين أعلاه يكون ما هو المعين له أعلاه على الوجه المسطور لأولاده ذكورا وإناثا بالسوية بينهم، ثم من بعد كل منهم يكون نصيبه من ذلك لأولاده ثم لأولاد أولاده ثم لأولاد أولاد أولادهم ثم لذريتهم ثم لنسلهم وعقبهم ذكورا وإناثا بالسوية بينهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل على النص والترتيب المشروحين أعلاه إلى آخره - ومن ضمن النص والترتيب المشروحين أعلاه قوله (فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم إلى آخره) - ونفيد أنه من حيث إن وكيل الواقفة أفرد ما هو موقوف على الأغوات بإنشاء خاص وأفرد ما هوموقوف عليه وعلى من معه بإنشاء آخر أحال فيه النص والترتيب على النص والترتيب فى الإنشاء الأول ومن ذلك يكون ما هو موقوف على الأغوات من المبلغ المذكور وقفا مستقلا وما هو موقوف على الوكيل ومن معه وقفا آخر حيث جعل المشهد لكل وقف من هذين الوقفين أهلا فقال فى الأول من أهل ذها الوقف الموقوف عليهم وفى الثانى كذلك بمقتضى الإحالة المذكورة - وحيث عبر فى الوقف الثانى بكل كان ما هو موقوف على الوكيل المذكور ومن معه بمنزلة أوقاف متعددة، فتنقض القسمةب النظر إلى فروع كل واحد منهم بانقراض الطبقة العليا منهم ويقسم على الطبقة التى تليها منهم دون فروع الآخر ولكن هذا لا يمنع أنه وقف واحد بالنظر إلى عود نصيب من يموت عقيما وليس له إخوة ولا أخوات إلى جميع من فى درجته من فروعهم جميعا - فبناء على ذلك فمن حيث ان ظرافات المذكورة توفيت عن بنتيها نفيسة وآمنة فينتقل ما بيدها إليهما بالسوية كما هو شرط الوساقف ثم بوفاة نفيسة المذكورة عن بنتها زينب ينتقل ما بيدها إليها - وبوفاة زينب بنت نفيسة بنت ظرافات المذكورة عقيما وليس لها إخوة ولا أخوات ينتقل نصيبها لأقرب الطبقات إليها، وأقرب الطبقات إليها كل من كان موجودا وقت وفاتها من أهل درجتها الذين هم جميع أولاد أولاد الوكيل ومن معه الذين خصهم الوكيل بإنشاء خاص مع ظرافات المذكورة، وكذا كل من يوجدمن أهل درجتها يشارك من كان موجودا وقت وفاتها فى الغلة التى توجد وهو مخلوق، لأن لفظة كل فى قول وكيل الواقفة (ومن بعد وفاة كل من الوكيل المشهد وإبراهيم أغا أدهم إلى آخره) تجعل الوقف بمنزلة أوقاف متعددة على وجه ما ذكر، وعلى ذلك فيعطى نصيب من يتوفى عقيما وليس له إخوة ولا أخوات لجميع من فى درجته من أهل لهذا الوقف ولو بالنسبة لفروع فرع آخر، كما أفتى بذلك فى الفتاوى المهدية من كتاب الوقف بصحيفة 703 جزء ثان ولا ينتقل نصيب زينب المذكورة لمن فى طبقة ظرافات ولا لمن هو فى طبقة آمنة بنت ظرافات، بل ينتقل لمن هم فى طبقة زينب المذكورة فيستحقون نصيبها ولو كانوا محجوبين بأصولهم على الوجه الذى فصلناه والله أعلم(6/293)
وقف وضمان ما قبضه الوكيل
F محمد بخيت .
ذو القعدة 1334 هجرية - 12 سبتمبر 1916 م
Mإذا وكل الناظر غيره فى قبض مال البدل، ثم قبضه الوكيل وبقى عنده دون علم الناظر - إلى أن توفى مجهلا له، يكون مضمونا عليه فى تركته - إن كانت ولا يقبل قول ورثته فى نفى الضمان إلى ببرهان
Q من محمود أفندى فى ناظرتى وقف مشروط لهما فى تقرير نظرهما العمل فى الوقف معا وكلتا عنهما شخصا، غير مستحق فى الوقف توكيلا عاما وأباحتا له فيه قبض النقود، وبما لهذا الوكيل من حق القبض قد قبض من وزارة الأشغال فى 5 صفر سنة 1314 من مديرية المنيا مبلغ بدل عن عين للوقف أخذت للمنافع العمومية، وقد بقى هذا المبلغ بطرفه بدون علم من الناظرتين إلى أن توفى فى 30 أبريل سنة 1915 .
بعد ذلك طولبت الناظرتان بالمبلغ فقرر المستحقون فى الوقف بما فيهم الناظرتان المذكورتان ما يأتى - نحن الموقعين على هذا نظار ومستحقو وقف المرحوم أحمد بك السنارى نقرر برضانا ومحض اختيارنا بأنه نظرا لوفاة المرحوم خورشيد أفندى حلمى الوكيل الأسبق لنظارة الوقف وفى ذمته للوقف المذكور مبلغ ألف وسبعمائة واحد وعشرون جنيها مصريا ثمن ارض أخذت من هذا الوقف للمنافع العمومية سبق أو صرفه الوكيل المذكور بمحض إرادته وبدون علم من الناظرتين، ونظرا لأن كل ما يمكن إيداعه بخزينة المحكمة الشرعية من تركة الوكيل المذكور هو مبلغ أربعمائة جنيه أفرنكيا فقد قبلنا جميعا حرصا على مصلحة الوقف أن نودع سنويا وتدريجيا على ذمة الوقف المذكور بخزينة المحكمة الشرعية الباقى من المبلغ وقدره 1321 جنيها مصريا بشرط أن لا يقل ما يودع فى السنة الواحدة عن خمس هذا الباقى، وبشرط أن يخصم ذلك من استحقاق كل منا بقدر نصيبه فى ريع الوقف، وقد تحرر هذا إقرارا منا بذلك .
وقد واقع على ذلك المستحقون والناظرتان - ثم بعد ذلك كتبت إحدى الناظرتين ما يأتى تحت عنوان - إقرار - توفى المرحوم خورشيد أفندى حلمى الوكيل السابق لنظارة وقف المرحوم أحمد بك السنارى وفى ذمته للوقف مبلغ 1721 جنيها (كما هو مبين على هامش صورة الحجة الشرعية لهذا الوقف المعطاة بتاريخ 5 صفر سنة 1314 من مديرية المنيا) ثمن أرض أخذت من الوقف للمنافع العمومية سبق أن صرفه الوكيل المذكور بمحض إرادته وبدون علم من الناظرتين على هذا الوقف، وبعد مضى أسبوعين من وفاة الوكيل السابق أى بتاريخ 15 مايو سنة 1915 تحرر منا جميعا نحن نظار ومستحقو الوقف المذكور إقرار بقبولنا جميعا برضانا ومحض اختيارنا أن يدفع ما يتبقى من هذا المبلغ بعد إيداع ما يمكن إيداعه من تركة الوكيل المذكور وقدره 400 جنيه أفرنكيا أى أن نودع سنويا وتدريجيا نحن الجميع الباقى من المبلغ بعد ذلك وقدره 1321 جنيها مصريا على خمس سنوات ابتداء من سنة 1916 أفرنكية وبقدر حصة كل منا فى الريع، ونظرا لأنه بعد تحرير الإقرار الرقيم 15 مايو سنة 1915 وبعد البحث فى تركة الوكيل السابق ظهعر أن كل ما يمكن إيداعه من التركة هو مبلغ مائة جنيه أفرنكى فقط فقد تبرعت علاوة على ما سأدفعه من نصيبى مع باقى المستحقين بحسب الاتفاق الرقيم 15 مايو 1915 بأن أدفع الثلاثمائة جنيه أفرنكيا التى لم توجد فى التركة على خمس دفعات أى أن أدفعها على خمسة أقساط عندما أدفع ما يستحق على بحسب التعهد الرقيم 15 مايو سنة 1915 - هذا وقد تبرعت بذلك إشفاقا منى على مصلحة الوقف ولكونى صاحبة الخمسين 2/5 فى الريع ونصيبى يوازى ضعف نصيب كل من المستحقين ولكن بالشروط الآتية وهى أنه إذا ظهر من صورة الإذن الرسمى بالصرف الصادر للوكيل السابق والمطلوبة صورته من الدفتر خانة المصرية بموجب قسيمة دفع الرسوم أن المبلغ الذى صرفه الوكيل الأسبق يقل مقدراه عن المبلغ المقدر على هامش صورة الحجة السابق بيانها وقدره ألف وسبعمائة واحد وعشرون جنيها مصريا فلا أكون ملتزمة إلاب الحصة التى تبرعت بها مع باقى نظار ومستحقى الوقف وبقدر المبلغ المنصرف فقط، ولا ألزم بما تطوعت بدفعه مما لم يوجد فى تركة الوكيل المذكور إلا إذا زاد المبلغ الذى صرفه الوكيل السابق عن المبلغ الذى تبرعنا بدفعه نحن جميعا وبقدر تلك الزيادة فقط، وعلى شرط أن تكون مقسطة على الخمسة أقساط المذكورة وقد تحرر هذا إقرار منى بذلك) - ثم بعد ذلك توفيت إحدى الناظرتين لا عن تركة وانفردت الأخرى بالعمل فى الوقف المذكور - فهل أولا تكون الناظرتان مسئولتين عن المبلغ الذى قبضه وكيلهما المذكور بدون علم منهما أو غير مسئولتين لأن يده على المبلغ يد أمانة ولم يقم الدليل على أنه بدده - وهل ثانيا بوفاة إحدى الناظرتين تكون الناظرة الحالية مسئولة عن شىء من مبلغ البدل المذكور أو غير مسئولة وإن كانت مسئولة فما مقدار المبلغ .
التى تسأل عنه . هل نصف ما قبضه الوكيل أو قدر آخر وهل ما تحرر منه أولا مع باقى المستحقين وما تحرر منها ثانيا وحدها مما سطر أعلاه يعتبر تبرعا فلا تطالب بتنفيذه شرعا أو يعتبر إقرارا وفى هذه الحالة تطالب بما التزمت بدفعه بطريق التبرع أرجو التكرم بالجواب .
والله يحفظكم
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه قال فى تنقيح الحامدية من كتاب الوكالة بصحفية 338 جزء أول ما نصه (سئل) فيما إذا كان لزيد عقار فوكل عمرا فى بيعه وقبض ثمنه فباع عمرو ذلك العقار بثمن معلوم قبضه من المشترى ولم يدفعنه لزيد حتى مات عمرو الوكي عن ورثة وتركة مجهلا للثمن المذكور ولم يوجد والورثة لا تعلمه ويريد زيد الرجوع به فى التركة المذكورة بالطريق الشرعى .
فهل له ذلك (الجواب) نعم والمسألة مأخوذة من قولهم المانات .
تنقلب مضمونة بالموت عن تجهيل إلا فى عشرة على ما فى الأشباه من كتاب الأمانات .
وزاد الشرنبلالى فى شرحه على الوهبانية تسعة أخرى كما نقله العلائى فى شرحه والمسالة فى معين المفتى أيضا من كتاب الوديعة وغيرها - وقال أيضا فى التنقيح بصحيفة 350 من الجزء المذكور ما نصه (سئل) فيما إذا وكل زيد عمرا فى قبض معلوم وظيفة له من بكر وفى قبض استحقاقه من جهة وقف وفى إيصال ذلك إليه فقبض الوكيل ذلك فى مدة معلومة ثم مات عن تركة مجهلا لذلك فهل يضمن الوكيل ذلك فى تركته (الجواب) نعم .
يضمن ولا يقبل قول ورثته إلا ببرهان لأنه قد تقرر فى تركته الضمان فلابد للخروج من عهدته من البيان كذا أفتى العلامة الخير الرملى .
ومن ذلك يعلم أن وكيل الناظرتين المذكورتين حيث قبض مبلغ البدل البالغ قدره 1721 جنيها وبقى بطرفه بدون علم من الناظرتين إلى أن توفى مجهلا له ولم يعلم ماذا صنع به ولم يوجد فى تركته فإنه يكون ضامنا لذلك المبلغ فيؤخذ من تركته إن كان له تركة، ولا يطالب به ولا ببعضه الناظرتان المذكورتان ولا عبرة بما صدر منهما مع باقى المستحقين بتاريخ 15 مايو سنة 1915 بقبولهم برضاهم واختيارهم أن يودعوا سنويا وتدريحيا على ذمة الوقف المذكور، بخزينة المحكمة الشرعية الباقى من المبلغ وقدره 1321 جنيها بعد الأربعمائة جنيه التى يمكن إيداعها بخزينة المحكمة من تركة الوكيل المذكور .
بشرط أن لا يقل ما يودع فى السنة الواحدة عن خمس هذا الباقى، وبشرط أن يخصم ذلك من استحقاق كل منهم بقدر نصيبه فى ريع الوقف، لأن هذا من قيل التبرع الذى لا يجب الوفاء به شرعا، وعلى فرض أنه التزام فهو التزام ما لا يلزم، فلا يوجب شيئا فى ذمة الناظرتين ولا فى ذمة أحد المستحقين فى الوقف المذكور، لن ضمان المبلغ المذكور إنما هو فى تركة الوكيل المذكور إن كان له تركة حيث مات مجهلا لذلك المبلغ، وكذا لا عبرة بما صدر من الناظرة الأخرى من قولها (وبعد البحث فى تركة الوكيل السابق ظهر أن كل ما يمكن إيداعه من التركة هو مبلغ مائة جنيه أفرنكى فقط فقد تبرعت علاوةى على ما سأدفعه من نصيبى مع باقى المستحقين بحسب الاتفاق الرقيم 15 مايو سنة 1915 بأن أدفع الثلاثمائة جنيه أفرنكيا التى لم توجد فى التركة على خمس دفعات إلخ) لأنه من قبيل التبرع أيضا الذى لا يجب الوفاء به شرعا، وعلى فرض أنه التزام فهو التزام ما لا يلزم فلا يوجب شيئا فى ذمتها، لأن كل المبلغ الذى قبضه الوكيل ومات مجهلا له يكون مضمونا علهي فى تركته إن كان له تركة كما قلنا .
والله أعلم(6/294)