المقدمة
Fدار الإفتاء المصرية
An بسم اللّه الرحمن الرحيم .
المحمود اللّه جل جلاله، والمصلى عليه هو النبى محمد وآله، والمدعو له بالسداد والرشاد هو الفقه الإسلامي ورجاله .
وبعد فيسعدنى أن أعهد إلى المجلس الاعلى للشئون الإسلامية، بطبع فتاوى أعلام المفتين لدار الافتاء المصرية، وهى ثروة علمية، وتراث فقهى، تعتز به مصر، رائدة العالم الإسلامى، وكعبته العلمية، وراعية الجامع الأزهر، جامع الجامعات، والمنار التى يستضىء بها كل مسلم .
إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقى إلا باللّه رمضان 1400 هجرية يوليو 1980 م .
الدكتور زكريا البرى وزيرالأوقات ورئيس المجلس الاعلى للشئون الإسلامية .
بسم اللّه الرحمن الرحيم .
تقديم .
نحمدك اللّه ونشكر نعمك التى لا يحصيها العد، ولا ينقصها الرفد، ونسألك قوة اليقين بك، فإنه لا حول ولا طول إلا حولك وطولك، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، ومن العلم الذى نرتجيه هبة ومنحة منك الفقه فى دينك وشريعتك، إرتقابا لأن نكون ممن وهبتهم الخير الذى أخبر به الصادق الأمين عبدك ورسولك محمد - صلى اللّه عليه وسلم - فى قوله ( من يرد اللّه به خيرا يفقهه فى الدين ) واستعانة بك لخدمة هذه الشريعة المطهرة التى ارتضيتها لعبادك خاتمة للشرائع إلى يوم الدين، لا نبتغى إلا توفيقك إلى الحق، وعصمتك من الخطأ والزلل، سبحانك إن أصبتُ فمنك وإن أخطأتُ فمن نفسى ومن الشيطان، فاحفظنى بحفظك وألهمنى الصواب فى دينك .
أما بعد فقد عقدت العزم منذ وليت إفتاء الديار المصرية، على نشر الفتاوى التى صدرت عن دار الإفتاء من واقع السجلات التى بمكتبتها، لينتفع بها المسلمون، ففيها فقه وتطبيق وتخريج لواقعات جديدة، وهى فى ذات الوقت منهل حافل ينهل منه الدارسون لعلوم الاجتماع والتاريخ والسياسة والاقتصاد، إذ تحمل الاستفتاءات الرسمية والشعبية صورة لواقع حياة الناس فى مصر، بل وربما فى العالم الإسلامى فى حقبة من الزمن تزيد على الثمانين من السنين منذ 7 جمادى الآخرة 1313 هجرية - 21 نوفمبر 1895م وكنت أرجو أن يتيسر الاطلاع على الفتاوى فيما قبل هذه الفترة، لكن أوراقها دخلت ذمة التاريخ، حيث قبعت فى دار الوثائق القومية، ومن ثم يكون الأحق بها وبنفض التراب عنها وعرضها فقهاء المؤرخين المتخصصين فى عرض تاريخ الإسلام وحضاراته ، ولعل اللّه أن يقيض من العلماء المؤرخين الناقهين من يؤرخ لمفتى مصر وينشر على الناس فقههم، فإن فيه بلا شك إثراء للفقه الإسلامى فى حقب الزمان المتتالية، فوق أن فيه صورة حية لواقع الحياة وأشكالها ومشاكلها، وليس القصد من هذه الدعوة أشخاص المفتين، بقدر ما هو المقصود من إبراز علمهم وأعمالهم ومواقفهم وما فقهوا فيه من جديد الوقائع .
ولقد كان من هؤلاء المفتين من جمعت فتاويهم ونشرت، وهى الآن من المراجع الهامة للقضاة والمفتين والأساتذة القائمين على تدريس فقه الإسلام، ولكن ما نشر ليس بالكثير .
ولما كانت سجلات الفتاوى حاوية للعديد المتنوع، بل والمتكرر فقد كانت ( اختيارات ) من واقعات المفتين مما تمس الحاجة إلى العلم به، ونشره لما حواه من بحوث فقهية مقارنة، ومن ثم فليس هذا الكتاب بأجزائه التى ستظهر إن شاء اللّه هو كل ما فى سجلات دار الإفتاء، وإنما ستصدر هذه الاختيارات بعون اللّه وتوفيقه، ثم تليها مجموعات فى الوقف وفقهه وأحكامه، لأن الوقف نظام اقتصادى عرفه الإسلام، ويكاد أن يختص به ومازال قائما بالنسبة للوقف على جهات البر، ومجموعات فى الجنايات ومجموعات فى أحكام المواريث .
وإنه لفأل طيب أن يبدأ طبع هذه الفتاوى فى شهر رمضان المبارك من عام 1400 هجرية وفى عهد الرئيس محمد أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية، مؤسس دولة العلم والإيمان، ومرسى دعائمها وفى الوقت الذى اتجهت فيه الدولة بقيادته، إلى تقنين أحكام الشريعة الإسلامية تمهيدا لتطبيقها فى الحكم والقضاء، مع تلك الكلمة الخالدة التى قالها السيد الرئيس فى مجلس الشعب يوم 29 جمادى الآخرة 1400 هجرية - 14 مايو 1980 م ( أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة ) هذه الكلمة التى مكنت له فى قلوب الشعب وستفتح بإذن اللّه الطريق إلى العودة إلى الحكم بالشريعة الغراء، وبها يسود الأمن والأمان، ويستقيم السلوك، وإنه لحق أن أذكر وأشكر كل من ساند هذا العمل، فكرة وتنفيذا، وأخص بالذكر السادة المستشار أحمد موسى وزير العدل السابق، والمستشار أنور عبد الفتاح أبو سحلى وزير العدل الحالى، والسيد الدكتور زكريا أحمد البرى وزير الدولة للأوقاف الذى أبدى كل الترحيب وأسند طبع الفتاوى ونشرها إلى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، فأزاح بهذا عقبة التكاليف المالية التى كادت تعطل التنفيذ، ولا غرو، فهو من أساتذة الشريعة الإسلامية الذين بذلوا جهدا مشكورا فى تجلية مبادئها، وممن يقدرون المكانة العلمية لهذه الفتاوى .
وإنه لحق كذلك أن أشكر الزملاء ،القضاة أعضاء المكتب الفنى للمفتى، الذين عملوا فريقا واحدا ساهرين سائرين بجد فى الطريق المرسوم بحذق وكفاءة، لا يبتغون سوى فضل اللّه وجزائه ومرضاته، والشكر كذلك للباحثين والإداريين، الذين نفذوا ما وكل إليهم بجهد صادق ودأب محمود .
إن الحمد للّه أولا وآخرا، والشكر له سبحانه ونسأله الرشاد والسداد، وأن يزودنا بالتقوى خير زاد، والصلاة والسلام على صاحب الشريعة المصطفى وسلام على المرسلين والحمد للّه رب العالمين .
القاهرة فى رمضان 1400 هجرية - يوليو 1980 م .
جاد الحق على جاد الحق .
مفتى جمهورية مصر العربية(1/1)
الإفتاء
F جاد الحق على جاد الحق
An المعنى اللغوى : فى لسان العرب أفتاه فى الأمر أبانه له وأفتى الرجل فى المسألة واستفتيته فيها فأفتانى افتاء وأفتى المفتى إذا أحدث حكما وقوله تعالى { يستفتونك قل اللّه يفتيكم } النساء 176 ، أى يسألونك سؤال تعلم .
والفتيا بالياء وضم الفاء والفتوى بالواو وضم الفاء والفتوى بالواو وفتح الفاء ما أفتى به الفقيه .
وفى المصباح المنير والفتوى بالواو، بفتح الفاء، وبالياء فتضم، اسم من أفتى العالم إذا بين الحكم، واستفتيه سألته أن يفتى، ويقال أصله من الفتى وهو الشاب القوى، والجمع الفتاوى بكسر الواو على الأصل، وقيل يجوز الفتح للتخفيف .
ومن قبيل هذا قول اللّه تعالى { ويستفتونك فى النساء قل اللّه يفتيكم فيهن } النساء 127 ، وقوله { أفتونى فى رؤياى } يوسف 43 ، وقوله سبحانه { فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا } الصافات 11 ، وفى الحديث الشريف ( إن أربعة تفاتوا إليه عليه السلام ) أى طلبوا منه الفتوى .
ومن هذا جاء الحديث الشريف أيضا ( الإثم ما حاك فى صدرك وإن أفتاك الناس وأفتوك ) أى وإن جعلوا لك فيه رخصة وأجازوه، وقد جاء هذا فى صحيح مسلم بلفظ ( والإثم ما حاك فى نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) .
وفى مسند أحمد بلفظ ( والإثم ما حاك فى القلب وتردد فى الصدر وإن أفتاك الناس أفتوك ) .
معنى الإفتاء شرعا يؤخذ مما قال به علماء الفقه وأصوله أن الإفتاء بيان حكم اللّه تعالى بمقتضى الأدلة الشرعية على جهة العموم والشمول .
وفى كتاب الموافقات للشاطبى ( ج 4 ص 244 وما بعدها فى فتوى المجتهد بتصرف ) المفتى قائم فى الأمة مقام النبى صلى اللّه عليه وسلم لأن العلماء ورثة الأنبياء كما يدل عليه الحديث الشريف ( إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم ) ( فى الترغيب والترهيب للمنذرى بروايته وزيادات أخرى ) .
ولأن المفتى نائب فى تبليغ الأحكام ففى الأحاديث الشريفة ( ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب ) ( البخارى فى خطبته صلى اللّه عليه وسلم بمنى ) و ( بلغوا عنى ولو آية ) ( المرجع السابق فيما يذكر عن بنى اسرائيل ورواه أيضا أحمد والترمذى ) و ( تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم ) ( رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن ابن عباس وهو حديث صحيح ( وإذا كان كذلك فهو معنى كونه قائما مقام النبى .
مكانة الإفتاء جاء فى المجموع للإمام النووى شرح المهذب للشيرازى اعلم أن الإفتاء عظيم الخطر كبير الموقع كثير الفضل، لأن المفتى وارث الأنبياء صلوات اللّه وسلامه عليهم وقائم بفرض الكفاية لكنه معرض للخطأ ( ص 40 طبع ادارة الطباعة المنيرية 1344 هجرية ) ولهذا قالوا المفتى موقع عن اللّه تعالى .
وفى الدر المختار للحصكفى وحاشيته رد المختار لابن عابدين الفاسق ( ج 4 ص 418 فى كتاب القضاء ) لا يصلح مفتيا لأن الفتوى من أمور الدين والفاسق لا يقبل قوله فى الديانات، ابن ملك، زاد العينى واختاره كثير من المتأخرين وجزم به صاحب المجمع فى متنه وهو قول الأئمة الثلاثة أيضا وظاهر ما فى التحرر أنه لا يحل استفتاؤه إتفاقا .
وفى كتاب الفروق للقرافى قال مالك لا ينبغى للعالم أن يفتى حتى يراه الناس أهلا للفتوى ويرى هو نفسه أهلا لذلك ( ج 2 ص 110 مع هامشه تهذيب الفروق بتصرف )، يريد ظهور أهليته عند العلماء وثبوتها .
وهذه المعانى مرددة فى عامة كتب فقهاء المذاهب تحرجا من التسرع فى الفتوى وفى هذا قال ابن القيم فى أعلام الموقعين كان السلف من الصحابة والتابعين يكر هو التسرع فى الفتوى ويود كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره، فإذا رأى أنها قد تعينت عليه بذل اجتهاده فى معرفة حكمها من الكتاب والسنة أو قول الخلفاء الراشدين ثم أفتى ( ج 1 ص 27 طبع إدارة الطباعة المنيرية وانظر كشاف القناع على فن الاقناع للبهوتى الحنبلى ج 6 ص 240 وما بعدها فى أحكام تتعلق بالفتيا ) .
حكم الإفتاء تكاد نصوص ( المجموع للنووى ج 1 ص 27، ص 45 والبحر الرائق لابن نجيم الحنفى ج 6 ص 290 والفروق للقرانى ج 4 ص 89، ومنتهى الارادات للبهوتى الحنبلى ج 4 ص 257 بهامش كشاف القناع ) الفقهاء تتفق على أن تعليم الطالبين وإفتاء المستفتين فرض كفاية، فإن لم يكن وقت حدوث الواقعة المسئول عنها إلا واحد، تعين عليه، فإذا استفتى وليس فى الناحية غيره تعين عليه الجواب، فإن كان فيها غيره وحضر فالجواب فى حقهما فرض كفاية ، وإن لم يحضر غيره وجهان أصحهما لا يتعين والثانى يتعين .
أول من قام بالإفتاء كان هذا مقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقد كان يفتى بوحى من اللّه سبحانه، كما تشير إليه آيات القرآن الكريم، وقد كانت الفتوى ينزل بها القرآن أو يخبر بها صلوات اللّه عليه وسلامه بجوامع كلمه مشتملة على فصل الخطاب، وهذه الأخيرة من السنة الشريفة فى المرتبة الثانية من كتاب اللّه تعالى، ما لم تنقل متواترة ليس لأحد من المسلمين العدول عن العمل بها أو القعود عن اتباعها، بل على كل مسلم الأخذ بها متى صحت امتثالا لقوله تعالى { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } الحشر 7 ، وقوله { فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى اللّه والرسول إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } النساء 59 ، ومن بعده - صلى اللّه عليه وسلم - قام بالفتوى الفقهاء من الصحابة والتابعين ، وقد أورد ابن حزم ( الأحكام فى أصول الأحكام ج 5 ص 89 وما بعدها فى الباب الثامن والعشرين ) رحمه اللّه تعالى، أسماء عدد كثير من الصحابة والتابعين الذين تصدوا للإفتاء، منسوبين إلى البلاد التى أفتوا فيها .
وأفاض فى تعداد المفتين من الصحابة والتابعين رضوان اللّه عليهم أجمعين العلامة ابن القيم فى كتابه أعلام ( ج 1 ص 8 إلى 31 الطبعة السابقة ) الموقعين مبينا أصول فتاوى الإمام أحمد بن حنبل رحمه اللّه تعالى مقارنة بما لدى الأئمة الآخرين من أصول فى هذا الموضع .
من يتصدى للإفتاء فى الإسلام إن أمر الدين خطير وعظيم، من أجل هذا حرمي اللّه القول فيه بغير علم، بل وجعله فى المرتبة العليا من التحريم، ذلك - واللّه أعلم - قوله سبحانه { قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا باللّه ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على اللّه ما لا تعلمون } الأعراف 33 ، وذلك أيضا - واللّه أعلم - قوله تعالى { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على اللّه الكذب إن الذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون } النحل 116 ، ففى الآية الأولى رتب اللّه الحكيم فى تشريعه المحرمات بادئا بأخفها الفواحش ثم مبينا ما هو أشد الإثم والظلم - ثم بكبيرها { وأن تقولوا على اللّه ما لا تعلمون } وهذا عام فى القول فى ذات اللّه وصفاته ودينه وتشريعه .
وفى الآية الأخرى أبان اللّه سبحانه أنه لا يجوز للمسلم أن يقول أن هذا حرام وهذا حلال، إلا إذا علم أن اللّه سبحانه وتعالى حرمه أو أحله .
وقد نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى الحديث الصحيح أميره (بريدة) أن ينزل عدوه إذا حاصرهم على حكم اللّه وقال (فإنك لا تدرى أتصيب حكم اللّه فيهم أم لا ولكن أنزلهم على حكمك وحكم أصحابك ) وفى سنن أبى داود من حديث مسلم بن يسار قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - (من قال على ما لم أقل فليتبوأ بيتا فى جهنم ومن أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه ومن أشار على أخيه بأمر يعلم الرشد فى غيره فقد خانه ) ومن هذا نعلم خطر الفتوى بدون علم، لأن الفتوى تعتبر شريعة عامة تشيع بين الناس فتعم المستفتى وغيره، فوجب الإلتزام بالإفتاء بنصوص الشريعة والتوقف إذا عز البيان .
ولقد كان من ورع الأئمة المجتهدين إطلاق لفظ الكراهة على ما يرونه محرما تحرزا من القول بالتحريم الظاهر فى أمر لم يقطع به نص شرعى وخروجا من مظنة الدخول فى نطاق قول اللّه سبحانه { قل أرأيتم ما أنزل اللّه لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آللّه أذن لكم أم على اللّه تفترون } يونس 59 ، الحلال ما أحله اللّه ورسله، والحرام ما حرمه اللّه ورسوله ( من اعلام الموقعين لابن القيم ج 1 ص 31 36 بتصرف ( ومن ثم كان حتما أن تتوافر فيمن يتصدى للافتاء الأهلية التامة، وقد اختلفت كلمة فقهاء المذاهب فى مدى الأهلية للافتاء ففى الفقه الحنفى أنه لا يفتى إلا المجتهد ( البحر الرائق لابن نجيم المصرى شرح كنز الدقائق ج 6 ص 289 وما بعدها )، فقد استقر رأى الأصوليين على أن المفتى هو المجتهد فأما غير المجتهد ممن حفظ أو يحفظ أقوال المجتهدين فالواجب عليه إذا سئل أن ينسب القول الذى يفتى به لقائله على جهة الحكاية عنه، وطريق نقل أقوال المجتهدين أحد أمرين .
الأول أن ينقله من أحد الكتب المعروفة المتداولة نحو كتب محمد بن الحسن وأمثالها من التصانيف المشهورة، لأنه وقتئذ بمنزلة الخبر المتواتر والمشهور .
الثانى أن يكون له سند فيه بأن تلقاه رواية عن شيوخه .
وفى الفقه المالكى : قال ابن رشد فى صفة المفتى إن الجماعة التى تنسب إلى العلوم وتتميز عن جملة العوام بالحفظ والفهم ثلاث طوائف ( مواهب الجليل مع التاج والاكليل كلاهما شرح مختصر سيدى خليل ج 6 ص 94، 95 ) .
الأولى طائفة تبعت مذهب مالك تقليدا بغير دليل، فحفظت مجرد أقواله وأقوال أصحابه فى مسائل الفقه دون التفقه فيها للتعرف على صحيحها والبعد عن سقيمها .
الثانية طائفة تبعت المذهب لما بان لها من صحة الأصول التى انبنى عليها وحفظ أقوال إمامه وأقوال أصحابه فى مسائل الفقه وفقهت معانيها وعلمت صحيحها وسقيمها ولكنها لم تبلغ درجة معرفة قياس الفروع على الأصول .
الثالثة طائفة تبعت المذهب لما انكشف لها صحة اصوله لكونها عالمة بأحكام القرآن والسنة عارفة بالناسخ والمنسوخ والمفصل والمجمل والعام والخاص والمطلق والمقيد، جامعة لأقوال العلماء من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، حافظة لما كان موضع وفاق وما جرى فيه الخلاف .
ولا تجوز الفتوى للطائفة الأولى وإن كان لها العمل بما علمت، وللطائفة الثانية أن تفتى بما علمته صحيحا من قول إمام المذهب وغيره من فقهائه، أما الطائفة الثالثة فهى الأهل للفتوى عموما .
وفى الفقه الشافعى أن المفتين قسمان مستقل وغير مستقل ( المجموع للنووى شرح المذهب للشيرازى ج 1 ص 42 وما بعدها ) .
القسم الأول المفتى المستقل، وشرطه معرفة أدلة الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وما يشترط فى هذه الأدلة ووجوه دلالتها واستنباط الأحكام منها على ما هو مفصل فى علم أصول الفقه، واشتراط حفظ مسائل الفقه إنما هو فى المفتى الذى يتأدى به فرض الكفاية ولا يشترط هذا فى المستقل المجتهد .
القسم الثانى المفتى غير المستقل، وهو المنتسب لأحد المذاهب تكون فتواه نقلا لقول إمام المذهب أو أحد أصحابه المجتهدين، ويتأدى به فرض الكفاية، وله أن يفتى بما لا نص فيه لإمامه تخريجا على أصوله إذا توافرت فيه شروط التخريج، وجملتها علمه بفقه المذهب واصوله وأدلته تفصيلا ووجوه القياس، أما من يحفظ مسائل فقه المذهب دون بصر بالأدلة والأقيسة، فهذا لا تجوز له الفتوى إلا بما يجده منقولا عن إمام وتفريعات المجتهدين فى المذهب، وما لا يوجد منقولا ويتدرج تحت قاعدة عامة من قواعد المذهب، أو يلتحق بفرع من فروعه ظاهر المأخذ جازت له الفتوى وإلا أمسك عنها .
وفى فقه مذهب الإمام أحمد بن حنبل ( روضة الناظر وأصول الفقه لابن قدامة المقدى ج 2 ص 441 ) أن المجتهد الظان بالحكم لا يقلد غيره، وأن العامى المحض يقلد غيره وأن من توافرت لديه أهلية الاجتهاد ولكنه لم يجتهد مختلف فيه، والأظهر أنه لا يقلد، ويلحق به من اجتهد بالفعل ولم يظن الحكم، لتعارض الأدلة أو غيره، أما المتمكن فى بعض الأحكام دون البعض فالأشبه أنه يقلد لأنه عامى من وجه ويحتمل أن لا يقلد لأنه مجتهد من وجه .
وفى أعلام الموقعين لابن القيم ( ج 1 ص 8 وما بعدها ) ولما كان التبليغ عن اللّه سبحانه يعتمد العلم بما يبلغ والصدق فيه لم تصلح مرتبة التبليغ بالرواية والفتيا إلا لمن اتصف بالعلم والصدق، فيكون عالما بما يبلغ صادقا فيه ويكون مع ذلك حسن الطريقة مرضى السيرة عدلا فى أقواله وأعماله متشابه السر والعلانية فى مدخله ومخرجه وأحواله وأن يعلم قدر المقام الذى أقيم فيه، ولا يكون فى صدره حرج من قول الحق والصدع به فإن اللّه ناصره وهاديه .
آداب المفتى فى الفقه الحنفى ( الفتاوى الهندية ج 3 ص 309، 310 والبحر الرائق لابن نجيم ج 6 ص 291، 292 ) أن الإفتاء فيما لم يقع غير واجب وأنه يحرم التساهل فى الفتوى واتباع الميل ولا ينبغى الإفتاء إلا لمن عرف أقاويل العلماء وعرف من أين قالوا فإن كان فى المسألة خلاف لا يختار قولا يجيب به حتى يعرف حجته، والفتوى جائزة من كل مسلم بالغ عاقل حافظ للروايات واقف على الدرايات محافظ على الطاعات مجانب للشهوات والشبهات سواء كان من توافر فيه كل هذا رجلا أو امرأة، شيخا أو شابا .
وقد أفصح فقهاء المالكية ( التاج والاكليل للحطاب مع مواهب الجليل ج 6 ص 91 وما بعدها ) والشافعية ( المجموع للنووى شرح المهذب ج 1 ص 45 وما بعدها ) والحنابلة ( كشاف القناع للبهوتى الحنبلى ج 6 ص 242 وما بعدها ) عن آداب المفتى بما يقرب من هذه المعانى .
ولقد أفاض ابن القيم ( أعلام الموقعين ج 4 ص 136 وما بعدها ) فى بيان آداب الفتوى فأورد فوائد جمة للمفتى والمستفتى يحسن بكل من يتصدى للإفتاء فى دين اللّه وشرعه أن يحصلها .
وقد روى عن الإمام أحمد بن حنبل ( كشاف القناع سالف الذكر ص 240 ) قوله لا ينبغى أن يجيب المفتى فى كل ما يستفتى فيه، ولا ينبغى للرجل أن يعرض نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال .
احداها أن يكون له نية أى أن يخلص فى ذلك للّه تعالى ولا يقصد رياسة أو نحوها .
والثانية أن يكون على علم وحلم ووقار وسكينة وإلا لم يتمكن من بيان الأحكام الشرعية .
الثالثة أن يكون قويا على ما هو فيه وعلى معرفته .
الرابعة الكفاية وإلا أبغضه الناس، فإنه إذا لم يكن له كفاية احتاج إلى الناس وإلى الأخذ مما فى أيديهم فيتضررون منه .
الخامسة معرفة الناس، أى أنه يجب عليه أن يعرف نفسية المستفتى وأن يكون ذا بصيرة نافذة يدرك بها أثر فتواه وانتشارها بين الناس .
ولقد أبرز الإمام الشاطبى ( الموافقات ج 4 ص 258 وما بعدها طبع المكتبة التجارية تحقيق المرحوم الشيخ عبد اللّه دراز ) ما ينبغى أن يكون عليه المفتى باعتباره هاديا ومرشدا وأن فتواه مدار لإصلاح الناس فقال المفتى البالغ ذروة الدرجة هو الذى يحمل الناس على المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور، فلا يذهب بهم مذهب الشدة ولا يميل بهم إلى طرق الانحلال .
والدليل على صحة هذا أنه الصراط المستقيم الذى جاءت به الشريعة لأن مقصد الشارع من المكلف الحمل على التوسط من غير إفراط ولا تفريط ثم أورد الأدلة على هذا المذهب من سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأضاف أن الميل إلى الرخص فى الفتوى بإطلاق يكون مضادا للمشى على التوسط كما أن الميل إلى التشديد مضاد له أيضا .
ومن ثم كان على المفتى أن يعالج حال الناس بالرخص التى سهل اللّه بها لعباده كإباحة المحظورات عند الضرورات، فإذا أدت العزيمة إلى الضيق كانت الرخصة أحب إلى اللّه من العزيمة { يريد اللّه بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } البقرة 185 ، { وما جعل عليكم فى الدين من حرج } الحج 78 ، والذى يحذره المفتى أن يتحرى الفتوى بالقول الذى يوافق هوى المستفتى، لأن اتباع الهوى ليس من المشقات التى يترخص بسببها، والخلاف بين المجتهدين رحمة، والشريعة حمل على الوسط لا على مطلق التخفيف ولا على مطلق التشديد، ثم قال الشاطبى إذا ثبت أن الحمل على التوسط هو الموافق لقصد الشارع وهو الذى كان عليه السلف الصالح، فلينظر المقلد أى مذهب كان أجرى على هذا الطريق، فهو أخلق بالاتباع وأولى بالاعتبار، وإن كانت المذاهب كلها طرقا إلى اللّه ولكن الترجيح فيها لابد منه لأنه أبعد من اتباع الهوى .
هذا فإذا كان المفتى لم تتوافر لديه أدوات الاجتهاد وشروطه فهل له أن يتخير من أقوال فقهاء المذاهب ما يكون أيسر للناس لا نزاع فى أن المفتى إذا استطاع أن يميز بين الأدلة ويختار من فقه المذاهب المنقولة نقلا صحيحا على أساس الاستدلال كان له أن يتخير فى فتواه ما يراه مناسبا ، ولكن عليه أن يلتزم فى هذا بأربعة قيود ( الموافقات للشاطبى ج 4 ص 139 وما بعدها ) .
الأول ألا يختار قولا ضعف سنده .
الثانى أن يختار ما فيه صلاح أمور الناس والسير بهم فى الطريق الوسط دون إفراط أو تفريط .
الثالث أن يكون حسن القصد فيما يختار مبتغيا به رضا اللّه سبحانه متقيا غضبه، وغير مبتغ إرضاء حاكم أو هوى مستفت .
الرابع ألا يفتى بقولين معا على التخيير مخافة أن يحدث قولا ثالثا لم يقل به أحد .
ولا تجوز ( كشاف القناع للبهوتى الحنبلى ج 6 ص 242 ) الفتوى فى علم الكلام، بل ينهى عنها ولا يجوز للمفتى أن يفتى فيما يتعلق باللفظ كالطلاق والأيمان والأقارير بما اعتاده هو من فهم تلك الألفاظ أو بمعناها لغة وإنما عليه أن يتعرف عرف أهلها والمتكلمين بها ويحملها على ما اعتادوه وعرفوه، وإن كان الذى اعتادوه مخالفا لحقائق هذه الألفاظ اللغوية، لأن الأيمان وأمثالها مبناها العرف، بمعنى أن ما تعارف عليه الناس من معنى اللفظ مقدم على حقيقته المهجورة .
وحقيق بالمفتى أن يكثر الدعاء بالحديث الصحيح ( اللّهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون .
اهدنى لما اختلفت فيه من الحق بإذنك إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم ) ويقول إذا أشكل عليه شىء يا معلم إبراهيم علمنى .
للخبر الوارد فى ذلك .
آداب المستفتى قال الإمام الشاطبى فى الموافقات ( ج 4 ص 262 وراجع فى هذا المعنى أيضا - البحر الرائق لابن نجيم المصرى الحنفى ج 6 ص 290 ، 291 والحطاب وبهامشة التاج والأكليل فى فقه مالك ج 1 ص 32 و ج 6 ص 92 وما بعدها .
والمجموع للنوى شرح المهذب للشيرازى الشافعى ج 1 من ص 54 إلى ص 58 وكشاف القناع للبهوتى الحنبلى ج 6 ص 246 ) إن السائل لا يصح له أن يسأل من لا يعتبر فى الشريعة جوابه لأنه إسناد أمر إلى غير أهله والإجماع على عدم صحة مثل هذا لأن السائل إذا سأل من ليس أهلا لما سئل عنه فكأنما يقول له أخبرنى عما لا تدرى وأنا أسند أمرى لك فيما نحن بالجهل فيه سواء .
ويؤخذ من هذا أن المسلم إذا جهل أمرا من أمور دينه وجب عليه أن يسأل من هو أهل لإفادته وأن يتحرى ذلك كالمريض الذى يبحث عن الطبيب المتخصص فيما ألم به، ونحن نرى فى واقعنا كيف يجهد الإنسان نفسه وغيره من المحيطين به فى السؤال والتقصى عن طبيب اشتهر فى علاج داء من الأدواء الجسدية أو النفسية فأولى تصحيحا لالتزاماتنا الدينية ألا نلجأ فى الاستفتاء فى أمور الدين إلا لأهل الذكر فيها إمتثالا لقول اللّه تعالى تعليما وتوجيها { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } الأنبياء 7 ، ويجب على السائل أن يتجه بسؤاله عن المفيد فى أمر التكليف فى دينه يرشدنا إلى هذا قول اللّه تعالى { يسألونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج } البقرة 189 ، فالسؤال فى هذه الآية كان مقصودا به بيان حالات الهلال كيف يولد ولم يبد فى أول الشهر دقيقا كالخيط ثم يتسع ويكبر بمضى الأيام حتى يصير بدرا ثم يعود إلى حالته الأولى ولكن الجواب فى الآية كان صارفا للسائلين عن هذا القصد موجها لهم إلى ما ينبغى السؤال عنه وهو ما يتعلق بالهلال من أحكام شرعية ومواقيت وهذا من الأسلوب الحكيم الذى أريد به توجيه السائل إلى ما هو الأليق بحاله فى السؤال بتوجيه الفكر إلى ثمرة من ثمرات طريق سير الهلال فى مجراه بدلا من الدخول فى مناقشات قد لا يفهمها السائل بل ويعسر فهمها على الكثيرين .
ومن هذا القبيل جواب الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - لسائله عن الساعة أى القيامة بقوله - ماذا أعددت لها إذا صرفه هذا جواب إلى ما ينبغى عمله والاستعداد به .
آداب الفتوى تحدث الفقهاء عن هذه الآداب فى نواحى شتى بدور أكثرها على طريقة تفهم السؤال والإجابة عليه، وحفظ الترتيب والعدل بين المستفتين فلا يميل إلى الأغنياء وذوى النفوذ ويقدم أجوبتهم على الفقراء ولا يجوز الإفتاء بقول مهجور جدا لمنفعة يرجوها، ويلزم المفتى أن يبين الجواب بيانا يزيل الإلتباس، وليكتب بخط واضح بعبارة واضحة صحيحة تفهمها العامة ولا يزدريها الخاصة، وعليه أن يعيد النظر فيما كتب للاستيثاق من صحته وسلامته وعدم إخلاله ببعض المسئول عنه، واستحسن الفقهاء كذلك للمفتى أن يبدأ فتاويه بالدعاء ببعض الأدعية المأثورة طلبا للتوفيق من اللّه سبحانه وأن يختصر جوابه ويكون بحيث تفهمه العامة، ولا يميل مع المستفتى أو مع خصمه، ولا يفتى فيما تدفع به الدعاوى، وينبغى للمفتى إذا رأى للسائل طريقا يرشده إليه أن ينبهه عليه ما لم يضر غيره ضررا دون حق كمن حلف لا ينفق على زوجته يفتى بأن يعطيها قرضا أو بيعا ثم يبريها وكما حكى أن رجلا قال لأبى حنيفة رحمه اللّه حلفت أن أطأ امرأتى فى نهار رمضان ولا أكفر ولا أقضى فقال سافر بها .
ولا يسوغ لمفت إذا استفتى أن يتعرض لجواب غيره برد ولا تخطئة ويجيب بما عنده من موافقة أو مخالفة، وليس بمنكر أن يذكر المفتى فى فتواه الحجة إذا كانت نصا واضحا مختصرا لاسيما إذا أفتى فقيها أما إذا أفتى عاميا فلا يذكر الحجة، والأولى أن يبين فى المسائل الخلافية سند ومصدر القول الذى أفتى به ( البحر الرائق لابن نجيم المصرى الحنفى ج 6 ص 292 والحطاب والتاج والأكليل فقه مالكى ج 6 ص 295 ، 296 والمجموع للنووى شرح المهذب للشيرازى ج 1 ص ق47 - 54 والفقيه والمتفقه للخطيب ج 2 ص 182 إلى 194 وكشاف القناع للبهوتى الحنبلى ج 6 ص 34 إلى 246 ) .
الإفتاء والقضاء المفتى مخبر عن الحكم للمستفتى والقاضى ملزم بالحكم وله حق الحبس والتعزيز عند عدم الامتثال كما أن له إقامة الحدود والقصاص ( تاريخ القضاء فى الإسلام للقاضى محمود عرنوس ص 160 ) وفى الفقه المالكى ( تهذيب الفروق بهامش الفروق للقرافى ج 4 ص 89 92 ) قاعدة الفتوى وقاعدة الحكم وإن كان كل منهما خبرا عن اللّه تعالى ويجب على السامع اعتقاد ذلك ويلزم المكلف .
إلا أن بينهما فرقا من وجهين .
الأول أن الفتوى محض إخبار عن اللّه تعالى فى إلزام أو إباحة، أما الحكم فاخبار مآله الإنشاء والألزام، فالمفتى - مع اللّه تعالى - كالمترجم مع القاضى ينقل عنه ما وجده عنده وما استفاده من النصوص الشرعية بعبارة أو إشارة أو فعل أو تقرير أو ترك، والحاكم ( القاضى ) - مع اللّه تعالى - كنائب ينفذ ويمضى ما قضى به - موافقا للقواعد - بين الخصوم .
والوجه الثانى أن كل ما يأتى فيه الحكم تتأتى فيه الفتوى ولا عكس .
ذلك أن العبارات كلها لا يدخلها الحكم (القضاء)، وإنما تدخلها الفتيا فقط فلا يدخل تحت القضاء الحكم بصحة الصلاة أو بطلانها وكذلك أسباب العبادات كمواقيت الصلاة ودخول شهر رمضان وغير هذا من أسباب الأضاحى والكفارات والنذور والعقيقة لأن القول فى كل ذلك من باب الفتوى وإن حكم فيها القاضى ومن ثم كانت الأحكام الشرعية قسمين .
الأول ما يقبل حكم الحاكم مع الفتوى فيجتمع الحكمان كمسائل المعاملات من البيوع والرهون والإيجارات والوصايا والأوقاف والزواج والطلاق .
الثانى ما لا يقبل إلا الفتوى كالعبادات وأسبابها وشروطها وموانعها .
وتفارق الفتوى القضاء فى أن هذا الأخير إنما يقع فى خصومة يستمع فيها القاضى إلى أقوال المدعى والمدعى عليه ويفحص الأدلة التى تقام من بينة وإقرار وقرائن ويمين، أما الفتوى فليس فيها كل ذلك وإنما هى واقعة يبتغى صاحبها الوقوف على حكمها من واقع مصادر الأحكام الشرعية .
ويختلف المفتى والقاضى عن الفقيه المطلق بأن القضاء والفتوى أخص من العلم بالفقه لأن هذا أمر كلى يصدق على جزئيات أو قواعد متنوعة وبعبارة أخرى فإن عمل المفتى والقاضى تطبيقى وعمل الفقيه تأصيل لقاعدة أو تفريع على أصل مقرر .
هذا ولا تختلف كلمة المذاهب الأخرى عما تقدم فى هذا الموضع ( المجموع للنوى شرح المهذب ج 1 ص 41، 42 وكشاف القناع للبهوتى الحنبلى ج 6 ص 240 ) .
متى تكون الفتوى ملزمة تقدم القول إن الفتوى مجرد بيان حكم الشرع فى الواقعة المسئول عنها وبهذا ليس فيها أولها قوة الإلزام ومع هذا تكون ملزمة للمستفتى فى الوجوه التالية .
الأول التزام المستفتى العمل بالتقوى .
الثانى شروعه فى تنفيذ الحكم الذى كشفته الفتوى .
الثالث إذا اطمأن قلبه إلى صحة الفتوى والوثوق بها لزمته .
الرابع إذا قصر جهده على الوقوف على حكم الواقعة ولم يجد سوى مفت واحد لزمه الأخذ بفتياه، أما إذا وجد مفتيا آخر فإن توافقت فتواهما لزم العمل بها وإن اختلفتا فإن استبان له الحق فى إحداهما لزمه العمل بها وإن لم يستبن له الصواب لوم يتيسر له الاستيثاق بمفت آخر كان عليه أن يعمل بقول المفتى الذى تطمئن إليه نفسه فى دينه وعلمه لقول الرسول صلى اللّه عليه وسلم ( استفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك ) ( تاريخ القضاء فى الإسلام للقاضى محمود عرنوس ص 174 المطبعة المصرية الأهلية الحديثة بالقاهرة سنة 1934 والدر المختار للحصكفى ورد المختار لابن عابدين ج 4 ص 315 فى كتاب القضاء ) .
هل للقاضى أن يفتى اختلفت نقول الفقهاء فى هذا الموطن ففى الفقه الحنفى يفتى القاضى ولو فى مجلس القضاء من لم يخاصم إليه هذا هو الصحيح .
قال ابن عابدين وفى الظهيرية ولا بأس للقاضى أن يفتى من لم يخاصم إليه ولا يفتى أحد الخصوم فيما خوصم إليه فيه وفى الخلاصة .
القاضى هل يفتى فيه أقاويل والصحيح لا بأس به فى مجلس القضاء وغيره من الديانات والمعاملات وفى كافى الحاكم أكره للقاضى أن يفتى فى القضاء للخصوم كراهة أن يعلم خصمه قوله فيحترز منه بالباطل وفى معين الحكام لا يفتى القاضى فى مسائل الخصومات لأهل بلده لئلا يحترز الخصم بالباطل وأما إلى غيره فلا بأس .
وفى الفقه الشافعى ( المجموع للنووى ج 1 ص 41، 42 ) نقل الخطيب أن القاضى كغيره فى الفتيا بلا كراهة هذا هو الصحيح المشهور من مذهبنا، وفى تعاليق الشيخ أبى حامد أن له الفتوى فى العبادات ومالا يتعلق بالقضاء أما ما يتعلق بالقضاء فوجهان لأصحابنا .
أحدهما ليس له أن يفتى فى مسائل الأحكام، لأن لكلام الناس عليه مجالا ولأحد الخصمين عليه مقالا .
والثانى للأصحاب أيضا للقاضى أن يفتى فى مسائل الأحكام كغيرها لأنه أهل لها .
وقال ابن المنذر - تكره الفتوى فى مسائل الأحكام الشرعية وقال شريح أنا أقضى ولا أفتى ( أعلام الموقعين لابن القيم ج 4 ص 192 ) .
وفى الفقه الأباضى ( كتاب شرح النيل وشفاء العليل لمحمد يوسف أطفيش ج 6 ص 558 ) ويكره للقاضى أن يفتى فى الأحكام إذا سئل عنها وإن أفتى فى أمور الدين جازو عن عمر أنه كتب إلى شريح لا تسارر إلا أحد فى مجلسك ولا تبع ولا تتبع ولا تفت فى مسألة من الأحكام ولا تضر ولا تضار وقال العاصمى ومنع الإفتاء للحكام فى كل ما يرجع للخصام .
وأجيز الإفتاء فى مسألة عامة لا فى خصومة معينة .
ولعله وضح من هذا أمر من كرهوا للقاضى الإفتاء فيما تثور فيه الخصومات أمامه أقوى حجة وأولى بالاتباع لأنه يبتعد بالقاضى عن مظان التهم ويضمن حياده بين الخصوم .
ماذا لو رجع المفتى عن فتواه، أو تغير اجتهاده قال ابن القيم إذا أفتى المفتى بشىء ثم رجع عنه فإن على المستفتى برجوعه ولم يكن عمل بالأول فقيل يحرم العمل به، وقيل إنه لا يحرم عليه الأول بمجرد رجوع المفتى، بل يتوقف المستفتى حتى يسأل غير المفتى، فإن أفتاه بما يوافق الأول استمر على العمل به وإن أفتاه برأى آخر ولم يفته أحد بما خالف الخير حرم عليه العمل بالأول، وإن لم يكن فى البلد إلا مفت واحد، سأله عن رجوعه عما أفتاه به، فإن كان رجوعه إلى اختيار قول آخر مع تسويغه الأول لم يحرم عليه، وإن كان رجوعه لخطأ بان له وأن ما افتاه به لم يكن صوابا حرم عليه العمل بالأول إذا كان رجوعه لمخالفة دليل شرعى، أما إذا كان رجوعه لمجرد أنه بان له أن ما أفتى به خلاف مذهبه لم يحرم على المستفتى العمل بالفتوى الأولى، إلا أن تكون المسألة إجماعية، فلو تزوج المستفتى بالفتوى ودخل بالزوجة ثم رجع المفتى لم يحرم عليه إمساك امرأته إلا بدليل شرعى يقتضى تحريمها ولا يجب عليه مفارقتها بمجرد رجوعه ولا سيما إذا كان الرجوع لما تبين له من مخالفة مذهبه وإن وافق مذهب غيره .
وإذا تغير اجتهاد المفتى فهل يلزمه إعلام المستفتى اختلف فى ذلك، فقيل لا يلزمه لأنه عمل أولا بما يسوغ له، فإذا لم يعلم ببطلانه لم يكن آثما فهو فى سعة من استمراره، وقيل بل يلزمه إعلامه، لأن ما رجع عنه قد اعتقد بطلانه وبان له أن ما أفتاه به ليس من الدين فيجب عليه إعلامه، والصواب التفصيل فإن كان المفتى ظهر له الخطأ قطعا لكونه خالف نص الكتاب أو السنة التى لا معارض لها أو خالف إجماع الأمة فعليه إعلام المستفتى، وإن كان إنما ظهر له أنه خالف مجرد مذهبه أو نص إمامه لم يجب عليه إعلام المستفتى ( اعلام الموقعين ج 4 ص 195، 196 وا8لمجموع للنووى ج 1 ص 45، 46 ومختصر الطحاوى - فقه حنفى ص 327 وقوانين الأحكام الشرعية لابن جزى المالكى ص 322 طبعة دار العلم بيروت 1974 تحقيق الأستاذ عبد العزيز سيد الأهل ) .
ماذا لو أخطأ المفتى فى أعلام الموقعين لابن القيم ( ج 4 ص 196 197 الطبعة السابقة ) خطأ المفتى كخطأ الحاكم (القاضى) والشاهد وقد اختلفت الرواية فى خطأ الحاكم فى النفس أو الطرف .
فعن الإمام أحمد فى ذلك روايتان - احدهما - أنه فى بيت المال لأنه يكثر منه ذلك الحكم فلو حملته العاقلة لكان ذلك إضرارا عظيما بهم والثانية أنه على عاقلته كما لو كان الخطأ بسبب غير الحاكم، أما خطؤه فى المال فإذا حكم بحق ثم بان كفر الشهود أو فسقهم نقض حكمه، ثم رجع المحكوم عليه ببدل المال على المحكوم له .
وكذلك إذا كان الحكم بقود رجع أولياء المقتول ببدله على المحكوم له وإذا كان الحكم بحق للّه بإتلاف مباشر أو بالسراية ففيه ثلاثة أوجه أحدها أن الضمان على المزكين لأن الحكم إنما وجب بتزكيتهم .
والثانى يضمنه الحاكم لأنه لم يثبت، بل فرط فى المبادرة إلى الحكم وترك البحث والاستقصاء .
والثالث أن للمستحق تضمين أيهما شاء وعن أحمد رواية أخرى أنه لا ينقض بفسق الشهود، وعلى هذا إذا استفتى الإمام أو الوالى مفتيا فأفتاه ثم بان له خطؤه فحكم المفتى مع الإمام حكم المزكين مع الحاكم ( القاضى ) وإن عمل المستفتى بفتواه من غير حاكم ولا إمام فأتلف نفسا أو مالا، فإن كان المفتى أهلا فلا ضمان عليه والضمان على المستفتى وإن لم يكن أهلا فعليه الضمان لقول النبى - صلى اللّه عليه وسلم - ( من تطبب ولم يعرف منه طب فهو ضامن ) وهذا يدل على أنه إذا عرف منه طب وأخطأ لم يضمن، والمفتى أولى بعدم الضمان من الحاكم والإمام .
وفى الفقه الحنفى ( الدر المختار وحاشية ابن عابدين رد المحتار ج 4 كتاب القضاء ص 335 360 والأشباه والنظائر لابن نجيم مع حاشية الحموى فى ذات الموضع ص 355 ومجمع الضمانات ص 364 آخر الباب الثلاثين ) أن خطأ القاضى تارة يكون فى بيت المال، وهو إذا أخطأ فى حد ترتب عليه تلف نفس أو عضو، وتارة يكون فى مال المقضى له وهذا إذا أخطأ فى قضائه فى الأموال، وتارة يكون هدرا وهو إذا أخطأ فى حد ولم يترتب على ذلك تلف نفس أو عضو كحد الشرب مثلا، وتارة يكون فى مال القاضى وهو ما إذا تعمد الجور .
ولقد نص الفقه المالكى ( مواهب الجليل للحطاب وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج 6 ص 202 فى الرجوع عن الشهادة ) على أن القاضى لو علم بكذب الشهود فحكم بالجور وأرق الدماء كان حكمه حكم الشهود إذا لم يباشر القتل بنفسه، بل أمر به من تلزمه طاعته، وفى المدونة إن أقر القاضى أنه رجم أو قطع الأيدى أو جلد تعمدا للجور أقيد منه وهو ظاهر فى أن القود يلزم القاضى وإن لم يباشر ومن هذا النص وغيره مما ساقه فقهاء المالكية يتضح أن حكم الشاهد فى الرجوع عن الشهادة يسرى على القاضى والمفتى بالبيان السابق نقله عن ابن القيم .
وقد جرى الفقه ( حواشى تحفة المحتاج بشرح المنهاج ج 10 ص 280 وما بعدها ) الشافعى فى بيان حكم خطأ القاضى والمفتى والشهود على نحو ما ردده فقهاء المذاهب الثلاثة فيما سبق .
ويخلص مما تقدم أن خطأ المفتى والقاضى يكون ضمانه فى بيت المال إذا ثبت أنهما جدا واجتهدا فى الفحص واستقصاء الوقائع والأدلة ولم يقصرا فى البحث بمقارنة الحجج والبيانات والتعرف على عدالة الشهود واستظهار دلالة الشهادة .
ثم الوصول إلى الحكم الشرعى فى الواقعة .
أما إذا ثبت تقصير المفتى أو القاضى وقعوده عن التقصى فيما هو مطروح أمامه كان ضامنا لما أفسده بفتواه أو قضائه لاسيما إذا كان المفتى غير أهل للفتيا، كما تقدم .
المصادر التى يعتمد عليها المفتى والقاضى غير المجتهد قال الشيخ عز الدين ( تاريخ القضاء فى الإسلام للقاضى محمود عرنوس 154، 155 ) بن عبد السلام وأما الاعتماد على كتب الفقه الصحيحة الموثوق بها فقد اتفق العلماء فى هذا العصر على جواز الاعتماد عليها لأن الثقة قد حصلت فيها، كما تحصل بالرواية، ولذلك فقد اعتمد الناس على الكتب المشهورة فى النحو واللغة والطب وسائر العلوم لحصول الثقة وبعد التدليس، ومن اعتقد أن الناس قد اتفقوا على الخطأ فى ذلك لهو أولى بالخطأ منهم، ولولا جواز ذلك لتعطل كثير من المصالح .
ومثل هذا ذكره القرافى ( المرجع السابق فى ذات الموضع ) فى كتابه الأحكام فى تمييز الفتيا عن الأحكام وتصرفات القاضى والأمام قال كان الأصل يقتضى ألا تجوز الفتيا إلا بما يرويه العدل عن المجتهد الذى يقلده المفتى حتى يصح ذلك عند المفتى كما تصح الأحاديث عند المجتهد، لأنه نقل فى دين اللّه فى الموضعين، وعلى هذا كان ينبغى أن يحرم غير ذلك غير أن الناس توسعوا فى هذا العصر، فصاروا يفتون من كتب يطالعونها من غير رواية وهو خطر عظيم فى الدين وخروج عن القواعد، غير أن الكتب المشهورة لأجل شهرتها بعدت بعدا شديدا عن التحريف والتزوير فاعتمد الناس عليها اعتمادا على ظاهر الحال .
ونقل المواق فى التاج والإكليل ( التاج والاكليل على هامش مواهب الجليل للحطاب ج 6 ص 88 ) قول ابن عبد السلام مواد الاجتهاد فى زماننا أيسر منها فى زمن المتقدمين لو أراد اللّه بنا الهداية .
وقال الكمال ( فتح القدير على الهداية ج 5 ص 456، 457 طبعة أولى المطبعة الأميرية 1316 هجرية ) بن الهمام الحنفى إن طريق النقل عن المجتهد أحد أمرين إما أن يكون له سند فيه أو يأخذه عن كتاب معروف تداولته الأيدى نحو كتب محمد بن الحسن لأنه بمنزلة الخبر المتواتر أو المشهور وبمثل هذا قال ابن نجيم المصرى الحنفى فى كتابه البحر الرائق شرح كنز الدقائق ( ج 6 ص 289 إلى 292 ) وقد تقدم .
التحقق من الصلاحية للفتوى روى الخطيب ( كتابه الفقيه والمتفقه المجلد الثانى ج 7 ص 125 - 154 الطبعة الأولى طبعة دار الافتاء السعودية سنة 1389 هجرية وأعلام الموقعين لابن القيم ج 4 ص 180، 181 ) أبو بكر الحافظ البغدادى بسنده عن أبى هريرة رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يخرج فى آخر الزمان رجال - وفى رواية - قوم رءوس جهال يفتون الناس فيضلون ويضلون وروى بسنده أيضا عن مالك قال أخبرنى رجل أنه دخل على ربيعة بن عبد الرحمن فوجده يبكى فقال ما يبكيك وارتاع لبكائه، فقال أدخلت عليك مصيبة فقال لا ولكن استفتى من لا علم له وظهر فى الإسلام أمر عظيم ثم عقب الشيخ أبو بكر الحافظ رحمه اللّه بقوله ينبغى لإمام المسلمين أن يتصفح أحوال المفتين، فمن كان يصلح للفتوى اقره عليها ومن لم يكن من أهلها منعه منها وتقدم إليه بألا يتعرض لها وأوعده بالعقوبة إن لم ينته عنها وقد كان الخلفاء من بنى أمية ينصبون للفتوى بمكة فى أيام الموسم قوما يفتونهم ويأمرون بألا يستفتى غيرهم .
وروى أيضا بسنده ( المرجع السابق ص 168 ) عن محمد بن سماعة قال سمعت أبا يوسف يقول سمعت أبا حنيفة يقول من تكلم فى شىء من العلم وتقلده وهو يظن أن اللّه لا يسأله عنه كيف أفتيت فى دين اللّه فقد سهلت عليه نفسه ودينه .
وفى ذات الموضع أيضا قول الإمام أبى حنيفة لولا الفرق من اللّه تعالى أن يضيع العلم .
ما افتيت أحدا يكون له المهنأ وعلى الوزر .
وقد نقل ابن نجيم الحنفى فى البحر ( ج 6 ص 286 ) الرائق عن شرح الروض أنه ينبغى للإمام أن يسأل أهل العلم المشهورين فى عصره عمن يصلح للفتوى ليمنع من لا يصلح ويتوعده بالعقوبة إذا عاد .
كما نقل البهوتى الحنبلى فى كتابه ( ج 6 ص 241 ) كشاف القناع قول الخطيب البغدادى ويبنغى للإمام أن يتصفح أحوال المفتين فمن صلح للفتيا أقره ومن لا يصلح نهاه ومنعه وحكى ما نقل عن الإمام مالك من أقوال فى هذا الشأن .
ومن هذا الفقه نستبين أن الفتوى خطيرة الأثر .
وقد قيل إن حكم اللّه ورسوله يظهر على أربعة ألسنة لسان الراوى ولسان المفتى ولسان الحاكم ( القاضى ) ولسان الشاهد فالراوى يظهر على لسانه حكم اللّه ورسوله والمفتى يظهر على لسانه معناه وما استنبطه من لفظه والحاكم يظهر على لسانه الأخبار بحكم اللّه وتنفيذه والشاهد يظهر على لسانه الإخبار بالسبب الذى يثبت حكم الشارع والواجب على هؤلاء الأربعة أن يخبروا بالصدق المستند إلى العلم فيكونون عالمين بما يخبرون به صادقين فى الإخبار به .. ومن التزم الصدق والبيان والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من اللّه وكفى باللّه عليما ( أعلام الموقعين لابن القيم ج 4 ص 152 الطبعة السابقة ) .
هذا وقد عرض سلطان العلماء العز بن عبد السلام لعدة أمور فى الاجتهاد والتقليد فى كتابه قواعد ( ج 2 ص 151 154 ) الأحكام فى مصالح الأنام تحت عنوان قاعدة فيمن تجب طاعته ومن تجوز طاعته ومن لا تجوز طاعته .
فقال لا طاعة لأحد المخلوقين إلا لمن أذن اللّه فى طاعته كالرسل والعلماء والأئمة والقضاة والولاة والآباء والأمهات والسادات والأزواج والمستأجرين فى الإجارات على الأعمال والصناعات ولا طاعة لأحد فى معصية اللّه عز وجل لما فيه من المفسدة الموبقة فى الدارين أو فى أحدهما، فمن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة له، إلا أن يكره إنسانا على أمر يبيحه الإكراه فلا إثم على مطيعه وقد تجب طاعته ولا لكونه آمرا بل لدفع مفسدة ما يهدده به من قتل أو قطع أو جناية على بضع، ولو أمر الإمام أو الحاكم إنسانا بما يعتقد الآمر حله والمأمور تحريمه فهل له فعله نظرا إلى رأى الآمر أو يمتنع نظرا إلى رأى المأمور فيه خلاف، وهذا مختص فيما لا ينقض حكم الآمر به فإنه كان مما ينقض حكمه به فلا سمع ولا طاعة، وكذلك لا طاعة لجهلة الملوك والأمراء إلا فيما يعلم المأمور أنه مأذون فى الشرع .
وتفرد الإله بالطاعة لاختصاصه بنعم الإنشاء والإبقاء والتغذية والإصلاح الدينى والدنيوى فما من خير إلا هو جالبه، وما من ضير إلا هو سالبه وليس بعض العباد بأن يكون مطاعا بأولى من البعض ، إذ ليس لأحد منهم إنعام بشىء مما ذكرته فى حق الإله، وكذلك لا حكم إلا له فأحكامه مستفادة من الكتاب والسنة والإجماع والأقيسة الصحيحة والاستدلالات المعتبرة فليس لأحد أن يستحسن ولا أن يستعمل مصلحة مرسلة، ولا أن يقلد أحدا لم يؤمر بتقليده كالمجتهد فى تقليد المجتهد، أو فى تقليد الصحابة، وفى هذه المسائل اختلاف بين العلماء، ويرد على من مخالف ذلك فى قوله عز وجل { إن الحكم إلا للّه أمر أن لا تعبدوا إلا إياه } يوسف 40 ، ويستثنى من ذلك العامة فإن وظيفتهم التقليد بعجزهم عن التوصل إلى معرفة الأحكام بالاجتهاد بخلاف المجتهد فإنه قادر على النظر المؤدى إلى الحكم ومن قلد إماما من الأئمة ثم أراد تقليد غيره فهل له ذلك فيه خلاف والمختار التفصيل فإن كان المذهب الذى أراد الانتقال إليه مما ينقض فيه الحكم، فليس له الانتقال إلى حكم يجب نقضه، فإنه لم يجب نقضه إلا لبطلانه، فإن كان المأخذان متقاربين جاز التقليد والانتقال، لأن الناس لم يزالوا من زمن الصحابة إلى أن ظهرت المذاهب الأربعة يقلدون من اتفق من العلماء من غير نكير من أحد يعتبر إنكاره، ولو كان ذلك باطلا لأنكروه وكذلك لا يجب تقليد الأفضل وإن كان هو الأولى لأنه لو وجب تقليده لما قلد الناس الفاضل والمفضول فى زمن الصحابة والتابعين من غير نكير بل كانوا مسترسلين فى تقليد الفاضل والأفضل ولم يكن الأفضل يدعو الكل إلى تقليد نفسه، ولا المفضول يمنع من سأله عن وجود الفاضل وهذا مما لا يرتاب فيه عاقل .
ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه ، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده، وقد رأيناهم يجتمعون فى المجالس فإذا ذكر لأحدهم فى خلاف ما وطن نفسه عليه تعجب إمامه حتى ظن أن الحق غير استرواح إلى دليل بل لما ألفه من تقليد إمامه حتى ظن أن الحق منحصر فى مذهب إمامه أولى من تعجبه من مذهب غيره، فالبحث مع هؤلاء ضائع مفض إلى التقاطع والتدابر من غير فائدة يجديها، وما رأيت أحدا رجع عن مذهب إمامه إذا ظهر له الحق فى غيره بل يصير عليه مع علمه بضعفه وبعده، فالأولى ترك البحث مع هؤلاء الذين إذا عجز أحدهم عن تمشية مذهب إمامه قال لعل إمامى وقف على دليل لم أقف عليه ولم أهتد إليه، ولم يعلم المسكين أن هذا مقابل بمثله لخصمه ما ذكره من الدليل الواضح والبرهان اللائح، فسبحان اللّه ما أكثر ما أعمى التقليد بصره حتى حمله على مثل ما ذكر وفقنا اللّه لاتباع الحق أينما كان وعلى لسان من ظهر، وأين هذا من مناظرة السلف ومشاورتهم فى الحكام ومسارعتهم إلى اتباع الحق إذا ظهر لسان الخصم وقد نقل عن الشافعى رحمه اللّه أنه قال ما ناظرت أحدا إلا قلت اللّهم أجر الحق على قلبه ولسانه فإن كان الحق معى اتبعني وإن كان الحق معه ابتعته .
(فائدة) اختلف العلماء فى تقليد الحاكم المجتهد لمجتهد آخر فأجازه بعضهم لأن الظاهر من المجتهدين أنهم أصابوا الحق، فلا فرق بين مجتهد ومجتهد فإذا جاز للمجتهد أن يعتمد على ظنه المستفاد من الشرع فلم لا يجوز له الاعتماد على ظن المجتهد الآخر المعتمد على أدلة الشرع، ولا سيما إذا كان المقلد أنبل وأفضل فى معرفة الأدلة الشرعية ومنعه الشافعى وغيره وقالوا ثقته بما يجده من نفسه من الظن المستفاد ومن أدلة الشرع أقوى مما يستفيده من غيره ولا سيما إن كان هو أفضل الجماعة، وخير أبو حنيفة فى تقليد من شاء من المجتهدين لأن كل واحد منهم على حق وصواب، وهذا ظاهر متجه إذا قلنا كل مجتهد مصيب .
وبعد فلعل هذه الكلمة الراشدة من الشيخ العز بن عبد السلام بيان للمنهج الذى يجب أن يسير عليه المفتون فى نطاق ما تواتر واشتهر فى كتب فقه المذاهب من آداب للمفتى والمستفتى وللفتيا إذ تكاد نصوص السلف الصالح من العلماء تتفق على تلك الآداب ولقد نهج المفتون فى مصر هذا السبيل، إذا تكشف تطبيقاتهم واختياراتهم عن التزامهم بما تواتر من فقه المذاهب، مؤثرين ما صح دليله، وصلح عليه حال المستفتى .
وهذا ما ينبغى أن يلتزمه كل مفت مستعينا باللّه رب العالمين معلم إبراهيم .
واللّه يقول الحق وهو يهدى السبيل وهو الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب .
وصلى اللّه على سيدنا محمد عبد اللّه ورسوله .
وعلى آله وأصحابه وسلم .
القاهرة فى رمضان 1400 هجرية يوليو 1980 م .
جاد الحق على جاد الحق .
مفتى جمهورية مصر العربية(1/2)
قراءة سورة الكهف والترقية وما يذكر بعد الأذان
F محمد عبده .
رمضان 1312
M 1- قراءة سورة الكهف جهرا وتلحينا على وجه يشوش على المصلين محظورة .
2 - الترقية قبل الخطبة حرام على مذهب أبى حنيفة .
3 - ما يذكر بعد الأذان أو قبله كله من المحدثات المبتدعة للتلحين لا لشىء آخر ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين .
4 - الذكر جهرا أمام الجنازة مكروه .
5 - الأذان بين يدى الخطيب هو الباقى من سنة النبى صلى اللّه عليه وسلم
Q بإفادة من مديرية المنوفية مؤرخة فى 24 مايو سنة 1904 مضمونها أنه مرسل معها عريضة مقدمة للمديرية من م ع ورفقائه والورقتان معها بأمل الاطلاع عليها والإفادة بما يرى نحو ما اشتملت عليه - والذى اشتملت عليه ست مسائل وهى المرغوب الاستفهام عما يرى فيها .
الأولى - ما المفيد من قراءة بقية سورة الكهف جهرا يوم الجمعة لأجل عدم غوغاء الفلاحين بالكلام الدنيوى .
الثانية - ما اشتهر من الترقية قبل الخطبة مع مراعاة الآداب فى الإلقاء وحديث إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب إلى أخره .
الثالثة - ما يحصل من الأذان قبل الوقت يوم الجمعة بما يشتمل على استغاثات وصلوات على النبى - صلى اللّه عليه وسلم - لتنبيه الفلاحين الموجودين بالغيطان الغافلين عن مكان الجمعة .
الرابعة - الأذان داخل المسجد بين يدى الخطيب .
الخامسة - ما اشتهر فى الصلاة والسلام على النبى - صلى اللّه عليه وسلم - عقب الأذان فى الأوقات الخمس إلا المغرب .
السادسة - الذكر جهرا أمام الجنازة بكيفية معتدلة خالية عن التلحين .
هل ذلك كله جار على السنن القويم أو فيه إخلال بالدين
An اطلعت على رقيم سعادتكم المؤرخ 24 مايو الماضى وعلى ما معه من الأوراق .
وأفيد سعادتكم أن كل عبادة لم يرد بها نص عن النبى صلى اللّه عليه وسلم .
ولم يأت فى عمله - صلى اللّه عليه وسلم - ولا فى عمل أصحابه اقتداء به وإن لم نعرف وجهة الاقتداء فهى بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار فهى ممقوتة للشارع يجب منعها وهذه الأمور التى جاءت فى العرائض المقدمة لسعادتكم جميعها ما عدا الأذان بين يدى الخطيب صور عادات محدثة لم تكن على عهد النبى - صلى اللّه عليه وسلم - ولا أصحابه ولا التابعين ولا تابعيهم ولا يعرف بالتحقيق من أحدثها وما ينقل عن بعض العلماء فى الترقية مثلا من أنها فى العادات كالأكل والشرب واللباس والمسكن وما يستحدث فى العبادات .
فكل ما يحدث فى النوع الأول مما لا ضرر فيه بالدين ولا بالبدن وكان مما يخفف مشقة أو يدفع أذى أو يفيد منفعة فهو مستحسن ولا مانع منه إذا لم يكن ممنوعا بالنص كاستعمال الذهب والفضة والحرير للرجال ونحو ذلك .
وأما ما يحدث فى القسم الثانى أعنى قسم العبادات فالحديث فيه على عمومه، أعنى كل ما حدث منه بدعة والبدعة ضلالة والضلالة فى النار بلا شبهة .
وقد ذكر فى البحر فى كتب الحنفية أن ما تعورف من أن المرقى للخطيب يقرأ الحديث النبوى وأن المؤذنين يؤمنون عند الدعاء ويدعون لصحابة بالرضاء ونحو ذلك فكله حرام على مذهب أبى حنيفة رحمه اللّه .
وما قاله بعضهم من حمل الترقية على الكلام بأخروى عند محمد لا يصح الالتفات إليه لأن الترقية عمل وقت بوقت مخصوص يؤدى على نحو مخصوص فهو ليس من قبيل الكلام الذى يعرض لقائله فى أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو ذكر اللّه، خصوصا والترقية على حالها الموجودة فى القرى والمدن لا يقول أحد من الأئمة بجوازها بما فيها من التلحين والتغنى .
لو زعم السائلون أنه لا تلحين فيها لأنها لم يتخرج إلا للتلحين فإذا ذهب منها لم تعد تسمى ترقية ولم تبق فهم فيها حاجة .
فالصواب منعها على كل حال لأنها بدعة سيئة .
أما الأذان فقد جاء فى الخانية أنه ليس لغير المكتوبات وأنه خمس عشرة كلمة وآخره عندنا لا إله إلا اللّه .
وما يذكر بعده أو قبله كله من المحرمات المبتدعة ابتدعت للتلحين لا لشىء آخر .
ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين ولا عبرة بقول من قال إن شيئا من ذلك بدعة حسنة، لأن كل بدعة فى العبادات على هذا النحو فهى سيئة، ومن ادعى أن ذلك ليس فيه تلحين فهو كاذب .
وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة جاء فى عبارة الأشباه عند تعداد المكروهات ما نصه وكره إفراده بالصوم وإفراد ليله بالقيام وقراءة الكهف فيه خصوصا وهى لا تقرأ إلا بالتلحين وأهل المسجد يلغون ويتحدثون ولا ينصتون، ثم إن القارئ كثيرا ما يشوش على المصلين بصوته وتلحينه، فقراءتها على هذا الوجه محظورة .
أما الذكر جهرا أمام الجنازة ففى الفتح والأنقروية فى باب الجنائز يكره للماشى أمام الجنازة رفع الصوت بالذكر فإن أراد أن يذكر اللّه فليذكره فى نفسه .
وعلى ذلك فجميع الأشياء التى سألتم عنها مما يلزم منعه ما عدا الأذان الثانى وحده وهو الأذان بين يدى الخطيب فإنه هو الباقى من سنة النبى صلى اللّه عليه وسلم من بين السنن وما عداه مما ذكر لا يصح الإبقاء عليه لأن جميعه من مخترعات العامة ولا يتمسك به إلا جهالهم وليس من الجائز أن يؤخذ فى الدين بشىء لم تتقدم فيه أسوة حسنة معروفة ولا سنة مقررة منقولة .
وكيف يجوز اتباع مخترعين مجهولين لا يمكن الثقة بهم فى غير عبادة اللّه فضلا عن شىء فى دين اللّه .
واللّه أعلم(1/3)
حجم المصحف وتصغيره
F بكرى الصدفى .
ذو القعدة 1329 هجرية
M 1- يكره تنزيها تصغير حجم المصحف وكتابته بقلم دقيق .
2- إمساك الشخص مصحفا ببيته ولا يقرأ فيه ينوى بذلك الخير والبركة لا يأثم بذلك بل يرجى له الثواب
Q من مشيخة الجامع الأزهر بناء على ما ورد لها من نظارة الداخلية عن مصحف مطبوع بخط دقيق جدا مع صغر الحجم كذلك هل يجوز تداوله أو لا
An صرح العلماء بأنه يكره تنزيها تصغير حجم المصحف وكتابته بقلم دقيق وبأنه ينبغى أن يكتب بأحسن خط وأبينه على أحسن ورق وأبيضه بأفخم قلم وأبرق مداد وتفرج السطور وتضخم الحروف ويضخم المصحف وصرحوا أيضا بأن الشخص إذا أمسك المصحف فى بيته ولا يقرأ ونوى به الخير والبركة لا يأثم بل يرجى له الثواب فتداول هذا المصحف بالصفة التى وجد عليها بين المسلمين بنحو بيع وشراء وقراءة منه متى أمكنت ولم يكن فيه تغيير ولا تبديل غير ممنوع شرعا وإن كان تصغير حجمه على وجه ما سبق مكروها تنزيها واللّه تعالى أعلم(1/4)
ترجمة القرآن الكريم والزكاة لطلبة العلم الأغنياء
F بكرى الصدفى .
ذو القعدة 1325 هجرية
M 1 - يجوز كتابة آية أو آيتين باللغات المتداولة بين المسلمين ويكره كتابة التفسير تحتها .
2 - إذا اعتاد شخص القراءة بالفارسية وأراد أن يكتب بها مصحفا يمنع من ذلك .
3 - لا يجوز دفع الزكاة إلى طلبة العلم الأغنياء
Q هل يجوز ترجمة القرآن الكريم باللغات المتداولة بين المسلمين وهل يجوز لمن وجبت عليه زكاة المال أو زكاة الفطر أن يدفعها إلى طلبة العلوم الشرعية الأغنياء منهم والفقراء إذا لم يوجد فقراء فى بلد المزكى ولا فى ضواحيها أم لا وهل يجب العشر فى خارج ما يزرع ويجعل قوتا للنحل خاصة كسائر ما تخرجه الأرض العشرية فما الحكم الشرعى فى ذلك كله
An فى الدر المختار ما نصه ويجوز كتابة آية أو آيتين بالفارسية لا أكثر ويكره كتب تفسيره تحته بها انتهى وفى رد المحتار ما نصه فى الفتح عن الكافى إن اعتاد القراءة بالفارسية أو أراد أن يكتب مصحفا بها يمنع وإن فعل فى آية أو آيتين لا .
فإن كتب القرآن وتفسير كل حرف وترجمته جاز انتهى ومنه يعلم الجواب عن المسألة الأولى فى السؤال .
وأن كتابة القرآن جميعه بغير العربية ممنوعة إذ الفارسية غير قيد كما صرحوا به وفى الدر أيضا بعد كلام ما نصه وبهذا التعليل يقوى ما نسب للواقعات فى أن طالب العلم يجوز له أخذ الزكاة ولو غنيا إذا فرغ نفسه لإفادة العلم واستفادته لعجزه عن الكسب والحاجة داعية إلى مالا بد منه كذا ذكره المصنف انتهى وفى رد المحتار ما ملخصه ما نسب للواقعات رآه المصنف بخط ثقة معزيا إليها وفى المبسوط لا يجوز دفع الزكاة إلى من يملك نصابا إلا طالب العلم والغازى ومنقطع الحج لقوله عليه الصلاة والسلام (يجوز دفع الزكاة لطالب العلم وإن كان له نفقة أربعين سنة) انتهى ثم قال أيضا بعد ذلك ما نسب للواقعات مخالف لإطلاق الحرمة فى الغنى ولم يعتمده أحد الأوجه تقييده بالفقير انتهى ملخصا ومنه يعلم أيضا الجواب عن المسألة الثانية فى السؤال وأن الوجه عدم جواز دفع الزكاة لطلبة العلوم الشرعية الأغنياء .
وأما ما يزرع فى الأرض العشرية ويجعل قوتا للنحل ففيه العشر متى كان مقصودا باستثمار الأرض واستغلالها إذ المدار على القصد وذلك كأن يزرع صاحب الأرض ما ذكر ليبيعه ممن يتخذه قوتا للنحل كما ذكر ففى البحر بعد كلام ما نصه ولأن النحل يتناول من النوار والثمار وفيهما العشر فكذا فيما يتولد منهما انتهى ومثله فى الفتح .
وفى الفتاوى الأنقروية ما نصه . ثم الأصل عند أبى حنيفة أن كل ما يستنبت فى الجنان ويقصد بالزراعة فى البساتين والأراضى ففيه العشر الحبوب والبقول والرطاب والرياحين والوسم والزعفران والورس فى ذلك سواء ولا يجب فى الحطب والقصب والحشيش عنده لأنه لا تشتغل بها البساتين والأراضى بل ينقى منها عادة حتى لو اتخذها مقصبة أو مشجرة أو منبتا للحشيش ففيها العشر والمراد بالمذكور القصب الفارسى أما قصب السكر وقصب الذريرة ففيهما العشر لأنه يقصد بهما استغلال الأرض بخلاف السعف وأغصان الشجر والتبن فإنه لا يقصد بها استغلال الأرض حتى يجب العشر فى قوائم الخلاف لأنه يقصد به الاستثمار قلت ويمكن أن يلحق به أغصان التوت عندنا وأوراقها لأنه يقصد بهما الاستغلال بخوارزم وخراسان وقد نص عليه فى درر الفقه فقال يجب العشر فى ورق التوت وفى أغصان الخلاف التى تقطع فى كل أوان كقوائم الكروم وغير ذلك زاهدى شرح القدورى فى باب زكاة الزروع والثمار ولو جعل أرضه مشجرة أو مقصبة يقطعها ويبيعها فى كل سنة كان فيه العشر قاضيخان فى العشر من كتاب الزكاة .
وعن أبى حنيفة يجب العشر فى كل ما أخرجته قل أو كثر إلا الحطب وقوائم الخلاف من الثانى فى زكاة فتاوى الظهيرية .
وأصناف البقول والحبوب والرياحين والقثاء والخيار يجب فيها العشر عند أبى حنيفة انتهى(1/5)
عدم جواز اتخاذ آية من القرآن الكريم أساسا للمسابقات
F عبد المجيد سليم .
صفر 1352 هجرية
Mلا يجوز اتخاذ القرآن الكريم وسيلة للهو واللعب لما فيه من الإخلال بما يجب له من كمال التعظيم ونهاية الإجلال
Q أذاعت محطة إذاعة المسابقة الآتية ( آية من سورة طه تكتب بخط جميل وتوضع فى إطارات وتعلق فى المتاجر والمنازل وهى مكونة من أربع كلمات عبارة عن 12 حرفا .
الكلمة الأولى حرفان والثانية أربعة والثالثة حرفان والرابعة أربعة وإذا أخذنا الحروف 9، 3، 6، 2 كانت بمعنى صديق .
وإذا أخذنا الحروف 8، 10، 1، 12 كانت فعل مضارع بمعنى يعلم .
وإذا أخذنا الحروف 4، 11، 5 كانت بمعنى ما يتطاير من النار والحرف السابع مجهول شروط المسابقة أن يكتب الحل على ورقة ويوضع الإسم والعنوان فى أعلى الخطاب .
الخ ( هذه هى المسابقة وحلها رب اشرح لى صدرى ) . فهل يصح أن تكون الآيات القرآنية محورا لمثل هذه الأغراض التى يرتكز أكثرها على التجارة والربح وهل يصح أن تكون الآيات معرضة للتحوير والتغيير والتقديم والتأخير فضلا عن أن نص الآية هو { قال رب اشرح لى صدرى } .
ولكن المسابقة تزعم أن الآية نصها ( رب اشرح لى صدرى ) خصوصا وأن أصحاب ومديرى محطة الإذاعة المذكورة ليس الإسلام دينهم
An نفيد بأنه لا يجوز مثل هذا العمل لما فيه من اتخاذ القرآن وسيلة للهو واللعب ولما فيه أيضا من الإخلال بما يجب له من كمال التعظيم ونهاية الإجلال فضلا عما فيه مما جاء فى السؤال ولأن فتح هذا الباب لمثل هؤلاء الناس يؤدى إلى مفاسد كبيرة يجب لمنع حصولها درء كل ما يفضى إليها .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/6)
كتابة شىء من القرآن على العملة
F محمد خاطر .
محرم 1363 هجرية 24 فبراير 1973 م
M 1 - يكره كتابة شىء من القرآن على الدراهم والدنانير .
2 - الأحوط فى المحافظة على القرآن وآياته البعد به عن كل ما يخل بتقديسه وتكريمه، أو الوقوع فى الممنوع بسبب مسه ممن هو غير طاهر أثناء تداوله
Q من المجلس الوطنى لدولة الإمارات العربية المتحدة بكتابه المتضمن أن المجلس علم بأن الحكومة بصدد طبع عملة جديدة للدولة كتب عليها الآية القرآنية الكريمة { واعتصموا بحبل اللّه جميعا ولا تفرقوا } آل عمران 103 ، وطلب بيان الحكم الشرعى فى جواز طبع آية من آيات القرآن الكريم على العملة التى تصدرها الدولة، علما بأن عملة الدولة يحملها ويتداولها المسلم والكافر، ويشترى بها الحلال والحرام وتستعمل فى غير ما أحله اللّه وتحمل إلى أماكن غير طاهرة
An نفيد بأن القرآن كلام اللّه سبحانه وتعالى، وكما يطلق القرآن على كل ما بين دفتى المصحف يطلق على السورة والآية منه .
والقرآن كتاب تعبد وهداية وإرشاد للبشر كما فيه سعادتهم فى الدارين ( الدنيا والآخرة ) من عبادات ومعاملات وأخلاق .
ولذلك يجب تقديسه وتكريمه والبعد عن كل ما يخل بشىء من ذلك .
ولذلك لم يجز الفقهاء للمحدث حدثا أصغر ( غير المتوضئ ) ولا المحدث حدثا أكبر ( الجنب ) والحائض والنفساء مس القرآن ولا شىء من آياته إلا بغلاف منفصل لقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه ( لا يمس القرآن إلا طاهر ) وأجازوا ذلك للضرورة كدفع اللوح أو المصحف إلى الصبيان لأن فى المنع من ذلك تضييع حفظ القرآن، وفى الأمر بالتطهير حرج عليهم .
كما نصوا على كراهة كتابة القرآن وأسماء اللّه تعالى على الدراهم والمحاريب والجدران وكل ما يفرش ( الهداية وفتح القدير ج 1 ) ومما ذكر يتبين أنه يكره كتابة شىء من القرآن على الدراهم والدنانير لأن فى ذلك تعريضا لمسها أثناء تداولها من الجنب والحائض والنفساء والمحدث وغيرهم، وليس هناك ضرورة تدعو إلى ذلك، فيكون الأحوط فى المحافظة على القرآن وآياته والبعد به عن كل ما يخل بتقديسة وتكريمه أو الوقوع فى الممنوع بسبب مسه ممن هو غير طاهر أثناء تداوله .
ے(1/7)
جواز التيمم مع وجود الماء اذا خيف الضرر
F محمد بخيت .
رجب 1333 هجرية
Mيجوز التيمم عند خوف الضرر من استعمال الماء
Q شخص بيديه ورجليه حرارة مزمنة تمكث ستة شهور فى السنة فى أيام الصيف وأن الماء يضرها ثلثى ضرر فإذا وصل إليها الماء حصل فيها قشف وخشونة وتصلب فى الجلد وإذا لم يصل إليها الماء طرى الجلد ودبل .
فهل يسوغ لهذا الشخص التيمم أو لابد من الماء
An فى الفتاوى الهندية ولو كان يجد الماء إلا أنه مريض يخاف إن استعمل الماء اشتد مرضه أو أبطأ برؤه يتيمم لا فرق بين أن يشتد بالتحرك كالمشتكى من العرق المدنى أو المبطون أو بالاستعمال كالجدرى ونحوه ويعرف ذلك الخوف إما بغلبة الظن عن أمارة أو تجربة أو إخبار طبيب حاذق مسلم غير ظاهر الفسق وإن كان به جدرى أو جراحات يعتبر الأكثر محدثا كان أو جنبا، ففى الجنابة يعتبر أكثر البدن، وفى الحدث يعتبر أكثر أعضاء الوضوء فإن كان الأكثر صحيحا والأقل جريحا يغسل الصحيح ويمسح على الجريح إن أمكنه وإن لم يمكنه المسح يمسح على الجبائر أو فوق الخرقة ولا يجمع بين الغسل والتيمم وإن كان نصف البدن صحيحا والنصف جريحا اختلف المشايخ فيه والأصح أنه يتيمم ولا يستعمل الماء .
وفى الفتاوى المهدية أن مثل الجراحة كل داء يضره الغسل كما تفيده عباراتهم إذ المدار على الضرر - إنتهى - .
وعلى هذا ففى حادثة السؤال إن كان السائل يخاف الضرر من غسل يديه ورجليه كما ذكر فى السؤال جاز له التيمم(1/8)
التبليغ فى الصلاة للحاجة
F محمد عبده .
رجب 1319 هجرية
M 1- التبليغ فى الصلاة عند عدم الحاجة مكروه وأما عند الاحتياج فمستحب .
2- تكره الزيادة فى الإعلام .
3- الإمام يجهر وجوبا بحسب الجماعة فإن زاد عليه أساء .
4- من يقرأ القرآن يأثم إذا آذى غيره أو قرأ حال اشتغال المصلى بالصلاة
Q ما الحكم فى رفع صوت القارئ ( سورة الكهف ) بالجامع يوم الجمعة والناس مجتمعون ومنهم الذاكر والمتنفل واللاغى وفى الترقية والدعاء عند جلوس الخطيب والدعاء للسلطان وفى تبليغ أحد المأمومين عند قلة الجماعة وسماعهم صوت الإمام
An صرحوا بأن التبليغ عند عدم الحاجة إليه بأن بلغ الجماعة صوت الإمام مكروه بل نقل بعضهم اتفاق الأئمة الأربعة على أن التبليغ حينئذ بدعة منكرة أى مكروهة وأما عند الاحتياج إليه فمستحب وصرحوا بأن المبلغ يكره له الزيادة فى الإعلام على قدر الحاجة وصرحوا بكراهة ما يفعله المؤذن وهو المعروف بالترقية فى الصلاة على النبى صلى اللّه عليه وسلم عند صعود الخطيب وما يفعله من الدعاء حال لجلسته والدعاء للسلطان بالنصر ونحو ذلك بأصوات مرتفعة وصرحوا بأن الإمام يجهر وجوبا بحسب الجماعة فإن زاد عليه أساء وقال الزاهدى لو زاد على الحاجة فهو أفضل إلا إذا أجهد نفسه وآذى غيره كما فى القهستانى وصرح فى الفتح عن الخلاصة بأنه إذا كان رجل يكتب الفقه وبجانبه رجل يقرأ القرآن ولا يمكن للكاتب استماع القرآن فالإثم على القارى وعلى هذا لو قرأ على السطح والناس نيام يأثم .
لأن ذلك يكون سببا لإعراضهم عن السماع أو لأنه يؤذيهم بإيقاظهم وقالوا إنه يجب على القارئ احترام القرآن .
بأن لا يقرأ فى الأسواق ومواضع الاشتغال فإذا قرأه فيها كان هو المضيع لحرمته فيكون الإثم عليه دون أهل الاشتغال دفعا للحرج ومن ذلك يتبين أن رفع الصوت فى الترقية والتبليغ زيادة عن الحاجة مكروه وكذلك رفعه بالدعاء عند جلوس الخطيب والدعاء للسلطان ونحو ذلك مما يفعله المؤذن حال الخطبة وأن القارئ لسورة الكهف ونحوها من القرآن يأثم إذا آذى غيره أو قرأ حال اشتغال المصلى بالصلاة بأن ابتدأ فى القراءة والمصلى يصلى لما فى ذلك من تضييع احترام القرآن الواجب عليه واللّه أعلم(1/9)
صلاة أسير الحرب
F محمد بخيت .
شعبان 1334 هجرية يونيه 1916 م
Mإذا أقام أسير الحرب فى مكان صالح للإقامة فإنه يصلى صلاة المقيم إذا غلب على ظنه أنه يقيم خمسة عشر يوما فأكثر
Q ما الحكم الشرعى فى صلاة أسير الحرب هل يصليها تماما أم يصليها قصرا
An نفيد أن أسير الحرب متى كان مسافرا وقت وقوعه فى الأسر ثم أقام فى مكان صالح للإقامة فإن غلب على ظنه أنه يقيم فى المكان الذى هو فيه خمسة عشر يوما فأكثر بإخبار من أسره أو غير ذلك كان مقيما وأتم صلاته وإلا فلا واللّه تعالى أعلم(1/10)
أمامة الالثغ
F محمد بخيت .
ذى القعدة 1334 هجرية سبتمبر 1916 م
M 1 - إمامة الألثغ لغيره ممن ليس بألثغ غير صحيحة على الصحيح .
2 - صلاة غير خطيب الجمعة بالناس بغير إذنه لا تجوز إلا إذا اقتدى به من له ولاية الجمعة
Q رجل يصلى بالناس إماما مع كونه ألثغ يبدل الراء ياء - وأهل البلدة يكرهون الصلاة وراءه وهناك من يحسن القراءة .
فهل تصح صلاة من لم يكن ألثغ وراءه أم تفسد أم تكره تحريما أو تنزيها .
وإذا خطب هذا الألثغ يوم الجمعة ونوى الصلاة ثم أخرجه آخر وأدخل غيره وصلى بالناس ذلك الغير .
فهل صحت الصلاة أم بطلت مع العلم بأن الفصل لم يطل
An نفيد أنه قال فى شرح الدر من باب الإمامة ما نصه - ولا يصح اقتداء رجل بامرأة وصبى إلى أن قال ولا غير الألثغ به أى بالألثغ على الأصح كما فى البحر عن المجتبى - انتهى - .
وقال فى رد المختار على الدر المختار ما نصه ( قوله ولا غير الألثغ به ) هو بالثاء المثلثة بعد اللام مع الألثغ بالتحريك قال فى المغرب هو الذى يتحول لسانه من السين إلى الثاء وقيل من الراء إلى الغين أو اللام أو الياء زاد فى القاموس أو من حرف إلى حرف - انتهى - .
وهذا الخلاف فى معنى لفظ الألثغ لغة وأما من جهة الحكم الشرعى فكل من أبدل حرفا بحرف فهو ألثغ كما عليه صاحب القاموس وكما يؤخذ من الدر المختار وحاشيته رد المحتار وفى رد المحتار أيضا ما نصه ( قوله على الأصح ) أى خلافا لما فى الخلاصة عن الفضلى من أنها جائزة لأن ما يقوله صار لغة له ومثله فى التاتر خانية وفى الظهيرية وإمامة الألثغ لغيره تجوز وقيل لا ونحوه فى الخانية عن الفضلى وظاهره اعتمادهم الصحة وكذا اعتمدها صاحب الحلية قال لما أطلقه غير واحد من المشايخ من أنه ينبغى له أن لا يؤم غيره ولما فى خزانة الأكمل وتكره إمامة الفأفاء - انتهى - .
ولكن الأحوط عدم الصحة كما مشى عليه المصنف ونظمه فى منظومته تحفة الأقران وأفتى به الخير الرملى وقال فى فتاواه الراجح المفتى به عدم صحة إمامة الألثغ لغيره ممن ليس به لثغة - انتهى - .
وقال فى شرح الدر أيضا من باب الجمعة ما نصه وفى السراجية لوصلى أحد بغير إذن الخطيب لا يجوز إلا إذا اقتدى به من له ولاية الجمعة ويؤيد ذلك أن يلزم أداء النفل بجماعة وأقره شيخ الإسلام .
وفى رد المحتار ما نصه ( قوله إلا إذا اقتدى به من له ولاية الجمعة ) شمل الخطيب المأذون - انتهى - .
ومن ذلك يعلم أن إمامه الألثغ لغيره ممن ليس بألثغ غير صحيحة على الراجح المفتى به وأنه إذا صلى الجمعة بالناس غير الخطيب بغير إذنه لا تجوز الصلاة إلا إذا اقتدى به من له ولاية الجمعة ولو الخطيب المأذون فإن لم يقتد به من له ولاية الجمعة ولو الخطيب المأذون فأن لم يقتد به من له ولايه الجمعة ولو الخطيب المأذون لا تجوز الصلاة .
واللّه تعالى أعلم(1/11)
تأخير الجمعة عن أول وقتها
F محمد بخيت .
شوال 1335 هجرية أغسطس 1917 م
M 1 - تأخير صلاة الجمعة عن أول وقتها جائز كتأخير صلاة الظهر مطلقا صيفا أو شتاء متى وقعت الصلاة بأكملها فى وقتها والأفضل التبكير بها شتاء وتأخيرها صيفا .
2 - حد التأخير صيفا أن تصلى قبل بلوغ ظل كل شىء مثله
Q فى تأخير صلاة الجمعة عن أول وقتها لأجل اجتماع المصلين والقرية لم يكن بها إلا جامع واحد - فهل يجوز تأخير صلاة الجمعة عن أول وقتها لاجتماع المصلين أم لا
An أطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن تأخير الجمعة عن أول الوقت جائز كتأخير الظهر مطلقا سواء كان فى زمن الصيف أو فى زمن الشتاء متى وقعت الصلاة بأكملها فى وقتها ولكن الأفضل فى زمن الشتاء هو التبكير أو التعجيل وفى زمن الصيف هو التأخير .
وحد التأخير فى زمن الصيف أن تصلى قبل بلوغ ظل كل شىء مثله قال فى البحر بصحيفة 260 جزء أول عند قول الكنز ( وندب تأخير الفجر وظهر الصيف ) ما نصه أى ندب تأخيره لرواية البخارى كان إذا أشتد البرد بكر بالصلاة وإذا اشتد الحر ابرد بالصلاة والمراد الظهر لأن جواب السؤال عنها وحده أن يصلى قبل المثل أطلقه فأفاد أنه لا فرق بين أن يصلى بجماعة أو لا وبين أن يكون فى بلاد حارة أو لا وبين أن يكون فى شدة الحر أو لا ولهذا قال فى المجمع ونفل الابراد بالظهر مطلقا فما فى السراج الوهاج من أنه إنما يستحب الابراد بثلاثة شروط ففيه نظر بل هو مذهب الشافعى على ما قيل والجمعة كالظهر أصلا واستحبابا فى الزمانين كذا ذكره الاسبيجابى انتهى ، ومن ذلك يعلم صحة ما قلناه فى جواب هذا السؤال واللّه أعلم(1/12)
تعدد صلاة الجمعة
F محمد بخيت .
محرم 1336 هجرية نوفمبر 1917 م
Mيجوز تعدد الجمعة فى البلد الواحدة متى كانت مصرا إذا استوفيت باقى الشروط اللازمة شرعا
Q يوجد فى بعض البلدان جامع تقام فيه صلاة الجمعة، ولكنه لا يتسع لصلاة المكلفين بها .
ويوجد بهذه البلدة سوق وبها صنايع لا تحتاج لغيرها وبها مساجد أخرى .
فهل يجوز إقامتها فى أحد هذه المساجد
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه قال فى متن التنوير وشرحه ( وتؤدى فى مصر واحد بمواضع كثيرة ) مطلقا على المذهب وعليه الفتوى شرح المجمع للعينى وإمامة فتح القدير دفعا للحرج - انتهى - .
قال فى حاشية رد المحتار عليه فقد ذكر الإمام السرخسى أن الصحيح من مذهب أبى حنيفة جواز إقامتها فى مصر واحد فى مسجدين وأكثر وبه نأخذ لإطلاق لا جمعة إلا فى مصر شرط المصر فقط .
وبما ذكرنا اندفع ما فى البدائع من أن ظاهر الرواية جوازها فى موضعين لا فى أكثر وعليه الاعتماد - انتهى - .
فإن المذهب الجواز مطلقا بحر - انتهى - .
ولأن فى إلزام اتحاد الموضع حرجا بينا لاستدعائه تطويل المسافة على أكثر الحاضرين ولم يؤخذ دليل عدم جواز التعدد بل قضية الضرورة عدم اشتراط لا سيما إذا كان مصرا كبيرا كمصرنا كما قاله الكمال - انتهى - .
طحطاوى كذا فى رد المحتار أيضا .
ومن ذلك يعلم جواز تعدد الجمعة فى البلد المذكور متى كانت مصرا وأذن بإقامتها فى المسجد الذى تقام فيه من قبل ولى الأمر واستوفيت باقى الشروط اللازمة شرعا لذلك(1/13)
السعى لصلاة الجمعة
F عبد الرحمن قراعة .
شوال 1340 هجرية 11 يونية 1922 م
M 1- السعى لصلاة الجمعة واجب بالأذان الأول الذى على المنارة بعد الزوال على الأصح .
2- فتح المحلات التجارية وغيرها باق على الإباحة ولا يجب إغلاقها لا قبل الصلاة ولا بعدها
Q هل يجب على التجار فى يوم الجمعة إقفال محالهم التجارية فى ذلك اليوم جميعه وقت الصلاة وقبلها أو لا يجب إلا وقت الصلاة حسبما يرشد إليه قوله عز وجل { وذروا البيع } أفيدونا الجواب لا زلتم ملجأ للقاصدين
An قال فى متن التنوير وشرحه الدر من باب صلاة الجمعة ما نصه ( ووجب سعى إليها وترك البيع ولو مع السعى وفى المسجد أعظم وزرا بالأذان الأول فى الأصح وإن لم يكن فى زمن الرسول بل فى زمن عثمان وأفاد فى البحر صحة إطلاق الحرمة على المكروه تحريما - انتهى - وقال فى رد المحتار أراد به ( أى البيع ) كل عمل ينافى السعى وخصه إتباعا للآية ثم قال واختلفوا فى المراد بالأذان الأول فقيل الأول باعتبار المشروعية وهو الذى بين يدى المنبر لأنه الذى كان أولا فى زمنه عليه الصلاة والسلام وزمن أبى بكر وعمر حتى أحدث عثمان الأذان الثانى على الزوراء حين كثر الناس والأصح أنه الأول باعتبار الوقت وهو الذى يكون على المنارة بعد الزوال - انتهى - .
ومن ذلك يعلم أن الواجب هو ترك البيع وكل عمل ينافى السعى إلى الجمعة بالأذان الأول وهو الذى يكون على المنارة بعد الزوال على القول الأصح عملا بقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع } الجمعة 9 ، وليس فى هذه الآية الشريفة ما يدل على وجوب إغلاق محال التجارة فى يوم الجمعة لا فى وقت الصلاة ولا بعد الفراغ منها فهى باقية على إباحة فتحها وإغلاقها على أن قوله تعالى { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل اللّه } الجمعة 10 ، صريح فى الأمر بالانتشار للتجارة والتصرف فى الحوائج وابتغاء الرزق وإن لم يكن الأمر هنا للوجوب بل هو للإباحة فالقائل بوجوب إغلاق أماكن التجارة فى يوم الجمعة مثبت حكما لم يثبته الشرع لأنه إنما أثبت وجوب السعى للصلاة فقط .
واللّه أعلم(1/14)
جواز التنفل ممن عليه فوائت
F عبد المجيد سليم .
رجب 1347 هجرية ديسمبر 1928 م
Mالمبدأ: يجوز لمن عليه فوائت أن يتنفل ولا يكره منه ذلك
Q لقد وقع خلاف فى هذه الأيام بين العلماء الحاويين فى مسألة السنة والقضاء .
فقد أفتى جمهورهم ببطلان السنة وتركها ويحرم فعلها إذا كان عليه قضاء مطلقا وقد اتخذ هذا سلاحا لهدم السنة لدى العوام مرتكزين على أقوال علمائهم .
حتى أن صلاة العيدين والجنائز والتراويح لم يفعلها إلا القليل النادر .
ولذلك اصحبت شعائر الإسلام آخذة فى الوهن نرجو بيان الحكم الشرعى فى ذلك
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأنه نقل الطحاوى فى حاشيته على الدر وابن عابدين فى رد المحتار عن المضمرات ما نصه ( الاشتغال بقضاء الفوائت أولى وأهم من النوافل إلا سنن المفروضة وصلاة الضحى وصلاة التسبيح والصلوات التى رويت فيها الأخبار - انتهى - .
قال ابن عابدين كتحية المسجد والأربع قبل العصر والست بعد المغرب - انتهى - .
وقال صاحب الدر فى فصل فى العوارض المبيحة لعدم الصوم إن قضاء الصوم واجب على التراخى ولذا جاز التطوع قبله بخلاف قضاء الصلاة - انتهى - .
وكتب الطحاوى على قوله بخلاف قضاء الصلاة ما نصه أى فإنه على الفور لقوله صلى اللّه عليه وسلم من نام عن صلاة نسيها فليصلها إذا ذكرها لأن جزاء الشرط لا يتأخر عنه وظاهره أنه يكره التنفل بالصلاة لمن عليه فوائت ولم أره نهى قلت قدمنا حكمه فى قضاء الفوائت وهو الكراهة إلا فى الرواتب والرغائب فليراجع، انتهت عبارة الطحاوى .
وما قدمه فى باب قضاء الفوائت هو ما سلف ذكره من عبارة المضمرات .
ومن هذا يعلم جواز أداء السنن وصلاة العيدين وصلاة الجنائر والتراويح ممن عليه فوائت .
وأنه ليس فعل شىء من ذلك محرما عليه ولا مكروها لمجرد أن عليه فوائت واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/15)
جواز الصلاة بالنعلين اذا كانا طاهرين
F عبد المجيد سليم .
رجب 1347 هجرية
M 1- الصلاة بالنعلين جائزة متى كان طاهرين .
2- النجاسة ذات الجرم تطهر بالتراب وغير ذات الجرم لا تطهر حتى تغسل
Q رجل صلى فى محل عمله لابسا حذائه المعتاد لبسه فى كل حين غير أنه لم يكن فى مكان الوطء من نعليه أى خبث أو أذى ظاهر فما حكم صلاته بالحذاء
An نفيد أنه متى كان النعلان طاهرتين فالصلاة صحيحة لما فى البخارى عن يزيد الأزدى قال سألت أنس بن مالك .
أكان النبى صلى اللّه عليه وسلم يصلى فى نعليه قال نعم .
وفى منتقى الأخبار عن شداد بن أوس قال - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون فى نعالهم ولا خفافهم وقد أخرج أبو داود من حديث أبى هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحدا ليجعلهما بين رجليه أو ليصل فيهما وقد كان يصلى فى النعلين كثير من الصحابة والتابعين - انتهى - .
ملخصا من نيل الأوطار . وفى شرح منية المصلى لإبراهيم الحلبى نقلا عن فتاوى الحجة ما نصه الصلاة فى النعلين تفضل على صلاة الحافى أضعافا مخالفة لليهود - انتهى - .
ومن هنا يعلم صحة الصلاة فى النعلين الطاهرتين بل ذهب كثير من علماء المسلمين إلى أنها مستحبة .
وتتميما للفائدة نقول إن النعل إذا كانت متنجسة بنجس ذى جرم سواء أكان الجرم من النجاسة كالدم والعذرة أو من غيرها بأن ابتلت النعل ببول مثلا فمشى بها صاحبها على رمل أو رماد فاستجمد طهرت بالدلك حتى يذهب الأثر مطلقا على ما هو المختار عند بعض فقهاء الحنفية لما روى أبو داود عن أبى سعيد الخدرى أنه صلى اللّه عليه وسلم قال ( إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى فى نعله أذى أو قذر فليمسحه وليصل فيهما ) وأخرج ابن خزيمة عن أبى هريرة رضى اللّه عنه أنه صلى اللّه عليه وسم قال إذا وطئ أحدكم الأذى بنعليه أو خفيه فطهورهما التراب .
وأما إذا كانت النعل متنجسة بنجس غير ذى جرم كالبول إذا يبس فلا تطهر حتى تغسل واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/16)
تحرير قبلة الصلاة
F عبد المجيد سليم .
جمادى الآخرة 1351 هجرية أكتوبر 1932 م
M 1- يشترط لصحة الصلاة لمن لم يكن مشاهدا للكعبة إصابة جهتها تحقيقا أو تقريبا .
2- إصابة الجهة تحقيقا بمعنى أنه لو فرض خط من تلقاء وجهه على زاوية قائمة إلى الأفق يكون ذلك مارا على الكعبة أو هوائها .
3 - إصابة الجهة تقريبا يكون بمرور ذلك الخط منحرفا عن الكعبة إنحرافا لا تزول به المقابلة الكلية بأن يبقى شىء من سطح الوجه مسامتا للكعبة أو لهوائها فمن فعل ذلك صحت صلاته وإلا فلا
Q بنى فاعل خير مسجدا بناحية محتاجة لوجوده ليتقرب إلى اللّه تعالى وأنفق فى تشييده وفخامته كل ثروته وكان حرر قبلته أحد المهندسين .
وفى يوم افتتاحه حضر فيه فضيلة الحاكم الشرعى رئيس المحكمة الشرعية، وبعد أن تحرى وحقق بنفسه صحة اتجاه قبلته بواسطة البوصلة التى أحضرها معه خصيصا لذلك أجاز الصلاة فيه وأداها فضيلته وكثير من العلماء والمتفقهين مرارا عديدة ثم جاء مهندس آخر ادعى أن بالقبلة انحرفا لا يخرجها عن الاتجاه الحقيقى فعلى فرض وجود ذلك الانحراف مع ما فى الدين الحنيف والشريعة السمحاء من اليسر أفلا تكون الصلاة فيه صحيحة أو يغلق وتعطل فى الشعائر الدينية
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأنه يشترط لصحة الصلاة لمن لم يكن مشاهدا للكعبة إصابة جهة الكعبة وجهتها هى التى إذا توجه إليها الإنسان يكون مسامتا للكعبة أو لهوائها تحقيقا أو تقريبا ومعنى التحقيق أنه لو فرض خط من تلقاء وجهه على زاوية قائمة إلى الأفق يكون مارا على الكعبة أو هوائها ومعنى التقريب أن يكون ذلك منحرفا عن الكعبة أو هوائها إنحرافا لا تزول به المقابلة بالكلية بأن يبقى شىء من سطح الوجه مسامتا لها أو لهوائها .
وعلى ذلك فمتى كان المصلى فى هذا المسجد غير منحرف عن القبلة إنحرافا تزول به المقابلة بالكلية بل يبقى شىء من سطح وجهه مسامتا لها أو لهوائها صحت صلاته وإلا فلا .
هذا واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/17)
حكم الصوم والصلاة لمدينة تطلع فيها الشمس عقب الشفق
F عبد المجيد سليم .
ذى الحجة 1353 هجرية مارس 1935 م
M 1- إذا كان الفجر يطلع فى بلد قبل غروب الشفق فلا تجب صلاة العشاء على أهل هذا البلد لعدم وجود وقتها ويكون الواجب عليهم أربع صلوات فقط عند بعض الحنفية .
وذهب آخرون منهم إلى أن العشاء لا تسقط عنهم ولكن عليهم أن يصلوها بعد الفجر لا على أنها أداء حيث لا وقت للأداء عندهم .
2- يجب الصوم عليهم ويكون ابتداء النهار عندهم من طلوع الشمس الذى هو وقت زوال الليل بالنسبة لهم .
3- إذا كان البياض المستطير فى الأفق ظاهرا كان وقت الفجر معلوما وكان النهار من طلوع هذا البياض
Q طلب من مصلحة المساحة أن تحسب أوقات الصلاة والصوم لمدينة جرينتش بانجلترا .
وهذه المدينة تقع على خط عرض 52 درجة شمال خط الاستواء حيث لا يبلغ انخفاض الشمس عن الأفق ( فى أشهر مايو ويونيو ويوليو ) القدر الذى يترتب عليه زوال الشفق الأحمر بمعنى أن هذا الشفق يظل طول الليل مرئيا وبذلك لا يمكن تعيين وقت العشاء ولا وقت الفجر .
أما فى الجهات القريبة من خط الاستواء مثل مصر فيزول الشفق الأحمر عندما يبلغ انخفاض الشمس سبعة عشر درجة ونصف درجة تحت الأفق ويظهر الضوء الأبيض وقت طلوع الفجر الصادق عندما تكون الشمس تحت الأفق بمدار تسعة عشر درجة ونصف .
أما فى جرينتش فيقل انخفاض الشمس عن هذين المقدارين فى أشهر الصيف كما سبق القول ولذلك يستحيل حساب أوقات العشاء والفجر طبقا للطريقة المتبعة فى عمل الحساب لمصر والمبنية على هبوط الشمس تحت الأفق بالمقدارين المشار إليهما، وأن الشفق فى هذه المدينة يبقى بحالة واحدة إلى طلوع الشمس كما أن الظلام يبقى بحالة واحدة من غير تفاوت إلى طلوعها ولا يظهر بياض من جهة المشرق قبل طلوع الشمس .
وطلبت المصلحة المذكورة بيان الحكام الشرعية بالنسبة للصوم والصلاة بالنسبة لهذه المدينة وقالت إن مدة الليل فى هذه المدينة فى الأشهر المذكورة تبلغ نحو السبع ساعات
An نفيد بأننا لم نر لمشايخ الحنفية كلاما فى بيان حكم مثل هذه المدينه التى تطلع فيها الشمس عقب الشفق ويبقى فيها الظلام على حالة واحد إلى طلوعها وإنما المذكور فى كتبهم حكم أهل بلد يطلع فيه الفجر قبل غروب الشفق وقد اختلف فيه مشايخ الحنفية هل تجب العشاء حينئذ فمنهم من قال لا تجب العشاء لعدم وجود وقتها وعلى هذا لا يجب على أهل هذا البلد إلا أربع صلوات وقال قوم منهم إنها تجب على أهل هذا البلد بمعنى أنه يجب عليهم صلاة العشاء بعد الفجر لا على أنها أداء إذ ليس لها وقت أداء عندهم وعلى قياس هذا يؤخذ حكم أهل المدينة المذكورة بالنسبة لصلاتى العشاء والفجر فعلى القول الأول لا تجبان عليهم لعدم وجود وقت لكل منهما وعلى القول الثانى تجبان بعد طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح على ما هو الظاهر لنا وتجبان حينئذ لا على أنهما من قبيل الأداء .
هذا حكم الصلاة أما حكم الصوم فالظاهر لنا ،وإن لم نجده منصوصا أنه على مذهب الحنفية يجب الصوم عليهم ويكون ابتداء النهار عندهم من طلوع الشمس الذى هو وقت زوال الليل بالنسبة إليهم وهذا إذا كان الأمر كما ذكر بكلام حضرة مندوب المصلحة من أن الشفق يبقى فى هذه المدينة بحالة واحدة إلى طلوع الشمس كما أن الظلام يبقى بحالة واحدة من غير تفاوت إلى طلوعها أما إذا كان يظهر البياض المستطير فى الأفق وهو الذى ينتشر ضوءه فى أطراف السماء لم يكن وقت الفجر حينئذ معدوما بل كان موجودا وكان النهار من طلوع هذا البياض وكان المعدوم حينئذ هو وقت العشاء فقط والحكم فيه ما سبق ذكره نصا عن الفقهاء هذا ما يتعلق بحكم الصلاة والصوم على مذهب الحنفية ومذهب الشافعية، يخالف مذهب الحنفية فى هذا الموضوع ونرى إحالة الأوراق على شيخ السادة الشافعية وهو حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الجامع الأزهر لبيان ما تقتضيه نصوص مذهب الشافعى فى هذا الموضوع(1/18)
صلاة العيد والجمعة
F عبد المجيد سليم .
ذى القعدة 1358 هجرية ديسمبر 1939 م
M 1- مذهب الحنفية أنه إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة فلا تجزئ إحدى الصلاتين عن الأخرى بل يسن للشخص أو يجب عليه صلاة العيد والجمعة لأن الأولى سنة والثانية فرض وهذا هو مذهب الشافعى غير أنه يرخص لأهل القرى الذين بلغهم النداء وشهدوا صلاة العيد ألا يشهدوا صلاة الجمعة .
2- مذهب الإمام أحمد أن من صلى العيد سقطت عنه الجمعة إلا الإمام فلا تسقط عنه إلا إذا لم يجتمع معه من يصلى به الجمعة، وفى رواية عنه إذا صليت الجمعة فى وقت العيد اجزأت صلاة الجمعة عن صلاة العيد، بناء على جواز تقديم صلاة الجمعة عنده قبل الزوال .
ويرى الإمام مالك أن من صلى العيد تجب عليه صلاة الجمعة ولا تسقط .
3- الصحيح فى ذلك ما ذهب إليه الإمام أحمد من أنه لا تجب صلاة الجمعة على من صلى العيد وأن الجمعة إذا أديت قبل الزوال أجزأت عن صلاة العيد
Q إذا كان العيد يوم الجمعة هل تكون باقية على سنيتها أو وجوبها على الخلاف بين المذاهب أو تسقط لموافقتها ليوم الجمعة نرجو الإجابة
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن مذهب الحنفية أنه إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة فإن إحدى الصلاتين لا تجزىء عن الأخرى بل يسن للشخص أو يجب عليه صلاة العيد على حسب الخلاف فى ذلك فى المذهب وعليه أيضا صلاة الجمعة .
ففى الجامع الصغير لمحمد رحمه اللّه عيدان اجتمعا فى يوم واحد فالأول سنة والثانى فريضة ولا ترك واحد منهما .
وقد ذكر صاحب الدر عن القهستانى نقلا عن التمرتاشى أنهما لو اجتمعا أى يوم العيد ويوم الجمعة لم يلزم إلا صلاة أحدهما وقيل الأولى صلاة الجمعة وقيل صلاة العيد قال صاحب الدر قد راجعت التمرتاشى فرايته حكاه عن مذهب غيرنا أما مذهبنا فلزوم كل منها .
هذا والمذكور فى شرح المهذب للإمام النووى أن مذهب الإمام الشافعى أنه إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة فلا كلام فى أنه لا تسقط إحدى الصلاتين بالأخرى عن البلد الذى أقيمت فيه الصلاة ولكن يرخص لأهل القرى الذين بلغهم النداء وشهدوا صلاة العيد ألا يشهدوا صلاة الجمعة أخذا بما صح عن عثمان رضى اللّه عنه ورواه البخارى فى صحيحه مع أنه قال فى خطبة أيها الناس إنه قد اجتمع عيدان فى يومكم فمن أراد من أهل العالية قال النووى وهى قرية بالمدينة من جهة الشرق أن يصلى معنا الجمعة فليصل ومن أراد أن ينصرف وجاء فى المغنى لابن قدامة الحنبلى أن مذهب الإمام أحمد أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة إلا الإمام لا تسقط عنه إلا ألا يجتمع معه من يصلى به الجمعة وقيل فى وجوبها على الإمام روايتان وروى عنه أيضا أنه إذا صليت الجمعة فى وقت العيد أجزأت صلاة الجمعة عن صلاة العيد وذلك مبنى على رأيه فى جواز تقديم الجمعة قبل الزوال .
وفى الجزء الأول من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية صفحة 145 فى جواب سؤال ما نصه إذا اجتمع يوم الجمعة ويوم العيد ففيها ثلاثة أقوال للفقهاء إحداها أن الجمعة على من صلى العيد ومن لم يصله كقول مالك وغيره والثانى أن الجمعة سقطت عن السواد الخارج عن المصر كما يروى ذلك عن عثمان بن عفان رضى اللّه عنه إنه صلى العيد ثم أذن لأهل القرى فى ترك الجمعة واتبع ذلك الشافعى والثالث أن من صلى العيد سقطت عنه الجمعة لكن ينبغى للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من أحب كما فى السنن عن النبى صلى اللّه عليه وسلم أنه اجتمع فى عهده عيدان فصلى العيد ثم رخص فى الجمعة وفى لفظ أنه صلى العيد وخطب الناس فقال أيها الناس إنكم قد أصبتم خيرا فمن شاء منكم أن يشهد الجمعة فليشهد فإنا مجمعون .
وهذا الحديث روى فى السنن من وجهين أنه صلى العيد ثم خير الناس فى شهود الجمعة .
وفى السنن حديث ثالث فى ذلك أن ابن الزبير كان على عهده عيدان فجمعهما أول النهار ثم لم يصل إلا العصر وذكر أن عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه فعل ذلك وذكر ذلك لابن عباس رضى اللّه عنه فقال قد أصاب السنة .
وهذا المنقول هو الثابت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه وهو قول من بلغه من الأئمة كأحمد وغيره والذين خالفوه لم يبلغهم ما فى ذلك من السنن والآثار واللّه أعلم .
والذى يظهر لنا أن الصحيح فى هذا الموضوع هو ما ذهب إليه الإمام أحمد من أنه لا تجب صلاة الجمعة على من شهد صلاة العيد وأنه إذا أديت صلاة الجمعة قبل الزوال أجزأت عن صلاة العيد فلا تكون صلاة العيد فى هذه الحالة واجبة ولا سنة .
وذلك لقوة ما استند إليه الإمام أحمد من الأحاديث والأثار فى المسألتين أعنى جواز تقديم صلاة الجمعة عن الزوال والمسألة التى نحن بصددها ومن شاء الوقوف على ما استند إليه فى المسألة الأولى فليرجع إلى كتاب متنفس الأخبار وشرحه نيل الأوطار .
وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال على مذاهب الأئمة الأربعة واللّه أعلم(1/19)
صلاة النساء فى المسجد
F عبد المجيد سليم .
ذى الحجة 1360 هجرية يناير 1940 م
M 1- يباح للنساء حضور الجماعات للأحاديث الكثيرة الواردة فى ذلك إذا لم يترتب على حضورهن مفسدة وغير متطيبات وما فى معناه من حسن الملبس والتحلى الذى يظهر أمره وغير ذلك مما يكون مدعاة للفساد .
2- أفضلية صلاتهن فى البيت محمولة على ما إذا كانت الصلاة فى المسجد غير مقترنة بسماع وعظ ونحوه مما لا يتيسر للنساء فى بيوتهن
Q توجد غرفة ملاصقة لمسجد حائطها الملاصقة للمسجد مبنية بارتفاع مترين وبما فيها من فضاء بارتفاع مترين آخرين تقريبا .
أيجوز للنساء أن يصلين ويسمعن الوعظ بتلك الغرفة مع الإحاطة بأن بها أبوابا وشبابيك غير مطلة على المسجد وأن مدخل ومخرج تلك الغرفة بعيد عن مدخل ومخرج المسجد وبأن المسجد يملأ المصلين من الرجال بحيث لا يسع غيرهم من السيدات اللاتى يردن الصلاة وسماع الدروس الدينية .
فهل يجوز أن يلتحق به الغرفة المجاورة والتابعة له والتى لا ينتفع منها ليصلى فيها السيدات فيسمعن الوعظ والحكمة من غير أن يراهن الرجال حيث قد أصبحت الحائط التى بينها وبين المسجد على ارتفاع مترين إثنين فقط وتركت المترين الآخرين فضاء ليصل فيها صوت الواعظ إلى السيدات
An نفيد بأنه لا مانع شرعا من إلحاق هذه الغرفة بالمسجد هذا ونصوص مذهب الحنفية تقضى بأن مثل هذا الحائط لا يمنع اقتداء من بالحجرة بالإمام فيصح اقتداء من فيها بالإمام الذى بالمسجد إذا كان لا يشتبه حال الإمام عليه فقد نقل ابن عابدين فى رد المحتار عن التاتر خانية ما نصه ( وإن صلى على سطح بيته المتصل بالمسجد ذكر شمس الأئمة الحلوانى أنه يجوز لأنه إن كان متصلا بالمسجد لا يكون أشد حالا من منزل بينه وبين المسجد حائط ولو صلى رجل فى مثل هذا المنزل وهو يسمع التبكير من الإمام أو المكبر يجوز وكذلك القيام على السطح .
هذا وقد اختلف العلماء فى جواز حضور النساء الجماعة والمعتمد عند متأخرى الحنفية منع كل النساء من حضور الجماعات مطلقا الآن ولو لسماع الوعظ لفساد الزمان وانتشار السفه فى كل الأوقات واستظهر صاحب الفتح العجائز المتفانيات ومذهب الإمام أحمد أنه يباح لهن حضور الجماعة مع الرجال ولكن صلاتهن فى بيوتهن خير لهن وأفضل فقد جاء فى المغنى لابن قدامة ص 35 من الجزء الثانى ما نصه ( ومباح لهن حضور الجماعة مع الرجال لأن النساء كن يصلين مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ) قال عائشة كان النساء يصلين مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الناس متفق عليه وقال النبى صلى اللّه عليه وسلم لا تمنعوا إماء اللّه مساجد اللّه وليخرجن تفلات ( يعنى غير متطيبات ) رواه أبو داود وصلاتهن فى بيوتهن خير لهن وأفضل لما روى ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن رواه أبو داود وقال صلى اللّه عليه وسلم صلاة المرأة فى بيتها أفضل من صلاتها فى حجرتها وصلاتها فى مخدعها أفضل من صلاتها فى بيتها .
رواه أبو داود انتهت عبارة المغنى ( والمراد من الحجرة فى الحديث صحن الدار قال ابن مالك أراد بالحجرة ما تكون أبواب البيوت إليها والمخدع بضم الميم وتفتح وتكسر مع فتح الدال فى الكل هو البيت الصغير الذى يكون فى داخل البيت الكبير تحفظ فيه الأمتعة النفيسة ذكر هذا فى شرح عون المعبود لسنن أبى داود والظاهر لنا ما ذهب إليه الإمام أحمد من إباحة حضورهن الجماعة للأحاديث الكثيرة الواردة فى ذلك نعم ينبغى تقييد هذه الإباحة بما إذا لم يترتب على حضورهن مفسدة كما يرد عليه ما جاء فى الحديث من الأمر بخروجهن تفلات أى غير متطيبات ومثل الطيب ما فى معناه من حسن الملبس .
والتحلى الذى يظهر أثره والزينة الظاهرة وغير ذلك مما يكون مدعاة للفساد وفضل أفضلية الصلاة فى البيت عن الصلاة فى المسجد محمولة على ما إذا كانت الصلاة فى المسجد غير مقترنة بسماع وعظ ونحوه مما لا يتيسر للنساء فى بيوتهن أما إذا كان حضورهن للصلاة ولسماع ما يصلح شأنهن فى أمور دينهن وتربية أولادهن والقيام بحقوق أزواجهن فالظاهر أن حضورهن فى هذه الحالة أفضل وبما ذكر علم الجواب .
واللّه أعلم(1/20)
صلاة المرأة وطهارتها
F عبد المجيد سليم .
رمضان 1361 هجرية سبتمبر 1942 م
M 1- لا يجوز للمرأة أن تصلى كاشفة ساقيها لأنهما من العورة وستر العورة شرط فى الصلاة .
2- لو احتلمت ورأت الماء صارت جنبا ووجب عليها الغسل ولا يكفى الوضوء فى هذه الحالة .
3- لا يجوز لها مس المصحف إذا كانت جنبا أو حائضا أو نفساء أو غير متطهرة من ذلك كله بعد انقطاعه كما لا يجوز لها ذلك إذا كانت محدثة حدثا أصغر إلا لضرورة كأن تخاف حرقا أو غرقا ويجوز لها مسه بحائل ككيس أو صندوق .
4- يجوز قراءة القرآن للمحدثة حدثا أصغر وإن حرم مسها للمصحف كما يجوز قراءتها للقرآن مع كشف رأسها بلا كراهة .
5- قراءة القرآن عبادة يثاب عليها القارئ
Q أولا إذا نوت المرأة الصلاة وكانت لا تلبس شرابا وكان فستانها بعد الركبة بقليل فهل تجوز لها هذه الصلاة أم تكون باطلة - ثانيا آسفة جدا يا سيدى لهذا السؤال ولكن لا حياء فى الدين إذا السيدة احتلمت فهل تكون نجسة ولا بد من أنها تغتسل أم يكفى الوضوء - ثالثا- إذا كانت السيدة نجسة أى نجاسة كانت واضطرت للمس المصحف فهل هذا حرام وهل تعاقب عليه - رابعا - إذا قرأت فى المصحف بدون أن تضع على رأسها غطاء وبدون وضوء حرام أو مكروه أم لا - خامسا - إذا قرأت أى سورة من القرآن وختمت فى أى آية .
فهل يجوز أم لا بد من ختم السورة بأجمعها
An الحمد للّه وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده .
اطلعنا على هذه الأسئلة ونفيد أولا - أنه لا يجوز صلاة المرأة مع كشف ساقها لأن ساق المرأة من العورة وستر العورة شرط فى الصلاة فكشفه أو كشف مقدار ربعه مفسد للصلاة ومانع من صحتها .
ثانيا - لو احتلمت ورأت الماء صارت جنبا ووجب عليها الغسل ولا يكفى فى ذلك الوضوء لما فى صحيح البخارى ومسلم عن أم سلمة رضى اللّه عنها قالت جاءت أم سليم امرأة أبى طلحة إلى النبى صلى اللّه عليه وسم فقالت يا رسول اللّه إن اللّه لا يستحى من الحق .
هل على المرأة من غسل إذا هى احتلمت قال نعم إذا رأت الماء والمراد برؤية الماء فى الحديث الشريف مطلق العلم بنزول الماء سواء كان عن رؤية أو عن غير رؤية .
هذا والاحتلام ليس بمفطر .
ثالثا - إذا كانت المرأة جنبا أو حائضا أو نفساء أو غير متطهرة منهما بعد انقطاعهما عنها أو كانت محدثة حدثا أصغر يحرم عليها مس المصحف إلا لضرورة .
كأن تخاف حرقا أو غرقا . نعم يجوز أن تمس المصحف بحائل منفصل عنه ككيس وصندوق ونحوه .
رابعا - أنه للمحدثة حدثا أصغر قراءة القرآن وإن حرم مسها للمصحف .
كما قلنا . كما يجوز لها قراءة القرآن مع كشف رأسها بلا كراهة .
خامسا - إن قراءة القرآن عبادة يثاب عليها القارئ وإن لم يتم السورة(1/21)
جواز صلاة الجمعة فى المسجد المقام فى أرض المعارض
F حسنين محمد مخلوف .
رجب 1367 هجرية - يونية 1948 م
Mيجوز صلاة الجمعة فى المسجد المقام على أرض المعارض على المذاهب الأربعة
Q هل يجوز صلاة الجمعة فى المسجد المقام بأرض المعارض علما بأنه يشترط للدخول فى المعرض دفع رسوم مقرر بحيث لا يمسح بدخوله لمن لم يدفعه وهل ذلك مخل بصحة صلاة الجمعة فى هذا المسجد
An اطلعنا على الاستفتاء المتضمن أن بداخل أرض المعرض مسجدا تقام فيه صلاة الجمعة إلا أنه يشترط للدخول فى المعرض دفع رسم مقرر بحيث لا يسمح بدخوله لمن لم يدفعه .
فهل ذلك مخل بصحة صلاة الجمعة فى هذا المسجد . والجواب أن من شروط صحة الجمعة عند الحنفية أن يقيمها السلطان أو من يأمره بإقامتها لأنها لا تقام إلا بجمع عظيم وقد تقع المنازعة بل المقاتلة بين الناس من أجل التقدم لإقامتها لأنه يعد شرفا ورفعة فيتسارع إليه كل من مالت همته إلى الرياسة فيقع التجاذب والتنازع وقد يؤدى إلى التقاتل وفيه ما فيه من الفتنة والفوضى والإفضاء إلى تفويتها ولا سبيل إلى حسم ذلك إلا بأن يكون التقدم إليها بأمر السلطان الذى تعتقد طاعته وتخشى عقوبته فكان هذا شرطا لابد منه تتميما لأمر هذا الغرض .
وإليه ذهب الحسن البصرى والأوزاعى وحبيب بن أبى ثابت وجرى عليه العمل فى الديار المصرية منذ قرون إلى الآن .
وذهب الأئمة الثلاثة إلى عدم اشتراطه كما نقله ابن قدامة فى المغنى ولما كان اشتراط إقامتها بالسلطان أو نائبه إنما هو للتحرز عن تفويتها وهذا لا يحصل إلا بالإذن العام .
شرط الحنفية لصحتها الإذن العام من مقيمها وهو يأذن للناس إذنا عاما بدخول الموضع الذى تصلى فيه بحيث لا يمنع أحد من دخوله ممن تصح منه الجمعة ولذا قالوا لو أغلق الإمام باب قصره وصلى بأصحابه الجمعة لم يجز لأنها من شعائر الإسلام وخصائص الدين فتجب إقامتها على سبيل الاشتهار ليجتمع الناس لها ولا تفوت على أحد قال فى الكافى .
والإذن العام وهو أن تفتح أبواب الجامع ويؤذن للناس حتى لو اجتمعت جماعة فى الجامع .
وأغلقوا الأبواب وجمعوا لم يجز - وكذا السلطان إذا أراد أن يصلى بحشمه فى داره فإن فتح بابها وأذن للناس إذنا عاما جازت صلاته شهدتها العامة أولا وإن لم يفتح أبواب داره وأغلقها وأجلس البوابين ليمنعوا الناس من الدخول لم يجز لأن اشتراط السلطان للتحرز عن تفويتها ولذا لا يحصل إلا بالإذن العام .
قال العلامة ابن عابدين وينبغى أن يكون محل النزاع ما إذا كانت لا تقام إلا فى محل واحد أما لو تعددت فلا لأنه يتحقق التفويت كما أفاده التعليل .
وهو قوله لأن اشتراط السلطان .
وهذا الشرط لم يشترطه الأئمة الثلاثة ولم يذكر فى كتب ظاهر الرواية عنه الحنفية وإنما ذكر فى كثير من معتبرات كتبهم كالكنز والواقية والملتقى وعلله فى البدائع بأن اللّه تعالى شرع النداء لصلاة الجمعة بقوله { يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع } الجمعة 9 ، والنداء للاشتهار وكذا تسمى جمعة لاجتماع الجماعات فيها فاقتضى أن تكون الجماعات كلها مأذونين بالحضور تحقيقا لمعنى الاسم .
ومن هذا يعلم أن أداء صلاة الجمعة فى هذا المسجد جائز على جميع المذاهب الأربعة .
أما على المذاهب الثلاثة فظاهر لعدم اشتراط الإذن العام وأما على مذهب الحنفية فلأن الإذن العام متحقق فيه لعدم منع أحد ممن بداخل المعرض من الدخول فيه لأداء الجمعة، وكذا ممن هو خارج المعرض لإمكان الدخول بدفع الرسم المقرر الذى لم يشرط للدخول للصلاة بل للدخول فى المعرض وهو بمثابة غلق باب القلعة التى بداخلها المسجد لعادة قديمة كما ذكر فى شرح الدر على أنه يمكنه أداء الجمعة فى مسجد آخر من المساجد التى تقام فيها الجمعة بالقاهرة فلا تفوته بعدم الدخول إلى المعرض .
وقد علمت مما حرره ابن عابدين أن الجمعة إذا كانت تقام فى مساجد متعددة بمصر لا ينبغى أن تكون محل نزاع .
واللّه تعالى أعلم(1/22)
صحة امامة البالغ
F حسنين محمد مخلوف .
رمضان 1368 هجرية - يونيه 1949 م
Mبلوغ الإمام شرط فى صحة إمامته فى الصلاة مطلقا
Q شخص يحفظ كلام اللّه تعالى ويجيد قراءته وسنه ست عشرة سنة تقريبا وهو إمام مسجد فى قرية صغيرة بدل المرحوم والده المتوفى والذين يصلون رواءه مقتدين به يعبدون اللّه على مذهب الإمام مالك وحصل خلاف بينهم فمنهم من يرى أن الصلاة صحيحة وراءه فى الفروض والجمع والعيدين ومنهم من يرى أن الصلاة لا تصح وراءه لصغر سنه وقد امتنع بالفعل .
وقد قال فريق نحن نتشكك فى صحة الصلاة وراءه .
فما حكم الدين
An إن المنصوص عليه فى مذهب الحنفية أن بلوغ الإمام شرط لصحة إمامته للرجال البالغين فى الصلاة المفروضة وكذل فى النافلة على المختار لما روى عن ابن عباس ( لا يؤم الغلام حتى يحتلم ) وذهب المالكية إلى أن بلوغه شرط لصحتها فى الصلاة المفروضة ولهم فى النافلة قولان وذهب الحنابلة إلى أنه شرط فى صحتها فى الصلاة المفروضة وأجازوا إمامة الصبى المميز فى النافلة وذهب الشافعية إلى أن البلوغ ليس بشرط فى الصلاة المفروضة ولا فى غيرها لحديث البخارى ( أن عمرو بن سلمة كان يؤم قومه على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو ابن ست أو سبع ) إلا أن إمامة البالغ أولى .
وما قال به الأئمة الثلاثة من اشتراط البلوغ لصحة الإمامة فى الصلاة المفروضة .
وهو ما قال به أبو بكر الصديق وعمر وابن مسعود وابن عباس وغيرهم من كبار الصحابة رضى اللّه عنهم كما فى الزيلعى .
فمتى كان الأمام بالغا شرعا صح الاقتداء به فى جميع الصلوات متى توافر فيه باقى شروط الإمامة اتفاقا بين الأئمة .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال واللّه تعالى أعلم(1/23)
الاذن العام بالصلاة فى المسجد
F حسنين محمد مخلوف .
ذى الحجة 1368 هجرية أكتوبر 1949 م
Mصحة أداء الصلوات فى المساجد لا تتوقف على إذن الإمام إلا فى صلاة الجمعة والعيدين عند الحنفية فقط واشترط المالكية فى المسجد أن يكون مباحا للعامة
Q فى إحدى المدن سبعة مساجد وتعدادها ثلاثون الف نسمة بما فيه أصحاب الأديان الأخرى العشر تقريبا وقد مّن اللّه بحسن توفيقه وعونه وبنينا مسجدا ثامنا وقد تم من كل شىء ومن منذ شهرين قدمنا طلبا لوزارة الأوقاف لاستصدار إذن ملكى بصلاة الجمعة وإقامة الشعائر وقد أرسلت الوزارة الأوراق للجهات المختصة هنا للاستيفاء وقد تمت وأرسلت إليها ثانيا وللآن لم يصل الإذن .
وحيث إن المسجد تم من نور ومياه وفرش وخلافه .
فهل يجوز صلاة الجمعة وإقامة الشعائر حتى يحضر الإذن أم نتنظر وصول الإذن
An اطلعنا على السؤال - والجواب - أن صحة أداء الصلوات فى المساجد الجديدة لا تتوقف على إذن الإمام فى صلاة الجمعة والعيدين عند الحنفية وهذا هو الحكم الجارى عليه العمل بالمملكة المصرية - وأما عند غيرهم من الأئمة فيجوز أداء الجمعة والعيدين كسائر الصلوات فى هذه المساجد أن يكون مباحا للعامة .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به .
واللّه تعالى أعلم(1/24)
صلاة الجمعة خلف المذياع غير جائزة
F حسنين محمد مخلوف .
ربيع الثانى 1369 هجرية - فبراير 1950 م
Mلا تصح صلاة الجمعة بدون إمام ولا خطبة ولا يكفى سماع الخطبة وحركات الإمام من المذياع والاقتداء به
Q يوجد بالناحية جامع بدون إمام ولا مقرئ .
فهل يجوز سماع القرآن والخطبة من جهاز الراديو وتكون الصلاة بعد الخطبة
An إنه ورد فى الحديث كما رواه البخارى، أن النبى صلى اللّه عليه وسلم قال ( صلوا كما رأيتمونى أصلى ) ولم يصل عليه السلام الجمعة إلا فى جماعة وكان يخطب خطبتين يجلس بينهما كما رواه البخارى ومسلم ولذا انعقد الإجماع على أنها لا تصح إلا بجماعة يؤمهم أحدهم كما ذكره الإمام النووى فى المجموع وقال ابن قدامة فى المغنى إن الخطبة شرط فى الجمعة لا تصح بدونها وانعقد إجماع الأئمة الأربعة على ذلك وعلى هذا لا تصح صلاة الجمعة فى هذه القرية المسئول عنها بدون إمام ولا خطبة ولا يكفى فى ذلك سماع الخطبة وحركات الإمام من المذياع واللّه أعلم(1/25)
المريض الذى يخشى من استعمال الماء فى إزالة الجنابة
F حسن مأمون .
ذو القعدة سنة 1375 - 26 يونية 1956 م
M 1 - المريض الذى يخشى اذا استعمل الماء فى ازالة الجنابة ان يشتد مرضه بغلبة الظن أو بقول طبيب حاذق مسلم جاز له التيمم .
2 - اذا لم يجد الجنب ما يسخن به الماء فى الشتاء وخاف ان يغتسل أن يقتله البرد أو يمرضه تيمم
Q من السيد / م .
قال انه شاب محافظ على الصلاة وكان اذا احتلم غسل المكان الملوث فى جسمه أو ثيابه فقط ولم يكن يغتسل كما هو المقرر شرعا لأنه مريض وقد يسبب له الاستحمام بعض المتاعب وخاصة فى الشتاء وقد يتكرر عذره فى أيام متتالية فتعقد لديه الأمور ولا يمكن الاستحمام والوضوء لا يؤلمه وطلب الحكم الشرعى فى حالته هذه
An ان المنصوص عليه شرعا ان المريض الذى يخشى اذا استعمل الماء فى ازالة الحدث الأكبر وهو الجنابة أن يشتد مرضه أو يمتد بغلبة الظن أو قول طبيب حاذق مسلم غير ظاهر الغش يرخص له التيمم ولا فرق بين ان يشتد مرضه من تحركه أثناء الغسل كالمبطون مثلا أو من استعمال الماء كالمصاب بالجدرى ونحوه .
وكذلك اذا خاف الجنب ان اغتسل أن يقتله البرد أو يمرضه يتيمم سواء كان خارج المصر أو فيه بشرط أن لا يقدر على تسخين الماء ولا يجد ثوبا يتدفأ فيه ولا مكانا يأويه كما أفاده فى البدائع وشرح الجامع الصغير لقاضيخان، فصار الأصل انه متى قدر على الاغتسال بوجه من الوجوه لا يباح له التيمم اجماعا .
والظاهر من كلام السائل انه ليس لديه سبب من الأسباب التى تبيح له ان ينتقل من التطهر بالماء إلى التيمم بالقراب حسب الشروط التى أوضحها الفقهاء فى النصوص السابقة والواجب عليه ان يغتسل من الجنابة بالماء صيفا وشتاء وأن استطاع والا توصل إلى استعماله بتسخينه ووسائل ذلك ميسرة ولا مشقة فيها ولا عناء والله الهادى إلى سواء السبيل والله أعلم(1/26)
غسل الشعر عند التطهر من الجنابة
F أحمد هريدى .
10 أغسطس 1966 م
M 1 - اتفق الفقهاء الأربعة على وجوب تعميم الجسد كله بالماء عند التطهر من الجنابة .
2 - كما اتفقوا على وجوب تخليل الشعر إذا كان خفيفا حتى يصل الماء إلى الجلد .
3 - إذا كان الشعر غزيرا يرى جمهور الفقهاء وجوب ادخال الماء إلى باطن الشعر فقط أما المالكية فيرون وجوب تخليله وتحريكه حتى يصل الماء إلى ظاهر الجلد .
4 - الشعر المضفور بالنسبة للمرأة لا يجب نقضه، بل الواجب عليها ازالة الطيب ولو كانت عروسا كى يصل الماء إلى جذور الشعر، وهذا هو رأى جمهور الفقهاء
Q من السيد / نائب مأمور بطلبه المتضمن أن المرأة المتحضرة الآن تحتفظ بشعرها بالصورة التى أعدها الحلاق، ومن هذه الصورة ما يستمر شهورا وقد تمتد إلى سنة دون أن يمسه الماء لما تتكلفه هذه العملية من المال .
وقد تتكرر عملية الاتصال الجنسى كثيرا لا سيما فى أول عهدها بالزواج .
وطلب السائل بيان ما إذا كان من الجائز شرعا أن تتم الطهارة من الجنابة مع احتفاظ المرأة بشعرها على الصورة السابق ايضاحها مع أن الماء قد لا يصل إلى بشرة الرأس
An اتفق الأئمة الأربعة على وجوب تعميم الجسد كله بالماء عند التطهر من الجنابة كما اتفقوا على وجوب تخليل الشعر اذا كان خفيفا حتى يصل الماء إلى ما تحته من الجلد .
أما إذا كان الشعر غزيرا .
فان المالكية قالوا يجب أيضا تخليل الشعر وتحريكه حتى يصل الماء إلى ظاهر الجلد .
وقال الأئمة الثلاثة . ان الواجب هو أن يدخل الماء إلى باطن الشعر فيجب غسل ظاهرة ويحرك كى يصل الماء إلى بطنه .
أما الوصول إلى البشرة الجلد فانه لا يجب .
أما الشعر المضفور بالنسبة للمرأة .
فالحنفية قالوا . انه لا يجب نقضه .
وانما الواجب أن يصل الماء جذور الشعر . بل قالوا يجب عليها ازالة الطيب ولو كانت عروسا .
ووافقهم فى ذلك الشافعية والحنابلة .
وقال المالكية يجب على المرأة عند الغسل جمع الشعر المضفور وتحريكه ليعمه الماء .
وطبقا لما ذكر فانه يجب على المرأة عند الغسل من الجنابة ايصال الماء الى باطن الشعر ان كان كثيفا .
وتخليله ليصل الماء إلى البشرة ان كان خفيفا كما يجب عليها ازالة ما على الشعر من الطيب مما يمنع من وصول الماء إلى باطنه ولو عروسا ولا يمنع من هذا الوجوب أن تكون المرأة قد صففت شعرها على أى وجه كان وأنفقت فى ذلك مالا قليلا أو كثيرا .
والله أعلم(1/27)
وضوء مقطوع الساق وأمامته فى الصلاة
F عبد اللطيف حمزة .
جماد أول 1304 هجرية - 21 فبراير 1983 م
M 1 - من قطع من رجله بعض ما يجب غسله فى الوضوء وجب عليه أن يغسل ما بقى .
فان قطع موضوع الفرض كاملا سقط الغسل . 2 - اذا كان للمسجد امام راتب كان هو الأحق والأولى بالأمامة .
3 - اذا لم يوجد للمسجد امام راتب فيؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله ثم أعلمهم بأحكام الصلاة، ثم أورعهم ثم أكبرهم سنا ثم أحسهم خلقا ثم أنظفهم ثوبا .
4 - الأولى لمقطوع الساق أن يتنزه عن الامامة حيث لا يتمكن من القيام والجلوس باستواء واعتدال إلا بمشقة .
5 - يرى المالكية كراهية أمامة الأقطع والأشل، كما يرى الحنفية والحنابلة كراهية امامة الأعرج
Q من السيد / م م ح بطلبه المتضمن ان ساقه اليمنى قد قطعت وبقى منها 15 سم أسفل الركبة ويستخدم جهازا صناعيا بقدم ثابتة بدلا من الجزء المقطوع - وعند سجوده فى الصلاة لا يتمكن من الجلوس عليها فيمدها للخلف أثناء السجود وللأمام بين السجدتين - ويسأل .
1 - هل يجوز له وحاله هكذا أن يؤم المصلين فى صلاة الجماعة حيث أنه حصل على الثانوية الأزهرية وقد كان يؤم الناس قبل بتر ساقه وحيث ان الإمام الذى يؤم المصلين حاليا غير متفقة ويلحن فى قراءة القرآن .
2 - هل فى حالة الوضوء مطالب بأن يمسح على القدم الصناعية أو يغسل ما تبقى من ساقه أسفل الركبة أم لا .
3 - طلب افادته عن ذلك على مذهب الامام مالك
An أولا من فرائض الوضوء وأركانه التى لا يصح بدونها غسل الرجلين إلى الكعبين والكعبان هما العظمتان البارزان فى أسفل الساق فوق القدم قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين } المائدة 6 ، ومن قطع من رجله بعض ما يجب غسله وجب عليه ان يغسل ما بقى فان قطع موضع الفرض كله سقط الغسل .
ثانيا بخصوص الامامة فى الصلاة اذا كان للمسجد امام راتب معين من قبل وزارة الأوقاف فهو الأحق والأولى بالامامة فاذا لم يكن امام راتب فيؤم الناس اقرؤهم أى أحسنهم تلاوة لكتاب الله ثم أعلمهم بأحكام الصلاة صحة وفسادا .
ثم أورعهم أى أكثرهم اجتنابا للشبهات . ثم أكبرهم سنا .
ثم أحسنهم خلقا . ثم اشرفهم نسبا . ثم أنظفهم ثوبا والمراد باقرأ القوم أحسنهم تلاوة وان كان أقلهم حفظا .
قال المالكية اذا اجتمع جماعة كل واحد منهم صالح للامامة فيندب تقديم السلطان أو نائبه ولو كان غيرهما أفقه وأفضل ثم الامام الراتب فى المسجد ثم الأعلم بأحكام الصلاة ثم الأعلم بفن الحديث رواية وحفظا ثم الأعلم بالقراءة ثم الزائد فى العبادة ثم الأقدم اسلاما ثم الأرقى نسبا ثم الأحسن فى الخلق ثم الأحسن لباسا .
فان استووا أقرع بينهم إلا إذا رضوا بتقديم أحدهم فيقدم ويؤم الناس لأنه ينبغى للامام أن يكون متحليا بالكمال متخليا عما يعاب حتى لا يكرهه أهل الخير والصلاح ويكره له تحريما ان يؤم قوما يكرهونه أو أكثرهم اذا كانوا أهل دين وتقوى .
وقالت المالكية كذلك تكره امامته ان كرهه القليل من غير أهل الفضل والشرف وتحرم امامته ان كرهه جميع القوم أو أكثرهم .
وقالت المالكية أيضا وتكره امامة اقطع وأشل يد أو رجل ولو لمثلهما حيث لا يضعان العضو على الأرض وكذا سائر المعفوات فمن تلبس بشئ منها كره له أن يؤم غيره ممن هو سالم .
وقال الحنفية ويكره تنزيها امامة الأعرج الذى يقوم ببعض قدم، وقالت الحنابلة كذلك، وعلى ذلك نقول للأخ السائل انه من الأولى والأكرم له ان يتنزه عن امامة الناس وهو بحاله هذه حيث انه مقطوع الساق اليمنى ولا يتمكن من القيام والجلوس باستواء واعتدال إلا بمشقة وخاصة اذا كان للمسجد امام راتب ويمكن للسائل أن يخطب للجمعة مادام يحمل الثانوية الأزهرية ومتفقها وحسن الخلق ومحبوبا بين الناس وينصح ويعلم الشباب القرآن والأحكام حتى يحوز رضاء الله والناس - والله تعالى نسأل لنا وله وللمسلمين الهداية والتوفيق والرشاد .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/28)
طلاء الأظافر وكشف الرأس
F عبد اللطيف حمزة .
شعبان 1404 هجرية - 6 مايو 1984 م
M 1 - لا ينتقض الوضوء بطلاء الأظافر ودهان البشرة .
2 - يجب ازالة الطلاء والدهان قبل الوضوء اذا كان كل منهما مانعا من وصول الماء إلى البشرة .
3 - يشترط فى زى المرأة المسلمة أن يكون ساترا لجميع عورتها وأن يكون فضفاضا لا يصف ولا يشف .
4 - لا يجوز للمرأة شرعا أن تظهر محاسنها ولا شيئا من عورتها الا أمام زوجها ومحارمها .
5 - زوج الأخت وأخ الزوج ليسا من المحارم وهما اجنبيان عنها
Q من السيدة / ش ع ت بطلبها المتضمن استفسارها عما يأتى : 1 - ما حكم الدين فى وضع طلاء الأظافر وخاصة أثناء الوضوء .
2 - انى موظفة ولا أستطيع ارتداء الملابس الطويلة الإسلامية وذلك لملاقاتى المصاعب فى الطرق والمواصلات فما هو الطول المناسب لمثل هذه الحالة وهل ارتداء البوت الطويل على الملابس القديمة يناسب الزى الإسلامى أم لا .
3 - هل خلع الايشارب وكشف الرأس أمام زوج أختى وأخى زوجى حرام أم لا .
4 - هل وضع المكياج البسيط حرام
An أولا بخصوص طلاء الأظافر بالمونيكير ودهان البشرة بالكريمة بالنسبة للمتوضئة لا ينقض الوضوء ولكن عندما ينتقض الوضوء بخروج شئ من السبيلين أو بأحد نواقضه فانه يجب قبل الشروع فى الوضوء ازالة هذه القشرة الرقيقة الناتجة عن الطلاء لأنها تعتبر مادة عازلة تمنع وصول الماء إلى الظفر - وكذلك ازالة الكريمة لأنها مادة دهنية تمنع وصول الماء إلى البشرة، ونفيد كذلك بأن طلاء الأظافر من الزينة التى لا يجوز للمرأة اظهارها إلا لزوجها أو أحد محارمها .
ثانيا أما بخصوص الزى الملائم للمرأة والفتاة المسلمة فيشترط فى هذا الزى أن يكون ساترا لجميع عورة الحرة المسلمة فلا يكون قصيرا يكشف عن الشئ من جسمها ولا يكون به فتحات تكشف بعض عورتها - وأن يكون الساتر سميكا بمعنى ألا يشف عما تحته كالملابس الرقيقة التى تكون فيها المرأة كاسية عارية فى وقت واحد وأن يكون الساتر فضفاضا بمعنى ألا يكون ضيقا بحيث يصف مفاتن المرأة فالضيق لا يسترها بل يدل عليها ويلفت النظر اليها - وألا يكون معطرا يجذب الانتباه اليها .
وألا يكون الساتر للعورة زينة فى نفسه كالتاج الذى يوضع على الرأس - وكذلك الباروكة فقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن لبس الزينة لغير الأزواج - وألا يكون ثوب المرأة مشبها للثوب الخاص بالرجال والعرف هو الذى يحدد ذلك ففى الحديث ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل واللعن منصب على التشبه المقصود .
وقال صلى الله عليه وسلم ( ليس منا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه بالنساء من الرجال ) .
ونقول لنساء المؤمنين بأن حجاب المرأة ولبسها الشرعى الذى يسترها من رأسها حتى قدمها إلا وججها وكفيها فى هذا الزى جمال وكمال ودين وتمسك أكيد بما نصت عليه الشرائع والتزام صريح بمبادئ الإسلام الحنيف فجمال المرأة فى احتشامها وليس فى عريها - والمرأة التى تكشف مفاتنها وتظهر ما يجب أن يغطى من شعر أو صدر أو زراع أو ساق لا تساير بذلك العقل أو الدين أو الجمال أو الكمال وفى هذا يقول البارى عز وجل يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحميا فقفى أيتها الفتاة وحكمى عقلك أمام اثنتين أحداهما تغطى شعرها وتستر جسدها والأخرى شعرها منفوش وجسدها عار فأى الفتاتين أجمل وأكمل ان التعاليم السماوية التى سنها الخالق للبشر تدعو إلى أن تستر المرأة عورتها فاننا نعيش فى تيارات جارفة لا تعرف دينا ولا تؤمن بخلق ولا تعترف بمبادئ ولا شك ان موجات هذه التيارات غارقة وقاتلة ولا نجاة منها إلا بالرجوع الى الله فى امره ونهيه ورد الأمور إلى تنزيله ووحيه قال سبحانه وان كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فان الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما ونقول للسائلة بعد هذا الموجز ان ارتداء الملابس الشرعية التى سبق وصفها لا تعوق المرأة فى أداء واجبها - ولا تكون حجر عثرة فى طريقها إلى عملها فلو أنها اتقت ربها وأطاعته ليسر الله حالها وجعل لها من كل كرب فرجا ومن كل ضيق مخرجا .
وأما عن ارتداء البوت الطويل كما ذكرت فلا مانع من لبسه شرعا ما دامت ملابسها ساترة لجسدها من رأسها حتى قدميها أما إذا لبسته مع الملابس القصيرة فذلك غير جائز شرعا لأنه يحدد ويفصل ساقيها ويلفت النظر اليها .
3 - لا يجوز للمرأة شرعا أن تظهر محاسنها ولا شيئا من عورتها الا أمام زوجها ومحارمها وليس زوج أختها من محارمها ولا أخو زوجها ممن ذكر فهما أجنبيان بالنسبة لها .
4 - أما بشأن وضع المكياج البسيط فنقول ان الله تعالى شرع الزينة للمرأة فلها أن تتزين كيفما تشاء لزوجها أما بالنسبة للأجانب فلا يجوز لها شرعا أن تتزين لهم سوءا كان الميكاج قليلا أم كثيرا وأخيرا نسأل الله الهداية والتوفيق والرشاد للسائلة وللنساء المؤمنين عامة والله ولى التوفيق .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/29)
حكم الوضوء لذكر الله
F عبد اللطيف حمزة .
محرم 1405 هجرية - 2 أكتوبر 1984 م
M 1 - الوضوء سبب لاستباحة ما لا يحل الأقدام عليه إلا به من صلاة ومس مصحف وطواف .
2 - الذكر ليس من ضمن مالا يحل الاقدام عليه إلا بالوضوء .
3 - الوضوء للذكر مستحب وليس بشرط والاستحباب شئ والاشتراط شئ آخر
Q من السيد / ع ف ع والذى يطلب به الافادة عما اذا كان يصح اشتراط الوضوء لذكر الله من عدمه وهل اذا اشترط بعض الناس الوضوء لذلك فهل يكون معناه أن يفضل الذكر على قراءة القرآن أم لا
An ان الذكر هو ما يجرى على اللسان والقلب فان أريد به ذكر الله تعالى يكون المقصود به هو التسبيح والتحميد وتلاوة القرآن الى غير ذلك .
والذكر حقيقة يكون باللسان وهذا يثاب عليه صاحبه فاذا أضيف اليه الذكر بالقلب كمل الذكر والذكر بالقلب هو التفكر فى أدلة الذات والصفات والتكاليف وفى أسرار المخلوقات إلى غير ذلك، وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على فضل الذكر ومجالسه وأهله ولكننا لا نتعرض إلا بالقدر المطلوب فى الفتوى وهو مدى اشتراط الطهارة من الحدث الأصغر بالوضوء للذكر ومجلسه .
فنقول انه قد ورد عن المهاجر بن قنفذ انه سلم على النبى صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه فرد عليه .
وقال انه لم يمنعنى ان أرد عليك إلا انى كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة ) رواه أحمد ابن ماجه وأخرجه أبو داود والنسائى .
كما ورد عن عائشة رضى الله عنها قالت ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ) رواه الخمسة إلا النسائى .
فالحديث الأول يدل على كراهية الذكر للمحدث حدثا أصغر إلا اذا توضأ .
أما الحديث الثانى وهو حديث عاشئة رضى الله عنها فانه يدل على عكس ذلك وقد ورد حديث عن على بن أبى طالب كرم الله وجهه وفيه ( أنه كان لا يحجزه عن القرآن شئ سوى الجنابة ) فهذا الحديث يدل على جواز قراءة القرآن فى جميع الحالات إلا فى حالة واحد وهى حالة الجنابة .
والقرآن الكريم أشرف الذكر واذا جازت قراءته بلا شرط وضوء فان جواز غيره من الأذكار من باب أولى .
هذا وقد ذكر الامام الشوكانى فى نيل الأوطار ج - 1 ص 211 أنه يمكن الجمع بين حديث مهاجر ابن قنفذ بأنه خاص فيخص به العموم الوارد فى حديث السيدة عائشة رضى الله عنها مع حمل الكراهة فيه على الكراهة التنزيهية لا التحريمية كما ذكر الامام الشوكانى رضى الله عنه فى المرجع السابق ج - 1 ص 213 ما نصه انه يكره الذكر فى حالة الجلوس على البول والغائط وفى حالة الجماع فيكون الحديث ( يقصد حديث عائشة ولفظه عام ) مخصوصا بما سوى هذه الأحوال ويكون المقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله تعالى متطهرا ومحدثا وجنبا وقائما وقاعدا ومضطجعا وماشيا .
قاله النووى هذا ولما كان للوضوء بسبب وهو استباحة مالا يحل الاقدام عليه الا به من صلاة ومس مصحف وطواف الخ فهل الاقدام على الذكر يصلح سببا للوضوء وهو ليس من ضمن ما لا يحل الاقدام عليه إلا به قطعا أنه لا يصلح سببا لذلك وانما نص الفقهاء وأهل الحديث على استحباب الوضوء للذكر - والاستحباب شئ والاشتراط أو الشرط شئ آخر - لأن مؤدى الاستحباب انه يجوز الذكر بغيره ولكن أن حصل وضوء للذكر فانه يكون مستحبا .
اما مؤدى الشرط أو الاشتراط فهو أن يتوقف عليه الشئ ولا يتأدى إلا به ولم يقل أحد من الفقهاء بأن الذكر لا يتأدى إلا بالوضوء وبالتالى نستطيع أن نقول أن اشتراط الوضوء للذكر غير صحيح ويجوز شرعا لمن اشترطه لنفسه أن يذكر الله تعالى فى جميع أحيانه إلا فى الأحوال المستثناه سابقا ولا يجوز شرعا اشتراط الوضوء على الناس للذكر لأن هذا الاشتراط يكون تشريعا لم يقل به الشارع .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/30)
سلس البول عذر يبيح الترخص بقدره
F حسنين محمد مخلوف .
جمادى الأولى 1372 هجرية - 1 فبراير 1953 م
M 1 - خروج البول ولو قطرة واحدة ناقض للوضوء لحديث أبى هريرة .
2 - إذا دام خروجه واسترسل ولم يستطع منعه - وهو المعروف باسم سلس البول - كان عذرا يبيح الترخص بقدره .
والضرورات تبيح المحظورات .
3 - جمهور الفقهاء قاسوا أرباب الأعذار على المستحاضة لورود النص فيها .
فالحنفية والحنابلة والظاهرية ذهبوا إلى أنها مأمورة بالوضوء لوقت كل صلاة .
والشافعية ذهبوا إلى أنها مأمورة بالوضوء لكل فريضة، ولا تصلى به فريضة أخرى حتى تتوضأ لها .
والمالكية ذهبوا إلى أن العذر لا ينقض الوضوء مطلقا . 4 - الثوب الذى تصيبه نجاسة العذر - قيل يجب غسله، وقيل يجب غسل الزائد عن العذر المعفو عنه إذا أفاد الغسل
Q فى شخص يكثر خروج البول منه وخاصة فى فصل الشتاء بغير إرادته فهل ينتقض وضوؤه بذلك وهل يجب عليه تطهير ثوبه كلما أصابه البول فى هذه الحالة
An خروج البول ولو قطرة واحدة ناقض للوضوء لحديث أبى هريرة قال - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ) غير أنه إذا دام خروجه واسترسل ولم يستطع منعه ( وهو المعروف باسم سلس البول ) كان عذرا يبيح الترخص بقدره والضرورات تبيح المحظورات، والمشقة تجلب التيسير، وحكم من ابتلى بهذا العذر ونحوه كاستطلاق بطن أو انفلات ريح أو رعاف دائم أو جرح لا يرقأ حكم المستحاضة ( وهى ذات دم نقص عن أقل مدة الحيض أو زاد على أكثر مدة النفاس أو زاد على عادتها فى أقل مدة الحيض والنفاس وتجاوز أكثرهما أو حبلى أو آيسة ) وقد نص الحنفية على أنها تتوضأ لوقت كل فرض، لا لكل فرض ولا لكل نفل، وتصلى به ما شاءت من الفرائض والنوافل فى الوقت ويبطل وضوؤها بخروجه عند أبى حنيفة ومحمد ويجب أن تستأنف الوضوء للوقت الآخر وكذلك من سلس البول ونحوه - ويشترط لثبوت العذر ابتداء أن يستوعب وقتا كاملا من أوقات الصلاة بحيث لا ينقطع زمنا يسع الوضوء والصلاة والانقطاع اليسير فى حكم العدم، وشرط بقائه ودوامه بعد ذلك أن يوجد ولو مرة واحدة فى كل وقت كامل من أوقات الصلاة، ولا يعد منقطعا إلا إذا زال وقتا كاملا وأما الثوب الذى تصيبه نجاسة العذر فقيل لا يجب غسله لأن قليل النجاسة يعفى عنه، وقدر فى النجاسة المائعة بقدر مقعر الكف فألحق به الكثير للضرورة، ولأن العذر غير ناقض للوضوء فلم يكن نجسا حكما .
وقيل يجب غسل الزائد عن القدر المعفو عنه إذا أفاد الغسل بأن كان لا يصيبه مرة بعد أخرى وإلا لا يجب مادام العذر قائما واختاره مشايخ الحنفية وصححه فى البدائع - وقال ابن قدامة الحنبلى فى شرحه الكبير على متن المقنع ( إن المستحاضة تغسل فرجها وتعصبه وتتوضأ لوقت كل صلاة وتصلى ما شاءت من الصلوات، وكذلك من به سلس البول والمذى والريح والجريح الذى لا يرقأ دمه والرعاف الدائم ويجوز لهؤلاء الجمع بين الصلاتين وقضاء الفوائت والتنفل إلى خروج لوقت، فإذا توضأ قبل الوقت وخرج منه شىء من الحدث بطل وضوؤه، وإذا توضأ بعد دخول الوقت صح وارتفع الحدث ولم يؤثر فى الوضوء ما يتجدد من الحدث الذى لا يمكن التحرز منه، وإذا خرج الوقت بطل الوضوء ) - ملخصا - .
وذهب الشافعية كما فى المجموع وشرح المنهاج ( أن المدار فى ثبوت العذر على الاستمرار والدوام غالبا ، ويجب فى الاستحاضة وما ألحق بها غسل النجاسة وشد المحل بنحو عصابة عقب الغسل، والوضوء لكل فريضة عقب الشد فى وقت الصلاة لا قبله لأنها طهارة ضرورة فتتقيد به كالتيمم، والمبادرة بالصلاة عقب الوضوء إلا لمصلحة تتعلق بالصلاة كانتظار الجماعة، ويصلى به الفريضة والنوافل القبلية والبعدية ولا يصلى به فريضة أخرى حتى يتوضأ لها - ولا يبطل الوضوء والصلاة بتجدد الحدث أثناءهما ) تلخيص - وفى مذهب المالكية ( كما فى شروح متن خليل ) طريقتان - إحداهما أن العذر لا ينقض الوضوء مطلقا ولا تبطل به الصلاة غير أنه يستحب لمن ابتلى به أن يتوضأ لكل صلاة إلا أن يؤذيه البرد والأخرى وهى التى شهرها ابن رشد أنه لا ينتقض الوضوء ولا تبطل الصلاة إذا لازم نصف وقت الصلاة على الأقل إلا أنه يستحق الوضوء إذا لازم نصف الوقت أو أكثره لا إن لازم كل الوقت، وينتقض الوضوء إذا لازم أقل من نصف الوقت فيتوضأ لكل صلاة - انتهى - ذهب الظاهرية وابن حزم كما فى المحلى إلى أن من غلب عليه خروج البول وهو من به سلس البول ويسميه ابن حزم ( المستنكح ) يعنى من غلب عليه يجب عليه بعد غسل الموضع حسب الطاقة بدون حرج ومشقة الوضوء لكل صلاة فرضا أو نافلة، فيتوضأ للفريضة ويتوضأ وضوءا آخر للنافلة ثم لا شىء عليه فيما خرج منه بعد ذلك فى الصلاة أو فيما بين الوضوء والصلاة ولابد أن يكون الوضوء أقرب ما يمكن من الصلاة - انتهى - ملخصا وجملة القول أن جمهور الفقهاء قاسوا أرباب الأعذار على المستحاضة لورود النص فيها .
فالحنفية والحنابلة ذهبوا إلى أنها مأمورة بالوضوء لوقت كل صلاة .
والشافعية ذهبوا إلى أنها مأمورة بالوضوء لكل فريضة والمالكية لم يوجبوا عليها الوضوء مطلقا فى الطريقتين فذهبوا فى أرباب الأعذار إلى ما بيناه بطريق القياس .
ويعلم من هذا أن مجرد خروج البول بكثرة كما فى السؤال لا يعد عذرا مبيحا للترخص المذكور، وإنما يكون كذلك إذا دام واستمر على النحو الذى بيناه فى المذاهب .
ولعل الأرفق بأرباب الأعذار مذهب الحنفية والحنابلة، وللعامى أن يقلده ولو كان من مقلدى المذاهب الأخرى .
والله أعلم(1/31)
الوضوء قبل الغسل من الجنابة سنة
F حسن مأمون .
8 يناير 1956 م
Mالوضوء قبل الغسل من الجنابة ليس فرضا ولا واجبا عند الأئمة الأربعة بل هو سنة عندهم
Q من السيد / ع أ ع قال إن بعض الناس بالمملكة العربية السعودية يقولون بوجوب غسل الذكر بعد الوقاع والوضوء قبل غسل الجنابة فى حين جرت العادة عند البعض أن يستحم مباشرة لإزالة الجنابة بدون وضوء قبله فما الرأى الصحيح فى ذلك
An بأن فرائض الغسل عند الحنفية المضمضة والاستنشاق وغسل سائر البدن .
وعند المالكية النية وتعميم الجسد بالماء ودلك جميع الجسد مع صب الماء أو بعده قبل جفاف العضو وإن تعذر سقط ، وموالاة غسل الأعضاء مع الذكر والقدرة وتخليل جميع شعر جسده بالماء .
وعند الشافعية النية وتعميم ظاهر الجسد بالماء . وعند الحنابلة تعميم الجسد بالماء وأدخلوا فى الجسد الفم والأنف فيجب غسلهما تبعا للبدن، واشترطوا النية فى صحة الغسل وأوجبوا التسمية فى أوله .
ومن هذا يتبين أن الوضوء قبل غسل الجنابة ليس بفرض ولا واجب عند الأئمة الأربعة بل هو سنة قبل الغسل عندهم .
وبهذا علم الجواب على السؤال . والله أعلم(1/32)
مشروعية التيمم ، وموضع القنوت
F حسن مأمون .
رجب 1375 هجرية 21 فبراير 1956 م
M 1 - الاحتياج إلى الماء لدفع الهلاك أو الأذى مبيح للتيمم .
2 - القنوت واجب عند الحنفية بعد قراءة السورة فى الركعةالثالثة من الوتر فقط وهو سنة عند الشافعية فى أعتدال الركعة الأخيرة من الصبح وفى وتر النصف الثانى من رمضان ويجبر إذا ترك بسجود السهو .
وعند الحنابلة سنة فى الوتر فى جميع السنة
Q من السيد / ع م ب قال : أولا - رجل فى الصحراء ومعه قليل من البطاطس أو الفاصوليا وقليل من الماء وليس معه خبز مطلقا فهل يستعمل الماء الذى معه فى طبخ الطعام ويتيمم أو يتوضأ بالماء ولا يتيمم، علما بأن بينه وبين الماء أكثر من المسافة المحددة لسبب التيمم ثانيا - هل القنوت يقرأ فى الوتر والصبح أم فى أحدهما
An أولا إن من الأسباب التى يشرع فيها التيمم الاحتياج إلى الماء، فمن كان فى الصحراء واحتاج إلى ما معه من الماء فى الحال أو المآل خوفا من عطشه عطشا يؤدى إلى هلاكه أو أذاه أذى شديدا وكان ذلك الخوف بغلبة الظن لا بالشك فإنه يتيمم ويحتفظ بما معه من الماء لحاجته، وكذلك يتيمم من احتاج للماء الذى معه فى العجن أو طبخ الطعام لأن صيانة النفس أوجب من صيانة الطهارة بالماء فإن لها بدلا ولا بدل للنفس .
ثانيا - أما القنوت فقال الحنفية إنه واجب بعد قراءة السورة فى الركعة الثالثة من الوتر ولا قنوت فى غيره من الصلوات وقال الشافعية إنه سنة فى اعتدال الركعة الأخيرة من الصبح، ومن وتر النصف الثانى من رمضان وهو من سنة الأبعاض عندهم فإذا ترك عمدا فإنه يجبر بسجود السهو .
وقال الحنابلة إنه سنة فى الوتر فى جميع السنة .
وبهذا علم الجواب .
والله أعلم(1/33)
انفلات ريح مستمر
F حسن مأمون .
ربيع ثان 1376 هجرية 2 ديسمبر 1956 م
M 1 - مذهب الحنفية أن من عنده انفلات ريح مستمر يتوضأ لوقت كل صلاة ويصلى بهذا الوضوء فى الوقت ماشاء من الفرائض والنوافل، ويبطل هذا الوضوء بخروج الوقت الذى توضأ له .
2 - عند الشافعية يتوضأ لكل صلاة مفروضة ويصلى مع هذا الفرض ما شاء من النوافل تبعا له .
أما الفرائض الفائتة فيجب عليه الوضوء لصلاة كل فرض فاته
Q فى مريض ومن عوارض مرضه كثرة الغازات والأرياح التى تخرج منه بحالة تكاد تكون مستمرة لقصر المدة بين المرة والأخرى الأمر الذى يسبب له كثيرا من المتاعب فى الوضوء والصلاة فيضطر إلى إعادة الوضوء ثانية وثالثة أو مرات كثيرة وعندما تعاوده هذه الحالة فى الصلاة يخرج منها ويتوضأ .
فما حكم الشريعة فى هذه الحالة وهل من رأى يخلصه من هذه المتاعب
An إن المنصوص عليه شرعا فى مذهب الحنفية أن من عنده انفلات ريح مستمر ( كحالة السائل ) إذا أراد الصلاة يتوضأ لوقت كل صلاة ويصلى بهذا الوضوء فى الوقت ما شاء من الفرائض والنوافل، ويبطل هذا الوضوء بخروج الوقت الذى توضأ له، فإذا أراد من عنده هذا العذر أن يصلى الظهر مثلا فى وقته وتوضأ صلى بهذا الوضوء الظهر وما شاء من الفرائض الفائتة وواجبات وسنن، ويستمر هذا الوضوء قائما حتى يخرج وقت الظهر وحينئذ يبطل ويجب عليه إذا أراد صلاة العصر أن يتوضأ لها من جديد ويصلى به ما شاء أيضا من الفرائض والنوافل فى وقت العصر وهكذا وعند الشافعية يتوضأ من عنده هذا العذر لكل صلاة فرض ويصلى به مع هذا الفرض ما شاء من النوافل تبعا لذلك الفرض، ولا يصلى به ما فاته من الفرائض بل يجب عليه عند الإمام الشافعى رضى الله عنه أن يتوضأ لصلاة كل فرض فاته .
وبهذا علم الجواب عن السؤال . والله أعلم(1/34)
نقض الوضوء باللمس
F حسن مأمون .
شعبان 1378 هجرية 21 فبراير 1959 م
M 1 - ينقض الوضوء عند الشافعية بلمس غير المحرم جلد الملموس بدون حائل .
2 - للطبيب شافعى المذهب لبس قفاز عند مباشرة عمله ومصافحة مرضاه منعا من نقض وضوئه عند كل لمس أو مصافحة .
3 - إذا كان القفاز يمنع من عمله كطبيب أو يؤثر عليه فله تقليد مذهب الحنفية فى الوضوء فيمسح ربع رأسه وبه لا ينقض الوضوء لأن مس المرأة لا ينقض الوضوء عند الحنفية
Q من السيد / الدكتور أ ف جراح المستشفى الأميرى بطلبه المتضمن أنه شافعى المذهب وطبيعة عمله تجعله يصافح السيدات ويلمس أجسامهن، وهذا اللمس ينقض الوضوء عند الشافعية مما يسبب له متاعب تجعله يؤخر أداء الصلاة، وطلب السائل توجيهه إلى طريقة لا يكون فيها اللمس ناقضا للوضوء
An إن المنصوص عليه عند الشافعية أن لمس غير المحرم بدون حائل بين جلد اللامس والملموس ينقض الوضوء، أما إذا وجد الحائل ولو رقيقا فلا ينقض الوضوء باللمس، فإذا استطاع السائل أن يلبس قفازا وهو يباشر عمله فى الكشف والمصافحة كان هذا القفاز ( الحائل ) مانعا من نقض الوضوء باللمس، أما إذا كان القفاز يمنعه من عمله أو يؤثر عليه فعلى السائل أن يقلد المذهب الحنفى فى الوضوء وذلك بأن يمسح ربع الرأس وبهذا التقليد لا ينتقض وضوؤه باللمس لأن لمس المرأة لا ينقض الوضوء عن الحنفية .
والله أعلم(1/35)
الطهارة والغسل من الجنابة
F أحمد هريدى .
10 أغسطس 1966 م
M 1 - عند إرادة التطهر من الجنابة يجب تعميم الجسد كله بالماء .
2 - يجب تخليل الشعر إذا كان خفيفا حتى يصل الماء إلى ما تحته من الجلد فإن كان غزيرا فالمالكية يوجبون التخليل والتحريك حتى يصل الماء إلى ظاهر الجلد، ويجب دخول الماء إلى باطن الشعر عند الأئمة الثلاثة ولا يجب عندهم وصول الماء إلى الجلد .
3 - إذا كان شعر المرأة مضفرا فلا يجب نقضه عند الحنفية، وإنما الواجب هو وصول الماء إلى جذور الشعر، ويجب عليها إزالة الطيب ولو كانت عروسا عند الاغتسال .
4 - يرى المالكية أن جمع الشعر المضفور وتحريكه ليعمه الماء واجب ولا يمنع منه ما أنفقته المرأة من مال فى سبيل تصفيف شعرها
Q من السيد / أ م ع بطلبه المتضمن أن المرأة المتحضرة الآن تحتفظ بشعرها بالصورة التى أعدها الحلاق .
ومن هذه الصور ما يستمر شهورا وقد تمتد إلى سنة دون أن يمسه الماء لما تتكلفه هذه العملية من المال .
وقد تتكرر عملية الاتصال الجنسى كثيرا لاسيما فى أول عهدها بالزواج .
وطلب السائل بيان ما إذا كان من الجائز شرعا أن تتم الطهارة من الجنابة مع احتفاظ المرأة بشعرها على الصورة السابق إيضاحها مع أن الماء قد لا يصل إلى بشرة الرأس
An اتفق الأئمة الأربعة على وجوب تعميم الجسد كله بالماء عند التطهير من الجنابة، كما اتفقوا على وجوب تخليل الشعر إذا كان خفيفا حتى يصل الماء إلى ما تحته من الجلد .
أما إذا كان الشعر غزيرا فإن المالكية قالوا يجب أيضا تخليل الشعر وتحريكه حتى يصل الماء إلى ظاهر الجلد .
وقال الأئمة الثلاثة إن الواجب هو أن يدخل الماء إلى باطن الشعر فيجب غسل ظاهره ويحرك كى يصل الماء إلى باطنه .
أما الوصول إلى البشرة الجلد فإنه لا يجب، أما الشعر المضفور بالنسبة للمرأة فالحنفية قالوا إنه لا يجب نقضه .
وإنما الواجب أن يصل الماء إلى جذور الشعر .
بل قالوا يجب عليها إزالة الطيب ولو كانت عروسا .
ووافقهم فى ذلك الشافعية والحنابلة، وقال المالكية يجب على المرأة عند الغسل جمع الشعر المضفور وتحريكه ليعمه الماء .
وطبقا لما ذكر فإنه يجب على المرأة عند الغسل من الجنابة إيصال الماء إلى باطن الشعر إن كان كثيفا وتخليله ليصل الماء إلى البشرة إن كان خفيفا، كما يجب إزالة ما على الشعر من الطيب مما يمنع من وصول الماء إلى باطنه ولو عروسا ، ولا يمنع من هذا الوجوب أن تكون المرأة قد صففت شعرها على أى وجه كان وانفقت فى ذلك مالا قليلا أو كثيرا(1/36)
المسح على الجوربين عند الوضوء
F أحمد هريدى .
29 يناير 2969 م
M 1 - يجوز المسح على الجوربين شرعا لأى شخص كان - سليما أو مريضا - بشرط أن يكون ثخينين لا يشفان الماء .
2 - الفرض فى المسح يكون بثلاثة أصابع من أصابع اليد خطوطا بالأصابع من قبل الأصابع إلى الساق ويكون المسح على ظاهرهما
Q من السيد / م م أ بطلبه المتضمن أن السائل عندما يحين فصل الشتاء يحصل فى أصابع رجليه انتفاخ ، وبين الأصابع وبعضها عبارة عن حاجة بيضاء وتؤلمه وخصوصا عندما ينام بالليل ولا ينقطع هذا الألم إلا بعد أن يظل يدلك رجليه ويحك كل واحدة بالأخرى لمدة ساعة أو ساعتين قبل النوم كل ليلة، وقد عرض حالته هذه على طبيب فكتب له على دواء استعمله فلم يفده شيئا، فعاد للطبيب مرة أخرى فنصحه الطبيب فى هذه المرة بأن يمنع غسل رجليه فى الوضوء فلما منع عن رجليه غسلهما بالماء عند الوضوء ارتاح وزال عنه الألم .
فالسائل الآن يمشى على الطريقة الآتية وهى أنه يتوضأ وضوءا كاملا ويغسل رجليه بالماء ويصلى الفجر ثم يدهن ما بين أصابعه بالدواء ويلبس الجورب ثم يتوضأ لصلاة الظهر ولبقية الأوقات ولا يغسل رجليه بالماء فى الوضوء وإنما يمسح فوق الجورب من فوق الرجل من الأمام وهكذا، ويظل يستعمل هذه الطريقة طوال فصل الشتاء، أما فى فصل الصيف فإنه يتوضأ لكل الأوقات وضوءا كاملا ويغسل رجليه فى كل وضوء بالماء .
وهو يسأل ما هو حكم الشرع الحنيف فى هذه المسألة، وهل ما يفعله صواب يقره الدين أم هو خطأ يجب أن يعدل عنه
An المقرر شرعا فى فقه الحنفية أنه لا يجوز المسح على الجوربين عند أبى حنيفة إلا أن يكونا مجلدين أو منعلين، وقال الصاحبان ( محمد وأبو يوسف ) يجوز المسح عليهما إذا كان ثخينين لا يشفان ( ولما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ) ولأنه يمكن المشى فيهما إذا كانا ثخينين وهو أن يستمسك على الساق من غير أن يربط بشىء فأشبه الخف وله أنه ليس فى معنى الخف لأنه لا يمكن مواظبة المشى فيه إلا إذا كان منعلا وهو محمل الحديث وعن أبى حنيفة أنه رجع إلى قول الصاحبين وعليه الفتوى .
هذا هو حكم الشرع فى المسح على الجوربين فى الحالة العادية للشخص الذى لا عذر له فى المسح على الجوربين وهو أنه يجوز المسح على الجوربين شرعا ويقوم مقام الغسل بالماء لأى شخص سليما كان أو مريضا بشرط أن يكون الجوربان ثخينين لا يشفان الماء، وهذا على القول المفتى به فى مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان .
وفى حادثة السؤال يقرر السائل أن برجليه مرضا وأن غسلهما بالماء يزيد من مرضهما ويؤلمه جدا فى فصل الشتاء، فيكون الدافع إلى المسح على الجوربين أقوى .
وبناء على ما تقدم يجوز للسائل شرعا أن يمسح على الجوربين بشرط أن يكون الجوربان ثخينين لا يشفان الماء ويكون المفروض عليه فى المسح عليهما ثلاثة أصابع من أصابع اليد ( كالمسح على الخفين ) ويكون المسح عليهما خطوطا بالأصابع يبدأ من قبل الأصابع إلى الساق ويكون المسح على ظاهرهما .
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/37)
لا أثر لاستعمال الكولونيا على الوضوء
F محمد خاطر .
ذو القعدة 1391 هجرية - 13 يناير 1972 م
M 1 - المقرر شرعا أن الأصل فى الأعيان الطهارة، ولا يلزم من كون الشىء محرما أن يكون نجسا .
2 - النجاسة يلازمها التحريم دائما .
فكل نجس محرم ولا عكس . 3 - الكولونيا طاهرة واستعمالها جائز شرعا ، ولا تأثير فى استعمالها على نقض الوضوء خاصة وأنها معدة للتنظيف والتطيب
Q طلبت الهيئة العامة للاستعلامات - المراقبة العامة للاعلام الخارجى بكتابها المتضمن أن سماحة الأستاذ مفتى مدينة دينزلى بتركيا تفضل بالسؤال عن مدى جواز استعمال الكولونيا وهل ينقض استعمالها الوضوء باعتبار أنها مادة مسكرة
An نفيد بأن المقرر شرعا هو أن الأصل فى الأعيان الطهارة، ولا يلزم من كون الشىء محرما أن يكون نجسا ، لأن التنجيس حكم شرعى لابد له من دليل مستقل .
فإن المخدرات والسموم القاتلة محرمة وطاهرة لأنه دليل على نجاستها .
ومن ثم ذهب بعض الفقهاء ومنهم ربيعة والليث بن سعد والمزنى صاحب الشافعى وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين إلى أن الخمر وإن كانت محرمة إلا أنها طاهرة، وأن المحرم إنما هو شربها خلافا لجمهور الفقهاء الذين يقولون إنها محرمة ونجسة .
هذا والنجاسة يلازمها التحريم دائما ، فكل نجس محرم ولا عكس .
وذلك لأن الحكم فى النجاسة هو المنع عن ملابستها على كل حال، فالحكم بنجاسة العين حكم بتحريمها، بخلاف الحكم بالتحريم، فإنه يحرم لبس الحرير والذهب وهما طاهران ضرورة شرعية وإجماعا .
وبالنظر إلى الكولونيا فى ضوء القواعد الفقهية العامة نجد أنها تتكون من عدة عناصر أهمها الماء والمادة العطرية والكحول وهو يمثل أعلى نسبة فى تركيبها يستخلص من مولاس القصب بواسطة التقطير .
وطبقا للنصوص الفقهية التى أشرنا إليها من أن الأصل فى الأعيان الطهارة وأن التحريم لا يلازم النجاسة تكون الكولونيا طاهرة وبخاصة وأنها معدة للتنظيف والتطيب، ومن ثم يكون استعمالها جائزا شرعا ولا تأثير لاستعمالها على نقض الوضوء كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/38)
تصفيف شعر المرأة عند المصفف
F محمد خاطر .
30 أكتوبر 1977 م
M 1 - لابد للمرأة أن تمسح شعرها بالماء فى الوضوء وإلا كان وضوؤها غير صحيح شرعا .
أما فى الطهارة من الجنابة أو الحيض أو النفاس فلا بد من صول الماء إلى أصول الشعر وفروة الرأس .
2 - لا يليق بامرأة مسلمة أن تذهب إلى المصفف ليصفف لها شعرها فإن فعلت فقد اقترفت إثما كبيرا
Q من السيد / أ م م بطلبه المتضمن أن السائل له زوجة موظفة وشعرها من النوع الأجعد ولذلك فهى ترعى هذا الشعر بواسطة تصفيفه عند مصفف الشعر مرة كل خمسة عشر يوما ، ويطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى الكيفية التى تتطهر بها زوجته هذه لأداء الصلاة لأن الماء يفسد شعرها ولذلك فهى لا تغسل شعرها إلا عند تصفيفه أى كل أسبوعين
An المقرر فى فقه الحنفية أنه لابد من مسح الشعر بالماء فى الوضوء، أما فى الطهارة من الجنابة أو من الحيض أو من النفاس فلا بد أن يصل الماء إلى أصول الشعر وفروة الرأس ولا يلزمها نقض الضفيرة إذا كان الشعر مضفورا ، وفى الحادثة موضوع السؤال نقول للسائل أولا إنه لا يجوز شرعا للرجل أن يبيح لزوجته أن تذهب إلى مصفف الشعر أصلا لأن شعر المرأة عورة لا يجوز كشفه ولا نظر الأجنبى إليه - فضلا عن أن يمسه ويصففه مصفف الشعر، ولا يليق بامرأة مسلمة أن تكشف شعرها ولا أن تذهب إلى المصفف ليصففه لها فإن فعلت هذا فقد اقترفت إثما كبيرا - وهذا إذا كان مصفف الشعر رجلا .
ولابد لزوجة السائل أن تمسح شعرها بالماء فى الوضوء وإلا كان الوضوء غير صحيح شرعا .
أما فى الطهارة من الحيض والنفاس ومن الجنابة فلا بد من وصول الماء إلى أصول الشعر وفروة الرأس مهما ترتب على ذلك - وبغير هذا لا تتم الطهارة - ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/39)
عبادة الحائض والنفساء
F جاد الحق على جاد الحق .
محرم 1402 هجرية - 1 نوفمبر 1981 م
M 1- الحيض والنفاس من الأعذار الشرعية التى لا يصح معها الصوم ولا الصلاة .
2- الإفطار واجب على الحائض والنفساء وقت نزول الدم ، ولا ثواب لها إذا صامت معهما وتسقط عنها الصلاة وتقضى الصيام .
3- لا بأس بذكر اللّه من تهليل وتحميد وتكبير وتسبيح مع هذه الأعذار ويحرم مس المصحف
Q بالطلب المقدم من السيد / أمين عام مساعد الشئون الإسلامية الذى يطلب فيه بيان الحكم الشرعى للسؤال الوارد من ش ا ع الذى تقول فيه - تجىء أيام على الفتاة المسلمة فى شهر رمضان الكريم لا تستطيع الصيام أو الصلاة وتنقطع عنهما فى هذا الشهر .
فهل يجب عليها الإفطار فى تلك الأيام من أول النهار وهل يجوز لها إذا لم تصل وتصوم فى تلك الأيام أن تذكر الله مثل التهليل والتحميد والتكبير والتسبيح ومتى يجب عليها أداء تلك الأيام التى أفطرتها
An يقول الله تعالى فى كتابه الكريم { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } البقرة 184 ، ويستفاد من هذه الآية أن من كان به عذر كالمريض والمسافر ولم يستطع الصيام يفطر ويقضى بدل الأيام التى أفطر فيها بعد زوال هذا العذر على تفصيل بينته السنة الشريفة .
والحيض والنفاس من الأعذار الشرعية التى لايصح معها الصوم ولا الصلاة .
وقد روى عن معاذة قالت - سألت عائشة فقلت - ما بال الحائض تقضى الصوم ولا تقضى الصلاة قالت - كان يصيبنا ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة .
رواه الجماعة .
( نيل الأوطار للشوكانى ج 1 ص 280 ). فإذا نزلت بالمرأة المسلمة الحيض أو النفاس وهى تصوم رمضان أو غيره وجب عليها الإفطار من وقت نزول الدم، ولا ثواب لها إذا صامت مع الحيض أو النفاس .
أما الصلاة فإذا كان عذرها الحيض أو النفاس فقد سقطت عنها فى مدة كل منهما، ولا تقضى للحديث السابق تخفيفا عليها لتكرار الحيض كل شهر، والنفاس يتكرر أيضا بتكرر الحمل والولادة .
وفقط يجب قضاء الصيام كما مر . ولا بأس بذكر الله من تهليل وتحميد وتكبير وتسبيح مع هذه الأعذار، بل يباح لها فعل ذلك فى أى وقت من ليل أو نهار ويحرم مس المصحف .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/40)
عبادة المستحاضة
F جاد الحق على جاد الحق .
صفر 1401 هجربة - 9 يناير 1980 م
M 1- الدم النازل من المرأة بعد طهرها من حيضها على جارى عادتها هو دم استحاضة .
2- اتفق فقهاء المذاهب على أن حكم المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة وتصلى بهذا الوضوء الفرض الذى توضأت له فى وقته وما شاءت من النوافل .
3- ينتقض وضوء المستحاضة بخروج الوقت الذى توضأت للصلاة فيه .
وهذا بخلاف نواقض الوضوء الأخرى
Q بالطلب المقدم من السيد / ع .
س وقد جاء به أن زوجتى عادتها الشهرية عشرة أيام، وبعد انقضاء هذه المدة طهرت وعادت للصلاة، ثم بعد ثلاثة أيام من الطهر عاد الدم ثانية بنفس عادة الدورة الشهرية فهل هذا حيضا ، لا تصلى فيه ولا تمس المصحف ولا تصوم، أو أن هذا شىء آخر
An إن النساء أقسام أربعة - طاهر، وحائض، ومستحاضة، وذات الدم الفاسد .
فالطاهر ذات النقاء من الدم، والحائض من ترى دم الحيض فى زمنه وبشروطه .
والمستحاضة من ترى الدم بعد الحيض على صفة لا يكون حيضا .
وذات الفساد من الدم من يبتديها دم لا يكون حيضا ، كمن نزل منها الدم قبل بلوغ سن التاسعة من العمر ، والتميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة إنما هو يجارى عادة المرأة فى زمن رؤيتها الدم ومدته، ثم بعلامات مميزة فى ذات الدم .
وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم دم الحيض فى حديث فاطمة بنت حبيش الذى روته عائشة رضى الله عنها حيث قال لها ( دم الحيض أسود وأن له رائحة فإذا كان ذلك فدعى الصلاة، وإذا كان الآخر فاغتسلى وصلى ) وروى الدار قطنى والبيهقى والطبرانى من حديث أبى أمامة مرفوعا ( دم الحيض أسود خاثر تعلوه حمرة، ودم الاستحاضة أصفر رقيق ) وفى رواية ( دم الحيض لا يكون إلا أسود غليظا تعلوه حمرة ودم الستحاضة دم رقيق تعلوه صفرة ) ( المجموع للنواوى الشافعى والتخليص الخبير فى تخريج أحاديث الرافعى الكبير للحافظ ابن حجر العسقلانى على فتح العزيز شرح الوجيز ج 2 فى باب الحيض ) وروى النسائى وأبو داود عن عائشة ( إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فأمسكى عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضىء فإنما هو عرق ) وقال ابن عباس ( أما من رأت الدم البحرانى فإنها تدع الصلاة ) وقال ( والله لن ترى الدم الذى هو الدم بعد أيام حيضها إلا كغسالة ماء اللحم ) ( المغنى لابن قدامة فى كتاب الحيض ) .
وقد فسر الإمام النووى لون دم الحيض بأنه الأسود وهو ما اشتدت حمرته فصار يميل إلى السواد، والقانىء فى آخره همزة، هو الذى اشتدت حمرته .
وأنه ليس المراد بالأسود فى الحديث الأسود الحالك بل المراد ما تعلوه حمرة مجسدة كأنها سواد بسبب تراكم الحمرة لما كان ذلك كان ما ينزل من زوجة السائل بعد طهرها من حيضها على جارى عادتها استحاضة وليس حيضا ، لأنه لا يتوالى حيضا بل لابد أن يفصل بينهما طهر تام، وأقله خمسة عشر يوما فى فقه الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى .
وثلاثة عشر يوما فى فقه الإمام أحمد بن حنبل .
وقد اتفق فقهاء المذاهب على أن حكم المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة وتصلى بهذا الوضوء الفرض الذى توضأت له فى وقته وما شاءت من النوافل وأجاز لها بعض ذ1ت الوقت مس المصحف وحمله وسجود التلاوة والشكر .
وعليها الصلاة والصوم وغيرها من العبادات المفروضة على الطاهر .
ونقل ابن جرير الإجماع على أن لها قراءة القرآن . وروى إبراهيم النخعى أنها لا تمس المصحف وهو أيضا فقه مذهب الإمام أبى حنيفة ، وفيه أيضا أنها لا تمس ما فيه آية تامة من القرآن .
هذا وينتقض وضوء المستحاضة بخروج الوقت الذى توضأت لصلاته، فإذا توضأت لصلاة الظهر فى وقته فلا تصلى بها الوضوء العصر .
بل عليها أن تتوضأ من جديد متى حان وقت العصر وهذا غير نواقض الوضوء التى ينتقض فيها بطروئها .
وأميل إلى الأخذ بقول القائلين بأنها متى توضأت لوقت الصلاة جاز لها فعل كل عبادة جائرة للمتوضىء من قراءة القرآن ومس المصحف وحمله وصلاة النافلة وسجدة التلاوة وسجدة الشكر .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/41)
حكم سلس البول
F جاد الحق على جاد الحق .
جمادى الأولى 1401 هجرية - 31 مارس 1981 م
M 1- سلس البول من الأعذار التى تبيح لصاحبها الصلاة معه .
2- أوجب الفقهاء على صاحب مثل هذا العذر بعد التبول والاستنجاء عصب مخرج البول بما يمنع نزوله بقدر المستطاع .
مع خلاف بينهم فى حد السلس الذى يصير به معذورا .
3- حكم المعذور فى فقه المذهب الحنفى .
أن يتوضأ لوقت كل صلاة . 4- لا يضره ما يصيب ثوبه أو جسده من تقاطر البول إن لم يكن حبسه برباط أو غيره
Q بالطلب المقدم من السيد / ع م أ - السودانى الجنسية المقيم بمدينة بون بألمانيا الاتحادية - المتضمن أن السائل مسلم متدين يصوم شهر رمضان ولكنه لا يصلى، لأنه يعتقد أن صلاته لا تصح لأن حالته المرضية تجعله غير أهل للصلاة، لأن الصلاة يشترط لصحتها طهارة الجسم والثوب وهذا غير متحقق .
ذلك لأنه عندما يتبول ويغسل مكان التبول جيدا تنزل منه قطرات من البول على جسمه وملابسه إذ لا يستطيع التحكم فى منع هذه القطرات من النزول مهما عمل .
وبالرغم من أنه حاول علاج نفسه من هذه الحالة عند أطباء المسالك البولية دون جدوى أو فائدة .
وهو يريد أن يصلى ولكنه يتحرج من الصلاة لهذه الحالة المرضية .
وطلب السائل بيان حكم الشرع فى حالته وكيف تصح صلاته
An إن من شروط صحة الصلاة فى الإسلام طهارة الثوب والجسد من النجاسات نجد هذا واضحا وصريحا فى قول الله سبحانه { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد اللّه ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون } المائدة 6 ، نجد هذا كذلك فى قوله { وثيابك فطهر } المدثر 4 ، ولقد أبانت السنة الشريفة أهمية وضرورة التطهر من البول والتنزه عنه فى الثوب والجسد وحث على هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أنس ( نيل الأوطار ج1 - ص 93 ) ( تنزهوا من البول ) وفيما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ( نيل الأوطار ج و1 - ص 93 ) من أن النبى صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال ( إنهما يعذبان وما يعذبان فى كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشى بالنميمة ) وفى رواية لمسلم وأبى داود ( يستنزه ) .
وإعمالا لهذه النصوص وغيرها من القرآن والسنة اتفق فقهاء المسلمين على أن الوضوء ينتقض بالخارج من القبل أو الدبر مطلقا فى حال الصحة فإن كان هذا الخارج حال المرض كسلس البول ، بمعنى استرساله واستمرار نزوله وعدم استمساكه كان صاحب هذه الحال معذورا فى عرف الفقهاء وقد أوجبوا على صاحب مثل هذا العذر بعد التبول والاستنجاء عصب مخرج البول بما يمنع نزوله بقدر المستطاع، واختلفوا فى حد السلس الذى يصير به صاحبه معذورا .
ففى الفقه المالكى أن يلازم عليه أوقات الصلاة أو نصفها وأن يكون غير منضبط وألا يقدر على رفعه بالتداوى مثلا وفى الفقه الحنفى أن من به سلس بول ولا يمكنه إمساكه يقال له معذور ويثبت عذره ابتداء إذا استمر نزول البول وقتا كاملا لصلاة مفروضة وفى فقه الإمام أحمد أنه يصير معذورا إذا دام نزول البول دون انقطاع وقتا يتسع للطهارة والصلاة .
وحكم المعذور فى فقه المذهب الحنفى وهو ما نميل للفتوى به فى هذا الموضع - أن يتوضأ صاحب هذا العذر لوقت كل صلاة، ويصلى بوضوئه هذا ما شاء من الفرائض والنوافل، ومتى خرج الوقت الذى توضأ لفرضه انتقض وضوؤه، وعلى ذلك فلا يصلى فرض العصر فى وقته بوضوء فرض الظهر فى وقته .
لما كان ذلك فإذا كانت حالة السائل تجعله معذورا بمعنى أن البول يتقاطر منه بعد الاستنجاء على جسده وملابسه ويعجز ( وهذا ما يظهر من واقعات السؤال ) وجب عليه أن يحاول قدر الاستطاعة الإقلال من نزول البول بعد الاستنجاء بربط مخرج البول وحشوه، ثم يتوضأ لوقت كل صلاة ويصلى بوضوئه ما شاء من الفرائض والنوافل فى ذات الوقت فإذا خرج الوقت بحلول وقت صلاة فريضة أخرى انتقض وضوؤه ووجب عليه الوضوء للوقت الجديد .
ولا يضره ما يصيب ثوبه أو جسده من تقاطر البول إن لم يمكن حبسه برباط أو غيره ولا يجب غسله، ما دام مريضا أو معذورا بتقاطر البول أو استمراره إذ الإسلام يسر لا عسر فيه .
قال الله تعالى { وما جعل عليكم فى الدين من حرج } الحج 78 ، فاستقم على طاعة الله وتوضأ وصل الفرائض والنوافل واستعن بالله ولاتعجز .
فقد قال سبحانه تعليما بعد الأخذ بالأسباب { وإذا مرضت فهو يشفين } الشعراء 80 ، والله سبحانه وتعالى أعلم(1/42)
جواز التيمم مع وجود الماء اذا خيف الضرر
F محمد بخيت .
رجب 1333 هجرية
Mيجوز التيمم عند خوف الضرر من استعمال الماء
Q شخص بيديه ورجليه حرارة مزمنة تمكث ستة شهور فى السنة فى أيام الصيف وأن الماء يضرها ثلثى ضرر فإذا وصل إليها الماء حصل فيها قشف وخشونة وتصلب فى الجلد وإذا لم يصل إليها الماء طرى الجلد ودبل .
فهل يسوغ لهذا الشخص التيمم أو لابد من الماء
An فى الفتاوى الهندية ولو كان يجد الماء إلا أنه مريض يخاف إن استعمل الماء اشتد مرضه أو أبطأ برؤه يتيمم لا فرق بين أن يشتد بالتحرك كالمشتكى من العرق المدنى أو المبطون أو بالاستعمال كالجدرى ونحوه ويعرف ذلك الخوف إما بغلبة الظن عن أمارة أو تجربة أو إخبار طبيب حاذق مسلم غير ظاهر الفسق وإن كان به جدرى أو جراحات يعتبر الأكثر محدثا كان أو جنبا، ففى الجنابة يعتبر أكثر البدن، وفى الحدث يعتبر أكثر أعضاء الوضوء فإن كان الأكثر صحيحا والأقل جريحا يغسل الصحيح ويمسح على الجريح إن أمكنه وإن لم يمكنه المسح يمسح على الجبائر أو فوق الخرقة ولا يجمع بين الغسل والتيمم وإن كان نصف البدن صحيحا والنصف جريحا اختلف المشايخ فيه والأصح أنه يتيمم ولا يستعمل الماء .
وفى الفتاوى المهدية أن مثل الجراحة كل داء يضره الغسل كما تفيده عباراتهم إذ المدار على الضرر - انتهى - .
وعلى هذا ففى حادثة السؤال إن كان السائل يخاف الضرر من غسل يديه ورجليه كما ذكر فى السؤال جاز له التيمم(1/43)
صلاة المأموم بطابق يخالف طابق الامام جائزة
F حسنين محمد مخلوف .
شوال 1372 هجرية - 8 يوليه 1953 م
M1 - صلاة المأموم بالطابق السفلى مقتديا بإمام فى الطابق العلوى جائزة متى كان المأموم عالما بانتقالات الإمام
Q من الأستاذ م ع ق القاضى بالمحاكم الوطنية والمنتدب بمجلس الوزراء قال ما قولكم فى مسجد مكون من طابقين يؤم الإمام فيه المصلين بالطابق العلوى ويصلى باقى المصلين بالطابق السفلى سماعا من مكبرات الصوت فهل صلاة المصلين بالطابق السفلى صحيحة وهل وجود الإمام بالطابق العلوى من باب ارتفاع الإمام عن المأموم - وبالجملة هل هناك شرعا ما يمنع وجود الإمام مع بعض المأمومين بالطابق العلوى دون السفلى الذى به باقى المصلين
An إن الصحيح من مذهب الحنفية على ما ذكره العلامة الشرنبلالى أنه يصح اقتداء المأموم وبينه وبين الإمام حائط كبير لا يمكن الوصول منه إليه متى كان المأموم على علم بانتقالات الإمام بسماع أو رؤية .
فالعبرة بعدم الاشتباه، قال وهو اختيار شمس الأئمة لما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم وكان يصلى فى حجرة عائشة رضى الله عنها والناس فى المسجد يصلون بصلاته .
وعلى هذا صح الاقتداء فى المساكن المتصلة بالمسجد الحرام وأبوابها من خارجه إذا لم يشتبه حال الإمام عليهم لسماع أو رؤية ولم يتخلل إلا الجدار - وذكر شمس الأئمة الحلوانى أن من صلى على سطح بيته المتصل بالمسجد أو فى منزله بجنب المسجد وبينه وبين المسجد حائط مقتديا بإمام فى المسجد وهو يسمع التكبير من الإمام أو المكبر تجوز صلاته لأنه إذا كان متصلا لا يكون أشد حالا من منزل بينه وبين المسجد حائط ولو صلى رجل فى مثل هذا المنزل وهو يسمع التكبير من الإمام أو المكبر يجوز فكذلك القيام على السطح - قال ابن عابدين وعلى هذا عمل الناس بمكة فإن الإمام يقف فى مقام إبراهيم وبعض الناس وراء الكعبة من الجانب الآخر وبينهم وبين الإمام الكعبة ولم يمنعهم أحد عن ذلك .
وحديث صلاته صلى الله عليه وسلم فى حجرة عائشة والناس يصلون فى المسجد بصلاته مع العلم بأنهم ما كانوا متمكنين من الوصول إليه فى الحجرة يؤيد أن شرط صحة الاقتداء هو عدم اشتباه حال الإمام على المأموم، وفى هذا رخصة عظيمة وتيسير على الناس لاسيما فى حال ضيق المكان وذهب المالكية كما فى الشرح الصغير إلى جواز الجمعة فى الطريق المتصلة بالمسجد من غير فصل بنحو بيوت أو حوانيت بدون كراهة عند ضيق المسجد واتصال الصفوف، فإذا اتصل أحد الصفوف بالصف خارجه صحت صلاتهم وصلاة من وراءهم خارج المسجد مع وجود حائط المسجد - وذهب الشافعية كما فى المجموع إلى جواز الاقتداء إذا كان بين الإمام والمأموم جدار المسجد والباب النافذ بينهما مفتوح فوقف المأموم فى قبالته، فلو لم يكن فى الجدار باب أو كان ولم يكن مفتوحا أو كان مفتوحا ولم يقف فى قبالته بل عدل عنه فوجهان - قيل لا يصح الاقتداء لعدم الاتصال، وقيل يصح ولو يكون الحائط حائلا سواء قدام المأموم أو عن جنبه - ملخصا - وذهب الحنابلة كما فى المغنى إلى أنه لو كان بين الإمام والمأموم حائل يمنع مقربة الإمام أو من وراءه ففيه روايتان إحداهما لا يصح الاقتداء به والأخرى يصح، وقد سئل الإمام أحمد فى رجل يصلى خارج المسجد يوم الجمعة وأبواب المسجد مغلقة فقال أرجو أن لا يكون به بأس، وسئل عن رجل يصلى الجمعة وبينه وبين الإمام سترة فأجاب بالصحة إذا لم يقدر على غير ذلك، بل قال ابن قدامة إذا كان بينهما طريق أو نهر تجرى فيه السفن ففيه روايتان .
ورجح القول بالصحة .
وقال إنه مذهب مالك والشافعية - انتهى - ملخصا وعلى هذا تصح صلاة المأموم الذى بالطابق السفلى مقتديا بإمام فى الطابق العلوى متى كان المأموم يعلم انتقالات الإمام غير أن انفراد الإمام فى طابق والمأمومون فى طابق آخر مكروه عند الحنفية فلو كان معه بعض المأمومين لم يكره .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/44)
صلاة العيد فى غير المسجد
F حسن مأمون .
ذو القعدة 1374 هجرية - 23 يونيه 1955 م
M 1 - صلاة العيد فى الصحراء سنة عند الحنفية على الصحيح ولو وسعهم المسجد ويكره فعلها فى المسجد لغير عذر إلا بمكة حيث الأفضل صلاتها فيه، وهى سنة عند الحنابلة ولكن بشرط القرب من المبانى عرفا فإن بعدت الصحراء عنها لا تصح فيها الصلاة، ويكره عندهم صلاتها فى المسجد بلا عذر سوى مكة فإنها تصلى فى المسجد الحرام .
2 - مذهب الشافعية أن صلاتها فى المسجد أفضل لشرفه إلا لعذر كضيقه فتكره فيه للزحام، وحينئذ يسن الخروج إلى الصحراء
Q من ع ع م قال هل تأدية صلاة العيد فى المسجد أفضل أم فى الخلاء
An إن الخروج إلى الصحراء لصلاة العيد سنة فى مذهب الحنفية وإن وسعهم المسجد الجامع هو الصحيح، فقد نقل ابن عابدين عن الخانية والخلاصة - السنة أن يخرج الإمام إلى الجبانة ويستخلف غيره ليصلى فى المصر بالضعفاء بناء على أن صلاة العيدين فى موضعين جائزة بالاتفاق وإن لم يستخلف فله ذلك - أما المالكية فيقولون يندب فعلها بالصحراء ولا يسن ويكره فعلها فى المسجد من غير عذر إلا بمكة فالأفضل فعلها بالمسجد الحرام لشرف البقعة ومشاهدة البيت أما الحنابلة فيقولون يسن صلاة العيد بالصحراء بشرط أن تكون قريبة من البنيان عرفا ، فإن بعدت عن البنيان عرفا فلا تصح صلاة العيد فيها رأسا .
ويكره صلاتها فى المسجد بدون عذر إلا لمن بمكة فإنهم يصلونها فى المسجد الحرام .
ومذهب الشافعية أن صلاتها فى المسجد أفضل لشرفه إلا لعذر كضيقه فيكره فيه للزحام، وحينئذ يسن الخروج للصحراء وبهذا يعلم الجواب عن السؤال وأن صلاة العيد فى المسجد أفضل عند الشافعية وفى الخلاء أفضل فى المذاهب الثلاثة على التفصيل السابق والله أعلم(1/45)
قراءة المأموم خلف الامام وحكم الفوائت
F حسن مأمون .
ذى القعدة 1374 هجرية - 3 يونية 1955 م
M 1 - لا تجب قراءة المأموم خلف الإمام جهرا كانت قراءة الإمام أم سرا عند الحنفية .
ويرى الإمام الشافعى وجوب قراءة الفاتحة على المأموم مطلقا غير أنه فى حالة الجهر يكون مأمورا بالإنصات ويبقى الوجوب فيما عدا ذلك .
2 - قراءة المأموم خلف الإمام مكروة تحريما عند الحنفية جهرية كانت الصلاة أو سرية، ويرى المالكية أنها مندوبة مطلقا ، وهى مستحبة عند الحنابلة فى السرية وعند سكتات الإمام فى الجهرية وتكره عندهم وقت القراءة الجهرية للامام .
3 - من ترك الصلاة المفروضة مدة طويلة وهو مكلف بها يجب عليه قضاؤها، ولا تسقط عنه مهما طال أمدها، ويقضيها على الفور وإن كثرت ما لم يلحقه ضرر من ذلك حيث يجوز له عند ذلك قضاء ما وسعه منها عقب كل صلاة مكتوبة حتى تبرأ ذمته منها
Q من م أ أ ما حكم قراءة الفاتحة للمأموم فى السر والجهر، وما حكم تركها له، وما الحكم فى رجل كان تاركا للصلاة وبدأ يصلى فى سن الأربعين أو الخمسين، وهل لابد من تأدية الفوائت أو التسهيل
An إنه لا يجب على المأموم قراءة الفاتحة ولا غيرها فيما جهر به الإمام وفيما أسر به، أى أنه إذا لم يقرأ خلف الإمام فصلاته تامة، لأنه كان له إمام وقراءة الإمام له قراءة .
وقال الإمام الشافعى وداود يجب قراءة الفاتحة على المأموم مطلقا لقوله عليه الصلاة والسلام لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب غير أنه قال فى حالة الجهر إنه مأمور بالإنصات لقوله تعالى { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } الأعراف 204 ، ويبقى الوجوب فيما عدا هذه الحالة على العموم - وذهب الحنفية إلى أن قراءة المأموم خلف إمامه مكروهة تحريما فى السرية والجهرية - وذهب المالكية إلى أن القراءة خلف الإمام مندوبة فى السرية مكروهة فى الجهرية إلا إذا قصد مراعاة الخلاف فتندب القراءة .
وقال الحنابلة إن القراءة خلف الإمام مستحبة فى الصلاة السرية وفى سكتات الإمام فى الصلاة الجهرية وتكره حال قراءة الإمام فى الصلاة الجهرية .
والذى ترجح لدينا ما ذهب إليه الحنفية من أن قراءة المأموم غير واجبة وأنها مكروهة تحريما فى الصلاة السرية والجهرية لقوله عليه الصلاة والسلام ( من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ) هذا هو جواب السؤال الأول .
وأما الجواب عن السؤال الثانى فإن الظاهر منه أن من ترك الصلاة إلى سن الأربعين أو الخمسين من المسلمين المخاطبين بجميع الفروع - والحكم فى مثله أى فيمن ترك الصلاة المكتوبة وهو مخاطب بأدائها من وقت البلوغ أن تركه إياها مهما طال وقته لا يسقطها عنه، ويجب عليه قضاؤها على الفور وإن كثرت ما لم يلحقه مشقة من قضاءها على الفور لكثرتها فى بدنه، بأن يصيبه ضعف أو مرض أو خوف مرض أو نصب أو إعياء، أو بأن يصيبه ضرر فى ماله بفوات شىء منه أو ضرر فيه أو انقطاع عن قيامه بأعمال معيشتة، ففى هذه الحالة لا يجب عليه القضاء على الفور ، بل له أن يقضى منها عقب كل صلاة مكتوبة ما وسعه إلى أن يتيقن من قضائها جميعها، وبذلك تبرأ ذمته وبدون ذلك لا تبرأ ذمته، وقالوا إنه يقتصر فى القضاء على الفرائض فقط ولا يتنفل ولا يصلى سنتها معها فإن تيقن من قضاء جميع الفوائت اكتفى بأداء الصلوات المكتوبة وسننها ونوافلها ما وسعه .
والله يتولى السرائر .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/46)
صلاة عارى الرأس وأدب سماع القرآن الكريم
F حسن مأمون .
ذو الحجة 1374 هجرية - 15 أغسطس 1955 م
M 1 - صلاة الرجل عارى الرأس صحيحة فى جميع المذاهب إماما كان المصلى أو مأموما أو منفردا ، غير أن الأفضل غطاء الرأس فى الصلاة .
2 - يكره عند الحنفية للرجل أن يصلى حاسرا رأسه تكاسلا، ولا كراهة عندهم إذا كان ترك ذلك لعدم القدرة أو للأعذار، ولا بأس بترك ذلك عندهم تذللا وخشوعا للّه سبحانه وتعالى .
3 - استماع القرآن أبلغ من سماعه .
4 - الشوشرة على القارىء والإعراض عن سماع القرآن بالاشتغال ببعض الأحاديث وشرب الدخان أثناء تلاوته كل ذلك مكروه كراهة شديدة لمخالفته للأمر بالاستماع والإنصات .
5 - استماع القرآن والإنصات إليه واجب فى الصلاة والخطبة وليس واجبا فى غيرهما، وقد حكى ابن المنذر الإجماع على ذلك لأن فى إيجاب الاستماع فى غيرهما حرج عظيم لإفضائه ترك المشتغل بالعلم علمه وبالحكم حكمه وبالبيع بيعه .
6 - من يكون فى مجلس القرآن ولا شاغل له عنه يجب عليه الاستماع والإنصات ولا يباح له الإعراض عن ذلك .
7 - رفع الصوت فوق صوت النبى صلى الله عليه وسلم منهى عنه، ورفع صوت من حضر مجلس القرآن فوق صوت القارىء أولى بالنهى
Q من السيد أ أ ح يقول ما حكم الإمام الذى يصلى عارى الرأس بالناس، وحكم صلاة المأموم الذى يصلى خلفه عارى الرأس، وحكم صلاة المنفرد عارى الرأس، وهل صلاتهم صحيحة أو مكروهة أو باطلة أو محرمة .
وحكم من يشوشر على قراءة القرآن ومن يعرض عن سماعه ويشرب السجاير ويلغو بالكلام وقت القراءة وما جزاء كل
An 1 - بأن صلاة الرجل إماما كان أو مأموما أو منفردا عارى الرأس صحيحة فى جميع المذاهب، لأن شرط صحة الصلاة ستر العورة، ورأس الرجل ليست عورة باتفاق حتى يشترط لصحة الصلاة سترها، ولكن الأفضل تغطية الرأس فى الصلاة .
وعلماء الحنفية يذهبون إلى أنه تكره صلاة الرجل حاسرا رأسه للتكاسل بأن يستثقل تغطيته ولا يراه أمرا هاما فى الصلاة فيتركه لذلك، ويقولون بجواز ترك تغطية الرأس مع عدم الكراهة إذا كان الترك لعدم القدرة أو لعذر من الأعذار، وليس الترك للتخفيف والحرارة من الأعذار عندهم، وقالوا إنه لا بأس بترك تغطية الرأس فى الصلاة للتذلل والخشوع .
2 - قال الله تعالى { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا } الأنفال 2 ، وقال الله تعالى { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } الأعراف 204 ، والاستماع للقرآن إذا قرىء أبلغ من سماعه، لأنه إنما يكون بقصد ونية وتوجيه الحاسة إلى الكلام لفهمه وإدراك مقاصده ومعانيه .
أما السمع فهو ما يحصل ولو بدون قصد، والإنصات السكوت لأجل الاستماع حتى لا يشغله الكلام عن الإحاطة بكل ما يقرأ .
فأمر الله تعالى المسلمين بالاستماع للقرآن وبالإنصات يفهم منه الإجابة عما يفعله بعض الناس أثناء تلاوة القرآن فى المآتم من الشوشرة على القارىء والإعراض عن سماع القرآن بلغو الحديث وشرب السجاير فإن ذلك كله مكروه كراهة شديدة، لمخالفته للأمر بالاستماع والإنصات الذى هو الوسيلة لتدبر معانى القرآن، وهو أيضا لا يتفق مع جلال القرآن وعظم شأنه .
وقد حكى ابن المنذر الإجماع على عدم وجوب الاستماع والإنصات فى غير الصلاة والخطبة، لأن إيجابهما على كل من يسمع احدا يقرأ فيه حرج عظيم، لأنه يقتضى أن يترك المشتغل بالعلم علمه والمشتغل بالحكم حكمه والمتبايعان مساومتهما وتعاقدهما وكل ذى عمل عمله، ولكن من يكون فى مجلس يقرأ فيه القرآن ولا يوجد شاغل من عمله يشغله عنه لا يباح له أن يعرض عن الاستماع والإنصات وخاصة إذا رفع صوته بالكلام على صوت القارىء عمدا لأن الله أدب المؤمنين مع رسوله بقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون } الحجرات 2 ، فرفع أصوات المؤمنين على صوت التالى للقرآن أولى بالنهى، والأدب مع الله فوق الأدب مع كلام الرسول، والواجب على كل مسلم أن يتأدب بآداب القرآن وأن يحرص على استماعه والإنصات إليه .
ولعل من أعجب العجب أن تشاهد هؤلاء الذين يلغون بالقول أو يشربون السجائر والقارىء يقرأ كلام الله لا يفعلون ذلك تأدبا إذا كانوا فى مجلس يخطب فيهم واحد منهم وأولى بهؤلاء القوم أن ينصرفوا عن مجلس القرآن ويدعوا غيرهم يستمع وينصت أو أن يلتزموا أدب سماع القرآن لينفعوا أنفسهم ولا يحولوا بين غيرهم والإفادة من سماع كلام الله .
وبهذا علم الجواب عن السؤال والله أعلم(1/47)
صلاة التراويح
F حسن مأمون .
8 سبتمبر 1955 م
M 1 - صلاة التراويح سنة وعدد ركعاتها عشرون ركعة سوى الوتر .
2 - يستحب فيها الجلوس بين كل أربع ركعات بقدرها وكذا بين الترويحة الخامسة والوتر .
3 - أهل كل بلد مخيرون وقت جلوسهم بين قراءة القرآن والتسبيح والتهليل والتكبير، أو ينتظرون سكوتا ، أو يصلون أربعا فرادى ، ولا يلزم أثناء الجلوس شىء معين
Q من السيد / أ أ م ما عدد ركعات التراويح ، وهل قراءة القرآن أفضل بين كل أربع ركعات فى فترة الاستراحة أو مديح الخلفاء أفضل
An فى الصحيحين عن عائشة رضى الله تعالى عنها ( ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد فى رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة منها الوتر ) .
وما روى عن ابن عباس من أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلى فى رمضان عشرين ركعة سوى الوتر فضعيف .
أما ثبوت العشرين ركعة فكان بإجماع الصحابة فى عهد عمر رضى الله تعالى عنه، وكون الرسول لم يثبت عنه أنه صلى العشرين لا يعتبر دليلا على عدم سنية العشرين لأنه صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نتبع ما يحدث فى عهد الخلفاء الراشدين .
حيث قال صلوات الله وسلامه عليه ( عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ ) وقال أيضا ( ستحدث بعدى أشياء فأحبها إلّى أن تلزموا ما أحدث عمر ) وروى أسد بن عمر عن أبى يوسف قال سألت أبا حنيفة عن التراويح وما فعله عمر فقال التراويح سنة مؤكدة ولم يستحدثه عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعا ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومادام الرسول صلوات الله عليه قد أمرنا باتباع ما يحدث فى عهد الخلفاء الراشدين وخاصة سيدنا عمر فتكون صلاة العشرين ركعة هى سنة التراويح، فكأن الرسول هو الآمر بها حتى إن الأصوليين ذكروا أن السنة ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم أو واحد من الصحابة على أن الإجماع من الأدلة الشرعية التى يلزم الأخذ بها .
والخلاصة أن التراويح وعددها عشرون ركعة سنة حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن قال بأنها سنة عمر مردود بما ذكر .
ففى الفتاوى الهندية عن الجوهرة هى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقيل هى سنة سيدنا عمر رضى الله عنه والأول أصح .
وهذا هو الذى يستفاد من كلام جمهرة فقهاء الحنفية .
ولعل أحسن توفيق فى هذه المقام هو ما ذكره الكمال بن الهمام من فقهاء الحنفية فى الفتح حيث قال ما ملخصه إن قيام رمضان سنة إحدى عشرة ركعة بالوتر فى جماعة فعله صلى الله عليه وسلم ثم تركه لعذر، إلى أن قال ولا يستلزم كون ما يفعله الصحابة سنة بل هو ندب إلى سنتهم إذ سنته بمواظبته بنفسه فتكون العشرون مستحبا وذلك القدر منها ثمان ركعات هو السنة كالأربع بعد العشاء مستحبة، وركعتان منها هى السنة، وظاهر كلام المشايخ أن السنة عشرون ومقتضى الدليل ما قلناه .
ويجب أن يفهم أن صلاة التراويح ليست بفرض .
والدين يسر ولا يكف الله نفسا إلا وسعها، وسماحة الشريعة تقتضى من المسلمين ألا يصل بهم الاختلاف فى مثل هذه الأمور من الدين إلى التداعى والتنابذ والتشدد إلى درجة العقيدة والإيمان ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فمن استطاع صلاتها عشرين ركعة مغضيا الطرف عن هذا التعصب فقد أتى بالكمال وعمل عملا يثاب عليه وله أجر وافر، ومن لم يستطع صلاة العشرين صلى ما فى استطاعته ويكون بذلك مأجورا أيضا غير أنه لم يرق إلى درجة الكمال ولا يكون بذلك تاركا فرضا من الفرائض .
ويستحب الجلوس بين صلاة كل أربع ركعات بقدرها، وكذا بين الترويحة الخامسة والوتر، وهذا هو المتوارث عن السلف كما صلى أبى بن كعب بالصحابة وروى عن أبى حنيفة - واسم التراويح ينبىء عن هذا - إذ المستحب فقط هو الانتظار ولم يؤثر عن السلف شىء معين يلزم ذكره فى حالة الانتظار وأهل كل بلد مخيرون وقت جلوسهم هذا بين قراءة القرآن والتسبيح وصلاة أربع ركعات فرادى والتهليل والتكبير أو ينتظرون سكوتا ولا يلزمهم شىء معين .
والله الموفق والهادى إلى سواء السبيل(1/48)
الصلاة فى المسجد وغيره صحيحة فيما عدا الجمعة
F حسن مأمون .
جمادى الثانية 1375 هجرية - 6 فبراير 1956 م
M 1 - الصلاة فى كل مكان صحيحة فيما عدا الجمعة فلا تكون إلا فى مسجد والأفضل الصلاة فيه .
2 - تصح الصلاة فى أول الوقت وبعده ولا إثم فى التأخير مادامت قد أديت فى وقتها لأن الخطاب بالفرض فيها خطاب موسع .
3 - معرفة المصلى تفسير ما يقرؤه من القرآن ليس شرطا فى صحة الصلاة
Q من السيد / ح ع ر قال ما بيان الحكم الشرعى فى الآتى : 1 - فلاح يسقى زرعه من مناوبة المياه وقد يبقى ساعة أو بضع ساعات فى انتظار دوره، فإذا جاء دوره وعمل فى سقى زرعه وأذن فى هذه الحالة مؤذن لصلاة العصر، فهل يترك العمل ويذهب للصلاة فى المسجد فورا كما يقول لهم فقيه القرية مع ما فى ذلك من الضرر البليغ الذى يلحق به من جراء ترك سقى الزرع الذى يعتمد عليه فى رزقه ورزق عياله، أم يؤخر الصلاة لحين الانتهاء من سقى الأرض، وهل يجب على كل مصل أن يعرف تفسير الفاتحة والآيات التى يقرؤها فى صلاته مع فهم معنى باقى ما فيها من تسبيح وتكبير وإن لم يعرف ذلك تكون صلاته باطلة
An بأنه يفهم من السؤال وجوب المبادرة بالذهاب إلى المسجد لأداء الصلاة المكتوبة عند سماع الأذان وترك العمل الذى يباشره ونرى أن الصلاة تصح فى كل مكان فى المسجد وغيره كما تصح فى أول الوقت وبعده ولا إثم فى تأخيرها عن أول الوقت مادام المصلى قد أداها فى وقتها وذلك لأن .
لكل صلاة من الصلوات الخمس المفروضة وقتا له بداية ونهاية فإذا جاء أول الوقت خوطب المكلف بالفرض الذى دخل وقته خطابا موسعا فله أن يؤدى الصلاة فى أول الوقت كما أن له أن يؤديها فى آخر الوقت قبل خروجه ولا يكون آثما بعدم المبادرة إلى المسجد عند سماع الأذان وإنما يأثم إذا أخر الصلاة حتى خرج وقتها .
وواضح أن العمل بسقى الأرض لا يمنع المكلف من الصلاة فى الحقل إذا يستطيع أن يصلى فى مكان وجوده ولا تستغرق الصلاة منه وقتا طويلا، ولا يشترط لصحة الصلاة أن تكون الصلاة فى المسجد إلا فى صلاة الجمعة، فإذا صلى المصلى فى أى مكان فصلاته صحيحة ولا إثم عليه .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( جعلت لى الأرض مسجدا وطهورا أينما أدركتنى الصلاة تيممت وصليت ) وهذا لا يمنع من أن الصلاة فى المسجد أفضل من الصلاة فى غيره، كما لا يشترط لصحة الصلاة أن يعرف المصلى تفسير ما يقرؤه من آيات الكتاب ويفهم معنى ما فيها من تسبيح وتكبير، وإن كان فهم ما يتلوه فى صلاته مما يزيده خشوعا وأجرا .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/49)
الشك فى الوضوء والصلاة بعد تمامهما
F حسن مأمون .
رجب 1375 هجرية - 23 فبراير 1956 م
Mالشك فى الطهارة أو الصلاة بعد إتمامهما غير معتبر شرعا إلا إذا تيقن الشخص بوجود حدث أثناء الوضوء أو بعده أو تيقن بترك بعض أركان الصلاة أو بارتكاب شىء يبطلها
Q من الآنسة ف م ع ( عن طريق الإذاعة المصرية ) إن السائلة المذكورة يلازمها الشك كثيرا منذ ثلاث سنوات فى وضوئها أثناء الوضوء وبعده فى الصلاة وخارجها مما يترتب عليه إعادة الوضوء عدة مرات كما أنها تشك أيضا فى صلاتها من ناحية نقصها أو زيادتها وذلك بعد تمامها .
وطلبت معرفة الحكم الشرعى فيما يجب عليها أن تفعله إزاء هذا الشك حتى تكون صلاتها صحيحة
An إن المفهوم من السؤال أن الشك يحدث للسائلة فى الطهارة بعد إتمام الوضوء وفى الصلاة بعد إتمامها أيضا .
فهى إذن يطرأ عليها الشك بعد تيقنها من الطهارة وبعد تيقنها من إتمام الصلاة - كما يفهم من السؤال أيضا أن هذا الشك أصبح عادة لها - وحكم الوضوء شرعا فى هذه الحالة أنه صحيح وتعتبر متطهرة فيجب عليها عدم الالتفات إلى هذا الشك، لأن الشك لا يرفع اليقين شرعا ، وكذلك حكم الشك فى الصلاة مادام يحدث لها بعد تمامها إذا الشك فى هذه الحالة غير معتبر كما ذكر .
وهذا كله إذا لم تتيقن من وجود الحدث أو لم تتيقن من ترك بعض أركان الصلاة أو ارتكاب ما يبطلها .
وإننا ننصح السائلة بأن تتوضأ مرة واحدة وتصلى ولا تلتفت لهذا الشك مطلقا مهما كان أثره فى نفسها ولا تعيد الوضوء ولا الصلاة وبذلك تكون أدت الواجب عليها وأبرأت ذمتها أمام الله لأن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها - ولا نزاع فى أنها إذا اتبعت هذا تغلبت على هذا الشك فى وقت قريب جدا وشفيت منه تماما ومن هذا يعلم الجواب عنة السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/50)
عورة المرأة وما يراه الخاطب من مخطوبته
F حسن مأمون .
شعبان 1376 هجرية - 9 مارس 1957 م
M 1 - رأس المرأة وذراعاها وساقاها من العورة التى يجب سترها فى الصلاة عند الأئمة الثلاثة أبى حنيفة والشافعى وأحمد .
وتبطل الصلاة بكشف أحدها .
2 - عند المالكية أحد هذه الأعضاء من العورة المخففة التى تصح الصلاة مع كشفه مع الكراهة، واستحباب إعادة الصلاة فى الوقت مستورة .
3 - ستر العورة على الخلاف السابق أمر مشروط لصحة الصلاة نفسها - أما النظر إلى العورة المخففة عند المالكية فهو حرام بإجماع آراء الفقهاء .
4 - أباح الفقهاء للخاطب أن يرى مخطوبته وأن تراه هى بحضور أحد محارمها وأن يكرر هذه الرؤية إذا لم تكف المرة الواحدة بالشرط المذكور .
5 - النظر المباح إلى الوجه والكفين عند الأئمة الثلاثة .
وعند الإمام أحمد لا يباح النظر إلا إلى ما يظهر غالبا كوجه ورقبة ويد وقدم .
6 - يرى ابن حزم أن للخاطب أن ينظر من مخطوبته الحرة متغفلا لها وغير متغفل إلى ما بطن منها وما ظهر .
وقد خطأه فى ذلك الإمام النووى وقال إنه منابذ لأصول السنة والإجماع .
7 - اختلاط الخاطب بمخطوبته وخروجه معها منفردين بحجة التعرف غير مباح
Q من الدكتور / س م م إنه يريد بيان الحكم الشرعى بيانا واضحا فيما يأتى أولا : هل يجوز للمرأة المسلمة أن تؤدى الصلاة وهى حاسرة رأسها أو عارية ذراعيها أو بنصف كم أى وهى على حالتها التى ترتاد بها المجتمعات فى هذه الأيام أو لا .
ثانيا : هل يجوز للعريس أن يختلط بعروسه ويتمتع بها ويقبلها ويعانقها قبل عقد الزواج ليتأكد من صلاحيتها له وليأمن العيوب الخفية أو لا وما هو رأى ابن حزم من ذلك
An عن السؤال الأول إن من شروط الصلاة ستر العورة، فلا تصح الصلاة مع كشف العورة التى أمر الشارع بسترها فى الصلاة .
وحد عورة المرأة الحرة هو جميع بدنها حتى شعرها النازل على أذنيها، واستثنى من ذلك الحنفية الوجه والكفين والقدمين - كما استثنى من ذلك الشافعية الوجه والكفين ظاهرهما وباطنهما .
واستثنى الحنابلة من البدن الوجه فقط وقالوا إن ما عداه عورة - وقال المالكية إن العورة بالنسبة للمرأة فى الصلاة تنقسم إلى قسمين : مغلظة ومخففة فالمغلظة للحرة جميع بدنها ما عدا الأطراف والصدر وما حاذاه من الظهر .
والمخففة لها هى الصدر وما حاذاه من الظهر والذراعان والعنق والرأس ومن الركبة إلى آخر القدم - أما الوجه والكفان ظهرا وبطنا فهما ليستا من العورة مطلقا ، فمن صلت مكشوفة العورة المغلظة كلها أو بعضها ولو قليلا مع القدرة على الستر بطلت صلاتها إن كانت قادرة ذاكرة وأعادتها وجوبا أبدا فى الوقت وبعده - أما إذا صلت مكشوفة العورة المخففة فإن صلاتها لا تبطل وإن كان كشفها مكروها فى الصلاة ويحرم النظر إليها، ولكن يستحب لمن صلت مكشوفة العورة المخففة أن تعيد الصلاة فى الوقت مستورة .
ومن هذا يتضح أن رأس المرأة وذراعيها وساقيها من العورة التى يجب سترها فى الصلاة عند الأئمة الثلاثة أبى حنيفة والشافعى وأحمد وتبطل الصلاة بكشف أحدها لفقد شرط من شروط الصلاة - أما عند المالكية فإن أحد هذه الأعضاء من العورة المخففة التى تصح الصلاة مع كشفه مع الكراهة واستحباب إعادة الصلاة فى الوقت مستورة، وحينئذ يجب أن يكون مفهوما أن ستر العورة على هذا الاختلاف المذكور أمر مشروط لصحة الصلاة نفسها، أما النظر إلى العورة المخففة عند المالكية فهو حرام باجماع آراء الفقهاء كما هو ظاهر .
عن السؤال الثانى : إن الفقهاء أباحوا للخاطب أن يرى مخطوبته وأن تراه مخطوبته بحضور أحد محارمها كأبيها أو أخيها أو عمها أو خالها وأن يكرر هذه الرؤية إذا لم تكف المرة الواحدة بالشرط المذكور .
والأصل فى ذلك هو ما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبى صلى الله عليه وسلم ( انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ) رواه الخمسة إلا أبا داود وعن أبى هريرة قال خطب رجل امرأة فقال النبى صلى الله عليه وسلم ( انظر إليها فإن فى أعين الأنصار شيئا ) رواه أحمد والنسائى وعن جابر قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول ( إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ) رواه أحمد وأبو داود - وعن موسى بن عبد الله عن أبى حميد أو حميدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم ) رواه أحمد وعن محمد بن سلمة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إذا ألقى الله عز وجل فى قلب امرىء خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها ) رواه أحمد وابن ماجه .
وهذه الأحاديث كلها رواها الإمام الشوكانى وقد قال بعد ما بين صحة سندها وذكر أحاديث أخرى فى هذا الباب وأحاديث الباب فيها دليل على أنه لا بأس بنظر الرجل إلى المرأة التى يريد أن يتزوج بها، والأمر المذكور فى حديث أبى هريرة وحديث المغيرة وحديث جابر للإباحة بقرينة قوله فى حديث أبى حميد ( فلا جناح عليه ) وفى حديث محمد بن سلمة ( فلا بأس ) وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء، وحكى القاضى عياض كراهته وهو خطأ مخالف للأدلة المذكورة ولأقوال أهل العلم ثم قال وقد وقع فى الموضع الذى يجوز النظر إليه من المخطوبة خلاف فذهب الأكثر إلى أنه يجوز إلى الوجه والكفين فقط ، وقال داود يجوز النظر إلى جميع البدن، وقال الأوزاعى ينظر إلى مواضع اللحم وظاهر الأحاديث أنه يجوز النظر إليها سواء أكان ذلك بإذنها أم لا .
وروى عن مالك اعتبار الإذن - انتهى - . وقال الإمام النووى الشافعى المذهب فى شرحه لصحيح مسلم فى هذا الباب عند شرحه لحديث أبى هريرة ولفظه قال كنت عند النبى صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظرت إليها قال لا .
قال فاذهب فانظر إليها فإن فى أعين الأنصار شيئا وفيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبى حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء وحكى القاضى عياض كراهته عن قوم وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث ومخالف لإجماع الأمة على جواز النظر للحاجة عند البيع والشراء والشهادة ونحوها، ثم إنه يباح النظر إلى وجهها وكفيها فقط لأنهما ليسا بعورة، ولأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده وبالكفين على خصوبة البدن أو عدمها هذا مذهبنا ومذهب الأكثرين وقال الأوزاعى ينظر إلى مواضع اللحم، وقال داود ينظر إلى جميع بدنها .
وهذا خطأ ظاهر منابذ لأصول السنة والإجماع، ثم مذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجمهور أنه لا يشترط فى جواز هذا النظر رضاها بل له ذلك فى غفلتها ومن غير تقدم إعلام لكن قال مالك أكره نظره فى غفلتها مخافة وقوع نظره على عورة وعن مالك رواية ضعيفة أنه لا ينظر إليها إلا باذنها وهذا ضعيف لأن النبى صلى الله عليه وسلم قد أذن فى ذلك مطلقا إلى أن قال ولهذا قال أصحابنا يستحب أن ينظر إليها قبل الخطبة حتى إن كرهها تركها من غير إيذاء بخلاف ما إذا تركها بعد الخطبة .
والله أعلم . قال أصحابنا وإذا لم يمكن النظر استحب له أن يبعث امرأة يثق بها تنظر إليها وتخبره ويكون ذلك قبل الخطبة لما ذكرنا هذه هى آراء الفقهاء فى هذا الباب ولم أر فيما قرأته من كتب الفقه فى المذاهب المختلفة ولا فى كتب السنة من أباح اختلاط الخاطب بمخطوبته وخروجه معها منفردين كما يفعل بعض الشبان الآن بحجة أنهم يريدون التعرف إلى ما يخطبونها من الفتيات .
أما ابن حزم فقد اطلعت فى كتابه المحلى بالصحيفة 30، 31 من الجزء العاشر فوجدت فيه الآتى ( ومن أراد أن يتزوج امرأة حرة أو أمة فله أن ينظر منها متغفلا لها وغير متغفل إلى ما بطن منها وظهر .
ولا يجوز ذلك فى أمة يريد شراءها ولا يجوز أن ينظر منها إلا إلى الوجه والكفين فقط لكن يأمر امرأة تنظر إلى جميع جسمها وتخبره وبرهان ذلك قول الله عز وجل { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } النور 30 ، فافترض الله عز وجل غض البصر جملة كما افترض حفظ الفرج فهو عموم لا يجوز أن يخص منه إلا ما خصه نص صريح وقد خص النص نظر من أراد الزواج فقط .
فعن جابر بن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا خطب أحدكم فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ) قال جابر فخطبت امرأة من بنى سلمة فكنت أختبىء تحت الكرب حتى رأيت منها بعض ما دعانى إليها .
ثم قال وقد رويناه أيضا من طرق صحاح من طريق أبى هريرة والمغيرة بن شعبة فكان هذا عموما مخرجا لهذه الحال من جملة ما حرم من غض البصر .
ثم تكلم ابن حزم بعد هذا عما يباح النظر إليه بالنسبة للجارية عند ابتياعها ولا شأن لنا بهذا الموضوع، ويظهر من هذا أن ابن حزم أباح نظر الرجل إلى من يريد خطبتها، واعتبر الأحاديث الواردة فى هذا الصدد مخصصة للعموم الوارد فى الآية وهو الأمر بغض البصر ، أما النظر إلى المخطوبة فلم يتعرض له بأكثر من قوله إن له أن ينظر منها متغفلا لها وغير متغفل إلى ما بطن منها وظهر، ولعله تابع فى ذلك ما نقله الإمامان النووى والشوكانى منسوبا إلى داود من أنه يجوز عنده النظر إلى جميع البدن وقد خطأه فى هذا الرأى الإمام النووى وهو حجة حيث قال إنه خطأ ظاهر منابذ لأصول السنة والإجماع .
ولا يباح النظر إلا إلى الوجه والكفين عند الأئمة الثلاثة، وعند الإمام .
أحمد لا يباح النظر إلا إلى ما يظهر غالبا كوجه ورقبة ويد وقدم ، والإمام مالك الذى أجاز الصلاة مع الكراهة إذا لم تستر العورة الخفيفة لم يبح للخاطب النظر إلى ما عدا الوجه والكفين، ولم يرد عن ابن حزم فيما يتصل بهذا الموضوع اتصالا وثيقا سوى ما قررناه أما حديث جابر الذى رواه ابن حزم فيجب حمله على ما يوافق باقى الأحاديث الصحيحة التى ذكرناها المروية عن أبى هريرة والمغيرة بن شعبة وموسى بن عبد الله .
ومن هذا يتبين بوضوح أن إباحة معانقة المخطوبة وتقبيلها قبل العقد لم يتعرض له ابن حزم وهو مخالف لما أجمع عليه المسلمون من تحريمه، ولم يقل به أحد من فقهاء المذاهب المعتبرة ولا من رجال الحديث .
ومنه يعلم الجواب عن السؤال بشقيه .
والله أعلم .
ے(1/51)
جاحد الصلاة وتاركها
F حسن مأمون .
شعبان 1376 هجرية - 14 مارس 1957 م
M 1 - جاحد الصلاة كافر بلا خلاف بين المسلمين .
2 - تارك الصلاة عمدا مجانة وتكاسلا مع اعتقاده بوجوبها .
يرى الحنفية عدم كفره وقتله بل يعزر ويحبس حتى يصلى
Q من السيد / ى ع ع ما بيان الحكم الشرعى فى حكم جاحد الصلاة، وفى حكم تاركها تهاونا وتكاسلا، وما هو الواجب فى أمر المسلمين بها حتى يقيموها
An إن المنصوص عليه فقها كما جاء فى الدر المختار وفى رد المحتار وفى الشوكانى - أن يؤمر بها أولاد المسلمين وهم أبناء سبع سنين، ويضربون عليها وهم أبناء عشر بيد لا بخشبة ونحوها .
لحديث ( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم فى المضاجع ) .
أما جاحدها فهو كافر لأن الصلاة ركن من أركان الدين وثبتت فرضيتها بدليل قطعى ولا خلاف بين المسلمين فى ذلك - أما تاركها عمدا مجانة وتكاسلا مع اعتقاده بوجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف فى حكمه - فذهبت العترة والجماهير من السلف والخلف منهم الإمامان مالك والشافعى إلى أنه لا يكفر بل يفسق، فان تاب فقد نجا وإلا قتل حدا كالزانى المحصن وقالوا إنه يقتل بالسيف على الراجح وقال جماعة من السلف إنه يكفر وهذا الرأى مروى عن على بن أبى طالب كرم الله وجهه وهو إحدى الروايتين فى الإمام أحمد بن حنبل وهو وجه وجيه لبعض أصحاب الشافعى وذهب الإمام أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزنى صاحب الشافعى إلى أنه لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلى ، وقيل يضرب حتى يصلى، وقيل يضرب حتى يسيل منه الدم .
وقد احتج كل فريق بما يؤيد قوله الذى ذهب إليه، فمنهم من احتج بالآيات القرآنية ومنهم من احتج بالأحاديث النبوية الصحيحة .
ونحن نرى الأخذ برأى الإمام أبى حنيفة القائل بعدم كفر تارك الصلاة مجانة وتكاسلا مع اعتقاده بوجوبها ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلى لأنه القول الأرأف والألين - رجحته فى نظرنا أدق وأقوى وأما اقتراح أن تتولى الحكومة إجبار الناس على الصلاة كما جاء بالمذكرة فمتروك لولى الأمر .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال . والله أعلم(1/52)
صلاة الظهر بعد الجمعة
F حسن مأمون .
جمادى الأولى 1377 ، هجرية 26 نوفمبر 1957 م
M 1 - تعدد الأماكن والمساجد التى تصح فيها الجمعة لا يؤثر فى صحتها ولو سبق بعضها الآخر فى الصلاة عند الحنفية بشرط ألا يحصل عند المصلى يقين بأن غيره قد سبقه فى صلاة الجمعة وإلا وجب عليه أن يصلى أربع ركعات بنية آخر ظهر بتسليمة واحدة، أما إن شك فى ذلك فإنه يندب له صلاة أربع ركعات بنية آخر ظهر .
والأفضل أن يكون ذلك كله فى بيته حتى لا يتوهم البعض أنه فرض .
2 - تعدد الأمكنة لحاجة أو ضرورة كضيق المسجد الواحد عن أهل البلدة يجيز الصلاة فى جميعها، ولكن يندب للمصلى أن يصلى الظهر بعد الجمعة وذلك عند الشافعية، وإلا فإن الجمعة تكون عندهم لمن سبق بالصلاة بشرط أن يثبت يقينا سبق السابق بتكبيرة الإحرام .
3 - إذا ثبت أنهم جميعا صلوا فى جميع المساجد فى وقت واحد بأن كبروا تكبيرة الإحرام فى وقت واحد أو وقع الشك فى ذلك فإن الصلاة تبطل فى جميع المساجد عند الشافعية، ويجب على الجميع الاجتماع فى مكان واحد ويعيدونها جمعة إن أمكن ذلك وإلا صليت ظهرا .
4 - تصح الجمعة فى المسجد العتيق فقط عند المالكية أما الجديد فتصح فيه إذا هجر العتيق كلية وانتقل الناس إلى الجديد، أو إذا حكم حاكم بصحتها فى الجديد أو أن يكون العتيق ضيقا ولا يمكن توسعته فيحتاج الناس إلى الجديد أو أن تكون هناك عداوة بين طائفتين بالبلدة الواحدة ويخشى من اجتماعهما فى مسجد واحد حدوث ضرر لإحداهما من الأخرى - وذهب يحيى بن عمر من المالكية إلى جواز تعدد الجمعة إذا كان البلد كبيرا وجرى العمل به .
5 - تجوز الجمعة فى أماكن عدة للحاجة سواء كانت صلاة الجمعة بإذن ولى الأمر أم بدون إذنه ولكن الأولى أن يصلى الظهر بعدها عند الحنابلة ، فإن لم تكن حاجة لذلك فإن الجمعة لا تصح إلا فى المكان المأذون بالصلاة فيه من ولى الأمر .
6 - إذن الإمام بصلاة الجمعة فى عدة مساجد لغير حاجة أو عدم إذنه أصلا تكون الجمعة لمن سبق بتكبيرة الإحرام ، وإن ثبت أنهم كبروا جميعا فى وقت واحد بطلت الصلاة إن تيقنوا ذلك وأعادوها جمعة إن أمكن وإلا صلوها ظهرا وهذا عند الحنابلة أيضا .
7 - عدم العلم بالسابق منهم بتكبيرة الإحرام يقتضى أن تكون الصلاة صحيحة فى مسجد غير معين ، فلا تعاد جمعة بعدها ولكن على الجميع أن يصلوها ظهرا ، غير أن صاحب الاقناع ذكر أن الجمعة تصح عند الحنابلة فى مواضع من غير نكير فكان إجماعا .
8 - عدم إقامة الرسول صلى اللّه عليه وسلم ولا أحد من الصحابة فى أكثر من موضع كان لعدم الحاجة إلى ذلك
Q من م ص أ المقيم بدير الزور بسوريا بطلبه المتضمن طلب بيان حكم صلاة الظهر بعد الجمعة فى مصر تعددت فيه المساجد فوق الحاجة وتقام صلاة الجمعة فى جميع المساجد المتعددة ولم تعلم تكبيرة الإحرام السابقة من تلك الجمع ، وهل تغنى صلاة الجمعة عن صلاة الظهر
An إن المقصود من صلاة الجمعة هو اجتماع المسلمين فى مكان واحد خاشعين متذللين لرب العالمين شاعرين بالعبودية له وحده متأثرة نفوسهم بعظمة الخالق الذى اجتمعوا لعبادته متجهين جميعا فى خضوع إلى وجهه الكريم فلا سلطان ولا عظمة ولا كبريا ولا جاه إلا للّه وحده، وبهذا تصفو النفوس وتزول الفوارق وتحصل المساواة أمام اللّه ويتعرف كل واحد من المجتمعين على أحوال أخيه ويحس باحساسه فتتوثق بينهم روابط الألفة والمودة والرحمة والإخاء والتعاون والرفق والمحبة والتضحية وتقوى أواصر الصلة وتندثر فى نفوسهم عوامل البغض والحقد والحسد والضغينة والكراهية والأنانية وحب الذات هذه هى بعض أغراض الشريعة الإسلامية من اجتماع المسلمين فى صعيد واحد فى صلاة الجمعة وفى سائر العبادات التى أوجبت فيها مثل هذا الاجتماع ، وكلما كان الاجتماع أكثر كان أثره فى هذه المقاصد أجل وأعظم ، فاذا تعددت الاجتماعات بتعدد المساجد لغير ضرورة لا يشعر المجتمعون بفائدة الاجتماع كشعورهم فى الأول ولا تتأثر نفوسهم بهذه المعانى كتأثرها عند كثرة المجتمعين، فلهذه الحكم والأغراض اختلفت آراء المذاهب الأربعة فى صحة الجمعة وعدم صحتها عند تعدد الأماكن أو المساجد التى تصح فيها الجمعة فى البلدة الواحدة، وفيما هو واجب على المسلمين إذا لم تصح الجمعة، وها هو ذا بيان آراء المذاهب فى هذا الموضوع .
مذهب الحنفية : الرأى الصحيح والراجح عندهم أن تعدد المساجد والأماكن التى تصح فيها الجمعة لا يؤثر فى صحة الجمعة ولو سبق بعضها الآخر وذلك بشرط أن لا يحصل عند المصلى اليقين بأن غيره من المصلين فى المساجد أو الأماكن الأخرى قد سبقه فى صلاة الجمعة، فإذا حصل له هذا اليقين وجب عليه أن يصلى أربع ركعات بنية آخر ظهر بتسليمه واحدة، ويلاحظ أن الواجب عنه الحنفية أقل من الفرض ولا مانع من اعتباره سنة مؤكدة، ويقرأ فى كل ركعة من الفاتحة سورة أو ثلاث آيات قصار لاحتمال كون هذه الصلاة نقلا إذا هذه القراءة واجبة فى جميع ركعات النقل، والأولى أن يصلى هذه الركعات بعد أن يصلى أربع ركعات سنة الجمعة، والأفضل كذلك أن يصليها فى بيته حتى لا يعتقد العامة أنها فرض - وهذا كله حكم ما إذا تيقن أن غيره من المصلين فى المساجد الأخرى سبقه فى صلاة الجمعة - أما إذا حصل له شك فى ذلك ولم يتيقن فإنه يندب له أن يصلى أربع ركعات بنية آخر ظهر على الوجه المتقدم وعلى ذلك تكون صلاته فى كلتا الحالتين المذكورين على الوجه الآتى فبعد أن يصلى الجمعة يصلى بعدها أربع ركعات سنة الجمعة بغير فاصل ثم يصلى أربع ركعات بنية آخر ظهر يقرأ سورة أو ثلاث آيات قصار فى جميع ركعاتها، والأفضل أن تكون فى بيته ثم يصلى ركعتين سنة الظهر .
يراجع الدر المختار وحاشيته رد المحتار للعلامة ابن عابدين باب الجمعة .
مذهب الشافعية : قال الشافعية إذا تعددت الأمكنة التى تصلح فيها الجمعة لا يخلو - إما أن يكون تعدد هذه الأماكن لحاجة أو ضرورة كأن يضيق المسجد الواحد عن أهل البلدة، وإما أن يكون تعدد هذه الأماكن لغير حاجة أو ضرورة - ففى الحالة الأولى وهى ما إذا كان التعدد للحاجة أو الضرورة فإن الجمعة تصلى فى جميعها ويندب أن يصلى الناس الظهر بعد الجمعة - أما فى الحالة الثانية وهى ما إذا كان التعدد لغير حاجة أو ضرورة فإن الجمعة لمن سبق بالصلاة بشرط أن يثبت يقينا أن الجماعة التى صلت فى هذا المكان سبقت غيرها بتكبيرة الإحرام، أما إذا لم يثبت ذلك بأن يثبت بأنهم صلوا فى جميع المساجد فى وقت واحد بأن كبروا تكبيرة الإحرام معا فى لحظة واحدة أو وقع الشك فى أنهم كبروا معا أو فى سبق أحدهم بالتكبير فإن الصلاة تبطل فى جميع المساجد، ويجب عليهم أن يجتمعوا جميعا فى مكان واحد ويعيدوها جمعة إن أمكن ذلك، وإن لم يمكن صلوها ظهرا .
تراجع حاشية العلامة البجيرمى على شرح المنهج .
مذهب المالكية : ذهب المالكية إلى أن الجمعة إنما تصح فى المسجد العتيق وهو ما أقيمت فيه الجمعة أولا ولو تأخر أداؤها فيه عن أدائها فى غيره ولو كان بناؤه متأخرا، وتصح فى الجديد فى الأحوال الآتية ( 1 ) أن يهجر العتيق كلية وينقلها الناس إلى الجديد ( 2 ) أن يحكم حاكم بصحتها فى الجديد ( 3 ) أن يكون القديم ضيقا ولا يمكن توسعته فيحتاج الناس إلى الجديد ( 4 ) أن تكون هناك عداوة بين طائفتين بالبلد الواحد ويخشى من اجتماعهما فى مسجد واحد حدوث ضرر لإحداهما من الأخرى فانه يجوز لأيهما اتخاذ مسجد فى ناحية يصلون فيه الجمعة ما دامت العداوة قائمة - وذهب يحيى بن عمر إلى جواز تعداد الجمعة إذا كان البلد كبيرا ، قال العلامة الدسوقى فى حاشيته على الشرح الكبير جزء أول بعد أن ذكر ما سبق وقد جرى العمل به .
مذهب الحنابلة : ذهب الحنابلة إلى أن تعدد الأماكن التى تقام فيها الجمعة فى البلدة الواحدة إما أن يكون لحاجة أو لغير حاجة، فإن كان لحاجة كضيق مساجد البلدة عمن تصح منهم الجمعة وإن لم تجب عليهم وإن لم يصلوا فعلا فإنه يجوز وتصح الجمعة فى جميع المساجد سواء كانت صلاة الجمعة فى هذه المساجد باذن ولى الأمر أم بدون إذنه، وفى هذه الحالة الأولى أن يصلى الظهر بعدها، أما إذا كان تعدد المساجد لغير حاجة فإن الجمعة لا تصح إلا فى المكان الذى أذن ولى الأمر بإقامة الجمعة فيه ولا تصح الجمعة فى غيره حتى ولو سبقت، وإذا أذن ولى الأمر بإقامتها فى مساجد متعددة لغير حاجة أو لم يأذن أصلا فالصحيحة منها ما سبقت غيرها بتكبيرة الإحرام معا بطلت صلاة الجميع إن تيقنوا ذلك، فإن أمكن إعادتها جمعة أعادوها وإن لم يمكن صلوها ظهرا ، أما إذا لم تعلم الجمعة السابقة فإن الجمعة تصح فى مسجد غير معين فلا تعاد جمعة ولكن على الجميع أن يصلوا ظهرا .
يراجع تصحيح الفروع للعلامة المقدسى الحنبلى الجزء الأول .
وقال فى الإقناع إن الجمعة تصح فى مواضع من غير تكبير فكان إجماعا .
قال الطحاوى وهو الصحيح من مذهبنا وأما كونه صلى اللّه عليه وسلم لم يقمها ولا أحد من الصحابة فى أكثر من موضع فلعدم الحاجة إليه .
ومما تقدم يظهر أن مسألة وجوب الظهر مع فرض الجمعة مسألة خلافية ونرجح الأخذ برأى الحنفية فى ذلك ليهرع الناس إلى المساجد أيام الجمع لأداء فريضة الجمعة فتغص بهم المساجد ويفيدون من هذه الاجتماعات ويستمعون إلى خطب الخطباء التى هى فى الأصل لهداية الضال وإرشاد القلق الحيران إلى كل ما يصلح أحواله فى دينه ودنياه والتى ينبغى أن تتناول شؤون الحياة وتعالج مشكلات الناس بروح دينية فيها سماحة وفيها قوة حتى إذا خرج المصلى من المسجد بعد سماعه الخطبة والصلاة مع إخوانه كان متزودا بزاد من الحكم والمواعظ ينفعه فى بيته ومتجره ومصنعه وفى كل شأن من شئون حياته، وبذلك نضمن حرص المسلمين على أداء فريضة الجمعة ولا نقصر فى حقوقهم، أما إذا علموا أن فريضة الجمعة لا تسقط فريضة الظهر فإنه يخشى أن يتكاسل الكثيرون منهم عن تلبية نداء اللّه فى قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون .
فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل اللّه واذكروا اللّه كثيرا لعلكم تفلحون } الجمعة 9 ، 10 ، فلا يغشى المساجد فى أيام الجمع إلا العدد القليل من المسلمين وتضيع على الكثيرين فوائد الجمعة، ولعل العلامة ابن عابدين فى حاشيته رد المحتار قد أحس بأن العوام ربما هجروا الجمعة إطلاقا إذا أمروا بصلاة الأربع بعدها بناء على القول بعدم جواز تعدد الجمعة فقال نعم لو أدى أى صلاة الأربع بعدها إلى مفسدة لاتفعل جهارا والكلام عند عدمها .
ولذا قال المقدسى نحن لا نأمر بذلك أمثال هذه العوام بل ندل عليه الخواص ولو بالنسبة إليهم - انتهى - .
واللّه أعلم(1/53)
صلاة النفل بين أذان المغرب وصلاتها
F حسن مأمون .
ربيع الأول 1378 هجرية - 18 سبتمبر 1958 م
Mلا خلاف فى أنه يستحب لمن كان فى المسجد وقت الأذان منتظرا للجماعة أن يصلى ركعتين خفيفتين بحيث لا تؤثر فى تأخير صلاة الجماعة
Q من السيد / ح م بالقاهرة قال : دخلت أحد المساجد فى نهاية أذان المغرب فإذا بالإمام يصل ويخلع ملابسه ليتوضأ، وحينما نويت ركعتين تحية المسجد اعترضنى بعض المصلين بأن ذلك غير جائز وأيدنى البعض الآخر، ولما عاد الإمام بعد وضوئه أحتكمت إليه فأيد من ذهب من المصلين إلى منع التنفل بين الأذان وصلاة المغرب ولو كان تحية المسجد وسأل عن الحكم
An للفقهاء فى هذه المسألة مذهبان فمنهم من ذهب إلى منع الركعتين قبل صلاة المغرب، ومنهم من ذهب إلى عدم المنع، وقال إن إتيانهما سنة كالشافعى أو مستحب كابن عابدين وصاحب البحر من الحنفية إذا أتى بهما المصلى قبل صلاة المغرب وكانتا خفيفتين بحيث لا تقام صلاة المغرب وهو فيهما وقد بسط الخلاف فى ذلك الإمام الشوكانى فى نيل الأوطار وأورد أدلة كل وقال واعلم أن التعليل للكراهية بتأدية الركعتين إلى تأخير المغرب مشعر بأنه لا خلاف فى أنه يستحب لمن كان فى المسجد فى ذلك الوقت منتظرا لقيام الجماعة وكان فعله للركعتين لا يؤثر فى التأخير كما يقع من الانتظار بعد الأذان للمؤذن حتى ينزل من المنارة، وهذا هو الذى نميل إلى الافتاء به فى هذه المسألة، فمن صلى ركعتين تحية للمسجد أو متنفلا بعد أذان المغرب وقبل إقامة صلاتها يكون مقتديا بقول صحيح له سنده، ومن لم يصل فهو مقتد برأى آخر ولا حرج ولا إثم على واحد منهما .
واللّه أعلم(1/54)
صلاة الجنازة على المرتد غير جائزة
F حسن مأمون .
محرم 1379 هجرية - 27 يوليه 1959 م
Mلا تجوز الصلاة على مرتد عند موته، كما لا يجوز دفنه فى مقابر المسلمين
Q من الشيخ / ع أ أ نقيب السادة الأشراف وشيخ الطريقة الخلوتية البكرية المقيم بميناء طرابلس لبنان بطلبه المتضمن أن جماعة من المواطنين قد غرتهم الدنيا بمظاهرها بالدعايات الشيطانية وألاعيبها وارتدوا عن الدين وكفروا باللّه جل شأنه العظيم، واعتنقوا العقيدة الشيوعية الماركسية أو غيرها من العقائد الداعية إلى الكفر بالشرائع السماوية وماتوا وهم على عقيدتهم بالكفر وطلب الأستاذ السائل بيان الحكم الشرعى فى هذه الطائفة .
هل يجوز أن يصلى عليهم عند موتهم صلاة الجنازة أو لا .
وهل يجوز دفنهم فى مقابر المسلمين أو لا
An إنه إذا ثبت ما جاء بالسؤال فإن هذه الطائفة تكون مرتدة عن دين الإسلام، ومن حكم المرتد أنه إذا مات مصرا على ردته لا تجوز شرعا صلاة الجنازة عليه ولا يجوز دفنه فى مقابر المسلمين .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال . واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/55)
غطاء الرأس أثناء الصلاة
F أحمد هريدى .
شوال 1380 هجرية - 11 أبريل 1961 م
M 1 - صلاة الرجل إماما كان أو مأموما أو منفردا عارى الرأس صحيحة فى جميع المذاهب لكن الأفضل تغطيتها فى الصلاة .
2 - علماء الحنفية يذهبون إلى كراهة صلاة الرجل حاسر الرأس للتكاسل .
ويقولون بالجواز إذا كان الترك لعدم القدرة أو العذر .
وفى قول لا بأس بترك تغطية الرأس فى الصلاة للتذلل والخشوع
Q طلبت سفارة الجمهورية العربية برانجون الإجابة عن بيان الحكم الشرعى فى وضع غطاء للرأس أثناء الصلاة
An إن صلاة الرجل إماما كان أو مأموما أو منفردا عارى الرأس صحيحة فى جميع المذاهب لأن شرط صحة الصلاة ستر العورة، ورأس الرجل ليست بعورة باتفاق حتى يشترط لصحة الصلاة سترها .
ولكن الأفضل تغطية الرأس فى الصلاة . وعلماء الحنفية يذهبون إلى أنه تكره صلاة الرجل حاسر الرأس للتكاسل بأن يستثقل تغطيته ولا يراه أمرا هاما فى الصلاة فيتركه لذلك ويقولون بجواز ترك تغطية الرأس مع عدم الكراهة إذا كان الترك لعدم القدرة أو لعذر من الأعذار عندهم .
وقالوا إنه لا بأس بترك تغطية الرأس فى الصلاة للتذلل والخشوع(1/56)
صلاة الجمعة والجماعة
F أحمد هريدى .
26 أكتوبر 1963 م
M 1 - الجماعة شرط من شروط صلاة الجمعة باتفاق بين الأئمة .
2 - تنعقد الجمعة عند الشافعية والحنابلة بأربعين رجلا، وعند المالكية باثنى عشر رجلا، وعند أبى حنيفة ومحمد تنعقد بثلاثة رجال غير الإمام وعند أبى يوسف باثنين غير الإمام، والخلاف بينهم أساسه الخلاف فى العدد الذى تصح به الجماعة
Q من السيد / ع ع م ناظر مدرسة المحرقة جنوب الشلال بطلبة المتضمن أن السائل من قرية صغيرة وبها مسجد كبير، وأن أهل قريتهم يؤدون صلاتهم بالمسجد المذكور على مذهب الإمام مالك ولكن لا يجتمع به العدد الكافى لصحة الجمعة وهو اثنا عشر رجلا القدر الذى يعتبر من شروط صحة الجمعة على مذهب المالكية .
وقد اختلف الناس فى أداء هذا الفرض .
فمنهم من يرى صلاته ظهرا لعدم تحقق الشرط، ومنهم من يرى صلاته جمعة .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما لو صلوه جمعة مع عدم كمال العدد الذى تصح به
An اتفق الأئمة الأربعة على أن الجماعة من شرائط صحة الجمعة .
ولكنهم اختلفوا فى العدد الذى تنعقد به .
فالراجح عند الشافعية والحنابلة أن الجمعة تنعقد بأربعين رجلا، وعند المالكية باثنى عشر رجلا، وقال أبو حنيفة تنعقد بأربعة رجال عدا الإمام، وقال صاحباه تنعقد بثلاثة رجال عدا الإمام .
والوارد فى كتب الحنفية أن من شرائط الجمعة الجماعة وأقل الجماعة ثلاثة سوى الإمام عند أبى حنيفه ومحمد وعند أبى يوسف اثنان سوى الإمام وقيل إن محمدا مع أبى يوسف والصحيح أنه مع الإمام ( يراجع شرح الهداية ومجمع الأنهر ) - باب صلاة الجمعة - وبناء على ذلك فإنه يجب على السائل والمصلين معه أن يؤدوا فريضة الجمعة مراعين فى ذلك مذهب الأحناف لأنه ليس على الإنسان المقلد التزام مذهب معين بل يجوز له العمل بما يسمعه من العلماء .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال(1/57)
صلاة المسافر
F أحمد هريدى .
27 فبراير 1965 م
M 1 - قصر الرباعية فى السفر واجب عند الحنفية لأنه فريضة السفر عندهم، وهو جائز عند الشافعية ولكن القصر أفضل .
2 - اقتداء المسافر بالمقيم فى الرباعية مانع من القصر لتغير وضعه إلى الأربع للتبعية للإمام .
3 - إقتداء المقيمين بالمسافر غير مانع من القصر، وعليه أن يسلم عند الركعتين، وعلى المقيمين الإتمام .
4 - قطع مسافة القصر فى مدة وجيزة بالبخار ونحوه لا أثر له على حكم القصر
Q من السيد / ع م د بطلبه المتضمن أن أناسا سافروا مسافة القصر وعزموا على الإقامة يوما وليلة، وفى صلاة العشاء أمهم اقرؤهم مع العلم بأن المأمومين منهم المسافر والمقيم - وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما يأتى أولا : هل لو ترك الإمام رخصة القصر وأتم الصلاة تكون الصلاة باطلة وعليه الإثم، أو تكون صحيحة ولا إثم عليه ثانيا : لو فرض أن المأمومين جميعا مسافرون وترك الإمام رخصة القصر هل تكون الصلاة صحيحة ولا إثم عليه أو باطلة وعليه الإثم ثالثا : كانت مسافة القصر تقطعها الإبل فى عدة أيام وليال - والآن يقطعها البخار فى ساعات قليلة، فأيهما أفضل القصر أم الإتمام
An المقرر شرعا أن قصر الصلاة الرباعية مشروع، إلا أنه اختلف فى كونه رخصة فيجوز تركه وفعله، أو عزيمة فيجب فعله ويكره تركه ذهب بعض الأئمة ومنهم الشافعى إلى أنه رخصة .
فيجوز للمسافر الأخذ بها وقصر الصلاة الرباعية بصلاتها ركعتين أو الإتمام بصلاتها أربعا ، إلا أن القصر أفضل من الإتمام متى تحققت شروطه، ومنها قطع مسافة القصر ولو فى مدة وجيزة وذهب الحنفية إلى أن القصر عزيمة .
وأنه واجب إذ هو ليس قصرا وإنما هو فريضة السفر، ففرض المسافر فى الرباعية ركعتان لا يزيد عليهما، ونصوا على أنه إن صلى أربعا وقعد فى الثانية قدر التشهد أجزأته الأوليان عن الفريضة، والأخريان له نافلة اعتبارا بالفجر ويصير مسيئا لتأخير السلام، وإن لم يقعد فى الثانية قدر التشهد بطلت صلاته لاختلاط النافلة بها قبل إتمام أركانها - وإن اقتدى المسافر بالمقيم فى الوقت أتم أربعا لأنه يتغير فرضه إلى أربع للتبعية كما يتغير بنية الإقامة، وإن صلى المسافر بالمقيمين ركعتين سلم وأتم المقيمون صلاتهم لأن المقتدى التزم الموافقة فى الركعتين فينفرد فى الباقى كالمسبوق، ومما ذكر يعلم أن المسافر الذى أتم الصلاة صلاته صحيحة بدون كراهة عند الشافعية لأن القصر رخصة وهو مخير بين الإتمام والقصر .
وصحيحة أيضا عند الحنفية إن قعد على رأس الركعتين الأوليين قدر التشهد وكان مسيئا .
أما إذا لم يقعد بعد الركعتين الأوليين قدر التشهد فتكون باطلة - وصلاة المأمومين تتبع صلاة الإمام فى الحكم سواء من كان منهم مسافرا أو مقيما - وقطع مسافة القصر فى مدة قصيرة بالبخار ونحوه لا أثر له على الحكم .
والأفضل فيه القصر عند الجمهور .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/58)
الصلاة مع الأعذار
F أحمد هريدى .
4 مارس 1967 م
M 1 - صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم متى توفرت شرائطها ولا يسقط أداؤها إلا بفقد شرط من شروطها .
2 - عدم استطاعة ثنى الرجل عند القعود ليس عذرا مانعا من الصلاة وله أن يصلى آخر الصف حتى لا يضيق به المصلون .
3 - إذا كان لا يستطيع أداء الحج الفرض بسبب عذره فالحج غير واجب عليه
Q من م ع م قال إنه أصيب بكسر فى رجله إثر حادث مما جعله لا يستطيع ثنيها لأنها ممدودة كالعصا فلا يستطيع الصلاة بها إلا إذا مدها أمامه، وهذا مما جعله يشعر بمضايقة المصلين إذا أدى الصلاة فى جماعة وخاصة فى صلاة الجمعة وهو الآن يؤدى صلاة الفرائض مع أهله بجماعة فى منزله، ويريد الآن التخلف عن صلاة الجمعة لهذا العذر ويصليها ظهرا مع أهله كبقية الصلوات الأخرى .
فهل تعتبر حالته هذه عذرا يبيح له ترك فريضة الجمعة، وهل هذا يعتبر عذرا من الأعذار التى تسقط عنه فريضة الحج
An المنصوص عليه شرعا أن صلاة الجمعة بالمسجد فرض عين على كل مسلم متى توفرت شرائطها، ولا يسقط أداؤها إلا إذا فقط شرط من شروطها .
وبما أن السائل يقرر أنه يؤدى الصلاة فعلا فى المسجد بجماعة، وأن الذى جعله يمتنع عن ذلك هو شعوره وشعور بعض المصلين بالضيق من مد رجله لعدم قدرته على ثنيها، وهذا ليس عذرا يمنعه من صلاة الجمعة مع قدرته على صلاتها فعلا إذا يستطيع أن يتفادى ذلك بوقوفه خلف الصف فى صف مستقل أو فى آخر الصف أو بأية صورة أخرى .
وأما الذهاب إلى الحج فإن كان قادرا عليه ويستطيعه دون إرهاق ولا إعنات فعليه أن يؤدى فريضته، وإن كان لا يستطيعه مطلقا أو يستطيعه بمشقة زائدة وإرهاق له فلا يجب عليه الحج لأن شرط الوجوب الاستطاعة .
واللّه تعالى أعلم(1/59)
صلاة المريض
F أحمد هريدى .
31 يناير 1968 م
M 1 - إذا عجز المريض عن الصلاة قائما أو خاف زيادة المرض عليه صلى قاعدا كيف شاء لأن ذلك أيسر له، ولأن عذر المرض أسقط عنه الأركان فلأن يسقط عنه الهيئات من باب أولى .
2 - إذا تعذر ركوعه وسجوده أو مأ برأسه قاعدا إن قدر على القعود وجعل إيماءه للسجود أخفض من إيمائه للركوع وبذلك تكون صلاته صحيحة مادام العذر قائما
Q من س ع ص قال إنه مسلم الديانة، ويريد أداء فريضة الصلاة ولكنه مريض برجله ولا يستطيع الجلوس إلا على كرسى، كما أنه لا يستطيع الركوع .
وطلب السائل بيان كيفية الصلاة وهو بهذا المرض
An المنصوص عليه شرعا أن المريض إذا عجز عن الصلاة وهو قائم أو خاف زيادة المرض صلى قاعدا كيف شاء .
لأن ذلك أيسر على المريض .
ولأن عذر المرض أسقط عنه الأركان فلأن تسقط عنه الهيئات أولى، وإذا تعذر الركوع والسجود أومأ برأسه قاعدا إن قدر على القعود وجعل سجوده بالإيماء أخفض من ركوعه .
والسائل يقرر أنه لا يستطيع الجلوس إلا على كرسى وأنه لا يستطيع الركوع، وفى هذه الحالة يصلى وهو جالس على الكرسى ويومىء للركوع برأسه ويسجد فعلا إن كان يستطيع السجود .
فإن لم يستطعه أيضا أومأ له برأسه كالركوع وجعل إيماءه للسجود أخفض من الركوع، وصلاته صحيحة مادام العذر قائما ، فإن زال عنه المرض وجب عليه أن يصلى وهو قائم بركوع وسجود لعدم وجود العذر حينئذ .
واللّه تعالى أعلم(1/60)
حكم الأذان
F أحمد هريدى .
أبريل 1968 م
Mالأذان سنة مؤكدة للفرائض الخمس جماعة كانت الصلاة أو انفرادا أداء كانت أو قضاء
Q من السيد / ح ع خ قال : إن وقت الظهر قد وجب ومضى على دخوله عشرون دقيقة، وطلب السائل هل يصح الأذان بعد هذه المدة أم يصلى الظهر ولا داعى للأذان
An الأذان سنة مؤكدة شرعا للفرائض الخمس، سواء كان المصلى منفردا أو بجماعة، وسواء كانت الصلاة أداء فى أول الوقت أو فى وسطه أو فى آخره .
أو قضاء بعد فوات الوقت .
ويسن أن يؤذن المصلى ويقيم للفائتة التى يصليها بعد فوات الوقت إذا كان يصلى فى غير المسجد أو كان يصلى فى المسجد منفردا .
أما إذا كان يصلى فى المسجد بجماعة فلا يؤذن لها رافعا صوته لأن فى ذلك تشويشا على المصلين ويؤدى إلى اشتباه الأمر عليهم، ولا بأس بأن يؤذن فى هذه الحالة بصوت منخفض بقدر ما يسمع نفسه .
واللّه تعالى أعلم(1/61)
قضاء الفوائت
F أحمد هريدى .
16 فبراير 1969 م
M 1 - التكليف بالبلوغ شرعا .
2 - من ترك صلاة من وقت بلوغه سهوا كان ذلك أو إهمالا يجب عليه قضاؤها فورا وإن كثرت إلا إذا كانت تلحقه مشقة من ذلك سواء أكانت هذه المشقة فى نفسه أو ماله فتسقط الفورية بها ويجب عليه قضاء ما وسعه من ذلك عقب أداء كل صلاة مفروضة إلى أن يتيقن من قضاء الجميع .
3 - قضاء الفوائت قاصر على الصلاة المفروضة فقط
Q من السيد / ع ع ط بطلبه المتضمن أنه مضى عليه أكثر من عشرين سنة لم يصل فيها وأنه الآن يصلى وقتا بوقت ومع كل وقت يصلى فرضا من الفوائت التى فاتته، وأنه سأل كثيرا من العلماء على ما يجب عليه أن يفعله فى مثل حالته إلا أن أقوالهم قد تضاربت واختلفت مما أوقعه فى حيرة شديدة .
وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى
An أتفق جمهور الفقهاء على أن من ترك الصلاة من المسلمين المخاطبين بأدائها من وقت البلوغ سواء كان ذلك منه لسهو أو إهمال يجب عليه قضاؤها على الفور وإن كثرت ما لم تلحقه مشقة من قضائها على الفور لكثرتها فى بدنه بأن يصيبه ضعف أو مرض أو خوف مرض أو نصب أو إعياء، أو بأن يصيبه ضرر فى ماله بفوات شىء منه أو ضرر فيه، أو انقطاع عن قيامه بأعمال معيشته .
ففى هذه الحالة لا يجب عليه القضاء على الفور بل له أن يقضى منها عقب كل صلاة مكتوبة ما وسعه إلى أن يتيقن من قضائها جميعا وبذلك تبرأ ذمته وبدون ذلك لا تبرأ ذمته .
وقالوا إنه يقتصر فى القضاء على الفرائض فقط ولا يتنفل ولا يصلى سننها معها، فإن تيقن من قضاء جميع الفوائت اكتفى بأداء الصلوات المكتوبة وسننها ونوافها .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/62)
خطبة الجمعة بغير العربية ومعاملات البنوك والمضاربة
F أحمد هريدى .
2 يوليو 1969 م
M 1 - يشترط فى خطبة الجمعة أن تكون باللغة العربية عند جمهور الشافعية، ويرى بعضهم أنها مستحبة لأن المقصود منها الوعظ وهو حاصل بكل اللغات .
2 - إذا لم يكن فى الجماعة من يحسن العربية جاز أن يخطب فيهم بغير العربية مدة تعلمه العربية بحيث لو مضى زمن التعلم ولم يتعلم واحد منهم العربية عصوا بذلك ولا تنعقد لهم جمعة .
3 - يجوز إيداع الأموال بالبنوك بلا فائدة إذا قضت ضرورة بذلك .
4 - الفوائد ربا وهو محرم شرعا فى جميع صوره وأحواله .
5 - الأموال المودعة بأحد البنوك الأجنبية بفائدة تقضى النصوص الفقهية بعدم جواز أخذها والانتفاع بها على أى وجه ولو بالتصدق أو الإنفاق فى المشروعات العامة .
6 - دفع شخص لآخر ماله يتجر فيه على أن يقتسما الربح بينهما جائز عند الشافعية والحنفية، ويسمى عند الشافعية بعقد القراض ، وعند الحنفية بعقد المضاربة، وهو جائز أيضا عند بعض المذاهب الأخرى .
7 - فساد العقد - قراضا أو مضاربة - يقتضى بقاء المال على ملك صاحبه ويكون الربح ناتجا عن مال مملوك له، ويجوز له أخذه والانتفاع به شرعا .
8 - تحديد مقدار الربح لصاحب المال المودع مفسد للعقد
Q من م د ص بطلب الإفادة أولا : عن مدى جواز خطبة الجمعة بغير العربية متى كان المصلون لا يفهمون العربية على مذهب الإمام الشافعى .
ثانيا : هل للمسلم الذى أودع أمواله أحد البنوك الأجنبية جواز أخذ الفائدة الربوية الناتجة عن إيداعه أمواله بالفائدة ويصرفها إلى ما فيه نفع المسلمين ومصلحتهم، ومنعا للأجانب من الاستعانة بها على المسلمين
An عن السؤال الأول جاء فى الجزء الرابع من شرح المهذب على مذهب الإمام الشافعى ص 521 مانصه هل يشترط كون الخطبة بالعربية فيه طريقان أصحهما وبه قطع الجمهور يشترط لأنه ذكر مفروض فشرط فيه العربية كالتشهد وتكبيرة الإحرام مع قوله صلى اللّه عليه وسلم صلوا كما رأيتمونى أصلى وكان يخطب بالعربية .
والثانى فيه وجهان حكاهما جماعة منهم المتولى أحدهما هذا - والثانى مستحب ولا يشترط لأن المقصود الوعظ وهو حاصل بكل اللغات .
قال أصحابنا فإذا قلنا بالاشتراط فلم يكن فيهم من يحسن العربية جاز أن يخطب بلسانه مدة التعلم، وكذا إن تعلم واحد منهم التكبير، فإن مضى زمن التعلم ولم يتعلم أحد منهم عصوا بذلك ويصلون الظهر أربعا ولا تنعقد لهم جمعة ومن هذا النص المذكور يتضح أنه يجوز على أحد الوجهين اللذين ذكرهما أصحاب الشافعى رضى اللّه عنه جواز خطبة الجمعة بغير العربية متى كان المصلون لا يفهمون العربية ولا يحسنونها لأن المقصود من خطبة الجمعة هو الوعظ والإرشاد وذلك حاصل بكل لسان .
وعليهم أن يجتهدوا فى تعلم العربية خروجا من الخلاف .
وعن السؤال الثانى : أولا : نبادر فنحذر السائل من إيداع أمواله بالبنوك الأجنبية حتى لا يؤدى ذلك إلى نفع هذه البنوك وتقويتها على مزاولة ما هى بسبيله لمصلحة أصحابها الذين يستخدمون أموالهم أو بعضا منها فيما يناهض الإسلام والمسلمين .
وإذا لم يكن بد من الإيداع فى البنوك فليودع أمواله فى بنوك البلاد الإسلامية على أن لا يتقاضى أية فوائد على هذه الأموال، لأن الفوائد ربا وهو محرم شرعا فى جميع صوره وأحواله .
ثانيا : بالنسبة لفوائد الأموال التى أودعها فعلا بالبنوك الأجنبية .
تقضى النصوص من النظرة الأولى بتحريم اخذ هذه الفوائد وعدم جواز الانتفاع بها على أى وجه ولو بالتصدق أو الإنفاق فى المشروعات العامة .
ولكن تقضى أحكام مذهب الإمام الشافعى بأن الشخص إذا دفع ماله لشخص آخر يتجر فيه ويقتسمان الربح بينهما وهو ما يسمى بالقراض عند الشافعية وبعض المذاهب، ويسمى بالمضاربة عند الحنفية وبعض المذاهب، فإنه يجوز شرعا ويحل أخذ الربح والانتفاع به، وإذا فسد عقد القراض بقى المال المدفوع على ملك صاحبه ويكون الربح ناتجا عن مال مملوك له ويجوز أخذه والانتفاع به شرعا .
والمعروف فى العرف التجارى والاقتصادى أن البنوك تستخدم كثيرا من أموالها ومنها الأموال التى يودعها الأشخاص لديها فى مشروعات تجارية واقتصادية بقصد الاستغلال والربح وتعطى بعض الأموال قرضا للأشخاص أو الشركات وهيئات الخدمات بالفائدة، وأن الأشخاص حين يودعون أموالهم بالبنوك يقصدون استثمار أموالهم والحصول على ربح من وراء ذلك، فتكون العملية فى حقيقتها عملية قراض ومضاربة غير أنه بتحديد مقدار الربح لصاحب المال المودع يفسد عقد القراض، وفى هذه الحالة وبالتطبيق لأحكام مذهب الإمام الشافعى المنوه بها يحدث الربح على ملك المودع ويكون له ويجوز أخذه .
وبهذا التأويل يجوز للسائل أن يأخذ الفوائد التى استحقت على أمواله المودعة غير أنه نظر للشبهة ينبغى ألا ينتفع بتلك الفوائد وينفقها فى المشروعات العامة التى تعود على المسلمين بالنفع .
ونعود فنحذره من إيداع أمواله بالبنوك الأجنبية ومن أخذ الفوائد عنها إذا أودعها بالبنوك الأخرى بعدا عن شبهة الربا وحذرا من الوقوع فى المحرم .
واللّه أعلم(1/63)
صلاة الجمعة فى مكان ليست به أقامة مستقرة
F محمد خاطر .
11 مايو 1968 م
M 1 - ( ا ) يرى الحنفية عدم صحة الجمعة إلا فى مصر جامع أو فى مصلى المصر ويرى المالكية صحة الجمعة إذا وقعت مع الخطبة فى وقتها بشرط الاستيطان ولا تصح عندهم فى خيم من قماش أو شعر .
( ب ) ويرى الشافعية أن من شروط وجوب الجمعة الإقامة بمحلها .
ومن شروط صحتها أن تقام فى مكان من بلد أو قرية .
( ج ) ويرى الحنابلة ما يراه المالكية بزيادة شرط هو ألا يقل عدد المصلين عن أربعين شخصا بالإمام .
2 - لا تصح إقامة الجمعة فى المكان الذى يوجد به ضريح سيدى .
أبى الحسن الشاذلى ( بالبحر الأحمر ) لعدم وجود المكان المشترط لصحة إقامتها، والواجب إقامة صلاة الظهر أربع ركعات
Q طلبت وزارة الأوقاف بكتابها المتضمن أنه ورد تقرير من فضيلة مفتش مساجد البحر الأحمر أثار فيه ما حدث أثناء موسم زيارة ضريح سيدى أبى الحسن الشاذلى من أنه قد حل يوم الجمعة أثناء الزيارة ولم تمكن إقامة صلاة الجمعة فى هذا المكان لأنه لا توجد إقامة مستقرة مطلقا فى المنطقة تصح معها صلاة الجمعة على أى من المذاهب الأربعة المعروفة، وأن الموجودين هناك قد صلوها ظهرا .
وطلبت بيان حكم الشرع فى أداء فريضة صلاة الجمعة فى تلك المنطقة النائية التى لا توجد بها إقامة مستقرة مطلقا ، وهل تصح صلاتها بها على أى من المذاهب الأربعة المعروفة أم تصلى ظهرا
An جاء فى الهداية وشرحها ج 1 فى المذهب الحنفى ما يأتى لا تصح الجمعة إلا فى مصر جامع أو فى مصلى المصر أى فنائه ولا تجوز فى القرى .
وجاء فى حاشية فتح القدير للكمال بن الهمام ولوجوبها شرائط فى المصلى وهى الحرية والذكورة والإقامة والصحة وسلامة الرجلين والعينين .
وشرائط فى غيره وهى شرائط صحة المصر والجماعة والخطبة والسلطان والوقت والإذان العام .
والمصر الجامع هو كل موضع له أمير وقاض ينفذ الأحكام ويقيم الحدود وهذا عند أبى يوسف على ما اختاره الكرخى وهو الظاهر من المذهب .
وقال أبو حنيفة المصر كل بلدة فيها سكك وأسواق وبها رساتيق ووال ينصف المظلوم من الظالم وعالم يرجع إليه فى الحوادث .
وهناك تفسيرات أخرى للمصر لا داعى لاستيعابها وهى فى جملتها لا تصدق على القرية .
وجاء فى الشرح الكبير على متن خليل للامام الدردير فى مذهب المالكية شرط صحة الجمعة وقوع كلها بالخطبة وقت الظهر مع استيطان بلد - أى العزم على الإقامة فيه بنية التأبيد أو أخصاص جمع خص وهو البيت من القصب ونحوه، ولا تصح إقامتها فى خيم من قماش أو شعر لأن الغالب على أهلها الارتحال فأشبهت السفن - نعم إذا كانوا مقيمين على مسافة نحو فرسخ من بلدها وجبت عليهم تبعا ولا تنعقد بهم - وفى جامع بنى بناءا معتادا لأهل البلد متحد وإن تعددت المساجد فالخطبة للعتيق وجاء فى حاشية الدسوقى على هذا الشرح تعليقا على قوله مع استيطان بلد شرط الصحة وقوع الجمعة فى بلد مستوطنة .
أما الاستيطان أى استيطان الشخص نفسه وإقامته فهو شرط وجوب، ولا شك أن كون البلد مستوطنة شرط فى صحتها، وينبنى على هذا كما قال ابن الحاجب أنه لو مرت جماعة بقرية خالية فنووا الإقامة فيها شهرا وصلوا الجمعة بها لم تصح لهم كما لا تجب عليهم وجاء فى حواشى تحفة المحتاج بشرح المنهاج ج 2 فى مذهب الشافعى أن شرط وجوب الجمعة بالنسبة للشخص الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والذكورة والإقامة بمحلها أو بما يسمع منه نداؤها .
ويشترط لصحتها شروط منها أن تقام فى خطة أبنية أوطان المجمعين بحيث يسمى بلدا أو قرية واحدة والمراد بالخطة مكان من البلد أو القربة يعتبر منها عادة .
وجاء فى حاشية الشروانى عليها الشرط أن تقام فى مكان من بلد أو قرية به أبنية مجتمعة يتخذها العدد الذى تقوم به الجمعة وطنا لهم بحيث لا يظعنون منها شتاءا ولا صيفا إلا لحاجة وجاء فى شرح منهج الطلاب وحاشية البجيرمى عليه ج 1 ومن شروط صحة الجمعة أن تقع بأبنية مجتمعة ولو بفضاء سواء كانت من حجر أو طين أو خشب أو غيرها .
فلا تصح من أهل خيام بمحلهم وإن لازموه أبدا لأنهم على هيئة المستوقرين أى المستعدين للرحيل فإن سمعوا النداء من محلها لزمتهم فيه تبعا لأهله لأنها لم تقم فى عصر النبى صلى اللّه عليه وسلم والخلفاء الراشدين إلا فى مواضع الإقامة وجاء فى حاشية البجيرمى عليه إذا أقام الجمعة أربعون فى خطة الأبنية وخرجت الصفوف إلى خارج الأبنية مما هو حريمها أوصلى جماعة هناك تبعا للأربعين فى الأبنية صحت جمعتهم تبعا بخلاف ما لو صلى الجميع فى ذلك الفضاء الخارج أو كان من الخطة دون الأربعين فإنه لا يصح وجاء فى الإقناع فى مذهب الإمام أحمد بن حنبل ج 1 يشترط لصحة الجمعة شروط منها أن تكون بقرية مجتمعة بما جرت العادة بالبناء به من حجر أو لبن أو طين أو قصب أو شجر يستوطنها أربعون بالإمام من أهل وجوبها استيطان إقامة لا يظعنون عنها صيفا ولا شتاءا ، فلا تجب ولا تصح من مستوطنين بغير بناء كبيوت الشعر والخيام ونحوها، ولا فى بلد يسكنها .
أهلها بعض السنة دون بعض أو بلد فيها دون العدد المعتبر أو متفرقة بما لم تجر العادة به ولو شملها اسم واحد، وإن خربت القرية أو بعضها وأهلها مقيمون بها عازمون على إصلاحها فحكمها باق فى إقامة الجمعة بها، وإن عزموا على النقلة عنها لم تجب عليهم الجمعة لعدم الاستيطان، وتصح فيما قارب البنيان من الصحراء ولو بلا عذر لا فيما بعد عنه تلك هى النصوص الفقهية الخاصة بشروط صحة صلاة الجمعة ووجوبها بالنسبة لمكان إقامتها .
ويتضح منها أنه لا تصح إقامة صلاة الجمعة فى المنطقة التى يوجد بها ضريح سيدى أبى الحسن الشاذلى لعدم وجود المكان المشترط لصحة إقامتها طبقا لما جاء فى تلك النصوص، وأن الواجب فى مثل هذه الحالة هو إقامة صلاة الظهر أربع ركعات طبقا لما هو مقرر ومعروف(1/64)
الصلاة فى المقابر
F محمد خاطر .
شوال 1389 هجرية - 30 ديسمبر 1969 م
M 1 - لا مانع شرعا من الصلاة على الموتى فى المكان الذى خصص لذلك بجوار المقبرة .
2 - صلاة الجنازة فى المساجد المعدة للصلاة المكتوبة شرعا جائزة عند الأئمة الأربعة .
غاية الأمر أن الأحناف قد قالوا بالكراهة لاحتمال تلوث المسجد
Q من السيد / إ ع م سكرتير جماعة المسلمين بجنوب أفريقيا بطلبه المتضمن أن مدينة برينوريا عاصمة جنوب أفريقيا يوجد بها أكثر من ديانة وأكثر من طائفة، فإلى جانب المسلمين يوجد الصينيون والأفريقيون والهندوس والأوروبيون، وأن بلدية هذه المدينة ضمت مساحات خاصة من الأرض لدفن أموات كل طائفة، وهذه المساحات متركزة فى منطقة واحدة بعضها بجانب البعض وتفصل بين كل مقبرة وأخرى صفوف الأشجار والطرق الضيقة، وأن بلدية هذه المدينة قد خصصت قطعة جانبية من الأرض التى منحتها للمسلمين لبناء مبنى يقيم فيه المسلمون شعائر صلاة الجنازة على موتاهم ويضعون فيه ما يحتاجون إليه للدفن والتجهيز وحفر القبور وقام أحد أصحاب الخير من المسلمين ببناء العمارة على نفقته الخاصة وحدها بأربعة جدران ولا تحتوى على مقبرة خاصة أو عامة، وظل المسلمون يمارسون فيها الصلاة على موتاهم منذ سنة 1940 إلى أن جاء أحد العلماء ووجه نداء إلى المسلمين يمنعهم من الصلاة فى هذا المبنى بحجة أن الصلاة لا تجوز فى المقابر وأن هذه العمارة التى تقام فيها صلاة الجنازة لا تصلح شرعا لوقوعها وسط قبور المسلمين وإحاطتها بمقابر غيرهم .
وطلب الطالب إبداء الرأى فى ذلك
An نفيد بأن الظاهر من السؤال أن العمارة التى أقامها المسلمون فى أطراف المقابر لإقامة شعائر صلاة الجنازة فيها على موتاهم أنها ليست مبنية على أحد القبور وكذلك فهى ليست موضعا لدفن الموتى كما أنها ليست مكانا لمسجد الجماعة وإنما أقيمت وخصصت للصلاة فيها على الموتى ووضع ما يحتاجون إليه فى الدفن ويؤخذ من أقوال الفقهاء أن الصلاة على الموتى فى مثلها صحيح وجائز شرعا ولكن الخلاف جرى بينهم على جواز الصلاة على الميت فى مسجد الجماعة وهو الذى أقيم لأداء المفروضات فالحنفية منهم ذهبوا إلى صحة الصلاة مع الكراهة إذا كانت الصلاة على الميت داخل مسجد الجماعة .
لما روى عن النبى صلى اللّه عليه وسلم أنه قال من صلى على جنازة فى المسجد فلا أجر له وعللوه بأنه بنى لأداء المكتوبات ولأنه يحتمل تلويث المسجد .
وذهب جمهور الفقهاء إلى القول بأن الصلاة على الميت داخل مسجد الجماعة صحيحة ولا كراهة فيها .
لما روى أنه لما مات سعد بن أبى وقاص أمرت عائشة رضى اللّه عنها بإدخال جنازته المسجد وصلت عليها وبما روى من أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلى على جنازة سهيل بن البيضاء فى المسجد .
ويتبين مما ذكر أن الصلاة على الموتى فى المكان الذى خصص لذلك بجوار المقبرة لامانع منها شرعا ولا محل للاعتراض عليها إذ أنها ليست مسجدا من المساجد المعدة لأداء الصلاة فيها شرعا .
على أن صلاة الجنازة فى المساجد المعدة للصلاة المكتوبة شرعا جائزة عند الأئمة الأربعة .
غاية الأمر أن الحنفية قد قالوا بكراهة ذلك لاحتمال تلوث المسجد .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال(1/65)
صلاة الجنازة على أموات غير المسلمين
F محمد خاطر .
ذو القعدة 1391 هجرية - 13 يناير 1972م
Mيشترط لصلاة الجنازة أن يكون الميت مسلما
Q طلبت سفارة جمهورية مصر العربية فى لوزاكا بكتابها الوارد إلينا من وزارة الخارجية والمتضمن أن الجمعية الإسلامية فى ندولا فى زامبيا تطلب رأى الدين الإسلامى فى إقامة الصلاة على الأموات غير المسلمين الذين فقدوا أرواحهم فى حادث انفجار منجم وبيان حكم الشرع فى ذلك
An المنصوص عليه فقها أنه يشترط لصلاة الجنازة ( الصلاة على الميت ) أن يكون الميت مسلما ، فلا تصح على غير المسلم لقوله سبحانه وتعالى { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا } التوبة 84 ، وعلى ذلك لا يجوز للمسلم أن يصلى على الأموات غير المسلمين الذين فقدوا أرواحهم فى حادث انفجار منجم لما ذكرنا .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/66)
حكم امامة الأشل
F محمد خاطر .
27 ابريل 1971 م
Mالصلاة خلف الإمام الأشل بإحدى رجليه صحيحة شرعا إلا أن الصحيح أولى بالإمامة منه شرعا
Q من السيد / ع م ح بطلبه المتضمن أن من يدعى م ع يؤدى صلاة الجمعة ويؤم المصلين ولكنه به عاهة وهى أنه أشل إحدى رجليه ولا يمكنه المشى بدون أن يتوكأ على عصاة، وأنه نظرا لهذا الشلل فإنه لا يطمئن فى ركوعه وسجوده مثل الإمام الصحيح وفى جلوسه للصلاة لا يجلس مطمئنا بل يجلس منحنيا بالنسبة لشلل فخذه وأنه أثناء وقوفه فى الصلاة يقف على أطراف أصابع رجله الصحيحة وأنه يوجد فى البلدة أناس غيره يؤدون الصلاة على الوجه الصحيح وحسب فرائضها الشرعية ومنهم السائل .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى الصلاة خلف الإمام المذكور، وهل تكون الصلاة خلفه صحيحة شرعا أم غير صحيحة
An المنصوص عليه فى فقه الحنفية أن الأحدب يؤم القائم كما يؤم القاعد كذا فى الذخيرة وهكذا فى الخانية، وفى النظم إن ظهر قيامه من ركوعه جاز بالاتفاق وإلا فكذلك عندهما وبه أخذ العلماء خلافا لمحمد رحمه اللّه كذا فى الكفاية، ولو كان بقدم الإمام عوج وقام على بعضها يجوز وغيره أولى كذا فى التبيين يراجع الجزء الأول من الفتاوى الهندية ص 85 .
وعلى هذا تكون الصلاة خلف الإمام موضوع السؤال جائزة شرعا إلا أن غيره الذى هو صحيح الجسم ولا عاهة به الذى يؤدى الصلاة على وجهها الأكمل يكون أولى منه بالإمامة شرعا .
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/67)
صلاة الجمعة وراء المذياع
F محمد خاطر .
20 يونية 1976م
M 1 - اشترط الفقهاء لصحة صلاة الجمعة أن يسبقها خطبتان أو خطبة واحدة على الأقل وأن يكون الإمام مع المصلين .
2 - صلاة من صلوا الجمعة وراء المذياع اكتفاء بالإمام وخطبته المذاعة غير جائزة شرعا يجب على كل منهم صلاة الظهر بدلا منها
Q من السيد / م م ع بطلبه المتضمن أنه يوجد فى الحى الذى يسكنه السائل ببور سعيد مسجد صغير غير تابع لوزارة الأوقاف، وفى كل يوم جمعة يتطوع أحد المسلمين ممن لهم دراية بالعلم بإلقاء خطبة الجمعة ويؤم المصلين .
وفى يوم 25/4/1975 لم يحضر الإمام الذى كان يخطب فى كل يوم جمعة ويؤم المصلين، وانتظر المصلون حضوره إلى وقت الأذان فلم يحضر فصلى الحاضرون مقتدين بالإمام الذى تذاع خطبته وصلاته بالمذياع .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع، وهل تصح صلاتهم هذه مقتدين بالإمام المذاعة صلاته بالراديو - أم أن صلاتهم هذه تكون غير جائزة شرعا
An اشترط الفقهاء لصحة صلاة الجمعة أن يسبقها خطبتان أو خطبة واحدة على الأقل كما اشترطوا أيضا أن يكون الإمام من بين المصلين لأن النبى صلى اللّه عليه وسلم كان يخطب خطبة الجمعة ثم يصلى بالناس ويقول ( صلوا كما رأيتمونى أصلى ) ولأن الخطبة أقيمت مقام ركعتين فهى جزء من صلاة الجمعة أو كالجزء وعلى هذا ففى الحادثة موضوع السؤال تكون صلاة من صلوا الجمعة بدون خطبة وبدون إمام اكتفاء بالإمام المذاعة إمامته للمصلين تكون صلاتهم هذه غير جائزة شرعا ، وإذا لم تصح صلاة الجمعة بالنسبة لهؤلاء القوم المسئول عنهم فيجب شرعا على كل منهم أن يصلى الظهر بدلا عنها .
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال . واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/68)
حكم صلاة المرأة جماعة فى المسجد
F محمد خاطر .
2 يناير 1977م
M 1 - يقرر فقهاء الحنفية بأفضلية صلاة المرأة فى بيتها لأن الجماعة لم تشرع فى حقها .
2 - قال المالكية إذا كانت عجوزا انقطع عنها أرب الرجال جازلها حضور الجماعة فى المسجد وإلا كره .
وإن كانت شابة وخيف الافتتان بها حرم عليها دفعا للفساد
Q من السيد / م م ق بطلبه المتضمن أن السائل له زوجة تصر على أن تصلى الصلوات الخمس فى المسجد جماعة، وأنه لا يقبل أن تخرج من البيت إلى المسجد خمس مرات فى اليوم وأنه حاول إقناعها بأن تصلى فى البيت لأنه أفضل لها فرفضت وصممت على الصلاة فى المسجد وأنها تخرج إلى المسجد بدون إذنه .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع
An يقرر فقهاء الحنفية بأن الأفضل للمرأة أن تصلى فى بيتها حتى الجمعة تصليها ظهرا فى بيتها لأن الجماعة لم تشرع فى حقها وفقهاء المالكية يقولون إذا كانت المرأة عجوزا انقطع عنها أرب الرجال جاز لها أن تحضر الجماعة فى المسجد وإلا كره لها ذلك، وإن كانت شابة وخيف من حضورها الافتتان بها فى طريقها أو فى المسجد يحرم عليها الحضور إلى المسجد دفعا للفساد .
ونحن نقول فى حادثة السؤال : إنه يجب على زوجة السائل أن تطيع زوجها وألا تذهب إلى المسجد إلا بإذنه لأن طاعتها لزوجها واجبه عليها شرعا لاسيما وأن زوجها السائل لا يمنعها من الصلاة المفروضة عليها .
وإنما يمنعها من الخروج إلى المسجد لتصلى فيه جماعة لأنه لا يحب أن يراها الرجال وهى ذاهبة إلى المسجد أو آيبة منه، وأن فى صلاتها فى المسجد مخالفة للأفضل فقد أخرج أحمد والطبرانى من حديث أم حميد الساعدية أنها جاءت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت يا رسول اللّه إنى أحب الصلاة معك : فقال صلى اللّه عليه وسلم : قد علمت وصلاتك فى بيتك خير من صلاتك فى حجرتك وصلاتك فى حجرتك خير من صلاتك فى دارك وصلاتك فى دارك خير من صلاتك فى مسجد قومك وصلاتك فى مسجد قومك خير من صلاتك فى مسجد الجماعة قال الحافظ إسناده حسن، وروى عن أم سلمة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : خير مساجد النساء قعر بيوتهن رواه أحمد ونحن نهيب بالسائل ألا يحرم زوجته من فضل الجماعة وأن يصلى بها جماعة فى البيت فإن ذلك يجعلها تطيب نفسا ولا تفكر فى مخالفة زوجها السائل وتذهب إلى المسجد ما دامت ستحصل على ثواب الجماعة فى البيت ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال إذا كان الحال كما ذكر به(1/69)
قصر الصلاة للجند
F محمد خاطر .
ربيع الأول 1398 هجرية - 2 مارس 1978 م
M 1 - الضباط والجنود المقاتلون لا يقصرون الصلاة إلا إذا كانوا فى حرب فعلية فى أرض الحرب أو محاصرين لمصر فى دار الحرب أو محاربين لأهل البغى فى دارنا .
2 - لا ينطبق عليهم حكم المسافرين ويتمون الصلاة إذا كانوا يقيمون فى أرض وطنهم وفى وحدات ثابتة مددا طويلة وليسوا معرضين للسفر الدائم
Q من السيد / قائد وحدة ، بالأمن الحربى للقوات المسلحة بطلبة المتضمن طلب بيان الحكم الشرعى بالنسبة للمقاتلين الحاليين من ضباط وضباط صف متطوعين أو مجندين بالنسبة لإقامتهم الصلاة، وهل يقيمونها كمقيمين أو مسافرين، وما يترتب على ذلك من قصر الصلاة أو إتمامها مع الإحاطة بأنهم مرتحلون عن محل إقامتهم
An جاء فى فقه الحنفية فى باب صلاة المسافر ما يأتى ( وكذا يقصر عسكر نواها بأرض الحرب أو حاصروا مصرا فيها أو حاصروا أهل البغى فى دارنا فى غيره أى غير مصر برا أو بحرا للتردد بين القرار والفرار ) ومعنى هذا أن المقاتلين من ضباط وجنود لا يقصرون الصلاة إلا إذا كانوا فى حرب فعليه فى أرض الحرب أو محاصرين لمصر فى دار الحرب أو كانوا يحاربون أهل البغى فى دارنا ففى هذه الحالة ينطبق عليهم حكم المسافرين .
ويقصرون الصلاة، أما إذا كان المقاتلون مجندين ومتطوعين يقيمون فى أرض وطنهم وفى وحدات ثابتة مددا طويلة وليسوا معرضين للسفر الدائم فإنهم فى هذه الحالة لا ينطبق عليه حكم المسافرين ويتمون الصلاة .
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/70)
مواقيت الصلاة
F جاد الحق على جاد الحق .
25 محرم 1402 هجرية - 22 نوفمبر 1981 م
M 1- الأسلوب المتبع فى حساب مواقيت الصلاة فى جمهورية مصر العربية يتفق من الناحية الشرعية والفلكية مع رأى قدامى علماء الفلك المسلمين حسبما انتهى إليه رأى المختصين بعلوم الفلك .
2- المواقيت الحسابية للصلاة والصوم مع مراعاة فروق التوقيت من مكان إلى مكان فى مصر صحيحة، وموافقة للمواقيت الشرعية التى نزل بها جبريل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالعلامات الطبيعية الواردة فى الأحاديث الشريفة .
3- على الذين يقولون فى الدين بغير علم أن يتقوا اللّه حتى لايضلوا الناس فى دينهم
Q استفسر كثير من المواطنين من دار الإفتاء عما أثارته بعض الجماعات من أن وقت صلاة الفجر بالحساب الفلكى المعمول به فى مصر متقدم بنحو العشرين من الدقائق عن دخول الوقت الشرعى بطلوع الفجر الصادق حسب علاماته الشرعية، وأن وقت المغرب ودخول وقت العشاء بذات الحساب غير صحيح أيضا ، إذ لا يطابق كل هذا ما جاء فى السنة .
وأن بعض هذه الجماعات قد ضللت الناس وأثارت الشك فى عبادتهم، لاسيما فى شهر رمضان، فقد أفتوا بامتداد الإفطار إلى إسفار النهار وظهوره متجاوزين وقت الفجر المحدد حسابيا، استدلالا بقول اللّه سبحانه { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } البقرة 187 ، وأن هؤلاء كانوا يحضرون خيطين أبيض وأسود ويبيحون الأكل والشرب حتى يميزون الأبيض من الأسود منهما
An إزاء كثرة الاستفسارات عن هذا تليفونيا وكتابيا ، فقد عرض المفتى أمر الحساب الفلكى لمواقيت الصلاة الذى تصدره هيئة المساحة المصرية فى تقويمها الرسمى على لجنة من الأساتذة المتخصصين فى علوم الفلك والإرصاد والحسابات المصرية، لإبداء الرأى العلمى لمقارنة المواقيت الشرعية على المواقيت الحسابية الجارية، وشارك فى الفحص السيد / رئيس مجلس إدارة بنك دبى الإسلامى، وقد كان واحدا من أولئك الذين أرسلوا لدار الإفتاء تقريرا عن عدم صحة الحسابات المعمول بها فى مصر لأوقات الصلاة خاصة صلاتى العشاء والفجر .
وقد تقدمت هذه اللجنة بتقريرها الذى انتهت فيه ( بعد البحث ) إلى أن (الأسلوب المتبع فى حساب مواقيت الصلاة فى جمهورية مصر العربية يتفق من الناحية الشرعية والفلكية مع رأى قدامى علماء الفلك المسلمين ) .
وتأكيدا لهذا : اقترحت اللجنة تشكيل لجنة علمية توالى الرصد والمطابقة مع المواقيت الشرعية فى فترات مختلفة من العام ولمدة عامين .
ولما كان هذا الاقتراح جديرا بالأخذ به استيثاقا لمواقيت العبادة فى الصلاة والصوم، وأخذا بما فتح اللّه به على الإنسان من علم سبحانه { علم الإنسان ما لم يعلم } العلق 5 ، فقد تبادل المفتى الرأى مع السيد الأستاذ الوزير الدكتور إ ب رئيس أكاديمية البحث العلمى، لتشكيل اللجنة المقترحة، وتحديد مهمتها العلمية، وتيسير ماتتطلبه أبحاثها فى الجهات التابعة للأكاديمية، وتم الاتفاق على كل الخطوات بتوفيق من اللّه .
والمفتى إذ يبين ذلك للمواطنين جميعا، إنما يؤكد لهم صحة المواقيت الحسابية للصلاة وشرعية العمل بها، والالتزام والوقوف عندها فى الصوم والصلاة مع مراعاة الفروق الحسابية للمواقيت الحسابية موافقة للمواقيت الشرعية التى نزل بها جبريل عليه السلام على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالعلامات الطبيعية الواردة فى الأحاديث الشريفة التى رواها أصحاب السنن فى كتاب مواقيت الصلاة .
أما هؤلاء الذين ينظرون إلى الخيط الأبيض والخيط الأسود لتحديد وقت الفجر وبدء الصوم، فقد سبقهم إلى هذا أعرابى فى عهد الرسول صلى اللّه عليه وسلم .
فقال روى البخارى ومسلم عن سهل بن سعد قال نزلت { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } البقرة 187 ، ولم ينزل ( من الفجر ) .
وكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم فى رجليه الخيط الأبيض والأسود، ولا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتها، فأنزل اللّه بعد ( من الفجر ) فعلموا أنه إنما يعنى بذلك بياض النهار .
وعن عدى بن حاتم قال ( قلت يارسول اللّه ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود أهما الخيطان قال إنك - لعريض القفا إن أبصرت الخيطين .
ثم قال لا . بل سواد الليل وبياض النهار ) .
أخرجه البخارى، وسمى الفجر خيطا لأن ما يبدو من البياض يرى ممتدا كالخيط وقد أوضح الرسول صلى اللّه عليه وسلم علامة الفجر الصادق فى أحاديث المواقيت المشار إليها وعليها يجرى حساب المواقيت بالدقة التامة التى أكدها تقرير اللجنة التى عهد إليها بالفحص .
وبعد فإن على هؤلاء الذين يقولون بغير علم، أن يتقوا اللّه، حتى لا يضلوا الناس فى دينهم ولقد حذر اللّه سبحانه هؤلاء القائلين فى دينه بغير علم فقال { يا أيها الناس كلوا مما فى الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين .
إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على اللّه ما لا تعلمون } البقرة 168، 169 ، وبين هذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما رواه الزهرى عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده قال سمع النبى صلى اللّه عليه وسلم قوما يتمارون فى القرآن فقال ( إنما هلك من كان قبلكم بهذا ، ضربوا كتاب اللّه بعضه ببعض وإنما نزل كتاب اللّه يصدق بعضه بعضا ولا يكذب بعضه بعضا فما علمتم منه فقولوا وما جهلتم منه فكلوه إلى عالمه ) .
على هؤلاء . أن لا يلبسوا الدين بأغراض أخرى يبتغونها، لا يريدون بها وجه اللّه ولا إقامة دينه، فإن الحق أحق أن يتبع { ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون .
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين } البقرة 42 ،43 ، واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/71)
صلاة العيد فى الشارع أمام المسجد
F جاد الحق على جاد الحق .
2 صفر 1399 هجرية - 1 يناير 1979 م
M 1- صلاة العيد فى الصحراء سنة الرسول صلى اللّه عليه وسلم - ولم يصلها فى المسجد إلا لعذر المطر .
2- جرى على هذه السنة الخلفاء الراشدون وصحت لدى الأئمة عدا الإمام الشافعى الذى رأى أن الأفضل صلاة العيد فى المسجد إلا لعذر الزحام فى الصلاة .
3- صلاة العيد فى الشارع أمام المسجد لا تعتبر إحياء للسنة بل السنة أن تكون الصلاة فى الصحراء
Q بالطلب المقدم من السيد / رئيس مجلس إدارة جمعية الإصلاح والتعاون الإسلامية - المتضمن أنه يوجد بحى الشيخ مبارك بمصر القديمة بالقاهرة مسجد يتسع لجميع المصلين من أهل الحى كما يوجد مسجدان آخران .
وأن جمعية الإصلاح آنفة الذكر تتولى شئون المسجد الكبير وتؤدى فيه صلاة العيدين - وقد طلب بعض المصلين من الجمعية أن تقام صلاة العيد فى الشارع أمام المسجد إحياء للسنة النبوية الشريفة - وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع
An جرت سنة رسول اللّه صلوات اللّه وسلامة عليه على صلاة العيدين فى المصلى، وقد كان يترك المسجد فى هاتين الصلاتين .
كما روى أنه - صلى العيدين فى المسجد فى يوم مطير .
وقد جرى الخلفاء الراشدون على هذه السنة .
وقد صح هذا فى مذهب الإمام أبى حنيفة ومذهب الإمام أحمد بن حنبل ويرى الإمام مالك أن صلاة العيد مندوبة خارج المسجد .
ويكره أداؤها فى المسجد بغير عذر . أما الإمام الشافعى فيرى أن صلاة العيد فى المسجد أفضل إلا لعذر كما إذا ضاق بالمصلين وعندئذ يسن الخروج للفضاء لصلاة العيد .
ومن هذا يعلم أن صلاة العيد فى الصحراء سنة الرسول صلى اللّه عليه وسلم وأنه لم يصلها فى المسجد إلا لعذر المطر .
وقد جرى على هذه السنة الخلفاء الراشدون وصحت هذه السنة لدى الأئمة أبى حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل ولم تصح عند الإمام الشافعى ورأى أن الأفضل صلاة العيد فى المسجد إلا لعذر الزحام فى الصلاة - هذا وقد كانت صلاة الرسول صلى اللّه عليه وسلم العيدين فى الجبانة والمراد بها المصلى العام فى الصحراء - وكان من سنته صلى اللّه عليه وسلم أن يخرج إلى المصلى الذى على باب المدينة الشرقى وكانت إذ ذاك لا حائط فيها ولابناء - وكانت الحربة سترته يضعها أمامه .
ومن هنا فإن صلاة العيد فى الشارع أمام المسجد كما جاء بالسؤال لا تعتبر إحياء للسنة، بل السنة أن تكون الصلاة فى الصحراء هذا وينبغى للمسلمين ألا يختلفوا فى أمر لهم فيه سعة سيما وهو متعلق بالأفضلية لا بصحة الصلاة أو عدم صحتها .
وعليهم جميعا أن يتباعدوا عن أسباب الخلاف والنزاع ليتقبل اللّه العمل { واعتصموا بحبل اللّه جميعا ولا تفرقوا } آل عمران 103 ، ومن هنا يعلم الجواب .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/72)
قراءة القرآن يوم الجمعة والصلاة على النبى عقب الأذان
F جاد الحق على جاد الحق .
2 يناير 1980م
M 1- قراءة القرآن يوم الجمعة فى المسجد لا بأس بها .
2- الصلاة على النبى صلى اللّه عليه وسلم عقب الأذان سنة عند الشافعية والحنابلة بدعة حسنة عند الحنفية والمالكية
Q بالطالب المقدم من السيد/ ع أ أ المتضمن أنهم يؤذنون فى المسجد الأذان الشرعى، وعقب الأذان يقومون بالصلاة والتسليم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاعترضهم البعض مدعين أن ذلك حرام كما حرموا تلاوة القرآن الكريم قبل صلاة الجمعة .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى ذلك
An روى مسلم وأحمد وأبو داود والترمذى عن عبد اللّه بن عمر أنه سمع النبى صلى اللّه عليه وسلم يقول ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا على فإنه من صلى على صلى اللّه بها عليه عشرا .
ثم سلوا لى الوسيلة فإنها منزلة فى الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد اللّه وأرجوا أن أكون أنا هو .
فمن سأل اللّه لى الوسيلة عليه حلت عليه شفاعتى ) .
وفى رواية أخرى ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا على فإنه من صلى على وصلاة صلى اللّه عليه بها عشرا ) .
وقد اختلف الفقهاء فى الصلاة على النبى صلى اللّه عليه وسلم بعد الأذان .
هل يشمل المؤذن فيكون مأمورا بالصلاة على النبى بعد الأذان بالأول قال الفقهاء الشافعية والحنابلة .
وذهبوا إلى أنه يسن للمؤذن والسامع أن يصلى على النبى صلى اللّه عليه وسلم بعد الأذان وهو بعمومه يشمل كل أذان .
وفى حاشية رد المحتار لابن عابدين من كتب الحنفية والدردير فى فقه المالكية .
أن التسليم بعد الأذان حدث فى سنة 781 هجرية فى العشاء ثم فى الجمعة ثم فى باقى الأوقات إلا المغرب .
وأنه بدعة حسنة فى فقه المذهبين . ونقل السيوطى فى حسن المحاضرة عن السخاوى أنه حدث فى سنة 791 فى عهد السلطان الناصر صلاح الدين بأمر منه .
والذين لا يرون الصلاة والتسليم على النبى صلى اللّه عليه وسلم من المؤذن بعد الأذان يلتزمون بما وردت به السنة من ألفاظ الأذان دون زيادة عليها حتى لا تفسر بمضى الأيام بأنها من الأذان .
وإلى هذا ذهب الظاهرية والزيدية والزيلعى والذى أميل إلى الآخذ به هو ما قال به فقهاء المذاهب الأربعة من جواز الصلاة والتسليم على الرسول صلى اللّه عليه وسلم بعد الأذان بل أن فقهاء الشافعية والحنابلة قد ذهبوا إلى أنه من السنة، وذلك حرصا على أن يشهد الجماعة الأولى أكبر عدد من المسلمين الذين قد تشدهم أعمالهم فلا ينتهون لوقت الصلاة إلا بسماع الأذان ولكن على المؤذن أن يفصل بين ألفاظ الأذان وبين الصلاة والتسليم على الرسول صلى اللّه عليه وسلم بسكتة ليتضح انتهاء الأذان فعلا .
إذ لا شك أن الصحيح هو ما أرشد إليه الرسول صلى اللّه عليه وسلم فى قوله ( ما رآه المسلمون حسنا فهو عند اللّه حسن ) وقوله ( من سن سنة حسنة فله ثوابها وثواب من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) والنطق بالصلاة على رسول اللّه صلى اللّه بعد الأذان مع الفصل بينهما إذا عد فى البدع فى هذا الموضوع كان من أحسنها - أما تلاوة القرآن الكريم فى يوم الجمعة فقد ورد فى صحيح مسلم عن أبى هريرة رضى اللّه عنه قول الرسول صلى اللّه عليه وسلم ( ما اجتمع قوم فى بيت من بيوت اللّه يتلون كتاب اللّه ويتدارسونه بينهم إلا أنزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم اللّه فيمن عنده ) وذلك يجرى فى المساجد من قراءة القرآن يوم الجمعة فى الوقت الذى يفد فيه المسلمون إلى المساجد هذا القبيل .
واعتياد الناس قراءة سورة الكهف هو الاقتصار على آيات محددة يصلى بها لمن يحفظ غيرها .
هذا وننصح السائل وغيره من المسلمين بالبعد عن المشادة فى الدين وأحكامه والتثبت من صحة القول قبل إطلاقه بالتحريم أو التحليل .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/73)
فوائت الصلاة
F جاد الحق على جاد الحق .
رجب 1400 هجرية - 7 يونيه 1980 م
M 1- الصلاة ركن من أركان الإسلام الخمسة ولاتسقط عن المكلف إلا إذا كانت امرأة حائضا أو نفساء .
2 - يرى الحنفية وجواب الترتيب فى قضاء الفوائت إذا لم تبلغ ستا غير الوتر ويرى المالكية والحنابلة وجوب الترتيب مطلقا ، بينما يرى الشافعية أن تلك سنة .
3- إذا كثرت الفوائت بحيث لا يعرف عددها سقط الترتيب
Q بالطلب المقدم من السيد الدكتور / ص ص ع المتضمن أن السائل منذ سنوات كان يؤدى بعض أوقات الصلاة ويترك كثيرا من الفروض والتى لا يعرف عددها ولا عدد السنوات التى مرت مع العلم بأنه يقوم الآن بأداء الصلاة دون أن يترك أى فرض منها .
ويريد أن يعرف الحكم الشرعى بالنسبة لما فاته من أوقات الصلاة
An الصلاة هى من أفضل أعمال الإسلام وأعظمها شأنا ، وهى ركن من أركان الإسلام الخمسة ، بل هى عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين .
وقد ثبتت فرضيتها بالكتاب والسنة . أما الكتاب فقوله تعالى { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } النساء 103 ، وأما السنة فقوله صلى اللّه عليه وسلم ( خمس صلوات كتبهن اللّه على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند اللّه أن يدخله الجنة ) وقد وردت أحاديث كثيرة فى تعظيم شأن الصلاة والحث على أدائها فى أوقاتها أو النهى عن الاستهانة بأمرها و التكاسل عن إقامتها .
وقد حذر الرسول صلى اللّه عليه وسلم من تركها والتهاون فى أدائها من ذلك قوله صلى اللّه عليه وسلم ( بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ) هذا : ولا تسقط الصلاة عن المسلم البالغ العاقل إلا إذا كانت المرأة حائظا أو نفساء ، واذا كان هذا شأنها وكانت أولى الفرائض العملية فى حديث ( بنى الإسلام على خمس .
شهادة ألا إله إلا اللّه وأن محمد رسول اللّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا ) لما كان ذلك .
كان قضاء الفرائض حتما على كل مسلم .
وقد اختلف فقهاء المذاهب الأربعة فى حكم ترتيب الفوائت مع الحاضرة على النحو التالى .
يرى فقهاء الحنفية أنه يجب الترتيب بين الفوائت إذا لم تبلغ ستا غير الوتر .
فمن كانت عليه فوائت أقل من من ست صلوات وأراد قضاءها يلزمه أن يقضيها مرتبة فلو صلى الظهر قبل الصبح مثلا فسدت صلاة الظهر ووجب عليه إعادتها بعد قضاء صلاة الصبح .
ويسقط الترتيب بأحد أمور ثلاثة : 1 - أن تصير الفوائت ستا غير الوتر .
2 - ضيق الوقت عن أن يسع الوقتية والفائتة .
3 - نسيان الفائتة وقت أداء الحاضرة .
ويرى فقهاء المالكية أنه يجب ترتيب الفوائت فى نفسها سواء كانت قليلة أو كثيرة بشرطين : 1 - أن يكون متذكر للسابقة .
2 - أن يكون قادرا على الترتيب .
كما يجب ترتيب الفوائت اليسيرة ومقدارها خمس صلوات فأقل مع الصلاة الحاضرة فلو خالف وقدم الحاضرة عمدا صحت صلاته مع الإثم .
أما قدم الحاضرة سهوا فلا إثم .
ويندب له فى الحالتين إعادة الحاضرة بعد قضاء الفائتة .
ويرى فقهاء الحنابلة أن ترتيب الفوائت فى نفسها واجب سواء كانت قليلة أو كثيرة، فإن خالف الترتيب بأن صلى العصر قبل الظهر مثلا لم تصح المقدمة على محلها إلا إذا كان ناسيا حتى فرغ من الصلاة، فتصح الصلاة بالنسبة للثانية .
أى المقدمة كما يجب تقديمها على الفوائت، وإذا قدم الحاضرة على الفوائت ناسيا صحت صلاته .
ويرى فقهاء الشافعية أن ترتيب الفوائت فى نفسها سنة سواء كانت قليلة أو كثيرة، فلو قدم بعضها على بعض صح ذلك .
وترتيب الفوائت مع الحاضرة سنة أيضا بشرطين : 1 - ألا يخشى فوات الحاضرة .
2 - أن يكون متذكرا للفوائت قبل الشروع فى الحاضرة .
وإذا كانت هذه هى أقوال فقهاء المذاهب فى ترتيب قضاء الفوائت فإن أيسرها هو ما قال به فقه الإمام الشافعى .
إذ جعل الترتيب سنة سواء بين الفوائت أو مع الحاضرة، وتركه لا يمنع صحة القضاء .
ولما كان السائل قد كثرت عليه فوائت الصلاة بحيث لا يعرف عددها .
وقد زادت فوائته عن ستة فروض على ما هو واضح من سؤاله يكون الترتيب فى القضاء ساقطا عنه، وأنصحه بقضاء ما يستطيع فى وقت كل فرض .
فيصلى مع الصبح مما فاته من هذا الفرض ، ومع الظهر كذلك وهكذا بقية الفرائض .
وما دام قضاء الفوائت قد اقترن بالتوبة والندم فإن اللّه يقبل التوبة عن عباده وهو الغفور الرحيم .
والمطلوب من المسلم العمل بقدر الاستطاعة امتثالا لقوله تعالى { فاتقوا اللّه ما استطعتم } التغابن 16 ، واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/74)
صلاة العيد فى قاعات اللهو
F جاد الحق على جاد الحق .
شعبان 1400 هجرية - 22 يونية 1980 م
M 1 - صلاة العيد سنة فى الصحراء عند أبى حنيفة وأحمد بن حنبل ومندوبة عند المالكية .
وعند الشافعية فى المسجد أفضل لشرفه إلا لعذر كضيقه .
2 - من السنة خروج النساء والأطفال لشهود صلاة العيد ولو لم يشتركوا فيها .
3 - الأماكن المعدة أصلا للرقص وشرب الخمر منهى عن الصلاة فيها .
لما اقترن بالمكان من ملابسات توهن خشوع المصلى .
ولأنها أماكن يأوى إليها الشيطان ويصد فيها عن ذكر اللّه وعن الصلاة .
4 - تنظيف هذه الأماكن وكنسها يزيل عنها النجاسة الحسية لا المعنوية .
5 - الصلاة فى هذه الأماكن لا تدخل فى باب الضرورات
Q من مدير المجلس الإسلامى فى كندا - أوتاوا بكتابة المرسل وقد جاء به إنه منذ سنوات قليلة أدخل بعض المسلمون تقليدا جديدا على صلاة العيد فى هذه القارة .
ذلك أنهم يهجرون المساجد يوم العيد لضيق المكان ويستأجرون قاعة أقيمت للهو المحرم تجمعهم فى صلاة واحدة، ويستندون إلى الرسول صلى اللّه عليه وسلم كان يصلى العيد خارج المدينة فى الفلاة إلا لعذر .
بناء على هذا نرجو إجابتكم على ما يلى أولا : هل من شروط صلاة العيد أن يصلى الناس فى مكان واحد ووقت واحد بصرف النظر عن نوعية المكان .
ثانيا : هل تجوز الصلاة فى قاعة أقيمت للرقص شبه العارى وحفلات الخمر بالرغم من وجود مسجد فى المدينة .
ثالثا : هل تنظيف هذه الأماكن يزيل عنها النجاستين الحسية والمعنوية .
رابعا : إن جازت الصلاة فيها، فهل ذلك يعنى : أن الضرورات تبيح المحظورات .
خامسا: وإن جازت فأيهما أفضل ثوابا الصلاة دفعة واحدة، أم الصلاة فى المسجد على دفعتين
An إن السنة النبوية الشريفة جرت بأن يصلى الناس العيد فى المصلى فى الصحراء على مشارف المدينة ومن هنا قال الإمامان أبو حنيفة وأحمد ابن حنبل بأن الصلاة العيد فى الصحراء سنة، وقال الإمام مالك إنها مندوبة .
وفى فقه الإمام الشافعى أن صلاة العيد بالمسجد أفضل لشرفة إلا لعذر كضيقه عن استيعاب الناس ووقوع الزحام، وعندئذ يسن الخروج لصلاة العيد فى الصحراء .
وجرت السنة كذلك بأن يخرج لشهود صلاة العيد النساء والأطفال ولو لم يشتركوا فيها إظهارا لكرامة هذا اليوم، باعتبار عيدا يعقب أداء فريضة الصوم أو فريضة الحج .
وفى شأن مكان الصلاة، هل تجوز فى قاعة مقامة للرقص وغيره من المنكرات المحرمة فى الإسلام .
نعرض ما جاء فى الكتاب المهذب للشيرازى وشرحه المجموع للإمام النووى وهما من أئمة فقه مذهب الإمام الشافعى ( ج 3 ص 161 وما بعدها المطبوع مع كتاب فتح العزيز شرح الوجيز للرافعى ) .
يكره أن يصلى فى مأوى الشيطان .
كما روى أن النبى صلى اللّه عليه وسلم قال ( اخرجوا من هذا الوادى فإن فيه شيطانا ) فلم يصلى فيه، فالصلاة فى مأوى الشيطان مكروهة بالاتفاق، وذلك مثل مواضع الخمر والحانات ونحوها من المعاصي الفاحشة .
ثم قال النووى : فإن صلى فى شىء من ذلك ولم يماس نجاسة بيده ولا ثوبه صحت صلاته مع الكراهة، وهذا الحديث المذكور صحيح عن أبى هريرة رضى اللّه عنه قال ( عرسنا مع النبى صلى اللّه عليه وسلم فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس ، فقال النبى صلى اللّه عليه وسلم : ليأخذ كل رجل برأس راحلته فإن هذا موضع حضرنا فيه الشيطان ) .
رواه مسلم وغيره .
وإذا كان ذلك كانت الصلاة فى المكان المعد للرقص والخمر والصخب مكروهة ولكنها جائزة إذا طهر المكان عن ذات النجاسات لتحقيق شرط المكان وهو طهارته عن النجس .
هذا وقد نص فقهاء مذهب الإمام أبى حنيفة على أن الصلاة مكروهة بحضرة كل ما يشغل البال كالزينة ونحوها، أو يحل بالخشوع كاللهو واللعب .
ونص فقهاء مذهب الإمام الشافعى - كما تقدم - على كراهة الصلاة فى مجال المعاصى .
ونص فقهاء مذهب الإمام أحمد بن حنبل على أن الصلاة مكروهة إلى مجلس يتحدث فيه الناس، أو إلى ما يشغل المصلى كحائط منقوش .
ومن هذا نستبين - على وجه الإجمال - أن الصلاة مكروهة فى مكان يذهب بالخشوع فيها ، وأن تنظيف صالة الرقص والخمور من النجاسة الحسية لا يطهرها من النجاسة المعنوية اللصيقة بها، والتى عبر عنها الفقهاء ووصفوها بأنها مأوى الشيطان، إذ فيها تتوارد الخواطر الأثيمة على المصلى فتشغله عن الخشوع والطمأنينة فى صلاته فتصبح مجرد حركات وأفعال لا روح فيها .
وإذا كان من واجبات المسلمين اتباع السنة فإنه إذا لم يتيسر لهم صلاة العيد فى الصحراء كان عليهم صلاتها فى مساجدهم، كما نص على ذلك فقهاء الشافعى، لأن المسجد أشرف مكان للصلاة .
لكن لا تجوز صلاة العيد على دفعتين فى مسجد واحد ، وإنما تجوز فى مسجدين أو فى عدة مساجد فى وقت واحد كالشأن فى صلاة الجمعة يجوز أداؤها فى أكثر من مسجد ولا تتكرر فى مسجد واحد .
لما كان ذلك : كان إجماع الإجابة على تلك الأسئلة كما يلى : أولا : إن السنة الشريفة تقضى بأن يجتمع المسلمون فى أقرب فضاء كالصحراء على مشارف المدن أو القرى لصلاة العيد، لأن هذه الصلاة لا يجوز تكرارها فى مكان واحد وإن جاز تعددها فى عدة مساجد كالشأن فى صلاة الجمعة .
ثانيا : إن النهى عن الصلاة فى الأماكن المعدة أصلا للرقص وشرب الخمر إنما هو لما اقترن بالمكان من ملابسات توهن خشوع المصلى وتطوف به فيما دار فى هذا الموضع من أمور ينكرها الإسلام .
فهى أماكن كما وصفها الفقهاء أخذا من الحديث الشريف - يأوى إليها الشيطان ويصد فيها عن ذكر اللّه وعن الصلاة { ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين } الزخرف 62 ، وهذا على مثال النهى عن أداء الصلاة فى الدار المغصوبة، فإنه ليس لعدم جواز الصلاة فيها ووقوعها باطلة، وإنما النهى عن هذا لما اقترن بها من الغصب .
ومن ثم فإذا تعذرت صلاة العيدين فى الصحراء كما هى السنة ، أو فى حديقة مثلا تتسع لجميع المسلمين فى هذه الصلاة التى لا تتكرر فى العام الواحد كان أداؤها فى المسجد أحق وأولى ، وإن ضاق المسجد اقتصر الحضور فيه على المصلين فقط دون النساء والأطفال، وإن تعددت المساجد فى المدينة صلى المسلمون صلاة العيد فيها فى وقت واحد ثم يتجمعون للتحية والتهانى بالعيد فى المكان الذى يختارونه فى غير منكر يقترفونه .
ثالثا : إن تنظيف تلك القاعة وكنسها يزيل عنها النجاسة الحسية التى قد تكون عالقة بأرضها أو بجدرانها، ولكنه يطهرها من النجاسة المعنوية التى هى رجس الشيطان، والتى يستفاد لزومها إياها من وصف الفقهاء، بأن أماكن المعاصى مأوى الشيطان وحكموا بكراهة الصلاة فيها .
رابعا : الصلاة فى هذه القاعة لا تدخل فى باب الضرورات لوجود المساجد .
وأداء صلاة العيد فى المسجد عند تعذر إقامتها فى الصحراء أو الفضاء أحق وأولى وأفضل ثوابا عند اللّه، لأن المسجد الذى أسس على التقوى ولذكر اللّه لا يسكنه الشيطان ولا يأوى إليه ، لكن لا يجوز أداء صلاة العيد فى مسجد واحد على دفعتين كالشأن فى صلاة الجمعة وإن جاز تعدد أدائها فى وقت واحد فى عدة مساجد .
وبعد فإن على الجماعات الإسلامية فى كندا وفى غيرها من شتى أنحاء أرض اللّه أن تحافظ على وحدة الصف بين المسلمين، وأن تيسر أداء شعائر الإسلام فى طهر ويسر متمسكة بمبادئ الإسلام وهدايته، ملتزمة بسنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا تحديد عنها ولا تبغى بها بديلا .
وأن على هذه الجماعات تعويد نساء المسلمين وأولادهم مراعاة آداب الصلاة .
فإذا حضرن إلى المساجد فليكن ذلك فى وقار وملابس ساترة لا تكشف ولا تحدد، وليكن معلوما أن النساء مؤخرات فى الصلاة، فلا يقفن مع الرجال فى صف واحد ولا يتقدمن عليهم، بل يتأخرن عنهم، ولا ينبغى أن تكون صلاة العيد واجتماع المسلمين فيها تسلية لغير المسلمين لأنه وإن كان دخول غير المسلمين المساجد والمسجد الحرام موضع نقاش وخلاف بين الفقهاء .
فقال أهل المدينة (مذهب مالك) يمنع المشركون من دخول سائر المساجد، وقال الشافعى إنهم يمنعون من دخول المسجد الحرام ولا يمنعون من دخول غيره .
وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يمنع اليهود والنصارى من دخول المسجد ولا غيره .
ولعل استقبال الرسول صلى اللّه عليه وسلم لنصارى بنى نجران فى المسجد يؤيد القائلين بجواز دخول غير المسلمين المساجد، ومما يؤكد هذا أيضا ما ثبت من أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ربط ثمامة فى المسجد وهو مشرك، وقد قيل إن هذا كان لينظر ثمامة حسن صلاة المسلمين واجتماعهم عليها وحسن آدابهم فى جلوسهم فى المسجد، فيستأنس بذلك ويسلم وهذا ما كان من ثمامة فعلا .
وحبذا لو أحسن المسلمون تنظيم جموعهم فى صلاة العيد كما يتطلب ذلك الإسلام من المسلمين ليكون شهود الغير لهم مدعاة لدخولهم فى الإسلام كما كان من ثمامة رضى الله عنه .
وانصح الأخر صاحب الرسالة بأن يتسع صدره ويجتهد فى بيان حجته وفى النصح والإرشاد .
إذ ينبغى لنا أن نترفع عن الاختلاف والشقاق، وأن نبتغى الهدى فى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد قال ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما - كتاب الله وسنتى ) هدانا الله وإياكم التمسك بحبله المتين ودينه القويم .
وأداء شعائره كما أمرنا بها .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/75)
حكم القعود الأول فى الصلاة ورضاع محرم
F جاد الحق على جاد الحق .
محرم 1401 هجرية - 17 نوفمبر 1980 م
M 1 - اختلف الفقهاء فى حكم القعود الأول فى الصلاة الرباعية والثلاثية والتشهد فيه وأثر تركه فى الصلاة عمدا أو سهوا : ( أ ) القول الصحيح فى فقه الإمام أبى حنيفة أن هذا القعود والتشهد فيه من واجبات الصلاة التى يجبرها سجود السهو إن ترك سهوا ، فإن ترك عمدا وجبت عليه الإعادة .
وإلا كانت صحيحة مع إثمه ( ب ) فى فقه الإمام أحمد أنه من الواجبات .
إن تركه عمدا بطلت صلاته وإن تركه جهلا أو سهوا لا تبطل وعليه السجود للسهو .
( ج ) فى فقه الإمامين مالك والشافعى أنه من سنن الصلاة، وتركه على هذا لا يترتب عليه بطلان الصلاة .
2 - برضاع بنت خالة السائل من أمه أكثر من سبع رضعات مشبعات فى مدته .
صارت أختا له من الرضاع، ولايحل له الزواج منها فى قول فقهاء المذاهب جميعا
Q بالطلب المقدم من الأستاذ / ج ص المحامى - المتضمن : أولا : أن زميلا له حدثه أن هناك آية فى القرآن تقول : يا عبدى أطعنى تكن عبدا ربانيا تقول للشىء كن فيكون ويسأل فى أى سورة هى .
ثانيا : قيل له إن نصف التشهد يقرأ بعد كل ركعتين فى الصلاة إذا كانت أكثر من اثنتين كالظهر والعصر والمغرب والعشاء فما هو مصدر ذلك علما بأنى أصلى المغرب فقط بنصف التشهد بعد ركعتين .
ثالثا : يقول إن بنت خالته رضعت من أمه رضاعة كاملة مشبعة أكثر من سبع مرات، وكانت أمه قد فطمت أخته الشقيقة لمدة ستة أشهر، وعندما أرضعت بنت أختها التى هى بنت خالته جاء اللبن من عند الله فهل يجوز لى الزواج من بنت خالتى المذكورة أم لا
An عن السؤال الأول : لا يوجد فى القرآن الكريم آية بهذه العبارة .
وعن السؤال الثانى : اختلف الفقهاء فى حكم القعود الأول فى الصلاة الرباعية والثلاثية والتشهد فيه وأثر تركه فى الصلاة عمدا أو سهوا .
فالقول الصحيح فى فقه الإمام أبى حنيفة أن هذا القعود والتشهد فيه من واجبات الصلاة التى يجبرها سجود السهو إذ1 ترك سهوا .
وإن تركه المصلى عمدا وجبت عليه إعادة الصلاة وإن لم يعدها كانت صحيحة مع إثمه .
وفى فقه مذهب الإمام أحمد بن حنبل أن هذا القعود من الواجبات إذا تركه المصلى عمدا بطلت صلاته، وإذا تركه جهلا أو سهوا لا تبطل وعليه السجود للسهو .
وفى فقه الإمامين مالك والشافعى أن هذا القعود والتشهد فيه من سنن الصلاة، وتركه على هذا لا يترتب بطلان الصلاة .
هذا : وقد ثبت فى الحديث الشريف عن مالك بن الحويرث الذى رواه أحمد والبخارى قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( صلوا كما رأيتمونى أصلى ) وقد كان يجلس فى الصلاة الرباعية والثلاثية القعود الأول ويتشهد فيه .
فكان علينا اتباعه بغض النظر عن الخلاف فى توصيف هذا القعود بأنه واجب أو سنة لأن الخلاف مناطه درجة الدليل .
وعن السؤال الثالث : فإنه لما كان الثابت من واقعة السؤال أن أم السائل قد أرضعت بنت أختها ( خالته ) إرضاعا مشبعا أكثر من سبع مرات كانت هذه البنت أختا للسائل من الرضاع ولا يحل له الزواج منها فى قول فقهاء المذاهب جميعا ، متى تم هذا الإرضاع فى مدته الشرعية .
وهى سنتان قمريتان على الأصح المفتى به . حيث صدق عليها قول الله سبحانه فى سورة النساء فى آية المحرمات رقم 23 { وأخواتكم من الرضاعة } النساء 23 ، والله سبحانه وتعالى أعلم(1/76)
صلاة الجنازة وستر الجثة عند نقلها
F جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الآخر 1401 هجرية - 15 فبراير 1981 م
M 1 - التكبير فى صلاة الجنازة قائم مقام الركعات بإجماع الفقهاء وهو أربع، واختلفوا فى الزيادة عليها، مع رفع اليدين فى التكبيرة الأولى باتفاق واختلفوا فيما بعدها .
2 - الدعاء للميت بعد التكبيرة الثالثة باتفاق الأئمة، وبعد الصلاة مشروع فى كل وقت .
3 - ستر الميت رجلا كان أو امرأة عند نقله إلى القبر مستحب .
4 - المسجد ليس شرطا فى صحة الصلاة مطلقا فرادى أو جماعة، والأصح جواز إقامة الصلاة المفروضة جماعة فى البيت كإقامتها فى المسجد .
5 - اسقط العلماء وجوب صلاة الجمعة عن الأعمى عند تعذر الوصول بنفسه إلى المسجد بدون مشقة ولم يجد من يقوده إليه، وأبو حنيفة وفقهاء مذهب الإمام أحمد على سقوطها عنه مطلقا ، والإمامان مالك والشافعى على وجوبها عليه إن وجد قائدا ، ويسرى هذا الحكم فى شأن الجماعة فى الفروض الأخرى مع اختلاف فى حكمها بين الوجوب العينى والكفائى والسنة المؤكدة
Q بالطلب القدم من السيد / م ص م من السودان - بالأسئلة التالية : 1 - ما الحكم فى مشروعية تكبير المأمومين وراء الإمام فى صلاة الجنازة والدعاء للميت بعد الصلاة .
2 - هل فى أحكام الشرع نقل الجثة إلى المقابر بدون عمل أى سترة كغطاء - بالملاية مثلا - وينقل الميت إلى المقابر بكفنه فقط .
3 - ما الحكم فى إقامة صلاة الجماعة فى أى مكان خلاف المسجد ولو كان هناك بعد فى المسافة والناس يسمعون الأذان من المسجد بواسطة مكبر الصوت .
4 - ماذا يعنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الضرير الذى كان معتادا الصلاة فى المسجد، ثم أراد التخلف بحجة أنه لا يجد أحدا يوصله إلى المسجد فرخص له الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد ما خطأ خطوات ناداه رسول الله عليه وسلم وسأله أيسمع النداء فقال نعم قال فأجب .
وطلب السائل بيان قصد الرسول صلى الله عليه وسلم من كلمة ( فأجب ) وهل تعتبر هذه الكلمة أمرا من الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرجل الضرير بالحضور إلى المسجد، أم قصد الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة شيئا آخر
An عن السؤال الأول : التكبير فى صلاة الجنازة قائم مقام الركعات وقد أجمع الفقهاء على أن التكبيرات على الميت أربع، وأن على المأمومين متابعة الإمام فيها، واختلفوا فيما إذا زاد الإمام على أربع تكبيرات - فقال الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعى لا يتابعه المأمون - وهو رواية عن الإمام أحمد، وعنه رواية أخرى بالمتابعة فى التكبيرة الخامسة .
ورواية ثالثة فى المتابعة إلى السابعة .
ونميل للعمل بوجوب متابعة المأمومين للإمام فى التكبيرات الأربع فقط .
وقد أجمع أهل العلم على أن المصلى على الجنازة يرفع يديه فى التكبيرة الأولى فقط، واختلفوا فى الثلاثة الأخرى .
فقال الإمامان الشافعى وأحمد باستحباب رفع اليد فيها، ومنع الرفع فيها الإمامان أبو حنيفة ومالك .
أما الدعاء للميت فإنه بعد التكبير الثالثة باتفاق الأئمة .
أما الدعاء له بعد الصلاة .
فالدعاء للميت مشروع فى كل وقت أخذا بالحديث الشريف الذى رواه أبو هريرة عند مسلم وأهل السنن ونصه ( نيل الأوطار ج 4 ص 93 ) ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقه جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ) .
وعن السؤال الثانى : فى فقه مذهب الإمام الشافعى : أنه يستحب ستر الميت رجلا كان أو امرأة عند نقله إلى القبر، وقال الأئمة أبو حنيفة ومالك وأحمد يستحب هذا فى المرأة فقط .
وما قال به لفقه الشافعى فى هذا الموضوع أولى بالعمل به .
وعن السؤال الثالث : إن المسجد ليس شرطا فى صحة الصلاة مطلقا سواء كانت تؤدى فرادى أو جماعة .
لقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ( نيل الأوطار ج ص 259 ) ( جعلت لى الأرض مسجدا طهورا فأينما أدركتنى الصلاة تمسحت وصليت ) رواه البخارى ومسلم .
وقد اختلف العلماء فى إقامة الجماعة فى الصلاة المفروضة فى البيت ، والأصح أنها جائزة كما قامتها فى المسجد .
ومن ثم تصح الجماعة فى الفروض فى أى مكان طاهر غير المسجد ولو كان أهل هذه الجماعة يسمعون الأذان من المسجد سواء عن طريق مكبر للصوت أو بدونه .
ولكن الأولى هو تلبية هذا النداء وإقامة الجماعة فى المسجد، لما فى ذلك من تكثير جمع المصلين وتعمير المساجد بكثرة روادها والمصلين فيها .
عن السؤال الرابع : أسقط العلماء وجوب صلاة الجمعة عن الأعمى إذا تعذر عليه الوصول بنفسه إلى المسجد بدون مشقة ولم يجد من يقوده إليه - وقال فقهاء مذهب الإمام أحمد بن حنبل : إن الجمعة تسقط عنه حتى إن أمكنه الوصول بنفسه إلى المسجد بدون مشقة - وقال الإمام أبو حنيفة : لا تجب عليه وإن وجد قائدا - وقال الإمامان مالك والشافعى : تجب عليه إذا وجد قائدا - هذا فى شأن صلاة الجمعة التى قال فى شأنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لقد هممت أن آمر رجلا يصلى بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم ) رواه مسلم .
وفى شأن الجماعة فى الفروض الأخرى مع اختلاف الفقهاء فى حكمها بين الوجوب العينى والكفائى والسنة المؤكدة الشبيهة بالواجب يسرى ذلك الحكم أيضا .
أما قول الرسول صلى الله عليه وسلم للأعمى الذى استرخص فى عدم الذهاب إلى المسجد لأنه لا يجد قائدا : أتسمع النداء - قال : نعم ، قال : فأجب ، فيحمل على أن هذا الأعمى كان فى غير حاجة إلى من يقوده إلى المسجد وإنما يهتدى إليه بنفسه .
ويحمل أيضا على أن المقصود بعبارة : فأجب .
أى قل مثل ما يقول المؤذن ، وهذا الاحتمال هو الأولى والأقرب ، لأنه بعد الترخيص له بعدم حضور صلاة الجماعة علمه الرسول صلى الله عليه وسلم ما يشارك به ويجب المؤذن .
وعلى هذا يكون الأمر فى هذه العبارة للندب، ويؤكد الأحاديث الشريفة الواردة فى إجابة المؤذن .
وقد قال الفقهاء بأن إجابة المؤذن مندوبة على خلاف بينهم فى عبارات الإجابة .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/77)
صلاة المريض ومن به سلس بول
F جاد الحق على جاد الحق .
ذو الحجة 1401 هجرية - أكتوبر 1980 م
M 1 - فقهاء المذاهب متفقون على أن القيام فى الصلاة المفروضة فى موضعه منها فرض على المستطيع، وإلا بطلت صلاته .
2 - من لا يقدر على النهوض للوقوف فى الصلاة إلا بمعين ولا يتأذى بالقيام، لزمه الاستعانة إما بمتبرع، وإما بأجرة المثل، أو إن قدر متكئا على عصا أو مستندا إلى حائط، ووجب عليه القيام فى صلاة الفرض لأنه صار فى حكم القادر ، فإن عجز عن ذلك سقط عنه الوقوف .
3 - الأصل أن الوضوء ينقض بخروج أى شىء من القبل أو الدبر .
وهذا قدر متفق عليه بين فقهاء المذاهب بالنسبة للإنسان الصحيح .
4 - على الإنسان الصحيح أن يتحقق من صحة طهارته بالاستنجاء وغسل القبل والدبر جيدا ، وألا يتسرع فى الغسل بمجرد انقطاع نزول البول ، بل يتريث ريثما ينقطع نهائيا وينتهى إحساسه بالحاجة إلى التبول .
5 - من به سلس بول أو مذى، وهو نزول قطرات ماء من القبل فى فترات متقطعة لا يتحكم فى منع نزولها، حكمة حكم المستحاضة يغسل ويحشو ويربط ربطا محكما ثم يتوضأ لكل صلاة مفروضة ويبادر بالصلاة بعد الوضوء .
6 - من هذا حالة يصلى بهذا الوضوء ما يشاء من الصلوات ، وينقض وضوؤه بانتهاء وقت الصلاة المفروضة التى توضأ لها، ويتوضأ لفرض آخر بدخول وقته .
7 - عليه التطهير للصلاة بقدر الاستطاعة، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
Q بالطلب المقيد م من السيد / ج م م المتضمن : أولا : أنه قد بلغ من العمر 78 عاما ومريض بروماتيزم المفاصل مما لا يمكنه أداء الصلاة قائما إلا إذا كان مستندا على حائط أو عصا .
ويسأل عن حكم ذلك شرعا .
ثانيا : فى بعض الأوقات يخرج منه نقطة من البول بدون أى مناسبة كما يحصل ذلك بعد الوضوء وفى أثناء الصلاة .
ويسأل عن تأثير ذلك على صحة الوضوء والصلاة
An أولا : اتفق فقه المذاهب على أن القيام فى الصلاة المفروضة فى موضعه منها فرض على المستطيع - وأنه متى أخل المصلى بالقيام مع القدرة بطلت صلاته استدلالا بقوله تعالى { وقوموا للّه قانتين } البقرة 238 ، وبحديث ( رواه البخارى ج 1 ص 183 وفى سنن أبى داود ج 1 ص 151 ) عمران بن الحصين رضى الله عنه قال : كانت بى بواسير فسألت النبى صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال : صلى قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب ) رواه البخارى وأبو داود وزاد النسائى ( فإن لم تستطع فمستلقيا ) كما اتفق الفقهاء على أن من لم يستطع القيام فى صلاة الفرض كان له يؤديها قاعدا كما جاء فى هذا الحديث وأنه إذا لم يقدر على النهوض للوقوف فى الصلاة إلا بمعين وكان إذا نهض لا يتأذى بالقيام لزمه الاستعانة، إما بمتبرع وإما بأجرة المثل إن وجدها وكذلك إن قدر على القيام متكئا على عصا أو مستندا إلى حائط من غير ضرر ولا أذى يلحقه فى جسده، وجب عليه القيام فى صلاة الفرض .
لأنه صار فى حكم القادر .
لما كان ذلك كان للسائل إذا استطاع القيام فى صلاة الفرض سوءا بنفسه أو بأية وسيلة مما تقدم دون ضرر ولا أذى لزمه ذلك، فإن عجز عن الوقوف بنفسه أو بوسيلة مساعدة كان له أن يصلى قاعدا ، ويسقط عنه الوقوف لقوله تعالى { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } البقرة 286 ، وقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( رواه أبو هريرة رضى الله عنه فى النسائى ج 5 ص 110 (باب الحج) ) .
(فإذا أمرتكم بالشىء فخذوا به ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شىء فاجتنبوه) .
وقد أجمل ابن جزى ( القوانين الفقهية ص 74 تحقيق المرحوم عبد العزيز سيد الأهل ج 1 دار العليم للملايين بيروت ) أحوال صلاة المريض اتفاقا استنباطا من السنة الشريفة بقوله : صلاة المريض له أحوال - أن يصلى قائما غير مستند فإن لم يقدر أو قدر بمشقة فادحة صلى قائما مستندا ، ثم جالسا مستقلا ثم جالسا مستندا ، ثم مضطجعا ، ثم على جنبه الأيمن مستقبل القبلة بوجهه ثم مستلقيا على ظهره مستقبل القبلة برجليه .
وقيل يقدم الاستلقاء على الاضطجاع ، ثم مضطجعا على جنبه الأيسر ويومىء بالركوع والسجود فى الاضطجاع والاستلقاء .
فإن لم يقدر على شئ نوى الصلاة بقلبه وفاقا للشافعى، وقيل تسقط عنه وفاقا لأبى حنيفة .
ثانيا : الأصل أن الوضوء ينتقض بخروج أى شىء من القبل أو من الدبر لقوله تعالى { أو جاء أحد منكم من الغائط } المائدة 6 ، وبالسنة المستفيضة وبالإجماع وبالقياس على الغائط - هذا قدر مقرر متفق عليه بين فقهاء المذاهب بالنسبة للإنسان الصحيح، إذ عليه أن يتحقق من صحة طهارته بالاستنجاء وغسل القبل والدبر جيدا - وألا يتسرع فى الغسل بمجرد انقطاع نزول البول، بل يتريث ريثما ينقطع نهائيا وينتهى إحساسه بالحاجة إلى التبول .
إما من به مرض مما سماه الفقهاء سلس البول أو سلس المذى، وهو نزول قطرات ماء من القبل فى فترات متقطعة مع العجز عن التحكم فى منع نزولها .
فقد قال الفقهاء إن من هذا حاله حكمه حكم المرأة المستحاضة التى يسيل منها الدم مرضا ونزيفا لا حيضا - ذلك الحكم هو وجوب غسل محل النجاسة، ثم حشو عضو التبول والربط عليه ربطا محكما ، ثم الوضوء لكل وقت صلاة مفروضة والمبادرة بالصلاة بعد الوضوء - ويصلى من هذا حالة بهذا الوضوء ما يشاء من الصلوات وينتقضى وضوؤه بانتهاء وقت الصلاة المفروضة التى توضأ لها ويتوضا لفرض آخر بدخول وقته .
والأصل فى هذا حديث عدى بن ثابت ( رواه أبو داود والترمذى ) عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم فى المستحاضة ( تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتصوم وتصلى وتتوضأ عند كل صلاة ) وفى الباب أحاديث أخرى لما كان ذلك : كان على السائل المبادرة بالصلاة عقب الوضوء إذا كان نزول نقط الماء منه فى أوقات متباعدة، وأن يتريث ولا يسارع إلى الاستنجاء إلا إذا انتهى إحساسه بحاجته للتبول، فإذا لم يستطع أو كان نزول نقط البول أو المذى اضطرارا ولا يمكن التحكم فيه وقت الصلاة كان عليه بعد الاستنجاء أن يحشو فتحة عضو التبول منه ويربط عليه ربطا جيدا محكما ثم يتوضأ لوقت كل صلاة .
وبهذا لا تتنجس ثيابه بما ينزل منه، وليعلم أن عليه التطهر للصلاة بقدر الاستطاعة وفى نطاق ما تقدم إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وهو القائل فى كتابه : { فاتقوا الله ما استطعتم } والله سبحانة وتعالى أعلم(1/78)
سن الأضحية وأوقات الصلاة
F جاد الحق على جاد الحق .
صفر 1402 هجرية - 8 ديسمبر 1981 م
M 1 - نقود العمال التى تستبقيها الشركات لديها مودعة فى البنوك .
إن كانت بفائدة محدودة زمنا ومقدارا .
كانت هذه الفائدة داخلة فى الربا المحرم شرعا .
وإن كان استثمارها عاديا دون تحديد لقدر الفائدة وزمنها كانت مباحة ويطيب للعامل الانتفاع بهذا العائد .
2 - أقل ما يجزىء فى الأضحية من البقر الثنية منها .
وهى ما كان لها سنتان ودخلت فى الثالثة .
وتحديد سن الأضحية توقيفى ولا عبرة لكثرة اللحم لأن الاعتبار لبلوغ سن التلقيح .
3 - حديث ابن عباس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم جمع من غير خوف ولا سفر ومن غير خوف ولا مطر .
يرد عليه التأويل ولا يعمل به بإطلاق .
4 - فى أقوال فقهاء مذاهب الأئمة مالك والشافعى وأحمد السعة للجمع بين الصلاتين فى اليوم المطير وفى الليلة الباردة مع مراعاة الشروط التى اشترطوها فى كل عذر .
5 - التراويح التى جمع الناس عليها عمر بن الخطاب سنة مؤكدة فى قول فقهاء المذاهب عدا مالك، وهى أولى وأحق بالاتباع .
6 - أوقات الصلوات بدءا ونهاية حددتها أحاديث المواقيت بعلامات طبيعية هى الأساس فى تحديد هذه الأوقات الآن بالدقائق والساعات حسابيا .
7 - تختلف مدة وقت المغرب بدءا ونهاية حسابيا من بلد لآخر تبعا لاختلاف خطوط الطول والعرض .
مضمون السؤال : 1 - استبقاء الشركة لجزء من مرتب العامل وإيداعه بالبنوك ومضاعفته له بعد خمس سنوات، وبعد خمس سنوات أخرى تضاعفه له أكثر - هل يعتبر هذا من باب الربا، أم لا يعتبر ربا .
وهل يحل للمسلم الانتفاع به أم لا .
2 - هل المعتبر فى الأضحية كثرة لحمها، أم المعتبر هو سنها الذى حدده الفقهاء، بحيث إذا نقصت عن السن لا تجوز التضحية بها .
3 - هل يجوز الجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم فى اليوم المطير وفى الليلة المطيرة أو الباردة هل يجوز الجمع بين صلاة المغرب والعشاء حتى ولو لم ينزل مطر ما هى أقوال الفقه فى هذا الموضع .
4 - كم عدد ركعات صلاة التراويح .
5 - كم من الوقت بين المغرب والعشاء هل هو ساعة وأربع دقائق، أم ساعة وثمان دقائق، أم ساعة وعشر دقائق
Q بالطلب المقدم من السيد / س د ص إمام قرية كفر كنا - قضاء الناصرة فى إسرائيل - المتضمن طلب بيان الحكم الشرعى والإجابة عن الأسئلة الآتية .
1 - بعض العمال عندنا يشتغلون فى بعض الشركات، وعند قبض النقود آخر الشهر تبقى الشركة قسما من المال لهذا العامل أو لجميع العمال عندها فى البنوك، وبعد خمس سنوات تبلغ الشركة كل عامل أنه يوجد لك عندنا ثمانية آلاف شيكل، وبعد خمس سنوات أخرى تسلم كل عامل ستة عشر ألف شيكل .
فهل يطيب للمسلم أخذ هذا المال ولا يعد ربا، أم كيف يكون الحكم فى هذه القضية .
2 - بعض الناس عندنا يعتنون بتربية البقر عربا ويهودا من الجنس الهولندى .
وبعد مضى عشرة أشهر على ولادة البقر من هذا النوع ، يبلغ وزنه ( 230 ) .
كيلو فإذا بقى رأس البقر بعد هذه المدة لا يزيد وزنه شيئا ، ويخسر صاحبه علفه وتربيته بدون فائدة على رأى أهل المعرفة بتربية الأبقار .
فهل تجوز الأضحية برأس البقر الذى هذا وزنه وسنه كما ذكرنا خلاف السن المقررة للأضحية فى كتب الفقه مع العلم بأن البقر البلدى بعد تمام السن المقررة لا يصل إلى هذا الوزن .
والناس عندنا يسألون عن حكم الأضحية من هذا النوع من البقر بهذه السن .
ولم نر قولا للفقهاء يرشد إلى الحكم فى مثل هذه القضية .
3 - نحن نجمع بين الصلاتين فى اليوم المطير بين الظهر والعصر جمع تقديم .
وفى الليلة المطيرة أو الباردة تجمع بين المغرب والعشاء بدون نزول المطر ولكن الجو يكون باردا - وهذا ما درج عليه الإمام السابق الشيخ م م ع الذى سكن فى بلدنا سبع عشرة سنة .
وقد سرنا على عمله هذا .
وكان يأخذ بحديث ابن عباس رضى الله عنه الذى رواه خمسة من حفاظ الحديث كما ذكر صاحب كتاب التاج فى المجلد الأول أن النبى صلى الله عليه وسلم جمع من غير خوف ولا سفر، ومن غير خوف ولا مطر رواية الإمام مسلم .
4 - نحن نقوم بصلاة التراويح بثمان ركعات لحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد على ثمان ركعات، وإذا قمنا بصلاة عشرين ركعة فإن المصلين يطلبون التخفيف كل التخفيف، والنفس لا تطمئن إلى هذا التخفيف الذى يطلبونه ولا تتم الأركان به .
ونحن نرى أن صلاة التراويح بثمان ركعات بالاطمئنان أولى من التخفيف الذى يطلبونه فما رأيكم .
5 - كم الوقت بين المغرب والعشاء - أن صاحب كتاب روضة المحتاجين فى الفقه الشافعى يقول : لقد قدروا الوقت بين المغرب والعشاء من ساعة واحدة إلى ساعة وأربع دقائق .
وقد قرأنا فى رسالة حجمها صغير فى الفقه المالكى يقول المؤلف ساعة وثمان دقائق - وأنا رأيت الشفق الأحمر قد غاب فى بلدنا بعد ساعة وعشر دقائق
An عن السؤال الأول : إن الله سبحانه وتعالى دعا إلى العمل وكسب الرزق فقال فى القرآن الكريم { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون } الجمعة 10 ، وأمر بالإنفاق من طيب الكسب فقال { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض } البقرة 267 ، ونهى عن أكل المال بالباطل فقال { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون } البقرة 188 ، وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } النساء 29 ، ومن أكل الأموال بالباطل الربا .
وقد نهى الله عنه فى آيات كثيرة منها قوله سبحانه { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون } آل عمران 130 ، وقال تعالى { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة 275 ، وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين .
فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون } البقرة 278 ، 279 ،قال أبو بكر الجصاص الحنفى فى كتابه ( ج 1 ص 551 وما بعدها ط .
المطبعة البهية بالقاهرة سنة 1347 هجرية ) أحكام القرآن فى تفسير قول الله سبحانه : { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس } .
( أصل الربا فى اللغة هو الزيادة، وهو فى الشرع يقع على التفاضل وعلى النسيئة فيكون كل من ربا الزيادة وربا النسيئة محرما ، ولا خلاف فى هذا بين فقهاء مذهب الأئمة الأربعة، باعتبار أن آيات تحريم الربا فى سورة البقرة هى آخر مانزل فى شأنه من القرآن، كما روى ذلك عن عمر وابن عباس، وسعيد بن جبير رضى الله عنهم ( الدر المنثور فى التفسير بالمأثور السيوطى ج1 ص 365 وعلى هامشه التفسير المنسوب لابن عباس ) .
وجاءت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينة ومصدقة .
من هذا ما روى عن أبى سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو أستزاد فقد أربى )( رواه البخارى وأحمد - كتاب نيل ألأوطار ج 5 - ص 190 ) لما كان ذلك : فإذا كانت نقود العمال التى تستبقيها الشركات لديهما مودعة فى البنوك للاستثمار بفائدة مقدرة مقدما زمنا ومقدارا ، كأن تكون بواقع كذا فى المائة سنويا ، كانت هذه الفائدة داخلة فى نطاق ربا الزيادة المحرم شرعا ، لأن ربا الزيادة فى عرف الفقهاء : هو زيادة مال فى معارضة بمال دون مقابل، وإيداع الأموال لدى البنوك بفائدة محددة مقدما زمنا ومقدارا من باب القرض بفائدة ، أما إذا كانت هذه الأموال مودعة من الشركة فى البنوك للاستثمار العادى، دون تحديد لقدر الفائدة وزمنها كانت مباحة ، لأنها تدخل فى نطاق الاستثمار المشروع، وعندئذ يطلب للعامل الانتفاع بهذا العائد من أمواله المدخرة والمستثمرة بطريق مشروع فى الإسلام .
عن السؤال الثانى : جرى فقه أئمة المسلمين على أنه لا يجرىء فى الأضحية إلا الأنعام، وهى الإبل والبقر والغنم ، لقوله تعالى { ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } الحج 28 ، وأقل ما يجزىء من هذه الأنواع فى الأضحية الجذع من الضأن، والثنية من المعز وغيرها .
لما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تذبحوا إلا مسنة، إلا تعسر عليكم ، فاذبحوا جذعة من الضأن ) وروى عن على رضى الله عنه قال : ( ولا يجوز فى الضحايا إلا الثنى من المعز والجذعة من الضأن ) وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال : ( لا تضحوا بالجذع من المعز والإبل والبقر ) والثنى من البقر والمعز ما كان لها سنتان ودخلت فى الثالثة، ومن الإبل ما كان لها خمس سنوات ودخلت فى السادسة ، وقد جزم الثقات من أهل اللغهة بأن الجذع من الضأن والماعز والظباء والبقر ما أتم عاما كاملا ودخل فى الثانى من أعوامه فلا يزال جذعا حتى يتم عامين ويدخل فى الثالث فيكون ثنيا وتحديد سن الأضحية توقيفى، بمعنى أنه ثابت بالسنة الصحيحة أن الجذع من الضأن كاف تجوز به الأضحية، أما من غيره فلا تجزىء وليست الحكمة فى هذا - والله أعلم - كثرة اللحم مع تلك السن أو قلته مع هذه، وإنما الحكمة كما نقل بعض الفقهاء أن الجذع من الضأن يلقح أنثاه، ولا يلقح الجذع من غير الضأن أنثاه ( المجموع للنووى شرح المهذب للشيرازى الشافعى 8 ص 392 - 394 - مع فتح العزيز للرافعى ج 3 ص 238 وما بعدها ومواهب الجليل مع التاج والأكليل شرح مختصر خليل والمغنى لابن قدامة الحنبلى مع الشرح الكبير ج 11 ص 99 وما بعدها والروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير ج 3 و 143 والفتح الربانى لترتيب مسند الامام أحمد مع شرح بلوغ الأمانى ج 11 ص 71 وما بعدها باب السن الذى يجزىء فى الأضحية والاختبار شرح المختار فى الفقه الحنفى ج 1 ص 171، وكتاب جواهر الكلام فى شرح شرائع الإسلام لقاضى محمد حسن باقر فى أحكام الهدى والأضحية من كتاب الحج، وهو الذى نقل بعض الآثار التى تشير إلى أن تحديد من الأضحية توقيفى، وأن ذلك مراعى فيه من التلقيح فى كل نوع من الأنعام ) .
لما كان ذلك : لم تجزىء الأضحية من البقر المسئول عنه مادام سنه منذ ولادته عشرة أشهر، ولابد لجوازه أضحية مشروعة أن يكون له عامان ودخل فى الثالث على ما تقدم بيانه لأن الاعتبار لبلوغ سن التلقيح لا لكثرة اللحم .
وعن السؤال الثالث : اتفق الفقهاء بوجه عام على أن الحجاج يجمعون بعرفات بين الظهر والعصر فى وقت الظهر، وبين المغرب والعشاء بمزدلفة فى وقت العشاء هذا ثابت بالإجماع، ولا يجوز جمع صلاة الصبح إلى غيرها، ولاصلاة المغرب إلى العصر كذلك .
أما فى غير هذا - فقد اختلفت كلمة الفقهاء بما موجزة : فى فقه مذهب أبى حنيفة : لا يجوز الجمع بين صلاتين فى وقت واحد، لا فى السفر ولا فى الحضر .
وللجمع فى عرفات شروط موضحة فى كتب فقه هذا المذهب .
وفى فقه مذهب الإمام مالك : أن السفر والمرض والمطر والطين مع الظلمة فى آخر الشهر ووجود الحاج بعرفة وبالمزدلفة، كل أولئك أسباب للجمع فيما أجيز الجمع فيه .
أى فيما عدا صلاة الصبح، فلا تجمع إلى غيرها وصلاة المغرب، فلا تجمع إلى العصر، والمقصود بالمطر، الغزير الذى يحمل أواسط الناس على تغطية الرؤوس، أو وجد وحل كبير، يتعذر معه على أواسط الناس السير فيه بالحذاء، فى هذه الحالة يجوز جمع العشاء مع المغرب جمع تقديم محافظة على صلاة العشاء فى جماعة من غير مشقة، وهو خلاف الأولى، وجوازه على الوجه عند المالكية خاص بالمسجد ولا يمتد الجواز إلى المصلى فى غير الجماعة، وفى غير المسجد .
وفى فقه مذهب الإمام الشافعى : يجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير للمسافر مسافة القصر بشروط السفر ، ويجوز جمعها جمع تقديم فقط بسبب نزول المطر للمقيم غير المسافر ، بشرط أن يكون المطر بحيث يبل أعلى الثوب أو أسفل النعل، ومثل المطر الثلج والبرد الذائبان ومن الشروط التى شرطها فقهاء المذهب فى هذه الحالة أن يكون المطر ونحوه موجودا عند تكبير الإحرام .
وفى فقه مذهب الإمام أحمد : يسن الجمع بين الظهر والعصر تقديما للحاج بعرفات، والمغرب والعشاء تأخيرا بالمزدلفة .
وقد قال ابن قدامة الحنبلى فى المغنى : إن جملة القول فى الجمع بين الصلاتين فى السفر فى وقت إحداهما جائز فى قول أكثر أهل العلم، وفى موضع آخر قال : ويجوز الجمع لأجل المطر بين المغرب والعشاء، وكذلك بسبب البرد والثلج والوحل والريح الشديدة الباردة، ويشترط لجمع التقديم استمرار العذر المبيح للجمع إلى فراغ وقت الثانية، والجمع التأخير بقاء العذر المبيح للجمع من حين نية الجمع وقت الإحرام للدخول وقت الثانية .
أما عن الحديث المشار إليه فى السؤال . فقد قال ابن قدامة إنه لا يجوز الجمع لغير من ذكرنا ( يعنى أصحاب الأعذار ومنها المطر ) وقال ابن شبرمة يجوز إذا كانت حاجة أو شىء ما لم يتخذه عادة .
لحديث ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر .
فقيل لابن عباس - لم فعل ذلك .
قال : أراد ألا يحرج أمته . ثم قال ابن قدامة : ولنا عموم أخبار التوقيت وحديث ابن عباس حملناه على حالة المرض، ويجوز أن يتناول من عليه مشقة كالمرضع والشيخ الضعيف، وأشباههما ممن عليه مشقة فى ترك الجمع، ويحتمل أنه صلى الأولى فى آخر وقتها والثانية فى أول وقتها، فإن عمرو بن دينار روى هذا الحديث عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال عمرو : قلت لجابر : أبا الشعثاء : أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء .
قال : وأنا أظن ذلك . وبهذا القول يظهر أن التأويل وارد على الحديث الذى أشار إليه السؤال وأنه لا يعمل به بإطلاق .
هذا : وفى أقوال فقهاء مذاهب الأئمة مالك والشافعى وأحمد السعة لهذا العذر الوارد فى السؤال وغيره مع الشروط التى اشترطوها لكل عذر والأقوال فى جملتها تسرى على تلك الحالة الموصوفة فى السؤال، وإن كنت أميل إلى القول بأن الأولى مراعاة المواقيت لكل صلاة، أخذا بعموم الأدلة وعلى المسلم أن يتحرى وقت العبادة ولو أصابته بعض المشقة، إلا إذا كانت مشقة معجزة، فعندئذ تكون الرخصة .
عن السؤال الرابع : الإجماع منعقد منذ عصر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن قيام شهر رمضان مرغوب فيه أكثر من سواه من الأشهر .
لقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه البخارى عن أبى هريرة أما التراويح التى جمع الناس عليها عمر بن الخطاب، فهى سنة مؤكدة فى قول فقهاء المذاهب عدا مالك وقد اختلف الفقهاء فى المختار من عدد ركعاتها، فقال الأئمة أبو حنيفة ومالك فى أحد قوليه والشافعى وأحمد وداود هى عشرون ركعة سوى الوتر وروى عن مالك أنه كان يستحسن ستا وثلاثين ركعة ، والوتر ثلاث .
وسبب اختلاف الفقهاء فى عدد الركعات، اختلاف الرواية فى ذلك، وقد روى عن أبى حنيفة فى هذا قوله ( الاختيار شرح المختار ج 1 ص 67 ) التراويح سنة مؤكدة ولم يتخرصه ( جاء فى القاموس تخرصه، افترى عليه ) عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعا ، ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولقد سن عمر ( يعنى عشرين ركعة للتراويح عدا ركعات الوتر الثلاث ) هذا والصحابة متوافرون، وما رد عليه واحد منهم ووافقوه وأمروا بذلك وعند مالك التراويح مندوبه ندبا أكيدا لكل مصلى من الرجال والنساء .
هذا ويسن إقامتها فى جماعة سنة كفاية، لو تركها أهل مسجد أتموا، وإن تخلف عن الجماعة أفراد وصلوا فى منازلهم لم يكونوا مسيئين والجماعة مندوبة فيها عند الإمام مالك .
أما حديث عائشة الذى رواه البخارى والمشار إليه فى السؤال، فليس نصا فى عدد ركعات صلاة التراويح، وإلا لما احتج الإمام أبو حنيفة على أنها عشرون ركعة بما سنة عمر، ولما خفى عن عمر أيضا والصحابة متوافرون موافقون على ما سن للناس .
لما كان ذلك : كان ما سنة عمر بن الخطاب رضى الله عنه أولى وأحق بالأتباع .
هذا : والتخفيف فى الصلاة .
لاسيما فى الجماعة مطلوب لحديث معاذ المشهور فى هذا الموضع، لكن ليس معنى التخفيف أن لا يحسن الإمام القراءة ولا أن يتمها، بل يتحرى أقل ما تجوز به صلاة الجماعة مع الاطمئنان والخشوع ، الذى هو الفرض الأصلى فى الصلاة، ومن شقت عليه الجماعة فلينفرد، لكن لا يخلو مسجد من الجماعة فى التراويح .
عن السؤال الخامس : أوقات الصلوات بدءا ونهاية حددتها أحاديث المواقيت بعلامات طبيعية هذه العلامات هى الأساس فى تحديد هذه الأوقات الآن بالدقائق والساعات حسابيا .
ووقت المغرب يبدأ من غروب الشمس، وينتهى بمغيب الشفق الأحمر الذى يظهر فى الأفق بعد غروب الشمس، وهذا قول الأئمة مالك والشافعى وأحمد وأبى يوسف ومحمد صاحبى الأمام أبى حنيفة، أما الأمام أبو حنيفة فقال إن وقت العشاء يدخل بانتهاء وقت المغرب ، وهذا إنما ينتهى بدخول الظلمة والسواد فى الأفق بحيث لا يكون به بياض .
وتختلف مدة وقت المغرب بدءا ونهاية حسابيا من بلد لآخر تبعا لاختلاف خطوط الطول والعرض وهذه حقيقة علمية لم تعد موضع جدل .
لما كانت ذلك : كان لكل بلد موقته الحسابى، ولعل ما جاء فى الكتب التى قرأها السائل، كان بيانا للوقت فى بلد المؤلف للكتاب، ولا يصلح أن يكون وقتا لكل البلاد لما تقدم من اختلاف التوقيت الحسابى تبعا لموقع البلد على أرض الله، فالعلم الذى علمه الله الإنسان آية على امتداد أحكام الإسلام وشمولها لكل زمان ومكان .
ولنقرأ قول الله سبحانه لرسول صلى الله عليه وسلم فى القرآن الكريم فى مواقيت الصلاة { أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا } الإسراء 78 ، واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/79)
قضاء الفوائت وبيع المؤمم وتحديد الأرباح التجارية
F جاد الحق على جاد الحق .
صفر 1402 هجرية - 15 ديسمبر 1981 م
M 1 - من ترك صلاة لزمه قضاءها عمدا كان الترك أو سهوا ، ويجب ترتيب قضاءها عند التعدد مالم تزد على صلاة يوم وليلة عند الحنفية والمالكية .
بينما لا يجب الترتيب عند الشافعية ولكنه مستحب عندهم .
ويرى الحنابلة وزفر من الحنفية أنه واجب قلت الصلاة أو كثرت .
2 - لا تسقط الصلاة عن المسلمة إلا إذا كانت حائضا أو نفساء ولا قضاء عليها لما تركته .
3 - من اقتدى بإمام يرى بطلان صلاته حسب مذهبه فصلاته هو صحيحة باعتبار صحة صلاة إمامه فى ذاتها .
4 - التأميم شبيه بالوقف فى الإسلام، وقد وقع عملا بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن بعنوان ( الحمى ) فقد حمى أرضا بالمدينة يقال لها ( النقيع ) لترعى فيها خيل المسلمين .
5 - التأميم من ولى الأمر لمصلحة عامة تدخل فى نطاق المشروع منه صحيح شرعا ، ويجوز بيع العين المؤممة شرعا كما يجوز لكل مسلم شراؤها .
6 - التأميم إذا كان بغير وجه حق مشروع بأن كان مصادرة بدون عوض يكون من باب غصب الأموال وهو محرم شرعا .
7 - بيع الغاصب ما غصبه وإن نفذ شكلا باعتبار ضمانه على الغاصب إلا أن الأولى ألا يقدم شخص على تملك أموال الغير المغتصبة مادام يعلم ذلك .
8 - المغالاة فى الربح قصد الإضرار بالناس محرمة شرعا .
9 - حبس البضائع والأقوات عند التداول احتكارا لها محرم شرعا .
10 - إضافة التاجر ما أنفقه على نقل السلعة إلى أصل الثمن دون شطط وتقديره ربحا بعد ذلك لنفسه بالمعروف وبما لا يضر بالمصلحة العامة للناس جائز شرعا
Q بالطلب المقدم المرسل من السيد / م س م من مسلمى جزيرة موزمبيق المرسل من إدارة العلاقات الثقافية قسم أفريقيا بوزارة الخارجية إلى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والمحال إلينا من مجلة منبر الإسلام وقد جاء فيه : أولا : إن السائل قرأ فى كتاب السنن والمبتدعات للسيد / محمد خضر القشيرى فى حكم قضاء المكتوبات الفائتة طوال العمر، أن أقوال الفقهاء فى وجوب قضائها ليس عليه دليل يعول عليه، بل التوبة من ترك الصلاة ومداومة أدائها كافية دون حرج .
وفيه أيضا أن من أئتم بمن يرى بطلان صلاة إمامة حسب مذهبه هو فصلاته صحيحة ما دامت صلاة الإمام صحيحة فى مذهبه .
فهل هذا صحيح . ثانيا : ما الحكم إذا اشترى المواطن منزلا مؤمما مع وجود صاحبه أو ورثته فهل هذا البيع صحيح أم لا ثالثا : يشترى شخص أشياء متنوعة فيبيعها فى بلد آخر، فهل له حد لا يتعداه فى كسب الأرباح أوله البيع كيفما تطاوعه نفسه طمعا فى استرجاع مؤن الرحلة مادام المشترى راضيا بذلك
An عن السؤال الأول : الصلاة من فروض الإسلام وهى أحد أركانه الخمسة .
ففى القرآن الكريم { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } النساء 103 ، وفى السنة قوله صلى الله عليه وسلم ( خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ) رواه مالك وأبو داود وابن حيان فى صحيحة ( الترغيب والترهيب ج 6 ص 161، 162 ) وقوله صلى الله عليه وسلم ( نيل الأوطار ج 1 ص 291 ) ( بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ) رواه الجماعة إلا البخارى .
وقد أجمع العلماء الذين يعتد بهم على أن من ترك صلاة عمدا لزمه قضاءها .
وخالف فى هذا أبو محمد على بن حزم من الظاهرية وقال : لا يقضى بل يكثر من فعل الخير وصلاة التطوع، وقوله هذا باطل لأنه مخالف للإجماع، كما نقل الإمام النووى الشافعى فى كتابه المجموع .
والدليل على ذلك الحديث الصحيح الذى رواه البخارى ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكر .
قال النووى وإذا وجب القضاء على التارك ناسيا ، فالعامد أولى، ويؤيد هذا ما ورد فى حديث الخثعمية حيث قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فدين الله أحق أن يقضى ) وهو حديث صحيح وفيه من العموم ما يشمل هذا الباب .
( الروضة الندية شرح الدرر البهية ج 1 ص 130 و 131 ) وبعد اتفاق الفقهاء على العمل بهذا ووجوب قضاء الفوائت عمدا أو سهوا أو بعذر اختلفوا فى ترتيب أدائها .
فقال الإمام أبو حنيفة ومالك يجب الترتيب ما لم تزد الفوائت على صلوات يوم وليلة، وقال الإمام الشافعى لا يجب الترتيب ولكن يستحب وبه قال طاووس والحسن البصرى ومحمد بن الحسن وأبو ثور وأبو داود ، وقال الإمام أحمد وزفر إن الترتيب واجب قلت الفوائت أو كثرت .
ولكل قول أدلته المبسوطة فى كتب فقه المذاهب .
لما كان ذلك فإذا كان ما جاء فى الكتاب المشار إليه فى السؤال صحيحا .
يكون جاريا فيما قال على مذهب داود الظاهرى وهو مالا يفتى به فى هذا الموضع باعتبار أن الصلاة من الفرائض التى لا تسقط عن المسلمة والمسلم البالغ العاقل إلا إذا كانت المسلمة حائضا أو نفساء فلا صلاة عليها مدة الحيض والنفاس ولا قضاء عليها كذلك .
وهذا ثابت بالنصوص الشرعية ، أما من أئتم فى الصلاة بإمام يرى بطلان صلاته حسب مذهبه فصلاته المأموم صحيحة باعتبار صحة صلاة الإمام فى ذاتها، فقد أخرج البخارى وغيره من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يصلون بكم فإن أصابوا فلكم ولهم .
وإن أخطأوا فلكم وعليهم ) وأخرج ابن ماجه من حديث سهل بن ساعدة .
وعن السؤال الثانى فإن التأميم وقع فى الإسلام لا بهذا العنوان ففى أحكام الإسلام جواز الوقف وهو شبيه بالتأميم .
ووقع عملا من الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض أصحابه بعنوان ( الحمى ) إذ أن من المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عله وسلم حمى أرضا بالمدينة يقال لها ( النقيع ) لترعى فيها خيل المسلمين .
وحمى عمر أيضا بالربدة وجعلها مرعى لجميع المسلمين فجاء أهلها يقولون يا أمير المؤمنين إنها بلادنا قاتلنا عليها فى الجاهلية وأسلمنا عليها فى الإسلام علام تحميها فأطرق عمر ثم قال المال مال الله .
والعباد عباد الله والله لولا ما احمل عليه فى سبيل الله ما حميت من الأرض شبرا فى شبرا ( أبو عبيد فى الأموال ص 268 و 299 وبحث الحمى فى كتاب الأحكام السلطانية للماوردى ص 164 وللقاضى أبى يعلى ص 206 ) وظاهر أن ( الحمى ) هو اقتطاع جزء من الأرض لتكون مرعى عاما لا يملكه أحد، بل ينتفع به سواد الشعب، وقد روى أيضا ( أنه كان لسمرة بن جندب نخلا فى بستان لرجل من الأنصار، فكان يدخل هو وأهله إلى هذا البستان فيؤذى صاحبه، فشكا الأنصارى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلقاه من سمرة فقال الرسول لسمرة : بعه ، فأبى، قال فاقلعه، فأبى .
قال هبه ولك مثله فى الجنة فأبى، ظنا منه أن الرسول يقول له ذلك على سبيل النصح لا على سبيل القضاء والإلزام، عندئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمرة، أنت مضار، وقال للأنصارى أذهب فاقلع نخله .
( رواه أبو داود وذكره أبو بعلى فى الأحكام السلطانية ص 285 ) لما كان ذلك وكان المستفاد من هذه الآثار وغيرها أن التأميم قد وقع فى الإسلام تشريعا وعملا وقضاء لرفع الظلم ودفع الضرر كما فى قضية سمرة، فإذا كان المنزل المسئول عنه قد أممه ولى الأمر صاحب السلطة الشرعية فى ذلك لمصلحة عامة تدخل فى النطاق المشروع الوارد بتلك الآثار، كان التأميم صحيحا شرعا، وجاز لولى الأمر بيعه كما يجوز لأى مسلم شراؤه، أما إذا كان التأميم بغير وجه شرعى، بأن كان مصادرة لأموال الناس بدون عوض فإنه فى باب غضب الأموال وذلك أمر محرم شرعا .
وبيع الغاصب للمال المغضوب وإن نفذ شكلا باعتبار أنه مضمون على الغاصب، إلا أن الأولى بالمسلم ألا يقدم على تملك أموال الغير المغتصبة ما دام يعلم بذلك، غير أنه إذا أقر البيع المالك أو ورثته وأجازه يصح البيع شرعا وبدون إثم .
وعن السؤال الثالث فقد اختلفت كلمة فقهاء المذاهب فى قدر الربح الذى يحل للبائع اقتضاؤه من المشترى، كما اختلفوا فى جواز إضافة ما تكلفه من مؤنة رحله التجارة وأجور النقل للبضائع وغيرها، والذى يستخلص من أقوالهم أن تقدير الربح إضرارا بالناس أمر محرم منهى عنه شرعا فى كثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثله حبس البضائع والأقوات عن التداول فى الأسواق احتكارا لها، لكن لا بأس من أن يضيف التاجر إلى أصل الثمن ما أنفقه على جلب السلعة مما جرت به عادة التجار وعرفهم دون شطط كأمور الحمل والخزن والسمسار، ثم يقدر ربحه فوق ذلك بالمعروف، وبما لا يضر بالمصلحة العامة للناس، أو يؤذى إلى احتكار وحبس ما يحتاج إليه الناس فى معاشهم، ففى الحديث الصحيح الذى أخرجه الإمام مسلم من حديث معمر بن عبد الله مرفوعا ( لا يحتكر إلا خاطىء ) والمحرم هو الاحتكار بقصد إغلاء الإسعار على الناس كما ورد فى حديث أبى هريرة الذى رواه أحمد والحاكم ، لما كان ذلك كان الشخص الذى اشترى أشياء متنوعة من بلد، ليبيعها فى بلد آخر أن يضيف على الثمن ما تحمله من نفقات فى جلب هذه السلع حسب عرف التجار المشروع ويضيفه فوق الثمن .
ثم يحدد ربحه حسبما يقضى به العرف والسعر المتداول فى الأسواق دون شطط أو احتكار بقصد إغلاء الأسعار .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/80)
الجمع بين الصلاتين تقديما وتأخيرا
F حسن مأمون .
15 رجب سنة 1375 هجرية - 27 فبراير سنة 1956 م
M 1 - منع الأحناف الجمع بين صلاتين فى وقت ولو لعذر إلا بعرفة والمزدلفة للحاج فقط .
2 - أجاز المالكية الجمع بين الصلاتين فى السفر والمرض والمطر والطين مع الظلمة آخر الشهر وذلك كله بشروط كما أجازوا الجمع للحاج بعرفة أو مزدلفة .
3 - الشافعية أجازوا الجمع بين صلاتين فى السفر والمطر بشروط وليس من الأسباب التى تبيح الجمع عنهم الظلمة الشديدة والريح والخوف والوحل .
4 - أباح الحنابلة الجمع وشرطوا فى اباحة الجمع أن يكون المصلى مسافرا سفرا تقصر فيه الصلاة أو يكون مريضا تلحقه مشقة بترك الجمع كما أباحوا الجمع لمن خاف على نفسه أو ماله أو عرضه وذلك كله بشروط مبسوطة فى كتبهم
Q من السيد / ر ن م قال أن أحد معارفه يجمع الظهر والعصر معا كما يجمع المغرب والعشاء معا جمع تقديم أو تأخير ولما نهاه عن ذلك أحضر له كتابا اسمه ( ازالة الحظر عمن جمع بين الصلاتين فى الحضر ) فوجد فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع فى السفر والحضر وبعذر أو غير عذر أو مطر وطلب الافادة
An بأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بأداء الصلاة فى أوقاتها قال تعالى ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ولا يجوز للمكلف أن يؤخر فرضا عن وقته أو يقدمه عنه بدون سبب وقد اختلف الفقهاء فى جواز جمع المصلى بين الظهر والعصر تقديما بأن يصلى العصر مع الظهر قبل حلول وقت العصر أو تأخيرا بأن يؤخر الظهر حتى يخرج وقته ويصليه مع العصر فى وقت العصر ومثل الظهر والعصر المغرب والعشاء فمنع الحنفية الجمع بين صلاتين فى وقت ولو لعذر فان جمع فسد الفرض الذى قدمه وصح مع الحرمة بطريق القضاء فى الفرض الذى أخره إلا بعرفة فان الحاج يجمع بين الظهر والعصر فى وقت الظهر ومزدلفة فانه يجمع بين المغرب والعشاء فى وقت العشاء .
وقال المالكية يجوز الجمع لأسباب وهى السفر والمرض والمطر والطين مع الظلمة فى آخر الشهر ووجود الحاج بعرفة أو مزدلفة .
واشترطوا للسفر شروطا وقالوا ان الجمع خلاف الأولى فالأولى تركه كما قالوا بأن الجمع للمرض جمع صورى بأن يصلى الظهر فى آخر وقتها الاختيارى والعصر فى أول وقتها الاختيارى وهذا ليس جمعا حقيقا لوقوع كل صلاة فى وقتها وأما الجمع للمطر والطين مع الظلمة فيجوز فى المغرب والعشاء بشرط أن يكون فى المسجد وبجماعة وهو خلاف الأولى وأما الجمع فى المنزل وللمنفرد فى المسجد فغير جائز عندهم .
وقال الشافعية بجواز الجمع المذكور فى السفر بشروط وقالوا أنه ضد الأولى لأنه مختلف فى جوازه فى المذاهب كما قالوا بجواز الجمع للمطر بشروط وليس من الأسباب التى تبيح الجمع على المشهور عندهم الظلمة الشديدة والريح والخوف والوحل .
وقال الحنابلة أن الجمع مباح وهو ضد الأولى وتركه أفضل ويسن الجمع بين الظهر والعصر تقديما بعرفة وبين المغرب والعشاء تأخرا بالمزدلفة وشرطوا فى اباحة الجمع أن يكون المصلى مسافرا سفرا يقصر فيه الصلاة أو يكون مريضا تلحقه مشقة بترك الجمع وكذا يباح الجمع لمن خاف على نفسه وماله أو عرضه ولمن يخاف ضررا يلحقه فى معيشته بتركه كما شرطوا لجواز الجمع شروطا أخرى مبسوطة فى كتبهم .
ومما ذكر يتبين رأى الفقهاء فى الجمع بين الصلاتين تقديما وتأخيرا .
وعلى السائل ان أراد المزيد فى مذهب من المذاهب أن يرجع إلى كتب المذهب الذى يريد الايضاح فيه والله تعالى أعلم(1/81)
ختام الصلاة جهرا وأذان يوم الجمعة
F حسن مأمون .
28 جمادى الثانية سنة 1367 هجرية - 29 يناير سنة 1957 م
M 1 - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا فرغ من الصلاة استقبل أصحابه بوجهه وذكر الله وعلمهم الذكر عقيب الخروج من الصلاة .
2 - ختام الصلاة لا يخرج عن كونه ذكرا .
وينبغى أن يكون بصوت خفيف لا يشوش على الذين يتمون صلاتهم .
3 - لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد سيدنا أبى بكر وسيدنا عمر رضى الله عنهما يوم الجمعة إلا أذان واحد بين يدى الخطيب .
4 - أحدث سيدنا عثمان رضى الله عنه الأذان الأول يوم الجمعة على الزوراء ليترك الناس البيع والشراء ويتوجهوا إلى الجمعة ووافقه على ذلك سائر الصحابة
Q من السيد / س و قال أن موظفى المستعمرة اختلفوا فى ختام الصلاة فى المسجد جهرا فقال قائل بأنه جائز شرعا وقال البعض بأنه غير جائز وكما اختلفوا فى ذلك اختلفوا أيضا فى الأذان يوم الجمعة هل أذان واحد أم هو أذانان كما هو متبع فى جميع المساجد وطلب بيان الحكم الشرعى
An الجواب عن السؤال الأول أنه قد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان اذا فرغ من الصلاة استقبل أصحابه بوجهه الكريم وذكر الله وعلمهم الذكر عقيب الخروج من الصلاة ففى الصحيحين من حديث العترة بن شعبة أنه عليه السلام كان يقول لا اله إلا الله وحده لا شريك له .
له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد - ونحو ذلك من الأدعية التى جاءت بها السنة الشريفة - فختام الصلاة على النحو الوارد بالسؤال بنحو ما سبق وما أثر عنه عليه السلام لا يخرج عن كونه من الذكر المأمور به شرعا .
ولكن ينبغى أن يكون ذلك بصوت خفيف لا يشوش على المصلين أو يفسد عليهم صلاتهم والا كان ممنوعا .
هذا بالنسبة للسؤال الأول .
أما جواب السؤال الثانى فان المتوارث كما جاء فى الفتح والعناية أن للجمعة أذانين - الأول هو الذى حدث فى زمن سيدنا عثمان رضى الله عنه على الزوراء ليترك الناس البيع والشراء ويتوجهوا إلى الجمعة عملا بقوله تعالى { إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } .
وقد أمر به سيدنا عثمان لما كثر الناس بالمدينة وتباعدت منازلهم ليعلمهم بدخول الوقف قياسا على بقية الصلوات فألحق الجمعة بها وأبقى خصوصيتها بالأذان بين يدى الخطيب اجتهادا منه ووافقه على ذلك سائر الصحابة بالسكوت عليه وعدم الانكار فصار اجماعا سكوتيا وهو حجة وثبت الأمر على هذا وأخذ الناس به فى جميع البلاد فكان فى يوم الجمعة من ذلك الحين أذانان هذا الأذان الأول الذى أمر به سيدنا عثمان والأذان الثانى وهو الذى يكون بين يدى الامام الخطيب حين يجلس على المنبر وهو الذى كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد سيدنا أبى بكر وسيدنا عمر رضى الله عنهما ولم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الأذان حتى أحدث سيدنا عثمان الأذان الأول ولذا قال صاحب الهداية والأصح أن المعتبرة فى وجوب السعى إلى الجمعة وحرمة البيع هو الأذان الأول اذا كان بعد الزوال لحصول الإعلام به والله أعلم .
ے(1/82)
صلاة المسافر
F أحمد هريدى .
التاريخ 27/2/1965
M 1 - قصر الصلاة مشروع وأن اختلف فى كونه رخصة أو عزيمة .
2 - ان اقتدى المسافر بالمقيم فى الوقت أتم أربعا .
وأن صلى المسافر بالمقيمين ركعتين سلم وأتم المقيمون صلاتهم .
3 - يرى جمهور الفقهاء أن قطع مسافة القصر فى مدة قصيرة بالبخار وغيره لا أثر له على حكم القصر
Q من السيد / ع ع ص بطلبه المتضمن أن أناسا سافروا مسافة القصر وعزموا على الاقامة يوما وليلة، وفى صلاة العشاء أمهم اقرؤهم مع العلم بأن المأمومين منهم المسافر والمقيم .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما يأتى أولا هل لو ترك الإمام رخصة القصر وأتم الصلاة تكون الصلاة باطلة وعليه الاثم أو تكون صحيحة ولا اثم عليه ثانيا لو فرض أن المأمومين جميعا مسافرون وترك الامام رخصة القصر هل تكون الصلاة صحيحة ولا اثم عليه أو باطلة وعليه الاثم .
ثالثا كانت مسافة القصر تقطعها الأبل فى عدة أيام وليال .
والآن يقطعها البخار فى ساعات قيلة، فأيهما أفضل القصر أم الاتمام
An المقر شرعا أن قصر الصلاة الرباعية مشروع، إلا أنه اختلف فى كونه رخصة فيجوز تركه وفعله أو عزيمة فيجب فعله ويكره تركه، ذهب بعض الأئمة ومنهم الشافعى إلى أنه رخصة .
فيجوز للمسافر الأخذ بها وقصر الصلاة الرباعية بصلاتها ركعتين .
أو الاتمام بصلاتها أربعا، إلا أن القصر أفضل من الاتمام متى تحققت شروطه، ومنها قطع مسافة القصر ولو فى مدة وجيزة وذهب الحنفية إلى أن القصر عزيمة .
وأنه واجب اذ هو ليس قصرا وانما هو فريضة السفر .
ففرض المسافر فى الرباعية ركعتان لا يزيد عليهما، ونصوا على أنه صلى أربعا وقعد فى الثانية قدر التشهد أجازته الأوليان عن الفرضية، والأخريان له نافلة اعتبارا بالفجر ويصير مسيئا لتأخير السلام، وأن لم يقعد فى الثانية قدر التشهد بطلت صلاته لاختلاط النافلة بها قبل اتمام أركانها، وان اقتدى المسافر بالمقيم فى الوقت أتم أربعا لأنه يتغير فرضه إلى أربع للتبعية كما يتغير بنية الاقامة، وأن صلى المسافر بالمقيمين ركعتين سلم وأتم المقيمون صلاتهم لأن المقتدى التزم الموافقة فى الركعتين فينفرد فى الباقى كالمسبوق، - ومما ذكر يعلم أن المسافر الذى أتم الصلاة صلاته صحيحة بدون كراهة عند الشافعية لأن القصر رخصة وهو مخير بين الاتمام والقصر - وصحيحة أيضا عند الحنفية أن قعد على رأس الركعتين الأوليين قدر التشهد وكان مسيئا أما اذا لم يقعد بعد الركعتين الأوليين قدر الشتهد فتكون باطلة - وصلاة المأمومين تتبع صلاة الامام فى الحكم سواء من كان منهم مسافرا أو مقيما، وقطع مسافة القصر فى مدة قصيرة بالبخار ونحوه، لا أثر له على الحكم، والأفضل فيه القصر عند الجمهور ومما يذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال - والله سبحانه وتعالى أعلم(1/83)
متابعة صلاة الجماعة عن طريق المذياع
F جاد الحق على جاد الحق .
صفر سنة 1399 هجرية - 16 يناير 1979 م
M 1 - صلاة الجمعة مع المذياع فى غير المسجد الذى تذاع منه هذه الصلاة غير صحيحة شرعا باتفاق الأئمة .
2 - من كانت لديهم أعذار مانعة من صلاة الجمعة فى المسجد عليهم أن يصلوا الظهر بعد انتهاء صلاة الجمعة لسقوط هذه الفريضة عنهم .
3 - صلاة الفروض ما عدا الجمعة اقتداء خلف امام فى المسجد تذاع صلاته عير الأثير جائزة ولو فصل طريق أن نهر بين المأموم وامامه عند بعض الفقهاء
Q من وزارة التعليم العالى - المراكز الخارجية - الادارة العامة للتمثيل الثقافى بكتابها المتضمن أن الادارة تلقت من السيد مدير المركز الثقافى العربى بنواكشوط أن الكثير من رجال موريتانيا العاملين فى شتى المجالات الثقافية الذين تقدمت بهم السن لا يستطيعون الذهاب إلى المساجد ويسألون عن امكانية متابعة صلاة الجماعة بالمسجد ( الجمعة وغيرها ) عن طريق المذياع عبر الأثير - واذا كانت هذه المتابعة جائزة شرعا فعلى أى مذهب - وعندئذ فهل الأفضل الصلاة بهذه الطريقة أم الصلاة الفردية .
وتطلب الادارة العامة بيان حكم الشرع فى هذا الموضوع حتى يمكنها الرد على السيد مدير المركز الثقافى ليتولى بدوره أفادة المستفتين فى هذا الموضوع
An نفيد أن صلاة الجمعة مع المذياع فى غير المسجد الذى تذاع منه هذه الصلاة غير صحيحة شرعا باتفاق الأئمة الأربعة لاشتراط المسجد لصحة صلاة الجمعة عندهم جميعا كل بشروطه الخاصة فى المسجد الذى تجوز اقامة صلاة الجمعة فيه .
أما صلاة الجماعة فى الفروض الخمسة غير الجمعة فأصح الأقوال فى مذهب الشافعية أنها فرض كفاية ومذهب الحنابلة أنها فرض عين على كل شخص مسلم فى كل صلاة من الصلوات الخمس وعند الحنفية واجب والمشهور فى مذهب المالكية أنها سنة مؤكدة ومن شروط صحة الاقتداء فى هذه الصلوات تمكن المأموم من ضبط أفعال أمامه برؤية أو سماع ولو بمبلغ - فمتى تمكن المأموم من ضبط أفعال امامه صحت صلاته إلا اذا اختلف المأموم عن محل صلاة امامه فان صلاة المأموم تبطل عند فقهاء المذهب الحنفى حيث يشترطون اتحاد مكان الامام والمأمون بألا يكون بينهما فاصل كنهر تجرى فيه السفن - أو طريق نافذ يمر فيه الناس أو صف من النساء يسبق المأموم ويرى فقهاء الشافعية أنه إذا كان الامام فى المسجد والمأموم خارجه لزم لصحة الاقتداء به عدم وجود حائل بينهما وامكان وصول المأموم إلى مكان الامام دون انحراف عن القبلة أو استدبار لها والا تزيد المسافة بينهما على ثلثمائة ذراع وتبدأ هذه المسافة من طرف المسجد الذى يلى المأموم إذا كان الامام فى المسجد - فاذا لم تتوافر هذه الشروط بطل الاقتداء بهذا الامام ويرى فقهاء الحنابلة أنه لو كان المقتدى خارج المسجد والامام فى المسجد صح الاقتداء اذا رأى المأموم الامام أو أى من وراءه من المأمومين ولو فصل بينهما شباك ونحوه ولو زادت المسافة بين الامام والمأموم على 300 ذراع - أما اذا فصل بينهما نهر تجرى فيه السفن أو طريق ففى صحة الاقتداء قولان فى المذهب أحدهما لا تصح صلاة المأموم والآخر تصح - ويرى فقهاء المالكية أنه يجوز أن يفصل بين الامام والمأموم نهر صغير أو طريق أو زرع مادام المأموم على علم بأفعال الامام فى الصلاة ولو بالسماع ليأمن الخلل فى صلاته يراجع فيما تقدم نور الايضاح فقه حنفى ص 63 وكتاب المجموع فقه شافعى ص 309 بالجزء الرابع - وكتاب المغنى لابن قدامة الحنبلى ص 39، 40 بالجزء الثانى وكتاب مواهب الجليل فقه مالكى ص 117، 129 بالجزء الثانى .
وبناء على ما تقدم ففى الموضوع الوارد بالسؤال تكون صلاة الجمعة وراء المذياع فى غير المسجد وملحقاته غير صحيحة وعلى السائلين اذا كانت لديهم اعذار مانعة من صلاة الجمعة فى المسجد أن يصلوا الظهر بعد انتهاء صلاة الجمعة لسقوط هذه الفريضة عنهم .
فى خصوص صلاة الفروض الأخرى اقتداء خلف امام فى المسجد تذاع صلاته عبر الأثير فان ذلك جائز ولو فصل طريق أو نهر بين المأموم وامامه فى مذهب الامام مالك ورأى لبعض فقهاء الحنابلة وقد اختار هذا ابن قدامة الحنبلى فى كتابه المشار اليه قال انه الصحيح عندى ومذهب مالك والشافعى لأنه لا نص فى منع ذلك ولا اجماع ولأن المؤثر فى صحة الجماعة ما يمنع الرؤية أو سماع الصوت .
هذه أراء فقهاء المذاهب فى الموضوع ولما كانت الحكمة المبتغاة من صلاة الجماعة هى اجتماع المسلمين فى المسجد فان الصلاة خلف الامام عن طريق المذياع لا تلتقى مع مشروعية الجماعة فى الصلاة واذا كان السائلون بالحال الواردة بالسؤال فان شهودهم الجماعة فى الصلوات المكتوبة غير مطلوب ولا اثم فى صلاتهم فرادى أو جماعة فى أماكنهم هذا وقد قال ابن قدامة فى شأن هذه الاعذار ويعذر فى ترك الجمعة والجماعة المريض ومن بدافع الأخبئين أو بحضرة طعام والخائف من ضياع ماله أو فواته أو ضرر فيه على نفسه من سلطان أو ملازمة غريم ولا شىء معه أو فوات رفقة أو غلبة النعاس أو خشية التأذى بالمطر والوحل والريح الشديدة فى الليلة المظلمة الباردة .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/84)
تحية المسجد
F محمد خاطر .
9 ذو القعدة سنة 1391 هجرية - 26 ديسمبر سنة 1971 م
Mيسن لداخل المسجد اذا كان فيه قوم جالسون أن يقول عند دخوله بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ثم يصلى ركتعين تحية المسجد
Q من السيد / م أ أ بطلبه المتضمن بيان ما هو المسنون لداخل المسجد وهل يبدأ أولا بصلاة تحية المسجد ثم يسلم على الحاضرين فيه بعد أداء التحية أم يبدأ أولا بالسلام على الحاضرين ثم يؤدى تحية المسجد بعد السلام
An جاء فى فقه الحنفية أنه يسن تحية المسجد بركعتين يصليهما فى غير وقت مكروه قبل الجلوس لقوله صلى الله عليه وسلم ( اذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركتعين ) قالوا والمراد غير المسجد الحرام فان تحية المسجد الحرام تكون بالطواف كما قالوا وأداء الفرض ينوب عنها وكذا كل صلاة أداها عند الدخول بلا نية التحية - وجاء فى كتاب زاد المعاد فى هدى خير العباد للامام الجليل الحافظ أبى عبد الله محمد بن أبى بكر الشهير بابن القيم الجوزية بالجزء الثانى بالصحيفة رقم 65 ما نصه ( ومن هديه صلى الله عليه وسلم أن الداخل إلى المسجد يبتدى بركعتين تحية المسجد ثم يجىء فيسلم على القوم فتكون تحية المسجد قبل تحية أهله فان تلك حق الله تعالى والسلام على الخلق هو حق له .
وحق الله فى مثل هذا أحق بالتقديم بخلاف الحقوق المالية فان فيها نزعا معروفا والفرق بينهما حاجة الآدمى وعدم اتساع الحق المالى لأداء الحقين بخلاف السلام - وكان عادة القوم معه هكذا - يدخل أحدهم المسجد فيصلى ركعتين ثم يجىء فيسلم على النبى صلى الله عليه وسلم .
لهذا جاء فى حديث رفاعة بن رافع أن النبى صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس فى المسجد يوما ( قال رفاعة ونحن معه اذ جاءه رجل كالبدوى فصلى فأخف صلاته ثم انصرف فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم فقال وعليك فارجع فصل فانك لم تصل الخ الحديث ) فأنكر النبى صلى الله عليه وسلم صلاته ولم ينكر عليه تأخير السلام عليه صلى الله عليه وسلم الى ما بعد الصلاة - وعلى هذا فيسن لداخل المسجد اذا كان فيه قوم جالسون ثلاث تحيات مترتبة - أن يقول عند دخوله - بسم الله الرحمن الرحيم الله والصلاة والسلام على رسول الله ثم يصلى ركعتين تحية المسجد ثم يسلم على القوم .
من هذا كله يتبين فى المسألة موضوع الاستفتاء أنه يسن لداخل المسجد اذا كان فيه قوم جالسون ثلاث تحيات مترتبة أن يقول عند دخوله بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ثم يصلى ركتعين تحية للمسجد ثم يسلم على القوم ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/85)
المسح على الجورب والجمع بين الصلاتين
F محمد خاطر .
18 ربيع الآخر سنة 1395 هجرية - 30 أبريل سنة 1975
M 1 - يجوز المسح على الجورب اذا كان ثخينا يمنع وصول الماء الى ما تحته وأن يثبت على القدمين بنفسه من غير رباط وألا يكون شفافا يرى ما تحته من القدمين .
2 - يجوز الجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير للمسافر سفرا تقصر فيه الصلاة عند الأئمة مالك والشافعى وأحمد .
3 - لا يجوز الجمع بين الصلاتين تقديما وتأخيرا عند الحنفية الا فى عرفة والمزدلفة للحاج
Q من السيد / أ م خ بطلبه المتضمن أن السائل يعمل فى طنطا ويقيم فى القاهرة ويسافر يوميا من القاهرة إلى طنطا ثم يعود من طنطا الى القاهرة .
وانه فى فصل الشتاء يصل إلى منزله فى القاهرة بعد العصر .
وأنه لذلك حريص على أن يؤدى صلاة الظهر فى مكتبه بطنطا .
وطلب السائل لذلك بيان الحكم الشرعى فى الأمرين التاليين : 1 - هل يجوز له التوضؤ مع المسح على الجورب إذا كان طاهرا وارتداه على وضوء .
وهل يجوز لزوجته وبنته الوضوء مع المسح على الجورب الطويل اللتين تلبسانه تحت البنطلون الطويل أم لا .
2 - هل يجوز للسائل أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير عند عودته من عمله إلى منزله لأنه أحيانا ينشغل عن أداء صلاة الظهر فى موعدها بسبب عمله فى الشركة التى يعمل بها والتفاهم مع عملائها
An 1 - عن السؤال الأول المقرر فقها أن المسح لا يجوز شرعا الا على الخف المصنوع من الجلد أو ما أخذ حكمه وهو أن يكون ثخينا يمنع وصول الماء إلى ما تحته وأن يثبت على القدمين بنفسه من غير رباط وألا يكون شفافا يرى ما تحته من القدمين أو من ساتر آخر فوقهما - إذا تحققت فى الجورب هذه الشروط وشروط أخرى مبسوطة فى كتب الفقه وأهمها أن يمكن المشى فيه - جاز المسح عليه شرعا والا فلا .
وفى حادثة السؤال لا يجوز شرعا للسائل ولا لزوجته وبنته أن يمسحوا على الجورب لأن الظاهر من السؤال أن الجورب المسئول عن المسح عليه هو الجورب المعتاد لبسه عرفا وهذا الجورب لا تتحقق فيه الشروط التى ذكرناها .
والتى بدونها لا يجوز المسح عليه شرعا .
2 - عن السؤال الثانى اتفق الأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد على أنه يجوز الجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير للمسافر سفرا تقصر فيه الصلاة وحدد الأئمة الثلاثة المذكورون مسافة القصر بأنها المسافة التى تبلغ نحو ( 81 كيلو ) إلا قليلا - أما الحنفية فقد حددوها بالأيام فقالوا أنها مسيرة ثلاثة أيام ولياليها بسير الابل ومشى الأقدام .
والسير المذكور هو السير الوسط .
كما قال الحنفية أيضا أن الجمع بين الصلاتين تقديما وتأخيرا لا يجوز شرعا إلا فى عرفة والمزدلفة للحاج فقط .
وفى حادثة السؤال المسافة بين القاهرة وطنطا - تزيد عن مسافة القصر التى حددها الأئمة الثلاثة - وعلى ذلك فيجوز للسائل شرعا أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير عند الأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد .
ولا يجوز له شرعا الجمع بينهما عند الحنفية . وهذا اذا كان الحال كما ذكر بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/86)
الأذان الثانى يوم الجمعة ومن أحق بالامامة فى صلاتها
F عبد اللطيف حمزة .
5 ذوالحجة سنة 1402 هجرية - 22 سبتمبر سنة 1982 م
M 1 - الثابت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان لصلاة الجمعة أذان وأحد يؤذنه بلال رضى الله عنه على باب مسجده صلى الله عليه وسلم وبعد جلوسه على المنبر وبين يديه .
2 - لما كثر الناس بالمدينة وشغلتهم الأسواق رأى عثمان رضى الله عنه أن الغرض الأول من الأذان لم يقع على الوجه الأكمل فأحدث الأذان المستحدث وأمر بفعله وأقره على ذلك الصحابة فكان اجماعا سكوتيا .
3 - من جعل للجمعة أذانا واحدات عقب صعود الخطيب المنبر فقد عمل بالسنة ومن جعل للجمعة أذانين عملا بما فعله خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد عمل أيضا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الواردة فى هذا الشأن .
4 - لا يشترط فى امام الجمعة عند الحنفية والشافعية والحنابلة أن يكون هو الخطيب - وقال المالكية يشترط أن يكون هو الخطيب الا لعذر يبيح له الاستخلاف .
5 - الأولى أن يكون امام الجمعة هو الخطيب خروجا من الخلاف مادامت شروط الأمامة متوفرة فيه
Q من السيد / م أ م بطلبه المتضمن قوله أن بعض المساجد يؤذن فيها أذان واحد يوم الجمعة عقب صعود الخطيب المنبر وبعضها الآخر يؤذن فيها أذانان قبل صعود الخطيب وعقب صعوده فأيهما أصح وأولى بالاتباع ويسأل كذلك عمن هو أحق بالامانة يوم الجمعة هل هو الخطيب أم غيره
An أن الثابت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أذانا واحدا يؤذن بلال رضى الله عنه على باب مسجده صلى الله عليه وسلم وبعد جلوسه على المنبر وبين يديه - لقول السائب بن يزيد أن الأذان كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر يوم الجمعة فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر فلما كان خلافة عثمان وكثر الناس أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثانى فأذن به على الزوراء فثبت الأمر على ذلك ، أخرجه البخارى والبيهقى والأربعة .
من هذا يبين أن الغرض من الأذان الذى كان على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم الاعلام بدخول الوقت لصلاة الجمعة ولذا كان على باب المسجد ليكمل هذا الغرض - وللعلم كذلك بقرب شروع الخطيب فى الخطبة لينصت الناس ويتركوا الكلام و هذا سر كونه بعد جلوس الخطيب على المنبر وبين يديه وهذا الغرض هو ما يقصد من الاقامة فانها للاعلام بالدخول فيها ثم لما كثر الناس بالمدينة وشغلتهم الأسواق رأى عثمان رضى الله عنه أن الغرض الأول من الأذان وهو الاعلام بدخول الوقت لصلاة الجمعة لم يقع على الوجه الأكمل فأحدث الأذان المستحدث وأمر بفعله على موضع بسوق المدينة يسمى الزوراء وأقره على ذلك الصحابة فكان اجماعا سكوتيا .
هذا ما حدث فى الأذان مما لم يكن فى عهده صلى الله عليه وسلم وهو وأن كان محدثا بعده صلى الله عليه وسلم لكنه سنة الخلفاء الراشدين التى أوصانا بها رسول الله وأمرنا بالتمسك بها والحرص عليها حيث قال صلى الله عليه وسلم ( عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ ) وقال صلى اله عليه وسلم ( أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم أهديتم ) وأبقى عثمان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كان عليه ولكن صار الغرض منه خصوص الاعلام بقرب شروع الخطيب فى الخطبة لينصت الناس وعلى هذا فان من جعل للجمعة أذانا واحدا عقب صعود الخطيب المنبر متمسكا بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد عمل بالسنة .
ومن جعل للجمعة أذانين أحدهما قبل صعود الخطيب المنبر والثانى عقب صعوده عملا بما فعله خليفة رسول الله عثمان بن عفان رضى الله عنه فقد عمل أيضا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم للأحاديث الواردة فى هذا الشأن وكلاهما قد أصاب .
أما بالنسبة لإمام الجمعة قال الحنفية لا يشترط فى امام الجمعة أن يكون هو الخطيب وقال المالكية يشترط فى امام الجمعة أن يكون هو الخطيب فلو صلى بهم غير الخطيب بلا عذر يبيح له الاستخلاف فالصلاة باطلة .
وقال الشافعية والحنابلة لا يشترط أن يكون امام الجمعة هو الخطيب خروجا من هذا الخلاف نرى أنه من الأولى أن يكون امام الجمعة هو الخطيب مادامت شروط الامامة متوفرة فيه وخاصة اذا كان كما جاء فى الطلب داعية واعيا فقهيا ممتازا عالما بأحكام الصلاة صحة وفسادا وحسن الخلق يجيد القراءة وليس لديه عذر يبيح له الاستخلاف - اما اذا قدم الخطيب غيره للصلاة لعذر منعه من الامامة فانه جائز والصلاة صحيحة ونسأل الله الهداية والتوفيق والقبول والاخلاص والرشاد والله سبحانه وتعالى أعلم(1/87)
الترتيب فى الصلاة بين الفرض الحاضر والفرض الفائت
F عبد اللطيف حمزة .
17 صفر سنة 1405 هجرية - 11 نوفمبر سنة 1984 م
M 1 - أيسر أقوال الفقهاء ما قال به الشافعية .
اذ جعلوا الترتيب سنة سواء بين الفوائت أو مع الحاضرة وتركه لا يمنع صحة القضاء .
2 - اذا دخل المسجد من عليه فرض فائت والامام يصلى جماعة فعليه أن يصلى الفرض الذى فاته مادام وقت الحاضر يتسع له وللفائته
Q من السيد / س أ م بطلبه المتضمن استفساره عما يجب عليه اذا دخل المسجد فوجد الامام يصلى الفرض الحاضر وعليه ( السائل ) فرض فائت هل يصلى مع الامام الصلاة الحاضرة أم يصلى الفرض الذى فاته
An ان الصلاة من أفضل الأعمال وأعظمها شأنا فهى ركن من أركان الإسلام الخمسة بل هى عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين، وقد ثبتت فرضيتها بالكتاب والسنة .
قال تعالى { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } النساء 103 ، وقال صلى الله عليه وسلم ( خمس صلوات كتبها الله على العباد فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ) ووردت أحاديث كثيرة فى تعظيم شأنها والحث على أدائها فى أوقاتها والنهى عن الاستهانة بأمرها والتكاسل عن اقامتها، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من تركها والتهاون فى أدائها من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ) - هذا ولا تسقط الصلاة عن المسلم البالغ العاقل إلا إذا كانت المرأة حائضا أو نفساء، واذا كان هذا شأنها وكانت أولى الفرائض العملية لما كان ذلك كان قضاء الفرائض حتما على المسلم - وقد اختلف الفقهاء فى حكم ترتيب الفوائت مع الحاضرة فيرى فقهاء الحنفية أنه يجب الترتيب بين الفوائت إذا لم تبلغ ستا غير الوتر فمن كانت عليه فوائت أقل من ست صلوات وأراد قضاءها يلزمه أن يقضيها مرتبة فلو صلى الظهر قبل الصبح مثلا فسدت صلاة الظهر ووجبت عليه اعادتها بعد قضاء صلاة الصبح ويسقط الترتيب بأحد أمور ثلاثة : 1 - أن تصير الفوائت ستا غير الوتر .
2 - ضيق الوقت عن أن يسع الوقتية ( الصلاة الحاضرة والفائتة ) .
3 - نسيان الفائتة وقت أداء الحاضرة .
ويرى فقهاء المالكية أنه يجب ترتيب الفوائت سواء كانت قليلة أو كثيرة بشرط أن يكون متذكرا للسابقة وأن يكون قادرا على الترتيب، ويرى فقهاء الحنابلة أن ترتيب الفوائت واجب سواء كانت قليلة أو كثيرة كما يجب ترتيب الفوائت مع الحاضرة إلا اذا خاف فوات وقت الحاضرة فيجب تقديمها على الفوائت .
ويرى فقهاء الشافعية أن ترتيب الفوائت فى نفسها سنة سواء قليلة أو كثيرة، وترتيب الفوائت مع الحاضرة سنة أيضا بشرط ألا يخشى فوات الحاضرة وأن يكون متذركا للفوائت قبل الشروع فى الحاضرة .
وأيسر هذه الأقوال هو ما قال به فقهاء الشافعية اذ جعلوا الترتيب سنة سواء بين الفوائت أو مع الحاضرة وتركه لا يمنع صحة القضاء، والأولى بالسائل الذى عليه فرض فاته اذا دخل المسجد والامام يصلى جماعة فعليه أن يصلى الفرض الذى فاته مادام وقت الحاضرة يتسع له وللفائته فيصلى الفرض الذى فاته ثم يصلى الحاضرة .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/88)
مواضع السكتات فى الصلاة وقراءة المأموم
F عبد اللطيف حمزة .
9 فبراير سنة 1985 - 19 جمادى الأولى سنة 1405 هجرية
M 1 - مواضع السكتات فى الصلاة تكون بعد تكبيرة الاحرام وقبل الفاتحة وبين ولا الضالين وآمين .
وبين الفاتحة والسورة وبعد القراءة وقبل الركوع .
2 - على المأموم الانصات والاستماع لقراءة امامه فى الصلاة الجهرية ويندب له القراءة فى الصلاة السرية .
3 - قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة فى جميع ركعات الفرض والنفل على الامام والمنفرد بخلاف المأموم .
4 - يدرك المأموم الركعة بادراك الركوع مع الامام وأن لم يقرأ شيئا من القرآن
Q من السيد / ح م ع بطلبه المتضمن استفساره عما يلى : 1 - ما هو سر السكتات التى كان يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصلاة الجهرية .
2 - هل ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه أمر الصحابة بقراءة الفاتحة فيما يجهر به من الصلوات أم لا .
3 - هل الحديث القائل ( لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب ) يطبق على المأموم فى الركعات الجهرية ومتى يمكن له أن يقرأها .
4 - هل الحديث القائل ( من كان له امام فقراءة الامام له قراءة ) حديث صحيح يعمل به أم لا .
5 - اذا دخل الرجل المسجد ووجد الامام راكعا فركع قبل أن يرفع الامام رأسه فهل تعد هذه ركعة كاملة للمأموم أم لا
An عن السؤال الأول من آداب الصلاة يندب للمصلى أن يسكت فى الصلاة أربع سكتات الأولى بعد تكبيرة الاحرام وقبل القراءة وهى مستحبة لكل مصل عند من يقول بدعاء الاستفتاح وهى ليست سكتة حقيقية بل المراد عدم الجهر بشىء من الذكر لاشتغاله بدعاء الاستفتاح فقد روى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كبر فى الصلاة سكت بين التكبير والقراءة فقلت له بأبى أنت وأمى أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة أخبرنى ما تقول قال ( اللهم باعد بينى وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقنى من خطاياى كالثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسلنى بالثلج والماء والبرد ) أخرجه السبعة إلا الترمذى .
فيسن عند خمهور العلماء لكل مصل أن يأتى بدعاء الاستفتاح سرا بعد تكبيرة الاحرام بأى صيغة من الصيغ الواردة فى ذلك ( انضر المغنى لابن قدامه ج1 ص 519 ) .
وشرعت هذه السكتة ليتسنى للمأمومين تأدية النية والتكبير ويتفرغوا لسماع القراءة .
السكتة الثانية سكتة بين ( ولا الضالين وآمين ) ليتسنى للمأموم موافقة الامام فى التأمين لقول سمرة بن جندب حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين سكتة اذا كبر وسكتة اذا فرغ من قراءة { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } واخرجه أحمد وأبو داود ( ج3 ص175 الفتح الربانى ) الثالثة السكتة بين الفاتحة والسورة وهى مستحبة للامام عند الشافعية والحنابلة ليقرأ المأموم فيها الفاتحة - ويشتغل الامام بالذكر والدعاء ومكروهة عند الحنفيين ومالك لعدم ما يدل على مشروعيتها .
الرابعة السكتة بعد القراءة وقبل الركوع وهى سكتة لطيفة لفصل القراءة من الركوع وهى مستحبة عند الشافعى وأحمد واسحاق ( أنظر ج1 ص535 المغنى لابن قدامه ) أما عن السؤال الثانى فهمنا منه هل يجب على المأموم قراءة الفاتحة فى الصلاة الجهرية والجو اب أن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة فى جميع ركعات الفرض والنفل على الامام والمنفرد بخلاف المأموم .
قال الشافعية يفترض على المأموم قراءة الفاتحة خلف الامام إلا أن كان مسبوقا بجميعها أو بعضها .
فان الامام يتحمل عنه ما سبق . وقال الحنفية ان قراءة المأموم خلف امامه مكروهة تحريما فى السرية والجهرية .
وقال المالكية قراءة المأموم خلف الامام مندوبة فى السرية مكروهة فى الجهرية وقال الحنابلة القراءة خلف الامام مستحبة فى السرية وفى سكتات الامام فى الجهرية ومكروهة حال قراءة الامام فى الصلاة الجهرية - توفيتا بين أقوال الأئمة نقول يجب على المأموم الانصات والاستماع لقراءة امامه فى الصلاة الجهرية امتثالا لقول الله تعالى { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } ويندب له القراءة واذا سكت الامام بعد قراءة الفاتحة أو اذا كان آخر الصفوف ولا يسمع قراءة الامام أو كان به صمم ولا يسمع .
أما فى الصلاة السرية فيندب قراءة المأموم خروجا من الخلاف .
3 - أما حديث ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) فقد أخرجه أحمد والشيخان والنسائى ويمكن اعتباره فى حق غير المأموم ( كالامام والمنفرد ) لقول جابر رضى الله عنه من صلى ركعة لن يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل الا أن يكون وراء الامام أخرجه الترمذى وقال حسن صحيح .
4 - أما حديث ( من كان له امام فقراءة الامام له قراءة ) فهذا الحديث قد ورى من عدة طرق واستدل به الأحناف على كراهة قراءة المأموم فى السرية والجهرية ولكن خروجا من الخلاف وتوفيقا بين الأئمة قلنا يكره تحريما قراءة المأموم خلف الامام فى الصلاة الجهرية حيث أنه مأمور بالانصات والاستماع لامامه - ويندب له القراءة فى الصلاة السرية كما سبق .
5 - اتفق الأئمة الأربعة والجمهور على أن المأموم يدرك الركعة بادراك الركوع مع الامام وان لم يقرأ شيئا .
قال صلى الله عليه وسلم ( من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة ) رواه أبو داود .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/89)
مواطن الدعاء فى الصلاة
F عبد اللطيف حمزة .
19 ذو القعدة سنة 1405 هجرية - 28 يوليو 1985 م
M 1 - يجب على المأموم الاستماع والانصات لقراءة الامام .
2 - الدعاء من المأموم عندما يقول الامام ( ولا الضالين ) مكروه ولا تبطل به الصلاة .
3 - الدعاء فى الصلاة بما يشبه كلام الناس يبطلها
Q من السيد / ر م ع بطلبه المتضمن الآتى 1 - ما حكم قول المأموم ( استعنت بالله ) عندما يقول الامام أثناء صلاة الجماعة { إياك نعبد وإياك نستعين } وهل حرام وتبطل به الصلاة أم لا 2 - ما حكم الدعاء من المأموم عندما يقول الامام اثناء صلاة الجماعة ( ولا الضالين ) وهل الدعاء حرام وتبطل به الصلاة فى هذه الحالة أم لا 3 - ما حكم قول المأموم لا إله لا الله أثناء سماعه آية قرآنية من الامام فى صلاة الجماعة تدل على عظمة الله .
وهل هذا حرام وتبطل به الصلاة أم لا وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما تقدم من الأسئلة حسما للخلاف
An ان الصلاة شرعا أركان وأفعال مخصوصة وهى فريضة على المسلم البالغ العاقل وركن من أركان الإسلام ثبتت فرضيتها بالكتاب والسنة .
من ذلك قول الله تعالى { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } وقوله صلى الله عليه وسلم ( الإسلام أن تشهد إلا اله الا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة ) الحديث .
والصلاة أركانها وشروطها وواجباتها وسننها وآدابها وغير ذلك مما تكفلت بتفصيله كتب الفقه وحينما نتعرض للسؤال الأول وهو قول المأموم حينما يسمع قراءة الامام اياك نعبد واياك نستعين - استعنت بالله فان هذا القول مخالف لما ورد فى كتاب الله عند سماع القرآن حيث قال تعالى { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } فواجب على المأموم الاستماع والانصات لقراءة الامام على أن قول المأموم لتلك الجملة لا تبطل بها صلاته لأنها ذكر وليس من كلام الناس إلا أنها ليست فى موضعها وصلاته صحيحة لكنها مكروهة وأما حكم الدعاء من المأموم عندما يقول الامام أثناء صلاة الجماعة ( ولا الضالين ) فمكروه أيضا والمطلوب فى تلك الحالة التأمين أى يقول آمين وهو سنة للأمر به فى الصلاة .
قال صلى الله عليه وسلم لقننى جبريل عليه السلام عند فراغى من الفاتحة آمين .
وقال أنه كالختم على الكتاب وليس من القرآن وأفصح لغاته المد والتخفيف والمعنى استجب دعاءنا على أن التأمين للامام والمأموم سرا فى الصلاة عند الأحناف والمالكية وعند الشافعية سرا فى الصلاة السرية وجهرا فى الجهرية .
وجاء فى كتاب الابداع فى مضار الابتداع س 151 ومن البدع الشائعة أنك تسمع المأمومين عقب فاتحة الامام وقبل أن يقول آمين يقول رب اغفر وارحم .
فان المطلوب منهم التأمين مع الامام فقط .
ومن هذا يتبين ان الدعاء من المأموم عقب قول الامام ( ولا الضالين ) مكروه ولا تبطل به الصلاة حيث أنه ذكر وليس من كلام الناس .
ومن مواطن الدعاء فى الصلاة أن الشافعية يزيدون على التسبيح فى الركوع اللهم لك ركعت ولك خشعت ولك أسلمت وعليك توكلت .
ويزيدون أيضا فى السجود سجد وجهى للذى خلقه وصوره وشق سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين، ويرى الأحناف أن المصلى لا يأتى فى الركوع والسجود إلا بالتسبيح وأن هذه الدعوات تكون أثناء التهجد .
ومما يرجح الدعاء أثناء السجود ما رواه أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء رواه مسلم وعن أبى بكر رضى الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم علمنى دعاء أدعو به فى صلاتى قال قل اللهم انى ظلمت نفسى ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لى مغفرة من عندك وأرحمنى انك أنت الغفور الرحيم، متفق عليه .
وأيضا من السنة الدعاء فى القعود الأخير بعد التشهد والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام اذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله عز وجل والثناء عليه ثم ليصل على النبى ثم ليدع بعد ما شاء على أن يكون الدعاء فى الصلاة بما يشبه ألفاظ القرآن والسنة لأن الدعاء فيها بما يشبه كلام الناس مثل اللهم زوجنى فلانة يبطل الصلاة لقوله عليه الصلاة والسلام ان صلاتنا هذه لا يصح فيها شىء من كلام الناس ومن الدعاء المأثور فى آخر التشهد أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ومن مواطن الدعاء عند استفتاح الصلاة بعد تكبيرة الاحرام سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك أو يقول وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ان صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين .
ومن مواطن الدعاء أيضا فى الصلاة، القنوت فى الوتر عند الأحناف بعد القراءة فى الركعة الأخيرة، وفى صلاة الفجر بعد الرفع من الركوع فى الثانية جهرا عند الشافعية وبعد القراءة فى الثانية وقبل الركوع سرا عند المالكية .
كذلك ورد القنوت عند الشافعية فى الوتر فى النصف الأخير من رمضان .
كذلك من مواطن الدعاء القنوت بعد الرفع من الركعة الأخيرة اذا نزل بالمسلمين نازلة أو شدة وذلك فى جميع الصلوات .
وعند الأحناف القنوت فى تلك الحالة فى صلاة الصبح بعد القيام من الركوع فى الثانية كما ورد الدعاء للميت بعد التكبيرة الثالثة فى صلاة الجنازة .
وأما قول المأموم لا إله إلا الله أثناء سماعه آية من القرآن الكريم من الامام فى صلاة الجماعة فمكروه أيضا لأن المطلوب من المأموم أثناء قراءة الامام الاستماع والانصات ولكن قوله هذا لا يبطل الصلاة حيث أنه ذكر وليس من كلام الناس إلا أنه فى غير موضعه .
هذا اذا كان الشأن كما ورد بالسؤال وبتلك الاجابة يكون قد وضح الابهام .
والله سبحانه وتعالى أعلم، على أننا ندعو المسلمين عامة والمصلين فى بيوت الله خاصة الالتزام بالوارد بالكتاب والسنة وأن يكون اجتماعهم داعيا إلى الألفة والمحبة والتعاون على البر والتقوى، والله ولى التوفيق(1/90)
التبليغ فى الصلاة للحاجة
F محمد عبده .
رجب 1319 هجرية
M 1- التبليغ فى الصلاة عند عدم الحاجة مكروه وأما عند الاحتياج فمستحب .
2- تكره الزيادة فى الإعلام .
3- الإمام يجهر وجوبا بحسب الجماعة فإن زاد عليه أساء .
4- من يقرأ القرآن يأثم إذا آذى غيره أو قرأ حال اشتغال المصلى بالصلاة
Q ما الحكم فى رفع صوت القارئ ( سورة الكهف ) بالجامع يوم الجمعة والناس مجتمعون ومنهم الذاكر والمتنفل واللاغى وفى الترقية والدعاء عند جلوس الخطيب والدعاء للسلطان وفى تبليغ أحد المأمومين عند قلة الجماعة وسماعهم صوت الإمام
An صرحوا بأن التبليغ عند عدم الحاجة إليه بأن بلغ الجماعة صوت الإمام مكروه بل نقل بعضهم اتفاق الأئمة الأربعة على أن التبليغ حينئذ بدعة منكرة أى مكروهة وأما عند الاحتياج إليه فمستحب وصرحوا بأن المبلغ يكره له الزيادة فى الإعلام على قدر الحاجة وصرحوا بكراهة ما يفعله المؤذن وهو المعروف بالترقية فى الصلاة على النبى صلى اللّه عليه وسلم عند صعود الخطيب وما يفعله من الدعاء حال جلسته والدعاء للسلطان بالنصر ونحو ذلك بأصوات مرتفعة وصرحوا بأن الإمام يجهر وجوبا بحسب الجماعة فإن زاد عليه أساء وقال الزاهدى لو زاد على الحاجة فهو أفضل إلا إذا أجهد نفسه وآذى غيره كما فى القهستانى وصرح فى الفتح عن الخلاصة بأنه إذا كان رجل يكتب الفقه وبجانبه رجل يقرأ القرآن ولا يمكن للكاتب استماع القرآن فالإثم على القارى وعلى هذا لو قرأ على السطح والناس نيام يأثم .
لأن ذلك يكون سببا لإعراضهم عن السماع أو لأنه يؤذيهم بإيقاظهم وقالوا إنه يجب على القارئ احترام القرآن .
بأن لا يقرأ فى الأسواق ومواضع الاشتغال فإذا قرأه فيها كان هو المضيع لحرمته فيكون الإثم عليه دون أهل الاشتغال دفعا للحرج ومن ذلك يتبين أن رفع الصوت فى الترقية والتبليغ زيادة عن الحاجة مكروه وكذلك رفعه بالدعاء عند جلوس الخطيب والدعاء للسلطان ونحو ذلك مما يفعله المؤذن حال الخطبة وأن القارئ لسورة الكهف ونحوها من القرآن يأثم إذا آذى غيره أو قرأ حال اشتغال المصلى بالصلاة بأن ابتدأ فى القراءة والمصلى يصلى لما فى ذلك من تضييع احترام القرآن الواجب عليه واللّه أعلم(1/91)
صلاة أسير الحرب
F محمد بخيت .
شعبان 1334 هجرية - يونيه 1916 م
Mإذا أقام أسير الحرب فى مكان صالح للإقامة فإنه يصلى صلاة المقيم إذا غلب على ظنه أنه يقيم خمسة عشر يوما فأكثر
Q ما الحكم الشرعى فى صلاة أسير الحرب هل يصليها تماما أم يصليها قصرا
An نفيد أن أسير الحرب متى كان مسافرا وقت وقوعه فى الأسر ثم أقام فى مكان صالح للإقامة فإن غلب على ظنه أنه يقيم فى المكان الذى هو فيه خمسة عشر يوما فأكثر بإخبار من أسره أو غير ذلك كان مقيما وأتم صلاته وإلا فلا واللّه تعالى أعلم(1/92)
الحقنة فى الصيام
F محمد بخيت .
شعبان 1337 هجرية - مايو 1919 م
M 1- الاحتقان سواء كان فى العضدين أو فى أى موضع من ظاهر الجسم غير مفسد للصوم .
2- الشرط فى المفطر وصوله إلى الجوف واستقراره فيه وأن يكون دخوله من المنافذ المؤدية إلى الجوف
Q هل الاحتقان بالحقنة المعروفة الآن فى العضدين أو الفخذين أو رأس الأليتين مفطر للصائم أم لا
An نفيد أنه صرح فى متن التنوير وشرحه الدر المختار أن لو ادهن أو اكتحل لا يفطر ولو وجد طعمه فى حلقه قال فى رد المحتار عليه أى طعم الكحل أو الدهن كما فى السراج وكذا لو بزق فواجد لزقه فى الأصح بحر - قال فى النهر لأن الموجود فى حلقه أنه داخل من المسام الذى هو خلل البدن والمفطر إنما هو الداخل من المنافذ للاتفاق على أن من اغتسل فى ماء لوجد برده فى باطنه أن لا يفطر وإنما كره الإمام الدخول فى الماء والتلفف بالثوب المبلول لما فيه من إظهار الضجر فى إقامة العبادة .
وبالجملة فالشرط فى المفطر أن يصل إلى الجوف وأن يستقر فيه والمراد بذلك أن يدخل إلى الجوف ولا يكون طرفه خارج الجوف ولا متصلا بشىء خارج عن الجوف وأن يكون الوصول إلى الجوف من المنافذ المعتادة لأن المسام ونحوها من المنافذ التى لم تجر العادة بأن يصل منها شىء إلى الجوف .
ومن ذلك يعلم أن الاحتقان بالحقن المعروف الآن عملها تحت الجلد سواء كان ذلك فى العضدين أو الفخذين أو رأس الإليتين أو فى أى موضع من ظاهر البدن غير مفسد للصوم لأن مثل هذه الحقنة لا يصل منها شىء إلى الجوف من المنافذ المعتادة أصلا وعلى فرض الوصول فإنما تصل من المسام فقط وما تصل إليه ليس جوفا ولا فى حكم الجوف واللّه تعالى أعلم(1/93)
فدية الصوم
F عبد الرحمن قراعة .
جمادى الآخرة 1345 هجرية - ديسمبر 1946 م
M 1- الوصية بفدية الصوم جائزة وتبرأ بذلك ذمة الموصى قطعا .
2- المقدار الواجب عن صوم كل يوم نصف صاع من بر أو دقيقة أو سويقه ومقدار نصف الصاع قدح وثلث بالكيل المصرى ودفع القيمة أفضل .
3- إذا لم يوص بالفدية وتبرع بها الوارث أو غيره أجزأه إن شاء اللّه
Q شخص أقام فى فرنسا مدة عشر سنوات .
ولم يصم هذه المدة شهر رمضان معتقدا أنه يضر بصحته .
وقبل وفاته أوصى بأن يعمل اسقاط بدلا عما فاته من الصوم بأن يخرج عن كل يوم مقدار ذلك بالمكاييل المصرية فهل تبرأ ذمته من الصوم أو لا
An المنصوص عليه شرعا أن حكم الصوم فى شهر رمضان إن أفطر فيه المسافر والمريض وماتا قبل الإقامة والصحة فلا يلزمهما الإيصاء به لعدم إدراكهما عدة من أيام أخر وأن من أفطر فيه بغير عذر لزمه الوصية بما قدر عليه وبقى فى ذمته حتى أدركه الموت بجميع ما أفطره لأن التقصير منه .
ونصوا على أنه إذا أوصى بفدية الصوم يحكم بالجواز قطعا لأنه منصوص عليه .
وأما إذا لم يوصى فتطوع بها الوارث .
فقد قال محمد فى الزيادات إنه يجزئه إن شاء اللّه تعالى فعلق الأجزاء بالمشيئة لعدم النص كما نص على ذلك فى رد المحتار على الدر المختار بصحفية 766 من الجزء الخامس طبعة أميرية سنة 1286 هجرية وفى نور الإيضاح وشرحه حيث قال ما نصه ( وإن لم يوص وتبرع عنه وليه أو أجنبى جاز إن شاء اللّه تعالى لأن محمدا قال فى تبرع الوارث بالإطعام فى الصوم بجزئه إن شاء اللّه من غير جزم وفى إيصائه جزم بالإجزاء ) أنتهى .
ونصوا على أنه إذا أوصى بفدية الصوم يخرج عنه من له التصرف فى ماله لوراثه أو وصاية من ثلث ما تركه لصوم كل يوم نصف صاع من بر أو دقيقه أو سويقه أو صاعا من تمر أو زبيب أو شعير أو قيمته ودفع القيمة أفضل لتنوع حاجات الفقير - ونص فى الفتاوى المهدية بالصحيفة التاسعة من الجزء الأول على أن الصاع ما يسع ألفا وأربعين درهما عدس ونحوه .
وقدره بعضهم بقدحين وثلثى قدح بالمصرى ودفع القيمة أفضل من دفع العين على المفتى به .
وهذا فى السعة أما فى الشدة فدفع العين أفضل - أنتهى - .
ومن هذا يعلم أن المقدار الواجب عن صوم كل يوم هو نصف صاع من بر أو دقيقه أو سويقه أو صاع تمر أو زبيب أو شعير أو قيمته وأن دفع القيمة أفضل من دفع العين على المفتى به فى وقت السعة .
أما فى الشدة فدفع العين أفضل وأن مقدار نصف الصاع هو قدح وثلث قدح بالكيل المصرى وأن ذمة الموصى المتوفى تبرأ بهذا الإيصاء قطعا حيث أوصى واللّه أعلم(1/94)
أثر التطعيم ضد الجدرى وغيره فى الصيام
F عبد المجيد سليم .
شعبان 1364 هجرية - يوليو 1945 م
Mالتطعيم ضد الجدرى والكوليرا والتيفود لا يفطر الصائم
Q من معاون وكيل الداخلية قال نظرا لاقتراب موسم الحج لسنة 1364 هجرية قررت الوزارة أن تصدر تعليماتها إلى الجهات بقبول الطلبات من الراغبين فى السفر إلى الأقطار الحجازية لأداء فريضة الحج وزيارة الروضة الشريفة ولما كانت التعليمات المشار إليها تقضى ضمنا باتخاذ الإجراءات الصحية نحو مقدمى هذه الطلبات وذلك بتطعيمهم ضد الجدرى وحقنهم ضد الكوليرا أو التيفود .
وأن هذه الإجراءات ستتخذ نحوهم فى خلال شهر رمضان المعظم .
لذلك نرجو التفضل بابداء الرأى فيما إذا كانت الإجراءات الصحية المشار إليها تبطل الصوم إذا اتخذت أثناء النهار مع الصائم أم لا تبطل صحته وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
An السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد فقد اطلعنا على كتاب سيادتكم المتضمن طلب إبداء رأينا فى تأثير تطعيم الراغبين فى السفر إلى الأقطار الحجازية ضد الجدرى فى شهر رمضان المبارك وحقنهم ضد الكوليرا والتيفود ونفيد بأن وزارة الداخلية للشئون الصحية سبق أن طلبت معرفة الحكم الشرعى فى تأثير التطعيم ضد الجدرى فى شهر رمضان المعظم فأجبناها بما يأتى ، و نفيد بأن الداخل فى الجسم إذا لم يصل إلى الجوف أو الدماغ أو وصل إلى أحدهما من المسام لا يفطر الصائم كما نص على ذلك فقهاء الحنفية والشافعية فقد جاء فى فتح القدير ما نصه ولو اكتحل لم يفطر سواء وجد طعمه فى حلقه أو لا لأن الموجود فى حلقه أثره داخل من المسام والمفطر الداخل من المنافذ لا من المسام .
وفى شرح مقطوعة الكواكبى ما نصه وكذا إن وصل إلى جوفه أو دماغه دواء من غير المسام أما إذا وصل من المسام فإنه لا يقضى ( يعنى لا يفطر ) فلا قضاء عليه كما لو أدهن فوجد أثر الدهن فى بوله أو اكتحل فوجد طعم الكحل فى حلقه أو لونه فى برازه .
وجاء فى شرح المهذب للإمام النووى ص 313 من الجزء السادس ما نصه وضبط الأصحاب الداخل بالمفطر بالعين الواصلة من الظاهر إلى الباطن فى منفذ مفتوح عن قصد من ذكر الصوم ثم بين الباطن بأنه ما يقع عليه اسم الجوف أو ما يقع عليه اسم الجوف مما له قوة تحيل الواصل إليه من دواء أو غذاء على اختلاف القولين عندهم هذا وقد نقل الإمام النووى فى صحيفة 320 فى شرح المهذب عن الإمام مالك أنه لو داوى جرحه فوصل الدواء إلى جوفه أو دماغه لا يفطر مطلقا سواء أكان الدواء رطبا أو يابسا ومن هذا يعلم أن التطعيم بالطعم المذكور بالسؤال لا يفطر الصائم لأنه لا يصل إلى الجوف منه شىء عن طريق غير المسام كما علمنا ذلك من الأطباء وبما ذكرنا يعلم حكم الحقن ضد الكوليرا والتيفود وهو أنها لا تفطر الصائم لأن الدواء لا يصل فيها إلى الجوف من المنافذ واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/95)
جواز فطر المجاهدين فى شهر رمضان
F حسنين محمد مخلوف .
شعبان 1367 هجرية - يونية 1948 م
Mيجوز للمجاهدين فى سبيل اللّه برا وبحرا وجوا بكل أسلحة القتال وأدواته أن يفطر فى شهر رمضان إذا استمر الجهاد فيه توفيرا لقوتهم ومنعا لتسرب الضعف إليهم وتأسيا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم
Q هل يجوز الفطر فى شهر رمضان للمجاهدين من الجيوش المصرية الذين يحاربون الآن فى ربوع فلسطين لإنقاذها من شرور العصابات الصهيونية الأثيمة التى تريد أن تنتزع هذا الوطن العربى الإسلامى من أحضان العروبة والإسلام وتؤسس فيه دولة يهودية
An إنه يجوز لهؤلاء المجاهدين الذين خرجوا من ديارهم للجهاد فى سبيل اللّه وإعلاء كلمته وإنقاذ هذا الوطن الإسلامى من الصهيونية الباغية أن يفطروا فى شهر رمضان إذا استمر الجهاد فيه توفيرا لقوتهم ومنعا لتسرب الضعف إليهم وتأسيا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى إفطاره فى شهر رمضان فى غزوة الفتح .
فقد خرج إلى مكة فى العاشر من شهر رمضان على رأس ثمان ونصف من الهجرة ومعه عشرة آلاف مجاهد فأفطر وأمرهم بالفطر .
روى عن جابر ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح حتى بلغ كراع الغميم ( واد أمام عسفان ) وصام الناس معه فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام وإن الناس ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه فأفطر بعضهم وصام بعضهم فبلغه أن أناسا صاموا فقال أولئك العصاة .
( رواه البخارى ) وهذا من حرصه عليه السلام على توافر قواهم للقتال وعدم تسرب الوهن إلى المجاهدين فمنعهم من صوم الفرض كى يستطيعوا القيام بفرض أعلى وطاعة أعظم .
والجهاد أفضل الأعمال بعد الإيمان .
سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أى الأعمال أفضل قال إيمان باللّه ورسوله قيل ثم ماذا قال جهاد فى سبيل اللّه .
وسئل أى الناس أفضل قال مؤمن يجاهد بنفسه وماله فى سبيل اللّه وفى الحديث الصحيح رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وعن ابن عباس رضى اله عنهما قال خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عام الفتح فى شهر رمضان فصام حتى مر بغدير فى الطريق وذلك فى عز الظهيرة فعطش الناس فجعلوا يمدون أعناقهم وتتوق نفوسهم إليه فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقدح فيه ماء فأمسكه على يده حتى رآه الناس ثم شرب فشرب الناس ( رواه أحمد ) وعن ابن سعيد قال سافرنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام فنزلنا منزلا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من أفطر ثم نزلنا منزلا آخر فقال إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فافطروا فكانت عزمة فأفطرنا ( رواه مسلم وأحمد وأبو داود ) وفى نيل الأوطار وفى الحديث دليل على أن الفطر لمن وصل فى سفره إلى موضع قريب من العدو أولى فإذا كان لقاء العدو محققا فالإفطار عزيمة لأن الصائم يضعف عن منازلة الأقران ولا سيما عند غليان مراجل الضراب والطعان ولا يخفى ما فى الضعف من الإهانة لجنود المحقين وإدخال الوهن على عامة المجاهدين من المسلمين .
على أن هؤلاء المجاهدين مسافرون بعيدا عن أوطانهم والسفر فى ذاته بقطع النظر عما فيه من الجهاد مما رخص اللّه فيه الفطر واللّه يحب أن تؤتى رخصه والفطر فيه أفضل لمن يشق عليه الصوم ويتضرر .
به وفى فتح البارى ( والراجح أن الفطر أفضل لمن اشتد عليه الصوم وتضرر به .
) وعن ابن عمر ( من لم يقبل رخصة اللّه كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة ) بل قال ابن دقيق العيد ( إن كراهة الصوم فى السفر مختصة بمن يضره الصوم ) .
وأفضلية الفطر عملا بالرخصة مذهب كثير من العلماء وهو قول الأوزاعى وأحمد وإسحق وذهب بعض الأئمة إلى عدم جواز الصوم للمسافر إذا خاف على نفسه المشقة أو الهلاك كما حكاه الطبرى .
وذهب كثير إلى أن الصوم فى السفر لا يجزىء عن الفرض ومن صام فى السفر وجب عليه القضاء فى الحضر لقوله تعالى { فعدة من أيام أخر } البقرة 184 ، والحديث ( ليس من البر الصيام فى السفر ) وحكى هذا عن عمر وابن عمر وأبى هريرة والزهرى وإبراهيم النخعى وغيرهم فكيف إذا كان المسافر مجاهدا فى سبيل اللّه يحارب ليلا ونهارا فى البر والبحر والجو بكل أسلحة القتال وأدواته أفلا تكون المشقة عليه أشد وخوف تسرب الضعف إليه أغلب وعند ذلك لا يكون هناك نزاع فى وجوب الفطر عليه كما قدمنا .
نسأله اللّه لجيوش المسلمين الفوز العظيم والنصر المبين بمنه وكرمه آمين واللّه تعالى أعلم(1/96)
استحمام الصائم فى البحر لا يفطره
F حسنين محمد مخلوف .
رمضان 1367 هجرية - يوليه 1948 م
Mالاستحمام فى البحر والاغتسال بالماء للتبرد والتلفف بالثوب المبلول لا يفطر الصائم وإن وجد الماء فى داخله .
لأن المفطر إنما هو الداخل من المنافذ
Q هل يجوز لصائم أن يستحم فى البحر .
وهل هذا الاستحمام يفطر الصائم كما يقول بعضهم
An اطلعنا على هذا السؤال المتضمن الاستفتاء عن حكم استحمام الصائم فى البحر هل هو مفطر له أو لا .
والجواب أن الاستحمام فى البحر وكذا الاغتسال بالماء للتبرد والتلفف بالثوب المبلول لا يفطر به الصائم وإن وجد برد الماء فى باطنه .
وأفتى الإمام أبو يوسف بعدم كراهته لما رواه أبو داود من أنه عليه السلام صب الماء على رأسه وهو صائم من العطش والحرارة وكان ابن عمر يبل الثوب ويلفه عليه وهو صائم ولأن فى ذلك هونا له على أداء الصوم ودفع الضجر الطبيعى .
ودخول جزء من الماء فى الجسم بواسطة المسام لا تأثير له لأن المفطر إنما هو الداخل من المنافذ وقد كره الإمام أبو حنيفة ذلك لما فيه من إظهار الضجر فى إقامة العبارة لا لأنه مفطر كما ذكره شارح الدر ومحشيه .
واللّه تعالى أعلم(1/97)
صيام الست من شوال بعد الأول منه مستحب
F حسنين محمد مخلوف .
شوال 1367 هجرية - أغسطس 1948م
M 1- صوم الست من شوال مستحب بعد اليوم الأول منه .
2- الأولى أن يكون صوم الست متتابعا فى شوال ويجوز أن يكون متفرقا فيه
Q ما حكم صيام الست من شوال بعد يوم عيد الفطر متتابعة
An إنه ورد فى الحديث كما فى نيل الأوطار عن أبى أيوب عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال من صام رمضان ثم اتبعه ستا من شوال فذاك صيام الدهر رواه الجماعة إلا البخارى والنسائى ورواه أحمد فى حديث جابر وعن ثوبان عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال ( من صام رمضان وستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) ( رواه ابن ماجه ) .
وبيانه أنه الحسنة بعشر أمثالها فصيام رمضان بعشرة أشهر وصيام الست بستين يوما وهذا تمام السنة فإذا استمر الصائم على ذلك فكأنه صام دهره كله .
وفى الحديثين دليل على استحباب صوم الست بعد اليوم الذى يفطر فيه الصائم وجوبا وهو يوم عيد الإفطار والمتبادر فى الإتباع أن يكون صومها بلا فاصل بينه وبين صوم رمضان سوى هذا اليوم الذى يحرم فيه الصوم وإن كان اللفظ يحتمل أن يكون الست من أيام شوال والفاصل أكثر من ذلك كما أن المتبادر أن تكون الست متتابعة وأن كان يجوز أن تكون متفرقة فى شوال فإذا صامها متتابعة من اليوم الثانى منه إلى آخر السابع فقد أتى بالأفضل وإذا صامها مجتمعة أو متفرقة فى شوال فى غير هذه المدة كان آتيا بأصل السنة .
وممن ذهب إلى استحباب صوم الست الشافعية وأحمد والظاهرية ففى المجموع للنووى ويستحب صوم الست من شوال لما رواه مسلم وأبو داود واللفظ لمسلم ( من صام رمضان ثم اتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر ) ويستحب أن يصومها متتابعة فى أول شوال أى بعد اليوم الأول منه ( الذى يحرم فيه الصوم ) فإن فرقها أو أخرها عن أول شوال جاز وكان فاعلا لأصل هذه السنة لعموم الحديث وإطلاقه وهذا لا خلاف فيه عندنا وبه قال أحمد وداود -انتهى - ملخصا .
وفى المغنى لابن قدامة أن صوم الست من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم وبه قال الشافعى واستدل أحمد بحديثى أبى أيوب وثوبان - انتهى - ملخصا والمختار عند الحنفية كما فى الدر وحواشيه أنه لا بأس به لأن الكراهة إنما كانت لأنه لا يؤمن من أن يعد ذلك من رمضان فيكون تشبها بالنصارى وذلك منتف بالإفطار أول يوم من شوال كما فى التجنيس لصاحب الهداية والنوازل لأبى الليث والواقعات للحسام الشهيد والمحيط للبرهانى والذخيرة .
وكان الحسن بن زياد لا يرى بأسا بصومها ويقول كفى بيوم الفطر مفرقا بينها وبين رمضان .
وكذلك عامة المتأخرين لم يروا بأسا بصومها واختلفوا هل الفضل التفريق أو التتابع من الغاية .
وكرهه أبو يوسف وقد علمت أن المختار خلافه عندنا من شوال لم أر أحدا من أهل العلم كانوا يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان أهل الجفاء والجهالة ما ليس منه لو رأوا فى ذلك رخصة عند أهل العلم ورأوهم يعلمون ذلك .
وقد ضعفه النووى فى المجموع وابن قدامة فى المغنى والشوكانى فى نيل الأوطار ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال واللّه تعالى أعلم(1/98)
العلاج بالمس فى الفرج مفطر فى رمضان
F حسنين محمد مخلوف .
رمضان 1368 هجرية - يوليو 1949 م
Mعلاج المهبل بنترات الفضة وغسله بالماء أو الدواء مفسد للصوم ويجب القضاء
Q تضطر زوجتى للذهاب بصحبتى إلى طبيب أخصائى أمراض نساء وولادة لملازمة علاجها الذى يقتضى عمل مس مهبلى بعقار نترات الفضة كل ثلاثة أيام وكذلك عمل غسيل مهبلى كل صباح وهذا الغسيل تجريه بنفسها ونظرا لأن مواعيد عيادة هذا الطبيب تنتهى كل يوم قبل موعد مدفع الإفطار لأنه طبيب مسلم فإنها تضطر للذهاب إلى عيادته صباح يوم موعد عمل المس .
فهل المس والغسيل المهبلى من شأنهما أن يفطر الصائم فى رمضان وهل يجوز الإفطار فى رمضان لمثل هذا السبب مع ضرورة متابعة العلاج
An إنه بناء على ما أخبرنا به الأطباء الأخصائيون من أن المهبل هو القناة التى تبتدىء بالفتحة المعروفة وتنتهى بفم الرحم وأن السائل الذى يمر بهذه القناة يصل إلى الداخل يكون الحكم فى الحادثة المستفتى عنها أن مس المهبل بنترات الفضة وغسله بالماء أو الدواء مفطر وأن الواجب القضاء ما أفطرته السيدة المذكورة لهذا السبب فى أيام أخر واللّه وأعلم(1/99)
الفطر عمدا فى رمضان
F حسنين محمد مخلوف .
رمضان 1368 هجرية - يونيه 1949 م
M 1 - الأكل عمدا بعد حلول وقت الفجر مفسد للصوم وموجب للقضاء والكفارة فى مذهب الحنفية .
2 - الكفارة صيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا غداء وعشاء أو فطورا وسحورا مشبعين أو إعطاء كل مسكين نصف صاع من بر أو دقيق أو قيمة ذلك
Q أرجو الإفادة فيمن قام للسحور فوجد أن ميعاد السحور انتهى وحل الفجر .
فأكل لأنه لا يمكنه الصيام بدون سحور وأمسك بعد الأكل مباشرة عن كل ما يفطر إلى نهاية اليوم آى إلى الغروب
An إنه إذا دخل وقت الفجر في رمضان لا يجوز لمن وجب عليه الصوم الأكل والشرب والوقاع ويجب عليه الإمساك عن كل ذلك فإذا أكل عامدا بعد أن حل وقت الفجر فقد فسد صومه ووجب عليه القضاء والكفارة فى مذهب الحنفية وهى حسب الميسور الآن صيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا غداء وعشاء أو فطور وسحور مشبعين أو إعطاء كل مسكين نصف صاع من بر أو دقيق أو قيمة ذلك .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به واللّه تعالى أعلم(1/100)
الافطار غير العمد مفسد للصوم وموجب للقضاء فقط
F حسنين محمد مخلوف .
رمضان 1368 هجرية - يونيه 1949
M 1- الأكل والشرب فى ليل الصيام مباح حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر .
2- يحل الأكل والشرب إلى قبيل طلوع الفجر بأيسر زمن ويحرم الأكل والشرب إذا طلع الفجر .
3- الأكل والشرب ظنا بعدم طلوع الفجر ثم ظهر طلوعه مفسد لصوم وموجب للقضاء فقط عند الحنفية
Q جرت عادة الناس أنه لا يكفون عن تناول الأكل والشرب وسائر المفطرات ليلا حتى أذان الفجر ومعلوم أن هناك إمساك والفرق بينه وبين الفجر عشرون دقيقة فهل يمسك الصائم حسب الإمساك أم حسب الفجر .
وهل ما كان يفعله الرسول عليه الصلاة والسلام من قراءة خمسين آية بعد الإمساك ويؤذن بعد ذلك للفجر هل هذا من الفضائل أم دليل قاطع على عدم إباحة تعاطى مفطر فى هذه الفترة
An إن الأكل والشرب فى ليلة الصيام مباح إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وهو سواد الليل وبياض النهار كما بينه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى حديث عدى بن حاتم وعن عائشة رضى اللّه عنها أن بلالا كان يؤذن بليل فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر فأفاد ذلك أن غاية إباحة الأكل والشرب هى طلوع الفجر وهو الفجر الصادق فيحل له أن يأكل ويشرب إلى قبيل طلوعه بأيسر زمن ويحرم عليه الأكل والشرب إذا طلع الفجر فإن أكل وشرب على ظن عدم طلوعه ثم ظهر أنه كان قد طلع فسد صومه وعليه القضاء فقط عند الحنفية ويستحب تأخير السحور بحيث يكون بين الفراغ منه وبين الطلوع مقدار قراءة خمسين آية من القرآن كما فى حديث زيد بن ثابت رضى اللّه عنه قال تسحرنا مع النبى صلى اللّه عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة وكان بين الآذان والسحور قدر خمسين آية قال الحافظ ابن حجر فى الفتح ( وهذا متفق عليه فينبغى العمل به وعدم العدول عنه لكونه أفضل وأحوط )، وقال صاحب البدائع إنه يستحب تأخير السحور وأن محل استحبابه إذا لم يشك فى بقاء الليل فإن شك فى بقائه كره الأكل فى الصحيح .
ومن هذا يعلم أن الإمساك لا يجب إلا قبل الطلوع وأن المستحب أن يكون بينه وبين الطلوع قدر قراءة خمسين آية ويقدر ذلك زمنا بعشر دقائق تقريبا ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به واللّه أعلم(1/101)
جواز الفطر للأعذار
F حسنين محمد مخلوف .
رمضان 1368 هجرية - يونيه 1949 م
M 1 - المريض الذى يغلب على ظنه أن صومه يؤدى إلى زيادة مرضه أو إلى إبطاء برئه يجوز له الفطر فى رمضان .
2 - المريض بالسكر المعروف إذا كان صيامه يفضى إلى عدم قدرته على أداء عمله الذى يتعيش منه يجوز له الفطر فى رمضان وعليه القضاء فقط بعد زوال عذره .
3 - إذا تحقق اليأس من زوال العذر وجبت عليه الفدية بشرط استمرار عجزه إلى آخر حياته ولا قضاء عليه بعدها .
4 - الفدية إطعام مسكين واحد عن كل يوم أكلتين مشبعتين أو إعطاؤه نصف صاع من بر أو دقيقه أو قيمة ذلك
Q عندى مرض سكر ولا يمكننى الاستغناء عن الماء ولا عن الغذاء فإن صمت وامتنعت عن الماء والغذاء يحصل عندى ضعف ولا يمكننى القيام لمباشرة عملى الذى استعين به على الحصول على معاش أولادى فضلا عما يلحقنى من الضرر .
فما الحكم الشرعى
An إن الحنفية قد نصوا على أن المريض إذا غلب على ظنه بأمارة أو تجربة أو إخبار طبيب حاذق مأمون أن صومه يفضى إلى زيادة مرضه أو إبطاء برئه جاز له الفطر فى رمضان وكذلك يجوز الفطر للمريض بمرض السكر المعروف إذا كان صومه يفضى إلى عدم قدرته على أداء عمله الذى لابد لعيشه أو عيش من يعولهم وعليه أن يقضى ما أفطره من رمضان فى أيام أخر بعد زوال هذا العذر فإن تحقق اليأس من زواله وجبت عليه الفدية كالشيخ الفانى بشرط أن يستمر عجزه إلى آخر حياته ولا قضاء عليه فى هذه الحالة والفدية هى إطعام مسكين واحد عن كل يوم غداء وعشاء مشبعين أو إعطاؤه نصف صاع من بر أو دقيقه أو قيمة ذلك عن كل يوم .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به واللّه تعالى أعلم(1/102)
المرض المبيح للفطر فى نهار رمضان
F حسنين محمد مخلوف .
التاريخ 14/9/1948 م
M 1 - المرض المبيح للفطر هو ما يؤدى الصوم معه إلى ضرر فى النفس أو زيادة فى العلة أو ابطاء فى البرء .
2 - كل من كان كذلك فله الافطار وقضاء عدة من أيام آخر بعد زوال عذره ولا فدية عليه مادام يرجى عذره .
3 - اذا مات المريض وهو فى هذه الحالة لم يلزمه القضاء لعدم ادراكه عدة من أيام أخر .
4 - اذا تحقق اليأس من الصحة كان عليه الفدية اذا أفطر ويجب عليه الايصاء بها قبل موته تؤدى من ثلث تركته بعد تجهيزه وقضاء ديونه اذا لم يؤدها فى حياته .
5 - معرفة حد المرض المبيح للفطر تكون باجتهاد المريض الذى هو غلبة الظن عن امارة أو تجربة أو اخبار طبيب مسلم حاذق غير معروف بما ينافى العدالة .
6 - الأصحاء الذين يكلفون بأعمال شاقة لا يستطيعون معها الصوم ولابد لهم من مزاولتها لضرورة العيش كالخبازين وعمال المناجم والحصاوين وأمثالهم يأخذون حكم المرضى الذين يرجىء برؤهم فى وجوب قضاء ما أفطروه وعدم وجوب الفدية إلا اذا وصلوا الى الحالة التى لا يستطيعون فيها القضاء
Q من السيد / ح م أ مدير شركة ، بما يفيد أن رجلا صام تسعة أيام فى شهر رمضان بالرغم من نصح الأطباء له بالافطار لمرض فى أمعائه وكبده يحتم عليه الفطر فأصابه تلبك فى أمعائه وتعب فى كبده مصحوبان بآلام فأفطر باقى أيام الشهر بأمر الأطباء وأنه لا يستطيع قضاء ما أفطره إلا اذا شفى من هذا المرض فهل يجوز له الآن اخراج الفدية عن صومه .
واذا جاز هل يجوز أن يخرجها نقودا لجهة بر
An بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله أن الله تعالى أوجب صيام شهر رمضان على المكلفين بقوله تعالى { كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .
أياما معدودات } وهى ما ذهب اليه ابن عباس وكثير من المحققين شهر رمضان .
وبقوله { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } . وقد اقتضت رحمته تعالى بعباده أن لا يشق على المرضى والمسافرين منهم بايجاب أداء الصوم فيه حال المرض والسفر فرخص لهم فى الفطر فى هذه الحالة وأوجب عليهم القضاء اذا أفطروا بقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } أى فمن كان منكم مريضا أو على سفر فأفطر فعليه القضاء فى أيام أخر بعد زوال المرض والسفر - والمرض المبيح للفطر عند جمهور السلف والأئمة هو ما يؤدى الصوم معه إلى ضرر فى النفس أو زيادة فى العلة أو ابطاء فى البرء وانما أبيح الفطر للمرض دفعا للحرج والمشقة وقد بنى التشريع الإسلامى على التيسير والتخفيف .
قال تعالى { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } { وما جعل عليكم فى الدين من حرج } { يريد الله أن يخفف عنكم } { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج } وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحة .
وانما كانت كذلك لانتمائها على ما ذكر ولهذا شرعت فيها الرخص وكرخصة قصر الصلاة فى السفر والجمع بين الفريضتين وتناول المحرمات عند الاضطرار وغير ذلك فما أبيح للتيسير ودفع الحرج كما ذكره الامام الشاطبى فى الموافقات .
ولما كانت مشروعية الفطر للمريض لرفع الحرج والعسر عنه وكان تحقق الحرج منوطا بزيادة المرض أو ابطاء البرء أو لخوف ضرر بالنفس بسبب الصوم كان الترخيص فى الافطار خاصا بالمريض الذى يضره الصوم ويعسر عليه أداؤه كما ذكره الجصاص فى أحكام القرآن والكمال فى الفتح والكاسانى فى البدائع وغيرهم من أئمة الحنفية .
وقال الطبرى فى تفسيره والصواب فى القول أن المرض الذى أذن الله تعالى بالافطار معه فى رمضان هو ما يجهد الصائم جهدا غير محتمل فكل من كان كذلك فله الافطار وقضاء عدة أيام آخر وذلك أنه اذا بلغ ذلك الحد فان لم يكن مأذونا له فى الافطار فقد كلف عسرا ومنع يسرا وذلك غير الذى أخبر الله أنه أراده بخلقه بقوله { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } وأما من كان الصوم غير جاهده فهو بمعنى الصحيح الذى يطيق الصوم فعليه أداء فرضه - انتهى - بتصرف .
وفى الأشباه والنظائر لابن نجيم المشقة العظيمة الفادحة كمشقة الخوف على النفوس والأطراف ومنافع الأعضاء موجبة للتخفيف والمشقة التى دون ذلك بحيث يخاف المريض من الصوم زيادة المرض أو بطء البرء منه تبيح له الفطر .
وأما المشقة اليسيره أثر لها فى الترخيص فى الفطر - انتهى - ملخصا .
ومعرفة حد المرض المبيح للفطر كما فى فتح القدير وغيره تكون باجتهاد المريض والاجتهاد غير مجرد الوهم والتخيل بل هو غلبة الظن عن امارة أو تجربة أو اخبار طبيب مسلم حاذق غير معروف بما ينافى العدالة .
والأمارة هى العلامة الظاهرة التى تنذر بالضرر والتجربة هى تكرر وقوع ذلك عند اتحاد المرض فاذا تحقق ما ذكر جاز للمريض الفطر ووجب عليه قضاء ما أفطره بعد زوال العذر فاذا مات وهو على هذه الحالة لم يلزمه القضاء لعدم ادراكه عدة من أيام آخر ولا فدية عليه مادام يرجى أن يبرأ من مرضه أما اذا تحقق اليأس من الصحة كالزمنى المصابين بأمراض مستعصية شاقة فيجب عليه الفدية اذا أفطر كما ذكره الكرمانى وكذلك من شارف الموت وعليه قضاء رمضان وكان قد أفطر بعذر إلا أنه فرط فى القضاء بعد امكانه تجب عليه الفدية لعجزه عن الصوم بمنزلة الشيخ الفانى الذى لا يقدر على الصوم ويجب عليه الإيصاء بها قبل موته فاذا أوصى تؤدى من ثلث تركته الباقية بعد التجهيز وقضاء ديون العباد وأن لم يوص بها أثم وسقط وجوب أدائها من تركته ولو تبرع بها وليه فى المال من بعده يرجى أن يقبل ذلك وكذلك تجب الفدية على من نذر صوم الأبد فضعف عن الصوم لاشتغاله بالمعيشة ولم يدرك عدة من أيام أخر يمكنه فيها القضاء لتيقنه بالعجز عنه وعلى من أفطر بعذر أو بغير عذر ولم يقض حتى صار شيخا فانيا لا يرجى برؤه لتحقق عجزه عن الصوم ومثل المرضى الذين يرجى برؤهم فى وجوب قضاء ما أفطروه وعدم وجوب الفدية إلا اذا وصلوا إلى الحالة التى لا يستطيعون فيها القضاء الأصحاء الذين يكلفون أعمالا شاقة لا يستطيعون معها الصوم ولابد لهم من مزاولتها لضرورة العيش كالحصادين والخبازين وعمال المناجم والغواصين وأشباههم كما يؤخذ من حواشى الدر .
والفدية طعام مسكين وهى نصف صاع من بر أو صاع من غيره عند أهل العراق ومنهم الحنفية ومد بضم الميم عند أهل الحجاز ومنهم الشافعى لكل يوم أفطره والصاع قدحان وثلث قدح بالكيل المصرى كما نقله ابن عادبين والمد ربع الصاع وقدر بالحفنة وهى ملء الكفين من القمح أو التمر ويجوز عند الحنفية فى الفدية طعام الإباحة لأن المنصوص عليه فيها لفظ طعام وما شرع بلفظ طعام وبلفظ الاطعام كما فى الكفارات تجوز فيه الاباحة ولا يشترط فيه التمليك بخلاف ما شرع بلفظ الايتاء والآداء كالزكاة وصدقة الفطر والعشر فانه يشترط فيه التمليك والشرط فى طعام الاباحة غذاءان أو عشاءان مشبعان أو غداء وعشاء كذلك عن كل يوم أفطره والسحور - كالغذاء ويقوم مقامهما قدرهما كما نقله أبو السعود فيجوز اخراجها نقودا وتعطى للمسكين أو المساكين .
مذهب الشافعية وقال الشافعية كما فى المجموع للنووى أن المريض الذى لا يرجى برؤه والشيخ الكبير الذى يلحقه بالصوم مشقة شديدة لا يجب الصوم عليهما وعليهما الفدية فى أصح القولين والمريض العاجز عن الصوم لمرض يرجى زواله اذا لحقه بالصوم مشقة ظاهرة .
لا يلزمه الصوم فى الحال ويلزمه القضاء اذا أفطر ولا يشترط أن ينتهى إلى حالة لا يمكنه فيها الصوم بل شرط اباحة الفطر أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها وأما المرض اليسير الذى لا يلحقه به مشقة ظاهرة فانه لا يبيح الفطر بلا خلاف عند الشافعية - انتهى - ملخصا .
مذهب الحنابلة وقال الحنابلة كما فى المغنى لابن قدامة أن الشيخ الكبير اذا كان يجهده الصوم ويشق عليه مشقة شديدة يجوز له أن يفطر ويطعم لكل يوم مسكينا وهذا قول على وابن عباس وأبى هريرة وأنس وسعيد بن جبير وطاوس وأبى حنيفة والثورى والوزاعى .
وقال مالك لا يجب عليه شىء لأنه ترك الصوم لعجزه فلم تجب عليه الفدية كما لو تركه لمرض اتصل به الموت وللشافعى قولان كالمذهبين والمريض الذى لا يرجى برؤه يفطر ويطعم لكل يوم مسكينا لأنه فى معنى الشيخ الكبير والمريض بمرض يرجى برؤه ولكنه شديد يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه يباح له الفطر والفطر له أفضل والمريض مرضا يسيرا كمن به وجع ضرس أو جرح فى أصبع أو دمل أو قرحة يسيره واشباه ذلك يباح له الفطر اذ لا أثر للصوم فيه - انتهى - ملخصا .
وقوله يباح له الفطر أى وعليه القضاء كما يستفاد من عباراته السابقة .
مذهب المالكية وذهب المالكية كما فى الشرح الكبير وحاشية الدسوقى إلى أنه يجوز الفطر للمريض إذا ظن زيادة المرض أو تأخر برئه بسبب الصوم بناء على أخبار طبيب عارف أو تجربة أو أخبار شخص آخر موافق له فى المزاج وكذا اذا لحقه بالصوم شدة وتعب ويجب عليه الفطر اذا خاف على نفسه بصومه هلاكا أو اذى شديدا لتعطيل منفعة من سمع أو بصر أو غيرهما لوجوب حفظ النفس - انتهى - ملخصا وظاهران الخوف المذكور لابد أن يستند إلى أخبار الطبيب العارف أو التجربة أو أخبار الموافق فى المزاج وقد استفيد من ذلك ( أولا ) أن المرض اليسير الذى لا يضر معه الصوم كوجع فى أصبع أو أدنى صداع أوسوء مزاج خفيف لا يبيح الفطر عند الجمهور ( ثانيا ) أن مجرد توهم زيادة المرض وابطاء البرء أو فساد عضو بدون غلبة الظن المبنية على ما ذكر من القرائن لا يبيح الفطر فان أفطر لمرض يسير أو لمجرد الوهم وجب عليه القضاء والكفارة .
ثالثا أن هذه الرخصة ثابتة لكل مريض مرضا شديدا يعسر معه الصوم أو يضره فيزيد بالصوم أو يتطاول برؤه أيا كان نوع المرض فيندرج فى ذلك أمراض السل والقرحة المعوية والقرحة الأثنى عشرية والحميات القلب والكبد والمرارة وسائر الأمراض الشاقة التى يعسر معها الصوم ويفضى الى تفاقمها أو تأخر برئها أو فساد عضو فى البنية .
رابعا ان الواجب على المريض مرضا يرجى زواله كما هى حالة السائل قضاء ما افطره بعد زوال العذر لقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } ولا تجب عليه الفدية لأن شرط خلفية الفدية عن الصوم العجز المستمر عنه والأمر هنا ليس كذلك والله أعلم(1/103)
صيام رمضان فى بلاد يطول فيها النهار عن حد الاعتدال
F حسنين محمد مخلوف .
رمضان سنة 1371 هجرية - 10 يونيه سنة 1952 م
M 1 - بنى التشريع الإسلامى عامة على السماحة والتيسير والطاقة والرفق .
2 - الصوم الشرعى يبدأ من طلوع الفجر وينتهى بغروب الشمس وأن مجرد طول النهار لا يعد عذرا شرعيا يبيح الفطر .
3 - اذا كان طول النهار يؤدى إلى اصابة الصائم بمرض أو ضعف واعياء يقينا أو فى غالب الظن حل له الترخص بالفطر .
واذا كان لا يؤدى إلى ذلك حرم عليه الفطر
Q من ع م أ عن حكم الشريعة الإسلامية فى صيام رمضان للمسلمين المقيمين فى شمال أوروبا حيث تبلغ مدة الصوم فيه تسعة عشر ساعة وقد تزيد إلى احدى وعشرين ساعة أوأكثر
An أن تشريع الإسلام فى العبادات قد بنى على توثيق الصلات بين العبد وربه وحسن قيام العباد بحق الله تعالى الذى أفاض عليهم نعمة الوجود ومن عليهم بالفضل والجود والخير والاحسان { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } فهى تربية وتهذيب ونظام واصلاح يرقى بالفرد والمجتمع إلى مراقى السعاة والفلاح ورأسها وعمادها الصلاة وهى مناجاة بالقلب واللسان بين العبد ومولاه يشهد فيها العبد افتقاره لخالقه واحسان الخالق اليه مع استغنائه عنه ويعلم عن يقين أن الأمر كله لله وان لا معبود يحق سواه فهو الواحد الأحد الفرد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد - ومن أهمها فريضة الصيام وهو رياضة روحية تعد النفوس البشرية للسمو إلى معارج الكمال والتحليق فى أجواء العلم والعرفان وتعودها الصبر والثبات والقوة والفرج وتصفيها من شوائب المادية وعوائق الحمية وتبغض اليها المآثم والمنكرات وتحبب اليها الفضائل والمكرمات - وقد بنى تشريع الصوم كما بنى التشريع الإسلامى عامة على السماحة والتيسير والطاقة والرفق بالناس فلم يكن فيه اعنات ولا ارهاق ولم يكن فيه حرج ولا عسر - قال تعالى { وما جعل عليكم فى الدين من حرج } وقال فى الصوم { فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون } وقال عليه السلام ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما أستطعتم ) وفى الحديث الصحيح سددوا وقاربوا - هذه السماحة وهذا اليسر قد ظهرا جليا فى فريضة الصوم فى الترخيص بالفطر للمسافرين ولو كان صحيحا لما يلازم السفر غالبا من المشقات والمتاعب وللمريض لضعف احتماله وحاجته إلى الغذاء والدواء حتى لا تتفاقم علته أو يبطىء برؤه ولمن ماثلهما فى الضرورة والاحتياج إلى الفطر كالحامل التى تخاف على نفسها أو جنينها المرض أو الضعف والمرضع التى تخشى ذلك على نفسها أو رضيعها والطاعن فى السن الذى لا يقدر على الصوم فاباح الإسلام لهؤلاء فطر رمضان على أن يقضى كل من المسافر والمريض والحامل والمرضع ما أفطره فى أيام أخر خالية من هذه الأعذار وعلى أن يخرج الشيخ الفانى فدية الصوم عن كل يوم أفطره حسبما تبين فى الفقه - والصوم الشرعى يبدأ من طلوع الفجر وينتهى بغروب الشمس كل يوم فتختلف مدته باختلاف عروض البلاد وكيفما كانت المدة فان مجرد طولها لا يعد عذرا شرعيا يبيح الفطر وانما يباح الفطر اذا غلب على ظن الناس بامارة ظهرت أو تجربة وقعت أو بأخبار طيب حاذق أن صومه هذه المدة يفضى إلى مرضه أو الى أعياء شديد يضره كما صرح به أئمة الحنفية فيكون حكمه حكم المريض الذى يخشى التلف أو أن يزيد مرضه أو يبطىء شفاؤه اذا صام هاهو المبدأ العام فى رخصة الفطر وفى التيسير على المكلفين وكل امرىء بصير بنفسه عليم بحقيقة أمره يعرف مكانها من حل الفطر وحرمته فاذا كان صومه المدة الطويلة يؤدى إلى اصابته بمرض أو ضعف وأعياء يقينا أو فى غالب الظن باحدى الوسائل العلمية التى أومأنا اليها حل له الترخص بالفطر واذا كان لا يؤدى إلى ذلك حرم عليه الفطر - والناس فى ذلك مختلفون ولكل حالة حكمها والله يعلم السر وأخفى والله أعلم(1/104)
جواز الفطر للضعيف المريض
F حسن مأمون .
رمضان سنة 1377 هجرية - 29 مارس سنة 1958 م
M 1 - يجوز للمريض الذى يخاف الضرر على نفسه بزيادة المرض أو تأخر البرء أن يفطر ويقضى ما أفطره من أيام أخر .
2 - اذا استمر المرض طيلة الحياة جاز للشخص أن يفدى باطعام مسكين عن كل يوم أفطره .
3 - اذا برىء المريض وقدر على الصيام وجب عليه القضاء ولا اعتبار للفدية التى يكون قد أخرجها قبل ذلك
Q بالطلب المقدم من السيدة ك م م المتضمن انها سيدة ضعيفة ومريضة ولكنها متمسكة بدينها واذا صامت فقدت الوعى ولا تشعر إلا بالماء الذى يسكب عليها لاعادة وعيها وطلبت السائلة الافادة عما اذا كان يجوز لها الفطر شرعا وما هى الكفارة التى تفدى بها الصيام أن كان يجوز لها الفطر
An انه يجب الصوم على المكلف القادر عليه رجلا أو امرأة دون ضرر يلحقه أو مشقة ترهقه وقد أباح الشارع للمريض الذى يخاف الضرر على نفسه بزيارة المرض أو تأخر البرء أن يفطر ويقضى عدة ما أفطره من أيام أخر والمراد بخوف الضرر الذى يبيح الفطر هو تيقنه أو غلبة ظنه وذلك بالتجربة الشخصية أو اخبار الطبيب الأمين الذى لا يعرف بالتهاون الدينى .
أما الخوف الناشىء عن مجرد الوهم أو التمثيل فلا يبيح الفطر فاذا كانت السائلة قد تيقنت أو غلب على ظنها بالتجربة الشخصية أو أخبار الطبيب الأمين أن الصوم يزيد مرضها أو يضرها جاز لها الفطر شرعا على أن تقضى ما فاتها صومه بعد الصحة واذا كان الطبيب قد أخبرها ان مرضها سيستمر طوال حياتها جاز لها أن تفدى باطعام مسكين عن كل يوم من الأيام التى تفطرها وتأخذ حكم الشيخ الفانى الذى لا يستطيع الصيام فاذا برئت من مرضها وقدرت على الصيام وجب عليها القضاء ولا اعتبار للفدية التى تكون قد اخرجتها قبل ذلك لأنه يشترط لجواز الخلف وهو الفدية دوام العجز عن الصيام أما اذا كان الصوم لا يزيد من مرضها ولا يؤخر برأها وهى تستطيع الصوم بلا جهد ولا مشقة فلا يباح لها الفطر والله أعلم(1/105)
الشيخ الفانى وصيام رمضان
F أحمد هريدى .
التاريخ 9/3/1966
M 1 - الشيخ الفانى الذى لا يستطيع الصوم يجوز له أن يفطر ويلزمه الفداء ولو فى أول الشهر .
2 - اذا أخر الفداء يجب عليه الايصاء به فاذا لم يوص به حتى مات فانه يكون آثما .
3 - اذا تبرع بالفداء وليه من بعده فانه يرجى أن يقبل ذلك منه .
4 - لا يجب الفداء على الغير ما دام حيا موسرا فان كان معسرا لا يلزمه شىء من الفداء .
5 - لا مانع من اعطاء الفداء لمسكين واحد والقريب أولى ولو فى بلد بعيد ويجوز فيه طعام الاباحة
Q من ع أ د بطلبه المتضمن أن والدة السائل سنها 85 سنة وأنها لا تستطيع الصيام لضعفها فهل يجوز لها أن تفطر وتفدى عن صيامها واذا كان دخلها لا يمكنها من ذلك فهل يفدى عنها من تلزمه نفقتها وما هو مقدار الفداء شرعا وهل يصح دفعه لشخص واحد جملة عن كل أيام الافطار وهل يجوز مقدما أو مؤخرا وهل يجوز دفعه لأحد الأقارب فى بلد غير البلد الذى تقيم فيه أم السائل أو لا
An المنصوص عليه شرعا أن الشيخ الفانى والعجوز الذى قرب من الفناء ولا يستطيع الصوم يجوز له أن يفطر ويلزمه الفداء وجوبا ولو فى أول الشهر لتحقق عجزه عن الصوم وان أخر الفداء يجب عليه الايصاء به فاذا أخره ولم يوص به حتى مات فانه يكون آثما وسقط وجوب أدائه عنه .
وان تبرع بالفداء وليه من بعده فانه يرجى أن يقبل ذلك منه .
ولا يجب الفداء على غيره مادام حيا موسرا فان كان معسرا لا يلزمه شىء من الفداء وعليه أن يستغفر الله تعالى .
والفداء يجوز فيه طعام الاباحة وهو غذاءان أو عشاءان مشبعان أو غذاء وعشاء .
والسحور مثل الغذاء . وذلك عن كل يوم أفطره ويقدر ذلك بنصف صاع من بر أو صاع من تمر أو صاع من شعير ويقوم مقام ذلك كله قيمته نقودا ويجوز اعطاؤها لمسكين واحد أو لمساكين والقريب أولى من البعيد ولو كان ذلك القريب فى بلد آخر غير البلد الذى فيه ذلك الشيخ الفانى ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال(1/106)
اختلاف المطالع فى رؤية الهلال
F جاد الحق على جاد الحق .
ذو القعدة سنة 1309 هجرية - 8 أكتوبر سنة 1979 م
M 1 - أجمع المسلمون على أن استبصار هلال رمضان واجب كفائى، وليس فرض عين فيكفى أن يلتمسه بعض المسلمين عملا بمقتضى السنة الصحيحة .
2 - يرى جمهور الفقهاء أنه لا عبرة باختلاف المطالع، فاذا ثبتت رؤية الهلال فى أى بلد اسلامى ثبتت فى حق جميع المسلمين، على اختلاف اقطارهم، متى بلغهم ثبوته بطريق صحيح .
3 - ويرى بعض الفقهاء اعتبار اختلاف المطالع فيلتزم أهل كل بلد بمطلعه .
4 - الرأى الراجح المفتى به، والذى استقر عليه مؤتمر علماء المسلمين المنعقد بمجمع البحوث الإسلامية بالزهر الشريف ( 1386 هجرية - 1966 م ) أنه لا عبرة باختلاف المطالع لقوة دليله ولأنه يتفق مع ما قصده الشارع الحكيم من وحدة المسلمين .
5 - متى تحققت رؤية هلال رمضان فى بلد من البلاد الإسلامية فانه يجب الصوم على جميع المسلمين الذين تشترك بلادهم مع البلد الإسلامى الذى ثبتت فيه الرؤية فى جزء من الليل، ما لم يقم ما يناهض هذه الرؤية ويشكك فى صحتها امتثالا لقوله تعالى { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } والحديث الشريف ( صموا لرؤيته ) .
6 - اذا لم تثبت رؤية الهلال بأى سبب أو مانع كان عليهم اكمال عدة شعبان ثلاثين يوما متى قطع أهل الحساب بأن هلال رمضان يولد ويغرب قبل غروب شمس يوم 29 من شعبان .
7 - اذا قطع أهل الحساب بأن هلال رمضان يولد يوم 29 من شعبان ويمكث فوق الأفق بعد غروب شمس هذا اليوم مدة يمكن رؤيته فيها فانه فى هذه الحالة يعمل بقول أهل الحساب الموثوق بهم، ويثبت به دخول شهر رمضان، بناء على ما ذهب اليه بعض الفقهاء واستقر عليه رأى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف
Q من السيد الأستاذ الدكتور رئيس مجمع اللغة العربية بشأن طلب السيد الأستاذ / أ ع ع عضو المجمع من الجمهورية العربية اليمنية بشأن ما صدر من فتوى تنص على أن ثبوت رؤية الهلال فى بلد اسلامى يمكن الأخذ بها فى بلد آخر لم يثبت عنده رؤية الهلال مع سند ذلك من الفقه والتشريع
An نفيد أن الثابت واقعيا والمشاهد حسيا وتأكد علميا ان الهلال عند ظهوره قد يرى فى سماء بعض البلاد بعد غروب الشمس ولايرى فى بلاد أخرى إلا فى الليلة التالية اذ قد تكون الرؤية متيسرة فى بعض الأقطار متعسرة فى بعض آخر ، ومن هذا الواقع يصبح اختلاف مطالع الأهلة أمرا واقعيا وظاهرة مستمرة لا جدال فيها وتبعا لهذا اختلفت كلمة فقهاء المسلمين فيما اذا كان اختلاف مطالع القمر مؤثرا فى ثبوت ظهوره وبالتالى مؤثرا فى الأحكام المتعلقة بالأهلة كالصوم والأفطار والحج والأضحية أو غير مؤثر فلا عبرة باختلاف المطالع .
بمعنى أنه اذا ثبتت رؤية الهلال فى أى بلد اسلامى ثبتت فى حق جميع المسلمين على اختلاف أقطارهم على ظهر أرض الله متى بلغهم ثبوته بطريق صحيح أو أن اختلاف المطلع يعتبر فيلتزم أهل كل بلد مطلعه، ذلك لأن الشارع الحكيم قد أناط الصوم برؤية الهلال فقال الله سبحانه { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } البقرة 185 ، وأبان الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله فى الحديث المتفق عليه ( صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته ) وأجمع المسلمون على أن استبصار هلال رمضان واجب كفائى وليس فرض عين فيكفى أن يلتمسه بعض المسلمين سندا على ما هو ثابت فى السنة الصحيحة من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم .
ففى فقه الحنفية أن ظاهر المذهب - كما جاء فى الدر المختار للحصكفى والبحر الرائق لابن نجيم وفتح القدير لابن الهمام أنه لا عبرة باختلاف المطالع فمتى ثبتت رؤية الهلال فى بلد بالمشرق مثلا لزم ذلك سائر البلاد شرقا وغربا لعموم الخطاب فى حديث ( صوموا لرؤيته ) وذهب آخرون من فقهاء المذهب الى اعتبار اختلاف المطالع نص على هذا الزيلعى فى كتابه تبيين الحقائق - والفتوى فى المذهب على القول الأول .
وفى الفقه المالكى أقوال ثلاثة .
الأول أنه لا اعتبار لاختلاف المطالع قربت البلاد أو بعدت .
الثانى اعتبار اختلاف المطالع بمعنى أنه اذا ثبتت الرؤية عند حاكم فلا يعم حكمها إلا من فى ولايته فقط .
الثالث يعتبر اختلاف المطالع بالنسبة للبلاد البعيدة جدا كالحجاز والأندلس كما أورده ابن جزى فى كتابه القوانين الفقهية وكما ورد فى مواهب الجليل وفى الشرح الكبير .
ولكن مقتضى ما جاء فى مختصر خليل بيد أن الفتوى على ما جاء فيه أن المشهور فى المذهب عدم اعتبار اختلاف المطالع وهو ما صرح به الحطاب .
وفى فقه الشافعية قال الامام النووى فى كتابه المجموع شرح المهذب للشيرازى فى كتاب الصيام فى الجزء السادس ما موجزه أنه اذا رئى هلال رمضان فى بلد ولم ير فى غيره فان تقارب البلدان فحكمهما حكم بلد واحد بلا خلاف وان تباعدا فوجهان مشهوران أصحهما لا يجب الصوم على أهل البلاد الأخرى - والثانى يجب والأصح الأول وفيما يعتبر فيه البعد والقرب ثلاثة أقوال أصحها أن التباعد باختلاف المطالع كالحجاز والعراق وخراسان والتقارب كبغداد والكوفة .
والثانى ان الاعتبار باتحاد الاقليم واختلافه فان اتحدا فمتقاربان وان اختلفا فمتباعدان .
والثالث أن التباعد مسافة قصر الصلاة والتقارب دونها .
وفى فقه الحنابلة نص ابن قدامة فى كتابه المغنى فى باب الصوم فى أوائل الجزء الثالث على أنه ( واذا رأى الهلال أهل بلد لزم جميع البلاد الصوم ) .
وهذا قول الليث وبعض أصحاب الشافعى ثم ساق استدلاله بآية { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وببعض ما ورد فى كتب السنة .
وفقه الزيدية والشيعة الامامية مختلف كذلك فى عدم اعتبار اختلاف المطالع فى ثبوت هلال رمضان أو فى اعتباره فقال الهادوية والامام يحيى عن الزيدية بأن اختلاف المطالع معتبر فاذا ثبتت رؤية الهلال فى بلد فلا يسرى حكمها على بلد آخر مختلف المطلع بل قد جاء فى البحر الزخار أن الرؤية لا تعم فى الأقليم الواحد ان اختلف ارتفاعا وانحدارا وفى سبل السلام للصنعانى والأقرب لزوم بلدة الرؤية وما يتصل بها من الجهات التى على سمتها واختار المهدى وجماعة من الزيدية تعميم الحكم والشهادة بالرؤية جميع البلاد .
وقال الشوكانى وهو الذى ينبغى اعتماده وذهب اليه جماعة من الامامية .
من هذا العرض الوجيز لكلمة فقه الإسلام على اختلاف مذاهبه التى بأيدينا كتبها نرى أن الفقهاء مختلفين فى اعتبار اختلاف مطالع الأهله فيلتزم أهل كل قطر بمطلعه أو أنه لا اعتبار باختلاف المطالع فمتى ثبتت رؤية هلال رمضان فى بلد لزم سائر الناس شرقا وغربا متى وصلهم خبر ثبوت الرؤية بطريق صحيح وأن الخلاف فى هذا ليس بين مذهب فقهى وآخر فحسب وانما قد شجر الخلاف بين فقهاء المذهب الواحد فى هذا الموضع .
والذى أميل إلى ترجيحه القول المردد فى جميع هذه المذاهب والذى يقرر أنه لا عبرة باختلاف المطالع لقوة دليله ولأنه يتفق مع ما قصده الشارع الحكيم من وحدة المسلمين فهم يصلون إلى قبلة واحدة ويصومون شهرا واحدا ويحجون فى أشهر محددة والى مواقيت ومشاعر معينة وعلى هذا فانه متى تحققت رؤية هلال رمضان فى بلد من البلاد الإسلامية يمكن القول بوجوب الصوم على جميع المسلمين الذين تشترك بلادهم مع البلد الإسلامى الذى ثبتت الرؤية فى جزء من الليل ما لم يقم ما يناهض هذه الرؤية وشكك فى صحتها امتثالا لعموم الخطاب فى الآية الكريمة والحديث الشريف السالفين .
على أنه يجب أن يكون واضحا عند تلاوة قول الله سبحانه { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } أن الشهود فى الآية ليس معناه الرؤية وانما هو الحضور والاقامة ويكون المعنى والله أعلم من حضر شهر رمضان وأدرك زمنه فواجب عليه أن يصوم متى كان مكلفا بالصوم ولم يقم به عذر مرخص للفطر .
ومما سلف نرى أنه يجب على جميع المسلمين فى شتى أنحاء الأرض أن يصوموا رمضان اذا ثبتت رؤية هلاله ثبوتا شرعيا فى قطر من أقطار المسلمين دون شك فى صحتها، فاذا لم تثبت كان عليهم اكمال عدة شعبان ثلاثين يوما ومتى أتموه بهذه العدة تعين دخول رمضان عملا بقول الرسول صلى الله عليه سلم ( صوموا لرؤيته ) فاكمال شعبان ثلاثين يوما يكون متى لم تثبت رؤية هلال رمضان ليلة الثلاثين سواء كان عدم الرؤية بسبب وجود ما يحول دونها من سحب أو غيوم أو غبار أو مع صفاء السماء من هذه الموانع متى قطع أهل الحساب أن هلال رمضان يولد ويغرب قبل غروب شمس يوم 29 من شعبان - أما اذا قطعوا بأن هلال رمضان يولد يوم 29 من شعبان ويمكث فوق الأفق بعد غروب شمس هذا اليوم مدة يمكن رؤيته فيها فانه فى هذه الحالة يعمل بقول أهل الحساب الموثوق بهم ويثبت به دخول شهر رمضان بناء على ما ذهب اليه بعض الفقهاء من جواز العمل بالحساب الموثوق به الدال على الوضع الهلالى وامكان الرؤية بعد غروب شمس يوم 29 من الشهر السابق - هذا وان كان الاختلاف بين الفقهاء على اشده فى مبدأ العمل بقول أهل الحساب .
ولكن الرأى المتقدم هو ما حققه واختاره بعض الثقات من علماء الفقه والفتوى ونميل للأخذ به .
ولقد انتهى مؤتمر علماء المسلمين المنعقد بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف فى دورته الثالثة فى جمادى الآخرة 1386 هجرية - أكتوبر 1966 م فى تحديد أوائل الشهور القمرية الى القرار الآتى (أ) يقرر المؤتمر ما يلى 1 - ان الرؤية هى أصل فى معرفة دخول أى شهر قمرى كما يدل عليه الحديث الشريف فالرؤية هى الأساس، لكنه لا يعتمد عليها اذا تمكنت فيها التهم تمكنا قويا .
2 - يكون ثبوت رؤية الهلال بالتواتر والاستفاضة كما يكون بخبر الواحد ذكرا كان أو أنثى .
اذا لم تتمكن التهمة فى أخباره لسبب من الأسباب ومن هذه الأسباب مخالفة الحساب الفلكى الموثوق به الصادر ممن يوثق به .
3 - خبر الواحد ملزم له ولمن يثق به - أما الزام الكافة فلا يكون إلا بعد ثبوت الرؤية عند من خصصته الدولة الإسلامية للنظر فى ذلك .
4 - يعتمد على الحساب فى اثبات دخول الشهر اذا لم يتحقق الرؤية ولم يتيسر الوصول إلى اتمام الشهر السابق ثلاثين يوما .
(ب) يرى المؤتمر أنه لا عبرة، باختلاف المطالع وان تباعدت الأقاليم متى كانت مشتركة فى جزء من ليلة الرؤية وأن قل ويكون اختلاف المطالع معتبرا بين الأقاليم التى لا تشترك فى جزء من هذه الليلة .
ولعل السيد عضو المجمع اللغوى للغة العربية من جمهورية اليمن العربية صاحب الطلب قصد استيضاح الأسباب التى بها خالفت جمهورية مصر العربية جمهورية اليمن العربية فى بدء صوم رمضان فى عامنا الحالى 1399 هجرية مع اعلان هذه الأخيرة ثبوت رؤية هلال رمضان بعد غروب شمس يوم الاثنين 23 يولية لسنة 1979 م اذا كان هذا مقصودا فان دار الافتاء فى مصر بعد أن أطلعت على تقرير معهد الأرصاد بحلوان عن ولادة هلال شهر رمضان فى الساعة الثالثة والدقيقة 41 بتوقيت القاهرة المحلى من يوم الثلاثاء 24 يولية لسنة 1979 م مع ثقتها بهذا الحساب الصادر ممن يوثق به استبعدت امكان رؤية الهلال بعد غروب شمس يوم الاثنين 24 يولية 1979 اذ كيف يرى الهلال بصريا فى سماء مدينة الحديدة باليمن قبل ولادته بعدة ساعات تزيد على فروق التوقيت بين اليمن ومصر .
وزاد هذا ثقة أن المملكة السعودية قد أتمت شعبان ثلاثين يوما وأعلنت أنه لم ير الهلال فى سمائها بعد غروب شمس يوم الاثنين 23 يولية 1979 م الموافق فى تقويم أم القرى 29 من شعبان لسنة 1399 هجرية مع ملاحظة أن هذا اليوم كان يوافق فى مصر 28 من شهر شعبان للاختلاف بين الأقطار فى تحديد بدء هذا الشهر .
ودار الافتاء بهذا ملتزمة بما سبق بيانه من أنه لا عبرة باختلاف المطالع وبأن الأساس هو الرؤية البصرية للهلال - لكن لا يعتمد عليها اذا تمكنت فيها التهمة تمكنا قويا - ومن أسباب تمكن التهمة مخالفة الرؤية للحساب الفلكى الموثوق به الصادر ممن يوثق به عن ولادة الهلال فلكيا حسبما تقدم نقله عن قرار مؤتمر علماء المسلمين .
هدانا الله بفضله إلى الحق ورزقنا اتباعه . والله سبحانه وتعالى أعلم(1/107)
الصوم فى بلاد يطول فيها النهار عن حد الاعتدال
F عبد اللطيف حمزة .
29 ذو القعدة سنة 1404 هجرية - 27 أغسطس سنة 1984 م
M 1 - يقدر أهل البلاد التى يطول فيها النهار عن حد الاعتدال زمنا معتدلا فيصوموا قدر الساعات التى يصومها المسلمون فى أقرب البلاد المعتدلة اليهم .
أو يتخذوا من مواقيت مكة أو المدينة معيارا لصومهم .
2 - يبدأ الصوم فى هذه البلاد من طلوع الفجر الصادق حسب موقعهم دون نظر أو اعتداد بمقدار ساعات الليل أو النهار ودون توقف فى الفطر على غروب الشمس
Q من السيد / م ح أ المدرس المساعد بكلية الشرطة بالقاهرة والسيد / س ح أ المدرس المساعد بكلية الزراعة - جامعة عين شمس عن الطلبة المصريين المبعوثين للدراسة بجمهورية المانيا الاتحادية - بطلبه المتضمن 1 - ان أذان الفجر عندهم فى المانيا يبدأ الساعة الثانية والنصف صباحا وأذان المغرب فى تمام العاشرة إلا ربع مساء مما يؤدى إلى جعل مدة الصيام عندهم حوالى 19 ساعة وذلك يسبب اجهادا لهم مما قد يؤثر على تحصيلهم وأعمالهم .
2 - أوقات دراستهم متواصلة وتبدأ من 8 صباحا حتى 6 مساء .
ويسألان هل يمكنهم أن يصوموا على أوقات الصيام فى القاهرة أم كيف يصومون هناك
An قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .
أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون } .
بهذه النصوص القرآنية الكريمة فرض الله سبحانه وتعالى صوم شهر رمضان على المسلمين فهو خطاب عام لجميع المسلمين فى كل زمان ومكان .
ولم يقصد الإسلام بتكاليفه للناس عنتا ولا أرهاقا ولا مشقة { وما جعل عليكم فى الدين من حرج } ومن تيسير الله على عباده أنه حرم بعض المطعومات ومع هذا رخص لمن أشرف على الهلاك أو خاف الضرر بجوع أو عطش أن يأكل أو يشرب مما حرمه الله بقدر ما يحفظ عليه حياته .
قال تعالى { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم } وقال تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } .
وصوم رمضان جاء على هذه السنة الرحيمة فهو مفروض على كل مقيم صحيح قادر عليه دون ضرر فى بدنه أو كسبه، وأبيح للمريض والمسافر الافطار مع وجوب القضاء ورخص فى الافطار دون قضاء لمن يشق عليه الصيام لسبب لا يرجى زواله ومنه ضعف الشيخوخة والمرض المزمن والعمل الشاق المستمر طوال العام على أن يؤدى فدية هى الاطعام عن كل يوم مسكينا واحدا بما يشبعه فى وجبتين طعاما متوسطا .
وحين فرض الله سبحانه وتعالى صوم رمضان بين بدء الصوم ونهايته يوميا فقال تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } .
وبهذه العبارة من الآية الكريمة تحدد النهار المفروض صومه وهو من طلوع الفجر الصادق بظهور النور المستطير فى الأفق إلى دخول الليل بغروب الشمس كما فسره النبى صلى الله عليه وسلم بقوله اذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم .
واذا كان الصوم موقوفا هكذا بالشهر وباليوم وكان الخطاب موجها إلى المسلمين أيا كانت مواقعهم على أرض الله دون تفرقة بين جهة يطول ليلها أو يستمر الليل أو النهار دائما وجب على الجميع صومه متى تحققت فيهم شروطه التى بينها الله سبحانه وتعالى فى آيات الصوم وأوضحها الرسول فى أحاديثه وعمله وتقريره .
ولما ظهر بعد عصر الرسالة أن على الأرض جهات يطول فيها النهار حتى لا يكون ليلها إلا جزءا يسيرا - أو يطول ليلها حتى لا يكون النهار فيها إلا ضوءا يسيرا وجهات يستمر فيها الليل نصف العام بينما يستمر النهار النصف الآخر وجهات أخرى على العكس من ذلك لما ظهر هذا اختلف الفقهاء فى مواقيت العبادات فى تلك البلاد وهل تتوقف على وجود العلامات الشرعية أو يقدر ويحسب لها .
ومضمون الخلاف فى الحالة التى نحن بصددها فى السؤال حيث يطول النهار فى المانيا الاتحادية عن حد الاعتدال مما يسبب ارهاقا شديدا للمسلمين بها فى صيامهم رمضان فاننا نرى أن يقدر أهل هذه البلاد للصيام زمنا معتدلا فيصوموا قدر الساعات التى يصومها المسلمون فى أقرب البلاد المعتدلة اليهم أو يتخذوا من مواقيت البلاد المعتدلة التى نزل فيها التشريع الإسلامى ( مكة والمدينة ) معيارا للصوم فيصوموا قدر الساعات إلى يصومها المسلمون فى واحدة من هاتين المدينتين على أن يبدأ الصوم من طلوع الفجر الصادق حسب موقعهم إلى الارض دون نطر أو اعتدال بمقدار ساعات الليل أو النهار ودون توقف فى الفطر على غروب الشمس أو اختفاء ضوئها بدخول الليل فعلا وذلك اتباعا لما اخذ به الفقهاء فى تقدير وقت الصلاه والصوم وأمتثالا لأوامر الله وأرشادة فى القرأن الكريم رحمة بالعباد قال تعالى { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } وقال سبحانة { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } صدق الله العظيم والله سبحانة وتعالى أعلم(1/108)
صيام المسافر
F حسن مأمون .
19 محرم 1375 هجرية - 6 سبتمبر 1955 م
M 1 - الفطر للمسافر فى رمضان رخصة بشرط ألا تقل المسافة عن 82 كيلو مترا، وإن صام فصومه أفضل إن لم يضره الصوم .
2 - إذا كان يخشى الضرر من صيامه أو يظنه يكره له الصوم، أما إذا كان يخشى الهلاك فإنه يجب عليه الفطر .
3 - إذا بدأ سفره بعد الفجر لا يرخص له فى فطر هذا اليوم، وإن أفطر فعليه القضاء والكفارة .
4 - إذا بدأ سفره قبل الفجر أو واصل سفره لليوم الثانى جاز له الفطر بشرط تحقق المسافة آنفة الذكر
Q من م و م ما حكم صيام المسافر .
وهل يجب عليه الفطر بالسفر، وإذا صام كان ثوابه أكثر
An المسافر إذا ابتدأ سفره بعد الفجر لا يجوز له الفطر فى ذلك اليوم، وإن أفطر فعليه القضاء والكفارة .
أما إذا سافر قبل الفجر أو واصل سفره لليوم الثانى جاز له الفطر بشرط أن تكون مسافة السفر لا تقل عن 82 كيلو وإن صام فى هذه الحالة كان صومه أفضل إن لم يضره، لقوله تعالى { وأن تصوموا خير لكم } البقرة 184 ، ولحديث ( المسافر إذا أفطر رخصة وإذا صام فهو أفضل وكان ثوابه أكثر ) فإن ظن الضرر كره له الصوم، وإن خاف الهلاك وجب عليه الفطر .
والله أعلم(1/109)
الصوم بلا صلاة
F حسن مأمون .
21 محرم 1375 هجرية - 8 سبتمبر 1855 م
M 1 - يجب على كل مسلم أن يؤدى جميع الفرائض حتى يصل إلى تمام الرضا من الله .
2 - لا ارتباط بين إسقاط ما يؤدى من الفرائض وبين مالا يؤدى منها فلكل ثوابه ولكل عقابه .
3 - من صام ولم يصل سقط عنه فرض الصوم وعليه وزر ترك الصلاة .
4 - ثواب الصائم المؤدى لجميع الفرائض الملتزم حدود الله أفضل من ثواب غيره، ويرجى للأول الثواب الأوفى، ولا ينال الثانى من صيامه إلا إسقاط الفرض وليس له ثواب آخر إلا من رحمه الله
Q من السيد / م أ م قال ما حكم الدين فيمن يصوم ولا يصلى
An من المعلوم أنه يجب على كل مسلم أن يؤدى جميع الفرائض التى فرضها الله عليه حتى يصل إلى تمام الرضا من الله والرحمة منه وحتى يكون قربه من الله وزيادة ثوابه وقبوله أوفر ممن يؤدى بعضها ويترك البعض الآخر وتكون صلته بالله أوثق إلا أنه لا ارتباط بين إسقاط الفرائض التى يؤديها والفرائض التى يتهاون فى أدائها، فلكل ثوابه ولكل عقابه، فمن صام ولم يصل سقط عنه فرض الصوم ولا يعاقبه الله عليه، كما أن عليه وزر ترك الصلاة يلقى جزاءه عند الله .
ومما لاشك فيه أن ثواب الصائم المؤدى لجميع الفرائض والملتزم لحدود الله أفضل من ثواب غيره وهو أمر بدهى .
فالأول يسقط الفروض ويرجى له الثواب الأوفى لحسن صلته بالله، والثانى لا ينال من صيامه إلا إسقاط الفرض وليس له ثواب آخر إلا من رحمه الله وشمله بعطفه وجوده وإحسانه، فيكون تفضل منه ومنه لا أجرا ولا جزاء .
والله تعالى أعلم(1/110)
مرض الربو مبيح للفطر شرعا
F حسن مأمون .
11 رمضان 1375 هجرية - 22 أبريل 1956 م
M 1 - استعمال دواء على هيئة نقط من الأنف مفسد للصوم .
2 - المريضة بالربو يباح لها الفطر شرعا .
3 - باستمرار المرض معها طوال حياتها تأخذ حكم الشيخ الفانى وتفدى بإطعام مسكين عن كل يوم .
4 - إذا برئت وقدرت على الصيام وجب عليها القضاء ولا اعتبار لما أخرجته من فدية
Q من السيدة / م و ك قالت إنها مريضة بحساسية فى الدم منذ خمس سنوات، ويأتيها المرض على صورة زكام وانسداد فى التنفس صيفا وشتاءا وتستعمل نقطا للأنف كالماء، ولا تستطيع التنفس مطلقا بدونها، وفى حالة عدم استعمالها يحدث لها ربو صدرى وفى السنوات الأربع الماضية كانت تصوم مع استعمال هذا الدواء .
وسألت هل تستمر فى الصيام مع استعمالها لهذه النقط أم أن صيامها غير جائز .
وما هو الواجب اتباعه شرعا فى هذه الحالة .
وهل يجوز لها الصيام مع الفدية
An إن مرض السائل الموصوف بالسؤال من الأمراض المبيحة للفطر شرعا .
واستعمالها هذه النقط يفسد صومها لأنها تدخل من الأنف، والأنف والفم من المنافذ المعروفة التى يفسد الصوم كل ما يدخل الجوف عن طريقهما فالأكل والشرب وإدخال نقط من الأنف تصل للحلق وتتسرب منه إلى الداخل كل ذلك مفسد للصوم لقوله عليه السلام الفطر مما دخل وإذا استمرت حالتها كذلك طوال حياتها جاز لها أن تفدى باطعام مسكين عن كل يوم من الأيام التى أفطرتها، وتأخذ حكم الشيخ الفانى الذى لا يستطيع الصيام، وإذا برئت من مرضها وقدرت على الصيام وجب عليها القضاء ولا اعتبار للفدية التى تكون قد أخرجتها قبل ذلك، لأن شرط الانتقال من وجوب القضاء إلى الفدية استمرار العجز أو عدم استطاعة الصيام .
والله تعالى أعلم(1/111)
ادخال الماء فى الفرج عند الوضوء مفسد للصوم
F حسن مأمون .
15 ذو الحجة 1376 هجرية - 13 يونيه 1957 م
M 1 - الحيض والنفاس مانعان من الصلاة والصيام .
2 - الحائض والنفساء تقضيان الصوم فقط وتسقط عنهما الصلاة مادامتا كذلك .
3 - إدخال الماء فى الفرج أثناء الصوم مفسد له وموجب للقضاء فقط
Q من السيد / ع م ك بطلبه المتضمن أن زوجته وضعت يوم 2 رمضان سنة 1376 فما حكم صيامها وصلاتها .
وهل يجوز لها الوضوء من الداخل أو من الخارج
An النفاس شرعا دم يعقب الولد .
وأكثره عند الحنفية أربعون يوما ولا حد لأقله، وحكمه أنه يمنع الصلاة والصوم بالإجماع، وتقضى الصوم ولا تقضى الصلاة، لما قالت عائشة رضى الله عنها ( كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نقض صيام أيام الحيض ولا نقضى الصلاة ) ولأن الحيض يمنع وجوب الصلاة وصحة أدائها ولا يمنع وجوب الصوم بل يمنع صحة أدائه فقط فنفس وجوبه ثابت، فيجب القضاء إذا طهرت .
والنفاس حكمه حكم الحيض فى جميع الأحكام، فإذا انقطع الدم عنها بعد ساعة من الولادة فإنها تصوم وتصلى، والمراد بالساعة اللمحة لا الساعة النجومية على الصحيح .
وهذا فى حق الصلاة والصوم، وتختلف مدته بعادة كل امرأة فيه .
قال الترمذى أجمع أهل العلم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك .
والعادة تثبت وتنتقل بمرة فى الحيض والنفاس عند أبى يوسف وبه يفتى، وعندهما لا بد من المعاودة وإذا طهرت من النفاس فى يوم رمضان لزمها إمساك بقية اليوم وعليها قضاؤه بعد رمضان هذا بالنسبة لصلاة النفساء وصومها .
وأما بالنسبة لإدخالها الماء أثناء الوضوء إلى داخل الفرج فى أثناء الصوم وهى غير نفساء أو حائض، فان الأصح الذى عليه أكثر المعتبرات أنه مفسد لصومها، وعليها قضاء هذا اليوم الذى توضأت فيه بهذه الكيفية ولا كفارة عليها .
وبهذا علم الجواب عن السؤال . والله أعلم(1/112)
نفاس المرأة وعادتها فى الحيض
F حسن مأمون .
27 ربيع الآخر 1378 هجرية - 9 نوفمبر 1958 م
M 1 - عذر الحيض والنفاس مانع من الصيام فى رمضان ويجب على صاحبه الفطر .
2 - من أبيح لها الفطر كالحامل والمرضع التى تخشى على نفسها أو ولدها فأفطرت عليها قضاء ما أفطرته من أيام أخر فقط .
3 - دم الحيض إذا زاد على عادة المرأة يكون استحاضة إذا جاوز أكثر مدة الحيض وهى عشرة أيام، وإن لم يجاوزها فالزائد على العادة حيض ويكون عادة لها .
4 - الحيض مانع من الصلاة بخلاف الاستحاضة
Q من السيد / م أ ع بطلبه الذى يطلب فيه الإفادة عن الآتى : أولا امرأة وضعت فى شهر رمضان وأفطرت ومضى عليها عام، وفى العام التالى وضعت أيضا وأفطرت فما الواجب عليها .
ثانيا : امرأة زاد عليها الحيض عن المدة المقررة وهى سبعة أيام فهل تصلى بعد السبعة أيام أم بعد انقطاع الحيض
An عن السؤال الأول أن من وجب عليها الفطر، كالحائض والنفساء، ومن أبيح لها الفطر كالحامل والمرضع التى تخاف على نفسها أو ولدها تفطر وتقضى عدة ما أفطرته من أيام أخر وقضاء رمضان على من يجب عليه القضاء إن شاء فرقه لا طلاق النص، وإن شاء تابعه وهو أفضل مسارعة إلى إسقاط الواجب، فإن أخر القضاء حتى جاء رمضان آخر قدم الأداء لأنه وقته ثم قضى ما فاته، ولا فدية عليه عند الحنفية لأن وجوبه على التراخى، ولهذا جاز التطوع قبله .
وعن الشق الثانى المنصوص عليه فى مذهب الحنفية أنه إذا زاد دم الحيض على العادة فإن جاوز العشرة أكثر مدة الحيض فالزائد كله استحاضة لأنه لو كان حيضا ما جاوز أكثره، وإن لم يجاوز العشرة فالزائد على العادة حيض ويكون عادة لها، وعلى ذلك فإذا كان الدم قد استمر بعد عادتها وهى السبعة وزاد على عشرة كانت عادتها فى الحيض وهى سبعة باقية وما زاد عليها يكون استحاضة، وتجب عليها الصلاة فيما زاد على السبعة لأن الاستحاضة لا تمنع من الصلاة، أما إذا كان الدم قد استمر بعد السبعة وانقطع على العشرة أو قبلها كان الزائد كله حيضا ولا تجب عليها فيها الصلاة .
وبهذا علم الجواب عن السؤال . والله أعلم(1/113)
استعمال معجون الأسنان فى نهار رمضان
F حسن مأمون .
26 رمضان 1378 هجرية - 4 أبريل 1959 م
Mاستعمال فرشة الأسنان وحدها أو مع معجون الأسنان غير مفسد للصوم ما دام لم يتسرب منه شىء إلى الجوف، فإن تسرب شىء إلى الجوف فسد الصوم
Q من السيد م م بطلبه كطبيب يخالط المرضى والزملاء والزبائن ويجد غضاضة من رائحة فمه فى الصوم وسأل هل هناك مانع دينى من استعمال فرشة الأسنان مع معجون الأسنان وهو صائم وهل يجوز استعمال السواك أم لا
An إن المنصوص عليه شرعا أن إدخال الماء إلى الفم فى المضمضة لا يفسد الصوم مادام لم يدخل شىء منه إلى جوف الصائم، وكذلك لا يفسده استعمال السواك فى نهار رمضان رطبا كان السواك بالماء أو جافا، ومثل السواك فى ذلك استعمال فرشة الأسنان سواء استعملها الصائم وحدها أو مع معجون أسنان مادام لم يبالغ فى ذلك إلى درجة يتسرب معها شىء من المعجون إلى جوف الصائم، لأن ذلك هو الذى يترتب عليه إفساد الصوم، لا استعمال الفرشة والمعجون مع التحرز وعدم المبالغة فى الاستعمال، فإن لم يؤد استعمال الفرشة مع المعجون إلى دخول شىء من المعجون إلى جوف الصائم كان الصوم صحيحا ولا شىء فى هذا الاستعمال، وإن أدى إلى دخول شىء منه إلى جوف كان مفسدا للصوم .
والله أعلم(1/114)
الصوم بدءا ونهاية
F حسن مأمون .
26 رمضان 1378 هجرية - 4 ابريل 1959 م
M 1 - يبدأ الصوم من حين طلوع الفجر الثانى وينتهى بغروب الشمس .
2 - تناول الشخص أى شىء بعد ابتداء وقت الصوم مفسد لصومه سواء أكان ذلك قبل الأذان أو بعده .
3 - ما يذكره بعض الناس من أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يشرب بعد أذان الفجر، وأنه كان يؤخر الصلاة حتى ينتهى الناس من طعامهم وشرابهم غير صحيح ولا عبرة به
Q من السيد / ز ع س بطلبه المتضمن أن أحد المسلمين يتناول الشراب ويدعو الناس إلى ذلك بعد انتهائه من أذان الفجر مباشرة وقبل الصلاة، ويقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك مع بعض الصحابة وكان عليه الصلاة والسلام يؤخر الصلاة حتى ينتهوا من طعامهم وشرابهم، وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى فى ذلك وعن بدء الصيام
An إن الصوم شرعا هو الإمساك عن المفطرات، ووقت الصوم من حين طلوع الفجر الثانى إلى غروب الشمس .
لقوله تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } البقرة 187 ، والخيطان بياض النهار وسواد الليل، فأول وقت الصوم الذى يجب فيه الامتناع عن تناول أى شىء يبدأ من أول طلوع الفجر الثانى وهو أول ما يبدو من الفجر الصادق وهو المستطير المنتشر المعترض فى الأفق كالخيط الممدود وهذا الوقت هو أول وقت الصبح، فلو تناول الإنسان أى شىء بعد هذا الوقت فسد صومه سواء أكان التناول قبل الأذان لصلاة الصبح أم بعده ما دام أن الوقت المحدد لأول وقت الفجر الصادق وصلاة الصبح قد بدأ وفى الحديث الذى يرويه البخارى عن السيدة عائشة رضى الله عنها أن بلال كان يؤذن بليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا وشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر وبهذا علم الجواب عن السؤال وأنه متى بدأ وقت الصوم وجب الإمساك عن المفطرات، ومن تناول مفطرا بعد ذلك فسد صومه .
كما علم أن ما ذكره الشخص المشار إليه بالسؤال غير صحيح ولا يعتد بكلامه .
والله أعلم(1/115)
الصيام وما يؤثر فيه من عدمه
F حسن مأمون .
11 رمضان 1379 هجرية - 8 مارس 1960 م
M 1 - مجرد وضع الروج على الشفاه لا يفسد الصوم إلا إذا دخل منه شىء إلى الجوف .
2 - الأكل والشرب فى نهار رمضان نسيانا لا يفطر به صاحبه استحسانا .
3 - القىء المفطر فى رمضان ما خرج من الصائم بصنعه وكان ملء الفم إذا كان الصائم ذاكرا لصومه مع فعله .
4 - جميع الحقن الجلدية أو الوريدية غير مفسدة للصوم .
أما الحقنة الشراجية فإنها مفسدة له عند أكثر المذاهب .
5 - استعمال معجون الأسنان فى نهار رمضان غير مفسد للصوم إلا إذا تسرب منه شىء إلى المعدة، أو كانت مادته نفاذة تسرى إلى الجوف رغم التحرز فى استعماله .
6 - مجرد النظر إلى المرأة لا يفسد الصوم إلا إذا كان لذلك تأثير على الناظر فى تحرك ميله الجنسى وترتب عليه خروج شىء منه .
7 - قبلة الصائم لزوجته لا تفسد الصوم إلا إذا صاحبها أو نشأ عنها ما ذكر بشأن النظر إلى المرأة .
8 - لا دخل لملابس المرأة فى إفساد الصوم، غير أنه يجب على المرأة ستر جسمها فى رمضان وغير رمضان .
9 - الصحيح المقيم المضطر إلى العمل فى نهار رمضان لكسب نفقته ونفقة عياله يباح له الفطر إذا كان يغلب على ظنه بأمارة أو تجربة إلخ أن صومه يفضى إلى هلاكه، أو إصابته بمرض فى جسمه أو يؤدى إلى ضعفه عن أداء عمله وعليه القضاء .
10 - لمن يسافر مسافة لا تقل عن 82 كيلوا متر أن يفطر فى رمضان مادام مسافرا، والأفضل الصوم للمسافر لكثرة ثوابه .
11 - العامل المريض والمحتاج الذى يعمل مع الصائم فى نفس مكان عمله يستحق الزكاة متى كان فقيرا لا يملك نصاب زكاة فاضلا عن حوائجه الأصلية فى جميع السنة
Q من جريدة المساء اليومية بالآتى : 1 - ما رأى فضيلتكم فى أثر الروج الذى تضعه المرأة على شفتيها فى صيامها .
2 - ما هى حدود نسيان الصائم إذا تناول طعاما أو شرابا وهو صائم، ومتى يصبح مفطرا بذلك .
3 - هل للقىء تأثير على الصوم، ومتى يعتبر مفطرا .
4 - هل الحقن بأنواعها تفسد الصوم، وهل خروج دم من الإنسان إذا جرح ينقض صومه .
5 - هل يفسد معجون الأسنان صوم الصائم إذا استعمل أثناء النهار .
6 - هل النظر إلى المرأة يؤدى إلى إفطار الصائم، وهل القبلة تنقض الصوم وما هى حدودها .
7 - هل يسمح الصوم باتصال الزوج بزوجته، ومتى يحل قيام هذا الاتصال خلال شهر رمضان، وما الذى لا يفطر فى هذه العلاقة .
8 - هل لثياب المرأة دخل فى نقض الصوم، وهل لهذه الثياب حدود معينة فى رمضان .
9 - هل يبيح الجهد الزائد الذى يبذله الناس الآن فى أعمالهم اليومية الفطر فى رمضان .
10 - كان السفر فى الماضى بوسائل بدائية ويجيز الفطر، فهل السفر الآن بالوسائل السهلة المريحة يجيز الفطر أيضا .
11 - هل تجوز الزكاة للعامل المريض، أو المحتاج الذى يعمل مع الصائم فى نفس مكان عمله، وهل هناك وقت معين للزكاة فى رمضان
An 1 - وضع الروج على شفاه السيدات فى نهار رمضان بمجرده لا يوجب فساد الصوم إلا إذا تحلل منه شىء مع اللعاب ودخل الجوف فإنه يكون مفسدا للصوم فى هذه الحالة .
2 - لو أكل الصائم فى نهار رمضان أو شرب ناسيا لا يفطر استحسانا لقوله عليه الصلاة والسلام ( من نسى وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ) وعنه عليه السلام أنه قال من أفطر فى رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة .
ولا حد للأكل أو الشرب ناسيا فمهما أكل الصائم أو شرب ناسيا لم يفطر، والواجب عليه أن يكف عن الأكل أو الشرب بمجرد أن يتذكر الصوم أو يذكره به أحد، ويجب عليه الإمساك بقية يومه ولا قضاء عليه للحديث السابق، فإذا واصل الصائم الأكل والشرب بعد تذكر الصوم أو تذكيره به فسد صومه ووجب عليه القضاء .
3 - القىء المفطر فى رمضان هو ما خرج من الصائم بصنعه وملأ فمه وكان ذاكرا لصومه، فإذا خرج القىء من فمه بدون صنعه فإنه لايكون مفطرا ولو ملأ الفم، وكذلك إذا تعمد إخراجه وكان ناسيا أنه صائم فإنه لا يفطر فى هذه الأحوال .
4 - الحقن الجلدية أو الحقن فى الوريد لا تفطر الصائم إذا أخذها، لأن ما بها لا يصل إلى الجوف والمعدة من الطرق المعتادة ، ووصوله إلى الجسم من طريق المسام لا ينقض الصوم .
أما الحقن الشرجية فأكثر المذاهب على أنها مفسدة للصوم، وفى مذهب الإمام مالك رأيان أحدهما أن الاحتقان بالمائعات لا تفطر لأنه لا تصل إلى المعدة ولا إلى موضع ينصرف منه ما يغذى الجسم بحال، وسيلان الدم من الجسم بجرح أو نحوه لا يفسد الصوم لأن موجب الفطر كما ذكرنا هو ما يدخل الجوف لا ما يخرج منه .
5 - استعمال معجون الأسنان فى نهار رمضان إن أمكن فيه الاحتراز بحيث لا يتسرب شىء منه إلى المعدة لا يفسد الصوم، وهو فى هذه الحالة كغسل الفم بالصابون لا شىء فيه، أما إذا كانت مادته النفاذة تسرى إلى الجوف حتى مع التحرز فى استعماله فإنه يكون مفسدا للصوم، وللخروج من العهدة بيقين يمكن استعماله فى المدة من بعد الإفطار إلى وقت السحور، وهى مدة كافية فى تحقيق المصلحة من ناحية صحة الصائم والمحافظة على صومه فلا يطرأ عليه الفساد .
6، 7 - النظر إلى المرأة فى نهار رمضان لا يفسد الصوم، لكن إن أثر النظر تأثيرا خاصا فى جسم الناظر نشأ عنه تحرك الميل الجنسى خروج شىء منه فإنه يكون مفسدا للصوم .
وقبلة الصائم لزوجته لا تفسد الصوم مالم ينشأ عنها ما قدمناه فى النظر فإنها فى هذه الحالة تكون مفسدة .
والعملية الجنسية أيا كانت مفسدة للصوم، ونحن نرى أن مقدمات هذه العملية يجمل للصائم أن يبتعد عنها حتى لا يتعرض صومه للفساد .
8 - الصوم شرعا هو الإمساك عن شهوتى البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس من كل يوم، فكل ما يفوت هذا الإمساك من أكل أو شرب أو جماع مفسد للصوم، ولا دخل لملابس المرأة فى إفساده شرعا لأنها قصرت أو طالت لا تفوت حقيقة الصوم .
هذا ويجب على المرأة فى رمضان وغير رمضان أن تكون ثيابها سابغة ساترة لا تبدى شيئا من مفاتنها أمام الأجنبى عنها أو فى الطريق العام وإلا كانت آثمة شرعا .
9 - الصحيح المقيم إذا اضطر إلى العمل فى نهار رمضان وغلب على ظنه بأمارة أو تجربة أو إخبار طبيب حاذق مسلم مأمون أن صومه يفضى إلى هلاكه، أو إصابته بمرض فى جسمه، أو يؤدى إلى ضعفه عن أداء عمله الذى لابدله منه لكسب نفقته ونفقة عياله فانه فى هذه الحالة يباح له الفطر أخذا بما استظهره ابن عابدين من إباحة الفطر للخباز ونحوه من أرباب الحرف الشاقة، والواجب على هؤلاء العمال إذا أفطروا مع هذه الضرورة أن يقضوا ما أفطروا من أيام رمضان فى أوقات أخرى لا توجد فيها هذه الضرورة عندهم، فإن لازمتهم إلى أن ماتوا لم يلزمهم القضاء، ولم يجب عليها الإيصاء بالفدية لأن وجوب الإيصاء بها فرع وجوب القضاء عليهم، فإذا زال العذر ولم يقض هؤلاء العمال ما فاتهم من أيام رمضان حتى قاربوا الموت وجب عليهم الإيصاء بالفدية من ثلث ما لهم إن كان لهم مال وعليهم إثم تأخير القضاء، والفدية من ثلث ما لهم إن كان لهم مال وعليهم إثم تأخير القضاء، والفدية هى التصدق عن كل يوم أفطروه من رمضان بنصف صاغ من بر أو صاغ من تمر أو شعير أو قيمة ذلك، والصاع قدحان وثلث قدح بالكيل المصرى، ولا تقل قيمة ذلك عن عشرة قروش صاغ بالأسعار الحالية .
10 - رخص الله سبحانه وتعالى للصائم المسافر فى أن يفطر متى كانت مسافة سفره لا تقل عن اثنين وثمانين كيلو مترا، وأناط رخصة الفطر بتحقق وصف السفر فيه دون نظر إلى ما يصاحب السفر عادة من المشقة، لأن السفر مضبوط فيصبح أن يدور معه حكم هذه الرخصة وجودا وعدما، أما المشقة فهى مختلفة باختلاف الناس، ولذلك لم يترتب هذا الحكم عليها ولم يرتبط بها وجودا وعدما، قال تعالى فى آية الصوم { ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } البقرة 185 ، فمتى تحقق وصف السفر فى الصائم جاز له الفطر اشتمل سفره على مشقة أولا ثم بين الله سبحانه بعد ذلك أن الصوم خير له وأفضل مع وجود المرخص فى الفطر بقوله تعالى { وأن تصوموا خير لكم } البقرة 184 ، والصوم خير له من الفطر فى هذه الحالة وأكثر ثوابا، وفى الحديث الشريف ( المسافر إذا أفطر رخصة وإذا صام فهو أفضل وكان ثوابه أكثر ) فإذا ظن المسافر الضرر كره له الصوم، وإن خاف الهلاك بتجربة وجب الفطر .
وما يشاهد الآن من تنوع وسائل السفر واشتمالها على الراحة التامة التى لا يشعر معها المسافر بأى مشقة يدعو الصائم المسافر بهذه الوسائل المريحة إلى الأخذ بعزيمة الصوم، لأن صومه فى هذه الحالة خير له وأفضل من فطره .
11 - العامل المريض أو المحتاج الذى يعمل مع الصائم فى نفس مكان العمل كما جاء بالسؤال يعتبر شرعا من مصارف الزكاة متى كان فقيرا لا يملك نصاب الزكاة فاضلا عن حوائجه الأصلية فى جميع السنة، وكان ما يتناوله من الأجر لا يسد حاجته وحاجة عياله، فيجوز شرعا دفع زكاة الأموال إليه عند وجوبها فى ذمة المزكى، ويجوز تقديمها عن وقت وجوبها لأن تمام الوقت فى الأموال غير شرط لصحة دفعها للفقير، بل يصح الدفع قبله ويكون مجزيا شرعا، لأن وجوب الزكاة يتعلق بملك النصاب، فمتى تحقق ملك النصاب جاز إخراج الزكاة وإن لم يحل الحول، وكما جاز تقديم إخراج الزكاة فى الأموال يجوز كذلك تقديم زكاة الفطر عن وقت وجوبها وهو يوم الفطر، وذلك لأن سبب الوجوب قد وجد وهو رأس يمونه ويلى عليه، فصار كأداء الزكاة بعد وجود النصاب فيصح إخراجها فى أى وقت من رمضان وقيل فى النصف الأخير منه، وقيل فى العشر الأخيرة، لكن يجب إخراجها بعد طلوع فجر يوم الفطر قبل صلاة العيد، لذلك أمر رسول الله فيما رواه البخارى ومسلم .
قال عليه السلام ( من أداها قبل الصلاة فهى صدقة مقبولة .
ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات ) ولأن المستحب للمزكى أن يأكل هو قبل صلاة العيد فيقدم للفقير أيضا ليأكل منها قبل الصلاة كى يتفرغ لها(1/116)
اختلاف المطالع فى اثبات رؤية هلال رمضان
F أحمد هريدى .
9 يناير 1963 م
M 1 - صوم شهر رمضان واجب على جميع المسلمين فى جميع الأنحاء متى تحقق لديهم أحد ثلاثة أمور وهى ( ا ) رؤية هلال رمضان .
( ب ) إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما .
( ج ) قيام حائل يجعل رؤية الهلال مستحيلة .
2 - ذهب الحنفية والشافعية والمالكية ورواية عن أحمد وقول كثير من أهل العلم إلى وجوب إكمال شهر شعبان ثلاثين يوما فى حالتين ( ا ) استحالة رؤية الهلال لحائل .
( ب ) إذا لم ير فيها الهلال ولم يكن بالسماء ما يحول دون الرؤية وكان أهل الحساب قد قطعوا بأن هلال شهر رمضان يولد ويغرب قبل غروب شمس يوم 29 شعبان .
3 - ذهب بعض الفقهاء إلى جواز العمل بقول أهل الحساب فى دخول شهر رمضان إذا قطعوا بأن الهلال يولد يوم 29 شعبان ويمكث فوق الأفق بعد غروب شمس هذا اليوم مدة يمكن رؤيته فيها لو لم يكن هناك حائل وهذا ما جرى عليه العمل .
4 - المنصوص عليه فقها أنه لا عبرة باختلاف المطالع فى إثبات رؤية هلال رمضان، وأنه إذا رأى الهلال أهل بلد ولم يره أهل بلد آخر يجب الصوم على من لم يروا برؤية الذين رأوه .
والميل إلى ترجيح ذلك لقوة دليله، وقيل يختلف باختلاف المطالع لأن السبب الشهر، وانعقاده فى حق قوم للرؤية لا يستلزم انعقاده فى حق آخرين مع اختلاف المطالع .
وبه قال الشافعية . 5 - السماع من المذياع من أى بلد إسلامى يقوم مقام الإخبار بثبوت رؤية هلال رمضان
Q من السيد / ح أ م وطلبة الفلبين بالأزهر الشريف بالآتى .
حدث فى شهر رمضان سنة 1381 أن صام أهل الفلبين يوم الاثنين لعدم رؤيتهم الهلال، وبعد مرور سبعة أيام على صيامهم ثبت لهم أن أهل الحجاز صاموا يوم الأحد بعد أن تحققوا من رؤية الهلال بمكة المكرمة، ومن يومها حتى الآن يوجد خلاف بين علمائهم، فبعضهم يرى وجوب قضاء يوم الأحد الذى صام فيه أهل الحجاز باعتباره هو أول يوم من رمضان، والبعض الآخر يرى أنه لا ضرورة للقضاء لاختلاف المطلع بين مكة المكرمة وبلادنا .
وطلب بيان الحكم الفقهى فى هذا كما طلب بيان الحكم الفقهى من مذاهب الفقهاء الذى يناسب الموقع الجفرافى للفلبين، حيث إن خبر رؤية هلال مكة أو مصر يبلغ إليهم بواسطة الراديو فى النهار وبعد مرور بضعة أيام من رمضان بالرسائل، وبيان آراء الفقهاء وأدلتهم فيما يتعلق بموضوع الرؤية واختلافها بين البلدان، وتطبيق أرجحها فى الفلبين بالنسبة لكل من أندونيسيا والملايو وتايلاند وباكستان الشرقية والغربية ومكة المكرمة ومصر وغيرها من الأقطار الإسلامية، علما بأن الشمس تطلع فيها قبل كل من جاراتها أندونيسيا بنصف ساعة وملايو بأكثر من ساعة وتايلاند بساعة ونصف وباكستان الشرقية بساعتين وباكستان الغربية بثلاث ساعات ونصف ومكة المكرمة بخمس ساعات ونصف ومصر بست ساعات .
وهل يجوز لهم قبول رؤية هلال مصر أو مكة أو غيرها من البلدان بواسطة الراديو وذكر السائل أنه يوجد بينهم زعيم للمسلمين يقدرون رأيه ويجلون حكمه فما الرأى فيما لو أشار عليهم بالعمل بأحد الآراء فى المسائل الخلافية فهل تجب عليهم طاعته مع أن أهل الفلبين مذهبهم شافعى
An إنه يجب على جميع المسلمين فى جميع الأنحاء أن يصوموا شهر رمضان متى تحقق لديهم أحد ثلاثة أمور وهى : 1 - رؤية هلال رمضان .
فإن الصوم فى هذه الحالة يجب بها إجماعا على جميع المسلمين، لقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) .
2 - إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما .
لأنه يتعين بذلك دخول شهر رمضان ولا يعلم فى ذلك خلاف، وفى هذه الحالة لا يتوقف الصيام على رؤية الهلال .
3 - أن تحول دون رؤية الهلال سحب أو غيم أو غبار أو حائل يجعل رؤيته مستحيلة، وهذه الحالة قد اختلف فيها الفقهاء .
فذهب الحنفية والشافعية والمالكية إلى النهى عن صوم يوم الثلاثين من شعبان وإلى أن صومه لا يجزىء عن رمضان، وهو أيضا رواية فى مذهب الإمام أحمد وقول كثير من أهل العلم لما روى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما ) رواه البخارى وغيره .
وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال ليلة الثلاثين، ولأن الأصل بقاء شعبان فلا ينتقل منه بالشك وعلى ذلك يجب إكمال شهر شعبان ثلاثين يوما فى هذه الحالة التى تستحيل فيها الرؤية، وكذلك فى الحالة التى لم ير فيها الهلال ولم يكن بالسماء ما يحول دون الرؤية، وذلك متى كان أهل الحساب قد قطعوا بأن هلال شهر رمضان يولد ويغرب قبل غروب شمس يوم 29 شعبان، أما إذا قطعوا بأن هلال شهر رمضان يولد يوم 29 شعبان ويمكث فوق الأفق بعد غروب شمس هذا اليوم مدة يمكن رؤيته فيها فإنه فى هذه الحالة يعمل بقول أهل الحساب ويثبت دخول شهر رمضان بناء على قول أهل الحساب - بناء على ما ذهب إليه بعض الفقهاء من جواز العمل بحسابهم، وقد جرينا على العمل به فى هذه الحالة فقط، وهى ما إذا قطع أهل الحساب ببقاء الهلال فوق الأفق بعد غروب شمس يوم 29 شعبان مدة يمكن رؤيته فيها لو لم يكن هناك حائل يمنع من الرؤية .
هذا والمنصوص عليه فقها الذى عليه أكثر المشايخ أنه لا عبرة باختلاف المطالع فى إثبات رؤية هلال رمضان، وأنه إذا رأى الهلال أهل بلد لم يره أهل بلد آخر يجب على أهل البلد الآخر الذين لم يروا الهلال أن يصوموا برؤية أولئك الذين رأوه قال الكمال بن الهمام الحنفى صاحب الفتح رحمه الله - وإذا ثبت فى مصر لزم سائر الناس فيلزم أهل المشرق برؤية أهل المغرب فى ظاهر المذهب لعموم الخطاب فى قوله عليه الصلاة والسلام ( صوموا ) معلقا بمطلق الرؤية فى قوله ( لرؤيته ) وبرؤية قوم يصدق اسم الرؤية فيثبت ما تعلق به من عموم الحكم فيعم الوجوب .
وقيل يختلف باختلاف المطالع لأن السبب الشهر، وانعقاده فى حق قوم للرؤية لا يستلزم انعقاده فى حق آخرين مع اختلاف المطالع وممن قال باعتبار اختلاف المطالع الشافعية جاء فى المجموع شرح المهذب ما ملخصه وإن رأوا هلال رمضان فى بلد ولم يروه فى آخر، فإن تقارب البلدان فحكمهما حكم بلد واحد ويلزم أهل البلد الآخر الصوم بلا خلاف، وإن تباعدا فالصحيح أنه لا يجب الصوم على أهل البلد الأخرى، والتباعد يكون باختلاف المطالع، والتقارب أن لا تختلف المطالع إذ أن من كان مطلعهم واحدا إذا رآه بعضهم فعدم رؤيته للآخرين لتقصيرهم فى التأمل أو لعارض بخلاف مختلفى المطالع ونحن نميل إلى ترجيح الرأى القائل بأنه لا عبرة باختلاف المطالع لقوة دليله ولأنه يتفق مع ما يقصد إليه الشارع من وحدة المسلمين وجمع كلمتهم .
وأنه متى تحققت رؤية الهلال فى بلد من البلاد الإسلامية يمكن القول بوجوب .
الصوم على جميع المسلمين الذين تشترك بلادهم مع بلد الرؤية فى جزء من الليل .
وعلى هذا الاعتبار أى اشتراك البلد الإسلامى مع بلد الرؤية فى جزء من الليل يتحتم اشتراكهما فى بدء الصيام، ويجب الصوم على أهل الفلبين برؤية أهل مصر إذا أن الشمس تطلع فى الفلبين قبل مصر بست ساعات وهذا دليل على اشتراكهما فى ليل واحد، كما يجب عليهم الصوم برؤية من هم أقرب إليها من مصر كمكة المكرمة والباكستان الغربية والشرقية وأندونيسيا وغيرها .
هذا ويقوم مقام الإخبار بثبوت رؤية هلال رمضان سماع ذلك من المذياع ( الراديو ) فى أى بلد إسلامية، لأن المذياع يقوم مقام المخبر والسماع منه كالسماع من المخبر سواء بسواء، ولا فرق بين الاثنين إلا بعد المسافة وقربها بما لا يتأثر به وصول الصوت، وإذا أصبح أهل بلد يوم الأثنين وهم يظنون أنه من شعبان فقامت البينة فى بلد آخر أنه من رمضان لزمهم قضاء صومه لأنه بان أنه من رمضان، وهذا هو الحكم بالنسبة لجميع المذاهب فى البلاد القريبة أو المتحدة المطلع، وفى رأى من يقول بأنه لا عبرة لاختلاف المطالع وأنه متى رؤى الهلال وجب على الآخرين الصوم .
وأما على رأى من يقول باعتبار اختلاف المطالع وأنه متى رؤى الهلال وجب على الآخرين الصوم .
وأما على رأى من يقول باعتبار اختلاف المطالع فلا يلزمهم قضاء ذلك اليوم لأن الصوم غير واجب فى هذا اليوم، لأن الواجب عليهم على هذا الرأى هو العمل برؤيتهم حسب مطلعهم مما سبق بيانه تظهر أقوال الفقهاء ولأهل الفلبين أن يعملوا بمذهب الشافعى الذى هو مذهبهم، والقائل باعتبار اختلاف المطالع ووجوب الصوم عليهم برؤيتهم أو برؤية البلدان القريبة منهم ممن يتفقون معهم فى المطلع فقط .
وفى هذه الحالة لا يجب عليهم قضاء اليوم الذى وقع الخلاف عليه لاختلافهم مع مكة فى المطلع، وإن شاءوا أخذوا برأى الجمهور الذى يقول بأنه لا عبرة باختلاف المطالع، وأنه يجب على أهل المشرق الصوم برؤية أهل المغرب الذين يتفقون معهم فى ليل واحد ،وفى هذه الحالة يجب عليهم أن يقضوا ذلك اليوم .
وإذا أشار على أهل الفلبين زعيمهم الدينى الذى يقدرون رأيه ويجلون حكمه باتباع أحد الرأيين رأى الجمهور القائل بعدم اعتبار اختلاف المطالع وبالتالى بوجوب قضاء اليوم المتنازع عليه بينهم .
أو رأى الشافعية القائل باعتبار اختلاف المطالع وبالتالى بعدم وجوب قضاء هذا اليوم، فلا مانع من إطاعته واتباع ما يشير عليهم به(1/117)
الزام قوات الجيش بالفطر فى رمضان أثناء المعركة
F أحمد هريدى .
12 نوفمبر 1967 م
M 1 - من قاتل عدوا أو أحاط العدو ببلده والصوم يضعفه جاز له الفطر عند الحنابلة .
2 - إذا كان أفراد القوات المسلحة فى حالة تأهب أو إعداد أو تدريب على حالة تأهب واستعداد، واحتمال الاشتباك مع العدو قائم فعلا على سبيل الفجاءة، وكانوا لا يستطيعون الصوم بوضعهم لما ينشأ عنه من تراخ وضعف يجب عليهم الفطر فى رمضان
Q من هيئة التنظيم والإدارة للقوات المسلحة فرع الإدارة العسكرية بمذكرتها المؤرخة 1/11/1967 من أن قيادة القوات المسلحة الجوية سبق أن طلبت من دار الإفتاء بيان الحكم الشرعى فى إفطار أفراد القوات المسلحة بالجبهة الشرقية خلال شهر رمضان المبارك .
وأن البند ( 34 ) الفصل الأول الباب الثانى من مجموعة الأوامر العسكرية لعام 1957 يتضمن نص ما ورد من فضيلة مفتى الديار المصرية فى هذا الشأن وهو ما يأتى .
وبعد فقد رخص الله بالفطر فى رمضان مع وجوب القضاء بعده للمرضى والمسافرين .
قال الله تعالى { ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } البقرة 185 ، والمريض المرخص له بالفطر هو من يخاف إذا صام أن يزيد مرضه أو يتأخر شفاؤه بالصيام .
ومثل المريض المرخص له بالفطر الصحيح الذى يخاف المرض، والعامل الذى يجهده العمل ويضعفه الصوم أو يعرضه للهلاك أو المرض .
ونرى أن أفراد القوات المسلحة بالجبهة الشرقية الذين يؤدون واجب الدفاع عن الوطن ضد الصهيونية يجوز لهم الفطر خلال رمضان، لأنه يخشى عليهم من أن يضعفهم الصوم أو يعرضهم للهلاك .
وإذ ذاك تتعطل مهمتهم الكبرى الملقاة عليهم، وهى الجهاد والدفاع عن الوطن .
ونرى أن يترك كل من استطاع منهم القيام بجميع واجباته مع الاستمرار فى الصوم بدون ضرر يلحقه لتقديره الشخصى بدون إلزام له بالفطر .
فقد أجاز الرسول صلى الله عليه وسلم الفطر قبل مقابلة العدو كما أجاز الصيام .
أما إذا حصل اشتباك مع العدو فإن الفطر فى هذه الحالة يكون واجبا وعزيمة، كما فعل ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم .
وأن فرع الإدارة العسكرية قد رأى رغم الحالة الطارئة بالنسبة للقوات المسلحة بعد الاعتداء الإسرائيلى فى 5 /6/1967 - الالتزام بنص الفتوى، وأن الالزام بالفطر غير جائز شرعا إلا إذا حصل اشتباك مع العدو .
ولكن رئيس هيئة التنظيم والإدارة للقوات المسلحة قد رأى التوجه شخصيا لمقابلة فضيلة المفتى وإعادة شرح الموضوع على أساس عاملين إضافيين جديدين هما : 1 - أن النظام العسكرى ودور الخدمة فى الموقع الدفاعى لا يسمحان بجواز الإفطار ( أى جعل الإفطار جوازيا ) إذ أن ذلك يتعارض معهما مما يجعل من الصالح أن يفطر الجميع .
2 - أن بعض التشكيلات فى المنطقة المركزية جار تجهيزها وإعدادها لدفعها إلى الخدمة، وهذا يتطلب بذل جهد مستمر خلال اليوم لسرعة مقابلة العدو .
3 - ينطبق ما جاء فى البند ( 1 ) على أفراد الدفاع الجوى، وقد تمت المقابلة فعلا يوم الثلاثاء 7 /11/1967 وشرحت العوامل الإضافية الجيدة المشار إليها بمذكرة الهيئة وتتلخص نتيجة الشرح والإيضاح فيما يأتى : 1 - إن حالة الحرب قائمة بيننا وبين العدو وهو يحتل جزءا من أراضى الجمهورية، واحتمال الاشتباك والقتال مستمر فى أى لحظة وبصورة مفاجئة بل أن الاشتباكات قد وقعت بالفعل كثيرا ويحتمل وقوعها دائما .
2 - إن أفراد القوات المسلحة بما فيها أفراد القوات الجوية فى حالة تأهب واستعداد، وتعمل فى الموقع الدفاعى نظرا لحالة الطوارىء القائمة .
3 - بالنسبة للجنود الذين هم فى دور الإعداد والتدريب يقتضى الوضع القائم الإسراع فى تجهيزهم لملاقاة العدو بقوة، وهذا يتطلب بذلك جهد مستمر فى التدريب طول الوقت مما يصعب معه عليهم الصوم .
4 - إن الجنود يطرأ عليهم فى حالة الصوم ضعف قبل موعد الإفطار بوقت طويل، كما تطرأ عليهم بعد الإفطار حالة فتور وتراخ، وهم يقضون فترة فى تناول الإفطار، وقد جرت عادة العدو بانتهاز فرص الضعف والتراخى والانشغال والمفاجأة بالاشتباك أثناءها، وهو يعرف تماما موعد الإفطار بمقتضى نظام الصوم المعروف شرعا .
مما قد يترتب عليه إلحاق الضرر بالقوات والبلاد، وفى ضوء هذه الاعتبارات الطارئة والقائمة بالفعل طلبت الهيئة بيان الحكم فيما إذا كان يجوز إلزام أفراد القوات المسلحة بالفطر فى رمضان أو لا
An الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد . فقد عرضت السنة النبوية وعرض الفقهاء المجتهدون حكم الإفطار فى رمضان للمحاربين من المسلمين الذين هم فى حالة الاشتباك وقتال بالفعل مع العدو والذين هم فى حالة تأهب واستعداد لملاقاته، وفى وضع يمكن فيه نشوب القتال وحصول الاشتباك، والذين خرجوا من بلادهم وفى الطريق إلى ملاقاته .
روى أحمد ومسلم وأبو داود عن أبى سعيد قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام .
قال فنزلنا منزلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من أفطر .
ثم نزلنا منزلا آخر .
فقال إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا فكانت عزمة فأفطرنا .
وجاء فى زاد المعاد لابن القيم جزء أول صفحة 334 وسافر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان فصام وأفطر وخير الصحابة بين الأمرين وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم ليتقووا على قتاله .
فلو اتفق مثل هذا فى الحضر وكان فى الفطر قوة لهم على لقاء عدوهم فهل لهم الفطر فيه قولان أصحهما دليلا أن لهم ذلك .
وهو اختيار ابن تيمية، وبه أفتى العساكر الإسلامية لما لقوا العدو بظاهر دمشق .
ولا ريب أن الفطر لذلك أولى من الفطر لمجرد السفر .
لأن القوة هناك تختص بالمسافر والقوة هنا له وللمسلمين، ولأن مشقة الجهاد أعظم من مشقة السفر، ولأن المصلحة الحاصلة بالفطر للمجاهد أعظم من المصلحة بفطر المسافر، ولأن الله تعالى قال { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } الأنفال 60 ، والفطر عند اللقاء من أعظم أسباب القوة ثم ذكر ابن القيم حديث أبى سعيد السابق وقال إن النبى صلى الله عليه وسلم علل بدنوهم من عدوهم واحتياجهم إلى القوة التى يلقون بها العدو .
وجاء فى كتاب الإقناع فى فقه الإمام أحمد بن حنبل جزء أول صفحة 306 طبع المطبعة المصرية ومن قاتل عدوا أو أحاط العدو ببلده والصوم يضعفه ساغ له الفطر بدون سفر نصا .
والمقرر أنه يجوز للصحيح أن يفطر إذا خاف أن يصيبه مرض إذا صام دفعا للضرر .
وقاعدة دفع الضرر مقررة وثابتة شرعا ولا خلاف فيها مطلقا .
وواضح مما ذكر ومن الاعتبارات الجديدة المشار إليها أننا فى حالة حرب مع العدو، وأن أفراد القوات المسلحة بما فيهم القوات الجوية والتشكيلات التى يجرى إعدادها وتدريبها فى حالة تأهب واستعداد، وأن الاشتباك مع العدو بالفعل احتمال قائم ومستمر ويقع كثيرا بصفة مفاجئة، وأن الوضع القائم يجعلهم لا يستطيعون الصيام لما ينشأ عنه من ضعف وتراخ وانشغال، وقد يحصل اشتباك فى هذه الأحوال، ويترتب عليه من النتائج ما يضر بالجنود والوطن .
ونرى أن أفراد القوات المسلحة الذين فى هذا الوضع يجب عليهم الفطر فى رمضان ويجوز إلزامهم بالفطر فيه ليتمكنوا من القيام بواجب الدفاع عن الوطن، وصد العدو والتغلب عليه، ووقاية الوطن من الخطر الذى يتهدده، كما فى الحالة التى أمر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين المحاربين بالفطر معللا بالدنو من العدو والحاجة إلى القوة التى يلقونه بها .
ے(1/118)
اباحة الفطر للعاجز عن الصوم
F أحمد هريدى .
7 يناير 1965 م
M 1 - العاجز عن الصوم لمرض، أو الذى يضره الصوم، أو يؤخر برأه بإخبار طبيب حاذق أمين - له أن يفطر وعليه القضاء فقط .
2 - إذا كان المرض لا يرجى شفاؤه ويعجز المريض بسببه عن الصوم له الفطر وعليه الفدية، وهى إطعام كل يوم مسكينا بشرط استمرار العجز إلى الوفاة
Q من السيد / ع ق م بطلبه المتضمن أنه مريض منذ سنة 1948 وعولج كثيرا، وقد ظهر من كشف الأشعة الذى أجرى له أن عنده قرحة بالمعدة، ونصح له الأطباء بأن يأكل كل ساعتين أكلا خفيفا على قدر الإمكان، وأن صيام رمضان يسبب له زيادة فى المرض لعدم الأكل المستمر، وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى ذلك
An نص الفقهاء على أنه يباح للمريض الذى يعجز عن الصوم، أو يضره أو يؤخر برأه بإخبار الطبيب الحاذق الأمين أن يفطر ويقضى عدة ما أفطر من أيام أخر بعد شفائه، هذا إذا كان المرض يرجى برؤه .
أما إذا كان المرض مزمنا ولا يرجى برؤه ويعجز فيه المريض عن الصوم، ففى هذه الحالة يعطى المريض حكم الشيخ الفانى ويباح له الفطر ويجب عليه الفداء بأن يطعم عن كل يوم مسكينا بشرط أن يستمر العجز إلى الوفاة، فان برئ فى أى وقت من أوقات حياته وجب عليه صوم الأيام التى أفطرها مهما كانت كثيرة بقدر استطاعته، ولا تعتبر الفدية فى هذه الحالة مجزية ولو كان قد أخرجها، لأن شرط إجزائها استمرار العجز عن الصوم إلى وقت الوفاة .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال(1/119)
الحمل من الأعذار المبيحة للفطر فى رمضان
F أحمد هريدى .
27 نوفمبر 1965 م
Mالحامل إذا خافت الضرر من الصيام على نفسها أو حملها أو عليهما معا يجوز لها الفطر، ويجب عليها القضاء عند القدرة على الصوم بلا شرط التتابع ولا فدية عنها
Q من السيد / م ش ح بطلبه المتضمن أن زوجته كانت حاملا فى الشهر السادس، وقد أقبل شهر رمضان فلم تستطع صيامه، وقد أفطرت وهى تقيم بالاسكندرية مع والدتها التى تعول أطفالا أربعة وليس لها سوى دخل طفيف .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى ذلك
An المنصوص عليه فى فقه الحنفية أن الحامل إذا خافت الضرر من الصيام جاز لها الفطر .
سواء أكان الخوف على النفس والولد أم على النفس فقط أم على الولد فقط، ويجب عليها القضاء عند القدرة على الصوم بدون فدية وبدون متابعة الصوم فى أيام القضاء .
وبما أن السيدة المذكورة قد أفطرت فى العام الماضى وهى حامل كما هو الحال فى الحادثة موضوع السؤال .
فإنه يجب عليها القضاء ولا فدية عليها، ولو تأخر القضاء عن العام التالى كما لا يجب عليها تتابع الصوم عند القضاء .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال(1/120)
أخذ الدواء بواسطة البخاخة
F أحمد هريدى .
28 مايو 1968 م
M 1 - أخذ الدواء بالبخاخة المستعملة لمرضى الربو إذا وصل إلى الجوف أفسد الصوم وإلا فلا .
2 - بفساد الصوم يجب عليه القضاء بعد زوال المرض، فإن كان مزمنا وجبت عليه الفدية، وهى إطعام مسكين عن كل يوم غداء وعشاء مشبعين
Q فى مريض بالربو وأنه لذلك يستعمل الجهاز المعروف بجهاز البخاخة وطلب السائل بيان هل استعمال هذا الجهاز يفطر الصائم
An إذا كان الدواء الذى يستعمله بواسطة البخاخة يصل إلى جوفه عن طريق الفم أو الأنف فإن صومه يفسد، وإذا كان لا يصل منه شىء إلى الجوف فلا يفسد الصوم .
وفى حالة فساد الصوم يجب عليه القضاء من أيام أخر بعد زوال المرض، فإن كان مرضه مزمنا ولا يرجى شفاؤه فلا يجب عليه الصوم شرعا وعليه الفدية، وهى إطعام مسكين عن كل يوم يغديه ويعشيه غداء وعشاء مشبعين .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله أعلم(1/121)
السحور بعد الفجر مع الظن أنه قبله
F أحمد هريدى .
14 يناير 1969 م
M 1 - لا عبرة بالظن البين خطؤه .
2 - من تسحر بعد الفجر ظنا منه بأن الفجر لم يطلع فإذا به قد طلع أمسك بقية اليوم وعليه القضاء فقط
Q من السيد / س س م بطلبه المتضمن أنه ظن بقاء الليل بعد أن تحرى بقدر إمكانياته لبعده عن العمران، وليس له ساعة أو مذياع وأكل، وفى أثناء أكله سمع أذان الفجر فلفظ اللقمة من فمه ونوى صوم يومه .
وهو شافعى المذهب . وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى
An المنصوص عليه فى الفقه الحنفى أن من تسحر وهو يظن أن الفجر لم يطلع فإذا هو قد طلع أمسك بقية يومه قضاء لحق الوقت بالقدر الممكن أو نفيا للتهمة وعليه القضاء، لأنه حق مضمون بالمثل كما فى المريض والمسافر ولا كفارة عليه لعدم القصد وفى فقه الشافعى كما ذكره العلامة البجيرمى فى حاشيته على شرح المنهج أنه يحل التسحر ولو يشك فى بقاء الليل لأن الأصل بقاء الليل فيصح الصوم مع الأكل بذلك إن لم يبن غلطه، فلو أفطر أو تسحر بتحر وبان غلطه بطل صومه، إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه وعليه القضاء وعلى ذلك يجب على السائل قضاء يوم مكان اليوم الذى ظن فيه بقاء الليل وأكل حتى سمع صوت المؤذن لظهور خطئه بيقين .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم(1/122)
الاستمناء بالكف فى نهار رمضان
F محمد خاطر .
12 مارس 1978 م
M 1 - المقرر فى فقه الحنفية أن الاستمناء بالكف لا يفسد الصوم إذا لم يحدث إنزال للمنى .
2 - إذا حدث الإنزال بعد ذلك فسد الصوم ووجب عليه القضاء فقط .
3 - الذى لا يستطيع الصوم لمرض دائم يعتبر كالشيخ الفانى وتجب عليه الفدية وهى إطعام مسكين عن كل يوم ويجوز إخراج القيمة .
4 - استغفار الله والاستعاذة به وقراءة القرآن طريق الخلاص من هذه العادة القبيحة
Q من السيد / ص م ص من ليبيا بطلبه المتضمن أن السائل شاب متدين، ويؤدى فريضة الصلاة، ولا تفوته صلاة، ويصوم شهر رمضان كما يصوم أيام الأجر الأخرى 6 أيام بعد رمضان ويوم عاشوراء ويوم عرفة، ولا يشرب الخمر بل لا يشرب الدخان أيضا - إلا أنه فعل العادة السرية ( الاستمناء ) فى شهر رمضان عدة مرات نتيجة لوسوسة الشيطان له وتغلبه عليه .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع، وهل يجب عليه القضاء والكفارة، أو القضاء فقط أو الكفارة فقط - مع العلم بأنه لا يستطيع الصوم بسبب مرض الكلى الذى يعانى منه، وقد أجريت له بسببه عملية جراحية - كما طلب السائل إرشاده إلى الطريقة التى تخلصه من هذه المشكلة التى يعانى منها كثير من الشباب
An الظاهر من السؤال أن السائل قد حدث منه عملية الاستمناء فى نهار رمضان وهو صائم وإلا لما كان هناك داع للسؤال عما إذا كان يجب عليه القضاء فقط أو القضاء والكفارة فقط، إذ لو كانت حدثت منه هذه الفعلة ليلا لكان سؤاله منحصرا فى الحل أو الحرمة فقط لا ما يفسد الصوم ومالا يفسده لأن الليل لا صوم فيه وعلى ذلك فنقول للسائل إن المقرر فى فقه الحنفية أن الاستمناء بالكف لا يفسد الصوم إذا لم يحدث إنزال للمنى، أما إذا حدث الانزال بعد الاستمناء فيفسد صومه ويجب عليه القضاء فقط .
ولما كان السائل لا يستطيع الصوم كما قرر فى سؤاله لمرضه بالكلى الذى لا يستطيع معه الصوم بصفة دائمة ففى هذه الحالة يعتبر كالشيخ الفانى وتجب عليه الفدية وهى إطعام مسكين عن كل يوم يفطره من شهر رمضان كالفطرة(المقصود بها مقدار صدقة الفطر) ويجوز عند الحنفية إخراج القيمة بدلا من الإطعام - أما عن الطريقة التى يتخلص بها من هذه العادة القبيحة فنحن ننصحه بألا يكثر من التفكير فى الجنس، ولا يخلو بنفسه كثيرا، وكلما وسوس له الشيطان وحسن له هذا العمل استعاذ بالله منه وتوضأ وصلى واستغفر الله وأكثر من ذكر الله ومن قراءة القرآن، فإنه إن فعل ذلك نرجو أن يتوب الله عليه ويغفر له ويوفقه للعدول عن هذه العادة .
ومن هنا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/123)
أثر النزيف من الفم فى الوضوء والصوم
F محمد خاطر .
ربيع الآخر 1398 هجرية - 12 مارس 1978 م
M 1 - مريض الصدر الذى يستمر معه النزيف من فمه مدة طويلة يعتبر من أصحاب الأعذار .
2 - يتوضأ لكل صلاة ويصلى بهذا الوضوء ماشاء من الفرائض والنوافل حتى يخرج وقتها فيبطل وضوؤه ويتوضأ لغيرها وهكذا .
3 - ما يخرج من النزيف لا ينقض الوضوء ولا يبطل الصلاة لقيام العذر .
4 - يحل له شرعا الفطر فى رمضان وعليه القضاء إن قدر على ذلك وإلا وجبت الفدية أو القيمة
Q من السيد / ع م ك بطلبه المتضمن : 1 - أن السائل مريض مرضا مزمنا فى صدره مما يسبب له نزيفا من فمه ويستمر هذا النزيف معه مدة أقصاها ثلاثين يوما أحيانا .
2 - كما أن السائل يعانى من ضعف يعتريه إذا صام شهر رمضان .
وقد أباح له أطباء مسلمون الإفطار فى رمضان .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى النزيف الناتج من مرضه الصدرى والذى يستمر معه مدة قد تصل إلى ثلاثين يوما .
وهل هذا النزيف ناقض للوضوء مبطل للصلاة أم لا كما طلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان يحل له شرعا الإفطار فى شهر رمضان لأن الصوم يضعفه بشهادة الأطباء المسلمين الذين أباحوا له الإفطار .
وإذا جاز له الإفطار فى شهر رمضان فهل يلزمه القضاء أم لا
An 1 - عن السؤال الأول المقرر فى فقه الحنفية أن المعذور كمن به سلس بول أو نحوه يتوضأ لوقت كل صلاة ويصلى بهذا الوضوء فى الوقت ما شاء من الفرائض والنوافل ويبطل وضوؤه بخروج الوقت وما يصيب الثوب من حدث العذر لا يجب غسله إذا اعتقد أنه إذا غسله تنجس بالسيلان ثانيا قبل فراغه من الصلاة التى يريد فعلها ، أما إذا اعتقد أنه لا يتنجس قبل الفراغ منها فانه يجب عليه غسله .
2 - عن السؤال الثانى .
المقرر فى فقه الحنفية أن الشخص إذا غلب على ظنه بأمارة أو تجربة أو إخبار طبيب حاذق مسلم أن صومه يؤدى إلى ضعفه جاز له الإفطار فى رمضان ويجب عليه أن يقضى ما أفطره فى أوقات أخرى لا يؤدى فيها الصوم إلى ضعفه .
فإن اعتقد أنه لن يزول عنه هذا الضعف ولن يستطيع الصوم فى يوم من الأيام فإنه يأخذ حكم الشيخ الفانى وتجب عليه الفدية وهى إطعام مسكين عن كل يوم يفطره كالفطرة بأن يملكه نصف صاغ من بر أو صاغ من شعير أو تمر أو قيمة ذلك .
وعلى ذلك ففى الحادثة موضوع السؤال نقول للسائل : 1 - إنك بالنسبة للموضوع الأول تكون من أصحاب الأعذار فيجب عليك شرعا أن تتوضأ لوقت كل صلاة، فإذا توضأت لصلاة الظهر مثلا فإنك تصلى الظهر بهذا الوضوء وبعد صلاة الظهر لك أن تصلى ما تشاء من الفرائض والنوافل حتى يخرج وقت الظهر فيبطل وضوؤك هذا بخروجه ثم تتوضأ لوقت العصر وهكذا، وما يخرج منك من نزيف نتيجة هذا المرض لا ينقض وضوءك ولا يبطل صلاتك لقيام العذر على الوجه السابق بيانه .
2 - ونقول له بالنسبة للموضوع الثانى يحل لك شرعا وحالتك هذه الإفطار فى رمضان ويجب عليك قضاء ما أفطرته إن قدرت على ذلك .
وإن كان ضعفك مستمرا وجبت عليك الفدية على الوجه السابق بيانه .
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/124)
صوم أصحاب الحرف
F محمد خاطر .
رمضان 1398 هجرية - 28 اغسطس 1978 م
M 1 - أباح الفقهاء لصاحب الحرفة الشاقة الذى ليس عنده ما يكفيه وعياله الفطر وعليه القضاء فى أوقات لا توجد فيها هذه الضرورة .
2 - إن لازمته هذه الضرورة إلى أن مات لم يلزمه القضاء ولم يجب عليه الإيصاء بالفدية .
3 - إن اعتقد أو غلب على ظنه عدم زوال العذر فى يوم من الأيام أخذ حكم الشيخ الفانى ووجبت عليه الفدية أو القيمة .
4 - إذا زال عنه العذر وجب عليه شرعا القضاء
Q من السيد / ع ع م المصرى المقيم بالعراق بطلبه المتضمن أن السائل شاب مصرى يعمل فى بغداد بالعراق، وعندما حل شهر رمضان الماضى نوى الصيام ولم يستطع أن يصوم فى أول يوم إلا لغاية الساعة العاشرة صباحا حيث درجة الحرارة مرتفعة جدا هناك، وظروف عمله تحتم عليه أن يكون أمام درجة حرارة ( 245 ) درجة وحاول أن يكمل اليوم الأول فلم يستطع كما لم يستطع أن يصوم أى يوم منه بعد ذلك، لأن ظروف عمله والجو الحار الشديد الذى لم يتعود عليه كل هذه العوامل لا تمكنه من صيام شهر رمضان .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع، وهل يحل له الإفطار شرعا أم لا وفى حالة إفطاره هل يجب عليه القضاء فقط أم القضاء والكفارة أم الكفارة فقط وفى حالة وجوب الكفارة هل يمكن أن يقوم بها أهله فى مصر، أم يقوم هو بإخراج مبلغ من المال للفقراء والمساكين فى محل إقامته وعمله، وماذا يدفع عن اليوم الواحد
An المقرر فى فقه الحنفية أن الصحيح المقيم إذا اضطر للعمل فى شهر رمضان وغلب على ظنه بأمارة أو تجربة أو إخبار طبيب حاذق مسلم مأمون أن صومه يفضى إلى هلاكه أو إصابته بمرض فى جسمه، أو يؤدى إلى ضعفه عن أداء عمله الذى لا بد له منه لكسب نفقته ونفقة عياله فإن فى هذه الحالة يباح له الفطر أخذا بما استظهره ابن عابدين من إباحة الفطر للمحترف الذى ليس عنده ما يكفيه وعياله .
وما نص عليه الفقهاء من إباحة الفطر للخباز ونحوه من أرباب الحرف الشاقة والواجب على هؤلاء العمال إذا أفطروا مع هذه الضرورة أن يقضوا ما أفطروه من رمضان فى أوقات أخرى لا توجد فيها هذه الضرورة عندهم، فإن لازمتهم هذه الضرورة إلى أن ماتوا لم يلزمهم القضاء ولم يجب عليهم الإيصاء بالفدية .
وتطبيقا لذلك ففى الحادثة موضوع السؤال يجوز شرعا للسائل أن يفطر فى رمضان لعدم استطاعته الصوم لأنه يعتبر من أصحاب الحرف الشاقة الذين أباح لهم الفقهاء الإفطار، ويجب عليه شرعا قضاء ما أفطره من رمضان فى أوقات أخرى لا توجد فيها هذه الضرورة عنده، فإن لازمته هذه الضرورة إلى أن مات لم يلزمه القضاء، ولم يجب عليه الإيصاء بالفدية لأن وجوب الإيصاء فرع وجوب القضاء ولم يجب عليه القضاء فى هذه الحالة .
وإن اعتقد السائل أو غلب على ظنه أنه لن يزول عنه هذا العذر فى يوم من الأيام فإنه فى هذه الحالة يأخذ حكم الشيخ الفانى وتجب عليه الفدية وهى أن يطعم فقيرا عن كل يوم يفطره كالفطرة بأن يملكه نصف صاغ من بر أو صاغ من شعير أو تمر أو قيمة ذلك عند الحنفية، ويقوم بالإطعام أو إخراج القيمة بنفسه أو ينيب عنه من يقوم بذلك، فإذا زال عنه العذر بأن عاد إلى العمل فى جو يمكنه فيه الصيام وجب عليه شرعا أن يقضى ما أفطره .
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/125)
صوم مريض القلب
F جاد الحق على جاد الحق .
11 فبراير 1979 م
M 1 - مريض القلب أو أى مرض آخر عليه أن يستنير برأى الطب فيما إذا كان الصوم يضره أو يستطيعه دون ضرر .
2 - المريض الذى يرجى برؤه يقضى أيام فطرة، أما أن كان مرضه مزمنا ولا أمل فى البرء منه فيطعم عن كل يوم مسكينا
Q هل يصوم مريض القلب
An صوم شهر رمضان من أركان الإسلام .
قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .
أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } البقرة 183، 184، وقال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ( بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج ) ولا خلاف بين المسلمين فى فرض صوم شهر رمضان ووجوب الصوم على المسلم البالغ العاقل المطيق للصوم .
وقد وردت الأخبار والأحاديث الصحاح والحسان فى فضل الصوم بأنه عظيم وثوابه كبير من هذا ما ثبت فى الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال مخبرا عن ربه ( يقول الله تعالى كل عمل ابن آدم إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به ) وقد فضل الصوم على باقى العبادات بأمرين أولهما أن الصوم يمنع من ملاذ النفس وشهواتنا ما لا يمنع منه سائر العبادات والأمر الآخر أن الصوم سر بين الإنسان المسلم وربه لا يطلع عليه سواه ، فلذلك صار مختصا به أما غيره من العبادات فظاهر، ربما يداخله الرياء والتصنع .
والعبادات فى الإسلام مقصود منها تهذيب المسلم وإصلاح شأنه فى الدين والدنيا .
ومع أوامر الله تعالى ونواهيه جاءت رحمته بعباده إذا طرأ على المسلم ما يعوقه عن تنفيذ عبادة من العبادات أو اضطر لمقارفة محرم من المحرمات فأباح ما حرم عند الضرورة قال تعالى { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه } البقرة 173 ، وفى عبادة صوم رمضان بعد أن أمر بصومه بقوله تعالى { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } البقرة 185 ، أتبع هذا بالترخيص بالفطر لأصحاب الأعذار .
فقال جل شأنه { ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } البقرة 185 ، كما رخص للمتضرر من استعمال الماء فى الطهارة للصلاة بالتيمم بالتراب - وللمريض فى صوم شهر رمضان حالتان - الأولى أنه يحرم عليه الصوم ويجب عليه الفطر إذا كان لا يطيق الصوم بحال أو غلب على ظنه الهلاك أو الضرر الشديد بسبب الصوم .
والحالة الأخرى أنه يستطيع الصوم لكن بضرر ومشقة شديدة، فإنه يجوز للمريض فى هذه الحالة الفطر وهو مخير فى هذا وفقا لأقوال فقهاء الحنفية والشافعية والمالكية .
وفى فقه أحمد بن حنبل أنه يسن له الفطر ويكره له الصوم .
هذا إذا كان المسلم مريضا فعلا، أما إذا كان طبيعيا وظن حصول مرض شديد له فقد قال فقهاء المالكية إن الشخص الطبيعى إذا ظن أن يلحقة من صوم شهر رمضان أذى شديد أو هلاك نفسه وجب عليه الفطر كالمريض .
وقال فقهاء الحنابلة إنه يسن له الفطر كالمريض فعلا ويكره له الصيام وقال فقهاء الحنفية إذا غلب على المسلم أن الصوم يمرضه يباح له الفطر .
أما فقهاء الشافعية فقد قالوا إذا كان الإنسان طبيعيا صحيح الجسم وظن بالصوم حصول المرض فلا يجوز له الفطر ما لم يشرع فى الصوم فعلا ويتيقن من وقوع الضرر منه .
من هذا يتضح أن المريض مرخص له فى الإفطار فى رمضان بالمعايير السابق بيانها .
وكذلك الشخص الطبيعى إذا خاف لحوق مرض به بالصيام بالتفصيل المنوه عنه فى أقوال فقهاء المذهب .
ولكن ما هو المرض الذى يوجب الفطر أو يبيحه لا جدال فى أن نص القرآن الكريم الذى رخص للمريض بالإفطار فى شهر رمضان جاء عاما لوصف المرض ولذلك اختلف أقوال العلماء فى تحديده .
فقال الكثيرون إذا كان مرضا مؤلما مؤذيا أو يخاف الصائم زيادته أو يتأخر الشفاء منه بسبب الصوم ولا شك أنه لا يدخل فى المرض المبيح للفطر المرض اليسير الذى لا يكلفه مشقة فى الصيام، ولذلك قال فريق من الفقهاء إنه لا يفطر بالمرض إلا من دعته ضرورة إلى الفطر، ومتى احتمل الضرورة بالمرض إلا من دعته ضرورة المرض إلى الفطر، ومتى احتمل الضرورة معه دون ضرر أو أذى لم يفطر، ومن هذا يمكن أن نقول إن معيار المرض الموجب أو المبيح للفطر بالتفصيل السابق معيار شخصى، أى أن المريض هو الذى يقدر مدى حاجته إلى الفطر وجوبا أو جوازا، وله بل وعليه أن يأخذ برأى طبيب مسلم متدين يتبع نصح فى لزوم الفطر أو أى مرض آخر عليه أن يستنير برأى الطب فيما إذا كان الصوم يضره أو يستطيعه دون ضرر وليعلم المسلم أن الله الذى فرض الصوم رخص له فى الفطر عند المرض وإذا أفطر المريض وكان يرجى له الشفاء قضى أيام فطره، وإن كان مرضه مزمنا لا أمل فى البرء منه أطعم عن كل يوم مسكينا، ومن الأعذار المبيحة للفطر بالنسبة للنساء الحمل والإرضاع .
ففى فقه المذهب الحنفى أنه إذا خافت الحامل أو المرضع الضرر من الصيام جاز لهما الفطر سواء كان الخوف على نفس المرضع والحامل وعلى الولد والحمل جميعا، أو كان الخوف على نفس كل منهم فقط، ويجب على الحامل والمرضع القضاء عند القدرة بدون فدية وبغير تتابع الصوم فى القضاء، ولا فرق فى المرضع من أن تكون أما أو مستأجر للإرضاع، وكذلك لا فرق بين أن تتعين للإرضاع أو لا، لأن الأم واجب عليها الإرضاع ديانة والمستأجر واجب عليها والإرضاع بحكم العقد .
وفى الفقه المالكى أن الحامل والمرضع سواء كانت هذه الأخيرة أما أو مستأجر إذا خافتا بالصوم مرضا أو زيادته سواء كان الخوف على نفس كل منها أو على الولد أو الحمل يجوز لهما الإفطار وعليهما القضاء ولا فدية على الحامل بخلاف المرضع فعليها الفدية أما إذا خافتا الهلاك أو وقوع ضرر شديد لأنفسهما أو الولد فيجب عليهما الفطر، وإنما يباح الفطر للمرضع إذا تعينت للإرضاع .
وقد أجاز فقهاء الحنابلة للحامل والمرضع الفطر إذا خافتا الضرر على أنفسهما والولد والحمل جميعا، أو خافتا على أنفسهما فقط، وعليهما فى هاتين الحالتين القضاء فقط أما إذا كان الخوف من الصوم على الولد فقط فلهما الفطر وعليهما القضاء والفدية، وأوجب فقهاء الشافعية على الحامل والمرضع الفطر فى رمضان إذا خافتا بالصوم ضررا لا يحتمل فى أنفسهما والولد جميعا أو على أنفسهما، وعليهما القضاء فقط فى الحالتين الأوليين أما فى حالة الخوف على الولد فقط فعليهما القضاء والفدية .
وبعد فإن الله قد يسر للمسلمين عبادته فقال سبحانه { فاتقوا الله ما استطعتم } التغابن 16 ، وإن الله سائل كل مسلم عن أمانة العبادة وغيرها من الأمانات حفظ أو ضيع وهو العليم بالسرائر المحاسب عليها، فليتق الله كل مسلم وليؤد ما فرض الله عليه ولا يتخلق أعذارا ليست قائمة بذات نفسه توصلا للتحليل من تأدية العبادة والله يقول الحق وهو يهدى السبيل، ويوفق للخير والحق(1/126)
الفطر فى السفر
F جاد الحق على جاد الحق .
21 سبتمبر 1979 م
M 1 - يرى فقهاء المذاهب الثلاثة عدا الحنابلة إباحة الفطر للمسافر بشرط مسافة القصر والشروع فى السفر قبل طلوع الفجر، وأنه يندب له الصوم إن لم يشق عليه، فإن شق عليه كان الفطر أفضل .
2- ويرى الشافعية إن أفطر بما يوجب القضاء فقط لزمه القضاء دون الكفارة .
وإن أفطر بما يوجب القضاء والكفارة فعليه القضاء والكفارة .
3- ويرى الحنابلة أنه يسن للمسافر الفطر ويكره له الصوم ولو لم يجد مشقة
Q اطلعنا على الطلب المقدم من السيد / ف ع ز المتضمن أنه سافر ذات يوم فى تمام الساعة السادسة صباحا من الإسكندرية إلى القاهرة وهو صائم، وأثناء سفره قرأ فى إحدى الجرائد عن الإفطار أثناء السفر، وأنه منة من الله وحرصا منه على أن ينال الأجر والثواب فقد أفطر ابتغاء مرضاة الله وبعد عودته من سفره بدا له أثناء مطالعته لبعض المراجع الدينية إتضح أنه يشترط للإفطار أثناء السفر ألا تقل المسافة عن 80 كيلو وأن يبدأ السفر قبل صلاة الفجر ،وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى ذلك
An يرى فقهاء المذاهب الثلاثة - عدا الحنابلة - أنه يباح الفطر للمسافر بشرطين : أولا - أن يكون السفر مسافة تبيح القصر وهى أكثر من 81 وأحد وثمانين كيلو .
ثانيا - أن يشرع فى السفر قبل طلوع الفجر .
ويرى هؤلاء الأئمة أنه يندب للمسافر الصوم إن لم يشق عليه لقوله تعالى { وأن تصوموا خير لكم } البقرة 184 ، فإن شق عليه كان الفطر أفضل، فلو أفطر فعليه القضاء فقط عند فقهاء الحنفية والمالكية، ويرى الشافعية أنه إذا أفطر بما يوجب القضاء فقط لزمه القضاء دون الكفارة أما لو أفطر بما يوجب القضاء والكفارة فعليه القضاء والكفارة .
أما فقهاء الحنابلة فيقولون إنه يسن للمسافر الفطر ويكره له الصوم ولو لم يجد مشقة لقول النبى صلى الله عليه وسلم ( ليس من البر الصيام فى السفر ) وإذا كان حال السائل وفطره مطابقا للرأى فى فقه الإمام أحمد ابن حنبل فنرجو ألا يأثم بفطره .
وعليه قضاء اليوم الذى أفطره فقط ولا كفارة عليه .
هذا والأولى مستقبلا الصوم امتثالا لقول الله سبحانه { وأن تصوموا خير لكم } والله سبحانه وتعالى أعلم(1/127)
العمل فى نهار رمضان غير مانع من الصيام
F جاد الحق على جاد الحق .
10 رمضان 1400 هجرية - 22 يولية 1980 م
Mالصيام لا يتعارض مع العمل فكلاهما عبادة .
فإذا تعذر العمل مع الصوم وجب تقديم العمل باعتباره وسيلة لحفظ الحياة
Q اطلعنا على السؤال المقيد برقم 213 لسنة 1980 الموجه من الأستاذ / أ .
ر بجريدة الأخبار الصادرة يوم الأثنين 9 رمضان 1400 هجرية - 21/ 7 / 1980 ونصه هل يجوز فى شهر رمضان المعظم أن تعمل لجنة تقدير الإيجارات
An إن صوم شهر رمضان فرض على كل بالغ عاقل من المسلمين والمسلمات قال تعالى { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } البقرة 185 ، وهذا الصوم لا يستتبع تعطيل العمل أو إهماله، فالمسلمون منذ فرض الصوم عليهم يعملون وهم صائمون، بل كانوا يحاربون وهم صائمون .
ولأهمية العمل فى الإسلام أبيح الفطر لأصحاب الأعمال الشاقة المضطرين لمزاولتها نهارا ولا مورد لهم سواها، وتعرضوا بسبب الصوم مع العمل لمظنة حصول المرض أو الضعف المعجز عن مباشرة العمل الذى يحصل منه قوته ومن تلزمه نفقته .
ومن ثم كان العمل عبادة كالصوم، وإذا تعذر العمل مع الصوم وجب تقديم العمل باعتباره وسيلة لحفظ الحياة .
والله أعلم(1/128)
صيام المجهد جسميا أو ذهنيا
F جاد الحق على جاد الحق .
محرم 1401 هجرية - 15 نوفمبر 1980 م
M 1 - من لا تمكنه حالته من الاستمرار فى صوم شهر رمضان بسبب جهد جسدى أو ذهنى .
عليه مجاهدة نفسه وترويضها على الصوم . فإن عجز أو ترتب على الصوم خلل فى دراسته أو تعطيل لها كان عليه قضاء ما يفطر إن كان عجزه مؤقتا .
2- إن كان عجزه ذاتيا مستمرا فعليه الفدية، فإن لم يستطع أداءها فورا كانت دينا فى ذمته يؤديها وقت استطاعته .
3- للمسلم التمتع بأموال زوجته المسيحية والانتفاع بها ما دامت قد أحلتها له .
واختلاط هذه الأموال بالربا اختلاطا لايمكن الفصل بينهما يجعلها مباحة ضرورة .
4- له أن يأكل لحوم ذبائح أهل الكتاب ومنهم المسيحيون مع التسمية عند ابتداء الأكل مالم يتأكد أنها ذبحت بطريقة تجعلها ميتة .
5- ترك المسلم أداء الصلاة فى مواقيتها لأنه عجز عن صوم كل شهر رمضان خطأ فى الدين، وعليه أداء ما استطاع من العبادات وإلا كان تاركا للصلاة بدون عذر واستحق عقاب الله ، ولعل فى مداومته على الصلاة إعانة على التوفيق فى الطاعات الأخرى
Q بالطلب الوارد من إيطاليا من السيد / م م ج وخلاصته : أولا - أن السائل مسلم يدرس الطب ولا يتحمل الصوم، ولقد صام 12 يوما من شهر رمضان الماضى، ثم لم يستطع إكماله حيث لا يتحمل الصوم إلا لوقت الظهر، وبعد هذا يشعر بدوخة وآلام وشدة على البطن ويشعر بتعب شديد وإرهاق من الدراسة .
وأنه يعلم أن الذى لا يقدر على الصوم تجب عليه الفدية ، وأنه لا يقدر على هذه الفدية لأنه يعيش على الصدقة .
ثانيا - أنه متزوج بمسيحية تتولى الإنفاق عليه من مرتبها .
ومن مالها المودع فى البنك بفائدة .
ثالثا - أنه يأكل لحما مذبوحا بغير ذبح المسلمين ولا يستطع الاستغناء فى طعامه عن اللحم .
رابعا - أنه ترك الصلاة فى رمضان خجلا من الله لفطره .
وطلب فى الختام بيان رأى الدين فى كل ذلك
An عن السؤال الأول قال الله سبحانه وتعالى فى آيات الصوم { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون } البقرة 184 ، وفى الآية الأخيرة من هذه السورة قوله تعالى { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } .
ومن هذا نرى أن الإسلام دين السماحة واليسر، لا يكلف الانسان إلا بما يطيقه، فمن كان مريضا مرضا يرجى الشفاء منه، أبيح له الفطر ومتى شفى من مرضه صام ما أفطر من أيام شهر رمضان، وإن عجز عن الصوم لمرض لا يرجى منه الشفاء أو لضعف جسدى، أو بسبب تقدم السن كأن كان يقدر بمشقة بالغة، أبيح له الفطر ووجبت عليه الفدية، وهى إطعام مسكين عن كل يوم يفطره من شهر رمضان لما كان ذلك فإذا كانت حالة السائل لا تمكنه من الاستمرار فى صوم شهر رمضان بسبب جهد جسدى أو ذهنى يبذله كان عليه أن يجاهد نفسه ويروضها على الصوم بقدر استطاعته، فإن عجز أو ترتب على الصوم خلل فى دراسته أو تعطيل لها كان عليه الفطر، وهو فى مستقبل عمره عليه قضاء هذه الأيام التى يفطر فيها من شهر رمضان، إن كان عجزه على ضعف مؤقت طارىء بسبب العمل أو الدراسة أو المرض، وإن كان عجزه ذاتيا مستمرا كانت عليه الفدية ، فإذا لم يستطع أداءها فورا كانت دينا فى ذمته يحصيها ليؤديها وقت استطاعته واستعن بالله ولا تعجز، وغالب النفس والشيطان واعصهما، لأن الله يعلم السر وأخفى فهو العليم بحالك وقدرتك، وإذا أعسرت الآن بالفدية وفرج الله كربتك ووسع فى رزقك فأد ما تراكم فى ذمتك من حقوق الله { سيجعل الله بعد عسر يسرا } الطلاق 7 ، عن السؤالين الثانى والثالث إن زواج المسلم بامرأة مسيحية وأكل طعامهم وذبائحهم جائز بنص القرآن الكريم فى قوله تعالى { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان } المائدة 5 ، وفى الحديث الشريف الذى رواه البخارى والنسائى وابن ماجه كما جاء فى نيل الأوطار ج 8 ص 139 عن عائشة ( أن قوما قالوا يارسول الله إن قوما يأتوننا باللحم لا ندرى أذكر اسم الله عليه أم لا - فقال سموا عليه أنتم وكلوا ) .
وفى هذا الدليل الواضح على حل طعام أهل الكتاب وذبائحهم، وأن على المسلم احتياطا فى الدين أن يذكر اسم الله حين ابتداء الأكل كأمر الرسول صلى الله عليه وسلم فى هذا الحديث، وهذا ما لم يتأكد المسلم من أن ذبح غير المسلم وقع بالخنق وغيره من الطرق التى تجعل الذبيحة ميتة .
لما كان ذلك كان للسائل التمتع بأموال زوجته المسيحية ما دامت قد أحلتها له وأباحت له الانتفاع منها، لأنه على ما يبدو من السؤال ليست كل أموالها وإنما هى مختلطة، والأموال التى اختلط فيه الحلال والحرام بحيث لا يمكن الفصل بينهما تصير مباحة ضرورة ( حاشية رد المحتار لابن عابدين ج 4 ص 137 فى كتاب البيوع ) وكان له أيضا أكل لحوم ذبائح أهل الكتاب ومنهم المسيحيون مع التسمية عند ابتداء الأكل اخذا بنص ذلك الحديث الشريف .
عن السؤال الرابع إن الله فرض فرائض متنوعة لكل منها أوقاتها وشروطها، وهى فى مجموعها أسس الإسلام، فإذا حال عذر دون أداء واحد منها فورا لم يكن ذلك مدعاة للامتناع عن أداء باقى الفرائض، يدل لذلك قول الله سبحانه { فاتقوا الله ما استطعتم } التغابن 16 ، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سنن ابن ماجه ج 1 ص 4، 5 ونصه عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ذرونى ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشىء فخذوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شىء فانتهوا ) .
وإذا كان ذلك كان ترك السائل أداء الصلوات فى مواقيتها لأنه عجز عن صوم كل شهر رمضان خطأ فى الدين، وعليه أن يؤدى من العبادات ما استطاع وإلا كان تاركا للصلاة بدون عزر واستحق عقاب الله .
ولعله إن داوم على الصلاة وحافظ عليها أعانه الله ووفقه إلى الطاعات والفروض الأخرى كالصوم قال تعالى { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } العنكبوت 45 ، والله سبحانه وتعالى أعلم(1/129)
الافطار بدون عذر فى نهار رمضان
F جاد الحق على جاد الحق .
2 شعبان 1401 هجرية - 22 يونية 1981 م
M 1 - من أنكر ماثبتت فرضيته - كالصلاة والصوم .
أو حرمته، كالقتل والزنا - بنص شرعى قطعى فهو خارج عن ربقة الإسلام .
2 - الشاب الذى أفطر فى نهار رمضان عمدا من غير عذر شرعى إن كان جاحدا لفريضة الصوم منكرا لها كان مرتدا عن الإسلام .
وإلا كان مسلما عاصيا فاسقا يستحق العقاب شرعا .
3 - يجب عليه قضاء ما فاته من الصوم باتفاق فقهاء المذاهب، وليس عليه كفارة فى حالة عدم الجحود، وذلك فى فقه الإمام أحمد بن حنبل وقول للإمام الشافعى .
4 - يقضى فقه الإمامين أبى حنيفة ومالك وقول فى فقه الإمام الشافعى بوجوب الكفارة عليه إذا ابتلع ما يتغذى به من طعام أو دواء .
وهو الذى مالت إليه الفتوى . 5 - كفارة الفطر عمدا فى صوم شهر رمضان هى تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا
Q بالطلب المقدم من السيد / أ ع أ الذى يطلب فيه إفادته عن الحكم الشرعى لشاب فى الخامسة والعشرين من عمره وليس عنده عذر شرعى من مرض أو سفر أفطر عدة أيام فى شهر رمضان المعظم .
فهل تجب عليه كفارة أم لا
An أجمع المسلمون على أن من أنكر ما ثبتت فرضيته - كالصلاة والصوم ، أو حرمته كالقتل والزنا - بنص شرعى قطعى فى ثبوته عن الله تعالى وفى دلالته على الحكم وتناقله جميع المسلمين كان خارجا عن ربقة الإسلام لا تجرى عليه أحكامه ولا يعتبر من أهله .
قال ابن تيمية فى مختصر فتاويه ( ومن جحد وجوب بعض الواجبات الظاهرة المتواترة كالصلاة ، أو جحد تحريم المحرمات الظاهرة المتواترة كالفواحش والظلم والخمر والزنا والربا .
أو جحد حل بعض المباحات المتواترة كالخبز واللحم والنكاح فهو كافر ) لما كان ذلك فالشاب الذى أفطر فى نهار رمضان عمدا من غير عذر شرعى .
إذا كان جاحدا لفريضة الصوم منكرا لها كان مرتدا عن الإسلام، أما إذا أفطر فى شهر رمضان عمدا دون عذر شرعى معتقدا عدم جواز ذلك ، كان مسلما عاصيا فاسقا يستحق العقاب شرعا، ولا يخرج بذلك عن ربقة الإسلام، ويجب عليه قضاء ما فاته من الصوم باتفاق فقهاء المذاهب، وليس عليه كفارة فى هذه الحالة فى فقه الإمام أحمد بن حنبل وقول للإمام الشافعى، ويقضى فقه الإمامين أبى حنيفة ومالك، وقول فى فقه الإمام الشافعى بوجوب الكفارة عليه إذا ابتلع ما يتغذى به من طعام أو دواء أو شراب، وهذا القول هو ما نميل إلى الإفتاء به - وكفارة الفطر عمدا فى صوم شهر رمضان هى كفارة الظهار المبينة فى قوله تعالى { والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير .
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم } المجادلة 3 ، 4 ، نسأل الله لنا وللمسئول عنه قبول توبتنا وهدايتنا إلى العمل بأحكام الدين .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/130)
بعض الأعذار المبيحة للفطر فى رمضان
F جاد الحق على جاد الحق .
11 رمضان 1401 هجرية - 12 يولية 1981م
M 1 - الشيخ الكبير والمرأة العجوز والمريض الذى لا يرجى شفاؤه وأصحاب الأعمال الشاقة التى لابديل لها .
يرخص لهم فى الفطر وعليهم الفدية بشرط عدم القدرة على القضاء .
2- مريض القرحة المعدية وضغط الدم إذا زاد الصوم مرضهما حدة وثبتت خطورته على حياتهما إما بالتمرن أو برأى طبيب ثقة كانا ضمن المرخص له بالإفطار للمرض فى آيات الصوم
Q بالطلب المقدم من السيد / ج ف ف مدير عام البحوث بوزارة المالية المتضمن أنه يصوم رمضان منذ صغره وأنه بدأ يشعر بالإرهاق الزائد عن الحد منذ العام الماضى بما يفقد جسمه كل نشاط وحيوية، ويثور لأتفه الأسباب بما يؤدى إلى نزاع دائم فى البيت .
كما أنه مصاب بقرحة معدية وارتفاع فى ضغط الدم يعالج منهما باستمرار .
وطلب السائل الإفادة عما إذا كان يجوز له الإفطار طبقا لحالته المرضية هذه
An فرض الله الصيام على كل مسلم - ذكرا كان أو أنثى - بالغ عاقل قادر على الصوم مقيم غير مسافر - يقول الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .
أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون .
شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون } البقرة 183 ، 184 ، 185 ، ويقول الرسول فيما رواه البخارى ومسلم عن عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما ( بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ) .
وقد رخص الله فى الفطر للشيخ الكبير والمرأة العجوز والمريض الذى لا يرجى شفاؤه وأصحاب الأعمال الشاقة التى لا بديل لها .
وذلك إذا كان الصوم يجهد هؤلاء ويشق عليهم مشقة شديدة لا تطاق، وعليهم أن يطعموا عن كل يوم يفطرونه مسكينا .
ولما كان السائل يشكوا إصابته بقرحة معدية وارتفاع فى ضغط الدم يعالج منهما باستمرار، فإذا كانت هذه الإصابات المرضية يزيدها هذا الصوم حدة وتصير خطرا على حياة السائل وثبت ذلك إما بالتجربة أو برأى طبيب ثقة كان ضمن المرخص لهم بالإفطار للمرض فى آيات الصوم .
وإذا كانت هذه الأمراض مزمنة بحيث لا يرجى من السائل قضاء ما أفطر فيه من شهر رمضان كان عليه الفدية - وهى إطعام مسكين عن كل يوم وجبتين مشبعتين من أوسط ما يأكل السائل هو وأسرته - ويمكن له تقدير قيمة الوجبتين وإخراجهما عن كل يوم أو جملة .
هذا والله سبحانه هو الذى فرض الصوم وهو الذى رخص بالفطر لأصحاب الأعذار فليتق الله كل مسلم فيما يقدم عليه من رخص لأن الله يعلم السر وأخفى .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/131)
افطار المرأة عمدا وكفارته والحج وهى حائض
F جاد الحق على جاد الحق .
2 ربيع الأول 1402 هجرية - 28 ديسمبر 1981 م
M 1 - إفطار المرأة عمدا فى نهار رمضان موجب للقضاء والكفارة .
2 - إذا بدأت صوم الكفارة شهرين متتابعين وحاضت فى خلال ذلك كان عليها أن تفطر للعذر مدة حيضها، ثم تتابع الصوم بعد ارتفاع الحيض مباشرة حتى تتم الشهرين عددا، ولا يعتبر إفطارها للحيض قطعا للتتابع .
3 - للحائض أن تقوم بكل مناسك الحج من إحرام ووقوف بعرفة ورمى جمار وغير ذلك إلا الطواف بالبيت للزوم الطهارة قبلة .
4 - إذا اضطرت إلى السفر مع الرفاق وكانت حائضا يجوز لها أن تطوف طواف الإفاضة بعد أن تعصب مكان نزول الدم، أو تنيب عنها فى ذلك من يطوف عنها بشرط أن يطوف هو عن نفسه أولا
Q بالطلب المقدم من السيدة / ى ح ى - الذى تطلب فيه بيان الحكم الشرعى فى الآتى أولا تقول إن من أفطر فى نهارا رمضان عامدا متعمدا عليه القضاء والكفارة فإذا تعينت الكفارة بالصيام، فتكون بصيام ستين يوما متتابعة .
فكيف تصوم المرأة هذه الكفارة مع العلم بأن الدورة الشهرية تأتيها كل اثنين وعشرين يوما فلا يمكنها أن تصوم ستين يوما متتابعة .
ثانيا تقول نعلم أن الحج عرفة .
فما الحكم إذا وقفت المرأة بعرفة فنزل عليها دم الحيض وما حكم حجها
An إن الحائض والنفاس أمر خلقى، كتبه الله على بنات آدم وحواء ومن أجل هذا اختصهن الإسلام بأحكام خاصة فى الصلاة والصوم والحج .
وفى حديث السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها الذى رواه أصحاب السنن أنها قالت ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج حتى جئنا سرف، فطمثت، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أبكى ، فقال مالك لعلك نفست، فقالت نعم ، قال هذا شئ كتبه الله على بنات آدم ، افعلى ما يفعل الحاج غير ألا تطوفى بالبيت حتى تطهرى ) وفى صحيح مسلم فى رواية ( فاقضى ما يقضى الحاج، غير ألا تطوفى بالبيت حتى تغتسلى ) .
لما كان ذلك فإنه عن السؤال الأول إذا أفطرت المرأة عمدا فى نهار رمضان وجب عليها قضاء اليوم أو الأيام التى تعمدت الإفطار فيها دون عذر شرعى، ووجبت عليها الكفارة، فإذا بدأت صوم الكفارة شهرين متتابعين، وحاضت فى خلالهما كان عليها أن تفطر مدة نزول الحيض، وتتابع الصوم بعد ارتفاعه حتى تتم الشهرين عددا، ولا يعتبر إفطارها فى خلال صوم مدة الكفارة قطعا لها، لأن الحيض عذر شرعى فلا يفسد به تتابع الصوم فى الكفارة .
وعن السؤال الثانى فإن الحديث الشريف الذى روته السيدة عائشة صريح فى أن للمرأة أن تقوم بكل مناسك الحج من الإحرام والوقوف بعرفة ورمى الجمار وغير هذا وهى حائض، غير أنها لا تطوف بالبيت للزوم الطهارة، فإذا اضطرت للسفر مع الرفاق وكانت حائضا، كان لها أن تطوف طواف الإفاضة بعد أن تعصب مكان نزول الدم حتى لا ينزل منها الدم فى الطواف حول البيت وفى المسجد أو تندب من يطوف عنها ما اخترناه فى الفتوى رقم 5 / 117 بتاريخ 15 / 12 / 1981 .
وبذلك يكون وقوف المرأة الحائضة بعرفات صحيحا مؤدية به الركن الأعظم فى الحج، ويكون حجها صحيحا إذا أتمت باقى المناسك على وجهها المطلوب شرعا .
د والله سبحانه وتعالى أعلم(1/132)
بدء الصيام وانتهاؤه فى النرويج
F جاد الحق على جاد الحق .
9 ربيع الأول 1402 هجرية - 3 يناير 19982 م
M 1 - سنة الله فى التكاليف ترد على غالب الأحوال دون التعرض لبيان حكم ما يخرج على هذا الغالب، وفى كل تكليف تخفيضات من الله ورحمة .
2 - الخطاب بفرض الصوم موجه إلى المسلمين أيا كانت مواقعهم على أرض الله ، دون تفرقه فى أصل الفريضة بين جهة يطول ليلها أو يستمر الليل أو النهار دائما .
3 - المسلمون المقيمون فى البلاد التى يطول النهار ويقصر الليل مخيرون بين أمرين (أ) اتخاذ مكة والمدينة معيار للصوم، فيصومون قدر الساعات التى يصومها المسلمون فى واحدة من هاتين المدينتين .
(ب) حساب وقت الصوم باعتبار زمنه فى أقرب البلاد اعتدالا إليهم فإن تعذرت المعرفة بالحساب يؤخذ بالساعات التى يصومها المسلمون فى مكة والمدينة .
4- يبدأ الصوم من طلوع الفجر الصادق حسب موقعهم على الأرض دون نظر أو اعتداد بمقدار ساعات الليل أو النهار، ودون توقف فى الفطر على غروب الشمس أو اختفاء ضوئها بدخول الليل فعلا
Q من السيد السفير مدير إدارة العلاقات الثقافية - وزارة الخارجية قال إن سفارتنا فى أوسلو أرسلت برقية بتساؤلات عن أحكام الصيام فى النرويج، باعتبارها بلدا له نظامه الجغرافى الخاص من ناحية استمرار ضوء النهار طوال الأربع والعشرين ساعة تقريبا .
وقد أرفقت ترجمة لصورة هذا الكتاب تخلص فى الآتى إنه بمناسبة حلول شهر رمضان على الأمة الإسلامية فإن الجالية الإسلامية فى النرويج فى حاجة إلى أن تعرف - بقدر الإمكان - القواعد التى تتحكم فى الآتى : 1 - إذا كانت بداية كل من الشهر المقدس وعيد الفطر محددة على أساس التقويم .
2- قدر مدة الصيام اليومى، آخذا فى الاعتبار ظروف الأحوال الخاصة للنرويج وضوء النهار الذى يمتد تقريبا كل الأربع والعشرين ساعة خلال فترة الصيف
An إن الله سبحانه قال { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .
أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون .
شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } البقرة 183 - 185 ، بهذه الآيات فرض الله سبحانه وتعالى صوم شهر رمضان على المسلمين فهو خطاب تكليفى عام موجه إلى كل المسلمين فى كل زمان ومكان ولم يقصد الإسلام بتكاليفه للناس عنتا ولا إرهاقا ولا مشقة، بل قال الله سبحانه { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } البقرة 286 ، { وما جعل عليكم فى الدين من حرج } الحج 78 ، ومن تيسير الله على عباده أنه حرم بعض المطعومات، ومع هذا رخص لمن أشرف على الهلاك أو خاف الضرر بجوع أو عطش، أن يأكل أو يشرب مما حرمه الله بقدر ما يحفظ عليه حياته .
قال تعالى { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم } البقرة 173 ، بل إن الله أوجب دفع هذا الضرر بالأكل من المحرم حفظا للحياة، وإذا ما أوغل المسلم فى التدين فى هذه الحال والتزم باجتناب المحرم، ولم يأكل أو يشرب حتى مرض أو مات بهذا السبب كان آثما، لأن الله الذى حرم هو الذى أباح حفظا للنفس قال تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } البقرة 195 ، وكذلك رخص لمن يتضرر أو يخاف الضرر باستعمال الماء فى طهارة الصلاة أن يتيمم صعيدا طيبا وهكذا نجد فى كل تكليف تخفيضات من الله رحمة ورفقا .
وكان صوم رمضان على هذه السنة الرحيمة، فهو على كل مقيم صحيح قادر عليه دون ضرر فى بدنه أو كسبه، وأبيح للمريض والمسافر الإفطار مع وجوب القضاء ورخص فى الإطار دون قضاء لمن يشق عليه الصوم لسبب لا يرجى زواله، ومنه ضعف الشيخوخة والمرض المزمن والعمل الشاق المستمر طوال العام دون بديل له، على أن يؤدى فدية هى الإطعام عن كل يوم طوال العام مسكينا واحدا بما يشبعه فى وجبتين طعاما متوسطا، وهى مسألة أمانة ومراقبة لله سبحانه الذى يعلم السر وأخفى .
وقد جرت سنة الله فى التكاليف أن ترد على غالب الأحوال، دون أن تتعرض لبيان حكم ما يخرج على هذا الغالب .
وحين فرض الله سبحانه صوم شهر رمضان، بين أيضا بدء الصوم ونهايته يوميا فقال تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } البقرة 187 ، حيث جعل الله سبحانه فى هذه الآية الليل وقتا للأكل والشرب واتصال الزوجين، وجعل النهار وقتا للصيام، وبين أحكام الزمانين ( الليل والنهار ) وغاير بينهما بفواصل ينتهى إليها كل منهما حيث يبدأ الآخر فى أغلب الأحوال والأوقات ، وبهذه العبارة من الآية الكريمة نحدد النهار المفروض صومه وهو من طلوع الفجر الصادق بظهور النور المستطير فى الأفق إلى دخول الليل بغروب الشمس، كما فسره الرسول صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه الشيخان ( رواه الشيخان فى كتاب الصوم } عن عمر رضى الله عنه أنه قال ( إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم ..) ورمضان شهر قمرى له بدء وغاية قمرية وفقا للحديث الشريف ( منتقى الأخبار وشرحه نيل الأوطار للشوكاتى ج 4 ص 189 كتاب الصيام ) ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين يوما ..) وإذا كان الصوم موقوتا هكذا بالشهر وباليوم وكان الخطاب بفرضه موجها إلى المسلمين أيا كانت مواقعهم على أرض الله، دون تفرقة وجب على الجميع صومه، متى تحققت فيهم شروطه التى بينها الله سبحانه فى آيات الصوم ( من الآيات 183، 184، 185، 187 من سورة البقرة ) وأوضحها رسوله صلى الله عليه وسلم فى أحاديثه وعمله وتقريره .
ولما ظهر بعد عصر الرسالة أن على الأرض جهات يطول فيها النهار حتى لا يكون ليلها إلا جزء يسيرا، أو يطول الليل نصف العام بينما يستمر النهار النصف الآخر، وجهات أخرى على العكس من ذلك - لما ظهر هذا - اختلف الفقهاء فى مواقيت العبادات فى تلك البلاد وهل تتوقف على وجود العلامات الشرعية أو يقدر ويحسب لها ففى الفقه الحنفى فى شأن الصلاة بأنه إذا فقد الوقت، كما فى بعض البلاد التى يطلع فيها الفجر قبل غروب الشفق يقدر له، ومعنى التقدير، أنه إذا طلع الفجر قبل غروب الشفق يكون وقت العشاء قد مضى حيث طلع الفجر من قبل غروب الشفق، فيعتبر أن وقتها قد وجد تقديرا، كما فى أيام الدجال، ويحتمل أن المراد بالتقدير، هو ما قاله الفقهاء الشافعيون من أنه يكون وقت العشاء فى حقهم بقدر هو ما قاله الفقهاء فى أقرب البلاد إليهم .
ثم ثار الجدل بين فقهاء هذا المذهب فيما إذا كان تقدير الوقت الاعتبارى الذى تؤدى فيه الصلاة التى لم توجد الدلائل الشرعية على دخوله يكون أداء للصلاة فى وقتها أو قضاء باعتبارها فائتة .
وأفاض فى نقل أقوالهم ونقاشها العلامة ابن عابدين فى حاشيته ( ج - 1 ص 374 إلى ص 279 عند بيان وقت العشاء، وفتح القدير على الهداية ج- 1 ص 156 فى ذات الموضع ،وحاشية الطهطاوى على الدار المختار ج- 1 ص 175 - 177 ) رد المحتار على الدار المختار فى كتاب الصلاة .
ثم قال فى شأن الصوم لم أر من تعرض عندنا لحكم صومهم فيما إذا كان يطلع الفجر عندهم كما تغيب الشمس أو بعده بزمان لا يقدر فيه الصائم على أكل ما يقيم بنيته، ولا يمكن أن يقال بوجوب موالاة الصوم عليهم لأنه يؤدى إلى الهلاك، فإن قلنا فبوجوب الصوم، يلزم القول بالتقدير، وهل يقدر لهم بأقرب البلاد إليهم كما قال الشافعيون هنا أيضا أم يقدر لهم بما يسع الأكل والشرب أم يجب عليهم القضاء فقط دون الأداء كل محتمل .
ولا يمكن القول بعدم وجوب الصوم عليهم أصلا، لأن الصوم قد وجد سببه، وهو شهود جزء من الشهر وطلوع فجر كل يوم .
وفى مراقى الفلاح شرح نور الإيضاح ( ص 96 ) وحاشية الطهطاوى من كتب هذا المذهب .
ومن لم يجد وقتهما أى العشاء والوتر لم يجبا عليه، لعدم وجود الوقت، كالبلاد التى يطلع فيها الفجر قبل مغيب الشفق وليس مثل اليوم الذى كسنة من أيام الدجال، للأمر فيه بتقدير الأوقات، وكذا الآجال فى البيع والإجازة والصوم والحج والعدة، حيث ينظر ابتداء اليوم فيقدر كل فصل من الفصول الأربعة بحسب ما يكون لكل يوم من الزيادة والنقص كما فى كتب الشافعية وقواعد المذهب لا تأباه وأضاف فى حاشيته ( ص 175 - 177 عند بيان وقت العشاء ) على الدر المختار فى ذات الموضوع قوله ونحن نقول بمثله، إذا أصل التقدير مقول به إجماعا فى الصلوات .
وفى فقه الإمام مالك قال الحطاب فى التنبيه الخامس ( كتاب شرح مواهب الجليل على مختصر خليل ج - 1 ص 288 مع التاج والأكليل للمواق ط .
أولى دار السعادة ) عند مقيمات الظهر ورد فى صحيح مسلم أن مدة الدجال أربعون يوما، وأن فيها يوما كسنة ويوما كشهر ويوما كجمعة، وسائر أيامه كأيامنا، فقال الصحابة يا رسول الله فذاك اليوم الذى كسنة أيكفينا فيه صلاة قال .
لا اقدروا له قدره . قال القاضى عياض هذا حكم مخصوص بذلك اليوم شرعه لنا صاحب الشرع .
ثم قال ونقله عنه النووى وقبله وقال بعده ومعنى اقدروا له قدره أنه إذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينه وبين ظهر كل يوم فصلوا الظهر، ثم إذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر فصلوا العصر، وهكذا .
ثم نقل عن القرافى أن إمام الحرمين قال لا تصلى العشاء حتى يغيب الشفق ، ولا يكون قضاء لبقاء وقتها ويتحرى بصلاة الصبح فجر من يليهم من البلاد ولا يعتبر الفجر الذى لهم .
وفى فقه الإمام أحمد بن حنبل جاء فى كتاب مختصر الدرر ( المختصر لبدر الدين البعلى الحنبلى لفتاوى تقى الدين بن تيمية الحنبلى ص 38، 39 ط .
محمد حامد الفقى 1368 هجرية - 1949 م ) المضيئة من الفتاوى المصرية فى كتاب الصلاة والمواقيت التى علمها جبريل عليه السلام للنبى صلى الله عليه وسلم وعلمها النبى صلى الله عليه وسلم لأمته، حين بين مواقيت الصلاة، وهى التى ذكرها العلماء فى كتبهم، هى فى الأيام المعتادة، فأما ذلك اليوم الذى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يوم كسنة ) قال ( اقدروا له قدره ) فله حكم آخر ثم قال والمقصود أن ذلك اليوم لا يكون وقت العصر فيه إذا صار ظل كل شىء لامثله ولا مثليه، بل يكون أول يوم قبل هذا الوقت شىء كثير، فكما أن وقت الظهر والعصر ذلك اليوم، هما قبل الزوال، كذلك صلاة المغرب والعشاء قبل الغروب، وكذلك صلاة الفجر فيه تكون بقدر الأوقات فى الأيام المعتادة، ولا ينظر فيها إلى حركة الشمس، لا بزوال ولا بغروب ولا مغيب شفق ونحو ذلك وهكذا وقول الصحابة رضى الله عنهم ( يا رسول الله أرأيت اليوم كالسنة أيكفينا فيه صلاة يوم فقال لا .
ولكن اقدروا له .
أرادوا اليوم والليلة . وفى كشاف القناع للبهوتى ( ج - 1 ص 233 و 234 آخر باب شروط الصلاة ط .
أنصار السنة المحمدية 1366 هجرية - 1947 م ) على متن الإقناع للحجاوى قال ومن أيام الدجال ثلاثة أيام طوال، يوم كسنة، فيصلى فيه صلاة سنة وكذا الصوم، والزكاة والحج، ويوم كشهر، فيصلى فيه صلاة شهر ويوم كجمعة، فيصلى فيه صلاة جمعة فيقدر للصلاة فى تلك الأيام بيقدر ما كان فى الأيام المعتادة لا أنه للظهر مثلا بالزوال وانتصاف النهار، ولا للعصر بمصير ظل الشىء مثله، بل يقدر الوقت بزمن يساوى الزمن الذى كان فى الأيام المعتادة، أشار إلى ذلك الشيخ تقى الدين فى الفتاوى المصرية، والليلة فى ذلك كاليوم، فإذا كان الطول يحصل فى الليل، كان الصلاة فى الليل ما يكون فى النهار .
وفى كتب فقه المذهب الشافعى .
جاء فى كتاب المجموع للنووى ( ج - 3 ص 47 مع فتح العزيز شرح الوجيز للرافعى، والتلخيص الجيد بتخريج أحاديث الرافعى الكبير لابن حجر العسقلانى ط .
الطباعة المنيرية بالقاهرة ) شرح المهذب للشيرازى فى مواقيت الصلاة .
فرع ثبت فى صحيح مسلم عن النواس بن سمعان رضى الله عنه قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال، قلنا يا رسول الله وما لبثه قال أربعون يوما يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم قلنا يارسول الله فذلك اليوم الذى كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال لا .
اقدروا له قدره ثم قال النووى .
فهذه مسألة سيحتاج إليها نبهت عليها ليعلم حكمها بنص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح وبالله التوفيق .
وفى تحفة ( ج - 1 فى أوقات الصلاة بالصحف من 419 إلى 425 ) المحتاج بشرح المنهاج لابن حجر الهيثمى وحاشيتى الشروانى والعبادى عليها فى مواضع متفرقة أنه أو عدم وقت العشاء، كأن طلع الفجر كما غربت الشمس وجب قضاؤها على الأوجه مع اختلاف فيه بين المتأخرين، ولو لم تغب إلا بقدر ما بين العشاءين، فأطلق الشيخ أبو حامد أنه يعتبر حالهم بأقرب بلد يليهم، وفرع عليه الزركشى وابن العماد أنهم يقدرون فى الصوم ليلهم بأقرب بلد إليهم، ثم يمسكون إلى الغروب بأقرب بلد إليهم، وما قالا إنما يظهر إن لم تسع مدة غيبوبتها أكل ما يقيم بنية الصائم لتعذر العمل بما عندهم، فاضطررنا إلى ذلك التقدير بخلاف ما إذا وسع ذلك، وليس هذا حينئذ كأيام الدجال لوجود الليل هنا، وإن قصر ولم يسع ذلك إلا قدر المغرب أو أكل الصائم قدر أكله وقضى المغرب فيما يظهر .
وفى مغنى ( ج - 1 ص 123 و 124 و 125 ) المحتاج بشرح المنهاج فى كتاب الصلاة ومن لا عشاء لهم بأن يكونوا بنواح لا يغيب فيها شفقهم ، يقدرون قدر ما يغيب فيه الشفق بأقرب البلاد إليهم ، كعادم القوت المجزىء فى الفطرة فى بلده، أى فإن كان شفقهم يغيب عند ربع ليلهم مثلا اعتبر من ليل هؤلاء بالنسبة .
واستطرد فى الشرح إلى أن قال فائدة ثم نقل حديث مسلم عن النواس بن سمعان .
وقال قال الأسنوى فيستثنى هذا اليوم مما ذكره فى المواقيت، ويقاس عليه اليومان التاليان .
وفى نهاية المحتاج بشرح المنهاج ( ج - 1 ص 351 ط الحلبى سنة 1357 هجرية - 1938 م ) ومن لا عشاء لهم لكونهم فى نواح تقصر لياليهم ولا يغيب عنهم الشفق، تكون العشاء فى حقهم بمضى زمن يغيب فيه الشفق فى أقرب البلاد إليهم .
وفى الحاوى للفتاوى ( ج - 1 ص 40 - 44 ) للحافظ جلال الدين السيوطى فى باب المواقيت، نقل حديث الدجال الذى رواه مسلم عن النواس بن سمعان، وبطريق آخر عند ابن ماجه والطبرانى وقال إن أصحها حديث مسلم، ثم تحدث عن أقوال فقهاء المذهب الشافعى فى التقدير لأوقات الصلاة التى طالت فيها الأيام والتى قصرت وفى صدد الصوم قال وأما الصوم ففى اليوم الذى كسنة يعتبر قدر مجىء رمضان بالحساب، ويصوم من النهار جزءا بقدر نهار بالحساب أيضا ويفطر ثم يصوم وهكذا، وفى اليوم الذى كشهر، يصوم اليوم كله عن الشهر، ويفطر فيه بقدر ما كان يجىء الليل بالحساب، وفى الأيام القصار ، يصوم النهار فقط ويحسب عن يوم كامل، وإن قصر جدا ويفطر إذا غربت الشمس، ويمسك إذا طلع الفجر وهكذا، ولا يضره قصره، ويقاس بذلك سائر الأحكام المتعلقة بالأيام من الاعتكاف، والعدد والآجال ونحوها .
وفى تفسير المنار ( ج - 2 ص 162 و 163 ط- ثانية مطبعة المنار ) لقوله تعالى { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } قال الأستاذ الإمام وإنما عبر بهذه العبارة ولم يقل ( فصوموه ) لمثل الحكمة التى لم يحدد القرآن مواقيت الصلاة لأجلها، وذلك أن القرآن خطاب الله العام لجميع البشر، وهو يعلم أن من المواقع ما لا شهور فيها ولا أيام معتدلة ،بل السنة كلها قد تكون فيها يوما وليلة تقريبا كالجهات القطبية، فالمدة التى يكون فيها القطب الشمالى فى ليل، وهى نصف السنة، يكون القطب الجنوبى فى نهار وبالعكس، ويقصر الليل والنهار ويطولان على نسبة القرب والبعد من القطبين، ويستويان فى خط الاستواء وهو وسط الأرض، فهل يكلف الله تعالى من يقيم فى جهة أى القطبين وما يقرب منهما أن يصلى فى يومه ( وهو مقدار سنة أو عدة أشهر خمس صلوات، إحداها حيث يطلع الفجر، والثانية بعد زوال الشمس وهكذا، ويكلفه كذلك أن يصوم شهر رمضان بالتعيين ولا رمضان له ، ولا شهور .
كلا . لأن من الآيات الكبرى على أن هذا القرآن من عند الله المحيط علمه بكل شىء، ما نراه فيه من الاكتفاء بالخطاب العام الذى لا يتقيد بزمان من جاء به ولا بمكانه .
فمنزل القرآن وهو علام الغيوب وخالق الأرض والأفلاك خاطب الناس كافة بما يمكن أن يمتثلوه، فأطلق الأمر بالصلاة والرسول بين أوقاتها بما يناسب حال البلاد المعتدلة، التى هى القسم الأعظم من الأرض، حتى إذا ما وصل الإسلام إلى أهل البلاد التى يطول فيها النهار والليل عن المعتاد فى البلاد المعتدلة، يمكن لهم أن يقدروا للصلوات باجتهادهم وبالقياس على ما بينه النبى صلى الله عليه وسلم، وكذلك الصيام ما أوجب رمضان إلا على من شهد الشهر أى حضره، والذين ليس لهم شهر مثله يسهل عليهم أن يقدروا له قدره، وقد ذكر الفقهاء مسألة التقدير بعد ما عرفوا بعض البلاد التى يطول ليلها ويقصر نهارها، والبلاد التى يطول نهارها ويقصر ليلها، واختلفوا فى التقدير على أى البلاد يكون فقيل على البلاد المعتدلة التى وقع فيها التشريع، كمكة والمدينة وقيل على أقرب بلاد معتدلة إليهم، وكل منهم جائز، فإنه اجتهادى لا نص فيه .
وفى كتاب المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الغرناطى ( ج - 1 ص 527 ط .
المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1394 هجرية - 1974 م ) فى تفسير قوله تعالى { ثم أتموا الصيام إلى الليل } قال هذا أمر يقتضى الوجوب وإلى غاية، وإذا كان ما بعدها من جنس ما قبلها، فهو داخل فى حكمه كقولك اشتريت الفدان إلى حاشيته .
وإذا كان من غير جنسه، كما تقول اشتريت الفدان إلى الدار، لم يدخل فى المحدود ما بعد إلى .
ورأت عائشة رضى الله عنها أن قوله ( إلى الليل ) نهى عن الوصال ثم قال والليل الذى يتم به الصيام مغيب قرص الشمس .
وهذا الذى قالت به السيدة عائشة رضى الله عنها إنما يجرى على الغالب أى فى البلاد المعتدلة، وليس فى الأحوال النادرة أو المحصورة فى جهات القطبين وما قرب منها كما ظهر بعد عصر التشريع .
لما كان ذلك وكان استقراء أقوال فقهاء هذه المذاهب على نحو ما سبق يشير إلى وجوب الصوم على المسلمين المقيمين فى تلك البلاد التى يطول فيها النهار ويقصر الليل على الوجه المسئول عنه، وأن هؤلاء المسلمين بالخيار بين أمرين لا ثالث لهما أحدهما أن يتخذوا من مواقيت البلاد المعتدلة التى نزل فيها التشريع الإسلامى ( مكة والمدينة ) معيارا للصوم، فيصومون قدر الساعات التى يصومها المسلمون فى واحدة من هاتين المدينتين .
والأمر الآخر أن يحسبوا وقت الصوم باعتبار زمنه فى أقرب البلاد اعتدالا إليهم، وهى تلك التى تفترض فيها الأوقات، ويتسع فيها كل من الليل والنهار لما فرضه الله من صلاة وصوم على الوجه الذى ينادى به التكليف، وتتحقق حكمته دون مشقة أو إرهاق، وقد يتعذر معرفة الحساب الدقيق لأقرب البلاد اعتدالا إلى النرويج .
ومن ثم أميل إلى دعوة المسلمين المقيمين فى هذه البلاد إلى صوم عدد الساعات التى يصومها المسلمون فى مكة أو المدينة، على أن يبدأ الصوم من طلوع الفجر الصادق حسب موقعهم على الأرض، دون نظر أو اعتداد بمقدار ساعات الليل أو النهار، ودون توقف فى الفطر على غروب الشمس أو اختفاء ضوئها بدخول الليل فعلا .
وذلك اتباعا لما أخذ به الفقهاء فى تقدير وقت الصلاة والصوم، استنباطا من حديث الدجال سالف الذكر، وامتثالا لأوامر الله وإرشاده فى القرآن الكريم رحمة بعباده، فقد قال { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون } البقرة 185 ، وقال تعالى { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } البقرة 286 ، والله سبحانه وتعالى أعلم(1/133)
زكاة ورق البنكنوت
F محمد بخيت .
شوال 1333 هجرية
M 1- أوراق البنكنوت المتعامل بها الآن هى مستندات ديون والمعاملة بها من قبيل الحوالة وهى فى الحكم كالبيع .
2- البيع بالمعاطاة عند من يقول به بلا اشتراط صيغتى الإيجاب والقبول صحيح ومن يقول به يقول بصحة التعامل بهذه الأوراق بين الناس وهذا هو مذهب الأئمة الثلاثة أبى حنيفة ومالك وأحمد وهو رأى وجيه أيضا فى مذهب الإمام الشافعى .
3- ما دامت هذه الأوراق مستندات ديون تجب فيها الزكاة .
عند الشافعية، أما أبو حنيفة فيرى وجوب الزكاة فى الدين القوى وهو بدل القرض ومال التجارة إذا حال عليه الحول ويتراخى الأداء عند قبضه أربعين درهما حيث يكون فيها درهم .
أما الدين المتوسط وهو ما ليس بقوى فلا زكاة فيه إلا إذا قبض نصابا وتعتبر لما مضى من الحول .
أما الدين الضعيف وهو بدل ما ليس بمال كالمهر فلا زكاة فيه ما لم يقبض نصابا ويحول عليه والحول .
4- مذهب المالكية إذا لم يكن الدين ثمن عرض وكان حالا فتجب زكاته عن كل سنة ولو قبل قبضه .
ودين البنكنوت ليس ثمن عرض وهو مال يستطيع صاحبه قبضه بسهولة ولذا تجب فيه الزكاة عندهم .
5- مذهب الحنابلة أن من له دين على ملىء وحال عليه الحول فكلما قبض شيئا أخرج زكاته لما مضى وأوراق البنكنوت دين على ملىء باذل فتجب فيه الزكاة وهو قادر على قبضه بسهولة فى كل وقت .
ولو كان الدين على غير ملىء فحكمه حكم الملىء على الصحيح .
6- تجب الزكاة فى أوراق البنكنوت متى بلغت نصابا خاليا عن الحوائج الأصلية ومقدارها ربع عشر القيمة
Q رجل عنده ورق بنكنوت قيمته ألف جنيه وهذه القيمة له خاصة .
فهل يلزم بدفع زكاة عنها وما قيمة هذه الزكاة عند المذاهب الأربعة
An نفيد أنه مما لا ريب فيه أن أوراق البنكنوت المتعامل بها الآن بين الناس هى مستندات ديون وأن المعاملة بها من قبيل الحوالة والحوالة فى الحكم كالبيع فمن يقول بصحة البيع بالمعاطاة من غير اشتراط صيغة الإيجاب والقبول يقول بصحة الحوالة بالمعاطاة فيقول بصحة المعاملة بهذه الأوراق كما هو الجارى الآن بين الناس وذلك هو مذهب السادة الحنفية والسادة المالكية والسادة الحنابلة فإنهم يجيزون المعاملة بالمعاطاة من غير اشتراط صيغة الإيجاب والقبول وهناك قول وجيه فى مذهب السادة الشافعية يجيز المعاملة بالمعاطاة ومتى علمت أن تلك الأوراق هى سندات ديون فمذهب السادة الشافعية وجوب الزكاة فيها قولا واحدا لأن ما بها من الدين يقدر على أخذه بغاية السهولة .
قال فى مختصر المزنى قال الشافعى وإن كان له دين يقدر على أخذه فعليه تعجيل زكاته كالوديعة .
ومذهب أبى حنيفة قد قسم الدين إلى ثلاثة أقسام قوى وهو بدل القرض ومال التجارة ومتوسط وهو بدل ما ليس بقرض ولا هو من مال التجارة كثمن ثياب البذلة ونحوه .
وضعيف وهو بدل ما ليس بمال كالمهر والوصية ونحو ذلك ففى القوى تجب الزكاة إذا حال الحول ويتراخى الأداء إلى أن يقبض أربعين درهما ففيها درهم .
وكذا فيما زاد فبحسابه .
وفى المتوسط لا تجب ما لم يقبض نصابا وتعتبر لما مضى من الحول فى صحيح الرواية .
وفى الضعيف لا تجب ما لم يقبض نصابا ويحول عليه الحول بعد القبض ولا شك أن دين الأوراق من أقوى الديون وهو بمنزلة الوديعة بل قبضه أقوى من قبض الوديعة فيجب فيه تعجيل الزكاة لأنه قادر على قبضه فى كل وقت على مذهب الحنفية وأما مذهب المالكية فقالوا إذا لم يكن الدين ثمن عرض وكان حالا فيزكيه عن كل سنة ولو قبل قبضه ولا شك أن دين الأوراق ليس ثمن عرض وهو دين حال يقدر صاحبه على قبضه بسهولة فتجب فيه الزكاة عن كل سنة ولو قبل قبضه على مذهب المالكية وأما مذهب السادة الحنابلة فقد قالوا من له دين على ملىء باذل من قرض أو دين عروض تجارة أو ثمن بيع وحال عليه الحول فكلما قبض شيئا أخرج زكاته لما مضى .
وفى الدين على غير الملىء روايتان الصحيح من المذهب أنه كالدين على الملىء فيزكيه إذا قبضه لما مضى .
ولا شك أن دين أوراق البنكنوت دين على ملىء باذل فتجب فيه الزكاة أيضا وهو قادر على قبضه بسهولة فى كل وقت .
ومن ذلك يعلم وجوب الزكاة فى أوراق البنكنوت متى بلغ قيمتها نصابا خاليا عن الحوائج الأصلية ومقدار الزكاة ربع العشر فيكون الواجب فى الأوراق التى قيمتها ألف جنيه ربع عشر قيمتها وهو خمسة وعشرون جنيها لأن الجنيهات المصرية والافرنكية لا يختلف مقدارها فى الوزن قطعا واللّه أعلم(1/134)
زكاة الأرض العشرية
F محمد بخيت .
رمضان 1336 هجرية - يونية 1918م
M 1- انتفاع المرتهن بالمرهون إذا كان مشروطا فى عقد الرهن لا يحل شرعا وكذلك لا يحل إذا كان معلوما أنه لولا الانتفاع ما أعطاه النقود .
2- ما تنبته الأرض الخراجية والعشرية لا تجب فيه الزكاة إلا إذا باعه بالنقود وبلغت نصابا فائضا عن حوائجه الأصلية وحال عليه الحول فتجب فى النقود زكاة النقدين
Q أولا رجل عليه دين لرجل آخر .
رهن المدين به قطعة أرض فهل لرب الدين أن ينتفع بتلك الأرض المرهونة بالزراعة أو الإيجار أو نحوهما ثانيا هل ما تنبته الأرض الخراجية والعشورية تجب فيه الزكاة إذا بلغت قيمته نصابا
An نفيد أنه قال فى متن التنوير وشرحه الدر المختار فى أوائل كتاب الرهن ما نصه ( وله حبس رهنه بعد الفسخ للعقد حتى يقبض دينه أو يبرئه لا الانتفاع به مطلقا لا باستخدام ولا سكنى ولا لبس ولا إجارة ولا إعارة سواء كان من مرتهن أو راهن إلا بإذن كل للأخر .
وقيل لا يجوز للمرتهن لأنه ربا وقيل إن شرطه كان ربا وإلا لا وفى الأشباه والجواهر أباح الراهن للمرتهن أكل الثمار أو سكنى الدار أو لبن الشاة المرهونة فأكلها لم يضمن وله منعه .
ثم أفاد فى الأشباه أنه يكره للمرتهن الانتفاع بذلك .
وسيجىء آخر الرهن . وقال فى رد المحتار ما نصه قال فى المنح وعن عبد اللّه محمد بن أسلم السمرقندى .
وكان من كبار علماء سمرقند أنه لا يحل له أن ينتفع بشىء منه بوجه من الوجوه وإن اذن له الراهن لأنه اذن له فى الربا لأنه يستوفى دينه كاملا فتبقى له المنفعة فضلا فيكون ربا وهذا أمر عظيم .
قلت وهذا مخالف لعامة المعتبرات من أنه يحل بالإذن إلا أن يحمل على الديانة وما فى المعتبرات على الحكم ثم رأيت فى جواهر الفتاوى .
إذا كان مشروطا صار قرضا فيه منفعة وهو ربا وإلا فلا بأس .
ما فى المنح ملخصا وأقره ابنه الشيخ صالح وتعقبه الحموى بأن ما كان ربا لا يظن فيه فرق بين الديانة والقضاء على أنه لا حاجة إلى التوفيق بيد أن الفتوى على ما تقدم من أنه يباح .
أقول ما فى الجواهر يصلح لتوفيق وهو وجية وذكروا نظيره فيما لو أهدى المستقرض للمقرض أن كانت مشروطة كره وإلا فلا وما نقله الشارح عن الجواهر أيضا من قوله لا يضمن يفيد أنه ليس ربا لأن الربا مضمون فيحمل على غير المشروط فى الأشباه من الكراهة على المشروط ويؤيده قول الشارح الآتى آخر الرهن إن التعليل بأنه ربا يفيد أن الكراهة تحريمية فتأمل .
وإذا كان مشروطا ضمن كما أفتى به فى الخيرية فيمن رهن شجر زيتون على أن يأكل المرتهن ثمرته نظير صبره بالدين .
قال قلت والغالب من أحوال الناس أنهم إنما يريدون عند الدفع الانتفاع ولولاه لما أعطاه الدراهم وهذا بمنزلة الشرط لأن المعروف كالمشروط وهو مما يعين المنع واللّه تعالى أعلم .
ومن ذلك يعلم الجواب عن السؤال الأول وهو أنه إذا كان الانتفاع مشروطا فى عقد الرهن فلا يحل وإن لم يكن مشورطا فى عقد الرهن ولكنه لولا الانتفاع لما أعطاه النقود كان فى حكم المشروط أيضا فلا يباح الانتفاع على ما عليه تلك النقول وأما الجواب عن السؤال الثانى فنقول قال فى الفتوى المهدية بصحيفة ( 11 ) جزء أول ما نصه سئل فى أراضى الزراعة هل فيما يخرج منها زكاة أم لا ( أجاب ) لا تجب الزكاة فيما يخرج من زراعة الأرض لا فرق بين كون الأرض خراجية أو عشرية ولو زرعها بقصد بيع الخارج منها والتجارة فيه ولو بقى حولا إذ يشترط فى نية التجارة الموجبة للزكاة بعد الحول عدم المانع وهو تكرار الواجب من العشر والزكاة أو الخراج والزكاة ومقارنة نية التجارة لعقد التجارة وهو كسب المال بالمال بعقد شراء أو إجارة أو استقراض فلو نوى التجارة بعد العقد أو اشترى شيئا للقنية ناويا أنه إن وجد ربحا باعه لا زكاة عليه كما لو نوى التجارة فيما خرج من أرضه إلا أن ثمن ما يبيعه من الخارج من أرضه إذا كان من النقدين وهو يبلغ نصابا فاضلا عن حاجته الأصلية إذا بقى حولا، عند مالكه تجب فيه زكاة النقدين وترك خراج الأرض للمزارع لا يخرجها عن كونها خراجية كالإقطاعات كما أن ترك العشر لا يخرجها عن كونها عشرية واللّه تعالى أعلم .
ومن ذلك يعلم جواب السؤال الثانى وهو أن ما تنبته الأرض الخراجية والعشورية لا تجب فيه الزكاة ولو بلغت قيمتة نصابا إلا إذا باعه بالدراهم والدنانير أى بالنقود المتعامل بها وبلغت نصابا فارغا عن حوائجه الأصلية وحال عليه الحول فحينئذ تجب فى النقود زكاة النقدين(1/135)
دفع الزكاة إلى القريب
F عبد المجيد سليم .
شوال 1356 هجرية - ديسمبر 1937 م
M 1- يبدأ فى الصدقات بالأقارب ثم الموالى ثم الجيران .
2- إذا دفع الزكاة إلى من تجب نفقته عليه من الأقارب جاز ذلك بشرط ألا يحتسبها من النفقة
Q شخص تاجر موسر ويريد أن يخرج زكاة ماله وله أخ لا تلزمه نفقته وهو طالب علم فقير .
منعزل عنه هل يحق له أن يعطيه
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه قد جاء فى رد المحتار فى باب المصرف من الجزء الثانى ضمن كلام ما نصه - وقيد بالولاد لجوازه أى دفع الزكاة لبقية الأقارب كالإخوة والأعمام والأخوال الفقراء بل هم أولى لأنه صلة وصدقة وفى الظهيرية ويبدأ فى الصدقات بالأقارب ثم الموالى ثم الجيران ولو دفع الزكاة إلى من نفقته واجبة عليه من الأقارب جاز إذا لم يحسبها من النفقة - انتهى - وبهذا علم أنه يجوز للسائل أن يدفع زكاة ماله إلى أخيه الفقير ولو كانت نفقته واجبة عليه متى لم يحتسب ما يدفعه من هذه النفقة كما علم أن الدفع إليه أولى وهذا حيث كان الحال كما ذكر .
بالسؤال واللّه أعلم(1/136)
زكاة الفطر ومصارفها
F عبد المجيد سليم .
رمضان 1358 هجرية - أكتوبر 1939 م
M 1- الأفضل عند الحنفية أن تعطى زكاة الفطر من النقود لأن ذلك أعون على دفع حاجة الفقير .
2- يجوز عند الأئمة الأربعة إعطاء الزكاة لولى الأمر أو نائبه ليصرفها فى مصارفها ولا يجب على الشخص أن يعطيها للفقير بنفسه .
3- مصارف هذه الزكاة هم الفقراء وابن السبيل الخ .
4- لا مانع شرعا من إيداع الصدقة بعد جمعها بأحد المصارف بغير فوائد بشرط عدم التصرف فيها تصرفا لا يجوز شرعا
Q نظرا لاقتراب موسم الزكاة لعيد الفطر رأت وزارة الشئون الاجتماعية أن تبادر بإنشاء صندوق فى مستودع أمين تودع فيه أموال الزكاة التى يدفعها المسلمون فى هذه المناسبة بدون فوائد .
وطلبت الإفادة عما إذا كان فى إيداع هذه الأموال فى مصرف كبنك مصر ما يؤدى الغرض المقصود من أداء هذه الفريضة وما هى الوجوه التى تنفق فيها هذه الأموال لتكون متفقة مع مقتضيات هذه الفريضة حتى تسترشد بها اللجنة المشرفة على هذا الصندوق وعلى وجوه صرف أمواله
An اطلعنا على كتاب عزتكم ونفيد أنه لا يجب عند الحنفية أن تعطى صدقة الفطر من الحبوب ولا من سائر أنواع الطعام بل يجوز أن تعطى من النقود بل ذلك افضل لما قالوه من أن دفعها نقودا أعون على دفع حاجة الفقير لاحتمال أنه يحتاج غير الحنطة مثلا من ثياب ونحوها .
هذا ولا مانع أن يأخذ الناس فى هذا الموضوع بمذهب أبى حنيفة لما فيه من التيسير على الفقراء وأرباب الحاجات ولا يجب عند الأئمة الأربعة أن يدفع من وجبت عليه صدقة الفطر بنفسه إلى مستحقها بل يجوز أن يعطيها لولى الأمر أو لنائبه ليصرفها فى مصارفها فقد جاء فى رد المحتار نقلا عن الرحمتى عند قول المصنف - ولا يبعث الإمام على صدقة الفطر ساعيا - ما نصه - فى الحديث الصحيح أنه جعل أبا هريرة على صدقة الفطر فكان يقبل من جاء بصدقته - قال ابن عابدين - قلت فالمراد أنه لا يبعث عاملا كعامل الزكاة يذهب إلى القبائل بنفسه فلا ينافى ما فى الحديث تأمل - انتهت عبارة رد المحتار .
فالمأخوذ من هذا أنه يجوز عند الحنفية أن تدفع هذه الزكاة إلى نائب ولى الأمر وهو الآن وزارة الشئون الاجتماعية التى نيط بها بمقتضى المرسوم الصادر فى 5 رجب 1358 هجرية - 2 أغسطس 1939 م تنظيم أعمال البر والإحسان ليصرفها فى مصرفها الشرعى .
والحديث المشار إليه فى العبارة المذكورة رواه البخارى فى كتاب فضائل القرآن .
وفى كتاب الوكالة وفى صفة ابليس من صحيحه وقد ذكره ابن كثير عند تفسيره لآية الكرسى .
هذا مذهب الحنفية وقد نص فى مذهب الإمام مالك على أنه يندب دفعها للإمام العدل ( أى ولى الأمر العدل ) بل ذكروا أن ظاهر المدونة وجوب دفعها للإمام العدل .
وقد روى عن الإمام أحمد أنه قال أما صدقة الفطر فينبغى دفعها إلى السلطان .
والمأخوذ من شرح المهذب للإمام النووى فى مذهب الإمام الشافعى أنه يجوز دفع زكاة الأموال الباطنة ومنها صدقة الفطر إلى الإمام وأن الأفضل هو دفعها إليه إذا كان عدلا وهو المذهب عندهم والأصح .
وقد علل هذا بأنه بدفعها للإمام يتيقن سقوط الفرض به بخلاف تفريق المزكى لها بنفسه لأنه قد يصادف غير المستحق ولأن الإمام أعرف بالمستحقين وبالمصالح وبقدر الحاجات وبمن أخذ قبل هذه المرة من غيره .
والخلاصة أنه لا خلاف بين الأئمة الأربعة فى جواز دفع صدقة الفطر، إلى الإمام أو عماله ليتولوا صرفها فى جهاتها الشرعية بل ذلك أفضل كما نص عليه فى مذهب الإمام الشافعى وكما يؤخذ مما روى عن الإمام أحمد وهو مندوب إليه فى مذهب الإمام مالك وهو مقتضى ما كان يفعله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من جعل أبى هريرة على صدقة الفطر ومن عرف المصلحة التى يراد تحصيلها والتى من أجلها يراد جمع هذه الصدقة وتفريقها على ذويها بنظام يكفل تقديم الأحوج على غيره فى الصرف إليه لا يرتاب فى أن الدفع إلى نائب الإمام أفضل وأولى فى الشريعة الإسلامية التى كلها مصلحة وعدل أما مصارف هذه الزكاة فهم الفقراء على اختلاف أنواعهم وابن السبيل وهو المسافر الذى لا مال معه أو له مال فى وطنه لا يتيسر له الحصول عليه فى الحال ويلحق به من كان له مال على غائب أو معسر أو جاحد له .
ولا يلزم إعطاء الكل ويقدم الأحوج على غيره بحسب ما يتبين للجنة التى تشكل لذلك من التحرى ممن يوثق به .
هذا ولا مانع شرعا من جمع هذه الصدقة فى مصرف بغير فوائد متى لم يظن التصرف فيها تصرفا لا يجوز شرعا .
وبما ذكر علم الجواب عما طلب منا والإجابة عنه واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/137)
جواز اعطاء الزكاة للجمعيات الخيرية
F عبد المجيد سليم .
صفر 1360 هجرية - مارس 1941 م
Mيجوز إعطاء الزكاة إلى الجمعية الخيرية إذا تحقق أنها تصرف ما يدفع لها فى وجوه الخير والبر سواء أكان هذا الصرف على وجه التمليك أم لا
Q أسس بعض محبى البر والإحسان جمعية خيرية غايتها معاونة البؤساء والمحتاجين وإعانة العجز والأرامل والأيتام والفقراء والمعوزين .
فهل يجوز لمن تجب عليهم الزكاة أن يؤدوا زكاة أموالهم أو بعضها إلى الجمعية الخيرية المذكورة
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه يجوز لمن وجبت عليه الزكاة أن يدفع زكاة أمواله كلها أو بعضها لهذه الجمعية إذا تحقق أنها تصرف ما يدفعه لها فى الوجوه المذكورة نيابة عنه وذلك على رأى من أجاز من الفقهاء صرف الصدقات إلى جميع وجوه البر والخير سواء كان هذا الصرف على وجه التمليك أم لا فقد جاء فى تفسير الفخر الرازى عند قوله { وفى سبيل اللّه } { إنما الصدقات للفقراء } إلخ ما نصه ( واعلم أن ظاهر اللفظ فى قوله وفى سبيل اللّه لا يوجب القصر على كل الغزاة .
فلهذا المعنى نقل القفال فى تفسيره عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد لأن قوله { وفى سبيل اللّه } عام فى الكل .
انتهت عبارة الفخر ولم يعقب عليها فى شىء ونقل صاحب المغنى فى مذهب الإمام أحمد بن حنبل عن أنس والحسن رضى اللّه عنهما ما نصه ( ما أعطيت ) أى الزكاة ( فى الجسور والطرق فهى صدقة ماضية ) انتهى .
والظاهر لنا من الآية الكريمة هو ما ذهب إليه هذا البعض من جواز صرف الزكاة فى كل سبيل من سبل البر، ولا يجب أن تصرف الزكاة إلى من هو من أهل التملك من الفقراء والغزاة وغيرهم كما يقول بذلك جمهور الفقهاء .
ومنهم الحنفية وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به واللّه أعلم(1/138)
جواز صرف الزكاة فى بناء المساجد
F عبد المجيد سليم .
محرم 1363 هجرية - يناير 1944م
Mيجوز صرف الزكاة فى بناء المسجد ويسقط بذلك الفرض عن المزكى
Q تم إنشاء مسجد بحدائق القبة حيث يكثر المسلمون ولا توجد مساجد للعبادة وبعد تعب شديد فى جمع المال لبناء هذا المسجد وفى هذه الجهة رجل ثرى أراد إخراج زكاة ماله لمصلحة المسجد المذكور فهل يصح ذلك أم يكون آثما أم يؤجر على ذلك
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه يجوز صرف الزكاة لبناء المسجد ونحوه من وجوه البر التى ليس فيها تمليك أخذا برأى بعض فقهاء المسلمين الذى أجاز ذلك استدلالا بعموم قوله تعالى { وفى سبيل اللّه } من آية { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } الآية وإن كان مذهب الأئمة الأربعة على غير ذلك وما ذكرناه مذكور فى تفسير هذه الآية للإمام فخر الدين الرازى ونص عبارته ( واعلم أن ظاهر اللفظ فى قوله وفى سبيل اللّه لا يوجب القصر على كل الغزاة فلهذا المعنى نقل القفال فى تفسيره عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد لأن قوله وفى سبيل اللّه عام فى الكل ) انتهت عبارة الفخر ولم يعقب رحمه اللّه على ذلك بشىء وقد جاء فى المغنى لابن قدامة بعد أن قال ولا يجوز صرف الزكاة إلى غير من ذكر اللّه تعالى من بناء المساجد والقناطر والجسور والطرق فهى صدقة ماضية والأول أصح لقوله سبحانه وتعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين وإنما للحصر والإثبات .
تثبت المذكور وتنفى ما عداه انتهى وظاهر أن أنسا والحسن يجيزان صرف الزكاة فى بناء المسجد لصرفها فى عمل الطرق والجسور وما قاله ابن قدامة فى الرد عليهما غير وجيه لأن ما أعطى فى الجسور والطرق مما أثبتته الآية لعموم قوله تعالى { وفى سبيل اللّه } وتناوله بكل وجه من وجوه البر كبناء مسجد وعمل جسر وطريق .
ولذلك ارتضاه صاحب شرح كتاب الروض النضير إذ قال ( وذهب من أجاز ذلك أى دفع الزكاة فى تكفين الموتى وبناء المسجد إلى الاستدلال بدخولهما فى صنف سبيل اللّه إذ هو أى سبيل اللّه طريق الخير على العموم وإن كثر استعماله فى فرد من مدلولاته وهو الجهاد لكثرة عروضه فى أول الإسلام كما فى نظائره ولكن لا إلى حد الحقيقة العرفية فهو باق على الوضع الأول فيدخل فيه جميع أنواع القرب على ما يقتضيه النظر فى المصالح العامة والخاصة إلا ما خصه الدليل وهو ظاهر عبارة البحر فى قوله قلنا ظاهر سبيل اللّه العموم إلا ما خصه الدليل انتهت عبارة الشرح المذكور والخلاصة أن الذى يظهر لنا هو ما ذهب إليه بعض فقهاء المسلمين من جواز صرف الزكاة فى بناء المسجد ونحوه فإذا صرف المزكى الزكاة الواجبة عليه فى بناء المسجد سقط عنه الفرض وأثيب على ذلك واللّه أعلم(1/139)
جواز نقل الزكاة من بلد إلى أخرى بها ذوى قرباه
F حسنين محمد مخلوف .
رمضان 1365 هجرية - أغسطس 1946 م
Mيجوز نقل زكاة المال من بلد المزكى إلى بلد أقربائه الفقراء رعاية لسد حاجة ذوى القربى
Q نظرا لأن فقراء المدن أحسن حالا من فقراء الأرياف وخاصة هؤلاء الذين تربطنا بهم صلة القربى .
هل يجوز نقل زكاة المال من بلدة إلى أخرى أى من القاهرة مثلا إلى تلك القرية التى يقطنها هؤلاء الفقراء
An اطلعنا على هذا السؤال المطلوب به بيان الحكم الشرعى فى نقل زكاة المال من بلدة إلى أخرى ونفيد بأن مذهب الحنفية والحسن البصرى والإمام النخعى أن نقل زكاة المال من بلد إلى آخر مكروه تنزيها مراعاة لحق الجوار إلا إذا كان النقل إلى ذى قرابة محتاج فإنه لا يكره بل يتعين نقلها إليه لما روى من قوله عليه السلام ( لا يقبل اللّه صدقة من رجل وله قرابة محتاجون إلى صلة ) وفى نقلها إليهم تحقيق للمقصود من الزكاة وهو سد خلة المحتاج وللمطلوب شرعا من صلة الرحم ففيه جمع بين الصدقة وصلة الأرحام والأفضل أن تصرف للأقرب فالأقرب من ذوى القربى المحتاجين وكان عليه الصلاة والسلام يستدعى الصدقات من الأعراب إلى المدينة ويصرفها لفقراء المهاجرين والأنصار .
وذكر فى نيل الأوطار أن المروى عن مالك والشافعى والثورى جواز نقلها وأنه لا يجوز صرفها لغير فقراء البلد الذى فيه المزكى أخذا من قوله عليه السلام لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن ( خذها من أغنيائهم وضعها فى فقرائهم ) وذهب الإمام أحمد كما فى المغنى إلى أنه لا يجوز نقل الزكاة من بلدها إلى بلد آخر بينهما مسافة قصر الصلاة وأنه إن خالف ذلك ونقلها أجزأته فى قول أكثر أهل العلم .
ومن هذا يعلم أنه يجوز لك رعاية لسد حاجة ذوى القربى أن تتبع فى ذلك مذهب الحنفية .
واللّه تعالى أعلم(1/140)
زكاة التأمين
F حسنين محمد مخلوف .
2 مايو 1952 م
Mالتأمين النقدى الذى يدفعه المستأجر لمالك الأرض مال مملوك للمستأجر تجب الزكاة فيه على مالكه لا على صاحب الأرض إذا توافرت شرائط الوجوب
Q ما مدى خضوع ما يدفعه المستأجر من تأمين للمالك للزكاة إذا بلغ نصابا شرعيا وحال عليه الحول
An التأمين النقدى الذى يدفعه المستأجر لمالك الأرض مال مملوك للمستأجر مودع عند صاحب الأرض ضمانا لسداد الإيجار فى مواعيده فيجب زكاته على مالكه لا على صاحب الأرض إذا توافرت شرائط الوجوب ومنها بلوغ النصاب وحولان الحول .
والله أعلم(1/141)
زكاة مال المدين
F حسن مأمون .
محرم 1375 هجرية - 8 سبتمبر 1955 م
M 1 - الدين لا يمنع وجوب الزكاة عند الشافعية فيما فى يد المدين من مال بلغ نصابا وحال عليه الحول، ولا فرق فى ذلك بين ما إذا كان الدين لله أو للعبد .
2 - الدين مانع من وجوب الزكاة عند الأئمة الثلاثة فى بعض الأموال وغير مانع فى بعضها الآخر على خلاف فى ذلك .
3 - الدين المستغرق لكل ما يملك المدين بحيث لا يبقى منه ما يكمل النصاب لا تجب فيه زكاة
Q من الأستاذ / ص أ ع هل على المدين زكاة فى ذهب أو فضة أو حلى أو تجارة أو زروع وثمار أو ماشية الخ إذا استغرق الدين جل ما يملك وبقى للمدين أقل من نصاب الزكاة، أو أنه يشترط لإخراج الزكاة الخلو من الدين
An بأن الدين لا يمنع وجوب الزكاة عند الشافعية .
قال صاحب حاشية تحفة المحتاج شرح المنهاج ( ولا يمنع الدين الذى فى ذمة من بيده نصاب فأكثر مؤجلا أو حالا لله تعالى أو لآدمى وجوبها عليه فى أظهر الأقوال لإطلاق النصوص الموجبة، ولأنه مالك لنصاب نافذ التصرف فيه ويمنع الدين وجوب الزكاة عند الأئمة الثلاثة فى بعض الأنواع ولا يمنعها فى البعض على التفصيل الآتى قال المالكية لا تجب الزكاة فى مال مدين إن كان المال عينا ذهبا أو فضة وليس عنده من العروض ما يجعله فيه، وتجب إن كان حرثا أو ماشية أو معدنا مع وجود الدين .
قال صاحب الشرح الكبير ( ولا زكاة فى مال مدين إن كان المال عينا، كان الدين عينا أو عرضا حالا أو مؤجلا وليس عنده من العروض ما يجعله فيه، أما إذا كان المال حرثا أو ماشية أو معدنا فإن الزكاة فى أعينها فلا يسقطها الدين ) وقال الحنابلة لا تجب الزكاة على من عليه دين يستغرق النصاب أو ينقصه ولو كان الدين من غير جنس المال المزكى، ويمنع الدين وجوب الزكاة فى الأموال الباطنة كالنقود وقيم عروض التجارة والمعدن والأموال الظاهرة كالمواشى والحبوب والثمار فمن كان عنده مال وجبت زكاته وعليه دين فليخرج منه ما يفى دينه أولا ثم يزكى الباقى إن بلغ النصاب، وقال الحنفية إن الدين يمنع وجوب الزكاة إذا كان دينا خالصا للعباد، أو كان دينا لله لكن له مطالب من جهة العباد أما الديون الخالصة لله تعالى وليس لها مطالب من جهة العباد كالنذور والكفارات فلا تمنع وجوب الزكاة، ويمنع الدين الزكاة بجميع أنواعها إلا زكاة الزروع والثمار فإن الدين لا يمنع وجوب الزكاة فيها قال صاحب الهداية ( ومن كان عليه دين يحيط بماله فلا زكاة عليه لأنه مشغول بحاجته الأصلية فاعتبر معدوما كالماء المستحق بالعطش وثياب البذلة والمهنة، وإذا كان ماله أكثر من دينه زكى الفاضل إذا بلغ نصابا لفراغه عن الحاجة الأصلية والمراد به دين له مطالب من جهة العباد حتى لا يمنع دين النذر والكفارات ) ونختار ما ذهب إليه الحنفية من أن الدين الذى يستغرق جل ما يملك بحيث لا يبقى بعده ما يكمل النصاب لا تجب فيه الزكاة .
والله تعالى أعلم(1/142)
زكاة الأرض الزراعية المؤجرة للغير
F حسن مأمون .
5 شوال 1376 هجرية - 5 مايو 1957 م
M1 - الخراج وظيفة الأرض والعشر أو نصفه وظيفة الخارج منها فلم تتحد جهة الإيجاب وهذا عند الشافعية وبه أخذت الفتوى للآتى ( ا ) الخراج فى الأرض المؤجرة على صاحبها والعشر أو نصفه على المستأجر المالك للخارج منها .
وبيان الواجب على المستأجر أنها إن كانت تسقى أغلب السنة بدون الآلات كان الواجب فيها عشر الخارج منها وإن كانت تسقى بلآلات معظم السنة كان الواجب نصف العشر .
( ب ) الخراج الواجب على صاحب الأرض هو الأموال الأميرية التى تدفع للحكومة كل عام ولا شىء عليه فيما قبض من أجرتها إلا إذا بلغت نصابا وكانت فائضة عن حوائجه الأصلية وحال عليها الحول بالسنة القمرية من تاريخ استلام الأجرة .
( ج ) لا تجب الزكاة فى الدور المعدة للسكنى أو الاستغلال إلا إذا بلغ الاستغلال نصابا، فإن كانت الدور عروض تجارة وجبت فيها الزكاة والواجب فيها ربع العشر لقيمتها فى آخر الحول بشرط بلوغ النصاب فى أول الحول وآخره وحولان الحول بأن هلك النصاب جميعه أثناء الحول وكمل فى أوله وآخره بطل الحول ولم تجب الزكاة
Q من السيد / أ ع س قال إنه يملك حوالى فدانين يؤجرها فى العام بمبلغ 64 جنيها منها 12 جنيها أموال أميرية والصافى 52 جنيها، كما يملك منزلين يسكن أحدهما هو وعائلته ويستغل الآخر ويأخذ منه ريعا سنويا قدره 90 جنيها، وأن مصروف أولاده على مدار السنة يستهلك الريع كله .
وسأل هل يجب عليه زكاة فى هذا المال وما كيفية ذلك
An إن القول الحق الذى اختاره ابن عابدين فى حاشيته رد المحتار على الدر باب العشر والخراج ( أن ما علم من الأراضى المصرية كونه لبيت المال بوجه شرعى فحكمه ما ذكره الشارح عن الفتح من أن المأخوذ من أصحابها الآن أجرة لا خراج وما لم يعلم كونه كذلك فهو ملك لأربابه والمأخوذ منه خراج لا أجرة لأنه خراج فى أصل الوضع ) - انتهى بتصرف - وعلى ذلك لا يجب فى هذه الأرض المسئول عنها عشر ولا نصف عشر لأن العشر والخراج لا يجتمعان فى أرض واحدة عند الحنفية .
أما عند الشافعية فلا مانع من اجتماع العشر والخراج فى أرض واحدة لأن الخراج وظيفة الأرض والعشر أو نصفه وظيفة الخارج منها فلم تتحد جهة الإيجاب وبهذا الرأى نفتى وعلى ذلك يكون الخراج فى الأرض المؤجرة على صاحب الأرض والعشر أو نصفه على المستأجر المالك للخارج منها، فإذا سقيت أغلب السنة بدون الآلات كان الواجب فيها عشر الخارج منها، وإن سقيت بالآلات معظم العام كان الواجب فيها نصف العشر .
وحينئذ لا يجب على السائل فى أرضه المذكورة مادام يؤجرها إلا الخراج وهو الأموال الأميرية التى يدفعها للحكومة كل عام ولا شىء عليه فيما قبض من أجرتها إلا إذا بلغت نصابا وفضلت عن حوائجه الأصلية وحال عليها الحول وهو سنة قمرية أيامها 354 يوما من تاريخ استلام الأجرة .
فإذا كان الحال كما ذكر بالسؤال فإنه لا يجب على السائل زكاة فى هذه الأجرة مادامت لم تفرغ عن حوائجه وحوائج عياله على مدار السنة، هذا بالنسبة للأرض وأما بالنسبة للمنزلين المشار إليهما، فإن المنصوص عليه شرعا أنه لا زكاة فى واحد منهما لا بالنسبة لقيمته ولا بالنسبة لمنفعته لورود النص على عدم وجوب الزكاة فى الدور المعدة للسكنى، وكذلك الدور المعدة للاستغلال مهما كانت قيمتها إذا كانت أجرتها لم تبلغ نصاب الزكاة من الذهب أو الفضة وقيمة نصاب الذهب بالعملة المصرية أحد عشر جنيها وثمانمائة مليم وخمسة وسبعين مليما وقيمة نصاب الفضة خمسمائة وثلاثون قرشا صاغا تقريبا، أو بلغت أجرتها هذا النصاب ولكنها لم تفرغ من حوائج المالك وحوائج عياله أما إذا بلغت أجرتها نصاب الذهب أو الفضة السابق وحال عليها الحول وكانت فاضلة عن حوائجه وحوائج عياله الأصلية فإنه تجب فيها الزكاة شرعا، والواجب فيها حينئذ هو ربع العشر .
هذا بالنسبة لدور السكنى ودور الاستغلال .
أما الدور التى هى من عروض التجارة وهى التى اشتريت للتجارة وكانت نية الاتجار فيها مصاحبة لشرائها فإنها تجب فيها الزكاة إذا حال عليها الحول وبلغت قيمتها نصاب الزكاة من الذهب أو الفضة فى أول الحول وآخره ولو نقصت عنه فى أثناء الحول، فلو هلك النصاب جميعه أثناء الحول وكمل فى أوله وآخره بطل الحول ولم تجب الزكاة حينئذ، ومقدار الواجب فيها هو ربع عشر قيمتها فى آخر الحول .
وبهذا علم الجواب عما سأل .
عنه الطالب . والله أعلم(1/143)
زكاة المال الممسوك للانفاق منه
F حسن مأمون .
3 ذو الحجة 1376 هجرية - يوليو 1957 م
M 1 - المال الممسوك فى اليد لشراء عقار لم يتم شراؤه أو للإنفاق منه تجب فيه الزكاة متى حال عليه الحول وبلغ نصابا .
2 - بقاء جزء منه بعد إنفاق معظمه يقتضى وجوب الزكاة فى الباقى الذى حال عليه الحول وبلغ نصابا
Q فى رجل باع بعض أطيانه الزراعية بمبلغ سبعة آلاف جنيه ليشترى بدلها عمارة ولم يوفق إلى الآن، وأنه صرف من هذا المبلغ نصفه وبقى لديه النصف الثانى ليشترى به عقارا، وسأل هل تجب زكاة المال فى هذا المبلغ مع العلم بأنه ليس فائضا عن حاجته، وكلما احتاج إلى مصاريف سحب منه
An إن سبب وجوب الزكاة شرعا كما جاء فى الدر وحاشيته رد المحتار ملك نصاب حولى تام فارغ عن دين له مطالب من جهة العباد وعن حاجته الأصلية، لأن المشغول بها كالمعدوم .
وفسره ابن ملك بما يدفع الهلاك عن الإنسان تحقيقا كالنفقة ودور السكنى وآلات الحرب والثياب المحتاج إليها لدفع الحر أو البرد، أو تقديرا كالدين فإن المديون محتاج إلى قضائه بما فى يده من النصاب دفعا عن نفسه الحبس الذى هو كالهلاك وكآلات الحرفة وأثاث المنزل ودواب الركوب وكتب العلم لأهلها فإن الجهل عندهم كالهلاك، فإذا كان له دراهم مستحقة يصرفها إلى تلك الحوائج صارت كالمعدومة، كما أن الماء المستحق بصرفه إلى العطش كان كالمعدوم وجاز عنده التيمم .
فقد صرح بأن من معه دراهم وأمسكها بنية صرفها إلى حاجته الأصلية لاتجب الزكاة إذا حال الحول وهى عنده .
لكن اعترضه فى البحر بقوله ويخالفه ما فى المعراج والبدائع من أن الزكاة تجب فى النقد كيفما أمسكه للنماء أو للنفقة، وأقره فى النهر والشرنبلالية وشرح المقدسى ثم قال ابن عابدين بعد نقل ما سبق لكن حيث كان ما قاله ابن ملك موافقا لظاهر عبارات المتون فالأولى التوفيق بحمل ما فى البدائع وغيرها على ما إذا أمسكه لينفق منه كل ما يحتاجه فحال الحول وقد بقى معه نصاب فإنه يزكى ذلك الباقى وإن كان قصده الإنفاق منه أيضا فى المستقبل لعدم استحقاقه صرفه إلى حوائجه الأصلية وقت حولان الحول بخلاف ما إذا حال الحول وهو مستحق الصرف إليها وبهذا التوفيق بين الروايتين نفتى جوابا على هذا الاستفتاء .
فما بقى فى يد السائل من هذا المال بعد الصرف فى حوائجه الأصلية وحال عليه الحول تجب فيه الزكاة، ونصاب الزكاة من الذهب بالعملة المصرية أحد عشر جنيها وثمانمائة وخمسة وسبعون مليما، ومن الفضة خمسمائة وثلاثون قرشا تقريبا والله أعلم(1/144)
زكاة السيارات والدور المعدة للاستغلال
F حسن مأمون .
6 ذو الحجة 1376 هجرية - 4 يوليه 1957 م
M 1 - السيارات والدواب المعدة للركوب إذا لم يقصد عند شرائها التجارة فيها لا زكاة فى قيمتها مهما بلغت وكذلك الدور .
2 - المتحصل من أجرتها يخصم منه مصاريفها وديونها وغرامات مرورها، فإن بلغ الباقى نصابا وحال عليه الحول من تاريخ قبضة وجبت فيه الزكاة متى تحققت شروط الوجوب ومقدارها ربع العشر
Q من السيد / ع ف أ صاحب شركة نقل بالسيارات بطلبه أن رجلا يملك سيارات نقل بضائع بالأجرة من بلد لآخر وعليها التزامات وديون أقساط شهرية ثمن موتوراتها وأقساط ثمن إطارات كاوتش وضريبة قلم المرور وضريبة أرباح .
وسأل هل تجب الزكاة فى ثمنها عند الشراء أو عند قيمتها الحالية أو فى إيرادها، وفى أى وقت تجب الزكاة وهل تجب الزكاة فى منزل يملكه رجل ويؤجره لآخرين ويدفع عنه عوايد بقدر إيجار شهر من إيراده وهل الزكاة تجب عن قيمته أو على إيراده السنوى وما قدرها
An إن المنصوص عليه شرعا أن الزكاة لا تجب فى دواب الركوب والدواب المعدة للأجرة، وكذلك عبيد الخدمة أو الأجرة، وكذلك الدور المعدة للاستغلال مهما بلغت قيمة ذلك كله إذا كان ما قبضه مالكها من أجرتها لم يبلغ نصاب الزكاة من الذهب أو الفضة وقيمة نصاب الذهب بالعملة المصرية أحد عشر جنيها وثمانمائة وخمسة وسبعون مليما وقيمة نصاب الفضة خمسمائة وثلاثون قرشا تقريبا أما إذا بلغت أجرتها نصاب الذهب أو الفضة السابق وحال عليها الحول من تاريخ القبض وكانت فاضلة عن حوائجه وحوائج عياله الأصلية فإنه تجب فيها الزكاة شرعا، ومقدار الواجب فيها حينئذ هو ربع العشر، ومثل ذلك فى الحكم السيارات المسئول عنها إذا اشتريت لذلك ولم يقصد عند شرائها الاتجار بأعيانها فإنه لا زكاة فى قيمتها مهما بلغت أما المتحصل من أجرتها بعد الصرف عليها فى الوجوه المذكورة بالسؤال فإنه لا تجب فيه الزكاة حتى يبلغ نصاب الزكاة السابق ويحول عليه الحول من تاريخ القبض ويكون فاضلا عن حوائجه الأصلية، فإذا بلغت أجرتها بعد ما صرف عليها هذا النصاب وتوفرت فيه باقى الشروط السابقة وجبت فى الفاضل من الأجرة الزكاة وقدرها ربع عشر أجرتها المتبقية لدى مالكها والحكم كذلك فى المنزل المشار إليه فى السؤال فإن بلغت أجرته نصاب الزكاة المذكور وحال عليه الحول فى يد مالكه وكان فارغا عن حاجته وحاجة عياله وجبت فيها الزكاة كما ذكرنا فى السيارات المسئول عنها، أما إذا لم تبلغ أجرته النصاب المذكورة فلا زكاة فيها ولا فى قيمته مهما بلغت .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/145)
زكاة أوراق البنكنوت وأسهم الشركات
F حسن مأمون .
15 جمادى الأولى 1377 هجرية - 7 ديسمبر 1957 م
M 1 - أوراق البنكنوت تصدر بضمانة البنك الأهلى وتأخذ حكم الذهب والفضة وتجب فيها الزكاة .
2 - أسهم الشركات التى يشتريها الناس وتكون قيمتها مجتمعة هى رأس مال الشركة موزعا على جميع المساهمين فيها تعتبر عروض تجارة وتجب فيها الزكاة ومقدار ما يجب فيها وما يضاف عليها من ربح هو ربع العشر .
3 - السندات عبارة عن ديون لأصحابها على البنك المسحوبة منه السند وحكمها فى الزكاة حكم الديون المضمونة ولا خلاف فى وجوب الزكاة فيها وإنما الخلاف فى وقت وجوبها فيرى الحنفية عدم لزوم إخراج زكاتها حتى يقبض الدين ومتى قبض فإنه يزكى عما مضى ويرى الشافعية وجوب إخراجها فى الحال وإن لم يقبض .
4 - وجوب زكاتها مشروط بأن تكون القيمة قد بلغت نصابا وحال عليه الحول وكانت فائضة عن حوائجه الأصلية، ويعتبر الحول من تاريخ الشراء، ومقدار زكاتها ربع العشر
Q ما بيان حكم أوراق البنكنوت وأسهم الشركات والسندات هل تجب فيها الزكاة أو لا تجب
An إن الأصل فى وجوب الزكاة فى النقدين هو الذهب والفضة سواء أكانت مضروبة أو غير مضروبة ولما كانت أوراق البنكنوت التى يصدرها البنك الأهلى المصرى بضمانته مما يتعامل به الناس فى جميع معاملاتهم المالية من شراء وبيع وسداد ديون وغير ذلك من التصرفات التى يتعاملون بها فى الذهب والفضة المضروبة أى المسكوكة فإنها تأخذ حكمها وتعتبر نقودا تجب فيها زكاة المال كما تجب فى الذهب والفضة .
والجزء الواجب إخراجه هو ربع عشرها بشرط توفر شروط وجوب الزكاة .
أما أسهم الشركات التى يشتريها الناس وتكون قيمتها مجتمعة رأس مال الشركة يوزع على المساهمين فيها ما يخص كلا منهم من ربح أو خسارة كشركة الحديد والصلب فإنها تعتبر عروض تجارة تجب فيها الزكاة، ومقدار الواجب فيها وفيما يضاف عليها من أرباح هو ربع العشر، وأما السندات فإنها تعتبر ديونا لأصحابها على البنوك التى تصدر السندات وتأخذ فى الزكاة حكم الديون المضمونة، وهى الديون التى تكون على معترف بالدين باذل له، ولاخلاف فى وجوب الزكاة فيها، وإنما الخلاف فى وقت وجوبها فذهب الحنفية إلى أنه لا يلزم إخراج الزكاة حتى يقبض الدين ومتى قبضه يزكيه عما مضى .
وقال الشافعى يجب عليه إخراج الزكاة فى الحال وإن لم يقبضه، ونختار وجوب إخراج الزكاة متى قبضه، وما يقبضه إن بلغ نصاب الزكاة وحال عليه الحول وفاض عن حوائجه يخرج عنه ربع العشر، ويعتبر الحول من تاريخ شراء السندات .
والله أعلم(1/146)
زكاة حلى المرأة
F حسن مأمون .
17 جمادى الثانى 1377 - هجرية 7 يناير 1958 م
M 1 - تجب الزكاة فى الذهب مضروبا كان أو غير مضروب آنية كان أو حليا للتجارة كان أو لغيرها للنساء كان أم لا .
2 - ما غلب ذهبه من المصنوعات فحكمه حكم الذهب الخالص والمعتبر فيه الوزن وجوبا وأداء .
3 - زكاة الحلى على الزوجة لا على زوجها، والواجب فيه ربع العشر إذا تحققت شروط الزكاة عند الحنفية .
4 - مذهب المالكية عدم وجوب الزكاة فى حلى النساء، وتجب عندهم فيما اتخذ لأغراض أخر كما تجب فى المدخر منها للتجارة .
5 - مذهب الشافعية أن ما اتخذ من الذهب إن استعمل فى مباح كحلى النساء فلا زكاة فيه، وإن استعمل فى محرم كالآنية أو كان للاقتناء أو للتجارة تجب فيه الزكاة
Q من السيدة / ج أ م أنها تملك مصوغات من الذهب، هل تجب زكاتها فى مالها أو فى مال زوجها وما هى شروط أدائها
An إن المنصوص عليه فى مذهب الحنفية أن الزكاة تجب فى الذهب مضروبا كان كالنقود أو غير مضروب كالتبر كما تجب فى آنية وحليه سواء نوى بها التجارة أو التجميل أو النفقة أو لم ينو شيئا، وسواء كانت للنساء أو لا قدر الحاجة أو فوقها لأنه من الأثمان خلقة فتجب الزكاة فيه كيفما كان - وما غلب ذهبه حكمه حكم الذهب الخالص والمعتبر فيه الوزن وجوبا وأداء ونصاب الذهب الذى تجب فيه الزكاة عشرون مثقالا وفيها ربع العشر متى حال عليها الحول وكانت فارغة عن حوائج مالكها الأصلية وعن الدين الذى له مطالب من جهة العباد .
ويساوى نصاب الذهب من العملة المصرية - أحد عشر جنيها وثمانمائة وخمسة وسبعون مليما - فمتى كانت المصوغات المسئول عنها قد حال عليها الحول فارغة عن حوائج السائلة وعن الدين الذى له مطالب من جهة العباد وبلغت قيمتها 11 جنيها و 875 مليما بالعملة المصرية وجبت زكاتها على السائلة من مالها لا من مال زوجها، والواجب فيها هو ربع العشر من قيمتها أى 1/40 منها فإذا كانت قيمة هذه المصوغات أكثر من قيمة النصاب السابقة ينظر فإن بلغ الزائد عن النصاب خمس النصاب وجب فيه ربع العشر عند الإمام وفيما زاد عن الخمس بحسابه، وإن كان الزائد أقل من الخمس لم تجب فيه الزكاة عنده وعند الصاحبين تجب الزكاة فى الزائد عن النصاب بالغا ما بلغ وفيه ربع العشر هذا هو الحكم عند الحنفية وأما المالكية فقد ذهبوا كما جاء فى مواهب الجليل جزء 2 إلى أنه لا زكاة فيما تتخذه المرأة من الحلى للباسها أو للباس بنتها كما لا زكاة فيما اتخذه الرجل من الحلى لتلبسه زوجته أو بنته إذا كانت موجودة واتخذه لها لتلبسه الآن .
وتجب الزكاة فيما اتخذ من الحلى لغير ذلك من الأغراض كالأوانى والمكحلة الخ، كما تجب فى الحلى المدخرة للتجارة وذهب الشافعية كما جاء فى المجموع إلى أن المتخذ من الذهب إما أن يعد للاستعمال المباح أو لا، فإن استعمل فى مباح كحلى النساء وما أعد لهن ففيه قولان قول بعدم وجوب الزكاة فيه وقول بوجوب زكاته، وقال صاحب المجموع إن الشافعى استخار الله واختار هذا القول وإن كان ما أخذ من الذهب أعد للقنية أو التجارة أو للاستعمال المحرم كأوانى الذهب وما يتخذه الرجل لنفسه من سوار أو طوق أو خاتم ذهب إلى غير ذلك فإنه تجب فيه الزكاة، أى أن فى مذهب الشافعية قولين فى حلى الذهب الأول قول بوجوب الزكاة فيها مطلقا الثانى قول بالتفصيل فإن استعملت استعمالا مباحا كحلى النساء لم تجب فيها الزكاة، وإن استعملت على وجه محرم كأوانى الذهب مثلا وجبت فيها الزكاة .
وهو ما نختاره ونفتى به . والله أعلم(1/147)
زكاة الأموال وعروض التجارة عن السنوات الماضية
F حسن مأمون .
5 مايو 1958 م
M 1 - الزكاة واجبة فى المال الموجود فى آخر الحول متى بلغ نصابا وحال عليه الحول .
2 - بقاء الأموال عند مالكها أعواما بدون إخراج زكاتها يقتضى إخراج زكاتها عن جميع الأعوام السابقة .
3 - تضم الديون التى له على الغير إلى ماله الذى تحت يده ويخرج الزكاة عن الجميع .
4 - تخصم ديونه إن كانت، من المال ثم يخرج الزكاة عن الباقى فقط .
5 - إذا كانت له ديون على فقير فلا يجوز لمن وجبت عليه الزكاة إبراء ذمة مدينه واحتساب ذلك من الزكاة .
6 - يجوز إعطاء الفقير المدين زكاة المال ثم أخذها منه عن دينه وسيلة لأخذ دينه منه .
7 - لا يجوز احتساب أى ضريبة تفرضها الحكومة على المواطنين من الزكاة الواجبة فى مالهم
Q من / ح ت ص التاجر ببور سعيد بشأن بيان حكم الزكاة فى المال وفى عروض التجارة، وهل يخرج الزكاة عن المال الذى زكاه فى السنين الماضية أو يخرجها عما زاد عن قيمته فى السنين الماضية فقط، وما الحكم إذا كان على صاحب المال الواجب فيه الزكاة ديون أو كان له ديون عند آخرين، وإذا كان صاحب المال يدين آخر بمبلغ هل يجوز تركه له من أصل الزكاة الواجبة على الدائن فى ماله إذا كان المدين معسرا مع إخباره بذلك، وهل يصح احتساب ضرائب الأرباح التى فرضتها الحكومة من الزكاة الواجبة، وإذا كان ذلك غير جائز فهل يصح احتساب ضريبة الدفاع من الزكاة لأن مصرفها دينى وهو الدفاع عن الوطن
An إن الزكاة فرض عند الحنفية على كل مسلم عاقل بالغ حر يملك نصابا حال عليه الحول وكان فارغا عن الدين وحوائجه الأصلية وحوائج عياله ناميا ولو تقديرا .
فمن ملك نصابا من أحد الأنواع التى تجب فيها الزكاة شرعا ومضى عليه فى ملكه سنة قمرية أيامها 354 يوما، وكان فاضلا عن حاجته الأصلية وعن دين له مطالب من جهة العباد ناميا حقيقة بالتوالد والتناسل وبالتجارة أو تقديرا بأن يتمكن من الاستنماء بأن يكون المال فى يده أو يد نائبه، لأن الآثمان لا يشترط فيها النماء حقيقة وإنما يشترط فقط القدرة عليه لأنها بخلقتها نامية بالتجارة، فإن لم يتمكن من الاستنماء فلا زكاة عليه لفقد شرطها وذلك مثل مال الضمار كالمغصوب والمفقود بلا بينة عليه والمدفون فى برية لا يعرف مكانه والساقط فى البحر .
فمن ملك نصابا توفرت فيه الشروط السابقة وجبت فيه الزكاة، ويختلف الواجب باختلاف نوع المال المملوك، فمن كان عنده نصاب من الأثمان أى الذهب أو الفضة أو أوراق البنكنوت بأن كانت قيمة الذهب أحد عشر جنيها وثمانمائة وخمسة وسبعين مليما وقيمة الفضة أو البنكنوت خمسمائة وثلاثون قرشا تقريبا وجب فيه ربع العشر، والمعتبر كمال النصاب أول الحول وآخره فإذا كمل فيهما ونقص أثناء الحول وجبت الزكاة فى المال الموجود فى آخر الحول، وقد اشترط حولان الحول فى المال المزكى إذا كان من الأثمان أو عروض التجارة لأن مضى الحول مظنة النماء فيكون إخراج الزكاة من الربح وذلك أسهل وأيسر .
وقد سبق أن حقيقة النماء لم يشترط إلا فيما عدا الأثمان، أما الأثمان فيكفى فيها اشتراط النماء ولو تقديرا وذلك بمضى الحول عليها عند مالكها لأن مضيه دليل نمائها عادة، فاعتبار حولان الحول ضرورى حتى لا يتعاقب وجوب الزكاة فى الزمن الواحد مرات فينفد مال المالك، ففى نهاية كل حول يحصر المزكى ماله، فإن بلغ نصاب الزكاة من أى نوع أخرجها ويضم المستفاد أثناء الحول إلى أصله إذا كان من جنسه ويزكى الجميع ولو كان قد سبق للمالك أنه زكاة قبل ذلك، لأن النصاب كما ذكر صاحب البدائع بعد مضى الحول عليه يجعل متجددا حكما كأنه انعدام الأول وحدث آخر لأن شرط الوجوب وهو النماء يتجدد بتجدد الحول فيصير النصاب كالمتجدد، وهذا بالنسبة لزكاة الأموال التى هى أثمان .
وأما بالنسبة لزكاة الأموال التى هى أثمان .
وأما بالنسبة لعروض التجارة وهى ما عدا الأثمان من الأموال غير السائمة على اختلاف أنواعها من النبات والعقار والثياب وسائر المال الموجود للتجارة فإن الزكاة تجب فيها متى بلغت قيمتها نصابا من الذهب أو الفضة وحال عليها الحول على الوجه السابق ونوى مالكها بها التجارة واقترنت نيته بفعل التجارة وكانت العين صالحة لنية التجارة، ففى نهاية كل عام تقوم العروض التى توفرت فيها الشروط السابقة بأحد النقدين الذهب أو الفضة أو البنكنوت فإذا بلغت بأيها نصاب الزكاة وجب إخراج ربع عشرها، وإن بقيت عند مالكها أعواما بدون زكاة ثم باعها بعد ذلك فعليه زكاته لجميع الأعوام لا لعام واحد فقط، وإذا كان مالك النصاب له دين عند غيره فإنه يجب عليه ضم ما يقبضه منه إلى ما فى يده من المال وإخراج زكاة الجميع مرة واحدة لأن المقبوض من الدين فى هذه الحالة بمثابة المستفاد أثناء السنة وفى مثله يجب ضمه للأصل وإخراج زكاة الجميع وقدرها ربع العشر كما سبق إذا كان المال من الأثمان أو عروض التجارة وتوفرت فيه شروطه السابقة، وإذا كان على صاحب المال الواجب فيه الزكاة ديون خصمت قيمتها من المال الذى فى يده لأن المشغول بالدين من الحوائج الأصلية فلا تجب فيه الزكاة، وما بقى بعد ذلك تجب فيه الزكاة على الوجه السابق إن بلغ نصاب الزكاة من أى نوع بعد توفر وشروط اخراجها السابقة .
وإذا كان لمن وجبت عليه الزكاة ديون على فقير لم يجز للمزكى صاحب الدين أن يبرىء مدينه من دينه وحسبانه من الزكاة الواجبة عليه فى ماله الآخر المملوك له والواجب فيه الزكاة غير هذه الدين .
قال ابن عابدين فى حاشيته رد المحتار لا يجوز أداء الدين عن العين كجعله مافى ذمة مديونه زكاة لماله الحاضر، ثم قال وحيلة الجواز فيما إذا كان له دين على معسر وأراد أن يجعله زكاة عن عين عنده أو عن دين له على آخر سيقبض أن يعطى مديونه الفقير زكاته ثم يأخذها منه ثانية عن دينه ونقل عن الأشباه قولها وهو أفضل من غيره لأنه يصير وسيلة إلى إبراء ذمة المديون .
هذا ولا يصح احتساب أى نوع من أنواع الضرائب التى تفرضها الحكومة على المواطنين فى أموالهم وكسبهم وإيرادهم من الزكاة الواجبة فى مالهم، لأن ما تفرضه الحكومة منها يصرف فى وجوه ومصالح تحقق الخير للمواطنين ولكنها ليست خاصة بالمصارف الشرعية التى بينت الشريعة أنواعها وأوجبت أداء الزكاة إليه جميعها أو إلى بعضها، وفضلا عن ذلك فإن هذه الضرائب لا تنطبق عليها ما هية الزكاة شرعا، لأنها تختلف فى مقاديرها وشروطها عن مقادير الزكاة وشروطها التى بينتها الشريعة وبدونها لا يتحقق معنى الزكاة والله أعلم(1/148)
التبرع للحرب من مال الزكاة جائز
F أحمد هريدى .
11 يوليه 1967 م
M1 - دفع المال للمجهود الحربى بنية الزكاة عند الدفع جائز لأنه مصرف من مصارف الزكاة
Q من السيد / أ خ ع هل التبرع للمجهود الحربى لتحرير الأرض والذود عن الدين ضد الاستعمار والصهيونية يمكن احتساب ذلك من زكاة المال أو لا يجوز ذلك
An بين الله تعالى مصارف الزكاة فى قوله سبحانه { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، وهذه المصارف محددة والفقهاء متفقون على تحديد المراد منها فيما عدا المصرف المعبر عنه بقوله تعالى { وفى سبيل الله } فإنهم قد اختلفوا فى تحديد المراد منه والأكثرون على أن المراد منه الغزاة .
والغزاة هم جند المسلمين الذين يعدون ويجهزون للدفاع عن الوطن ويردون عنه العدو ويقومون على حماية الدين وتأمين الدعوة الإسلامية، والإنفاق على الغزاة يشمل كل ما يحتاجه جند الوطن الإسلامى ويعينهم على أداء واجباتهم والقيام بها على الوجه المطلوب من عتاد وسلاح وتموين وكل ما يلزم .
والقوات المسلحة هى درع الوطن وحماة البلاد والمدافعون عن الدين ضد الأعداء ومن يريدون النيل من البلاد، فهم الذين عبر عنهم الفقهاء بالغزاة، وهم بالتالى مصرف من مصارف الزكاة والمجهود الحربى الذى فتحت الدولة باب التبرع له يشمل فيما يشمل إعداد القوات المسلحة وتجهيزها بما يلزمها فى القيام بواجب الدفاع، فالدفع إليه أداء لواجب الزكاة فى مصرف من مصارفها، غير أنه يجب لاعتبار المبلغ المدفعوع للمجهود الحربى من الزكاة الواجبة شرعا فى المال على صاحبه أن ينوى عند الدفع أن يكون المبلغ المدفوع زكاة ماله .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله تعالى أعلم(1/149)
زكاة الأرض العشرية والخراجية
F أحمد هريدى .
19 أغسطس 1967 م
M 1 - يجب العشر فى زكاة الزروع والثمار إذا كانت الأرض عشرية وكانت تسقى من المطر أو المصارف ونحوها، ونصف العشر إذا كانت تسقى بالآلات قل الخارج منها أو كثر، وتجب الزكاة فى كل الخارج دون خصم نفقات الزراعة وذلك عند الحنفية .
2 - لا يشترط فى وجوبها نصاب ولا حولان حول عند الحنفية ويشترط عند غيرهم نصاب معين قدره 50 خمسون كيلة بالكيل المصرى .
3 - لا يجب فى الخارج من الأرض الخراجية زكاة عند الحنفية .
4 - تكون زكاة القطن فيما عدا ما يسلم للحكومة من محصوله كنصيب لها فيه بدون خصم تكاليف الزراعة ولا قيمة الإيجار
Q من الحاج / أ م ك قال إن الحكومة قد منحته إثر بناء السد العالى خمسة أفدنة لزراعة القمح وخمسة أفدنة لزراعة الفول السودانى وخمسة أفدنة لزراعة القطن، وأن محصول القطن مشترط بينه وبين الحكومة وباقى المحاصيل ملك خاص له، وأن الحكومة تقدم له مياه الرى مجانا ويتكفل هو بعد ذلك بجميع المصاريف الزراعية .
وطلب السائل الإفادة عن قيمة الزكاة الواجبة على هذه المحاصيل
An المنصوص عليه فى مذهب الحنفية أن الواجب فى زكاة الزرع والثمار العشر إذا كانت خارجة من أرض تسقى بالمطر أو المصارف ونحوها، ونصف العشر إذا كانت خارجة من أرض تسقى بآلات كالآلات الميكانيكية أو البخارية ونحوها .
سواء كان الخارج من الأرض قليلا أو كثيرا فتجب الزكاة من كل الخارج دون أن تخصم منه النفقات ولا يشترط نصاب ولا حولان حول، ولا يجب شىء فى الخارج من الأرض الخراجية عندهم .
واشترط غير الأحناف أن يبلغ الخارج من الأرض نصابا معينا قدره أربعة أرادب وكيلتين بالكيل المصرى .
وعلى ذلك وتطبيقا للمذهب الحنفى الذى نميل إلى الإفتاء به يكون الواجب على السائل عشر الخارج من أرضه إن كانت تسقى بالمصارف ونحوها، ونصف العشر إن كانت تسقى بآلات ونحوها .
وذلك بعد استبعاد نصيب الحكومة فى محصول القطن وسواء أكان الخارج قليلا أو كثيرا، وبدون خصم تكاليف هذه الزراعة ولا قيمة الإيجار بل تجب فى جميع الخارج من الأرض غير الخراجية .
والله أعلم(1/150)
صندوق التوفير والزكاة
F أحمد هريدى .
3 فبراير 1968 م
M 1 - مبالغ صندوق التوفير تعتبر من قبيل الوديعة فتكون كالمال المحوز لدى صاحبه وتجب زكاته متى بلغ نصابا وحال عليه الحول .
2 - مقدار النصاب مائتا درهم من الفضة وعشرون مثقالا من الذهب ويرجع فى تقدير ذلك بالعملة المحلية لأهل الخبرة
Q من / ن م ط قالت إنها أودعت أموالا مملوكة لها صندوق توفير البريد ابتداء من شهر أكتوبر سنة 1962 حتى شهر سبتمبر سنة 1967 وقد بلغ جملة الصافى المستحق الصرف لها هو مبلغ 267 جنيها رصيدها الآن .
وطلبت السائلة بيان الحكم الشرعى فى كيفية إخراج زكاة المال ومصرفها
An المبالغ التى يضعها الشخص فى صندوق التوفير تعتبر من قبيل الوديعة فتكون كالمال المحوز لدى صاحبه والذى تحت يده .
ومال هذا شأنه تجب فيه الزكاة متى بلغ النصاب المحدد شرعا وهو مائتا درهم فى الفضة وعشرون مثقالا فى الذهب، ويرجع فى تقدير قيمة هذا النصاب بالعملة الحاضرة إلى المختصين بتحديد قيمة الذهب والفضة، وقد ألح أكثر الفقهاء الأوراق المالية البنكنوت بالمال فى وجوب الزكاة فيها .
فإذا كانت المبالغ التى أودعتها السائلة صندوق التوفير قد بلغت هذا النصاب وتوافرت سائر الشروط التى نص عليها الفقهاء وجبت فيها الزكاة شرعا .
والقدر الواجب إخراجه فى ذلك هو ربع العشر ويقدر ب 5ر2 % ( فى المائة ) وتقدر قيمة أوراق - البنكنوت - بحسب ما يساويه قيمتها من الذهب أو الفضة، وإذا كانت قيمتها تبلغ نصابا على أحد التقديرين ولا تبلغ على التقدير الثانى فيجب الأخذ بالتقدير الذى تبلغ به النصاب مراعاة لمصلحة الفقير، ومصارف الزكاة هى المبينة فى قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله تعالى أعلم(1/151)
الاستعانة بالزكاة فى الزواج
F أحمد هريدى .
7 ديسمبر 1968 م
M 1 - الزكاة ركن من أركان الإسلام وهى تمليك جزء معين من المال شرعا لفقير مسلم مع قطع المنفعة عن المملك من كل وجه وتجب بشروط معينة .
2 - لا يجوز شرعا منع مقدار الزكاة الواجب بسبب تزويج الأولاد أو أولاد الإخوة .
3 - تزويج الأولاد ليس من القرب التى يجوز صرف الزكاة فيها
Q من السيد / ع ج ح بطلبه المتضمن أن السائل يخرج زكاة الزراعة سنويا من كل محصول حبوب وأن محصول الأرز هذا العام أى عام سنة 1968 فيه مانع يمنع السائل من إخراج زكاته هذا المانع هو أن السائل يريد أن يستعين بمقدار ما يخرجه من زكاته فى تزويجه لأولاده وأولاد إخوته الذين يزرعون هذه الأرض ويخرجون منها هذه المحاصيل بكدهم وعرق جبينهم .
وطلب السائل بيان حكم الشرع فى هذا الموضوع، وهل يجوز له أن يستعين بمقدار الزكاة فى تزويج أولاده وأولاد إخوته أم لا يجوز له ذلك شرعا مع أنه يتعهد بالمداومة على صرف الزكاة بعد هذا العام، وما المفروض والواجب عليه شرعا إزاء هذا الأمر
An الزكاة ركن من أركان الإسلام، وعرفها الفقهاء بأنها تمليك جزء من المال معين شرعا من فقير مسلم مع قطع المنفعة عن المملك من كل وجه وتجب على من توافرت فيه الشروط التى نصوا عليها فى كتب الفقه، وذكروا أن مصارف الزكاة سواء أكانت زكاة مال أو عروض تجارة أو صدقة فطر أو زكاة زروع وثمار هى المبينة فى قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، والأصناف الواردة فى الآية الكريمة عبارة عن فئات وطوائف من المسلمين لم يقع خلاف بين الفقهاء فى تحديدها وفهم المراد منهم إلا قوله تعالى { وفى سبيل الله } فقد اختلف الفقهاء فى تفسيره ، ففسره الجمهور بالغزاة ( المجاهدون فى سبيل الله ) وفسره بعضهم بمنقطعى الحجيج، وفسره صاحب البدائع من الحنفية بجميع القربات وحتى على هذا التفسير فليس تزويج أبناء السائل وأبناء إخوته من القرب التى يجوز صرف الزكاة فيها .
وإذن فلا يجوز للسائل شرعا أن يمنع صرف الزكاة الواجبة عليه شرعا فى محصول أرز هذا العام بسبب تزويجه أولاده وأولاد إخوته، بل الواجب عليه شرعا أن يخرج من هذا المحصول الزكاة التى أوجبها الشارع الحكيم عليه، ومقدارها عشر جميع الخارج من الأرض إذا كانت هذه الأرض تسقى بماء المطر أو المصارف ونحوها ( أى من غير آلات ) ونصف العشر لجميع الخارج من الأرض أيضا إذا كانت خارجة من أرض تسقى بآلات كالآلات الميكانيكية والبخارية ونحوها، وإن كانت تسقى بآلات وبغير آلات فالعبرة بالأغلب، فإن كان الأغلب بالآلات فالواجب نصف العشر، وإن كان الأغلب بغير الآلات فالواجب العشر، ويكون العشر أو نصفه من جميع الخارج من الأرض كما أشرنا إليه سابقا دون خصم النفقات وما تأخذه الحكومة من حيازة وخلافه، وللسائل أن يتصرف فى الباقى من محصوله بعد إخراج الزكاة من مصالحه الخاصة من تزويج أولاده وأولاد إخوته وغير ذلك .
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم(1/152)
زكاة مال القاصر
F أحمد هريدى .
8 شوال 1386 هجرية - 17 ديسمبر 1969 م
M 1 - لا زكاة فى مال القاصر عند الحنفية لا شتراطهم البلوغ فى الزكاة .
2 - تجب فيه الزكاة عند الأئمة الثلاثة لأن الزكاة حق المال عندهم ولأنها أنفع للفقير .
3 - سندات بنك مصر من عروض التجارة وتجب الزكاة فيها شرعا
Q من السيد / ص م أ بطلبه المتضمن أن السائل له بنات ثلاثة وهن ماجدة وسنها 14 سنة وقد أودع لها بالبريد مبلغ ( 200 ) جنيه بدفتر توفير باسمها وقد اشترى لها 25 سندا من بنك مصر باسمها أيضا، وفاء وسنها 12 سنة وقد أودع لها بالبريد مبلغ ( 700 ) جنيه بدفتر توفير باسمها وبالحساب الجارى، وسلوى وسنها 10 سنوات وقد أودع لها بالبريد مبلغ ( 737 ) جنيه بدفتر توفير باسمها وبالحساب الجارى وأن البنات الثلاث تلميذات بالمدارس، وقد أودع لهن هذه المبالغ لتكون عونا لهن على مصاريف المدارس ومصاريف الجهاز إذا تزوجت واحدة منهن، وقرر السائل أنه ولى شرعى على البنات الثلاث .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى زكاة هذه الأموال، وهل يجب عليه أن يخرج زكاتها بصفته وليا شرعيا على بناته المذكورات أم لا يجب عليه ذلك شرعا
An المقرر شرعا فى مذهب الحنفية أنه يشترط فى وجوب الزكاة البلوغ، وعلى ذلك فلا زكاة على الصغير لأنها عبادة والصغير ليس أهلا للعبادة .
وبناء على ذلك فلا تجب زكاة شرعا على أى بنت من بنات السائل إلا إذا بلغت إما بالسن بأن بلغت خمسة عشر عاما أو بالعلامات بأن رأت دم الحيض .
ومتى بلغت واحدة منهن أخرجها عنها السائل بصفته وليا شرعيا عليها والمقدار الواجب إخراجه زكاة عن المال المودع هو ربع العشر، وسندات بنك مصر تعتبر شرعا من عروض التجارة وتجب فيها الزكاة متى بلغت قيمتها نصاب الزكاة وقدره 11جنيها و875 مليما وهذا بشرط أن يحول الحول على هذا المال وأن يكون فارغا عن الحوائج الأصلية .
أما مذاهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد بن حنبل فهو وجوب الزكاة على الصغير لأن الزكاة حق المال ولأنها أنفع للفقير .
وللسائل أن يقلد المذهب الذى يراه .
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/153)
مصارف الزكاة الشرعية
F أحمد هريدى .
29 يناير 1966 م
Mلا يجوز صرف شىء من مال الزكاة فى وضع أساس مدرسة أو إنارة قرية أو غير ذلك من المشاريع التى يزمع المكتب التنفيذى إنشاءها بالقرية إلا فى بناء المساجد
Q طلب المكتب التنفيذى لمركز السنطة - مصر- بكتابه المتضمن أن المكتب اقترح جمع قدح عن كل إردب من زكاة الحبوب مثل القمح والأذرة والأرز للصرف منها على تعمير مسجد أو وضع أساس مدرسة أو إنارة قرية أو غير ذلك من المشروعات الخاصة بالقرية بالمجموع منها الزكاة .
وطلب الإفادة عن الحكم الشرعى
An نفيد أن مصارف الزكاة بينها الله سبحانه وتعالى فى قوله { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، والأصناف الواردة فى الآية الكريمة عبارة عن فئات وطوائف من المسلمين لم يقع خلاف بين الفقهاء فى تحديدها وفهم المراد منها إلا قوله تعالى { وفى سبيل الله } فقد اختلف الفقهاء فى تفسيره وفهم المراد منه، ففسره جمهور الفقهاء بالغزاة - القوات المسلحة - وفسره بعضهم بمنقطعى الحجيج، وفسره صاحب البدائع من الحنفية بجميع القربات .
ونقل القفال الشافعى فى تفسيره عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه البر من تكفين الموتى وبناء الحصون والمساجد وتعميرها لأن قوله تعالى { وفى سبيل الله } عام فى الكل .
وقد ذكر ذلك الفخر الرازى فى تفسيره بعد أن قال اعلم أن ظاهر اللفظ فى قوله تعالى { وفى سبيل الله } يوجب القصر على الغزاة القوات المسلحة ثم ساق عبارة القفال السابقة .
ويتبين مما تقدم أن المشروعات التى يزمع المكتب التنفيذى القيام بها من حصيلة الزكاة التى يجمعها من المقدار الواجب على من وجب عليه الزكاة لا تعتبر فى جملتها من مصارف الزكاة شرعا حتى على رأى من يتوسع فى تفسير قوله تعالى { وفى سبيل الله } ومن ثم لا نرى جواز صرف شىء من مال الزكاة فى تلك المصارف اللهم إلا بناء المساجد .
هذا وقد اشترط الفقهاء عند إخراج الزكاة نية مقارنة للأداء أو عند عزل القدر الواجب فى مال المزكى أو عند دفعه إلى من ينوب عنه فى مصارف الزكاة، فلو دفع من وجبت عليه الزكاة إلى من ينوب عنه فى الدفع ولم يكن قد قصد أن يكون من الزكاة الواجبة عليه فلا تبرأ ذمته من إيتاء الزكاة ويكون ما أداه صدقة من الصدقات(1/154)
زكاة الوقف
F أحمد هريدى .
9 جمادى الآخرة 1394 - هجرية 29 يونيه 1974 م
Mلا زكاة شرعا فى ثمار النخل وشجر الزيتون المزروع فى فناء المسجد أو المحيط به قياسا على البستان الملحق بالدار .
إلا إذا كان موقوفا على المسجد وليس فى فنائه ولا تابعا له فتجب
Q من السيد / أ ح م بطلبه المتضمن أن السائل يعمل إماما ومؤذنا بمسجد العتيق ببلدة سيوة، وأن هذا المسجد له نخيل وشجر زيتون متفرقة بمطايا سيوه، وأن السائل يجمع كل عام محصول النخل وشجر الزيتون ويتصرف فيه فينفق من ريعه على أكله وشربه وملبسه وأن السائل رجل فقير جدا لا مال له ولا شىء ينفق منه سوى ريع هذا النخيل وهذا الشجر وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما إذا كانت تجب الزكاة شرعا فى ثمر النخيل والزيتون الناشىء من شجر الزيتون التابع للمسجد العتيق المذكور أم لا
An المقرر فقهاء أن الأشجار المزروعة فى فناء الدار أو المحيطة بها ولو كانت بستانا لا تجب فيها الزكاة شرعا لأنها تبع للدار ولا زكاة فى الدار .
وقد جاء فى كتاب رد المحتار على الدار المختار للعلامة ابن عابدين فى الجزء الثانى صحيفة رقم 71 فى باب زكاة الزرع والثمار ما نصه وكذلك ثمر بستان الدار لأنه تابع لها كما فى قاضيخان قهستانى .
وعلى ذلك فإذا كان النخل وشجر الزيتون فى الحادثة موضوع السؤال فى فناء المسجد وملحق به كان تابعا للمسجد ولا زكاة فيه شرعا أسوة بالبستان الملحق بالدار كما شرحناه قبلا أما إذا كان النخل وشجر الزيتون موقوفا على المسجد وليس فى فنائه ولا تابع له فإن الزكاة فى ثمره واجبة شرعا على الزرع سواء أكان هو الواقف أو المستأجر من الواقف على القول المفتى به لأن الزكاة تجب فى الأرض الموقوفة .
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم .
ے(1/155)
دفع الزكاة إلى القريب
F محمد خاطر .
7 أبريل 1977 م
M 1 - يجوز للمزكى دفع زكاته إلى أقاربه عدا أصله وفرعه وزوجته لإتصال المنفعة بينهم فلا يتحقق التمليك على الكمال .
2 - لو دفع زكاته إلى من نفقته واجبة عليه من الأقارب جاز إذا لم يحتسبها من النفقة
Q من السيد المهندس / ص م أ المدرس المساعد بكلية هندسة الإسكندرية بطلبه المتضمن أن للسائل رصيدا من المال يستحق الزكاة، وأنه يقوم بالمعاونة فى الإنفاق على أسرته بمبلغ من المال شهريا نظرا لوفاة والده .
وطلب السائل الإفادة عما إذا كان يمكن إدخال هذا المبلغ تحت بند الزكاة أو لابد من إخراج زكاة المال أيضا .
وإذا كان لابد من إخراج الزكاة، فهل يمكن إعطاؤها أيضا لأسرته
An حددت الآية الكريمة مصارف الزكاة فى قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، كما نص الفقهاء على أن المزكى لا يدفع زكاته إلى أصله وإن علا أو إلى فرعه وإن سفل أو إلى زوجته، لأن المنافع بينهم متصلة فلا يتحقق التمليك على الكمال ، ويجوز له أن يدفع زكاته إلى من سوى هؤلاء من القرابة كالإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات الفقراء بل فى الدفع إليهم أولى لما فيه من الصلة مع الصدقة .
وعلى هذا التفصيل فإذا كانت الأسرة التى يعنيها السائل فى سؤاله هى أصله وإن علا أو فرعه وإن سفل أو زوجته فلا يجوز أن يحسب ما أعطاهم إياه على سبيل المعاونة من الزكاة، كما لا يجوز أن يعطيهم من مال الزكاة شيئا لما سبق بيانه أما إذا كانوا غير هؤلاء من الأقارب وكانوا فقراء فإنه يجوز له أن يعطيهم من زكاة ماله بل هم أولى من غيرهم .
لما جاء فى الفتاوى الظهيرية معزيا إلى أبى حفص الكبير لا تقبل صدقة الرجل وقرابته محاويج فيسد حاجتهم .
كما نص على أنه لودفع زكاته إلى من نفقته واجبة عليه من الأقارب جاز إذا لم يحتسبها من النفقة .
ومما ذكر يعلم الجواب إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/156)
زكاة الأرض المعدة للبناء
F محمد خاطر .
15 محرم 1398 هجرية - 25 ديسمبر 1977 م
M 1 - لا تجب فى الأرض المعدة للبناء زكاة إلا إذا نوى التجارة بشأنها وكانت النية مقارنة لعقد التجارة واستوفت شروط الزكاة .
2 - من اشترى شيئا للقنية ناويا أنه إن وجد ربحا باعه لا زكاة عليه
Q من السيدة / أ م غ بطلبها المتضمن أن السائلة لها زوج يعمل بالسعودية، وأنها هى وزوجها قد تمكنا من ادخار مبلغ من المال، وقد قاما بشراء قطعتين من الأرض المعدة للبناء بهذا المبلغ المدخر على أن يقوما بالبناء على قطعة منهما والأخرى يبيعانها للمساهمة بثمنها فى تكاليف البناء عندما يتيسر حالهما، أو يبقيان القطعة الأخرى كضمان لمستقبل أولادهما إذا تمكنا من البناء بدون احتياج لثمن هذه القطعة .
وطلبت السائلة بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان المال المدخر الذى اشتريت به قطعتا أرض البناء يخضع لزكاة المال أو لأى زكاة أخرى، وبأى نسبة تحتسب إذا كان يخضع للزكاة
An المنصوص عليه فقها أن دور السكنى لا تجب فيها زكاة .
والأراضى المعدة للبناء وليست للتجارة تلحق بدور السكنى فلا تجب فيها أيضا زكاة لأنها أرض غير منتجة، فلا هى أرض زراعية تجب فيها زكاة الزروع ولا هى مبنية تستغل بالاستئجار وعلى ذلك ففى الحادثة موضوع السؤال تكون قطعة الأرض الأولى المعدة للبناء ملحقة بدور السكنى فلا تجب فيها زكاة وكذلك تكون القطعة الثانية أيضا التى تقول السائلة بشأنها إما أن تبيعها إن احتاجت إلى ثمنها فى البناء أو تتركها لأولادها، فلا يكون فيها زكاة إلا إذا نوت التجارة بشأنها وكانت النية مقارنة لعقد التجارة واستوفت شروط الزكاة إذ قد نص فى كتاب الدر المختار على متن تنوير الأبصار الجزء الثانى فى الزكاة ص 18، 19 ما نصه والأصل أن ما عدا الحجرين - الذهب والفضة - والسوائم إنما يزكى بنية التجارة بشرط عدم المانع المؤدى إلى الثنى ( أخذ الصدقة مرتين ) وشرط أن تكون النية مقارنة لعقد التجارة ولو نوى التجارة بعد العقد أو اشترى شيئا للقنية ناويا أنه إن وجد ربحا باعه لا زكاة عليه ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/157)
زكاة الشقة المؤجرة
F محمد خاطر .
23 ربيع الأول 1398 هجرية - 2 مارس 1978 م
M 1 - لا تجب زكاة فى الدور المعدة للسكنى .
2 - الدور المعدة للاستغلال تجب الزكاة شرعا فى الإيراد الناتج عن استغلالها متى توفرت فيه شروط الزكاة .
3 - مقدار الواجب هو ربع العشر
Q من السيد / م م ع بطلبه المتضمن أن شخصا مسلما بنى بيتا من شقتين تكلف بناؤه بما فى ذلك ثمن الأرض حوالى ثلاثة آلاف جنيه، ويسكن هذا الشخص هو وأولاده فى إحدى الشقتين، ويؤجر الشقة الأخرى بمبلغ ( 100 ) جنيه مائة جنيه .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى كيفية إخراج هذا الشخص للزكاة وما مقدارها شرعا
An المنصوص عليه شرعا أن الدور المعدة للسكنى لا تجب فيها زكاة .
كما أن الزكاة لا تجب شرعا على الشخص إلا إذا كان مالكا للنصاب، ويشترط أن يحول عليه الحول، وأن يكون فارغا عن حوائجه الأصلية وحوائج من تجب عليه نفقتهم شرعا .
أما الدور المعدة للاستغلال فتجب الزكاة شرعا فى الإيراد الناتج عن استغلالها متى توفرت فيه شروط الزكاة السابق بيانها ويضاف هذا الإيراد إلى ما عنده من مال، وتجب الزكاة فى الجميع إذا تحققت شروطها وعلى ذلك ففى الحادثة موضوع السؤال لا تجب الزكاة شرعا على الشخص المسئول عنه عن الشقة التى يسكنها هو وأولاده لأنها من حوائجه الأصلية .
وأما إيجار الشقة الأخرى فيعتبر ضمن إيراده على الوجه السابق بيانه ، ويخرج عنها الزكاة متى توفرت الشروط السابق بيانها .
ومقدار الواجب هو ربع العشر أى 5 ر2 % (اثنين ونصف فى المائه ) ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/158)
عدم احتساب ما سدده الضامن من الزكاة
F حسن مأمون .
أول ذو الحجة 1376 هجرية - 29 يونيه 1957 م
M 1 - لا يجوز أداء إلا بنية مقارنة لعزل الواجب منها أو عند أدائه لمستحقه من مصارف الزكاة .
2 - من شروط وجوب الزكاة خلو النصاب عن الدين ولا فرق فى الدين بين أن يكون المدين هو المقترض أو كفيله .
3 - زكاة مال القرض تكون على المقرض ( الدائن ) لا على المقترض المدين .
4 - لا يجوز احتساب ما دفعه الضامن إلى المقرض ( الدائن ) من الزكاة الواجبة عليه فى ماله المتبقى عنده لأنه حين دفعه كان يؤدى دينا عليه فلم يتحقق فيه معنى الزكاة شرعا
Q من السيد / م أ ص يقول أنه ضمن آخر فى دين عليه ولم يسدد المدين هذا الدين وأفلس فقام الضامن السائل بسداده من ماله وأن له مالا آخر تجب فيه الزكاة وسأل هل يجوز له أن يحتسب الزكاة التى تجب عليه فى ماله الخاص من مبلغ ال 2000 جنيها التى سددها بطريق الضمان للدائن
An أن الزكاة شرعا تمليك جزء معين من المال من أحد مصارف الزكاة مع قطع المنفعة عن المملك من كل وجه لله تعالى ولا يجوز أداؤها إلا بنية مقارنة لعزل الواجب منها عن النصاب أو لأدائه لمستحقه من مصارف الزكاة وتجب على الحر المسلم العاقل البالغ اذا ملك نصابا ملكا تاما فى طرفى الحول خاليا عن الدين فاضلا عن حوائجه الأصلية والمراد بالدين الدين الذى له مطالب من جهة العباد ولا فرق فى الدين بين أن يكون المدين هو المقترض أو كفيله لأن كلا منهما مطالب به من المقرض .
ولأن زكاة مال القرض على مالكه المقرض شرعا لا يجب شئ منها على المقترض مطلقا، وكذلك الكفيل قبل أدائه الدين عن المقترض فان أداه كانت زكاة ما أدى من مال القرض واجبة عليه شرعا ولكن يتراخى الأداء الى أن يقبض منه شيئا تجب فيه الزكاة لأنه بأداء الكفيل الدين تبرأ ذمته منه وتبقى ذمة المقترض مشغولة به حتى يؤديه للكفيل الذى يصبح فى هذه الحالة دائنا له بمقدار ما أدى عنه .
فالكفيل حين يؤدى زكاة ما دفعه إلى المقرض من الدين انما يؤدى زكاة مال له على المقترض لأن الدين على المقر به ولو معسرا تجب فيه الزكاة على مالكه وهو هنا الضامن ( الكفيل ) - جاء فى شرح الهداية ( ولو كان الدين على مقر ملىء أو معسر تجب الزكاة لأمكان الوصول اليه ابتداء أو بواسطة التحصيل وقال صاحب الفتح تعليقا على ذلك وقسم أبو حنيفة الدين إلى ثلاثة أقسام قوى وهو بدل القرض ومال التجارة وفيه تجب الزكاة اذا حال الحول ويتراخى الأداء إلى أن يقبض الأربعين درهما ففيها درهم وكذا فيما زاد فبحسابه الخ .
وجاء فى حاشية الدر المختار ما ملخصه وهذا اذا لم يكن له مال آخر غير الدين فان كان له مال غيره ثم قبض من الدين شيئا فانه يجب ضم ما قبض من الدين ولو قليلا الى ما عنده من المال واخراج زكاة الجميع أن بلغ نصابا لأن المقبوض من الدين يكون فى هذه الحالة كالمستفاد أثناء السنة - ومثله يجب ضمه إلى الأصل .
هذا ولا يجب على المقترض شىء من زكاة مال القرض لأنه زكاته واجبة على مالكه وحده ) وعلى ذلك لا يجوز شرعا احتساب ما دفعه السائل إلى المقرض من الزكاة الواجبة عليه فى ماله المتبقى عنده لأنه حين دفعه كان يؤدى دينا عليه فلم يتحقق فيه معنى الزكاة شرعا وهو تمليك جزء من المال الى فقير بنية مقارنة للأداء أو لعزل الواجب فلا يقع هذا الأداء عن زكاة ماله الزائد عن هذا الدين لذلك ولأن الأداء لم يكن لمصرف من مصارف الزكاة وهو الفقير والمسكين الخ .
فعلى أى وجه لا يجوز احتساب مبلغ الألفى جنيه من الزكاة الواجبة على السائل فيما فضل عنده من المال وانما هو مال تجب فيه الزكاة كالمال الذى عنده وكلما قبض السائل منه شيئا من المقترض ضمه إلى ما عنده من المال الذى تجب فيه الزكاة وأدى زكاة الجميع متى كان المجموع نصابا فاضلا عن حوائجه وحال عليه الحول طبقا للنصوص التى ذكرناها آنفا والله سبحانه وتعالى أعلم(1/159)
صدقة الفطر وعلى من تجب
F أحمد هريدى .
29 شوال 1385 هجرية - 19 فبراير 1966 م
M 1 - تجب صدقة الفطر على الحر المسلم الذى يملك قوته وقوت عياله يوم العيد وليله فائضا عن حوائجه الأصلية .
2 - صدقة الفطر تجب على المزكى وعمن تلزمه نفقته شرعا .
وتجب طلوع فجر يوم الفطر ولا تسقط بالتأخير
Q من السيد / م م أ بطلبه المتضمن أنه يعمل بواب عمارة وراتبه الشهرى بملغ 535 قرشا صاغا وأنه يعول أسرة مكونة منه ومن زوجته وبناته الثلاث .
وعنده من القوت ما يكفيه مدة عشرة أيام بعد عيد الفطر وطلب السائل بيان هل تجب عليه صدقة الفطر
An صدقة الفطر واجبة شرعا على الحر المسلم المالك لنصاب فاضل عن حوائجه الأصلية وان لم يكن النصاب ناميا وبه تحرم على مالكه الصدقة عن نفسه وولده الصغير الفقير .
وتجب بطلوع فجر يوم الفطر ولا تسقط بالتأخير وهذا عند الحنفية .
ولم يشترط غير الحنفية من الأئمة الأربعة ملك النصاب لوجوب صدقة الفطر بل أوجبوها على من يملك قوته وقوت عياله يوم العيد وليله فائضا عن حوائجه الأصلية كما أوجبوها على المزكى وعمن تلزمه نفقته، وطبقا لذلك تجب صدقة الفطر على ذلك السائل عند الأئمة الثلاثة عن نفسه وعن زوجته وبناته الثلاث .
ولا تجب عليه عند الحنفية الا اذا كان يملك المبلغ المشار اليه بعد طلوع فجر يوم العيد فاضلا عن حوائجه الأصلية ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال(1/160)
أداء الزكاة لصندوق الخدمات الاجتماعية
F جاد الحق على جاد الحق .
8 ربيع الأول سنة 1399 هجرية - 7 مارس سنة 1979 م
M 1 - مصارف الزكاة أيا كان نوعها مبينة فى الآية رقم 60 من سورة التوبة .
2 - يرى بعض فقهاء المذهب الحنفى أن المصارف المبينة فى قوله تعالى { وفى سبيل الله } وتشمل جميع أوجه البر .
3 - يجوز دفع الزكاة بأنواعها إلى صندوق الخدمات الاجتماعية للعاملين المدنيين بالدولة، باعبتاره وكيلا عن المزكين الدافعين اليه .
4 - على المزكى فى هذه الحالة أن ينوى عند الدفع إلى الصندوق أنه يؤدى زكاة ماله أو فطره حتى تقع موقعها شرعا، ويعتبر بها مؤديا ما فرض عليه .
5 - على الصندوق ألا يعطى مما يدفع اليه من الزكاة مدينا بسبب شرب الخمر أو لعب القمار أو أى فعل محرما شرعا
Q من وزارة الخارجية ومكتب السفير الأمين العام بكتابها المتضمن ان القرار الوزارى رقم 960 لسنة 1974 الصادر بتنظيم الخدمات الاجتماعية للعاملين المدنيين بالدولة تنفيذا للقانون قد نص على أن من أغراض هذا الصندوق - صرف اعانات مالية للمذكورين فى حالات الوفاة أو المرض الذى يستلزم علاجه نفقات تجاوز امكانيات العامل وكذلك صف اعانات فى حالات الكوارث الأخرى وفى سواها من الحالات التى تستدعى ذلك - كما تحددت موارد الصندوق ومن بينها ما يتقرر فى موازنة الوزارة من اعتمادات لهذا الغرض - وكذلك ما يقدم إلى الصندوق من الهيئات والتبرعات وأن البعض قد رغب فى أداء ما يجب عليهم من الزكاة الشرعية سواء كانت زكاة مال أو زكاة فطر إلى هذا الصندوق .
وقد انتهى كتاب الوزارة إلى طلب الافادة بحكم الشرعية الإسلامية فى هذا الشأن وهل يجوز أن يؤدى الزكاة للصندوق المذكور ويسقط بذلك الغرض عن مؤديها
An نفيد بأن مصارف الزكاة أيا كان نوعها مبينة فى قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، ولما كان الثابت أن من أغراض صندوق الخدمات الاجتماعية للعاملين بالوزارة صرف اعانات مالية للمريض الذى يستلزم علاجه نفقات تجاوز امكانياته وفى حالات الكوارث الأخرى وحالات الوفاة .
وكان من المصارف المبينة فى تلك الآية { والغارمين } أى المدينين { وفى سبيل الله } وتشمل جميع أوجه الخير جريا على تفسير لبعض فقهاء المذهب الحنفى، لما كان ذلك .
يجوز دفع الزكاة بأنواعها إلى هذا الصندوق باعتباره وكيلا عن المزكين الدافعين اليه فى توزيع زكواتهم فى مصارفها الشرعية وعلى المزكى فى هذه الحالة أن ينوى عند الدفع إلى الصندوق أنه يؤدى زكاة ماله أو فطره حتى تقع موقعها شرعا ويعتبر بها مؤديا ما فرض عليه .
وعلى الصندوق ألا يعطى مما يدفع اليه من الزكاة مدينا بسبب شرب الخمر أو لعب القمار أو أى فعل محرم شرعا وبالجملة يراعى فى الصرف من حصيلة الزكاة المعنى السابق ايضاحه فى تفسير { والغارمين وفى سبيل الله } فلا يعطى ورثة المتوفى من العاملين إلا اذا تحقق فيهم المعنى السابق أو دخلوا فى معنى الفقراء والمساكين أو ضاقت مواردهم عن الوفاء بضرورات حياة أمثالهم على الوجه المشروع .
والله الموفق وهو سبحانه أعلم بالصواب(1/161)
صرف الزكاة إلى المهاجرين
F محمد خاطر .
9 صفر سنة 1391 هجرية - 5 ابريل سنة 1971 م
M 1 - المجاهدون فى سبيل الله يجوز صرف الزكاة اليهم لأنهم الغزاة المقصودون بقوله تعالى { وفى سبيل الله } وترسل أموال الزكاة إلى وزارة الحربية المشرفة على اعداد الغزاة .
2 - يجب لاعتبار المبلغ المرسل لوزارة الحربية من الزكاة الواجبة أن ينوى مرسلها عند ارسالها أنها زكاة ماله .
3 - صرف الزكاة إلى المحتاجين من مهاجرى مدن قناة السويس جائز شرعا ويأخذ المهاجر من الزكاة قدر حاجته ولا يأخذ أكثر من ذلك وترسل الزكاة إلى وزارة الشئون الاجتماعية .
4 - فقراء الوطن الأصلى للمزكى هم أولى الناس بصرف الزكاة لهم .
5 - اذا لم يوجد فقراء فى الوطن الأصلى للمزكى أو زاد مال الزكاة عن حاجتهم أو كان للمزكى قريب فقير فى غير موطنه الأصلى جاز له صرف الزكاة إلى فقراء أقرب موطن للموطن الأصلى للمزكى كما يجوز نقلها إلى القريب المحتاج
Q من السيد / ع م م بطلبه المتضمن أن رجلا عنده مال تجب فيه الزكاة ويطلب بيان حكم الشرع فيما يأتى هل يجوز شرعا صرف الزكاة إلى المجاهدين الواقفين على خط النار بين العرب واسرائيل وهل يجوز شرعا أن تصرف الزكاة إلى المهاجرين من مدن قناة السويس وهل يجوز شرعا أن تصرف الزكاة إلى غير فقراء الوطن الأصلى الذى يسكنه المزكى - مع الاحاطة بأن مقدار الزكاة الواجبة على المال يزيد عن حاجة فقراء الوطن الأصلى .
وطلب السائل بيان الجهة التى تصرف اليها الزكاة وطريقة تسليمها لمن يستحقها شرعا
An يقول الله سبحانه وتعالى فى محكم كتابه { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، وهذه المصارف محددة والفقهاء متفقون على تحديد المراد منها فيما عدا المصرف المعبر عنه بقوله تعالى { وفى سبيل الله } فانهم قد اختلفوا فى المراد منه والأكثرون على أن المراد منه الغزاة - والغزاة هم جند المسلمين يعدون ويجهزون للدفاع عن الوطن ويردون عنه العدو .
ويقومون على حماية الدين وتأمين الدعوة الإسلامية - وعلى هذا فانه يجوز شرعا صرف الزكاة للمجاهدين الواقفين على خط النار لأنهم الغزاة المقصودون بقوله تعالى { وفى سبيل الله } وترسل أموال الزكاة فى هذه الحالة إلى وزارة الحربية المشرفة على اعداد الغزاة وتجهيزهم والانفاق عليهم - إلا أنه يجب لاعتبار المبلغ المرسل لوزارة الحربية من الزكاة الواجبة شرعا فى المال على صاحبه أن ينوى مرسلها عند ارسالها انها زكاة ماله، ويجوز شرعا صرف الزكاة إلى أسر شهداء معركة التحرير اذا كانوا فقراء لأنهم داخلون تحت قوله تعالى فى آية الصدقات { للفقراء } وفى هذه الحالة تسلم الزكاة اليهم مباشرة .
كما يجوز شرعا صرف الزكاة الى المحاجتين من مهاجرى مدن قناة السويس لأنهم داخلون تحت قوله تعالى فى آية الصدقات سالفة الذكر { وابن السبيل } لأنه الفقهاء فسروا ابن السبيل بأنه الغريب المنقطع عن ماله كذا فى البدائع ويأخذ من الزكاة قدر حاجته ولا يحل له شرعا أن يخذ أكثر من حاجته ويرسل مبلغ الزكاة إلى وزارة الشئون الاجتماعية المشرفة على المهجرين والمختصة بصرف المعونات لهم وينوى عند ارسالها لوزارة الشئون انها زكاة ماله .
والمقرر شرعا أن فقراء الموطن الأصلى للمزكى هم أولى الناس بأن تصرف الزكاة لهم فاذا لم يوجد فقراء فى الموطن الأصلى للمزكى أو زاد مال الزكاة عن حاجتهم أو كان للمزكى قريب فقير فى غير موطنه الأصلى - فانه فى هذه الحالات يجوز شرعا ان تصرف الزكاة الى فقراء أقرب موطن للموطن الأصلى للمزكى كما يجوز نقل الزكاة شرعا إلى الغريب المحتاج فى الموطن الذى يقيم فيه هذا الغريب - وتسلم الزكاة فى هذه الحالات إلى المستحقين مباشرة .
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/162)
اخراج زكاة المال قبل موعدها
F محمد خاطر .
25 ربيع الآخر سنة 1396 هجرية - 25 ابريل 1976 م
M 1 - ضريبة الدولة لا تخصم من القدر الوجب اخراجه زكاة .
2 - اخراج الزكاة قبل الموعد المحدد لها جائز شرعا متى تحقق سب الوجوب
Q من السيد / ع أ د من السودان بطلبه المتضمن أن السائل يريد أن يعرف حكم الشرع فى الأمور الآتية 1 - هل يجوز أن أقدر زكاة المال المفروضة من المولى عز وجل فى كل سنة مع الاحاطة بأن السائل يشتغل فى التجارة ولا يتمكن من الجرد فى كل سنة مما يترتب عليه تأخيره فى اخراج زكاة ماله فى الوقت المحدد لها .
2 - هل يجوز خصم الضريبة التى تدفع للدولة وهى ضريبة أرباح تأخذها الدولة سنويا من صافى الأرباح الناتجة عن الأعمال التجارية .
3 - هل يجوز اخراج الزكاة قبل الموعد المحدد لها أى قبل حولان الحول لمن طلب قضاء حاجته من المحتاجين
An 1 - عن السؤال الأول الثانى المقرر شرعا أنه يجب على من يشتغل بالتجارة أن يجرد بضاعته وأمواله السائلة وأرباحه ويخرج عنها كلها الزكاة بشرط حولان الحول عليها جميعا - ولا يخصم منها ضريبة الدولة التى تأخذها عن الأرباح لأن حق الدولة لا يحول دون حق الله ولأن الزكاة تخرج عن كل المال وعروض التجارة أى أن الضريبة لا تخصم من المقدار الواجب اخراجه زكاة .
3 - عن السؤال الثالث لا مانع شرعا من اخراج الزكاة قبل الموعد المحدد لها متى تحقق السبب وهو ملك النصاب وقبل حولان الحول عليها ولا سيما اذا كانت لقضاء حاجة محتاج اليها ويعتبر هذا تعجيلا للواجب عليه ومسارعة إلى الخير وتحقيقا لغرض من الأغراض التى شرعت من أجلها الزكاة وهو سد خلة المحتاج - ولو سارع كل مسلم إلى أداء ما فرض الله عليه وأدى ما أوجبه عليه على الوجه الأكمل لتغير حال المسلمين ولأصبحوا فى حالة أفضل من الحالة التى هم عليها الآن ولعظم شأنهم ووصلوا إلى مدارج الكمال .
ومن هذا يعلم الجواب اذا كان الحال كما ذكر بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/163)
الزكاة للأقارب والماء البارد فى الوضوء
F عبد اللطيف حمزة .
25 صفر سنة 1403 هجرية - 11 ديسمبر سنة 1982 م
M 1 - دفع الزكاة إلى الأصل وان علا والفرع وان سفل غير جائز شرعا .
2 - يجوز للمزكى أن يدفع زكاته إلى أخوته وأقاربه - عدا أصله وفرعه - ما لم يكن ملزما بنفقتهم .
3 - اذا تضرر المتوضىء من استعمال الماء البارد فى وضوئه بأن يحدث له مرضا أو يزيد مرضه أو يؤخر شفاءه ولم يستطع تدفئته جازل له التيمم .
4 - يباح للمريض الذى يعجز عن الصوم أو يضره أو يؤخر برأه أن يفطر ويقضى عدة من أيام أخر بعد شفائه وأن كان المرض مزمنا لا يرجى برؤه أعطى حكم الشيخ الفانى
Q من السيد / ع ق م بطلبه المتضمن افادته بالحكم الشرعى فى الأمور الآتية 1 - هل يجوز له أن يعطى الزكاة لابنه الألمانى أو إلى أبناء ابن عمه المتوفى .
2 - هل يلزمه أداء الزكاة عن سنوات مضت . 3 - أنه يتضرر من استعمال الماء البارد فى الوضوء فماذا يفعل .
4 - أنه لا يستطيع أن يصوم رمضان فماذا يفعل
An أولا أن الزكاة فرض على المسلم البالغ العاقل الحر القادر الذى يملك نصابا خاليا من الديون وحال عليه الحول القمرى والنصاب هو ما قيمته 85 جراما من الذهب فمن ملك النصاب وحال عليه الحول وجبت عليه الزكاة بواقع 2 .
5 فى المائة - وقد حدد الله تعالى الأصناف الثمانية التى تصرف فيها الزكاة فى قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، والمقرر شرعا انه لا يجوز للمزكى أن يدفع الزكاة لاصوله وفروعه لأنه ملزم بنفقتهم شرعا ، أما أخوته وأقاربه فان كان ملزما بنفقتهم فلا يعطيهم من الزكاة وان لم يكن ملزما بنفقتهم جاز له أن يعطيهم منها بشرط نية الزكاة عند الأداء .
وعليه فلا يجوز للسائل أن يعطى الزكاة لابنه الألمانى لأنه مكلف بنفقته شرعا ويجوز له أن يعطى أبناء ابن عم المتوفى اذا كانوا يستحقون شيئا من الزكاة .
ثانيا يلزم السائل باخراج الزكاة عما مضى من السنوات اذا كانت شروطها متوفرة فيما مضى ثالثا مادام السائل يتضرر من استعمال الماء البارد فى وضوئه بأن يحدث له مرضا أو يزيد مرضه أو يؤخر شفاؤه بتجربة أو اخبار طبيب حاذق مسلم - فله أن يخفف من برودته بتدفئته حتى يتيسر له استعماله فان لم يتيسر له ذلك جاز له أن يمسح وجهه أو يديه بالتراب الطاهر تيمما .
رابعا نص الفقهاء على أنه يباح للمريض الذى يعجز عن الصوم أو يضره أو يؤخر برأه بأخبار الطبيب الحاذق الأمين أن يفطر ويقضى عدة ما أفطر من أيام أخر بعد شفائه هذا اذا كان المريض يرجى برؤه أما اذا كان المرض مزمنا ولا يرجى برؤه وعجز معه المريض عن الصوم ففى هذه الحالة يعطى المريض حكم الشيخ الفانى ويباح له الفطر ويجب عليه الفدية بأن يطعم عن كل يوم مسكينا بشرط أن يستمر العجز إلى الوفاة - فان برىء فى أى وقت من أوقات حياته وجب عليه صوم الأيام التى أفطرها مهما كانت كثيرة بقدر استطاعته ولا تعتبر الفدية فى هذه الحالة مجزية ولو كان قد أخرجها لأن شرط اجزائها استمرار العجز عن الصوم إلى وقت الوفاة .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/164)
زكاة المال
F عبد اللطيف حمزة .
27 ربيع الآخر سنة 1403 هجرية - 10 فبراير سنة 1983 م
M 1 - يشترط لوجوب الزكاة فى مقدار النصاب وما فوقه أن يكون فاضلا عن الحوائج الأصلية لمالكه وحاجة من تجب نفقته عليه شرعا وأن يحول عليه حول قمرى وألا يكون المالك مدينا بما يستغرق المال المدخر أو ينقصه عن النصاب .
2 - تحتسب قيمة النصاب بالعملة المصرية الورقية وفى سعر الذهب فى نهاية كل عام أو فى اليوم الذى اكتمل فيه النصاب لاتخاذه مبدأ لانعقاده .
3 - لا يشترط كمال النصاب طوال الحول بل الشرط لازم فى أول العام لانعقاده وفى آخر العام للوجوب ولا عبرة بالزيادة والنقصان خلال العام .
4 - اذا تعمد المسلم نقصان النصاب آخر العام كان آثما شرعا ولا زكاة فى ماله
Q من السيد / م م ف بطلبه المتضمن عدة أسئلة حول الزكاة المالية .
1 - ما هو نصاب المال الذى تجب فيه الزكاة 2 - اذا كان الأصل فى النصاب النقدى للزكاة هو الذهب فمتى يعتد بقيمته الخاضعة للارتفاع والانخفاض 3 - اذا كان من شروط وجوب الزكاة فى المال أن تمر عليه سنة كاملة فهل هى سنة قمرية أم يجوز أن تكون أفرنجية 4 - كيف يخرج زكاة ماله اذا كان ماله يتأرجح خلال العام زيادة و نقصانا حيث يسحب منه ثم يضيف اليه 5 - هل يشترط فى المال الذى تجب فيه الزكاة أن يكون فائضا عن الحاجة وهل يعتبر المال المدخر لأداء فريضة الحج فائضا عن الحاجة فيزكى
An ان الزكاة فرض من فروض الإسلام ثبتت فرضيتها بالكتاب والسنة النبوية التى بينت أنواع الأموال التى تجب فيها ومقاديرها وشروط الوجوب - وهى فريضة ذات أثر بعيد فى المجتمع من الوجهة الاجتماعية والاقتصادية والمالية - فوق انها عبادة تقوم على النية، والعبادات فى الإسلام ينبغى التوقف عند نصوصها دون تجاوز إلا بقدر الضرورات التشريعية وبالقواعد الاصولية المقررة ، وقد أجمع المسلمون على وجوب الزكاة فى النقود وعلى المقدار الواجب فيها ونصاب زكاة المال عشرون مثقالا من الذهب وزنها الآن ( 85 جراما ) من الذهب الخالص عيار 21 ويشترط لوجوب الزكاة فى هذا القدر وما فوقه أن يكون فاضلا عن الحوائج الأصلية لمالكه كالنفقة، والسكن والثياب - وحاجة من تجب نفقته عليه شرعا .
وأن يحول عليه حول قمرى كامل - وألا يكون المالك مدينا بما يستغرق المال المدخر أو ينقصه عن هذا النصاب .
وتحتسب قيمة هذا النصاب بالعملة المصرية الورقية وفق سعر الذهب فى نهاية كل عام أو فى اليوم الذى اكتمل فيه هذا النصاب مستوفيا باقى شروط وجوب الزكاة لاتخاذه مبدأ لانعقاده والنصاب لهذا الاعتبار متحرك السعر أو القيمة غير ثابت تبعا لارتفاع ثمن الجرام من الذهب أو انخفاضه .
والقدر الواجب اخراجه ربع العشر أى 2 .
5 % فى المائة أى قرشان ونصف عن كل جنيه مصرى . ولا يشترط كمال النصاب طوال الحول بل الشرط لازم فى أول العام لانعقاده وفى آخر العام للوجوب ولا عبرة للزيادة والنقصان خلال العام فلا يضر نقصان النصاب فيما بين ابتداء الحول وانتهائه فلو أن النصاب نقص أثناء الحول واكتمل فى نهايته وجبت زكاته - فاذا تعمد المسلم نقصان النصاب آخر العام فهو أثم ولا زكاة فى ماله الذى نقص عن النصاب ويلاحظ عند احتساب النصاب وقيمة الزكاة المستحقة سعر الذهب يوم الوجوب الذى كمل فيه النصاب .
ولا عبره شرعا بالغرض المدخر من أجله المال مادامت قد توافرت فيه الشروط المشار اليها .
وعلى هذا نقول للسائل ان نصاب لامال ما هو قيمة 85 جراما من الذهب وتجب فيها ربع العشر 2 .
5 % فى المائة وتحتسب هذه القيمة حسب سعر الذهب فى اليوم الذى وجبت فيه الزكاة .
ويشترط فى المال المدخر لوجوب الزكاة فيه أن يكون فائضا عن الحوائج الأصلية الضرورية كما ذكر - وادخار المال لأداء فريضة الحج أو لقضاء أى غرض آخر يعتبر فائضا عن الحوائج الأصلية ولا يمنع من وجوب الزكاة فيه مادامت قد توافرت فيه شروطهما .
ومما ذكر علم الجواب والله سبحانه وتعالى أعلم(1/165)
الزكاة و الضرائب
F عبد اللطيف حمزة .
20 ذو القعدة سنة 1403 هجرية - 29 أغسطس سنة 1983 م
M 1 - موارد بيت مال المسلمين فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت قاصرة على أموال الزكاة والعشور وزكاة الزروع والغنائم .
2 - موارد بيت المال فى عصر عمر بن الخطاب كانت تشمل الزكاة وخمس الغنائم وخراج الأراضى وجزية الرءوس وما يؤخذ من تركة الميت الذى لم يترك وارثا أصلا .
3 - اذا لم تكف الزكاة والقوانين المالية الأخرى لسد حاجات التكافل الاجتماعى ولم يكن فى بيت المال ما يقوم بتلك الحاجات كان لولى أمر المسلمين أن يتدخل باسم الإسلام ويرتب فى أموال الأغنياء ودخول المسلمين القادرين حقوقا تمكنه من القيام بالمشاريع النافعة لجميع المواطنين
Q من السيد / أ م و بطلبه المتضمن بيان الحكم الشرعى فى مدى جواز قيام ولى الأمر بفرض ضرائب تستقطع من دخول المسلمين - وهل يعد ذلك حراما أم لا وهل تعد الضرائب من المكوس
An الإسلام الحنيف فرض الزكاة على القادرين من المسلمين وجعل لها مصارف بينها الله تبارك وتعالى فى كتابه العزيز من سورة التوبة { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، فالصدقات وهى الزكاة تجمع من الأغنياء وتوزع على أصناف ثمانية ذكرت على الترتيب فى الآية الكريمة على النحو الآتى الفقراء والفقير الذى له بلغه من العيش .
والمسكين الذى لا شىء له والعاملين عليها كالجباة الذين يجمعون الصدقات والكتاب والحرس - والمؤلفة قلوبهم هم قوم من أشراف العرب أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتألف قلوبهم على الإسلام - وفى الرقاب أى وفى فك الرقاب لتخليص العبيد من الرق وتمكينهم من الحرية .
والغارمين أى المديونين الذين أثقلهم الدين - وفى سبيل الله .
أى المجاهدين والمرابطين وما تحتاج اليه الحرب من السلاح والعتاد وفى جميع القرب - وابن السبيل أى الغريب الذى انقطع فى سفره - وكان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يرد الى بيت مال المسلمين قاصرا على أموال الزكاة والعشور وزكاة الزروع والغنائم وكان كل ذلك ينفق على المستحقين فلما اتسعت الدولة الإسلامية واتسع دخلها المالى فى عهد عمر رضى الله عنه دون الدواوين فقيدت كل واردات الدولة كما سجل كل ذوى الأعمال وأصحاب الأعطيات والمستحقين - وقال قولته المشهورة ( ما من أحد من المسلمين إلا وله حق فى هذا المال ) ثم نظم الدواوين بعد ذلك تنظيما أدق ورتبت أبواب ميزانية الدولة .
بحسب وارداتها وقسم بيت المال إلى أقسام - لكل نوع من الواردات بيت مال خاص به ينفق منه عليه نفقات معينة - وقد ذكرها الكاسانى من علماء القرن السادس الهجرى كالآتى ما يوضع فى بيت المال من الأموال أربعة أنواع .
الأول الزكاة بمختلف أنواعها وتصرف فى الوجوه التى نص عليها القرآن الكريم قى قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء } التوبة 60 ، الثانى خمس الغنائم والمعادن والركاز ويصرف إلى الفقراء والمساكين .
واليتامى ومن كان فى معناهم . الثالث خراج الأراضى وجزية الرءوس وما كان بمعناها وهذه تصرف الى عمادة الدين والمصالح العامة ومنها رواتب الولاة والقضاة وأهل الفتوى من العلماء والجيش واصلاح الطرق وعمارة المساجد والرباطات ( للجهاد ) والقناطر والجسور وسد الثغور واصلاح الأنهار العامة .
الرابع ما أخذ من تركة الميت الذى مات ولم يترك وارثا أصلا ويلحق به الضوائع التى لم يعرف أصحابها وتصرف هذه الأموال إلى دواء الفقراء المرضى وعلاجهم وأكفان الموتى الذين لا مال لهم والى اللقيط وعقل جنايته والى نفقة من هو عاجز عن الكسب وليس له من تجب عليه نفقته ونحو ذلك ومن هنا يتبين ان موارد بيت مال المسلمين تتسع لرواتب الموظفين ونفقات الدفاع والمشاريع العمرانية - وأنه اذا لم تكف الزكاة والقوانين المالية الأخرى لسد حاجات التكافل الاجتماعى ولم يكن فى بيت المال ما يقوم بتلك الحاجات كان لولى أمر المسلمين أن يجبر الأغنياء على أن يؤدوا من أموالهم جزءا غير الزكاة دفعا للضرر الواقع على المسلمين بسبب النوازل العامة أو صد عدوان وقع عليهم ومما يؤيد هذا الاتجاه قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجه ( ان فى المال لحقا سوى الزكاة ) ويؤكد هذا المعنى أيضا قول الله تعالى { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا } البقرة 177 فقد بينت الآية الكريمة من وجود البر ايتاء المال ثم ورد ذكر زكاة أموالهم .
ويقول ابن حزم فى هذا المجال وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم ويجبرهم السلطان على ذلك ان لم تقم الزكوات بهم ولا فى سائر أموال المسلمين بهم فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذى لابد منه ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك وبمسكن يكنهم من المطر والشمس وعيون المارة منهذا يتبين أن لولى الأمر أن يتدخل باسم الإسلام ويرتب فى أموال الأغنياء ودخول المسلمين القادرين حقوقا تمكنه من القيام بالمشاريع النافعة لجميع المسلمين وتحقق لهم المستوى اللائق بهم من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وتدفع عنهم غوائل الفقر والمرض بما ينشئه من مستشفيات وما يرفع من مستواهم التعليمى بانشاء المعاهد والمدارس كل هذه الخدمات وغيرها من التبعات الملقاة على كاهل ولى الأمر المسلم تحتم على المسلمين أن يستجيبوا لما يفرض على القادرين منهم من أموال يدفعونها على سبيل الالزام وهى ما تسمى بالضرائب واذن لا تعتبر هذه الضرائب من قبيل المكوس الجائزة التى كانت تفرض بواسطة الحكام توسعة على أنفسهم وأتباعهم وتضييقا على شعوبهم - وانما هى لمشروعات تضمن المستوى اللائق من المعيشة لأفراد الأمة ومن قبيل التكافل والتعاون الذى حث عليه اسلام .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/166)
زكاة عروض التجارة
F عبد اللطيف حمزة .
18 رجب سنة 1405 هجرية - 8 أبريل 1985 م
M 1 - عروض التجارة كل ما يعد للشراء والبيع بقصد الربح .
2 - من ملك شيئا للتجارة وحال عليه الحول وبلغت قيمته نصابا من النقود وكان خاليا من الدين فائضا عن الحوائج الأصلية وجبت فيه الزكاة
Q من السيد / أ أ ح بطلبه المتضمن أنه يقوم بتربية عدد 69 بقرة فرزين مساهمة فى الأمن الغذائى ويقوم بشراء ما يلزمها من أعلاف جافة وخلافه .
يستأجر عمالا يقومون بالاشراف عليها وتقديم الغذاء لها ونظافة حظائرها وغير ذلك ويسأل هل تجب عليه الزكاة الشرعية فيها أم لا واذا وجبت فما مقدارها
An أباح الله للمسلمين أن يشتغلوا بالتجارة ويكسبوا منها بشرط ألا يتجروا فى سلعة محرمة ولا يهملوا العنصر الأخلاقى فى معاملاتهم من الأمانة والصدق والنصح ولا تلهيهم مشاغل التجارة ومكاسبها عن ذكر الله وأداء حقه سبحانه ولا عجب فى أن يفرض الإسلام فى هذه الثروات المستغلة فى التجارة والمكتسبة منها زكاة شكرا لنعم الله تعالى ووفاء بحق ذوى الحاجة من عباده ومساهمة فى المصالح العامة للدين والدولة .
والثروة التجارية معروفة فى الفقه الإسلامى - بعروض التجارة ويعنى بها كل ما عدا النقدين مما يعد للتجارة من المال على اختلاف أنواعه مما يشمل الآلات والأمتعة والثياب والمأكولات والحلى والجواهر والحيوانات والنباتات والأرض والدور وغيرها من العقارات والمنقولات وعرفها بعض الفقهاء تعريفا دقيقا فقال ان عروض التجارة هى ما يعد للبيع والشراء بقصد الربح .
فمن ملك شيئا للتجارة وحال عليه الحول وبلغت قيمته نصابا من النقود فى آخر الحول وجب عليه اخراج زكاته وهو ربع عشر قيمته أى 2 .
5 فى المائة كزكاة النقود فهى ضريبة على رأس المال المتداول وربحه لا على الربح وحده .
قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم } البقرة 267 ، وقال صلى الله عليه وسلم ( أدوا زكاة أموالكم ) رواه الترمذى فى أول كتاب الزكاة .
والاعداد للتجارة يتضمن عنصرين هما العمل والنية فالعمل هو البيع والشراء والنية قصد الربح ورأس مال التاجر ( أما نقود أو سلع مقومة بالنقود فأما النقود فلا كلام فيها وأما السلع والعروض فيشترط لوجوب الزكاة فيها ما يشترط لزكاة النقود من حولان الحول وبلوغ النصاب المعين والفراغ من الدين والفضل عن الحوائج الأصلية ونصاب النقود فى عصرنا الآن ما يعادل 85 جراما من الذهب عيار 21 - والمختار فى اعتبار كمال النصاب آخر الحول فقط فاذا اكتمل النصاب آخر الحول وجب الاعتبار به واعتبر ابتداء السنة الزكوية للمسلم - وكلما جاء هذا الموعد من كل سنة زكى ما عنده اذا بلغ نصابا ولا يضر النقصان أثناء السنة وواضح من السؤال أن السائل يقوم بتربية هذه الأبقار للتجارة فاذا كان يقوم على تسمينها مدة من الزمن ثم يبعها بعد ذلك فكيف يزكى هذه الثروة عندما يحين موعد بيع هذه الثروة الحيوانية يستخلص أجرة العمال الذين يستخدمهم لخدمة هذا المشروع وبعد ذلك اذا كان قد مر على هذا المشروع عام كامل وبلغ المال الذى حصل عليه من ثمن هذه الأبقار نصابا كاملا وهو ما قيمة 85 جراما من الذهب عيار 21 وأن يكون هذا المال فارغا من الدين يخرج 2 .
5 أى عن كل مائة جنيه 2 .
5 جنيه وهكذا فاذا كان عليه ديون طرحها من جملة المال ثم يزكى ما تبقى .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/167)
زكاة المال
F عبد اللطيف حمزة .
28 رجب سنة 1405 هجرية - 17 ابريل سنة 1985 م
M 1 - متى بلغ المال النصاب الشرعى .
وكان فاضلا عن حوائج مالكه الأصلية .
وحال عليه الحول وكان مالكه غير مدين بما يستغرق المال أو ينقصه عن النصاب وجبت فيه الزكاة .
2 - مقدار النصاب الشرعى هو ما يعادل قيمته بالنقود الحالية قيمة - 85 - جراما من الذهب عيار 21 .
3 - لا عبرة لزيادة النصاب ونقصانه فى وسط العام وانما العبرة بتوافره فى أول العام وآخره .
4 - ما ينتج ربحا للمال يضم اليه ويزكى معه آخر العام متى كان فائضا عن حاجة صاحبه
Q من السيد / د ى أ بطلبه المتضمن استفساره عن زكاة المال هل هى على المال المستثمر وناتج الربح أم على الربح فقط أم على المال المستثمر فقط
An أن الزكاة فريضة وركن أساسى من أركان الإسلام الخمسة .
تجب فى مال المسلم متى بلغ النصاب المقرر شرعا وقد تكرر الأمر بها فى القرآن غير مرة .
وجاءت السنة الشريفة مبينة لمقدارها فى أنواع المال المختلفة .
وهى باب عظيم من أبواب التكافل الاجتماعى تطهيرا للأموال وتزكية للنفوس واعانة للمحتاجين .
قال تعالى { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ - لما بعثه إلى اليمن وكان مما أوصاه بابلاغه للناس ( ان الله قد افترض عليهم صدقة فى أموالهم - تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم ) متفق عليه .
وقد أجمع المسلمون على فرضية الزكاة وأنها تجب فى كل أنواع الأموال بشروط ومقادير محددة لكل نوع - وأهم شروط وجوب الزكاة فى الأموال النقدية أن يبلغ المال النصاب الشرعى - وأن يكون فاضلا عن الحوائج الأصلية لمالكه كالنفقة والسكنى والثياب بالمعروف وحاجة من تجب نفقته عليه شرعا وأن يحول عليه الحول .
وألا يكون المالك مدينا بما يستغرق المال المدخر أو ينقصه عن هذا النصاب .
والنصاب الشرعى أى الحد الأدنى للمال النقدى الذى تجب فيه الزكاة بعد استيفاء باقى الشروط هو ما يقابل قيمته بالنقود الحالية قيمة (85) جراما من الذهب عيار (21) - فاذا ملك المسلم هذا النصاب أو أكثر وجبت فيه الزكاة ولا يشترط استمرار توافر النصاب طوال العام بل هذا الشرط لازم فى أول العام وآخره ولا عبرة للزيادة والنقصان فى وسط العام وبذلك فان ما يودع متوفرا وسط العام يستحق عنه الزكاة اذا استمر الى نهاية العام ومن شروط المال الذى تجب فيه الزكاة أن يكون ناميا أو قابلا للنماء وما ينتج ربحا للمال المدخر أو المال المستثمر فانه يضم لرأس المال ويزكى معه زكاة المال بمعنى أن ما بقى منه إلى الحول وبلغ مع غيره من أموال نصابا بشروطه وجبت فيه الزكاة .
وبهذا يتضح أن الزكاة - واجبة فى المال متى بلغ نصابا وتوفرت باقى الشروط والزكاة واجبة على رأس المال مع الأرباح متى بلغت مع المال المدخر أو المستثمر النصاب الشرعى لأن الربح يعتبر من توابع المال وغلته فيضم إلى المال ويزكى الجميع متى بلغ نصابا .
وهذا ما نميل اليه ونرجحه . والله سبحانه وتعالى أعلم(1/168)
دفع الزكاة
F جاد الحق على جاد الحق .
8 ربيع الآخر 1399 هجرية - 7 مارس 1979 م
M 1 - يجوز دفع الزكاة بأنواعها إلى صندوق الخدمات الاجتماعية للعاملين المدنيين بالدولة .
2 - على المزكى فى هذه الحالة أن ينوى عند الدفع إلى الصندوق أنه يؤدى زكاة ماله أو فطره حتى تقع موقعها شرعا .
3 - على الصندوق ألا يعطى مما يدفع إليه من الزكاة إلا لمن يشمله قوله تعالى { والغارمين وفى سبيل الله } التوبة 60
Q طلبت وزارة الخارجية - مكتب السفير الأمين العام بكتابها المتضمن أن القرار الوزارى رقم 960 لسنة 1974 الصادر بتنظيم الخدمات الاجتماعية للعاملين المدنيين بالدولة تنفيذا للقانون، قد نص على أن من أغراض هذا الصندوق صرف إعانات مالية للمذكورين فى حالات الوفاة أو المرض الذى يستلزم علاجه نفقات تجاوز إمكانيات العامل، وكذلك صرف إعانات فى حالات الكوارث الأخرى وفى سواها من الحالات التى تستدعى ذلك .
كما تحددت موارد الصندوق ومن بينها ما يتقرر فى موازنة الوزارة من اعتمادات لهذا الغرض - وكذلك ما يقدم إلى الصندوق من الهبات والتبرعات، وأن البعض قد رغب فى أداء ما يجب عليهم من الزكاة الشرعية سواء كانت زكاة مال أو زكاة فطر إلى هذا الصندوق .
وقد انتهى كتاب الوزارة إلى طلب الإفادة عن حكم الشريعة الإسلامية فى هذا الشأن .
وهل يجوز أن تؤدى الزكاة للصندوق المذكور ويسقط بذلك الفرض عن مؤديها
An نفيد بأن مصارف الزكاة أيا كان نوعها مبينة فى قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، ولما كان الثابت أن من أغراض صندوق الخدمات الاجتماعية للعاملين بالوزارة صرف إعانات مالية للمريض الذى يستلزم علاجه نفقات تجاوز إمكانياته، وفى حالات الكوارث الأخرى وحالات الوفاة .
وكان من المصارف المبينة فى تلك الآية { والغارمين } أى المدينين { وفى سبيل الله } وتشمل جميع أوجه الخير جريا على تفسير لبعض فقهاء المذهب الحنفى، لما كان ذلك يجوز دفع الزكاة بأنواعها إلى هذا الصندوق باعتباره وكيلا عن المزكين الدافعين إليه فى توزيع زكواتهم فى مصارفها الشرعية وعلى المزكى فى هذه الحالة أن ينوى عند الدفع إلى الصندوق أنه يؤدى زكاة ماله أو فطره حتى تقع موقعها شرعا ويعتبر بها مؤديا ما فرض عليه .
وعلى الصندوق ألا يعطى مما يدفع إليه من الزكاة مدينا بسبب شرب الخمر أو لعب القمار أو أى فعل محرم شرعا، وبالجملة يراعى فى الصرف من حصيلة الزكاة المعنى السابق إيضاحه فى تفسير { والغارمين وفى سبيل الله } فلا يعطى ورثة المتوفى من العاملين إلا إذا تحقق فيهم المعنى السابق، أو دخلوا فى معنى الفقراء والمساكين، أو ضاقت مواردهم عن الوفاء بضرورات حياة أمثالهم على الوجه المشروع .
والله الموفق وهو سبحانه أعلم بالصواب(1/169)
دفع الزكاة لمشروع انشاء معهد أمراض الكبد
F جاد الحق على جاد الحق .
3 ذو الحجة 1400 هجرية - 12 أكتوبر 1980 م
M 1 - الدعوة إلى التداوى واضحة صريحة فى السنة النبوية الشريفة .
2 - عجز موارد كثير من الناس عن مواجهة نفقات العلاج المتخصص يوجب على المجتمع أن يتساند ويتكافل .
3 - الزكاة مفروضة فى أموال الأغنياء لتعود إلى الفقراء .
ومصارفها محددة فى قوله تعالى { إنما الصدقات } الآية .
4 - يجوز للمسلمين دفع جزء من زكاة أموالهم للمعاونة فى إقامة المعاهد العلمية التى تعين على الدراسة واستحداث الوسائل للعلاج ومكافحة الأمراض
Q بالطلب المقدم من مجلس إدارة مشروع إنشاء معهد أمراض الكبد، المطلوب به بيان ما إذا كان يجوز شرعا دفع الزكاة أو جزء منها لهذا المشروع أم لا يجوز .
وبعد الاطلاع على الكتيب الذى حوى فكرة المشروع، وتقدير تكاليف إنشائه وضرورته بسبب انتشار أمراض الكبد انتشارا كبيرا فى مصر وباقى الأقطار العربية، وفى مراحل العمر المختلفة .
وأن الجمعية القائمة على المشروع قد تم شهرها وتسجيلها فى 9/21/1979 برقم 2681 بالشئون الاجتماعية جنوب القاهرة .
وأن المعهد سيلحق به مستشفى لعلاج القادرين بأجر فى حدود نسبة معينة من المرضى، وذلك كمورد لتشغيل المعهد ومؤسساته بالإضافة إلى الموارد الأخرى المبينة بالكتيب
An إن فقهاء المسلمين قد استنبطوا من القرآن الكريم والسنة الشريفة أن لأحكام الشريعة الإسلامية مقاصد ضرورية كانت هى الغاية من تشريعاتها وقد أطلقوا عليها الضروريات الخمس هى حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال .
ومن أوضح الأدلة فى القرآن على الأمر بحفظ النفس قول الله سبحانه { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } البقرة 195 ، وقوله { ولا تقتلوا أنفسكم } النساء 29 ، وفى السنة الشريفة الدعوة الواضحة الصريحة إلى التداوى .
فقد روى أحمد عن أسامة بن شريك قال جاء أعرابى . فقال يا رسول الله ألا نتداوى قال نعم .
فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله،وفى لفظ قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى قال نعم . عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء، إلا داء واحدا .
قالوا يا رسول الله وما هو . قال الهرم . رواه ابن ماجه وأبو داود والترمذى وصححه ( ج - 8 منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار لابن تيمية وشرحه نيل الأوطار للشوكانى ص 200 فى باب الطب ) وفى سنن ابن ماجه ( ج- 1 ص 41 مع حاشية المندى ) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير ) .
وقوة المؤمن فى عقيدته وفى بدنه وفى كل شىء يحتاج إلى العزم والعزيمة والمجالدة .
ومن هذه النصوص - من القرآن والسنة - نرى أن الإسلام قد حث الناس على المحافظة على أنفسهم صحيحة قوية قادرة على أداء واجبات الدين والدنيا .
وإذا كان التداوى من المرض مطلوبا ليشفى المريض، ويصير عضوا نافعا فى مجتمعه الإسلامى والإنسانى .
وإذا كانت أمراض الحضارة قد انتشرت واستشرت، تقوض بناء الإنسان بعد أن تسرى فى دمائه وأوصاله .
وإذا كان العلم الذى علمه الله الإنسان، قد وقف محاربا لهذه الأمراض والأوبئة فى صورة معاهد ومستشفيات متخصصة فى نوعيات من المرض فى بعض أعضاء الإنسان .
وإذا كان الكثيرون من الناس قد تعجز مواردهم عن مواجهة نفقات العلاج المتخصص .
إذا كان كل ذلك وجب على المجتمع أن يتساند ويتكافل، كما هو فرض الإسلام، وكما تدعو إليه غريزة حب البقاء مع النقاء والتكافل والتعاون بين الناس فى درء المفاسد والأمراض يدعو إليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر ) ( من حديث النعمان بن بشير رضى الله عنه متفق عليه ) .
وإذا كانت الزكاة قد فرضها الله فى أموال الأغنياء لتعود إلى الفقراء، فإنه لم يترك أمر صرفها وتوزيعها دون تحديد، وإنما بينها فى قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، وها نحن نجد أن أول الأصناف المستحقين للزكاة بترتيب الله سبحانه الفقراء، وتحديد معنى الفقر وإن تناقش فيه الفقهاء وتنوعت أقوالهم، كما تنوع الرأى فى حد العطاء، ولكنا هنا سنأخذ الفقير والمسكين .
بمعنى صاحب الحاجة التى لابد منها ولا يستطيع الحصول عليها .
ومن ثم ينبغى أن تكون من الحاجات تيسير سبل العلاج إذا مرض الفقير أو المسكين، هو أو أحد أفراد أسرته الذين تلزمهم نفقته، ولا يترك المريض الفقير أو المسكين للمرض يفترسه ويقضى عليه، لأن تركه على هذه الحال وإلى هذا المآل، قتل للنفس وإلقاء باليد إلى التهلكة، وذلك محرم طبعا وشرعا بالآيات الكريمة، وبالأحاديث الشريفة، ومنها ما سبق التنويه عنه .
وإذا أمعنا النظر فى باقى مصارف الصدقات نجد منها { وفى سبيل الله } .
وقد تحدث المفسرون والفقهاء فى بيان هذا الصنف، واختلفت أقوالهم فى مداه .
والذى أستخلصه وأميل للإخذ به أن سبيل الله ينصرف - والله أعلم - إلى المصالح العامة التى عليها وبها قوام أمر الدين والدولة والتى لا ملك فيها لأحد، ولا يختص بالانتفاع بها شخص محدد، وإنما ينتفع بها خلق الله، فهى ملك لله سبحانه، ومن ثم يدخل فى نطاقها إعداد المعاهد والمستشفيات الصحية التى يلجأ إليها المرضى، والإنفاق عليها ودوام تشغيلها وإمدادها بالجديد من الأدوات والأدوية وكل ما يسفر عنه العلم من وسائل .
وهذا المعنى هو مؤدى ما قال به الإمام ( ج- 4 ص 464 ) الرازى فى تفسيره من أن ظاهر اللفظ فى قوله تعالى { وفى سبيل الله } لا يوجب القصر على كل الغزاة، ثم قال نقل القفال فى تفسيره عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد .
لأن قوله { وفى سبيل الله } عام فى الكل، وبهذا قال غير الرازى أيضا ( محاسن التأويل للقاسمى ج- 7 ص 3181 وتفسير المنار لرشيد رضا ج - 20 ص 585 و 587 ) ولا مراء فى أن هذه وجوه عامة لا تعتبر تكرارا للأصناف المحددة قبلا فى آية المصارف ( الآية 60 من سورة التوبة ) وإذ كان ذلك وكان من أهداف إنشاء المعهد والمستشفى المسئول عنهما إيجاد مكان لدراسة نوع خطير من الأمراض وعلاجه بالمتابعة العلمية، ويمتد إلى علاج الفقراء الذين تعجز مواردهم عن تحمل نفقات العلاج المتخصص، أصبح إنشاؤه ومستلزماته وتوابعه من المصالح العامة التى تدخل فى وجوه الخير التى ليست موجهة لفرد بذاته وإنما لعمل عام، بالإضافة إلى توافر صفة الفقر أو المسكنة فيمن ينتفعون بالعلاج فيه بالمجان فى الأعم الأغلب .
لما كان ذلك يجوز للمسلمين الذين وجب فى أموالهم حق للسائل والمحروم، أن يدفعوا جزءا من زكاة هذه الأموال للمعاونة فى إقامة المعاهد العلمية التى تعين على الدرس واستحداث الوسائل والأدوية الناجعة للعلاج ومكافحة الأمراض، والإرشاد إلى طرق الوقاية منها، لأن فى سلامة البدن قوة للمسلمين .
والمؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير .
وهذا متى كانت غايته دفع شرور الأمراض عن المسلمين ولاسيما الفقراء والمساكين منهم .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/170)
زكاة الفطر لا تسقط إلا بالأداء
F جاد الحق على جاد الحق .
24 جمادى الأولى 1399 هجرية - 21 أبريل 1979 م
M 1 - زكاة الفطر تجب بطلوع فجر يوم عيد الفطر، ويستحب إخراجها قبل صلاة العيد إغناء للفقراء والمساكين .
2 - إن قدمت قبل يوم الفطر جاز، وإن أخرت لم تسقط إلا بالأداء .
3 - من تأخر فى إخراجها لعذر لا يأثم إن شاء الله
Q بالطلب المقدم من السيد / أ م ع - المصرى الذى يعمل بالسعودية المتضمن أن السائل صام شهر رمضان الماضى بالسعودية، وذهب فى الأسبوع الأخير منه إلى مكة وقام بأداء العمرة - وأراد إخراج زكاة الفطر .
فسأل أحد السعوديين عن كيفية إخراجها فقال له أخرجها ليلة العيد، وقبل العيد بيوم ذهب السائل إلى الرياض لقضاء عطلة العيد مع صديق له مصرى سبقه بعام للملكة السعودية، وفى الساعة الثانية عشر مساء ليلة العيد علم السائل أن العيد سيكون صباح اليوم التالى فسأل صديقه المصرى أين يخرج الزكاة فقال له عند ذهابنا لصلاة العيد فى الخلاء ستجد كثيرين جالسين فى الطريق لأخذ الزكاة من الناس فتعطى منهم من تشاء .
وفى الصباح ذهب للصلاة ولكنه فوجىء بعدم وجود أحد فى الطريق إطلاقا، ونتج عن هذا عدم إخراج الزكاة المقررة .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع . وهل يخرج الزكاة أم أنها أسقطت عنه وهل تجب كفارة عليه أم ماذا يصنع
An المقرر فى فقه الحنفية أن زكاة الفطر تجب بطلوع فجر يوم العيد ( عيد الفطر ) ويستحب للناس أن يخرجوا هذه الزكاة صباح يوم الفطر قبل صلاة العيد، إغناء للفقراء والمساكين فى يوم العيد عن السؤال، فإن قدموها قبل يوم الفطر جاز، وإن أخروها عن يوم الفطر لم تسقط عنهم وكان واجبا عليهم إخراجها، لأنها قربة مالية تثبت بالذمة فلا تسقط بعد الوجوب إلا بأداء كالزكاة ، وهذا باتفاق فقهاء المذاهب وعلى هذا فيجب على السائل شرعا أن يخرج زكاة الفطر الواجبة عليه، لأنها صارت دينا فى ذمته .
والظاهر من السؤال أن تأخيره فى دفعها لمستحقيها كان بعذر فنرجو ألا يأثم فى ذلك .
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/171)
زكاة المال المدخر لجهاز البنت
F جاد الحق على جاد الحق .
13 مايو 1979 م
Mتجب الزكاة فى المال المدخر لمساعدة البنت عند زواجها متى بلغ النصاب وتوفرت فيه الشروط الواجبة
Q بالطلبين المقدمين من السيد / م ر ل - المتضمنين أن السائل له بنت فى سن الزواج - وأنه قد ادخر لهذه البنت مبلغا من المال، وذلك بغرض مساعدتها فى تجهيز وشراء أثاث منزل الزوجية إذا ما تقدم لهذه البنت من يرغب فى الزواج بها - وأن هذا المبلغ مودع باسمها فى دفتر بريد - وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا المال المدخر لهذا الغرض المعين - وهل تجب فيه الزكاة أيا كان مقداره، أم لا تجب فيه الزكاة شرعا وإذا وجبت فيه الزكاة فما حكم ما يودع أثناء العام نفسه ولم يحل عليه حول .
وما هو المقدار الواجبة فيه الزكاة شرعا
An نصاب زكاة المال عشرون مثقالا من الذهب وزنها الآن 85 جراما - ويشترط لوجوب الزكاة فى هذا المقدر وما فوقه أن يكون فاضلا عن الحوائج الأصلية لمالكه كالنفقة والسكنى والثياب بالمعروف، وحاجة من تجب نفقته عليه شرعا، وأن يحول عليه الحول، وألا يكون المالك مدينا بما يستغرق المال المدخر أو ينقصه عن هذا النصاب .
ويحتسب النصاب بالعملة المصرية وفق سعر الذهب فى نهاية كل عام .
ثم تحتسب الزكاة على الجملة بواقع ربع العشر ( 2 .
5 % فى المائة ) ولا عبرة شرعا بالغرض المدخر من أجله المال، مادامت قد توافرت فيه الشروط المشار إليها .
وعلى هذا ففى واقعة السؤال إذا بلغ المبلغ المسئول عنه قيمة النصاب الواجب فيه الزكاة بالقدر والشروط المنوه بها وفق سعر الذهب الخالص عيار 23 .
5 بالعملة المصرية - وجبت فيه الزكاة عن كل حول مضى دون اعتبار للغرض المدخر من أجله وهو تزويج النبت .
ومثال للإيضاح 85 جراما فى 626 قرشا سعر الجرام ( وهذا السعر المنشور اليوم الأربعاء 9/5/79 بجريدة الأهرام المصرية ) يساوى 53210 قرشا - ويلاحظ عند احتساب النصاب وقيمة الزكاة المستحقة سعر يومه .
فإذا بلغ المال المدخر هذا القدر أو جاوزه وجبت فيه الزكاة بمقدار ربع العشر، وإذا نقص عن ذلك فلا زكاة فيه .
والاعتبار دائما لوزن النصاب ذهبا 85 جراما عيار 23 .
5 إذ قد يزيد السعر أو ينقص .
والعبرة بالسعر آخر كل عام منذ يوم الادخار الذى كمل فيه النصاب .
ولا يشترط استمرار توافر النصاب طول العام، بل هذا الشرط لازم فى أول العام وآخره ولا عبرة للزيادة والنقصان فى وسط العام .
وبذلك فإن ما يودع متوفرا وسط العام يستحق عنه الزكاة إذا استمر إلى نهاية العام .
وبهذا علم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال والله أعلم(1/172)
دفع زكاة الأموال لبناء وعمارة المساجد
F جاد الحق على جاد الحق .
11 صفر 1400 هجرية - 30 ديسمبر 1979 م
M 1 - فقهاء المذاهب الأربعة متفقون على أن المقصود بقوله تعالى { وفى سبيل الله } الجهاد والقتال .
على اختلاف بينهم فى ماهية الجهاد وأفراد المجاهدين وشروط الاستحقاق فى هذا الباب .
2 - نقل الفخر الرازى عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الزكوات إلى جميع وجوه الخير .
3- إن كان المسجد الذى إيراد إنشاؤه أو تعميره هو الوحيد فى البلدة أو كان بها غيره ولكنه لا يتسع للمصلين من أهلها ويحتاجون إلى آخر جاز شرعا صرف الزكاة فى إنشائه أو تعميره .
4 - إذا لم تكن البلدة فى حاجة إلى المسجد على هذا الوجه .
كان الصرف إلى غيره من الأصناف المبينة فى الآية الكريمة أحق وأولى
Q بالطلب المقدم من السيد / ع أ ج - قال هل يجوز دفع زكاة الأموال لبناء وعمارة المساجد أو المساهمة فيها .
وإذا كان جائزا شرعا فما هو الدليل من القرآن والسنة
An إن مصارف الزكاة بينها القرآن الكريم فى قوله سبحانه { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، ومن بين جهات الصرف الواردة فى هذه الآية قول الله سبحانه { وفى سبيل الله } ولقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أن المقصود بها الجهاد والقتال على اختلاف بينهم فى ماهية الجهاد وأفراد المجاهدين وشروط الاستحقاق فى هذا الباب .
ونقل الفخر الرازى فى تفسيره لهذه الآية عن القفال عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الزكوات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد .
لعموم قول الله سبحانه { وفى سبيل الله } كما نقل ابن قدامة فى المغنى مثل هذا القول، ونسب إلى أنس بن مالك والحسن البصرى أنهما قالا ما أعطيت فى الجسور والطرق فهى صدقة ماضية وفى مذهب الإمامية الجعفرية مثل هذا القول أيضا .
ورجح بعض فقهاء الزيدية العموم فى هذا الصنف { وفى سبيل الله } وعلى ذلك .
فإنه إذا كان المسجد الذى يراد إنشاؤه أو تعميره هو الوحيد فى البلدة، أو كان بها غيره ولكن لا يتسع للمصلين من أهلها، بل يحتاجون إلى مسجد آخر جاز شرعا صرف الزكاة فى إقامة المسجد أو عمارته، ويكون الصرف على المسجد فى هذه الحالة من المصارف المحددة فى صنف { وفى سبيل الله } ومن آية { إنما الصدقات } التوبة 60 ، أما إذا لم تكن البلدة فى حاجة إلى المسجد على هذا الوجه، كان الصرف إلى غيره من الأصناف المبينة فى الآية الكريمة أحق وأولى .
وعلى السائل أن يتحرى الجهة الأولى بصرف زكاته إليها .
وليضع فى اعتباره أن إطعام الجائع وكسوة العارى وتفريج كرب المسلمين فى المقام الأول .
فقد بدأ الله سبحانه فى هذه الآية بالفقراء والمساكين .
وهذا يشير إلى أنهم أولى الأصناف الذين تصرف لهم الزكاة ويرشدنا إلى هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم فى حديث معاذ رضى الله عنه وغيره فى شأن الزكاة ( تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ) وبهذا يعلم جواب السؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/173)
الزكاة وعقود التأمين على الحياة
F جاد الحق على جاد الحق .
8 ربيع الأول 1400 هجرية - 26 يناير 1980 م
M 1 - العدل بين الأولاد من واجب الآباء ،حتى لا يزرعوا الحقد والكراهية بين أولادهم .
2 - لا يحتسب ما يؤديه الشخص لوالديه أو أحدهما من مصاريف من زكاة المال .
3 - له احتساب ما يؤديه للأخ أو الأخت من مصاريف من مال الزكاة إن لم تكن نفقتهما واجبة عليه .
4 - له احتساب ما يدفعه مساعدة للمحتاج من الزكاة .
5 - له احتساب تبرعه لبناء جامع من الزكاة إن كانت الجهة فى حاجة إلى هذا المسجد .
وذلك كله بشرط أن تكون نيته وقت الدفع احتساب المدفوع من زكاة المال فى الأحوال التى أجيز فيها .
6 - صدقة الفطر وزكاتها تجب على رب الأسرة عن كل من يعوله ويقيم فى معيشته - سواء كان من الصائمين أو المفطرين .
ومن أجل هذا تسمى فى عرف بعض الفقهاء زكاة الرءوس .
7 - عقود التأمين بوصفها السائد ذات القسط المحدد غير التعاونى من العقود الاحتمالية تحوى مغامرة ومخاطرة ومراهنة .
فتكون فاسدة وتحرم شرعا
Q بالطلب المقدم من السيد / م م م - الموظف الدولى بهيئة الأمم المتحدة بمكتب داج همرشلد - المتضمن أن السائل يطلب الإجابة على الأسئلة الآتية : 1 - هل يجوز أن أعطى أولادى ما لدى من نقود كما أريد، يعنى واحدا أكثر من الآخر، علما بأن عندى ثلاث بنات متزوجات وولد متزوج وعنده ابن صغير وثلاثة أولاد غير متزوجين فى الدراسة .
2 - أنا أقوم بتقديم مصاريف شهرية لوالدى ووالدتى وأخى وأختى هل هذه المصاريف تخصم من زكاة المال - وأيضا إذا تبرعت لأعمال خيرية مثل بناء جامع أو مساعدة محتاج .
3 - عندى أولاد يصومون رمضان وأولاد لا يصومون رمضان .
هل يجوز إخراج الزكاة على الذين لا يصومون رمضان .
4 - يخصم منى شهريا من مرتبى مبلغ للتأمين على الحياة من مدة 13 سنة .
فما حكم الشرع فى هذا
An عن السؤال الأول ورد فى كتاب نيل الأطار للإمام الشوكانى ج - 6 ص 8 ما نصه : 1 - عن النعمان بن بشير قال قال النبى صلى الله عليه وسلم ( اعدلوا بين أبنائكم .
اعدلوا بين أبنائكم . اعدلوا بين أبنائكم ) رواه أحمد وأبو داود والنسائى .
2- وعن جابر قال ( قالت امرأة بشير انحل ابنى غلاما وأشهد لى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن ابنة فلان سألتنى أن أنحل ابنها غلامى .
فقال : له إخوة قال نعم .
قال فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته قال لا . قال فليس يصلح هذا وإننى لا أشهد إلا على حق ) رواه أحمد ومسلم وأبو داود ورواه أبو داود من حديث النعمان بن بشير وقال فيه ( لا تشهدنى على جور إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم ) .
وعلى ذلك يكون العدل بين الأولاد من واجب الآباء حتى لا يزرعوا الحقد والكراهية بين أولادهم .
ومن أجل ذلك فقد امتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشهادة على منحة أحد أصحابه لأحد أولاده بعد أن علم منه أنه لم يمنح باقى الأولاد مثلها .
وقال صلى الله عليه وسلم فى هذا ( لا تشهدنى على جور إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم ) .
عن السؤال الثانى أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين فى الحال التى يجبر فيها الدافع إليهم على الإنفاق عليهم .
لأنه إذا وجبت النفقة عليه يكون دفع الزكاة إليهم إغناء لهم عن النفقة فيعود النفع إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه، فلم تجز كما لو قضى بها دينه ولأن مال الولد مال لوالديه .
لحديث ( أنت ومالك لأبيك ) وكذلك لا يجوز دفع الزكاة للأولاد لأنهم جزء الأب .
والدفع منه إليهم يكون كالدفع لنفسه . وأيضا الزوجة لأن نفقتها واجبة عليه .
وما يدفع للأخ أو الأخت يجوز أن يكون من الزكاة إذا كانت نفقتهما لا تلزم الدافع شرعا إذ أن من وجبت نفقته على قريبه لم يجز دفع زكاته إليه عند أكثر العلماء .
والتبرع لمساعدة المحتاج يجوز احتسابها من الزكاة إذا كانت النية وقت التبرع منعقدة لاحتسابها من الزكاة ، ولا تجزىء النية اللاحقة .
والتبرع لبناء جامع يجوز احتسابه من الزكاة إذا كانت الجهة التى يبنى فيها فى حاجة إليه بمعنى أنه لا يوجد مسجد يتسع للمسلمين الموجودين فيها .
أما إذا وجد المسجد الذى يتسع، فلا يجوز وفقا لما جرينا عليه فى تفسير قوله تعالى { وفى سبيل الله } على أن تقارن نية احتساب التبرع للمسجد من الزكاة وقت الدفع للجهة التى تقوم على بنائه بالمعنى سالف الذكر .
لما كان ذلك فإنه ليس للسائل أن يحتسب ما يؤديه لوالديه أو لأحدهما من مصاريف، من زكاة ماله، وله احتساب ما يؤديه لأخيه أو أخته إن لم تكن نفقتهما أو أحدهما واجبة عليه شرعا فى الحال، وله احتساب ما يدفعه مساعدة لمحتاج من الزكاة .
وكذا احتساب تبرعه لبناء جامع من الزكاة، إن كانت الجهة فى حاجة إلى هذا المسجد .
وذلك كله بشرط أن تكون نيته وقت الدفع فيما يجوز احتساب المدفوع من زكاة المال فى الأحوال التى أجيز فيها هذا على ذلك الوجه .
عن السؤال الثالث صدقة الفطر وزكاتها تجب على رب الأسرة عن كل من يعوله ويقيم فى معيشته، سواء كان من الصائمين أو من المفطرين .
ومن أجل هذا تسمى فى عرف بعض الفقهاء زكاة الرءوس أى لأنها تجب عن كل إنسان يمونه رب الأسرة ويتولى أمره .
عن السؤال الرابع إنه بتتبع قواعد الشريعة الإسلامية وأحكامها يثبت أنه لا يجب على أحد ضمان مال لغيره بالمثل أو بالقيمة، إلا إذا كان قد استولى على هذا المال بغير حق، أو أضاعه على صاحبه، أو أفسد عليه الانتفاع به بطريق مباشر أو بالتسبب، وأسباب الضمان المشروع فى هذه الأوجه لا يتحقق فى شركة التأمين على الحياة ذات القسط المحدد .
وهى فى الواقع شركة ضمان لسلامة الأنفس، وهو ما لا يجوز الضمان فيه شرعا، ولأن فى عقد التأمين على الحياة غررا، بمعنى أنه لا يمكن لأحد المتعاقدين أو كلاهما وقت العقد معرفة مدى ما يعطى أو يأخذ بمقتضى هذا العقد والغرر والمخاطرة مبطلة للعقود فى الإسلام لما كان ذلك فإن عقود التأمين على الحياة بوضعها السائد - ذات القسط المحدد غير التعاونى من العقود الاحتمالية تحوى مقامرة ومخاطرة ومراهنة وبهذا تكون من العقود الفاسدة بمعايير العقود فى فقه الشريعة الإسلامية والعقد الفاسد يحرم شرعا على المسلم التعامل بمقتضاه، وكل كسب جاء عن طريق خبيث فهو حرام .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/174)
الضريبة والزكاة
F جاد الحق على جاد الحق .
18 ربيع الأول 1400 هجرية - 5 مارس 1980 م
M 1 - الزكاة تجب فيما فضل عن حاجة المسلم ومن يعوله متى بلغ هذا الفائض نصابا، وهو ما يساوى ( 85 ) جراما من الذهب مع حولان الحول عليه، وأن تكون ذمته بريئة من الديون التى للعباد .
2 - مقدار الزكاة من النقود ربع العشر 2 .
5 % فى المائة وتصرف للأصناف المبينة فى قوله تعالى { إنما الصدقات } الآية .
3 - الضرائب تقررها الدولة على أفراد الشعب لاستخدامها فى خدمة أفراد المجتمع، وهى حق لولى الأمر المسلم شرعا .
4 - لا تداخل بين الزكاة والضرائب، ولكل أساسه ودوره ومصارفه ، ولا يغنى أحدهما عن الآخر .
5 - يجوز احتساب الضرائب من رأس المال الذى تجب فيه الزكاة باعتبارها دينا وجب فى ذمة صاحب المال للدولة لا من القدر الخارج زكاة .
6 - الربا بقسميه .
ربا النسيئة وربا الزيادة . محرم فى الإسلام بنص القرآن والسنة وإجماع المسلمين .
7 - القرض أو الاستدانة من البنوك أو المؤسسة التى تملكها الدولة مقابل فائدة محددة مقدما .
قلت أو كثرت . تدخل هذه الفوائد المحددة فى ربا الزيادة المحرم شرعا .
8 - يجب على الشخص التصدق بمثل هذه الفوائد التى تعامل بها بنية رفع هذا الإثم .
9 - لا تعتبر هذه الصدقة من الزكاة المفروضة، بل هى تطييب لمال خبيث لحرمة الانتفاع به فى حاجته الخاصة، وله أن يخرجها على دفعات حسب استطاعته وظروفه .
10 - للمسلم أن يخرج زكاة أمواله مقدما وعلى أقساط، بشرط النية المقارنة وقت إخراج كل مبلغ أنه من الزكاة .
11 - لا يلزم إعلام المدفوع إليه أن ما دفعه من الزكاة، بل يكره لما فيه من إذلاله والإساءة إليه .
12 - ما يدفعه الشخص لوالدته لا يحتسب من الزكاة شرعا
Q بالطلب المقدم من السيد / م ع س - الذى يلتمس فيه بيان الحكم الشرعى فيما يلى : 1- إن السائل أثث شقته التى يستأجرها ثم أجرها مفروشة، وأنه يدفع عنها ضرائب دفاع وأمن وغيره ما يعادل 19 .
85 % فى المائة من قيمة كل الإيجار للشقة المفروشة إلى جانب 25 % فى المائة من قيمة الإيجار الأصلى يدفعه للمالك بالإضافة إلى ضريبة الإيراد العام .
فهل يمكن اعتبار هذه الضريبة من الزكاة .
2 - إنه يملك نصف بيت عبارة عن شقق ودكاكين وجراج، وكلها مؤجرة إيجارا عاديا، ويحصل إيجارها وتخصم المصاريف ويوزع الصافى بنسبة نصيب كل من فى البيت هو وإخوته .
وتحصل الحكومة ضريبة عقارات ودفاع وأمن إلى جانب ضريبة الإيراد العام .
فهل تعتبر هذه الضريبة من الزكاة .
3 - إن السائل حصل من مؤسسة التعاون الإسكانى التى تملكها الدولة 100 % فى المائة على قرض بفائدة 3 % فى المائة على عشرين سنة .
ودفعت أقساط الدين والفائدة لمدة ثلاث سنوات، ثم سدد كل باقى الدين بفائدة 3 % فى المائة فهل هذا ربا وكيف يمكن الكفارة عنه .
4 - إنه استدان من بنك مصر مبلغ ألفى جنيه بفائدة 8 % فى المائة وسدد الدين المذكور وفوائده فى خلال ثلاث سنوات .
وهذا البنك ملك للدولة .
فهل يعتبر هذا ربا وكيف يمكن الكفارة عنه وهل يمكن الحج من صافى إيرادات هذا البيت .
5 - إنه يخصص لبعض العائلات مبالغ شهرية يدفعها لهم، لأنهم فى مسيس الحاجة إليها، كما يخرج فى بعض المناسبات نقودا، ويقرر فى نفسه أن ذلك من الزكاة المفروضة دون أن يعلن ذلك لمن يعطيه منها فهل هى فعلا من الزكاة
An عن السؤالين الأول والثانى الزكاة فريضة وركن من أركان الإسلام الخمسة .
تجب فى مال المسلم متى بلغ النصاب المقرر شرعا. وقد تكرر الأمر بها فى القرآن الكريم غير مرة، وجاءت السنة الشريفة مبينة لمقدارها فى أنواع المال المختلفة .
وهى باب عظيم من أبواب التكافل الاجتماعى تطهرا للأموال وتزكية للنفوس .
وإعانة للمحتاجين قال الله تعالى { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } التوبة 103 ، وقال جل شأنه { وفى أموالهم حق للسائل والمحروم } الذاريات 19 ، وتصرف الزكاة للأصناف المبينة فى قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله } التوبة 60 ، ولقد حارب الخليفة الأول أبو بكر الصديق المرتدين حينما منعوا الزكاة وقال والله لو منعونى عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه حتى يؤدونه ولولى الأمر فى المسلمين جباية الزكاة وإخراجها فى مصارفها المحددة فى هذه الآية الكريمة .
أما الضرائب فإن الدولة تقررها على أفراد الشعب لاستخدامها فيما تؤديه من مهام إدارية ودفاعية ولإنشاء المستشفيات وغيرها من المنشئات العامة التى تقوم بها الدولة لخدمة أفراد المجتمع .
وفرض الضرائب حق لولى الأمر المسلم تجيزه أحكام الشريعة الإسلامية باعتبار أنه المنوط به القيام على مصالح الأمة التى تستلزم نفقات لا مورد لها إلا تلك الضرائب .
ومن هذا يظهر أنه لا تداخل بين الزكاة والضرائب وأن لكل أساسه ودوره ومصارفه، فلا تغنى الزكاة عن الضرائب ولا الضرائب عن الزكاة .
لاسيما فى هذا العصر الذى كثرت فيه مهام الدولة واتسعت مرافقها .
ومن ثم يجوز احتساب الضرائب من رأس المال الذى تجب فيه الزكاة باعتبارها دينا وجب فى ذمة صاحب المال للدولة والزكاة لا تجب إلا إذا بلغ المال نصابا محددا .
ومن شروط وجوبها براءة الذمة من ديون العباد، وعلى هذا يجوز احتساب الضرائب من رأس المال الذى تجب فيه الزكاة لا من القدر الخارج زكاة .
وعن السؤالين الثالث والرابع يقول الله سبحانه وتعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة } آل عمران 130 ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال ( الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل ، والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل .
فمن زاد أو استزاد فهو ربا ) وأجمع المسلمون على تحريم الربا .
ومن هذا يظهر أن الربا بقسميه، ربا النسيئة وربا الزيادة محرم فى الإسلام بنص القرآن والسنة وبإجماع المسلمين .
ولما كان القرض أو الاستدانة من البنوك أو المؤسسة التى تملكها الدولة مقابل فائدة محددة مقدما مثل 3 % فى المائة أو 8 % فى المائة هو قرض بفائدة، ومن ثم تدخل هذه الفوائد المحددة فى ربا الزيادة المحرم شرعا بمقتضى تلك النصوص الشرعية لما كان ذلك يكون اقتراض السائل من مؤسسة التعاون الإسكانى ومن بنك ناصر بالفائدة المذكورة داخلا فى نطاق ربا الزيادة المحرم شرعا .
وإذ كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أن الاقتراض كان بفائدة اعتبرت من باب الربا شرعا .
فإن على السائل أن يتصدق بمثل هذه الفوائد التى تعامل بها بنية رفع هذا الإثم والتوبة إلى الله والندم على الوقوع فى هذا الإثم الكبير .
يقول الله تعالى { وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون } البقرة 279 ، ولا تعتبر هذه الصدقة من الزكاة المفروضة ، بل هى تطهير لمال خبيت انتنفع به فى حاجته الخاصة .
وله أن يخرجها على دفعات حسب استطاعته وظروفه .
وعن السؤال الخامس أن للمسلم أن يخرج زكاة أمواله مقدما وعلى أقساط بشرط النية المقارنة وقت إخراج كل مبلغ أنه من الزكاة، ولا يلزمه إعلام المدفوع إليه أن ما دفعه من الزكاة، بل إن هذا مكروه لما فيه من إذلاله والإساءة إليه .
وما يدفعه السائل لوالدته لا يحتسب من الزكاة شرعا - هذا والزكاة إنما تجب فيما فضل عن حاجة المسلم ومن يعوله متى بلغ هذا الفائض نصابا، وهو ما يساوى قيمة ( 85 ) جراما من الذهب، ويكون قد مضى عليه حول كامل، وأن تكون ذمته بريئة من الديون التى للعباد، ومقدار الزكاة من النقود ربع العشر ( 2 .
5 % فى المائة ) ومما يذكر يعلم الجواب عما ورد بالسؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم(1/175)
زكاة المال
F جاد الحق على جاد الحق .
29 جمادى الأولى 1400 هجرية - 15 ابريل 1980 م
M 1 - زكاة المال ركن من أركان الإسلام، وفرض عين على كل من توافرت فيه شروط الزكاة .
2 - أجمع المسلمون على فرضية الزكاة، وأنها تجب فى كل أنواع الأموال بشروط ومقادير محددة لكل نوع .
3 - النصاب الشرعى للمال النقدى الذى تجب فيه الزكاة بعد استيفاء باقى الشروط هو ما تقابل قيمته بالنقود الحالية قيمة ( 85 ) جراما من الذهب عيار 21 - والواجب فيه ربع العشر 2 .
5 % فى المائة متى تحققت سائر الشروط .
4- تؤدى الزكاة فى مصارفها الثمانية التى حددها الله تعالى فى آية { إنما الصدقات } الخ
Q بالطلب المقدم من السيد / ن ح ع - المصرى الجنسية المقيم بالعراق المتضمن أن السائل يعمل بالعراق، وأن لديه مبلغا من النقود يريد أن يخرج زكاته، ويؤد أن يعرف المقدار الواجب عليه زكاة لماله المتوفر لديه
An زكاة المال ركن من أركان الإسلام، وفرض عين على كل من توافرت فيه شروط الزكاة .
ودليل فرضيتها ثابت بالكتاب والسنة والإجماع. من هذا قوله تعالى { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين } البقرة 43 ، قوله تعالى { وفى أموالهم حق للسائل والمحروم } الذاريات 19 ، وما رواه ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن كان مما أوصاه بإبلاغه للناس ( إن الله افترض عليهم صدقة فى أموالهم .
تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم ) متفق عليه .
واللفظ للبخارى . وقد أجمع المسلمون فرضية الزكاة وأنها تجب فى كل أنواع الأموال بشروط ومقادير محددة لكل نوع .
وأهم شروط وجوب الزكاة فى الأموال النقدية أن يبلغ المال النصاب الشرعى، وأن تكون ذمة مالكه خالية من الدين، وأن يكون فائضا عن حاجته المعيشية وحاجة من يعوله .
وأن تمضى عليه سنة . والنصاب الشرعى - أى الحد الأدنى للمال النقدى الذى تجب فيه الزكاة بعد استيفاء باقى الشروط - هو ما يقابل قيمته بالنقود الحالية قيمة (85) جراما من الذهب عيار ( 21 ) .
فإذا ملك المسلم هذا النصاب أو أكثر منه وجبت فيه الزكاة بمقدار ربع العشر أى 2 .
5 % فى المائة . وفى واقعة السؤال يكون الواجب على السائل إذا ما توافر لديه هذا النصاب وتحققت سائر الشروط .
أن يخرج زكاة ماله بمقدار 2 .
5 % فى المائة أى ربع العشر فقط . وأن يؤدى الزكاة فى مصارفها الثمانية التى حددها الله تعالى فى قوله { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل } التوبة 60 ، والله سبحانه وتعالى أعلم(1/176)
زكاة مال المجنون
F جاد الحق على جاد الحق .
26 رمضان 1401 هجرية - 27 يولية 1981 م
M 1 - الزكاة ركن من أركان الإسلام، وفرض عين على كل من توافرت فى أمواله شروطها .
2 - الحد الأدنى للمال النقدى الذى تجب فيه الزكاة ،هو ما تقابل قيمته بالنقود الحالية قيمة 85 جراما من الذهب عيار 21 من مراعاة سعر الذهب وقت وجوب الزكاة وحتى الوفاة لا السعر الحالى .
3 - اختلفت الفقهاء فى وجوب الزكاة فى مال المجنون فقال الأئمة مالك والشافعى وأحمد إنها تجب وعلى الولى إخراجها .
وقال الإمام أبو حنيفة إنها لا تجب فى ماله ولا يطالب الولى بإخراجها .
4 - يجب على ولى المحجور عليه إخراج زكاة أمواله المودعة فى البنك متى توافرت شروطها من صافى المال مجردا عن الفوائد لدخولها فى ربا الزيادة المحرم شرعا، وعلى الورثة التخلص منها بالتبرع بها لجهات البر .
5 - طريقة توزيع الزكاة هى ما بينته الآية الكريمة ( إنما الصدقات للفقراء ) الخ ولا يتحتم استغراق جميع هذه الأصناف عند توزيع الزكاة
Q بالطلب المقدم من السيد / ف م أ المتضمن أن رجلا كان محجورا عليه لمرض عقلى، وكان له مبلغ من المال، وقد أودع هذا المبلغ أحد البنوك باسمه، حتى وصل هذا المبلغ - مضافا إليه أرباحه السنوية - إلى مبلغ 3 .
500 ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه .
ونظرا لأن القيم لا يمكنه صرف أى مبلغ من البنك إلا بإذن المحكمة المختصة فلم يؤد زكاة هذا المال .
وقد توفى المحجور عليه فى يناير سنة 1979 .
ويسأل الطالب أولا ما حكم الشرع فى موضوع الزكاة، هل تدفع من يوم وضع المبلغ فى البنك، أم من يوم آل المبلغ إلى الورثة بعد وفاة المحجور عليه .
ثانيا ما هى طريقة توزيع الزكاة .
ثالثا هل يمكن توزيع جزء من زكاة هذا المال على الفقراء والمحتاجين من أقارب المتوفى
An الزكاة ركن من أركان الإسلام، وفرض عين على كل من توافرت فى أمواله شروط الزكاة .
ودليل فرضيتها ثابت بالكتاب والسنة والإجماع .
من هذا قوله تعالى { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين } البقرة 43 ، وما رواه ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن كان مما أوصاه بإبلاغه للناس ( إن الله افترض عليهم صدقة فى أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم ) .
متفق عليه واللفظ للبخارى .
وقد أجمع المسلمون على فريضة الزكاة، وأنها تجب فى كل أنواع المال بشروط ومقادير محددة لكل نوع .
وأهمها أن يبلغ المال النصاب الشرعى، وأن تكون ذمة مالكه خالية من الدين، وأن يكون فائضا عن حاجته المعيشية وحاجة من يعوله، وأن تمضى عليه سنة، والنصاب الشرعى - أى الحد الأدنى للمال النقدى الذى تجب فيه الزكاة بعد استيفاء باقى الشروط - هو ما تقابل قيمته بالنقود الحالية قيمة ( 85 ) جراما من الذهب عيار ( 21 ) ويلزم مراعاة سعر الذهب وقت وجوب الزكاة وحين الوفاة لا السعر الحالى .
فإذا ملك المسلم هذا النصاب أو أكثر منه وجبت فيه الزكاة بمقدار ربع العشر أى 2 .
5 % فى المائة هذا وقد تحدث الفقهاء فى شروط وجوب الزكاة وقالوا إن منها العقل، واختلفوا فى وجوبها فى مال المجنون .
فقال الأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد بن حنبل . إنها تجب فى ماله، ويجب على الولى إخراجها من ماله - ويرى الإمام أبو حنيفة أنها لا تجب فى ماله ولا يطالب الولى بإخراجها .
ونميل إلى الأخذ برأى الأئمة الثلاثة القائلين بإخراج الزكاة من المال لقوة أدلتهم .
وفى واقعة السؤال .
إذا ما تحققت شروط زكاة المال وتوافر النصاب الشرعى فى المبلغ المذكور وقت إيداعه البنك وتمام الحول عليه، يجب على ولى هذا المحجور أن يخرج عنه زكاة رأس المال المودع مجردا عن الأرباح لأن الفوائد المحددة بسعر معين والتى يعطيها البنك مقابل الإيداع تعتبر من قبيل القرض بفائدة ، ومن ثم تدخل هذه الفوائد فى ربا الزيادة المحرم شرعا بمقتضى الكتاب والسنة والإجماع وتصرف جملة هذه الفوائد إلى الفقراء والمساكين .
أما عن طريقة توزيع الزكاة فقد بينتها الآية الكريمة فى قوله تعالى فى سورة التوبة { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله } التوبة 60 ، وإذا كان لهذا المحجور عليه المتوفى أقارب فقراء محتاجون جاز إعطاؤهم من زكاة هذا المال .
بل هو الأفضل، ولا تحتم استغراق جميع هذه الأصناف عند توزيع الزكاة وإنما يقدم المحتاج، والأولى مراعاة الترتيب الوارد فى الآية .
هذا والقيم هو المسئول أمام الله سبحانه عن زكاة أموال محجوره إذا استحقت عليها الزكاة، وعليه أن يعرض الأمر على المحكمة المختصة للإذن بإخراج ما وجب من الزكاة قبل تقسيم التركة على الورثة .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/177)
اعطاء الأرض الزراعية للأخ للانتفاع بها
F جاد الحق على جاد الحق .
9 صفر 1402 هجرية - 2 ديسمبر 1981 م
M 1 - الأرض التى تركها مالكها لأخيه لزراعتها يعتبر إيرادها صدقة تطوعية، ولا تحتسب من الزكاة إذا وجبت عليه زكاة أموال أخرى .
2 - له أن يحسب إيجارها وعند سداد أخيه لهذا الإيجار يعطيه إياه ناويا الزكاة إذا وجبت عليه .
3 - لا زكاة على البيوت والمنازل المخصصة للسكنى .
فإن استغل المالك جزءا منها زائدا عن حاجته وجبت فيه الزكاة بشروطها .
4 - نصاب النقد الذى تجب فيه الزكاة هو ما يقابل 85 جراما من الذهب .
5 - البنك الذى يستثمر أمواله فى مضاربات عالمية، ثم يقسم الربح دون نسبة محددة مقدما تختلف من وقت لآخر .
يكون هذا العائد من تعامل مباح
Q بالطلب المقدم من السيد الدكتور / م خ ع وقد جاء به أولا ( أ ) إنه ورث قطعة أرض زراعية عن والده حوالى ثلاثين قيراطا وأنه فى سعة من العيش، وقد ترك هذه القراريط لأخيه الأكبر الذى يعمل بالزراعة، وعنده أطفال كثيرون ليستغلها لنفسه منذ وفاة والدهما ولم يحاسبه على إيرادها .
ثم قال السائل فهل يجوز احتساب هذا زكاة عنى وعن أولادى علما بأنى لا أملك سوى مرتبى .
( ب ) إنه بنى بيتا لم يحصل منه على إيراد بعد، فإذا دخل منه إيراد فما هو الموقف بالنسبة للزكاة .
ثانيا إن هناك بنكا تجاريا سعوديا يعمل بالفائدة القصيرة للدولار أى أن الشخص يودع فيه أى مبلغ وبعد يومين يدخل فى حساب الأرباح ويمكن للشخص المودع معرفة الأرباح فى أى يوم، وأن هذا البنك يدخل هذه الأموال فى مضاربات عالمية، ثم يحصل على جزء من الربح ويوزع الباقى على العملاء .
مع العلم بأن هذه المبالغ لا يعرف بالضبط فيما تستثمر وأنه لا توجد نسبة محددة مقدما للربح وإنما تختلف من يوم إلى آخر .
فهل هذا حلال
An إن الزكاة بوجه عام من فروض الإسلام وأسسه .
ففى القرآن الكريم قول الله سبحانه { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } التوبة 103 ، وقوله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده } الأنعام 141 ، وفى الحديث الذى أخرجه الشيخان عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن الإسلام فقال ( الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤتى الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان ) الحديث وكل نوع من الأموال حدد له رسول الله صلى الله عليه وسلم نصابا أى قدرا معينا لا تجب الزكاة إلا إذا بلغه وما فوقه - فإذا نقص المال عن النصاب فلا زكاة - مع شروط أخرى فى كل نوع من الأموال .
وبعد هذا فإنه عن السؤال الأول ( ا ) إن زكاة الزرع على مالك ما يخرج من الأرض ملكا تاما وقصد زراعته استغلالها عادة، على خلاف بين الفقهاء فيما يجب فيه الزكاة من المزروعات .
وجمهور الفقهاء يشترطون النصاب فى زكاة الزرع عملا بحديث أبى سعيد الخدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم ( ليس فيما دون خمسة أو سق تمر ولا حب صدقة ) أخرجه مسلم وغيره وقد نقل ابن المنذر وغيره لإجماع على أن الوسق ستون صاعا .
كما جاء فى المجموع للنووى ج- 5 ص 447 أى أن النصاب ثلاثمائة صاغ، وهى تساوى بالكيل المصرى خمسين كيلة .
لما كان ذلك لم يكن على السائل زكاة الزرع لأنه لا يزرع وإنما أخوه هو الزارع .
فإذا كان قد ترك الأرض التى ورثها لأخيه متبرعا .
فإيرادها صدقة تطوعية ولا تحتسب من الزكاة إذا وجبت عليه زكاة أموال أخرى غير الزراعة .
على أنه له أن يحسب إيجارها، وعند سداد أخيه لهذا الإيجار ويعطيه إياه ناويا الزكاة إذا وجبت عليه، لأن النية يجب أن تقارن إخراج الزكاة ( ب ) إن البيوت والمنازل التى خصصه المسلم لسكناه، وسكنى أسرته لازكاة عليها بشرط أن تكون فى حدود سكنى أمثاله .
فإذا ما استغل جزءا منها بالإيجار للغير .
فإن كان ليس فى حاجة إلى هذا الإيجار للانفاق منه على نفسه وأسرته كان مالا مدخرا تسرى عليه شروط نصاب الأموال السائلة المدخرة وهى فى الجملة بلوغه النصاب وحولان الحول عليه بمعنى توافر النصاب فى أول الحول وفى آخره، وزيادته عن حاجته وحاجة من يعولهم، وخلو ذمة مالكه من الديون .
فإذا توافرت هذه الشروط وغيرها مما نص عليه الفقهاء وجبت الزكاة فى إيراد هذا العقار منفردا أو بضمه إلى مدخرات أخرى توافرت فيها شروط وجوب الزكاة، ونصاب النقد الذى تجب فيه الزكاة هو مقابل 85 جراما ذهبا - بمعنى أن يخص النقود المدخرة - فإذا بلغت قيمة هذا الوزن من الذهب كان النصاب متوفرا وإلا لم يتحقق أهم شرط وهو النصاب فلا تجب الزكاة .
عن السؤال الثانى يقول الله تعالى فى كتابه الكريم { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة } آل عمران 130 ، وروى الإمام مسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل، والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل فمن زاد أو استزاد فهو ربا ) وأجمع المسلمون على تحريم الربا بقسميه ربا النسيئة وربا الزيادة .
ومن ثم يكون الربا بإطلاق محرما بنص القرآن والسنة وإجماع المسلمين .
هذا والاستثمار الجائز فى الشريعة هو ما كان من غير تحديد فائدة مقدما .
بل يكون خاضعا لواقع الربح والخسارة .
كما هو حكم عقد المضاربة الشرعية وكما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم فى أحكام المزارعة والمساقاة .
وعلى مقتضى هذا يكون إيداع الأموال فى البنوك بفائدة محددة قدرا وزمنا مقدما من باب القرض بفائدة ويدخل فى ربا الزيادة المحرم شرعا .
ولما كان الظاهر من واقعة السؤال أن البنك المشار إليه يستثمر الأموال المودعة لديه فى مضاربات عالمية، ثم يقسم الربح العائد مع العملاء بدون نسبة محددة مقدما بل تختلف من وقت لآخر يكون هذا العائد من تعامل مباح لانتفاء التحديد لقدر الربح وزمنه مقدما بشرط أن تكون تلك المضاربات من المعاملات المباحة شرعا .
هذا وإذا كان السائل يشك فى أن هذه الأموال تستثمر فى محرم فعليه أن يتجنب مثل هذا البنك حتى تطمئن نفسه إلى دخل حلال من كسب حلال من استثمار حلال .
امتثالا للحديث الشريف ( دع مايرييك إلى مالا يريبك ) والله سبحانه وتعالى أعلم(1/178)
بيان بنك ناصر فى الزكاة ورأى دار الافتاء فيه
F جاد الحق على جاد الحق .
18 صفر 1402 هجرية - 14 ديسمبر 1981 م
M 1 - الأصل فى النصاب النقدى للزكاة هو الذهب والفضة، ومقدار الواجب إخراجه هو ربع العشر .
2 - نصاب الذهب عشرون مثقالا، ونصاب الفضة مائتا درهم .
3 - الدينار أو المثقال الشرعى وزنه 4 .
25 جراما، والنصاب منه وزنه 85 جراما .
4 - الدرهم الشرعى وزنه 2 .
975 جراما، والنصاب منه وزنه 595 جراما .
5 - تحتسب قيمة النصاب بالعملة الورقية بضرب عدد الجرامات فى سعر السوق لكل جرام مع مراعاة أن يكون التقدير فى يوم اكتمال النصاب مستوفيا شرائطه .
6 - حولان الحول شرط فى وجوب الزكاة .
7 - كمال النصاب معتبر فى جميع الحول عند الأئمة الثلاثة .
ويرى الحنفية أن المعتبر هو أول الحول وآخره، فلو نقص النصاب فى أثناء الحول ثم كمل فى آخره تجب الزكاة .
8 - ما حرم على النساء استعماله من الذهب والفضة تجب فيه الزكاة متى تحققت شروطها .
9 - اتخاذ الرجل حليا من الذهب أو الفضة فيما عدا الخاتم من الفضة تجب فيه الزكاة متى بلغت قيمته نصابا ولو كان استعماله محرما شرعا .
10 - ما أبيح للرجال استعماله من الذهب والفضة لا زكاة فيه كمقبض السيف والسن - وما أبيح للنساء التحلى به من الجواهر وغيرها لا زكاة فيه ما لم تتخذ كنزا أو للادخار .
11 - من يرى من الأئمة إعفاء حلى النساء من الزكاة لم يحدد لذلك حدودا معينة أو نصابا معينا لذلك .
12 - أسهم الشركات الصناعية لا زكاة فيها، ولكن يضم الربح الناتج عنها إلى أموال المساهمين ويزكى معها زكاة المال متى تحققت شرائط الوجوب .
13 - أسهم الشركات التجارية أو المزدوجة تجب فيها الزكاة متى تحققت شروطها وتقدر قيمتها الحالية عند إخراج زكاتها لا قيمتها الاسمية .
14 - يضم رأس المال إلى الأرباح والمدخرات والديون الفورية المأمول سدادها وقيمة البضائع المجردة فى وقتها، وتؤخذ الزكاة على مجموع ذلك بواقع ربع العشر .
15 - تخصم الديون والنفقات من ناتج الأرض الزراعية، وما بقى تجب زكاته بواقع العشر متى بلغ نصابا .
16 - الخراج ( الضريبة العقارية على الأرض ) يخصم من الناتج وما بقى تجب زكاته .
17 - زكاة الزرع فى الأرض المؤجرة على المستأجر بعد خصم أجرتها .
18 - لا زكاة فى قيمة العقارات المبنية ذات الإيراد، ولكن تجب الزكاة فى إيرادها الصافى بعد الصيانة والضرائب، وذلك بعد ضمه إلى باقى أوعية الممول إن كانت له أموال أخرى ويخرج عن الجميع ربع العشر .
19 - زكاة الماشية فى السوائم منها لا المعلوفة ولا يعتد بالصغار منها وحدها فى النصاب إلا إذا كان معها كبار متى بلغت نصابا .
20 - لا تنقل الزكاة من بلد إلى آخر إلا إذا لم يوجد فى بلدها مستحق لها من الأصناف الثمانية .
21 - لولى الأمر فى فقه الإمام مالك نقل الزكاة من مكان إلى آخر إذا رأى أن فى ذلك مصلحة للمسلمين، وذلك بعد أخذ رأى أهل الشورى فى ذلك
Q بكتاب مجلة منبر الإسلام، وقد جاء معه ملاحظات باسم عالم المدينة المنورة على موجز فى التطبيق المعاصر لزكاة المال الصادر عن الإدارة العامة للزكاة ببنك ناصر الاجتماعى .
وقد جاء فى هذا الموجز ما يلى : أولا - زكاة النقود الورقية أو المعدنية والذهب والفضة - .
تجب فيها الزكاة بمقدار ( 2 .
5 % فى المائة ) إذا حال عليها الحول، وبلغت فى أول العام ما قيمته عشرون دينارا ( الدينار الشرعى يقدر وزنه ب 4 .
46 ) جراما من الذهب، ولتقدير ما يساويه الدينار الشرعى من أى عملة نضرب 4 .
46 فى القيمة السوقية للجرام من الذهب الخالص من تلك العملة، ولذا يختلف النصاب من مكان لآخر، ومن عملة لأخرى حسب القيمة السوقية للعملة المتداولة .
ثانيا - نصاب الزكاة - .
ويقدر هذا النصاب بضرب 4.46 جراما فى 20 دينارا فى سعر السوق للجرام من الذهب .
ونقصان النصاب فى خلال العام لا يضر إن كمل فى طرفيه، ويستوى كون النقود فى يد مالكها، أو فى خزائنه، أو مودعة باسمه فى البنوك، أو فى صناديق التوفير .
ثالثا - زكاة الحلى - .
لا زكاة للحلى المعدة للاستعمال والزينة واللباس، وذلك لعدم تحقق النماء أو نيته بشرط ألا تزيد قيمته على ألف جنيه، وفى نسخة أخرى من هذا الموجز، بشرط ألا تزيد قيمته عن خمسمائة جنيه .
والحلى من الذهب والفضة تعد من عروض التجارة التى تجب فى قيمتها الزكاة بالنسبة لمن يتجر فيها .
رابعا - زكاة الأوراق المالية - .
الأسهم والسندات وشهادات الاستثمار التى يقتنيها مالكها لمجرد الحصول على دخل منها، تجب فيها الزكاة بمقدار 10 % فى المائة من قيمة الكوبون فقط .
وتجب الزكاة فى الأسهم والسندات التى يبتغى بها مالكها التعامل فى سوق الأوراق المالية بالبيع والشراء بنسبة 2 .
5 % فى المائة من قيمتها السوقية . وإذا ظهر كسبها فى يد مالكها، فتجب زكاته بنسبة 10 % فى المائة من قيمة الكوبون .
خامسا - زكاة التجارة والصناعة بمفهوم عالمنا المعاصر - .
تجب الزكاة فى عروض التجارة، وهى العروض المعدة للبيع، وبلغة المحاسبة ( الأصول المتداولة ) متى بلغت نصابا وحال عليها الحول .
ولا تجب الزكاة فى قيمة الأصول الثابتة كالأرض والمبانى والآلات والمعدات والأدوات ووسائل النقل والأثاث .
والديون المرجوة حكمها حكم عروض التجارة .
والديون غير المرجوة، أو المشكوك فيها لا تزكى حتى تقبض، فإذا قبضت زكيت زكاة عن الماضى .
وتقوم عروض التجارة بسعر البيع الحاضر فى نهاية العام وتعتبر قيمتها فى البلد الذى فيه المال وتضم بعض العروض إلى بعض وإن اختلفت أجناسها .
وتضم عروض التجارة وديون التجارة المرجوة إلى الأموال النقدية لتحديد جملة الأصول المتداولة، أو المال العامل، ويخصم منها ديون التجارة التى على الممول ( كالدائنين والموردين وأوراق الدفع ) .
لتحديد صافى الأصول المتداولة، أو صافى المال العامل الذى يخضع للزكاة فى تمام الحول .
سادسا - زكاة الزروع والثمار - .
تجب الزكاة فى كل ما تخرجه الأرض، ويستنبته الإنسان من المحاصيل الزراعية المختلفة متى بلغت نصابا .
وتجب زكاة الزروع والثمار بسعر 10 % فى المائة من الناتج الصافى بعد خصم جميع النفقات، والتكاليف المختلفة من الناتج المجمل .
وتخصم الأموال الأميرية من الناتج المجمل قبل احتساب الزكاة .
ومن استأجر أرضا فزرعها يوزع عبء الزكاة بينه وبين المالك فيؤدى المستأجر زكاة الزرع بعد خصم قيمة الإيجار .
ويؤدى المالك زكاة الزرع عن قيمة الإيجار، وبذلك لا يضيع شىء من زكاة الزروع والثمار .
ويجوز الأداء النقدى لزكاة الزروع والثمار .
سابعا - زكاة العقارات المبنية ذات الإيراد - .
لا تجب الزكاة فى الدور والمبانى المعدة للسكن الخاص .
العقارات المبنية ذات الإيراد يبتغى بها مالكها الاستثمار، يتحقق فيها السبب الذى تجب من أجله الزكاة فى المال وهو النماء، لذلك .
يتعين إخضاعها لزكاة المال، وإذا كانت الزكاة لم تؤخذ عن الدور فى صدر الإسلام، فذلك لأن هذه الدور كانت مخصصة للسكنى، أما الآن فإن تثمير الأموال ابتغاء نمائها فى قطاع التشييد والإسكان للغير أصبح من أهم أنواع الاستثمارات المجزية .
وتؤدى زكاة العقارات المبنية بسعر 10 % فى المائة من صافى الإيراد قياسا على زكاة الزروع والثمار، فكلاهما إيراد من أموال عقارية .
ثامنا - زكاة الماشية - .
تجب الزكاة فى الإبل والبقر والغنم المعدة للتربية والنسل والنماء بشرط حولان الحول - الذى يكتمل فيه النسل - على النصاب ، وهو خمس من الإبل، أو ثلاثون من البقر، أو أربعون من الغنم ، وإن كانت معلوفة حيث إن علفها فى الوقت الحاضر لا يستغرق أكثر نمائها .
والخيل التى تتخذ للتربية والنسل والنماء تخضع لزكاة الماشية تشبيها لها .
ولا زكاة فى الإبل والبقر العوامل، كدواب الحمل والركوب، لاقتنائها للاستعمال لا للنماء .
واختلاف أسنان الماشية لا يؤثر فى مقادير الزكاة، والزكاة واجبة على صغارها كوجوبها على كبارها .
ولا ازدواج فى الزكاة، ولا تجتمع فى الماشية المعدة للتجارة زكاة التجارة وزكاة الماشية، إنما تخضع لزكاة التجارة كسائر أموال التجارة .
ويجوز الأداء النقدى لزكاة الماشية . تاسعا - مصارف الزكاة - .
لا يجوز بالإجماع صرف الزكاة إلى غير من ذكر الله تعالى فى مصارفها الشرعية الثمانية { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، وإن أعطيت الزكاة فى صنف واحد أجزأت .
وأهل كل بلد أولى بزكاتهم، حتى يستغنوا عنها، ولا تحمل من أهل بلد إلى غيره، إلا أن تكون فضلا عن حاجتهم، أو فى سبيل الله .
ولا تحل الزكاة للقوى القادر على الاكتساب، إلا إذا لم يعطه المجتمع فرصة عمل كافية تحقق له دخلا يغطى حد الكفاية ويسد حاجاته الأساسية للحياة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سأل من غير فقر فإنما يأكل الجمر ) .
وقال صلوات الله وسلامه عليه ( لا تحل الصدقة لغنى ولا لقوى مكتسب ) .
وكانت الاعتراضات الواردة على هذا الموجز كما يلى : أولا - ( نقصان النصاب فى خلال العام لا يضر إن كمل فى طرفيه ) فإنه إذا وقع ذلك سقطت الزكاة وعندما يتكامل النصاب يبدأ الحول من هذا التاريخ، فإذا بقى النصاب حولا كاملا، وجبت الزكاة فى نهايته على النصاب، وعلى ما زاد عليه أثناء الحول مع خلاف لبعض المذاهب فى هذا الزائد .
ثانيا - ( لا زكاة فى الحلى المعدة للاستعمال والزينة واللباس ، وذلك لعدم تحقق النماء أو نيته بشرط ألا تزيد على 500 جنيه ) .
وموضوع زكاة الحلى محل خلاف بين الفقهاء والصحيح هو وجوبها على الحلى إذا بلغت النصاب .
للحديث الذى أخرجه الحاكم وغيره عن عائشة ( أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى فى يديها فتخات ( فتخ جمع فتخة، وهى الخاتم بلا فص ) من ورق ( فضة ) فقال ما هذا يا عائشة .
قالت صنعتهن لأتزين لك بهن يا رسول الله، فقال أتؤدين زكاتهن .
قالت لا . قال هن حسبك من النار ) .
قال الحاكم إسناده على شرط الشيخين والأحاديث فى ذلك كثيرة .
وتحديد قيمة الحلى بألا تزيد على 500 جنيه من أين جاء هذا التحديد وهل هو اليوم أو فيما مضى أو ما يأتى .
لاختلاف قيمة الجنيه الذهب من وقت لآخر ارتفاعا وانخفاضا .
ثالثا - قياس ( هذا الموجز ) زكاة الأوراق المالية، كالأسهم والسندات وشهادات الاستثمار على المبانى والأراضى الزراعية يجعل الزكاة عليها 10 % فى المائة من قيمة دخلها فقط غير صحيح لأنها أموال سائلة، فضلا عن أن تقدير زكاتها بواقع 10 % فى المائة من الدخل فقط لا سند له، وإن كان قياسا على ناتج الأرض التى يسقيها المطر، إذ فيه العشر، فهو قياس لا يطابق الحقيقة .
رابعا - جعل ( هذا الموجز ) زكاة المحاصيل الزراعية المختلفة بواقع 10 % فى المائة من صافى الناتج بعد خصم جميع النفقات والأموال الأميرية والإيجارات وهذا غير دقيق، لأن النصوص فرقت بين المحاصيل التى لا يتكلف لها فقدرت زكاتها بالعشر والتى يتكلف لها كثيرا فقدرت زكاتها بنصف العشر .
وقد طلبت مجلة منبر الإسلام إيضاح ما إذا كانت هذه الاعتراضات صوابا .
أم لا . وبيان الرأى الشرعى فيما جاء بهذا جاء بهذا الموجز الصادر عن بنك ناصر الاجتماعى .
الإدارة العامة للزكاة
An إن الزكاة من فروض الإسلام ثبتت فرضيتها بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية الشريفة التى بينت أنواع الأموال التى تجب فيها ومقاديرها وشروط الوجوب، وهى فريضة ذات أثر بعيده فى المجتمع من الوجهة الاجتماعية والاقتصادية والمالية، فوق أنها عبادة تقوم على النية والعبادات فى الإسلام ينبغى التوقف عند نصوصها، دون تجاوز إلا بقدر الضرورات التشريعية وبالقواعد الأصولية المقررة .
وبعد فإننا نعقب على موجز أحكام الزكاة الصادر من بنك ناصر الاجتماعى، وعلى الاعتراضات التى أبديت عليه على النحو السالف فيما يلى أولا - عن البندين أولا وثانيا - إن الأصل فى النصاب النقدى للزكاة شرعا هو الذهب والفضة، ففى صحيح مسلم عن أبى هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( ما من صاحب ذهب ولا فضة ولا يؤدى منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها فى نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى جنة وإما إلى نار ) ( أخرجه البخارى أيضا وآخرون ج - 2 ص 129 سبل السلام للصنعانى ) وقد أجمع المسلمون على وجوب الزكاة فى النقود على المقدار والواجب فيها .
قال ابن قدامة فى المغنى لا نعلم خلافا بين أهل العلم أن زكاة الذهب والفضة ربع عشرهما ( 2 .
5 % فى المائة ) وقد ثبت هذا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فى الرقة ربع العشر ) ( المغنى ج - 1 ص 596 مع الشرح الكبير طبع المنار أولى سنة 1345 هجرية الرقة الفضة الخالصة ) - نصاب النقود - جاء فى الحديث الشريف المتفق عليه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة ) ( المرجع السابق ) والورق بكسر الراء وبفتحها وباسكانها الفضة المضروبة دراهم، وما كان غير مضروب لا يسمى ورقا ولا يسمى ورقة بكسر الراء وتخفيف القاف كما جاء فى لسان العرب والقاموس فى مادة ورق } وأجمع المسلمون على أن الأوقية أربعون درهما وثبت ذلك أيضا بالنصوص المشهورة، فالخمس الأواقى تقابل مائتى درهم ( المجموع للنووى ج - 6 ص 5 ) ولم يختلف علماء المسلمين فى أن نصاب الفضة للزكاة بهذا القدر كما لم يختلفوا فى مقدار الواجب فيه، وذلك لأن استعمال النقود الفضية كان شائعا وكثير الاستعمال عند العرب وفى عصر النبى صلى الله عليه وسلم ( المغنى ج - 6 ص 596 وما بعدها ) ولكن القول قد اختلف فى نصاب الذهب، حيث قال أكثر الفقهاء إن النصاب عشرون دينارا .
بينما روى عن الحسن البصرى أن نصاب الذهب أربعون دينارا، كما روى عنه مثل قول الجمهور، وهل معتبر بنفسه كما ذهب الجمهور أيضا أو مقوم بالفضة بحيث يعتبر فيه نصابها السالف كما روى عن عطاء والزهرى ( نيل الأوطار للشوكانى ج - 4 ص 139 ) هذا وقد استدل الجمهور على قولهم فى نصاب الذهب بأحاديث يقوى بعضها بعضا، وقد استقر عمل الصحابة على أن النصاب عشرون دينارا وانعقد الإجماع على ذلك بعد عصر الحسن البصرى .
( المحلى ج - 6 ص 66 - 70 والموطأ للامام مالك ج - 1 ص 246 والأم للامام الشافعى ج - 2 ص 34 والأموال لأبى عبيد ص 409 ) .
- تقدير الدرهم والدينار بالجرام المعمول به الآن - .
يدل استقراء النقود الإسلامية وبحوث المؤرخين فى ذلك على ما حققه الباحثون فى هذا ومنهم على باشا مبارك فى الخطط التوفيقية أن الدينار أو المثقال الشرعى يزن 4 .
25 جراما . ويكون نصاب الذهب على هذا - 20 مثقالا فى 4 .
25 جراما يساوى 85 جراما، وأن الدرهم الشرعى يزن 2 .
975 جراما فى 200 درهم قدر نصاب الزكاة شرعا يساوى 595 جراما وبهذا يكون نصاب الفضة وزنا بالجرام 595 جرما، ونصاب الذهب وزنا بالجرام 85 جراما .
وقد أقر ذلك مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف .
( دائرة المعارف الإسلامية وتقرير لجنة البحوث الفقهية لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر 23 شوال 1396 هجرية - 17 أكتوبر 1976 م ) فمن ملك من الفضة الخالصة أو الذهب الخالص نقودا أو سبائك ما يبلغ هذا الوزن من كل نوع وجبت عليه فيه الزكاة بواقع 2 .
5 % فى المائة - ربع العشر .
ومن ثم يكون ما جاء فى البندين الأول والثانى عن قدر النصاب من الذهب غير دقيق، وينبغى العمل بهذا التقدير 4 .
25 جراما للدينار أو المثقال، وأن جملة وزن النصاب من الذهب 85 جراما لا غير .
أما احتساب قيمة هذا النصاب بالعملة المالية الورقية المصرية ، فيكون بضرب 85 جراما فى سعر السوق للجرام الخالص من الذهب فى اليوم الذى اكتمل فيه هذا النصاب مستوفيا باقى شروط وجوب الزكاة لاتخاذه مبدأ لانعقاده، كما يحتسب كذلك فى نهاية العام لانعقاد وجوب الزكاة فى المال والنصاب بهذا الاعتبار متحرك السعر أو القيمة غير ثابت تبعا لارتفاع ثمن الجرام من الذهب أو انخفاضه .
هل يشترط استمرار كمال النصاب مدة الحول .
. اتفق الفقهاء على أن من شروط وجوب الزكاة فى النقود بعد أن بلغت النصاب أن يحول عليها الحول، بمعنى أن الزكاة لا تجب فى النقود إلا مرة واحدة، فلا تتكرر الزكاة على ذات المال الذى زكى إلا بعد مرور حول لكن فقهاء مذهب الإمام أبى حنيفة لم يشترطوا كمال النصاب طوال الحول بل اشترطوا هذا فى أول الحول للانعقاد، وفى آخر الحول للوجوب وقالوا إنه لا يضر نقصان النصاب فيما بين ابتداء الحول وانتهائه، فلو أن النصاب هلك كله فى أثناء الحول بطل الحول، فإذا طرأ مال جيد بلغ نصابا استأنف حولا جديدا .
( الدر المختار وحاشيته رد المحتار لابن عابدين ج - 2 ص 45 ) هذا بينما قال فقهاء مذاهب الأئمة مالك والشافعى وأحمد أن كمال النصاب معتبر فى جميع الحول .
( المغنى لابن قدامة مع الشرح الكبير ج - 2 ص 499 والمجموع للنووى شرح المهذب للشيرازى ج - 6 ص 19 و 20 والشرح الكبير بحاشية الدسوقى ج - 1 ص 506 ) ولكل من الفريقين أدلته المبسوطة فى كتبه، لكن وجهة المذهب الحنفى أولى بالقبول وأميل للأخذ بها، لأنها تقطع الكثير من الحيل والتحايل لإسقاط الزكاة، وهو ما قال به موجز أحكام الزكاة، ومن ثم فلا محل لتخطئته فى هذا الحكم، لاتباعه مذهبا صحيحا فى مسألة هى محل اجتهاد لم يرد فيها دليل صحيح أما حديث ( لا زكاة فى مال حتى يحول عليه الحول ) فقد تحدث فيه حفاظ الحديث وقالوا إنه ضعيف ( تلخيص المستدرك للحافظ الذهبى ص 175 وبداية المجتهد لابن رشد ج - 1 ص 243 - 47 فى وقت الزكاة ) على أنه متى كان الحكم اتباعا لمذهب من مذاهب الفقه التى تلقتها الأمة بالقبول لم يعترض عليه بالخطأ لمخالفته مذهبا آخر، وفقا لما قرره علماء الفقه وأصوله فى آداب الفتوى والمفتين .
ثانيا - عن البند ثالثا فى زكاة حلى النساء - .
لم يختلف أهل العلم بفقه الإسلام فى أن ما حرم استعماله واتخاذه من الذهب والفضة تجب فيه الزكاة متى بلغ النصاب لأى منهما، وترتيبا على هذا تجب الزكاة فى الأوانى المتخذة من الذهب أو الفضة، والتماثيل، والنصاب هنا معتبر بالوزن، أو يضم لغيره من جنسه .
( المغنى لابن قدامة ج - 2 ص 610 و 611 و 612 مع الشرح الكبير ) - حلى الرجال من هذين المعدنين - ومثل تلك التحف والأوانى المحرمة فى وجوب الزكاة متى بلغت قيمتها قيمة نصاب الذهب أو من الفضة ما يتخذه الرجال حليا منهما، فيما عدا التختم بالفضة للرجال دون إسراف .
فإذا اتخذ بعض الرجال حليا من الذهب كما يفعل بعض الناس فى عصرنا، وبلغت قيمته نصاب الذهب ( 85 جراما ) وجبت فيه الزكاة وإن كان استعماله عليه محرما، أما ما أبيح استعماله للرجال من الذهب فلا زكاة عليه كمقبض السيف والسن .
- حلى النساء من الجواهر وأمثالها لازكاة فيها - ذلك لأن اللآلىء والجواهر كالمرجان والزبرجد والماس ليست من المال النامى، بل هو حلية ومتاع للنساء، وإن خالف فى هذا بعض الشيعة واعتبروه من الأموال النفيسة وأوجبوا فيه الزكاة لكن جمهور الفقهاء على غير هذا، لأن علة وجوب الزكاة فى المال هى النماء الحقيقى أو التقديرى لانفاسة المال على ما تدل عليه الأحاديث الشريفة التى أوردها الفقهاء فى محلها من كتبهم .
( الروض النضير فى فقه الزيدية مع المقارنة بالمذاهب الأخرى ج - 2 ص 415 و 416 ) وهذا مالم تتخذ كنزا أو للادخار فإن الحكم التالى فى حلى النساء يتناولها .
حلى النساء من الذهب ومن الفضة وهل فيهما الزكاة .
لم يصح فى هذا الشأن نص بوجوب الزكاة فى هذه الحلى أو نفيه وقد وردت أحاديث اختلفت كلمة الفقهاء فى ثبوتها وفى دلالتها، فكانوا فريقين فى الجملة أحدهما قال بوجوب الزكاة فى حلى النساء من الذهب والفضة .
ومن هذا الفريق الإمام أبو حنيفة وأصحابه والأوزاعى والثورى وعطاء ومجاهد وابن شبرمة ( المحلى لابن حزم ج - 6 ص 75 - 78 - والمغنى لابن قدامة ج - 2 ص 605 و 606 ) وقد ساقوا أدلتهم على هذا القول آثارا مروية لم يخل بعضها عن مقال .
والفريق الآخر قالوا بعدم وجوب الزكاة فى حلى النساء - ذهب أو فضة - ومن القائلين به الإمامان مالك وأحمد، وهو أظهر قولين عن الإمام الشافعى ( المجموع للنووى ج - 6 ص 32 وما بعدها والموطأ ج - 1 ص 250 والأموال لأبى عبيد ص 443 والأم الشافعى ج - 2 ص 41 وفتح البارى ج - 3 ص 210 و 211 والمغنى لابن قدامة ج - 2 ص 605 ) وبيان ذلك فى الفقه الحنفى أن الزكاة واجبة فى الحلى مطلقا سواء أكان للرجال أو للنساء، تبرأ كان أو سبيكة، آنية كان أو غيرها ويعتبر فى زكاته الوزن لا القيمة .
( الدر المختار وحاشيته رد المحتار لابن عابدين ج - 2 ص 41 ) وفى الفقه المالكى أن الحلى المباح كالسوار للمرأة، وقبضة السيف المعد للجهاد، والسن والأنف للرجال لا زكاة فيه إلا فى الأحوال الآتية : 1 - أن ينكسر بحيث لا يرجى عوده إلا بسبكه مرة أخرى .
2 - أن ينكسر بحيث يمكن عوده بدون سبك ولكن مالكه لم ينو إصلاحه .
3 - أن يكون مدخرا لمفاجآت الدهر لا للاستعمال .
4 - أن يكون معدا ليئول إلى زوجة أو بنت .
5 - أن يكون معدا لصداق من يريد أن يتزوجها أو يزوجها لولده .
6 - أن ينوى به التجارة .
( الشرح الكبير بحاشية الصاوى ج - 1 ص 510 و 511 ) وفى الفقه الشافعى لا تجب الزكاة فى الحلى المباح الذى حال عليه الحول مع مالكه العالم به ،أما الحلى المحرم كالذهب للرجل، فإنه تجب فيه الزكاة ومثله إذا كان فيه إسراف كخلخال المرأة إذا بلغ مائتى مثقال، فإنه تجب فيه الزكاة، كما تجب فى آنية الذهب والفضة ( المجموع للنووى ج - 6 ص 32 حتى 41 ) وفى الفقه الحنبلى أنه لا زكاة فى الحلى المباح المعد للاستعمال أو للاعارة لمن يباح له استعماله، فإن كان غير معد للاستعمال فتجب فيه الزكاة، كما فى آنية الذهب والفضة البالغة نصابا وزنا ( المغنى لابن قدامة ج - 2 ص 605 حتى 612 ) ومن هذا الإجمال لأقوال الفقهاء نرى أنهم فى الجملة - كما تقدم - فريقان فى شأن إيجاب الزكاة فى حلى النساء من الذهب أو من الفضة .
وبالمقارنة بين أدلة الفريقين نرى أن قول الجمهور القائلين بعدم الوجوب أقوى وأدلته أولى بالقبول .
( أحكام القرآن لابن العربى ج - 2 ص 919 ط عيسى الحلبى، والأموال لأبى عبيد ص 442 - 446، وشرح الترمذى لابن العربى ص 131، والميزان للذهبى ج - 3 ص 282 ) - حلى النساء المتخذ للادخار - هذا الاختلاف إنما يجرى فى الحلى الذى اتخذ للزينة والمتاع وفقا لما يجرى به العرف والعادة، ولكل واحدة قدرها الجارى عرفا .
أما ما اتخذ مادة للادخار واعتبر بمنزلة الدنانير والدراهم المكتنزة، فمثل هذا يجب أن يزكى، ولذا روى عن سعيد بن المسيب - الحلى إذا لبس وانتفع به فلا زكاة فيه وإذا لم يلبس ولم ينتفع به ففيه الزكاة، وهذا ما جرى عليه فقه الإمام مالك فيما سلف بيانه، والصحيح المعتمد فى فقه الإمام الشافعى ، والليث بن سعد وصرح الفقه الحنبلى بأن ما اتخذ حليا فرارا من الزكاة لا تسقط عنه الزكاة وكذلك من أسرفت فى اتخاذ الحلى، ذهبا أو فضة، مجاوزة للحد المعتاد لمثلها كما تقدمت الإشارة إليه، فتجب الزكاة فيما ليس معتادا ولا جرى به العرف المستقر ، وهذا هو مقتضى قول الله سبحانه { وكلوا واشربوا ولا تسرفوا } الأعراف 31 ، ( تفسير بن كثير عليها ج - 2 ص 309 و 210 طبع سنة 1367 هجرية - 1948 م، والأموال لأبى عبيد ص 443 ، والموطأ بشرح المنتقى ج - 2 ص 107، وبلغة السالك ج - 1 ص 19 والمجموع للنووى ج - 6 ص 36 و 40 والمحلى ج - 6 ص 76 وما بعدها والشرح الكبير مع المغنى ج - 2 ص 608 و 609، ونهاية المحتاج للرملى ج - 3 ص 91 و 92 حيث جعل المعتمد فى ضبط وزن خاتم الرجل من الفضة بالعرف لا بالوزن على ما تقرر فى خلخال المرأة وكالملابس ) لما كان ذلك كان ما جاء فى موجز أحكام الزكاة المعروض من أنه لا زكاة فى الحلى المعدة للاستعمال والزينة واللباس، لعدم تحقق النماء أو نيته بشرط ألا تزيد قيمته على ألف جنيه أو على خمسمائة جنيه على اختلاف بين النسختين المعروضتين من هذا الموجز فى تقدير هذا المبلغ .
هذا القول غير صحيح فى الجملة، ولا يستند لدليل شرعى صحيح .
ذلك أن مذاهب الأئمة مالك والشافعى وأحمد التى قالت بعدم وجوب الزكاة فيما اتخذ من الذهب ومن الفضة حليا للنساء لم تحدد قدرا تجب الزكاة فيما تعداه، والقول بوجوبها على الإطلاق هو فقه المذهب الحنفى .
ومن ثم كان الحكم الذى تغيا به الموجز حدا أعلى للحلى المعفى من الزكاة غير صحيح فقد اختلف مع المذاهب جميعا ومع أدلتها فيما ذهب إليه على هذا الوجه .
والذى أميل إلى الفتوى به فى حلى النساء من الذهب والفضة هو ما قال به فقه هؤلاء الأئمة الثلاثة من عدم وجوب الزكاة فيه مادام لم يقصد به الادخار لوم يتجاوز حد الاعتدال، وما ذكره فقه الإمام مالك من الأحوال الخمس السالفة إنما هو تعداد لحالات اتخذت قرائن وأمارات على ترك التزين به فوجبت فيه الزكاة .
أما اعتبار الحلى من عروض التجارة لمن يتجر فيها، فذلك موافق للصواب .
أما بالنسبة لمن اتخذها ادخارا فتسرى عليها شروط زكاة الأموال المدخرة من الذهب والفضة .
- خلاصة - ويمكن أن نخلص من هذا إلى أنه : 1 - من كان يملك مصوغا من الذهب أو الفضة، فإن كان لمجرد الاقتناء والادخار وجبت فيه الزكاة كغيره من السبائك والنقود، لأنه نام تقديرا، أما إن كان معدا للزينة والاستعمال الشخصى، فإن كان هذا الاستعمال محرما كأوانى الذهب والفضة والتماثيل والتحف منهما وما يتخذه بعض الرجال حلية من أطواق أو سوار أو خاتم من الذهب وجبت فيه الزكاة، لأنه ليس مباحا التحلى بهذا المعدن للرجال المسلمين .
فلا اعتبار باستعماله غير المباح، وبقيت ماليته المدخرة، ويلحق بهذا الاستعمال غير المباح ما كان فيه إسراف ظاهر من حلى النساء والمعيار العرف والعادة قياسا على أمثالها فى عصرها فما كان فيه السرف ولو كان حلية للنساء وجبت فيه الزكاة .
2 - أما الحلى المعد لاستعمال مباح كحلى النساء دون إسراف وخاتم الرجال من الفضة لم تجب فيه الزكاة ،لأنه بهذا مال غير نام وهو زينة لها فصار كثيابها ومتاعها وهذا مما لا تجب فيه الزكاة باعتباره اتخذ لاستعمال أباحه الشارع، ويدخل فى هذا أن تلبسه المرأة التى تملكه أو تعيره للغير للتحلى به إعارة مباحة شرعا .
3 - ما وجبت فيه الزكاة من الحلى والتحف والآنية تقدر بزكاة النقدين، الذهب والفضة .
فيخرج مالكها ربع العشر ( 2.5 % فى المائة ) كل حول سواء كان له مال غيره أم لا، إذ لكل حكمه وزكاته .
وذلك بشرط أن يبلغ هذا الحلى أو الأوانى والتحف نصابا وهو 85 جراما من الذهب والاعتبار هنا للقيمة لا للوزن، إذ الصناعة التى دخلت على الحلى أو الأوانى ذات أثر فى القيمة .
ثالثا - عن البند رابعا زكاة الأوراق المالية - .
جاء فى هذا البند الحديث عن حكم زكاة الأسهم والسندات وشهادات الاستثمار على الوجه المتقدم قياسا - فيما يبدو - على زكاة الزروع فى بعض صورها .
وقد وجه إلى هذا المسلك الاعتراض الوارد تحت البند ثالثا .
وهو اعتراض وجيه، ذلك لأن علماء الاقتصاد قد فرقوا بين الأسهم وبين السندات، بأن الأولى صكوك ملكية جزئية لرأس مال الشركة المساهمة، أو التوصية بالأسهم حيث ينقسم رأس مال الشركة إلى أجزاء متساوية كل جزء منها يقابله سهم .
أما السند فهو تعهد مكتوب من البنك أو الحكومة أو الشركة لحامله بسداد مبلغ محدد فى تاريخ معين نظير فائدة معينة .
هذا الفرق بين الملامح الأساسية لكل من الأسهم والسندات، وهناك فروق أخرى سيقت فى محلها من كتب المال والاقتصاد .
كيف تزكى الأسهم والسندات وأشباههما .
لما كانت هذه النوعية من التعامل قد جدت، فقد اتجه الباحثون فى فقه الإسلام حديثا إلى طريقين لتحديد الزكاة على هذه الأنواع .
أحدهما ينظر لنوع نشاط الشركة صاحبة الأسهم ،هل هى صناعية أو تجارية أو خليط منهما .
فإن كانت الشركة صناعية فقط - لا تمارس عملا تجاريا كشركات الصباغة والتجهيز وشركات النقل فلا زكاة فى أسهمها ولكن ما ينتج ربحا لهذه الأسهم، يضم لأموال المساهمين، ويزكى معها زكاة المال، بمعنى أن ما بقى منه إلى الحول ،وبلغ مع غيره من أموال الممول نصابا بشروطه وجبت الزكاة فيه .
وإن كانت الشركة تجارية خالصة كشركات التصدير والاستيراد أو كانت تزاول الصناعة والتجارة كشركات النسيج والغزل وجبت الزكاة فى أسهم هذه الشركات، فمدار وجوب الزكاة فى أسهم هذا النوع من الشركات، أن تمارس الشركة عملا تجاريا سواء معه صناعة أم لا، وعندئذ تقدر الأسهم بالقيمة الحالية وليس بالقيمة الاسمية، ويخصم قيمة المبانى والآلات والأدوات المملوكة للشركة ،وتجب الزكاة فى الباقى مع الأرباح .
الطريق الآخر اعتبار الأسهم عروض تجارة، دون نظر إلى نوعية الشركة ونشاطه، ذلك لأن الأسهم والسندات أموال اتخذت للاتجار، ولها أسواقها ( البورصة ) ومن يتجر فيها بالبيع والشراء قد يكسب منها أو يخسر فيها، فيلاحظ فيها ما يلاحظ فى عروض التجارة وزكاتها .
وهذا ما أميل إلى الأخذ به فى زكاة الأسهم والسندات، فتعتبر بالنسبة للمتجر فيها رؤوس أموال تجارية، وتخضع لأحكام زكاة عروض التجارة أما الشركات ذاتها كهيئة فتؤخذ الزكاة منها على اعتبار أن أموالها أموال نامية بالصناعة أو نحوها، لأنها رأس مال ووسيلة للاستثمار، وليست أدوات صناعة شخصية كقدوم النجار .
وما ذهب إليه موجز أحكام الزكاة المعروض قال به بعض الباحثين ولكنه لاسند له، ولا أصل يخرج عليه تخريجا صحيحا، ومن الحق فى استنباط الأحكام أن نرد الأشياء غير المنصوصة لأشباهها ابتغاء الوصول إلى حكمها .
رابعا - عن البند خامسا - .
زكاة التجارة والصناعة بالمفهوم المعاصر وكيف تحسب .
يقول فقهاء الشريعة إن ما عدا النقدين - الذهب والفضة - مما يعد للتجارة عروض تجارة .
ويشمل هذا الاصطلاح المأكولات والثياب والأمتعة والحلى والجواهر والحيوانات والآلات والمنتجات الزراعية والأرض والدور وغير هذا مما يجد من مستحدثات تعد للبيع والاتجار بقصد الربح .
وزكاة عروض التجارة ثابتة بالقرآن الكريم وبالسنة الشريفة وبالإجماع .
( تفسير أحكام القرآن للجصاصى ج- 1 ص 543 عند تفسير الآية 167 سورة البقرة وأحكام القرآن لابن العربى ج- 1 ص 235 فى ذات الموضع والترمذى ج- 3 ص 91 و 104 أول كتاب الزكاة والأموال لأبى عبيد ص 425 و 429، والمغنى لابن قدامة ج- 2 ص 622 مع الشرح الكبير فى ذات الموضع والمجموع للنووى ج- 6 ص 47 - 55 ) وقد تداول الفقهاء نقل آثار فى طريقة إخراج التاجر المسلم زكاة ثروته التجارية .
فقد نقل أبو عبيد فى كتابه الأموال عن بعض التابعين قوله إذا حلت عليك الزكاة فانظر ما كان عندك من نقد أو عرض فقومه وما كان من دين فى ملأة ( أى على غنى موسر قادر على سداده ) فاحسبه ثم اطرح ما كان عليك من دين، ثم زك ما بقى .
ونقل عن ابراهيم النخعى قوله يقوم الرجل متاعه إذا كان للتجارة إذا حلت عليه الزكاة فيزكيه مع ماله .
وعن الحسن البصرى قوله إذا حضر الشهر الذى وقت الرجل أن يؤدى فيه زكاته أدى عن كل مال نقدى له، وكل ما ابتاع من التجارة وكل دين، إلا ما كان منه ضمارا لا يرجوه .
( الأموال لأبى عبيد ص 426 ) ومن هذه النقول وأمثالها مما حفت به كتب الفقه يتقرر أن على المسلم التاجر، عند حلول موعد زكاة أمواله، أن يضم ماله، رأس المال والأرباح، والمدخرات، والديون القوية المأمول سدادها فيقوم بجرد تجارته، ويقوم البضائع بقيمتها يوم الجرد، ويضم هذا إلى مالديه من نقود، مستغلة تجاريا، أو غير مستغلة، وماله من ديون غير ميئوس من قبضها، ويخرج من مجموع كل ذلك ربع العشر ( 2 .
5 % فى المائة ) . أما ديونه غير المأمول قبضها، أو غير المرجوة كتعبير فقه بعض المذاهب فلا زكاة عاجلة فيها، وإنما يزكى ما يقبضه فقط عن عام واحد فائت كما هو مذهب الإمام مالك الذى أميل إليه فى الفتوى فى تزكية الديون .
أما الديون التى عليه للغير، فإنه يطرحها من جملة أمواله ، ثم يزكى ما بقى إن بلغ نصابا وحال عليه الحول بشروطه كما نقل آنفا ( بداية المجتهد لابن رشد ج - 1 ص 260 و 261 ) ووفاقا لمعنى عروض التجارة السالف بيانه لا يدخل فى رأس مال التجارة الواجب فيه الزكاة كل حول المبانى والأثاث للمحلات التجارية ونحوه مما لا يباع، ولم يعد لإنتاج ولا للبيع، فلا يحتسب عند التقويم للتزكية .
فقد قال الفقهاء - كما سلف - إن المراد بعروض التجارة هو ما يعد للبيع والشراء قصدا للربح يدل له حديث سمرة ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع ) ( فتح القدير للكمال بن الهمام ج - 1 حتى 527، وبلغه المسالك بحاشية الصاوى ج - 1 ص 479 - 480، والمغنى لابن قدامة ج - 2 ص 636 و 640 والمجموع للنووى ج - 6 - ص 21 و 22، والمواضع السابقة فى بيان عروض التجارة من المراجع المبينة تحت البند الرابع } ومن ثم ما جاء فى موجز أحكام الزكاة فى هذا الموضع فى نطاق ما قال به جمهور الفقهاء فى الجملة فيعتد به .
خامسا - عن البند سادسا ويقابله فى الملاحظات البند رابعا - .
وهما فيما يتعلق بزكاة المحاصيل الزراعية بواقع 10 % فى المائة من صافى الناتج .
على الوجه المبين فى السؤال وما أثير ليس موجها إلى مقدار الزكاة الواجبة فى الزروع، وإلى نوع ما يجب فيه الزكاة بقدر ما هو موجه إلى أن قدر الزكاة يحتسب من جملة الناتج أو من صافيه بعد المصاريف والأموال والإيجار .
وإذا تبين أن الموجز المعروض قد جاء به - تجب الزكاة فى كل ما تخرجه الأرض ويستنبته الإنسان من المحاصيل الزراعية المختلفة متى بلغت نصابا .
كان هذا القدر من الحكم جاريا على قول جمهور الفقهاء ( المغنى لابن قدامة ج - 2 ص 695، والمحلى لابن حزم ج - 5 ص 112 و 113 ) أما ما جاء به من أن الزكاة تجب بواقع 10 % فى المائة أى العشر من صافى الناتج بعد خصم جميع النفقات والتكاليف المختلفة من الناتج المجمل .
فقد اختلفت كلمة الفقهاء فى ذلك حسبما قال ابن العربى فى شرحه على الترمذى قال اختلفت كلمة علمائنا هل تحط المؤنة من المال المزكى، وحينئذ تجب الزكاة فى الصافى فقط، أو تكون مؤنة المال وخدمته، حتى يصير حاصلا فى حصة رب المال وتؤخذ الزكاة من الرأس، أى من إجمالى الناتج، وقد ذهب ابن العربى إلى أن تحط وترفع من المحاصيل، وأن الباقى يؤخذ عشره، واستدل لذلك بحديث النبى صلى الله عليه وسلم ( دعوا الثلث أو الربع ) .
( شرح الترمذى ج - 3 ص 143 ) كما ثار الخلاف فيما إذا كان على رب الزرع والثمر ديون، قد تكون لأجل الإنفاق على الزرع، كالاستدانة لثمن البذور والسماد وأجرة العمال ونحو ذلك، وقد تكون ديونا على رب الزرع استنفدها على نفسه وأهله، فهل يخصم النوعان من الزرع .
أو أحدهما .
أولا تخصم الديون من الزرع . روى أبو عبيد فى الأموال ( ص 509 ) عن جابر بن زيد قال فى الرجل يستدين فينفق على أهله وأرضه .
قال قال ابن عباس يقضى ما أنفق على أرضه وقال ابن عمر يقضى ما أنفق على أرضه وأهله، وروى مثله يحيى بن آدم فى كتابه الخراج .
وفى المغنى عن الإمام أحمد روايتان إحداهما أن من استدان ما أنفق على زرعه، واستدان ما أنفق على أهله، احتسب ما أنفق على زرعه دون ما أنفق على أهله، لأنه من مؤنة الزرع .
والرواية الأخرى أن الدين كله يمنع الزكاة، كزكاة الأموال الباطنة، وعلى هذه الرواية يحسب الزارع كل دين عليه، ثم يخرج العشر مما بقى إن بلغ نصابا، فإن لم يبلغ الباقى نصابا فلا عشر فيه ( المغنى ج - 2 ص 591 و 592 من الشرح الكبير طبعة أولى سنة 1345 هجرية ) .
أما الخراج وهو مقابل الضريبة العقارية المفروضة على الأرض الزراعية فهل يخرج مقداره من الناتج المجمل ثم يزكى الباقى .
إلى هذا ذهب عمر بن عبد العزيز، وإلى نحوه ذهب الإمام أحمد ( المرجع السابق والأموال لأبى عبيد ص 88 والخراج ليحيى بن آدم ص 163 ) ويمكن أن يقاس على مسألة الخراج مسألة أجرة الأرض المستأجرة، وقد نقل ذلك أيضا يحيى بن آدم فى كتابه الخراج قال سألت شريكا عن الرجل يستأجر أرضا بيضاء من أرض العشر، بطعام مسمى، فزرعها طعاما .
قال يعزل ما عليه من الطعام ثم يزكى ما بقى العشر أو نصف العشر .
ثم قال كما يعزل الرجل ما عليه من الدين، ثم يزكى ما بقى من ماله ( المرجع الأخير السابق ص 161 ) وهل إذا لم تكن النفقة على الزرع دينا ولا خراجا، كأن أنفق من ماله هو على البذور والحرث والرى والسماد والتنقية والحصاد، هل ترفع هذه النفقات من جملة الناتج ثم يزكى الباقى قال ابن حزم لا يجوز رفع هذه النفقات وإسقاطها من الزكاة سواء استدان فى ذلك أو لم يستدن، أتت النفقات على جميع قيمة المزروع أو الثمر أو لم تأت، وهذا مكان قد اختلف السلف فيه، ثم نقل ابن حزم بسنده عن ابن عباس وابن عمر فى الرجل ينفق على ثمرته فقال أحدهما يزكيها .
وقال الآخر يرفع النفقة ويزكى الباقى، وعن عطاء أنه يسقط مما أصاب النفقة .
فإن بقى مقدار ما فيه الزكاة زكى، وإلا فلا ( المحلى ج - 5 ص 258 ) وقد رد ابن حزم على هذه القول بأنه لا يجوز إسقاط حق أوجبه الله تعالى بغير نص قرآنى ولا سنة ثابتة ثم قال وهذا قول مالك والشافعى وأبى حنيفة وأصحابنا .
كما رد على هذا الرأى أيضا الكمال بن الهمام الحنفى بأن الشارع حكم بتفاوت الواجب، لتفاوت المؤنة، فلو رفعت المؤنة كان الواجب واحدا وهو العشر دائما فى الباقى، لكن الواجب قد تفاوت شرعا مرة العشر ومرة نصفه بسبب المؤنة، فعلمنا أنه لم يعتبر شرعا عدم عشر بعض الخارج، وهو القدر المساوى للمؤنة أصلا .
( فتح القدير ج - 2 ص 8 و 9 ) وهل زكاة الزرع فى الأرض المستأجرة على المستأجر أو على المالك .
قال الرافعى فى الشرح الكبير إنه لا فرق بين ما تنبته الأرض المملوكة والأرض المكتراه فى وجوب العشر، ويجتمع على المكترى العشر والأجرة كما لو اكترى حانوتا للتجارة، يجب عليه الأجرة وزكاة التجارة جميعا .
وبمثل هذا قال ابن قدامة فى المغنى وقالا إن هذا القول لمالك والثورى وشريك وابن المبارك والشافعى وابن المنذر - وقال أبو حنيفة هو على مالك الأرض لأنه من مؤنتها أشبه الخراج .
وفى المجموع للنووى شرح المهذب للشيرازى قال الشافعى والأصحاب رحمهم الله يجب العشر فى الثمر والحلب المستخرج من أرض مستأجرة أو من أرض عليها خراج، فيجب على المستأجر العشر مع الأجرة، وكذا مع الخراج فى أرض الخراج ( ج - 2 ص 574 مع المغنى لابن قدامة ص 592، والمجموع للنووى ج - 5 ص 533 - 535 مع فتح العزيز للرافعى ) وأميل هنا للفتوى بما نقل عن ابن عباس رضى الله عنهما من أن الزكاة تجب بمقدار العشر أو نصفه بعد قضاء الدين على الأرض ، الذى استدانه الزارع كثمن البذور والسماد والعمالة الزائدة لا العمالة العادية التى يقوم بها الزارع عادة، وكذلك قيمة أجرة الأرض تدخل فى هذا، وهو ما قال به القاضى ابن العربى فى الموضع السابق وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد .
( شرح الترمذى ج - 3 ص 143، والمغنى لابن قدامة ج - 2 ص 591 و 592 ) ومن ثم ينبغى تقييد الحكم المطلق الوارد فى هذا الموجز بأن ما يخصم هو الديون التى استدينت للزرع ومنها أجرة الأرض، ولا تدخل فيه النفقات العادية التى يجريها الزارع بنفسه أو أهله، لأن مقابل ذلك قد قدره الشارع وأدخله فى الاعتبار عندما أوجب العشر فيما يروى دون تكلفة، ونصف العشر فيما يروى بتكلفة، وبمعنى آخر يستبعد من جملة المحصول قبل التزكية كل ما قضت الضرورة باستدانته، من بذور وسماد وأجرة عمال، أما ما جرت به العادة والعرف من أن الزراع يعملون بأنفسهم كما يحتفظون بالبذور من زراعة سابقة فلا يستبعد مما تجب عليه الزكاة .
سادسا - عن البند سابعا زكاة العقارات المبنية ذات الإيراد - .
ذهب الموجز المعروض - إلى أن العقارات المبنية للاستثمار تؤدى الزكاة عن صافى إيرادها بسعر 10 % فى المائة قياسا على زكاة الزروع والثمار، باعتبار أن كلا منهما إيراد من أموال عقارية .
وهذا القياس فى واقعه وجملته وما انبنى عليه غير مسلم به من أهل العلم بفقه الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى ورواية عن الإمام أحمد، إذ هؤلاء لم يقروا جعل زكاة الزرع العشر بعد رفع المصاريف والديون ومنها الإيجار .
والذى أميل إليه أن العقارات المبنية يضم إيرادها الصافى بعد نفقات الصيانة والضرائب، إلى حصيلة باقى وعاء الزكاة للممول إن كانت له أموال أخرى تجب فيها الزكاة، وتعتبر مالا مستفادا خلال الحول وتخرج عنه الزكاة بواقع ربع العشر ( 2 .
5 % فى المائة ). وهو ما أميل إليه أيضا فى شأن إيجار الأرض الزراعية نقدا، ذلك لأنه لا يوجد فى النصوص الشرعية، من القرآن والسنة فى الزكاة، ما يساعد على ما ذهب إليه الموجز فى حكم الزكاة على إيراد العقارات المبنية وقياسها على الأراضى الزراعية بإيجاب عشر الصافى، لأن هذا فى الأراضى الزراعية غير مسلم به بإطلاق، وإنما تعتبر هذه العقارات كالأراضى الزراعية من حيث وجوب الزكاة فى غلتها، ولما كانت غلتها نقودا فى الأعم الأغلب فإنه تجرى عليها زكاة النقود، فإذا كان لدى صاحبها نصاب الزكاة نقودا ضمت إليه وأخذت حكمه .
وهذا هو المنقول عن بعض الأئمة المجتهدين، فقد روى عن الإمام أحمد ابن حنبل فيمن أجر داره وقبض كراها، أن عليه زكاته إذا قبضه ( المغنى ج - 2 ص 497 فى المال المستفاد و ص 639 فى زكاة الديون ) وفى فقه المالكية خلاف فى حكم زكاة الأشياء التى تتخذ للانتفاع بغلتها كالدور المعدة للكراء، والغنم للصوف، والبساتين للغلة، فقد ذهب هذا الفقه إلى قولين فى زكاة هذه الأشياء أحدهما أنه يزكى عند قبضة ( الرسالة وشرحها للعلامة زروق ج - 1 ص 329 المطبوع مع شرح العلامة قاسم التنوخى بمطبعة الجمالية سنة 1332 هجرية - 1914 م ) هذا والمال المستفاد قد اختلف الفقهاء فى زكاته اختلافا بينا، وقد أشار إلى أقوالهم ابن قدامة فى المغنى، وقال إن المال المستفاد ثلاثة أقسام ثم قال القسم الثالث أن يستفيد مالا من جنس نصاب عنده قد انعقد عليه حول الزكاة بسبب مستقل، مثل أن يكون عنده أربعون من الغنم مضى عليها بعض الحول، فيشترى أو يتهب مائة، فهذا لا تجب فيه زكاة حتى يمضى عليه حول أيضا وبهذا قال الشافعى، وقال أبو حنيفة بضمه إلى ما عنده فى الحول فيزكيهما جميعا عند تمام حول المال الذى كان عنده إلا أن يكون عوضا عن مال مزكى، لأنه يضم إلى جنسه فى النصاب فوجب ضمه إليه فى الحول كالنتاج، ولأنه إذا ضم فى النصاب وهو سبب فضمه إليه فى الحول الذى شرط أولى .
ثم ساق أدلة الرأيين .
( ج - 2 ص 496 - 498 مع الشرح الكبير ) وعلى مقتضى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة فى المال المستفاد من ( الدر المختار وحاشيته رد المحتار لابن عابدين ج - 2 ص 50 ) جنس نصاب قائم تجرى الزكاة فى الدور والعقارات المستغلة بالإيجار كما تقدم - فيضم صافى إيرادها إلى ما لدى مالكها من نصاب النقود الذى وجبت فيه الزكاة، ويزكى معه جريا على قواعد التلفيق فى الأحكام أو التخير من أحكام المذاهب فى العبادات وغيرها، وقد ارتضى هذه الطريقة فى الاتباع للمذاهب جمهور علماء الفقه وأصوله .
( جمع الجوامع للسبكى فى أصول الفقه بشرح الجلال المحلى وحاشية البنانى ج - 2 ص 356 الطبعة الأولى بالمطبعة الخيرية بالقاهرة سنة 1308 هجرية وبحوث المؤتمر الأول لمجمع البحوث الإسلامية شوال 1383 هجرية - مارس 1964 م بحث التلفيق بين أحكام المذاهب للمرحوم الشيخ محمد أحمد فرج السنهورى ص 67 وما بعدها وبحث التلفيق بين أقوال المذاهب لفضيلة الشيخ عبد الرحمن الفلهود ص 91 وما بعدها } سابعا - عن البند ثامنا زكاة الماشية - .
ويلاحظ على هذا البند أمران أولهما ما جاء فى الموجز المعروض من أن الزكاة تجب فى هذه الماشية وإن كانت معلوفة حيث إن علفها فى الوقت الحاضر لا يستغرق أكثر نمائها .
ثانيهما ما جاء فيه من أن اختلاف أسنان الماشية لا يؤثر فى مقادير الزكاة، والزكاة واجبة على صغارها كوجوبها على كبارها .
عن الأمر الأول إن من شروط وجوب الزكاة فى الماشية أن تكون سائمة، بأن ترعى فى المباح أكثر العام، ومقصود منها الدر والنسل والزيادة والسمن، ويقابلها المعلوفة وهى التى يتكلف صاحبها علفها .
والحكمة فى اشتراط السوم أن الزكاة إنما وجبت فيما يسهل على النفوس إخراجه، وهو العفو الزائد كما قال الله سبحانه { خذ العفو } الأعراف 199 ، وقوله { ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو } البقرة 219 ، وذلك إنما يكون فيما قلت مؤنته وكثر نماؤه، وهذا إنما يتفق ويوجد فى السائمة وليس فى المعلوفة .
ودليل هذا الشرط ما رواه النسائى وأحمد وأبو داود عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى كل إبل سائمة فى كل أربعين ابنة لبون ) ووصف السائمة يدل مفهومه على أن المعلوفة لا زكاة فيها .
وروى البخارى فى صحيحه وغيره من حديث أنس ( وفى صدقة الغنم فى سائمتها إذا كانت أربعين فيها شاة ) .
وما ورد من أحاديث مطلقة عن وصف السوم تحمل على هذه الأحاديث المقيدة بهذا الوصف ( الروض النضير ج - 2 ص 399 و 400 ) هذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وإن خالف هذا ربيعة ومالك والليث عملا بالأحاديث المطلقة وأوجبوا الزكاة فى المعلوفة كالسائمة ( الروض النضير ج - 2 ص 399 ، 400 ) ولا شك أن الأخذ بقول الجمهور أولى لأن الملموس فى عصرنا ارتفاع تكاليف الأعلاف، وبالتالى قد ارتفعت أسعار اللحوم والألبان ومنتجاتها .
وما تزال فى صعود، فإيجاب الزكاة فى الماشية المعلوفة كما جاء فى هذا الموجز وإن وافق رأى الإمام مالك لكنه خلاف الأولى، ولا يوافق الواقع فيما ادعاه من أن علفها فى الوقت الحاضر لا يستغرق أكثر نمائها .
وعن الأمر الثانى فإن احتساب صغار الماشية فيما يجب عليه الزكاة ذهب إليه بعض الفقهاء مستندين لبعض الآثار المروية عن عمر ( الموطأ ج - 1 ص 265 ونيل الاوطار للشوكانى ج - 4 ص 134 ) وذهب فريق آخر إلى عدم الاعتداد بالصغار لخبر رواه أحمد والنسائى وأبو داود ( المرجع السابق ج - 4 ص 133 ) وفريق ثالث لم يوجب الزكاة فى الصغار إذا كانت وحدها توفيقا بين الرأيين السابقين، ويعتد بها فى النصاب إذا كانت معها أمهاتها .
وقد اشترط فريق آخر أن تبلغ الأمهات نصابا، فما زاد عن النصاب من الصغار اعتد به، وهذا قول أبى حنيفة والشافعى وابن حزم وآخرين لحديث سويد بن غفلة قال ( أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست إليه فسمعته يقول إن فى عهدى ألا آخذ من راضع لبن ) قال ابن حزم لما منع من أخذ الزكاة من راضع لبن - وراضع لبن اسم للجنس - صح بذلك ألا تعد الرواضع فيما تؤخذ منه الزكاة ) ( المحلى ج - 5 ص 274 إلى 279 ) وهذا القول هو الأحق والأولى بالاعتبار والأخذ به .
فما جاء فى الموجز وإن وافق بعض الأقوال، إلا أن الأوفق الاعتداد بقول الإمامين أبى حنيفة والشافعى ومن وافقهما، فلا يعتد بالصغار من الماشية نصابا إلا إذا كان معها كبار بلغت نصابا .
ثامنا - عن البند تاسعا فى مصارف الزكاة - ونقلها، والتحذير لغير المستحق من طلبها والاستيلاء عليها .
الأصل فى الإسلام أن تؤخذ الزكاة من الأغنياء وترد على الفقراء ومقتضى النصوص الواردة فى هذا ألا تنقل أموال الزكاة من المحل الذى أخذت منه، بل توزع فيه ( الأموال لأبى عبيد ص 595 ، 596 ) أما إذا كان أهل البلد قد استغنوا عن الزكاة، بمعنى أنه لم يوجد فيهم مستحق لها من الأصناف الثمانية، جاز نقلها إلى المستحقين فى بلد آخر إجماعا ( الأموال لأبى عبيد ص 595 ، 596 ) أما نقل الزكاة عند عدم استغناء أهل البلد فقد اختلف فيه الفقهاء ففى الفقه الحنفى يكره نقل الزكاة، إلا أن ينقلها إلى قرابته المحتاجين لما فى ذلك من صلة الرحم، أو إلى فرد أو جماعة أحوج إليها من أهل بلده أو كان نقلها أصلح للمسلمين، أو من دار الإسلام .
وهناك صور أخرى قالوا فيها بجواز النقل إلى غير البلد التى وجبت فيها الزكاة ( الدر المختار وحاشية ابن عابدين ج - 2 ص 93 ، 94 ) وفى الفقه المالكى يجب تفرقة الزكاة بموضع وجوبها أو قربة وهو ما دون مسافة القصر، فإن لم يوجد بمحل الوجوب أو قربه مستحق فإنها تنقل كلها وجوبا إلى محل فيه مستحق، وفصلوا فى ذلك بما يراجع فى موضعه من كتبهم ( حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج - 1 ص 501، ومواهب الجليل للحطاب والتاج والأكليل للمواقى ج - 2 ص 357 ، 358 ) وفى الفقه الشافعى أنه لا يجوز نقل الزكاة من بلد إلى غيره ويجب صرفها فى البلد الذى فيه المال، إلا إذا فقد فيه من يستحق الزكاة وعندئذ توجه إلى غيره ،بتفصيل جاء فى كتب فقه المذهب ( الأحكام السلطانية للماوردى ص 119 و 120، المجموع للنووى ج - 6 - ص 219 - 225 ) وفى الفقه الحنبلى مثل قول الفقه الشافعى، وفيه أيضا فإذا نقلها مع وجود المستحق لها فى موضع الوجوب أثم وأجزأته باعتبار أنه دفع الحق إلى مستحقه، وقال بعضهم لا تجزئه لمخالفة النص ( المغنى لابن قدامة ج - 6 ص 531 ، 532 ) وأجاز مالك لولى الأمر نقل الزكاة إذا رأى مصلحة فى ذلك للمسلمين بعد مشورة أهل الشورى ( المدونة ج - 2 ص 46 ، 47 طبع دار السعادة أولى سنة 1323 هجرية ) وبهذا قال الفقه الشافعى أيضا ( المجموع للنووى ج - 6 ص 173 ، 175 ) ومن أقوال الفقه الحنفى والمالكى تؤخذ الإجازة للأفراد فى نقل زكواتهم إلى غير بلد الوجوب لمصلحة معتبرة مماثلة لما قال به فقهاء المذهبين .
- يخلص مما تقدم - أن موجز أحكام الزكاة المعروض قد خالف الفقه والنصوص الشرعية فيما يلى : 1 - فى البندين الأول والثانى حيث قدر النصاب من الذهب على أساس أن الدينار الشرعى يقدر وزنه ب- 4 .
46 جرام ذهب، وهذا غير دقيق .
وينبغى العمل بالتقدير 4.25 جراما للدينار أو المثقال وبذلك تكون جملة وزن النصاب من الذهب 85 جراما لا غير .
2 - فى البند الثالث الخاص بزكاة الحلى .
من أنه لا تجب فى المعد منها للاستعمال والزينة واللباس زكاة إلا فيما زاد على 500 جنيه أو 1000 جنيه على اختلاف بين النسختين المعروضتين .
وهو قول غير صحيح فى الجملة ولا يستند لدليل شرعى .
3 - فى البند الرابع بشأن زكاة الأسهم والسندات وشهادات الاستثمار حيث قاسها فيما يبدو على زكاة الزروع فى بعض صورها وهذا لاسند له ولا أصل يخرج عليه تخريجا صحيحا، فهى تعتبر رؤوس أموال تجارية وتخضع لأحكام زكاة عروض التجارة بالنسبة لمن يتجر فيها .
4 - ما جاء فى البند السادس وهو الخاص بزكاة الزروع والثمار .
من أن الزكاة تجب بواقع 10 % فى المائة ( العشر ) من صافى الناتج بعد خصم جميع النفقات والتكاليف المختلفة من الناتج المجمل، وهذا حكم مطلق يجب تقييده بأن ما يستبعد من جملة المحصول قبل التزكية هو كل ما قضت الضرورة باستدانته .
أما ما جرت به العادة والعرف من عمل الزارع بنفسه واحتفاظه بالبذور من زراعته السابقة فلا يستبعد مما يجب عليه، لأن الشارع أدخلها فى الاعتبار عندما أوجب العشر فيما ليس فيه تكلفة ونصف العشر فيما فيه تكلفة .
5 - ما جاء فى البند السابع من أداء زكاة العقارات المبنية ذات الإيراد عن صافى إيرادها بواقع 10 % فى المائة قياسا على زكاة الزروع .
هو قياس فى واقعه وجملته وما انبنى عليه غير مسلم به من أهل العلم بفقه الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى ورواية عن الإمام أحمد، والذى يقتضيه فقد هذه المذاهب .
أن العقارات المبنية يضم إيرادها الصافى بعد نفقات الصيانة والضرائب إلى حصيلة باقى وعاء الزكاة للممول إن كانت له أموال أخرى تجب فيها الزكاة .
وتعتبر مالا مستفادا خلال الحول وتخرج عنه الزكاة بواقع ربع العشر ( 2 .
5 % فى المائة ) . 6 - ما جاء فى البند الثامن من أن الزكاة تجب فى الماشية المعلوفة .
مخالف لما ذهب إليه جمهور الفقهاء . من أن المعلوفة لا زكاة فيها طبقا للأحاديث الصريحة الواردة فى ذلك .
إذ لا اجتهاد من النص .
حيث حملت الأحاديث المطلقة عن قيد السائمة على الأحاديث التى جاء بها هذا القيد .
وما جاء به من أن الزكاة واجبة على صغار الماشية كوجوبها على كبارها فهو وإن وافق بعض الأقوال، إلا أن الأوفق الاعتداد بقول الإمامين أبى حنيفة والشافعى ومن وافقهما، من أنه لا يعتد بالصغار نصابا إلا إذا كان معها كبار بلغت نصابا للخبر الذى أورده ابن حزم فى هذا الموضع على نحو ما سبق .
7 - وما جاء فى البندين الخامس الخاص بزكاة التجارة والصناعة - والتاسع الخاص بمصاريف الزكاة .
هو فى نطاق ما قال به جمهور الفقهاء فى الجملة .
أما الاعتراضات على موجز أحكام الزكاة فهى كما يلى : 8 - الاعتراض الأول على أن نقصان النصاب فى خلال العام لا يضر إن كمل فى طرفيه - لا محل له فى تخطئة الحكم الذى جاء به الموجز لاتباعه مذهبا صحيحا هو مذهب الإمام أبى حنيفة فى مسألة هى محل اجتهاد ولم يرد فيها دليل .
وفى الأخذ بمذهب أبى حنيفة احتياط ويسر فى حساب الزكاة .
9 - الاعتراض الثانى على الحكم الذى تغيا به الموجز حدا أعلى للحلى المعفى من الزكاة اعتراض صحيح .
10 - الاعتراض الثالث على قياس الموجز لزكاة الأوراق المالية على زكاة الزروع فى بعض صورها اعتراض وجيه .
إذ ليس لهذا القياس سند شرعى ولا نص فقهى يتخرج عليه .
11 - الاعتراض الرابع وهو جعل الموجز زكاة المحاصيل الزراعية المختلفة بواقع 10 % فى المائة من صافى الناتج بعد خصم جميع النفقات والأموال الأميرية والإيجارات بإطلاق اعتراض صحيح، ويؤخذ فى هذا الموضع بما بينته الفتوى .
والله سبحانه وتعالى أعلم .
ے(1/179)
ضمان الحج عن الغير
F محمد عبده .
محرم 1319 هجرية
Mالحاج عن الغير إن قطع عليه الطريق وبقى شىء فى يده من مال الميت فرجع وأنفق على نفسه فى الرجوع ولم يحج لا يكون ضامنا إذا لم تذهب القافلة
Q رجل أمر بالحج عن الغير فقصد الحج حتى إذا قارب الوصول إلى أرض الحجاز حصل له مانع سماوى مثل اصطدام السفينة لشعب فى البحر بحيث أحصر مدة إلى أن نقل إلى سفينة أخرى أوصلته إلى أرض الحجاز بعد ميعاده ووجد الحج قد فاته قبل إحرامه ثم رجع إلى وطنه فهل يضمن ما صرفه فى الرجوع أم يحسب من بدل الحج المأمور به لداعى إحصاره بالعارض السماوى
An قالوا إن الحاج عن الغير إن قطع عليه الطريق وبقى شىء فى يده من مال الميت فرجع وأنفق على نفسه فى الرجوع ولم يحج لا يكون ضامنا إذا لم تذهب القافلة وهو صريح فى عدم الضمان فى حادثتنا فإن الحج فاته بسبب إحصاره فى الطريق على غير اختياره وذلك بمثابة قطع الطريق عليه وعدم ذهاب القافلة فما أنفقه فى الرجوع لا ضمان عليه فيه لأنه منع عن الحج بما طرأ عليه من الإحصار الذى أوجب الفوات متى كان ذلك المنع أمرا ظاهرا يشهد على صدقه ذلك لوجوب نفقته على آمره بالحج - ألا ترى أنه لو استؤجر رجل ليذهب لموضع كذا ويدعو فلانا بأجر مسمى فذهب للموضع فلم يجد فلانا فإنه يجب الأجر بالذهاب إجماعا كما ذكره الإتقانى وغيره فيستأنس به كما قلنا واللّه أعلم(1/180)
هل يؤجل الحج لخوف الطريق
F محمد بخيت .
رمضان 1334 هجرية - يوليو 1916 م
Mيجوز تأخير الحج عند غلبة الخوف من الطريق وعدم غلبة السلامة منه إلى أن يصير الطريق مأمونا وتغلب السلامة
Q بخطاب وزارة الداخلية بتاريخ 17 يوليو سنة 1916 قامت الحرب وصار السفر إلى الحجاز لتأدية فريضة الحج صعبا وطريقه غير مأمون فما حكم الشرع الشريف فى ذلك
An اطلعنا على خطاب دولتكم الذى جاء فيه أنه لما قامت الحرب الأوروبية الحالية وصار السفر إلى الحجاز صعبا وطريقه غير مأمون وأخذ دولتكم رأينا فى ذلك .
أجبنا بأنه عند غلبة الخوف فى الطريق وعدم غلبة السلامة يكون الطريق غير مأمون ويجوز تأخير الحج إلى أن يصير الطريق مأمونا وتغلب السلامة وتزول غلبة الخوف .
وبناء على ذلك قد وضعت النصائح الكافية فى المنشور الذى أصدرته الحكومة فى العام الماضى لإرشاد الحجاج المصريين عن ذلك، وحيث إنه لا يزال يتعذر القطع بأن دعائم الأمن فى بلاد الحجاز قد استتبت تمام الاستتباب فضلا عن أن طرق النقل بحرا بين القطر المصرى والحجاز معدومة فعلا .
وتريدون دولتكم الإفادة عما نراه موافقا للشرع الشريف فى مثل هذه الحالة .
ونفيد أنه حيث كان الحال ما ذكر فيجوز للمصريين تأخير الحج إلى أن يصير الطريق مأمونا وتغلب السلامة وتزول غلبة الخوف .
هذا ما يقتضيه الحكم الشرعى وتفضلوا بقبول فائق الاحترام(1/181)
الحج عن الغير بأمره
F عبد المجيد سليم .
ذو القعدة 1354 هجرية - فبراير 1936 م
M 1- إذا وجب الحج على شخص فأمره غيره بالحج عنه لعجزه عن أداء الفريضة بنفسه وكانت نفقة ذلك كلها أو أكثرها على الآمر ومن ماله ونوى المأمور الحج عن الآمر واستوفى بقية الشروط التى ذكرها فقهاء الحنفية فى حج الفرض عن الغير فلا نزاع عند الحنفية فى جواز ذلك وسقوط الحج به عن الآمر .
2- لا يشترط فى جواز الحج عن الغير أن يكون عجزه لا يرجى زواله عند الحنفية بل يجوز ولو كان يرجى زواله غير أنهم اشترطوا فى سقوط حج الفرض عن الآمر استمرار عجزه إلى وفاته فإذا برئ المريض وتمكن من الحج بنفسه وجبت عليه الإعادة إذا كان عجزه من الممكن البرء منه غالبا أما إذا كان لا يرجى زواله غالبا كأن كان لزمانه أو عمى فإنه سقط الفرض ولا تجب الإعادة ولو زال ذلك .
3- لا يشترط فى جواز ذلك عند الحنفية أن يكون المأمور قد حج عن نفسه حجة الفرض غير أن الأفضل عندهم أن يكون قد حج عن نفسه ليكون عالما بمناسك الحج .
4- إذا وجب الحج على المأمور بتحقق قدرته مطلقا ولم يحج عن نفسه أولا .
يكون حجه عن الغير مكروها كراهة تحريمية لأنه بتحقق قدرته تعين عليه الحج عن نفسه فى أول سنى الإمكان فيكون آثما بالترك .
5- ما ورد عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم من أمره من كان يحج عن غيره أن يحج عن نفسه أولا محمول على ما إذا كان حجه عن نفسه قد وجب عليه .
6- لكل من الآمر والمأمور ثواب على فعله بلا شك
Q ما قولكم دام فضلكم فى المسألة الآتية شخص موسر يبلغ من العمر زهاء الستين ويرغب فى تأدية فريضة الحج .
ولكن صحته لا تمكنه من ذلك . ويريد أن ينيب عنه نجله متكفلا له بكافة نفقات الحج والزيارة فهل يصح هذا شرعا على هذا الوجه أو لا يصح .
ولمن يكون أجر الحج وثواب الزيارة
An الحمد للّه وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده .
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأنه إذا وجب الحج على شخص فحج عنه غيره بأمره وكان الآمر عاجزا عن أداء فريضة الحاج بنفسه وكانت نفقة الحج من مال الآمر كلها أو أكثرها .
ونوى المأمور الحج عن الآمر واستوفى بقية الشروط التى ذكرها فقهاء الحنفية فى حج الفرض عن الغير فلا نزاع حينئذ بين فقهاء الحنفية فى أنه يسقط الفرض عن الآمر .
ولكن اختلفوا فى أنه هل يقع الحج المفروض عن الآمر أو يقع عن المأمور نفلا وللأمر ثواب النفقة كالنفل .
فالظاهر من المذهب أنه يقع الحج المفروض عن الآخر وهو الصحيح لما يشهد بذلك من الآثار من السنة .
ولا يشترط أن يكون العجز لا يرجى زواله عند الحنفية .
بل يجوز الحج عن الغير لعجز يرجى زواله .
كعجز لمرض يرجى البرء منه . غير أنه لا كلام عندهم فى أنه يشترط فى سقوط الفرض عن الآمر بهذا الحج وعدم وجوب الإعادة عليه استمرار العجز إلى الموت فإذا برئ المريض وتمكن من الحج وجب عليه الإعادة .
أما إذا كان العجز لا يجرى زواله بأن كان لزمانة أو عمى مثلا فإنه يسقط الفرض عن الآمر ولا تجب عليه الإعادة إن زال هذا العجز على ما قالوا إنه الحق .
ولا يشترط عند الحنفية أيضا أن يكون الحاج عن غيره قد حج عن نفسه حجة الإسلام نعم قالوا إن الأفضل احجاج الحر العالم بالمناسك الذى حج عن نفسه .
ومقتضى النظر كما قال صاحب الفتح إن حج الضرورة ( وهو من لم يحج عن نفسه ) عن غيره إن كان بعد تحقق الوجوب عليه بملك الزاد والراحلة والصحة فهو مكروه كراهة تحريم لأنه يتعين عليه والحالة هذه فى أول سنى الإمكان فيأثم بتركه، وعلى هذا يحمل ما ورد عن النبى صلى اللّه عليه وسلم من أمره من كان يحج عن غيره أن يحج عن نفسه ثم يحج عن غيره هذا ولا شك أن للآمر ثوابا على هذا الحج .
ولكن هل للمأمور ثواب أيضا .
قال ابن عابدين وعلى القول بوقوع الحج عن الآمر لا يخلو المأمور من الثواب .
بل ذكر العلامة نحو عن مناسك القاضى حج الإنسان عن غيره أفضل من حجه على نفسه بعد أن أدى فرض الحج لأنه نفعه متعد وهو أفضل من القاصر تأمل .
انتهت عبارة ابن عابدين ومما قلنا ظهر الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/182)
حج المرأة
F عبد المجيد سليم .
ذى القعدة 1361 هجرية - نوفمبر 1942 م
M 1- لا يجب الحج على المرأة إلا إذا كان معها زوجها أو ذو رحم محرم لها بالغ عاقل ولا يحل لها أن تحج بدون ذلك .
2- إذا سافرت بلا زوج أو رحم محرم لها كانت آثمة مرتكبة لما نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عنه من سفرها بدون ذلك وكانت أيضا مرتكبة لمعصية مخالفتها لزوجها الذى فرضت عليها طاعته فى غير معصية
Q أنا سيدة مصرية مسلمة ومتعلمة ومتزوجة من رجل رجعى وأود الحج ولكن زوجى يمنعنى عن أداء هذه الفريضة بمفردى دونه مع ملازمتى لإحدى قريباتى نظرا لعدم سنوح فرصة له لترك أعماله لأنه ليس له معين سوى اللّه .
فهل إذا خالفته وصممت على أداء الفريضة قهرا عنه بمفردى فهل هذا يعد مخالفة لأصول الدين .
وهل أعاقب على ذلك من اللّه .
أرجو إفادتى
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه لا يجب الحج على السيدة المذكورة إلا إذا كان معها زوجها أم محرم لها بالغ عاقل ولا يحل لها أن تحج بدون زوجها أو محرمها لحديث البخارى ومسلم - لا تسافر امرأة ثلاثا إلا ومعها محرم - زاد مسلم فى رواية - أو زوج - ولقوله عليه الصلاة والسلام - لا يحل لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو زوجها أو ابنها أو أخوها أو ذو محرم معها - رواه الترمذى وغيره .
وعن أبى هريرة عن النبى صلى اللّه عليه وسلم قال - لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذى محرم عليها - وغير ذلك من الأحاديث التى وردت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
ومن هذا علم أن السيدة إذا سافرت من غير زوجها أو محرم لها كانت آثمة مرتكبة ما نهى عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من السفر بدون زوج أو محرم ومرتكبة أيضا معصية أخرى هى مخالفتها لزوجها الذى فرض اللّه على الزوجة طاعته فى غير معصية والذى جعل حقه على المرأة أوجب من حق أبيها عليها كما تدل على ذلك أحاديث كثيرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
ويكفينا أن نذكر منها ما رواه الترمذى عن أبى هريرة أن النبى صلى اللّه عليه وسلم قال ( لو كنت أمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ) .
وبهذا علم الجواب عن السؤال واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/183)
الحج بطريق القرعة
F عبد المجيد سليم .
صفر 1363 هجرية - يناير 1944 م
Mالحج بطريق القرعة جائز شرعا لأن كل عضو من أعضاء الجمعية يودع مبلغا شهريا مع إذنها بإقراضه لمن يحج به فهو تعاون على البر
Q تراضى أعضاء جمعية الدعاية للحج على أن يدفع كل منهم ثلاثين قرشا شهريا لنية الحج وفى نهاية كل عام يجرى اقتراع ليحج من بينهم عدد يتناسب والمبلغ المجموع ويعتبر ما يستلمه العضو من مال الحج وديعة يسددها على أقساط شهرية عند العودة مع العلم بأن بملغ الثلاثين قرشا الذى يدفع شهريا يعتبر كوديعة لدى الجمعية بحيث يكون للدافع أن يسترد ما دفعه فى أى وقت شاء .
وهذه الفكرة نشأت بعد صدور قانون الجمعية فهو لا يتناولها وإن كان لا يتنافى معها
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن الذى يظهر من السنة ومن عمل الصحابة ومما جرى عليه الإمام أحمد فى مسائل القرعة جواز هذا العمل شرعا لأن حاصله إيداع كل عضو من أعضاء الجمعية المبلغ المذكور شهريا مع إذنها بأن تقرضه لمن يحج به فهو تعاون على البر على أن تكون القرعة وسيلة لاختيار من يحج تطييبا لنفوس أعضاء الجمعية وقد ورد العمل بالقرعة فى مثل هذا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعن بعض الصحابة رضوان اللّه عليهم وقاس عليه الإمام أحمد رحمه اللّه نظائر له .
وما معنا مثل ذلك .
ومن أراد الوقوف على هذه النصوص التى اعتمدنا فليرجع إلى مبحث القرعة من كتاب الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن القيم وإلى ما قاله أيضا فى كتابه بدائع الفوائد من الجزء الثالث ص 261 وما بعدها .
واللّه أعلم(1/184)
الحج أفضل من التبرع للمجاهدين بنفقته
F حسنين محمد مخلوف .
رمضان 1367 هجرية - يوليو 1948 م
Mأداء فريضة الحج أفضل من التبرع للمجاهدين بنفقته لفرضية الحج فور التمكن من أدائه ولأن الجهاد فرض كفاية وفرض العين مقدم على فرض الكفاية
Q هل أداء الحج أفضل أو التبرع للمجاهدين بنفقة الحج
An اطلعنا على السؤال المتضمن أن تأدية فريضة الحج أفضل أو التبرع للمجاهدين بنفقة الحج والجواب أن الحج فرض عين على كل من استطاع إليه سبيلا لقوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 ، وهو فرض على الفور فى أول وقت يتمكن فيه الإنسان من أدائه .
كما ذهب إليه الإمام أبو يوسف من الحنفية وهو أصح الروايات عن أبى حنيفة ومالك وأحمد والجهاد إذا لم يدع إليه ولى الأمر جميع القادرين عليه كما هو واقع الآن فرض كفاية متى قام به البعض سقط عن الباقين وإذا تركه الجميع أثموا وفرض العين مقدم على فرض الكفاية فإذا لم يكن لدى مريد الحج ما يسع القيام به والتبرع للمجاهدين قدم أداء الحج على التبرع للمجاهدين .
واللّه تعالى أعلم(1/185)
حكم اقامة الأنثى بدون محرم
F حسنين محمد مخلوف .
ذى الحجة 1367 هجرية - أكتوبر 1948 م
Mيحرم شرعا ترك الأنثى بدون وجود أحد من المحارم حفاظا على العرض والدين وصونا من العبث والإغراء والفتنة
Q شخص يريد السفر إلى بلد بعيد لأمر يتعلق بوظيفته وقد يغيب فيه أكثر من شهر وله بنت بكر بالغ سنها 18 سنة وتسكن معه بالمنزل ويضطر لتركها وحدها لأنها طالبة ويقوم بمساعدتها فى دروسها بعض المدرسين الفضلاء وإن لم يكونوا من أقربائها ولا يريد السفر قبل أن تطمئن نفسه .
وإذا أخذها معه فاتتها الفائدة وإذا تركها فإنه يخاف حديث الناس وليس فى البلد الذى يقيم به أحد من محارمها .
فما الرأى - أيضحى بفائدته أم يضحى بفائدة إبنته
An إن ترك ابنة السائل البالغة وحدها بدون وجود أحد من محارمها معها أثناء سفره البعيد ذريعة قريبة إلى شر مستطير ومفسدة عظمى وخاصة فى هذا الزمن ومناف لما أوجبه الشارع من المحافظة على العرض بما يصونه من العبث والإغراء بالفتنة فيحرم شرعا تركها كذلك .
ومفسدته أعظم من مصلحة بقائها للدارسة وحدها هذه المدة .
فإذا تحتم سفرك للبلد البعيد ولم يتيسر وجود الرحم المحرم كما ذكر فعليك استصحابها معك محافظة على العرض والدين .
واللّه يتولى هداك(1/186)
عدم جواز منع الصغار من السفر مع أمهاتهم للحج
F حسنين محمد مخلوف .
شعبان 1368 هجرية - يونية 1949 م
M 1- حج النساء بدون زوج أو محرم موافق لبعض المذاهب والأقوال .
2- مذهب الحنفية عدم الجواز بدون زوج أو محرم .
3- مذهب الشافعية عدم جواز ذلك بدون زوج أو محرم أو جمع من النساء الثقات إلا لضرورة قاهرة .
4- لا يجوز منع سفر الأطفال مع أمهاتهم لإفضائه إلى منع الأمهات أنفسهن من السفر فى الحالات التى لا يجوز شرعا منعهن فيها من الحج
Q من وزارة الداخلية بما يأتى اعتاد بعض الحجاج المصرين فى مواسم الحج الماضية أن يستصحبوا معهم أطفالا تقل أعمارهم عن عشر سنوات وهؤلاء الأطفال فضلا عن المتاعب التى يسببونها لذويهم يشغلون بالبواخر وغيرها من وسائل النقل أماكن لأشخاص بالغين مكلفين بأداء الفريضة وفى سفرهم وهم لا يكسبون ثواب الفريضة وتعطيل للبالغين عن أدائها كما لوحظ أن كثيرا من السيدات والآنسات يسافرن للحجاز دون أن يكون معهن رحم محرم فنرجو التفضل بالإفادة عن رأى فضيلتكم فى هاتين الحالتين .
وهل من الجائز شرعا منع سفر الأطفال الذين تقل سنهم عن العشر سنوات والسيدة أو الآنسة التى لا يرافقها رحم محرم كما نرجو أن يصلنا رد فضيلتكم فى أقرب فرصة لإمكان إصدار التعليمات اللازمة فى هذا الصدد فى موسم الحج الحالى وأفتينا بما نصه
An ورد إلينا كتاب الوزارة المؤرخ 10 شعبان سنة 1368 هجرية بشأن الاستفتاء عما إذا كان يجوز شرعا منع السيدات والآنسات اللاتى لا يرافقهن زوج ولا محرم ومنع سفر الأطفال الذين تقل أسنانهم عن عشر سنوات للأقطار الحجازية للأسباب المذكورة به ونفيد أولا أن الأئمة قد اختلفوا فى اشتراط الزوج أو المحرم فى السفر البعيد فذهب الحنفية إلى أنه يشترط فى سفر المرأة إلى الحج شابة كانت أم عجوزا أن تكون مع زوج أو محرم بالغين عاقلين مأمونين فإن لم يوجد لها زوج ولا محرم لا يجب عليها الحج لأنها تعد غير مستطيعة ولا يجوز لها هذا السفر والمحرم هو من لا يجوز له زواجها على التأبيد بسبب قرابة أو مصاهرة أو رضاع والسفر البعيد هنا ما كانت مسافته بالسير المعتاد ثلاثة أيام ولياليها وقيل يوما واحدا ولا عبرة بالسفر الآن بالطائرة بل المعتبر شرعا تقدير المسافة بالسير المعتاد وذهب الشافعية إلى أنه لا يجب الحج على المرأة إذا لم تكن مع زوج أو محرم أو نسوة ثقات فإذا وجدت أى واحد من هذه الثلاثة لزمها الحج وإن لم تجد شيئا منها لم يجب عليها الحج وهذا فى حج الفريضة أما الحج النفل فالصحيح عندهم أنه لا يجوز إلا مع الزوج أو المحرم لعدم الضرورة فيه - ونقل الشوكانى عن الإمام أحمد أنه لا يجب الحج على المرأة إذا لم تجد محرما ومثله الزوج وأن اشتراط المحرم أو الزوج فى الحج مذهب آل البيت وأبى حنيفة وإسحق والشافعى فى أحد قوليه .
ونقل عن مالك وأحمد فى رواية أخرى أنه لا يشترط الزوج أو المحرم فى سفر الفريضة ورجح ابن حزم فى المحلى عدم وجوب الزوج أو المحرم فى سفر الحج، فإذا لم تجد واحدا منهما تحج ولا شىء عليها وقد فرق بعض الفقهاء بين الشابة والعجوز فاشترط وجود الزوج أو المحرم مع الشابة دون العجوز والجمهور على عدم الفرق بينهما .
ثانيا بالنسبة لسفر الأطفال المذكورين مع أمهاتهم فالمنصوص عليه فى مذهب الحنفية أن عبادة الصبى ومنها الحج تصح منه وإن لم تجب عليه وله ثوابها وقيل ينتفع بها والده أيضا .
وعند الحنابلة كما فى المغنى أن حج الصبى صحيح فإن كان مميزا أحرم بإذن وليه وإن لم يكن مميزا أحرم عنه وليه فيصير محرما بذلك وبه قال مالك والشافعى .
وعن ابن عباس رفقت امرأة صبيا - فقالت يا رسول اللّه ألهذا حج قال نعم ولك أجر - .
وعن جابر قال - خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حجاجا ومعنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم وكان ابن عمر يفعل ذلك - .
وروى أن أبا بكر طاف بابنه فى خرقة وبه قال عطاء والزهرى ومالك والشافعى وإسحاق وابن المنذر كل من نحفظ عنه من أهل العلم يرى الرمى عن الصبى الذى لا يقدر على الرمى وقال أحمد يرمى عنه أبوه أو وليه ونفقته فى مال وليه .
ومن هذا يعلم ان حج الصبى الذى لم يبلغ الحلم صحيح وإن لم يجب عليه والخلاصة أولا أن ما يجرى عليه العمل الآن بالديار المصرية من حج النساء بدون زوج أو محرم موافق لبعض المذاهب والأقوال وأن مذهب الحنفية عدم جواز سفرهن للحج بدون زوج أو محرم ومذهب الشافعية عدم جواز حج الفريضة بدون زوج أو محرم أو جمع من النساء الثقات ولا يعدل عن ذلك إلا لضرورة قاهرة فإذا اقتضت الضرورة العدول عنه فيؤخذ بمذهب الحنفية ولكن فى الشابات دون العجائز ويؤخذ بالنسبة للعجائر بمذهب من يرى جواز سفرهن بدون زوج أو محرم .
ولما كان سن الشباب غير منضبط فلا مانع من تحديده بسن الخمسين لأنه فى الغالب هو الحد الفاصل بين من تشتهى ومن لا تشتهى ومن الممكن إثباته بشهادات الميلاد ونحوها ويرجح ذلك أن القول بمنع سفر المرأة وحدها ملحوظ فيه درء الفتنة وإثارة الشهوة والقول بالتفرقة بين الشابة والعجوز ملحوظ فيه اشتهاء الأولى دون الثانية ولا مانع شرعا من الأخذ بمذهب فى حالة والأخذ بمذهب آخر فى حالة أخرى كما اتبع فى قوانين الوقف والوصية والميراث .
ثالثا - لا يجوز منع سفر الأطفال المذكورين مع أمهاتهم لإفضائه حتما إلى منع الأمهات أنفسهن من السفر فى الحالات التى لا يجوز شرعا منعهن فيها من الحج والمصلحة فى إبقاء ما كان على ما كان بالنسبة لسفر هؤلاء الأطفال على أنه إذا أريد تخفيف الضغط على بواخر السفر فلا مانع من ترتيب الطلبات على أساس ترجيح من يريد أداء الفريضة على من يريد الحج تطوعا بحيث إنه إذا اتسعت البواخر للجميع لا يمنع أحد وإذا ضاقت فيؤثر المفترض على المتنقل .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال .
واللّه تعالى أعلم(1/187)
حاجات الأولاد مقدمة على حج التطوع
F علام نصار .
7 سبتمبر 1950 م
Mمصالح وحاجات الأولاد من زواج ونفقة وتعليم مقدمة على التطوع بالحج
Q من الأستاذ أ أ م على صفحات الأهرام قال 1 - سيدة سبق لها أن أدت فريضة الحج مرة، لكنها تريد أن تحج مرة أخرى، مع أن ظروف معيشتها تقتضى مراعاة العذارى من بناتها وهن فى سن الزواج، وهى تقتر عليهن فى الرزق، وتريد أن تضيع فى الحج ما ادخرته من ثمن جهازهن فما حكم الشرع فيها .
2 - سيدة سبق لها أن أدت فريضة الحج، وهى أم أولاد صغار فى سن التربية والتعليم قد يبلغون الثمانية أو العشرة، ومرتب زوجها لا يكاد يكفى لمعيشتهم الضرورية، فلا يمضى من الشهر أيام حتى يمدون أيديهم للاستدانة، وهى الآن تريد أن تحج مرة أخرى من ثمن نصف بيت لديها تبيعه لتدفع تكاليف الحج وتحرم أولادها معاشهم ورزقهم وتعليمهم فما حكم الشرع فيها
An إن الحج ليس فريضة عليهما بعد الحجة الأولى بل يكون تطوعا ونافلة فى التقرب إلى الله، وقواعد الشريعة وحكمة الله تعالى فى توجيه عبادة إلى الخير على أساس تقديم الأهم والأنفع تقتضى بأن تقدم هاتان السيدتان وأمثالهما مصالح وحاجات بناتهما وأولادهما فى الزواج والنفقة والتعليم على التطوع بالحج فى المرة الثانية، وأن الله تعالى ينظر إلى نفقة الأولاد فى مثل هذه الحالة على أنها عبادة أفضل من التطوع بالحج فليس لله حاجة فى الطواف ببيته من شخص يترك أولاده فريسة للجهل والفقر وبناته بلا زواج يعفهن أسأل الله سبحانه أن يوفق المسلمين إلى فهم دينهم على الوجه الصحيح حتى تصلح أحوالهم(1/188)
الحج بمال مسروق أو موهوب أو مقترض
F حسن مأمون .
21 محرم 1375 هجرية - 8 سبتمبر 1955 م
M 1 - الحج الفرض بمال حرام أو مسروق يسقط به الفرض ولكنه غير مقبول .
2 - لا تنافى بين سقوط الفرض به وعدم قبوله لأنه لا يلزم من الصحة القبول، كما فى الصائم الذى يغتاب الناس فإنه يسقط عنه فرض الصوم لأدائه بأركانه وشروطه ولكنه لا يقبل منه ولا يثاب عليه .
3 - الحج بالمال الموهوب لا خلاف فى جوازه فرضا كان الحج أو نفلا ، لأن الموهوب له يملك المال الموهوب له بالهبة بقبضه .
والحج بالمال المقترض جائز ومثله مثل الحج بالمال الموهوب
Q ما حكم فريضة الحج بالمال المسروق والمال الموهوب والمال المقترض على أن يقوم الحاج بسداد هذا الدين بعد عودته من الحج
An بأن الحج فريضة على كل مسلم مكلف استطاع إليه سبيلا، فمتى أداه المكلف بشروطه وأركانه صح شرعا وسقط عنه سواء أداه بمال حلال أو حرام، غير أنه إذا كان أداؤه بمال حرام كان حجه صحيحا ولكنه غير مقبول، ومعنى ذلك أنه لا يعاقب عقاب تارك الحج ولكن لا يقبل منه ولا يثاب عليه لأنه أداه بمال حرام، ولا تنافى بين سقوط الفرض عنه وعدم قبوله لأنه لا يلزم من الصحة القبول، وصار كالصائم الذى يغتاب الناس فإنه يسقط عنه فرض الصوم لأدائه بأركانه وشروطه ولكنه لا يقبل منه ولا يثاب عليه لارتكابه معصية الغيبة، ومن هذا يعلم أن الحج بالمال المسروق أو بأى مال حرام يسقط به الفرض ولكنه غير مقبول عند الله تعالى .
أما الحج بالمال الموهوب وهو الشطر الثانى من السؤال .
فإنه لا خلاف فى جوازه فرضا كان الحج أو نفلا، لأن الموهوب له يثبت له ملك أموال الهبة ملكا صحيحا بمجرد القبض، ويكون له حق التصرف فيها بسائر أنواع التصرفات ويترتب عليه ما يترتب على الحاج بالمال الحلال من صحة الحج وتحصيل الثواب المدخر عند الله لمن أدى هذه الفريضة أما أداء الفريضة بالمال المقترض على أن يقوم بسداد هذا الدين بعد عودته من حجه كما جاء بالشطر الأخير من السؤال، فإن الحكم لا يختلف عما قررناه فى الحج بالمال الموهوب من صحة الحج لأداء الفعل بشروطه وأركانه وتحصيل الثواب المترتب عليه .
ولا حرج عليه فى الاستعانة إذا كان قادرا على الوفاء بدينه، أما إذا كان أكبر رأيه أنه لو استقرض ما يكفيه للحج لا يقدر على قضائه، فإن الأفضل له فى هذه الحالة عدمه، لأنهم نصوا على ذلك فى الزكاة، وإذا كان هذا فى الزكاة التى تعلق بها حق الفقراء ففى الحج أولى ( راجع حاشية ابن عابدين فى أول كتاب الحج ) والله أعلم(1/189)
انابة القادر على الحج بنفسه غيره فى الحج عنه
F حسن مأمون .
28 شوال 1377 هجرية - 17 مايو 1958 م
M 1 - إنابة القادر على الحج الفرض بنفسه الغير فى الأداء عنه غير جائزة شرعا .
2 - أداء النائب عنه ذلك غير مسقط للفرض عنه .
3 - عجز الأصيل صحيا مع قدرته ماليا يجيز له إنابة غيره فى أدائه ويسقط به الفرض عنه إذا أداه النائب بشرط استمرار عجزه صحيا عن أدائه بنفسه حتى الموت، فإن برىء من مرضه وصار قادرا عليه بنفسه لزمه إعادة الحج من جديد .
4 - لابد فى الإنابة من نية النائب أنه يحج عن الأصيل وأن تكون أكثر نفقات الحج من مال الأصيل .
5 - الحج النفل تقبل فيه الإنابة ولو مع القدرة على الأداء بنفسه
Q فى رجل يعمل نجارا بالرياض وينوى أداء فريضة الحج هذا العام، ويرغب فى تكليف آخر للحج عن والدته وطلب السائل الإفادة عما إذا كان هذا جائز أو الشروط الواجب مراعاتها
An إنه إذا كانت والدة السائل لا تزال على قيد الحياة وهى مستطيعة وقادرة على الحج بنفسها ولم تحج الحج المفروض، فإنه لا يجوز لها شرعا أن تنيب عنها غيرها فى أدائه بل يجب عليها أن تؤديه بنفسها، ولو أحجت عنها غيرها لا يسقط عنها الفرض لاستطاعة الحج وقت الإنابة .
أما إذا كان الحج واجبا عليها لتوافر شروطه ولكنها تعجز عن أدائه بنفسها بعد القدرة عليه لمرض ونحوه فلها أن تنيب عنها غيرها، فإذا أدى النائب الحج سقط الفرض عن المحجوج عنه فى ظاهر الرواية، ويشترط لجواز النيابة عن العاجز فى الحج المفروض دوام العجز إلى الموت لأن الحج فريضة العمر حتى تلزم الإعادة بزوال العذر كما يشترط نية الحج عن الآمر وكون أكثر النفقة وهى ما يحتاج إليه فى الحج من طعام وشراب وثياب إحرام وركوب حسب المتعارف من مال الآمر، والأفضل أن يكون النائب قد أدى أولا حجة الإسلام عن نفسه .
أما حج النفل فإنه يقبل فيه الإنابة ولو مع القدرة وأما إذا كانت والدة السائل قد توفيت قبل أداء فريضة الحج مع استطاعة السبيل إليه فإنه يجوز لابنها أن ينيب من يحج عنها ويرجى أن يجزئها كما ذكر أبو حنيفة، والجواز ثابت بما روى أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إن أمى ماتت ولم تحج أفأحج عنها قال نعم ويشترط لجواز هذه النيابة أن تكون نفقة المأمور بالحج من مال الآمر المتبرع، وهى ما يحتاج إليه فى الحج من مصاريف السفر برا وبحرا والطعام والشراب وثياب الإحرام والمسكن وأن ينوى النائب الحج عن المتوفى .
وبهذا علم الجواب عن السؤال .
والله أعلم(1/190)
حج بمال مقترض بفائدة
F أحمد هريدى .
9 جمادى الآخر 1382 هجرية - 6 نوفمبر 1962 م
M 1 - لا يقبل الحج بالنفقة الحرام مع أنه يسقط الفرض معها .
2 - لا تنافى بين سقوط فريضة الحج وعدم قبوله، فلا يثاب لعدم القبول ولا يعاقب فى الآخرة عقاب تارك الحج
Q عما إذا كان يجوز للموظف أن يحج من المال الذى يقترض من البنك بضمان المرتب بفوائد 3 % فى المائة ويسدد على أقساط أم لا يجوز، وإن جاز شرعا فهل يعتبر هذا المال حلالا والحج منه مقبولا ويثاب عليه أم يسقط الفريضة فقط باعتبار الفائدة الربوية فى المال المذكور
An المقرر شرعا أن الحج فرض على كل مسلم حر بالغ عاقل صحيح إذا قدر على الزاد والراحلة فاضلا عن المسكن ومالا بد له منه وعن نفقة عياله إلى حين عودته، وأنه يكره الحج لمديون إن لم يكن له مال يقضى به إلا أن يأذن الغريم له، ويشترط أن تكون النفقة من حلال فلا يقبل الحج بالنفقة الحرام مع أنه يسقط الفرض معها وإن كانت مغصوبة، ولا تنافى بين سقوط فريضة الحج وعدم قبوله، فلا يثاب لعدم القبول ولا يعاقب فى الآخرة عقاب تارك الحج ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال(1/191)
الحج عن الغير
F أحمد هريدى .
18 فبراير 1965 م
M 1 - يجوز الحج عن الغير إذا كان مريضا عاجزا عن حج الفرض ويقع الحج عن الآمر .
2 - من وجب عليه الحج الفرض فمات قبل أدائه، فإن كان قد أوصى بأدائه من ماله فلا يسقط عنه الحج إلا بأدائه الذى يكون من ثلث ماله .
وإن كان لم يوص بذلك يكون آثما بتأخير الفرض عن وقته فى إمكان أدائه فى الجملة، ويسقط عنه فى حق أحكام الدنيا بمعنى أنه لا يلزم الوارث به من تركته لأنه عبادة وهى تسقط بالموت فى حق أحكام الدنيا لكن لو أداه الوارث عنه يجزئه ذلك .
3 - يشترط لجواز الإنابة فى الحج أن تكون نفقته على الآمر أو المتوفى عند الإيصاء به أو على المتبرع به فى حالة عدم الإيصاء به
Q من السيد / م خ ع بطلبه المتضمن : 1 - أن سيدة ثرية لا تسمح لها حالتها الصحية بأداء فريضة الحج .
فهل لها أن تنيب عنها شخصا يؤدى عنها فريضة الحج . 2 - إذا حج الزوج نيابة عن زوجته من مالها الخاص فهل تسقط عنها الفريضة .
3 - رجل مسلم صالح يؤدى جميع ما فرضه عليه الدين الحنيف توفى قبل أن يتمكن من أداء فريضة الحج .
فهل يجوز أن يحج عنه من ماله شخص آخر وما هى الشروط الواجب توافرها فى ذلك الشخص الذى يحج عن الغير
An نص فى مذهب الحنفية على أنه يجوز للمريض العاجز عجزا دائما عن حج الفرض أن ينيب من يحج عنه ويقع الحج عن الآمر - المحجوج عنه - فى ظاهر هذا المذهب، وعلى أن من وجب عليه الحج إذا مات قبل أدائه فلا يخلو إما أن يكون قد مات من غير وصية بالحج عنه، وإما أن يكون قد مات عن وصية به، فإن مات عن وصية به فلا يسقط الحج عنه ويجب أن يحج عنه، لأن الوصية بالحج قد صحت، ويحج عنه من ثلث تركته سواء قيد الوصية بالثلث بأن يحج عنه بثلث ماله أو أطلق بأن أوصى بأن يحج عنه .
وإن مات من غير وصية بالحج عنه يأثم بتفويته الفرض عن وقته مع إمكان الأداء فى الجملة ولكنه يسقط عنه فى حق أحكام الدنيا حتى لا يلزم الوارث الحج عنه من تركته لأنه عبادة، والعبادات تسقط بموت من عليه العبادة سواء كانت بدينة أو مالية فى حق أحكام الدنيا، لكن يجوز الحج عن الميت الذى لم يؤد فريضة الإسلام مع استطاعته السبيل إليه ويرجى أن يجزئه ذلك إن شاء الله تعالى كذا ذكره أو حنيفة رضى الله تعالى عنه .
والجواز ثابت بما روى أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إن أمى قد ماتت ولم تحج أفأحج عنها قال - نعم - وفعل الولد ذلك مندوب إليه جدا .
لما أخرج الدار قطنى عن ابن عباس رضى الله عنهما عنه عليه الصلاة والسلام قال - من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرما بعث يوم القيامة مع الأبرار - وأخرج أيضا عن جابر أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - من حج عن أبيه أو أمه فقد قضى عنه حجته وكان له فضل عشر حجج - .
وأخرج أيضا عن زيد بن أرقم قال .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - إذا حج الرجل عن والديه تقبل منه ومنهما واستبشرت أرواحهما وكتب عند الله برا - .
هذا ويشترط لجواز هذه النيابة أن تكون نفقة المأمور بالحج - النائب - فى مال العاجز أو فى مال الميت إذا كان قد أوصى بالحج وفى مال المتبرع إذا لم يكن قد أوصى - والنفقة ما يحتاج إليه فى الحج من مصاريف السفر برا وبحرا والطعام والشراب وثياب الإحرام والمسكن حسب المعتاد، وأن ينوى النائب الحج عن العاجز أو عن الميت .
والأفضل أن يكون النائب قد أدى أولا حجة الإسلام عن نفسه خروجا من خلاف العلماء فى ذلك .
وسواء أكان العاجز عن الحج أو الميت أحد الزوجين والنائب الزوج الآخر أو غيره .
وطبقا لما سبق إيضاحه إذا كان عجز السيدة الثرية عجزا دائما عن أداء الحج بنفسها بأن كان عجزها لكبر أو مرض يعجزها عن الحركة ولا يرجى شفاؤه جاز الحج عنها أما إذا كان عجزها غير دائم بأن كان مرضها مرضا يرجى زواله فلا تسقط عنها فريضة الحج بحج الغير عنها، ويجب عليها عند زوال العجز أداء فريضة الحج بنفسها، وأما حج الزوج عن زوجته من مالها فإن كانت الزوجة عاجزة عجزا دائما كما سبق بيانه وأنابته قبل الحج بالحج عنها فإن حجه يجزىء عنها، أما إذا لم تكن عاجزة أو لم تنبه فى الحج عنها قبل أدائه فلا يسقط الفرض عنها ويجب عليها الحج بنفسها .
وأما من توفى قبل أدائه فلا يسقط الفرض عنها ويجب عليها الحج بنفسها .
وأما من توفى أدائه الحج وكان مستطيعا فإنه يحج عنه إذا كان قد أوصى به، وإن لم يوص به فيجوز الحج عنه من وارثه أو من متبرع ويرجى أن يجزىء عنه إن شاء الله كما سبق بيانه .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال(1/192)
تعجيل الحج الفرض
F أحمد هريدى .
1 يناير 1966 م
M 1 - الحج فرض عين على كل مسلم ومسلمة مرة فى العمر متى تحققت شروطه، ويأثم من فرض عليه بالتأخير لو مات ولم يحج .
2 - جهاز بنات الابن ليس واجبا على الجد شرعا
Q من السيد / أ ر ص بطلبه المتضمن أنه يبلغ من العمر 65 عاما، ويرغب فى تأدية فريضة الحج هذا العام هو وزوجته وأنه يقوم بتربية حفيداتهما الثلاث - بنات ابنهما المتوفى سنة 1952، وسنهن على التوالى 18 ، 16، 14 سنة، وليس لديهما سوى المبلغ الذى يفى بنفقات حجهما ويخشى أنهما لو أديا فريضة الحج هذا العام لعجز عن تدبير المبلغ الذى يلزم لتجهيز إحدى حفيداته لو تقدم أحد لخطبتها فضلا عن كلهن .
وطلب السائل بيان أيهما أفضل - تأدية فريضة الحج هو وزوجته أو الاحتفاظ بالمبلغ الذى لديهما للاستعانة به فى تجهيز حفيداته إذا خطبن
An الحج فريضة عين على كل مسلم ومسلمة مرة فى العمر متى تحققت شروطه ومنها نفقة ذهابه وإيابه .
لقوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين } آل عمران 97 ، ولقوله صلى الله عليه وسلم ( بنى الإسلام على خمس ) ومن جملتها الحج ويأثم بتأخيره بعد تحقق شروطه لو مات ولم يحج بإجماع الفقهاء .
ولقوله صلى الله عليه وسلم ( من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا ) أما تجهيز بنات الابن فليس بواجب عليه شرعا .
وعلى ذلك فلا يكون هناك وجه للمفاضلة بين الواجب وهو الحج وغير الواجب وهو تجهيز البنات ويجب على السائل هو وزوجته المبادرة إلى الحج خصوصا وأنهما قادران الآن، والحج واجب عليهما وربما لو أخراه إلى أعوام قادمة ووافتهما المنية يكونان آثمين ومحاسبين على تركهما ما وجب عليهما وجوبا عينيا .
ومما ذكر يعلم الجواب عما .
جاء بالسؤال(1/193)
الاحرام بالحج مع لبس المخيط
F أحمد هريدى .
2 ذو القعدة 1389 هجرية - 10 يناير 1970 م
M 1 - ترك المخيط من واجبات الإحرام عند الحنفية وليس شرطا فى صحته .
2 - يصح الإحرام مع لبس المخيط مع العذر أو عدمه .
3 - ترك المحرم للواجب إن كان بعذر يوجب الكفارة، وهو مخير فيها بين ذبح شاة أو التصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من الطعام أو صوم ثلاثة أيام .
4 - إذا زال عذره فلبس المخيط مع ذلك تجب عليه كفارة لا تخيير له فيها، وهى ذبح شاة يتصدق بلحمها ولا يأكل منها، وكذلك لبس المخيط ابتداء بلا عذر .
5 - الصوم أو الإطعام فى الكفارة يكون فى أى مكان .
أما الذبح فلا بد وأن يكون فى الحرم لأنه نسك
Q فى رجل عزم بمشيئة الله تعالى على تأدية فريضة الحج هذا العام، إلا أنه مريض ولا يستطيع ارتداء زى الإحرام، ويمكنه تأدية الفريضة فى حالة ارتدائه الملابس العادية، وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى
An المنصوص عليه فى الفقه الحنفى أنه يصح الإحرام مع لبس المخيط سواء كان ذلك بعذر أو بغيره، لأن التجرد من المخيط من واجبات الإحرام لا من شروط صحته، فإذا تركه المحرم وأحرم بلباس مخيط كأن أحرم وهو مرتد ملابسه العادية فإما أن يكون فعله هذا بعذر أو بغير عذر، فإن كان بعذر بأن كانت عنده ضرورة دعته إلى لبس المخيط كمرض ونحوه مثلا وجب عليه كفارة يتخير فيها بين أن يذبح شاة أو يتصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من الطعام أو يصوم ثلاثة أيام، سواء لبس ثوبا واحدا مخيطا أو كان لباسه كله مخيطا ولو دام على ذلك أياما، أو كان يلبس المخيط ليلا للبرد مثلا وينزعه نهارا، فإن زال عذره ولبس المخيط مع هذا فإنه يكون عليه كفارة لا يتخير فيها بل يذبح شاة يتصدق بلحمها ولا يأكل هو منها، وكذلك إذا لبس المخيط ابتداء من غير عذر هذا والصوم فى الكفارة التى يتخير فيها المحرم يجزيه فى أى موضع شاء لأنه عبادة فى كل مكان وكذلك التصدق على المساكين، أما النسك وهو ذبح الشاة فيختص بالحرم .
والسائل يقول إنه مريض ويضره لبس الإحرام، فيسوغ له والحلة هذه أن يلبس المخيط وعليه كفارة يتخير فيها على الوجه المشار إليه، فإن زال بعذره واستمر على لبس المخيط أو عاد ولبسه بعد زوال العذر فإنه تجب عليه كفارة لا يتخير فيها بل يذبح شاة يتصدق بلحمها من غير أن يأكل منها .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم(1/194)
التبرع بنفقات الحج لتجهيز المحاربين
F محمد خاطر .
25 صفر 1391 هجرية - 21 أبريل 1971 م
M 1 - يجوز شرعا بل قد يجب أن يتبرع أى مسلم بأى مبلغ لتجهيز المحاربين للدفاع عن الوطن العربى ويكون له ثواب المجاهد والمحارب .
2 - التبرع للمحاربين لا يسقط فريضة الحج لأن الحج فرض عين
Q من رياسة الجمهورية العربية المتحدة ( مكتب الرئيس للشئون الداخلية ) الخاص برسالة السيد المهندس ص م أ المتضمنة أنه يبدى فيها رغبته فى التبرع بمبلغ 150 جنيها لإعداد وتجهيز محارب للدفاع عن الوطن العربى، وأن هذا المبلغ هو قيمة نفقاته لأداء فريضة الحج التى لم يتمكن من أدائها لعدم فوزه عن طريق القرعة .
وطلب فيها معرفة مدى شرعية هذه الرغبة
An الجهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الكل وإن ترك الجهاد الكل أثموا، فإن هجم العدو كان الجهاد فرض عين على الجميع .
وقد حث الله سبحانه وتعالى على الجهاد فقال فى كتابه الكريم { انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فى سبيل الله } التوبة 41 ، كما حث عليه رسوله الكريم فعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لغدوة أو روحة فى سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ) متفق عليه، وعن أبى عيسى الحارثى قال قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من اغبرت قدماه فى سبيل الله حرمه الله على النار ) رواه البخارى وأحمد وغير ذلك من الأحاديث كثير .
والجهاد كما يكون بالنفس يكون بالمال .
عن زيد بن خالد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من جهز غازيا فى سبيل الله فقد غزا ومن خلفه فى أهله بخير فقد غزا ) متفق عليه .
وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم ) رواه أحمد وأبو داود والنسائى .
ومما ذكر يتبين أنه يجوز شرعا بل قد يجب أن يتبرع أى مسلم بأى مبلغ لتجهيز المحاربين للدفاع عن الوطن العربى ويكون له ثواب المجاهد والمحارب، إلا أن هذا التبرع من السائل لا يسقط عنه فريضة الحج ، لأن الحج فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل صحيح قادر على الزاد والراحلة، وهو فريضة محكمة ثبتت فرضيته بالكتاب فى قوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 ، وبالسنة لأن النبى عليه السلام قيل له الحج فى كل عام أم مرة واحدة فقال ( لا بل مرة واحدة فما زاد فهو تطوع ) .
والحج عبادة بدنية ومالية ولذا لا تجزئ فيه النيابة إلا للعاجز عنه بشرط دوام العجز إلى الموت لأنه فرض العمر .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/195)
جواز الحج بالأعضاء التعويضية
F محمد خاطر .
8 صفر 1398 هجرية - 17 يناير 1978 م
M 1 - المقرر فى فقه الحنفية .
( ا ) من لبس المخيط أو المحيط لعذر فهو مخير بين ذبح شاة أو التصدق على ستة مساكين أو صوم ثلاثة أيام .
( ب ) اللبس الذى تجب فيه الفدية فى غير حالة العذر والتخيير بين الأشياء الثلاثة فى حالة العذر هو اللبس المعتاد .
2 - لبس الجهاز الصناعى فى الساق أمر غير معتاد وقد اقتضته الضرورة، فلا حرج شرعا على استعماله فى مناسك الحج ومن ثم فلا فدية ولا تخيير .
3 - لبس الحذاء الكاوتشوك فى الحج كاستعمال المحيط لعذر إن غطى الكعبين فهو مخير بين الأشياء الثلاثة السابقة وإلا فلا شىء عليه فى استعماله شرعا
Q من السيد / ع م ك بطلبه المتضمن أن السائل يرغب فى أداء فريضة الحج هذا العام، وأنه يستخدم جهازا صناعيا فى ساقه اليسرى، إذ أن ساقه هذه بها ما يشبه الشلل، ويجد مشقة كبيرة فى السير بدونه بمعنى أنه لا يستطيع السير حافى القدمين كما تتطلب مناسك الحج .
ويطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى استخدامه هذا الجهاز أثناء قيامه بمناسك الحج .
فهل يجوز له شرعا استخدام هذا الجهاز فى المناسك أم أنه لا يجوز .
وإذا كان غير جائز شرعا استخدام هذا الجهاز . فهل يجوز له شرعا أن يستخدم بدله حذاء كاوتشوك .
وهل إذا استخدم هذا الحذاء تجب عليه شرعا الفدية .
وما هى الفدية المقررة شرعا فى هذه الحالة
An الظاهر من السؤال أن السائل يجد حرجا ومشقة كبرى إذا سار على قدمه اليسرى بدون الجهاز الصناعى الذى يستخدمه فى السير لضعف ساقه اليسرى وإصابتها بما يشبه الشلل .
وبما أن المقرر فى فقه الحنفية أن من لبس المخيط أو المحيط لعذر فهو مخير إن شاء ذبح شاة، وإن شاء تصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من طعام لكل مسكين نصف صاع، وإن شاء صام ثلاثة أيام لقوله تعالى { ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } البقرة 196 ، فكلمة أو للتخيير وقد فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكر، والآية نزلت فى المعذور - ثم الصوم يجزئه فى أى موضع شاء لأنه عبادة فى كل مكان - وكذلك الصدقة لما بينا - أما النسك فيختص بالحرم بالاتفاق لأن الإراقة لم تعرف إلا فى زمان أو مكان وهذا لم يختص بزمان فتعين اختصاصه بالمكان ( هداية ) كما قرر فقهاء الحنفية أيضا أن اللبس الذى يجب فيه الفدية فى غير حالة العذر والتخيير بين الأشياء الثلاث فى حالة العذر إنما هو اللبس المعتاد فقد قالوا ( ولو ارتدى ) أى ألقى على منكبيه كالرداء ولم يلبسه ( أو اتشح بالقميص ) الاتشاح أن يدخل ثوبه تحت يده اليمنى ويلقيه على منكبه الأيسر ( أو اتزر ) أى شد على وسطه السراويل فلا بأس به لعدم اللبس المعتاد ( وكذا ) لا بأس ( لو أدخل منكبيه فى القباء ولم يدخل يديه فى كميه ) خلافا لزفر ( مجمع الأنهر ) وعلى ذلك فإن اللبس إذا تم بطريق غير معتاد وعلى وجه غير مألوف ومخالف لما جرى عليه العرف فلا تجب فدية ولا تخيير على من لبس على هذا الوجه .
وتأسيسا على ذلك ففى الحادثة موضوع السؤال نقول للسائل إن لبس الجهاز فى ساقك غير معتاد وقد اقتضته ضرورة فلا حرج عليك شرعا فى استعماله فى مناسك الحج ولا تجب عليك فدية ولا تخيير أما لبس الحذاء الكاوتشوك فإذا كان الحذاء يغطى الكعبين فهو كلبس المحيط لعذر وأنت مخير بين الأمور الثلاثة .
ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صوم ثلاثة أيام على الوجه السابق شرحه فى بداية الجواب .
وإن كان الحذاء لا يغطى الكعبين فلا شىء عليك فى استعماله شرعا .
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/196)
الحج بمال فيه شبهة
F جاد الحق على جاد الحق .
9 جمادى الآخرة 1400 هجرية - 24 أبريل 1980 م
M 1- فقهاء الإسلام متفقون على أنه إذا لم يكن للمكلف مال لم يلزمه الحج .
وإن وهب له أجنبى مالا يحج منه لم يلزمه قبوله إجماعا .
2 - من تكلف للحج وهو لا يلزمه وأمكنه ذلك من غير ضرر بنفسه ولا بغيره استحب له الحج، لما فى ذلك من إظهار الطاعة والمبادرة لأداء الفرائض .
3 - فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى على أن الحج بمال حرام أو مغصوب أو فيه شبهة الحرام يقع صحيحا، وتسقط به الفريضة ،وإن كان على الحاج إثم إنفاقه فى طاعة الله .
4 - فقهاء مذهب الإمام أحمد بن حنبل على أن الحج بالمال الحرام أو المغصوب لا يسقط الفريضة .
5 - الإعانة التى تصرفها جمعية تيسير الحج لأعضائها إذا خلت مواردها من الشبهات المحرمة فهى مشروعة، وإلا فإن الحج لا يكون خالص المثوبة وإن سقط الفرض، بل مذهب الإمام أحمد أنه لا يسقط الحج بالمال الحرام وأنه لا ثواب له
Q من السيد المهندس / وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات ورئيس جمعية تيسير الحج للعاملين به .
قال إن عدد أعضائها الآن خمسة وتسعون عضوا، وأن من أهم ما تهدف إليه تيسير الحج للعاملين المشتركين وأسرهم، حيث تقوم الجمعية بصرف مجموع مدخرات العضو الذى تصيبه القرعة لفترة خمس سنوات، ويقوم العضو بسداد ماتم صرفه مقدما على أقساط شهرية قدرها جنيهان، وأن حصيلة الأقساط الشهرية للأعضاء تضيق عن الوفاء بنفقات سفرهم، وأنه يوجد بالجهاز صندوق للخدمات الطبية والرعاية الاجتماعية وهو صندوق تأمينى تعاونى لا يرمى إلى الكسب، وموارد هذا الصندوق تتكون وفقا للمادة 13 من لائحة إنشائه من : أولا - ما يسدده العاملون بالجهاز من رسوم وتكاليف علاج وفقا للائحة الأساسية للصندوق .
ثانيا - الإعانة التى تخصص للصندوق سنويا من موازنة الجهاز .
ثالثا - ريع استثمار أمواله وهى مودعة حاليا ببنك ناصر الاجتماعى .
رابعا - ما يقرر مجلس الإدارة قبوله من الهبات والتبرعات .
خامسا - حصيلة الجزاءات المنصوص عليها للائحة العاملين بالجهاز .
سادسا - القروض التى يحصل عليها من البنوك .
وأن مجلس إدارة جمعية تيسير الحج بالجهاز طلب إعانة من هذا الصندوق لإمكان تيسير الحج للعاملين بمنحهم إعانة مضافة إلى مدخراتهم ويسأل المجلس عن مدى شرعية هذه الإعانة، وهل تنقص من ثواب فريضة الحج خاصة أنه سيتم صرفها لكافة الأعضاء الراغبين فى أداء فريضة الحج ولن يقتصر الصرف على غير القادرين
An إن الله سبحانه قال فى فريضة الحج { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 ، والاستطاعة أن يكون المسلم مستطيعا ببدنه واجدا من ماله ما يبلغه الحج فاضلا عن نفقة من تلزمه نفقته لحين عودته .
وقد اتفق فقهاء الإسلام على أنه إذا لم يكن للمكلف مال لم يلزمه الحج وإن وهب له أجنبى مالا ليحج به لم يلزمه قبوله إجماعا .
ونص الفقهاء كذلك على أن من تكلف للحج وهو لا يلزمه وأمكنه ذلك من غير ضرر بنفسه ولا بغيره استحق له الحج، لما فى هذا من إظهار الطاعة لله سبحانه والمبادرة لأداء الفرائض .
وفى شأن مصدر نفقات الحج، وهل يجوز أن يؤدى بمال حرام أو مغصوب أو فيه شبهة الحرام قال فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى إن الحج بمال حرام أو مغصوب أو فيه شبهة الحرام يقع صحيحا وتسقط به الفريضة، وإن كان على الحاج بالمال الحرام إثم إنفاقه فى طاعة الله، لأن الله سبحانه طيب يقبل الطيب كما تشير إلى ذلك الآية الكريمة { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } البقرة 267 ، ولكن فقهاء مذهب الإمام أحمد بن حنبل قالوا فى هذا الموضع إن الحج بالمال الحرام أو المغصوب لا يسقط الفريضة .
لما كان ذلك وكانت جمعية تيسير الحج بالجهاز المركزى للمحاسبات قد طلبت إعانة من صندوق الخدمات الطبية بالجهاز، لإمكان تيسير الحج للعاملين بمنحهم الإعانة بالإضافة إلى مدخراتهم، تعيد النظر فى مصادر تمويل هذا الصندوق المبينة بالمادة 13 من لائحته والمشار إليها بالسؤال على الوجه السابق ومدى انطباق وصف المال الحلال شرعا عليها .
ولما كان البادى من هذه الموارد أن ما يخلص منها من كل شبه الحرام هو الإعانة التى تخصص للصندوق سنويا من موازنة الجهاز، وما يقبله مجلس الإدارة من الهبات والتبرعات .
أما باقى الموارد فتشوبه الحرمات .
وإذا كان ذلك تكون الإعانة التى قد تصرف لجمعية تيسير الحج من صندوق الخدمات الطبية بالجهاز مشروعة فى نطاق هذا المال الحلال الذى لا تبدو فيه شبهات محرمة إذا تقررت من ذات الإعانة المخصصة للصندوق من موازنة الجهاز ومن الهبات والتبرعات التى يقرر مجلس الإدارة قبولها بشرط ألا تضر هذه الإعانة أو تستتبع الإخلال بالأهداف الأصلية لصندوق الخدمات الطبية باعتبار أن خدماته للجميع أعم وأشمل .
أما إذا تقررت الإعانة من جملة موارد الصندوق وفى بعضها شبهة الحرام، فإنه وفاقا لنصوص الفقهاء المشار إليها لا يكون الحج خالص المثوبة وإن سقط الفرض، بل إن مذهب الإمام أحمد بن حنبل أنه لا يسقط الحج بالمال الحرام ولا ثواب له .
هذا وإذا كان الانتفاع بخدمات هذا الصندوق الاجتماعية تتم طبقا لما يقرره مجلس إدارته الذى يختص بتحديد أنواع الأنشطة الاجتماعية، فإذا تقررت من هذا المجلس الإعانة لجمعية تيسير الحج من هذين الموردين اللذين ابتعدت عنهما شبهة الحرام كان صرفها لكافة الأعضاء الراغبين فى أداء الحج جائزا شرعا بشرط اعتبار أن الجميع منتفعون أصلا بمال هذا الصندوق دون تمييز .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/197)
أعمال الحج والعمرة
F جاد الحق على جاد الحق .
17 شوال 1400 هجرية - 27 أغسطس 1980 م
M 1- على من نوى الحج إخلاص التوبة، ورد المظالم .
2 - ملابس الإحرام للرجال والنساء .
3 - من الاستطاعة المشروطة القدرة على تحمل نفقات السفر .
4 - ما يفعله المتوجه للمدينة للزيارة، وإحرامه، وإحرام المسافرين بالطائرات والبواخر .
5 - جملة ما يحرم فعله بعد الإحرام، وما يجب على المحرم بارتكاب شىء من المحظورات .
6 - جملة ما يجوز للمحرم فعله .
7 - ما يتعين فعله على المحرم عند دخول مكة وما يتبع ذلك .
8 - ما يجب على من أحرم بالحج فقط .
أو بالحج والعمرة معا عند دخول مكة .
9 - المتمتع وما يفعله للاحرام بالحج من مكة .
10 - الوقوف بعرفة وموعده وما يجزىء فى الوقوف .
11 - جمع فريضتى الظهر والعصر قصرا جمع تقديم ووقته ومكانه .
12 - التوجه للمزدلفة، موعده، جمع المغرب والعشاء جمع تأخير التقاط الحصيات .
13 - جمرة العقبة وموعد رميها، وما يفعل بعدها من التحلل ومداه وطواف الإفاضة .
14 - رمى باقى الجمرات ومواعيدها، وتسميتها، وجواز الإنابة فيها .
15 - حكم المرأة إذا فاجأها الحيض أو النفاس، قبل طواف الإفاضة، وتعذر بقائها حتى ارتفاعه .
16 - طواف الوداع مشروع، واختلاف الفقهاء فى حكمه .
17 - آداب زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم
Q كثير من الناس يسألون عن الأعمال المتعلقة بالحج والعمرة وماذا يفعلون
An نحمدك الله ونستعينك ونستهديك الخير والتوفيق فى القول والعمل، ونصلى ونسلم على رسولك الأمين محمد خاتم الأنبياء والمرسلين .
وبعد فهذه ورقة عمل أضعها بين يدى من كتب الله لهم حج بيته الحرام وأداء الركن الخامس فى الإسلام، يسترشدون بها فى تأدية المناسك فى يسر الإسلام وسماحته امتثالا لقول الله سبحانه { وما جعل عليكم فى الدين من حرج } الحج 78 ، أبتغى بها ثواب الله تعالى ورضوانه، وصالح الدعاء فى مواطن القبول والإجابة من وفد الحجاج والعمار الذين تفضل الله عليهم فأعطاهم سؤالهم .
ربنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا وارحمنا، فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .
الحج - قصد مكة لأداء عبادة الطواف، وسائر المناسك استجابة لأمر الله وابتغاء مرضاته .
وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، وفرض معلوم من الدين بالضرورة .
قال الله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 ، وقال سبحانه { وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق .
ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات } الحج 27 ، 28 ، وفى حديث أبى هريرة رضى الله عنه فيما رواه البخارى وأحمد والنسائى وابن ماجه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) .
وروى الطبرانى فى الأوسط عن عبد الله بن جراد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( حجوا فإن الحج يغسل الذنوب كما يغسل الماء الدرن ) .
وروى النسائى وابن ماجه وغيرهما من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الحجاج والعمار وفد الله إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم ) .
وفى فضل الإنفاق فى الحج روى أحمد والبيهقى وغيرهم عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( النفقة فى الحج كالنفقة فى سبيل الله الدرهم بسبعمائة ضعف ) .
وهو فرض على كل مسلمة ومسلم بالغ عاقل مستطيع، ويستحب المبادرة بأداء هذه الفريضة متى توافرت الاستطاعة .
نصائح وتوجيهات .
1 - على كل مسلمة ومسلم دعاه الله لحج بيته وعمرته أن يخلص التوبة إلى الله سبحانه، ويسأله غفران ذنوبه ليبدأ عهدا جديدا مع ربه، ويعقد معه صلحا لا يحنث فيه .
2 - من علامات الإخلاص أن يعد نفقة الحج من أطيب كسبه وحلاله، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، ومن حج من مال غير حلال ولبى ( لبيك اللهم لبيك .
قال الله سبحانه له - كما جاء فى الحديث الشريف - لا لبيك ولا سعديك حتى ترد ما فى يديك ) .
3 - من مظاهر التوبة وصدق الإخلاص فيها أن تطهر المسلمة والمسلم نفسه ويخلص رقبته من المظالم وحقوق الغير، فيرد المظالم إلى أصحابها متى استطاع إلى ذلك سبيلا، ويتوب إلى الله ويستغفره فيما عجز عن رده وأن يصل أرحامه ويبر والديه ويترضى إخوانه وجيرانه .
4 - من الاستطاعة المشروطة لوجوب الحج القدرة على تحمل أعباء السفر ومشقاته، فلا عليك أيها المسلم إذا قعد بك عجزك الجسدى عن الحج، فإن الحج مفروض على القادر المستطيع .
5 - حافظ على نظافتك فى الملبس والمأكل والمشرب وعلى نظافة الأماكن الشريفة التى تتردد عليها، لأن الإسلام دين النظافة، ألا ترى أنك لا تدخل الصلاة إلا بعد النظافة بالوضوء أو الاغتسال .
6 - لا تكلف نفسك فوق طاقتها فى المال أو الجهد الجسدى واحرص على راحة غيرك، كما تحرص على راحة نفسك وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به - كما جاء فى الحديث الشريف .
7 - قال تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } البقرة 195 ، { ولا تقتلوا أنفسكم } النساء 29 ، فلا تعرض نفسك للخطر بالصعود إلى قمم الجبال، أو الدأب على السهر ولو فى العبادة فإن خير الأعمال أدومها وإن قل .
8- احرص على التواجد فى الحرم أكبر وقت ممكن ،والنظر إلى الكعبة ،وقراءة القرآن الكريم ،والطواف حول البيت كلما وجدت القدرة على ذلك .
9 - عليك أن تخبر أقرب الناس إليك بمبا لك أو عليك، وحث الأبناء والبنات والأهل والإخوان على تقوى الله والتمسك بآداب الدين والمحافظة على أداء فرائضه .
ها أنت أيها الحاج قد هيأت نفسك لبدء الرحلة المباركة، وقد أعددت ما يلزم لها ومن هذا اللازم .
ملابس الإحرام .
( أ ) إزار - وهو ثوب من قماش تلفه على وسطك تستر به جسدك ما بين سرتك إلى ما دون ركبتك وخيره الجديد الأبيض الذى لا يشف عن العورة ( بشكير ) .
( ب ) رداء - وهو ثوب كذلك تستر به ما فوق سرتك إلى كتفيك فيما عدا رأسك ووجهك وخيره أيضا الجديد الأبيض ( بشكير ) .
واحذر أن تلبس فى مدة الإحرام فانلة أو جوربا أو جلبابا أو شيئا مما اعتدت لبسه من الثياب المفصلة المخيطة إلا إذا كنت مضطرا فلك أن تلبس ذلك مع الفدية .
فقد قال الله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } البقرة 196 ، ( ج ) نعل تلبسه فى رجليك يظهر منه الكعب من كل رجل والمراد بالكعب هنا العظم المرتفع بظاهر القدم .
كل هذا للحاج الرجل، أما للمرأة الحاجة فتلبس ملابسها المعتادة الساترة لجميع جسدها من شعر رأسها حتى قدميها ولا تكشف إلا وجهها وعليها ألا تزاحم الرجال، وأن تكون ملابسها واسعة لا تبرز تفاصيل الجسد وتلفت النظر والمستحب الأبيض .
متى تحدد موعد السفر بحمد الله ووسيلته .
فإذا كنت متوجها إلى المدينة المنورة أولا فلا تحرم ولا تلبس ملابس الإحرام، بل تبقى بملابسك العادية إلى أن تتم زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم وتنتهى إقامتك بالمدينة .
وعندما تشرع فى التوجه منها إلى مكة فإن عليك أن تحرم بالعمرة فقط أو بالحج فقط أو بهما معا حسبما تريد من المدينة ذاتها أو من ميقاتها ( ذى الحليفة ) وهو المكان المعروف الآن ( بآبار على ) قرب المدينة فى الطريق منها إلى مكة أو من رابغ .
وإذا كانت ممن يسافرون فى الأفواج المتأخرة الذاهبة من جدة إلى مكة مباشرة، فلك أن تنوى الحج والعمرة معا وتسمى ( قارنا ) أى جامعا بينهما ولك أن تحرم بالعمرة فقط، أو أن تحرم بالحج فقط .
فإذا ركبت الباخرة واقتربت بك من الميقات وهو ( الجحفة ) قرب رابغ بالنسبة للمصريين وأهل الشام فتهيأ للإحرام بحلق شعرك وقص أظافرك ثم اغتسل فى الباخرة استعدادا للإحرام وهو غسل للنظافة لا للفريضة ،أو توضأ إن لم يتيسر لك الاغتسال وضع على جسدك شيئا من الرائحة الطيبة المباحة والبس ملابس الإحرام الموصوفة آنفا ومتى لبست ثياب الإحرام على هذا الوجه أى بعد التطهر بالاغتسال أو الوضوء، صل ركعتين سنة وانو فى قلبك عقب الفراغ من أدائهما ما تريد من العمرة فقط أو الحج فقط أو هما معا إذا نويت القران بينهما وقل اللهم إنى نويت ( كذا ) فيسره لى وتقبله منى .
ثم قل ( لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك .
إن الحمد والنعمة لك والملك .
لا شريك لك ) وبهذا القول بعد تلك النية تصير محرما بما نويت وقصدت ( العمرة فقط أو الحج فقط أو هما معا ) لأن هذه التلبية بمثابة تكبيرة الإحرام للدخول فى الصلاة .
ومتى صرت محرما على هذا الوجه فلا تفعل، بل ولا تقترب مما صار محرما عليك بهذا الإحرام وهو تغطية الرأس، وحلق الشعر أو شده من أى جزء من الجسد، ولا تقص الأظافر ولا تستخدم الطيب والروائح العطرية، ولا تخالط زوجتك أو تفعل معها دواعى المخالطة كاللمس والتقبيل بالشهوة ولا تلبس أى مخيط ولا تتعرض لصيد البر الوحشى أو لشجر الحرم، وإذا فعل المحرم واحدا من هذه المحظورات قبل رمى جمرة العقبة فى عاشر ذى الحجة صح حجه وصحت عمرته ولكن عليه أن يذبح شاة أو يطعم ستة مساكين أو يصوم ثلاثة أيام، أما الجماع قبل رمى جمرة العقبة ( التحلل الأول ) فإنه يفسد الحج وعلى من فعل ذلك أن يعيد الحج مرة أخرى فى عام قادم ويحرم على المرأة تغطية الوجه واليدين .
ومحظور على المسلمة وعلى المسلم المخاصمة والجدال بالباطل مع الرفقة لقول الله سبحانه { فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج } البقرة 197 ، وإذا كنت مسافرا بالطائرة فاستعد بالإحرام وأنت فى بيتك أو فى المطار أو فى داخل الطائرة والبس ملابس الإحرام إن لم يكن بك عذر مانع من لبسها ثم انو ما تريد من عمرة أو حج ولب بالعبارة السابقة بعد ارتداء ملابس الإحرام أو عند استقرارك فى الطائرة أو عقب تحركها وذلك كما تقدم متى كنت متوجها إلى مكة مباشرة من جدة أما إذا كنت متوجها إلى المدينة أولا فكن عاديا فى كل شىء .
ومتى أحرمت ونويت ولبيت - كما سبق - صار محظور عليك الوقوع فى شىء من تلك المحظورات .
ما يباح للمحرم .
بعد الإحرام يباح الاغتسال وتغيير ملابس الإحرام واستعمال الصابون للتنظيف ولو كانت له رائحة .
وللمرأة غسل شعرها ونقضه وامتشاطه فقد أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة رضى الله عنها فى ذلك بقوله ( انقضى رأسك وامتشطى ) رواه مسلم .
ويباح أيضا - الحجامة وفقء الدمل ونزع الضرس وقطع العرق وحك الرأس والجسد دون شد الشعر، ويباح النظر فى المرآة والتداوى أما شم الروائح الطيبة فدائر بين الكراهة والتحريم ومن ثم يستحب أن يمتنع الحج عن استعمالها قصدا أما ما يحدث من الجلوس أو المرور فى مكان طيب الرائحة فلا كراهة فيه ولا تحريم .
ويباح التظلل بمظلة أو خيمة أو سقف والاكتحال والخضاب بالحناء للتداوى لا للزينة ويباح قتل الذباب والنمل والقراد والغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور وكل ما من شأنه الأذى .
أما حشرات جسد الآدمى كالبرغوث والقمل فللمحرم إلقاؤها وله قتلها ولا شىء عليه وإن كان إلقاؤها أهون من قتلها، وإذا احتلم المحرم أو فكر أو نظر فأنزل فلا شىء عليه عند الشافعية .
ها أنت أيها الحاج أو المعتمر على مشارف مكة محرما، فمتى دخلتها بعون الله وتوفيقه اطمئن أولا على أمتعتك فى مكان إقامتك، ثم اغتسل إن استطعت أو توضأ ثم توجه إلى البيت الحرام لتطوف طواف العمرة إن نويتها أو طواف القدوم إن كنت قد نويت الحج وكبر وهلل عند رؤية الكعبة المشرفة وقل ( الحمد لله الذى بلغنى بيته الحرام، اللهم افتح لى أبواب رحمتك ومغفرتك، اللهم زد بيتك هذا تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام وأدخلنا دار السلام ) ثم ادع بما يفتح الله به عليك فالدعاء فى هذا المقام مقبول بإذن الله .
وإذا لم تحفظ شيئا من الأدعية المأثورة فادع بما شئت وبما يمليه عليك قلبك ولا تشغل نفسك بالقراءة من كتاب غير القرآن فهو الذى تقرؤه وتكثر من تلاوته .
ثم اقصد إلى مكان الطواف لتبدأه وأنت متطهر، واستقبل الكعبة المشرفة تجاه الحجر الأسود واجعله على يمينك لتمر أمامه بكل بدنك، واستقبله بوجهك وصدرك، وارفع يديك حين استقباله كما ترفعها فى تكبيرة الإحرام للدخول فى الصلاة ناويا الطواف مكبرا مهللا معلنا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ثم اجعل الكعبة على يسارك مبتدئا من قبالة الحجر الأسود، وسر فى المطاف مع الطائفين حتى تتم سبعة أشواط بادئا بالحجر الأسود ومنتهيا إليه فى كل شوط، ولا تشتغل فى الطواف بغير ذكر الله والاستغفار والدعاء وقراءة ما تحفظ من القرآن مع الخضوع والتذلل لله ومن أفضل الدعاء ما جاء فى القرآن الكريم كقوله تعالى { ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } البقرة 201 ، ولا ترفع صوتك ولا تؤذ غيرك واستشعر الإخلاص فالله يقول { ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين } الأعراف ، ركعتا الطواف .
فإذا فرغت من أشواط الطواف السبعة .
فتوجه إلى المكان المعروف بمقام إبراهيم وصل فيه منفردا ركعتين خفيفتين ناويا بهما سنة الطواف أو صلهما فى أى مكان فى المسجد إن لم تجد متسعا فى مقام إبراهيم وادع الله بما تشاء وما يفتح به عليك، ثم توجه إلى الملتزم وهو المكان الذى بين باب الكعبة والحجر الأسود، وإذا استطعت الوصول إليه فضع صدرك عليه مادا ذراعيك متعلقا بأستار الكعبة، واسأل الله من فضله لنفسك ولغيرك فان الدعاء هنا مرجو الإجابة إن شاء الله .
اشرب من ماء زمزم .
ثم توجه إلى صنابير مياه زمزم واشرب منها ما استطعت، فإن ماءها لما شرب له كما فى الحديث الشريف .
السعى بين الصفا والمروة .
ثم ارجع بعد شربك من ماء زمزم أو بعد وقوفك بالملتزم واسع بين الصفا والمروة بادئا بما بدأ الله تعالى به فى قوله { إن الصفا والمروة من شعائر الله } البقرة 158 ، ومتى صعدت إلى الصفا فهلل وكبر واستقبل الكعبة المشرفة وصل على النبى المصطفى، وادع لنفسك ولمن تحب ولنا معك بما يشرح الله به صدرك ،ثم ابدأ أشواط السعى سيرا عاديا من الصفا إلى المروة فى المسار المعد لذلك مراعيا النظام والابتعاد عن الإيذاء، وأسرع قليلا فى سيرك بين الميلين الأخضرين ( فى المسعى علامة تدل عليهما ) وهذا الإسراع هو ما يسمى ( هرولة ) وهى خاصة بالرجال دون النساء، فإذا بلغت المروة قف عليها قليلا مكبرا مهللا مصليا على النبى صلى الله عليه وآله وسلم ،جاعلا الكعبة تجاه وجهك داعيا الله بما تشاء من خيرى الدنيا والآخرة لك ولغيرك، وبهذا تم شوط واحد، ثم تابع الأشواط السبعة على هذا المنوال مع الخشوع والإخلاص والذكر والاستغفار وردد ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم فى هذا الموطن ( رب اغفر وارحم واعف عما تعلم أنت الأعز الأكرم، رب اغفر وارحم واهدنى السبيل الأقوم ) .
وبانتهائك من أشواط السعى السبعة تكون قد أتممت العمرة التى نويتها حين الإحرام .
وبعدها احلق رأسك بالموسى أو قص شعرك كله أو بعضه، والحلق أفضل للرجال وحرام على النساء، وبهذا الحلق أو التقصير للشعر يتحلل المحرم من إحرام العمرة رجلا كان أو امرأة، ويحل له ما كان محظورا عليه، فليبس ما شاء ويتمتع بكل الحلال الطيب إلى أن يحين وقت الإحرام بالحج حين العزم على الذهاب إلى عرفات ومنى، ومتى تمتعت على هذا الوجه بالتحلل من إحرام العمرة قبل الإحرام بالحج فقد وجب عليك ذبح هدى امتثالا لقول الله تعالى { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام } البقرة 196 ، وهذا الهدى يجوز ذبحه بمكة عقب الانتهاء من التحلل من العمرة كما يجوز ذبحه بمنى فى يوم العيد أو فى أيام التشريق التالية له أو فى مكة بعد عودتك من منى، ولك أن تأكل منه .
أما من أحرم بالحج فقط أو كان محرما قارنا بين الحج والعمرة ، فإن عليه حين وصوله إلى مكة محرما وبعد أن يضع متاعه ويطمئن على مكان إقامته أن يطوف بالكعبة طواف القدوم سبعة أشواط، وله أن يسعى بين الصفا والمروة، حسبما تقدم، وله تأجيل السعى إلى ما بعد طواف الإفاضة ولا يتحلل من إحرامه، بل يظل محرما حتى يؤدى مناسك الحج والعمرة ويقف على عرفات، ثم يبدأ التحلل الأول ثم الأخير بطواف الإفاضة .
إعادة الإحرام للحج .
إذا كنت متمتعا ففى اليوم الثامن من شهر ذى الحجة ويسمى ( يوم التروية ) تهيأ للإحرام بالحج على نحو ما سبق بيانه فى الإحرام حين بدء الرحلة، والبس ملابس الإحرام الموصوفة على الطهارة غسلا أو وضوءا ثم صل ركعتين بالمسجد الحرام إن استطعت وانو الحج وقل إن شئت - اللهم إنى أردت الحج فيسره لى وتقبله منى .
ثم قل ( لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ) ومتى قلت ذلك بعد تلك النية صرت محرما بالحج ورددها كلما استطعت فى سيرك ووقوفك وجلوسك وارفع بها صوتك دون إيذاء لغيرك والمرأة تلبى فى سرها ، وداوم عليها وأنت فى الطريق إلى منى وإلى عرفات وفى عرفات وحين الإفاضة من عرفة إلى المزدلفة وفى هذه الأخيرة وعند وصولك إلى منى يوم النحر ولا تقطعها حتى تبدأ فى رمى جمرة العقبة .
الحج عرفة .
ثم استعد للوقوف بعرفة يوم التاسع من ذى الحجة، لأن هذا الوقوف هو الركن الأعظم للحج كما جاء فى الحديث الشريف ( الحج عرفة ) فمن فاته الوقوف فقد فاته الحج ويتحقق هذا الوقوف بوجود الحاج وحضوره أى لحظة ولو مقدار سجدتين واقفا أو جالسا أو ماشيا أو راكبا فى أى وقت من بعد ظهر يوم التاسع إلى فجر يوم العاشر، والأفضل الجمع بين جزء من النهار فى آخره وأول جزء من ليلة العاشر منه أى قبيل غروب شمس يوم التاسع إلى ما بعد الغروب بقليل ويحسن أن تكون على طهارة، وأفضل الدعاء على عرفة ما جاء فى الحديث الشريف ( أفضل الدعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلى - لا إله إلا الله وحدث لا شريك له .
له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير ) واخشع وتذلل لربك نادما على ذنبك وخطاياك راجيا عفوه طامعا فى رحمته ورضوانه متمثلا يوم الحشر الأكبر فإن عرفة صورة منه فقد حشر فيه الخلق من كل جوانب الأرض حجاجا .
الصلاة بمسجد نمرة .
صل الظهر والعصر يوم التاسع مقصورتين ( ركعتين ) مجموعتين جمع تقديم أى صلهما فى وقت الظهر مع الإمام فى مسجد نمرة إذا استطعت ولا تفصل بينهما بنافلة، وإلا فصلهما حيث كنت فى خيمتك كلا منهما فى وقتها أو جمعا فى وقت الظهر .
إلى مزدلفة .
وعقب غروب شمس يوم التاسع يتوجه الحجيج إلى مزدلفة وعند الوصول إليها يؤدى الحاج فرض المغرب وفرض العشاء جمع تأخير فى وقت العشاء ولك أن تبيت بمزدلفة حتى تصلى بها الصبح ثم تتوجه إلى منى وهذا متوقف على استطاعة المبيت بمزدلفة وكلها موقف وهى المشعر الحرام .
وفيها أكثر من الذكر والدعاء والاستغفار والطلب من الله واجمع من أرضها الحصيات التى سترمى بها جمرة العقبة صباح يوم النحر بمنى وهى سبع حصيات كل واحدة منها فى حجم حبة الفول، ولك أن تجمعها من أى مكان غير مزدلفة، ولك أن تجمع جميع حصيات الرمى فى الأيام الثلاثة ومجموعها 49 حصاة سبع منها لجمرة العقبة يوم النحر وإحدى وعشرون للجمرات الثلاث فى ثانى أيام العيد ومثلها فى ثالث أيامه ومن بقى بمنى إلى رابع أيام العيد فعليه رمى الجمرات الثلاث كل واحدة بسبع حصيات كما فعل فى اليومين الثانى والثالث .
الذهاب إلى منى .
بعد المبيت وصلاة الفجر فى منى اقصد إلى جمرة العقبة وارمها بالحصيات السبع، واحدة بعد الأخرى على التوالى وارم بقوة وقل - بسم الله والله أكبر رغما للشيطان وحزبه، اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا .
واقطع التلبية التى التزمتها منذ أحرمت ، وإياك ورمى هذه الجمرات أو غيرها بالحجارة الكبيرة أو العصى أو الزجاج أو الأحذية كما يفعل بعض الناس لأن كل هذا مخالف للسنة الشريفة ،ولك أن تؤجل الرمى لآخر النهار ولا حرج عليك .
الإنابة فى الرمى .
إذا عجز الحاج عن الرمى بنفسه لمرض أو لعذر مانع فى وقته جاز أن يوكل غيره فى الرمى عنه بعد رمى الوكيل لنفسه .
التحلل من إحرام الحج .
بعد رمى جمرة العقبة هذه يحلق الحاج رأسه أو يقصر من شعره وتقصر الحاجة من أطراف شعرها ولا تحلق وبهذا الحلق أو التقصير يحصل التحلل من إحرام الحج ويحل ما كان محرما ما عدا الاتصال الجنسى بين الزوجين فإن هذا لا يحل إلا بعد طواف الإفاضة الذى قال الله فى شأنه { وليطوفوا بالبيت العتيق } الحج 29 ، طواف الإفاضة .
بعد رمى جمرة العقبة والتحلل بالحلق أو التقصير يذهب الحاج إلى مكة للطواف بالكعبة سبعة أشواط هى طواف الفرض ويسمى طواف الإفاضة أو طواف الزيارة وقد سبق بيان أحكام الطواف، ثم يصلى ركعتين فى مقام إبراهيم ويشرب من ماء زمزم ويسعى بين الصفا والمروة على ما تقدم بيانه .
المبيت بمنى ورمى باقى الجمرات .
بعد طواف الإفاضة عد إلى منى فى نفس اليوم وبت فيها ليلة الحادى عشر والثانى عشر من ذى الحجة ،ويجوز أن تبقى فى مكة ثم تتم الليلة بمنى كما يجوز أن تستمر فى منى وتتم الليل بمكة، ولك ألا تبيت بمنى وإن كره ذلك لغير عذر ومن الأعذار عدم تيسر مكان المبيت ولكن يلزمك إذا لم تبت فى منى أن تحضر إليها لرمى الجمرات .
أماكن رمى الجمرات الثلاث ووقته .
الصغرى وهى القريبة من مسجد الخيف ثم الوسطى وهى التى تليها وعلى مقربة منها ثم العقبة وهى الأخيرة ارم هذه الجمرات فى كل من يومى ثانى وثالث أيام العيد كل واحدة بسبع حصيات كما فعلت حين رميت جمرة العقبة فى يوم العيد .
ووقت رمى هذه الجمرات من الزوال إلى الغروب وبعد الغروب أيضا ولكن الأفضل عقب الزوال لموافقة فعل الرسول صلى الله عليه وسلم متى كان هذا ميسورا دون حرج .
وقد أجاز الرمى قبل الظهر عطاء وطاووس وغيرهما من الفقهاء .
وأجاز الرافعى من الشافعية رمى هذه الجمرات من الفجر وهذا كله موافق لإحدى الروايات عن الإمام أبى حنيفة .
قال تعالى { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } البقرة 185 ، وقال سبحانه { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } البقرة 286 ، حيض المرأة قبل طواف الإفاضة .
للمرأة إذا فاجأها الحيض قبل طواف الإفاضة ولم يمكنها التخلف حتى انقطاعه أن تستعمل دواء لوقفه وتغتسل وتطوف، أو إذا كان الدم لا يستمر نزوله طوال أيام الحيض بل ينقطع فى بعض أيام مدته عندئذ يكون لها أن تطوف فى أيام الانقطاع عملا بأحد قولى الإمام الشافعى القائل إن النقاء فى أيام انقطاع الحيض طهر وهذا القول أيضا يوافق مذهب الإمامين مالك وأحمد .
وأجاز بعض فقهاء الحنابلة والشافعية للحائض دخول المسجد للطواف بعد إحكام الشد والعصب وبعد الغسل حتى لا يسقط منها ما يؤذى الناس ويلوث المسجد ولا فدية عليها فى هذه الحال باعتبار حيضها - مع ضيق الوقت والاضطرار للسفر - من الأعذار الشرعية .
وقد أفتى كل من الإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم بصحة طواف الحائض طواف الإفاضة إذا اضطرت للسفر مع صحبتها ثم إن النفساء حكمها كالحائض فى هذا الموضع .
طواف الوداع .
اسمه يدل على الغرض منه لأنه توديع للبيت الحرام وهو آخر ما يفعله الحاج قبيل سفره من مكة بعد انتهاء المناسك وقد اتفق العلماء على أنه مشروع متى فعله الحاج سافر بعده فورا ثم اختلف العلماء فى حكم هذا الطواف هل هو واجب أو سنة بالأول قال فقهاء الأحناف والحنابلة ورواية عن الشافعى وبالقول الآخر قال مالك وداود وابن المنذر وهو أحد قول الشافعى .
يستحب تعجيل العودة .
فيما رواه الدار قطنى عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إذا قضى أحدكم حجه فليتعجل إلى أهله فإنه أعظم لأجره ) .
زيارة المدينة المنورة .
إذا لم تكن أيها الحاج قد بدأت هذه الرحلة المباركة بزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن السنة وقد فرغت من مناسك الحج أن تقوم بها فإنه من أعظم الطاعات وأفضل القربات وفى فضلها أحاديث شريفة كثيرة، ولتقصد من الزيارة الصلاة فى حرمه الآمن تحصيلا للثواب فقد ورد فى الحديث الشريف عن صاحب هذا الحرم صلى الله عليه وسلم ( صلاة فى مسجدى خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ) رواه أحمد فى مسنده عن عبدالله بن الزبير .
خطة هذه الزيارة وآدبها .
يسن للزائر - بعد أن يطمئن على أمتعته ومحل إقامته - أن يغتسل يلبس أحسن ثيابه ويتطيب وإذا لم يتيسر الاغتسال اكتفى بالوضوء .
ثم يتوجه إلى الحرم النبوى متواضعا فى سكينة ووقار فإذا دخل من باب المسجد قصد إلى الروضة الشريفة وهى بين القبر الشريف والمنبر النبوى، وصلى فيها ركعتين تحية المسجد - ويدعو الله مجتهدا فى الدعاء لأنه فى روضة من رياض الجنة وفى مهبط الرحمة وموطن الإجابة إن شاء الله .
فإذا انتهى الزائر من تحية المسجد والجلوس فى الروضة الشريفة ، توجه إلى قبر الرسول عليه الصلاة والسلام، ووقف قبالة موضع الرأس الشريف فى أدب واحترام، ويسلم على الرسول فى صوت خفيض ، ويقول السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا نبى السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين، أشهد أنك بلغت الرسالة - وأديت الأمانة ونصحت الأمة، وجاهدت فى الله حق جهاده .
ثم يصلى الزائر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبلغ إليه سلامنا وسلام من أوصوه .
ثم يترك هذا الموضع إلى اليمين قليلا بما يساوى ذراعا ( أقل من المتر ) ليجد نفسه واقفا قبالة رأس الصديق أبى بكر رضى الله عنه، فيسلم عليه بقوله السلام عليك يا خليفة رسول الله ، السلام عليك يا صاحب رسول الله فى الغار، السلام عليك يا أمينه فى الأسرار جزاك الله عنا أفضل ما جزى إماما عن أمة نبيه .
ثم يتجاوز مكانه إلى اليمين قدر ذراع أيضا ليجد نفسه واقفا قبالة رأس عمر بن الخطاب رضى الله عنه فيقول السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا مظهر الإسلام السلام عليك يا مكسر الأصنام ، جزاك الله عنا أفضل الجزاء .
وبعد هذا يستقبل الزائر القبلة ويدعو بما شاء لنفسه ولوالديه وأهله ولمن أوصاه بالدعاء شاملا جميع المسلمين .
وينبغى للزائر ألا يلمس حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يقبل الحواجز ولا الحيطان ولا يطوف حولها، لأن هذا منهى عنه فى أحاديث وفيرة عن الرسول عليه الصلاة والسلام .
وينبغى للزائر كذلك أن يغتنم مدة وجوده فى المدينة فيصلى فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس، وعليه أن يكثر من النوافل فى الروضة الشريفة، وأن يكثر من تلاوة القرآن الكريم فيها ومن الدعاء والاستغفار والتسبيح .
ومن المستحب زيارة أهل البقيع حيث دفن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار والصالحين، كما يزور شهداء أحد وقبر سيد الشهداء الحمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء أول مسجد بناه الرسول .
وفى ختام الإقامة بالمدينة لا تفارقها أيها الزائر إلا بعد أن تصلى ركعتين فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وتزور الرسول وصاحبيه، وتسأل الله تيسير العودة لهذه الزيارة وتكرارها .
خلاصة .
1- إذا أردت العمرة فقط أو الحج فقط أو هما معا فلا تجاوز الميقات إلا محرما بالشروط المتقدمة .
2 - للمحرم أن يلبس النظارة وساعة اليد والخاتم المباح، وأن يشد على وسطه الحزام ونحوه .
وللمرأة أن تلبس الحلى المعتادة والحرير والجوارب وما تشاء من ألوان دون تبرج، وإن كان الأولى البعد عن الألوان الملفتة والزينة والاكتفاء ببعض الثياب .
3 - لا بأس باستخدام الصابون ولو كانت له رائحة لأنه ليس من الطيب المحظور .
4 - الممنوع على الرجال لبس المخيط المفصل على البدن والثياب التى تحيط به وتستمسك بنفسها ولو لم تكن بها خياطة كالجوارب والفانلات والكلسونات والشروز .
5 - للحاج بعد الإحرام إصلاح الإزار والرداء وجمع قطعها على بعض للارتداء وتشبيكها لستر العورة ولا يعتبر مخيطا ولا محيطا .
6 - الحيض أو النفاس لا يمنع من الإحرام، وللحائض والنفساء عند الإحرام أن تأتى بكل أعمال الحج من الوقوف بعرفة ورمى الجمرات وما إليهما، لكنها لا تطوف ولا تسعى لأنها ممنوعة من الدخول فى المسجد .
إلا فى طواف الإفاضة إذا ضاق وقتها عن المكث فى مكة إلى أن ينقطع دمها، فلها أن تغسل الموضع وتعصبه حتى لا يسقط الدم وتطوف حسبما تقدم بيان وجهه .
وليس لها ذلك فى طواف الوداع، إذ لو فاجأها الحيض فيه أو قبله تركته وسافرت مع فوجها ولا شىء عليها .
7 - كشف الكتف الأيمن للرجال فى الإحرام لا محل له وهو مندوب فقط للرجال عند بدء طواف بعده سعى، ولو تركه المحرم فى طوافه فى شىء فى تركه .
8 - تحية البيت الحرام الطواف لمن أراده عند دخوله، ومن لم يرده فليصل ركعتين تحية المسجد قبل الجلوس والأولى الطواف للمستطيع .
9 - يكره للرجال المزاحمة على استلام الحجر الأسود، ويحرم هذا على النساء منعا من التصاقهن بالرجال .
10 -إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف أو السعى فصل مع الإمام جماعة لتحصيل ثوابها، ثم أكمل الطواف والسعى من حيث توقفت، ويجوز لمن يعجز عن موالاة الطواف أو السعى أن يستريح بين الأشواط بقدر ما يستعيد نشاطه .
11 - الوضوء شرط فى طواف الركن للحج أو العمرة وليس شرطا فى السعى ولكن الأفضل أن يكون الساعى متوضئا .
12 - كل من لزمه هدى قران أو تمتع أو جزاء، إذا لم يجده أو لم يجد ثمنه، أو كان محتاجا إلى ثمنه فى ضرورات سفره أو احتياجا شرعيا لنفقته فى حجه وجب عليه بديله وهو صوم ثلاثة أيام متتابعة فى الحج بعد إحرامه له لا يتجاوز بها يوم عرفة والأولى ألا يصوم يوم عرفه .
ثم سبعة أيام متتابعة بعد رجوعه إلى وطنه وإذا فاته صوم الثلاثة فى الحج أو عجز عنها هناك صام العشرة جميعا بعد العودة إلى أهله .
13- إذا دخلت المرأة مكة محرمة بالعمرة فقط ثم فاجأها المحيض وخشيت امتداده وفوات وقت الإحرام بالحج ( يوم الثامن من ذى الحجة ) أحرمت بالحج وصارت قارنة، وعليها دم القران .
14- لا حرج فى المرور بين يدى المصلين فى الحرم وصلاة النفل جائزة فيه فى كل وقت بمعنى أنها غير ممنوعة فى الأوقات المكروهة .
والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب . ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا، ربنا إنك الغفور الرحيم .
وصلى الله على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن تبع دينه ووالاه(1/198)
فائدة أموال جماعة الحج فى البنك
F جاد الحق على جاد الحق .
12 محرم 1402 هجرية - 9 نوفمبر 1981 م
M 1- الزيادة التى تحصل عليها جماعة الحج من البنك بوصفها فائدة محددة قدرا وزمنا على ودائعها من باب ربا الزيادة ومن كبائر المحرمات .
2 - لا يحل أخذ هذه الفائدة بحجة صرفها فى وجوه الخير، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة المحرمة
Q بالطلب المقدم من جماعة الحج التعاونى الذى تلتمس فيه حكم الدين فى أموال الجمعية التى تتجمع طول العام بصفة اشتراكات شهرية، وتودعها الجمعية أولا بأول فى أحد البنوك بصفة أمانة بدون فائدة .
وقد طلب أعضاء الجماعة أن تحصل الجمعية على فائدة مقابل هذه المبالغ للاستفادة منها فى أعمال الخير، كترميم المساجد وتصليح دورات المياه وغير ذلك من الأعمال الخيرية، ولكن الجماعة ترفض الحصول على أى فائدة من البنك المودع به أموال الجماعة، وتطلب الجماعة الإفادة عما إذا كان يجوز الحصول على الفائدة للاستفادة بها فى أوجه الخير الموضحة أعلاه أم لا يجوز الحصول عليها وبيان الحكم الشرعى فى ذلك
An جرى اصطلاح فقهاء الشريعة الإسلامية على أن الربا هو زيادة مال بلا مقابل فى معاوضة مال بمال .
وقد حرم الله سبحانه وتعالى الربا بالآيات الكثيرة فى القرآن الكريم .
وكان من آخرها نزولا على ما صح عن ابن عباس رضى الله عنهما قول الله سبحانه وتعالى { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم } البقرة 275 ، 276 ، ومحرم كذلك بما ورد فى الحديث الشريف الذى رواه البخارى ومسلم وغيرهما عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة .
والبر بالبر . والشعير بالشعير .
والتمر بالتمر . والملح بالملح . مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطى فيه سواء ) .
ولما كان مقتضى هذه النصوص أن كل زيادة مشروطة فى القرض قدرا وزمنا تعتبر من ربا الزيادة المحرم قطعا .
كانت الزيادة التى تحصل عليها الجمعية بوصفها فائدة محددة قدرا وزمنا على ودائعها من باب ربا الزيادة، والتعامل بالربا أخذا وعطاء من كبائر المحرمات فى الإسلام .
فلا يحل أخذ فائدة من البنك على أموال جماعة الحج المودعة لديه بحجة صرفها فى وجوه الخير، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة المحرمة والله طيب لا يقبل إلا طيبا كما ورد فى الحديث الشريف .
والله سبحانه وتعالى يقول { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غنى حميد } البقرة 267 ، والله سبحانه وتعالى أعلم(1/199)
تأجيل الهدى غير جائز
F جاد الحق على جاد الحق .
16 ذو القعدة 1398 هجرية - 18 أكتوبر 1978 م
M 1- من حج قارنا أو متمتعا وجب عليه أداء الفدية ( الهدى ) فى أوقات الحج بمنى ولا يجوز له تأجيلها لحين عودته إلى بلده .
2 - إن عجز عن ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله
Q بالطلب المتضمن أن السائل قد اعتزم أداء فريضة الحج والعمرة ومنها الفدية .
ويطلب الإفادة بالحكم الشرعى عما إذا كان يجوز له تأجيل الفدية لحين عودته إلى بلده ليقوم بتوزيعها على فقرائها وهم كثيرون
An يظهر من السؤال أن السائل يريد أداء الفريضة قارنا الحج والعمرة معا .
أو متمتعا بالعمرة إلى الحج فإذا كان كذلك فإنه يجب عليه أداء الفدية الهدى فى أوقات الحج بمنى .
ولا يجوز له تأجيلها لحين عودته إلى بلده .
فإن كان عاجزا عن شراء ما يفدى به فعليه صيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجع إلى بلده ، لقوله تعالى { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة } البقرة 196 ، الخ الآية، ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/200)
مكانة الحج فى الإسلام
F جاد الحق على جاد الحق .
11 ربيع الآخر 1399 هجرية - 10 مارس 1979 م
M 1- الحج فريضة وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، ولا يجب إلا مرة فى العمر .
2 - يشترط لوجوب الحج .
الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعة على خلاف فى تحديد هذه الاستطاعة بوجه عام .
3 - نفقات الحج يجب أن تكون من مال حلال طيب .
فإن الله لا يقبل إلا طيبا .
4 - يجزىء الحج بطريق جهة العمل التى تتبرع بنفقاته كلها أو بعضها لصيرورة المال المتبرع به ملكا للحاج فكأنه حج بماله .
5 - القرعة من الطرق المشروعة فى الإسلام لاختيار أمر من اثنين لم يتبين أيهما الأولى، ويجوز الخروج للحج عن طريقها بمعرفة الجهات المسئولة أو جهات العمل .
6 - لا تجوز الاستدانة للحج لأن قضاء الدين من الحوائج الأصلية .
7 - ليس للزوج منع زوجته من فريضة الحج متى تيسر لها السفر مع محرم أو رفقه ثقة .
8 - تفترق العمرة عن الحج فى أن الأخير من أركانه الوقوف بعرفة وله وقت معين، أما العمرة فليس لها وقت معين وليس لها وقوف بعرفة وهناك فروق أخرى فى المذاهب .
9 - الإنابة فى الحج غير جائزة عند المالكية مطلقا، ويرى فقهاء المذاهب الثلاثة الأخرى أن الحج مما تقبل فيه الإنابة بشروط .
10 - أركان الحج اثنان عند الحنفية وأربعة عند باقى المذاهب الأربعة وزاد عليها الشافعية ركنين، وللإحرام ميقات مكانى يختلف باختلاف الجهات، على تفصيل فى كل ذلك بالمذاهب .
11 - إذا فقد الحاج الماء أثناء الرحلة تيمم لكل صلاة، ولو وجده وكان فى حاجة إليه للشرب له ولرفاقه، أو لحيوان محترم حرم عليه الوضوء به
Q بعثت إلينا إحدى الصحف اليومية تسأل عن هذه الموضوعات .
السؤال الأول - ما مكانة الحج فى الإسلام
An قال الله تعالى { إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين .
فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين } آل عمران 96، 97 ، وهذه الفريضة من أركان الإسلام الخمسة التى بينها الرسول صلوات الله وسلامه عليه فى حديث ( بنى الإسلام على خمس )، وقد فرض مرة واحدة فى العمر على كل مسلم ومسلمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام يا رسول الله فسكت صلى الله عليه وسلم حتى قالها ثلاثا ثم قال رسول الله عليه الصلاة والسلام لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ) .
والحج هجرة إلى الله تعالى استجابة لدعوته وموسما دوريا يلتقى فيه المسلمون كل عام على أصفى العلاقات وأنقاها ليشهدوا منافع لهم على أكرم بقعة شرفها الله .
وعبادات الإسلام وشعائره تهدف كلها إلى خير المسلمين فى الدنيا والآخرة، ومن هنا كان الحج عبادة يتقرب بها المسلمون إلى خالقهم فتصفوا نفوسهم وتشف قلوبهم فيلتقون على المودة ويربط الإيمان والإسلام بينهم رغم تباعد الأقطار واختلاف الديار إذ أن من أهداف الإسلام جمع الكلمة وتوجيه المسلمين إلى التدارس فيما يعينهم من شئون الحياة ومشاكلها اقتصادية وسياسية واجتماعية .
والقرآن والسنة يرشدان المسلم إلى أن يجعل حجه لله وحجه امتثالا لأمره وأداء لحقه ووفاء لعهده وتصديقا بكتابه .
ومن أجل هذا وجب على الحاج أن يخلص النية لربه فيما يقصد إليه، وألا يبتغى بحجة إلا وجه الله تعالى .
ومن مظاهر الإخلاص فى الحج وحسن النية أن يرد ما عليه من حقوق لأصحابها إن استطاع والتوبة إلى الله بإخلاص مع الاستغفار، وتسليم الأمر إليه إن عجز عن الرد، وأن يترضى أهله ويصل رحمه ويبر والديه قال تعالى { وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب } البقرة 197 ، السؤال الثانى - ما هى شروط وجوب الحج .
الجواب - يشترط لوجوب الحج الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعة .
ويستدل الفقهاء على اشتراط البلوغ والحرية بقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه ( أيما صبى حج ثم بلغ فعليه حجة الإسلام وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة الإسلام ) .
السؤال الثالث - ما مدى الاستطاعة الموجبة للحج .
الجواب - دلت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على أن فريضة الحج إنما تلزم المستطيع ولا تجب على غيره .
وقد اختلف الفقهاء فى تحديد هذه الاستطاعة بوجه عام فقال فقهاء المذهب الحنفى الاستطاعة هى القدرة على الزاد والراحلة بشرط أن يكونا فاضلين عن حاجياته الأصلية كالدين الذى عليه للغير والمسكن والملبس وما يلزمه لعمله أو حرفته من أدوات، وأن يكونا كذلك زائدين عن نفقة من يلزمه الإنفاق عليهم مدة غيبته وإلى أن يعود، والمعتد فى كل ذلك ما يليق بالشخص عادة وعرفا وهذا يختلف باختلاف أحوال الناس، ثم اشتراط ما تقدم إنما هو بالنسبة لمن كان بعيدا عن مكة مسيرة ثلاثة أيام فأكثر أما من كان قريبا منها فإن الحج واجب عليه، وإن لم يقدر على الراحلة متى قدر على المشى وعلى باقى النفقات التى يعبر عنها الفقهاء بالزاد .
كما يشترط فقهاء الحنفية كذلك لوجوب الأداء سلامة البدن فلا يجب أداء الحج على مقعد أو مشلول أو من يعجز عن تحمل مشقات السفر وعنائه، كما لا يجب على أحد من هؤلاء تكليف غيرهم بالحج عنهم .
أما الأعمى الذى يقدر على الزاد والراحلة فإن وجد قائدا للطريق وجب عليه أن يكلف غيره بالحج عنه وإن لم يجد قائدا فلا يجب عليه الحج بنفسه أو بإنابة الغير عنه .
كما يشترط أمن الطريق بأن يكون الغالب فيه السلامة سواء كان السفر برا أو بحرا أو جوا .
وقال فقهاء المالكية إن الاستطاعة هى إمكان الوصول إلى مكة ومواضع النسك إمكانا عاديا سواء كان ماشيا أو راكبا بشرط ألا يلحقه مشقة عظيمة وإلا فلا يجب عليه الحج .
ويرى فقهاء الحنابلة أن الاستطاعة فى الحج هى القدرة على الزاد والراحلة الصالحة لمثله، وبشرط أن يكونا فاضلين عما يحتاجه من كتب علم ومسكن وخادم ونفقته ونفقة عياله على الدوام .
وقال فقهاء الشافعية الاستطاعة بالنفس تتحقق بالقدرة على الزاد والراحلة، وأن تكون نفقات الحج فاضلة عن دين ولو لم يحل أجله، وعن نفقة من تلزمه نفقته حتى يعود، وعن مسكنه المناسب وآلات صناعته ومهنته وأمن الطريق .
السؤال الرابع - ما هى الشروط الواجب توافرها فى نفقات الحج .
الجواب - يجب أن تكون نفقات الحج من مال حلال طيب فإن الله لا يقبل إلا طيبا .
وليكن معلوما أن من حج بمال غير حلال ثم قال - لبيك اللهم لبيك قال الله عز وجل له - كما ورد فى الحديث الشريف - لا لبيك ولا سعديك حتى ترد ما فى يديك .
السؤال الخامس - هل يجزىء الحج الذى يتم بطريق جهة العمل حيث تتحمل جميع النفقات أو بعضها .
الجواب - مادامت جهة العمل متبرعة بنفقات الحج كلها أو بعضها أجزأت وتمت حجة الإسلام، لأنه بتبرع هذه الجهة بالنفقات صار المتبرع له مالكا لها، فكأنه حج بماله وفقا لما قرر الفقهاء فى ملكية الصدقة والزكاة .
السؤال السادس - هل يجوز الخروج للحج بطريق القرعة التى تتم بمعرفة الجهات المسئولة أو جهات العمل .
الجواب - القرعة من الطرق المشروعة فى الإسلام لاختيار أمر من اثنين يتبين أيهما الأولى، وقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارا لاختيار من تسافر معه من نسائه فى الغزو وغيره .
فإذا اقتضت الظروف الاقتصادية عن العدد المقرر، فإن للجهات المسئولة إجراء القرعة لاختيار المسافرين للحج من بين المتقدمين، وكذلك الحال بالنسبة لجهات العمل .
السؤال السابع - هل تجوز الاستدانة للحج .
الجواب - عن عبد الله بن أبى أوفى قال ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل لم يحج أيستقرض للحج قال - لا ) .
ومن أجل هذا قال الفقهاء إن قضاء الدين من الحوائج الأصلية وبهذا الاعتبار آكد من الحج بل ومن الزكاة وقالوا إن احتاج المسلم إلى الزواج وخاف العنت وخشى على نفسه الوقوع فى المحرم قدم التزوج لأنه بهذا الاعتبار واجب كالنفقة، وإن لم يخف قدم الحج لأن الزواج فى هذه الحالة تطوع .
السؤال الثامن - ومتى يجب على المسلمة الحج، وهل للزوج منع زوجته من أداء هذه الفريضة .
الجواب - وجوب أداء فريضة الحج على المرأة المسلمة إذا استطاعت بحد الاستطاعة سالف الذكر وبشرط وجود زوجها معها فى سفر الحج أو محرم من النسب أو المصاهرة أو الرضاع لا فرق فى هذا بين الشابة ومن تقدم بها السن إذا كان بينها وبين مكة سفر ثلاثة أيام فأكثر، أما إذا كانت المسافة أقل من ذلك فيجب عليها أداء الحج وأن لم يكن معها محرم ولا زوج وبشرط أن يكون المحرم فى حالة وجوده عاقلا بالغا مأمونا، وألا تكون معتدة فعلا من طلاق أو وفاة وهذا مذهب الحنفية .
أما المالكية فقالوا إنه إذا لم يسافر معها زوجها أو محرم لها فيجوز سفرها مع رفقة مأمونين عليها وإلا لم يجب عليها أداء الحج ولو توفرت القدرة المالية بل وشرط المالكية أن يكون ركوب المرأة ميسورا لها إذا كانت المسافة بعيدة وقال فقهاء الحنابلة إن الحج لا يجب أداؤه على المرأة إلا إذا كان معها زوجها أو أحد محارمها .
ويرى فقهاء الشافعية أنه إذا لم يتيسر للمرأة خروج زوجها معها أو أحد محارمها فإن لها أن تحج مع نسوة يوثق بهن ( اثنان فأكثر ) ولو وجدت امرأة واحدة فلا يجب عليها الحج وإن جاز لها أن تحج معها حجة الفريضة، بل أجازوا لها أن تخرج لحج الفريضة وحدها عند الأمن، أما فى النفل فلا يجوز الخروج مع النسوة ولو كثرن .
وإذا لم تجد المرأة رجلا محرما أو زوجا يخرج معها للحج إلا بأجرة لزمتها إن كانت قادرة عليها .
وليس للزوج منع زوجته من فريضة الحج متى تيسر لها السفر مع محرم لها أو رفقة ثقة على ما تقدم بيانه فى مذهبى المالكية والشافعية، لأن حج الفريضة من الواجبات ولا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، وله منعها من حج التطوع كما له منعها من صوم وصلاة النفل .
السؤال التاسع - ما الفرق بين الحج والعمرة .
الجواب - العمرة فرض فى العمر مرة فورا فى مذهب الإمام أحمد بن حنبل وفرض كذلك على التراخى فى مذهب الإمام الشافعى، وسنة مؤكدة لدى فقهاء المذهبين الحنفى والمالكى، وتفترق العمرة عن الحج فى أن الأخير من أركانه الوقوف بعرفة وللحج وقت معين هو أول شهر شوال حتى فجر العاشر من ذى الحجة، أما العمرة فليس لها وقت معين ولا تفوت وليس فيها وقوف بعرفات، ولا نزول بمزدلفة ومنى، ولا مبيت بها وليس فيها رمى جمار، ولا جمع بين صلاتين بسبب الحج عند الأئمة الثلاثة ولا بسبب سفر عند الشافعى ولا خطبة فيها، وليس فيها طواف قدوم وتفارق الحج فوق هذا عند فقهاء المذهب الحنفى بأنه لا تجب بدنة بفسادها ولا بطوافها جنبا بخلاف الحج، وإنما تجب بذلك شاة فى العمرة وكذلك ليس فيها طواف وداع كما فى الحج .
السؤال العاشر - هل تجوز الإنابة فى الحج .
الجواب - قال فقهاء المالكية إن الحج لا تجوز فيه الإنابة سواء فى حال الصحة أو المرض، وإن الإجارة عليه فاسدة، وإن الوصية بالحج مكروهة ويرى فقهاء المذاهب الثلاثة الأخرى أن الحج مما تقبل فيه الإنابة فمن عجز عن الحج بنفسه وجب عليه أن ينيب غيره ليحج عنه بشروط منها أن يكون المنيب عاجزا عجزا مستمرا إلى الموت عادة كالمريض الذى لا يرجى شفاؤه وكالأعمى والزمن ولا تجوز الإجارة على الحج وهذا فقه المذهب الحنفى، وكذلك فى مذهب الإمام الشافعى غير أنه يجيز الاستئجار على الحج بشرط معرفة العاقدين لأعمال الحج فرضا ونفلا وفى الجملة كذلك مذهب الحنابلة ، ويشترط أن يكون النائب قد أدى فرض الحج .
السؤال الحادى عشر - ما هى أركان الحج ومن أين يحرم الحاج .
الجواب - أركان الحج لدى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة أربعة الإحرام وطواف الزيارة أو الإفاضة والسعى بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة، لو نقص واحد منها بطل الحج باتفاق هذه المذاهب .
أما فى مذهب الإمام أبى حنيفة فإن للحج ركنين فقط هى الوقوف بعرفة وأربعة أشواط من طواف الزيارة، أما الثلاثة الباقية فواجب، وأما الإحرام فهو من شروط صحة الحج والسعى بين الصفا والمروة من الواجبات، وزاد الشافعية ركنين على الأربعة سالفة الذكر هما إزالة الشعر بشرط أن يزال ثلاث شعرات من الرأس لا من غيره بعد الوقوف بعرفة وبعد انتصاف ليلة النحر فى الحج وترتيب معظم الأركان الخمسة بأن يقدم الإحرام ثم الوقوف بعرفة ثم الحلق .
والإحرام نية الدخول فى الحج والعمرة، ولا يشترط فى تحققه اقترانه بتلبية أو غيرها فى مذهب الشافعية والحنابلة .
وعند المالكية يتحقق بالنية فقط، ويسن اقترانه بقول كالتلبية أو التهليل أو فعل متعلق بالحج، وعند الحنفية يتحقق الإحرام بالنية مقرونة بالتلبية أو ما يقوم مقامها كالذكر مثلا .
وللإحرام ميقات مكانى يختلف باختلاف الجهات .
فأهل مصر والشام والمغرب إحرامهم الآن من المكان المسمى ( رابغ ) عند محاذاته إذا كان السفر بحرا .
وسكان العراق وسائر بلاد المشرق ميقاتهم ( ذات عرق ) وأهل المدينة ميقاتهم ( ذو الحليفة ) وميقات أهل اليمن والهند ( يلملم ) وأهل نجد ( قرن ) ومن جاوز هذه المواقيت دون إحرام وجب عليه الرجوع إليها والإحرام منها فإن لم يرجع لزمه الهدى .
ومن أراد الإحرام كان عليه أن يتحلى بالصبر وسعة الصدر وأن يتجاوز عن هفوات الناس وأن يصون عينه ولسانه وجميع أعضاء جسمه عن الهفوات التى تغضب الله وتؤذى الناس امتثالا لقول الرسول عليه الصلاة والسلام ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) وإذا كان السفر بالطائرة فعليه الإحرام من بيته، وإذا كان بالباخرة فالإحرام من الميقات سالف الذكر، ويسن قبله الاغتسال والوضوء ولبس ملابس الإحرام المكونة من قطعتين .
الأولى يغطى بها النصف الأسفل من الجسد والأخرى يغطى بها الجزء الأعلى مع كشف الرأس وهذا للرجل ( أما السيدة فإنها تلبس ملابسها العادية وتكشف وجهها، ويستحب بعد الإحرام صلاة ركعتين سنة الإحرام، وقد يكون الإحرام بالعمرة فقط أو بالحج فقط أو بهما معا، ويرفع الحاج صوته بالتلبية، ومتى تم الإحرام فإنه يحرم لبس المخيط للرجل، وكذلك تغطية الرأس، كما تحرم المعاشرة الزوجية، والتعرض لصيد البر الوحشى أو لشجر الحرم، والحلق وقص شىء من الشعر والأظافر واستعمال العطور .
السؤال الثانى عشر - ما حكم فقد الماء أثناء رحلة الحج .
الجواب - إذا فقد الماء تيمم الحاج لوقت كل صلاة، ولو وجد الماء وكان فى حاجة إليه للشرب سواء له ولرفقائه أو لحيوان محترم يحرم عليه الوضوء لأن حياة النفوس آكد ولا بديل للشرب، أما الماء فبديله للوضوء والاغتسال التيمم .
وهذا يكون بضربتين على التراب الطاهر .
إحداهما لمسح الوجه والأخرى لمسح اليدين إلى المرفقين .
ولا تلزمه الإعادة ولو وجد الماء بعد الصلاة بالتيمم. السؤال الثالث عشر - هل يجوز الحج عن المتوفى قريبا أو غير قريب .
الجواب - روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرما بعث يوم القيامة من الأبرار ) وقوله ( من حج عن ميت كتبت للميت حجة وللحاج سبع ) وفى رواية ( وللحاج براءة من النار ) ويشترط فيمن يحج عن الغير حيا أو ميتا أن يكون قد حج لنفسه الفريضة والله سبحانه أعلم .
بالصواب(1/201)
حج وزكاة دين
F جاد الحق على جاد الحق .
25 جمادى الأولى 1399 هجرية - 22 أبريل 1979 م
M 1- من أحرم بالحج والعمرة قارنا ولم يؤد أركان الحج وجب عليه الإحرام به فى وقته من ميقاته وأداء أركانه وشروطه .
2 - متى بلغ الدين نصابا وتحققت شروط زكاته، وجبت الزكاة فيما يقبضه منه عند الصاحبين قليلا كان أو كثيرا .
3 - فى حالة عدم القبض تخرج الزكاة احتياطا عن جميع السنوات التى ظل فيها فى ذمة المدين على ما هو المختار من مذهب الشافعية
Q بالطلب المقدم من السيد / ف أ أ - العراقى الجنسية - المقيم بالقاهرة - المتضمن أن السائل وقعت منه الأمور التالية : 1- نوى الحج والعمرة قارنا - وقد طاف وسعى للعمرة صباحا - وبعد الزوال طاف وسعى للحج .
2 - وفى السنة التالية أحرم السائل للحج والعمرة قارنا، وطاف وسعى للعمرة ولم يطف ولم يسع للحج حتى الآن .
3 - للسائل أموال ومبالغ نقدية فى ذمة أخيه، وهذه المبالغ مضمونة وغير مجحودة .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى الأمور الثلاثة .
وهل يجب عليه شرعا نسك قرانه الأول وقرانه الثانى أم لا وإذا كان يجب عليه نسك لكل منهما فما الحكم الشرعى فى ذلك - وهل تجب عليه الزكاة فى المسألة الثالثة فى المبلغ الذى بذمة أخيه .
ومن أى تاريخ تجب الزكاة فيه
An عن الحج الظاهر من السؤال أن السائل أحرم بالحج والعمرة قارنا ولم يؤد أركان الحج فى المرتين، وإذا كان الأمر كذلك وجب عليه أن يحرم بالحج فى وقته من ميقاته بمراعاة أداء أركانه وشروطه .
عن الزكاة عن الدين فإنه إذا بلغ الدين نصابا يساوى 20 مثقالا ذهبا تزن الآن 85 جراما أو مائتى درهم من الفضة تزن الآن 595 جراما، وحال عليه الحول، وكان فائضا عن الحوائج الأصلية للدائن وعمن تجب عليه نفقته وكان المدين مقرا بهذا الدين فإنه وفقا لقول الإمامين أبى يوسف ومحمد يؤدى زكاة ما يقبضه من هذا الدين قليلا كان المقبوض أو كثيرا متى كانت جملة الدين مستحقا فيها الزكاة .
وإذا لم يقبض شيئا فمن باب الاحتياط فى الدين أختار ما قال به فقهاء مذهب الشافعى إخراج الزكاة عن الدين عن جميع السنوات التى ظل فيها فى ذمة المدين .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/202)
الاستطاعة الصحية والحج عن الغير
F جاد الحق على جاد الحق .
13 رمضان 1399 هجرية - 6 أغسطس 1979 م
M 1- من لا يتحمل السفر لكبر سنه واعتلال صحته لا يعتبر مستطيعا بدنيا للحج، إلا إذا كانت لديه استطاعة مالية فعندئذ تجب عليه إنابة الغير للحج عنه .
2 - الاقتراض للحج غير جائز شرعا، ولا يعتبر الإنسان مستطيعا برأس ماله فى التجارة، ولا يتبرع غير ولده بنفقات الحج .
3 - تبرع الابن بالحج نيابة عن أبيه جائز بشرط الإحرام وأداء المناسك جميعها بوصفه نائبا عنه، فإن كانت نفقات الحج ستكون دينا له على أبيه وهو غير مستطيع فالحج بهذه الوسيلة غير واجب على الأب .
4 - للأب بيع ما يستغنى عنه فى نفقته ونفقة من يعوله إلى ولده الذى يحج عنه بما يقابل نفقات الحج من عقار أو أرض زراعية بيعا صحيحا يعلنه لجميع أولاده .
5 - حج الابن عن والدته المتوفاة يعتبر من قبيل التبرع، ولا يلزم والده بنفقاته إلا إذا كان لها تركة وأوصت بالحج عنها، فتكون نفقات الحج من تركتها فى حدود الثلث
Q بالطلب المقدم من السيد / م أ م المتضمن أن للسائل ابنا يعمل مدرسا بالمملكة العربية السعودية، وأن ابنه هذا يريد أن يدعوه لتأدية فريضة الحج والعمرة هذا العام وأن حالة السائل الصحية لا تسمح له بتحمل مشاق السفر والقيام بشعائر الحج .
وهو يريد بيان حكم الشرع فيما إذا كان يجوز لابنه هذا أن ينوب عنه ويقوم بشعائر الحج نيابة عنه، مع الإحاطة بأن هذا الابن سبق له أن أدى فريضة الحج عن نفسه - وهل يكون ما ينفقه فى قيامه بالحج عنه يعتبر دينا على السائل يتعين عليه القيام بسداده لابنه المذكور أم لا وبيان الصيغة التى يقولها أثناء قيامه بتأدية شعائر الحج عن السائل
An إن الحج إلى بيت الله الحرام من فرائض الإسلام الخمسة تجب على كل مسلم ومسلمة مستطيع امتثالا لقوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين } آل عمران 97 ، ومن شروط وجوب الحج الاستطاعة - ومما تتحقق به أن يكون المكلف صحيح البدن، فإن عجز عن الحج لشيخوخة أو زمانة أو مرض لا يرجى شفاؤه لزمه إحجاج غيره عنه إن كان له مال ، أى يملك ما يكفيه مما يصح به بدنه ويكفى من يعول كفاية فاضلة عن حوائجه الأصلية من مطعم وملبس ومسكن ومركب وآلة حرفة حتى يؤدى الفرض ويعود .
والإنابة فى الحج أجازها فقهاء مذاهب الحنفية والشافعية والحنابلة بشروط محددة فى كل مذهب .
ولم يجزها فقهاء المذهب المالكى - ومما يشترط فيمن يحج عن غيره عند من أجاز ذلك، أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه، وأن يحرم بحجة واحدة ناويا الأصل فى إحرامه وتلبيته وفى كل مناسك الحج وللنائب الإحرام عن الميقات الذى يوجد فيه فى أشهر الحج، ولا يشترط الإحرام من ميقات المحجوج عنه .
وفى الاقتراض للحج روى البيهقى بسنده عن عبد الله بن أبى أوفى ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل لم يحج أيستقرض للحج قال لا ) .
ولا يعتبر مستطيعا ماليا برأسماله فى التجارة لأنه محتاج إليه للنفقة - ولا يتبرع غير ولده بنفقات الحج، وعلى ذلك ففى واقعة السؤال مادام السائل لا يتحمل مشاق السفر بسبب كبر سنه واعتلال صحته فلا يعتبر مستطيعا بدنيا للحج إلا إذا كانت لديه الاستطاعة المالية، عندئذ تجب عليه إنابة الغير للحج عنه كما هو فقه المذاهب الثلاثة غير المالكية .
وإذا كان ابن السائل المقيم فى المملكة السعودية متبرعا بالحج نيابة عنه جاز ذلك بشرط الإحرام وأداء المناسك جميعها بوصفه نائبا عن والده، وينوى ذلك ويظهره فى كل مناسك الحج .
أما إذا كانت نفقات الحج ستكون دينا على السائل لابنه وهو غير مستطيع ماليا فالحج بهذه الوسيلة غير واجب عليه إذا كان فى حاجة لعقاراته وأرضه الزراعية للسكن والاستغلال للمعيشة لأنها حينئذ بمثابة رأس مال التجارة - وإذا كان مستغنيا عنها فى نفقته ونفقة من يعوله فله أن يبيع إلى ولده الذى يحج عنه ما يقابل نفقات الحج من عقار أو أرض زراعية بيعا صحيحا يعلنه لجميع أولاده حتى لا يوقع بينهم البغضاء بسبب اختصاص واحد منهم بشىء من أمواله دون الآخرين .
وأما حج ابن السائل عن والدته المتوفاة فهو على سبيل التبرع .
ولا يلزم السائل بنفقاته إلا إذ كان لها تركة وأوصت بالحج عنها فعندئذ لمن يحج عنها أن يقتضى نفقات الحج من تركتها فى حدود الثلث وبهذا علم جواب السائل .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/203)
حج المرأة وهى فى عدة الوفاة
F جاد الحق على جاد الحق .
8 ذو القعدة 1401 هجرية - 6 سبتمبر 1981 م
M 1- الحج فرض على المستطيع من الرجال، وعلى المستطيعة من النساء مع خلاف بين الفقهاء فى حقيقة الاستطاعة .
2 - من أذن لها زوجها فى السفر إلى الحج، ثم توفى بعد أن سددت رسومه وأخرجتها القرعة كانت فى حالة اضطرار، وكان ذلك بمثابة وفاة الزوج وهى فى الحج .
وجاز لها السفر لأداء فريضة الحج لاسيما وقد دخلت فى مقدماته فى حياة الزوج وبإذنه
Q بالطلب المقدم من السيد / ع ح م وقد جاء به أن امرأة توفى زوجها من مدة قريبة، وماتزال فى عدة الوفاة للآن وكانت قبل وفاته قد تقدمت بطلب لأداء فريضة الحج بموافقة الزوج كتابيا على سفرها لأداء هذه الفريضة، وقد أخرجتها القرعة ضمن المقبولين للسفر فى موسم العام الحالى سنة 1401 هجرية ، وسددت الرسوم المطلوبة .
والسؤال ما حكم الشرع فى سفرها، وهى فى عدة الوفاة، إلى أداء فريضة الحج، مع الاعتبارات السابقة
An إن الحج من فرائض الإسلام، التى فرضها الله سبحانه وتعالى على المستطيع من الرجال وعلى المستطيعة من النساء، ففى القرآن الكريم قول الله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 ، وهو من العبادات الأساسية .
ففى السنة الشريفة قول الرسول صلى الله عليه وسلم فى بيان حقيقة الإسلام والإيمان ( شرح صحيح مسلم للنووى على هامش ارشاد السارى بشرح صحيح البخارى الجزء الأول، الطبعة السادسة بالمطبعة الأميرية ببولاق سنة 1304 هجرية فى كتاب الأيمان ص 185، 219 فى باب السؤال عن أركان الإسلام ) ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره ) ووجوب الحج مشروط بالاستطاعة، كما هو صريح القرآن والسنة وبإجماع المسلمين، غير أن الفقهاء اختلفوا فى حقيقتها وفى شروطها بوجه عام .
كما اختلفوا فيها بالنسبة للمرأة .
ففى مذهب الإمام أبى حنيفة إن من الاستطاعة أن يكون معها زوجها، أو محرم لها من النسب، أو من المصاهرة، أو من الرضاع، إذا كان بينها وبين مكة سفر ثلاثة أيام فأكثر، أما إذا كانت مسافة السفر دون هذه المدة، وتوافرت لها باقى عناصر الاستطاعة كان عليها أداء الحج ولو بغير زوج ولا محرم، ولا فرق فى كل هذا بين الشابة والمسنة، ويشترط فى المحرم أن يكون بالغا، عاقلا، مأمونا ( الاختيار شرح المختار ج - 1 ص 139 - 140 طبعة الحلبى لسنة 1355 هجرية - 1936 م ) وفى فقه الإمام مالك إنه لا يشترط لسفر المرأة أن تكون مع زوجها، أو مع محرم، وأنه يجوز لها السفر لأداء هذه الفريضة، إذا وجدت رفقة مأمونة ( بداية المجتهد لابن رشد ج - 1 ص 189 و 190 طبعة الحلبى ) وفى فقه الإمام الشافعى إنه إذا لم يتيسر للمرأة الخروج للحج مع زوجها أو أحد محارمها ،كان لها أن تحج مع رفقة مأمونة ، فيهم جمع من النساء موثوق بهن ( اثنتان فأكثر ) ويجوز مع امرأة واحدة فى حج الفرض، بل صرح فقهاء المذهب للمرأة أن تخرج وحدها عند الأمن فى حج الفريضة، أما فى حج النفل، فليس لها الخروج مع نسوة، ولو كثرن، ولا تسافر فى النفل إلا مع زوج أو ذى رحم لأنه سفر غير واجب ( المجموع للنووى شرح المهذب للشيرازى ج - 7 ص 86 و 87 ومعه فتح العزيز للرافعى شرح الوجيز ص 22 و 23 ) وفى فقه الإمام أحمد بن حنبل إنه يشترط لوجوب الحج فورا على المرأة مع باقى عناصر الاستطاعة أن يسافر معها زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب، أو سبب مباح كالرضاع والمصاهرة ( الروض المربع للبهوتى شرح زاد المستنقع للحجاوى ص 194 طبعة دار المعارف ) ومن ثم يكون عناصر الاستطاعة أن تسافر لأداء فريضة الحج، دون اشتراط أن تكون بصحبة زوجها أو محرم لها، وإنما تكفى رفقة مأمونة مطلقا كما هو فقه الإمام مالك، أو رفقة مأمونة فيها جمع من النساء الثقات، كما فى فقه الإمام الشافعى، وامرأة واحدة تكفى، بل وعند الأمن والأمان تخرج وحدها فى حج الفرض .
ذلك شأن المرأة المتزوجة، والتى ليست ذات زوج .
أما المعتدة من طلاق بائن أو من وفاة فقد جرى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة، على أن كلا منهما تقضيان مدة العدة فى البيت الذى كانت تقيم فيه وقت وقوع الفرقة بالموت أو بالطلاق البائن، ولا يحل للمطلقة الخروج منه إلا للضرورة، ويحل للمتوفى عنها زوجها الخروج نهارا لقضاء حوائجها ويحرم عليها الخروج ليلا خوف الفساد ودرءا للقيل والقال .
ونص فقهاء هذا المذهب على أنه إن انتهت الزوجية بوفاة الزوج، أو بطلاقه إياها بائنا وهى مسافرة، فإن كان بينها وبين مصرها ( محل إقامتها ) مدة سفر، أى ثلاثة أيام فأكثر، رجعت إلى بيتها لقضاء مدة العدة، وإن كان بينها وبين مقصدها، أقل من سفر ثلاثة أيام مضت إلى مقصدها، ولم يجيزوا للمعتدة من وفاة أو طلاق السفر للحاج أو غيره إلا فى نطاق هذه القاعدة ( آخر باب العدة فى الدر المختار وحاشية رد المحتار لابن عابدين ج - 2 ص 979 وما بعدها وذات الموضع فى كتب فقه المذاهب الأخرى ) وفقه مذهب الإمام مالك جاءت عبارته وسكنت المعتدة مطلقة أو متوفى عنها زوجها على ما كانت تسكن مع زوجها فى حياته صيفا وشتاء، ورجعت إن نقلها منه مطلقها، أو مات من مرضه ورجعت وجوبا لتعتد بمنزلها إن بقى شىء من العدة لو كانت قد خرجت لحجة الإسلام إن كان بعدها عن منزلها أربعة أيام فأقل، فإن زاد على هذا لم ترجع بل تستمر، كما لو دخلت فى الإحرام ( الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقى ج - 2 ص 548 و 549 باب العدة والتاج والاكليل للمواق مع مواهب الجليل للحطاب ج - 4 ص 162 و 163 فى باب العدة ) وفى كتاب الأم المروى عن الإمام الشافعى فى باب العدة - تحت عنوان مقام المتوفى عنها زوجها والمطلقة فى بيتها .
دلت السنة على أن على المتوفى عنها زوجها، أن تمكث فى بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله إلى أن قال وإن أذن لها بالسفر فخرجت، أو خرج بها مسافرا إلى حج، أو بلد من البلدان فمات عنها، أو طلقها طلاقا لا يملك الرجعة فسواء، ولها الخيار فى أن تمضى فى سفرها ذاهبة أو جائية وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن ينقضى سفرها ( ج - 5 طبعة الأميرية ببولاق 1322 هجرية ص 208 و 210 ) وفى مختصر المازنى تحت ذات العنوان السابق ولو خرج مسافرا بها أو أذن لها فى الحج، فزايلت منزله فمات أو طلقها ثلاثا فسواء .
لها الخيار فى أن تمضى لسفرها ذاهبة وجائية وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن تقضى سفرها ( هامش المرجع السابق ص 32، ومثله فى تحفة المحتاج وحواشيها ج - 8 ص 264 و 265، وفى حاشية البيجرمى على شرح منهج الطلاب ج - 4 ص 91 ، وفى حاشية البيجرمى على تحفة الحبيب شرح الخطيب ج - 4 ص 51 و 53 ) وفى فقه مذهب الإمام أحمد بن حنبل قال ابن قدامة فى المغنى ولو كانت عليها حجة الإسلام، فمات زوجها لزمتها العدة فى منزلها وإن فاتها الحج، لأن العدة فى المنزل تفوت ولابدل لها والحج يمكن الإتيان به فى غير هذا العام .
وإن مات زوجها بعد إحرامها بحج الفرض، أو بحج أذن لها فيه نظرت فإن كان وقت الحج متسعا لا تخاف فواته، ولا فوت الرفقة، لزمها الاعتداد فى منزلها، لأنه أمكن الجمع بين الحقين، فلم يجز إسقاط أحدهما، وإن خشيت فواتها الحج لزمها المضى فيه، وبهذا قال الشافعى وقال أبو حنيفة يلزمها المقام وإن فاتها الحج، لأنها معتدة فلم يجز لها أن تنشىء سفرا، كما لو أحرمت بعد وجوب العدة عليها .
ولنا أنهما عبادتان استوتا فى الوجوب وضيق الوقت، فوجب تقديم الأسبق منهما، كما لو كانت العدة أسبق، ولأن الحج آكد لأنه أحد أركان الإسلام، والمشقة بتفويته تعظم فوجب تقديمه ، كما لو مات زوجها بعد أن سفرها إليه ( ج - 9 من المغنى مع الشرح الكبير ص 185 طبعة المنار ) ونقل ابن هبيرة الحنبلى فى كتابه الإفصاح عن معانى الصحاح فى باب العدة أن الفقهاء اختلفوا فى المتوفى عنها زوجها وهى فى الحج .
فقال أو حنيفة تلزمها الإقامة على كل حال إن كانت فى بلد أو ما يقاربه، وقال مالك والشافعى وأحمد إذا خافت فواته إن جلست لقضاء العدة جاز لها المضى فيه ( ص 364 و 365 طبعة المطبعة الحلبية بحلب لسنة 1366 هجرية - 1947 م ) لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أن السيدة المسئول عنها قد أذن لها زوجها فى السفر للحاج ثم توفى وأنها ما تزال فى عدة وفاته وأنها إن قعدت للعدة فى منزله فاتها الحج، مع أنها قد سددت رسومه ومصروفاته بعد أن أخرجتها القرعة، وأنه لم يسبق لها أداء هذه الفريضة وكان معلوما بالعلم العام أن السفر للحج فى عصرنا، قد اقتضت مصلحة الدولة العامة تقييده بقيود، وتحديد عدد المسافرين بالقرعة، وقد يتعذر على هذه السيدة أداء هذه الفريضة فيما بعد بسبب تلك القيود .
وإذا كان هذا حال المسئول عنها، وهو حال اضطرار واعتذار وسنوح فرصة قلما يتيسر الحصول عليها، لاسيما وقد أذنت لها سلطات الدولة بالسفر للحج، كان ذلك بمثابة وفاة الزوج وهى فى الحج فعلا يجرى عليه ما قال به ابن قدامة ( المرجعان السابقان ) واحتج له بالحجة القوية المقبولة فى النص الآنف .
وما نقله ابن هبيرة عن الأئمة مالك والشافعى وأحمد من أنه إذا خافت فوات الحج إن جلست لقضاء العدة جاز لها المضى فيه ( المرجعان السابقان ) لما كان ذلك كان جائزا للسيدة المسئول عنها السفر لأداء فريضة الحج، وإن كانت فى عدة وفاة زوجها، لأن الحج آكد باعتباره أحد أركان الإسلام، والمشقة بتفويته تعظم فوجب تقديمه ، لاسيما وقد دخلت فى مقدماته فى حياة الزوج وبإذنه، وذلك تخريجا على تلك النصوص من فقه الأئمة مالك والشافعى وأحمد .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/204)
مفاجأة الحيض للمرأة أثناء الحج
F جاد الحق على جاد الحق .
9 صفر 1402 هجرية - 15 ديسمبر 1981 م
M 1- يجوز لمن فاجأها الحيض قبل طواف الإفاضة ولم يمكنها البقاء فى مكة إلى حين انقطاعه إنابة غيرها فيه، على أن يطوف عنها بعد طوافه عن نفسه، وأن ينوى الطواف عنها مؤديا طوافها بكل شروطه .
2 - يجوز لها استعمال دواء لوقف الحيض، فإن توقف لها أن تغتسل وتطوف .
3 - إذا كان دم الحيض غير مستمر طوال أيام الحيض، يجوز لها الطواف أيام انقطاعه عملا بقول فى مذهب الشافعية القائل ( النقاء فى أيام الحيض طهر ) وهذا موافق لرأى الإمامين مالك وأحمد .
4 - لا يجوز للحائض والنفساء دخول المسجد الحرام، فإن دخلت ثم طافت أثمت وصح الطواف وعليها ذبح بدنه .
5 - ترتيب رمى الجمرات أيام التشريق شرط بالنسبة للمكان عند الأئمة الثلاثة .
فإن لم يرتب الرامى أعاد . ويرى الحنفية أن الترتيب ليس شرطا ولكنه سنة، فإذا لم يرتب أعاد فإن لم يعد أجزأه ذلك متى فات الوقت .
6 - من شرط الاستطاعة بالنسبة للمرأة أن تكون مع محرم لها أو مع زوجها .
وأجاز الشافعية خروجها لذلك مع جمع من النسوة يوثق بهن وزاد المالكية أن تكون مع رفقة مأمونة، فإذا فقد هذا الشرط لا يجب عليها الحج لعدم الاستطاعة .
7 - إذا توفر الأمن للمرأة جاز أن تحج وحدها عند بعض الشافعية ويكون حجها صحيحا ولا شىء فيه
Q بالطلب المقدم من السيد / م ع ح المدرس بمكة المكرمة - قال إنه يطلب بيان حكم الشرع فى المسائل الآتية : 1- امرأة حاضت قبل طواف الإفاضة ( وهو ركن ) وليس لديها وقت لأنها مرتبطة بأفواج ومواعيد الطائرات .
وليس لديها ما تعيش عليه إن هى تأخرت عن الفوج، وليس لديها ثمن بدنة - فماذا تصنع - أتطوف وهى حائض أم تنيب عنها من يطوف بدلا منها .
2 - رمى الحاج الجمرات أيام التشريق بعكس ترتيبها، وكان موكلا فى هذا عن آخرين، فبدلا من أن يرمى ابتداء من الجمرة التى تلى مسجد الخيف، رمى ابتداء من الجمرة تجاه مكة .
3 - ما حكم المرأة التى حضرت إلى الحج مع أفواج السياحة أو المؤسسات وليس معها زوج أو محرم، علما بأن هذه هى الفرصة الوحيدة التى سنحت لها من سنوات بعد أن فشلت فى الحج بالقرعة .
البعض يقول إنها آثمة .
4 - بعض الحجاج يكونون قارنين أو متمتعين وبالطبع عليهم هدى وقد لا يكون فى الاستطاعة تدبير ثمنه فيستدين أو يقتر على نفسه
An عن السؤال الأول - جاء فى كتاب فتح العزيز للرافعى الكبير الشافعى فى الفصل التاسع فى الرمى من كتاب الحج ( إن العاجز عن الرمى بنفسه لمرض أو حبس ينيب غيره ليرمى عنه، لأن الأنابة جائزة فى أصل الحج فكذلك فى أبعاضه وكما أن الإنابة فى الحج إنما تجوز عند العلة التى لا يرجى زوالها فكذلك الإنابة فى الرمى، لكن النظر هنا إلى دوامها إلى آخر وقت الرمى .
وكما أن النائب فى أصل الحج لا يحج عن المنيب إلا بعد حجة عن نفسه، فالنائب فى الرمى لا يرمى عن المنيب إلا بعد أن يرمى عن نفسه ) .
وتخريجا على هذا يجوز للمرأة إذا فاجأها الحيض قبل طواف الإفاضة ،ولم يمكنها البقاء فى مكة إلى حين انقطاعه أن تنيب غيرها فى هذا الطواف على أن يطوف عنها بعد طوافه عن نفسه، وأن ينوى الطواف عنها نائبا مؤديا طوافها بكل شروطه، أو أن تستعمل دواء لوقفه وتغتسل وتطوف .
أو إذا كان الدم لا يستمر نزوله طوال أيام الحيض بل ينقطع فى بعض أيام مدته عندئذ يكون لها أن تطوف فى أيام الانقطاع عملا بأحد قولى الإمام الشافعى القائل إن - النقاء فى أيام انقطاع الحيض طهر - وهذا القول أيضا يوافق مذهب الإمامين مالك وأحمد .
هذا وقد أجاز بعض فقهاء الحنابلة والشافعية ( ج - 7 تبع المجموع للنووى ص 400 وما بعدها .
ج - 1 ص 296 و 297 وفى باب الحج ج - 2 ص 283 ) للحائض دخول المسجد للطواف بعد إحكام الشد والعصب وبعد الغسل .
حتى لا يسقط منها ما يؤذى الناس ويلوث المسجد ولا فدية عليها فى هذه الحال باعتبار حيضها - مع ضيق الوقت والاضطرار للسفر - من الأعذار الشرعية، وقد أفتى كل من الإمام ابن تيمية وابن القيم بصحة طواف الحائض طواف الإفاضة إذا اضطرت للسفر مع صحبتها، بشرط أن تعصب موضع خروج دم الحيض حتى لا ينزل منها شىء منه فى المسجد وقت الطواف .
هذا وفى فقه مذهب أبى حنيفة ( حاشية رد المحتار لابن عابدين على الدر المختار فى باب الحيض فى مسائل المتحيرة ) أن الحائض والنفساء لا يحل لها دخول المسجد، وإن دخلت ثم طافت أثمت وصح الطواف، وعليها ذبح بدنه، وفى موضع آخر وتطوف الركن ثم تعيده .
لما كان ذلك فللمرأة الحاجة التى يفاجئها الحيض والنفاس ويحول بينها وبين طواف الإفاضة مع تعذر البقاء بمكة حتى ارتفاع عذرها أن تسلك أى طريق من هذه الطرق التى قال بها الفقهاء .
عن السؤال الثانى - جاء فى المرجع السابق ( ص 404 و 405 من كتاب فتح العزيز للرافعى الكبير مع المجموع للنووى ج - 7 ) إنه يشترط فى رمى أيام التشريق الترتيب فى المكان، وهو أن يرمى أولا إلى الجمرة التى تلى مسجد الخيف وهى أقرب الجمرات من منى وأبعدها من مكة، ثم إلى الجمرة الوسطى، ثم إلى الجمرة الصغرى وهى جمرة العقبة .
فلا يعتد برمى الثانية قبل تمام الأولى ولا بالثالثة قبل تمام الأولتين .
وعن أبى حنيفة رحمه الله لو نكسها، ( أى فعلها على غير ترتيبها ) أعاد فإن لم يفعل أجزأه، لما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم ( من قدم نسكا بين يدى نسك فلا حرج ) .
ولأنها مناسك متكررة فى أمكنة متفرقة فى وقت واحد ليس بعضها تابعا لبعض، فلم يشترط الترتيب فيها كالرمى4 والذبح ( المغنى لابن قدامة ج - 3 ص 477 مع الشرح الكبير، الدر المختار وحاشية رد المحتار لابن عابدين فى كتاب الحج ج - 2 ص 284 و 385 و 389 ) لما كان ذلك فإذا كان وقت الرمى باقيا فالأولى إعادته مع الترتيب .
اتباعا لفقه الأئمة الثلاثة وباعتباره عمل الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كان الوقت قد فات أو ضاق لمواعيد الارتحال الجماعية أجزأه ما فعل اتباعا لقول فقه الإمام أبى حنيفة الذى يرى الترتيب سنة لا يترتب على مخالفتها شىء إعمالا للحديث السابق .
عن السؤال الثالث - تكاد كلمة الفقهاء تكون قد توافقت على أن من الاستطاعة فى الحج بالنسبة للمرأة أن تكون مع زوجها أو محرم لها غير أن بعضهم كالشافعية أجازوا خروجها للحج مع نسوة يوثق بهن ( اثنان فأكثر ) وأضاف فقه المالكية أو رفقه مأمونة .
واتفقوا جميعا على أنه إذا فقدت هذه الشروط كلها فلا يجب الحج على المرأة لعدم الاستطاعة .
وفى فقه الإمام الشافعى أيضا يجوز للمرأة أن تؤدى فريضة الحج مع امرأة واحدة .
وأجازوا للمرأة أن تخرج وحدها لأداء هذه الفريضة عند الأمن .
وهذا ما نميل للإخذ به فى حق المرأة المسئول عنها ويكون حجها بحالتها هذه صحيحا شرعا ولا إثم عليها ، لاسيما مع ما جاء بالسؤال من أن هذه هى الفرصة الوحيدة التى سنحت لها منذ سنوات بعد أن فشلت فى الخروج للحج بالقرعة - وهذا يتمشى مع قول الله سبحانه فى التيسير { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } البقرة 185 ، عن السؤال الرابع - شرع الحج على المستطيع { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 ، وجاءت السنة الشريفة مبينة ومؤكدة على هذه الاستطاعة، فأوضحت أن للحاج أن يفرد الإحرام بالحج فقط أو يقرن فى الإحرام الحج والعمرة معا، أو يحرم بالعمرة ثم يحل من إحرامه ثم يحرم بالحج وهو التمتع، وعلى هذين الأخيرين تجب الفدية .
ولكل مسلم ومسلمة اختيار ما فى وسعه وقدرته .
فمن قدر عليه رزقه كان له أن يحرم بالحج فقط حتى لا يثقل بنفقات الفدية فإذا اتسع وقته للإحرام بالعمرة أداها بعد أن يتم جميع مناسك الحج، وعندئذ لا هدى عليه وجوبا، ذلك هدى الله وقوله فى القرآن { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } البقرة 286 ، والله سبحانه وتعالى أعلم(1/205)
التصرف فى الأضحية
F حسنين محمد مخلوف .
التاريخ 11/10/1948 م
Mيجوز أن يأكل صاحب الأضحية من لحمها ويطعم الأغنياء والفقراء ويدخر منها
Q عن كيفية التصرف فى الأضحية شرعا
An رفع الينا سؤال عن كيفية التصرف فى الأضحية والجواب أنه يجوز عند الأئمة الأربعة أن يأكل صاحب الأضحية من لحمها ويطعم الأغنياء والفقراء ويدخر منها .
وأفضل عند الحنفية أن يتخذ الثلث ضيافة لأقرابائه وأصدقائه ويتصدق بالثلث ويدخر الثلث، ويندب لمن كان له عيال يحتاجون إلى التوسعة ألا يتصدق منها إلى غيرهم لأن أنفاقه عليهم صدقة .
والأفضل عند الحنابلة أن يجعل أضحيته أثلاثا كما تقدم وعن الشافعية أن يتصدق بها كلها ودون ذلك عنهم فى الفضل أن يأكل ثلثها ويتصدق بثلثها ويهدى ثلثها .
والأفضل عند المالكية أن يجمع بين الأكل منها والتصدق والاهداء بدون تحديد بالثلث ولا غيره وأوجب الشافعية وابن حزم التصدق ببعض الأضحية ولو قليلا والله أعلم .
ے(1/206)
مكان وزمان ذبح الهدى فى الحج
F حسن مأمون .
19 ذو القعدة سنة 1376 هجرية - 17 يونيه سنة 1957 م
M 1 - يجوز ذبح دم التطوع قبل أيام النحر وذبحه فيها أفضل أما دم المتعة والقرأن فلا يجوز ذبحهما إلا فى أيام النحر .
2 - لا يجوز ذبح جميع الهدايا إلا فى الحرم وفى أى موضع شاء منه ولا يختص بمنى .
3 - يجوز للمهدى أن يأكل عند الحنفية من هدى المتعة والقرأن والتطوع .
ولا يجوز الأكل عند الشافعية إلا من دم التطوع كما يجوز للمهدى أن يتصدق بالهدى على فقير الحرم وغيره من الفقراء .
4 - يقوم مقام المتصدق - نائبه بالحرم - نيابة عند كالمطوف ويكون ذلك مجزيا ومسقطا للطلب
Q من السيد / ف أ ك طلب بيان حكم ما يأتى أولا - مكان وزمان ذبح الهدى فى الحج سواء كان هدى قران أو تمتع أو تطوع وما ترتب على ذلك من المخالفة .
ثانيا - الهدى بجميع أنواعه يأخذه المطوفون يأكلون منه ما يأكلون ويتصدقون بما يتصدقون فهل فى هذه الحالة يصيب المرمى فيسقط الطلب أولا .
ثالثا - حكم النزول فى منى وزمانه ومقدار هذا الزمن وما يترتب على مخالفة ذلك
An أولا - الهدى اسم لما يهدى إلى الحرم من النعم ليتقرب به أبلا أو بقرا .
أو غنما وأقله شاه وهى جائزة فى كل شىء الا فى موضوعين من طاف طواف الزيارة جنبا ومن جامع بعد الوقوف بعرفه فانه لا يجوز فيها إلا الابل والهدى أنواع منها هدى التطوع وهى المتعة وهدى القرأن - وهدى التطوع يجوز ذبحه قبل يوم النحر وذبحه يوم النحر أفضل لأن القربى فى التطوعات باعتبار أنها هدايا وذلك بتحقيق تبليغها إلى الحرم فاذا وجد ذلك جاز ذبحها فى غير يوم النحر وفى ايام النحر أفضل لأن معنى القربة فى اراقة الدم فيها أظهر .
أما دم المتعة والقرأن فيختص ذبحه بأيام النحر لقوله تعالى { فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير .
ثم ليقضوا تفثهم } وقضاء التفث يختص بيوم النحر ولأنه دم نسك فيختص بيوم النحر كالأضحية - ولا يجوز ذبح جميع الهدايا إلا فى الحرم لقوله تعالى فى جزاء الصيد { هديا بالغ الكعبة } فصار أصلا فى كل دم هو كفارة ولقوله تعالى فى دم الاحصار { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله } وقوله تعالى فى الهدايا مطلقا { ثم محلها إلى البيت العتيق } ولأن الهدى اسم لما يهدى إلى مكان فالاضافة ثابتة فى مفهومه وهو الحرم بالاجماع - ويجوز الذبح فى أى موضع شاء من الحرم ولا يختص بمنى ومن الناس من قال لا يجوز الا بمنى والصحيح ما قلنا قال عليه السلام ( كل عرفة موقف وكل منى منحر وكل المزدلفة موقف وكل فجاج مكة طريق ومنحر ) رواه أبو داود وابن ماجه من حديث جابر ثم قال صاحب الفتح فتحصل ان الدماء قسمان ما يختص بالزمان والمكان وما يختص بالمكان فقط .
ويتضح مما سبق من النصوص أنه يجوز ذبح دم التطوع قبل أيام النحر وذبحه فيها أفضل - أما دم المتعة والقرأن فلا يجوز ذبحهما إلا فى أيام النحر ويتعين ذبح الثلاثة فى الحرم ومنه منى .
ثانيا - ويجوز للمهدى أن يأكل استحبابا عند الحنفية من دم المتعة والقرأن والتطوع - ولا يجوز له ذلك عند الشافعية إلا من دم التطوع ولا يجوز له الأكل من غيرها لأنها عندهم دماء كفارات ولو أكل منها ضمن خلافا لمالك - ويجوز له أن يتصدق بالهدى على فقير الحرم وغيره من الفقراء المستحقين لأن الصدقة قربة منقولة والصدقة على كل فقير قربة خلافا للشافعى - ويقوم مقام تصدق المهدى بنفسه تصدق وكيله أو نائبه بالحرم الهدى على الفقراء نيابة عنه كالمطوفين مثلا وغيرهم ويكون ذلك مجزيا ومسقطا للطلب عن المهدى .
ثالثا - وفى يوم التروية وهم اليوم الثامن من ذى الحجة يخرج الحاج من مكة بعد صلاة فجر هذا اليوم إلى منى حيث يقيم بها حتى يصلى فجر يوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذى الحجة ويمكث بها إلى طلوع الشمس ثم يتوجه الى عرفات فيقف بها ثم يعود إلى منى ثانية يوم النحر قبل طلوع الشمس فيبدأ برمى جمرة العقبة من بطن الوادى بسبع حصيات كحصى الخزف يكبر مع كل حصاة وتقطع التلبية بأولها ويقف عندها ثم يذبح أن أحب دم التطوع ثم يحلق وهو أفضل أو يقصر وقد حل له كل شىء من محظورات الاحراف غير النساء على خلاف فى ذلك بين المذاهب - ثم يذهب من يومه وهو يوم النحر أن استطاع أو الغد أو بعده إلى مكة فيطوف للزيارة سبعة أشواط وهو ركن فى الحج والنزول بمنى على الوجه السابق من سنن الحج وتاركه يكون مسيئا .
والله أعلم(1/207)
الحج فى الملابس العادية لعذر
F أحمد هريدى .
2 ذو القعدة لسنة 1389 هجرية - 10 يناير 1970 م
M 1 - التجرد من المخيط من واجبات الاحرام ويصح الاحرام بدونه سواء كان ذلك بعذر أو بغيره .
2 - أذا لم يتجرد المحرم من المخيط وكان ذلك بعذر خير بين أن يذبح شاة أو يتصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من الطعام أو يصوم ثلاثة أيام .
3 - أذا لم يتجرد المحرم من الخيط وكان ذلك بغير عذر لا يخير فى الكفارة وعليه ذبح شاة .
4 - الصوم فى الكفارة التى يتخير فيها المحرم والتصدق على المساكين يجزيه فى أى موضع شاء أما الذبح فيختص بالحرم
Q من السيد / م أ أ بطلبه المتضمن أنه عزم بمشيئة الله تعالى على تأدية فريضة الحج هذا العام إلا أنه مريض ولا يستطيع ارتداء زى الاحرام ويمكنه تأدية الفريضة فى حالة ارتدائه الملابس العادية .
وطلب السائل الافادة عن الحكم الشرعى
An المنصوص عليه فى الفقه الحنفى أنه يصح الاحرام مع لبس المخيط - وان كان ذلك بعذر أو بغيره لأن التجرد عن المخيط من واجبات الاحرام لا من شروط صحته فاذا تركه المحرم وأحرم بلباس مخيط كان أحرم وهو مرتد ملابسه العادية .
فاما أن يكون فعله هذا بعذر أو بغير عذر .
فان كان بعذر بأن كانت عنده ضرورة دعته إلى لبس المخيط كمرض ونحوه مثلا وجب عليه كفارة يتخير فيها بين أن يذبح شاة أو يتصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من الطعام أو يصوم ثلاثة أيام سواء لبس ثوبا واحدا أو كان لباسه كله مخيطا ولو دام على ذلك أياما أو كان يلبس المخيط ليلا للبرد مثلا وينزعه نهارا .
فان زال عذره ولبس المخيط مع هذا فانه يكون عليه كفارة لا يتخير فيها بل يذبح شاة يتصدق بلحمها ولا يأكل هو منها كذلك اذا لبس المخيط ابتداء من غير عذر هذا والصوم فى الكفارة التى يتخير فيها المحرم يجزيه فى أى موضع شاء لأنه عادة فى كل مكان وكذلك التصدق على المساكين .
أما النسك وهو ذبح الشاة فيختص بالحرم .
والسائل يقول أنه مريض ويضره لبس الاحرام فيسوع له والحالة هذه أن يلبس المخيط وعليه كفارة يتخير فيها على الوجه المشار اليه فان زال عذره واستمر على لبس المخيط أو عاد ولبسه بعد زوال العذر فانه تجب عليه كفارة لايتخير فيها بل يذبح شاة ويتصدق بلحمها من غير أن يأكل منها .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم(1/208)
مجاوزة الميقات دون احرام ورمى الجمرات
F محمد خاطر .
14 محرم سنة 1393 هجرية - 17 فبراير سنة 1973 م
M 1 - من جاوز الميقات دون احرام وهو يريد الحج أو العمرة لزمه دم .
2 - من ترك رمى الجمار كلها أو يوما واحدا منها أو ترك رمى جمرة العقبة يوم النحر عليه ذبح شاة فى الحرم وان ترك أقل من ذلك تصدق لكل حصاة بنصف صاع من بر فى أى مكان
Q من السيد / أ ى ع بطلبه المتضمن ان السائل قد أدى فريضة الحج هو وزوجته فى العام الماضى إلا أنه قد وقعت منهما الأخطاء الآتية .
1 - كان السائل وزوجته عازمين على الذهاب إلى المدينة والاحرام منها حيث أنها الميقات الشرعى لهما - ولكنهما عندما وصلا إلى جدة منعا من الذهاب إلى المدينة لأن ميعاد الحج قد حان .
2 - عندما قام السائل وزوجته برمى جمرة العقبة الكبرى رمياها من الخلف لأنهما رأيا الحجاج يرمونها من الخلف - ولما ذهبا إلى مكة للطواف والسعى وجدا الحجاج يرمون جمرة العقبة من الامام لا من الخلف كما رميا سابقا .
3 - وعندما ذهب السائل وزوجته ثانى يوم لرمى جمار العقبة الثانية كان هناك زحام شديد أدى إلى وقوع بعض الحصى من يده ويد زوجته فرميا بعض الحصى وسقط بعضه من أيديهما ولم يستطيعا اتمام الرجم - نتيجة لذلك .
طلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما وقع منه ومن زوجته من أخطاء وما هو الواجب عليهما شرعا حتى يجبرا ما حدث منهما من نقص فى أفعال حجهما
An 1 - عن السؤال الأول - المقرر فى فقه الحنفية ان من جاوز الميقات وهو يريد الحج والعمرة غير محرم فلا يخلو أما أن يكون قد أحرم داخل الميقات أو عاد إلى الميقات ثم أحرم .
فان أحرم داخل الميقات ينظر ان خاف فوت الحج متى عاد فانه لا يعود يمضى فى احرامه ولزمه دم .
وان كان لايخاف فوت الحج فانه يعود الى الميقات واذا عاد إلى الميقات فلا يخلو أما ان يكون حلالا أو محرما فان عاد حلالا ثم أحرم سقط عنه الدم وان عاد إلى الميقات محرما قال أبو حنيفة رحمه الله ان لبى سقط عند الدم وان لم يلب لا يسقط .
وعند الصاحبين محمد وأبى يوسف يسقط فى الوجهين - وفى الحادثة موضوع الاستفتاء الظاهر ان المستفتى وزوجته احرما داخل الميقات ولكنهما خافا فوت الحج متى عادا إلى الميقات ليحرما منه .
فيكون الواجب عليهما فى هذه الحالة ألا يعودا ويمضيا فى احرامهما ويلزم كلا منهما دم لعدم احرامهما من الميقات أى أنه يجب على كل منهما ذبح شاة فى الحرم والتصدق بلحما .
2 - عن السؤال الثانى - لا مخالفة شرعا فى رمى الجمار من الخلف بل الرمى جائز شرعا عن أية صورة .
فقد جاء فى كتاب مجمع الأنهر فى فقه الحنفية فى الجزء الأول بالصحيفة 280 ما نصه ( ولكن المختار عند مشايخ بخارى انه يرمى كيف يشاء ) .
3 - عن السؤال الثالث - المقرر فى فقه الحنفية ان من ترك رمى الجمار كلها أو يوما واحدا أو جمرة العقبة يوم النحر فعليه شاة - ومعناه أنه تركها حتى غربت الشمس من آخر أيام التشريق لأنه ترك واجبا من جنس واحد وان لم تغرب الشمس يرمها على الترتيب لكنه يجب الدم لتأخيرها عند أبى حنيفة خلافا لصاحبيه محمد وأبى يوسف .
وترك رمى يوم واحد عبادة مقصودة وكذلك جمرة العقبة يوم النحر فتجب شاة .
وان ترك أقلها تصدق لكل حصاة بنصف صاع من بر ( قمح ) والصاع قدحان وثلث قدح بالكيل المصرى - إلا أن يبلغ قيمة المتصدق عنه قيمة شاة ففى هذه الحالة ينقص ما شاء من قيمة الشاة .
وفى الحادثة موضوع الاستفتاء لو كان المستفتى وزوجته قد تركا رمى يوم كامل من الجمار فانه يجب على كل منهما شاة يذبحها فى الحرم ويتصدق بلحمها .
ولو كان المتروك أقل من ذلك تصدق كل من المستفتى وزوجته عن كل حصاة تركت بنصف صاع من بر إلا أن يبلغ قيمة المتروك المتصدق عنه قيمة شاة فينقص كل منهما فى هذه الحالة ما شاء عن قيمة الشاة وهذا التصدق جائز فى كل مكان لأنه عبادة فى كل مكان .
وعلى هذا فيكون حج كل من المستفتى وزوجته صحيحا شرعا ويجب على كل منهما ذبح شاة فى الحرم والتصدق بلحمها عن المخالفة الأولى وهى تجاوزهما الميقات غير محرمين .
ولاشىء عليهما فى رمى جمرة العقبة الكبيرة من الخلف ويجب على لك منهما ذبح شاة فى الحرم والتصدق بلحمها عن المخالفة الثالثة ان كان المتروك رمى جمار كل يوم - أو التصدق بنصف صاع من بر فى أى مكان عن كل حصاة تركها كل منهما إلا أن يبلغ قيمة المتروك المتصدق عنه قيمة شاة ففى هذه الحالة ينقص كل منهما ما شاء من قيمة الشاة كما قررنا سابقا .
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/209)
طواف الافاضة والمبيت بمنى
F عبد اللطيف حمزة .
19 ذو القعدة سنة 1402 هجرية - 7 سبتمبر سنة 1982 م
M 1 - طواف الافاضة ركن من أركان الحج وهو سبعة أشواط غير أن الأحناف يرون أن الركن أربعة أشواط فقط والثلاثة الباقية واجبة .
2 - يدخل وقت طواف الافاضة بطلوع فجر يوم النحر عند الحنفية والمالكية - ويدخل وقته بنصف ليلة النحر عند الشافعية والحنابلة .
3 - لا آخر لوقت طواف الافاضة وفعله يوم النحر أفضل .
4 - الموالاة بين أشواط الطواف شرط عند الامامين مالك وأحمد .
فان فرق بين أجزائه استأنف إلا أن يكون يسيرا ولو لغير عذر أو كثيرا لعذر .
5 - يرى الحنفية والشافعية أن الموالاة بين أشواط الطواف سنة فلو فرق تفريقا كثيرا بغير عذر لا يبطل طوافه ويبنى على ما مضى منه .
6 - المبيت بمنى لرمى الجمرات سنة عند الأئمة ليلة الحادى عشر والثانى عشر من ذى الحجة ويجوز أن يبقى بمكة إلى منتصف الليل ثم يتم الليل بمنى كما يجوز أن يستمر بمنى إلى مثل ذلك ويتم الليل بمكة - ثم يعود لرمى الجمرات فى وقتها
Q من السيد / أ م م بطلبه المتضمن أنه أثناء تأديته لفريضة الحج وأداء مناسكه طاف طواف الافاضة ظهر يوم النحر ثلاثة أشواط وبعدها شعر بالتعب والاعياء فلم يتمكن من اتمام الأشواط السبعة ثم عاد ليلا فى نفس اليوم وأتم الأشواط الباقية ويسأل عن حكم ذلك شرعا .
ومتضمن كذلك أنه لم يبت بمنى بعد رجوعه من عرفة فما حكم ذلك شرعا ويسأل أيضا عن حكم فوائد البنوك وهل يجوز أخذها واعطاؤها للفقراء والمساكين
An من أركان الحج طواف الزيارة المسمى بطواف الافاضة وهو مجمع على ركنيته قال تعالى { وليطوفوا بالبيت العتيق } وهو سبعة أشواط غير أن الأحناف يرون أن الركن أربعة أشواط والثلاثة الباقية واجب ويدخل وقت هذا الركن بطلوع فجر يوم النحر عند الحنفيين ومالك .
وقال الشافعى وأحمد يدخل وقته بنصف ليلة النحر ولا آخر لوقته وفعله يوم النحر أفضل لحديث ابن عمر رضى الله عنهما ان النبى صلى الله عليه وسلم ( أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى ) أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والبهيقى - فيسن للحاج النزول من منى إلى مكة يوم النحر لطواف الركن وشروط هذا الطواف الطهارة من الحدث والنجس وستر العورة، والنية والطواف لجميع البيت سبعة أشواط وداخل المسجد ووراء حجر اسماعيل ومحاذات الحجر الأسود بجميع بدنه والترتيب وهو أن يطوف على يمينه والموالاة وبالنظر إلى الشرط الأخير وهو المولاة بين الأشواف السبعة قال بذلك مالك وأحمد فان فرق بين أجزائه استأنف إلا أن يكون التفريق يسيرا ولو لغير عذر أوكثيرا لعذر وقال الحنفيون الموالاة بين أجزاء الطواف سنة وهو الصحيح عند الشافعى وعلى ذلك فلو فرق تفريقا كثيرا بغير عذر لا يبطل طوافه بل يبنى على ما مضى منه .
على ذلك فان ما فعله السائل من تفريق بين أجزاء الطواف لتعبه وشدة الحرارة ثم استئنافه الطواف وتكملته صحيح ولا شىء فيه .
أماب النسبة للمبيت بمنى لرمى الجمرات فهو سنة عند الأئمة فللحاج أن يبيت بها بعد الطواف والسعى أو بعد الطواف ان لم يكن عليه سعى يبيت بها ليلة الحادى عشر والثانى عشر من ذى الحجة ويجوز أن يبقى بمكة الى منتصف الليل ثم يتم الليل بمنى كما يجوز أن يستمر بمنى الى مثل ذلك وينم الليل بمكة أعنى يجوز للحاج أن يجمع بين منى ومكة فى كل ليلة يطلب فيها المبيت بمنى وله ألا يبيت بمنى وأن كره ذلك لكن يلزمه ان لم يبت بها أن يجىء اليها لرمى الجمرات فى وقته من أيام التشريق لأن المبيت بها لذلك وعلى ذلك فليس على الحاج السائل شىء فى عدمه مبيته بمنى .
أما بالنسبة للسؤال الثالث - وهو فوائد البنوك فقط اتفق فقهاء الشريعة الإسلامية على أن الفائدة المحددة التى تعطيها البنوك على الايداع أو الاقتراض من قبيل ربا الزيادة المحرمة شرعا فلا يباح للسائل أن ينتفع بها وله أن أخذها أن يوزعها على الفقراء والمساكين تخلصا منها ولكن لا يثاب عليها لأنه مال حرام والله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا طيبا والا تركها للبنك ليتولى صرفها حسبما يرى والله سبحانه وتعالى أعلم(1/210)
لبس المخيط فى الحج لعذر
F عبد اللطيف حمزة .
26 ذو القعدة سنة 1402 هجرية - 14 سبتمبر سنة 1982 م
M 1 - لبس المخيط أو المحيط من الأمور المحظورة على المحرم بالحج أو العمرة .
2 - لبس المخيط أو المحيط لغير عذر وجب ذبح شاة ولبسها لعذر يوجب على المحرم اما ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو اطعام ستة مساكين .
3 - ذبح الفدية لا يختص بزمان أو مكان فله أن يذبحه فى أى مكان أو زمان إلا اذا نوى به الهدى فانه يذبح بمنى أو مكة
Q من السيد الأستاذ / ع ق م المحامى بطلبه المتضمن أنه قد عزم على أداء فريضة الحج ولكنه لا يمكنه خلع ملابسه المخيطة لئلا يصاب باحتقان فى الأنف والزور والحلق المصحوب بالرشح والزكام الذى ينتهى باحتقان فى الشعب الهوائية .
ويسأل هل يجوز له أداء الفريضة مرتيدا ملابسه العادية وان جاز ذلك فهل تلزمه فدية أم لا
An قال تعالى { وما جعل عليكم فى الدين من حرج } وقال تعالى { إن مع العسر يسرا } فحمدا لله الذى جعل بيته العتيق مثابة للناس وأمنا وجعل حجه ركنا من أركان الإسلام لمن استطاع اليه سبيلا وجعل للحج مناسك يجب على المحرم الالتزام بها وجعل له محظورات يجب الابتعاد عنها ورتب جزاء على من خالفها والمحظورات فى الحج أنواع فمنها ما يفسده ومنها ما يترتب عليه هدى أو فدية قال الفقهاء الأمور المحظورة على المحرم منها ما يوجب الفدية على التخيير ومنها ما يوجبها على الترتيب فالذى يوجبها على التخيير أمور ذكروها منها لبس المخيط أو المحيط وهى الثياب المفصلة على البدن والتى تحيط به وتستمسك بنفسها كالجوارب والفانلات والكلسونات والشروز والجلباب ونحو ذلك فيحرم على المحرم لبس ذلك مدة الاحرام فان لبس المخيط لغير عذر لزمته الفدية على الترتب وان لبسه لعذر كان تيقن أو غلب على ظنه باختبار طبيب مسلم أمين باصابته بضرر أو مرض اذا خلع ملابسه العادية لزمته الفدية على التخيير .
والفدية على التخيير هى اما أن يذبح شاة سنها ستة أشهر ان كانت من الضأن وسنة ان كانت من المعز ولا يختص ذبح هذا النسك بزمان أو مكان فله أن يذبحه بأى زمان ومكان شاء إلا اذا نوى به الهدى فانه يذبح بمنى أو مكة .
واما أن يصوم ثلاثة أيام . واما أن يطعم ستة مساكين لكل واحد منهم مد من بر ونصف صاع ( مدان ) من تمر أو زبيب أو شعير أو أقسط وأن لبس المحرم المخيط لغير عذر لزمته الفدية على الترتيب فيلزمه ذبح شاة تجزىء فى الأضحية .
وعلى ذلك ففى واقعة السؤال مادام السائل قد عزم على الحج وسوف يظل مرتديا ملابسه العادية المخيطة لمرضه فان ذلك يعد ضرورة تبيح له هذا المحظور وعلى ذلك تلزمه الفدية على التخيير المذكور .
والله تعالى نسأل أن يهدينا سواء السبيل وان يتقبل من حجاج بيته الحرام وأن يجعل أداء هذا الركن العظيم خالصا لوجهه الكريم والله سبحانه وتعالى أعلم(1/211)
حج ووصية اختيارية
F عبد اللطيف حمزة .
29 محرم سنة 1402 هجرية - 15 نوفمبر سنة 1982 م
M 1 - الحج فرض على الفور متى توافرت شروط وجوبه .
2 - كل من توافرت فيه شروط وجوب الحج ثم آخره عن أول عام استطاع فيه يكون آثما بالتأخير عند فقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة .
3 - فقهاء الشافعية يقولون هو فرض على التراخى ان أخره عن أول عام قدر فيه إلى عام آخر لا يكون عاصيا بالتأخير بشرط أن لا يخاف فواته وأن يكون التأخير مقرونا بالعزم على الفعل فيما بعد .
4 - يجوز الوصية بالثلث الوارث وغيره وتنفذ من غير اجازة الورثة فان زادت الوصية عن الثلث فلا تنفذ فى الزيادة الا باجازة الورثة
Q من السيد / م أ م بطلبه المتضمن أنه متزوج من حوالى عشرين سنة من سيدة من أقربائه كانت زوجة لرجل سابق توفى عنها وترك ثلاثة أولاد قصر هم ( ذكران وأنثى ) وفور زواجه بها ضم الأولاد الثلاثة اليه فى عيشة واحدة .
وأخذ يرعاهم ويصرف عليهم حتى كبرو وحصل كل منهم على شهادة البكالوريوس .
وقام بتزويج البنت وكذلك الولدين واستقل كل منهم فى معيشة خاصة .
وقال أنه لم ينجب أطفالا على الاطلاق . وأنه يبلغ من العمر الآن حوالى سبعة وستون سنة ويمتلك بعض الأطيان الزراعية وله رغبتان هما .
أولا - يريد أن يقوم هو وزوجته بآداء فريضة الحج أو العمرة أو الأثنين معا برغم ما سوف يعانيه من ارهاق نظرا لبتر ساقه اليسرى حيث استعاض عنها بساق صناعية .
ويقول هل يعتبر أداء فريضة الحج وهو قادر عليها ماليا فريضة واجبة عليه وعلى زوجته وما حكم أداء العمرة بالنسبة له .
ثانيا - يريد أن يوصى بثلث ما يملك من الأطيان الزراعية إلى أولاد زوجته المذكورين والى احدى جهات البر بنسب معينة .
ويقول ما حكم الشرع فى الايصاء لهم وحدهم . وهل يكون الايصاء لهم قربة إلى الله أم يلزم ان يكون الايصاء مقصورا على جهة من جهات البر حتى تكون قربى إلى الله
An عن السؤال الأول - الحج فرض على الفور متى توافرت شروط وجوبه ومنها القدرة على نفقات الحج والاتيان بأركانه .
فكل من توافرت فيه شروطه وجوبه ثم أخره عن أول عام استطاع فيه يكون آثما بالتأخير عند فقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة .
وقال فقهاء الشافعية هو فرض على التراخى أن أخره عن أول عام قدر فيه إلى عام آخر لا يكون عاصيا بالتأخير .
ولكن بشرطين الأول أن لا يخاف فواته اما لكبر سنه وعجزه عن الوصول واما لضياع ماله فان خاف فواته لشىء من هذا وجب عليه أن يفعله فورا وكان عاصيا بالتأخير .
الثانى أن يكون التأخير مقرونا بالعزم على الفعل فيما بعد فلو لم يعزم كان آثما .
وعلى ذلك فاذا كان السائل يستيطع أداء الحج وهو على هذه الحالة وجب عليه أداؤه فورا بدون تأخير فلو أخره كان آثما حيث أنه قادر ماليا .
فاذا كان لا يستطيع ذلك بسبب هذه العاهة وجب عله أن ينيب غيره فى أداء هذه الفريضة وأن يتحمل مصاريف الحج من ماله الخاص .
وأن ينوى النائب الحج عنه والأفضل أن يكون النائب قد أدى فريضة الحج عن نفسه وهذا اذا كان عجز هذا السائل عجزا كاملا لا يستطيع معه أداء أركان الحج بنفسه .
أما أداء العمرة فهو سنة وليست واجبة على السائل بل يثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها .
أما زوجته فاذا كانت قادرة ماليا على الحج وجب عليها أن تحج من مالها الخاص ويجوز أن يتبرع هو بأداء هذه النفقات ويسقط بذلك عنها الفرض .
وعن السؤال الثانى - نصت المادة 37 من قانون الوصية رقم 71 سنة 46 على جواز الوصية بالثلث للوارث وغيره وتنفذ من غير أجازة الورثة .
وعلى ذلك يجوز للسائل أن يوصى لأولاد زوجته بثلث التركة أويوصى لهم ولجهات البر بما يوزاى ثلث التركة وذلك حسب رغبته .
وينفذ ذلك دون توقف على اجازة الورثة مادام فى حدود ثلث التركة .
أما اذا زادت الوصية عن الثلث فتنفذ فى الثلث ويتوقف الباقى على اجازة الورثة فان أجازوها نفذت بشرط أن يكونوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بسؤال السائل . والله سبحانه وتعالى أعلم(1/212)
مخالفة التوقيت الشرعى المحدد لرمى الجمار
F عبد اللطيف حمزة .
19 ربيع الآخر سنة 1403 هجرية - 2 فبراير سنة 1983 م
M 1 - رمى الجمار من الواجبات التى تجبر بدم باتفاق .
2 - مخالفة التوقيت الشرعى المحدد لرمى الجمار توجب دما غير مقيد بزمن أو مكان والحج صحيح
Q من السيد / م ع م بطلبه المتضمن أنه يعمل مدرسا بالسعودية وذهب وزوجته لأداء مناسك الحج هذا العام - وبعد أداء مناسك الحج عاد إلى محل اقامته ثانى أيام العيد الأضحى وبعد أن قام برمى الجمار عنه وعن زوجته فرمى عن نفسه 49 مرة ومثلها لزوجته سبعا يوم العيد ، 42 ثانى أيام العيد ويسأل عن حكم الشرع فى رميه وفى عودته ثانى أيام العيد وهل حجه صحيح وماذا يلزمه
An قال الله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } وقال { وأتموا الحج والعمرة لله } وقال { الحج أشهر معلومات } ومناسك الحج منها الأركان التى لا يصح الحج بدونها ومنها الواجبات والسنن ورمى الجمار من الواجبات التى تجبر بدم باتفاق والجمار التى ترمى ثلاث بمنى الصغرى التى لتى مسجد الخيف والوسطى بينها وبين جمرة العقبة والكبرى وهى العقبة وأيام الرمى أربعة يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة بعده أما يوم النحر فترمى فيه جمرة العقبة بسبع حصيات كل حصاة فى حجم حبة الفول .
وأما أيام التشريق الثلاثة وهى الحادى عشر والثانى عشر والثالث عشر من ذوى الحجة ترمى فيها الجمرات الثلاث الأولى والوسطى والعقبة - ولابد من الترتيب بين الجمرات فى الرمى فيبدأ بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى فيرمى كل واحدة سبع مرات فى الحادى عشر من ذى الحجة ثانى أيام العيد - ومثلها فى الثانى عشر والثالث عشر ثالث ورابع أيام العيد فيكون مجموع الرمى سبعين منها سبع ترمى بها جمرة العقبة يوم العيد واحدى وعشرون ترمى بها الجمار الثلاث ثانى ايام العيد واحدى وعشرون ترمى بها ثالث أيام العيد واحدى وعشرون ترمى بها رابع أيام العيد، هذا لمن يتم ولم يتعجل أما من تعجل وأراد الخروج من منى إلى مكة فى اليوم الثانى من ايام التشريق وهو ثالث أيام العيد فانه يرمى جمرة العقبة سبعا يوم النحر، واحدى وعشرين لليوم الثانى واحدى وعشرين لليوم الثالث فمجموعها لمن تعجل تسع وأربعون حصاة .
قال تعالى { واذكروا الله فى أيام معدودات فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون } البقرة 203 ، ومن هذا تبين أن السائل قد خالف التوقيت الشرعى المحدد لرمى الجمار حيث عمل برمى ثالث أيام العيد فرمى جمراته مع جمرات اليوم الثانى فلا هو أتم وتأخر لرابع أيام العيد ولا هو تعجل وبقى لثالث أيام العيد ويكون بذلك قد ترك رمى اليوم الثالث فيلزمه على ذلك دمان عنه وعن زوجته فعليه أن يذبح شاتين سن كل منهما ستة أشهر على الأقل ان كانت من الضأن وسنة ان كانت من المعز ولا يختص ذبح هذا الهدى بزمان وحج السائل صحيح ويلزمه الدمان المذكوران .
فنسأل الله تعالى القبول والاخلاص .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/213)
ترك طواف الوداع فى الحج
F عبد اللطيف حمزة .
26 ربيع الآخر سنة 1403 هجرية - 9 فبراير سنة 1983 م
M 1 - طواف الوداع واجب عند الحنفية والشافعية والحنابلة لغير الحائض والمكى .
2 - من تركه ولم يتمكن من أدائه لزمه دم غير مقيد بزمن أو مكان
Q من السيد / م ج د الاذاعى بالمملكة العربية السعودية بطلبه المتضمن سؤاله عن صديق له بالسعودية قد أدى مناسك الحج ولكنه نسى طواف الوداع ولما تذكره لم يتيسر له الطواف لشدة الزحام ولوجود زوجته وأولاده بعيدا عن بيت الله الحرام فلم يستطع تركهم والعودة لتأدية طواف الوداع .
فما الحكم الشرعى
An قال الله سبحانه وتعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } البقرة 196 ، وقال صلى الله عليه وسلم ( خذوا عنى مناسككم ) ومناسك الحج منها الأركان التى لا يصح الحج بدونها ومنها الواجبات والسنن وطواف الوداع بفتح الواو ويسمى طواف الصدر بفتحتين وطواف آخر عهد بالبيت وهو الطواف عند ارادة السفر من مكة وهو واجب عند الحنفية والشافعية والحنابلة لغير الحائض والمكى أى من هو مقيم بمكة فلا يجب على من كان داخلها ولا على الحائض ودليل ذلك حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال أمر الناس أن يكون أخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض .
أخرجه الشيخان . ومن نسيه ولم يتمكن من أدائه لزمه دم سنها ستة أشهر على الأقل أن كان من الضأن وسنة ان كان من المعز ولا يختص ذبحه بزمان أو مكان فله أن يذبحه بأى زمان أو مكان شاء .
بشرط ألا يكون المسئول عنه مقيما بمكة فان كان مقيما بها فلا يجب عليه طواف الوداع وبالتالى فلا يجب عليه بتركة فداء .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/214)
التوكيل فى شراء الهدى وذبحه
F محمد مجاهد .
11 ذوالقعدة سنة 1406 هجرية - 17 يوليو سنة 1986 م
M 1 - أقل ما يجزىء فى الهدى عن الواحد شاه .
وتجزىء الناقة أو البقرة عن سبعة لكل واحد منهم سبعها اذا كان الجميع يريدون الفدية .
2 - نص فقهاء المذهب الحنفى على أنه يندب لصاحب الهدى أن يأكل من هدى التطوع والمتعة والقرأن فقط ويستحب أن يجعله أثلاثا ثلث يأكله وثلث يتصدق به وثلث يهديه .
3 - لا يجوز بيع شىء من لحم الهدى ولا اعطاء الجزار أجره منه فان فعل ذلك تصدق بقيمته .
4 - أراقة الدم فى الأضحية والهدى نوع من أنواع القرب وشعيرة من شعائر الإسلام
Q من السيد / سكرتير جمعية تيسير الحج للعاملين بالمقاولين العرب لطلبه المتضمن أن حكومة المملكة العربية السعودية استحدثت نظاما لذبح الهدى من الغنم وسلخه وتجميده آليا .
ومؤدى هذا النظام أن يتقدم الحاج إلى أحد البنوك ويدفع له ثمن الهدى .
ويتسلم منه استمارة يتقدم بها إلى مذبح آلى ثم ينصرف .
وتعنى هذه الطريقة أن الحاج يوكل ادارة هذا المذبح فى ذبح هديه والتصرف بتجميده وارساله إلى بعض الدول الإسلامية النامية باعتبارها صدقات وهدايا الحجيج اليها .
ويحدث هذا دون أن يكون بامكان الحاج الحصول على أى شىء من هديه ليأكله .
وأن من نشاط جمعية تيسير الحج للعاملين بالمقاولين العرب تنظيم بعثة للحج سنويا قوامها حوالى ثلاثمائة حاج .
وهم منذ سفرهم إلى عودتهم يحيون حياة جماعية فى كل شىء وأن من بين تنظيماتهم فى الحج تشكيل لجنة الهدى تتلقى رغبات وتوكيلات الأعضاء فى شراء الهدى ونحره والتصرف فيه بطريقة جماعية أيضا فهل يجوز لهذه اللجنة تسليم المذبح الآلى المذكور جزءا من الهدى لهذه المجموعة - يعادل نسبة الهدايا والصدقات من هديها ويخصص الباقى لأكل المجموعة .
واذا جاز هذا التصرف فهل توجد نسبة محددة من الهدى تخصص للهدايا والصدقات وأخرى للأكل
An ان الهدى اسم لما يهدى إلى الحرم ويذبح فيه .
وهو من الابل والبقر والغنم وأقل ما يجزىء عن الواحد شاة .
وتجزىء الناقة أو البقرة عن سبعة بشرط أن يكون لكل واحد منهم سبعها اذا كان كل واحد من الشركاء يريد الفدية وينقسم الهدى الى ثلاثة أقسام الأول - واجب لعمل فى الحج والعمرة كهدى التمتع والقرأن .
وكالهدى اللازم لترك واجب من الواجبات . والثانى - هدى منذور وهو واجب بالنذر .
والثالث - هدى تطوع وهو ما تبرع به المحرم .
وقد نص فقهاء المذهب الحنفى على أنه يندب لصاحب الهدى أن يأكل من هدى التطوع والمتعة والقرأن - فقط - اذا بلغ الهدى محله .
لأنه دم نسك فيجوز الأكل منه بمنزلة الأضحية . وحيث جاز له الأكل منه فيستحب أن يجعله أثلاثا .
فيأكل الثلث. ويتصدق بالثلث .
ويهدى الثلث. قال تعالى { وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق .
ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير .
ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق } الحج 27، 28 ،29 ، وقال { والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون .
لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين } الحج 36 ، 37 ، وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم ساق مائة بدنة فى حجة الوداع ذبح منها ثلاثا وستين بيده .
وذبح على رضى الله عنه الباقى . ثم أمر أن يؤخذ بضعة من كل بدنة فوضعت فى قدر ثم أكلا من لحمها وحسوا من مرقها ، وروى أنس رضى الله عنه أنه كان قارنا هذا وقد نص الفقهاء أيضا على أن على المهدى أن يتصدق بجلدها وليس له بيع شىء من لحومها وان كان مما يجوز الأكل منه .
فان باع شيئا أو أعطى الجزار أجره منها فعليه أن يتصدق بقيمته لأن القربة انتقلت الى بدله .
فالاقتصار على الأكل والاطعام الوارد فى قوله تعالى { فكلوا منها وأطعموا } دلالة على أنه لا يجوز بيع شىء من الهدايا أو استبداله بالنقود .
ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعلى رضى الله عنه ( تصدق بجلالها وخطمها ولا تعط الجزار منها ) .
فاذا لم يجز اعطاء الجازر أجرته منها فأولى إلا يجوز بيع شىء منها فالهدى من شعائر الله تجب المحافظة عليها .
ألا وان للشعائر فى نظر الإسلام مكانه الفروض المقدسة .
وعلى هذا اتفقت كلمة الفقهاء فى ذبائح الحج .
ولم نر لواحد منهم خلافا فى ذلك .
نزولا على حكم الآيات الصريحة الواضحة وتحقيقا للغرض المقصود .
وهو التقرب إلى الله باراقة الدم . فآيات القرآن الكريم الواردة فى سورة البقرة والمائدة والحج التى تضمن النص على الهدى والأحاديث الصحيحة الواردة فى الأضحية والهدى تقرر أن اراقة الدم نوع من أنواع القرب إلى الله سبحانه وتعالى وأنها شعيرة من شعائر الإسلام التى اعتبرها مظهرا من مظاهره العامة .
ولله سبحانه أن يتبعد عباده بما يشاء بما يدركون من حكمته وبما لا يدركون فيجب علينا اتباع أمر الله الحكيم، سواء أفهمنا معنى حكمته فى تشريعه أو لم نفهمها فطريق التقوى انما هو فى تعظيم شعائر الله والالتزام بما شرعه من الأحكام ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب ) ومما سبق يتضح أن هذه القربة لا تقوم ولا تتحقق إلا بذبح الحيوان واراقة دمه .
كما أراد الله تعالى .
وأن الله قد امتن على عباده فأباح لهم اذا نحروا هداياهم أن يأكلوا منها وأن يتصدقوا على الفقراء السائل منهم وغير السائل .
قال تعالى { فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر } أى فاذا سقطت جنوبها على الأرض بعد نحرها فكلوا منها وأطعموا المحتاج .
واذ كان ذلك، فانه لا يجوز مطلقا للجنة الهدى - المشار اليها - والتى تتلقى توكيلات أعضاء بعثة الحج فى شراء الهدى ونحره والتصرف فيه بطريقة جماعية - أن تفكر فى استقطاع جزء مهما قل من قيمة هدى البعثة وتخصيصه لأكلها .
اقامة لهذا الجزء المستقطع من ثمن الهدايا مقام الأكل منها بعد نحرها فى محلها اذ ذاك هو المراد من السؤال .
ذلك أن الفقهاء جميعا يعتبرون التعبد فى هذه المسألة باراقة الدماء .
ولم يكن فى كلام واحد منهم ما يشير إلى جواز استبدالها بالنقود وما تريد أن تفعله اللجنة هو بعينه استبدال الهدى بالنقود وذلك كما وضح غير جائز شرعا وانما الجائز هو الأكل من الهدى بعد نحره فى محله وأننا لو أبحنا لأنفسنا هذا النحو من التفكير والتغيير فى مثل هذه الأحكام .
لأنفتح علينا باب التفكير فى التخلى عن الأعداد والكيفيات التى طلبت فى كثير من العبادات، وبذلك ينفتح باب الشر على مصراعيه ولا يقف ضرره عند حد الأضاحى وفدية الحج .
بل يتعدى إلى كل تشريع شرعه رب العالمين والله أعلم(1/215)
العمرة أفضل أم التصدق على الفقراء
F عبد اللطيف حمزة .
17 جمادى الأول سنة 1405 هجرية - 7 فبراير سنة 1985 م
M 1 - العمرة مطلوبة فى العمر مرة ويستحب تكرارها تطوعا .
2 - قضاء مصالح وحاجات المسلمين المعدمين أولى من العمرة .
3 - اذا استطاع المسلم أن ينفق فى وجوه الخير والبر وعنده ما يستطيع به الذهاب لأداء العمرة فلا مانع شرعا
Q من السيد / أ ع ج بطلبه المتضمن أنه بلغ من العمر خمسة وخمسين عاما وقام بأداء فريضة الحج عام 78 وحج مرة عام 1979 م ومنذ هذا يقوم كل عام بأداء العمرة مع زوجته ويجد فى هذه الرحلة راحة نفسية ويقول أنه قام بتربية جميع أولاده وتخرجوا من جميع الكليات وينوى هذا العام أن يؤدى العمرة كسابق عهده ولكن بمناقشة مع عالم جليل امام وخطيب مسجد فى بور سعيد أفاده بأن أداءه لهذه العمرة ليس لها أى معنى وخير له أن يصرف تكاليفها على أناس فقراء وأرسل الينا بعد أن ختم سؤاله بقوله أننى بهذه الرحلة استعيد نشاطى من عناء العمل طول العام حيث أنه يعمل بالتجارة فضلا عن العبادة فى الأماكن المقدسة .
فما حكم الشرع هل يذهب لأداء العمرة فضلا وتطوعا كل عام أم ينفق تكاليفها على الفقرا
An قال تعالى { وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا } البقرة 125 ، وقال صلى الله عليه وسلم ( الحج مرة فمن زاد فتطوع ) وقال صلوات الله وسلامه عليه ( العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة ) متفق عليه ومعنى الآية الكريمة السابقة ان الله تعالى جعل البيت الحرام مثابة للناس يعودون اليه شوقا بعد الذهاب عنه أى ان الله جعله محلا تشتاق اليه الأرواح تحن اليه لا تقضى منه وطرا ولو ترددت اليه كل عام استجابة من الله تعالى لدعاء ابراهيم عليه السلام فى قوله { فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم } إلى أن قال { ربنا وتقبل دعاء } فهناك تطمئن الأفئدة وترتاح النفوس وتزول الهموم وتتنزل الرحمات وتغفر الزلات .
ومعنى الحديث الأول أن الحج فرض على القادر المستطيع مرة واحدة فى العمر فمن زاد فتطوع ونافلة فى التقرب إلى الله وذلك العمرة مطلوبة فى العمر مرة وتسمى الحج الأصغر وهى فى رمضان أفضل لمن أرادها دون حج ولا يكره تكرارها بل يندب ويستحب تكرارها للحديث الثانى ( العمرة إلى العمرة إلخ ) لأنها كما ورد تمحو الذنوب والخطايا .
وقد أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مرات .
أما بشأن التصدق على الفقراء والبائسين فقد روى مسلم عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يستر عبد عبدا فى الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة .
وعن ابن عمر رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ) متفق عليه وعن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والآخرة، والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه ) الحديث رواه مسلم وقال الله تعالى { وافعلوا الخير لعلكم تفلحون } الحج 77 ، مما سبق يتبين ان الحج والعمرة ليسا واجبين على السائل بعد أداء الحج والعمرة الأولين بل يكونان تطوعا ونافلة فى التقرب الى الله، وقواعد الشريعة وحكمة الله تعالى فى توجيه عباده الى فعل الخير على أساس تقديم الأهم والأصلح وذلك يقتضى بأن يقدم السائل وأمثاله مصالح وحاجات اخواته المسلمين المعدمين الذين هم فى مسيس الحاجة إلى مايؤويهم وما يستعينون به على قضاء حوائجهم الضرورية فليس لله حاجة فى الطواف ببيته من شخص يترك أخوانه البائسين فريسة للفقر والجهل والمرض لأن المسلمين جميعا يجب أن يكونوا يدا واحدة يتعاونون على البر والتقوى .
واذا تألم عضو من جماعة المسلمين يجب على أخواته المسلمين أن يتجاوبوا معه ليزيلوا آلامه أو يخففوا عنه وأننا نرى أنه من الأولى بالأخ السائل مادام قد وفقه الله وأدى حجة الإسلام مرة فأولى به أن يوجه ما يفيض عن حاجته إلى أوجه الخير والانفاق على الفقراء والمساكين فنسأل الله تعالى أن يضاعف له الأجر والثواب، فان يسر الله عليه واستطاع أن ينفق فى وجوه الخير والبر وعنده ما يستطيع به الذهاب لأداء العمرة مرة بعد مرة فلا مانع شرعا .
وفقنا الله تعالى إلى فهم ديننا على الوجه الصحيح والهمنا الرشد والقبول والله سبحانه وتعالى أعلم(1/216)
تغطية الرأس للمحرم بالحج أو بالعمرة
F محمد مجاهد .
20 ربيع الأول سنة 1406 هجرية - 3 ديسمبر سنة 1985 م
M 1 - تغطية الرأس للمحرم بالحج أو بالعمرة من محظورات الاحرام .
2 - من غطى رأسه من الرجال بغطاء ملاصق كالعمالة أو غير ملاصق كالقرطاس لزمته الفدية .
3 - تغطية الرأس ان كان لعذر وجبت الفدية على التخيير .
ويكون ذلك بذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو طعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير ويجوز اخراج القيمة
Q من السيد / أ م ب بطلبه المتضمن أنه قد تم قبوله فى قرعة الحج هذا العام وأنه لا يستطيع أن يكشف رأسه أثناء الاحرام لأصابته بضربة شمس أثرت على صحته كما أن حالته المالية لا تسمح بعمل فداء فما حكم ذلك شرعا
An ان تغطية الرأس بالنسبة للمحرم بحج أو عمرة من محظورات الاحرام أى محرمات بسبب الاحرام، فمن غطى رأسه من الرجال بغطاء ملاصق كالعمامة أو غير ملاصق كالقرطاس لزمته الفدية .
قال تعالى { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } البقرة 196 ، هذا النص الكريم وان كان خاصا بالحلق إلا أن الفقهاء قد اتفقوا على الحاق تغطية الرأس وتقليم الأظافر والطيب ولبس المخيط به وأوجبوا فيها الفداء .
والفدية فى هذه المحظورات واجب، على التخير فمن ارتكب محظورا منها لزمته الفدية وكان مخيرا فيها اما بذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو اطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قمح أو صاع من تمر أو شعير أو زبيب والصاع قدحان وثلث بالكيل المصرى وذلك عند أبى حنيفة وهو ما نميل للأخذ به فى هذا ويجوز اخراج قيمة ما وجب وتوزيعها على فقراء الحرم اذا تيسر ذلك أما ان استظل بثوب أو استظل بشمسية فلا بأس بذلك .
ولا حرمة فيه لما روت أم الحصين قالت حججت مع النبى صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت بلالا وأسامة أحدهما مع النبى صلى الله عليه وسلم آخذا بخطام ناقته والآخر رافعا ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة .
رواه مسلم وأبو داود والنسائى .
وعلى ذلك فنقول للسائل أنه يمكنه اتقاء الحر الشديد الذى لا يطيقه بمظلة بنحو شمسية أو ثوب يستظل به ولا يغطيه فان كان لابد من غطاء رأسه بطاقية أو بعمامة كما ذكر لزمته الفدية وهى كما سبق على التخير أما أن يذبح شاة أو يصوم ثلاثة أيام أو يتصدق باطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أما وقد ذكر السائل أن حالته المالية لا تسمح بعمل فداء فيجوز له ان يصوم ثلاثة أيام لتبرأ ذمته فان عجز عن الفدية بصيام أو صدقة أو نسك ظلت ذمته مشغولة بهذه الفدية التى أوجبها الله على التخيير تيسيرا على عباده حتى يتيسر له أداء واحدة منها فان عجز حتى مات فأمره مفوض إلى الله .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/217)
حج من لم يؤد طواف الوداع وطواف الافاضة
F محمد مجاهد .
20 ربيع الآخر سنة 1406 هجرية - أول يناير سنة 1986 م
M 1 - طواف الافاضة ركن من أركان الحج عند فقهاء المذاهب الأربعة لا يتم الحج إلا به .
2 - اختلف الفقهاء فى حكم من أخر طواف الافاضة حتى انتهت أيام النحر والراجح أنه يجب عليه أداؤه ويلزمه بالتأخير دم وحجه صحيح .
3 - طواف الوداع واجب من واجبات الحج ويجب بتركه دم وان كان بعذر سقط ولا يلزم شىء بتركه
Q من السيد / ح م د بطلبه المتضمن استفساره عن حكم الدين فيمن حج بيت الله ولم يؤد طواف الوداع والافاضة لظروف مرضية وعدم معرفته بأنه ركن من أركان الحج
An قال تعالى { إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين .
فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غنى عن العالمين } آل عمران 96 ، 97 ، وقال تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } البقرة 196 ، والحج هجرة إلى الله تعالى استجابة لدعوته وموسم دورى يلتقى فيه المسلمون كل عام أصفى العلاقات وأنقاها ليشهدوا منافع لهم على أكرم بقعة شرفها الله .
ولهذه الفريضة أركان لابد من أدائها كاملة لقوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } البقرة 196 ، والركن شرعا ما يتوقف عليه وجود الشىء واعتباره وهو داخل فى حقيقته .
وأركان الحج لدى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة أربعة هى الاحرام وطواف الزيارة أو الافاضة، والسعى بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة لو نقص واحد منها بطل الحج باتفاق هذه المذاهب وزاد الشافعية ركنين على الأربعة هما ( الحلق والتقصير بعد الوقوف بعرفة وترتيب معظم الأركان الخمسة .
أما فى مذهب الامام أبى حنيفة فان للحج ركنين فقط هما الوقوف بعرفة ،وأربعة أشواط من طواف الزيارة ( الافاضة ) .
وبهذا يبين أن طواف الافاضة أو الزيارة ركن من أركان الحج عند فقهاء المذاهب الأربعة باتفاق والدليل على فرضيته من الكتاب قوله تعالى { وليطوفوا بالبيت العتيق } الحج 29 ، ومن السنة ما روى أن أم المؤمنين صفية حجت مع النبى صلى الله عليه وسلم فحاضت فقال النبى صلى الله ( أحابستنا هى قالوا انها قد أفاضت - قال فلا أذن ) متفق عليه .
أى ليست حابسة لأنها قد طافت للافاضة - فدل الحديث على أن هذا الطواف ركن لا يصح الحج بدونه .
وقد أجمع العلماء على فرضيته - وقال الكاسانى ( أجتمعت الأمة على أنه ركن ) ولابد من الاتيان به ماشيا للقادر على المشى ومحمولا اذا كان عاجزا عن المشى ومن شروط هذا الطواف أن يقع فى الوقت المحدد له حيث يبدأ من فجر يوم النحر عند الأحناف والمالكية ومن بعد منتصف ليلة النحر لمن وقف بعرفة قبله عند الشافعية والحنابلة .
أما آخر وقته فقد وقع فيه خلاف بيه الفقهاء فقال بعضهم يجب أداؤه أيام النحر فلو أخره عنها صح ولزمه دم لتأخيه - وقال بعضهم لا يجب عليه شىء اذا أخره الى آخره ذى الحجة أما لو خرج ذو الحجة صح الطواف ولزمه دم - وقال البعض الآخر لا يلزمه بالتأخير شىء مهما كان التأخير لكن لا يقرب النساء حتى يأتى به والجميع يجيز التأخير والخلاف فى وجوب الدم وعدمه .
والراجح هو رأى من رأى وجوب أداء طواف الافاضة أيام النحر لأن أعمال الحج تنتهى بانتهاء أيام النحر لقوله تعالى { الحج أشهر معلومات } فتأخيره عنها اساءة يلزم بسببها دم إلا اذا كان التأخير لمرض شديد تعذر معه أداء هذا الركن فاننا نرى تيسيرا على المريض عم الزامه بدم جزاء التأخير وقوله تعالى { الحج أشهر معلومات } دليل على التأقيت وطواف الافاضة هذا لا يتم الحج إلا به فلابد أن ينتهى بانتهاء أيام الحج ومما ينبغى التنبيه اليه أن طواف الافاضة لا يسقط أبدا - بل يجب الاتيان به مهما تأخر ومهما مضت الأيام والشهور بشرط أن يكون محبوسا عن النساء حتى يطوف طواف الافاضة فان كان قد جامع النساء فقد وجبت عليه شاة .
أما طواف الوداع فهو واجب من واجبات الحج عند جمهور الفقهاء ويجب بتركه دم الا لعذر فانه يسقط ولا اثم عليه .
وعلى ذلك نقول للسائل أنه يلزمك الاحرام والذهاب لأداء طواف الافاضة لأنه ركن من أركان الحج ولا يتم الحج إلا به ولا يسقط مهما تأخرت ولا عذر لك بجهلك أنه ركن من أركان الحج .
أما طواف الوداع فانه سقط لمرضك فلا اثم عليك ولا يلزمك شئ بتركه .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/218)
نزول الدم على المرأة أثناء طواف الافاضة
F محمد مجاهد .
أول جمادى الثانى سنة 1406 هجرية - 10 فبراير سنة 1986 م
M 1 - يرى جمهور الفقهاء أنه يشترط لصحة الطواف مطلقا الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر والنقاء من الحيض والنفاس .
ويرى فقهاء الأحناف أن الطهارة واجبة فى الطواف فيصح طواف الحائض والنفساء ويلزمها دم .
2 - يجوز للمرأة اذا فاجأها الحيض قبل الطواف أصلا أو فى أثنائه ولم يمكنها البقاء فى مكة إلى حين انقطاعه فلها أن تنيب غيرها على أن يطوف عنها بعد طوافه عن نفسه كما يجوز لها أن تستعمل دواء لوقفه وتغتسل وتطوف .
3 - اذا كان الدم ينزل فى بعض الأيام وينقطع فى البعض الآخر جاز لها أن تطوف فى أيام الانقطاع .
4 - أجاز بعض الفقهاء للحائض أن تطوف طواف الافاضة اذا اضطرت للسفر مع رفقتها بشرط أن تعصب موضوع خروج الحيض ولا فدية عليها
Q من السيد / م م ش بطلبه المتضمن أن زوجته قبل سفرها للحج معه تناولت علاجا باستشارة الطبيب لرفع الدورة الشهرية حتى لا تفاجئها أثناء حجها إلا أنه فى اليوم السابع والثامن من ذى الحجة لاحظت آثار دم خفيف فاغتسلت وقامت بأداء الصلاة ولم تشاهد الدم مرة أخرى حتى قامت بأداء مناسك الحج ما عدا طواف الافاضة وهى فى طهر كامل حيث أنها طافت طواف الافاضة فى اليوم الأول من أيام التشريق - وأثناء طوافها شعرت بآلام وتقلصات وبعد أن أكملت الطواف وجدت بعض الدم الخفيف بدأ ينزل عليها .
فغادرت الحرم وذهبت إلى الطبيب حيث وصف لها حبوبا وحقنا رفعت الدم ثم اغتسلت بعد أن تيقنت من توقف نزول الدم وذهب إلى الحرم مرة أخرى وطافت طواف افاضة آخر لشكها فى الطواف الأول وقبل الطواف وضعت قطعة القطن داخل مجرى نزول الدم حرصا على عدم التلوث بشىء اذا نزل وبعد الطواف وجدت ان القطنة نظيفة تماما - وبعد التوجه إلى المطار للعودة فى صباح اليوم التالى وجدت أن آثار الدم فى القطنة من الداخل ونظرا لظروف السفر والعمل لم يتمكن من البقاء فى مكة وذكر فى طلبه ان زوجته حتى تاريخ الطلب وهى لم تتحلل التحلل الأكبر أى لم يجامعها حتى يعرف الحكم الشرعى فى الطواف الأول هل هو صحيح أم لا وفى حالة عدم صحة ماذا يجب عليها وهل الطواف الثانى صحيح أم لا وهل اذا لم يكن صحيحا يلزمها الذهاب لأداء طواف الافاضة مرة أخرى
An ان من شروط صحة الطواف مطلقا الطهارة من الحدثين الأصغر والأكثر والنقاء من الحيض والنفاس وهذه الطهارة شرط لصحة الطواف عند جمهور الفقهاء فلو لم تحقق هذه الطهارة كان الطواف باطلا واستدلوا بحديث ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( الطواف بالبيت صلاة فأقلوا فيه الكلام ) واذا كان الطواف صلاة فالصلاة لابد فيها من الطهارة من الأحداث والأنجاس فكذلك الطواف .
وقال الأحناف أن الطهارة فى الطواف واجبة فيصح طواف غير الطاهر كالحائض والنفساء والجنب ويلزم لذلك دم مستدلين بقوله تعالى { وليطوفوا بالبيت العتيق } ووجه الاستدلال أن الله تعالى أمر بالطواف مطلقا ولم يقيده بشرط الطهارة وهذا نص قطعى .
أما الحديث الذى استدل به الجمهور فهو خبر آحاد يفيد غلبة الظن وخبر الآحاد لن يقيد نص القرآن وأجابوا عن الحديث بأن المعنى على التشبيه أى الطواف كالصلاة والتشبيه يصح بأى وجه مشترك بينهما كالثواب أو الفرضية فلا يقتضى فرضية الطهارة وبناء على ذلك قالوا ان طواف المحدث صحيح إلا أنه يجب فيه دم .
وقد ورد فى كتاب فتح العزيز للرافعى الكبير الشافعى فى الفصل التاسع فى الرمى من كتاب الحج أن العاجز عن الرمى بنفسه لمرض أو حبس ينيب غيره ليرمى عنه لأن الانابة جائزة فى أصل الحج، فكذلك فى أبعاضه وكما ان الانابة فى الحج انما تجوز عند العلة التى لا يرجى زوالها فكذلك الانابة فى الرمى لكن النظر هنا الى دوامها إلى آخر وقت الرمى وكما أن النائب فى أصل الحج لا يحج عن المنيب إلا بعد الحج عن نفسه فالنائب فى الرمى كذلك لا يرمى عن المنيب إلا بعد أن يرمى عن نفسه وتخريجا على ذلك فانه يجوز للمرأة اذا فاجأها الحيض قبل الطواف أصلا أو فى أثنائه ولم يمكنها البقاء فى مكة إلى حين انقطاعه فلها أن تنيب غيرها على أن يطوف عنها بعد طوافه عن نفسه وأن ينوى الطواف عنها .
ويجوز لها أن تستعمل دواء لوقفه وتغتسل وتطوف .
أو اذا كان الدم لا يستمر نزوله طوال أيام الحيض بل ينقطع فى بعض أيامه عندئذ يجوز لها أن تطوف فى أيام الانقطاع عملا بأحد قولى الامام الشافعى أن النقاء فى أيام انقطاع الحيض طهر - وهذا القول يوافق مذهب الامامين مالك وأحمد - هذا قد أجاز بعض فقهاء الحنابلة والشافعية للحائض دخول المسجد للطواف بعد أحكام الشد والعصب وبعد الغسل ولا فدية عليها فى هذه الحال باعتبار حيضها مع ضيق الوقف والاضطرار للسفر، مع الاعذار الشرعية .
وقد أفتى كل من الامام ابن تيعية وابن القيم بصحة طواف الحائض طواف الافاضة اذا اضطرت للسفر مع رفقتها بشرط أن تعصب موضع خروج دم الحيض .
لما كان ذلك يتضح لنا مما ورد فى الطلب أن طواف الافاضة الأول لزوجة السائل والحال التى ذكرت صحيح عند بعض الفقهاء أما وقد طافت طواف الافاضة مرة أخرى بعد أن وضعت قطنا فى مجرى نزول الدم لشكها فى صحة الطواف فى المرة الأولى فصحيح أيضا ولا شىء عليها وهو مؤكد لصحة الطواف فى المرة الأولى حيث تبين عدم نزول الدم به .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/219)
حكم الأضحية
F عبد المجيد سليم .
ذى القعدة 1361 هجرية - ديسمبر 1942 م
M 1 - لا يجب على الفقير أن يضحى عن أولاده الفقراء ولا عن أولاده الصغار الأغنياء من ماله أو من مالهم .
2 - إذا ضحى الوالد عن نفسه وعن أهل بيته الذى منهم أولاده بشاة فقد أصاب السنة
Q لرجل ثلاثة أولاد كان والدهم يضحى كل سنة بكبش عن كل فرد منهم وبعد ارتفاع ثمن اللحوم فهل تحتم الشريعة التضحية بكبش لكل شخص منهم أو يجوز الاكتفاء بكبش واحد
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه ذهب أو حنيفة إلى أن الأضحية واجبة على الغنى، والرواية الظاهرة عنه أنه لا يجب على الغنى أن يضحى عن أولاده الفقراء الذين لا مال لهم .
واختلف المشايخ فيما إذا كان الأولاد أغنياء وهم صغار هل يجب على الأب أن يضحى عنهم من مالهم بمعنى أنه يضحى عن كل ولد غنى منهم بأضحية من مال الولد أم لا والأصح المعتمد فى المذهب أنه لا يجب أن يضحى عنهم وعلى هذا لا يجب على الأب أن يضحى عن أولاده سواء أكانوا أغنياء أم فقراء من ماله ولا من مالهم .
وقال أصحاب الإمام الشافعى إن التضحية سنة الكفاية فى حق أهل البيت الواحد فإذا ضحى أحدهم أقيمت هذه السنة فى حق أهل البيت الواحد جميعا .
وقد روى ابن ماجه والترمذى عن عطاء بن يسار قال سألت أبا أيوب الأنصارى كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال ( كان الرجل فى عهد النبى عليه الصلاة والسلام يضحى بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصار كما نرى ) وقد روى هذا الحديث الإمام مالك فى الموطأ عن عبد اللّه بن طبار أن عطاء بن يسار أخبره أن أبا أيوب الأنصارى أخبره - قال كنا نضحى بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته ثم تباهى الناس فصارت مباهاة - قال الإمام النووى فى شرح المهذب ص 384 من الجزء الثامن ما نصه هذا حديث صحيح .
والصحيح أن هذه الصيغة تقتضى أنه حديث مرفوع انتهى هذا والحق كما قال الشوكانى أن الشاة الواحدة تجزىء عن أهل البيت الواحد .
وإن كانوا مائة نفس أو أكثر كما قضت بذلك السنة .
ومن هذا يعلم أنه إذا ضحى والدهم عن نفسه وعن أهل بيته الذين منهم أولاده بشاة فقد أقام السنة .
واللّه تعالى أعلم(1/220)
ذبح الماشية فى البيوت والمقابر
F بكرى الصدفى .
29 شوال 1324 هجرية
M 1- ذبح الماشية فى المقابر على وجه الكفارة ليس من الدين فى شىء .
2 - يجوز ذبح الماشية فى أى مكان فيما عدا المقابر على أنها كفارة .
3 - تكليف الناس بذبح المواشى فى سلخانات معينة فيه حرج على الناس وهو مدفوع شرعا .
4 - التساهل مع أفراد الناس موافق للقواعد الشرعية فيما عدا الجزارين فى هذا الأمر ولا ضرر فى ذلك لقلتها ولأن أربابها إنما يختارون الحيوانات السليمة الخالية من الأمراض
Q بإفادة من نظارة الحقانية وصورتها عن بيان الحكم الشرعى فى مكاتبة مصلحة الصحة وها هى صورتها .
لا يخفى على سعادتكم أنه بمقتضى المادة الأولى من لائحة السلخانات ومحلات الجزارة الصادرة بتاريخ 23 نوفمبر سنة 1893 التى عدلت بالقرار الصادر بتاريخ 28 يونية سنة 1899 يجوز للأفراد فى أيام عيد الأضحى الأربعة ذبح الحيوانات فى البيوت اتباعا للسنة الدينية ولكن قد تلاحظ أيضا أنه فى كثير من الأحيان جارى إخراج حيوانات تصحب بعض مشاهد الموتى وتذبح فى المقابر (كفارة) وحيث إنه جارى الآن تحضير مشروع لتعديل المادة الأولى المشار إليها وفى هذه الحالة يهم الوقوف عما إذا كان ذبح هذه الحيوانات فى المقابر من الفروض الدينية من عدمه حتى إذا كانت من الفروض الدينية يضاف لمشروع تعديل المادة المشار إليها ما يجيز ذلك أيضا - فاقتضى تحريرة لسعادتكم بأمل التكرم بأخذ رأى صاحب الفضيلة مفتى الديار المصرية عن ذلك وعما إذا كانت توجد فروض دينية أخرى تحتم على الأفراد ذبح الحيوانات خارجا عن السلخانات العمومية وما هى حتى تذكر فى المشروع المنوه عنه
An علم ما تضمنته إفادة مصلحة الصحة بتاريخ 11 شوال سنة 1324 و27 نوفمبر سنة 1906 نمرة 141 من أنه بمقتضى المادة الأولى من لائحة السلخانات ومحلات الجزارة الصادرة بتارخ 27 نوفمبر سنة 1883 التى عدلت بالقرار الصادر بتاريخ 27 يونية سنة 1899 يجوز للأفراد فى أيام عيد الأضحى ذبح الحيوانات فى البيوت إتباعا للسنة الدينية ولكن قد تلاحظ أنه فى كثير من الأحيان جارى إخراج حيوانات تصحب بعض مشاهد الموتى وتذبح فى المقابر (كفارة) وحيث إنه جارى الآن تحضير مشروع لتعديل المادة الأولى المشار إليها فى هذه الحالة يهم الوقوف عما إذا كان ذبح هذه الحيوانات فى المقابر من الفروض الدينية من عدمه حتى إذا كانت من الفروض الدينية يضاف لمشروع تعديل المادة المشار إليها ما يجيز ذلك ايضا إلى آخر ما تضمنته تلك الإفادة من إرادة الاستفتاء من هذا الطرف عن ذلك وعما إذا كانت توجد فروض دينية أخرى تحتم على الأفراد ذبح الحيوانات خارجا عن السلخانة العمومية وما هى حتى تذكر فى المشروع المنوه عنه .
والإفادة عن ذلك أن ذبح تلك الحيوانات فى المقابر على وجه ما ذكر ليست من الدين فى شىء وأما ما عدا ذلك وما عدا الأضاحى مما تذبحه أفراد الناس من مطلق المنذورات والصدقات وغيرها فهى وإن لم يتعين لها مكان مخصوص شرعا لكن فى تكليف أفراد الناس بذبحها فى السلخانات العمومية نوع حرج والحرج مدفوع بالنص وفى الحديث الصحيح ( لا ضرر ولا ضرار ) فالموافق للقواعد الشرعية التساهل مع أفراد الناس ( غير الجزارين ) الذين يذبحون فى منازلهم المنذورات والصدقات ونحوها لأنه لا ضرر فى ذلك لقلتها ولأن أربابها إنما يختارون من الحيوانات السليم الذى لا مرض به وبذا لزمت الإفادة ومن طيه إفادة الصحة بادية الذكر(1/221)
حكم التصدق بثمن الأضحية
F حسنين محمد مخلوف .
18 ذى الحجة 1366 هجرية - 22 من أكتوبر 1947 م
M 1 - ذبح الأضحيات من القربات المشروعة فى أيام النحر تيسيرا على الفقراء ويندب التصدق منها على الفقراء عند مالك والحنفية ما لم يكن المضحى ذا عيال كثيرة ويحتاج للتوسعة عليهم ويجب إطعام الفقراء منها عند الشافعية وقدره بعضهم بالثلثين والأفضل عندهم إعطاءها كلها لهم .
2 - لا يكثر الأغنياء من عدد الذبائح وعليهم الاقتصار على القدر المطلوب شرعا ويطعموا أكثره الفقراء والمساكين .
3 - التصدق بثمنها على الفقراء لا يجزىء عنها عند الحنفية وظاهر مذهب الشافعى لأن المقصود شرعا التعبد بإراقة الدم، والتصدق بما يوازى من صدقات أخرى لم يقل به أحد من الأئمة والمختار للفتوى الأخذ بقول الجمهور لقوة دليله
Q من وزارة التجارة والصناعة قالت إن الاتحاد العام قد شكا للوزارة أنه بسبب قفل الأسواق فى الأقاليم الموبوءة بالكوليرا تعذر جلب الحيوانات المعدة للذبح بالعدد الكافى للوفاء بحاجة المستهلكين وطالب بحظر الذبح ثلاثة أيام فى الأسبوع لإزالة عوامل ارتفاع الأسعار وقد يكون من المفيد صرف الناس عن الاسراف فى ذبح الأضحيات إذا كان يجوز شرعا الاستعاضة عنها بما يساوى ثمنها فى الصدقات الأخرى .
فهل يجوز شرعا استبدال الأضحة بالصدقة بما يوازى ثمنها من الصدقات تيسيرا على الطبقات الفقيرة وصرفا للناس عن الإسراف
An اطلعنا على كتاب سعادتكم المؤرخ بشأن الاستفتاء عما إذا كان يجوز شرعا الاستعاضة عن ذبح الأضاحى بالتصدق، بما يساوى ثمنها صرفا للناس عن الإسراف فى ذبحها حتى يتسنى الموازنة بين العرض والطلب وفى ذلك عمل على خفض أسعار اللحوم تيسيرا على الفقراء .
ونفيد أن ذبح الأضحيات من القربات المشروعة فى أيام النحر ويندب التصدق منها على الفقراء عند مالك .
وعند الحنفية ما لم يكن المضحى ذا عيال يحتاج للتوسعة عليهم .
ويجب إطعام الفقراء والمساكين منها عند الشافعية وقدره بعضهم بالثلثين والأفضل عندهم إعطاءها كلها لهم فهى من باب توسعة وبر ووسيلة تيسير غذاء الفقراء باللحوم فى هذا العيد .
إلا أنه ينبغى الآن تحقيقا بموازنة العرض والطلب وعملا على خفض الأسعار أن لا يكثر الأغنياء من عدد الذبائح التى جرت عادتهم بالإسراف فى ذبحها وأن يقتصروا على القدر المطلوب شرعا ويطعموه أو يطعموا أكثره الفقراء والمساكين برا بهم وأحسانا .
أما التصدق بالثمن على الفقراء فمذهب الحنفية وظاهر مذهب الشافعية أنه لا يجزىء عن الأضحية لأن المقصود من شرعها التعبد بإراقة الدم وإطعام الفقراء باللحم الذى حرموه أكثر أيام العام .
والمشهور الراجح فى مذهب مالك وهو المروى عن أحمد وجماعة من العلماء أن التضحية أفضل من التصدق بالثمن .
وهناك رواية ضعيفة عن مالك أن التصدق بالثمن أفضل كما فى شرح الموطأ وغيره من كتب المذهب .
وأما التصدق بما يوازى الثمن من صدقات أخرى فلم يقل به أحد من الأئمة .
والذى أراه الأخذ بقول الجمهور لقوة دليله وضعف الرواية المذكورة عن مالك .
ولأن فتح باب التصدق بأثمان الأضاحى سيؤدى حتما على توالى الأيام إلى ترك الناس هذه الشعيرة الدينية والإخلال بالتعبد بها وبالتأسى برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى فعلها والإخلال بحكمة تشريعها كما سيؤدى فى المستقبل وفى الظروف العادية إلى كساد أثمان الأضاحى كسادا فاحشا يضر المنتجين وكثيرا من التجار .
على أنه إذا أبيح التصدق بأثمانها وتزاحم الفقراء على أبواب القصابين لشراء اللحوم بما أخذوه من الأثمان لم يتحقق الغرض الذى تهدف إليه الوزارة لأن شراء الأضاحى وشراء الفقراء اللحوم سواء فى النتيجة والأثر .
وإن لم يشتروا بها اللحوم حرموا المتعة بها فى هذا الموسم .
وقد قصد الشارع الحكيم برهم فيه بما يتمتع به الأغنياء لأغراض سامية تتعلق بنظام الجماعة وعلاقة الفقراء بالأغنياء .
ومن هذا على إحياء هذه الشعيرة الدينية الاجتماعية مع حث الأغنياء على عدم الإسراف فى الذبائح فوق الحاجة للضرورة .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/222)
حكم أكل اللحوم والطيور والدواجن المستوردة
F جاد الحق على جاد الحق .
16 ربيع الأول 1401 هجرية - 23 يناير 1981 م
M 1 - الذكاة شرعا عبارة عن إنهار الدم وفرى الأوداج فى المذبوح .
والنحر فى المنحور . والعقر فى غير المقدور عليه . 2 - إذا ثبت قطعا أن اللحوم والدواجن والطيور المستوردة لا تذبح بالطريقة التى قررها الإسلام، وإنما تضرب على رأسها بحديدة ثقيلة أو يفرغ فى رأسها محتوى مدس مميت، أو تصعق بتيار الكهرباء ثم تلقى فى ماء مغلى تلفظ فيه أنفاسها، فإنها تدخل فى نطاق المنخنقة والموقوذة المحرمة بنص القرآن الكريم .
3 - ما جاء ببعض الكتب والنشرات عن طريقة الذبح السابق بيانها لا يكفى بذاته لرفع الحل الثابت أصلا .
4 - لابد أن يثبت أن الاستيراد من هذه البلاد التى لا تستعمل سوى هذه الطرق .
5 - على الجهات المعنية أن تتثبت بمعرفة الطب الشرعى أو البيطرى إذا كان هذا مجديا - فى الطريقة التى يتم بها إنهاء حياة الحيوان فى البلاد الموردة .
وهل يتم بطريق الذبح الشرعى أو بطريقة تخالف أحكام الإسلام أو تتحرى بواسطة مبعوث موثوق به .
6 - إلى أن يثبت الأمر قطعا يكون الإعمال للقواعد الشرعية .
الأصل فى الأشياء الإباحة .
اليقين لا يزول بالشك
Q بناء على ما نشرته مجلة الاعتصام - العدد الأول - السنة الرابعة والأربعون - المحرم 1401 هجرية - ديسمبر 1980 بعنوان حكم الإسلام فى الطيور واللحوم المستوردة ، وقد جاء فى المقال الذى حرره فضيلة الشيخ عبد اللطيف مشتهرى - أن المجلة أحالت إليه الاستفسارات الواردة إليها فى هذا الشأن، وأنة رأى إثارته ليكون موضع بحث السادة العلماء وبخاصة ( لجنة الفتوى بالأزهر ) ( والمفتى ) وقد ساق فضيلته فى مستهل المقال القواعد الشرعية التالية المستقرة على السند الصحيح من القرآن والسنة .
1 - الأصل فى كل الأشياء الإباحة قال تعالى { هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا } البقرة 29 ، فلا يمكن رفع هذا الأصل، إلا بيقين مثله حتى نحرم المباح، أى أن اليقين لا يرفع بالشك ويترتب على هذه القاعدة أن (أ) مجهول الأصل فى المطعومات المباحة حلال وفى السوائل المباحة طاهر .
(ب) الضرورات تبيح المحظورات أو إذا ضاق الأمر اتسع .
(ج) ما خير صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم .
(د) حل ذبائح أهل الكتاب ومصاهرتهم بنص القرآن، إذا ذبحت على الطريقة الشرعية، لأن تحريم الميتة والدم وأخواتهما ثابت بالنص الذى لم يخصص .
(هاء) ما روى أن قوما سألوه صلى الله عليه وسلم عن لحم يأتيهم من ناس لا يدرون أسموا عليه أم لا .
فقال صلى الله عليه وسلم ( سموا الله أنتم وكلوا ) وإن قال القرطبى إن هذا الحديث مرسل عن هشام عن عروة عن أبيه، لم يختلف عليه فى إرساله .
أخرجه الدار قطنى وغيره . ثم استطرد المقال إلى أنه إذا أخبرنا عدول ثقات ليس لهم هدف إلا ما يصلح الناس وتواطؤهم على الكذب بعيد، فهم من العلماء الحريصين على خير الآمة، إذا أخبرونا عن شىء يحرمه الإسلام شاهدوه بأعينهم على الطبيعة فى موطنه وصدقهم فى هذا أفراد وجماعات وجمعيات دينية ومراكز ثقافية إسلامية فى نفس الموطن أعتقد أن تحريم هذا الشىء يجب أن يكون محل نظر واعتبار ، يفيد الشبهة إن لم يفد الحرام .
ثم ساق نبذا من كتاب الذكاة فى الإسلام وذبائح أهل الكتاب .
والأوروبيين حديثا لمؤلفه الأستاذ صالح على العود التونسى، المقيم فى فرنسا .
ومما نقل عنه : 1 - إن إزهاق روح الحيوان تجرى هناك كالآتى - تضرب جبهة الحيوان بمحتوى مسدس فيهوى إلى الأرض ثم يسلخ .
2 - إن المؤلف زار مسلخين بضواحى باريس ورأى بعينيه ما يعملون لم يكن هناك ذبح أو نحر ولا إعمال سكين فى حلقوم ولا غيره، وإنما تخذف جبهة الحيوان بحديدة قدر الأنملة من مسدس فيموت ويتم سلخه، أما الدجاج فيصعقونه بالتيار الكهربائى بمسه فى أعلى لسانه فتزهق أرواحه، ثم يمر على آلة تقوم بنزع ريشه، وأخر ما اخترعوه سنة 1970 تدويخ الدجاج والطيور بمدوخ كهربائى أوتوماتيكى .
3 - جميعة الشباب المسلم فى الدانمرك وجهت نداء قالت فيه إن الدجاج فى الدانمرك لا يذبح على الطريقة الإسلامية المشروعة .
4 - أصدر المجلس الأعلى العالمى للمساجد بمكة المكرمة فى دورته الرابعة توصية بمنع استيراد اللحوم المذبوحة فى الخارج ، وإبلاغ الشركات المصدرة بذلك، وطالب أيضا بمنع استيراد المأكولات والمعلبات والحلويات والمشروبات التى علم أن فيها شيئا من دهن الخنزير والخمور .
5 - نقل عن مجلة النهضة الإسلامية العدد 117 مثل ذلك .
وأضاف أن الدجاج والطيور التى تقتل بطريق التدويخ الكهربائى توضع فى مغطس ضخم حار جدا محرق يعمل بالبخار حتى يلفظ الدجاج فيه آخر أنفاسه، ثم تشطف بآلة أخرى وتصدر إلى دول الشرق الأوسط ويكتب على العبوات ذبح على الطريقة الإسلامية .
وأضاف أن بعض المسلمين الذين يدرسون أو يعملون فى ألمانيا الغربية والبرازيل أخبروا أنهم زاروا المصانع والمسالخ وشاهدوا كيف تموت الأبقار والطيور وأنها كلها تموت بالضرب على رءوسها بقضبان من الحديد أو بالمسدسات وقد قيد هذا الموضوع برقم 364 سنة 1980 بدار الإفتاء
An إنه يخلص من هذا المقال - على نحو ما جاء به - أن اللحوم والدواجن والطيور المستوردة لم تذبح بالطريقة المقررة فى الشريعة الإسلامية، وإنما تضرب على رأسها أو يفرغ فى الرأس حشو مسدس مميت أو تصعق بالكهرباء، ثم تلقى فى ماء يغلى وأنها على هذا الوجه تكون ميتة .
وإذ كانت الميتة المحرمة بنص القرآن الكريم، هى ما فارقته الروح من غير ذكاة مما يذبح، أو ما مات حكما من الحيوان حتف أنفه من غير قتل بذكاة، أو مقتولا بغير ذكاة .
وإذ كانت الموقوذة - وهى التى ترمى او تضرب بالخشب أو بالحديد أو بالحجر حتى تموت - محرمة بنص القرآن الكريم فى آية { حرمت عليكم الميتة والدم } المائدة 3 ، حيث جاءت الموقوذة من المحرمات فيها، والوقذ شدة الضرب - قال قتادة كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك ويأكلونه .
وقال الضحاك كانوا يضربون الأنعام بالخشب لآلهتهم حتى يقتلوها فيأكلوها، وفى صحيح مسلم عن عدى بن حاتم قال قلت يا رسول الله فإنى أرمى بالمعراض ( المعراض سهم يصيب بعرض عوده دون حده ) الصيد فاصيب .
فقال إذا رميت المعراض ( خزق السهم نفذ فى الرمية والمعنى نفذ وأسال الدم، لأنه ربما قتل ولا يجوز فخزقه فكله، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله ) وفى رواية ( فإنه وقيذ ) .
( الجامع لأحكام القرآن للقرطبى 6 ص 48 ) وإذ كان الفقهاء قد اتفقوا على أنه تصح تذكية الحيوان الحى غير الميئوس من بقائه، فإن كان الحيوان قد أصابه ما يوئس من بقائه مثل أن يكون موقوذا أو منخنقا فقد اختلفوا فى استباحته بالذكاة .
ففى فقه الإمام أبى حنيفة وإن علمت حياتها وإن قلت وقت الذبح أكلت مطلقا بكل حال .
وفى إحدى روايتين عن الإمام مالك وأظهر الروايتين عن الإمام أحمد، متى علم بمستمر العادة أنه لا يعيش حرم أكله ولا تصح تذكيته، وفى الرواية الأخرى عن الإمام مالك أن الذكاة تبيح منه ما وجد فيه حياة مستقرة وينافى الحياة عنده أن يندق عنقه أو دماغه .
وفى فقه الإمام الشافعى أنه متى كانت فيه حياة مستقرة تصح تذكيته وبها يحل أكله باتفاق فقهاء المذهب .
والذكاة فى كلام العرب الذبح، فمعنى { ذكيتم } المائدة 3 ، فى الآية الكريمة أدركتم ذكاته على التمام، إذ يقال ذكيت الذبيحة أذكيها، مشتقة من التطيب، فالحيوان إذا أسيل دمه فقد طيب .
والذكاة فى الشرع عبارة عن انهار الدم وفرى الأوداج فى المذبوح والنحر فى المنحور والعقر فى غير المقدور عليه ، واختلف العلماء فيما يقع به الذكاة، والذى جرى عليه جمهور العلماء أن كل ما أنهر الدم وأفرى الأوداج فهو آلة للذبح ما عدا الظفر والسن إذا كانا غير منزوعين، لأن الذبح بهما قائمين فى الجسد من باب الخنق .
كما اختلفوا فى العروق التى يتم الذبح بقطعها بعد الاتفاق على أن كماله بقطع أربعة هى الحلقوم والمرىء والودجان .
واتفقوا كذلك على أن موضع الذبح الاختيارى، بين مبدأ الحلق إلى مبدأ الصدر .
وإذ كان ذلك كان الذبح الاختيارى الذى يحل به لحم الحيوان المباح أكله فى شريعة الإسلام هو ما كان فى رقبة الحيوان فيما بين الحلق والصدر، وأن يكون بآلة ذات حد تقطع أو تخرق بحدها لا بثقلها، سواء كانت هذه الآلة من الحديد أو الحجر على هيئة سكين أو سيف أو بلطة أو كانت من الخشب بهذه الهيئة أيضا، لقول النبى عليه الصلاة والسلام ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا أو ظفرا ) ( متفق عليه ) لما كان ذلك فإذا ثبت قطعا أن اللحوم والدواجن والطيور المستوردة لا تذبح بهذه الطريقة التى قررها الإسلام، وإنما تضرب على رأسها بحديدة ثقيلة، أو يفرغ فى رأسها محتوى مسدس مميت أو تصعق بتيار الكهرباء ثم تلقى فى ماء مغلى تلفظ فيه أنفاسها - إذا ثبت هذا - دخلت فى نطاق المنخنقة والموقوذة المحرمة بنص الآية الكريمة ( الآية 3 من سورة المائدة ) وما ساقه المقال نقلا عن بعض الكتب والنشرات عن طريقة الذبح، لا يكفى بذاته لرفع الحل الثابت أصلا بعموم نص الآية الكريمة { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } المائدة 5 ، فضلا عن أنه ليس فى المقال ما يدل حتما على أن المطروح فى أسواقنا من اللحوم والدواجن والطيور مستوردا من تلك البلاد التى وصف طرق الذبح فيها من نقل عنهم ولابد أن يثبت أن الاستيراد من هذه البلاد التى لا تستعمل سوى هذه الطرق، ومع هذا فإن الطب - فيما أعلم - يستطيع أستجلاء هذا الأمر وبيان ما إذا كانت هذه اللحوم والطيور والدواجن المستوردة، قد أزهقت أرواحها بالصعق الكهرباء والإلقاء فى الماء المغلى أو البخار، أو بالضرب على رأسها حتى تهوى ميتة، أو بإفراغ محتوى المسدس المميت فى رأسها كذلك .
فإذا كان الطب البيطرى أو الشرعى يستطيع علميا بيان هذا على وجه الثبوت، كان على القائمين بأمر هذه السلع، استظهار حالها بهذا الطريق أو بغيرها من الطرق المجدية، لأن الحلال والحرام من أمور الإسلام التى قطع فيها بالنصوص الواضحة، فكما قال الله سبحانه { اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } المائدة 5 ، قال سبحانه قبل هذا { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب } المائدة 3 ، وقد جاء فى أحكام القرآن ( ج - 2 ص 555 ) لابن عربى فى تفسيره للآية الأولى فإن قيل فما أكلوه على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم الرأس، فالجواب أن هذه ميتة وهى حرام بالنص .
وهذا يدل على أنه متى تأكدنا أن الحيوان قد أزهقت روحه بالخنق أو حطم الرأس أو الوقذ كان ميتة ومحرما بالنص .
والصعق بالكهرباء حتى الموت من باب الخنق، فلا يحل ما انتهت حياته بهذا الطريق .
أما إذا كانت كهربة الحيوان، لا تؤثر على حياته، بمعنى أنه يبقى فيه حياة مستقرة ثم يذبح كان لحمه حلالا فى رأى جمهور الفقهاء، أو أى حياة وإن قلت فى مذهب الإمام أبى حنيفة .
وعملية الكهرباء فى ذاتها إذا كان الغرض منها فقط إضعاف مقاومة الحيوان والوصول إلى التغلب عليه وإمكان ذبحه جائزة ولا بأس بها، وإن لم يكن الغرض منها هذا، أصبحت نوعا من تعذيب الحيوان قبل ذبحه، وهو مكروة، دون تأثير فى حله إذا ذبح بالطريقة الشرعية، حال وجوده فى حياة مستقرة، أما إذا مات صعقا بالكهرباء فهو ميتة غير مباحة ومحرمة قطعا .
وإذ كان ذلك كان الفيصل فى هذا الأمر المثار، هو أن يثبت على وجه قاطع أن اللحوم والواجن والطيور المستوردة المتداولة فى أسواقنا قد ذبحت بواحد من الطرق التى تصيرها من المحرمات المعدودات فى آية المائدة، لا سيما، لاالمقال لم يقطع بأن الاستيراد لهذه اللحوم من تلك البلاد التى نقل عن الكتب والنشرات اتباعها هذه الطرق غير المشروعة فى الإسلام لتذكية الحيوان، ومن ثم كان على الجهات المعنية أن تتثبت فعلا ، بمعرفة الطب الشرعى أو البيطرى إذا كان هذا مجديا فى استظهار الطريقة التى يتم بها إنهاء حياة الحيوان فى البلاد الموردة، وهل يتم بطريق الذبح بالشروط الإسلامية، أو بطريقة مميتة تخالف أحكام الإسلام أو التحقق من هذا بمعرفة بعوث موثوق بها إلى الجهات التى تستورد منها اللحوم والطيور والدجاج المعروض فى الأسواق، تتحرى هذه البعوث الأمر وتستوثق منه .
أو بتكليف البعثات التجارية المصرية فى البلاد الموردة لاستكشاف الأمر والتحقق من واقع الذبح، إذ لا يكفى للفصل فى هذا بالتحريم مجرد الخبر، وإلى أن يثبت الأمر قطعا يكون الإعمال للقواعد الشرعية ومنها ما سبق فى افتتاح المقال من أن الأصل فى الأشياء الإباحة ، وأن اليقين لا يزول بالشك .
امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم الذى أخرجه البزار والطبرانى من حديث أبى الدرداء بسند حسن ( ما أحل الله فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا ) .
وحديث أبى ثعلبة الذى رواه الطبرانى ( إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ونهى عن أشياء فلا تنتهوكوها وحد حدودا فلا تعتدوها ، وسكت عن أشياء من غير نسيان، فلا تبحثوا عنها ) وفى لفظ ( وسكت عن كثير من غير نسيان فلا تتكلفوها، رحمة لكم فاقبلوها ) .
وروى الترمذى وابن ماجه من حديث سلمان ( أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الجبن والسمن والفراء التى يصنعها غير المسلمين فقال الحلال ما أحل الله فى كتابه، والحرام ما حرم الله فى كتابه، وما سكت عنه، فهو مما عفا عنه ) .
وثبت فى الصحيحين ( أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة امرأة مشركة، ولم يسألها عن دباغها ولا عن غسلها) ( الأشباه والظائر للسيوطى - تحقيق المرحوم فضيلة الشيخ محمد حامد الفقى سنة 1356 هجرية - 1938 م - ص 60 فى باب الأصل فى الأشباه الاباحة حتى يدل على الدليل على التحريم ) والله سبحانه وتعالى أعلم بالموضوع (1313) استقبال الذابح للقبلة عند الذبح .
المفتى : فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق .
13 جمادى الأولى 1401 هجرية - 19 مارس 1981 م .
المبادئ :
توجه الذابح بالذبيحة عند ذبحها نحو القبلة مختلف فيه بين الفقهاء والأولى التوجه متى تيسر للذابح ذلك .
سئل :
بكتاب مديرية الشئون البيطرية بمحافظة القاهرة المتضمن أنه بمناسبة إنشاء المجرز الآلى لمحافظة القاهرة بمنطقة البساتين، وإعداد الرسومات التنفيذية لهذه المشروع، وحرص المسئولين على أن تتم عملية الذبح طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية .
وأن المديرية لذلك تطلب بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان يجب أن يكون الذابح والحيوان عند ذبحه موجها نحو القبلة الشريفة أو عدم وجوب هذا الشرط حتى تتمكن الإدارة من العمل بما يطابق الشريعة الإسلامية عند إعداد الرسومات التفيذية لهذا المشروع .
أجاب :
إن ابن قدامة ( المغنى ج - 141 ص 46 مع الشرح الكبير ) نقل عن ابن عمر وابن سيرين وعطاء الثورى والشافعى وأصحاب الرأى أنه يستحب أن يستقبل الذابح بذبيحته القبلة، وأن ابن عمر وابن سيرين قالا بكراهة أكل ما ذبح إلى غير جهة القبلة .
ونقل النووى فى المجموع ( ج - 9 ص 83 ) استحباب توجيه الذبيحة إلى القبلة، لأنه لابد لها من جهة فكانت جهة القبلة أولى .
ونقل ابن رشد فى بداية المجتهد ( ج - 1 ص 359 ) اختلاف الفقهاء فى هذا فقال إن قوما استحبوا ذلك وقوما أجازوا ذلك وقوما أوجبوه وقوما كرهوا ألا يستقبل بها القبلة .
وإذ كان ذلك فإذا كان توجه الذابح بالذبيحة وقت ذبحها نحو القبلة أمرا ميسورا، ويمكن العمل عليه فى الرسومات المقترحة كان أولى خروجا من اختلاف الفقهاء المنوه عنه - وبعدا بالمسلمين عن تناول ذبيحة مكروهة، امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى { كلوا من طيبات ما رزقناكم } البقرة 57 ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذى عن الحسن بن على رضى الله عنهما قال حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) والله سبحانه وتعالى أعلم(1/223)
ما ذبح على الشريعة اليهودية
F جاد الحق على جاد الحق .
12 شوال 1401 هجرية - أغسطس 1981 م
M 1 - مأكول اللحم من الحيوان البرى المقدور عليه لا يحل أكله بدون ذكاة .
2 - الذكاة الشرعية هى الذبح أو النحر بآلة حادة مما يجرى الدم ويفرى الأوداج ويقطع العروق بين الرأس والصدر .
3 - التثبت قبل الحكم بالتحريم واجب .
4 - ذبيحة أهل الكتاب يحل أكلها للمسلمين إلا إذا ثبت قطعا أنها أميتت بطريقة تجعلها محرمة شرعا وعلى المسئولين التثبت من الذبح أو النحر بأى طريق يؤدى إلى ذلك .
5 - من باب الاحتياط للحلال والحرام .
نقترح مطالبة الجهة الموردة ببيان طريق الذبح، وألا يكتفى فى الشهادة بأن الذبح قد تم حسب الشريعة اليهودية
Q بكتاب الهيئة العامة للرقابة على الصادرات الواردات وقد جاء به إن الهيئة تلقت استفسارا من فرعها بالعريش عن مدى الاعتداد بشهادات الذبح المرافقة لرسائل الدواجن المجمدة الواردة من إسرائيل والتى تفيد أن الذبح قد تم حسب الشريعة اليهودية والمقبولة فى الشريعة الإسلامية .
وأن الهيئة ترجو الإفادة عن الرأى الشرعى فى الذبح بصفة عامة على الشريعة اليهودية، ومدى موافقتها للشريعة الإسلامية، حتى يتسنى إذاعة هذا الرأى على فروع الهيئة
An إن الله سبحانه وتعالى قال فى كتابه الكريم { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب } المائدة 3 ، وقال { اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم } المائدة 5 ، وقد اتفق علماء الإسلام على أنه لا يحل شىء من الحيوان المأكول البرى المقدور عليه بدون ذكاة ( أى ذبح ) لقوله سبحانه فى آية المحرمات السابقة { إلا ما ذكيتم } فقد استثنى الله سبحانه وتعالى الحيوان المذكى من المحرم والاستثناء من التحريم إباحة ، والذكاة الشرعية التى يحل بها الحيوان البرى المقدور عليه هى أن يذبح الحيوان أو ينحر بآلة حادة مما ينهر الدم ويفرى الأوداج، أى يفجر دم الحيوان ويقطع عروقه من الرقبة بين الرأس والصدر، فيموت الحيوان إثرها، وأكمل الذبح أن يقطع الحلقوم والمرئ ( وهما مجرى الطعام والشراب والنفس ) وأن يطقع معهما الودجان ( وهما عرقان غليظان بجانبى الحلقوم والمرئ ) .
والذبح معروف بالفطرة والعادة لكل الناس، وقد أقر الإسلام بيسره وسماحته وبساطته ما جرت به عادة الناس وأعرافهم، وأقرته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الفعلية فى ذبح الأضحية .
ومن ثم فما اثاره بعض الفقهاء من أنه هل من الواجب فى الذبح قطع الأربعة ( الحلقوم والمرئ والودجين ) وهل يجب فى المقطوع قطع الكل أو الأكثر، وهل يشترط فى القطع ألا تقطع الجوزة إلى جهة البدن، بل إنما تقطع إلى جهة الرأس، وهل إن قطعت من جهة العنق حل أكلها أم .
لا وهل من شرط الذكاة ألا يرفع الذابح يده عن الذبيحة حتى تتم الذكاة أم لا كل هذه التساؤلات خاض فيها الفقهاء، دون اعتماد على نص صريح باشتراطها، والذى ينبغى مراعاته، هو انهار دم الحيوان من موضع الذبح المعروف عادة وعرفا بقطع تلك العروق كلها أو أكثرها للحديث الشريف الصحيح ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ) ( رواه البخارى وغيره ) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن الله كتب الإحسان على كل شىء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ) ( رواه مسلم عن شداد بن أوس ) وما رواه ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا ذبح أحدكم فليجهز ) .
( رواه ابن ماجة ) هذا وقد قال أهل اللغة إن كل ذبح ذكاة، وإن معنى الذكية فى قوله تعالى { إلا ما ذكيتم } أى ما أدركتم وفيها بقية تشخب معها الأوداج، وتضطرب اضطراب المذبوح الذى أدركت ذكاته .
ذبائح أهل الكتاب - اليهود والنصارى هم أهل الكتاب، لأنهم فى الأصل أهل توحيد ، وقد جاء حكم الله فى الآية بإباحة طعامهم للمسلمين، وإباحة طعام المسلمين لهم فى قوله سبحانه { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم } المائدة 5 ، ومعنى هذه الآية على وجه الإجمال والله أعلم أن طعام الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى حل لكم بمقتضى الأصل، لم يحرمه الله، وطعامكم كذلك حل لهم فلا بأس أن تأكلوا من اللحوم التى ذكوا حيواناتها، أو التى صادوها ولكم أن تطعموهم مما تذكون ومما تصطادون .
وكلمة { وطعام الذين أوتوا الكتاب } عامة تشمل كل طعام لهم ، فتصدق على الذبائح والأطعمة المصنوعة من مواد مباحة، فكل ذلك حلال لنا، ما لم يكن محرما لذاته، كالميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير، فهذه لا يجوز أكلها بالإجماع سواء كانت طعام مسلم أو كتابى .
( هل يشترط أن تكون ذبائحهم مذكاة بآلة حادة، وفى الحلق ) .
لقد اشترط أكثر فقهاء المسلمين لحل ذبائح أهل الكتاب أن يكون الذبح على الوجه الذى ورد به الإسلام، وقال بعض فقهاء المالكية إن كانت ذبائحهم وسائر أطعمتهم، مما يعتبرونه مذكى عندهم حل لنا أكله، وإن لم تكن ذكاته عندنا ذكاة صحيحة، وما لا يرونه مذكى عندهم لا يحل لنا، ثم استدرك هذا الفريق فقال فإن قيل فما أكلوه على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم الرأس، فالجواب أن هذه ميتة وحرام بالنص، فلا نأكلها نحن كالخنزير، فإنه حلال ومن طعامهم، وهو حرام علينا، فهذه أمثلة والله أعلم ( أحكام القرآن لابن العربى المجد الثانى ص 553 - 556 طبعة دار المعرفة ) وفى فقه الإمام أبى حنيفة إنما تؤكل ذبيحة الكتابى إذا لم يشهد ذبحه ولم يسمع منه شىء أو سمع وشهد منه تسمية الله تعالى وحده، وقد روى عن الإمام على بن أبى طالب حين سئل عن ذبائح أهل الكتاب قوله ( قد أحل الله ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون ) ( بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج - 5 ص 45 و 46 ) وفى فقه الإمام الشافعى ( نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملى ج - 8 ص 107، والاقناع بحاشية البيجرمى ج - 4 ص 56 ) .
أنه لو أخبر فاسق أو كتابى أنه ذكى هذه الشاة قبلناه لأنه من أهل الذكاة .
وما تشير إليه هذه النصوص الفقهية يمكن تجميعه فى القاعدة التى قررها الفقهاء وهى أن ( ما غاب عنا لا نسأل عنه ) .
إذ أنه ليس على المسلم أن يسأل عما غاب عنه، كيف كانت ذكاته وهل استوفت شروطها أم لا وهل ذكر اسم الله على الذبيحة أم لم يذكر بل إن كل ما غاب عنا مما ذبحه مسلم ( أيا كان جاهلا أو فاسقا ) أو كتابى ، حل أكله .
والأصل فى هذا الحديث الذى رواه البخارى أن قوما سألوا النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا إن قوما يأتوننا باللحم لا ندرى أذكروا اسم الله عليه أم لا فقال صلى الله عليه وسلم ( سموا الله عليه أنتم وكلوا ) .
فقد قال الفقهاء إن فى هذا الحديث دليلا على أن التصرفات والأفعال تحمل على حال الصحة والسلامة حتى يقوم دليل على الفساد والبطلان .
لما كان ذلك كان الأصل العام المقرر من الله فى القرآن الكريم فى آيتى ( 3 و 5 ) سورة المائدة أن هناك محرمات استثنى فيها المذكى وأن هناك إباحة لطعام أهل الكتاب، اليهود والنصارى، ومن طعامهم الذبائح، والارتباط بين حكمى الآيتين قائم، فلابد أن نحرم من ذبائحهم ما يعتبر بحكم القرآن ميتة أو منخنقة أو موقوذة أو متردية أو نطيحة، أو انتهت حياتهم بأحد هذه الأسباب ولم تدرك بالذكاة، وكان مع هذا علينا أن نرعى وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم فى هذا الشأن ونعمل بها، فقد أخرج البزار والطبرانى من حديث أبى الدرداء بسند حسن ( ما أحل الله فهو حلال وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا ) وما أخرجه الطبرانى من حديث أبى ثعلبة ( إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها ) وفى لفظ ( وسكت عن كثير من غير نسيان فلا تتكلفوها، رحمة لكم، فاقبلوها ) .
وقد روى الترمذى وابن ماجه من حديث سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الجبن والسمن والفراء التى يصنعها غير المسلمين فقال ( الحلال ما أحل الله فى كتابه والحرام ما حرم الله فى كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه ) ( الأشباه والنظائر للسيوطى تحقيق المرحوم الشيخ حامد الفقى سنة 1356 هجرية - 1938 م ص 60 فى باب الأصل فى الأشياء الاباحة حتى يدل الدليل على التحريم ) إذ أن هذه الأحاديث تدل صراحة على أنه لا ينبغى أن نسارع إلى تحريم شىء لم يحرمه الله صراحة، ولابد أن نتثبت قبل التحريم وأن نرجع الأمر إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وإذا كان الله ورسوله قد بينا للمسلمين الحلال والحرام على هذا النحو الذى لا شبهة فيه .
كان الحكم الشرعى العام أن ذبائح اليهود والنصارى حل للمسلمين بنص القرآن الكريم وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا فقد ثبت فى الصحيحين ( المرجع السابق ) ( أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة ( المزادة وعاء من جلد من طبقة أو طبقتين أو ثلاث يحمل فيه الماء - المصباح وتاج العروس فى مادة زود ) امرأة مشركة، ولم يسألها عن دباغها ولا عن غسلها ) .
وللخبر المشهور من حديث ( الروض النضير ج - 3 ص 167 وما بعدها ) أنس رضى الله عنه ( أن يهودية أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فأكل منها ) أى دون أن يسأل عن طريق ذبحها، أو يتحقق من آلة الذبح .
لما كان ذلك ونزولا على ما صرح به الفقهاء من قبول خبر المسلم الفاسق أو الجاهل وخبر الكتابى فى حل الذبيحة، باعتبار أن كلا منهم أهل للذكاة بنص القرآن والسنة، على ما سلف بيان سنده - يجوز الاعتداد بشهادات الذبح المرافقة لرسائل الدواجن واللحوم التى تستورد من بلاد يقوم بالذبح فيها كتابيون ( اليهود والنصارى ) .
وذلك ما لم يظهر من فحص رسائل الدواجن واللحوم المستوردة أنها لم تذبح، وإنما أميتت بالصعق بالكهرباء، أو بالقذف بالماء المغلى أو فى البخار أو بالضرب على الرأس أو بإفراغ محتوى المسدس المميت فى رأسها، أو متى ظهر أنها قد أزهقت أرواحها بطريق من هذه الطرق وأمثالها .
أصحبت ميتة محرمة، لأنها بهذا تدخل فى نطاق آية المحرمات ( الآية الثالثة ) فى سورة المائدة .
ولما كان الحلال والحرام من أمور الإسلام التى قطع فيها كل من القرآن والسنة بالنصوص الواضحة التى يجب العمل بها جميعا، كان على المسئولين عن الرقابة على الواردات من اللحوم والدواجن المذبوحة، بل والمعلبة، التثبت مما إذا كانت قد ذبحت، أو أزهقت روحها بطريق جعلها من تلك المحرمات، وأن تطالب الجهة الموردة بوضوح الشهادة وذلك بتحديد طريق الذبح ومكانه، بأن يكون بآلة حادة وفيما بين الرأس والصدر، وليس بالصعق أو الخنق وأمثالهما على ما سبق بيانه .
ذلك لأنه اليهود بوصف عام أصحاب كتاب سماوى شرع الذبح تحليلا لأكل الحيوانات المسخرة للإنسان، ومثلهم النصارى باعتبارهم من أهل الكتاب أيضا، غير أنه يشترط أن تكون اللحوم مما أباح الإسلام تناولها .
وإذا كان ما تقدم وترتيبا عليه، ومراعاة تلك القيود، يجوز الاعتداد بشهادات الذبح المرافقة لرسائل الدواجن المجمدة المسئول عنها، ما لم يظهر من الفحص أنها لم تذبح وإنما أزهقت روحها بطريق آخر كالصعق أو الخنق، وأنه من باب الاحتياط للحلال والحرام .
أقترح أن تطالب الجهة الموردة ببيان طريق الذبح وألا يكتفى فى الشهادة بأن الذبح تم حسب الشريعة اليهودية .
هذا، وان الله سائل كل راع عما استرعاه، حفظ أم ضيع والعمل أمانة، والرقابة على أقوات الناس وأطعمتهم أمانة قال تعالى { فليؤد الذى اؤتمن أمانته وليتق الله ربه } البقرة 283 ، والله سبحانه وتعالى أعلم(1/224)
ذبائح اليهود والنصارى
F جاد الحق على جاد الحق .
3 محرم 1402 هجرية - 31 أكتوبر 1981 م
M 1 - المقصود بطعام الذين أوتوا الكتاب فى القرآن ذبائحهم .
2 - عدم ذكر اسم الله تعالى عند الذبح لا يحرم أكل الذبيحة ما دام الذابح كتابيا .
3 - متى ثبت قطعا عدم الذبح للحيوان وجب الامتناع عن أكل لحمه شرعا
Q بالطلب المقدم من السيد / ع م أ - لندن بانجلترا وقد جاء به أن السائل قرأ تفسيرا لقول الله سبحانه فى القرآن الكريم فى سورة المائدة { اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم } إلى آخر الآية الكريمة .
وهذا التفسير باللغة الإنكليزية لمؤلفه المفسر محمد أحمد المنشور فى 1979 بلندن بانجلترا، وقد قال فى صحيفة 110 تفسيرا لهذه الآية ما ترجمته اليوم أحل لكم الطيبات من الرزق كما يحل لكم أن تأكلوا، كما أن ذبيحة اليهود والمسيحيين مسموح لكم بها، وطعامكم مسموح حل لهم، ويجوز لكم الزواج بالحرائر المؤمنات، وكذا من حرائر اليهود والمسيحيات على أن تعطوهن المهور ) .
والسؤال هو هل يجوز للمسلم أن يأكل من ذبيحة اليهود والنصارى كما فسرها الأخ - محمد أحمد فى تفسيره هذا باللغة الإنجليزية مع العلم بأن ذبيحتهم لم يذكر اسم الله عليها، كما أن المسيحيين لا يذبحون البهيمة إلا بعد حنقها أو كتم أنفاسها نتيجة ضربة بما يشبه المسدس
An إن جمهور المفسرين للقرآن والفقهاء قد قالوا بمثل ما جاء فى هذا التفسير المترجم، إذ قالوا ان المراد من كلمة { وطعام الذين أوتوا الكتاب } المائدة 5 ، فى هذه الآية الذبائح أو اللحوم لأنها هى التى كانت موضع الشك - أما باقى أنواع المأكولات فقد كانت حلالا بحكم الأصل، وهو الإباحة والحل .
فقد نقل ابن جرير وابن المنذر والبيهقى وغيرهم عن ابن عباس رضى الله عنهما فى تفسير قوله تعالى { وطعام الذين أوتوا الكتاب } أى ذبائحهم .
وما جاء بالسؤال من أن اليهود والنصارى لا يسمون على الذبائح وقت الذبح باسم الله تعالى، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا حسبما رواه الدار قطنى قال ان قوما سألوا النبى صلى الله عليه وسلم عن لحم يأتيهم من ناس لا يدرى أسموا الله عليه أم لا فقال عليه الصلاة والسلام ( سموا الله أنتم وكلوا ) .
كما حفلت كتب السنة والسيرة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل من ذبائح اليهود دون أن يسأل هل سموا الله عند الذبح أم لا وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم، وما جاء بالسؤال من أن النصارى لا يذبحون وإنما يميتون الحيوان بالخنق أو بضرب الرأس بنحو المسدس، فإنه إذا تبين أن الحيوان مخنوق وأنه لم يذبح من المحل المعروف بقطع الأربعة العروق ( الودجين والمرئ والحلقوم ) أو أكثرها كان على المسلم الامتناع عن أكل لحمه، لأنه يدخل بهذا الاعتبار فى الآية الأخرى فى سورة المائدة { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق } المائدة 3 ، لما كان هذا هو ما نقله المفسرون والفقهاء وأصحاب كتب السنة تفسيرا لهذه الآية وهو موافق للترجمة الواردة فى السؤال كان ما قال به ذلك المفسر فى ترجمته على هذا الوجه الوارد بالسؤال صوابا لا خروج فيه على حكم الإسلام .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/225)
اللحوم المستوردة من الخارج
F حسن مأمون .
10 ذو القعدة 1374 هجرية - 30 يونية 1955 م
Mيحل أكل اللحوم المستوردة من الخارج متى ثبتت ذكاتها بآلة ذبح شرعية، وكان الذابح من أهل الكتب السماوية وإلا فلا
Q هل من الجائز شرعا أكل اللحوم المستوردة من الخارج
An بأن فتوانا التى أشرتم إليها فيه خاصة بماشية ذكيت بآلة ذبح شرعية ( سكين ) بواسطة أهل كتاب كما جاء فى تقرير وزارة التموين المرافق بطلب هذه الفتوى والمرفق به شهادة رسمية مصدق عليها من الجهات التى لها حق التصديق بأن الذبح كان بسكين بهذا النص .
فهى فتوى عن حكم الشريعة فى حيوان يحل أكله للمسلمين وذكى بآلة ذبح شرعية بمعرفة أهل الكتاب وليست الفتوى عامة لكل ما يذبح بواسطتهم وبأى آلة ولو لم تكن آلة ذبح شرعية ، فهى خاصة بما ذكرنا فلا تشمل غيرها من الذبائح التى يذبحونها بطرائق أخرى قد لا تكون شرعية ولعل منها الطريقة التى شاهدتها بنفسك فهذه لا تناولها فتوانا هدانا الله وإياكم سواء السبيل(1/226)
الذبح بالكهرباء
F حسن مأمون .
28 ذو الحجة 1374 هجرية - 17 أغسطس 1955 م
M 1 - اشترط الفقهاء فى حل الذبيحة شروطا منها ما يتعلق بآلة الذبح، ومنها ما يتعلق بالذابح نفسه، ومنها ما يتعلق بموضوع الذبح .
كما اشترطوا فى الآلة أن تكون حادة تقطع بحدها لا بثقلها، وألا تكون سنا ولا ظفرا، ويسن الذبح بسكين حاد، كما اشترطوا فى الذبح القدرة عليه وأن يكون مسلما أو من أهل الكتب السماوية، والتسمية عند الذبح، لكن إن نسى التسمية عنده فإنها تحل .
2 - إذا لم تعلم حال الذابح بالنسبة للتسمية وعدمها وذكر الله سبحانه أو غيره فالذبيحة حلال .
3 - ما ذكر اسم غير الله تعالى عليه عند ذبحه كانت ذبيحته محرمة شرعا عند الجمهور إذا علم ذلك أو شوهد، ولا فرق فى ذلك بين أن يكون الذابح مسلما أو كتابيا .
4 - السكين المتحركة بآلة كهربائية إذا كانت تقطع العروق الواجب قطعها فى موضع الذبح وكان مدير الآلة الكهربائية ممن توافرت فيه شروط الذابح حلت الذبيحة .
5 - إذا كانت الآلة الكهربائية تصعق أو تخنق أو تميت بأى طريقة أخرى غير مستوفية للشروط الواجبة فلا تحل ذبيحتها
Q من الجمعية العربية ص ب ( 91 ) كامولى أوغندة أفريقية الشرقية قالت هل الذبح بالآلة الكهربائية المستعملة فى كثير من البلاد اليوم جائز شرعا، وهل فيه تذكية شرعية يترتب عليها جواز أكل المذبوح وبيعه للمسلمين
An بأن الله تعالى جعل الذكاة ( الذبح ) شرطا لحل أكل الحيوان إذا كان مما يحل أكله شرعا، وقد اشترط الفقهاء لحل الذبيحة عدة شروط منها ما يتعلق بآلة الذبح، ومنها ما يتعلق بمن يتولى الذبح، ومنها ما يتعقل بموضع الذبح، أما الآلة التى تذبح بها فقد اشترط الفقهاء فيها شرطين - الأول أن تكون محددة تقطع أو تخزق بحدها لا بثقلها - الثانى ألا تكون سنا ولا ظفرا فإذا اجتمع هذان الشرطان فى شىء حل الذبح به سواء أكان حديدا أو حجرا أو خشبا .
لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا مالم يكن سنا أو ظفرا ) وإن كان يسن الذبح بسكين حاد .
أما من يتولى الذبح فقد نص الفقهاء على أن ذبيحة من أطاق الذبح من المسلمين وأهل الكتاب حلال إذا سموا أو نسوا التسمية، فكل من أمكنه الذبح من المسلمين وأهل الكتاب إذا ذبح حل أكل ذبيحته رجلا كان أو امرأة بالغا أو صبيا ولا يعلم فى هذا خلاف - لقوله تعالى { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } المائدة 5 ، أى ذبائحهم .
ولا فرق بين العدل والفاسق من المسلمين وأهل الكتاب .
واختلف الفقهاء فى اشتراط التسمية باسم الله على الذبيحة عند ذبحها .
فعن الإمام أحمد أنها تسمية غير واجبة فى عمد ولا سهو وبه قال الإمام الشافعى .
والمشهور من مذهب الإمام أحمد وغيره من أئمة المذاهب أنها شرط مع التذكر وتسقط بالسهو ، وإذا لم تعلم حال الذابح إن كان سمى باسم الله أو لم يسم أو ذكر اسم غير الله أولا فذبيحته حلال .
لأن الله تعالى أباح لنا أكل الذبيحة التى يذبحها المسلم والكتابى وقد علم أننا لا نقف على كل ذابح، وقد روى عن عائشة رضى الله عنها أنهم قالوا يا رسول الله إن القوم حديثو عهد بشرك يأتوننا بلحم لا ندرى أذكروا اسم الله عليه أو لم يذكروا - فقال ( سموا أنتم وكلوا ) أخرجه البخارى .
أما ما ذكر عليه اسم غير الله فقد روى عن بعض الفقهاء حل أكله إذا كان الذابح كتابيا، لأنه ذبح لدينه وكانت هذه ديانتهم قبل نزول القرآن وأحلها فى كتابه .
وذهب جمهور العلماء إلى حرمة ما ذبح على غير اسم الله إذا شوهد ذلك أو علم به - لقوله تعالى { إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله } البقرة 173 ، سواء كان الذابح مسلما أو كتابيا - أما موضع الذبح فقد شرطوا أن يكون بين الحلق والصدر مع قطع الحلقوم والمرىء وأحد الودجين عند الحنفية .
وقال المالكية لا بد من قطع الحلقوم والودجين ولا يشترط قطع المرىء .
وقال الشافعية والحنابلة لابد من قطع الحلقوم والمرىء .
ولما كان السائل لم يذكر بالسؤال طريقة الذبح بالآلة الكهربائية التى يريد معرفة الحكم الشرعى فى تذكيتها، وهل تحل أو لا تحل فنفيد بأنه إذا توافرت الشروط المذكورة فى الذابح وهو يدير الآلة وكان الآلة بها سكين تقطع العروق الواجب قطعها فى موضح الذبح المبين اعتبرت الآلة كالسكين فى يد الذابح وحل أكل ذبيحتها .
وإذا لم تتوافر تلك الشروط فلا تحل ذبيحتها، وذلك بأن كانت الآلة تصعق أو تخنق أو تميت بأى طريقة أخرى غير مستوفية للشروط السابق ذكرها فلا تحل ذبيحتها .
وبهذا علم الجواب عن السؤال . والله تعالى أعلم(1/227)
ذبيحة أهل الكتاب
F أحمد هريدى .
9 جمادى الثانية 1382 هجرية - 6 نوفمبر 1962 م
M 1 - نص الفقهاء على أن ذبيحة من أطاق الذبح من المسلمين وأهل الكتاب حلال إذا سموا أو نسوا التسمية .
2 - اختلف الفقهاء فى اشتراط التسمية باسم الله على الذبيحة عند ذبحها .
( ا ) عن الإمام أحمد أنها غير واجبة لا فى حالة التذكر ولا فى حالة السهو .
وبه قال الإمام الشافعى . ( ب ) المشهور من مذهب الإمام أحمد وغيره من أئمة المذاهب أنها شرط مع التذكر وتسقط بالسهو .
3 - إذا لم تعلم حال الذابح هل سمى باسم الله أو لم يسم أو ذكر اسم غير الله أو لا فذبيحته حلال .
4 - ماذكر عليه اسم غير الله روى عن بعض الفقهاء حل أكله إذا كان الذابح كتابيا .
وذهب جمهور العلماء إلى تحريمه . 5 - اشترط الفقهاء فى أداة الذبح أن تكون محددة تقطع أو تخزق بحدها لا بثقلها وألا تكون سنا ولا ظفرا .
6 - موضع الذبح اشترط الفقهاء فى الحالات الاختيارية أن يكون بين الحلقوم والصدر .
ويرى الحنفية قطع الحلقوم والمرىء وأحد الودجين ويرى المالكية ضرورة قطع الحلقوم والودجين ولا يشترط قطع المرىء وقال الشافعية والحنابلة لابد من قطع الحلقوم والمرىء
Q بالطلب المقدم من السيد / م م ع من متشيجان جنوب شيكاغو ولاية الينوى بالولايات المتحدة الأمريكية المتضمن أن معظم المسلمين فى الولايات المتحدة الأمريكية فى حيرة بشأن أكل اللحم وأن الناس هناك لا يذبحون باسم الله وأن لليهود مذبحا ( سلخانة ) ويذبحون كما يذبح المسلمون .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى ذلك
An جعل الله تعالى الذكاة ( الذبح ) لحل أكل الحيوان إذا كان مما يحل أكله شرعا - وقد اشترط الفقهاء لحل الذبيحة عدة شروط .
منها ما يتعلق بمن يتولى الذبح .
ومنها ما يتعلق بموضع الذبح .
ومنها ما يتعلق بأداة الذبح . 1 - أما من يتولى الذبح فقد نص الفقهاء على أن ذبيحة من أطاق الذبح من المسلمين وأهل الكتاب حلال إذا سموا أو نسوا التسمية، فكل من أمكنه الذبح من المسلمين وأهل الكتاب إذا ذبح حل أكل ذبيحته رجلا كان أو امرأة بالغا أو صبيا - ولا يعلم فى هذه خلاف .
لقوله تعالى { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } أى ذبائحهم .
ولا فرق بين العدل والفاسق من المسلمين وأهل الكتاب .
وقد اختلف الفقهاء فى اشتراط التسمية باسم الله على الذبيحة عند ذبحها .
فعن الإمام أحمد أنها تسمية غير واجبة لا فى حالة التذكر ولا فى حالة السهو .
وبه قال الإمام الشافعى . والمشهور من مذهب الإمام أحمد وغيره من أئمة المذاهب أنها شرط مع التذكر وتسقط بالسهو .
وإذا لم تعلم حال الذابح إن كان قد سمى باسم الله أو لم يسم أو ذكر اسم غير الله أو لا فذبيحته حلال .
لأن الله تعالى أباح لنا أكل الذبيحة التى يذبحها المسلم والكتابى .
وقد علم أننا لا نقف على كل ذابح . وقد روى عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها أنهم قالوا يا رسول الله إن القوم حديثو عهد بشرك يأتوننا بلحم لا ندرى أذكر اسم الله عليه أو لم يذكر فقال صلى الله عليه وسلم ( سموا أنتم وكلوا ) أخرجه البخارى .
أما ما ذكر عليه اسم غير الله فقد روى عن بعض الفقهاء حل أكله إذا كان الذابح كتابيا .
لأنه ذبح لدينه وكانت هذه ديانتهم قبل نزول القرآن وأحلها فى كتابه .
وذهب جمهور العلماء إلى تحريم ما ذبح على غير اسم الله إذا شوهد ذلك أو علم به لقوله تعالى { إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله } سواء أكان الذابح مسلما أو كتابيا .
2 - أما الأداة التى يذبح بها فقد اشترط الفقهاء فيها شرطين الأول أن تكون محددة تقطع أو تخزق بحدها لا بثقلها .
الثانى ألا تكون سنا ولا ظفرا فإذا اجتمع هذان الشرطان فى شىء حل الذبح به سواء أكان حديدا أو حجرا أو خشبا .
لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا أو ظفر ) وإن كان يسن الذبح بسكين حاد .
وإن كان الذبح بآلة كهربائية فإنه إذا توافرت الشروط المذكورة وهو يدير الآلة وكانت الآلة سكينا تقطع العروق الواجب قطعها فى موضع الذبح المبين اعتبرت الآلة كالسكين فى يد الذابح وحل أكل ذبيحتها، وإذا لم تتوافر تلك الشروط بأن كانت الآلة تصعق أو تميت أو تخنق بأى طريقة أخرى غير مستوفية للشروط السابق ذكرها فلا تحل ذبيحتها .
3 - أما موضع الذبح فقد اشترطوا فى الحالات الاختيارية أن يكون بين الحلقوم والصدر مع قطع الحلقوم والمرىء وأحد الودجين عند الحنفية وقال المالكية لابد من قطع الحلقوم والودجين ولا يشترط قطع المرىء وقال الشافعية والحنابلة لابد من قطع الحلقوم والمرىء .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/228)
عدول عن الخطبة
F محمد بخيت .
7 ذى الحجة 1335 هجرية - 24 سبتمبر 1917 م
M 1- الوعد بالزواج مستقبلا أو قراءة الفاتحة على ذلك بدون عقد شرعى لا يكون كل منهما زواجا .
2- لكل من الطرفين رد الآخر فى هذه الفترة ولو بعد تقديم الهدايا ودفع كل المهر أو بعضه .
3- للخاطب استرداد ما دفع على أنه مهر عينا إن كان قائما ولو تغير أو نقصت قيمته بالاستعمال .
أو أخذ عوضه إن كان هالكأ أو مستهلكا أما الهدايا فله استرداد أعيانها إن كانت قائمة وليس له استرداد قيمتها هالكة أو مستهلكة
Q رجل أراد الزواج بفتاة رشيدة وقرأ فاتحتها ودفع لها مقدم صداقها ولم يحصل العقد عليها وأراد رد ما دفع من المهر حيث لم تصرح له الحكمدارية بالزواج لكونه متزوجا فامتنعت عن رد ما دفع لها منه .
فهل يجوز رد ما دفع منه لها أم لها نصيب منه
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه نص بالمادة 4 من كتاب الأحوال الشخصية على أن الوعد بالنكاح فى المستقبل ومجرد قراءة الفاتحة بدون إجراء عقد شرعى بإيجاب وقبول لا يكون كل منهما نكاحا، وللخاطب العدول عمن خطبها، وللمخطوبة أيضا رد الخاطب الموعود بتزويجها منه ولو بعد قبولها أو قبول وليها إن كانت قاصرة هدية الخاطب ودفعه المهر كله أو بعضه .
ونص بالمادة 110 من الكتاب المذكور على أنه إذا خطب أحد امرأة وبعث إليها بهدية أو دفع إليها المهر كله أو بعضه ولم تتزوجه أو لم يزوجه وليها منه أو ماتت أو عدل هو عنها قبل عقد النكاح فله استرداد ما دفعه من المهر عينا إن كان قائما ولو تغير أو نقصت قيمته بالاستعمال أو عوضه إن كان قد هلك أو استهلك وأما الهدايا فله استردادها إن كانت قائمة أعيانها فإن كانت قد هلكت أو استهلكت فليس له استرداد قيمتها .
ومن ذلك يعلم أن للرجل المذكور والحال ما ذكر استرداد ما دفعه من المهر لهذه المرأة متى عدل عن زواجه بها عينا إن كان قائما أو عوضه إن كان قد هلك أو استهلك(1/229)
فساد عقد زواج
F حسونة النواوى .
13 رمضان 1313 هجرية
Mزواج امرأة المفقود بالغير قبل إثبات وفاته غير صحيح ويفرق بينها وبين من تزوجته
Q بافادة من نظارة الحقانية مؤرخة فى 10 رمضان سنة 1313 - 8 مضمونها أنه مرسل ضمن السبع ورقات طيه صورة من الحكم الصادر من محكمة اسكندرية الشرعية بالتفريق بين كل من ز أ ع وبين زوجها ع أ ح بناء على عدم التحقق من وفاة زوجها الأول الواردة هذه الصورة بمكاتبة المحكمة المذكورة المؤرخة فى 5 ديسمبر سنة 1895- 197 بقصد نظرها بالنسبة لتضرر ز .
المذكورة من ذلك لثبوت وفاتها زوجها الأول المذكور فى واقعة هكس باشا بالسودان ويفاد بما يقتضيه الحكم الشرعى
An صار الاطلاع على إفادة سعادتكم يمينه 8 وعلى صورة الإعلام الشرعى الصادر من محكمة إسكندرية الشرعية بتاريخ غاية القعدة سنة 1311 هجرية وعلى باقى الأوراق الواردة معها فظهر أن أمر القاضى للمرأة ز أ ع بعدم تزوجها بغير زوجها ع م المفقود حتى تتحقق وفاته بناء على إشهادها لديه بأنها لا تعلم حياته ولا موته وصدقها على ذلك ع أ ح الذى تزوجت به وفارقها وفارقته وتاركها وتاركته على الوجه المسطور بتلك الصورة موافق شرعا وحينئذ فلا يسوغ لها التزوج الآن بغير زوجها المفقود المذكور حتى تتحقق وفاته بالطريق الشرعى وطية الأوراق عدد 9 أفندم(1/230)
عدم تعرض بزوجية
F حسونة النواوى .
13 شوال 1314 هجرية
M 1- عدم سماع دعوى منع التعرض فى أمور الزوجية بعد وفاة الزوج .
2- توكيل المدعية عنها غيرها شفاهة بمجلس القضاء وعدم قبول خصمها التوكيل بالجلسة يرجع فى قبوله أو عدم قبوله إلى القاضى .
فإن أحس بتعنت الخصم فى رفض التوكيل لا يمكنه من ذلك ويقبل التوكيل عليه وإن أحسن قصد الإضرار بالخصم به لا يقبله إلا برضاه .
3- امتناع الخصم عن الجواب عن الدعوى يعتبر به منكرا لها
Q بإفادة من نائب محكمة دمياط الشرعية مؤرخة فى 11 شوال سنة 1314 مضمونها أنه مرسل معه صورة مرافعة صدرت لديه بأمل الاطلاع عليها وعلى ما كتبه عليها مفتى الثغر الذى اشتبه فيه النائب المذكور وإفادته عما إذا كانت الدعوى المسطور بالصورة المرفوعة صحيحة أو غير صحيحة وعما يكون فى قبول التوكيل وعدمه وعما إذا كان الخصم يجبر على الإجابة عن الدعوى عند الامتناع أم لا ومضمون صورة المرافعة المذكورة صدور الدعوى عند الامتناع أم لا ومضمون صورة المرافعة المذكورة صدور الدعوى لديه بعد التعريف الذى أجراه بتاريخ 6 رمضان الماضى من م .
أ على ع م وشقيقه م م بأن الحرمة ف ج ح وكلته عن نفسها بحضورها وحضور هذين المدعى عليهما .
وشاهدى التعريف شفاها يوم تاريخه بين يدى النائب المذكور فى الدعوى والمرافعة والطلب والمخاصمة لها وعليها وقبض مالها وأداء ما عليها وفى كافة شئونها وما يتعلق بها توكيلا عاما مطلقا مفوضا قبله منها لنفسه أمام النائب بحضور المذكورين وأنها كانت متزوجة من أ .
م. كان شقيق هذين المدعى عليهما ابن إ م وأنه توفى وهى على عصمته وعقد نكاحه وعن أشقائه الأربع ع .
، م .
هذين المدعى عليهما و ن. ، ع. المرأتين لا وارث له سواهم وأن إرثه انتقل إليهم بدون مانع شرعى وأن هذين المدعى عليهما يعارضان الموكلة المذكورة فى زوجيتها لشقيقهما أ .
م .
المتوفى المذكور لحرمانها من ميراثها فيه وأنه بصفته المذكورة يطالبهما بعدم معارضتهما لها فى زوجيتها المذكورة لشقيقهما المذكور ويسأل سؤالهما وجوابهما عن ذلك .
وبعد صدور التوكيل المذكور على الوجه المرقوم سأل النائب المذكور المدعى عليهما المذكورين فأجابا بقولهما إن ف .
المذكورة حاضرة بالمحكمة وأنها تحسن الدعوى فتدعى وهما يجيبان وبسؤال الوكيل المذكور عن ذلك أجاب بأنها من المخدرات ولا تحسن الدعوى بنفسها وبسؤال المدعى عليهما عن ذلك أجابا بأنها ليست من المخدرات وأن أباها شيال فى الخضار وأنها موجودة فى كل سوق وفى كل محكمة وتسافر وسط الرجال بالمراكب وأنها الآن حاضرة وتحسن الدعوى فتدعى بنفسها وهما يجيبان عن دعواها ولا يقبلان منها توكيلا وبسؤال الوكيل المذكور عن ذلك أجاب بالمصادقة على أن والدها شيال ولكنها لا تحسن الدعوى بنفسها وأجابت هى بذلك أيضا وبعرض ذلك على مفتى الثغر أجاب بأنه باطلاعه على الدعوى المذكورة وجدها ليست صحيحة واعتراف الوكيل والموكلة بأن والدها رجل شيال لا تعد معه مخدرة لما قاله فى التنوير ولو اختلفنا فى كونها مخدرة إن من بنات الأشراف فالقول لها مطلقا وإن من الأوساط فالقول لها لو بكرا وإن من الأسافل فلا فى الوجهين وحينئذ تعد بادرة فهى كالرجل لا يجوز لها التوكيل إلا برضاء الخصم واللّه أعلم
An بالاطلاع على إفادتكم المسطورة باطنه وعلى صورة المرافعة المرفقة بها وما كتبه بشأنها حضرة مفتى طرفكم تبين أنا ما أفتى به من عدم صحة الدعوى المسطورة بتلك الصورة موافق شرعا وأما قبول التوكيل وعدمه فالرأى فيه للحاكم الشرعى إن أحس بتعنت الخصم فى إبائه التوكيل لا يمكنه من ذلك ويقبل التوكيل عليه وإن أحس من الموكل القصد إلا الإضرار بصاحبه فى التوكيل لا يقبل منه إلا برضاء صاحبه وإذا امتنع الخصم عن الإجابة عن الدعوى يعد منكرا على الصحيح واللّه أعلم(1/231)
فساد عقد زواج
F حسونة النواوى .
11 صفر 1314 هجرية
M 1- إدعاء الزوجة الطلاق وانقضاء العدة والتزوج بآخر بعد مصادقتها على زواجها بالأول يحتاج إلى دليل .
2- سؤال المدعى عليه عن الدفع واجب فإن أقر به أو نكل عن حلف اليمين بعد طلبه حكم عليه بالطلاق ( أى رفض الدعوى المدعى بها ) .
3- إنكار الدفع يقتضى تكليف الدافع بإثباته فإن أثبته حكم له بما يقتضيه وإن عجز عن ذلك حكم برفضه .
4- تجبر بعد ذلك على طاعته ويؤمر بالزوج الثانى بقصر يده عنها ومنعه من التعرض للزوج الأول فى معاشرتها
Q بإفادة من قاضى مديرية الفيوم سنة 1314 هجرية مضمونها أنه بإحالة صورة المرافعة طيه على حضرة مفتى المديرية للافادة عن الحكم الشرعى فيما وردت إفادته بأنه حصل عنده اشتباه فى ذلك ولذا يرغب القاضى المذكور الاطلاع عليها والإفادة بما تقتضيه الأصول الشرعية ومضمون صورة المرافعة المذكورة المقيدة بمحكمة المديرية مرافعات صدور الدعوى الشرعية بعد التعريف الشرعى من م ع م من أهالى الفيوم على ص ع ع و م م م من أهالى الفيوم بأنه من نحو عشر سنين مضت قبل الآن تزوج ب ص هذه بعقد نكاح صحيح شرعى ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج بعد إيفائها جميع معجل صداقها وأنها فى عصمته وعقد نكاحه إلى الآن وأنها فى 1313 هجرية خرجت من طاعته بغير وجه شرعى وتزوجت وهى على عصمته وعقد نكاحه ب م م ) هذا وأنه طلب منها توجهها لمحل طاعته فعارضته فى ذلك وعارضه ( م .
) هذا وأنه يطلب الآن منها أن تتوجه معه إلى محل طاعته وتسلم نفسها إليه ويطلب من ( م .
) هذا المذكور رفع يده عنها وعدم معارضته له فى معاشرتها وبسأل سؤال كل منهما وجوابه عن ذلك وبسؤالهما عن ذلك أجابت ( ص .
) المذكورة بأنها كانت متزوجة ب م .
) هذا المدعى بعقد نكاح صحيح شرعى وعاشرها معاشر الزواج وأوفاها جميع معجل صداقها ومكثت معه مدة عشر سنين وأنه فى ربيع الأول سنة 1313 هجرية طلقها طلاقا ثلاثا وبعد انقضاء عدتها منه بالحيض تزوجت فى 15 رمضان من السنة المذكورة ب م - هذا بعقد نكاح صحيح شرعى وبعد العقد المذكور دخل بها - م - هذا وعاشرها معاشرة الأزواج إلى الآن وأجاب - م م - هذا بأنه تزوج - ص - هذه فى نصف رمضان سنة 1313 هجرية بعد طلاقها من - م ع - هذا وانقضاء عدتها منه بعقد نكاح شرعى وبعد العقد عليها دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج إلى الآن ثم أحضرت - ص .
- المذكورة شاهدين على الطلاق المذكور شهد أحدهما على - م ع - هذا بأنه طلق - ص - هذه بالثلاث من نحو تسعة شهور وشهد الثانى شهادة غير مقبولة .
وبطلب شاهد سواه منها عرفت بأنه لم يكن حاضرا وقت الطلاق سواهما وأنها عاجزة عن إحضار غيرهما عجزا كليا
An بالاطلاع على صورة المرافعة المرفقة بإفادة حضرتكم المسطورة ظهر منها سبق زوجية المرأة صبيحة المدعى عليها لمنصور المدعى بتصادقهما على ذلك وأن المرأة المذكورة ادعت طلاقها ثلاثا من زوجها المذكور وانقضاء عدتها منه بالحيض على الوجه الذى ذكرته وأحضرت شاهدين على الطلاق المذكور لم تصح شهادة أحدهما وعجزت عن إحضار غيره .
وحيث كان الحال ما ذكر فيسأل الزوج المدعى عن دعوى المرأة المذكورة الطلاق المذكور فإن أقر به أو نكل بعد طلب تحليفه اليمين اللازمة حكم عليه بالطلاق المذكور معاملة له بإقراره أو نكوله وإلا فتكلف هذه المرأة إثبات دعواها المذكورة ومتى أثبتتها بالبينة العادلة حكم لها بمقتضاها بعد التزكية الشرعية وإن عجزت حكم بمنعها عن دعواها الطلاق المذكور مادامت عاجزة عن البرهان الشرعى وتجبر على طاعة زوجها المدعى المذكور ويؤمر الزوج الثانى بقصر يده عنها وعدم معارضته للزوج الأول فى معاشرته لها مادام الحال ما ذكر واللّه تعالى أعلم(1/232)
نكاح الفضولى موقوف
F محمد عبده .
24 جمادى الأولى 1318 هجرية
Mنكاح الفضولى بلا توكيل ولا ولاية منعقد وموقوف على إجازة من له إجازة فإن أجازه نفذ وإن أبطله بطل
Q رجلان أرادا أن يتصاهرا بأن يأخذ أحدهما بنت الآخر البكر البالغة لابنه البالغ فتوجه والد الولد إلى منزل والد البنت وطلب منه إبنته لابنه فأجاب طائعا مختارا بقوله أعطيت ابنتى فلانة لابنك فلان على صداق وقدره كذا النصف مقدم والنصف مؤخر فقال والد الزوج وأنا قبلت منك إبنتك فلانة لابنى فلان على ذلك بحضور شهود أهل للشهادة والبنت لم تأذن والدها قبل العقد ثم علمت بالعقد وأجازت ما فعله والدها فهل العقد صحيح شرعا بحيث لو أراد والدها أن يمنعها من هذا الزوج ويزوجها بآخر يمنع من ذلك
An قرر علماؤنا أن الفضولى الذى يوجب النكاح أو يقبله بلا توكيل ولا ولاية ينعقد نكاحه موقوفا على إجازة من له الإجازة، فإن أجازه نفذ وإن أبطله بطل، وحيث حصل إيجاب النكاح من أب البنت البالغة والقبول من أب الابن البالغ فإن كان القبول من الأب بتوكيله عن الابن أو أجاز الابن هذا النكاح كما أجازته البنت بعد صدور العقد مستوفيا لشرائطه الشرعية وجب الحكم بنفاذه .
وليس لأب البنت منعها من زوجها بدون وجه شرعى . كما أنه ليس له تزويجها بآخر والحال ما ذكر واللّه أعلم(1/233)
زواج ذمية بمسلم
F محمد عبده .
7 رجب 1318 هجرية
Mجواز تزوج الذمية من مسلم فى أى بلد من بلاد أوروبا ويكون مقبولا بمصر بحضور شاهدين ولو ذميين
Q بافادةرساله من ا ح م مضمونها أنه لمناسبة ضرورة ما فعله نجله ع ر ا بألمانيا اقتضى القانون هناك ضمن الشروط أن يحضر بشهادة من فضيلتكم مؤداها أن زواجه القانونى بألمانيا يعتبر مقبولا بمصر وحيث إن ذلك جائز فى الشرع الشريف يرجو التكرم بإعطاء الشهادة المطلوبة للاعتماد .
أفيدوا الجواب
An يجوز أن يتزوج المسلم التابع للدولة العلية بمسيحية فى ألمانيا أو غيرها من بلاد أوروبا ويعتبر هذا الزواج مقبولا بمصر متى كان العقد بحضرة شاهدين ولو ذميين وذلك لأن زواج المسلم بالمسيحية جائز شرعا فى أى بلد كان متى استوفيت الشروط اللازمة لصحة العقد لأن المسيحية من أهل الكتاب وقد أحل للمسلمين أن يتزوجوا بالكتابيات واللّه أعلم(1/234)
نكاح بشرط التفويض فى الطلاق
F محمد عبده .
28 رجب 1318 هجرية
M 1- تفويض الطلاق للمرأة فى وقت العقد إذا ابتدأت المرأة بالإيجاب يصح النكاح ويلزم الشرط سواء كان العقد بنفسها أو بوكيل عنها وسواء كان التفويض بالطلاق إليها أو لغيرها بخلاف ماذا كان الإيجاب منه أو لا .
2- إذا كان التفويض فى أثناء عقد النكاح ولم يقيد بلفظ متى شئت أو كلما شئت فإنها تملك الطلاق متى شاءت مرة واحدة ولا يقتصر على مجلس العقد ولا يعطى حكم التفويض المستقل .
3- إذا كان التفويض بعد الزواج مطلقا غير مقيد بقيد ولا عاما فلا تملك الطلاق إلا مرة واحدة فى المجلس فقط
Q امرأة بكر بالغ قالت لأبيها الرشيد بحضرة شهود وكلتك فى تزويجى بفلان البالغ الرشيد بصداق 30 بنتو ذهب حاله ومؤجله وتكون عصمتى بيدك فقبل منها الوكالة وزوجها للرجل المذكور بقوله له زوجتك بنتى فلانة البكر البالغ بإذنها لى فى العقد على صداق ثلاثين بنتو ذهبا حاله ومؤجله وعصمتها بيدى فقبل منه الزواج لنفسه بقوله قبلت منك زواجها لنفسى على الصداق المذكور وعصمتها بيدك وكان ذلك بحضرة شهود والزوج أمى فهل يصح هذا العقد وللأب أن يطلقها متى شاء وما كيفية الطلاق إن أراد
An قالوا إذا بدأت المرأة بالإيجاب وكان فيه شرط أن تكون عصمتها بيدها وقبل الزوج النكاح على ذلك الشرط صح النكاح ولزم الشرط بخلاف ما إذا أوجب الزوج مع الشرط وقبلت المرأة فإن الشرط يلغو حينئذ وقالوا إن بطلان الشرط فى الصورة الثانية مبناه أن الزوج قد ملك العصمة قبل العقد فإذا قبلت الزوجة مع ذكر الشرط كأنها أعطت تلك العصمة لنفسها عند تمام العقد وهى لا تملك ذلك بالضرورة بخلاف ما إذا بدأت وأجاب الزوج بالشرط فإن الشرط يكون قد وقع بعد تمام العقد ويكون الزوج قد ملكها ما يملكه حقيقة فيلزم وما صدر من الوكيل فى هذه الحادثة كأنه صادر عن نفس الزوجة لأن الوكيل سفير ومعبر وقد أوجب أولا مع الشرط وقبل الزوج معه فيلزم .
وقول الوكيل وعصمتها بيدى وقول الزوج، وعصمتها بيدك بمنزلة قول كل منهما على أن تكون عصمتها بيد فلان فالعقد صحيح والشرط لازم ثم قالوا إذا قال الزوج لزوجته عصمتك بيدك أو اختارى نفسك ولم يقل تطلقى نفسك متى شئت أو كلما شئت ونحو ذلك صح التفويض واقتصر الحق لها فى التطليق على مجلسه فإذا انقضى المجلس لم يكن لها أن تطلق نفسها ومقتضى تعليلهم السابق فى مثل حادثتنا أن تمليك العصمة حصل بعد العقد فيكون حكمه حكم التفويض الذى ذكروه وعلى ذلك فلا يكون لوالد الزوجة فى حادثتنا أن يطلق بنته متى شاء ولم نطلع على كلام لهم فى مثل حادثتنا ولكن لو أعطينا الشرط الواقع فى العقد حكم التفويض الواقع بعده بناء على ما يفهم من كلامهم لأصبح الشرط لغوا ولكان ذلك مخالفا لمقصد المتعاقدين بالضرورة فإن الزوجة إنما شرطت تمليك العصمة لوالدها لأجل أن تتخلص من مضايقة زوجها لها بعد الدخول أو قبله لو عرض شقاق بينهما والزوج قبل ذلك على أن يكون حل العصمة بإرادة الوالد فى مستقبل الزمان إذا عن له ذلك لا أن يكون له ذلك فى مجلس العقد حتى يلزم بنصف الصداق قبل انصرافه منه بدون أن يتمتع بشىء بل يكون هذا بمنزلة أن تقوم الزوجة وكلتك فى أن تعقد نكاحى ولك أن تطلقنى فى الحال ويقول الزوج قبلت ذلك ولك أن تفصم عصمتها قبل قيامنا من المجلس وهو من الهزء بمكان ولا يمكن أن يتوجه إليه قصد عاقل وقد جاء فى كلامهم فى حكم حادثة أخرى ما يسترشد منه على الحكم فى حادثتنا وذلك أنهم قالوا إذا خافت الزوجة عند نكاح المحلل أن لا يطلقها فالحيلة أن تقول زوجت نفسى منك على أن تكون عصمتى بيدى فتتخلص بهذا من تعنت الزوج الجديد ولم يقيدوا صحة ذلك لها بأن تقول أطلق نفسى متى شئت .
وجاء فى عبارات بعضهم التقييد بكلمات شاءت فالذى أطلق العبارة راعى بلا ريب أن مجرد الاشتراط كاف فى أن تملك عصمتها إلى ما بعد الدخول حتى يتم الحل بدون أن تقول متى شئت أو كلما شئت وهذا هو الذى أذهب إليه فى حادثتنا أولا لأن عدم ذكر هذا القيد وهو يطلقها متى شاء ليس بشىء لأن الشرط نفسه لا تكون له فائدة تعقل إلا معه فهو إنما ترك لأنه مفهوم بالبديهة والتعارف الذى لا يرتاب فيه .
وثانيا لأن النكاح وقع مقيدا به فكأن كلا منهما قال إن النكاح باق ما بقى الشرط فلا نكاح بدونه فالشرط دائم بدوام النكاح وذلك يساوى التصريح بالتطليق متى شاء .
وثالثا لأن قولهم إن الشرط وقع بعد النكاح لا يقتضى التسوية بين هذه الحالة وحالة التفويض التى ذكروها لأن التفويض إذا ذكر استقلالا كان ذلك ابتداء قصد للفراق بعد مرور الزمن على النكاح كأن الزوج عن له أن يطلق فأراد أن يكون الطلاق بيد زوجته حتى لا يكون مباشرا له وهذا أمر متعارف عند الناس فهو صورة من صورة الطلاق غير أنها معلقة على إرادة شخص آخر ولا ريب فى أن هذا يتحدد بالمجلس ما لم يصرح بلفظ يدل على امتداده إلى أكثر من ذلك .
أما فى حادثتنا فالبعدية تقديرية كأنها مسألة من مسائل الاقتضاء فإنه لما قال قبلت وعصمتها بيدك فقد وقع تمام العقد مع الشرط لكن يقدران النكاح تم، ثم كان التمليك فالشرط وقع فى ضمن العقد فيكون له حكم العقد قصورا وامتدادا ولا يمكن أن يعطى حكم التفويض المستقل وهذا هو الذى يمكن أن تصان به الأحكام الشرعية عن العبث فيكون لوالد الزوجة أن يطلقها متى شاء مرة واحدة ولا يتكرر وأما صيغة الطلاق فهى أن يقول طلقتها وابنتها مثلا من ألفاظ الطلاق المعروفة وأما كون الزوج أميا فهو يؤيد ما ذهبنا إليه لأنه لا يفهم مما شرط تمليك العصمة إلا أن يكون للوالد طلاقها متى شاء بالضرورة واللّه أعلم(1/235)
نكاح فاسد
F محمد عبده .
29 ربيع أول 1321 هجرية
M 1- من شروط صحة النكاح حضور شاهدين سامعين فاهمين أنه نكاح على المذهب .
فإذا لم يوجد ذلك بتمامه لم يصح العقد . 2- إذا انفرد كل من الشاهدين عن الثانى فيما شهد به فلا عبرة بقولهما .
3- إذا زوج الأب ابنته الحاضرة البالغة بشاهد واحد كان العقد صحيحا لأنه عبارته تنتقل إليها فيعتبر شاهدا هو مع الآخر فيتم نصاب الشهادة .
4- إذا وقع النكاح باطلا جاز للابن الزواج من التى كان يريد أبوه الزواج منها وتحل له
Q رجلان كانا بمجلس ومعهما رجل فطلب أحدهما من الآخر زواج ابنته على صداق عينه فأجابه والد البنت بالقبول وأشهد الثالث على ذلك وهو الذى كان معها وقال ذلك الشاهد إنه كان معهم داخل المكان الذى كانوا جالسين فيه شخص آخر هو تابع طالب الزواج وبسؤاله عما سمعه أجاب بأنه لم يسمع شيئا مما ذكر بل الذى سمعه أن الأول قال للآخر إن زوجتنى بنتك فلانة واستحضرتها لى فى الحال حتى أدخل بها أعطيك كذا وأعطيك بناتى الاثنتين فلانة وفلانة واحدة لك والثانية لابنك .
وأن طالب الزواج ووالد البنت والشاهد الأول كانوا فى آخر درجة من السكر .
ثم إن طالب الزواج مات بعد بذلك بسنتين وقد مضى للآن نحو سبع سنوات ولم يذكر لهذا الأمر شىء وكانت البنت قاصرة وبلغت الآن رشدها .
ويريد ولد طالب الزواج التزوج بها .
فهل لا تحرم عليه تلك البنت
An من شرط صحة النكاح حضور شاهدين سامعين معا فاهمين أنه نكاح على المذهب .
فإذا لم يوجد ذلك بتمامه لا يصح العقد . وهنا على تحقق وجود الشاهد الأول لم يوجد الشاهد الثانى كذلك فالنكاح إذا باطل على أن الشاهد الثانى صرح بعدم سماع تلك الصيغة التى جرت بين طالب الزواج وأب البنت وذكر ما يفيد الوعد بشروط لا تلزم فكل منهما قد انفرد عن الثانى فيما شهد به فلا عبرة بقولهما .
وعلى هذا فلا تحرم البنت المذكورة على ابن ذلك الطالب .
وقولهم إذا زوج الأب ابنته بحضرة واحد ينعقد النكاح محله ما إذا كانت البنت بالغة حاضرة لأن عبارته تنتقل إليهما ويعتبر شاهدا مع الحاضر فيتم نصاب الشهادة مادامت البنت كذلك لأن البنت كانت قاصرة وقت ذلك .
وقولهم لو أمر الأب رجلا بتزويج صغيرته فزوجها عند رجل صح .
محله إذا وجد المأمور لأن عبارته تنتقل للآمر فيكون المأمور والحاضر شاهدين فيتم نصاب الشهادة ويكون الأب هو المزوج وما هنا ليس كذلك لعدم وجود المأمور أيضا فإن القبول لم يوجد من طالب الزواج بعد إجابة الأب .
والقبول كان لابد منه . فقد فقد ركن العقد وذلك مبطل بالضرورة .
وبالجملة فالنكاح فى هذه الحادثة باطل ولا تحرم تلك البنت على ذلك الابن واللّه سبحانه وتعالى أعلم .
ے(1/236)
تزويج الأب الماجن بنته الصغيرة
F محمد عبده .
4 رمضان 1321 هجرية
M 1 - سوء اختيار الأب ومجانته تجعلانه بمنزلة غير الأب .
2 - الوالد الماجن السىء الاختيار قد يفقد الشفقة مع الرأى .
3 - إذا زوج ذلك الأب بنته الصغيرة من صغير فقير لا يملك نفقة ولا مهرا ثم اختارت فسخ النكاح عند البلوغ فلها أن ترفع الأمر إلى القاضى
Q بنت صغيرة زوجها أبوها وهو سىء الاختيار مجانة وفسقا لصغير يبلغ من السن سبع سنين وقبل النكاح له أبوه .
والبنت قد بلغت وعند بلوغها أعلنت بفساد العقد والولد فقير لا يقدر على المهر والنفقة .
فهل هذا النكاح صحيح أو غير صحيح وإن كان غير صحيح يحتاج فى الفرقة بينهما إلى مرافعة شرعية أم كيف
An سوء اختيار الأب ومجانته تجعلانه بمنزلة غير الأب .
فإن سوء الاختيار والمجانة مما يضعف الرأى .
وقد صرحوا فى تزويج الأم بأنه صحيح ويجوز للزوج أو الزوجة أن يختار الفسخ عند البلوغ .
وعللوا ذلك بأن الشفقة وإن توفرت فالرأى غير كامل فضعف الرأى فيها سوغ جواز الفسخ للصغيرة إذا بلغت .
والوالد الماجن السىء الاختيار قد يفقد الشفقة مع الرأى خصوصا من أهل زماننا الذين فشا فيهم فساد الرأى وغلب على وجدانهم حتى إن الرجل الذى لا دين له لا يبالى بما يكون من شأن بنته فى مستقبل قريب فضلا عن بعيد وليس من الفقه أن يسوى بين كامل الرأى حسن الاختيار وبين الماجن السىء الاختيار فى لزوم العقد على أن الذى يظهر من كلام عم الزوج فى هذه الحادثة أن اباه مات ولا مال له فالوالد فقير لا يملك نفقة ولا مهرا .
ولو بقيت البنت فى عصمته أصابها من الضرر ما هو معلوم .
فالزوج فى هذه الحالة غير كفء لشدة فقره .
وفقر البنت لا مدخل له فى الكفاءة عند العجز عن النفقة فالفقير غير كفء وإن كانت الزوجة فقيرة بنت فقراء كما هو صوابه لأن لزوم النكاح يقضى بالنفقة .
فالعاجز عنها عاجز عن توفية حق الزوجة فهو غير كفء لها على كل حال .
فللبنت بعد أن اختارت فسخ النكاح أن ترفع الأمر إلى القاضى ليقضى به متى صح عنده جميع ما ذكر فى السؤال .
واللّه أعلم(1/237)
زواج المرأة نفسها من غير كفء
F محمد عبده .
12 شوال 1321 هجرية
M 1- إذا زوجت المرأة نفسها من غير كفء ورضى به أحد الأولياء لم يكن لهذا الولى ولا لمن هو مثله أو دونه فى الولاية حق الفسخ .
2- رضاء بعض الأولياء المستوين فى الدرجة كرضاء كلهم لأنه حق لهم لا يتجزأ فيثبت لكل منهم على الكمال
Q فى رجل مسيحى أصوله غير مسلمين عدل عن دينه واعتنق دين الإسلام ثم تزوج بامرأة مسلمة أصولها مسلمون وتلك المرأة لها ابن بالغ رشيد حضر عقد نكاحه عليها ورضى به قبل العقد ودخل بها ذلك الزوج وعاشرها معاشرة الأزواج والآن قام رجل يدعى أنه ابن عمها ويريد فسخ ذلك النكاح بدعوى أن هذا الزوج غير كفء لتلك الزوجة فهل ليس له حق فى ذلك نظرا لرضاء الإبن بما ذكر قبل العقد فلا يفسخ حينئذ ذلك النكاح للزومه بسبب رضاء الإبن لكونه مقدما فى ولاية النكاح على ابن العم على فرض أنه ابن عم .
أفيدوا الجواب
An أجمع علماؤنا على أن أقرب الأولياء إلى المرأة الابن ثم ابن الابن وإن سفل ثم الأب ثم الجد أبو الأب وإن علا ثم الأخ لأبوين ثم الأخ لأب ثم ابن الأخ لأبوين ثم ابن الأخ لأب وإن سفلوا ثم العم لأبوين ثم العم لأب ثم ابن العم لأبوين ثم ابن العم لأب وإن سفلوا إلى آخر ما ذكروه من الترتيب فى أولياء النكاح العصبة بأنفسهم على ترتيب الإرث والحجب كما فى رد المحتار والهندية وغيرهما من كتب المذهب .
وصرحوا بأن المرأة إذا زوجت نفسها من غير كفء فللأولياء أن يفرقوا بينهما دفعا لضرر العار عن أنفسهم وأن رضاء بعض الأولياء المستوين فى درجة كرضاء كلهم لأنه حق لهم لا يتجزأ فيثبت لكل منهم على الكمال فإذا أبطله أحدهم لا يبقى كحق القصاص أما لو رضى الأبعد كان للأقرب الاعتراض كما فى الفتح وحواشيه .
وصرحوا بأن المرأة إذا زوجت نفسها من غير كفء ورضى به أحد الأولياء لم يكن لهذا الولى ولا لمن فى درجته أو دونه فى الولاية حق الفسخ ويكون ذلك لمن فوقه كما فى الخانية .
وصرحوا بأن المرأة إذا زوجت نفسها من غير كفء صح النكاح فى ظاهر الرواية عن أبى حنيفة وهو قول صاحبيه آخرا حتى إنه ثبت فيه قبل التفريق حكم الطلاق والظهار، والإيلاء والتوارث وغير ذلك ولكن للأولياء حق الاعتراض .
وروى الحسن عن أبى حنيفة أن النكاح لا ينعقد وبه أخذ كثير من المشايخ كما فى المحيط وقالوا باختيار هذه الرواية للفتوى كما فى الهندية وذكر برهان الأئمة أن الفتوى فى جواز النكاح بكرا كانت أو ثيبا على قول الإمام .
وهذا إذا كان لها ولى فإن لم يكن صح النكاح اتفاقا وقد علم من السؤال وجود الولى الأقرب هنا وهو الابن ورضاؤه بزواج أمه المذكورة من غير الكفء قبل العقد فصح النكاح ولا حق فى فسخه لابن العم المذكور لأنه ليس له ذلك لما تقرر من أنها إذا زوجت نفسها من غير كفء ورضى به أحد الأولياء لم يكن لهذا الولى ولا لمن هو مثله أو دونه فى الولاية حق الفسخ وهو دون الابن فى الولاية ولا محالة .
وعلى ذلك لا يملكه كما لا يملكه لو فرض وكان مساويا للابن فى الدرجة متى رضى الابن لأن رضاء البعض كرضاء الكل كما قلنا وبالجملة فالنكاح المسئول عنه صحيح على ظاهر الرواية ولا حق لابن العم فى الاعتراض لما ذكر وعلى رواية الحسن ، لوجود الابن الذى ولايته فوق ولاية ابن العم ورضائه قبل العقد فهو صحيح لازم باتفاق أئمة المذهب فلا وجه لفسخه فى حال من الأحوال .
واللّه تعالى أعلم(1/238)
ليس للموصى الاعتراض على التزويج بالوكالة بمهر المثل
F بكرى الصدفى .
16 ذى الحجة 1323 هجرية
Mللعم أن يزوج بنت أخيه من كفء بمهر مثلها مادامت قد رضيت به وليس من حق الوصية على هذه البنت المعارضة فى ذلك بدون وجه شرعى
Q بنت بكر رشيدة عاقلة تبلغ من العمر سبع عشرة سنة وعليها وصية هى أخت جدتها لأبيها وللبنت المذكورة عم لأب يريد أن يزوجها من كفء بمهر مثلها وهى راضية بذلك وقد وكلت عمها فى ذلك الزواج فهل له أن يزوجها دون معارضة الوصية
An نعم للعم المذكور أن يزوج بنت أخيه المذكورة بطريق وكالته الشرعية عنها من الكفء المرقوم وبمهر المثل والحال ما ذكر بالسؤال .
وليس للوصية المذكورة المعارضة فى ذلك بدون وجه شرعى واللّه أعلم(1/239)
يثبت الخيار عند البلوغ لمن زوجها العاصب وهى قاصر
F بكرى الصدفى .
12 رمضان 1324 هجرية
M 1- إذا زوج غير الأب والجد الصغيرة فإن ردته عند بلوغها رد وبطل وإن سكتت نفذ شرعا .
2- مجرد الرد عند البلوغ لا يفسخ العقد ولكنه ينفسخ بقضاء القاضى .
3- البكر إذا زوجها وكيلها فبلغها ذلك فردته كان ردا
Q فى رجل توفى وترك بنتا له سنها سبع سنين وأما .
له . وقد جعلت أمه وصية على بنته ثم إن عم أبيها الشقيق زوجها لابن أخيه من غير شعور جدتها وبدون رضاها .
بعد علمها والحال أنه لم يكن ثمة أدنى منه فى ولاية النكاح فحينما بلغت البنت الحلم قالت على الفور لا أرضى به زوجها لى ولو قطع عنقى بالسيف والحال أنه لم يدخل بها .
فهل ينفسخ العقد بقولها هذا أم لا . أفيدوا الجواب
An إذا كان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال وقالت البنت المذكورة فور بلوغها لا أرضى به زوجا ولو قطع عنقى بالسيف وأشهدت على ذلك كان ما ذكر ردا للنكاح لكنه لا ينفسخ إلا بقضاء القاضى كما يستفاد من كتب المذهب .
ففى رد المحتار إذا كان المزوج للصغير والصغيرة غير الأب والجد فلهما الخيار بالبلوغ فإذا اختارا الفسخ لا يثبت الفسخ إلا بشرط القضاء - انتهى ملخصا - .
وفى البحر ما نصه ( وإذا اجتمع خيار البلوغ والشفعة تقول أطلب الحقين ثم تبتدئ فى التفسير بخيار البلوغ ) انتهى وكتب عليه محشيه العلامة ابن عابدين ما نصه ( قال الرملى هذا قول وقيل بالشفعة .
وفى جامع الفصولين ولو ثبت للبكر خيار البلوغ والشفعة تقول طلبت الحقين ثم تفسر وتبدأ بالاختيار وقيل بالشفعة وقيل تطلب الشفعة وتبكى صراخا فيصير هذا البكاء ردا للنكاح على قول من يجعله ردا له أقول لا أدرى ما وجه تعين البدء بأحدهما فى التفسير بعد طلب الحقين جملة فإنا حيث اعتبرناه هو المانع من السقوط فلا يضر تقديم أحدهما على الآخر ولا يبطل المؤخر لأنه ثبت بالإجمال المتقدم والألف واللام فيه جامعة لهما .
ولو قيل لا حاجة إلى التفسير بعده أصلا لكان له وجه وجيه وأيضا فيه تضييق وتفسير ونوع حرج وذلك مرفوع والظاهر أن متقدمى أئمتنا ذكروا المسألة ومنهم من قال على سبيل المثال تقول طلبتهما نفسى والشفعة ومنهم من قال على سبيله الشفعة ونفسى فتوهم بعض المتأخرين أن ذلك على سبيل الحتم واللزوم وليس كذلك بل تقدم فى التفسير أيا شاءت تأمل ) انتهى ونحوه فى الدر وحواشيه وصرحوا أيضا بأن البكر إذا زوجها وليها فبلغها الخبر فقالت لا أرضى كان ردا واللّه تعالى أعلم(1/240)
زواج
F بكرى الصدفى .
26 صفر 1325 هجرية
M 1- يجوز الجمع بين المرأة وزوجة أبيها نكاحا كما يجوز الجمع بين المرأة وبنت زوجها لأن أيا منهما لو فرضت ذكرا يحل له الزواج بالأخرى .
2- يحرم الجمع بين كل امرأتين أيتهما فرضت ذكرا لم تحل للأخرى
Q فى رجل تزوج بواحدة .
هل تحل له زوجة أبيها أم لا
An نعم يجوز الجمع بين المرأة وزوجة أبيها، ففى متن التنوير ما نصه وحرم الجمع نكاحا وعدة ولو من طلاق بائن ووطء ملك يمين بين امرأتين أيتهما فرضت ذكرا لم تحل للأخرى، فجاز الجمع بين امرأة وبنت زوجها انتهى واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/241)
زواج المراهق وطلاقه
F بكرى الصدفى .
12 ربيع الثانى 1325 هجرية
M 1- زواج المراهق صحيح وتحل به المطلقة ثلاثا إلى زوجها الأول بعد الدخول بها وانقضاء عدتها منه بشرط أن يكون مثله يجامع وتتحرك آلته .
2- يقع طلاقه بعد البلوغ وتحل للأول بعد انقضاء عدتها ولا يقع قبله
Q فى امرأة طلقت ثلاثا وتريد أن ترجع لزوجها الأول، فهل يكفى لتحليلها أن تنكح بعد انقضاء عدتها من الأول غلاما مراهقا يبلغ من السن عشر سنين تتحرك آلته ويشتهى النساء وهو كفء لها
An فى متن الكنز ما نصه وينكح مبانته فى العدة وبعدها لا المبانة بالثلاث لو حرة وبالثنتين لو أمة حتى يطأها غيره ولو مراهقا بنكاح صحيح وتمضى عدته - انتهى - وفى البحر وأراد بالمراهق الذى مثله يجامع وتتحرك آلته ويشتهى الجماع وقدره شمس الأئمة بعشر سنين واحترز به عن الصغير الذى لا يجامع مثله فلا يحلها انتهى - وفى حواشى ابن عابدين عليه ما نصه قال الرملى وفى شرح النافع للمصنف إذا جامعها المراهق قبل البلوغ فلابد أن يطلقها بعد البلوغ لأن الطلاق منه قبل البلوغ غير واقع ذكره فى جامع الفتاوى انتهى ومثله فى الدر وحواشيه مع زيادة أن الكفاءة شرط فى المراهق المذكور على رواية الحسن المفتى بها إن كان لها ولى لم يرض بغير الكفء، ومن ذلك يعلم صحة تحليل المراهق المذكور فى حادثة هذا السؤال حيث توفرت هذه الشروط وكان الأمر كما ذكر فيه واللّه تعالى أعلم(1/242)
زواج العنين
F بكرى الصدفى .
5 شوال 1325 هجرية
M 1- لزوجة العنين أن ترفع أمرها إلى القاضى ولا يمنع من ذلك معاشرتها له مدة ما لم تقل رضيت بالمقام معه .
2- يؤجل العنين سنة قمرية ولا تحتسب هذه إلا من يوم الخصومة .
3- إذا كان الزوج صغيرا أو مريضا أو محرما تعتبر السنة من تاريخ بلوغه وصحته وخروجه من إحرامه .
4- لا عبرة بتأجيل غير القاضى لذلك
Q فى رجل تزوج بنتا بكرا بالغة بنكاح صحيح شرعى وأزال بكارتها بأصبعه وعاشرها عشرة أشهر ولم تنتشر آلته ولم يكن هناك مانع من قبل الزوجة ولم ترض بذلك وحاله يقتضى أنه عنين ولم ترفعه إلى الحاكم فى المدة المذكورة فما الحكم .
وهل إذا رفعت الأمر إلى الحاكم واقتضى الحال تأجيله سنة هل تحسب المدة الماضية من السنة .
وكيف الحال
An حيث كان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال ولم يقم بالمرأة المذكورة مانع من جهتها ككونها رتقاء فالحكم الشرعى فى ذلك أن لها أن ترفع الأمر إلى الحاكم الشرعى ولا يمنع منه معاشرتها تلك المدة ما لم تقل رضيت بالمقام معه وإذا اقتضى الحال تأجيله سنة لا تحسب المدة الماضية من السنة فإن التأجيل إنما هو من وقت الخصومة ففى التنوير وشرحه ورد المحتار ما ملخصه ولو وجدته عنينا أجل سنة قمرية بالأهلة على المذهب ورمضان وأيام حيضها وحجه وغيبته عنها لا مدة حجها وغيبتها ومرضه ومرضها ويؤجل من وقت الخصومة ما لم يكن صبيا أو مريضا أو محرما لبعد بلوغه وصحته وإحرامه ولا عبرة بتأجيل غير القاضى فإن وطىء مرة فيها وإلا بانت بالتفريق من القاضى بطلبها إن أبى طلاقها ولو وجدته عنينا ولم تخاصم زمانا لم يبطل حقها وكذا لو خاصمته ثم تركت مدة فلها المطالبة ولو ضاجعته تلك الأيام ما لم تقل رضيت بالمقام معه ولو اختلف الزوجان فى الوطء قبل التأجيل فإن كانت حين تزوجها ثيبا أو بكرا وقال النساء هى الآن ثيب فالقول له مع يمينه وإن قلن بكرا أجل وكذا إن نكل عن اليمين وإن اختلفا بعد التأجيل وهى ثيب أو بكر وقلن ثيب فالقول له وإن قلن بكرا أو نكل خيرت وحاصله أنها لو كانت ثيبا فالقول له بيمينه ابتداء وانتهاء فإن نكل فى الابتداء أجل وفى الانتهاء تخير للفرقة ولو بكرا أجل فى الابتداء ويفرق فى الانتهاء ولو وجدت ثيبا بعد التأجيل وزعمت زوال عذرتها بسبب آخر غير وطئه كإصبعه وقال الزوج بوطئه فالقول له بيمينه لأنه الظاهر والأصل عدم أسباب أخر انتهى ونحوه فى البحر وتنقيح الحامدية وغيرهما من معتبرات المذهب وفى رد المحتار أيضا ما نصه بقى لو أقر بأنه أزالها بإصبعه وادعى أنه صار قادرا على وطئها ووطأها فهل يبقى خيارها أم لا والظاهر الثانى انتهى ومن ذلك يعلم تفصيل الجواب فى حادثة هذا السؤال .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/243)
عدم نفاذ عقد الزواج
F بكرى الصدفى .
22 ربيع أول 1326 هجرية
M 1- اشتراط البنت البالغ شروطا معينة مع الوكيل عنها لإجراء عقد زواجها فعقده بدونها يجعل العقد موقوفا على إجازتها فإن إجازته نفذ وإلا فلا .
2- يرتد هذا العقد بردها
Q رجل خطب بنتا بكرا بالغة رشيدة من أبيها وكان أبوها فى ذلك الوقت مريضا ملازما للفراش فرضى بتزويجها له على أن المهر ثمانمائة جنيه إنكليزى وسكتا عن تقدير المقدم والمؤخر ثم اتفق الخاطب مع زوج عمة البنت على أن مقدم الصداق المذكور مائة جنيه ومؤخره الباقى وهو سبعمائة جنيه وبعد ذلك أخبر زوج عمة البنت المخطوبة وأباها بذلك فلم يرضيا بذلك وقالا له إن لم يكن المقدم الثلثان أو النصف فلا يصير إجراء العقد وقالت البنت لزوج عمتها إن جرى العقد على الثلثين أو النصف مقدما لازم تشترط عليه أن تكون العصمة بيدى فقال زوج عمتها حتى أنظر ذلك وهذا الأمر كان على يدى بينة تشهد بذلك ثم اتفق زوج عمتها مع الخطيب المذكور على أن مقدم هذا الصداق مائة جنيه فقط والباقى مؤخرا وصار إجراء العقد على ما اتفق عليه زوج عمة البنت والخاطب على أن المقدم مائة جنيه فقط ولم يشرط عليه أن العصمة تكون بيد الزوجة وخالف ما أمرته به ثم حين بلغها أنه أجرى العقد على أن مقدم الصداق مائة جنيه فقط والباقى مؤخرا ولم يشرط على الخاطب أن العصمة تكون بيدها ولولت وأنا لا أرضى بهذا العقد أبدا وقد فسخته وأشهدت على ذلك بينة .
فهل والحالة هذه ينفسخ النكاح المذكور ولا ينعقد حيث خالف الوكيل المذكور ما اشترطته عليه من أن المقبوض يكون الثلثين أو النصف ولا يكون أنقص من ذلك أبدا وأن عصمتها تكون بيدها أم كيف الحال أفيدوا الجواب أفندم
An يشترط للزوم عقد الوكيل ونفوذه على من وكله موافقته لما أمره به فإن خالف فلا ينفذ عليه النكاح إلا إذا أجازه فإذا كان الأمر فى حادثة هذا السؤال كما ذكر وقد خالف الوكيل البنت المذكورة فيما أمرته به قولها له إن لم يكن المقدم الثلثين أو النصف فلا يصير إجراء العقد إلى آخره فلا ينفذ عليها هذا النكاح ويرتد بردها هذا وفى الخلاصة امرأة وكلت رجلا أن يزوجها بأربعمائة درهم فزوجها الوكيل فأقامت سنة ثم قال الزوج تزوجتها بدينار وصدقه الوكيل إن أقر الزوج أن المرأة لم توكله بدينار فالمرأة بالخيار إن شاءت أجازت النكاح بدينار وإن شاءت ردت ولها مهر المثل بالغا ما بلغ وليس لها نفقة العدة وإن كان الزوج منكرا لذلك فالقول قولها انتهى - وفى الدر المختار من كتاب النكاح ما نصه وكله بأن يزوجه فلانة بكذا فزاد الوكيل فى المهر لم ينفذ انتهى ومثله فى تنقيح الحامدية وفى البزازية ما نصه وكله أن يزوجها منه غدا بعد الظهر فزوجه قبل الظهر أو قبل الغد لا يجوز انتهى واللّه تعالى أعلم(1/244)
زواج المسلمة بغير المسلم
F بكرى الصدفى .
26 ذى القعدة 1327 هجرية
Mزواج المسلمة بغير مسلم باطل ويلزم التفريق بينهما ولا يترتب عليه شىء من أحكام النكاح الصحيح
Q مسلمة خالية من الأزواج .
وقد تزوجت بغير مسلم بعقد . فهل يكون هذا الزواج صحيحا أو يكون باطلا ولا يترتب عليه أحكام الزواج الشرعية
An نعم يكون هذا النكاح باطلا ويلزم التفريق بينهما ولا يترتب عليه شىء من أحكام النكاح الصحيح .
واللّه تعالى أعلم(1/245)
نكاح بوكيل
F بكرى الصدفى .
24 صفر 1330 هجرية
Mإذا صدر عقد الزواج بوكيل أجنبى عنها بإيجاب وقبول شرعيين وكان الزوج كفئا لها وبمهر المثل وبحضور شهود كان صحيحا بلا توقف على رضا الولى
Q تزوج رجل على يد مأذون شرعى بحضور الشهود ببكر عاقل بالغ .
ولم يحضر العقد أحد من أولياء أمورها الموجودين على قيد الحياة ( أخوة لأب ) وحضر زوج أمها وكيلا عنها كما أن الزوج المذكور كفء لها وبمهر المثل .
فهل هذا النكاح صحيح أم لا
An إذا صدر هذا النكاح بإيجاب وقبول شرعيين وكان من كفء وبمهر المثل وبحضور شهود شرعيين كان صحيحا شرعا بدون توقف على رضا ولى .
ففى التنوير وشرحه ما نصه ( فنفذ نكاح حرة مكلفة بلا رضى ولى ) انتهى .
واللّه تعالى أعلم(1/246)
معنى الجهاز
F محمد بخيت .
رجب 1333 هجرية
M 1- جهاز الزوجة معناه عرفا جميع ما أعد لها للدخول به على زوجها .
2- ما يكون على الزوجة ليلة الزفاف من الحلى والثياب فإن الكثير أو الأكثر عارية فلو ماتت ليلة الزفاف لم يكن للزوج أن يدعى أنه لها فيرث منه بل القول فيه للأب بيمينه إنه إعارة أو استعارة لها فإن هذا لا يعد من الجهاز عرفا
Q فى معنى كلمة جهاز هل هذه الكلمة تشمل كل ما دخلت به المرأة على زوجها بما فيه المصوغات والملابس والموبيليات .
أفتونا الجواب ولكم الثواب
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن جهاز الزوجة معناه عرفا جميع ما أعد لها للدخول به على زوجها ولا يلزم من ذلك أن يكون ملكا لها إلا إذا كان قد اشترى لها من مهرها أو جهزها أبوها من ماله أو أمها من مالها على أن يكون ما جهزه به أحدهما من ماله ملكا لها حتى إذا جهز الأب بنته وسلمها إلى الزوج بجهازها ثم ادعى هو أو ورثته أن ما سلمه إليها أو بعضه عارية وادعت هى أو زوجها بعد موتها أنه تمليك لها فإن غلب عرف البلد أن الأب يدفع مثل هذا جهازا لا عارية فالقول لها ولزوجها ما لم يقم الأب أو ورثته البينة على ما ادعوه وإن كان العرف مشتركا بين ذلك أو كان الجهاز أكثر مما يجهز به مثلها فالقول قول الأب وورثته والأم فى جميع الأحكام المتقدمة كالأب .
وهذا كله فى غير ما يكون على الزوجة ليلة الزفاف من الحلى والثياب فإن الكثير أو الأكثر عارية فلو ماتت ليلة الزفاف لم يكن للزوج أن يدعى أنه لها فيرث منه بل القول فيه للأب بيمينه إنه إعارة أو استعارة لها فإن هذا لا يعد من الجهاز عرفا(1/247)
ادعاء زوجية بمتوفاة
F محمد بخيت .
10 محرم 1334 هجرية - 18 نوفمبر 1915 م
M 1- إذا كانت الزوجية ثابتة بوثيقة رسمية صحيحة وليست مزورة كانت دعوى الزوجية صحيحة والوثيقة كافية فى إثباتها دون حاجة إلى إثبات آخر .
2- إقدام الزوج على شراء بعض منقولات المتوفاة المباعة بالمزاد العلنى لا يعتبر إقرارا منه بأنه لا ملكية له فيه .
3- إقدام الزوج على استئجار نصف منزل مملوك لها لا يعد أيضا إقرارا منه بعدم ملكيته فيه
Q بافادة واردة من وزارة الحقانية مرسل مع هذا لفضيلتكم مكاتبة إدارة عموم الحسابات بوزارة المالية والأوراق الواردة معها بشأن تركة ز ج رجاء الاطلاع عليها والإفادة بما ترونه فى ذلك لابلاغة للمالية وتفضلوا بقبول فائق الاحترام .
صورة مكاتبة المالية جاء بافادة الحقانية الرقمية 24 يونية سنة 1915 نمرة 3086 بشأن مدعى الزوجية للمرحومة ز .
ج. بناء على الرأى المعطى من فضيلة مفتى الديار المصرية بأنه متى تبين أن قسيمة الزواج صحيحة وليست مزورة كانت دعوى الزوجية صحيحة والقسيمة كافية لإثباتها لأنها من الأوراق الرسمية تطبيقا للمادة ( 132 ) وهى حجة لما تدون بها عملا بالمادة ( 134 ) وكافية للحكم بدون احتياج إلى إثبات آخر معها عملا بالمادة ( 138 ) .
غير أنه علم من أوراق تركة المتوفاة أنها تركت ما يورث عنها شرعا .
منقولات ومنزلا باسكندرية فالمنقولات المذكورة بيعت بالمزاد العلنى واشترى بعضها مدعى الزوجية المذكور كما يؤيد ذلك محضر البيع المحرر فى شهر أغسطس سنة 1913 والإيصال الموقع عليه منه بختمه فى 10 أغسطس سنة 1913 المذكور ثم استأجر من الحكومة نصف هذا المنزل وحيث ترغب وزارة المالية أخذ رأى حضرة صاحب الفضيلة المفتى المشار إليه عما إذا كان إقدام المذكور على الشراء والاستئجار يعد إقرارا منه بأنه لا ملك له فيه وما يقتضيه الحكم الشرعى فى ذلك فاقتضى تحريره على أمل التكرم بالإفادة على ذلك .
واقبلوا فائق الاحترام وطيه الأوراق بالملف
An اطلعنا على إفادة الوزارة الواردة لنا وعلى مكاتبة إدارة عموم الحسابات بوزارة المالية والأوراق الواردة معها بشأن تركة ز ج ونفيد أنه تبين من الأوراق أن ز ج المذكورة كانت اعتنقت الدين الإسلامى قبل وفاتها وأنها ماتت وهى مسلمة عن زوجها ح إ ف وعن الحكومة وأن ح إ ف المذكور ادعى الزوجية لها بمقتضى وثيقة زواج تاريخها 5 فبراير سنة 1913 نمرة 13 وتحرر منا لوزارة الحقانية بتاريخ 21 يونية سنة 1915 نمرة 28 فتاوى بأنه متى تبين أن القسيمة المذكورة صحيحة وليست مزورة كانت دعوى الزوجية صحيحة والقسيمة كافية لإثباتها لأنها من الأوراق الرسمية تطبيقا للمادة ( 132 ) وهى حجة فيما تدون بها عملا بالمادة ( 134 ) وكافية للحكم بدون احتياج إلى إثبات أخر معها عملا بالمادة ( 138 ) .
وأما شراؤة لبعض المنقولات المتروكة عنها وكذا استئجاره للحصة التى قدرها 12 قيراط فى المنزل المذكور فلا يعد كل منهما إقرارا بأنه لا ملك له فيه لأنه شريك للحكومة فى هذه المنقولات وفى هذا المنزل فهو قد اشترى لنفسه ما يخص الحكومة فى المنقولات واستأجر منها ما يخصها فى المنزل أيضا وليس فى الإيصال المذكور المؤرخ فى 10 أغسطس سنة 1915 الموقع علي بختم ح إ ف المذكور ما يقتضى أنه اشترى بعض المنقولات من الحكومة بل الذى فيه أنه استلم منقولات بمبلغ ألف ومائة وثلاثة عشر قرشا صاغا من أصل ما خصمه فى تركة زوجته ف ع ، وليس هذا إقرار بأنه لا ملك له فيها بل فيه تقرير لأن هذا من أصل ما خصمه فى تركة زوجته المذكورة وللأحاطة تحرر هذا والأوراق عائدة طيه كما وردت(1/248)
زواج البكر البالغ نفسها من كفء
F محمد بخيت .
17 ربيع أول 1335 هجرية - 11 يناير 1917 م
M 1- يجوز أن تزوج الحرة البالغة نفسها للغير بلا ولى بكرا كانت أو ثيبا ويكون عقد زواجها نافذا ولازما بشرط أن يكون من تزوجته كفؤا لها وبمهر المثل .
2- إذا زوجت نفسها من غير كفء ولها عاصب رضى به نفذ العقد ولزم وإلا كان له حق الاعتراض .
3- إذا لم يكن لها عاصب وزوجت نفسها من غير كفء يكون العقد صحيحا
Q بنت بكر بالغة رشيدة مسلمة حرة عاقلة عمرها أزيد من عشرين سنة تريد تزويج نفسها بكفء مسلم حر بالغ رشيد عاقل بعد دفعه لها مهر مثلها ووالدتها تعارضها فى زواجها وليس لها سوى والدتها هذه وشقيقة أكبر منها سنا متزوجة خارج القطر المصرى فهل لها حق زواج نفسها
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن المنصوص عليه فى المادة 51 من الأحوال الشخصية كما هو فى غيرها أيضا من كتب المذهب أن للحرة المكلفة أن تزوج نفسها بلا ولى بكرا كانت أو ثيبا وينفذ نكاحها ويلزم إذا كان الزوج الذى تزوجت به كفؤا لها وكان المهر مهر مثلها وقد نص بالمادة 52 أنه إذا لم يكن لها ولى عاصب وزوجت نفسها من غير كفء أو كان لها ولى ورضى بزواجها بغير الكفء فالنكاح صحيح .
ومثله فى غيرها من كتب المذهب أيضا ومن ذلك يعلم أن للبنت المذكورة متى كانت بالغة عاقلة أن تزوج نفسها بلا رضا أمها وينفذ نكاحها ويلزم إذا كان الزوج الذى تزوجته كفؤا لها وكان المهر مهر مثلها متى كان لها ولى عاصب فإن لم يكن لها أقارب سوى أمها وأختها المذكورتين صح نكاحها ولو زوجت نفسها من غير كفء(1/249)
مجرد العقد الفاسد لا يثبت حرمة
F محمد بخيت .
19 ذى الحجة 1336 هجرية - 25 سبتمبر 1916 م
Mالنكاح الفاسد لا تثبت به حرمة المصاهرة وللزوج أن يتزوج بأم المعقود عليها ما لم يحصل من وطء لها أو ما يقوم مقامه
Q شخص زوج إبنته لرجل آخر بدون مهر وقد شهد عليه رجل واحد وعمر البنت لا يزيد عن ثلاث سنوات ثم ماتت البنت وأبوها والرجل الشاهد فهل العقد صحيح أم فاسد وإذا كان فاسدا فهل لهذا الرجل أن يتزوج بأم البنت المذكورة أم لا
An نفيد أنه قال فى متن التنوير وشرح الدر المختار من كتاب النكاح وشرط حضور شاهدين حرين أو حر وحرتين مكلفين سامعين قولهما معا على الأصح فاهمين أنه نكاح على المذهب إلى آخر ما به .
ومن ذلك يعلم أنه متى كان عقد الزواج المذكور بحضور شاهد واحد فقط فهو فاسد شرعا .
وقد نصوا على أن النكاح الفاسد بمجرده لا يوجب حرمة المصاهرة بل بالوطء أو ما يقوم مقامه من المس بشهوة أو النظر بشهوة .
لأن الإضافة فى قوله تعالى { وأمهات نسائكم } لا تثبت إلا بالعقد الصحيح كما نص على ذلك فى رد المحتار على الدر المختار .
بصحيفة 430 جزء ثان طبعة أميرية سنة 1286 بناء على ذلك يجوز للرجل المذكور الذى عقد على البنت المذكورة نكاحا فاسدا كما ذكر أن يتزوج بأمها ما لم يوجد من الرجل المذكور وطء للبنت المذكورة أو ما يقوم مقامه من المس بشهوة أو النظر بشهوة واللّه أعلم(1/250)
زواج الذميين
F محمد بخيت .
2 جماد آخر 1337 هجرية - 4 مارس 1919 م
M 1- زواج الكاثوليكى بأرثوذكسية صحيح شرعا والأولاد يرثون من والدهم لو مات قبلهم كما يرث هو منهم لو ماتوا أو واحد منهم قبله .
2- لا عبرة باختلاف المذاهب الملية فى ذلك .
3- غير المسلمين يتوارثون فيما بينهم وإن اختلفت مللهم .
4- الزواج المعتقد بصحته عندهم صحيح عندنا شرعا ويتوارثون به شرعا ويثبت به نسب الأولاد شرعا
Q لا ريب أن فضيلتكم تعلمون اختصاص البطركخانات فيما يتعلق بعقود الزواج والأحوال الشخصية وأن كل بطركخانة تحكم بين أفراد الطائفة التابعة لها بقوة الفرمانات والتحريرات السامية إنما يوجد بعض الاختلاف بين الطوائف المسيحية فيما يختص بعقود الزواج فالطوائف الكاثوليكية بالإجمال لا تسوغ الطلاق بوجه من الوجوه وأما الطوائف الأرثوذكسية فإنها تسوغ لبعض أسباب ويوجد شاب كاثوليكى تزوج بامرأة أرثوذكسية مطلقة من زوجها بموجب حكم من بطركخانتها ورزق له منها أولاد وتم عقد إكليله عليها فى بطركخانة الأرثوذكس - فما قولكم دام فضلكم بهذا الزواج وشرعيته والأولاد المرزوقين لهذا الرجل من هذا الزواج المشار إليه وهل لو مات الأب المذكور قبل أولاده يرث هؤلاء الأولاد من والدهم الذى رغما عن اقترانه بهذه المرأة المشار إليها بقى كاثوليكيا وتابعا بأحواله الشخصية لبطركخانة الكاثوليك وزواجه غير معتبر قانونا عندها وإن يكن معتبرا عند الأرثوذكس
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن الزواج المذكور صحيح شرعا والأولاد المذكورين يرثون من والدهم لو مات قبلهم كما أنه يرثهم لو ماتوا قبله ولا عبرة شرعا باختلاف المذاهب الملية فى ذلك لما صرحوا به من أن غير المسلمين يتوارثون فيما بينهم وإن اختلفت مللهم وأن الزواج الذى يعتقدون صحته صحيح أيضا شرعا عندنا يتوارثون به شرعا ويكون الأولاد الذين يحدثون بين الزوجين أولادا شرعيين أيضا واللّه أعلم(1/251)
زواج المسلم من كتابية
F محمد بخيت .
5 ذى الحجة 1337 هجرية - 30 أغسطس 1919 م
M 1- يجوز للمسلم التزوج بكتابية مطلقا .
2- يكره تنزيها زواج الكتابية التابعة لدارالإسلام .
3- يكره تحريما زواج الكتابية التابعة لغير دارالإسلام وهى الحربية دفعا لباب الفتنة وخشية قيامه معها بدار الحرب وتعريض الولد بالتخلق بأخلاق أهل الكفر وخشية على الولد من الرق بأن تسبى وهى حبلى فيكون رقيقا وإن كان مسلما
Q من ز ح م وكيل صاحب السمو الأمير م ع ح بما صورته أن الأمير س ح نجل سمو الأمير م ع ح قد بلغ الآن واحدا وعشرين سنة وقد بلغ رشيدا ولم يحجر عليه بأى سبب من أسباب الحجر وهو بالغ عاقل راشد يحسن التصرف فى الأموال ويريد الآن أن يتزوج بامرأة كتابية ويتعذر الحصول على رضا والدته بالزواج المذكور .
فهل إذا تزوج بتلك الكتابية يكون زواجه صحيحا طبقا للشريعة الإسلامية الغراء
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن المنصوص عليه شرعا أنه يجوز للمسلم أن يتزوج بكتابية مطلقا سواء كانت ذمية أو حربية وسواء كانت حرة أو أمة .
وإن كان ذلك مكروها كراهة تنزيهية إذا كانت الكتابية بدار الإسلام وكراهة تحريمية فيما لو كانت الكتابية تابعة لدار غير دار الإسلام كما استظهر ذلك العلامة ابن عابدين فى رد المحتار أخذا من تعليل صاحب الفتح فى كراهة نكاح الكتابية التابعة لغير دار الإسلام بقوله ( وتكره الكتابية الحربية إجماعا لافتتاح باب الفتنة من إمكان التعلق المستدعى للمقام معها فى دار الحرب وتعريض الولد على التخلق بأخلاق أهل الكفر وعلى الرق بأن تسبى وهى حبلى فيئول رقيقا وإن كان مسلما ) .
واللّه أعلم(1/252)
زواج المحجور عليه للغفلة بنفسه صحيح
F محمد بخيت .
6 جمادى الآخرة 1338 هجرية - 26 فبراير 1920 م
Mالمحجور عليه للغفلة يكون النكاح الصادر منه صحيحا نافذا شرعا لكونه من حوائجه الأصلية
Q توفى رجل فى 11 نوفمبر سنة 1919 وكان هذا المتوفى مشمولا بوصاية آخر إلى أن مات .
وادعت عليه امرأة بالزوجية وبأن لها فى ذمته مبلغ 29 جنيه من معجل ومؤجل صداقها وقدمت وثيقة زواجها منه بتاريخ 3 أبريل سنة 1919 التى ذكر فيها بأنه رشيد وقد طالبت الحكومة بهذا المبلغ رغم أنه ثابت من قرارى الوصاية أن المتوفى المذكور كان قاصرا وأنه طلب من المجلس الحسبى ضرورة إثبات رشده فرفض طلبه وقرر استمرار الوصاية عليه ووزارة المالية ترغب معرفة ما إذا كان فى هذه الحالة عقد الزواج صحيحا شرعا وعما إذا كان للمدعية الحق فى المطالبة بالمبلغ المذكور
An بعد الاطلاع على خطاب المحافظة وعلى قرارى الوصاية وعلى وثيقة الزواج .
وتبين من قرار الوصاية الأول أنه رغم بلوغ هذا المتوفى الثامنة عشر من عمره غير أنه ظهر من مناقشته أنه لا يصلح لإدارة شئونه فيما لو اطلقت له حرية التصرف بسبب ما لاحظه المجلس عليه من الجهل وعدم الدراية مما يخشى عليه من اغتيال ماله بواسطة الجماعة الملتفين حوله ولذلك رفض طلب إثبات الرشد واستمرار الوصاية عليه وهذا يفيد أنه لا يصلح لإدارة شئونه للجهل وعدم الدراية .
وحينئذ يكون هذا الشخص بمنزلة المحجور عليه للغفلة .
وجاء فى متن التنوير وشرحه الدر المختار ما نصه ( وعندهما يحجر على الحر بالسفه والغفلة وبه أى بقولهما يفتى صيانة لماله فيكون فى أحكامه كصغير إلا فى نكاح وطلاق وعتاق وتدبير ووجوب زكاة فطره وعبادات وزوال ولاية أبيه أو جده وفى صحة إقراره بالعقوبات وفى الإنفاق وفى صحة وصاياه بالقرب من الثلث فهو فى هذه كبالغ ) انتهى .
وبناء على ذلك يكون النكاح الصادر من هذا الشخص البالغ من العمر ثمانى عشرة سنة صحيحا نافذا شرعا لكونه من حوائجه الأصلية .
ومتى تبين من قسيمة الزواج أن لها فى ذمته مبلغ 29 جنيها من معجل ومؤجل صداقها كان لها الحق فى المطالبة به وأخذه من تركته(1/253)
زواج المسيحية بعد أسلامها بمسلم
F محمد إسماعيل البرديسى .
27 محرم 1339 هجرية - 7 اكتوبر 1920 م
Mزواج المسيحية بمسلم بعد إسلامها وقبل عرض الإسلام على زوجها فاسد ولا يرث بسببه
Q بخطاب وزارة المالية بما صورته .
المدعوة ف. بنت جرجس كانت مسيحية واعتنقت الدين الإسلامى وسمت نفسها ف .
بنت عبد اللّه وتحرر بذلك إشهار شرعى من محكمة اسكندرية الشرعية بتاريخ 22 أغسطس 1908 نمرة 3 .
ثم توفيت فى 27 مايو سنة 1913 وقيل إن لها والدة تدعى ج ى مسيحية وأولاد قصر مسيحيين وهم ف .
جرجس وك. جرجس وب.جرجس وأنه بعد إسلامها تزوجت بمسلم ولم تطلب فى حياتها التفريق بينها وبين زوجها ووالد أولادها المسيحيين ولم تطلب من القاضى عرض الإسلام عليه فى حياتها حتى توفيت فهل مع عدم طلبها هذا ولا ذاك يكون زواجها بالمسلم صحيحا شرعيا أو غير صحيح ويرث فيها أو لا يرث شرعا فإن كان صحيحا هل الزوج المسلم يستحق فى تركتها النصف أو الربع فقط لوجود أولادها المسيحيين الغير وارثين لاختلاف الدين فاقتضى تحريره لفضيلتكم على أمل التكرم بالإفادة عما يقتضيه الحكم الشرعى فى ذلك وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
An اطلعنا على خطاب الوزارة بخصوص الإفادة عما يقتضيه الحكم الشرعى فى من يرث ف .
بنت عبد اللّه ونفيد أن ميراثها ينحصر فى أولادها المذكورين لأنهم صاروا مسلمين بإسلامها حيث كانوا قصرا وقت إسلامها ولا شىء من تركتها لزوجها الأول المسيحى لأنه وإن بقيت زوجيته لها لعدم عرض الإسلام عليه وعدم التفريق بينه وبينها لكنه لا يرث لاختلاف الدين .
كما أنه لا شىء لزوجها الثانى المسلم من تركتها لأنه ليس زوجا شرعيا لكون نكاحه لها نكاحا فاسدا لأنها باقية على ذمة الزوج الأول وتفضلوا بقبول فائق الاحترام(1/254)
زواج المسلم من مسيحية وطلاقه لها
F عبد الرحمن قراعة .
16 جمادى الآخرة 1343 هجرية - 11 يناير 1925 م
M 1- يجوز فى الشريعة الإسلامية تزوج المسلم بالكتابية مسيحية كانت أو موسوية متى كانا خاليين من موانع الزواج مستوفيين للشروط .
2- لا يشترط لصحة هذا العقد أن يكون الشهود فيه مسلمين كما لا يشترط أن يصدر أمام قاض أو مأمور مختص .
3- من ملك عقد النكاح ملك حلها بالطلاق
Q من وزارة الحقانية أن شخص مصرى مسلم تزوج بمسيحية فى بلاد فرنسا وتحرر عقد الزواج على الطريقة المتبعة فى تلك البلاد على يد المأمور المخصص لتحرير هذه العقود ورزق منها بغلام ذكر ولعدم حسن المعاشرة بينهما وعدم إحكام التوفيق يرغب فى تطليقها فهل يتسنى له أن يطلقها أمام المأمور الشرعى المصرى بالقنصلية المصرية على أساس العقد المشار إليه
An على ما تضمنه هذا السؤال وما جاء بصورة وثيقة الزواج المرافقة له نجيب بأنه يجوز فى الشريعة الإسلامية تزوج المسلم بالكتابية مسيحية كانت أو موسوية متى كانا خاليين من موانع الزواج فإذا كان العاقدان فى حادثة السؤال المبينان فى صورة وثيقة الزواج المرافقة للسؤال مكلفين وأجريا عقد زواجهما بإيجاب من أحدهما وقبول من الآخر فى مجلس العقد أمام شهود سامعين معا فاهمين أن ما أجرياه أمامهم هو عقد زواج كان هذا العقد صحيحا وتترتب عليه أثاره ولا يشترط لصحته أن يكون الشهود فيه مسلمين كما لا يشترط أن يصدر منهما أمام قاض شرعى أو مأمور مختص ومن ملك عقدة النكاح ملك حلها بالطلاق ومن ذلك يعلم أنه يسوغ للزوج المسلم المصرى فى حادثة السؤال أن يوقع الطلاق على زوجته المسيحية أمام المفوضين المصريين(1/255)
زواج غير صحيح شرعا
F عبد الرحمن قراعة .
4 شوال 1343 هجرية - 27 ابريل 1925 م
Mزواج المرأة من رجل وهى على عصمة زوج آخر غير صحيح شرعا
Q تزوجت سيدة مسلمة برجل مسلم بعقد نكاح صحيح شرعى .
وبعد أن دخل بها ورزق منها بأولاد تزوجت برجل مسلم آخر معتقدة أن الزوج الأول طلقها وقد تبين أنه لم يطلقها ولم يحصل من أحدهما أى سبب من أسباب الفرقة الشرعية .
فهل تبقى زوجة له ويكون زواجها بالرجل الثانى باطلا لا يعتد به ولا قيمة له .
أرجو التكرم بالإجابة
An متى كانت الزوجة المذكورة فى عصمة زوجها المذكور ولم يقع منه طلاق عليها ولم تنقض عدتها منه ولم يحصل من أحدهما سبب من أسباب الفرقة الشرعية .
كان زواجها بغيره فى هذه الحالة غير صحيح شرعا .
لأنها لم تزل باقية على عصمة زوجها الأول(1/256)
زواج الرجل من بنت بنته رضاعا غير جائز
F عبد الرحمن قراعة .
19 شوال 1343 هجرية - 9 مايو 1925 م
Mلا يجوز للرجل الزواج من بنت البنت التى أرضعتها زوجته لأنها بنت بنته رضاعا
Q امرأتان .
الأولى خلفت بنتا تسمى زينب من زوجها أ. ق .
وخلفت الثانية إبنا يسمى أمين من زوجها م. م. فأرضعت المرأة الأولى الطفل أمين ابن المرأة الثانية وأرضعت المرأة الثانية الطفلة زينب بنت المرأة الأولى ثم خلفت زينب بنت المرأة الأولى .
فهل يصح شرعا لوالد زوج المرأة الثانية التى أرضعت زينب أن يتزوج من بنت زينب المذكورة
An من حيث أرضعت ر زوجة م م زينب بنت ى مع ولدها أمين من لبن الزوج المذكور فتكون زينب المذكورة بنتا ل م الزوج المذكور من الرضاع وتكون ن بنت زينب المذكورة بنت بنته من الرضاع وحينئذ فلا يحل ل .
م. والحال ما ذكر أن يتزوج ب .
بنت زينب المذكورة لأنها بنت بنته من الرضاع واللّه أعلم(1/257)
زواج المسيحى بمسلمة وآثاره
F عبد المجيد سليم .
جمادى الآخرة 1347 هجرية - 19 نوفمبر 1928 م
M 1- زواج المسيحى بمسلمة ودخوله بها وإنجابه منها ولدا باطل ولا يثبت به نسب شرعا .
2- يكون الولد مسلما تبعا لأمه .
3- بوفاة الولد معتنقا الدين المسيحى يكون قد مات مرتدا من وقت اعتناقه الدين المسيحى سواء اعتنقه وهو صبى مميز على رأى الإمام ومحمد أو اعتنقه وهو بالغ على رأى أبى يوسف .
4- أولاد الزوج المسيحى لا يرثون من هذا الولد أما إذا كان له أخ لأمه مسلما فإنه يرثه بالنسبة لما اكتسبه فى حال إسلامه فقط وما اكتسبه بعد ردته يكون لبيت المال
Q فى رجل مسيحى عاشر امرأة مسلمة بعد أن تزوجها وهو مسيحى وهى مسلمة ورزق منها بابن وهذا الابن عاش مسيحيا إلى أن مات بالغا رشيد وقد توفى أبوه قبله ثم توفى هذا الابن عن أخوين وأخت لأب مسيحى وعن أخ لأم مسلم من أب مسلم والكل متحدون بالدار وأما الأخوان والأخت لأب فمتحدون فى الدين مع المتوفى والمطلوب تقسيم التركة للمتوفى التى جمعها من كده ولم يرثها مع العلم بأن ما تركه المتوفى المذكور من كسب يده بعد بلوغ رشده وهو مسيحى وأن والده قبل وفاته اعترف ببنوته من تلك المرأة التى عاشرها وبيان من يرث ومن لا يرث وحصة كل من الورثة ولكم الأجر والثواب
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأن أولاد الزوج المسيحى لا يرثون من المتوفى المذكور لأمرين الأول أن هذا المتوفى الذى هو ولد المسلمة ثم يثبت نسبه شرعا ممن تزوجها إذ زواج المسيحى بالمسلمة زواج باطل شرعا لا يترتب عليه ثبوت النسب من الزواج فلا يعتبر أولاد هذا المسيحى أخوة لهذا الولد شرعا .
الثانى أن هذا الولد يعتبر مسلما حكما تبعا لوالدته المسلمة وباعتناقه الدين المسيحى يعتبر مرتدا حكما والمرتد من حين اعتناقه الدين المسيحى وهو صبى مميز على رأى الإمام أبى حنفية ومحمد من صحة إرتداد الصبى المميز أو من حين اعتناقه الدين المسيحى وهو بالغ وعلى رأى أبى يوسف الذى لا يقول بصحة ارتداد الصبى المميز وعلى هذا ظهر أن أولاد الزوج المسيحيين لا يرثون من هذا الولد .
بقى هل يرثه أخوه المسلم قد اتفق الإمام وصاحباه على توريث المسلم من المرتد حقيقة فيما اكتسبه قبل الردة غير أنهم اختلفوا فيما اكتسبه وهو مرتد فذهب الصاحبان إلى أن يرثه فيه ورثته المسلمون أيضا .
وذهب الإمام إلى انهم لا يرثونه فيه بل يكون هذا المال فيئا فى بيت المال لا يستحق أحد من الورثة شيئا منه واتفقوا على أن المرتدة يرثها ورثتها المسلمون مطلقا سواء فى ذلك كسب الإسلام أو كسب الردة .
وظاهر كلام صاحب البدايع الذى نقله فى رد المحتار عن البحر أن المرتد حكما، حكم أكسابه كحكم أكساب المرتد .
فقد قال صبى أبواه مسلمان حتى حكم بإسلامه تبعا لأبويه فبلغ كافرا ولم يسمع منه إقرار باللسان بعد البلوغ ولا يقتل لانعدام الردة منه إذ هى اسم للتكذيب بعد سابقة التصديق ولم يوجد منه التصديق بعد البلوغ حتى لو أقر بالإسلام ثم ارتد يقتل ولكنه فى الأولى يحبس لأنه كان له حكم الإسلام قبل البلوغ تبعا والحكم فى أكسابه كالحكم فى أكساب المرتد لأنه مرتد حكما .
وعلى هذا يكون ما اكتسبه هذا الولد الذى يعتبر مرتدا حكما فى حال ردته مستحقا لبيت المال على مذهب الإمام أبى حنيفة الذى قال الفقهاء إنه هو الصحيح وإن كان مقتضى فرقهم بين كسب المرتد فى حال الردة وكسب المرتد فى هذه الحال يقضى بأن يكون لورثته المسلمين ولكن لم نجد هذا منقولا بل المنقول عبارة البدائع التى ذكرناها سابقا وهذا حيث كان الحال كما ذكر فى السؤال واللّه أعلم(1/258)
نكاح الحامل من الزنا
F عبد المجيد سليم .
14 ربيع أول 1348 هجرية - 19 أغسطس 1929 م
Mيصح نكاح الرجل من المرأة التى زنا بها وحملت منه كما يحل له وطؤها إتفاقا أما إذا كان الحمل من زنا من غيره فيصح نكاحه لها ولكن يحرم عليه وطؤها ودواعيه حتى تضع حملها على القول المفتى به
Q امرأة مات عنها زوجها وانقضت عدتها وهى غير حامل ولا محسة به ويأتيها الحيض فى كل شهر إلى انقضائه ثم بعد ذلك زنا بها رجل وأقرت بالزنا ثم تزوجت بآخر فى مدة الحمل من الزنا فهل يصح نكاحها والحالة هى ما ذكر سلفا أم لا
An اختلف فى أنه هل يجوز نكاح الشخص من حبلى من الزنا إذا لم يكن هو الزانى بها فذهب أبو حنيفة ومحمد إلى صحة هذا النكاح وإن حرم عليه الوطء ودواعيه وذهب أبو يوسف إلى أن النكاح غير صحيح والفتوى على قولهما كما فى رد المحتار عن القهستانى فى متن المحيط أما تزوجها ممن زنى بها فجائز اتفاقا كما يحل له وطؤها اتفاقا أيضا فعلى قولهما يصح نكاح هذه المرأة ممن لم يزن بها ولكن يحرم عليه وطؤها ودواعيه حتى تضع حملها وهذا إذا كان الأمر كما ذكر بالسؤال واللّه أعلم(1/259)
زواج من ادعى بلوغه بالعلامات بنفسه
F عبد المجيد سليم .
5 شعبان 1348 هجرية - 5 يناير 1390 م
M 1- إدعاء الولد وهو سن 12 سنة والبنت وهى سن 9 سنوات البلوغ بالعلامات يصدقان فى ذلك ما لم يكذبهما الظاهر فيه .
2- إذا زوج كل منهما الآخر بنفسه صح العقد بلا توقف على إذن ولى ما دام الظاهر لا يكذبهما فى دعوى البلوغ .
3- إذا كذبهما الظاهر فى دعوى البلوغ فالعقد موقوف على إجازة وليهما أو أحدهما .
4- ما جاء به القانون 56 سنة 1923 من تحديد السن 16 سنة للبنت، و 18 سنة للولد ليس شرطا فى صحة العقد بل هو شرط فى سماع دعوى الزوجية
Q بنت سنها اثنتا عشرة بلغت بالحيض وباشرت عقد زواجها بنفسها بدون وكيل على شاب بالغ عمره أربع عشرة سنة ونصف تقريبا باشر العقد بنفسه بدون وكيله بحضور شهود تصح شهادتهم .
هل يصح العقد المذكور شرعا أم لا
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأنه قد نص الفقهاء على أن البنت إذا بلغت تسع سنين وادعت البلوغ بالحيض وكان مثلها ممن يحيض صدقت فى دعواها وكان لها تزويج نفسها من الغير بدون توقف على إذن وليها .
ونصوا أيضا على أن الصبى إذا بلغ اثنتى عشرة سنة وادعى البلوغ ولم يكذبه الظاهر بأن كان ممن يحتلم مثله صدق فى دعواه أيضا وكان له تزويج نفسه بدون توقف على إذن وليه .
وعلى هذا فمتى كانت البنت المذكورة ممن تحيض مثلها وادعت البلوغ فزوجت نفسها من هذا الغلام الذى بلغ السن المذكورة وادعى البلوغ ولم يكذبه الظاهر بأن كان مثله ممن يحتلم نفذ عقد زواجهما أما إذا كانت البنت ممن لا تحيض مثلها أو كان الغلام ممن لا يحتلم مثله توقف هذا العقد على إجازة ولى من لم يصدق فى دعواه البلوغ منهما .
وأما ما جاء بالقانون 56 سنة 1923 من تحديد السن بست عشرة سنة للزوجة وبثمانى عشرة سنة للزوج فليس هذا شرطا فى صحة العقد بل هو شرط لسماع دعوى الزوجية .
واللّه تعالى أعلم(1/260)
زواج الرجل من أخت زوجته المتوفاة
F عبد المجيد سليم .
أول شوال 1351 هجرية - 18 فبراير 1933 م
Mيصح زواج الرجل من أخت امرأته المتوفاة إذا لم يكن مانع شرعى آخر يمنع من ذلك
Q توفيت امرأة وبعد مضى سبعين يوما من وفاتها أراد زوجها أن يتزوج من أختها لأبيها فهل يصح ذلك
An نفيد بأنه يصح زواج الرجل المذكور بأخت امرأته المتوفاة إذا لم يكن هناك مانع شرعى من زواجها منه واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/261)
زواج باطل
F عبد المجيد سليم .
23 جماد أول 1352 هجرية - 13 سبتمبر 1937 م
Mلا يجوز للرجل أن يجمع بين زوجته وبنت أخت لها شقيقة
Q تزوج رجل ببنت أخت زوجته الشقيقة وزوجته على عصمته .
فما حكم ذلك الزواج
An نفيد بأن زواج الرجل ببنت أخت زوجته التى هى على عصمته باطل شرعا .
وهذا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال . واللّه تعالى أعلم(1/262)
الزواج العرفى الصحيح تترتب عليه جميع الآثار
F عبد المجيد سليم .
6 رمضان 1352 هجرية - 23 ديسمبر 1933 م
M 1- متى صدر عقد الزواج مستوفيا جميع شروطه كان هذا الزواج صحيحا شرعا ويترتب عليه جميع الآثار التى للزواج الصحيح ولا تتوقف صحته على تدوينه فى وثيقة رسمية .
2- متى كان الزواج صحيحا فللزوجة كمال مهرها ولها أن تقبضه من تركته إذا توفى وهى على عصمته
Q تزوج رجل ببنت بكرا بموجب عقد عرفى محرر بين الزوج وبين الزوجة من نسختين بحضور شاهدين وهذا العقد عمل تمهيدا لتتميم عقد رسمى .
ثم توفى الزوج المذكور ولم يدفع شيئا من المهر ولم يدخل بها .
فهل هذه الزوجة تعتبر زوجة شرعية بموجب هذا العقد حيث أجرى من وكيل الزوجة والزوج المذكورين بإيجاب وقبول شرعيين على كتاب اللّه وسنة رسوله بحضور الشاهدين .
وهل هذه الزوجة تستحق من تركة زوجها المتوفى كل المهر المسمى حيث إنها لم تقبض شيئا من ذلك حال حياته .
مع العلم بأنه لم يحصل طلاق قبل الدخول
An نفيد أولا بأنه متى كان الحال كما ذكر به وحصل عقد الزواج مستوفيا جميع شروطه كان هذا الزواج صحيحا شرعيا يترتب عليه جميع الآثار التى للزواج الصحيح ولا تتوقف صحته على تدوينه فى وثيقة رسمية .
وثانيا أنه متى كان هذا الزواج صحيحا فللزوجة كمال مهرها المسمى فلها أن تقبضه جميعه من تركته .
وهذا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال واللّه تعالى أعلم(1/263)
نكاح الدرزى من مسلمة باطل شرعا
F عبد المجيد سليم .
8 رمضان 1353 هجرية - 15 ديسمبر 1934 م
M 1- لا يجوز نكاح الدرزى بمسلمة وإذا تزوجها كان العقد باطلا ولا يترتب عليه أثر من آثار العقد الصحيح .
2- إذا وقع فيه وطء فإنه زنا لا يثبت به نسب ولا تجب به عدة
Q رجل درزى أجرى عقد نكاحه على امرأة سنية من أشراف النساء .
فهل صح هذا العقد وهل يحل لذلك الرجل الدرزى أن يدخل بتلك المرأة السنية
An نفيد بأنه قد قال ابن عابدين فى باب المرتد من الجزء الثالث من رد المحتار بعد كلام ما نصه ( تنبيه يعلم مما هنا حكم الدروز والنيامنة فإنهم فى البلاد الشامية يظهرون الإسلام والصوم والصلاة مع أنهم يعتقدون تناسخ الأرواح وحل الخمر والزنا وأن الألوهية تظهر فى شخص بعد شخص ويجحدون الحشر والصوم والصلاة والحج ويقولون المسمى بها غير المعنى المراد ويتكلمون فى جناب نبينا صلى اللّه عليه وسلم كلمات فظيعة وللعلامة المحقق عبد الرحمن العمادى فيهم فتوى مطولة وذكر فيها أنهم ينتحلون عقائد النصيرية والاسماعيلية الذى يلقبون بالقرامطة والباطنية الذى ذكرهم صاحب المواقف ونقل عن علماء المذاهب الأربعة أنه لا يحل إقرارهم فى ديار الإسلام بجزية ولا غيرها ولا تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم ) انتهى .
وقال ابن عابدين ايضا فى رد المحتار فى فصل المحرمات عند قول المصنف وحرم نكاح الوثنية بالإجماع ما نصه ( قلت وشمل ذلك الدروز والنصيرية والنيامنة فلا تحل مناكحتهم ولا تؤكل ذبيحتهم لأنهم ليس لهم كتاب سماوى ) انتهى - ومن هذا يعلم أنه إذا كان الرجل المذكور من طائفة الدروز وكانت هذه الطائفة حالها كما ذكرناه عن ابن عابدين كان كافرا فلا يجوز له نكاح المسلمة .
وإذا تزوجها كان الزواج باطلا لا يترتب عليه ولا على الدخول فيه أثر من آثار النكاح الصحيح فالوطء فيه زنا لا يثبت به النسب ولا تجيب العدة كما يعلم هذا من الدر المختار ورد المحتار عليه فى آخر فصل فى ثبوت النسب من الجزء الثانى .
ومما قلنا يعلم الجواب عن السؤال هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/264)
الزواج الصحيح يحرم الزوجة على فروع زوجها مطلقا
F عبد المجيد سليم .
2 شعبان 1357 هجرية - 26 أكتوبر 1938 م
Mلا تحل زوجة الرجل بعقد صحيح لفروعه بهذا العقد مطلقا سواء أدخل بها أم لا
Q تزوج رجل من بنت بكر وطلقها ولم يدخل بها فتزوجت من رجل آخر وطلقت من زوجها الآخر فأراد ابن زوجها الأول الذى لم يدخل بها والده أن يتزوجها .
فهل تحل له أم لا
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن زوجة الرجل التى تزوجها بعقد زواج صحيح تحرم على فروعه بهذا العقد مطلقا سواء أدخل بها أم لا وعلى ذلك لا يحل لابن الزوج الأول أن يتزوج بالمرأة المذكورة وإن لم يكن أبوه قد دخل بها إذا كان عقد زواج أبيه بها عقدا صحيحا وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر واللّه أعلم(1/265)
الزواج يثبت بالاقرار
F عبد المجيد سليم .
11 صفر 1358 هجرية - 1 إبريل 1939 م
Mيثبت الزواج بالإقرار
Q رجل مسلم وسيدة غير مسلمة أجنبية أقر كل منهما أمام جهة البوليس فى تحقيق حادثة بأن كلا منهما زوج للآخر وليس هناك مانع شرعى يمنع الزواج بينهما فهل هذا الإقرار يكفى فى ثبوت الزوجية بينهما أو لا يكفى مع العلم بأنه ليس هناك مانع شرعى يمنع من تزوجهما ببعضهما
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه يثبت الزواج بالإقرار المذكور متى كان الحال كما ذكر بالسؤال واللّه أعلم(1/266)
زواج المعتوه بولى جائز
F عبد المجيد سليم .
27 رمضان 1358 هجرية - 9 نوفمبر 1939 م
Mلا تتوقف صحة عقد زواج ولى المعتوه الأقرب على إذن من المجلس الحسبى ولا على إذن من المحكمة الشرعية ويكون عقد وليه صحيحا ولازما متى باشره الولى الأقرب واستوفى العقد جميع شرائطه ونفاذه شرعا
Q شخص حجر عليه للعته وتعين عليه قيما أخوه بقرار من المجلس الحسبى، وقد أراد القيم تزويجه .
فأبى عليه المأذون ذلك إلا بإذن المجلس الحسبى، فحررت المحكمة الشرعية خطابا للمأذون تجيزه تحرير العقد بعد اتباع التعليمات فما كان من المأذون إلا أن حرر العقد بناء على ذلك وبدوه إذن من المجلس الحسبى وبدون أن يشير إلى ما تضمنه خطاب المحكمة الشرعية فهل هذا الزواج وقع صحيحا ويترتب عليه نتائج الزواج الشرعى من إرث وخلافه وإذا ما أنجب من هذه الزوجة ذرية فهل يرثون بعد وفاته
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة رسمية من عقد الزواج الصادر بتاريخ 2 ديسمبر 1921 ونفيد أنه لا تتوقف شرعا صحة عقد زواج الولى الأقرب لموليه المعتوه على إذن من المجلس الحسبى ولا على إذن من المحكمة الشرعية بل يكون هذا العقد صحيحا مترتبا عليه جميع آثاره متى باشر العقد الولى الأقرب للمعتوه واستوفى العقد جميع شرائط صحته ونفاذه شرعا وبهذا علم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذكر واللّه أعلم(1/267)
الدخول بالأمهات يحرم البنات
F عبد المجيد سليم .
6 جمادى الأولى 1359 هجرية - 12 يونيو 1940 م
Mلا يجوز للرجل أن يتزوج بنت امرأته بعد وفاتها لأنها ربيبته
Q تزوجت امرأة أرثوذكسية برجل أرثوذكسى وأنجب منها ولدا وبنتين ثم توفى هذا الزوج فتزوجت بآخر من دينها ورزقت منه ثلاثة أولاد ولد وبنتين ثم توفيت عن الجميع وبعد وفاتها أسلم زوجها الثانى الذى توفيت عنه فهل يجوز للزوج المذكور أن يتزوج بإحدى بنتى زوجته من زوجها الذى توفى أولا والجميع باقون على دينهم ماعدا الزوج الثانى
An اطلعنا على هذا السؤال والمفهوم منه أن السائل يريد الإجابة عما إذا كان يحل للزوج الثانى أن يتزوج بواحدة من بنتى زوجته المتوفاة المرزوقة بهما من زوجها الأول أم لا فإذا كان الأمر كذلك وكان الحال كما ذكر بالسؤال لم يحل لهذا الزوج أن يتزوج بواحدة من البنتين المذكورتين لأنهما ربيبتاه من زوجته التى دخل بها وبهذا علم الجواب عن السؤال واللّه أعلم(1/268)
زواج المسلم من مسيحية بالكنيسة ارتداد عن الإسلام
F عبد المجيد سليم .
29 رجب 1359 هجرية - 2 سبتمبر 1940 م
M 1- ذهاب المسلم إلى الكنيسة وتزوجه بمسيحية مغيرا إسمه المسلم ارتداد عن الدين الإسلامى ولابد فى توبته وعودته إلى الإسلام من تبرئته من الدين الذين انتقل إليه .
2- عند العودة إلى الإسلام لابد من الإتيان بالشهادتين والتبرؤ من الدين الذى انتقل إليه .
3- إذا أشهر إسلامه بعد ذلك فإنه إذا اعتبر تبرؤا من الدين الذى انتقل إليه فليس بظاهر أنه يعتبر إتيانا بالشهادتين ولابد من عمل إشهار جديد يتضمن إتيانه الشهادتين وتبرؤه من كل دين يخالف دين الإسلام وخصوصا الدين الذى انتقل إليه .
4- لابد من تجديد عقد زواجه بالمسلمة بعد الإتيان بالشهادتين إن لم يكن حصل منه ذلك قبل الزواج، وأن تصادقه الزوجة فى اشهار الإسلام أنه عقد عليها أو جدد العقد عليها بعد التبرى والإتيان بالشهادتين .
5- عقد زواج المرتد بمسلمة فاسد لا باطل بخلاف الكافر الأصلى غير المرتد ويثبت به النسب وأولاده مسلمون إما تبعا لهما أو تبعا لأمهم .
6- إذا توفى والده فى المدة بين زواجه بالمسيحية وإشهار إسلامه فلا يرث منه لأنه بما صدر منه صار مرتدا والمرتد لا يرث أحدا ما دام مرتدا وما جاء فى إشهار إسلامه على فرض أنه إسلام وتوبة لا يجعله مسلما حين وفاة والده وإنما يجعله كذلك من يوم صدوره
Q محمد ع م مسلم من أب وأم مسلمين وشهرته من يوم ولادته وهبه أحب امرأة مسيحية انجيلية وتحت تأثير الحب والرغبة فى الزواج بها ذهب إلى كنيستها وعقد عليها على اعتبار أنه مسيحى إنجيلى ووقع على العقد باسم وهبه ع .
وقد انفصمت علاقة الزوجية بوفاة المرأة المذكورة فى 3 يوليو سنة 1933 ونظرا لأن المذكور مسلم بالفطرة والعقيد ومحتفظ باسلامه ورغبة منه فى الزواج بمسلمة فقد أشهد على نفسه بالاشهاد المرافق بهذا المؤرخ 17 ربيع أول سنة 1357 الموافق 17 مايو سنة 1938 .
أمام حضرة قاضى السويس الشرعية إشهادا يفيد أن المذكور كان ولا يزال فى الحقيقة معتنقا دين الإسلام وهو دينه الأصلى الذى فطر عليه وأن إسمه لا زال باقيا على حاله باسم محمد ع .
م. الشهير بوهبه وبعد صدور هذا الإشهاد عقد على زوجته الحالية المسلمة والآن يريد أن تتكرموا بافتائه فى الآتى أولا هل يعتبر ما حصل من المذكور ارتدادا عن الدين الإسلامى ثانيا إذا كان كذلك فهل الإشهاد الحاصل بتاريخ 17 مايو سنة 1938 والمرفق بهذا كان لتصحيح مركزه وعودته إلى الإسلام ثالثا هل زواجه بالمسلمة الحاصل على أثر الإشهاد الشرعى المرفق بهذا زواج صحيح رابعا إذا لم يكن كذلك فما هو الطريق لتصحيحه خامسا ما حكم الأولاد الذين أنجبهم من المسلمة لأنه لم يكن له أولاد من المسيحية سادسا إذا توفى والده فى الفترة بين عقد الزواج بالمسيحية وبين الإشهاد الشرعى الحاصل فى 17 مايو سنة 1938 فهل يرث والده سابعا ما هو الإجراء الذى يجب عمله لقطع الشك باليقين ولتصحيح مركزه من الوجهة الدينية إذا كان هناك أقل شك فى أن ما اتخذه من إجراء يجعله مرتدا عن الدين الإسلامى
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أولا أن ما حصل من الشخص المذكور ارتداد عن الدين الإسلامى .
ثانيا أنه لابد فى توبة المرتد وعودته إلى الإسلام من تبرئه من الدين الذى انتقل إليه وهل يشترط مع هذا إتيانه الشهادتين ذهب كثير من فقهاء الحنفية إلى أنه لا بد من الاتيان أيضا بالشهادتين .
وذهب آخرون إلى أنه يكفى التبرؤ من الدين الذى انتقل إليه فى عودته إلى الإسلام وما جاء فى الإشهاد الصادر منه بتاريخ 17 مايو سنة 1938 إذا اعتبر تبرؤا من الدين الذى انتقل إليه فليس بظاهر أنه يعتبر إتيانه بالشهادتين أيضا وعلى هذا ينبغى أن يعمل اشهاد آخر يتضمن إتيانه بالشهادتين وتبرؤه من كل دين يخالف دين الإسلام خصوصا الدين الذى انتقل إليه وأن يجدد عقد زواجه بمن تزوج بها بعد الإتيان بما ذكر إن لم يكن حصل منه ذلك قبل الزواج وأن تصادقه زوجته فى اشهاد الإسلام على أنه إنما عقد عليها أو جدد عقده عليها بعد الإتيان بالشهادتين والتبرؤ من الدين الذى انتقل إليه وبذلك تزول كل شبهة فى عودته إلى الإسلام وفى صحة زواجه بمن تزوج بها .
ثالثا قد جاء فى البدائع ص 132 ما نصه ( ولو تزوج المرتد مسلمة فولدت له غلاما أو وطئ أمة مسلمة فولدت له ولدا فهو مسلم تبعا للأم ويرث أباه لثبوت النسب ) انتهى وهذا النص يفيد أن مراد الفقهاء أن زواج المرتد بأية امرأة مسلمة كانت أو غير مسلمة باطل معناه أنه غير صحيح ولا يعنون من الباطل هنا ما قابل الصحيح والفاسد بل يريدون به أنه غير صحيح لأنهم لو عنوا ما قابل الفاسد أيضا لم يثبت النسب وهذا النص أيضا يفيد أن قول الفقهاء ( إنه لو تزوج كافر مسلمة فولدت منه لا يثبت النسب منه ولا تجب العدة لأنه نكاح باطل فالوطء فيه زنا لا يثبت به النسب بخلاف الفاسد فإنه وطء بشبهة يثبت به النسب ولذا تكون بالفاسد فراشا لا بالباطل ) يراجع الدر المختار ورد المحتار - محمول على الكافر الأصلى ولعلهم لم يجعلوا حكم زواج المرتد بالمسلمة كحكم زواج الكافر غير المرتد بالمسلمة من البطلان بل جعلوا زواجه فاسدا حتى يثبت النسب فيه لقولهم إن المرتد فى حق الإحكام مسلم من وجه كافر من وجه وبنوا على ذلك بعض الأحكام كما جاء فى المحيط ولذلك جعلوا الولد الذى يأتى من مرتد إذا جاءت امرأته الكتابية بهذا الولد لستة أشهر فأكثر من وقت ردة أبيه مرتدا تبعا لابيه ولم يجعلوه تابعا لوالدته الكتابية لأن المرتد أقرب إلى الإسلام لما ذكرنا ولأنه لما كان الحكم فيه الجبر على الإسلام كان مظنة رجوعه إلى الدين الإسلامى فكان من هذا الوجه أقرب إلى الإسلام وإذا كان أقرب إلى الإسلام كان عقد زواجه وهو مرتد بالمسلمة فاسدا لا باطلا بخلاف الكافر غير المرتد .
ونتيجة ما ذكرنا أن هذا الشخص سواء قلنا إنه صار مسلما بما جاء فى الإشهاد أو بقى على ردته فأولاده يثبت نسبهم منه وهم مسلمون إما تبعا لوالدهم أو تبعا لأمهم المسلمة رابعا إذا توفى والده فى المدة بين عقد زواجه بالمسيحية وبين الإشهاد الشرعى الحاصل فى 17 مايو سنة 1938 لا يرث من والده لأنه بما صدر منه مرتد ولا يصير مسلما إلا إذا أسلم وتاب مما صدر منه على الوجه الذى أسلفناه والمرتد لا يرث من والده ولا من غيره إذا توفى المتوفى وهو مرتد وما جاء فى الإشهاد على فرض أنه إسلام وتوبة لا يجعله مسلما حين وفاة والده بل إنما يجعله مسلما على فرض أنه إسلام وتوبة من وقت صدروه وبذلك علم الجواب عن جميع ما طلبت الإجابة عنه واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/269)
انكار الزواج لا يكون فسخا بل جحودا
F عبد المجيد سليم .
9 شعبان 1359 هجرية - 12 سبتمبر 1940 م
M 1- جحود الزواج ليس فسخا بخلاف سائر العقود .
2- عند حلف المدعى عليه المنكر للزوجية ينبغى أن يقول وإن كانت زوجة لى فهى طالق بائن وذلك عقب الحلف بنفى الزوجية وإلا كانت معلقة ولا يجوز لها التزوج بالغير، فإذا لم يقل هذه العبارة عقب اليمين ولكن فرق القاضى بينهما - عقب يمينه - كان ذلك كافيا ولها التزوج بغيره .
3- إذا لم يقل العبارة آنفة الذكر ولم يفرق القاضى بينهما كان عليها للخلاص أن ترفع دعوى بالتفريق بينهما ليحكم لها القاضى بذلك تداركا لما فات المحكمه التى قررت رفض دعواها النفقة
Q فى سيدة مسيحية فرنسية المولد والنشأة تزوجت فى فرنسا بمصرى مسلم بعقد مدنى أمام عمدة ليون ودخل بها وانتقلا إلى مصر قبل أن تتم الإجراءات وفيها عرض عقد الزواج على القنصلية المصرية للتصديق عليه .
ولما دب الخلاف توافقا على الطلاق فلم تقبل المحاكم الشرعية ضبط اشهاد طلاق أجنبية لأن القوانين المصرية لا تقول بوجود زواج صحيح بينهما فرفعت الزوجة المسيحية دعوى نفقة فحضر الزوج وأنكر الزوجية .
وحكمت محكمة عابدين الشرعية برفض دعوى النفقة واستأنفت الحكم .
وأمام محكمة مصر الإبتدائية الشرعية أصر الزوج على إنكار الزوجية ولما استحلف حلف بأن لا زوجية قائمة بينه وبين السيدة المذكورة وأنها مبطلة فيما تدعيه من زوجيته واستحقاق النفقة .
وقضت المحكمة بالتأييد للحكم .
فهل إنكار الزوج للزوجية واستحقاق النفقة أمام القضاء وحلفه بعدم قيام زوجية والحكم برفض دعوى النفقة نهائيا على أساس ذلك يجعل السيدة المذكورة غير مرتبطة برابطة زوجية مع المدعى عليه ويخول لها التزوج من غيره مع العلم بأن القانون الفرنسى يبيح الطلاق .
وقد عدت السيدة المذكورة نفسها فى حل من هذه الزوجية .
المنكورة ولما خطبها مصرى آخر تقدمت إلى القنصلية الفرنسية ومعها صورة رسمية من حكم محكمة عابدين الشرعية وحكم محكمة مصر الابتدائية الشرعية ومحضر الجلسة المثبت فيه صيغة اليمين بعدم وجود زوجية قائمة فطلبت منها القنصلية فتوى شرعية بحكم الشرع فى حالتها بالنسبة للزوج المنكر المذكور للزوجية هل تعتبر فى حل من زوجيته لها وخالية الأزواج ويحق لها التزويج من غيره
An اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة رسمية من حكم محكمة عابدين الشرعية الصادر بتاريخ 7 يونيه سنة 1939 فى القضية ومن محضر جلسة القضية باستئناف حكم محكمة عابدين المذكور ومن الحكم الصادر من محكمة مصر الشرعية فى الاستئناف المشار إليه، ونفيد أنه إذا ادعت المرأة على رجل زواجها به فأنكر وحلف اليمين على أنها لم تكن زوجة له فرفض القاضى الدعوى لا يحل لها بمجرد هذا أن تتزوج من غيره لأن جحود الزواج ليس بفسخ بخلاف سائر العقود ولذا ذكر الفقهاء أنه عند حلف المدعى عليه يقول فى يمينه ( إنها ليست لى بزوجة وإن كانت زوجة لى فهى طالق بائن ) لأنها إن كانت صادقة فى دعواها لا يبطل النكاح بجحوده فإذا لم يقل ذلك فى يمينه تبقى معلقة لما ذكر .
وظاهر كلام صاحب تكملة رد المحتار عند قول المصنف فى كتاب الدعوى ( ولا تحليف فى نكاح إلخ ) أن المخلص لها هو أن يقول الزوج ما ذكرناه فى يمينه فما لم يقل هذا يبقى معلقة .
ولكنه ذكر عن الطحاوى فى أول الجزء الأول من التكملة عند قول المصنف ( وجحود ما عدا النكاح فسخ ) إن المخلص أحد أمرين أولهما أن يقول القاضى ( فرقت بينكما ) وثانيهما أن يقول الخصم ( إن كانت زوجتى فهى طالق بائن ) فتفريق القاضى بينهما كاف عن قول المدعى عليه ( إن كانت زوجتى فهى طالق بائن ) وهذا ما نقله صاحب المحيط فى كتاب النكاح عن الجامع الأصغر .
وعلى هذا فليس للمرأة المذكورة أن تتزوج بغير من ادعت عليه الزواج إذا لم يطلقها إلا أن ترفع عليه دعوى أمام المحكمة المختصة بطلب التفريق بينهما ليحكم لها القاضى بذلك تداركا لما فات المحكمة التى قررت رفض دعواها المشار إليها فى السؤال .
وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذكر .
واللّه أعلم(1/270)
الزواج باسم الغائبة لا ينعقد
F عبد المجيد سليم .
26 محرم 1361 هجرية - 12 فبراير 1942 م
Mإذا باشرت بنت عقد زواج عن أخرى غائبة لا ينعقد على البنت الغائبة شرعا ولا يترتب عليه أثر من آثار الزواج بالنسبة لها
Q من نيابة بور سعيد عن بيان الحكم الشرعى فى عقد الزواج الوارد معه المذكرة المحررة من النيابة فى 20 - 1 - 1942
An اطلعنا على كتاب النيابة ومعه وثيقة الزواج وعلى مذكرة النيابة وقد جاء بالوثيقة أنها زوجته نفسها بنفسها وقد تضمنت المذكرة أن البنت م ع لم تباشر عقد الزواج المذكور وأن التى حضرت وباشرت هذا العقد بنت أخرى تدعى ص .
ك. ونفيد أنه إذا كان الحال كما ذكر فإن هذا العقد لا ينعقد على البنت م ع شرعا ولا يترتب عليه أى أثر من آثار الزواج بالنسبة لهذه البنت .
واللّه تعالى أعلم(1/271)
من باشرت عقدها وتسمت فيه باسم آخر
F عبد المجيد سليم .
10 صفر 1361 هجرية - 25 فبراير 1942 م
Mيصح عقد الزواج ممن باشرت العقد بنفسها وإن سمت نفسها بغير إسمها ما لم يكن هناك مانع شرعى يمنع من صحته
Q باشرت فتاة تدعى ص م ع عقد زواجها بمن يدعى س س د وسمت نفسها باسم م ك ف فما الحكم الشرعى فى عقد الزواج
An اطلعنا على كتاب نيابة بورسعيد وعلى وثيقة الزواج المرفقة المتضمنة أن من حضرت مجلس العقد زوجت نفسها بنفسها ممن يدعى س س د بإيجاب من الزوجة وقبول من الزوج كما اطلعنا على مذكرة النيابة التى تضمنت أن التى حضرت مجلس العقد هى البنت ص م ع والمأخوذ من هذا أن البنت ص م ع التى حضرت قالت ل س د زوجتك نفسى فقال س س د هذا قبلت ، وذلك أمام الشهود والمأذون وعلى هذا يكون العقد صحيحا على ص م ع التى باشرت العقد وإن سمت نفسها باسم م ك ما لم يكن هناك مانع شرعى من صحته أما إذا كان هناك مانع شرعى من صحته كأن تكون ط م هذه من المحرمات عليه تحريما مؤبدا أو مؤقتا وقت العقد لم يصح هذا العقد عليها ولا يترتب عليه أى أثر من آثار العقد الصحيح وما ذكر هو ما يؤخذ من حاشية رد المحتار لابن عابدين وغيرها(1/272)
حكم الزواج ببنت المزنى بها
F عبد المجيد سليم .
4 جمادى الآخرة 1361 هجرية - يونية 1942 م
M 1- زواج الزانى من بنت من زنى بها فاسد وغير صحيح على مذهب أبى حنيفة الجارى عليه العمل وعليه الفتوى .
2- إذا دخل الزانى ببنتها وأنجب أولادا ثبت نسبهم منه لأن المنصور عليه شرعا أن الدخول الحقيقى فى الزواج الفاسد يثبت به النسب
Q ما رأيكم فى أنى منذ 12 سنة اتصلت بماتيلدا م ب مطلقة إيلى ب .
اتصالا غير شريف وغير شرعى وقد دام هذا الاتصال إلى 19 نوفمبر سنة 1941 ثم قطعت علاقتى بها بعد أن رزقت منها بولد نسبته إلى وسمته باسم محمد أ م واعترفت به كإبنى ولاحظت أن أم الولد لها بنت من مطلقها إيلى ب .
وأنها اتفقت معى على أن أتزوجها زواجا شرعيا على أن تعتنق الدين الإسلامى وتقوم بخدمة الولد المنسوب إلى وقد عملت العقد الشرعى بينها وبينى عرفيا بتاريخ أول فبراير سنة 1942 حتى تقوم بعمل إجراءات الإسلام وهذا سؤالى أقدمه وأرجو إفتائى عما إذا كانت الزوجية منى بالبنت المذكورة وتسمى س .
صحيحة والأولاد منها شرعيون أم لا .
وبما أنه يوجد تحقيق وقد تقدمنا بفتوى من الشيخ عبد المتعال شعث أفتى فيها بأن العلاقة التى كانت موجودة بينى وبين ماتيلدا ب .
إن كان لها علاقة زوجية فكل المذاهب أجمعت على حرمة أصولها وفروعها متى دخلت بها وأما إذا كانت هذه العلاقة علاقة زنا فمذهب أبى حنيفة رضوان اللّه عليه لا يجيز هذا الزواج لأنه يعتبر الزنا كالزواج يحرم الأصول والفروع .
أما مذهب الشافعى رضوان اللّه عليه فإنه يجيز هذا الزواج ودليله أن الزنا محرم والمحرم لا يكون سببا فى تحريم الحلال وعلى هذا يكون زواجى ب .
المذكورة صحيحا وأولادى منها شرعيون وقد أجل التحقيق لتقديم فتوى رسمية من فضيلتكم
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن زواج السائل بالبنت المذكورة غير صحيح وهو فاسد وذلك على مذهب الحنفية الذى عليه العمل وعليه الفتوى ولكن لو رزق من هذه البنت بأولاد ثبت نسبهم منه لأنه عقد فاسد يثبت النسب بالوطء فيه .
وبهذا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به واللّه تعالى أعلم(1/273)
زواج الرجل من أخت زوجته
F عبد المجيد سليم .
23 رجب 1361 هجرية - 6 أغسطس 1942 م
M 1- لا يحل الزواج بأخت الزوجة الأولى ما دامت الأولى فى عصمته أو مطلقة منه ولم تنقض عدتها .
2- إذا طلقت الأولى وانقضت عدتها منه أو ماتت يجوز له الزواج بأختها .
3- إذا تزوج امرأة ثم طلقها وانقضت عدتها ثم تزوج من أختها ثم طلق الثانية فلا يجوز له العقد على الأولى إلا إذا انقضت عدة الثانية
Q فى رجل تزوج امرأة فى 27 - 9 - 1929 ثم طلقها فى 4 - 9- 1931 ثم تزوج بشقيقتها واستمرت الزوجية بينهما حتى سنة 1942 هل تحل له أختها التى كانت زوجة له قبلها أم لا مع العلم بأن الأولى طلقت طلقتين رجعتين
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه لا يحل لهذا الرجل أن يتزوج بزوجته الأولى التى هى أخت زوجته الثانية إذا كانت زوجته الثانية لا تزال فى عصمته أو كانت مطلقة ولم تنقض عدتها - أما إذا كانت الزوجة الثانية قد طلقت وانقضت عدتها أو ماتت حل له أن يتزوج بزوجته الأولى إن لم يكن هناك شىء آخر يمنع من هذا الزواج واللّه أعلم(1/274)
تحريم الجمع
F عبد المجيد سليم .
محرم 1362 هجرية - يناير 1943 م
Mلا يحل الجمع بين امرأتين لو فرضت أيتهما ذكرا لم تحل للأخرى
Q رجل خلف بنتين فاطمة و حفيظة من امرأتين شقيقتين .
ثم رزقت فاطمة بنتا تدعى أم العز ورزقت أم العز بنتا تدعى فاطمة .
فهل يصح لرجل أن يجمع بين حفيظة و فاطمة بنت أم العز أم لا يصح الجمع بينهما
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه إذا كان الحال كما ذكر به فإنه لا يحل الجمع بين حفيظة وفاطمة المذكورتين لأنه جمع بين امرأتين أيتهما لو فرضت ذكرا لم تحل للأخرى أبدا .
وبهذا علم الجواب واللّه أعلم(1/275)
نكاح غير جائز
F عبد المجيد سليم .
17 ربيع الثانى 1363 هجرية - 10 ابريل 1944 م
Mزوجة الرجل تحرم على ابنه بمجرد العقد عليها ولو لم يدخل أو يختل بها وهذا بإجماع الأئمة
Q عقد رجل على ابنة عمه البكر وبعد أيام توفى إلى رحمة اللّه قبل الدخول بها والخلوة مطلقا ومات هذا العاقد ولا تزال المعقود عليها بكرا .
ونظرا للظروف العائلية أراد ابن المتوفى المذكور أن يعقد عليها .
فما هو حكم الشرع فى هذا
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن زوجة الرجل تحرم على ابنه بمجرد عقده عليها ولو لم يدخل ولم يختل بها بإجماع الأئمة .
وبهذا على الجواب واللّه تعالى أعلم(1/276)
زواج فاسد من تاريخ صدوره
F عبد المجيد سليم .
19 ذى الحجة 1363 هجرية - 5 ديسمبر 1944
Mالتزوج بامرأة والدخول بها ومعاشرتها مدة ثم ثبت أنهما أخوان من الرضاعة يفسد العقد عليها من تاريخ صدوره
Q تزوج شخص من امرأة ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج .
وبعد سنتين مضت على زواجهما ثبت أنهما أخوان من الرضاع .
فهل يعتبر عقد الزواج فى المدة التى عاشرها فيها صحيحا أم لا .
مع ملاحظة أن القاضى فرق بين الزوجين المذكورين
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه إذا كان الحال كما ذكر به كان عقد الزواج المذكور فاسدا من حين صدوره وبهذا علم الجواب عن السؤال واللّه تعالى أعلم(1/277)
زواج الرجل من أم زوجة أبيه جائز
F عبد المجيد سليم .
10 صفر 1364 هجرية - 24 يناير 1945 م
Mيجوز للرجل أن يتزوج من أم زوجة أبيه ما لم يكن هناك مانع آخر
Q رجل متزوج بامرأة ويرغب ابنه فى الزواج بأمها أعنى حماة والده فهل هذا يصح أم لا
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن مجرد زواج والد المسئول عنه ببنت المرأة التى يريد التزوج بها لا يحرمها عليه فقد نص الفقهاء على أن للرجل أن يتزوج أم زوجة أبيه فيحل له التزوج بها ما لم يكن هناك شىء آخر يمنع من هذا الزواج وبهذا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر واللّه أعلم(1/278)
زواج الرجل بأخت زوجته المتوفاة
F عبد المجيد سليم .
19 ربيع أول 1364 هجرية - 4 مارس 1945 م
Mيحل للرجل أن يتزوج أخت زوجته المتوفاة بلا انتظار مدة
Q رجل توفيت زوجته ولها أخت شقيقة يريد زواجها فهل يعتد وينتظر مدة أربعة أشهر وعشرة أيام من تاريخ وفاة زوجته أم يعقد على أختها قبل ذلك
An اطلعنا على هذا ونفيد أنه يحل لهذا الرجل أن يتزوج أخت زوجته المتوفاة بلا انتظار مدة .
فقد جاء فى الحامدية رجل ماتت زوجته المدخول بها ولها أخت فهل له تزوج أختها بعد موتها بيوم الجواب .
نعم كما جاء فى الخلاصة عن الأصل للإمام محمد إلخ .
بهذا علم الجواب عن السؤال واللّه أعلم(1/279)
يحل الجمع بين الزوجة وامرأة أبيها
F عبد المجيد سليم .
27 ربيع أول 1364 هجرية - 12 مارس 1945 م
Mيحل لزوج البنت أن يجمع بين زوجته وامرأة أبيها إن لم يكن هناك مانع آخر يمنع من ذلك
Q فى رجل تزوج زوجة ورزق منها بابنة وذكر وتزوجت الأنثى والذكر وبعدها توفيت والدتهم فاضطر الوالد أن يتزوج وفعلا تزوج ورزق منها بأولاد وبعدها توفى فهل زوجته تحل لزوج الأنثى بنت زوجها
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأن مذهب الجمهور ومنهم الحنفية إلا الإمام زفر رضى اللّه عنه أنه يحل لزوج البنت أن يجمع بين زوجته وامرأة أبيها .
ما لم يكن هناك شىء آخر يمنع من ذلك وبهذا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به واللّه أعلم(1/280)
زواج المحجور عليه للعته بغبن فاحش غير صحيح
F عبد المجيد سليم .
15 ربيع ثان 1364 هجرية - 29 مارس 1945 م
M 1- زواج المحجور عليه للعتة فاسد إذا كان بغبن فاحش .
2- زواجه بمثل مهر الزوجة موقوف على إجازة الولى .
3- إذا مات الزوج وكان الزواج فاسدا أو موقوفا قبل الإجازة فلا ترث الزوجة منه .
4- يثبت النسب من هذا الزواج بالدخول
Q كان من يدعى م ن وكان محجورا عليه للعته وكان تحت قوامه ابن خاله فحدث أنه بعد توقيع الحجر عليه بسنتين تقريبا تزوج بسيدة وعقد العقد ابن أخ القيم المذكور وابن ابن عم لأبيه فى حالة أن له أى للمحجور عليه وقت صدور العقد ثلاثة أخوة ذكور .
وبعد ذلك بزمن توفى المحجور عليه إلى رحمة اللّه تعالى عن أخ وأخت من أبيه والزوجة المذكورة فقط من غير شريك ولا نزاع سوى ما ذكر وأن المتوفى المذكور ترك ما يورث عنه شرعا فكيف تقسم تركة المتوفى بين هؤلاء الورثة المذكورين، ومن يرث ومن لا يرث وما نصيب كل وارث على حدة .
والأخوان الآخران توفيا قبل وفاته مع ملاحظة أن المهر عمل 200 جنيه مع أنه إذا كان عاقلا لا يتزوج بأكثر من 100 جنيه .
ولم يقر وليه العقد وليس له ابن ولا أب ولا جد .
وأن إخوته من أبيه فقط . والزوجة مهر مثلها لا يزيد على 40 جنيها مصريا ولم يجزه أحد من أولياءه الذين كانوا حاضرين ويمكن أخذ رأيهم وقت العقد ولم يجيزوه بعده أبدا
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه إذا كان الحال كما ذكر به كان هذا الزواج زواجا غير صحيح وهو ليس من قسم الموقوف لما فيه من الغبن الفاحش فلا مجيز له وقت العقد .
وعلى فرض أن هذا الزواج بمهر مثل الزوجة، فهو زواج موقوف يتوقف على الإجازة فإذا مات الزوج قبل هذه الإجازة لم ترثه الزوجة لأن الإرث يعتمد الزواج النافذ .
والحاصل أنه سواء كان هذا العقد فاسدا أم موقوفا ولم يجز إلى أن مات الزوج فالزوجة لا ترث زوجها .
لأنه لا إرث فى الزواج الفاسد ولا فى الزواج الموقوف لما جاء فى رد المحتار عند قول المصنف ( ويثبت النسب وتعتبر مدته من الوطء ) من باب المهر وذلك كله إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال .
هذا . وإذا لم يكن للمتوفى وارث غير أخويه لأب كانت تركته لهما للذكر مثل حظ الأنثيين تعصيبا(1/281)
سن الزواج بالهجرى
F عبد المجيد سليم .
8 رجب 1364 هجرية - 18 يونيو 1945 م
Mإذا أطلقت السنة فى كتب الفقهاء أو فى قانون المحاكم الشرعية يراد بها السنة الهلالية
Q ما المقصود بالستة عشر سنة التى نص القانون على أنها لا تتزوج الزوجة إلا إذا بلغتها هل السنوات الميلادية أو الهجرية
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن السنة إذا أطلقت فى كتب الفقهاء أو فى القانون .
فالمراد بها السنة الهلالية وعلى هذا فالسنة فى الفقرة الواردة فى المادة 99 ونصها ( لا تسمع دعوى الزوجية إذا كانت سن الزوجة تقل عن ست عشرة سنة ) وفى الفقرة الأخيرة من المادة 367 التى نصها ( لا يجوز مباشرة عقد الزواج ولا المصادقة على زواج مسند إلى ما قبل العمل بهذا القانون ما لم تكن سن الزوج ست عشرة سنة ) من لائحة المحاكم الشرعية هى السنة الهلالية لأنه لم ينص على أنها شمسية .
فتكون هلالية وبهذا علم الجواب عن السؤال(1/282)
اسلام الزوج بعد اسلام زوجته
F عبد المجيد سليم .
3 شعبان 1346 هجرية - 12 يوليو 1945 م
Mإذا أسلم الزوج قبل أن يفرق القاضى بينه وبين زوجته التى أسلمت بقى الزواج بينهما ولا يحتاج إلى تجديده أمام المأذون أو المحكمة
Q امرأة مسيحية تزوجت بمسيحى أمام الجهة الدينية المختصة ثم اعتنقت الدين الإسلامى الحنيف .
ورغبت فى الفرقة من زوجها الذى لم يعتنق الدين الإسلامى فإذا وافق الزوج أثناء سير دعوى الطلاق على اعتناق الدين الإسلامى فهل يسرى مفعول عقد الزواج الذى تم أمام السلطات الدينية المسيحية .
أو يجب تحرير وثيقة زواج جديدة بمعرفة مأذون الشرع أو أمام المحكمة وهل للزوجة حق قبول أو رفض إتمام العقد الجديد إذا أجبرتها المحكمة بعد اعتناق الزوج الإسلام وهل إذا كانت الزوجة تشكو إضرار هذا الزوج بها فهل تخير على أن تستمر فى العلاقة الزوجية رغم وجود أحكام تثبت هذا الإضرار من الزوج
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه إذا أسلم الزوج قبل أن يفرق القاضى بينه وبين زوجته التى أسلمت بقى الزواج ولا يحتاج إلى تجديد عقده لا أمام المأذون ولا أمام المحكمة .
وإذا حصل من الزوج إضرار بالزوجة بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما جاز لها أن تطلب إلى القاضى التفريق بينهما فيطلقها القاضى طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما طبقا للمادة السادسة من القانون رقم 25 سنة 1929 وبهذا علم الجواب عن السؤال إذا كان الحال كما ذكر به واللّه أعلم(1/283)
زواج المحلل غير صحيح
F عبد المجيد سليم .
26 شوال 1364 هجرية - 22 سبتمبر 1945 م
Mالزواج بقصد التحليل للأول غير صحيح
Q رجل طلق زوجته طلاقا مكملا للثلاث ثم تزوجت آخر بعد انقضاء عدتها من زوجها الأول ودخل بها ثم طلقها بعد ذلك وانقضت عدتها منه فهل يحل لمطلقها الأول أن يتزوجها بعد زوجها الثانى ودخوله بها وانقضاء عدتها منه .
نرجو الجواب أى بعد أن دخل بها الثانى وانقضت عدتها منه
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه متى كان الحال كما ذكر به وكان زواج الزوج الثانى زواجا صحيحا وقد دخل بها دخولا حقيقا حل للزوج الأول أن يتزوج بها ثانيا هذا وليس من الزواج الصحيح الزواج الذى قصد به تحليلها لمطلقها الأول على ما اخترناه للفتوى من أقوال العلماء وبها علم الجواب عن السؤال واللّه أعلم(1/284)
زواج السفيه صحيح بشرط
F حسنين محمد مخلوف .
25 جمادى الثانية 1365 هجرية - 27 يونيو 1946 م
Mزواج السفيه صحيح بشرط ألا يزيد على مهر المثل وتبطل الزيادة
Q رجل محجور عليه للسفه والغفلة باشر عقد زواجه فهل يكون عقد زواجه هذا صحيحا مع وجود قيم عليه مع ملاحظة أن الصداق فى عقد الزواج هو مهر المثل
An اطلعنا على السؤال ونفيد أن المحجور عليه للسفه حكمه فى الزواج حكم البالغ العاقل فيصح زواجه غير أنه إذا سمى مهرا أزيد من مهر المثل لا يجب عليه إلا مهر المثل وتبطل الزيادة .
قال فى الفتاوى الخانية ( ولو تزوج امرأة صح نكاحه وإن زاد على مهر مثلها لا تلزمه الزيادة ) انتهى .
وبهذا علم الجواب عن السؤال واللّه تعالى أعلم(1/285)
نكاح الشغار
F حسنين محمد مخلوف .
جمادى الآخرة 1336 هجرية - 11 مايو 1947 م
Mنكاح الشغار صحيح ويجب فيه مهر المثل لكل واحدة من الزوجتين على زوجها لأن النكاح من العقود التى لا تبطلها الشروط الفاسدة وإنما يبطل الشرط ويصح العقد
Q اتفق رجل مع آخر على أن يزوج الأول أخته بابن الثانى على أن يزوج الثانى بنته من الأول بلا مهر .
وقد تم العقدان على هذه الصورة معاوضة .
فما حكمهما شرعا وهل يصح إبطالهما
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن هذين العقدين على الوجه الوارد بالسؤال من النكاح المعروف عند الفقهاء بنكاح الشغار .
وهو أن يزوجه بنته أو أخته على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته مثلا معاوضة بالعقدين .
وحكمه عند الحنفية أنه نكاح صحيح ويجب فيه مهر المثل لكل واحدة من الزوجتين على زوجها .
لأن النكاح من العقود الشرعية التى لا تبطلها الشروط الفاسدة وإنما يبطل الشرط ويصح العقد، وهنا قد شرط العاقدان قيام أحد العقدين مقام الآخر معاوضة بلا مهر وهو شرط فاسد لأنه يترتب عليه خلو عقد النكاح مما يصلح مهرا إذ المسمى ليس بمال فيلغو هذا الشرط يوجب مهر المثل فقد جاء فى شرح الزيلعى على كنز الدقائق فى باب المهر ما نصه ( أما نكاح الشغار وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو أمته على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته أو أمته ليكون أحد العقدين عوضا عن الآخر فلأنه سمى ما لا يصلح مهرا إذا المسمى ليس بمال فوجب مهر المثل كما إذا تزوجها على خمر أو ميتة إلخ ) وبذلك يعلم الجواب عن السؤال إذا كان الحال كما ذكر به .
واللّه أعلم(1/286)
زواج من اعتنق الإسلام بالمسلمة ابتداء
F حسنين محمد مخلوف .
9 جمادى الآخرة 1367 هجرية - 18 ابريل 1948 م
M 1- عقد زواج من اعتنق الإسلام بمسلمة صحيح نافذ اتفاقا إذا لم يكن لها ولى عصبة .
فإن كان لها ولى عصبة . فإن رضى بالعقد نفذ ولزم .
وإن اعترض فسخه القاضى فى ظاهر الرواية . 2- العقد غير صحيح أصلا إذا لم يرض به الولى قبل العقد دفعا للضرر عنه وهو المختار للفتوى
Q شخص مسيحى اعتنق دين الإسلام باشهاد رسمى ويريد أن يتزوج بمسلمة من أبوين مسلمين .
هل يجوز أم لا
An إن مذهب جمهور الحنفية أن المسلم بنفسه غير كفء لمن أبوها مسلم إذا كان من غير العرب فإذا عقد من أسلم بنفسه على حرة مكلفة مسلمة أبوها مسلم أو أبواها مسلمان فالعقد صحيح نافذ باتفاق إذا لم يكن لها ولى عصبة فإن كان لها ولى عصبة فالعقد صحيح غير لازم رعاية لحق الولى فإن رضى به نفذ ولزم وان اعترض عليه فسخه القاضى فى ظاهر الرواية وغير صحيح أصلا إذا لم يرض به الولى قبل العقد دفعا للضرر عنه فى رواية الحسن عن أبى حنيفة وهى المختارة للفتوى لفساد الزمان كما فى شرح الدر ونحن أميل إليها وإن وقع الإفتاء أيضا بظاهر الرواية لأنها أقرب للاحتياط فى أمر الزواج، ودفع الضرر قبل وقوعه أسهل من رفعه بعد وقوعه .
من بهذا يعلم الجواب عن السؤال واللّه تعالى أعلم(1/287)
نكاح الكتابية على المسلمة
F حسنين محمد مخلوف .
22 رجب 1367 هجرية - 31 مايو 1948 م
Mيجوز شرعا زواج الكتابية على المسلمة والأولى ألا يقدم على ذلك إلا للضرورة منعا لما يتعرض له الولد من التأثر بعادات أمه الدينية
Q يرغب شخص فى عقد زواجه على سيدة مسيحية يونانية كاثوليكية وله زوجة أخرى مسلمة أنجبت منه ذرية ولا تزال تعيش معه فى وفاق تام وله ثروة كبيرة .
فهل الدين الإسلامى يسمح بالزواج الجديد
An اطلعنا على هذا السؤال والجواب أنه يجوز للمسلم أن يتزوج بمسيحية ولو كانت له زوجة مسلمة إلا أن الأولى أن لا يقدم على ذلك إلا للضرورة منعا لما يتعرض له الولد من التأثر بعبادات أمه الدينية .
ففى المبسوط للإمام السرخسى ( وكذلك إن تزوج الكتابية على المسلمة أو المسلمة على الكتابية جاز ) انتهى .
وفى الهداية ويجوز تزوج الكتابيات لقوله تعالى { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب } المائدة 5 ، المحصنات هى العفائف ، قال فى الفتح ( والأولى أن لا يفعل إلا للضرورة ) ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به .
واللّه تعالى أعلم(1/288)
حكم تعدد الزوجات والبغاء
F حسنين محمد مخلوف .
رجب 1367 هجرية - ابريل 1949 م
M 1- لا يجوز التسمية شرعا .
بعبد النبى . خشية اعتقاد العبودية بالنبى صلى اللّه عليه وسلم .
كما لا تجوز التسمية بعبد المسيح على ما ذهب إليه الجمهور .
2- يحل الاستمتاع بالرقيقات اللاتى ملكن ملكا شرعيا صحيحا .
3- البغاء فى جميع صوره وأشكاله حرام وذلك من بديهيات الدين .
4- تعدد الزوجات فى الإسلام من المحاسن التى لا تنكر بشرط القدرة والعدل
Q رفع إلينا سؤال من ط ج م يتضمن طلب بيان الحكم فى التسمية بعبد النبى وعبد المسيح وفى الاستمتاع بما ملكته اليمين وفى حكم بقاء البغاء العلنى فى الدولة وفيما يجب لانقاذ البغايا مما وقعن فيه وفى تعدد الزوجات
An إنه لا تجوز التسمية شرعا بعبد النبى خشية اعتقاد العبودية بالنبى صلى اللّه عليه وسلم كما لا تجوز التسمية بعبد المسيح على ما ذهب إليه الجمهور وقيل بجواز التسمية بعبد النبى لأنه لا يسبق إلى ذهن أحد منهم معنى ربوبية النبى للمسمى بعبد النبى عند المسلمين ولكن الأولى كما ذكرناه العلامة الحفنى فيما كتبه على الجامع الصغير ترك التسمية به لإيهام هذا المعنى ولو على بعد انتهى - وما وقع من ذلك فمنشؤه الجهل بأحكام الدين وآداب التسمية وإنما يسمى بعبد اللّه أو عبد رب النبى أو نحوهما .
وأما حل الاستمتاع بالرقيقات فهو صريح قوله تعالى { والذين هم لفروجهم حافظون .
إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } المؤمنون 5 ، 6 ، والمراد بما ملكته الأيمان الرقيقات اللاتى ملكن ملكا شرعيا صحيحا وفى هذا أعظم الرفق بهن حيث وفر الشارع لهن حق الاستمتاع المشروع فى حالة الرق بما تتمتع به الحرائر بجانب ترغيبه فى فك الرقاب وإعتاقها فى كثير من الآيات والأحاديث وأما البغاء فتحريمه بجميع صوره وأشكاله من بديهيات الدين وإبقاؤه إثم عظيم وارتكاب الفاحشة من الكبائر مطلقا سواء أكان بأجر أم بغير أجر والواجب منع البغاء والبغايا وإجبارهن على العفة والفضيلة ومنعهن من الإثم والرذيلة وكفالة العيش لهن بالطرق المشروعة ولا حرج فى التصدق عليهن من ذوى الإحسان ابتغاء الحيلولة بينهن وبين السقوط فى مهاوى الفحشاء والرذيلة وحملهن على العفاف والاستقامة .
وأما تعدد الزوجات فى الإسلام فمن المحاسن التى لا تنكر بشرط القدرة والعدل بينهن لقوله تعالى { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة } النساء 3 ، أى إن خشيتم عدم العدل بينهن فيما تملكون فى القسم والنفقة فتزوجوا بواحدة .
وأما قوله تعالى { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل } النساء 129 ، فالمراد منه فى العدل القلبى والتسوية بينهن فى الميل والمحبة .
وهو مالا يملكه الإنسان بحسب طبيعته البشرية ولذلك قال تعالى { فلا تميلوا كل الميل } وما أحاط بالمجتمع من جراء فساد علاقات الزوجية فأهم أسبابه عدم العدل المقدور للإنسان بين الزوجات وعدم التربية الإسلامية وأمور أخرى لا يتسع المقام لذكرها .
وبعد فإن التأدب بآداب الإسلام ووزن الأمور بمقاييس الشرع الحنيف واتباع الهدى النبوى فى كل الشئون بعد استقصاء البحث عنه من مصادره الصحيحة واجب على المسلم وكفيل بسعادته فى الدين والدنيا .
واللّه الهادى إلى سواء السبيل(1/289)
زواج الرجل بزوجة الغير مع علمه به
F حسنين محمد مخلوف .
رجب 1368 هجرية - ابريل 1949 م
M 1- زواج الرجل بامرأة وهو عالم بأنها زوجة لآخر باطل ولا عدة عليها بطلاقه لها حتى ولو دخل بها لأن وطأه لها زنا والزنا لا حرمة له .
2- أما إذا تزوجها وهو غير عالم كان هذا الزواج فاسدا وتجب المتاركة فيه وعليها العدة إن كان قد دخل بها محافظة على حقه فى نسب ولده
Q طلب وكيل نيابة الدرب الأحمر الجواب عن سؤال تضمنه الخطاب التالى
An اطلعنا على السؤال الوارد إلينا بتاريخ 2 - 3 - 1949 المطلوب به معرفة الحكم الشرعى فيمن تزوجت بزوج وهى على عصمة زوج آخر .
هل تلزمها العدة بعد طلاقها من الزوج الثانى أم لا وذلك للتصرف فى القضية المذكوره .
ونفيد .
أنه إذا كان زواج الثانى بهذه المرأة مع علمه بأنها زوجة الأول كان زواجه بها باطلا ولا عدة عليها ولو دخل بها لأن وطأه لها زنا والزنا لا حرمة له .
وإن كان زواج الثانى بها مع عدم علمه بأنها زوجة للأول كان زواجه بها فاسدا تجب المتاركة فيه شرعا وعليها العدة إذا كان قد دخل بها محافظة على حقه فى نسب ولده لعذره بعدم علمه بنكاح الأول واللّه تعالى أعلم(1/290)
زواج من اعتنقت الإسلام بمسيحى
F حسنين محمد مخلوف .
5 ربيع ثان 1369 هجرية - 23 يناير 1950 م
M 1- تعتبر المرأة مسلمة من تاريخ اعتناقها الدين الإسلامى .
2- إذا تزوجت مسيحيا بعد ذلك مقرة فى عقد زواجها بأنها مسيحية تكون مرتدة ويكون زواجها به باطلا كما أن زواجها بمسلم وهى مرتدة يكون باطلا .
3- إذا أقرت فى عقد زواجها بالمسلم أنه مسلمة تعتبر به مسلمة وزواجها صحيحا
Q طلب صاحب العزة وكيل نيابة عابدين ( الافتاء عن امرأة مسيحية أسلمت )
An اطلعنا على كتاب عزتكم وعلى الأوراق المرافقة له ونفيد أن هذه المرأة تعتبر مسلمة من وقت اعتناقها الدين الإسلامى الحنيف ومرتدة بعد إسلامها إذا كانت قد أقرت فى عقد زواجها بالمسيحى بأنها مسيحية وزواج المرتدة باطل فلا يعتد بعقد زواجها بالمسيحى لأنه عقد باطل كما أن زواجها بالمسلم باطل أيضا إذا بقيت على ردتها فإن أقرت حين زواجها بالمسلم بأنها مسلمة عدت مسلمة بهذا الأقرار وكان زواجها به صحيحا .
وهذا حيث كان الحال كما جاء بالأوارق المنوه عنها آنفا .
واللّه تعالى أعلم(1/291)
الزواج بلفظ الهبة جائز
F حسنين محمد مخلوف .
ربيع ثان 1369 هجرية - فبراير 1950 م
M 1- ينعقد النكاح بلفظ الهبة متى استوفى العقد أركانه وشرائطه الشرعية .
2- يلزم إثبات هذا العقد رسميا تفاديا للأضرار التى تلحق بالزوجة من عدم إثباته
Q تجمعنى بفتاة صلة قرابة وفرص التزوار واللقاء والخلوة بينى وبينها حتمية وكثيرة وقد بدأت هى تنتهز هذه الفرص لتعبر عن ولائها وحبها بشكل يتعارض وديننا الحنيف وأنا أخشى الوقوع فى الحرام .
فهل ينتفى هذا والحرام، مع الإهابة أى أن تهب هى نفسها لى وأنا أقبل ذلك أمام اثنين من الشهود علما بأن كلينا قد تجاوز العشرين من العمر وموافقين على هذا الإجراء إذا جاز شرعا وانتفى معه ما أخشاه من التصرفات المحرمة
An إن النكاح ينعقد بلفظ الهبة فإذا وهبت المرأة نفسها لرجل بحضور شاهدين كان عقد النكاح صحيحا متى استوفى شرائطه الشرعية فتحل به الزوجة لزوجها شرعا غير أنه يلزم إثباته رسميا تفاديا للأضرار التى تلحق الزوجين من عدم إثباته واللّه أعلم(1/292)
جهاز الزوجة
F أحمد هريدى .
10 أغسطس 1964م
M 1- إذا كان الجهاز من مهر الزوجة كان ملكا لها .
2- باشتراك الزوج مع زوجته فى دفع ثمن الجهاز من ماله يكون شريكا لها فيه بنسبة ما دفع .
3- إذا رفع النزاع إلى القضاء فأى من الطرفين يقيم البينة على دعواه يحكم له بما ادعاه .
4- إذا لم يقم واحد منهما ببينة فما يصلح للرجل فهو له، وما يصلح للمرأة يكون لها، وما يصلح لهما معا يكون القول قولها فيما يجهز به مثلها وقوله فيما زاد على ذلك
Q من السيد ص ك ع بالطلب المتضمن وفاة امرأة بتاريخ 7 - 5 - 1964 عن ورثتها، وهم زوجها ووالدها ووالدتها وإخواتها الأشقاء، وللمتوفاة المذكورة جهاز مكون من ثلاث حجرات، اشترك الزوج معها فى دفع ثمنه من ماله، ولها مؤخر صداق عليه قدره عشرون جنيها، وورثة الزوجة ينازعون الزوج فى الجهاز .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى الجهاز المتنازع عليه، ونصيب كل وارث فيه وفى مؤخر الصداق
An الجهاز إذا كان ثمنه من مهر الزوجة كان ملكا لها، وإذا اشترك الزوج معها فى ثمنه من ماله كان شريكا لها فيه بنسبة ما دفعه من الثمن، فإذا اختلف الزوج مع ورثة الزوجة فى الجهاز أمام القضاء، فأى الطرفين أقام البينة على دعواه حكم له بما ادعاه فيه، فإن لم يقم أحدهما البينة فما يصلح للرجل فالقول قوله فيه، وما يصلح للزوجة فالقول قول ورثتها فيه، وهذا مما اتفق عليه الفقهاء وأما ما يصلح لهما فالظاهر أن القول قول ورثة الزوجة فيما يجهز به أمثالها عادة لأن الظاهر يشهد لها، ويكون القول قول الزوج فيما زاد على ذلك .
وأما مؤخر الصداق فإنه يعتبر دينا صحيحا فى ذمة زوجها، ويحل لورثتها بعد وفاتها إذا لم يكن الزوج قد أداه لها أو أبرأته هى منه قبل وفاتها .
وعلى ذلك يكون نصيبها الثابت لها فى الجهاز ودين مؤخر صداقها من ضمن تركتها التى تورث عنها وتقسم بين ورثتها المذكورين، فيكون لزوجها نصف تركتها فرضا لعدم وجود الفرع الوارث، ولأمها السدس فرضا لوجود جمع من الإخوة، والباقى لأبيها تعصيبا .
ولا شىء لإخوتها الأشقاء لحجبهم بالأب، وهذا إذا لم يكن للمتوفاة المذكورة وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة، والله أعلم(1/293)
أعيان جهاز بعضها بالدين أعقبه وفاة الزوجة
F أحمد هريدى .
19 ديسمبر 1966م
Mتجهيز الأم بنتها بما أخذته من مهر، وباقى الثمن دين عليها تسدده من ريع ملك البنت مستقبلا، وإعطاء بنتها هذا الجهاز يكون ذلك محملا بالدين، وبوفاة البنت يخصم الدين من التركة أولا، وما بقى فهو ميراث عنها
Q بالطلب المتضمن أن سيدة لها بنت تقيم معها وتنفق عليها من ريع فدان ورثته البنت عن والدها، وهو تحت يدها منذ وفاة والد البنت إلى أن توفيت بعد الزفاف، وأن بنتها المذكورة زفت إلى زوجها بعد أن قامت الأم بشراء جهازها جميعه، ودفعت ما قبضته من المهر عربونا لهذا الجهاز، وباقى الثمن دين عليها تسدده فيما بعد من ريع أرض بنتها التى تحت يدها، وقد توفيت البنت بعد الزفاف بثلاثة أشهر ولم تسدد من دين الجهاز شيئا، وأن الزوج امتنع عن احتساب الدين الباقى من ثمن الجهاز على المتوفاة محتجا بأن الأم هى التى تلزم بذلك الدين وحدها، مع أنها قامت بالاستدانة فى سبيل إتمام زفاف بنتها على أن تسدده من ريع أرضها إذ لم يكن لبنتها عندها فائض .
وطلبت الإفادة عن الحكم الشرعى فيمن يلزم بسداد هذا الدين، وهل هو دين على تركة البنت المتوفاة يتحمله جميع الورثة أو تلزم به الأم وحدها
An المنصوص عليه فى مذهب الحنفية كما جاء فى الدر المختار وحاشيته رد المحتار أن الأب إذا جهز ابنته ثم ادعى ما دفعه لها عارية، وقالت هو تمليك أو قال الزوج ذلك بعد موتها ليرث فيه، وقال الأب أو ورثته بعد موته إنه عارية، فالمعتمد أن القول لها وللزوج إذا كان العرف مستمرا أن الأب يدفع مثله جهازا لا عارية، وأما إن كان العرف مشتركا فالقول للأب مع اليمين .
وقال صاحب رد المحتار ( وينبغى تقييد القول للأب بما إذا كان الجهاز كله من ماله، أما لو جهزها بما قبضه من مهرها فلا، لأن الشراء وقع لها حيث كانت راضية بذلك وهو بمنزلة الإذن منها عرفا ) - نعم لو زاد على مهرها فالقول للأب فى الزائد إن كان العرف مشتركا والأم والأب فى ذلك - وفى حادثة السؤال لا خلاف بين الزوج والأم فى أن الأم جهزت بنتها بأكثر من مهرها، كما لا خلاف فى أن الأم لم تدفع الزائد عن المهر من مالها، وإنما استدانته على أن تسدده .
وإنما الخلاف فى أن الأم هى التى تلزم بالدين وحدها كما يدعى الزوج، أو يكون الدين على التركة كما تدعى الأم .
وبما أن الزوجة جهزت بأكثر من مهرها فيكون القول قول الأم فى أنها استدانت ما أكملت به جهاز بنتها لتسدده من ريع أرضها التى تحت يدها، وتكون الأم قد سلمت بنتها الجهاز محملا بالدين عليها، وبالتالى يحتسب ما استدانته الأم دينا على التركة جميعها يخصم منها قبل قسمتها على الورثة .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/294)
المخاصمة فى الجهاز
F محمد خاطر .
19 صفر 1392 هجرية - 3 أيريل 1972 م
M 1- الأصل فى المهر أنه ملك للزوجة مهما كان عظيما، ولها وحدها ولاية التصرف فيه بما تريد .
2- لا تجبر الزوجة على تجهيز نفسها من مهرها، ولا يجير أبوها على تجهيزها من مالها ولا من مال نفسه لأن الشىء لا يقابله عوضان .
3- لو دفع الزوج لوالد زوجته مبلغا زائدا عن المهر بقصد الجهاز ثم زفها إليه بلا جهاز خاصمه فيه على قدر العرف والعادة، أو طالبه برد ما دفعه زيادة على المهر
Q من السيدة م م ط بطلب تضمن أنها تزوجت برجل بوكالة والدها الذى قبض معجل صداقها وقدره ألف جنيه، والتزم والدها بأن يقوم بجهازها، غير أنه لم يف بالتزامه هذا وتصرف فى معجل صداقها، ثم كتب على نفسه إقرارا التزم فيه بأن يقوم بجهازها خلال مدة حددها بإقراره، أو يقوم بدفع معجل صداقها الذى فى ذمته إليها نقدا، وأنه مازال يماطلها، فلا هو يجهزها ولا هو يدفع معجل صداقها، وأخيرا امتنع عن تجهيزها محتجا بأنه غير ملزم شرعا بجهازها، وأن زوجها هو وحده الملزم به شرعا، وطلبت السائلة الإفادة عمن هو ملزم شرعا بجهازها، أهو الأب أم الزوج
An الأصل فى المهر أنه ملك للزوجة مهما كان عظيما، فليس لأحد حق فى شىء منه، سواء فى ذلك الزوج أو الأب أو غيرهما، ولها وحدها ولاية التصرف فيه بما تريد من أنواع التصرف، وأن المعجل منه مقابل بنفس المرأة، حتى ملكت حبس نفسها لاستيفائه، ومن ثم لا تجبر الزوجة على تجهيز نفسها من مهرها، ولا يجبر أبوها على تجهيزها من مالها ولا من مال نفسه لأن الشىء لا يقابله عوضان، وليس على الزوجة إلا تسليم نفسها فى بيت الزوج، وعليه لها جميع ما يكفيها بحسب حالهما من أكل وشرب ولبس وفرش، ولا يلزمها أن تتمتع بما هو ملكها ولا أن تفرش له شيئا من فرشها .
غاية الأمر أن الزوج لو كان قد دفع لأبيها مبلغا زائدا عن المهر بقصد الجهاز ولم يدرج على أنه من المهر، ثم زفها إليه بلا جهاز فللزوج أن يطالبه بالجهاز، ويخاصم فيه على قدر العرف والعادة أو يطالبه برد ما دفعه زيادة على المهر، لأنه هبة بشرط العوض فله الرجوع بها عند عدم العوض، إلا إذا سكت بعد الزفاف عن المطالبة مدة تكفى للدلالة على الرضا وعدم الاعتراض، فإن ذلك المال يعتبر هبة غير مشروطة بشرط ولا يكون له بعد ذلك حق الاعتراض .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/295)
الاختلاف على الأثاث الذى اشتراه الزوج لمنزل الزوجية
F بكرى الصدفى .
شوال 1330 هجرية
Mإقرار الزوجة بأن ما جدده الزوج من منقولات غير أثاث زوجيتها كان ملكا له وأنه ملكه لها قبل موته يكون دعوى بالملكية لهذه المنقولات وعليها إثبات انتقال ملكيتها إليها بالطريق الشرعى
Q جدد رجل لزوجته مفروشاتها وزاد عليها من نحو كتب وأبسطة وستاير وخلافه .
وقد توفى هذا الزوج وعليه دين من ثمن المفروشات التى جددها وحصل نزاع بين أولاده الكبار وبين زوجة أخرى وبين زوجته فى الأشياء المذكورة فأولاد الزوج يدعون أنها ملك لمورثهم والزوجة تدعى بأنها ملك لها .
فهل تعتبر الأشياء المذكورة جميعها تركة عن الزوج يقضى منها دينه الذى فى ذمته أو تكن ملكا للزوجة خاصة
An حيث كان الأمر كما ذكر تكون دعوى الزوجة أن زوجها المذكور ملكها بهذا الأشياء على وجه ما ذكر متضمنة للاعتراف منها بأنها كانت ملكا له ثم ملكها لها .
وفى هذه الحالة يكون ذلك من قبيل دعواها انتقال الملك لها بعد وقوعه للزوج فلابد من إقامة البينة على ذلك عند التجاحد على يد الحاكم الشرعى ولا تكون هذه الحادثة من فروع مسألة ما إذا اختلف ورثة أحد الزوجين مع الحى منهما حتى يأتى ما جاء فى ذلك من البيان والتفصيل .
ففى رد المحتار عن البدائع عند الكلام على مسألة الاختلاف فى متاع البيت ما نصه ( هذا كله إذا لم تقر المرأة أن هذا المتاع اشتراه فإن أقرت بذلك سقط قولها لأنها أقرت بالملك لزوجها ثم ادعت الانتقال إليها فلا يثبت الانتقال إلا بالبينة ) انتهى .
هذا ما فهمته وظهر لى فى جواب هذه الحادثة .
واللّه تعالى أعلم(1/296)
دوطة
F محمد عبده .
رجب 1317 هجرية
Mالدوطة كالمهر عند المسلمين وإذا ماتت الزوجة تعتبر تركة تقسم قسمة الميراث
Q رجل تعهد لابنته بمبلغ من النقود بصفة دوطة حسب العوايد المسيحية فى الزواج يدفعه لها عند زواجها لتشترى به عقارا لها على شرط أنه إذا مات قبلها يخصم من نصيبها فى تركته وقد تزوجت قبل أن تهتدى على العقار اللازم شراؤه فاتفق الطرفان على بقاء مبلغ الدوطة تحت يد الوالد إلى وقت الطلب لشراء العقار وقد استثمر الوالد هذا المبلغ ودفع لابنته ما استحق لها من ثمرته مدة - ثم ماتت البنت عن زوجها وولدها منه قبل أداء هذا المبلغ من والدها .
فهل للزوج والولد أن يطالبا والدها بما يخصهما فى المبلغ المذكور أو يجوز للوالد أن يدعى أن ابنته لم تملكه لعدم القبض قبل وفاتها
An حيث إن مبالغ الدوطة فى عرف المسيحيين هى كمبالغ المهور عند المسلمين فكما يلزم مبلغ المهر فى ذمة والد الزوج إذا ألزم نفسه به فكذلك يلزم مبلغ الدوطة فى ذمة والد الزوجة متى ألزم به نفسه كما فى حادثتنا فالمبلغ الذى الزم به نفسه الوالد فى واقعتنا يعتبر دينا لازما لذمته كسائر الديون التى تلزم الذمة ولا يعتبر من قبيل الهبة التى لا تتم إلا بالقبض خصوصا وقد شرع الوالد فى استثمار المال باسم بنته وقد قبضت مبلغا من ثمرته فلا ريب أن المبلغ يعتبر تركة لتلك البنت ولزوجها وولدها حق المطالبة بنصيبهما منه وليس للوالد حق الامتناع من تأديته لهما واللّه أعلم(1/297)
حلول المهر بموت الكفيل
F محمد عبده .
صفر 1318 هجرية
Mالدين المؤجل يحل على الكفيل بموتة
Q رجل تبرع بمهر زوجة ولده البالغ الرشيد فدفع نصفه والنصف الآخر التزمه فى ذمته بدون إذن الزوج له وذكر فى صورة عقد النكاح لا يحل إلا بموت أو فراق ومات والده الملتزم بعد ذلك فهل بموته تستحق النصف المؤجل من التركة
An من المقرر أن الدين المؤجل يحل على الكفيل بموته .
وحيث إن التزام الأب بنصف ذلك المهر المؤجل إلى الموت أو الفراق هو كفالة بلفظ الالتزام متى كان بقبول شرعى فى المجلس وقد مات هذا الأب الكفيل قبل أدائه وحل بموته فللزوجة الرجوع به فى تركته واللّه أعلم(1/298)
مؤخر صداق
F محمد بخيت .
8 جمادى الأولى 1334 هجرية - 12 مارس 1916 م
M 1- صداق المرأة يعتبر دينا كبقية الديون الصحيحة .
2- الفوائد لا تعتبر دينا شرعيا ولا تسدد من التركة
Q شخص توفى عن زوجته وابنة من زوجة أخرى متوفاة وعليه ديون نشأت فى صحته من بينها دين عن فوائظ ( ربا ) وقد صدرت منه وصية قبل وفاته اعترف فيها بأن كل صداق زوجته التى فى عصمته وقت وفاته لم يدفع لها فهل هذا الصداق يعتبر دينا ممتازا يدفع من تركته أم لا .
أم يكون مثل باقى الديون، وهل للزوجة الحق فى الاستيلاء عليه من التركة
An اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن المنصوص عليه شرعا أن صداق المرأة يعتبر دينا وأن القول قولها إلى مقدار مهر مثلها من غير بينة فتحاص الغرماء به فى الديوان التى على المتوفى ففى الفتاوى الأنقروية من دعوى الدين فى التركة ما نصه ( مات وعليه ديون لا تفى التركة بها وادعت امرأته مهرها فالقول قولها إلى مقدار مهر مثلها من غير بينة فتحاص الغرماء به كما إذا وقع الاختلاف بينها وبين الورثة ) انتهى - وهذا متى كانت الديون المذكورة ديونا صحيحة شرعية وأما ما كان منها فوائظ ( أى ربا ) فلا يعتبر دينا شرعيا واللّه أعلم(1/299)
تقادم المهر
F عبد المجيد سليم .
16 رجب 1315 هجرية - 25 نوفمبر 1932 م
M 1- المهر يجب بالعقد ويتأكد بالدخول وهو دين قوى لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء .
2- إذا لم يقبض المهر فلا يسقط منه شىء بالدخول ولا بمضى مدة بعده ولو طالت .
3- الحق لا يسقط بالتقادم وتسمع دعواها كل المهر ولو بعد الدخول .
4- إذا ادعى دفع المهر أو بعضه فإن أثبت ما ادعاه حكم له به وإن عجز عن ذلك، فإن طلب يمينها فحلفت أو لم يطلب يمينها حكم لها بدعواها وإن نكلت عن اليمين حكم له بما ادعاه
Q رجل مسلم تزوج بامرأة مسلمة على صداق قدره ألف جنيه تعهد لها كتابة بدفعه على دفعتين تحت طلبها ثم دخل بها ولم تقبض من مهرها شيئا وبعد ذلك طالبته بهذا المبلغ .
فهل يسقط حقها بالدخول ولو بعد مضى ثلاث عشرة سنة على دخوله بها أم كيف الحال
An اطلعنا على السؤال ونفيد بأن المهر قد وجب بالعقد وتأكد بالدخول فأصبح جميعه دينا قويا فى ذمة الزوج لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء فلا يسقط شىء منه بالدخول ولا بمضى مدة بعد الدخول مهما طالت إذ الحق لا يسقط بتقادم الزمان وليس فى هذا شبهة كما لا شبهة فى سماع دعواها كل المهر بعد الدخول إذا لم يكن هناك عرف شائع بأنها لا تسلم نفسها إلا بعد قبض شىء من المهر أو كان هناك عرف كذلك ولم يدع الزوج إيصال شىء لها على ما قاله صاحب البحر بحثا .
أما إذا كان هناك عرف شائع بأنها لا تسلم نفسها إلا بعد قبض شىء من المهر وادعى الزوج إيصال شىء إليها فهذا موضع خلاف بين العلماء .
فمنم من يحكم هذا العرف ويقول إن العرف الشائع مكذب لها فى دعواها عدم قبض شىء فإما أن تقر بما تعجلت من المتعارف وإلا قضى عليها بالمتعارف تعجيله ونقلوا ذلك عن الفقيه أبى الليث وقال ابن عابدين إن ما قاله الفقيه مبنى على أن العرف الشائع مكذب لها فى دعواها عدم قبض شىء وحيث أقره الشارحون وكذا قاضيخان فى شرح الجامع فيفتى به إلى آخر ما قال .
ومنهم من يقول إنه تسمع دعواها كل المهر فى هذه الحالة أيضا لأن كل المهر كان واجبا بالنكاح فلا يقضى بسقوط شىء منه بحكم الظاهر لأنه لا يصلح حجة لإبطال ما كان ثابتا - والذى يظهر لنا هو القول الثانى وهو سماع دعواها كل المهر بعد الدخول فإن أقام الزوج برهانا على ما ادعاه من إيصال شىء إليها عمل بهذا البرهان وإلا حلفت الزوجة بطلبه على أنها لم يصل إليها ما ادعاه ولا شىء منه فإن حلفت قضى لها بكل المهر وإن نكلت عن اليمين ثبت ما ادعاه من إيصال ما ادعى إيصاله إليها وإنما اخترنا هذا القول لظهور وجهه ولأن العادة لا تحيل دخول الزوج على زوجته بدون قبض شىء من المهر حتى تكون دعواها كل المهر من قبيل دعوى المستحيل عادة على أنه بالرجوع إلى عبارة الفقيه أبى الليث التى ذكرها صاحب البزازية والحموى فى حاشيته على الأشباه يعلم أنها لا تدل على ما اختاره ابن عابدين للفتوى كما نبه على ذلك المرحوم الشيخ الرافعى فى تقريره على رد المحتار وقد الفت فى هذه المسألة رسالتان لتأييد القول الذى اخترناه ولقد أحسن شيخ مشايخنا المرحوم الشيخ عبد الرحمن البحراوى حيث قال فى تقريظه لإحدى هاتين الرسالتين ما نصه ( والذى تلخص عندى فى حادثة هذه الرسالة أن المهر دين للمرأة على زوجها ولها أخذه من تركته ) ( موضوع هذه الرسالة كان الزوج متوفى ومثله ما لو كان حيا بعد الدخول ) ولا يقضى بسقوط شىء منه بحكم الظاهر لأنه لا يصلح حجة لإبطال ما كان ثابتا كما نقله الرحمتى عن قاضيخان وإذا كانت المسألة منصوصة فى الجامع الصغير للإمام محمد بن الحسن فالواجب الرجوع إليه ولا يبطل ذلك ما قاله الفقيه أبو الليث لأنه مخالف لظاهر الرواية ولأصول المذهب ولقوله صلى اللّه عليه وسلم ( البينه على المدعى واليمين على من أنكر ) إلى آخر ما قال رحمه اللّه .
وخلاصة ما ذكرنا أنه لا يسقط شىء من المهر بالدخول ولا بعد مضى المدة المذكورة فى السؤال لما قلناه وتسمع دعوى الزوجة كل المهر فإن ادعى الزوج إيصال شىء منه إليها فإن أقام برهانا على دعواه أو استحلفت فنكلت قضى له بما ادعاه وإلا قضى بكل المهر لها .
هذا ما ظهر لنا واللّه سبحانه وتعالى أعلم(1/300)
حكم الدوطة
F عبد المجيد سليم .
23 صفر 1356 هجرية - 4 مايو 1937 م
M 1- الدوطة ليست من آثار أحكام الزواج عند الكتابيين .
2- لا حق للزوجة فى المطالبة بها إن كانت قد دفعتها للزوج على وجه التمليك بعد عقد الزواج لكونها هبة .
3- إذا كانت هذه الهبة قبل العقد فلها الرجوع فيها ما لم يوجد مانع من موانع الرجوع فى الهبة .
4- إذا كانت الدوطة على سبيل الاستعانة بريعها فى الحياة الزوجية مع بقاء ملكيتها لها فلها الحق فى المطالبة بها
Q تزوج مسيحى بآنسة مسيحية على قواعد مذهبهما وقد قدمت إليه مبلغا من المال ( الدوطة ) حسب العرف فى طائفتهما والذى يجيزه شرعهما ثم أسلم الزوج وطلقها بعد إسلامه .
فهل يجوز شرعا أن تطالب مطلقها بالدوطة التى دفعتها إليه نقدا عند زواجها منه طبقا لشريعتهما وقتذاك أم لا حق لها فى ذلك طبقا للشريعة الغراء مع العلم بأن دفع الدوطة المذكورة ليس من شرائط صحة عقد الزواج حسب شريعتهما بل هى مبلغ من المال يدفع للزوج للاستعانة بريعه فى الحياة الزوجية
An اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأن الظاهر منه أن الدوطة ليست من آثار وأحكام عقد الزواج عندهم وحينئذ فإن هذه الزوجة إما أن تكون قد دفعت مبلغ الدوطة على وجه التمليك للزوج أو على وجه أن يستغله الزوج ويستعينا بريعه فى الحياة الزوجية مع بقاء المبلغ ملكا للزوجة فإن كانت قد دفعته على وجه التمليك للزوج كان هبة وحينئذ فإن كانت هذه الهبة بعد أن عقد عليها الزوج وصارت زوجة له فلا حق لها شرعا فى الرجوع بهذا المبلغ ولا فى مطالبة مطلقها بعد أن طلقها وذلك ما نص عليه الفقهاء من أنه لا رجوع فيما وهب أحد الزوجين للآخر ولو بعد الطلاق متى كانت الهبة وقت قيام الزوجية بينهما أما إذا كانت هذه الهبة قبل أن يعقد الزوج عليها وتصير زوجة له فإن لها الرجوع شرعا فيما وهبت ما لم يوجد مانع من الموانع التى نص الفقهاء على أنها تمنع من الرجوع فى الهبة أما إذا كانت قد دفعت هذا المبلغ إلى الزوج ليستعينا بريعه فى الحياة الزوجية مع بقاء ملكها إياه فلها الحق شرعا فى أخذ هذا المبلغ من مطلقها ومطالبتها إياه به لأنه لم يتملكه الزوج حينئذ بل هو باق على ملكها وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به هذا ما ظهر لنا واللّه أعلم(1/301)
زواج الكاثوليكى باطل إذا لم يتم على يد رجل الدين
F جاد الحق على جاد الحق .
2 ذو القعدة 1399 هجرية - 23 أكتوبر 1976 م
M 1 - تقضى الشريعة الإسلامية بوصفها القانون العام للأحوال الشخصية فى مصر بترك غير المسلمين وما يدينون حسب مقتضيات عقائدهم .
2 - المادة رقم 85 من الإرادة الرسولية المنظمة لقواعد الكاثوليك فى الزواج تقضى ببطلان الزواج إذا لم يعقد برتبة دينية أمام رجل الدين وأمام شاهدين على الأقل، وضمن حدود ولاية رجل الدين المباشر للعقد .
3 - الزواج الباطل بسبب نقصان الصيغة المشروعة لا يصحح إلا بعقده ثانية بموجب هذه الصيغة وفقا للمادة 126 من ذات الإرادة .
4 - عقد الزواج الذى لم يستوف شروط انعقاده صحيحا طبقا للمادة 85 وما بعدها يكون باطلا حتى بافتراض جريانه بحضور الراعى الإنجيلى .
5 - الزواج الذى لم تكتمل أركانه وشروطه معدوم، ولا يحول دون زواج كل من الطرفين بغير الآخر فى نطاق القانون المصرى
Q طلبت وزارة العدل - مكتب الوزير - بكتابها والأوراق المرافقة له المقدمة من السيد / ج .
س والتى جاء بها أنه كان يعيش فى القاهرة سنة 1946 م مشتغلا بالرسم ، وأنه كاثوليكى المذهب وعديم الجنسية .
وقد جمعته الظروف وقتذاك فى القاهرة بسيدة كاثوليكية إيطالية الجنسية تعرف عليها فى نوادى الليل، وأنه ساكنها فى الفنادق والبنسيونات وتدعى م .
ج وقد حصلت هذه السيدة على ورقة من راعى إحدى الكنائس الإنجيلية فى مصر .
أثبت فيها تزوج المذكور بالمذكورة. وبهذه الورقة قدم الشاكى وزوجته الشرعية لمحكمة الجنايات بإيطاليا بتهمة تعدد الزوجات، وأنه فى حاجة إلى مستند مصرى يقرر بأن زواج - ج .
س بالمذكورة فى 18 سبتمبر سنة 1946 م حسبما جاء فى هذه المستند غير القائم بالنسبة للقانون المصرى
An إنه لما كان ظاهر أقوال الشاكى فى هذه الأوراق أنه والمذكورة ينتميان للمذهب الكاثوليكى، وأنه عديم الجنسية بينما هى إيطالية الجنسية وأنه لم يعقد زواجه عليها وإنما تعارفا وكان يساكنها فى الفنادق والبنسيونات وكان من مقتضيات هذه المساكنة أن توجد ورقة تبرر اجتماعها فى غرفة واحدة تظاهرا بمراعاة الآداب .
ولما كان الزواج المعقود فى مصر إنما يعتبر صحيحا إذا تم وفقا للشكل المقرر فى قانون الأحوال الشخصية فى مصر، لأنه كقاعدة عامة يخضع شكل عقد الزواج لمحل إبرامه، وهو بوجه عام الشريعة الإسلامية أو وفقا لأى قاعدة قانونية أخرى خاصة بالأحوال الشخصية يشير التشريع المصرى إلى تطبيقها، وذلك بالنسبة للأجانب أو بالنسبة لغير المسلمين من المصريين إذا كانا يدينان بهذه القواعد .
ولما كانت الشريعة الإسلامية بوصفها القانون العام للأحوال الشخصية فى مصر تقضى بترك غير المسلمين وما يدينون، بمعنى أنها لا تتعرض فى أحكامها للفصل فى صحة عقود زواجهم أو بطلانها بمعاييرها، وإنما تتركهم يتعاقدون فى الزواج حسب مقتضيات عقائدهم .
ومن ثم يتعين الرجوع إلى قواعد المذهب الكاثوليكى لانعقاد الزواج باعتبار أن طرفى هذا النزاع يتبعانه حسبما جاء فى الأوراق .
ولما كان من البين أن الشرائع المسيحية فى مصر ومنها - الكاثوليك - تقرر أنه لا يكفى لانعقاد الزواج أن تتوافر الشروط الموضوعية من حيث الرضا والأهلية وانتفاء الموانع وإنما يلزم إلى جانب ذلك أن يتم الزواج علنيا وفقا للطقوس الدينية المرسومة وإلا كان الزواج باطلا، فهذه المادة 85 من الإرادة الرسولية المنظمة لقواعد الكاثوليك فى الزواج قد قضت بأن الزواج يكون باطلا إذا لم يعقد برتبة دينية أمام رجل الدين وأمام شاهدين على الأقل، وضمن حدود ولاية رجل الدين المباشر للعقد .
( الخورى أو الرئيس الكنسى المحلى ) وكان واضحا من أوراق الشاكى أنه لم يتم عقد الزواج بينه وبين - م .
ج - هذه على هذا الوجه بمعنى أنه لم تراع الطقوس المقررة فى المذهب الكاثوليكى .
لما كان ذلك يكون هذا الزواج بافتراض جريان عقده بحضور الراعى الإنجيلى باطلا لم يستوف شروط انعقاده صحيحا كالمبين فى المادة 85 وما بعدها، والزواج الباطل بسبب نقصان الصيغة المشروعة لا يصحح إلا بعقده ثانية بموجب هذه الصيغة وفقا للمادة 126 من الإرادة الرسولية كما أن للبطريرك سلطانا فى تصحيح عقد الزواج من أصله إذا حال دون صحته نقصان فى صيغة عقده كنص المادة 130/2 من هذه الإرادة .
ومع هذا فإن نص المادة 98/1 من ذات الإرادة صريح فى بطلان عقد الزواج للكاثوليك إذا تم بعيدا عن الكنيسة دون إذن من الرئيس الدينى أو الخورى .
فقد جرى نصها بأنه ( يجب أن يبرم عقد الزواج فى كنيسة الخورنية، ولا يجوز إبرامه فى غيرها من الكنائس أو المعابد عموميا كان المعبد أم شبه عمومى إلا بإذن الرئيس المحلى أو الخورى ) .
ونخلص مما سلف إلى أنه بافتراض إجراء الراعى الإنجيلى لعقد زواج بين الشاكى وبين - م .
ج - مع أنهما كاثوليكيان دون إنابة صحيحة من الرئيس الدينى المحلى لهما أو الخورى أو دون ضرورة فإن العقد يكون باطلا لا وجود له قانونا وفقا للقواعد الكاثوليكية المقررة بالإرادة الرسولية فى المواد 85 وما بعدها ، وأن هذا البطلان راجع إلى صيغة العقد وإجرائه فى غير الكنيسة التى يتبعانها دون إذن من الرئيس الدينى المحلى أو الخورى، ويظل هذا البطلان قائما لا يرتفع إلا بإجراء عقد جديد كنص المادة 130/2 من هذه الإرادة .
وليس فى الأوراق المعروضة ما يدل على تجديد ج س ، م ج العقد بشروطه وصيغته فى المذهب الكاثوليكى حتى يكون زواجهما قائما معترفا به فى القانون المصرى الأمر الذى ينتهى بنا إلى القول بأن عقد الزواج المستفسر عنه غير قائم قانونا إذا كان قد وقع على الوجه الوارد بأوراق الشاكى .
ے(1/302)
السن القانونى ليس شرطا فى صحة عقد الزواج
F جاد الحق على جاد الحق .
18 ذو الحجة 1400 هجرية - 27 أكتوبر 1980 م
M 1 - الاتصال المشروع بين الرجل والمرأة أحله الله بالزواج وامتن على الناس بهذه الصلة المشروعة، وفى مقابل هذا حرم الصلة غير المشروعة وأغلظ عقوبتها .
2 - تطلب الإسلام شروطا يجب تحققها فى العاقدين وفى عقد الزواج ليس من بينها بلوغ الزوجين سنا معينة، ولا توثيق العقد فى ورقة رسمية .
3 - القانون منع الموثق من مباشرة عقد الزواج والمصادقة عليه ما لم تكن سن الزوجة ست عشرة سنة وسن الزوج ثمانى عشرة سنة .
4 - الضرورات تبيح المحظورات ودفع المفاسد مقدم على جلب المصالح .
5 - ببلوغ الغلام والجارية بالعلامات الشرعية يكونان أهلا بأنفسهما للتعاقد على الزواج شرعا، متى كانا عاقلين فى نطاق أرجح الأقوال فى فقه مذهب أبى حنيفة .
6 - إذا رأت المحكمة إغفال قاعدة سن الزواج كان عليها أن تباشر هى عقد تزويج طرفى الواقعة عقدا قوليا بإيجاب وقبول شرعيين بحضور الشهود، ويوثق فى محضرها .
7 - بعد تمام العقد تستوثق المحكمة من الجانى بإقرار صريح صحيح بأبوته لهذا الحمل ونسبته إليه، وما يتبع العقد من صداق ، وإقرار الطرفين بالدخول الحقيقى بينهما والمعاشرة .
8 - لا يجوز تكليف الموثق ( المأذون ) بإثبات هذه الزوجية لقيام النص القانونى بالنسبة له، ولا ولاية له فى إغفاله
Q من السيد الأستاذ مدير نيابة أحداث القاهرة .
بالكتاب الذى جاء به أن نيابة الأحداث بالقاهرة قدمت المتهم ج م ع فى قضية جنح أحداث القاهرة بتهمة أنه فى تاريخ سابق على 3 يونية سنة 1980 هتك عرض البنت / ج ح أ بغير قوة أو تهديد حال كونها لم تبلغ سن السادسة عشرة من عمرها .
كما أن الجانى دون سن الثامنة عشرة وقد بان من التحقيق أن المجنى عليها حامل .
وقد رغب الجانى فى الزواج منها ووافق والدها وطلبا من النيابة إتمام الزواج .
وقد أصدرت المحكمة قرارا بطلب فتوى بالرأى الشرعى فى مدى إمكان زواج من هو فى سن المتهم بمن هى فى سن المجنى عليها، وتأجل نظر القضية لورود الفتوى
An إن الله سبحانه قد أحل الاتصال المشروع بين الرجل والمرأة بالزواج لإنشاء الأسرة التى هى نواة المجتمع الإنسانى، ومن خلالها يستمر نسل الإنسان إلى ما شاء الله .
وقد امتن الله على الناس بهذه الصلة المشروعة فقال سبحانه { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة } الروم 21 ، وفى مقابل هذا حرم الصلة غير المشروعة وأغلظ عقوبتها وقاية للإنسانية من الانحلال والفساد .
والزواج عقد بين رجل وامرأة تحل له، لإنشاء أسرة مرتبطة بحياة مشتركة متعاونة طلبا للنسل، ويتم بين البالغين بإيجاب وقبول مع توافر باقى الشروط التى تطلب الإسلام تحققها فى العاقدين، وفى صيغة العقد ومحله وصحته ونفاذه ولزومه .
وليس من بين تلك الشروط التى أوجب الفقهاء توافرها استنباطا من المصادر الأصلية للشريعة الإسلامية، بلوغ الزوجين سنا معينة، ولا توثيق العقد فى ورقة رسمية .
ولكن التنظيم القانونى المنوط بالسلطة التشريعية فى الدولة قد منع الموثق من مباشرة عقد الزواج والمصادقة عليه ما لم تكن سن الزوجة ست عشرة سنة، وسن الزوج ثمانى عشرة سنة وقت العقد ( المادة 23 / 2 المضافة إلى لائحة المأذونين بالقرار الوزارى الصادر فى 24 مايو سنة 1956 ) .
وقد زيدت هذه المادة فى لائحة المأذونين، بديلا للمادة 367 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالقانون رقم 78 لسنة 1931 التى ألغيت ضمن المواد الملغاة من هذه اللائحة بالقانون رقم 629 لسنة 1955 .
وكانت المذكرة الإيضاحية للمادة ( 367 ) الملغاة قد أفصحت عن أسباب تشريعها فقالت إن عقد الزواج له من الأهمية فى الحالة الاجتماعية منزلة عظمى من جهة سعادة المعيشة المنزلية أو شقائها والعناية بالنسل أو إهماله، وقد تطورت الحال بحيث أصبحت المعيشة المنزلية تتطلب استعدادا كبيرا لحسن القيام بها ، ولا تتأهل الزوجة أو الزوج لذلك غالبا قبل بلوغ هذه السن، غير أنه لما كانت بنية الأنثى تستحكم وتقوى قبل استحكام بنية الصبى وما يلزم لتأهيل البنت للمعيشة الزوجية يتدارك فى زمن أقل مما يلزم للصبى كان من المناسب أن يكون سن الزواج للفتى 18 سنة وللفتاة 16 سنة .
وأضافت المذكرة الإيضاحية إن هذا التحديد إنما تقرر بناء على أن من القواعد الشرعية أن القضاء يتخصص بالزمان والمكان والحوادث والأشخاص، وأن لولى الأمر أن يمنع قضائه عن سماع بعض الدعاوى وأن يقيد السماع بما يراه من القيود تبعا لأحوال الزمان وحاجة الناس وصيانة الحقوق من العبث والضياع .
ولهذه المبررات جرت أيضا عبارة المادة 99/5 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية سالفة الإشارة بأنه ( ولا تسمع دعوى الزوجية إذا كانت سن الزوجة تقل عن ست عشرة سنة، أو سن الزوج تقل عن ثمانى عشرة سنة ) .
وذلك حملا للناس على التقيد بهذه السن حدا أدنى للزواج وعدم الإقدام على إتمام عقود الزواج قبل بلوغها .
لما كان ذلك وكان البين أن النص الأول فى لائحة المأذونين موجه أصلا إلى جهات التوثيق، وأن النص الآخر فى لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ( م - 99/ 5 ) موجه للقضاة للمنع من سماع دعوى الزوجية وأنهما بهذا الاعتبار لا يمسان العقد إذا تم مستوفيا أركانه وشرائطه الشرعية لأن كلا منهما ليس نصا موضوعيا واردا فى بيان ماهية عقد الزواج وكيفية انعقاده صحيحا، فلا يسوغ الادعاء بأن مسألة السن أصبحت بمقتضى كل منهما ركنا أساسيا فى عقد الزواج كما قد يتوهم، وإنما هو نهى موجه فقط إلى الموظف الذى يباشر تحرير وثائق عقد الزواج بحكم وظيفته بألا يقوم بهذه المهمة إلا لمن يكونوا قد بلغوا تلك السن من الذكور والإناث، وموجه أيضا فقط إلى القاضى بألا يسمع الدعوى بالزوجية أو بأحد آثارها عدا النسب إذا كان الزوجان أو أحدهما دون تلك السن وقت رفع الدعوى .
وإذا كان مقتضى ما تقدم أن انعقاد الزواج شرعا، متى جرى بشروطه المفصلة فى موضعها من كتب الفقه الإسلامى والتى سبق التنويه بمجملها، لا يتوقف على بلوغ الزوجين أو أحدهما سنا معينة، وأن تحديد سن الزوجة بست عشرة سنة، وسن الزوج بثمانى عشرة سنة، جاء فى لائحة المأذونين، فى ذاته وبمبرراته، أمرا تنظيميا وليس حكما موضوعيا من أحكام عقد الزواج ولا من شروط انعقاده وصحته، وأن كل ما يمس موضوع العقد محكوم بأرجح الأقوال فى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة إعمالا للمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية .
ولما كان من القواعد الشرعية المستقرة، المتفق عليها فى الفقه الإسلامى عموما أن الضرر يزال، وأن الضرورات تبيح المحظورات، وأصلهما التشريعى .
الحديث الشريف الذى رواه مالك فى الموطأ عن عمرو بن يحيى ( لا ضرر ولا ضرار ) .
وكان من تطبيقاتهما ما استنبطه الفقهاء من أنه إذا تعارضت مفسدتان روعى أعظمهما ضررا باتكاب أخفهما، وإذا تعارضت مفسدة ومصلحة، قدم دفع المفسدة، أو بعبارة أخرى دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح .
( الأشباه والنظائر لابن نجيم المصرى الحنفى فى القاعدة الخامسة ) .
ولما كان مؤدى القاعدة التنظيمية المقررة فى لائحة المأذونين ( المادة 33 - أ سالفة الذكر ) أنه لا يثبت نسب الحمل الذى كان ثمرة اعتداء المتهم واتصاله بالمجنى عليها، باعتبار أن هذا الحمل نشأ من الزنا، وكان فى هذا أبلغ الضرر بذلك الجنين، بل وفيه تشجيع على العلاقات الجنسية غير المشروعة، بما تستتبعه من أبناء غير شرعيين، والانحراف عن الشرعية قضاء على مستقبل الإنسان الإنسانى .
هذا فوق الأضرار الأخرى التى قد يتعذر حصرها أو السيطرة عليها أسريا واجتماعيا .
ولما كان مقتضى القواعد الشرعية الموضوعية العامة سالفة الإشارة وجوب دفع هذا الضرر بالمعايير الواردة فى الشريعة الإسلامية .
تحتم للفصل فى الحادثة المطروحة المقارنة بين المفاسد المترتبة على تقابل وتعارض أمرين هما إغفال قاعدة سن الزواج التنظيمية حتى لا يضيع نسب الحمل المستكن فعلا فى أحشاء المجنى عليها، مع ما له من آثار أخرى، وإعمال تلك القاعدة ومنع عقد زواج طرفى هذه الواقعة، وبالتالى إضاعة نسب الحمل وإشاعة باقى الأضرار المترتبة على ذلك .
وبالمقارنة نستبين أيهما أكبر ضررا حتى يرتكب أخفهما، أو أيهما مفسدة والآخر مصلحة حتى نقدم دفع المفاسد على جلب المصالح .
ولا شك أنهما لا يتعادلان فى الميزان، لأن إضاعة النسب أعظم خطرا وأبعد أثرا فى الإضرار بالجنين وأمة المجنى عليها نفسيا واجتماعيا، بل وعلى أسرتها والمجتمع من إغفال إعمال القاعدة التنظيمية الخاصة بتحديد سن الزواج الموجهة أصلا إلى المنوط به التوثيق الذى لا ولاية له فى تفسير النصوص أو تأويلها أو المفاوضة بينها ثم إعمالها أو إغفالها .
ولما كان إثبات هذا النسب إنما يتبع انعقاد زواج المتهم من المجنى عليها، ليقبل منه شرعا وقانونا الإقرار بنسبة هذا الحمل إليه واكتسابه أبوته .
ولما كان كل من الجانى والمجنى عليها قد بلغا بالعلامات الشرعية، وهى الإنزال والإحبال للفتى والحبل للفتاة - وذلك وارد ثبوته فى مدونات هذه الواقعة - كانا أهلا بأنفسهما للتعاقد على الزواج شرعا، متى كانا عاقلين فى نطاق أرجح الأقوال فى فقه مذهب أبى حنيفة .
ذلك لأن التكاليف الشرعية منوطة أصلا بهذا البلوغ الطبيعى، وإن كان الرشد المالى غير مرتبط بهذا النوع من البلوغ، بل بسن معينة قدرها فقهاء الشريعة باعتبار أن إدارة الأموال تعتمد الخبرة والبصر بطرق التعامل والاستثمار .
قال تعالى { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قياما } النساء 5 ، { فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } النساء 6 ، وإذا كان ذلك كان إعمال القواعد الشرعية الموضوعية المشار إليها بإجراء عقد زواج هذين الحدثين ( فى اعتبرا قانون الأحداث ) هو الواجب، باعتبار أن ضررا بليغا له آثاره الاجتماعية والشرعية قد وقع، ويملك القاضى بحكم ولايته العامة رفعه بتفسير النصوص والمقارنة بين المفاسد التى تترتب على منع عقد زواج الجانى والمجنى عليها، مع الرغبة المبداة من كل منهما، وموافقة أسرة كل منهما، وبين آثار إغفال قاعدة قانونية تنظيمية لا ارتباط لها بأركان عقد الزواج وشروطه فى الإسلام، وهذا الإغفال لضرورة دفع المفسدة، ودفع المفاسد كتضييع النسب وغيره مقدم على جلب المصالح كتطبيق قاعدة سن الزواج التنظيمية .
هذا ولعل فيما رواه الإمام أبو يوسف عن الإمام أبى حنيفة فى إسقاط الحد عمن زنى بامرأة ثم تزوجها، واعتبار مجرد هذا الاتصال شبهة تدرأ الحد، مادامت قد أتبعت بعقد الزواج ( بدائع الصنائع للكاسانى ج- 7 ص 62، وفتح القدير للكمال بن الهمام على الهداية ج- 4 ص 159 ) .
لعل فى هذا الحكم المستفاد من هذه الرواية، وإن كانت ليست الوحيدة فى موضوعها، إشارة إلى منهج هؤلاء الأعلام من فقهاء الإسلام فى المسارعة إلى دفع المفاسد، ودرء الحدود بالشبهات .
ولا ريب فى أن أية قاعدة قانونية تنظيمية، لا تعلوا فى حصانتها على حدود الله التى تدرأ بالشبهة ويقف تنفيذها عند الضرورة، تحقيقا لمصالح الناس التى منها درء المفاسد .
هذا وإذا رأت المحكمة، إغفال قاعدة سن الزواج الواردة فى المادة 33/2- أ من لائحة المأذونين، كان عليها أن تباشر هى عقد تزويج طرفى هذه الواقعة عقدا قوليا بإيجاب وقبول شرعيين بحضور الشهود، ويوثق فى محضرها وأن تستوثق فيه بعد تمام العقد بإقرار صحيح صريح من الجانى بأبوته لهذا الحمل ونسبته إليه، وتوثيق ما يتبع العقد من صداق وإقرار الطرفين بالدخول الحقيقى بينهما والمعاشرة ليصبح المحضر وثيقة رسمية فى ثبوت هذه الزوجية والنسب وآثارهما .
ولا يجوز تكليف الموثق ( المأذون ) بإثبات هذه الزوجية لأن النص القانونى بالنسبة له قائم ،لا ولاية له فى إغفاله .
وإنما الولاية فى هذا للمحكمة التى تنظر الدعوى .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/303)
زواج عرفى مع اختلاف الدين والجنسية
F جاد الحق على جاد الحق .
13 ربيع الأول 1401 هجرية - 19 يناير 1981 م
M 1 - الزواج المكتوب فى ورقة عرفية صحيح شرعا إذا استوفى أركانه وشروطه المقررة فى الشريعة الإسلامية من وقت انعقاده .
2 - على الزوجين توثيقه رسميا بإجراء تصادق رسمى على قيام الزوجية بينهما مسندة إلى تاريخ تحرير العقد العرفى بهذا التاريخ .
3 - متى كان الزوجان مختلفى الديانة والجنسية فالجهة المختصة بالتوثيق هى مصلحة الشهر العقارى .
4 - العقد العرفى غير معترف به عند التنازع أمام القضاء فى شأن الزواج وآثاره فيما عدا نسب الأولاد .
كما لا تعترف به الجهات الرسمية كسند للزواج
Q بالكتاب رقم 7 م 1/152 52 ع ه - المؤرخ 7 يناير سنة 1981 والمقيد برقم 9 سنة 1981 والأوراق المرافقة له المرسلة من سفارة ألمانيا الاتحادية بالقاهرة بشأن الاستفسار عما إذا كان الزواج الذى يتم بعقد عرفى، مصدقا به فى مصر وصحيحا من الناحية الشرعية
An إن الزواج فى الشريعة الإسلامية عقد قولى يتم بالنطق بالإيجاب والقبول فى مجلس واحد بالألفاظ الدالة عليهما الصادرة ممن هو أهل للتعاقد شرعا بحضور شاهدين بالغين عاقلين مسلمين إذا كان الزوجان مسلمين، وأن يكون الشاهدان سامعين للإيجاب والقبول فاهمين أن الألفاظ التى قيلت من الطرفين أمامهما ألفاظ عقد زواج، وإذا جرى العقد بأركانه وشروطه المقررة فى الشريعة كان صحيحا مرتبا لكل آثاره .
أما التوثيق بمعنى كتابه العقد وإثباته رسميا لدى الموظف العمومى المختص، فهو أمر أوجبه القانون صونا لهذا العقد الخطير بآثاره عن الإنكار والجحود بعد انعقاده سواء من أحد الزوجين أو من غيرهما .
وحملا للناس على إتمام التوثيق الرسمى لهذا العقد منعت المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 المحاكم من سماع دعوى الزوجية أو أحد الحقوق المترتبة عليها للزوجين عند الإنكار إلا بمقتضى وثيقة زواج رسمية .
فإذا كان عقد الزواج المسئول عنه قد تم على الوجه المبين بصورته الضوئية بعد نطق طرفيه بالإيجاب والقبول فى مجلس واحد بالألفاظ الدالة على الزواج، وتوفرت فى الوقت ذاته باقى شروط الانعقاد كان صحيحا مرتبا آثاره الشرعية من حل المعاشرة بين الزوجين وثبوت نسب الأولاد بشروطه والتوارث، دون توقف على التوثيق الرسمى .
ولكن هذا التوثيق أمر لازم لإثبات الزواج عند الالتجاء إلى القضاء لاسيما إذا أنكره أحدهما، إذ قد استوجب نص القانون المرقوم لسماع دعوى الزوجية عند الإنكار - وجود الوثيقة الرسمية وفضلا عن هذا فإن الجهات الرسمية لا تقبل عقد الزواج كسند إلا إذا كان موثقا رسميا .
والجهة المختصة بتوثيقه فى مثل هذه الحالة هى مكتب التوثيق بمصلحة الشهر العقارى باعتبار أن هذين الزوجين مختلفان فى الديانة والجنسية .
وعليهما توثيقه رسميا بإجراء تصادق رسمى على قيام الزوجية بينهما مسندة إلى تاريخ تحرير العقد العرفى بهذا الزواج .
لما كان ذلك يكون الزواج المكتوب فى ورقة عرفية صحيحا شرعا، إذا استوفى أركانه وشروطه المقررة فى الشريعة الأسلامية من وقت انعقاده، وهو غير معترف به عند التنازع أمام القضاء فى شأن الزواج وآثاره فيما عدا نسب الأولاد، كما لا تعترف به الجهات الرسمية كسند للزواج ( ملحوظة نص عقد الزواج العرفى كالآتى عقد زواج .
انه فى يوم الأربعاء الموافق 7 مارس سنة 1979 م .
فيما بين كل من 1 - السيد / م ى أ م مسلم الديانة زوج - طرف أول .
2 - السيدة / ن أ ف مسيحية الديانة ألمانية الجنسية زوجة - طرف ثان .
وقد أقر الطرفان بأهليتهما للتعاقد والتصرف وخلوهما من كل مانع شرعى واتفقا أمام الشهود المذكورين بهذا العقد وبعد تلاوته باللغة الألمانية على الطرف الثانى الزوجة على ما يأتى أولا - يقر الطرف الأول بعد ايجاب وقبول صريحين بأنه قد قبل الزواج من الطرف الثانى زواجا شرعيا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعملا بأحكام الشريعة الإسلامية .
كما تقر الطرف الثانى بعد إيجاب وقبول صريحين بأنها قد قبلت الزواج من الطرف الأول زواجا شرعيا على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عملا بأحكام الشريعة الإسلامية مع احترام الديانة المسيحية .
ثانيا - أتفق الطرفان على صداق قدره مائة جنيه مصرى دفع من الطرف الأول بمجلس هذا العقد ليد الطرف الثانى .
ثالثا - تقر الطرف الثانى صراحة بأنها قد قبلت هذا الزواج برضا تام وعملا بأحكام الشريعة الأسلامية مع احتفاظها بديانتها المسيحية .
رابعا - قبل الطرفان جميع أحكام هذا العقد بما تقضى به الشريعة الأسلامية وما قد يترتب عليه من آثار قانونية وخاصة البنوة إذ أن لأولادهما من هذا الزواج جميع الحقوق الشرعية والقانونية قبلهما .
خامسا - تحرر هذا العقد من نسختين بيد كل طرف نسخة للعمل بموجبها لحين اتخاذ اجراءات توثيق هذا الزواج رسميا وطبقا لأحكام القانون الوضعى لجمهورية مصر العربية وذلك بشهادة كل من : 1 - م أ ى .
2 - م و أ . (1) الطرف الأول ( الزوج ) توقيع (2) الطرف الثانى ( الزوجة ) توقيع )(1/304)
القواعد المعمول بها فى مصر بشأن أبرام عقود الزواج
F جاد الحق على جاد الحق .
9 جمادى الآخرة 1401 هجرية - 14 أبريل 1981 م
M 1 - توثيق عقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك يختص به المأذونون بالنسبة للمصريين المسلمين .
2 - يختص الموثقون المنتدبون بالمصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة .
3 - تختص مكاتب التوثيق بالشهر العقارى بمن اختلفوا ديانة أو جنسية وبالأجانب المتحدى الجنسية أيا كانت ديانتهم .
4 - يحتج بزواج الأجانب فى مصر متى استوفى الشكل المحلى بالنسبة إليهم دون نزاع، أما الاحتجاج به فى دولة الزوجين أو فى دولة أخرى فيتوقف على ما تقضى به قواعد الإسناد فى قانونها .
5 - إذا كان أحد الزوجين مصريا تعين إجراء الزواج فى الشكل المقرر فى القانون المصرى، ويصبح توثيقه من اختصاص مكاتب التوثيق .
6 - للأجانب أن يتزوجوا فى مصر فى الشكل الديبلوماسى أو القنصلى حسب قانون الجنسية التى ينتمون إليها .
7 - يحتج الزواج القنصلى فى مصر مادام قد تم فى قنصلية مصرح لها من حكومة مصر بذلك من باب التعامل بالمثل على ما تشير إليه المادة 64 من القانون 166 لسنة 1954
Q بكتاب الإدارة القنصلية بوزارة الخارجية 180/301/ج- 2 المبلغ إلينا بالكتاب الرقيم 22 .
المقيد برقم 120 سنة 1981 المرفق به صورة مذكرة سفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية بشأن القواعد المعمول بها فى جمهورية مصر العربية، فيما يختص بإبرام عقود زواج الأجانب فى قنصلية أحد طرفى الزواج، إذ سبق أن أفتى محامى السفارة المصرى فى هذا الموضوع بأنه لم يصدر قانون ينص صراحة على عدم شرعية عقود الزواج التى تبرم عن طريق القناصل الأجانب فى مصر بين شخصين مختلفى الجنسية أو العقيدة ،ولا يوجد شك فى أنه وفقا للقانون رقم 629 الصادر بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1955 الخاص بالزواج، فإن عقود الزواج التى تبرم فى مصر بين أشخاص مختلفى الجنسية أو الديانة لا يمكن الاعتراف بها، إذا لم تتم أمام أحد مكاتب التوثيق المصرية .
وأنه طبقا لهذا القانون تحددت اختصاصات المأذونين فى تسجيل عقود الزواج التى تتم فقط بين شخصين مصريين مسلمين .
وبالنسبة لعقود الزواج الدينية بين المصريين غير المسلمين، متحدى الطائفة والملة، يكون معترفا بها إذا ما تم فقط تسجيلها بمكتب التوثيق المختص غير أنه فى حالة اختلاف الجنسية أو الديانة أو ملة أحد الطرفين، فإن مكاتب التوثيق فى مصر، هى الجهة الوحيدة المختصة بإبرام عقود الزواج .
وترتيبا على هذا فإن كل زواج لا يتم بهذه الصورة لا يمكن الاعتراف بصلاحيته، ويمكن الطعن فى بطلان مثل هذا الزواج، الأمر الذى يؤدى إلى نتائج وخيمة بالنسبة للطرفين .
ونظرا لأهمية هذا الموضوع، وضرورة إيضاح التفاصيل المتعلقة به فإن السفارة ترجو وزارة الخارجية - مرة أخرى - التكرم بإحالته من جديد إلى الجهات المصرية المختصة، لإبداء الرأى مع الأخذ فى الاعتبار فتوى المحامى المصرى المشروحة عاليه
An إنه ترتب على صدور القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية إعادة تنظيم توثيق عقود الزواج، بتعديل المادة الثالثة من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 بمقتضى القانون رقم 629 لسنة 1955 وجاء نص مادته الأولى على الوجه التالى تتولى المكاتب ( مكاتب التوثيق ) توثيق جميع المحررات وذلك فيما عدا عقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك الخاصة بالمصريين المسلمين والمصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة، ويتولى توثيق عقود الزواج والطلاق بالنسبة إلى المصريين غير المسلمين والمتحدى الطائفة والملة موثقون منتدبون يعينون بقرار من وزير العدل ويضع الوزير لائحة تبين شروط التعيين فى وظائف الموثقين المنتدبين واختصاصاتهم وجميع ما يتعلق بهم .
وتنفيذا لنص هذه المادة صدر قرار وزير العدل فى 26 ديسمبر سنة 1955 بلائحة الموثقين المنتدبين ومن قبل كان قد صدر قبل هذا قرار الوزير بتاريخ 4 يناير سنة 1955 بلائحة المأذونين، وقد حددت هاتان اللائحتان اختصاصات وواجبات كل من المأذونين والموثقين المنتدبين على الوجه المجمل فى المادة الأولى من القانون رقم 629 لسنة 1955 سالفة الذكر .
أما واجبات واختصاصات مكاتب التوثيق بالنسبة لعقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة فهى مبينة بذات المادة وبالتعديلات الأخرى التى طرأت على قانون التوثيق وآخرها القانون 103 لسنة 1976 .
وبمقتضى ذلك النص، أصبح توثيق عقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك، يختص به المأذونون بالنسبة للمصريين المسلمين، ويختص الموثقون المنتدبون بالمصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة، وتختص مكاتب التوثيق، بمن اختلفوا ديانة أو جنسية وبالأجانب المتحدى الجنسية أيا كانت ديانتهم .
وعلى ذلك فإنه لم يعد هناك بالنسبة للأجانب، سواء اتحدت جنسيتهم وديانتهم أو اختلفوا، سوى شكل واحد يجوز إفراغ زواجهم فيه ألا وهو الشكل الذى يتم لدى مكاتب التوثيق، باعتباره الشكل المحلى بالنسبة إليهم .
ويحتج بزواج الأجانب فى مصر متى استوفى الشكل المحلى دون نزاع، أما الاحتجاج به فى دولة الزوجين أو فى دولة أخرى فيتوقف على ما تقضى به قواعد الإسناد فى قانونها .
وإذا كان أحد الزوجين مصريا تعين إجراء الزواج فى الشكل المقرر فى القانون المصرى، ويصبح توثيقه من اختصاص مكاتب التوثيق .
أما عن جواز إبرام عقود زواج الأجانب فى قنصلية أحد طرفى الزواج ومدى حجيته فى مصر، فإن الفقرة الثانية من المادة الحادية عشرة من اتفاق مونترو سنة 1938 الخاص بإلغاء الامتيازات فى مصر قد جرى نصها بالآتى ولهم ( لقناصل الدول صاحبة الامتيازات الملغاة ) بشرط التبادل أن يقوموا بالأعمال الداخلة فى الاختصاصات المعترف بها عادة للقناصل فى مواد إشهادات الحالة المدنية وعقود الزواج والعقود الرسمية الأخرى والتركات والنيابة عن مواطنيهم الغائبين أمام القضاء ومسائل الملاحة البحرية وأن يتمتعوا بالحصانة الشخصية .
وبمقتضى هذا النص يكون للأجانب أن يتزوجوا فى مصر فى الشكل الدبلوماسى أو القنصلى - حسب قانون الجنسية التى ينتمون إليها - لأن بعض الدول تعتبر الزواج نظاما دينيا كاليونان التى لا تجيز لقناصلها مباشرة عقد الزواج، كما أن بعض الدول تستلزم أن يكون الطرفان أو أحدهما تابعا لها .
لما كان ذلك فإنه يحتج بالزواج القنصلى فى مصر مادام قد تم فى قنصلية صرحت لها حكومة مصر وأذنت فى مباشرة هذا الاختصاص من باب التعامل بالمثل، على ما تشير إليه المادة 64 من القانون رقم 166 لسنة 1954 الخاص بنظام السلكين الدبلوماسى والقنصلى الذى حل محل المرسوم بقانون الصادر فى 1925 الخاص بهذين السلكين .
إذ خول هذا القانون للمصريين فى الخارج أن يعقدوا زواجهم فى الشكل الدبلوماسى أو القنصلى لدى ممثلى مصر فى الدول الأجنبية مع مراعاة الاتفاقات والمعاهدات الدولية والعرف الدولى ، وألا تتعارض هذه الاختصاصات مع قوانين البلاد التى يعملون فيها ، وأن يكون الزوجان مصريين أو أحدهما مصريا، على أن يؤخذ مقدما رأى وزارة الخارجية فى حالة ما إذا كان أحد الزوجين غير مصرى .
وإذا صدر عقد الزواج لدى أحد القناصل المعتمدين فى مصر المأذون لهم من الحكومة المصرية بهذا الاختصاص، من باب التعامل بالمثل كان صادرا من جهة مختصة قانونا مادام مستوفيا شروط قانون دولة القنصل، وفى حدود النظام العام والآداب فى مصر، ويجرى اعتماده والتصديق على شكله القانونى من الجهة المنوط بها أعمال القناصل المعتمدين فى مصر .
ويخضع العقد الذى يجرى لدى أحد القناصل الأجانب المصرح لهم بإجراء عقود الزواج لرقابة القضاء رقابة موضوعية إذا كان الزوجان مسلمين أو أحدهما مسلما، باعتبار أن مخالفة شروط عقد الزواج وأركانه المقررة فى الشرعية الإسلامية تمس النظام العام .
هذا ومتى كان أحد طرفى عقد الزواج مصريا لم يجز لأحد القناصل الأجانب إجراء عقد الزواج، بل يتعين إجراؤه وتوثيقه فى مكتب التوثيق والله سبحانه وتعالى أعلم(1/305)
زواج الرجل بمن زنى بها ابنه
F جاد الحق على جاد الحق .
18 شعبان 1401 هجرية - 20 يونية 1981 م
M 1 - نص فقهاء المذهب الحنفى على أن من زنى بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها وجدتها، وتحرم المرأة المزنى بها على آباء الزانى وأجداده وإن علوا، وعلى أبنائه وإن نزلوا .
2 - أثبت الفقه الحنفى للزنا حرمة المصاهرة كالزواج، وهو مذهب أحمد بن حنبل .
3 - ذهب الفقه الشافعى قولا واحدا إلى أنه لا حرمة لماء الزنا بدليل انتقاء سائر أحكام النسب من إرث وغيره، ولكن يكره نكاحها خروجا من خلاف من حرمها، وهو مشهور عن مالك .
4 - يحل لوالد الزانى تزوج الفتاة التى زنى بها ابنه ولو كانت حاملا منه، وعقده عليها صحيح .
كما يقول الشافعية . والمشهور عن مالك، ويكون الولد للفراش .
5 - يتعين الاحتياط بأخذ التعهد على الوالد بقبوله الزواج منها وفاقا لمذهب الشافعى، وإن كان الأحوط والأولى تزويجها لمن زنى بها
Q بالطلب المقدم من مجلة منبر الإسلام المقيد 192 / 1981 المتضمن أن فتاة حملت سفاحا واتهمت بحملها شابا، فتقدم والده للعقد عليها، وفعلا قام المأذون بعقد القران ( بعمل تصادق ) بين هذه الفتاة ووالد المتهم على زواجهما .
والسؤال هل هذا العقد صحيح أو غير صحيح وإذا صح فما حكم نسب هذا الجنين
An تقضى المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 والمادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بأن تصدر الأحكام طبقا لأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة ما عدا الأحوال التى ينص فيها قانون المحاكم الشرعية فى قواعد خاصة، فيجب فيها أن تصدر الأحكام طبقا لتلك القواعد، وقد نص فقهاء المذهب الحنفى على أن من زنى بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها وجدتها، وتحرم المرأة المزنى بها على آباء الزانى وأجداده وإن علوا، وعلى أبنائه وبناته وإن نزلوا ( الهداية وشروحها ص 365 وما بعدها ج- 2 وبدائع الصنائع ج- 2 ص 256 ) وبهذا أثبت فقه الحنفيين للزنا حرمة المصاهرة كالزواج، وهذا الرأى منقول عن عمر وابن عباس وابن مسعود وعمران بن الحصين وجابر وأبى وعائشة، والحسن البصرى والشعبى والنخعى والأوزاعى وطاووس وعطاء ومجاهد وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والثورى وإسحاق بن راهوية، وهو مذهب أحمد بن حنبل فقد نص الخرقى على أن ( وطء الحرام محرم كما يحرم وطء الحلال والشبهة ) وقال ابن قدامة فى المغنى شرحا لهذا يعنى أنه يثبت به تحريم المصاهرة، فإذا زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه وحرمت عليه أمها وابنتها ( ج- 7 مع الشرح الكبير ص 482 وما بعدها ) .
وفى بداية المجتهد لابن رشد المالكى ج- 2 ص 28 فى المسألة الرابعة من مسائل حرمة المصاهرة قال اختلفوا فى الزنا، هل يوجب من التحريم فى هؤلاء، ما يوجب الوطء فى نكاح صحيح أو شبهة، أعنى الذى يدرأ فيه الحد ،فقال الشافعى الزنا بالمرأة لا يحرم نكاح أمها ولا ابنتها ولا نكاح أبى الزانى لها ولا ابنه، وقال أبو حنيفة والثورى والأوزاعى يحرم الزنا ما يحرم النكاح، وأما مالك ففى الموطأ عنه مثل قول الشافعى أنه لا يحرم وروى ابن القاسم مثل قول أبى حنيفة أنه يحرم، وقال سحنون وأصحاب مالك يخالفون ابن القاسم فيها ويذهبون إلى ما فى الموطأ .
وقال ابن جزى المالكى فى القوانين الفقهية ص 231 يعتبر فى التحريم بالصهر النكاح الحلال أو الذى فيه شبهة أو اختلف فيه، فإن كان زنا محضا لم تقع به حرمة المصاهرة .
فمن زنى بامرأة فإنه لا يحرم تزويجها على أولاده فى المشهور وفاقا للشافعى خلافا لأبى حنيفة، إلا أن فى المدونة من زنى بأم امرأته فارقها، خلافا لما فى الموطأ .
وذهب الفقه الشافعى قولا واحدا إلى أنه لا حرمة لماء الزنا ، بدليل انتفاء سائر أحكام النسب من إرث وغيره، ولكن يكره نكاحها خروجا من خلاف من حرمها ( ص 356 ج- 3 من الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع مع حاشيته تحفة الحبيب فى المحرمات فى النكاح ) .
ونقل ابن قدامة فى المغنى ( ج- 7 ص 515 مع الشرح الكبير ) قال وإذا زنت امرأة لم يحل لمن يعلم ذلك نكاحها إلا بشرطين أحدهما انقضاء عدتها، فإن حملت من الزنا فقضاء عدتها بوضعه ولا يحل نكاحها قبل وضعه وبهذا قال مالك وأبو يوسف وهو إحدى الروايتين عن أبى حنيفة وفى الأخرى قال يحل نكاحها ويصح، وهو مذهب الشافعى، لأنه وطء لا يلحق به النسب فلم يحرم النكاح ، كما لو لم تحمل والشرط الثانى أن تتوب من الزنا وقال أبو حنيفة ومالك والشافعى لا يتشرط ذلك .
لما كان ذلك كان العقد المسئول عنه صحيحا وفقا لفقه مذهب الإمام الشافعى والمشهور عن مالك، باعتبار أنه يحل لوالد الزانى تزوج هذه الفتاة التى زنى بها ابنه ،ولو كانت حاملا منه ، ويقع العقد باطلا فى فقه مذهب الإمامين أبى حنيفة وأحمد ورواية عن مالك، ومن قال بذلك من الصحابة والتابعين على نحو ما سبق بيانه .
ومتى صح العقد كما يقول الشافعيون والمشهور عن مالك، كان الولد للفراش وإن كان الذى عليه القضاء هو فقه الحنفيين كما سبق .
ومن هنا يتعين الاحتياط بأخذ التعهد عليه بقبوله الزواج منها وفاقا لمذهب الشافعى، وإن كان الأحوط والأولى تزويجها لمن زنى بها .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/306)
تحديد الصداق وقبض جزء منه قبل عقد الزواج ليس شرطا
F جاد الحق على جاد الحق .
19 ذو الحجة 1401 هجرية - 17 أكتوبر 1981 م
M 1 - الأصل شرعا انعقاد الزواج بالنطق بإيجاب وقبول من الزوجين أو وكيليهما .
أو من أحدهما ووكيل عن الآخر فى حضور شاهدين بالغين عاقلين ومع استيفاء باقى الشروط .
2 - توثيق الزواج رسميا ليس شرطا فى صحة العقد ولكنه استيثاق فقط لعدم النزاع .
3 - الزوجان اللذان انعقد زواجهما شرعا بتاريخ 1/1/1974 وانجبا ولدين فى عامى 75، 79 ثم قاما بتوثيق هذا العقد فى صيغة تصادق فى 28/2/1980، يصبح زواجهما رسميا من تاريخ التصادق .
ويكون الولدان مولودين على فراش الزوجية الصحيحة شرعا .
وتترتب لهما الآثار الشرعية والقانونية . 4 - تحديد الصداق وقبضه أو جزء منه قبل الدخول، أو تأجيله جميعه .
كل ذلك متروك للعرف والاتفاق، وليس شرطا فى صحة عقد الزواج، وتترتب على هذا العقد جميع الآثار الشرعية والقانونية
Q بكتاب السيد / رئيس الفرع المالى للمنطقة العسكرية المركزية .
المقيد 3/3/30 الرقيم 10056 المؤرخ 7/9/1981 المقيد برقم 304/1981 وقد جاء به وردت لنا وثائق زواج وشهادات ميلاد المرفق صورها طيه ( أ ) الوثيقة الأولى ومنها يتضح أن س م تزوج فى 28/2/1980 فى حين أن أولاده تم إنجابهم فى 16/5/1975 وفى 10/1/1979 أى أنه تم الإنجاب قبل الزواج مع العلم أن الزوجة التى تزوجها فى عام 1980 وهى السيدة / ص خ م هى أم للولدين الذين تم انجابهما قبل الزواج .
فهل ينتج هذا الزواج آثاره القانونية، ويستحق لهؤلاء الأولاد غلاء معيشة أو يعتبرون أولادا غير شرعيين نتجوا عن عقد عرفى وليس لهم حقوق قانونية .
( ب ) الوثيقة الثانية وهى خاصة بزواج / م س ح ، ف ح م ، وقد جاء بها أن الصداق قدره 400 جنيه وجميعه مؤجل بذمة الزوج لأقرب الأجلين فهل يعتبر هذا الزواج صحيحا رغم إتمامه بدون مقدم صداق وينتج آثاره القانونية ويستحق بالتالى صرف إعانة زواج .
( ج ) الوثيقة الثالثة وهى صورة ضوئية غير رسمية من وثيقة تصادق على زواج مؤرخة 28 فبراير سنة 1980 محررة بين كل من الزوج س م أ ، والزوجة ص خ م ، حيث تصادقا على قيام الزواج بينهما بصحيح العقد الشرعى على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على يد فقيه مجهول من تاريخ أول يناير سنة 1974 .
( د ) وصورتين ضوئيتين من شهادتى ميلاد طفلين لهذين الزوجين أحدهما مولود بتاريخ 16/5/1975 والآخر بتاريخ 10/1/1979
An أولا إن الأصل شرعا أن ينعقد الزواج بالنطق بإيجاب وقبول من الزوجين أو من وكيليهما أو من أحدهما ووكيل عن الآخر فى حضور شاهدين بالغين عاقلين، ومع استيفاء باقى الشروط .
واستحدثت الدولة توثيق الزواج بين المسلمين على يد المأذون حرصا على ضمان ثبوت هذا العقد عند النزاع، لكن التوثيق ليس شرطا فى صحة هذا العقد شرعا، ولا يتوقف نفاذه ولا ثبوت نسب الأولاد على هذا التوثيق، أى على كتابته فى وثيقة الزواج لدى المأذون .
ولما كان واقع هذه الأوراق أن الزوجين قد سبق انعقاد زواجهما شرعا بتاريخ 1/1/1974 وقد أنجبا ولديهما بعد هذا العقد فى 16/5/75 وفى 10/1/79 ومن ثم يكون الولدان قد ولدا بناء على عقد زواج صحيح شرعا .
ثم إن الزوجين تنفيذا للقانون وثقا هذا العقد فى صيغة تصادق رسمى بهذه الوثيقة المؤرخة 28/2/1980 ولا يؤثر هذا التوثيق على العقد الشرعى الذى تم فى 1/1/1974، بل أصبح هذا العقد من هذا التاريخ رسميا بمقتضى وثيقة التصادق وفقا للائحة المأذونين ولائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم رقم 78 لسنة 1931 .
لما كان ذلك كان هذان الولدان مولودين على فراش زوجية صحيحة شرعا وتترتب لهما الآثار الشرعية والقانونية .
ثانيا إن تحديد الصداق ليس شرطا فى صحة عقد الزواج .
وكذلك ليس من شروط صحته ونفاذه قبضه أو قبض جزء منه قبل الدخول .
وإنما المطلوب شرعا فقط أن يكون للزوجة صداق، سواء قبضته جميعه وقت العقد أو قبضت جزءا منه، أو تأجل جميعه وبقى دينا فى ذمة الزوج لميعاد محدد اتفقا عليه، أو أجلاه إلى أقرب الأجلين، الموت أو الطلاق، كل ذلك متروك للعرف والاتفاق، ولا دخل له فى حصة عقد الزواج، لأن الله سبحانه أوجب للزوجة مهرا فى ذمة الزواج بقوله { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } النساء 4 ، والمقصود هنا الوجوب فى الذمة .
لما كان ذلك كان اتفاق الزوجين فى العقد الثابت بالوثيقة المحررة فى 7/2/1981 بزواج - م س ح ، ف ح م على جعل المهر كله مؤجلا لأقرب الأجلين صحيحا نافذا، ولا يخل بصحة هذا العقد الذى تم بإيجاب وقبول شرعيين فى حضرة الشهود، وثبت توثيقه رسميا على يد المأذون ومن ثم تترتب على هذا العقد جميع الآثار الشرعية والقانونية والله سبحانه وتعالى أعلم(1/307)
انعقاد الزواج بعبارة المرأة أصيلة أو وكيلة
F جاد الحق على جاد الحق .
19 صفر 1402 هجرية - 15 ديسمبر 1981 م
M 1 - أرجح الأقوال فى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة صحة انعقاد الزواج بعبارة المرأة أصيلة عن نفسها أو وكيلة عن غيرها .
2 - يشترط فى حالة الوكالة أن يصرح فى التوكيل بالتزويج
Q بكتاب السيد المستشار وكيل وزارة العدل .
لشئون مكتب الوزير .
الرقيم 1/4 - 2284 / ع ه 12/12/1981 .
فى شأن حكم الشريعة الإسلامية فى مباشرة إحدى السيدات عقد تزويج موكلها الأجنبى المقيم خارج البلاد .
وذلك بمناسبة الطلب المقدم من الأستاذة ف ع م م المحامية بصفتها وكيلة عن السيد / م ر أ اللبنانى الجنسية بموجب التوكيل الذى قدمت صورته إلى وكيل وزارة العدل لشئون الشهر العقارى والتوثيق .
وقد أوضحت فى طلبها أنه يتعذر على موكلها حضور إجراءات توثيق زواجه من الآنسة و أ أ / المصرية الجنسية، وأنها بمقتضى وكالته إياها فى إجراء هذا العقد ترغب فى إتمامه وتوثيقه
An إن فقهاء المسلمين اتفقوا على أن للمرأة الرشيدة أن تباشر جميع العقود بنفسها أصيلة أو وكيلة، فيما عدا عقد الزواج، فقد اختلفوا فى مباشرتها إياه لنفسها أو لغيرها، فذهب الإمامان أبو حنيفة وأبو يوسف إلى انعقاد الزواج صحيحا بعبارة النساء أصيلة لنفسها أو وكيلة عن غيرها .
وذهب الأئمة مالك والشافعى وأحمد وكثير غير هؤلاء إلى عدم صحة عقد الزواج الذى تتولاه المرأة بنفسها أصيلة أو وكيلة وهناك أقوال أخرى بوقف العقد الذى تباشره المرأة وأقوال تصححه فى حال دون حال وأدلة كل قول من هذه الأقوال مبسوطة فى محلها من كتب فقه المذاهب .
ولما كانت المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون 78 سنة 1931 قد جرى نصها بأن تصدر الأحكام طبقا للمدون فى هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة، ما عدا الأحوال التى ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة، فيجب فيها أن تصدر تلك الاحكام طبقا لتلك القواعد ثم جاءت المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية، مظاهرة لهذا النص وبإعماله .
وكان أرجح الأقوال فى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة صحة انعقاد الزواج بعبارة المرأة أصيلة عن نفسها أو وكيلة عن غيرها .
لما كان ذلك جاز أن تباشر الأستاذة / ف ع م م المحامية عقد تزويج موكلها السيد / م ر أ ، اللبنانى الجنسية من الآنسة و أ أ المصرية الجنسية بمراعاة ما يقضى به القانون 103 سنة 1976 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق، وبشرط أن يكون التوكيل مصرحا فيه بالوكالة فى إجراء عقد تزويج الموكل بتلك الآنسة فلا يجوز التزويج بمقتضى توكيل عام فى التصرفات أو عام فى الأحوال الشخصية مثلا، بل لابد من التوكيل فى الزواج وفقا لنصوص فقه المذهب الحنفى، سواء كان التوكيل مطلقا للتزويج من أى زوج دون تحديد اسم أو صفة أو مهر .
أو كان توكيلا مقيدا باسم - كما فى هذه الواقعة - وفى حال التقييد يتحتم الالتزام بما اشترطه الموكل فى الوكالة .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/308)
عقد الزواج الثانى على الزوجة قبل طلاقها باطل
F جاد الحق على جاد الحق .
13 جمادى الآخرة 1399 هجرية - 20 مايو 1979 م
Mعقد الزوج على زوجته ثانيا قبل طلاقها منه باطل ولا أثر له على العقد الأول بشروطه
Q بالطلب المقيد برقم 190 سنة 1979 المتضمن أن رجلا وامرأة مسلمين بالغين قد عقدا زواجهما لدى مأذون بمصر، وقد اشترطت الزوجة فى هذا العقد أن يكون لها حق الطلاق، بمعنى أن تكون العصمة بيدها وقبل الزوج هذا الشرط - وقد تمت الخلوة بين هذين الزوجين واستمرت الحياة الزوجية بينهما - وأنهما أثناء قيام هذا العقد قد أجريا عقد زواج آخر بينهما على يد مأذون آخر - وذكرا فى هذا العقد الثانى أنهما لم يسبق لهما زواج - وكان هذا العقد الثانى نظرا لأن أسرتيهما لم يعلموا بالعقد الأول - وأن العقد الثانى قد خلا من اشتراط أن تكون العصمة بيد الزوجة .
وطلب السائل الإفادة عن الآتى 1 - ما حكم العقد الأول - وهل ما زال قائما مع شرط العصمة أم لا .
2 - ما حكم العقد الثانى - وهل له أثره ووقعه الشرعى والقانونى
An 1 - عن عقد الزواج الأول فإنه مادام قد صدر صحيحا مستوفيا لشروطه وأركانه فهو عقد نافذ شرعا، وتترتب عليه آثاره الشرعية والقانونية ويظل هذا العقد قائما بما فيه من شروط تفويض الطلاق إليها أى جعل العصمة بيدها مادام لم يطرأ على العقد ما ينقضه .
2 - وعن عقد الزواج الثانى فإنه قد وقع والزوجية قائمة بينهما فعلا بعقد الزواج الأول - ومن ثم فليس له أثر شرعا ولا قانونا، لأن العقد الأول ما زال قائما - بشروطه - ولهذه الزوجة أن تستعمل حقها المشروط لها وهو تفويض الطلاق إليها .
وهذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/309)
غياب الزوج عن زوجته وأثره
F جاد الحق على جاد الحق .
2 رجب 1399 هجرية - 28 مايو 1979 م
M 1 - يحرم شرعا على الزوج الغياب عن زوجته سنة فأكثر بدون عذر مقبول متى تضررت، وعليه نقلها إليه أو الحضور إليها للإقامة معها .
2 - زكاة الفطر لا تسقط بفوات وقتها، وإنما تصير دينا فى الذمة واجب الأداء .
3 - الركعات الثلاث بعد العشاء وسنتها كلها وتر واجب عند الحنفية ويرى فقهاء الأئمة الثلاثة أن الوتر سنة وأقله ركعة واحدة وأكثره إحدى عشرة ركعة
Q بالطلب المقدم من السيد / م ع أ المصرى المقيم بالسعودية المقيد برقم 47/1979 المتضمن أن السائل مقيم بالسعودية من مدة عامين تقريبا لم يحضر فيهما إلى القاهرة - وأن زوجته فى القاهرة، وهو يريد أن يعرف حكم الشرع فى غيبته عنها هذه المدة وهل هذا الغياب حرام أم حلال - كما أنه لم يؤد زكاة الفطر عن هذين العامين لأنه كان يعتقد أن والده سيخرج عنه الزكاة فى مصر، وهو يريد أن يعرف حكم الشرع فى هذا وماذا يجب عليه أن يفعله كما أنه يريد أن يعرف حكم الشرع فى الثلاث ركعات التى تؤدى بعد صلاة العشاء وركعتى سنتها - وهل الركعات الثلاث وتر كلها أو فيهن شفع وفيهن وتر - كما أن السائل يحفظ سورا قصارا من القرآن الكريم - فهل إذا صلى وحده وقرأ سورة قصيرة - هل تكون الصلاة صحيحة أم باطلة - كما أنه يقرأ فى الثلاث ركعات سورا قصارا من القرآن، فهل هذا يجوز أم لا وطلب السائل بيان حكم الشرع فى هذه الموضوعات
An المقرر شرعا أنه لا يجوز للزوج هجر زوجته - ومن أجل هذا أجاز فقهاء مذهب الإمام مالك وفقهاء مذهب الإمام أحمد بن حنبل للزوجة التى يهجرها زوجها طلب التطليق للضرر، وأخذ القانون المصرى بذلك فجعل للزوجة التى يغيب عنها زوجها ويقيم فى بلد آخر غير محل إقامتها سنة فأكثر دون عذر مقبول أن تطلب من القاضى الطلاق إذا تضررت من بعده عنها، ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه .
لما كان ذلك - فإذا كانت زوجة السائل متضررة من بعده عنها فإنه يحرم عليه شرعا هجره لها هذه المدة الطويلة ويجب عليه أن ينقلها إلى محل إقامته أو أن يحضر للإقامة معها ولا يطيل غيبته عنها أكثر من سنة وفاء بحقها الشرعى عليه كزوجة - هذا فوق مالها من النفقة الشرعية مدة غيبته عنها إذا لم يكن قد أنفق عليها أو وكل أحد بالإنفاق عليها .
أما زكاة الفطر فإنه يجب عليه شرعا أن يخرجها عن العامين الماضيين عن نفسه وعمن تجب عليه نفقته ولا تسقط بفوات وقتها، وإنما تصير دينا فى ذمته وعليه أداؤها .
أما عن الركعات الثلاث بعد صلاة العشاء وسنتها فإن فقهاء المذهب الحنفى يرون أنها كلها وتر واجب وتؤدى بتسليمة واحدة كهيئة صلاة المغرب ويقرأ المصلى فى كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة ثم القنوت ( الدعاء ) فى آخر ركعة قبل الركوع - ويرى فقهاء مذاهب الأئمة مالك والشافعى وأحمد ابن حنبل أن الوتر بعد أداء صلاة العشاء وسنتها سنة .
وأقله ركعة واحدة وأكثره إحدى عشرة ركعة وللسائل اتباع أى من هذين الرأيين .
هذا وللسائل أيضا أن يصلى بالسور التى يحفظها من القرآن الكريم فإن صلاته بما يحفظه صحيحة شرعا متى استوفت باقى شروطها - ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/310)
المهر والشبكة
F جاد الحق على جاد الحق .
11 رمضان 1399 هجرية - 4 يونية 1979 م
M 1 - الخطبة وقراءة الفاتحة وقبض المهر والشبكة وقبول الهدايا من مقدمات الزواج ومن قبيل الوعد به مادام العقد لم يتم .
2 - المقرر شرعا أن المهر يثبت فى ذمة الزوج بعقد الزواج الصحيح فإذا لم يتم فلا تستحق المخطوبة منه شيئا وللخاطب استرداده .
3 - الشبكة إذا كان قد اتفق عليها مع المهر أو جرى العرف باعتبارها منه أخذت حكمه فتسترد بذاتها إن كانت قائمة أو مثلها أو قيمتها إن كانت هالكة .
4 - إذا لم تدخل فى المهر بهذا الاعتبار فإنها تأخذ مع الهدايا حكم الهبة، فيجوز الرجوع فيها واستردادها إن كانت قائمة وإلا فلا .
5 - ما دام المبلغ المدفوع من الخاطب لشراء الشبكة كان بالاتفاق فيعتبر من المهر وله استرداده سواء كان الفسخ من قبله أو من قبل المخطوبة
Q بالطلب المقيد برقم 196 سنة 1979 م المتضمن أن للسائل أختا شقيقة تقدم أحد الأشخاص لخطبتها ودفع مبلغ 500 جنيه خمسمائة جنيه لحساب الشبكة، وخلال فترة الخطوبة قام الخطاب بفسخ الخطبة من جانبه دون سبب من قبل السائل، ولم تتم باقى الإجراءات .
فهل من حق الخاطب استرداد المبلغ المدفوع منه لحساب الشبكة أم لا
An الخطبة وقراءة الفاتحة وقبض المهر والشبكة وقبول الهدايا من مقدمات الزواج ومن قبيل الوعد به مادام عقد الزواج لم يتم بأركانه وشروطه الشرعية والمقرر شرعا أن المهر يثبت فى ذمة الزوج بعقد الزواج الصحيح فإذا لم يتم عقد الزواج فلا تستحق المخطوبة منه شيئا وللخاطب استرداده .
أما الشبكة التى تقدم للمخطوبة فإذا كان قد اتفق عليها مع المهر أو جرى العرف باعتبارها منه فإنها تكون من المهر وتأخذ حكمه السابق ذكره، بمعنى أن تسترد بذاتها إن كانت قائمة أو مثلها أو قيمتها إن كانت هالكة .
أما إذا لم تدخل فى المهر بهذا الاعتبار فإنها تأخذ مع الهدايا حكم الهبة فى فقه المذهب الحنفى الجارى عليه القضاء بالمحاكم بنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، والهبة شرعا يجوز الرجوع فيها واستردادها إذا كانت قائمة بذاتها ووصفها ،أما إذا كانت هالكة فلا تسترد بذاتها أو قيمتها لأن الهلاك أو الاستهلاك من موانع الرجوع فى الهبة شرعا .
وهذا والظاهر من السؤال أن المبلغ المدفوع من الخاطب لشراء الشبكة كان بالاتفاق، وعلى هذا فإن المبلغ المسئول عنه يعتبر من المهر وللخاطب استرداده سواء كان الفسخ من قبله أو من قبل المخطوبة وفقا لنصوص فقه المذهب الحنفى الجارى عليه القضاء، إذ لم يجر العرف بين المخطوبين بإهداء النقود إلا فى المناسبات كالأعياد لاسيما والمدفوع نقود من جنس المهر .
وبهذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/311)
الخلوة الصحيحة ترتب آثارها الشرعية
F جاد الحق على جاد الحق .
9 أغسطس 1979 م
M 1 - ثبوت الخلوة الصحيحة بين الزوجين يستتبع جميع الحقوق المقررة للمدخول بها فيما عدا التوارث بينهما للطلاق البائن .
2 - الشبكة والهدايا فى هذه الحالة وبعد أن تم عقد الزواج .
لا حق للزوج فى استردادها . 3 - إذا اتفق على قدر المهر فى السر ثم ذكر فى العقد مهر أقل حكم بالمهر المتفق عليه فى السر .
4 - وثيقة الزواج ورقة رسمية فى خصوص الزواج فقط .
وتعتبر ورقة عرفية فيما عدا ذلك يجوز إثبات عكسها بكافة طرق الإثبات .
5 - التعويض بمعناه المعروف فى القانون المدنى غير مقرر فى الشريعة إلا إذا كانت هناك أضرار مادية
Q بالطلب المقيد برقم 263 سنة 1978 المتضمن أن للسائل بنتا جامعية تقدم لخطبتها مهندس يعمل بالسعودية، وقدم لها شبكة من الذهب وبعض الهدايا - وعند الاتفاق على المهر خيره المهندس بين أن يدفع مهرا إلى بنته مهما كان كبيرا وبين أن يقوم هو بإعداد بيت الزوجية بتأثيث ثلاث غرف تليق بالزوجية وبمركز الأسرة الاجتماعى، على أن يحرر بهذا الجهاز قائمة لصالح الزوجة بأن جميع الأثاث ملك خالص لها .
وقد اختار السائل هذا الوضع الثانى على أن تكون قيمة الأثاث الذى يؤثثه لبيت الزوجية بمثابة المهر ، وتم الاتفاق بين السائل وخاطب ابنته على هذا الأساس ثم سافر هذا الخاطب إلى السعودية ومكث بها سنة، ثم عاد إلى مصر وطلب من السائل عقد القران على ابنته، وتم عقد القران فعلا بتاريخ 21/4/1977 وقد ذكر فى هذا العقد أن مقدم الصداق هو 25 قرشا ومؤخر الصداق هو 300 جنيه - على أساس أن الاتفاق بين الطرفين هو تأثيث بيت الزوجية من جانب الزوج هو المعمول به بدلا من مقدم الصداق الذى هو كرمز فقط بالعقد .
ثم سافر الزوج مرة أخرى إلى السعودية ثم حضر فى أواخر شهر مارس سنة 1978، وطوال هذه المدة لم يقم بالإنفاق على زوجته ثم مكث فترة مدعيا أنه يبحث عن شقة لتأثيث سكن الزوجية، وكان يحضر إلى زوجته أسبوعيا يوم الخميس ويعود إلى القاهرة يوم السبت، وقد حصلت خلوة شرعية بين الزوجين عدة مرات، ثم حضر إليهم مبديا رغبته فى إجراء الطلاق بدون أسباب ولا مبررات على شرط أن يسترد الشبكة والهدايا والمصاريف التى أنفقها فى حفل عقد القران، وبين لهم أن كل ما يلزمه هو أن يدفع لهم نصف مؤخر الصداق .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى حالة الطلاق قبل الدخول مع حدوث خلوة شرعية عدة مرات بين الزوجين وذلك بالنسبة للآتى : 1 - الشبكة التى قدمت للزوجة فى فترة الخطبة .
2 - الهدايا .
3 - مقدم الصداق وإمكان طلب تحليفه اليمين الحاسمة أمام القضاء لبيان حقيقة مقدم الصداق الذى تم الاتفاق عليه خلافا للثابت بوثيقة الزواج .
4 - النفقة الشرعية من تاريخ الزواج حتى تاريخ الطلاق أو التطليق .
5 - مؤخر الصداق .
6 - التعويض اللازم للزوجة لما أصابها من أضرار مادية وأدبية ونفسية ناتجة عن هجر الزوج لها، وطلب الطلاق قبل الدخول وبعد حدوث الخلوة الشرعية الصحيحة
An من المقرر فقها وقانونا أن نفقة الزوجة التى سلمت نفسها لزوجها ولو حكما تجب عليه من وقت امتناعه من الإنفاق عليها مع وجوبه دون توقف على قضاء أو رضاء ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء - وأن الخلوة الصحيحة بين الزوجين إذا ثبتت بالإقرار أو البينة تستتبع جميع الحقوق المقررة للمدخول بها فيتأكد بها جميع المهر عاجلة وآجله للزوجة وتجب عليها العدة إذا طلقت ولها النفقة مدة العدة شرعا أو إلى سنة من تاريخ الطلاق، ويحل لها مؤجل الصداق بالطلاق لأنه بائن - وأما عن الشبكة والهدايا فى موضوع السؤال وبعد أن تم عقد الزواج فلا حق للزوج فى استردادها ،لأنها وإن اعتبرت جزءا من المهر بالاتفاق أو جرى العرف باعتبارها جزءا منه أخذت حكم المهر - وإذا لم تكن كذلك أخذت حكم الهبة فتصبح حقا للزوجة لا يجوز للزوج الرجوع فيها، لأن الزوجية من موانع الرجوع فى الهبة شرعا .
وتعتبر باقى الهدايا من قبيل الهبة وتأخذ ذات الحكم .
وأما عن مقدم الصداق الثابت بالوثيقة ومقداره خمسة وعشرون قرشا، فإن الفقهاء قد تحدثوا فيما سموه بمهر السر ومهر العلن، وعلى هدى أقوال فقهاء المذهب الحنفى فإنه إذا اتفق على قدر المهر فى السر ثم ذكر فى العقد مهر أقل فإنه يحكم بالمهر المتفق عليه فى السر .
وفى واقعة السؤال إذا كان قد تم الاتفاق على أن يجهز الزوج ثلاث غرف تليق بالزوجة ومركز أسرتها ويحرر بها قائمة تمليك للزوجة كما جاء بالسؤال وثبت هذا الاتفاق بطريق من طرق الإثبات الشرعية، فإن هذا المتفق عليه يكون مقابل مقدم المهر .
هذا ووثيقة الزواج ليس لها صفة الرسمية فى مقدار المهر لأنها لم تعد لإثبات ذلك، فيجوز إثبات عكس ما جاء فيها بكافة طرق الإثبات ومنها يمين المدعى عليه ونكوله .
أما التعويض بالمعنى المعروف فى القانون المدنى فهو غير مقرر فى الشريعة إلا إذا كانت هناك أضرار مادية - أما الأضرار الأدبية فإن مؤجل الصداق ونفقة العدة إذا ثبتت الخلوة كل أولئك التزامات أوجبها الله ترضية للمطلقة وجبرا لما يكون قد لحقها .
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد به السؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/312)
نكاح المحارم باطل ولا يثبت نسبا للأب
F جاد الحق على جاد الحق .
6 محرم 1400 هجرية - 26 نوفمبر 1979 م
M 1 - فروع الأبوين وفروع فروعهما وإن بعدت الوسائط بينه وبينهن محرمات .
وإجماع المسلمين منعقد على ذلك . 2 - زواج الرجل من بنت ابن أخته باطل، ويجب عليهما أن يتفرقا، وإلا فلكل مسلم رفع أمرهما إلى النيابة العامة لترفعه بدورها إلى المحكمة المختصة للتفريق بينهما فوق المساءلة الجنائية .
3 - لا يثبت نسب الأولاد فى هذه الحالة إلى الزوج لبطلان النكاح وإنما ينسبون إلى أمهم فقط
Q بالطلب المقيد برقم 281 لسنة 1979 المتضمن أن خال السائل ( أخو أمه لأبيها ) خطب ابنته وتزوجها فى غيبته بدون علمه رغم معارضة الناس لهذا الزواج - وأنجب منها أولادا .
وطلب السائل الإفادة عن حكم هذا الزواج شرعا .
وهل يثبت نسب الأولاد إلى هذا الزوج المذكور
An يقول الله تعالى فى آية المحرمات { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت } النساء 23 ، الخ قال صاحب مجمع الأنهر فى باب المحرمات ( ويحرم أخته لأب وأم أو لأحدهما لقوله تعالى { وأخواتكم } ويحرم بنتها لقوله تعالى { وبنات الأخت } وابنة أخيه وإن سفلتا والمستفاد من الآية الكريمة وأقوال الفقهاء جميعا فى شأنها أن فروع الأبوين وفروع فروعهما وإن بعدت الوسائط بينه وبينهن محرمات .
فأخته وبنتها وبنت أخيه وبنت بنت أخته وبنت ابن أخته وبنت ابن أخيه وهكذا مهما طال حبل النسب حرام عليه، سواء أكان الأخ أو الأخت لأبوين أو لأحدهما .
لعموم دلالة قوله تعالى { وأخواتكم } وقوله سبحانه { وبنات الأخ وبنات الأخت } وقد انعقد إجماع المسلمين على ذلك .
وعلى هذا ففى حادثة السؤال تحرم بنت السائل على خاله، فإذا كان قد تزوج بها فالزواج باطل ويجب عليهما أن يتفرقا، وإلا فلكل واحد من المسلمين أن يتقدم إلى النيابة العامة ببلاغ، وإذا ثبتت هذه الجريمة رفعت النيابة أمر الزوجين إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة للتفريق بينهما فوق المساءلة الجنائية .
هذا ولا يثبت نسب الأولاد إلى هذا الزوج لأن نكاح المحارم لا يثبت النسب به شرعا لأنه نكاح باطل كما تقدم، وإنما ينسب هؤلاء الأولاد إلى أمهم فقط .
ومما ذكر يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/313)
عجز الزوج عن المعاشرة الجنسية
F جاد الحق على جاد الحق .
28 محرم 1400 هجرية - 22 ديسمبر 1979 م
M 1 - إذا اختلف الزوجان فى الدخول الحقيقى من عدمه فالقول للزوج ان كانت ثيبا اما ان كانت بكرا وأنكرت هى الدخول وأقر به هو تعرض على النساء فإن قلن هى بكر فالقول قولها وإلا فلا .
2 - إشهاده على طلاقه لهذه الزوجة فى ورقة رسمية مقررا أنه دخل بها وأنها ثيب .
إقرار منه بوصوله إليها جنسيا . 3 - إذا كان وصف الثيوبة يضر بها، ويقف حائلا دون الرغبة فى الزواج منها، فلها رفع دعوى قضائية أمام المحكمة المختصة ، وللمحكمة إذا أصر الزوج على موقفه تحقيق الدعوى بمعرفة أهل الخبرة، وتقضى فيها على الوجه الذى ينتجه التحقيق
Q بالطلب المقيد برقم 305 لسنة 1979 المتضمن أن السائل عقد قران ابنته الآنسة ش م ى يوم 7/7/1977 إلى م ب أ - وزفت إليه فى 19/12/1978، ولكنه عجز عن معاشرتها والدخول بها ، وقد تبين أنه ( عنين ) وأراد إجبارها على إزالة بكارتها لدى أحد الاطباء، ولكنها امتنعت ورفضت ذلك، فأساء إليها واعتدى عليها، ووقع الخلاف بينهما واستمر النزاع ورفع أمره إلى القضاء، وقد لجأ الزوج المذكور إلى تطليقها أمام المأذون باشهاد طلاق مرفق منه صورة ضوئية، وبالاطلاع عليها تبين أن الإشهاد مؤرخ فى 15 ربيع الآخر سنة 1399 هجرية الموافق 14 مارس سنة 1979 أمام المأذون التابع لمحكمة للأحوال الشخصية باشهاد رقم 197047 الثابت به أن الزوج المذكور قال أمام شهوده أشهدكم على أن زوجتى الثيب ش م ى الغائبة عن هذا المجلس طالق منى، وأقر بأنه الأول فصارت مطلقة منه طلقة أولى رجعية، وطلب السائل الإفادة عما يأتى : 1 - هل تعتبر ابنته المذكورة ثيبا كما ورد بالإشهاد رغم أنه لم يدخل بها لعجزه، وأنها مازالت بكرا حتى الآن .
2 - ما موقفها إذا تقدم إليها شخص آخر للزواج منها
An فقهاء المذهب الحنفى الذى تصدر الأحكام فى مثل هذه الواقعة على مقتضى أرجح الأقوال فيه، عملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية قد نصوا على أن الزوجين إذا اختلفا فى الدخول الحقيقى بالمعاشرة الجنسية فعلا، فقال الزوج إنه قد دخل بها ووصل إليها وأنكرت الزوجة، فإن كان قد تزوجها ثيبا فالقول له ، وإن قالت أنا بكر منكرة وصوله إليها قلنا حتى يريها النساء .
والمرأة الواحدة تكفى والأثنتان أحوط، فان قلن هى ثيب فالقول للزوج وإن قلن هى بكر فالقول لها فى عدم الوصول إليها .
ولما كان الزوج المطلق فى واقعة هذا السؤال قد أشهد على طلاق هذه الزوجة فى ورقة رسمية مقررا فيها أنه دخل بها وأنها ثيب فإن مفاد هذا التقرير وصوله إليها جنسيا، ولها إذا كان وصف الثيوبة يضر بها ويقف حائلا دون الرغبة فى الزواج منها أن ترفع الأمر إلى المحكمة المختصة فى دعوى قضائية، وللمحكمة إذا أصر المطلق أمامها على قوله أن تحقق الدعوى بمعرفة أهل الخبرة وتقضى فيها على الوجه الذى ينتجه التحقيق، هذا وأمر اللجوء إلى القضاء لإلغاء وصف الثيوبة تقدره هذه المطلقة حسبما تشاء فى نطاق هذه القواعد ومصلحتها والله سبحانه وتعالى أعلم(1/314)
هل من حق الزوج اجبار زوجته على الحجاب
F جاد الحق على جاد الحق .
3 صفر 1400 هجرية - 22 ديسمبر 1979 م
M 1 - النصوص الشرعية توجب على المرأة المسلمة أن تستر جميع جسدها فيما عدا الوجه والكفين فلا يجب سترهما على ما عليه أكثر فقهاء المسلمين .
2 - إبداء ما عدا ذلك حرام إلا للزوج أو المحرم ممن ذكرهم الله عز وجل فى كتابه الكريم .
3 - تأثم الزوجة إذا خالفت ذلك بإجماع علماء المسلمين .
4 - للزوج شرعا ولكل ولى كالأب والأخ والابن إجبار المرأة على الالتزام بما فرضه الله .
5 - للزوج ولاية إجبار زوجته على ستر جسدها، بل عليه ذلك حتما وإلا شاركها فى إثمها .
6 - له إن خالفت ولاية تأديبها بالموعظة الحسنة ثم بالهجر فى المضجع ثم بالضرب غير المبرح مع الصبر عليها فى النصيحة والعظة
Q بالطلب المقيد برقم 319 سنة 1979 المتضمن الإفادة عما إذا كان من حق الزوج شرعا إجبار زوجته على التحجب خارج البيت على غير رغبتها أو لا
An يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة النور { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون } النور 31 ، ويقول الله سبحانه وتعالى فى سورة الأحزاب { يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن } الأحزاب 59 ، ومن الأحاديث النبوية الشريفة فى هذا المقام ما رواه أبو داود عن عائشة رضى الله عنها ( أن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه ) .
ومن هذه النصوص الشرعية يتقرر أنه يجب على المرأة المسلمة أن تستر جميع جسدها فيما عدا الوجه والكفين فلا يجب سترهما على ما عليه أكثر فقهاء المسلمين .
وإبداء ما عدا ذلك حرام إلا للزوج أو المحرم ممن ذكرهم الله جل شأنه فى الآية الأولى، والمسلمة آثمة إن خالفت هذا الحكم بإجماع علماء المسلمين .
وللزوج شرعا كما لكل ولى كالأب والأخ والابن إجبار المرأة على الالتزام بما فرضه الله من عبادة وعمل ولباس .
وهذا مستفاد من قوله الله سبحانه فى سورة النساء { الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض } النساء 34 ، وقولة تعالى فى سورة البقرة { وللرجال عليهن درجة } البقرة 228 ، وقوله تعالى فى سورة طه { وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها } طه 132 ، وستر العورة من العبادات التى يلتزم بها المسلمون، وللزوج ولاية إجبار زوجته على ستر جسدها، بل عليه ذلك حتما وإلا شاركها فى إثمها .
وله إن خالفت ولاية تأديبها بالطرق المقررة فى قوله تعالى فى سورة النساء { واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا } النساء 34 ، فان خالفت فيما يجب عليها طاعته فيه فلزوجها أن يؤدبها بادئا بالموعظة الحسنة، ثم بالهجر فى المضجع بأن لا يبيت معها فى فراش واحد .
ثم بالضرب غير المبرح مع الصبر عليها فى النصيحة والعظة كما تشير الآية الكريمة .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/315)
وفاة الخاطب قبل العقد وبعد تقديم الشبكة
F جاد الحق على جاد الحق .
14 صفر 1400 هجرية - 2 يناير 1980 م
M 1 - إذا صارت الشبكة جزءا من المهر اتفاقا أو عرفا أخذت حكمه وكان من حق ورثة الخاطب استردادها إن كانت قائمة ومثلها أو قيمتها إن كانت هالكة أو مستهلكه مادام العقد لم يتم .
2 - إذا لم تكن الشبكة جزءا من المهر بالاتفاق أو العرف فى هذه الحالة تكون هدية وهبة يمتنع الرجوع فيها بموت الواهب أو الموهوب له
Q بالطلب المقيد برقم 331/1979 المتضمن أن ابنه قدم شبكة ذهبية لإحدى الفتيات قيمتها 1100 جنيه - ألف ومائة جنيه ليعقد عليها مستقبلا وقد تمت الخطبة وأخذت المخطوبة هذه تمهيدا لعقد قرانه عليها، ولكن حالت منيته دون ذلك فقد توفى بعد تقديم الشبكة بأسبوع، وقد طالب والد الخاطب والد المخطوبة برد هذه الشبكة إليه فرفض ردها مدعيا أنها من حق ابنته المخطوبة، وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع
An إن الخطبة من مقدمات الزواج، لا ترتب أى حق لطرفيها مما يرتبه عقد الزواج .
وفى خصوص الشبكة التى يقدمها الخاطب لمخطوبته فى فترة الخطبة فإن نصوص فقه المذهب الحنفى التى يجرى عليها القضاء فى هذا الموضع تقضى بأن الشبكة تأخذ حكم المهر إن اتفق الطرفان على أنها جزء منه أو جرى العرف بذلك - وإن لم تصر كذلك أخذت حكم الهبة .
وفى الحادثة موضوع السؤال إذا كانت الشبكة قد صارت جزءا من المهر اتفاقا أو عرفا أخذت حكم المهر - ولما كان المهر لا يستحق شرعا إلا بعقد الزواج الصحيح ولم يتم كان من حق ورثة الخاطب الشرعيين والحالة هذه استرداد الشبكة إن كانت قائمة ومثلها أو قيمتها إن كانت هالكة أو مستهلكة .
أما إذا لم تكن الشبكة جزءا من المهر بالاتفاق أو العرف كانت هدية وهبة، يمتنع الرجوع فيها بموت الواهب أو الموهوب له .
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/316)
زواج المسلم بغير المسلمة وببنت المزنى بها
F جاد الحق على جاد الحق .
23 ربيع الأول 1400 هجرية - 10 فبراير 1981 م
M 1 - إجماع الأئمة قائم على عدم حل من لا دين لها لمسلم .
أما الكتابية فيحل للمسلم التزوج منها، والأولى عندهم أن يكون الزواج من مسلمة .
2 - إجماع المسلمين قائم على أنه لا يجوز للمسلمة الزواج من غير مسلم مطلقا .
3 - بزواج المسلم من الكتابية يكون لكل منهما الحقوق المترتبة على العقد شرعا عدا الميراث .
4 - يرى فقهاء الحنفية أن الزنا يوجب حرمة المصاهرة .
فمن زنى بامرأة حرمت عليه أصولها وفروعها، ويرى الشافعية عكس ذلك .
وعن الإمام مالك روايتان .
إحدهما توافق الحنفية فى المنع والأخرى توافق الشافعية فى الإباحة
Q بالطلب المقيد برقم 28 لسنة 1980 المتضمن أن السائل شاب يبلغ من العمر 22 سنة وهو مسلم ويعمل منذ ثلاث سنوات بألمانيا الغربية، ويسكن عند إحدى العائلات المكونة من سيدة ألمانية وابنتها البالغة من العمر 15 سنة، وحدث ذات ليلة أن سول له الشيطان ارتكاب الزنا من السيدة المذكورة بعد إغرائها له ثم فعل ذلك أكثر من مرة ولكنه تاب إلى الله بعد ذلك ولم يقربها وأنه أحب ابنتها ويريد أن يتزوجها بعد أن بادلته شعورها نحوه ، وسأل الطالب .
هل يجوز لى الزواج من كافرة أى من ابنتها، أم يجب أن تعلن إسلامها وهل تعتبر محرمة عليه لما فعله من الزنا بأمها .
كما طلب الإفادة عن معنى كلمة النكاح لغة وشرعا . وما الفرق بين النكاح والزنا
An النكاح لغة - الوطء والضم .
وهو من الألفاظ المشتركة بين العقد والوطء بمعنى المعاشرة الجنسية بين الرجل والمرأة .
ولا يطلق على الزنا أى المعاشرة بين رجل وامرأة بغير عقد زواج .
ويطلق لفظ النكاح ويراد به شرعا أنه عقد يفيد حل العشرة بين الرجل والمرأة وتعاونهما وتحديد ما لكل منهما من حقوق وما عليه من واجبات .
وحكمته بالإضافة إلى أنه الوسيلة المشروعة لحفظ النوع وبقاء النسل تتمثل فى مقاصد دينية واجتماعية ونفسية، فهو رابطة مقدسة شرعها الله .
علاقة روحية ونفسية حيث يقوم على العطف والمودة والرحمة بين الزوجين .
وإلى هذا يشير قوله تعالى { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة } الروم 21 ، وكما فى قوله صلى الله عليه وسلم ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) .
وقوله ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة ( تكاليف الزواج ) فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) - ( أى وقاية من الوقوع فى الزنا ) .
وفى الزواج كف النفس عن الحرام وهو الزنا الذى يكون بالاختلاط الجنسى بين رجل وامرأة دون عقد زواج ، وهو محرم ومنهى عنه بالقرآن والسنة وإجماع المسلمين .
من هذا قوله تعالى { ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا } الإسراء 32 ، وفى الحديث الشريف ( لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ) ذلك لأن فى الزنا انتشار الفساد وهتك الأعراض واختلاط الأنساب وشيوع الرذيلة وضياع الحرمات، بالإضافة إلى الأمراض الخبيثة التى تصيب الزناة، وكفى به فاحشة ومقتا وساء سبيلا كما وصفه القرآن الكريم .
هذا وقد اتفق الفقهاء على أن المسلم لا يجوز له أن يتزوج من لا تعتنق دينا سماويا إذ من كانت من هؤلاء كالبوذيات والهندوسيات تعتبر مشركة لا يجوز للمسلم العقد عليها، وتدخل فى عموم النهى الوارد فى قوله تعالى { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم } البقرة 221 ، وقال جمهور الفقهاء إنه يحل للمسلم أن يتزوج الكتابية ( اليهودية والنصرانية ) لقوله تعالى { اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } المائدة 5 ، الخ وإن كان الأولى للمسلم ألا يتزوج إلا مسلمة لتمام الألفة من كل وجه، ولينشأ الأولاد بين والدين مسلمين وفى بيئة مسلمة .
ولقد كان سيدنا عمر ينهى عن الزواج من الكتابيات إلا لغرض سام كارتباط سياسى يقصد به جمع القلوب، والفرق بين الكتابية والوثنية أن عباد الوثن وهم مشركون لا تلتقى مبادئهم الخلقية مع مبادئ الإسلام .
فالمرأة المشركة قد تستهوى زوجها المسلم وتضعفه فى دينه وتفسد نسله .
أما الكتابية فإنها تلتقى غالبا فى لب الفضائل الاجتماعية مع مبادئ الإسلام، لأن أصول الأديان السماوية واحدة وقد أجمع المسلمون على أنه لا يجوز للمسلمة أن تتزوج غير مسلم سواء كان مشركا أم كتابيا لقوله تعالى { فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } الممتحنة 10 ، وإذا تزوج المسلم الكتابية يكون عليها كل حقوق الزوج المسلم مع المسلمة ويكون لها كل حقوق المسلمة إلا أنه لا توارث بينهما .
ويكون أولاده منها مسلمين تبعا لدين أبيهم المسلم، ويرث أولاده منه ولا يرثون أمهم الكتابية لاختلاف الدين .
ولهذا ينبغى للمسلم أن لا يندفع فى الزواج بغير المسلمة إلا للضرورة .
أما عن الزواج من ابنة المزنى بها بافتراضها كتابية ( يهودية أو مسيحية ) فقد اختلفت كلمة فقهاء الشريعة فى ذلك .
فقال فقهاء الحنفية إن الزنا يوجب حرمة المصاهرة، وعليه فلا يحل لمن زنى بامرأة أن يتزوج إحدى أصولها أو فروعها أى أمها وابنتها .
ذلك لأنه قد اعتاد الاتصال بمن زنى بها وقد لا يكف عن ذلك مع الزواج بفرعها أو أصلها فيوقع العداوة بينهما .
ويرى فقهاء الشافعية أن الزنا لا يوجب حرمة المصاهرة لأن المصاهرة نعمة فلا تنال بالحرام، فيصح عند الإمام الشافعى أن يتزوج الرجل البنت التى زنى بأمها .
وعن الإمام مالك روايتان إحداهما توافق فقه الحنفية فى المنع والأخرى توافق فقه الشافعية فى الإباحة .
هذا ونميل للأخذ بقول الإمام الشافعى فى إباحة الزواج للرجل ببنت من زنى بها إذا ضمن لنفسه ومن نفسه الامتناع عن مخالطة الأم جنسيا، وصحت عزيمته على ذلك، وكانت توبته خالصة لله سبحانه، وإن كان لا يقوى على مثل هذه العزيمة فإن الأخذ برأى الإمام أبى حنيفة أولى حتى لا يوقع العداوة بين أم وابنتها، ولأنه إذا عقد زواجه على البنت صارت أمها كأمه، وحرمت عليه كحرمة أمه التى ولدته .
فإن اختلط بها جنسيا فكأنما خالط والدته وزنى معها .
وبهذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/317)
زوجة الأب محرمة على ابنه تأبيدا
F جاد الحق على جاد الحق .
22 جمادى الأولى 1400 هجرية - 8 أبريل 1980 م
M 1 - يحرم على الابن الزواج بمن كانت زوجة لأبيه .
متى كان عقد زواج أبيه قد تم صحيحا شرعا سواء طلقها الأب أو مات عنها .
2 - لا التفات لما أثير من اعتبارات فى سبب تزوج الأب بها أو طلاقه إياها ولا فى سبق اتهام ابنه بها
Q بالطلب المقيد برقم 96 لسنة 1980 المتضمن أن بنتا فى العشرين من عمرها حملت من شخص مجهول .
وتزوجها رجل سنه 58 سنة زواجا رسميا بعقد تصادق على زواج تسترا عليها ولقد أقرت هذه البنت بأن ما فى بطنها من هذا الرجل، وقد قبل الرجل منها ذلك تسترا عليها .
وأثبتت بعقد الزواج أنها حامل . ثم ظلت هذه البنت فى عصمة ذلك الرجل مدة أربعة أشهر، وظل ينفق عليها من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وهما منفردان سويا فى منزل الزوجية، ثم طلقها قبل الوضع بشهر واحد .
وبعد الوضع ادعت هذه الفتاة أو الولد الذى وضعته هو نتيجة علاقة شرعية بينها وبين ابن هذا الرجل .
وقد أنكر الابن ذلك . ويقول السائل هل يجوز لهذا الابن أن يتزوج هذه الفتاة التى هى مطلقة أبيه أم لا وبيان الحكم الشرعى فى ذلك
An قال الله تعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا } النساء 22 ، وبمقتضى هذا النص القرآنى الكريم القطعى الثبوت والدلالة يحرم على الابن الزواج بمن كانت زوجة لأبيه مادام عقد هذا الأخير قد تم صحيحا شرعا، وسواء أدخل بها الأب أم لم يدخل بها .
لما كان ذلك فإنه يحرم فى هذه الواقعة زواج الابن من مطلقة أبيه لأن زوجة الأب من المحرمات حرمة دائمة مستمرة، حتى ولو طلقت من الأب أو مات عنها .
وهذا دون التفات لما أثاره السائل من اعتبارات فى سبب تزوج الأب بهذه المرأة أو طلاقه إياها ولا فى سبق اتهام ابنه بها .
{ تلك حدود الله فلا تعتدوها } البقرة 229 ، والله سبحانه وتعالى أعلم(1/318)
درجة القرابة بين ابن الزوج وزوجة أبيه
F جاد الحق على جاد الحق .
28 جماد الأولى 1400 هجرية - 14 أبريل 1980 م
M 1 - زوجة الأب بالنسبة لابنه من الأصهار فى نطاق أحكام الشريعة الإسلامية .
2 - تقضى المادة رقم 37 من القانون المدنى باعتبار أقارب أحد الزوجين فى نفس القرابة والدرجة بالنسبة للزوج الآخر .
ولا تنعقد بين أقارب أحدهما وأقارب الآخر .
3 - لما كان الأب بالنسبة لابنه هو الأصل .
أى فى الدرجة الأولى .
كانت زوجة الأب بالنسبة للابن من حيث المصاهرة فى الدرجة الأولى كذلك
Q بالطلب المقيد برقم 113 لسنة 1980 المطلوب به الإفادة عن درجة القرابة بين ابن الزوج وزوجة أبيه
An يرتبط الإنسان بأقاربه - الأصول والفروع والحواشى برباط النسب ومع أقارب الزوج برباط المصاهرة - وعلى هذا تكون زوجة الأب بالنسبة لابنه من الأصهار فى نطاق أحكام الشريعة الإسلامية، ويحرم على الابن التزوج بمن كانت زوجة لوالده بنص القرآن الكريم .
وتقضى المادة 37 من القانون المدنى باعتبار أقارب أحد الزوجين فى نفس القرابة والدرجة بالنسبة للزوج الآخر .
لأن قرابة المصاهرة قاصرة على أقارب أحد الزوجين بالنسبة للآخر .
ولا تنعقد بين أقارب أحدهما وأقارب الآخر .
لما كان ذلك. وكان الأب بالنسبة لابنه هو الأصل أى فى الدرجة الأولى، كانت زوجة الأب بالنسبة للابن من حيث المصاهرة فى الدرجة الأولى كذلك .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/319)
استقلال الزوجة بذمتها المالية عن زوجها شرعا
F جاد الحق على جاد الحق .
19 جمادى الأولى 1400 هجرية - 4 مايو 1980 م
M 1 - للمرأة المتزوجة فى الإسلام شخصيتها المدنية الكاملة، وثروتها الخاصة المستقلة عن شخصية زوجها وثروته .
ولكل منهما ذمته المالية .
2 - عقد الزواج لا يرتب أى حق لكل منهما قبل الآخر فى الملكية أو الدخل، ولكنه رتب للزوجة حقوقا على الزوج مجملها العدل فى المعاملة والمهر والنفقة طالما كان عقد الزواج قائما .
3 - انحلال عقد الزواج يكون بالطلاق الذى هو حق للزوج وحده لإنهاء الزواج عند تعذر الوفاق .
4 - المهر أو الصداق هو مبلغ من المال يجب للزوجة على زوجها بمقتضى عقد الزواج ويخضع سداده إليها للاتفاق والعرف، وهو لا يأخذ حكم التعويض .
5 - الزواج وآثاره والطلاق وآثاره من مسائل الأحوال الشخصية التى تحكمها فى مصر الشريعة الإسلامية باعتبارها القانون العام فى هذا الشأن .
6 - فكرة الحقوق المكتسبة الناشئة عن العقد تقتضى أيضا تطبيق حكم الشريعة الإسلامية باعتبارها قانون العقد .
7 - ليس للزوجة أى استحقاق فى أموال زوجها الخاصة .
سواء التى امتلكها قبل عقد الزواج أو فى مدة الزوجية أو بعد الفرقة بينهما طبقا للمادة 13 من القانون المدنى المصرى 131 لسنة 1948 .
8 - لا يختلف الحال فى الشريعة الإسلامية بين ما إذا طلق الزوج .
أو كان الطلاق بناء على طلبه أو طلبها فإن لها بعد الطلاق نفقة العدة ومؤخر الصداق المتفق عليه إن كان .
ولا يسقط هذان الحقان إلا بتنازلها عنهما أو إبراء زوجها منهما نظير الطلاق
Q بالطلب المقدم من ع أ س والمقيد برقم 137 لسنة 1980 وخلاصته أن أخاها - المسلم الديانة المصرى الجنسية - كان مقيما فى جمهورية مصر حتى عام 1969 ثم هاجر إلى أمريكا ومعه زوجته المصرية وابن لهما ثم حصلوا جميعا على الجنسية الأمريكية بعد مرور خمس سنوات وفقا للقانون هناك - وقد فوجىء هذا الزوج بأن زوجته تلك أقمت ضده قضية طلاق أمام المحاكم الأمريكية فى الوقت الذى تقيم معه فى مسكن واحد، ولما يفصل فى هذه القضية للآن، وأن القانون الأمريكى يعطى الزوجة نصف ما يملكه الزوج وقت الانفصال ونصف ما يحصل عليه من دخل .
وانتهت السائلة إلى طلب بيان حكم الشريعة الإسلامية بالنسبة للطلاق والنفقة الواجبة بعده .
وهل يختلف الحال إذا كان الزوج هو طالب الطلاق أو الزوجة هى طالبته، وما هو مؤخر الصداق فى الشريعة الإسلامية - وهل هو بمثابة تعويض للمطلقة ومن أجل هذا ينص عليه فى عقود الزواج
An إن الإسلام سوى بين الرجل والمرأة أمام القانون فى جميع الحقوق المدنية سواء فى ذلك المرأة المتزوجة وغير المتزوجة .
فالزواج يختلف فى الإسلام عنه فى قوانين معظم الأمم المسيحية الغربية .
ففى الإسلام لا تفقد المرأة بالزواج اسمها ولا شخصيتها المدنية، ولا أهليتها فى التعاقد، ولا حقها فى التملك، بل تظل المرأة المسلمة بعد الزواج محتفظة باسمها واسم أسرتها ولها مطلق الحق وكامل الأهلية فى تحمل الالتزامات، وإجراء مختلف العقود من بيع وشراء ورهن وهبة ووصية، ومحتفظة بحقها فى التملك مستقلة عن زوجها .
وعلى وجه الإجمال - فإن للمرأة المتزوجة فى الإسلام شخصيتها المدينة الكاملة وثروتها الخاصة المستقلة عن شخصية زوجها وثروته .
إذ لكل منهما ذمته المالية، فلا شأن لها بما يكسبه الزوج أو بدخله أو بثروته - وكذلك لا شأن للزوج بثروة زوجته أو بدخلها فهما فى شئون الملكية والثروة والدخل منفصلان تماما، وعقد الزواج لا يرتب أى حق لكل منهما قبل الآخر فى الملكية أو الدخل .
وهذه المبادئ قد أرساها القرآن الكريم فى آيات كثيرة كالآيات أرقام 228، 229، من سورة البقرة، 4، 20، 21 من سورة النساء .
ثم إن الإسلام رتب للزوجة حقوقا على الزوج بمقتضى عقد الزواج مجملها العدل فى المعاملة، والمهر والنفقة طالما كان عقد الزواج قائما فإذا انحل بالطلاق كان لها النفقة مدة العدة ، وأقصى هذه المدة سنة من تاريخ الطلاق وفقا للمادتين 17، 18 من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعمول به فى مصر .
وانحلال عقد الزواج يكون بالطلاق الذى هو حق للزوج وحده أجازه له الإسلام لإنهاء الزواج عند تعذر الوفاق بين الزوجين، كما أجاز للزوجة أن تلجأ إلى القاضى طالبة الطلاق بأسباب محددة بينتها القوانين أرقام 25 لسنة 1920، 25 لسنة 1929، 44 لسنة 1979 المعمول بها فى مصر .
والمهر أو الصداق هو مبلغ من المال يجب للزوجة على زوجها بمقتضى عقد الزواج، ويخضع سداده إليها للاتفاق والعرف، فقد يكون كله مدفوعا وقت العقد، وقد يدفع الزوج بعضه ويتفقان على تأجيل الباقى لحين الانفصال بالطلاق أو بموت أحدهما، وهو ما يسمى عرفا بمؤخر الصداق، ويدون بهذا الوصف فى وثيقة العقد الرسمى، وهو لا يأخذ حكم التعويض المعروف فى العقود المدنية، لأن الصداق جميعه مقدمه ومؤخره تستحقه الزوجة بذات العقد .
والتزامات الزوج للزوجة بحكم الإسلام بعد الطلاق تتمثل فى مؤخر الصداق إن كان، ونفقتها من مأكل ومشرب وملبس ومسكن مدة العدة وأقصاها مدة سنة من وقت الطلاق كما تقدم .
وعليه نفقة أولاده منها وأجرة حضانتها لهم وأجرة مسكن الحضانة وجميع نفقات تربيتهم فى حدود مقدرته المالية وأعبائه الاجتماعية .
وبهذا يكون الطلاق منهيا لالتزامات الزوج التى نشأت بعقد الزواج، فلا تستحق الزوجة قبله أية حقوق بعد انتهاء فترة العدة .
والزواج وآثاره والطلاق وآثاره من مسائل الأحوال الشخصية التى تحكمها فى مصر الشريعة الإسلامية باعتبارها القانون العام فى هذا الشأن .
ومع هذا فإن فكرة الحقوق المكتسبة الناشئة عن العقد تقتضى أيضا تطبيق حكم الشريعة الإسلامية باعتبارها قانون العقد حيث قد تم عقد الزواج لهذين الزوجين فى نطاقها - وهذا المبدأ سبق أن تقرر فى المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 91 لسنة 1937 فى مصر .
لما كان ذلك وكان نظام أموال الزوجين فى الإسلام هو نظام الانفصال المطلق، واستقلال ذمة كل منهما ماليا عن الآخر، لم يكن لهذه الزوجة أى استحقاق فى أموال زوجها الخاصة سواء التى امتلكها قبل عقد الزواج أو فى مدة الزوجية أو بعد الفرقة بينهما بالطلاق .
فقد نصت المادة 13 من القانون المدنى المصرى 131 لسنة 1948 على أنه يسرى قانون الدولة التى ينتمى إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التى يرتبها عقد الزواج بما فى ذلك من أثر بالنسبة للمال، ووفقا لهذا النص يكون حكم الشريعة الإسلامية المتقدم ذكره هو الواجب التطبيق .
هذا ولا يختلف الحال فى الشريعة الإسلامية بين ما إذا طلق الزوج أو كان الطلاق بناء على طلبه أو كان بناء على طلب الزوجة .
فإن للزوجة بعد الطلاق نفقة العدة ولها مؤخر الصداق المتفق عليه إن كان، ولا يسقط هذان الحقان إلا بتنازل الزوجة عنهما تنازلا مباشرا مجردا، أو فى نظير الطلاق بما يسمى فى مصر وفقا لأحكام الإسلام طلاقا نظير الإبراء من حقوقها المالية قبل الزوج .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/320)
صرع الزوجة وأثره
F جاد الحق على جاد الحق .
28 جمادى الآخرة 1400 هجرية - 13 مايو 1980 م
M 1 - طلب فسخ عقد الزواج عند وجود عيب بأحد الزوجين غير جائز عند الظاهريه .
سواء كان قبل العقد أو بعده . 2 - ظهور عيوب مرضية محددة بالرجل تجيز للمرأة طلب التفريق عند فقهاء المذهب الحنفى - ويرى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة أن الرجل والمرأة فى طلب التفريق سواء .
3 - وجود عيب بالزوجة بعد الدخول بها ولم يكن يعلمه الزوج قبل العقد ولم يرض به يجيز له الرجوع بالمهر على من غره - فى الصحيح عند الحنابله وبه قال مالك والشافعى فى القديم - ويرى أبو حنيفة والشافعى فى الجديد عدم الرجوع بشىء بعد الدخول على أحد .
4 - أرجح الأقوال فى فقه المذهب الحنفى أنه لا يجوز للرجل طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيبا ولا الرجوع بشىء من المهر على أحد - وبه أخذ القانون
Q بالطلب المقيد برقم 360 سنة 1979 المتضمن أن ابن السائل تزوج بامرأة، وبعد دخوله بها فوجىء بأنها مصابة بمرض الصرع، وتكررت نوبات الصرع بكثرة، واتضح للزوج المذكور أن أهل زوجته أخفوا عنه هذه الحقيقة التى كانوا يعرفونها قبل زواجه بها حتى تم عقد القران والدخول .
وبعد حملها منه أجهضت . وقرر الأطباء أن سبب الإجهاض إصابتها بهذا المرض، وأنها ستتعرض لذلك دائما ، وأنها لو فرض وحملت مستقبلا فستضع جنينا مشوها .
وطلب السائل بيان حكم الشرع فى هذا الزواج ومدى مسئولية والدها من الناحية القانونية والشرعية بسبب إخفائه هذه الحقيقة .
وما هى حقوق الزوج فى هذا الموضوع
An إن الزواج فى الإسلام مودة ورحمة ومعاشرة بالمعروف .
فإذا ظهرت عيوب مرضية مستقرة غير قابلة للعلاج والشفاء بأحد الزوجين فهل يجوز لأحدهما طلب فسخ الزواج قضاء أم لا يجوز اختلف فقهاء الشريعة فى هذا إلى ثلاثة آراء الأول أنه لاخيار لأحد الزوجين إذا ما وجد بصاحبه عيبا .
فلا يجوز له طلب فسخ عقد الزواج سواء كان هذا العيب قبل العقد أو حدث بعده وسواء كان بالزوج أو بالزوجة .
وبهذا يقول الظاهرية . الثانى أنه يجوز طلب التفريق بعيوب محددة، ويقول بهذا فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى وأحمد .
غير أن فقهاء المذهب الحنفى يرون أن التفريق يكون بسبب العيوب المرضية التى توجد فى الرجل خاصة على خلاف بينهم فى عدد هذه العيوب، بينما يرى فقهاء مذاهب المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والجعفرية جواز طلب التفريق بسبب العيوب المرضية سواء للرجل والمرأة، وإن اختلف هؤلاء أيضا فى عدد العيوب المجيزة لهذا الطلب ونوعيتها .
الرأى الثالث يجيز طلب التفريق مطلقا بأى عيب جسدى أو مرضى، ولأى من الزوجين هذا الحق .
وبهذا يقول شريح وابن شهاب والزهرى وأبو ثور .
وقد انتصر لهذا الرأى العلامة ابن القيم فى زاد المعاد ج- 4 ص 58، 59 .
هذا والصحيح فى مذهب الإمام احمد بن حنبل - كما جاء فى المغنى لابن قدامة ص 587 ج- 7 أن الزوج إذا وجد بزوجته بعد الدخول بها عيبا لم يكن يعلمه قبل العقد ولم يرض به - أنه يرجع بالمهر على من غره، وأن ولى الزوجة ضامن للصداق .
وبهذا قال الإمام مالك والإمام الشافعى فى القديم والزهرى وقتادة اعتدادا بأثر مروى عن سيدنا عمر بن الخطاب، وقال أبو حنيفة والشافعى فى الجديد لا يرجع الزوج بشىء على أحد، لأنه بالدخول بها قد استوفى حقه استنادا إلى قول سيدنا على ابن أبى طالب فى هذه الواقعة .
ولما كان القضاء فى مصر قد جرى فى هذا الموضع على أرجح الأقوال فى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة عملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 .
وكان فقه هذا المذهب يقضى بأنه لاحق للزوج فى طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيبا من العيوب التى تجيز الفسخ اكتفاء بما يملكه من حق الطلاق إذا يئس من علاجها لأن الزوجية قائمة على حق تبادل المتعة، وذلك لايمنع منه ظهور أنها مصابة بالجنون أو بالصرع، كما أنه ليس للزوج الرجوع عليها أو على وليها بشىء إذا ظهر بها عيب .
لما كان ذلك لم يكن لابن السائل فى هذه الواقعة أى حق قبل زوجته أو أحد من أوليائها بسبب ظهور هذا المرض بها، وليس له إلا أن يصبر على معاشرتها أو يفارقها بطلاق، وفى هذه الحالة تكون لها جميع الحقوق الشرعية التى تترتب على الطلاق .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/321)
وفاة الخاطب بعد دفع المهر واعداد الجهاز
F جاد الحق على جاد الحق .
29 جمادى الآخرة 1400 هجرية - 14 مايو 1980 م
M1 - مادام عقد الزواج الصحيح لم يتم شرعا فلا تترتب عليه حقوق مالية أو شرعية
Q بالطلب المقدم من السيد / م م ع المتضمن أنه تقدم لخطبة أخته شاب وتم تحديد المهر وتسميته، وقدم الخاطب المهر المسمى وقاموا بإعداد الجهاز الخاص بالمخطوبة، وأودع تحت يد السائل بمنزل المخطوبة، وحددوا موعدا لعقد القران، ولكن شاءت الأقدار وتوفى الخاطب قبل عقد القران .
ويسأل هل لأخته المخطوبة حق فى الجهاز الذى تم إعداده والمهر المسمى، وهل لها الحق فى تركة الخاطب
An إن الخطبة وقراءة الفاتحة وقبض المهر وإعداد الجهاز وتقديم الشبكة وقبول الهدايا كل ذلك من قبيل الوعد بالزواج ومقدماته .
ولا يترتب على شىء من هذا أية حقوق مالية أو شرعية ما دام لم يتم عقد الزواج الشرعى الصحيح .
ولما كان المقرر أن المهر لا يستحق إلا بعقد الزواج الصحيح لأنه من تبعاته، وإذا لم يتم العقد فلا تستحق المخطوبة شيئا منه، ويكون من حق الخاطب استرداد ما دفعه مهرا .
وعلى هذا ففى هذه الحادثة وقد توفى الخاطب قبل عقد القران وبعد دفع المهر يكون من حق ورثته استرداد المهر الذى دفعه للمخطوبة واسترداد قيمة ما أسهم به فى إعداد الجهاز المذكور ولا حق للمخطوبة فى المهر ولا شىء منه ، حيث لم يتم عقد الزواج بينهما .
كما لا تستحق شيئا ميراثا فى تركته، لأنها لم تكتسب الصفة التى ترث بها وهى الزوجية .
وبهذا يعلم الجواب .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/322)
زواج فاسد بعد حكم باطل بالطلاق
F جاد الحق على جاد الحق .
11 شوال 1400 هجرية - 21 أغسطس 1980 م
M 1 - بصدور حكم بالتطليق للزوجة وصيرورته نهائيا ثم زواجها بآخر ثم صدور حكم ببطلان حكم الطلاق لصالح زوجها الأول وصيرورة هذا الحكم نهائيا .
يكون عقد زواجها بالأول مازال قائما، وعقد زواجها بالثانى قد وقع باطلا لعدم المحل .
2 - تصبح معاشرتها للرجل الآخر واتصالهما جنسيا بعد إلغاء حكم الطلاق زنا محرما شرعا .
3 - على الزوج الأول اتخاذ الإجراءات القانونية لتنفيذ الحكم الصادر لصالحه دفعا لهذا المنكر وإلا كان شريكا فى الإثم
Q بالطلب المقيد برقم 214 لسنة 1980 المتضمن أن السائل تزوج سنة 1969، وأنجب من زوجته طفلة تبلغ من العمر الآن تسع سنوات .
وقد حصل خلاف بينه وبين زوجته فطلقها ثم تزوجها مرة ثانية بعقد جديد .
وبعد ذلك حصل خلاف بينه وبين زوجته فأقامت ضده دعوى نفقة، ثم سوى الأمر بينهما واتفقا على الاستمرار فى المعاشرة الزوجية مع حصولها على المبلغ المقضى لها به بمقتضى إيصالات، وأثناء معيشتها معه أقامت ضده دعوى طلاق للضرر، وأعلنته بها فى عنوان وهمى، وحصلت على حكم بطلاقها منه، وأعلنته بهذا الحكم فى مكان وهمى أيضا، ثم حصلت على شهادتين بعدم حصول معارضة واستئناف عن هذا الحكم، وتزوجت برجل آخر استنادا إلى هذه الأوراق، وما أن تم هذا الزواج حتى هجرته .
ولما علم السائل بذلك أقام ضدها دعوى ببطلان حكم الطلاق، وصدر الحكم له بذلك وصار نهائيا، وتم إعلانها به رسميا وإعلان زوجها الحالى به وأمره بالامتناع عن معاشرتها .
وانتهى السائل إلى طلب بيان حكم العلاقة القائمة بين زوجته وبين زوجها الحالى الذى تزوجته بعد حكم الطلاق الباطل
An إذا كانت هذه الوقائع صحيحة، وكان حكم التطليق الصادر ضد السائل قد حكم نهائيا ببطلانه كان عقد زواجه بهذه المرأة مازال قائما، ويكون عقد زواجها بالآخر باطلا، إذ قد ظهر أنها لم تكن محلا للزواج به لوجودها على عصمة زوج فعلا، وتصبح معاشرتها للرجل الآخر واتصالهما جنسيا بعد إلغاء حكم الطلاق زنا محرما شرعا، وعلى السائل اتخاذ الإجراءات القانونية لتنفيذ الحكم الصادر لصالحه ودفعا لهذا المنكر وإلا كان شريكا فى الإثم .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/323)
زواج البهائى من المسلمة باطل
F جاد الحق على جاد الحق .
1 صفر 1401 هجرية - 8 ديسمبر 1981 م
M 1 - البهائية أو البابية مذهب مصنوع مزيج من أخلاط الديانات البوذية والبرهمية والوثنية والزرادشتية واليهودية والمسيحية والإسلامية ومن اعتقادات الباطنية .
2 - البهائيون لا يؤمنون بالبعث بعد الموت ولا بالجنة ولا بالنار .
وهم بهذا لا يعترفون بنبوة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم النبيين .
وبهذا ليسوا من المسلمين . 3 - أجمع المسلمون على أن العقيدة البهائية أو البابية ليست عقيدة إسلامية، وأن من اعتنق هذا الدين ليس من المسلمين ، ومرتد عن دين الإسلام .
4 - اتفق أهل العلم كذلك على أن عقد زواج المرتد يقع باطلا سواء عقد على مسلمة أو غير مسلمة .
5 - لا يحل للمسلمة الزواج ممن اعتنق البهائية دينا .
والعقد إن تم يكون باطلا شرعا .
والمعاشرة بينهما تكون زنا محرم فى الإسلام
Q بالطلب المقيد برقم 329 سنة 1980 المتضمن السؤال التالى هل يمكن زواج مسلمة من رجل يعتنق الدين البهائى، حتى ولو كان عقد الزواج عقدا إسلاميا إذا كان الجواب بالرفض فلماذا
An إن البهائية أو البابية طائفة منسوبة إلى رجل يدعى - ميرزا على محمد - الملقب بالباب، وقد قام بالدعوة إلى عقيدته فى عام 1260 هجرية ( 1844 م ) معلنا أنه يستهدف إصلاح ما فسد من أحوال المسلمين وتقويم ما اعوج من أمورهم، وقد جهر بدعوته بشيراز فى جنوب إيران، وتبعه بعض الناس، فأرسل فريقا منهم إلى جهات مختلفة من إيران للإعلام بظهوره وبث مزاعمه التى منها أنه رسول من الله، ووضع كتابا سماه ( البيان ) ادعى أن ما فيه شريعة منزلة من السماء، وزعم أن رسالته ناسخة لشريعة الإسلام، وابتدع لأتباعه أحكاما خالف بها أحكام الإسلام وقواعده، فجعل الصوم تسعة عشر يوما وعين لهذه الأيام وقت الاعتدال الربيعى، بحيث يكون عيد الفطر هو يوم النيروز على الدوام، واحتسب يوم الصوم من شروق الشمس إلى غروبها وأورد فى كتابه ( البيان ) فى هذا الشأن عبارة ( أيام معدودات، وقد جعلنا النيروز عيدا لكم بعد إكمالها ) .
وقد دعى مؤسس هذه الديانة إلى مؤتمر عقد فى بادية ( بدشت ) فى إيران عام 1264 هجرية - 1848 م أفسح فيه عن خطوط هذه العقيدة وخيوطها، وأعلن خروجها وانفصالها عن الإسلام وشريعته، وقد قاوم العلماء فى عصره هذه الدعوة وأبانوا فسادها وأفتوا بكفره، واعتقل فى شيراز ثم فى أصفهان، وبعد فتن وحروب بين أشياعه وبين المسلمين عوقب بالإعدام صلبا عام 1265 هجرية ثم قام خليفته - ميرزا حسين على - الذى لقب نفسه بهاء الله ووضع كتابا سماه الأقدس سار فيه على نسق كتاب البيان الذى ألفه زعيم هذه العقيدة ميرزا على محمد ،ناقض فيه أصول الإسلام بل ناقض سائر الأديان، وأهدر كل ما جاء به الإسلام من عقيدة وشريعة .
فجعل الصلاة تسع ركعات فى اليوم والليلة، وقبلة البهائيين فى صلاتهم التوجه إلى الجهة التى يوجد فيها ميرزا حسين المسمى بهاء الله .
فقد قال لهم فى كتابه هذا ( إذا أردتم الصلاة فولوا وجوهكم شطرى الأقدس ) وأبطل الحج وأوصى بهدم بيت الله الحرام عند ظهور رجل مقتدر شجاع من أتباعه .
وقال البهائية بمقالة الفلاسفة من قبلهم .
قالوا بقدم العالم ( علم بهاء أن الكون بلا مبدأ زمنى، فهو صادر أبدى من العلة الأولى، وكان الخلق دائما مع خالقهم، وهو دائما معهم ) ومجمل القول فى هذا المذهب - البهائية أو البابية - أنه مذهب مصنوع، مزيج من أخلاط الديانات البوذية والبرهمية الوثنية والزرادشتية واليهودية والمسيحية والإسلام، ومن اعتقادات الباطنية ( كتاب مفتاح باب الأبواب للدكتور ميرزا محمد مهدى خان طبع مجلة المنار 1321 هجرية ) والبهائيون لا يؤمنون بالبعث بعد الموت ولا بالجنة ولا بالنار، وقلدوا بهذا القول الدهريين، ولقد ادعى زعيمهم الأول فى تفسير له لسورة يوسف أنه أفضل من رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وفضل كتابه البيان على القرآن، وهم بهذا لا يعترفون بنبوة سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم النبيين ، وبهذا ليسوا من المسلمين، لأن عامة المسلمين كخاصتهم يؤمنون بالقرآن كتابا من عند الله وبما جاء فيه من قول الله سبحانه { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } الأحزاب 40 ، وقد ذكر العلامة الألوسى فى تفسيره ( ج - 22 ص 41 ) لهذه الآية أنه قد ظهر فى هذا العصر عصابة من غلاة الشيعة لقبوا أنفسهم بالبابية، لهم فى هذا فصول يحكم بكفر معتقدها كل من انتظم فى سلك ذوى العقول .
ثم قال الألوسى وكونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين مما نطق به الكتاب، وصدعت به السنة وأجمعت عليه الأمة، فيكفر مدعى خلافه، ويقتل إن أصر .
ومن هنا أجمع المسلمون على أن العقيدة البهائية أو البابية ليست عقيدة إسلامية، وأن من اعتنق هذا الدين ليس من المسلمين، ويصير بهذا مرتدا عن دين الإسلام، والمرتد هو الذى ترك الإسلام إلى غيره من الأديان قال الله سبحانه { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة 217 ، وأجمع أهل العلم بفقه الإسلام على وجوب قتل المرتد إذا أصر على ردته عن الإسلام .
للحديث الشريف الذى رواه البخارى وأبو داود ( من بدل دينه فاقتلوه ) واتفق أهل العلم كذلك على أن المرتد عن الإسلام إن تزوج لم يصح تزوجه ويقع عقده باطلا سواء عقد على مسلمة أو غير مسلمة، لأنه لا يقر شرعا على الزواج، ولأن دمه مهدر شرعا إذا لم يتب ويعد إلى الإسلام ويتبرأ من الدين الذى ارتد إليه .
لما كان ذلك وكان الشخص المسئول عنه قد اعتنق البهائية دينا كان بهذا مرتدا عن دين الإسلام، فلا يحل للسائلة وهى مسلمة أن تتزوج منه، والعقد إن تم يكون باطلا شرعا، والمعاشرة الزوجية تكون زنا محرما فى الإسلام .
قال تعالى { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين } آل عمران 85 ، صدق الله العظيم .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/324)
زواج المعتوهة
F جاد الحق على جاد الحق .
2 شعبان 1401 هجرية - 4 يونية 1981 م
M 1 - فقدان العقل أو نقصانه أو اختلاله إن كان مصحوبا بهدوء فهو العته وإن كان مصحوبا باضطراب فهو الجنون .
2 - إذا باشر المعتوه رجلا كان أو امرأة عقد زواجه، كان عقده موقوفا على إجازة وليه إن كان مميزا، وإلا وقع عقده باطلا ولا تلحقه إجازة الولى .
3 - صاحب الولاية فى ذلك هو القاضى، وله أن يستعين بأهل الخبرة فى بيان وتحديد الحالة العقلية للأشخاص .
4 - لا يجوز تزويج المعتوه إلا بولى نفسه أو القيم المأذون من القاضى وإلا كانت الولاية للقاضى فى تزويجه
Q بالطلب المقيد برقم 174 سنة 1981 المتضمن أن المواطنة / ل م س فحصت بواسطة دار الصحة النفسية بالخانكة - وجاء بالتقرير أنه يبدو عليها علامات التخلف الواضح، ولا تعرف اليوم ولا التاريخ ولا عدد أصابع يدها ولا المسائل الحسابية البسيطة فهى تجيب 3 5 40، وبسؤالها عن أملاكها أخذت تخلط فى كلامها ولا تستطيع أن تحدد شيئا واضحا - ويبين من هذا الفحص أن المذكورة مصابة بحالة نقص عقلى شديد، وهو نوع من العته، مما يجعلها غير قادرة على إدارة شئونها بالطريقة الصحيحة الواعية .
وطلب السائل الإفادة عما إذا كان يحق لها - وهى بهذه الكيفية - مباشرة عقد زواجها بنفسها أو بواسطة وكيلها أو القيم عليها، وما الحكم إذا باشرته بنفسها من غير ولى أو قيم عليها
An فى كتب اللغة أن ( ع تِه ) بفتح أوله وكسر ثانيه ( ع ت ها ) بفتح الأول والثانى من باب تعب، بمعنى نقص عقله من غير جنون، أو بمعنى دهش وفى التهذيب المعتوه المدهوش من غير مس أو جنون - ودهش دهشا من باب تعب، ذهب عقله حياء أو خوفا .
والإنسان قد يولد مجردا من العقل، كمن يولد فاقدا حاسة البصر، وقد يولد ومعه عقله، لكن يعترضه ما يوقف العقل عن سيره فى أول أدوار حياته، أو بعد ذلك بقليل أو كثير من الزمن ، وقد يولد سليم العقل، ويساير عقله جسمه فى النمو حتى يبلغ رشيدا، ثم يعتوره مرض يذهب بالعقل كله أو بعضه، او يذهب به فى بعض الأزمنة دون بعض .
وقد تردد فى كتب الفقه وأصوله لفظان يصفان حالة الإنسان الذى يكون بهذه الحال، الجنون والعته، لكن الفقهاء لم يبينوا أهما حقيقة واحدة يندرج تحتها نوعان، أو هما حقيقتان متغايرتان .
وفى معنى العته قال الزيلعى فى كتابه ( كتاب الحجر ص 191 ج - 5 طبعة أولى بولاق 1315 هجرية وذات الموضع فى الفتاوى الهندية ج - 5 ص 54 وما بعدها والدر المختار ورد المحتار لابن عابدين ج - 5 ص 136 وما بعدها والهداية وتكملة فتح القدير والعناية ج - 7 ص 309 وما بعدها ) تبين الحقائق شرح كنز الدقائق - واختلفوا فى تفسيره اختلافا كثيرا، وأحسن ما قيل فيه أنه هو من كان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير إلا أنه لا يضرب ولا يشتم كما يفعل المجنون .
وبهذا يفترق العته عن الجنون، إذ الأخير موجب لعدم العقل ، أما الأول فموجب لنقصانه، وبذلك يمكن القول إن فاقد العقل ، أو ناقصه أو مختله، سواء أكان هذا الوصف ثابتا لاصقا به من أول حياته أو كان طارئا عليه بعد بلوغه عاقلا إن كانت حالته حالة هدوء فهو المعتوه فى اصطلاح الفقهاء، وإن كانت حالته حالة اضطراب فهو المجنون .
والمعتوه بهذا الوصف قسمان مميز وغير مميز، فإن كان مميزا فحكم تصرفاته حكم الصبى المميز، وإن كان دون ذلك كانت أحكامه أحكام الصبى غير المميز .
وجملة أحكام الصبى فى العقود والتصرفات أنه إذا كان غير مميز، بأن كان دون سن السابعة من عمره لا ينعقد شىء من تصرفاته أما إذا كان مميزا بأن بلغ هذه السن فما فوقها دون البلوغ .
كانت تصرفاته فى ثلاثة أقسام : الأول - أن يتصرف تصرفا ضارا بماله ضررا ظاهرا - كالطلاق والقرض والصدقة، وهذا لا ينعقد أصلا فلا ينفذ ولو أجازه الولى .
الثانى - أن يتصرف تصرفا نافعا نفعا بينا - كقبول الهبة ، وهذا ينعقد وينفذ ولو لم يجزه الولى، وكإجارته نفسه للعمل بأجرة مثله وعمله فعلا فيما استؤجر عليه .
الثالث - أن يتردد بين النفع والضرر - كالبيع والشراء، باحتمال كون الصفقة رابحة أو خاسرة، وهذا القسم ينعقد موقوفا على إجازة الولى، وليس للولى أن يجيزه إذا كان فى الصفقة التى عقدها الصبى المميز غبن فاحش، ومثل هذا عقد الزواج، حيث يتوقف على إجازة الولى أو إذنه .
ويجرى فقه الإمامين مالك وأحمد - فى الجملة - على نحو هذه الأحكام أما فقه الإمام الشافعى فلم يعتد بتصرف الصبى سواء كان مميزا أو غير مميز فلا تنعقد منه عبارة، ولا تصح له ولاية، لأنه مسلوب العبارة والولاية لما كان ذلك وكان من شروط صحة عقد الزواج ولزومه ونفاذه بترتب آثاره عليه - أن يكون كل من العاقدين كامل الأهلية ( بالغا عاقلا ) - فإذا باشر المعتوه - رجلا أو امرأة - عقد زواجه كان عقده موقوفا على إجازة وليه إذا كان مميزا، أما إذا كان غير مميز وقع عقده باطلا ولا تلحقه إجازة الولى - كالصبى تماما فى أحكامه المتقدمة .
وإذا كان ذلك فإذا كانت المسئول عنها قد بلغ العته بها درجة إسقاط التمييز .
لم يجز لها أن تباشر أى تصرف ومن ذلك عقد تزويج نفسها، فإذا باشرته وهى غير مميزة وقع العقد باطلا ، والأمر فى هذا إلى القاضى صاحب الاختصاص، لأنه لا ينبغى أن يبت فى أمر ضعيف العقل ومختله، إلا بعد أن يمتحن ويتحرى حاله، وصاحب الولاية فى هذا هو القاضى، وله أن يستعين بأهل الخبرة فى تبيان وتحديد حالة المسئول عنها العقلية، فإذا ظهر أنها غير مميزة قطعا، كان عقد زواجها الذى باشرته باطلا لا يجيز معاشرتها كزوجة شرعا، ويعتبر من يعاشرها بمقتضى هذا العقد زانيا، والقاعدة الموضوعية للقضاء فى هذا أرجح الأقوال فى فقه الإمام أبى حنيفة، إمضاء للمادتين 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 والسادسة من القانون رقم 462 سنة 1955 وذلك لخلو التشريع الخاص ( القانون رقم 119 سنة 1952 ) من النص على هذا الحكم .
هذا ولا يباشر تزويج المعتوه سواء كان مميزا أو غير مميز إلا ولى نفسه شرعا، الأب ثم الجد لأب ثم باقى العصبة بترتيب الميراث أو القيم الذى يأذنه القاضى المختص بالتزويج، أو ذات القاضى صاحب الولاية فى أمور عديمى الأهلية .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/325)
زواج المجنون بنفسه باطل
F جاد الحق على جاد الحق .
22 شعبان 1401 هجرية - 24 يونية 1981 م
M 1 - صحة عقد الزواج وبطلانه أو فساده .
أمر محكوم بأرجح الأقوال فى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة .
نفاذا لحكم المادة 280 من اللائحة الشرعية وللمادة السادسة من القانون 462 لسنة 1955 .
2 - مما اشترطه فقهاء هذا المذهب لانعقاد الزواج صحيحا مستتبعا آثاره .
أن يكون العاقدان كاملى الأهلية، وذلك بأن يكونا بالغين عاقلين .
3 - من كان جنونه مطبقا وباشر عقد زواجه بنفسه وقع العقد باطلا، أما من كان يجن ويفيق فباشر العقد بنفسه حال إفاقته كان عقده صحيحا
Q بالطلب المقيد برقم 179 سنة 1981 المتضمن أن للسائلة أخا شقيقا يبلغ من العمر ثمانية وخمسين عاما لا عمل له .
مصاب بمرض الجنون منذ عام 1968 وإلى الآن - وأنها عينت عليه قيما بلا أجر وبحكم قضائى - وأن أخاها المذكور قد احتالت عليه امرأة تصغره بثلاثين عاما مستغلة عدم تمييزه وإدراكه، ونسبت إليه طفلا مولودا فى 16/2/1978 حيث سجلته أبا لهذا الطفل فى دفتر المواليد، وبعد عشرة أيام من تاريخ قيد هذه الواقعة، أى فى يوم 26 فبراير سنة 1978 حررت هذه المرأة على أخى السائلة عقد زواج رسمى - وتم عقد القران بوكالة شقيق الزوجة عنها - وأثبت وكيلها فى العقد أنها آنسة بكر رشيدة لم يسبق لها الزواج - كما أثبت فى وثائق العقد أن شقيق السائلة المذكور - رجل بالغ رشيد وتولى العقد بنفسه - بالرغم من أن هذه المرأة تعلم يقينا أنه فاقد الوعى والإدراك وليس أهلا للتصرف وأنه محجور عليه .
وبالعقد أيضا أن الزوج والزوجة بلا عمل دون أن يكفله أحد، مع أنه لايعى ولا يدرك ولا يرتزق، أى أنه لا عقل له ولا مهنة - وأرفقت بهذا الطلب صورة ضوئية غير رسمية من شهادة الميلاد وصورة ضوئية غير رسمية من عقد الزواج .
وطلبت السائلة بيان الحكم الشرعى فى هذا الزواج وفى نسب الطفل المولود قبل زواج أمه البكر بعشرة أيام
An إن صحة عقد الزواج وبطلانه أو فساده أمر محكوم بأرجح الأقوال فى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة، نفاذا لحكم المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 وللمادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 .
ومما اشترطه فقهاء هذا المذهب لانعقاد الزواج صحيحا مستتبعا آثاره أن يكون العاقدان كاملى الأهلية، وذلك بأن يكونا بالغين عاقلين .
وفرعوا على هذا أن الزوجين إذا كانا عديمى الأهلية لجنون أو صغر أو عته أو قام أحد هذه الأعراض بواحد منهما، لم ينعقد الزواج إذا باشره فاقد الأهلية منهما بنفسه، فإذا باشره وهو بهذه الحال وقع العقد باطلا لانتفاء شرط الانعقاد، ووقع الخلل فى صلب العقد وركنه .
ومتى كان هذا لم يترتب عليه شىء من آثار عقد الزواج الصحيح، فلا يحل به دخول بينهما، ولا يجب به المهر، ولا تستحق بمقتضاه نفقة، كما لا يستحق هو الطاعة، ولا يثبت به توارث إذا مات أحدهما، ولا نسب لمولود، ولا أحكام المصاهرة، ولا يقع فيه طلاق، لأن الطلاق فرع وجود الزواج الصحيح .
وإذا كان ذلك فإذا كان الشخص المسئول عنه مجنونا منذ سنة 1968 وحتى الآن، جنونا مطبقا لا يفيق فى بعض الأوقات يكون عقد زواجه الذى باشره بنفسه وهو فى هذه الحالة قد وقع باطلا .
ومتى وقع عقد الزواج باطلا، لم يترتب عليه أى أثر من آثار العقد الصحيح، أما إذا كان جنون هذا الشخص غير مطبق، بمعنى أنه يفيق فى أوقات معلومة ثابتة كانت تصرفاته فى وقت الإفاقة مثل تصرفات العقلاء الراشدين، فتصح عقوده وتستتبع آثارها .
ولما كان القانون رقم 119 لسنة 1952 قد خلا من القاعدة القانونية التى تحكم عقد الزواج وآثاره إذا تولاه فاقد الأهلية أو ناقصها، كانت واقعة هذا السؤال محكومة بأرجح الأقوال فى فقه مذهب أبى حنيفة على الوجه المتقدم .
وإذا ثبت أن الرجل المسئول عنه مجنون جنونا مطبقا، وأن هذا الحال قائمة حتى تاريخ مباشرته عقد الزواج بنفسه، كان هذا العقد باطلا، ولا يرتب أى أثر من آثار العقد الصحيح، ومنها نسبة أولاد إليه .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/326)
أثر العنة فى عقد الزواج
F جاد الحق على جاد الحق .
25 رمضان 1401 - 26 يولية 1981 م
M 1 - العنة ابتداء عيب يجيز للزوجة طلب التفريق بينها وبين زوجها .
2 - اعتراف الزوجة بوصول زوجها إليها مانع من سماع دعواها أنه عنين بعد ذلك .
3 - إذا وصل الزوج إلى زوجته وقاعا فى مكان الحرث منها ولو مرة فلا يفرق بينهما بما طرأ عليه من مرض يحول دون الوصول إلى حرثها .
4 - يحصل حق المرأة بالوطء مرة وما زاد عليها فهو مستحق ديانة لا قضاء، ويأثم إذا ترك الوقاع متعنتا مع القدرة على الوطء .
5 - على الزوجين الامتثال لأوامر الله سبحانه بالمعاشرة بالمعروف فإذا استحالت العشرة وانعدم السبب الشرعى للتفريق قضاء، فلا جناح عليهما فيما افتدت به
Q بالطلب المقدم من الأستاذ/ م ع ق - المحامى المقيد برقم 46 لسنة 1981 الذى يطلب فيه حكم الشريعة الغراء فى امرأة تزوجت رجلا يكبرها بسبعة عشرة عاما .
وأنجبت منه على فراش الزوجية الصحيحة ولدا وبنتا، ومنذ وضعها للبنت من نحو ستة عشر عاما لم يقربها بالمعاشرة الزوجية معللا بأنه مريض بالقلب ، وقد عرض الزوج على العديد من الأطباء، ولم يجدوا به مرضا عضويا يمنعه من ذلك .
وقد تعرضت الزوجة بسبب عدم قضاء رغبتها الجنسية لحالة مرضية خطيرة جعلتها تطلب من زوجها الطلاق إلا أنه رفض .
والسؤال هل من حق هذه الزوجة طلب الطلاق لهذا السبب
An اتفق علماء الشريعة الإسلامية على أن سلامة الزوج من بعض العيوب شرط أساسى للزوم الزواج بالنسبة للمرأة .
بمعنى أنه إذا تبين لها وجود عيب فيه كان لها الحق فى رفع أمرها إلى القاضى طالبة التفريق بينها وبين زوجها المعيب .
والفقهاء وإن اختلفوا فى تحديد هذه العيوب إلا أنهم اتفقوا على أن العنة عيب يجيز للزوجة طلب التفريق بينها وبين زوجها .
والعنة - بضم العين وفتحها - الاعتراض، من عن بالبناء للمفعول .
والعنين فى اللغة من لا يقدر على الجماع، وشرعا من تعجز آلته عن الدخول فى قبل زوجته وموضع الحرث منها .
وأكثر ( المغنى لابن قدامة الحنبلى مع الشرح الكبير ج - 7 ص 610 والمحلى لابن حزم ج - 11 ص 269، 270، 271، 272 ) أهل العلم على أن الزوجة إن اعترفت أن زوجها قد وصل إليها بطل أن يكون عنينا، فإذا ادعت عجزه بعد هذا لم تسمع دعواها ولم تضرب له مدة، بهذا قال الإمام أبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعى وأحمد بن حنبل وعطاء وطاووس والأوزاعى والليث بن سعد والحسن بن يحيى وشريح وعمرو بن دينار وأبو عبيد .
ومقتضى هذا أن الزوج إذا وصل إلى زوجته وقاعا فى مكان الحرث منها ولو مرة، فلا يفرق بينهما بما طرأ عليه من مرض وقف به دون تكرر الوصول إلى حرثها .
وهذا هو ما روى أيضا عن الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه .
قال إن على الزوجة أن تصبر إن كانت العلة طارئة، وكان قد سبق له جماعها .
وقد نص فقهاء المذهب الحنفى فى هذا الموضع على أنه ( ( الفتاوى الخانية المطبوعة على هامش الفتاوى الهندية ج - 1 ص 412 طبعة ثانية بولاق .
الأميرية 1310 هجرية ) ولو تزوج ووصل إليها ثم عجز عن الوطء بعد ذلك، وصار عنينا، لم يكن لها حق الخصومة ..) وعلى أنه ( الدر المختار للحصكفى شرح تنوير الابصار للعلائى وحاشية رد المختار لابن عابدين ج - 2 ص 917، 918 والبحر الرائق لابن نجيم المصرى الحنفى ج - 4 ص 135 ) فلو جن بعد وصوله إليها مرة أو صار عنينا بعد الوصول إليها لا يفرق بينهما لحصول حقها بالوطء مرة، وما زاد عليها فهو مستحق ديانة لا قضاء، ويأثم إذا ترك الديانة متعنتا مع القدرة على الوطء ) وفقه هذا المذهب هو المعمول به قضاء فى التفريق بين الزوجين بسبب تعيب الزوج بالعنة، بل على وجه العموم بالنسبة لعيوب التناسل ، كما تشير إلى هذا المذكرة الإيضاحية للقانونين رقمى 25 لسنة 1920 و 25 لسنة 1929 إذ جاء بها فى الفقرة الخامسة ما يلى ( ومما تحسن الإشارة إليه هنا أن التفريق بالطلاق بسبب اللعان أو العنة أو إباء الزوج عن الإسلام عند إسلام زوجته يبقى الحكم فيه على مذهب أبى حنيفة ) ومن ثم فلا يسرى على الادعاء بالعنة حكم المادة التاسعة من القانون رقم 25 لسنة 1929 كما نبهت إلى ذلك المذكرة الإيضاحية على الوجه السابق .
لما كان ذلك وكان البادى من السؤال أن هذه الزوجة قد وصل إليها زوجها وأنجبت منه ابنا وبنتا فى مراحل التعليم المختلفة، ثم إنه توقف عن وقاعها منذ حملت فى ابنتهما التى بلغت سنها الآن ست عشرة سنة .
إذ كان ذلك فقد بطل عن هذا الزوج وصف العنة، ولم يبق لزوجته هذه حق فى طلب التفريق بينها وبينه قضاء لهذا السبب لحصول حقها فى المباشرة بينهما والإنجاب، وإن كان الزوج يأثم ديانة إذا ترك وقاعها متعنتا مع القدرة عليه ( المراجع السابقة فى فقه المذهب الحنفى ) ومع هذا ففيما نقل عن الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه النصيحة المثلى لهذه الزوجة، إذ عليها وفقا لقوله أن تصبر وتصابر نفسها وتستعين على تهدئة أحوالها ورغباتها الجسدية بالصوم، كما نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديثه الشريف ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) ( صحيح البخارى ج - 4 ص 218 ) وليستمع الزوجان إلى قول الله سبحانه { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها } البقرة 229 - 231 ، ، وإلى قوله تعالى { ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا } ، وعلى الزوجين الامتثال لأوامر الله سبحانه فى القرآن الكريم ( سورة النساء الآية 19 وسورة الطلاق الآية 6 ) بالمعاشرة بالمعروف، فإذا استحالت العشرة وانعدم السبب الشرعى للتفريق بين الزوجين قضاء فقد وجه الله سبحانه فى القرآن الكريم إلى حل عقدة الزواج بقوله { فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } والله سبحانه وتعالى أعلم(1/327)
اشتراط الزوجة حق الدراسة والعمل
F جاد الحق على جاد الحق .
15 محرم 1402 هجرية - 12 نوفمبر 1981 م
M 1 - اشتراط الزوجة لنفسها فى عقد الزواج إتمام دراستها الجامعية والعمل بعد التخرج .
من الشروط الصحيحة الجائزة، لكن لا يلزم الوفاء به فى قول جمهور الفقهاء، ويلزم الوفاء به فى قول الإمام أحمد بن حنبل ومن وافقه .
2 - هذا الشرط أقره القانون 44 لسنة 1979 أخذا بمذهب الإمام أحمد بن حنبل واعتد به شرطا مانعا للحكم بنشوز الزوجة إذا خرجت بدون إذنه .
ولم يضع جزاء ملزما للزوج بتنفيذه . كما لم يعط للزوجة حق طلب الطلاق .
3 - لائحة المأذونين لا تبيح للمأذون تدوين أى شروط للزوجين أو لأحدهما مقترنة بعقد الزواج فى الوثيقة ما عدا الكفالة وما يختص بالمهر وغيره من البيانات الواردة فيها
Q بالطلب المقيد برقم 369 لسنة 1981 وقد جاء به إنه قد تم عقد قران الآنسة / ص ى ع - الطالبة ببكالوريوس العلوم جامعة القاهرة، وأنه حرصا على مستقبلها، اشترطت لنفسها فى عقد الزواج الشرط الآتى نصه ( تشترط الزوجة إتمام دراستها الجامعية، والعمل بعد التخرج، وأداء الخدمة العامة ) .
وأن الزوج وافق على هذا الشرط، ودونه المأذون بخطة على القسيمة الأولى من قسائم العقد ، وحين تسلم الوثائق من المأذون، لم يوجد هذا الشرط مدونا عليها، واعتذر المأذون بأن المحكمة ألغت القسيمة الأولى، لأن هذا الشرط يمنع توثيق عقد الزواج .
والسؤال ( أ ) هل من حق الزوجة أو وكيلها أن يشترط هذا الشرط فى عقد الزواج حرصا على مستقبلها .
( ب ) هل فى هذا الشرط مخالفة للدين والشرع .
( ج ) هل يمنع هذا الشرط أو أى شرط آخر غير مخالف للدين والشرع توثيق القسائم فى المحكمة والسجل المدنى .
( د ) هل يمنع قانون الأحوال الشخصية مثل هذا الشرط
An إن عقد الزواج متى تم بإيجاب وقبول منجزا مستوفيا باقى شروطه الشرعية كان عقدا صحيحا مستتبعا آثاره من حقوق وواجبات لكل واحد من الزوجين .
والعقد المنجز هو الذى لم يضف إلى المستقبل، ولم يعلق على شرط، لكنه قد يقترن بالشرط الذى لا يخرجه عن أنه حاصل فى الحال بمجرد توافر أركانه وشروطه الموضوعية .
والشرط المقترن بعقد الزواج لتحقيق مصلحة لأحد الزوجين ثلاثة أقسام أحدها - الشرط الذى ينافى مقتضى العقد شرعا كاشتراط أحد الزوجين تأقيت الزواج، أى تحديده بمدة، أو أن يطلقها فى وقت محدد، فمثل هذا الشرط باطل، ويبطل به العقد باتفاق الفقهاء .
الثانى - الشرط الفاسد فى ذاته، مثل أن يتزوجها على ألا مهر لها أو ألا ينفق عليها، أو أن ترد إليه الصداق، أو أن تنفق عليه من مالها، فهذا وأمثاله من الشروط الباطلة فى نفسها، لأنها تتضمن إسقاط أو التزام حقوق تجب بعد تمام العقد لا قبل انعقاده ،فصح العقد وبطل الشرط فى قول جميع الفقهاء .
الثالث - الشرط الصحيح عند أكثر الفقهاء وهو ما كان يقتضيه العقد، كاشتراطه أن ينفق عليها، أو أن يحسن عشرتها، أو كان مؤكدا لآثار العقد ومقتضاه كاشتراط كفيل فى نفقتها وصداقها، أو ورد به الشرع كاشتراط الزوج أن يطلقها فى أى وقت شاء، أو اشتراطها لنفسها أن تطلق نفسها متى شاءت، أو جرى به عرف كأن تشترط الزوجة قبض صداقها جميعه أو نصفه، أو يشترط هو تأخير جزء منه لأجل معين حسب العرف المتبع فى البلد الذى جرى فيه العقد .
وقد يكون الشرط غير مناف لعقد الزواج، كما لا يقتضيه العقد، وإنما يكون بأمر خارج عن معنى العقد كالشروط التى يعود نفعها إلى الزوجة، مثل أن تشترط ألا يخرجها من دارها أو بلدها أو ألا يسافر بها أو لا يتزوج عليها، فهذا أيضا من باب الشروط الصحيحة لكن الفقهاء اختلفوا فى وجوب الوفاء بها على طائفتين إحداها - أن هذه الشروط وأمثالها وإن كانت صحيحة فى ذاتها لكن لا يجب الوفاء بها، وهو قول الأئمة أبى حنيفة وأصحابه ومالك والشافعى والليث والثورى .
الطائفة الأخرى - إن الشرط الصحيح الذى فيه نفع وفائدة للزوجة يجب الوفاء به، فإذا لم يف به الزوج، كان للزوجة طلب الطلاق قضاء، روى هذا عن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه وسعد بن أبى وقاص، وبه قال شريح وعمر بن عبد العزيز والأوزاعى وأحمد بن حنبل، وأدلة كل من الطائفتين على ما قالا مبسوطة فى محلها من كتب الفقه .
لما كان ذلك وكانت الزوجة فى العقد المسئول عنه قد اشترطت لنفسها ( إتمام دراستها الجامعية والعمل بعد التخرج وأداء الخدمة العامة ) وكان هذا الشرط داخلا فى نطاق القسم الثالث للشروط بمعنى أنه من الشروط الصحيحة ذات النفع والفائدة للزوجة كان جائزا، لكن لا يجب الوفاء به فى قول جمهور الفقهاء ، ويلزم الوفاء به فى قول الإمام أحمد بن حنبل ومن وافقه .
ولما كان هذا الشرط باعتباره اشتراط العمل للزوجة بعد الانتهاء من دراستها، قد أقره القانون رقم 44 لسنة 1979 ببعض أحكام الأحوال الشخصية أخذا بمذهب الإمام أحمد بن حنبل، لكن هذا القانون قد اعتد به شرطا مانعا للحكم بنشوز الزوجة إذا خرجت بدون إذن الزوج لإتمام دراستها أو للعمل ولم يضع جزاء ملزما للزوج بتنفيذه، كما لم يعط للزوجة حق طلب الطلاق، كما يقول مذهب الإمام أحمد عند عدم الوفاء بالشرط الصحيح الذى يعود نفعه وفائدته على الزوجة .
ولما كان القضاء يجرى فى خصوص انعقاد الزواج وشروطه وفى كثير من أحكام الأحوال الشخصية على أرجح الأقوال فى فقه الإمام أبى حنيفة الذى لا يلزم الزوج بالوفاء بمثل هذا الشرط، توقف العمل به قضاء إلا فى حال النشوز فقط كما تقدم .
وما كانت لائحة المأذونين لم تبح للمأذون تدوين أى شروط للزوجين أو لأحدهما مقترنة بعقد الزواج، يكون موقف المأذون صحيحا فى حدود اللائحة التى تنظم عمله، لاسيما ووثيقة الزواج قد أعدت أصلا لإثبات العقد فقط، حماية لعقود الزواج من الجحود ، وذلك لخطورة آثارها فى ذاتها على المجتمع، على أنه يمكن كتابة هذا الشرط أو غيره مما يتفق عليه الزوجان، ويدخل فى نطاق الشروط الصحيحة شرعا فى أية ورقة أخرى غير وثيقة الزواج ، التى لا يتسع نطاقها القانونى لغير بيانات عقد الزواج ذاته .
ومما تقدم يتضح أن الشرط الوارد فى السؤال من الشروط الخارجة عن ماهية عقد الزواج المقترنة به، وفيه نفع وفائدة للزوجة .
ويدخل بهذا ضمن الشروط الصحيحة التى يجوز اشتراطها، لكن لا يلزم الوفاء به فى رأى جمهور الفقهاء، ويجب الوفاء به فى مذهب الإمام أحمد بن حنبل ومن وافقه .
والشرط فى ذاته لا مخالفة فيه للدين، لكن المأذون ممنوع وفقا للائحة المأذونين من تدوين أية بيانات لا تحوى الوثيقة موضعا لها، ومنها الشروط فيما عدا الكفالة وما يختص بالمهر وغيره من البيانات الواردة فيها، وقانون الأحوال الشخصية رقم 44 سنة 1979 وإن أجاز للزوجة اشتراط العمل لمصلحتها ودرءا للنشوز، لم يرتب على هذا الشرط جزاء على الزوج، سوى إجازته لها الخروج للعمل المشروط دون إذنه، ولا تعد ناشزا بهذا الخروج، وبالقيود التى وردت فيه .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/328)
صداق المرأة والجهاز
F جاد الحق على جاد الحق .
10 صفر 1402 هجرية - 6 ديسمبر 1981 م
M 1 - جمهور الفقهاء على أن المهر حق خالص للزوجة، تتصرف فيه كيف تشاء، وليس عليها إعداد بيت الزوجية، ولا أن تشترك فى إعداده، فإن قامت بذلك كانت متبرعة بالمنفعة مع بقاء ملكيتها للأعيان .
2 - تجهيز البيت واجب على الزوج .
بإعداده وإمداده بما يلزم لأن ذلك من النفقة .
3 - التجهيزات التى قام بها الزوج لمنزل الزوجية بعد دفعه المهر المتفق عليه دون مشاركة من الزوجة تكون ملكا له باتفاق الفقهاء .
4 - تصح صلاة الفروض كلها خلف الإمام الذى اتهم نفسه بالفسق اتباعا لمذهبى الإمامين أبى حنيفة والشافعى .
وقول فى مذهبى الإمامين مالك وأحمد .
حملا لحال المسلم على الصلاح
Q بالطلب المقيد 126 سنة 1981 م المتضمن : أولا - إن رجلا تزوج على مهر مسمى ثم قبضه .
ورغم دفعه المهر المتفق عليه كاملا قام بتجهيز منزل الزوجية بجميع محتوياته بما فى ذلك كل الأدوات العصرية، والزوجة لم تسهم بأى مبلغ فى هذه التجهيزات .
ويسأل لمن ملكية جميع مشتملات المنزل علما بأن كثيرا من هذه الأدوات كانت موجودة بمنزل الزوجية قبل الزواج .
ثانيا - إمام مسجد دار نقاش بينه وبين بعض المصلين فاتهم نفسه بأنه فاسق أمام شهود .
ويسأل السائل هل تصح الصلاة خلفه بعد ذلك
An عن السؤال الأول قال الله تعالى { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شىء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا } النساء 4 ، أجمع أهل العلم على ثبوت الصداق للزوجة على زوجها متى تم عقد زواجهما صحيحا، وعلى وجوبه، وعلى أنه عطية من الله للمرأة بمقتضى هذه الآية، ومن أجل هذا قال جمهور الفقهاء إن المهر حق خالص للزوجة، تتصرف فيه كيف شاءت، وليس عليها إعداد بيت الزوجية ولا أن تشترك فى إعداده، إذ لا يوجد نص من مصادر الشريعة يلزمها بأن تجهز منزل الزوجية، كما لا يوجد نص يجبر أب الزوجة على ذلك، فإذا قامت بذلك كانت متبرعة وآذنة للزوج باستعمال جهازها الاستعمال المشروع مع بقاء ملكيتها لأعيانه .
وقالوا إن تجهيز البيت واجب على الزوج، بإعداده وإمداده بما يلزم من فرش ومتاع وأدوات، لأن كل ذلك من النفقة الواجبة على الزوج لزوجته، ولم يخالف أحد فى إسكان الزوجة واجب على الزوج، ومتى وجب الإسكان استتبع ذلك تهيئة المسكن بما يلزمه، باعتبار أن ما لا يتم الواجب إلا به كان واجبا .
هذا وإن كان فقه الإمام مالك، لا يرى أن المهر حقا خالصا للزوجة وعليها أن تتجهز لزوجها بما جرت به العادة فى جهاز مثلها لمثله، بما قبضته من المهر قبل الدخول إن كان حالا، ولا يلزمها أن تتجهز بأكثر منه، فإن زفت إلى الزوج قبل القبض، فلا يلزمها التجهيز إلا إذا قضى به شرط أو عرف ( حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج - 2 ص 327 ، 328 ) لما كان ذلك وكان الظاهر من الواقعة المسئول عنها أن الزوج بالرغم من دفعه المتفق عليه كاملا - قام بتجهيز منزل الزوجية بجميع محتوياته بما فى ذلك كل الأدوات العصرية دون أن تشترك الزوجة فى التجهيز بأى مبلغ - إذ كان ذلك كانت هذه التجهيزات ملكا للزوج باتفاق الفقهاء .
عن السؤال الثانى الجماعة شرط فى صحة صلاة الجمعة، أما فى غيرها من الفروض فهى مشروعة على خلاف فى حكمها بين الفقهاء، وقد شرعها الله فى القرآن .
قال سبحانه { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } النساء 102 ، وفى الحديث الشريف الذى رواه البخارى ومسلم وغيرهما قوله صلى الله عليه وسلم ( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) .
واتفق المسلمون على مشروعيتها .
وقد استنبط الفقهاء شروطا استوجبوا توافرها فى الإمام، واختلفوا فى إمامة الفاسق .
ففى فقه مذهبى الإمامين أبى حنفية والشافعى تصح إمامته للناس فى الصلاة مع الكراهة إلا إذا لم يوجد سواه فلا كراهة، وتصح إمامته لمثله مطلقا بدون كراهة، وفى فقه الإمام مالك ضمن أقوال - الجواز والمنع على الإطلاق - وقيل تجوز إمامته إن كان فسقه فى غيره الصلاة، أو إن كان غير مقطوع بفسقه، أو كان فسقه بتأوله فى بعض الأحكام المجتهد فيها، وهذا غير المتأول فى العقيدة إذ لا تجوز إمامته .
وفى فقه الإمام أحمد أن إمامة الفاسق ولو لمثله غير صحيحة إلا فى صلاة الجمعة والعيد إذا تعذرت صلاتهما خلف غيره، فتجوز الصلاة خلفه ضرورة، وهذه هى الرواية المشهورة عن الإمام أحمد وهناك رواية أخرى بالصحة .
لما كان ذلك وكان الأصل حمل حال المسلم على الصلاح، كانت الصلاة خلف الإمام المسئول عنه صحيحة فى الفروض كلها اتباعا لمذهب الإمامين أبى حنيفة والشافعى وقول فى مذهب الإمامين مالك وأحمد، إذ لعل حدة النقاش دفعته إلى اتهام نفسه بذلك .
والله سبحانه وتعالى أعلم(1/329)
ادعاء الرضاع
F حسن مأمون .
2 ربيع أول سنة 1377 هجرية - 26 سبتمبر سنة 1957م
M 1- إذا صدق الخاطب مدعى الرضاع وثبت على تصديقه لا يحل له أن يتزوج ممن رضع معها لأن تصديقه بمثابة اقراره به .
2- إذا لم يصدق الخاطب مدعى الرضاع فى اخباره لوجود شبهة فيه أو حصول الشك فى الرضاع أو فى عدده حل له الزواج من مخطوبته .
3- لا يثبت الرضاع فى قضاء عند الحنفية إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين
Q من السيد / ع س م قال أن رجلا يريد أن يتزوج من بنت خالته التى تقرر أنها لم ترضع ابن أختها طالب الزواج من بنتها مطلقا ويقول والده أن خالة ابنه أرضعته وعنده مذكره مكتوبة بذلك وسأل عن الحكم وهل يؤخذ بقول خالته أو بقول والده
An أنه إذا صدق هذا الخاطب والده فيما ادعاه من هذا الرضاع وكان الرضاع فى مدته شرعا وهى سنتان على قول أبى يوسف الأصح المفتى به وكانت عدد الرضعات خمسا فأكثر متفرقات مشبعات على ما اخترناه للفتوى من أن الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات متفرقات فأكثر صار ابنا لخالته من الرضاع وصار هو ومخطوبته اخوين رضاعة فلا يحل له أن يتزوج بها لأن تصديقه له فى ذلك بمثابة اقراره بالرضاع واقراره به مع الاصرار عليه مثبت للحرمة أما إذا لم يصدقه فى أخباره لوجود شبهة فيه أو حصول الشك فى الرضاع أو عدده هل خمس فأكثر أو أقل من الخمس فلا يحرم عليه الزواج من مخطوبته المذكورة لأن القاعدة العامة أن اليقين لا يزول بالشك والأصل الحل فلا يثبت التحريم بالشك فى الحل وعدمه وهذا الحكم ديانة أما فى القضاء فلا يثبت الرضاع عند الحنفية إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين كذلك ولا يقبل على الرضاع أقل من ذلك قال صاحب البحر ( أنه لا يعمل بخبر الواحد مطلقا ) وهو المعتمد فى المذهب وهذا الحكم إذا ادعى الرضاع بعد العقد وأما قبله فقد جاء فى حاشية ابن عابدين ( لو شهدت به امرأة قبل النكاح فهو فى سعة من تكذيبها ولكن فى محرمات الخانية أن كان قبله والمخبر عدل ثقة لا يجوز النكاح ) ومن هذا يعلم الجواب والله أعلم .
ے(1/330)
زواج غير صحيح شرعا
F حسن مأمون .
13 ربيع أول سنة 1377ه 7 اكتوبر سنة 1957م
M 1- الزواج بالمحرمة أن كانت معروفة وقت العقد فالعقد باطل وإن لم تكن معروفة وقت العقد فالعقد فاسد .
2- العقد الفاسد يترتب عليه بعد الدخول الحقيقى وجوب العدة وثبوت النسب والعقد الباطل لا يترتب عليه أى أثر من آثار العقد الصحيح .
3- إذا جرى عقد الزواج بين مسلمة ارتدت عن الإسلام وبين مسيحى وكانت الحرمة معروفة وقت اجرائه كان العقد باطلا وإن لم تكن معروفة كان العقد فاسدا
Q من الاستاذ / ص أ ك المحامى قال إن امرأة مسلمة دخلت دين النصرانية باعتناقها الدين المسيحى ببطركية الأقباط الأرثوزكس بالقاهرة ثم تزوجت برجل مسيحى .
وطلب الاستاذ السائل بيان حكم الشريعة الإسلامية فى هذا الزواج هل يكون باطلا أو صحيحا ما دام المتزوج بها مسيحيا
An أنه نص فى الدر المختار فى آخر باب نكاح الكافر ج 2 ص 545 على أنه لا يصح أن ينكح مرتد أو مرتدة أحدا من الناس مطلقا وقال العلامة ابن عابدين فى رد المحتار تعليقا على قول الدر ( مطلقا ) أى مسلما أو كافرا أو مرتدا وهو تأكيد لما فهم من النكرة فى النفى - انتهى - .
والذى يستفاد من النصوص الفقهية الأخرى أن الزواج بالمحرمة حرمة مؤبدة أو مؤقتة أن كانت هذه الحرمة معروفة وقت العقد فالعقد باطل وإن لم تكن معروفة وقت العقد فالعقد فاسد لا باطل .
والعقد الفاسد يترتب عليه بعد الدخول الحقيقى وجوب العدة وثبوت النسب .
وحينئذ فالذى نراه أن العقد الذى جرى بين هذين المتعاقدين بعد ارتداد هذه الزوجة عن الإسلام يعتبر فى نظر الشريعة الإسلامية عقدا باطلا إن كانت الحرمة معروفة وقته ولا يترتب عليه أى أثر من آثار الزوجية الصحيحة أما إذا كانت الحرمة غير معروفة وقت العقد فيكون العقد فاسدا لا باطلا ويترتب عليه وجوب العدة وثبوت النسب .
هذا ما ظهر لنا ومنه يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/331)
اثبات الرضاع
F حسن مأمون .
14 رجب سنة 1377ه 3 فبراير سنة 1958م
M 1- لا يثبت الرضاع عند الحنفية إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين ولا يثبت بشهادة النساء بانفرادهن .
2- إذا شهد بالرضاع رجل واحد أو امرأة واحدة أو رجل وامرأة لم يثبت الرضاع إلا بتصديق الراضع .
3- يثبت التحريم إذا لم يصدق الراضع وكان المخبر معروفا بالصدق والعدالة
Q من ر ع خ بطلبه أنه يريد الزواج من بنت خالته ولكن جدته لأمه أخبرته بأنها أرضعته مع خاله ط .
الذى رضع أيضا من أخته أم الفتاة وإن السائل لم يرضع من أمها ولم ترضع هى من أمه أو جدتها لأمها وطلب بيان الحكم
An إن الرضاع قضاء لا يثبت عند الحنفية إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين كذلك ولا يقبل على الرضاع أقل من ذلك كما لا يقبل فىإثباته شهادة النساء بانفرادهن واحدة أو أكثر فإذا شهد به رجل واحد أو امرأة واحدة أو رجل وامرأة لم يثبت الرضاع باحدى هذه الشهادات إلا بتصديق الراضع فإن صدق ثبت التحريم بتصديقه لأن تصديقه بمثابة اقراره به واقراره به مع الاصرار عليه مثبت للحرمة وكذلك يثبت التحريم إذا لم يصدق وكان المخبر معروفا بالصدق والعدالة فإنه حينئذ لا يجوز النكاح لما نقله ابن عابدين عن الخانية فقد جاء فى حاشية رد المحتار لو شهدت به امرأة قبل الزواج فهو فى سعة من تكذيبها لكن فى محرمات الخانية أن كان قبله والمخبر عدل لا يجوز النكاح وبه جزم فى البزازية وعلى ذلك فإذا صدق السائل جدته لأمه فيما أخبرته به من الرضاع أو كانت جدته لأمه معروفة بالصدق والعدالة ولم يكن من شأنها الكذب وكان الرضاع المسئول عنه فى مدته شرعا وهى سنتان على قول أبى يوسف المفتى به لم يحل للسائل أن يتزوج من بنت خالته المذكورة لأنها بنت أخته رضاعا بناء على قول من ذهب إلى أن قليل الرضاع وكثيره سواء فى ايجاب التحريم وهم الحنفية والمالكية واحدى الروايتين فى مذهب الامام أحمد أما على مذهب الشافعية والرواية الأخرى فى مذهب الامام أحمد فإن الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات متفرقات مشبعات فإذا كان رضاع السائل فى هذه الحال بلغ هذا القدر حرمت عليه بنت خالته المذكورة وإذا لم يبلغ هذا القدر كان فى حل من التزويج بها بناء على هذا المذهب الذى اخترناه للفتوى فى هذا الأمر الذى عمت فيه البلوى أما إذا لم يكن السائل مصدقا لجدته لأمه فى اخبارها بهذا الرضاع أو كانت غير عدلة ومن شأنها الكذب فإنه لا يثبت الرضاع بأخبارها هذا ويكون السائل فى حل من التزوج من بنت خالته هذه ما لم يكن هناك مانع آخر غير رضاعه من جدتها لأمها المبين حكمه على المذهبين السابقين هذا وأما رضاع خاله ط .
من أخته أم مخطوبة السائل فإنه لا يوجب تحريما بين السائل وبين هذه البنت إذا كان السائل لم يرضع من جدته الرضاع المسئول عنه أو لم يثبت هذا الرضاع بأى وجه على النحو الذى شرحناه لأنه برضاع ط .
خال السائل من أخته أم مخطوبة السائل تصبح هذه المخطوبة أختا من الرضاع ل .
الذى هو خال السائل وأخت الخال من الرضاع غير محرمة على ابن أخته نسبا جاء فى التنقيح سئل رجل يريد أن يتزوج بأخت خاله رضاعا فهل له ذلك فأجاب نعم ذلك لأن أم خاله وخالته من الرضاع حلال كما فى الدر المختار والبحر فأخت خاله بالأولى الخ فرضاع خاله ط .
من أخته أم مخطوبة السائل لا يوجب تحريمها عليه وإنما يوجب ثبوت رضاع السائل من جدته لأمه على ما بيناه سابقا فتحرم عليه أن صدق جدته فيما أخبرت به من ارضاعها له وأصر على هذا التصديق أو كانت جدته ممن عرف بالعدالة والصدق وكان الرضاع خمس مرات مشبعات متفرقات فأكثر على المذهب الثانى الذى اخترناه للفتوى أما إذا لم يصدق جدته أو كانت غير عدلة ومن شأنها الكذب أو كان الرضاع أقل من خمس رضعات على الوجه السابق فإنها لا تحرم عليه والله أعلم(1/332)
مصاريف علاج الزوجة والأولاد
F حسن مأمون .
14 رمضان سنة 1377ه 3 إبريل سنة 1958م
M 1- مصاريف علاج الزوجة من أجرة طبيب ومداواة تكون على الزوج ولو كانت موسرة .
2- جميع ما يحتاجه الصغير الفقير من طعام وكسوة وأجرة خادم وطبيب وثمن دواء يكون على أبيه لا يشاركه أحد
Q من م ع ح بطلبه بيان حكم علاج الزوجة والأولاد من أجرة طبيب وثمن أدوية وأجرة القابلة وعلى من تجب على الزوج أو الزوجة
An عن مصاريف علاج الزوجة مذهب الحنفية أن مصاريف علاج الزوجة لا تجب على الزوج فقد جاء فى رد المحتار ( كما لا يلزمه مداواتها أى اتيانه لها بدواء المرض ولا أجرة الطبيب ولا الحجامة هندية عن السراج ) - انتهى - .
وهذا هو المعروف فى مذاهب الأئمة الثلاثة أيضا إلا أن صاحب منح الجليل نقل عن ابن عبد الحكم من فقهاء المالكية ( إن على الزوج أجرة الطبيب والمداواة ) وهو رأى وجيه نرى الأخذ والافتاء به فنوجب على الزوج مصاريف علاج زوجته من ماله الخاص ولو غنية - وعن مصاريف علاج الأولاد الذى يظهر لنا من قواعد الحنيفية السمحة أنه يدخل فى النفقة الواجبة على الأب الموسر لطفله الصغير الفقير جميع ما يحتاج إليه من وجبت له النفقة من طعام وكسوة وأجرة خادم وأجرة طبيب وثمن دواء وغير ذلك إذ قد تكون حاجة الإنسان المريض إلى أجرة الطبيب وثمن الدواء أشد من حاجته إلى خادم وأيضا قد نص الفقهاء فى باب صدقة الفطر على أنه تجب على الأب صدقة الفطر عن طفله الفقير لتحقق السبب وهو رأس يمونه ويلى عليه ونصوا على أنه يلزم أن تكون المؤنة كاملة مطلقة تشمل غير الرواتب نحو الأدوية وإلا لما وجب عليه صدقة الفطر عنه إذا كان فقيرا وعلى ذلك يدخل فى النفقة الواجبة لطفله الفقير أجرة الطبيب وثمن الأدوية وقد صدرت بذلك الفتاوى فى حوادث مماثلة ومنها الفتوى رقم 407 مسجل 44 بتاريخ 8/1/1938 وعن أجرة القابلة المنصوص عليه شرعا كما جاء فى الدر نقلا عن البحر أن أجرة القابلة على من استأجرها من زوجة أو زوج ولو جاءت بلا استئجار قيل عليه وقيل عليها ورجح ابن عابدين فى حاشيته رد المحتار الأول بقوله والذى يظهر لى ترجيح الأول لأن نفع القابلة معظمه يعود إلى الولد فيكون على أبيه وتخلص من ذلك أن أجرة القابلة تكون على الأب إذا استأجرها أو جاءت بدون استئجار - وتكون على الزوجة إذا استأجرها هى والذى نفتى به أو أجرة القابلة تجب على الزوج سواء استحضرها هو أو استحضرتها الزوجة أو جاءت من تلقاء نفسها لأنها كأجر الطبيب فتجب عليه أخذا بقول ابن الحكم الذى رجحنا العمل به سابقا فى صدر هذه الفتوى والله أعلم(1/333)
زواج غير صحيح
F حسن مأمون .
18 محرم سنة 1378ه 4 أغسطس 1958م
M 1- لا يجوز الجمع زواجا بين امرأتين محرمين لا حقيقة ولا حكما .
2- المحرمية بينهما مشروطة بأن تكون من الجانبين بمعنى أنه لو فرضت واحدة منهما رجلا حرمت عليه الأخرى .
3- اجراء عقد الزواج على بنت أخت المطلقة وهى فى العدة غير صحيح شرعا
Q من أ م ح - أمام مسجد بطلبه أن ع أ ح عامل ملاحظة الدريسة كان متزوجا بامرأة مسنة أعقب منها بنتين وأشارت عليه بأن يتزوج من بنت أخت لها لتكون شفوقة على بنتيها واستدعى المأذون وطلق ع .
أ .
زوجته هذه وبعد ذلك بثلاث ساعات دخل بزوجته الجديدة بعد اجراء العقد بدون قسائم وفى ثانى يوم أخبره أحد القضاه بالمعاش بأن ذلك غير جائز إلا بعد قضاء عدة زوجته الأولى ويسأل عن الحكم
An أن المنصوص عليه شرعا أن المرأتين المحرمين لا يجوز الجمع بينهما بالزواج لا حقيقة بأن يجعلهما معا فى عصمته ولا حكما بأن يتزوج الثانية وما تزال الأولى فى عدته لأنها فى هذه الحالة زوجته حكما فلا يحل الجمع بين الأختين ولا بين البنت وأمها أو عمتها أو خالتها لقوله تعالى { وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف } وقوله عليه السلام ( لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها فإنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم ) ولا بد أن تكون المحرمية بينهما ثابتة من الجانبين بمعنى أنه لو فرضت واحدة منهما رجلا حرمت عليه الأخرى وفى الحادثة موضوع السؤال لو فرضنا زوجة ع أ الأولى رجلا لم يحل له أن يتزوج من الثانية لأنها بنت أخته وهى محرمة عليه بنص الحديث السابق والآية وأيضا لو فرضنا زوجته الثانية رجلا كانت الأولى خالة له وهى محرمة عليه بنص الكتاب وهو قوله تعالى { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت } وعلى ذلك يكون عقد ع أ ع بنت أخت زوجته فى اليوم الثانى لطلاقه إياها غير صحيح شرعا لحصوله زوجته لا تزال فى عدته من هذا الطلاق ويجب عليهما أن يفترقا حتى تنقضى عدة زوجته الأولى بمضى ثلاثة أشهر من تاريخ الطلاق ما دام الحال كما ذكر بالسؤال من أنها آيسة ولا تحيض فإذا انقضت عدتها كان فى حل من العقد على بنت أختها ما دام لم يكن هناك مانع آخر والله أعلم(1/334)
زواج البالغة دون أذن وليها
F حسن مأمون .
8 ربيع أول سنة 1378 - 23 سبتمبر 1958م
M 1- لا يكون تزويج الأنثى العاقلة البالغة نفسها صحيحا نافذا لازما إلا إذا كان الزوج الذى يريد التزوج بها كفئا لها والمهر المشروط هو مهر مثلها .
2- إذا زوجت المرأة نفسها بمهر أقل من مهر مثلها كان العقد صحيحا ولكنه غير لازم وللولى العاصب أن يطلب من الزوج اتمام مهر المثل وإن لم يتمه رفع الأمر إلى القضاء
Q من الأستاذ / أ م ك بطلبه المتضمن أن فتاة بالغة تزوجت بشخص دون أذن والدها العاصب على مهر قدره خمسة وعشرين قرشا وإن مهر مثلها لا يقل عن مبلغ ستمائة جنيه مصرى وطلب الأستاذ السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا العقد وهل لوالدها العاصب غير الموافق على هذا الزواج حق الاعتراض على هذا العقد أو لا
An إن كامل الأهلية وهو الحر العاقل البالغ هو ولى نفسه فى الزواج وليس لأحد ولاية تزويجه أو جبره عليه غير أنه إذا كان كامل الأهلية أنثى ولها ولى عاصب لا يكون تزويجها نفسها صحيحا نافذا لازما إلا إذا كان الزوج الذى يريد التزوج بها كفئا لها والمهر المشروط هو مهر مثلها حتى لا يعير وليها العاصب بمصاهرة غير الكفء أو بنقصها عن مهر مثلها ومهر المثل هو مهر امرأة من قوم أبيها كأختها وعمتها وبنت عمها تساويها وقت العقد سنا وجمالا ومالا وبلدا وعصرا وعقلا ودينا وأدبا وخلقا وعلما وبكارة أو ثيوبة وعدم ولد فإن لم توجد واحدة من قوم أبيها تساويها فى هذه الصفات ينظر إلى مهر امرأة أجنبية تساويها فى هذه الصفات ومن هذا يتبين أنه إذا زوجت نفسها بمهر أقل من مهر مثلها يكون العقد صحيحا ولكنه غير لازم فللولى العاصب أن يطلب اتمام مهر المثل فإن أتمه الزوج اتمام مهر المثل فان أتمه الزوج لذم العقد وإن لم يتمه رفع الأمر إلى المحكمة المختصة لتفسخه وفى حادثة السؤال لوالد هذه الفتاة التى زوجت نفسها بمهر أقل من مهر مثلها أن يطلب من هذا الشخص الذى عقد عليها بدون علمه واجازته لهذا العقد اتمام مهر مثل بنته المشار إليه فى السؤال فإن أتمه لزم العقد وإن لم يتمه فعليه رفع الأمر إلى المحكمة المختصة لتفسخ هذا العقد ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال والله أعلم(1/335)
زواج صحيح
F حسن مأمون .
18 صفر سنة 1379 هجرية - 23 أغسطس 1959م
M 1- يجوز للعامى العمل بما يخالف مذهبه مقلدا غير إمامه فمذهبه فى هذه الحالة هو فتوى مفتيه المعروف بالعلم والعدالة .
2- التلفيق بمعنى العمل فى حادثة بمذهب وفى أخرى بمذهب آخر جائز شرعا .
3- يجوز العقد شرعا بين راغبى الزواج وبينهما رضاع لا يحرم طبقا لمذهب الامام الشافعى
Q من الادارة العامة للتشريع بوزارة العدل بكتابها رقم 265 الافادة بالرأى فيما إذا كان بين راغبى الزواج رضاع لا يحرم اجراء العقد طبقا لمذهب الامام الشافعى وهل يصح للمأذون أن يتقيد فى هذا الشأن بمذهب الامام أبى حنيفة وحده فيمتنع عن اجراء هذا العقد أو يصح له مباشرة هذا العقد فى هذه الحالة
An أنه لا يوجد مانع شرعى من اجراء هذا العقد فى هذه الحالة لأن مذهب الجمهور أن العامى ( غير المجتهد ) لا مذهب له وأنه يجوز له العمل بما يخالف مذهبه مقلدا غير إمامه لأن مذهبه فى هذه الحالة هو فتوى مفتيه المعروف بالعلم والعدالة وأن التلفيق بمعنى العمل فى حادثة بمذهب وفى أخرى بمذهب آخر جائز شرعا للقطع بأن المستفتين فى كل عصر من زمن الصحابة ومن بعدهم كانوا يسألون مفتين مختلفين فيما يعن لهم من المسائل .
وقد اختار ذلك الآمدى وابن الحاجب والكمال فى تحريره والرافعى وغيرهم .
إذ لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله ولم يوجب الله سبحانه على أحد من الناس أن يتمذهب بمذهب معين من مذاهب الأئمة وقد جرينا على ذلك فى فتاوى كثيرة مماثلة .
وعلى المأذون فى هذه الحالة أن يأخذ اقرارا على طرفى العقد بقبولهما اجراءه مقلدين فى ذلك مذهب الامام الشافعى فى مسألة الرضاع والله أعلم(1/336)
السن المقررة فى الزواج
F أحمد هريدى .
التاريخ 14/7/1964م
M 1- سن الزواج بالنسبة للزوج وبالنسبة للزوجة تضمنه القانون وجاء مطلقا عن التقييد بالسنين الهجرية أو السنين الميلادية .
2- المتفق عليه أن السنين متى اطلقت فى القوانين الشرعية يراد بها السنون الهجرية
Q من السيد / ع ح أ مراجع حسابات بطلبه المقيد برقم 450 سنة 1964 المتضمن أن بنت أخته ولدت بتاريخ 18/12/1948 الموافق 17 صفر سنة 1368 هجرية وقد تقدم لخطبتها شاب صالح .
ارتضته الفتاة زوجا لها ويرغبان اتمام عقد الزواج .
وطلب السائل الافادة عن السن المقررة لزواج الفتاة وهل المعتبر فى احتسابها السنين الهجرية أو الميلادية
An إن احتساب سن الزواج بالنسبة للزوجة بست عشرة سنة وبالنسبة للزوج بثمانى عشرة سنة قد تضمنه القانون وجاء مطلقا عن التقييد بالسنين الهجرية أو السنين الميلادية .
والمبدأ المتفق عليه أن السنين متى أطلقت فى القوانين الشرعية يراد بها السنون الهجرية إلا إذا نص صراحة على اعتبار السنين الميلادية وعلى ذلك يكون المراد بالسنين فى تحديد سن الزوجين السنين الهجرية لا السنين الميلادية وتكون الفتاة المولودة فى 18/12/1948 قد تجاوزت السن المقررة قانونا للزواج وهو ست عشرة سنة هجرية ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال(1/337)
اسلام زوجة المسيحى
F أحمد هريدى .
15 ربيع الآخر سنة 1385 - 12 يوليه سنة 1965
M 1- إذا أسلمت زوجة الكتابى - المسيحى أو اليهودى - عرض الإسلام على الزوج فإن أسلم بقيت الزوجية بينهما ، وإن لم يسلم فرق القاضى بينهما .
2- الحكم الصادر بالتفريق طلاق بائن وبه تنقطع العلاقة الزوجية بين الزوجين سواء أكان قبل الدخول أم بعده .
3- إذا أسلم الزوج وتزوجها قبل أن تتزوج غيره لا يكون له عليها سوى طلقتين إذا كانت طلقة التفريق غير مسبوقة بطلاق آخر .
4- الأولاد الصغار يتبعون خير الأبوين دينا .
5- أقل مدة تصدق فيها المرأة أنها رأت الحيض ثلاث مرات كوامل ستون يوما
Q من السيدة / د ى ش بطلبها المتضمن أنها كانت مسيحية الديانة ومتزوجة بالمدعو ع ع ورزقت منه ببنتين .
الأولى سنها سنة ونصف والثانية سنها تسعة أشهر، وقد اعتنقت السيدة المذكورة الدين الإسلامى عن يقين وايمان مؤمنة بأنه الدين الحق الذى يجب اعتناقه وشهرت اسلامها باشهاد رسمى صادر من مكتب توثيق القاهرة رقم 5791 بتاريخ 14/7/1965 وطلبت السائلة بيان الآتى : 1- هل تعتبر منفصلة عن زوجها المسيحى من تاريخ شهر اسلامها (14/7/1965) .
2- هل من حق زوجها المسيحى أن يدعى أن الزوجية بينهما لا تزال قائمة تأسيسا على أن العدة لم تنقض بعد .
3- وإذا شهر الزوج اسلامه بعد اسلامها وقبل انقضاء عدتها فهل تعتبر الزوجية بينهما قائمة
An المنصوص عليه فى فقه الحنفية أنه إذا أسلمت زوجة الكتابى - المسيحى أو اليهودى - عرض الإسلام على الزوج فإن أسلم بقيت الزوجية بينهما .
وإن لم يسلم حكم القاضى بالتفريق بينهما بابائه عن الإسلام ، وبهذا الحكم تنقطع العلاقة الزوجية بينهما ولا سلطان له عليها .
ويكون هذا التفريق طلاقا بائنا سواء أكان قبل الدخول أم بعده فلا يملك مراجعتها وينقص بهذا الطلاق عدد الطلقات التى يملكها الزوج على زوجته حتى لو أسلم بعد ذلك وتزوجها قبل أن تتزوج غيره لا يكون له عليها سوى طلقتين إذا كانت طلقة التفريق غير مسبوقة بطلاق آخر، وتجب عليها العدة وهى أن ترى الحيض ثلاث مرات كوامل من تاريخ صدور حكم التفريق أن كانت من ذوات الحيض .
وأقل مدة تصدق فيها أنها رأت الحيض ثلاث مرات كوامل ستون يوما أو أن تضع حملها أن كانت حاملا .
أما إذا لم تكن من ذوات الحيض ولا حاملا بأن كانت صغيرة لا تحيض أو كبيرة وبلغت سن اليأس فعدتها ثلاثة أشهر من تاريخ الطلاق أى الفرقة وجملة ذلك تسعون يوما - ويجب على الرجل نفقة العدة لهذه المراة إذا كان هناك دخول لأن المانع من استمرار الزواج قد جاء من جهته بسبب ابائه عن الإسلام ، وكذلك يقع طلاقه عليها إذا طلقها مرة أخرى وهى فى العدة .
هذا - والمقرر شرعا أن الولد يتبع خير الأبوين دينا ، وأن حضانة الصغير مقررة شرعا للأم ما لم يعقل الولد الأديان أو يخاف أن يألف الكفر وطبقا لما ذكرنا، فباسلام السائلة زوجة المسيحى لا تقع الفرقة بينهما قبل عرض القاضى الإسلام عليه وابائه عن الإسلام وتفريق القاضى بينهما بهذا الأباء .
فأذا أسلم الزوج المذكور عند عرض القاضى الأسلام عليه فهى زوجته . وإن أبى فرق القاضى بينهما ويعتبر هذا التفريق طلاقا بائنا كما أسلفنا وبه تنقطع العلاقة الزوجية بينهما ولا سلطان للزوج عليها حتى ولو أسلم بعد ذلك سواء أكان اسلامه أثناء العدة أم بعدها ويكون أولادها الصغار مسلمين تبعا لها لأن الولد يتبع خير الأبوين دينا وحق حضانتهم ثابت لها شرعا متى كانت أهلا للحضانة حتى يبلغوا السن المقررة للحضانة ، ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال، والله سبحانه وتعالى أعلم(1/338)
عقد زواج عرفى فاسد
F أحمد هريدى .
3 جمادى الأولى سنة 1385ه 30 أغسطس 1965م
M 1- عقد الزواج باعتباره عقدا موصلا لاستباحة الوطء واحلاله يجب أن يظهر امتيازه عن الوطء المحرم وطريق ذلك اعلانه واشهاره والاشهاد عليه .
2- المقرر فى الفقه الحنفى أنه إذا خلا عقد الزواج من شهادة شاهدين كان عقدا فاسدا والدخول فيه معصية .
3- دخول الرجل بالمرأة بناء على عقد فاسد يوجب تعزيرهما والتفريق بينهما .
4- الدخول بعد عقد فاسد يدرا حد الزنى ويوجب الأقل من المهر المسمى ومهر المثل وتثبت به حرمة المصاهرة وتجب فيه العدة ويثبت به النسب .
5- الخلوة فيه لو كانت صحيحة لا يترتب عليها شىء من الأحكام .
6- تنقضى العدة بعد التفريق برؤية الحيض ثلاث مرات كوامل إن كانت المرأة من ذوات الحيض أو بوضع حملها إن كانت حاملا فإن لم تكن من ذوات الحيض ولا حاملا فعدتها تسعون يوما
Q من السيدة / ب م ف بطلبها المقيد برقم 495 سنة 1965 وعلى الصورة العرفية من عقد الزواج العرفى المرافق ، وقد تضمنت الصورة العرفية من عقد الزواج العرفى أن السيد / ع ل أ والسيدة / ب م ف قد تم الاتفاق بينهما على زواجهما ببعض وتليت الصيغة الشرعية بينهما على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبحت السيدة ب م ف زوجة شرعية للسيد / ع ل أ بايحاب وقبول شرعيين بعد تلاوة الصيغة الشرعية بينهما بعقد زواج عرفى بيد كل منهما نسخة منه وذلك بتاريخ 17/5/1963 دون شهادة شاهدين على هذا العقد وطلبت السائلة بيان ما إذا كان العقد العرفى بزواجهما دون شهادة شاهدين يعتبر عقد زواج رسمى وبالتالى هل يكون صحيحا شرعا
An المنصوص عليه فى فقه الحنفية أن عقد الزواج باعتباره عقدا موصلا لاستباحة الوطء واحلاله يجب أن يظهر امتيازه بهذا الاعتبار عن الوطء المحرم وطريق ذلك اعلانه واشهاره والاشهاد عليه ولهذا أوجب عامة العلماء اعلانه .
واشهاره والاشهاد عليه واستدلوا على ذلك بما روى عن عمران بن حصين عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا نكاح إلا بولى وشاهدى عدل ذكره أحمد بن حنبل فى رواية ابنه عبد الله وذكره الامام الشافعى رضى الله عنه من وجهة أخرى عن الحسن مرسلا .
وقال هذا وإن كان منقطعا فإن أكثر أهل العلم يقولون به وروى ابن حيان عن طريق عائشة رضى الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال لا نكاح إلا بولى وشاهدى عدل وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل فإن تشاجروا فالسلطان ولى من لا ولى له ولأنه يتعلق به حق غير المتعاقدين وهو الولد فاشترطت الشهادة فيه لئلا يجحده أبوه فيضيع نسبه والمقرر فى فقه الحنفية أيضا أنه إذا خلا عقد الزواج من شهادة الشاهدين يكون عقدا فاسدا لفقده شرطا من شروط الصحة وهو شهادة الشاهدين ويكون دخول الرجل بالمرأة بناء على هذا العقد معصية وحكم الزواج الفاسد أنه لا يحل للرجل فيه الدخول بالمرأة ولا يترتب على هذا العقد شىء من آثار الزوجية فإن دخل الرجل بالمرأة بناء على هذا العقد الفاسد كان ذلك معصية ووجب تعزيرهما والتفريق بينهما ويترتب على الدخول الآثار الآتية : 1- يدرا حد الزنى عنهما لوجود الشبهة .
2- إن كان قد سمى مهر كان الواجب الأقل من المسمى ومهر المثل .
3- تثبت بالدخول حرمة المصاهرة .
4- تجب فيه العدة على المرأة وابتداؤها من وقت مفارقة الزوجين أو أحدهما للآخر أن تفرقا باختيارهما ومن وقت تفريق القاضى بينهما إن لم يتفرقا اختيارا وتعتد المرأة لهذه الفرقة عدة طلاق حتى فى حالة وفاة الرجل .
5- يثبت به نسب الولد من الرجل إذا حصل حمل من ذلك الدخول وذلك للاحتياط فى احياء الولد وعدم تضييعه .
ولا يثبت شىء من هذه الأحكام إلا بالدخول الحقيقى فالخلوة ولو كانت صحيحة لا يترتب عليها شىء من هذه الأحكام أما غير ذلك من أحكام الزوجية فلا يثبت فى الزواج الفاسد، فلا يثبت توارث بين الرجل والمرأة ولا تجب فيه نفقة ولا طاعة زوجية وطبقا لما ذكر يكون العقد العرفى المبرم بين السائلة وبين الشخص الذى ذكرته على فرض أنه أبرم بالألفاظ التى تستعمل فى انشاء عقد الزواج شرعا عقدا فاسدا لخلوه من شهادة الشاهدين وتترتب عليه الآثار التى سبق بيانها وانه يجب عليهما أن يتفرقا فورا وإن لم يتفرقها فرق القاضى بينهما ويجب عليها العدة من تاريخ تفرقهما إن تفرقا اختيارا ومن تاريخ تفريق القاضى بينهما إن لم يتفرقا اختيارا والعدة هى أن ترى الحيض ثلاث مرات كوامل من تاريخ التفريق، وأقل مدة تصدق فيها أنها رأت الحيض ثلاث مرات كوامل ستون يوما إذا كانت من ذوات الحيض أو بوضع الحمل إن كانت حاملا فإن لم تكن من ذوات الحيض ولا حاملا فعدتها ثلاثة أشهر أى تسعون يوما فإذا انقضت عدتها حل لها أن تتزوج بأخر متى تحققت الشروط الواجبة فى ذلك شرعا ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/339)
قيمة دين مؤخر الصداق عند وفاة الزوج
F أحمد هريدى .
التاريخ 22/9/1965
M 1- يجب للزوجة المهر جميعه بالعقد الصحيح ويتأكد بالدخول الحقيقى أو بالخلوة الصحيحة أو بوفاة أحد الزوجين .
2- يحل المؤجل من المهر بحلول أجله الطلاق أو الوفاة .
3- ما يستحق من الصداق يكون دينا فى ذمة الزوج تستوفيه زوجته من تركته قبل قسمتها .
4- إذا سمى فى المهر نقد يجرى به التعامل فى البلد ثم بطل التعامل به فإنه يجب للزوجة قيمة ما سمى من النقد يوم بطلان التعامل به
Q من السيد / م ر ع بطلبه وعلى الصورة الرسمية من أشهاد الزواج المرافق ، وقد تضمن أشهاد الزواج المحرر فى 11 شوال سنة 1330هجرية - 22 سبتمبر 1912م أن الشيخ م ع أ تزوج ب ع م على صداق قدره 24 جنيها ذهبا مصريا نقيا .
الحال منه 12 جنيه تسلم منه وكيل الزوجة جنيهين - والباقى منه عشرة جنيهات بذمة الزوج يقوم بسداده إليها عند طلبها - والمؤجل منه اثنا عشر جنيها يحل بأحد الأجلين الفراق أو الوفاة .
وتضمن الطلب أن الزوج قد توفى عن زوجين وورثة ذكور وأناث .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما يأتى - هل تستحق الزوجة المذكورة ص ع م باقى معجل الصداق ومؤخره .
وإذا كانت تستحق ذلك فهل تسحقه باعتبار الجنيه عملة متداولة تساوى 100 قرش أو باعتبار الجنيه قطعة ذهبية ، وإذا كانت تسحقه باعتبار الجنيه الذهب قطعة ذهبية فهل تستحقه باعتبار قيمته الذهبية وقت العقد - أو باعتبار قيمته يوم الميراث
An المقرر شرعا أن الزوجة يجب لها المهر جميعه بالعقد ويتأكد كله بالدخول الحقيقى أو بالخلوة الصحيحة فى النكاح الصحيح أو بوفاة أحد الزوجين .
ويحل المؤجل منه بحلول أجله .
الطلاق أو الوفاة، وبما أن الزوج قد توفى فتستحق الزوجة مؤخر الصداق .
وما بقى من معجله إذا لم تكن قد استوفته ولا شيئا منه .
ولم تكن قد أبرأته منه ولا من شىء منه قبل وفاته ولا أخذت كله أو بعضه شيئا .
وما يستحق من الصداق على الوجه المذكور يكون دينا فى ذمة الزوج تستوفيه من تركته قبل قسمتها، هذا وقد جاء بالجزء الثانى من كتاب بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين أبى بكر بن مسعود الكاسانى ص 276 ( ولو تزوجها على ثوب معين أو على موصوف أو على مكيل أو موزون معين فذلك مهرها إذا بلغت قيمته عشرة، وتعتبر قيمته يوم العقد لا يوم التسليم، حتى لو كانت قيمته يوم العقد عشرة فلم يسلم إليها حتى صارت قيمته ثمانية فليس لها إلا ذلك، ولو كانت قيمته يوم العقد ثمانية فلم يسلمه إليها حتى صات قيمته عشرة فلها ذلك ودرهما، لن المكيل والموزون إذا كان موصوفا فى الذمة فالزوج مجبور على دفعه ولا يجوز دفع غيره من غير رضاها فكان مستقرا مهرا فى ذمته فتعتبر قيمته يوم الاستقرار وهو يوم العقد، لأن ما جعل مهرا لم يتغير فى نفسه وإنما التغيير فى رغبات الناس بحدوث فتور فيها ولهذا لو غصب شيئا قيمته عشرة فتغير سعره وصار يساوى خمسة فرده على المالك لا يضمن شيئا .
ولأنه لو سمى ما هو أدنى مالية من العشرة كان ذلك تسمية للعشرة لأن ذكر البعض فيما لا يتجزأ ذكر لكله فصار كأنه سمى ذلك ودرهمين ثم زادت قيمته ) 51 - بتصرف ، وجاء فى باب المهر بالجزء الثانى من رد المحتار على الدر المختار على متن تنوير الأبصار ص 508 وما بعدها .
للعلامة ابن عابدين .
( قوله قيمته عشرة وقت العقد ) أى وإن صارت يوم التسليم ثمانية فليس لها إلا هو .
ولو كان على عكسه لها الفرض المسمى ودرهمان ، ولا فرق فى ذلك بين الثوب والمكيل والموزون لأن ما جعل مهرا لم يتغير فى نفسه وانما التغيير فى رغبات الناس ) - انتهى - وجاء فى الهداية ( وما سمى مهرا عشرة فما زاد فعليه المسمى أن دخل بها أو مات عنها ) وعلق صاحب فتح القدير العلامة الكمال بن الهمام على هذه العبارة بقوله ( هذا إذا لم تكسد الدراهم المسماة .
فإن كان تزوجها على الدراهم التى هى نقد البلد فكسدت وصار النقد غيرها فإنما على الزوج قيمتها يوم كسدت على المختار ) وطبقا لما ذكر إذا سمى عند العقد شىء مقوم وحدد بما ينفى الجهالة صحت التسمية وكان للزوجة أخذ المسمى أو قيمته، وتعتبر القيمة وقت العقد لأنه وقت الثبوت فى الذمة والاستقرار ، ولا عبرة بيوم التسليم والدفع إن تغيرت القيمة لأن ما جعل مهرا لم يتغير فى نفسه .
وإنما التغيير فى رغبات الناس بالاقبال أو الفتور، وطبقا لما جاء فى فتح القدير أنه إذا سمى فى المهر نقد يجرى به التعامل، فى البلد ثم بطل التعامل به .
فإنه يجب للزوجة قيمة ما سمى من النقد يوم بطلان التعامل به .
وظاهر فى حادثة السؤال أن المهر المسمى جنيهات ذهبية مصرية والجنيهات الذهبية المصرية كانت عملة متداولة يجرى التعامل بها بين الناس فى البلد ثم بطل التعامل به .
فإنه يجب للزوجة قيمة ما سمى من النقد يوم بطلان التعامل به .
وظاهر فى حادثة السؤال أن المهر المسمى جنيهات ذهبية مصرية والجنيهات الذهبية المصرية كانت عملة متداولة يجرى التعامل بها بين الناس فى البلد وقت العقد على أساس أن الجنيه يساوى مائة قرش من غير نظر مطلقا إلى أنها قطع ذهبية تساوى قيمتها قليلا أو كثيرا .
وتتغير قيمتها وسعرها بتغيير الظروف والأزمنة والأمكنة والعوامل الاقتصادية، وقد استقر الأمر أخيرا على اعتبار الجنيه الذهب فى التعامل عملة متداولة يساوى مائة قرش من غير نظر إلى قيمته كقطعة ذهبية وسلعة تباع فى السوق كالذهب غير من غير نظر إلى قيمته كقطعة ذهبية وسلعة تباع فى السوق كالذهب غير المضروب وتخضع لتقلبات الأسعار .
ولا يزال التعامل به جاريا على هذا الأساس إلى الآن .
ومن ثم يكون المستحق للزوجة فى هذه الحالة هو المبلغ المسمى من الجنيهات على أساس أن الجنيه يساوى مائة قرش .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال(1/340)
إسلام زوجة اليهودى
F أحمد هريدى .
التاريخ 15/5/1966
M 1- إذا أسلمت المرأة وزوجها غير مسلم وكانا فى دار الإسلام عرض عليه الإسلام فإن أسلم فهى امرأته وإن أبى فرق بينهما .
2- إذا أسلمت المرأة وزوجها غير مسلم وكانا فى غير دار الإسلام لم تقع الفرقة بينهما حتى تحيض ثلاث حيض إن كانت ممن تحيض وإلا فبمضى ثلاثة أشهر من غير حاجة إلى عرض الإسلام أو إلى الحكم القاضى وكذا الحكم إذا أسلمت الزوجة فى دار الحرب ثم خرجت إلى دار الإسلام .
3- إذا أسلم الزوج قبل أن تحيض ثلاث حيض أو قبل أن تمضى ثلاثة أشهر فهما على نكاحهما وإن لم يسلم حتى انقضت المدة وقعت الفرقة .
4- إذا وقعت الفرقة بعد انقضاء الحيض الثلاث لذمها قبل أن تتزوج من آخر عدة عند الصاحبين ولا يلزمها عند أبى حنيفة
Q من السيد / ع ف أ بطلبه المتضمن بأن امرأة مسيحية الديانة متزوجة برجل يهودى الديانة وقد أشهرت هذه المرأة إسلامها بتاريخ 15/11/1965 على يدامام المسلمين بالنمسا وتقوم الآن بأداء الشعائر الدينية الإسلامية .
وإنها بعد إسلامها لم تعاشر زوجها اليهودى وسكنت منزلا آخر وقد لاحقها زوجها وأهلها بالاهانة والايذاء لاسلامها وطلب السائل بيان الآتى 1- هل يصح شرعا أن تعاشر هذه الزوجة المسلمة زوجها الغير مسلم .
2- هل يجوز شرعا أن تتزوج هذه المرأة بمسلم الآن .
أم لابد لها من الحصول على حكم بالطلاق من زوجها اليهودى .
3- هل يجوز لها أن تطلب الطلاق بالجمهورية العربية المتحدة أم لا
An المنصوص عليه فى مذهب الحنفية أنه إذا أسلمت المرأة وزوجها غير مسلم وكانا فى دار الإسلام عرض عليه الإسلام من القاضى فإن أسلم فهى امرأته وإن أبى فرق بينهما .
أما إذا كانا فى غير دار الإسلام وأسلمت الزوجة وزوجها غير مسلم لم تقع الفرقة بينهما حتى تحيض ثلاث حيض إن كانت ممن تحيض .
وإلا فبعد مضى ثلاثة أشهر .
ثم تبين من زوجها إن لم يسلم قبل انقضاء هذه المدة .
( قال صاحب الهداية . وإذا أسلمت المرأة وزوجها كافر عرض عليه الإسلام فإن أسلم فهى امرأته .
وإن أبى فرق القاضى بينهما . لأن المقاصد قد فاتت فلابد من سبب تنبنى عليه الفرقة .
والإسلام طاعة فلا يصح سببا فيعرض الإسلام لتحصل المقاصد بالإسلام أو تثبت الفرقة بالأباء .
ثم قال وإذا أسلمت المرأة فى دار الحرب وزوجها كافر لم تقع الفرقة بينهما حتى تحيض ثلاث حيض ثم تبين من زوجها .
وهذا لأن الإسلام ليس سببا للفرقة والعرض على الإسلام متعذر لقصور الولاية ولابد من الفرقة دفعا للفساد .
فأقمنا شرطها وهو مضى الحيض مقام السبب ) ولا فرق بين المدخول بها وغير المدخول بها ( وقال صاحب الفتح تعليقا على قول صاحب الهداية حتى تحيض ثلاث حيض إن كانت ممن تحيض .
وإلا فثلاثة أشهر فإن أسلم الآخر قبل انقضاء هذه المدة فهما على نكاحهما .
وإن لم يسلم حتى انقضت وقعت الفرقة .
وقال صاحب تبيين الحقائق - ولو أسلم أحدهما ثمة فى دار الحرب لم تبن حتى تحيض ثلاثا - فإذا حاضت ثلاثا بانت - ثم قال - وكذلك الحكم إذا خرج أحدهما إلى دار الإسلام بعد اسلام أحدهما فى دار الحرب .
لا تقع الفرقة بينهما حتى تحيض ثلاث حيض لعدم ولاية القاضى على من بقى فى دار الحرب .
فإن لم يجتمعا فى دار الإسلام لا يعرض على المصر سواء خرج المسلم أو الآخر .
ثم اذا وقعت الفرقة بعد انقضاء الحيض الثلاث تلزمها العدة عند الصاحبين ولا تلزمها عند أبى حنيفة .
وبما أن هذه المرأة قد أسلمت فى النمسا بتاريخ 15/11/1965 وزوجها يهودى مقيم بالنمسا فلا تقع الفرقة بينهما إلا بعد مضى ثلاث حيض إن كانت ممن تحيض أو مضى ثلاثة أشهر إن كانت من غير ذوات الحيض من تاريخ اسلامها من غير حاجة إلى عرض الإسلام أو إلى حكم القاضى .
ثم إذا وقعت الفرقة بعد انقضاء الحيض الثلاث لزمها قبل أن تتزوج من آخر عدة عند الصاحبين ولا يلزمها عند أبى حنيفة .
فيحل لها الزواج بعد انقضاء الحيض الثلاث الأولى التى تقع بعدها الفرقة عنده وبعد انقضاء العدة عقب الفرقة عندهما .
هذا ولا يحل لها أن تمكن زوجها اليهودى من أن يعاشرها معاشرة الأزواج من وقت اسلامها شرعا - كما أن خروجها إلى الجمهورية العربية المتحدة أو أى بلد اسلامى لا يغير الحكم بالنسبة لعدم وقوع الفرقة حتى تحيض ثلاث حيض من غير عرض الإسلام عل الزوج لعدم ولاية القاضى على من بقى فى غير دار الإسلام كما سبق بيانه .
ويحل لها الزواج بعد مضى الحيض المذكورة سواء بقيت فى النمسا أو خرجت وحدها إلى أى بلد اسلامى .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال(1/341)
عدة المطلقة النفساء
F أحمد هريدى .
10 ربيع الأول سنة 1389ه 26 مايو سنة 1969م
M 1- المطلقة ثلاثا لا تحل لمطلقها حتى تتزوج من آخر بعد انقضاء عدتها ويدخل بها الزوج الثانى دخولا حقيقيا ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضى عدتها .
2- يجوز للمطلقة الحامل أن تتزوج من آخر عقب وضع حملها مباشرة ولا يمنع من ذلك نزول دم النفاس عليها .
3- أقل مدة تصدق فيها المطلقة النفساء بانقضاء عدتها مائة يوم على المفتى به وزواجها من آخر قبل انقضاء هذه المدة زواج غير صحيح شرعا
Q من السيد / ع م م بطلبه المتضمن أن من يدعى م .
طلق زوجته أ. طلقة مكملة للثلاث وهى حامل بتاريخ 6/3/1964 وانها وضعت حملها بتاريخ 20/9/1964 .
وبتاريخ 27/9/1964 بعد وضعها الحمل بسبعة أيام تزوجت من شخص آخر يدعى ع .
وبعد مضى ثلاثة أيام على هذا الزواج طلقها ع .
المذكور بتاريخ 30/9/1964 . وبتاريخ 4/12/1964 تزوجها م. مرة أخرى بعد طلاقها من ع. . وبتاريخ 27/12/1967 توفى م .
إلى رحمة الله عنها وعن ورثة آخرين .
وطلب السائل الافادة عن حكم زواجها من م .
وهل هو صحيح شرعا تترتب عليه آثاره . أم أنه فاسد لا تترتب عليه آثاره الشرعية
An المنصوص عليه فقها أن المطلقة ثلاثا لا تحل لزوجها حتى تنقضى عدتها من هذا الطلاق ثم تتزوج زوجا آخر غيره زواجا صحيحا شرعا ويدخل بها الزوج الثانى دخولا حقيقيا ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضى عدتها منه شرعا .
ولما كان من يدعى م. قد طلق زوجته طلاقا مكملا للثلاث وهى حامل فان عدتها تنقضى منه بوضع الحمل .
ولما كان وضع حملها قد تم بتاريخ 20/9/1964 فانها بذلك تكون قد انقضت عدتها منه .
وحل لها التزوج بغيره .
ومن ثم يكون زواجها بعد ذلك ع. بتاريخ 27/9/1964 زواجها صحيحا شرعا تترتب عليه آثاره الشرعية .
لأنه زواج حدث بعد انقضاء عدتها بالوضع ولا يمنع من صحته نزول دم النفاس عليها ويكون طلاقه لها بتاريخ 30/9/1964 قد صادف محله ووقع صحيحا تترتب عله آثاره الشرعية ومنها وجوب اعتدادها بثلاث حيض لأنها من ذوات الحيض .
وقد اختلف فقهاء الحنفية فى المدة التى تصدق فيها المطلقة فى قولها انقضت عدتى اذا كانت نفساء على أقوال أرجحها قول الامام أبى حنيفة انها لا تصدق فى أقل من مائة يوم فى رواية الحسن عنه أو خمسة وثمانين يوما فى رواية محمد عنه لانه يثبت - النفاس خمسة وعشرون يوما اذ لو ثبت أقل من ذلك لاحتاج إلى أن يثبت بعدها خمسة عشر يوما طهرا ثم يحكم بالدم فيبطل الطهر لأن من أصله أن الدمين فى الأربعين لا يفصل بينهما طهر وإن كثر .
حتى لو رأت فى أول النفاس ساعة دما وفى آخرها ساعة دما وكانت المدة بين الدمين طهرا لا دم فيها .
كان الكل نفاسا عنده - فيجعل النفاس خمسة وعشرين يوما حتى يثبت بعدها طهر خمسة عشر يوما فيقع الدم بعد الأربعين .
فاذا كانت كذلك كان بعد الأربعين خمسة حيضا وخمسة عشر طهرا وخمسة حيضا وخمسة عشر طهرا وخمسة حيضا وخسمة عشر طهرا وخمسة حيضا فذلك خمسة وثمانون يوما - أقل مدة تصدق فيها اذا قالت انقضت عدتى على رواية محمد عن الامام .
وعلى رواية الحسن عنه . فلأنه يثبت بعد الاربعين عشرة حيضا وخمسة عشر طهرا وعشرة حيضا وخمسة عشر طهرا وعشرة حيضا فذلك مائة يوم أقل مدة تصدق فيها عند ادعائها انقضاء العدة على هذه الرواية وهى التى نأخذ بها فى الفتوى قياسا على تقدير أقل مدة تصدق فيها إذا لم تكن نفساء بستين يوما أو جرى التقدير هناك على أساس أن مدة الحيض عشرة أيام لا خمسة وعلى أى من الروايتين فان زواج م .
بمطلقته المذكورة بعد طلاقها من ع. غير صحيح شرعا لأنه لم يمض بين تاريخ وضعها حملها وزواجها ب .
وطلاق ع. لها وعودتها إلى زوجها الأول م. سوى خمسة وسبعين يوما .
وهى مدة غير كافية لانقضاء العدة .
فيكون قد تزوجها وهى مازالت فى عدة ملطقها ع. ومن ثم لا تترتب عليه آثاره الشرعية لأنه زواج فاسد شرعا .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/342)