رقم السؤال:
106526
العنوان:
مراعاة حال الضعفاء من كبار السن ونحوهم في صلاة التراويح
السؤال:
هل ينبغي للإمام مراعاة حال الضعفاء من كبار السن ونحوهم في صلاة التراويح ؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا أمر مطلوب في جميع الصلوات ، في التراويح وفي الفرائض ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (أيكم أمَّ الناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والصغير وذا الحاجة) فالإمام يراعي المأمومين ، ويرفق بهم في قيام رمضان ، وفي العشر الأخيرة ، وليس الناس سواء ، فالناس يختلفون ، فينبغي له أن يراعي أحوالهم ، ويشجعهم على المجيء ، وعلى الحضور ، فإنه متى أطال عليهم شق عليهم ، ونَفَّرهم من الحضور ، فينبغي له أن يراعي ما يشجعهم على الحضور ، ويرغبهم في الصلاة ، ولو بالاختصار وعدم التطويل ، فصلاة يخشع فيها الناس ويطمئنون فيها ولو قليلاً خير من صلاة يحصل فيها عدم الخشوع ، ويحصل فيها الملل والكسل" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله" (11/336) .(/1)
رقم السؤال:
106527
العنوان:
كيف يصوم ويصلي من يطول نهارهم أو لا تغيب شمسهم؟
السؤال:
كيف يصنع من يطول نهارهم إلى إحدى وعشرين ساعة ؟ هل يقدرون قدراً للصيام وكذا ماذا يصنع من يكون نهارهم قصيراً جداً ؟ وكذلك من يستمر عندهم النهار ستة أشهر والليل ستة أشهر ؟ كيف يصلون ؟ وكيف يصومون ؟
الجواب:
الحمد لله
"من عندهم ليل ونهار في ظرف أربع وعشرين ساعة فإنهم يصومون نهاره ، سواء كان قصيراً أو طويلاً ، ويكفيهم ذلك ، والحمد لله ، ولو كان النهار قصيراً ، أما من طال عندهم النهار والليل أكثر من ذلك كستة أشهر فإنهم يُقَدِّرون للصيام وللصلاة قدرهما ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في يوم الدجال الذي كالسنة ، وهكذا يومه الذي كشهر ، أو كأسبوع ، يقدر للصلاة قدرها في ذلك .
وقد نظر مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة في هذه المسألة وأصدر القرار رقم 61 وتاريخ 12/4/1398 هـ ونصه ما يلي :
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد :
أولاً : من كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع فجر وغروب شمس إلا أن نهارها يطول جداً في الصيف ، ويقصر في الشتاء وجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعاً ؛ لعموم قوله تعالى : (أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) الإسراء/78 ، وقوله تعالى : (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) النساء/103 .(/1)
ولما ثبت عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْعَصْرُ ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوْسَطِ ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ ، فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ) رواه مسلم (612) .
إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في تحديد أوقات الصلوات الخمس قولاً وفعلاً ، ولم تفرق بين طول النهار وقصره ، وطول الليل وقصره ، ما دامت أوقات الصلوات متمايزة بالعلامات التي بَيَّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم .(/2)
وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم ، ما دام النهار يتمايز في بلادهم من الليل ، وكان مجموع زمانهما أربعاً وعشرين ساعة ، ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط ، وإن كان قصيراً ، فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد ، وقد قال الله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187 ، ومن عجز عن إتمام صوم يومه لطوله ، أو علم بالأمارات أو التجربة أو إخبار طبيب أمين حاذق ، أو غلب على ظنه أن الصوم يفضي إلى إهلاكه أو مرضه مرضاً شديداً ، أو يفضي إلى زيادة مرضه أو بطء برئه أفطر ، ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء . قال تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185 ، وقال الله تعالى : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة/286 ، وقال : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج/78 .(/3)
ثانياً : من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفاً ولا تطلع فيها الشمس شتاء ، أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر ، ويستمر ليلها ستة أشهر مثلاً ، وجب عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة ، وأن يقدروا لها أوقاتها ، ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض ، لما ثبت في حديث الإسراء والمعراج من أن الله تعالى فرض على هذه الأمة خمسين صلاة كل يوم وليلة فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه التخفيف حتى قال : (يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) رواه مسلم (162) .
ولما ثبت من حديث طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأْسِ ، نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ وَلَا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ ، حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ، فَقَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ ؟ قَالَ : لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ . . . الحديث) رواه البخاري (46) ومسلم (11) .(/4)
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حَدَّث أصحابه عن المسيح الدجال ، فقالوا : مَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ ؟ قَالَ : (أَرْبَعُونَ يَوْمًا ، يَوْمٌ كَسَنَةٍ ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ . قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ ؟ قَالَ : لَا ، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ) رواه مسلم (2937) ، فلم يعتبر اليوم الذي كالسنة يوماً واحداً يكفي فيه خمس صلوات ، بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة ، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بين أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم ، فيجب على المسلمين في البلاد المسئول عن تحديد أوقات الصلوات فيها أن يحددوا أوقات صلاتهم معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم يتمايز فيها الليل من النهار ، وتعرف فيها أوقات الصلوات الخمس بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة .
وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان ، وعليهم أن يقدروا لصيامهم فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته ، وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته ، وبطلوع فجر كل يوم وغروب شمسه ، في أقرب البلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار ، ويكون مجموعهما أربعاً وعشرين ساعة ؛ لما تقدم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المسيح الدجال ، وإرشاده أصحابه فيه عن كيفية تحديد أوقات الصلوات فيه إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة . والله ولي التوفيق . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه .
هيئة كبار العلماء" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (15/292/300) باختصار .(/5)
رقم السؤال:
106528
العنوان:
حديث (نوم الصائم عبادة) ضعيف
السؤال:
سمعت أحد الخطباء يقول حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم : (نوم الصائم عبادة) . فهل هذا الحديث صحيح ؟
الجواب:
الحمد لله
هذا الحديث غير صحيح ، لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (3/1437) عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (نوم الصائم عبادة ، وصمته تسبيح ، ودعاؤه مستجاب ، وعمله مضاعف ) .
وضَعَّف إسناده البيهقي ، فقال : معروف بن حسان (أحد رجال الإسناد) : ضعيف ، وسليمان بن عمرو النخعي أضعف منه . وقال العراقي في "تخريج إحياء علوم الدين" (1/310) : سليمان النخعي أحد الكذابين . وضعفه المناوي في "فيض القدير" (9293) ، وذكره الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (4696) وقال : ضعيف .
والواجب على المسلمين عموماً - ويتأكد ذلك على الخطباء والوعاظ - أن يتثبتوا قبل نسبة الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يجوز أن ينسب إليه ما لم يقل ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ) رواه البخاري (1391) ورواه مسلم في مقدمة صحيحه (4) .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
106529
العنوان:
ترديد الإمام لبعض آيات الرحمة أو العذاب
السؤال:
ما حكم ترديد الإمام لبعض آيات الرحمة أو العذاب ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا أعلم في هذا بأساً ، لقصد حث الناس على التدبر والخشوع والاستفادة ، فقد روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه ردد قوله تعالى : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) المائدة/118 ، رددها كثيراً عليه الصلاة والسلام .
فالحاصل : أنه إذا كان لقصدٍ صالحٍ لا لقصد الرياء ، فلا مانع من ذلك ، لكن إذا كان يرى أن ترديده لذلك قد يزعجهم ويحصل به أصوات مزعجة من البكاء فترك ذلك أولى ، حتى لا يحصل تشويش ، أما إذا كان ترديد ذلك لا يترتب عليه إلا خشوع وتدبر وإقبال على الصلاة ، فهذا كله خير" انتهى
"مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله" (11/343، 344) .(/1)
رقم السؤال:
106530
العنوان:
تتبع المساجد طلباً لحسن الصوت
السؤال:
ما حكم تتبع المساجد طلباً لحسن صوت الإمام لما ينتج عن ذلك من الخشوع وحضور القلب ؟
الجواب:
الحمد لله
"الأظهر - والله أعلم - أنه لا حرج في ذلك ، إذا كان المقصود أن يستعين بذلك على الخشوع في صلاته ، ويرتاح في صلاته ويطمئن قلبه ، لأنه ما كل صوت يريح ، فإذا كان قصده من الذهاب إلى صوت فلان أو فلان الرغبة في الخير ، وكمال الخشوع في صلاته ، فلا حرج في ذلك ، بل قد يشكر على هذا ويؤجر على نيته ، والإنسان قد يخشع خلف إمام ، ولا يخشع خلف إمام ، بسبب الفرق بين القراءتين والصلاتين ، فإذا كان قَصَدَ بذهابه إلى المسجد البعيد أن يستمع لقراءته لحسن صوته ، وليستفيد من ذلك ، وليخشع في صلاته ، لا لمجرد الهوى والتجول ، بل لقصد الفائدة والعلم ، وقصد الخشوع في الصلاة ، فلا حرج في ذلك ، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : (أَعْظَمُ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلَاةِ : أَبْعَدُهُمْ فَأَبْعَدُهُمْ مَمْشًى) رواه البخاري (651) ومسلم (662) ، فإذا كان قصده أيضاً زيادة الخطوات فهذا أيضاً مقصد صالح" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله" (11/328، 329) .(/1)
رقم السؤال:
106531
العنوان:
إذا أفطر بالأكل في نهار رمضان ليجامع زوجته فعليه كفارة
السؤال:
رجل أراد أن يجامع زوجته في شهر رمضان بالنهار ، فأفطر بالأكل قبل أن يجامع ، ثم جامع ، فهل عليه كفارة أم لا ؟
الجواب:
الحمد لله
اتفق العلماء على أن من أفطر في نهار رمضان بالجماع أن عليه الكفارة .
واختلفوا فيمن أفطر بغير الجماع كالأكل والشرب ، فذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك رحمهما الله إلى أن عليه الكفارة أيضاً ، وذهب الإمامان الشافعي وأحمد رحمهما الله إلى أنه لا كفارة عليه .
ولكن هذا فيمن أفطر بغير الجماع ثم لم يجامع في ذلك اليوم ، أما من أفطر بغير الجماع ثم جامع في ذلك اليوم فذهب جمهور العلماء (منهم أبو حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله) إلى أنه تجب عليه الكفارة .
وهذا القول هو الذي لا ينبغي أن يفتى بغيره ، ويدل على صحته أمور :
1- أن من أفطر في رمضان بدون عذر سواء أفطر بالأكل أو الشرب أو غير ذلك ، وجب عليه الإمساك ، فإذا جامع فقد جامع في يوم يلزمه إمساكه ، فتجب عليه الكفارة ، كما أن المحرم بالحج إذا أفسد إحرامه لزمه المضي فيه ، ويمسك عن محظورات الإحرام، فإذا أتى شيئاً منها كان عليه ما عليه في الإحرام الصحيح .
2- أن هذا عاصي بفطره أولاً ، ثم عصى مرة أخرى بالجماع ، فصار عاصياً مرتين ، فكانت الكفارة عليه أوكد .
3- أنه لو لم تجب الكفارة على مثل هذا صار ذريعة إلى ألا يكفر أحد ، فإنه لا يشاء أحد أن يجامع في رمضان إلا أمكنه أن يأكل ، ثم يجامع ، بل ذلك أعون له على مقصوده .
فكيف يكون جماعه قبل الغداء فيه الكفارة ، وإذا تغدى هو وامرأته ثم جامعها لا كفارة عليه ! فهذا شنيع في الشريعة لا تأتي بمثله ، فإنه استقر في العقول والأديان أنه كلما عظم الذنب كانت العقوبة أبلغ .
والله أعلم
"مجموع فتاوى ابن تيمية" (25/260-263) .(/1)
رقم السؤال:
106532
العنوان:
هل تجب كفارة الجماع في نهار رمضان على المرأة أيضاً؟
السؤال:
من جامعها زوجها في نهار رمضان ، هل تلزمها الكفارة ؟
الجواب:
الحمد لله
الجماع في نهار رمضان من أعظم مفسدات الصوم ، وقد سبق بيان ذلك ، في جواب السؤال رقم (38023) .
ومن جامعها زوجها في نهار رمضان فلا تخلو من حالين :
الحال الأولى : أن تكون المرأة حال الجماع معذورة بإكراه ، أو نسيان ، أو جهل بتحريم الجماع في نهار رمضان ، ففي هذه الحال صومها صحيح ، ولا يلزمها القضاء ولا الكفارة . وهي رواية عن الإمام أحمد ، واختارها شيخ الإسلام ، واختارها من المعاصرين : الشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمهم الله .
واستدلوا بأدلة منها :
1) قوله تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة /286 .
2) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ ) متفق عليه . قالوا : والجماع وسائر المفطرات تقاس على الأكل والشرب .
3) عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ) رواه ابن ماجة (2045) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن جامع امرأته وهي غير راضية فأجاب : " . . . أما المرأة فإن كانت مكرهة ، فلا شيء عليها وصومها صحيح " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/310) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/404) عن حكم الجماع في نهار رمضان : " إذا كانت المرأة معذورة بجهل أو نسيان أو إكراه فلا قضاء عليها ولا كفارة " انتهي .(/1)
الحال الثانية : أن تكون المرأة غير معذورة ، بل مطاوعة لزوجها في الجماع ، ففي وجوب الكفارة عليها في هذه الحال خلاف بين العلماء على قولين :
القول الأول : أنه يجب عليها القضاء والكفارة إذا كانت مطاوعة . وهو مذهب جمهور العلماء.
واستدلوا بـ :
1) ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الذي جامع امرأته في نهار رمضان بالكفارة ، والأصل تساوي الرجل والمرأة في الأحكام ، إلا ما استثناه الشارع الحكيم بالنص عليه .
2) ولأنها هتكت صوم رمضان بالجماع فوجبت عليها الكفارة كالرجل .
3) ولأنها عقوبة تتعلق بالجماع ، فاستوى فيها الرجل والمرأة كحد الزنا .
قال البهوتي رحمه الله في "شرح منتهى الإرادات" (1/486) : " وَامْرَأَةٌ طَاوَعَتْ غَيْرَ جَاهِلَةٍ الْحُكْمَ أَوْ غَيْرَ نَاسِيَةٍ الصَّوْمَ كَرَجُلٍ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ ، لِأَنَّهَا هَتَكَتْ حُرْمَةَ صَوْمِ رَمَضَانَ بِالْجِمَاعِ مُطَاوِعَةً ، فَأَشْبَهَتْ الرَّجُلَ" انتهى .
القول الثاني : أن الكفارة تلزم الزوج خاصة عن نفسه فقط ، ولا شيء على المرأة سواء كانت مكرهة أو مطاوعة . وهو مذهب الشافعية ، ورواية عن الإمام أحمد .
واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل بالكفارة ، ولم يذكر على المرأة كفارة ، قالوا : وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز .
وأُجيب عن هذا ، بأن عدم ذكر الكفارة بالنسبة للمرأة ؛ لأن الرجل هو المستفتي عن نفسه ، والمرأة لم تستفت ، وحالها تحتمل أن تكون معذورة بجهل أو إكراه .
والراجح وجوب الكفارة على المرأة ، كما تجب على الرجل ، وقد اختار هذا القول الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله .
انظر : "مجموع فتاوى ابن باز" (15/307) ، "الشرح الممتع" (6/402) .
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
106533
العنوان:
هل تسقط كفارة الجماع عمن عجز عنها؟
السؤال:
السؤال الأول : زوجي جامعني في نهار رمضان ، في البداية أنا رفضت ثم استسلمت له ما الحكم علينا ؟ مع العلم أننا ما نقدر نفك رقبة ، ولا نصوم شهرين متتاليين ، لأننا نخشى المشقة بالصوم . وإطعام ستين مسكينا رز كم كيلو ؟ السؤال الثاني : أنا لست عاملة ولا يوجد لدي مصروف خاص بي كيف أتمكن من إطعام المساكين ؟ هل يجب أن أدفعها مني أو زوجي هو يتكفل بها ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الجماع في نهار رمضان من أعظم المفطرات ، وأشنع المحرمات ، وقد سبق في الموقع بيان حرمة ذلك ، وأنه مفسد من مفسدات الصوم ، كما في جواب السؤال رقم (38023) .
ثانيا :
يجب على من جامع أهله في نهار رمضان أن يعتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يقدر على ذلك فليصم شهرين متتابعين ، فإن عجز عن ذلك فليطعم ستين مسكيناً ، وهذه الكفارة على هذا الترتيب لا ينتقل من درجة منها إلى التي تليها إلا عند العجز عن السابقة ؛ لما روى البخاري (1936) ومسلم (1111) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ . قَالَ : هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ : لا .. . الحديث ) .
والكفارة في الجماع على الرجل والمرأة على السواء .(/1)
فإذا عجز الرجل أو المرأة عن الكفارة ، فإنها تسقط عنه ؛ لقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر الرجل بالكفارة ، وأخبره أنه لا يستطيع، لم يذكر له بقاءها في ذمته ، ولأن الواجب يسقط بالعجز .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/417) : " وسقوط الكفارة بدليل الكتاب ، والسنّة ، أمّا من الكتاب فقوله تعالى : ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا ) ، وهذا الرجل الفقير ليس عنده شيءٌ فلا يكلّف إلاّ ما آتاه الله ، وقال تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، ودليلٌ ثالثٌ : العموم ، عموم القاعدة الشرعيّة ، وهي أنّه لا واجب مع عجزٍ ، فالواجبات تسقط بالعجز عنها ، وهذا الرجل الذي جامع لا يستطيع عتق الرقبة ولا الصيام ولا الإطعام ، نقول : إذاً لا شيء عليك وبرئت ذمّتك .
فإن أغناه الله في المستقبل فهل يلزمه أن يكفر أو لا ؟
فالجواب : لا يلزمه ، لأنها سقطت عنه ، وكما أنّ الفقير لو أغناه الله لم يلزمه أن يؤدي الزكاة عمّا مضى من سنواته ؛ لأنّه فقير ، فكذلك هذا الذي لم يجد الكفارة إذا أغناه الله تعالى لم يجب عليه قضاؤها .
أمّا الدليل من السنّة : فهو أن الرجل لمّا قال : ( لا أستطيع أن أطعم ستين مسكيناً ) لم يقل النبي صلّى الله عليه وسلّم : أطعمهم متى استطعت ، بل أمره أن يطعم حين وجد ، فقال : ( خذ هذا تصدّق به ، فقال : أعلى أفقر مني يا رسول الله ... فقال : أطعمه أهلك ) ، ولم يقل : والكفارة واجبة في ذمتك ، فدل هذا على أنها تسقط بالعجز " انتهى بتصرف .
تنبيه :
قولك : (ولا نصوم شهرين متتاليين ، لأننا نخشى المشقة بالصوم).
مجرد خوف المشقة لا يكون عذرا في ترك الصيام ، بل لا بد من عدم الاستطاعة .
وللفائدة انظري جواب السؤال رقم (12329) ، ورقم (1672) ، ورقم (93109) .والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
106536
العنوان:
لم يسمح له والده بالاعتكاف لأسباب غير مقنعة
السؤال:
ما حكم من لم يسمح له والده بالاعتكاف لأسباب غير مقنعة ؟
الجواب:
الحمد لله
"الاعتكاف سنة ، وبر الوالدين واجب ، والسنة لا يسقط بها الواجب ، ولا تعارض الواجب أصلاً ، لأن الواجب مقدم عليها ، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي : (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) ؛ فإذا كان أبوك يأمرك بترك الاعتكاف ويذكر أشياء تقتضي ألا تعتكف لأنه محتاج إليك فيها ، فإن ميزان ذلك عنده وليس عندك ، لأنه قد يكون الميزان عندك غير مستقيم ، وغير عدل ، لأنك تهوى الاعتكاف ، فتظن أن هذه المبررات ليست مبرراً ، وأبوك يرى أنها مبرر .
والذي أنصحك به ألا تعتكف ، نعم ، لو قال لك أبوك : لا تعتكف ولم يذكر مبررات لذلك ، فإنه لا يلزمك طاعته في هذه الحال ، لأنه لا يلزمك أن تطيعه في أمر ليس فيه ضرر عليه في مخالفتك إياه ، وفيه تفويت منفعة لك" انتهى .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
"رسالة أحكام الصيام وفتاوى الاعتكاف" (ص 31) .(/1)
رقم السؤال:
106537
العنوان:
هل للمعتكف أن يقوم بإلقاء الدروس وحلقات العلم؟
السؤال:
هل يصح للمعتكف أن يقوم بتعليم أحد أو إلقاء درس ؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
"الأفضل للمعتكف أن يشتغل بالعبادات الخاصة كالذكر والصلاة وقراءة القرآن وما أشبه ذلك ، لكن إذا دعت الحاجة إلى تعليم أحد أو التعلم فلا بأس ، لأن هذا من ذكر الله عز وجل " انتهى .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
"رسالة أحكام الصيام وفتاوى الاعتكاف" (ص43)(/1)
رقم السؤال:
106538
العنوان:
هل يجوز للمعتكف الاتصال بالهاتف لقضاء حوائج المسلمين؟
السؤال:
هل يجوز للمعتكف الاتصال بالتليفون لقضاء حوائج المسلمين ؟
الجواب:
الحمد لله
"نعم ، يجوز للمعتكف أن يتصل بالتليفون لقضاء بعض حوائج المسلمين ، إذا كان في المسجد الذي هو معتكف فيه ، لأنه لم يخرج من المسجد ، أما إذا كان خارج المسجد فلا يخرج لذلك ، وقضاء حوائج المسلمين إذا كان رجلاً معنياً بها فلا يعتكف ، لأن قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف ، لأن نفعها متعدٍ ، والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر ، إلا إذا كان النفع القاصر من مهمات الإسلام وواجباته" انتهى .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
"رسالة أحكام الصيام وفتاوى الاعتكاف" (ص 35) .(/1)
رقم السؤال:
106539
العنوان:
يتساءل: لماذا لا يكون إفراد يوم الجمعة بالصيام محرماً؟
السؤال:
قرأت في موقعكم أنه يكره إفراد يوم الجمعة بالصيام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ، فلماذا لا يكون صومه حراماً ؟ لأن الأصل في النهي أنه للتحريم .
الجواب:
الحمد لله
"لعله لكونه رخص في الشرع في صيامه وصيام يوم معه ، فلو كان حراماً لما ساغ صومه بالكلية" انتهى .
"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله" (4/206) .(/1)
رقم السؤال:
106540
العنوان:
هل يجب على الأخ أن ينفق على أخته؟
السؤال:
هل يجب على الأخ الإنفاق على أخته ؟ وهل يجوز عليها زكاة مال أخيها ؟
الجواب:
الحمد لله
يجب على الأخ أن ينفق على أخته إذا كانت فقيرة ، وهو غني ، وكان يرثها إذا ماتت ، فإن كان لا يرثها لوجود ابن لها أو لوجود الأب أو الجد (أبو الأب) ، لم تلزمه نفقتها ، ويجوز أن يعطيها زكاة ماله حينئذ .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/169) : " ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط : أحدها : أن يكونوا فقراء , لا مال لهم , ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم , فإن كانوا موسرين بمال أو كسب يستغنون به , فلا نفقة لهم.
الثاني : أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم , فاضلا عن نفقة نفسه , إما من ماله , وإما من كسبه . فأما من لا يفضل عنه شيء , فليس عليه شيء ; لما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إذا كان أحدكم فقيرا , فليبدأ بنفسه , فإن فضل , فعلى عياله , فإن كان فضل , فعلى قرابته) .
الثالث : أن يكون المنفق وارثا ; لقول الله تعالى : (وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) . ولأن بين المتوارثين قرابة تقتضي كون الوارث أحق بمال الموروث من سائر الناس , فينبغي أن يختص بوجوب صلته بالنفقة دونهم , فإن لم يكن وارثا , لم تجب عليه النفقة" انتهى بتصرف.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (13/503) :
"القاعدة عندنا : أنه يشترط أن يكون المنفق وارثاً للمنفق عليه ، إلا عمودي النسب [الأصول والفروع] فلا يشترط الإرث " انتهى .
وعلى هذا ؛ فإذا كان الأخ يجب عليه أن ينفق على أخته فلا يجوز أن يدفع زكاة ماله إليها .
وإذا كان لا يجب عليه أن ينفق عليها ، جاز له أن يدفع زكاة ماله إليها ، بل ذلك أفضل من دفعها إلى غيرها ممن ليس من أقاربه ، لأنه بذلك ينال ثواب الصدقة وصلة الرحم .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
106541
العنوان:
هل تجوز الصدقة والزكاة على غير المسلمين؟
السؤال:
هل تجوز الصدقة والزكاة لغير المسلمين ؟
الجواب:
الحمد لله
"نعم ، يجوز دفع الصدقة لغير المسلمين لتأليفهم على الإسلام مع رجاء إسلامهم ، سواء من الزكاة أو من صدقة التطوع ، وأما لغير ذلك فتحل لهم صدقة التطوع ولا تحل لهم الزكاة ، لقول الله تبارك وتعالى : (لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة/8 .
وأما الزكاة فإنها لا تحل لكافر إلا إذا كان مؤلَّفاً ، لقوله تعالى في بيان أهل الزكاة : (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) التوبة/60" انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
"الإجابات على أسئلة الجاليات" (1/24، 25) .(/1)
رقم السؤال:
106542
العنوان:
هل يدفع الزكاة لزوج ابنته لأن راتبه ضعيف؟
السؤال:
هل يجوز للرجل أن يدفع زكاة أمواله إلى زوج ابنته الموظف براتب قليل الذي يدرس أولاده في جامعات أجنبية؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يجوز للرجل أن يدفع زكاة ماله إلى زوج ابنته إذا كان مستحقاً للزكاة ، لعموم قوله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 .
وضابط الفقير والمسكين : من لا يجد كفايته من المال .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فالفقراء والمساكين يأخذون لحاجتهم لكن الفقير أشد حاجةً من المسكين . قال أهل العلم : يشمل ذلك من لم يجد كفايته وكفاية عائلته لسنة ، وأما من كان يجد الكفاية فإنه ليس من الفقراء ولا المساكين ، مثال ذلك : لو قدر أن هذا شخصٌ راتبه في الشهر أربعة آلاف ولكن عنده عائلة كثيرة ينفق عليهم في الشهر ستة آلاف ما بين كسوة ومأكلٍ ومشرب وأجرة بيت وما أشبه ذلك ، فالراتب أربعة آلاف ، وما ينفقه ستة آلاف ، فهذا يعطى من الزكاة أربعةً وعشرين ألفاً ؛ لأنه يحتاج كل شهرٍ ألفين ، ولكنه لا يعطى أكثر من ذلك ، كما قال أهل العلم : إن الفقير والمسكين يعطيان ما يكفيهما لمدة سنة " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل الموظف الذي يتقاضى مرتبا شهريا يستحق الزكاة إذا لم يكن يكفيه مرتبه تماما؟
فأجابوا : "إذا لم يكن مرتبه الشهري يكفيه ولم يكن له دخل آخر يكمل كفايته كان مستحقا للزكاة، فلمن وجبت عليه أن يعطيه منها ما يكفيه لنفقاته المباحة؛ لأنه يعتبر والحال ما ذكر من المساكين " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (10/7) .(/1)
وجاء فيها أيضا (10/17) : " وأما متوسط الحال فإن كان لديه من المال ما يكفيه ويقوم بشئون حياته فلا يجوز صرفها له ، وإن كان يكفيه مع شدة وتقتير جاز أن تعطيه منها ما يسد حاجته " انتهى .
وعليه ؛ فإذا كان المسئول عنه لا يكفيه راتبه القليل إلى نهاية الشهر ، جاز دفع الزكاة إليه ، وكذلك لو كان له راتب جيد لكن لا يكفيه ، لذهابه في النفقة على نفسه وأولاده ودراستهم ، فحيث انطبق عليه وصف المستحق للزكاة ، جاز دفعها إليه .
ثانياً :
ينبغي لكل إنسان أن تكون نفقاته متوازنة مع دخله ، فليس من الحكمة في شيء أن يكون الإنسان فقيرا ً ، ماله قليل ، ثم يُدخل أولاده جامعات أجنبية ويتكلف في ذلك أموالاً كثيرة ، ثم يمد يده للناس ، يسألهم أموالهم .
بل كان يكفيه أن يدخل أولاده جامعات أخرى أقل كلفة ، حتى لا يذل نفسه.
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
106543
العنوان:
طاف على سطح المسعى من أجل الزحام
السؤال:
رجل في طواف الوداع في الحج طاف من ناحية المسعى على الجدار الذي بين المسعى والمطاف وفي أحد الأشواط طاف مع المسعى ، فهل هذا صحيح أم لا؟ وإن كان غير صحيح فما يلزمه؟
الجواب:
الحمد لله
" أما الطواف على سطح المسعى فلا يجوز ؛ لأن المسعى خارج المسجد الحرام ، ولذلك لو أن امرأة طافت للعمرة ثم حاضت قبل السعي جاز لها أن تسعى لأن السعي لا يشترط له الطهارة ، والمسعى ليس مسجداً حتى نقول لا تمكث فيه ، وكذلك لو أن امرأة جاءت مع أهلها وعليها الحيض وجلست في المسعى تنتظرهم وهي حائض فلا بأس ، وكذلك الجنب يمكث فيه بدون وضوء ؛ لأنه ليس بمسجد ، وكذلك المعتكف في المسجد الحرام لا يخرج إلى المسعى ، لأن المسعى خارج المسجد ، ولا يجوز الطواف خارج المسجد ، لأن الله تعالى قال : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الحج/29 ، ومن طاف خارج حدود المسجد يقال طاف بالمسجد لا طاف بالبيت ، لكن نرى في هذه الأزمنة المتأخرة وكثرة الحجاج والزحام الشديد نرى أنه إذا طاف في سطح المسجد وامتلأ المضيق الذي بجانب المسعى ولم يجد بداً من النزول إلى المسعى أو الطواف فوق الجدار نرى إن شاء الله تعالى أنه لا بأس به ، لكن يجب أن ينتهز الفرصة من حين ما يجد فرجة يدخل في المسجد" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 289، 290) .(/1)
رقم السؤال:
106544
العنوان:
طاف للعمرة من داخل الحِجْر
السؤال:
امرأة وزوجها أخذا عمرة وطافا ستة أشواط وفي الشوط السابع دخلا ما بين الكعبة والحِجْر ثم رجعا إلى بلدهما . فما الحكم في هذه الحالة ؟
الجواب:
الحمد لله
"الطواف الذي يدخل فيه الإنسان بين الحِجْر وبين الكعبة طواف ناقص ، لأن الواجب أن يكون الطواف بجميع الكعبة مع الحِجْر لقول الله تعالى : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الحج/29 ، وإذا كان ناقصاً لم يكن عليه أمر الله ورسوله . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي مردود عليه .
وبهذا يتبين أن طواف هذين الشخصين – الرجل وزوجته – طواف غير صحيح ، فيجب عليهما الآن ، فوراً أن يلبسا ثياب الإحرام ، وأن يذهبا إلى مكة فيطوفا بنية العمرة ، ويسعيا ويقصرا، أو يحلق الرجل وتقصر المرأة ، وبذلك يحلان من إحرامهما . هذا هو الواجب عليهما الآن .
وأما ما ارتكباه من فعل المحظور وهو صادر عن جهل منهما فلا إثم عليهما فيه ولا فدية ، لقول الله تبارك وتعالى : (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة/286 ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال : (قد فعلت)" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 352، 353) .(/1)
رقم السؤال:
106545
العنوان:
قارن قصر شعره بعد السعي جاهلاً
السؤال:
رجل حج بنية القران فلما طاف القدوم سعى وقصر حيث رأى الناس يقصرون وبقي على إحرامه حتى أكمل الحج ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا شيء عليه ؛ فهذا الرجل الذي أحرم قارناً ثم طاف وسعى ورأى الناس يقصرون فقصر لا بنية التحلل واستمر على إحرامه ، فليس عليه شيء ، لأن غاية ما حصل منه أنه قص شعره جاهلاً ؛ ففعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً ، ومحظورات الإحرام إذا فعلها الإنسان ناسياً ، أو جاهلاً ، أو مكرهاً فلا شيء عليه" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 119) .(/1)
رقم السؤال:
106546
العنوان:
قصر شعره ثم علم ثواب الحلق فهل يحلق بعد التقصير؟
السؤال:
قصرت بعد التحلل والآن أريد أن أحلق بعد طواف الإفاضة فهل يكون لي ثواب المحلقين الذين دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم ؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا الرجل لما قصر أدى النسك فلا يمكن أن يعيده فيحلق ، لكن في الأعوام القادمة إن شاء الله يحرص على أن يحلق في الحج ، ويقصر في العمرة إذا جاء متمتعاً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً ، وبعد مراجعة الصحابة دعا في الرابعة للمقصرين" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/161) .(/1)
رقم السؤال:
106547
العنوان:
لا حرج أن يصلي ركعتين سنة الوضوء ليحرم بعدهما وإن لم يكن من عادته فعلهما
السؤال:
إذا كان الإنسان ليس من عادته أن يصلي ركعتين بعد الوضوء ، فهل يصليهما عند الإحرام من أجل أن يحرم بعدهما ؟
الجواب:
الحمد لله
نعم ، لا حرج من صلاتهما ليحرم بعدهما ، حتى يكون إحرامه بعد صلاة .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : قلتم يجعل الإحرام بعد سنة الوضوء إن كان من عادته أنه يصليها . فإذا لم يكن من عادته أنه يصليها فما الحكم ؟
فأجاب :
"أرى أنه لا بأس ، فلا يلزم أن الإنسان إذا فعل شيئاً أن يفعله في كل حال ، فما دام السنة في الوضوء مشروعة وأراد أن يصلي فهذا لا بأس به ولا حرج حتى لو كان من عادته أنه لا يصليها" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/14) .(/1)
رقم السؤال:
106548
العنوان:
لا حرج من الدفع من مزدلفة إلى مكة مباشرة لطواف الإفاضة
السؤال:
هل يجوز لمن أراد تقديم طواف الإفاضة على بقية مناسك يوم النحر أن يدفع من مزدلفة إلى مكة مباشرة؟
الجواب:
الحمد لله
"نعم ؛ يجوز لمن دفع من مزدلفة أن يذهب إلى مكة مباشرة ، ويطوف ويسعى ، ويرجع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يُسأل عن شيء قدم ولا أخر ، إلا قال : (افعل ولا حرج) ، فالأمر والحمد لله واسع ، قد وسع الله على العباد تخفيفاً عليهم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/84) .(/1)
رقم السؤال:
106549
العنوان:
لا حرج من دفع الأقوياء مع الضعفاء من مزدلفة إذا كانوا رفقة واحدة
السؤال:
كثير من الحملات يدفعون من مزدلفة آخر الليل وقبل الفجر لأن معهم نساء وكبار السن ، فهل يجوز للأقوياء أن يدفعوا معهم ، أو يجب عليهم البقاء حتى يصلوا الفجر ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الناس في سيارة واحدة فحكمهم واحد ، إذا دفعوا في آخر الليل من أجل الضعفة والنساء فإنهم يدفعون جميعاً ؛ لأن في تفرقهم مشقة عليهم ، والدين دين اليسر والسهولة ، فإذا كانت هذه الحافلة فيها ستون راكباً ، مثلاً عشرون منهم من الضعفاء الذين يحتاجون إلى التقدم ، ليرموا الجمرة قبل طلوع الفجر ، فإنه يجوز للباقين ، وهم أربعون أن يذهبوا معهم في هذه الحافلة لأنهم رفقة واحدة ، وتفرقهم يحصل به المشقة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/80) .(/1)
رقم السؤال:
106550
العنوان:
يستحب التطيب قبل الإحرام
السؤال:
ما حكم وضع الطيب قبل الإحرام؟
الجواب:
الحمد لله
"التطيب عند الإحرام بعد الاغتسال سنة ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم تطيب لإحرامه ، قالت عائشة رضي الله عنها : (كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم) وكان يُرى وبيص (بريق) المسك في مفارق رأسه صلى الله عليه وسلم وهو محرم " انتهى .
"مجموع الفتاوى" لابن عثيمين (22/9) .(/1)
رقم السؤال:
106551
العنوان:
يريد الخروج إلى الطائف ثم يعود لطواف الإفاضة والوداع
السؤال:
أنا حاج ومعي والدتي وأرغب في تأجيل طواف الإفاضة والوداع وأذهب إلى الطائف ثم أعود في آخر شهر ذي الحجة فأطوف طواف الإفاضة .
الجواب:
الحمد لله
"إن كان من أهل الطائف فلا يجوز ، وإن كان من غير أهل الطائف فلا بأس ، لأنه إذا كان من أهل الطائف فمعناه أنه رجع إلى بلده قبل انتهاء حجه ، وإن كان من غير أهل الطائف فهو لا يزال في السفر فلا بأس ، ولكن لا داعي أن يؤخر إلى آخر ذي الحجة ، لأنه يمكن في نصف الشهر الزحام يقل جداً ، لأن الناس إذا أنهوا حجهم مشوا" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/185) .(/1)
رقم السؤال:
106552
العنوان:
يدعو بهم جماعة في عرفات لأنهم لا يحسنون الدعاء
السؤال:
في يوم عرفة جماعة لا يحسنون الدعاء ويدعو أحدهم ممن يحسن جوامع الدعاء وهم يؤمنون خلفه ما حكم هذا ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا حرج في هذا ، مثلاً إذا كان الإنسان بين أناس لا يحسنون الدعاء ودعا بهم وهم يؤمنون فلا حرج في هذا " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/37) .(/1)
رقم السؤال:
106553
العنوان:
يحج من مكة، فهل يطوف نافلةً ليسعى سعي الحج قبل الوقوف بعرفة؟
السؤال:
أنا حاج مكي هل يصح لي طواف النافلة ثم أسعى سعي الحج قبل الوقوف في عرفة فهل هذا صحيح ؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا ليس بصحيح ، يعني أن الحاج المكي لو أراد أن يطوف طواف تطوع ثم يسعى للحج قبل أن يقف بعرفة فهذا ليس بصحيح ، لأن السعي إنما يصح بعد طواف القدوم ، والمكي ليس في حقه طواف القدوم ، وعليه فلا يصح فعله هذا ، فإذا كان قد فعل فعليه أن يعيد السعي ، لأن السعي وقع في غير محله" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/206) .(/1)
رقم السؤال:
106554
العنوان:
يتحلقون حول النساء في الطواف ، فلا تكون الكعبة عن يسارهم
السؤال:
يعمد كثير من الرجال إذا كان معهم نساء أن يمسك بعضهم بيد بعض في الطواف ويتحلقوا على من معهم من النساء حتى إن بعضهم ربما طاف على قفاه أو الكعبة عن يمينه؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا من الأمر الخطير من وجه ، والمؤذي من وجه آخر ، أما كونه مؤذياً فلأنه إذا جاءوا هكذا مجتمعين آذوا الناس ومن المعلوم أنه لا يحل للإنسان أن يتعمد ما فيه أذية المسلمين .
وأما الخطر فلأنه كما قال السائل بعض الناس يطوف والكعبة خلف ظهره ، أو الكعبة أمام وجهه ، ومن شرط الطواف أن تجعل الكعبة عن يسارك ، وإذا جعلتها خلف ظهرك ، أو عن يمينك ، أو أمامك فإن الطواف لا يصح" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 287، 288) .(/1)
رقم السؤال:
106555
العنوان:
هل يعتمر أو ينفق نفقة العمرة على الجهاد ونشر العلم وللمساكين؟
السؤال:
هل إنفاق نفقة عمرة التطوع في الجهاد ونشر العلم وقضاء حوائج الضعفاء أفضل من الاعتمار أو الاعتمار أفضل ؟ وهل يشمل ذلك عمرة رمضان ؟
الجواب:
الحمد لله
"يمكن الجمع بينهما فيما يظهر إذا اقتصد في نفقات العمرة ولا سيما العمرة في رمضان ، فإن لم يمكن الجمع فما كان نفعه متعدياً فهو أفضل ، وعلى هذا يكون الجهاد ونشر العلم وقضاء حوائج المحتاجين أولى" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 260) .(/1)
رقم السؤال:
106556
العنوان:
المدين المماطل يتحمل النفقات التي أنفقها الدائن من تحصيل دينه
السؤال:
لي دين على شخص ولكنه مماطل ولا يريد أن يسدد الدين ، مع أنه عند أخذ الدين كتب لي وصل أمانة على بياض ، وسوف أتقدم بشكوى ضده ، فهل لي أن أزيد عن مبلغ الدَّيْن ما سأدفعه للمحامي ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إذا كان هذا الشخص معسراً لا يستطيع أداء الدَّيْن ، فلا يجوز لك رفع الأمر إلى القضاء ، بل عليك أن تمهله حتى يغنيه الله ، ويستطيع الأداء ، لقول الله تعالى : (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) البقرة/280 .
قال السعدي رحمه الله (ص 120) :
"( وَإِنْ كَانَ) المدين (ذُو عُسْرَةٍ ) لا يجد وفاء (فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) وهذا واجب عليه أن ينظره حتى يجد ما يوفي به" انتهى .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين :
"ومن فوائد الآية : وجوب إنظار المعسر – أي : إمهاله حتى يوسر ، لقول الله تعالى : (فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) فلا تجوز مطالبته بالدين ، ولا طلب الدين منه" انتهى .
"تفسير سورة البقرة" (3/391) .
ثانياً :
إذا كان هذا الشخص قادراً على الوفاء ، ولكنه يماطل ويتهرب حتى ألجأك إلى شكايته في المحكمة ، فإنه يغرم جميع الأموال التي ستنفقها لأخذ حقك منه ، سواء في ذلك أتعاب المحامي أو غيرها .
1- لأن هذه الأموال هو السبب في إنفاقها بمماطلته وظلمه ، فكان هو الضامن لها ، كما لو أتلفها على صاحبها .
2- ولأن عدم تحميله هذه النفقات يجرئ المدينين على المماطلة ، وبذلك يقع الظلم ويكثر ، وتضيع على الناس أموالهم .
3- ولأن ذلك قد يؤدي إلى ضياع حقوق الناس وأموالهم ، حيث لا يلجأ الدائن إلى المحاكم ، لأنه قد ينفق أكثر من الدَّيْن نفسه .
ولكن . . . يجب أن تكون تلك النفقات بالعدل ، فلا تبالغ فيها ولا تعطي المحامي أكثر من حقه اعتماداً على أن المدين هو الذي سيغرمها .
وقد نص على ذلك أهل العلم :(/1)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وإذا كان الذي عليه الحق قادراً على الوفاء ، ومطل صاحب الحق حقه ، حتى أحوجه إلى الشكاية ، فما غرمه بسبب ذلك فهو على الظالم المبطل ، إذا كان غرمه على الوجه المعتاد " انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/24) .
وقال في "كشاف القناع" (3/419):
"ولو مطل المدينُ ربَّ الحق حتى شكا عليه فما غرمه ربُّ الحق فعلى المدين المماطل ، إذا كان غرمه على الوجه المعتاد ، لأنه تسبب في غرمه بغير حق" انتهى .
وقال في "شرح المنتهى" (3/441) :
"وما غرم رب دَيْن بسببه أي : بسبب مطل مدين أحوج رب الدَّيْن إلى شكواه ، فعلى مماطل ، لتسببه في غرمه" انتهى .(/2)
رقم السؤال:
106557
العنوان:
هل يصح وقوف المغمى عليه بعرفة؟
السؤال:
من أغمي عليه قبل عرفة ، ثم حمل إلى عرفة في يوم عرفة وهو مغمي عليه فهل يصح حجه مع عدم علمه؟
الجواب:
الحمد لله
"ذكر العلماء ـ رحمهم الله ـ أن وقوف المغمى عليه مجزئ ، وأن الإنسان لو أغمي عليه قبل طلوع الفجر يوم عرفة ، ولم يفق إلى بعد طلوع الفجر يوم النحر ، وهو في عرفة وقد وقف في عرفة فإن حجه صحيح" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/21) .(/1)
رقم السؤال:
106558
العنوان:
هل يشرع للمعتمر أن يذبح هدياً بعد العمرة؟
السؤال:
قرأت في بعض كتب الفقه أنه يشرع للمعتمر أن يذبح هدياً بعد عمرته استحباباً فهل هذه من السنن المندثرة في هذا الوقت ؟
الجواب:
الحمد لله
"هذه من السنن المندثرة ، لكن ليس السنة أنك إذا اعتمرت اشتريت شاة وذبحتها ، السنة أن تسوق الشاة معك ، تأتي بها من بلادك ، أو على الأقل من الميقات ، أو من أدنى الحل عند بعض العلماء ، ويسمى هذا سوق الهدي ، أما أن تذبح بعد العمرة بدون سوق فهذا ليس من السنة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/372) .(/1)
رقم السؤال:
106559
العنوان:
هل يجوز للمرأة أن تلبس ملابس ملونة في الإحرام؟
السؤال:
هل يجوز للمرأة أن تلبس في الحج ملابس ملونة كالأبيض والأخضر والأسود ؟
الجواب:
الحمد لله
"نعم ؛ يجوز للمرأة في الإحرام أن تلبس ما شاءت من الثياب غير أن لا تتبرج بزينة أمام الرجال الأجانب ؛ لأنه ليس للمرأة ثياب مخصوصة بالإحرام ، خلافاً للرجل فإن الرجل لا يلبس القميص ، ولا السراويل ، ولا العمائم ، ولا البرانس ولا الخفاف ، أما المرأة فالممنوع في حقها لبس القفازين والانتقاب والتبرج بالزينة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/181) .(/1)
رقم السؤال:
106560
العنوان:
هل يجوز للمحرم لبس الكمامة؟
السؤال:
هل يجوز للمحرم لبس الكمامة ؟
الجواب:
الحمد لله
"الكمامة للمحرم للحاجة لا بأس بها ، مثل أن يكون في الإنسان حساسية في أنفه فيحتاج للكمامة ، أو يمر بدخان كثيف فيحتاج للكمامة ، أو يمر برائحة فيحتاج للكمامة ، فلا بأس" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 130، 131) .(/1)
رقم السؤال:
106561
العنوان:
هل يجوز للمحرم أن يلبس الحزام الطبي؟
السؤال:
ما حكم استعمال الحزام الطبي وذلك أثناء الطواف ، فبعض الناس لا يمكنه التحرك والمشي بدونه وهذا الحزام مخيط ، فهل يجوز له أن يستخدم ذلك الحزام في الحج ؟
الجواب:
الحمد لله
"نعم ؛ يجوز أن يستخدم الإنسان الحزام في الحج وفي العمرة أيضاً ولو كان مخيطاً . ويجب أن نعلم أن قول العلماء – رحمهم الله - : يحرم على الرجل لبس المخيط . أن مرادهم لبس القميص والسراويل وما أشبهه ، فلهذا يجب أن نفهم كلام العلماء على ما أرادوه ، ثم هذه العبارة : (لبس المخيط) ليست مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قيل : إن أول من قال بها أحد فقهاء التابعين إبراهيم النخعي رضي الله عنه وأما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقل للأمة لا تلبسوا المخيط . بل سئل : ما يلبس المحرم ؟ قال : (لا يلبس القميص ولا السراويل ، ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف) ولم يذكر لفظ المخيط إطلاقاً ، فيجب أن نفهم النصوص على ما أرادها المتكلم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 140) .(/1)
رقم السؤال:
106562
العنوان:
هل يجوز للمحرم أن يغطي رأسه عند النوم؟
السؤال:
هل يجوز للمحرم أن يغطي رأسه عند النوم؟
الجواب:
الحمد لله
"إن كان أنثى فمعروف أنه يجوز أن تغطي رأسها ، أما إذا كان رجلا فلا يجوز لا عند النوم ولا في حال اليقظة ، لكن لو أنه غطاه وهو نائم ثم استيقظ وجب عليه كشف رأسه ولا شيء عليه ؛ لأن النائم مرفوع عنه القلم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 128) .(/1)
رقم السؤال:
106563
العنوان:
هل يجوز للمحرم أن يغتسل ، ويغير ثياب الإحرام؟
السؤال:
هل يجوز للمحرم أن يغتسل من أجل النظافة ؟ وهل يجوز أن يغير ثياب الإحرام ؟
الجواب:
الحمد لله
"المحرم يجوز له أن يغتسل من أجل النظافة ؛ لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل وهو محرم ، ويجوز للمحرم أن يغير ثياب الإحرام إلى ثياب أنظف منها أو أجدد ، ويجوز له أيضاً أن يترفه بالتكييف وغيره من أسباب الراحة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 144) .(/1)
رقم السؤال:
106564
العنوان:
هل يجوز للمحرم أن يضع رباطاً على ركبته لأنها تؤلمه؟
السؤال:
هل يجوز للمعتمر أن يضع رباطاً على ركبته لأنه يشعر بألم فيها ؟
الجواب:
الحمد لله
"نعم ؛ يجوز للمعتمر وللحاج أيضاً أن يربط رجله بسير يشده عليها إن كانت تؤلمه ، بل إن لم تؤلمه إذا كان له مصلحة في ذلك ، والسير وشبهه لا يعد لباساً" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 139) .(/1)
رقم السؤال:
106565
العنوان:
هل يجوز للمحرم أن يشرب القهوة التي بها الزعفران؟
السؤال:
هل يجوز للمحرم أن يشرب القهوة التي بها زعفران ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كانت قد بقيت رائحة الزعفران فلا يجوز استعماله للمحرم ؛ لأن الزعفران من الطيب ، أما إذا كانت ذهبت رائحته بالطبخ فلا بأس به" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/160) .(/1)
رقم السؤال:
106566
العنوان:
هل يجوز للمحرم أن يستظل بالمظلة (الشمسية)؟
السؤال:
ما حكم استعمال المظلة للمحرم ؟
الجواب:
الحمد لله
"حمل المظلة على الرأس وقاية من حر الشمس لا بأس به ولا حرج فيه ، ولا يدخل هذا في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تغطية الرأس – رأس الرجل – لأن هذا ليس تغطية ، بل هو تظليل من الشمس والحر ، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معه أسامة بن زيد وبلال أحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوباً يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة ، وفي رواية : (والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس) وهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استظل بهذا الثوب وهو محرم قبل أن يتحلل" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 147، 148) .(/1)
رقم السؤال:
106567
العنوان:
هل يجوز استعمال إبرة توقف الحيض لمدة ساعات، من أجل الطواف؟
السؤال:
ما حكم استعمال الإبرة الموقفة للعادة الشهرية أو الحبوب الموقفة للعادة الشهرية علماً بأنها توقف لمدة ساعات فقط ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا بأس به للضرورة ، لكن بشرط أن يكون هذا بعد موافقة الطبيب ، فإذا قال الطبيب لا بأس أن تستعملي هذه الإبرة أو الحبوب فلا بأس أن تستعملها من أجل الضرورة . سواء كان لساعات أو أيام" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 392) .
وسئل الشيخ أيضاً : عن امرأة في أثناء طواف الإفاضة نزلت عليها العادة فأخبرت طبيبة الحملة بذلك فقالت : سوف أعطيك إبرة توقف عنك الدم لمدة ست ساعات وفعلا توقف الدم ست ساعات ، فطافت من جديد وسعت ، بعد ست ساعات جاءت الدورة ، فهل ما فعلته صحيح أم ماذا ؟
فأجاب : "إذا كان الوقوف طهراً كاملاً – والنساء يعرفن الطهر – فلا بأس ، ويكون طوافها صحيحاً ، وأما إذا لم يكن طهراً صحيحاً فقد طافت قبل أن تطهر ، وطواف المرأة قبل طهرها غير صحيح" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 393، 394) .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (20467) ، (36600) .(/1)
رقم السؤال:
106568
العنوان:
هل له أن يغتسل للعمرة قبلها بيوم؟
السؤال:
هل يجب على الإنسان أن يغتسل في اليوم الذي ينوي فيه العمرة ، أم أن له أن يغتسل قبلها بيوم؟
الجواب:
الحمد لله
"الاغتسال عند الإحرام سنة ، فإنه صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل ، ولأن أسماء بنت عميس رضي الله عنها نفست فأمرها صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتحرم ، ومن اغتسل قبل الإحرام بيوم لم ينفعه ذلك ، ولكن الحج أو العمرة صحيح ، لأن الاغتسال ليس بشرط في الحج أو العمرة ، بل إنه سنة إن فعله الإنسان أثيب عليه ، وإن تركه فلا إثم عليه " انتهى .
"مجموع الفتاوى" لابن عثيمين (22/10) .(/1)
رقم السؤال:
106569
العنوان:
هل للمرأة أن تربط غطاء الوجه في الإحرام؟
السؤال:
هل بإمكان المرأة أن تربط غطاء الوجه أو تضع غطاء على الرأس دون أن تربطه ، ذلك أنه أثناء الطواف والسعي ليس من السهل الرؤية بوضوح حينما نسدل الجلباب على الوجه ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا بأس بربط غطاء الوجه إذا كان يمكن إلا بشده أو ربطه في حال الإحرام أو غيره" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 194) .(/1)
رقم السؤال:
106570
العنوان:
هل للمحرم أن يتنظف بالصابون والشامبو؟
السؤال:
ما حكم التنظيف للمحرم بصابون أو شامبو ذي الرائحة ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا بأس باغتسال المحرم فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل وهو محرم .
وأما الشامبو فالظاهر أن رائحته ليست عطرية ، وإنما هي رائحة ونكهة محبوبة للنفس كما في النعناع وورق التفاح وما أشبه ذلك ، والمهم أن ما كان طيباً لا يجوز استعماله للمحرم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 160) .(/1)
رقم السؤال:
106571
العنوان:
هل للإحرام ثياب تخصه ؟
السؤال:
هل للإحرام ثياب تخصه ؟
الجواب:
الحمد لله
"ليس للإحرام ثياب تخصه بالنسبة للمرأة بل تلبس ما شاءت ، إلا أنها لا تلبس النقاب ولا تلبس القفازين ، والنقاب هو الذي يوضع على الوجه ويكون فيه نقب للعين ، وأما القفازان فهما اللذان يلبسان في اليد .
وأما الرجل فإن له لباساً خاصاً في الإحرام وهو الإزار والرداء ، فلا يلبس القميص ، ولا السراويل ، ولا العمائم ، ولا البرانس ولا الخفاف" انتهى .
"مجموع الفتاوى" لابن عثيمين (22/13) .(/1)
رقم السؤال:
106572
العنوان:
هل سائق الحافلة يعذر في ترك المبيت بمنى؟
السؤال:
هل سائق الحافلة يعذر من المبيت بمنى ليالي التشريق؟
الجواب:
الحمد لله
"ينظر : هل السائق يستعمل سيارته في مصلحة الحجاج أو لا ؟ فإن كان في مصلحة الحجاج فلا بأس ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة في ترك المبيت في منى ، وإن كان لمصلحة نفسه فلابد أن يبيت في منى" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/239) .(/1)
رقم السؤال:
106573
العنوان:
هل تقبيل الحجر الأسود مشروع بدون طواف؟
السؤال:
هل تقبيل الحجر الأسود مشروع بدون طواف؟
الجواب:
الحمد لله
"الذي يظهر لي أن تقبيل الحجر الأسود من سنن الطواف وأن تقبيله بدون طواف ليس بمشروع" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 326) .(/1)
رقم السؤال:
106574
العنوان:
هل تصلي المرأة في الروضة؟
السؤال:
إذا ذهبت المرأة إلى المسجد النبوي ، فهل يجوز لها أن تصلي في الروضة ؟
الجواب:
الحمد لله "نعم ؛ يجوز لها أن تصلي في كل المسجد ، لكن بشرط أن لا تزاحم الرجال ، فإن كان لا يتيسر لها ذلك إلا بمزاحمة الرجال فلا تفعل ، والمسجد النبوي حكمه واحد في الثواب ، حتى التوسعات التي طرأت عليه حكمها حكم الأصل في الثواب ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه ، إلا المسجد الحرام)" انتهى . "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/422) .(/1)
رقم السؤال:
106575
العنوان:
هل تحج المرأة قارنة لأنه أسهل من التمتع؟
السؤال:
رجل معه نساء كبيرات في السن فأيهما أفضل التمتع أو القران؟ لأن القران يسقط منه سعي ، ويمكن أيضاً أن تجمع المرأة بين طواف الإفاضة وطواف الوداع فيكون ذلك أيسر على المرأة كبيرة السن وهل تنصحون كبيرات السن بالتمتع أم بالقران ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا شك أنه في هذه الأزمنة يصعب على كثير من الحجاج إذا كانوا متمتعين أن يأتوا بطواف للعمرة وسعي للعمرة ، ثم طواف للحج وسعي للحج ، ثم طواف للوداع ، فيرى بعض النساء أن يكن قارنات ، فإذا وصلن مكة طفن طواف القدوم وسعين سعي الحج والعمرة ، ولا يعدن السعي مرة ثانية ، فيكون من هذه الناحية أسهل من التمتع ، كذلك هو أسهل من التمتع من وجه آخر لأنه إذا كان قارناً فله أن يؤخر الطواف إلى ما بعد انقضاء الحج يعني يجوز أن لا يطوف للقدوم وأن لا يسعى ، بل يحرم بالحج والعمرة ثم يخرج إلى منى ويكمل الحج ثم بعد ذلك يطوف ويسعى متى تيسر له حتى إن كان بعد اليوم الثالث عشر ، أو بعد اليوم الرابع عشر ، أو بعد اليوم الخامس عشر ، أو في آخر الشهر . فصار القران أيسر من التمتع من وجهين :
الوجه الأول : أنه ليس فيه إلا طواف واحد وسعي واحد .
الوجه الثاني : أنه يمكن للقارن أن لا يطوف بالبيت أول ما يصل ولا يسعى بل يخرج إلى منى ويكمل الحج ومتى تيسر له طاف وسعى .
وبناء على ذلك نقول : إذا كان هذا أيسر فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخير بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً . والقران ليس بإثم ، بل هو أحد مناسك الحج ، وقد حصل على عمرة وحج وحصل أيضاً على هدي ، لأن القارن يذبح الهدي كما يذبحه المتمتع" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 58- 60) .(/1)
رقم السؤال:
106576
العنوان:
هل المفرد يأتي بعد الحج بعمرة؟
السؤال:
ما حكم من ينتهي من الإفراد ثم يعتمر؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا العمل لا أصل له في السنة ، فلم يكن الصحابة رضي الله عنهم مع حرصهم على الخير ، يأتون بهذه العمرة بعد الحج وهم خير القرون ، وإنما جاء ذلك في قضية معينة في قصة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، حيث كانت محرمة بعمرة ثم حاضت قبل الوصول إلى مكة ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم بالحج ليكون نسكهاً قراناً ، وقال لها : (طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك) فلما انتهى الحج ألحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتي بعمرة بدلاً من عمرتها التي حولتها إلى قران ، فأذن لها وأمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها من الحرم إلى الحل ، فخرجت بها وأتت بعمرة .
فإذا وجدت الصورة التي حصلت لعائشة رضي الله عنها وأرادت المرأة أن تأتي بعمرة فحينئذ نقول : لا حرج أن تأتي المرأة بعمرة ، كما فعلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدل على أن هذا أمر ليس بمشروع أن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه وهو مع أخته لم يحرم بالعمرة ، لا بتفقه من عنده ، ولا بإذن الرسول صلى الله عليه وسلم ولو كان هذا من الأمور المشروعة لكان رضي الله عنه يأتي بالعمرة ، لأن ذلك أمر سهل عليه من حيث إنه قد خرج مع أخته .
والمهم أن ما يفعله بعض الحجاج كما جاء في السؤال ليس له أصل من السنة .
نعم ، لو فرض أن بعض الحجاج يصعب عليه أن يأتي إلى مكة بعد مجيئه هذا ، وهو قد أتى بحج مفرد فإنه في هذه الحال في ضرورة بأن يأتي بعد الحج بالعمرة ليؤدي واجب العمرة ، فإن العمرة واجبة على القول الراجح من أقوال أهل العلم ، وحينئذ يخرج إلى التنعيم أو إلى غيره من الحل فيحرم بعمرة منه ثم يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/36) .(/1)
رقم السؤال:
106577
العنوان:
هل الفصل بين الطواف والسعي له زمن محدود؟
السؤال:
هل للفصل بين الطواف والسعي زمن محدود ؟
الجواب:
الحمد لله
"ليس للفصل بين الطواف والسعي زمن محدود ، فالموالاة بينهما ليست بشرط ، لكن لا شك أن الأفضل أنه إذا طاف يسعى ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم والى بين سعيه وطوافه ، لكن لو أخر فطاف في أول النهار وسعى في آخره ، أو بعد يوم أو يومين ، فلا حرج عليه في هذا ، لأن المولاة بين الطواف وبين السعي ، ليست واجبة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 421) .(/1)
رقم السؤال:
106578
العنوان:
هل العمرة يوم وقفة عرفات مكروهة؟
السؤال:
هل العمرة يوم الوقفة في عرفات مكروهة ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الإنسان لم يحج وأتى بعمرة يوم عرفة أو يوم العيد فإن هذا لا بأس به ، فإن العمرة جائزة في كل وقت ليس لها وقت محدد كالحج ، ففي أي وقت جاء بها الإنسان فهي عمرة صحيحة ، ونسأل الله لنا وله القبول" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 264) .(/1)
رقم السؤال:
106579
العنوان:
نسي أنه كان جنباً، فهل يكفيه غسل الإحرام عن غسل الجنابة؟
السؤال:
شخص تذكر أنه كان عليه جنابة وهو مسافر في حجته الأولى ، فلما وصل الميقات نسى أن عليه جنابة واغتسل للإحرام فقط ، ولم ينو الاغتسال للجنابة ، وهكذا أحرم للحج فلم ينو الاغتسال من الجنابة ، فهل يكفي عن الإحرام وعن الاغتسال من الجنابة؟
الجواب:
الحمد لله
"اغتساله للإحرام يجزئ عن اغتساله للجنابة ؛ لأنه غسل مشروع ، وخصوصاً مع النسيان ، وقد نص على ذلك الفقهاء بقولهم : (وإن نوى غسلاً مسنوناً أجزأ عن الواجب) وقيده بعضهم بما إذا كان ناسياً ، وحالة الرجل المذكور منطبق على كلا القولين بأن ذلك يجزئه" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 373، 374) .(/1)
رقم السؤال:
106580
العنوان:
نحر الهدي قبل يوم العيد، فهل يعيده؟
السؤال:
بعض الناس ينحر هديه قبل يوم العيد فمن نحر قبل يوم العيد وسألنا هل نأمره بالإعادة؟
الجواب:
الحمد لله
"من نحر هديه قبل يوم العيد وجاء يسألنا ، نسأله هل فعل ذلك تقليداً واتباعاً لجواب عالم من العلماء أو تهاوناً ، فإن كان فعله مقلداً أو اتباعاً لجواب عالم من العلماء فإنه لا يلزمه أن يعيده ؛ لأن من العلماء من يرى أنه يجوز أن يذبح هدي التمتع قبل العيد ، فإذا كان هذا الرجل يقلد هؤلاء العلماء ، أو سأل واحداً من هؤلاء العلماء الذين يرون هذا الرأي . وقالوا له : إن ذبحك صحيح ، فإننا لا نأمره بإعادة الذبح .
أما إذا كان قد ذبح قبل يوم العيد تهاوناً ، وليس مبنياً على علم ، ولا على تقليد عالم فإنه يلزمه أن يعيد الذبح ، لأنه لا يجوز أن يذبح هدي التمتع والقران إلا في يوم العيد فما بعده ، والدليل على هذا : أنه لو كان يمكن ذبح الهدي قبل يوم العيد ، لذبح النبي صلى الله عليه وسلم هديه وحل من إحرامه كما أمر بذلك أصحابه ، بل قال صلى الله عليه وسلم : (إن معي الهدي فلا أحل حتى أنحر) ولو كان يجوز تقديم نحر الهدي على يوم العيد لنحره ثم حل" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/163) .(/1)
رقم السؤال:
106581
العنوان:
من وصل إلى مكة ظهر يوم عرفة خرج إلى عرفات ولا يطوف للقدوم؟
السؤال:
من وصل إلى مكة بعد الظهر من يوم عرفة ، هل الأفضل له أن يذهب إلى مكة ويطوف طواف القدوم ، ويسعى سعي الحج ، ثم يخرج إلى عرفة ، أو أن الأفضل أن يذهب إلى عرفة مباشرة؟
الجواب:
الحمد لله
"الأفضل أن يذهب إلى عرفة مباشرة ؛ لأن هذا اليوم يوم عرفة ، ليس يوم الطواف ، والرجل الذي أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصلى معه الفجر في مزدلفة ، وهو عروة بن المضرس أتى من جبال طي ، من عند حائل وصادف النبي صلى الله عليه وسلم وهو في صلاة الفجر في مزدلفة وقال : يا رسول الله أتعبت نفسي ، وأكللت راحلتي ، وإني ما تركت جبلاً إلا وقفت عنده فهل لي من حج ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (من صلى صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه ، وقضى تفثه) ولم يذكر أنه طاف طواف القدوم ، وعلى هذا إذا وصلت إلى مكة يوم عرفة فإلى عرفة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/22) .(/1)
رقم السؤال:
106582
العنوان:
من لم يجد مكاناً في منى لا يلزمه الجلوس على الأرصفة أو الدوران بسيارته
السؤال:
بعض الناس في الحج يسكن خارج منى بدون أن يكلف نفسه ويبحث عن مكان في منى ، وإذا أتى في الساعة الواحدة في الليل أو الثانية أتى إلى منى وقضى الليل في السيارة يقطع الوقت إلى الفجر ، فهل يعتبر هذا قد بات في منى أم لم يتحقق المبيت ؟
الجواب:
الحمد لله
"المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر من ذي الحجة ، واجب على القول الراجح ، يدل لوجوبه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد العباس رضي الله عنه أن ينزل إلى مكة لسقاية الحاج رخص له .
قال العلماء : وكلمة (رخص) تدل على أن الأصل الوجوب لأن الرخصة لا تقال إلا في مقابل أمر واجب ، فالواجب على الإنسان أن يبحث عن مكان في منى قبل أن ينزل في مزدلفة ، فإذا لم يجد مكاناً فلينزل في مزدلفة ، ويبقى فيها ، ولا يلزمه أن يذهب إلى منى يدور فيها بسيارته معظم الليل ، أو يجلس على الأرصفة بين السيارات ، وقد يكون ذلك خطراً عليه فنقول : إذا لم تجد مكاناً في منى ، فاجلس في مزدلفة ، عند منتهى الخيام ، ولا يلزمك شيء ما دمت بحثت عن مكان ولم تجد ، لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلى وسعها " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/241) .(/1)
رقم السؤال:
106583
العنوان:
من لم يجد مكاناً في منى بات قريباً منها ؟
السؤال:
الحاج لا يجد مكاناً في منى هل يجزئه أن يبيت خارج منى ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا حرج عليه أن يبيت خارج منى ، لكن يكون منزله متصلاً بمنازل الحجاج ؛ لقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، وقوله : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وقوله : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) ، ولكن يكون منزله متصلاً بمنازل الحجاج ، كالجماعة إذا امتلأ المسجد يصفون عند نهاية الصفوف ، ويكون لهم حكم المصلين داخل المسجد " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/240) .(/1)
رقم السؤال:
106584
العنوان:
من ساق الهدي فلا يتحلل حتى يبلغ الهدي محله
السؤال:
قالت عائشة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما بال الناس حلوا ولم تحل يا رسول الله) قال : (لبدت رأسي وسقت الهدي فلم أحل حتى يبلغ الهدي محله) والناس الآن يتحللون قبل ذبح الهدي .
الجواب:
الحمد لله
"لأن النبي صلى الله عليه وسلم ساق الهدي ، أما من لم يسق الهدي فله أن يقدم ويؤخر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن التقديم والتأخير فلم ير في هذا بأساً" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/160) .(/1)
رقم السؤال:
106585
العنوان:
من الذين يعذرون لترك المبيت في منى؟
السؤال:
عذر الرسول صلى الله عليه وسلم في المبيت خارج منى السقاة وغيرهم ، فما الذي يقاس عليهم في وقت الحاضر؟
الجواب:
الحمد لله
"إن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للعباس أن يبيت في مكة من أجل سقاية الحاج ، وهذا عمل عام ، وكذلك رخص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى ؛ لأنهم يرعون رواحل الحجيج ، ويشبه هؤلاء من يترك المبيت لرعاية مصالح الناس كالأطباء وجنود الإطفاء ، وما أشبه ذلك ، فهؤلاء ليس عليهم مبيت ، لأن الناس في حاجة إليهم .
وأما من بهم عذر خاص كالمريض والممرض له وما أشبه ذلك فهل يلحقون بهؤلاء ؟ على قولين للعلماء:
فمن العلماء من يقول : إنهم يلحقون ؛ لوجود العذر .
ومن العلماء من يقول : إنهم لا يلحقون ؛ لأن عذر هؤلاء خاص ، وعذر أولئك عام .
والذي يظهر لي أن أصحاب الأعذار يلحقون بهؤلاء ، مثل إنسان مريض احتاج أن يرقد في المستشفى هاتين الليلتين إحدى عشرة واثنتي عشرة فلا حرج عليه ، ولا فدية لأن هذا عذر ، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يرخص للعباس رضي الله عنه مع إمكانه أن ينيب أحداً من أهل مكة الذين لم يحجوا يدل على أن مسألة المبيت أمرها خفيف ، يعني ليس وجوبها بذلك الوجوب المحتم ، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله رأى أن من ترك ليلة من ليالي منى فإنه لا فدية عليه ، وإنما يتصدق بشيء . يعني عشرة ريالات أو خمسة ريالات حسب الحال" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/237) .(/1)
رقم السؤال:
106586
العنوان:
معنى قوله تعالى : (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)
السؤال:
ما معنى قول الله تعالى : (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) البقرة/196 . أليس هذا صريحاً في أن النحر يكون قبل الحلق وإلا فما معنى الآية ؟
الجواب:
الحمد لله
"قوله تعالى : (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) البقرة/196 . يعني : لا تحلقوا الرأس إلا إذا ذبحتم ، هذا معنى الآية ، لكن جاءت السنة بأنه لا حرج أن يحلق قبل النحر ، وما دامت السنة جاءت بذلك فيكون هذا تخفيفاً من الله عز وجل ، أو يقال : (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) أي وقت حلوله ، لا أن المراد أن يذبحه فعلاً ، وحينئذ لا منافاة بين الحديث وبين الآية فلنا في ذلك توجيهان :
التوجيه الأول : أن يقال إن معنى قوله : (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) ليس هو أن يذبح الهدي بل أن يأتي وقت الذبح .
التوجيه الثاني : أن يقال : (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) أي حتى يذبح ، لكن السنة جاءت بجواز تقديم الحلق على النحر" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/162) .(/1)
رقم السؤال:
106587
العنوان:
معنى : (الحج عرفة) .
السؤال:
ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (الحج عرفة) ؟
الجواب:
الحمد لله
"معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : (الحج عرفة) : أنه لا بد في الحج من الوقوف بعرفة ، فمن لم يقف بعرفة فقد فاته الحج ، وليس معناه أن من وقف بعرفة لم يبق عليه شيء من أعمال الحج بالإجماع ، فإن الإنسان إذا وقف بعرفة بقي عليه من أعمال الحج كالمبيت بمزدلفة ، وطواف الإفاضة ، والسعي بين الصفا والمروة ، ورمي الجمار ، والمبيت في منى ، ولكن المعنى : أن الوقوف بعرفة لابد منه في الحج ، وإن لم يقف بعرفة فلا حج له ، ولهذا قال أهل العلم : من فاته الوقوف فاته الحج" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/24) .(/1)
رقم السؤال:
106588
العنوان:
مرض يوم العيد فهل يوكل من يرمي عنه أو يؤخر الرمي إلى آخر أيام التشريق؟
السؤال:
رجل مرض يوم العيد فهل له أن يؤخر الرمي إلى آخر يوم التشريق أو يوكل من يرمي عنه أفضل؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا صار عند الإنسان مانع يمنعه من الرمي يوم العيد ، فإنه يؤخره حتى يقوى على ذلك ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للرعاة أن يرموا يوماً ، ويدعوا يوماً ، ولم يقل لهم : وكلوا .
والتوكيل في الرمي لا يجوز أن يتهاون به ؛ لأن الرمي من مناسك الحج وقد قال الله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) البقرة/196 .
فلا يمكن أن يوكل إنسان فيه لمجرد أنه تعبان ، أو لمجرد الزحام ، فنقول : أما التعب فإن كان تعباً دائماً كالمرأة الحامل ، أو الرجل الكبير السن ، أو عجوز كبيرة السن فليوكل ، أما إذا كان أصابه مرض خفيف يرجو أن يبرأ منه في آخر أيام التشريق فلا يجوز أن يوكل" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/115) .(/1)
رقم السؤال:
106589
العنوان:
متمتع سعى سعياً واحداً تقليداً لمن يقول ذلك من العلماء
السؤال:
حاج يقول : قدمت زوجتي من مصر للإقامة معي بجدة في الرابع من ذي الحجة ، وقامت بأداء العمرة والحج ثم تحللت بنية التمتع ثم قمنا بأداء الحج غير أنها لم تكرر السعي ، بل اكتفينا بسعي العمرة عملاً بمن قال ذلك من العلماء ، حيث قرأنا أن فيه خلافاً بين العلماء ، وأرشدنا أحد الإخوة إلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن سعي العمرة يجزئ عن سعي الحج لمن لم يكرر السعي ، وبناء عليه لم نسع ورجعنا إلى جدة ، أفيدونا جزاكم الله خيراً ؟
الجواب:
الحمد لله
"الواقع أن كثيراً من المسائل في الفقه في الدين لا تخلو من خلاف ، وإذا كان العامي الذي لا يعرف يطالع كتب العلماء ويعمل بالأسهل عنده ، فهذا حرام ، ولهذا قال العلماء : "من تتبع الرخص فقد فسق" أي صار فاسقاً .
ومن المعلوم أن اختيار شيخ الإسلام رحمه الله هو ما ذكره السائل أن المتمتع يكفيه السعي الأول الذي في العمرة ، وله أدلة فيها شبهة ، ولكن الصحيح أن المتمتع يلزمه سعيان : سعي للحج ، وسعي للعمرة ، كما دل ذلك حديثا عائشة رضي الله عنها وابن عباس رضي الله عنهما وهما في البخاري ، وعليهما جماهير أهل العلم .
والنظر يقتضي ذلك ؛ لأن الحج والعمرة في حج المتمتع كل عبادة منفردة عن الأخرى ، ولهذا لو أفسد العمرة لم يفسد الحج ، ولو أفسد الحج لم تفسد العمرة ، ولو فعل محظوراً من المحظورات في العمرة لم يلزمه حكمه في الحج . بل الحج منفرد بأركانه وواجباته ومحظوراته ، والعمرة منفردة بأركانها وواجباتها ومحظوراتها ، فالأثر والنظر يقتضي انفراد كل من العمرة والحج بسعي في حق المتمتع .(/1)
وعلى هذا ؛ إن كنت متبعاً لقول شيخ الإسلام رحمه الله بناء على استفتاء من تثق به وبأمانته فليس عليك شيء ، لكن لا تعد إلى مثل ذلك والتزم سعيين ، سعياً في الحج ، وسعياً في العمرة إذا كنت متمتعاً" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/198) .(/2)
رقم السؤال:
106590
العنوان:
أتم أعمال الحج إلا طواف الإفاضة ثم توفي فهل يطاف عنه؟
السؤال:
ما حكم من أتم أعمال الحج ماعدا طواف الإفاضة ثم توفي، هل يطاف عنه أو لا؟
الجواب:
الحمد لله
"من أتى أعمال الحج ما عدا طواف الإفاضة ثم مات قبل ذلك لا يطاف عنه؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ وقع عن راحلته فوقصته فمات، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : (اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه، فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة ملبيا) رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن، فلم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالطواف عنه، بل أخبر بأن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً؛ لبقائه على إحرامه بحيث لم يَطُفْ ولم يُطَفْ عنه .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبدالله بن منيع .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/250) .(/1)
رقم السؤال:
106591
العنوان:
أحرم بالحج ومُنع من دخول مكة
السؤال:
ذهب أحد الزملاء إلى الحج ، وأحرم من ميقات المدينة واتجه إلى مكة وهناك وعند نقطة الحراسة أمروه بالرجوع لأنه ليس معه تصريح للحج ، فرجع وخلع ملابس الإحرام ، هل تعتبر حجته عليها ثواب في ذلك بالرغم أنه لم يدخل مكة وكان قد أحرم؟
الجواب:
الحمد لله
"أولاً: لا إثم عليه في تحلله من إحرامه ورجوعه دون أن يتم حجه؛ لأنه مغلوب على أمره، والله عليم بحاله رحيم بعباده، فيجزيه على قدر ما فعل من أعمال الحج بإخلاص.
ثانياً: من كان قد اشترط عند إحرامه بأنه إن حبسه حابس فمحله حيث حبس فلا يلزمه شيء، وإن لم يكن قد اشترط ذلك فعليه هدي يذبحه حيث أحصر؛ لقوله تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ) البقرة/196 ، ثم يحلق رأسه أو يقصر؛ وبذلك يكون حله من إحرامه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/350) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن رجل حج بدون تصريح فمنع من دخول مكة فماذا يلزمه؟
فأجاب : "إن كان قال عند الإحرام: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فيحل ولا شيء عليه ، وإذا لم يشترط فالواجب عليه أن يذبح هدياً لقوله تعالى : (فإن أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ) البقرة/196. ويتحلل [أي : يحلق أو يقصر] حيث أحصر" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/433) .(/1)
رقم السؤال:
106592
العنوان:
أخر السعي لما بعد أيام التشريق
السؤال:
ما حكم من طاف طواف الإفاضة ولم يسع حتى غربت الشمس، بعد آخر أيام التشريق؟ وما حكم السعي إذا سعى بعد غروب الشمس من ذلك اليوم، أو بعد أيام التشريق؟
الجواب:
الحمد لله
"سعيك آخر أيام التشريق أو بعد أيام التشريق صحيح، ولا حرج عليك في تأخيره؛ لأنه ليس من شروط صحته أن يكون متصلاً بالطواف، لكن من الكمال أن يكون بعد الطواف متصلاً به؛ تأسياً بالنبي
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/262) .(/1)
رقم السؤال:
106593
العنوان:
أذان إبراهيم عليه السلام بالحج
السؤال:
قيل : إن الله تعالى أمر نبيه إبراهيم عليه السلام أن يؤذن للناس بالحج ، وأن إبراهيم دعا الناس ، ولباه الذين يحجون في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، وأن الذين لم يلبوه لا يحجون ، ولو ملكوا القناطير المقنطرة من الذهب والفضة لا يحجون . هل هذا صحيح أم لا ؟
الجواب:
الحمد لله
"أمر الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعد انتهائه من بناء البيت أن يؤذن للناس بالحج ، فقال تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ) الحج/27 ، قال ابن كثير في تفسيرها : أي ناد في الناس داعياً لهم إلى الحج إلى البيت الذي أمرناك ببنائه ، فذكر أنه قال : يا رب كيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم ؟ فقال : ناد وعلينا البلاغ ، فقام على مقامه ، وقيل على الحجر ، وقيل على الصفا ، وقيل على أبي قبيس (جبل قريب من الكعبة) ، وقال : يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتاً فحجوه ، فيقال : إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض ، وأسمع من في الأرحام والأصلاب ، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر ، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة : لبيك اللهم لبيك . هذا مضمون ما ورد عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد وابن جبير وغير واحد من السلف ، والله أعلم ، وأوردها ابن جرير وابن أبي حاتم مطولة . انتهى كلام ابن كثير رحمه الله تعالى .
والله أعلم بحقيقة الواقع . أما الأذان فلا شك فيه ؛ لأن القرآن الكريم نص عليه .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/8-10) .(/1)
رقم السؤال:
106594
العنوان:
التحلل الأول والثاني في الحج
السؤال:
متى يتحلل الحاج من الإحرام؟
الجواب:
الحمد لله
"أولاً: أعمال يوم النحر ثلاثة للمفرد هي: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة والسعي إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم. وأما المتمتع والقارن فيزيد بذبح الهدي، ويزيد المتمتع سعياً بعد طواف الإفاضة.
ثانياً: تكون هذه الأعمال مرتبة: الرمي، فالذبح، فالحلق أو التقصير، ثم الطواف والسعي، هذا هو الأفضل؛ تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه رمى ثم نحر ثم حلق رأسه، ثم طيبته عائشة، ثم أفاض إلى البيت، وسئل عن ترتيب هذه الأمور، ومن قدم بعضها على بعض، فقال : (لا حرج ، لاحرج) .
ثالثاً: ومن فعل اثنين سوى الذبح حصل بذلك التحلل الأول؛ وبذلك يحل له كل ما حرم عليه بالإحرام ماعدا النساء، وإذا فعل الثلاثة حل له كل شيء حرم عليه حتى النساء، والأحاديث في هذا كثيرة دالة على ما ذكرنا.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/349) .(/1)
رقم السؤال:
106595
العنوان:
التوفيق بين الأحاديث في تحديد مكان إحرام أهل مكة بالعمرة
السؤال:
ورد في حديث عائشة رضي الله عنها أنها خرجت إلى التنعيم للعمرة ، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما ورد فيه : (حتى أهل مكة من مكة ، ممن أراد الحج أو العمرة) ، فكيف نجمع بينهما؟ ومن أين يحرم أهل مكة للعمرة، من الحل أم من مكة المكرمة؟
الجواب:
الحمد لله
"يحسن أن نذكر بعض روايات الحديثين تمهيداً للجمع بينهما، وبيان ما يترتب على ذلك من ميقات الإحرام بالعمرة مفردة بالنسبة لأهل مكة، ومن في حكمهم ممن كان داخل الحرم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، قال : فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دونهن فمهله من أهله، وكذلك أهل مكة من مكة) رواه البخاري ومسلم.(/1)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب، فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : (اخرج بأختك من الحرم فلتهل بالعمرة، ثم لتطف بالبيت، فإني أنتظركما هاهنا) ، قالت: فخرجنا فأهللت، ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة، فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله في جوف الليل، فقال : (هل فرغت؟) فقلت: نعم، فأذن في أصحابه بالرحيل، فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الفجر، ثم خرج إلى المدينة . رواه البخاري ومسلم. وفي رواية أخرى عنها أنها قالت: فلما كانت ليلة الحصبة قلت: يا رسول الله يرجع الناس بحجة وعمرة، وأرجع بحجة، قالت: فأمر عبد الرحمن فأردفني على جمله، ثم ذكر عمرتها من التنعيم. وفي رواية عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها يوم النفر : (يسعك طوافك لحجك وعمرتك) ، فأبت، فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج، وفي رواية : (يجزئ عنك طوافك بالبيت وبالصفا والمروة عن حجك وعمرتك) ، وفي رواية لمسلم في صحيحه: (وكان صلى الله عليه وسلم رجلاً سهلاً، إذا هويَتْ الشيء تابعها عليه، فأرسلها مع عبد الرحمن بن أبي بكر فأهلت بعمرة من التنعيم).(/2)
وعلى هذا يقال: إن حديث ابن عباس رضي الله عنهما عام في أن أهل مكة يحرمون من مكة بالحج مفرداً ، وبالعمرة مفردة ، وبالحج والعمرة قراناً، وحديث خروج عائشة من الحرم مع أخيها عبد الرحمن لتحرم من التنعيم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وإرشاده خاص، والقاعدة المعروفة المسلمة عند العلماء: أن العام والخاص إذا تعارضا حمل العام على الخاص، فيعمل بالخاص، وهو هنا الإحرام بالعمرة من التنعيم، أو غيره من الحل، ولا يعمل بما يقابله من أفراد العام، وهو هنا الإحرام بالعمرة مفردة من مكة، فيكون معنى (حتى أهل مكة من مكة) : أن أهل مكة يحرمون بالحج مفرَدَاً ، أو بالحج والعمرة قراناً، لا يحتاجون إلى الخروج إلى الحل، أو إلى ميقات من المواقيت الأخرى المذكورة في الحديث؛ ليحرموا منه بذلك. أما العمرة مفردة فعلى من أراد الإحرام بها وهو في مكة أو داخل حدود الحرم أن يخرج إلى الحل، التنعيم أو غيره؛ ليحرم بها، وبهذا قال جمهور العلماء، بل قال المحب الطبري: لا أعلم أحداً جعل مكة ميقاتاً للعمرة. اهـ. فيتعين حمل قوله في حديث ابن عباس رضي الله عنهما : (حتى أهل مكة من مكة) على القارن والمفرد، دون المعتمر عمرة مفردة.(/3)
ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فلو كان الإحرام بالعمرة مفردة من الحرم مأذوناً فيه لاختاره لعائشة؛ لكونه أيسر وأقل التزاماً وكلفة بالنسبة له ولعائشة وأخيها، ولم يأمرها بالخروج إلى الحل أو التنعيم؛ لتحرم منه، بل كان يكفيها أن تذهب معه صلى الله عليه وسلم حينما يأتي البيت ليطوف طواف الوداع، وهي محرمة بالعمرة من الأبطح، فتطوف وتسعى العمرة وقت طوافه صلى الله عليه وسلم طواف الوداع، وفي ذلك الكفاية لتحقيق رغبة عائشة وتطييب خاطرها، فإنها إنما قصدت أن تعتمر عمرة مفردة دون الخروج إلى الحل، أو مكان معين منه، لكنه صلى الله عليه وسلم أمرها بالخروج إلى التنعيم فاحتاجت إلى محرم فأرسل معها أخاها عبد الرحمن، وكان ذلك ليلاً حيث يحتاج الناس إلى الراحة، واضطر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحدد معها مكاناً للقاء بعد الفراق، فعدوله عن الإحرام من الحرم وهو أيسر للجميع إلى الإحرام من الحل مع ما فيه من المشقة والكلفة التي لا توجد في الأمر الأول دليل على أن الإحرام بالعمرة من الحل دون الحرم مقصود إليه ، مأمور به شرعاً لمن أراد أن يعتمر عمرة مفردة وهو بالحرم.
ويرى بعض العلماء أن العمرة وإن كانت سنة أو واجبة على كل مسلم مكلف مستطيع ينبغي لمن أراد [أن يعتمر] وهو بالحرم أن يجعلها مع الحج، فيحرم قارناً العمرة بالحج، ولا يخرج من الحرم إلى الحل، التنعيم أو غيره ليحرم منه بعمرة مفردة؛ لأنه لم يأذن فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلا لعائشة؛ تطييباً لخاطرها، ولم يعهد من الصحابة الخروج من الحرم للإحرام بالعمرة من الحل.
ويرى جماعة: الإحرام بالعمرة مفردة من مكة ونحوها من الحرم؛ لعموم حديث ابن عباس .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(/4)
الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/143-147) .(/5)
رقم السؤال:
106596
العنوان:
الرمل بين العلمين في السعي يكون في الأشواط كلها
السؤال:
الرمل في السعي يكون في الذهاب إلى المروة، وهل يكون في الرجوع إلى الصفا أيضاً؟
الجواب:
الحمد لله
نعم ، يكون السعي الشديد بين العَلَمين في أشواط السعي كلها ، من الصفا إلى المروة ، ومن المروة إلى الصفا .
قال ابن قدامة في "المغني" (10/236) وهو يذكر صفة السعي بين الصفا والمروة:
"وهو أن ينزل من الصفا , فيمشي حتى يحاذي العَلَم ، وهو الميل الأخضر المعلق في ركن المسجد , فإذا كان منه نحوا من ستة أذرع , سعى سعيا شديدا , حتى يحاذي العلم الآخر , ثم يترك السعي , ويمشي حتى يأتي المروة , فيستقبل القبلة , ويدعو بمثل دعائه على الصفا . . . ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه , ويسعى في موضع سعيه" انتهى باختصار .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن ذلك ، فقالوا :
"نعم ، يكون في الذهاب من المروة إلى الصفا، كما هو في الذهاب من الصفا إلى المروة؛ لفعله عليه الصلاة والسلام الثابت في الأحاديث الصحيحة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/258) .(/1)
رقم السؤال:
106597
العنوان:
السن الواجب توفره في الهدي والأضحية
السؤال:
هل هناك سن معينة للهدي لا يجوز ذبح أصغر منه ؟ وما معنى قوله تعالى: (فما استيسر من الهدي)؟
الجواب:
الحمد لله
"دلت الأدلة الشرعية على أنه يجزئ من الضأن ما تم ستة أشهر، ومن المعز ما تم له سنة، ومن البقر ما تم له سنتان، ومن الإبل ما تم له خمس سنين، وما كان دون ذلك فلا يجزئ هدياً ولا أضحية، وهذا هو المستيسر من الهدي؛ لأن الأدلة من الكتاب والسنة يفسر بعضها بعضاً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/376) .(/1)
رقم السؤال:
106598
العنوان:
أنواع الطواف حول الكعبة
السؤال:
الطواف حول الكعبة أنواع ، فما هي هذه الأنواع وما حكم كل نوع منها ؟
الجواب:
الحمد لله
"أنواع الطواف حول الكعبة كثيرة :
منها طواف الإفاضة في الحج ويسمى أيضاً طواف الزيارة ، ويكون بعد الوقوف بعرفات يوم عيد الأضحى أو بعده ، وهو ركن من أركان الحج .
ومنها : طواف القدوم للحج ، ويكون للمحرم بالحج وللقارن بين الحج والعمرة حينما يصل الكعبة ، وهو واجب من واجبات الحج أو سنة من سننه على خلاف بين العلماء .
ومنها : طواف العمرة ، وهو ركن من أركانها ، لا تصح بدونه .
ومنها : طواف الوداع ، ويكون بعد انتهاء أعمال الحج والعزم على الخروج من مكة المكرمة ، وهو واجب على الصحيح من قولي العلماء على كل حاج ما عدا الحائض والنفساء ، فمن تركه وجب عليه ذبيحة تجزئ أضحية .
ومنها : الطواف وفاءً بنذرِ مَنْ نذر الطوافَ بها ، وهو واجب من أجل النذر .
ومنها : الطواف تطوعاً .
وكل منها سبعة أشواط ، يصلي الطائف بعدها ركعتين خلف مقام إبراهيم إذا تيسر ذلك ، فإن لم تيسر صلاهما في بقية المسجد .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/223، 224) .(/1)
رقم السؤال:
106599
العنوان:
إذا مات وترك ابنا فإنه يحجب الإخوة والأخوات
السؤال:
أنا تونسي الأصل ، لي عمي مقيم في فرنسا ولم يعد منذ سفره لأول مرة أي منذ حوالي 40 سنة . توفي أخيرا في حادث مدبّر بفرنسا ، وتم دفنه في بلادنا . القضية هو أنه سيصرف تعويض لأهله سببه الحادث الذي تعرض له . عمي هذا تزوج عدة مرات أولها كانت فرنسية وله منها أربع بنات لا نعرف عنهم شيئا ، ولا نعرف لهن مكانا ، وقد تزوج من جزائرية ولها منه بنت مقيمة بالجزائر ، ولدينا بها اتصال . الزوجة الأخيرة - أحد المدبرين لقتله - كانت جزائرية وقد طلقها قبل موته ، وله منها ولدان مقيمان بفرنسا . هذا ما نعلمه عن أزواجه ، ولا ندري إن كان الزواج بالجزائريتين شرعيا أم لا ؟ وعلى أغلب الظن غير شرعي . السؤال : هل لإخوته (ثلاثة أولاد وثلاثة بنات) حق في هذا التعويض ؟ وإن كان نعم ، فكم نصيب كل واحد ؟ هذا ، وإن تعذر تمكين أبنائه من حقوقهم ، ماذا يفعل بنصيبهم ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا كان الأولاد منسوبين إليه في حياته ، وهو مقر بذلك ، فلا يجوز الطعن في نسبهم ، ولا الادعاء بأن الزواج من أمهم غير شرعي ، كيف وأنت تقول : إنه طلق الزوجة الأخيرة قبل موته ، وهل يكون طلاق من غير زواج ؟!
والرجل لو ادعى لقيطا مجهول النسب ونسبه لنفسه ، ولم ينازعه في ذلك أحد ، نسب إليه شرعا ، وتوارثا .
قال في "كشاف القناع" (4/235) : " وإن أقر إنسان أن اللقيط ولده ، وأمكن ذلك ، ألحق به ; لأنه استلحاق لمجهول النسب ادعاه من يمكن أنه منه من غير ضرر فيه ، ولا دافع عنه ، ولا ظاهر يرده ، فوجب اللحاق ; ولأنه محض مصلحة للطفل لوجوب نفقته , وكسوته , واتصال نسبه , فكما لو أقر له بمال " انتهى بتصرف .
وهذا التعويض حكمه حكم الدية ، فيقسم على الورثة حسب القسمة الشرعية .(/1)
وعلى هذا ، فتركة هذا الرجل مضافاً إليها التعويض يقسم على أولاده الذكور والإناث جميعاً من زوجاته الثلاثة ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإذا كنتم لا تعلمون شيئاً عن بناته من الزوجة الأولى فيمكنكم إخبار الحكومة الفرنسية وهي تتولى البحث عنهن .
أما أنتم فليس لكم من التعويض ولا التركة شيء ، لأن وجود ابن للمتوفى يمنع إخوة الميت ذكوراً وإناثاً من الميراث .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
106600
العنوان:
تلبس أكماما بلون البشرة وقد تنحسر العباءة عن ذراعيها
السؤال:
زوجتي محجبة ، وتلبس ثياباً فضفاضة ، وغالباً ما تكون أكمامها واسعة ، وحرصاً منها على ألا يظهر من جسدها شيء ، تلبس أكماماً منفصلة تحت العباءة ، حتى إذا رفعت ذراعها لم يظهر شيء من جسمها ، إلا أن هذه الأكمام لونها قريب من لون البشرة ، فيخيل للرائي أنه ذراعها وليس لباساً ، ولما نصحتها أن ترتدي أكماماً من نفس لون العباءة ، رفضت وقالت إنها غير مسئولة عن تفكير الآخرين ولا يعنيها إن كان الناظر يهيأ له إن كان ما يراه هو ذراعها أم أكمام قماش ، فكل ما يعنيها أنها قد سترت كل جزء في جسمها ولا عليها غير ذلك ، وأنها بذلك أفضل من كثيرات جدا متدينات ، ولا يتحرين مثلما تحرت في اللباس .
الجواب:
الحمد لله
سبق بيان الصفات الواجب توفرها في اللباس الشرعي ، في جواب السؤال رقم (6991) .
ومن هذه الصفات أن يكون اللباس سميكاً لا يشف عما تحته ، ولا يظهر لون البشرة .
وإذا لبست المرأة أكماما بلون قريب من لون البشرة ، وكانت تظهر عند انحسار عباءتها عن ذراعيها ، فيظن الرائي أن ذلك بشرتها ، فهذا منافٍ للحكمة التي وجب لأجلها الحجاب ، وهي حماية المرأة ، ومنع الفتنة بها .
ولهذا ينبغي تضييق طرف الكم حتى لا ينحسر عن الذراع ، أو لبس ملابس غير ملفتة للنظر تحت العباءة .
إذ ليس المطلوب فقط ستر العضو بساتر كيفما اتفق ، وإنما المطلوب مع الستر : منع ما يلتفت النظر ويثير الانتباه ، ويسبب الفتنة ، ولهذا تمنع المرأة من اللباس الضيق ، وتمنع من اللباس المزيَّن الذي يلفت الأنظار إليها ، حتى لو كان ساتراً .
كما منعت المرأة من أن تضرب برجلها أثناء سيرها حتى لا تلفت الانتباه لزينتها ، كما قال تعالى : ( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) النور/31.(/1)
والمقصود أن مراعاة الآخرين مطلوبة في باب الستر ، وعلى المرأة المؤمنة أن تكون قدوة لغيرها ، وأن لا تضع نفسها مواضع التهم ، وألا تقنع بكونها أفضل من غيرها ، بل تسعى للكمال الممكن قدر طاقتها.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
106601
العنوان:
حكم الاشتراك في المسابقات عن طريق الاتصال بالرقم 700
السؤال:
ما حكم الاشتراك في المسابقات التي تتطلب الاتصال بالرقم 700 ، وتكون قيمة الاتصال أكثر من القيمة المعتادة ، وكيف أتصرف لو فزت بالجائزة ؟
الجواب:
الحمد لله
المسابقات التي تجرى على الرقم (700) هي من صريح القمار ، وما هي إلا صورة جديدة من صور الميسر الذي حرمه الله تعالى في كتابه ، وقرن تحريمه بالخمر التي هي أم الخبائث قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) المائدة/90، 91 .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في "الفروسية" (308) : فقرن الميسر بالأصنام والأزلام والخمر ، وأخبر أن الأربعة رجس من عمل الشيطان ، ثم أمر باجتنابها ، وعلق الفلاح باجتنابها ، ثم نبه على وجوه المفسدة المقتضية للتحريم فيها ، وهي ما يوقعه الشيطان بين أهلها من العداوة والبغضاء ، ومن الصد عن ذكر الله ، وعن الصلاة" انتهى .
وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أن مفسدة الميسر أعظم من مفسدة الربا ، فقال رحمه الله تعالى في "الفتاوى" (32/237) :(/1)
"فتبين أن (الميسر) اشتمل على مفسدتين : مفسدة في المال وهي أكله بالباطل . ومفسدة في العمل ، وهي ما فيه من مفسدة المال وفساد القلب والعقل وفساد ذات البين وكل من المفسدتين مستقلة بالنهي ، فينهى عن أكل المال بالباطل مطلقاً ولو كان بغير ميسر كالربا ، وينهى عما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع العداوة والبغضاء ولو كان بغير أكل مال ، فإذا اجتمعا عظم التحريم : فيكون الميسر المشتمل عليهما أعظم من الربا ، ولهذا حرم ذلك قبل تحريم الربا . . .
والمعين على الميسر كالمعين على الخمر ، فإن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان . وكما أن الخمرة تحرم الإعانة عليها ببيع أو عصر أو سقي أو غير ذلك ؛ فكذلك الإعانة على الميسر : كبائع آلاته ، والمؤجر لها ؛ بل مجرد الحضور عند أهل الميسر كالحضور عند أهل الخمر ..." انتهى باختصار .
وحقيقة الميسر هي دفع مال على سبيل المخاطرة ، فإما أن يربح أكثر مما دفع ، وإما أن يخسر المال الذي دفعه .
قال الماوردي رحمه الله عن الميسر :
"هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانماً إن أَخَذ ، أو غارماً إن أَعْطَى" انتهى من " الحاوي الكبير" (15/192) .
وهذا هو الذي يحدث في هذه المسابقات ، فإن المتصل إما أن يخسر قيمة الاتصال ، وإما أن يأخذ أكثر منها في حالة فوزه بالجائزة .
وأما الجهة التي تقيم هذه المسابقات (المقامرات) ، وتتاجر بأحلام المتسابقين وأمانيهم وتخدعهم ، فعليها إثمان :
إثم نشر المنكر والدعوة إليه .
وإثمُ أكل أموال الناس بالباطل . وكل ما ربحته من هذه المسابقات فهو سحت ، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به .
فعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى ، وأن يجتنب الدخول في هذه المسابقات .
ومن أخذ شيئاً من جوائز هذه المسابقات ، فعليه أن يتخلص منها بصرفها في أوجه البر .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :(/2)
ظهرت في الآونة الأخيرة إعلانات في الشوارع والصحف المحلية تدعو إلى الاتصال بأرقام تبدأ بالرقم (700) تخص شركات متنوعة لتمكّن المتصل عليها من إرسال أغنية هدية لشخص آخر، أو تمكّن المتصل عليها من الاشتراك في مسابقة لها جوائز مالية ، علماً بأن المتصل بهذه الأرقام يرصد عليه في فاتورة هاتفه قيمة الاتصال بها وتتفاوت قيمة الدقيقة من شركة إلى أخرى من 5 إلى 10 ريالات . وقد يستغرق حل بعض المسابقات عشر دقائق . والسؤال هو : ما حكم المشاركة تجاه هذه الخدمة الجديدة ؟
فأجابوا : "لا يجوز الاتصال لطلب استماع الأغاني أو إهدائها ، لأن استماع الأغاني محرّم لما فيه من الفتنة والصد عن سبيل الله. قال الله تعالى: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) لقمان/6، ولهو الحديث من الأغاني كما قال به ابن مسعود وغيره من الصحابة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يأتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) والمعازف : آلات اللهو بأنواعها مما يستخدم مع الغناء لأجل الطرب، وقوله: "يستحلون" يدل على أنها محرمة، وقد قرنها مع الزنى والخمر وهما محرمان بالإجماع ، وكذلك الحرير محرّم على الرجال ، فدل ذلك على تحريم الأغاني وآلاتها. فيجب منع الشركة من هذه الدعاية والإنكار عليها ، لأن هذا من الدعوة إلى الباطل ، وإشاعة المنكر بين الناس ، والمجاهرة به ، نسأل الله العافية.
وكذلك لا يجوز الدخول في المسابقات المذكورة لأنها من القمار ، ومن أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسل: (لا سَبَق إلا في نصل أو خف أو حافر) والسَّبَق معناه : أخذ الجائزة على المسابقة ، وقد منع منه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .(/3)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ، عبد الله بن عبد الرحمن الغديان ، صالح بن فوزان الفوزان، أحمد بن علي سبر المباركي ، عبد الله بن علي الركبان ، عبد الله بن محمد المطلق.
والنصل : السهم . والخف : المقصود به البعير (الإبل) . والحافر : الخيل .
وألحق بعض أهل العلم بهذه الثلاثة كل ما يعين على الجهاد ونشر الدين ، كمسابقات القرآن والحديث والفقه ، فيجوز أن تدفع فيها الجوائز .
والله أعلم .(/4)
رقم السؤال:
106602
العنوان:
العمل في البنك الأهلي التجاري
السؤال:
لقد حصلت على عرض وظيفة في البنك الأهلي التجاري في قسم تكنولوجيا المعلومات ، ولكنني محتار فيما إذا كان البنك الأهلي إسلاميا أم لا ؟ وهل العمل فيه حلال ومباح ؟
الجواب:
الحمد لله
سئل الشيخ الدكتور محمد العصيمي حفظه الله : ما هي البنوك التي يجوز العمل بها ؟
فأجاب : "يجوز العمل في البنك الإسلامي الذي يعمل حسب القواعد التي وضعتها له الهيئة الشرعية ، مثل بنك الراجحي وبنك البلاد .
ويجوز العمل في البنوك الآخذة بالتحول إلى بنك إسلامي مثل الجزيرة والأهلي ولكن بشرط التقيد بقرارات الهيئة الشرعية في البنك . أما العمل في بنك ربوي فلا يجوز حتى لو كان العمل في مجال مباح . والله أعلم " انتهى باختصار .
وقال أيضا : " البنوك التجارية أقسام: بنوك إسلامية، وبنوك ربوية، وبنوك آخذة في الأسلمة ، وبنوك تفتح نوافذ إسلامية .
1- فأما البنوك الإسلامية فيجوز العمل فيها لعموم الناس حسب قرارات الهيئة الشرعية. ومن كان عنده علم شرعي يستطيع به أن يرجح المسائل الفقهية ، فهذا لا يجوز له أن يعمل إلا فيما يترجح عنده صحته من ناحية الدليل .
2- وأما البنوك الربوية فلا يجوز العمل فيها .
3- وأما البنوك الآخذة في الأسلمة بجدية ، فيجوز العمل فيها إن كانت تطبق قرارات الهيئة الشرعية بجدية ولا تغرر بالناس ، وأنصح المتقدمين للعمل بها أن يشترط لنفسه ذلك الشرط في عقد العمل .(/1)
4- وأما البنوك الربوية التي تفتح نوافذ إسلامية فيحرم العمل في الجانب الربوي منها. أما الجانب المتعلق بالنوافذ الإسلامية فيعتمد على المصلحة الشرعية في ذلك . فمن نظر إلى أن ذلك إعانة لهم على التعاملات الإسلامية وإكسابا لهم بمهاراته وفنونه، أجاز ذلك . ومن العلماء من ينظر إلى أن العمل عندهم يكسبهم الشرعية عند الناس ، ويزيل الحاجز النفسي بين الناس وبين هذه البنوك ، بل ويلبس على الناس الموقف الشرعي الصحيح .
والحقيقة أن ذلك يختلف من وقت إلى آخر . ففي بدايات العمل المصرفي الإسلامي يجب تشجيع التجارب في المنتجات الإسلامية حتى تؤتي أكلها ، وتنضج التجربة . وبعد وجود بنوك إسلامية كافية في البلد فليس من المناسب تجويز عمل الناس في البنوك التجارية الربوية بحجة النوافذ الإسلامية ، خاصة إذا قرر البنك أنه سيعمل على الخطين الإسلامي والربوي وأعلن ذلك للناس . والله أعلم " انتهى من "موقع الربح الحلال".
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
106603
العنوان:
إجراء العمليات الجراحية للكلاب!
السؤال:
أنا طالب في السنة الأخيرة بكلية الطب البيطري ، وكثيراً ما نعمل عمليات جراحية للكلاب والقطط ، وأحياناً تكون هذه العمليات علاجاً لبعض الأورام الخبيثة ، أو لأسباب أخرى ، لكن الذي لفت انتباهي في هذه الأيام – وللأسف الشديد- أن بعض الناس يقلدون الغرب ، فترى أحدهم يأتي بالكلب ، ويريد أن تعمل عملية خصي أو استئصال رحم أو مبايض أو قطع ذيل ..إلخ ، وليس هناك داع لهذه العملية ، ولكن فقط لرغبة صاحب القطة أو الكلب ، وطبعاً كثير من هؤلاء الناس لا يستخدمون الكلاب للحراسة ، وإنما يكون داخل البيت . والسؤال : ما حكم هذه العمليات التي ليس لها ضرورة سوى رغبة صاحب الحيوان ؟
الجواب:
الحمد لله
"أولاً : ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من اتخذ كلباً إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية انتقص من أجره كل يوم قيراط) خرجه الشيخان في صحيحيهما ، وقال عليه الصلاة والسلام : (من اقتنى كلباً لا يغني عنه زرعاً ولا ضرعاً نقص من عمله كل يوم قيراط) متفق على صحته . وبهذه النصوص وغيرها يعلم أن ما وقع فيه بعض المسلمين من اقتناء الكلاب لغير مسوغ من المسوغات الثلاثة التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما يفعل ذلك تشبهاً بالكفار ، أو لمجرد التسلية واللهو – أنه محرم ، ولا يسوغ بحال .(/1)
ثانياً : يجب أن يكون التعامل مع الحيوانات المباحة في مداواتها وتغذيتها بقدر الحاجة ، وأن لا تزيد النفقة عليها إلى حد الإسراف والتبذير ، فذلك من عمل إخوان الشياطين ، كما قال تعالى : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء/27 ، وما ذكر في السؤال من كون بعض الناس يعمد إلى شيء من هذه الحيوانات فيجري لها عمليات لا تدعو الحاجة إليها ، بل هي إلى اللهو والعبث أقرب – لا شك أنه محرم ؛ لكونه تغييراً لخلق الله ، أو تمثيلاً بالحيوان ، وهذا من عمل الشيطان ، كما قال الله تعالى عنه : (لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) النساء/118، 119 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما مُرَّ عليه بحمار قد وسم في وجهه : (لعن الله الذي وسمه) خرجه مسلم في صحيحه ، إضافة إلى أن هذه العمليات تبذير وإسراف وإنفاق للمال في غير محله ، واللائق بحال المسلم الاقتصاد في صرف الأموال واستعمال المباحات ، وأن لا تكون الدنيا أكبر همه ومنتهى أمله ، قال الله تعالى في صفات عباده الصالحين : (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) الفرقان/67 ، هذا في الأمور الجازة ، فكيف بغيرها ؟! والإنسان مسئول يوم القيامة عن كل درهم حصله ؛ من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ؟ .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد .(/2)
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/164) .(/3)
رقم السؤال:
106604
العنوان:
حكم إقامة المهرجانات المشتملة على الغناء والموسيقى
السؤال:
ما حكم إقامة المهرجانات التي يدعى إليها المغنون والممثلون والشعراء وغيرهم من داخل البلاد وخارجها ؟ ونود الإفادة عما يلي : 1-ما حكم إقامة مثل هذه الحفلات ، التي كل وقتها أو جلّه مشحون بالغناء والطرب وآلات اللهو ؟ 2-ما حكم الإنفاق عليها والدعوة إليها وتشجيعها والسرور بها ؟ وما حكم إحضار المغنين من الجنسيات غير الإسلامية والإنفاق عليهم والاستماع إليهم ، والتشجيع لهم ، والفرح بحضورهم ؟ 3-ما حكم الحاضرين في مجالسها للاستماع إليها ؟
الجواب:
الحمد لله
"يحرم على المسلم إقامة حفلات أو مهرجانات مشتملة على أمور منكرة ؛ كالغناء والموسيقى ، واختلاط الرجال بالنساء ، وإحضار السحرة المشعوذين ؛ للأدلة الشرعية الكثيرة الدالة على تحريم هذه الأمور ، وأنها من أسباب الوقوع فيما حرم الله من الفواحش والفجور ، وقد توعد الله عز وجل من أحب شيوع الفاحشة بين المؤمنين ودعا إلى ذلك ، وأعان عليه بالعذاب الأليم ، فقال سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) النور/19 ، وإذا تقرر أن إقامة هذه الحفلات والمهرجانات محرم فحضورها محرم أيضاً ؛ لأنه من إضاعة المال والأوقات فيما لا يرضي الله سبحانه ، ومن التعاون على الإثم والعدوان ، والله تعالى يقول : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2 ، وفي ذلك الحديث المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن إضاعة المال .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .(/1)
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/225) .(/2)
رقم السؤال:
106605
العنوان:
حكم العلاج بالموسيقى
السؤال:
ما حكم الموسيقى بدون غناء ، أيحل سماعها ؟ وما معنى أن بعض العلماء قد برعوا في علم الموسيقى ، وقد كان يعالج بها المرضى ؟
الجواب:
الحمد لله
"يحرم الاشتغال بإذاعة الموسيقى وبسماعها ، سواء كانت مع غناء أم لا ، وهي مع الغناء أشد بلاء وإفساداً للفطر والأخلاق ، وما ذكر من أن بعض العلماء قد برعوا فيها فصحيح ؛ لكنهم من جنس الفارابي ، من الذين لا خبرة لهم بالدين الإسلامي ، وليسوا قدوة للمسلمين ، ولا حجةً في الحق ، وليسوا من أئمة المسلمين علماً وعقيدة وعملاً ؛ كالخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وأئمة السلف الصالح ؛ كسعيد بن جبير والحسن البصري والشافعي وأحمد بن حنبل والأوزاعي ، وأمثالهم في العلم الإسلامي والعمل به ، فهؤلاء قدوة لمن بعدهم رحمهم الله .
وأما العلاج بالموسيقى فلا يجوز ، ولا يحتاج إليه المسلم لوجود ما يغني عنه بالأناشيد الإسلامية وقراءة القرآن بصوت حسن ، ونحو ذلك مما يهدئ الأعصاب ويبعث السرور في النفس ، ويزيد المسلم إيماناً بالله وبقضائه وقدره .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/216) .(/1)
رقم السؤال:
106606
العنوان:
أودع والدهم مالا في مصرف أجنبي ووضعه المصرف في أسهم
السؤال:
كان أبي يضع أمواله في بنك أوربي من سنة 1978 وتوفي سنة 1993 وفي عام 2005 سافرت أنا وأمي إلى البنك فرفضوا إطلاعنا على الرصيد ، أو السحب منه ، لكن أعطونا جزءاً منه لتكاليف الإقامة والسفر . وطلب منا المصرف أوراق الفريضة الشرعية لتوزيع المال على الورثة . وعدنا مرة أخرى عام 2006 وتبين أن المصرف باسمه القديم أغلق ودخل تحت اسم جديد (المجموعة العالمية للمصارف الأمريكيةAIG ) . ووجدنا أن نظام استثماراته في شراء أسهم بأموال أصحاب الحسابات ، في شركات التأمين ، والأدوية ، والألبان ، والمثلجات ، ومياه الشرب ، وشراء الأراضي وبيعها ، والاستثمار في بعض المصارف الأخرى ، وذلك مبين في الأوراق التي يعطونها نهاية كل عام ، والتي تبين كم أخذ من حسابك وكم رجع لك من الأرباح . والأموال مقسمة لتوضح في أي الشركات وأي الأنشطة التي دخل فيها . لكن لا يمكننا معرفة رأس المال الذي وضعه أبي ، وأقصى حد لمعرفة الرصيد هو في سنة 1996 . وقد يعطي البنك قروضاً ربوية بفائدة 1% في حالات استثنائية ، لكنهم قالوا هذه الفائدة يأخذها أصحاب البنك وليس أصحاب الحسابات . وقد لا أستطيع أخذ المال مرة واحدة والرجوع به إلى بلدي ، فما رأيكم في هذه الأموال ؟ وأنا قادر علي أخذ الأموال المتحصلة من مجالات الأغذية وغيرها وترك ما فيه شبهة حسب ما هو مبين في الأوراق التي يعطيها المصرف ؟ وأعلمونى كيفية إخراج الزكاة عن تلك الفترة الماضية ؟ وهل أخرج الزكاة عن كل مبلغ آخذه كل مرة أم على العوائد السنوية ؟ وإن كنت أخذت منه عامين متتالين في أشهر مختلفة، وأنا أريد التطهر من المال الذي فيه شبهة فهل أعطيه للفقراء أم لبناء المساجد أم لمساعدة الشباب العاطل وفتح مشاريع لهم وللناس الذين عليهم ديون ولهم وظائف ؟ وهل تحسب الزكاة على هذه الأموال المخرجة أم لا ؟ ملاحظة :(/1)
نظام المصرف علي الربح والخسارة (balanced strategy ) أي غير محدد بقيمة ثابتة للربح وقال لي أيضا عند إعلان إفلاسه أنك لا تخسر أموالك . وهذا في الأغلب لا يحدث .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا يجوز وضع المال في البنك الربوي ، إلا لضرورة حفظه عند عدم وجود بنك الإسلامي . والبنك الربوي لا تنفك معاملاته عن الحرام ، إما بالإقراض بالربا ولو بنسبة 1% ، أو الاستثمار في الشركات المحرمة كالتأمين ، أو الشركات التي تتعامل بالحرام ، أو المضاربة في مال العملاء مع ضمان رأس المال ، وغير ذلك مما حرمه الله ، لأنه لم يؤسس على التقوى ، وإنما أسس لجمع المال بأي طريقة .
ولهذا يجب سحب المال من هذا البنك ، والاجتهاد في ذلك ، وعدم التراخي فيه .
ثانيا :
نرى أن تأخذ جميع المال الموجود في البنك ، ثم تتخلص من الجزء المحرم ، وهو ما نتج عن الدخول في أسهم شركات التأمين ، وما نتج عن الاستثمار في البنوك الأخرى ، ولك الانتفاع برأس المال الذي وضع في هاتين الجهتين .
والتخلص من المال يكون بصرفه في أوجه البر المختلفة ، فيجوز إعطاؤه للفقراء ، أو لمساعدة الشباب العاطل ، أو في سداد ديونهم أو في بناء مسجد . ولا زكاة في هذا المال ، لأنه مال حرام ، ولهذا وجب التخلص منه .
ثالثا :
الذي يظهر _ والله أعلم _ أن هذا المال لا زكاة فيه ، لأنك لا تملكه ملكاً كاملاً ، فلا تستطيع التصرف فيه ، أو السحب منه ، أو تحويله ، أو حتى معرفة قدره .
والأحوط لك : أن ما تقبضه من الأموال من البنك تخرج زكاته عن عام واحد فقط ، أي تخرج منه 2.5% .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
106607
العنوان:
يركب الحافلة أو التاكسي ولا يستطيع منع السائق من الأغاني المحرمة
السؤال:
نضطر إلى سماع الأغاني أو الموسيقى ، سواء في الحافلة التي تقلنا إلى العمل يومياً ، أو الحافلات والتاكسيات التي نحتاجها في السفر بعض الأحيان ، فما الحكم ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كنت لا تستطيع منع الأغاني في الحافلة وأنت محتاج إلى ركوبها لبعد المسافة ، ولا تجد وسيلة غيرها – فلا بأس عليك في ذلك ، مع إنكار المنكر حسب استطاعتك ، ولو في قلبك .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/241) .(/1)
رقم السؤال:
106608
العنوان:
يضطر لركوب تاكسي وبه الأغاني المحرمة
السؤال:
ماذا يفعل الذي يضطر إلى ركوب سيارة تاكسي ويوجد فيها الغناء المحرم ؟
الجواب:
الحمد لله
"يجب عليك أن تنصح لمن ركبت معهم السيارة التي يوجد بها غناء محرم ألا يفتحوا الإذاعة على الغناء ، عسى أن يستجيبوا لنصحك ويكفوا ، فإن انتصحوا فالحمد لله ، وإلا فانزل ودعهم في غيهم ، حفظاً لنفسك من سماع المنكر ، وإن شق عليك النزول لأمر ما فلا حرج عليك في بقائك في السيارة .
بالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/236) .(/1)
رقم السؤال:
106609
العنوان:
أهمية مكة بالنسبة للمسلمين
السؤال:
ما هي أهمية مكة للعالم الإسلامي ؟
الجواب:
الحمد لله
"قد جعلها الله مثابة للناس وأمناً ، وحرماً آمناً ، يجتمع فيه الحجاج والعلماء لأداء مناسكهم في غاية الراحة والاطمئنان ، يرجون ثواب الله سبحانه ، ويخشون عقابه ، ويتعارف فيها المسلمون ويتناصحون ، ويتشاورون فيما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم ، وتضاعف لهم فيها الصلاة والأعمال الصالحة .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/8) .(/1)
رقم السؤال:
106610
العنوان:
لم يكن يعلم أن العمل في البنك حرام
السؤال:
لم أكن أعلم أن العمل في البنك حرام ، وقد تبت إلى الله تعالى وتركت العمل ، فما حكم الأموال التي جمعتها من عملي في البنك ؟ هل هو مال حرام ؟
الجواب:
الحمد لله
ما دمت لم تكن تعلم أن هذا العمل حرام ، وقد تركت العمل بمجرد علمك بأنه حرام ، فلا يلزمك التخلص من هذه الأموال ، ولا حرج عليك من الانتفاع بها ، لقول الله تعالى بعد ما بَيَّن تحريم الربا : (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ) البقرة/275 .
قال الشيخ ابن عثيمين : "من فوائد الآية : أن ما أخذه الإنسان من الربا قبل العلم بالتحريم فهو حلال له، بشرط أن يتوب وينتهي" انتهى .
"تفسير سورة البقرة" (3/377) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"المدة التي جلستها في البنك للعمل فيها : نرجو من الله أن يغفر إثمها عنك ، وما جمعتَه من نقود وقبضتها بسبب العمل في البنك عن المدة الماضية : لا إثم عليك فيها ؛ إذا كنت تجهل الحكم في ذلك" .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 15 / 46 ) .
وقالوا أيضاً :
"إذا كان الواقع كما ذكرت ، من أنك تركت العمل به بعد أن أخبرت أنه لا يجوز العمل في البنك : فلا حرج عليك فيما قبضته من البنك مقابل عملك لديه مدة الأشهر المذكورة ، ولا يلزمك التصدق بها ، وتكفي التوبة عن ذلك ، عفا الله عنا وعنك ؛ لقول الله سبحانه : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ )" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 15 / 50 ، 51 ) .(/1)
رقم السؤال:
106611
العنوان:
تذكر بعد خروجه من المسجد أنه نسي شوطاً من طواف الإفاضة
السؤال:
إذا طاف الحاج طواف الإفاضة، ونسي أحد الأشواط ولم يعلم إلا بعد خروجه من المسجد الحرام، فما الحكم؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا طاف الحاج طواف الإفاضة ونسي أحد الأشواط، وطال الفصل فإنه يعيد الطواف، وإن كان الفصل قريباً فإنه يأتي بالشوط الذي نسيه .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/253) .(/1)
رقم السؤال:
106612
العنوان:
تعجل وطاف للوداع ثم اضطر للرجوع إلى منى والمبيت بها
السؤال:
من رمى الجمرات ثاني أيام التشريق، ثم نزل في الحال، وطاف طواف الوداع، ثم عاد لمنى بنية الرحيل فوجد بعض رفقته قد ضاعوا، فبات في منى ليلة الثالث من أيام التشريق، وفي اليوم الثالث نزل وطاف للوداع مرة ثانية ، لكنه لم يرم الجمار ذلك اليوم فماذا يلزمه ؟
الجواب:
الحمد لله
"مادام أنه رجع إليها بعد ما نفر من منى يوم الثاني عشر قبل غروب الشمس بنية الرحيل، ولكنه اضطر للمبيت لفقد رفقته فلا شيء عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/290) .(/1)
رقم السؤال:
106613
العنوان:
العمل في البنك الربوي بدون راتب للتدرب على نظام الحاسب والشبكات
السؤال:
أتعلم حاليا على نظام للحاسوب مستخدم للشبكات ... ولكن تنقصني الخبرة ... سألت فقيل لي بأن البنوك تستخدم هذا النظام ... فهل يجوز شرعا التدرب (دون أجر) في البنوك على الأمور التقنية ... وهل يجب البحث عن مصدر بديل في حالة وجوده (علما أنه من الصعب إيجاد مصدر آخر للتدريب) ... أم لا حرج في ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
البنوك الربوية لا يجوز العمل فيها ، بأجر أو بغير أجر ؛ لأن العامل فيها إما أن يباشر الربا كتابة أو شهادة ، وإما أن يعين على ذلك بوجه من الوجوه ، والبنك الربوي محل من محلات المنكر العظيم ، تقترف فيه كبيرة من كبائر الذنوب ، ولا يؤمن على من يجلس في هذا المكان أن تحل به اللعنة التي توعد الله بها أصحاب الربا ، كما لا يؤمن على من تدرب في هذا المكان أن تدعوه النفس الأمارة بالسوء إلى مواصلة العمل فيه ؛ لما يجده من المغريات .
ولهذا نقول : لا يجوز العمل ولا التدرب في البنك الربوي ، وعليك أن تبحث عن مكان آخر خالٍ من الإثم ، وستجد بإذن الله .
نسأل الله تعالى لك التوفيق والتسديد .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
106630
العنوان:
حكم الجمع بين الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة
السؤال:
هل يجوز ذبح ذبيحة واحدة بنية الأضحية والعقيقة ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا اجتمعت الأضحية والعقيقة ، فأراد شخصٌ أن يعقَ عن ولده يوم عيد الأضحى ، أو في أيام التشريق ، فهل تجزئ الأضحية عن العقيقة ؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين :
القول الأول : لا تجزئ الأضحية عن العقيقة . وهو مذهب المالكية والشافعية ، ورواية عن الإمام أحمد رحمهم الله .
وحجة أصحاب هذا القول : أن كلاً منهما – أي : العقيقة والأضحية – مقصود لذاته فلم تجزئ إحداهما عن الأخرى ، ولأن كل واحدة منهما لها سبب مختلف عن الآخر ، فلا تقوم إحداهما عن الأخرى ، كدم التمتع ودم الفدية .
قال الهيتمي رحمه الله في "تحفة المحتاج شرح المنهاج" (9/371) : " وَظَاهِرُ كَلَامِ َالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِشَاةٍ الْأُضْحِيَّةَ وَالْعَقِيقَةَ لَمْ تَحْصُلْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ " انتهى .
وقال الحطاب رحمه الله في "مواهب الجليل" (3/259) : "إِنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ أَوْ أَطْعَمَهَا وَلِيمَةً ، فَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ : قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ : قَالَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ الْفِهْرِيُّ إذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ لَا يُجْزِيهِ ، وَإِنْ أَطْعَمَهَا وَلِيمَةً أَجْزَأَهُ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْأَوَّلَيْنِ إرَاقَةُ الدَّمِ ، وَإِرَاقَتُهُ لَا تُجْزِئُ عَنْ إرَاقَتَيْنِ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْوَلِيمَةِ الْإِطْعَامُ ، وَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْإِرَاقَةِ ، فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ . انْتَهَى " انتهى .(/1)
القول الثاني : تجزئ الأضحية عن العقيقة . وهو رواية عن الإمام أحمد ، وهو مذهب الأحناف ، وبه قال الحسن البصري ومحمد بن سيرين وقتادة رحمهم الله .
وحجة أصحاب هذا القول : أن المقصود منهما التقرب إلى الله بالذبح ، فدخل إحداهما في الأخرى ، كما أن تحية المسجد تدخل في صلاة الفريضة لمن دخل المسجد .
روى ابن أبي شيبة رحمه الله في "المصنف" (5/534) : عَنْ الْحَسَنِ قَالَ : إذَا ضَحُّوا عَنْ الْغُلَامِ فَقَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ مِنْ الْعَقِيقَةِ .
وعَنْ هِشَامٍ وَابْنِ سِيرِينَ قَالَا : يُجْزِئُ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ مِنْ الْعَقِيقَةِ .
وعَنْ قَتَادَةَ قَالَ : لَا تُجْزِئُ عَنْهُ حَتَّى يُعَقَّ .
وقال البهوتي رحمه الله في "شرح منتهى الإرادات" (1/617) : " وَإِنْ اتَّفَقَ وَقْتُ عَقِيقَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ ، بِأَنْ يَكُونَ السَّابِعُ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ ، فَعَقَّ أَجْزَأَ عَنْ أُضْحِيَّةٍ ، أَوْ ضَحَّى أَجْزَأَ عَنْ الْأُخْرَى ، كَمَا لَوْ اتَّفَقَ يَوْمُ عِيدٍ وَجُمُعَةٍ فَاغْتَسَلَ لِأَحَدِهِمَا ، وَكَذَا ذَبْحُ مُتَمَتِّعٍ أَوْ قَارِنٍ شَاةً يَوْمَ النَّحْرِ ، فَتُجْزِئُ عَنْ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَعَنْ الْأُضْحِيَّةَ " انتهى .
وقال رحمه الله في "كشاف القناع" (3/30) : " وَلَوْ اجْتَمَعَ عَقِيقَةٌ وَأُضْحِيَّةٌ ، وَنَوَى الذَّبِيحَةَ عَنْهُمَا ، أَيْ : عَنْ الْعَقِيقَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ أَجْزَأَتْ عَنْهُمَا نَصًّا [أي : نص عليه الإمام أحمد]" انتهى.
وقد اختار هذا القول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فقال : "لو اجتمع أضحية وعقيقة كفى واحدة صاحب البيت ، عازم على التضحية عن نفسه فيذبح هذه أضحية وتدخل فيها العقيقة .(/2)
وفي كلامٍ لبعضهم ما يؤخذ منه أنه لابد من الاتحاد : أن تكون الأضحية والعقيقة عن الصغير. وفي كلام آخرين أنه لا يشترط ، إذا كان الأب سيضحي فالأضحية عن الأب والعقيقة عن الولد .
الحاصل : أنه إذا ذبح الأضحية عن أُضحية نواها وعن العقيقة كفى" انتهى .
"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (6/159) .
والله أعلم(/3)
رقم السؤال:
106632
العنوان:
هل يجزئ في العقيقة عن الذكر شاة واحدة؟
السؤال:
هل ذبح شاة واحدة عن الصبي تجزئ أم لابد من شاتين ؟
الجواب:
الحمد لله
سبق في الموقع بيان حكم العقيقة ، وأنها سنة على القادر ، كما في جواب السؤال رقم (20018) .
والسنة أن يعق عن المولود الذكر شاتان وعن الأنثى شاة واحدة ؛ لما روى رواه الترمذي ( 1516 ) والنسائي ( 4217 ) عن أم كرز أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( عن الغلام شاتان ، وعن الأنثى واحدة ، لا يضركم ذكراناً أم إناثاً ) . صححه الألباني في " إرواء الغليل " ( 4 / 391 ) .
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة ) . رواه الترمذي ( 1513 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " وَهَذِهِ الْأَحَادِيث حُجَّة لِلْجُمْهُورِ فِي التَّفْرِقَة بَيْن الْغُلَام وَالْجَارِيَة , وَعَنْ مَالِك هُمَا سَوَاء فَيَعُقّ عَنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا شَاة , وَاحْتَجَّ لَهُ بِمَا جَاء ( أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ الْحَسَن وَالْحُسَيْن كَبْشًا كَبْشًا ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَلَا حُجَّة فِيهِ ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس بِلَفْظِ : (كَبْشَيْنِ كَبْشَيْنِ) ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه مِثْله , وَعَلَى تَقْدِير ثُبُوت رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيث مَا يُرَدّ بِهِ الْأَحَادِيث الْمُتَوَارِدَة فِي التَّنْصِيص عَلَى التَّثْنِيَة لِلْغُلَامِ , بَلْ غَايَته أَنْ يَدُلّ عَلَى جَوَاز الِاقْتِصَار , وَهُوَ كَذَلِكَ , فَإِنَّ الْعَدَد لَيْسَ شَرْطًا ، بَلْ مُسْتَحَبّ " انتهى .(/1)
وقال الشيرازي رحمه الله في "المذهب" (8/433) : " السُّنَّةُ أَنْ يَذْبَحَ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَيْنِ , وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةً ؛ وَإِنْ ذَبَحَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةً جَازَ" انتهى باختصار .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فإن لم يجد الإنسان ، إلا شاة واحدة أجزأت وحصل بها المقصود ، لكن إذا كان الله قد أغناه ، فالاثنتان أفضل " انتهى .
"الشرح الممتع" (7/492) .
فعلى هذا ، يجوز للإنسان أن يعق عن ولده الذكر بشاة واحدة ، ويجزئه ذلك ، وإن كان الأفضل أن يعق بشاتين إن قدر على ذلك .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم (60252) .
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
106643
العنوان:
الأصل طهارة ماء المسابح حتى تُعلم نجاستها
السؤال:
هل ماء المسبح طاهر إذا بلل الملابس حيث إن ماء المسبح يسبح فيه الصغار وقد ينجسونه ؟
الجواب:
الحمد لله
الأصل في كل المياه أنها طاهرة ، إلا إذا وقعت فيها نجاسة ، وأثرت تلك النجاسة في لونها أو طعمها أو ريحها ، فهنا نحكم بنجاسة الماء ؛ قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً ) الفرقان/48 ، وروى النسائي (326) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ ) ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (1925) .
وقال علماء اللجنة الدائمة الإفتاء :
"الأصل في الماء الطهارة ، فإذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه بنجاسة فهو نجس ، سواء كان قليلاً أو كثيراً ، وإذا لم تغيره النجاسة فهو طهور " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/84) .
فعلى هذا ، فإن ماء المسبح باقٍ على الأصل ، وهو الطهارة حتى نتيقن أنه تغير بنجاسة وقعت فيه .
قال الشيرازي رحمه الله في "المذهب" (1/221) : " إذَا تَيَقَّنَ طَهَارَةَ الْمَاءِ وَشَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ تَوَضَّأَ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ , وَإِنْ تَيَقَّنَ نَجَاسَتَهُ وَشَكَّ فِي طَهَارَتِهِ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى النَّجَاسَةِ , وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ طَهَارَتَهُ وَلَا نَجَاسَتَهُ تَوَضَّأَ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ " انتهى .
والله أعلم(/1)
رقم السؤال:
106669
العنوان:
حكم الاشتراك في موقع "أجلوكو" ، وحكم المال المكتسب منهم
السؤال:
ما حكم المشاركة في مواقع "أجلوكو" وهو برنامج ربح عن طريق الإنترنت ، ويمكنكم فهم طريقة الربح بقراءة هذا الكلام : " كيف تربح ، الربح ناتج عن قناتين : القناة الأولى : هي تشغيلك للفيوبار 10 دقائق يوميّاً ، أي : 5 ساعات شهريّاً ، وهذه هي الفترة التي حددتها "أجلوكو" حاليّاً ، القناة الثانية : وهي الأكثر ربحاً : هي استضافتك لأكبر عدد ممكن من المشتركين ، حيث تربح من كل مشترك استضفته مبلغ في حدود 30 دولاراً ، هذا بالإضافة إلى الأرباح الشهرية التي تحددها "أجلوكو" لكل مشترك حيث إن "أجلوكو" تخصص 90 % من أرباحها لأعضائها الذين هم نحن ، وبالتالي فإن كل عضو في "أجلوكو" بالتأكيد سيربح ، ولو على أقل تقدير 500 دولاراً". هذا في حال استضاف عدداً قليلاً من المشتركين ، أما إذا كان المشترك نشطاً : فإن أرباحه الشهرية لا حدود لها فقد تكون 5000 دولاراً ، أو 10000 دولاراً ، أو أكثر ، حسب نشاطه ، وعدد المشتركين الذين قدمهم لـ "أجلوكو" . فما حكم هذا المال ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
إن المسلمَ عبدٌ لله تعالى، يعيش في هذه الدنيا ونصب عينيه أوامر ربه تعالى ليفعلها ، ونواهيه عز وجل ليدع فعلها ، ومن مقتضى العبودية : البُعد عن كل ما يسخطه تعالى من الأقوال والأفعال .
وربنا تعالى خلق كل ما في الأرض للإنسان ، وأباح له التنعم بما فيها من خيرات ، وما حذَّره منه قليل في مقابل ما أباحه له .
وقد أخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن العبد لا بدَّ وأنه مسئول يوم القيامة عن مالهِ من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، ولذا فعلى العبد أن يعلم الكسب الحلال من الحرام ، وأن يعلم مجالات الإنفاق المباحة من المحرمة ؛ خشية أن يعرِّض نفسه لسخط ربه تعالى وعقابه .(/1)
وقد جُبلت النفوس على حب المال ، وزيِّن للناس حب الذهب والفضة ، ولكن عبودية المسلم لربه تعالى تأبى أن يكون عبداً للدرهم والدينار ، وتأبى أن يحرص على تحصيل هذه الزينة والشهوة على حساب غضب الله تعالى وسخطه .
ثانياً:
مما اشتهر في هذه الأيام الدعوة للكسب السريع الهيِّن عن طريق موقع عالمي مشهور ، وكل ما يطلبه منك هذا الموقع تنزيل برنامج خفيف المحمل ، قليل الحجم ، وتضعه في جهازك ؛ ليتم به أمران :
الأول : أن تصبح بذلك عضواً في ذلك الموقع ، فيتكثر بك أمام المواقع الأخرى ، وأمام الشركات ، وأصحاب البضائع .
والثاني : أن تدخل من خلاله لمواقع عالمية مشهورة تختص بالبحث – مثل "جوجل" - ، أو ببيع الكتب – مثل "أمازون" - ، فإذا دخلتَ على تلك المواقع العالمية المشهورة من خلال ذلك البرنامج السهل الخفيف : ذهبت عمولة معينة – وهي 10 سنتات – لذلك الموقع صاحب ذلك البرنامج الخفيف .
وهذا البرنامج عندما تنزله على جهازك فإنه يصبح ثابتاً في شاشة جهازك ، وهو عبارة عن شريط تظهر فيه أسماء تلك المواقع العالمية المشهورة ليتم الدخول من خلاله لها ، وتظهر فيه روابط إعلانية لشركات ومصانع ومؤسسات تسوق لبضائعها ومنتجاتها .
وهذا الموقع العالمي الذي يطلب منك تنزيل ذلك البرنامج ليصبح شريطاً في أسفل شاشتك هو: "أجلوكو" ( Agloco ) ، وذاك البرنامج الشريط هو ما يسمى "الفيوبار" .
و "أجلوكو" هو اختصار جملة " المجتمع العالمي ( A Global Community) ، وهي شبكة اقتصادية عالمية تم إنشاؤها في نوفمبر ، سنة 2006 م .
والشركات التي ترغب في الإعلان عن منتجاتها أو بضائعها أو مخترعاتها إنما تبحث عن المواقع التي يقصدها أكبر عددٍ من المتصفحين ، ولذلك تتنافس المواقع في جذب أكبر عددٍ منهم ليتم من خلال ذلك العدد جذب الشركات ومواقع الإعلان لهم .(/2)
وقد رأى أصحاب ذلك الموقع أن خير طريقة لجذب المتصفحين له هو وعدهم بأن يكون لهم نصيبٌ من الأرباح المجناة من تلك الشركات المعلنة عندهم ، وهي تقول لمتصفحيها نحن نتكثر بكم ، ونفيدكم بما نكسبه ، ويعد أصحاب الموقع الأعضاء النشيطين بمزيد من الأرباح الشهرية ، وذلك في حال نجاحهم بجذب متصفحين غيرهم ، ينزلون ذلك البرنامج عندهم على أجهزتهم .
وهنا أمران مهمان لا بدَّ من الإشارة لهما :
الأول : أن الموقع "أجلوكو" لا يستوفي مبلغاً مقابل الاشتراك معهم .
والثاني : أنه لا يُلزم بالدخول على الصفحات التي تظهر روابطها على شريطهم .
هذا هو ملخص وخلاصة المسألة الوارد ذِكرها في السؤال ، وأما حكمه من ناحية الشرع : فالذي يظهر لنا هو عدم جواز الاشتراك معهم للأسباب التالية :
الأول : أن المشترك معهم سيكون جزءً من هذا الموقع العالمي ، بل قد يكون من أصحاب الأسهم – حيث وعدوا بإعطاء أرباح مكونة من مال وأسهم في الموقع - ، ولا شك أن هذا الموقع سيحمل في طياته كثيراً من المخالفات الشرعية ، مكتوباً ، ومسموعاً ، ومرئيّاً ، فهم ليسوا من المسلمين الذين يعبدون الله ، بل هم من عبيد الشهوات ، وعبيد اليورو والدولار .
والثاني : أن الاشتراك معهم سيكون سبباً في إيصال روابط لمواقع وشركات تشتمل على المحرمات والمنكرات ، فهناك مواقع إباحية فاسدة ، وهناك مواقع للموسيقى والغناء ، ومواقع للبورصات العالمية ، والبنوك الربوية ، ومواقع تعارف بين الجنسين ، وصور ، وأفلام فيها من الحرام الشيء الكثير ، وكل ذلك ستظهر روابطه على جهازك ، وإذا ضمن المسلم نفسه بعدم الدخول : فإنه لا يضمن غيره ممن يستعمل جهازه ، مع أن الأصل أن اشتراكه في ذلك الموقع هو الذي دفع شركات الإعلان والمواقع ذات المحرمات والمنكرات للإعلان في موقع "أجلوكو" ، وبالتالي وصلت الإعلانات – بما فيها من منكرات – لجهازك .(/3)
والعجيب أن ذلك البرنامج المسمى "الفيوبار" سيتعرف على ميول المتصفح بحسب المواقع التي يزورها ، ومن ثم فإنه سيرسل لك روابط إعلانات تتوافق مع رغبتك ، فلو كان المتصفح يدخل مواقع الغناء : فإنه ستأتيه روابط إعلانية لمواقع غنائية ، وموسيقى ، وهكذا لو دخل أحد المتصفحين موقعاً فاجراً يحوي صوراً وأفلاماً : فإنه ستأتيه روابط إعلانية تتوافق مع ما يدخله من تلك المواقع الفاسدة .
ولذلك : فإننا نرى حرمة الاشتراك في ذلك الموقع المسمى "أجلوكو" ؛ لما يتسببه الاشتراك معهم في تقويته أمام شركات الإعلانات ، وأمام الشركات والمواقع الراغبة في الإعلان ؛ ولما يتسببه الاشتراك معهم في وصول إعلانات لمواقع تحوي المنكرات والمحرَّمات .
ونحذِّر المسلمين من الاغترار بدعايتهم بالكسب السريع ، والحلال ! ونحذِّرهم مما ينشرونه في دعايتهم من فتوى للشيخ الدكتور سامي السويلم حفظه الله ، فهي لا علاقة لها بحقيقة عملهم ، وفتواه حفظه الله كانت في مواقع تقدم عمولات مقابل تصفح الإعلانات لديها ، وفي الفتوى ذاتها قوله حفظه الله : " وهذا النوع لا حرج فيه - إن شاء الله - بشرط أن تكون الإعلانات بعيدة عن المحاذير الشرعية ، ولا تتضمن الدعاية لمحرم ، أو منكر " ! وأنَّى لموقع "أجلوكو" أن يمنع تلك المحرمات ، والمنكرات من وجودها على أجهزة مشتركيه ؟! وأخيراً نقول :
إن الله تعالى وسَّع لنا أبواب الرزق الحلال ، وأكثر لنا من طرقه وسبُله ، والمال الحلال يبارك الله تعالى فيه وإن كان قليلاً ، والمال الحرام يمحقه ولو كان كثيراً .
ونسأل الله تعالى أن يغنينا بحلاله عن حرامه ، وبفضله عمن سواه .
والله أعلم(/4)
رقم السؤال:
106681
العنوان:
يختلف مع زوجته كثيراً حتى ساءت العشرة بينهما
السؤال:
يوجد تشاكس في الآراء بيني وبين زوجتي ، وفي مرة من المرات أثناء نشوزها علي ضربتها على خذها وندمت لذلك واستغفرت الله لضربي للوجه وربما دخولي في الضرب المبرح ، وصليت صلاة توبة على الفور ، وتذكرت أن ذلك من عمل الشيطان ، فبالرغم من أنها حرضتني على ضربها ولكن يجب أن أكون أكبر نفساً منها ، مما جعلها تقول لي إني لا أسوى بصقة عندها ، وهذا يضايقني كثيراًً عندما أتذكر كلمتها هذه لي ، وأفكر في طلاقها بسبب ذلك ، ولي منها أربع أطفال وهي حامل الآن موجودة في بيت أهلها ، فماذا ترون في ذلك؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
العلاقة الزوجية علاقة عظيمة سماها الله تعالى ميثاقا غليظا حين قال : (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا) النساء/21 . فينبغي سهر كل من الزوجين على حماية هذه العلاقة .
ولا يجوز أبدا أن تكون مناقشات الزوجين وحياتهما قائمة على الاختلاف في كل شيء ، كبير وصغير ، والمشاكسة في الآراء والتنازع ، بل الواجب عليهما أن تكون معاشرتهما معاً بحسن الخلق ، والمعروف ، والإحسان .
ثانيا :
لا شك أن ما قمت به من ضرب الوجه محرم ، قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم .
فالواجب عليك : التوبة إلى الله تعالى ، والندم على ما فعلت ، والعزم على عدم العود إلى ذلك مرة أخرى ، ويجب عليك أن تعتذر لزوجتك وتسترضيها ، ويجب عليها إذا رأت منك الصدق في ذلك أن تقبل اعتذارك .
وكل إنسان تحصل منه هفوات وزلات ، والعاقل هو الذي يعرف ما أخطأ فيه فيجتنبه ولا يعود إليه .
ثالثا :(/1)
عليك أن تحسن معاشرة زوجتك وأن تنتصح بما نصح به النبي صلى الله عليه وسلم الرجال حين قال : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ) رواه البخاري (3084) ومسلم (2671) .
وقال أيضا : ( أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ [أي : أسيرات] عِنْدَكُمْ) رواه الترمذي (1083) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ثم إننا ننصحك بالإبقاء على زوجتك وأن تحاول أن تترضاها لترتدع عما هي عليه من النشوز والسكنى مع أهلها حفاظا على التئام شملكم وقيامكم بالمسؤولية المشتركة تجاه أولادكم.
وأما الكلمة التي قالتها لك ، فلاشك أنها قد أخطأت فيه ، ولكن لا تنسى أنك أنت السبب فيها بضربك إياها ، ومهما يكن الأمر فالواجب على الزوجين أن يكون حل خلافاتهم بشيء من التعقل والتروي لا بالضرب والسب ، فإن هذا لا يزيد الخلافات إلا حدة .
فعليك بالتفاهم مع امرأتك ، وتناسي ما بدر منكما ، وليكن كل منكما حريصاً على احترام وراحة صاحبه .
وفقكم الله لما فيه الخير
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
106718
العنوان:
رضع من زوجة جاره الأولى فهل يصح أن يتزوج من بنت زوجته الأخرى
السؤال:
رجل متزوج من امرأتين وله أولاد من الزوجتين، قامت زوجته الأولى بإرضاع ابن جارهم في صغره، والآن بعد أن كبر الأولاد قام الأب بتزويج هذا الولد الذي أرضعته زوجته الأولى من ابنته من زوجته الثانية ، ويقول : هذه ليست أخته ، لأن أم البنت (الزوجة الثانية) لم ترضعه. ما العمل في هذه الحالة ؟ (علماً أن الزوجة الأولى -التي أرضعت الولد- غير متأكدة أنها أرضعت الولد خمس رضعات مشبعات فهي تتذكر أنها أرضعته ولكن لا تتذكر كم مرة) .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا أرضعت المرأة طفلا ، صار ابنا لها ولزوجها من الرضاع ، وأخاً لجميع أبنائها وأبناء زوجها صاحب اللبن ، ولو كانوا من زوجاته الأخر .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " إذا أرضعت امرأة طفلا خمس رضعات معلومات في الحولين أو أكثر من الخمس ، صار الرضيع ولدا لها ولزوجها صاحب اللبن ، وصار جميع أولاد المرأة من زوجها صاحب اللبن ومن غيره إخوة لهذا الرضيع ، وصار أولاد الزوج صاحب اللبن من المرضعة وغيرها إخوة للرضيع " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (22/274).
وسئل رحمه الله : رضعتُ من امرأة ثم تزوج زوجها من أخرى، وأنجبت زوجته أبناء، فهل هم إخوة لي؟
فأجاب : "إذا كان الرضاع خمس رضعات فأكثر وكان اللبن منسوباً للزوج لكونها أنجبت منه، فهم إخوة لك من أبيك وأمك من الرضاع، وأما أولاده من الزوجة الثانية فهم إخوة لك من أبيك من الرضاع.(/1)
والرضعة هي أن يمسك الطفل الثدي ويمص اللبن حتى يصل إلى جوفه ثم يترك الثدي لأي سبب من الأسباب ثم يعود ويمص الثدي حتى يصل اللبن إلى جوفه، ثم يترك الرضاع ثم يعود وهكذا حتى يكمل الخمس أو أكثر سواء كان ذلك في مجلس أو مجالس، وسواء كان ذلك في يوم أو أيام بشرط أن يكون ذلك حال كون الطفل في الحولين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا رضاع إلا في الحولين) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم ، لسهلة بنت سهيل : (أرضعي سالما خمس رضعات تحرمي عليه) ، ولما ثبت في صحيح مسلم وجامع الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم ، والأمر على ذلك ). وهذا لفظ رواية الترمذي . وفق الله الجميع لما يرضيه" انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (22/305).
ثانيا :
الرّضاع المُحَرِّم له شرطان :
الأول : أن يكون خمس رضعات فأكثر لحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ .. رواه مسلم (1452) .
الثاني : أن يكون ذلك في الحولين ( أي السنتين الأوليين من عمر الطّفل ) . لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لا رَضَاعَ إِلا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ) رواه ابن ماجة (1946) وهو في صحيح الجامع رقم (7495) ، وقال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه : بَاب مَنْ قَالَ لا رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) .(/2)
وتعريف الرّضعة : أن يُمسك الطّفل الثدي ويَرضع منه لبنا ثم يتركه ، ولا يشترط أن تكون مشبعة ، بل إذا مص أي كمية من اللبن ودخلت إلى معدته فهي رضعة.
فإذا حصل ذلك ثبتت أحكام الرّضاع من تحريم النّكاح وغير ذلك .
ثالثا :
إذا حصل الشكّ في عدد الرّضعات ، ولم يقع الجزم بحصول خمس رضعات ، فإن التحريم لا يثبت . قال ابن قدامة رحمه الله : " وإذا وقع الشكّ في وجود الرّضاع أو في عدد الرّضاع المُحَرِّم هل كمل أو لا ، لم يثبت التّحريم ، لأنّ الأصل عدمه ، فلا نَزول عن اليقين بالشكّ
" انتهى من "المغني" (11/312).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (13/454) :
"إذا شُك في كمال الرضاع ، بأن قالوا : نعم ، الطفل رضع من هذه المرأة عدة مرات ، لكن لا ندري أرضع خمساً أم دون ذلك ؟
فلا تحريم ، لأن الأصل الحل ، وهنا لم نتيقن إلا ما دون الخمس ، وهذا من أكثر ما يقع ، فدائماً الذين يسألون عن الرضاع ، نقول : كم رضع ؟ فيقولون : ما ندري ، فالجواب : لا تحريم ، والولد ليس ولداً لها حتى نتيقن أنه رضع خمس مرات" انتهى.
وإذا حصل الجزم بوجود خمس رضعات ، فإنه يفرق بين الزوج وزوجته ؛ لأنها لا تحل له .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
106721
العنوان:
تنصحهن فيذكرن لها ماضيها السيئ
السؤال:
أنا فتاة أرتدي الحجاب والحمد لله ، وأحفظ سوراً من القرآن الكريم وملتزمة بدين الله تعالى ، قبل أن أرتدي الحجاب كنت أرتدي ملابساً ضيقة وأضع على شعري تسريحة وبعض الصبغة ولا أصلي ، وممكن أتكلم مع شاب في الطريق ، ولا أهتم لكلام الناس ، وبعد أن هداني الله سبحانه وتعالى تغير كل شيء ، وندمت علي كل ما كنت أفعله . ما أعاني منه الآن : هو أني حين أتحدث إلى فتاة بخصوص الصلاة أو الحجاب أو أعطيها كتاباً يقولون عني : هذه التي تقول هذا الكلام ! هل نسيت ما كانت تفعلي ؟ ويقذفنني في عرضي ، ويقولن عني أسوأ الأشياء والله سبحانه وتعالى يعلم أني بريئة مما ينسب إليَّ ، ماذا أفعل ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
نحب أن نهنئكِ أيتها السائلة على التوبة والرجوع إلى الله عز وجل ، فمن نعمة الله على عبده أن يوفقه للتوبة ، ويدله عليها ، فكم هم الذين باقون على المعاصي والذنوب ، ولم يوفقوا للتوبة ، فأنتِ في نعمة ، فاشكري الله على تلك النعمة ، واسأليه المزيد في ذلك .
ثانياً :
الواجب على الإنسان أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؛ وذلك لأنه من أسمى الوظائف الإسلامية ، بل هو أشرفها وأعلاها ، وهو وظيفة الأنبياء والرسل عليهم السلام ، كما قال تعالى : ( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) النساء/165 .
وقد جعل الله الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس ؛ لقيامها بهذه الوظيفة العظيمة ، كما قال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران/110 .(/1)
فالواجب عليكِ هو الاستمرار في نصح ودعوة من علمت أنه على خطأ ، ولا تلتفتي إلى كلام المغرضين والمثبطين لكِ ، بل اصبري واحتسبي الأجر عند الله ، واعلمي أن ما أنتِ عليه هو نوع من أنواع الجهاد ، مطلوب فيه تحمل المشاق ، والصبر على الأذى فيه ، كما قال لقمان لابنه : ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) لقمان/17 .
ثالثاً :
ما ذكرتيه من أن بعض من تقومين بنصحه يذكركِ بماضيكِ ، فهذا منه نوع من الجهل ؛ وذلك لأنه كيف يلام شخص على ذنب قد تاب منه وأقلع عنه ! وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ) رواه ابن ماجه (4250) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وإذا كان الله جل وعلا يتوب على من تاب من الشرك ، فكيف بمن تاب مما هو دون الشرك من المعاصي والكبائر .
وأيضاً : إذا قيل إنه لا يدعو ولا ينصح من كان له ذنوب ومعاصٍ في السابق ، فإنه لن يدعو أحد ، ولن ينصح أحد ؛ لأنه ليس أحد معصوماً من الذنوب ، إلا من عصمه الله ، فهؤلاء الصحابة منهم من كان في جاهليته شارباً للخمر قاطعاً للرحم ... وأعظم من ذلك الشرك بالله ، ولا يشك عاقل في جلالة قدرهم وعلو مكانتهم ، وأنهم خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم ، فهم لم يتركوا الدعوة بحجة أنهم فعلوا كذا وكذا في الماضي ، بل قاموا بالدعوة خير قيام ، رضي الله عنهم ورضاهم .
والعبرة بكمال النهاية ، لا بنقصان البداية ، فالعبرة بما انتهى إليه أمر الإنسان ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ) البخاري (6607) .(/2)
والذي يظهر لنا -والله أعلم- أنهم يقولون ذلك فقط من أجل الجدال ، وهم يخدعون أنفسهم بأن لهم سبباً يردون من أجله الحق الذي تأمرينهم به ، ولو أنصف هؤلاء لتفكروا فيما تأمرينهم به هل هو حق فيقبل ؟ أو باطل فيرد ؟
بقطع النظر عمن أمر به ، فإن الحق يقبل لأجل كونه حقاً ، لا من أجل من تكلم به .
وقد يكون ماضيك سبباً لقبول كلامك ، وقوة حجتك ، لأنك إنما تأمرينهم بما تأمرينهم به وقد جَرَّبت الخير والشر ، والحلو والمر ، فأنت تأمرينهم بالحق بعد علم ويقين وتجربة ، وليس من جَرّب كمن سمع فقط .
وقديماً قال بعض التائبين : "من جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي" !
فاستمري في أمرهم ونصحهم ، واحتسبي ما تجدينه من مشقة واستهزاء ، نسأل الله تعالى لك مزيداً من التوفيق والحرص على هداية الخلق .
والله أعلم(/3)
رقم السؤال:
106722
العنوان:
نذرت أن تترك سماع الأغاني ثم سمعتها
السؤال:
إحدى صديقاتي نذرت قبل عدة أشهر أنها إذا نجحت في امتحان من الامتحانات ستترك سماع الأغاني ، والحمد لله نجحت وتركت سماع الأغاني لعدة أشهر ، ولكنها في الفترة الأخيرة عادت إلى سماعها . هل عليها التكفير كلما سمعت الأغاني أم التكفير مرة واحدة ؟
الجواب:
الحمد لله
الواجب عليها ترك سماع الأغاني سواء نذرت ذلك أم لم تنذر ، ويتأكد عليها تركها من أجل النذر ، وعقوبة مخالفة النذر عظيمة ، قال الله تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) التوبة/75-77 .
فيجب عليها التوبة إلى الله تعالى من سماع الأغاني ، والتوبة من عدم الوفاء بالنذر .
وسماع الأغاني والمعازف تفسد القلب ، حتى يقع في النفاق ، ولهذا قال من قال من السلف : الغناء ينبت النفاق في القلب .
وصدقوا ، والواقع شاهد بهذا ، فإن من يسمع الأغاني يحب سماعها ، ويفضلها على سماع القرآن الكريم وتلاوته ، وهذا من النفاق ، وكلما زاد من السماع زاد من النفاق .
وقد يعجل الله تعالى العقاب لسامعي الغناء والمعازف في الدنيا ، وهو عقاب شديد .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَالَ : إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ ) رواه الترمذي (2138) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
فالأمة مهددة بهذه العقوبات إذا ظهرت المعازف والقينات (المغنيات) .(/1)
وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن جماعة يذهبون إلى أصل جبل ، يسمعون المعازف ويشربون الخمر ، فيخسف الله بهم الجبل ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة . رواه البخاري . ورواه ابن ماجه بلفظ (4020) : (لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا ، يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ وَالْمُغَنِّيَاتِ ، يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
فعلى المؤمن أن يجتنب ما يغضب الله تعالى .
وأما بالنسبة للكفارة ، فيجب عليها كفارة واحدة.
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
106751
العنوان:
كيف يتوضأ ويصلي المريض المركب له كيس للبول؟
السؤال:
ما حكم الطهارة والصلاة لمريض راقد في سريره ؛ بسبب عملية أو غيره ومركب له أجهزة على يديه ، وكيس للبول حتى لا يتحرك من السرير ويذهب للحمام ، وهذا الكيس قد يبقى يوم ويفرغ عند امتلائه ثم يركب له مرة أخرى ؟
الجواب:
الحمد لله
تجب الصلاة على المسلم على أية حال كان عليها ما دام عقله باقياً ، فإذا كان الإنسان مريضاً ، وقدر على الصلاة قائماً ، فإنه يصلى قائماً ، فإن لم يستطع صلى قاعداً ، فإن لم يستطع صلى على جنبه ، فإن لم يستطع صلى مستلقياً ؛ لما روى البخاري ( 1066 ) عن عمران بن حصين قال : كانت بي بواسير ، فسألت الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال : (صلِّ قائماً ، فإن لم تستطيع فقاعداً ، فإن لم تستطيع فعلى جنب ) ، وكذا الحكم بالنسبة للطهارة ، فإذا قدر على الوضوء بالماء توضأ ، فإذا لم يستطع ، فإنه يتيمم بالتراب .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن المريض المركب له كيس بول كيف يصلي وكيف يتوضأ ؟(/1)
فأجاب : " يصلي على حسب حاله ، مثل صاحب السلس ومثل المرأة المستحاضة ، يصلي المريض إذا دخل الوقت على حسب حاله ، ويتيمم إذا كان لا يستطيع استعمال الماء ، فإن كان يستطيع ذلك وجب عليه الوضوء بالماء ؛ لقول الله عزل وجل : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) ، والخارج بعد ذلك لا يضره ، لكن لا يتوضأ إلا بعد دخول الوقت ، ويصلي ولو خرج الخارج ما دام في الوقت ، ولو كان البول يخرج من ذكره ، وهكذا ، المستحاضة تصلي في الوقت ، ولو خرج منها الدم مدة طويلة ، فإنها تصلي على حسب حالها ، لكن لا يتوضأ من حَدَثُه دائماً إلا إذا دخل الوقت ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة : ( توضئي لوقت كل صلاة ) ، فيصلي صاحب السلس والمستحاضة والمريض المسئول عنه في الوقت جميع الصلوات من فرض ونفل ، ويقرأ القرآن من المصحف ، ويطوف بالكعبة من كان بمكة مادام في الوقت ، فإذا خرج الوقت أمسك عن ذلك حتى يتوضأ للوقت الذي دخل " انتهى .
"الفتاوى المتعلقة بالطب وأحكام المرضى" (ص : 34) .
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
106758
العنوان:
كيف يتوضأ المريض ؟
السؤال:
هل يجوز أن يقوم شخص بمساعدة مريض لا يستطيع أن يتيمم بمفرده بسبب الأجهزة على يديه وكيفية ذلك ؟ ولو أراد أن يوضئه كيف يمكن أن يمضمضه ويستنثر له ؟ أو كيف يمكن أن يوضئه ؟
الجواب:
الحمد لله
يجب على المريض ما يجب على الصحيح من الطهارة بالماء من الحديثين الأصغر والأكبر ، فيتوضأ من الحدث الأصغر ، ويغتسل من الحدث الأكبر ، فإذا لم يستطع أن يتوضأ هو بنفسه ، فإنه يوضئه غيره .
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/103) : " وَإِذَا وَجَدَ الْأَقْطَعُ [من قطعت إحدى يديه] وَنَحْوُهُ ، كَالْأَشَلِّ وَالْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ أَنْ يُوَضِّئَ نَفْسَهُ مَنْ يُوَضِّئُهُ ، أَوْ يُغَسِّلُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَقَدَرَ عَلَيْهَا لزمه ذلك ; لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّحِيحِ " انتهى باختصار .
فإذا لم يستطع المريض أن يتوضأ ، ولم يجد من يوضئه ، فإنه يتيمم ، ولو على الجدار أو الفراش إن كان عليه غبار ، أو يحمل معه ترابا في إناء أو كيس يتيمم به ، فإن لم يمكنه التيمم صلى على حاله .
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/103) : " فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَضِّئُهُ وَلَا مَنْ يُيَمِّمُهُ , بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الْأُجْرَةِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ " انتهى .
فعلى هذا ، يجوز لك أن توضأ مريضك ، وذلك بأن تصب عليه الماء ، ويقوم هو بغسل أعضائه ، أو تقوم أنت بغسل أعضائه إذا لم يستطع هو القيام بذلك .
أما المضمضة والاستنشاق ، فإذا لم يستطع المريض فعلها بنفسه ، وتعذر ذلك عليك ، فلا حرج من تركها ، ولكن عليه بعد الانتهاء من الوضوء أن يتيمم ، لأنه يعتبر ترك عضواً من أعضاء الوضوء ، وقد سبق في جواب السؤال رقم (88066) بيان أن الوضوء والاغتسال لا يصحان إلا بالمضمضة والاستنشاق .(/1)
أما التيمم فإن لم يستطع أن يتمم هو ، فإنك تضرب بيديك على التراب ثم تمسح بهما وجهه ويديه .
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
106762
العنوان:
وكلت الجمعية في إخراج كفارة اليمين طعاما فأخرجتها نقودا
السؤال:
حلفت أيمانا ، وأردت إخراج الكفارة عنها وأعطيت مبلغا من المال لجمعية مختصة بهذا الشأن ليخرجوها طعاما بهذا المبلغ ، لكن ما حصل أنهم أخرجوها كما هي نقودا للفقراء ، هل يجب عليّ إعادة إخراج الكفارة مرة أخرى؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا يجوز إخراج كفارة اليمين نقودا ، في قول جمهور الفقهاء ؛ لأن الله تعالى بين الكفارة بقوله : ( لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة/89 .
فمن أخرج القيمة أو النقود لم تجزئه .
قال ابن قدامة رحمه الله : "لا يجزئ في الكفارة إخراج قيمة الطعام ، ولا الكسوة ، في قول إمامنا (يعني : الإمام أحمد) ، ومالك ، والشافعي ، وابن المنذر ، وهو ظاهر من قول عمر بن الخطاب وابن عباس.(/1)
لقول الله تعالى : ( إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم ) . وهذا ظاهر في عين الطعام والكسوة ، فلا يحصل التكفير بغيره ، لأنه لم يؤد الواجب إذ لم يؤد ما أمره الله بأدائه ، ولأن الله تعالى خير بين ثلاثة أشياء ولو جازت القيمة لم ينحصر التخيير في الثلاثة ، ولأنه لو أريدت القيمة لم يكن للتخيير معنى ; لأن قيمة الطعام إن ساوت قيمة الكسوة ، فهما شيء واحد ، فكيف يخير بينهما ؟ وإن زادت قيمة أحدهما على الآخر ، فكيف يخير بين شيء وبعضه ؟ فعلى هذا ، لو أعطاهم أضعاف قيمة الطعام ، لا يجزئه لأنه لم يؤد الواجب فلا يخرج عن عهدته " انتهى من "المغني" (10/6).
وعلى هذا ؛ فيلزمك إخراج الكفارة مرة أخرى ، وكان ينبغي لك أن تشترطي على الجمعية أن تخرج الكفارة طعاماً .
ونظراً لأن الخطأ الذي فعلته الجمعية يتكرر كثيراً في الزكاة والكفارات ، فتصرف في غير مصرفها الشرعي ، فينبغي للإنسان أن يخرج زكاة ماله أو الكفارة بنفسه ، ولا يوكل في إخراجها أحداً ، حتى يتأكد أنها وصلت إلى مستحقها ، على الوجه الذي يجزئه .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
106766
العنوان:
تبكي دائماً بسبب وفاة أمها
السؤال:
لدي صديقة توفيت أمها وهي تبكي دائماً ماذا عليها أن تفعل؟
الجواب:
الحمد لله
مصيبة الموت مصيبة لا مفر منها وهي امتحان لنا لنعمل الصالحات ونحسن أعمالنا لننال جزاءنا فيرضى الله عنا ، والحزن والبكاء على فقد قريب أمر جائز ، إذا كان على وجه العادة، ولم يصحب بنياحة أو تسخط ، فقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم على موت ابنه إبراهيم ، وقال : ( إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا ، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ ) روه البخاري (1220) و مسلم (4279) .
والمصائب في الدنيا تكفر الذنوب ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ) رواه البخاري (5210) ومسلم (4670) .
لكن .. ينبغي أن يكون هذا البكاء والحزن بقدر ، بحيث لا يضيع الإنسان مصالحه في الدنيا أو في الآخرة ، ويشتغل بذلك عن أعماله وواجباته ، وطاعته لله ، بل يجب عليه أن يصبر ويتحمل ، حتى يفوز بثواب الصابرين ، فيكفر الله سيئاته ، ويرفع درجاته .
والنصيحة لصديقتك أن تنشغل عن مصيبتها بعمل جاد كتعلم وقراءة وتلاوة القرآن واللهو المباح ، وأن تستعيذ بالله من الهم والحزن ، وأن تبتعد عن الانفراد والخلوة بالنفس ، فإن ذلك مما يسلط الشيطان عليها.(/1)
ولتعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حَرَّم على المرأة أن تحد على ميت فوق ثلاث ليالٍ إلا على الزوج ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) رواه البخاري (1280) ومسلم (1486) .
فلا يجوز للمرأة أن تستمر حزينة مجتنبة للزينة بسبب موت أحد أكثر من ثلاث ليال ، إلا على زوجها ، فتستمر مجتنبة للزينة فترة العدة كلها .
نسأل الله تعالى أن يلهمها الصبر ، ويستعملها في طاعته .
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
106771
العنوان:
أحوال وأحكام من قصد " جدة " لعمل أو زيارة ثم اعتمر
السؤال:
سافر أبي من الأردن إلى جدة لمؤتمر له هناك ، وقيل لهم : إنهم سوف يؤدون العمرة بعد أن يبيتوا ليلة أو ليلتين في جدة بعد انتهاء المؤتمر ، وفي الطائرة أعلن عن وصول الميقات لمن أراد أن يحرم ، ولم يحرم ، ولكن عندما وصل جدة تفاجأ أن البرنامج قد تغير ، وأنه في ليلة وصولهم عليهم أداء العمرة ، فأحرم من جدة ، وأدَّى العمرة ، ولم يخرج كفارة ، هل عليه شيء ؟
الجواب:
الحمد لله
لا يخلو من قصد جدة للعمل ، واعتمر من حالين :
الأولى : أن ينوي العمرة قبل وصوله لها ، فيكون في سفره إلى جدة قاصداً العمل والعمرة معاً ، بقطع النظر أيهما يكون أولاً .
والثانية : أن يقصد جدة ولم ينو العمرة ، ثم يبدو له أن يعتمر .
ففي الحال الأولى يجب عليه أن يُحرم من الميقات ، ثم يقضي عمله في جدة ، ثم يعتمر ، والأفضل له أن يبدأ بالاعتمار .
فإن تعذر عليه أن يبدأ بالعمرة ، وشق عليه أن يبقى أياما في جدة بثياب الإحرام فله ألا يحرم من الميقات عند مروره عليه ، لكن إذا أراد الإحرام بالعمرة بعد انتهاء عمله في جدة وجب عليه أن يخرج إلى الميقات ليحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم من جدة ، فقد ترك واجباً من واجبات الإحرام ، ويجب عليه أن يذبح شاة في مكة ويوزعها على فقراء الحرم .
وأما الحال الثانية : فلا يلزمه أن يُحرم في الميقات ؛ لأنه لا يقصد العمرة أصلاً ، ولو نوى العمرة بعد انتهاء عمله في جدة : فإنه يُحرم من مكانه في جدة .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :(/1)
إنني في عطلة الربيع الماضية اصطحبت أهلي وأولادي بنية زيارة أختي في الطائف ، ونأخذ عمرة والعلاج في جدة ، هذه هي النية أساساً ، الذي حصل أننا أقمنا في الطائف يوماً ، ثم ذهبنا إلى جدة مارين بمكة ولم نحرم من السيل ، حيث كنت أعتقد أن ما في ذلك شيء ، فأخرنا العمرة حتى العودة من جدة ، وفعلاً بعد انتهائنا من جدة أحرمنا بالعمرة ، ... فأرجو من سماحتكم توجيهنا للصواب ، وماذا يترتب علينا ؟ .
فأجابوا :
" الواجب على مَن نوى العمرة ثم مرَّ بالميقات : أن يُحرم منه ، ولا يجوز له مجاوزته بدون إحرام ، وحيث لم تحرموا من الميقات : فإنه يجب على كل منكم دم ، وهو ذبح شاة تجزئ في الأضحية تُذبح بمكة المكرمة ، وتقسم على فقرائها ، ولا تأكلوا منها شيئاً " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 176 ، 177 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : مَن سافر مِن بلده إلى جدة ثم أراد العمرة فهل يحرم من جدة ؟
فأجاب :
" لا يخلو الأمر مِن حالين :
1. أن يكون الإنسان قد سافر إلى جدة بدون نية العمرة ، ولكن طرأت له العمرة وهو في جدة : فإنه يُحرم من جدة ، ولا حرج في ذلك ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما حين ذكر المواقيت قال : ( ومَن كان دون ذلك : فمِن حيث أنشأ ، حتى أهل مكة من مكة ) .
2. أن يكون سافر من بلده بنية العمرة عازماً عليها : فإنه يجب في هذه الحالة أن يُحرم من الميقات الذي يمر به ، ولا يجوز الإحرام من جدة ؛ لأنها دون الميقات ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقَّت المواقيت فقال: ( هنَّ لهنَّ ولمن مرَّ عليهن مِن غير أهلهن لمن أراد الحج والعمرة ) .(/2)
فإن أحرم من جدة ونزل إلى مكة في هذه الحال : فإن عليه عند أهل العلم فدية ، دماً يذبحه في مكة ، ويتصدق به على الفقراء ، وعمرته صحيحة ، فإن لم يحرم من جدة بعد وصوله إليها ، وهو ناوٍ العمرة قبل وصوله : فإنه يرجع إلى الميقات ، ويحرم منه ، ولا شيء عليه.
"فتاوى أركان الإسلام " ( السؤال رقم 467 ) .
وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله :
القادم بالطائرة من الرياض ، ويريد العمرة ومرَّ بمدينة جدة لزيارة بعض الأهل ، أو الأصدقاء ليوم أو ليومين ، هل يلزمه أن يحرم مما يحاذي الميقات من الجو ؟
فأجاب :
" يجب عليه أن يحرم من هذا الميقات إذا مرَّ به أو مرَّ محاذياً له من الأرض أو من الجو ، فإنه لا يتجاوزه إلا بإحرام ، فالذي يذهب بالطائرة يتهيأ للإحرام قبل الركوب بما يريد أن يتهيأ به ، وإذا حاذى الميقات إما أن يسأل الملاحين أو هم يعلنون ذلك للناس أو هو يحتاط ويحرم إذا غلب على ظنه بأنه قرب من الميقات ، فيحرم من الجو ، أما أن يتعداه إلى أن ينزل في مطار جدة : فهذا خطأ ، وإذا فعل هذا فيكون عليه دم " انتهى بتصرف .
وسئل – حفظه الله - :
حتى لو كان سيبقى في جدة ليوم أو ليومين للزيارة ؟ .
فأجاب :
" ولو كان ، سيبقى في جدة ليوم أو ليومين إن أراد أن يبقى في جدة قبل أداء النسك ، يبقى في إحرامه ، وإن نزل إلى مكة وأدَّى النسك ثم رجع إلى جدة إلى عمله : فهذا أحسن ؛ لأن المبادرة بأداء النسك أحسن ، يعني : ما دام نوى العمرة لا يجوز له أن يتعدى الميقات إلا بإحرام ، لا شك في هذا ، ثم هو بعد ذلك هو في خيار ، إن شاء بقي في جدة بإحرامه ، وإن شاء نزل إلى مكة ، وعاد إلى جدة لعمله " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الفوزان " ( 4 / 119 ، 120 ، السؤال رقم 118 و 119 ) .
والخلاصة :(/3)
إذا كان والدك في سفره من الأردن إلى جدة ناوياً للعمرة – وهذا هو الظاهر - ، فكان الواجب عليه أن يحرم من الميقات أو يخرج من جدة للإحرام من الميقات ، وبما أنه لم يفعل واحداً من الأمرين ، فعليه أن يذبح شاة في مكة ويوزعها على الفقراء ، فإن كان قد غادر مكة ورجع إلى الأردن ، فيبحث عمن يرسل له الأموال ويوكله في الذبح في مكة .
والله أعلم(/4)
رقم السؤال:
106810
العنوان:
حكم حلق بعض الرأس دون بعض
السؤال:
ما حكم القزع ، هل هو مكروه ؟
الجواب:
الحمد لله
القزع : أن يحلق بعض رأسه ، ويترك بعضه الآخر .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (1/167) : " القزع هو حلق بعض الرأس وترك بعضه ، وهو أنواع :
النوع الأول : أن يحلق غير مرتب ، فيحلق من الجانب الأيمن ، ومن الجانب الأيسر ، ومن الناصية ، ومن القفا [أي : يحلق أجزاء متفرقة من الرأس ويترك باقيه] .
النوع الثاني : أن يحلق وسطه ، ويترك جانبيه .
النوع الثالث : أن يحلق جوانبه ويترك وسطه .
النوع الرابع : أن يحلق الناصية فقط ويترك الباقي " انتهى .
وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن القزع ؛ روى البخاري (5921) ، ومسلم (2120) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( نَهَى عَنْ الْقَزَعِ ) قيل لنافع : ما القزع ؟ : قال : ( أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضه ) .
وروى الإمام أحمد (5583) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعَرِهِ وَتُرِكَ بَعْضُهُ ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ ، وَقَالَ : ( احْلِقُوا كُلَّهُ أَوْ اتْرُكُوا كُلَّهُ ) صححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1123) .
والنهي في هذه الأحاديث الواردة عن القزع ، محمول على الكراهة لا التحريم .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (1/347) : " يُكْرَهُ الْقَزَعُ ، وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ : ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْقَزَعِ ) " انتهى .
وقال صاحب "مطالب أولي النهى" رحمه الله : "وَكُرِهَ القَزَعٌ , وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَتَرْكُ بَعْضٍ" انتهى .(/1)
فعلى هذا ، فالقزع مكروه ، إلا إذا فعله صاحبه على وجه التشبه بالكفار أو الفساق ، ففي هذه الحال يكون محرماً لا مكروهاً .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والقزع مكروه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى غلاماًً حلق بعض شعره وترك بعضه ، فنهاهم عن ذلك . وقال : (احلقوا كله أو اتركه كله) إلا إذا كان فيه تشبه بالكفار فهو محرم ، لأن التشبه بالكفار محرم ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) " انتهى .
"الشرح الممتع" (1/167) .
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
106811
العنوان:
هل يكفل الأيتام أم المسنين؟
السؤال:
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (أنا وكافل اليتيم كهاتين) سألت في المسجد عن المحتاجين من الأيتام وعلمت أن هناك من هم أشد فقراً وحاجةً من الأيتام : إنهم فقراء المسنين ، فمنهم الذين لا يملكون قوت غدهم على الأكثر ، ومنهم الذي فقد صحته وربما نظره ، ولا عائل لهم ، إنهم أيضا أيتام ولكن أيتام الأبناء والعائل ، وحزنت على حالهم وأمنيتي جوار الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقلبي حزين لهؤلاء المساكين (المسنين المنسيين ) خصوصاً وإن الأيتام يهتم بهم كثير من الناس ، ما العمل جزاكم الله كل الخير؟
الجواب:
الحمد لله
كفالة المسنين وإزالة الضرر عنهم أحد فروض الكفاية ، فيجب أن يوفر لهم عيش كريم ، وتجب لهم حقوق الإنسان كاملة موفرة ، ولا شك أن في القيام بذلك ابتغاء مرضاة الله خيراً كثيراً ، فما تنفقه من مال في سبيل رعايتهم مكتوب مضاعف إن شاء الله ، قال الله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة/261.
ثم إن في عملك هذا تفريجا للكرب ، وتنفيساً للشدائد ، وعوناً للأخ المسلم ، وقد رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيما ترغيب حين قال : (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ) رواه مسلم (4867) .(/1)
ولا شك أن ثواب كفالة اليتيم عظيمة ، ولكن مع ذلك ينبغي للإنسان أن يقدم بصدقته من هو أشد فقراً وحاجة ، وقد يكون اليتيم له مال ينفق منه ، أو له من ينفق عليه من الأغنياء ، فيكون غيره الذي لا مال له ، ولا أحد ينفق عليه أولى بالصدقة عليه ومعاونته ، ويكون أكثر ثواباً إن شاء الله من ثواب الإنفاق على اليتيم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – بعد ما ذكر أهل الزكاة الثمانية :
"فإن قيل : أيها أولى أن تصرف فيه الزكاة من هذه الأصناف الثمانية ؟
قلنا : إن الأولى من كانت الحاجة إليه أشد ، لأن كل هؤلاء استحقوا الوصف ، فمن كان أشد إلحاحاً وحاجة فهو أولى ، والغالب أن الأشد هم الفقراء والمساكين ، لهذا بدأ الله تعالى بهم فقال : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) التوبة/60 " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/339) .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
106815
العنوان:
ضوابط عمل المرأة خارج بيتها
السؤال:
أنا فتاه أبلغ من العمر عشرين عاما طالبة بكلية الهندسة ، ولكنى أعمل في الصيف في إحدى المكتبات لتصوير المستندات ، وذلك لتوفير بعض مصاريف الكلية هل علي وزر ؟ مع العلم أني منتقبة وأحيانا أشعر بأنه لم يتقدم لخطبتي أحد من الملتزمين لهذا السبب .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الأصل أن تبقى المرأة في بيتها ، وألا تخرج منه إلا لحاجة ، قال تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) الأحزاب / 33 ، وهذا الخطاب وإن كان موجها إلى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن نساء المؤمنين تبع لهن في ذلك ، وإنما وجه الخطاب إلى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لشرفهن ومنزلتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأنهن القدوة لنساء المؤمنين .
وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( المرأة عورة ، وإنها إذا خرجت استشرفها الشيطان ، وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها ) رواه ابن حبان وابن خزيمة ، وصححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم (2688) .
وقال صلى الله عليه وسلم في شأن صلاتهن في المساجد : ( وبيوتهن خير لهن ) رواه أبو داود (567) ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وللفائدة يراجع جواب السؤال رقم (6742) .
ثانياً :
يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها للعمل ، وذلك وفق ضوابط معينة إذا توفرت جاز للمرأة أن تخرج ، وهي :
- أن تكون محتاجة إلى العمل ، لتوفير الأموال اللازمة لها ، كما في حالتك .
- أن يكون العمل مناسبا لطبيعة المرأة متلائما مع تكوينها وخلقتها ، كالتطبيب والتمريض والتدريس والخياطة ونحو ذلك .
- أن يكون العمل في مجال نسائي خالص ، لا اختلاط فيه بالرجال الأجانب عنها .
- أن تكون المرأة في عملها ملتزمة بالحجاب الشرعي .
- ألا يؤدي عملها إلى سفرها بلا محرم .(/1)
- ألا يكون في خروجها إلى العمل ارتكاب لمحرم ، كالخلوة مع السائق ، أو وضع الطيب بحيث يشمها أجنبي عنها .
- ألا يكون في ذلك تضييع لما هو أوجب عليها من رعاية بيتها ، والقيام بشئون زوجها وأولادها .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين : " المجال العملي للمرأة أن تعمل بما يختص به النساء مثل أن تعمل في تعليم البنات سواء كان ذلك عملا إداريّاً أو فنيّاً , وأن تعمل في بيتها في خياطة ثياب النساء وما أشبه ذلك , وأما العمل في مجالات تختص بالرجال ، فإنه لا يجوز لها أن تعمل حيث إنه يستلزم الاختلاط بالرجال ، وهي فتنة عظيمة يجب الحذر منها , ويجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال : (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء وأن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) ، فعلى المرء أن يجنب أهله مواقع الفتن وأسبابها بكل حال " انتهى .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 981 ) .
فإذا كانت هذه الشروط متوفرة في عملك فلا حرج عليك فيه إن شاء الله تعالى .
ونسأل الله أن ييسر لك زوجاً صالحاً ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
106824
العنوان:
قال لزوجته إن خرجت فأنت طالق وقد سبق له طلقتان
السؤال:
أنا طلقت زوجتي مرتين ، ولكن قمت بحلفان اليمين على زوجتي وقلت : أقسم بالله العظيم أنك إذا خرجت من باب البيت فأنت طالق ثلاث مرات بل عشر مرات فقامت وقتها بكسر اليمن بعد ساعة من حلفانه وقالت لي : هل الآن طلقت منك ؟ وأنا محتار لأنه لدي طفلة عمرها شهرين وأنا الآن لا أعرف ماذا أفعل لأني خائفٌ على ابنتي كثيرا والنية كانت وقتها أني سوف أطلقها ولكن من خوفي على ابنتي الآن لا أعرف ما إذا كانت هذه الطلقة ثبتت علي أم أن زوجتي هي السبب ومن صغر عقلها وكسر اليمين وقتها مباشرة لا تحتسب علي طلقة .
الجواب:
الحمد لله
إذا قال الرجل لزوجته : إذا خرجت من باب البيت فأنت طالق ، وكانت نيته الطلاق ، فإنها إذا خرجت طلقت ، وإذا كانت هذه هي الطلقة الثالثة فإنها تبين من زوجها ، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، نكاحَ رغبة لا نكاح تحليل ، ثم يموت عنها أو يطلقها .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (82400) .
وعلى هذا ، فهذا الطلاق واقع ، وقد بانت منك امرأتك .
أما قولك : "إن زوجتك هي السبب ومن صغر عقلها وكسرها اليمين" .
فأنت الذي تلفظت بالطلاق ، وعلَّقته على فعلها ، فأنت الذي أوقعت الطلاق وليس امرأتك ، ولهذا ينبغي للرجل أن يمسك لسانه عن التلفظ بالطلاق حتى لا يخرج الأمر من يده ، ويندم وقت لا ينفع الندم ، ويشتت أسرته ويضر نفسه أولاده .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
106877
العنوان:
لا تجب الزكاة إذا زال ملك النصاب قبل تمام الحول
السؤال:
شخص اشترى عدد (64) رأساً من الغنم من والدته وانتقلت ملكيتها له ولم يبق سوى شهر ويدور الحول عليها ليتم إخراج زكاتها وهي عند والدته ، ويسأل عن الزكاة هل يخرج زكاتها ؟ أو هل تجب الزكاة فيها حيث لم يمض على شرائه لها إلا أيام قليلة ، ولم يبق من دور الحول عليها وهي عند والدته إلا شهر واحد ؟
الجواب:
الحمد لله
تجب الزكاة في الغنم إذا بلغت نصاباً – وهو : أربعون شاة – ومضى على النصاب حول كامل وهو في ملكك ؛ لحديث ابن ماجة (1792) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ ) صححه الألباني في "إرواء الغليل" برقم (787) .
ومرور الحول شرط في وجوب زكاة الذهب والفضة والنقود وبهيمة الأنعام .
فإذا زال الملك قبل تمام الحول ، إما بتلف المال ، أو بيعه ، أو هبته ، ونحو ذلك ، فإن الزكاة لا تجب فيه .
فعلى هذا ، لا تجب الزكاة على والدتك ؛ لأنه زال ملكها عن الأغنام قبل تمام الحول ، ولا تجب الزكاة عليك في تلك الأغنام التي اشتريتها حتى تمضي سنة كاملة عليها من وقت ملكك لها .
والله أعلم(/1)
رقم السؤال:
106910
العنوان:
حكم عمل مدرس التربية الرياضية؟
السؤال:
أسمع كثيرا من المشايخ يتحدثون عن اللعب أو الرياضة ، وقرأت في موقعكم أنه لا يجوز العمل كمحلل رياضي ، فهل لا يجوز العمل كمدرس ألعاب في المدارس ، مع الرغم أن ممارسة الرياضة ليست في جميع الأوقات ، ولا تتعارض مع أوقات الصلاة أو العبادات ؟
الجواب:
الحمد لله
تعليم رياضة الأبدان الموجود في المدارس اليوم من المِهَن المباحة ، بشرط أن يحرص المدرس على اجتناب المحذورات التي تقع كثيرا في هذا المجال : كالاختلاط ، وكشف العورات ، وتضييع الصلوات ، والإغراق في ممارستها حتى تطغى على الواجبات الأخرى .
بل إن لمعلم التربية الرياضية دورا كبيرا في التأثير في نفوس الطلاب وسلوكهم وأخلاقهم ، فهو قريب منهم بحكم ممارسته معهم ما يحبون ، وبإمكانه استغلال مكانته في قلوبهم لتعليمهم الخلق الحسن والتعامل الطيب ، والأخذ بأيديهم للمحافظة على الصلوات والواجبات عملا وتطبيقا وممارسة ، فضلا عن الفوائد البدنية والصحية والنفسية التي يجنيها الطلاب من هذه المادة ، إذا أخلص المعلم في عمله ، ولم يُقَصِّر في رعاية حق الله تعالى وحق الناس عليه .
قال الشيخ ابن عثيمين – كما في "اللقاء الشهري" (14/سؤال رقم/6) :
" أدعو إخواني الذين يمارسون هذه الرياضة ، أدعوهم إلى التمسك بالدين ، وإن كنت أعلم أن فيهم - ولله الحمد - من هو متمسك تماماً ، لكن أحب أن يكونوا دعاة لإخوانهم الآخرين في التمسك بدين الله عز وجل ، وإقامة الصلاة جماعة في أوقاتها ، واللباس الساتر ، ونرجو لهم التوفيق لما فيه الخير والصلاح " انتهى .
وقال الشيخ ابن جبرين :(/1)
" القصد من الرياضة تمرين الجسم على الحركة والقوة والمناعة ، والقدرة الكبيرة على الحمل للأثقال ، والصبر على المشاق ؛ فإن الإنسان قد يحتاج إلى نفسه في بعض الأحيان ، فمتى كان عنده مناعة وقوة بدنية استطاع المشي على قدميه ولو يومًا أو أيامًا ، واستطاع أن يحمل على رأسه متاعه وقوته وغذاءه ، فينجو من الهلاك ؛ فقد حدث أن قومًا تعطلت بهم سيارتهم في صحراء ، والبلاد تبعد عنهم يومًا وليلة ، ولم يكن منهم ذو قدرة على إنقاذ نفسه ، فماتوا في موضعهم وهم نحو الأربعين إنسانًا ، فلذلك نرى الحكومات تدرب جنودها وعمالها وشبابها على المشي والسعي وحمل الأثقال ، والصبر على الجوع ونحوه ، فهذه فائدة الرياضة البدنية ، وهي ما يعود على اللاعب من تمرين بدنه على الحركة وتجشم المشقة ، فأما مقابلة اللاعبين ، والتفكه بالنظر إلى بعضهم ، سواء في الإذاعة المسموعة أو المرئية ، أو ما ينشر عنهم من الأخبار ، فأرى أن ذلك لا أهمية له ، بل هو إضاعة للوقت ، وتفويت للثروة المالية ، وخسران مبين ، رغم ما فيه من المفاسد والتحاسد والمنافسة وقطع المسافات وكثرة النفقات ، مع أنها لا تعود على الناظر بفائدة ؛ فإن كونه يذهب لمشاهدة المباريات ، ويحجز مكانًا بدراهمه ، ويجلس في الانتظار ثم النظر عدة ساعات ، ثم يتعرض عند الانتهاء والرجوع للزحام والمخاطرة ، والوقوع أحيانًا في الحوادث المرورية ونحو ذلك ، فكل ذلك مفاسد وأضرار وأخطار عارية عن الفائدة ، فماذا يعود عليه من تسريح نظره وتقليب أحداقه في أولئك اللاعبين ، وفي قراءته لتلك الصحف التي تعتني بأخبارهم ، فيبذل فيها أثمانا طائلة ، ويمضي وقتا طويلا في القراءة وتتبع الأخبار .(/2)
فننصح المدرب والرياضي أن يحث الطلاب من هواة الرياضة على دخول الميادين والمسابقة والتعلم ، وأن يحذرهم من إضاعة الوقت في القراءة والسماع والرؤية ، وتتبع الأخبار التي لا أهمية لها ، وبذلك يرشدهم إلى النافع والبعد عن الضار ، ولا يجوز مدح الكفار وإطراؤهم إذا برزوا في الميادين وتفوقوا في الرياضة ، وإنما علينا أن نتنافس في ما ينفعنا في دنيانا وأخرانا ، والله أعلم " انتهى .
نقلا من موقعه :
http://www.ibn-jebreen.com/book.php?cat=6&book=2&toc=71&page=66&subid=18502
إذًا فممارسة الرياضة النافعة باعتدال واقتصاد مع المحافظة على الآداب الشرعية لا حرج فيها ، وكذلك لا حرج في تعليمها والتدريب عليها .
وبهذا يظهر الفرق بين المحلل الرياضي ، ومدرس التربية الرياضية ، فالمحلل أضاع وقته ووقت غيره فيما لا فائدة فيه ، بل قد يكون في عمله تعظيم للكفار ومدح لهم ، مما يغري الصغار بتقليدهم واتخاذهم قدوة .
وأما مدرس التربية الرياضية ، فهو يبني أجسام الطلاب ، وهم يستفيدون بذلك في أمور دينهم ودنياهم .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
106929
العنوان:
تعاقدت على العمل لمدة سنتين وألغي بعد سنة ولا زال راتبها مستمرا
السؤال:
قبل عام واحد تعاقدت مع التربية والتعليم بعقد مدته سنتين من أجل القيام بعمل بديلة معلمة ، ولكن بعد سنة تم إلغاء عقدي من قبل المندوبية التابعة لها ، وظل الراتب الخاص بستة الأشهر ينزل في حسابي رغم أني لا أعمل ، وظل اسمي في إدارة التعليم أني على رأس العمل رغم إنهاء المندوبية لعقدي وراجعت ولم أجد أي تجاوب من قبل المسئولين ، هل يحق لي أخذ الراتب أم لا ؟ لأنه تم حرماني من تجديد العقد بوضع اسمي على رأس العمل .
الجواب:
الحمد لله
لا حرج عليك في أخذ الراتب إذا كان إلغاء العقد من جهتهم ، ولم يكن منك امتناع عن العمل أو تقصير فيه ، والأصل في ذلك أن عقد الإجارة عقد لازم ، وأن الأجير يستحق الأجرة خلال المدة المتفق عليها ، ولو لم يكلّف بعمل ، أو استغنت عنه الجهة المؤجرة ما دام مستعداً للعمل غير ممتنع عنه .
قال في "المقنع" : " والإجارة عقد لازم من الطرفين . ليس لأحدهما فسخها , وإن بدا له قبل تقضّي المدة , فعليه الأجرة " انتهى .
وقال في "الشرح الكبير" (14/436) : " الإجارة عقد لازم يقتضي تمليك المؤجر الأجر ، والمستأجر المنافع ، فإذا فسخ المستأجر الإجارة قبل انقضاء مدتها وترك الانتفاع اختيارا منه ، لم تنفسخ الإجارة ، وتلزمه الأجرة " انتهى .
وعليك مراجعة إدارة التعليم للنظر في تجديد العقد ، وما يتعلق بذلك .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
106955
العنوان:
لم يثبت شيء مرفوع في الدعاء عند دخول مكة
السؤال:
هذه الأذكار جمعها أحد محبي العمرة ، وكان يريد نشرها بين المعتمرين ، فتوقف حتى يعود إليكم مشكورين في بيان الصحيح والسقيم ، منها أذكار يحتاج إليها المعتمر : ما يقول عند دخول مكة : " اللهم إن هذا البلد بلدك ، والحرم حرمك ، والأمن أمنك ، والعبد عبدك , وأنا عبدك ، جئتك من بلاد بعيدة ، بذنوب كثيرة ، وأعمال سيئة ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي " .
الجواب:
الحمد لله
لم يصح هذا الدعاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكره بعض الفقهاء ، توسعا في تعليم الناس بعض الأدعية المناسبة ، وغاية ما جاء في روايته ما ذكره الماوردي في "الحاوي في الفقه الشافعي" (4/131) قال :
" يستحب لمن دخل مكة ، أن يدخلها بخشوع قلب ، وخضوع جسد ، داعيا بالمعونة والتيسير، ويكون من دعائه ، ما رواه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند دخوله : (اللهم هذا البلد بلدك ، والبيت بيتك ، جئت أطلب رحمتك ، وأؤم طاعتك ، متبعا لأمرك ، راضيا بقدرك ، مسلما لأمرك ، أسألك مسألة المضطر إليك ، المشفق من عذابك ، خائفا لعقوبتك ، أن تستقبلني بعفوك ، وأن تتجاوز عني برحمتك ، وأن تدخلني جنتك) انتهى باختصار .
وعَلَّق الحافظ ابن حجر على كلام الماوردي هذا ، فقال :
" لم يسنده الماوردي ، ولا وجدته موصولا ، وجعفر هذا هو الصادق ، وأبوه محمد هو باقر ، وأما جده ، فإن كان الضمير لمحمد ، فهو حسين بن علي ، ويحتمل أن يريد أباه علي بن أبي طالب ؛ لأنه جده الأعلى ، وعلى الأول يكون مرسلا ، وقد وجدت في "مسند الفردوس " من حديث ابن مسعود قال : لما طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت وضع يده على الكعبة فقال : اللهم البيت بيتك ، ونحن عبيدك ، نواصينا بيدك...فذكره حديثا ، وسنده ضعيف " انتهى . نقلا عن ابن علان في "شرح الأذكار" .(/1)
فالصواب عدم التزام هذا الدعاء وتعليمه الناس على هذه الهيئة ، لما يُخشى أن يكون من الابتداع في الدين ، وقد عده الشيخ الألباني في "صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم" من البدع الممنوعة ( انظر بدعة رقم/44 ) ، فالواجب حذفه من كل النشرات التي تحتوي أدعية خاصة لمناسك الحج والعمرة ، ومن أراد أن يدعو به دون التزام ولا اعتقاد فضيلة خاصة له ، فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
106961
العنوان:
قراءة القرآن من الجوال هل يشترط لها الطهارة؟
السؤال:
يوجد في بعض الجوالات برامج للقرآن تستطيع أن تتصفح منها القرآن في أي وقت على شاشة الجوال ، فهل يلزم قبل القراءة من الجوال الطهارة ؟
الجواب:
الحمد لله
هذه الجوالات التي وضع فيها القرآن كتابة أو تسجيلا ، لا تأخذ حكم المصحف ، فيجوز لمسها من غير طهارة ، ويجوز دخول الخلاء بها ، وذلك لأن كتابة القرآن في الجوال ليس ككتابته في المصاحف ، فهي ذبذبات تعرض ثم تزول وليست حروفا ثابتة ، والجوال مشتمل على القرآن وغيره .
وقد سئل الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك : ما حكم قراءة القرآن من جهاز الجوال بدون طهارة ؟
فأجاب حفظه الله : " الجواب: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد.
فمعلوم أن تلاوة القرآن عن ظهر قلب لا تشترط لها الطهارة من الحدث الأصغر ، بل من الأكبر ، ولكن الطهارة لقراءة القرآن ولو عن ظهر قلب أفضل ، لأنه كلام الله ومن كمال تعظيمه ألا يقرأ إلا على طهارة .
وأما قراءته من المصحف فتشترط الطهارة للمس المصحف مطلقاً ، لما جاء في الحديث المشهور : (لا يمس القرآن إلا طاهر) ولما جاء من الآثار عن الصحابة والتابعين ، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم ، وهو أنه يحرم على المحدث مس المصحف ، سواء كان للتلاوة أو غيرها ،
وعلى هذا يظهر أن الجوال ونحوه من الأجهزة التي يسجل فيها القرآن ليس لها حكم المصحف ،لأن حروف القرآن وجودها في هذه الأجهزة تختلف عن وجودها في المصحف ، فلا توجد بصفتها المقروءة ، بل توجد على صفة ذبذبات تتكون منها الحروف بصورتها عند طلبها ، فتظهر الشاشة وتزول بالانتقال إلى غيرها ، وعليه فيجوز مس الجوال أو الشريط الذي سجل فيه القرآن ، وتجوز القراءة منه ، ولو من غير طهارة والله أعلم " انتهى نقلا عن موقع: "نور الإسلام".(/1)
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : أنا حريص على قراءة القرآن وعادة أكون في المسجد مبكرا ومعي جوال من الجوالات الحديثة التي فيها برنامج كامل للقرآن الكريم -القرآن كاملا- بعض المرات : لا أكون على طهارة فأقرأ ما يتيسر وأقرأ بعض الأجزاء ، هل تجب الطهارة عند القراءة من الجوالات ؟
فأجاب : "هذا من الترف الذي ظهر على الناس ، المصاحف والحمد لله متوفرة في المساجد وبطباعة فاخرة ، فلا حاجة للقراءة من الجوال ، ولكن إذا حصل هذا فلا نرى أنه يأخذ حكم المصحف.
المصحف لا يمسه إلا طاهر ، كما في الحديث : (لا يمس القرآن إلا طاهر) وأما الجوال فلا يسمى مصحفا " انتهى .
وقراءة القرآن من الجوال فيها تيسير للحائض ، ومن يتعذر عليه حمل المصحف معه ، أو كان في موضع يشق عليه فيه الوضوء ، لعدم اشتراط الطهارة لمسه كما سبق .(/2)
رقم السؤال:
106963
العنوان:
يعمل في شركة كثيراً من دخلها من المكوس
السؤال:
وجدت عملا في دائرة حكومية وعلمت يقينا أن الموارد المالية لهذه الدائرة تتكون في غالبيتها "أكثر من 90 بالمائة" من المكوس ، فهل يجوز لي أن أعمل فيها فأتقاضى راتبي بالضرورة من هذه الميزانية ، وما الحكم العام في هذه المسألة بمعنى حكم العمل في عمل مشروع عند من ماله حرام ، وهل يختلف الأمر بين أن يكون صاحب العمل هو الدولة أو أحد مؤسساتها و بين أن يكون شخصا أو شركة خاصة ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
سبق في الموقع بيان حكم المكوس ، وأنها محرمة ؛ لقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) النساء/29 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ) رواه أحمد وصححه الألباني في الإرواء (1459) .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (25758) .
ثانياً :
بالنسبة لعملك ، فإذا كان عملك فيه إعانة على أمر محرم كالمكوس أو غيرها ، فهذا لا يجوز ؛ لقول الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة /2 .
أما إذا كان عملك بعيدا عن المحرمات ، ويوجد للدائرة أقسام أخرى لا تتعامل فيها بالحرام ، فيجوز لك العمل في تلك الأقسام المباحة ، وما أخذته من الراتب مقابل ذلك العمل المباح ، فليس عليك فيه شيء .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (31781) .
والله أعلم(/1)
رقم السؤال:
106965
العنوان:
جدته مريضة ولا تعي فهل يلزمها كفارة لعدم الصوم
السؤال:
جدتي مريضة لها تقريباً سنة ونصف ، وهي لا تعي ولا تتكلم ( بدون وعي ) لا تطلب أكل ، إلا إذا نحن أعطيناها الأكل أكلت ، وأحيانا تعرف من يتحدث معها (وهو نادر) وهي لا تخبرنا بما تريده منا ( لا تقول أريد الحمام الله يكرمكم ) وحالتها أنها نائمة على السرير دون حراك ، أبناؤها يساعدونها على الحراك ، فأريد أن أستفسر بالنسبة للصيام والصلاة ، هل نخرج عنها وهل علينا شيء في الفترة الماضية ؟
الجواب:
الحمد لله
من وصل إلى حد الخرف أو الهذرمة ، وتغير عقله ، وأصبح لا يعي ، سقط عنه الصوم والصلاة ، ولا كفارة عليه ، لأن من شرط التكليف صحة العقل .
قال صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ ) رواه أبو داود (4403) والترمذي (1423) والنسائي (3432) وابن ماجه (2041) قَالَ أَبُو دَاوُد : رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ فِيهِ : ( وَالْخَرِفِ ).
والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال في "عون المعبود" : " (الْخَرِف) : مِنْ الْخَرَف : فَسَاد الْعَقْل مِنْ الْكِبَر . وَالْمُرَاد بِهِ الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي زَالَ عَقْله مِنْ كِبَر ؛ فَإِنَّ الشَّيْخ الْكَبِير قَدْ يَعْرِض لَهُ اِخْتِلَاط عَقْل يَمْنَعهُ مِنْ التَّمْيِيز ، وَيُخْرِجهُ عَنْ أَهْلِيَّة التَّكْلِيف ، وَلَا يُسَمَّى جُنُونًا " انتهى .(/1)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " لا يجب الصوم أداءً إلا بشروط: أولها: العقل. الثاني: البلوغ. الثالث: الإسلام. الرابع: القدرة. الخامس: الإقامة. السادس: الخلو من الحيض والنفاس بالنسبة للنساء. - الأول: العقل ، وضده فقد العقل، سواءً بجنون أو خرف يعني: هرم، أو حادث أزال عقله وشعوره، فهذا ليس عليه شيء؛ لفقد العقل، وعلى هذا فالكبير الذي وصل إلى حد الهذرمة ليس عليه صيام ولا إطعام؛ لأنه لا عقل له" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (220/4).
وأما الفترة الماضية ، فإن كانت على حالتها هذه لا تعي ولا تدرك ، فلا صيام عليها ولا كفارة .
وإن كانت تعي وتدرك ولكن تركت الصيام لمرضها ، فلها حالتان :
1- إن كانت في ذلك الوقت يرجى شفاؤها من مرضها ، لكن امتد بها المرض ، فلا شيء عليها ، لأن الواجب عليها كان هو القضاء عند شفائها ، ولم تشف .
2- وإن كانت في ذلك الوقت لا يرجى شفاؤها ، فكان الواجب أن تخرج عن كل يوم كفارة ، وهي طعام مسكين ، نصف صاع من قوت البلد. فإذا لم تكن أخرجت فعليكم إخراجها الآن من مالها .
نسأل الله تعالى لها الشفاء والعافية ولكم التوفيق والسداد .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
107018
العنوان:
طلق زوجته وانتهت العدة فهل يعقد عليها دون رجوع للمحكمة
السؤال:
طلقت زوجتي وانقضت عدتها لكن دون تحرير وتوثيق الطلاق في المحكمة ، وهي في نظر القانون مازالت زوجتي ، وأنا الآن أقيم في بلد آخر بعيد عن بلدي . السؤال : أنا أريد أن أردها بعقد نكاح جديد بشهود ومهر جديد وأن يبقى العقد الأول الذي سجل سابقا في المحكمة ساري المفعول ، والواجب في عقد النكاح هو الشهود والصداق ليس تسجيله . أفتوني بارك الله فيكم .
الجواب:
الحمد لله
إذا طلق الرجل زوجته الطلقة الأولى أو الثانية وانقضت عدتها ، فله أن يرجعها بعقد جديد مستوفٍ لشروطه وأركانه ، من رضا المرأة ، والولي ، والشاهدين ، مع المهر .
وتسجيل النكاح أو الطلاق في المحكمة ليس شرطا لصحته ، لكنه ضمان لحق الزوجة والزوج والأولاد ، ولهذا يتأكد الالتزام به .
ولا يظهر لنا مانع من عقد النكاح الآن ، والاكتفاء بأوراق التوثيق السابقة ، لأنه يحصل بها المقصود .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
107045
العنوان:
هل للولادة القيصرية نفاس؟
السؤال:
هل للولادة القيصرية نفاس؟
الجواب:
الحمد لله
النفاس هو الدم النازل لأجل الولادة ، سواء كانت طبيعية أو قيصرية ، بل إذا أسقطت المرأة جنينا متخلقا أي ظهر فيه رأس أو يد أو رجل ، وهذا إنما يكون بعد ثمانين يوما من الحمل ، فالدم النازل لذلك دم نفاس .
قال في "كشاف القناع" (1/218) : " النفاس , هو دم ترخيه الرحم مع ولادة وقبلها بيومين أو ثلاثة مع أمارة ، وبعدها إلى تمام أربعين يوما ويثبت حكم النفاس ولو بتعديها على نفسها بضرب أو شرب دواء أو غيرهما ... بوضع ما يتبيّن فيه خلق الإنسان فلو وضعت علقة أو مضغة لا تخطيط فيها لم يثبت لها بذلك حكم النفاس , وأقل ما يتبين فيه خلق الإنسان أحد وثمانون يوما وغالبها على ما ذكره المجد وابن تميم وابن حمدان وغيرهم : ثلاثة أشهر " انتهى باختصار.
والنفاس قد يبقى أياما ثم ينقطع ، فلا يشترط أن يستمر إلى الأربعين .
والله أعلم .
وانظر جواب السؤال رقم (50308) .(/1)
رقم السؤال:
107051
العنوان:
الحمل الذي تنقضي العدة بوضعه
السؤال:
أفادني فضيلتكم ردا على سؤال رقم 106328 أنه لا يقع علي شيء من الطلاق ، لأنه وقع في طهر جامعت فيه زوجتي ، ولكن بعد شهر من الطلاق علمت أن زوجتي حامل ، وسقط هذا الحمل قبل أن يتم شهران ، وأنا وزوجتي لم نعلم بالحمل إلا بعد الطلاق ، هل يقع الطلاق أو لا يقع ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الطلاق إذا كان في الحمل فإنه يقع ولو كان الزوجان لا يعلمان بالحمل ، لكن إن وقع الشك في الطلاق هل كان مع وجود الحمل أو قبله ، فإن الأصل عدم وجود الحمل ، فلا يقع الطلاق ، على القول الذي سبق بيانه ، وهو أن الطلاق لا يقع إذا كان في طهر جامع الرجل أهله فيه.
ثانيا :
إذا حصل الجزم بوجود الحمل أثناء التلفظ بالطلاق ، فإن الطلاق يقع .
ثالثا :
عدة الحامل إلى وضع الحمل ، فإن وضعت سقطا ، وتبين فيه خلق الإنسان ، من رأس أو يد أو رجل ، فإن العدة تنتهي بذلك ، ولا يملك الرجل أن يرجع زوجته إلا بعقد جديد ومهر جديد.
قال في "كشاف القناع" (5/413) : "والحمل الذي تنقضي به العدة هو ما تبين فيه شيء من خلق الإنسان كرأس ورجل فتنقضي به العدة إجماعا ، حكاه ابن المنذر ، لأنه علم أنه حمل فيدخل في عموم النص ... لكن لو وضعت مضغة لم يظهر فيها الخلق فشهدت ثقات من القوابل أن فيها صورة خفية بان بها أنها خلقة آدمي انقضت به العدة ؛ لأنه حمل فيدخل في عموم النص " انتهى بتصرف.
وقال الشيخ ابن عثيمين :
"وأقل مدة يتبين فيها خلق الإنسان ثمانون يوما من ابتداء الحمل ، وغالبها تسعون يوماً " انتهى من رسالة "أحكام الدماء الطبيعية" .
وما دامت زوجتك وضعت حملها بعد شهرين من الحمل ، فالعدة لا تنقضي بذلك ، بل تعتد بثلاث حيضات ، ولك مراجعتها ما دامت في العدة .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
107115
العنوان:
أسقطت في الشهر الثالث ولم تصل أياما فهل تقضيها
السؤال:
امرأة أسقطت جنينا في شهرها الثالث ، وظنت أن الدم دم نفاس فتركت الصلاة لمدة تتراوح من أسبوع إلى عشرة أيام حتى انقطع عنها الدم ثم صلت بعد انقطاع الدم .. ومضى على هذا عدة سنوات ... هل عليها قضاء الأيام التي تركت الصلاة فيها ؟ وإذا كان عليها القضاء ، فهل تقضيها سردا ؟ أم كل صلاة مع نظيرتها ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا أسقطت المرأة فلا يعتبر الدم النازل منها دم نفاس إلا إذا أسقطت ما تبين فيه خلق الإنسان.
والتخليق لا يبدأ في الحمل قبل واحد وثمانين يوماً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوح) رواه البخاري (3208) .
فدل هذا الحديث على أن الإنسان يمر بعدة مراحل في الحمل :
أربعين يوماً نطفة ، ثم أربعين أخرى علقة ، ثم أربعين ثالثة مضغة . ثم ينفخ فيه الروح بعد تمام مائة وعشرين يوماً .
والتخليق يكون في مرحلة المضغة ، ولا يكون قبل ذلك ، لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) الحج/5 .
فوصف الله تعالى المضغة بأنها مخلقة وغير مخلقة .
ومعنى التخليق أن تظهر في الحمل آثار تخطيط الجسم كالرأس والأطراف ونحو ذلك .(/1)
وعلى هذا ؛ فإن كان السقط نزل قبل واحد وثمانين يوماً من الحمل فالدم النازل ليس بدم نفاس ، بل هو دم استحاضة فلا يمنعها من الصلاة والصوم .
وإن كان قد نزل بعد أن تم له ثمانون يوما ، فإن ظهر فيه التخليق فهو نفاس ، وإن لم يظهر فيه شيء ، فليس بنفاس .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في رسالة "الدماء الطبيعية للنساء" ص 40 :
"ولا يثبت النفاس إلا إذا وضعت ما تبين فيه خلق إنسان ، فلو وضعت سقطاً صغيراً لم يتبين فيه خلق إنسان فليس دمها دم نفاس ، بل هو دم عرق ، فيكون حكمها حكم الاستحاضة ، وأقل مدة يتبين فيها خلق إنسان ثمانون يوماً من ابتداء الحمل ، وغالبها تسعون يوماً" انتهى .
وعند الشك أو الجهل بالحال : هل تم التخليق أم لا ؟ فالأصل أنه لم يتم التخليق ، فلا يحكم بأنه نفاس مع الشك .
ثانيا :
إذا لم يكن الدم نفاسا ، لعدم تخلق الجنين ، وتركت المرأة الصلاة ظنا منها أنه نفاس ، فلا قضاء عليها عند جماعة من أهل العلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي لاعتقادها عدم
وجوب الصلاة عليها ، ففي وجوب القضاء عليها قولان ، أحدهما : لا إعادة عليها - كما
نقل عن مالك وغيره - ؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : (إني حضت حيضةً شديدةً كبيرةً منكرةً منعتني الصلاة والصيام) أمرها بما يجب في المستقبل ، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي " انتهى من "مجموع الفتاوى" ( 21 /102 ) .
وإذا قضت تلك الصلوات ، فهو أحوط وأبرأ لذمتها .
وإذا قضتها فإنها تصليها جميعا سردا على قدر استطعتها ، وترتبها ، فتصلي الصلوات الخمس عن اليوم الأول ، ثم عن الثاني ، ثم عن الثالث ، حتى تقضي ما عليها ، ولا يجوز أن تصلي كل صلاة مع نظيرتها ، فإن شق عليها صلاتها جميعاً في وقت واحد ، فإنها تصلي ما تستطيع ثم تستريح ساعة أو ساعتين ، ثم تكمل .... وهكذا .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
107120
العنوان:
الاستفادة من اسم الصيدلي لاستخراج الترخيص مقابل راتب شهري
السؤال:
ما حكم هذا العقد ؟ اتفقت أنا وصيدلية على فتح صيدلية ، منى رأس المال ، ومنها الشهادة التي بواسطتها أستخرج الترخيص ، وأتكفل بدفع راتب شهري معلوم . وهل يجوز لي أن أسمح بعمل الصيدلانية عندما تكون متحجبة ويظهر منها الوجه واليدان ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
اتفاقك مع طبيبة صيدلية على فتح صيدلية بحيث يكون منك رأس المال ، ومنها الشهادة التي بواسطتها تستخرج الترخيص ، مقابل راتب معلوم لها ، مما يظهر لنا جوازه بشرط أن يكون القائم على العمل في الصيدلية من ذوي الاختصاص ، والراتب المدفوع للصيدلية هو في مقابل الاستفادة من الترخيص المستخرج باسمها ، وهو حق مادي يجوز الاعتياض عنه بيع أو إجارة فيما يظهر .
والمحذور أن يسند العمل في الصيدلية إلى غير المختص ، مما يترتب عليه الجهل بالأدوية والخلط بينها وإدخال الضرر على الناس .
ثانيا :
عمل المرأة مع الرجال في مكان واحد مما يترتب عليه غالبا مفاسد ومحاذير ، ولو كانت متحجبة ، فإن الرجل يميل بطبيعته إلى المرأة ، وتميل هي إليه كذلك ، واجتماعهما لمدة طويلة يؤدي إلى سقوط الكلفة ، والتساهل في النظر والمحادثة ، وقد تقع الخلوة أيضا ، وما هو أعظم من ذلك ، ولهذا جاءت الشريعة بتحريم الاختلاط ، وهذا من كمالها وسموها ، وكونها مبنية على تحقيق المصالح ودرء المفاسد .
وقد سبق بيان هذا الأمر على وجه التفصيل في أجوبة أخرى ، ينظر جواب السؤال رقم (1200) ورقم (97231) .
ولهذا ننصحك بعدم توظيف امرأة في مكان تختلط فيه بالرجال .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
107149
العنوان:
نقطة الدم المنفصلة ليست علامة على البلوغ
السؤال:
هناك صديقة لأمي ، لديها ابنة تبلغ من العمر ثلاث عشرة سنة ، لاحظت في ملابسها نقطة دم منذ ما يقرب السنتين ، فنصحتها الأم بصيام رمضان الماضي , ظنا منها أنها إشارة تدل على البلوغ ، لكن منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا لم تلاحظ هذه الأم على ابنتها أي علامة حيض . وهي تسأل الآن ، هل يجب على ابنتها الصيام ؟ مع العلم أنها صامت السنة الماضية .
الجواب:
الحمد لله
الذي يظهر – والله أعلم – أن نقطة الدم في حالة هذه الفتاة لا تعتبر حيضاً ، بل هي من الدم العارض الذي يكون بسبب مرض أو غيره ، وذلك لأمور :
1- أن هذا الدم لم يرجع إليها بعد ذلك ، فهي قد قضت سنتين إلى الآن ولم تر حيضا حقيقيا ، وهذا دليل ظاهر على أن الحيض لم ينزل عليها بعد .
2- أن نزول النقطة الواحدة والنقطتين من الدم لا يعتبر حيضاً .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – كما في "فتاوى المرأة المسلمة" (1/137) - عن امرأة نزل منها في رمضان نقط بسيطة ، واستمر معها هذا الدم طوال الشهر ، وهي تصوم ، فهل صومها صحيح ؟
فأجاب :
" نعم ، صومها صحيح ، وأما هذه النقط فليست بشيء ؛ لأنها من العروق " انتهى .
فهذه الفتاة لم تحض ولم تبلغ ، فلا يجب عليها الصوم ، ولكن ينبغي أن تعوّد على الصيام ما دامت تستطيعه كي يسهل عليها في مستقبل الأيام ، وإن صامت فصومها صحيح مأجورة عليه إن شاء الله تعالى .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
107305
العنوان:
مريض منعه الطبيب من الصيام
السؤال:
أنا شاب معاق مصاب بشلل النصف السفلي من جسمي أستعمل كرسي متحرك كان قد منعني الطبيب من الصيام ؛ لأن جسمي يحتاج الماء بصفة منتظمة طيلة اليوم ، وأن الصيام وعدم شرب الماء يضر جهازي الكلوي ، لكن لم أمتثل لأمره ، وصمت رمضان المنصرم فهل ارتكبت معصية ؟ وهل يجوز أن أصوم رمضان المقبل ؟ أشيروا علي ، وللعلم فالطبيب مسلم.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
صوم رمضان واجب على كل مسلم مكلف قادر على الصيام ، فإذا عجز المسلم عن الصوم لمرض يضرّه أو يشقّ عليه إذا صام ، أو كان يحتاج إلى علاج في نهار رمضان بأنواع الحبوب والأشربة ونحوها مما يؤكل ويشرب ، فهذا يشرع في حقه الفطر ؛ لقوله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة /185 ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ ) رواه الإمام أحمد (5839) ، وصححه الألباني في إرواء الغليل (564) .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (11107) .
فعلى هذا ، إذا ثبت أن الصوم يضرك بشهادة الطبيب الثقة ، فإنه يجب عليك الفطر ، ولا يجوز لك الصوم ؛ لقوله تعالى : ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة /195 ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : ( لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ) رواه ابن ماجة (2341) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة .
ونظراً لأنك صمت رمضان الماضي ولم يضرك شيء ، فالذي نراه أن تستشير طبيباً أخر أعلم وأوثق من الأول في حالتك ، فإن أمرك بالصيام صمت ، وإن أمرك بالفطر أفطرت .(/1)
أما بالنسبة للقضاء ، فإذا كان مرضك مؤقتاً ، فعليك أن تنتظر حتى يشفيك الله تعالى ثم تقضي الأيام التي أفطرتها ؛ لقول الله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة /184 ا .
أما إذا كان المرض مستمراً معك ، ولا يُرجى منه الشفاء ، فعليك أن تطعم عن كل يوم مسكيناً .
ولمعرفة طريقة الإطعام انظر جواب السؤال رقم (39234) .
نسأل الله أن يكتب لك ، ولجميع مرضى المسلمين الشفاء والعافية .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
107335
العنوان:
خروج المذي لا يفسد الصوم
السؤال:
ما الحكم في صوم امرأة داعبها زوجها في نهار رمضان فتبلل فرجها ، وهي لا تدري نوع السائل المبلل أمني هو أم غيره ؟ ولا تدري عدد الأيام التي تمت فيها الملاعبة .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يجوز للزوجين أن يداعب كل واحد منهما الآخر ، بشرط أن يأمنا على نفسيهما من إنزال المني ؛ لما روى البخاري ( 1927 ) ومسلم ( 1106 ) عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لأرْبِهِ ) .
وإذا داعب الرجل امرأته أو باشرها بما دون الجماع ، فلا يخلو الحال من حالين :
الأولى : أن ينشأ عن تلك المداعبة والمباشرة نزول المني ، ففي هذه الحال يفسد الصيام ، ويجب القضاء على من نزل منه المني .
قال النووي في "المجموع" (6/349) :" إذَا قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِذَكَرِهِ أَوْ لَمَسَ بَشَرَةَ امْرَأَةٍ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا , فَإِنْ أَنْزَلَ الْمَنِيَّ بَطَلَ صَوْمُهُ وَإِلا فَلا , وَنَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الإِجْمَاعَ عَلَى بُطْلانِ صَوْمِ مَنْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " إذا باشر الرجل زوجته سواء باشرها باليد ، أو بالوجه بتقبيل ، أو بالفرج ( بدون جماع ) فإنه إذا أنزل أفطر ، وإذا لم ينزل فلا فطر بذلك " انتهى . "الشرح الممتع" (6/388) .
الحال الثانية : أن ينشأ عن تلك المداعبة والمباشرة نزول المذي ، ففي هذه الحال لا يفسد الصوم .(/1)
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : " تقبيل الرجل امرأته ومداعبته لها ومباشرته لها بغير الجماع وهو صائم ، كل ذلك جائز ولا حرج فيه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبِّل وهو صائم ، ويباشر وهو صائم ، لكن إن خشي الوقوع فيما حرم الله عليه لكونه سريع الشهوة ، كره له ذلك ، فإن أمنى لزمه الإمساك والقضاء ولا كفارة عليه عند جمهور أهل العلم . أما المذي فلا يفسد به الصوم في أصح قولي العلماء ، لأن الأصل السلامة وعدم بطلان الصوم ، ولأنه يشق التحرز منه ، والله ولي التوفيق " انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن باز" (15/315) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن رجل داعب زوجته ، وهو صائم فخرج منه مذي ، فما حكم صومه ؟
فأجاب : " إذا داعب الرجل زوجته ، فخرج منه مذي ، فصومه صحيح ، ولا شيء عليه على القول الراجح عندنا من أقوال أهل العلم ؛ وذلك لعدم الدليل على أنه يفطر ، ولا يصح قياسه على المني ؛ لأنه دونه ، وهذا القول الذي رجحناه هو مذهب الشافعي ، وأبي حنيفة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقال في الفروع : هو أظهر ، وقال في الإنصاف : هو الصواب " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/236) .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (37715) .
ثالثاً :
إذا اشتبه على الإنسان في مثل هذه الحال : هل الذي خرج منه مني أم مذي ؟
فالغالب أنه مذي ، لأن المذي هو الذي يخرج عند المداعبة ، ولا يحكم بفساد الصوم بمجرد الشك.
وقد سبق في الموقع بيان الفرق بين المذي والمني في جواب السؤال رقم (99507) ، ورقم (2458) .
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
107345
العنوان:
الاستفادة من عظام الموتى لدراسة الطب
السؤال:
ما حكم الدراسة على العظام الآدمية في كلية الطب؟ وهل تحتاج إلى وضوء بعد لمسها ؟
الجواب:
الحمد لله
الأصل المقرر شرعا هو احترام المسلم وعدم إهانته حيا وميتا ، ووجوب دفنه ودفن ما وجد من أجزائه من عظم وغيره ، لقوله تعالى : ( وَلَقَد كَرَّمنَا بني ءَادَمَ ) الإسراء/70.
وروى أحمد (24730) وأبو داود (3207) وابن ماجه (1616) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
إلا أنه نظرا لأهمية تشريح الجثث ودراستها ، لنفع الأحياء وإفادتهم ، فقد جوز أهل العلم تشريح جثة الكافر غير المعصوم وهو الحربي والمرتد ، وصدر في ذلك قرار من مجمع الفقه الإسلامي ، ذكرناه في جواب السؤال رقم (92820) .
وأما العظام المأخوذة من جثة مسلم ، فجب دفنها ، ولا يجوز إبقاؤها للفحص والدراسة ، وينبغي البحث عن بديل لذلك .
ولمس الجثة أو العظام لا ينقض الوضوء.
وقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : أنا طالب بكلية الطب وأثناء الدراسة نضطر إلى أن نمسك بعض الجثث ونشرحها بأيدينا وغالباً ما تكون جثث مسلمين ، وأيضاً نضطر إلى أن نحتفظ بعظام الموتى في بيوتنا فهل تشريح هذه الجثث أو لمس هذه العظام يوجب إعادة الوضوء ؟ وما حكم تشريح جثث المسلمين لغرض التعلم الطبي ؟(/1)
فأجاب : "الله سبحانه وتعالى شرع لبني آدم الدفن أن تدفن جنائزهم بعد موتهم ، قال الله تعالى : (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ) عبس/21 ، وقال تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا، أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا) المرسلات/25، 26 أي : تعيشون على ظهرها ، وتدفنون بعد موتكم في بطنها ، قال تعالى : (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) طه/55 فالذي يشرع نحو الميت أن يدفن في قبره ، ولا يتصرف في جثته وأعضائه .
وأما بالنسبة لتشريح الجثة لقصد التعليم كما ورد في السؤال ، وكما يقال إنه أصبح الآن ضرورة لتعلم الطب ونفع الأحياء بذلك ، فهذا إن أمكن الاستغناء عنه فإنه لا يجوز بحال من الأحوال ، وإذا لم يمكن وتوقف الأمر عليه فإن جثة المسلم لا يجوز أن تشرح أبداً لأجل الطب ...
فالمسلم لا يجوز أن يتلاعب بجثته ، ولا أن تشرح ، بل يجب دفنه واحترامه ، أما بالنسبة لجثة الكافر فقد رخص بعض العلماء المعاصرين بتشريح جثته لأجل الطب والله أعلم .
أما لمس الجثة ولمس الميت غير فرجه فهذا لا ينقض الوضوء ، إنما الذي ذكره بعض أهل العلم أنه ينقض الوضوء تغسيل الميت ، وفيه نظر، أما لمس جثته من غير التغسيل فهذا لا ينقض الوضوء " انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" (2/44).
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
107381
العنوان:
خبز " الكروسون " حلال
السؤال:
هل يجوز أكل croissant – وهو : خبز على شكل هلال - ، قصته ترجع إلى أن خبازا من النصارى صنعه على شكل هلال ، ويرمز للدولة العثمانية احتفالا عندما هزمت فى إحدى المعارك ، وقد بحثت عن القصة فى الموسوعة المجانية فى الإنترنت فوجدت قصصا مشابهة ، والبعض يقول ليس بصحيح ، ولكن القصة مذكورة ، وأعتقد - والله أعلم - فى بعض مناهج الطلبة .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
" الكروسون " أو " الكروسان " صنف معروف من الخبز أو الفطائر ، اسمه بالانجليزية (croissant) ، ونحوه بالفرنسية ، قد يتخذ شكلا قريبا من الهلال مع بعض الحلقات فيه .
ثانيا :
تذكر بعض المصادر العربية والأجنبية أن صنع هذا الخبز على شكل هلال - رمز الدولة العثمانية – كان احتفالا بهزيمة الجيوش العثمانية في معركة " فيينا " على يد الجيوش البولندية ، وكان أحد الخبازين سببا لهذه الهزيمة ، حين سمع أصوات حفر المسلمين نفقا للوصول إلى المدينة المحصنة ، فأخبر الإمبراطور الذي سارع إلى تدبير مكيدة بالمسلمين أدت إلى هزيمتهم ، وذلك في عام (1683م) .
وبعض المصادر تحكي صنع هذا الخبز احتفالا بهزيمة المسلمين بقيادة عبد الرحمن الغافقي في معركة " بلاط الشهداء " عام (732م) على يد الفرنسيين .
ويذكر بعض الباحثين أن قصة خبز " الكروسون " حاضرة في بعض مناهج تعليم الأطفال في الدول الغربية ، ولعل ذلك سبب تفتيش كثير من الناس عن هذا الأمر اليوم .
ثالثا :
أما عن الحكم الشرعي لتناول هذا الخبز : فلا نرى فيه حرجا إن شاء الله ، وهو حلال أصلا من حيث مادته ومكوناته ، إلا إذا استعمل الخمر في عجينه فيكون حراما .
أما تحريمه لأجل القصة المأثورة في سبب صنعه ومناسبته فلا نرى ذلك وجيها لما يأتي :
1-أنها قصة مظنونة لا سبيل إلى تأكيدها ، وذكر المصادر لها لا يعني الجزم بوقوعها.(/1)
2-كما أنه لا سبيل إلى الجزم بتماثل شكل " الكروسون " اليوم بذلك الذي صنعه الخباز البولندي عام (1683م) ، وغالب الظن أن هناك اختلافا كبيرا في مكونات العجين وطريقة الصنع وشكل الخبز ، فهو اليوم لم يعد يشبه الهلال من قريب ولا من بعيد.
3-ثم إن تقادم القصة كفيل بتقادم آثارها النفسية واختفاء حُمَّاها التي تخفيها في طياتها ، والشريعة واقعية تبني على المحسوس وليس على المتوهم أو المطموس .
4-ومع ذلك كله فليس الهلال شعارا للإسلام ، بل هو شعار للدولة العثمانية ، وفرق بين نسبة الشعار إلى الدين ، فهذا يحتاج إلى نص مأثور ، وبين نسبة الشعار إلى دولة إسلامية ، كشعار الدولة الأموية أو العباسية وغيرها ، فلا ينبغي إسبال الهالة والقداسة الدينية عليه ، وقد سبق بيان ذلك في موقعنا في جواب السؤال رقم : (1528) ، (79141) .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
107421
العنوان:
حديث : ( إنها صفية ) هل يدل على ستر الوجه؟
السؤال:
لماذا لا يحتج القائلون بوجوب تغطية الوجه والكفين بهذا الحديث والذي أرى في حدود علمي أنه من الأدلة القوية على وجوب تغطية الوجه والكفين؟ والحديث هو: عن صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَى رِسْلِكُمَا ، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ . فَقَالَا : سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنْ الْإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا) . رواه البخاري (2035) ومسلم (2175). ووجه الاحتجاج أنهما لو رأيا وجهها لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة لإخبارهما عن شخصها؟ لذا أرجو التوضيح
الجواب:
الحمد لله(/1)
لا شك أن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها كانت تستر وجهها عن الرجال الأجانب لأن زواجها من النبي صلى الله عليه كان بعد نزول آية الحجاب ، فامتثلت قول الله تعالى :( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/59 .
والنساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم – بعد نزول الحجاب – كن يسترن وجوههن ، قال البخاري رحمه الله في صحيحه :" بَاب ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ : ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا ).
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" : "قَوْله : ( مُرُوطهنَّ ) جَمْع مِرْط وَهُوَ الْإِزَار , وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة (أُزُرهنَّ) ، قَوْله : ( فَاخْتَمَرْنَ ) أَيْ غَطَّيْنَ وُجُوهَهُنَّ " انتهى .
والاستدلال بحديث صفية على أن النساء كن يسترن وجوههن ، مما يمنع تمييز صفية من غيرها ، يمكن أن يورد عليه احتمال ، وهو امتناع الرؤية لأجل ظلام الليل ، لقول صفية رضي الله عنها : (فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً) ومعلوم أن الطرقات لم يكن بها مصابيح.
ثم إن الحديث في ستر صفية رضي الله عنها وجهها ، وهي من أمهات المؤمنين ، ولا يخالف أحد أن الحجاب الكامل كان واجباً على أمهات المؤمنين ، وإنما الخلاف في وجوبه على غيرهن .
ثم إن الحديث مجرد فعل منها ، ليس فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم لها بستر الوجه .(/2)
وعلى كل حال ، فالحديث لا يخلو من مناقشات ، ولهذا لم يستدل به العلماء - فيما نعلم - على وجوب ستر المرأة وجهها عن الرجال الأجانب ، وهناك أدلة أخرى أوضح وأصرح؛ ذكرناها في جواب السؤال رقم (11774) .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
107436
العنوان:
أقاموا في استراحات خاصة بالموظفين ويريدون التكفير عن ذلك
السؤال:
والدي يعمل في إحدى المصالح الحكومية والتي تتيح له المبيت والإقامة باستراحات خاصة بهؤلاء الموظفين فقط ، إلا أنه في هذا الصيف ونظرا لعدم وجود موظفين في هذه الاستراحة فقد قام والدي باصطحابنا معه للإقامة في هذه الاستراحة عدة أيام ، وبالطبع قمنا باستهلاك الماء والكهرباء في تلك الفترة ، إلا أن الطعام كان من نفقتنا الخاصة ، ولكن بعد انتهاء الإقامة بدا لنا أن نكفر عما فعلنا بأن نخرج من أموالنا الخاصة مبلغا من المال يعادل تقريبا قيمة الكهرباء والماء التي استهلكناها ، وقيمة المبيت في هذه الاستراحة ، والسؤال : هل الكفارة فعلا بإخراج هذه الأموال أم هناك كفارة أخرى؟ وهل يلزم إخراج هذه الأموال لصالح مصالح حكومية أو هيئات ذات نفع عام ؟ وإذا تعذر ذلك علينا لأننا لا نجد مثل هذه المصالح أو الهيئات التي تفتح باب التبرعات فهل يكفي أن نعطي هذه الأموال للفقراء والمساكين أم يلزم إعطاؤها لمصالح حكومية أو مدارس تحت الإنشاء أو هيئات ذات نفع عام؟ وهل يمكن التبرع بها لصالح بناء مساجد ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا كانت الاستراحات مخصصة للموظفين فقط دون عوائلهم ، فقد أخطأتم في إقامتكم فيها هذه الأيام ، وأحسنتم في التفكير في إخراج قيمة ما استعملتم من الكهرباء والماء والسكنى ، ولا حرج في صرف هذا المال في كل ما يعود بالنفع على الصالح العام ، كأن توضع في بناء المساجد أو المدارس أو المستشفيات أو دور الرعاية ، أو تعطى للفقراء والمحتاجين ، فهذه مصارف المال العام .
وينظر جواب السؤال رقم (47067)
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
107444
العنوان:
حدود الاختلاط المسموح به بين أفراد العائلة
السؤال:
ما هي حدود الاختلاط بين أفراد العائلة ؟ وأقصد الاختلاط بين النساء والرجال فنحن عائلة فيها ترابط وهم لا يتفهمون نقطة الاختلاط ، فتجد أن أبناء الخالة يعتبرون بنات خالتهم مثل أخواتهم ، ولكن في حدود يعنى حدود السلام بإلقاء السلام فقط ، وليس باليد ، وفي حدود الكلام المحترم غير المخل فهل هذا يجوز ؟
الجواب:
الحمد لله
جاءت الشريعة بضوابط واضحة تضبط علاقة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه ، وتحول دون وقوع الفتنة له أو لها ، ومن ذلك :
1- تحريم الخلوة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) رواه الترمذي (2165) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وفي رواية : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ، ليس معها ذو محرم منها ، فإن ثالثهما الشطان) رواه أحمد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في غاية المرام (180) .
2- تحريم المصافحة واللمس ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) رواه الطبراني من حديث معقل بن يسار ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (5045) .
3- تحريم نظر الرجل إلى المرأة ؛ لقوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) النور/30، 31 .
وفي صحيح مسلم (2159) عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة ، فأمرني أن أصرف بصري ) .
وأما نظر المرأة إلى الرجل من غير شهوة ، فجائز على الراجح .(/1)
4- تحريم الخضوع بالقول من قبل المرأة ؛ لقوله تعالى : (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) الأحزاب/32 .
5- وجوب ستر العورة ، وعورة المرأة أمام الرجال الأجانب ، جميع بدنها بما فيه الوجه والكفان ، وينظر جواب السؤال رقم (11774) .
وهذه الضوابط تنطبق على تعامل المرأة مع كل رجل أجنبي عنها ، ولو كان قريبا كابن العم وابن الخالة ، بل ينبغي التحرز والاحتياط في التعامل مع القريب ؛ لأن اعتياد رؤيته ودخوله وخروجه ، مما يساعد على وقوع الفتنة إذا لم تراع الضوابط السابقة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إياكم والدخول على النساء ) فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله ، أفرأيت الحمو ؟ قال: ( الحمو الموت ) رواه البخاري (4934) ومسلم (2172) .
الحمو : أخو الزوج وابن عمه وما أشبهه من أقارب الزوج .
وأما مجرد إلقاء السلام من غير مصافحة ، أو الكلام عند الحاجة مع عدم الخضوع بالقول ، أو الوجود في مكان واحد ، مع الستر وانتفاء الخلوة ، فهذا لا حرج فيه .
وفي بعض المجتمعات يبدو تمسك المرأة بهذه الضوابط غريبا ، لقلة العلم ، وكثرة المترخصين ، فعليها أن تصبر ، وأن تبين وتوضح قدر استطاعتها .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
107462
العنوان:
تزوج نصرانية ورزق بمولود وتريد تعميده في الكنيسة
السؤال:
أنا مسلم سني متزوج من مسيحية وأعيش في لبنان وهي تعيش في بلدها وقد رزقنا الله بطفل يعيش الآن مع أمه ويبلغ من العمر شهرين ، وقد طلبت مني أن يكون طفلنا مسيحيًا وترغب في الذهاب به إلى الكنيسة لتعميده ، فماذا أفعل؟ وماذا أقول لها؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
يجوز للمسلم أن يتزوج من النصرانية ، إذا كانت عفيفة ، لقول الله تعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) المائدة/5 .
ومع ذلك فلا ينصح بالزواج من الكتابية في هذا الزمن ، لما ينطوي عليه من مخاطر كبيرة ، لا سيما فيما يتعلق بتربية الأولاد .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " فإذا كانت الكتابية معروفة بالعفة والبعد عن وسائل الفواحش جاز ؛ لأن الله أباح ذلك وأحل لنا نساءهم وطعامهم .
لكن في هذا العصر يُخشى على من تزوجهن شر كثير ، وذلك لأنهن قد يدعونه إلى دينهن وقد يسبّب ذلك تنصر أولاده ، فالخطر كبير ، والأحوط للمؤمن ألا يتزوجها ، ولأنها لا تؤمن في نفسها في الغالب من الوقوع في الفاحشة ، وأن تعلّق عليه أولادا من غيره ... لكن إن احتاج إلى ذلك فلا بأس حتى يعف بها فرجه ويغض بها بصره ، ويجتهد في دعوتها إلى الإسلام ، والحذر من شرها وأن تجره هي إلى الكفر أو تجر الأولاد " انتهى من "فتاوى إسلامية" (3/172) .(/1)
ومنه تعلم أن تنصير الأولاد من أكبر المحاذير التي يخشى أن تترتب على الزواج من النصرانية . ولا شك أنه لا يجوز لك السماح بذلك بحال من الأحوال ، وكان عليك أن توضح لها قبل الزواج أن أولادك مسلمون ولا يمكن تنصيرهم ، وأن هذه مسألة لا تقبل النقاش أو المساومة .
والواجب عليك الآن أن تحفظ دين ولدك ، وأن تحول دون تنصيره ، وإذا كانت الزوجة مصرة على ذلك فإنه ليس أمامك إلا أن تلزمها بالبقاء معك في بلدك ، أو تستبقي الابن فقط ، ولو أدى ذلك إلى فراقها وطلاقها ، فإن الأمر عظيم ، والمسألة كبيرة ، فهي مسألة كفر وإيمان ، نعوذ بالله من الخذلان .
واعلم أن تعميد الولد لا يعني أنه يصير نصرانيا بالفعل ، بل هو مسلم يتبع دين أبيه المسلم ، ولا يصير نصرانيا حتى يعقل النصرانية ويختارها بنفسه ، وأما تعميده فلا اختيار له فيه ، ولا يؤثر على دينه الذي فطره الله عليه وهو الإسلام .
فابذل كل وسيلة لتحافظ على هذا الابن ، وتحول دون تلقينه تعاليم النصرانية ، واعلم أنك مسؤول عنه ، وأن أعظم التفريط والخيانة لهذه الأمانة أن تتركه يكفر بالله عز وجل .
نسأل الله تعالى أن يحفظك وذريتك ، وأن يصرف عنكم السوء .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
107570
العنوان:
حكم سماع الأناشيد المصحوبة بالإيقاعات
السؤال:
ما هو حكم الإيقاعات الصوتية المدرجة في الأناشيد في الوقت الحاضر ؟ وأقصد بالإيقاعات أي مؤثرات من الموسيقي ونحوها من الطبل...
الجواب:
الحمد لله
دلت الأدلة الصحيحة على تحريم استماع المعازف ، كما سبق مفصلا في جواب السؤال رقم (5000) ، فلا يجوز أن تُصحب الأناشيد بشيء من الموسيقى ، ولا ما يشبه الموسيقى في التأثير ، كبعض الإيقاعات التي تنفذ على الكمبيوتر مما لا يختلف عن الموسيقى في إطراب السامعين وإخراجهم عن طورهم ، مع ما في استعمال هذه الإيقاعات من التشبه بأهل الفسق والمجون .
قال الشيخ الألباني رحمه الله : " بل قد يكون في هذا – [ أي : الأناشيد ] - آفةٌ أخرى ، وهي أنّها قد تُلحَّن على ألحان الأغاني الماجنة ، وتوقع على القوانين الموسيقية الشرقية والغربية التي تطرب السامعين وترقصهم ، وتخرجهم عن طورهم ، فيكون المقصد هو اللحن والطرب ، وليس النشيد بالذات ، وهذه مخالفة جديدة ، وهي التشبه بالكفار والمجّان ، وقد ينتج من وراء ذلك مخالفة أخرى ، وهي التشبه بهم في إعراضهم عن القرآن وهجرهم إياه ، فيدخلون في عموم شكوى النبي صلى الله عليه وسلم من قومه ، كما في قوله تعالى : (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) الفرقان/30" انتهى من "تحريم آلات الطرب" (ص 181) .
ومعلوم أن الشرع حرم سماع آلات المعازف لما تحدثه أصواتها المطربة من تأثير في القلب ، فتصيبه بالنفاق ، ويهجر كلام الله ، ولا يجد لذته إلا في هذه الأغاني ، ومعلوم أن بعض هذه الإيقاعات أشد طرباً من المعازف ، وتأثيرها في نفس السامع إن لم يكن أعظم من تأثير آلات المعازف ، فليس بأقل منها ، والشرع الحكيم لا يمكن أن يحرم شيئاً لمفسدته ثم يبيح ما هو مثله أو أعظم .(/1)
فهذه الإيقاعات إن كان صوتها كصوت آلات المعازف ، فحكمها حكم آلات المعازف في التحريم ، بل قد تكون أشد .
ولا يستثنى من تحريم آلات المعازف إلا الدف فقط ، وفي أحوال مخصوصة ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (20406) .
فما كان من هذه الإيقاعات شبيهاً بصوت الدف فلا حرج من سماعه في الأحوال التي يجوز فيها سماع الدف .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
107572
العنوان:
حكم سماع الأغاني الأجنبية أثناء المذاكرة
السؤال:
أريد أن أسال هل الأغاني حرام ؟ مع العلم أني أسمع الأغاني الأجنبية ، ولكن دائما وأنا أفعل شيئا... فمثلا أثناء المذاكرة أو أثناء العمل علي الكومبيوتر... كمجرد صوت بجانبي ، ولكني لا أخصص لها وقتا وأجلس لسماعها فقط .. أي أنها لا تلهني عن أي واجب .... كما أنني لا أسمع الأغاني التي تثير الغرائز أو بها معانٍ سيئة ، ولكن قد توجد بعض المعاني عن الحب ، ولكن ليست بصورة سافرة أو مثيرة للغرائز.....فهل هذا حرام ؟
الجواب:
الحمد لله
الغناء إن كان مصحوبا بآلات الموسيقى، فإنه يحرم فعله ، وسماعه ، سواء كان من رجل أو امرأة ، وسواء كان غناء عاطفيا أو حماسيا أو دينيا ، ولا يستثنى من ذلك إلا الغناء المصحوب بالدف ، في العرس والعيد وقدوم الغائب ، وقد سبق بيان ذلك مفصلا في جواب السؤال رقم (5000) ، ورقم (20406) ورقم (43736) .
وأما إذا خلا من الموسيقى ، فإن كان من امرأة لرجال فهو حرام ، وإن كان من رجل ، وبكلام مباح جاز، كالأناشيد الإسلامية الخالية من الموسيقى ، ومع ذلك لا ينبغي الإكثار من سماعها .
وقد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على تحريم استماع الموسيقى ، وأشار بعضهم إلى أن حكمة التحريم ، هي ما لهذه الموسيقى من أثر في تهييج النفوس وإغرائها بالحرام، ولهذا كانت على مدى العصور شعار الفسقة وشربة الخمور ، وعشاق الرذيلة. قال القرطبي رحمه الله : " أما المزامير والأوتار والكوبة (الطبل) فلا يختلف في تحريم استماعها ، ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك ، وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق ، ومهيج الشهوات والفساد والمجون؟! وما كان كذلك لا يُشك في تحريمه ولا تفسيق فاعله وتأثيمه " انتهى نقلا عن "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/337).(/1)
وقال ابن القيم رحمه الله : " فبينا ترى الرجل وعليه سمة الوقار وبهاء العقل ، وبهجة الإيمان ، ووقار الإسلام ، وحلاوة القرآن ، فإذا استمع الغناء ومال إليه نقص عقله وقل حياؤه ، وذهبت مروءته ، وفارقه بهاؤه ، وتخلى عنه وقاره ، وفرح به شيطانه ، وشكا إلى الله تعالى إيمانه ، وثقل عليه قرآنه ... فاستحسن ما كان قبل السماع يستقبحه ، وأبدى من سره ما كان يكتمه ، وانتقل من الوقار والسكينة إلى كثرة الكلام والكذب ، والزهزهة والفرقعة بالأصابع ، فيميل برأسه ، ويهز بمنكبيه ، ويضرب الأرض برجليه ، ويدق على أم رأسه بيديه، ويثب وثبات الدباب ، ويدور دوران الحمار حول الدولاب، ويصفق بيديه تصفيق النسوان، ويخور من الوجد ولا كخوار الثيران ، وتارة يتأوه تأوه الحزين ، وتارة يزعق زعقات المجانين..." انتهى من "إغاثة اللهفان" (1/353).
وكل من سمع الموسيقى وأعجب بها ، تراه يثقل عليه سماع القرآن ، لأن القلب لا يجتمع فيه مزمار الشيطان وقرآن الرحمن .
والحاصل : أن استماع الموسيقى لا يجوز ، سواء كانت أثناء المذاكرة أو قبل النوم ، وسواء أشغلت عن واجب أو لم تشغل ، لكن إذا أشغلت عن واجب كان الإثم أعظم .
وهذا التفصيل الذي ذكرته في سؤالك إنما يصلح لو كان الكلام على الغناء المجرد من الموسيقى ، وكان المغني أو المنشد رجلا ، فيقال : يجوز سماع هذا النشيد بشرط أن يكون الكلام نظيفا عفيفا ، وألا يشغل هذا السماع عن واجب من الواجبات ، وألا يكثر الإنسان منه بحيث يتعلق قلبه به ، فينصرف عن سماع القرآن .
نسأل الله لك التوفيق والثبات .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
107586
العنوان:
صورتها في الجواز بغير حجاب فهل تسافر به
السؤال:
من المعلوم أنه يجب وضع صورة شخصية لجواز السفر، ومشكلتي هي..أن صورتي في جواز السفر من دون حجاب ، فقد كنت صغيرة آنذاك وعند تجديد الجواز لم يغير أبي الصورة وعند طلبي بتغييرها قالوا لي : "لن تستطيعي تغييرها إلى أن ينتهي العمل بهذا الجواز"... وهو سينتهي بعد سنة من الآن ولكن أخشى السفر ، لأن أبي يحب السفر وسيجبرني عليه .. أفيدوني هداكم الله .
الجواب:
الحمد لله
كراهتك لاطلاع الرجال على صورتك بغير حجاب ، دليل على ما أنعم الله به عليك من الإيمان والغيرة ، وهكذا ينبغي أن تكون الفتاة المسلمة حريصة على الحجاب والستر والعفة والصيانة ، زادك الله ثباتا وإيمانا .
وينبغي أن يرى والدك منك هذا الحرص والرغبة في الستر ، وأن يقدّر ذلك أتم تقدير ، وألا يجبرك على السفر الآن ؛ إذ ليس لك أن تمكني الرجال من النظر إلى صورتك لغير ضرورة ، فإن حصل وأصر على سفرك ولم يمكن التخلف عنه ، فيمكنك إتلاف جواز السفر ، لاستخراج غيره ، فإن لم يمكن هذا ، فلا حرج عليك من السفر مع والدك .
وإذا كانت الصورة قد أخذت لك قبل البلوغ ، فالأمر فيها سهل ؛ لعدم وجوب الحجاب عليك في ذلك الوقت .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
107624
العنوان:
هل ترك الحجاب يفسد الصوم؟
السؤال:
أنا بنت لست متحجبة هل ذلك يبطل صيامي في رمضان ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
المؤمنة مأمورة بالحجاب ، وقد سبق في الموقع الكلام عن الحجاب في أكثر من جواب ، وتلك الأجوبة جاءت على صور ، منها ما كان بياناً لحكم الحجاب ، وأنه واجب ، كما في جواب السؤال رقم (21536) ، ومنها ما ذُكرت فيه الأدلة الدالة على وجوب الحجاب ، كما في جواب السؤال رقم (13998) ، ورقم (11774) ، ومنها ما كان بياناً لصفة الحجاب الشرعي ، كما في جواب السؤال رقم (6991) ، وغيرها من الأجوبة الدالة على أهمية الحجاب في حياة المرأة المؤمنة .
ثانياً :
إذا تركت المرأة الحجاب ، فهي عاصية لربها بذلك ، لكنّ صومها صحيح ؛ لأن المعاصي ، ومنها ترك الحجاب لا تفسد الصوم ، غير أنها تنقص ثوابه ، وقد تضيعه بالكلية .
والذي ندعوك إليه هو الالتزام بالحجاب ، مع الصيام ، فإنه ليس المقصود من الصيام هو مجرد الامتناع عن الطعام والشراب ، وإنما المقصود هو الصيام عن المحرمات ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ليس الصيام من الأكل والشرب ، إنما الصيام من اللغو والرفث) رواه الحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع (5376) .
واللغو هو الكلام الباطل . وقيل : ما لا فائدة فيه .
والرفث : الكلام البذيء .
فليكن صومك دافعاً لك إلى طاعة الله تعالى ، والبعد عما نهى عنه .
نسأل الله تعالى أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى .
والله أعلم(/1)
رقم السؤال:
107626
العنوان:
هل يقبض يديه ويشير بسبابته في الجلسة بين السجدتين؟
السؤال:
ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شريط صفة الصلاة , أن السنة في الجلسة بين السجدتين أن يرفع السبابة ويحركها عند الدعاء , أي كما في التشهد تماماً . والغريب أن هذا القول لم يقل به فيما أعلم سوى الشيخ ابن عثيمين . حتى إن هذا القول غير موجود في صفة الصلاة في كتاب الشرح الممتع . فهل أعمل بهذا القول؟
الجواب:
الحمد لله
هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء ، فمنهم من يقول : إن المصلي يقبض يده اليمنى ويشير بسبابته في الجلسة بين السجدتين ، كما يفعل في التشهد ، ومنهم من يقول : بل يبسط يده ولا يقبضها .
قال ابن القيم رحمه الله : " ثم كان صلى الله عليه وسلم يرفع رأسه مكبرا غير رافع يديه ، ويرفع من السجود رأسه قبل يديه ، ثم يجلس مفترشا ، يفرش رجله اليسرى ، ويجلس عليها ، وينصب اليمنى . وذكر النسائي عن ابن عمر قال : (من سنة الصلاة : أن ينصب القدم اليمنى ، واستقباله بأصابعها القبلة ، والجلوس على اليسرى) . ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع جلسة غير هذه .
وكان يضع يديه على فخذيه ، ويجعل مِرفقه على فخذه ، وطرف يده على ركبته ، ويقبض ثنتين من أصابعه ، ويحلق حلقةً ، ثم يرفع أصبعه يدعو بها ويحركها ، هكذا قال وائل بن حجر عنه ... ثم كان يقول بين السجدتين : ( اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني ، وارزقني ) هكذا ذكره ابن عباس رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم ، وذكر حذيفة أنه كان يقول : ( رب اغفر لي ، رب اغفر لي ) " انتهى من "زاد المعاد" (1/230) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" أما بالنسبة لليسرى : فتكون مبسوطة مضمومة الأصابع موجهة إلى القبلة ، ويكون طرف المرفق عند طرف الفخذ ، بمعنى : لا يفرجها ، بل يضمها إلى الفخذ .(/1)
أما اليمين : فإن السنة تدل على أنه يقبض منها الخنصر والبنصر ، ويحلق الإبهام مع الوسطى ، ويرفع السبابة ، ويحركها عند الدعاء . هكذا جاء فيما رواه الإمام أحمد من حديث وائل بن حجر بسند قال فيه صاحب "الفتح الرباني" : إنه جيد . وقال فيه المحشي على "زاد المعاد" : إنه صحيح ، وإلى هذا ذهب ابن القيم . .
أما الفقهاء : فيرون أن اليد اليمنى تكون مبسوطة في الجلسة بين السجدتين كاليد اليسرى ، ولكن اتباع السنة أولى ، ولم يرد في السنة لا في حديث صحيح ، ولا ضعيف ، ولا حسن أن اليد اليمنى تكون مبسوطة على الرجل اليمنى ، إنما ورد أنها تقبض ، يقبض الخنصر والبنصر ، ويحلق الإبهام مع الوسطى ، أو تضم الوسطى أيضا ، ويضم إليها الإبهام إذا جلس في الصلاة ، هكذا جاء عاما ، وفي بعض الألفاظ : ( إذا جلس في التشهد ) وكلاهما في صحيح مسلم ، فنحن إذا أخذنا كلمة ( إذا جلس في الصلاة ) قلنا : هذا عام في جميع الجلسات . وقوله : ( إذا جلس في التشهد ) في بعض الألفاظ لا يدل على التخصيص ؛ لأن لدينا قاعدة ذكرها الأصوليون ، وممن كان يذكرها دائما الشوكاني في "نيل الأوطار" والشنقيطي في "أضواء البيان" أنه إذا ذُكر بعض أفراد العام بحكم يطابق العام ، فإن ذلك لا يدل على التخصيص ، إنما التخصيص أن يذكر بعض أفراد العام بحكم يخالف العام .
مثال الأول : قلت لك : أكرم الطلبة ، هذا عام يشمل كل طالب ، ثم قلت : أكرم فلانا وهو من الطلبة ، فهل يقتضي هذا ألا أكرم سواه ؟ الجواب : لا ، لكن يقتضي أن هناك عناية به من أجلها خصصته بالذكر .(/2)
ومثال الثاني : أكرم الطلبة ، ثم قلت : لا تكرم فلانا وهو من الطلبة ، فهذا تخصيص ؛ لأنني في الأول ذكرت فلانا بحكم يوافق العام لدخوله في العموم ، وهنا ذكرته بحكم يخالف العام ، ولهذا يقولون في تعريف التخصيص : تخصيص بعض أفراد العام بحكم مخالف . أو : إخراج بعض أفراد العام من الحكم . فلا بد أن يكون مخالفا ، أما إذا كان موافقا فإن جمهور الأصوليين كما حكاه صاحب "أضواء البيان" يرون أنه لا يفيد التخصيص ، وهو ظاهر كما في المثال الذي ذكرناه . وعلى هذا فيكون بعض ألفاظ حديث ابن عمر الذي خص القبض بالتشهد لا يقتضي التخصيص من بعض ألفاظه الدالة على العموم " انتهى من "الشرح الممتع" (3/177) .
وبهذا يتبين لك دليل المسألة ، وموضعها من الشرح الممتع .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
107630
العنوان:
هل تسعى لتزويج أخيها المنتمي لجماعة التبليغ من صديقتها؟
السؤال:
قرأت في موقعكم عن جماعة التبليغ وقرأت عنها في عدة مراجع ورأيي فيها الآن أني لا أحب أن أخرج معها وأحب من الناس كذلك أن يحتاطوا لدينهم, سؤالي هو أني لا أحب لنفسي أن أكون زوجة لأحد أفرادها, فهل إذا سعيت في تزويج أخي المنضم إليها لإحدى صديقاتي أكون قد خالفت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) علما أني سمعت أن علماء كبارا قد أجازوا الخروج معهم أمثال الشيخ ابن جبرين.
الجواب:
الحمد لله
جماعة التبليغ كغيرها من الجماعات الدعوية ، لها جهودها وثمارها ، وعليها بعض الملاحظات ، ويتفاوت أفرادها في العلم والفهم وسلامة المنهج بحسب البلدان والبيئات ، وقد سبق الكلام على هذه الجماعة في جواب السؤال رقم (8674) ورقم (14037) ورقم (39349) ، وعليه ؛ فإذا كان أخوك مرضي الدين والخلق ، متبعا للسنة محاذرا للبدعة ، فلا حرج في سعيك لتزويجه من صديقتك .
وإذا علمت من حال أخيك أنه يصر على بدعة أو يكثر السفر ، ويُخشى أن يستمر على ذلك بعد زواجه ، مما يترتب عليه الضرر لزوجته وذريته ، فلا تتوسطي في زواجه ، وينبغي له حينئذ أن يتزوج من هي على مثل حاله ، تجنبا للشقاق والنزاع .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
107677
العنوان:
نشر الإعلانات في المواقع
السؤال:
أنا صاحب أحد المواقع وأستقبل إعلانات وأكون كالناشر ، أي أنشر الإعلانات في موقعي ، وأيضا قد لاحظت أنه قد تظهر في مواقع توجد صور نساء ، ومواقع أخرى إسلامية ، ومواقع أخرى نظيفة من المحرمات ، لكن أريد معرفة هل بإمكاني أن أكون ناشرا للإعلانات ؟
الجواب:
الحمد لله
لا حرج عليك في إنشاء موقع لنشر الإعلانات ، على أن تكون هذه الإعلانات مقيدة بالضوابط الشرعية ، بألا تحتوي على صور النساء ، ولا على أصوات المعازف ، ولا تدعو لشراء شيء من المحرمات من خمور أو لحم خنزير أو غيرها من المحرمات ، ولا تروج للمعاملات البنكية الربوية ، ولا إلى المواقع السياحية الفاسدة ، ولا إلى الأمور المشبوهة .
وتذكر أخي الكريم أنك مؤتمن بعملك هذا على أخلاق المسلمين وأموالهم وأعراضهم ، فإذا راقبت الله تعالى في إعلانك فقد حفظت الأمانة وأديتها ، وإذا قصرت وأعنت على نشر الحرام وإفساد المجتمعات فقد ضَيَّعت وفَرَّطت وخنت الأمانة .
يقول الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الأنفال/27 .
وانظر جواب السؤال رقم : (93376) .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
107701
العنوان:
شروط صحة الصلاة
السؤال:
ما هي شروط صحة الصلاة ؟
الجواب:
الحمد لله
الشرط في اصطلاح أهل الأصول : ما يلزم من عدمه العدم ، ولا يلزم من وجوده الوجود .
فشروط صحة الصلاة : هي ما يتوقف عليها صحة الصلاة ، بحيث إذا اختل شرط من هذه الشروط فالصلاة غير صحيحة ، وهي :
الشرط الأول : دخول الوقت – وهو أهم الشروط - : فلا تصح الصلاة قبل دخول وقتها بإجماع العلماء ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ) النساء /103 .
وأوقات الصلاة ذكرها الله تعالى مجملة في كتابه ، فقال تعالى : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً ) الإسراء/78 ، فقوله تعالى : (لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) ، أي : زوالها ، وقوله ( إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ) ، أي : انتصاف الليل ، وهذا الوقت من نصف النهار إلى نصف الليل يشتمل على أوقات أربع صلوات: الظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء .
وذكرها النبي صلى الله عليه وسلم مفصلة في سنته ، وسبق بيانها في جواب السؤال رقم (9940) .
الشرط الثاني : ستر العورة ، فمن صلى وهو كاشف لعورته ، فإن صلاته لا تصح ؛ لقول الله تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) الأعراف/31 .
قال ابن عبد البر رحمه الله : "وأجمعوا على فساد صلاة من ترك ثوبه ، وهو قادر على الاستتار به وصلى عرياناً" انتهى .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (81281) .
والعورات بالنسبة للمصلين أقسام :
1. عورة مخففة : وهي عورة الذكر من سبع سنين إلى عشر سنين ، فإن عورته الفرجان فقط : القبل والدبر .
2. عورة متوسطة : وهي عورة من بلغ عشر سنين فما فوق ، ما بين السرة والركبة .(/1)
3. عورة مغلظة : وهي عورة المرأة الحرة البالغة ، فجميع بدنها عورة في الصلاة ، إلا الوجه والكفين ، واختلف العلماء في ظهور القدمين .
الشرط الثالث والرابع : الطهارة ، وهي نوعان : طهارة من الحدث ، وطهارة من النجس .
1. الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر ، فمن صلى وهو محدث ، فإن صلاته لا تصح بإجماع العلماء ؛ لما روى البخاري (6954) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ ) .
2. الطهارة من النجاسة ، فمن صلى وعليه نجاسة عالماً بها ذاكراً لها ، فإن صلاته لا تصح.
ويجب على المصلي أن يجتنب النجاسة في ثلاثة مواضع :
الموضع الأول : البدن ، فلا يكون على بدنه شيء من النجاسة ؛ ويدل عليه ما رواه مسلم (292) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : ( مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ الْبَوْلِ .. ) الحديث .
الموضع الثاني : الثوب ، ويدل عليه ما رواه البخاري (227) عَنْ أَسْمَاءَ بنت أبي بكر رضي الله عنهما قَالَتْ : ( جَاءَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ كَيْفَ تَصْنَعُ ؟ قَالَ : تَحُتُّهُ ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ ، وَتَنْضَحُهُ ، وَتُصَلِّي فِيهِ ) .(/2)
الموضع الثالث : المكان الذي يُصلى فيه ، ويدل عليه ما رواه البخاري عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ).
الشرط الخامس : استقبال القبلة ، فمن صلى فريضة إلى غير القبلة ، وهو قادر على استقبالها ، فإن صلاته باطلة بإجماع العلماء ؛ لقوله تعالى : ( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) البقرة/144 ، ولقوله صلى الله عليه وسلم – في حديث المسيء صلاته - : ( ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ ) رواه البخاري (6667) .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (65853) .
الشرط السادس : النية ، فمن صلى بلا نية فصلاته باطلة ؛ لما روى البخاري (1) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) ، فلا يقبل الله عملاً إلا بنية .
والشروط الستة السابقة ، إنما هي خاصة بالصلاة ، ويضاف إليها الشروط العامة في كل عبادة ، وهي : الإسلام ، والعقل ، والتمييز .
فعلى هذا ، تكون شروط صحة الصلاة إجمالاً تسعة :
الإسلام ، والعقل ، والتمييز ، ورفع الحدث ، وإزالة النجاسة ، وستر العورة ، ودخول الوقت ، واستقبال القبلة ، والنية .
والله أعلم(/3)
رقم السؤال:
107738
العنوان:
جاءته جائزة من إحدى المنظمات فهل يستلمها على حساب في بنك ربوي ؟
السؤال:
لقد جاءتني رسالة عبر البريد الإلكتروني من منظمة دولية تفيد بأني فزت بجائزة مالية وللحصول عليها يجب دفع تكلفة تحويلها لبلدك. وقد كنت سألتكم عن حكم أخذ هذه الجائزة فأجبتم بالجواز إذا تمكنت من التعرف على هذه المنظمة. هي منظمة تطوير استخدام البريد الإلكتروني عبر الإنترنت ، وأرسلوا إلي وثائق الفوز ودفعت لهم جزءا من مبلغ التحويل . وما يحيرني الآن هو أن الجائزة ستحول إلى حسابي البنكي الموجود في بنك ربوي ، لأنه لا توجد بنوك إسلامية في بلدي . فماذا أفعل ؟ هل ألغي العملية كلها وأغلق حسابي البنكي وربما أخسر مبلغ التحويل ؟ أم أستمر في العملية وأتخلص من الفوائد الربوية كل عام ؟ أو أطلب من البنك بألا يعطوني فوائد على الحساب البنكي ؟
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز الإيداع في البنوك الربوية ، إلا لضرورة حفظ المال ، عند عدم وجود بنك إسلامي ، ويقتصر حينئذ على الحساب الجاري (بدون فوائد) ، ارتكابا لأخف الضررين ، ولو فرض أن ترتبت فائدة على هذا الحساب فإنك تتخلص منها بصرفها في وجوه الخير .
ولا حرج في استقبال الجائزة على هذا الحساب ، وينظر جواب السؤال رقم (104245) .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
107750
العنوان:
يعطي موظف الشركة عمولة ليعقد لقاء بينه وبين المدير
السؤال:
أعمل في وكالة للدعاية والإعلان أحيانا يأتيني موظف من الشركة ويعمل عندي بعض الأعمال وأنا أعرض عليه إذا أتاني بشغل الشركة أني أعطيه نسبة مثل ما أعطي المندوبين ، مع العلم أنها لا تكون مناقصة بل لكي يعقد مع المدير لقاء بيني وبينه أو يقدم له أسعارنا .
الجواب:
الحمد لله
إذا لم تكن مناقصة ، ولم يكن هذا الموظف مسئولاً عن البحث عن العروض والأسعار ، فلا حرج أن تعطيه مبلغا من المال أو نسبة في مقابل دلالته وسمسرته .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم البحث لمستأجر عن محلٍ أو شقةٍ مقابل أجرة يدفعها لمن حقق له طلبه .
فأجاب : " لا حرج في ذلك ، فهذه أجرة وتسمى السعي ، وعليك أن تجتهد في التماس المحل المناسب الذي يريد الشخص أن يستأجره ، فإذا ساعدته في ذلك والتمست له المكان المناسب ، وساعدته في الاتفاق مع المالك على الأجرة ، فكل هذا لا بأس به إن شاء الله ، بشرط ألا يكون هناك خيانة ولا خديعة ، بل على سبيل الأمانة والصدق ، فإذا صدقت وأديت الأمانة في التماس المطلوب من غير خداع ولا ظلم لا له ولا لصاحب العقار ، فأنت على خير إن شاء الله " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (19/358).
وينظر جواب السؤال رقم (45726) .(/1)
وأما إن كان الموظف مسئولاً عن البحث عن العروض والأسعار ، فأخذه المال حينئذ يدخل في الرشوة وهدايا العمال المحرمة ؛ لما روى البخاري (7174) ومسلم (1832) عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ : اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا مِنْ بَنِي أَسْدٍ يُقَالُ لَهُ ابن اللُّتْبِيَّة عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : ( مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ : هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي ، فَهَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وقال : أَلا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاثًا ) .
والرغاء : صوت البعير ، والخُوار : صوت البقرة ، واليُعار : صوت الشاة .
وينظر جواب السؤال رقم (87864) .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
107754
العنوان:
كيفية حساب زكاة الشركات التجارية
السؤال:
زكاة الشركات التجارية كيف نحسبها ؟
الجواب:
الحمد لله
حساب الزكاة للشركات التجارية التي لديها سلع تتاجر فيها : أن تُقوّم السلع التي لديها – أي : المواد التي تم شراؤها بقصد بيعها - عند نهاية الحول بالسعر الذي تباع به ، ثم يضاف إلى ذلك الأموال النقدية الموجودة في الشركة أو في أرصدة البنوك ، والديون التي لها على الناس التي يرجى تحصيلها ، ثم يخرج من ذلك كله ربع العشر (2.5%) .
وإذا لم يكن لديها سلع تتاجر فيها ، ولكنها تقوم بمشاريع تدرّ عليها المال ، كاستصلاح الأراضي ، وبناء المساكن لتأجيرها – لا لبيعها – أو تقوم بأعمال الصيانة ، فإنها في نهاية الحول تنظر فيما لديها من أموال ، وما لها من ديون على غيرها مرجوة السداد ، وتخرج من ذلك ربع العشر .
وأما المباني والمكاتب والسيارات والأثاث والآلات التي لا يقصد بيعها ، بل تستعمل في الشركة فلا زكاة فيها ، مهما بلغت قيمتها .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
107780
العنوان:
حكم من نسي القضاء وأدركه رمضان
السؤال:
ما حكم من نسي القضاء وأدركه رمضان ؟
الجواب:
الحمد لله
اتفق الفقهاء على أن النسيان عذر يرفع الإثم والمؤاخذة في جميع المخالفات ، لأدلة كثيرة جاءت في الكتاب والسنة ، إلا أنهم يختلفون في رفعه ما يترتب على المخالفة من فدية ونحوها.
وفي خصوص مسألة نسيان قضاء رمضان حتى يدخل رمضان التالي ، اتفق العلماء أيضا على أن القضاء لازم بعد رمضان التالي ، ولا يسقط بالنسيان .
ولكنهم يختلفون في وجوب الفدية ( وهي إطعام مسكين) مع القضاء ، على قولين :
القول الأول : لا تلزمه الفدية ، فالنسيان عذر يرفع عنه الإثم والفدية .
وذهب إلى هذا أكثر الشافعية وبعض المالكية .
انظر : "تحفة المحتاج" لابن حجر الهيتمي (3/445) ، "نهاية المحتاج" (3/196) ، "منح الجليل" (2/154) ، "شرح مختصر خليل" (2/263) .
القول الثاني : تلزمه الفدية ، والنسيان عذر يرفع الإثم فقط .
ذهب إليه الخطيب الشربيني من الشافعية ، فقال في "مغني المحتاج" (2/176) :
قال : "والظاهر أنه إنما يسقط عنه بذلك الإثم لا الفدية" .
ونص عليه بعض المالكية أيضاً .
وانظر : "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (2/450) .
والراجح هو القول الأول إن شاء الله تعالى ، وذلك لأدلة ثلاثة :
الأول : عموم الآيات والأحاديث التي ترفع المؤاخذة عن الناسي : كقوله تعالى : ( رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة/286 .
الثاني : الأصل براءة الذمة ، ولا يجوز إشغالها بالكفارة أو الفدية إلا بدليل ، ولا دليل يقوى في هذه المسألة .(/1)
الثاني : أن هذه الفدية مختلف في وجوبها أصلا حتى على المتأخر عن القضاء عامدا ، حيث ذهب الحنفية والظاهرية إلى عدم وجوبها ، واختار الشيخ ابن عثيمين أنها مستحبة فقط ، إذ لم يرد في مشروعيتها إلا عمل بعض الصحابة ، وهذا لا يقوى على إلزام الناس بها ، فضلا عن إلزامهم بها حال العذر الذي عذر الله به .
وانظر جواب السؤال رقم (26865) .
وخلاصة الجواب : عليه القضاء فقط ، ولا طعام عليه فيقضي بعد رمضان الحالي .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
107795
العنوان:
يضم إنتاج أخيه إلى إنتاجه لتقوم الحكومة بتسويقه وهي لا تعلم
السؤال:
لي أرض أعطتني إياها الحكومة لأزرعها وتتولى الحكومة تسويق المنتجات ، وحاليا تتولى الحكومة تسويق منتج التمر ، ولي أخ طلب مني أن آخذ من إنتاج مزرعته الخاصة والموجودة في منطقة أخرى كي أقوم وأضم إنتاج مزرعته إلى إنتاجي كي تسوقه الحكومة ، وطبعا هذا دون علم من الجهات المختصة بالتسويق. ما رأي فضيلتكم؟
الجواب:
الحمد لله
الظاهر من سؤالك أن الدولة إنما تسوق التمر لأصحاب هذه المشاريع من باب التشجيع والإعانة ، ولا تفعل ذلك مع غيرهم ، ولهذا فلا يجوز أن تأخذ من إنتاج أخيك لتعطيه الحكومة إلا إذا أعلمتهم بذلك ؛ لأن هذا من الغش والكذب وأكل المال بالباطل ، وكل ذلك محرم .
والواجب أن تعان الحكومة على الأعمال النافعة التي تقوم بها ، حتى تنجح تلك الأعمال ، وتؤتي ثمارها ، ويكون ذلك داعياً للحكومة أن تعمل أعمالاً نافعة أخرى .
أما التحايل على الحكومة في مثل هذه الأعمال ، فهو كذب وغش ، وقد يؤدي في النهاية إلى إلغاء هذه الأعمال ، فيكون هؤلاء المحتالون السبب في التضييق على الناس .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
107885
العنوان:
مصاب بنزيف وجلطات مختلفة في المخ فهل يلزمه الصوم؟
السؤال:
والد زوجتي مصاب بنزيف وجلطات مختلفة في المخ ، عافانا وعافاكم الله , وهو لا يتحرك ومشلول كاملا وقد يستطيع رفع كأس ماء بالمساندة ليشرب ، ويبقى يحمل الكأس ساعة لو نسيناه لعدم إدراكه أنه أنهى الشرب .. ذاكرته ذهبت تقريبا .. الأطباء أجمعوا أن لا شفاء إلا عند الله . وهو على هذا الحال وتسوء منذ الست سنوات والحمد لله , ولا يمكن الاستغناء عن الأدوية اليومية والعلاج الطبيعي . وهذه تكلفهم الآلاف شهريا . ولا يصلي منذها ويذهب الحمام محمولا ويعيش منذ سنة أو أكثر بقسطرة البول أو الكافولة ولا يستطيع التحكم بالبول أو البراز أو حتى لفت نظرنا مهما حاولنا تعليمه أن يبلغنا بأي إشارة , لا يتكلم تقريبا وإدراكه لا يتعدى أنه يعرف وجوهنا ويتأثر عند سماع قصص حزينة مثلا , حاولنا معه أن يصلي حتى بعينه , ولكنه غير مدرك تقريبا ولا يتذكر الآيات والتشهد وعدد الركعات لكل فرض . هل عليه كفارة بالصلاة ! أو الصوم خصوصا ! هل هو بعداد المريض المذكور بحالة كفارة الصائم ويجب على أهله إطعام مسكين عن كل يوم؟ أم بعداد المجنون أو المعتوه الذي لا يدرك فيسقط عنه الصوم والصلاة ؟
الجواب:
الحمد لله
من ذهبت ذاكرته ، وتغير عقله ، وأصبح لا يعي ، سقط عنه الصوم والصلاة ، ولا كفارة عليه ، لأن من شرط التكليف صحة العقل .
قال صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ ) رواه أبو داود (4403) والترمذي (1423) والنسائي (3432) وابن ماجه (2041) قَالَ أَبُو دَاوُد : رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ فِيهِ : ( وَالْخَرِفِ ) .(/1)
والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال في "عون المعبود" : " ( الْخَرِف ) : مِنْ الْخَرَف : فَسَاد الْعَقْل مِنْ الْكِبَر . قَالَ السُّبْكِيّ : يَقْتَضِي أَنَّهُ زَائِد عَلَى الثَّلَاثَة ، وَهَذَا صَحِيح ، وَالْمُرَاد بِهِ الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي زَالَ عَقْله مِنْ كِبَر ؛ فَإِنَّ الشَّيْخ الْكَبِير قَدْ يَعْرِض لَهُ اِخْتِلَاط عَقْل يَمْنَعهُ مِنْ التَّمْيِيز ، وَيُخْرِجهُ عَنْ أَهْلِيَّة التَّكْلِيف ، وَلَا يُسَمَّى جُنُونًا ; وَلَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيث : حَتَّى يَعْقِل ، لِأَنَّ الْغَالِب أَنَّهُ لَا يَبْرَأ مِنْهُ إِلَى الْمَوْت , وَلَوْ بَرِئَ فِي بَعْض الْأَوْقَات بِرُجُوعِ عَقْله تَعَلَّقَ بِهِ التَّكْلِيف ..." انتهى باختصار.
وينظر : "الأشباه والنظائر" للسيوطي ، ص (212).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " لا يجب الصوم أداءً إلا بشروط : أولها : العقل . الثاني: البلوغ . الثالث : الإسلام . الرابع : القدرة . الخامس : الإقامة . السادس : الخلو من الحيض والنفاس بالنسبة للنساء . – الأول : العقل ، وضده فقد العقل ، سواءً بجنون خرف يعني: هرم ، أو حادث أزال عقله وشعوره ، فهذا ليس عليه شيء ؛ لفقد العقل ، وعلى هذا فالكبير الذي وصل إلى حد الهذرمة ليس عليه صيام ولا إطعام ؛ لأنه لا عقل له ، وكذلك من أغمي عليه بحادث أو غيره فإنه ليس عليه صوم ولا إطعام ؛ لأنه ليس بعاقل " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (220/4) .(/2)
وقال أيضا : " من فقد عقله لكبر أو حادث لا يرجى زواله ، فإنه لا يجب عليه الصوم مثل المهذري كبير السن الذي بلغ سناً لا يحسن فيه القول ، فهو بمنزلة الصبي وليس عليه صوم ، وكذلك من أصيب بحادث أذهب عقله على وجه لا يرجى برؤه ، أما إذا كان يرجى برؤه بأن أغمي عليه فقط فهذا إذا أفاق فإنه يقضي ، لكن إذا زال عقله كلياً فإنه لا صوم عليه . يعني وإذا لم يكن عليه صوم فلا فدية عليه " انتهى من "شرح الكافي" بتصرف يسير .
فالذي يظهر أنه لا تجب عليه الصلاة ولا الصيام ، ولا يجب أن يطعم عنه بدل الصيام .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
107943
العنوان:
إذا صام مع بلد تعمل بالحساب فهل يفطر معها؟
السؤال:
أنا طالب أدرس في ولاية كارنتكا في الهند وحال المسلمون هنا مختلفون في بداية ونهاية رمضان ، فالولاية هنا تحدد بداية رمضان من بداية العام وهذا يعني أنهم لا يعتمدون على القمر مما دعا بعض المسلمين وأكثرهم العرب إلى التخلي عنهم والبداية مع السعودية ، فهل هذا صحيح ؟ وماذا يفعل الآن من صام معهم ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا كان المسلم موجوداً في بلد يعتبر الرؤية الشرعية لإثبات دخول الشهر وخروجه ، فإنه مأمور بموافقتهم في الصيام والإفطار ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (12660).
أما إذا كان المسلم في بلد كافر ، أو في بلد يتلاعبون بدخول الشهر وخروجه حسب أهوائهم ، غير مراعين في ذلك الرؤية الشرعية ، فإنه يتبع أقرب البلاد إليه ، ممن يتحرون رؤية الهلال ، وإن صام مع بلد يثق في رؤيتها كبلاد الحرمين فلا بأس .
وبناء على ذلك ؛ فإذا كانت الهند قد صامت بعد الدول التي تتحرى الهلال بيوم مثلا ، فيقال لمن صام معهم : لا تفطر مع الهند وأفطر مع الدولة التي ترى الهلال ، واقض يوما مكان اليوم الأول من رمضان .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
107988
العنوان:
ميقات أهل الباحة إذا جاءوا مكة من طريق الساحل
السؤال:
نحن من سكان مدينة الباحة وقبل سنتين تقريبا نزلنا إلى مكة من طريق الباحة - الطائف وعلمنا أن ميقات أهل الباحة هو ميقات أهل الطائف ( السيل الكبير " قرن المنازل " ) فمررنا به وأحرمنا بعمرة وأتممنا العمرة ولله الحمد . أما الآن فسوف ننزل إلى مكة من طريق المخواة – طريق الساحل ، وهذا يمر بميقات أهل اليمن ( يلملم ) . هل يجوز لنا الإحرام منه بالعمرة ؟ أم علينا الذهاب إلى ميقات قرن المنازل ؟
الجواب:
الحمد لله
ما دمتم ستأخذون طريق الساحل ، فميقاتكم (يلملم) ميقات أهل اليمن ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل اليمن يلملم ، ثم قال بعد ذكر المواقيت : ( هُنَّ لَهُنَّ ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ) رواه البخاري (1524) ومسلم (1181).
وهذا هو ميقاتكم الأصلي ، وأما ميقات السيل الكبير فإنكم تحرمون منه إن أتيتم مكة من طريق الطائف .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
108014
العنوان:
استعمال الصائم للسواك ومعجون الأسنان
السؤال:
هل استخدام المسواك الcolgate أو أي نوع يبطل الصوم ؟
الجواب:
الحمد لله
يجوز للصائم استعمال المسواك ومعجون الأسنان أثناء الصوم ، مع التحرز من بلع شيء منه ، بل استعمال السواك سنة للصائم وغيره .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأما السواك فجائز بلا نزاع , لكن اختلفوا في كراهيته بعد الزوال على قولين مشهورين , هما روايتان عن أحمد . ولم يقم على كراهيته دليل شرعي يصلح أن يخص عمومات نصوص السواك " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (2/474) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل يضع الصائم طيبا ؟ وهل يجوز له التسوك بالنهار ؟ وهل تضع المرأة حناء أو تدهن شعرها لتمتشط به ؟
فأجابوا : "له أن يضع طيبا في ثوبه ، أو ما يلبسه على رأسه أو في بدنه ، إلا أنه لا يتسعّطه في أنفه.
وله أن يتسوك بالنهار ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة ) متفق على صحته ، وهذا يشمل صلاة الظهر والعصر في حق الصائم وغيره ، ولا نعلم دليلا صحيحا يمنع من ذلك .
وللمرأة أن تضع الحناء أو تدهن شعرها لتمتشط به ؛ لأنه لا يؤثر على الصيام ، وهكذا الرجل له أن يدهن بدواء أو غيره، وإن كان صائما " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (10/328) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما حكم استعمال معجون الأسنان للصائم ؟
فأجاب : " تنظيف الأسنان بالمعجون لا يفطر به الصائم كالسواك ، وعليه التحرز من ذهاب شيء منه إلى جوفه ، فإن غلبه شيء من ذلك بدون قصد فلا قضاء عليه " انتهى من "مجموع "فتاوى الشيخ ابن باز" (15/260) .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
108097
العنوان:
هل تخلع النقاب ، لأنه يعيقها في حركتها ، ولا تشعر أنها تلبسه لله ؟!
السؤال:
ٍأنا ملتزمة بلبس الإسلام ، الإسدال ، والنقاب ، سؤالي هو : أني أعلم أن النقاب أمر يختلف فيه العلماء في أنه فرض أو سنَّة ، أنا ألبسه منذ تسعة شهور ، ولكنه يعيقني في الحركة كثيراً ، ولكني طول هذه المدة حاولت أن أجعل نفسي تأخذ عليه كثيراً حتى لا أرجع في هذه الخطوة ، لله ، وحتى يوفقني الله دنيا وآخرة ، ولكنه يضايقني كثيراً في التنفس ، فأنا أتنفس دائماً زفير خارجاً من فمي ، أو من أنفى ، وفي السفر للدراسة يكون الجو حارّاً أغلب السنة الدراسية ، فأنا أسافر مائة كيلو كل يوم ، غير المعهد الآخر الذي أدرس فيه مساءً ، فيعيقني في النفس ، ولا أعرف أن أكتب منه ؛ فإنه يتعبني كثيراً عندما أكتب ، وعند النظر في المحاضرات ، وأنا دائماً لا ألبس القفاز ؛ لأني لا أعرف أكتب به ، ولا آكل به في السفر ، وإن المعهدين دراستهم عملي فأنا أنوي أن أترك النقاب ، ولكني أخاف أن يعاقبني الله ، ولكني أرجو من الله أن يسامحني عليه ، ويبدلني بطاعته ، والتقرب إليه في شيء آخر أفضل ، فماذا أفعل ؟ مع العلم أنه أتعبني كثيراً ، ولا أريده ، فأنا الآن تعبت من كثرة إرغام نفسي على طاعتي لله فيه ؛ لأنه يعيقني حركيّاً كثيراً ، ويضايقني في التنفس ، فأغلب الوقت أكون فيه عصبية بسبب عدم التنفس بطريقة صحيحة ، فأخرج غضبي على أصحابي ! فهل حرام عليَّ أخلعه لأنتبه لدراستي لأنه يعيقني في النظر غير أنى طول الوقت أحس أني لا ألبسه لله فقط ، ولكن يوجد داخلي نية لأتزوج من خلاله بشخص ملتزم ، وهكذا فلن آخذ عليه الثواب فماذا أفعل ؟ فأنا أخاف أن أخلعه ويعاقبني الله فماذا أفعل ؟ وهل الله سوف يغضب عليَّ ولا يوفقني أم سيسامحني وسيوفقني في شيء أفضل ؟ لأني أخاف . آسفة على الإطالة .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:(/1)
اعلمي – يا أمة الله – أن للشيطان مداخل على ابن آدم متنوعة ، وليس من همٍّ لإبليس إلا إغواء الناس ، وإيقاعهم في مخالفة أمر ربهم تعالى ، فاحذري كيده ، وإياك أن تقعي في حبائله ، ومن ذلك : إيهامك أن لبسك للنقاب ليس لله تعالى ! وأن عليك خلعه ! وهذا كله من تلبيسه ومكره ، فكيف تصدقينه في وسوسته أن لبسك للنقاب ليس لله ؟! وهذا يعني أن خلعك له سيكون لله ! فهل رأيت شبهة أسقط من هذه ؟! فكان عليك التفكير في النتيجة ، وليس في الفعل وحده ؛ لأنه إن كان الستر والحجاب هو لغير الله : فإن عدمهما هو لله ! وهذا ما لا يمكن أن يفوت على مسلم يعلم ما يحب ربه وما يُسخطه ، فلا تلتفتي لمكر الشيطان ، ولا تصغي له سمعاً .
ثم ما العيب في أن تطلبي زوجا صالحا ، وأن تهيئي نفسك لذلك ، فالطيور على أشكالها تقع ، والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ، فإن أوهمك ذلك ، أو افترضنا أنك لبستيه في أول الأمر بهذه النية ، فاجتهدي الآن على أن تصححي نيتك وتجعليها لله ، ولا يضرك كيد الشيطان ووسواسه .
واعلمي أن الكتاب والسنَّة قد دلاَّ على وجوب تغطية وجهك وكفيك أمام الأجانب ، وانظري أدلة ذلك في أجوبة الأسئلة ( 45869 ) و ( 21536 ) و ( 27107 ) و ( 11774 ) و ( 1496 ) و ( 2198 ) .
ثانياً:(/2)
بخصوص تأثير لبس النقاب على صحتك وتنفسك : فيمكنك معالجة هذه المسألة إما بعلاج نفسك إن كان السبب هو مرض عندك ، ويمكنك معالجتها بلبس غطاء للوجه يكون فضفاضاً واسعاً لا يؤثر على تنفسك عند لبسه ، ولا تظنين أن الإسلام يشرِّع ما فيه ضرر ومشقة بالغة على المكلَّف ، وبخصوص اللباس فإن الشرع المطهَّر لم يأتِ إلا بما فيه خير وصلاح الرجال والنساء ، ولكِ أن تستعيني بأخواتك المنتقبات المحجبات لدلالتك على لباس يستر وجهك مع عدم مشقة وحرج ، أو يدلونك على طريقة لبس نقابك بما لا يؤثر على بدنك ، ولا تجعلي هذا الأمر سبباً لخلعك له ، ولا سبيلاً للتخلص من سترك لوجهك والالتزام بما أمرك به ربك تعالى .
وانظري جواب السؤال رقم : ( 34544 ) .
ثالثاً:
كما أن كشفك لوجهك من المحرَّمات : فإن اختلاطك بالرجال في أماكن الدراسة أيضاً من المحرَّمات .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
ما حكم الإسلام في خروج المرأة لتعلم العلم الدنيوي ، مع أنها تتحمل في هذا الخروج بعض المعاصي مثل : خلع النقاب ، والاختلاط بالرجال ، وتضيع الوقت فيما لا ينفع ، مع العلم أن والدي يأمرني بالذهاب إلى الجامعة ، فلما أصريت على عدم الذهاب غضبوا عليَّ غضباً شديداً جدّاً ، فهل عليَّ أن أطيعهم في هذا الأمر ، وإذا لم أطعهما فهل في هذه الحالة إثم ؟ .
فأجابوا :
خلع الحجاب محرَّم ، والاختلاط بالرجال في التعليم محرَّم ، ولا تجب طاعة الوالدين في معصية الله تعالى ، ولا إثم عليك في ذلك .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 263 ) .
رابعاً:
وقد لفتَ نظرنا في السؤال سفرك من غير محرَّم ! وهذا أيضاً من المحرَّمات .(/3)
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ) . رواه البخاري ( 1763 ) ومسلم ( 1341 ) .
ومحرَم المرأة ، المراد به : من لا يحل له نكاحها .
قال النووي – رحمه الله - :
فالحاصل : أن كل ما يسمَّى سفراً : تُنهى عنه المرأة ، بغير زوج ، أو محرم ، سواء كان ثلاثة أيام ، أو يومين ، أو يوماً ، أو بريداً .
" شرح مسلم " ( 9 / 103 ) .
قال ابن حجر – رحمه الله - :
( واستدل به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم ، وهو إجماع في غير الحج ، والعمرة ، والخروج من دار الشرك ، ومنهم من جعل ذلك من شرائط الحج .
" فتح الباري " ( 2 / 568 ) .
وانظري أجوبة الأسئلة : ( 82392 ) و ( 47029 ) و ( 9370 ) .
والخلاصة :
تغطية وجهك مما أوجبه الله عليك ، والوهم أنك لا تلبسينه لله إنما هو من كيد الشيطان ليصدك عن فعل الخير والستر والعفاف ، ولا يحل لك السفر من غير محرَم ، ولا الدراسة ، ولا العمل في أماكن مختلطة بالرجال ، وابحثي عن مكان قريب منك ليس فيه إلا نساء ، وادرسي ما شئت من العلوم المباحة ، ولا تعملي في مكان يعمل فيه رجال ، وابقي على خوفك من الله ؛ ففي الخوف من الله حياة لقلبك ، وإصلاح لأعمالك ، وإتقان لطاعاتك له عز وجل ، ونسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه .
والله أعلم(/4)
رقم السؤال:
108229
العنوان:
هل تخرج المعتدة من وفاة زوجها لصلاة التراويح والعمل؟
السؤال:
توفي زوجي منذ 45 يوما وقد اعتدت للذهاب لصلاة التراويح في شهر رمضان ، فهل يجوز الذهاب للمسجد لأداء الصلاة دون أن أكمل عدتي ؟ وهل يجوز أن أمارس عملي في البقالة ؟ للعلم : البقالة في نفس المنزل . هل يجوز لزائر المقابر أن يأكل من أي شجرة مزروعة داخل المقبرة ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نسأل الله أن يأجركم في مصيبتك ، وأن يخلف لك خيراً منها .
ثانيا : المعتدة من وفاة لا تخرج ليلا إلا لضرورة ، وليس خروجك لصلاة التراويح ضرورة ، فعلى هذا ، تصلين التراويح في بيتك .
ثالثا :
يجوز للمعتدة من وفاة أن تخرج نهاراً للعمل ، فإذا جاء الليل لزمها البقاء في بيتها .
فال حرج عليك من العمل في البقالة ، على أن يكون ذلك نهاراً فقط .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/130) : " وللمعتدة الخروج في حوائجها نهارا , سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها . لما روى جابر قال : طُلقت خالتي ثلاثا , فخرجت تجذّ نخلها , فلقيها رجل , فنهاها , فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( اخرجي , فجذي نخلك , لعلك أن تصدّقي منه , أو تفعلي خيرا ) رواه النسائي وأبو داود . وروى مجاهد قال : ( استشهد رجال يوم أحد فجاءت نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نستوحش بالليل , أفنبيت عند إحدانا , فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تحدثن عند إحداكن , حتى إذا أردتن النوم , فلتؤب كل واحدة إلى بيتها ) . وليس لها المبيت في غير بيتها , ولا الخروج ليلا , إلا لضرورة ; لأن الليل مظنة الفساد , بخلاف النهار , فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش , وشراء ما يحتاج إليه " انتهى .(/1)
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (20/440) : "الأصل : أن تحد المرأة في بيت زوجها الذي مات وهي فيه ، ولا تخرج منه إلا لحاجة أو ضرورة ؛ كمراجعة المستشفى عند المرض ، وشراء حاجتها من السوق كالخبز ونحوه ، إذا لم يكن لديها من يقوم بذلك " انتهى .
وأما الأكل من الأشجار المزروعة في المقابر فلا حرج فيه ، ولكن ينبغي أن تعلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى النساء عن زيارة القبور ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (8198) .
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
108236
العنوان:
تريد الإصلاح في الأرض
السؤال:
أريد أن أصلح في الأرض ، ولكن لا يوجد عندي شهادة جامعية ، وأنا جالسة في بيتي ، ولست متزوجة لكي أصلح بيتي وأولادي ، فبماذا تنصحني أعمل ؟
الجواب:
الحمد لله
الإصلاح في الأرض وظيفة الأنبياء ، ومهمة الرسل الأولى ، يقوم بها من بعدهم الصالحون والمؤمنون ، يبتغون في ذلك رضوان الله تعالى ، الذي أمرهم بالخيرات ، ونهاهم عن السيئات .
فقد قال عز وجل على لسان نبيه شعيب عليه السلام :
( إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) هود/88.
ثم إن من فضل الله على عباده أن فتح للخير أبوابا لا تعد ولا تحصى ، ونصب لمن أراد الإصلاح والصلاح كل سبيل ، ولم يَقصُر سبيل الخير على شخص أو مكان أو زمان .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ ) رواه البخاري (9) ومسلم (35).
فكل طاعة تقومين بها من صلاة وصيام وزكاة وقراءة للقرآن هي لبنة في صلاح الأرض وعمارتها بالخير ، إذ هي سبب لنزول الرحمات وتتابع الخيرات ودفع النقمات ، ورب حسنة كانت سببا في نجاة قوم من العذاب والهلاك ، بل حتى الاستغفار والذكر باللسان سبب يفتح الله به أبواب البركات .
يقول الله سبحانه : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10-12(/1)
ومن أعظم الإصلاح في الأرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإذا عرف المسلم أركان الإسلام وفرائضه الظاهرة بلّغَها الناس ، وذكر بها الغافلين ، وعلمها الجاهلين ، وإذا عرف الكبائر والمحرمات الظاهرة حذر منها المسلمين ، ووعظ الوالغين فيها من سخط الله وعقابه ، يبدأ بِمَن حوله من أهل بيته وجيرانه وأصحابه ، وإن قدر على إيصال كلمته إلى غيرهم لم يتوان ولم يُقصِّر ، وهو في ذلك يبتغي مرضات الله عز وجل .
فإن عجزت عن شيء من ذلك كله ، فأمسكي عن الشر ، فهو صدقة منك على نفسك ، وإصلاح لنفسك ، ولغيرك :
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : ( قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟
قَالَ : الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ .
قَالَ : قُلْتُ : أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ ؟
قَالَ : أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا ، وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا .
قَالَ : قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ ؟
قَالَ : تُعِينُ صَانِعًا ، أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ .
قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ ؟
قَالَ : تَكُفُّ شَرَّكَ عَنْ النَّاسِ ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ .)
رواه مسلم (84) .
واعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن الله يتقبل من عباده كل إصلاح وصلاح إذا كان خالصا لوجهه الكريم ، مهما كان صغيرا ، خاصة إذا كان فيه إحسان إلى الناس ، ومساعدة لهم ، وتفريج كرباتهم وقضاء حوائجهم .
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ) رواه مسلم (2626)(/2)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( كُلُّ سُلاَمَى عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ ، يُعِينُ الرَّجُلَ فِى دَابَّتِهِ يُحَامِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ ، وَدَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ ) رواه البخاري (2891) ومسلم (1009) .
فوصيتنا لك أن تُفَتِّشي حولك عن أبواب الخير كلِّها : البر بالأقارب والأصحاب والإخوان ، والإحسان إلى الجيران ، ورعاية الفقراء والأيتام ، وعيادة المرضى ، ونحوها من الأبواب ، فتسلكي منها ما ييسره الله لك ، مع حرصك الدائم على مراقبة الله تعالى في نفسك في السر والعلن ، والمسارعة نحو الاستزادة من الطاعات والعبادات ، ليكون كل يوم يمر عليك أفضل من اليوم الذي يسبقه .
كما نوصيك بالبحث عن العلم النافع ، سواء كان علما شرعيا ، أم علما دنيويا ، ليكون لك بابا من أبواب الخير ، وتتمكني به من خدمة المسلمين ، وإصلاح شأنهم ، واحرصي على اختيار العلم الذي يحتاجه مَن حولك مِن الناس ، لتكوني أنت مَن يسد عنهم حاجتهم ، فتنالين بذلك الأجر العظيم عند الله تعالى .
نسأل الله سبحانه لنا ولك التوفيق والنجاح في الدنيا والآخرة .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
108414
العنوان:
أصيب بصداع شديد في رمضان
السؤال:
لقد أصبت بصداع قوي في الرأس في شهر رمضان من الأسنان ، هل أستخدم حبة وأنا في الصوم ؟
الجواب:
الحمد لله
الصداع الشديد من الأمراض التي تبيح الفطر في رمضان ، لا سيما والصيام مما يزيد الصداع ، فلا حرج على من أصيب بذلك أن يفطر ليأخذ الدواء ، ويأكل ويشرب ليذهب عنه الصداع ، وعليه قضاء الأيام التي أفطرها بعد رمضان ، لقوله تعالى : (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185 .
قال في "الجوهرة النبيرة" (حنفي) (1/142) : "المريض الذي يباح له الإفطار أن تزداد حُمَّاه شدة بالصوم ، أو عيناه وجعا ، أو رأسه صداعا" انتهى .
والله أعلم(/1)
رقم السؤال:
108455
العنوان:
لا يجد وقتاً لقراءة القرآن الكريم في رمضان
السؤال:
أهنئكم بحلول شهر رمضان الكريم ، في بداية شهر رمضان عاهدت نفسي أن أختم قراءة القرآن الكريم ولكن للأسف أنا أستيقظ الساعة ال6 صباحا وأعود إلى منزلي الساعة 5:30 مساءا وبعد الإفطار يكون الإرهاق قد تملكني فأنام حتى ال10 تقريبا وأصحو حتى السحور وأكون شبة نائم وأنام حوالي الساعة 12 حتى أستطيع الاستيقاظ صباحا فماذا أفعل ؟
الجواب:
الحمد لله
نهنئك بهذا الشهر الكريم ، ونسأل الله تعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته .
المطلوب من المسلم أن يجمع بين مصالح الدنيا والآخرة ، فلا هو بالذي يترك الدنيا ويفسدها بحجة الإقبال على الآخرة ، ولا هو بالذي يقبل على الدنيا ويعرض عن الآخرة .
بل المقصود من الدنيا أن يتزود منها للآخرة ، فإن الدنيا ليست دار استقرار ، بل هي ممر ينتقل الإنسان منه – ولابد – إلى الآخرة .
فالمؤمن العاقل هو الذي يستعد لذلك الانتقال ، ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم : (من أكيس الناس وأحزم الناس ؟ فقال : أكثرهم ذكراً للموت ، وأشدهم استعدادا له) رواه الطبراني، وحسنه المنذري في "الترغيب والتهذيب" (4/197) والهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/312) ، وقال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (5/194) : إسناده جيد ، وذكره الألباني في "ضعيف الترغيب" (1964) .
فلابد من الاستعداد ليوم الرحيل ، فهنالك المستقر ، نسأل الله تعالى أن يجمعنا في مستقر رحمة .
فينبغي للمسلم أن يجمع بين عمل الدنيا وعمل الآخرة ، فالإنسان يحتاج إلى السكن والمال واللباس والطعام والشراب ليحيا بدنه ، ويحتاج أيضاً إلى الإيمان الصحيح ، والصلاة والصيام وذكر الله تعالى ، وقراءة القرآن ، والإحسان إلى الناس .... إلخ ليحيا قلبه .(/1)
قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) الأنفال/24 .
فالمسلم محتاج إلى قراءة القرآن في رمضان وغير رمضان .
فينبغي أن يكون له ورده اليومي من القرآن الكريم ، حتى يختم القرآن – على الأكثر – كل أربعين يوماً مرة .
وأما في رمضان فالمطلوب منه أكثر ذلك ، فإنه من أفضل مواسم الطاعات ، وقراءة القرآن ، (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) البقرة/185 .
فتستطيع أن تقتطع من يومك ساعة تقرأ فيها أكثر من جزئين من القرآن الكريم فتختمه في الشهر مرتين أو ثلاثة ، ويمكنك الاستفادة من وقتك الذي تقضيه في المواصلات ، فليكن المصحف صاحبك لا يفارق يدك ، وستجد أنك ختمت القرآن عدة مرات ، في هذا الوقت القصير ، لو داومت عليه ، ويمكنك الاتفاق مع صاحب العمل على تقليل ساعات العمل ، ولو نقص الراتب في مقابل ذلك ، فإن الله سيعوضك خيراً ، ويمكنك أخذ إجازة في العشر الأواخر أو في بعضها ، المهم أنك تجتهد في الاستفادة من هذا الشهر الكريم حسب وسعك وطاقتك ، وما زالت الفرصة قائمة ، والأيام باقية ، ونسأل الله أن يستعملنا في طاعته .
وإذا لم يمكنك تقليل ساعات العمل أو أخذ إجازة عدة أيام ، فعليك بالاستفادة من وقتك قدر استطاعتك ، وإذا علم الله تعالى منك الحرص على قراءة القرآن لولا العمل فسوف يثيبك على قدر نيتك .
وفقك الله لما يحب ويرضى .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
108506
العنوان:
هل يصلون التراويح في المساجد مع إصرار أهلها على بعض البدع؟
السؤال:
ابتلينا ببعض العامة إذا ما سلم الإمام من ركعتين من صلاة القيام رفعوا أصواتهم بالتسبيح "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" وهكذا بين كل ركعتين إلى أن ينتهي الإمام من الصلاة فيدعون جميعا بدعاء خاص وبورد خاص . وقام بعض الإخوة بإعلام الناس ملتزمين في ذلك الحكمة والرفق ومستندين إلى الأدلة من الكتاب والسنة أن عملهم ذلك خلاف السنة وأنه ليس من هدي السلف ، لكن لم ينصاعوا للحق واستمروا في ذلك . فما الذي علينا فعله ؟ هل نفارقهم أم نبقى معهم ونذكرهم بين الفينة والأخرى ؟ علما أنهم مصّرون على عملهم ، والخطب جلل حيث ترك الكثير صلاة التراويح في المساجد متحججين بأنها سنة ترافقها بدعة ودرأ المفاسد مقدم على جلب المصالح . أفتونا حفظكم الله .
الجواب:
الحمد لله
سبق في جواب السؤال رقم (50718) أن ما يفعله بعض الناس من الذكر الجماعي بعد كل ركعتين من صلاة التراويح : بدعة ، لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا أحد من أصحابه .
وقد أحسنتم بتعليم الناس السنة ، وإنكار البدع ، وكان الواجب عليهم أن يرجعوا إلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي هو خير الهدي وأكمله .
وينبغي لكم أن تستمروا في صلاتكم معهم ، ودعوتهم إلى السنة ، وسييسر الله لكم من يقبل الحق ويحرص عليه ، وإن رفضه بعضهم ، (فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ) الأنعام/89 .
لكن .. إن وجدتم من أهل المسجد عناداً واستكباراً ورفضاً للحق ، فإن أمكنكم الصلاة في مسجد آخر ، أهله حريصون على اتباع السنة ، واجتناب البدعة فهو الأولى ، فإن لم يتيسر ذلك ، فصلاتكم في ذلك المسجد خير ، وقد قمتم بالواجب عليكم ، ولعلهم يهتدون ، (قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الأعراف/164 .(/1)
وإذا ترك أهل السنة المساجد من أجل مثل هذه البدع لكان سبباً في زيادة البدع وانتشارها ، وانطماس السنة وموتها ، فعليكم بالصلاة في المساجد ، وبيان السنة للناس ، ملتزمين في ذلك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الرفق بالجاهل واللين معه .
وفقكم الله إلى كل خير .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
108549
العنوان:
تشك في حصول الطهر قبل الفجر فهل تصلي وتصوم؟
السؤال:
في آخر يوم للدورة الشهرية رأيت نزول السائل الأصفر قبل أذان الفجر بحوالي ساعتين ثم نمت ولم أرى هل توقف نزوله قبل الفجر أم لا وفي الصباح لاحظت توقف نزول السوائل ثم انتظرت قليلا أترقب وقد أذن لصلاة الظهر وبعدها اغتسلت فهل يجب علي قضاء ما فاتني من صلاة أم أصلي صلاة الظهر فقط؟ وهل يحب عليّ أن اقضي صيام هذا اليوم بعد رمضان؟
الجواب:
الحمد لله
إذا حاضت المرأة فالأصل بقاء هذا الحيض حتى تتيقن زواله ، ولا يجوز لها أن تصوم أو تصلي وهي تشك : هل انتهى الحيض أما لا ؟
وقد بينا ذلك في جواب السؤال رقم (106452) .
وقد كانت عائشة رضي الله عنها تأمر النساء بالتمهل وعدم الاستعجال حتى تتيقن الطهر، فكانت تقول : (لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ) تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ .
وعلى هذا ؛ لا يلزمك قضاء صلاة الفجر ، وأما صلاة الظهر فتجب عليك لأنها أدركتك وأنت طاهرة من الحيض .
وأما الصيام فلا يصح صيام ذلك اليوم – لو صمتيه – لأنك كنت حائضاً في أوله ، وعليك قضاؤه بعد انتهاء رمضان .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
108579
العنوان:
مختصر لمسائل العقيدة الصحيحة للمسلم وما يضادها من العقائد الباطلة
السؤال:
ما هو المعتقد الحق ؟ وأريد معرفة بعض المعتقدات الباطلة ؟
الجواب:
الحمد لله
1. معلوم بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنَّة أن الأعمال والأقوال إنما تصح وتُقبل إذا صدرت عن عقيدة صحيحة ، فإن كانت العقيدة غير صحيحة : بطل ما يتفرع عنها من أعمال وأقوال ، كما قال تعالى : ( وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) المائدة/ 5 ، وقال تعالى : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) الزمر/ 65 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
2. وقد دل كتاب الله المبين وسنَّة رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم على أن العقيدة الصحيحة تتلخص في : الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، فهذه الأمور الستة هي أصول العقيدة الصحيحة التي نزل بها كتاب الله العزيز، وبعث الله بها رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم .(/1)
وأدلة هذه الأصول الستة في الكتاب والسنة كثيرة جدّاً ، فمن ذلك قول الله سبحانه : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ) البقرة/ 177 ، وقوله سبحانه : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ) الآية البقرة/ 285 ، وقوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً ) النساء/ 136 .
أما الأحاديث الصحيحة الدالة على هذه الأصول فكثيرة جدّاً ، منها : الحديث الصحيح المشهور الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام سأل النبي صلى الله وعليه وسلم عن الإيمان ، فقال له : الإيمان : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره . الحديث ، وأخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة .
وهذه الأصول الستة يتفرع عنها جميع ما يجب على المسلم اعتقاده في حق الله سبحانه ، وفي أمر المعاد ، وغير ذلك من أمور الغيب .
3. الإيمان بالله سبحانه : ويشمل الإيمان بأنه الإله الحق المستحق للعبادة دون كل ما سواه لكونه خالق العباد ، والمحسن إليهم ، والقائم بأرزاقهم والعالم بسرِّهم وعلانيتهم ، والقادر على إثابة مطيعهم ، وعقاب عاصيهم، ولهذه العبادة خلق الله الثقلين وأمرهم .(/2)
وحقيقة هذه العبادة : هي إفراد الله سبحانه بجميع ما تعبّد العباد به ، من دعاء ، وخوف ، ورجاء ، وصلاة ، وصوم ، وذبح ، ونذر ، وغير ذلك من أنواع العبادة ، على وجه الخضوع له ، والرغبة ، والرهبة ، مع كمال الحب له سبحانه ، والذل لعظمته .
ومن الإيمان بالله أيضاً : الإيمان بجميع ما أوجبه على عباده ، وفرضه عليهم ، من أركان الإسلام الخمسة الظاهرة وهي : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمَّداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً ، وغير ذلك من الفرائض التي جاء بها الشرع المطهر .
وأهم هذه الأركان وأعظمها : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمَّداً رسول الله ، فشهادة أن لا إله إلا الله تقتضي إخلاص العبادة لله وحده ، ونفيها عما سواه ، وهذا هو معنى لا إله إلا الله ، فإن معناها : لا معبود بحق إلا الله ، فكل ما عبد من دون الله من بشر أو ملك أو جني أو غير ذلك : فكله معبود بالباطل ، والمعبود بالحق هو الله وحده كما قال سبحانه : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ) الحج/ 62 .
ومن الإيمان بالله أيضاً : الإيمان بأسمائه الحسنى ، وصفاته العليا الواردة في كتابه العزيز ، والثابتة عن رسوله الأمين ، من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل ، بل يجب أن تُمرَّ كما جاءت به ، بلا كيف ، مع الإيمان بما دلت عليه من المعاني العظيمة التي هي أوصاف الله عز وجل ، يجب وصفه بها على الوجه اللائق به ، من غير أن يشابه خلقه في شيء من صفاته ، كما قال تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) الشورى/ 11 .(/3)
4. الإيمان بالملائكة : ويتضمن الإيمان بهم إجمالاً ، وتفصيلاً ، فيؤمن المسلم بأن لله ملائكة خلقهم لطاعته ، ووصفهم بأنهم عبَاد مُكرَمون ، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) الأنبياء/ 28 .
وهم أصناف كثيرة ، منهم الموكلون بحمل العرش ، ومنهم خزنة الجنَّة والنَّار ، ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد .
ونؤمن على سبيل التفصيل بمن سمى الله ورسوله منهم : كجبريل ، وميكائيل ، ومالك خازن النار ، وإسرافيل الموكل بالنفخ في الصور ، وقد جاء ذكره في أحاديث صحيحة ، وقد ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خُلقت الملائكة من نور ، وخُلق الجان من مارج من نار ، وخُلق آدم مما وصف لكم ) أخرجه مسلم في صحيحه .
5. الإيمان بالكتب : يجب الإيمان إجمالاً بأن الله سبحانه قد أنزل كتباً على أنبيائه ورسله لبيان حقه والدعوة إليه ، كما قال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) الآية الحديد/ 25 .
ونؤمن على سبيل التفصيل بما سمى الله منها ، كالتوراة ، والإنجيل ، والزبور ، والقرآن .
والقرآن الكريم هو أفضلها ، وخاتمها ، وهو المهيمن عليها ، والمصدق لها ، وهو الذي يجب على جميع الأمة اتباعه ، وتحكيمه ، مع ما صحت به السنَّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الله سبحانه بعث رسوله محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً إلى جميع الثقلين ، وأنزل عليه هذا القرآن ليحكم به بينهم وجعله شفاءً لما في الصدور ، وتبيانا لكل شيء ، وهدى ورحمة للمؤمنين ، كما قال تعالى : ( وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الأنعام/ 155 .(/4)
6. الإيمان بالرسل : يجب الإيمان بالرسل إجمالاً ، وتفصيلاً ، فنؤمن أن الله سبحانه أَرسل إلى عباده رسلاً منهم مبشرين ومنذرين ودعاة إلى الحق ، فمن أجابهم : فاز بالسعادة ، ومن خالفهم باء بالخيبة والندامة ، وخاتمهم وأفضلهم هو نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال الله سبحانه : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ) النحل/ 36 .
ومَن سمَّى الله منهم أو ثبت عن رسول الله تسميته آمنَّا به على سبيل التفصيل والتعيين ، كنوح ، وهود ، وصالح ، وإبراهيم ، وغيرهم ، عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة ، وأزكى التسليم .
7. الإيمان باليوم الآخر ، وأما الإيمان باليوم الآخر فيدخل فيه الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ما يكون بعد الموت ، كفتنة القبر ، وعذابه ، ونعيمه ، وما يكون يوم القيامة من الأهوال ، والشدائد ، والصراط ، والميزان ، والحساب ، والجزاء ، ونشر الصحف بين الناس ، فآخذٌ كتابه بيمينه ، وآخذٌ كتابه بشماله أو من وراء ظهره ، ويدخل في ذلك أيضاً : الإيمان بالحوض المورود لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، والإيمان بالجنَّة والنَّار ، ورؤية المؤمنين لربهم سبحانه ، وتكليمه إياهم ، وغير ذلك مما جاء في القرآن الكريم والسنَّة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيجب الإيمان بذلك كله ، وتصديقه على الوجه الذي بيَّنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
8. الإيمان بالقدر ، وأما الإيمان بالقدَر فيتضمن الإيمان بأمور أربعة : العلم ، والكتابة ، والخلق ، والمشيئة ، وينظر تفصيلها في أجوبة الأسئلة : ( 34732 ) و ( 49004 ) و ( 20806 ) .(/5)
9. ويدخل في الإيمان بالله : اعتقاد أن الإيمان قول وعمل ، يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ، وأنه لا يجوز تكفير أحد من المسلمين بشيء من المعاصي التي دون الشرك والكفر ، كالزنا ، والسرقة ، وأكل الربا ، وشرب المسكرات ، وعقوق الوالدين ، وغير ذلك من الكبائر ، ما لم يستحل ذلك ؛ لقول الله : ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) النساء/ 48 ، وما ثبت في الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يُخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان .
10. ومن الإيمان بالله : الحب في الله ، والبغض في الله ، والموالاة في الله ، والمعاداة في الله ، فيحب المؤمنُ المؤمنينَ ويواليهم ، ويبغض الكفار ويعاديهم .
وعلى رأس المؤمنين من هذه الأمة : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأهل السنة والجماعة يحبونهم ، ويوالونهم ، ويعتقدون أنهم خير الناس بعد الأنبياء لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) متفق على صحته .
ويعتقدون أن أفضلهم : أبو بكر الصدِّيق ، ثم عمر الفاروق ، ثم عثمان ذو النورين ، ثم علي المرتضى ، رضي الله عنهم أجمعين ، وبعدهم بقية العشرة المبشرين بالجنَّة ، ثم بقية الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، ويمسكون عما شجر بين الصحابة ، ويعتقدون أنهم في ذلك مجتهدون ، من أصاب فله أجران ، ومن أخطأ فله أجر ، ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين به ، ويتولونهم ، ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، ويترضون عنهم جميعاً .
ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويسبونهم ، ويغلون في أهل البيت ، ويرفعونهم فوق منزلتهم التي أنزلهم الله عز وجل إياها ، كما يتبرؤون من طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل .(/6)
11. وجميع ما ذكرناه هو العقيدة الصحيحة التي بعث الله بها رسوله محمَّداً صلى الله عليه وسلم ، وهي عقيدة الفرقة الناجية ، أهل السنة والجماعة ، التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله سبحانه ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، فقال الصحابة : من هي يا رسول الله ؟ قال : من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي ) ، وهي العقيدة التي يجب التمسك بها ، والاستقامة عليها ، والحذر مما خالفها .
12. وأما المنحرفون عن هذه العقيدة ، والسائرون على ضدها فهم أصناف كثيرة ؛ فمنهم عبَّاد الأصنام والأوثان والملائكة والأولياء والجن والأشجار والأحجار وغيرها ، فهؤلاء لم يستجيبوا لدعوة الرسل ، بل خالفوهم ، وعاندوهم ، كما فعلت قريش وأصناف العرب مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وكانوا يسألون معبوداتهم قضاء الحاجات ، وشفاء المرضى ، والنصر على الأعداء ، ويذبحون لهم ، وينذرون لهم ، فلما أنكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، وأمرهم بإخلاص العبادة لله وحده : استغربوا ذلك وأنكروه ، وقالوا : ( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ) ص/ 5 .
ثم تغيرت الأحوال ، وغلب الجهل على أكثر الخلق حتى عاد الأكثرون إلى دين الجاهلية ، بالغلو في الأنبياء ، والأولياء ، ودعائهم ، والاستغاثة بهم ، وغير ذلك من أنوع الشرك ، ولم يعرفوا معنى لا إله إلا الله كما عرف معناها كفار العرب ، ولم يزل هذا الشرك يتفشى في الناس إلى عصرنا هذا بسبب غلبة الجهل ، وبُعد العهد بعصر النبوة .(/7)
13. ومن العقائد الكفرية المضادة للعقيدة الصحيحة ، والمخالفة لما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام : ما يعتقده الملاحدة في هذا العصر من أتباع " ماركس " ، و " لينين " ، وغيرهما من دعاة الإلحاد والكفر ، سواء سموا ذلك " اشتراكية " ، أو " شيوعية " ، أو " بعثية " ، أو غير ذلك من الأسماء ، فإن من أصول هؤلاء الملاحدة : أنه لا إله ، والحياة مادة ، ومن أصولهم : إنكار المعاد ، وإنكار الجنَّة والنَّار ، والكفر بالأديان كلها ، ومن نظر في كتبهم ودرس ما هم عليه : علَم ذلك يقيناً ، ولا ريب أن هذه العقيدة مضادة لجميع الأديان السماوية ، ومفضية بأهلها إلى أسوأ العواقب في الدنيا والآخرة .(/8)
14. ومن العقائد المضادة للحق : ما يعتقده بعض الباطنية ، وبعض المتصوفة من أن بعض من يسمونهم بالأولياء يشاركون الله في التدبير ، ويتصرفون في شؤون العالم ، ويسمونهم بالأقطاب ، والأوتاد ، والأغواث ، وغير ذلك من الأسماء التي اخترعوها لآلهتهم ، وهذا من أقبح الشرك في الربوبية ، وهو شرٌّ من شرك جاهلية العرب ؛ لأن كفار العرب لم يشركوا في الربوبية ، وإنما أشركوا في العبادة ، وكان شركهم في حال الرخاء ، أما في حال الشدة : فيخلصون لله العبادة ، كما قال سبحانه : ( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ) العنكبوت/ 65 ، أما الربوبية : فكانوا معترفين بها لله وحده ، كما قال سبحانه : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) الزخرف/ 87 ، وقال تعالى : ( قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ) يونس/ 31 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
15. ومن العقائد المضادة للعقيدة الصحيحة في باب الأسماء والصفات : عقائد أهل البدع ، من الجهمية ، والمعتزلة ، ومن سلك سبيلهم في نفي صفات الله عز وجل ، وتعطيله سبحانه من صفات الكمال ، ووصفه عز وجل بصفة المعدومات ، والجمادات ، والمستحيلات ، تعالى الله عن قولهم علوّاً كبيراً .
ويدخل في ذلك : مَن نفى بعض الصفات وأثبت بعضها ، كالأشاعرة ، فإنه يلزمهم فيما أثبتوه من الصفات نظير ما فروا منه في الصفات التي نفوها وتأولوا أدلتها ، فخالفوا بذلك الأدلة السمعية ، والعقلية ، وتناقضوا في ذلك تناقضاً بيِّناً .(/9)
باختصار من رسالة " العقيدة الصحيحة وما يضادها " للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
والله أعلم.(/10)
رقم السؤال:
108581
العنوان:
هل يمكن أن يتوحد المسلمون مع اختلاف ما بينهم في العقيدة والمنهج؟
السؤال:
هل يمكن أن يتوحد المسلمون مع اختلاف ما بينهم في العقيدة والمنهج ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
إن اختلاف الناس فيما بينهم في العقيدة والمنهج سنَّة كونية ، وقد أخبر الله تعالى عن وقوعها في خلقه ، وأخبر عن قدرته بتوحيدهم جميعاً على دين واحدٍ ، لكنَّ الله تعالى له حكمة بالغة في عدم فعل ذلك ؛ ليثيب الطائعين الموحدين ، ويعاقب العاصين والمشركين ، ولو جعل الله تعالى الناس أمة واحدة لم يظهر فضل التوحيد والموحدين ، ولم يظهر قبح المعصية والعاصين ، ولله تعالى أسماء وصفات اقتضت حكمته في الاختلاف أن تظهر في خلقه .
قال الله تعالى : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ . إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) هود /118 ، 119 .
قال ابن جرير الطبري – رحمه الله - :
يقول تعالى ذِكره : ولو شاء ربك ، يا محمد ، لجعل الناس كلها جماعة واحدة ، على ملة واحدة ، ودين واحد .
" تفسير الطبري " ( 15 / 531 ) .
وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - :
يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كُلِّهم أمَّةً واحدة ، من إيمان أو كفران ، كما قال تعالى : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ) يونس / 99 ، وقوله : ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) أي : ولا يزال الخُلْفُ بين الناس في أديانهم ، واعتقادات مللهم ، ونِحلهم ، ومذاهبهم ، وآرائهم .
" تفسير ابن كثير " ( 4 / 361 ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :(/1)
يخبر تعالى أنه لو شاء لجعل الناس كلهم أمة واحدة على الدين الإسلامي ، فإن مشيئته غير قاصرة ، ولا يمتنع عليه شيء ، ولكنه اقتضت حكمته أن لا يزالوا مختلفين ، مخالفين للصراط المستقيم ، متبعين للسبل الموصلة إلى النار ، كل يرى الحق فيما قاله ، والضلال في قول غيره .
( إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) فهداهم إلى العلم بالحق والعمل به ، والاتفاق عليه ، فهؤلاء سبقت لهم سابقة السعادة ، وتداركتهم العناية الربانية والتوفيق الإلهي .
وأما من عداهم : فهم مخذولون ، موكولون إلى أنفسهم .
وقوله : ( وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ) أي : اقتضت حكمته أنه خلقهم ، ليكون منهم السعداء والأشقياء ، والمتفقون والمختلفون ، والفريق الذين هدى الله ، والفريق الذين حقت عليهم الضلالة ، ليتبين للعباد عدلُه ، وحكمتُه ، وليظهر ما كمن في الطباع البشرية من الخير والشر ، ولتقوم سوق الجهاد والعبادات التي لا تتم ولا تستقيم إلا بالامتحان والابتلاء .
" تفسير السعدي " ( ص 392 ) .
ثانياً:
وكيف سيتوحد المسلمون على شيء يجمعهم جميعاً غير التوحيد والعقيدة ؟! إن الناظر في أحوال المسلمين يجدهم مدارس وجماعات وأحزابا وأفكارا شتى ، رضي كل واحد لنفسه طريقاً في فهم نصوص الوحي ، والعمل للإسلام ، فحصل الاختلاف ، والتفرق ، والتشتت ، ولو أنهم رضوا لأنفسهم منهجاً واحداً ، واعتقاداً واحداً لاجتمعوا ، وصاروا أمة واحدة ، ولكنهم لم ينظر أكثرهم – وخاصة رؤوس الجماعات والأحزاب – للعقيدة الحقة أنها سبيل توحيد ، بل رأوا أنهم تفرِّق المسلمين ! كما زعم بعض أقطابهم ، وهذه كلمة منكرة ، ولا يمكن أن يكون توحيد للمسلمين وفيهم أمثال هذا القائل ! .(/2)
جاء النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وهم أحزاب وجماعات وأمم وأفكار وأديان مختلفة ، وفيهم الأبيض والأسود ، والرجل والمرأة ، والعامي والمتعلم ، والغني والفقير ، والسادة والضعفاء ، فلم يجمعهم على لغة ، ولا على أرض ، ولا على فكر بشر ، بل جمعهم على شيء معصوم ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، جمعهم على القرآن ، والتوحيد ، وهذا هو السبيل الوحيد لأن يجتمع الناس كلهم على اختلاف مشاربهم وأهوائهم ولغاتهم وأماكنهم ، ولن يجدوا خيراً من هذا السبب في توحدهم ، واجتماعهم وتآلفهم ، وأما عندما يراد تجميع الناس وتوحيدهم على فكر بشر قابل للنقض والرد والتعديل والحذف : فهذا ما لا يمكن أن يكون سبيلاً لتوحد المسلمين ، وعندما يراد تجميع الناس وتوحيدهم على قضية سياسية : فهذا لا يمكن أن يجتمع عليه الناس ؛ لاختلاف أفهامهم وآرائهم فيها ، كما لا يمكن لأرض أن تجمع المسلمين ؛ لتعلق كل نفس بوطنها وأرضها ، فلم يبق أمام المسلمين من سبيل لتوحدهم وتجمعهم إلا العقيدة الصحيحة ، والتي منبعها نصوص الوحي المعصومة ، ولن يَصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلَح به أولُّها .
ثالثاً:
بما أن أسباب تفرق المسلمين قائمة : فإن تفرقهم هو الثمرة ، وهو النتيجة ، وقد تنوع ذِكر الأسباب في كلام أهل العلم ، وقد جمعها الإمام الشاطبي في ثلاثة أسباب : الجهل ، والهوى ، واتباع الآباء والأشياخ على عمى .
قال الشاطبي – رحمه الله - :
كل خلاف على الوصف المذكور وقع بعد ذلك : فله أسباب ثلاثة ، قد تجتمع ، وقد تفترق :(/3)
أحدها : أن يعتقد الإنسان في نفسه ، أو يُعتقد فيه أنه من أهل العلم ، والاجتهاد في الدين ، ولم يبلغ تلك الدرجة ، فيعمل على ذلك ، ويعد رأيَه رأياً ، وخلافَه خلافاً ، ولكن تارة يكون ذلك في جزئيٍّ ، وفرعٍ من الفروع ، وتارة يكون في كلِّي وأصلٍ من أصول الدين ، كان من الأصول الاعتقادية ، أو من الأصول العملية ، فتارة آخذاً ببعض جزئيات الشريعة في هدم كلياتها حتى يصير منها ما ظهر له بادىء رأيه من غير إحاطة بمعانيها ولا رسوخ في فهم مقاصدها ، وهذا هو المبتدع ، وعليه نبه الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يقبض الله العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يَبقَ عالمٌ اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) .
والثاني من أسباب الخلاف : اتباع الهوى ، ولذلك سمِّي أهلُ البدع أهل الأهواء ؛ لأنهم اتبعوا أهواءهم ، فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها ، والتعويل عليها حتى يصدروا عنها ، بل قدموا أهوءاهم ، واعتمدوا على آرائهم ، ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظوراً فيها من وراء ذلك ، وأكثر هؤلاء هم أهل التحسين والتقبيح ، ومن مال إلى الفلاسفة ، وغيرهم ، ويدخل في غمارهم من كان منهم يخشى السلاطين لنيل ما عندهم ، أو طلباً للرياسة ، فلا بد أن يميل مع الناس بهواهم ، ويتأول عليهم فيما أرادوا حسبما ذكره العلماء ونقله من مصاحبي السلاطين ، فالأولون ردُّوا كثيراً من الأحاديث الصحيحة بعقولهم ، وأساؤوا الظن بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحسَّنوا ظنَّهم بآرائهم الفاسدة ، حتى ردوا كثيراً من أمور الآخرة وأحوالها ، من الصراط ، والميزان ، وحشر الأجساد ، والنعيم ، والعذاب الجسمي ، وأنكروا رؤية الباري ، وأشباه ذلك ، بل صيَّروا العقل شارعاً جاء الشرع أو لا ، بل إن جاء فهو كاشف لمقتضى ما حكم به العقل إلى غير ذلك من الشناعات .(/4)
والثالث من أسباب الخلاف : التصميم على اتباع العوائد وإن فسدت ، أو كانت مخالفة للحق ،
وهو اتباع ما كان عليه الآباء ، والأشياخ ، وأشباه ذلك ، وهو التقليد المذموم ؛ فإن الله ذم ذلك في كتابه بقوله : ( إنا وجدنا آباءنا على أمة ) الآية ، ثم قال : ( قال أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون ) ، وقوله : هل يسمعونكم إذ تدعون . أو ينفعونكم أو يضرون ) فنبههم على وجه الدليل الواضح فاستمسكوا بمجرد تقليد الآباء ، فقالوا : ( بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ) وهو مقتضى الحديث المتقدم أيضا في قوله : ( اتخذ الناس رؤساء جهالاً ) إلى آخره ، فإنه يشير إلى الاستنان بالرجال كيف كان .
" الاعتصام " ( 1 / 421 – 423 ) باختصار .
وعليه : فإنه من المستحيل اتفاق المسلمين واجتماعهم على غير التوحيد والعقيدة ، وفي الإسلام مظاهر اجتماع واتفاق لا توجد في غيره ، كالقبلة الواحدة ، والقرآن ، ومناسك الحج ، وغيرها ، فنرجو أن يتوحد المسلمون ويجتمعوا على اعتقاد واحد ، ومنهج واحد في فهم القرآن والسنَّة ، وما يحصل من خلافٍ محتمل بعد هذا فإن أمره يسير .
سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله-
ما هي المسائل التي يجوز الاختلاف فيها ؟ وتلك التي ينبغي التّوقُّفُ عن الخلاف فيها ؟ وما واجب المسلمين تُجاه دينهم ؟ .
فأجاب :
الاختلاف على قسمين :
القسم الأول : الاختلاف في مسائل العقيدة ، وهذا لا يجوز ؛ لأنّ الواجب على المسلمين اعتقاد ما دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة ، وعدم التّدخُّل في ذلك بعقولهم واجتهاداتهم ؛ لأنّ العقيدة توقيفيّة ، ولا مجال للاجتهاد والاختلاف فيها .
القسم الثاني : اختلاف في المسائل الفقهيَّة المستنبطة من النُّصوص ، وهذا لابدّ منه ؛ لأنّ مدارك الناس تختلف ، ولكن يجب الأخذ بما ترجّح بالدّليل من أقوالهم ، وهذا هو سبيل الخروج من هذا الخلاف .(/5)
ويجب على المسلم أن يهتمَّ بأمور دينه ، ويحافظ على أداء ما أوجب الله عليه ، ويترك ما حرَّمَ الله عليه ، وأن يتحلَّى بالأخلاق الفاضلة مع إخوانه ، وأن يصدُقَ في معاملته ، ويحفظ أمانته ، ويكون قدوةً صالحةً لغيره .
ويجب أن يتربَّوا على التّمسّك بالدّين والأخلاق الفاضلة ، وأن يبتعدوا عن الأخلاق الرّذيلة وقرناء السُّوء ، وأن يهتمُّوا بما ينفعهم في دينهم ودُنياه ، وأن يكونوا قوَّة للإسلام والمسلمين . " المنتقى من فتاوى الفوزان " ( 1 / 407 ، 408 ، السؤال رقم 241 ) .
والله أعلم(/6)
رقم السؤال:
108591
العنوان:
يدفع اشتراكات في أحد المواقع ثم يجيب على الأسئلة ليأخذ جائزة
السؤال:
ما حكم المسابقة التالية : موقع مسابقة على الإنترنت تقوم بشراء بطاقة بقيمة 25 دولار وتدخل المسابقة وتجيب على الأسئلة وتأخذ الجائزة التي تحصل عليها بدون سحب أو قرعة ، ويوجد بالمسابقة 30 سؤلا كل10 أسئلة تعتبر مرحلة مثلا أجبت على 15 سؤال صح ، والسؤال 16 خطأ تأخذ جائزة 10 أسئلة ، وهكذا كل 10 أسئلة مرحلة.
الجواب:
الحمد لله
هذه المسابقة صورة من صور الميسر ، والميسر حرمه الله تعالى تحريماً قطعياً بقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) المائدة/90، 91 .
والميسر - كما قال الماوردي- : "هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانماً إن أخذ ، أو غارماً إن أعطى" انتهى من "الحادي الكبير" (15/192) .
وهذا موجود في هذه المعاملة فإن المشترك فيها إما أن يخسر قيمة الاشتراك ، وإما أن يربح أكثر إن أجاب على الأسئلة .
وسبب آخر للتحريم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ حَافِرٍ أَوْ خُفٍّ) رواه الترمذي (1700) ، ورواه النسائي (3585) .
والسَّبَق هو الجائزة التي يأخذها المتسابق .
والنصل السهم . والخف : المقصود به البعير (الإبل) . والحافر : الخيل .
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الثلاثة لأنها آلة الجهاد في سبيل الله .
وألحق بعض أهل العلم بهذه الثلاثة كل ما يعين على الجهاد ونشر الدين كمسابقات القرآن والحديث والفقه ، فيجوز أن تدفع فيها الجوائز .(/1)
فلا يجوز دخول المسابقات التي يدفع فيها المتسابق مالاً (رسم اشتراك) ثم إن فاز أخذ الجائزة ، إلا فيما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فقط .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
108595
العنوان:
يجب على البائع أن يبين للمشتري العيوب التي بالسلعة
السؤال:
أريد أن أبيع موبايل وبه عيب ، فهل يجب علي أن أقول للمشتري (إن لم يسألني) عن عيبه ؟
الجواب:
الحمد لله
يجب على البائع أن يبين العيوب التي بالسلعة ، التي تنقص من الرغبة فيها ، وتنقص قيمتها .
وقد تضافرت الأدلة الشرعية على ذلك ، فعَنْ وَهْبِ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا وَفِيهِ عَيْبٌ إلَّا بَيَّنَهُ لَهُ) رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1321) .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ فَإِذَا هُوَ مَبْلُولٌ ، فَقَالَ : (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا) رَوَاهُ مسلم (101) .
والله أعلم(/1)
رقم السؤال:
108614
العنوان:
تتبع المساجد من أجل الخشوع في الصلاة
السؤال:
أريد صحة حديث ( ليصل أحدكم في المسجد الذي يليه ، ولا يتبع المساجد ) . وماذا نقول للذي يتتبع المساجد ليخشع في الصلاة وأقرب لحضور القلب دون أن يفوت صلاة العشاء ؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا الحديث فيما أعرفه مُختلف في صحته ، وعلى تقدير ثبوته فإنه يحمل على ما إذا كان في ذلك تفريق للمصلين عن المسجد الذي حولهم ، وإلا فمن المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يرتادون المسجد النبوي ليصلوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، بل كان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء الآخرة ، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم ، مع تأخر الزمن .
وارتياد الإنسان المسجد من أجل حسن القراءة ، واستعانته بحسن قراءة إمامه على القيام لا بأس به ، اللهم إلا إذا خشي من ذلك فتنة ، أو خشي من ذلك إهانة للإمام الذي حوله ، مثل أن يكون هذا الرجل من كبراء القوم ، وانصرافه عن مسجده إلى مسجد آخر يكون فيه شيء من القدح في الإمام ، فهنا قد نقول : إنه ينبغي أن يراعي هذه المفسدة فيتجنبها" انتهى .
والله أعلم .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (14/241، 242) .(/1)
رقم السؤال:
108638
العنوان:
وضعت قناعا من العسل على وجهها ودخل إلى فمها وهي صائمة
السؤال:
هل يجوز وضع قناع من العسل على الوجه ؟ علما أنه لا يتطلب أكثر من ملعقة قهوة وقد وضعت هذا الماسك في رمضان على أساس فتوى قرأتها بأنه يحل وضع أي كريم على الجلد أو أي مستحضر بشرط لا يتم بلعه وتسبب في دخول بعض العسل إلى فمي وتذوقت الحلاوة لكن لم أبلعها فهل هذا مفطر؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا حرج في استعمال العسل على الوجه لإزالة الكلف وتنعيم البشرة ونحو ذلك ، بشرط عدم الإسراف .
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : بعض صديقاتي يستعملن البيض والعسل واللبن في علاج النمش والكلف الذي يظهر في الوجه فهل يجوز لهن ذلك ؟
فأجاب : "من المعلوم أن هذه الأشياء من الأطعمة التي خلقها الله عز وجل لغذاء البدن ، فإذا احتاج الإنسان إلى استعمالها في شيء آخر ليس بنجس كالعلاج ، فإن هذا لا بأس به ؛ لقوله تعالى : (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) فقوله تعالى : (لكم) يشمل عموم الانتفاع إذا لم يكن ما يدل على التحريم .
وأما استعمالها للتجميل فهناك مواد أخرى يحصل التجميل بها سوى هذه ، فاستعمالها أولى .
وليعلم أن التجميل لا بأس به، بل إن الله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال ، لكن الإسراف فيه حتى يكون أكبر هم الإنسان بحيث لا يهتم إلا به ، ويغفل كثيرا من مصالح دينه ودنياه من أجله ، فهذا أمر لا ينبغي لأنه داخل في الإسراف ، والإسراف لا يحبه الله عز وجل" انتهى . نقلا عن "فتاوى المرأة" جمع محمد المسند (ص 238) .
ثانيا :
إذا دخل العسل إلى فمك وتذوقته دون بلع ، فلا يضر صومك . والصائم يجوز له أن يتذوق الطعام للحاجة ، ثم يمجه ولا يبلعه ، وينظر جواب السؤال رقم (26837)
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
108803
العنوان:
هل يأخذ أكثر من الدَّيْن تعويضاً عن تأخيره؟
السؤال:
اشترى منى شخص مصنع علف صغير ب 14000 جنيه وكتب على نفسه إيصال أمانة على بياض ، يُدفع بعد تركيب المصنع عنده وتشغيله ، وبالفعل تم ذلك ، والمصنع يعمل عنده منذ شهور ، ويتهرب من الدفع ، وقد شكوته للمحكمة . السؤال : هل يجوز كتابة مبلغ أكبر من 14000 في إيصال الأمانة تعويضا على التأخير والضرر ؟ مع العلم أنه ميسور الحال ، والمصنع يعمل ويكسب جيدا .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز لك أن تكتب أكثر من المبلغ المذكور على سبيل أن الزيادة تعويض عن التأخير ، لأن هذا يكون صورة من صور الربا ، وقد حرمه الله تعالى تحريماً قطعياً : (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) البقرة/275 ، ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه . وقال : هم سواء . رواه مسلم .
وجاء في قرارات "المجمع الفقهي" : "إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق ، أو بدون شرط ، لأن ذلك ربا محرم" انتهى من "مجلة المجمع الفقهي" (6/1/445-448) .
ثانياً :
إذا امتنع المدين من سداد الدَّيْن ، وكان مليئاً قادراً على السداد ، فإنه يتحمل جميع ما أنفقه الدائن من أجل تحصيل دَيْنه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وإذا كان الذي عليه الحق قادراً على الوفاء ، ومطل صاحب الحق حقه ، حتى أحوجه إلى الشكاية ، فما غرمه بسبب ذلك فهو على الظالم المبطل ، إذا كان غرمه على الوجه المعتاد " انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/24) .(/1)
وعلى هذا ، لك أن تزيد على المبلغ المذكور ما أنفقته من أموال من أجل تحصيله ، كأتعاب المحامي ، بشرط أن يكون المدين ميسور الحال – كما ذكرت – أما إن كان معسراً ، ولا يستطيع أداء الدين ، فلا يجوز رفع أمره إلى القضاء ، بل الواجب عليك إمهاله حتى يغنيه الله ، قال الله تعالى : (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) البقرة/280 .
وانظر جواب السؤال (106556) .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
108872
العنوان:
محادثة الزوجة عبر الإنترنت والاستمتاع بذلك
السؤال:
أنا أعمل بالمملكة وأنا والحمد لله ملتزم بالسنة قدر المستطاع وأواظب على الصلوات بالمسجد والحمد لله... وهذه أول مرة أترك أهلي لظروف مدارس الأولاد .. وقد يحدث عندما أحادث زوجتي عبر النت بالصوت والصورة أن أطلب منها أن تريني من جسدها ويحدث بالفعل إثارة جنسية شديدة لا أستطيع دفعها .. وقد حدث أن استمنيت بيدي لإطفاء هذه الشهوة فهل هذا يدخل في باب (إلا علي أزواجهم) أو في باب الاستمتاع بالزوجة ؟ علما بأنني أعلم أن الاستمناء محرم...ولكن هذه زوجتي التي أنظر إليها...ماذا أفعل ؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا .
الجواب:
الحمد لله
يجوز للرجل أن يستمتع بالكلام مع زوجته والنظر إليها ، أو إلى صورتها عبر برامج المحادثة ، مع الاحتياط لعدم اطلاع أحد أو تجسسه عليه .
وأما الاستمناء باليد فالأصل تحريمه ، إلا أن يخاف على نفسه الزنا ، فيباح .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للزوجين أن يتحدثا عن الجنس بالهاتف ويستثيرا بعضهما حتى ينزل أحدهما أو كلاهما بدون استعمال اليد لأنه محرم ؟ يحصل هذا لأن زوجي يسافر دائما ولا نرى بعضنا إلا كل 4 أشهر .
فأجاب : لا بأس ، نعم يجوز هذا .
السائل : ولو كان باستعمال اليد .
الجواب : استعمال اليد فيه نظر ، ولا يجوز إلا إذا خاف على نفسه الزنا .
السائل : وبدون استعمال اليد لا مانع .
الجواب : نعم بدون استعمال اليد لا مانع ، يتصور أنه معها لا بأس في ذلك " انتهى ، وينظر جواب السؤال رقم (4807) و (329) .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
109170
العنوان:
متمتع أحرم بالحج يوم التروية من عرفة
السؤال:
متمتع أحرم بالحج يوم التروية من عرفة فهل عليه شيء؟
الجواب:
الحمد لله
"لا شيء عليه ، لأن الإحرام بالحج يجوز أن يكون من الحرم ومن الحل" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/9) .(/1)
رقم السؤال:
109171
العنوان:
ما حكم الصيد في المدينة النبوية؟
السؤال:
ما حكم الصيد في الحرم النبوي ؟
الجواب:
الحمد لله
"الصحيح أنه محرم ، لكنه ليس كالصيد في حرم مكة ، فإن صيد حرم مكة إذا صاده الإنسان فإثمه أكبر مما لو صاد صيدا في حرم المدينة ، وحرم المدينة ليس في صيده جزاء ، وحرم مكة يحصل فيه جزاء ، وحرم المدينة إذا أدخل الإنسان الصيد فيه من خارج الحرم فله إمساكه وذبحه ، وحرم مكة فيه خلاف ، فمن العلماء من يقول : إذا أدخل الإنسان صيداً إلى حرم مكة وجب عليه إطلاقه ، ومنهم من يقول : لا يجب ، والصحيح أنه لا يجب عليه إطلاقه ، فلو أدخل الإنسان أرنباً أو حمامة من خارج الحرم إلى الحرم فله استبقاؤها وذبحها ؛ لأنها ملكه ، بخلاف ما إذا صادها في الحرم ، فإنه ليس له إبقاؤها وليس له ذبحها ، إنما عليه أن يطلقها" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 228) .(/1)
رقم السؤال:
109172
العنوان:
ما حكم استعمال المحرم المناديل المعطرة؟
السؤال:
ما حكم استعمال المناديل المعطرة ؟
الجواب:
الحمد لله
"المناديل المعطرة إذا كانت رطبة وفيها طيب رطب يعلق باليد فلا يجوز للمحرم أن يستعملها ، أما إذا كانت جافة وكانت مجرد رائحة تفوح كرائحة النعناع والتفاح فلا بأس" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 155) .(/1)
رقم السؤال:
109173
العنوان:
ما الدليل على وجوب المبيت بمزدلفة؟
السؤال:
ما الدليل على وجوب المبيت بمزدلفة؟
الجواب:
الحمد لله
"الدليل على وجوبه قوله تعالى : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ ) البقرة/198 .
والأصل في الأمر الوجوب حتى يقوم دليل على صرفه عن الوجوب ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لعروة بن مضرس رضي الله عنه وقد اجتمع به في صلاة الفجر يوم مزدلفة فقال : يا رسول الله ، إني أتعبت نفسي وأكللت راحلتي ، وما تركت جبلاً إلا وقفت عنده ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (من شهد صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً ، فقد تم حجه ، وقضى تفثه) .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للضعفة أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل ، والترخيص يدل على أن الأصل العزيمة والوجوب ، بل إن بعض أهل العلم ذهب إلى أن الوقوف بمزدلفة ركن من أركان الحج ، لأن الله تعالى أمر به في قوله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ) البقرة/198 .
والنبي صلى الله عليه وسلم حافظ عليه ، وقال : (وقفت هاهنا وجَمْع ـ أي مزدلفة ـ كلها موقف) رواه مسلم . ولكن القول الوسط من أقوال أهل العلم أن المبيت بها واجب وليس بركن ، ولا بسنة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/52) .(/1)
رقم السؤال:
109174
العنوان:
ليس هناك دعاء معين لكل شوط في الطواف أو السعي
السؤال:
ما حكم التزام دعاء معين لكل شوط من أشواط الطواف أو السعي ؟
الجواب:
الحمد لله
"ليس هناك دعاء معين لكل شوط ، بل تخصيص كل شوط بدعاء معين من البدع ؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وغاية ما ورد التكبير عند استلام الحجر الأسود وقول : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة/201 ، بين الركن اليماني والحجر الأسود ، وأما الباقي فهو ذكر مطلق وقرآن ودعاء لا يخصص به شوط دون آخر" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 336، 337) .
وانظر جواب السؤال رقم (34644) .(/1)
رقم السؤال:
109175
العنوان:
ليس للاشتراط عند الإحرام صيغة محددة
السؤال:
هل يلزم المشترط أن يأتي بالصيغة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أم يشترط بأي كلام يعبر به عن نفسه؟
الجواب:
الحمد لله
"لا يلزمه أن يأتي بالصيغة الواردة ، لأن هذا مما لا يتعبد بلفظه ، والشيء الذي لا يتعبد بلفظه يكتفى فيه بالمعنى" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/26) .
والمقصود أنه لو أتى بالمعنى كقوله : ( إن لم أستطع إكمال العمرة فأنا حلال أو متحلل ) فهذا يكفي .(/1)
رقم السؤال:
109176
العنوان:
له بيت في الطائف وآخر في مكة، فهل عليه هدي إذا تمتع؟
السؤال:
رجل له بيت في الطائف يسكن فيه هو وأهله في الصيف لمدة أربعة أشهر تقريباً وبيت آخر في مكة يسكن فيه بقية العام فإذا تمتع فهل عليه هدي ؟
الجواب:
الحمد لله
"ليس عليه هدي لأنه من حاضري المسجد الحرام ، إذ إن لأكثر إقامته بمكة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 72) .(/1)
رقم السؤال:
109177
العنوان:
لماذا عدل الخلفاء الراشدون من التمتع إلى الإفراد؟
السؤال:
لماذا عدل الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم عن التمتع إلى الإفراد وهم من أحرص الناس على الخير؟
الجواب:
الحمد لله
"عدل الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم إلى الأمر بالإفراد بالحج تأولاً منهم رضي الله عنهم حيث رأوا أن الناس إذا تمتعوا وأخذوا الحج والعمرة في سفر واحد بقي البيت ليس له من يعمره بالطواف والسعي ، لأن الأسفار في ذلك الوقت كانت شاقة ، فيصعب على الإنسان أن يتردد إلى البيت ، فإذا حصل لهم عمرة وحج في سفر واحد واقتصروا على ذلك بقي البيت بقية السنة مهجوراً ، فرأوا أن الإفراد أفضل من أجل أن يبقى البيت معموراً طول السنة ، وتأولوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه من أجل أن تزول العقيدة الفاسدة التي كانت في الجاهلية ، وهي أن أهل الجاهلية يقولون : لا يمكن العمرة في أشهر الحج ، ويقولون : (إذا انسلخ صفر ، وبرئ الدبر ، وعفى الأثر ، حلت العمرة لمن اعتمر) ، يعني لا تعمر إلا بعد أن تمضي مدة بعد الحج ، والقصد في ذلك أن يبقى البيت دائماً معموراً ، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله في منسكه : (إذا أفرد العمرة في سفر والحج في سفر ؛ فإن الإفراد أفضل بلا خلاف) هكذا قال رحمه الله .
ولعله أخذه من عمل الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ، لكن في النفس من هذا شيء ، فيقال : التمتع أفضل مطلقاً ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر به وحث عليه ، ولم يقل إنه خاص بمن لم يأت من قبل ، فلما لم يستثن عُلِم أن التمتع أفضل ، وأن ما ذهب إليه الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم إنما هو على سبيل التأويل ، ولكن الأخذ بعموم كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أولى" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 63، 64) .(/1)
رقم السؤال:
109178
العنوان:
لا يلزم من سعى من الدور الثاني أو الثالث أن يدور على قبة الصفا وقبة المروة
السؤال:
هل يلزم الإنسان إذا سعى في الدور الثاني أو السطح أن يدور على قبة الصفا وقبة المروة أو أن ذلك ليس بلازم حيث نرى الزحام في الدوران عليهما ؟
الجواب:
الحمد لله
"الدوران على قبة الصفا أو المروة ليس بلازم ؛ لأن الواجب استيعاب السعي إلى نهاية ممر العربيات ، وممر العربيات دون مكان الدوران بكثير" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 437، 438) .(/1)
رقم السؤال:
109179
العنوان:
لا يشرع النطق بالنية في الحج ولا في العمرة
السؤال:
إذا قال الحاج لبيك عمرة أو لبيك حجاً ، فهل هذا يكون نطقاً بالنية ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا قال في النسك : لبيك حجاً ، لبيك عمرة ، ليس هذا من باب ابتداء النية ، لأنه قد نوى من قبل ، ولهذا لا يشرع أن نقول : اللهم إني أريد العمرة ، اللهم إني أريد الحج ، بل انو بقلبك ولب بلسانك ، وأما التكلم بالنية في غير الحج والعمرة فهذا أمر معلوم أنه ليس بمشروع ، فلا يسن للإنسان إذا أراد أن يتوضأ أن يقول : اللهم إني أريد أن أتوضأ ، اللهم إني نويت أن أتوضأ أو بالصلاة : اللهم إني أريد أن أصلى ، اللهم إني نويت أن أصلى . كل هذا غير مشروع ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/20) .(/1)
رقم السؤال:
109180
العنوان:
لا يستطيع لبس الإحرام لأنه معاق
السؤال:
رجل يرغب في أداء العمرة ولكن لا يستطيع لبس الإحرام لأنه معاق ومشلول : فهل يستطيع العمرة بثيابه ؟ وهل عليه كفارة ؟
الجواب:
الحمد لله
"نعم ؛ إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يلبس ثياب الإحرام فإنه يلبس ما يناسبه من اللباس الآخر والجائز ، وعليه عند أهل العلم إما أن يذبح شاة يوزعها على الفقراء ، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، أو يصوم ثلاثة أيام .
هكذا قال أهل العلم قياساً على ما جاء في حلق الرأس حيث قال الله تعالى : (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) البقرة/196، وقد بَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصيام ثلاثة أيام ، وأن الصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، وأن النسك ذبح شاة ، ويكون الذبح والإطعام في هذه المسألة بمكة احتياطاً ، لأن انتهاك محظور اللبس سيستمر إلى التحلل" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 138) .(/1)
رقم السؤال:
109181
العنوان:
لا يجوز نحر هدي التمتع خارج الحرم
السؤال:
هل يجوز نحر هدي التمتع خارج الحرم ؟
الجواب:
الحمد لله
"يقول أهل العلم : إن الواجب نحر هدي التمتع داخل حدود الحرم لقوله تعالى : (ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الحج/33 ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه في منى وقال : (لتأخذوا عني مناسككم) .
ولأن الهدي دم يجب للنسك فوجب أن يكون في مكانه وهو الحرم ، وعلى هذا فمن نحر خارج الحرم لم يجزئه الهدي وتلزمه إعادته في الحرم ، ثم إن كان جاهلاً فلا إثم عليه وإن كان عالماً فعليه الإثم .
وقد أشار صاحب الفروع (3/465) إلى أن وجوب الذبح في الحرم باتفاق الأئمة الأربعة ، لكن قال الشيرازي في "المهذب" (ص 411) : "إذا وجب على المحرم دم لأجل الإحرام كدم التمتع والقران ، ودم الطيب وجزاء الصيد وجب عليه صرفه لمساكين الحرم لقوله تعالى : (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) المائدة/95 ، فإن ذبحه في الحل وأدخله الحرم نظر فإن تغير وأنتن لم يجزئه ، لأن المستحق لحم كامل غير متغير فلا يجزئه المنتن المتغير ، وإن لم يتغير ففيه وجهان :
أحدهما : لا يجزئه ، لأن الذبح أحد مقصودي الهدي فاختص بالحرم كالتفرقة .
والثاني : يجزئه ؛ لأن المقصود هو اللحم ، وقد أوصل ذلك إليهم" أ هـ .
قال النووي : وهو الصحيح .
ولكن الأحوط المنع ؛ للأدلة التي ذكرناها في صدر الجواب" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 226، 227) .(/1)
رقم السؤال:
109182
العنوان:
لا يجوز للمتمتع أن يقدم سعي الحج على الوقوف بعرفة والمزدلفة
السؤال:
رجل متمتع أدى العمرة ثم ذهب إلى جدة وفي اليوم الثامن أتى إلى مكة فطاف وسعى بقصد أن يسقط عنه السعي يوم العيد أيسقط عنه أم لا ؟
الجواب:
الحمد لله
"المتمتع من المعلوم أنه يحل بالعمرة يطوف ويسعى ويقصر ويحل ، فإذا كان يوم الثامن أحرم بالحج وخرج إلى منى ، ولا ينفعه إذا سعى قبل ذلك ، لأن سعي الحج لا يجوز تقديمه على الوقوف بعرفة أو مزدلفة ، إلا إذا كان قارناً أو مفرداً وسعي بعد طواف القدوم ، وعلى هذا الرجل الذي فعل السعي قبل وقته أن يتجنب أهله إن كان عنده أهله ، ويجب عليه أن يسافر إلى مكة ويأتي بالسعي ، لأنه في غير وقته ، والأفضل أن يحرم بعمرة إذا وصل الميقات ويطوف ويسعى ويقصر ثم يأتي بسعي الحج" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/87، 88) .(/1)
رقم السؤال:
109183
العنوان:
لا يجوز تحويل الإحرام من التمتع إلى الإفراد
السؤال:
هل يجوز أن يتحول من التمتع إلى الإفراد ؟
الجواب:
الحمد لله
"التحول من التمتع إلى الإفراد لا يجوز ولا يمكن ، وإنما يجوز أن يتحول من الإفراد إلى التمتع ، بمعنى أن يكون محرماً للحج مفرداً ، ثم بعد ذلك يحول إحرامه بالحج إلى عمرة ليصير متمتعاً . وكذلك القارن يجوز أن يحول نيته من القران إلى العمرة ليصير متمتعاً إلا من ساق الهدي في الصورتين ، فإنه لا يجوز له ذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين معه أن يجعلوا إحرامهم بالحج المفرد أو المقرون بالعمرة أن يجعلوه عمرة ليصيروا متمتعين إلا من ساق الهدي" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 88، 89) .(/1)
رقم السؤال:
109184
العنوان:
لا يجوز اصطحاب الخادمة الكافرة إلى الحرم
السؤال:
ما حكم استصحاب الخادمة الكافرة وإدخالها إلى الحرم وما العمل إذا قدم بها؟
الجواب:
الحمد لله
"كيف يذهب بامرأة كافرة إلى المسجد الحرام ، والله عز وجل يقول : (فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) التوبة/23 .
هذا حرام عليه ، وإذا قدر أنه اضطر لهذا يقول لها : أسلمي ، فإن أسلمت فهذا هو المطلوب ، وإن لم تسلم إما أن يبقى معها ، وإما أن يرسلها إلى أهلها .
وأما أن يأتي بها إلى مكة فهذا لا يجوز ، أولاً : معصية لله عز وجل . ثانياً : امتهان الحرم ، فيرجع هو وإياها أو يردها هي إلى بلدها" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/433) .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (2192) .
والله أعلم(/1)
رقم السؤال:
109185
العنوان:
لا حرج من ذبح الهدي في مزدلفة
السؤال:
هل يجوز ذبح الهدي في مزدلفة؟
الجواب:
الحمد لله
"الذبح في مزدلفة وفي مكة وفي منى كله جائز ، فكل ما كان داخل الحرم فإن ذبح الهدي فيه جائز ولا حرج لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (كل فجاج مكة طريق ومنحر)" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/248) .(/1)
رقم السؤال:
109222
العنوان:
حكم من أحس بتعب قبل إكمال الطواف
السؤال:
أنا امرأة مريضة ذهبت إلى العمرة وعندما طفت ثلاثة أشواط أصبت بالدوخة ماذا يجب علي أن أفعل ؟
الجواب:
الحمد لله
"عليك أن تستريحي وتكملي الطواف ، فإن طال الفصل فأعيدي الطواف من أوله . أما إذا زالت الدوخة بسهولة وسرعة فكملي الطواف ويكفي والحمد لله" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (17/435، 436) .(/1)
رقم السؤال:
109223
العنوان:
لا يجب الإحرام على من دخل مكة إلا إذا كان مريداً للنسك
السؤال:
هل يجب على من دخل مكة للعمل أن يحرم بالحج أو العمرة عند دخوله إليها ؟
الجواب:
الحمد لله
"من توجه إلى مكة ولم يرد حجا ولا عمرة ؛ كالتاجر ، والحطَّاب ، والبريد ونحو ذلك فليس عليه إحرام إلا أن يرغب في ذلك ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر المواقيت : (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة) ، فمفهومه أن من مر على المواقيت ولم يرد حجا ولا عمرة فلا إحرام عليه .
وهذا من رحمة الله بعباده وتسهيله عليهم ، فله الحمد والشكر على ذلك ، ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى مكة عام الفتح لم يحرم ، بل دخلها وعلى رأسه المغفر ؛ لكونه لم يرد حينذاك حجا ولا عمرة ، وإنما أراد افتتاحها وإزالة ما فيها من الشرك" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجوع فتاوى ابن باز" (16/44، 45) .(/1)
رقم السؤال:
109224
العنوان:
لا يشرع استقبال قبر النبي صلى الله عليه وسلم عند الدعاء
السؤال:
رأيت في المسجد النبوي أن الناس يستقبلون قبر النبي صلى الله عليه وسلم عند الدعاء ويرفعون أيديهم ، فهل هذا من السنة ؟
الجواب:
الحمد لله
" ما يفعله بعض الزوار وغيرهم من تحري الدعاء عند قبره صلى الله عليه وسلم مستقبلا للقبر رافعا يديه يدعو ، فهذا خلاف ما عليه السلف الصالح من أصحاب رسول الله وأتباعهم بإحسان .
بل هو من البدع المحدثات ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة) أخرجه أبو داود ، والنسائي بإسناد حسن ، وقال صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أخرجه البخاري ومسلم ، وفي رواية لمسلم : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) .
ورأى علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهما رجلا يدعو عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فنهاه عن ذلك ، وقال : ألا أحدثك حديثا سمعته من أبي ، عن جدي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا تتخذوا قبري عيدا ، ولا بيوتكم قبورا ، وصلوا علي ، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم) أخرجه الحافظ محمد بن عبد الواحد المقدسي في كتابه : "الأحاديث المختارة" .
وهكذا ما يفعله بعض الزوار عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم من وضع يمينه على شماله فوق صدره أو تحته كهيئة المصلي فهذه الهيئة لا تجوز عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم ، ولا عند السلام على غيره من الملوك والزعماء وغيرهم ؛ لأنها هيئة ذل وخضوع وعبادة لا تصلح إلا لله ، كما حكى ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح عن العلماء ، والأمر في ذلك جلي واضح لمن تأمل المقام وكان هدفه اتباع هدي السلف الصالح .(/1)
وأما من غلب عليه التعصب والهوى والتقليد الأعمى وسوء الظن بالدعاة إلى هدي السلف الصالح فأمره إلى الله ، ونسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق لإيثار الحق على ما سواه ، إنه سبحانه خير مسئول" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/108- 110) .(/2)
رقم السؤال:
109225
العنوان:
ماذا يفعل من أراد الحج أو العمرة عند الميقات؟
السؤال:
ماذا يفعل من أراد الحج أو العمرة عند الميقات؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا وصل إلى الميقات استحب له أن يغتسل ويتطيب ؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد من المخيط عند الإحرام واغتسل ، ولما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) ، وأمر صلى الله عليه وسلم عائشة لما حاضت وقد أحرمت بالعمرة أن تغتسل وتحرم بالحج ، وأمر صلى الله عليه وسلم أسماء بنت عميس لما ولدت بذي الحليفة أن تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم ، فدل ذلك على أن المرأة إذا وصلت إلى الميقات وهي حائض أو نفساء تغتسل وتحرم مع الناس ، وتفعل ما يفعله الحاج غير الطواف بالبيت ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وأسماء بذلك .
ويستحب لمن أراد الإحرام أن يتعاهد شاربه وأظافره وعانته وإبطيه ، فيأخذ ما تدعو الحاجة إلى أخذه ؛ لئلا يحتاج إلى أخذ ذلك بعد الإحرام وهو محرم عليه ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم شرع للمسلمين تعاهد هذه الأشياء في كل وقت ، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الفطرة خمس : الختان ، والاستحداد ، وقص الشارب ، وقلم الأظافر ، ونتف الآباط) ، وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال : (وُقِّتَ لنا في قص الشارب ، وقلم الأظافر ، ونتف الإبط ، وحلق العانة : أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة) .
وأخرجه النسائي بلفظ : (وَقَّت لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم) ، وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي بلفظ النسائي ، وأما الرأس فلا يشرع أخذ شيء منه عند الإحرام ، لا في حق الرجال ولا في حق النساء .(/1)
وأما اللحية فيحرم حلقها أو أخذ شيء منها في جميع الأوقات ، بل يجب إعفاؤها وتوفيرها ؛ لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خالفوا المشركين ، وفروا اللحى ، وأحفوا الشوارب) ، وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (جزوا الشوارب ، وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس) .
وقد عظمت المصيبة في هذا العصر بمخالفة كثير من الناس هذه السنة ومحاربتهم للحى ، ورضاهم بمشابهة الكفار والنساء ، ولا سيما من ينتسب إلى العلم والتعليم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ونسأل الله أن يهدينا وسائر المسلمين لموافقة السنة والتمسك بها ، والدعوة إليها ، وإن رغب عنها الأكثرون ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ثم يلبس الذكر إزارا ورداء ، ويستحب أن يكونا أبيضين نظيفين ، ويستحب أن يحرم في نعلين ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين) ، أخرجه الإمام أحمد رحمه الله .
وأما المرأة فيجوز لها أن تحرم فيما شاءت من أسود أو أخضر أو غيرهما ، مع الحذر من التشبه بالرجال في لباسهم ، لكن ليس لها أن تلبس النقاب والقفازين حال إحرامها ، ولكن تغطي وجهها وكفيها بغير النقاب والقفازين ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المرأة المحرمة عن لبس النقاب والقفازين ، وأما تخصيص بعض العامة إحرام المرأة في الأخضر أو الأسود دون غيرهما فلا أصل له .
ثم بعد الفراغ من الغسل والتنظيف ولبس ثياب الإحرام ، ينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من حج أو عمرة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى) .(/2)
ويشرع له التلفظ بما نوى ، فإن كانت نيته العمرة قال : (لبيك عمرة) أو (اللهم لبيك عمرة) ، وإن كانت نيته الحج قال : (لبيك حجا) أو (اللهم لبيك حجا) ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ، وإن نواهما جميعا لبى بذلك فقال : (اللهم لبيك عمرة وحجا) ، والأفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركوبه من دابة أو سيارة أو غيرهما ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أهل بعد ما استوى على راحلته ، وانبعثت به من الميقات للسير ، هذا هو الأصح من أقوال أهل العلم .
ولا يشرع له التلفظ بما نوى إلا في الإحرام خاصة ؛ لوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما الصلاة والطواف وغيرهما فينبغي له ألا يتلفظ في شيء منها بالنية ، فلا يقول : نويت أن أصلي كذا وكذا ، ولا نويت أن أطوف كذا ، بل التلفظ بذلك من البدع المحدثة ، والجهر بذلك أقبح وأشد إثما ، ولو كان التلفظ بالنية مشروعا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأوضحه للأمة بفعله أو قوله ، ولسبق إليه السلف الصالح .
فلما لم ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم علم أنه بدعة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة) . أخرجه مسلم في صحيحه ، وقال عليه الصلاة والسلام : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) . متفق على صحته ، وفي لفظ لمسلم : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/37- 42) .(/3)
رقم السؤال:
109226
العنوان:
نصائح للحاج قبل سفره إلى الحج
السؤال:
هل من نصيحة لمن أراد السفر للحج ، ماذا يفعل قبل سفره ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا عزم المسلم على السفر إلى الحج أو العمرة استحب له أن يوصي أهله وأصحابه بتقوى الله عز وجل ، وهي : فعل أوامره ، واجتناب نواهيه .
وينبغي أن يكتب ما له وما عليه من الدين ، ويشهد على ذلك ، ويجب عليه المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب ؛ لقوله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31.
وحقيقة التوبة : الإقلاع من الذنوب وتركها ، والندم على ما مضى منها ، والعزيمة على عدم العود فيها ، وإن كان عنده للناس مظالم من نفس أو مال أو عرض ردها إليهم ، أو تحللهم منها قبل سفره ؛ لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من كانت عنده مظلمة لأخيه من مال أو عرض فليتحلل اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه) .
وينبغي أن ينتخب لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال ؛ لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا) ، وروى الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ، ناداه مناد من السماء : لبيك وسعديك ، زادك حلال ، وراحلتك حلال ، وحجك مبرور غير مأزور . وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ، ناداه مناد من السماء : لا لبيك ولا سعديك ، زادك حرام ، ونفقتك حرام ، وحجك غير مبرور) .(/1)
وينبغي للحاج الاستغناء عما في أيدي الناس والتعفف عن سؤالهم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم) .
ويجب على الحاج أن يقصد بحجته وعمرته وجه الله والدار الآخرة ، والتقرب إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال في تلك المواضع الشريفة ، ويحذر كل الحذر من أن يقصد بحجه الدنيا وحطامها ، أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك ، فإن ذلك من أقبح المقاصد وسبب لحبوط العمل وعدم قبوله ، كما قال تعالى : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) هود/15-16 . وقال تعالى : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) الإسراء/18-20 .
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : قال الله تعالى : (أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) .
وينبغي له أيضا أن يصحب في سفره الأخيار من أهل الطاعة والتقوى والفقه في الدين ، ويحذر من مصاحبة السفهاء والفساق .(/2)
وينبغي له أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته ، ويتفقه في ذلك ويسأل عما أشكل عليه ؛ ليكون على بصيرة ، فإذا ركب دابته أو سيارته أو طائرته أو غيرها من المركوبات استحب له أن يسمي الله سبحانه ويحمده ، ثم يكبر ثلاثا ، ويقول : (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) الزخرف/13-14. اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا هذا ، واطو عنا بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب في المال والأهل ؛ لصحة ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أخرجه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
ويكثر في سفره من الذكر والاستغفار ، ودعاء الله سبحانه ، والتضرع إليه ، وتلاوة القرآن وتدبر معانيه ، ويحافظ على الصلوات في الجماعة ، ويحفظ لسانه من كثرة القيل والقال ، والخوض فيما لا يعنيه ، والإفراط في المزاح ، ويصون لسانه أيضا من الكذب والغيبة والنميمة والسخرية بأصحابه وغيرهم من إخوانه المسلمين .
وينبغي له بذل البر في أصحابه ، وكف أذاه عنهم ، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة على حسب الطاقة" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/32- 37) .(/3)
رقم السؤال:
109227
العنوان:
نصيحة إلى الحجاج الذين يؤذون جيرانهم بالتدخين والأغاني
السؤال:
هل من نصيحة توجه إلى الحجاج الذين يؤذون الناس بالمحرمات كالتدخين أو أصوات الأغاني ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا ريب أن إيذاء المسلمين من المحرمات المعلومة من الدين ، كما قال الله سبحانه : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) الأحزاب/58 ، وإذا كان الإيذاء بالتدخين أو بفتح الراديو أو المسجلات على الأغاني كان الأذى أكبر والإثم أعظم؛ لأن الغناء محرم وهكذا التدخين من المحرمات المضرة بالدين والدنيا والصحة .
وقد قال الله عز وجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الآية بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) لقمان/6 . قال أكثر العلماء : المراد بلهو الحديث الغناء وآلات اللهو .
وقال عز وجل : (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) المائدة/4 ، وقال في وصف نبيه صلى الله عليه وسلم : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) الأعراف/157 ، فبين المولى سبحانه أنه لم يحل لعباده إلا الطيبات ، وأن نبيه صلى الله عليه وسلم إنما أحل لأمته الطيبات ، وهي الأشياء النافعة بلا مضرة ، والدخان من الأشياء الضارة الخبيثة ، وقد أجمع العارفون به من الأطباء وغيرهم على أنه مضر بالصحة ، خبيث العاقبة ، خبيث الرائحة .
وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه وأعاذ الجميع من نزغات الشيطان" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/351، 352) .(/1)
رقم السؤال:
109228
العنوان:
نوى الحج لنفسه ثم بدا له أن يغير النية لقريب له فهل له ذلك؟
السؤال:
رجل نوى الحج لنفسه وقد حج من قبل ثم بدا له أن يغير النية لقريب له وهو في عرفة فما حكم ذلك وهل يجوز له ذلك أم لا ؟ .
الجواب:
الحمد لله
"الإنسان إذا أحرم بالحج عن نفسه فليس له بعد ذلك أن يغير لا في الطريق ولا في عرفة ولا في غير ذلك بل يلزمه أن يكمل لنفسه ولا يغير لا لأبيه ولا لأمه ولا لغيرهما بل يتعين الحج له ؛ لقول الله سبحانه وتعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) البقرة/196 ، فإذا أحرم لنفسه وجب أن يتمه لنفسه ، وإذا أحرم لغيره وجب أن يتمه لغيره ولا يغير بعد الإحرام إذا كان قد حج عن نفسه وهكذا العمرة" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (17/78) .(/1)
رقم السؤال:
109229
العنوان:
هل الأفضل أن يحج عن والديه أم يساهم في بناء مسجد؟
السؤال:
حججت الفريضة والحمد لله وأريد أن أحج عن والدي وعندنا مسجد يحتاج إلى إكمال البناء ، فهل الأفضل أن أحج عن والدي أو أساهم في بناء المسجد ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كانت الحاجة ماسة إلى تعمير المسجد فتصرف نفقة الحج تطوعا في عمارة المسجد ؛ لعظم النفع واستمراره وإعانة المسلمين على إقامة الصلاة جماعة .
أما إذا كانت الحاجة غير ماسة إلى صرف نفقة الحج التطوع في عمارة المسجد لوجود من يعمره غير صاحب الحج ، فحجه تطوعا عن والديه بنفسه وبغيره من الثقات أفضل إن شاء الله ، لكن لا يجمعان في حجة واحدة ، بل يحج لكل واحد وحده" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/372) .(/1)
رقم السؤال:
109230
العنوان:
يجب على المتمتع سعيان أحدهما للعمرة والثاني للحج
السؤال:
هل المتمتع يكفيه سعي واحد بين الصفا والمروة للعمرة والحج أم يجب عليه أن يسعى مرتين ؟
الجواب:
الحمد لله
يجب على المتمتع أن يسعى سعيين بين الصفا والمروة ، الأول للعمرة والثاني للحج .
" ولا يكفي سعي واحد في أصح أقوال العلماء ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت الحديث ، وفيه فقال : (ومن كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا . . . إلى أن قالت : فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم) رواه البخاري ومسلم .(/1)
وقولها رضي الله عنها - عن الذين أهلوا بالعمرة - : (ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم) تعني به : الطواف بين الصفا والمروة ، على أصح الأقوال في تفسير هذا الحديث ، وأما قول من قال : أرادت بذلك طواف الإفاضة ، فليس بصحيح ؛ لأن طواف الإفاضة ركن في حق الجميع وقد فعلوه ، وإنما المراد بذلك : ما يخص المتمتع ، وهو الطواف بين الصفا والمروة مرة ثانية بعد الرجوع من منى لتكميل حجه ، وذلك واضح بحمد الله ، وهو قول أكثر أهل العلم ، ويدل على صحة ذلك أيضا ما رواه البخاري في الصحيح تعليقا مجزوما به ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه سئل عن متعة الحج ، فقال : أَهَّل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، في حجة الوداع وأهللنا ، فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي) ، فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة ، وأتينا النساء ، ولبسنا الثياب ، وقال : (من قلد الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله) ، ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج ، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة) . انتهى المقصود منه ، وهو صريح في سعي المتمتع مرتين . والله أعلم .
وأما ما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافهم الأول ، فهو محمول على من ساق الهدي من الصحابة ؛ لأنهم بقوا على إحرامهم مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى حلوا من الحج والعمرة جميعا ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أهل بالحج والعمرة وأمر من ساق الهدي أن يهل بالحج مع العمرة ، وألا يحل حتى يحل منهما جميعا . والقارن بين الحج والعمرة ليس عليه إلا سعي واحد ، كما دل عليه حديث جابر المذكور وغيره من الأحاديث الصحيحة .(/2)
وهكذا من أفرد الحج وبقي على إحرامه إلى يوم النحر ليس عليه إلا سعي واحد ، فإذا سعى القارن والمفرد بعد طواف القدوم كفاه ذلك عن السعي بعد طواف الإفاضة ، وهذا هو الجمع بين حديثي عائشة وابن عباس وبين حديث جابر المذكور رضي الله عنهم ، وبذلك يزول التعارض ويحصل العمل بالأحاديث كلها .
ومما يؤيد هذا الجمع أن حديثي عائشة وابن عباس حديثان صحيحان ، وقد أثبتا السعي الثاني في حق المتمتع ، وظاهر حديث جابر ينفي ذلك ، والمثبت مقدم على النافي ، كما هو مقرر في علمي الأصول ومصطلح الحديث ، والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/79- 81) .(/3)
رقم السؤال:
109231
العنوان:
اعتمر وترك السعي
السؤال:
معتمر قبل سبع سنوات ترك السعي ليخرج مع رفقته معتقداً أنه إذا أبطل هذا العمل بطل حجه ، وحج بعد ذلك واعتمر ماذا يلزمه ؟
الجواب:
الحمد لله
"تأخير هذا السائل سؤاله إلى ما بعد سبع سنوات خطأ عظيم ، يجب على المرء أن يسأل عن دينه أولاً قبل أن يعمل، ثم إذا عمل وشك في نفسه من بعض الأفعال التي فعلها فليسأل عنها مباشرة ، ولكن الأمر وقد وقع الآن ، فالذي أرى أنه يجب عليه أن يذهب إلى مكة ، ويأتي بعمرة فيطوف ويسعى ويقصر ، ثم يأتي بالسعي الأول ، لأنه ما زال دَيْناً في ذمته ، والحجات التي حجها بعد ذلك هي حجات منفصلة ما نواها قضاء عما سبق" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/59، 60) .(/1)
رقم السؤال:
109232
العنوان:
بعض الحجاج يلتقطون الصور في المشاعر المقدسة
السؤال:
بعض الناس يلتقطون الصور في المشاعر المقدسة وربما رفع الشخص يديه في الدعاء من أجل التصوير فقط فهل هذا جائز ؟ وهل يخل بالحج أم لا ؟
الجواب:
الحمد لله
"التقاط الصور للحجاج في مكان العبادة غير جائز من وجهين :
الوجه الأول : أنهم يفعلون ذلك للاحتفاظ بالصور والذكرى ، وكل تصوير يقصد منه الاحتفاظ للذكرى فإنه حرام .
الوجه الثاني : أنه لا يسلم غالباً من الرياء ؛ لأن الإنسان يأخذ الصور ليريها للناس أنه حج ، ولهذا يفعل كما قال السائل يرفع يديه للدعاء ، وهولا يدعو لكن من أجل أن تلتقط له صورة .
أما إذا احتيج إلى ذلك لكون هذا الرجل نائباً عن شخص فقال : ألتقط الصورة لأثبت أنني حججت ، فإذا وصل إلى صاحبه الذي أنابه مزق الصورة ، فإن ذلك لا بأس به ؛ لأن الحاجة داعية إلى ذلك ، ولم يقصد به مجرد الذكرى ، أو الاقتناء" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/70، 71) .(/1)
رقم السؤال:
109233
العنوان:
ما المنافع التي يشهدها الناس في الحج؟
السؤال:
ما المنافع التي يشهدها الناس في الحج؟
الجواب:
الحمد لله
"المنافع التي يشهدها المسلمون في الحج منافع كثيرة منافع دينية ، ومنافع اجتماعية ، ومنافع دنيوية .
أما المنافع الدينية : فهي ما يقوم به الحجاج من أداء المناسك ، وما يحصل من التعليم والتوجيه من العلماء من هنا ومن هناك ، وما يحصل كذلك من الإنفاق في الحج ، فإنه من الإنفاق في سبيل الله عز وجل .
وأما المنافع الاجتماعية : فهي ما يحصل من تعارف الناس بينهم ، وائتلاف قلوبهم ، واكتساب بعضهم من أخلاق بعض ، وحسن المعاملة والتربية بعضهم البعض ، كما هو مشاهد لكل لبيب تأمل ذلك .
وأما الفوائد الدنيوية : فما يحصل من المكاسب لأصحاب السيارات وغيرها مما يستأجر لأداء الحج ، وكذلك ما يحصل للحجاج من التجارة التي يوردونها معهم ويستوردونها من مكة ، وغير هذا من المنافع العظيمة ، ولهذا قال الله تعالى : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) الحج/28 ، فأتى فيها بالجمع الذي هو صيغة منتهى الجموع ، ولكن مع الأسف الشديد أن الحج في هذه الأزمنة عند كثير من الناس لا يستفاد منه هذه الفوائد العظيمة ، بل كأن الحج أفعال وأقوال جرداء ، ليس فيها إلا مجرد الصور فقط ، ولهذا لا تكسب القلب خشوعاً ، ولا تكسب ألفة بين المؤمنين ، ولا تعلماً لأمور دينهم ، بل ربما يكره بعضهم أن يسمع كلمة وعظ من ناصح لهم ، بل ربما يكون مع بعضهم سوء نية في دعوة الناس إلى الباطل ، إما بالمقال ، وإما بالفعال بتوزيع النشرات المضلة الفاسدة وهذا لا شك أنه مما يحزن ، ومما يجعل هذا الحج خارجاً عن نطاقه الشرعي الذي شرع من أجله ، لذا أنصح إخواني الحجاج بما يلي :
أولاً : إخلاص النية لله تعالى في الحج ، بأن لا يقصدوا من حجهم إلا الوصول إلى ثواب الله تعالى ودار كرامته .(/1)
ثانياً : الحرص التام على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في حجه ، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يقول : (لتأخذوا عني مناسككم) .
ثالثاً : الحرص التام على التآلف والتقارب بين المسلمين ، وتعريف بعضهم بعضاً بما ينبغي أن يعرفوه من مشاكل دينية واجتماعية وغيرها .
رابعاً : الرفق بالحجاج عند المشاعر ، وعند الطواف ، وعند السعي ، وعند رمي الجمرات ، وعند الدفع من مزدلفة ومن عرفة وغير ذلك .
خامساً : الحرص على أداء المناسك بهدوء وطمأنينة ، وألا يكون الواحد كأنما أتى ليقابل جيشاً ، أو جندياً محارباً ، ويظهر ذلك عند رمي الجمرات فإن بعض الناس تجدهم مقبلين إلى الجمرات والواحد منهم ممتلئ غضباً وحنقاً ، وربما يتكلم بكلمات نابية لا تليق بغير هذا الموضع فكيف بهذا الموضع ؟! .
سادساً : أن يبتعد كل البعد عن الإيذاء الحسي والمعنوي بمعنى أنه يجتنب إلقاء القاذورات في الطرقات ، وإلقاء القمامة في الطرقات وغير ذلك ، الإيذاء المعنوي أن يتجنب شرب الدخان مثلاً بين أناس يكرهون ذلك ، مع أن شرب الدخان محرم في حال الإحرام وغير حال الإحرام ، وإذا وقع في الإحرام أنقص الإحرام وأنقص أجر الحج والعمرة ؛ لأن الله تعالى يقول : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) البقرة/197 ، والدخان محرم ، والإصرار عليه يؤدي إلى أن يكون كبيرة من الكبائر .
فالمهم أن الإنسان ينبغي له في هذا الحج أن يكون على أكمل ما يكون من دين وخلق حتى يجد طعم وحلاوة هذا الحج" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/7-9) .(/2)
رقم السؤال:
109234
العنوان:
من فوائد الحج
السؤال:
ما هي فوائد الحج؟
الجواب:
الحمد لله
"إن الله تعالى بحكمته نَوَّع العبادات على الخلق ليبلوهم أيهم أحسن عملاً ، وأقوم سبلاً ، فإن الناس يختلفون في مواردهم ومصادرهم ، فمنهم من يتقبل القيام بنوع من العبادات لأنه يلائمه ولا يتقبل النوع الآخر لأنه لا يلائمه ، فتجده في النوع الأول منقاداً مسرعاً ، وفي الثاني متثاقلاً ممانعاً ، والمؤمن حقاً هو الذي ينقاد لما يرضي مولاه لا لما يوافق هواه .
ومن تنوع العبادات تنوع أركان الإسلام ، فمنها ما هو بدني محض يحتاج إلى عمل وحركة جسم كالصلاة ، ومنها ما هو بدني لكنه كف عن المحبوبات التي تميل إليها النفس كالصيام ، ومنها ما هو مالي محض كالزكاة ، ومنها ما هو بدني مالي كالحج .
فالحج جامع للتكليف البدني والمالي ، ولما كان يحتاج إلى سفر وتعب أكثر من غيره لم يوجبه الله تعالى في العمر إلا مرة واحدة ، ونص على اشتراط الاستطاعة فيه ، والاستطاعة شرط للوجوب فيه وفي غيره ، لكن الحج أمس بها من غيره ، هذا وللحج فوائد عظيمة منها :
1- أنه قيام بأحد أركان الإسلام التي لا يتم إلا بها ، وهذا يدل على أهميته ومحبة الله له .
2- أنه نوع من الجهاد في سبيل الله ، ولذلك ذكره الله تعالى بعد ذكر آيات الجهاد . وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة حين سألته هل على النساء جهاد ؟ قال : (نعم؛ عليهن جهاد لا قتال فيه ، الحج والعمرة) .
3- الثواب الجزيل والأجر العظيم لمن قام به على الوجه المشروع ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) وقال : (من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) , وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الحجاج والعمار وفد الله ، إن دعوه أجابهم ، وإن استغفروه غفر لهم) رواه النسائي وابن ماجة .(/1)
4- ما يحصل فيه من إقامة ذكر الله وتعظيمه وإظهار شعائره مثل التلبية ، والطواف بالبيت وبالصفا والمروة ، والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ، ورمي الجمار وما يتبع ذلك من الذكر والتكبير والتعظيم ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) .
5- ما يكون فيه من اجتماع المسلمين من جميع الأقطار وتبادل المودة والمحبة والتعارف بينهم ، وما يتصل بذلك من المواعظ والتوجيه والإرشاد إلى الخير والحث على ذلك .
6- ظهور المسلمين بهذا المظهر الموحد في الزمان والمكان والعمل والهيئة ، فكلهم يقفون في المشاعر بزمن واحد ، وعملهم واحد ، وهيئتهم واحدة ، إزار ورداء ، وخضوع ، وذلك بين يدي الله عز وجل .
7- ما يحصل في الحج من مواسم الخير الديني والدنيوي وتبادل المصالح بين المسلمين ، ولذلك قال الله تعالى : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) الحج/28 . وهذا يعم منافع الدين والدنيا .
8- ما يحصل من الهدايا الواجبة والمستحبة من تعظيم حرمات الله ، والتنعم بها أكلاً وإهداء وصدقة للفقراء ، فمصالح الحج وحكمه وأسراره كثيرة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/239) .(/2)
رقم السؤال:
109235
العنوان:
نوى السعي أثناء الشوط الأول
السؤال:
رجل ذهب إلى المسعى وسعى وهو يظن أنه مكان الطواف فلما وصل إلى العلم الأخضر عرف أنه في المسعى فنوى السعي فما حكم ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
"يجب عليه أن يعود من الأول ، فإن لم يكن فعل ذلك فليعد السعي الآن ، لأن السعي الأول لم يصح ، حيث إنه لم ينوه من أوله ، نواه من أثنائه فعليه الآن أن يعيد السعي" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/100) .(/1)
رقم السؤال:
109236
العنوان:
هل الأفضل صلاة التراويح مع الإمام أم الطواف ؟ لأن النساء يمنعن من الطواف عند صلاة التراويح
السؤال:
بما أن النساء يمنعن من الطواف أثناء صلاة التراويح فهل الأفضل للرجل الطواف أم الاستمرار في صلاة التراويح ؟
الجواب:
الحمد لله
"الأفضل أن يستمر في صلاة التراويح ليكتب له قيام الليلة كلها ، والطواف له وقت آخر" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/53) .(/1)
رقم السؤال:
109237
العنوان:
هل العمل إذا كان شاقاً على النفس أعظم للأجر؟
السؤال:
هل العمل إذا كن شاقاً على النفس أعظم للأجر؟ وما رأيك فيمن يقول أحج على قدمي لأنه أعظم للأجر؟
الجواب:
الحمد لله
"المشقة إن كانت من لازم فعل العمل فإنك تؤجر عليها ، وإن كانت من فعلك فإنك لا تؤجر عليها ، بل ربما تأثم عليها .
مثلاً : إذا كان الإنسان حج على سيارة أو طائرة لكن في أثناء المناسك حصل له تعب من الشمس أو من البرد أيام الشتاء أو ما أشبه ذلك ، فإنه يؤجر على هذه المشقة لأنها بغير فعله ، أما لو كانت المشقة بفعله مثل أن يتعرض هو بنفسه للشمس ، فإنه لا يؤجر على هذا ، ولهذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قد نذر أن يقف في الشمس منعه من ذلك ونهاه ، لأن تعذيب الإنسان لنفسه إساءة إليها وظلم لها ، والله سبحانه وتعالى لا يحب الظالمين .
فالحاصل أن المشقة الحاصلة في العبادة إن كانت بفعلك ، فأنت غير مأجور عليها ، وإن كانت بغير فعلك فأنت مأجور عليها" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/44) .(/1)
رقم السؤال:
109238
العنوان:
هل الحجاج من أهل مكة يقصرون الصلاة في عرفة ومزدلفة ومنى؟
السؤال:
هل يقصر الحاج من أهل مكة الصلاة في المشاعر ؟
الجواب:
الحمد لله
"المشهور عند أصحاب الأئمة الثلاثة : الشافعي ومالك وأحمد رحمهم الله أن المكي لا يقصر ولا يجمع لأنه غير مسافر ، إذ إن السفر ما بلغ ثلاثة وثمانين كيلو ، أو أكثر ، والمعروف أن عرفة هي أبعد المشاعر عن مكة لا تبلغ هذا المبلغ ، فعلى هذا لا يجمع أهل مكة ولا يقصرون ، بل يتمون ويصلون كل صلاة في وقتها ، سواء في عرفة ، أو في مزدلفة ، أو في منى .
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنهم يجمعون ويقصرون ، وقال : إن الجمع والقصر سببه النسك ، وليس سببه السفر ، فيقصرون ، ولو كانوا في منى وهي أقرب المشاعر إلى مكة .
ولكن الصحيح أن القصر في منى وفي عرفة ومزدلفة ، ليس سببه النسك بل سببه السفر ، والسفر لا يتقيد بالمسافة ، بل يتقيد بالحال وهو أن الإنسان إذا خرج وتأهب واستعد لهذا الخروج وحمل معه الزاد والشراب فهو مسافر .
وبناء على ذلك نقول : إن الناس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يتزودون للحج ، أهل مكة وغير أهل مكة ، ولهذا كان أهل مكة مع الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، يجمعون ويقصرون تبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل : يا أهل مكة أتموا . وهذا هو القول الراجح ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ....(/1)
وعلى القول الثاني الذي رجحناه فإن الإنسان إذا كان في مزدلفة أو في عرفة يكون في مكان منفصل عن مكة فيترخص برخص السفر ، أما إذا كان في منى فإن منى في الوقت الحاضر صارت كأنها حي من أحياء مكة ، فلهذا نرى أن الاحتياط للمكي أن لا يجمع ولا يقصر في منى ، مع أنه لا جمع في منى حتى لغير المكيين ، إذ إن منى السنة فيها لغير المكيين القصر بدون جمع ، أما مزدلفة وعرفة فهي منفصلة عن مكة ولم تتصل بها حسب ما رأيت أنه لم يتصل البناء ، وعلى كل حال لو فرض أن مكة كبرت في المستقبل وصارت المزدلفة منها مثل منى فالحكم واحد" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/61-63) .(/2)
رقم السؤال:
109239
العنوان:
هل يجوز أن يحج للرسول صلى الله عليه وسلم؟
السؤال:
من باب المحبة للرسول صلى الله عليه وسلم هل يجوز للإنسان أن يحج عنه ؟
الجواب:
الحمد لله
"إهداء القرب للرسول صلى الله عليه وسلم من السفه من حيث العقل ، ومن البدعة من حيث الدين ، أما كونه بدعة في الدين فلأن الصحابة رضي الله عنهم الذين شاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم ولازموه وأحبوه أكثر منا ، ما كانوا يفعلون [ذلك] ، ثم نأتي نحن في آخر الدنيا ونهدي للرسول بالحج عنه ، أو بالصدقة عنه هذا غلط من ناحية شرعية .
ومن الناحية العقلية هو سفه ، لأن كل عمل صالح يقوم به العبد فالنبي صلى الله عليه وسلم له مثله ؛ لأن من دل على خير فله مثل فاعله ، وإذا أهديت ثواب العمل الصالح للرسول صلى الله عليه وسلم فهذا يعني أنك حرمت نفسك فقط ، لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم منتفع بعملك ، له مثل أجرك سواء أعطيته أم لم تعطه ، وأظن هذه البدعة لم تحدث إلا في القرن الرابع ، وعلى ذلك أنكرها العلماء ، وقالوا : لا وجه لها ، وإذا كنت صادقاً في محبة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وأرجو أن تكون صادقاً – فعليك باتباعه واتباع سنته وهديه" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/23) .
وللفائدة انظر جواب السؤال رقم (52772) .(/1)
رقم السؤال:
109240
العنوان:
هل يحج عن أحد من الصحابة؟
السؤال:
هل يجوز أن يحج عن أحد من الصحابة؟
الجواب:
الحمد لله
"لا بأس أن يحج الإنسان عنهم كما يحج عن أي مسلم ، لكن مع ذلك نرى الدعاء للأموات أفضل بكثير من الأعمال الصالحة ، حتى الأب والأم إذا دعوت الله لهما فهو أفضل من أن تحج عنهما ، إذا لم يكن فرضاً ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما تحدث عن عمل الإنسان بعد موته قال : (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له) ولم يقل عليه الصلاة والسلام : ( يحج عنه ، ولا يتصدق عنه ، ولا يصوم عنه ، ولا يزكي ، ولا يحج) بل قال : (ولد صالح يدعو له) وهل تظن أيها المؤمن أحداً أنصح للأحياء والأموات من الرسول صلى الله عليه وسلم ؟! لا والله لا نظن ، بل نظن ونعتقد أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنصح الخلق للأحياء والأموات ، ومع ذلك قال : (أو ولد صالح يدعو له)" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/23) .(/1)
رقم السؤال:
109241
العنوان:
هل يستحب الاشتراط لكل من أراد الإحرام بالحج أو العمرة؟
السؤال:
هل يستحب لكل من أراد الحج أو العمرة أن يشترط عند الإحرام ؟
الجواب:
الحمد لله
"الاشتراط في الحج هو أن يشترط الإنسان عند عقد الإحرام : إن حبسه حابس فمحله حيث حبس .
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في مشروعية الاشتراط فمنهم من قال : إنه ليس بمشروع مطلقاً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم حج واعتمر ولم ينقل عنه أنه اشترط في حجه ولا في عمرته . ومن المعلوم أنه يكون معه المرضى ولم يرشد الناس إلى الاشتراط ، فها هو كعب بن عجرة رضي الله عنه في عمرة الحديبية أتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وفيه مرض والقمل يتناثر على وجهه من رأسه فقال صلى الله عليه وسلم : (ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى) وأمره أن يحلق رأسه وأن يفدي ، أو يصوم ، أو يطعم ، والقصة معروفة في الصحيحين وغيرهما .
ومن العلماء من قال : إنه مشروع مطلقاً ، وأن الإنسان يستحب له عند عقد الإحرام أن يشترط : إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ، وعللوا ذلك بأنه لا يأمن العوارض التي تحدث له في أثناء إحرامه وتوجب له التحلل ، فإذا كان قد اشترط على الله سهل عليه التحلل .
ومن العلماء من قال : إن خاف من عائق اشترط وإلا فلا .(/1)
والصحيح أن الاشتراط ليس بمشروع إلا أن يخاف الإنسان من عائق يحول دونه وإتمام نسكه ، مثل أن يكون مريضاً ويشتد به المرض فلا يستطيع أن يتم نسكه فهنا يشترط ، وأما إذا لم يكن خائفاً من عائق يمنعه ، أو من عائق يحول بينه وبين إتمام نسكه فلا يشترط ، وهذا القول تجتمع به الأدلة ، ووجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر وحج ولم يشترط ، ولم يقل للناس على سبيل العموم : اشترطوا عند الإحرام ، ولكن لما أخبرته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب رضي الله عنها أنها تريد الحج وهي شاكية ، أي : مريضة ، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني ، فإن لك على ربك ما استثنيت ) فمن كان في مثل حالها فإنه يشترط ، ومن لم يكن فإنه لا يشترط" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/26- 28) .(/2)
رقم السؤال:
109242
العنوان:
يدخله صاحبه في أحد المخيمات المجانية
السؤال:
هناك مخيمات خاصة بالحج في بعض الجهات وفيها جميع الخدمات حتى الأكل والشرب ، بدون مقابل ، وقد يحدث أن يأتي حاج يعرف شخصاً من منسوبي هذه الجهات فيستطيع أن يدخله ضمن مخيمات الحج ، فهل يحق له هذا ، ويجوز فعله ، وهل حجي صحيح ؟
الجواب:
الحمد لله
"الخيام التي تحجز ويتحجرها أصحابها في منى ، لا حرج على الإنسان أن يطلب خيمة منها ، لأن له الحق في أن ينزل في منى ، وأما الأكل والشرب والكهرباء وما أشبهها فإن أذن المسئول عن هذه المخيمات ، فلا بأس بذلك ، وإن لم يأذن ، فإنه لا يجوز أن يأكل أو أن ينتفع بالكهرباء والمكيفات التي جعلت في هذه الأماكن . والغالب أن المسئول عن هذه الخيام الغالب أنه يسمح للإنسان أن ينتفع ويأكل ويشرب ضمن الناس وتكون هذه بمنزلة الضيافة ، وحينئذ يكون الأكل والشرب والانتفاع بالكهرباء وكذلك النزول في الخيمة يكون جائزاً ما دام صدر الإذن به من المسئول عنها " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/75) .(/1)
رقم السؤال:
109243
العنوان:
ليس في السنة ذكر خاص لركوب البحر
السؤال:
هذه الأذكار جمعها أحد محبي العمرة ، وكان يريد نشرها بين المعتمرين ، فتوقف حتى يعود إليكم مشكورين فى بيان الصحيح والسقيم ، منها أذكار يحتاج إليها المعتمر : ما يقول عند ركوب البحر : ( الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ) .
الجواب:
الحمد لله
لم نقف – بعد البحث - على هذا الذكر في شيء من كتب الحديث أو الأذكار ، ولعل صاحبك أخذه من قوله تعالى في سياق قصة نوح عليه السلام ونجاته من الغرق بركوبه السفينة - : (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) المؤمنون/28 ، فقد أمر الله تعالى نوحا عليه السلام أن يحمده على نجاته من قومه الظالمين ، وعلى نجاته من الغرق مع الكافرين ، وليس في الآية ما يدل على استحباب هذا الذكر لكل من ركب البحر .
وقد وردت بعض الأدعية والأذكار التي تقال عند ركوب البحر ، غير أنها ضعيفة لا تصح ، منها :
1- عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
( أَمَانُ أُمَّتِي مِنَ الْغَرَقِ إِذَا رَكِبُوا أَنْ يَقُولُوا : بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ...الآية" ) .
رواه أبو يعلى في "المسند" (12/152) ، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/132) : " رواه أبو يعلى عن شيخه جبارة بن مغلس ، وهو ضعيف " انتهى .(/1)
2- عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَمَانٌ لأُمَّتِي مِنَ الْغَرَقِ إِذَا رَكِبُوا السُّفُنَ أَنْ يَقُولُوا : بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ"[الزمر/67] , "بِسْمِ اللَّهِ مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ" ) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/124) ، وفي "المعجم الأوسط" (6/184) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (1667) .
وقال الطبراني : " لم يرو هذا الحديث عن الضحاك بن مزاحم إلا نهشل بن سعيد " انتهى .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/132) : " رواه الطبراني في الأوسط والكبير ، وفيه نهشل بن سعيد وهو متروك " انتهى .
والمشروع في حق من ركب البحر أن يأتي بدعاء ركوب الدابة ودعاء السفر ، فهي أدعية عامة لكل راكب وكل مسافر ، وقد قال الله تعالى : (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ . لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ . وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ) الزخرف/12-14
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
109245
العنوان:
نكاح التحليل حرام وباطل
السؤال:
طلق صديقي زوجته الطلقة الثالثة ، فهل لي أن أتزوجها ثم أطلقها حتى ترجع إلى زوجها الأول؟
الجواب:
الحمد لله
إذا طلق الرجل امرأته الطلقة الثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ، لقول الله تعالى : (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) البقرة/230 .
ويشترط في هذا النكاح الذي يحله لزوجها الأول أن يكون نكاحاً صحيحا ، فالنكاح المؤقت (نكاح المتعة) أو النكاح من أجل أن يحلها لزوجها الأول ثم يطلقها (نكاح التحليل) كلاهما محرم وباطل في قول عامة أهل العلم ، ولا تحل به المرأة لزوجها الأول .
انظر : "المغني" (10/49-55) .
وقد صحت الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بتحريم نكاح التحليل .
روى أبو داود (2076) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) .
وصححه الألباني في سنن أبو داوود .
والْمُحَلِّلَ هو من تزوجها ليحلها لزوجها الأول . وَالْمُحَلَّلَ له هو زوجها الأول .
وروى ابن ماجة (1936) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ ؟ قَالُوا : بَلَى ، يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : هُوَ الْمُحَلِّلُ ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) وحسنه الألباني في صحيح سنن بن ماجة .
وروى عبد الرزاق (6/265) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال وهو يخطب الناس : (والله لا أوتى بمحلٍّ ومحلَّل له إلا رجمتهما) .
وسواء في ذلك إذا صرح بقصده عند العقد واشترطوا عليه أنه متى أحلها لزوجها طلقها ، أو لم يشترطوا ذلك وإنما نواه في نفسه فقط .(/1)
روى الحاكم عن نافع أن رجلا قال لابن عمر : امرأة تزوجتها أحلها لزوجها ، لم يأمرني ولم يعلم . قال : لا ، إلا نكاح رغبة ، إن أعجبتك أمسكها ، وإن كرهتها فارقها . قال : وإن كنا نعده على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سفاحاً . وقال : لا يزالان زانيين ، وإن مكثا عشرين سنة .
وسئل الإمام أحمد عن الرجل يتزوج المرأة ، وفي نفسه أن يحلها لزوجها الأول ، ولم تعلم المرأة بذلك . فقال : هو محلل ، إذا أراد بذلك الإحلال فهو ملعون .
وعلى هذا ، فلا يجوز لك أن تتزوج هذه المرأة وأنت تريد بذلك إحلالها لزوجها الأول ، وفعل ذلك من كبائر الذنوب ، ولا يكون النكاح صحيحاً ، بل زنى ، والعياذ بالله .(/2)
رقم السؤال:
109246
العنوان:
ما يقول أثناء الطواف؟
السؤال:
هذه الأذكار جمعها أحد محبي العمرة ، وكان يريد نشرها بين المعتمرين ، فتوقف حتى يعود إليكم مشكورين فى بيان الصحيح والسقيم ، منها أذكار يحتاج إليها المعتمر : ما يقول أثناء الطواف : تبدأ الشوط الأول بحمد الله والثناء عليه ، ثم الصلاة على نبيه ، ثم الدعاء ، مع تقديم دعوات الدين على الدنيا ، مع حضور القلب .
الجواب:
الحمد لله
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ فيما نعلم ـ أدعية أو أذكار تقال في الطواف ، إلا فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود : (ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار) ، رواه أحمد في "المسند" (3/411) وصححه ابن حبان (9/134)، والحاكم (1/625)، والتكبير كلما حاذى الحجر الأسود ، رواه البخاري (4987) .
أما في باقي الطواف فهو مخير بين الذكر والدعاء وقراءة القرآن .
قال ابن قدامة في "المغني" (3/187) :
" ويستحب الدعاء في الطواف , والإكثار من ذكر الله تعالى ; لأن ذلك مستحب في جميع الأحوال , ففي حال تلبسه بهذه العبادة أولى ، ويستحب أن يَدَعَ الحديثَ [الكلام] , إلا ذكرَ الله تعالى , أو قراءةَ القرآن , أو أمرا بمعروف , أو نهيا عن منكر , أو ما لا بد منه " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (26/122) - :
" وليس فيه - يعني الطواف - ذكر محدود عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لا بأمره ، ولا بقوله ، ولا بتعليمه ، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية ، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ، ونحو ذلك فلا أصل له ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يختم طوافه بين الركنين بقوله : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) ، كما كان يختم سائر دعائه بذلك ، وليس في ذلك ذكر واجب باتفاق الأئمة " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :(/1)
"ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر الله تعالى كلما أتى على الحجر الأسود ، وكان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة/201 .
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف دعاء مخصص لكل شوط .
وعلى هذا ؛ فيدعو الطائف بما أحب من خيري الدنيا والآخرة ويذكر الله تعالى بأي ذكر مشروع من تسبيح أو تحميد أو تهليل أو تكبير أو قراءة قرآن" انتهى باختصار .
"مجموع الفتاوى" (24/327) .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
109252
العنوان:
ما يقول عند رؤية الكعبة
السؤال:
هذه الأذكار جمعها أحد محبي العمرة ، وكان يريد نشرها بين المعتمرين ، فتوقف حتى يعود إليكم مشكورين في بيان الصحيح والسقيم : منها : ما يقول عند رؤية الكعبة : اللهم زد هذا البيت تعظيما وتشريفا ومهابة وبِرًّا ، وزد مَن زاره ممن حج أو اعتمر تعظيما وتشريفا ومهابة ، وتدعو بما شئت .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
هذا الدعاء ورد من عدة طرق كلها ضعيفة لا تصح .
1- عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم .
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/81) قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن رجل من أهل الشام ، عن مكحول ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذا الإسناد ضعيف لسببين :
1- مكحول من التابعين ، فروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مرسلة ، والمرسل من أقسام الضعيف .
2- جهالة الراوي عن مكحول ، ولكن رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (5/73) من طريق أخرى عن سفيان عن أبي سعيد الشامي ، فلعله هو الرجل الساقط في إسناد ابن أبي شيبة .
وأبو سعيد الشامي قال عنه الحافظ بن حجر في "التلخيص الحبير"(2/242) : كذاب . انتهى .
2- عن ابن جريج عن النبي صلى الله عليه وسلم .
رواه الشافعي – كما في "المسند" (ص/125) قال : أخبرنا سعيد بن سالم عن بن جريج ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (5/73) .
قلت : وهذا سند صحيح إلى ابن جريج ، فإن سعيد بن سالم هو القداح ، قال فيه ابن معين : ثقة ، وقال النسائي : ليس به بأس ، وقال أبو حاتم : محله الصدق . وقال ابن عدي : حسن الحديث ، وأحاديثه مستقيمة ، ورأيت الشافعي كثير الرواية عنه ، كتب عنه بمكة عن ابن جريج ، وهو عندي صدوق ، لا بأس به ، مقبول الحديث .
انظر : "تهذيب التهذيب" (4/35) .(/1)
إلا أن ابن جريج – وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج – من الذين عاصروا صغار التابعين ، توفي سنة (150هـ) فروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم معضلة ، والحديث المعضل من أقسام الحديث الضعيف وهو ما سقط من إسناده راويان فأكثر على التوالي .
ولهذا قال البيهقي : " هذا منقطع ، وله شاهد مرسل " انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/526) :
" وهو معضل فيما بين ابن جريج والنبي صلى الله عليه وسلم ، قال الشافعي بعد أن أورده : ليس في رفع اليدين عند رؤية البيت شيء ، فلا أكرهه ، ولا أستحبه . قال البيهقي : فكأنه لم يعتمد على الحديث لانقطاعه " انتهى .
وقال الزيلعي في "نصب الراية" (3/37) : " وهذا معضل " انتهى .
ولعل طريق ابن جريج هذا يعود إلى مرسل مكحول السابق ، فقد رواه الأزرقي في "أخبار مكة" (رقم/325) قال : حدثني جدي ، عن مسلم بن خالد ، عن ابن جريج ، قال : حُدِّثت عن مكحول ، أنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى البيت رفع يديه فقال : اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة ، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا .
3- عن حذيفة بن أسيد عن النبي صلى الله عليه وسلم .
رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/181) وفي إسناده عاصم بن سليمان الكوزي : كذاب وضاع ، كذا اتهمه ابن عدي ، والفلاس ، والدارقطني ، وقال النسائي : متروك . انظر ترجمته في "ميزان الاعتدال" (2/351) .
وقد حكم عليه الشيخ الألباني في "دفاع عن الحديث النبوي" (36) بقوله : ضعيف جدا ، بل موضوع .
4- وقد روى هذا الذكر أيضا الواقدي في "مغازيه" (3/1097) قال : فحدثني ابن أبي سبرة ، عن موسى بن سعد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما :(/2)
( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة نهارا من كدى ، على راحلته القصواء إلى الأبطح ، حتى دخل من أعلى مكة ، حتى انتهى إلى الباب الذي يقال له : باب بني شيبة ، فلما رأى البيت رفع يديه ، فوقع زمام ناقته ، فأخذه بشماله ، قالوا : ثم قال حين رأى البيت : اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وبرا ) انتهى .
والواقدي متروك الحديث كما قال الحافظ ابن حجر ، وشيخه ابن أبي سبرة هو أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة ، قال فيه أحمد بن حنبل : يضع الحديث ويكذب ، وقال النسائي : متروك الحديث ، وقال ابن معين : ليس بشيء ، وقال ابن حبان : كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات . انظر : "تهذيب التهذيب" (12/28) .
5- قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/526) :
" ورواه سعيد بن منصور في السنن له من طريق برد بن سنان ، سمعت ابن قسامة يقول : (إذا رأيت البيت فقل : اللهم زده ..) فذكره سواء " انتهى .
وذكره ابن سعد في "الطبقات" من غير إسناد (2/173) .
والخلاصة :
أن طرق الحديث كلها ضعيفة ، ولا يقوي بعضها بعضاً .
ثانيا :
ذهب كثير من العلماء إلى العمل به ، واستحباب الدعاء بما جاء فيه ، تساهلا في أبواب الأدعية والأذكار بالعمل فيها بالمراسيل ، إذا لم تكن منكرة أو مكذوبة .
ولعل أول من نص على استحبابه الإمام الشافعي في "الأم" (2/184) حيث يقول بعد أن روى الحديث عن ابن جريج في ( باب القول عند رؤية البيت ) :
" فأستحب للرجل إذا رأى البيت أن يقول ما حكيت ، وما قال مِن حَسَنٍ أجزأه إن شاء الله تعالى " انتهى .
وقال ابن عبد البر في "الكافي في فقه أهل المدينة" (ص/365) :
" فإذا رأى البيت قال : اللهم زد هذا البيت شرفا وتعظيما ومهابة وتكريما ، وزد من شرفه وعظمة ممن حجه أو اعتمر تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة .(/3)
وليس هذا القول من سنن الحج ، ولا من أمره ، ولم يعرفه مالك فيما ذكر عنه بعض أصحابه ، وقد روي ذلك عن جماعة من سلف أهل المدينة " انتهى .
ومثله ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (26/120) - :
" وقد ذكر ابن جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال : اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وبرا ، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما . فمن رأى البيت قبل دخول المسجد فعل ذلك ، وقد استحب ذلك من استحبه عند رؤية البيت ، ولو كان بعد دخول المسجد " انتهى .
فإذا قال المسلم هذا الدعاء أو غيره ، فلا حرج عليه إن شاء الله ، لكن عليه أن لا يعتقد ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .(/4)
رقم السؤال:
109264
العنوان:
الطائفة النصيرية أو العلوية
السؤال:
ما هي أهم أفكار وعقائد العلويين ؟ وما الفرق بينهم وبين سائر المسلمين ؟
الجواب:
الحمد لله
الطائفة العلوية ظهرت في القرن الثالث من الهجرة ، وتعد هذه الطائفة من غلاة الشيعة ، الذين ادعوا الإلهية في علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
وكان اسمهم الأول "النصيرية" ثم تسموا بعد ذلك بـ "العلويين" تمويهاً على الناس ، وتغطية لحقيقة مذهبهم ، وهم يحرصون على هذا الاسم الآن .
مؤسس هذه الطائفة هو محمد بن نصير البصري النميري (توفي سنة270 هـ) الذي ادعى النبوة والرسالة .
أهم أفكار ومعتقدات هذه الطائفة :
1- يعتقدون في علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه إله .
2- يحبون عبد الرحمن بن ملجم الذي قتل علي بن أبي طالب ، ويترضون عليه ، لزعمهم بأنه خلص اللاهوت من الناسوت ، ويخطئون من يلعنه !
3- يعتقد بعضهم أن علياً يسكن السحاب بعد تخلصه من الجسد الذي كان يقيده ، وإذا مر بهم السحاب قالوا : السلام عليك يا أبا الحسن ، ويقولون : إن الرعد صوته ، والبرق سوطه .
4- يعظمون الخمر ، ويشربونها ، ويعظمون شجرة العنب لذلك .
5- يصلون في اليوم خمس مرات ، لكنها صلاة تختلف عن صلاة المسلمين ، إذ ليس فيها سجود .
6- لهم قداسات شبيهة بقداسات النصارى .
7- لا يؤمنون بالحج ، ويقولون بأن الحج إنما هو كفر وعبادة أصنام .
8- لا يؤمنون بالزكاة الشرعية المعروفة عند المسلمين ، وإنما يدفعون ضريبة إلى مشايخهم ، مقدارها خمس ما يملكون .
9- الصيام عندهم هو الامتناع عن معاشرة النساء طيلة شهر رمضان .
10- لهم تفسير باطني لشرائع الإسلام وأركانه غير ما يعرفه منها المسلمون ، ولذلك فهم لا يؤمنون بالشهادتين ولا بالصلاة ولا بالزكاة ولا بالصيام ولا بالحج ، ولا الطهارة والوضوء والاغتسال من الجنابة ...إلخ .(/1)
11- عقائدهم خليط من الاعتقادات والأديان الباطلة ، فأخذوا من الوثنية القديمة وعُبَّاد الكواكب والنجوم ، وأخذوا من الفلاسفة المجوس ، والنصارى ، والمعتقدات الهندية والآسيوية الشرقية ، وخلطوا ذلك بمعتقدات الشيعة الغلاة .
12- لهم أعياد كثيرة يحتفلون بها تدل على مجمل عقائدهم ، منها :
- عيد النيروز ، في اليوم الرابع من نيسان ، وهو أول أيام سنة الفرس .
- عيد الغدير والعاشر من المحرم (عاشوراء) .
- عيد الأضحى ، وهو عندهم في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة .
- يحتفلون بأعياد النصارى ، كعيد الغطاس وعيد الميلاد وعيد الصليب وغيرها .
- يحتفلون بيوم مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فرحا بمقتله ، وشماتة به .
وبهذا يتبين أن هذه الفرقة من الفرق الباطنية التي تنتسب إلى الإسلام زوراً ، والإسلام منهم بريء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "هؤلاء القوم المسمَّون بالنصيرية ـ هم وسائر الأصناف الباطنية ـ أكفر من اليهود والنصارى ، بل وأكفر من كثير من المشركين ، وضررهم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل التتار والفرنج وغيرهم .. وهم دائماً مع كل عدو للمسلمين ، فهم مع النصارى على المسلمين ، ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار ، ثم إن التتار ما دخلوا بلاد الإسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلا بمعاونتهم ومؤازرتهم" انتهى.
انظر : "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة" (1/393-399) .(/2)
رقم السؤال:
109265
العنوان:
هل يجوز قص شعر العنفقة ؟
السؤال:
هل الشعر الواقع تحت الشفاه السفلى في المنتصف يدخل ضمن اللحية .. فأنا أخفف تلك المنطقة باستمرار لأنها تضايقني ؟
الجواب:
الحمد لله
الشعر الذي يقع تحت الشفة السفلى وفوق الذقن يسمى " العنفقة " .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (25/317) :
" عنفقة : شعيرات بين الشفة السفلى والذقن " انتهى .
وقد اختلف أهل العلم في حكم أخذ شعر العنفقة على قولين :
القول الأول : المنع ، شدد فيه المالكية فقالوا بالتحريم – كما في "حاشية العدوي" (2/446) .
ونص الحنفية والشافعية على الكراهة ، بل قال الغزالي في "إحياء علوم الدين" (1/144) :
" ونتف الفَنِيكَين بدعة ، وهما جانبا العنفقة " انتهى .
وروى الجصاص في "أحكام القرآن" (1/692) بسنده عن ابن جريج : أن رجلا كان من أهل مكة ، شهد عند عمر بن عبد العزيز ، وكان ينتف عنفقته ، ويحفي لحيته وحول شاربيه ، فقال : ما اسمك ؟ قال : فلان . قال : بل اسمك ناتف . ورد شهادته " انتهى .
وهو اختيار الشيخ ابن باز رحمه الله حيث قال : " العنفقة لا يجوز حلقها فهي من اللحية " انتهى .
شرح صفة الوضوء من "الروض المربع" (الشريط/4، الدقيقة/20).
وكذلك هي فتوى الشيخ ابن جبرين في موقعه .
http://www.ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=9811&parent=144
القول الثاني : الجواز .
ذهب إليه كثير من أهل العلم ، وهو الأصح إن شاء الله :
لأن شعر العنفقة ليس من شعر اللحية ، فكتب اللغة تعرف اللحية بأنها شعر الخدين والذقن ، كما في "القاموس" (1714) و "لسان العرب" (5/241) وغيرها ، فالعنفقة ليست منها بمقتضى كلام أهل اللغة .
والرخصة أوسع إذا كان هذا الشعر يسبب ضيقا أو أذًى لصاحبه .
جاء في "لقاءات الباب المفتوح" للشيخ ابن عثيمين (لقاء رقم/9، سؤال/6) :
بالنسبة للشعيرات التي تحت الشفة السفلى تقصر أم تبقى كما هي ؟
الجواب :(/1)
"تسمى العنفقة ، وليست من اللحية ، تبقى كما هي ، إلا إذا تأذى منها الإنسان " انتهى .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
109267
العنوان:
إدخال الحج على العمرة قبل الحلق
السؤال:
إذا أحرم المتمتع من الميقات ، وأدى مناسك العمرة ، ولم يحل إحرامه منها ، بل ظل في إحرامه ، ونوى به الحج . فما حكمه؟
الجواب:
الحمد لله
إن كان مرادك بقولك : (لم يحل إحرامه منها) ، أنه طاف للعمرة وسعى ، وحلق أو قصر من شعره ، ولم يخلع ثياب الإحرام ، بل أحرم بالحج فورا ، بملابس إحرام العمرة ، فهذا لا شيء عليه ؛ لأنه متمتع انتهى من أفعال العمرة ثم أحرم بالحج ؛ فعمرته صحيحة وكذلك حجه . فإن كان إحرامه بالحج قبل يوم التروية فهو قد استعجل ، وغايته أنه خالف السنة بتعجله ، ولكن لا شيء عليه لذلك ، وعليه دم ؛ لتمتعه ، كغيره .
وإن كان مرادك بقولك : (لم يحل إحرامه منها) ، أنه أدخل الحج على العمرة بعد ما طاف وسعى لها وقبل أن يحلق أو يقصر من شعره ، فقد اختلف العلماء في هذا : والمشهور من المذهب أن حجه غير صحيح ؛ لأنه لا يصح إدخال الحج على العمرة بعد الشروع في طوافها ؛ لأنه شرع بالتحلل من العمرة بذلك . صرح بذلك الفقهاء رحمهم اللَّه إلا لمن كان معه هدي .
وفي قول ثان ذكره الموفق في «المغني» وغيره : أنه يصح حجه ، وعليه دم ، ويكون بذلك قارنا . قال في «المغني» (5/ 244) . : وإن أحرم بالحج قبل التقصير ، فقد أدخل الحج على العمرة ؛ فيصير قارنا.اهـ . مع أن الموفق ذكر فيما سبق أنه لا يصح .(/1)
وقد استشكل العلماء هذا ، فقال بعضهم : إن ذلك سهو من الموفق رحمه اللَّه . وبعضهم قال : إنه غير سهو ، وإنما أخذ بقول آخر . وقال آخرون : إن المراد من كان معه هدي . والقول بصحة حجه مذهب المالكية . وممن قال به من الحنابلة : الموفق في «المغني» وصاحب «الشرح الكبير» (3/ 424) .«والمستوعب» (4/291) «والمبدع» (3/327) ، وقال به الشيخ أبو المواهب والشيخ سليمان بن علي ، ذكره في «مفيد الأنام» ، واختاره إذا كان ناسيا أو جاهلا ، وعليه دم ؛ لتركه الحلق ، أو التقصير . واللَّه أعلم .
الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل .
وقد اختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه يصح حجه ، ويكون متمتعاً ، عملاً بنيته ، ويكون عليه أن يذبح شاة لأنه ترك واجباً من واجبات العمرة وهو الحلق أو التقصير ، فقد سئل رحمه الله : المتمتع إذا نسى التقصير من شعره ثم دخل في الحج وتذكر بعد ما دخل في الحج فما الحكم ؟
فأجاب:
"هذه مسألة عظيمة ، بعض العلماء يقول : لا حج له ؛ لأنه أحرم بالحج في غير موضعه ، إذ إنه لو كان يريد أن يكون قارناً لأحرم بالحج قبل الطواف ، فهو الآن لا قارن ، ولا متمتع ، والذي نرى أنه متمتع ، وأنه يلزمه فدية لترك التقصير ، وحجه صحيح إن شاء الله" انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (22/474، 475) .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
109268
العنوان:
حديث أم سلمة فيمن لم يطف طواف الإفاضة يوم العيد حتى غربت الشمس
السؤال:
سمعت أن طواف الإفاضة لا بد أن يكون يوم العيد قبل غروب الشمس ، وأن من لم يطف قبل غروب الشمس فإنه يرجع إلى الإحرام مرة أخرى ولا يجوز له لبس المخيط ولا التطيب .. حتى يطوف . فهل هذا صحيح ؟
الجواب:
الحمد لله
قد ورد في ذلك حديث رواه أحمد (25321) وأبو داود (1708) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مساء يوم النحر : (إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا يَعْنِي مِنْ كُلِّ مَا حُرِمْتُمْ مِنْهُ إِلَّا النِّسَاءَ ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا هَذَا الْبَيْتَ صِرْتُمْ حُرُمًا كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطُوفُوا بِهِ) .
إلا أن هذا الحديث ضعفه أكثر العلماء ، وحُكي الإجماع على عدم العمل به .
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن هذا الحديث ، فأجاب :
"سؤالكم عن حديث أم سلمة رضي الله عنها أن من لم يطف طواف الإفاضة قبل غروب الشمس من يوم العيد عاد محرماً .
أفيدكم بأنه حديث ضعيف لا تقوم به حجة ، ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وذلك من وجوه :
الأول : من جهة سنده ، فإن مداره عند الإمام أحمد وأبي داود وابن خزيمة على محمد بن إسحاق صاحب السير المعروف ، قال : أخبرنا أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمه عن أم سلمة رضي الله عنها ، وفيه : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : (إذا أنتم أمسيتم قبل أن تطوفوا بهذا البيت عدتم حرماً كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به) .(/1)
فأما ابن إسحاق ففي مفاريده بعض النكارة ، فقد سئل الإمام أحمد عن الحديث ينفرد به ابن إسحاق تقبله؟ قال : لا والله . وقال محمد بن يحيى : حسن الحديث عنده غرائب . وقال الدارقطني : اختلف الأئمة فيه، وليس بحجة ، وإنما يعتبر به اهـ "تهذيب" (9/39-46) . ولعل هذا الحديث من مفاريده المنكرة .
وأما أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة فقال فيه في "التقريب" (2/448) : مقبول من الثالثة . وقال فيه في "المحلي" (7/142) : ليس معروفاً بنقل الحديث ، ولا معروفاً بالحفظ ، ولو صح يعني : حديث أم سلمة لقلنا به مسارعين إلى ذلك .
وقد أخرج الطحاوي في شرح "معاني الآثار" (2/228) نحو حديث أم سلمة لكنه عن طريق عبد الله بن لهيعة ، قال فيه في "التقريب" (1/144) : صدوق من السابعة خلط بعد احتراق كتبه ، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما اهـ قلت : وقد ضعفه بعض الحفاظ مطلقاً ، وبعضهم فيما روى عنه غير العبادلة .
فإذا كان هذا سند الحديث لم يروه إلا من في روايتهم نظر ومقال ، وأعرض عنه الأئمة الكبار من نقلة الحديث وحفاظه من رجال البخاري ومسلم وأمثالهم مع أنه في أمر تعم البلوى به ، وتتوافر الدواعي على نقله ، كان ذلك دليلاً على أنه لا أصل له .
الوجه الثاني : من جهة متنه ، فمتنه شاذ ، لأن الأحاديث في الصحيحين وغيرهما ظاهرة متضافرة في أن التحلل الأول يحصل قبل الطواف بالبيت ، بدون قيد وقوعه قبل الغروب ، مثل قول عائشة رضي الله عنها : (كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف بالبيت) ولا يمكن أن تقيد بمثل هذا الحديث الشاذ ، ولهذا قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/229) لما ذكر حديث عائشة رضي الله عنها : "فقد عارض ذلك حديث ابن لهيعة الذي بدأنا بذكره في هذا الباب ، فهذه أولى ، لأن معها من التواتر وصحة المجيء ما ليس مع غيرها مثله " اهـ .(/2)
الوجه الثالث : من جهة العمل به ، إذ لم يعمل به من الأمة [من] أئمتها وعلمائها إلا نفر قليل من الصحابة . إن صح النقل عنهم . فقد قال الطبري في كتابه "القرى لقاصدي أم القرى" (ص472) حين ذكر الحديث : "وهذا حكم لا أعلم أحداً قال به" اهـ . ونقل النووي في "شرح المهذب" (8/165) عن البيهقي قوله : "لا أعلم أحداً من الفقهاء قال به . قلت (النووي) : فيكون منسوخاً ، دل الإجماع على نسخه ، فإن الإجماع لا يَنْسخ ولا يُنْسخ ، لكن يدل على ناسخ اهـ فوافق البيهقيَّ النوويُّ على نفي العلم بالمخالف ، بل جعله إجماعاً دالاً على نسخ الحديث ، يعني : لأن الأمة لم تعمل به ، لكن في كلام النووي رحمه الله نظر ، لأن دعوى النسخ تستلزم ثبوت المنسوخ ، والحديث لم يثبت أصلاً حتى يدعى فيه النسخ .
هذا وقد نقل بعض الناس عن عروة بن الزبير أحد الفقهاء السبعة أنه قال به ولعله فهم ذلك من قوله فيما نقله عنه الطبري في كتابه "القرى" (ص470) إنه لا يحل الطيب لمن لم يطف بالبيت بعد عرفة وإن قصر . أخرجه سعيد بن منصور . وإنما قلت ذلك لأنه يبعد جداً أن يكون عروة بن الزبير قال بمقتضى حديث أم سلمة ثم يخفى قوله على مثل الطبري والبيهقي .
وعلى هذا ؛ يكون معنى قول عروة : إنه لا يحل له الطيب حتى يطوف بالبيت ، وهذا قول مشهور والنزاع في هذا معروف ، والفرق بينه وبين مقتضى حديث أم سلمة بل صريحة أن حديث أم سلمة يدل على أنه يحل قبل الطواف بالبيت لكن إن أخر الطواف عن غروب الشمس يوم العيد عاد محرماً .
أما ما نقله الطبري عن عروة فيدل على توقف حل الطيب على الطواف وبين هذا وذاك فرق ظاهر .
الوجه الرابع :(/3)
أن مقتضاه مخالف لمقتضى الأصول الشرعية والقواعد المرعية ، فإن مقتضاها أن العامل متى حل من العبادة لم يعد إليها إلا بنية جديدة ، وهذا مما يضعف ثبوت الحديث ، ولو ثبت لكان القول به واجباً ، وكل قاعدة لها مستثنيات" انتهى من فتوى مكتوبة بخط الشيخ رحمه الله بتاريخ 5/12/1415هـ .
والله أعلم .(/4)
رقم السؤال:
109270
العنوان:
تكرار الحج
السؤال:
هل يستحسن الحج كل سنة لمن يرغب ذلك ولا يشق عليه أو الأفضل كل ثلاث سنوات مرة أو كل سنتين مرة ؟
الجواب:
الحمد لله
"فرض الله الحج على كل مكلف مستطيع مرة في العمر ، وما زاد على ذلك فهو تطوع وقربة يتقرب بها إلى الله ، ولم يثبت في التطوع بالحج تحديد بعدد ، وإنما يرجع تكراره إلى وضع المكلف المالي والصحي ، وحال من حوله من الأقارب والفقراء ، وإلى اختلاف مصالح الأمة العامة ودعمه لها بنفسه وماله ، وإلى منزلته في الأمة ، ونفعه لها حضراً أو سفراً في الحج وغيره ، فلينظر كلٌّ إلى ظروفه وما هو أنفع له فيقدمه على غيره .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/14) .
وينبغي أن لا يمضى عليه خمس سنوات من غير أن يحج إذا كان مستطيعاً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله يقول: إن عبدا أصححت له جسمه ، ووسعت عليه في المعيشة ، تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم) رواه ابن حبان (960) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" بمجموع طرقه (1662) .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
109271
العنوان:
حج ثم ترك الصلاة فهل يعيد الحج؟
السؤال:
رجل حج ، ثم بعد فترة تهاون بالصلاة وتركها ، ثم تاب بعد ذلك ، فهل حجته الأولى صحيحة وتكفيه عن حجة الإسلام ، أم عليه أن يحج مرة أخرى؟
الجواب:
الحمد لله
"من حج وهو كافر كفراً أكبر ثم دخل بعد في الإسلام لم تجزئه حجته تلك عن حجة الإسلام ، لكن من كان مسلماً ثم ارتد بارتكابه ما يخرجه من ملة الإسلام ثم تاب وعاد إلى الإسلام أجزأته حجته تلك عن حجة الإسلام ، لكونه أدى الحج وهو مسلم ، وقد دل القرآن على أن عمل المرتد قبل ردته إنما يحبط بموته على الكفر ؛ لقوله سبحانه وتعالى : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة/217 .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/25-27) .(/1)
رقم السؤال:
109272
العنوان:
حج قارنا وضحى ولم يؤدِّ الهدي
السؤال:
رجل قرن الحج بالعمرة وفعل جميع مناسك الحج، وفي أيام منى ذبح أضحية ولم يؤدِّ الهدي لجهله حتى انتهت أيام منى، فهل عليه الهدي؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكرت وجب عليه أن يذبح هدياً عن القران بمكة، وله أن يأكل منه، وله أن يُوَكِّل أميناً يذبحه عنه بمكة المكرمة، ولا يجزئ عنه ما ذبح بنية الضحية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/370) .(/1)
رقم السؤال:
109273
العنوان:
حكم التلبية الجماعية
السؤال:
ما حكم التلبية الجماعية للحجاج؟ حيث أحدهم يلبي والآخرين يتبعونه.
الجواب:
الحمد لله
"لا يجوز ذلك لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن خلفائه الراشدين رضوان الله عليهم، بل هو بدعة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/358) .
وانظر جواب السؤال (33746).(/1)
رقم السؤال:
109274
العنوان:
سعى للعمرة قبل طوافها
السؤال:
سافرت للعمرة ، ولم أكن أعرف أن الطواف قبل السعي ، وسعيت قبل الطواف ، فما حكم عمرتي؟
الجواب:
الحمد لله
"ليس عليه إعادة السعي؛ لما روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح إلى أسامة بن شريك قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم حاجاً، فكان الناس يأتونه، فمن قائل: يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف، أو قدمت شيئاً وأخرت شيئاً، فكان يقول : (لا حرج، لا حرج، إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم، فذلك الذي حَرِجَ وهَلكَ) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/320) .
(لَا حَرَج لَا حَرَج) : أَيْ لَا إِثْم .
( اِقْتَرَضَ ) : أَيْ اِقْتَطَعَ .
( عِرْض رَجُل مُسْلِم ) : أَيْ نَالَ مِنْهُ وَقَطَعَهُ بِالْغِيبَةِ أَوْ غَيْرهَا .
( فَذَلِكَ الَّذِي حَرِجَ ) : أَيْ وَقَعَ مِنْهُ حَرَج ( وَهَلَكَ ) : أَيْ بِالْإِثْمِ .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
109275
العنوان:
طاف في الحج من داخل الحجر
السؤال:
حججت لأول مرة، وعند الطواف بالكعبة اقتصرت في أكثر الأشواط على الطواف بالكعبة، وتركت الجدار الفاصل والمجاور للكعبة من الجهة الشمالية، فما هو حكم حجي؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الطواف الذي سألت عنه هو طواف الإفاضة -وهو الذي يكون بعد الوقوف بعرفات- فطوافك غير صحيح، ولا يجزئك هذا الحج إلا إذا أعدت هذا الطواف؛ لأن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، فلا بد من رجوعك إلى المسجد الحرام لتطوف بالكعبة سبعة أشواط تبدأ الشوط من الحجر الأسود وينتهي السابع عند الحجر الأسود، ويكون طوافك الأشواط كلها خارج حجر إسماعيل من وراء الجدار، بهذا يجزئك حجك، أما إن كان الطواف طواف الوداع فعليك دم يذبح بمكة للفقراء؛ تكميلاً لحجك، وليس عليك الرجوع إلى البيت، ولو رجعت لم يجزئك عن الدم، أما إذا كان الطواف نافلة فليس عليك شيء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/234) .(/1)
رقم السؤال:
109276
العنوان:
طاف في صحن المسجد ثم أكمل الطواف في الطابق العلوي
السؤال:
طفنا للوداع ستة أشواط حول الكعبة ، وكان الزحام شديداً جداً ، فصعدنا إلى الدور العلوي وأكملنا الشوط المتبقي ، وأثناء ذلك شربنا من ماء زمزم ، فقال لنا بعض الناس إن الطواف والحج غير صحيح.
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكر فحجكم وطوافكم كلاهما صحيح، ولا شيء عليكم في طوافكم الشوط السابع في الدور العلوي من المسجد، ولا في الفصل بينه وبين الأشواط الستة الأولى بالصلاة أو بشرب أو بكلام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/231) .(/1)
رقم السؤال:
109277
العنوان:
طاف للوداع ليلاً ولم يتمكن من الخروج من مكة إلا صباح اليوم التالي
السؤال:
حججت هذا العام وأديت طواف الوداع بالليل، ولم أتمكن من الذهاب خارج مكة المكرمة وبت، وفي الصباح سافرت، فما الحكم؟
الجواب:
الحمد لله
"المشروع أن يكون طواف الحاج للوداع عند مغادرته لمكة المكرمة؛ لحديث ابن عباس المتفق عليه: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض)، وما دمت طفت بنية الخروج بالليل ولم تتمكن إلا في الصباح فلا شيء عليك في ذلك إن شاء الله، ولو كنت أعدت الطواف عند خروجك لكان أحوط.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/303) .(/1)
رقم السؤال:
109278
العنوان:
طافوا للوداع وسافروا يوم الحادي عشر ووكلوا من يرمي عنهم اليوم الثاني عشر
السؤال:
بعض الحجاج عندما رموا جميع الجمرات يوم الحادي عشر من ذي الحجة، استأجروا من يرمي عنهم يوم الثاني عشر، وذهبوا إثر ذلك إلى مكة وطافوا طواف الوداع، وذهبوا إلى جدة وركبوا الطائرة؛ ولأن تذكرة الطائرة محددة بذلك الوقت فلا بد من الحضور. هل حجهم صحيح؟ وهل عليهم دم؟ وكم عدد الذبائح عليهم؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكر فحجهم صحيح لكنه ناقص بمقدار ما نقصوه من انصرافهم قبل أن يبيتوا بمنى ليلة الثاني عشر، ويرموا الجمرات الثلاث بعد زوال ذلك اليوم، ويودعوا بعده، وهم بلا شك آثمون لفعلهم هذا، المخالف لقوله تعالى : (وأتموا الحج والعمرة لله) ، وقوله عليه الصلاة والسلام : (خذوا عني مناسككم) ، وعليهم أن يستغفروا الله ويتوبوا إليه من ذلك، وعلى كل واحد منهم على القول الراجح دم يجزئ في الأضحية عن ترك المبيت، وآخر عن ترك رمي الجمرات، وثالث عن ترك الوداع؛ لأنهم في حكم من لم يرم؛ لنفرهم قبل الرمي، وفي حكم من لم يودع؛ لوقوع طواف الوداع قبل إكمال مناسكهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/292) .(/1)
رقم السؤال:
109279
العنوان:
قدم إلى جدة غير ناوٍ للعمرة، ثم نوى العمرة وأحرم من جدة
السؤال:
حضرت من الأردن بالطائرة إلى جدة قاصداً مدينة بيشة ، وليس بنيتي أداء العمرة ولا حتى الذهاب إلى مكة ، ولكن تأخرت الطائرة إلى بيشة فجلست في جدة يومين ، وعند ذلك قمت بالإحرام من جدة وتوجهت إلى مكة لأداء العمرة ، فهل هذه العمرة صحيحة ؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا الإحرام صحيح ؛ لأنك أنشأته من جدة ، ولم تنو العمرة قبل ذلك ، ولا دم عليك فيه ، والأصل في ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : وَقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، قال : (فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ، فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك أهل مكة يهلون منها ) متفق عليه . وما دل عليه عموم هذا الحديث من أن من أراد الإحرام بالعمرة فإنه يحرم من مكة ليس على ظاهره ، فقد جاء ما يدل على أن من أراد الإحرام بالعمرة وهو بمكة فإنه يحرم من الحل ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المُحَصَّب فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : (اخرج بأختك من الحرم فتهل بعمرة ثم لتطف بالبيت ، فإني أنتظركما هنا) قالت : فخرجنا ، فأهللت ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة ، فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله في جوف الليل فقال : (هل فرغت؟) قلت : نعم ، فأَذَّن في أصحابه بالرحيل ، فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة . متفق عليه .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/150، 151) .(/1)
رقم السؤال:
109280
العنوان:
كم المدة التي يجب مكثها في منى بعد النحر؟
السؤال:
كم المدة التي يجب مكثها في منى بعد النحر؟ وفيه آية كريمة في ذلك : (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون) .
الجواب:
الحمد لله
"المدة التي يجب على الحاج أن يمكثها في منى بعد يوم النحر يومان، هي: الحادي عشر، والثاني عشر من ذي الحجة، أما اليوم الثالث عشر من ذي الحجة فلا يجب عليه أن يمكثه في منى، ولا يجب عليه رمي الجمرات فيه، بل يستحب فقط، إلا إذا غربت عليه شمس اليوم الثاني عشر وهو في منى، فيجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر ثم رمي الجمرات الثلاث بعد الزوال.
وأما معنى ما ذكر من الآية : فمن تعجل بالنزول من منى بعد أن بات ليلتين بها عقب يوم النحر، وبعد رمي الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر فلا إثم عليه ولا يجب عليه دم؛ لأنه أدى ما وجب عليه، ومن تأخر بمنى فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمرات الثلاث في اليوم الثالث عشر فلا إثم عليه، بل مبيته بمنى هذه الليلة ورميه الجمرات في يومها أفضل وأعظم أجراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك. ثم ختم سبحانه وتعالى الآية بالحث على التقوى والإيمان باليوم الآخر، وما فيه من حساب وجزاء؛ ليكون باعثاً لمن تذكر ما فيه على الإكثار من الأعمال الصالحات، وعلى اجتناب المنكرات؛ رجاءَ رحمة الله وخوف عقابه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/266) .(/1)
رقم السؤال:
109281
العنوان:
لا حرج في الذهاب إلى عرفة ليلة تسع خوفاً من الزحام
السؤال:
ذهبت للحج مع حملة وبتنا في منى ليلة تسع من ذي الحجة ، وغادرناها إلى عرفة قبل صلاة الفجر حيث صلينا في عرفة الفجر ، حيث القائمين على الحملة قاموا بهذا الإجراء خوفاً من الزحام ، هل علينا شيء ؟
الجواب:
الحمد لله
"ليس عليكم شيء ، ولكن الأفضل للحاج أن يذهب من منى إلى عرفة بعد طلوع الشمس من اليوم التاسع من شهر ذي الحجة .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/210، 211) .(/1)
رقم السؤال:
109282
العنوان:
لا يجب على المعتمر طواف الوداع؟
السؤال:
أنا كنت ألزم المعتمرين بطواف الوداع عند خروجهم من مكة ، وقد سمعت أنه لا وداع لها ، فأرجو زيادة البيان في هذا الموضوع.
الجواب:
الحمد لله
"يجب طواف الوداع على من حج بيت الله الحرام عند سفره؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: ( أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض) متفق عليه، ولقوله: (كان الناس ينصرفون من كل وجهة ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا ينصرف أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) رواه أحمد ومسلم، وهذا أمر للحجاج بقرينة الحال، فإنه صلى الله عليه وسلم قاله عند الفراغ من الحج؛ إرشاداً للحجاج.
أما المعتمر فلا يجب عليه طواف الوداع، لكن يسن له أن يطوفه عند سفره ؛ لعدم الدليل على الوجوب، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يطف للوداع عند خروجه من مكة بعد عمرة القضاء فيما علمنا من سنته في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/336) .(/1)
رقم السؤال:
109283
العنوان:
لا يجوز تأخير رمي جمرة العقبة إلى أيام التشريق بلا عذر
السؤال:
هل يجوز للحاج تأخير رمي جمرة العقبة الأولى إلى اليوم الثاني أو الثالث من أيام التشريق بدون عذر أم لا ، وما حكم من فعل ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا يجوز للحاج تأخير رمي جمرة العقبة إلى اليوم الثاني أو الثالث من أيام التشريق بدون عذر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رماها يوم العيد ، وتبعه في ذلك الصحابة فلم يؤخروها إلى أيام التشريق بلا عذر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (خذوا مني مناسككم) ، ومن أخرها إلى أيام التشريق بلا عذر فقد خالف السنة ، وحُرِمَ من بعض أجر نسكه ، وعليه أن يستغفر الله لما مضى ، ويحرص على أداء نسكه على وجهه الشرعي في المستقبل .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/217) .(/1)
رقم السؤال:
109284
العنوان:
لا يجوز تغيير نية الإحرام من القران إلى الإفراد
السؤال:
في أحد الأعوام نويت بالحج والعمرة معاً وقت الإحرام ، وعندما سارت السيارة من قريتنا حوالي اثنين كيلو متر وجدت أن رفقاءنا في الحج أحرموا بالحج فقط – أي بالإفراد – فعملت مثلهم ؛ فهل على شيء في ذلك أم لا ؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً ، علماً بأنني ذهبت للعمرة بعد ذلك في رمضان عدة مرات .
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان تحول نيتك من الإحرام بالحج والعمرة معاً إلى الإحرام بالحج فقط حصل قبل الإحرام فلا شيء عليك ، وإن كان ذلك بعد عقد الإحرام بالحج والعمرة فلا يسقط ذلك عنك حكم القران ، ودخلت أعمال عمرتك في أعمال حجك ، وعليك هدي التمتع .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/162) .(/1)
رقم السؤال:
109285
العنوان:
لا يشترط التتابع في الصيام لمن لم يجد الهدي
السؤال:
هل يشترط في صيام الأيام السبعة لمن لم يجد الهدي ، أن تكون متتابعة ؟ أم يجوز أن يفرق بينها؟
الجواب:
الحمد لله
"يجوز أن تصام سبعة الأيام المذكورة في قوله: (وسبعة إذا رجعتم) ، متتابعة أو متفرقة .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/388) .(/1)
رقم السؤال:
109286
العنوان:
لا يشرع للمرأة الهرولة لا في الطواف ولا في السعي
السؤال:
هل تهرول المرأة في الطواف بين العلمين الأخضرين في السعي بين الصفا والمروة ، كما يفعل ذلك الرجل؟
الجواب:
الحمد لله
"قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أنه لا رَمَل على النساء حول البيت ، ولا بين الصفا والمروة ، وليس عليهن اضطباع ؛ وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجَلَد [القوة] ، ولا يقصد ذلك في النساء ؛ ولأن النساء يقصد فيهن الستر ، وفي الرمل والاضطباع تعرض للكشف .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/226، 227) .(/1)
رقم السؤال:
109287
العنوان:
لا يصح طواف الوداع إلا بعد إكمال الحج
السؤال:
هل يجوز أن يطوف الحاج للوداع صباح اليوم الثاني عشر ، ثم يرجع إلى منى لرمي الجمار ثم يسافر إلى بلده؟
الجواب:
الحمد لله
"الوداع آخر أعمال الحج، فلا يجوز أن يتقدم على شيء منها؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/302) .(/1)
رقم السؤال:
109288
العنوان:
لبست البرقع وهي محرمة وكانت لا تعلم أنه حرام
السؤال:
هل يجوز للمرأة أن تلبس البرقع وهي محرمة ؟ فقد لبسه أهلي فلما رجعوا من الحج قيل لهم : إن حجكم غير مقبول ؛ لأنكم لبستم البرقع .
الجواب:
الحمد لله
"لبس البرقع لا يجوز للمرأة في الإحرام ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : (لا تنتقب المرأة ولا تلبس قفازين) رواه البخاري ، ولا شيء على من تبرقعت في الإحرام جاهلة للتحريم وحجتها صحيحة .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/190- 192) .(/1)
رقم السؤال:
109289
العنوان:
لن يتمكن من لبس ملابس الإحرام بسبب طبيعة عمله
السؤال:
أقيم بالمملكة للعمل ، وأنوي أداء فريضة الحج ، وجهة عملي ندبتني هذا العام للعمل بالمشاعر المقدسة ، وعملي هناك لا يمنعني من أداء جميع المناسك ، إلا أنني لن أتمكن من لبس ملابس الإحرام ؛ لأن طبيعة عملي ونظامه تفرض علي ملبساً معيناً من المخيط . فماذا أفعل ؟ وهل يكون حجي صحيحاً إذا ذبحت فداء دون أن ألبس ملابس الإحرام طوال أيام الحج ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكر فحجك صحيح ؛ ولا إثم عليك في لبسك ملابس غير ملابس الإحرام ؛ دفعاً للحرج عن نفسك ، ولكن تلزمك فدية لذلك وهي إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم ، أو ذبح ذبيحة تصلح أضحية تطعمها مساكين مكة أو سائر الحرم ، ولا تأكل منها ، أو تصوم ثلاثة أيام ، أي ذلك فعلت أجزأك ، وعليك مثل ذلك عند غطاء الرأس ، إن كنت غطيت رأسك .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/182، 183) .(/1)
رقم السؤال:
109290
العنوان:
ما حكم صعود جبل الرحمة في يوم عرفات والصلاة عليه؟
السؤال:
هل هناك ثواب معين في صعود جبل الرحمة في يوم عرفات والصلاة عليه؟
الجواب:
الحمد لله
"لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث على صعود جبل عرفات الذي اشتهر عند الناس باسم: جبل الرحمة، ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم صعود هذا الجبل في حجه ولا اتخذه منسكاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (خذوا عني مناسككم) ، ودرج على ذلك الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة ومن تبعهم بإحسان، فلم يكونوا يصعدون على هذا الجبل في حجهم ولا اتخذوه منسكاً لهم؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذي ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وقف تحت هذا الجبل عند الصخرات الكبار، وقال : (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة) ولذا قال كثير من العلماء: إن صعود هذا الجبل في الحج على وجه النسك بدعة، منهم الإمام النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ صديق خان، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أن يصلي نفلاً بموقف عرفات، بل اكتفى بصلاة الظهر والعصر في مسجد نمرة، جمعاً وقصراً، ولا اتخذ مصلى بما يسمى جبل الرحمة ليصلي فيه من صعد على هذا الجبل نافلة أو فريضة في يوم عرفات، بل اشتغل بعد صلاته الظهر والعصر بذكر الله تسبيحاً وتهليلاً وتحميداً وتكبيراً وتلبية، وبدعاء ربه والضراعة إليه، حتى غربت الشمس. فاتخاذ مصلى أو مسجد على هذا الجبل ليصلي فيه من صعد عليه من البدع التي أحدثها الجهال .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/206-208) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :(/1)
"الصعود على جبل عرفات ليس من الأمور المشروعة ، بل هو إن اتخذه الإنسان عبادة بدعة ، لا يجوز للإنسان أن يعتقده عبادة ، ولا أن يعمل به على أنه عبادة ، والرسول صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على فعل الخير ، وأبلغ الناس في تبليغ الرسالة ، وأعلم الناس بدين الله ، لم يصعده ولم يأمر أحداً بصعوده ، ولا أقر أحداً بصعوده فيما أعلم ، وعلى هذا فإن صعود هذا الجبل ليس بمشروع ، بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف خلفه من الناحية الشرقية قال : (وقفت هاهنا ، وعرفة كله موقف) وكأنه صلى الله عليه وسلم يشير بهذا إلى أن كل إنسان يقف في مكانه ، ولا يزدحمون على هذا المكان الذي وقف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/32) .(/2)
رقم السؤال:
109291
العنوان:
متى فرض الحج؟
السؤال:
في أي سنة من الهجرة فرض الحج ؟
الجواب:
الحمد لله
"الصواب أن فرض الحج كان في السنة التاسعة، ولم يفرضه الله تعالى قبل ذلك؛ لأن فرضه قبل ذلك ينافي الحكمة، وذلك أن قريشاً منعت الرسول صلّى الله عليه وسلّم من العمرة فمن الممكن والمتوقع أن تمنعه من الحج، ومكة قبل الفتح بلاد كفر، ولكن تحررت من الكفر بعد الفتح، وصار إيجاب الحج على الناس موافقاً للحكمة.
والدليل على أن الحج فرض في السنة التاسعة : أن آية وجوب الحج في صدر سورة آل عمران [وهي قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آل عمران/97] ، وصدر هذه السورة نزلت عام الوفود.
فإن قيل: لماذا لم يحج النبي صلّى الله عليه وسلّم في التاسعة، وأنتم تقولون إنه واجب على الفور؟
فالجواب: لم يحج صلّى الله عليه وسلّم لأسباب:
الأول: كثرة الوفود عليه في تلك السنة، ولهذا تسمى السنة التاسعة عام الوفود، ولا شك أن استقبال المسلمين الذين جاؤوا إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم ليتفقهوا في دينهم أمر مهم، بل قد نقول: إنه واجب على الرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ ليبلغ الناس.
الثاني: أنه في السنة التاسعة من المتوقع أن يحج المشركون، - كما وقع - فأراد النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يؤخر من أجل أن يتمحض حجه للمسلمين فقط، وهذا هو الذي وقع ، (فإنه أَذَّن في التاسعة ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان) متفق عليه .
وكان الناس في الأول يطوفون عراة بالبيت إلا من وجد ثوباً من قريش، فإنه يستعيره ويطوف به، أما من كان من غير قريش فلا يمكن أن يطوفوا بثيابهم بل يطوفون عراة" انتهى .
"الشرح الممتع" (7/14، 15) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/10) :(/1)
"اختلف العلماء في السنة التي فرض فيها الحج ، فقيل في سنة خمس ، وقيل : في سنة ست ، وقيل : في سنة تسع ، وقيل : في سنة عشر ، وأقربها إلى الصواب القولان الأخيران ، وهو أنه فرض في سنة تسع أو سنة عشر ، والله أعلم .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .(/2)
رقم السؤال:
109292
العنوان:
متى يتحلل الحاج والمعتمر من الإحرام؟
السؤال:
ما هو موعد فك لبس الإحرام ؛ هل بعد الحج وطواف الإفاضة والسعي والتقصير – إذا كانت النية حج فقط – أي الإفراد بالحج (تحللاً كاملاً) تحلل أكبر ، أم لا تتحلل من الإحرام إلا بعد ثلاثة أيام التشريق ورمي الجمرات ؟
الجواب:
الحمد لله
"التحلل من الإحرام بالحج للرجل والمرأة يكون بعد رمي جمرة العقبة وحلق الرجل رأسه أو تقصير شعره ، وليس للمرأة إلا التقصير ، فيحل لكل منهما بذلك كل شيء كان محرماً عليهما بالإحرام إلا الجماع ، أما التحلل الأكبر فيكون بالفراغ من طواف الإفاضة والسعي إذا كان عليه سعي ، فيحل لهما كل شيء كان محرماً عليهما بالإحرام حتى الجماع .
وأما التحلل من العمرة فيكون لكل من الرجل والمرأة بعد الفراغ من طوافهما وسعيهما ، وحلق الرجل رأسه أو تقصير شعره ، أما المرأة فالمشروع لها التقصير لا الحلق ، فيحل لهما بذلك كل شيء كان حراماً عليهما بالإحرام ، والقارن بين الحج والعمرة حكمه في التحلل حكم المفرد .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/222، 223) .(/1)
رقم السؤال:
109293
العنوان:
مسافر من المدينة إلى جدة بالطائرة فكيف يصنع في الإحرام بالعمرة؟
السؤال:
من ركب الطائرة من المدينة إلى جدة وهو يريد العمرة ، ماذا يفعل ، هل يلبس الإحرام من مطار المدينة وينوي العمرة من حين ركوبه ، أم ماذا يفعل ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا أردت السفر بالطائرة من المدينة إلى مكة للعمرة فإنه يشرع لك أن تغتسل وتتوضأ وضوء الصلاة وتلبس إحرامك ، وبعد إقلاع الطائرة من المطار تلبي بالعمرة ، وذلك قبل مجاوزة ميقات أهل المدينة ، وهو آبار علي .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/151، 152) .(/1)
رقم السؤال:
109294
العنوان:
من أهل القنفدة ويدرس في جدة فمن أين يحرم للعمرة؟
السؤال:
أنا طالب أدرس في مدينة جدة ، وأسكن في القنفذة تبعد عنها 350 كم ، وفي خلال يومي الخميس والجمعة أذهب إلى القنفذة . والسؤال : هل من السنة في إقامتي في القنفذة أن أقصر من الصلاة أم ماذا ؟ وإذا أردت العمرة من جدة هل يجوز هذا ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا أنشأت العمرة من جدة فأحرم من جدة ، وإذا نويتها وأنت في القنفذة فإنك تحرم من ميقات أهل اليمن (السعدية) ، وليس لك أن تقصر الصلاة في بلدك ؛ لأنها وطنك ، بل عليك أن تصلي أربعاً ، وهكذا في جدة عليك أن تصلي أربعاً عند جمهور العلماء ؛ لأنك تنوي الإقامة أكثر من أربعة أيام .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/136) .(/1)
رقم السؤال:
109295
العنوان:
ميقات أهل اليمن والجنوب إذا جاؤوا من طريق الساحل
السؤال:
أرجو إفادتي عن ميقات أهل الجنوب عن طريق الساحل ، وهل يجوز لي الإحرام من جدة ؟ لأن طريقي على الساحل.
الجواب:
الحمد لله
"ميقات أهل اليمن الذين أتوا عن طريق الساحل يلملم المسماة اليوم بالسعدية ، فلا يجوز لمن مر عليه أو حاذاه مريداً الحج أو العمرة أن يتجاوزه بدون إحرام ، وليست جدة ميقاتاً لهم ، وإنما هي ميقات لأهلها ولمن أراد الحج والعمرة وهو مقيم بها ، أو وافد عليها بدون نية الحج أو العمرة ثم عزم على الحج .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/134) .
وانظر جواب السؤال رقم (107988) .(/1)
رقم السؤال:
109296
العنوان:
نذر أن يحج كل عام ورئيسه في العمل يمنعه من ذلك
السؤال:
عاهدت الله أن أحج كل عام ، وكنت قبل ذلك لست موظفاً ، وتوظفت عسكرياً ، ولم يسمح لي مرجعي أن أحج كل عام ، أرجو الإفادة هل علي إثم أم لا ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان المانع الذي يمنعك عن الحج في بعض السنوات من الأمور القهرية التي لا تستطيع التغلب عليها فليس عليك إثم ؛ لقوله تعالى : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة/286 ، وقوله تعالى : (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) المائدة/6 .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/15، 16) .(/1)
رقم السؤال:
109297
العنوان:
نذر أن يعمر والدته يوم العيد فهل يعمرها في رمضان؟
السؤال:
نذر أن يعمّر والدته كل سنة يوم العيد، فهل يجوز له أن يعمرها في رمضان بدل يوم العيد بدون كفارة، وإذا لم ترغب ذلك فماذا يلزمه؟
الجواب:
الحمد لله
"إن أعمرت والدتك في رمضان فلا شيء عليك؛ لأنك أديت ما هو أفضل من وقت المنذور، كما لو نذر أن يصلي في المسجد الأقصى فصلى في المسجد الحرام أو المسجد النبوي؛ لكونه أداها في مكان أفضل، وقد جاء في الحديث الصحيح أنه لا شيء عليه في هذه المسألة الأخيرة، وهو عن جابر رضي الله عنه أن رجلاً قال يوم الفتح : (يا رسول الله ، إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس. فقال : صل ههنا ، فسأله فقال : صل ههنا ، فسأله فقال : فشأنك إذاً ) رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم .
أما لو امتنعت أمه من العمرة فإنه لا شيء عليه أيضاً لكونه أدى ما عليه وحصل الامتناع من غيره.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/339) .(/1)
رقم السؤال:
109298
العنوان:
نسي صيام اليوم الثالث في الحج فصامه بعد برجوعه
السؤال:
صمت يومين في الحج لأنني لم أجد الهدي ، ونسيت صيام اليوم الثالث ، فصمته مع الأيام السبعة ، هل علي شيء؟
الجواب:
الحمد لله
"ليس على من نسي يوماً من الأيام الثلاثة شيء إذا صامه بعد رجوعه إلى أهله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/388) .(/1)
رقم السؤال:
109299
العنوان:
نوى التمتع وبعد العمرة مرض فرجع ولم يحج
السؤال:
ذهبت إلى الحج متمتعاً هذا العام، وبعد أن أديت العمرة ، أحسست بألم في ركبتي مع تورم أقعدني عن الحركة والمشي، وقد ذهبت إلى الطبيب وقد نصحني بعدم مواصلة الحج ، وبعد ذلك رجعت ولم أحج ، فهل علي دم ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الواقع ما ذكر من أنك تحللت من عمرتك وعدلت عن الحجة، وعدت إلى بلدك قبل أن تحرم به فلا شيء عليك؛ لأن العمرة انتهت بأدائها والتحلل منها، والحج لم تحرم به بعد.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/355) .(/1)
رقم السؤال:
109300
العنوان:
من نزل خارج منى وغربت عليه شمس اليوم الثاني هل له أن يتعجل؟
السؤال:
من نزل في العزيزية في مكة المكرمة في أيام التشريق؛ لعدم قدرته على النزول في منى، وغابت عليه شمس اليوم الثاني من أيام التشريق، هل يلزمه البقاء في منزله إلى زوال شمس اليوم الثالث كأهل منى أم لا يلزمه؟
الجواب:
الحمد لله
"لا حرج على من نزل في العزيزية ومزدلفة أو غيرهما من الأراضي الخارجة عن منى إذا لم يجد منزلاً في منى أيام الحج، ومن غربت عليه الشمس منكم في اليوم الثاني عشر ممن كان في العزيزية أو شبهها فليس عليه البقاء في منزله إلى اليوم الثالث عشر، كما أنه ليس عليكم الرمي في الثالث عشر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/272) .(/1)
رقم السؤال:
109301
العنوان:
هل الأفضل الحج تطوعاً أو التبرع للمجاهدين في سبيل الله؟
السؤال:
حججت الفريضة والحمد لله واعتمرت ، فهل الأفضل أن أسافر للعمرة ، أو أتصدق بهذا المال للمجاهدين في سبيل الله ؟
الجواب:
الحمد لله
"كل من السفر للعمرة والإنفاق في سبيل الله عمل طيب مشكور، لكن العمرة نفعها قاصر على المؤدي لها، وأما الإنفاق في الجهاد فنفعه متعدي؛ فيكون البذل فيه أولى وأفضل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/328) .(/1)
رقم السؤال:
109302
العنوان:
هل تحج وتتصدق عن أمها التي كانت لا تصلي؟
السؤال:
هل يجوز للابنة أن تحج وتتصدق عن أمها المتوفية علماً بأن الأم في حياتها لم تكن تصلي ؟
الجواب:
الحمد لله
"من ترك الصلاة جحداً لوجوبها كفر بالإجماع ، ومن تركها تهاوناً وكسلاً كفر على الراجح من قولي العلماء ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ) مع أدلة أخرى من الكتاب والسنة في ذلك ؛ وعلى ذلك لا يجوز الحج ولا التصدق عمن مات وهو لا يصلي ، كما لا يحج ولا يتصدق عن جميع الكفرة .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/113) .(/1)
رقم السؤال:
109303
العنوان:
هل تقبل المرأة الحجر الأسود؟
السؤال:
هل يصح للمرأة حين تقبيل الحجر أن تكشف وجهها ويكون الرجال حولها؟
الجواب:
الحمد لله
"تقبيل الحجر الأسود في الطواف سنة مؤكدة من سنن الطواف ؛ إن تيسر فعلها بدون مزاحمة أو إيذاء لأحد بفعلك ؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وإن لم يتيسر إلا بمزاحمة وإيذاء تعين الترك ، والاكتفاء بالإشارة إليه باليد ، ولا سيما المرأة ؛ لأنها عورة ، ولأن المزاحمة في حق الرجال لا تشرع ، ففي حق النساء أولى ، كما أنه لا يجوز لها عند تيسر التقبيل لها بدون مزاحمة أن تكشف وجهها أثناء تقبيل الحجر الأسود ؛ لوجود من ليس هو بمحرم لها في ذلك الموقف .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/229) .(/1)
رقم السؤال:
109304
العنوان:
هل على الحاج أن يصلي صلاة عيد الأضحى ؟
السؤال:
هل على الحاج أن يصلي صلاة عيد الأضحى ؟
الجواب:
الحمد لله
"ليس على الحجاج صلاة عيد الأضحى ، ومن صلاها منهم مع الناس فهو مأجور .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/69، 70) .(/1)
رقم السؤال:
109305
العنوان:
هل للعمرة طواف وداع؟
السؤال:
هل للعمرة في غير وقت الحج طواف وداع أم لا؟
الجواب:
الحمد لله
"يشرع للمعتمر ولا سيما إن أقام بمكة بعد أداء عمرته أن يطوف طواف الوداع لدى خروجه من مكة المكرمة، ولا يلزمه ذلك على الصحيح من قولي العلماء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/298-299) .(/1)
رقم السؤال:
109306
العنوان:
يقترح توسيع منى!
السؤال:
هل يمكن أن يتم توسيع منى ، بحيث تسع الحجاج كلهم ، لأن كثيرا من الحجاج لا يجد له مكاناً في منى؟
الجواب:
الحمد لله
"أماكن الحج وأزمنته محددة من الشارع، وليس فيها مجال للاجتهاد، وقد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وقال فيها : (خذوا عني مناسككم، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا) ، وبَيَّن فيها الأزمنة والأمكنة .
وحدود منى: من وادي مُحَسِّر إلى جمرة العقبة، فعلى من حج أن يلتمس مكاناً له داخل حدود منى، فإن تعذر عليه حصول المكان نزل في أقرب مكان يلي منى ولا شيء عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/265) .(/1)
رقم السؤال:
109307
العنوان:
يعمل في الدفاع المدني فهل يحج في ثياب العمل؟
السؤال:
أنا جندي في الدفاع المدني وأحضر كل عام في موسم الحج في منى وعرفة ، ولكن علي اللباس الرسمي العسكري، ولم أتجرد من المخيط، فهل يحصل لي حج إذا نويت الحج وأنا باللباس العسكري ولم أتجرد من المخيط أسوة بالحجاج؟ لأن طبيعة عملي تتطلب الالتزام باللباس العسكري.
الجواب:
الحمد لله
"لا حرج أن تحج في لباسك العسكري وأنت مكلف بأعمال الحج كما ذكر في السؤال، ولا تستطيع أداء العمل بلباس الإحرام؛ لأن الجهة المختصة لا تسمح بذلك، وعليك بسبب ذلك الكفارة، وهي: إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو أرز وغيرها من قوت البلد، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة عن لبس المخيط، وعليك مثل ذلك عن تغطية الرأس.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/343) .(/1)
رقم السؤال:
109308
العنوان:
يعسكرون في الشرائع لحفظ الأمن ، فمن أين يحرمون؟
السؤال:
نحن من أفرد القوات المسلحة ، ونشارك في مهمة الحج سنوياً ، ونقيم في منطقة الشرائع مدة المشاركة ما يقارب شهراً ، وفي أثناء أدائنا للمهمة نذهب على شكل قافلة ، ولا يسمح للقافلة بالتوقف في الميقات ، ونتعدى الميقات إلى منطقة الشرائع خارج مكة ، فهل نخرج إلى الجعرانة للإحرام منها ، أم نرجع إلى السيل الكبير ونحرم منه ؛ لأننا اجتزناه في أثناء مسيرنا أو نحرم من مكان معسكرنا الذي هو الشرائع خارج مكة قرب الأميال ؟
الجواب:
الحمد لله
"ما دام أنكم ذهبتم للعمل وتجاوزتم الميقات فإذا أراد أحد الإحرام فإنه يحرم من مكانه داخل الميقات ؛ لأنه دخل بنية العمل ، وقد قال صلى الله عليه وسلم عند ذكر المواقيت : ( ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ ، حتى أهل مكة من مكة ) إلا من كان منكم عازماً على الحج أو العمرة حين مروره على الميقات ؛ فإن عليه أن يرجع إلى الميقات ليحرم منه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة) .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/140- 142) .(/1)
رقم السؤال:
109309
العنوان:
يشك في صحة حج والده، فهل يحج عنه بعد وفاته؟
السؤال:
والدي حج حجة واحدة سابقاً على الأقدام قبل ما يقارب من 40 عاماً ، وقد اعتمر عمرتين ، واحدة قبل وفاته بثلاث سنوات على الأقل ، حيث إنه رجل لا يقرأ ولا يكتب ، ولم أدر كيف أدى هذا الحج ، فهل يلزمني أن أحج عنه ؟ وما رأي فضيلتكم في ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
"الحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة ، والأصل في تأدية الأعمال والمناسك السلامة ، فلا يجب الحج ثانية ، لكن إذا حججت عن أبيك صارت نافلة ، وفي ذلك لك وله أجر عظيم إذا تقبل الله منك .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/15) .(/1)
رقم السؤال:
109310
العنوان:
يعسكرون في الشرائع فترة الحج ويسألون عن الجمع والقصر وصلاة الجمعة
السؤال:
نحن من أفرد القوات المسلحة ، ونشارك في مهمة الحج سنوياً ، ونقيم في منطقة الشرايع مدة المشاركة ما يقارب شهراً ، ونكون على شكل مجموعات تتناوب حراسة في مكان بعيد عن المعسكر ، والبقية الذين ليس لديهم مناوبة متواجدون في الخيام ، ومستعدون لأي طارئ . لذا نأمل منكم إفادتنا عن كيفية أداء الصلاة بالنسبة للمتواجدين في السكن ، هل نجمع ونقصر أم لا ؟ وكذلك بعض المعسكرات لديهم مساجد ويرغبون في إقامة صلاة الجمعة ، هل تجب في حقهم صلاة الجمعة ؟ وإذا كان بجانبنا حي تقام فيه صلاة الجمعة هل نصلي نعهم ؟
الجواب:
الحمد لله
"ما دام أنكم مجمعون الإقامة في الشرائع أكثر من أربعة أيام فإنكم تصلون الصلاة تامة بدون قصر ولا جمع ؛ لأنكم في حكم المقيمين ، وإن نويتم إقامة أربعة أيام فأقل ، أو لم تنووا إقامة مدة معينة فإنكم في حكم المسافرين ، ولكم أن تقصروا الصلاة الرباعية وأن تجمعوا .
أما الجمعة فعليكم أن تصلوها في المساجد القريبة منكم التي تقام فيها الجمعة.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/140- 142) .(/1)
رقم السؤال:
109311
العنوان:
يريد أن يصلي نوافل بعد صلاة الظهر والعصر بعرفة
السؤال:
هل يجوز بعد صلاة الحاج الظهر والعصر مع الإمام في عرفات أن يصلي نوافل حتى المغرب ؟
الجواب:
الحمد لله
"لم يصل الرسول صلى الله عليه وسلم نافلة يوم عرفات بعد صلاته الظهر والعصر جمع تقديم في عرفات ، ولو كانت مشروعة لكان أحرص عليها منا ، والخير كل الخير في الاقتداء به واتباع سنته .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/211، 212) .(/1)
رقم السؤال:
109312
العنوان:
يأخذ مالاً ليحج عن مريض أو متوفي
السؤال:
بعض الناس يأخذ مالاً ليحج عن شخص إما لمرض أو عن ميت ، فدفعوا أهله مبلغاً من المال لإسقاط فرضه ، وهذا المال يقارب 3000- 4000 ريال ، فيصرف منها مقدار ما يصرف من نفقات للحج كالفدي وغيره ، والباقي يضعه في ملكه الخاص به يشتري بها زاداً وغيره ، هل يصح له ذلك؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا أعطى شخصٌ مالاً لشخص ليحج عنه لعجزه عن مباشرة الحج بنفسه ، أو ليحج عن ميت صح ذلك إذا كان النائب قد حج عن نفسه ، وله أن ينفق من هذا المال في حجه عنه ، ويملك ما بقي، أما إن أُعطيه ليحج ويرد الباقي أنفق منه ما يحتاجه في حجه عنه ويرد ما بقي .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/69، 70) .(/1)
رقم السؤال:
109313
العنوان:
يجوز أداء العمرة في أي وقت من السنة
السؤال:
هل يجوز أداء العمرة في أي وقت من السنة ؟ أو لا يجوز أداؤها إلا في أشهر الحج ؟
الجواب:
الحمد لله
"يجوز أداء العمرة في جميع أيام السنة، حتى في أشهر الحج، وإذا أداها في أشهر الحج وحج بعدها من عامه فهو متمتع بالعمرة إلى الحج، وإذا أداها مع حجه كان قارناً بين الحج والعمرة، وعلى كل من المتمتع والقارن هدي يجزئ أضحية، إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام، وإذا أداها الحاج في ذي الحجة بعد أيام التشريق جاز، ولا هدي عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/316) .(/1)
رقم السؤال:
109314
العنوان:
بات خارج المزدلفة بسبب الزحام
السؤال:
أديت مناسك الحج ، ولكن ظهر أنه وقع لنا خطأ بالنسبة للوقوف بمزدلفة بسبب الزحام في المرور . ومكثنا في مكاننا خارج مزدلفة إلى صباح يوم العيد ، وتوجهنا من هناك وقت شروق الشمس إلى منى ، وبناء على هذا فإننا لم نقف ليلة العيد بمزدلفة فما حكم حجنا هذا ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الواقع لك في حجك ما ذكر فلا هدي عليك من أجل عدم مبيتك بمزدلفة ؛ لأنك معذور وحجك صحيح .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/213، 214) .(/1)
رقم السؤال:
109315
العنوان:
تقبيل الكعبة غير مشروع
السؤال:
هل تقبيل الكعبة المشرفة في مناسك الحج أو العمرة حلال أم حرام ؟
الجواب:
الحمد لله
"المشروع تقبيل الحجر الأسود ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الحجر الأسود ولم يقبل غيره من الكعبة المشرفة .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/228، 229) .(/1)
رقم السؤال:
109316
العنوان:
هل ممكن أن يوكل من يرمي عنه الجمرات ثم يسافر إلى بلده؟
السؤال:
هل يجوز للحاج أن يوكل من يرمي الجمرات عنه يوم العيد أو اليوم الثاني ، ثم يعود إلى بلده؟
الجواب:
الحمد لله
"أمر الله سبحانه في كتابه الكريم بإتمام الحج والعمرة بقوله : (وأتموا الحج والعمرة لله) ، وتمامهما لا يحصل إلا بإخلاصهما لله، والمتابعة فيهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يجوز لمسلم أحرم بحج أو عمرة أن يخل بشيء من أعمالهما، أو أن يرتكب من الأمور المنهي عنها ما ينقصهما، ومن وكل في رمي جمراته أيام التشريق أو أحد أيام التشريق ونفر يوم النحر يعتبر مخطئاً مستهتراً بشعائر الله، ومن يوكل في رمي الجمرات اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر من أيام التشريق ويطوف طواف الوداع ليتعجل بالسفر فقد خالف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما أمر به في أداء المناسك وترتيبها، وعليه التوبة والاستغفار من ذلك، ويلزم من فعل ذلك دم عن ترك المبيت بمنى، ودم عن تركه رمي الجمرات التي وكل فيها ونفر، ودم ثالث عن طواف الوداع وإن كان طاف بالبيت لدى مغادرته؛ لوقوع طوافه في غير وقته؛ لأن طواف الوداع إنما يكون بعد انتهاء رمي الجمرات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/288-289) .(/1)
رقم السؤال:
109317
العنوان:
هل يجب أن يدخل المسجد من باب السلام ويخرج من باب الوداع؟
السؤال:
هل الخروج من باب الوداع لازم لمن ودع أم لا؟ وهل الدخول من باب السلام لازم؟
الجواب:
الحمد لله
"لا يلزم المودع الخروج من الباب المسمى: باب الوداع، ولا يلزم القادم أن يدخل من باب السلام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/299) .
وانظر السؤال رقم (34869) .(/1)
رقم السؤال:
109318
العنوان:
هل يجب على النائب أن يحج من مكان من يحج عنه؟
السؤال:
امرأة من اليمن أوصت ورثتها قبل موتها أن يجعلوا من يحج عنها من مالها الخاص ، فهل يجوز الحج عن هذه المرأة ممن هم في مدينة جدة ؟ وهل يحرم من بيته في جدة ، أو يذهب إلى ميقات أهل اليمن الساحلي ويحرم من هناك ، أو أنه يجب على الذي سيحج عن هذه المرأة أن يكون من اليمن ؛ أي خروجه للحج يكون من اليمن ؟ وهل يجب أن يكون هذا الحاج من بلدة هذه المرأة صاحبة الوصية ؟
الجواب:
الحمد لله
لا يجب على النائب أن يحج من بلد مَنْ يحج عنه ، ولا أن يحرم من ميقاته ، بل يُحرم النائب من ميقاته هو ، ولا حرج أن يحج من جدة عن امرأة من أهل اليمن ، ويحرم النائب من جدة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن رجل من أهل أفريقيا يريد أن يكلف شخصاً بالحج عن أمه ، فأجابت:
"يجوز للشخص المذكور أن يقيم من مكة أو غيرها من الثقات من يحج عن أمه إذا كانت متوفاة أو عاجزة عن مباشرة الحج بنفسها ؛ لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/80) .(/1)
رقم السؤال:
109319
العنوان:
هل يجوز أن يتبرع بأجر الطواف لشخص آخر؟
السؤال:
ما حكم التبرع بأجر الطواف لشخص آخر، حيث إن البعض إذا رأى شخصاً سيذهب إلى مكة يقول له: خذ لي سبعاً، أي: سبعة أشواط، ينوي أجرها له، هل هذا جائز أم لا؟
الجواب:
الحمد لله
"الطواف بالكعبة لا يقبل النيابة، فلا يطوف أحد عن غيره إلا إذا كان حاجاً عنه أو معتمراً؛ فينوب عنه فيه تبعاً لجملة الحج أو العمرة .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/236) .(/1)
رقم السؤال:
109320
العنوان:
هل يجوز تأخير السعي عن الطواف بساعتين أو أكثر؟
السؤال:
هل يجوز لنا أن نفرق بين الطواف والسعي بساعتين فأكثر ثم نسعى بعد ذلك؟
الجواب:
الحمد لله
نعم ، لا حرج من تأخير السعي عن الطواف ، وإن كان الأفضل أن يكون السعي عقب الطواف .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (10/240) :
"ولا تجب الموالاة بين الطواف والسعي .
قال الإمام أحمد : لا بأس أن يؤخر السعي حتى يستريح أو إلى العشي .
وكان عطاء , والحسن لا يريان بأسا لمن طاف بالبيت أول النهار أن يؤخر الصفا والمروة إلى العشي . وفعله القاسم , وسعيد بن جبير" انتهى .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
"السنة أن يكون السعي متصلاً بالطواف بقدر الاستطاعة، فإن أخر السعي كثيراً ثم سعى أجزأه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/263) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"لا تشترط الموالاة بين الطواف والسعي حتى وإن لم يكن ضرورة ، فلو فرض أن الإنسان طاف في أول النهار وسعى في آخره فلا حرج عليه ، أو طاف في أول الليل وسعى في النهار فلا حرج ، لأن الموالاة بين الطواف والسعي سنة وليست بواجبة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/201) .(/1)
رقم السؤال:
109321
العنوان:
هل يجوز تكرار العمرة في السنة؟
السؤال:
ما حكم تكرار العمرة في السنة؟
الجواب:
الحمد لله
"الصحيح أنه يجوز تكرار العمرة في السنة عدة مرات ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) متفق على صحته.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/334) .(/1)
رقم السؤال:
109322
العنوان:
هل يجوز للمرأة أن تحرم وهي تلبس الذهب؟
السؤال:
هل يصح لها الإحرام بالذهب ؟
الجواب:
الحمد لله
"يجوز للمرأة أن تحرم وبيدها أسورة ذهب أو خواتم ونحو ذلك ، ويشرع لها ستر ذلك عن الرجال غير المحارم ؛ خشية الفتنة بها .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/190- 192) .
وقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 201) : "لا بأس أن تلبس المرأة حال الإحرام من الذهب ما شاءت إذا لم يخرج إلى حد الإسراف حتى الخواتم والأساور في اليدين ، لكن في هذه الحال تستره عن الرجال الأجانب خوفاً من وقوع الفتنة" انتهى .
والله أعلم(/1)
رقم السؤال:
109323
العنوان:
فتوى اللجنة الدائمة فيما إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة
السؤال:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه .. أما بعد: فقد كثر السؤال عما إذا وقع يوم عيد في يوم جمعة فاجتمع العيدان: عيد الفطر أو الأضحى مع عيد الجمعة التي هي عيد الأسبوع، هل تجب صلاة الجمعة على من حضر صلاة العيد أم يجتزئ بصلاة العيد ويصلى بدل الجمعة ظهراً؟ وهل يؤذن لصلاة الظهر في المساجد أم لا؟ إلى آخر ما حصل عنه السؤال، فرأت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إصدار الفتوى الآتية:
الجواب:
الجواب:
في هذه المسألة أحاديث مرفوعة وآثار موقوفة منها:
1- حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سأله: هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم واحد؟ قال: نعم، قال: كيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة، فقال: (من شاء أن يصلي فليصل). رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي والحاكم في "المستدرك" وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وله شاهد على شرط مسلم. ووافقه الذهبي، وقال النووي في "المجموع": إسناده جيد.
2- وشاهده المذكور هو حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون). رواه الحاكم كما تقدم، ورواه أبو داود وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي وغيرهم.(/1)
3- وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ثم قال: (من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها ، ومن شاء أن يتخلف فليتخلف). رواه ابن ماجه ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" بلفظ: اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم فطر وجمعة، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، ثم أقبل عليهم بوجهه فقال: (يا أيها الناس إنكم قد أصبتم خيراً وأجراً وإنا مجمعون، ومن أراد أن يجمع معنا فليجمع، ومن أراد أن يرجع إلى أهله فليرجع).
4- وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اجتمع عيدان في يومكم هذا فمن شاء أجزأه من الجمعة ، وإنا مجمعون إن شاء الله). رواه ابن ماجه، وقال البوصيري: إسناده صحيح ورجاله ثقات.
5- ومرسل ذكوان بن صالح قال: اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة ويوم عيد فصلى ثم قام، فخطب الناس، فقال: (قد أصبتم ذكراً وخيراً وإنا مجمعون، فمن أحب أن يجلس فليجلس -أي في بيته- ومن أحب أن يجمع فليجمع). رواه البيهقي في السنن الكبرى.
6- وعن عطاء بن أبي رباح قال: صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا، فصلينا وحداناً، وكان ابن عباس بالطائف فلما قدمنا ذكرنا ذلك له، فقال : (أصاب السنة). رواه أبو داود، وأخرجه ابن خزيمة بلفظ آخر وزاد في آخره: قال ابن الزبير: (رأيت عمر بن الخطاب إذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا).
7- وفي صحيح البخاري رحمه الله تعالى وموطأ الإمام مالك رحمه الله تعالى عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال أبو عبيد: شهدت العيدين مع عثمان بن عفان، وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة ثم خطب، فقال: (يا أيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له).(/2)
8- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لما اجتمع عيدان في يوم: (من أراد أن يجمع فليجمع، ومن أراد أن يجلس فليجلس). قال سفيان: يعني : يجلس في بيته. رواه عبد الرزاق في المصنف ونحوه عند ابن أبي شيبة.
وبناء على هذه الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذه الآثار الموقوفة عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم ، وعلى ما قرره جمهور أهل العلم في فقهها، فإن اللجنة تبين الأحكام الآتية:
1- من حضر صلاة العيد فيرخص له في عدم حضور صلاة الجمعة، ويصليها ظهراً في وقت الظهر، وإن أخذ بالعزيمة فصلى مع الناس الجمعة فهو أفضل.
2- من لم يحضر صلاة العيد فلا تشمله الرخصة، ولذا فلا يسقط عنه وجوب الجمعة، فيجب عليه السعي إلى المسجد لصلاة الجمعة، فإن لم يوجد عدد تنعقد به صلاة الجمعة صلاها ظهراً.
3- يجب على إمام مسجد الجمعة إقامة صلاة الجمعة ذلك اليوم ليشهدها من شاء شهودها ومن لم يشهد العيد ، إن حضر العدد التي تنعقد به صلاة الجمعة وإلا فتصلى ظهرا.
4- من حضر صلاة العيد وترخص بعدم حضور الجمعة فإنه يصليها ظهراً بعد دخول وقت الظهر.
5- لا يشرع في هذا الوقت الأذان إلا في المساجد التي تقام فيها صلاة الجمعة، فلا يشرع الأذان لصلاة الظهر ذلك اليوم.
6- القول بأن من حضر صلاة العيد تسقط عنه صلاة الجمعة وصلاة الظهر ذلك اليوم قول غير صحيح، ولذا هجره العلماء وحكموا بخطئه وغرابته، لمخالفته السنة وإسقاطه فريضةً من فرائض الله بلا دليل، ولعل قائله لم يبلغه ما في المسألة من السنن والآثار التي رخصت لمن حضر صلاة العيد بعدم حضور صلاة الجمعة، وأنه يجب عليه صلاتها ظهراً .
والله تعالى أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ .. الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان .. الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد .. الشيخ صالح بن فوزان الفوزان .(/3)
رقم السؤال:
109324
العنوان:
هل يحج عن أبيه الذي ليس له مال يحج به؟
السؤال:
أنا شاب أعمل في بلاد الحرمين ، ودخلي محدود يكفيني للضروريات ، وتكاليف المعيشة والحمد لله ، وقد حججت عن نفسي ثلاث مرات والحمد لله ، ولي والد في مصر لم يحج بعد ، وذلك لعدم توفر نفقة الحج لديه ، علماً بأنه طيب وصحيح ومعافى ، ولكن بسبب عدم توفر نفقة الحج ، هل يمكنني أن أحج عنه ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الواقع ما ذكر من أن والدك صحيح معافى ولا يستطيع الحج من أجل عدم استطاعته المالية فلا يلزمه الحج ؛ لقوله سبحانه وتعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آل عمران/97 ، ولا يصح الحج عنه منك ، ولا من غيرك ، لكن يشرع لك إذا كنت مستطيعاً لنفقته على الحج أن تساعده بذلك ليحج بنفسه .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/31، 32) .(/1)
رقم السؤال:
109325
العنوان:
هل يحج عن قريبه الذي لا يستطيع السفر للحج؟
السؤال:
هل يجوز للمسلم الذي أدى فرضه أن يحج عن أحد أقاربه في بلاد الصين لعدم تمكنه من السفر لأداء فريضة الحج ؟
الجواب:
الحمد لله
"يجوز للمسلم الذي قد أدى حج الفريضة أن يحج عن غيره إذا كان ذلك الغير لا يستطيع الحج بنفسه لكبر سنه أو مرض لا يرجى برؤه أو لكونه ميتاً ؛ للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك ، أما إن كان من يراد الحج عنه لا يستطيع الحج لأمر عارض يرجى زواله كالمرض الذي يرجى برؤه ، وكالعذر السياسي ، وكعدم أمن الطريق ونحو ذلك ؛ فإنه لا يجزئ الحج عنه .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/51) .(/1)
رقم السؤال:
109326
العنوان:
هل يحجج أخته الفقيرة أو يقضي ديون زوجها؟
السؤال:
أنا رجل موسر الحال ، ولي شقيقة ، زوجها معسر الحال ، وصار معه حادث وأصبح مديوناً وغير قادر على سداد الدين ؛ لأن عائلته كبيرة جداً ، وهو المعيل الوحيد لعائلته ، وأنا أديت فريضة الحج ، وحججت ثانياً ، والآن أريد أن أحج للمرة الثالثة وأحجج شقيقتي على نفقتي الخاصة ؛ لأنها لا تقدر أن تؤدي فريضة الحج ، ما هو أفضل عند الله تعالى : أحجج شقيقتي وأنا معها ، أو أفك عسر زوجها بمصاريف الحج وتكاليفه ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكر من أن زوج أختك تحمل ديوناً وليس لديه سدادها ، فالأولى أن تقضي ديونه بما لديك ، وتؤجل تحجيج أختك ؛ لأن قضاء دين زوجها وتفريج كربتهما جميعاً أهم من تحجيجها ، وأنفع لهما جميعاً ، وليس عليها حج حتى تستطيع .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/44) .(/1)
رقم السؤال:
109327
العنوان:
هل يحرم البيع والشراء بعد طواف الوداع؟
السؤال:
هل طواف الوداع، يحرم البيع والشراء في مكة أم لا؟
الجواب:
الحمد لله
"لا يحرم البيع ولا الشراء بعد طواف الوداع، لكن لو ودع الحاج ثم تأخر كثيراً عرفاً شرع أن يعيد الطواف.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/298-299) .(/1)
رقم السؤال:
109328
العنوان:
هل يختتم الطواف بالتكبير عند الحجر الأسود؟
السؤال:
هل يختم الطواف بالتكبير عند الحجر الأسود كما بدأ به أولا ؟
الجواب:
الحمد لله
"الطواف بالكعبة من العبادات المحضة ، والأصل في العبادات التوقيف ، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر في طوافه كلما حاذى الحجر الأسود ، ولا شك أن الطائف يحاذيه في نهاية الشوط السابع ، فيسن له أن يكبر كما سن له التكبير في بدء كل شوط عند محاذاته إياه ؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم مع استلام الحجر وتقبيله إذا تيسر ذلك .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/224، 225) .(/1)
رقم السؤال:
109329
العنوان:
هل يخرج من منى إلى الطائف ثم يعود بعد الزحام للوداع؟
السؤال:
هل يجوز للحاج أيام منى أن يذهب إلى الطائف وبعد مضي عشرين يوماً يعود فيودع؟
الجواب:
الحمد لله
"لا يجوز لمن حج البيت الحرام أن يسافر حتى ينهي أعمال الحج ومناسكه، ومنها طواف الوداع .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/307) .(/1)
رقم السؤال:
109330
العنوان:
هل يصح أن يعتمر قبل أن يحج؟
السؤال:
هل يصح للإنسان أن يعتمر قبل أن يحج حج الفريضة؟
الجواب:
الحمد لله
"نعم ؛ يجوز للإنسان أن يعتمر قبل أن يحج ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا قبل أن يحجوا حجة الفريضة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/318) .(/1)
رقم السؤال:
109331
العنوان:
هل يجوز للمرأة أن تتطيب وهي محرمة؟
السؤال:
هل يجوز للمرأة أن تتطيب وهي محرمة ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا يجوز لمحرم التطيب بعد الإحرام ، سواء كان رجلاً أو امرأة ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : (ولا تلبسوا شيئاً من الثياب مسه الزعفران أو الورس) ، وقول عائشة رضي الله عنها : (طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) متفق عليه ، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي مات وهو محرم : (لا تمسوه طيباً) متفق على صحته .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/190- 192) .(/1)
رقم السؤال:
109332
العنوان:
هل يلزم الحجاج زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم والبقيع وأحد وقباء؟
السؤال:
هل يلزم الحجاج، من رجال ونساء، زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم والبقيع وأحد وقباء، أم الرجال فقط؟
الجواب:
الحمد لله
"لا يلزم الحجاج - رجالاً أو نساءً - زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا البقيع، بل يحرم شد الرحال إلى زيارة القبور مطلقاً، ويحرم ذلك على النساء، ولو بلا شد الرحال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى) متفق عليه ، ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، ويكفي النساء يصلين في المسجد النبوي، ويكثرن من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد وغيره.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/362) .(/1)
رقم السؤال:
109333
العنوان:
هل يلزم الزوج الغني تكاليف حج زوجته؟
السؤال:
زوجة لا تملك نفقات الحج وزوجها غني ، فهل هو ملزم شرعاً بنفقات حجها ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا يلزم الزوج شرعاً بنفقات حجها وإن كان غنياً ، وإنما ذلك من باب المعروف ، وهي غير ملزمة بالحج لعجزها عن نفقته .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/35) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/94) أيضاً :
"لا يجب على الزوج لزوجته نفقات حجها مثل ما تجب عليه نفقات أكلها وكسوتها وسكناها ، ولكن بذله من باب حسن العشرة ومكارم الأخلاق ، ويجب لها عليه في سفر حجها ما يقابل نفقتها حال كونها مقيمة" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .(/1)
رقم السؤال:
109334
العنوان:
هل يلزمه الأخذ من رأسماله المحتاج إليه ليحج؟
السؤال:
أعمل تاجرا ، وربح التجارة يكاد يكفيني وأهلي ، ولا أستطيع الحج حتى آخذ من رأسمال التجارة ، مما يسبب نقص الربح ، فلا يكفيني الربح الناتج لنفقات أولادي ، فهل يجب علي الحج ؟
الجواب:
الحمد لله
لا يجب الحج إلا على المستطيع ، لقول الله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آل عمران/97.
ومعنى الاستطاعة المالية : أن يكون عنده من النفقة ما يكفيه وأهله إلى أن يعود .
ويكون له بعد عودته ما يقوم بكفايته وكفاية من ينفق عليهم كأجرة عقار أو راتب أو تجارة ونحو ذلك .
ولذلك لا يلزمه أن يحج برأس مال تجارته الذي ينفق على نفسه وأهله من ربحها ، إذا كان سيترتب على نقص رأس المال نقصُ الأرباح بحيث لا تكفيه وأهله .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/12) :
"ومن له عقار يحتاج إليه لسكناه , أو سكنى عياله , أو يحتاجه إلى أجرته لنفقة نفسه أو عياله , أو بضاعة متى نقصها اختل ربحها فلم يكفهم , لم يلزمه الحج" انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
أنا مواطن مصري ورب أسرة من طفلين وزوجة ، وراتبي في مصر لا يكاد يكفي ضرورات الحياة ، وليس لي أي دخل آخر ، وعملت بإحدى دول الخليج 4 سنوات ، وتوفر لي مبلغ من المال ، ووضعته في بنك إسلامي ليدر علي دخلاً يساعد في مواجهة أعباء الحياة المختلفة ، بحيث الراتب وهذا الدخل يكفيني بصورة معتدلة أنا وأسرتي ، فهل أنا مكلف باقتطاع جزء من هذا المبلغ لنفقات الحج ، وهل أنا مكلف بالحج في ضوء هذه الظروف ؟ علماً بأنني إذا اقتطعت مبلغ نفقات الحج من حسابي في البنك سوف يؤثر هذا على دخلي الشهري ، ويرهقني مادياً .
فأجابوا :(/1)
"إذا كانت حالتك كما ذكرت فلست مكلفاً بالحج ؛ لعدم الاستطاعة الشرعية ، قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آل عمران/97 ، وقال : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/16 ، وقال : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج/78 .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/35، 36) .
وعلى هذا ؛ فلا يجب عليك الحج ، ما دمت محتاجاً للمال الذي معك لنفقاتك ونفقات أولادك .(/2)
رقم السؤال:
109335
العنوان:
لا يجوز تطييب ثياب الإحرام
السؤال:
بعض الناس إذا أراد أن يحرم يطيب جسمه ورأسه ، ويطيب ملابس الإحرام ، ثم يلبسها ويحرم ، ما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله
أما تطييب الرأس والبدن فهو سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد سبق بيانه في جواب السؤال رقم (106550) .
وأما تطيب ملابس الإحرام فلا يجوز ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرم عن لبس ثوب مسه طيب ، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن تطييب ملابس الإحرام فقال :
"لا يجوز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس)" انتهى.
"مجموع الفتاوى" لابن عثيمين (22/9) .(/1)
رقم السؤال:
109336
العنوان:
لا يصح تغيير النية من التمتع إلى الإفراد .
السؤال:
كنا ننوي الحج متمتعين ، وحصل أن تأخرنا في الطريق فغيرنا الإحرام إلى إفراد وذهبنا إلى عرفات مباشرة ، فهل يجوز ذلك؟
الجواب:
الحمد لله
المتمتع إذا لم يتمكن من الاعتمار قبل الحج ، فإنه يغير نيته من التمتع إلى القران ، فينوي أنه صار قارناً بين الحج والعمرة معاً .
وهذا هو ما وقع لعائشة رضي الله عنها ، فإنها كانت متمتعة ثم حاضت ولم تتمكن من الاعتمار قبل الحج فأدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة . رواه البخاري ومسلم .
ولا يجوز للمتمتع تغيير النية إلى إفراد ، لأنه لما نوى العمرة وجب عليه إتمامها ، لقوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) البقرة/196 .
ومعنى الإفراد أنه لن يعتمر وإنما يحج فقط ، وعلى هذا ، فتغييركم النية إلى الإفراد غير صحيح ، وتكونون بذلك قارنين ، فيلزمكم الهدي .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مجموعة من الشباب خافوا ألا يتمكنوا من الاعتمار قبل الحج ، فغيروا النية إلى الإفراد . فأجاب:
"إن كان تغيير النية قبل الإحرام فلا حرج في ذلك ، وإن كان بعد الإحرام فإن حجهم كان قراناً ، ولم يكن إفراداً ، ومعنى أنه كان قراناً أنه لما أدخلوا الحج على العمرة صاروا قارنين ، فإن القران له صورتان :
الأولى : أن يحرم بالحج والعمرة جميعاً من أول عقد الإحرام .
الثانية : أن يحرم بالعمرة أولاً ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها .
وعلى هذا ما دمتم أحرمتم بالعمرة أولاً ثم بدا لكم أن تجعلوها حجاً فإنكم تكونون قارنين ، فإن كنتم قد ذبحتم هدياً في عيد الأضحى من حجكم ذلك العام فقد أتيتم بالواجب وتم لكم الحج والعمرة ، فإن لم تكونوا قد ذبحتموه فإن عليكم أن تذبحوه الآن بمكة وتأكلوا منه وتتصدقوا . فمن لم يجد الهدي منكم ـ أي ما يشتري به الهدي ـ فإن عليه أن يصوم عشرة أيام الآن" انتهى .(/1)
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/39) .(/2)
رقم السؤال:
109337
العنوان:
لا يعرف مناسك الحج ويريد الحج
السؤال:
لا أعرف مناسك الحج وأريد أن أحج ، فماذا أفعل ؟
الجواب:
الحمد لله
الواجب على من أراد أن يحج أن يتعلم صفة الحج ، أو على الأقل يحمل معه كتيباً صغير الحجم سهل العبارة ، لأحد العلماء الموثوقين المعروفين باتباع السنة والحرص عليها ، ويعمل بما فيه .
ومن الكتب المفيدة في ذلك :
1-التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة للشيخ ابن باز رحمه الله .
2-مناسك الحج والعمرة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
وإذا أشكل عليه شيء سأل أهل العلم ، وينبغي أن يصحب أحد العلماء أو طلبة العلم ليعلمه المناسك أولاً بأول .
فيسأل عن الحملات التي تحرص على أن يكون معها أحد الدعاة أو طلبة العلم ويخرج معها .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن مثل ذلك فأجاب :
"جوابي على هذا أن الله سبحانه وتعالى قد أجابه في قوله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل/43 . والواجب على من أراد عبادة يجهلها أن يسأل أهل العلم عنها حتى يعبد الله على بصيرة ، لأن من شروط العبادة الإخلاص لله عز وجل ، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تمكن المتابعة إلا بمعرفة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم به من أعمال العبادة القولية والفعلية ، ولهذا أقول لهذا السائل : إذا أردت الحج وأنت لا تعرف أحكامه ولا تعرف المناسك فالواجب عليك أن تسأل أهل العلم بذلك ، وإنني أؤكد على من أراد الحج أن يصحب أحداً من أهل العلم من طلبة العلم الذين عرفوا بمعرفة الأحكام التي تتعلق بالحج من أجل أن يكون مقتدياً فيما يرشدونه إليه" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/50) .(/1)
رقم السؤال:
109339
العنوان:
هل توكل المرأة من يرمي عنها خوفاً من الزحام؟
السؤال:
هل توكل المرأة من يرمي عنها الجمار ، نظراً لشدة الزحام؟
الجواب:
الحمد لله
"الزحام الشديد الذي يخشى على النساء منه لا يجوز أن تخوض المرأة غماره ؛ لأن ذلك تعب عليها ، ولأنها سترمي الجمرة وهي لا تشعر من شدة الزحام ، فمثلاً إذا كان يريد أن يتعجل في يومين ويحب أن يرمي من حين الزوال وينصرف ، هنا لا يمكن أن ترمي المرأة أبداً ، لأنه خطر عليها ، فنقول في هذه الحال : توكل ولا حرج ، أما في غير ذلك ، مثلاً : في اليوم الحادي عشر يمكن أن تؤخر الرمي عن الزوال إلى العصر ، أو إلى الليل ، ولها إلى الفجر فالأمر والحمد لله واسع" .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/122) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل يجوز رمي الجمار أيام الحج في وقتنا هذا عن النساء؛ نظراً لشدة الزحام؟
فأجابوا :
"قال تعالى : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ، وقال تعالى : (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) ، فالعسر والحرج منفيان عن هذه الشريعة بهاتين الآيتين، وما جاء في معناهما، والنساء تختلف أحوالهن: فمنهن الحامل، وضخمة الجسم جداً، والهزيلة، والمريضة، والمسنة العاجزة، ومنهن القوية، فأما المرأة التي يوجد فيها عذر من الأعذار المشار إليها ونحوها فتجوز النيابة عنها، ولا إشكال في ذلك، والذي يرمي عنها لا ينوب عنها إلا بإذنها قبل الرمي عنها، فيرمي عن نفسه ثم عنها. وأما القوية فإذا حصلت مشقة غير مألوفة جازت النيابة عنها على الوصف الذي سبق في كيفية النيابة، وأنه يرمي عنها بعد ما يرمي عن نفسه. والشخص الذي يكون نائباً في الرمي عن غيره يكون من الحجاج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .(/1)
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/283) .
وجاء فيها أيضاً (11/284) :
"يجوز عند الزحام في رمي الجمرات أن توكل المرأة من يرمي عنها، ولو كانت حجتها حجة الفريضة، وذلك من أجل مرضها أو ضعفها، أو المحافظة على حملها إن كانت حاملاً، وعلى عرضها وحرمتها؛ حتى لا تَنتهك حرمتها شدة الزحام .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .(/2)
رقم السؤال:
109340
العنوان:
هل يتلفظ المضحي بالنية عند الذبح؟
السؤال:
قول المضحي : هذه عن فلان أي تسمية صاحب الأضحية عند الذبح هل هذا نطق بالنية؟
الجواب:
الحمد لله
ليس هذا تلفظاًَ بالنية ، "لأن قول المضحي : هذه عني وعن أهل بيتي ، إخبار عما في قلبه ، لم يقل اللهم إني أريد أن أضحي . كما يقول من يريد أن ينطق بالنية ، بل أظهر ما في قلبه فقط ، وإلا فإن النية سابقة من حين أن أتى بالأضحية وأضجعها وذبحها فقد نوى" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/20) .(/1)
رقم السؤال:
109341
العنوان:
هل يشترط أن تكون ثياب الإحرام جديدة؟
السؤال:
ما السنة في الإزار والرداء للمحرم وهل يشترط أن يكونا جديدين ؟
الجواب:
الحمد لله
السنة في الإزار والرداء للرجل في الإحرام ، أن يكونا أبيضين نظيفين ، ولا يشترط أن يكونا جديدين .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (10/76) :
"ويلبس ثوبين نظيفين ، يعني : إزارا ورداء , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين ) .
ويستحب أن يكونا نظيفين ; إما جديدين , وإما غسيلين ; لأننا أحببنا له التنظف في بدنه , فكذلك في ثيابه , والأولى أن يكونا أبيضين ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خير ثيابكم البياض , فألبسوها أحياءكم , وكفنوا فيها موتاكم )" انتهى باختصار .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"لا يشترط في الإزار والرداء أن يكونا جديدين ، ولكن يستحب أن يحرم في ثوبين نظيفين أبيضين ، وكلما كانا أنظف فهو أحسن ؛ لأن الله تعالى جميل يحب الجمال " انتهى .
"مجموع الفتاوى" لابن عثيمين (22/12) .(/1)
رقم السؤال:
109342
العنوان:
إذا تعجلت المرأة فلا حرج أن توكل من يرمي عنها لشدة الزحام
السؤال:
يخاف بعض الرجال على نسائهم من شدة الزحام عند رمي الجمرات فيوقفهم على الجمرات فإن كانت الجمرات زحام رمى عنهن وإذا قل الزحام رمين فهل يصح لهن أن يرمين الجمرات إذا خف الزحام ، أم أن رمي الرجال عنهن أثناء الزحام كان كافياً؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان هذا الزحام لابد منه مثل أن يكون في اليوم الثاني عشر ، وهم يميلون إلى أن يتعجلوا ، ولا يمكن أن يتأخروا حتى يخف ، فلا حرج أن تؤكل المرأة ، بل لابد أن توكل في هذه الحال ؛ لأن دخولها غمار الزحام ، لا شك أنه خطر عليها .
أما بقية الأيام فيمكن أن تؤخر الرمي إلى آخر الليل ويكون يسيراً" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/116) .(/1)
رقم السؤال:
109343
العنوان:
إذا شك في الطواف فهل يسجد للسهو؟
السؤال:
إذا شك الإنسان في الطواف فهل يسجد للسهو باعتبار أن الطواف بالبيت صلاة ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا يسجد ؛ لأنه لا يتعبد في الطواف بالسجود ، فإذا كان الأصل ليس فيه سجود ، فكيف إذا كان فيه شك ؟! كيف يجبر بالسجود وهو أصلاً ليس فيه سجود؟!" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 347) .(/1)
رقم السؤال:
109344
العنوان:
إذا وصل إلى مزدلفة صلى المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير
السؤال:
نحن جماعة وصلنا إلى مزدلفة بعد غروب الشمس مباشرة وقالوا نصلي المغرب والعشاء جمع تقديم لكن قلت لهم : نصليها جمع تأخير لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولأني أعلم أن بعض العلماء قالوا بجمع التأخير بمزدلفة وذكر بعضهم أنه لو قدمها لم تجزئه؟
الجواب:
الحمد لله
"الصحيح أن الإنسان إذا وصل إلى مزدلفة يصلي من حين أن يصل ؛ لأن هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن كان يجمع جمع تأخير بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأن المسافة بعيدة وهو قد جاء على بعير ثم إنه نزل في أثناء الطريق وبال وتوضأ ، ومثل هذا لا يصل إلى مزدلفة إلا بعد دخول العشاء ولذلك جمع بينهما جمع تأخير ، لكن إذا وصل الآن قبل دخول وقت العشاء فصلِّ المغرب ، ولكن هل نقول صلِّ المغرب وانتظر للعشاء حتى يدخل وقتها أو نقول اجمعها معها؟ في وقتنا الحاضر نرى أن الأرفق بالإنسان أن يجمع العشاء مع المغرب ؛ لأنه يسلم من التعب في تحصيل الماء فربما ينتقص وضوؤه فيحتاج إلى وضوء ولا يجد الماء ، وإذا وجده ربما يضيع إذا انطلق من مكانه ، فنقول : الأرفق بالناس أن يصلوا العشاء مع المغرب ولو كانوا وصلوا إلى مزدلفة في وقت المغرب ، وكان ابن مسعود رضي الله عنه إذا وصل إلى مزدلفة قبل وقت العشاء يصلي المغرب ثم يدعو بعشاء فيتعشى ثم يأمر مؤذنه فيؤذن ثم يصلي العشاء ، وهذا يدل على أنه رضي الله عنه يرى أن الإنسان إذا وصل إلى مزدلفة في وقت المغرب يصليها ولا يجمع إليها العشاء" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/63) .(/1)
رقم السؤال:
109345
العنوان:
استأجروا عمارة في مكة ليبقوا فيها أيام منى نهاراً
السؤال:
بعض الحملات يستأجرون خياماً في منى وعمارة في مكة فيبيتون في منى ويرجعون نهاراً إلى عمارتهم في مكة المكرمة ترفهاً منهم فما حكم عملهم هذا؟
الجواب:
الحمد لله
"لا شك أن عملهم هذا من حيث القواعد الفقهية جائز ، لكن عندي أن هؤلاء في الحقيقة إنما جاؤوا للنزهة ؛ لأنهم لم يتبعوا السنة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جلس في منى ليلاً ونهاراً ، والحج جهاد ، وليس ترفهاً ، ولا أدري كيف يشعر هؤلاء بالعبادة والإنابة إلى الله ، وأنهم مستمرون في الحج وهم ينتقلون إلى البيت رفاهية ، وربما يكون عندهم آلات لهو ، ثم يرجعون إلى منى جزءاً من الوقت ، أنا لا أدري كيف يشعرون بأنهم في عبادة ، ولهذا ينبغي أن ينبه المسلمون على هذه المسألة التي انهمك فيها كثير من الناس ، أخذوا بقواعد الفقهاء ، أو بما يقتضيه كلام الفقهاء ، ونسوا أن المسألة عبادة ، لذا ينبغي للإنسان أن يفعلها كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : (خذوا عني مناسككم) ، فنقول : ابق في خيمتك ولو كانت حارة ، ولو حصل عليك عرق ، ولو حصل عليك مشقة وأذية ، فهو في طاعة الله ، والمسألة أيام ، كل الحج لا يتجاوز ستة أيام ، الثامن ، والتاسع ، والعاشر ، والحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر لمن تأخر ، وأنت آتٍ من بلدك ، مغادر أهلك ، ومالك ، ومخاطر في الأسفار وتعجز عن أن تحبس نفسك ستة أيام ، أو خمسة أيام ، أو أقل من أربعة أيام ، فوالله يؤسفني هذا جداً ، ويؤلمني جداً ، وإن كان بعض الناس يفتي بما يقتضيه كلام الفقهاء ، فإنه سيتحول الحج بعدئذ إلى نزهة ، فنسأل الله لنا ولهم الهداية ، فأرى أن هؤلاء الذي مر ذكرهم في السؤال حجهم ناقص ولا شك ، لأنهم لم يتبعوا السنة في البقاء في منى ليلاً ونهاراً " انتهى .(/1)
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/248) .(/2)
رقم السؤال:
109346
العنوان:
استعملت مانعاً للحيض ونزلت عليها كدرة
السؤال:
امرأة استعملت مانعاً للحيض من أجل الحج ومع التعب نزل عليها شيء مثل الكدرة فما حكمه ؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا ليس بشي ، قالت أم عطية رضي الله عنها : (كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً) حتى وإن استمر ، ما دام لم يكن دماً خالصاً فليس بشي" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 91، 92) .(/1)
رقم السؤال:
109347
العنوان:
أصاب ثياب الإحرام دم من ذبح الهدي
السؤال:
عند ذبح الهدي ، أصاب الدم ثياب الإحرام ، فهل يجوز لبسه وعليه دم؟
الجواب:
الحمد لله
"الدم إذا كان طاهراً فإنه لا يضر إذا وقع على الإحرام أو غيره من الثياب ، والدم الطاهر من البهيمة هو الذي يبقى في اللحم والعروق بعد ذبحها : كدم القلب ودم الفخذ ونحو ذلك ، وأما إذا كان الدم نجساً فإنه يغسل سواءً في ثوب الإحرام أو غيره ، وذلك الدم المسفوح ، فلو ذبح شاة مثلاً وأصابه من دمها فإنه يجب عليه أن يغسل هذا الذي أصابه ، سواء وقع على ثوبه أو على ثوب الإحرام ، أو على بدنه ، إلا أن العلماء رحمهم الله قالوا : يعفى عن الدم اليسير لمشقة التحرز منه" انتهى .
"مجموع الفتاوى" لابن عثيمين (22/11) .(/1)
رقم السؤال:
109348
العنوان:
اعتمر متمتعاً، ثم خرج من مكة فهل يلزمه الرجوع محرماً بالحج؟
السؤال:
من أدى العمرة في أشهر الحج متمتعاً ثم زار المسجد النبوي بين العمرة والحج أو خرج إلى الطائف هل يلزمه الإحرام إذا رجع إلى مكة وهو متمتع ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا يلزمه الإحرام ، فإذا أدى المتمتع العمرة وخرج من مكة إلى الطائف ، أو إلى جدة ، أو إلى المدينة ، ثم رجع ، فإنه لا يلزمه الإحرام بالحج لأنه رجع إلى مقره ، فإنه لما جاء حاجاً صار مقره مكة ، فإذا سافر إلى المدينة ثم رجع فقد رجع إلى مقره فيحرم بالحج يوم التروية من مكة ، كما لو كان من أهل مكة وذهب إلى المدينة في أشهر الحج ثم رجع من المدينة وهو في نيته أن يحج في هذا العام ، فإنه لا يلزمه الإحرام بالحج إلا من مكة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 78) .(/1)
رقم السؤال:
109349
العنوان:
الأصلع الذي لا شعر له يمرر الموسى على رأسه؟
السؤال:
الرجل الأصلع الذي ليس له شعر ماذا يفعل إذا أراد التحلل بعد جمرة العقبة ؟ وهل يلزمه أن يمر الموسى على رأسه ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا كان لا شعر له فلا يلزمه شيء ، ولا يمر الموسى على رأسه ، ويتحلل بدون حلق .
أما إذا كان له شعر مهما كان قليلاً فإنه يمر الموسى عليه ويحلقه ، وبهذا يتحلل .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن الأصلع الذي لا شعر له مطلقاً ، ماذا يفعل عند التحلل ، وهل يمر الموسى على رأسه؟
فأجاب: "ليس عليه شيء ، ولا يمر الموسى ، وبعض العلماء قال : يمر الموسى عليه ، لكن هذا ليس بصحيح" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/159) .(/1)
رقم السؤال:
109350
العنوان:
الحكمة من تجرد المحرم من ثيابه المعتادة
السؤال:
ما الحكمة من تجرد المحرم من المخيط في الحج والعمرة ؟
الجواب:
الحمد لله
"الحكمة من التجرد من أجل أن يكمل ذل الإنسان لربه عز وجل ظاهراً وباطناً ، لأن كون الإنسان في رداء وإزار ذل ، تجد أغنى الناس الذي يستطيع أن يلبس أفخر اللباس تجده مثل أفقر الناس لكمال الذل ، وأيضاً : من أجل إظهار الوحدة بين المسلمين وأنهم أمة واحدة حتى في اللباس ، ولهذا يطوفون على بناء واحد ، ويقفون في مكان واحد ، ويبيتون في مكان واحد ، ويرمون في موضع واحد .
الفائدة الثالثة : أن الإنسان يتذكر أنه إذا خرج من الدنيا فلن يخرج إلا بمثل هذا ، لن يخرج بفاخر اللباس وإنما سيخرج في كفن ، والله المستعان" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 136) .(/1)
رقم السؤال:
109351
العنوان:
العبرة بما في النية وإن أخطأ اللسان
السؤال:
عند الإحرام كانت نيتي عمرة متمتعة بها إلى الحج ، ولكن لفظت حجاً متمتعة به إلى العمرة ، والعمل كان بالنية لا باللفظ ، فما هو الموقف من هذا العمل وهذا الحج وهل هو صحيح بالنية أم باللفظ ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الذي لفظت به سبقة لسان غير مقصود منك فلا أثر له ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه البخاري (1) ومسلم (1907) .
فإذا كانت نيتك أن تحرمي بالعمرة متمتعة بها إلى الحج ولكن غلطت وقلت : أحرمت بالحج متمتعة به إلى العمرة ، أو ما أشبه ذلك ، فهذا لا يضر ، لأن العبرة بما في القلب ، وسبق اللسان بغير ما قصد الإنسان لا يضره شيئاً ، والله الموفق" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/20) .(/1)
رقم السؤال:
109352
العنوان:
امرأة حاضت بعد طواف العمرة
السؤال:
ما الحكم لو حاضت المرأة بعد نهاية طواف العمرة ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا أتاها الحيض بعد الطواف فإنها تمضي في عمرتها ولا يضرها شيء ، لأن ما بعد الطواف لا يشترط فيه الطهارة من الحدث ولا الطهارة من الحيض" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 95) .(/1)
رقم السؤال:
109353
العنوان:
بعض الأخطاء التي تحدث في الذهاب إلى منى وفي المبيت بها ليلة عرفة
السؤال:
ما هي الأخطاء التي تحدث في الذهاب إلى منى وفي المبيت فيها؟
الجواب:
الحمد لله
"من الأخطاء التي تكون في الذهاب إلى منى :
أن بعض الناس لا يجهر بالتلبية مع مشروعية الجهر بها ، فتمر بك أفواج الحجاج ولا تكاد تسمع واحداً يلبي ، وهذا خلاف السنة ، وخلاف ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ، فالسنة للإنسان في التلبية أن يجهر بها ويرفع صوته بذلك ما لم يشق عليه ، وليعلم أنه لا يسمعه شيء من حجر أو مدر ، إلا شهد له يوم القيامة عند الله سبحانه وتعالى .
ومن ذلك أيضاً : أن بعض الحجاج يذهب رأساً إلى عرفة ولا يبيت في منى ، وهذا وإن كان جائزاً ؛ لأن المبيت في منى قبل يوم عرفة ليس بواجب ، لكن الأفضل للإنسان أن يتبع السنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث ينزل في منى من ضحى يوم الثامن إلى أن تطلع الشمس لليوم التاسع ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وقال : (لتأخذوا عني مناسككم) رواه مسلم (1218) .
لكنه لو تقدم إلى عرفة ولم يبت في منى في ليلة التاسع فلا حرج عليه ؛ لحديث عروة بن المضرس أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر يوم العيد في مزدلفة وقال : يا رسول الله ، أكللت راحلتي وأتعبت نفسي ، فلم أر جبلاً إلا وقفت عنده فهل لي من حج ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (من شهد صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً ، فقد تم حجه وقضى تفثه) رواه أبو داود (1950) .
ولم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم المبيت بمنى ليلة التاسع ، وهذا يدل على أنه ليس بواجب .(/1)
ومن الأخطاء في بقاء الناس في منى في اليوم الثامن : أن بعض الناس يقصر ويجمع في منى ، فيجمع الظهر مع العصر ، والمغرب مع العشاء ، وهذا خلاف السنة ، فإن المشروع للناس في منى أن يقصروا الصلاة بدون جمع ، هكذا جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان الجمع جائزاً ؛ لأنه في سفر ، والمسافر يجوز له الجمع نازلاً وسائراً ، لكن الأفضل لمن كان نازلاً من المسافرين أن لا يجمع إلا لسبب ، ولا سبب يقتضي الجمع في منى ، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجمع في منى ، ولكن يقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين ، فيصلي الظهر ركعتين في وقتها ، والعصر ركعتين في وقتها ، والمغرب ثلاثاً في وقتها ، والعشاء ركعتين في وقتها ، والفجر في وقتها" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/16) .(/2)
رقم السؤال:
109354
العنوان:
تعجل ثم تبين له أنه أخطأ في الرمي فرجع ورمى ليلاً فهل يبقى على التعجل؟
السؤال:
حاج تعجل ثم تبين له أن رميه في اليوم الثاني عشر كان خطأ فرجع ليلاً ورمى هل لا يزال متعجلاً ، أم يلزمه المبيت في منى والرمي من الغد؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا الرجل الذي تعجل ، وخرج من منى قبل غروب الشمس ، ثم بان له أن رميه كان فيه خطأ ، فعاد فقضاه فإن له أن يرمي ثم يخرج من منى ، لأن هذا الرمي كان قضاءاً لما فات ، والله سبحانه وتعالى يقول : (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) البقرة/203.
أما لو أخر الرمي يوم الثاني عشر إلى الليل ، فإنه يبقى في تلك الليلة ليبيت في منى ، ثم يرمي الجمرات في اليوم الثالث عشر" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/303) .(/1)
رقم السؤال:
109355
العنوان:
توفيت ولم تصم الأيام السبعة، فهل يصوم عنها زوجها؟
السؤال:
حججت أنا وزوجتي قبل عشرة أعوام وفي ذلك الحين لم يكن لنا نقود لشراء الفدية وقمنا بصيام ثلاثة أيام في الحج ، وعندما عدنا إلى البلد حصل منا الإهمال بسبب مشاغل الدنيا ولم نكمل الصوم وبقينا على هذا الحال حتى توفيت زوجتي وأنا الآن محتار كيف أعمل هل يجب عليَّ الصوم في الوقت الحاضر عني وعن زوجتي المتوفاة أم ماذا أعمل ؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا العمل الذي عملتم من صيام ثلاثة أيام في الحج حين كنتم لا تجدون هدياً هو عمل صحيح ، لكن تأخيركم صيام الأيام السبعة إلى هذه المدة أمر لا ينبغي ، والذي ينبغي للإنسان أن يسارع في إبراء ذمته وأن يقضي ما عليه ، والواجب الآن أن تصوم أنت عن نفسك سبعة أيام .
أما المرأة فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) ، وإذا صام عنها أحد أولادها ، أو أبوها ، أو أمها أو صمت أنت فإن ذلك يكفي ، فإن لم يصم منكم أحد فأطعموا عن كل يوم مسكيناً" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 210، 211) .(/1)
رقم السؤال:
109356
العنوان:
جلس أثناء الطواف ساعة ليستريح
السؤال:
رجل طاف من الطواف شوطين ولكثرة الزحام خرج من الطواف وارتاح لمدة ساعة أو ساعتين ثم رجع للطواف ثانية فهل يبدأ من جديد أو يكمل طوافه من حيث انتهى ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الفصل طويلاً كالساعة والساعتين فإن الواجب عليه إعادة الطواف ، وإذا كان قليلاً فلا بأس ، وذلك لأنه يشترط في الطواف وفي السعي الموالاة وهي تتابع الأشواط ، فإذا فصل بينهما بفاصل طويل بطل أول الأشواط ، ويجب عليه أن يستأنف الطواف من جديد ، أما إذا كان الفصل ليس طويلاً جلس لمدة دقيقتين أو ثلاث ثم أكمل فلا بأس" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 293) .(/1)
رقم السؤال:
109357
العنوان:
حجت مثل ما يحج الناس ولم تكن تعلم الأنساك الثلاثة
السؤال:
امرأة لا تعلم بأنساك الحج الثلاثة ولا تعلم النية فيها ، ولها خمس حجج وهي تحج يوم التروية ، وتذهب مع الناس، إذا ذهبوا عرفة وكذلك مزدلفة ، وترمي الجمار ، ليس له نية محددة من الأنساك الثلاثة ، فهل حجها في هذه الأعوام صحيح ؟
الجواب:
الحمد لله
"الظاهر أن حجها صحيح ، لأنها كانت تقول : أحرمت بما الناس محرمون به ، والإحرام بما أحرم به فلان جائز ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب في حجة الوداع وكان قدم من اليمن مع أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما فقال له : (بما أهللت) فقال : بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : فإن معي الهدي ، فجعله قارناً ، وأما أبو موسى الأشعري فقال : إنه أهل بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن لما لم يكن معه هدي أمره أن يجعلها عمرة ، لأن التمتع أفضل من القران .
فهذه المرأة لا شك مما يظهر لنا أنها أحرمت بما أحرم به الناس ، وإنها تقول : دربي درب الناس ، لكن الواجب على الإنسان إذا أراد العبادة سواء حجا أو صوماً أو صدقة أو غير ذلك الواجب أن يتعلم قبل أن يتقدم ، أما بعد أن فعل يأتي ويقول : ما الحكم ؟ هذا لا شك أنه خلاف الأولى " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/22) .(/1)
رقم السؤال:
109358
العنوان:
حكم استعمال المحرم للصابون المعطر
السؤال:
ما حكم الاغتسال بالصابون المعطر وقت الإحرام ؟
الجواب:
الحمد لله
"لا بأس به ؛ لأن هذه الرائحة ليست طيباً ولا تستعمل للطيب ، وإنما هي لتطييب النكهة فقط" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 160) .(/1)
رقم السؤال:
109359
العنوان:
حكم المناقشة العلمية في الطواف والسعي
السؤال:
ما حكم المناقشة العلمية بين شخصين فأكثر في أثناء الطواف أو السعي ؟
الجواب:
الحمد لله
"المناقشة العلمية في الطواف أو السعي لا بأس بها ، لا تبطل الطواف ولا السعي ، لكن الأفضل أن يشتغل الإنسان بالذكر ؛ لأن الطواف ينتهي ويزول ، والمناقشة ليس لها وقت ، أما الإجابة الخاطفة على سؤال من الأسئلة في أثناء الطواف أو السعي فإنها لا يفوت بها شيء ما لم يكثر السائلون ، ولهذا نقول: لا حرج على الإنسان إذا سأله سائل في الطواف أن يقول : انتظر حتى أفرغ من الطواف ، من أجل أن يفرِّغ نفسه للذكر" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 346) .(/1)
رقم السؤال:
109360
العنوان:
حكم ترديد الأدعية وراء المطوف بصوت مرتفع
السؤال:
ما حكم ترديد بعض الأدعية وراء المطوف بصوت مرتفع إذا حصل من رفع الصوت تشويش على المصلين والطائفين هناك ؟
الجواب:
الحمد لله
"الدعاء من شخص يتبعه جماعة خلفه ، أو عن يمينه ، أو عن شماله لا أصل له من عمل الصحابة رضي الله عنهم .
وأما رفع الصوت به فإن كان فيه تشويش على الطائفين وإزعاج لهم فيكون منهياً عنه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه وقد سمعهم يقرأون جهراً وهم يصلون في المسجد فقال عليه الصلاة والسلام :(لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن) أو قال : (في القراءة) فهكذا نقول لهؤلاء الطائفين : لا تجهروا على الناس فتؤذوهم ، ولكن كلٌّ يدعو بما يحب ، ولهذا لو أن هؤلاء المطوفين وُجِّهوا إلى أن يقولوا للناس : طوفوا فكبروا عند الحجر الأسود وقولوا : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة/201 ، وادعوا بما شئتم في بقية الطواف ، واذكروا الله ، واقرأوا القرآن وصاروا يتابعونهم على هذا ، لكان هذا أحسن ، وأفيد للناس ، لأن كل إنسان يدعو ربه بما يحتاج إليه ، وهو يعرف المعنى الذي يتكلم به بخلاف ما يفعله المطوفون الآن بالدعاء الذي لا يعرفه الداعي خلفه ، فلو سألت هذا الداعي خلف المطوف ما معنى ما يقول ؟ لم يفدك -في الغالب – فكون الناس يدعون ربهم دعاء يعرفون معناه ويستفيدون منه خير من هذا" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 336، 337) .
وانظر جواب السؤال رقم (34644) ، (36628) .(/1)
رقم السؤال:
109361
العنوان:
حكم صيد الطيور في الأشهر الحرم أو في الحرم؟
السؤال:
ما حكم صيد الطيور في الأشهر الحرم أو في الحَرم ؟
الجواب:
الحمد لله
صيد الطيور في الأشهر الحرم جائز ؛ لأن الأشهر الحرم إنما يحرم فيها القتال ، على أن كثيراً من العلماء أو أكثر العلماء يقولون : إن تحريم القتال في الأشهر الحرم منسوخ.
ولكن إذا كانت الطيور داخل حدود الحرم فإنه لا يجوز صيدها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين فتح مكة : (لا ينفر صيدها) أي مكة ، وإذا منع من التنفير فالقتل أولى ، وقال عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) المائدة/95 ، وقال عز وجل : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) المائدة/96. فإذا كان الإنسان محرماً أو داخل حدود الحرم فإنه لا يحل له الصيد" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 230، 231) .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (97216 ) .(/1)
رقم السؤال:
109362
العنوان:
حكم مسك الإحرام بالدبابيس
السؤال:
ما حكم ما يفعله بعض الناس من مسك الإحرام بالدبابيس أو المشابك حتى يصل البعض أن يجعلها كالثياب ؟
الجواب:
الحمد لله
" الأولى ألا يشبك الإنسان رداءه ، بل يجعله على كتفيه ، لكن إذا كان يعمل كالطباخ والقهوجي وما أشبه ذلك وأراد أن يزره بمشبك ، فلا بأس بذلك ، أما ما أشار إليه السؤال من أن بعض الناس يزره بمشابك من الرقبة إلى السرة ، حتى يكون كأنه قميص ، فأنا أشك في جواز هذا ؛ لأنه حينذاك يشبه القميص ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في المحرم : (لا يلبس القميص)" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 135، 136) .(/1)
رقم السؤال:
109363
العنوان:
خرج من عرفات قبل المغرب بسبب المرض؟
السؤال:
ما حكم من خرج من عرفة قبل غياب قرص الشمس لمرض ، أو ضعف ، أو كبر ؟
الجواب:
الحمد لله
"القول الراجح أن البقاء بعرفة حتى تغرب الشمس واجب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفع قبل أن تغرب الشمس ، ولو كان جائزاً لدفع قبل أن تغرب الشمس ؛ لأنه نهار وأيسر للناس ، وأيضاً إذا دفع الإنسان قبل أن تغرب الشمس فقد خرج عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى سنة الجاهلية ؛ لأن أهل الجاهلية هم الذين يدفعون من عرفة قبل غروب الشمس ، ومن فعل ذلك فإن كان متعمداً ترتب على فعله أمران :
الأول : الإثم .
الثاني : عند أكثر العلماء فدية يذبحها في مكة ، ويوزعها على الفقراء ، أما إذا خرج قبل غروب الشمس من عرفة وهو جاهل فإنه يسقط عنه الإثم ، لكن يجب عليه عند أكثر العلماء البدل ، وهو أن يذبح شاة في مكة ، يوزعها على الفقراء" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/29) .(/1)
رقم السؤال:
109364
العنوان:
دفع من مزدلفة إلى مكة وسعى وأَخَّر طواف الإفاضة ليجمعه مع الوداع
السؤال:
رجل حج مع والديه حج إفراد واتجهوا إلى عرفات مباشرة وباتوا في مزدلفة ولكنهم يوم العيد اتجهوا إلى مكة وسعوا سعي الحج ولم يطوفوا الإفاضة حتى يجمعوه مع الوداع لعجز والديه ثم حلقوا ثم حلوا جهلاً ثم رموا جمرة العقبة يوم العيد فهل عليهم شيء؟
الجواب:
الحمد لله
"لا شيء في هذا ، إذا أحرم الرجل بالإفراد أو بالقران ، وخرج إلى عرفة ووقف بها ، ثم بمزدلفة ثم قدم إلى منى ، ونزل إلى مكة وسعى سعي الحج ، وأخر الطواف إلى عند السفر فلا حرج ، ولكن هذا الرجل تحلل قبل الرمي فإذا كان جاهلاً فلا شيء عليه" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/158) .(/1)
رقم السؤال:
109365
العنوان:
دفعوا من مزدلفة آخر الليل ورموا الجمار وطافوا وسعوا قبل الفجر؟
السؤال:
إذا جاز لجماعة من الحجاج الضعفة الدفع من مزدلفة بعد مغيب القمر مباشرة وتمكنوا من الرمي والطواف والسعي قبل الفجر فما الحكم في ذلك؟
الجواب:
الحمد لله
"عملهم جائز ، ولا بأس به ؛ لأنه إذا جاز للإنسان أن يدفع من مزدلفة جاز له أن يفعل كل ما يترتب على ذلك ، فإذا دفعوا مثلاً من مزدلفة في آخر الليل بعد مغيب القمر ووصلوا إلى منى فليرموا الجمرة ولينزلوا إلى مكة ويطوفوا ويسعوا ، ويرجعوا ، ولو رجعوا قبل طلوع الشمس فلا بأس ، لأنه إنما جاز الدفع للضعفة من أجل أن يأتوا بمناسك الحج قبل زحمة الناس" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/76) .(/1)
رقم السؤال:
109366
العنوان:
سعى شوطاً واحداً ثم صعد إلى السطح ليكمل السعي
السؤال:
رجل سعى الشوط الأول ومن شدة الزحام انتقل إلى السطح هل يلغي الشوط الأول أو يبني عليه؟
الجواب:
الحمد لله
"لا بأس أن يبني على الأول إذا كان سعى ثم شق عليه للزحام فانتقل إلى فوق بلا حرج ، ويكمل على الشوط الأول ؛ لأنه كله مسعى ، وليس هناك مدة طويلة بين انتقاله إلى السطح الأعلى من السطح الأسفل" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 429، 430) .(/1)
رقم السؤال:
109367
العنوان:
سكن مكة من أجل الدراسة، فهل عليه هدي إذا تمتع؟
السؤال:
رجل قدم مكة للدراسة وسكن مكة من أجل الدراسة فقط ومتى انتهت الدراسة رجع إلى وطنه وتمتع فهل عليه هدي ؟
الجواب:
الحمد لله
"نعم ؛ عليه الهدي لأن إقامته في مكة ليست إقامة استيطان ، والذي يسقط عنه هدي التمتع هو المستوطن مكة قال الله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ)" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 72) .(/1)
رقم السؤال:
109368
العنوان:
طاف طواف الإفاضة وهو جنب
السؤال:
حاج أصابته جنابة ليلة عرفة ومضى في حجه حتى انتهى ورجع إلى بلده فماذا عليه ؟
الجواب:
الحمد لله
"على هذا الإثم العظيم الكبير حيث أمضى كل هذه الأيام وهو يصلي على غير طهارة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) فالواجب عليه نحو صلاته أن يعيد كل ما صلى قبل اغتساله .
أما بالنسبة للحج فعليه أن يعيد طواف الإفاضة ، لأنه طاف وعليه جنابة ولا يصح الطواف من الإنسان وهو عليه جنابة ، لأن من عليه جنابة ممنوع من اللبث في المسجد كما قال تعالى : (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ) النساء/43 ، وعليه إذا كان متزوجاً أن يتجنب أهله حتى يرجع إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة ، وفي هذا الحال يحرم من الميقات بالعمرة ، ثم يطوف ويسعى ويقصر ، ثم يأتي بطواف الإفاضة وعليه – مع ذلك كله – التوبة إلى الله بالندم على ما حصل منه ، وأن يرى نفسه مقصراً ، مفرطاً في حق الله ، وأن يعزم على أن لا يعود إلى مثل هذا" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 363، 364) .(/1)
رقم السؤال:
109369
العنوان:
سعى يوم العيد وأَخَّر طواف الإفاضة إلى اليوم التالي
السؤال:
رجل في يوم العيد سعى من دون أن يطوف وأَخَّر الطواف إلى اليوم الثالث واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (افعل ولا حرج) فهل فعله صحيح؟
الجواب:
الحمد لله
"فعله صحيح ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سأل فقال له رجل : سعيت قبل أن أطوف قال : (لا حرج)" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/186) .(/1)
رقم السؤال:
110059
العنوان:
جامع زوجته وهي صائمة صوم التطوع
السؤال:
ما حكم من جامع زوجته وهي صائمة صيام الست من شوال وهو غير صائم؟
الجواب:
الحمد لله
الصائم المتطوع أمير نفسه ، فله أن يتم صومه ، وله أن يفطر ، إلا أن الإتمام أولى .
روى أحمد (26353) عَنْ أُمِّ هَانِئٍ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا ، فَدَعَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ ، ثُمَّ نَاوَلَهَا فَشَرِبَتْ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ ، إِنْ شَاءَ صَامَ ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ) . صححه الألباني في صحيح الجامع (3854).
وينظر جواب السؤال رقم (49610) .
فمن صام يوما من الست ، وأحب أن يفطر فله ذلك ، سواء أفطر بالأكل أو بالجماع أو بغيره.
وهذه المرأة إذا كانت قد صامت بدون إذن زوجها ، فله أن يدعوها إلى الفراش ، ويلزمها الاستجابة لذلك .
وإن كانت صامت بإذنه فليس له أن يفسد عليها صومها ، لكن إن أراد ذلك ، فالأفضل لها أن تستجيب له .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "إذا صامت نفلاً بإذنه ، فإنه لا يحل له أن يفسد صومها ؛ لأنه أذن لها. ولكن في هذه الحال وهي صائمة صيام نفل بإذنه لو طلب منها أن تأتي للفراش فهل الأفضل أن تستمر في الصوم وتمتنع أو أن تجيب الزوج ؟ الثاني أفضل : أن تجيب الزوج؛ لأن إجابتها الزوج من باب المفروضات في الأصل ، والصوم تطوع من باب المستحبات ، ولأنه ربما لو أبت مع شدة رغبته ، ربما يكون في قلبه شيءٌ عليها فتسوء العشرة بسبب ذلك " "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/174) .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
110061
العنوان:
القبة الخضراء في المدينة ، تاريخها ، وحكم بنائها ، وبقائها
السؤال:
إذا كانت القبة الخضراء على قبر النبي صلى الله عليه وسلم من البدع والمؤدية إلى الشرك ، فلماذا لا تزيلها الحكومة السعودية ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
تاريخ القبة الخضراء
لم تكن القبة التي على قبر النبي صلى الله عليه وسلم موجودة إلى القرن السابع ، وقد أُحدث بناؤها في عهد السلطان قلاوون ، وكان لونها أولاً بلون الخشب ، ثم صارت باللون الأبيض ، ثم اللون الأزرق ، ثم اللون الأخضر ، واستمرت عليه إلى الآن .
قال الأستاذ علي حافظ حفظه الله :
"لم تكن على الحجرة المطهرة قبة ، وكان في سطح المسجد على ما يوازي الحجرة حظير من الآجر بمقدار نصف قامة تمييزاً للحجرة عن بقية سطح المسجد .
والسلطان قلاوون الصالحي هو أول من أحدث على الحجرة الشريفة قبة ، فقد عملها سنَة 678 هـ ، مربَّعة من أسفلها ، مثمنة من أعلاها بأخشاب ، أقيمت على رؤوس السواري المحيطة بالحجرة ، وسمَّر عليها ألواحاً من الخشب ، وصفَّحها بألواح الرصاص ، وجعل محل حظير الآجر حظيراً من خشب .
وجددت القبة زمن الناصر حسن بن محمد قلاوون ، ثم اختلت ألواح الرصاص عن موضعها ، وجددت ، وأحكمت أيام الأشرف شعبان بن حسين بن محمد سنة 765 هـ ، وحصل بها خلل ، وأصلحت زمن السلطان قايتباي سنة 881هـ .
وقد احترقت المقصورة والقبة في حريق المسجد النبوي الثاني سنة 886 هـ ، وفي عهد السلطان قايتباي سنة 887هـ جددت القبة ، وأسست لها دعائم عظيمة في أرض المسجد النبوي ، وبنيت بالآجر بارتفاع متناه ،....
بعد ما تم بناء القبة بالصورة الموضحة : تشققت من أعاليها ، ولما لم يُجدِ الترميم فيها : أمر السلطان قايتباي بهدم أعاليها ، وأعيدت محكمة البناء بالجبس الأبيض ، فتمت محكمةً ، متقنةً سنة 892 هـ .(/1)
وفي سنة 1253هـ صدر أمر السلطان عبد الحميد العثماني بصبغ القبة المذكورة باللون الأخضر ، وهو أول من صبغ القبة بالأخضر ، ثم لم يزل يجدد صبغها بالأخضر كلما احتاجت لذلك إلى يومنا هذا .
وسميت بالقبة الخضراء بعد صبغها بالأخضر ، وكانت تعرف بالبيضاء ، والفيحاء ، والزرقاء" انتهى .
" فصول من تاريخ المدينة المنورة " علي حافظ ( ص 127، 128 ) .
ثانياً:
حكمها
وقد أنكر أهل العلم المحققين - قديماً وحديثاً – بناء تلك القبة ، وتلوينها ، وكل ذلك لما يعلمونه من سد الشريعة لأبواب كثيرة خشية الوقوع في الشرك .
ومن هؤلاء العلماء :
1. قال الصنعاني – رحمهُ اللهُ – في " تطهير الاعتقادِ " :
"فإن قلت : هذا قبرُ الرسولِ صلى اللهُ عليه وسلم قد عُمرت عليه قبةٌ عظيمةٌ انفقت فيها الأموالُ .
قلتُ : هذا جهلٌ عظيمٌ بحقيقةِ الحالِ ، فإن هذه القبةَ ليس بناؤها منهُ صلى اللهُ عليه وسلم ، ولا من أصحابهِ ، ولا من تابعيهم ، ولا من تابعِ التابعين ، ولا علماء الأمةِ وأئمة ملتهِ ، بل هذه القبةُ المعمولةُ على قبرهِ صلى اللهُ عليه وسلم من أبنيةِ بعضِ ملوكِ مصر المتأخرين ، وهو قلاوون الصالحي المعروف بالملكِ المنصورِ في سنةِ ثمانٍ وسبعين وست مئة ، ذكرهُ في " تحقيقِ النصرةِ بتلخيصِ معالمِ دارِ الهجرةِ " ، فهذه أمورٌ دولية لا دليليةٌ " انتهى .
2. وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
هناك من يحتجون ببناء القبة الخضراء على القبر الشريف بالحرم النبوي على جواز بناء القباب على باقي القبور ، كالصالحين ، وغيرهم ، فهل يصح هذا الاحتجاج أم ماذا يكون الرد عليهم ؟
فأجابوا :(/2)
" لا يصح الاحتجاج ببناء الناس قبة على قبر النبي صلى الله عليه وسلم على جواز بناء قباب على قبور الأموات ، صالحين ، أو غيرهم ؛ لأن بناء أولئك الناس القبة على قبره صلى الله عليه وسلم حرام يأثم فاعله ؛ لمخالفته ما ثبت عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ألا تدع تمثالاً إلا طمستَه ، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته .
وعن جابر رضي الله عنه قال : ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجصَّص القبر ، وأن يقعد عليه ، وأن يبنى عليه ) رواهما مسلم في صحيحه ، فلا يصح أن يحتج أحد بفعل بعض الناس المحرم على جواز مثله من المحرمات ؛ لأنه لا يجوز معارضة قول النبي صلى الله عليه وسلم بقول أحد من الناس أو فعله ؛ لأنه المبلغ عن الله سبحانه ، والواجب طاعته ، والحذر من مخالفة أمره ؛ لقول الله عز وجل : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) الحشر/ 7 .
وغيرها من الآيات الآمرة بطاعة الله وطاعة رسوله ؛ ولأن بناء القبور ، واتخاذ القباب عليها من وسائل الشرك بأهلها ، فيجب سد الذرائع الموصلة للشرك " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 9 / 83 ، 84 ).
3. وقال علماء اللجنة الدائمة – أيضاً - :(/3)
" ليس في إقامة القبة على قبر النبي صلى الله عليه وسلم حجة لمن يتعلل بذلك في بناء قباب على قبور الأولياء والصالحين ؛ لأن إقامة القبة على قبره : لم تكن بوصية منه ، ولا من عمل أصحابه رضي الله عنهم ، ولا من التابعين ، ولا أحد من أئمة الهدى في القرون الأولى التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير ، إنما كان ذلك من أهل البدع ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ، وثبت عن علي رضي الله عنه أنه قال لأبي الهياج : ( ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ألاَّ تدع تمثالاً إلا طمسته ، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته ) رواه مسلم ؛ فإذا لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم بناء قبة على قبره ، ولم يثبت ذلك عن أئمة الخير ، بل ثبت عنه ما يبطل ذلك : لم يكن لمسلم أن يتعلق بما أحدثه المبتدعة من بناء قبة على قبر النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 264 ، 265 ) .
4. وقال الشيخ شمس الدين الأفغاني رحمه الله :
" قال العلامة الخجندي ( 1379 هـ ) مبيِّناً تاريخ بناء هذه القبة الخضراء المبنية على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، محققاً أنها بدعة حدثت بأيدي بعض السلاطين ، الجاهلين ، الخاطئين ، الغالطين ، وأنها مخالفة للأحاديث الصحيحة المحكمة الصريحة ؛ جهلاً بالسنَّة ، وغلوّاً وتقليداً للنصارى ، الضلال الحيارى :
اعلم أنه إلى عام ( 678 هـ ) لم تكن قبة على الحجرة النبوية التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وإنما عملها وبناها الملك الظاهر المنصور قلاوون الصالحي في تلك السنة - ( 678هـ) ، فعملت تلك القبة .(/4)
قلت : إنما فعل ذلك لأنه رأى في مصر والشام كنائس النصارى المزخرفة فقلدهم جهلاً منه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وسنته ؛ كما قلدهم الوليد في زخرفة المسجد ، فتنبه ، كذا في " وفاء الوفاء " ...
اعلم أنه لا شك أن عمل قلاوون هذا -: مخالف قطعاً للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ولكن الجهل بلاء عظيم ، والغلو في المحبة والتعظيم وباء جسيم ، والتقليد للأجانب داء مهلك ؛ فنعوذ بالله من الجهل ، ومن الغلو ، ومن التقليد للأجانب" انتهى.
" جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية " ( 3 / 1660 - 1662 ) .
ثالثاً:
سبب عدم هدمها
فقد بَيَّن العلماء الحكم الشرعي في بناء القبة ، وأثرها البدعي واضح على أهل البدع ، فهم متعلقون بها بناءً ولوناً ، ومدحهم وتعظيمهم لها نظماً ونثراً كثير جدّاً ، ولم يبق إلا تنفيذ ذلك من ولاة الأمر ، وليس هذا من عمل العلماء .
وقد يكون المانع من هدمها درءً للفتنة ، وخشيةً من أن تحدث فوضى بين عامة الناس وجهلتهم ، وللأسف فإن هؤلاء العامة لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه من تعظيم تلك القبَّة إلا بقيادة علماء الضلالة وأئمة البدعة ، وهؤلاء هم الذي يهيجون العامة على بلاد الحرمين الشريفين ، وعلى عقيدتها ، وعلى منهجها ، وقد ساءتهم جدّاً أفعالٌ كثيرة موافقة للشرع عندنا ، مخالفة للبدعة عندهم ! .
وبكل حال : فالحكم الشرعي واضح بيِّن ، وعدم هدمها لا يعني أنها جائزة البناء لا هي ولا غيرها على أي قبر كان .
قال الشيخ صالح العصيمي حفظه الله :(/5)
" إن استمرارَ هذه القبةِ على مدى ثمانيةِ قرونٍ لا يعني أنها أصبحت جائزة ، ولا يعني أن السكوتَ عنها إقرارٌ لها ، أو دليلٌ على جوازها ، بل يجبُ على ولاةِ المسلمين إزالتها ، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه في عهدِ النبوةِ ، وإزالة القبةِ والزخارفِ والنقوشِ التي في المساجدِ ، وعلى رأسها المسجدُ النبوي ، ما لم يترتب على ذلك فتنةٌ أكبر منه ، فإن ترتبَ عليه فتنةٌ أكبر ، فلولي الأمرِ التريث مع العزمِ على استغلالِ الفرصة متى سنحت " انتهى .
" بدعِ القبورِ ، أنواعها ، وأحكامها " ( ص 253 ) .
والله أعلم(/6)
رقم السؤال:
110310
العنوان:
إذا كرهت زوجها ، فهل يكون زوجا لها في الجنة ؟!
السؤال:
إذا كنت أكره زوجي ولا أصبر على أذيته إياي إلا لله ، ثم لأجل مصلحة أطفالي ، فهل سوف يكون زوجي في الجنَّة ؟ حيث إن مما يهون عليَّ أن الدنيا مهما حصل فهي أيام قليلة وزائلة ، وأنا لا أريده زوجاً في الجنَّة مهما حصل فيه من تغيير أو صلاح حاله . أرجو أن لا تقولوا إنه لا بد أن يكون زوجي في الجنَّة ! أرجو الرد ، وجزاكم الله خيراً .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يكتب لك الأجر على صبرك على أذى زوجك ، وهو إن دلَّ على شيء فإنما يدل على ، أصل طيب ، وخلقٍ عالٍ .
ونسأل الله أن يهدي زوجك ، ويصلحه لك ، ويعينه على إحسان عشرتك، ويأخذ بناصيته إليه.
ثانياً:
قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ . جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ . سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) الرعد/ 22 – 24 .
قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - :
وقوله : ( وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ) أي : يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء ، والأهلين ، والأبناء ، ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين ؛ لتقر أعينهم بهم ، حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى ، من غير تنقيص لذلك الأعلى عن درجته ، بل امتنانًا من الله وإحساناً .
" تفسير ابن كثير " ( 4 / 451 ) .
وانظري جواب السؤال رقم : ( 5981 ) .
ثالثاً:(/1)
واعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن دخول الناس الجنة لن يكون وهم على حالهم التي كانوا عليها في الدنيا ، وقد ثبت في النصوص الواضحة البيِّنة أنه لا يدخل الجنة أحد وفي صدره غلٌّ ، ولا يدخل الجنة أحد إلا ويهذَّب وينقَّى من كل سوء وشرٍّ .
قال تعالى : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) الحِجر/ 47 .
قال الإمام ابن جرير الطبري – رحمه الله - :
وأذهبنا من صدور هؤلاء الذين وَصَف صفتهم ، وأخبر أنهم أصحاب الجنة ، ما فيها من حقد ، وغِمْرٍ ، وعَداوة كان من بعضهم في الدنيا على بعض ، فجعلهم في الجنة إذا أدخلهموها على سُرُر متقابلين ، لا يحسد بعضهم بعضاً على شيء خصَّ الله به بعضهم وفضّله من كرامته عليه ، تجري من تحتهم أنهار الجنة .
" تفسير الطبري " ( 12 / 437 ، 438 ) .
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَأَحَدُهُمْ بِمَسْكَنِهِ فِي الْجَنَّةِ أَدَلُّ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا ) .
رواه البخاري ( 2308 ) .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني – رحمه الله - :
( بقنطرة ) الذي يظهر أنها طرف الصراط مما يلي الجنة ، ويحتمل أن تكون من غيره بين الصراط والجنة .
وقوله ( فيتقاصُّون ) بتشديد المهملة : يتفاعلون ، من القِصاص ، والمراد به : تتبع ما بينهم من المظالم ، وإسقاط بعضها ببعض .(/2)
وقوله ( حتى إذا نُقوا ) بضم النون ، بعدها قاف ، من التنقية ، ووقع للمستملي هنا " تَقَصُّوا بفتح المثناة والقاف وتشديد المهملة ، أي : أكملوا التقاص .
قوله ( وهذبوا ) أي : خلصوا من الآثام بمقاصصة بعضها ببعض .
" فتح الباري " ( 5 / 96 ) .
فاطمئني أختنا الفاضلة ، فلن تكون أخلاق زوجك ما كانت عليه في الدنيا ، ولن تكون حالكِ أنتِ – كذلك – على ما هي عليه ، فكما سينقَّى زوجك ويُهذَّب : فإن الأمر نفسه سيحصل معك ، فإذا قضى الله وجمعكما في الجنة ، فسوف يكون اجتماعك به في الجنة على غير اجتماع الدنيا ، بل اجتماع تشتهيه نفسك ، ويريح بالك ، ويقر عينك . قال الله تعالى :
( يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) الزخرف:71 ، وقال تعالى : ( نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) فصلت:31 ، وقال تعالى : ( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) السجدة:17 .
فليكن همك يا أمة الله أن تعملي ما يوصلك إلى الجنة ، ويرفع فيها منزلتك ، وثقي أن الجنة لا تعب فيها ولا نصب ، ولا هم فيها ولا حزن !!
والله أعلم(/3)
رقم السؤال:
110311
العنوان:
من هو الجفري ؟ وما هي عقيدته ؟ وكيف نعرف أئمة الهدى ؟
السؤال:
دائماً أستمع إلى الشيخ " الجفري " ، ولكن قرأت في أحد المواقع أنه صوفي لا يجب الاستماع له ، فهل هذا صحيح ؟ أنيرونا ، وكيف لنا أن نميز المشايخ من هم على طريق السلف الصالح أم لا ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
الجفري هو : علي بن عبد الرحمن بن علي بن محمد الجفري ، وُلد في المملكة العربية السعودية ، وفي " جُدَّة " تحديداً ، في عام 1391هـ الموافق 1971م ، وهو يحمل الجنسية اليمنية .
ومن أبرز مشايخه : عبد القادر أحمد السقاف ، وأحمد بن طه الحداد ، وأبو بكر العطاس بن عبد الله الحبشي ، ومحمد علوي مالكي ، وكل هؤلاء من الصوفية ، وهم من أبناء " حضرموت " في أصلهم ، والأخير منهم هو من أبرز دعاة التصوف البدعي في زمننا هذا ، وله كتب في ذلك ، وقد ردَّ عليه بعض أئمة أهل السنَّة كالشيخين عبد العزيز بن باز ، وحمود التويجري رحمهما الله ، وقد صدرت في حقه فتاوى متعددة في زندقته ، وقبوريته ، وقد توفي في رمضان عام 1425 هـ .
ويدرِّس في " دار المصطفى " في منطقة " تريم " في اليمن ، وهذه المدرسة من الأربطة الصوفية التي تدرِّس التصوف ، ويفد إليها كثير من المسلمين من داخل اليمن ، ومن خارجه .
وهو متزوج ، وله 2 من الأبناء و 3 من البنات .
ويعرِّف نفسه فيقول : " سنِّي ! وعلى المعتقد الأشعري ! والمذهب الشافعي ، محب للتصوف في مسلكي ! " .
وهو يَظهر أمام الناس في القنوات الفضائية مبتسماً ، ويحاول أن يُظهر حسن الخلق والأدب ، ويختم مجالسه فيها بالدعاء والبكاء ! ، ولكن حقيقة هذا الرجل غير هذا ، وله مواقف سيئة مع أهل العلم من أهل السنَّة ، فيطعنهم ، ويشتمهم ، ويبدعهم ، ويضللهم ! .
ومن أمثلته :
1. قال عن الشيخ إحسان إلهي ظهير – رحمه الله - :(/1)
" وأيضاً أحد الباكستانين أو الهنود اسمه " إحسان إلهي ظهير " هذا إنسان نختلف معه في الرأي ، ونختلف معه في الاعتقاد ؛ لأن مذهبه منحرف " .
2. ويتهم مخالفيه من أهل السنة الذين ينكرون عليه الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من البدع ، يتهم بأنهم يكذبون في محبة النبي صلى الله عليه وسلم .
قال :
" المسألة وراءها شيء ... - إلى قوله - كذبتم والله لوأحببتموه ماقابلتموه بهذه الطريقة " .
3. ويتهم المخالفين له من العلماء بالعمالة ! وبالبدعة ! .
قال :
" عندما فشلوا في أن ينتزعونا من الدين بصراحة : دسوا إلينا من يتكلم باسم الدِّين ليستل الدين من قلوبنا ... - إلى قوله – لما أنكر بعض الجهلة من المبتدعة ... " ! .
ثانياً:
بدأ الجفري في الظهور على العالَم من خلال قناة " المحور " ، ثم ساهم طرد الحكومة المصرية له من مصر في انتشار صيته ، وتسابقت القنوات الصوفية والمميعة على استضافته ، والتمكين له لنشر تصوفه وخرافاته ، وهو من الذين اصطلح على تسميتهم " الدعاة الجدد " ، وهم الذين تسعى الدول الغربية وغيرها لتقديمهم للمسلمين على أنهم هم الذين يحملون الإسلام الصحيح ! وهؤلاء لا تسمع في حديثهم عن " الولاء والبراء " ، ولا عن " الجهاد " ، ولا يدافعون عن سنَّة ولا يدفعون بدعة ! ولقاءاتهم وحواراتهم في القنوات فيها النساء والموسيقى والبدعة .
ثالثاً:
وقد ساهم بعض أهل السنَّة الغيورين في إنشاء موقع على شبكة الإنترنت باسم " المجهر " www.almijhar.net
، ويضم هذا الموقع الأخطاء والمخالفات التي صدرت من علي الجفري ، وفي مجمل أبواب الشريعة ، كالعقيدة ، والحديث ، والفقه ، وقد تمَّ توثيق هذه الأخطاء والمخالفات بصوته وصورته ، وهي تكشف حقيقة هذا الرجل ، وأنه في جانب العقيدة متصوف هالك ، وفي جانب الفقه والحديث جاهل مدلِّس .
ومن أمثلة جهله وتدليسه في الحديث النبوي :
1. نسب لصحيح البخاري أن ابن عمر كان يتمسح برمانة المنبر ! .(/2)
والحديث ليس في البخاري ، بل ولا في الكتب الستة .
2. نسب لصحيح مسلم أن الصحابة كانوا يريدون دفن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند المنبر .
والحديث غير موجود فيه ، بل ولا في الكتب الستة .
3. زعم الجفري أن الهيثمي في كتابه " مجمع الزوائد " قد صحَّح حديثاً لأبي أيوب الأنصاري بأنه كان يسجد علي قبر نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ! ولم يصدق في زعمه .
4. زعم الجفري أنَّ الهيثمي في كتابه " مجمع الزوائد " قد صحَّح حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توسل بحقه وحق الأنبياء ! والواقع : أن الهيثمي قد ضعفه في كتابه .
وغير ذلك كثير .
رابعاً:
وبتجوال في موقع " المجهر " وسماع ما يقوله الجفري : تتبين عقيدته ، ويُعرف منهجه ، ومما جاء فيها بصوت الجفري نفسه :
1. يقول : إن القاعدة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يغيث بروحه من يستغيث به ! ويمكن أن يغيث أيضاً بجسده ! كما أن بإمكان الرسول صلى الله عليه وسلم أن يغيث بروحه مليون شخص في نفس اللحظة ! .
2. يقول : إنه لا يستغرب خروج روح الولي الميت لكي تنفع بإذن الله من يستغيث بها .
3. يقول : إن الأساس أن الأولياء الأموات يغيثون بأرواحهم من يستغيث بهم ، ولا يمنع في اعتقاده أن يخرج جسد من قبره !.
4. يصرِّح بأن هناك مِن الأولياء مَن فوضهم الله في إدارة أمور الكون !! وأن عندهم إذن مسبق في التصرف في الكون !! وأنه بإمكانهم بإذن الله الرزق والإحياء والإماتة !.
5. يقول : إن مسألة خلق الطفل من غير أب مسألة خلافية بين العلماء ! .
وفي موضع آخر يقول : إن العلماء عنده اختلفوا في مسألة إمكانية أن يَخلق الولي لطفل من غير أب ، وأن السبب الذي جعل من يقول بإمتناع ذلك هو : التحرز على الأنساب ! حتى لا تأتي امرأة حامل من الزنى فتدعي أن أحد الأولياء خلق هذا الطفل في بطنها، وإلا في الأصل هم متفقون على ذلك - أي على إمكانية أن يخلق الولي طفلا من غير أب ! .(/3)
وقد تمَّ الرد على ما سبق من ضلالات – وغيرها – بتفصيل علمي في رسالة بعنوان : " الكشف الجلي عن شركيات الجفري علي ! " ، وهذه الرسالة موجودة تحت هذا الربط :
http://saaid.net/feraq/sufyah/sh/2.htm
وفي الموقع رد بعنوان : " الرد على الجفري في بيان فساد استدلاله بآية النساء على معتقده الفاسد " ، والرد يوجد تحت هذا الرابط :
http://www.alradnet.com/TopHour/article.php?id_Hour=37&PHPSESSID=662da9bb14ed2a007b2c5fbcdca30b3c
وفي موقع " المجهر " ردود صوتية من طائفة من علماء أهل السنَّة على " الجفري " ، ومنهم : الشيخ عبد الله الغنيمان ، والشيخ صالح الفوزان ، والشيخ عبد العزيز الراجحي .
وللشيخ حسن بن قارئ الحسيني ردود علمية قوية على الجفري ، وقد نقل كلامه بصوته في أشياء يُخجل منها ، كتعظيم المكث عند المزابل ! وأن ذلك وسيلة لتربية النفس ! ، فاسمع ذلك بصوته ، وغير ذلك ، والرد عليه في ردود الشيخ الحسيني ، وهي هنا :
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=40104
و :
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=53788
ونسأل الله تعالى أن يهديه للحق ، وأن يجعله داعية حق وخير ، وأن يجنبه البدعة والضلالة .
خامساً:
وعلى المسلمين أن يحذروا من دعاة الضلالة والبدعة والجهل ، ويمكنهم أن يعرفوا مثل هؤلاء بأمور ، منها :
1. النظر في هيئته ، فبعض هؤلاء يخرج للناس يتكلم في حب النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي اتباع سنته ، وهو حالق للحيته ! وآخر يخففها حتى يكاد يكون حليقاً ، وآخر له لحية على ذقنه فقط ! .(/4)
2. النظر في البيئة التي يلقي فيها دروسه ومحاضراته ، فبعض أولئك يجهر بالمعصية أمام الملايين ، فيخرج يعلِّم الناس دينهم – في زعمه – والنساء المتبرجات أمام ناظريه ، ينظرن إليه ، وينظر إليهن ، ويجلسن بجانب شباب ينظر بعضهم إلى بعض ، وجميع المشاهدين يرونهن ! فكيف يوثق بمثل هذا الذي يجاهر بمعصيته أمام الملايين .
3. النظر في استدلال المتكلم ، فبعض هؤلاء لا يكاد يأتي بدليل من القرآن والسنَّة على كلامه ، بل كلامه إنشائي يخلو من الأدلة ، وإن جاء بدليل فيكون غير محقق فيخلط الصحيح بالضعيف ، ولا يفرق بين الصحيح والموضوع المكذوب .
4. سؤال من تثق بدينه وعلمه عن هذا الذي يتكلم في دين الله ، فإن زكَّاه لك : فخذ منه ، واسمع له ، وإلا فاحذره على دينك .
والله أعلم(/5)
رقم السؤال:
110352
العنوان:
حكم مشاهدة قناة " سبيس تون " وما فيها من أفلام كرتونية
السؤال:
ما حكم مشاهده أفلام الكرتون التي تبث في قناة " سبيس تون " Speace toon على سبيل المثال : " كابتن ماجد " و " توم وجيري " ( القط والفار) سواء للصغار أو الكبار ؟ . وجزاكم الله خيراً .
الجواب:
الحمد لله
هذه القناة تشتمل على منكرات كثيرة ، وفيها مفاسد متعددة ، ويبدأ تضليلها للمسلمين من اسمها " الإنجليزي " ، ثم يبدأون بعدها ببث منكراتهم وفسادهم في عقول الصغار والكبار ، ولذا لا يحل لولي أمرٍ أن يمكِّن أولاده من مشاهدتها ؛ لما لها من تأثير سيء على عقائد من يشاهدها ، وعلى سلوكهم ، ومن المفاسد والمنكرات التي فيها :
1. الرسم باليد .
2. الموسيقى .
3. العري واللبس الفاضح ، كألبسة اللاعبين ، والمصارعين ، والسابحين ، والإناث عموماً .
4. العشق ، والحب ، والجريمة ، وغيرها من معاني وأخلاق السوء والشر .
أ. قال الأستاذ نزار محمد عثمان : إن من أكثر الموضوعات تناولاً في الرسوم المتحركة : الموضوعات المتعلقة بالعنف والجريمة ، ذلك أنها توفر عنصري الإثارة والتشويق اللَّذَيْن يضمنا نجاح الرسوم المتحركة في سوق التوزيع ، ومن ثم يرفع أرباح القائمين عليها ، غير أن مشاهد العنف والجريمة لا تشد الأطفال فحسب ، بل تروّعهم ، " إلا أنهم يعتادون عليها تدريجيّاً ، ومن ثم يأخذون في الاستمتاع بها وتقليدها ، ويؤثر ذلك على نفسياتهم ، واتجاهاتهم التي تبدأ في الظهور بوضوح في سلوكهم حتى في سن الطفولة ، الأمر الذي يزداد استحواذاً عليهم عندما يصبح لهم نفوذ في الأسرة والمجتمع " ... .
يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري : " فقصص " توم وجيري " تبدو بريئة ، ولكنها تحوي دائماً صراعاً بين الذكاء والغباء ، أما الخير والشر : فلا مكان لهما ، وهذا انعكاس لمنظومة قيمية كامنة وراء المنتج ، وكل المنتجات الحضارية تجسد التحيز " .(/1)
من مقاله " الرسوم المتحركة وأثرها على تنشئة الأطفال " .
ب. وفي موسوعته عن " اليهودية " قال الدكتور عبد الوهاب المسيري – أيضاً - :
أثبتت إحدى الدراسات أن أفلام " توم وجيري " هي أكبر آلية نقل فكرة حسم المشاكل عن طريق العنف للأطفال .
انتهى
ج. وقد جاء في أفلام كرتونية مشهورة أنهم جعلوا السارق ، والملاحِق للنساء ، والمتحرش بهنَّ رجلاً ضخماً له لحية ! ، ومن المعلوم أن اللحية شعار المسلمين ، ولا يخفى وجه جعلهم الشر متجسداً في هذه الصورة .
د. وفي الفيلم الكرتوني " كابتن ماجد " – والذي جاء ذِكره في السؤال - يصوَّر حضور الفتيات للمباريات ، وما فيه من تشجيع للاعبين ، ويصاحب ذلك الرقص ، والصراخ ، والمعانقة بين الذكور والإناث حال تسجيل الهدف ، وتجد الفتاة تلاحق لاعبها المفضل عندها ، وتقدم له هدية تعبيراً عن محبتها ، ويقبِّلها ذلك اللاعب ! .
فماذا يمكن أن يتعلم من هذا فتياننا وفتياتنا ؟! إنها الوقاحة ، وقلة الأدب ، والعشق ، والحب ، وجعل قدوة لها من اللاعبين تحبه وتتعلق به ، وهكذا تُغرس المعاني الفاسدة في أذهانهم ، وتتحول إلى واقع عملي في سلوكهم .
5. الخطر على العقيدة ، ويتمثل ذلك في تلك الرسوم في صور كثيرة ، منها :
أ. تصوير الرب تعالى – عياذاً بالله – في صورة بشعة في السماء يحكم بين المتخاصمين ، وهذا موجود في بعض حلقات " توم وجيري " الواردة في السؤال .
ب. تصوير الرب في صورة بشعة أيضاً ، ينظر بمنظار في الأرض كلها من السماء ! وينزل لنصرة المظلوم ! ويستطيع التحكم بالأمطار ، والرياح ، والبراكين ! ، وهذا في حلقات " ميكي ماوس " ، وجعله " فأراً " و في السماء لا يخفى على عاقل سبب فعلهم هذا .(/2)
ج. قال الأستاذ نزار محمد عثمان : " وللتدليل على ذلك : نذكر مثال الرسوم المتحركة الشهيرة التي تحمل اسم " آل سيمسونز The Simpsons لصاحبها مات قرونينق Matt Groening ، الذي صرّح أنه يريد أن ينقل أفكاره عبر أعماله بطريقة تجعل الناس يتقبلونها ، وشرع في بث مفاهيم خطيرة كثيرة في هذه الرسوم المتحركة منها : رفض الخضوع لسلطة الوالدين ، أو الحكومة ، الأخلاق السيئة والعصيان هما الطريق للحصول على مركز مرموق ، أما الجهل فجميل ، والمعرفة ليست كذلك ، بيد أن أخطر ما قدمه هو تلك الحلقة التي ظهر فيها الأب في العائلة Homer Simpson وقد أخذته مجموعة تسمي نفسها " قاطعي الأحجار " !! عندما انضم لهم الأب ، وجد أحد الأعضاء علامة في الأب رافقته منذ ميلاده ، هذه العلامة جعلت المجموعة تقدسه ، وتعلن أنه الفرد المختار ، ولأجل ما امتلكه من قوة ومجد : بدأ Homer Simpson يظن نفسه أنه الرب حتى قال : " من يتساءل أن هناك ربّاً ، الآن أنا أدرك أن هناك ربّاً ، وأنه أنا !! " " .
من مقاله " الرسوم المتحركة وأثرها على تنشئة الأطفال " .
6. السخرية من العرب والمسلمين .(/3)
قال الأستاذ نزار محمد عثمان : " ومثال ذلك : بعض حلقات برنامج الرسوم المتحركة المعروف باسم " سكوبي دو " " Scobby Doo " ، والمملوك لـ William Hanna و Joseph Barbera اللَّذين طبّقت شهرتهما الآفاق بعد نجاح رسومهما المتحركة " توم أند جيري " ، في إحدى الحلقات " يفاخر ساحر عربي مسلم عندما يرى سكوبي بقوله : " هذا ما كنت أنتظره تماماً ، شخصٌ أمارس سحري الأسود عليه " ، ويبدي الساحر المسلم رغبته في تحويل سكوبي إلى قرد ، لكن السحر ينقلب على الساحر ويتحول الساحر نفسه إلى قرد ، ويضحك سكوبي وهو يتحدث مع نفسه قائلاً : " لا بد أن ذلك الساحر المشوش ندم على تصرفاته العابثة معنا " ، ومرة أخرى في حلقة سكوبي دو تقوم مومياء مصرية بمطاردة سكوبي ورفاقه ، ويرتابون في أن المومياء نفسها حولت صديقهم الدكتور نسيب - العربي المسلم - إلى حَجر ، وفي النهاية يستميل سكوبي المومياء ويلقي بها في إحدى شباك كرة السلة ، ولكن عندما يكشف النقاب عن المومياء يجد أنها - لدهشة سكوبي - لم تكن مومياء بل الدكتور نسيب نفسه الذي أراد سرقة قطعة عملة ثمينة من سكوبي متنكراً في زي مومياء ، أي : أن سكوبي يريد إنقاذ مسلم يود سرقته ، لقد بلغ المسلم هذا الحد من الرداءة " " .
من مقاله " الرسوم المتحركة وأثرها على تنشئة الأطفال " .
قال علماء اللجنة الدائمة :
لا يجوز بيع ولا شراء ولا استعمال أفلام الكرتون ؛ لما تشتمل عليه من الصورة المحرمة ، وتربية الأطفال تكون بالطرق الشرعية ، من التعليم ، والتأديب ، والأمر بالصلاة ، والرعاية الكريمة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " 2 ( 1 / 323 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :(/4)
لا يخفى عليكم حفظكم الله تأثير أفلام الكرتون وما تسمى بالأفلام المتحركة على أخلاق النشء وخاصة في العقيدة ، ولكن إذا وجد - وخاصة في هذا الوقت - ما يسمى جهاز وأشرطة الأتاري فهل تكون هذه الأشرطة عوضاً وبدلاً عن أفلام الكرتون ؟ .
فأجاب :
نحن يُذكر لنا هذا كثيراً بأن أفلام الكرتون التي تنشر في التلفاز أنها مضرة ، وربما تكون مضرة في العقيدة ، ولكن هل رأيت أو سمعت عن شيء محدد بحيث نعرف هل ينافي العقيدة أو لا ؟ ... .
طيب : إذاً لا يجوز أن نمكِّن أولادنا من بنين وبنات في مشاهدة هذا الكرتون ما دام أنه يغير العقيدة ، كيف نجعلهم يشاهدونها ؟! .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 71 / السؤال رقم 2 ) .
ونرجو النظر في جواب السؤال رقم : ( 71170 ) .
والله أعلم(/5)
رقم السؤال:
110419
العنوان:
التخصصات في العلوم والفنون ، حاجة الأمة لها ، وضوابط وفوائد فيها
السؤال:
في ظل ما نعيشه في هذا الزمان المتسارع ، وما تمر به الأمة من فتن وبلايا ، وما يتمناه كل مسلم من رفع الغمة عن الأمة ، ويحاول أن يقدِّم لها ما يرفع من مستواها ، وإيماننا بالتخصص ، وأهميته ، وكيف يكون بسبب تلك الأدوار الرقي بالأمة في شتى مجالاتها ، سؤالي : ما هي أهم التخصصات سواءً العامة أو الدقيقة التي تحتاجها الأمة خلال المرحلة القادمة ، أو كنظرة إستراتيجية خلال 20 سنة ؟ وما هي الكتب أو المواقع التي تكلمت في هذا الموضوع واستشرفت المستقبل ؟
الجواب:
الحمد لله
ينتظم الكلام عن التخصص في الدراسات التي تحتاجها الأمة الإسلامية في مسائل وأحكام ، منها :
1. لا شك أن الأمة الإسلامية تحتاج من أبنائها أن يكونوا قادة العالَم في العلوم النظرية والعملية ، وأن لا يكونوا عالَة على غيرهم من الأمم ، والإسلام دين العلم ، بدأ الله تعالى وحيه لنبيه صلى الله عليه وسلم بكلمة ( اقرأ ) ، وحثَّ على العلم ، ورفع من شأنه ، وأوجب تعلم العلوم التي تحتاجها أمة الإسلام وجوباً كفائيّاً .
2. ونوصي أن يكون أصحاب الاختصاص ممن لهم ميل لهذا العلم ، وذاك التخصص ، فمن المعلوم أن المسلمين يتفاوتون فيما بينهم في الميل نحو علوم دون أخرى ، ومن الأفضل أن نحث كل واحدٍ منهم نحو ما يميل له من العلوم ، لا أن نجبره على تعلم شيء لا يرغبه ، فضلاً عن المنع من إجباره نحو ما يكره .
وهذه المسألة عالجها أئمة الإسلام قديماً وحديثاً ، بل إنهم أوصوا بها أن تنمَّى مع الطفل في صغره ، دون الحاجة للانتظار لأن يكبر حتى يوجه لهذا العلم .
قال ابن القيم - رحمه الله - :(/1)
ومما ينبغي أن يعتمد : حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال ومهيأ له منها ، فيعلم أنه مخلوق له : فلا يحمله على غيره ، ما كان مأذوناً فيه شرعاً ؛ فإنه إن حمله على غير ما هو مستعد له : لم يفلح فيه ، وفاته ما هو مهيأ له ، فإذا رآه حسن الفهم ، صحيح الإدراك ، جيِّد الحفظ ، واعياً : فهذه من علامات قبوله ، وتهيؤه للعلم لينقشه في لوح قلبه ما دام خالياً ؛ فإنه يتمكن فيه ، ويستقر ، ويزكو معه .
وإن رآه بخلاف ذلك من كل وجه ، وهو مستعد للفروسية وأسبابها من الركوب ، والرمي ، واللعب بالرمح ، وأنه لا نفاذ له في العلم ، ولم يُخلق له : مكَّنه من أسباب الفروسية ، والتمرن عليها ؛ فإنه أنفع له ، وللمسلمين .
وإن رآه بخلاف ذلك ، وأنه لم يُخلق لذلك ، ورأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع ، مستعداً لها ، قابلاً لها ، وهي صناعة مباحة نافعة للناس : فليمكِّنه منها .
هذا كله بعد تعليمه له ما يحتاج إليه في دينه ؛ فإن ذلك ميسر على كل أحد لتقوم حجة الله على العبد ، فإن له على عباده الحجة البالغة ، كما له عليهم النعمة السابغة .
" تحفة المودود في أحكام المولود " ( ص 243 ، 244 ) .
ومن تأمل في حال الصحابة ، ورأى تربية النبي صلى الله عليه وسلم لهم : علم مدى مطابقة ما قلناه لواقعهم رضي الله عنهم ، فقد كان منهم العالِم الفقيه ، ومنهم القارئ ، ومنهم المجاهد ، ومنهم الشاعر ، وكلٌّ يؤدي ما يتقنه ، ويساهم في بناء الدولة ، وكما يكون الدفاع عن الإسلام بالمناظرة والحجة : فإنه يكون بالسيف والرمح ، ولكل واحدٍ من هذه الفنون أهلها وأربابها ، وقد اشتركوا جميعاً في معرفة الإسلام ، ولم ينافِ ذلك أن يكون متخصصاً في فن ، أو صنعة .(/2)
3. يجب التفريق بين الرجال والنساء في التوجه نحو الاختصاص في العلوم والفنون ، فما يصلح للرجال ليس بالضرورة أن يصلح كله للنساء ، فالعلوم الصناعية الثقيلة ، والسياسية ، والعسكرية لا تليق بالمرأة ، ومما يليق بها وتشترك فيه مع الرجال : العلوم التربوية ، والصناعية الخفيفة ، والعلوم الطبية – وتختص عن الرجل بتوجيهها نحو طب النساء - .
4. ولا يجوز للرجال ولا للنساء مخالفة شرع الله تعالى في دراسة التخصصات ، وتعلمها ، فعليهم تجنب الاختلاط ، والسفر لدول الكفر ، وسفر المرأة وحدها دون محرمها ، ومن المخالفات الشرعية في ذلك : الذهاب لبلاد الكفر للدراسة مع وجود هذا العلم والتخصص في بلاد المسلمين .
وإذا احتاجت الأمة الإسلامية لعلم ضروري فينبغي أن يُحسن اختيار من يقوم به ، لا أن يفتح الباب على مصراعيه للجميع ، فيذهب للبلاد الكافرة الشاب المراهق الأعزب ، والضعيف في علمه الشرعي ؛ لأن هذا أدعى لوقوعه في الفتنة ، ونكون خسرناه وخسرنا ما ذهب من أجله ، ولم نستفد شيئاً .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - :
" إذا اقتضت الضرورة ابتعاث بعض الطلاب إلى الخارج ؛ لعدم وجود بعض المعاهد الفنية المتخصصة لا سيما في مجال التصنيع وأشباهه : فأرى أن يكوَّن لذلك لجنة علمية أمينة لاختيار الشباب الصالح في دينه وأخلاقه ، المتشبع بالثقافة والروح الإسلامية , واختيار مشرف على هذه البعثة ، معروف بعلمه ، وصلاحه ، ونشاطه في الدعوة ليرافق البعثة المذكورة , ويقوم بالدعوة إلى الله هناك , وفي الوقت نفسه يشرف على البعثة , ويتفقد أحوالها ، وتصرفات أفرادها , ويقوم بإرشادهم وتوجيههم , وإجابتهم عما قد يعرض لهم من شبه ، وتشكيك ، وغير ذلك .(/3)
وينبغي أن يُعقد لهم دورة قبل ابتعاثهم ، ولو قصيرة ، يدرَّسون فيها جميع المشاكل ، والشبهات ، التي قد تواجههم في البلاد التي يُبتعثون إليها , ويُبين لهم موقف الشريعة الإسلامية منها , والحكمة فيها ، حسب ما دل عليه كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم , وكلام أهل العلم ، مثل أحكام الرق , وتعدد الزوجات بصفة عامة , وتعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بصفة خاصة , وحكم الطلاق , وحكمة الجهاد ابتداءً ودفاعاً ، وغير ذلك من الأمور التي يورد ها أعداء الله على شباب المسلمين حتى يكونوا على استعداد تام للرد على ما يعرض لهم من الشبه.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 1 / 386 - 388 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
إذا كان الواقع كما ذكر من أن التخصص الذي تدرسه موجود في بلدك الإسلامي ، وأن الدراسة في الخارج مشتملة على مفاسد كثيرة في الدين والأخلاق وعلى الزوجة والأولاد - فإنه لا يجوز لك السفر لهذه الدراسة ؛ لأنها ليست من الضرورات ، مع وجودها في بلدك الإسلامي ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في التحذير من الإقامة في بلاد الكفار من غير مسوغ شرعي ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين " وغيره من الأحاديث ، وما وقع فيه بعض المسلمين من السفر إلى بلاد الكفار من غير ضرورة هو من التساهل الذي لا يجوز في دين الله ، وهو من إيثار الدنيا على الآخرة ، وقد قال الله جل وعلا : ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) سورة الأعلى ، الآيتان ( 16، 17) ، وقال سبحانه : ( قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ) سورة النساء ، الآية : (77) .(/4)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من كان همه الآخرة جمع الله شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه فرق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له .
الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله الغديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 26 / 93 - 96 ) .
5. وأخيراً : فإن العلوم كثيرة ، وفي كل علم وفن تخصصات ، فالطب تخصصاته كثيرة ، والعضو الواحد من الجسد يكون فيه تخصصات ، والأمة الإسلامية تحتاج لكل العلوم والفنون المباحة ، من الطب ، والهندسة ، والفيزياء ، والكيمياء ، وعلوم الذرة ، والنووي ، والعلوم العسكرية ، والصناعات الثقيلة ، وغير ذلك من العلوم والفنون ، على أن يكون ذلك بحسن اختيار ، ولمقصد شرعي أو مباح ، مع الالتزام بالشرع أثناء تحصيله ، ومع تحصيل قدرٍ كافٍ من العلوم الشرعية .
ولا نعلم – الآن – كتاباً معيَّناً نحيلك عليه .
ونسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين لما يحب ويرضى ، وأن يكتب لهم العز والتمكين .
والله أعلم(/5)
رقم السؤال:
110501
العنوان:
رعاية النبي صلى الله عليه وسلم وعنايته ببناته في حياتهن إلى بعد موتهن
السؤال:
كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعامل بناته في الفترة قبل بلوغهن سن 17 ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يصعب جداً معرفة كيفية معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لبناته في هذه الفترة من أعمارهن ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة رضي الله عنها وكان عمره 25 سنة ، وأوحي إليه وعمره أربعون سنة ، ثم ماتت خديجة رضي الله عنها بعد عشر سنوات من النبوة تقريباً .
وبنات النبي كلهن من خديجة رضي الله عنها [زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهن] ، ومعنى ذلك أن أكثرهن بلغ هذه السن (أي : 17 سنة) في مكة ، ففاطمة رضي الله عنها وهي أصغرهن – على ما اختاره ابن عبد البر رحمه الله في "الاستيعاب" (4/178) – ولدت قبل المبعث بقليل ، وقد كان المسلمون في مكة قلة مضطهدين معذبين ، فلم يمكنهم في ذلك الوقت نقل أشياء تفصيلية عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، لا سيما ولم يكن متزوجاً في ذلك الوقت إلا بخديجة رضي الله عنها فقط ، وقد توفيت قبل الهجرة بسنوات .
ولكن يمكننا أن نتكلم عن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لبناته على سبيل العموم في هذه الفترة من أعمارهن وغيرها .
ثانياً :
مما لا شك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة والأسوة للمسلمين ، وحياته صلى الله عليه وسلم فيها نماذج عالية لكيفية تعامل الحكام مع شعوبهم ، وتعامل الأزواج مع زوجاتهم ، والآباء مع أولادهم وأحفادهم ، والدعاة مع المدعوين ، والعلماء مع طلاب العلم ، وتعامل القادة مع جنودهم ، وهكذا في جميع جوانب الدين ، والدنيا ، وقد قال الله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) الأحزاب/ 21 .
قال ابن كثير رحمه الله :(/1)
هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم ، في أقواله ، وأفعاله ، وأحواله ، ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ، في صبره ، ومصابرته ، ومرابطته ، ومجاهدته ، وانتظاره الفرج من ربه عز وجل ، صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين .
" تفسير القرآن العظيم " ( 6 / 391 ) .
وأما بخصوص معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لبناته فقد كانت غاية في الرحمة والحكمة ، وقد كان له من البنات أربع ، وكلهن من خديجة رضي الله عنها ، وهنَّ : زينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة ، وكلهن أدركن الإسلام ، وأسلمن ، وكلهن توفين قبله إلا فاطمة ، فإنها تأخرت بعده بستة أشهر .
وتتمثل جوانب الرحمة والحكمة في معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لهن في صور متعددة ، وأمثلة متنوعة ، منها :
1. دعوته لهنَّ للإسلام بالحسنى ، رحمةً بهن .
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قَالَ : (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِى عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مالِي لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) .
رواه البخاري ( 2602 ) ومسلم ( 206 ) .
قال ابن إسحاق : وأما بناته : فكلهن أدركن الإسلام ، فأسلمن ، وهاجرن معه صلى الله عليه وسلم .
" الروض الأنف " السهيلي ( 2 / 157 ) .(/2)
2. عنايته صلى الله عليه وسلم بهن في مرضهن حتى في أشد الأوقات .
فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الخروج لبدر أمر عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يبقى عند زوجته رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم لأنها كانت مريضة .
فعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال : وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ – أي : عثمان بن عفان - عَنْ بَدْرٍ ، فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم – وهي : رقية - وَكَانَتْ مَرِيضَةً ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ ) رواه البخاري ( 3495 ) .
3. حسن الاستقبال والترحيب .
4. ائتمانهن على أسراره صلى الله عليه وسلم .
5. إدخال السرور على قلوبهن .
ويجمع ذلك كلَّه حديث صحيح :(/3)
عن عَائِشَة أُمِّ الْمُؤْمِنِيِنَ رضي الله عنها قَالَتْ : إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُ جَمِيعًا لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَام تَمْشِي ، لَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ : (مَرْحَبًا بِابْنَتِي) ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ، ثُمَّ سَارَّهَا ، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا ، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا : سَارَّهَا الثَّانِيَةَ ، فَإِذَا هِيَ تَضْحَكُ ، فَقُلْتُ لَهَا أَنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ : خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا ، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهَا عَمَّا سَارَّكِ ، قَالَتْ : مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرَّهُ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قُلْتُ لَهَا : عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنْ الْحَقِّ لَمَّا أَخْبَرْتِنِي قَالَتْ : أَمَّا الْآنَ فَنَعَمْ ، فَأَخْبَرَتْنِي قَالَتْ : أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الْأَمْرِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي أَنَّ (جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِي بِهِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَلَا أَرَى الْأَجَلَ إِلَّا قَدْ اقْتَرَبَ فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي فَإِنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ) قَالَتْ : فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأَيْتِ ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ ، قَالَ : (يَا فَاطِمَةُ أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ(/4)
هَذِهِ الْأُمَّةِ) رواه البخاري (5928) ومسلم (2450) .
7. ومن عظيم عنايته وتربيته صلى الله عليه وسلم لبناته أن سارع بتزويجهن لمن رأى فيه رجاحة عقل ، أو دين متين ، فزوَّج زينبَ رضي الله عنها من أبي العاص بن الربِيع القرشي رضي الله عنه ، وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد .
وزوَّج النبي صلى الله عليه وسلم رقيةَ من عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فلما توفيت رقيةُ رضي الله عنها زوَّجه النبي صلى الله عليه وسلم بأختها أم كلثوم .
وزوَّج فاطمةَ رضي الله عنها من علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
8. أمرهن بالحجاب والستر في اللباس .
وذلك استجابةً لأمر الله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/ 59 .
9. حل مشكلاتهن بينهن وبين أزواجهن ، والتدخل للإصلاح .
فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتَ فَاطِمَةَ ، فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ : (أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟) قَالَتْ : كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ شَيْءٌ ، فَغَاضَبَنِي ، فَخَرَجَ ، فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي [القيلولة هي النوم وسط النهار]، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لإِنْسَانٍ : (انْظُرْ أَيْنَ هُوَ) ، فَجَاءَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ مُضْطَجِعٌ ، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ : (قُمْ أَبَا تُرَابٍ ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ) رواه البخاري (430) ومسلم (2409) .(/5)
10. رقة النبي صلى الله عليه وسلم لابنته الغائبة عنه ، والشفاعة في إطلاق زوجها المأسور عند المسلمين ، والاشتراط عليه إرسالها للمدينة .
وكل ذلك يدل على عطف النبي صلى الله عليه وسلم على بناته ، وشدة تعلقه بهن ، وهو مع هذا يريد لهن الخير والنجاة من بيئة الكفر خشية الافتتان ، ويحب لبناته ما يحببن لأنفسهن من الخير ، وخاصة إن تعلق الأمر بزوج لها ، أو ولد .
وكل ما سبق يجمعه حديث واحد صحيح :
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ بَعَثَتْ زَيْنَبُ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بِمَالٍ وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ عِنْدَ خَدِيجَةَ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ ، قَالَتْ : فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً ، وَقَالَ : إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا ، فَقَالُوا : نَعَمْ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ عَلَيْهِ أَوْ وَعَدَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ زَيْنَبَ إِلَيْهِ ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ : كُونَا بِبَطْنِ يَأْجَجَ [موضع على مشارف مكة] حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَأْتِيَا بِهَا . رواه أبو داود ( 2629 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال الشيخ محمد شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله :
(رقَّ لها) أي : لزينب ، يعني : لغربتها ، ووحدتها ، وتذكر عهد خديجة ، وصحبتها ، فإن القلادة كانت لها ، وفي عنقها .
" عون المعبود العظيم " (7 / 254) .
11. المشاركة في عقيقة أولاده من بناته .(/6)
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا . رواه أبو داود (2841) ، وفي رواية النسائي (كبشين كبشين) وقال الشيخ الألباني عنها : إنها الأصح .
12. متابعة بناته رضي الله عنهن عند أزواجهن ، والتوجيه نحو عدم الركون لمتاع الدنيا .
عنْ علي رضي الله عنْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنْها شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْتُ لِأَقُومَ فَقَالَ : (عَلَى مَكَانِكُمَا) فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي وَقَالَ : (أَلَا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَتُسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ) رواه البخاري (3502) ومسلم (2727) .
13. وتستمر عناية النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته ببناته حتى بعد وفاتهن ، وتمثل ذلك في :
أ. الاهتمام بغسلهن ووضع شيء من ثيابه مع إحداهن .(/7)
فعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ ، فَقَالَ : (اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا ، أَوْ خَمْسًا ، أَوْ أَكْثَرَ مَنْ ذَلِكَ ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا ، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي) ، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ – أي : إزاره - فَقَالَ : (أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ) رواه البخاري (1195) ومسلم (939) .
(أشعرنها) : هو من الإشعار ، وهو إلباس الثوب الذي يلي بشرة الإنسان ، ويسمَّى شعاراً لأنه يلامس شعر الجسد .
وابنته هي : زينب ، كما جاء مصرحاً به في رواية مسلم .
ب. شهود جنازتهن ، ودفنهن .
ولو أردنا الوقوف عند كل موقف لنبينا صلى الله عليه وسلم من المواقف السابقة لطال بنا المقام ، ولعلَّ السائل يرجع لكتب السيرة ، وشروح الأحاديث ، ويقف بنفسه على فوائد تلك المواقف ، وأهميتها في حياة المسلم أن يأتسي بها ، ويقتدي بهديها .
والله أعلم(/8)
رقم السؤال:
110504
العنوان:
حكم رسم وجه مبتسم في المحادثة على الإنترنت
السؤال:
أعرف أن رسم صور ووجوه من فيه روح حرام، ولكن على الإنترنت يتم استخدام بعض الرموز التي تعبر عن المشاعر، مثلا يتم كتابة :-) للتعبير عن ابتسامة (فلو نظرت إليها فستجدها تعبر عن عينين وأنف وفم يبتسم) فهل هذا حرام؟ [وقد تتحول هذه الرموز تلقائيًا على الإنترنت إلى أشكال كهذه (J)، فما الحكم؟]
الجواب:
الحمد لله
الذي يظهر والله أعلم أن هذا الوجه - مبتسما أو حزينا - لا يأخذ حكم الصورة التي يمنع تصويرها ورسمها واستعمالها ؛ وذلك من وجهين :
الأول : أنه لا تظهر فيه معالم الوجه الحقيقي ، من العينين والفم والأنف ، وهو خال من الرأس والأذنين .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الصورة الرأس ، فإذا قطع الرأس فلا صورة " رواه الإسماعيلي في معجمه من حديث ابن عباس ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 1921 ، وفي صحيح الجامع برقم (3864) .
الثاني : أن جمهور الفقهاء على أن الصورة إذا قطع منها ما لا تبقى معه الحياة ، لم تكن صورة محرمة ، وينظر تفصيل هذه المسألة وأقوال المذاهب الأخرى في : أحكام التصوير في الفقه الإسلامي ، ص 224-240
وننبه على الأمرين :
أن هذا المستعمل في المحادثة على الإنترنت ليس من قبيل رسم الصورة ، وإنما هو استعمال لها.
ويراجع جواب السؤال (78963) .
الثاني : أنه ليس للمرأة أن تستعمل هذه الوجوه في محادثتها مع الرجل الأجنبي عنها ؛ لأن هذه الوجوه تعبر عن حال واضعها فكأنه يبتسم ويضحك ويخجل الخ ، وليس للمرأة أن تفعل ذلك مع الرجل الأجنبي .
ومحادثة المرأة للرجال إنما تجوز عند الحاجة بشرط أن تكون في منتدى عام ، لا في مراسلة خاصة ، وينظر : سؤال رقم (34841).
والله أعلم.(/1)
رقم السؤال:
110531
العنوان:
تخشى أن تحرم الثواب إن أجرت عمليات للولادة من غير آلام
السؤال:
يوجد عدة طرق لتخفيف الألم أثناء الولادة ، قد يصل بعضها إلى عدم الشعور بأية آلام ، ولكني أعرف أن في هذا الألم ثواباً جزيلاً ، فهل سأنال هذا الثواب إذا كانت الولادة بدون ألم؟
الجواب:
الحمد لله
كل ما يصيب المؤمن من تعب أو مشقة أو ألم فإنه يكفر عن خطاياه ، كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ) رواه البخاري (5642) ومسلم (2573) .
وليس معنى ذلك أن يطلب الإنسان المشقة ، ولا يحاول تجنبها ، بل كلما كان الفعل أيسر وأسهل كان أقرب إلى محبة الله تعالى ، ما لم يكن إثماً ولهذا قالت عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : (مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا ، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا) رواه البخاري (3560) . وقال صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ) رواه أحمد (5832) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (564) .
وعلى هذا ، فلا حرج من استعمال ما يؤدي إلى تخفيف الألم عند الولادة ، أو عدم حصوله تماماً ، وعملية الولادة لا تخلو من مشقة ومخاطرة ، وفضل الله تعالى واسع .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين :(/1)
سائلة تقول بأنها امرأة ضعيفة الجسم ، وقد ولدت طفلاً بصعوبة ، أعطوها مادة سائلة يقولون بأنها طلق صناعي لأن طلقها ضعيف ، ومع هذا الطلق الصناعي تقول كأنني أشعر كأني أفقد عقلي ، وتعبت كثيراً بعد الولادة ، وظل التعب لمدة سنة تقريباً ، تقول بأنها حملت بعد ذلك بابنها الثاني فنصحها البعض بالذهاب إلى مستشفى خاص ، وأعطوها إبرة تخدير لأنها لن تتحمل الطلق الصناعي ، أيضاً تقول بعد أن أعطوني إبرة التخدير لم أشعر بألم الولادة ، ونمت قليلاً .
هل هذا جائز يا فضيلة الشيخ ، تقول لأنها حامل في شهرها الثالث ؟
أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا ؛ لأن البعض أخبرني بأن هذا لا يجوز ؟
فأجاب رحمه الله تعالى :
" إذا كانت المرأة يشق عليها الطلق والولادة ، وأخذت من الأدوية المباحة ما يعينها على ذلك ، فإن هذا لا بأس به ، وهو من باب التنعم بنعم الله سبحانه وتعالى ، والله سبحانه وتعالى من كرمه وجوده وفضله يحب لعباده أن يتنعموا بنعمه التي مَنَّ بها عليهم ، ويحب من عبده أن يرى أثر نعمته عليه ، واستعمال هذه المسكنات أو المقويات في الطلق أو ما أشبه ذلك من الأشياء المباحة لا بأس به ولا حرج ؛ لأن الله سبحانه وتعالى يحب اليسر لعباده ، كما قال الله تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ ) " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (الجنائز/الأحكام الطبية) .
أما مقدار الثواب ، فهذا أمره إلى الله تعالى .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
110557
العنوان:
يعمل في مشروع إنشاء بنك ربوي ولو تركه ربما فصل من عمله
السؤال:
أنا مهندس أعمل موظف في مكتب استشاري في القاهرة وقد أسند إلي المكتب منذ حوالي العام والنصف مهمة العمل في مشروع إنشاء بنك ربوي للأسف ولكني طلبت من المسؤول في المكتب أن يسند إلي العمل في مشروع آخر لأني أخشى أن يكون هذا العمل حراماً فأخبرني حينئذ أنه لا يوجد عمل آخر فسألته إن كان هناك مشروع سيبدأ في خلال شهور قريبة فقال لي لا . (علماً بأن مهمتي هي الفصل في مستحقات المقاول الذي قام بالبناء ولا تتعلق بالإشراف على العمل التنفيذي) . شعرت وقتها أني مضطر للعمل بالمشروع حيث إني متزوج وأب لثلاثة أولاد وليس لدي مصدر دخل آخر غير المرتب ، وبدأت العمل في المشروع وظللت أبحث في المواقع الإسلامية على النت ما يفصل في مشروعية عملي هذا ، وقد وجدت حكماً وقتئذ شعرت معه أنه قريب من حالتي وهي أن الحارس الذي يعمل في حراسة البنك الربوي يكون عمله جائزاً أو مكروهاً فقط وليس محرماً إن كان لا يجد عملاً آخر ، فاطمأن قلبي وقتها واستمريت بعملي وأنا أحمد الله أني لم أغضبه . ولكن منذ حوالي ثلاثة أشهر تقريباً راودني إحساس بأن تلك الوظيفة يشوبها شيء فبدأت بإرسال الاستفتاءات للمواقع الإسلامية لكي أتيقن من هذا الخاطر وقد رد على سؤالي أحد المشايخ بأن عملي هذا يحرم . منذ ذلك الحين وأنا أشعر بالذنب وأن مالي يشوبه الحرام وهذا مالا أتحمله ولكن المشكلة أن طبيعة عملي تلك تجعل كل تفاصيل وخيوط العمل معي والمشروع قد أوشك على الانتهاء وأصبح موقف مكتبي حرج جداً في حال انسحابي من المشروع في تلك المرحلة الحرجة أمام مالك المشروع وبالتبعية موقفي أمام مكتبي سيكون أشد حرجاً وأنا الآن لا أعرف ما هو الحل الصحيح لتلك المشكلة والذي أسألكم لأجله .
الجواب:
الحمد لله
أولا :(/1)
لا يجوز العمل في إنشاء البنوك الربوية ، ولا الإعانة على ذلك بوجه من الوجوه ؛ تنفيذا أو إشرافا أو تخطيطا أو غير ذلك ، لما تقرر في الشريعة من تحريم الربا ولعن فاعله وشاهده وكاتبه ، والبنك الربوي مؤسسة تقوم على هذا الربا وترعاه وتنشره وتدعو الناس إليه ، فإنشاء هذا البنك أعظم ولاشك من الوقوع في معاملة ربوية معيّنة ، والقائمون على ذلك معرضون للعقاب الشديد ، والحرب من الله ورسوله ، كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278-279 .
وروى مسلم (1598) عن جابر قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ، ومؤكله ، وكاتبه ، وشاهديه . وقال : هم سواء .
وقد أفتى كبار أهل العلم بتحريم العمل في البنوك الربوية ، ولو كان العمل فيما لا يتصل بالربا كالحراسة ، والنظافة ، والخدمة.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/41) : "لا يجوز لمسلم أن يعمل في بنك تعامله بالربا ، ولو كان العمل الذي يتولاه ذلك المسلم غير ربوي ؛ لتوفيره لموظفيه الذين يعملون في الربويات ما يحتاجونه ويستعينون به على أعمالهم الربوية ، وقد قال تعالى : (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَان) المائدة/2" انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز العمل في مؤسسة ربوية كسائق أو حارس ؟(/2)
فأجاب : "لا يجوز العمل بالمؤسسات الربوية ولو كان الإنسان سائقا أو حارسا ، وذلك لأن دخوله في وظيفة عند مؤسسات ربوية يستلزم الرضى بها ، لأن من ينكر الشيء لا يمكن أن يعمل لمصلحته ، فإذا عمل لمصلحته فإنه يكون راضيا به ، والراضي بالشيء المحرم يناله من إثمه. أما من كان يباشر القيد والكتابة والإرسال والإيداع وما أشبه ذلك فهو لاشك أنه مباشر للحرام . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا ، وموكله ، وشاهديه ، وكاتبه . وقال : هم سواء" انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (2/401) .
وبهذا تعلم أن عملك المذكور لا يجوز ، وأنه يجب عليك الخروج منه ، والتوبة إلى تعالى ، والحذر من مقته وغضبه ، وأن من أفتاك بأن عملك محرم قد أصاب .
ثانيا :
كون المشروع في مراحله الأخيرة ، وكون خروجك سيسبب إحراجا للشركة ، وربما أدى إلى فصلك من العمل ، كل ذلك لا يبيح لك الاستمرار فيه ، بل الواجب تركه ، لان إنشاء البنك الربوي من أعظم المنكرات ، كما عُلم مما سبق ، وأبواب الرزق الحلال كثيرة ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، فينبغي أن يعظُم توكلك على الله ورجاؤك فيما عنده وثقتك فيما أعده لعباده الصالحين المتقين ، فإنه أخبر سبحانه أنه يحبهم ، وأنه معهم ، وأنه يرزقهم ، وأنه يحسن إليهم ، ويفرّج عنهم ، وهو مالك الملك جل وعلا ، لا تنزل قطرة من السماء إلا بأمره ، ولا يأتيك درهم حتى يأذن فيه سبحانه ، فَلِمَ تخاف ؟ ومِمَّ تخاف ؟!(/3)
قال الله سبحانه : (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) الذاريات/22، 23 ، وقال سبحانه : ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) الذاريات/58 ، وقال تعالى : (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/96 ، وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2، 3 .
وقال صلى الله عليه وسلم : (إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ، وتستوعب رزقها ، فاتقوا الله ، وأجملوا في الطلب ، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته) رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أبي أمامة ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2085
فبادر بالتوبة والرجوع إلى الله ، وأعلن براءتك من الربا والقائمين عليه ، ثم إن وجدت عملا مباحا في شركتك فانتقل إليه ، وإلا فابحث عن غيره ، ولن تضيع ، فإن الله سبحانه لا يضيع أجر المحسنين .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .(/4)
رقم السؤال:
110665
العنوان:
جمع جلود الأضاحي وبيعها والتصدق بثمنها
السؤال:
تقوم لجان المساجد عندنا في الجزائر بجمع جلود الأضاحي وبيعها لمؤسسات صناعة الجلود وصرف ثمنها في بناء المساجد ويحتجون بأن كثيرا من الناس اليوم لا يحتاجونها ويقومون برميها فهل يجوز هذا الفعل ؟ وهل يجوز للشخص إعطاء جلد الأضحية لهؤلاء إذا قصدوا بيته وهو يعلم مسبقا أنهم سوف يبيعونها ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا يجوز للمضحي أن يبيع جلد أضحيته ؛ لأنها بالذبح تعينت لله بجميع أجزائها ، وما تعيّن لله لم يجز أخذ العوض عنه ، ولهذا لا يعطى الجزار منها شيئا على سبيل الأجرة .
وقد روى البخاري (1717) ومسلم (1317) واللفظ له عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا . قَالَ : نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا .
قال في "زاد المستقنع" : " ولا يبيع جلدها ولا شيئا منها ، بل ينتفع به ".(/1)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه (7/514) : " وقوله : "ولا يبيع جلدها" بعد الذبح؛ لأنها تعينت لله بجميع أجزائها ، وما تعين لله فإنه لا يجوز أخذ العوض عليه ، ودليل ذلك حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنه حمل على فرس له في سبيل الله ، يعني أعطى شخصاً فرساً يجاهد عليه ، ولكن الرجل الذي أخذه أضاع الفرس ولم يهتم به ، فجاء عمر يستأذن النبي صلّى الله عليه وسلّم في شرائه حيث ظن أن صاحبه يبيعه برخص ، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لا تشتره ولو أعطاكه بدرهم) ، والعلة في ذلك أنه أخرجه لله ، وما أخرجه الإنسان لله فلا يجوز أن يرجع فيه ، ولهذا لا يجوز لمن هاجر من بلد الشرك أن يرجع إليه ليسكن فيه ؛ لأنه خرج لله من بلد يحبها فلا يرجع إلى ما يحب إذا كان تركه لله عزّ وجل ، ولأن الجلد جزء من البهيمة تدخله الحياة كاللحم .[يعني لا يجوز بيعه كما لا يجوز بيع اللحم]
وقوله : "ولا شيئاً منها" ، أي لا يبيع شيئاً من أجزائها ، ككبد ، أو رجل ، أو رأس ، أو كرش ، أو ما أشبه ذلك ، والعلة ما سبق " انتهى .
وبهذا يعلم أن المشروع هو الانتفاع بالجلد أو التصدق به على مستحقه من فقير أو مسكين .
ولو تصدق المضحي بالجلد على فقير ، فباعه الفقير ، فلا حرج على واحد منهما .
قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله : " أما إذا كان هناك شركة تشتري الجلد في نفس المسلخ ، وأعطيته الفقير ، ثم ذهب الفقير وباعه لهذه الشركة أو لهذه المؤسسة ، فلا بأس " انتهى من "شرح زاد المستقنع " .
ثانيا :
أما بيع الجلد والتصدق بثمنه ، فقد اختلف فيه أهل العلم ، فمنهم من أجاز ذلك ، وهو مذهب الحنفية ورواية عن أحمد رحمه الله ، ومنعه الجمهور .
قال في "تبيين الحقائق" (6/9) : " ولو باعهما بالدراهم ليتصدق بها جاز ; لأنه قربة كالتصدق بالجلد واللحم ".(/2)
وقال ابن القيم رحمه الله في "تحفة المودود بأحكام المولود" ص 89 : " وقال أبو عبد الله بن حمدان في رعايته : ويجوز بيع جلودها وسواقطها ورأسها والصدقة بثمن ذلك ، نص عليه [أي الإمام أحمد]...
قال الخلال : وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أن أبا عبد الله [يعني الإمام أحمد] قال : إن ابن عمر باع جلد بقرةٍ وتصدق بثمنه .
وقال إسحاق بن منصور : قلت لأبي عبد الله : جلود الأضاحي ما يصنع بها ؟ قال : ينتفع بها ويتصدق بثمنها . قلت : تباع ويتصدق بثمنها ؟ قال : نعم ، حديث ابن عمر " انتهى .
وينظر : "الإنصاف" (4/93).
وقال الشوكاني رحمه الله في "نيل الأوطار" (5/153) : " اتفقوا على أن لحمها لا يباع فكذا الجلود. وأجازه الأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وهو وجه عند الشافعية قالوا : ويصرف ثمنه مصرف الأضحية " انتهى .
وعلى هذا ؛ فلا حرج في إعطاء الجلود للجمعيات الخيرية التي تتولى بيعه والتصدق بثمنه ، وهذا من المشاريع النافعة ؛ لأن أكثر الناس لا ينتفعون بجلد الأضحية ، فبيع الجلد والتصدق به فيه تحقيق للمصلحة المقصودة ، وهو نفع الفقراء ، مع السلامة من المحذور وهو اعتياض المضحي عن شيء من أضحيته .
مع التنبيه على أن الأضحية يُعطى منها للأغنياء على سبيل الهدية ، فلو نوى المضحي أنه أعطى الجلد هدية للجمعية الخيرية التي تقوم بجمعه ، فلا حرج في ذلك .
ثم تقوم الجمعية ببيعه والتصدق بثمنه فيما شاءت من الأعمال الخيرية .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
110667
العنوان:
تفاجأت أن الألباني من المعاصرين وتوقفت عن قبول أحكامه على الأحاديث !
السؤال:
علمت مؤخراً أن العلامة الألباني هو من علماء العصر الحديث ، وأنه توفي منذ ثماني سنوات فقط ، وأنا لست من أهل العلم لأفتي في الرجل ، ولا أعلم عن سيرته شيئاً يُذكر ، ولكني فقط أريد أن أطمئن ويطمئن قلبي ، كيف يجوز لنا الأخذ بحديث ضعَّفه الأوائل من أهل العلم وصححه هو ؟ أو كيف يجوز لنا ترك حديث صححه السابقون من العلماء وأنكره هو ؟ مع ما لهم من قرب عهد بالرواة والصحابة والتابعين ما يمكنهم من معرفة أحوالهم والسؤال عنهم ، وما له من بعد عهد عن كل هؤلاء الرواة ، مما يجعل قدرته على اقتفاء آثارهم ومعرفة أحوالهم وصفاتهم أمراً متعذراً جدّاً ، يكاد لا يعتمد فيه إلا على ما أخبر به الأوائل ابتداء ، وبذلك فهو ربما لا يكون قد أضاف شيئاً ، لا أقصد المعيب في علاَّمة مثله ، ولكن هذا تصوري العقلي ، وأنا كنت آخذ بأحاديثه دون نقاش ، لكن بعد أن علمت أنه ليس من التابعين وأصحاب العهد الأول : دهشت ، ولم أعد أعلم كيف أتصرف عندما يخالف رأيه أحداً منهم . أرجو الإفادة ، وجزاكم الله خيراً .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ليس من الصحابة ولا من التابعين ، ولا من أهل القرون الثلاثة ، بل هو معاصر ، ولد عام 1333 هـ ، الموافق 1914 م في مدينة " أشقودرة " في دولة ألبانيا ، وتوفي في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة عام 1420هـ ، الموافق الثاني من أكتوبر 1999م ، في الأردن .
ثانياً:(/1)
العلم الشرعي لا يعرف متقدماً ومتأخراً ، وكل متقدم هو ـ في الحقيقة ـ متأخر بالنسبة لمن سبقه ، وكل متأخر هو ـ أيضا ـ متقدم بالنسبة لمن تلاه !! والمتقدم في الزمان قد لا يكون على درجة من العلم أو الفقه بالنسبة لمتأخر نهل من علم الأوائل ورزقه الله فهماً ثاقباً ، فالحق لا يُعرف بكون قائله من المتقدمين ، بل بموافقته للأدلة من القرآن والسنَّة .
ثالثاً:
المتقدمون أنفسهم في القرون الفاضلة المتقدمة اختلفوا في الحكم على رجال ورواة ، واختلفوا في الحكم على أحاديث صحة وضعفاً ، فماذا تصنعين مع هذا الاختلاف منهم وهم في زمان متقدم ، وكلهم من أهل العلم الفضل ؟! إنك تحتاجين لمن ينظر في أقوالهم ، ويقلِّب النظر فيها ، ويرجح بينها ليخلص بنتيجة ، وهذا لن يكون إلا رجلاً متأخراً عن زمانهم ، أو معاصراً لزمانك ، فأنتِ بحاجة لهذا العالِم ليعطيك نتيجة الترجيح بين تلك الأقوال المختلفة ، وهو في الحقيقة لا غنى له عن علوم المتقدمين ، بل هو لا شيء لولاها ، ولذا كان هؤلاء عالة على المتقدمين ، وما من أحدٍ من أهل العلم إلا ويعترف لعلماء الحديث وأئمتهم المتقدمين بالفضل .
رابعاً:
إذا كنتِ لستِ من أهل العلم ، فكيف لكِ أن تحكمي على شخص بأنه ليس مؤهلاً لأخذ أقواله ، وقبول ترجيحاته ؟! وها أنتِ ذا تراسليننا وتطلبين منَّا النصيحة والتوجيه ، ونعتقد أنك تقبلين كلامنا في الشيخ الألباني رحمه الله ، ونحن نخبرك أنه شيخنا وإمامنا ، ونحن في موقعنا هذا نذكر حكمه على الأحاديث غالباً ، ونرضى فقهه في كثير من المسائل ، فما الذي يجعلك تقبلين الفتوى منّا أو من غيرنا في مسائل الفقه والاعتقاد ، ولا تقبلينها من الشيخ الألباني رحمه الله ، وكلهم معاصرون لزمانك ، ولعلَّ بعضهم تلاميذ للشيخ نفسه ! .
خامساً:
إذا أردتِ معرفة كون الإنسان عالِماً يوثق بفقهه وعلمه : فإنه يمكنك ذلك بإحدى طريقتين :(/2)
الأولى : أن تكوني من أهل العلم ، فتنظري في أقواله ، وتسمعي كلامه ، ثم تحكمين بأنه من أهل العلم ، من خلال استدلاله ، وقوة نظره في الأدلة ، واستعمال القواعد العلمية في النظر والترجيح .
والثانية : أنكِ تسألين من تثقين به من أهل العلم الثقات عندك عنه ، فإن زكَّاه لكِ : أخذتِ بأقواله وترجيحاته ، ووثقتِ بكلامه وتوقيعه عن رب العالمين .
وبما أن الأمر في الطريقة الأولى لن يكون ؛ بسبب اعترافك بأنك لست من أهل العلم : فإنه لم يبق إلا الطريقة الثانية ، وهي حكم العلماء المعروفين ، والموثوقين على هذا الرجل ، وهل هو فعلاً من العلماء أم لا .
ونحن نذكر لك بعض الأقوال في تزكية هذا الإمام ، لتحكمي بعدها بما حكم به هؤلاء العلماء ، وليس أمامكِ إلا قبول كلامهم .
1. قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - :
ما رأيت تحت أديم السماء عالماً بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني .
2. وسئل – رحمه الله - عن حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ) من مجدد هذا القرن ، فقال - رحمه الله - : الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هو مجدد هذا العصر في ظني ، والله أعلم .
3. وقال – رحمه الله - :
الشيخ ناصر الدين الألباني من إخواننا المعروفين من المحدثين من أهل السنة والجماعة ، نسأل الله لنا وله التوفيق والإعانة على كل خير ، والواجب على كل مسلم أن يتقي الله ، وأن يُراقب الله في العلماء ، وأن لا يتكلَّم إلا عن نصيحة .
4. وقال – أيضاً - :
ونفيدكم أن الشيخ المذكور معروف لدينا بحسن العقيدة ، والسيرة ، ومواصلة الدعوة إلى الله سبحانه ، مع ما يبذله من الجهود المشكورة في العناية بالحديث الشريف ، وبيان الحديث الصحيح من الضعيف من الموضوع .
5. وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :(/3)
فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به - وهو قليل - : أنه حريص جدّاً على العمل بالسنَّة ، ومحاربة البدعة ، سواء كان في العقيدة ، أم في العمل ، أما من خلال قراءتي لمؤلفاته : فقد عرفت عنه ذلك ، وأنه ذو علمٍ جمٍّ في الحديث ، رواية ، ودراية ، وأن الله تعالى قد نفع فيما كتبه كثيراً من الناس ، من حيث العلم ، ومن حيث المنهاج والاتجاه إلى علم الحديث ، وهذه ثمرة كبيرة للمسلمين ، ولله الحمد ، أما من حيث التحقيقات العلمية الحديثية : فناهيك به .
وهذه أقوال علماء كبار شهدوا لأخيهم بالعلم ، وخاصة علم الحديث ، وإذا شهد الكبار لشخص بأنه من العلماء والأئمة : فلم يبق كلام لغيرهم من الصغار الطاعنين بعلم الشيخ رحمه الله .
ومع تلك الشهادات الغالية من أولئك الأئمة الأعلام : فإننا نذكر تزكية الجهات الأكاديمية ، والمجامع الفقهية لعلم الشيخ الألباني ، وهي تعزز شهادة إخوانه العلماء .
6. " مجمع الفقه الإسلامي " .
قال الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدكتور الحبيب بلخوجة – حفظه الله - :
إننا فقدنا بموته رجلا سبَّاقاً إلى خدمة العالم الإسلامي ، فكان بذلك مرجعاً لعدد كبير من الأساتذة والشيوخ .
7. " رابطة العالم الإسلامي " .
قال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن صالح العبيد – حفظه الله - :
لا شك بأن فقد الأمة الإسلامية بوفاة الشيخ الألباني تعتبر خسارة فادحة .
8. " إدارة البحوث العلمية والإفتاء " في السعودية .
قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ - حفظه الله - :
قال حفظه الله معترفا بمكانة الشيخ الألباني رحمه :
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله أحد العلماء في هذا العصر ، فهو رجلٌ صاحب سنَّّّة ، ومحب للسنَّة ، ومدافع عنها .
9. " كلية الشريعة في جامعة دمشق " .(/4)
وقد اختارته ليقوم بتخريج " أحاديث البيوع " الخاصة بموسوعة الفقه الإسلامي ، التي عزمت الجامعة على إصدارها عام 1955 م .
10. " لجنة الحديث " .
التي شكلت في عهد الوحدة بين مصر وسوريا ، وقد اختارته ليكون عضواً فيها ؛ للإشراف على نشر كتب السنة وتحقيقها .
11. " الجامعة السلفية " في " بنارس " في " الهند " .
وقد اختارته ليتولى مشيخة الحديث فيها ، وقد اعتذر عن ذلك .
12. " وزارة المعارف في السعودية " .
وقد طلبت منه عام 1388 هـ أن يتولى الإشراف على قسم الدراسات الإسلامية العليا في جامعة مكة .
13. " الجامعة الإسلامية " في المدينة النبوية .
وقد اختاروه للتدريس فيها ، واختير عضواً للمجلس الأعلى فيها .
14. وأخيراً :
فقد قررت لجنة الاختيار لجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية منح الجائزة عام 1419هـ ، 1999م ، وموضوعها " الجهود العلمية التي عنيت بالحديث النبوي تحقيقاً وتخريجاً ودراسة " للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، وقالوا : " تقديراً لجهوده القيِّمة في خدمة الحديث النبوي ، تخريجاً ، وتحقيقاً ، ودراسة ، وذلك في كتبه التي تربو على المئة " .
وبه يتبين – إن شاء الله – أن الشيخ الألباني رحمه الله أهلٌ لأن يؤخذ عنه العلم ، وبخاصة علم الحديث ، وقد زكَّاه رؤوس أهل العلم في زماننا هذا ، وزكته جهات رسمية ، وأكاديمية ، عربية ، وأعجمية .
وننبه في نهاية هذا الجواب إلى أمرين اثنين :
الأول : أن الشيخ رحمه الله ليس بمعصوم عن الخطأ ، وأنه قد ردَّ عليه كثيرون ، فأصابوا في أشياء وأخطئوا في أخرى ، وقد قبَل الشيخ تصويبهم فيما أخطأ به ، ولم يمنعه ذلك من قبول الحق ، فالشيخ رحمه الله بشر ، يصيب ويخطئ ، وصوابه أكثر من خطئه .
والثاني : أنه لا يوجد – حسب علمنا – حديث تفرد الشيخ بتصحيحه أو تضعيفه عن المتقدمين ، فكل حديث صححه أو ضعفه فهو مسبوق من غيره بالحكم نفسه ، وإن وُجد ما يخالف كلامنا هذا فهو نادر .(/5)
ويمكنك معرفة الكثير عن حياة الشيخ وجهوده من خلال قراءة شيء من تراجمه المنشورة ، وهي كثيرة ، وأهمها : حياة الألباني وآثاره ، وثناء العلماء عليه ، للشيخ محمد بن إبراهيم الشيباني ، وهو في مجلدين . كما ننصحك بالاستفادة المباشرة من كتب الشيخ ، وأشرطته ، ولعل سماع الأشرطة يساعدك على الاستفادة المباشرة من الشيخ ، والوقوف على شيء من علمه ، رحمه الله .
ونسأل الله تعالى أن يفقهنا في دينه ، وأن يعلمنا منه ما جهلنا ، وأن يرحم شيخنا الألباني ، ويسكنه الفردوس الأعلى .
والله الموفق(/6)
رقم السؤال:
110762
العنوان:
تختلف طباعها عن طباعه وتفكيرها عن تفكيره فهل يطلقها ؟
السؤال:
فإني أود أولاً أن أوجه الشكر لكل القائمين على هذا العمل ، راجياً الله أن يكون في ميزان حسناتهم ، اللهم آمين . متزوج منذ 3 سنوات ، ولدي طفلتان ، عمرهما ( سنتان / 6 شهور ) ، وتأتى عليَّ الكثير من الأوقات لا أطيق زوجتي ، رغم زواجنا عن حب ( أدعو الله ليل نهار أن يغفر لي ولها هذه العلاقة ) ؛ وذلك للاختلاف التام بيني وبينها ، من حيث النشأة ، والتربية ، والتفكير ، والطباع ، أفكر كثيراً في أن أطلقها ، ولكن أفكر في عدة أمور ، منها : أني مأجور - بإذن الله - على صبري عليها ، وأنها يتيمة لا يوجد لها عائل سواي ، والأهم من هذا كله - وهو ما يثنيني فعلا في أضيق الأوقات ذرعا بها - أن الله رزقني بنات ، وإذا تركتهم لها لن يربوا التربية التي ترضي الله ورسوله ( ليس انحرافاً - والعياذ بالله - ولكن ليس بالالتزام المطلوب ) ، وهذا التفكير يجعل بدني يقشعر حيث إني محاسب عليهم أمام ربى ، تأتي عليَّ الأوقات التي لا أطيق فيها العيش معها ، ليس لضعف بي - والحمد لله - حيث إن الكل يشهد لي بقوة الشخصية والشكيمة ، خاصة معها ! ولكن لاختلاف طباعها ، وتفكيرها ، وقد حاولت مراراً وتكراراً أن أفهمها العلاقة السليمة بين الزوج والزوجة، إلا أنها بعد فترة تعود لما كانت عليه. السؤال : ماذا يجب عليَّ أن أفعل ؟ وهل إذا لم أطق العيش معها وطلقتها وضمت الطفلتين أكون محاسباً عن الخلل في تربيتهما ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
لا يمكن تخيل حياة زوجية دون مشكلات فيها ، وهذه أشرف بيوت على وجه الأرض وهي بيوت الأنبياء انظر كم فيها من اختلاف ، فإن شئت ذكَّرناك ببيت أبينا إبراهيم عليه السلام وخلافه مع والده ، أو بيت نوح وخلافه فيه مع زوجته وابنه ، أو بيت لوط عليه السلام وخلافه فيه مع زوجته .(/1)
وإن شئتَ ذكَّرنا ببيت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وكم حصلت فيه من مشكلات حتى وصل الحال بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يهجر نساءه شهراً كاملاً ، ويعتزل في المسجد ! .
لا تخلو بيوت المسلمين من هذه المشكلات ، وهي تقل بحسب رجحان عقل الزوج ، وقوة شخصيته ، وحكمته في معالجة الأمور ، وتكثر بحسب تهور الزوج ، وشدته ، وغلظته .
ولا يوجد زوجة تطابق ما في مخيلة زوجها من صفات الكمال البشرية ، بل لا بدَّ من النقص والقصور ، وعلى الزوج تحمل ذلك إن أراد أن تستقيم حياته ، ولن يكون استمتاع بينه وبينها إلا على عوَج ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
ثانياً:
وقبل أن تقرر الطلاق : نرجو منك التأمل سريعاً في هذه النقاط :
1. قد تكون أنت السبب في أخطاء زوجتك ! نعم ، إما بسوء خلقك في تعاملك معها ، أو بمعاصٍ ترتكبها ، ويكون ما يصدر منها عقوبة لك عليها ، فقف على السبب ، وأصلح حالك مع ربك تعالى بالطاعة وترك المعصية ، ومع زوجتك بتوفير سبل الهداية من الصحبة الصالحة ، وسماع المحاضرات النافعة ، وبتعليمها حقوق الزوج عليها ، وسترى أثر ذلك قريباً إن شاء الله .
2. وإذا كنتَ على علاقة غير شرعية مع زوجتك قبل الزواج – ونحمد الله أن وفقك للتوبة منها – ويزعمون أنهم في هذه العلاقة يتعرف بعضهم على بعض ! ويخططون لحياة مستقبلية سعيدة : فأنت إذن من بنى هذا البيت ، وأنت من اختار شريكة حياته ، فما الذي سيتغير في زواجك الثاني ؟! سيجمعك الزواج الجديد بامرأة جديدة ، وقد يكون لها من الصفات والأخلاق ما هو أسوأ من الأولى ، فأصلح الأولى واصبر عليها فهو أفضل لك .(/2)
ولتعلم ـ أيها الأخ الكريم ـ أنه إذا كان الذي ينفرك من امرأتك قلة عقلها ، وضعف تفكيرها ، فاعلم ـ يا عبد الله ـ أن النساء كلهن كذلك : ناقصات العقل ؛ وربما كان ذلك ممدحة لهن في كثير من الأحوال ، وكم رأينا وسمعنا من يشتكي من امرأته المتعبة المجادلة في كل صغير وكبير ، والتي تضع رأسها برأس زوجها في البيت ؛ أفتريد رجلا آخر يا عبد الله ؟!
3. في كثيرٍ من الأحيان يصبر الزوج العاقل على تصرفات زوجته الحمقاء من أجل أولاده ، فهو لا يريد لهم التشتت والضياع ، ويريد لهم التوفيق والرشاد ، وهذا لا يكون – البتة – في الطلاق ، فيصبر على زوجته رجاء أن يكون بقاؤه في بيت الزوجية سبب إصلاح لأولئك الأولاد .
5. لن تندم – إن شاء الله – إن صبرتَ على زوجتك ، وفي ظننا أنك سوف تندم على تطليقك لها ، فافهم هذا ، وليكن على بالك ، فلا تتعجل ، واصبر وتصبَّر .
4. وقبل أن تطلِّق عليك التفكير في آثار هذا الطلاق ، ومن تلك الآثار :
أ. قلة أو انعدام فرص تزوج امرأتك من آخر ، بسبب أنها مطلقة ، وأنها ذات أولاد ، ولا يخفاك ما يمكن أن يترتب على هذا الأمر .
ب. تشتت الأولاد ، وضياعهم ، فطاقتهم البدنية ستضيع في التنقل بيت بين أمهم وبيت أبيهم ، وطاقتهم الذهنية ستضيع في التفكير في حال والديهم ، وطاقتهم العاطفية ستجف أو تخف بسبب فقدانهم لحنان الأم المحلى بقوة شخصية الأب .
وقد أحسنتَ جدّاً في جعل هذا الأمر مما يثنيك عن الطلاق ، والحقيقة أنهم سبب مهم ، وأن وجود مثل هؤلاء الأولاد في المجتمعات إنما هو نذير شرٍّ ، فلا تهدم بناءك ، وتشتت أولادك بأمرٍ يمكنك المبادرة بإصلاحه دون هدمه .
إننا نوافقك كل الموافقة على أن التفكير في مصير أولادك ، ومسئوليتك عنهم أمام الله عز وجل ، بل ومصير هذه الزوجة اليتيمة ، أم أولادك ، جدير بأن يقشعر جلدك حين يرد عليك هاجس الطلاق !!
ثالثاً:(/3)
وما ذكرناه لك من الصبر عليها من أجل إصلاح حالها ، أو من أجل أولادك : لا يجيز لك إساءة عشرتها ، والوصية لك : إما أن تمسكها بمعروف ، أو تسرحها بإحسان .
ولتتذكر ـ أخيرا ـ وصية نبيك الكريم ، صلى الله عليه وسلم ، وأدبه لك :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ؛ إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ) رواه مسلم (1469) .
قال النووي رحمه الله : ( أَيْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضهَا , لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَه ، وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا، بِأَنْ تَكُون شَرِسَة الْخُلُق لَكِنَّهَا دَيِّنَة أَوْ جَمِيلَة أَوْ عَفِيفَة أَوْ رَفِيقَة بِهِ أَوْ نَحْو ذَلِكَ ).
والله الموفق.(/4)
رقم السؤال:
111127
العنوان:
تم عقد النكاح بدون ذكر المهر
السؤال:
عند إتمام عقد النكاح كان جميع الشروط متوفرة من حضور شاهدين والولي ولكن عند إتمام صيغة العقد حدث الآتي وضعت يدي في يد ولي العروس ولكنه قرأ صيغة العقد من ورقة وهى ( زوجتك...... ) وذكر اسمها ولكن لم نذكر المهر وأنا رددت عليه بـ قبلت ولكن بعد ذلك اتفقت مع العروس على مبلغ بسيط جدا فهل ما حدث صحيح والعقد صحيح أم لا؟
الجواب:
الحمد لله
إذا تم عقد النكاح دون ذكر المهر ، فالعقد صحيح ، وللزوجة مهر المثل .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/182) : " النكاح يصح من غير تسمية صداق , في قول عامة أهل العلم . وقد دل على هذا قول الله تعالى : (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) البقرة/236 ، وروي أن ابن مسعود سئل عن رجل تزوج امرأة , ولم يفرض لها صداقا , ولم يدخل بها حتى مات , فقال ابن مسعود : لها صداق نسائها , لا وكس ولا شطط , وعليها العدة , ولها الميراث . فقام معقل بن سنان الأشجعي , فقال : (قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق , امرأة منا مثل ما قضيت) أخرجه أبو داود والترمذي , وقال : حديث حسن صحيح " انتهى .
والنكاح بلا مهر يسمى نكاح التفويض ، وهو نوعان : تفويض البُضع بأن يزوج الرجل ابنته بلا مهر ، فيقول زوجتك ابنتي ويقول الخطاب : قبلت ، دون أن يذكرا المهر ، كما حدث معك .
والثاني : تفويض المهر ، وهو أن يذكرا المهر دون تحديد قدره ، كأن يقول الخاطب للولي : أدفعُ ما تريده من المهر ، أو يقول الولي للخاطب : ادفع ما تراه ، ونحو ذلك .
ويثبت للزوجة مهر المثل في كلا التفويضين .
ومهر المثل يحدده القاضي ، منعاً للنزاع ، فإن تراضيا على شيء دون الرجوع للقاضي ، فلا حرج في ذلك ، لأن الحق لهما .(/1)
قال في "زاد المستقنع" : " يصح تفويض البُضع ، وتفويض المهر ... فلها مهر المثل بالعقد ، ويفرضه الحاكم بقدره ، وإن تراضيا قبله جاز " انتهى .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قوله : " وإن تراضيا قبله جاز " أي إن اتفقا عليه بدون الرجوع إلى الحاكم فالحق لهما ، أي : لا بأس ، فلو قالا : ِلمَ نذهب إلى القاضي ؟ ونتفق فيما بيننا ، فقال الزوج : المهر ألف ، وقال هي : بل ألفان ، وتوسط أناس وقالوا : ألف وخمسمائة وما أشبه ذلك ، فلا حرج ؛ لأن الحق لا يعدوهما " انتهى من "الشرح الممتع" (12/305) .
وبهذا تعلم أن النكاح صحيح ، وأنه يصح المهر الذي اتفقتما عليه ، إذا كانت الزوجة رشيدة .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
111312
العنوان:
القارن يلزمه طواف واحد وسعي واحد
السؤال:
ذهبت إلى الحج بنية القران وانتهيت من العمرة فنصحني بعض الإخوة بالسعي مرة واحدة فقط فهل يجوز ذلك ؟ وإن لم يكن فما الحكم مع أنني سألت؟
الجواب:
الحمد لله
القارن بين الحج والعمرة لا يلزمه إلا طواف واحد وسعي واحد ، كالمفرد .
والطواف اللازم في حقه هو طواف الإفاضة ، وأما طواف القدوم فسنة . والسعي له أن يأتي به بعد طواف القدوم أو يؤخره ليكون بعد طواف الإفاضة .
وهذا ما دلت عليه السنة الصحيحة ، وذهب إليه جمهور أهل العلم .
قال ابن قدامة رحمه الله : " المشهور عن أحمد , أن القارن بين الحج والعمرة , لا يلزمه من العمل إلا ما يلزم المفرد , وأنه يجزئه طواف واحد , وسعي واحد , لحجه وعمرته . وهذا قول ابن عمر , وجابر بن عبد الله , وبه قال عطاء , وطاوس , ومجاهد , ومالك , والشافعي , وإسحاق , وأبو ثور , وابن المنذر .
وعن أحمد رواية ثانية , أن عليه طوافين وسعيين . وبه قال الثوري , وأبو حنيفة . وقد روي عن علي , ولم يصح عنه ".
ثم ذكر أدلة الجمهور فقال : " عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : (وأما الذين كانوا جمعوا بين الحج والعمرة , فإنما طافوا لهما طوافا واحدا) . متفق عليه . وفي مسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة , لما قرنت بين الحج والعمرة : يسعك طوافك لحجك وعمرتك) . وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من أحرم بالحج والعمرة , أجزأه طواف واحد , وسعي واحد عنهما جميعا) . وعن جابر (أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن بين الحج والعمرة , فطاف لهما طوافا واحدا) . رواهما الترمذي , وقال في كل واحد منهما : حديث حسن . وروى ابن ماجه عن جابر وابن عمر وابن عباس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطف بالبيت هو وأصحابه لعمرتهم وحجهم إلا طوافا واحدا) " انتهى بتصرف من "المغني" (3/241) .(/1)
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله : " أما الجمهور المفرقون بين القارن والمتمتع القائلون : بأن القارن يكفيه لحجه وعمرته طواف زيارة واحد ، وهو طواف الإفاضة ، وسعي واحد ، فاحتجوا بأحاديث صحيحة ليس مع مخالفيهم ما يقاومها ".
انتهى من "أضواء البيان" (4/430) .
وبهذا يتبين أن ما ذُكر لك من أن القارن عليه سعي واحد هو الصواب .
ولا يخفى أن القارن إذا طاف للقدوم وسعى ، فإنه يظل على إحرامه ، ولا يأخذ من شعره ، ولا يسمى ما أتى به عمرة ؛ بل هي أعمال للحج والعمرة معا .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
111318
العنوان:
هل لها أن تأتي جدة دون إحرام ثم ترجع إلى ميقاتها فتحرم؟
السؤال:
امرأة قادمة من مصر إلى السعودية يوم 7/12/1428 وتريد الحج إلا أنها تريد جدة قبل الحج للقاء زوجها القادم من جنوب المملكة : والسؤال : ما الحكم لو حصلت هناك عشرة زوجية ( في جدة ) ما الأحكام المترتبة على ذلك ؟ السؤال الثاني : من أين تحرم يوم التروية للذهاب إلى الحج؟
الجواب:
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت ، فأمامها خياران ، تفعل الأنسب لها :
الأول وهو الأفضل : أن تحج متمتعة ، فتنوي العمرة عند مرورها بالميقات ، وتأتي جدة وهي محرمة فلا يعاشرها زوجها ، ثم تذهب إلى مكة ، فإذا فرغت من عمرتها قصرت من شعرها ، وتحللت ، وجاز لزوجها معاشرتها إذا لم يكن محرما . ثم في اليوم الثامن (يوم التروية ) تحرم بالحج من مكانها سواء كانت في مكة أو جدة .
الثاني : أن تأتي جدة من مصر دون إحرام ، ولزوجها معاشرتها في هذه الحالة ما لم يكن محرماً ، ثم إذا أرادت الحج ذهبت إلى ميقاتها ، [ رابغ ] لتحرم منه بالحج .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : من تجاوز الميقات عالماً عامداً لكنه أراد الراحة، مثلاً: تجاوز ميقات قرن إلى الشرائع ؛ ليرتاح عند أقربائه ، ثم يرجع إلى الميقات ويحرم منه، وهو يريد نسكاً، هل يأثم بهذا التجاوز أم أن الأمر فيه سهولة؟
الجواب: "لا ، الأمر فيه سهولة، يعني: الأفضل ألا يتجاوز الميقات حتى يحرم، ويمكنه أن يستريح عند أقاربه وهو محرم، والناس لا يرون في هذا بأساً ولا خجلاً ولا حياء، لكن لو فعل، وقال: سأذهب أستريح الآن، وأرجع إلى الميقات وأحرم منه؛ فلا حرج.(/1)
السائل: تكون مدة أسبوع؟ الشيخ: ما هناك مانع أبداً، المهم أنه يتجاوز الميقات ونيته أن يرجع ويحرم منه. السائل: يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي تجاوزه. الشيخ: يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي تجاوزه. السائل: بعُد أم قرُب؟ الشيخ: سواء بعد أم قرب " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (93/26).
وليعلم أن المُحْرم بحج أو عمرة يحرم عليه الجماع ومقدماته ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (11356) .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
111320
العنوان:
فدية المحظور تخرج في الحرم أو في محل ارتكاب المحظور؟
السؤال:
أنا صاحب السؤال رقم 104178 وسؤالي هو بالنسبة لكفارات محظورات الإحرام هل إطعام الستة مساكين يكون في مكة أو مدينتي التي أقيم فيها ؟ حيث إني فعلت المحظورات التي فعلتها كانت في مكة وأيضا بلدي ؟
الجواب:
الحمد لله
ما وجب من الفدية بسبب ارتكاب محظور من محظورات الإحرام ، يخيّر فيه الإنسان بين فعله في الحرم ، أو في محل ارتكاب المحظور ، إلا جزاء الصيد فإنه يكون في الحرم .
قال في "الروض المربع" : " وفدية الأذى أي الحلق واللبس ونحوهما كطيب وتغطية رأس وكل محظور فعله خارج الحرم ودم الإحصار : حيث وجد سببه من حل أو حرم ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نحر هديه في موضعه بالحديبية وهي من الحل ، ويجزئ بالحرم أيضا .
ويجزئ الصوم والحلق بكل مكان ؛ لأنه لا يتعدى نفعه لأحد ، فلا فائدة لتخصيصه " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح الكافي" : " ما وجب لفعل محظور كحلق الرأس ولبس الثياب وما أشبه ذلك غير جزاء الصيد فهذا على المذهب يخيّر بين أن يذبحه في مكان فعل المحظور لأنه مكان سببه أو في مكة ؛ لأن الأصل في الهدايا أن تبلغ الكعبة ، وهذا هو المذهب وهو الصحيح ، أن الإنسان يخير فيما وجب لفعل محظور سوى جزاء الصيد بين أن يذبحه في مكانه لوجود سببه فيه ، أو ينقله إلى مكة لأن الأصل في الهدايا أن تكون بالغة الكعبة " انتهى .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
111473
العنوان:
الاستهزاء بملك الموت
السؤال:
توفي قريب لأحد معارفي منذ فترة ، وبعدها بفترة وجيزة توفي له قريب آخر ، فبعدها بفترة طويلة عندما كنا نتحدث عنهما قلت له وبلا قصد : يبدو أن هناك ثأرا ما بين عائلتكم وبين ملك الموت ، على سبيل المزاح ، فهل يعتبر هذا كفرا بالله ؛ لأني قلت هذا على أحد ملائكة الله ، أم ماذا ، وماذا أفعل ؟
الجواب:
الحمد لله
الواجب على المسلم أن يحفظ لسانه ، فلا يتكلم بما يغضب الله تعالى ، ورُبَّ كلمة يتكلم بها الإنسان ، وهو لا يظن أن لها شأناً ، تكون سبب هلاكه وعذابه ، والعياذ بالله .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا ، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ) رواه البخاري (6477) ومسلم (2988).
وفي رواية الترمذي (2314) : (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ لاَ يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وعن بلال المزني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ) رواه الترمذي (2319) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
والإيمان بالملائكة وإجلالهم وتقديرهم من أركان الإيمان الستة ، وملك الموت لا يتصرف إلا بما يأمره الله به ، كما قال عز وجل : ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ) الأنعام/61 .(/1)
فهم موكلون من الله عز وجل بتقدير حكيم ، وليس ذلك عن ثأر ولا عن بغض أو انتقام – تعالى الله عن ذلك - : قال الله سبحانه وتعالى : ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) السجدة/11 .
وقد ذكر أهل العلم أن الاستهزاء بالملائكة أو بأحد منهم كفر ، وخروج عن الإسلام واستدلوا بقول الله عز وجل : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ) التوبة/65-66 .
قال ابن حزم رحمه الله :
" وصح بالنص أن كل من استهزأ بالله تعالى ، أو بملك من الملائكة ، أو بنبي من الأنبياء عليهم السلام ، أو بآية من القرآن ، أو بفريضة من فرائض الدين ، فهي كلها آيات الله تعالى ، بعد بلوغ الحجة إليه ، فهو كافر " انتهى .
"الفصل في الملل والأهواء والنحل" (3/142) .
وقال أيضا :
" كل من سب الله تعالى أو استهزأ به ، أو سب ملكا من الملائكة أو استهزأ به ، أو سب نبيا من الأنبياء أو استهزأ به ، أو سب آية من آيات الله تعالى أو استهزأ بها ، والشرائع كلها والقرآن من آيات الله تعالى ، فهو بذلك كافر ، مرتد ، له حكم المرتد " انتهى .
"المحلى" (11/413) .
وقال ابن نجيم الحنفي رحمه الله :
" يكفر بعيبه ملكا من الملائكة أو الاستخفاف به " انتهى .
"البحر الرائق" (5/131) .
بل ذكر بعض العلماء أنه يكفر مَن تكلم بما فيه مجرد إشعار بالاستهزاء والسخرية .
قال ابن نجيم الحنفي :
"ويكفر بقوله لغيره : " رؤيتي إياك كرؤية ملك الموت " عند البعض ، خلافاً للأكثر " انتهى .(/2)
والكلمة التي تكلمت بها فيها شيء من الاستهزاء بملك الموت ، فعليك التوبة منها والاستغفار ، وسؤال الله تعالى العفو والعافية ، والعزم على عدم العودة لذلك مرة أخرى ، وتجديد إيمانك بالنطق بالشهادتين ، وأكثر من الأعمال الصالحة – الصدقة وغيرها – فإن الله تعالى يقبل توبة من تاب إليه .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
111508
العنوان:
هل تنصح صديقتها بالذهاب إلى أحد المعالجين بالرقى؟
السؤال:
يقوم شيخ وإمام مسجد بمعالجة الناس بالقرآن الكريم ، حيث يقوم بالقراءة على رأس الشخص ، ومن ثم يخبره بسبب حالته ، سواء أكانت عينا ، أم وساوس شيطان ، أو إذا كانت حالته ليست مما ورد فيخبره بأن يذهب لطبيب مختص ، وقد قام الشيخ بمعالجتي قبل أربع سنوات ، فقال لي أن أحافظ على الصلاة في وقتها ، وأن أقرأ سورة البقرة على زيت زيتون ، ومن ثم أدهن جسدي به عدا شعر الرأس والعورة المغلظة لمدة سبع ليالي قبل النوم ، وأن أقوم لمدة أربعين يوما بما يلي : بقراءة سورة يس يوميا على ماء وشربه ، وأن أقوم بالتهليل والاستغفار والصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثين مرة ، وأن أشرب ملعقة من عسل الكينا البري ، أو السدر البري ، ثلاث مرات يوميا ، والآن هناك صديقة لي تريد أن تفعل نفس الشيء عندما أخبرتها بتجربتي ، وأنا أريد أن أسأل هل هذا من الأمور المشروعة ، أم هل هناك ما هو محرم منها ؛ لأني في ذلك الوقت لم أفكر أن أسأل ، لأنه كله من القرآن والأدعية الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، والعسل مذكور في الطب النبوي . أفيدوني جزاكم الله خيرا .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمرأة التداوي بالرقية ولا بالطب عند الرجل ، إلا إذا دعت الضرورة لذلك ، كأن يشتد عليها الألم ولا تجد من يعرف علاجها من النساء ، فتلجأ حينئذ للرجال ، لكن بشرط المحافظة على الحجاب الشرعي ، ووجود محرم معها عند المعالجة ، والاقتصار على لمس أو كشف ما يقتضيه أمر الفحص والعلاج .
جاء في "مصنف ابن أبي شيبة" (5/467) :
" عن عطاء في المرأة تنكسر ، قال : لا بأس أن يجبرها الرجل .
وعن قتادة قال : قلت لجابر بن زيد : المرأة ينكسر منها الفخذ أو الذراع أجبره ؟ قال : نعم . وعن الشعبي سئل عن المرأة يكون بها الجرح ، قال : يخرق موضعه ثم يداويها الرجل " انتهى باختصار.(/1)
وقال السفاريني في "غذاء الألباب" (2/21) :
" وحيث جاز للطبيب مداواة المرأة الأجنبية ، فلا تجوز له الخلوة بها في بيت أو نحوه " انتهى.
ثانيا :
أما عن أعمال هذا الذي يرقى بالقرآن الكريم ، فلا نرى فيها حرجا ولا محذورا ، إلا أننا ننبه على عدم جواز اعتقاد خصوص أعداد الأذكار والسور كسورة " يس " التي أمركم بها بمزيد فضل وعظيم أثر ، وإنما هي أرقام للعون على الامتثال وعدم التقصير ، فليست تعبدية ، ولا يتوقف العلاج على الالتزام بها تماما ، أما غير ذلك فلا نرى – بحسب ما ورد في السؤال – أي حرج من التعامل معه بالشروط السابقة .
وانظري في موقعنا العديد من الأسئلة المفيدة في هذا الموضوع ، تحت الأرقام الآتية :
(12918) ، (13792) ، (21124) .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
111564
العنوان:
الإقامة في بلاد الكفر مع عدم وجود جالية أو جامع
السؤال:
إذا أمكن المسلم إظهار دينه في بلاد الكفر وهو مقيم للعمل ولكن لا يوجد جامع ولا جالية هل يأثم بهذا؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
دلت الأدلة على تحريم المقام بين ظهراني المشركين ، ووجوب الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام لمن قدر على ذلك . قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا
فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) النساء/97 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ ) . رواه أبو داود (2645) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
هذا هو الأصل العام ، إلا أنه يجوز الذهاب إلى تلك البلاد للمصلحة والحاجة ، كالتجارة والدراسة ونحوها بشرط التمكن من إظهار الدين وشعائره .
وأما من لم يمكنه إظهار الدين فإنه يحرم عليه البقاء ، وتلزمه الهجرة مع القدرة .
وينظر جواب السؤال رقم 13363 .
ثانيا :
المقصود بإظهار الدين هو إعلان التوحيد ، والبراءة من الشرك ، وإقامة الشعائر دون خوف.
فقد سئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله : أَفتنا عن معنى حديث : (مَن سَاكَن الْمشرك وَجَامَعَه فهوَ مِثله). وحديث : (أَنا بَرِيءٌ مِن مَسلِم بَات بَين ظهرَاني الْمشرِكِين) .(/1)
فأجاب : "حديث : (مَن جَامَعَ الْمشرِك أَو سَكن مَعَه فهوَ مِثله) وحديث : (أَنا بَرِيءٌ مِن مسلِم بَات بَين ظهرَاني الْمشرِكِين) هذان الحديثان هما من الوعيد الشديد المفيد غلظ تحريم مساكنة المشركين ومجامعتهم، كما هما من أَدلة وجوب الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وهذا في حق من لم يقدر على إظهار دينه. وأَما من قدر على إظهار دينه فلا تجب عليه الهجرة، بل هي مستحبة في حقه. وقد لا تستحب إذا كان في بقائه بين أَظهرهم مصلحة دينية من دعوة إلى التوحيد والسنة وتحذير من الشرك والبدعة علاوة على إظهاره دينه.
وإظهاره دينه ليس هو مجرد فعل الصلاة وسائر فروع الدين واجتناب محرماته من الربا والزنا وغير ذلك. إنما إظهار الدين مجاهرته بالتوحيد والبراءة مما عليه المشركون من الشرك بالله في العبادة وغير ذلك من أَنواع الكفر والضلال " انتهى من "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (1/77).
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : ما حكم من خاف من اعتداء الكفار والمشركين وجاملهم في بعض أفعالهم المنكرات؛ خوفًا منهم، وليس إقرارًا أو رضاء بما يفعلون ؟
فأجاب : "لا يجوز للمسلم أن يجامل الكفار على حساب دينه، أو أن يوافقهم في أفعالهم؛ لأن أفعالهم ربما تكون كفرًا وشركًا وكبائر من كبائر الذنوب؛ فلا يجوز للمسلم أن يوافقهم على ذلك، أو أن يشاركهم في ذلك باختياره، بل الواجب عليه أن يُظهِرَ دينه .
ولا يجوز له الإقامة مع الكفار والبقاء في بلادهم إلا إذا كان يقدر على إظهار دينه؛ بأن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويدعو إلى الله عز وجل، هذا هو إظهار الدين؛ فإذا كان لا يستطيع ذلك؛ وجب عليه أن يُهاجِر إلى بلاد المسلمين من بلاد الكفار، ولا يبقى فيها على حساب دينه وعقيدته " انتهى من "المنتقى" (1/254).
وإظهار الدين على هذا الوجه يتعذر غالبا على من يعيش بمفرده في هذه البلاد ، أو مع جماعة قليلة من المسلمين .(/2)
وعلى فرض تمكنك من إظهار دينك ، فإن البقاء بمعزل عن المسلمين ، له آثاره السيئة التي لا تخفى على النفس والأهل والذرية ، ومعلوم أنه توجد أجيال من المسلمين قد انسلخت عن دينها ولغتها وقيمها بسبب البقاء في هذه البلدان ، لا تسمع الأذان ، ولا تشهد الجماعة ، ولا ترى المؤمنين ، والكفر يحيط بها من كل جانب ، والمنكرات تغزوها من كل صوب .
فلهذا ننصحك بالفرار بدينك ، والمحافظة على نفسك ومن معك ، والانتقال إلى بلاد الإسلام ، أو إلى محل يكثر فيه تجمع المسلمين ، وتتمكن معهم من إقامة الجمعة والجماعة ، وإظهار الأذان ، وإعلان الشعائر .
ونضع بين يديك نصيحة كتبها الشيخ ابن باز رحمه الله تناسب المقام :
قال رحمه الله في رسالة وجهها لمسلم يقيم في إيطاليا : " فإشارة إلى رسالتك التي تذكر فيها أنك شاب مسلم تقيم في إيطاليا ، وأن بها شبابا من المسلمين كثيرين ، وأن أغلبهم استجاب لرغبة الصليبيين في إبعادهم عن دين الإسلام وتعاليمه السامية ، فأصبح أغلبهم لا يصلي ، وتخلق بأخلاق سيئة ، ويعمل المنكرات ويستبيحها . . إلى غير ذلك مما ذكرته في رسالتك .
وأفيدك بأن الإقامة في بلد يظهر فيها الشرك والكفر ، ودين النصارى وغيرهم من الكفرة لا تجوز ، سواء كانت الإقامة بينهم للعمل أو للتجارة أو للدراسة ، أو غير ذلك ؛ لقول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ) .(/3)
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ).
وهذه الإقامة لا تصدر عن قلب عرف حقيقة الإسلام والإيمان ، وعرف ما يجب من حق الله في الإسلام على المسلمين ، ورضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا .
فإن الرضا بذلك يتضمن من محبة الله ، وإيثار مرضاته ، والغيرة لدينه ، والانحياز إلى أوليائه ما يوجب البراءة التامة والتباعد كل التباعد من الكفرة وبلادهم ، بل نفس الإيمان المطلق في الكتاب والسنة ، لا يجتمع مع هذه المنكرات ، وصح عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله بايعني واشترط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تعبد الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتناصح المسلمين وتفارق المشركين ) أخرجه أبو عبد الرحمن النسائي ، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا يقبل الله عز وجل من مشرك عملا بعد ما أسلم ؛ أو يفارق المشركين ) والمعنى حتى يفارق المشركين .(/4)
وقد صرح أهل العلم بالنهي عن ذلك ، والتحذير منه ، ووجوب الهجرة مع القدرة ، اللهم إلا رجل عنده علم وبصيرة ، فيذهب إلى هناك للدعوة إلى الله ، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وشرح محاسن الإسلام لهم ، وقد دلت آية سورة براءة : ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) على أن قصد أحد الأغراض الدنيوية ليس بعذر شرعي ، بل فاعله فاسق متوعد بعدم الهداية إذا كانت هذه الأمور أو بعضها أحب إليه من الله ورسوله ، ومن الجهاد في سبيل الله . وأي خير يبقى مع مشاهدة الشرك وغيره من المنكرات والسكوت عليها ، بل وفعلها ، كما حصل ذلك من بعض من ذكرت من المنتسبين للإسلام .
وإن زعم المقيم من المسلمين بينهم أن له أغراضا من الأغراض الدنيوية ، كالدراسة ، أو التجارة ، أو التكسب ، فذلك لا يزيده إلا مقتا .
وقد جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى الوعيد الشديد والتهديد الأكيد على مجرد ترك الهجرة ، كما في آيات سورة النساء المتقدم ذكرها ، وهي قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) الآيات وما بعدها . فكيف بمن يسافر إلى بلاد الكفرة ، ويرضى الإقامة في بلادهم ، وكما سبق أن ذكرت أن العلماء رحمهم الله تعالى حرموا الإقامة والقدوم إلى بلاد يعجز فيها المسلم عن إظهار دينه ، والمقيم للدراسة أو للتجارة أو للتكسب ، والمستوطن ،
حكمهم وما يقال فيهم حكم المستوطن لا فرق ، إذا كانوا لا يستطيعون إظهار دينهم ، وهم يقدرون على الهجرة .(/5)
وأما دعوى بغضهم وكراهتهم مع الإقامة في ديارهم فذلك لا يكفي ، وإنما حرم السفر والإقامة فيها لوجوه ، منها :
1 - أن إظهار الدين على الوجه الذي تبرأ به الذمة متعذر وغير حاصل .
2 - نصوص العلماء رحمهم الله تعالى ، وظاهر كلامهم وصريح إشاراتهم أن من لم يعرف دينه بأدلته وبراهينه ، ويستطيع المدافعة عنه ، ويدفع شبه الكافرين ، لا يباح له السفر إليهم .
3 - من شروط السفر إلى بلادهم : أمن الفتنة بقهرهم وسلطانهم وشبهاتهم وزخرفتهم ، وأمن التشبه بهم والتأثر بفعلهم .
4 - أن سد الذرائع وقطع الوسائل الموصلة إلى الشرك من أكبر أصول الدين وقواعده ؛ ولا شك أن ما ذكرته في رسالتك مما يصدر عن الشباب المسلمين الذين استوطنوا هذه البلاد هو من ثمرات بقائهم في بلاد الكفر ، والواجب عليهم الثبات على دينهم والعمل به ، وإظهاره ، واتباع أوامره ، والبعد عن نواهيه ، والدعوة إليه ، حتى يستطيعوا الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام .
والله المسؤول أن يصلح أحوالكم جميعا ، وأن يمنحكم الفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يعينكم على الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام ، وأن يوفقنا وإياكم وجميع المسلمين لكل ما يحبه ويرضاه ، وأن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من مضلات الفتن ومن نزغات الشيطان ، وأن يعيننا جميعا على كل خير ، وأن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ، وأن يصلح ولاة أمور المسلمين ويمنحهم الفقه في دينه ، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في بلادهم ، والتحاكم إليها ، والرضا بها ، والحذر مما يخالفها ، إنه ولي ذلك والقادر عليه" انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (9/403).
نسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك ، وأن ييسر أمرك ، وأن يوفقك للخير والبر حيث كان .
والله أعلم .(/6)
رقم السؤال:
111776
العنوان:
هل لهم المطالبة بمثل أجور زملائهم الذين هم على كفالة المؤسسة
السؤال:
السلام عليكم نحن مجموعة من الدعاة وطلبة العلم, نعمل كأئمة مساجد والتحقنا بعمل دعوي آخر في الفترة الصباحية من السابعة والنصف إلى الواحدة والنصف , ولنا زملاء على كفالة المؤسسة الدعوية يقومون بنفس عملنا إلا أن رواتبهم تزيد عن رواتبنا كثيرا, فطلبنا الزيادة لنتساوى أو نقارب زملاءنا خاصة مع موجة الغلاء الحاصلة, وتنظر المؤسسة إلى كوننا نأخذ راتبا على الإمامة " مع صغره" , والمؤسسة توفر لمن هم على كفالتها بدل سكن ولا تعطينا شيئا اعتمادا على أن المساجد بها مساكن للأئمة , ومع بدل السكن أو بدونه فرواتبنا تقل عن رواتبهم والإجازة السنوية التي نأخذها هي شهر واحد بخلاف زملائنا فهم يأخذون شهرا ونصفا, فهل من حقنا مطالبة هذه المؤسسة برفع رواتبنا ومنحنا نصف شهر إجازة أسوة بزملائنا حيث إننا نعمل مثلهم سواء بسواء؟ نرجو الجواب وجزاكم الله خيرا
الجواب:
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت من أنكم تعملون كعمل إخوانكم سواء بسواء ، فإن من حقكم المطالبة بأن يكون لكم من الإجازة والراتب ما لهم ، سواء بسواء ، دون التفات لما تتقاضونه من راتب نظير عمل آخر ، فإن مقتضى عقد الوظيفة أن يعمل الموظف ساعات معينة ، يستحق مقابلها أجرا معلوما ، وله أن يعمل خارج هذا الوقت ما شاء من العمل براتب وبغيره ، بما لا يؤثر على عمله في وظيفته .
والعدل بين الموظفين ، وتقليل التفاوت بين أجورهم ، أساس متين لتحقيق النجاح ، وإشاعة الطمأنينة ، ونزع الأحقاد والضغائن ، لا سيما إذا كان هذا في الأعمال الدعوية التي يتولاها من يُرجى فيه الخير والصلاح والوقوف عند حدود الشرع .(/1)
والحاصل أن لكم المطالبة برفع الرواتب والحصول على الإجازة التي يأخذها نظراؤكم في العمل ، وعلى المؤسسة والقائمين عليها أن يراعوا تحقيق العدل وتقليل التفاوت ما أمكن ، فإن في هذا الخير والفلاح والنجاح .
نسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والسداد .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
111778
العنوان:
يعمل في الرياض وله منزل في خليص فمن أين يحرم؟
السؤال:
نويت الحج هذا العام إن شاء الله وسؤالي بالتحديد من أين أقوم بالإحرام ؟ حيث إني أعمل بالرياض وأسكن أنا وزوجتي في شقة إيجار , وفي الإجازات مثل إجازة الحج وإجازة عيد الفطر دائما أتوجه إلى منطقتنا خليص في الغربية قرب مكة وأسكن في بيتي الذي أملكه فهل أحرم من بيتي في خليص حيث لا أمر بأي ميقات أو أحرم من أي ميقات أم ماذا ؟
الجواب:
الحمد لله
من له سكنان أحدهما خارج الميقات والثاني دون الميقات ، وأراد السفر إلى مكة لأداء المناسك فله أن يحرم من البعيد أو القريب ، والأولى أن يحرم من البعيد .
قال ابن قدامه رحمه الله :
"إذا كان للمتمتع قريتان ، قريبة بعيدة ... له أن يحرم من القريبة ... وقال القاضي : له حكم القرية التي يقيم بها أكثر" انتهى من "المغني" (3/246).
وهذا الذي اختاره القاضي هو مذهب الشافعية .
قال في تحفة المحتاج (4/151) : "ومن له مسكنان قريب من الحرم وبعيد عنه اعتبر ما مقامه به أكثر" انتهى .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
أنا طلب أدرس في المنطقة الشرقية وأهلي في جدة وأريد الحج فمن أين أحرم ؟ هل من قرن المنازل أو من سكني في جدة ؟
فأجاب : "أنت مخير ما دمت من سكان جدة دون الميقات وإذا أحرمت من قرن المنازل فهو أفضل وأولى ، لكونك وافداً ، وأخذت بالأكمل والأحوط ، وإن أنت قصدت أهلك ثم أحرمت منهم فلا بأس" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (17/54) .(/1)
رقم السؤال:
111779
العنوان:
من تجاوز الميقات ونسي أن يحرم وجب عليه الرجوع إلى ميقاته
السؤال:
شخص ذهب للعمرة بالطائرة وأعلن قائد الطائرة أن محاذاة الميقات ستكون بعد ثلث ساعة ولكنه نام ولم يستيقظ إلا في المطار فذهب إلى السيل وأحرم من هناك وأتى بعمرته فهل عليه شيء أم لا ؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان هذا من أهل الرياض وذهب إلى السيل وأحرم فلا شيء عليه ؛ لأنه أحرم من ميقاته ، وأما إذا كان جاء من المدينة فالواجب أن يذهب إلى ميقات أهل المدينة ويحرم منه ، فإن أحرم من السيل فعليه فدية ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت قال : (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن) فتجاوز ميقات أهل المدينة لمن مر به من غيرهم ، كتجاوز أهل نجد ميقات أهل نجد وهم لم يحرموا" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/309) .(/1)
رقم السؤال:
111780
العنوان:
نسي أن يحرم في الطائرة فهل يعود إلى الميقات ليحرم منه؟
السؤال:
من نسي الإحرام أو انشغل عنه في الطائرة حتى تجاوز الميقات فلم يحرم وأراد الرجوع بالسيارة إلى الميقات الذي تجاوزه فهل يجوز له ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
"نعم ، يجوز ، والقاعدة : إذا تجاوز الإنسان الميقات وقد أراد الحج أو العمرة ولم يحرم منه ، فإن أحرم من مكانه الذي دون الميقات لزمه الدم ، وإذا رجع إلى الميقات وأحرم منه فلا شيء عليه .
وبناء على ذلك لو فرضنا أنه ركب طائرة من مطار القصيم وهو يريد العمرة ، ثم نزل إلى جدة قبل أن يحرم ، نقول له : إما تذهب إلى السيل الكبير وتحرم منه ، وإن أحرمت من جدة فعليك دم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/302) .(/1)
رقم السؤال:
111782
العنوان:
استشكل فتوى جواز قول تحياتي مع كلام للشيخ بكر أبو زيد
السؤال:
قرأت الفتوى رقم : (47951) و ( 34684 ) وقد أشكل عليَّ مع ما قال الشيخ بكر حفظه الله . وقد قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله في كتابه " معجم المناهي اللفظية " : تحياتي لفلان : لأبي طالب محمد بن علي الخيمي المنعوت بالمهذب ، المتوفى سنة 642 هـ رسالة باسم : " شرح لفظة التحيات " في ( ص 50 ) جاء فيها ما نصه : ( فأما لفظ " التحيات " مجموعاً : فلم أسمع في كتاب من كتب العربية أنه جُمع إلا في جلوس الصلوات ، إذاً لا يجوز إطلاق ذلك لغير مَن له الخلق والأمر ، وهو الله تعالى ؛ لأن الملك كله بيد الله ، وقد نطق بذلك الكتاب العزيز : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ) الآية إلى آخرها . والذي سطره أهل اللغة إنما يعبرون عن التحية الواحدة ، ولم ينتهوا لجمعه دون إفراده ؛ إذ كان ذلك من ذخائر الإلهام لقوم آخرين فهموا عن الله تعالى كتابه فنقلوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شريعته ......) ا.هـ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
يجب أن يُعلم أن تحية الإسلام هي " السلام عليكم " ، ولا يجوز العدول عنها إلى غيرها مما يحيي الناس بعضهم به .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الْآنَ ) .رواه البخاري ( 5873 ) ومسلم ( 2841 ) .(/1)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ ، قِيلَ : مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشمِّتْهُ ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ ) .
رواه مسلم ( 2162 ) .
ثانياً :
لا مانع من استعمال لفظ " تحياتي " بعد الانتهاء من الكلام ، أو في آخر الرسائل ، أو بعد إلقاء السلام ، فالتحية في اللغة ـ في أشهر معانيها ـ هي السلام .
قال في القاموس (1649) : " والتحية : السلام ، وحياه تحية ، والبقاء ، والملك " .
وقال نحوه صاحب لسان العرب (2/1078) .
فإن كان لفظ التحية مفردا ، نحو : اقبل تحيتي ، أو : لك تحيتي ، ونحو ذلك ؛ فهذا لا إشكال فيه ، ولا يمنع منه الشيخ بكر ، حفظه الله ، كما هو واضح من كلامه ، ولا نعلم غيره من أهل العلم كرهه أو منع منه .
وأما إن كان لفظ التحية بصيغة الجمع ، نحو : لك تحياتي ، أو نحو ذلك ، فهذا هو الذي يظهر أن الشيخ بكر ـ حفظه الله ـ يمنع منه .
وأما من رخص في استعمال لفظ التحيات ، حتى بصورة الجمع ، كما ذهبنا إليه في الأجوبة السابقة ، فإنما مراده الترخيص في هذا الجمع ، مضافا إلى قائله : تحياتي ، أو : تحياتنا ، أو نحو ذلك . ومعنى ذلك : أنه ليس لهذا من التحية إلا ما أهديه إليه ، أو ما أملكه أنا وأستطيعه ، وأما التحية العامة المطلقة ، من أهل السماء وأهل الأرض ، فإنما هي لله وحده ، كما يدل عليه لفظ التحيات المجموع من غير إضافة : التحيات لله . فإضافة التحيات للقائل هي من علامات تخصصها وقصورها ، وأما العموم فهو لله وحده .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :(/2)
التحيات : جمع تحيَّة ، والتحيَّة هي : التَّعظيم ، فكلُّ لَفْظٍ يدلُّ على التَّعظيم : فهو تحيَّة ، و" الـ " مفيدة للعموم ، وجُمعت لاختلاف أنواعها ، أما أفرادها : فلا حدَّ لها ، يعني : كُلَّ نوع من أنواع التَّحيَّات : فهو لله ، واللام هنا : للاستحقاق ، والاختصاص ؛ فلا يستحقُّ التَّحيَّات على الإطلاق إلا الله ، ولا أحد يُحَيَّا على الإطلاق إلا الله ، وأمَّا إذا حَيَّا إنسانٌ إنساناً على سبيل الخصوص : فلا بأس به .
لو قلت مثلاً : لك تحيَّاتي ، أو لك تحيَّاتُنَا ، أو مع التحيَّة : فلا بأس بذلك ، قال الله تعالى : ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) النساء/ 86 ، لكن التَّحيَّات على سبيل العموم والكمال : لا تكون إلا لله .
فإذا قال قائل : هل اللَّهُ بحاجة إلى أن تحييه ؟ .
فالجواب : كلَّا ؛ لكنه أهْلٌ للتعظيم ، فأعظِّمه لحاجتي لذلك لا لحاجته لذلك ، والمصلحة للعبد ، قال تعالى : ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) الزمر/ 7 .
" الشرح الممتع " ( 3 / 146 ، 147 ) .
على أننا ننبه أخانا السائل الكريم إلى أننا إذا تبنينا قولا ، أو فتوى في مسألة ، أو ذكرنا قولا لعالم ، فليس معنى ذلك أن كل العلماء يقول بذلك ، أو أن أحدا من أهل العلم لا يخالف في هذه المسألة ، بل ما زال أهل العلم يختلفون فيما هو أظهر من ذلك ، وفيما هو أكبر من ذلك ، وإنما الذي يشكل على قول العالم ، أو فتوى المفتي ، هو أن يخالف نصا شرعيا ، أو دليلا ثابتا في المسألة التي يتكلم فيها .
والله أعلم(/3)
رقم السؤال:
111783
العنوان:
كيف يقضي ما فاته من الصلاة؟
السؤال:
كيف يقضي الإنسان ما فاته من صلاة ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
جعل الله تعالى للعبادات وقتاً تختص به لحكمة أرادها قد نعلم بعضها ، ويخفى علينا بعضها، وبكل حال فنحن مأمورون بها ولا يجوز تعديها إلا لعذر يسمح به الشرع .
والذي فاتته الصلاة لا يخلو من حالين :
الأولى : أن تكون فاتته لعذر ، كالنوم والنسيان ، فهذا لا إثم عليه ، ويجب عليه قضاؤها متى استيقظ أو تذكر .
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) رواه البخاري ( 572 ) ومسلم ( 684 ) وفيه زيادة: (أو نام عنها) .
ولمسلم ( 684 ) : (إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها ، فإن الله عز وجل يقول : (أقم الصلاة لذكري) طه/14).
الحال الثانية :
أن تفوته الصلاة بلا عذر ، بل يتركها حتى يخرج وقتها كسلاً وتهاوناً ، فهذا آثم باتفاق المسلمين ، مرتكب كبيرة من الكبائر .
ولا يصح منه قضاؤها في أصح قولي العلماء ، وإنما عليه التوبة والندم والعزم على عدم فعل ذلك مرة أخرى ، وليكثر من الأعمال الصالحة وصلاة التطوع .
قال ابن حزم :
"وأما من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها فهذا لا يقدر على قضائها أبداً ، فليكثر من فعل الخير وصلاة التطوع ، ليثقل ميزانه يوم القيامة ، وليتب وليستغفر الله عز وجل" انتهى .
" المحلى " ( 2 / 235 ) .
وهو قول عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وسعد بن أبي وقاص وسلمان وابن مسعود والقاسم بن محمد بن أبي بكر وبديل العقيلي ومحمد بن سيرين ومطرف بن عبد الله وعمر بن عبد العزيز ، وقال به داود الظاهري وابن حزم ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية والشوكاني ، ورجحه من المعاصرين : الألباني وابن باز وابن عثيمين وغيرهم .
واستدلوا بما يأتي :(/1)
1 - قوله تعالى : (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) لنساء/103 .
فقالوا : الصلاة وقتت بوقت لا يجوز الخروج عنه إلا بدليل .
2 – قول النبي صلى الله عليه وسلم : (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) .
فقوله : (فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) ، أي : إذا تباطأ عن أدائها بعد ذكرها فإنها ليس لها كفارة ، فكيف بمن تركها عمداً دون نسيان ولا نوم ، فهذا من باب أولى ليس له كفارة ، ولا ينفعه قضاؤها .
3- لأن الله تعالى جعل لكل صلاة فرض وقتاً محدود الطرفين ، فكما أنه لا تصح قبل الوقت ، فكذلك لا تصح بعده .
" المحلى " ( 2 / 235 ) .
4- قال ابن حزم :
"وأيضاً : فإن القضاء إيجاب شرع ، والشرع لا يجوز لغير الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، فنسأل من أوجب على العامد قضاء ما تعمد تركه من الصلاة أخبرنا عن هذه الصلاة التي تأمره بفعلها أهي التي أمره الله تعالى بها أم هي غيرها ، فإن قالوا : هي هي ، قلنا لهم : فالعامد لتركها ليس عاصيا ؛ لأنه قد فعل ما أمره الله تعالى ولا إثم على قولكم ولا ملامة على من تعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها وهذا لا يقوله مسلم ، وإن قالوا : ليست هي التي أمره الله تعالى بها ، قلنا : صدقتم ، وفي هذا كفاية ، إذ أقروا بأنهم أمروه بما لم يأمره به الله تعالى" انتهى .
" المحلى " ( 2 / 236 ) .
واستدل من أوجب عليه القضاء بالقياس على الناسي والنائم ، فقالوا ، إذا كان الناسي يجب عليه القضاء فالعامد من باب أولى .
وأجيب بأن هذا قياس مع الفارق ، فإن العامد آثم ، وليس كذلك الناسي ، فكيف يقاس العاصي على غير العاصي ؟
قال الشوكاني رحمه الله :(/2)
"وقال ابن تيمية : والمنازعون لهم- يعني : القائلين بالقضاء - ليس لهم حجة قط يرد إليها عند التنازع ، وأكثرهم يقولون : لا يجب القضاء إلا بأمر جديد وليس معهم هنا أمر ، ونحن لا ننازع في وجوب القضاء فقط ، بل ننازع في قبول القضاء منه وصحة الصلاة في غير وقتها، وأطال البحث في ذلك ، واختار ما ذكره داود ومن معه ، والأمر كما ذكره أني لم أقف مع البحث الشديد للموجبين القضاء على العامد على دليل ينفق (أي : يقبل) في سوق المناظرة ، ويصلح للتعويل عليه في هذا الأصل العظيم" انتهى .
" نيل الأوطار " ( 2 / 26 ) .
فالراجح ـ والله أعلم ـ أن العامد لا يقضي الصلاة ، وإنما يجب عليه الاستغفار والتوبة .
وقد أطال ابن القيم رحمه الله البحث في هذه المسألة ومناقشة أدلة الفريقين في كتابه القيم "الصلاة" (ص 67- 109) فليراجع .
فائدة :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
"والذين أمروه بالقضاء من العلماء لا يقولون إنه بمجرد القضاء يسقط عنه الإثم ، بل يقولون بالقضاء يخف عنه الإثم ، وأما إثم التفويت وتأخير الصلاة عن وقتها فهو كسائر الذنوب التي تحتاج إما إلى توبة وإما إلى حسنات ماحية ، وإما غير ذلك مما يسقط به العقاب" انتهى .
" منهاج السنة " ( 5 / 233 ) .(/3)
رقم السؤال:
111784
العنوان:
فائدة الاشتراط عند الإحرام
السؤال:
ما الفائدة من قول من أراد أن يحرم بالحج أو العمرة : إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ؟
الجواب:
الحمد لله
يشرع لمن أراد الإحرام بالحج أو العمرة أن يشترط عند الإحرام ، إذا خاف أن يمنعه مانع من إتمام الحج والعمرة ، فيقول : إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ، لما رواه البخاري (5089) ومسلم (1207) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لضباعة بنت الزبير لما أرادت الحج وهي مريضة : (حجي واشترطي وقولي : اللهم محلي حيث حبستني) .
والفائدة التي يستفيدها المحرم من ذلك : أنه إذا حصل له مانع يمنعه من إتمام النسك كمرض أو حادث ، أو مُنع من دخول مكة لسبب ما فإنه يتحلل من إحرامه وليس عليه شيء ، لا فدية ، ولا هدي ، ولا حلق الرأس .
ولولا هذا الاشتراط لكان مُحْصَراً ، والمحصر – وهو الممنوع من إتمام النسك – عليه أن يذبح هدياً ، ويحلق رأسه ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية لما منعه المشركون من دخول مكة ، فنحر النبي صلى الله عليه وسلم هديه ، وحلق رأسه ، وأمر الصحابة بذلك ، فقال لهم : (قوموا فانحروا ثم احلقوا) رواه البخاري (2734) .
وقال الله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) البقرة/196 .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"وفائدة هذا الشرط : أن المحرم إذا عرض له ما يمنعه من تمام نسكه من مرض أو صد عدو جاز له التحلل ولا شيء عليه" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (17/50) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"أما فائدة الاشتراط : فإن فائدته أن الإنسان إذا حصل له ما يمنعه من إتمام نسكه تحلل بدون شيء ، بمعنى تحلل ، وليس عليه فدية ولا قضاء" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/28) .(/1)
رقم السؤال:
111785
العنوان:
حكم الاكتتاب في شركة بترورابغ
السؤال:
ما حكم الاكتتاب في شركة بترورابغ ؟
الجواب:
الحمد لله
نشاط هذه الشركة في تكرير النفط والصناعات البتروكيماوية ، وهو نشاط مباح ، غير أن هذه الشركة قد اقترضت قروضاً ربوية ، وتضع أموالاً في البنوك الربوية .
وعلى هذا ، تصنف هذه الشركة ضمن "الشركات المختلطة" التي يكون أصل عملها مباحاً ، ولكنها تتعامل معاملات محرمة ، كالربا وغيره ، وأكثر العلماء المعاصرين على تحريم المساهمة في هذا النوع من الشركات ، وبهذا أفتى علماء اللجنة الدائمة للإفتاء في بلاد الحرمين الشريفين ، وصدر بذلك قرار من "مجمع الفقه الإسلامي" التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ، و"مجمع الفقه الإسلامي " التابع لرابطة العالم الإسلامي .
وانظر جواب السؤال رقم (112445) .
وقد سئل الشيخ الدكتور محمد بن سعود العصيمي عن المساهمة في هذه الشركة "بترورابغ" ؟
فأجاب :
"اطلعت على القوائم المالية للشركة قبل صدور نشرة الإصدار وبعدها ، ولا شك في أهمية نشاط الشركة للبلد ولاقتصاده ، ولكنها للأسف قد اقترضت قروضا ضخمة بالفائدة الربوية ، ووضعت جزءا كبيرا من مواردها في بنوك ربوية وحسابات ربوية ، وعليه فلا أرى جواز الاكتتاب بها .
وإني أدعو الله سبحانه وتعالى أن ييسر للقائمين عليها طريقة شرعية لتحويل تلك التعاملات المحرمة إلى معاملات شرعية ، خاصة وقد ظهر جلياً من خلال الاتصال ببعض مسئولي الشركة حرص عدد منهم على ذلك .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين" انتهى .
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=19854(/1)
رقم السؤال:
111786
العنوان:
بول وروث الحيوان الذي يؤكل لحمه طاهر
السؤال:
والدتي لديها طيور، وهذه الطيور تتبرز في كل مكان، على السجاد والملابس، أنا أجد هذا الأمر مقرفاً للغاية وأعتبره من النجاسة . أرجو أن تخبرني بالحكم في هذه الحالة
الجواب:
الحمد لله
أولاً : إذا كانت هذه الطيور مما يجوز أكل لحمها شرعاً ، كالعصافير والدجاج والبط .... إلخ فروثها طاهر ، وهكذا الحكم في كل حيوان يؤكل لحمه ، كالغنم والبقر والخيول ...... إلخ .
وقد دل على طهارة بول وروث كل حيوان يؤكل لحمه أدلة كثيرة ، منها :
1- أن الأصل في الأشياء أنها طهارة ، ولم يأت دليل شرعي صحيح يدل على نجاسة هذه الأشياء .
2- أنه قد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر جماعة قدموا إلى المدينة ومرضوا أن يشربوا من أبوال الإبل وألبانها ، ولو كانت أبوال الإبل نجسة لما أمرهم بشربها ، لأنه لا يجوز التداوي بشيء محرم .
3- أنه قد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصلاة في مرابض الغنم ، فقال : (صلوا فيها ، فإنها بركة) ، ولم يأمر من يصلي فيها باجتناب بولها وروثها ، مع أن الغالب أنه سيصيبه شيء من ذلك .
وهناك أدلة أخرى كثيرة ، أطال البحث فيها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فانظرها في "مجموع الفتاوى" (21/542 - 586) .
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني (2/492) :
"وبول ما يؤكل لحمه وروثه طاهر ... قال مالك : لا يرى أهل العلم أبوال ما أكل لحمه وشرب لبنه نجساً .... وقال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إباحة الصلاة في مرابض الغنم ، إلا الشافعي فإنه اشترط أن تكون سليمة من أبعارها وأبوالها" انتهى باختصار .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (6/414) :
"بول ما يؤكل لحمه طاهر ، فإذا استعمل في البدن لحاجة فلا حرج من الصلاة به" انتهى .(/1)
أما إذا كانت هذه الطيور مما لا يؤكل لحمه ، كذوات المخالب من الطيور ، كالصقر ، فإن روثها نجس ، بلا خلاف بين العلماء . انظر "المغني" (2/490) .
ثانياً :
إذا ثبت طهارة روث الطيور التي يؤكل لحمها ، فإنه لا يجب غسلها إذا أصابت الثوب أو البدن أو السجاد ، ولا حرج من الصلاة بهذا الثوب أو على تلك السجادة .
وينبغي نصح الوالدة أن تجعل لهذه الطيور مكاناً خاصاً بها حتى لا تؤذي أهل البيت ، لأن هذا الروث حتى وإن كان طاهراً ، فإنه مما يستقذره الناس .
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
111788
العنوان:
ممنوع من السفر خارج البلاد فهل يوكل من يحج عنه؟
السؤال:
ماذا يفعل من كان يريد الحج ولم يحج قبل ذلك ، ولكنه ممنوع من السفر ، لا يستطيع السفر خارج البلاد ، هل يمكن أن يطلب من أحد أن يحج عنه؟
الجواب:
الحمد لله
وردت السنة النبوية بجواز الحج عن الغير ، في حالين :
الأولى : أن يكون ميتاً .
ودليل ذلك ما رواه مسلم (1149) أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أمها التي ماتت ، وقالت : (يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا ؟ قَالَ : حُجِّي عَنْهَا ) .
الحال الثانية :
من كان عاجزا عن الحج ببدنه عجزاً لا يرجى زواله كالرجل الكبير الذي لا يستطيع السفر وتحمل مشاق الحج ، أو المريض مرضاً مزمناً لا يُرجى حصول الشفاء منه .
ودليل ذلك : أن امْرَأَةٌ َقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، (إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ) رواه البخاري (1513) ومسلم (1334).
وأما من كان عاجزا عن الحج لأنه ممنوع من السفر خارج البلاد ، فهذا المنع يُرجى زواله ، وكثير ممن كانوا ممنوعين من السفر خارج بلادهم ، تمكنوا بعد مدة من السفر ، إما لتغير الحكومة المانعة ، أو لغير ذلك من الأسباب .
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (11/51) :
"يجوز للمسلم الذي قد أدى حج الفريضة عن نفسه أن يحج عن غيره إذا كان ذلك الغير لا يستطيع الحج بنفسه لكبر سنِّه أو مرض لا يرجى برؤه أو لكونه ميتًا ؛ للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك ، أما إن كان من يراد الحج عنه لا يستطيع الحج لأمر عارض يرجى زواله كالمرض الذي يرجى برؤه ، وكالعذر السياسي ، وكعدم أمن الطريق ونحو ذلك : فإنه لا يجزئ الحج عنه" انتهى .(/1)
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود
وعلى هذا ؛ فلا يجوز لهذا الشخص الممنوع من السفر ، أن يوكل من يحج عنه ، بل ينتظر حتى يزول هذا المانع ، ويتمكن من الحج بنفسه .(/2)
رقم السؤال:
111789
العنوان:
والدها يمنعها من الذهاب للحج فهل لها أن تنيب من يحج عنها؟
السؤال:
هل يجوز لمسلمة تتمتع بكامل صحتها أن ترسل غيرها ليحج أو يعتمر عنها حيث إن والدها لا يسمح لها بالذهاب؟ وما عساها أن تفعل إذا كانت لا تجد ما يكفي لأن تذهب بمفردها لأداء المناسك ولا ما يمكنها من إرسال من ينوب عنها؟ وهل لها أن تذهب للحج دون إذن والدها؟
الجواب:
الحمد لله
لا يجب الحج إلا على المستطيع ، لقول الله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 .
ومن الاستطاعة بالنسبة للمرأة : أن تجد محرما يسافر معها ، ويكون معها من النفقات ما يكفيها ومحرمها ، لأن نفقة حج المحرم عليها هي ، لأنه إنما سافر لمصلحتها .
فإذا لم تجد المرأة محرماً يسافر معها ، أو لم تجد المال الكافي لذلك ، فالحج غير واجب عليها .
وإذا كان الحج غير واجب عليها ، فهي غير آثمة ولا مقصرة بتركه ، وليس لها في هذه الحالة أن تنيب من يحج ويعتمر عنها ، بل تنتظر حتى يغنيها الله وييسر لها محرما ثم تحج بنفسها .
ثانياً :
ليس للأب أن يمنع ابنته أو ابنه من حج الفريضة .
فإذا كانت تستطيع الحج ببدنها ومالها ، ومعها محرم سيسافر معها ، فإنها تستأذن من أبيها ، فإن لم يأذن فلتخرج بغير إذنه ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
وليس منع الأب لها سببا لجواز توكيلها من يحج عنها .
فإن هذا المنع يرجى زواله ، وقد نقل الحافظ ابن حجر في فتح الباري (4/70) اتفاق العلماء على أن المحبوس لا ينيب من يحج عنه الفريضة ، لأنه يرجى خلاصه من الحبس .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (41950) .(/1)
رقم السؤال:
111791
العنوان:
حكم الترديد خلف من يقيم الصلاة
السؤال:
هل يستحب الترديد خلف المؤذن إذا أقام الصلاة ، ثم أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وأدعو بالدعاء الوارد بعد الأذان : اللهم رب هذه الدعوة التامة .......؟
الجواب:
ذهب جمهور العلماء إلى أن الإقامة تأخذ حكم الأذان في استحباب الترديد خلف المقيم ، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم الدعاء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ........إلخ.
وهو قول الشافعية والحنابلة ، وجمهور الحنفية ، وقال به من العلماء المعاصرين : علماء اللجنة الدائمة للإفتاء ، والشيخ عبد العزيز بن باز ، والشيخ الألباني رحمهم الله .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (18/250) :
"وكذلك بالنّسبة للمقيم فقد صرّح الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة أن يستحبّ أن يقول في الإقامة: مثل ما يقول في الأذان" انتهى .
وجاء في "الدر المختار" (1 /431) (حنفي) :
"ويجيب الإقامة ندباً ، إجماعاً كالأذان ، ويقول عند : " قد قامت الصلاة " : أقامها الله وأدامها ، وقيل : لا يجيبها ، وبه جزم الشُّمُنِّي" انتهى .
قال الشيرازي الشافعي رحمه الله :
"ويستحب لمن سمع الإقامة أن يقول مثل ما يقول" انتهى .
وشرحه النووي رحمه الله بقوله :
واتفق أصحابنا علي استحباب متابعته في الإقامة كما قال المصنف ، إلا الوجه الشاذ الذي قدمناه عن " البسيط " .
" المجموع " ( 3 / 122 ، 123 ) .
وقال ابن قدامة رحمه الله (حنبلي) :
"ويستحب أن يقول في الإقامة مثل ما يقول" انتهى .
"المغني" (1/474) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :(/1)
"السنَّة أن المستمع للإقامة يقول كما يقول المقيم ؛ لأنها أذان ثان ، فتجاب كما يجاب الأذان ، ويقول المستمع عند قول المقيم : " حي على الصلاة ، حي على الفلاح " : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ويقول عند قوله : " قد قامت الصلاة " مثل قوله ، ولا يقول : " أقامها الله وأدامها " ؛ لأن الحديث في ذلك ضعيف ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ) ، وهذا يعم الأذان والإقامة ؛ لأن كلا منهما يسمى أذاناً . ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد قول المقيم " لا إله إلا الله " ويقول : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة... إلخ كما يقول بعد الأذان ، ولا نعلم دليلا يصح يدل على استحباب ذكر شيء من الأدعية بين انتهاء الإقامة وقبل تكبيرة الإحرام سوى ما ذكر" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 89 ، 90 ) .
وذهب بعض الأحناف إلى أن الترديد خلف المؤذن ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء ، خاص بالأذان ، ولا يستحب ذلك في الإقامة ، واختاره من المعاصرين : الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
واستدل جمهور العلماء على الترديد خلف المقيم بقوله صلى الله عليه وسلم : (بين كل أذانين صلاة) متفق عليه . والمراد بذلك : الأذان والإقامة . قالوا : فإذا سميت الإقامة أذاناً ، دخلت في قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول) ، فيشملها ما يشمل الأذان ، من الترديد خلفه، ومن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، ومن الدعاء بعده .(/2)
لكن .. قد يقال : إن الإقامة سميت أذاناً على سبيل التغليب ، كما قيل " الأسودان " للتمر والماء ، و " القمران " للشمس والقمر ، و " العُمَران " لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وهذا التغليب يكون إذا جمع اللفظان في لفظ واحد ، فإذا جُمع الشمس والقمر في لفظ واحد قلنا: القمران ، لكن إذا قيل : القمر . لم يطلق على الشمس . فهكذا "الأذانان" يطلق على الأذان والإقامة ، أما "الأذان" فقط فلا يطلق على الإقامة .
واستدلوا أيضاً بحديث رواه أبو داود (528) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل ما يقول بلال في الإقامة ، إلا قول "قد قامت الصلاة" قال : أقامها الله وأدامها .
إلا أنه حديث ضعيف ، ضعفه النووي والحافظ ابن حجر ، والألباني ، وغيرهم . وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم (111820) .
وبين الأذان والإقامة فروق كثيرة تمنع قياس الإقامة على الأذان ، وإعطائها حكم الأذان في كل شيء .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن المتابعة في الإقامة .
فأجاب :
"المتابعة في الإقامة فيها حديث أخرجه أبو داود ، لكنه ضعيف لا تقوم به الحجة ، والراجح : أنه لا يُتابع" انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 12 / السؤال رقم 129 ) .
وسئل – أيضاً - : هل ورد الذكر بعد إقامة الصلاة كقوله : ( اللهم رب هذه الدعوة التامة ) ، أو قوله : ( أقامها الله وأدامها ) أم هل السكوت أفضل من ذلك ؟ .
فأجاب :
"جواب هذا السؤال ينبني على صحة الحديث الوارد في ذلك ، فمن صحح الحديث قال : إنه يجيب المقيم كما يجيب المؤذن ، ويدعو ، ويقول في الإقامة : " أقاماها الله وأدامها " ، ويدعو بعد انتهاء الإقامة بما يدعو به بعد انتهاء الأذان ؛ لكن الحديث ضعيف ، والقول الراجح : أنه لا يقول شيئاً ، ولا يتابع المقيم ، ولا يدعو بدعاء الأذان" انتهى .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 219 / السؤال رقم 1 ) .(/3)
وعلى كل حال ؛ فالمسألة من مسائل الاجتهاد ، والأدلة فيها محتملة ، وكل إنسان يعمل بما وصل إليه علمه ، وإن كنا نختار أن الترديد خلف المؤذن خاص بالأذان فقط .
والله أعلم(/4)
رقم السؤال:
111794
العنوان:
ضوابط وأحكام حج البدل
السؤال:
هناك في بلدنا بعض حملات الحج تقدم حج البدل , بحيث نعطيهم نقوداً - وهي تكلفة الحج - وسيقوم أناس من طلبة العلم بالحج بدلاً عنَّا , , فهل يجوز ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
يتساهل كثيرون في حج البدل ، وحج البدل له ضوابط وشروط وأحكام ، سنذكر ما تيسر منها عسى الله أن ينفع بها :
1. لا يصح حج البدل في حجة الإسلام عن القادر الذي يستطيع الحج ببدنه .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"لا يجوز أن يستنيب في الحج الواجب من يقدر على الحج بنفسه إجماعا ، قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن من عليه حجة الإسلام وهو قادر على أن يحج لا يجزئ عنه أن يحج غيره عنه" انتهى .
" المغني " ( 3 / 185 ) .
2. حج البدل يكون عن المريض مرضاً لا يرجى برؤه ، أو عن العاجز ببدنه ، أو عن الميت ، دون الفقير والعاجز بسبب ظرف سياسي أو أمني .
قال النووي رحمه الله :
"والجمهور على أن النيابة في الحج جائزة عن الميت والعاجز الميئوس من برئه ، واعتذر القاضي عياض عن مخالفة مذهبهم – أي : المالكية - لهذه الأحاديث في الصوم عن الميت والحج عنه بأنه مضطرب ، وهذا عذر باطل ، وليس في الحديث اضطراب ، ويكفى في صحته احتجاج مسلم به في صحيحه .
" شرح النووي على مسلم " ( 8 / 27 ) .
والحديث الذي أشار إليه النووي رحمه الله وذكر أن بعض المالكية حكم عليه بالاضطراب هو:(/1)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ فَقَالَ : وَجَبَ أَجْرُكِ ، وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ ، قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا ؟ قَالَ : صُومِي عَنْهَا ، قَالَتْ : إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا ؟ قَالَ : حُجِّي عَنْهَا . رواه مسلم ( 1149 ) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"واتفق من أجاز النيابة في الحج على أنها لا تجزى في الفرض إلا عن موت أو عضَب – أي : شلل - ، فلا يدخل المريض ؛ لأنه يرجى برؤه ، ولا المجنون ؛ لأنه ترجى إفاقته ، ولا المحبوس ؛ لأنه يرجى خلاصه ، ولا الفقير ؛ لأنه يمكن استغناؤه" انتهى .
" فتح الباري " ( 4 / 70 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
هل يجوز للمسلم الذي أدى فرضه أن يحج عن أحد أقاربه في بلاد الصين لعدم تمكنه من الوصول لأداء فريضة الحج ؟ . فأجابوا :
"يجوز للمسلم الذي قد أدى حج الفريضة عن نفسه أن يحج عن غيره إذا كان ذلك الغير لا يستطيع الحج بنفسه لكبر سنِّه أو مرض لا يرجى برؤه أو لكونه ميتًا ؛ للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك ، أما إن كان من يراد الحج عنه لا يستطيع الحج لأمر عارض يرجى زواله كالمرض الذي يرجى برؤه ، وكالعذر السياسي ، وكعدم أمن الطريق ونحو ذلك : فإنه لا يجزئ الحج عنه" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 51 ) .
3. حج البدل لا يكون عن العاجز ماليّاً ؛ لأن الحج تسقط فرضيته عن الفقير ، إنما حج البدل عن العاجز ببدنه .
سئل علماء اللجنة الدائمة :(/2)
هل يجوز لأحد أن يعتمر أو يحج عن قريبه الذي يكون بعيداً عن مكة ، وليس لديه ما يصل به إليها ، مع أنه قادر بالطواف ؟
فأجابوا :
"قريبك المذكور لا يجب عليه الحج مادام لا يستطيع الحج ماليّاً ، ولا تصح النيابة عنه في الحج ولا في العمرة ؛ لأنه قادر على أداء كل منهما ببدنه لو حضر بنفسه في المشاعر ، وإنما تصح النيابة فيهما عن الميت ، والعاجز عن مباشرة ذلك ببدنه" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/52) .
4. لا يجوز لأحدٍ أن يحج عن غيره إلا أن يكون قد حجَّ عن نفسه ، فإن فعل فتقع حجته عن نفسه لا عن غيره .
قال علماء اللجنة الدائمة :
"لا يجوز للإنسان أن يحج عن غيره قبل حجه عن نفسه ، والأصل في ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : لبيك عن شبرمة ، قال : حججت عن نفسك ؟ قال : لا ، قال : حج عن نفسك ، ثم عن شبرمة" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 50 ) .
5. يجوز للمرأة أن تحج عن الرجل ، كما يجوز للرجل أن يحج عن المرأة .
قال علماء اللجنة الدائمة :
"والنيابة في الحج جائزة ، إذا كان النائب قد حج عن نفسه ، وكذلك الحال فيما تدفعه للمرأة لتحج به عن أمك ، فإن نيابة المرأة في الحج عن المرأة وعن الرجل جائزة ؛ لورود الأدلة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك" انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 52 ) .
6. لا يجوز لأحدٍ أن يحج عن شخصين أو أكثر في حجة واحدة ، وله أن يعتمر عن نفسه – أو عن غيره – ويحج عن آخر .
قال علماء اللجنة الدائمة :(/3)
"تجوز النيابة في الحج عن الميت ، وعن الموجود الذي لا يستطيع الحج ، ولا يجوز للشخص أن يحج مرة واحدة ويجعلها لشخصين ، فالحج لا يجزئ إلا عن واحد ، وكذلك العمرة ، لكن لو حج عن شخص واعتمر عن آخر في سنة واحدة أجزأه إذا كان الحاج قد حج عن نفسه واعتمر عنها" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 58 ) .
7. لا يجوز لأحدٍ أن يكون قصده من الحج عن غيره أخذ المال ، وإنما يكون قصده الحج والوصول إلى تلك الأماكن المقدسة ، والإحسان إلى أخيه بالحج عنه .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"النيابة في الحج جاءت بها السنَّة ؛ فإن الرسول عليه الصلاة والسلام سألته امرأة وقالت : (إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال : نعم) ، والاستنابة بالحج بعوض : إن كان الإنسان قصده العوض : فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله : من حج ليأكل فليس له في الآخرة من خلاق – أي : نصيبٌ - وأما من أخذ ليحج : فلا بأس به ، فينبغي لمن أخذ النيابة أن ينوي الاستعانة بهذا الذي أخذ على الحج ، وأن ينوي أيضاً قضاء حاجة صاحبه ؛ لأن الذي استنابه محتاج ، ويفرح إذا وجد أحداً يقوم مقامه ، فينوي بذلك أنه أحسن إليه في قضاء الحج ، وتكون نيته طيبة" انتهى .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 89 / السؤال 6 ) .
وقال رحمه الله :(/4)
"وإن من المؤسف أن كثيراً من الناس الذين يحجون عن غيرهم إنما يحجون من أجل كسب المال فقط ، وهذا حرام عليهم ؛ فإن العبادات لا يجوز للعبد أن يقصد بها الدنيا ، يقول الله تعالى : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ويقول تعالى : ( فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ) ، فلا يقبل الله تعالى من عبد عبادة لا يبتغي بها وجهه ، ولقد حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم أماكن العبادة من التكسب للدنيا ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد ، فقولوا : لا أربح الله تجارتك ) ، فإذا كان هذا فيمن جعل موضع العبادة مكاناً للتكسب يدعى عليه أن لا يربح الله تجارته : فكيف بمن جعل العبادة نفسها غرضاً للتكسب الدنيوي كأن الحج سلعة ، أو عمل حرفة لبناء بيت ، أو إقامة جدار ؟ تجد الذي تعرض عليه النيابة يكاسر ويماكس هذه دراهم قليلة ، هذه لا تكفي زد أنا أعطاني فلان كذا ، أو أعطي فلان حجة بكذا ، أو نحو هذا الكلام مما يقلب العبادة إلى حرفة وصناعة ، ولهذا صرح فقهاء الحنابلة رحمهم الله بأن تأجير الرجل ليحج عن غيره غير صحيح ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : من حج ليأخذ المال ، فليس له في الآخرة من خلاق ، لكن إذا أخذ النيابة لغرض ديني مثل أن يقصد نفع أخيه بالحج عنه ، أو يقصد زيادة الطاعة والدعاء والذكر في المشاعر : فهذا لا بأس به ، وهي نية سليمة .(/5)
إن على الذين يأخذون النيابة في الحج أن يخلصوا النية لله تعالى ، وأن تكون نيتهم قضاء وطرهم بالتعبد حول بيت الله وذكره ودعائه ، مع قضاء حاجة إخوانهم بالحج عنهم ، وأن يبتعدوا عن النية الدنيئة بقصد التكسب بالمال ، فإن لم يكن في نفوسهم إلا التكسب بالمال : فإنه لا يحل لهم أخذ النيابة حينئذ ، ومتى أخذ النيابة بنية صالحة : فالمال الذي يأخذه كله له ، إلا أن يشترط عليه رد ما بقي" انتهى .
" الضياء اللامع من الخطب الجوامع " ( 2 / 477 ، 478 ) .
8. إذا مات المسلم ولم يقض فريضة الحج وهو مستكمل لشروط وجوبها وجب أن يحج عنه من ماله الذي خلفه سواء أوصى بذلك أو لم يوص .
قال علماء اللجنة الدائمة :
"إذا مات المسلم ولم يقض فريضة الحج وهو مستكمل لشروط وجوبها وجب أن يحج عنه من ماله الذي خلفه سواء أوصى بذلك أو لم يوص ، وإذا حج عنه غيره ممن يصح منه الحج وكان قد أدى فريضة الحج عن نفسه : صح حجه عنه ، وأجزأ في سقوط الفرض عنه" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/100) .
9. هل للذي يحج عن غيره أجر الحج كاملاً ويرجع كيوم ولدته أمه ؟ .
قال علماء اللجنة الدائمة :
"وأما تقويم حج المرء عن غيره هل هو كحجه عن نفسه أو أقل فضلاً أو أكثر : فذلك راجع إلى الله سبحانه " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 100 ) .
وقالوا :
"من حج أو اعتمر عن غيره بأجرة أو بدونها فثواب الحج والعمرة لمن ناب عنه ، ويرجى له أيضًا أجر عظيم على حسب إخلاصه ورغبته للخير ، وكل من وصل إلى المسجد الحرام وأكثر فيه من نوافل العبادات وأنواع القربات : فإنه يرجى له خير كثير إذا أخلص عمله لله" انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 77 ، 78 ) .(/6)
وقال الإمام ابن حزم رحمه الله :
عن داود أنه قال : قلت لسعيد بن المسيب : يا أبا محمد ، لأيهما الأجر أللحاج أم للمحجوج عنه ؟ فقال سعيد : إن الله تعالى واسع لهما جميعا .
قال ابن حزم : صدق سعيد رحمه الله .
" المحلى " ( 7 / 61 ) .
وما يفعله الموكَّل من أعمال خارج النسك كالصلاة في الحرم وقراءة القرآن وغيرها فأجرها له دون من وكَّله .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"وثواب الأعمال المتعلقة بالنسك كلها لمن وكله ، أما مضاعفة الأجر بالصلاة والطواف الذي يتطوع به خارجا عن النسك وقراءة القرآن لمن حج لا للموكل" انتهى .
" الضياء اللامع من الخطب الجوامع " ( 2 / 478 ) .
10. الأفضل أن يحج الولد عن والديه ، والقريب عن قريبه ، فإن استأجر أجنبيّاً جاز .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
توفيت والدتي وأنا صغير السن ، وقد أجَّرت على حجتها شخصاً موثوقاً به ، وأيضاً والدي توفي ، وقد سمعت من بعض أقاربي أنه حج .
هل يجوز أن أؤجر على حجة والدتي أم يلزمني أن أحج عنها أنا بنفسي ، وأيضاً والدي هل أقوم بحجة له وأنا سمعت أنه قد حج ؟
فأجاب :
"إن حججت عنهما بنفسك واجتهدت في إكمال حجك على الوجه الشرعي : فهو الأفضل ، وإن استأجرت من يحج عنهما من أهل الدين والأمانة : فلا بأس .
والأفضل أن تؤدي عنهما حجّاً وعمرة ، وهكذا من تستنيبه في ذلك يشرع لك أن تأمره أن يحج عنهما ويعتمر ، وهذا من برِّك لهما وإحسانك إليهما ، تقبل الله منا ومنك" انتهى .
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 16 / 408 ) .
11. لا يشترط لمن يُحج عنه أن يُعرف اسمه ، بل تكفي نية الحج عنه .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
يوجد لدي حوالي أربعة أشخاص متوفين ما بين أعمام وأجداد ، ما بين رجال ونساء ، ولم أعرف أسماء البعض منهم ، وأريد أن أرسل لكل واحد منهم من يحج لهم على حسابي الخاص ؟ .
فأجابوا :(/7)
"إذا كان الأمر كما ذكر : فمن عرفتَ اسمه من الرجال والنساء: فلا إشكال فيه ، ومن لم تعرف اسمه : فإنه يجوز لك أن تنوي عن الرجال والنساء من الأعمام والأخوال على حسب ترتيب أعمارهم وأوصافهم ، وتكفي النية في ذلك ، وإن لم تعرف الاسم" انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/172) .
12. لا يجوز لمن وُكِّل بالحج عن غيره أن يوكِّل غيره إلا برضا من وكَّله .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"ولا يحل لمن أخذ النيابة أن يوكل غيره فيها لا بقليل ، ولا بكثير إلا برضا من صاحبها الذي أعطاه إياها" انتهى .
" الضياء اللامع من الخطب الجوامع " ( 2 / 478 ) .
13. هل تجوز الإنابة في حج النافلة ؟ .
في المسألة خلاف بين العلماء ، وقد اختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه لا تجوز النيابة إلا في حج الفريضة .
قال الشيخ رحمه الله :
"إذا كان الرجل قد أدى الفريضة ، وأراد أن يوكل عنه من يحج أو يعتمر نافلة ، فإن في ذلك خلافاً بين أهل العلم ، فمنهم من أجازه ، ومنهم من منعه ، والأقرب عندي : المنع ، وأنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً يحج عنه أو يعتمر إذا كان ذلك نافلة ؛ لأن الأصل في العبادات أن يقوم بها الإنسان بنفسه ، وكما أنه لا يوكل الإنسان أحداً يصوم عنه - مع أنه لو مات وعليه صيام فرض صام عنه وليه - ، كذلك في الحج ، والحج عبادة يقوم فيها الإنسان ببدنه ، وليست مالية يُقصد بها الغير ، وإذا كانت عبادة بدنية يقوم بها الإنسان ببدنه : فإنها لا تصح من غيره عنه إلا فيما وردت به السنة ، ولم ترد السنة في حج الإنسان عن غيره حج نفل ، وهذه إحدى الروايتين عن أحمد : أعني أن الإنسان لا يصح أن يوكل غيره في نفل حج أو عمره سواء كان قادراً أو غير قادر .(/8)
ونحن إذا قلنا بهذا القول صار في ذلك حث للأغنياء القادرين على الحج بأنفسهم ؛ لأن بعض الناس تمضي عليه السنوات الكثيرة ما ذهب إلى مكة اعتماداً على أنه يوكل من يحج عنه كل عام ، فيفوته الحج على أساس أنه يوكل من يحج عنه" انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 192 ، 193 ) .
14. ينبغي تحري أهل الخير والصدق والأمانة والعلم بمناسك الحج لحج البدل .
قال علماء اللجنة الدائمة :
"ينبغي لمن يريد أن ينيب في الحج أن يتحرى فيمن يستنيبه أن يكون من أهل الدين والأمانة حتى يطمئن إلى قيامه بالواجب" انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/53) .
والله أعلم(/9)
رقم السؤال:
111796
العنوان:
كيف يفعل من ابتلي بالنظر إلى النساء؟
السؤال:
أعاني كثيراً من النظر إلى النساء المتبرجات ، وفي كثير من الأوقات لا أستطيع أن أتغلب على نفسي وأصرف بصري ، فأرجو النصيحة ، ماذا أفعل؟
الجواب:
الحمد لله
"من أصابه جرح مسموم فعليه بما يخرج السم ، ويبرئ الجرح ، بالترياق والمرهم ، وذلك بأمور ، منها: أن يتزوج , فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا نظر أحدكم إلى محاسن امرأة فليأت أهله فإنما معها مثل ما معها) . وهذا مما ينقص الشهوة ويضعف العشق .
الثاني : أن يداوم على الصلوات الخمس والدعاء والتضرع وقت السحر ، وتكون صلاته بحضور قلب وخشوع ، وليكثر من الدعاء بقوله : (يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك) . (يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك وطاعة رسولك) , فإنه متى أدمن الدعاء والتضرع لله صرف قلبه عن ذلك ، كما قال تعالى : (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) يوسف/24" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/77) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
الثالث : أن يبعد نفسه عن الأماكن التي توجد بها نساء متبرجات ، وعن القنوات وغيرها مما تعرض الصور التي تؤثر في القلب وتضعفه .(/1)
رقم السؤال:
111797
العنوان:
تزوجها عرفياً ثم تركها وهرب
السؤال:
تعرفت على شاب ، وخدعني بأنه يريد الزواج مني ، ولكن لا يستطيع إعلان ذلك الآن ولا التقدم لأهلي ، وتزوجني عرفياً وكتبنا ورقة بذلك ، ثم ذهب وتركني . فهل أنا زوجته فعلاً ؟
الجواب:
الحمد لله
لا نزال نسمع مثل هذه المآسي ، فإلى متى تظل بناتنا غافلات لا يدرين ما يريده أولئك المجرمون؟
كل واحدة منهن تقول : إنني واثقة من نفسي ، وواثقة من هذا الشاب ، إنه ليس كغيره ، ثم إذا نال منها ما يريد تركها وهرب .
عشرات القصص بل مئات بل أكثر ، فيها هذه المآسي ، تتكرر ، ولا تزال تتكرر .
لقد كان الشرع حكيماً لما منع المرأة من التبرج وإظهار زينتها أمام الرجال الأجانب عنها .
وكان حكيماً لما منع المرأة من مخالطة الرجال الاختلاط المستهتر الذي لا يأتي إلا بالشر .
وكان حكيماً لما منع المرأة من الكلام مع رجل أجنبي عنها من غير حاجة أو داع لذلك .
وكان حكيماً لما سد الطريق أمام الغاوين والذين في قلوبهم مرض ، فأَمَرَ المرأةَ بالحجاب ، والتستر ، والبعد عن مجامع الرجال ما أمكنها ذلك ، وحَرَّم لمس المرأة للرجل الأجنبي عنها ، وحرم خلوته بها ، وحرم التكسر والميوعة في الكلام – وغير ذلك كثير .
كل ذلك حفاظاً عليها وعلى عفتها ، وعلى المجتمع بأسره من الرذيلة والفاحشة ، حتى يسود العفاف والطهر والحياء .
ولما خالفت المرأة كل ذلك ، وقعت فريسة لذئاب لا يراعون لله حرمة ، فلا دين ولا خُلق يمنعهم من شيء ، ثم تندم المرأة ... ولكن بعد فوات الأوان ، وقت لا يمكن للندم أن يعيد ما فات .
لقد كان الشرع حكيماً لما منع المرأة من تزويج نفسها ، بل اشترط أن يتولى ذلك وليها ، فإنه أقدر منها على اختيار الزوج المناسب لها ، وحتى لا تنخدع المرأة ، ويتلاعب بها المجرمون .(/1)
وزواج المرأة بلا ولي ، حكم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه زواج باطل ، فقال صلى الله عليه وسلم : (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) رواه الترمذي (1102) وأبو داود (2083) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1840) .
فإذا انضم إلى ذلك التواصي بكتمانه ، فلا يتم إعلانه ولا إعلام الناس به ، فهو الزنا الذي لا يرتاب أحد فيه ، ولا يغني مجرد ورقة يتم كتابتها ، فهذه الورقة لا قيمة لها ، ولا تغير الحرام إلى حلال .
فما يسميه الناس "نكاحاً عرفياً" ويكون بدون علم الولي ، ولا شهود ، ولا إعلان ، هو نكاح باطل ، وهو زنا ، وليس بنكاح .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وأما " نكاح السر " الذي يتواصون بكتمانه ، ولا يشهدون عليه أحداً : فهو باطل عند عامة العلماء ، وهو من جنس السفاح ، قال الله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ) النساء/24.
" مجموع الفتاوى " ( 33 / 158 ) .
وقال أيضاً :
"إذا تزوجها بلا ولي ، ولا شهود ، وكتما النكاح : فهذا نكاح باطل باتفاق الأئمة ، بل الذي عليه العلماء أنه (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) ، (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) ، وكلا هذين اللفظين مأثور في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال غير واحد من السلف : لا نكاح إلا بشاهدين ، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد ، ومالك يوجب إعلان النكاح .
و " نكاح السرِّ " هو من جنس نكاح البغايا" انتهى
" مجموع الفتاوى " ( 32 / 102 ، 103 ) .
فعلى هذا ؛ فما تم بينكما ليس بزواج شرعي ، ولست زوجة لهذا الرجل .
وقد سبق بيان حكم النكاح العرفي في جواب السؤال رقم (45513) و (45663) .(/2)
وفي جواب السؤال رقم (7989) تجدين الأدلة على بطلان النكاح بلا ولي .
وأخيراً ... ندعوك إلى التوبة إلى الله تعالى والندم على ما فات ، والعزم على عدم العودة إلى ذلك ، والعزم على إصلاح العمل والاستقامة على شرع الله ، فإن الله تعالى وعد من تاب من المعاصي ، وأصلح العمل ، وعده بالتوبة والمغفرة ، قال الله تعالى : (فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) المائدة/39 ، وقال تعالى : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82 ، نسأل الله تعالى أن يوفقك للتوبة وأن يتقبل منك .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
111801
العنوان:
إذا تسببت في نزول الحيض فهل لها أحكامه؟
السؤال:
امرأة تسببت في نزول دم الحيض منها بالعلاج ، وتركت الصلاة فهل تقضيها أم لا ؟
الجواب:
"لا تقضي المرأة الصلاة إذا تسببت لنزول الحيض فنزل ، لأن دم الحيض متى وجد وُجد حكمه ، كما أنها لو تناولت ما يمنع الحيض ، فإنها تصلي وتصوم ولا تقضي الصوم ، لأنها ليست بحائض ، فالحكم يدور مع علته ، قال الله تعالى : (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى) البقرة/222 ، فمتى وجد هذا الأذى ثبت حكمه ، ومتى لم يوجد لم يثبت حكمه" انتهى .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (11/272) .(/1)
رقم السؤال:
111809
العنوان:
كتابة آيات قرآنية في إناء يغسله ويشربه المريض
السؤال:
ما حكم كتابة آيات من القرآن الكريم في إناء ، ثم غسل الإناء بماء ويشربه المريض ؟
الجواب:
الحمد لله
لا بأس بذلك ، فقد ورد هذا عن بعض السلف ، ونَصَّ كثير من العلماء على جوازه .
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (4/170) عن الرقية من العَيْن :
"ورأى جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن ، ثم يشربها . قال مجاهد : لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض ، ومثله عن أبي قلابة ، ويُذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه أمر أن يكتب لامرأة تعسر عليها ولادها أثرٌ من القرآن ، ثم يغسل وتسقى . وقال أيوب : رأيت أبا قلابة كتب كتابا من القرآن ثم غسله بماء وسقاه رجلا كان به وجع" انتهى .
وقد سئل الشيخ محمد إبراهيم آل الشيخ رحمه الله :
هل يجوز أن يكتب للمريض بعض آيات قرآنية في إناء يغسله ثم يشربه ؟
فأجاب :
"لا يظهر في جواز ذلك بأس . وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن جماعة من السلف رأوا أن يكتب للمريض الآيات من القرآن ثم يشربها" انتهى.
"فتاوى الشيخ محمد إبراهيم" (1/94) .
والله أعلم(/1)
رقم السؤال:
111810
العنوان:
هل يصح عقد النكاح بغير اللغة العربية
السؤال:
أريد أن أتزوج بامرأة غير عربية ، كيف يتم عقد النكاح وهي تتكلم الانجليزية فقط ، وأنا لا أتكلم إلا العربية .
الجواب:
الحمد لله
لا يشترط في عقد الزواج أن يكون باللغة العربية، بل يصح باللغة التي يفهم بها كل طرف ما يقوله الطرف الآخر.
والذي سيعقد النكاح لها هو وليها ، فإن كان يتكلم باللغة العربية ، تم العقد بينكما بها ، وإن كان لا يتكلم العربية ، فكل منكما يتكلم بلغته ، فيقول هو لك : زوجتك فلانة . وتقول أنت : قبلت . ويكون بينكما مترجم .
قال ابن قدامة في "المغني" :
"من لا يحسن العربية , فيصح منه عقد النكاح بلسانه ; لأنه عاجز عما سواه , فسقط عنه كالأخرس , ويحتاج أن يأتي بمعناهما الخاص , بحيث يشتمل على معنى اللفظ العربي . وليس على من لا يحسن العربية تعلم ألفاظ النكاح بها .
فإن كان أحد المتعاقدين يحسن العربية دون الآخر , أتى الذي يحسن العربية بها , والآخر يأتي بلسانه . فإن كان أحدهما لا يحسن لسان الآخر , احتاج أن يعلم أن اللفظة التي أتى بها صاحبه لفظة الإنكاح , بأن يخبره بذلك ثقة يعرف اللسانين جميعا" انتهى باختصار .(/1)
رقم السؤال:
111812
العنوان:
هل تطهر النجاسة بغير الماء؟
السؤال:
إذا تنجس الثوب ، فهل يجب غسل هذه النجاسة بالماء ، أم يكفي أن تزال بأي شيء ؟
الجواب:
الحمد لله
ذهب كثير من العلماء إلى أن تطهير النجاسة لا يكون إلا بالماء ، كما أن طهارة الحدث [الوضوء والاغتسال] لا تكون إلا بالماء .
ومذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله : أنه يصح تطهير النجاسة بكل مائع طاهر يزيلها ، وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، جاء في "الاختيارات الفقهية" (ص 23) :
"وتطهر النجاسة بكل مائع طاهر يزيل ، كالخل ونحوه ، وهو رواية عن أحمد ، اختارها ابن عقيل ، ومذهب الحنفية" انتهى .
وهذا القول الثاني هو الراجح .
وقد سئل الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله :
هل تطهر النجاسة بغير الماء ؟ وهل البخار الذي تغسل به الأكوات مطهر لها ؟
فأجاب :
"إزالة النجاسة ليست مما يتعبد به قصداً ، أي أنها ليست عبادة مقصودة ، وإنما إزالة النجاسة هو التَّخلي من عين خبيثة نجسة ، فبأي شيء أزال النجاسة ، وزالت وزال أثرها ، فإنه يكون ذلك الشيء مطهراً لها ، سواء كان بالماء أو بالبنزين ، أو أي مزيل يكون ، فمتى زالت عين النجاسة بأي شيء يكون ، فإنه يعتبر ذلك مطهراً لها ، حتى إنه على القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، لو زالت بالشمس والريح فإنه يطهر المحل ، لأنها كما قلت : هي عين نجسة خبيثة ، متى وجدت صار المحل متنجساً بها ، ومتى زالت عاد المكان إلى أصله ، أي إلى طهارته ، فكل ما تزول به عين النجاسة وأثرها - إلا أنه يعفى عن اللون المعجوز عنه - فإنه يكون مطهراً لها .
وبناء على ذلك نقول : إن البخار الذي تغسل به الأكوات إذا زالت به النجاسة فإنه يكون مطهراً" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/86) .(/1)
رقم السؤال:
111813
العنوان:
هل يجزئ استعمال المناديل في الاستجمار؟
السؤال:
هل يكفي استعمال المناديل في الاستجمار ، أم لابد من استعمال الماء؟
الجواب:
الحمد لله
الواجب بعد قضاء الحاجة هو إزالة ما على الموضع من نجاسة ، سواء أزيلت بالماء أم بغيره ، كالأحجار أو الأوراق أو المناديل ، وإن كان استعمال الماء أفضل .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : نستعمل في بريطانيا المناديل والأوراق في الاستنجاء في الحمامات فهل يجب استعمال الماء بعد استعمال المناديل أو لا؟
فأجابوا :
" الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه .. وبعد:
يجوز استعمال المناديل والأوراق ونحوهما في الاستجمار وتجزئ إذا أنقت ونظفت المحل من قبل أو دبر ، والأفضل أن يكون استعمال ما يستجمر به وترا ، ويجب ألا ينقص عن ثلاث مسحات ، ولا يجب استعمال الماء بعده، لكنه سنة . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .. الشيخ عبد الرزاق عفيفي .. الشيخ عبد الله بن غديان .. الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/125) .
وسئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله : هل يجزئ في الاستجمار استعمال المناديل ؟
فأجاب :(/1)
"نعم ؛ يجزئ في الاستجمار استعمال المناديل ، ولا بأس به ، لأن المقصود من الاستجمار هو إزالة النجاسة سواء ذلك بالمناديل ، أو الخِرَق ، أو بالتراب ، أو بالأحجار ، إلا إنه لا يجوز أن يستجمر الإنسان بما نهى الشرع عنه ، مثل العظام والروث ، لأن العظام طعام الجن إذا كانت مذكاة ، وإن كانت غير مذكاة فإنها نجسة ، والنجس لا يطهر ، وأما الروث فإن كانت نجسة فهي نجسة لا تطهر ، وإن كانت طاهرة ، فهي طعام بهائم الجن ، لأن الجن الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ، وآمنوا به ، أعطاهم ضيافة لا تنقطع إلى يوم القيامة . قال : (لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه ، تجدونه أوفر ما يكون لحماً) وهذا من أمور الغيب التي لا تشاهد ، ولكن يجب علينا أن نؤمن بذلك ، كذلك هذه الأرواث تكون علفاً لبهائمهم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/112) .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
111818
العنوان:
خروج الهواء من فرج المرأة لا ينقض الوضوء
السؤال:
هل خروج الهواء من فرج المرأة ينقض الوضوء؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا لا ينقض الوضوء ، لأنه لا يخرج من محل نجس كالريح التي تخرج من الدبر" انتهى .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
"فتاوى ابن عثيمين" (4/147) .
وقد سبق ذكر فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء في ذلك ، في جواب السؤال رقم (2175) .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
111820
العنوان:
قول : "أقامها الله وأدامها" عند قول المقيم : "قد قامت الصلاة"
السؤال:
ذا قال المؤذن : "قد قامت الصلاة" أسمع بعض الناس يقولون : أقامها الله وأدامها ، فهل هذا القول سنة ؟
الجواب:
الحمد لله
اختلف العلماء في استحباب الترديد خلف من يقيم الصلاة وسبق بيان هذا في جواب السؤال رقم (111791) .
وعلى القول بأنه يستحب الترديد خلف المقيم كالأذان ، فإنه يقول : قد قامت الصلاة ، ولا يقول : أقامها الله وأدامها .
لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن نقول مثل ما يقول المؤذن ، ولم يرد استثناء صحيح في ذلك إلا عند قول المؤذن : "حي على الصلاة" ، "حي على الفلاح" ، فإننا نقول : "لا حول ولا قوة إلا بالله" .
وأما الحديث الذي رواه أبو داود (528) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَوْ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ بِلَالًا أَخَذَ فِي الْإِقَامَةِ ، فَلَمَّا أَنْ قَالَ : " قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ " ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا ) .
فهو حديث ضعيف لا يصح .
قال الألباني رحمه الله :
وهذا إسناد واهٍ : محمد بن ثابت وهو العبدي : ضعيف ، ومثله : شهر بن حوشب ، والرجل الذي بينهما مجهول .
" إرواء الغليل " ( 241 ) .
وضعفه النووي في " المجموع " ( 3 / 122 ) والحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " ( 1 / 211 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :(/1)
"السنَّة أن المستمع للإقامة يقول كما يقول المقيم ؛ لأنها أذان ثان ، فتجاب كما يجاب الأذان ، ويقول المستمع عند قول المقيم : " حي على الصلاة ، حي على الفلاح " : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ويقول عند قوله : " قد قامت الصلاة " مثل قوله ، ولا يقول : " أقامها الله وأدامها " ؛ لأن الحديث في ذلك ضعيف ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ) ، وهذا يعم الأذان والإقامة ؛ لأن كلا منهما يسمى أذاناً . ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد قول المقيم " لا إله إلا الله " ويقول : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة... إلخ كما يقول بعد الأذان ، ولا نعلم دليلا يصح يدل على استحباب ذكر شيء من الأدعية بين انتهاء الإقامة وقبل تكبيرة الإحرام سوى ما ذكر" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 89 ، 90 ) .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
111832
العنوان:
حكم دخول المسلم للكنيسة
السؤال:
ما حكم دخول المسلم للكنيسة لسماع محاضرة تُلقى هناك ؟
الجواب:
الحمد لله
دخول الكنائس للاجتماعات وسماع المحاضرات لا يخلو من محاذير عدة ، سبق بيان بعضها في جواب السؤال رقم (82836) .
وقد اختلف العلماء في حكم دخول المسلمِ الكنيسةَ ابتداء ، على أقوال :
القول الأول : التحريم ، وهو قول الحنفية والشافعية إلا أن الشافعية قيدوا التحريم بوجود الصور ، كما في " تحفة المحتاج " ( 2 / 424 ) و " نهاية المحتاج " ( 2 / 63 ) و " حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي " ( 4 / 236 ) .
أما الحنفيَّة فكان تحريمهم مطلقا ، وعللوه بأنها مأوى الشياطين ، كما قال ابن نجيم من الحنفية في " البحر الرائق " ( 7 / 364 ) ، وفي " حاشية ابن عابدين " ( 2 / 43 ) .
القول الثاني : الكراهة ، وهو قولٌ عند الحنابلة ، إلا أن بعضهم قيد الكراهة بما إذا وجدت الصور في الكنيسة ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الفتاوى الكبرى " ( 5 / 327 ) : " والمذهب الذي عليه عامة الأصحاب : كراهة دخول الكنيسة المصورة ، وهذا هو الصواب الذي لا ريب فيه ولا شك " انتهى .
انظر: "الفروع" (5/308) و "الآداب الشرعية" (3/415) و "الإنصاف" (1/496) .
واستدلوا بالأدلة الآتية :
1. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا :( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ ) رواه البخاري ( 3352 ) .(/1)
2. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( وَعَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ ، فَرَاثَ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيَهُ ، فَشَكَا إِلَيْهِ مَا وَجَدَ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ ) رواه البخاري (5960).
3. وعن أسلم مولى عمر قال : ( لما قدم عمر الشام صنع له رجل من عظماء النصارى طعاما ودعاه فقال عمر : إنا لا ندخل كنائسكم من الصور التي فيها - يعني : التماثيل - ) رواه عبد الرزاق في " المصنف " ( 1 / 411 و 10 / 398 ) .
القول الثالث : جواز دخول الكنيسة مطلقا ، وهو قولٌ للحنابلة ، وعليه المذهب ، كما في " المغني " ( 8 / 113 ) و " الإنصاف " ( 1 / 496 ) .
وهو قول ابن حزم الظاهري كما في " المحلى " ( 1 / 400 ) .
واستدلوا بما يلي :
1. ما ورد في شروط عمر على أهل الذمة أن يوسعوا كنائسهم وبيَعهم ليدخلها المسلمون للمبيت بها والمارة بدوابهم .
" المغني " ( 8 / 113 ) .
2. وروى ابن عائذ في " فتوح الشام " أن النصارى صنعوا لعمر رضي الله عنه حين قدم الشام طعاما فدعوه ، فقال أين هو : قالوا : في الكنيسة ، فأبى أن يذهب ، وقال لعلي : امض بالناس فليتغدوا ، فذهب علي بالناس ، فدخل الكنيسة وتغدى هو والمسلمون ، وجعل علي ينظر إلى الصور ويقول : ما علي أمير المؤمنين لو دخل .
" المغني " ( 8 / 113 ) .
وبالتأمل في الأدلة السابقة لا يظهر أن هناك دليلا صريحا على تحريم دخول الكنائس ، ووجود التماثيل والصور فيها وفي أي مكان لا يحرم دخوله ، فالإثم على المصورين وعلى من يصنع تلك التماثيل ، وأما من يدخل مكانا فيه تلك التماثيل فإنما عليه النصح والبيان ، ولا يجب عليه الخروج من ذلك المكان .
قال ابن قدامة رحمه الله :(/2)
"فأما دخول منزل فيه صورة : فليس بمحرم ، وإنما أبيح ترك الدعوة من أجله عقوبة للداعي بإسقاط حرمته لإيجاده المنكر في داره ، ولا يجب على من رآه في منزل الداعي الخروج في ظاهر كلام أحمد ، فإنه قال في رواية الفضل : إذا رأى صورا على الستر لم يكن رآها حين دخل قال : هو أسهل من أن يكون على الجدار ، قيل : فإن لم يره إلا عند وضع الخوان بين أيديهم أيخرج ؟ فقال : لا تضيق علينا ، ولكن إذا رأى هذا وبخهم ونهاهم" انتهى .
" المغني " ( 8 / 113 ) .
ولكن .. لا أقل من أن يُقال بكراهة دخول الكنيسة من غير حاجة ، فإن امتناع الملائكة وامتناع النبي صلى الله عليه وسلم من دخول البيت الذي فيه صورة ، يدل على كراهة ذلك .
ثم هذه الكراهة قد تصل إلى التحريم إذا ترتب على دخول الكنيسة مفسدة ، كما لو كان فيه إقرار للنصارى على شركهم ودعواهم الصاحبة والولد لله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
أو كان في دخول الكنيسة مصادقة للنصارى ومودة لهم ... إلخ .
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 115 ) :
"إن كان ذهابك إلى الكنيسة لمجرد إظهار التسامح والتساهل : فلا يجوز ، وإن كان ذلك تمهيدا لدعوتهم إلى الإسلام وتوسيع مجالها ، وكنت لا تشاركهم في عبادتهم ، ولا تخشى أن تتأثر بعقائدهم ولا عاداتهم وتقاليدهم : فذلك جائز" انتهى .
وانظر جواب السؤال رقم ( 11232 ) .
والله أعلم(/3)
رقم السؤال:
111839
العنوان:
حكم عمل المرأة مذيعة في الإذاعة والتليفزيون
السؤال:
ما حكم عمل المرأة مذيعة في الإذاعة أو التليفزيون؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
جاء الشرع بتدابير عديدة تحمي المجتمع من الفتن ومن انحلال الأخلاق ، ولا شك أن خروج المرأة من بيتها ومخالطتها للرجال وتكسرها في الكلام مع كونها في أكمل ما يكون من الزينة ، كل ذلك من أعظم أسباب الفتن ، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ) رواه البخاري (5096) . وقال صلى الله عليه وسلم : (فَاتَّقُوا الدُّنْيَا ، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ) رواه مسلم (2742) .
وإذا نظرنا إلى الواقع ازداد يقيننا بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، فالدول والمجتمعات ـ الإسلامية وغير الإسلامية ـ التي خرجت نساؤها وتبذلت واختلطت بالرجال لم تَجْنِ من وراء ذلك إلا الشر ، والانحلال الخلقي ، وكثرة اللقطاء .
وقد أشارت إحصائية حديثة إلى أنه للمرة الأولى في التاريخ تتجاوز نسبة المواليد غير الشرعيين في بريطانيا نسبة المواليد الذين ولدوا داخل مؤسسة الزواج ، وفي هذا عبرة لمن يعتبر .
وفي أمريكا توضح الإحصائيات إلى أنه من 70-90% من الموظفات العاملات ارتكبت معهن فاحشة الزنا . "مجلة الدعوة" عدد (1783) .
وقد حَذَّر بعض العقلاء من ذلك ، ولكن ... لا حياة لمن تنادي .
فقد قالت الكاتبة الإنجليزية الشهيرة (اللادي كوك) في جريدة (الأيكو) :(/1)
"على قدر الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا، ولا يخفى ما في هذا من البلاء العظيم على المرأة، فيا أيها الآباء لا يغرنكم بعض دريهمات تكسبها بناتكم باشتغالهن في المعامل ونحوها، ومصيرهن إلى ما ذكرنا ، فعلموهن الابتعاد عن الرجال، إذ دلنا الإحصاء على أن البلاء الناتج من الزنا يعظم ويتفاقم حيث يكثر الاختلاط بين الرجال والنساء، ألم تروا أن أكثر أولاد الزنا أمهاتهن من المشتغلات في المعامل ومن الخادمات في البيوت ومن أكثر السيدات المعرضات للأنظار.
ولولا الأطباء الذين يعطون الأدوية للإسقاط لرأينا أضعاف ما نرى الآن" انتهى .
"الإسلام روح المدنية" لمصطفى الغلايينى (ص212) .
ثانياً :
جاء الإسلام وقد أمر المرأة بما هو أكمل في المحافظة على صيانتها وعفتها ، وصيانة المجتمع مما قد يضره ، ومن ذلك : أنه نهاها عن الجهر بالقول أمام الرجال الأجانب عنها ، إلا إذا وجدت حاجة ملحة لذلك .
ففي صلاة الجماعة إذا أخطأ الإمام ، ينبهه الرجال بالتسبيح ، والنساء بالتصفيق ، حتى لا تجهر بصوتها في مجمع الرجال ، مع أنهم في عبادة عظيمة هي أعظم عبادات الإسلام .
والمرأة المحرمة بحج أو عمرة لا تجهر بالتلبية إلا بقدر ما تسمع رفيقاتها فقط .
ولا شك أن عمل المذيعة منافٍ لذلك أعظم المنافاة ، إذ يسمعها آلاف أو مئات الآلاف من الرجال الأجانب عنها ، من غير ضرورة ولا حاجة ماسة لذلك .
فقد رأينا وسمعنا المرأة مذيعة لنشرة الأخبار ، ومقدمة برامج رياضية واقتصادية ، ودينية ، فما هو الداعي أو الضرورة لذلك ؟ أليس هناك من الرجال من يقوم بذلك على وجه أكمل وأحسن ؟
ثالثاً :
أما إذا نظرنا إلى عمل المرأة مذيعة في التليفزيون فهو يتضمن مجموعة من المخالفات الشرعية :
1- اختلاطها بالرجال الأجانب عنها ، كالمصور ، والمخرج ، والمنتج ... وغيرهم من العاملين معها ، بل قد تقع كثيراً في الخلوة المحرمة مع أحد هؤلاء .(/2)
2- ضرورة كشفها للوجه ، مع تزينها وتجملها بأبهى ما تستطيع من الزينة ، والله تعالى قد قال عن العجائز من النساء : (وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ) النور/60 . فكيف يجوز للمرأة الشابة أن تظهر بكامل زينتها أمام مئات الآلاف من الرجال الأجانب عنها ؟
3- تكسر كثير منهن في الكلام ، وكلهن يكن جميلات الأصوات ـ فهذا من أساسيات اختيارها مذيعة ـ وجمال صوت المرأة يوقع في الفتنة ، فكيف إذا انضم إليه تكسرها وميوعتها في الكلام ، والله تعالى يقول : (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) الأحزاب/32 .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
"المرأة لا يجوز لها مخاطبة الرجال الذين ليسوا محارم لها إلا عند الحاجة ، وبصوت ليس فيه إثارة ، ولا تبسط في الكلام معهم زيادة عن الحاجة" انتهى .
"فتاوى المرأة المسلمة" (1/432) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هل يجوز للمرأة أن تعمل مذيعة يسمع صوتها الأجانب ؟
فأجاب :
"إن المرأة في الإذاعة تختلط بالرجال بلا شك ، وربما تبقى مع الرجل وحده في غرفة الإرسال ، وهذا لا شك أنه منكر ، وأنه محرم ، وقد ثبت عن النبي الصلاة والسلام أنه قال : (لا يخلون رجل بامرأة) ولا يحل هذا أبداً ، ثم إن المعروف أن المرأة التي تذيع تحرص على أن تجمل صوتها ، وتجعله جذاباً فاتناً ، وهذا أيضاً من البلاء الذي يجب تجنبه لما فيه من الفتنة . وفي الرجال .. الشباب والكهول ما يغني عن ذلك ، فصوت الرجل أقوى من المرأة وأبين وأظهر" انتهى .
"فتاوى المرأة المسلمة" (1/433، 434) .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
111844
العنوان:
يريد الزواج من نصرانية، فهل يجب إخبار أهلها؟
السؤال:
أريد أن أتزوج بامرأة نصرانية من الفلبين ، وهي تعمل في إحدى الدول الإسلامية ، هل يجب علي أن أخبر أهلها بهذا الزواج ؟
الجواب:
الحمد لله
نعم ، يجب عليك أن تخبر أهلها ، بل لا يصح عقد النكاح إلا إذا عقده وليها أو وَكَّل من يعقده نيابةً عنه ، فإن امتنع أقاربها من تزويجها انتقلت الولاية إلى الحاكم المسلم فيعقد لها النكاح .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : كتابية رغبت في الزواج من مسلم ، ولما توقع والدها وهو كتابي أيضا أن ابنته ربما تدخل في الإسلام بعد زواجها من الشاب المسلم رفض أن يكون وليها في الزواج ، بل رفض زواجها منه، علما بأنها لم تدخل في الإسلام بعد ، فمن يكون وليها في هذه الحالة ؟
فأجابوا : الكتابية يزوجها والدها ، فإن لم يوجد أو وجد وامتنع زوجها أقرب عصبتها ، فإن لم يوجدوا أو وجدوا وامتنعوا زوجها القاضي المسلم إن وجد ، فإن لم يوجد زوجها أمير المركز الإسلامي في منطقتها ؛ لأن الأصل في ولاية النكاح أنها للأب ثم للعصبة الأقرب فالأقرب ، فإذا عدموا ، أو كانوا ليسوا أهلا للولاية لأي مانع من الموانع ، أو امتنعوا بغير حق ، انتقلت الولاية إلى الحاكم أو من ينيبه، قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) التوبة/71 ، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان وكانت مسلمة وأبو سفيان لم يسلم ، وَكَّل النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري فتزوجها من ابن عمها خالد بن سعيد بن العاص وكان مسلما .
وإن عضل أقرب أولياء حرة فلم يزوجها بكفء رضيته زَوَّجَها الأبعدُ ، فإن لم يكن فالحاكم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (السلطان ولي من لا ولي له)
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .(/1)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد الله بن غديان
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/162) .
نسأل الله أن يوفقك لكل خير .
والله أعلم.(/2)
رقم السؤال:
111874
العنوان:
إذا مسح وهو مقيم ثم سافر
السؤال:
إذا مسح الإنسان على الجوربين وهو مقيم ثم سافر فهل يتم مسح مسافر ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا ابتدأ الإنسان المسح على الجوربين أو الخفين وهو مقيم ، وبقى له شيء من المدة (وهي 24 ساعة) ثم سافر ، فإنه يكمل مسح مسافر ، فيكمل ثلاثة أيام بلياليهن على المدة التي كان قد مسحها وهو مقيم .
وهذا مذهب الإمام أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله ، وذهب الإمام الشافعي وهي الرواية الأخرى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه يتم مسح مقيم .
والصحيح من القولين هو القول الأول ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخَّص للمسافر أن يمسح ثلاثة أيام بلياليهن ، وهو مسافر .
انظر : "المغني" (1/371) ، "الإنصاف" (1/402) ، "الشرح الممتع" (1/251) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"إذا مسح وهو مقيم ثم سافر فإنه يتم مسح مسافر على القول الراجح ، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه إذا مسح في الحضر ثم سافر ، أتم مسح مقيم ، ولكن الراجح ما قلناه ، لأن هذا الرجل قد بقى في مدة مسحه شيء قبل أن يسافر وسافر ، فيصدق عليه أنه من المسافرين الذين يمسحون ثلاثة أيام ، وقد ذكر عن الإمام أحمد رحمه الله أنه رجع إلى هذا القول بعد أن كان يقول بأنه يتم مسح مقيم" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (11/175).(/1)
رقم السؤال:
111892
العنوان:
وجوب النفقة على الآباء والأجداد
السؤال:
هل يجب علي أن أنفق على أبي وجدي ؟ مع العلم أني أنثى .
الجواب:
الحمد لله
يجب على الولد – ذكراً كان أو أنثى – أن ينفق على والديه إذا كانوا فقراء وهو غني ، وقد دل على وجوب النفقة لهما الكتاب والسنة والإجماع .
قال الله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) الإسراء/23 .
ومن الإحسان : الإنفاق عليهما عند حاجتهما .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ ، وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ) رواه أبو داود (3528) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وقال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد . انتهى .
وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ) رواه البخاري (5971) ومسلم (2548) .
ويجب الإنفاق على الأجداد والجدات ، من جهة الأب ومن جهة الأم وهو مذهب جمهور العلماء (منهم الأئمة الثلاثة : أبو حنيفة والشافعي وأحمد) ، لأن الجد يسمي "أباً" ، قال الله تعالى : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) الحج/78 .
وقال تعالى : (وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ) النساء/22 ، والأب هنا : يشمل الأب والجد من جهة الأب ومن جهة الأم .
وقال تعالى : (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11 ، وهذا يشمل الجد والجدة .(/1)
والجدة تسمى "أماً" ، قال الله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) النساء/23 ، وهذا يشمل الأم والجدة باتفاق العلماء .
فإذا كان الجد يسمى "أباً" ، والجدة تسمى "أمَّاً" دخلا في الأدلة الدالة على وجوب الإحسان إلى الوالدين والإنفاق عليهما .
وانظر : "المغني" (11/372) .
وقال ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (13/498-499) في باب نفقة الأقارب :
"الأصول : مَنْ تفرعت منهم من آباء وأمهات .
والفروع : مَنْ تفرعوا منك من أبناء وبنات"
ثم قال :
"واعلم أن هذا الباب كباب تحريم النكاح ، لا يفرق فيه بين جهة الأبوة وجهة الأمومة ، فالأصول والفروع سواء كانوا من ذوي الأرحام ، أو عصبة ، أو أصحاب فروض ، تجب النفقة لهم ، لكن بشروط" انتهى.
ويشترط لوجوب النفقة للآباء والأجداد أن يكونوا فقراء ، ويكون الولد غنياً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ) رواه مسلم (997) .
وقال الشيخ ابن جبرين حفظه الله : " وإذا افتقر الوالدان وعند البنت مال زائد عن حاجتها فيلزمها أن تنفق على والديها قدر حاجتهما دون أن تنقص من حاجاتها " انتهى.
فعلى هذا ، يلزم المرأة أن تنفق على والديها إذا كانت غنية وهم فقراء .(/2)
رقم السؤال:
111893
العنوان:
هل تشرع الإقامة مثنى مثنى؟
السؤال:
هل هناك مانع شرعي من أن تكون الإقامة للصلاة مثل كيفية الأذان مع إضافة ( قد قامت الصلاة ) مرتين ، أي : أن تكون الإقامة بهذه الكيفية: ( الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ) وهل هذه الطريقة من مذهب الإمام أبي حنيفة ؟
الجواب:
الحمد لله
ثبتت إقامة الصلاة بألفاظ متنوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، منها :
إفراد ألفاظها ، ما عدا التكبير في أولها وآخرها ، يكون مرتين ، وقول قد قامت الصلاة ، يكون مرتين أيضاً ، فيكون عدد كلماتها (11 ) كلمة ، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة ، وهو قول المالكية إلا أنهم يفردون أيضا ( قد قامت الصلاة ) .
انظر : "المغني" (2/59) ، "المدونة" (1/179)
وهذه هي إقامة بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم .
ففي حديث عبد الله بن زيد في الأذان :
( قَالَ : ثُمَّ استَأخَرَ عَنِّي غَيرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ : ثُمَّ تَقُولُ إِذَا أَقَمتَ الصَّلَاةَ : اللَّهُ أَكبَرُ اللَّهُ أَكبَرُ ، أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ ، قَد قَامَتِ الصَّلَاةُ ، قَد قَامَتِ الصَّلَاةُ ، اللَّهُ أَكبَرُ اللَّهُ أَكبَرُ ، لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ . فَلَمَّا أَصبَحتُ أَتَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَأَخبَرتُهُ بِمَا رَأَيتُ ، فَقَالَ : إِنَّهَا لَرُؤيَا حَقٍّ إِن شَاءَ اللَّهُ) رواه أبو داود (499) وقال الألباني : حسن صحيح .(/1)
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( أُمِرَ بِلَالٌ أَن يَشفَعَ الأَذَانَ وَأَن يُوتِرَ الإِقَامَةَ إِلَّا الإِقَامَة ) رواه البخاري (605) ومسلم (378) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( إِنَّمَا كَانَ الأَذَانُ عَلَى عَهدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَينِ مَرَّتَينِ ، وَالإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً ، غَيرَ أَنَّه يَقُولُ : قَد قَامَتِ الصَّلَاةُ قَد قَامَتِ الصَّلَاةُ ) رواه أبو داود (510) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
ومنها : أن تكون ألفاظ الإقامة كألفاظ الأذان تماماً ، ويزيد عليها قد قامت الصلاة مرتين
فتكون كلماتها سبع عشرة كلمة ، وهذا مذهب الحنفية وقولٌ للشافعية .
انظر : "المبسوط" (1/219) .
وهذه إقامة أبي محذورة رضي الله عنه ، التي علمه إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فعن أبي محذورة رضي الله عنه : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ الْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) رواه أبو داود (502) والترمذي (192) وصححه الألباني .
وكل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو سنة ، ينبغي العمل به ، فلا حرج أن يقيم المؤذن بإقامة بلال أو إقامة أبي محذورة ، رضي الله عنهما ، وإن كان الأكمل أن يفعل هذه تارة ، وهذه تارة أخرى ، حتى يكون قد عمل بالسنة كلها .(/2)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن الأحاديث التي فيها جواز الإقامة بهاتين الصيغتين :
"وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالصَّوَابُ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ ، وَهُوَ تَسْوِيغُ كُلِّ مَا ثَبَتَ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، لَا يَكْرَهُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، إذْ تَنَوُّعُ صِفَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ كَتَنَوُّعِ صِفَةِ الْقِرَاءَاتِ وَالتَّشَهُّدَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَكْرَهَ مَا سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ . وَأَمَّا مَنْ بَلَغَ بِهِ الْحَالُ إلَى الِاخْتِلَافِ وَالتَّفَرُّقِ حَتَّى يُوَالِيَ وَيُعَادِيَ وَيُقَاتِلَ عَلَى مِثْلِ هَذَا وَنَحْوِهِ ، مِمَّا سَوَّغَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهَؤُلَاءِ مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دَيْنَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا . وَمِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ فِي مِثْلِ هَذَا : أَنْ يُفْعَلَ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً ، وَهَذَا فِي مَكَانٍ وَهَذَا فِي مَكَانٍ ; لِأَنَّ هَجْرَ مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَمُلَازِمَةَ غَيْرِهِ قَدْ يُفْضِي إلَى أَنْ يَجْعَلَ السُّنَّةَ بِدْعَةً ، وَالْمُسْتَحَبَّ وَاجِبًا ، وَيُفْضِيَ ذَلِكَ إلَى التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ إذَا فَعَلَ آخَرُونَ الْوَجْهَ الْآخَرَ . فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُرَاعِيَ الْقَوَاعِدَ الْكُلِّيَّةَ الَّتِي فِيهَا الِاعْتِصَامُ بِالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ " انتهى باختصار.
"مجموع الفتاوى" (21/66) .
وقال أيضاً :
"لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَتَّخِذَ قَوْلَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ شِعَارًا يُوجِبُ اتِّبَاعَهُ ، وَيَنْهَى عَنْ غَيْرِهِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ ; بَلْ كُلُّ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ فَهُوَ وَاسِعٌ : مِثْلُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَة . . .(/3)
فَمَنْ شَفَعَ الْإِقَامَةَ فَقَدْ أَحْسَنَ ، وَمَنْ أَفْرَدَهَا فَقَدْ أَحْسَنَ ، وَمَنْ أَوْجَبَ هَذَا دُونَ هَذَا فَهُوَ مُخْطِئٌ ضَالٌّ ، وَمَنْ وَالَى مَنْ يَفْعَلُ هَذَا دُونَ هَذَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ فَهُوَ مُخْطِئٌ ضَالٌّ" انتهى باختصار.
"مجموع الفتاوى" (22/46) .
والله أعلم .(/4)
رقم السؤال:
111894
العنوان:
قصر الصلاة للمسافر سنة مؤكدة
السؤال:
هل يجوز للمسافر أن يتم الصلاة ؟ فيصليها أربع ركعات ؟
الجواب:
قصر الصلاة للمسافر سنة مؤكدة لا ينبغي تركها ، باتفاق الأئمة ، إلا ما يُحكى عن الشافعي في أحد قوليه : أن الإتمام أفضل ، ولكن الصحيح من مذهبه : أن القصر أفضل .
وانظر : "المجموع" للنووي (4/218- 223) .
ويدل على تفضيل القصر : أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة في جميع أسفاره ، ولم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أتم الصلاة وهو مسافر قط .
قال أنس بن مالك رضي الله عنه : (خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ) رواه البخاري (1081) ومسلم (724) .
وقال ابن عمر رضي الله عنهما : (صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لَا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَذَلِكَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) رواه البخاري (1102) وسلم (689) .
يعني في أول خلافة عثمان ، وإلا فعثمان رضي الله عنه كان يتم في آخر خلافته .
ولما بلغ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن عثمان بن عفان رضي الله عنه صلى بمنى أربع ركعات قال : (إنا لله وإنا إليه راجعون ، صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ ، وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ) رواه البخاري (1084) ومسلم (695) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :(/1)
"ويكره إتمام الصلاة في السفر ، قال أحمد : لا يعجبني ، ونقل عن أحمد إذا صلى أربعاً أنه توقف في الإجزاء ، ولم يثبت أن أحداً من الصحابة كان يتم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في السفر ، وحديث عائشة في مخالفة ذلك لا تقوم به الحجة" انتهى من "الاختيارات" (ص 32) .
وقال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (1/464) :
"وكان صلى الله عليه وسلم يقصر الرباعية ، فيصليها ركعتين من حين يخرج مسافراً إلى أن يرجع إلى المدينة ، ولم يثبت عنه أنه أتم الرباعية في سفره البتة .
وأما حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السفر ويتم ، ويفطر ويصوم ، فلا يصح ، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : هو كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم . انتهى .
وقد رُوي : كان يقصر وتُتم ، ويفطر وتصوم .
قال شيخنا ابن تيمية : وهذا باطل ، ما كانت أم المؤمنين لتخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجميع أصحابه ، فتصلي خلاف صلاتهم" انتهى .
بل ذهب بعض الأئمة كالإمام أبي حنيفة وابن حزم رحمهما الله إلى أن قصر الصلاة للمسافر واجب ، ولا يجوز له إتمامها .
والراجح هو قول جمهور العلماء ، أن القصر سنة مستحبة وليس واجباً ، ويدل لذلك أن عثمان وعائشة رضي الله عنهما ، قد أتما الصلاة في السفر ، ولو كان القصر واجباً لما أتما ، وقد تابع الصحابة عثمان رضي الله عنهم على إتمام الصلاة بمنى ، ولو كان الإتمام حراماً ، لم يتابعوه في ذلك .
قال الإمام الشافعي رحمه الله : "لو كان فرض المسافر ركعتين لما أتم عثمان ولا عائشة ولا ابن مسعود ، ولم يجز أن يتمها مسافر مع مقيم" انتهى من "الأم" (1/159) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (4/358- 362) :(/2)
"وقال بعض أهل العلم : إن الإتمام مكروه ، لأن ذلك خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم المستمر الدائم ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أتم أبداً في سفر ، وقال : (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) وهذا القول اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهذا قول قوي ، بل لعله أقوى الأقوال .
وقال بعض أهل العلم : أن القصر واجب ، وأن من أتم فهو آثم ...
والذي يترجح لي - وليس ترجحاً كبيراً - هو أن الإتمام مكروه ، وليس بحرام ، وأن من أتم فإنه لا يكون عاصياً ، هذا من الناحية النظرية .
وأما من الناحية العملية فهل يليق بالإنسان أن يفعل شيئاً يُخشى أن يكون عاصياً فيه ؟
فلا ينبغي من الناحية المسلكية والتربوية ، بل افعل ما يكون هو السنة ، فإن ذلك أصلح لقلبك ، حتى وإن كان يجوز لك خلافة " انتهى باختصار .
وعلى هذا ؛ فالأفضل للمسافر أن يقصر الصلاة ، ولكن ... ليس له أن يترك صلاة الجماعة من أجل القصر ، بل يجب عليه أن يصلي جماعة ، فإن كان الإمام مقيماً أتم الصلاة معه ، وإن كان مسافراً ، قصر معه الصلاة .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (26186) و(40299).(/3)
رقم السؤال:
111904
العنوان:
النجاسة اليابسة لا تنتقل لمن لمسها
السؤال:
إذا تبول الطفل على الفراش ثم جلست على هذا الفراش بعد ما جف ، فهل تتنجس ثيابي ؟
الجواب:
الحمد لله
النجاسة اليابسة لا تنتقل إلى من لمسها ، فلا تنجس ثيابه ، ولا بدنه ، فمن جلس على بول جاف لم تنجس ثيابه بذلك ، ولا يلزمه غسلها .
وإنما تنتقل النجاسة مع الرطوبة ، فإن كانت النجاسة رطبة ، أو كانت يد من لمسها رطبة فإنها تنتقل بذلك .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
"وإذا لمس الإنسان نجاسة رطبة؛ فإنه يغسل ما لمسها به من جسمه؛ لانتقال النجاسة إليه، أما النجاسة اليابسة؛ فإنه لا يغسل ما لمسها به؛ لعدم انتقالها إليه" انتهى .
"المنتقى" .
وسئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله :
هل البول الجاف لا ينجس الملابس ؟ أي أنه عندما يبول طفل على الأرض ويبقى البول حتى يجف دون أن يغسل فيأتي أحد ويجلس على البول وهو جاف فهل تصيب ثيابه نجاسة؟
فأجاب :
"لا يضر لمس النجاسة اليابسة بالبدن والثوب اليابس ، وهكذا لا يضر دخول الحمام اليابس حافياً مع يبس القدمين لأن النجاسة إنما تتعدى مع رطوبتها" انتهى .
"فتاوى المرأة المسلمة" (1/194) .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
111940
العنوان:
كشف المرأة العجوز وجهها لغير المحارم
السؤال:
هل يجوز للمرأة كبيرة السن أن تكشف وجهها للرجال الأجانب عنها ؟
الجواب:
الحمد لله
نعم ، أباح الله تعالى للمرأة كبيرة السن أن تكشف وجهها للرجال الأجانب عنها ، ولكن بشرط ألا تظهر من زينتها ما قد يكون سبباً لحصول فتنة ، فلا تكون متزينة بثيابها ، ولا تضع على وجهها من المساحيق ما يزينه ويجمله .
قال الله تعالى : (وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور/60 .
قال أبو بكر الجصاص رحمه الله : "قوله تعالى : (وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا) النور/60.
قال ابن مسعود ومجاهد : والقواعد اللاتي لا يرجون نكاحا هن اللاتي لا يردنه . وثيابهن : جلابيبهن...
ثم قال : لا خلاف في أن شعر العجوز عورة لا يجوز للأجنبي النظر إليه كشعر الشابة , وأنها إن صلت مكشوفة الرأس كانت كالشابة في فساد صلاتها , فغير جائز أن يكون المراد وضع الخمار بحضرة الأجنبي . إنما أباح للعجوز وضع ردائها بين يدي الرجال بعد أن تكون مغطاة الرأس , وأباح لها بذلك كشف وجهها ويدها ; لأنها لا تشتهى ; وقال تعالى : (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) النور/60 ، فأباح لها وضع الجلباب , وأخبر أن الاستعفاف بأن لا تضع ثيابها أيضا بين يدي الرجال خير لها" انتهى باختصار .
"أحكام القرآن" (3/485) .
وقال ابن العربي رحمه الله :
"وإنما خص القواعد بذلك دون غيرهن لانصراف النفوس عنهن , ولأن يستعففن بالتستر الكامل خير من فعل المباح لهن من وضع الثياب" انتهى .
"أحكام القرآن" (3/419) .
وقال السعدي رحمه الله (ص 670) :(/1)
وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ أي: اللاتي قعدن عن الاستمتاع والشهوة (اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا) النور/60 ، أي : لا يطمعن في النكاح ، ولا يطمع فيهن ، وذلك لكونها عجوزا لا تشتهى ، (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ) النور/60 ، أي: حرج وإثم (أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ) النور/60 أي : الثياب الظاهرة ، كالخمار ونحوه ، الذي قال الله فيه للنساء : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) النور/31 ، فهؤلاء يجوز لهن أن يكشفن وجوههن لأمن المحذور منها وعليها ، ولما كان نفي الحرج عنهن في وضع الثياب ، ربما توهم منه جواز استعمالها لكل شيء ، دفع هذا الاحتراز بقوله : (غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ) النور/60 ، أي : غير مظهرات للناس زينة ، من تجمل بثياب ظاهرة ، ومن ضرب الأرض برجلها ، ليعلم ما تخفي من زينتها ، لأن مجرد الزينة على الأنثى ، ولو مع تسترها ، ولو كانت لا تشتهى يفتن فيها ، ويوقع الناظر إليها في الحرج (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) النور/60" انتهى باختصار .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
هل يجوز للمرأة الكبيرة في السن مثل أم 70 أو 90 عاماً أن تكشف وجهها لأقاربها غير المحارم؟
فأجاب :(/2)
"قال الله تعالى : (وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور/60 ، والقواعد هن العجائز اللاتي لا يرغبن في النكاح ولا يتبرجن بالزينة ، فلا جناح عليهن أن يسفرن عن وجوههن لغير محارمهن ، لكن تحجبهن أفضل وأحوط لقوله سبحانه : (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) النور/60 ، ولأن بعضهن قد تحصل برؤيتها فتنة من أجل جمال صورتها وإن كانت عجوزاً غير متبرجة بزينة ، أما مع التبرج فلا يجوز لها ترك الحجاب ، ومن التبرج : تحسين الوجه بالكحل ونحوه . والله ولي التوفيق" انتهى .
"فتاوى المرأة المسلمة" (1/424) .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
111983
العنوان:
هل ينفسخ نكاح الزانية؟
السؤال:
إذا زنت المرأة وهي متزوجة هل لا تزال زوجة ، أم ينفسخ نكاحها وتطلق بهذا الفعل ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا زنت المرأة وهي متزوجة فلا ينفسخ نكاحها ولا تطلق بمجرد وقوعها في هذه المعصية ، لكن .. يؤمر زوجها إذا لم تتب وأصرت على هذه الفاحشة أن يطلقها ، حفاظاً على عرضه ، وأولاده .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"وإن زنت امرأة رجل , أو زنى زوجها , لم ينفسخ النكاح , سواء كان قبل الدخول أو بعده , في قول عامة أهل العلم . وبذلك قال مجاهد وعطاء والنخعي والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي ... ولكن أحمد استحب للرجل مفارقة امرأته إذا زنت , وقال : لا أرى أن يمسك مثل هذه . وذلك أنه لا يؤمن أن تفسد فراشه , وتلحق به ولدا ليس منه . قال ابن المنذر : لعل من كره هذه المرأة إنما كرهها على غير وجه التحريم , فيكون مثل قول أحمد هذا .
قال أحمد : ولا يطؤها حتى يستبرئها بثلاث حيض ...
والأولى أنه يكفي استبراؤها بالحيضة الواحدة" انتهى بتصرف .
"المغني" (9/565) .
وقال في "كشاف القناع" (5/2) :
"وإن زنت امرأة قبل الدخول أو بعده لم ينفسخ النكاح ، أو زنى رجل قبل الدخول بزوجته أو بعده لم ينفسخ النكاح بالزنا ، لأنه معصية لا تخرج عن الإسلام أشبه السرقة , لكن لا يطؤها حتى تعتد إذا كانت هي الزانية " انتهى بتصرف .
وقال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
"اعلم أن من تزوج امرأة يظنها عفيفة ، ثم زنت وهي في عصمته : أن أظهر القولين : أن نكاحها لا يفسخ ، ولا يحرم عليه الدوام على نكاحها ، وقد قال بهذا بعض من منع نكاح الزانية مفرِّقاً بين الدوام على نكاحها ، وبين ابتدائه .(/1)
واستدل من قال هذا بحديث عمرو بن الأحوص الجشمي رضي الله عنه أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، وذَكَّر ، ووعظ ثم قال : ( استوصوا بالنساء خيراً ، فإنهن عندكم عوانٍ ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع ، واضربوهن ضرباً غير مبرح ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ) .
قال الشوكاني في حديث عمرو بن الأحوص هذا : أخرجه ابن ماجه والترمذي وصححه ، وقال ابن عبد البر في " الاستيعاب " في ترجمة عمرو بن الأحوص المذكور ، وحديثه في الخطبة صحيح ا.هـ .
وحديثه في الخطبة هو هذا الحديث بدليل قوله " فحمد الله وأثنى عليه وذَكَّر ووعظ " ، وهذا التذكير والوعظ هو الخطبة كما هو معروف ... .
وبه تعلم أن قول من قال : إن من زنت زوجته فسخ نكاحها وحرمت عليه : خلاف التحقيق ، والعلم عند الله تعالى " انتهى .
" أضواء البيان " ( 6 / 82 ، 83 ) .
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
112216
العنوان:
هل يستجيبون لما تطلبه منهم المعالجة بالرقية؟
السؤال:
كانت أمي تأخذ قارئة للقرآن معها عند جدتي لكي تقرأ عليها ؛ لأن جدتي كبيرة السن ، ومقعدة ، وفيها نوع من الخرف ، وهي ليست كبيرة جدا ، وهذه المرأة الراقية تقرأ الآيات ، وتنفث على جدتي وعلى أمي في بعض الأحيان ، ومرة من المرات وهي تقرأ مسكت رأس أمي ، ووضعت يدها على رأسها ، فأصبحت أمي تصرخ ، لم أر هذا كله ، لكن أمي قالت لي ما حصل لها ، والآن أصبحت أمي تذهب لهذه القارئة ، وتأخذني أنا وأختي ، وعندما تقرأ عليها تصرخ ، وتصبح يدها كأنها تريد أن تضرب أحدا ، وتخرج أظافيرها وتتكلم كلام توعد وتهديد ، وتستهزئ بالقرآن ، فقالت لنا الراقية إن بها ماردا من مردة الشياطين ، وأن أمي مسحورة ، وهذا الجني يريد أن يؤذي أمنا ويجعلها مثل جدتي مقعدة ، ولا يكون بها عقل ، فوصتنا الراقية أن نقرأ سورة البقرة كل يوم ، ونقرأ القرآن دائما في البيت ، وأعطتنا زيت زيتون ، وسدر ، ومسك ، وعسل ، وحبة سوداء ، وتمر العجوة ، ووصتنا أن نداوم على استخدام هذه الأشياء ، وقالت لنا أيضا : رشوا بيتكم بماء وملح خشن وماء ورد بالتعاقب ، كل يوم في البيت . سؤالي : هل ما نفعله من هذه الأشياء يعتبر فيها نوع من أنواع الشرك ، وهل يجوز لنا استخدام هذه الأشياء ؟
الجواب:
الحمد لله
نسأل الله تعالى لوالدتكم الشفاء التام العاجل بإذنه سبحانه ، وأن يكتب لها ولكم الأجر والصبر والثبات .
ثم إننا لا نرى فيما ذكرتِ في السؤال شيئا يوجب الحكم بمنع الذهاب إلى هذه المرأة "المعالجة بالرقية " ، فقد جاء في السؤال أنها ترقي بالقرآن الكريم ، وتستعمل الزيت المبارك، والعجوة التي تقي من السم والسحر بإذن الله ، ورائحة ماء الورد الطيبة تبعث في النفس قوة لمقاومة السحر أو الحسد ، ويستعمل بعضهم العود والبخور لتحقيق هذا الغرض ، وكلها أمور مشروعة إن شاء الله .(/1)
غير أن الذي نراه هنا هو استعمال الملح في رش البيت فإننا نخشى أن يكون هذا الأمر قد تسرب إلى بعض الراقين من اعتقادات العامة والخرافيين أن الملح يدفع العين ونحو ذلك .
وقد سألنا بعض الممارسين للرقى فذكر أنه لم يثبت للملح أثر في ذلك ، وإن كان قد يستعمله بعض الناس .
والذي ننصحكم به التيقظ التام لألفاظها وقراءتها في رقيتها ، فإذا تجاوزت الألفاظ الشرعية من أذكار وأدعية وآيات إلى أمور غير مفهومة أو يقع فيها الشك ، فسارعوا حينئذ إلى استفهامها وسؤال أهل العلم عنها ، فكثير من المعالجين بالرقية يظهر القراءة بالقرآن الكريم ليوهم السامعين ، في حين أنه يستعمل السحر والشعوذة في كلمات مخفية يذكرها أو يكتبها ليؤذي بها المريض فلا يزال يأتيه ويدفع له الأموال .
وانظري في موقعنا العديد من الأسئلة المفيدة في هذا الموضوع ، تحت الأرقام الآتية :
(11290) ، (12918) ، (13792) ، (21124) ، (91901)
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
112268
العنوان:
مصادر التشريع الإسلامي
السؤال:
ما هي مصادر التشريع الإسلامي ؟
الجواب:
الحمد لله
مصادر الدين الأصلية التي ترجع إليها جميع العقائد والمقاصد والأحكام تتمثل في الوحيين : الكتاب والسنة . وذلك مقتضى ربانية الدين الإسلامي ، أن أركانه مبنية على نصوص معصومة منزلة من السماء ، تتمثل في آيات القرآن الكريم ، ونصوص السنة النبوية الصحيحة .
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
" ولا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما سواهما تبع لهما " انتهى.
"جماع العلم" (11) .
ثم استنبط العلماء من هذين المصدرين أصولا أخرى يمكن بناء الأحكام عليها ، أطلق عليها بعض العلماء - تجوزا - اسم " مصادر الشريعة " أو " مصادر التشريع الإسلامي" ، وهي : الإجماع والقياس .
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
" وليس لأحد أبداً أن يقول في شيء : حَلَّ ولا حَرُم إلا من جهة العلم ، وجهة العلم : الخبر في الكتاب أو السنة ، أو الإجماع ، أو القياس " انتهى .
"الرسالة" (39) .
وقال ابن تيمية رحمه الله :
"إذا قلنا الكتاب والسنة والإجماع ، فمدلول الثلاثة واحد ، فإن كل ما في الكتاب فالرسول موافق له ، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة ، فليس في المؤمنين إلا من يوجب اتباع الكتاب ، وكذلك كل ما سنَّه الرسول صلى الله عليه وسلم فالقرآن يأمر باتباعه فيه ، والمؤمنون مجمعون على ذلك ، وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون ، فإنه لا يكون إلا حقا موافقا لما في الكتاب والسنة" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (7/40).
وقال الدكتور عبد الكريم زيدان :(/1)
"المقصود بمصادر الفقه : أدلته التي يستند إليها ويقوم عليها ، وإن شئت قلت : المنابع التي يستقي منها ، ويسمي البعض هذه المصادر بـ " مصادر الشريعة " أو " مصادر التشريع الإسلامي "، ومهما كانت التسمية فإن مصادر الفقه ترجع كلها إلى وحي الله ، قرآناً كان الوحي أو سنة ، ولهذا فإننا نرجح تقسيم هذه المصادر إلى : مصادر أصلية ، وهي : الكتاب والسنة . ومصادر تبعية أرشدت إليها نصوص الكتاب والسنة ، كالإجماع والقياس " انتهى .
"المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية" (ص/153) .
أما غير هذه المصادر الأربعة : كقول الصحابي ، والاستحسان ، وسد الذرائع ، والاستصحاب ، والعرف ، وشرع من قبلنا ، والمصالح المرسلة ، وغيرها ، فقد اختلف العلماء في حجيتها وصحة الاستدلال بها ، وعلى القول بحجيتها – كلها أو بعضها – فهي تابعة للكتاب والسنة وراجعة إليهما .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
112322
العنوان:
خدعه وأخذ المال ليستثمره ولم يفعل
السؤال:
لي صديق وكيل مكتب لجامعة أهلية طلب مني مبلغ 10000 عشرة آلاف دولار ليستثمرها بالجامعة على شكل نظام تسجيل الطلاب وسيكون لي بعد 6 أشهر أرباح .. وقال لي إن الربح مضمون لأن الموضوع ليس شراء وبيعاً .. بل تسجيل طلاب ، كونه مندوب الجامعة وله نسبة من الربح .. فقرر أن يمنحني أرباحاً رمزية كل شهر حتى يأتي الموعد كما ذكرت بعد (6) أشهر وسيقوم بخصم المبلغ الذي أعطاه كل شهر كأرباح من أصل الربح الكامل ...وقد قام بتسديد قسط كبير من الفلوس إلى الجامعة كمستحقات عليه لرئاسة الجامعة وصلنا نهاية الشهر السابع .. أخبرته أن الموعد انتهى أخبرني بأنه لم يكتمل الموضوع .. اصبر ، أصبحنا الشهر التاسع ومجموع ما أخذته حوالي أقل من 900 دولار .. كأرباح شهرية كل شهر أقل أو أكثر من مائة دولار ..وبقى أصل المبلغ الذي هو عشرة آلاف دولار لديه .. في شهر آب جاء أخوه من الخارج وقال لي إن شقيقه شخص كذاب وكل سنة عندما يأتي للإجازة يسدد عنه ديونه المتراكمة .. تعهد أخاه بتسديد المبلغ وقال اتركه .. وأنا سوف أسدد نيابة عنه وأعطاني جزء 2000 دولار كدفعة أولى لحين تسديد الباقي.. ولم نستلم المبلغ الكامل إلى الآن . ادعى الأول الذي أخذ الفلوس .. أنه أنا وهو آثمين لأننا تعاطينا بالربا .. فأجبته : إن لم تكن لديك القابلية على استثمار الفلوس لماذا أخذتها وأنت تعرف أنه لا وجود للأرباح ولا تستطيع السداد سؤالي : 1- هل صحيح أنني آثم ؟ 2- الأرباح (900) دولار التي استلمتها دفعات شهرية كأرباح تعتبر ربا حسب ادعائه؟ 3- المبلغ الذي عنده قد حال عليه الحول هل عليه زكاة ؟ وكم ؟ علما بأني لم أستلمه إلى الآن . 4- ما هو الإثم الذي ارتكبه هو ويعلم مسبقا بأنه لن يستطيع السداد ؟
الجواب:
الحمد لله(/1)
الواجب على المسلم أن يتحرى جيدا في الجهات التي يستثمر فيها أمواله ، وألا يبذل أمواله إلا بعد الاستيثاق والتأكد من تلك الجهات ، وأنها جهات موثوقة ، فإن لم يتبين له الأمر فبقاء أمواله في حوزته خير من تعريضها للضياع . وراجع جواب السؤال رقم (34808) .
حيث كثر في الآونة الأخيرة أناس يجيدون التحيل على الناس بأخذ أموالهم بدعوى استثمارها ، إلا أن الواقع والنهاية تكون مؤلمة ، فكم من بيوت هدمت بسبب ضياع هذه الأموال ودفعها لمن لا أمانة لهم ولا دين ، ولا هَمَّ لهم إلا جمع المال ولو بالحرام وأكله بالباطل .
أما السؤال عن الصورة المذكورة فإن الأصل مشروعية المضاربة الجارية على قواعد الشرع ، البعيدة عن التعامل في المحرمات ، والتي تقوم على الشركة بين من يمول بالمال ومن يقوم بعمل معين ، ويكون الربح بينهما حسب ما يتفقان عليه ، وفي حال الخسارة تكون الخسارة على صاحب المال ما لم يتعد العامل أو يفرط ، كما يخسر العامل عمله ولا يضمن شيئا من رأس المال إلا بالتعدي أو التفريط .
فلِلشركة في الإسلام صور كثيرة ، وما ذكرته أخي السائل يعتبر من صور الشركة الجائزة في الإسلام ، بشرط كون العمل المُضارَب عليه مباحا (العمل المذكور في السؤال غير واضح) .
فالمضاربة جائزة بإجماع المسلمين وقد نقل الإجماع على ذلك ابن المنذر وغير واحدٍ من أهل العلم .
قال ابن رشد رحمه الله : "ولا خلاف بين المسلمين في جواز القراض [المضاربة] ، وأنه مما كان في الجاهلية فأقره الإسلام" انتهى . "بداية المجتهد" (1 / 1003) .
وقال ابن قدامة رحمه الله : "وأجمع المسلمون على جواز الشركة في الجملة" . "المغني" (5/3) .
كما أن الواجب في المضاربة أن يتم تحديد الربح بالنسبة ، كالنصف أو الثلث أو الربع ....
ولا يمكننا الحكم على عملك هل هو محرم أم لا ؟ أو هو ربا أم لا ؟ ونحن لا نعلم حقيقة العمل الذي اتفقتما عليه ، وهل كنت تعلم هذا العمل أم أن صاحبك خدعك .(/2)
وعلى كل حال ، فإن كان صاحبك أخذ المال للمضاربة فعلاً ، فإنك تحسب نصيبك من الأرباح ، ثم تخصم منه ما أخذته (900) دولار ، ثم تطالب بباقي حقك في رأس المال والأرباح .
أما إن كان صاحبك لم يضارب وإنما خدعك بهذا الكلام فإنك تحسب ما أخذته كل شهر (900دولار) وتضيف إليها ما أخذته من أخيه (2000) دولار ثم تطالب بالباقي (7100 دولار).
أما زكاة المبلغ المتبقي عنده ، فهو في حكم الدين عند المعسر أو المال المفقود ولا تجب فيه الزكاة عن المدة التي كان فيها عند المدين ، ثم إذا استلمته حسبت له حولاً من يوم استلامه ، والأحوط أن تزكيه يوم قبضه عن سنة واحدة ، ولو مضى عليه عند المدين عدة سنوات .
وانظر جواب السؤال رقم (1117) و (1346) .
وأما الإثم الذي تعرض له صاحبك ، فلا شك في تحريم الخداع والغش ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا) رواه مسلم (294) .
وإذا أخذ الإنسان المال من الناس وهو عازم على عدم رده ، فهو متوعد بوعيد شديد ، قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ) رواه البخاري (2387) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
"( أَتْلَفَهُ اللَّه ) ظَاهِره أَنَّ الْإِتْلَافَ يَقَعُ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَذَلِكَ فِي مَعَاشِهِ أَوْ فِي نَفْسِهِ . وَهُوَ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة لِمَا نَرَاهُ بِالْمُشَاهَدَةِ مِمَّنْ يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنْ الْأَمْرَيْنِ .
وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالْإِتْلَافِ عَذَاب الْآخِرَة " انتهى .
والله أعلم(/3)
رقم السؤال:
112403
العنوان:
صامت كفارة يمين ولم تعلم أن الواجب عليها الإطعام؟
السؤال:
صمت أياما كفارةً عن يمين ، ثم سمعت بأن الصوم آخر كفارة ، والأولى هو إخراج المال ، هل علي أن أتصدق بقيمة الأيام التى صمتها ؟ وجزاكم الله خيرا .
الجواب:
الحمد لله
كفارة اليمين على الترتيب الذي ذكره الله عز وجل في سورة المائدة ، في قوله عز وجل :
( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة/89 .
فيختار واحدة من هذه الخصال الثلاثة ويفعلها : إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله أو كسوتهم ، أو تحرير رقبة ، ومن فعل واحدة منها فقد برئت ذمته وفعل ما وجب عليه ، فإن عجز عن جميع الخصال الثلاثة ، انتقل إلى الصوم ، فيصوم ثلاثة أيام .
ولا يجوز له الانتقال إلى الصيام وهو مستطيع الإطعام أو الكسوة أو العتق ، لقوله تعالى : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) المائدة/89 .
قال ابن المنذر رحمه الله :
"أجمعوا على أن الحالف الواجد للإطعام ، أو الكسوة ، أو الرقبة ، لا يجزئه الصوم إذا حنث في يمينه " انتهى .
"الإجماع" (ص/157) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجلٍ حلف على شيء ثم حنث في يمينه ، وصام مع قدرته على الإطعام ، فما الحكم ؟ هل يجزئه الصيام مع أن الله بدأ بالإطعام وجعل الصيام عند عدم الاستطاعة ، ولو كان غير عالم بالحكم هل يختلف الحكم ؟
فأجاب :(/1)
" إذا صام الإنسان في كفارة اليمين وهو قادر على إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فإن الصوم يكون نافلة ، وعليه أن يأتي بالكفارة ، لكن الصوم لا يضيع ، يكون نافلة له ، وليطعم .
ولقد اشتهر عند كثير من الناس أن كفارة اليمين هي الصيام ، ولهذا إذا حلف على أخيه وقال: والله أن تفعل كذا ، يقول : لا تجعلني أصوم ثلاثة أيام ، وهذا خطأ ، الإطعام مقدم أو الكسوة أو عتق الرقبة ، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة " انتهى .
"اللقاء الشهري" (لقاء رقم/70، سؤال رقم/10) .
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم (42804) فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء في ذلك أيضاً .
فالواجب عليك أن تطعمي عشرة مساكين لتكفري عن يمينك .
ولمعرفة تفاصيل كفارة اليمين ، يراجع جواب السؤال رقم : (45676) .
وينبغي التنبه إلى أن كفارة اليمين لا يجوز أن تخرج نقوداً عند جمهور العلماء ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (89954) ، فيجب أن تخرج طعاما أو كسوة .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
112433
العنوان:
حكم مشروبات الطاقة المنشطة
السؤال:
أنا من العراق ، ونحن نواجه مشكلة حول مشروب يسمى ( تايكر ) ، وعلى العلبة صورة النمر ، فأفتى بعض بتحريمه ؛ لأن فيه منشطات ، وبعض أحله ، فجزاكم الله خيرا لو أجبتمونا ما حكمه ؟
الجواب:
الحمد لله
بعد الاطلاع على عدد من التقارير والمقالات الطبية والنتائج الأبحاث ، لا نستطيع الجزم بضرر هذه المشروبات أو عدم ضررها ، أو القدر المضر منها ، ولأي فئة من الناس .
فلا تزال هذه المشروبات تحتاج إلى أبحاث أخرى للوصول إلى حقيقة تأثيرها على الإنسان .
غير أن الصفة الغالبة لما قرأناه عنها هو التحذير منها ، والتشكيك في سلامتها ، ويوصي الكثير من الأطباء بأهمية الاستغناء عن هذه المشروبات بالأشياء الأخرى المفيدة ، كالرياضة ، والوجبات الصحية ، وأخذ قسط كافٍ من النوم ... إلخ .
تزداد التحذيرات حدة لمرضى القلب ، وضغط الدم ، وصغار السن (تحت 16 سنة) .
وينبغي أن يؤخذ في الاعتبار أن هناك المئات من أنواع هذه المشروبات ، تختلف فيما بينها في نسب المواد وأنواعها ، مما يزيد البحث عن هذه المشروبات تعقيدا ، فما ينطبق على مشروب قد لا ينطبق على آخر ... وهكذا .
وإلى أن يتم المزيد من الأبحاث التي تكشف حقيقة هذه المشروبات لا نستطيع إصدار حكم عليها من حيث الحل أو الحرمة .
ومن احتاط لنفسه وصحته واستجاب لتحذيرات العديد من الأطباء فذلك أولى وأسلم .
واقرأ بعض هذه التحذيرات في هذه الروابط :
الدكتور فهد الخضيري من مستشفى الملك فيصل التخصصي – مركز الأبحاث .
http://www.alriyadh.com/2005/06/20/article73613.html
دراسة طبية أمريكية
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F7F1E902-C02A-480A-8794-94C6A9F7BF74.htm
تقرير سعودي :
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=43&article=315302&issue=9743
ومن التقارير في احتمال أمرها وبعض فوائدها:
الدكتور حسن صندقجي – الرياض .(/1)
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=15&article=370580&issue=10075
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
112445
العنوان:
حكم المساهمة والمضاربة في الأسهم
السؤال:
ما حكم المساهمة أو المضاربة في الأسهم ؟ ويقول : مع العلم أن بعض أهل العلم حرم أسهم جميع الشركات . نرجو الإفادة والتوضيح
الجواب:
الحمد لله
يمكن تقسيم الشركات من حيث أصل نشاطها والأعمال التي تقوم بها إلى ثلاثة أنواع :
الأول : شركات أصل عملها مباح ، كشركات النقل أو الشحن أو مصانع الملابس والأدوات المكتبية والأثاث والأجهزة الطبية والشركات العقارية ..... إلخ ، ولا تتعامل معاملات محرمة كالغش والربا إقراضاً أو اقتراضاً ، بل تنضبط بالأحكام الشرعية في جميع معاملاتها .
فهذا النوع من الشركات يسمّى بـ "الشركات المباحة" أو "النقية" تجوز المساهمة والمضاربة فيها .
النوع الثاني : شركات أصل عملها محرم ، كالشركات السياحية والفنادق التي تدعو إلى الرذيلة وتساعد عليها ، ومصانع الخمر ، والبنوك الربوية ، وشركات التأمين التجاري ، وشركات طباعة وتوزيع المجلات الخليعة ... إلخ ، وهذا النوع من الشركات لا تجوز المساهمة ولا المضاربة فيها ، ولا تجوز الدعاية ولا الترويج لها .
وهذان النوعان من الشركات ، لا إشكال في حكمهما ، والأمر فيهما واضح .
النوع الثالث : شركات أصل عملها مباح ، ولكنها تتعامل ببعض المعاملات المحرمة ، كشركات النقل - مثلاً – التي لها أرصدة في البنوك بفوائد ربوية ، أو تقوم بتمويل مشروعاتها عن طريق أخذ قروض ربوية من البنوك أو من الناس تحت مسمى "السندات" .
فهذا النوع من الشركات يسمى بـ "الشركات المختلطة" وقد اختلف العلماء المعاصرون في حكمه ، والراجح هو تحريم المساهمة أو المضاربة أو الترويج لها .
لأن المساهم شريك في الشركة بمقدار سهمه ، فكل ما تتعامل به الشركة من ربا أو غيره من المعاملات المحرمة هو شريك فيه .(/1)
وأما تحريم الترويج لها ، فلما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، والمساعدة على انتشار الحرام ، وإيقاع الناس فيه ، وقد قال الله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2 .
وقد اختار هذا القول جمهور العلماء المعاصرين ، منهم علماء اللجنة الدائمة للإفتاء في بلاد الحرمين الشريفين ، وصدر بذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/299) :
"الأصل إباحة المساهمة في أي شركة إذا كانت لا تتعامل بمحرم من ربا وغيره ، أما إذا كانت تتعامل بمحرم كالربا فإنها لا تجوز المساهمة فيها .
وعليه ؛ فإن كان شيء من المساهمات المذكورة في شركة تتعامل بالربا أو غيره من المحرمات فيجب سحبها منها ، والتخلص من الربح بدفعه للفقراء والمساكين" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .. الشيخ عبد الرزاق عفيفي .. الشيخ عبد الله بن غديان .. الشيخ صالح الفوزان .. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ .. الشيخ بكر أبو زيد .
وجاء فيها أيضاً (14/299، 300) :
"أولاً : كل شركة ثبت أنها تتعامل بالربا ، أخذاً أو إعطاءً ، تحرم المساهمة فيها ، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، قال الله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2 .
ثانياً : من سبق أن ساهم في شركة تعمل بالربا فعليه أن يبيع سهامه بها ، وينفق الفائدة الربوية في أوجه البر والمشاريع الخيرية" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .. الشيخ عبد الرزاق عفيفي .. الشيخ عبد الله بن غديان .. الشيخ عبد الله بن قعود .(/2)
وقد صدر من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في دورة مؤتمره السابع بجدة من 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9 - 14 أيار (مايو) 1992 م ، قرار بشأن الأسهم ، جاء فيه :
"أ- بما أن الأصل في المعاملات الحل فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مشروعة أمر جائز .
ب - لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم ، كالتعامل بالربا أو إنتاج المحرمات أو المتاجرة بها .
ج - الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحياناً بالمحرمات ، كالربا ونحوه ، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة" انتهى من مجلة المجمع (عدد 6، ج2 ص 1273 والعدد السابع ج 1 ص 73 والعدد التاسع ج2 ص5) .
كما صدر من مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلام في دورته الرابعة عشرة سنة 1415 هـ الموافق 1995 قرار بهذا الخصوص ، ونصه :
"1- بما أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة فإن تأسيس شركة مساهمة أغراضها وأنشطتها مباحة أمر جائز شرعا .
2- لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم ، كالتعامل بالربا أو تصنيع المحرمات أو المتاجرة فيها .
3- لا يجوز للمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا أو تصنيع المحرمات أو المتاجرة فيها .
4- إذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا ، ثم علم فالواجب عليه الخروج منها .
والتحريم في ذلك واضح لعموم الأدلة من الكتاب والسنة في تحريم الربا ؛ ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا مع علم المشتري بذلك يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا ، لأن السهم يمثل جزءا شائعا من رأس مال الشركة ، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة ، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة ، أو تقترضه بفائدة فللمساهم نصيب منه ، لأن الذين يباشرون الإقراض والاقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه وبتوكيل منه ، والتوكيل بعمل محرم لا يجوز .(/3)
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين" انتهى .
وسئل الدكتور محمد بن سعود العصيمي حفظه الله : عن حكم المضاربة في الأسهم المختلطة ؟
فأجاب : " لا يجوز عند جماهير العلماء إلا الأسهم النقية ، سواء المضاربة والاستثمار " انتهى .
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=1201
وأما القول بتحريم أسهم جميع الشركات ، فقول غير صحيح ، لوجود بعض الشركات من النوع الأول ، وهي التي تنضبط بالأحكام الشرعية في تعاملاتها، ولكن ... لعل من قال بذلك حمله على هذا القول أن الشركات من النوع الأول قليلة جداً ، وأكثر الشركات هي من النوعين الثاني والثالث .
والله أعلم .(/4)
رقم السؤال:
112702
العنوان:
هل تؤجر الأم على الولادة بعملية يستعمل فيها المخدر؟
السؤال:
سؤالي حول الولادة وما ورد في أجرها للمرأة ، أريد أن أعرف ما صح عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم فيها ، وهل يصح أن نترك ما ظهر الآن من مخدِّرٍ موضعي ( إبرة الظهر ) حتى نؤجر على الولادة ؟ وهل من تأخذ هذا المخدر لا أجر لها كما يتوارد بين العامة ؟
الجواب:
الحمد لله
تتحمل المرأة من آلام الولادة الشيء الكثير ، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في قوله : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا) الأحقاف/15 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" أي : بمشقة من الطلق وشدته " انتهى.
"تفسير القرآن العظيم" (7/280) .
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
" ومعنى : " وضعته كرهاً " : أنها في حالة وضع الولد تلاقي من ألم الطلق وكربه مشقة شديدة كما هو معلوم . وهذه المشاق العظيمة التي تلاقيها الأم في حمل الولد ووضعه ، لا شك أنها يعظم حقها بها ، ويتحتم برها والإحسان إليها كما لا يخفى " انتهى .
"أضواء البيان" (7/326).
غير أن ذلك لا يقتضي منع المرأة من اتخاذ التدابير المخففة من آلام الوضع ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم (لم يكن يخير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، ما لم يكن إثماً) رواه البخاري (3560) .
فالمسلم يسعى في إزالة كل ما يؤذيه أو يضره ، فإذا قَدَّر الله عليه من الشدة ما لا يجد لها مخرجاً ، فالواجب عليه أن يصبر على قدر الله تعالى .
وهذا كلامٌ لابن مسعود رضي الله عنه يبين هذا المعنى :(/1)
عن عبد الرحمن بن غنم قال : سألت معاذ بن جبل : (أأتسوك وأنا صائم ؟ قال : نعم . قلت : أي النهار أتسوك ؟ قال : أي النهار شئت ، إن شئت غدوة ، وإن شئت عشية . قلت : فإن الناس يكرهونه عشية ، قال : ولم ؟ قلت : يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) . فقال : سبحان الله ! لقد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسواك حين أمرهم وهو يعلم أنه لا بد أن يكون بفي الصائم خلوف وإن استاك ، وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمدا ، ما في ذلك من الخير شيء ، بل فيه شر ، إلا من ابتلي ببلاء لا يجد منه بدا . قلت [أي عبد الرحمن بن غنم] : والغبار في سبيل الله أيضا كذلك ، إنما يؤجر فيه من اضطر إليه ولم يجد عنه محيصاً ؟ قال : نعم ، وأما من ألقى نفسه في البلاء عمدا فما له من ذلك من أجر) .
رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (20/70) وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/202) : بإسناد جيد .
فلا حرج على المرأة أن تأخذ ما يخفف عنها آلام الولادة ، بل هذا أقرب إلى مقاصد الشرع ، لما فيه من التخفيف والتيسير .
وانظري جواب السؤال رقم (110531) فقد نقلنا فيه فتوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في ذلك .
وأما من حيث الأجر ، فأمر ذلك إلى الله تعالى .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
112754
العنوان:
هل يأكل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من صدقات التطوع؟
السؤال:
أدركت يقينا من وثائق موثقة ومعتمدة أن الله أكرمني بنسب من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلمت أنه لا تجوز لآل البيت الأكل من مال الصدقة . فما حكم أكل التمر أو الماء أو الوجبات التي توزع في الحرم أو المشاعر في رمضان والحج ؟ هل هي هدايا أم صدقات ؟
الجواب:
الحمد لله
اتفق العلماء على عدم جواز أكل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من أموال الزكاة المفروضة ، نقل ذلك الإجماع غير واحد من أهل العلم .
انظر : "موسوعة الإجماع" سعدي أبو جيب (2/517-518) .
وانظر جواب السؤال رقم : (21981).
وأما صدقة التطوع فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يجوز لآل محمد صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا منها ، وهذا القول هو المشهور من مذاهب أئمة الفقه الأربعة (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله) .
انظر: "رد المحتار" (2/351) ، "التاج والإكليل" (3/223) ، "مغني المحتاج" (4/195) ، "كشاف القناع" (2/291-292) .
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
" ولا يحرم على آل محمد صدقة التطوع ، إنما يحرم عليهم الصدقة المفروضة :
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر [الصادق] بن محمد [الباقر] عن أبيه : أنه كان يشرب من سقايات الناس بمكة والمدينة فقلت له : أتشرب من الصدقة وهي لا تحل لك ؟ فقال : إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة .
قال الشافعي : وتصدق علي وفاطمة على بني هاشم وبني المطلب بأموالهما , وذلك أن هذا تطوع , وقبل النبي صلى الله عليه وسلم الهدية من صدقة تصدق بها على بريرة , وذلك أنها من بريرة تطوع لا صدقة " انتهى .
"الأم" (2/88) .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" ويجوز لذوي القربى الأخذ من صدقة التطوع .(/1)
قال أحمد في رواية ابن القاسم : إنما لا يُعطَوْن من الصدقة المفروضة , فأما التطوع , فلا . وعن أحمد , رواية أخرى : أنهم يمنعون صدقة التطوع أيضا ; لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( إنا لا تحل لنا الصدقة ) .
والأول أظهر ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المعروف كله صدقة ) متفق عليه . وقال الله تعالى : ( فمن تصدق به فهو كفارة له ) وقال تعالى : ( فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ) ولا خلاف في إباحة المعروف إلى الهاشمي , والعفو عنه وإنظاره . وقال إخوة يوسف : ( وتصدق علينا ) .
والخبر [يعني الحديث] أريد به صدقة الفرض ; لأن الطلب كان لها , والألف واللام تعود إلى المعهود " انتهى .
"المغني" (2/275).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
نحن أسرة متوسطة الحال ، ومن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولدينا وثائق تثبت ذلك ، وقد بلغ والدي سن الستين ، حيث تنطبق عليه شروط الالتحاق بالضمان الاجتماعي ، وقد طلبنا من الوالد الاستفادة من الضمان الاجتماعي لكنه رفض ؛ لأن هناك حديثا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ينص على عدم إعطاء الزكاة والصدقة لأهل بيته ، وسؤالي هل يعتبر الضمان الاجتماعي في حكم الصدقة أم لا ؟ أفيدوني ؟
فأجاب :
"إذا توافرت في والدك الشروط المعتبرة فيمن يستفيد من مصلحة الضمان الاجتماعي فإنه يحل له أخذ ذلك ؛ لأنه مساعدة من بيت المال للفقراء الذين تتوافر فيهم الشروط المطلوبة ، وليس هو من الزكاة حسب إفادة الجهة المسئولة عن ذلك " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/315) ، وانظر أيضا : (14/313) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا كانت الصدقة صدقة تطوع فإنها تعطى إليهم ولا حرج في هذا ، وإن كانت الصدقة واجبة فإنها لا تعطى إليهم " انتهى باختصار.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/429)(/2)
وعلى هذا فلا حرج عليكم من الأكل من الطعام الذي يوزع في الحرمين ومشاعر الحج ، لأن ذلك ليس من الصدقة المفروضة .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
112781
العنوان:
حديث الأعرابي الذي يقول إن سألني لأسألنه
السؤال:
أود أن أستفسر عن حديث الأعرابى للرسول صلى الله عليه وسلم ، فى كلامه عن الله عز وجل : ( إن سألني لأسألنه : إن سألني عن ذنوبي سألته عن مغفرته ) وأظن حضراتكم تعلمون بقية الحديث . هل هذا الحديث صحيح ؟
الجواب:
الحمد لله
هذا الحديث من الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم المنتشرة بين الناس .
وقد سئل عنه الشيخ حاتم الشريف فقال :
" إن الحديث المذكور يصلح مثالاً للأحاديث التي تظهر فيها علامات الوضع والكذب ، وفيه من ركاكة اللفظ ، وضعف التركيب ، وسمج الأوصاف ، ولا يَشُكُّ من له معرفة بالسنة النبوية وما لها من الجلالة والجزالة أنه لا يمكن أن يكون حديثاً صحيحاً ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم أجده بهذا اللفظ ، وليت أن السائل يخبرنا بالمصدر الذي وجد فيه هذا الحديث ليتسنى لنا تحذير الناس منه .
على أن أبا حامد الغزالي على عادته رحمه الله قد أورد حديثاً باطلاً في "إحياء علوم الدين" (4/130) قريباً في مضمونه من الحديث المسؤول عنه ، وفيه أن أعرابياً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ! من يلي حساب الخلق يوم القيامة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : الله تبارك وتعالى ، قال : هو بنفسه ؟ قال : نعم ، فتبسم الأعرابي ، فقال صلى الله عليه وسلم : ممَّ ضحكت يا أعرابي ؟ قال : إن الكريم إذا قدر عفا ، وإذا حاسب سامح.. إلى آخر الحديث .
وقد قال العراقي عن هذا الحديث :" لم أجد له أصلاً " وذكره السبكي ضمن الأحاديث التي لم يجد لها إسناداً ( تخريج أحاديث الإحياء: رقم 3466 ، وطبقات الشافعية الكبرى : 6/364) ، ومع ذلك فالنصوص الدالة على سعة رحمة الله تعالى وعظيم عفوه عز وجل وقبوله لتوبة التائبين واستجابته لاستغفار المستغفرين كثيرة في الكتاب وصحيح السنة .(/1)
قال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82
وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى/25
وقال تعالى : ( ورحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ) الأعراف/156
وفي الصحيحين البخاري (7554) ومسلم (2751) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق إن رحمتي سبقت غضبي) والله أعلم " انتهى .
http://saaid.net/Doat/Zugail/321.htm
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
112871
العنوان:
حكم العمل في الشرطة
السؤال:
أعمل ضابطاً بالشرطة في إحدى البلاد العربية ، والسؤال هو : هل يجوز أن أستمر في هذا العمل علماً بأن البلد تُحكم بقانون وضعي وأنا كضابط بالشرطة مطالب بتنفيذ هذا القانون ؟ مع العلم بأن مجالات العمل كثيرة في الشرطة ، فمنا من يكافح الدعارة ، ومنا من يكافح المخدرات ، وكثير من الأشياء الطيبة ، ولكن كل هذا وفقاً وتحت مظلة القانون الوضعي ، ومنا من هو يعمل بالسجون منفِّذاً للحكم الصادر من المحكمة وفقاً للقانون الوضعي. فهل يجوز لي أن أستمر في عملي ؟ أم يجب عليَّ تركه ؟ أم أتخير العمل ما استطعت إلى ذلك سبيلاً ؟
الجواب:
الحمد لله
العمل في الشرطة كالعمل في الوظائف الأخرى ، منه ما هو مباح ، ومنه ما هو محرَّم ، وإنما يختلف ذلك تبعاً لطبيعة المهام التي يقوم بها المنتسب لذلك العمل .
وفي كثير من الدول يتم – وللأسف – إلزام المنتسبين لهذا العمل بحلق لحاهم ، وتحية العلم ، وتعظيم من هو أعلى رتبة بالتحية الأعجمية ولو كان كافراً أو فاسقاً ، وقد بينَّا تحريم ذلك في جواب الأسئلة : ( 5481 ) و ( 8230 ) و ( 8797 ) ، فلتنظر .
وأما بخصوص ذات العمل : فإن فيه – كما هو معلوم – ما هو ظلم ، وما هو عدل ، فمن كانت مهام عمله ملاحقة المجرمين والفاسقين وكف أذاهم عن الناس وإرجاع الحقوق إلى أهلها ، ومنع الظالمين من التعدي على غيرهم : فلا شك في إباحة عمله ، بل يؤجر إن أخلص النية لله تعالى بإرادته إقامة العدل ، ومنع الظلم ، ومن كانت مهام عمله سلب الناس أموالهم ، والتعدي عليهم بالضرب ، والتعرض لأعراضهم ، وسجنهم بغير حق : فلا شك أن عمله – حينئذٍ – محرَّم ، وهو من المفلسين الذين يلقون الله تعالى في الآخرة وللناس في ذممهم حقوق ، يعطيهم الله تعالى إياها حسنات يأخذها من أولئك الظلمة ، أو سيئات تؤخذ من المظلومين فتلقى عليهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :(/1)
"إذا كان ولي الأمر يستخرج من العمال ما يريد أن يختص به هو وذووه : فلا ينبغي إعانة واحد منهما ؛ إذ كل منهما ظالم ، كلص سرق من لص ، وكالطائفتين المقتتلتين على عصبية ورئاسة ، ولا يحل للرجل أن يكون عوناً على ظلم ؛ فإن التعاون نوعان :
الأول : تعاون على البر والتقوى ، من الجهاد ، وإقامة الحدود ، واستيفاء الحقوق ، وإعطاء المستحقين ، فهذا مما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن أمسك عنه خشية أن يكون من أعوان الظلمة : فقد ترك فرضاً على الأعيان ، أو على الكفاية ، متوهماً أنه متورع ، وما أكثر ما يشتبه الجبن ، والفشل بالورع ، إذ كل منهما كف وإمساك .
والثاني : تعاون على الإثم والعدوان ، كالإعانة على دم معصوم ، أو أخذ مال معصوم ، أو ضرب من لا يستحق الضرب ، ونحو ذلك : فهذا الذي حرمه الله ورسوله" انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 28 / 283 ) .
وينظر جواب السؤال رقم : ( 103412 ) .
ومثل هذا العمل يقال فيه :
إذا كان الداخل إلى هذا العمل قد دخل للدعوة إلى الخير ، وتقليل الشر ، ورفع الظلم عن المظلومين ، وإسداء النفع إلى الناس بقدر الإمكان ، فلا حرج في هذا العمل .
أما إذا كان الداخل إليه قد دخل لاستغلال المنصب في ظلم الناس ، وجمع الأموال بغير حق ، والاحتماء بهذه الوظيفة ، وإقرار القوانين الوضعية ، والدفاع عنها ، أو الدفاع عن ظالم ، أو الاعتداء على بريء .... ونحو ذلك من أوجه الظلم التي قد يقع فيها من يلتحق بهذا العمل ، فلا شك أنه عمل محرم ، ويخشى على صاحبه أن يأتي يوم القيامة مفلساً ، لا حسنات له ، وقد تحمل جبالاً من السيئات .
نسأل الله العفو والعافية .
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
112902
العنوان:
حكم العمل في شركة نقل مستندات وطرود متنوعة
السؤال:
كنت أعمل في بنك ربوي لمدة 17 عاماً ، وقد وفقني الله تعالى للبعد عن الربا ، ولمستُ بنفسي تغييراً مذهلاً في حياتي ، ولكن العمل الحلال صعب جدّاً في هذه الأيام ، ولم أعثر على عمل منذ 2.5 سنة ، وأعول أسرة من خمسة أفراد ، والآن هل لي أن أتقدم للعمل في إحدى الشركات العالمية لنقل المستندات والطرود في وظيفة " إدارة مشاكل وشئون العملاء " ، والمشكلة أن هذه الشركة تمنع نقل الخمور تماماً داخل حدود البلد الذي أعيش فيه ، إلا أنه إذا رغب شخص في نقل زجاجة خمر - مثلاً - إلى بلد آخر : فإن الشركة تقوم بالنقل له ، وأيضاً قد تستقبل الشركة طروداً من الخارج قد تحمل هذه المحرمات ، وطبعاً سيكون من طبيعة عملي أن أحل المشاكل التي قد تطرأ أثناء عمليات النقل لحين الوصول للعميل . السؤال : هل أستمر في تقديم طلب العمل ، أم أقوم بسحبه ، علماً بأن نشاط الشركة الأساسي - كما ذكرت - هو نقل المستندات والطرود المختلفة من مكان لآخر ؟ .
الجواب:
الحمد لله
العمل في مؤسسات تنقل المستندات والطرود : مباح في ذاته ، فإن تخصصت تلك المؤسسة في نقل المحرمات ، كنقل مستندات بنوك ربوية ، أو نقل الخمور ، أو الأفلام ، والأغاني : صار العمل فيها محرَّماً لذاته ، وإن اختلط الحلال بالحرام : صار الحكم للغالب ، مع وجوب تجنب مباشرة الأعمال المحرَّمة .(/1)
وعليه ؛ فاستمرارك في تقديم طلب العمل في تلك الشركة مرتبط بالأعمال التي سيكون لك الإشراف عليها ، وحل مشكلاتها ، فما كان منها حراماً لم تقم به ، وما كان منها لمستندات وطرود مباحة قمتَ به ، فإن كان الأمر سيكون على هذا الشرط ، وبذاك القيد : جاز لك التوظف بها ، وإلا أثمتَ بقدر ما تباشره من أعمال محرَّمة فيها ، كنقل الخمور واستقبالها ، ونقل الأفلام والأغاني واستقبالها ، ونقل مستندات الربا والتأمين واستقبالها ، وهكذا في كل محرَّم يُرسل ويُستقبل في تلك الشركة لك دور في إرساله أو استقباله .
ولا شك أن نقل الخمور من المحرَّمات التي تدخل في التعاون على الإثم والعدوان ، ويدخل صاحبها في اللعن الثابت في السنَّة الصحيحة ، وهذه الحرمة تنسحب على كل ما حرَّمه الله تعالى .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
رجل لم يتيسر له العمل إلا في مصنع للخمور ، أو مستودع لخزنه ، أو في دكان أو حانوت لبيعه وتوزيعه ، ما مصير المال الذي يكتسبه وينفقه على عياله الوفيري العدد ؟
فأجابوا :
"لا يجوز للمسلم أن يشتغل في مصنع للخمور ، أو مستودع لخزنه ، أو في أي عمل من الأعمال المتعلقة بالخمور ، والكسب الذي يتحصل عليه محرم ، وعليه أن يبحث عن عمل يكون كسبه حلالاً ، وأن يتوب إلى الله سبحانه مما سلف ؛ لقوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة /2 ؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لعن الخمر ، وشاربها ، وساقيها ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وبائعها ، ومشتريها ، وآكل ثمنها ) – متفق عليه –" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 14 / 411 ) .(/2)
ولا فرق في هذا الحكم بين كون المنقول إليه كافراً أو مسلماً .
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
يوجد بعض المدرسين يطلبون من الطلبة بعض المشروبات المحرمة ، فهل حملها إلى المدرس وهو كافر حرام أم لا ؟ .
فأجابوا :
"لا يجوز للمسلم أن يقدم الخمر لمن يشربها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن حاملها والمحمولة إليه ، ولأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه بقوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة /2" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 22 / 97 ) .
وانظر – للفائدة – جواب السؤال رقم : ( 10398 ) .
وننصحك بالحرص على العمل الحلال ، والبعد عن الحرام ، ونرى أنه سيصعب عليك تجنب المحرمات في تلك الشركة ، ونرجو أن يُكرمك الله تعالى بعظيم فضله بعمل خير منه ، قال الله تعالى : ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ * وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/ 2 ، 3 ، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مَنْ تَرَكَ شَيْئاً لله عوَّضَه الله خَيْراً مِنْه ) صححه الشيخ الألباني رحمه الله في " حجاب المرأة المسلمة " ( ص 49 ) .
والله أعلم(/3)
رقم السؤال:
112903
العنوان:
أظهر أنه مسلم وتزوجها عرفيّاً وأنجبت منه ، فما حكم فعلها وحال ابنها؟
السؤال:
أنا فتاة مسلمة عمري 27 عاماً كنت لا أعرف شيئاً عن الالتزام ، أو حتى الطريق إليه ، المهم أنني أحببت شابّاً نصرانيّاً ، وأخبرني بأنه أسلم ليتزوجني ، ولكنه لا يستطيع إشهار إسلامه الآن حتى لا تقتله الكنيسة ، وكتبنا ورقة بما يسمى " بالسفاح العرفي " ، أو النكاح - كما يسمونه - ولم أكن أعرف وقتها معنى " نكاح " ، ودخل بي بدون علم أهلي ، وكنت سعيدة جدّاً بإسلامه من أجلي ، وحملت منه ، وانتظرت أن يعلن الأمر ، ولكنه كان خسيساً ، وفاجأني بأنه لم يسلم ، ولن يشهر زواجي ، وسافر إلى أمريكا ، وبعدها أحسست بأن نهايتي قد اقتربت ، وأن الله سوف ينتقم منى جراء ما فعلت ، ولكن فعلا ستر الله كان أعظم ، حاولت أن أنزل هذا الجنين بكل الطرق ، ولم أستطع ، هربت من البيت قبل موعد الولادة ، وولد الجنين ، وأخذته ، وتركته مع أناس فقراء ، وأعطيتهم ما يكفي من المال للإنفاق عليه ، ووالله ، ثم والله إني تبت إلى الله من كل ذنب ، ولبست النقاب ، وأصوم ، وأصلي كل الأوقات ، وتقدم لي بعدها بأربع سنوات شاب ملتزم جدّاً ، فصارحته بالحقيقة ، وكانت المفاجأة أنه لم يتركني ، ووقف بجانبي ، وستر عليَّ ، وتزوجته ، وهو الآن يعاملني معاملة طيبة جدّاً ؛ لأنه متدين ، وحياتنا الآن مليئة بالإيمان ، والتقوى ، والدين ، والآن لا أعرف ما حكم هذا الطفل ، وهل هو ابني فعلاً أم ماذا ؟ وكيف ذلك ؟ وما هو الحكم الشرعي لحالتي هذه ؟ وهل هو أخ لأبنائي من زوجي الحالي ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :(/1)
مثل هذه القصص والحكايات التي تحدث مع المخالفين للشرع تعزز ثقتنا بأحكام الإسلام التي جاءت بما فيه صلاح الإنسان والمجتمع ، فالعلاقات المحرَّمة بين الجنسين جرَّت ويلات على المجتمعات ، فترك بعضهم دينه بسببها ، وآخرون تركوا التزامهم وفقدوا استقامتهم ، وإذا كانت هذه السائلة قد احتفظت بابنها عند أسرة : فإن غيرها قد باشرت قتل الجنين وهو في بطنها ، أو بعد ما تلده ، وقد تكون طرقهم في القتل غاية في الشناعة ، كإلقائه في حاوية قمامة يموت من البرد والجوع والاختناق ، ثم الكبس والتقطيع بالآلات المخصصة للقمامة ! وكل ذلك من شؤم المعصية التي تهاون بها أولئك حتى جرَّت تلك الفظائع والآثام .
ومن أحكام الإسلام الحكيمة جعل موافقة ولي الزوجة شرطا في صحة عقد الزواج ، فالولي أقدر على حسن الاختيار من المرأة التي تغلب عاطفتها – غالباً – على عقلها وحسن تصرفها ، ولا تستطيع تمييز الماكر من الرجال من الصادق ، فجُعل الولي شرطاً في عقد النكاح لمصالح جليلة ، وها نحن نرى مخالفة الناس لهذه الأحكام ، وماذا يعقب تلك المخالفة من أسى بالغ ، وندم قاهر ، وحزن عميق .
ثانياً :
نحمد الله تعالى أن وفقك لتوبة ، ونسأله تعالى أن يتقبل منك ، ويزيدك هدى ، فإن الله تعالى يتوب على من تاب ، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحة ، والتصدق بالمال ، فإن الله تعالى يقول : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82 .
ثالثاً :
نكاحك من هذا النصراني نكاح باطل ، فإن المسلمة لا يحل لها أن تتزوج غير مسلم بأي حال من الأحوال ، وقد أصبت في وصفك له بأنه "سفاح" .
ثم على فرض أنه كان قد أسلم بالفعل ، فإن النكاح الذي يتم بلا ولي ولا شهود ويتواصى الزوجان على كتمانه : نكاح باطل عند عامة العلماء .
وانظري جواب السؤال رقم (111797) فقد ذكرنا فيه فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك.
رابعاً :(/2)
أما ابنك من هذا النصراني فهو ابنك حقيقة وينسب إليك ، ويكون أخاً لجميع أولادك من الأم ، ولكن لا يجوز أن ينسب إلى زوجك الحالي لأنه ليس ابناً له .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
ما حال ولد الزنا في الإسلام في عصرنا هذا ؟ .
فأجابوا :
"حكمه حكم أمه ، فهو تابع لها ، على الصحيح من قولي العلماء ، فإن كانت مسلمة : فهو مسلم ، وإن كانت كافرة : فهو كافر ، وينسب إليها ، لا إلى الزاني ، ولا يضره ما جرى من أمه ومَن زنا بها ؛ لقول الله سبحانه : ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 20 / 343 ) .
خامساً :
ما فعله زوجك الحالي أمر يُشكر عليه ، ويُرجى أن يكون من المستور عليهم في الدنيا والآخرة ؛ لوعد الله تعالى بذلك لمن ستر على مسلم .
وعليك أن تسارعي بإحضار ابنك من تلك الأسرة ، وتقومي أنتي بتربيته ، ورعايته .
وعلى زوجك أن يكمل معروفه بتشجيعك على إحضار ابنك ، وعلى رعايته والعناية به ، ونسأل الله أن يعظم له الأجر ، وأن يزيده من فضله .
والله أعلم(/3)
رقم السؤال:
112907
العنوان:
نهي من طال غيابه عن زوجته أن يأتيها فجأة
السؤال:
ما صحة حديث : ( لا يأتين أحدكم أهله بليل حتى لا يجد ما يكره ، فإن وجد ما يكره فليشهدن أربع....) الحديث .
الجواب:
الحمد لله
لم يأت هذا الحديث بهذا اللفظ – فيما نعلم – لكن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى من طال غيابه عن زوجته أن يأتيها فجأة ، وجاء تعليل هذا الحكم بعلتين :
الأول :
كي تتجهز الزوجة بالتنظف والتجمل وتهيئة نفسها لاستقبال زوجها بعد غيابه الطويل .
فعن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ رضي الله عنهما قال : كنا مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في غَزَاةٍ ، فلما قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ ، فقال : (أَمْهِلُوا حتى نَدْخُلَ لَيْلًا - أَيْ عِشَاءً - كَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ ، وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ) رواه البخاري (5079) ، ومسلم (715) .
قال النووي في "شرح مسلم" (10/54) : "الاستحداد : استعمال الحديدة في شعر العانة ، وهو إزالته بالموسى ، والمغيبة هي التي غاب عنها زوجها " انتهى .
العلة الثانية :
حتى لا يهدم الرجل بيته باتهامه لزوجته .
فعن جَابِرٍ رضي الله عنهما قال : (نهى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ أو يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ) رواه البخاري (5243) ومسلم (715) .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/123) :
"يقع الذي يهجم بعد طول الغيبة غالبا ما يكره ، إما أن يجد أهله على غير أهبة من التنظف والتزين المطلوب من المرأة ، فيكون ذلك سبب النفرة بينهما ، وقد أشار إلى ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : ( كي تستحد المغيبة ، وتمتشط الشعثة) .
وإما أن يجدها على حالة غير مرضية ، والشرع محرض على الستر وقد أشار إلى ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله : (أن يتخونهم ويتطلب عثراتهم) ...(/1)
قال ابن أبي جمرة : فيه النهي عن طروق المسافر أهله على غرة من غير تقدم إعلام منه لهم بقدومه ، والسبب في ذلك ما وقعت إليه الإشارة في الحديث قال : وقد خالف بعضهم فرأى عند أهله رجلا فعوقب بذلك على مخالفته .
قال الحافظ : وأشار بذلك إلى حديث أخرجه ابن خزيمة عن ابن عمر قال : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطرق النساء ليلا ، فطرق رجلان كلاهما وجد مع امرأته ما يكره) وأخرجه من حديث ابن عباس نحوه وقال فيه : (فكلاهما وجد مع امرأته رجلاً)" انتهى بتصرف واختصار.
وقد أنكر ابن العربي رحمه الله أن يكون سبب هذا النهي حتى لا يجد مع امرأته رجلاً ، وضَعَّف ما روي في ذلك ، فقال رحمه الله :
"وقد سمعت عن بعض أهل الجهالة – غفرها الله لك وسترها عليك - أن معنى نهي النبي صلى الله عليه وسلم لهم لئلا يفتضح النساء ، كما جرى لمن خالف النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الذي روي لم يصح بحال ، ولو صح لما كان دليلا على أن النبي صلى الله عليه وسلم قصده .
فلا يصح لأحد له معرفة بمقاصد الشريعة ومقدار النبي صلى الله عليه وسلم أن يصححه ولا يجيزه" انتهى .
"عارضة الأحوذي" (5/365) .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
112915
العنوان:
طالبة علم وترغب الدخول في باب دعوة الشباب بالمراسلة دون علم زوجها
السؤال:
أنا فتاة في أواخر العشرينات من عمري ، متزوجة ، حاصلة على درجة الماجستير من جامعة شرعية أعمل محاضرة في إحدى الجامعات الشرعية غير المختلطة ، تربيت في أسرة محافظة ، فحفظت كتاب الله ولم أتجاوز الخامسة عشرة ، أحمل همّاً كبيراً للدعوة إلى الله ، وخاصة لدعوة الشباب ، لأني أزعم أنني أعرف شيئاً من توجهاتهم ، واهتماماتهم ، وأساليب الوصول إليهم ، والتأثير فيهم ، بحكم كوني واحدة منهم ، وبحكم عملي بينهم ، واطلاعي على كثير من أحوال الطالبات في الكلية ، ومن المعلوم أن من أكثر ما يقبل عليه الشباب هذه الأيام هي القنوات الإلكترونية : المحادثة ، وما يسمى بـ " الشات " ، وغرف الدردشة التي يتبادلون فيها كل شيء مما يكون غالبا مضيعة للأوقات إن لم يكن خادشاً للحياء ، ومنافياً للمبادئ والقيم الإسلامية ، ودائماً ما أحدِّث نفسي باستغلال مثل هذه القنوات للوصول إلى الشباب والتأثير فيهم ، ودعوتهم إلى الله ، وعدم تركهم لأهوائهم ، ولمن يريد إفسادهم بكل طريق ، فكثير ما يترك المصلحون والصالحون مثل هذه المجالات خوفاً على أنفسهم ، وعلى مبادئهم ، فيخلو الجو للشيطان ، وأعوانه ، وكثيراً ما يحصر الدعاة والمصلحون وأصحاب المبادئ جهودهم في الدروس ، والمحاضرات ، والقنوات ، والمنتديات الإسلامية ، والجمعيات الخيرية ، والمساجد ، ودور التحفيظ ، مما لا يكاد يحضرها إلا الشريحة المحافظة والملتزمة أصلاً من الشباب ، فتزيدهم نوراً على نور ، ويبقى الغافلون بلا ناصح أو مذكِّر ، فهل يحق لي شرعاً التواصل مع الشباب (الجنسين) عن طريق مثل هذه الوسائل الإلكترونية (عن طريق الكتابة فقط) ومحاولة التأثير فيهم ، والوصول إلى قلوبهم ، ودعوتهم ، وخاصة أن مثل هذه الوسيلة تحتاج إلى كثير من الصبر والتبسط في الحديث للوصول إلى المراد ؟ وهل يعتبر(/1)
ذلك من خيانة الزوج الذي قد لا يحتمل محادثتي لأي شاب - ولو كتابة - وفي أي مجال مهما كان - خاصة وأنه لم يتعود مني الكلام إلا مع محارمي أو مشايخي في الجامعة ؟ . أرجوك ، أنتظر توجيهك ، وإرشادك ، فحال شبابنا يؤرقني ، وهمُّ الدعوة إلى الله يملأ قلبي ، فهل أبدأ ؟!
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
نشكر لك حرصك على الدعوة إلى الله ، ونسأل الله أن يكتب لك أجر ذلك ، وأن يجعلك من الداعيات المخلصات .
ثانياً :
الدعوة إلى الله واجبة على الرجال والنساء ، قال الله تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) آل عمران/ 104 .
ويمكنك الاقتصار على دعوة الفتيات دون الشباب الذكور ، – ولو كتابة - ؛ للأسباب التالية :
1- أن الأمر فيه فتنة للطرفين ، وإذا سلم أحد الطرفين لقوة إيمانه ودينه فإنه لا يُضمن سلامة الطرف الآخر ، ومن شأن تلك المحادثات أو الكتابات أن تؤدي إلى إذابة الحواجز بين المرأة والرجل ، ولا يُدرى ما يكيد به الشيطان لهما إن كانا سليما النية والقصد ، كما لا يُدرى ما يكيده الطرف الآخر إن كان شيطاناً من الإنس ، والواجب على المسلم الحذر من كل ما يؤدي إلى فتنته ، أو فتنة غيره به .
والواقع يشهد بذلك ، فكثير من البيوت قد انهدمت بسبب تلك المحادثات ، وقد جرَّت تلك المحادثات فتيات إلى الهاوية ، ولا شك أنهن لم يكن يردن ذلك ، ولا خطر ببالهن يوماً أن يكون ذلك مصيرهن ، ولكنه استدراج الشيطان وخداع النفس .
2- الأمة الإسلامية فيها خير كثير ، ويوجد من الدعاة من يغطي جانب دعوة الشباب ، وليس الأمر محتاجاً لمن يقوم به من النساء .
3- زوجك لا يرضى بهذا الأمر منك ، وإن فعلتِ ذلك دون علمه كان خيانة له ولا شك ، وهو أمرٌ لا يقبل مثلُك أن يقع فيه .
ونود أن نقف معك بعد هذا وقفتين :(/2)
أ. إننا نرى عالم النساء مليئاً بالمشكلات والمآسي ، وهنَّ يحتجن بشدة إلى من يقف معهن من بنات جنسهن لدلالتهن على طريق الاستقامة ، فهل انتهيتِ من أولئك النساء حتى فكرتِ في دعوة الشباب ؟
ب. هل ترضين أن يقوم زوجك بدعوة النساء للسبب الذي تذكرينه في دعوة الرجال ؟ إننا نكاد نجزم أنك – بحسب خبرتك العلمية والدعوية – ستذكرين من مفاسد دعوة الرجال للنساء بالمحادثة أو المكاتبة الشيء الكثير ، كما نجزم أنه قد بلغك حوادث مؤلمة لمشكلات حصلت في بيوت إخوة وأخوات جرَّاء تلك الكتابات أو المحادثات ، وهو ما يجعل المرء يجزم بأن الشريعة المطهرة لا تفتح الأبواب الموصدة أمام الفتن والشهوات ، بل تبقيها محكمة الإغلاق . وهاتان فتويان لأهل العلم تجمع ما سبق بيانه :
1. قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"للمرأة مجال للدعوة في بيتها ، لأسرتها ، من زوج ، ومحارم ، رجالاً ، ونساءً ، ولها مجال في الدعوة الإسلامية خارج بيتها للنساء ، إذا لم يكن في ذلك سفر بلا زوج ولا محرم ، ولم يُخش الفتنة ، وكان ذلك بإذن زوجها إن كانت متزوجة ، ودعت إلى ذلك الحاجة ، ولم ينشأ عن ذلك ضياع ما هو أوجب عليها من حقوق أسرتها" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 12 / 249 ، 250 ) .
2. وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
كيف تدعو المرأة إلى الله إذا كان لديها علم وحماس ، وتريد أن تدعو إلى الله ، فما هي الطريقة التي تتبعها ؟ وما هي المجالات التي تستطيع أن تدعو إلى الله فيها ؟
فأجاب :(/3)
"الطريقة التي تتبعها هي ما أمر الله به في قوله : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، وأما المجالات : فهي مجامع النساء ، كالمدارس ، وغيرها ، تحضر إليهن ، وتدعوهن إلى الله عز وجل ، ولكل مقام مقال ، بإمكانها أن تعرف هل المقام يقتضي الترغيب أو الترهيب أو الجمع بينهما بحسب الحال ، فمجالات عملها إنما هو مجامع النساء فقط ، أما مجامع الرجال : فإنه للرجال" انتهى .
" فتاوى نور على الدرب " ( شريط 128 ، وجه ب ) .
وللنظر في فتاوى أخرى حول حكم المراسلة بين النساء والرجال : انظري أجوبة الأسئلة : ( 78375 ) و ( 34841 ) و ( 23349 ) و ( 20949 ) .
والله أعلم(/4)
رقم السؤال:
112966
العنوان:
هل ورد حديث صحيح في فضل عنترة بن شداد ؟
السؤال:
هل صح ورود حديث عن فضل عنترة بن شداد ، فيه أنه اجتمع فيه صفات الرجل المسلم.
الجواب:
الحمد لله
يقول الزركلي في ترجمة عنترة :
" عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية ابن قراد العبسي : أشهر فرسان العرب في الجاهلية ، ومن شعراء الطبقة الأولى . من أهل نجد . أمه حبشية اسمها زبيبة ، سرى إليه السواد منها .
وكان من أحسن العرب شيمة ، ومن أعزهم نفسا ، يوصف بالحلم على شدة بطشه ، وفي شعره رقة وعذوبة . وكان مغرما بابنة عمه " عبلة " ، فقل أن تخلو له قصيدة من ذكرها . اجتمع في شبابه بامرئ القيس الشاعر ، وشهد حرب داحس والغبراء ، وعاش طويلا ، وقتله الأسد الرهيص أو جبار بن عمرو الطائي . ينسب إليه " ديوان شعر - ط " أكثر ما فيه مصنوع . و " قصة عنترة - ط " خيالية يعدها الإفرنج من بدائع آداب العرب ، وقد ترجموها إلى الألمانية والفرنسية ، ولم يعرف واضعها . وللمستشرق الألماني ( توربكي ) كتاب عن " عنترة " طبع في هيدلبرج سنة 1868 م ، ولمحمد فريد أبي حديد " أبو الفوارس عنتر بن شداد - ط ، " ولفؤاد البستاني " عنتر بن شداد - ط " " انتهى.
"الأعلام" (5/91)
ولم يرد في كتب السنة والآثار – فيما علمنا - أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عنترة بن شداد العبسي (المتوفى سنة 22 قبل الهجرة) في حديث واحد ، ومع ذلك وجدنا بعض الناس ينقلون أن النبي صلى لله عليه وسلم يقول : ( لم أسمع وصف عربي أحببتُ أن أقابله أكثر من عنترة )
ولكن هذا أيضا لا أصل له ، فلا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يجوز التحديث به إلا على وجه الرد والتضعيف .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
113032
العنوان:
التورق في الأسهم عن طريق الراجحي
السؤال:
أود الاستفسار عن تمويل الراجحي عن طريق شراء أسهم وبيعها ، علما بأن المبلغ الذي يتم تسديده أكبر من مبلغ التمويل الأصلي .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
صورة التمويل المسؤول عنها تسمى "التورق " أي شراء السلع وبيعها بغرض الحصول على الورِق وهي الفضة ، ومثلها النقود الآن .
وكيفية التورق : أن تشتري سلعة بثمن مقسط ، كمائة مثلا ، ثم تبيعها – على غير البائع لك نقداً – بثمن أقل ، كثمانين مثلا ، فتستفيد بذلك الحصول على المال .
وقد يجتمع التورق مع المرابحة ، فلا يكون المصرف مالكا للسلعة أولا ، فيقوم بشرائها بمائة مثلا ، ثم يبيعها عليك بالأقساط بمائة وعشرين ، ثم تتولى أنت بيعها في السوق نقداً بثمن أقل ، بمائة وعشرة أو بمائة مثلا .
وقد تبين بهذا أنك أنت الذي تتولى بيع سلعتك بنفسك ، وأنك تبيعها على غير المصرف .
وهل يجوز توكيل المصرف في بيعها ؟
هذا ما يسمى بالتورق المصرفي المنظم ، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي بمنعه ، وينظر نصه في جواب السؤال رقم (82612) .
كما ينظر الفرق بين التورق والعِينة المحرمة في جواب السؤال رقم (45042)
ثانيا :
يشترط للتورق في الأسهم أن تكون الأسهم نقية ، ولا يجوز الاتجار في الأسهم المختلطة ، وعليك أن تشترط على المصرف ذلك .
كما يشترط أن يكون المصرف مالكا للأسهم ، أو يشتريها ويحولها من محفظة تداول إلى محفظته الخاصة قبل البيع عليك .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
113033
العنوان:
قراءة سورة العصر قبل الافتراق
السؤال:
هل كان الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم يختمون المجلس " بكفارة المجلس" المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأيضاً سورة العصر ؟ لأني بحثت فلم أجد حديثا عن الرسول صلى الله عليه وسلم يختم المجلس بسورة العصر . وهل هذا من البدع المستحدثة ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ما رواه أبو داود (4859) عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنْ الْمَجْلِسِ : ( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ) وَقَالَ : ( كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ فِي الْمَجْلِسِ ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعلم الصحابة رضي الله عنهم وفضلهم وشدة اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم يقتضي أن من علم منهم بهذا الحديث كان يعمل به ، ولا نحتاج إلى ثبوت هذا عن كل واحد منهم ، بل الأصل فيهم العمل بالحديث واتباع النبي صلى الله عليه وسلم .
ثانياً :
ورد في قراءة سورة العصر قبل التفرق أثر يدل على أن ذلك كان من هدي الصحابة رضوان الله عليهم .
فعَنْ أَبِي مَدِينَةَ الدَّارِمِيِّ قَالَ : ( كَانَ الرَّجُلانِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا الْتَقَيَا لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَقْرَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ : " وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ " ، ثُمَّ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ ) رواه أبو داود في "الزهد" (رقم/417) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (5/215) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6/501) من طريق : حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أبي مدينة الدارمي به . وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2648) ، وعلَّق عليه قائلاً :(/1)
"وفي هذا الحديث فائدتان مما جرى عليه عمل سلفنا الصالح رضي الله عنهم جميعاً :
أحدهما : التسليم عند الافتراق ....
والأخرى : نستفيدها من التزام الصحابة لها . وهي قراءة سورة (العصر) لأننا نعتقد أنهم أبعد الناس عن أن يحدثوا في الدين عبادة يتقربون بها إلى الله إلا أن يكون ذلك بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً ، أو فعلاً ، أو تقريراً ، ولِمَ لا ؟ وقد أثنى الله تبارك وتعالى عليهم أحسن الثناء ، فقال : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة/100" انتهى .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
113064
العنوان:
هل يجوز لنا الاجتماع ليلة رأس السنة للذِّكر والدعاء وقراءة القرآن ؟
السؤال:
هذه الرسالة رأيتها كثيراً على الإنترنت ، ولكن في الحقيقة لم أرسلها لشكِّي في كونها من البدعة ، فهل يجوز نشرها ، ونثاب عليها ، أم إنه لا يجوز هذا لأنه بدعة ؟ " إن شاء الله كلنا سنقوم الساعة 12 ليلة رأس السنة ، ونصلي ركعتين ، أو نقرأ قرآناً ، أو نذكر ربنا ، أو ندعو، لأنه لو نظر ربنا للأرض في الوقت الذي معظم العالم يعصيه : يجد المسلمين لا زالوا على طاعتهم ، بالله عليك ابعث الرسالة هذه لكل الذين عندك، لأنه كلما كثر عددنا : كلما ربنا سيرضى أكثر " . أفيدوني ، أفادكم الله .
الجواب:
الحمد لله
قد أحسنتِ غاية الإحسان في عدم نشر تلك الرسالة ، والتي انتشرت في كثير من المواقع الإلكترونية التي يغلب عليها طابع العامية والجهل .
والذين نشروا تلك الرسالة وأرادوا من المسلمين القيام بالصلاة والذِّكر : لا نشك أن نياتهم طيبة ، وعظيمة ، وخاصة أنهم أرادوا أن تقوم طاعات وقت قيام المعاصي ، لكن هذه النية الطيبة الصالحة لا تجعل العمل شرعيّاً صحيحاً مقبولاً ، بل لا بدَّ من كون العمل موافقاً للشرع في سببه ، وجنسه ، وكمَِّه ، وكيفه ، وزمانه ، ومكانه ، - وانظر تفصيلاً لهذه الأصناف الستة في جواب السؤال رقم : ( 21519 ) - وبمثل هذا يميِّز المسلم العمل الشرعي من البدعي .
ويمكن حصر أسباب المنع من نشر تلك الرسالة بنقاط ، منها :
1. أنه وُجدت مناسبات جاهلية ، ومناسبات لأهل الكفر والضلال ، منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى زماننا هذا ، ولم نر نصّاً نبويّاً يحثنا على إنشاء طاعة وقت فعل غيرنا لمعصية ، ولا بعمل مشروع وقت فعل عمل بدعي ، كما لم يُنقل قول لأحدٍ من الأئمة المشهورين باستحباب فعل هذا .(/1)
وهذا من علاج المعصية ببدعة ، كما حصل من علاج بدعة الحزن واللطم في " عاشوراء " من الرافضة ببدعة التوسع في النفقة وإظهار الفرح والسرور .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وأما اتخاذ أمثال أيام المصائب مأتماً : فليس هذا من دين المسلمين ، بل هو إلى دين الجاهلية أقرب ، ثم هم قد فوتوا بذلك ما في صوم هذا اليوم من الفضل ، وأحدث بعض الناس فيه أشياء مستندة إلى أحاديث موضوعة لا أصل لها ، مثل فضل الاغتسال فيه ، أو التكحل أو المصافحة وهذه الأشياء ونحوها من الأمور المبتدعة كلها مكروهة وإنما المستحب صومه ، وقد روي في التوسع فيه على العيال آثار معروفة أعلى ما فيها حديث إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه ، قال : بلغنا أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته رواه ابن عيينة وهذا بلاغ منقطع لا يعرف قائله ، والأشبه أن هذا وضع لما ظهرت للعصبية بين الناصبة والرافضة ؛ فإن هؤلاء أعدوا يوم عاشوراء مأتماً : فوضع أولئك فيه آثاراً تقتضي التوسع فيه ، واتخاذه عيداً ، وكلاهما باطل ...
لكن لا يجوز لأحد أن يغيِّر شيئا من الشريعة لأجل أحد ، وإظهار الفرح والسرور يوم عاشوراء ، وتوسيع النفقات فيه هو من البدع المحدثة ، المقابلة للرافضة ... .
" اقتضاء الصراط المستقيم " ( ص 300 ، 301 ) .
وقد نقلنا كلاماً نفيساً آخر لشيخ الإسلام ابن تيمية ، فانظره في جواب السؤال رقم : (4033).
2. الدعاء والصلاة لها أوقات في الشرع فاضلة ، قد رغبنا النبي صلى الله عليه وسلم بفعلها فيه ، كالثلث الأخير من الليل ، وهو وقت نزول الرب سبحانه وتعالى للسماء الدنيا ، والحث على فعل ذلك في وقت لم يرد فيه النص الصحيح إنما هو تشريع في " السبب " و " الزمن " والمخالفة في أحدهما كافية للحكم على الفعل بأنه بدعة منكرة ، فكيف بأمرين اثنين ؟! .(/2)
وفي جواب السؤال رقم : ( 8375 ) سئلنا عن التصدق على العائلات الفقيرة في رأس السنة الميلادية ، فأجبنا عنه بالمنع ، وكان مما قلناه هناك :
ونحن المسلمين إذا أردنا الصّدقة : فإننا نبذلها للمستحقّين الحقيقيين ، ولا نتعمد جعْل ذلك في أيام أعياد الكفار ، بل نقوم به كلما دعت الحاجة ، وننتهز مواسم الخير العظيمة ، كرمضان ، والعشر الأوائل من ذي الحجّة ، وغيرها من المواسم .
انتهى
والأصل في المسلم الاتباع لا الابتداع ، قال الله تعالى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) آل عمران/ 31 ، 32 .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
هذه الآية الكريمة حاكمة على كل مَن ادعى محبة الله ، وليس هو على الطريقة المحمدية : فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر ، حتى يتبع الشرع المحمدي ، والدين النبوي ، في جميع أقواله ، وأحواله ، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عليه أمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 32 ) .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله –
أحبوا الرسول أكثر مما تحبون أنفسكم ، ولا يكمل إيمانكم إلا بذلك ، ولكن لا تُحدِثوا في دينه ما ليس منه ، فالواجب على طلبة العلم أن يبينوا للناس ، وأن يقولوا لهم : اشتغلوا بالعبادات الشرعية الصحيحة ، واذكروا الله ، وصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم في كل وقت ، وأقيموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وأحسنوا إلى المسلمين في كل وقت .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 35 / 5 ) .(/3)
3. أنكم تتركون ما هو واجب عليكم تجاه تلك المعاصي والمنكرات ، وهو الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والنصح للمخالفين ، وانشغالكم بعبادات فردية مع وجود معاصي ومنكرات جماعية لا يحسُن بكم فعله .
فالذي نراه هو تحريم نشر مثل تلك النشرات ، وبدعية الالتزام بتلك الطاعات لمثل تلك المناسبات ، ويكفيكم التحذير من الاحتفالات المحرمة في المناسبات الشركية أو المبتدعة ، وأنتم بذلك مأجورون ، وتقومون بواجبكم تجاه فعل تلك المعاصي .
وينظر جواب السؤال رقم : ( 60219 ) للوقوف على فوائد مهمة في النية الصالحة وأنها لا تشفع لصاحبها لجعل عمله المبتدع عملاً مأجوراً عليه ، وفيه تفصيل مهم .
والله أعلم(/4)
رقم السؤال:
113110
العنوان:
أرضعت طفلا ثم طُلقت وتزوجت من آخر فهل يكون أولادها إخوة للرضيع؟
السؤال:
امرأة تزوجت من رجل وأنجبت له ولداً هذا الولد رضع معه ولد أكثر من رضعة حسب قول الأم المرضعة في الحولين ثم طلقها زوجها وتزوجت من رجل آخر وأنجبت له أولاد وبنات وزجها الأول أيضا تزوج من امرأة أخرى وأنجبت له أولادا وبنات . سؤال 1/ إذا صح الرضاع هذا مَنْ يكون إخوان الولد الذي رضع مع ولد المرأة المرضعة هل هم أبناء المرأة من زوجها الثاني أم أبناء زوجها الأول من المرأة الثانية ؟ سؤال 2/ الأم المرضعة لها إخوان وأخوات من الأب فقط هل يعتبرون أخوالا وخالات من الرضاع لهذا الولد ؟ وبالتالي يجوز له أن يسلم عليهن ويصافحن ويقابلهن ؟ سؤال 3/ الأم المرضعة لها أم هل تعتبر جدة من الرضاع لهذا الولد الذي رضع مع ولد المرضعة ؟ ويجوز له أن يسلم عليها ويصافحها ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا ارتضع الطفل أو الطفلة من امرأةٍ خمس رضعات في الحولين قبل الفطام : صار ولدا لها من الرضاعة ، وصار زوجها الذي درَّ هذا اللبن بوطئه أباً لهذا الرضيع من الرضاعة باتفاق الأئمَّة المشهورين .
وإذا صار الرجل أبا للرضيع من الرضاع ، صار كلُّ أولاده إخوة للرضيع ، سواء ولدوا قبل الرضاعة أم بعدها ، وسواء كانوا من الزوجة المرضعة أو من غيرها .
وكذلك إذا صارت المرأة أماً للرضيع ، صار جميع أولادها إخوة له ، سواء ولدوا قبل الرضاعة أم بعدها ، وسواء كانوا من الزوج صاحب اللبن أو من زوج بعده .
وبهذا تعلم أن أولاد المرأة من زوجها الثاني ، وأولاد زوجها الأول من المرأة الثانية ، كلهم إخوة لهذا الرضيع .
ثانيا :
إخوان المرضعة وأخواتها ، يعتبرن أخولا وخالات للرضيع ، سواء كانوا إخوة للمرضعة أشقاء أم من جهة الأب فقط أم من جهة الأم فقط .
ثالثا :
أم المرضعة تصير جدة للرضيع .(/1)
ولا حرج على إخوان الرضيع وخالاته وأخواله وجدته في لقائه ومصافحته والكشف عليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وإذا صار الرجل والمرأة والدي المرتضع صار كلٌّ من أولادهما إخوة للمرضَع ، سواء كانوا من الأب فقط ، أو من المرأة ، أو منهما ، أو كانوا أولادا لهما من الرضاعة ، فإنهم يصيرون إخوة لهذا المرتضع من الرضاعة ، حتى لو كان لرجل امرأتان فأرضعت هذه طفلا وهذه طفلة كانا أخوين ، ولم يجز لأحدهما التزوج بالآخر باتفاق الأئمة الأربعة وجمهور علماء المسلمين ، وهذه المسألة سئل عنها ابن عباس فقال : اللقاح واحد . يعنى الرجل الذي وطئ المرأتين حتى درَّ اللبن واحد .
ولا فرق باتفاق المسلمين بين أولاد المرأة الذين رضعوا مع الطفل وبين من وُلد لها قبل الرضاعة وبعد الرضاعة باتفاق المسلمين .
وإذا كان كذلك فجميع أقارب المرأة أقارب للمرتضع من الرضاعة ، أولادها إخوته ، وأولاد أولادها أولاد إخوته ، وآباؤها وأمهاتها أجداده ، وإخوتها وأخواتها أخواله وخالاته ، وكل هؤلاء حرام عليه " انتهى من "مجموع الفتاوى" (34/32) .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
113136
العنوان:
ضوابط زيارة العائلة وجلوس الأهل في مجلس مختلط
السؤال:
لقد قرأت في كثير من فتاواكم عن حكم اختلاط النساء بالرجال ، ولكن للأسف لم أستطع تمييز الحكم بشكل صحيح ، لأني قرأت في بعض الفتاوى أنه حرام مطلقا ، وفي بعضها الآخر تم زيادة كلمة الاختلاط بشروطه ، أو مع مراعاة آداب أو شروط الاختلاط ، لذلك أرجو منكم الإفادة وتبيين الحكم والشروط في حال وجودها ، لأني سوف أتزوج قريبا بإذن الله وامرأتي ملتزمة والحمد لله ، ولكن من عادات عائلتي أن نجتمع كل يوم أو يومين مع بعضنا أي العائلة كلها عند بيت جدي ، فهل يجب علي تجنب الذهاب مع أهلي إلى هناك مع امرأتي ، أم آخذ امرأتي وتجلس معهم بحجاب شرعي وشروط أخرى ، أرجو تبيان ذلك .
الجواب:
أولا :
الاختلاط بين الرجال والنساء محرم ؛ لما يترتب عليه من المفاسد الكثيرة ، وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط في جواب السؤال رقم (1200) ورقم (97231) وفيه بيان أن الاختلاط لا ينفك غالبا عن حصول النظر المحرم أو اللمس أو الخلوة أو تعلق القلب أو الخضوع بالقول ، وهذا هو موجب التحريم ، وليس مجرد اجتماع الرجال مع النساء في مكان واحد ، كما يجتمعون في المسجد أو في الطواف .
ثانيا :
لا يجوز للمرأة أن تضع حجابها أمام إخوان زوجها أو أبنائهم ، أو أعمام الزوج أو أبنائهم ؛ لأنهم ليسوا محارم لها ، فهم أجانب بالنسبة لها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إياكم والدخول على النساء ) فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال: ( الحمو الموت ) رواه البخاري (4934) ومسلم (2172) قال الليث بن سعد : الحمو : أخ الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج، ابن العم ونحوه .(/1)
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" : " وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الْحَمو الْمَوْت ) فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْخَوْف مِنْهُ أَكْثَر مِنْ غَيْره , وَالشَّرّ يُتَوَقَّع مِنْهُ , وَالْفِتْنَة أَكْثَر لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُول إِلَى الْمَرْأَة وَالْخَلْوَة مِنْ غَيْر أَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ , بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيّ . وَالْمُرَاد بِالْحَمْوِ هُنَا أَقَارِب الزَّوْج غَيْر آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ . فَأَمَّا الْآبَاء وَالْأَبْنَاء فَمَحَارِم لِزَوْجَتِهِ تَجُوز لَهُمْ الْخَلْوَة بِهَا , وَلَا يُوصَفُونَ بِالْمَوْتِ , وَإِنَّمَا الْمُرَاد الْأَخ , وَابْن الْأَخ , وَالْعَمّ , وَابْنه , وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ . وَعَادَة النَّاس الْمُسَاهَلَة فِيهِ , وَيَخْلُو بِامْرَأَةِ أَخِيهِ , فَهَذَا هُوَ الْمَوْت , وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ " انتهى .
وعليه ؛ فإذا ذهبت زوجتك إلى بيت عائلتك ، وفي البيت من لا يجوز أن تكشف أمامه ، فإنها تظل بحجابها ، ولا حرج أن تجلس في مجلس العائلة إذا انتفت المحاذير المشار إليها ، من النظر والخلوة والمصافحة والخضوع بالقول ، والأولى أن يكون جلوسها مع النساء في مجلس خاص بهن ، ليتسنى لها رفع حجابها ، والكلام فيما تريده دون حرج .
وأما ما يفعله بعض الناس من تمكين النساء من الجلوس مع الرجال الأجانب عنهن ، وحصول التساهل في الكلام والضحك والمصافحة والنظر والحجاب ، فهذا محرم ، وقد جر على أهله مفاسد كثيرة لا تخفى .
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
113142
العنوان:
يمتنع عن الإمامة وتعليم القرآن لأنه يقع في بعض المعاصي
السؤال:
في قريتنا 5 مساجد والسادس قيد الإنشاء ولا يوجد فيها كلها إمام فبعضها فيه مؤذن والباقي ليس فيها وفي يوم الجمعة يأتينا خطيب قد لا يتقن الفاتحة وهو مخصص من وزارة الأوقاف . وفي غير الجمعة يصلي بنا المؤذن ويقرأ الفاتحة جيدا وباقي السور يغير في بعض الحركات والأحكام والحروف أحيانا .وعندنا شاب يتقن القراءة حتى إنه يعلم القرآن أحيانا ويحاول حفظه ويطلب العلم أحيانا لكنه يرتكب المعاصي كالنظر إلى النساء وغيرها ويترك أحيانا قراءة القرآن ومطالعة كتب العلم والأحاديث ولا يقبل بأن يؤم الناس وأن يعلم القرآن بسبب ارتكابه للمعاصي ولأنه أعزب ولأن أخته تدير البلدية ( في بلادنا يقل من يغطي وجهه من النساء ويكثر الاختلاط بين الأقارب ) وهو كما يقول يشك في الإخلاص حتى إنه ترك الزواج لأن أقاربه يجلسون ونساءهم مع بعض دون تغطية الوجوه ويخاف أن لا يستطيع منع زوجته من الجلوس معهم .ما الحل جزاكم الله خيرا ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
ينبغي أن يقدم للإمامة الأقرأ لكتاب الله ، العالم بالسنة المطبق لها ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا) رواه مسلم ( 673) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا كَانُوا ثَلاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَأَحَقُّهُمْ بِالإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ ) رواه مسلم (672) .
فإن لم يوجد ، فيقدم الأمثل فالأمثل .
ثانيا :(/1)
من كان يخطئ في قراءة الفاتحة بإسقاط بعض الحروف ، أو تغيير معنى الآيات : فصلاته باطلة ؛ لأن الفاتحة ركن من أركان الصلاة ، ويجب عليه أن يصحح قراءته ، وأن يتعلم قراءة الفاتحة على الصواب ؛ إلا أن يعجز عن تعلم ذلك ، بعد اجتهاده فيه ، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها . لكنه إن كان إماماً فلا يصلي وراءه إلا من كان مثله أو دونه في إقامة الفاتحة .
وينظر جواب السؤال رقم (70270) .
ثالثا :
ينبغي نصح هذا الشاب المتقن لقراءة القرآن بتقوى الله تعالى ، والبعد عن المعاصي ، والإقبال على نفع الناس تعليما وإقراء ، ولا يضره كون أخته تكشف وجهها أو تعمل عملا مختلطا ، فإنه لا تزر وازرة وزر أخرى .
وليعلم أن الوقوع في المعاصي لا يمنع من الإمامة ، ومن سائر أبواب الخير الأخرى ، وأن الشيطان قد يصرف الإنسان عن الخير بهذه الحجة وهي وقوعه في المعاصي .
فعليه أن يبادر بفعل الخير ، وأن يجتنب الشر ما أمكن ، وليعقد العزم على ذلك ، وليخلص نيته لله تعالى ، ولا يلتفت لوسوسة الشيطان ، وإن كان قادرا على الزواج فليتزوج ، وليختر من النساء : المستقيمةَ الصالحةَ الحريصةَ على الحجاب والعفة ، وسيجدها بإذن الله .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
113287
العنوان:
هل للمرأة أن ترضع ولدها أمام محارمها؟
السؤال:
هل يجوز للمرأة أن تبدي ثديها أمام محارمها لكي ترضع طفلها إذا أمنت الفتنة أو لا ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
عورة المرأة أمام محارمها كالأب والأخ وابن الأخ هي بدنها كله إلا ما يظهر غالبا كالوجه والشعر والرقبة والذراعين والقدمين ، قال الله تعالى : (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ) النور/31 .
فأباح الله للمرأة أن تبدي زينتها أمام بعلها ( زوجها ) ومحارمها ، والمقصود بالزينة مواضعها ، فالخاتم موضعه الكف ، والسوار موضعه الذراع ، والقرط موضعه الأذن ، والقلادة موضعها العنق والصدر ، والخلخال موضعه الساق .
قال أبو بكر الجصاص رحمه الله في تفسيره : " ظاهره يقتضي إباحة إبداء الزينة للزوج ولمن ذكر معه من الآباء وغيرهم ، ومعلوم أن المراد موضع الزينة وهو الوجه واليد والذراع..... ، فاقتضى ذلك إباحة النظر للمذكورين في الآية إلى هذه المواضع ، وهي مواضع الزينة الباطنة ؛ لأنه خص في أول الآية إباحة الزينة الظاهرة للأجنبيين ، وأباح للزوج وذوي المحارم النظر إلى الزينة الباطنة . وروي عن ابن مسعود والزبير : القرط والقلادة والسوار والخلخال ...
وقد سوى في ذلك بين الزوج وبين من ذكر معه ، فاقتضى عمومه إباحة النظر إلى مواضع الزينة لهؤلاء المذكورين كما اقتضى إباحتها للزوج ، ولما ذكر الله تعالى مع الآباء ذوي المحارم الذين يحرم عليهم نكاحهن تحريما مؤبدا ، دل ذلك على أن من كان في التحريم بمثابتهم فحكمه حكمهم ، مثل زوج الابنة ، وأم المرأة ، والمحرمات من الرضاع ونحوهن " انتهى .(/1)
وقال البغوي رحمه الله : " قوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن ) أي لا يظهرن زينتهن لغير محرم ، وأراد بها الزينة الخفية ، وهما زينتان خفية وظاهرة ، فالخفية : مثل الخلخال ، والخضاب في الرِّجْل ، والسوار في المعصم ، والقرط والقلائد ، فلا يجوز لها إظهارها ، ولا للأجنبي النظر إليها ، والمراد من الزينة موضع الزينة " انتهى .
وقال في "كشاف القناع" (5/11) : "ولرجل نظر وجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق ذات محارمه . قال القاضي على هذه الرواية : يباح ما يظهر غالبا كالرأس واليدين إلى المرفقين " انتهى بتصرف .
وهؤلاء المحارم متفاوتون في القرب وأمن الفتنة ، ولهذا تبدي المرأة لأبيها ما لا تبديه لولد زوجها ، قال القرطبي رحمه الله : " لما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنّى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة ، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر ، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها . وتختلف مراتب ما يُبدى لهم ، فيبدى للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج " انتهى .
وبناء على ذلك فيلزم المرأة ستر ثدييها إذا أرادت أن ترضع ولدها في وجود أحد محارمها ، فتلقم ابنها الثدي من تحت غطاء ونحوه ، وهذا من حيائها وحرصها على الستر .
ولمزيد من الفائدة يراجع جواب السؤال رقم (34745) .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
113333
العنوان:
كسر البيض عند عجلات السيارة لدفع العين
السؤال:
إحدى أقاربي امرأة كبيرة في السن (غير متعلمة) لا تزال متمسكة بعمل بعض الأشياء التي نخشى أن تؤثر على صحة عقيدتها فعلى سبيل المثال(إذا اشترى أحد أبنائها سيارة جديدة تقوم بتكسير البيض عند عجلات السيارة الأربع) وذلك لاعتقادها أن ذلك يحمي السيارة من العين أو الحسد وعندما ننصحها بأن ذلك لا يجوز وأن الأذكار الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم تكفي تقول بأن ما تفعله صدقة لله سبحانه وتعالى. فما حكم مثل هذا العمل وهل يؤثر على سلامة العقيدة؟
الجواب:
الحمد لله
ما يفعله بعض الناس من تكسير البيض أو رش الملح أو ذبح ذبيحة اتقاء للعين أو الجن بذبحهم ، هو من أفعال الجاهلية المحرمة ، ومن الشرك الذي يجب الحذر والتحذير منه .
ووجه كونه شركا أن الله سبحانه لم يجعل هذا سببا شرعيا ولا عاديا لدفع العين ، أو اتقاء شر الجن ، فمن جعل ما ليس سببا سبباً فقد أشرك .
والشرك نوعان : أصغر وأكبر ، وهذا من الشرك الأصغر ، وقد يكون أكبر إن فعل ذلك تقربا للجن ، أو اعتقد أن هذا السبب يدفع العين بذاته .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولبس الحلقة ونحوها إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله ، فهو مشرك شركاً أكبر في توحيد الربوبية، لأنه اعتقد أن مع الله خالقاً غيره.
وإن اعتقد أنها سبب، ولكنه ليس مؤثراً بنفسه ، فهو مشرك شركاً أصغر ؛ لأنه لما اعتقد أن ما ليس بسببٍ سبباً فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب ، والله تعالى لم يجعله سبباً.
وطريق العلم بأن الشيء سبب ، إما عن طريق الشرع ، وذلك كالعسل { فيه شفاء للناس } [النحل: 69]، وكقراءة القرآن فيها شفاء للناس ، قال الله تعالى: { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } [الإسراء: 82].(/1)
وإما عن طريق القدر، كما إذا جربنا هذا الشيء فوجدناه نافعاً في هذا الألم أو المرض ، ولكن لا بد أن يكون أثره ظاهراً مباشراً كما لو اكتوى بالنار فبرئ بذلك مثلاً ، فهذا سبب ظاهر بيّن ، وإنما قلنا هذا لئلا يقول قائل: أنا جربت هذا وانتفعت به ، وهو لم يكن مباشراً، كالحلقة، فقد يلبسها إنسان وهو يعتقد أنها نافعة، فينتفع لأن للانفعال النفسي للشيء أثراً بيناً، فقد يقرأ إنسان على مريض فلا يرتاح له، ثم يأتي آخر يعتقد أن قراءته نافعة، فيقرأ عليه الآية نفسها فيرتاح له ويشعر بخفة الألم، كذلك الذين يلبسون الحلق ويربطون الخيوط، قد يحسون بخفة الألم أو اندفاعه أو ارتفاعه بناءً على اعتقادهم نفعها.
وخفة الألم لمن اعتقد نفع تلك الحلقة مجرد شعور نفسي، والشعور النفسي ليس طريقاً شرعياً لإثبات الأسباب، كما أن الإلهام ليس طريقاً للتشريع.
قوله: "لبس الحلقة والخيط"، الحلقة: من حديد أو ذهب أو فضة أو ما أشبه ذلك، والخيط معروف.
قوله: "ونحوهما"، كالمرصعات، وكمن يصنع شكلاً معيناً من نحاس أو غيره لدفع البلاء، أو يعلق على نفسه شيئاً من أجزاء الحيوانات، والناس كانوا يعلقون القرب البالية على السيارات ونحوها لدفع العين، حتى إذا رآها الشخص نفرت نفسه فلا يعين " انتهى من "القول المفيد شرح كتاب التوحيد".
وقال رحمه الله : " ما يفعله بعض الناس إذا نزل منزلاً جديداً ذبح ودعا الجيران والأقارب : هذا لا بأس به ما لم يكن مصحوباً بعقيدة فاسدة ، كما يُفعل في بعض الأماكن إذا نزل منزلاً فإن أول ما يفعل أن يأتي بشاة ويذبحها على عتبة الباب حتى يسيل الدم عليها ، ويقول : إن هذا يمنع الجن من دخول البيت ، فهذه عقيدة فاسدة ليس لها أصل ، لكن من ذبح من أجل الفرح والسرور : فهذا لا بأس به " انتهى من "الشرح الممتع" ( 7 / 550 ، 551 ) .(/2)
والمقصود أن كسر البيض أو ذبح الذبيحة أو رش الملح كل ذلك لا أثر له في دفع العين ، وإنما هذا من الاعتقاد الشركي الجاهلي ، وليس من الصدقة كما يُزعم ، وأي صدقة في إهدار الطعام وإلقائه على الأرض !
وإنما تدفع العين بالأسباب المشروعة ، كقراءة القرآن الكريم ، والتحصن بالأذكار الشرعية .
والواجب نصح هذه المرأة وتحذيرها من هذا الاعتقاد الباطل .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
113337
العنوان:
حكم إجراء عملية لنفخ الخدود
السؤال:
ما حكم نفخ الخدود (الوجه) ؟ أنا مقتنعة ولله الحمد بأن حكمه حرام ولكن حدث نقاش حول هذا الحكم وهناك من لم يقتنع بحرمته أرجو من فضيلتكم الرد على هذا السؤال لتوضيح الحكم لمن رفض تصديقه .
الجواب:
الحمد لله
الأصل في عمليات التجميل أن ما كان منها لإزالة عيب أو مداوة لمرض أنه جائز ، وما كان منها لغرض الحسن والجمال فهو ممنوع ، وهو من تغيير خلق الله تعالى ، الذي يحرص إبليس على إيقاع الناس فيه ، قال تعالى : ( وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا . لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ) النساء/117- 119 .
وروى البخاري (4507 ) ومسلم (3966) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ) .
وهذا يدل على أن تغيير خلق الله محرّم موجب للعن .(/1)
قال القرطبي رحمه الله :" وهذه الأمور كلها قد شهدت الأحاديث بلعن فاعلها وأنها من الكبائر ، واختلف في المعنى الذي نهى لأجلها ، فقيل : لأنها من باب التدليس ، وقيل : من باب تغيير خلق الله تعالى كما قال ابن مسعود ، وهو أصح ، وهو يتضمن المعنى الأول ، ثم قيل : هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقياً ؛ لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى ، فأما مالا يكون باقياً كالكحل والتزين به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك " انتهى من " تفسير القرطبي " (5/393).
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثامنة عشرة في بوتراجايا ( ماليزيا ) من 24 إلى 29 جمادى الآخرة 1428هـ ،الموافق 9– 14تموز ( يوليو )2007م قرار بشأن عمليات التجميل ، جاء فيه :
" لا يجوز إجراء جراحة التجميل التحسينية التي لا تدخل في العلاج الطبي ويقصد منها تغيير خلقة الإنسان السوية تبعا للهوى والرغبات بالتقليد للآخرين ، مثل عمليات تغيير شكل الوجه للظهور بمظهر معين ، أو بقصد التدليس وتضليل العدالة ، وتغيير شكل الأنف وتكبير أو تصغير الشفاه وتغيير شكل العينين وتكبير الوجنات " انتهى .
وبهذا يتبين أن نفخ الخدود داخل في التجميل التحسيني المحرم .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
113343
العنوان:
أخذ تورقا من ساب ولم يكن يعلم بالتحريم
السؤال:
أريد أن أسأل عن حكم تمويل التورق المالي من البنك البريطاني (ساب)؟ منذ فترة خمسة أشهر كنت أبحث عن تمويل لشراء أرض لي ، ولكن قبل أن آخذ التمويل أخذت أسأل عنه فوجدت بأن التمويل موقع من قبل العلماء (عبد الله بن سليمان المنيع ، عبد الله بن محمد المطلق ، محمد القري بن عيد) وكذلك خلال بحثي ورد سؤال للشيخ عبد الله المصلح في برنامج "مشكلات من الحياة" حول التورق المالي فأجاب بأنه حلال ولكن علي التأكد من نقطتين أساسيتين ، الأولى : التأكد من البنك في حالة تأخر التسديد بأنه لا يأخذ رسوم إضافية (فائدة متراكبة) ، النقطة الثانية : التأكد من أن البنك يملك السلعة بحيث إذا أراد الشخص أن يأخذها ويتصرف بها تكون موجودة . فقمت بالتأكد من هاتين النقطتين في البنك فأفاد بالنسبة للنقطة الأولى بأنه لا يأخذ أية فوائد على التأخير ، وبالنسبة للنقطة الثانية أفاد بأن مركز البيع له موجود في لندن - بريطانيا وإذا أردت رؤية البضاعة فإنه سيقوم بشحنها لي ولكن علي تكلفة الشحن . وبعد هذا كله والاستخارة والدعاء أخذت التمويل وقد تصرفت به للدخول في استثمارات وشراء أرض. ولكن بعد أن أخذت التمويل وجدت مقالاً في جريدة الشرق الأوسط مفاده بأن مجموعة من العلماء من بينهم الشيخ عبد الله المنيع أقروا بعدم مشروعية التورق المالي ، وتجد المقال في جريدة الشرق الأوسط : الثلاثاء 13 رمضان 1428 هـ 25 سبتمبر 2007 العدد 10528 على الرابط http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=58&issue=10528&article=438485&search=التورق&state=true وحاولت جاهدا بعدها الوصول للشيخ المنيع ولكن لم أستطع وقد اهتديت لموقعكم الكريم . فسؤالي هل يعتبر التمويل الذي أخذته حلالاً أم حراماً ؟ وإذا كان حراماً فما المطلوب مني فعله ؟ مع العلم أني تصرفت بالمبلغ .
الجواب:
الحمد لله(/1)
التورق منه ما هو جائز ، ومنه ما هو محرَّم ، أما الجائز فهو شراء السلعة من تاجر بالأقساط وبيعها نقداً لغيره ، وقد بيَّنا جواز هذا النوع من التورق بشروطه في جوابي السؤالين : (45042) و (36410) .
وأما المحرَّم فله صورتان :
الأولى : أن تشتري سلعة بأقساط ، وتبيعها على من اشتريتها منه نفسه ، وهو ما يسمَّى " بيع العِينة " وهو محرم ، لأنه حيلة اتخذت للتوصل بها إلى القرض بزيادة ربوية ، فصارت بذلك محرمة عند جماهير العلماء .
والثانية : " تورق البنوك " أو " التورق المنظم " ، وصورته : أن تشتري من البنك بضاعة بالأقساط ، ثم توكِّل البنك في بيعها نقداً ، وهذه المعاملة محرمة ، وتسمى : التورق المصرفي المنظم ، وقد صدر قرارٌ من " المجمعِ الفقهي الإسلامي" بتحريمه ، وينظر نص قرار المجمع في جواب السؤال رقم (98124).
وحيث إنك أقدمت على هذه المعاملة دون علم جازم بالتحريم ، واعتمادا على فتوى من يجيزها ، فنرجو ألا يلحقك إثم ، على ألا تعود لمثلها مستقبلا . وأما المال الذي أخذته فيجوز لك الانتفاع به ، ولا يلزمك فيه شيء .
وقد سئل الدكتور محمد العصيمي حفظه الله : أخذت تورقا من ساب فما الحكم؟
فأجاب : "ليس عليك شيء إن شاء الله ، فقد أخذته بناء على فتوى من عالم معتبر . وحتى لو تراجع عن فتواه السابقة لأمور علمها ، فلا يفسد العقد السابق" انتهى من موقعه : "الربح الحلال" .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
113352
العنوان:
زوجها يمزح معها بالضرب
السؤال:
زوجي أحيانا يمزح معي بالضرب وهو لا يرى في ذلك شيئاً ولكن هذا يؤذيني ، وأشعر أحياناً بالألم وعندما أشتكي له يقول : إنه يمزح ، واختلفنا إن كان هذا الفعل حراماً أم لا ؟ واتفقنا على أن نسألكم في ذلك . فأفتونا جزاكم الله خيرا . علماً أن زوجي يتقى الله قدر ما يستطيع ، وأعلم أنه يحبني ولكني أتضايق من مثل هذا المزاح .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز هذا النوع من المزاح الذي يشتمل على إيذاء الزوجة ، وضرب الزوجة لا يرخص فيه إلا في حالة النشوز ، وبشرط أن يكون غير مبرح ، قال تعالى : (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) النساء/34 .
وقال صلى الله عليه وسلم مبينا نوع هذا الضرب المرخص فيه :( فاضربوهن غير مبرح ) رواه مسلم (2137) .
والمزاح الذي يؤذي يتنافى مع المعاشرة بالمعروف المأمور بها في قوله تعالى : (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) النساء/19 .
فمن المعاشرة بالمعروف ، أن يتجنب كل واحد من الزوجين ما يؤذي الآخر أو يضره .
والله أعلم(/1)
رقم السؤال:
113385
العنوان:
لا يشرع قصد المشقة في العبادة طلباً للثواب
السؤال:
هل لا يشرع للإنسان أن يقصد مشقة ما في عبادة من العبادات طلباً للثواب كأن يتوضأ بماء بارد في وجود ماء دافئ ، أو يقصد مسجداً أبعد في وجود مسجد أقرب ؟ حيث إنني قرأت كلاما للإمام الشاطبي في الموافقات ذكر أن الذي يتعمد البحث عن المشقة لا يثاب عليها ؟
الجواب:
الحمد لله
لا يؤجر المكلف على المشقة إذا قصدها ، وإنما يؤجر عليها إذا كانت مقارنة للفعل المكلف به، وذلك أن المشقة ليست مقصودة لذاتها.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في شرح نظم قواعده : "إذا تقرر ذلك وأن الشريعة لم تقصُد المشقة لذاتها ؛ فإنه لا ينبغي لنا أن نقصد المشقة ، لو كان الفعل يمكن أن يؤدّى بدون مشقة ؛ فإن قصْد المشقة ليس مشروعا ، مثال ذلك : من قال سأحج على قدمي من أجل أن أتعب في الحج فيعظُم أجري ، قيل له : قصْدُ المشقة ليس مشروعاً ؛ لأن الشارع لا يقصد المشقة ، فأنت مخالف في فِعلك لمقصود الشارع .
فإن قال قائل: جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أجرُك على قدر نَصَبك).
قيل : هنا ليس المراد بالحديث النّصَب المقصود للمكلَّف ، وإنما المراد النصب الواقع في العبادة الذي لم يقصده المكلف" انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
أي نوع من المياه يستحب للإنسان أن يستعمل عند غسل من الجنابة ؟ الماء البارد أم الساخن؟
فأجابوا : "الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد :
للمسلم أن يستعمل الماء الساخن أو البارد حسب مصلحته ، والأمر في ذلك واسع ، ودين الله يسر ، كما قال سبحانه : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .(/1)
الشيخ عبد العزيز بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/328) .
والله أعلم(/2)
رقم السؤال:
113393
العنوان:
محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والرسل
السؤال:
برجاء توضيح أدلة أن محمداً عليه الصلاة والسلام خاتم الرسل والنبيين معاً . فإن جميع الأدلة تدل على ختم النبوة فقط ، ولا تشير من قريب أو بعيد إلى ختم الرسالة .
الجواب:
الحمد لله
اختلف العلماء رحمهم الله في الفرق بين النبي والرسول ، وجمهور العلماء على أن النبي هو من أوحي إليه من الله ولم يؤمر بالتبليغ ، والرسول هو من أوحي إليه وأُمر بالتبليغ .
ولكن .. مع هذا الاختلاف فإنهم اتفقوا على أن الرسول أفضل من النبي ، وأن الرسول قد حاز شرف النبوة وزيادة ، ولذلك قالوا : كل رسول فهو نبي ، وليس كل نبي رسولا .
وبهذا يتضح أن كل ما ورد في أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين وأنه لا نبي بعده ، أنه يدل على أنه لا رسول بعده أيضاً ، لأنه لن يكون هناك رسول إلا وهو نبي .
ولو جاء النص على أن الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الرسل ، لم يكن هذا النص نافيا لوجود نبي بعده ، لأنه يحتمل أن يوجد نبي وليس برسول .
لكن .. قد جاء النص بأن الرسول صلى الله عليه ومسلم هو خاتم النبيين وأنه لا نبي بعده ، فهذا ينفي وجود نبي بعده ، وكذلك ينفي وجود رسول بعده .
قال ابن كثير رحمه الله :
"(ولكن رسول الله وخاتم النبيين) ...فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده ، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بالطريق الأولى والأحرى ، لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة ، فإن كل رسول نبي ولا ينعكس" .
"تفسير ابن كثير" (3/645) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "وإذا كان خاتم النبيين فهو خاتم الرسل قطعاً ، إذ لا رسالة إلا بنبوة ، ولهذا يقال : كل رسول نبي ، وليس كل نبي رسول" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (1/250) .
والله أعلم(/1)
رقم السؤال:
113422
العنوان:
قال إذا حصلت على وظيفة راح أطلق وسكت ثم قال الشركة
السؤال:
أنا وزميلي نعمل في شركة وجلسنا نحكي عن ترك العمل بحكم قلة الراتب ، وقلت لزميلي : إذا حصلت وظيفة راح أوقع طلاقي وسكت ثواني ثم قلت من الشركة (رغم أن النية أقصد الشركة ) لأن من زمان قبل زواجي كنا نقول متزوجين الشركة على سبيل المزح . فما الحكم في كلمة الطلاق هنا والحل لها لو صحيحة ؟
الجواب:
الحمد لله
ما ذكرته من قولك : إذا حصلت وظيفة راح أوقع طلاقي ، وأنت تقصد به ترك الشركة ، ثم أكملت الجملة بعد السكوت لثوان ، لا يقع به طلاق ؛ لعدم إرادة الزوجة بهذا الكلام .
وهذا اللفظ (إذا حصلت وظيفة راح أوقع طلاقي) لا يقع به الطلاق على الزوجة ، لو قصدت طلاقها ، بل هو مجرد إخبار عما تعزم على فعله في المستقبل ، وليس ذلك إيقاعاً للطلاق .
وينبغي تجنب استعمال ألفاظ الطلاق ، في الجد والهزل ، مع الزوجة وغيرها ، فهذا أسلم .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
113431
العنوان:
دراستها مختلطة ، ووالدها يرفض أن تتركها ؟!
السؤال:
أنا طالبة في جامعة مختلطة مع العلم أنه هنا في الجزائر كل الجامعات مختلطة بعد أن من الله علي بالحجاب أصبحت أرى أنني أسيء للمتحجبات لأن الجامعة مختلطة ، ولأن فرعنا أساسا يحوي على تقريبا70 بالمائة ذكور ، والباقي إناث ، وأحيانا يلزم علينا الأستاذ التعامل مع الذكور في المشاريع ، مما يحتم علي الكلام معهم وأحيانا أحتاج إلى أشياء فاطلبها منهم ، مع العلم أنني لا أستطيع الانقطاع عن الدراسة وهذا بسبب رفض الوالدين . فأرجو من فضيلتكم أن تبين لي: ما هي حدود التعامل مع الرجال أي الحدود التي بينتها الشريعة ؟ وهل أنا في حكم المضطر نظرا لرفض الوالد والوالدة ؟
الجواب:
الحمد لله
سبق الحديث في أجوبة عديدة عن حكم الاختلاط في العمل وفي أماكن الدراسة ، ويمكنك مراجعة ذلك في جواب السؤال رقم (1200) و(103044) .
وأما بالنسبة إلى مشكلتك ، فإن لم يمكنك ترك الدراسة بسبب ظروفك الاجتماعية ، فالواجب عليك أن تبحثي عن فرع آخر للجامعة ، أو كلية أخرى في نفس الفرع تكون فرص التعامل فيها مع الذكور ، والاختلاط بهم أقل ؛ فقاعدة الشرع أنه إذا لم يمكن دفع المفسدة تماماً ، فالواجب التقليل منها بقدر الإمكان .
وأما إذا لم يكن بإمكانك ذلك التحويل الذي أشرنا عليك به ، فالواجب عليك مع محافظتك على الحجاب التام ، وغض البصر ، وعفة الكلام في كل الأحوال – أن تقللي من فرص الاختلاط بالذكور ، وإذا احتجت شيئاً ، فاطلبيه من الإناث , وحاولي أن تتفاهمي مع أستاذك أن يجعل مشروعك مع زميلات لك .
فإن لم يكن ذلك ممكنا ، فسوف تكون مسؤوليتك في التحفظ والتقلل من الاختلاط بالذكور أكثر ، فإياك والخلوة مع أحد ، ولو من أجل الدراسة ، وليكن تعاملك مع الذكور في أضيق الحدود.(/1)
وإذا أمكنك الامتناع عن هذه المخالطة في بعض الأوقات أو في بعض الأعمال فافعلي، وليكن تعاملك جاداً لا يسمح بالتعارف ، ولا الخروج عن موضوع الدراسة .
فإن وجدت في نفسك ميلاً إلى أحد أو وجدت من أحدٍ ميلاً إليك ، فانتقلي عن هذه المجموعة إلى مجموعة أخرى ، ولو نقصت درجاتك ، أو قل تحصيلك الدراسي بصورة يمكن احتمالها.
وافتقري إلى الله أن يحميك ويجنبك الفتن ما ظهر منها وما بطن ، واستعيني بالصبر والصلاة والصيام وذكر الله .
ويمكنك مراجعة جواب السؤال (72448).(/2)
رقم السؤال:
113460
العنوان:
حدثها دائم وقد خرج الوقت أثناء طوافها ولم تعد الوضوء
السؤال:
أنا صاحبة حدث دائم ويلزمني الوضوء عند كل صلاة ، في الحج وصلت إلى الحرم في غير وقت صلاة وتوضأت وشرعت في الطواف ، وأثناء الطواف دخل وقت الصلاة فصليت بدون تجديد الوضوء ، نظرا لشدة الزحام ، ثم أكملت الطواف والسعي فهل فعلي هذا صحيح ؟
الجواب:
الحمد لله
يلزم المستحاضة ومن حدثه دائم أن يتوضأ لوقت كل صلاة ، عند جمهور الفقهاء ، فخروج الوقت ناقض للوضوء في حقها ، وهذا مقيد بما لو خرج شيء ، فإذا لم يخرج شيء فهي باقية على وضوئها الأول ولها أن تصلي به الفريضة التالية .
قال البهوتي في "الروض المربع" (ص 57) : " والمستحاضة ونحوها ممن به سلس بول أو مذي أو ريح... تتوضأ لدخول وقت كل صلاة إن خرج شيء ، وتصلي ما دام الوقت فروضا ونوافل ، فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء " انتهى بتصرف .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " يجب على المستحاضة أن تتوضأ لوقت كل صلاة إن خرج شيء ، فإن لم يخرج منها شيء بقيت على وضوئها الأول " انتهى من "الشرح الممتع" (1/438).
فإذا لم تتيقني خروج شيء منك بعد وضوئك وإلى فراغك من الطواف ، فإن طوافك صحيح ، ولا شيء عليك . وأما السعي فلا تشترط له الطهارة ، فلو سعيت وأنت على غير طهارة فإن سعيك صحيح .
أما إذا تيقنت خروج شيء بعد وضوئك ، فكان عليك أن تتوضئي بعد دخول الوقت الجديد ، ليصح طوافك وصلاتك .
فإذا لم تفعلي فإن طوافك لا يصح عند كثير من أهل العلم .
وذهب بعضهم إلى أن الطواف لا يشترط له الطهارة من الحدث الأصغر ، وأن من طاف بغير وضوء صح طوافه ، وهذا مذهب الحنفية ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمهما الله ، وينظر جواب السؤال رقم (34695) .
وعلى هذا القول ، طوافك صحيح ، وحجك صحيح ، ولا يلزمك شيء ، لكن يلزمك إعادة الصلاة التي صليتها دون أن تتوضئي .
والله أعلم .(/1)
رقم السؤال:
113473
العنوان:
الوكيل في تفريق الصدقة هل له أن يعطيها لوالده ولأهله؟
السؤال:
أنا رجل فقير مدين توظفت وظيفة طيبة وتعرفت على بعض الموسرين الأغنياء ويظنون مستواي أعلى مما هو عليه وأحياناً أعجز عن بعض نفقات والدي وإخوتي من سكن وإيجار وديون وهم ليس لهم بعد الله إلا راتبي أنا الذي يشتركون فيه مع أسرتي الشخصية, فهل علي إثم إن قلت لأولئك الأغنياء إن هناك بعض المحتاجين الذين أعرفهم عن قرب وأقوم بسد احتياج أهلي من صدقات معارفي هؤلاء مع أني لا أقول لهم إنهم أهلي؟ فعلت ذلك كثيراً فهل علي إرجاع المبالغ لأهلها؟
الجواب:
الحمد لله
إذا كان من ذكرت من أهلك مستحقين للصدقة ، لحاجتهم أو سداد ديونهم ، فلا حرج فيما فعلت .
وهذه المسألة محل خلاف بين العلماء ، وهي هل للوكيل الموكَّل بتفريق الصدقة أن يعطيها لوالده وأهله المحتاجين ؟ أجاز ذلك الحنفية والمالكية والحنابلة في أحد الوجهين ، وهو الراجح ، بشرط ألا يحدد الموكِّل بلدا معينا أو جهة معينة لا يدخل فيها أهل الوكيل ، وبشرط ألا يحابي الوكيل أهله في تقدير شرط الاستحقاق .
قال في "مجمع الضمانات" (ص 7) (حنفي) : " الوكيل بأداء الزكاة إذا صرف إلى ولده الكبير والصغير أو امرأته وهم محاويج جاز ، ولا يمسك لنفسه شيئا " انتهى .
وينظر : "تبيين الحقائق" (1/305).
وقال ابن قدامة رحمه الله : " وإن وكله في إخراج صدقة على المساكين وهو مسكين , أو أوصى إليه بتفريق ثلثه على قوم وهو منهم , أو دفع إليه مالا وأمره بتفريقه على من يريد , أو دفعه إلى من شاء , فالمنصوص عن أحمد أنه لا يجوز له أن يأخذ منه شيئا ... وهل له أن يعطيه لولده أو والده أو امرأته ؟ فيه وجهان , أولهما : جوازه ; لدخولهم , في عموم لفظه , ووجود المعنى المقتضي لجواز الدفع إليهم . فأما من تلزمه مؤنته غير هؤلاء , فيجوز الدفع إليهم , كما يجوز دفع صدقة التطوع إليهم " انتهى من "المغني" (5/70).(/1)
وينظر : "مواهب الجليل" (2/354).
وإن كفيت أهلك من مالك فهذا أفضل ، ولا يخفى ما في التعفف والبعد عن المسألة من الفضل .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
113474
العنوان:
طلقها ثلاث مرات منفصلة في المحكمة وتدعي أنه فعل ذلك مكرها
السؤال:
طلقها ثلاث مرات منفصلة في المحكمة وتدعي أنه فعل ذلك مكرها أنا تزوجت من رجل متزوج في 19/2/2005 وكان الزواج شرعيا وتم في المحكمة مع وجود الولي وتم إشهار الزواج ولكن الزواج تم من دون علم أهل زوجي ولا زوجته الأولى وأنا رضيت بهذا الشيء وكان الاتفاق الذي بيننا أنه سوف يخبرهم بعد أن أنجب له أول طفل ، ولكن بعد مضي شهرين من الزواج علمت زوجته بالأمر وهي من عائلة معروفة وذات مركز عالي وأصرت على الزوج أن يقوم بتطليقي وأيضا أهلها وهو كان خائفا منهم وطلب مني أن أعذره وأقف بجانبه لأنه سوف يطلقني طلقة واحدة رجعية فقط لكي يسكتهم ويبعد عنا شرهم ، لم يكن في داخله راضيا بالطلاق وقام به وفي نفس اليوم الذي تم فيه الطلاق أرجعني بالنية وأتى إلي وعاشرني معاشرة الأزواج وكنت حاملا في هذه الأثناء في الشهر الرابع (تم الطلاق في 22/5/2005 والرجعة في نفس اليوم ) . بعده بشهر علموا مرة أخرى بأنه قام بترجيعي وأني مازلت في عصمته ، اجتمعوا أهله وأهل الزوجة وقاموا بتهديده على ألا يدخل البيت إلا ومعه ورقة الطلاق وخاف من جديد منهم وكان تحت تأثير الخوف والإكراه وعليه أن يطلق وفعلها ، طلقني الطلقة الثانية البائنة بينونة صغرى وأرجعني بعدها بثلاثة شهور ومازلت حاملا في الشهر السابع ، يعني تمت الرجعة قبل انقضاء العدة وقالها لي أنتي زوجتي من اليوم ( تم الطلاق الثاني في 25/6/2005 والرجعة في 24/9/2005) . وضعت حملي في 23/11/2005 وأنا في عصمته وعشت معه قرابة السنتين وأهله وأهل زوجته يعتقدون بأني لست موجودة وأنه طلقني .. والآن أنا حامل منه بطفلي الثاني وأنا في الشهر الثامن ، وقبل 3 أسابيع علموا بأنه قد أرجعني وأنني حامل فقاموا يهددونه ألا يدخل البيت إلا عندما يقوم بتطليقي وهو لم يستجب في البداية ولكن بعدها رضخ لهم وخاف منهم وقام(/1)
ليطلق فقط لكي يحقق مبتغاهم ، لم يكن يفكر بأي شيء غير الطلاق ، يريد أن يطلق ويأخذ ورقة الطلاق لأهل زوجته .. حتى في المحكمة لما حاولوا معه لم يكن مستعدا أن يسمع لأي شخص ولم يرد حتى التفكير في شيء فقط يريد ورقة الطلاق بأي ثمن (تم الطلاق في 25/12/2007 وأنا حامل ) .. علما بأن الطلقات الثلاثة ثبتت في المحكمة وكانت بالإكراه.. فهل هذا الطلاق صحيح ؟ هل أنا الآن مطلقة بالفعل ومحرمة عليه ؟ وما هو الحل الآن وأنا لدي طفلة وحامل بطفلتي الثانية وسوف أضع حملي خلال شهر بإذن الله تعالى ؟
الجواب:
الحمد لله
لا يظهر لنا أن ما ذكرته من التهديد لزوجك والتضييق عليه يرقى إلى الإكراه المعتبر ، وما دام الأمر قد تم في المحكمة ، فلك مراجعتها لتنظر فيما تدعينه من الإكراه .
وأنت الآن – بحسب حكم المحكمة – قد بنت من زوجك بينونة كبرى ، فلا تحلين له حتى تنكحي زوجا غيره ، فالحذر الحذر من أن يخدعك أو يوهمك بأنك زوجته ، بل لا ترجعين زوجة له إلا إذا ألغت المحكمة الطلاق ، بعد اقتناعها بوجود الإكراه المعتبر ، وما لم يتم ذلك ، فمعاشرته لك زنا محرم ، نسأل الله العافية والسلامة .
والله أعلم .(/2)
رقم السؤال:
782
العنوان:
بيع بطاقات أعياد النّصارى
السؤال:
السؤال: أنا أعمل محاسب. وفي العمل يوجد بطاقات عيد ميلاد المسيح عليها عبارات شركية مثل (عيسى هو الله - وهو يحبك)… الخ . إذا كان العميل يحضر لي هذه البطاقات فأبين له أنصحه) ، وأضع النقود في آلة التسجيل. فهل أنا كافر ؟ أنا أكره الشرك ، وأكره المسيحية ، وأكره المسيحيين ، فهل أنا كافر ؟
الجواب:
الحمد لله
ما دمت مؤمنا كارها للشرك كارها لدين النّصارى فلست بكافر بل أنت مسلم ما دمت على التوحيد ولم ترتكب ما يُخرج من الدّين ، ولكن لا بدّ أن تعلم أنّه لا يجوز لمسلم أن يعين الكفار بأي وسيلة على إقامة أعيادهم والاحتفال بها ومن ذلك بيع ما يستخدمونه في أعيادهم . قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه العظيم اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم : " فأمّا بيع المسلم لهم في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم من الطعام واللباس والرّيحان ونحو ذلك أو إهداء ذلك لهم فهذا فيه نوع إعانة على إقامة عيدهم المحرّم . وهو مبني على أصل وهو : أنّه لا يجوز أن يبيع الكفّار عنبا أو عصيرا يتخذّونه خمرا . وكذلك لا يجوز أن يبيعهم سلاحا يقاتلون به مسلما . "
ثمّ نقل عن عبد الملك بن حبيب من علماء المالكية قوله : " ألا ترى أنّه لا يحلّ للمسلمين أن يبيعوا من النصّارى شيئا من مصلحة عيدهم ؟ لا لحما ولا إداما ولا ثوبا ولا يُعارون دابّة ولا يعاونون على شيء من عيدهم لأنّ ذلك من تعظيم شركهم ومن عونهم على كفرهم .." الاقتضاء ص: 229 ، 231 ط. دار المعرفة بتحقيق الفقي .
نسأل الله أن يثبتك على الحقّ ويجنبّك الباطل ويرزقك من لدنه رزقا حسنا . وصلى الله على نبينا محمد .(/1)
رقم السؤال:
99783
العنوان:
طلقها زوجها مرتين وتعرفت على شاب عبر الإنترنت يريد الزواج منها
السؤال:
أنا فتاة عمري 19عاما تزوجت في 4/ 8 / 2006 والآن طلقني زوجي منذ شهرين لقد قال لي أنت طالق مرتين وشتم أمي وضربني أمام إخوتي والآن هو ندمان ويريد استرجاعي مع العلم أني مازلت زوجته في القانون يعني في الأوراق ؛ والآن لقد تعرفت عبر النت على شاب مسلم ويؤمن بالله سبحانه وتعالى؛ فلقد تعرفت على هذا الشخص وكنا نتكلم في مسائل الدين ؛ وبعد مدة حكيت له قصتي فتأثر كثيرا بعد أسبوع وبعد تبادل كلام شريف فقد طلب مني إذا كان من الممكن يتزوج بي على سنة الله تعالى ؛ فماذا أفعل مع العلم أن هذا الشاب محترم ولم يقل لي كلاما سيئا يزعجني ؛ وأريد أن أعرف هل ما أفعله حرام ؟ وأريد أن تساعدوني ، فأنا لا أقدر أن أقول هذا لأي أحد ، أرجوكم ساعدوني فأنا عمري 19 وأسكن في فرنسا وهناك القليل من يساعدني وشكرا .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا قال الزوج لزوجته : أنت طالق طلقتين أو مرتين ، وقعت طلقة واحدة .
ثانيا :
إذا كانت هذه هي الطلقة الأولى ، وقد مضى عليها شهران فقط ، فإن كانت عدتك لم تنته ، فأنت لازلت في حكم الزوجة ، ومن حقه أن يرتجعك ، ولا يجوز لك أن ترفضي ذلك ، بل لا تحتاج الرجعة إلى قبولك .
وأما إن انقضت العدة ، فإنه لا يملك ارتجاعك إلا بموافقتك وبعقد جديد ومهر جديد .
وعدة المرأة التي تحيض : ثلاث حيضات ، فإذا طهرت من الحيضة الثالثة واغتسلت فقد انقضت عدتها .
وعدة المرأة التي لا تحيض لصغرٍ أو يأس : ثلاثة أشهر .(/1)
قال الله تعالى : ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا ، يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ ، كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ ، بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي ، عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ ، عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228 ، وقال سبحانه : ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ ، فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ) الطلاق/4 .
ثالثا :
المرأة خلال العدة من الطلاق الرجعي لا يجوز لأحد أن يصرح أو يعرّض لها بالخطبة ، لأنها لا تزال في حكم الزوجة ، فإذا انقضت عدتها جازت خطبتها والتصريح لها بذلك .
وعليه فإذا كانت عدتك لم تنته ، فهذا الطلب الذي جاءك ممن تعرفت عليه عبر الإنترنت طلب محرم .
رابعا :
الحديث مع الرجال عبر الإنترنت ، في البرامج الخاصة أو المحادثات الخاصة ، له آثاره السيئة ، ومفاسده الواضحة ، وهو محفوف غالبا بأنواع من المحرمات ، وإذا كان الحديث فيه عن أمور الزواج وما يتصل به كان أشد وأشنع ، وقلما ينتج عنه زواج مستقيم .
ولهذا ننصحك بقطع العلاقة مع هذا الشاب ، والتوبة إلى الله تعالى من الحديث معه في أمر الزواج إن كان ذلك أثناء عدتك .
ويلزمك الرجوع إلى زوجك ، إن كان طلبه لك حصل أثناء العدة ، فإن تضررت بعد ذلك بالعيش معه فلك أن تطلبي الطلاق لرفع الضرر .(/2)
واتقي الله تعالى ، واعلمي أنه مطلع عليك لا تخفى عليه خافية ، ولا تسيئي إلى نفسك ، ولا تشوهي سمعة زوجك ، أو تدنسي عرضه بالتساهل في إقامة العلاقات مع الرجال ، فإنك لن تجني من ذلك إلا مزيدا من الهم والضيق ، ينفرك من زوجك ، ويعلقك بغيره ، ويحرمك من السعادة والأمن والراحة ، لأنه لا سعادة ولا أمن ولا راحة إلا في طاعة الله .
وتوجّهك بالسؤال إلينا يدل على ما في نفسك من الخير ، والحرص على الطاعة والخوف من المعصية ، ولهذا نؤكد عليك النصيحة ، ونذكرك بحق زوجك ، ونسأل الله تعالى أن يصلح حالك ، وأن يفرج كربك ، وأن ييسر لك الخير حيث كان .
والله أعلم .(/3)
رقم السؤال:
105328
العنوان:
المصاب بالفشل الكلوي هل يعطى من الزكاة ؟
السؤال:
المصابون بالفشل الكلوي هل يجوز صرف زكاة الأموال لهم ؟
الجواب:
الحمد لله
" حاجة الإنسان للعلاج حاجة ملحة ، فإذا وجدنا مريضاً يحتاج للعلاج لكنه ليس عنده مال يدفعه للعلاج ، فإنه لا حرج أن نعطيه من الزكاة ؛ لأن الزكاة يقصد بها دفع الحاجة " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/342) .
أما إذا كان هؤلاء المرضى أغنياء لا يحتاجون المال ، فلا يجوز دفع الزكاة إليهم .
والله أعلم .(/1)