|
تم استيراده من نسخة : عبد الحميد بن عبد الستار
1-يقول ابن القيم :"فإن كانَ يأجوجُ الطبعِ و مأجوجُ الهوى"
(...السؤال...)
قرات هذه الكلمات على احد المواقع واريد معرفة مصدرها ؟
يقول ابن القيم "فإن كانَ يأجوجُ الطبعِ و مأجوجُ الهوى' قد عاثوا فى أرضِ القلوبِ فأفسدوا فيها' فأعينوا المَلِكَ بقوةٍ يجعلْ بينكم و بينهم رَدْماً' اجمعوا له من العزائمِ ما يُشابه زُبَرَ الحديدِ' ثم تفكروا فيما أسلفتم؛ ليثورَ صُعَدُ الأسفِ فلا يحتاج إلى أن يقولَ لكم: انفُخُوا' شدوا بنيانَ العزمِ بهجرِ المألُوفاتِ و العَوائِدِ' و قد استحكَمَ البناءُ فحينئِذٍ أفرغُوا عليه قِطْرَ الصبرِ' و هكذا بَنَى الأولياءُ قبلَكُم فجاءَ العدو فما اسطَاعُوا أن يَظْهَرُُوه و ما استَطَاعوا لَهُ نَقْبَا .."
(...الجواب...)
هذا في كتاب " الفوائد " لابن القيم رحمه الله .
2-تسجيل الأعضاء بعضويتين أو أكثر
(...السؤال...)
مارايك ياشيخ يحصل بالمنتديات الخاصه أن يقوم بعض الاعضاء بالتسجيل بعضويتين أو أكثر والهدف منها
أن يتواجد باسم ويرد على الاعضاء ويتعرض لإيذاءهم والسخرية منهم ونقدهم
ثم يتواجد باسمه الثاني ويشكر ويثني ويرد على أسمه الاول
و يغالطه
(...الجواب...)
هذا من الخداع ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : المكر والخديعة في النار .
قال ابن حجر في فتح الباري : وأما حديث الخديعة في النار ، فرويناه في الكامل لابن عدي من حديث قيس بن سعد بن عبادة قال : لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : المكر والخديعة في النار ؛ لكنت من أمكر الناس . وإسناده لا بأس به . اهـ .
ويُخشى على صاحبه أن يدخل تحت قوله عليه الصلاة والسلام : إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ ؛ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاءِ بِوَجْهٍ . رواه البخاري ومسلم .
ومن لا يسلم الناس من شرّه وأذاه ، فيُخشى عليه أن يدخل تحت قوله عليه الصلاة والسلام : إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتِّقاء شرِّه . رواه البخاري ومسلم .
(1/1)
وفي رواية لمسلم : إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من وَدَعَه ، أو تَرَكَه الناس اتقاء فحشه .
3-وحش الثقلين
(...السؤال...)
هذا إسم لعضووو في منتدى هل الإسم فيه شي أو لا,,
)وحش الثقلين(
(...الجواب...)
هذا فيه مُبالغة !
4-اتخاد أسماء الصحابة مجالا للتسلية واللعب
(...السؤال...)
ما حكم اتخاد أسماء الصحابة مجالا للتسلية واللعب.
هذه لعبة رأيت فكرتها قبل ذلك وأحببت أن أضعها هنا حتى نشارك سويا فيها ،،
ففيها نستفيد ونفكر ونرفه عن أنفسنا ،،
المهم اللعبة عبارة عن أنى سأضع جملة والقائل لها ولكن ستكون بالاحرف الانجليزية على الكيبورد ،،
وأنت إذا حولت تلك الأحرف إلى نظائرها بالعربية على الكيبورد أيضا تصل إلى الجملة المطلوبة وإلى قائلها ،،
أعطى مثالا لو أردت أن أكتب مثلا
عمر بن الخطاب ،،،
ستكون هكذا
ulv
fk hgo'hf
(...الجواب...)
لِيلعب بِغيرها !
5-ما حكم النقل بدون ذكر المصدر ..
(...السؤال...)
لو في موقع بيقدم علم .. أو نتايج او تسجيلات أو ورق محاضرات او تلخيصات و هكذا )أمور علمية دنيوية( ..
الموقع ده سمح للجميع أن ينقل ما يشاء لأي مكان يشاء .. بس ما يزيل العلامة المائية التي يتميز بها الموقع (حتى يُعرف المصدر) او يذكر في بداية الموضوع انه منقول من الموقع الفلاني
حتى يتشجع الأعضاء القائمين على الموقع بالتصوير و الشرح عندما تجد اهتماماً من الناس و رداً على مواضيعها سواء بالشكر أو غيره .. علماً أن الموقع في قوانينه لا يسمح بهذا (النقل بدون الذكر(
هل يجوز لأي إنسان نقل مواضيعنا و تغطية هذه العلامة المائية حتى يطمس المصدر
فضلاً أنه قد يضع اسم موقعه على المنقول من موقعي
و هل يختلف الحكم إن كان الموقع المنقول منه يحتوي مخالفات شرعية كموسيقى و غيرها ؟؟
(...الجواب...)
المسلمون على شروطهم ، فإذا اشترط الموقع ذِكْر المصدر ، فَعَلَى مَن نَقَل عن ذلك الموقع أن يذكر المصدر .
(1/2)
ولا يختلف الحكم إذا كان الموقع يتضمن مخالفات شرعية ، وإذا كان يُخشى من نشر مثل ذلك الموقع ، فلا يُنقل عنه أصلا .
6-هام جدا بخصوص أداب المشاركة
(...السؤال...)
مشتركين فى منتدى لدراسة العلوم الشرعية و هذا المنتدى مختلط أحيانا أحب أضع موضوعات
قد تفيد الأعضاء وأحيانا أقرأ مواضيع قيمة من الاعضاء.......
فهل انا أثمة اذا علقت على موضوع لاخ مثلا (جزاكم الله خيرا أو بارك الله فيكم ونحو ذلك؟؟
(2*)أرجو من فضيلتكم توجيه نصيحة للاخوة الذين يردون على الاخوات مثلا يضع جزاكم الله خيرا وابتسامة (الوجوه المعبرة)
*** كذلك المنتدى ملئ بالاخوة والاخوات فما قولكم فى الرسائل الخاصة بين الرجال والنساء (لا يتكلمون فى شئ فيه معصية ولكن أليس من الحياء عدم تبادل الرسائل بين الاخوة والاخوات
خصوصا ان فيه اخوة كثير واخوات وهناك ادارة (اى لا داعى للرسائل بين الاخوة والاخوات)
(...الجواب...)
لا حرج في الردود بين الجنسين إذا لم يُجاوز ذلك حدود الأدب ، ومِن مُجاوزة حدود الأدب استعمال الوجوه التعبيرية بين الجنسين ، وكذلك العبارات التي لا تليق أن تكون بين رجل وامرأة أجنبيين عن بعضهما ، مثل : أختي الغالية ، أو عزيزتي ، وما يُقابلها من الجنس الآخر .
ولا أرى حاجة إلى الرسائل الخاصة بين الجنسين ؛ لأنها تفتح باب للشيطان .
7-حكم عمل تقارير عن أشخاص ؟
(...السؤال...)
ما حكم ( عمل التقارير )
تقارير عن الأجانب و غير المسلمين ، كالممثلين على سبيل المثال .
هل هي مكروهة أم لا تجوز أو ما موقف الشرع منها ؟
و هل أؤثم إن أعددت تقريراً بخصوص ممثل أجنبي معين ؟
(...الجواب...)
الكفّار والفُسّاق يجب أن لا يُرْفَع لهم شأن ، ولا يُردّد لهم ذِكْر ، بل الواجب إخماد ذِكْرهم ، والحطّ من شأنهم ؛ خاصة إذا كانوا ممن تتعدّى آثامهم ، ويستطير شرّهم .
(1/3)
وكتابة التقارير عنهم من باب رفع شأنهم وذِكْرهم ، خاصة إذا كانت من أجل إبراز جوانب في شخصياتهم الفاسدة ، أو إظهار جوانب من حياتهم ، وأشدّ من ذلك إذا كان على سبيل القدوة والاقتداء .
ولذلك كان السلف يُصغّرونههم ويُحقّرون من شأنهم ، فما كان أمثال هؤلاء يُوصَفُون إلاَّ بـ " الْمُخنّثِين " !
8-افيدونا بصحة ما جيء في هذا الطرح
(...السؤال...)
افيدونا بصحة ما جيء في هذا الطرح
بسم الله الرحمن الرحيم
الله
أجمل ما خط قلم
و أعظم ما تجمل به علم
و أجل ما عرفت البشرية شعوباًً وأُمم
**********************
أعذب ما نطق به لسان
وأقدس ما ذكر في زمان أو مكان
*******************
سبحانك
خالق كل شي من العدم
سبحانك
الأعظم والأعلم
رب الشرق والغرب والعرب والعجم
لك حق السجدة والركعة
لك حق الخشية والدمعة
لك ما ليس لغيرك
إياك نحن نطلب
وإليك جباهنا بالأرض تكتب
سبحانك
خلقت اليابس والأخضر
***************
سبحانك
خلقت الحار والبارد
***************
سبحانك
خلقت الضئيل والضخم
****************
سبحانك
خلقت البحار ومددت الأرض
*************
سبحانك
خلقت الصغير والهرم
*****************
سبحانك
خلقت المشع والمضيء
*****************
سبحانك
علمتنا ما لم نعلم
******************
سبحانك
خلقت المشتبه والمختلف معا
**********************
سبحانك
بعثت بالرحمة في كل ذي كبد رطب
********************
سبحانك
علمت بالقلم
*********************
سبحانك
الجمل بالإعجاز فيه يفخر
*******************
سبحانك
والصافنات الجياد بالارض تحفر
***************
سبحانك
والعين بجمال ما خلقت تسبح وتذكر
**********************
سبحانك
رزقت بلا حساب
و رحمت وبأمرك العقاب
سبحانك
مددت الظل كي نستظل وبعثت رسولك صلى الله عليه وسلم بالحق كي لا نضل
********************
سبحانك
جعلت النخل باسقات ورفعتنا بالعلم مراتب وطبقات
************
(1/4)
اللهم أني أسالك إيمانا كاملا وأسألك قلباً خاشعاً وأسألك علماً نافعاً
وأسألك يقيناً صادقاً وأسألك ديناً قيماً وأسألك العافية من كل بليه
وأسألك تمام العافية وأسألك الشكر على العافية وأسألك الغنى عن الناس
اللهم إني أدعوك باسمك الواحد الأعز
وأدعوك اللهم باسمك الصمد
وأدعوك باسمك العظيم الوتر
وأدعوك باسمك الكبير المتعال
الذي ثبت به أركانك كلها
أن تكشف عني ما أصبحت وما أمسيت فيه
اللهم أجعل القرآن الكريم لنا في الدنيا قرينا .. وفي القبر مؤنساً
وعلى الصراط نوراً وفي القيامة شفيعاً وإلى الجنة رفيقاً
ومن النار ستراً وحجاباً وإلى الخيرات كلها دليلاً وإماماً
بفضلك وجودك يا أكرم الأكرمين
اللهم آمين
(...الجواب...)
لا بأس به إلاّ ما قيل :
(الجمل بالإعجاز فيه يفخر) ، فإذا كان المقصود به " الْجَمَل " فلا شك أن خَلْقَه من آيات الله ، ولذلك أمَر الله بالنظر إلى الإبل نظر اعتبار وتفكّر ، إلاّ أن إثبات افتخار الْجَمَل غير صحيح .
وما قيل في : (وأدعوك باسمك الكبير المتعال الذي ثبت به أركانك كلها) ، فهذا لا يصح ، ولعله يُقصد به : " أركان عرشك " .
9-رايكم بموضوع تعديد نعم الله في المنتدى
(...السؤال...)
أبي رايك بالموضوع اللي تم نشره بمنتدانا في قسم السوالف العامة
*********************************************
كلنا نعلم ان نعم الله علينا كثيره وكثيره ندرك منها الكثير ولا ندرك منها الأكثر
موضوعى اليوم ودى وبسيط جداااا ليس الا للتذكره بنعم الله علينا التى لا حصر لها ولا عدد
كل مشاركه هتكون بذكر نعمه من نعم الله علينا التى يجب ان نحمده ونشكره عليها لكن لا يدركها الأخرون وربما نسوها فى زحمة الحياه
اتمنى ان ينال الموضوع اهتمامكم وتفاعلكم الطيب
ولكم جزيل الأجر والثواب من الله تعالى
والله يضاعف لمن يشاء
(...الجواب...)
(1/5)
التذكير بِنِعَم الله أمْر مشروع ، وهو مطلوب ؛ لأن الناس في غفلة الحياة ربما ينسون تلك النِّعَم ، فيحتاجون إلى تذكير .
قال تعالى في تِعداد النِّعَم : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)
قال قتادة : نِعَم الله متظاهرة يُقَرِّرك بها كَيْمَا تَشْكُر .
10-هل يجوز قتل القمل؟
(...السؤال...)
سمعت لنه لا يجوز قتل القمل ، ولكن فيه ضرر واذا تركناه قد ينقل الى شعر الاخرين ؟!
(...الجواب...)
ما سمعتيه ليس بصحيح ، وقد يكون في حقّ النمل . والقاعدة : أن المؤذِي طَبَعاً يُقتَل شرْعاً . فكلّ ما يؤذي بِطبعِه يجوز قتْلُه شَرْعاً .
11-الحفلات التنكرية
(...السؤال...)
ما حكم إقامة الحفلات التنكرية التي يلبس فيها الأولاد أزياء أبطال أفلام الكرتون وتلبس البنات أزياء الدمى والألعاب وبعض الأطفال يتنكرون بزي حيوانات و قد يتنكر البعض الآخر بزي أميرة أو فارس أو شخصيات خيالية!
علماً بأن للمسيحيين عيداً يسمى الهلوين تلبس فيه هذه الملابس التنكرية ويطوف الاطفال على البيوت طالبين الحلوى والالعاب ..
وتقام للكبار والبالغين حفلات تنكرية ويصوت فيها لافضل زي!
(...الجواب...)
إذا خَلَتْ من المحاذير ، فلا بأس بها ، لأنها من الترويح عن النفس . ومن المحاذير فيها :
1 - تعلّق القلب بِمن شابهه في الزِّيّ . قال ابن مسعود : إذا شابَه الزيّ الزيّ شابَهَ القلب القلب . يعني المشابهة في الظاهر تُورِث المشابهة والمشاكلة في الباطن .
2 - الإعجاب بالكفّار ، خاصة في الشخصيات التي تُرسم على أنها بطولية ، مثل شخصية " بات مان " و " سبايدر مان " ونحوها مما يُصوّر على أنها شخصيات بطولية !
3 - تَعلّق الأطفال بشخصيات وهمية ، ربما كان له الأثر البالغ على تصوّراتهم وتصرّفاتهم .
4 - توقيت تلك الحفلات ، أو ربطها بمناسبات مُعيّنة ، لأن ذلك يجعل فيها مضاهاة الأعياد .
وللفائدة فهذا مقال بعنوان :
كلمات وألفاظ في الميزان
(1/6)
12-التسمي بأسم: اقوى جند الله
(...السؤال...)
ماحكم التسجيل في المنتديات بمسمى : اقوى جند الله
(...الجواب...)
سُئل عليٌّ رضي الله عنه : أي الخلائق أشدّ ؟
فقال : أشد خَلْق ربك عشرة :
الجبال الرواسي ، والحديد تنحت به الجبال ، والنار تأكل الحديد ، والماء يطفئ النار ، والسحاب المسخر بين السماء والأرض يعني يَحمل الماء ، والريح تُقِلّ السحاب ، والإنسان يَغلب الريح يَعصمها بيده ويَذهب لحاجته ، والسُّكر يغلب الإنسان ، والنوم يغلب السُّكر ، والْهَمّ يغلب النوم فأشدّ خَلْق ربكم الْهَمّ .
فلعله أراد ذلك ، أي : أنه أراد التسمّي بالْهَمّ ، ومع ذلك فالأسماء لها تأثيرها على الْمُسَمَّيَات ، فلا ينبغي أن يتسمّى الإنسان بِما يزيده هَمًّا ، بل ليتسمّى بِما يجلب له الفأل والتفاؤل .
13-أترك لك بصمه بـ( آيه/حديث/ دُعاء).؟؟؟
(...السؤال...)
استفسر عن حكم هذا الموضوع
وهو
:
أترك لك هنا ... بصمه !! بـ ( آيه / حديث / دُعاء )
مجرد ترك بصمه وكما ذكر
فهوليس الزامي ولا شئ
فقط من بابا حب نشر الخير
(...الجواب...)
لعل المقصود بـ " اترك لك بصمة " يعني : اترك لك أثَرا . ولا يظهر لي أن فيه محذورا ، إلاّ أن يرتبط بزمان أو مكان مُعيّن .
14-إنما الدنيا ثلاثه أيام.........
(...السؤال...)
طرحت هذه المقولة بالقسم الذي أنا مشرفة عليه، وعندما بحثت عنها وجدتها منتشرة بالكثير من المنتديات وأغلبيتها شعية وعلى أن من قالها هو أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ...
ونحن لا نعلم من صحتها شيء ...وهل هي صحيح قالها علي رضي الله عنه أم لا ..؟؟
المقولة: قال امير المؤمنين رضي الله عنه ....
(( إنما الدنيا ثلاثه أيام
يوم مضى بما فيه وليس بعائد ,ويوم انت فيه فحق عليك اغتنامه,ويوم لا تدري انت من اهله,ولعلك راحل فيه . اما اليوم الماضي فحكيم مؤدب,وأما اليوم الذي انت فيه فصديق مودع,وأما غد فإنما في يديك منه الأمل.
وقال(علي رضي الله عنه ):
(1/7)
ما من يوم يمر على ابن آدم ,إلا قال له هذا اليوم:
أنا يوم جديد , وانا عليك شهيد,فقل فيه خيرا,وأعمل في خيرا,وأشهد لك به يوم القيامه,فإنك لن تراني بعد هذا أبدا ))..........
(...الجواب...)
ليس فيها ما يُستغرب ، وعليّ رضي الله عنه عُرِف بقوّة الكلمة في الشعر والنثر . وقد عقد ابن كثير في " البداية والنهاية " فصلا في ذِكْر شئ من سيرته الفاضلة ومواعظه وقضاياه الفاصلة وخُطبه الكاملة ، وحِكَمِه التي هي إلى القلوب واصلة .
ولكني لم أر هذه الأقوال مروية عن عليّ رضي الله عنه ، وإنما رُويت عن غيره .
فالقول الأول ، رواه ابن أبي الدنيا عن الحسن البصري ، قال : إنما الدنيا ثلاثة أيام ، مضى أمس بما فيه ، وغدا لعلك لا تدركه ، فانظر ما أنت عامل في يومك .
ورواه عنه أيضا بلفظ مُقارب لهذا اللفظ .
والقول الثاني ، رواه ابن أبي الدنيا عن الحسن ، قال : ليس يوم يأتي من أيام الدنيا إلا يتكلم يقول : يا أيها الناس إني يوم جديد ، وأنا على من يعمل في شهيد ، وإني لو غربت الشمس لم أرجع إليكم إلى يوم القيامة .
ورواه عن عبد الرحمن بن زبيد اليامي ، قال : ليس من يوم إلا وهو ينادي : أنا يوم جديد ، وأنا عليكم شهيد ، ابن آدم إني لن أمر بك أبدا ، فاعمل في خيرا ، فإذا هو أمسى قال : اللهم لا تردني إلى الدنيا أبدا .
15-قصائد زهدية يغلب عليها مؤثرات صوتية
(...السؤال...)
ما حكم الاستماع إلى أشرطة بعض المشايخ في القصائد الزهدية حيث يغلب عليها المؤثرات الصوتية والكورال .
(...الجواب...)
الحث على الزهد في الدنيا له اصل في الشرع ، وهو غير ما يَفهمه بعض الناس من ترك ما أحلّه الله وأباحه لعباده ، ولكنه ترك ما لا ينفع في الدار الآخرة ، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية .
فليس من الزهد ترك أكل الطيبات ، ولا لبس الجميل .
(1/8)
فإن سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام - محمد عليه الصلاة والسلام - لم يُعرض عليه طعام أو لباس وتَرَكه تزهّداً ، وهو عليه الصلاة والسلام الأسوة والقدوة .
فلم يكن عليه الصلاة والسلام يتكلّف ضد حاله ، فلا يطلب معدوما ولا يردّ موجوداً إلا أن يكون لا يشتهيه أصلا .
وأما بالنسبة للقصائد الزهدية فالقصد منها أصلاً ترغيب القلوب في الدار الآخرة ، والحثّ على عدم التعلّق بالدنيا
أما أن تُصحب بمؤثِّرات صوتية وغيرها فقد أصبح القصد منها السماع وحده ، أو السماع والتلذّذ بالصوت الحسن .
ولا يجوز استعمال مؤثِّرات صوتية في القصائد والأناشيد ، أعني المؤثِّرات التي تُعطي نغمات موسيقية ، كجهاز " السامبلر " وغيره .
16-عرض صور الأحياء الغير واضحة المعالم ؟
(...السؤال...)
هل من إشكالية شيخي الفاضل من تعليق أو عرض صورة تحوي على ذوات روح
و لكنها غير واضحة المعالم أو مصورة من الخلف بحيث لا تُظهر الوجه أو مطموسة العينين و الأنف مثلاً ؟ و هل تنزل بمنزلة صور الاحياء كحكم شرعي ؟
(...الجواب...)
عَرْض الصورة يختلف عن تصويرها ، وإذا طُمِست معالم الوجه ، فأرجو أنه لا بأس بعرضها ، أما تعليق صُوَر ذوات الأرواح فلا يجوز بِحال ؛ لأنه يُفضي إلى أمور مُحرّمة .
17-ماحكم استخدام هذه الدروس وتطبيقها ...؟
(...السؤال...)
احببت ان استفسر ماحكم استخدام درس تغيير لون العيين ببرنامج الـ فوتوشوب
بحيث اغير فيها لون عدسة العين من لونها الاصلي الى لون آخر هل تعتبر تغيير خلقة الرحمن
رغم انه درس ليظهر مهام البرنامج ومايعمل والكثير يستخدمها .. فلذلك احببت ان استفسر
مثال ..
(...الجواب...)
ولِم لا يكون الدرس في غير تغيير لون العين ؟!
لأنه يُخشى من تزيين ذلك الأمر لمن تتعلّمه ، ثم يحملها ذلك على العمل به .
18-وأفوض أمرى إلى الله
(...السؤال...)
19-تجديد البطاقة الشخصية
(...السؤال...)
(1/9)
اريد تجديد البطاقة الشخصية حيث انتهت صلاحيتها وعلمت انه يطلب بصمات ..المشكلة ان هو شرطي هو من يأخذ هذه البصمات ويمسك يد الباصم ويبصم اصابعه سواء كان رجل او امرأة بقوة حتى تكون ظاهرة جيدا..ولا يوجد امرأة تختص بالنساء..
مهمومة جدا وتعبت ومترددة في تجديدها لهذا السبب.. ولا ادري ماذ سافعل وكيف اتصرف والبطاقة ضرورية لقضاء المصالح كما هو معلوم..لا استطيع ان استوعب انه يمكن ان يمسك يدي ويضغط بها او عليها..ولو لثواني عديدة..كما انهم يحقدون على صاحبات الحجاب الشرعي والملتزمين عموما..
قولي يا شيخ ماذا سأفعل..؟
(...الجواب...)
لا يجوز للمرأة أن تُمكِّن رجلا أجنبيا عنها من أن يمسها من غير ضرورة ، ولا ضرورة هنا .
ولو رفضت كل امرأة هذا التصرف لاضطرت الجهات المعنية إلى إيجاد حَلّ مناسب .
20-طرح مواضيع عن الحلال والحرام
(...السؤال...)
نصرة لحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أطرح عليكم هده الفكرة والتي أرجو ألا يكون قد سبقني لها أحد غيري.
لقد كان جانب الإسلام مشرقا وضاء" يحمل الدليل الناصح على أنه دين الإنسانيه ،،صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ،،والحلال والحرام معروف في كل أمة مند القدم ثم جاء الإسلام وجاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالهداية لينير بها عقولنا، وينور بها بصرنا بصيرتنا ،
(وما أتاكم الرسول فخد وه وما نهاكم عنه فأنتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب)
فضلا"وليس أمرا" نطلب من كل أخت تمر أن تكتب عن الحلال والحرام مستدلة بآيه أو حديث شريف ….وهكذا كل زميلة تقرأ هذا الموضوع تكتب حتى نجمع أكبر عدد من الآيات والأحاديث الشريفة التي تدل على الحلال والحرام،وأن يكون عونا" للمسلم ويحل مشكلات كثيرة تعرض لها في حياته الشخصية والأسرية ويجيب على أسئلة كثيرة في ذهن الناس ..
(1/10)
ارجوا أن أكون بما كتبت حققت الغرض المنشود وأسأل الله تعالى أن ينفعنا بهذا وأن يرزقنا السداد في القول والعمل ؛وأن يهيئ من أمرنا رشدا,إنه سميع الدعاء؛
مثلآ:
الحرام (عقوق الوالدين )
(الحلال) جاء رجل يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:أمك,ثم من؟ قال:أمك,ثم من؟ قال :أمك,ثم من؟ قال:أبوك
الحرام (التبرج)
الحلال(قوله تعالى :وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )"الأحزاب 33
أرجوك يا شيخنا الكريم هل يجوز مثل هذا الموضوع نشره في المنتديات
(...الجواب...)
يجوز نشره ، ويؤجر من يُبصِّر الناس بأمور دِينهم ، إلاّ أنه يجب الاحتياط في الاستدلال ، بحيث لا يكون استدلال الشخص من استنباطه هو من الآية أو من الحديث ، وإنما يكون من كلام أهل العلم وفهمهم ، ويجب الاحتياط أيضا في الاستدلال بالأحاديث الصحيحة دون الضعيفة .
21-بخصوص الرقية الشرعية
(...السؤال...)
لدي سؤال قد احترت واستغفر الله ان كنت قد اثمت لان الوسواس يدفعني الى عدم التأكد والعياذ بالله ،،
انه هل لو جربت ورقيت نفسي بالرقية الشرعية الصحيحة حيث قرأت بأنه رقية الانسان على نفسه اقوى من غيره ، وانني اعادني من مرض الحسد قد مضى اكثر من عشر سنين وانا مترددة في ان اعمل العملية قبل ان اتأكد هل يزول المرض بالرقية الشرعية؟
وخاصة ان المرض في العين وقد اشتد به حتى اصبحت لا ارى بأحدى العينين واصبحت القرنية مخروطية وهذا محل شكي هو كيف يعود !!! اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
اريد ما يدفعني لاقوي همتي وعزيميتي في الصبر وان اتشجع في ان اقوم الاعتماد على كتاب الله وانا اعلم ان الله هو القادر على كل شيء والشافي بإذن الله
(...الجواب...)
(1/11)
في الرقية شِفاء ، ولا يعني هذا أن لا يُعمل بالأسباب الظاهرة ، ولو جُمِع بين الأمرين لكان أفضل ، بحيث تُجرى العملية ولا تُترَك الرقية ؛ لأن أثر افصاة بالعين قد يبقى بعد العملية ، ولا يُذهبه بحول الله وقوّته إلاّ الرقية الشرعية والأخذ من أثر العائن إذا أمكن ذلك .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه ، وكان يتداوى بالأدية النافعة .
وهذا يدلّ على أن الجمع بين الأمرين أفضل .
22-تعليقكم على هذه الكلمات
(...السؤال...)
هذه كلمات أنشودة تردد للأخوة أو الحب في الله كلماتها
( سلام كمسك الختام
عليكم أحيبابنا يا كرام
ومن ذكرهم أنسنا في الظلام
ونور لنا بين هذا الأنام
سكنتم فؤداي ورب العباد
وأنتم منائي وأقصى المراد
فهل تسعدوني بصفو الوداد
وهل تمنحوني شريف المقام
أموت وأحيا على حبكم
وذلي لديكم وعزي بكم
وراحت روحي رجاء قربكم
وعزمي وقصدي إليكم دوام )
نود تعليقكم على هذه الكلمات
(...الجواب...)
يُلحظ على قوله : (وأنتم منائي وأقصى المراد ) ، وهذا غير صحيح ؛ لأن مُنى الإنسان لا تنقطع عند الأخوّة ، بل هي وسيلة إلى غاية أعظم ، ولا يصح أن تكون الأخوة هي أقصى المراد .
وكذلك قوله : (وذلي لديكم وعزي بكم) غير صحيح ، فإنه من اعتَزّ بِغير الله ذلّ ، وإن كان قوله : " وذلي لديكم " له أصل في قوله تعالى : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) .
والعِزّ في طاعة العزيز سبحانه وتعالى .
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : مَن سَرّه الغِنى بلا مال ، والعِزّ بلا سلطان ، والكثرة بلا عشيرة ، فليخرج مِن ذل معصية الله إلى عِزّ طاعته ، فإنه واجِد ذلك كله .
(1/12)
قال عمر رضي الله عنه : كُنَّا أذَلّ قَوم ، فأعَزَّنَا الله بالإسْلام ، فَمهما نَطْلُب العِزّ بِغَير مَا أعَزَّنا الله به أذَلَّنا الله .
وقال : إنا قَوم أعَزَّنا الله بالإسْلام فلن نَبْتَغِي العِزّ بِغَيره .
قال جعفر بن محمد : مَن أخْرَجَه الله مِن ذُلّ الْمَعْصِية إلى عِزّ التَّقْوى أغْنَاه الله بِلا مَال ، وأعَزّه بلا عَشِيرَة ، وآنَسَه بلا أنِيس .
وقال يحيى بن أبي كَثير : كَان يُقَال : مَا أكْرَم العِبَاد أنْفُسَهم بِمِثْل طَاعَة الله ، ولا أهَانَ العِبَاد أنْفُسَهم بِمِثْل مَعْصِيَة الله .
وقال الحسن البصري : أبَى الله عَزَّ وَجَلَّ إلاَّ أن يُذِلّ مَن عَصَاه .
23-اهداء الي روح
(...السؤال...)
شيخنا اريد التأكد من صحة هذا الموضوع ؟؟
ـــــــــــــــ
اهداء الى تلك الروح الطاهره..التي اختارها الرب لتكون الى جواره..
اهداء الى كل الذكريات والصور والملامح والبسمات المتشبثه بالذاكره..
اهداء الى الأحزان والألام التي اختارت أن تكون رفيقه للظلام الذي يحاصر أرواحنا التي تغزوها الوحده..والفراغ..
اهداء الى كل الأماكن والأوقات التي تمتعت بتواجدك بها..
اهداء الى ذلك الطفل..فرغم تعلقي بك الا اني لا أملك اجابة لتساءلك..
كان كل شيء طبيعيا..الى حد ما..
كانت السماء هادئه..والأرض ثابته..
والناس ..الناس كانت تمارس وحودها بحاله طبيعيه..
ولكن حين وصل الهدوء الى قمته..كانت العاصفه..
لم أكن اعلم أنه من السهل على الموت ابتلاعك..
والاستئثار بك دوننا..كيف للأرض أن تبقى ثابته بدونك..
لم تكن كباقي العواصف..
اجتثت كل جمال وأمل وحلم كان أمامها..
قتلت كل نبل وخير وسعاده كان من الممكن أن تكون أمامي..
اغتالت كل معاني الحياه والفرح والامان..
لم أستطع أن أتخيل أني فقدت تلك الروح العزيزة..
روح الأخ والأب والعم والصديق والاخ..
روح التفاءل والعطف..روح الرقه الحانيه..
(1/13)
روح الرجولة المتزنه..روح العقل الراجح..روح الانسان..
حين وصل الخبر كالصاعقه..
انشل كل احساس بداخلي..وسافرت الى مرحلة اللاوعي..
بدأت استذكر شريط حديثنا قبل ساعات,,
كم تمنيت أن أعيد صياغة عباراتي لتكون ألطف على مسامعه..
كم تمنيت أن لا يبتسم..لأن تلك الابتسامه ستعيش معي طويلا..
تلك الابتسامه التي تداعب حواسي بين الفينة والاخرى..
تلك الابتسامه..التي انبثق منها آلاف العبرات والدمعات..
تلك الابتسامه التي حفرت اخاديد من الحزن بقلوب صادقه..
وشقت انفاق الوجود بمخيلات وأفكار أفراد عايشوك,,
هل تعلم..
كل التساؤلات والأجوبه لم تعد تهمني..
أبحث لجواب واحد لتساءل واحد..
ولوصف واحد واحد لمشهد واحد..
ولصبر واحد لمصيبة واحده..
فسؤال ابنك عنك..لا أملك له جواب..
و مشهد ابنك بجوار سيارتك..أعجز عن وصفه..
ومصيبة أن تقف معي طول حياتي..
وأتركك بقبرك..تحتاج لصبر وصبر وصبر..
ولكن حين أراك دائما لا أعلم منهم الأموات ومن هو الحي..
ولا أعلم من اكون بينهم أحياء أم أموات ..وكيف أموت أو احيا بدونك..
ولكن أظن أني أصبحت أعتقد بصحة العبارة
)الموت ليس عزلة الجسد..الموت عزلة ماليس جسدااااا(....
(...الجواب...)
أحيانا حينما يكتب الإنسان من واقع صدمة أو مصيبة تكون كتابته أقرب إلى التشاؤم ! بل وقد تكون أقرب إلى اليأس !
ومن ذلك ما قيل في الْمُصِيبة : (اجتثت كل جمال وأمل وحلم كان أمامها(
وهذا قد يكون نتيجة أثر الصدمة أو وقْع المصيبة ، وعلى المسلم والمسلمة التسليم لله والصبر عند الصدمة الأولى
24-إجبارية دوام الطالب في قسم النساء و الولادة
(...السؤال...)
كنت قد وقفت لكم على فتوى تحريم الكشف على النساء لطلبة الطب
http://al-ershaad.com/vb4/showthread...1823#post11823
كونهن أجنبيات عليه
شيخي الفاضل
عندنا شهرين إجباريين في الإمتياز يجب ثم يجب أن يحضرهم الطالب في قسم النساء
و هذا أمر لا مفر منه ..
(1/14)
و حتى قضية الكشف ليست بيد الطالب بهذه الفترة بل هو مأمور ممن هو أعلى مرتبه منه !!
فعندنا ثلاث حلول الآن ..
الأول عدم حضور هذا الجزء من السنة و عندها يُحرم الطالب شهادته في سنته ِ السابعة و الأخيرةْ ..
أو
دفع الِرشوة عياذاً بالله قد يستطيع الطالب الهروب من القسم
أو
حضور هذا الراوند مُكرهاً مُجبراً ..
فما رأي فضيلتكم و ما العمل في حالة الإجبار ؟؟
(...الجواب...)
)وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا(
وإذا كان دفع المال من أجل إحقاق حقّ أو إبطال باطل ؛ فلا يكون من باب الرشوة لِمن دَفعها ، وإن كان يحرم على من أخذها أن يأخذها .
وفي يوم الأحزاب جاء الحارث الغطفاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد شاطرني تمر المدينة ، وإلاَّ ملأتها عليكم خَيلا ورِجالا ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حتى استأذن السُّعود ، فدعا سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وأسعد بن زرارة فقال : ها قد تعلمون أن العرب قد رمتكم عن قوس واحدة ، وهذا الحارث الغطفاني يسألكم أن تُشاطروه تمر المدينة ، فادفعوها إليه إلى يوم ما . قالوا : يا رسول الله أن كان هذا أمرا من أمر الله عز وجل فالتسليم لأمر الله ، وإن كان أمْر مِن أمْرك ، أو هَوى من هواك ، فأمرنا لأمرك تبع ، وهوانا لهواك تبع ، وإلاَّ فو الله لقد : كنا نحن وهم في الجاهلية على سواء ما كانوا ينالون تمرة ولا بسرة إلاَّ شراء أو قرى ، فكيف وقد أعزنا الله بك وبالإسلام . رواه الطبراني والبزار وابن عساكر في تاريخ دمشق .
ومع ذلك يجب أن يَكره المسلم ذلك ويُبغِضه ، فلو أُلْجِئ إلى دفع رشوة ، فيدفعها وهو كَارِه .
25-ما رأي فضيلتكم بهذه الكتب ؟
(...السؤال...)
اود أن أسأل عن رأي فضيلتكم بهذه الكتب ((أخي نبيل الارشادي حفظك الله بحفظه لم أجد الحاجة لافرد لكل كتاب سؤال((
1_كتاب (مصرع الشرك والخرافة)للشيخ خالد محمد علي الحاج ,راجعه وحققه عبد الله بن ابراهيم الانصاري .
(1/15)
2_كتاب (مختصر معارج القبول)بشرح الشيخ حافظ بن أحمد آل حكمي ,اختصرهابو عاصم هشام بن عبد القادر بن محمد آل عقدة
3_كتاب (اصول وضوابط في التفكير )للشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ اعتنى بنشره عبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم
4_كتاب (ملة ابراهيم ودعوة الانبياء المرسلين واساليب الطغاة في تمييعها وصرف الدعاة عنها)لابي محمد عاصم المقدسي
5_كتاب (كشف الشبهات والرسالة المفيدة )لشيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ,تعليق الشيخ العلامة محمدبن عبد العزيز بن مانع
6_كتاب(الجهاد في سبيل الله)للامام الشهيد (بإذن الله)حسن البنا
(...الجواب...)
1 - كتاب (مصرع الشرك والخرافة) لم أطّلع عليه .
2 - كتاب (مختصر معارج القبول) الكتاب جيِّد في أصله وفي مختَصَرِه .
3 - كتاب (أصول وضوابط في التفكير ) لم أقرأ الكتاب ، إلاّ أن مؤلِّفه الشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ معروف بِعلمه .
4 - كتاب (ملة إبراهيم) ينقصه العِلْم والمنهجية !
5 - كتاب (كشف الشبهات) كتاب جميل في بابه ، لا غِنى لِطالب العلم عنه .
6 - كتاب (الجهاد في سبيل الله) لم أقرأ الكتاب .
26-ماصحة هذه الصوره؟؟
(...السؤال...)
وصلني بالبريد الإلكتروني هذه الصوره ومكتوب عليها
الصخره التى عرج منها المصطفى صلي الله عليه وسلم..
ايضا اشاهدها منتشره في المنتديات بكثره
ماصحة هذه الصوره؟؟
وجزاك الله خير وبارك فيك..
الصوره
(...الجواب...)
(1/16)
الذي وَرَد في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أُسْرِي به من المسجد الْحَرام إلى المسجد الأقصى ، ثم صلى في المسجد الأقصى ، ففي حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أُتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طَرْفه . قال : فركبته حتى أتيت بيت المقدس . قال : فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء . قال : ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ، ثم خرجت ، فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن ، فاخترت اللبن ، فقال جبريل صلى الله عليه وسلم : اخترت الفطرة ، ثم عُرِج بنا إلى السماء . رواه مسلم .
27-اللجوء إلى المحاكم الوضعية لإرجاع الحقوق
(...السؤال...)
أنا شاب مسلم أعيش في بلد لا تحكم بشرع الرحمن كسائر بلاد المسلمين التي تحكمها القوانين الوضعية. ونظرا لذلك لا يوجد عندنا محكمة شرعية للجوء إليها وقت الضرورة,إنما هي محكمة دستورية وضعية.
(...السؤال...) لفضيلتكم هو : هل يجوز اللجوء إلى هذه المحاكم الوضعية لإرجاع الحقوق كرجل سلب ماله كله ولا سبيل لإرجاع الحق إلا باللجوء إلى مثل هذه المحاكم , فإن كان يجوز ذلك فما هي الشروط؟
(...الجواب...)
يجوز التحاكم إلى تلك المحاكم من أجل استرجاع الحقوق ، بشرط أن يكون الحق شرعيا ، أي : أنه يستحقه بِحكم الشرع ، على أنه لا يلجأ إلى تلك المحاكم إلاّ وهو كاره لها وللحكم الوضعي .
ولا يُعتبر ذلك من التحاكم إلى غير شرع الله ؛ لأن العبرة بِما يؤول إليه الأمر من أخذ الحق الثابت بالشرع ، وإن اختلفت الوسيلة .
أما لو كان يُريد أن يتحاكم إلى غير شرع الله ، ويرضى بِحكم تلك المحاكم ، فهذا المحذور ، خاصة إذا كان يُطالب أو سيأخذ ما لا يحقّ له شرعا .
28-حكم تسجيل الدروس الخصوصية ؟
(...السؤال...)
ما هو حكم تسجيل الدروس الطبية الخصوصية صوتياً و رفعها على النت ليستفيد منها الطلبة و الطالبات
(1/17)
علماً أن قطاع من الطلبة لا يستطيع أن يأخذ مع الدكتور بسبب ثمن الدورة
و كذلك الدروس هذه ليس مسموح بها رسمياًَ (أقصد من الدولة(
و هناك بعض الدكاترة ترفض أن يسجل لها الطلبة
فيمنعون و يحجرون العلم
فما حكم تسجيل هذه الدروس ؟
(...الجواب...)
إذا مَنع الدكتور من تسجيل الدروس ، فلا تُسجّل إلاّ بإذنه ؛ لأن هذا ليس من العلم الذي يجب نشره .
ويُمكن أن يُشترط على الدكتور الموافقة على التسجيل قبل أخذ الدروس.
29-المآسنجر هل ننقص منه أجورنآ ونرتكب منه الذنب دون علمنآ ؟
(...السؤال...)
بعض النآس يستخدم أيقونآت للمآسنجر وأخص بذكر إلقآء السلام وأيضآ الرد على المسلم وهناك الكثير مثل كفارة المجلس أيضآ فمنهم من يستخدم كلمة واحد فقط يكتبهآ لتظهر الأيقونة فيكتب مثلاً ( السلام ) وكذلك الرد يكتب ( وعليكم ) فتظهر الأيقونة أليس يعتبر هذآ من نقصآن الأجر ؟!!
لنربط بين (...السؤال...) وهذا الحديث
ورد أن رجلاً دخل المسجد ورسول الله جالس وأصحابه عنده فقال الداخل: ( السلام عليكم )، فقال : { وعليكم السلام، عشر} ثم بعد ذلك دخل رجل آخر فقال: ( السلام عليكم ورحمة الله )، فقال : { وعليكم السلام ورحمة الله، عشرون } ثم بعد ذلك دخل رجل آخر فقال: ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) فقال رسول الله : { وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ثلاثون } [ رواه أبو داود والترمذي]، أي عشر وعشرون وثلاثون حسنة.
السؤآل الثآني
غآلبآ مآيكون الأنسآن يعمل على الجهآز والمآسنجر يعمل وكثيرآ من النآس لا يحب الأزعآج فيضع الحآله ( بالخآرج ) وهي ليس بذلك !
هل يعتبر ذلك من الكذب ؟!
(...الجواب...)
الكتابة تختلف عن الكلام ، ففي حال الكلام لا يُكْتَفَى بالإشارة ، بل يُقرن معها إلقاء السلام قولاً ، إلاّ في حال الصلاة فإنه يردّ بالإشارة ، كما كان عليه الصلاة والسلام يفعل .
أما في الكتابة فالأمر يختلف .
يوضع (...السؤال...) الثاني على حدة
كما في ضوابط الإرشاد
(1/18)
30-الدماغ يتوضأ في اليوم خمس مرات
(...السؤال...)
يقول تعالى في محكم الذكر:
)حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة: 238].
هل تعلمون أن الدماغ في الوضع الجانبي له كأنه رجل وهو ساجد !!
وهذا الدماغ يتوضأ في اليوم والليلة خمس مرات!
هل تشعر بثقل الدماغ؟
هناك سائل النخاع الشوكي، سائل النخاع الشوكي الذي يوجد تحت الأم
.. غشاء الأم.. العنكبوتية،
الدماغ يحاط بثلاثة أغشية وتوجد بين هذا الأغشية
سائل النخاع الشوكيالذي يكون له وظيفة الحماية..
الحماية لهذا الدماغ، وأيضاً للتغذية واللي كما تقول: التبريد:
كيف أن الماء يبرد السيارة في الراديتير، فالدورة سائل النخاع الشوكي
CSF Fluidيدور في هذه المناطق في البطين من الدماغ
وحوله ويقوم بالتغذية وبالحماية،لماذا؟
لأن الدماغ وزنه 1700 جرام، لا نشعر بوزنه،
هل تشعر بثقل الدماغ الذي هوتقريباً حوالي كيلوين إلا ربع؟
من تقديرالبارئ عزّ وجلّ
إننا لا نشعر، لقد وزنوا الدماغ داخلالجمجمة فوجدوه 50 جرام،
ووزنه الحقيقة.. الحقيقة حوالي -كما قلت- 1700 جرام،
لأنه يطفو في سائل النخاع الشوكي، والقاعدة الفيزيائية تقول:
"كل جسم يغمر في سائل يفقد من وزنه بقدر وزن السائل المُزاح".
ولذلك لا نشعر بوزنه وثقله،
وهذا من تقديرالباري عز وجل.
فالسائل النخاع الشوكي يتولد من منطقة خاصة في الدماغ
تسمى الظفرةالشبكية The corogy plaxisويدور في مساحاته
ويخرج من منطقة أخرى كشبكة المياه في أيعمارة أو.. أو بيت،
ويقوم بواجباته.
وهذه الدورة تكون في اليوم والليلة خمس مرات بقدر الصلوات
وقد ذكر الله الباري عز وجل الصلوات الخمسة.
أيضاً كلمة الصلوات مذكورة في القرآن خمس مرات،
ونحن نسجد على الفص الأمامي الذي فيه مراكز اتخاذالقرار
لأننا في مفهوم المخالفة، المؤمن إذا ما يسجد ويعبد الله فإن ناصيته ستكونمصيبة صادقة
(1/19)
يقول تعالى: )قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ
(2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ
(4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5( إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ
(6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ
(8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ
(10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [المؤمنون: 1-11[.
فسبحان الله ما اعظمك
****************************
ياشيخ ما رأيك في هذ ا
(...الجواب...)
كثيرا ما ينبهر بعض الناس بالدراسات أو بنتائج العِلم التجريبي ، في حين يتناسون المقصد الأعظم ، والهدف الأسمى مِن العبادة !
وجاء في المقال المدرج في (...السؤال...) أن الدماغ يتوضأ ، بينما ذكروا أنه يطفو في سائل !
ومعلوم أن هذا لا يُسمى وضوءا ! لأن الدماغ يُحاط بذلك السائل طيلة الوقت ، كما ذكر ذلك الأطباء ، وليس فقط في أوقات الصلوات !
هذا من جهة .
ومن جهة ثانية فإن عدد ذِكر الصلوات ليس له علاقة بعدد الصلوات في اليوم والليلة ، ومعلوم أنه يختلف ذِكر الصلاة حسب وُرُوده في القرآن ، بل قد عُبِّر عن الصلاة بالتسبيح ،كما في قوله تعالى : (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ( .
وقد استَدَلّ المفسِّرون بهاتين الآيتين على الصلوات الخمس .
(1/20)
قال ابن عباس رضي الله عنهما عن هذه الآية : جَمَعت الصلوات ؛ (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ) المغرب والعشاء ، (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) صلاة الصبح ، (وَعَشِيًّا) صلاة العصر ، (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) صلاة الظهر . رواه ابن جرير الطبري .
وروى نحوه عن الإمام مجاهد بن جبر وعن الإمام عبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وقال الإمام السمعاني في تفسيره : وفي الآية إشارة إلى أوقات الصلاة الخمس . اهـ .
31-سؤال عن زياده درجات الطالبات ؟
(...السؤال...)
زوجتي مدرسه في مدرسه اهليه (مادة رياضيات ) وبعد ان يتم اختبار الطالبات تتم اعطائهم الدرجات للماده وتريد زوجتي زيادة درجاتهم.
فبدلا من اعطائهم هذه الدرجات من فراغ تقول من تريد مثلا زيادة درجتين في درجة الاختبار او المشاركه عليها مثلا حفظ سوره تبارك او حفظ احاديث معينه او ماشابه ذلك من ممايعيد الفاءده لطالبه.
هل هذه الفعل جائز او لا ؟
(...الجواب...)
يجوز هذا إذا كان لها الحق في إعطاء درجات على أنشطة غير منهجية ، أو ما يُسمونه ( أنشطة لا صَفَّيَّة ) ، أما إذا لم يكن لها الحق في ذلك ، فلا يجوز إعطاء الطالبات درجات على مثل ذلك ؛ لأنه ليس من صُلب المادة ولا من توابعها .
32-هل يوسف عليه السلام تزوج وأنجب ؟
(...السؤال...)
هل النبي يوسف عليه السلام تزوج وأنجب ؟
(...الجواب...)
الجهل به لا يضر !
33-حكم التصاميم الارشاديه ؟؟
(...السؤال...)
لدينا فى قسم السيرة موضوع استخدمت صاحبته هذه التصاميم
فما رأيكم به هل لا بأس بها ام احذفها ..
(...الجواب...)
هذه التصاميم ( صور الدمى ) لا تليق بمثل هذا الموضوع ، وإنما تليق بموضع هزليّ !
كما أن حديث " لا صلاة لِجار المسجد إلاّ في المسجد " ضعيف .
34-القوميه(العصبيه)للذين اشتد حبهم للقوميه
(...السؤال...)
اشرح لنا من الاحاديث النبويه في مسأله القوميه (العصبيه(
للذين اشتد حبهم للقوميه...
(...الجواب...)
العصبية القومية مذمومة ، وقد جاءت النصوص بِذَمّ العصبيات أيًّا كانت .
(1/21)
ففي الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة ، فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار ، فقال الأنصاري : يا للأنصار . وقال المهاجري : يا للمهاجرين . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بال دعوى الجاهلية ؟ قالوا : يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال : دعوها فإنها منتنة .
فالنبي صلى الله عليه وسلم اعتبرها من ددعاوى الجاهلية عِلما بأن الانتساب إلى شيء محمود ، وهو الهجرة والنُّصْرَة : يا للأنصار .. يا للمهاجرين ..
وقال عليه الصلاة والسلام : من قُتِل تحت راية عُمِّيَّة ، يدعو عصبية أو ينصر عصبية ، فَقُتِل فَقِتْلَةٌ جاهلية . رواه مسلم .
وإنما يُذمّ في هذا الباب أحَد أمْرَين :
الأول : أن يتعصّب لِقَبِيلته بحيث يَكون معها في الخير والشرّ ، على حد قول الشاعر : وما أنا إلاَّ مِن غُزية إن غَوَتْ *** غَويت ، وإن تَرْشُد غُزية أرْشُد !
الثاني : أن يَحمِل هذا الحب للقبيلة صاحِبه على ازْدِراء الناس واحتِقارهم ؛ فهذا ضَرْب مِن الكِبر ، ونوع مِن الخيلاء ، وهو دَعْوى الجاهلية التي جاء الإسلام بِذمِّها .
فإذا كان الانتِساب للقبيلة وحُبّها يَحْمِل صاحبه على الطَّعن في أنساب الناس ، أو التفاخُر عليهم بِحيث يَتعالَى عليهم ؛ فهذا مِن أمور الجاهلية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بقائها في الناس .
قال عليه الصلاة والسلام : أربع في أُمَّتي مِن أمْر الجاهلية لا يتركونهن : الفَخْر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة . رواه مسلم .
وأما كُرْه بعض القبائل ، فإن كان لِشيء تُعاب به القبيلة مِن أمور الجاهلية ، فَلَه وَجْه . وإن كان لِغير ذلك ، فلا وَجْه له .
(1/22)
لأن الأصل أن تكون المحبة والموالاة والمعادَاة للمؤمنين بِغضّ النَّظَر عن أصولهم . لأن الميزان الشرعي هو التقوى ، لقوله تبارك وتعالى : ) إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (
ولقوله عليه الصلاة والسلام : لا فضل لعربي على أعجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا لأحمر على أسود ، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى . رواه الإمام أحمد . وقال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع : ألاَ كُل شيء مِن أمْر الجاهلية تحت قدمي مَوضوع . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عِبّية الجاهلية وفخرها بالآباء ، مؤمن تقي ، وفاجر شقي ، أنتم بنو آدم ، وآدم من تراب ، ليدعن رِجال فخرهم بأقوام إنما هُم فَحم مِن فَحم جهنم ، أو ليكونن أهْون على الله من الْجُعْلان التي تَدفع بأنْفِها النَّتَن . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .
35-ما معنى كلمة يا لهوي؟
(...السؤال...)
هناك كلمة تقال عند سماع مصيبه أو حدوث كارثة هي /يا لهوي) لا أعرف معناها,
لكن أخت قالت لى ان الملائكة تدعوا على من يقول هذة الكلمة بقول
)زادك الله لهوا \ فهل يثبت في هذا شيء؟(
(...الجواب...)
على من تكلّم في المسائل الشرعية أن يتكلّم بِعِلْم ، أو يسكت بِحَزْم !
فمن أين له الدليل على أن الملائكة تدعوا على من يقول هذه الكلمة ؟
على أن هذه الكلمة وأمثالها ليست مِن الأدب في شيء !
فالمشروع لِمن أُصيب بمصيبة أن يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وان يقول : اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها ، وأن يحمد الله على أن تلك المصيبة أو الحادثة لم تكن أكبر مما كانت ، وأنها لم تكن في دِينه ، وأنها لم تكن القاضية عليه فيهلك .
36-رايكم في الشيخ عثمان الخميس
(...السؤال...)
ما رايكم في الشيخ عثمان الخميس
(...الجواب...)
شوكة في حلوق الروافض .
37-كتاب كنوز الدعاء لتحصين القلوب..
(...السؤال...)
شيخنا بحثت طويلا ولم اتوصل الى المؤلف او تقييم لهذا الكتاب :
(1/23)
فما رأيكم فى كتاب ( 'كنوز الدعاء لتحصين القلوب وتفريج الكروب(
هل لا بأس فيه ؟ وهل الادعيه التى فيه صحيحه ؟
(...الجواب...)
إن كان هو كتاب : " مفاتيح الفرج لترويح القلوب وتفريج الكروب"
هذا مليء بالخرافة ، وهو ظُلمات بعضها فوق بعض !
فالاستفتاح بالمصحف وطلب الفأل بما يفتح عليه ؛ ليست طريقة شرعية ، بل هي طريقة بِدعِيّة لم تكن معروفة زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا زمن الصحابة .
و(...السؤال...) بِجَاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو مِن بِدَع الدعاء ، ولم يكن معروفا أيضا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا زمن أصحابه .
وسبق :
ما حكم التوسل بِجَاه النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟
وما يُقال في ) حساب الْجُمَل ) هو مِن طُرائق السَّحَرَة ، وليس في ديننا ما يُعرف بِحساب الجمل ، ولا تكرار البسملة بعدد حساب الْجُمَل .
وكذلك ما قيل في )لقضاء جميع الحوائج تقرأ بسم الله الرحمن الرحيم 786 تم تقول :
إني أسألك بعظمة *** بسم الله الرحمن الرحيم ... إلى آخره (
كل هذا لا أصل له .
ومثله ما قيل في )كاف المعارف( !
فكل هذا تخبّط وبِدَع .
ولا يصِحّ ما يُنسب من الدعاء لأنس رضي الله عنه .
وسبق :
قصة أنس بن مالك والحجاج وفيها دعاء من دعا به لم يجعل الله لأحد عليه سبيل
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=1998
وإن لم يكن هو فلم أطّلع عليه ، والْحُكم على الشيء فَرْع عن تصوّره .
38-ماصحة مايلي؟؟؟؟؟
(...السؤال...)
ماصحة مايلي ؟؟؟
اعلانات :::::
للتمليك ..
قصر فاخر مبني من الذهب والفضه غرفاته شفافه يرى من بداخلها مايوجد بخارجها ....
والثمن ... بناء مسجد لوجه الله تعالى
شروط التمليك ..أن يكون تقيا ورعا
مفقودون ..
في صحراء الدنيا الكاذبه رجل طويل القامه قوي البنيه يستطيع القيام والحركه بنشاط
لكنه !!..
ينام عن الصلاة فلايصلي الصلوات الخمس وليس في وجهه نور وليس في حاله بركه..
فمن يجده ..يرشده إلى روضة المصلين
للإعتاق ..
(1/24)
اعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل
الثمن .. قراءة لاإله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ..
أراضي ..
قيراطان من أخصب وأجود الأراضي الزراعيه ..
والثمن ..أداء صلاة الجنازه والدعاء للميت بالمغفره والرحمه ثم تشييع الجنازه ودفنها..
وبالتوفيق ..
(...الجواب...)
39-هل يجوز التسميه بهذا الأسم ؟
(...السؤال...)
هل يجوز ان يتسمي الشخص بمعرف في المنتديات..
النووور او الإيمان ؟
(...الجواب...)
التَّسَمِّي بـ " النور " ليس فيه إشكال ، بِخلاف التَّسَمِّي بـ " الإيمان " ، ومثله التَّسَمِّي بـ " إيمان " ، ولذلك فإن علماءنا يمنعون من التَّسَمِّي بـ " إيمان " .
40-تعليم الفلاش في المنتديات
(...السؤال...)
انا متعلمه لبرنامج الفلاش وأود أن أعمل دوره للأخوات في احدى المنتديات ..
ولكن اخشى كثيرا من ان تتعلم احداهن وتستخدمه فيما لا يرضي الله كالأغاني وغيرها المحرمه ..
وفي نفس الوقت ارغب في تعليمهم ..
فما الحل ؟؟
(...الجواب...)
عَلِّمي واشترطي !
اشترطي على من تتعلّم أن لا تستعمله في معصية .
ولك أن تستحلفي من تُعلمينهن أن لا يستعملنه في معصية ، وكذلك كل من اطّلع على الموضوع .
41-ما هو الحكم الشرعي في الأناشيد
(...السؤال...)
ما هو الحكم الشرعي في الأناشيد ( الإسلامية ) ؟
(...الجواب...)
ما يتعلق بالأناشيد الإسلامية فقد ورد فيها الخلاف بناء على طبيعة الأناشيد اليوم، والذي يترجح من خلال النظر في الأدلة أن الأناشيد إذا ضُبِطت بالضوابط التالية أنه لا حرج فيها
والضوابط هي :
1 - أن لا تشتمل على آلة موسيقية
2 - أن لا تشتمل على كلماتِ فُحش ودعوة إلى سفاسف الأمور
3 - أن لا تكون على ألحان الأغاني
4 - أن لا تُلهي عن العلم النافع
وقد دلّت الأدلة على جوازها في الأصل .
(1/25)
فقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لِحَادِيهِ - الذي يحدو ويُنشد بصوت حسَن - : ويحك يا أنجشة ! رويدك سوقك بالقوارير . قال أبو قلابة : فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة لو تكلّم بها بعضكم لعبتموها عليه قوله : سوقك بالقوارير .
وفي رواية لمسلم قال أنس : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حَادٍ حسن الصوت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : رويداً يا أنجشة لا تكسر القوارير . يعني ضعفة النساء
كما كان عامر بن الأكوع ممن يُنشد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، بل كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه سماع ذلك في السفر .
وروى البخاري ومسلم عن سلمة بن الأكوع قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فتسيرنا ليلا ، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع : ألا تسمعنا من هنياتك ! وكان عامر رجلا شاعرا ، فنزل يحدو بالقوم يقول :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا == ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اقتفينا == وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا == إنا إذا صِيح بنا أتينا
وبالصياح عولوا علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا السائق ؟ قالوا : عامر . قال : يرحمه الله . فقال رجل من القوم : وجبت يا رسول الله ! لولا أمتعتنا به . الحديث
وفي الصحيحين أيضا عن أنس - رضي الله عنه - قال : كانت الأنصار يوم الخندق تقول :
نحن الذين بايعوا محمدا = على الجهاد ما حيينا أبدا
فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة = فأكرم الأنصار والمهاجرة
وفي رواية للبخاري أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما رأى ما بأصحابه من النّصب والجوع قال :
اللهم إن العيش عيش الآخرة = فاغفر للأنصار والمهاجرة
فقالوا مجيبين له :
نحن الذين بايعوا محمدا =على الجهاد ما بقينا أبدا
(1/26)
وفي الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه - رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ينقل التراب وقد وارى التراب بياض بطنه وهو يقول :
لولا أنت ما اهتدينا == ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا == وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الأُلى قد بغوا علينا == إذا أرادوا فتنة أبينا
ويرفع بها صوته .
فالشاهد أن الحداء بالصوت الحسن كان معروفا، ويحتاج إلى تقييده بالقيود السابقة كما تقدّم .
أما الميوعة في الأناشيد كإنشاد الكلمات الرخوة والآهات !! فهو يخرجها عن مقصدها إلى الغناء والتّغنّي المذموم
42-تسمي باسم: الله كريم
(...السؤال...)
هل يوجد غلط في اسم الله كريم في العوان ؟ بلعلم النياه فقط كرام الله علي الخلق
(...الجواب...)
الاسم يدلّ على المسمّى ..
ولا أرى أنه يصلح التسمّي بهذا الاسم .
43-عملية الأنف
(...السؤال...)
انا اعاني من نزيف بالأنف وسويت كي مرتين تقريبا ومافادتني رحت لطبيب تاني
ونصحني بعمليه لان السبب انعواج بسيط بالانف والجهه المفتوحه تتعرض للجفاف
فهل يجوز اني اسوي العمليه في تعديل الانف
وان كان جائز والحمدلله
احد الأخوات نصحوني اني اسوي بعض التنحيف على قولتهم مره وحده
وانا بصراحه شاكه بالموضوع واتمنى ترشدوني عالخير
(...الجواب...)
يجوز عمل عملية تعديل الأنف ، وليس هذا من تغيير خَلْق الله ؛ لأنه لا يَعْدو إعادة الأنْف إلى وضعه الطبيعي .
وأما عملية التنحيف فلا أدري ماذا يُقصد بها ، ولا كيف تتم ؟
وهل السائل رجل أو امراة ؟
44-هل ابلغ صاحب الموقع ام لا
(...السؤال...)
انا مشرفه فى احدى المنتديات الاسلاميه واحدى الغرف الدعويه
وعلمت بشىء فيه خطورة على الاخوات من قبل احد الاعضاء
فهل ابلغ صاحب الموقع ام لا
وهل عيه اثم
مع العلم ان عليه مسؤليه كبيرة فى هذه الغرفه
(...الجواب...)
يجب عليك إبلاغه ، ولا يجوز التهاون في مثل هذا ، بِحجّة الستر على ذلك الشخص .
45-معنى السلام عليكم
(...السؤال...)
هل هذا معني السلام عليكم بالتفصيل
(1/27)
إلقاء السلام على غير المسلم وزيارته
أولاً : لابد من معرفة التحية الإسلامية ودلالتها ( السلام عليكم) السلام اسم من أسماء الله الحسنى بمعنى السلامة، والله - جل وعلا - هو السلام ؛ لأنه سالم من كل عيب ونقص ، وله الكمال المطلق من كل وجه، فالسلام - سبحانه وتعالى - سلمت أفعاله من مخالفة الحكمة ، وسلمت صفاته من مشابهة صفات المخلوقين ، وسلمت حياته من نقص الموت والسَّنة والنوم ، وسلمت قدرته من قصور التعب والإعياء والعجز ، وعلى العموم فهو السالم من كل ما ينافي الكمال بأي وجه من الوجوه .
وقول المسلم ( السلام عليكم ) له عدة معان متقاربة ، فمنها أن السلام إخبار المسلِّم لأخيه المسلم بأنه سيكون سالماً من كل أذى أو مكروه يناله منه ، فهو إعلان للمسالمة والموادعة .
ومنها : أن السلام تذكير بالله السلام الذي سلم من المكروهات، وأمن من المحذورات، وأعطى الخيرات .
ومنها : أن السلام بشارة والمعنى أن المسلمين يبشر بعضهم بعضاً بالسلامة من الشرور وحصول الخير .
ومن المعلوم أن التحية والسلام من خصائص الأمم والشعوب، فلكل أمة تحيتها القولية والفعلية، وهذه تحية المسلمين وهي جزء من هويتهم ومزيتهم التي يفترقون بها عن غيرهم .
وبالنسبة للسلام مع غير المسلمين فهناك حالات :
الأولى : ابتداء المسلم بالسلام، وهذا ورد النهي عنه في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام ) رواه مسلم .
(1/28)
والثانية : رد السلام إذا كان الابتداء من غير المسلم وهذا ورد فيه حديث عبد الله بن عمر في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم، السام عليك فقل : عليك ) والمراد السام عليك: أي الموت لك، ولذا يكتفي ب(...الجواب...) بذلك، وفي رواية عائشة قالت : دخل رهط من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السام عليك، ففهمتها فقالت: وعليكم السام واللعنة ، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مهلاً يا عائشة ؛ فإن الله يحب الرفق في الأمر كله ، فقالت: ألم تسمع ما قالوا ؟!، فقال لها : قد قلت لهم وعليك ) متفق عليه .
وفي حالة التأكد أن التحية التي قيلت هي السلام عليكم بلا شك فقد قال : ابن القيم : الذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له وعليك السلام ؛ فإن هذا من باب العدل والله يأمر بالعدل والإحسان ، وقد قال تعالى :{ وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها } فندب إلى الفضل وأوجب العدل ولا ينافي هذا شيئاً من الأحاديث ؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بالاقتصار على قول الراد " وعليكم " بناء على السبب المذكور الذي كانوا يتعمدونه في تحيتهم ". فإذا زال السبب وقال الكتاب : السلام عليكم ورحمة الله فالعدل في التحية يقتضي أن يرد عليه نظير سلامه " .
وأما الزيارة ففيها تفصيل يمكن إيجازها في هذه الحالات :
الأولى : إن كان المقصود من الزيارة دعوته للإسلام ويرجو استحبابه فلا مانع ، بل يؤجر على ذلك ، وقد ثبت عن البخاري في صحيحه من حديث أنس - رضي الله عنه - أنه قال )كان غلام يهودي يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرض فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فعاده ، فقعد عند رأسه فقال له : أسلم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له : أطع أبا القاسم ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : الحمد الله الذي أنقذه بي من النار ( .
(1/29)
الثاني : إن كان هناك سبب معتاد متعارف عليه للزيارة فلا مانع ؛ فإن كان قريبه نصراني فله حق القرابة، ويدخل فيها الزيارة وكذا الجار فعموم الأمر بالإحسان إلى الجار تدخل فيه الزيارة ، ونحو ذلك من الأسباب المألوفة ، ويحسن أن ينوي دائماً أن تكون زيارته دعوة للإسلام ولو غير مباشرة ، وذلك بإظهار محاسن الإسلام وأخلاق المسلمين وحسن الصلة والتعامل ، ويحسن مع ذلك أن تكون الزيارة بقدر الحاجة ، وبما لا يقع فيه محرم أو تأثير سلبي برؤية المنكر وعدم الإنكار .
الثالثة :أن كانت الزيارة على سبيل التعظيم له ، وفيها إظهار منزلة له أرفع من المسلم ، وأنه صاحب الفضل والمنة ، وكان إلى ذلك خشية الافتتان به والتأثر بأقواله وأفعاله ، فهذه الزيارة ممنوعة لمخالفتها القواعد الشرعية التي فيها فضيلة المسلم ورفعة مقامه ، وما ورد من النهي عن تهنئتهم في أعيادهم وغير ذلك ، مما يتضمن الإقرار بالباطل أو الافتتان به .
وبالجملة ماكان فيه مصلحة والمفسدة مأمونة فلا بأس بقدر ما تقع به المصلحة، ويكون فيه إظهار حسن تعامل المسلمين ووفائهم بالحقوق والواجبات الإنسانية ولا يخالطه تعظيم أو ترخص في الخلطة التي تؤدي إلى الوقوع في ارتكاب المحرمات .
(...الجواب...)
هذا صحيح .وقد ذَكَر شُرّاح الحديث معنى ( السَّلام ( .
قال الإمام النووي : وأما معنى السلام ، فقيل : هو اسم الله تعالى ، فقوله : " السلام عليك " أي اسم السلام عليك ، ومعناه : اسم الله عليك ، أي أنت في حفظه ، كما يقال : الله معك ، والله يصحبك . وقيل : السلام بمعنى السلامة ، أي السلامة مُلازمة لك . اهـ .
(1/30)
وقال الحافظ ابن حجر : وقد اخْتُلِف في معنى السلام ؛ فنقل عياض أن معناه اسم الله ، أي كلاءة الله عليك وحِفظه ، كما يُقال : الله معك ومُصاحبك . وقيل : معناه : إن الله مطلع عليك فيما تفعل . وقيل : معناه أن اسم الله يُذكَر على الأعمال توقعاً لاجتماع معاني الخيرات فيها ، وانتفاء عوارض الفساد عنها . وقيل : معناه السلامة ، كما قال تعالى : (فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ) ، وكما قال الشاعر :
تحيي بالسلامة أم عمرو *** وهل لي بعد قومي من سلام
فكأن المسلِّم أعْلَم من سَلّم عليه أنه سالم منه ، وأن لا خوف عليه منه . وقال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام : السلام يُطلّق بإزاء معان ، منها : السلامة ، ومنها : التحية ، ومنها : أنه اسم من أسماء الله . قال : وقد يأتي بمعنى التحية مَحْضاً ، وقد يأتي بمعنى السلامة مَحْضاً ، وقد يأتي مُترددا بين المعنيين ، كقوله تعالى : )وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا) ، فإنه يحتمل التحية والسلامة . اهـ .
ويبدو أن في ما ورد في (...السؤال...) : ( الأولى : ابتداء المسلم بالسلام) أنه سَقط منه ( غير ) لأن المقصود به غير المسلم إذا ابتدأ بالسلام .
46-لا نخلوا جميعاًمن زلات القلم واللسان
(...السؤال...)
سؤال ماحكم هذا الموضوع بهذه الصفة القد قرأت نص الفتوى التي في هذا الرابيط
http://al-ershaad.com/vb4/showthread...7%ED+%E6%DE%CA
هل تنطبق الفتوي على هذا الموضوع ..
أخوتي في الله
لا نخلوا جميعاً
من زلات القلم واللسان
ولكي نستفيد
من وجودنا بالمنتديات
هذهـ
نافذة
لتدوين ماتجود به
أقلامنا وقلوبنا
وعقولنا
من
خواطر إيمانية
ونصائح ودعاء
وما يقربنا لله
ويفيدنا دنياوآخرة
إن شاء الله
فقط
أدخل ما استطعت
كل يوم
على هذه الصفحة
واجعل قلمك
يقربك لربك
رضيت بالله رباً
وبالإسلام ديناً
وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً
(1/31)
هذه بعض الردود في هذا الموضوع . وكذالك يوجد أحاديث وأدعيه قد تكون بعضها ضعيفة
قال تعالى في محكم التنزيل :
(( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ))
وقال صلى الله عليه وسلم :
" الكلمة الطيبة صدقة "
فإن عجزنا عن الدعوة إلى الله فعليا
فلا أظننا نعجز عن تلك الكلمة التي قد تكون سببا في فلاحنا وسعادتنا
(...الجواب...) :
هذه ليست مثل التي أُشير إليها في الرابط .
لأن هذه ليست مُقيَّدة بِدخول المنتدى ، وإنما هو من باب جَمْع المواعظ، واقتناص الفوائد .
والله تعالى أعلم .
47-هل تعتبر سرقة؟
(...السؤال...)
نحن كممرضين معظمنا يعمل في المستشفيات وتحت يديه الكتير من الأدوية والمعدات
الطبية فهل يجوز أخذ دواء أو غيره من المستشفى الذي اعمل به لاعطاءه لمريض
خارج المستشفى كجار أو قريب أو حتى أخذه لاستخدام شخصي.
(...الجواب...)
لا يجوز التصرّف في الأدوية ؛ لأن العاملين في المستشفيات مُؤتمنون على الأدوات والأدوية .
وقد جَرت العادة أن لا يُصرف دواء إلاّ بوصفة طبية .
48-لعب الكوتشينه او الطاوله او ما شابه
(...السؤال...)
هل يجوز لعب الكوتشينه او الطاوله او ما شابه هذه الالعاب على الكمبيوتر؟
(...الجواب...)
وفيها ضياع لأنفس ما يملكه المسلم ، وهو الوقت ، والمسلم مأمور بحفظ وقته ، وهو مسؤول عن عمره فيمَ أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه .
ولكن إذا لم تشتمل هذه الألعاب على مُحرّم ، ولم تكن سببا في ضياع الفرائض ، فلا بأس باللعب بها . ويُلحظ اشتمال ما يُسمى بالكوتشينة على الصور ، فالذي يلعب بها كأنه يعكف على هذه الصور !
49-سؤال يتعلق بالامراض المعدية
(...السؤال...)
سألنى أحد الاصدقاء عن كيفية التعامل فى الحالة الاتية:
(1/32)
افاد أحد الازواج بإصابة زوجته بفيروس الوباء الكبدى ج ومعلوم أن هذا الفيروس ينتقل بالجماع وهو من الامراض المعدية والخطيرة....فكيف لهذا الزوج ان يتعامل مع زوجته ؟؟ فهو إن جامعها فسيصاب بالفيروس وإن إمتنع فستصبح المعيشة معها صعبة.... مع العلم أن الزوجة تكون طبيعية جدا عندما تكون حاملة للفيروس فقط أى أنها تعيش حياة عادية.
فما هو الحل فى هذه الوضعية؟
(...الجواب...)
50-كلمة عن شاعر المليون
(...السؤال...)
أتمنى من سماحتكم كتابة موضوع أو كلمة تتكلم عن شاعر المليون
من حيث الحكم والاثار وغيرها
(...الجواب...)
مثل هذه الأعمال لا تخلو من عِدّة محاذير ، منها :
1 - الرياء والفخر ، سواء افتخر الشاعر بِنفسه ، أو افتخر بقبيلته ، إذا تضمّن ذلك مُبالغة ، أو كذبا ، أو كان على حساب الطعن في القبائل الأخرى .
وقد سمعت مرّة أحد الشعراء تعاظم في نفسه ! حتى قال فيها ما ليس فيها ! ثم وضَعه الله فَجَعَل الشاعر نفسه حشرة !
وهذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم : حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنْ الدُّنْيَا إِلاَّ وَضَعَهُ . رواه البخاري .
2 - تنمية وإحياء العصبيات القبلية ، وذلك لأن أكثر الشعراء يفتخر بقبيلته ، فيؤدِّي ذلك إلى إحياء العصبيات الجاهلية ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : دعوها فإنها منتنة . رواه البخاري ومسلم .
وكان عليه الصلاة والسلام قال ذلك لَمَّا افتخر أنصاري ومُهاجِريّ ، كل واحد افتخر بجماعته ! مع أنها ليست عصبيات ، إلاّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم : دعوها فإنها منتنة .
وقال عليه الصلاة والسلام : أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة . رواه مسلم .
3 - الإسراف والتبذير والتخوّض في مال الله بغير حق ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : إن رجالاً يتخوّضون في مال الله بغير حق فَلَهم النار يوم القيامة . رواه البخاري .
(1/33)
في الوقت الذي يُعاني فيه كثير من فقراء المسلمين من الجوع والفقر ، نجِد أن الأموال الطائلة تُبذل من أجل المنافسة على ترشيح شاعر !
4 - أن أولئك الشعراء الذين على تلك الصِّفَة شبَّههم النبي صلى الله عليه وسلم بالشيطان !
ففي صحيح مسلم من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَال : بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ إِذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنْشِدُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خُذُوا الشَّيْطَانَ - أَوْ : أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ - لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا .
قال الإمام القرطبي : قال علماؤنا: وإنما فَعَل النبي صلى الله عليه وسلم هذا مع هذا الشاعر لَمَّا عَلِم مِن حَاله ، فَلعل هذا الشاعر كان ممن قد عُرِف مِن حَاله أنه قد اتَّخَذ الشِّعْر طَريقًا للتَّكَسُّب ، فَيُفْرط في المدح إذا أُعْطِي ، وفي الهجو والذَّمّ إذا مُنِع ، فيؤذي الناس في أموالهم وأعراضهم .
ولا خلاف في أنّ مَن كان على مثل هذه الحالة فكل ما يَكتسبه بالشعر حرام ، وكل ما يقوله من ذلك حَرام عليه ، ولا يَحِلّ الإصغاء إليه ، بل يجب الإنكار عليه ... ولا يَحِلّ له أن يُعْطَى شيئا ابتداء ؛ لأن ذلك عَون على المعصية . اهـ .
5 - الكذب ، فهم يكذبون ويقولون ما لا يفعلون ، كما قال الله عزّ وجلّ : (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ (226) إِلاَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ( .
(1/34)
قال ابن قدامة في " المغني " : أَمَّا الآيَةُ ، فَالْمُرَادُ بِهَا مَنْ أَسْرَفَ وَكَذَبَ ؛ بِدَلِيلِ وَصْفِهِ لَهُمْ بِقَوْلِهِ : (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ( ، ثُمَّ اسْتَثْنَى الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ : (إلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا) ؛ وَلأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الشُّعَرَاءِ قِلَّةُ الدِّينِ ، وَالْكَذِبُ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ ، وَهِجَاءُ الأَبْرِيَاءِ . اهـ .
51-لعبة السجن بين الأعضاء والعضوات
(...السؤال...)
ارجو ان تبين لي ولغيري الحكم انا عضو في منتدى فيه من الخير الشيء الكثير ويصنف هذا المنتدى (منتدى اسلامي) حسب تصنيف من يسجل ومن اسسه
بدأت تدخل على هذا المنتدى العاب بين الجنسين منها لعبة السجن، حتى ان في بعض الأحيان يسجن مشرف ومشرفة او اعضاء من الجنسين في هذا السجن!!! ويكون المزاح واضحك بين الجنسين، وفي بعض الألعاب لعبة عيون العضو الذي يأتي!!!
ويشارك ذكور واناث فيها، هناك لعبة الوردة لمن تهديها فتهدى من احد المسجلات الى المشرف وغيرها من الالعاب الكثيرة
فضيلة الشيخ انكر البعض برسائل خاصة ولانه منتدى يصنف على انه اسلامي فزاد الإنكار وزاد العناد بزيادة المشاركات والألعاب حتى جعل البعض ينكر علنيا فغضب المشرف العام وقام يتحسب على من يتبع هذه الطريقة ويقول ان هذا ليس اسلوب نصح مع ان الشيء ظاهر امام العيان وقد بدأ من انكر عليهم بالرسائل الخاصة ولم يفد
والغريب ان احد المشرفين يحمل شهادة شرعية وكانه استغرب الإنكار، وهو طرف مستمر بهذه الألعاب وتقوم عليه المشاركات كثيرا، افتونا فضيلة الشيخ عاجلا هل هذه الألعاب حلالا
وهل ان من انكر مخطيء
(...الجواب...)
جاء الإسلام بسد الذرائع
(1/35)
وبِمَنْعِ الفتنة وإغلاق منافذها وقطع دابِرها، ومن ذلك أن الله أمر أطهر نساء العالمين ( أمهات المؤمنين ) بأن لا يخضعن بالقول ، لئلا يطمع من في قلبه مرض
هذا وهنّ أمهات المؤمنين اللواتي يحرمن عليهم
قال سبحانه وتعالى : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا ) وقال في شأنهن : (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)
أما لماذا ؟
فإليك إلى (...الجواب...) :
)ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ(
الإسلام يطلب من أتباعه طهارة القلوب ، فهي مُقدّمة على طهارة الظاهر، وإصلاح أعمال القلوب مُقدّم على إصلاح الظاهر، لأن القلوب هي الأصل والظاهر تَبَع، كما أن الظاهر يدلّ على الباطن
ولو سلّمنا سلامة النية فإنه لا يجوز التساهل في ذلك
فإن ما أفضى إلى محرّم فهو مُحرّم
وكذلك التبسّط بين الجنسين
كأن يقول أحدهما للأخر : يا غالي أو يا غالية
أو عزيزي أو عزيزتي
وكذلك المضاحكة ولو بالأسلوب والكلام كل ذلك يجب إغلاقه وسَدّ بابه، وسبق التفصيل في مسائل مُشابِهة على هذه الروابط :
التعارف بين الجنسين
الوجوه التعبيرية في الكتابة ، والماسنجر بين الجنسين
مجموعة أسئلة تتعلق بالتعامل بين الجنسين من خلال الشبكة
حكم تحدث الشابة مع شاب عبر الماسنجر
52-التسمي بـ: زعفران الجنة وعصفورة الجنة
(...السؤال...)
ما حكم التسمي بمثل هذه الأسماء في المنتديات ؟ زعفران الجنة وعصفورة الجنة وأمثالها .. ( الأسماء التي فيها نسب للجنة (
هل في مثل هذه الأسماء تزكية أو شبهة أم لا حرج فيها ؟
(...الجواب...)
يُشمّ منها ذلك ، لأنها تنسب نفسها إلى الجنة . فكأن في ذلك تزكية أنها من أهل الجنة .
نعم . التفاؤل مطلوب والرجاء كذلك ، وكذلك الخوف والوجل .
(1/36)
ولما مات طفل صغير في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قالت عائشة أم المؤمنين : فقلتُ : طوبى له ! عصفور من عصافير الجنة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوَ لا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار ، فَخَلَق لهذه أهْلاً ، ولهذه أهلا ؟ رواه مسلم .
وفي رواية له : قالت : دُعِي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صَبي من الأنصار ، فقلت : يا رسول الله طُوبى لهذا ! عصفور من عصافير الجنة لم يَعمل السوء ولم يُدْركه . قال : أو غير ذلك يا عائشة ؟ إن الله خَلق للجنة أهلاً خَلَقهم لها وهم في أصلاب آبائهم ، وخَلَق للنار أهلا خَلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم .
53-التسمية بمبدع قطر
(...السؤال...)
هناك شخص فى منتدى يسمى نفسه مبدع قطر
فهل يجوز التسمية بهذا الاسم.
(...الجواب...)
لا يجوز التَّسَمِّي بذلك الاسم ؛ لأنه ليس هو الذي أبْدَع قَطَر !
قال ابن القيم : مُبْدِع الشيء وبديعه لا يصح إطلاقه إلاَّ على الرَّبّ ، كقوله : (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ( .
والإبداع : إيجاد المبدَع على غير مثال سَبق . اهـ .
54-حامي السنة
(...السؤال...)
لقب " حامي السنة "
هل فيه تجاوز ؟
(...الجواب...)
إذا كان له جُهود في حِماية السنة والذَّبّ عنها ، فليس فيه مُبالغة ، إلاّ أنه قد يكون فيه تزكية للنفس !
وكذلك إذا كان من باب الرجاء والفأل ، فليس به بأس .
55-الحيرة مع الكليب ما بين التحريم و الجواز ؟؟
(...السؤال...)
انتشر في الآونة الأخيرة ما يسمى "الفيديو كليب" بالإنشاد
شيخي الفاضل
قرأت فتوى لأحد المشايخ بتحريم تصوير الكليب لما فيه من تشبهم بالفاسقين من المغنيين
و لما فيه من تكسر للمنشد و حلق اللحية و إسبال الثوب (الغالب(
و لما فيه من فتنة النساء بهم في ظهورهم بهذا الكليب بأحلى و أبهى حلية
طيب يا شيخ
هناك بعض الكفار يتأثرون بمثل هذه الكليبات .. و بعضهم يسلم من رؤيته لها ؟
فاختلط الأمر عليي أختلاطاً عجيباً .. كيف نوفق بهذا الموضوع ؟
(1/37)
يعني هل يجوز الكليب إذا خلا من المعازف و الألفاظ الغير الشرعية أم ما رأيكم ؟؟
(...الجواب...)
ما يُعرف بـ " الفيديو كليب " هو من أفعال الفسّاق وهو في الأصل مما جاء من بلاد الكُفار .
وبعض المنشدين وصل به الأمر على أن يُمارس الغناء فعلاً تحت مُسمّى الإنشاد !!
ولا يُسَوِّغ العمل أن أحدًا أسلَم بسبب " فيديو كليب " ، هذا لو سلّمنا أن هناك من أسلَم بسبب الفيديو كليب !
فإن بعض المنشدين يُبالِغ حتى سمعت مرّة أحدهم يُثني على ألأناشيد وأن تأثيرها أكثر من تأثير المواعظ ، حتى لو كان فيها آيات وأحاديث !
وهذا لا شكّ أن إفراط ، بل قد يدخله الكذب !
وهذا كما يكون من بعض الجماعات التي تدّعي أنه بسبب تلك القصة أو ذلك العمل أسلَم بِسَببِه العشرات ! ونحو ذلك من المبالغات والمجازفات !
وبعضها يُعلَم أنه كذب محض !
56-حكم النكت التي تخص الدين ؟؟
(...السؤال...)
هل يجوز نشر وتداول كهذه النكت ؟؟؟؟
شيخ يخطب على الناس :
أوصيكم خيرا بزوجاتكم ولنتفق أن يقبّل كلٌّ منا يد زوجته عندما يعود للمنزل !
قال واحد: بس أنا مش متزوج ياسيدنا الشيخ !
قال الشيخ : يبقى تبوس إيدك وش وظهر !!
(...الجواب...)
إذا كانت تتداول على سبيل الطرفة ، فالذي يظهر أنه لا بأس بها .
إلاّ أنه ليس كل أعزب يُقبِّل يَده ! لأن الزواج مِن سُنن المرسلين .
57-Yahoo
(...السؤال...)
هل ما يتردد بشأن Yahoo صحيح وإذا كان فهل الواجب مقاطعته ؟
Yahoo
أنها كلمه يهوديه و تعني إلهُنا (الاله) باللغه العربيه
وهو الاله الذي ينتظره اليهود في تورآتهم المحرفه
لأنهم يؤمنون بأنه سيأتي ويتبعوه
ويقتل كل من لا يؤمن به ويرفع من شأن اليهود..
ويؤمنون ايضا ...انه لن يأتي حتى يُبنى هيكل سليمان فوق أنقاض المسجد الاقصى
وأن لظهوره علامات لا أتذكر منها الا ظهور البقره الحمراء
بقي شيء واحد ومهم...
هل تعرف من هو هذا ال Yahoo ؟؟؟
انه ...الأعور الدجال...بمفهومنا نحن كمسلمين
(1/38)
مع إختلافنا الجذري طبعا عن أحفاد القرده والخنازير بطريقه ظهوره وصفاته وما شابه
بعقيدتنا الاسلاميه التي توضح ذلك
(...الجواب...)
الْحُكم على الشيء فَرْع عن تصوّره ، ولا أعلم معنى هذه الكلمة .
58-ماحكم شعر الغزل
(...السؤال...)
سؤال ماحكم شعر الغزل وماصحة قصة الشاعر الذي قال قصيدة "بانت سعاد..." للرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه ؟
(...الجواب...)
الشِّعر كلام ؛ قبيحه قبيح ، وحسنه حسن .
وثبت الحديث بهذا المعنى عند الدراقطني والبيهقي .
والغزل إذا لم يتضمّن وصفا دقيقا يُحرّك كوامن النفوس ، فهو معفوّ عنه .
ومثله ما جاء في قصيدة " بانت سُعاد .. "
59-ما حكم مواقع الأناشيد ؟
(...السؤال...)
س1 / أنا عندي موقع أسلامي خاص بالأناشيد الأسلامية وهدفي بالموقع كسب الأجر وقالت لي أختي أن الأناشيد اللي يسمعها ما ياخذ أجر عليها هل هذا صحيح ؟؟
س2 / هل أكسب الأجر من فتحي لموقعي وكل شخص يسمع أناشيد أم لا ؟؟
(...الجواب...)
الأمور بِمقاصدها ، فإن كان القصد إيجاد البديل السليم من المعازف والمؤثِّرات الصوتية ؛ فأنت مأجور .
وإن كان القصد مُجرّد التسلية ، فهذا لا أجر فيه ، ولا إثم ، إلاّ أن تكون الأناشيد بآلات موسيقية أو بمؤثِّرات صوتية .
60-كلمة لا يكتبها الكمبيوتر مهما كان!!!
(...السؤال...)
الموضوع التالي منتشر في المنتديات بكثره ولا اعلم صحته .
الموضوع:
سبحان الله لم يستطع علماء شركة مايكروسفت
الاجابه على هذا الموضوع فى البدايه, ولكن اخيرا عرفوا الاجابة
وان لم يعرفوها فهم ممن جحدوها واستيقنتها انفسهم
نجي للموضوع
جرب روح لسطح المكتب واضغط بالزر الايمن بالماوس
بيطلع قائمة اضغط على جديد(( مجلد))
بعدين بيطلعلك اسمه {مجلد جديد} "new foLder"
ثم حاول تغيير اسمه ل "con" أكتبه بالإنجليزي
يرفض الجهاز ان يقبل هذا التغيير
ولكن لماذا؟؟؟
الاجابة ان الله هو الذى يقول للشي ((كُن)) فسبحان الله ( والله أعلم (
فما حكمه جزاكم الله خيراً
(...الجواب...)
(1/39)
هذا غير صحيح لِعدّة أسباب :
الأول : أن هذه الكلمة يُمكن وضعها اسما لِمجلّد بالعربي باسم ( كُن ) ، وكذلك يُمكن وضعها بالإنجليزي .
الثاني : أن معنى (con) باللغة الإنجليزية ليس هو معنى ( كُن ) باللغة العربية ! بل هي بمعنى : اخدع ، أو كلمة نحوها !
الثالث : أن كلمة ( كُن ) قد قالها النبي صلى الله عليه وسلم ، ويُمكن أن تُقال على غير الأمر الرباني المقتضي للْخَلْق والإيجاد .
ففي غزوة تبوك وبعد أن بلغ النبي صلى الله عليه وسلم تبوك رَأَى رَجُلا مُبَيِّضًا يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ ، فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ الأَنْصَارِيُّ . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : أنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي . قيل : أفرأيت إن دُخل عليّ بيتي فَبَسَط يده إليّ ليقتلني ؟ قال : كُن كابْنِ آدم . رواه الإمام أحمد .
وهذا أنموج لإمكانية كتابة الكلمتين :
وأشكر الأخ الذي أفاد في كيفية كتابة (con) في اسم المجلد
61-ما حكم شراء هذه الكتب؟؟
(...السؤال...)
دلوقتي المكتبة عندنا في الكلية بتيجي كل كام سنة وتطلع الكتب القديمة عندها عشان تعدمها يعني تحرقها
الكتب دي مهمة خالص لينا كطلبة أو أعضاء هيئة تدريس
فواحد صاحبنا اشتراها من العامل بتاع المكتبة بثمن ما
وهيبعهالنا احنا طبعا بمكسبه
فما حكم ما فعله صاحبنا ؟
وهل يجوز أن نبتاع منه ؟
(...الجواب...)
يجوز لكم أن تشتروا منه .
وأما ما يتعلّق بالمشتري الأول ، فإن كان أمين المكتبة يملك بيع تلك الكُتب ، فتصرّفّه صحيح ، وإن لم يكن يملك التصرّف ، وكانت الكُتب سوف تُحرّق ، فالانتفاع بها أولى من حرقها .
وعلى كل حال لا علاقة لكم بمعاملته مع أمين المكتبة ، علاقتكم بالكتب التي صارت بِيَدِه ، ويجوز لكم شراؤها .
62-هل يحل الاغصان التي عندي
(...السؤال...)
(1/40)
)ذهبت للبرخارج المدينه للنزهة وحصلت حطب في مكان المتنزهين وهو عبارة من أغصان شجرة 3 أغصان وأخذت 2 غصن ورجعة بعد أسبوع وجدة الغصن مشبوب نصفه ولاحوله سكان ولااعلم سبب وضعه (
السوال هل يحل الاغصان التي عندي ؟؟
(...الجواب...)
إذا كانت في البرية وليس عندها أحد ولا يُتعارف على أنها لأحد بِعينه ، فلَك أن تنتفع بها .
63-كتاب الروح
(...السؤال...)
انا قرات كثير عن كتاب الروح و تشوقت لقرائته لكني ايضا كنت اقرأ انتقادا للكتاب ان ابن الجوزيه استند على ادله ضعيفه .. و لكني مع ذالك قمت بشراء الكتاب و قراءته فوجئت بكمية الاحاديث الضعيفه
لم اتوقعها ... قد يذكر دليل واحد صحيح لاثبات النقطه التي يتحدث عنها و ثلاث او اربع احاديث ضعيفه
او مثلا يذكر حديث رواه سفيان الثوري ( وهو ثقه بما انه من ءامة الاحاديث) لكن من روى عن سفيان الثوري هو رجل غير ثقه و معروف عنه انه كذاب
فما معنى هذا هل معنى هذا ان ان الرجل و اعتقد اسمه عبد الله ابن سمعان كذب على لسان سفيان الثوري و وضع اسمه انه راوي الحديث و انه ايضا رواه عن ابن العباس
اريد ان استفيد من كتاب الروح و لكني لا اريد ان تكون المحصله معلومات خاطئه
(...الجواب...)
ليس هذا في كِتاب الروح فحسب ، بل هو في كثير من الكُتب ، خاصة الكتُب التي تُروى بالأسانيد ؛ لأنهم يَرون أن من أسند فقد برِئت عُهدته .
ويُمك الاستفادة من تحقيقات المحققين لتلك الكُتب ، ومن تخريجاتهم للأحاديث .
أو النظر في أسانيد تلك الأحاديث لِمن كان لديه أهلية النظر في الأسانيد .
64-هل الشعر حرام؟
(...السؤال...)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف حال شيخنا افاضل ارجو من الله ان تكون بخير اود ان اسئل الشيخ حرام ام حلال وهل اذا كان هناك انواع من الشعر محرمة وانواع محلله فاريد ان اعرفها وايضا قصائد الحب وارجو ان تذكر الدليل من القران والسنة وايضا اراء ائمة حفظك الله يا شيخنا
(...الجواب...)
الشِّعر كلام ؛ قبيحه قبيح ، وحسنه حسن
(1/41)
وثبت الحديث بهذا المعنى عند الدراقطني والبيهقي .
وإذا تضمّن الشِّعر إثارة الغرائز أو تأجيج العواطف فإنه يُمنع منه ، وهو المعنيّ بقوله صلى الله عليه وسلم : لأن يمتلئ جوف الرجل قَيحاً يُرِيه خير من أن يمتلئ شعرا . رواه البخاري ومسلم .
قال الشيخ الشنقيطي :
التحقيق أن الحديث الصحيح الْمُصَرِّح بأن امتلاء الجوف من القيح المفسِد له خير من امتلائه من الشعر ، محمول على من أقبل على الشعر واشتغل به عن الذِّكر وتلاوة القرءان وطاعة الله تعالى ، وعلى الشعر القبيح المتضمن للكذب والباطل ، كَذِكْر الخمر ومحاسن النساء الأجنبيات ونحو ذلك . اهـ .
وسبق أن كتبت مقالاً بعنوان :
قيْح الأذهان !
http://www.al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=1307
65-يكتب بعد اسمه رضي الله عنه او عليه السلام
(...السؤال...)
سألني احد الطلبة هل يصح هذا حيث قال :
في المدرسه الاستاذ اذا يعطينه اختبار او انشطة ..
فيه واحد من الطلبة يكتب اسمه و يكتب عقب اسمه كلمة (( رضي الله عنه )) او (( عليه السلام (( ..
فهل هذا يجووز انه يكتب اسمه في الامتحان عقبها رضي الله عنه او عليه السلام ,,؟
(...الجواب...)
من حيث المعنى يجوز الدعاء بمثل هذا الدعاء .
ومن حيث التخصيص ، فالعلماء ينصّون على أنه لا يجوز تخصيص أحد بذلك ، بحيث يكون شِعارا له دون غيره .
66-احجز تذكرتك الآن
(...السؤال...)
اطلعت على هذا الموضوع ولا أعرف صحته ارجو من فضيلتكم التوضيح
أعزاءنا المسافرين معنا في هذه الرحلة
هيا بنا لنترك الدنيا بكل نعيمها وشقائها و ننطلق بعقولنا وقلوبنا
إلى الجنة بحثا عن النعيم الذي لا ينتهي واللذة التي لا توصف .
هيا بنا إلى 00سعادة بلا شقاء وحب بلا كراهية..هيا ننطلق إلى مكان لم تره عين 00ولم تسمعه أذن ولم يتخيله عقل ولم يخطر على قلب بشر
عزيزي المسافر أغلق عينيك 00افتح قلبك 00تنفس بعمق واستعد للانطلاق
على باب الجنة
(1/42)
ها نحن نقترب لعلك تشم الآن رائحة الجنة 00لعلك ترى أبوابها
جهّز نفسك للدخول ولكن انتظر
كيف ستدخل الجنة وأنت بهذه الهيئة ؟؟
أنظر هناك ستجد شجرة على باب الجنة00ما أعظمها ما أجملها
ينبع من أصلها عينان تقدم لتشرب من إحداها ليجري في وجهك
نضرة النعيم
وتوضأ من الأخرى لتزداد حسنا وجمالا
الآن يمكنك الدخول تقدم نحو الباب
اذهب ببصرك فيما وراء الباب ومتع عينيك بدار النعيم
تنفس الآن بعمق .. املأ صدرك بهذه الرائحة الزكية00يالها من رائحةٍ طيبةٍ
انظر تلك القصور الشَّاهقة ليست كقصور الدنيا بنائها لبنة من ذهب ولبنة من فضة وهناك نوع آخر من القصور : عبارة عن لؤلؤة واحدة مجوفة
تخيَّل نفسك في قصر من قصور الجنة احجز قصرك من الآن
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من عبدٍ يصلي لله تعالى في كل يوم اثنتي عشر ركعة تطوعا غير الفريضة إلا بنا الله له بيتا في الجنة".
والآن هيا بنا في جولة حرة
نتجول في بساتين الجنة ما من شجرة إلا وساقها من ذهب
وما من نخله إلا وجذعها من الزمرد الأخضر
إلى كل من قضى حياته يلهث وراء الذهب والحرير هل تعجبك هذه الأشجار هل تشتاق إلى هذا ؟؟ إذاً ما رأيك أن تغرس شجر ة في الجنة باسمك وملكك .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخله في الجنة
سبحان الله وبحمده
عزيزي المسافر لعل ما رأيته في الرحلة أصابك بالذهول
لعلك تحتاج شربة ماء تروي بها ظمأك !!
هيا نشرب من ذلك النهر ولكن انتظر انه ليس نهراً عاديا 00إن حافَّتاه من الذهب
ماؤه يجري في مجرى من الدر والياقوت ولونه أبيض من الثلج ومذاقه أحلى من العسل
إشرب 00إشرب00إروي عطشك إنه الكوثرإلى كل من باع الجنة من أجل متعةٍ عابرةٍ أو لذةٍ فانيةٍ
ألا تستحق الجنة التضحية!!
الثمن في متناول الجميع
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
"كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، قالوا ومن يأبى يا رسول الله
(1/43)
قال 00من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى".
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ " أَلَا مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ فَإِنَّ الْجَنَّةَ لَا خَطَرَ لَهَا هِيَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ وَقَصْرٌ مَشِيدٌ وَنَهَرٌ مُطَّرِدٌ وَفَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ نَضِيجَةٌ وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ فِي مَقَامٍ أَبَدًا فِي حَبْرَةٍ وَنَضْرَةٍ فِي دُورٍ عَالِيَةٍ سَلِيمَةٍ بَهِيَّةٍ قَالُوا نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُولُوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْجِهَادَ وَحَضَّ عَلَيْهِ".
أعزائي المسافرين ها قد رجعنا إلى الحياة الدنيا
داعين المولى عز وجل أن يدخلنا الجنة بغير حساب
بر حمته وغفرانه ولنعلم جميعا أن طريقنا للجنة يبدأ من الآن فهل من مشمر إن شاء الله
(...الجواب...)
مثل هذه الموضوعات منها ما هو جائز ، ومنها ما هو ممنوع .
أما الجائز فهو ما يكون في تخيّل نعيم أهل الجنة .
وأما الممنوع فهو ما يتضمّن تجسيد الأعمال الصالحة ، أو تجسيد الغيبيات ، وهذا سبق الكلام فيه هنا :
حكم مثل هذه المواضيع : هاتفك السماوي معطل ؟ اتصل بالملك ..؟ رحلة سعيدة ؟
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=147
تنبيه :
حديث : " نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ " ، رواه ابن ماجه ، وهو حديث ضعيف ، كما بينه الشيخ الألباني .
67-معرف بالمنتدى(إلا تنصروه فقد نصره الله)
(...السؤال...)
احد الاخوان مسجل بمنتدى بـ ( إلا تنصروه فقد نصره الله (
هل يجوز ذلك ,,,,
(...الجواب...)
الاسم يدلّ على المسمّى ، وهذا الذي تسمّى به لا يدلّ على المسمى ، ولا يجوز التسمّي به .
68-علم الفلسفة
(...السؤال...)
ما رأيكم بعلم الفلسفة ؟
(...الجواب...)
(1/44)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في معرض كلامه على ما يقوله الفلاسفة بأن العالم قديم صدر عن علّة موجبة بذاته .... ثم قال ضمن كلام له طويل :
و لهذا اضطرب متأخروهم فأبو البركات صاحب المعتبر أبطل هذا القول وردَّه غاية الرد ، وابن رشد الحفيد زعم أن الفلك بما فيه صادر عن الأول ، والطوسي وزير الملاحدة يقرب من هذا ....
وهم مشتركون في الضلال و هو إثبات جواهر قائمة بنفسها أزلية مع الرب لم تزل و لا تزال معه لم تكن مسبوقة بعدم ، وجعل الفلك أيضا أزليا ، وهذا وحده فيه من مخالفة صريح المعقول والكفر بما جاءت به الرسل ما فيه كفاية فكيف إذا ضم إليه غير ذلك من أوقاويلهم المخالفة للعقل والنقل .
وفي موضع آخر وهو يتكلّم عن قول الفلاسفة في أن الرُّسل ما كانوا يعلمون حقائق العلوم الإلهية والكلّيّة ، وإنما يعرف ذلك – بزعمهم – الفلاسفة ! :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في كلام له طويل : وابن سينا وأمثاله لما عرفوا أن كلام الرسول لا يحتمل هذه التأويلات الفلسفية بل قد عرفوا إنه أراد مفهوم الخطاب سلك مسلك التخييل ، وقال إنه خاطب الجمهور بما يخيل إليهم مع علمه أن الحق في نفس الأمر ليس كذلك ، فهؤلاء يقولون إن الرسل كَذَبُوا للمصلحة ، وهذا طريق ابن رشد الحفيد وأمثاله من الباطنية ، فالذين عظموا الرسل من هؤلاء عن الكذب نسبوهم إلى التلبيس والإضلال ، والذين اقروا بأنهم بينوا الحق قالوا إنهم كَذَبُوا للمصلحة ،
(1/45)
وأما أهل العلم والإيمان فمتفقون على أن الرسل لم يقولوا إلا الحق وانهم بينوه مع علمهم بأنهم أعلم الخلق بالحق فهم الصادقون المُصَدَّوقون علموا الحق وبينوه ، فمن قال إنهم كَذَبوا للمصلحة فهو من إخوان المكذبين للرسل ، لكن هذا لما رأى ما عملوا من الخير والعدل في العالم لم يمكنه أن يقول كذبوا لطلب العلو والفساد بل قال كَذَبُوا لمصلحة الخلق كما يُحكى عن ابن التومرت وأمثاله . انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – .
وهذا كله نتيجة الخوض في الفلسفة ولذا قال أبو جعفر الطحاوي – رحمه الله – : فيتذبذب بين الكفر والإيمان والتصديق والتكذيب والإقرار والإنكار موسوسا تائها شاكا لا مؤمنا مصدقا ولا جاحدا مكذبا .
قال ابن أبي العز في شرحه : يتذبذب يضطرب ويتردد وهذه الحالة التي وصفها الشيخ رحمه الله حال كل من عدل عن الكتاب والسنة إلى علم الكلام المذموم أو أراد أن يجمع بينه وبين الكتاب والسنة وعند التعارض يتأول النص ويرده إلى الرأي والآراء المختلفة فيؤول أمره إلى الحيرة والضلال والشك
كما قال ابن رشد الحفيد وهو من أعلم الناس بمذاهب الفلاسفة ومقالاتهم في كتابه تهافت التهافت : ومن الذي قال في الإلهيات شيئا يعتد به ؟
وكذلك الآمدي أفضل أهل زمانه واقف في المسائل الكبار حائر وكذلك الغزالي رحمه الله انتهى آخر أمره إلى الوقف والحيرة في المسائل الكلامية . فهذا علم الكلام والفلسفة والسفسطة لا يأتي من وراءها إلا هذا الضلال وتلك الحيرة .
69-اجهزة نوكيا حسبي الله عليهم ونعم الوكيل
(...السؤال...)
هذا موضوع وضع بالقسم لدينا
وهو يتكلم عن التحذير من ان بعض اجهزة الجوال تحتوي على صليب
وهذه الصور
1. إنزع الغطاء الخلفي .
2. إنزع الغطاء الأمامي .
3. إرفع الأزرار ولاحظ الدوائر البيض على الجوال . بالصور :
لكن لو تأكدنا :
!!!
لكن شيخنا كان هذا رد احد الأخوات على الموضوع
اهلا اختي .. ألف شكر على موضوعك ..
(1/46)
لكن مع ايماني بالله عز وجل واخلاصي له سبحانه وحبي الابدي لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ..
ومع دراستي في تخصص الشريعه الاسلاميه
انا اقول .. أين المشكله في ان اكون حامله للصليب في جوالي .. سواء ضاهر او مخفي ..
يا اخوتي .. تنبهوا هناك اشياء احق ان نخاف عليها وننتصح بها ..
الصليب .. ليست ازمه ولا مشكله في ذاته فهو ليس اكثرمن علامه ,رسمه ........
انا لا اؤمن بالصليب وانتم لا تؤمنون بالصليب وفوائده المزعومه .. اذا لما الخوف من ان نحمل صليب
يا الهي ..
كلها رسمه .. لا تودي ولا تجيب .. المهم اعتقادك انتي .. المهم نيتك انتي .. لان الاعمال بالنيات ..
دعيهم يرسمون الصليب اينما شاءوا ودعيهم يفرحوا .. لكن بالمقابل اضحكي انتي عليهم وقولي مساكين .. فعلا انتم مساكين تعتقدون انكم ان حملتوني الصليب سأعتنق ديانتكم .. هم يفهمون ان الصليب حكاية واعتقاد ووووو
لكنهم حين رأوا المسلمين يفرون ويغضبون منه اقنعونا انهم سينشرونه بيننا .. ليقهرونا لا اكثر ..
لا يعلمون انني ان حملت الصليب وانا لا احمل له اي اعتقاد وايمان .. فانني بريئة من معتقداتهم الفاسده ولا اثم علي .. كما يحبون ان اكون على اثم ..
انهم قوم عرفوووووووا كيف يشتتوننا ويقنعوننا بسخافاتهم .. وكل اعمالهم هذه لا تحصل الا في خفاء وبالدس وبكلللللللل خبث ودهاء .. لا يأتون ليقنعوك بها في وجهك وهذا سبب بقاء ديانتهم أكبر ديانه معتقدة بالدنيا .. ولاننا نحن نثور لاتفه الاسباب ونغضب من بعضنا كثيرا وننقد ونحقد ووووو
كان مصير ديننا ان بدأ غريب وسيعود غريب ..
اختي .. اتمنى ان تفهمي الحق حق ..
اتمنى ان تغضبي لاسباب جرحت الامه .. ونحن نتجاهلها ..
اغضبوا يا امه محمد على اشياء تحدث في ابنائنا وفينا نحن ..
ادعوا الله ان يريكم الحق حق ويرزقكم اتباعه وان يريكم الباطل باطل ويرزقكم اجتنابه ..
***
هذا طبعا ليس كل ماكتبت لكن حاولت اختصاره
(1/47)
وهناك من الأخوات من ايدها وتحدثن عن سماحة الإسلام وهناك من عارض!!
فما رأي فضيلتكم فيما كتبت اختنا ؟؟؟
(...الجواب...)
كلام الأخت التي اعْتَرَضَتْ غير صحيح من وُجوه :
الوجه الأول : أن الصليب خطأ ومُنكر يجب إنكاره ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يُنكر الصليب رسما كان أو نقشا .
روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تَصاليب إلاَّ نَقَضَه .
وأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على عديّ بن حاتم رضي الله عنه – وكان نصرانيا – أنكر عليه لبس الصليب ، واعتبره صلى الله عليه وسلم وَثَنًا !
قال عدي بن حاتم رضي الله عنه : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ ، فَقَالَ : يَا عَدِيّ ! اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ . رواه الترمذي ، وحسّنه الألباني .
الوجه الثاني : عقيدة الصلب باطلة وكذب وافتراء على عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ، والذي يرضى بالصَّلْب أو يُصدِّق به مُكذِّب للقرآن ؛ فوجب الحذر مِن الصليب ، والنفور منه .
ولذلك فإن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام إذا نَزَل في آخر الزمان كَسَر الصليب وقَتَل الخْنِزير ؛ لأنها مما أُلصِقت به كذبا وزورا !
وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :
الصليب شعار النصارى يضعونه في معابدهم ويعظمونه ويعتبرونه رمزًا لقضية كاذبة واعتقاد باطل هو صلب المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وقد أكذب الله تعالى اليهود والنصارى في ذلك فقال سبحانه وتعالى : ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) ، فلا يجوز للمسلمين أن يجعلوه في فُرش مساجدهم أو غيرها، ولا أن يبقوا عليه بل يجب أن يتخلصوا منه بطمسه والقضاء على معالمه بعدًا عن المنكر وترفّعًا عن مشابهة النصارى عمومًا وفي مقدساتهم خاصة . اهـ .
(1/48)
الوجه الثالث : أن حَمْل تلك الصلبان حرام لِعِدّة أسباب :
أولها : التشبه بالنصارى ، وبالقساوسة على وجه الخصوص .
ثانيها : حَمْل شِعار الكُفر ، ومن شأن هذا أن يميل الإنسان إلى من شابَهه ، فإن تشبُه الألبسة يُؤدِّي إلى تشابه القلوب ، كما قال ابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهما .
ثالثها : تهوين شأن ذلك الكُفر ، ولا أدلّ عليه من اعتبار الأخت أنه شيء لا ينبغي الاهتمام به !
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن خياط خَاطَ للنصارى سَير حرير فيه صليب ذهب . فهل عليه إثم في خياطته ؟ وهل تكون أجرته حلالاً أم لا ؟
فأجاب رحمه الله :
نعم ، إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما ، لأنه أعان على الإثم والعدوان ، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وساقيها وشاربها وآكل ثمنها . وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي إنما هم يُعاونون على شربها ، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يُقَاتِل به قِتالا مُحَرَّماً كقتال المسلمين ، والقتال في الفتنة ، فإذا كان هذا في الإعانة على المعاصي فكيف بالإعانة على الكفر ؟ وشعائر الكفر ؟ والصليب لا يجوز عمله بأجرة ولا غير أجرة ، ولا بيعه صليبا ، كما لا يجوز بيع الأصنام ولا عملها . اهـ .
وقد سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء هذا (...السؤال...) :
ما قولكم عن الساعة (أم صليب) هل يجوز أن نصلي بها أم لا ؟
فأجابت اللجنة :
لا يجوز لبس الساعة أم صليب لا في الصلاة ولا غيرها حتى يُزال الصليب بِحَكّ أو بُوية تستره ، لكن لو صلى وهي عليه فصلاته صحيحة. والواجب عليه البدار بإزالة الصليب؛ لأنه من شعار النصارى، ولا يجوز للمسلم أن يتشبه بهم . اهـ .
الوجه الرابع : ادِّعاء الأخت أن انتشار النصرانية وكونه الأكثر أتباعا ؛ بسبب أنهم لا يأتون بوسائل الإقناع مُباشرة .. إلخ كلامها ..
وهذا غير صحيح مِن وجهين :
(1/49)
الأول : أن الباطل – أيًّا كان – هو الأكثر أتباعا ! لأن أكثر الناس أصحاب حِسّ ظاهر ، كما يقول ابن القيم رحمه الله ، فتخدعهم المظاهر !
ولذلك فإن أهل الحق هم القِلّة على الدوام ، كما قال تعالى : (وإن تُطِعْ أكْثَر مَن في الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله) ، وكما قال سبحانه وتعالى : (وَمَا أكْثَرُ النَّاسِ ولو حَرَصْتَ بِمؤمِنِين)
بالإضافة إلى كون النصرانية أصلا أوسع انتشارا ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ . رواه مسلم .
الثاني : أن أهل الباطل يستعملون كل أسلوب ويركبون كل صعب وذلول ! لتحقيق أهدافهم ومآربهم ، فالغاية عندهم تُسوِّغ الوسيلة ! بِخلاف أهل الحق .
ومن أجل ذلك راجَتْ عقائد أهل الباطل .
والله تعالى أعلم .
تابع فتوى 69-اجهزة نوكيا
(...السؤال...)
قمت بنقل فتواكم وكان هذا رد الأخت
***
جزاك الله خيرا اختي على نقلك الفتوى ولا حرمك الله الاجر ..
وعلى رأسي كل ما ذكرتي اختي .. لكن والله لو أنني لم أستمع لقول ابن باز الذي اثق به كثيرا بنفسي ولو لم أقلبها برأسي ملياً ولو لم أرى اناس كثيرون متفقين على ما اقول لما قلت هذا ..
*****
انتظر ردكم حفظكم الله
(...الجواب...)
آمين ، وإياك وأختنا الفاضلة التي ردّت كأحسن الرد . .
الذي أعرفه عن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله أنه يُنكر ما يكون فيه صورة صليب ، سواء قوليا او عمليا ..
وكانت سيارة الشيخ رحمه الله فيها صُلبان ، وكانت قد أُزِيلت تماما ، حتى من الإطارات وما تُركّب فيه ، مع كونها ممتهنة ..
وأما فتاواه فهي كثيرة ، منها :
سُئل رحمه الله :
هل يجوز الصلاة بالساعة التي فيها صليب أم لا ؟
فأجاب :
... وهكذا الصليب ، لا يجوز لبس الساعة التي تشتمل عليه إلا بعد حكه أو طمسه بالبوية ونحوها ؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم : ( أنه كان لا يرى شيئا فيه تصليب إلاَّ نقضه ) ، وفي لفظ : ( إلاَّ قَضبه ) .
(1/50)
وسُئل رحمه الله عن حكم الصلاة بالحلي التي على شكل صليب ؟
فأجاب :
ما يجوز لها لبس الصليب ، الرسول كان إذا وجد صليبا نقضه وأزاله ؛ لأن فيه تشبه بالنصارى، فليس لها أن تصلي في الصليب ولا في غير الصليب من الصور، والصلاة صحيحة لكن تأثم، مثلما يأثم الرجل تأثم المرأة إذا صلوا في ثياب فيها الصليب أو خمار أو عمامة فيها الصليب .
وسأعود إلى (...السؤال...) ..
الرد كان على الفكرة في الأصل ، وليس على ما قيل عن أجهزة نوكيا ..
فالصورة أولاً ليست ظاهرة ، وإنما هي نُقَط إذا تم التوصيل بينها ظهرت الصورة ..
وثانيا ، لو كان صليبا فهو مخفيّ تحت لوحة المفاتيح ..
وما قيل عن لفظ الجلالة أيضا مخفي وفي إيجاده تكلّف في التوصيل بين النقاط !
70- هل أأثم ان اقسمت بذلك ولم انفذ؟؟
(...السؤال...)
كثيرة هي الرسائل الدعوية التي تصلنا على الايميل..ويكتب فيها امانة في عنقك الى يوم الدين ارسالها...وارسلها الى عدد محدد من الاشخاص وستسمع خبرا يسرك
ولكن قرأت فتوى للشيخ عبد الرحمن حفظه الله حول ذلك...بعدم اعادة ارسال هكذا رسائل...
ولكن (...السؤال...) هنا...ان بعض هذه الرسائل..تبدأ بـ " اقسم بالله العظيم اني سأرسلها عند الانتهاء من قرائتها"
ما حكم القسم بالله بهذه الحالة.؟؟ هل أأثم لاني اقسمت بذلك؟؟ مع العلم اني قرات القسم بالموضوع من دون نية القسم...
(...الجواب...)
هذا ليس بِلازم ، فلا يُلزَم الإنسان بِقسم لم يتلفّظ به ، بل هو مما نظَرَ إليه دون عقد نية القسم بِقلبه .
كما لو قرأ قول قائل : أُقسِم بالله لأفعلنّ كذا ؛ فلا يلزمه شيء ؛ لأن مدار الأيمان على التلفّظ بها وعلى عقد القلوب عليها ، لقوله تعالى : (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ) الآية .
(1/51)
لقوله عز وجل : ( لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) .
71- السحر الحلال
(...السؤال...)
موضوع السحر الحلال
الم يحرم الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم السحر
هذا حديث النهى عن الموبقات
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثني سليمان بن بلال عن ثور بن زيد المدني عن أبي الغيث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : )اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات(.
وقد استثنى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قتل النفس فقط ((الا بالحق(( فلماذا لم يستثن سحر البيان
وهذا حديث من سنن ابى داود
حدثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : )لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلىء شعرا قال أبو على بلغني عن أبي عبيد أنه قال وجهه أن يمتلئ قلبه حتى يشغله عن القرآن وذكر الله فإذا كان القرآن والعلم الغالب فليس جوف هذا عندنا ممتلئا من الشعر وإن من البيان لسحرا قال كأن المعنى أن يبلغ من بيانه أن يمدح الإنسان فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله ثم يذمه فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله الآخر فكأنه سحر السامعين بذلك(.
سنن ابى داود
وهل انتهت من الدنيا الاسماء حتى نسمى السحر الحلال
فكيف نحلل ما حرم الله ولو لفظا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فهل هناك
الربا الحلال والربا الحرام
والزنا الحلال والزنا الحرام
(...الجواب...)
الذي اعتبر السّحر من الموبقات ، هو الذي قال : " إِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا "
ولذلك جعل الإمام البخاري هذه على نسق ، فقال مُبوِّبا :
بَاب السِّحْرِ
ثم أتبعه :
بَاب إِنَّ مِنْ الْبَيَانِ سِحْرًا
(1/52)
وأما استثناء قتل النفس بالحق ، فلأنه مِن جنس قَتْل ، بِخلاف سِحر البيان ، فهو ليس من جِنس السِّحر ، وإنما يُشابهه في فعله وأثره .
ويُمكن أن يُقال إنه لم يأت الاستثناء فيما يتعلّق بالفرار من الزحف ، وقد جاء الاستثناء في القرآن بِحالة التحرّف للقتال ، أو التحيّز للفئة ، ومثله أكل مال اليتيم ، لم يأت الاستثناء في هذا النص ، وقد جاء الاستثناء في القرآن بالأكل منه بالمعروف .
ولو كان يحرُم إطلاقه لفظا لَمَا أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم على سحر البيان .
ولا يمنع تشبيه ما هو جائز بِما هو مُحرَّم ، لِجامع وَجْه الشبه بينهما ، فقد شبّه النبي صلى الله عليه وسلم بعض أنواع الوحي بشـ " صلصلة الْجَرَس " ، مع نَهْيِه صلى الله عليه وسلم عن الجرس ، وإخباره بأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها جَرَس ، كما في الصحيح .
مع أن هذه اللفظ ( السحر الحلال ) يتناقلها العلماء دُون نكير منهم لها .
قال ابن عبد البر رحمه الله : وروي أن سائلا سأل عمر بن عبد العزيز حاجة بِكلام أعجبه ، فقال عمر : هذا والله السحر الحلال . وقال ابن الرومي - عفا الله عنه - في هذا المعنى فأحسن :
وحديثها السحر الحلال لو أنها *** لم تَجْنِ قتل المسلم المتحرز
...
قال :
ومن هذا ما أنشدني يوسف بن هارون في قصيدة له :
نَطَقَت بِسِحْر بعدها غير أنه *** مِن السحر ما لم يُخْتَلف في حلاله
72- دخول منتديات وفيها رجال ونساء
(...السؤال...)
(...السؤال...) الأول::
ماحكم دخول النساء للمنتديات التي فيها رجال والتحدث معهم سواء بمنتدى اسلامي او ترفيهي او غيره او بالأحرى ماهي الضوابط لدخول هذه المنتديات اي كان نوعها (إسلامي او ترفيهي او ورشة عمل كبعض الحملات التي تقام الآن لنصرة الدين الإسلامي
أوغيره من المنتديات العامة).. ؟؟؟؟
لكي يتنبه لها الرجال والنساء خاصه من كانوا في المنتديات الإسلامية ..
لاننا لاحظنا هذه الفترة تساهل بين الرجال والنساء..هداهم الله ..
(1/53)
وحبذا ياشيخ لو نقل لنا كلام من كبار العلماء امثال الفوزان وآل الشيخ واللحيدان وغيرهم عن هذه القضية..
(...السؤال...) الثاني ::
ياشيخ بعض الفتيات تدخل النت للبحث عن شيء معين وهي تريد ان تخرج مباشرة وعندما ترى الساعة تلاحظ انها قضت مايقارب 4 ساعات فأكثر وهي جالسه على النت واحتمال يكون جلوسها يأخذ يوم كامل تقريباً ....الله المستعان ..
طبعاً ليس كل هذا الوقت للبحث عما تريده ..بل ما ان تبدأ البحث إلا تجد نفسها قد دخلت منتديات آخرى....الله المستعان ..
هذا لاحظناه في بعض الفتيات الملتزمات..الله المستعان ..
ياشيخ وهل تعتقدون ان هذا من الشيطان؟؟
(...الجواب...)
ينبغي أن يكون تعامل الفتاة مع رجل أجنبي يَشُوبه شيء من الحذر ؛ لأن خطوات الشيطان قد تبدأ من حُسن نِيَّة ، وزكم هي الحوادث والوقائع التي وقعت نتيجة التواصل بين الجنسين ، وكانت البداية حُسن ظنّ .
وتكرر في آيات الكتاب العزيز التحذير من خُطوات الشيطان .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، كما في الصحيحين .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : خُلق الرجل من الأرض فجعلت نِهمته الأرض ، وخُلقت المرأة من الرجل فجُعلت نهمتها في الرجل ، فاحبسوا نساءكم .
يعني عن الرجال الأجانب ، وامنعوهن من الاختلاط أو الخلوة بهم .
وقال ميمون بن مهران : ثلاث لا تَبْلُونّ نفسك بِهنّ : لا تدخل على السلطان ، وإن قُلْتَ آمره بطاعة الله ، ولا تُصغينّ بسمعك إلى هَوى ، فإنك لا تدري ما يَعْلَق بقلبك منه ، ولا تدخل على امرأة ، ولو قُلْتَ أعلمها كتاب الله .
قيل لامرأة شريفة من أشراف العرب : ما حملك على الزنا ؟ قالت : قربُ الوساد ، وملول السواد ، تعني قرب وساد الرجل من وسادتي ، وطول السواد بيننا . أي كثرة الاختلاط والمخالطة .
وليس معنى هذا اتِّهام النساء المؤمنات ، وإنما هو من باب حمايتهن ، ومن باب المحافظة عليهنّ
كما أنه من باب دفع المفاسد .
(1/54)
وأرجو مراعاة ذلك :
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=94
73- حكم التسمية ب" طه " و " يس "
(...السؤال...)
بعد معرفة معنى " طه " و "يس " والفتوى الصادرة بشأنهما وهي :
فقد اشتهر عند كثير من المسلمين أن طه ويس من أسماء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وسببه توهم ذلك ، ورودهما في قوله تعالى :
} طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى{ (1-2) سورة طه .
وقوله تعالى :
} يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} (3) سورة يس} (2) سورة يس .
واعتقدوا في هذا السياق أنها من أسماء نبينا محمد ، ثم جاءت في شعر بعض الشعراء ، وسمي بذلك بعض الناس !
والصحيح الذي رجحه جمع من محققي المفسرين أن طه ويس من الحروف المقطعة أوائل السور كـ "الم" ، و"المص" , و"الر" ، "كهيعص" ، و"طسم" ، وطس ، و"حم "، و "ق " ، و "ن" .
ويجري في معناها الخلاف المذكور في معنى الحروف المقطعة .
المقصود أنه لا يصح تسمية نبينا محمد بـ طه ويس ، وممن نص على ذلك العلامة ابن القيم قال في تحفة المودود ص127:
وأما يذكره العوام أن يس وطه من أسماء النبي فغير صحيح ليس ذلك في حديث صحيح
ولا حسن ولا مرسل ولا أثر عن صاحب، وإنما هذه الحروف مثل : "ألم " و "حم " و "الر" .. ونحوها
أود معرفة الحكم من التسمية بـ " طه " أو " يس " على اعتبار أنها حروف متقطعة وليست من أسماء الرسول عليه الصلاة والسلام .. مع العلم أن هذه الأسماء منتشرة في بعض الأقطار العربية
(...الجواب...)
أما ( طه ) فليس اسماً لا للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لِغيره ، بل هو من الأحرف المقطّعة التي في أول سورة ( طه ) .
وكذلك ( يس ) فهي أحرف مُقطّعة في أول سورة ( يس ) .
(1/55)
قال ابن القيم رحمه الله : ومما يُمْنَع منه : التسمية بأسماء القرآن وسُوَرِه ، مثل : (طه) و (يَس) و (حَم) ، وقد نَصّ مالك على كراهة التسمية بـ (يس) ، ذكره السهيلي ، وأما يذكره العوامّ أن (يس) و(طه) من أسماء النبي فغير صحيح ، ليس ذلك في حديث صحيح ولا حسن ولا مرسل ، ولا أثر عن صاحب ، وإنما هذه الحروف مثل (الم) و(حم) و(الر) ونحوها . اهـ .
أما ( ياسين ) هكذا فهو اسم ، ولا حرج في التسمّي به . قال تعالى : (سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ(
74- السحر الحلال
(...السؤال...)
هناك محاضرة فى احد المواقع الاسلامية استمعت اليها ولكن عنوانها هو
السحر الحلال
فهل هناك سحر حلال وسحر حرام
وهذه الاحاديث هل معناها النهى عن الخطب الطويلة منعا لسحر البيان ام ما المقصود منها؟
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد نا علي بن الحسن بن بيان المقري نا شريح بن يونس ح و أنا : أبو عبد الله الحافظ أنا أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني نا أحمد بن موسى الحمار نا شريح بن يونس نا عبد الرحمن بن : ( خطبنا عمار فأبلغ و أوجز فلما نزل قلنا يا أبا اليقظان لقد أبلغت و أوجزت فلو كنت نفست فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
إن طول صلاة الرجل و قصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة و اقصروا الخطبة فإن من البيان سحراً .
رواه مسلم في الصحيح عن شريح بن يونس لفظهما سواء .).
(((شعب الايمان)))
وايضا هذا الحديث
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قريش بن إبراهيم قال : ثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر عن أبيه عن واصل بن حيان قال : قال أبو وائل : ( خطبنا عمار فأبلغ و أوجز ، فلما نزل قلنا : يا أبا اليقظان لقد أبلغت و أوجزت فلو كنت تنفست ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن طول صلاة الرجل و قصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة و أقصروا الخطبة ، فإن من البيان لسحرا .).
مسند احمد
(1/56)
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه : (قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس لبيانهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا أو إن بعض البيان لسحر).
رواه البخاري
(...الجواب...)
السِّحر في اللغة : هو ما خَفِي ولَطُف .
ولذا يُقال عن التأثير على الناس بِجميل الخطاب ، أو حُسن الاعتذار : إن من البيان لَسِحرا .
أي : أنه يُشبه السِّحْر في التأثير ، وليس هو من باب السحر .
ومن هذا المعنى قولهم : السّحر الحلال ، ويُقصد به استعمال الأساليب التي لها تأثير قويّ في حُسن المعاشرة والتلطّف مع الناس .
قال الفيروزآبادي : والسِّحرُ كلُّ ما لَطُفَ مأخَذُهُ ودَقَّ ... و " إِنَّ من البيانِ لَسِحْراً " معناهُ - والله أعْلَمُ - أنه يَمْدَحُ الإِنسانَ فَيَصدُقُ فيه حتى يَصْرِفَ قُلوبَ السامِعِينَ إليه ، ويَذُمُّه فَيصْدُقُ فيه حتى يَصْرِفَ قُلوبَهُم أيضاً عنه . اهـ .
75- كيف أعرف الرُّقاة المحقين من المبطلين
(...السؤال...)
رأيت وسمعت الكثير عن المعالجين بالقرآن والمعالجات
أفيدوني رحمكم الله. كيف أعرف من هو عارف بحق الله في العلاجات ممن يدعون العلاج بالقرآن وما هي شروطه
وهل كان هناك مثل هذه الممارسات أيام الرسول ص والصحابة. وإذا قرر لي أن أتعالج فكيف اتبع الطريق القويم دون أن ادخل في حق المولي عز وجل
(...الجواب...)
أما الرُّقيَة فهي معروفة حتى قبل الإسلام !
فقد روى الإمام مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن أبا بكر الصديق دخل على عائشة وهي تشتكي ، ويهودية ترقيها ، فقال أبو بكر : أرقيها بكتاب الله .
ما المقصود بـ " كتاب الله " ؟
(1/57)
قال الزرقاني : القرآن إن رُجِي إسلامها ، أو التوراة إن كانت معربة بالعربي أو أُمِن تغييرهم لها فتجوز الرقية به ، وبأسماء الله وصفاته وباللسان العربي وبما يعرف معناه من غيره ، بشرط اعتقاد أن الرقية لا تؤثر بنفسها بل بتقدير الله .
قال عياض : اختلف قول مالك في رقية اليهودي والنصراني المسلم ، وبالجواز قال الشافعي . قال الربيع : سألت الشافعي عن الرقية ، فقال : لا بأس أن ترقي بكتاب الله وبما يُعرف من ذكر الله . قلت : أيرقي أهل الكتاب المسلمين ؟ قال : نعم إذا رقوا من كتاب الله . اهـ .
وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن رهطا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا في سفرة سافروها حتى نزلوا بحي من أحياء العرب ، فاستضافوهم فأبوا أن يُضيفوهم ، فلُدغ سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء ، فقال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين قد نزلوا بكم لعله أن يكون عند بعضهم شيء ، فأتوهم ، فقالوا :
يا أيها الرهط إن سيدنا لُدغ فسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء ، فهل عند أحد منكم شيء ؟ فقال بعضهم : نعم والله إني لراقٍ ، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا ، فما أنا بِراقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعلا ، فصالحوهم على قطيع من الغنم ، فانطلق فجعل يَتفل ويقرأ ( الحمد لله رب العالمين ) حتى لكأنما نشط من عقال ، فانطلق يمشي ما بِهِ قَلْبَة .
قال : فأوفوهم جُعلهم الذي صالحوهم عليه ، فقال بعضهم : اقسموا ، فقال الذي رقى : لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا ، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ، فقال : وما يدريك أنها رُقية ؟ أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم بسهم .
وفي صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال : كنا نَرقي في الجاهلية فقلنا : يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال : اعرضوا عليّ رقاكم ، لا بأس بالرُّقى ما لم يكن فيه شرك .
(1/58)
فكل هذا يدلّ على أن الرُّقيَة معروفة عندهم . وقد اشترط العلماء فيمن يرقي الناس شروطا :
1 - أن تكون الرقية من القرآن والسنة أو من الأدعية المعروفة .
2 – أن تكون بلسان عربي ، وأن يُعرف ما يقول .
3 – أن لا يُعتقد أن النفع في القارئ ، وإنما في الرقية بإذن الله عز وجل .
ومن يطلب من المريض معرفة اسمه أو معرفة اسم أمه أو كان يطلب شيئا من ملابسه ونحو ذلك فهذا لا يجوز الذهاب إليه ؛ لأنه يستعين بالشياطين ، ولأنه يُلبّس على الناس أمر دينهم .
ومن يمسّ المرأة الأجنبية فلا يجوز الذهاب إليه ؛ لأنه مُحرّم عليه أن يمسّ المرأة الأجنبية ، فمن كان صادقا في تعامله مع الله ومع الناس فإنه أبعد ما يكون عن الحرام .
وعلى هذا فإذا علمت المرأة أن المعالِج سوف يمسّ شيئا من بدنها فلا يجوز الذهاب إليه .
وأعرف بعض الرّقاة يُعالجون حالات كثيرة لا يحتاجون معها إلى مس المرأة ، ولا يستجيز أحدهم لنفسه أن يخلو بامرأة أجنبية عنه
76- ما هو أفضل أسلوب لدعوة الناس ؟؟
(...السؤال...)
ما هو أفضل أسلوب لدعوة الناس ، وكيف أستطيع التأثير على قلوبهم ؟
(...الجواب...)
من أفضل الأساليب للتأثير في الناس :
= الصدق مع الله فيُبارك الله في الكلمات اليسيرة ، ليكون لها الأثر العظيم .
= أن لا يُخالف قول الإنسان عمله ، فيمقته الناس ويُبغضونه .
= اقتفاء الأثر واتباع السنة ، ففي ذلك من البركة ما لا يعلمه إلا من جرّبه .
= قصد وجه الله عز وجل ، وعدم الغضب أو الانتقام للنفس .
= مقابلة الإساءة بإحسان .
= الإحسان إلى الناس ، فهذا مفتاح القلوب .
= التّبسم في وجوه الناس – طبعا بالنسبة لكِ في وجوه النساء – !
= عدم التجريح أو النصح المباشر إلا فيما يُحتاج إليه ، ويكون بقدر الحاجة .
= عدم التعالي والتّرفّع على الناس .
= التواضع وعدم الكِبر .
(1/59)
= استخدام الأسلوب الأمثل في الدعوة إلى الله ، فمرّة بشريط ، ومرة بمطوية ، ومرة بحجة عقلية ، ومرة بفتوى ، ومرة ترغيب ، ومرة ترهيب ، وهكذا ...
77- تفسير الأحلام ..
(...السؤال...)
(( هل يجوز تفسير الأحلام !! سمعت أنه لايجوز تفسير الأحلام، لإن تفسيرها يعتبر كالفتوى !! ..
أفيدوني ... بارك الله فيكم .. وجزاكم الله الجنه ))
(...الجواب...)
يجوز تفسير الرؤيا إذا فسّرها من أهل للتأويل .
وليس من شرط المفسِّر أن لا يُخطئ .
وأما من لا عِلم له بتأويل الرؤيا فلا يجوز له تعبيرها ، فإن التأويل قَرين الفتوى ، وقد ذكَرَ الله ذلك في سورة يوسف ، فقال في قصة عزيز مصر : (يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ)
78- كثرة معبري الرؤيا
(...السؤال...)
كثر في وقتنا الحالي مفسرين الأحلام والرؤيا حث إن بعضهم يحدد لك مثلا تفسيرا بقوله ستحصل على ترقية في عملك يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا .
أو ستكسب صفقة تجارية أو أو ...وكثير من الناس أصبح همهم وشغلهم الشاغل تفسير كل ما يراه في نومه . فما هو توجيهكم لنا بارك الله فيكم نحو هذا الموضوع الهامّ في عصرنا هذا .
(...الجواب...)
أخي الحبيب هذه مسألة أسرف فيها فئام من الناس ، وأفرطوا فيها ، حتى أصبحوا يسألون عما رأوا وعما لم يروا ! بل أصبحوا يسألون حتى عن الأحلام وعن تلاعب الشيطان بهم .
وكثّر لأجل ذلك المُعبّرون ، فكل يدعي تأويل الرؤى ، شأنهم في ذلك شأن الرُّقى . والرؤى تقع ، وهي جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة . وهي من المُبشِّرات ، فيُستبشر بها ، ولا يُعوّل عليها ، ولا يُبنى عليها أحكام .
لقوله صلى الله عليه وسلم : لم يبق من النبوة إلا المبشرات . قالوا : وما المبشِّرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة . رواه البخاري .
والرؤيا ثلاثة أقسام :
الأول : الرؤيا ، ومنها رؤيا الأنبياء ، كرؤيا يوسف عليه الصلاة والسلام ، ورؤى نبينا صلى الله عليه وسلم ، وغيرها .
(1/60)
والثاني : حديث النفس . وهي أن يكون الإنسان يُحدّث نفسه بشيء في اليقظة ، فيراه في منامه ، فهذا حديث النفس .
والثالث : من الشيطان ، وهو الحُلُم ، ومنه الاحتلام . قال عليه الصلاة والسلام : الرؤيا ثلاث : فالرؤيا الحسنة بشرى من الله ، والرؤيا تحزين من الشيطان ، والرؤيا مما يحدث به الإنسان نفسه ، فإذا رأى أحدكم ما يكرهه فلا يحدث به ، وليقم وليصل . رواه الترمذي وغيره ، وصححه الألباني .
وعند ابن ماجه عنه عليه الصلاة والسلام قال : إن الرؤيا ثلاث : منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها بن آدم ، ومنها ما يهمّ به الرجل في يقظته فيراه في منامه ، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة . وصححه الألباني .
والأحلام المزعجة أو المكروهة هي من تلاعب الشيطان ببني آدم ليحزنهم بذلك . ولذا لما جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله رأيت في المنام كأن رأسي ضُرب فتدحرج ، فاشتدت على أثره .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي : لا تحدث الناس بتلعّب الشيطان بك في منامك .رواه مسلم . والرؤيا إذا عُبِّرت ، فإما أن تقع كما قال المعبر ، وإما أنها لا تقع .
فيكون المعبِّر لم يوفق في تعبيرها ، أو الرؤيا لم تصدق . ومن رأى رؤيا ولم تسرّه ، فإنها لا تضره وعليه بما يلي :
1 – أن ينفث على يساره ثلاث مرات حين يستيقظ ويستعيذ بالله من الشيطان .
2 – أن يتعوّذ من شرّها .
3 – ينقلب على جنبه الآخر .
4 – أن يقوم فيُصلي .
5 – أن لا يقصّها على أحد .
6 – أن لا يسعى لتأويلها وتعبيرها .
والأدلة على ذلك :
قال صلى الله عليه وسلم : الرؤيا من الله ، والحلم من الشيطان ، فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث حين يستيقظ ثلاث مرات ، ويتعوذ من شرها ، فإنها لا تضره .
قال أبو سلمة – الراوي عن أبي قتادة - : وإن كنت لأرى الرؤيا أثقل عليّ من الجبل ، فما هو إلا أن سمعت هذا الحديث فما أباليها . متفق عليه .
(1/61)
وقال عليه الصلاة والسلام : إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا ، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثا ، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه . رواه مسلم .
وقد تقدّم قوله صلى الله عليه وسلم : فإذا رأى أحدكم ما يكرهه فلا يحدث به ، وليقم وليُصلِّ . وقال صلى الله عليه وسلم : الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبّر ، فإذا عُبرت وقعت ، ولا يقصها إلا على وادّ ، أو ذي رأي . رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني .
وقال عليه الصلاة والسلام : إذا رأى أحدكم الرؤيا الحسنة فليُفسرها ، وليُخبر بها ، وإذا رأى الرؤيا القبيحة ، فلا يفسرها ، ولا يخبر بها أحدا . صححه الألباني في صحيح الجامع .
79- سُنة الأسبوع...؟
(...السؤال...)
أنا مشرف على أكثر من منتدى
ولكن أحد الأخوات أنزلت موضوع بعنوان سنة الأسبوع
في كل يوم جمعة يقوم أحد الأعضاء بتنزيل سنة عن الرسول صلى الله علية وسلم أو موضوع ديني
تحت مضلة الأجتماع على ذكر الله
فقمت بحذف الموضوع
لعدة إعتبارات
كثرة الردود بين الجنسين
والذكر الجماعي
و وإبتداع سنة
..........................................
فهل ما قمت به صحيح
(...الجواب...)
إذا كان ذلك على سبيل الاجتماع على الذِّكر الجماعي ، فقد أحسنت في حذف الموضوع .
أما إذا كان من أجل تعليم الناس ، واختيار يوم من أيام الأسبوع لتعليم الناس ، فهذا له أصل في الشرع ، وليس من البدع .
قال الإمام البخاري : بَاب مَنْ جَعَلَ لأَهْلِ الْعِلْمِ أَيَّامًا مَعْلُومَة .
(1/62)
ثم روى بإسناده إلى أَبِي وَائِلٍ قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ [ يعني : ابن مسعود ] يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ! لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ . قَالَ : أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا .
وكذلك إذا كان للتذكير بِفضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة ، فهذا أيضا له أصل في السنة ، فقد جاء الحثّ على الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الجمعة وفي يوم الجمعة
80- حكم استخدام عبارة "أكسير الحياة"
(...السؤال...)
نسمع ونقرأ كثيرا عبارة إكسير الحياة
فموضوعات تقول الأمل أكسير الحياة .. الحب أكسير الحياة ... وغيرها
بل هناك دعاة وطلبة علم يستخدمون هذه العبارة أحيانا !!
بحثت عن أصل العبارة فوجدتها أسطورة بحث الإنسان عن مادة يتناولها الإنسان ويحصل من خلالها على الخلود في عالم بلا موت
وفي محاولة منهم لإشباع رغبة الخلود لبني البشر شرع العلماء - وخاصة علماء الخيمياء -في استنباط شراب الحياة أو ما يسمى بـ "أكسير الحياة"
وكان في إعتقادهم أنه كفيل بتوقيف الزمن
و تقديم الشباب الدائم لمن يُسقى به
والتمتع بالصحة والقوة وعلاج جميع الأمراض
حتى أن بروفسور اوكراني أعلن أنه اكتشف هذا الأكسير وسيعلن عن ولادة عصر جديد لا موت فيه
سؤالي شيخنا الفاضل:
ما حكم استعمال مثل هذه الكلمة للتعبير كقولهم: الحب أكسير الحياة أو الأمل أكسير الحياة وبالطبع فمن يستخدمه لا يقصد معناه الحقيقي بل يعتبره تعبيرا مجازيا.. فهل يجوز شرعا استخدم هذه العبارة؟
(...الجواب...)
(1/63)
الأمور بِمقاصدها ، فإذا كان قصد المتكلِّم بها أن ذلك الشيء قد يكون من أسباب السعادة ، كقولهم : الحب أكسير الحياة ، أو الأمل أكسير الحياة ؛ فالذي يظهر أنه لا بأس به .
لأن هذا أقرب ما يكون إلى التشبيه ، تشبيه الحب أو الأمل بما قيل في أصل الكلمة .
ولا يلزم في التشبيه التطابق بين الْمُشَبَّه والْمُشَبَّه بِه .
وفي " شرح مُختَصَر الروضة " : مِثْل الشيء مَا سَاوَاه مِن كُلّ وَجْه في ذَاتِه وصِفاتِه ، وَ شِبْه الشَّيء وشَبِيهه مَا كان بَيْنَه وبينه قَدْر مُشْتَرَك مِن الأوْصَاف " . اهـ .
81- ماحكم التسمي بهذه الاسماء المستعارة
(...السؤال...)
ما حكم التسمي بهذه الأسماء المستعارة في المنتديات
زمن قاسي
جرح الدهر
جنة الخلد
أية الرحمان
والله الجفا برد
جنة العشق
ملك زماني
(...الجواب...)
التَّسَمِّي بـ " زمن قاسي " و " جرح الدهر " ، فيها ما يُشعر بِسبّ الدهر .
ولا يجوز التسمِّي بـ " جنة الخلد " .
و" ملك زماني " فيه كذب !
82-ماحكم قول ( الحظ الاقشر )
(...السؤال...)
لدي سؤاااااااااال عن لفظ /
الحظ الأقشر !!!
ما حكم قوله من هذا لفظ وما اشبه من الالفاظ ..
(...الجواب...)
الحظ قد يكون حسنا ، وقد يكون سيئا ، هذا بالنسبة لِمَا يراه الشخص ، وما يقع له .
ومع ذلك فلا ينبغي إطلاق ذلك اللفظ لأن ظاهر الأمر قد يكون سيئا ، وفي باطنه خير .
قال ابن القيم : كم مِن محنة في طيّها مِنحة .
وسبق :
حول الحظّ
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=6402
83-ما حكم الاستماع إلى الأناشيد ؟
(...السؤال...)
ما حكم الاستماع إلى الأناشيد ؟ إذا كانت هذه الأناشيد عبارة عن أصوات بشرية ، أو أصوات بشرية معها دف لكنها احتوت على مؤثرات صوتية أشبهت بها صوت الموسيقى ، فما حكمها ؟
(...الجواب...)
يجوز الاستماع إلى الأناشيد بضوابط :
الأول : أن لا تُلهي عن سماع الخير من دروس ومحاضرات ومواعظ .
الثاني : أن لا تكون كلماتها كلمات أغاني .
(1/64)
الثالث : أن لا تكون ألحانها أيضا على ألحان أغاني .
الرابع : أن لا تشتمل على آلة ، سواء دُفّ أو طبل ، أو أصوات بشرية تُحوّل إلى مؤثِّرات ، فإن المؤثِّرات لا تكون أصواتا بشرية ، وإنما يُطلق عليها بعد تحويلها ( مؤثِّرات ) ، فلا تبقى لها خاصية الأصوات البشرية ولا أحكام الأصوات البشرية .
ويُستثنى من ذلك سَماع الدفّ في الأعراس ، فقد رخّص فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وألْحق به عُمر رضي الله عنه الخِتان ، والعيد في حُكمه لعموم النصوص التي جاءت في الإذن بضرب الدّفّ في هذه المناسبات ، ويكون في أوساط النساء خاصة .
إلاّ أنه لا يُستأجر من يضرب الدّفّ ، ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالتْ : دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تُغَنِّيان بما تَقَاوَلَتْ الأنصار يوم بُعاث . قالت : وليستا بِمُغَنِّيَتِين ، فقال أبو بكر : أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وذلك في يوم عيد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ! إن لكل قوم عِيدا ، وهذا عِيدنا.
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يُرخِّص في الدفّ مُطلَقا ، بل رَخّص فيه في يوم عِيد .كما أن قول عائشة رضي الله عنها : " وليستا بمغنيتين " .
يدل على أن تلك الجواري اللواتي يضربن الدفوف أو يُغنين لم يكن ذلك من شأنهن ، كما أن الغناء لم يكن حرفة لهن ، ولم يَكُنّ يُستأجرن لذلك الغرض ! أو تُنفق عليهن الأموال الطائلة .
كما أن استعمال الدفّ ليس مُباحا وإنما هو رُخصة ، والرخصة عند علماء الأصول خِلاف الأصل . قال ابن حزم : لا تكون لفظة الرخصة إلا عن شيء تقدم التحذير منه .
وقال الشاطبي : وأما الرخصة فما شرع لعذر شاق استثناء من أصل كلي يقتضي المنع مع الإقتصار على مواضع الحاجة فيه .
(1/65)
وقال صاحب كتاب القواعد والفوائد الأصولية : والرخصة لغة السهولة ، وشرعا : ما ثبت على خلاف دليل شرعى لمعارض راجح . وقيل : استباحة المحظور مع قيام السبب الحاظِر
وقال الآمدى : الرخصة ما شرع لعذر مع قيام السبب المحرم .وقال القرافى : هي جواز الإقدام على الفعل مع اشتهار المانع منه شرعا ؛ والمعانى متقاربة .
قال الشيخ حافظ حكمي :
والرخصة الإذن في أصلٍ لمعذرةٍ *** وضدها عزمة بالأصلِ تنعقدُ
84-انسحب من الاشراف او ..؟
(...السؤال...)
بغيت حل
شيخ انا من فترة صرت مشرفه قسم اسلامي في منتدى وكنت اجوف فهالمنتدى مواضيع غير صحيحه ومحد كان يصححها وكنت اقولهم الموضوع غير صحيح
فطرحت عليهم ان اكون مشرفه على القسم حتى اعرف اتحكم بالمواضيع بشكل اسرع وخصوصا ان عندي خبره من قبل على الاشراف وانا استعين بموقع "دعوة" لاجد (...الجواب...)
وتم قبول طلبي ،، ولكن شيخ قلبي مو مرتاح لانه خايفه
فمعلوم ان المشرف يكون مسؤول عما يحدث في القسم سواء حسنة او سيئة
فأنا اجاوب لهم على اللي اعرفه ولكن لست خبير بكل شيي فانا لست عالمة
فطرحت ان اكون مشرفه حتى اعرف اتجكم بالمواضيع الغير صحيحه واصلح الخطأ واضع الفتوى .....الخ
ولكن بخصوص باقي المواشيع في القسم ، لا ادري اراها جيده ولكن ربما فيها كلمة خطأ او حديث خطأ ولم اعرف ذلك
فاخاف ان احاسب على ذلك
فمحتارة انسحب افضل واترك القسم ،
او اظل مشرفه واجاوب لهم على اللي اعرفه
او ما العمل ؟
(...الجواب...)
إذا لم يكن في بقائك في الإشراف مَفْسَدة ، فبقاؤك في الإشراف أفضل ؛ لأن من يكون لديه الحرص على متابعة المواضيع وغربلة وتنقية ما يُطرح أفضل ممن لا يكون لديه مثل هذا الحرص .
وكون المشرف أو المشرفة لا يُحيط بكل ما يُطرح ليس عيبا ، فليس هناك أحد من أهل العلم أحاط بالعِلْم ، فضلا عن طُلاّب العلم .
ولا يُؤاخذ إلاّ بِما عَلِم وسَكت عنه مع قُدرته على التغيير .
85-خواص حمام الحرم المكي
(...السؤال...)
(1/66)
هل لحمام الحرم المكي خواص ؟
حيث قرأت أنه من خواصه :
انه لا يطير فوق الكعبة ابدآ .. انما يطير حوله في جماعات مرات ومرات
انه متحد الألوان
انه على كثرة أسرابه لا ترى اثر ذرق " برازه " في المسجد الحرام
لا يقع منه ريش في المسجد الحرام
يبيت خارج المسجد الحرام ولا يبيت داخله ابدآ ويعود إليه عند الشروق
لحمه لا ينضج ابدآ مهما وضعته على النار
وهذا ( حسب رواية أهل مكة ) ومن يأكله يصاب بالجرب
(...الجواب...)
له من الخواص أنه لا يجوز قتله ولا تنفيره لأجل إخراجه من الحرم .
والعلماء يَنُصّون على أن لبس الجورب في الطواف لأجل أن لا يطأ " ذرق " الحمام من البِدَع .
فلو كان حَمَام الحرم لا يقع منه شيء في الحرم لَكان مثل هذا القول لغو لا قيمة له !
وأما كونه لا ينضج فهو مُخالف لقولهم : من يأكله يُصاب بالجرب !
كيف يأكله وهو لم ينضج ؟!
مع أنه لا يجوز صيده ولا قتله أصلا .
86-مواقع للفيديو
(...السؤال...)
في موقع اليوتوب موجود بعض الفيديوهات موشي عن المسلمين ومستقصدين السعوديين مادري ليش عبالهم انتو بس المسلمين المهم مثلا يطلعون فيديو ويحطون عليه تعليق انه هذيلا
شيوخ السعوديه ( طبعا قصدهم شيوخ الدين) واغلب الفيديوهات الى ينزلونها على هالاشكال ، والى ينزلون هالفيديوهات هم جماعه اسمهم حمايه المسيح ، وهم جماعه مصريه ، انا اقدر
انزل لكم صوره الموقع بس على ماظن ما يجوز ..
الحين اشلون نرد عليهم ، طبعا مانقدر نصور ونزل في اليوتوب شي يمس المسيحيه لانه اصلا هذا مو من تعاليم الاسلام . فياريت تعطينا وجهه نظرك والحل ..
(...الجواب...)
الخطأ لا يُعالج بالخطأ ، والنار لا تُطفأ بالنار !
هؤلاء أهل حقد وبغضاء !
وإذا كانوا استهزءوا بِِدِيننا ، فلا يُستغرب أن يصدر منهم استهزاء بِعلمائنا ..
(1/67)
وإذا كان من بني جلدتنا ويتكلّمون بألسنتنا مِن سُفهاء قومنا ! من يستهزئ بعلمائنا ، ويُنشر ذلك عبر وسائل الإعلام ! صحافة وتلفزة ! أفيُستغرب أن يصدر مثل ذلك من نصراني حاقد ؟!
ويُقابل ذلك العمل ببيان عوار واقع النصرانية دون المساس بالأنبياء .
فواقع النصرانية اليوم لا علاقة له بِما جاء به المسيح عليه الصلاة والسلام .
87-قول للشاعر ( شاعر الثقلين )
(...السؤال...)
هل يجوز نطق مثل هذه الجمله
(شاعر الثقلين) ولقد قرأتها في احدي المنتديات
(...الجواب...)
هذا من الكذب ، فليس أحد من الشعراء يصح أن يُطلق عليه هذا الوصف
88-الرسائل الخاصة
(...السؤال...)
اقوم بعمل حمله للحجاب
ويتخلل هذه الحمله مواضيع وقصص ومحاظرات وفلاشات خاصه بالحجاب
وهذه الحمله يساعدني فيها احد الاخوه المشرفين في الموقع
فاانا اجهز الموضوع وهو ينسقه ويضع له المحاظرات والفلاشات
والهدايا للأخوات
وكل ذلك يتم عن طريق الرسائل الخاصه بيني وبينه
ووالله ياشيخ ان ذلك لايتخلله اي شيء محرم من الكلام كله كلام في الحمله
وأفكارها الجديده ومدى نجاحها في المواقع
وأريد أن اسئل هل علي ذنب في ذلك ؟؟
(...الجواب...)
لا إثم في ذلك إلاّ أن يتجاوز الرسائل الخاصة إلى غيرها .
وعليك الحذر والاحتياط من خُطوات الشيطان ، فإن مِن مداخل الشيطان على الصالحين : الأعمال الصالحة ، فقد يدخل عن طريق الدعوة إلى الله ، أو عن طريق النُّصْح ، وغير ذلك من المداخل .
89-أسماء السموات السبع وألوانها؟
(...السؤال...)
هل هذه الأسماه و هذا الوصف صحيح؟!
-------------
هل تعرف ما هي أسماء السموات السبع وألوانها؟
هل تعلمون بأن كل سماء لها اسم ولون؟
سبحان الله
اسم السماء الدنيا الأولى
رقيع
وهي من دخان..
اسم السماء الثانية
قيدوم
وهي على لون النحاس..
واسم السماء الثالثة
الماروم
وهي على لون النور..
واسم السماء الرابعة
أرفلون
وهي على لون الفضة..
واسم السماء الخامسة
هيفوف
وهي على لون الذهب..
واسم السماء السادسة
عروس
(1/68)
وهي ياقوتة خضراء..
واسم السماء السابعة
عجماء
وهي درة بيضاء..
(...الجواب...)
ما ذُكِر لا يصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم . وإن كان قد وَرَد عن بعض الصحابة في التفسير .
90-من احب الاقامة فى المدينة ولم يستطع
(...السؤال...)
هذا عبد من عباد الله شغف قلبه حبا بالمدينة المنورة على ساكنها افضل الصلاة والتسليم
ولم يستطع اليها سبيل ماذا يفعل ؟ وحبه لها ليس بيده سبحانه من قذف هذا الحب فى قلبى سبحانه تعالى عز وجل ما الحيلة الى هذا اخوتى فى الله اعذرونى على هذا التدخل لكنى مولع وهائم فى حب المدينة المنورة خاصة بعد زيارتى لها عمرة، تقبلها الله منى اخبرونى ماذا افعل وانا اريد ان اسكن فيها واموت فيها وادفن فيها وابعث منها واكون جارا للحبيب المصطفى عليه افضل الصلاة واتم التسليم وعلى اله وصحبه ومن ولاه اريد المجاورة ؟
(...الجواب...)
(1/69)
روى النسائي من حديث شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا مِنْ الأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ ثُمَّ قَالَ : أُهَاجِرُ مَعَكَ ، فَأَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ غَنِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيًا فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ ، وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالُوا : قِسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالَ : قَسَمْتُهُ لَكَ ، قَالَ : مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ ! وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَاهُنَا - وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ - بِسَهْمٍ فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ ، فَقَالَ : إِنْ تَصْدُقْ اللَّهَ يَصْدُقْكَ . فَلَبِثُوا قَلِيلا ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْمَلُ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَهُوَ هُوَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ .
والشاهد من هذا أن من صَدَق الله صَدَقه الله ..
91-بماذا تنصحوني جزاكم الله خير؟
(...السؤال...)
انا مشرفة على قسم اسلامي في احدى المنتدى واعمل جاهدة حتى يكون القسم طاهر من المواضيع المبتدعة والاحاديث الضعيفة والمكذوبة
ولكن هناك موضوع احترت في ما اتصرف به فلم اعرف مصدره ومعظم احاديثه ضعيفة ! بحثت حتى اجد احاديث صحيحة تبادل تلك فلم اجد..
فهل اقوم بحذفه؟ ام بماذا تنصحوني
(...الجواب...)
(1/70)
الموضوع أو المقال الذي يشتمل على أحاديث ضعيفة يجب حذفه ، إلاّ إذا كان صاحب المقال يُبيِّن الأحاديث الضعيفة .
والحديث الضعيف لا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
92-صفحه لزيارة المريض بالمنتدى
(...السؤال...)
طلبت احدى الاخوات (احياء لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في عيادة المرضى)
ان يتم فتح موضوع فى منتداهن لعيادة المريض، أي ان تقوم الاخت وغيرها بالتخفيف
عمن يمرض ب(...السؤال...) عبر الموضوع، فما الحكم الشرعي في أمر كهذا!!؟
وقد آثرنا (...السؤال...) حتى لا نقع في البدع دون علم
(...الجواب...)
(...السؤال...) عن المريض ، وتعاهد الصديق أمْر مطلوب .
و(...السؤال...) عنه في المنتديات ك(...السؤال...) عنه في الهاتف ، وليس هو من البِدع .
93-هل يُبشَّر أحدهم بالجنة من خلال رؤيا
(...السؤال...)
قرأت فى قسم الحوارات قصة تتحدث أن شخص رأى فى المنام أنه فى مدينة الخبر يوجد محل وبجانبه بيت وفى البيت هذا رجل مبشر بالجنة فذهب الرجل الى المكان فوجده نفسه الذى حلم ووجد البيت فذهب الية ودق الجرس فوجد شخص عادي فقال له القصة ....الخ القصة
السوؤل هو / هل يستطيع أحد غير الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجزم بأن فلان فى الجنة مثل هذه القصة ، أن يرى فى المنام ويتحقق كل شئ فى الرؤية .
(...الجواب...)
أما الجزم فلا ، وأما الاستبشار بذلك فنعم ، وذلك لأن الرؤى مُبشِّرات ، كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم .
وسبق سؤال في الرؤى والأحلام
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=97
94-عظم الله أجوركم لوفاة صلى الله عليه وسلم
(...السؤال...)
لقد طرحت احد الفتيات في منتدى هذا الموضوع، ولقد قمت بغلق الموضوع حتى تصدر فتوى بحكم مثل هذه المواضيع، وهل هي من البدع او ما فيها بأس.
&&&&&&&&&&
محمد قرَّبهُ ربه حتى كقوسين غدا قًرْبُهٌ
محمد حسبي في شدتي طوبى لمن محمد حسبه
صلى عليه وعلى من هم عترته صفوته صحبته
صلى عليه وعفى رحمة عن مسلمين ربهم ربه
(1/71)
عظم الله أجوركم على ذكرى وفاة حبيبي وسيدي و مولاي وشفيعي محمد صلى الله عليه وآله وهو في 28 من صفر 11 هـ
ونسأل الله تعالى أن يجمعنا وإياه في الجنه ويرزقنا شفاعته .. ويرحمنا به برحمته ..وهو أرحم الراحمين
(...الجواب...)
لا يجوز مثل هذا ، لِعدّة أمور :
الأول : قول القائل : ( محمد حسبي في شدتي طوبى لمن محمد حسبه ) ، وهذا قَدْح في التوحيد ، لأن الْحَسْب : هو الكافي . والله جل جلاله هو الكافي .
ولذا قال الله تبارك وتعالى للمنافقين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم : (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) .
فالعطاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعطيه أثبته الله له ، والْحَسْب والكفاية لم يُثبتها الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ، وإنما قال : (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ) ، ولم يَقُل : حسبنا الله ورسوله .
وقال الله تبارك وتعالى عن نبيِّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) .
وهذه عقيدة الأنبياء والموحِّدين على مرّ العصور . قال ابن عباس رضي الله عنهما : (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) قالها إبراهيم عليه السلام حين ألْقِي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) . رواه البخاري .
فالْحَسْب والكافي هو الله في كل شِدّة وفي كل رخاء .
(1/72)
وأما التعزية بموت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يَكن عليه العمل ، وإنما يُخفف به مُصاب من أُصيب بمصيبة ، فيُذكّر بمصابه بالنبي صلى الله عليه وسلم .
قال عليه الصلاة والسلام : ا أيها الناس أيما أحد من المؤمنين أُصِيب بمصيبة فلْيَتَعَزّ بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري ، فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي . رواه ابن ماجه .
كتب بعض الحكماء إلى أخ له يُعَزِّيه عن ابن له يُقال له : محمد :
اصْبِر لكل مُصيبة وتَجَلّد ***واعلم بأن المرء غير مُخَلَّدِ
وإذا ذَكَرْتَ مُحَمَّدًا ومُصَابه *** فاذكر مُصابك بالنبيّ مُحَمَّدِ
95-هل يجوز تحليل الشخصية من الخط ؟
(...السؤال...)
سؤالي أنني رأيت في إحدى الفضائيات مقابلة لأحد القراء المشهورين في عصرنا الحاضر
و من ضمن اللقاء خرج رجل(بتنظيم من القناة و ليس متصل)
يقول بتحليل الشخصية من الخط .. أو من خط القارئ نفسه أقصد
و جلس يحلل لهذه الشخصية من هدوء و انطوائية و ............... الخ من صفات يتحلى بها بزعمه .
فبعد انتهائه قال القارئ أنه أصاب بجزء كبير لا بأس به
و قال القارئ أحيي فيه هذه الفراسة
فهل يجوز مثل هذا الذي يسمى تحليل الشخصية و هل هو فعلا من الفراسة ؟
(...الجواب...)
لا علاقة لهذا بالفراسة ؛ لأن الفراسة من التوسّم ، وسبقت الإشارة إليها هنا :
كيف أفرق بين الفراسة وبين الظن السوء ؟
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=6733
وكان بعض العلماء حَسَن الخط ، وبعضهم سيئ الخط ، ولم يكن أحد منهم مُعتَزلاً للناس ولا مُنطويا على نفسه !
96-شرب ماء زمزم بنية صلاح الحال...
(...السؤال...)
ورد في الحديث عن فضل ماء زمزم
عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ماء زمزم لما شُرِبَ له إن شربته تستشفي شفاك الله،
وإن شربته لشبعك أشبعك الله، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله، وإن شربته مستعيذاً أعاذك الله)
(1/73)
ومن دعاء ابن عباس عند شرب ماء زمزم (اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاءً من كل داء) رواه الحاكم.
(...السؤال...)
هل يصح شرب ماء زمزم بنية صلاح الحال أو بنية الزواج أو الذرية الصالحة وغيرها؟
(...الجواب...)
اختُلِف في صحّة هذا الحديث ، وقد صحح الألباني هذا الحديث بشواهده .
وفي صحيح مسلم في قصة إسلام أبي ذر رضي الله عنه : مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلاَّ مَاءُ زَمْزَمَ فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي ، وَمَا أَجِدُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ . واصل الحديث في الصحيحين .
قال ابن القيم عن ماء زمزم : وَقَدْ جَرّبْتُ أَنَا وَغَيْرِي مِنْ الاسْتِشْفَاءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ أُمُورًا عَجِيبَةً ، وَاسْتَشْفَيْتُ بِهِ مِنْ عِدّةِ أَمْرَاضٍ فَبَرَأْت بِإِذْنِ اللّهِ ، وَشَاهَدْتُ مَنْ يَتَغَذّى بِهِ الأَيّامَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ الشّهْرِ أَوْ أَكْثَرَ وَلا يَجِدُ جُوعًا ، وَيَطُوفُ مَعَ النّاسِ كَأَحَدِهِمْ ، وَأَخْبَرَنِي أَنّهُ رُبّمَا بَقِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكَانَ لَهُ قُوّةً يُجَامِعُ بِهَا أَهْلَهُ وَيَصُومُ وَيَطُوفُ مِرَارًا . اهـ .
وكان بعض العلماء يشرب ماء زمزم بِنيّة الاستزادة من العلم والفهم والحفظ .
وقد سئل ابن خزيمة : من أين أُوتيت العِلم ؟ فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لِمَا شُرب له ، وإني لَمَّا شَربتُ سألت الله علما نافعا .
وقال الحاكم : شربت ماء زمزم وسألت الله أن يرزقني حُسن التصنيف .
(1/74)
قال ابن عساكر : سمعت أبا عبد الله الحسين بن محمد البلخي يحكي عن بعض شيوخه - وأظنه أبا الفضل بن خيرون - أن أبا بكر الخطيب كان يذكر أنه لَمَّا حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات ، وسأل الله عز وجل ثلاث حاجات آخِذًا بِقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماء زمزم لما شرب له . فالحاجة الأولى أن يُحَدِّث بتاريخ بغداد ببغداد ، والثانية أن يُمْلِي الحديث بجامع المنصور ، والثالثة أن يدفن إذا مات عند قبر بشر الحافي . ثم ذَكَر ابن عساكر أن هذه الثلاث قُضيت له .
97-هل يعتبر انهم شاركوا في قتل هولاء الابرياء بمجرد السماح لضرب العراق من اراضيهم
(...السؤال...)
من المعلوم انه في الحب الامريكيه الكافره على العراق اتخذت لها قواعد في بعض البلدان العربيه بموافقه من حكام تلك البلدان هداهم الله فكانت تقلع تلك الطائرات من تلك البلدان فترمي اهل العراق ! مضمون السوال بارك الله فيكم هو انهم قد قتلوا اناس ابرياء في هذا الحرب لاذنب لهم فهل يعتبر هولاء الحكام اشتركوا في قتلهم وهل يلحقهم اثم ؟
(...الجواب...)
إذا كان ذلك كذلك ، فما فائدة (...السؤال...) في هذا الوقت ؟
98-هل يجوز النفخ في الأكل وفي جلد الذبيحة
(...السؤال...)
هل يجوز النفخ في الأكل ؟ وهل يجوز النفخ في جلد الذبيحة ؟ مع العلم أن النساء عندنا تنفخ في (السقا) وهو ما يصنع من جلد الشاة ليوضع فيه اللبن .
(...الجواب...)
جاء النهي عن النفخ في الطعام والشراب ، فقد روى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فيُكره النفخ في الطعام وفي الشراب المشتَرَك . وروى ابن أبي شيبة من طريق كليب الجرمي أنه شهد عليا يَنهى القصّابين عن النفخ ، يعني في اللحم .
قال ابن قدامة في المغنِي : ويُكره النفخ في اللحم الذي يريده للبيع لما فيه من الغش . اهـ .
(1/75)
والذي يظهر أنه لا يُكره النفخ في شراب حار يُريد أن يشربه إذا كان خاصا به ، أي لن يشرب منه غيره .وكذلك لا يُكره نفخ النساء في الأسقية ، إذا لم يكن اللبن للبيع .
99-ثلاثة ملايين حسنة وقصر في 40 ثانية فقط
(...السؤال...)
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ *
هذه السورة مكونة من 48 حرف.
والرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف.
فإذا قرأنا هذه السورة مرة واحدة حصلنا على:
48× 10= 480 حسنة في المرة الواحدة
يقول صلى الله عليه وسلم:
إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ( البخاري ومسلم)
فإذا ضربنا
480× 700= 336000 حسنة في المرة الواحدة
فإذا قرأت سورة الإخلاص عشر مرات حصلت على:
336000× 10= 33360000
ثلاثة ملايين وثلاث مائة وستون ألف حسنة
وهذا لا يستغرق أكثر من أربعين ثانية.
وأيضاً
لكم قصر في الجنة
كيف
يقول صلى اله عليه وسلم:
من " قرأ قل هو الله أحد " حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة، وفي رواية بيتاً في الجنة. ( صحيح الجامع الصغير)
فلا تضيعوا الفرصة إخواني، ولنحصد الحسنات قبل فوات الأوان، فإن هذه الحسنات قد تكون سبباً للنجاة من النار.
(...الجواب...)
هذا صحيح من حيث ورود النصوص فيه ، إلاّ أن قائل ذلك يغفل عما هو أهم ، أو ينشغل بذلك عما هم أهم ، مما سبقت إليه الإشارة هنا :
ما حكم الانشغال بعد الحسنات والسيئات ؟؟
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=2354
100-حكم هذا الاسم كاسم مستعار للمنتدى
(...السؤال...)
هل يجوز ان يضع الشخص اسم "ابن " متبوعا ب اللقب وكان اللقب هنا "العزيز"
فيصبح الاسم اذا تركب ابن العزيز
\
هل الاسم به شي مخالف ، على انه العزيز اسم من اسماء الله و يسبقه ابن
(1/76)
فما الحكم بارك الله فيك ،، وهل ينصح بتغير الاسم ام انه لا شي به
اذ الشخص ليس نيته او قصده و لكن اللقب اسمه العزيز
(...الجواب...)
إذا كان اسم أبيه " العزيز " ، فيجوز الانتساب إليه .
فإن من الأسماء ما هو مُشترَك ، مثل : العزيز والكبير والشهيد والكريم .. ونحوها
ولذلك قال إخوة يوسف ليوسف عليه الصلاة والسلام : (يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) .
وكان ملك مصر آنذاك يُسمى : عزيز مصر .
وقال عليه الصلاة والسلام : الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمْ السَّلام . رواه البخاري .
أما إذا لم يكن اسم أبيه كذلك ، فلا يجوز التسمِّي به ؛ لأنه من الانتساب إلى غير الأب .
وسبق :
فتاوى في الأسماء المتضمنة الانتساب إلى غير الأب
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=887
101-الحب القديم
(...السؤال...)
وددت ان استفسر عن موضوع نزل في منتدانا واختلف الاعضاء عليه بشدة
وهو كمايلي
(( ماذا لو صادفت حبك القديم ؟؟ !! )) :
لو ألتقيت بحبيبك القديم صدفة
بماذا ستشعر ؟؟ !!
هل ستشعر بالفرحة تغمرك
أو تشعر بالحزن يعتصر قلبك
هل تحاول إستعادة الماضي وإسترجاع حبك المفقود ؟؟ !! :
أم تتجاهله وتمضي ؟؟ !!
هل ستشعر بالحنين أم الأنين ؟؟ !!
هل تتمنى أن تقف عقارب الساعة
ويتوقف الزمن لو للحظات
من أجل أن تعيد رسم ملامح حبيبك
الذي أخفت ملامحه السنين ؟؟ !!
أم تغمض عينيك وتسير ولا تنظر خلفك ؟؟ !!
فالبعض رفض هذا الحب واعتبره محرم
مع اننا نبهناالى ان هذا الحب
من الممكن ان يكون لصديق غاب عنك سنين وفرقتكم الايام
ووجدتم من ينافق بينكم
وبعد سنين يلتقون
فكيف يكون شعورهم كأصدقاء متحابين!!
وقلنا من الممكن ان يكون الموضوع لزوجة رفض اهلها ارجاعها لزوجهاوهي باقي على ذمته
فهي عندماتراه تحن اليه
وهكذا
يعني الحب القديم لم يكن المقصود منه المحرم
(1/77)
ولكن بماذانرد على مثل هؤلاء!!
وهل هذا يعتبر حب حرام!!
وهل يوجد شي مخل في الموضوع
لاننااعتقدانه موضوع عادي
ولكن البعض فهم ان الموضوع يحكي عن الحب الحرام
ومالفرق بين الحب الحلال والحب الحرام!!
تعقيب
ممكن اعرف ياشيخ هل الحب القديم يعتبر للاب والام والاخوة
عندما يتفرقون وينسون بعض
ولايتذكرون بعض الاعند موت احدهم
او من اصاب بسحر وكان للتفرقه بين الاهل وفرقتهم السنين مع ان بداخلهم حب
ولكنهم لايستطيعون ان يلتقوا وان التقوا بالصدفه فهم يحنون لبعض ولكن لايستطيعون ان يعبرون عن حبهم لبعض
هل هذا يعتبر خاطئ!!!
(...الجواب...)
أصل الموضوع لا يُفهَم منه الكلام عن حُبّ مُحرَّم ، مع أن أصل الحب مشروع كمحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ومحبة الأهل والولد ، ومحبة الصالحين ، بل ومحبة البِقاع التي تُحَبّ لله ، كمحبة مكة والمدينة والأرض المباركة ، ومحبة المساجد .. إلى غير ذلك .
ولا يحسن حَمْل الكلام هنا على الحب الْمُحَرَّم ؛ لأن اصل الكلام ليس على الحب المحرّم .
وليس كُلّ حُبّ وقع بين اثنين يُعتبر حراما ، بل حتى لو وقع بين رجل وامرأة ما لم تَحْتَفّ به أمور أخرى تجعله مُحرَّما ، كالخلوة بالأجنبية أو اللمس ونحو ذلك .
ويدلّ على هذا المعنى قوله عليه الصلاة والسلام : لم يُرَ للمتحابَّين مثل النكاح . رواه ابن ماجه .
قال المناوي في فيض القدير :
(1/78)
" لم يُرَ للمتحابين " قال الطِّيبِي : هو مِن الْخِطَاب العَام ، ومفعوله الأول محذوف ، أي لم تَرَ أيها السَّامِع مَا تَزِيد بِه الْمَحَبَّة مِثل النِّكَاح . لفظ ابن ماجه . والحاكم " مِثْل التَّزَوّج " ، أي : إذا نَظَر رَجُل لأجْنَبِيَّة وأخَذَتْ بِمَجَامِع قَلْبِه فَنِكَاحُها يُورِثه مَزِيد الْمَحَبَّة ، كذا ذَكَرَه الطيبي . وأفْصَحْ مِنه قَول بعض الأكَابِر : الْمُرَاد أنَّ أعَْظم الأدْوية التي يُعَالَج بِها العِشْق النِّكَاح ، فهو عِلاجه الذي لا يَعْدَل عنه لغيره مَا وَجِد إليه سبيلا . اهـ .
102-هل تنصحونن بترك الاشراف ؟؟؟؟
(...السؤال...)
بالنسبة للإشراف فهو أمانة وتَكلِيف أكثر مِن كونه تَشْرِيفًا . والْمُشْرِف في المنتديات أو في المواقع هو مسؤول عَمَّا يُنشَر في القسم الذي يتولّى الإشراف عليه ، فإن نُشِر فيه خير كان شَرِيكا في الخير والأجر ، وإن نُشر فيه شَرّ كان شَريكا في الإثم والوِزْر .
احيانا ينزل الاعضاء مواضيع واحاديث غير صحيحه وانا لااعلم عنها شي
فهل يلحقني الاثم ؟؟؟؟؟؟؟
فانا خايفه
اريد ان افيد الناس
بس لااريد ان اكسب ذنوبا من الاشراف
فهل تنصحونن بترك الاشراف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
(...الجواب...)
إذا كان الأمر كذلك فتُوضع ضوابط ويُطلب من الأعضاء الالتزام بها ، واشتراط أن تكون الأحاديث صحيحة وثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل ما يُخالف ذلك يُحذف .
ويُمكنك التأكّد من صحة الأحاديث من خلال المواقع التي تُعنى ببيان درجة الحديث ، مثل :
موقع الدرر السنية
http://www.dorar.net/hadith.php
أو موقع الْمُحَدِّث
http://www.muhaddith.org/cgi-bin/a_Optns.exe
أو البحث في كُتب الشيخ الألباني من خلال هذا الرابط
http://www.arabic.islamicweb.com/Books/albani.asp
فإذا اجتهد المشرف في قسمه فتُرجى له السلامة .
103-مساوئ النوم على البطن
(...السؤال...)
مساوئ النوم على البطن
أن لا يضجع على بطنه أثناء نومه ليلاً ولا نهاراً
(1/79)
لما ورد أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (إنها ضجعة أهل النار ). وقال (إنها ضجعة يبغضها الله عز وجل) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :" رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلاً مضطجعاً على بطنه فقال إن هذه ضجعة يبغضها الله و رسوله ". رواه الترمذي بسنده .
و ما رواه أبو أمامه رضي الله عنه قال :" مر النبي صلى الله عليه و سلم على رجل نائم في المسجد منبطح على وجهه فضربه برجله و قال : قم واقعد فإنها نومة جهنمية " رواه بن ماجة .
وقد أثبت الطب الحديث أن النوم على الشق الأيمن هو الأفضل في تحقيق السكن الصحي والجسدي للنائم .فمن أسرارالنوم على الشق الأيمن :
- أن الرئة اليسرى أصغر من اليمنى فيكون القلب أخف حملاً .
- و تكون الكبد مستقرة لا معلقة .
- و المعدة جاثمة فوقها بكل راحتها .
- أسهل لإفراغ ما بداخلها من طعام بعد هضمه .
- النوم على الشق الأيمن من أروع الإجراءات الطبية التي تسهل وظيفة القصبات الرئوية اليسرى في سرعة طرحها لإفرازاتها المخاطية .
كما أثبتت بعض الدراسات أن توسد اليد اليمنى مع الجانب الأيمن للدماغ يؤدي إلى احداث سلسلة من الذبذبات يتم من خلالها تفريغ الدماغ من الشحنات الزائدة والضارة مما يؤدي الى الاسترخاء المناسب لنوم مثالي
مضار النوم على الظهر :
- تسبب التنفس الفموي لأن الفم ينفتح عند الاستلقاء على الظهر لاسترخاء الفك السفلي .
والتنفس من الفم يعرض صاحبه لكثرة الإصابة بنزلات البرد و الزكام في الشتاء ، كما يسبب جفاف اللثة و من ثم إلى التهابها الجفافي ، كما أنه يثير حالات كامنة من فرط التصنع أو الضخامة اللثوية .
- في هذه الوضعية أيضاً فإن شراع الحنك و اللهاة يعارضان فرجان الخيشوم و يعيقان مجرى التنفس فيكثر الغطيط و الشخير .
- يستيقظ المتنفس من فمه و لسانه مغطى بطبقة بيضاء غير اعتيادية إلى جانب رائحة فم كريهة .
(1/80)
- هذه الوضعية غير مناسبة للعمود الفقري لأنه ليس مستقيماً و إما يحوي على انثناءين رقبي و قطني .
- تؤدي عند الأطفال إلى تفلطح الرأس إذا اعتادها لفترة طويلة .
مضار النوم على الشق الأيسر
القلب حينئذ يقع تحت ضغط الرئة اليمنى ، و التي هي أكبر من اليسرى مما يؤثر في وظيفته و يقلل نشاطه و خاصة عند المسنين .
- تضغط المعدة الممتلئة عليه فتزيد الضغط على القلب و الكبد .
- يبقى الكبد الذي هو أثقل الأحشاء غير ثابت بل معلقاً بأربطة و هو موجود على الجانب الأيمن فيضغط على القلب و على المعدة مما يؤخر إفراغها .
- وقد أثبتت التجارب التي أجراها غالتيه و بوتسيه * إن مرور الطعام من المعدة إلى الأمعاء يتم في فترة تتراوح بين 2,5 ـ4,5 ساعة إذا كان النائم على الجانب الأيمن و لا يتم ذلك إلا في 5 ـ 8 ساعات إذا كان على جنبه الأيسر .
من هنا عُلم سماحة هذا الدين في آدابه وحرصه على تحقيق كل منفعة للعباد ودفع كل مفسدة كانت حسية أو معن
ما صحة الموضوع والاحاديث المكتوبه وهل يجوز نشر هذا الموضوع على المنتديات؟؟
(...الجواب...)
النوم على البطن مكروه .
فعن أبي ذر رضي الله عنه قال : مرّ بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع على بطني ، فَرَكَضَنِي بِرِجْله ، وقال : يا جنيدب ! إنما هذه ضجعة أهل النار . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني .
وفي حديث طخفة بن قيس الغفاري رضي الله عنه قال : بينما أنا مضطجع في المسجد من السحر على بطني إذا رجل يُحَرِّكني بِرِجله ، فقال : إن هذه ضَجعة يُبغضها الله . قال : فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه ، وحسّنه الألباني .
والخطاب في الشريعة يشمل الذكر والأنثى إلا فيما اختص به أحدهما ، كما نص على ذلك ابن القيم في إعلام الموقعين .
هذا ما يتعلّق بالنوم أو الاضطجاع على البطن .
أما النوم مُستلقيا فقد استلقى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد .
(1/81)
روى البخاري ومسلم من طريق عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مُستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى .
زاد البخاري : وعن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال : كان عمر وعثمان يفعلان ذلك .
وجاء النهي عن الاستلقاء ووضع إحدى الرِّجْلَين على ألأخرى ، كما في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يستلقين أحدكم ثم يَضع إحدى رجليه على الأخرى .
وهو محمول على ما إذا أدّى ذلك إلى انكشاف العورة ، ودلَّت عليه الرواية الثانية عند مسلم : وأن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مُسْتَلْقٍ على ظهره .
قال النووي : قال العلماء : أحاديث النهى عن الاستلقاء رافعا إحدى رجليه على الأخرى محمولة على حالة تظهر فيها العورة أو شيء منها ، وأما فِعله صلى الله عليه وسلم فكان على وَجه لا يَظهر منها شيء ، وهذا لا بأس به ولا كراهة فيه على هذه الصِّفَة . اهـ .
قال ابن حجر : والظاهر أن فِعْله صلى الله عليه وسلم كان لبيان الجواز ، وكان ذلك في وقت الاستراحة لا عند مجتمع الناس ، لِمَا عُرِف مِن عادته مِن الجلوس بينهم بالوقار التام . اهـ .
أما هذه الصفة في نومه صلى الله عليه وسلم فهي ثابتة ، فقد روى البخاري عن حذيفة رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ، ثم يقول : اللهم باسمك أموت وأحيا . وإذا استيقظ قال : الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور .
وروى عن البراء بن عازب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نام على شِقِّه الأيمن .
(1/82)
وفي حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليأخذ داخِلَة إزاره فلينفض بها فراشه ، وليُسمّ الله ، فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه ، فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقه الأيمن ، وليقل : سبحانك اللهم ربي بك وضعت جنبي وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين . رواه البخاري ومسلم .
وأما حديث البراء المذكور في (...السؤال...) فقد رواه الإمام أحمد وغيره .وأما كون هذا الوضع يؤدِّي إلى ما يُؤدِّي إليه مما توصّل إليه العلم الحديث ، فهذا مما يُستأنس به ، ولا يُعوّل أو يُعتمَد عليه .وذلك لسببين :
الأول : أن تلك الدراسات بل وما يُسمى حقائق علمية قابلة للنفي والإثبات ، فما يُثبته العلم اليوم قد ينفيه غداً ! فإذا عوّلنا عليه أورثنا ذلك شكا وتكذيبا لما جاء في السنة .
الثاني : أن الْحِكمة قد تَخفى ، والمؤمن مأمور بالتسليم لله عز وجلّ ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، سواء علِم الحكمة أو جهلها . وهذا كان شأن الصحابة رضي الله عنهم ، فإنهم لم يكونوا يسألون عن الحِكمة ، بل يُسلِمون ويستسلِمون ويَنقادُون .
هذا ما يتعلق بالأحاديث ، أما المعلومات الطبية فيُتأكّد من أهل الاختصاص ..
104-هل تعرفين ماذا تعني هذه الحركة ؟؟
(...السؤال...)
هدا الموضوع طرح بالمنتدى لا أعلم عن صحته شيئا أتمنى منكم إفادتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواتي هذا تنبيه لكل غيوره على دينها
يا ترى هل تعرفين معنى
هذه الحركة؟
والا هم من ابتدعوها عن جهل و ستنتشر عن جهل أيضا؟..
الحركة كما بالصور التالية
فأحببت ان اعرف رايك اختي .. يا ترى هل تعرفين حبيبتي معنى
تلك الإشارة؟؟
هذه الإشارة يا جماعة يعملها من يحب أن يلتمس
البركة من الصليب.. ويتمنى التوفيق منه!..
حتى بيقول " I'm Crossing My Fingers" أي يصلِّب صوابعه
(1/83)
لست أفهم معناها في الإعلان خصوصا انه عربي وليس أجنبي أو مدبلج..
اللهم اهدنا جميعا وعافنا من الجهل
المشكله اني وجدت ايقونة في الماسنجر الجديد 6 بنفس الإشارة
سبحان الله
لماذا لم تفعلها صريحة(حركة الصليب) كما نعرفها نحن هنا
هل هي محاولة لنشر الحركة بين الشباب عن جهل
اخبري من احببت حتى لا تنتشر هذه الحركة
بين الشباب عن جهل
(...الجواب...)
لا أدري ؛ لأني لا أعرف ماذا تعني تلك الحركة
105-هل يجوز التسمى فى المنتديات بهذه الالقاب ؟؟
(...السؤال...)
هل يجوز التسمى فى المنتديات بهذه الالقاب ؟؟
(( مهاجر الى الله )) (( مهاجرة الى ربى )) (( مهاجر الى ربه )) (( مهاجرة الى الله ))
(...الجواب...)
لا إشكال في ذلك ؛ لأن المهاجِر مَن هَجَر ما نهى الله عنه ، كما قال عليه الصلاة والسلام . والحديث مُخرّج في صحيح البخاري ، وأصله في الصحيحين .
ولقوله تعالى : (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) .
106-هنالك رسالة لك[ي]افتحها بسرعة!!
(...السؤال...)
وردتني هذه الرسالة ولست متأكدة من صحتها
وأحسست بريبة منها فهل ممكن توضيح صحتها
÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷
أيها القاريء العزيز:
تصور وأنت جالس في مكتبك أو متجرك أو مزرعتك أو قصرك أو كوخك أو بين أولادك أو بين إخوانك أو أخواتك أو مع أصدقائك وأحبائك .. أو كنت يا عزيزي جالساً مع زوجتك تتسامران وتتضاحكان وكأنكما قد ملكتكما الدنيا ومن عليها
وفجأة ..
يأتيك طارقٌ يطرق بابك، وتفتح ...... وإذا هو ساعي البريد يحمل لك رسالة معنونة بعنوانك وباسمك شخصياً .. وفتحت الظرف وإذا هي هذه الرسالة:
******************
بسم الله الواحد الأحد الفرد الصمد
"إنذار نهائي"
(1/84)
إلى: (اسمك) (اسم أبيك) (اسم جدك) (اسم والد جدك) (إلى آخر اسمائك).
تاريخ الرسالة: تبدأ من قرائتك لأول سطر من الرسالة بالثواني الأولى (بالدقة والتحديد).
الموضوع: إنتهاء عمرك وقدوم أجلك ودعوتك للتحول إلى سكن القبر والتراب.
المطلوب: تحضير نفسك فوراً من الآن وحتى مثل هذه الثانية من صباح الغد لتسليم نفسك وجسدك وروحك إلى الله خالقك وموجودك.
السبب:
1. "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ " حسب إنذار أولي رقمه 57 من سورة العنكبوت.
2. "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ " حسب إنذار ثاني رقمه 2 من سورة الملك.
3. "كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " حسب إنذار ثالث رقمه 88 من سورة القصص.
4. "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " حسب إنذار رابع رقمه 26+27 من سورة الرحمن.
الغرض الكلي من الرسالة:
أيها الناس: أيقظوا القلوب عن مراقد الغفلات، وأعدلوا بالنفوس عن موارد الشهوات، وحصنوا بطونكم عن مباشرة الشبهات، واذكروا الموت في بواطن الخلوات، وقدموا التوبة قبل هجوم الممات، وبادروا إلى الصوم والصلاة والحج والزكاة، وأطيعوا الله فاطر السماوات، وداوموا الطاعة لرب البريات، وإياكم ومظالم العباد فإنها من أعظم السيئات.
أتحسبون أيها الأمم أن الدنيا لكم دائمة السكون، أم تتوهمون أنكم لا تموتون، ولا عن الدنيا تنتقلون؟ هيهات هيهات لما توعدون!
ليس لكم من الموت إنفلات، ولامن سكراته صحوات، حتى يوصلكم إلى الموارد التي إليها مضى من مضى من الآباء والجدود، ويجرعكم جرعات من سلف من قوم عاد وثمود ......
أين ............... ؟؟
(1/85)
أين أهل اللهو والطرب؟ أين من في تجَّبره ذهْب؟ أين البلغاء وأهل الخطب؟ أين الفصحاء من أبناء العجم والعرب؟ أين السادات من ذوي الرُتب؟ أين الملوك الحُجاب؟ أين الجنود والأرباب؟ أين القُضاة والنواب؟ أين الأقرباء والأنساب؟ أين الأخلاء والأحباب؟ أين الكواعب الأتراب؟
أين كل هؤلاء الأشخاص قد ذهبوا؟
تالله (قسماً بالله) لقد رحلوا إلى المقابر وطحنهم التراب، وأكل ناعم أجسادهم الدود والدواب (حشرات يخلقهم الله في القبور لأكل جثث بني آدم)، فكم من رجال دُفنوا في التراب والمال، وكم من نساء أصبحوا أيامى من الرجال، وكم من آباء فقدوا أعز الأطفال، وكم من ولدٍ وقع على فراشه موعوكاً (مريضاً)، وبدنه من السقم (المرض) منهوكاً، وكم من ستر عنفوا به (دافعوا عنه بالدماء) صار مهتوكاً بعد موت المناضلين من أجله.
وختاماً .....
سأزورك كما هو الوعد غداً .. لقبض روحك .. فقدم ما تريد تقديمه لآخرتك من الآن وحتى غدك .. فـ "أما من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، وأما من يعمل مثقال ذرة شراً يره"
والسلام على عباد الله الصالحين
المرسل:
أحد ملائكة الله المقربين
(عبدٌ من عبيدالله)
ملك الموت
******************
فبعد قراءة تلك الرسالة الإفتراضية .. ماذا ستفعل في آخر يوم من أيام حياتك من أعمال إذا عرفت بأنك لن تعيش أو لن يدوم من عمرك إلا 24 ساعة زمنية فقط؟؟
هذا هو (...السؤال...) الذي يصعب الإجابة عليه دوماً.
وسؤال آخر: هل نحن فعلاً مستعدين لإستقبال ملائكة الموت الذين يراقبون آجالنا لتسليمهم أرواحنا؟؟
و(...السؤال...) الثالث اللاحق: هو في القرآن الكريم في قصة خلق أبونا آدم (ع) .. قول الله تعالى "فإذا فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ " -سورة ص آية 72- هذه النفخة الإلهية التي بين جنباتنب عندما استلمناها من الله عز وجل كانت طاهرة، نقية، طيبة، زكية، نورانية شفافة .. فما هو حال أرواحنا وقت إعادتها إلى الله؟؟
(1/86)
هل هي في نفس طهارتها ونقائها وطيبها وشفافيتها؟؟ أم إنها قذرة، وسخة بذنوبٍ نتنه قبيحة إجترحناها من إلهام نفوسنا الشيطانية المريضة؟؟
من أجل ذلك يا قارئي العزيز:
فكر .. فكر في آخرتك قبل دنياك الزائلة، فإنما مثل الدنيا مثل الممر، والآخرة دار مستقر، فعجباً كل العجب ممن يحرص على إشباع شهواته في ممره ويرفض سعة رحمة الله في المستقر!! والجنة والخلود مع الأنبياء والأئمة والصالحين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا من بدنياه إشتغل .. قد غره طول الأمل
الموت يأتي بغتةً .. والقبر صندوق العمل
نهاية الرسالة ..
(...الجواب...)
لا يجوز مثل هذا القول ، ولو كان افتراضيا ؛ لأن ذلك من التحدّث على لسان ملك الموت عليه السلام . وهو من الكذب ولو كان افتراضيا ؛ لأن ملك الموت لم ولن يرسل هذه الرسالة .
ولا يجوز اعتبار أرقام الآيات القرآنية بمثابة أرقام الإنذارات . وليس من أسماء الله عزّ وَجَلّ ( الفَرْد ) وإن كان المعنى صحيحا ، إلاّ أن أسماء الله عزّ وَجَلّ توقيفية . ولا يصلح اختصار الصلاة على الأنبياء بحرف ( ع ) . وهذا يكثر في كُتب الرافضة !
ووقع خطأ في قوله : (فـ "أما من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، وأما من يعمل مثقال ذرة شراً يره") ، فإن الآية : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) .
107-الايقونات
(...السؤال...)
و أريد أن أسأل سؤال بخصوص المنتديات ،،
هل يجوز للفتاة أن تقبل (كالتواقيع وغيرها) من الأولاد؟
و هل يجوز لها ان تهديهم؟
(...الجواب...)
يجوز التهادي ، إلاّ إذا كان ذلك سوف يُفضي إلى مفسدة ، فالقاعدة : ما أفضى إلى مُحرّم فهو مُحرّم .
والغالب أن كل جنس يميل إلى الجنس الآخر .
تعقيب
ولكن بالنسبة للايقونات( ) لا اتحدث عن كونها حلال او حرام في انها صورة ولكن اتحدث على صلاحية وضعها بمنتدى
لانه خطأ ان توضع باولاد بنظري ولكن سؤالي
(1/87)
(هل يجوز وضعها مع فتيات لان المنتدى مختلط وقد يرى الاولاد انني اضع ايقونات مع فتاة فيظهر كفتاتين تمزحان امام ولاد لان المنتدى مختلط )
هذا هو سؤالي
(...الجواب...)
إذا لم يُجاوز المزح بين الفتيات مثل هذه الوجوه التعبيرية ، فالذي يظهر أنه لا بأس به .
108-كتاب بستان الواعظين ورياض السامعين
(...السؤال...)
هناك كثير من الأخوة الأفاضل يعتمد على كتاب / بستان الواعظين ورياض السامعين
في إراد بعض الأحاديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم وأنبياء ورسل الله صلوات الله وسلامه عليهم
جميعاً التي ليس لها سند ولا تجدها سوى في هذا الكتاب فما مدى صحة الأخذ
بأحاديث هذا الكتاب وما هو الضابط في معرفة صحة احاديثه الواردة فيه
(...الجواب...)
الضابط في ذلك وُجود الأسانيد للحكم على الأحاديث ، فإذا لم تُوجَد الأسانيد فيُنظر في تخريج الحديث ، وهل أخرجه غيره أو لا ؟
فإن انفرد به ، ولم يوجد له إسناد يُنظر فيه ، فالأصل أنه لا يُنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما ثبت عنه
109-هل يجوز قول مثل هذا(قولهم اسعى يا عبد وانا اسعى معك- منك الحركه ومني البركه)
(...السؤال...)
عندي سؤالان
الاول : هل هذه المقوله تجوز وهي
قولهم اسعى يا عبد وانا اسعى معك
او قولهم منك الحركه ومني البركه
(...السؤال...) الثاني وهو
سأطرح مثلا للسؤال وهو بخصوص الاصابه بالعين ,,,, مثلا قال شخص للشخص اخر ان عيناك جميله او مثلا وجهك ثم بعدها بفتره قصيره اصيبه هذا الشخص بعينه
فهل يجوز لهذا الشخص ان يطلب من الشخص الاخر ان يغسل يداه في ماء ومن ثم غسل العين فيها او شربه وغيرها
اي موضع الاصابه
(...الجواب...)
المعنى صحيح ، وذلك أن الله يُبارك في سعي من سَعى ، وقد أمَر الله بالسير في الأرض وطلب الرزق .
قال تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً)
(1/88)
وقال عزّ وَجَلّ : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)
وهو في معنى الأمر بالحركة .
هذا إذا كان سعيا دُنيويا في طلب الرزق الحلال والعفاف والكفاف .
وأما إذا كان في أمور الآخرة فقد جاء في الحديث القدسي : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً . رواه البخاري ومسلم .
111-التحدث والتكلم بين المسلمين بلغة غير العربية
(...السؤال...)
اريد ان اعرف حكم التخاطب والتلكم بين المسلمين والمسلمات بلغة غير العربية ولا يوجد ضرورة لذلك
يعني هيك متعودين يتحدثوا بلغة انجليزية او عبرية او اي لغة اخرى دون وجود ضرورة لذلك
هل هذا نوع من النفاق ؟؟؟ وهل يوجد حديث او نهي وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم بمنع هذه العادات
برجاء الافادة والتفصيل في الامر
(...الجواب...)
نحن أمة عربية ، ويجب أن نعتزّ بِلُغتنا ؛ لأنها هي لُغة القرآن ، وهي اللغة التي اختارها الله لِكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم .
ولا يجوز التحدّث بغير اللغة العربية من غير حاجة ، فقد نَهى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن التحدّث بِرطانة الأعاجم ، وكان الصحابة رضي الله عنهم يَرون أن تشابه الألبسة والألبسة مُفْضٍ ومُؤدٍّ إلى تشابه القلوب .
فقد روى عبد الرزاق أن عمر بن الخطاب قال : لا تعلموا رطانة الاعاجم .
والمقصود تعلّمها من غير حاجة ؛ لأنه يُؤدِّي إلى التكلّم بها من غير حاجة ، أو يؤدّي إلى الاعتداد بها !
(1/89)
وروى ابن أبي شيبة من طريق داود بن أبي هند أن محمد بن سعد بن أبي وقاص سَمِع قوما يتكلمون بالفارسية فقال : ما بال المجوسية بعد الحنيفية ؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما اعتياد الخطاب بغير اللغة العربية - التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن - حتى يصير ذلك عادة للمِصْر وأهله ، أو لأهل الدار، أو للرجل مع صاحبه ، أو لأهل السوق ، أو للأمراء ، أو لأهل الديوان ، أو لأهل الفقه ؛ فلا ريب أن هذا مكروه ، فإنه من التشبه بالأعاجم ، وهو مكروه كما تقدم .
ولهذا كان المسلمون المتقدمون لَمَّا سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية ، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية ، وأرض المغرب ولغة أهلها بربرية ؛ عَوّدوا أهل هذه البلاد العربية ، حتى غلبت على أهل هذه الأمصار : مسلمهم وكافرهم ، وهكذا كانت خراسان قديما . اهـ .
وقال أيضا : واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل ، والْخُلُق ، والدِّين تأثيرا قويا بَيِّنا، ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق .
وأيضا فإن نفس اللغة العربية مِن الدِّين ، ومعرفتها فرض واجب ، فإن فهم الكتاب والسنة فرض ، ولا يُفهم إلاَّ بِفَهْم اللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلاَّ به فهو واجب .
وسبق أن نبّهت على هذه المسألة هنا :
شيّك على الإيميل ... وشوف المسج على الموبايل !
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=1039
112-هل يدخل النار من وضع الدش
(...السؤال...)
أريد هذا الحديث الذي في معناه أن من غش رعيته حرم الله عليه الجنه وأريد أن أعرف يدخل في هذا الحديث من وضع دش (قنوات فضائيه)في بيته يعتبر غاش لرعيته , أريد الحديث آخر وهو معناه من طلب رضاء الله بسخط الناس أرضا الله عليه الناس ومن طلب رضا الناس بسخط الله أسخط الله عليه الناس.
(...الجواب...)
(1/90)
الحديث الأول رواه البخاري ومسلم من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يُحِطْها بِنُصْحِه إلاَّ لم يَجِد رائحة الجنة .
وفي رواية : ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلاَّ حَرّم الله عليه الجنة .
ومن الغشّ للرعية أن يجلب لهم ما يضرّهم ، أو يسمح لهم بِجَلب ما يضرّهم ، ومن ذلك : القنوات الفضائية الهابطة والمجلاّت الهابطة .. إلى صور كثيرة تدخل تحت مسمّى الغش وعدم الإحاطة بالنُّصْح .
وهذا الحديث يشمل ربّ الأسرة كما يشمل الحاكم الأعلى .
وأما الحديث الثاني الذي أردته ، فهو ما رواه الترمذي أن معاوية رضي الله عنه كتب إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : أن اكتبي إلي كتابا توصيني فيه ، ولا تُكثري عليّ ، فكتبت عائشة رضي الله عنها : إلى معاوية سلام عليك أما بعد : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الناس ، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وَكَلَهُ الله إلى الناس ، والسلام .
113-حكم الهجرة الى بلاد الكفار
(...السؤال...)
ماحكم من ضاقت به الأرض بما رحبت جراء ظروف معينة فقرر الهجرة لبلاد الكفار طلبا للرزق والمكوث هناك وللتوضيح أكثر دولة فرنسا
(...الجواب...)
تَجوز الهجرة بشروط وضوابط :
الأول : أن يكون مُحتاجاً إلى الهجرة ، ويكون البلد الذي يُهاجَر إليه أخف ضرراً من بلده الذي يُقيم فيه ، ولذلك أذِن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة ، وكان فيها النجاشي لا يُظلم عنده أحد ، وكان نصرانياً في أول الأمر . فإن وَجَد بلدا إسلاميا يُقيم فيه أو يَعمل فيه حرُمتْ عليه الهجرة إلى بلاد الكفار .
الثاني : أن يأمن على نفسه ودِينه ، لأنه هاجَر فراراً بِدينِه .
الثالث : أن يَكون قادرا على إظهار دِينه .
(1/91)
الرابع : أن لا يَنوي الإقامة وطول المكث في بلد الكُفر ، بل ينوي متى تحسّنت الظروف ، وصلحت الأحوال رَجع إلى بلاده ، أو إلى بلاد المسلمين عموماً ، فإن بلاد الكفار ليست بدار إقامة للمسلمين .
114-حكم استخدام الكحول خارجيا للاستطباب
(...السؤال...)
لقد ذكرتم لي أنه يجوز استخدام العطر المحتوي على كحول و أيضا الكحول لتطهير الجروح و لقد أصبت بمرض في صدري أحتاج فيه لمرهم أدهن به و هو يحتوي على نسبة من الكحول و ليس له بديل و سؤالي هو :
عندما أدهن به رائحة الكحول الطبي فيه قوية جدا أشعر بها في أنفي و في حلقي ... فلا أدري هل استشاق الكحول ليس فيه شيء بما أنه يتبخر و أكون أحيانا صائمة ... فلا أدري هل استنشاق روائح قوية يبطل الصيام أو لا
(...الجواب...)
كان هذا سؤالك :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ما حكم استخدام العطر الذي يحتوي على نسبة من الكحول و أيضا الكحول لتنقية الجراح الجلدية؟ ، أي الاستخدام يكون خارجيا
جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم و في علمكم
وكان (...الجواب...) : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الخمر ليست نجسة على الصحيح من أقوال العلماء ، والكحول كذلك . وبناء عليه فيجوز استعمال العطور المشتملة على نسبة من الكحول ، ويجوز تعقيم الجروح بالكحول .والله أعلم .
فإن كان هذا هو فإنه يكون قد حُذف مع المشكلة التي حصلت لدى مُقدِّم الخدمة ( السيرفر ) وأذكر أنه ورد تعقيب بعد (...السؤال...) عن شخص لا يرى استخدامها ، بل ويمنع من شرائها، وكنت احتفظت بروابط في الموضوع وهي :
فتاوى للشيخ ابن عثيمين
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_1120.shtml
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_4135.shtml
فتوى للشيخ ابن باز
http://www.binbaz.org.sa/last_resault.asp?hID=2643
والشيخ ابن باز رحمه الله لا يرى صراحة نجاسة الكحول ، ولكنه يرى الأفضل ترك استعمالها، والله أعلم
&&&&&&&&&&&
فقالت السائلة: جزاكم الله خيرا ...
(1/92)
ولكن سؤالي هذه المرة عن ...
رائحة الكحول قوية في المرهم الذي أستعمله لدرجة أني أجده في حلقي و في أنفي فهل هذا فيه شيء أو أن تبخر الكحول غير شربها ؟ رغم أني حاولت وضع قماش على أنفي و اغلاق فمي وصلت الرائحة
(...الجواب...)/ لا يضرّ .. لأنه يأتي تبعاً
وما يأتي تبعا لا يكون كما يأتي أصالة وابتداءً، فإن الْمُحرِم منهيّ عن الطيب، وهو إذا سمّه بغير قصد لم يضرّه ولا يؤثِّر على إحرامه
ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتطيّب عند إحرامه وكان الطيب يلمع في مفرق رأسه . ومعلوم أنه ربما يسيل على وجهه أو يجد رائحته ، ولم يكن يلتفت إلى هذا .والله أعلم .
115-حكم :الفلاشات والفيديو "الدعوية"
(...السؤال...)
هل يجوز نشر الفلاشات الدعوية التي بها صور بشر ؟
كالتي في موقع صيد الفوائد؟
وكذلك فيديو صوت وصورة لمحاضرات ومقابلات دعوية هادفة؟
هل يجوز نشرها؟
وهل يجوز حفظها على الجهاز ؟
(...الجواب...)
الْحُكم على الشيء فَرْع عن تصوّره ، وكل صورة لها حُكمها . فأما وضع صور ذوات الأرواح في التصاميم فلا يجوز وضعها .
وأما النشر أو الاحتفاظ بها على الجهاز وهي بهذه الطريقة فهو أخفّ مما لو كان في التصميم .
تعقيب
اسمح لي لك عندي استفسار
مثلا هناك فلاش يحتوي على صور حوادث تفحيط ويظهر في الفلاش مقاطع فيديو للشباب وطيشهم
وما حدث لهم في النهاية من تقلب السيارة وحوادث مؤلمه.ومصحوب بنشيدة اسلامية تحث على ترك التفحيط.
طبعا هذا الفلاش للعبرة
والذي اريد ان اعرفه هنا
هل يجوز نشر هذا الفلاش القيم ،ام الاولى تركه
علما اني قمت مره بوضعه في منتدى
فالان اذا كان لا يجوز نشره هل ارجع للموضوع واحذف الفلاش؟
116-التسول
(...السؤال...)
لقد كثرت ظاهرة التسول بدرجة كبيرة حتى أصبح الرجال والشباب والنساء والأطفال كل يتسول ولو لمدة طويلة تصل الى سنوات ويدعي المرض وغيره .....
لقد قرأت هذه القصص والأحاديث عن التسول وأود معرفة مدى صحتها:
(1/93)
حديث أبي داود والبيهقي: ( ان المسألة لا تحل الا لثلاث: لذي فقر مدقع ولذي غرم مقظع ولذي دم موجع)
وحديث مسلم والبخاري: ( اليد العليا خير من اليد السفلى)
وحديث البخاري ( لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه)
وحديث الترمذي: ( من فتح على نفسه بابا من المسألة فتح الله عليه سبعين بابا من الفقر)
وحديث البخاري: ( لا تزال المسألة بالعبد حتى يلقى الله وليس على وجهه مزعة لحم)
وورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أتى رجل اليه فأمر أحد المسلمين أن يطعمه. ثم جاءه مرة ثانية فوجده يحمل كيسا مملوء بالطعام فضربه بالدرة ونثر كيسه أمام خيل الصدقة لأن ما فيه من أموال السلمين وقد أخذه من غير حق
وورد عن الرسول الكريم أن رجلا سأله معونة فأمر أن يبيع بعض متاعه واشترى له فأسا وأمره أن يعمل وقال له هذا خير من أن تأتي المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة
لكن ورد قول الله تعالى: ( فأما السأئل فلا تنهر)>>>> كيف افسر هذه الأية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
(...الجواب...)
ثبتت الأحاديث في ذمّ مسألة الناس .
(1/94)
ففي صحيح مسلم من حديث قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلالِيِّ قَال : تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ فِيهَا فَقَالَ : أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا . قَالَ : ثُمَّ قَالَ : يَا قَبِيصَةُ ! إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لا تَحِلُّ إِلاَّ لأَحَدِ ثَلاثَةٍ ؛ رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أَوْ قَالَ : سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ - ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُوم ثَلاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلانًا فَاقَةٌ ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أَوْ قَالَ : سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ - ، فَمَا سِوَاهُنَّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا .
وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَتَصَدَّقَ بِهِ وَيَسْتَغْنِيَ بِهِ مِنْ النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلا أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ ذَلِكَ . رواه مسلم .
وفي حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ : الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ وَالسُّفْلَى السَّائِلَةُ . رواه البخاري ومسلم .
(1/95)
وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا ، فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ . رواه مسلم .
وفي حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ . رواه البخاري ومسلم .
وحديث : " إن المسألة لا تحل إلاَّ لثلاثة : لِذِي فَقر مُدْقع ، أو لذي غُرم مُفظع ، أو لذي دم مُوجع . رواه الإمام أحمد وابو داود وابن ماجه . وقال الشيخ الألباني : صحيح لغيره ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : حسن لغيره .
وأما قول : ( وورد عن الرسول الكريم أن رجلا سأله معونة فأمر أن يبيع بعض متاعه واشترى له فأسا وأمره أن يعمل وقال له هذا خير من أن تأتي المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة)
فهو أوّل الحديث السابق الذي أخرجه أبو داود وابن ماجه .
وحديث : " من فتح على نفسه بابا من المسألة فتح الله عليه سبعين بابا من الفقر " قال الألباني : لا أصل له بهذا اللفظ .
وقال الحافظ العراقي : رواه الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري " ولا فتح عبد باب مسألة إلاَّ فتح الله عليه باب فقر " أو كلمة نحوها ، وقال : حسن صحيح .وكذلك رواه الإمام أحمد بلفظ : ولا يفتح عبد باب مسألة إلاَّ فتح الله له باب فقر . وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : حسن .
(1/96)
ورواه الإمام أحمد من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث والذي نفس محمد بيده إن كنت لَحَالِفًا عليهن : لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا ، ولا يعفو عبدٌ عن مَظلمة يبتغى بها وجه الله إلاَّ رَفَعه الله بها عِزا - وقال أبو سعيد مولى بنى هاشم : إلاَّ زاده الله بها عِزًا يوم القيامة - ولا يفتح عبد باب مسألة إلاَّ فتح الله عليه باب فقر
.
وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : حسن لغيره .
ورواه الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بِلفظ : " لا يفتح الإنسان على نفسه باب مسألة إلاَّ فتح الله عليه باب فقر ، يأخذ الرجل حبله فيعمد إلى الجبل فيحتطب على ظهره فيأكل به خير له من أن يسأل الناس مُعْطًى أو ممنوعا " .
ولا تعارض بين ما في هذه الأحاديث وما في قوله تعالى : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) ، فقد سبق بيان ذلك هنا :
حكم: المتسولين عند الإشارات المرورية ؟
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=5542
117-العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية
(...السؤال...)
ما حكم العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ؟ هل هي إنتحارية أم إنتقامية أم جهادية ؟ وما هو رأيكم في من يدعوا إلى خروج الفلسطينيين من أرضهم بدعوى أنهم مستضعفين ويقيس حالهم بحال أهل مكة في هجرتهم إلى المدينة ؟ !!
(...الجواب...)
يجب أن نَزِن الأمور بموازين الشرع لا بموازين العاطفة
وبالنسبة للعمليات الاستشهادية كثُر الكلام حولها بين مؤيد ومُعارض
ولكن بالنظر في الأدلة وعمل الصحابة فمن بعدهم يتبيّن الحُكم .
سأل معاذ بن عفراء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده ؟ قال : غمسه يده في العدو حاسرا . قال : وألقى درعا كانت عليه فقاتل حتى قُتِل . رواه ابن أبي شيبة .
ولقاء العدو أو الانغماس فيهم شبيه بالعمليات الاستشهادية
ومثله أو أشد منه المبايعة على الموت .
(1/97)
وفي الصحيحين عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه وقد سُئل : على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ؟ قال : على الموت .
بل كانت المبايعة على الموت منقبة لأصحابها
قال الحاكم : وشهد أبو دجانة بدراً وأحداً ، وثبت يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعه على الموت .
وقال مثل ذلك في شأن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه .
ومثله في ترجمة سهل بن حنيف رضي الله عنه .
وقد بايع عليٌّ رضي الله عنه يوم صفّين على الموت ، كما عند الحاكم .
وترك الجهاد هو الهلاك وليس الانغماس في صفوف العدو ولو كان لشخص واحد فقط ، وهذا ما فهمه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
حَدّث أبو عمران التجيبي قال : كنا بمدينة الروم فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر وعلى أهل مصر عقبة بن عامر وعلى الجماعة فضالة بن عبيد ، فَحَمَلَ رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم فصاح الناس وقالوا: سبحان الله ! يُلقي بيديه إلى التهلكة ، فقام أبو أيوب رضي الله عنه فقال : يا أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هذا التأويل وإنما أُنزِلت هذه الآية فينا معشر الأنصار ؛ لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه فقال بعضنا لبعض سراً دون رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أموالنا قد ضاعت وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم يَرد علينا ما قلنا ( وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو ، فما زال أبو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم . رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما .
كم نحن اليوم بحاجة إلى هذا الفقه الدقيق من أبي أيوب رضي الله عنه ؟؟
(1/98)
وقد سُئل البراء بن عازب رضي الله عنه : الرجل يَحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة ؟ قال : لا ؛ لأن الله عز وجل بعث رسوله صلى الله عليه وسلم فقال : ( فقاتل في سبيل الله لا تُكَلّف إلا نفسك ) إنما ذاك في النفقة . رواه الإمام أحمد .
ولما أحاط المسلمون بحديقة الموت وحاصروا مسيلِمة ومن معه ، صرخ بهم البراء بن مالك فقال : يا معشر المسلمين احملوني على الجدار حتى تطرحوني عليه ففعلوا فلما وضعوه على الحائط اقتحم عليهم فقاتلهم على الباب حتى فتحه للمسلمين وهم على الباب من خارج فدخلوا فأغلق الباب عليهم ثم رمى بالمفتاح من وراء الجدار فاقتتلوا قتالا شديدا لم يروا مثله وأبير من في الحديقة منهم وقد قتل الله مسيلمة .
هذا اقتحامٌ لحديقة الموت .
واقتحام على العدو ، حتى جاء في بعض الروايات أنه سقط وفيه أكثر من ثمانين جُرحا .
ومما يُمكن أن يُستأنس به في هذا المقام قوله صلى الله عليه وسلم : سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قال إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله . رواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وحسّنه الألباني .
ومما يُستأنس به أيضا في هذا المقام
قصة غلام الأخدود وكيف أنه دلّ الملك على كيفية قتله في سبيل تحقيق مصلحة أعظم .
وقصته في صحيح مسلم .
غير أن العمليات الاستشهادية لا بُدّ فيها من غلبة الظن على إلحاق الضرر والإثخان في العدو .
ولا شك أن القاعدة تنص على أن : الأمور بمقاصدها
ولا يقصد بذلك الانتحار أو التخلّص من هذه النفس وإزهاقها
وأما من دَعا أهل فلسطين إلى الهجرة فهو عالم له قدره ومكانته ، وسواء وافقه غيره من أهل العلم أو خالفوه يجب أن تُحفظ له مكانته ، والمسألة خلافية يُحتمل الخلاف فيها .
118-فيمن يتهم أهل السنة وأهل السلف بالجامية
(...السؤال...)
ما رأيك فيمن يتهم أهل السنة وأهل السلف بالجامية ؟
(...السؤال...)
(1/99)
فيما يبدو لي أن هذا الاتهام لا يُوجّه إلى أهل السنة بِقَدْر ما يُوجّه إلى طائفة تشتغل بالقيل والقال بِحجّة بيان حال أهل البدع ، مُتّكئين على الجرح والتجريح .. ( وهذا سوف أُشير إليه في جواب (...السؤال...) التالي ) .
وقلت : إنما يُوصف بذلك من اشتغل بالتجريح بِدليل أن كبار العلماء لا يُصفون بذلك . ولعل تلك الطائفة هي المعنية بِكتاب " تصنيف الناس بين الظن واليقين "
119-الشباب الحديثي الالتزام
(...السؤال...)
مارأيكم في بعض الشباب الحديثي الالتزام الذين يتحدثون في العلماء والمشايخ ويحذرون من فلان وعلان، ودائما ماتجد عندهم اشرطه لاخطاء الدعاة والمشايخ على حسب قولهم، ودائما مايتحدثون بهذه الامور مع العامة من الناس
فحديثهم الدائم عن اخطاء وزلات الدعاة و العلماء ؟
(...الجواب...)
لا يشتغل بذلك إلاّ من قلّ نصيبه من العِلْم ، وقد يكون ضعف نصيبه من التقوى . قال عون بن عبد الله : ما أحسب أحدا تفرّغ لعيوب الناس إلاَّ مِن غفلة غفلها عن نفسه ! و قال بكر بن عبد الله : إذا رأيتم الرجل مُولَعا بعيوب الناس ناسيا لعيبه فاعلموا أنه قد مُكِرَ به .
وقال ابن القيم رحمه الله : إذا أراد الله بِعَبْدٍ خيرا جعله مُعْتَرِفًا بِذَنْبه ، مُمْسِكًا عن ذَنْب غيره ، جوادا بما عنده ، زاهدا فيما عند غيره ، مُحْتَمِلا لأذى غيره ، وان أراد به شَرًّا عَكَس ذلك عليه .
ولا يشتغل بأعراض عباد الله إلاّ مخذول ، فكيف إذا كان المشتغل يشتغل بأعراض العلماء ؟ وما أشْغَل أحَدٌ نفسه بذلك إلاّ فَقَد بَرَكة العِلْم ، ووجد قسوة في قلبه ، وهذا معروف مُجرّب لكل من أشغل نفسه بذلك !
وأكثر ما يُجرِّئ بعض الشباب على ذلك تزيين الشيطان لهم ذلك على أنه من باب " الجرح والتعديل " ، أو تحت شِعار " بيان أحوال المبتدِعة " ! أو غيرها من الشعارات التي يُبيحون لأنفسهم تحتها أعراض عِباد الله ، ولو بالظّنّ .
(1/100)
ولا يُنكَر حال السلف مع أهل البِدَع والتشديد على المبتدعة ، ولكن هذا ليس مع كل أحد وليس على إطلاقه . وكنت بيّنت ذلك هنا :
ضوابط معرفة أهل البِدع
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=794
متى أحذر من صاحب البدعة ومواصفات أهل البدع؟
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=863
ما هو فقه الجرح والتعديل؟
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=864
وكنت كتبت مقالا بعنوان :
كُلُّك عورات..
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=1092
وآخر بعنوان :
غضيض الطّرف عن هفواتي
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=1069
120-مدى صحة هذا الموقع النور
(...السؤال...)
اريد ان اعرف مدى صحة هذا الموقع وصحة قصص الانبياء
http://www.alnoor.info/prophets/default.asp
(...الجواب...)
يُقال : الْحُكم معلى الشيء فَرْع عن تصوّره ، فيحتاج الأمر إلى استقراء القصص الموجودة في الموقع ، إلاّ أن بعض الأسماء التي ذُكِرت كمراجع ليس لديهم تمحيص لِمَا يَنقلون ، بل بعضهم في القصص والسيرة كَحَاطِب ليل !
وبعضهم لا يُميِّز الصحيح من الضعيف ، والمقبول من المردود .
121-ما حكم قول كلمة بالصدفة أو صدفة
(...السؤال...)
ما حكم قول كلمة بالصدفة أو صدفة .
(...الجواب...)
سُئل شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما رأي فضيلتكم في استعمال كلمة "صدفة" ؟
فأجاب رحمه الله بقوله : رأينا في هذا القول أنه لا بأس به ، وهذا أمر متعارف وأظن أن فيه أحاديث بهذا التعبير " صادفْنا رسول الله " . " صادفَنا رسول الله " ، لكن لا يحضرني الآن حديث معين في هذا الخصوص .
(1/101)
والمصادفة والصدفة بالنسبة لفعل الإنسان أمر واقع ، لأن الإنسان لا يَعلم الغيب فقد يُصَادِفه الشيء من غير شعور به ومن غير مقدمات له ولا توقّع له ، ولكن بالنسبة لَفِعْلِ الله لا يقع هذا ، فإن كل شيء عند الله معلوم وكل شيء عنده بمقدار وهو سبحانه وتعالى لا تقع الأشياء بالنسبة إليه صدفة أبداً ، لكن بالنسبة لي أنا وأنت نتقابل بدون ميعاد وبدون شعور وبدون مقدمات فهذا يُقال له : صدفة، ولا حرج فيه، وأما بالنسبة لفعل الله فهذا أمر ممتنع ولا يجوز . اهـ .
122-هل يجوز تربية الكلب لحراسة المنزل
(...السؤال...)
هل يجوز تربية الكلب لحراسة المنزل ؟
(...الجواب...)
لا تجوز تربية الكلاب إلا للمقاصد التي جاء الإذن بها في الشريعة الإسلامية . ومن اتّخَذ كلبا في غير ما أُذِن فيه فإنه يأثم . ويُمكن حصر ما أُذِن فيه بما يلي :
كلب صيد
كلب ماشية
كلب زرع
كلب حرث
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أمسك كلبا فإنه ينقص كل يوم من عمله قيراط إلا كلب حرث أو ماشية . رواه البخاري ومسلم .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما أهل دار اتَّخَذُوا كلبا إلا كلب ماشية أو كلب صائد ، نقص من عملهم كل يوم قيراطان . رواه البخاري ومسلم . وقال عليه الصلاة والسلام : من اتَّخَذَ كلبا إلا كلب زرع أو غنم أو صيد ينقص من أجره كل يوم قيراط . رواه البخاري ومسلم .
وإذا كان البيت في مدينة أو قرية فلا يجوز اتِّخاذ الكلاب لما فيها من أذيّة الناس ، سواء بأصواتها أو بتعرّضها للناس وأذيّتها لهم . فإن فَعَله أحد – واتَّخَذه في البلد – فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراط أو قيراطان ، بِحسب تأذّي الناس به .
أما إذا كان البيت خارج العمران ، كالبيوت التي في المزارع أو خارج البلد ، واتُّخِذتْ للحراسة ، فلا بأس بذلك .
123-هل على طبيب الاسنان وزر إذا فحص المرأة
(...السؤال...)
ما الذى يفعله طبيب الأسنان المسلم إذا أتتهُ امرأة منتقبة أو غيرها للعلاج ؟
حتى لا يكون عليه وزر
(1/102)
و إذا نصحها بالذهاب إلى طبيبة و هن كثيرات و لله الحمد فلم تنتصح و أجابت بأنها مثلاً لا تثق بهم أو أنها فاجأها المرض اليوم و الموجود اليوم طبيب رجل!
فهل يفحصها ام يمتنع ؟
(...الجواب...)
يفحصها ويُعطيها العلاج ، بشرط أن لا تقع خلوة ، وأن لا يرى ولا يمسّ منها إلاّ ما تدعو إليه الحاجة
124-أين دور علماء الامة حيال مايحدث في غزة
(...السؤال...)
أين دوركم ياعلماء الامة من ما يحصل أما أن الآوان أن نسمع صوتكم عالياً ولتخرجوا عن صمتكم؟
وكلي إيمان بصدق وعد الله عز وجل في قوله تعالى (( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين)) سورة البقرة
(...الجواب...)
والله عن القلب ليحزن لِمَا يجري في غزّة ، وفي غيرها من بلاد الإسلام ، وما تقوم به قُوى الشر من انتهاكات صارخة لأبسط حقوق بني الإنسان ..
وما حيلة من حِيل بينه وبين ما يستطيع فعله في أرض الواقع ؟
ولو قُتِل كلب لنصراني في أوربا أو في أمريكا لَتَدَاعَتْ قُوى الشرّ ولَتَنادَتْ منظمات حقوق الإنسان حُزنا على موته ! أما أن يكون الأموات والقَتْلَى من المسلمين ، فلا أحد يُحرِّك ساكنا . والله المستعان .
وما تَدَاعت علينا الأمم إلاّ حينما تكالبنا على الدنيا وأحببناها حُبًّا جَمًّا ، وكرهنا لأجل ذلك الموت ، وذلك مصداق قوله عليه الصلاة والسلام :
يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا . فَقَالَ قَائِلٌ : وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ . فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
(1/103)
125-حكم صمت المسلم عن محنة أخيه
(...السؤال...)
هل يجوز الصمت من الشعوب العربية والاسلامية حتى الآن على مايحدث في قطاع غزة ألم يحن الآوان لتخرجوا عن صمتكم في مضاهرات عارمة؟ فلا ننسى قول النبي صلى الله عليه وسلم(( أنصر اخاك ظالماً أو مظلوماً)) وأن الساكت عن الحق شيطان أخرس وكلكم ستسألون فماذا تقولون؟
(...الجواب...)
126-التخيلات ووصفها هل يعد من الكذب ام لا ؟؟
(...السؤال...)
لدينا استراحه فى منتدانا وهى موضوع نطرح فيه الفائدة والحكمه والمسابقه واحيانا نطرح فكرة رحله الى مكان ما ... فنسرح بخيالنا : بأننا رحنا للبر مثلا وطبخنا و و ونحن كما تعلم
أطال اللّه فى عمرك لم نذهب بل مجرد خيال اردنا به المتعه والمرح فسؤالى :
هل تعد مثل هذه الخيالات من الكذب وهل نأثم ؟؟
اما انه لا بأس به لاننا نصف المكان والاجواء كخيال الكاتب فقط فى كتاباته ..
(...الجواب...)
لا يُعتبر ذلك من الكذب ، خاصة مع عِلْم الطرف الآخر أنه خيال .
وسبق بيان ذلك هنا :
هل كل كَذِب يأثم عليه صاحبه ؟
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=229
127-حكم عملية الليزر ( العين )
(...السؤال...)
ما حكم عملية الليزر للعين حيث ان عندي قصر نظر واحتاج اجراء عملية للعين فهل هناك مانع شرعي ؟
(...الجواب...)
ليس هناك مانِع شرعي إذا لم يكن فيها ضرر
128-المتسولون عند الاشارات المرورية.
قال تعالى : (( وأما السائل فلا تنهر )) . هل يدخل في هذا ( المتسولين ) عن الإشارات المرورية ؟ فأحوال الناس - التي رأيتها - معهم كالتالي :
1/ معرض عنهم ولايلتفت إليهم ألبتة كأنه متكبر .
2/ يمد أصبعه كالشهادتين إلى أعلى ، بمعنى (...السؤال...) هو من الله تعالى وهو المعطي الرازق .
3/ من يعطيهم ما يفتح الله عليه به .
(1/104)
(...السؤال...) : هل الحالة الأولى ، والثانية يدخل أصحابها في النهي من الآية الكريمة ( وأما السائل فلا تنهر ) ؟ وما هو معناها ؟ وما هو الواجب في التعامل مع المتسولين من هذه النوعية ؟ لأن الواحد منَّا يخشى إيذاء أمثال هؤلاء الفقراء حين يأتون إليه عند نافذة السيارة يطلبون الإعانة .
(...الجواب...)
اختُلِف في تفسير آية الضحى ( وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ) فقال ابن الجوزي ( وَأَمَّا السَّائِلَ ) ففيه، قولان :
أحدهما : سائل البِرّ ، قاله الجمهور ، والمعنى إذا جاءك السائل فإما أن تعطيه وإما أن تردّه ردّاً ليّنا ، ومعنى فلا تنهر : لا تنهره يقال نهره وانتهره إذا استقبله بكلام يزجره .
والثاني : أنه طالب العلم . اهـ .
وأما من يسأل الناس تكثّراً فلهم أن يردّوه، وعلامة السائل الذي يسأل الناس تكثّراً أنه لا يقبل اليسير ! ولا يقبل الطعام بل لا يُريد سوى الدراهم !
ولو عرضت على سائل طعاماً من أطيب الطّعام ما أخذه ، وهذا دليل على أنه ليس بمحتاج . وقد ثبت أن بضعهم أو كثيراً منهم يسأل الناس تكثّراً ، بل بعضهم يُمثّل دور عاجز أو مُقعد – نسأل الله السلامة والعافية – ليأخذ أموال الناس .
وحدثني غير واحد ممن أثق بهم عن مثل ذلك .
أما الأول : فهو يُمثّل دور أعمى ، فقام يسأل الناس في المسجد ، وطفل يُمسك بيده ! ثم تفاجأ به في السوق وهو الذي يقود الطفل !
وأما الثاني : فهو قد قعد على عربة المعوقين ، فجاءه موظف مكافحة التّسوّل ، وقال له : فلان ! ( باسمه ) قُم ! قال : كيف أقوم وأنا مُعوّق ؟! قال : قُم ! فشدّه وجبذه بيده فقام معه يمشي !
وهؤلاء الذين يتسوّلون عند الإشارات أكثرهم أطفال يُتاجر بهم ذويهم ، وتعويد الأطفال على سؤال الناس أمر لا يليق ولا يجوز ؛ لأن النفس على ما تعوّدت عليه . ولردّ السائل في مثل هذه الحال أصل ، وهو أن القوي المكتسب لا حظّ له في الصدقة .
(1/105)
فقد روى مسلم من حديث قبيصة بن مخارق الهلالي قال : تحمّلت حَمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها ، فقال : أقم حتى تأتينا الصدقة ، فنأمر لك بها . قال : ثم قال : يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمّل حَمالة فحلّت له المسألة حتى يصيبها ، ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة اجتاحت مالَه فحلّت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال سدادا من عيش - ، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوى الحجا من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة ، فحلّت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال سدادا من عيش - فما سواهن من المسألة يا قبيصة سُحتا يأكلها صاحبها سحتا .
وعند الإمام أحمد وأبي داود والنسائي من حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين حدثاه أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة ، فقلّب فيهما البَصَر ، فرآهما جلدين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن شئتما أعطيتكما ، ولا حظّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب .
وأرى إغلاق باب المسألة عند إشارات المرور وفي الطرقات حماية لهم أولاً من أيدي العابثين - فإنك ترى أحيانا بُنيّات يتسوّلن عند إشارات المرور ، وفي الطّرقات – وحماية لهم من حوادث الطّرُق .
وحماية لأنفسهم من الامتهان .
ومنع السُّؤال في المساجد والجوامع له أصل، فقد كان عكرمة إذا رأى السُّؤال يوم الجمعة سبّهم ويقول : كان ابن عباس يسبهم ويقول : لا تشهدون جمعة ولا عيدا إلا للمسألة والأذى ، وإذا كانت رغبة الناس إلى الله كانت رغبتهم إلى الناس .
وعقّب عليه الإمام الذهبي بقوله : قلت : فكيف إذا انضاف إلى ذلك غِنىً ما عن (...السؤال...) ، وقوة على التكسب .
(1/106)
وقد جاء في ترجمة ابن جرير الطبري رحمه الله أن المكتفي أراد أن يحبس وقفاً تجتمع عليه أقاويل العلماء ، فأُحضِر له ابن جرير ، فأملى عليهم كتابا لذلك ، فأُخرِجت له جائزة ، فامتنع من قبولها ، فقيل له : لا بد من قضاء حاجة . قال : أسأل أمير المؤمنين أن يمنع السُّؤال يوم الجمعة ، ففعل ذلك .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن (...السؤال...) في الجامع : هل هو حلال أم حرام أو مكروه ؟ وأن تركه أوجب من فعله ؟
فأجاب رحمه الله : الحمد لله أصل (...السؤال...) محرم في المسجد وخارج المسجد إلا لضرورة ، فإن كان به ضرورة وسأل في المسجد ولم يؤذِ أحدا بتخطيه رقاب الناس ولا غير تخطيه ، ولم يكذب فيما يرويه ويَذكُر من حاله ، ولم يجهر جهرا يضرّ الناس ، مثل أن يسأل والخطيب يخطب ، أو وهم يسمعون علما يشغلهم به ، ونحو ذلك ؛ جاز ، والله أعلم . اهـ .
وكثير ممن يقف اليوم ويسأل الناس في المساجد يرتكب هذه المحظورات : فيسأل من غير ضرورة، ويؤذي المصلِّين ، وربما كان كالذي يُلقي موعظة !
ويتظاهر بعضهم بالمرض أو بالعاهة ، أو يحمل معه من يستدر به عطف الناس ، وربما كان مُسِنّاً أو طفلا مستأجرا لهذا الغرض
129-ما حكم النظر اثناء تزاوج الحيونات
(...السؤال...)
ماحكم النظر الى الحيوانات في حالة تزاوجها سواء كان بشهوة او بحجة التعرف على كيفية تزاوجها، وما اذا كان النظر اليها في مقرها او في اشرطة فديو
(...الجواب...)
أعتقد أن وقت المسلم أثمن من أن يُضيعه في هذه التفاهات ! ثم إن هذه الأمور من سفاسف الأمور التي لا يُحبها الله، وقد قال عليه الصلاة والسلام : إن الله يُحبّ معالي الأمور وأشرافها ، ويكره سفسافها .
تعقيب
بعد إذنكم، أحيناً نضطر لهذا الأمر لدراسة سلوك حيوان و معرفة خصائصه و طبائعه بحكم الدراسة مثلاً . فهل نأثم على هذا ؟؟
(...الجواب...)
(1/107)
لم أقل إنه من ينظر إلى هذا : آثِم، وإنما قلت إنه من سفاسف الأمور، ذلك أن الحيوانات ليست محل تكليف ولذا لم نؤمر بسترها !
أما دراسة ذلك للتعرف على سلوك الحيوان ، فهذا قد يؤجر عليه المسلم إذا جَعَل ذلك عونا له على التفكّر في خلق الله .
أذكر أنني قرأت عن كيفية تزاوج حيوان الكنغر فعجبت منه . ولا أذكر أين قرأته ، وكيفيته عجيبة . ولله في خلقه شؤون
130-حكم قول سأفعل كذا وكذا ولكنه لا يفعله
(...السؤال...)
ما حكم قول سأفعل كذا و كذا و لكنه لا يفعله لأسباب أو لغير أسباب ؟
(...الجواب...)
اذا كان هذا الفعل يخص المتكلِّم نفسه فلا حرج في تركه وعدم فعله .وإذا كان هذا الأمر بين العبد وبين ربِّه فإنه يُندب ويُحثّ على فعله .
وقد أثنى الله تبارك وتعالى على نبيِّه إسماعيل فقال : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا )
قال ابن جريج : لم يَعِد ربه عِدة قطّ إلا أنفذها . وقال كعب : كان لا يَعِد أحداً شيئا إلا أنجزه . وأخرج ابن جرير عن سهل بن سعد قال : إن إسماعيل عليه السلام وَعَدَ رجلا أن يأتيه فجاء ونسي الرجل ، فظلّ به إسماعيل وبات حتى جاء الرجل من الغد فقال : ما برحت من ههنا ؟ قال : لا . قال : إني نسيت . قال : لم أكن لأبرح حتى تأتيني .
كما أن قول الإنسان سأفعل كذا إذا كان مُتعلِّقاً بشخص آخر فإن كان على سبيل الوعد فإنه يُؤمر بالوفاء به ، لأن إخلاف الوعد من صفات المنافقين .
ويُشترط في إخلاف الوعد شرطان : الأول : أن يكون عادة لقوله عليه الصلاة والسلام في صفة المنافق : " إذا وَعَدَ أخلف " و " إذا " تدلّ على الكثرة .الثاني : أن يَعِد وفي نيّته عدم الوفاء
131-نداء الشخص الذي لا تعرفه بـ يا محمد
(...السؤال...)
اريد فتوى بخصوص هذا الموضوع لانه منتشر فى المنتديات
(1/108)
كم يحز في نفسي وأنا أنا امام ظاهرة لا يقبلها أي مسلم غيور على دينه الاسلامي في ارض اكرمها الله بالتوحيد الخالص البعيد عن الشوائب والبدع والخزعبلات
الا وهي ظاهرة نداء الشخص الذي لا تعرفه ، أي النكرة ، يامحمد جيب دخان .. يا محمد بطاقة سوا ..
يا محمد جيب مويه .. يا محمد تعال ، وغيرها من الاومر والاستخفاف ، وهنا يكمن مربط الفرس .
فلماذا نختار اسم محمد وبعدها طرح (...السؤال...) أو الأمر ؟
وهل يوجد من هو أشرف وافضل وأتقى وأعز من محمد ؟
ولماذا نختار أسم محمد ؟
فالاولى ان تنادي من لا تعرفه باسم عبدالله . هكذا علمنا ديننا الحنيف اننا عبيد لله
فكيف ترضون لخير البشرية ومن يسمى باسمه أن يؤمر ؟
احتراما لسيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم وتقديرا ونصرة وتعزيزا وتوقيرا وهذا في صلب ديننا اذا يجب أن نبتعد عن هذا الخطأ الفادح ، سواء كان بقصد أم بغير قصد
(...الجواب...)
سئل الشيخ :
هل يجوز مناداة العامل الأجنبي الغير مسلم باسم (( محمد)) حيث الدارج الآن عندما نذهب لمركز تجاري أو لمحطة بنزين أو غيرها ينادون بمحمد
لا يجوز امتهان هذا الاسم الشريف الكريم لغة ومعنى إلى هذا الحدّ حتى يُنادى به الكافر .
وقد كان بعض العلماء ممن صنّفوا في أسماء الرواة ، يُقدّمون ذكر المحاميد ( من تبدأ أسماؤهم بـ " محمد " كما صنع الإمام البخاري رحمه الله في كتابه التاريخ الكبير ، فإنه قال : هذه الأسامي وُضِعت على ( أ ب ت ث ) وإنما بُدىء بـ ( محمد ) من بين حروف ( أ ب ت ث ) لحال النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن اسمه محمد صلى الله عليه وسلم . اهـ .
أما إذا كان يُنادى به عامل مسلم ، فذلك لغلبة اسم محمد على كثير من أسماء الأعاجم ؛ لأنهم يتبرّكون باسم محمد ، فيجعلونه قبل أسمائهم !
132-هل يجوز أن نطلب رفع في الدرجات؟
(...السؤال...)
هل يجوز طلب رفع في الدرجات دون تقديم أي عمل إضافي.
(1/109)
توجد فئة من الدكاترة في الجامعات، لا يعطون حق الطالب\ة في درجته النهائية، فإما يرفعون درجته للنجاح وهو يستحق الرسوب وإما أن يخفضون درجته وهو يستحق النجاح بتفوق.
وهذه الفئة من الدكاترة تهتم بقدوم الطالب\ة إليهم في الساعات المكتبية، ومن الممكن أن يرفعوا من درجة الطالب\ة من غير أن يقدم الطالب أي عمل إضافي.
ولكن قررت بأن أعمل عمل إضافي حتى يعتبر لي كنشاط وترفع درجاتي، لأني لم أقدم الإمتحان النهائي بصورة جيدة، وإنصدمت عندما ذهبتُ إلى الدكتورة لأخذ درجتي لأني وجدت إنها قد رفعت من درجاتي بصورة هائلة، ولكني لم أقل لها شيءً وقدمت لها النشاط ورحلت.
أما في المادة الأخرى، فقد نزلت درجتي أقل بقليل من المتوقع، وكان الخطأ مني، فهل يجوز أن أذهب وأطلب منها أن ترفع من درجاتي من غير أن أقدم لها شيء؟
لأنهن يفعلن ذلك بمجرد أن أناقشهن في الموضوع أو ربما بدون.
(...الجواب...)
لا يجوز أن يُطالب الإنسان بأكثر مما يستحقّ .
أما إذا كان هناك ما يسد الخلل ، مثل : تقديم بحوث أو نشاط أو غيره مما يُتطلّب لسدّ النقص الحاصل في الدرجات فيجوز حينئذ عمله ، والمطالبة برفعة الدرجات .
وعلى المسلم أن يحرص على رِفعة درجاته في الآخرة ، فقد كانت هِمَم الصحابة رضي الله عنهم تتعلّق بالفردوس الأعلى ، ولذا لَمَّا قال النبي صلى الله عليه وسلم لربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه : سَلْ . قال : فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ . قَالَ : أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ . قَالَ : فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ . رواه مسلم
133-هل يجوز كتابة مشكله وهميه في المنتديات ؟؟
(...السؤال...)
هناك منتديا ت عديده وضعت لحل المشاكل فهل يجوز كتابة مشكله وهميه للتسليه او لاستفزاز الاعضاء؟؟
(...الجواب...)
لا يصلح مثل هذا ؛ لأن من شأنه إشغال من يقومون على حلّ تلك المشكلات ، وإضاعة الوقت بلا فائدة
134-مارأيكم بهذه الأسماء ؟
(1/110)
(...السؤال...)
يوجد عندنا في المنتدى إحدى الأخوات سمت نفسها ( خادمة الرحمن )
وأخرى اسمها ( لا كرب وانت رب )
فما رأيك بهذه الأسماء
(...الجواب...)
الاسم الأول ( خادمة الرحمن ) ، وإن كان معناه صحيحا ، إلاّ أنه من مُصطلحات النصارى !
فهم يُسمّون ( خادم الربّ ) و ( خادم الله ) ..
فلا تصلح التسمية به .
والثاني ( لا كرب وأنت الرب ) معناه صحيح ، وليس يصلح للتسمّي به .
لأن الاسم دال على الْمْسَمَّى في الأصل ، ولا دلالة في هذا الاسم على من تسمّى به .
135-زعم أن لأسماء الله الحسنى لها طاقة شفائية
(...السؤال...)
المملكة العربة السعودية
رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء
الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء
فتوى رقم (21802) وتاريخ 7/1/1422هـ
الحمد لله وحدة والصلاة و السلام على من لا نبي بعد ... وبعد :ـ
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي / عبد الله بن محمد اللحيدان مدير مركز الدعوة والإرشاد بالدمام والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (95/س) وتاريخ 2/11/1421هـ وقد سأل المستفتي سؤالا نصه :
( أرفع لسماحتكم ما وصل إلي ويتداول حاليا وخاصة في بعض مدارس البنات ومكاتب التوجيه التربوي لدينا وهي ورقة عن موضوع ينسب لصحيفة المدينة يشير فيه من نسبت إليه أنه اكتشف :
أن أسماء الله الحسنى لها طاقة شفائية كبيرة لعدد ضخم من الأمراض .
ان لكل اسم من أسماء الله الحسنى طاقة تحفز جهاز المناعة للعمل بكفاءة مثلى في عضو معين بجسم الإنسان .ويذكر مثالا على نجاح ذلك على ابنه بترديد أسماء معينة لمدة عشر دقائق وعدد كبير من المتطوعين .
(1/111)
أن نفس أسماء الجلالة التي تعالج يمكن الاستفادة منها في الوقاية أيضا .أن طاقة الشفاء تتضاعف عند تلاوة آيات الشفاء بعد ذكر التسبيح بأسماء الله الحسنى .يطلب ناشرها من الناس التجريب والإفادة .عليه نود من سماحتكم حفظكم الله توضيح الأمر وتجليته للناس ليكونوا على هدى من أمر ربهم )
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت ما يلي :
قال الله تعالى :" ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون " [ الأعراف : 180] وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة " ومنها الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى .
فأسماء الله جل وعلا لا يعلم عددها إلا هو وكلها حسنى ويجب إثباتها وإثبات ما تدل عليه من كمال الله وجلاله وعظمته ويحرم الإلحاد فيها بنفيها أو نفي شيء منها عن الله أو نفي ما تدل عليه من الكمال والجلال أو نفي ما تتضمنه من صفات الله العظيمة ومن الإلحاد في أسماء الله الحسنى ما زعمه المدعو سيد كريم ( هو دكتور أجرى كما زعم أبحاث بالاستشفاء بأسماء الله الحسنى مبتكر علم البايوجيومتري ، وهذا ما ورد في مطوية كيفية التعبد بأسماء الله الحسنى ص11)
وتلميذه وابنه في الورقة التي يوزعونها على الناس من أن أسماء الله الحسنى لها طاقة شفائية لعدد ضخم من الأمراض وبواسطة أساليب القياس الدقيقة المختلفة في قياس الطاقة داخل جسم الإنسان اكتشف أن لكل اسم من أسماء الله الحسنى طاقة تحفز جهاز المناع للعمل بكفاءة مثلى في عضو معين بجسم الإنسان وأن الدكتور إبراهيم كريم استطاع بواسطة تطبيق قانون الرنين أن يكتشف أن مجرد ذكر اسم من أسماء الله الحسنى يؤدي إلى تحسين في مسارات الطاقة الحيوية بجسم الإنسان .
(1/112)
قال : والمعروف أن الفراعنة أول من درس ووضع قياسات لمسارات الطاقة الحيوية بجسم الإنسان بواسطة البندول الفرعوني . ثم ذكر جملة من أسماء الله في جدول وزعم أن لكل اسم منها فائدة للجسم أو علاج نوع من أمراض الجسم ووضح ذلك برسم لجسم الإنسان ووضع على كل عضو منه اسما من أسماء الله . وهذا العمل باطل لأنه من الإلحاد في أسماء الله وفيه امتهان لها .
لأن المشروع في أسماء الله دعاؤه بها كما فال تعالى :" فادعوه بها " وإثبات ما تتضمنه من الصفات العظيمة لله . لأن كل اسم منها يتضمن صفة لله عز وجل ولا يجوز أن يستعمل في شيء من الأشياء غير الدعاء بها إلا بدليل من الشرع والزعم بأنها تفيد كذا وكذا أو تعالج كذا وكذا بدون دليل شرعي قول على الله بلا علم .
وقد قال تعالى :" قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وإن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " [ الأعراف : 33 ] فالواجب إتلاف هذه الورقة .
والواجب على المذكورين التوبة إلى الله من هذا العمل وعدم العودة إلى شيء منه مما يتعلق بالعقيدة والأحكام الشرعية . وبالله التوفيق .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،،
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس / عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل شيخ
عضو / عبد الله بن عبد الرحمن الغديان
عضو / صالح بن فوزان الفوزان
(...الجواب...)
136-حكم مشاهدة التلفزيون على وجه العموم
(...السؤال...)
ما حكم مشاهدة التلفزيون على وجه العموم .
وما حكم مشاهدة الرجال للمذيعات مثلاً في الأخبار ومشاهدة النساء للرجال . ارجوا ان توضح الضوابط في مشاهدة التلفزيون خصوصا اني سمعت ان مشاهدة المرأة في التلفزيون ليس كمشاهدتها على ارض الواقع
(...الجواب...)
أما القنوات الفضائية ففي كثير منها تروج تجارة الشهوات بل والشُّبهات أحياناً ! وتُتاجر بعض القنوات بالغريزة ! وهذا واقع ومُشاهد .
(1/113)
والحكم للأعمّ الأغلب
والغالب على المحطات الفضائية أن الشرّ فيها أكثر من الخير ، والفجور فيها أكثر من البرّ، وأقل الأحوال ما يُعرض فيها من سفاسف الأمور أكثر من معالي الأمور وأشرافها، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : إن الله يُحب معالي الأمور وأشرافها ، ويكره سفسافها . رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، وصححه الألباني .
وأستثني من تلك المحطّات ما عُرف منها بنشر الخير والحرص على الفضيلة .
وأما نظر الرجال إلى النساء الأجنبيات فلا يجوز سواء كان ذلك مُباشرة أو كان عن طريق الصور سواء الثابتة أو المتحركة، فالصور الثابتة كتلك الصور التي تكون في المجلاّت، والمتحركة كتلك الصور التي تُعرض عبر الشاشات
ولم يُستثنى من نظر الرجال إلى النساء إلى الضرورة ، لشدة افتتان الرجال بالنساء . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : ما تركت بعدي فتنة هي أضرّ على الرجال من النساء . رواه البخاري ومسلم .
وأما من أجاز النظر إلى الصور فقد غلِط ، وليس معه دليل شرعي يُفرّق به الصور والواقع . وقد تكلّم ابن القيم رحمه الله عن خطورة التعلّق بالصور ، حتى ذكر أنها تصل بصاحبها إلى حدّ الشرك بالله عز وجل .
وكم من شخص زهد في زوجته لما افتتن بما يراه عبر الشاشات ، مع ما تتعرّض له تلك الممثلات والمذيعات إلى مساحيق تجميل وعمل مكياج لو وُضع على عجوز شوهاء لظهرت في صورة شابة حسنة الوجه !
وقبل الحج حكى لي أحد الدعاة أن امرأة تشتكي زوجها ووصل بها الأمر على طلب الطلاق ، ولما أرادوا الإصلاح بينهما قالت : لم أعد أحتمل . قيل لها : لماذا ؟ قالت : بحثت عنه ليلة من الليالي فإذا هو عاكف على بعض القنوات الفضائية ، والأدهى أنه يُمارس العادة السرية السيئة !
(1/114)
نعم . هكذا والله روى لي القصة ، وهو ثقة فاضل . هكذا يصل عشق الصور والنظر إلى النساء بصاحبه . نعوذ بالله من انتكاس الفطرة .
وأما نظر المرأة إلى الرجال
الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى المرأة الأجنبية عنه ، من أجل ذلك أمر الله نساء المؤمنين بالحجاب .
وأمر الله المؤمنين بغضِّ أبصارهم . وأمر النبي صلى الله عليه على آله وسلم بعدم اتباع النظرة النظرة ، فقال لعليّ – رضي الله عنه – : يا علي لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى ، وليست لك الآخرة . رواه أحمد وأبو داود . ولما سُئل عن نظر الفجاءة قال لمن سأله : اصرف بصرك . كما في صحيح مسلم
137-ما حكم العلاج بالبخور
(...السؤال...)
ما حكم العلاج بالبخور ؟؟
البخور لعلاج السحر، وهذا مااخبرنا أحد الأشخاص أن أخاهـ قد شفي من مرضه (في القلب) حيث أنه عندما عولج بالبخور قد ذهب المرض بعد أذن الله ..حيث أخبروه أنه مسحور وهو ماسبب مرضه في القلب
(...السؤال...) هنا : هل العلاج بهذه الطريقة فيه شيء مخالف للشريعة ؟
(...الجواب...)
الأرواح الطيبة تُحِبّ الطيب ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام : حُبِّبَ إليّ النساء والطيب . رواه الإمام أحمد والنسائي .
قال ابن القيم في هديه صلى الله عليه وسلم في الطِّيب :
وكان يُكْثِر التَّطَيّب ، وتَشْتَدّ عليه الرائحة الكريهة وتَشُقّ عليه . والطيب غذاء الروح التي هي مَطِيّة القُوى تَتضاعَف وتَزيد بالطّيب ، كما تَزيد بالغذاء والشراب والدَّعة والسُّرور ومعاشرة الأحبة وحُدوث الأمور المحبوبة ، وغَيبة مَن تَسُرّ غَيْبَتُه ، ويَثْقُل على الرُّوح مُشاهدته ، كالثقلاء والبُغَضَاء ، فإن معاشرتهم تُوهِن القُوى ، وتَجْلِب الْهَمّ والغَمّ ، وهي للروح بِمَنْزِلة الْحُمّى للبدن ، وبِمَنْزِلة الرائحة الكريهة ...
(1/115)
والمقصود أن الطّيب كان من أحبّ الأشياء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وله تأثير في حِفظ الصِّحّة ، ودَفْع كثير من الآلام وأسبابها بِسبب قُوّة الطبيعة به . اهـ .
وفي الصحيحين من حديث أم قيس بنت محصن قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : عليكم بهذا العود الهندي ، فإن فيه سبعة أشْفِيَة : يُسْتَعَطّ بِه مِن العُذْرَة ، ويُلَدّ به مِن ذاتِ الْجَنْب .
والأرواح الخبيثة تأنَس بالروائح الخبيثة ، وتألف أماكن القاذورات ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إن هذه الحشُوش مُحْتَضَرَة ، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل : أعوذ بالله من الخبث والخبائث . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي في الكُبرى وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .
وقال عليه الصلاة والسلام : ستر ما بين الجن وعورات بنى آدم إذا دخل الكنيف أن يقول : بسم الله . رواه ابن ماجه من حديث علي رضي الله عنه . ورواه الترمذي بلفظ : ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول : بسم الله . والحديث صححه الألباني في الإرواء بمجموع طُرقه .
والحشُوش : أماكن قضاء الحاجة .
وبالتالي فإن الشياطين تتضرر بالروائح الطّيبة الزّكيّة .
والتداوي بالبخور على أنواع : نوعٌ يستخدمه السَّحَرة والكُهان ، يُتَمْتِمون عليه بِتمتمات غير مفهومة ، فهذا لا يجوز استعماله ، ولا التداوي به .
ونوعٌ يُستعمل فيه البخور لِطرد الأرواح الخبيثة ، من غير اعتقاد في البخور ولا تمتمات تُقال عند صعود دُخانه ؛ فهذا لا باس به ، لأنه نوع من العلاج .
وما ثَبَت بالتجربة نَفْعُه ، فلا بأس به ما لم يَكن فيه محذور ، لِقوله عليه الصلاة والسلام : اعرضوا عليّ رقاكم ، لا بأس بالرُّقى ما لم يكن فيه شرك . رواه مسلم
138-حكم تحميل الكتب الطبية؟
(...السؤال...)
(1/116)
اريد ان اسأل عن حكم تحميل الكتب الطبية من مواقع الانترنت التي تعرضها مجانا , علما بأنني لا اعرف هل لهذه الكتب حقوق للطبع والنشر ام لا ؟؟
(...الجواب...)
لا حرج في الاستفادة من الكتب التي تُعرض في الشبكة ، سواء كانت طبية أو كانت كُتبا شرعية، وذلك لأنها عُرضت لغير غرض التجارة ،هذا من جهة ، ومن وجهة ثانية فإنها لا تُغني عن الكتاب الأصلي ، ولا تكون مراجع مُعتمدة ، بِخلاف الكِتاب الأصلي .
والله تعالى أعلم .
139-هل يجب رد السلام لما اكتب قى منتدى
(...السؤال...)
عندما اكتب موضوع في المنتدى ثم يرد علي أحد الأعضاء ويسلم فهل يجب علي رد السلام ؟؟؟
(...الجواب...)
الذي يظهر أنه إذا سلّم وقصدَك بالسلام – تَعيَّن ردّ السلام ، لقوله تعالى : (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا)
قال البغوي في تفسير الآية : واعلم أن السلام سُنة ، ورَدّ السلام فريضة ، وهو فرض على الكفاية ، فإذا سَلَّم واحد من جماعة كان كافيا في السُّنَّة ، وإذا سَلّم واحد على جماعة وَرَدّ واحد سَقَطَ الفَرْض عن جميعهم . اهـ .
وقال القرطبي : فَفِقْهُ الآية أن يُقال : أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سُنّة مُرَغّب فيها ، ورَدّه فريضة . اهـ . أما إذا سلّم وقصد العموم ، وردّ شخص واحد كَفَى .
140-الابتسامات التعبيرية هل هى مضاهاة لخلق الله
(...السؤال...)
يا شيخ هل الابتسامات من المضاهات في خلق الله
مثل هذي
علما أنه كثر الكلام في هذه المسألة
وجزاك الله خير يا شيخ
(...الجواب...):
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وجزاك الله خيرا - نحمد الله ونثني عليه بِما هو أهله ..
- لا يَظهر فيها ذلك ؛ لأنه ليس فيها تصوير كامل ، ولا مَعالِم بارِزة. ومع ذلك فأنا في نفسي أكْرَه استعمالها في الكتابات في المنتديات .
والله يحفظك .
141- حكم هذه الأسماء: وقتي لزوجي-عمري لزوجي
(...السؤال...)
أود معرفة حكم مثل هذه الأسماء : وقتي لزوجي , عمري لزوجي
(1/117)
أشعر أن اللفظ خاطئ وأتذكر الآية ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين )وعندما أفكر في النصيحة أتردد قليلا ًلأن البعض يقول أن وقتي وعمري أحرص أن يكون إرضاء ً لزوجي ..
فما حكم تلك الأسماء ..وما الرد المناسب عليها ..؟
(...الجواب...):
لا أرى حرجا في مثل تلك الأسماء ؛ لأنها لم تتضمّن حصر الوقت ولا العُمر للزوج . وإنما يكون الحرج في مثل ذلك إذا فُهم منه الحصر ، أو تضمّن القول الحصر بأحد أساليب الحصر في اللغة العربية ،
كقول بعضهم : " لك حُبي " ، أو " لك عمري " ، سواء قالها القائل لأمه أو قالتها الزوجة لزوجها . لأن التقديم هنا أفاد الحصر . بِخلاف ما لو قال : أحبك ، ونحوها من العبارات .
والله تعالى أعلم .
142-الغرف الصوتية التي تلقى فيها دروس شرعية
(...السؤال...)
ما رأي سماحتكم في الغرف الصوتية التي تلقى فيها الدروس الشرعية (يلقيها الأخ أو الشيخ) وتحضر الأخوات لكنهن يكتفين بكتابة الأسئلة دون التكلم , و قد يكون الاخ او الشيخ لوحده في الغرفة مع الأخوات او الى جانب بعض الإخوة الذين يحضرون .
(...الجواب...):
إذا كان ذلك لِطلب العلم وأُمِنت الفتنة ؛ فلا بأس به ، بل هو أمر مشروع .
وقد كان من السلف من يطلب العلم على يدي امرأة ، وكان ذلك يكون من وراء حجاب ، وكذلك كانت النساء يحضرن ويكون من وراء حجاب . والله تعالى أعلم .
143- تصوير الدجاج والسمك واللحم .
(...السؤال...)
في قسم المطبخ في المنتدى ،، نضع صور لاطباق وهكذا ،
ونقوم بتصور عملية اعداد الطبق،، ويتكون الطبق مثلا من دجاج او سمك او لحم
الان سؤالي هل تصوير اللحم او السمك والدجاج المقطع من الصور التي لا تجوز تصويرها لانها من ذوات الارواح؟!
(...الجواب...)
هذا ليس من جنس تصوير ذات الأراوح ؛ لأنها إذا ذُبِحت وقُطّعت صارت شيئا آخر .
فهي تُصبح أنواعا من الأطعمة .
والله تعالى أعلم .
144- ما حكم التمثيل يا شيخ
(...السؤال...)
(1/118)
ما حكم التمثيل يا شيخ ؟ وهل المثيل يتضمن ما يسمى بالإسكتش وهل يوجد تمثيل ليس فيه كذب ؟ وهل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله أفتى بجوازه أم هذه إفتراء على الشيخ رحمه الله ؟ وجزاك الله خيرا شيخنا الحبيب .
(...الجواب...)
التمثيل بضاعة غربية ! وهو أول ما حدث في ديار الإسلام كان على يد نصراني ! كما بين ذلك الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله – في رسالة له بعنوان : التمثيل : حقيقته ، تاريخه ، حُكمه .
قال الشيخ في خاتمة البحث : والخلاصة أن التمثيل : حرفة ، واداء ، وتكسّباً ، وعَرضا ، ومُشاهَدة ، لا يَجوز ، لأنه إن كان تمثيلا دينيا فهو بِدعيّ ، : لوقف العبادات على النص ومورده ، ولِما علِمت من أصله لدى النصارى واليونان .
وإن كان غير ذلك فهو لهوٌ مُحرَّم ، لما فيه من التشبّه ، ولما رأيته من تفاريق الأدلة ، وما يَحتوي عليه ، ويترتّب عنه من الآثار المعارِضة لآداب الشريعة . اهـ .
أما الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فلم يَقُل بجوازه مُطلَقاً ، وإنما قيّده بقيود وضوابط ، بحيث لا يتضمّن كذباً ولا يُمثّل الرجل دور امرأة ، والعكس ، ولا تقليد حيوان ، إلى غير ذلك من الضوابط التي يصعب تحققها في التمثيل المعاصر .
وقد علمت تفصيل الشيخ بكر أبو زيد – عضو هيئة كبار العلماء في المملكة – . والله تعالى أعلم .
145- أفضل المشاركة في منتديات عامة او إسلامية
(...السؤال...)
هل الأفضل المشاركة في منتديات عامة حيث فيها اقسام إسلامية واقسام للنقاش واقسام للغناء، أم الأفضل الإشتراك في المنتديات الدعوية الإسلامية.
واقصد العامة حيث هناك اقسام إسلامية في هذه المنتديات تحتاج إلى دعم ودعوة وطرح السنن بدل البدع..فأيها أفضل شيخنا؟؟
(...الجواب...):
ووفقك الله لما يُحب ويَرضى، وحفِظك الله ورعاك .
(1/119)
وأحبّك الله الذي أحببتني فيه . إذا كانت المشاركة في مثل تلك المنتديات سوف تُقلِّل من المنكَر ، ويكون فيها نشر للخير ، فَنَعَم .أما إذا كان وجود الشخص لا أثَر له ، فسلامة دِينه أولى .
وأما إذا كان الشخص من أهل الفضل ، فَعَدَم مشاركته في مثل تلك المنتديات أولى من باب السياسة الشرعية .
لأنه إذا شارَك في منتديات فيها غناء وصور ومُنكرات أخرى ، سوف تُنسَب إليه ! أو على الأقل يُنسَب إليه إقرارها ! وأن فلان موجود في ذلك المنتدى ولا يُنكِر ! وقد يكون يُنكِر على الإدارة ، وهم لا يشعرون .
فالحاصل أن تقدير المصلحة في ذلك بِحسَب المنتدى وبحسب الشخص .
وأذكر من المواقف : أنني اشركت في منتدى فيه قسم أغاني ، فأرسلت للمشرف العام مُناصَحة بخصوص قسم الأغاني ، وأن كل أغنية تسمعها تَحْمِل مثل أوزار من سمعوها .. وأن الإنسان لا يستطيع حَمْل أوزاره .. فكيف يَحمل أوزار غيره .
فكان جوابه وردّه : سوف نُزيل قسم الأغاني بشرط أن يتحوّل إلى قسم فتاوى تُشْرِف عليه أنت !
ومنتدى آخر وصلني رابطه عبر البريد ، فلما دخلت وجدت أقساما للأغاني والصور ... فأرسلت على بريد الموقع مناصحة .. فأرسل لي صاحب الموقع كلمة شُكر .. وطلب مني دخول الموقع لأرى ماذا صنع .. فإذا هو قد أزال تلك الأقسام – وفقه الله لِهُداه – .
فكثير من أصحاب المنتديات فيهم خير .. ويحتاجون من يُناصِحهم .. ومن ينشر عندهم الخير ..ومن وَجَد وقتا ونشر الخير ، فهو على خير . والله تعالى أعلم .
146- سؤال في القاب في المنتديات ضروري
(...السؤال...)
عند زوجتي
منتدى اسلامي
المهم فيه اسماء
هل تجوز مسميتهاا او لا يجوز وياليت يكون في دليل
محبة الرحمان
محبة النبي
إلّاك رسول الله >>>>>قالت سبب تسميتهااا للغضبها على الدنمرك
بنت الاسلام
ايمان قلب
ضحى الإسلام
شمعه الاسلام
حرية الاسلام
خادمه القران
بنت التوحيد
الداعيه
(...الجواب...)
(1/120)
الأصل في الأسماء الجواز إلاّ أن يتضمّن الاسم محذورا ، مثل التّزكية ، أو أن يكون الاسم لا معنى له ، وكذلك أن لا يكون اسما لا يجوز التسمّي به ، مثل التسمي بـ ( الرحمن ) أو ( الله ) ، ومثل التسمّي بالأذكار ، مثل : ( لا إله إلا الله ) ونحوها .
وكذلك إذا تضمّن الاسم تزكية للشخص ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم غيَّر بعض الأسماء وعلل ذلك بأنه مُتضمّن لتّزكية النفس .
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن زينب كان اسمها بَرَّة ، فقيل : تُزَكِّي نفسها ، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب .
وفي رواية لمسلم : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تُزَكُّوا أنفسكم ، الله أعلم بأهل البِرّ منكم . فقالوا : بِمَ نُسميها ؟ قال : سَمُّوها زينب .
وكذلك إذا تضمّن الاسم محذورا عند (...السؤال...) عن الشخص أو حتى عند وفاته ، كما يكون في اسم ( إيمان ، ورباح .. ونحوها )
قال عليه الصلاة والسلام : ولا تسمين غلامك يسارا ولا رباحا ولا نجيحا ولا أفلح ، فإنك تقول : أثم هو ؟ فلا يكون ، فيقول : لا . رواه مسلم .
قال العظيم أبادي في " عون المعبود " : (فيقول) أي : الْمُجِيب ( لا ) أي : ليس هناك يسار أو لا رباح عندنا مثلا ؛ فلا يحسن مثل هذا التفاؤل . اهـ .
ومثل ذلك في الأسماء التي سألت عنها (شمعه الاسلام ، وضحى الإسلام ، وحرية الاسلام) .
فلو ذهبت لقيل : ذهبت شمعة الإسلام ، أو ذهب ضُحى الإسلام ، أو غابت حُرية الإسلام !
وكذلك لو قدّر الله وفاة العضوة ، لقيل أعظم من ذلك !
فهل يُقال : ماتت شمعة الإسلام ؟
أمَدّ الله في عمر أخواتنا على طاعته .
ولا يظهر لي جواز التسمّي بـ (إلّاك رسول الله) ؛ لأنه مُتضمّن للحصر ، فهل يجوز النيل من غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
ولو قيل : نفسي لنفسك الفداء ، ونحوها من العبارات التي لا تتضمن محذورا .
كما كان حسّان رضي الله عنه يقول :
وسبق :
(1/121)
التسمّي بهذه الأسماء : حبيبة الله - حبيبة الرحمن - حبيبة المصطفى- عاشقة الجنة - عاشقة الفاروق ، وعاشقة الدعوة
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=917
والله تعالى أعلم .
147- هل يجوز الكذب بهدف الإصلاح ؟
(...السؤال...)
ما هو حكم الكذب للإصلاح .. ولا أقصد الإصلاح بين المتخاصمين ..
لا .. بل أقصد على سبيل المثال لا الحصر
اكتشفت أن فلاناً من الناس قد فعل فعلا مشيناً .. و هذا الرجل لا يتقبل مني النصح أو أي سبب يمنعني أن أرسل له باسمي و لا يوجد بديل أمامي إما تركه على معصيته و خطأه و إما الإرسال باسم مستعار .. فأرسلت باسم مستعار أني فلان مثلا ..
و لكن الرسالة كانت مناصحة مئة بالمئة و الهدف سامي لأعلى درجة
هل يجوز الكذب هنا من باب الإصلاح ؟
(...الجواب...)
لا يُعتبر هذا من الكذب ، إلاّ إذ اكُتِبت الرسالة باسم شخص آخر ؛ فهذا قد يكون إفسادا ولا يكون إصلاحا !
أما أن تَكْتُب رسالة لشخص تُناصحه بها ، وتُذيّلها باسم مُستعار ؛ فهذا ليس من الكذب ، كأن تختم الرسالة بـ " ناصح أمين " ونحو ذلك .
وسبق :
هل كل كذب يأثم عليه صاحبه ؟وهل يجوز الكذب لرد احد ما عن المعصية
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=229
والله تعالى أعلم .
148- حكم شرب المشروبات التى انتشر احتواءها على امعاء الخنزير
(...السؤال...)
1-بعد ان انتشر فى الفترة الاخيرة خبر ان البيبسى مصنوع من امعاء الخنزير
نريد من فضيلتكم حكم شرب هذه المشروبات وهل هذا الخبر صحيح ام لا
2- ما حكم البيبسي علما انه كما قال رئيس جامعة نيودلهي للتكنلوجيا فيه شي من أمعاء الخنزير. مع كامل الشكر
(...الجواب...)
فأجاب: الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يَثبت تحريمها. هذا من حيث الأصل. وأمَّا وقد قِيل فيه مَا قِيل فَيُتْرَك مِن جِهتَين:
(1/122)
الأولى: مِن بَاب التَّوَرُّع عن الشُّبهات، وقد قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ الْحَلال بَيَّن وإنَّ الْحَرَام بَيِّن وبَيْنَهُما مُشْتَبِهَات، لا يَعْلَمُهُنّ كثير من الناس، فَمَن اتَّقَى الشُّبُهَات اسْتَبْرَأ لِدِينِه وعِرْضِه، ومَن وَقَع في الشُّبُهات وَقَع في الْحَرَام. رواه البخاري ومسلم.
والثاني: من جهة مُقَاطَعَة بَضَائع الكُفَّار الذين يُحَارِبُون الإسْلام والْمُسْلِمِين. والله تعالى أعلم .
149- حكم هذه الاقوال(فلان ما يستاهل-فلان شكله غلط....
(...السؤال...)
ما رأي فضيلتكم فى مثل هذه الاقوال؟
رب يسر ولا تعسر
فلان شكله غلط
فلان ما يستاهل
(...الجواب...)
لا حرج في قول : " رب يسّر ولا تُعسِّر " .
وهو بمعنى أدعية كثيرة وردت في السنة ، مثل :
رب أعني ولا تُعن عليّ ، وانصرني ولا تنصر عليّ ، وامكر لي ولا تمكر عليّ ، واهدني ويسر الهدى لي . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما .
اللهم لا سهل إلاَّ ما جعلت سهلا ، وأنت تجعل الْحَزْن إذا شئت سَهلا . رواه ابن حبان والضياء في " المختارة " .
وأما عبارة " فلان شكله غلط " فهي غلط !
قال الشيخ بكر أبو زيد : هذا اللفظ من أعظم الغلط الجاري على ألسنة بعض المترفين عندما يرى إنساناً لا يعجبه ؛ لما فيه من تسخط لخلق الله ، وسخرية به . اهـ .
وأما " فلان ما يستاهل " ، فقد سبق (...الجواب...) عنه هنا :
ما حكم قول( فلان ما يستاهل ) ؟؟
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=4944
والله تعالى أعلم
150- لقد اخطأت كثير وجعلت اناس يفعلون اشياء
(...السؤال...)
لقد اخطأت كثيرا فيما مضى من مساوئ كلام وافعال قد جعلت اناسا يفعلون ويفعلون بسبب كلمة ساقطة منى او فكرة تالفة او فعل خاطئ ..
هل التوبة الى الله توقف هذه المساوئ حتى ولو كانت ترتكتب بسببى حتى الان،
(...الجواب...):
(1/123)
التوبة إلى الله فيما بين العبد وبين ربِّه مَقبولة ، أما فيما بين العبد وبين الناس فيلزمه أن يتحلل ممن ظَلَمه في الدنيا ، وأن يُعيد الحقوق إلى أصحابها ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، وأن يُصْلِح ما أفسد بين الناس .
قال صلى الله عليه وسلم : من كانت له مَظلمة لأحَدٍ مِن عِرْضِه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بِقَدْرِ مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فَحُمِلَ عليه . رواه البخاري .والله تعالى أعلم .
151-ما حكم هذه الاقوال (بحيل الله-الله لا ينكد.....
(...السؤال...)
كلمات نرددها مثل ..
بحيل الله .. الله لايكدر علينا .. الله لاينكد .. ياقلبي ياعمري ..
(...الجواب...)
" بِحيل الله " تقصد بها العامة " بِحول الله " ، والاختلاف في التعبير .
" لا يكدر .. لا ينكد .. " يبدو لو بُني الفعل على المجهول لكان أولى ، من باب التأدّب مع الله ، كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام : ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ )
فهو قد نَسَب المرض لغير الله ، مع أن الكل من عند الله ، ولكن هذا من باب التأدب في الخطاب مع الله .
وكقول الجن تأدبا مع الله : (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا)
وأما قول ( يا قلبي .. ويا عمري ) فيُقصد بها طول العمر للشخص الذي قيلت له ، كأنه يقول له : يا بعد عمري ، أي : تعيش وتُعمّر بعد انقضاء عمري .
والله تعالى أعلم .
152- هل يجوز اجراء عملية للفك العلوي من الفم ؟
(...السؤال...)
هل يجوز أجراء عملية جراحية تجميلية لإخفاء بروز الفك العلوي للفم ؟
و هل يعتبر من تغير خلق الله أم لا ؟
(...الجواب...)
لا يُعتبر ذلك من تغيير خلق الله ؛ لأن غاية ما فيه إعادة الفكّ إلى مكانه الأصلي .
والعمليات التجميلية على قسمين :
(1/124)
الأول : إعادة ما كان ، مثل : تقويم الأسنان وإصلاح الفك ، وسائر العمليات التي تُجرى بعد حصول الحوادث ؛ فهذه لا بأس بها ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أذِن لِعرفجة بن أسعد رضي الله عنه أن يتّخذ أنفًا من فضة فلما أنْتَن ، أذِن له أن يتّخذ أنْفًا من ذهب . كما في سُنن أبي داود وجامع الترمذي وسُنن النسائي .
قال الإمام الترمذي : وقد رَوى غير واحد من أهل العلم أنهم شَدُّوا أسنانهم بالذَّهب ، وفي هذا الحديث حُجة لهم . اهـ .
والثاني : ما طُلِب به زيادة التجمّل ، وهو مُحرّم ؛ لأنه من تغيير خلق الله ، كما قال عليه الصلاة والسلام : لعن الله الواشمات والموتشمات والمتنمصات والمتفلجات للحُسْن الْمُغَيِّرَات خَلْق الله . رواه البخاري ومسلم .
والله أعلم .
153-هل عليّ أثم لو قلت :إأنني لا أريد أن أدخل بيت فيه الدش (قنوات فضائية) ؟
(...السؤال...)
لو قلت أنني لا أريد أن أدخل بيت فيه دش (قنوات فضائية) هل على أثم ؟؟
(...الجواب...)
لا إثم عليك إذا كان المانع من دخولك هو وُجود المعصية .
وقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من دُخول بيت فيه صُورة .
ففي حديث عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(1/125)
أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ ، فَعَرَفَتْ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ ، وَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ ، فَمَاذَا أَذْنَبْتُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَمَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ ؟ قَالَتْ : اشْتَرَيْتُهَا لَكَ تَقْعُدُ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدُهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يُقَالُ لَهُمْ : أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لا تَدْخُلُهُ الْمَلائِكَةُ . رواه البخاري ومسلم .
وامتنع جبريل عليه الصلاة والسلام من دُخول بيت فيه جرو كلب .
ففي حديث مَيْمُونَة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْبَحَ يَوْمًا وَاجِمًا . فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ اسْتَنْكَرْتُ هَيْئَتَكَ مُنْذُ الْيَوْمِ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ وَعَدَنِي أَنْ يَلْقَانِي اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَلْقَنِي ، أَمَ وَاللَّهِ مَا أَخْلَفَنِي . قَالَ : فَظَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَهُ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ فُسْطَاطٍ لَنَا ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَ مَكَانَهُ ، فَلَمَّا أَمْسَى لَقِيَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ : قَدْ كُنْتَ وَعَدْتَنِي أَنْ تَلْقَانِي الْبَارِحَةَ ؟ قَالَ : أَجَلْ ، وَلَكِنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَة . رواه البخاري ومسلم .
(1/126)
وكان بعض السلف يمتنع من دخول البيوت المستورة جدرها ، قال سالم بن عبد الله : أعرست في عهد أبي ، فآذن أبي الناس ، وكان أبو أيوب فيمن آذنّا ، وقد ستروا بيتي بِنِجَاد أخضر ، فأقبل أبو أيوب فدخل ، فرآني قائماً ، واطلع فرأى البيت مستتراً بِنِجَاد أخضر ، فقال : يا عبد الله ! أتسترون الْجُدُر ؟! قال : أبي : - واستحيا- غلبنا النساء أبا أيوب ! فقال : من كنت أخشى عليه أن تغلبنه النساء فلم أكن أخشى عليك أن تغلبنك ! ثم قال : لا أطعم لكم طعاماً ، ولا أدخل لكم بيتاً . ثم خَرَجَ . رواه الطبراني وابن عساكر .
والله أعلم .
154-حول الإشراف في المنتديات
(...السؤال...)
دخلت أحد المنتديات النسائية المشهورة جدا على الشبكة وروادها قد يصل للألف والألفين في اللحظة الواحدة وتوجهه ديني ولله الحمد لكن لاحظت أن القسم الإسلامي رغم كثرة رواده قد تصل للمائة في اللحظة الواحدة لكن مواضيعه نقولات منها الباطل والضعيف ومن ينقل عن أعضاء المنتديات نقولات بها من قلة العلم والفهم الكثير ، فحاولت نقل مواضيع لأهل العلم والرد على الأحاديث الموضوعة بنقل فتاوى العلماء فعرضت علي الإدارة العمل معهم كمشرفة ولاحظت تحسنا واستعدادا من الأخوات للتعاون .
شيخي الفاضل ..
كان الدافع لذلك لدي كثرة رواد القسم الإسلامي على ما في المنتدى من الأقسام النسائية فشعرت أن الناس يريدون الاستفادة ، لكن هذا ربما يؤثر على طلبي للعلم الشرعي واهتمامي ببيتي وأولادي ، قد لا يكون قصورا شديدا ولكنه قد يتواجد .
فبم تنصحني وهل أستمر ؟
(...الجواب...)
إذا أثّر هذا على طلبك للعلم ، أو على قيامك بما يجب عليك تجاه زوجك وأولادك وبيتك ، فالسلامة لا يعدلها شيء ؛ لأنه لا يجوز أن يكون أداء النافلة على حساب حق الزوج والبيت .
ألا ترين أن النبي صلى الله عليه وسلم نَهى المرأة أن تصوم وزوجها حاضر إلاّ بإذنه ؟
كما في صحيح البخاري .
والله تعالى أعلم .
(1/127)
155-عمليات التجميل المؤدية إلى تغيير الجنس
(...السؤال...)
كثرت في هذا الزمن عمليات التجميل المؤدية إلى تغيير الجنس و تبدأ القصة عندما يكتشف الشاب أو الفتاة أنهما ليسا فعلا ما هما عليه الآن فالشاب يكتشف أنه فتاة و العكس يكون بالنسبة للفتاة، و هذا رابط إحدى القصص التي تدل على ذلك
فما هو الحكم في مثل هذه الأمور
(...الجواب...)/ بارك الله فيك
إذا وُجِد ما يُسوِّغ هذه العلمليات ، وأثبت الطّب فِعلاً أن جنس هذا الشاب أنثوي أو جنس الفتاة ذُكُوري ، فيجوز التغيير ، لأن هذه العمليات لا تُغيِّر الجنس وإنما هي وضع الأمور في مواضعها .
أما إذا كان ذلك لتغيير الجنس فِعلاً ، كالعمليات التي يقوم بها من يُسمّون بـ " الجنس الثالث " فهذا حرام لما فيه من تغيير خلق الله ، ولأن المرأة إذا فَعَلأتْه أصبحت مُسترجِلة ، والذَّكَر إذا فَعَله صار متخنِّثاً ، وكلا الأمرين من كبائر الذنوب لورود اللعن على من فعل ذلك .
وهذه حسب عِلمي تحتاج إلى عمليات وإلى تغيير جنس وإلى حُقَن لمنع نبات الشعر مثلا ، أو لإنباته .والله تعالى أعلم .
156-مطاعم وجبات سريعه
(...السؤال...)
مطاعم الوجبات السريعه مثل (ماكدونالدز وكنتاكي وهارديز وهرفي وداجن )ما حكم الأكل منها و العمل فيها ؟
(...الجواب...)
أما المطاعم الأمريكية واليهودية فتُقاطَع ، لا يُؤكل منها ولا يُعمل فيها ؛ لأن تلك الشركات تصبّ في الاقتصاد الأمريكي ، بل احتجّ بعض مُزارعي أوربا على بعض تلك الشركات لأنها تستورد كل شيء من أمريكا ! حتى البطاطس !
وهذا لا شكّ أنه دعم لاقتصاد الدول الكافرة المحارِبة للإسلام وأهله ، وأنه إضعاف لاقتصاد البلد الذي تعمل به .
والله أعلم .
157-ما حكم طلب الجنسية الفرنسية لتسهيل الأغراض الشخصية
(...السؤال...)
1-ما حكم طلب جنسية فرنسية بحجة تسهيل الأغراض الشخصية من تجارة و نحو ذالك مع عدم الإقامة هنالك ؟
(1/128)
2-سُئل شيخنا الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله : ما حكم الحصول على الجنسية الكافرة ؟
(...الجواب...)
فأجاب : من اضطر إلى طلب جنسية دولة كافرة كَمُطَارَد مِن بَلده ولم يجد مأوى فيجوز له ذلك بشرط أن يُظْهِر دينه ويكون متمكنا من أداء الشعائر الدينية ، وأما الحصول على الجنسية من أجل مصلحة دنيوية محضة فلا أرى جوازه . والله أعلم .
158-فرق بين الغيرة المحمودة والغيرة المذمومة
(...السؤال...)
ما الفرق بين الغيرة المحمودة والغيرة المذمومة ..؟؟
وجزاكم الله خيرا
(...الجواب...): وجزاك الله خير الجزاء وأوفاه وأوفره
عموم الغيرة ، وأصل الغيرة محبوبة إلى الله ، وهو أن يَغار المسلم على محارِمه ، ويَكره أن يُرى فيهم السوء ، أو أن يَطّلع أحد على مَحارِمه . وهذا الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم
أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟ فَوَالله لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ ، وَالله أَغْيَرُ مِنّي ، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ الله حَرّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ الله ، وَلاَ شَخْصَ أَحَبّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ الله ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثُ الله الْمُرْسَلِينَ مُبَشّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَلاَ شَخْصَ أَحَبّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ الله ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ الله الْجَنّةَ . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن القيم رحمه الله : فَجَمَعَ هذا الحديثُ بين الغيرةِ التي أصلُها كراهةُ القبائح وبُغضُها ، وبين محبةِ العُذرِ الذي يوجبُ كمالَ العدلِ والرحمةِ والإحسانِ . اهـ .
كما ان المرأة إذا عَرَفتْ الغَيرة من وليِّها حفِظت ذلك وراعَتْه له .
(1/129)
قالت أسماء رضي الله عنه : وكنتُ أنقل النّوَى من أرض الزّبير التي أقطَعَهُ رسولُ صلى الله عليه وسلم على رأسي ، وهي مِنِّي على ثُلثَي فَرسَخ ، فجِئتُ يوماً والنّوَى على رأسي ، فلقيتُ رسولَ صلى الله عليه وسلم ومعهُ نَفَرٌ من الأنصار ، فدَعاني ثم قال : إخْ إخ ، ليحمِلَني خَلفَه ، فاستحيَيتُ أن أسيرَ معَ الرّجال ، وذكرتُ الزّبيرَ وغَيرَتَه ، وكان أغيَرَ الناس ، فَعَرَفَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أني قد استحييتُ فمضى . رواه البخاري ومسلم .
ثم الغيرة غيرتان :
فغيرةٌ يُحِبُّها الله ، وغيرةٌ يُبغضها الله .
فعن جابر بن عتيك أن نبيَّ الله صلى الله عليه على آله وسلم كانَ يَقُولُ : مِنَ الغَيْرَةِ مَا يُحِبّ الله ، ومِنْهَا مَا يُبْغِضُ الله ، فَأَمّا الّتِي يُحِبّهَا الله عَزّ وَ جَلّ فَالغَيْرَةُ في الرّيبَةِ ، وَأَمّا الّتِي يَبْغَضُهَا الله فالْغَيْرَةُ في غَيْرِ رِيبَةٍ . رواه أحمد وأبو داود والنسائي ، وهو حديث صحيح .
فالغيرة التي تكون نتيجة ريبة أو شك لوجود دواعيها هذه التي يُحبّها الله ، لكي يَحفظ المسلم عِرضه ، ويَحوط أهله . ويَغار على أهله من مُزاحمة الأجنبي .
قال علي رضي الله عنه : أما تغارون أن تخرج نساؤكم ؟ فإنه بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج . رواه الإمام أحمد .
وتلمّس العثرات ، أو تخوّن الأهل دون وُجود قرينة هذا مما يُبغضه الله ، لأنها شديدة على النفوس ، وهي طَعن في الأعراض .
ولذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَطْرُق الرجل أهله ليلا يتخونهم أو يلتمّس عثراتهم . رواه البخاري ومسلم ، واللفظ لمسلم .
قال ابن القيم : وإنما الممدوح اقترانُ الغيرةِ بالعذر ، فيغارُ في محل الغيرة ، ويعذرُ في موضع العذر ، ومن كان هكذا فهو الممدوحُ حقّاً . والله تعالى أعلم .
159-قصة إسلام الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري
(...السؤال...)
ماصحة هذه القصة :
(1/130)
قصة إسلام الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري
روي في كتب السير ...أن الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري ذهب ذات يوم ليقدم مراسيم الطاعة لصنمه ، وبينما هو كذلك وجد ثعلبا متسلق على رأس الصنم وقد بال عليه فوقف متعجباً " ساخرا" مما حدث وانشد قائلا ....
رب يبول الثعلبان برأسه
لقد ذل من بالت عليه الثعالب
فلو كان ربا كان يمنع نفسه
فلا خير في رب نأته المطالب
برئت من الأصنام في الأرض كله
وآمنت بالله الذي هوغالب .
(...الجواب...)
هذه القصة وردت في ترجمة راشد بن عبد ربه رضي الله عنه ، ويُقال له : راشد بن عبد الله ، وكان اسمه في الجاهلية : غاوى بن ظالم .
وقصته رواها أبو نُعيم في " دلائل النبوة " عن راشد بن عبد ربه قال : كان الصنم الذي يقال له سواع بالمعلاة من رهاط يَدين له هذيل ، وبنو ظفر من سليم ، فأرسلت بنو ظفر راشد بن عبد ربه بهدية من سليم إلى سواع ...
فذكر قصة إسلامه وكسره إياه .
قال ابن حجر في " الإصابة " : ورواه أبو حاتم بِسَند له ، وفيه : أنه كان عند الصنم يوماً إذ أقبل ثَعْلَبان فرفع أحدهما رجله فبال على الصنم ! وكان سادنه غاوي بن ظالم ، فأنشد :
أرب يبول الثعلبان برأسه ... لقد هان من بالت عليه الثعالب
ثم كسر الصنم وأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له : أنت راشد بن عبد الله .
والله أعلم .
160-أفضل وظيفة
(...السؤال...)
ما هي افضل وظيفة على وجه الارض؟
وما الدليل؟؟
(...الجواب...)
أفضل وظيفة هي ما اختاره الله لأنبيائه ، وهو الدعوة إلى الله ؛ لأنها مُتضمّنة تبليغ دِين الله ، ونشر العِلْم ، والتعلّم .
(1/131)
وفي الحديث : مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ، وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا ، وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه . وصححه الألباني .
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ .
قال الإمام البخاري :
بَاب الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ) فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ ، وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ، وَرَّثُوا الْعِلْمَ مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ .
قال ابن المبارك رحمه الله : لا أعلم بعد النبوة أفضل مِن بَثّ العِلْم .
والله أعلم .
161-هل أعمل لها مسنجر ؟
(...السؤال...)
قريبتي طلبت مني أن أُحمّل في جهازها الماسنجر ، و ذلك من دون علم والدها ، لكن والدتها تعلم و ليس لديها مانع ... فهل يلحقني إثم إن فعلت ذلك من دون رضا والدها .. و أنا أعلم أنها تريده لمحادثة زميلاتها فقط ؟
(1/132)
و إن كان لا يحق لي تحميله في جهازها .. هل يجوز لي أن أكذب عليها و أحتج بحجة في الجهاز نفسه ، حتى لا تلجأ لغيري و لا تفقد ثقتها بي .. فهي مراهقة و لا تستطيع أن تفرق بين من يخاف عليها و بين من لا يثق فيها
الأمر الآخر طلبت مني أن أُثبت في جهازها بعض برامج الصوتيات ، و أنا أعرف أنها ستستمع للمباح لكن احيانا تستمع للموسيقى و الأغاني فهل آثم أنا إن فعلت هي ذلك ....؟
مع العلم أني لا أفتر من نصحها ، و هي لا تفتر من قول " أنا على الأقل أفضل من غيري " ..
(...الجواب...)
لا يجوز عمل برنامج مُحادثة ( ماسنجر ) لفتاة يمنع والدها ذلك ؛ لأنه تعدٍّ على حق ولي أمرها ، فهو إذا منعها فإنما يمنعها لأجل مصلحتها ، مع ما فيه من سوء ما يَجُرّ إليه من أخطار وبلايا .
ويُستعمل معها أسلوب التورية ، بأن يكون الكلام يحتمل أكثر من معنى .
وكذلك لا يجوز تثبيت برامج الصوتيات لمن يستعملها في سماع الأغاني ، ولو كان ذلك أحيانا ؛ لأنه من باب التعاون على الإثم والعدوان .
وقولها : ( أنا أحسن من غيري ) هذه نظرة دُونِيَّة ، فالمؤمن ينظر في أمور دِينه إلى من هو فوقه ، وينظر في أمور دُنياه إلى من هو أقلّ منه ، لئلا يزدري نعمة الله عليه .
وإذا استمر الإنسان على هذه النظر (أنا أحسن من غيري) فقد يأتي عليه يوم ينحطّ إلى الحضيض ، وهو يرى أنه أحسن من غيره ، بل قد يصل به الأمر إلى أن يُقارن نفسه بالكفّار ، فيقول : (أنا أحسن من غيري) !
فعلى المسلم والمسلمة أن تَعْلُو هِمَمهم حتى تُناطِح الثريا ..
ولله درّ أبي مسلم الخولاني الذي قال كان يقوم من الليل فإذا تعب قال لنفسه : أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ان يَفوزوا بمحمد صلى الله عليه وسلم دوننا ؟ والله لأزاحمنهم عليه حتى يعلموا انهم خَلَّفُوا بعدهم رِجالاً !
والله تعالى أعلم .
162-جمعيات حقوق الإنسان
(...السؤال...)
(...السؤال...) كالتالي:
(1/133)
1- سمعنا عن تأسيس جمعيات تسمى نفسها بجمعيات حقوق الإنسان ولا أعني بسؤالي إلا تلك التي أنشأت في الدول العربية الإسلامية وذلك على غرار تلك التي في أوروبا فما مدى شرعية تلك المؤسسات..؟؟
2- أصبح المسلين الآن يعتمدون على تلك الجمعيات في إلغاء بعض أحكام الشريعة وذلك باللجوء إليها لتفعيل دورها في قضية ما.... وأشهرها الآن - اضرب مثلا - إلغاء عقوبة الإعدام ..
فإني والله أتوجس ريبة أن تكون هذه الجمعيات مع مرور الزمن وسيلة لتبديل شرع الله فما الذي يجعلنا نصرح بتأسيس مثل الجمعيات وإضفاء نوع من الشرعية على دورها في مجتمعاتنا...؟؟
3- عند استجابة بعض الدول الإسلامية لإلغاء عقوبة الإعدام ... أليس هناك منظمة اسلامية تكون كمرجعية لكل أمة الإسلام يُرجع إليها تضرب على يد تلك الدول المستجيبة عملا بقوله - صلوات ربي عليه وسلا مه :" انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقال رجل يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره قال تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره". ..صحيح البخاري ج:6 ص:2550
نسأل الله لنا ولكم التوفيق
(...الجواب...):
المشكلة ليست ولِيدة الساعة ، ولا ربيبة الْحَدَث .. بل إلغاء الأحكام الشرعية هو الغالب على الدول الإسلامية .. واسْتِبْدال الأحكام الشرعية بِقوانين وضعية غربية أو شرقية .
وهذه الجمعيات إذا أُريد بها الإصلاح قبل بُلُوغ الأمر إلى القضاء ، فلا بأس بها ، لأنها مِن باب " اشفَعُوا تُؤجَرُوا " أما إذا كانت لِتعطيل حدود الله ، فَمن عطّل حدود الله فهو ملعون .ونسأل الله السلامة والعافية
163-سؤال عن الانتساب الى قبيله
(...السؤال...)
س 1 : ماحكم تغير الاسم بالكامل والانتساب الى قبيلهـ بهدف الانتماء لبلد ؟
(...الجواب...)
(1/134)
إذا كان سوف يترتّب على ذلك الانتساب إلى غير الأب فلا يجوز ، بل هو كبيرة من كبائر الذنوب ، لقوله عليه الصلاة والسلام : : من انتسب إلى غير أبيه أو تولّى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . رواه ابن ماجه وصححه الألباني .
وفي الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام : من ادّعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام .
والله تعالى أعلم .
164-العرف ومكانته في الشريعة
(...السؤال...)
ما مكانة العرف في شريعتنا الإسلامية ؟ هل عند الغرب أعراف ؟ ما نصيب المرأة من الميراث ؟ وهل هي في بعض الحالات ترث مثل الرجل أو أكثر ؟
بالنسبة للسؤال الأول عن مكانة العُرف في الشريعة الإسلامية
(...الجواب...): سبق الكلام في هذه المسألة في هذا الموضوع
هل المجتمع يُحلل أو يُحرّم ؟!
وبالنسبة للغرب فعندهم أعراف ولكن العُرف المُعتبر شرعا هو ما لم يُخالف النص من كتاب الله ومن سُنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ومما رأيته لدى الغرب هو وجود العادات أيضا ، والعصبيات القبلية !
ففي أسبانيا توجد منطقة قبائل ! لا يُدخلون أجهزة ( التلفزيون ) لبيوتهم ! ولا يُدرّسون أولادهم في مدارس الحكومة ! خوفاً على لُغتهم ! وعلى عاداتهم !
فيجمعون التبرعات من خلال الأسواق الخيرية ، ويُقيمون المدارس الخاصة بهم مع المحافظة على تدريس لغتهم وثقافتهم . أين نحن من هذا ؟ ونحن نختلف مع الغرب اختلافاً جذرياً، وأين من يُنادي بضرورة السير بسير الغرب ، واقتفاء آثارهم
ولكن الأمر كما قيل :
إذا كان الغُراب دليل قوم *** دلّهم على جيف الكلاب !!
(عذرا على هذا الاستطراد )
======================
وأما نصيب المرأة من الميراث فهو حكم الله من فوق سبع سماوات ، لم يُترك الحكم فيه للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لاجتهادات العلماء
وهو مُبيّن مُفصل في سورة النساء .
وقد ترِث المرأة في بعض الحالات أكثر من الرجل ، إذا كانت أولى منه .
(1/135)
كما في قوله تعالى : ( فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ )
وقوله سبحانه : ( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ)
والولد هنا يشمل الذكر والأنثى
فالبنت ترِث النصف ( نصف ما ترك الميّت ) بشرطين :
1- عدم المشارك من الأخوات
2- عدم وجود المعصب ، وهو الأخ هنا .
وبنت الابن ترِث النصف بثلاثة شروط :
1- عدم المشارك
2- عدم وجود المعصب
3- عدم وجود فرع وارث أعلى منها
والأخت الشقيقة ترِث النصف بأربعة شروط :
1- عدم المشارك
2- عدم وجود المعصب
3- عدم وجود فرع وارث
4- عدم وجود أصل وارث من الذكور
والأخت لأب ترِث النصف بخمسة شروط :
الأربعة السابقة
5- عدم وجود أشقاء وشقيقات
وقد ترث البنات الثلثين من ترِكة الميت ، ومثلهن الأخوات الشقيقات ، وبنات الابن ، والأخوات لأب كل ذلك بشروط .
والأم أحياناً تَرِث الثلث
وبسط مسائل الفرائض قد يُسبب لك صُداعاً !
والله أعلم .
165-ضحايا ميليشيات حماس..هل يعتبروا شهداء؟؟
(...السؤال...)
لم أشأ أن أتطرق لأمور السياسة..ولكن يجب علينا نحن الذين نعيش في فلسطين وبالتحديد في غزه أن نعرف مامدى صحة اعتبار ضحايا ميليشيات حماس والعكس بانهم شهداء في عُرف الدين؟
بعض من الفتحاويين يقتلون وهم يحاربون عناصر حماس
والبعض يُقتلون على حين غره وهم عزَل من السلاح
فما حكم الدين في اعتبارهم شهداء؟
علماً:بأن أغلب الذي يذهبون ضحية هذه المهزلة لا يغسلونهم ويعتبرونهم شهداء من غير الأخذ بالفتوى بهذا الموضوع
فهل تستطيعون افادتنا ؟؟
(...الجواب...)
هذه فِتن واقتتال ..
(1/136)
ويُخشى على المقتتلين الدخول تحت قوله صلى الله عليه وسلم : إذا الْتَقَى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار . قيل : يا رسول الله هذا القاتل ! فما بال المقتول ؟ قال : إنه كان حريصا على قَتْلِ صاحبه . رواه البخاري ومسلم .
قال الإمام النووي : " إذا الْتَقى المسلمان بسيفيهما " في المقاتَلة الْمُحَرَّمَة ؛ كالقتال عَصبية ونحو ذلك ، فالقاتل والمقتول في النار . اهـ .
روى البخاري ومسلم من طريق الحسن عن الأحنف بن قيس قال : خَرَجْتُ وأنا أريد هذا الرجل ، فلقيني أبو بكرة ، فقال : أين تريد يا أحنف ؟ قال : قلت : أريد نصر ابن عَمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني عليا - قال : فقال لي : يا أحنف ارجِع ! فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا تَواجَه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار . قال : فقلت - أو قِيل - : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : إنه قد أراد قَتْل صاحبه .
وعلى كُلّ فهذه فِتن عظيمة ، وأرى أن يُرجع فيها إلى علماء الأمة وإلى المجامع الفقهية لتحكم في شأن أهلها وقتلاهم .
والله تعالى أعلم .
166-سمع الأذان في قاع البحر ...!
(...السؤال...)
ما صحة هذه القصة؟
لبناني الأصل يبلغ من العمر 43 عاماً نشأ وترعرع في بيروت ست الدنيا كما يحلو لأهلها تسميتها بذلك ولد لأسرة تدين بالديانة المسيحية ولكنه لم يكن ملتزماً وغير مداوم على الذهاب إلى الكنيسة إلا في المناسبات فقط، ولذلك لم يكن يحضر أي دروس للوعظ والإرشاد ولكن في الوقت ذاته كان لديه العديد من الأصدقاء المسلمين3
(1/137)
وكان يشاهد المساجد المنتشرة في بلده وعمارها وهم يسارعون الخطى إليها طلباً في رضوان الله عز وجل، وكثيراً ما كان هذا المشهد يستوقفه ويسأل نفسه لماذا هؤلاء الناس يذهبون خمس مرات في اليوم والليلة إلى مساجدهم وخصوصاً في صلاة الفجر التي كثيراً ما كان يشاهد فيها المسلمين وهو عائد إلى بيته بعض قضاء سهرة أو أحياناً بعد عودته من أداء عمله.
يقول يوسف معلوف الذي أشهر إسلامه في مبنى دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بقسم المسلمين الجدد في دبي: كانت حياتي قبل دخولي الإسلام عادية فأنا أحب عملي جداً وكنت أقضى معظم وقتي في أداء مهامي العملية وهي مهنة الغطس وعلى الرغم من صعوبتها إلا أنني أحبها وأمارسها بشغف وحب كبيرين.
كما أنني كنت أرى أنه يجب علي أن استمتع بكل ملذات الحياة لأن الإنسان لا يعيش إلا مرة واحدة فبالتالي كنت آخذ أجمل ما فيها، من أجل ذلك لم أكن من ضمن المسيحيين الملتزمين الذين يحافظون على الذهاب إلى دور العبادة وحضور دروس الوعظ والإرشاد بل كنت أذهب إلى الكنيسة في المناسبات فقط لا غير وكنت لا أمكث فيها طويلاً.
ويرجع ذلك إلى أسباب عدة منها أنني كنت أرى في الدين المسيحي بعض المتناقضات مثال ذلك كيف يكون الإله له ولد ثم يموت وإذا نظرنا إلى أي شخص مسؤول وله ابن ارتكب أي خطأ فإنه يدافع عن ابنه بشتى الطرق حتى يطلق سراحه، أضف إلى ذلك أن بعض الرهبان يتحدثون بكلام ويأتون بأفعال غير التي يقولونها.
شاهدت المعجزة
ويضيف يوسف معلوف اللبناني الأصل عن سبب إسلامه فيقول: على الرغم من أن عصر المعجزات قد انتهى إلا أنني أجزم بأنني شاهدت وسمعت معجزة من معجزات الله سبحانه وتعالى.
(1/138)
يقص يوسف معلوف قصة المعجزة التي شاهدها وسمعها فيقول: كنت في يوم من الأيام على متن مركب لي أنا وصديقي المسلم نتجول في البحر الأبيض في المنطقة الواقعة بين مدينتين جبيل وحالات وكانت عقارب الساعة تشير إلى الرابعة والنصف عصراً وأثناء تأدية عملنا إذا بجهاز Gbs يعطينا إشارات تدل على أن في قاع البحر من تحتنا يوجد كهف أو مغارة .
وكانت المسافة تبلغ 42 متراً عمقاً في قاع البحر فما كان منا إلا أن قررنا النزول إلى هذا الكهف حتى نستطلعه ونصوره ونرى ما بداخله فأعددنا العدة الخاصة بالغطس ونزلنا فشاهدنا مشاهد خلابة من الشعب المرجانية والنحوتات الصخرية داخل الكهف بالإضافة إلى أنواع غريبة من الأسماك لم أشاهدها من قبل وأثناء انهماكنا في مشاهدة هذه العجائب إذا بصوت ينبعث من أرجاء الكهف بلسان عربي مبين .
ولم يكن من الصعب علي التعرف عليه إنه الأذان الشرعي للمسلمين الذي يعلن دخول وقت الصلاة فتعجبت جداً حتى أنني لم أصدق في بداية الأمر ولكني سألت صديقي المسلم الذي كان معي فأكد لي أنه سمعه أيضاً وأثناء الأذان قررنا الصعود إلى المركب فوق سطح البحر.
وقد شعرت بشيء لا استطيع أن أصفه هل هو رهبة أم خوف أم اندهاش غريب لم يحدث لي من قبل ومما زاد هذا الشعور أنني وجدت زميلي المسلم في حالة ذهول كبيرة جداً ويردد بعض آيات من القرآن الكريم ولكن لم أفهم معناها فكان يقول بصوت مرتفع تارة وبصوت منخفض تارة أخرى (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) فصلت الآية 53.
وبعد أن ذهب الذهول من زميلي بدأت أسأله عما سمعنا فقال لي إنه الأذان فقلت له: نعم أعرف ذلك ثم سألته كيف وصل هذا الصوت إلى هذا العمق من البحر الذي يبلغ 42 متراً وعمق الكهف الذي يبلغ 19 متراً فكان رده مباشرة إنها معجزة يا يوسف، وبعد مرور ساعتين من الزمن قررنا النزول مرة ثانية إلى الكهف .
(1/139)
وإذا بنا نسمع هذه المرة الأذان ثم آيات قرآنية كريمة لم أعرف من أي السور هي مما زاد من روع وذهول صديقي المسلم الذي أشار إلي بالصعود مرة ثانية إلى سطح المركب ثم وضح لي أننا سمعنا العشر آيات الأولى من سورة الرحمن ، قال تعالى (الرحمن، علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان، الشمس والقمر بحسبان، والنجم والشجر يسجدان، والسماء رفعها ووضع الميزان، ألا تطغوا في الميزان، وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان، والأرض وضعها للأنام) .
ايطاليان يسمعان القرآن تحت سطح البحر
يكمل يوسف معلوف قصة إسلامه فيقول: خرجنا من البحر سوياً والحيرة تعلو وجهينا ثم حدثنا بعض زملائنا في العمل فكان هناك غطاسان إيطاليان معنا فلم يصدقا حديثنا وقررا النزول إلى الكهف في الصباح وبالفعل ذهبا الاثنان معا .
وبعد تحديد المكان لهما قام الغطاسان الإيطاليان بالهبوط إلى قاع البحر ليسمعا ويشاهدا ما سمعنا وبعد فترة زمنية ليست بالقليلة خرجا إلينا ونحن ننتظرهما بشغف حتى أقر الاثنان أنهما سمعا صوتاً بشبه الصوت الذي يخرج من مساجد المسلمين فاندهش كل من مكان على المركب وكبر المسلمون منهم.
التعرف على الإسلام
يكمل يوسف فيقول: أيقنت في نفسي أن ما حدث لي ما هو إلا رسالة لي من رب العالمين حتى أبدأ دراسة الدين الإسلامي والتعرف عليه أكثر فبدأت أقرأ بعض الكتب الإسلامية التي تدل على وحدانية الله عز وجل وأن القرآن الكريم هو كلام الله سبحانه وتعالى وأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء جميعاً وكنت استمع إلى القرآن الكريم سواء في البيت أو في السيارة فكنت أشعر بأن هناك شعوراً بالهدوء والطمأنينة يملأ ذاتي.
وماذا بعد ذلك؟
(1/140)
يقول معلوف في هذه الأثناء وأنا أشعر أنني بدأت أسير في الطريق الصحيح جاءتني مهمة سفر إلى دبي فجئت وأنا ما زلت على ديني السابق ولكن المعاملة الحسنة التي وجدتها من أهل الإمارات والأصدقاء هنا جعلتني أكمل قراءاتي عن الدين الإسلامي.
وكنت كثيراً ما أسأل عن الإسلام فوجهني أحد الأصدقاء المسلمين إلى إمام المسجد القريب من مسكني فكنت أشعر منه وأنا معه بالطيبة وحسن الخلق إلا أنه أرشدني إلى دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري فما كان مني إلا أنني اتخذت أعظم قرار في حياتي وهو دخولي الإسلام حتى أنال رضا الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة.
ماصحة ذلك ؟؟......
(...الجواب...)
لا أدري ..
167-ما حكم العاب العرائس ذات الوجوه البارزة ؟؟
(...السؤال...)
ما حكم العاب العرائس ذات الوجوه البارزة ؟؟
اتمنى معرفة الحكم الشرعي في ذلك وفي وجودها بالمنزل
(...الجواب...)
سئل فضيلة شيخنا الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
هناك أنواع كثيرة من العرائس منها ما هو مصنوع من القطن ، و هو عبارة عن كيس مفصل برأس ويدين ورجلين ، ومنها ما يشبه الإنسان تماماً ، ومنها ما يتكلم أو يبكي أو يمشي ، فما حكم صنع أو شراء مثل هذه الأنواع للبنات الصغار للتعليم والتسلية ؟
فأجاب رحمه الله بقوله : أما الذي لا يوجد فيه تخطيط كامل وإنما يوجد فيه شيء من الأعضاء والرأس ولكن لم تتبين فيه الْخِلْقة فهذا لا شك في جوازه ، وأنه من جنس البنات اللاتي كانت عائشة – رضي الله عنها – تلعب بهن .
(1/141)
وأما إذا كان كامل الخلقة وكأنما تشاهد إنساناً ولا سيما إن كان له حركة أو صوت فإن في نفسي من جواز هذه شيئاً ، لأنه يضاهي خلق الله تماماً ، والظاهر أن اللعب التي كانت عائشة تلعب بهن ليست على هذا الوصف ، فاجتنابها أولى ، ولكني لا أقطع بالتحريم نظراً لأن الصغار يرخص لهم ما لا يرخص للكبار في مثل هذه الأمور ، فإن الصغير مجبول على اللعب والتسالي ، وليس مكلفاً بشيء من العبادات حتى نقول : إن وقته يضيع عليه لهواً وعبثاً ، وإذا أراد الإنسان الاحتياط في مثل هذا فليقلع الرأس أو يحميه على النار حتى يلين ثم يضغطه حتى تزول معالمه .
وسئل رحمه الله : هل هناك فرق بين أن يصنع الأطفال تلك اللعب وبين أن نصنعها نحن لهم أو نشتريها لهم ؟
فأجاب رحمه الله بقوله : أنا أرى أن صنعها على وجه يضاهي خلق الله حرام ، لأن هذا من التصوير الذي لا شك في تحريمه ، لكن إذا جاءتنا من النصارى أو غيرهم من غير المسلمين فإن اقتناءها كما قلت أولاً .
لكن بالنسبة للشراء بدلاً من أن نشتريها ينبغي أن نشتري أشياء ليست فيها صور ، كالدراجات أو السيارات أو الرافعات وما أشبهها .
أما مسألة القطن والذي ما تتبين له صورة على الرغم مما هناك من أنه أعضاء ورأس ورقبة ولكن ليس فيه عيون ولا أنف فما فيه بأس ، لأن هذه لا يضاهي خلق الله .
والله تعالى أعلم .
168-الحِكمةُ من لبس ساعة اليد باليمين ؟
(...السؤال...)
ما الحِكمة من لبس ساعة اليد باليمين ؟ وهل لنا في ذلك من أجر عند الله ؟ وهل يؤثم من لبسها بيساره ؟
(...الجواب...)
الحكمة في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُعجبه التيمّن في شأنه كله ، كما في حديث عائشة رضي الله عنها ، وهو مُخرّج في الصحيحين .
وفي حديث حفصة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه ويجعل شماله لما سوى ذلك . رواه أحمد وأبو داود .
فشأنه صلى الله عليه وسلم في تقديم اليمين معلوم .
(1/142)
وما كان له شأن فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُقدِّم اليمين فيه .
مع ما فيه مِن مُخالفة للكُفّار ، فقد كان هديه صلى الله عليه وسلم مُخالفة الكفار .
ومن لبس ساعته في يده اليمين مُتأسِيًّا بالنبي صلى الله عليه وسلم مُقْتَدِيا به في تقديم اليمين في كل ما له شأن ؛ فهو مأجور على ذلك .
والله تعالى أعلم .
169- ما هي (المداراة) وما حدودها وكيف تكون
(...السؤال...)
سؤالي هو: ما معنى المداراة وأين وردت في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وما هي أحكامها وحدودها وكيفيتها... وكيف نجمع بينها وبين عقيدة الولاء والبراء؟؟
(...الجواب...)/ بارك الله فيك
سبق أن كتبت مقلا بعنوان : مداهنة أم مُداراة ؟
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=1146
وقد تكون بين المسلمين أنفسهم ، وقد تكون بين المسلم والكافر ، ولا تتنافى مع عقيدة الولاء والبراء ، ذلك أن المدارة قد تكون مع الكافر الذي لم يُحارِب ، لقوله تعالى : (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) .
والله أعلم .
170- حكم المشاركة في المنتديات النصرانية
(...السؤال...)
ما حكم المشاركة في المنتديات النصرانية ،،،
إذا كان القصد هو الدفاع عن الدين والرد على الشبهات ،،،
(...الجواب...)
هذا لا يُقال بجوازه مُطلقا ، ولا بِمنعِه مُطلقا أيضا .
وإنما يجوز الخوض في ذلك والمشاركة لِمَن كانت له أهلية الردّ على شُبهاتهم ، وكان عنده من العِلْم ما يُؤهِّله لِدحض شُبهات القوم .
أما عامة الناس فلا تجوز لهم المشاركة في مثل تلك المنتديات ؛ لأنه ليس لديهم حصانة من الشبهات ، ولا عِلْم يدحضون به شُبهات النصارى .
وعلى هذا التفصيل حُمِل اقتناء عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما لبعض كُتُب أهل الكتاب .
والله تعالى أعلم .
(1/143)
171- دخول المنتديات التي يوجد بها قسم فن وغناء
(...السؤال...)
ما حكم دخول المنتديات التي يوجد بها قسم فن والغناء لغرض الترفيه و((الصرقعه))؟؟ وقد تقول للفائده!! وردي لها أن الفائده توجد في جميع المنتديات الأسلاميه؟؟
فما رأيكم ياشيخ
(...الجواب...)/ المنتديات التي يُوجد بها أقسام غناء وطرب لا تخلو من صور للمغنين والمغنيات أيضا ، فلا يَجوز دخولها والحالة هذه .
كما أن الحيّ لا تُؤمن عليه الفتنة ، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان مواطن الفِتن ، فقال عليه الصلاة والسلام : من سمع بالدجال فلينأ عنه ، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات . رواه أحمد وأبو داود .
وقصدي من ذلك أن الشخص قد يظن أنه على درجة من الإيمان فيأتي إلى مواطن الشُّبهات فيزل ويقع من حيث لا يشعر . والله تعالى أعلم .
172- فتحت الانترنت في البيت و اصابتني حيرة من اخوتي
(...السؤال...)
فتحت خط انترنت في البيت،، ولكني ما اسمح لخواني وخواتي باستخدامه الا للعب يعني دخول مواقع العاب، او للدراسة كواجب مدرسي مطلوب ،
وذلك لان اخاف ان يعملوا عمل خطأ مثل سماع اغاني او محادثة الجنس الاخر او مشاهدة صور لبنات .............الخ
ولكن لا اريد ان احرمهم اجر من قراءتهم لموضوع فيه خير لدينهم ودنيتهم
واخاف امن ان خي الكبير يأخذ خط مني ويستخدم الانترنت بصفه خاطئة ويقع الاثم عليّ لاني من فتح النت في البيت..
وخصوصا يا شيخ الانترنت نافعني بكثر في امور الدين ، ومادري كيف الحل؟؟
وهل فعلا اخذ اثم إذا أحد استخدم الانترنت اللي عندي بطريقة خطأ واتحمل ذنبه كذلك؟
لأنه صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا)) خرجه مسلم في صحيحه.
(1/144)
(...الجواب...)
من قواعد الشريعة : الأمور بِمقاصدها .
وأنت إذا حرصت على إخوانك وأخواتك ، وبذلت لهم النصح ، فليس عليك إثم .
ومع ذلك فعليك الاجتهاد في نُصح الجميع والتحذير من مزالق وأخطار وسائل الاتصال الحديثة ، وبيان أنها سِلاح ذو حدّين .
ومتى ما علمت أن أحدا استخدم الشبكة استخداما خاطئا فليك تحذيره مِن مغبّة ذلك ، وعليك إبلاغ من له حقّ القوامة في البيت .
وأما بالنسبة لِحماية إخوانك وأخواتك ، فهناك وسائل لمراقبة الأجهزة التي تستخدم الشبكة .
ووضع الجهاز الذي يستخدمه الجميع في مكان غير مُغلق ، بحيث لو سوّلت لأحدهم نفسه وجد مانعا .
والله أعلم .
173- هل الجن مكلفون بالحج وأين يحجون؟؟
(...السؤال...)
هل الجن مكلفون بالحج وأين يحجون؟؟
(...الجواب...)
روى الحافظ يعقوب بن سُفيان ( ت 277 هـ ) من طريق الإمام الأعمش قال : أتى الشَّعْبِيَّ رجلٌ فقال : ما اسم امرأة إبليس ؟! فقال : إن ذاك لعرس ما شهدته !
ومِن طريقه رواه الحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق .
وروى ابن عساكر من طريق عامر الرازي أن حَمَّالاً مَرّ يحمل دِنا من خَلّ ، فَمَرَّ بالشعبي ، فقال : يا أبا عمرو ما كان عرس إبليس ؟ قال : تلك وليمة لم أشهدها ! قال : فما تقول في أكل الذُّبّان ؟ قال : إن اشتهيتَه فَكُلْه !
فمثل هذا الترف ، و(...السؤال...) عما لا يضرّ الجهل بِه ، وترك ما يضرّ الجهل به جوابه مثل جواب الإمام الشعبي !
وإذا جاء سائل مِن الجن يسأل أجبته - إن شاء الله - !
والله يحفظك
174- مفهوم الإخوة
(...السؤال...)
هل الإخوة فقط في الدينا أي الإخوان الذين من أب وأم واحدة لا يكونون أخوان في الجنة وتنقطع الإخوة بمجرد الموت ولذلك يقال الإخوة في الدنيا فقط .. هل صح هذا
(...الجواب...)
إنما تنقطع الأخوة في مواقف القيامة لِهول الموقف ، وهو الذي قال الله تبارك وتعالى فيه : (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ) .
(1/145)
وأثبت الله عزّ وجلّ الأنساب بينهم إلاّ أنها لا تنفع ، كما قال تعالى : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) ، وكما قال عزّ وجلّ : (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ) .
ابن عباس قَوله : (فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ) في النَّفْخَة الأُولَى ، ثم يُنْفَخ في الصُّوْر فَصَعِق مَن في السَّمَاوَات ومَن في الأرْض إلاَّ مَن شَاء الله . فلا أنْسَاب بَيْنَهم عِند ذَلك ولا يَتَسَاءَلُون ، ثُمّ في النَّفْخَة الآخِرَة أقْبَل بَعْضُهم عَلى بَعْض يَتَسَاءَلُون .
وأثبت الله الأخوة بين المؤمنين في الجنة ، فقال : (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) .
قال عليّ رضي الله عنه : إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله : (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) . رواه ابن أبي شيبة ، ومن طريقه رواه البيهقي .
والله أعلم .
175- ما حكم فرقعة الأصابع
(...السؤال...)
ما حكم فرقعة الأصابع أي أمسك أصبعي وأفرقعه يعنى يحدث صوت ....وهل حقا هذا يعتبر من عمل قوم لوط ؟
(...الجواب...):
لا يصِحّ في النهي عن فرقعة الأصابع حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا ثبت أنه كان من عمل قوم لوط . وقد أنكر ابن عباس رضي الله عنهما على مولاه فرقعة أصابعه في الصلاة ؛ لأن ذلك من العبث ، وليس لأنه من عمل قوم لوط .
فقد روى ابن أبي شيبة عن وكيع عن ابن أبي ذئب عن شعبة مولى بن عباس قال : صليت إلى جنب ابن عباس ففقعت أصابعي ، فلما قضيت الصلاة قال : لا أم لك ! تقعقع أصابعك وأنت في الصلاة ؟
(1/146)
وروى عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال : كان يُكْرَه أن ينقض الرجل أصابعه ، يعني وهو في الصلاة .وروى عن يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه كَرِه أن ينقض أصابعه وهو في الصلاة .
وروعن عن جرير عن ليث عن سعيد بن جبير قال : خمس تنقض الصلاة التمطؤ والالتفات وتقليب الحصا والوسوسة وتفقيع الأصابع، وروى عن وكيع عن حسن بن صالح عن مغيرة عن إبراهيم وعن ليث عن مجاهد أنهما كَرِها أن يفرقع الرجل أصابعه وهو في الصلاة .
وذَكَروا أن لفرقعة الأصابع أضرارا إلاّ أنها في حق من يُكثر ذلك . والله أعلم .
176- هل ناثم على التعامل بالتاريخ الميلادي؟
(...السؤال...)
اعتدنا استخدام التاريخ الميلادي كونه دقيق بتحديد عدد الايام في اشهره وليس بغضا في تاريخنا الهجري فكل معاملاتنا بالميلادي وان غيرنا فمن طرف ولا نستطيع ان نلزم من نتعامل معهم بتغيير التاريخ الى الهجري ..
هل ناثم بالاستمرار على التعامل بالتاريخ الميلادي؟
(...الجواب...): التاريخ الهجري انتماء وتميّز لهذه الأمة . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على مُخالفة اليهود والنصارى .
روى مسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت ، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) إلى آخر الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اصنعوا كل شيء إلا النكاح ، فبلغ ذلك اليهود فقالوا : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه .
(1/147)
والاعتداد بالتاريخ الهجري إحياء لسنته عليه الصلاة والسلام وسُنة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم .فأصْحَابه - رضي الله عنهم - الذين صَدَقُوا في مَحَبَّتِه قَدَّمُوا النَّفْس والنَّفِيس .. وفَدَوه بأرواحهم .. حتى قال قائلهم : نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ . كَما في الصحيحين .
أولئك الذين لم يَرْتَضُوا بِسُنَّتِه بَدلاً ، ولا عَن هَدْيِه حِوَلا ..
واقتداء بِمن أُمِرْنا أن نَقْتَدِي بهم من الخلفاء الراشدين ، الذي قَضَوا بالحق وبِه كانوا يَعْدِلُون، وقد كان مِن هَدْيِهم التَّوْرِيخ بِتَارِيخ هِجْرَتِه صلى الله عليه وسلم .
قال البخاري : بَاب التَّارِيخِ . مِنْ أَيْنَ أَرَّخُوا التَّارِيخَ ؟
قال ابن حجر عن التَّوْرِيخ : ذَلِكَ كَانَ فِي خِلافَة عُمَر . وَأَفَادَ السُّهَيْلِيّ أَنَّ الصَّحَابَة أَخَذُوا التَّارِيخ بِالْهِجْرَةِ مِنْ قَوْله تَعَالَى : ( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّل يَوْم ) ؛ لأَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُوم أَنَّهُ لَيْسَ أَوَّل الأَيَّام مُطْلَقًا ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ أُضِيف إِلَى شَيْء مُضْمَر وَهُوَ أَوَّل الزَّمَن الَّذِي عَزَّ فِيهِ الإِسْلام ، وَعَبَدَ فِيهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبّه آمِنًا ، وَابْتَدَأَ بِنَاء الْمَسْجِد ، فَوَافَقَ رَأْي الصَّحَابَة اِبْتِدَاء التَّارِيخ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْم . اهـ .
فَما أشْرَقَتْ شَمْس الْهَدَى ، ولا أضاء نُور الْحَقّ إلاَّ بِمَبْعَثه صلى الله عليه وسلم .. ولا شَعّ شُعاع الإيمان ، ولا ارتَفَعَتْ رَاية الْحَقّ عَالِيَة خَفَّاقَة ، ولا انْزَوى الْكُفر إلاَّ بَعد هجرته صلى الله عليه وسلم إلى طَيبة الطَّيِّبَة ..
فمن هُنا أرَّخ الصحابة رضي الله عنهم مِن تاريِخ هِجرته لا مِن يوم مولِده ، ولا مِن يوم مَبْعَثِه صلى الله عليه وسلم ..
(1/148)
لذا كان على أمَّة الإسلام أن لا تَبْغِي بِتاريخ هِجرته صلى الله عليه وسلم بَدَلا ، ولا ترضى عنه تَحوُّلا ؛ لأنَّ التاريخ الهجري في حقيقته انْتِمَاء لأصل هذه الأمة ، وعَودة إلى مَجْدِها وعِزِّها .. ذلك أن مَن ليس له ماضٍ فليس له حاضِر ..
ولأنه يربط المسلمين بِعِزِّهم ومَجْدِهم ، فلا يُصْلِح آخر هذه الأمة إلاَّ مَا أصْلح أوَّلها ، كما قال وَهب بن كَيسان رحمه الله . ويَتَحَتَّم العَمَل بِتاريخ هِجرته إذا انْضَاف إلى ذلك أمور ، منها :
1 – ارْتِبَاط التاريخ الهجري بِالعِبَادات . قال تعالى : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ)[البقرة:189] ..والأهِلَّة جَمْع هِلال ، وهو إشَارة إلى الأشهر القَمَرِيَّة .
قال أئمة التفسير : جَعَلها الله مَواقيت لِصَوم المسلمين وإفطارهم ، وعِدّة نسائهم ، ومَحَلّ دَيْنِهم .
فالأهِلَّة مَواقِيت وتَوقِيت للناس في معاملاتهم ، وفي عِباداتهم .فَعباداتنا ومعاملاتنا مرتبطة بتاريخ هجرة نَبِيِّنا صلى الله عليه وسلم .
2 – أنَّ التقويم الهجري تَقويم رباني ، فقد قال عليه الصلاة والسلام عن الأشهر القمرية في حَجَّة الوداع : إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ؛ ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ . رواه البخاري ومسلم .
3 – إجْمَاع الصحابة على العمل به ، بالإضافة إلى كونه مِن سُنَّة الخلفاء الراشدين ، وقد أُمِرنا أن نأخذ بِسُنَّتِهم ، ونَقْتَدي بهم .
(1/149)
4 – أن المسلم مأمور باستقلالية الشخصية التي تُمَيِّزه عن الكافر ، ولا شك أنَّ ظهور التاريخ الميلادي في بعض بلاد المسلمين - إن لم يكن في أكثرها - كان سببه الاحتلال الكافِر لبلاد المسلمين !
ومِن باب تَرْك التَّشَبُّه بأعداء دِين الله ..ومِن باب إحِياء سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم إذ أمَاتها كثير مِن الناس،
فإني أدعو جميع إخواني المسلمين وأخواتي الْمُسْلِمات – كُلٌّ في موقِعه ومَكانه – إلى اعتماد تاريخ هجرته صلى الله عليه وسلم ابتداء ، وإلى إحياء سُنَِّته صلى الله عليه وسلم .. وإشهار ذلك بين الناس ، والإنْكَار على من يُؤرِّخ بالتاريخ الميلادي ، ويَجعَله أصلا ، بحيث لا يلتفت إلى تاريخ هجرته صلى الله عليه وسلم ..
إذ مِن المتعيِّن استعمال التاريخ الهجري ابتداء وأساسا .. ثم إذا أُريد إضافة تاريخ ميلادي للحاجة أو لمن لا يَعرف التاريخ الهجري يكون تبعا لا أصلا ..
وللعِلْم .. فقد أثبت أحد الباحثين خطأ التأريخ الميلادي، والباحث هو الفلكي محمد كاظم حبيب، الذي أثبت خطأ التاريخ الميلادي ، وسجّل ذلك بجامعة واشنطن دي سي الأمريكية !
وقد نال براءة اختراع التقويم الهجري الأبدي المقارن من الولايات المتحدة الأمريكية – واشنطن دي سي . وقبل هذا أو ذاك .. تاريخنا الهجري يعني الانتماء إلى صاحب الهجرة عليه الصلاة والسلام .. وعَوْدَة إلى مصدر العِزَّة ، ومنبع الفَخْر ..
قال عمر رضي الله عنه : كُنَّا أذَلّ قَوم ، فأعَزَّنَا الله بالإسْلام ، فَمهما نَطْلُب العِزّ بِغَير مَا أعَزَّنا الله به أذَلَّنا الله .وقال : إنا قَوم أعَزَّنا الله بالإسْلام فلن نَبْتَغِي العِزّ بِغَيره .
فَهلاَّ عَودة إلى الأصل ؟ ورُجُوع إلى هَوية الأمَّة ، وربْط الأمة بِماضيها التَّلِيد ، وعِزِّها الْمَجِيد ؟ والله تعالى أعلم .
177- ماحكم بعض الكلمات الدارجة على الألسن؟
(...السؤال...)
(1/150)
طلب مني أحد الأخوة العرب ( مشرف في أحد المنتديات) أن أبين صحة هذا الموضوع من الناحية الدينية.
و لأني أرغب في أن تكون الإجابة تامة و وافية من ناحية الحكم الشرعي .. فمشرف المنتدى لم يكن مقتنعا تماما من جميع ماذكر.. أطلب منكم أن تتفضلوا علينا تفيدونا من علمكم... بارك الله لكم و جزاكم عنا و عن المسلمين خير الجزاء.
ــــــــــــــ
لا تقل
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه
سبب النهي
سوء أدب مع الله تتضمن إعلان تام انك تكره ما قضى الله وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أصابه ما يكره يقول ( الحمد لله على كل حال)
~~~~~~~~~~
لا تقل
اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه
سبب النهي
سوء أدب مع الله لأن فيه نوع من التحدي فكأنه يقول ( يا رب افعل ما شئت ولكن ألطف) وأيضا فيه منافاة للحديث ( لا يرد القضاء إلا الدعاء )
~~~~~~~~~~
لا تقل
حرام عليك لأمر عابر
سبب النهي
لا ينبغي لأنه شيء لم يحرمه الشرع
قال تعالى: ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام )
~~~~~~~~~~
لا تقل
الله يكفينا شر هذا الضحك
سبب النهي
لا يجوز لأنه من الطيرة وتوقع لشيء مكروه سيحدث
~~~~~~~~~~
لا تقل
لا حول لله
سبب النهي
هذا من نتائج ثقافة المسلسلات وهو نفي يقتضي كفر قائله إذا أراد النفي عياذا بالله من ذلك
~~~~~~~~~~
لا تقل
الدين لب وقشور
سبب النهي
لأن القشور لا فائدة فيها والدين خير كله أصوله وفروعه وواجباته وسننه
~~~~~~~~~~
لا تقل
فلان شكله غلط
سبب النهي
لأن فيه سخرية واعتراض على خلق الله تعالى
~~~~~~~~~~
لا تقل
عبَّاد الشمس لبعض الزهور
سبب النهي
لأن جميع المخلوقات بما فيها الأشجار لا تعبد إلا الله تعالى
~~~~~~~~~~
لا تقل
عن الميت دفن في مثواه الأخير
سبب النهي
لأنه يتضمن إنكار البعث
~~~~~~~~~~
لا تقل
بالرفاء والبنين
سبب النهي
لأنها تهنئة أهل الجاهلية
~~~~~~~~~~
لا تقل
ظلمني الله يظلمه
سبب النهي
(1/151)
لأن فيه اتهام لله بالظلم والله سبحانه حرَّم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرماً
~~~~~~~~~~
لا تقل
شاءت حكمة الله أو شاء القدر
سبب النهي
لأن الحكمة والقدر من الأمور المعنوية لا مشيئة لها والذي يشاء هو الله تعالى
~~~~~~~~~~
لا تقل
فلان مات شهيداً
سبب النهي
لا تجوز الشهادة لشخص معين إلا بنص شرعي
~~~~~~~~~~
لا تقل
(عادات وتقاليد) عن الأحكام الشرعية
سبب النهي
توهم أن الإسلام عادات وتقاليد ورثناها عن أسلافنا تقبل التغيير والتبديل
~~~~~~~~~~
لا تقل
خسرت في الحج كذا وكذا
سبب النهي
لأن ما يبذل في الطاعات ليس بخسارة بل هو الربح الحقيقي
~~~~~~~~~~
لا تقل
الله يسأل عن حالك
سبب النهي
لأنك تنسب الجهل إلى الله تعالى
~~~~~~~~~~
لا تقل
اليوبيل الفضي أو الذهبي
سبب النهي
لأن اليوبيل كلمة يهودية معناها الخلاص والتحرير،والاحتفال به محرم
~~~~~~~~~~
لا تقل
شمالك يمين(لمن يمد الإناء بشماله (
سبب النهي
فيه تشبيه ليدي المخاطب أياً كان بيدي الله سبحانه [كلتا يديه يمين[
و فيه إقرار له لاستعماله شماله بدلاً عن اليمين وكان الواجب الإنكار عليه
~~~~~~~~~~
لا تقل
عن المسجد الأقصى (ثالث الحرمين)
سبب النهي
لأنه لا يوجد إلا حرمان الحرم المكي،والحرم النبوي ، أما الأقصى فهو سُمي أولى القبلتين
~~~~~~~~~~
لا تقل
الله بالخير (عند التحية(
سبب النهي
لأنه كلام فاسد . خلاف التحية التي شرعها لنا ديننا الحنيف ، وهي السلام
~~~~~~~~~~
لا تقل
صباح أو مساء الخير ، أو عنت مساءً
سبب النهي
لأنها تحية المجوس والنصارى، والمشركين . تحيتنا نحن المسلمون التي نعتز بها، ونؤجر عند قولها السلام
~~~~~~~~~~
لا تقل
لمن حلت به مصيبة ( الله لعب بفلان (
أو ( لعب الله في حسبته (
سبب النهي
لأن اللعب من خصائص السفهاء ! فكيف يُنسب إلى الله ؟ – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- فهذا اللفظ خطير على دين المسلم
~~~~~~~~~~
لا تقل
(1/152)
حجر إسماعيل عليه السلام
سبب النهي
لأنه لم يثبت أن له علاقة بإسماعيل عليه السلام فقد بني بعده بقرون طويلة
~~~~~~~~~~
لا تقل
) فلان ما يستاهل (
سبب النهي
لأن فيه اعتراضاً على حكم الله واتهاماً لله بالظلم - تعالى الله عن ذلك -
~~~~~~~~~~
لا تقل
يعلم الله إني فعلت كذا
سبب النهي
لأنك إذا قلتها والأمر خلاف ذلك اتهمت الله بالجهل وقد تؤدي إلى الكفر
~*OôôO*~~~~~~~~~~~~*OôôO*~
*•~-.¸¸,.-~* للأمانـ ـــــة *•~-.¸¸,.-~*
( صاحب الموضوع أجاز نشرة .. بل حث و رغب على ذلك )
(...الجواب...)
أكثر هذه المنهيات مأخوذة من كِتاب " معجم المناهي اللفظية " للشيخ بكر أبو زيد حفظه الله ورعاه .
وهو هنا
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=14&book=1453
ولي وجهة نظر فيما يلي :
1- قول (الله يكفينا شر هذا الضحك) لا يُمنع منها على الإطلاق ؛ لأن من الضحك ما يكون شرًّا ؛ وكثرة الضحك تُميت القلب ، كما جاء في الحديث .
2- قول (فلان مات شهيداً) هو لا يُقال على سبيل الشهادة ، وإنما يُقال فيما يظهر للناس .
قال الإمام البخاري : لا يَقُولُ فُلانٌ شَهِيدٌ .
قال ابن حجر : أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ بِذَلِكَ إِلاَّ إِنْ كَانَ بِالْوَحْي . اهـ .
والحديث الذي أورده البخاري رحمه الله دالّ على أنه لا يُشهد لِحَيّ بالشهادة في سبيل الله ، فإنه أورد حديث الذي قيل عنه " شهيد " قبل أن يُقتَل ، فكان آخر أمره أنه قتل نفسه لَمَّا أُصيب بِجراح .
3- قول (الله يسأل عن حالك)
هذا أيضا لا يُنهَى عنه مُطلقا ، فإن الله يسأل الملائكة عن أحوال بعض عباده وهو سبحانه وتعالى أعلم بِحالهم .
(1/153)
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم - وهو أعلم بهم - كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يُصلّون ، وأتيناهم وهم يصلون . رواه البخاري ومسلم .
4- قول ((ثالث الحرمين) عن المسجد الأقصى) لا يبدو أن فيه محذورا ؛ لأن إطلاق ثالث الحرمين من باب التغليب ، وإن لم يكن له حَرَم ، كما هو الحال في الحرمين .
5- قول (صباح أو مساء الخير) ، ليس بها بأس إذا لم تُستبدل بتحية الإسلام .
وهي مثل (...السؤال...) : كيف أصبحت ؟ وكيف أمسيت ؟
قال الإمام البخاري : بَاب الْمُعَانَقَةِ ، وَقَوْلِ الرَّجُلِ كَيْفَ أَصْبَحْتَ ؟
والله تعالى أعلم .
178- قول مالا نفعل
(...السؤال...)
في حياتنا او مثلا بتكلم عن نفسي،، اوقات نقول وما نسوي،، هل يعتبر ذلك كذب؟
وكيف اكفر عن ذلك؟
مثلا كنت في حالت نقاش مع اختي وتقولي لا تاخذين ذلك انك لا تستعملينه ، وقلت لها بلا وسأستعمله كل يوم.
ولكنني لن استعمله كل يوم من الصعب ذلك.!!
او مثلا اقول لامي لن اكل ارز لا اريد،، ولكن بعد فترة اكلت .
وماهو الحكم من فعلي ..
(...الجواب...)
لا يُعتبر ذلك من الكذب الذي يأثم عليه صاحبه ، وقد عفا الله عن لغو اليمين ، فقال : (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) .
قالت عائشة رضي الله عنها : هو"لا والله" و"بلى والله"، ما يَتَرَاجع به الناس .
وسبق :
هل كل كذب يأثم عليه صاحبه ؟وهل يجوز الكذب لرد أحد ما عن المعصية ؟
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=229
والله تعالى أعلم .
179- هل هذه العبارات والألفاظ ما فيها حرج(لك وللزمان-أقل ما تقدمونه لاخوانكم الدعاء-قول الامام اذكروا الله يذكركم فى الخطبة-خانتنى الذاكرة أو خاننى التعبير)
(...السؤال...)
(1/154)
س : يقول البعض إذا أراد أن يمدح سلعة ما لجودتها وقوتها ( لك وللزمان ) فما مدى صحة هذه العبارة حيث إننا سمعنا إنها لا تجوز لان الزمان هو الدهر المنهي عن سبه ؟
(...الجواب...): لا بأس بذلك ؛ فإن هذا ليس من باب سبّ الزمان ؛ لأن قائل تلك العبارة يقصد أن هذه يقصد أن تلك السلعة تعيش معك زمانا طويلا . والله أعلم .
==================
س : ما صحة قول هذه العبارة : ( اقل ما تقدمونه لإخوانكم الدعاء )
(...الجواب...): لا بأس بها ؛ لأن القائل يقصد أن هذا ما تستطيعونه ، ويُقصَد بذلك أن ما يجب تقديمه أكثر من ذلك ، وأن كل إنسان يملك هذا السلاح . والدعاء سلاح المؤمن ، وهو سلاح مُعطّل عند كثير من الناس . والله أعلم .
==================
س : هل يعد قول المصلين في صلاة الجمعة وخاصة في الخطبة ( لا اله إلا الله ) حال قول الإمام ( فاذكروا الله يذكركم واشكروه على آلاء نعمه يزدكم ) من الذكر الجماعي المحرم ، وهل يشرع قولها فقط سرا دون الجهر بها ؟
(...الجواب...): هذا من امتثال أمر الإمام ، إلاّ أنه لا يُشرع رفع الصوت بها . ومثل ذلك لو صلّى الإمام على النبي صلى الله عليه وسلم أ أمَر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن مفلح : ويجوز للمستمع إذا عطس أن يحمد الله خفية ؛ لأنه ذِكر وُجد سببه ولا يختل به مقصود ، وله أن يؤمّن على دعاء الخاطب كما يؤمن على دعاء القنوت ، وله أن يّصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذُكر في الخطبة نص عليه ؛ لأنه سنة في الخطبة فأشبه التأمين ، بل أولى ؛ لأن الصلاة عليه آكد من التأمين على الدعاء . اهـ .
وقد سُئلت اللجنة الدائمة هذا (...السؤال...) :
(1/155)
إذا قال الإمام: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل يجوز للمصلي أن يصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم سرًا أم علنًا ، وإذا رد بصوت مرتفع قليلا فما الحكم ؟ وما حكم قول الإمام للمصلي عند نهاية الخطبة: أقم الصلاة، وإذا قال الإمام في آخر الخطبة : فاذكروا الله يذكركم ، هل يجوز أن يقول المصلي : لا إله إلا الله، بصوت عالٍ قليلا ؟
فأجابت: يُصَلِّي الحاضر لخطبة الجمعة على النبي صلى الله عليه وسلم سرًا في نفسه عندما يأتي ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم من الخطيب في خطبة الجمعة ، ويجوز للإمام بعد نهاية الخطبة أن يقول : أقم الصلاة ، وكذلك إذا قال الخطيب في نهاية الخطبة : فاذكروا الله يذكركم ، يقول السامع : لا إله إلا الله .والله أعلم .
==================
س : يكثر تداول هذه العبارات : ( خانتني الذاكرة أو إن لم تخوني الذاكرة ) أو ( خانني التعبير ) فهل في هذه العبارات محذور شرعي ؟
(...الجواب...): ليس فيها محذور شرعي . لأن الذاكرة تخون صاحبها بالنسيان والوهم ونحو ذلك . وكان العلماء يَصِفُون الْحِفظ بأنه خوّان .
قال يحيى بن معين : دَخَلْتُ على أحمد فقلت : أوصني . فقال : لا تُحَدِّث الْمُسْنَد إلاَّ مِن كتاب . قال الحافظ العراقي مُعلِّقا على ذلك : ولا شك أن الحفظ خَوَّان .
وجاء في سيرة الإمام مالك رحمه الله أنه كان لا يُحَدِّث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ وهو على الطهارة إجلالاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالوا : ولا يُحَدِّث إلاَّ مِن كِتابه ، فإن الحفظ خَوَّان .
وكذلك الأمر بالنسبة للأعمال إذا لم تكن صالحة ، فإنها تخون صاحبها أحوج ما يكون إليها ، كما قال ابن القيم . والله أعلم .
180- هل هذه العبارات والألفاظ ما فيها حرج(اللهم طولك يا روح-فلان دابة سليمة)
(...السؤال...)
(1/156)
س : البعض من الناس إذا غضب من احد في مكالمة أو نقاش حاد أو في موضوع يثيرا لغضب قد يقول عبارة : ( اللهم طولك يا روح ) فهل هذه العبارة صحيحة ولا حرج في قولها في هذا الموقف ؟
(...الجواب...): يُقصد بهذا القول أن يرزقه الله سَعة البال وطول النَّفَس .
وقد تساءل ابن القيم رحمه الله : ما حقيقة النفس ؟ هل هي جزء من أجزاء البدن ، أو عَرَض مِن أعْرَاضه ، أو جسم مُسَاكِن له مُودَع فيه ، أو جوهر مُجَرَّد ؟ وهل هي الرُّوح أو غيرها ؟ وهل الأمَّارة واللوامة والمطمئنة نفس واحدة لها هذه الصفات ، أم هي ثلاث أنفس ؟ ويُراجع قوله وترجيحه في كتاب " الروح " . والله أعلم .
==================
س : بعض الناس يطلق عبارة ( فلان دابة سليمة ) على الشخص المسالم الذي لا يؤذي أحدا ولا يتوقع منه شر لأحد ولا يتدخل في شؤون أحد .فهل يجوز إطلاق هذه العبارة على مثل هذا الشخص ؟
(...الجواب...): من حيث المعنى صحيح ؛ إذ يصِحّ تشبيه الإنسان بالدواب فيما يقع فيه التشابه ، كما شبّه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن بالْجَمَل ، فقال عليه الصلاة والسلام : المؤمن كالجمل الأنف حيثما انْقِيد انْقَاد . رواه الإمام أحمد وابن ماجه . وقال الأرنؤوط : حديث صحيح بِطُرُقه وشواهده ، وهذا إسناد حسن . يعني : إسناد الإمام أحمد .
وقيل للشعبي : من أين لك هذا العِلْم كله ؟ قال : بِنَفْي الاعتماد ، والسير في البلاد ، وصبر كَصَبْر الجماد ، وبُكور كَبُكُور الغُرَاب !
ويَصِحّ إطلاق وصف الدابة على الإنسان لعموم قوله تعالى : (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ) . قال البغوي في تفسيره : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ) مثل بني آدم والطير، وقال ابن كثير : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ)كالإنسان والطير . اهـ .
(1/157)
إلاّ أن الذي يُوصف بذلك الوصف ( دابة سليمة ) قد يكون مذموما ؛ لأنه يكون وصْف خامل ، قد يكون لا يُنكر منكرا ولا يعرف معروفا ، وقد يكون شيطانا أخرس لا يتكلّم بِحَقّ ، ويسكت على الباطل ! والله أعلم .
181- التصفيق هل هو حلال أم حرام؟!!
(...السؤال...)
1- هل يعني التصفيق جائز للنساء فقط؟!! حيث أني قرأت أن التصفيق من أعمال قوم لوط.
2- ما حكم التصفيق وهل فيه كراهة ...وخصوصا للرجال ؟؟
فأجاب: كَرِه العلماء التصفيق للرِّجال ، لما فيه من مُشابهة الكفار ، كما في قوله تعالى : (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً)
والمكاء الصفير، والتصدية التصفيق
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرِّجَال عن التصفيق .
روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني عمرو بن عوف بقباء كان بينهم شيء ، فخرج يُصلِح بينهم في أناس من أصحابه ، فَحُبِسَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت الصلاة ، فجاء بلال إلى أبي بكر رضي الله عنهما فقال : يا أبا بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حُبِسَ وقد حانت الصلاة ، فهل لك أن تؤم الناس ؟
(1/158)
قال : نعم ، إن شئت ، فأقام بلال الصلاة ، وتقدّم أبو بكر رضي الله عنه ، فكبّر للناس ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف يشقها شقاً حتى قام في الصف ، فأخذ الناس في التصفيح - قال سهل : التصفيح هو التصفيق - قال : وكان أبو بكر رضي الله عنه لا يلتفت في صلاته ، فلما أكثر الناس التفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه يأمره أن يصلي ، فرفع أبو بكر رضي الله عنه يده فحمد الله ثم رجع القهقري وراءه حتى قام في الصف ، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى للناس ، فلما فرغ أقبل على الناس فقال : يا أيها الناس ما لكم حين نابكم شيء في الصلاة أخذتم بالتصفيح ؟ إنما التصفيح للنساء ، من نَابَه شيء في صلاته فليقل : سبحان الله .
قال ابن القيم رحمه الله : المصفقين والصفّارين في يَراع أو مزمار ونحوه فيهم شَبَهٌ من هؤلاء ، ولو أنه مجرّد الشبه الظاهر ، فلهم قِسط من الذمّ بحسب تشبههم بهم ، وإن لم يتشبهوا بهم في جميع مكائهم وتصديتهم ، والله سبحانه لم يشرع التصفيق للرجال وقت الحاجة إليه في الصلاة إذا نابهم أمر ، بل أُمِروا بالعدول عنه إلى التسبيح لئلا يتشبّهوا بالنساء . فكيف إذا فعلوه لا لحاجة ، وقَرَنُوا به أنواعا من المعاصي قولا وفعلا ؟!
والله أعلم .
182- ما حكم إهمال المرض
(...السؤال...)
ماحكم
إذا مات الإنسان نتيجة مرض أهمله ولم يعالج نفسه منه سواء أكان يوجد له علاج أم لا ؟
(...الجواب...)
إذا بَلَغ الأمر إلى أن ترك التداوي يُفضي به إلى الهلاك ، فإنه يَجب عليه أن يَتَدَاوى ، ويأثم في ترك التداوي في هذه الحالة .
قال عليه الصلاة والسلام : إن الله أنزل الداء والدواء ، وجَعَلَ لكل داء دواء ، فتداووا ولا تداووا بحرام . رواه أبو داود .
وسبق التفصيل في مسألة التداوي والضابط فيها هنا :
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=3510
والله تعالى أعلم .
183- معنى باي باي
(...السؤال...)
(1/159)
أحببت بكلماتي هذه أن أنبه جميع الذين يختمون كلامهم بكلمة باي، نحن تعودنا عليها بشكل ملفت للنظر، ولكن هل إدخرت لها من وقتك قليلا لتتأملها؟؟؟
هل تعلم معناها؟؟
أتعلمون أن معنى كلمة باي … تعني بحفظ البابا : البابا اسم لمن يعتلي اعلى رتبة في الديانة (المسيحية( أوََ يليق بمسلم أن نقول له بحفظ البابا وهو من إعتنق أسمى الأديان
إنظروا إلى الفرق حتى في وقع الكلمة، حين تقولين لصديقة لك بحفظ الرحمن ..وحين تودعيها بقولك باي، سبحان الله فوقعها في النفس ليس له حدود، أحببت النصح ..فهل من مستمع..وبعد الإستماع تطبيقا ..
فنحن مسلمون ونطمح لنصبح مؤمنون .. ويستحيل أن نرتقي مادمنا نودع بعضنا وهم بحفظ البابا .. وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
-----------------------
من البريد اليوم ..هل هذا الأمر صحيح ..وإذا كنا في التخصص نتعامل مع أجانب وهذه الكلمة دائمة الاستخدام في الوداع ..نرجوا إفادتنا الله يحفظك
(...الجواب...)/ سألت أهل الاختصاص ، فأحلت (...السؤال...) إلى أخي الفاضل ( ولد السيح ) بحكم إجادة اللغة .
فأجاب – حفظه الله - : ذُكر في أصلها أنها كانت تكتب God be with you ومعناها ( الله معك ) وأول من قام بذلك رجل يدعى غابريل هارفي
good-bye
جودباي (اسم)
noun
plural good-byes also good-bys
An expression of farewell.
[Alteration (influenced by good day), of God be with you.]
ومعناها : الله معك ..
(1/160)
Word History: More than one reader has no doubt wondered exactly how good-bye is derived from the phrase “God be with you.” To understand this, it is helpful to see earlier forms of the expression, such as God be wy you, b'w'y, godbwye, god buy' ye, and good-b'wy. It is no mistake to think that the first word of the expression is now good and not God, for good replaced God by analogy with such expressions as good day, perhaps after people no longer had a clear idea of the original sense of the expression. A letter of 1573 written by Gabriel Harvey contains the first recorded use of good-bye: “To requite your gallonde [gallon] of godbwyes, I regive you a pottle of howdyes,” recalling another contraction that is still used.
وهذه لمحة تاريخية عن أصل كلمة جودباي والتي يستخدمها الغرب بمعنى مع السلامة ، وهي في الأصل : الله معك.. وبعد ذلك تم تحريفها إلى أن أصبحت Good bye ولازالت تستخدم إلى الآن .
( بتصرف من رسالة أبي عبد الله ) .
184- حكم قتل بعض الحشرات (العنكبوت والنمل)
(...السؤال...)
ما حكم قتل بعض الحشرات التي جاءت ضمن مسيرة السيرة النبوية ...
أعني بذلك العنكبوت والنمل مثلا ؟؟
(...الجواب...): ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نملة قرصت نبياً من الأنبياء ، فأمر بقرية النمل فأُحرِقت ، فأوحى الله إليه : أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح ؟
وما لا يؤذي لا يجوز قتله ، فإن القاعدة : أن المؤذي طبعاً يُقتل شرعاً . ومفهومها أن الذي لا يؤذي لا يُقتل . ومتى حصل منه الأذى فإنه يُنذر ويُحذّر ثم يُقتل بعد ذلك .
فالعنكبوت لا تُقتل .
(1/161)
ولا يصح أنها جاءت ضمن مسيرة الهجرة ، فلا يصحّ ما يُروى في بعض كُتب السيرة أن العنكبوت بنت بيتها على مدخل الغار الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم .
بل إن الله حفظ نبيّه بحفظه ، وجعل على بصر القوم غشاوة ، من أجل قال أبو بكر رضي الله عنه وهم في الغار ثاني اثنين : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ رواه البخاري ومسلم .
والله تعالى أعلى وأعلم .
185-حكم قتل بعض الحشرات(النملة والنحلة والهدد والصرد)
(...السؤال...)
روى الإمام أحمد وأبو داوود وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن قتل أربع من الدواب النملة والنحلة والهدد والصرد . إسناده صحيح .و(...السؤال...) :
1 - ما المقصود بالصرد ؟
2 - هل يأثم الإنسان بقتل النمل ؟
(...الجواب...) :
1 - المقصود بالصرد : نوع من الطيور .
قال الشيخ البسّام في نيل المآرب : الصرد : طائر شرس ، شديد النقرة ، غذاؤه اللحم ومأواه الشّجر ورؤوس القِلاع والحصون ، وهو أبيض اللون ، أخضر البطن ، ضخم الرأس والمنقار ، وهو من أنواع الغربان يصيد صغار الطيور .
2 – يأثم الإنسان بقتل النمل إذا كان ذلك لغير حاجة ودون سابق إنذار !
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نملة قَرَصَتْ نبيا من الأنبياء ، فأَمَرَ بِقَرْيَة النمل فأُحْرِقت ، فأوحى الله إليه : أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح ؟
فعاتب الله ذلك النبي على إحراقه وقتله للنمل . أما إذا كانت مؤذية ، وأُنْذِرَتْ ، فإن القاعدة أن المؤذي طبعا يُقتَل شرعاً .والله تعالى أعلم .
186-النهى عن قتل النمل
(...السؤال...)
النملة ذلك المخلوق الضعيف حصلت على حصانة إلاهية بتحريم قتلها ! فهل جميع أنواع النمل لا يجوز قتلها ؟؟ أم هو نوع واحد ؟؟
وكيف أميز هذا النوع ؟؟ وذلك حتى لا آثم
(1/162)
(...الجواب...): جاء النهي عن قتل النمل
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أن نملة قرصت نبيا من الأنبياء ، فأمَرَ بقرية النمل فأُحرقت ، فأوحى الله إليه أفي أن قرصتك نملةٌ أهلكت أمة من الأمم تسبح . متفق عليه
وعند الإمام أحمد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب : النملة والنحل والهدهد والصرد .
والقاعدة المتقررة شرعاً أن المؤذي طبعاً يُقتل شرعاً .
والنمل إذا كان في البيوت وآذى الناس وتسبب في أذاهم فإنه يُنذر ثلاثة أيام ، وغالباً يخرج بعد ذلك .وقد جرّبتُ هذا وجرّبه غيري . أما إذا لم يخرج وكان مؤذياً فإنه يُقتل للقاعدة السابقة .والله أعلم .
---
ثم ردت إحدى الأخوات :
انا كان عندي خلفية عن تحريم قتل النمل، بس أنا أسأل أي نوع لا يجوز قتله ، فالنمل عدة أنواع ؟ صغير ويسمى الذر ، ومنه الأسود ذو الأرجل الطويلة ... وهناك أنواع كثيرة ولكن أخاف أن يظهر جهلي 0لذلك أرجو لتوضيح .
وسألت أخت أخرى : وسؤال آخر لو سمحت، كيف لي أن أنذره 3 أيام ؟! أرجوك أوضح لي هذه النقطة
(...الجواب...): أما النمل فما كان مؤذياً فإنه يُقتل للقاعدة السابقة : المؤذي طبعاً يُقتل شرعاً . فأي نوع من النمل ( داهم البيوت أو الأطعمة ) وأصبح مؤذياً فإنه يُقتل صغيراً كان أو كبيراً .
أما إذا لم يكن مؤذياً أو كان خارج البيوت ، فإنه لا يُقتل .
وبالنسبة لإنذاره والاستعاذة منه يرى بعض العلماء أن يُقرأ عليه : ( يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ) ويُنذر كأن يُقال له عند مساكنه أو تجمعاته يقال له مثلا : أخرج أيها النمل ، وإلا قتلناك أو آذيناك . ونحو هذا .
وقد جُرّب هذا فنفع . فإذا لم يخرج بعد ثلاثة أيام وكان مؤذياً فإنه يُقتل . وأخذ العلماء هذا من إنذار حيات البيوت ، وخصّها بعض العلماء بحيات بيوت المدينة النبوية .
(1/163)
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من طريق أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته قال : فوجدته يصلي ، فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته ، فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت فالتفت فإذا حيّة ، فوثبتُ لأقتلها فأشار إليّ أن اجلس ، فجلست ، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار ، فقال : أترى هذا البيت ؟
فقلت : نعم ، قال : كان فيه فتى منّا حديث عهد بعرس قال : فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله ، فاستأذنه يوما ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة .
فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة ، فأهوى إليها الرمح ليطعنها به وأصابته غيرة ، فقالت له : اكفف عليك رُمحك ، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني ، فدخل فإذا بِحَيّةٍ عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه ، فما يُدرى أيهما كان أسرع موتاً الحيّة أم الفتى ؟
قال : فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرنا ذلك له ، وقلنا : ادع الله يحييه لنا ، فقال : استغفروا لصاحبكم . ثم قال : إن بالمدينة جِنّاً قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان .والله أعلم
187- بخصوص البحوث في الكلية
(...السؤال...)
(1/164)
الكليه مثلا نكون مطلوب منا حل اشياء معينه وعمل ابحاث معينه فهل يصح ان عندما يبحث الطالب عن المطلوب منك اذا كان بحث اوحل شىء وكل ذلك عليه درجات ايهما اصح ان يخفى الانسان مجهوده بهدف الايتساوى الذى تعب بالذىلم يتعب فى العثور على المعلومه ام يعطى مجهوده للذى لم يتعب ولم يبحث عن المطلوب وذلك حتى لايخفى بما اتاه الله من فضله مع العلم ان يوجد اناس تتمتع بالذكاء فعندما تاخذممن تعب فى البحث عن المعلومه ان تحسنها وتكتبها باسمها وبذلك تحصل على درجات اكثر من الذى تعب فى البحث عن المعلومه
واتمنى ان يتم الاجابه مستشهدا بالحديث والقرءان اذا كان امكن
(...الجواب...)
مثل هذه الأشياء تُبنى على التنافس من جهة ، ومن جهة ثانية يُطلب من الشخص أن يبحث ويستفيد ، لا أن يعتمد على جُهد غيره ، فإن اعتمد شخص على جُهد غيره فهذا من الغشّ ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي . رواه مسلم
ومعلوم أنه لا يستوي من بذل مجهودا مع من لم يبذل أدنى مجهود !
ولو قال الطالب لأستاذه : إنه قد أخذ ذلك المجهود من زميله ، لم يكن في نظر أستاذه إلاّ غاشًّا !
وكذلك الأمر بالنسبة للطالبة .
وكتمان العلم في هذه الحالة ليس مما يُذم ، ولا هو داخل تحت الوعيد .
وقد كَتَم معاذ رضي الله عنه ما علّمَه النبي صلى الله عليه وسلم إلى قُبيل وفاته رضي الله عنه ، فلما حضرته الوفاة أخبر به تأثّما ، أي : خشية الوقوع في الإثم .
والله أعلم .
188- رأيك بخصوص الدكتور : محمد سعيد الهاشمي
(...السؤال...)
وددت أن تخبرني رأيك بخصوص الدكتور : محمد سعيد الهاشمي .
صاحب مركز الأعشاب الطبية في منطقة البريمي التابعة لسلطنة عمان ..
(...الجواب...)
لا أعرف عنه شيئا
189- رفض اجراء عملية جراحية لاستئصال البواسير
(...السؤال...)
هل ياثم من رفض اجراء عملية جراحية لاستئصال البواسير وفضل الصبر على هذا المرض وان تسبب في وفاته ؟وما الضابط في التداوي ؟
(...الجواب...)
(1/165)
مسألة التداوي مما اختُلِف في حُكمها . وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي وحثّ عليه ، فقال : إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً ، فَتَدَاوَوْا وَلا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ . رواه أبو داود .
ولَمّا سُئل عليه الصلاة والسلام : أَنَتَدَاوَى ؟ قَالَ : تَدَاوَوْا ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً ، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ . رواه الإمام أحمد وابو داود . وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح .
والقول الفصل في هذه المسألة أنه يجوز ترك التداوي لِمن لا يجزع ، وعرف من نفسه الصبر والاحتساب .
وفي الصحيحين قصة المرأة التي تُصرع ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم خيَّرَها بين أن يدعو لها فتُشفَى ، وبين أن تصبر ولها الجنة ، فاختارت الصبر على المرض ولها الجنة . قال ابن حجر في شرح الحديث : وفيه دليل على جواز ترك التداوي . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما التداوي فليس بواجب عند جماهير الأئمة ، وإنما أوجبه طائفة قليلة ، كما قاله بعض أصحاب الشافعي وأحمد ، بل قد تنازع العلماء أيما أفضل التداوي أم الصبر ؟ للحديث الصحيح ، حديث ابن عباس عن الجارية التي كانت تُصْرَع وسألتِ النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لها ، فقال : إن أحببت أن تَصْبِري ولكِ الجنة ، وإن أحببتِ دَعوتُ الله أن يَشفيك .
فقالت : بل أصْبِر ، ولكني أتَكَشَّف ، فادْعُ الله لي أن لا أتَكَشَّف . فَدَعا لها أن لا تَتَكَشَّف . ولأنَّ خَلْقًا من الصحابة والتابعين لم يكونوا يتداوون ، بل فيهم من اختار المرض كأُبَيّ بن كعب وأبي ذر ، ومع هذا فلم يُنْكَر عليهم ترك التداوي . اهـ .
وأما البواسير على وجه الخصوص فهي ليست من الأمراض الخطيرة ، ولا يبلغ الأمر بصاحبها إلى الهلاك !والله أعلم .
190- صفقة مالية عن طريق مصرف
(...السؤال...)
(1/166)
استلمت بريد الكتروني من مكتب بأحد مصارف أفريقيا يود مني المشاركة في صفقة مالية وهي كالتالي:
أن لديهم زبون أجنبي يملك مبالغ كبيرة في مصرفهم وقد مات هذاا لزبون في حادث منذ سنة 2000 ومنذ ذالك الوقت والمصرف ينتظر أحد أقارب هذا الزبون لكي يتم تحويل الأموال اليه ولكن اكتشفوا انه مات مع كامل عائلته وقانون المصرف ينص على أن اذا بقي هذا المال غير مطلوب لمدة7سنوات فانه سيتم تحويله الى خزانة المصرف كصندوق غير مطلوب \ والمطلوب مني ان ادعي بأني أحد أقارب هذ الزبون لكي يتم تحويل المال لي ومن ثم يتم تقسيم هذا المال بيننا بنسب محددةة فهل قبولي لهذه الصفقة جائز شرعا ؟حتى اذا كان بعلم سلطات بلدي ؟وحتى اذا استخدمت هذا المال في أعمال وجمعيات خيرية؟أرجو (...الجواب...) الكافي السريع
(...الجواب...)
هذه الرسالة أُرسِلت إلى ملايين المستخدمين ! ولست أنت أوّل الذين تصلهم تلك الرسالة ، ولن تكوني آخرهم !
وهي كذب واحتيال .
أحدهم سافر إلى بلد أوربي من أجل إبرام مثل هذه الصفقة !
فلما وصل قابل الرجل الأفريقي الذي أرسل له تلك الرسالة ، فقال له : لا بُدّ أن تدفع مبلغا من المال حتى يتمّ إكمال الإجراءات !
وهكذا يتحايلون على الناس لأكل أموالهم !
وليس الأمر حقيقة .. فلا تقعي في الفخّ !
191- قُمتُ بعمل فيلم قصير مُكون من إنشودة وصور من الإنترنت
(...السؤال...)
هل يجوز أن أنشر هذا الفيلم بعد أن عرفت محتواه ..علماً أن محتواه من الصور منتشر في شبكة الانترنت؟
الموضوع: لقد قُمتُ بعمل فيلم قصير مُكون من إنشودةَ المُنشد والقارئ أحمد بوخاطر بعنوان"حجابي" ومجموعةٌ مِن الصور التي جمعتُها من الإنترنت.
ما يقلقني هو أن الفيلم يحتوي على :
1- صُورٌ لفتيات ونساء مُحجبات الاتي كشفن عن وجوههن ولكنهن غير متبرجات.
2-- وبعضهُن يُبانُ من شعورهِن القليل ،ربما ثلاث نساء في حالة حزن،
إستخدمت صورهن عند المقطع ( كيف كيف أنزعه )..
(1/167)
3- هناك صورةٌ لرجل يضُمُ رأس إمرأةٌ محجبة وهي في حالة حزن أيضاً
عند مقطع ( كيف كيف أنزعهُ )..
4- إستخدمتُ بعض الصور لفيلم إنجليزي حيث وجدت أن الصور مناسبةٌ لمقطع
( جائني بالورودِ، ناصحنُ ذو وعودِ ، ربةُ الحُسنِ عُودي ، للهنى والسعودي ، جاله فكري وحاره..)
ولقد قمتُ بتشويش وجه الرجل والمرأة ، ولكن شعر المرأة ظاهر ، أما لبسها فساتر.
5- وتوجد صورتان لإمرأتان يتم إنتزاع الحجاب منهن بالقسوة ، وهن يبكين ،وقد ظهرت شعورهن،
وإستخدمت الصورتين عند مقطع ( كيف كيف أنزعه )..
6- وتوجد صورة لفتاة محجبة ولكن حجابها مخالف للتعاليم الإسلامية، واستخدمت الصورة
عند مقطع ( كيف أعصي إلهي )..
ملاحظات:
1- لا توجد صورة لرجل وإمرأة متقاربان غير صورة واحدة سبق وأن ذكرتها.
2- تعود معظم صور الفتيات والنساء الاتي كشفن عن وجوههن إلى الاحتجاج بشأن الحجاب الذي حصل بفرنسا عام 2004م.
ووضعت في هذا الفيلم العديد من الصور للنساء المحجبات المنقبات العفيفات الاتي يفخر بهن الاسلام ولكني اضطررت إلى أن أستخدم بعض الصور التي تؤثر في النفس من فرح وبكاء وربطت ذلك بمقاطع الإنشودة.
لقد سبق وأن حاولت أن أنشر الفيلم ولكن لم أستطع لأشياء حدثت لي من إنقطاع إتصال الإنترنت وتجمد الصفحة..إلخ
وأصابني الذعر وقلت في نفسي لعلي من أولئك الاشخاص الذين يقومون بأعمال يظنونها خير وهي جالبةٌ للآثام.
( أرجو إعلامي إذا وددتم بمشاهدة الفيلم)
أتمنى الإفادة بارك الله فيكم وآجركم.
(...الجواب...)
لا يجوز عمل مثل ذلك ، وإن كان القصد حَسَنًا .
ويُكتفى بالموعظة والصوت ، دون حاجة إلى إدخال صور نساء .
والله تعالى أعلم .
192- اسم وجدته في احد المنتديات فهل يجوز أن نتسمى به
(...السؤال...)
هناك من يسمي اسمه في المنتديات بأسماء اتمنى أن أعرف هل تجوز ام لا ..
وما أقصده بالتحديد هذا الإسم :
( أسمر ملك روحي )
فهل هذه صحيحة أم ما رأي الشرع فيها..
(...الجواب...)
(1/168)
يُقصد بها ملَك عليه نفسه !
وهذا وإن كان القصد سليما ، إلاّ أنه غير لائق !
ومن ابتُلي فليستتر !
والله تعالى أعلم .
193- هل كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين مُفترى عليه ؟
(...السؤال...)
شيخنا العزيز كتاب تفسير الإحلام لابن سيرين ما صحة أنه منسوب له ؟
أم أنه حقاً لابن سيرين
(...الجواب...)
الكتاب الذي نُسِب إلى ابن سيرين في تفسير الأحلام ليس له .
وليس لابن سيرين رحمه الله – فيما أعلم – كِتاب في تفسير الأحلام ، وإن كان مُشتَهرا في تفسير الأحلام .
والله تعالى أعلم .
194- ارى منكر ماذا افعل
(...السؤال...)
انا فى حيره من امرى ارى احد جيرانى فى العماره يتحدث بلغه الاشارات مع فتاه تسكن فى العماره المقابله وهى لوحدها فى الشقه ورايتها وهى ترتدى ملابس داخليه مثيره وتنظر له من الشباك وده بيكون قبل الفجر والجميع طبعا نايمين ومره معه فى السياره وانا اعتقد ولا اظلم احد انه يذهب عندها فى المنزل ولكنى متاكده لانى ارى بعض الحركات الغريبه وبستمع لصوت باب شقته عندما يغلقه طبعا مش شايفنى وانا ببص عليهم لانى كنت خارجه بالصدفه فاكتشفت الموضوع انا اعمل ايه معهم ومش عايزه ادخل فى مشاكل
(...الجواب...)
عليك التّثبّت أولاً ، وعليك مُناصحة الفتاة وتخويفها بالله ، وليس شرطا أن يكون النُّصْح مُباشرا ، فقد يكون عن طريق رسالة أو غيرها من الوسائل .
وإذا لم ينفع ذلك فعليك إبلاغ أهل الفتاة ، وهذا أيضا لا يكون مُباشرا ، تجنّبًا للمشكلات الأسرية .
وكان الله في عونك .
195- ما حكم قول : رعتك قدرة الرحمن
(...السؤال...)
ما حكم قول : رعتك قدرة الرحمن
(...الجواب...):
يبدو لي أن هذا القول خلاف الأولى ، فلو قال مثلا : رَعتْك عين الله ، ونحو ذلك لكان أولى ؛ لأن القدرة تعني القوة .والقوة تكون في الغالب في مقام غير مقام العناية واللطف .والله أعلم .
196- لو تصفح الشخص في الاقسام والروابط الاخرى من الصفحة ربما وجد صور نساء ومقاطع فيديو
(...السؤال...)
(1/169)
ياشيخ انا عندي سؤال يخص التصميم، وهو اذا وضعت رابط صور او اي شيء يخص التصميم ليستفاد منها وما فيها اي شيء مخالف لكن لو تصفح الشخص في الاقسام والروابط الاخرى من الصفحة ربما وجد صور نساء ومقاطع فيديو غير مناسبة وغيرها
هل إذا رآها أحدهم علي إثم أو لا ؟
(...الجواب...):
حاول أن تنتقي ما تضع مِن روابط ، وإذا لم تجد فقم عل تحميلها على مركز تحميل المنتدى أو غيره من مراكز التحميل .
وإذا لم تستطع ووضعت رابط لبرنامج مثلا ، أو أشياء تخصّ التصميم ، أو غيرها ، فلا إثم عليك إذا فتح أحدهم غير الرابط الذي وضعت ؛ لأن الأصل أن الإنسان مأمور بِحفظ جوارحه ، وإذا عَرَض له عارِض صَرَف بصره ، أو أغلق سمعه .
فكيف يذهب الإنسان يُقلِّب في الصفحات ليرى ما لا يسرّه في القيامة رؤيته . والله أعلم .
197- هل يجوز التسمية باسم جبريل وملك؟
(...السؤال...)
سؤالى هو :هل يجوز التسمية باسم جبريل وملك لاننى قرأت فتوة لا اذكر اين بانه لا يجوز التسمية بتلك الاسماء واردت ان اعرف السبب
وبارك الله فيكم
(...الجواب...)/ سُئل شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن هذه الأسماء . وهي : إبراز – ملاك – إيمان – جبريل ؟
فأجاب بقوله : لا يُتَسَمَّى بأسماء أبرار ، وملاك ، وإيمان ، وجبريل . اهـ .
وأما تعليل ذلك فلأن تسمّية البنات باسم " ملاك " فيه مُشابهة للمشركين، لقوله عز وجل عن المشركين : ( وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ) .والله تعالى أعلم .
198- هل لعبة (الطاق طاقية) لها معنى عند اليهود؟
(...السؤال...)
طاق طاق طاقيه ... لعن الله من كان يعرف معناها ويرددها، سر خطير احذروا يا مسلمين !.؟ لعبة خطيرة لم ندرك معناها ؟! طاق طاق طاقية..تفتكروها.... مين يعرف سرها..؟؟
--------------
(1/170)
أنشودة زمان كنا نحب ننشدها عندما نجلس، على شكل دائرة ثم يدور احد منا حول الدائرة ويمسك بطاقية ثم ينشد طاق طاق طاقيه رين رين يا جرس محمد راكب عالفارس والدبه طاحت في البير وصاحبها واحد خنزير مين هوه مين..؟؟؟
وتوضع الطاقيه حول احدنا وعندما نلتفت من تكون وراءه الطاقيه يلحق به ثم يعود لتكرار السابق وهكذا لعبه جميله في أيام الطفولة ولكن (...السؤال...) من يعرف سر معنى هذه الانشوده؟ القصد من طاق طاق طاقيه...
هي طاقية اليهودي التي يلبسها على راسه أكيد تعرفوها ورين رين يا جرس هو ما يقصد به أجراسهم التي يدقونها عند الذهاب لكنائسهم محمد راكب عالفارس : وهو الرسول محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وانه يحاربهم وهو يركب الخيل
والدبه : يقصد به السيدة عائشة رضي الله عنها وحماها وشرفها من قول كل منافق ( لعنة الله عليهم ) طاحت في البير: ويقصد بها حادثة الإفك التي وقعت بها السيدة عائشة رضي الله عنها
وصحبها واحد خنزير: ويقصد بها من اتهم مع عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك صحابي جليل رضي الله عنه
قاتلهم الله ولعنهم الله وشل لسانه من ألفها ولو أنها من زمان يعني يمكن يكون مات ومن قالها ومن رددها وهو يعلم معناها.... وهذا الكلام منقوول من أحد الأشخاص ويقوول بأنه قد سمعها بمحاضرة دينية
(...الجواب...):
هي في الأصل لُعبة شعبية ، ولا أحفظ فيها هذا القول بِطوله ! بل الذي كنا نحفظه ونحن صغار أول هذه اللعبة دون ( طاحت في البير ) .. ودون ( صاحبها واحد خنزير ) .
وقد تكون عُقدة أن اليهود وراء كل مصيبة ! ووراء كل كيد ومكر جَعَل من يقول ذلك يعتقد نسبته لليهود .ولكن طالما أنه قيل ، وطالما احتَمَل الكلام مثل هذا فيُمنع من قول ما يُوهِم .
ألا ترى أن الله سبحانه وتعالى قال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا ) لأن اليهود كانوا يقولون تلك الكلمة ويقصدون بها الرعونة .والله أعلم .
(1/171)
199- حكم اكل أم الربيان وسرطان البحر
(...السؤال...)
ما حكم أكل أم الربيان وسرطان البحر ( القبقب ) لأن هناك من يقول بأنها حرام؟
(...الجواب...)
الأصل في الأشياء الإباحة ، ولا يُحرّم شيء إلاّ بِدليل .
ويجوز أكل صيد البحر لقوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) .
ويجوز أكل الروبيان وأمّه ! وكذلك سرطان البحر ( القبقب ) .
ومن منع أكلها فعليه الدليل .
والله أعلم .
200- السفر للخارج للسياحة وزيارة المعالم التاريخية؟
(...السؤال...)
ما حكم السفر للخارج للسياحة وزيارة المعالم التاريخية ؟
(...الجواب...)/ إذا كان لبلاد الكفر فلا يجوز السفر بقصد السياحة لعظم الفتنة بها.
ولا تُزار آثار الأمم المتقدمة التي نزل عليها فيها العذاب وأُهلكوا فيها، لا يجوز دخول ديار المعذّبين عموماً للفرجة .ولذا لما مرّ النبي بالحِجر من ديار ثمود قال لأصحابه :
لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم ، ثم تقنع بردائه وهو على الرّحل . رواه البخاري ومسلم .
و لما نزل الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود - الحِجْر - فاستقوا من بئرها ، واعتجنوا به ، أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها ، وأن يعلفوا الإبل العجين ، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة . رواه البخاري ومسلم .
فلا يجوز دخول ديار الذين نزل عليهم العذاب ، فقد علل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله : لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم ، إلا أن تكونوا باكين ، حذراً أن يصيبكم مثلُ ما أصابهم ، ثم زجر فأسرع حتى خلّفها . رواه البخاري ومسلم .
فدخول ديار وآثار الظالمين الذين أصابهم العذاب من الخطورة بمكان ، خشية أن تنزل على الداخل لعنة ، أو يحلّ عليه سخطٌ ونقمة .
(1/172)
وأما الدخول للاعتبار والعِظة دون أن يقصدها فهذا لا بأس به ، لقوله عليه الصلاة والسلام : لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم ، إلا أن تكونوا باكين .
فأين اليوم من يدخل ديار المعذبين - سواء ديار الفراعنة ، أو ديار ثمود في مدائن صالح ، أو غيرها من مساكن الذين ظلموا وآثارهم – أين اليوم من يدخل وهو خائف وجِل يبكي خوفا من عقوبة الله ، أو أن يحلّ بهذه الأمة ما حلّ بالأمم من قبلها .والله تعالى أعلى وأعلم .
201- أيهما أفضل الجهاد في سبيل لله ام الدعوه الى الله
(...السؤال...)
س/ أيهما أفضل الجهاد في سبيل لله اما الدعوه الى الله, وهل الجهاد جزء بسيط من الدعوه..؟
أفيدونا بارك الله فيكم
(...الجواب...)/ بارك الله فيك
الدعوة إلى الله جزء من الجهاد ، إذا أُطلِق الجهاد . قال تعالى : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)
قال ابن القيم رحمه الله : عَلّق سبحانه الهداية بالجهاد ، فاكمل الناس هداية أعظمهم جهادا ، وأفرض الجهاد جهاد النفس ، وجهاد الهوى ، وجهاد الشيطان ، وجهاد الدنيا ؛ فمن جاهد هذه الاربعة فى الله هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته ، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطّل من الجهاد . اهـ .
ولا شك أن الجهاد في سبيل الله إذا كان لإعلاء كلمة الله وكان خالصا لله أنه لا يَعدِله شيء ، وهذا دلّت عليه النصوص الكثيرة ، فمن ذلك قوله تعالى : (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ) .
وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : دُلّني على عمل يعدل الجهاد . قال : لا أجده . قال : هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك ، فتقوم ولا تفتر ، وتصوم ولا تفطر ؟ قال : ومن يستطيع ذلك ؟ رواه البخاري .
(1/173)
ولما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله أي الناس أفضل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله . قالوا : ثم من ؟ قال : مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره . رواه البخاري .
إلى غير ذلك مما صح عنه عليه الصلاة والسلام .
وقد يستطيع الإنسان الدعوة إلى الله في كل وقت ، أما الجهاد فقد لا يُستطاع في كل وقت . والله تعالى أعلم .
202- ما معنى كلمة عزاه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
(...السؤال...)
ما معنى كلمة عزاه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
حيث جاء موضوع من أحد الأعضاء في المنتدى الذي أنا فيه كمراقبة على القسم الإسلامي
ومضمونه ..........
عزاه ((ما معنى كلماتها؟))
الصلاة والسلام على رسول الله ..
نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه .. وبعد :
في الأيام القليلة الماضية .. ظهرت أغنية للفنان السعودي راشد الفارس ..
بعنوان عزاه
و مطلع الأغنيه يقول ..
.......عزاه ياقلبي من الهم عزاه .......
وكما تعرفون .. ان هذه الصيغة تستخدم للنداء
مثلاً ..
أماه .. وا معتصماه .. او حتى .. رباه
.........
ولكن هل سألتم أنفسكم .. ما معنى عزاه .؟؟
دعونا نعرف أصل الكلمة
فـ عزاه .. مشتقة من العزّى
ويا ترى .. ما العزّى .؟؟
.........
قال تعالى في محكم تنزيلة :
( أفرءيتم اللاّت والعزّى ) ( النجم : 19 )
العزى أو العزة ، ووردت في القرآن الْعُزَّى ، صنم عبده العرب قبل الإسلام (الجاهلية) ،
وحسب رواية إبن الكلبي فإن أول من أتخذ العزى هو ظالم بن أسعد ،
هناك روايات أورد الطبري بعضها ،
تفيد بأن العزى شجيرات ، وفي روايات أخرى ورد أنها حجر،
ويقال أن قريش كانت تعظمها كثيرا كتعضيم ثقيف للات.
وورد في سيرة أبن هشام أن خالد بن الوليد سار إليها وهدمها [1[.
.........
من ما سبق نستنتج أن العزى .. صنم يعبده العرب في الجاهلية
و قول عزاه .. هو استنجاد بالعزى أو نداء ً لهذا الصنم
(1/174)
وذلك والعياذ بالله قد يودي بنا الى الشرك اذا عرفنا معناه
فانتبهوا من ترديد هذه الأغنيه
وأرجوا ايصال هذه المعلومه الى أكبر عدد من الناس
والله أعلم ..
.........
آيات من كتاب الله الكريم :
(فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ(2)
أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا
إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ(3))
الزمر
(قُلِ ادْعُوا الَّذينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَ لا تَحْويلا) الإسراء
(وَ لا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَ لا يَضُرُّكَ...) يونس
(وَ مَنْ أضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللّهِ مَنْ لا يَسْتَجيبُ لَهُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ...) الأحقاف
منقول من بريدي
**************************************************
و ممكن البعض ما يقتنع بالرساله هدي بس أنا لفتني مقطع تاني في الأغنية
في شي من الجحود أو ما ادري ايش يكون
بس حبيت احذر اللي يسمعوها
وشلون خيره بعد فرقاه
لا تقولوا خيره خيبه كبيره
المقطع باين من كلماته
لا تقولوا خيرة
خيبه كبيرة
؟؟؟؟؟؟
الأغنية هذي كأنها اعتراض ع القدر بكلماتها
المهم يا أخوان انتبهوا من كل اللي تسمعوه و حاولوا تفسروه و تفهموه
و لا تنسوني من دعواتكم
وشكراً
هذا وجزاكم الله خير الجزاء ..........وبارك الله فيكم ونفع الله بكم الإسلام والمسلمين
*********
يتردد في كلام العامة أو من كبار السن قول يأتي بصور عدة منها ( و عِزَتيلي ) أو ( و عِزالي ) أو ( يا عزتالي )وقد ترد بأناشيد او قصائد عامية ...
(1/175)
وقد سمعت أحد الأخوات تنهى عن قول ذلك لأنه شرك و معناه الإستعانة بالعُزى والعياذ بالله، مالحكم الفيصل هنا شيخنا الكريم ... وجزيتم خير الجزاء وبارك فيكم ..
(...الجواب...)/
وجزاك الله خيراً، وبارك الله فيك، لا يَظهر لي ما قيل في (...السؤال...) ، وذلك لأسباب منها :
الأول : أن أصل تسمية العُزّى مأخوذ من العزيز ، والعزيز اسم من أسماء الله تبارك وتعالى .
الثاني : أن معنى "العِزّة " و " التّعَزّز " لا يَدل على الاستغاثة بالعُزّى ، بل لها معانيها في اللغة .
قال الراغب في المفردات :
العِزّة : حالة مانعة للإنسان من أن يُغْلَب ، مِن قولهم : أرض عَزاز ، أي صلبة قال : (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) . وتَعَزَّز اللحم اشتدّ وَعَزّ ، كأنه حصل في عَزازٍ يَصْعُبُ الوصول إليه ، كقولهم : تَظَلَّفَ ، أي حصل في ظِلْفٍ من الأرض ، والعزيز الذي يَقْهَر ولا يُقْهَر . قال : (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ، (يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا) . قال : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ، (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ) ، فقد يُمْدَح بالعِزّة تارة كما ترى ، ويُذَمّ بها تارة ، كَعِزّةِ الكُفّار .
(1/176)
قال : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ) ، وَوَجْه ذلك أن العِزّة التي لله ولرسوله وللمؤمنين هي الدائمة الباقية التي هي العِزّة الحقيقية ، والعِزّة التي هي للكافرين هي التَّعَزُّز ، وهو في الحقيقة ذُلّ ، كما قال عليه الصلاة والسلام : كل عِزّ ليس بالله فهو ذُل . وعلى هذا قوله : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) ، أي لِيَتْمَنِعُوا به من العذاب ، وقوله : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) معناه من كان يُريد أن يُعَزّ يحتاج أن يَكْتَسِب منه تعالى العِزّة ، فإنها له ، وقد تُستعار العِزّة للحَمِيَّة والأَنَفَة المذمومة ، وذلك في قوله : (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ) ، وقال : (وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ) . يُقال : عَزّ عَلَيَّ كذا صَعُبَ . قال : (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ) ، أي صَعُبَ ، وَعَزَّهُ كذا غَلَبَه ، وقيل : مَنْ عَزَّ بَزَّ ، أي : مَنْ غَلَبَ سَلَبَ .
قال تعالى : (وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ) ، أي : غَلَبَنِي ، وقيل : معناه صار أعَزّ مِنِّي في المخاطبة والمخاصمة ، وَعَزّ المطرُ الأرضَ غَلَبَها ، وشاةٌ عَزُوزٌ قَلَّ دَرُّها ، وعَزّ الشيء قَلّ ، اعتبارا بما قيل : كل موجود مَمْلُول ، وكل مفقود مطلوب . وقوله : (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ) ، أي يَصْعُب مَنَالُه ووجود مِثْلِه . والعُزَّى صنم . قال : (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى) واسْتُعِزّ بِفُلانٍ إذا غُلِبَ بِمَرَضٍ أو بِمَوتٍ . اهـ .
فقول العامة : عِزّتِي لي ، أو عزّى لِفلان ، هو من التعزّز ، وهو كما قال الراغب آنفاً : عَزّ عَلَيَّ كذا صَعُبَ .
(1/177)
الثالث – من الأسباب – : أن من قالها لا يُنادي بها ، بل يقول : " عِزتى لي " ونحوها ، ولا يَقول : ( يا عُزَّى ) ولا ( يا عزّ ) فإن هذا الذي يكون فيه دعاء الصنم المعروف في الجاهلية .
الرابع : أن هذا لا يَخرج مَخرج التسخّط لأقدار الله ، ولا لِمسبة الدهر ، بل هو يستصعب حالته
كقول أحدهم – وقد نفِد رصيده من الإجازات :عِزّى يا قلب جالس للدوام ! فهو لا يَعدو كونه وَصْفاً .
إذ لو خَرَج مخرج التسخّط لَمُنِع منه من هذا الباب لا من باب كونه دعاء العُزّى .والله تعالى أعلم .
203- اسال عن موضوع اعلان: من يبي يتزوجني
(...السؤال...)
اليومـ..جيتكمـ...
وإن شاااااء الله أكون عروس على ذوقكمـ...!
يمكن تستغربون في البداية على جرئتي..
.
..
لكن
هذه
الحقيقة
..
وأنا أبصمـ بأنكم تريدونني...بل تعشقونني...
.
و إذا سمعتوا عني أكثر.. راح تطلبون يدي...
وراح تتوسلون رضاي..
.
يمكن..
بل متأكدة
.
بأنكمـ راح تصيحون عشان أرضى..
وطبعا جمالي راح يغريكمـ أكثر ... وأكثر...
.
ويهز رجولتكمـ... لا تتضايقون..
راح تقولون مغرورة..
متكبرة..
أقول قولوا اللي تقولونه..
يحق لي...أغتر...وأتكبر...وأفتخر
.
أنا واثقة من نفسي..
.
وجمالي لو تتخيلونه...
لا
لا...
ما تقدرون تتخيلونه...
.
أصلا يعجز عقلكمـ عن التخيل والتفكير..
.
ومهما فكرتكمـ.. أو تخيلتمـ..
.. تأكدوا إنه قليل بالنسبة لجمالي وروعتي..
على فكرة يا أحبابي..
أعطي معلومة حلوة للطمّاع والفقير..
ترااااااااااني غنية وااااااااااااااااااااااااااااااايد.والحمد لله عندي كل شيء
وفوق ما تتصورون وما ناقصني شي..
عندي القصر والخدم والبساتين و....الخ..
الصراحة ما أقدر أحصيه!!!
وعلى سبيل المثال
حتى المتزوج أربعة يبي يطلب يدي..
وبيني وبينكمـ... حتى البنات يبون يتزوجوني..
تصدقون....حتى المتزوجااااااااااااات......!
!
!!
وطبعا لي شروط؟؟؟؟!
وشرطي هو إنكمـ تطيعون ربكمـ ورسولكمـ..
(1/178)
وراح تلاقوني قدّامكمـ.. بإذن الله..
مع أجمل تحية:
.
..
عروستكمـ..(((الجنة)))..إن شاء الله...
.
وإن شاء الله نزفها لكل مسلمـ ومسلمة..
ولا تفوووتكمـ.. تراها حلووووة ورووووعة..
ويا حظه مين اللي بيتزوجها ...
ترى الشرع محلل لها عدد غير محصور..
واللي عنده 4 حلال عليه الخامسة.. ((وهي الجنة))وإن شاء الله عجبتكمـ العروس..
لا تكابرون ... عجبتكمـ صح.. وأنا أبصمـ.. بل أوقع بعد..
وإن شاء الله جميعنا نفوز بها..
(...الجواب...)
لا يجوز الحديث عن دار الكرامة بهذه الطريقة ، خاصة مثل قولهم :
(أقول قولوا اللي تقولونه..
يحق لي...أغتر...وأتكبر...وأفتخر)
فإن الجنة دار مِن أراد الله كرامته .
والجنة أعظم مما يتخيّله بشر ، ففيها : ما لا عين رأت ، ولا أذُن سَمِعت ، ولم يخطر على قلب بَشَر .
والله تعالى أعلم .
204- الموقف من الاخوة
(...السؤال...)
1-ارجو من حضراتكم بيان موقفي من اخوتي الذي يكذبون في اقوالهم وخصوصا احدهم قد كذب على اهلي جهارا علانا وامامنا .
ولقد قاطعته ولا اتحدث اليه لانه حلف بالله انه لا يكذب واعلم انه كذب .
مقاطعتي له عسى الله ان يهديه ويراجع حاله.
للعلم اصبح فترة المقاطعة اكثر من خمسة اشهر
علما ان ادعو دوما من الله ان يجمع الشمل ويحبب الايمان الى قلبي وقلب اخوتي
2- تقول الأخت السائلة :
لي أخت في الله وصديقة .. حصل بيني وبينها موقف ما .. لم أهجرها تماماً، مثلاً إذا مررتُ بها ألقيتُ عليها السلام، و إذا هي أتتْ و مدتْ يدها لمصافحتي فإني أستحي أن أردّها . لكني لا أستطيع أن أنظر إليها لشدة ما أجد في نفسي .
سؤالي :: هل تُرفع أعمالي إلى الله كل اثنين و خميس، أم أنني أدخل ضمن حديث ( انظِروا هذين حتى يصطلحا ) و هذا الأمر الذي أزعجني .
(1/179)
في قرارة نفسي أنا أستشهد بقصة الرسول عليه الصلاة و السلام مع وحشي حين أتى مبايعاً له على الإسلام فأمره أن لا يريه وجهه لأنه يتذكّر ما فعله في عمه حمزة رضي الله عنه . فهل سيعاقبني الله بسبب هذا الأمر ؟؟
(...الجواب...):
وبارك الله فيك، ووفقك الله لما يُحب ويَرضى
الْهَجْرُ نَوعَان : هَجْرٌ لِحَظِّ النَّفْس، وهَجْرٌ لسبب شرعي
فالهجر لِحَظٍّ من حظوظ النفس ، لا يجوز أن يتجاوز ثلاثة أيام ..والهجر الشرعي يجوز أن يُجاوِز ذلك .
ومِن النوع الثاني هَجْر النبي صلى الله عليه وسلم للثلاثة الذين خُلِّفوا ، فقد هجرهم خمسين يوماً
وفي الصحيحين أن عبد الله بن المغفل رأى رجلا من أصحابه يَخْذِف ، فقال له : لا تَخْذِف ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَكره - أو قال : يَنهى - عن الخذف ، فإنه لا يُصطاد به الصيد ، ولا يُنْكأ به العدو ، ولكنه يَكْسِر السِّن ، ويَفْقَأ العين ، ثم رآه بعد ذلك يَخْذِف ، فقال له : أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَكره أو يَنهى عن الخذف ، ثم أراك تَخْذِف ، لا أكلمك كلمةً .. كذا وكذا . رواه البخاري ومسلم .
قال الإمام النووي عن هذا الحديث : فيه هُجران أهل البدع والفسوق ، ومُنَابِذِي السُّنَّة مع العلم ، وأنه يجوز هجرانه دائما ، والنهى عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هَجَر لِحَظِّ نفسه ومعايش الدنيا ، وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائما ، وهذا الحديث مما يؤيده مع نظائر له ، كحديث كعب بن مالك وغيره . اهـ .
وقال ابن حجر : وفي الحديث جواز هجران من خالف السنة وترك كلامه ولا يدخل ذلك في النهي عن الهجر فوق ثلاث فإنه يتعلق بمن هجر لحظ نفسه . اهـ .
وقد ألّف السيوطي كتابا سمّاه " الزّجر بالْهَجر " وقال عن سبب تأليفه : لأني كثير الملازمة لهذه السُّنَّة .
(1/180)
فالمحذور من الهجر فوق ثلاث أن يكون لِحَظِّ النَّفْس ، وأن يكون هجراً تاماً بحيث يُعرِض كلّ منهما عن صاحبه لا يُسلِّم عليه ولا يَرُدّ عليه السلام أكثر من ثلاثة أيام ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في الهجر المذموم : لا يَحِلّ لِرَجُل أن يَهْجُر أخاه فوق ثلاث ليال ، يلتقيان فَيُعْرِض هذا ويُعْرِض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام . رواه البخاري ومسلم .
فإن المذموم في هذا الهجر أن يتعدّى ثلاثة أيام – وهي فترة كافية لِذهاب الغضب – والمذموم فيه أيضا أن لا يكون فيه سلام ولا كلام .فإذا كان فيه سلام فقد خَرَج عن حدّ الهجر .
قال الإمام البخاري : ويُذْكَر عن أبي الدرداء : إنا لَنَكْشُر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم .قال ابن حجر : والكشر - بالشين المعجمة وفتح أوّله - : ظهور الأسنان ، وأكثر ما يُطْلَق عند الضحك . اهـ .
فهذا يَدُلّ على أن الإنسان قد يُسلِّم أو يبتسِم في وجه من لا يُحبّه .. وهذا من المداراة .. وقد سبق بيان الفرق بين المداراة والمداهنة
مُداهنة أم مُداراة
http://www.al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=1146
وسَبَقت الإشارة إلى الهجر في :
والله لا أُكلّمك أبداً
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=3004
والله تعالى أعلم .
205- قصة رؤيا: باص للجنة وباص للنار
(...السؤال...)
ما صحة هذا الموضوع؟
====
جلس ذلك الرجل على السرير الأبيض ... في إحدى المستشفيات في الخليج وكان كل جسمه شاش ورجلينه كلها جبس وما تسمع الا اه واوه واي ومادري شو مغير يون من الاوجاع اللي فيه عاد انا قلت يمكن انه مسوي حادث قوي او انه محترق او او او ... الخ
(1/181)
المهم جت الساعه 4 العصر وبدا وقت الزياره انا استغربت من شي كل من جاء يزور هالشخص يطلع من عنده ميت من الضحك انا جاني الفضول وقلت وش السالفه وعلى هالحال كل من جاء وسلم عليه ما تسمع الا ضحكهم من ورا الستاير انا قلت لازم اعرف وش السالفه انتهى وقت الزياره وانقز له على طول واتشافا له واقوله الحمد لله على السلامه عسى ماشر وانا كل همي اعرف ليش يضحكون : المهم قلت له:
انا اشوف اللي يجونك ما يرحون من عندك الا و ضحكهم واصل اخر المستشفى .... قال لي : هه ليش عاد أنت حاسدنا على الضحكه ... قلت له : لا يا أخوي والله لو عندك مليون كان يمكن أحسدك! ... بس اضحكوا عادي خذوا راحتكم بس بغيت اعرف السر يعني ... اذا ما عندك مانع .... قال لي : طيب ولا يهمك ...
انت مثل ما تشوفني مكسر ومربط بالشاش .... قلت له : هيه والله ... الله يشفيك ... قال لي : يا طويل العمر انا ساكن في شقه في الدور الثاني ... وعندي بلكونه مامن زينها .... واذا نمت فتحت باب البلكونه .. وطفيت النور ... وتسدحت على السرير ويوم نمت على السرير ... وغصت في اعماق اعماق نومي ... حلمت اني في يوم القيامه ... وحلمت مثل ما تقول ان الناس في مكان مثل موقف الباصات وفيه باصات رايحه للجنه وباصات رايحه للنار !!! .... المهم الجماعه ينادون بالاسامي ..
فلان بن فلانه باص النار .... فلان بن فلانه باص الجنه .. وهكذا فلان بن فلانه ....هه هذا اسمي ... وقلبي يدق و يدق... رووح باص الجنه ..... اووووووووووووه الحمد لله ارتحت ومشيت ادور على الباص اللي مكتوب عليه الى الجنه .... وحصلته ودخلت فيه .... مشينا بالباص وبعد فترة جاتنا لوحه مكتوب
عليها (الجنه 50 كيلوا) (النار 100 كيلوا ) وهذا وحنا مع اللوحات .. والله ونتعدى الجنه ... قلت يمكن السواق يعرف مكان لباب ثاني .... شوي وشفت النار
15 كيلوا ... وبعد شوي النار 10 كيلوا ... وكل شوي نقرب من النار .... يا رجال
(1/182)
وش السالفه .. المشكله الناس ساكتين وما حد قلق في الباص الا انا .....قلت بدخل عالسواق وشفته معطيني ظهره .... إيه إإإيه أنت وين رايح ؟؟؟!!!!!!!!!
... قال لي بدون ما يلتفت : رايح النار يا حبيبي ...... قلت له : ويش انا من
اهل الجنه .. وليش توديني النار يا وجه النحس !!!.... والتفت لي ... طلع هو
ابليس !!! .. الله يلعنك ... انا من اهل الجنه .. يا ملعون لا توديني النار ..
انا من اهل الجنه .... والله العظيم اني من اهل الجنه ... من شوي قايلين اسمي
... وقف يا ملعون .. وقف يا ملعون ... وهذا انا أصورخ... وهو بانواع الضحكات
الشريره هاهاهاهاها ... اهاهاهاهاهاهاهاهاها ..
.. قلت له يا ملعون وقف !!! أبي انزل !!! ... قال : والله الباص هذا مبرمج على
انه ما يوقف الا في النار ... تبي تنزل أقفز منه .... وركضت على الباب وفتحته
... وهوب .. ولا وعيت الا في المستشفى ... قافز من البلكونه ... في الحوش !!!!
القصة صحيحه ... وحصلت لواحد كان منوم في مستشفى المجمعه العام
أرجوا الرد بسرعه
(...الجواب...)
سمعت القصة من قَبْل ، وليس فيها شيء من الاستهزاء ، وصاحبها يحكي قصة رؤيا رآها في منامه ، إلاّ أن بعض القصص قد يُزاد فيها ما ليس منها .
.
فإن ثبتت القصة فهي قصة رؤيا ، والرؤى على ثلاثة أقسام : رؤيا حَقّ ، ومن الشيطان ، وحديث نَفْس ، كما جاء في الأحاديث . والله أعلم .
206- ما صحة الموضوع صحوت من النوم فجأة في
(...السؤال...)
ما رأي فضيلتكم في هذا الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم ..
كانت عندي مشكله .. ما خلتني انام واذا نمت يكون بالي مشغول بهالمشكله .. يمكن تكون سخيفه او عاديه بالنسبه للبعض ... لكنها اشغلتني .. الله لا يشغلنا بغير طاعته ..
(1/183)
دخلت هنا المنتدى وجلست اتصفح المشاكل يمكن القى وحده طارحه مشكله زي مشكلتي .. لكني ما وجدت .. طفشت .. مليت .. سكرت عالم حواء .. ورحت لقوقل افرفر فيه قريت اكثر من موضوع في اكثر من منتدى ودخلت موقع ما سجلت فيه .. وطحت على هذي القصه .. اللي خلتني افكر واعيد حساباتي ..
اكملوااا للاخير
صحوت من النوم فجأة في عيني نور غريب وقوي جدا استعجبت أمر النور من
أين أتى واندهشت عندما وجدت الساعة تشير إلى الساعة 3 صباحا وأن مصباح الغرفة كان طافياً؟! حارت تساؤلاتي من أين هذا النور ؟؟؟!!! وعندما التفت ؟؟؟ فزعت جداً ... وجدت نصف يدي داخل الجدار أخرجتها بسرعة خرجت يدي فنظرت إليها بعجب ؟؟!!
أرجعتها إلى الجدار مرة أخرى فوجدتها دخلت اندهشت ؟؟!! ما الذي يحصل؟؟ بينما أنا بين تساؤلاتي إذا بي أسمع صوت ضحك نظرت إلى ناحية الصوت فوجدت أخي نائماً بجانبي ورأيته يحلم يحلم بأنه يركب سيارة حديثة وانه ذاهب إلى حفلة كبيره جداً لناس أغنياء جداً وانه في أبهى حله وليكون أجمل من في الحفلة وكان سعيد جداً وكان يضحك ابتسمت من روعة المنظر ... ولكن!!
شدني انتباهي إلى واقعي ... ما الذي يحصل؟؟؟ فقمت من سريري ركضت إلى حجرة أمي ... لطالما ركضت إليها في مرضي وتعبي جلست إلى جوار رأسها وقمت أناديها بصوت خافت ... أمي ... أمي! ولكن أمي لا تستجب لي .. فقمت أوكزها برقة ... ولكنها لا ترد ... وكأني لا ألمسها ..!!
بدأ الخوف يتملكني ... وأخذت أرفع صوتي قليلاً .. أمي ... أمي ..!! صرخت ... ولكن لم لا تستجيب لي .... هل ماتت ؟؟؟ وأنا في ذهولي وصعقتي بتخيل موت أمي ... إذا بها تفوق من نومها كمن كانت بكابوس كانت فزعة جداً وتلهث ... وتنظر يمنة ويسرة ... فبرق دمعي على عيني وقلت بصوت خافت: أمي أنا هنا.
(1/184)
فلم ترد علي ... أمي ألا تريني ؟؟؟!! أمي ؟؟؟؟ ورحت أقول أمي بكل عجب أمي ... أمي أمي .. أمي .. وكانت تضع كفها على صدرها لتهدئ روعة قلبها وتقول بسم الله الرحمن الرحيم ثم التفتت إلى أبي ... وبدأت توضقه من نومه .. أجابها ببرود.. نعم؟
>>فقالت له قم لأطمئن على ولديّ
>>فرد أبي: تعوذي من الشيطان ونامي
>>فقالت أمي:أنا قلقة جداً ... أشعر بضيق ... وضنك يملأ صدري .. وأشعر
>>أن هناك
>>مصيبة
>>وأنا أنظر إليها بذهول ... وكنت أعلم جيداً إحساس الأم لا يخيب
>>فقلت : يا أمي أنا هنا ... ألا تريني يا أماه ... أمي
>>فقامت أمي ومشت إلى حجرتي حاولت أن أمسك لباسها ... لكن لم أستطع
>>الإمساك به ..
>>وكأن يدي تخترقه
>>ركضت إلى أمامها ووقفت ... ماداً ذراعي لها ..
>>فإذا بها تمر مني ؟؟!!
>>فأخذت ألحقها وأصيح أماه ... أمااااااه ؟؟!
>>ووالدي كان خلفي ... فلم ألتفت إليه ... كي لا يتجاهلني ...
>>دخلت امى إلى حجرتي وأخي وأشعلت المصباح ..
>>الذي كان مضاءً بنظري
>>صقعت عندما وجدتني نائماً على سريري
>>فنظرت إلى يدي باستنكار ... من ذاك ... ومن أنا ...
>>كيف أصبحت هنا وهناك
>>وقطع سيل اندهاشي صوت أبي : كلهم بخير .. هيا لننم.
>>فردت أمي : انتظر أريد أن أطمئن على محمد.
>>ورأيتها تقترب من سريري.
>>وتنظر إلي بعين حرص
>>وتزيد قرباً من النائم على سريري.
>>وتضع يدها على كتفه... محمد .... محمد
>>لكنه لم يرد ... فصحت أنا أمي .. أنا هنا أمي
>>بدأت تضربه على كتفه بقوه ... وتصيح ... محمد .... محمد
>>لوت وجهه إليها وتلطمه .... محمد .... محمد .... وبدأت تعوي وهي تقول
>>...محمد
>>... محمد
>>فركضت إليها ... أبكي على بكائها ... أمي ... أمي
>>أنا هنا يا أمي ... ردي علي أماه ... أنا هنا
>>وفجأة صرخت ولقيت الصرخة توجع قلبي
>>بكيت
>> وقلت لها أمي لا تصرخي ... أنا هنا
>> وهى تقول: محمد
>>فركض أبي إلى سرير
(1/185)
>>ووضع يده على صدري ... ليسمع نبضي ...
>>وآلمني بكاء أبي بهدوء ... وبهدوء يضع يده على وجهي ويمسح بوجهه على
>>حبيني
>>فتقول أمي : لم لا يرد محمد
>>والبكاء يزيد وأنا لا أعرف ما العمل
>>استيقظ أخي الصغير على الصوت أمي وهو يسال ما الذي يحصل؟؟
>>فردت أمي صارخة: أخاك مات يا احمد.
>>مات
>>فبكيت أقول: أمي أنا لم أمت .. أمي أنا هنا ... والله لم أمت ...
>>ألا تريني
>>أمي .... أمي
>>أنا هنا انظري إلي
>>ألا تسمعيني
>>لكن بدون أمل
>>رفعت يدي ...لأدعو ربي
>>ولكن لا يوجد سقف لمنزلنا
>>ورأيت خلق غير البشر وأحسست بألم رهيب
>>ألم جحظت له عيناي وسكتت عنه آلامي
>>نظرت لأخي فوجدته يضرب بيده على رأسه وينظر إلى ذاك السرير قلت له:
>>اسكت أنت
>>تعذبني
>>لكنه كان يزيد الصراخ
>>وأمي تبكي في حضن أبي
>>وزاد والنحيب
>>وقفت أمامهم عاجزاً ومذهول
>>رفعت راسي إلى السماء وقلت: يا رب ما الذي يحصل لي يا رب
>>وسمعت صوت من حولي ... آتياً .. من بعيد ... بلا مصدر
>>تمعنت في القول سمعي
>>فوجدت الصوت يعلو ... ويزيد ... وكأنه قرآن
>>نعم إنه قرآن والصوت بدأ يقوى ويقوى ويقوى
>>هزنى من شدته
>>كان يقول :' لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ'
>>شعرت به مخاطباً إياي.
>>وفى هول الصوت
>>وجدت أيدي تمسك بي
>>ليسوا مثل البشر
>>يقولوا: تعال.
>>قلت لهم ومن انتم؟
>>وماذا تريدون؟
>>فشدوني إليهم فصرخت
>>أتركوني
>>لا تبعدوني عن أمي وأبي ... وأخي ...
>>هم يظنوا أني مت...
>>فردوا : وأنت فعلاً ميت
>>قلت لهم: كيف وأنا أرى وأسمع وأحس بكي شيء
>>ابتسموا وقالوا: عجيب أمركم يا معشر بشر أتظنون أن الموت نهاية
>>الحياة؟
>>ألا تدرون أنكم في البداية؟
>>وحلم طويل ستصحون منه
>>إلى عالم البرزخ
>>سألتهم أين أنا ؟؟ ... وإلى أين ستأخذوني؟؟
>>قالا لي: نحنا حرسك إلى القبر
>>ارتعشت خوفا
>>أي قبر؟
(1/186)
>>وهل ستدخلونني القبر
>>فقالا: كل ابن آدم داخله
>>فقلت: لكن..!
>>فقالا: هذا شرع الله في ابن آدم
>>فقلت: لم أسعد بها من كلمة في حياتي .. كنت أخشاها ويرتعد لها جسمي
>>... وكنت
>>أستعيذ الله منها وأتناساها.
>>لم أتخيل أني في يوم من الأيام داخل إلى القبر.
>>سألتهم وجسمي يرتعش من هول ما أنا به: هل ستتركونني في القبر وحدي؟
>>فقالا: إنما عملك وحده معك.
>>فاستبشرت وقلت وكيف هو عملي؟؟ أهو صالح؟
>>......
>>وحطم صمتنا صوت صريخ أحدهم فالتفت أليه ... ونظرت إلى آخر .. فوجدته
>>مبتسماً
>>بكل رضا
>>وكل واحد منهم لديه نفس الاثنين مثلي.
>> سألتهم: لم يبكي؟!
>>فقالا: يعرف مصيره. كان من أهل الضلال
>>قلت: أيدخل النار؟ واسترأفت بحاله
>>وهذا؟؟ وكان متبسماً سعيداً رضياً .. أيدخل الجنة؟؟
>>ماذا عني؟
>>أين سأكون ؟
>>هل إلى نعيم مثل هذا أم إلى جحيم مثل ذاك؟
>>أجيبوني ..
>>فردا: هما كانا يعلمان أين هما في الدنيا. والآن يعلمون أين هم في
>>الآخرة.
>>وأنت؟! كيف عشت دنياك؟؟
>>فرددت : تائه؟ .. متردد؟
>>قليلٌ من العمل الصالح وقليل من الطالح؟
>>أتوب تارة وأعود بالمعاصي كما كنت؟
>>لم أكن أعلم غير أن الدنيا تسوقني كالأنعام.
>>فقالا: وكيف أنت اليوم هل ستضل متردداً تائهاً؟
>>فصرخت:ماذا تقصد .. أواقع في النار أنا؟
>>فقالا: النار .. رحمة الله واسعة
>>ولا زالت رحلتك طويلة.
>>نظرت خلفي ... فوجدت عمي وأبي وأخي يبكون خلفي
>>يحملون صندوق على أكتافهم
>>ركضت مسرعاً إليهم
>>صرخت .. وصرخت .. ولم يرد علي أحد
>>أمي كانت بين الناس تبكي ... تقطع قلبي وذهبت إليها ... فقلت أماه ...
>>لا تبكِ
>>.. أنا هنا أسمعيني ... أمي ... أمي ... أدعي لي يا أمي وقفت بجانب
>>أبي : وقت
>>في أذنه: أبي ... استودعتك الله وأمي يا أبي ... فلترعاها ... وتحبها
>>كما
>>أحببتنا .. وأحببناك ...
(1/187)
>>صرخت إلى أخي ... أحب إلى من نفسي ... وقلت له ... محمد فلتترك الدنيا
>>خلفك ...
>>إياك ورفقة السوء وعليك بالعمل الصالح ... الخالص لوجه ربك ... ولا تنسى أن
تدعوا لي وتتصدق لي .. وتعتمر لي ... فقد انقطع عملي .. فلا تقطع عملك
>>.. حتى
>>بعد موتك ... فقد فاتني .. ولم يفتك أنت ... وتذكرني ما دامت بك الروح
>>وإياك
>>والدنيا فإنها رخيصة ولا تنفع من زارها ... وقفت على رأسهم كلهم ...
>>وصرخت
>>بكل صوتي:وداعاً أحبتي .. لكم يحزنني فرقكم ... ولكن إلى دار المعاد
>>معادنا .. نلتقي على
>>سرر متقابلين .. أن كنا من أصحاب اليمين ..
>>لم يجبني أحد ... كلهم يبكون ... ولم يسمعني أحد ... تقطع قلبي من
>>وداعهم بلا وداع
>>لم أتمنى قبل ذهابي إلا أن يسمعوني
>>وشدني صحبي .. وأنزلوني قبري
>>ووضعوا روحي على جسدي في قبري
>>ورأيت أبي يرش على جسدي التراب
>>حتى ودعني .. وأغلق قبري
>>لا يشعرون بما أشعر
>>وأحسدهم على الدنيا ... لطالما كانت مرتع الحسنات ولم آخذ منها شيء
>>لكن لا ينفعني ندم
>>كنت أبكى وكانوا يبكون
>>كنت أخاف عليهم من الدنيا
>>وأتمنى إذا صرخت أن يسمعوني
>>وخرجوا كلهم وسمعت قرع نعالهم
>>وبدأت حياتي ... في البرزخ ..
لا إله إلا الله ... لا إله إلا الله .... لا إله إلا الله
منقول
قرأتها بااحد المنتديات وحسيت الدنيا صغيره
(...الجواب...)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأعانك الله .
أصل الموضوع أُريد به التذكير بالموت ، وله أصل في أقوال السلف نثرا وشعرا . إلاّ أن هذا المنشور لا يخلو من محاذير ، منها :
1- الكذب في الرؤيا ، والكذب فيها عظيم ، حتى قال عليه الصلاة والسلام : : مَنْ تَحَلّم بِحِلْم لم يَرَه كُلِّفَ أن يعقد بين شعيرتين ، ولن يفعل . رواه البخاري . وفي رواية لأبي داود : مَنْ تَحَلّم كُلِّف أن يعقد شعيرة .
(1/188)
فلا يَجوز الكذب في الدعوة إلى الله ، لأن درء المفاسد ودفعها مُقدّم على جلب المصالِح .ولا يُتوصّل إلى ما عند الله بالمعصية ، ولا يُنال رِضاه بِسَخَطِه .
2- تَخَوّض الكاتب في قوله تعالى : (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) ، وهذا قد يَظنّه بعضهم أن المقصود به أن يكون البصر من ( الحديد ) وليس كذلك ، بل هو من الْحِدّة ، أي يكون البصر حادًّا .
قال البغوي : (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) نافذ تُبْصِر ما كنت تُنْكِر في الدنيا . اهـ . وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية : أي قوي ، لأن كل أحد يوم القيامة يكون مستبصرا حتى الكفار في الدنيا يكونون يوم القيامة على الاستقامة ، لكن لا ينفعهم ذلك . اهـ .
3- قوله (ووضعوا روحي على جسدي في قبري) ، والروح لا تُوضع على الجسد ، بل تُرَد إليه ، ولا يَعلَم كيفية ذلك التعلّق إلا الله ؛ لأن تعلّق الروح بالجسد في البرزخ مما لا عهْد للإنسان به ، كما قال ابن القيم رحمه الله . والله تعالى أعلم .
207- يتحدث الموضوع عن أحجار العقيق
(...السؤال...)
لقد شاع في الآونة الأخيرة على منتديات الإنترنت أحد الأحاديث لا أدري حقيقة صحتها فنرجوا من سماحتكم توضيح هذه المعلومة وتبيان إن كان لها أي أصل ، والآن سأعرض الموضوع كاملا حتى تكتمل لكم الصورة حيث يتحدث الموضوع عن أحجار العقيق وماذا تحدث عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مايلي : -
فوائد العقيق
عن الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم: تختموا بالعقيق فإنه لا يصيب أحدكم غم ما دام ذلك عليه
. عن النبي صلى الله عليه وآله و سلم انه قال: تختموا بالعقيق فإنه ينفي الفقر و اليمنى أحق بالزينة. و عنه عليه السلام قال: صلاة ركعتين بفص عقيق تعدل ألف ركعة بغيره.
شكا رجل إلى النبي (ص) أنه قطع عليه الطريق, فقال: ((هلا تختمت بالعقيق, فإنه يحرس من كل سوء))
(1/189)
عن الحسين بن علي عليهما السلام قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم " يا بني تختم باليواقيت و العقيق فإنه ميمون مبارك و كلما نظر الرجل فيه إلى وجهه يزيد نورا ً و الصلاة فيه سبعون صلاة )، عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم: قال الله سبحانه: أني لأستحي من عبد يرفع يده و فيه خاتم فصه فيروز فأردها خائبة.
عن ابن شهر أشوب في المناقب عن ابن عباس و السدي كان لأمير المؤمنين عليه السلام أربعة خواتم: ياقوت لنبله، فير وزج لنصره، حديد صيني لقوته، عقيق لحرزه
ويوجد كثير من الروايات قد تصل بالمئات بخصوص الأحجار الكريمة، و(...السؤال...) الذي يفرض نفسه هو لماذا يعطي الله المصلي حال لبسه خاتما فصه عقيق أجر ألف ركعة، علميا إن حجر العقيق اليماني توجد به ترددات منخفضة جداً قد تصل تردداتها ميكرو هيرز أو نانو هيرز أو بيكو هيرز أو ميلي هيرز المشابه بترددات الخلايا المخية الخاصة بالتركيز فينشط التركيز في الصلاة وإذا زاد التركيز في كلام الصلاة زاد الخشوع في الصلاة وإذا زاد الخشوع زاد الأجر والثواب في الصلاة
فالله سبحانه لم يخلق المعادن و الجواهر في باطن الأرض اعتباطا ً أو دون فائدة (والعياذ بالله ) وإنما لأسباب عديدة منها التفكر في عجائب مصنوعاته و بديع مخلوقاته و لمنافع الناس كالحديد ذو البأس الشديد و النحاس و الرصاص وغيرها من الأحجار الثمينة مثل الذهب و الفضة و الماس ففي كل منها أسرار وآثار عجيبة وفي أحاديث أهل بيت العصمة عليهم السلام و روايتهم أمور ثمينة
(...الجواب...):
هذا يغلب عليه أنه من أحاديث الرافضة ، فهم الذين إذا ذَكَروا آل البيت – رضي الله عنهم – قالوا : عليهم السلام ! وهم الذين يروون الأحاديث دون زِمام ولا خِطام ، فيروون دون أسانيد ! وهذا هو الغالب عليهم ، فأصَحّ الكُتب عندهم كِتاب الكافي ، وأكثر ما فيه قول الكليني : حدثنا عِدّة من أصحابنا !
(1/190)
وهذه لو صَحّت الأسانيد فيها إلى أئمة آل البيت رضي الله عنهم ، لَكانت ضعيفة . فكم بين جعفر الصادق رحمه الله وبين النبي صلى الله عليه وسلم ؟
مات سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة . وكم بين الرضا رحمه الله وبين النبي صلى الله عليه وسلم ؟ توفي سنة ثلاث ومئتين من الهجرة .
والأحاديث الواردة في التختم بالعقيق لا يصِحّ منها شيء . بل حَكَم عليها غير واحد من أهل العِلْم بأنها موضوعة مكذوبة ، فقد أوردها ابن الجوزي في كتاب " الموضوعات " .
وقال السخاوي : ولا يصح أيضاً حديث : " تختموا بالعقيق " ، له طرق كلها واهية، والمقدسي في " تذكرة الموضوعات " . والألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة . والله أعلم .
208- هل صحيح ان كلمة "الو" تخسرك 120 حسنة كل مكالمة؟
(...السؤال...)
هل تصدق أن كلمة"ألو"تخسرك 120 حسنة كل مكالمة؟؟؟؟
((هل تصدق ان كلمه الووووو تخسرك مائه وعشرين حسنه كل مكالمه ؟ ))
أخي العزيز ...... أختي العزيزة
يقول الرسول صلى الله عليه و سلم (( لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا و لن تؤمنوا حتى تحابوا , ألا ادلكم على شىء إذا فعلتموة تحاببتم , افشوا السلام بينكم )) .
الموضوع خطير جدا ,, لا تستهينوا به ,,
كثير منا بل لا أبالغ لو قلت معظمنا يبدأ بكلمة (( ألو ))عند بداية أي حديث عبر الهاتف .
تتصل بصديق لك فيقول (( ألو )) فتقول له (( ألو )) او مرحبا و كلمة ألو بمعنى مرحبا و كلاهما ليس بحرام و لكنهم فى الميزان يوم القيامة = 0
اما كلمة السلام عليكم و رحمه الله و بركاته قال عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم
(( افشوا السلام و اطعموا الطعام و صلوا الارحام و صللوا بلليل و الناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ))
(1/191)
و ابلغنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بأن من يقول السلام عليكم فله 10 حسنات و من رد علية بأفضل كان له 30 حسنة و من قال السلام عليكم و رحمه الله و بركاته له 30 حسنة وقال الله تعالى فى القرآن (( {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ **انَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} سورة النساء))
فيجب عليك أخى المسلم ان تتلفظ دائما بكلمة السلام عليكم و رحمه الله و بركاته أو على الاقل السلام عليكم .
حتى يزداد ميزان حسناتك اكثر و اكثر
تخيل كم مرة تتكلم فيها فى التليفون و الجوال ؟
اكيد اكثر من 4 مرات يوميا فتخيل نفسك كل يوم تربح 4 * 30 = 120 حسنة .
و هذا أقل القليل
تأتى يوم القيامة بإذن الله و لك كنز من الحسنات
فلننسى كلمة (( ألو )) و مرحبا و غيرها و لنتلفظ ب (( السلام عليكم )) فهى أفضل وأحب إلى الله عز و جل .
فلنتسابق للحصول على كنز الحسنات
.. فهل هو صحيح .. ام هو من البدع المتناقله ؟
(...الجواب...)
ليس صحيحا (أن كلمة "الو" تخسرك 120 حسنة كل مكالمة؟ ) لأنهم اعتبروا ذلك في مُعدّل أربع مكالمات يوميا ، وليس في كل مُكالمة .
وليس صحيحا أنها تُخسِر حسنات ، بل تُفوِّت حسنات . وفَرْق بين الأمرين ، فالأمر الأول يعني أن قول كلمة ( ألو ) تُذهب من الإنسان عددا من الحسنات ، والثانية تُفوِّت عليه عددا من الحسنات .
ولا شكّ أن السلام اسم من أسماء الله ، والسلام تحية أهل الإسلام ، بل هو تحية أبينا آدم عليه الصلاة والسلام ، وهو تحية أهل الجنة حين يلقون ربهم تبارك وتعالى .
وقد يُفوِّت الإنسان على نفسه الحسنات الكثيرة مع ما يأتي به من التشبه بالكفار في مثل تلك الكلمة ، وهو قول ( ألو ) .
(1/192)
روى البخاري في " الأدب المفرد " من حديث أبي هريرة أن رجلا مَرّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس ، فقال : السلام عليكم . فقال : عشر حسنات . فَمَرّ رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله . فقال : عشرون حسنة . فَمَرّ رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فقال : ثلاثون حسنة . فقام رجل من المجلس ولم يُسَلِّم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أوشك ما نَسِي صاحبكم ! إذا جاء أحدكم المجلس فليُسَلِّم ، فإن بدا له أن يجلس فليجلس ، وإذا قام فليسلم ، ما الأولى بأحقّ مِن الآخرة . وصححه الألباني .
وينبغي على المسلم أن يَقْتَدِي بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأصحابه وبالأخيار من أمته . وأن يحرص على أن لا يعمل عملا إلاّ بأثَر . قال سفيان الثوري يقول : إن استطعت ألاَّ تَحُكّ رَأسَك إلاَّ بِأثر ، فافْعَل .
وأن يحرص المسلم على التشبّه بالكرام ، فإن التشبّه بالكرام فلاح .. وأن يبتعد عن موافقة أصحاب الجحيم ! وأن يُشيع السلام ويُفشيه بين المسلمين ، سواء كان مُتِّصِلا ، أو كان مُباشَرة .
والله تعالى أعلم .
209- انحباس الشمس لسيدنا يوشع بن نون !!
(...السؤال...)
قرأت باحد المنتديات ان الشمس حبست لسيدنا يوشع بن نون ؟
ومن هو يوشع بن نون .. هل هو سيدنا يونس ام فتي سيدنا موسى ؟
فهل هذا صحيح ..
(...الجواب...)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشمس لم تُحْبَس على بَشَر إلاَّ ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس . رواه الإمام أحمد . وصححه ابن حجر .
وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط البخاري .
وقصته مُخرّجة بِطُولِها في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه دون ذِكْر اسمه .
(1/193)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : غَزا نَبِيّ من الأنبياء فَقَالَ لِقَوْمِهِ : لا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا ، وَلا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا ، وَلا أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلادَهَا ، فَغَزَا فَدَنَا مِنْ الْقَرْيَةِ صَلاةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ : إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا . فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ . الحديث .
قال ابن حجر : قوله : " غزا نبي من الأنبياء " أي : أراد أن يغزو . وهذا النبي هو يوشع بن نون . اهـ .
وفي الصحيحين في قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع الخضِر عله السلام : وأخذ حوتا فجعله في مِكْتَل ، ثم انطلق هو وفَتَاه يوشع بن نون .
قال النووي : معنى " فَتَاه " صَاحِبه .
ونبي الله يونس ، سُمّي " ذا النون " نسبة للحوت حينما ابتلعه ، فإن الحوت يسمى " النون " .
قال الاستاذ أبو إسحاق : صحب ذو النون الحوت أياما قلائل فإلى يوم القيامة يقال له : ذو النون . فما ظنك بِعَبْدٍ عَبَدَه سبعين سنة . يبطل هذا عنده ؟! لا يُظَنّ به ذلك .
والله أعلم .
210- هل احمل اثم ..؟؟؟
(...السؤال...)
اتمنى ان تجيبني على استفساري التالي ،، فهو يشغل بالي كثيرا جزاك الله خيرا ،،،
فضيلة الشيخ ،، حين يعرض عندي موضوع في الموقع ،،،
واشك فيه ،،، ابحث عنه فلا اجد ما يرشدني له ،،،
واتوجه بسؤال من اثق فيهم من اهل العلم فأحيانا لظروف معينة يتأخروا باجابتي او لا يجيبوني ،،،
بعد ذلك انتشر الموضوع عن طريق موقعي ،،،
هل احمل في هذه الحالة اثم ان كان الموضوع خطأ؟؟؟
وهل اكون ممن ينشر الأكاذيب ،،،
(...الجواب...)
لا تحملين إثما إذا كنت حريصة على مراقبة ما يُنشر ، وإذا لم يكن لديك علم بخطأ ما نُشر .
(1/194)
وإذا شككت في موضوع وغلب على الظن أنه لا أصل له ، فيُحذف ويُوضع في ( المحذوفات ) لحين التأكّد من صحته .
وكان الله في عونك
211- هل الحيوانات ترى الملائكة وما الدليل؟؟
(...السؤال...)
هل الحيوانات ترى الملائكة؟؟ وما الدليل على ذلك ؟ وهل صياح الديك يدل على رؤية ملك ؟؟؟
(...الجواب...): نعم
فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله ، فإنها رأت ملكا ، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان ، فإنه رأى شيطانا .
وفي الحديث الآخر : إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمر بالليل فتعوذوا بالله فإنهن يرين مالا ترون . رواه الإمام أحمد وأبو داود .والله تعالى أعلى وأعلم .
212- :: حكم افتتاح منتديات للرسوم المتحركة ::
(...السؤال...)
ماحكم افتتاح منتديات خاصة للرسوم المتحركه مع اشتمالها على منتديات اخرى كمنتدى اسلامي وآخر للاشعار لكن أصله للرسوم تباع فيه حلقات الرسوم وتطرح للاعضاء لمشاهدتها
وماحكم عملي مشرفة للقسم الاسلامي فعملي ومشاركاتي تقتصر على الاسلامي والمواضيع التي ليس في المشاركة فيها اعانة على الباطل
(...الجواب...)
السلامة لا يعدلها شيء .
والذي يظهر أنه لا يجوز افتتاح منتدى للرسوم المتحركة .
والله أعلم .
213-ماحكم قتل الشرطي في العراق
(...السؤال...)
1-السلام عليكم كيفك شيخي انا مواطن عراقي اسكن في العراق وفي محافظه الانبار وانا اسال عن قتل الشرطي هل هو حرام ام حلال
2-سئل الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله هذا (...السؤال...):
أرجو من السادة العلماء وطلاب العلم مناقشة موضوع أستهداف الشرطة العراقية والجيش بالعمليات المسلحة حيث ان هذا الموضوع، أصبح ذا أهمية كبرى في المجتمع العراقي
(...الجواب...)
هذه قضايا مصيرية، وهي قضايا أمة ، فيَحكم بها علماء الأمة . فإن لم يَكن ، فيَحكم بها علماء العراق الذين هم أقرب إلى الواقع .
(1/195)
وكان بعض العلماء يقول : لا يُفتي في مسائل الجهاد إلا من كان في الجهاد، وهذا فيما يخصّ أرض الجهاد لا عموم مسائله .
والله أعلم
214- من يريد أن يرى الرسول عليه الصلاة والسلام في منام
(...السؤال...)
ماصحة هذا الموضوع
بسم الله والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد أما بعد
ذهب احدهم الى احد الشيوخ الصالحين وسأله كيف ارى الرسول
فقال له الشيخ بسيطه تستطيع ان ترى الرسول لو اتبعت التالي كما اقول لك بالظبط
فقال له وكيف ذلك قال الشيخ اذهب اليوم الى بيتك وتغدى وجبة سمك واكثر من الملح
ولا تشرب الماء ابدا وعند العشاء كذلك وجبة سمك واكثر الملح فيها واياك ثم اياك
ان تشرب الماء فاذا شربت الماء لم ترى شيء بعده تنام . فقال له الرجل بس كدا
قال له نعم بس كدا بس يجب ان تقاوم رغبتك في شرب الماء بعدها تنام فذهب الرجل
الى بيته واتغدى سمك وتعشى سمك واكثر من الملح وبدا يشعر بالعطش فتذكر كلام
الشيخ وقاوم شعوره بالعطش وقام الى الفراش وهو يشعر بالعطش الشديد ويحدث نفسه
بالشرب ولاكنه يخشى ان لا يرى النبي عليه الصلاة والسلام وامضى الليل كله يتقلب
في الفراش يقاوم شعوره بالعطش حتى غلبه النوم وعند الصباح استيقظ وذهب الى
الشيخ ، فبدأه الشيخ ب(...السؤال...) هل رأيت الرسول في منامك
فقال الرجل لا لم اراه فقال الشيخ وماذا رأيت قال الرجل لقد رأيت نفسي اشرب
الماء واسبح في انهار من الماء ورايت السماء تمطر ماء والارض تنبع ماء ورأيتتني
اسبح واشرب من الماء في كل مكان والماء يتدفق من كل مكان حولي وبت طول الليل
وانا احلم بالماء ولم ارى الرسول كما اخبرتني فقال له الشيخ
لو بت ليلتك تفكر في رسول الله كما كنت تفكر في الماء وتعلق قلبك برسول الله
كما تعلق قلبك البارحة بالماء لكنت رأيت رسول الله يابني
اذا اردت ان ترى رسول الله يجب ان يشغل الرسول عليه الصلاة
والسلام كل تفكيرك وقلبك ونفسك حتى لا تفكر ولا ترى شيء سوى رسول الله عندها
(1/196)
يكرمك الله برؤية رسول الله هكذا نستطيع أن نرى رسول الله
وقد قال عليه الصلاة والسلام ( من رأني في المنام فسيراني في اليقظه فأن الشيطان لا يتمثل بي )او كما قال عليه افضل الصلاة والتسليم ومن
أراد ان يكون الرسول هو مايشغل تفكيره فعليه اولا ان يزكي
ويطهر نفسه من جميع العيوب ويقرأ سيرته ويكثر من ذكره والصلاة عليه عليه افضل
الصلاة والسلام ويشغل وقته كله في ذكرة والصلاة عليه عليه افضل الصلاة والسلام
ويجاهد نفسه بان يصلي عليه كل يوم على الاقل 100 مرة باي صيغة كانت في اي وقت
ويكثر من الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام في يوم الجمعة ارجوا منكم ارسال هذه
الرساله الى كل من تعرفوا عسى الله يكرم كاتبها وراسلها وموصلها ومبلغها رؤية
رسول الله في المنام واليقظة في الحياة قبل الممات ويجمعنا
به واياكم في دار الفردوس في مقعد صدق عند مليك مقتدر واخر دعوانا
ان الحمد لله رب العالمين
(...الجواب...)
قال الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله
حول هذا الموضوع:
لا أرى به بأساً .
لأن من أحب شيئا أكثر ذِكْرَه .
ومن أحب النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة المحبة عَرَف سيرته ، واهتدى بِهَدْيِه ، واقتفى أثَرَه ، وعمِل بِسُنته وعلّمها ونشرها بين الناس ، لا مُجرّد دعاوى !
فإن الصوفية أكثر الناس دعاوى في محبته صلى الله عليه وسلم ، إلا أن الدعاوى تحتاج إلى بيِّنات ، ولذلك جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : لو يُعْطَى الناس بدعواهم لادَّعى ناس دماء رجال وأموالهم . رواه البخاري ومسلم .
فلا تثبت محبته بِمجرّد الدعوى .قال الحسن البصري وغيره من السلف : زعم قوم أنهم يحبون الله ، فابتلاهم الله بهذه الآية ، فقال : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) . ذَكَرَه ابن كثير .
(1/197)
فنحتاج أولاً إلى إثبات صحة دعوى المحبة ! ثم نحتاج إلى نقد الثمن ، وذلك بالتزام سُنته صلى الله عليه وسلم ، والاهتداء بهيده ، واقتفاء أثره
وطاعته صلى الله عليه وسلم فيما أمر ، واجتناب ما نهى عنه وزَجَر .وتقديم قوله صلى الله عليه وسلم على قول كل أحد من البشر كائنا من كان .والله تعالى أعلم .
215- مهم وعاجل... دسوا لنا الخنزير في اكلنا؟
(...السؤال...)
ما صحة هذا الموضوع؟
خصوصا ما يتعلق بدهن الخنزير
فقد امتنعنا عن المنتجات المطابقه لما ذكر في الموضوع
خوفا من الله عز وجل
غفر الله لنا ولكم وجزاكم الله خيرا
الموضوع:
إن في معظم البلدان الغربية الخيار الأساسي للحوم
هو لحم الخنزير
حيث توجد العديد من المزارع لتربية الخنازير وتوليدها ،
ففي فرنسا لوحدا توجد أكثر من 42000 مزرعة للخنازير
والأسباب إن الخنازير توجد بها كمية عالية
من الدهون والشحوم أكثر من أي حيوان آخر ،
ولكن الأوربيون والغربيون بشكل عام
يحاولون تفادي هذه الدهون ،
فأين تذهب هذه الكمية الهائلة من الدهون إذا ؟؟
لقد فكروا في استعماله والاستفادة منه
ولكن ليس لهم ولكن لغيرهم!
أولا :
جربوا في إنتاج الصابون منه ، ولقد نجحت التجربة.
ثانيا:
قاموا بإنشاء شبكات تجارية دولية لمعاجلة هذه الدهون كيميائيا
، فتم التصنيع والتعليب والبيع !
وقامت شركات التصنيع الأخرى بشراء هذه المنتجات ،
وقامت العديد من الشركات الأوروبية بإدخال هذه الدهون
بالعديد من مكوناتها الأساسية الطبية والصحية
ومواد التنظيف والغذائية
وبذلك أدخلت هذه المكونات التي تحتوي على
دهون لحم الخنزير على أنها تحتوي فعلا على تلك الدهون في أوروبا .
ولكن ظهرت مشكلة
عندما أرادوا تسويق هذه المنتجات الصحية والغذائية وغيرها
والتي تحتوي على دهون الخنزير في البلاد الإسلامية ؟
حيث إن الخنازير ومشتقاتها ممنوعة من الدخول إلى تلك البلاد
تحت أي مسمى بشكل مباشر أو غير مباشر.
(1/198)
وقد أدى منع تسويق هذه المنتجات من الدخول
إلى البلاد الإسلامية إلى عجز تجاري!
فتم تغيير الخطة!
واستبدلوا عبارة دهون الخنزير إلى تسمية أخرى وهي
( دهون حيوانات )
عبارة عن أبقار ومواشي وعندما استفسرت السلطات الإسلامية
عن طريقة الذبح حرام اكتشفوا بان الحيوانات
ليست مذبوحة وفقا للشريعة الإسلامية
فتم المنع مرة أخرى !
مما أدى أيضا إلى عجز بمقدار 75% من بيع المنتجات
إلى البلاد الإسلامية وهذا يعني خسارة الملايين من الدولارات
نتيجة العجز عن التسويق لهذه المنتجات في البلاد الإسلامية .
وأخيرا بدئوا بطريقة التشفير
فدائرة الأغذية فقط هي التي تعرف طريقة هذه الرموز
والشفرات لكي يتم التعارف عليها ومعرفة مكونات الأغذية
والتي تبدأ بحرف
(e)
والتي تدخل في العديد من مكونات المنتجات
التي تصل إلينا نحن المسلمون ومنها
: معجون الأسنان ، كريم الحلاقة ،
معجون الحلاقة ، الشكولاته ، الحلويات ، البسكويت ،
رقائق الذرة ، الحلويات ، الأكل المعلب ، الفاكهة المعلبة .
فضلا عن العديد من الأدوية التي تشير مكوناتها
بوجود فيتامينات متعددة.
لذلك اطلب من جميع المسلمين الأفاضل بالتأكد
وقراءة هذه محتويات أي سلعة تجارية سواء
غذائية أو صحية أو غيرها قبل الشراء
كالتدقيق على انتهاء صلاحية المنتجات،
وقد أرفقت مجموعة من الرموز المشفرة بالحرف
(e) والتي تجاور عادة هذه الرموز بكلمات وعبارات علمية خادعة
مثلا :
ليسثين الصويا ، زيت بذور اللفت
النخيل وبزرالكتان ، حليب أبقار ، مكونات نباتيه ،
والتي تدل على احتواء المنتج على دهون الخنزير :
>e100, E110, E120, E 140, E141, E153, E210, E213, E214, E216, E234,
E252,e270, E280, E325,
>e326, E327, E334, E335, E336, E337, E422, E430, E431, E432, E433, E434,
E435, E436, E440,
>e470, E471, E472, E473, E474, E475,e476, E477, E478, E481, E482, E483,
E491, E492, E493,
(1/199)
>e494, E495, E542,e570, E572, E631, E635, E904.
علما بان هناك أيضا سلع ومنتجات بها تلك الرموز وقد لا تحتوي على دهن الخنزير ولكن أضرارها مختلفة وهذه هي :
منتج به دهن خنزير:
E101-e102-e103-e111-e120-e123-e124-e126-e127-e128-e141-e152-e210-e213-e214-e206-e234-e252-e270-e280-e325-e326-e327-e334-e336-e337-e374-e420-e422-e430-e431-e432-e433-e434-e435-e436-e442-e470-e471-e472-e473-e474-e475-e476-e477-e478-e780-e481-e482-e483-e488-e489-e491-e492-e493-e494-e495-e542-e550-e570-e577-e591-e631-e632-e633-e904.
مواد مشكوك فيها:
E104-e122-e141-e150-e153-e171-e173-e180-e240-e214-e477-e151.
مواد تسبب آلام المعدة:
E226-e224-e223-e211-e221.
مواد تسبب ارتفاع ضغط الدم:
E320-e321-e250-e251-e252.
مواد خطرة ومحرمة في أمريكا وبريطانيا:
E127-e124-e123-e120-e110-e102.
مواد ممنوعة دولياً:
E103-e105-e111-e217-e239-e330-e121-e125-e126-e127-e130-e152-e181-e211-e212-e213-e214-e215.
مواد تسبب السرطان:
E102-e123-e124-e131-e142-e210-e211-e212-e213-e214-e215-e217-e220-e239-e251-e330-e311.
مواد تسبب اضطراب معوي:
E221-e223-e224-e226.
مواد تسبب طفح جلدي:
E230-e231-e232-e233-e311-e312.
مواد تزيد نسبة الكولسترول:
E320-e312-e463-e464-e466.
مواد تسبب اضطراب في الهضم:
E338-e339-e340-e341-e407-e450-e461-e462-e463-e465-e466.
مواد تدمر فيتامين ب 12
E220.
تسبب مشاكل للبشرة:
E250-e231-e232-e233-e311-e312
تدرون مافي مجال تحفظون كل هذي الأرقام
احسن شي فكو عمركم
ولا تشترون شي يبدأ بحرف E
علما بان الرموز غير الضارة هي :
مواد غير ضارة:
>-e132-e140-e160-e161-e163-e170-e174-e175-e200-e201-e202-e203-e236-e237-e238-e260-e261-e262-e263-e281-e282-e300-e301-e302-e303-e304-e305-e306-e307-e308-e309-e322-e331-e332-e333-
(1/200)
>e335-e400-e401-e402-e403-e404-e405-e405-e406-e408-e410-e411-e413-e414-
E421.
وأتمنى أن تتحقق مسؤوليتنا كمسلمين
بإتباع نهج الشريعة الإسلامية والابتعاد عن الحرام وتجنبه
والقيام بنشر هذه الرموز إلى كل مسلم في العالم
وان يحاول النصح إلى جميع من حوله ،
وان يقوم هو وأهل بيته وأصدقائه
بالتأكد من محتويات منازلهم من السلع والمنتجات المستوردة
سواء العربية او الأجنبية والتي تشير في محتوياتها
إلى وجود الرموز المشفرة بالحرف (e) والمذكورة أعلاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور / امجد خان
معهد الأبحاث الطبية
الولايات المتحدة
(...الجواب...)
أولاً : يُقال : لا تأخذ معلومة طبية إلاّ عن مصدر طبي موثوق ، ولا معلومة صشحِيَّة إلا عن مصدر موثوق !
ثانيا : من قال إن الأوربيين يتحاشون استخدام دهون الخنْزِير ، وهم يأكلونه ؟!
هم يضعون زيوت شحوم الخنزير في كل شيء لديهم ، سواء في صُنْع الأطعمة أو حتى في الطبخ !
ثالثا : الأصل براءة الذمة حتى تَثبت التّهمة ، والأصل في الأشياء الإباحة ، فلا يُلتفت إلى مثل هذا حتى يثبت أن تلك المكونات فعلا لشحوم ودهون الخنزير .
وقد انتشر قبل سنوات منشور حول احتواء كثير من المنتجات على شحوم الخنزير ، ولم تثبت تُهمة تلك المنتجات ، بل تم تحليل كثير منها إلى أجزائها الرئيسة ، ولم يَظهر فيها ما قيل عنها من احتوائها على شحوم الخنزير .
والله تعالى أعلم .
216- هل هناك تربة خاصة وتربة عادية ؟؟...
(...السؤال...)
إذا سمحتم أنا عندي سؤال وأريد من فضيلتتكم (...الجواب...) ...
أنا في يوم من الأيام سمعت أحدهم هذه الجملة ...
ألا وهي:
أن هذا البطل من تربة خاصة .. نعم تلك تربة الأبطال ..
فسؤالي هو:
هل يجوز أن يقال مثل هذه الجمل أم لا ؟...
وهل هناك تربة خاصة وتربة عادية ؟؟...
هذا ما أريد من فضيلكم إفتائي فيه ...
(...الجواب...)
ليس هناك تُربة خاصة ، لأن خَلْق الناس عموما من ماء مَهين ، كما وصفه الله عزّ وَجَلّ .
(1/201)
وإن كان خَلْق آدم عليه الصلاة والسلام من طين ، وأصل خِلْقَته جُمِعت من جميع بِقاع الأرض ، كما قال عليه الصلاة والسلام : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الأَرْضِ ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الأَرْضِ ؛ فَجَاءَ مِنْهُمْ الأَحْمَرُ وَالأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ ، وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ ، وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . وصححه الألباني .
وتأثير ذلك في بني آدم لا يعني أنهم خُلِقوا من تربة خاصة .
والله تعالى أعلم .
217- ما الفرق بين حي على الصلاة و رنين الهاتف ؟
(...السؤال...)
نرجو منكم توضيح رأي الشرع في مثل هذه المواضيع
الموضوع:
اول ما ابدا به تحية الاسلام فالسلام عليكم ورحمة الله و بركاته
ااتيتكم بهذا الموضوع هذه المره وارجوا من جميع الاعضاء المشاركه ولكم الاجر
ارجوكم اخواتي في الله
فلنقارن
ما الفرق بين حي على الصلاة و رنين الهاتف ؟؟؟؟؟
حين يرن الهاتف هل نجيب مباشره على المتحدث ام اننا ننتضر حتى ينقطع
صوت الرنين وبعدها نجيب ؟؟؟؟؟
وهل المتصل سوف يسمعنا حينها ؟؟؟؟؟
اليس حيي على الصلاة في متابة رنين الهاتف ام هو اجل و اسما من ذالك
؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اليس حين ناخر وقت الصلاة معناه قد انقطع الاتصال بيننا وبين الله؟؟؟؟؟؟
وهل سوف يسمعنا حينها ؟؟؟؟؟؟؟؟
اختي في الله انضري اليك هذه المقارنه
حينما ننتضر مكالمه من شخص عزيز علينا نهيء لها الجو المناسب
ونكون مركزين تماما حتى لا تفوتنا كلمه
صحيح؟؟؟؟؟؟
وهل مقابلة الخالق عز وجل في صلاتنا اجل واعلا
ام ؟؟؟؟؟؟؟؟
من منا حين يؤذن لصلاة قد هيا نفسه لتكبرة الاحرام مباشره بعد النداء
؟؟؟؟؟؟؟؟
اليس الخشوع في الصلاة اجل و اسما من التركيز مع مخلوق ضعيف في امور دنيويه
؟؟؟؟؟؟؟؟
كيف نحن مع صلاتنا في وقتها
(قال الله في كتابه العزيز)
(1/202)
(((ان الصلاة كانت على المومنين كتابا موقوتا )))
((( فلنحاسب انفسنا قبل ان نحاسب )))
(...الجواب...)
هذه دعوة للمحاسبة ، وأن ننظر في أحوالنا .. وكيف نكون في أمور دنيانا ؟ وكيف نكون في أمور ديننا ؟
وكان من السلف من لا تأتيه صلاة إلا وهو لها بالأشواق ، وهذا في غالب أحواله ، بل كانت الصلاة قُرَّة عين النبي صلى الله عليه وسلم ، فبِها ترتاح نفسه ، ويطمئن قلبه ..
وسبقت الإشارة إلى شيء من ذلك هنا :
رجل تُصيبه السهام ولا يتحرك
http://www.al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=982
والله تعالى أعلم .
218- مَا حُكْمُ الشَّرْعِ فِي النُّكَتِ ؟
(...السؤال...)
ارجو منكم افادتنا بحكم الشرع في النكت وجوازها، وهل النكت اللي تتكلم عن الصعايدة او اي أحد لمجرد اضحاك الناس بجائزة؟
بارك الله بكم وبجهودكم
(...الجواب...)
النُّكت أو الطرائف جائزة بشروط :
الأول : أن لا يكون فيها شيء من الاستهزاء أو السخرية بدين الله ، وتكثر النكت والطرائف التي تكون في أمور تتعلق بالأمور الغيبية .
فمن ساق شيئا من الطرائف فيها مثل ذلك كفر بالله وخرج من دِين الإسلام من حيث لا يشعر ، فالأمر في غاية الخطورة .
الثاني : أن لا تكون كذباً محضاً . لقوله صلى الله عليه وسلم : ويل للذي يُحَدِّث فيكذب ، ويضحك به القوم ؛ ويل له ، ويل له . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .
الثالث : أن لا يكون فيها سُخرية أو استهزاء بشخص معين أو بطائفة معينة .قال سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
(1/203)
الرابع : أن لا تطغى على الشخص بحيث تكون هي همّه ؛ جمعاً وتحدّثاً ومُجالسة .فبعض الناس تُسيطر عليه مثل هذه الأمور حتى تكون همّه ، وربما عُرِف بها .ويفقد الجدّيّة في حياته وفي كلامه ومَقَالِه .والله أعلم .
219- ماحكم التسمي بهذه الأسماء بالمنتديات؟ومانوع ذكر الزمن فيها!
(...السؤال...)
فأسأل فضيلتكم عن حكم التسمي بـ
حنون في زمن مجنون
زماني جرحني
عايش في زمن قاسي
وهل ذكر الزمن هنا:سب او ذم او وصف !
(...الجواب...)
ما يتعلّق بنحو تلك الألفاظ يكون على قسمين :
الأول : ذمّ الزمن أو الوقت أو الدَّهر .
الثاني : مُجرّد وصف .
فالأول منهي عنه ، وقد يصِل بصاحبه إلى الشرك بالله ، إذا نَسَب الفعل إلى غير الله .
فَنِسْبَة التعاسة إلى الدّهر والزمان ، بل ونسبة الفقر والديون إليه ، خطأ مِن جِهتين :
الأولى : نسبة الأفعال إلى الزمان ، وهذا قد يصِل بصاحبه إلى الشرك ، إذا اعتقد أن الزمان يفعل كذا . وهذا كَحَال الذين قالوا : (مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ) .
الثانية : أنه مُتضمّن لِسَبّ الدّهر المنهي عنه ، كما قال تعالى في الحديث القدسي : يَسُبّ بنو آدم الدهر ، وأنا الدهر بيدي الليل والنهار . رواه البخاري ومسلم .
وكما في قوله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : يؤذيني بن آدم يقول : يا خيبة الدهر . فلا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر ، فإني أنا الدهر ، أقلَّب ليله ونهاره ، فإذا شئت قبضتهما . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن القيم رحمه الله : في هذا ثلاث مفاسد عظيمة :
إحداها : سَبّه مَن ليس بأهل أن يُسَبّ ، فإن الدهر خَلْق مُسَخّر مِن خَلْق الله ، مُنْقَاد لأمْرِه ، مُذَلّل لتسخيره ؛ فَسَابّه أولى بالذم والسب منه .
(1/204)
الثانية : أن سَبّه مُتَضَمّن للشرك ، فإنه إنما سبه لظنه أنه يَضُرّ وينفع ، وأنه مع ذلك ظالم قد ضَرّ مَن لا يستحق الضرر ، وأعطى من لا يستحق العطاء ، ورفع من لا يستحق الرفعة ، وحَرَم مَن لا يستحق الحرمان ، وهو عند شاتميه مِن أظلم الظَّلَمة . وأشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سَبّه كثيرة جدا ، وكثير مِن الْجُهّال يُصَرّح بِلَعْنِه وتَقْبِيحِه .
الثالثة : أن السبّ منهم إنما يَقَع على مَن فَعل هذه الأفعال التي لو أتبع الحق فيها أهواءهم لَفَسَدَتِ السماوات والأرض ، وفي حقيقة الأمر فَرَبّ الدهر تعالى هو المعطي المانع ، الخافض الرافع ، الْمُعِزّ الْمُذِلّ ، والدهر ليس له من الأمر شيء ؛ فَمَسَبّتهم للدهر مَسَبّة لله عز وجل . اهـ .
مع ما فيه أيضا من سوء الأدب مع الله ، لأن هذا يُشبه حال الذي قال : أهانن ، كما في قوله تعالى : (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) .
وأما الوَصْف الخالي من الذم ، فإنه لا يُمنع منه ، فقد وصف الله الأيام بالنَّحس وبالشؤم ، فقال عن عاد : (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) .
وقال عنهم : (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا) .
قال أهل العلم بتأويل القرآن في قول الله عز وجل : (فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ) قالوا : مشائيم . قال أبو عبيدة : نحسات ذوات نحوس مشائيم . قاله ابن عبد البر في التمهيد .
وقال البغوي :(نَحِسَاتٍ) أي نكدات مشؤمات ذات نحوس . اهـ .
وقال تعالى عن عاد أيضا : (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ)
قال القرطبي : أي دائم الشؤم استمر عليهم بِنُحُوسِه ، واستمرّ عليهم فيه العذاب إلى الهلاك . اهـ .
فهذا من باب الوصف ، لا من باب الذمّ .
(1/205)
وليس من الأدب وصف الزمن بالقسوة ، ولا بالخيانة ، ولا بالْجَرْح ؛ لأن الزمن هو الوقت الذي يُجري الله عزّ وَجَلّ فيه الأفعال .
فالزمن ليس منه شيء ، ولا يُنسب إليه شيء .
والله تعالى أعلم .
220- هل صورة لآثار قدم او شعرة او بيت او سيف لرسول صلى الله عليه وسلم المنتشرة صحيحه؟؟
(...السؤال...)
أرجو من فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم التعقيب على هذه الصورة حيث انها من على شبكة الانترنت فهل هى صحيحة؟؟؟وهى توجد فى متحف بتركيا
(...الجواب...)
كنت عقبت منذ أكثر من سنة - تقريبا - حول بعض الصور، فقد انتشرت بعض الصور ، ويزعم ناشروها أنها لبيت النبي صلى الله عليه وسلم .
ولا صحة لما يُزعم أنه صور بيت النبي صلى الله عليه وسلم .
لا صحة لما ذُكر لأسباب منها :
أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له في حجة الوداع : يا رسول الله أتنزل في دارك بمكة ؟ فقال : وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور . متفق عليه
وفي رواية للبخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال : وهل ترك لنا عقيل منزلا . ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم لم تبقَ له دار قبل فتح مكة وقبل حجة الوداع ، فكيف بعد فتح مكة ؟ فكيف تبقى إلى الآن ؟؟؟
ثانياً : وجود المحراب في المصلى، والمحراب لم يكن موجودا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً: أين السند الصحيح على أن هذا هو بيته صلى الله عليه وسلم ؟ فما يُزعم أنه بيته أو شعره أو سيفه كل هذا بحاجة إلى إثباته عن طريق الأسانيد الصحيحة ، وإلا لقال من شاء ما شاء .
فمن الذي يُثبت أن هذا مكان ميلاد فاطمة رضي الله عنها ؟ وأن هذه غرفة خديجة رضي الله عنها ؟ وما أشبه ذلك .
رابعاً : أنه لو وجد وكان صحيحا لاتخذه دراويش الصوفية معبدا ولاشتهر بين الناس، كما يفعلون عند مكتبة مكة ( شرق الحرم ) يزعمون أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم كان فيها، فهم يأتونها ويتبركون بها !!
(1/206)
بل كانوا يتبرّكون بمكان في المدينة النبوية يُسمّونه ( مبرك الناقة ) وكانوا يأتونه ويتبركون به ، وربما أخذوا من تربة ذلك المكان بقصد الاستشفاء !! وهؤلاء لا يفقهون ! ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم عن الناقة : دعوها فإنها مأمورة . حتى بركت في مكان المسجد .
خامساً : عدم اهتمام الصحابة رضي الله عنهم بحفظ مثل هذه الآثار ، بل عدم التفاتهم إليها .فقد بلغ عمر بن الخطاب أن أناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها ، فأمر بها فقُطعت . رواه ابن أبي شيبة في المصنف .
وهذا يدل على أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يهتمون بآثار قدم أو منزل أو مبرك ناقة ونحو ذلك .
ومثل ذلك يُقال: عما يُزعم أنه شعرة الرسول صلى الله عليه وسلم أو موطئ قدمه أو وجود سيفه أو ما يُزعم أنه الصخرة التي صعد عليها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد لما أُصيب .حتى زعم بعضهم أن حجرا بقرب جبل أُحد هو مكان ( طاقية ( الرسول صلى الله عليه وسلم !!
وأين إثبات هذا بالأسانيد الصحيحة ؟؟؟
وفي زمان الخليفة المهدي جاءه رجل وفي يده نعل ملفوف في منديل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهديتها لك .فقال : هاتها .فدفعها الرجل إليه ، فقبّل باطنها وظاهرها ووضعها على عينيه وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم ، فلما أخذها وانصرف قال المهدي لجلسائه :
أترون أني لم أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرها فضلا علن أن يكون لبسها ! ولو كذّبناه لقال للناس : أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فردّها عليّ ، وكان من يُصدّقه أكثر ممن يدفع خبره ، إذ كان من شأن العامة ميلها إلىأشكالها !ّ والنصرة للضعيف على القوي وإن كان ظالما ! فاشترينا لسانه وقبلنا هديته وصدّقناه !
ورأينا الذي فعلناه أنجح وأرجح .
(1/207)
فإذا كان هذا في ذلك الزمان ، ولم يلتفتوا إلى مثل هذه الأشياء ، لعلمهم أن الكذب فيها أكثر من الصدق ! فما بالكم بالأزمنة المتأخرة ؟!والله أعلم .
221- ليش ما احس بأن الله تقبل توبتي-استغفر الله
(...السؤال...)
سئلتني احد الاخوات في منتدى سؤال فنتمنا اجابتكم على سؤالها ؟؟؟؟؟؟
وهذا (...السؤال...) من غير نقص ولا زيادة ..............
اخوي يوسف كيف الحال ... انشالله بخير ونعمة..
في موضوع حبيت اسالك فيه يعني يقلقني وبصراحة هل هو من الشيطان او من نفسي لا اعلم..
يتلخص في نقطتين::
1- اذا انا سويت ذنب وتبت الى الله منه مثلا ابسط مثال سماع الاغاني ..وما اصريت على الذنب انشالله يعتبر اني تبت.. بس ليش ما ااحس بأن الله تقبل توبتي- استغفر الله - ما اقصد شي.. بس هذا مجرد شعور يراودني.
2- الامر الثاني اذا تبت من اي عمل وبعد فترة احس انه اذا تخلصت من الذنب ..اخاف اذا نصحت غيري يكون نفاق.. او اذا احدنا تكلم بذنب ما يعتبر من المجاهرين بالمعصية وذكر الذنب طبعا ليس من باب المجاهرة والعياذ بالله انما من باب النصيحة كمثال للاخرين...و اللي اعرفه الحديث الشريف
( كل امتي معافى الا المجاهرون)..
والله لا اعلم دائما ابقى في هذه الدوامة اخاف انصح احد .. اعتبر نفسي دخلت بالنفاق- او احكي مثال يعتبر مجاهرة..؟؟
(...الجواب...)
جواب الشيخ عبدالرحمن السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد
1 – من تاب تابَ الله عليه ، وعلامة قبول التوبة الندم على ما فات ، والعَزْم على عدم العودة في الذَّنْب ، لقوله عليه الصلاة والسلام : الندم توبة . رواه الإمام أحمد .
ومِن تاب فعليه أن يُحسِن الظنّ بِربِّه تبارك وتعالى .
وعلى من عَمِل السيئات أن يُكْثِر مِن الحسنات ، فإن الله تعالى قال : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ( .
2 – ذلك الشعور هو مِن تسويل الشيطان !
(1/208)
وذلك أن الشيطان يَوَدّ لو لم يُؤمَر بِمعروف ، ولم يُنْهَ عن مُنْكَر .
قال سعيد بن جبير : لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمَرَ أحدٌ بمعروف ، ولا نَهَى عن منكر .
قال الإمام مالك : وصَدَق . من ذا الذي ليس فيه شيء ؟!
وقال الحسن البصري لمُطرِّف بن عبد الله : عِظْ أصحابك ، فقال : إني أخاف أن أقول ما لا أفعل ، قال : يرحمك الله ! وأيُّنا يفعل ما يقول ؟ ودّ الشيطان أنه قد ظفِرَ بهذا ، فلم يأمر أحد بمعروف ، ولم يَنْهَ عن منكر .
وأما ما يتعلّق بِذِكْر المعصية ، فإن كان في ذِكْر ذلك مصلحة ، وإلاَّ فلا تُذْكَر ؛ لأن الأصل أن من ابتُلي بشيء من الذنوب أن يستتر بِسِتْر الله ، ولا يفضح نفسه .
وإن خشي أن يكون ذلك من المجاهَرَة ، فيُورِّي ، أي : يستخدم أسلوب التورية ، كأن يَحكي ذلك عن شخص ، وهو يُريد نفسه .
كأن يقول : أعرف شخصا كان يفعل كذا ، ثم تاب وندم ، ونحو ذلك .
تنبيه :
(إن شاء الله ) تُكتَب هكذا ، ولا تُكتب ( إنشاء .. )
لأن الثاني من الإنشاء ، والأول من المشيئة .
والله أعلم .
222- الانتقاص من المشايخ والدعاة !!
(...السؤال...)
سؤال: كيف يكون الرد على بعض الأخوة ممن يظنون بأنهم طلاب علم وينتقصون من المشائخ والدعاة أمثال الشيخ ابن جبرين حفظه الله تعالى والشيخ نبيل العوضي حفظه الله تعالى ويحذر الناس من الدخول إلى مواقعهم والاستماع لهم بحجة أنهم تكفيريين وارهابيين في بعض المنتديات العامة وافتوا للناس بعدم الجواز إلى الدخول لمواقع ومواقع مشايخ آخرين !!؟
(...الجواب...)
يُقال لِمن قالوا ذلك :
أقِلُّوا عليهم لا أبًا لأبيكم مِن اللوم *** أو سُدّوا المكان الذي سَدّوا
ويُقال لهم :
لا خيل عندك تُهديها ولا مالُ *** فليُسعِد النُّطْق إن لم تُسْعِد الْحال
هؤلاء لا يتركون عالِما إلاّ سَلَقوه بألسنة حِداد !
(1/209)
والشيخ ابن جبرين – حفظه الله – إمام عَلَم ، أمضى عمره في العِلْم والتعليم ، وليس مثل الشيخ ابن جبرين – متّع الله به – من يتوقّف الأخذ عنه والصّدَر عنه على جَرح أهل التجريح أو تعديلهم – إن كان عندهم تعديل !
فإن عمر الشيخ ابن جبرين – حفظه الله – في العِلْم أكبر من أعمار أولئك الأغمار ! والشيخ ابن جبرين من كبار علماء المسلمين اليوم .
فمثل الشيخ ابن جبرين يُسأل عن طُلاّب العِلم ، وليس طُلاّب العلم من يُسألون عن مثل الشيخ وفقه الله وسدده .
هذا إن كانوا طُلاّب عِلْم !
والشيخ نبيل العوضي ممن نفع الله به ونحسبه ـ والله حسبه ـ أنه من العلماء العاملين.
لأن من يشتغل بهذه الأمور تُنْزَع مِنه بَركة العِلْم ، فلا يَجْمَع إلاّ قيل وقال !
والله المستعان .
223- اذا اساء لي احد فانا لا انسى الاساءة بسرعة
(...السؤال...)
اذا اساء لي احد فانا لا انسى الاساءة بسرعة ولا يصفو قلبي واجد العفو عندي صعب
اكره ذلك واتمنى ان يكون قلبي صافيا ارجو ان تبين لي يا شيخ ماذا افعل ؟بارك الله فيكم
(...الجواب...)
وبارك الله فيك
أولاً : تذكّيري ما أعدّه الله للعافِين مُقابِل العفو . قال سبحانه وتعالى : ( وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (
(1/210)
رُوي عن ميمون بن مهران أن جاريتَه جاءت ذاتَ يوم بِصَحْفَةٍ فيها مَرَقَة حارة وعنده أضياف فعثرَتْ فصبّتِ المرقة عليه ، فأراد ميمون أن يضربها ، فقالت الجارية : يا مولاي استعمل قولَ الله تعالى : ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ) قال لها : قَدْ فعلتُ ، فقالت : اعمل بما بعده : ( وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) فقال : قد عفوت عنك ، فقالت الجارية : ( وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) قال ميمون : قد أحسنت إليك ، فأنت حرَّةٌ لوجه الله تعالى .
تذكّري قوله عليه الصلاة والسلام : من كظم غيظا وهو قادر على أن يُنفذه ، دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره الله من الحور العين ما شاء . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه .
وهذه الأمور لا تأتي بين عشية وضحاها بل لا بُدّ من تربية النفس على ذلك وتعويدها ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتّحلم . من يتحر الخير يُعطه ، ومن يتق الشر يوقه . رواه الطبراني في الأوسط ، وصححه الألباني .
ثانياً : وعليك بالدعاء والتضرّع إلى الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال ، فقد كان هذا من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقد كان من دعائه عليه الصلاة والسلام : واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها لا يَصرف عَنِّي سيئها إلا أنت . رواه مسلم .
ثالثاً : اعلمي – علّمك الله – أن العفو وصفاء القلب وتنقيته مما يعود أثره على صاحبه .فقديماً قيل :لَمّا عَفوتُ ولم أحقد على أحدٍ..أرَحْتُ نفسي من همِّ العداواتِ. والله يحفظك ويُعينك .
224- كيف نبدأ تزكية النفس ؟؟
(...السؤال...)
ما هي نصيحتك لمن يريد أن يبدأ بداية جادة بهمة تنطح الجبال في تزكية نفسه حقيقة.. ويريد أن يتخذ خطوات عملية في ذلك... من أين يبدأ ؟؟
(1/211)
أي المواضيع يبدأ في قراءتها؟؟ أيقرأ عن الصلاة مثلا..أم يبدأ من مواضيع تتحدث عن التوحيد والتوكل أم المراقبة أم ماذا؟؟ .. ماهي الخطوات التي يجب اتخاذها للوصول؟؟ علما أنه بدأ هذا المشوار مع أخ له في الله وعقدا العزم على ذلك...أريد إجابة كافية وافية يا شيخ
(...الجواب...)/
البدايات عادة أصعب ما يكون ، وهي أسهل ما يكون !
فبداية المسير صعبة ، ولكن ما إن يخطو الإنسان الخطوة الأولى حتى يبدأ في مسيرة ألف ميل .فهي ليست صعبة ، ولكن تحتاج إلى عزيمة وإصرار وقوة إرادة ، وقبل ذلك سؤال الله التوفيق والسداد .
أما تزكية النفس فهي مما عُني بها سلف هذه الأمة ، فأقبلوا على أنفسهم فأصلحوها ، ولا يُمكن أن تُصلح النفس بين عشية وضُحاها ، بل يحتاج ذلك إلى جهد ومُجاهَدة ، وصبر ومُصابَرة ، وتخلية وتحلية !
أما التخلية فهي أن يتخلّى الإنسان عما ألف من عادات تُقعده عن تزكية نفسه ، أو تُثقله عن النهوض لما أراد ، أو تعوقه عن الوصول للعلياء .وإذا فعل ذلك تحلّى بكل خُلُق فاضل ، وجاهد نفسه على ذلك ، وحرص على تعاهد نفسه .
فالنفس – كما يقول ابن الجوزي – حَرونٌ خدّاعة .فالنفس تُحب الكسل والراحة .والنعيم لا يُدرك بالنعيم ، كما قال ابن القيم .والهَزَل لا يبني إلا هُزالا .
فعلى من أراد تزكية نفسه أن يبدأ بما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم .وهو البدء بالأهم فالمهم . وأمور العقيدة وتصفيتها من كل شائبة هو خير ما تزكو به النفس وتسمو .
فإن العقيدة إذا صَفَت زَكَت النفس وتعلّقت بالله ، فهي تحوم حول العرش ، كما قال ابن القيم .وإذا صحّ المعتقد هانت الدنيا في عيني صاحبها ، ولذا فإن الدنيا كانت بأيدي الصحابة ولم تكن في قلوبهم .
وبنو إسرائيل تشرّبت قلوبهم حبّ العِجل حتى عبدوه ! ونبينا صلى الله عليه وسلم قال : تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة إن أُعطي رضي ، وإن لم يُعط لم يَرْضَ . رواه البخاري .
(1/212)
ومعنى هذا التعلق بشيء من متاع الدنيا ، فيُوالي عليه ويُعادي عليه ، ويرضى لوجوده ، ويغضب لفقده . فهو عبد لهذا المتاع الزائل لتعلقه به ، لا أنه يركع ويسجد له ويدعوه !
وكتاب الله خير وسيلة *** للنصر ، لا دُفّ ولا زمار
فإذا كان طالب التزكية وَجَد من يُعينه فهذا خير ما يُتخذ له الأصحاب . وكنت كتبت مقالا بعنوان : تزكية النفس . وهو مرفق على هيئة ملف مضغوط . والله تعالى أعلم
نوع الملف: zip ... تزكية النفس.zip (14.0 كيلوبايت, المشاهدات 18)
225- الاستغفار وجلب الخيرات والبركات
(...السؤال...)
يروى عن الحسن البصري أن رجلاً شكا إليه الجدوبة فقال له استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه فقال له استغفر الله وقال له آخر ادع الله يرزقني ولداً فقال له استغفر الله، فقيل له في ذلك، فقال: ما قلت من عندي شيئاً إن الله يقول في سورة نوح ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ) نوح10-12.
وفي أيسر التفاسير للشيخ ابو بكر الجزائري قال من هداية هذه الآية: استنبط بعض الصالحين من هذه الآية أن من كانت له رغبة في مال أو ولد فليكثر من الاستغفار الليل والنهار ولا يمل، يعطه الله تعالى مراده من المال والولد.
كذلك مما قراءت عن شيخ الإسلام أنه كان عندما تصعب عليه مسألة يستغفر اكثر من ألف مرة حتى ينفتح الباب وتسهل عليه المسألة.
كذلك في منتدى آخر قالت أخت أنها كانت قد انتهت من الدراسة وتبحث عن عمل، فتقول جلست استغفر واذكر الله بعد صلاة الفجر ربع ساعة او ثلث ساعة، ثم تقول: بعد شهرين حصلت على عمل.
(1/213)
وكذلك رجل كان عنده قضية سياسية وادخل السجن في السعودية، ثم يقول وانا في السجن جلست استغفر الله ليل نهار، قد كان الحكم شهور كثيرة كثيرة، ثم فقط بعد ثلاثة اشهر وانا استغفر افرج عني، وليس فقط هذا، بل طلبني احد الأخيار والأثرياء واعطاني 30000ريال وكان حالي سيء فليس لدي مال وقد فرج الله علي.
وكذلك رجل وامرأة لا ينجبون وذهبوا المستشفيات وإلى الخارج للبحث عن العلاج، ثم عندما رجعوا التقوا بشيخ وقال لهم: عليكم بالاستغفار بعد السحر، اكثروا من الاستغفار، ثم بعد شهر جائهم الفرج وحملت زوجته.
طيب الشيخ عبدالرحمن حفظك الله، ما الحكمة في الاستغفار؟؟ وهو بهذا الفضل العظيم ويأتي بالخيرات والبركات، ويسهل الأمور ويفرج الكروب.
إذا كان استغفار الله تعالى يفتح الأبواب، لماذا لا توجد هناك مقالات ورسائل في فضل الأستغفار للمشايخ طلبة العلم، كذلك يا شيخ هل لديك رسالة في الاستغفار نستفيد منها، او تكتب لنا فضل الاستغفار ويكون شامل إن امكن.
ولماذا الناس لا تتمسك بالاستغفار ما دام هو بهذا الفضل العظيم، ويفتح الله به الخير والبركات، ارجو شرح بعض الأمور في هذه الاستفسارت وفضل الاستغفار..وفقكم الله تعالى
(...الجواب...)
ما يُصيب الإنسان من عقوبات ومصائب هي بسبب ذنوبه . قال تعالى : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) .
وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام : لا يصيب عبداً نكبة فما فوقها أو دونها إلا بِذَنْب ، وما يعفو الله عنه أكثر . رواه الترمذي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والذنوب سبب للضرّ ، والاستغفار يُزيل أسبابه . وقال : فإن العذاب إنما يكون على الذنوب ، والاستغفار يُوجِب مغفرة الذنوب التي هي سبب العذاب ؛ فيندفع العذاب .
(1/214)
وقال رحمه الله : والاستغفار من أكبر الحسنات ، وبابه واسع ، فمن أحسّ بتقصير في قوله أو عمله أو حاله أو رزقه أو تَقَلّب قَلْبٍ ، فعليه بالتوحيد والاستغفار ، ففيهما الشفاء إذا كانا بصدق وإخلاص .وكذلك إذا وجد العبد تقصيرا في حقوق القرابة والأهل والأولاد والجيران والإخوان فعليه بالدعاء لهم والاستغفار .
وقال : قوام الدين بالتوحيد والاستغفار .
وقال : فالعبد دائما بين نعمة من الله يحتاج فيها إلى شكر ، وذَنْبٌ منه يحتاج فيه إلى الاستغفار ؛ وكل من هذين من الأمور اللازمة للعبد دائما ، فإنه لا يزال يتقلب في نعم الله وآلائه ولا يزال محتاجا إلى التوبة والاستغفار ، ولهذا كان سيد آدم وإمام المتقين محمد يستغفر في جميع الأحوال . اهـ .
فإن الإنسان إنما يُصاب بالمصائب ، وتقع له الحوادث والكوارث – غالباً – بسبب ذنوبه ، والاستغفار يُزيل أسباب العقوبات .
كما أنه سبب في البركة ، فإنما تذهب البركة أو تنقص بسبب الذنوب ، والاستغفار يدفع تلك الأسباب التي من شأنها إنقاص البركة أو إذهابها .
وكذلك بالنسبة للظُّلْم ، فإنه يَقع بسبب ذنوب المظلوم .قال ابن القيم رحمه الله : اقتضت حكمة الله العزيز الحكيم أن يأكل الظالم الباغي ويتمتع في خفارة ذنوب المظلوم المبغي عليه ، فذنوبه من أعظم أسباب الرحمة في حق ظالمه . اهـ .
وهذا يعني أن ذنوب المظلوم صارت كالمظلّة للظالِم ! وكنت كتبت مقالا عن الاستغفار ، وهو :
الاستغفار .. فوائد ومعاني
http://www.al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=1178
والله تعالى أعلم .
226- الإعراض عن سماع النصيحة
(...السؤال...)
انتشر الإعراض عن سماع النصيحة
فهل من كلمة ؟
(...الجواب...)
الإعراض عن النصيحة مصيبة.
لأن هذا الذي يردّ النصيحة يُخرج نفسه من صفات المؤمنين الذين إذا ذُكّروا تذكروا ، والذين تنفعهم الذكرى .
(1/215)
أكل رجلٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بِشِمَالِه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كُل بيمينك . قال : لا أستطيع ! قال صلى الله عليه وسلم : لا استطعت . ما منعه إلا الكبر . قال : فما رفعها إلى فيه . رواه مسلم .
والله سبحانه وتعالى أعلم .
227- هل يصح نشر مثل هذه المواضيع !! (مات احد اعضاء المنتدى)
(...السؤال...)
هل يصح نشر مثل هذه المواضيع !!
اقتباس
ماذا فعل المشرف العام لأحد المواقع بعد وفاة أحد أعضاء المنتدى ؟؟!!!
لنخترق بعض الحدود ... ولنقدم على بعض التجاوزات ....وليسامحنا الله..
ولنسافر معا في رحلة حزينة ... وقصة مؤلمة ...
المطلوب من الأعضاء أن يعايشوا معي كل فصول القصة
بكل مافيها من آلام وأحزااااان وهي بالطبع
قصة حقيقية واقعة لا محالة .. أو قد تكون وقعت!!
بالأمس .. أعلن خبر وفاة أحد الاعضاء في احد المواقع.. .. وهو مازال
في أوج شبابه الا أن الموت لا يعترف بالأعمار ...
رحم الله أموات المسلمين ......
أخونا المدير العام رأى أن أبسط ما يقوم به ومن الممكن أن يقدمه لأخيه..
أن يرفع مواضيعه ويذكر الأعضاء بالدعاء له بالثبات .
بدأ يبحث ويبحث عن مواضيعه.. بدأ بهمة ونشاط بالقسم الأسلامي
غير أنه للأسف لم يجد أي تذكير ولا نصيحة ولا حتى مداخلة تشجيع أو ماشابه ...
قال في نفسه لعل أخينا بالله يحب أن يشارك في القسم العام في قضايا الحوار
والمواضيع الجادة ...
وأخذ وقتا طويلا ليبحث عن مواضيعه في العام
ولكن للأسف هنا أيضا لم يجد أي نتيجة ترضيه ...
كل ماوجده بعض الردود الساخره لا قيمة لها ... فتجاوز عنها ....
وبدلا من البحث في هذه الأقسام خاصة.. بحث في كامل أقسام الموقع ...
فوجد أخيرا ولكن ماذا وجد ....!!!!!
ماذا وجد..
إهداءات موسيقية وبطاقات أغاني ......
تواجد مستمر وفعال في أقسام الضحك والمزح والمسابقات ...
ردود ساخرة هنا وهناك لا قيمة لها ولا مضمون .....
(1/216)
مواضيع لانفع فيها بل إن ضررها أكثر من نفعها .....
هنا توقف المدير العام... وكأن كل شيء توقف ......
سأل نفسه أي موضوع سأرفع له؟؟
... الإهداءات الموسيقية .... لا .. لا ..
هذه ستعذبه في قبره ، ثم إن الأعضاء جميعهم سيقولون مات
وذنوبه مستمرة تأتيه الآثام في قبره من حيث لم يحتسب ...
الردود الساخرة ... الضحك والاستهتار الزائد عن حده ....
الكذب والمبالغات التي كان يضحك بها الأعضاء ....
الغيبه والاستهزاء....
احتار المدير العام وتوقف طويلا ...!!
أخيرا فكر في ما يمكن أن يقدم لأخيه .....
فاهتدى لأن يدرج موضوع في القسم العام بعنوان ...
" بعد أن مات أخينا في الله" وكتب فيه ..
(( صباح الأمس غادر منتدانا هذا أخونا (.... ..)
توفاه الله ... رحل ... سافر .... ولكن بدون زاد ....
فادعوا له واسألوا الله له الثبات فهو أحوج ما يكون إليه الآن ))
..أسأل الله أن يجعل ما تخط أيدينا شاهد لنا لا علينا..اللهم ااااامين...
ونسأل الله حسن الختام وأن يعيننا على أنفسنا والشيطان......
ودمتم بحفظ الرحمن..نقلت لكم هذا الموضوع الخطير
الذي يمسنا جميعآ في جميع مشاركاتنا
وكأنه يقول لنا لمن نكتب ؟
ماذا نريد من هذا الناتج ؟
موضوع لاخذ العظه والعبره اخوانى واخواتى ...
هل الوقت الذي اخذناه من اعمارنا
لاجل هذه المشاركه لنا ام علينا؟
ان هذا المقال حرك كثير من الاحاسيس التى يجب ان تستيقظ
فجزا الله من كتبه خيرآ
وفي الختام جزاكم الله خير على حرصكم في الخير...
في يوم لاينفع مالاً ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم
هل يصح نشر مثل هذه المواضيع !!
(...الجواب...)
لا بأس بذلك إذا كان على سبيل العِبرة والموعظة ، بشرط أن لا تُذكَر أسماء الأشخاص ؛ لأن العبرة تحصل بغير ذِكر أسماء ؛ ولأن الميّت أفضى إلى ما قَدّم .
والله تعالى أعلم .
228- حقيقة كتاب إحياء علوم الدين (لأبو حامد الغزالي)
(...السؤال...)
(1/217)
ما حقيقة كتاب ( إحياء علوم الدين ) لـ أبو حامد الغزالي ؟
فالتحذير كثر عليه !
(...الجواب...)
كِتاب " إحياء علوم الدِّين " فيه الغثّ والسمين ! ففيه مِن مسائل الصوفية ما يُنكَر عليه ، ولم يكن له رحمه الله عِناية بالحديث ، ففيه أحاديث موضوعة مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : و الأحياء فيه فوائد كثيرة لكن فيه مواد مذمومة ، فإنه فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد ، فإذا ذَكَر مَعارف الصوفيه كان بِمَنْزِلة مَن أخذ عدوا للمسلمين ألْبَسه ثياب المسلمين !
وقد أنكر أئمة الدين على أبى حامد هذا في كُتُبه وقالوا : مَرَضه الشفاء ! يعنى " شفاء ابن سينا في الفلسفة " ، وفيه أحاديث وآثار ضعيفة بل موضوعة كثيرة ، وفيه أشياء من أغاليط الصوفية وتُرَّهَاتِهم ! وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنة ، و من غير ذلك من العبادات والأدب ما هو موافق للكتاب والسنة . اهـ .
ولذلك لا يُنصَح بِقراءة الكتاب مِن قبل عامة الناس ، ولا مِن قِبَل شخص ليس لديه مِن العلم الشرعي ما يُميِّز به غثّ الكِتاب مِن سمينه .
وللشيخ عبد الرحمن دمشقية كِتاب بعنوان " وقفات مع كِتاب إحياء علوم الدين للغزالي " .
والله أعلم .
229- هل يجوز لي تقديم الولاء والطاعة لحكومة أبومازن
(...السؤال...)
لا يخفى على أحد ما يحدث في فلسطين هذه الأيام من صراعات بين حماس وفتح وصلت إلى حد استباحة الدم الفلسطيني , وقد خرجت علينا فتاوى من رابطة علماء فلسطين تهدر دم بعض قادة فتح بحجة التعامل والتخابر مع العدو ضد أبناء الشعب الفلسطيني
أنا أعيش في مناطق الضفة الغربية وليس في غزه ، وأخضع لحكمين هما :الإسرائيلي والفلسطيني المتمثل في حكومة محمود عباس
(...السؤال...) هو :ما حكم الشرع الإسلامي في حكومة محمود عباس الأخيرة ؟ودمتم في رعاية الرحمن
(...الجواب...)
(1/218)
يُذكّرني هذا (...السؤال...) بقول امرئ القيس..ألا أيها الليل الطويل ألا انجل **** بِصُبْح وما الإصباح منك بأمْثَلِ
ما حكومة أبي مازن عن حكومة اليهود ببعيد ! والمسألة تحتاج إلى قول فصْل مِن علماء الأمة .
والله المستعان .
230- يقول له ( إن طاعك الزمان وإلا طيعه)
(...السؤال...)
س : بعض الناس إذا أراد أن يقنع شخصا ما بسلوك طريق تتحقق فيه مصلحته سواء كانت هذه الطريقة صحيحة أو غير صحيحة تحججاً بالضرورة ، يقول له ( إن طاعك الزمان وإلا طيعه ) يعني نفذ ما فيه مصلحتك سواء كان بطريقة مشروعة أو غير مشروعة .
فهل يجوز قول مثل هذا الكلام ؟
(...الجواب...)
(...الجواب...): لا يَظهر أن مُراد قائل ذلك القول هو تنفيذ ما يُريد وبأي وسيلة وطريقة .
والذي يَظهر لي أن المقصود : إذا لم تأت الأمور على ما تُريد فَكُن أنت كما يُراد . وكأنه يقول : إذا لم يتحقق لك ما تريد ، فأنت عبد تحت مشيئة الله ، تنفُذ فيك مشيئته .
كما يُقال : أنت تُريد ، وأنا أريد ، والله يفعل ما يُريد . هذا ما يظهر لي من ذلك القول .
فإن أُريد به عند أُناس : افعل ما تشاء ، وحقق ما تُريد بأي وسيلة ، وبأية طريقة ؛ فهذا فِعل اليهود ، وقد تكرر في القرآن وفي السُّنَّة التحذير من أفعال اليهود ، الذين لا يتركون مُحرّما إلاّ ارتكبوه ، ولو بأدنى الْحِيَل .
والله تعالى أعلم .
231- كيفية التوبه؟
(...السؤال...)
اني اذنبت ذنب ولكني في فترة لا يصلح لي فيها الصلاة فكيف اتوب وما العمل خلال هذه الفترة وكيف احصن نفسي في هذة الفترة بعدم قدرتي على الصلاة او قراءة القراّن؟
(...الجواب...)
لا يُشترط لِصِحّة التوبة ولا لقبولها أن يُصلىّ لها ، وإن كانت الصلاة مما تُكفِّر الذنوب ، وفي حديث عثمان رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم توضأ ثم : من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يُحدِّث فيهما نفسه غَفَرَ الله له ما تقدم من ذنبه . رواه البخاري ومسلم .
إلاَّ أن هذا لا يعني أن التوبة لا تُقبَل إلاَّ بِصلاة .
(1/219)
والاستغفار لا يمنع منه عُذر ، وكذلك قراءة القرآن على القول الصحيح لا تُمنع منها المرأة حال العُذر الشرعي .
وتصِحّ التوبة من الذنب ولو بعد حين ، إلاّ أن الأكمل أن تكون بعد الذنب ، فيُقلِع الإنسان عن الذنب ، ويعزم على عدم العودة فيه ، ويندم على ما كان منه .
والله أعلم .
232- هل عبارة(أحباء الله)فيها محظور
(...السؤال...)
هل عبارة (ياأحباء الله) فيها محظور شرعي؟ أرجو التوضيح
(...الجواب...)
فيها محظور مِن جِهة الزعم بأن الْمُخاطَبِين أحباء الله . فكيف عَرَف أن الله أحبّهم ؟
وقد أنكر الله تبارك وتعالى على اليهود والنصارى زعمهم بأنهم أحباء الله ، فقال تعالى : (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) .
ومثله القول عن الأطفال : أحباب الله !
روى الإمام مسلم من طريق عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت : دُعِي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار فقلت يا رسول الله طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة ، لم يعمل السوء ، ولم يدركه . قال : أوَ غير ذلك يا عائشة ؟ إن الله خلق للجنة أهلا ، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم ، وخلق للنار أهلا ، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم . رواه مسلم .
والله تعالى أعلم .
233- ما حكم تسمية ((راني)) و ((قابيل)) ..؟
(...السؤال...)
سمعت حوارا منذ فترة بين شخصين حول تسمية أحدهما لابنه الذي رزقه الله له حديثا وكان الحوار حول اسمين :
الاول (( راني )) والثاني (( قابيل )) فأرجو افادتي حول تفضيل أحد الاسمين على الاخر وإن وجد مصدر أو فتوى أو ما شابه فأرجو إفادتي
(...الجواب...)
أما قابيل فهو ابن أبينا آدم ، وهو الذي قتَلَ أخاه هابيل ، ولا يحسن التسمِّي به .
(1/220)
وأما ( راني ) فلا أعرف معناه ، إلا أن يكون من ( رَنا يرنو ) ، وهو مِن مداومة النَظَر .
والأصل أنه لا يُسمّى إلا باسم يُعلَم معناه ، على أن يكون المعنى حَسَنًا .
والله تعالى أعلم .
234- هل يجوز استخدام شبكة نت موجودة في بيتي ؟؟؟؟
(...السؤال...)
سؤالي أن : جهازي المحمول "الكمبيوتر" يحوي ميزة "الوير لس" و هي أنه يستطيع إلتقاط الذبذات
اللاسلكية سواء من الجوالات أو أجهزة كمبيوتر أخرى أو الراوتر(انترنت) ..
المهم .. ان جهازي يلتقط شبكة إنترنت لأحد الأشخاص أو لشركة في بيتي .. و احيانا أضطر لإستخدامها ..
و لا أعلم من هو صاحب هذه الشبكة بصراحة .. فهل يجوز لي استخدامها ؟؟؟
(...الجواب...)
إذا كان صاحب الاشتراك لا يتضرر بذلك ، فالأصل الجواز ؛ لأنه لو أراد منع ذلك لاستطاع منعه مِن خلال رقم سري .
إلاّ أن من الأدب الاستئذان من صاحب الشأن إذا عُرِف .
والله يحفظك .
235- العاب على شكل انسان؟
(...السؤال...)
1-ما حكم من يملك العاب خاصة بالاطفال او للزينة على شكل انسان؟
2- سئل الشيخ حفظه الله هذا (...السؤال...):فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم: ما حكم تعليق صور صخصيات الكرتون مثل"توم أند جيري" و "ميكي ماوس" فى غرف الاطفال
هل هذا يمنع دخول الملائكة الى الغرفة، وما حكم اقتناء لعب الاطفال مثل " الدبدوب" و العروسة" هل هذه تعتبر من التماثيل وجزاكم الله خيرا
(...الجواب...)
وبارك الله فيك، أليست مِن صور ذوات الأرواح ؟ وتربية الصغار على تعليق الصور أو التعلّق بها خلل وخطأ في التربية .
وأما الألعاب فلا حرج فيها أن تكون على هيئة صور إلا أنه يُحذر من تلك الدّمى التي تفنن صانعوها في صناعتها حتى كأنما تُحاكي الأصل .
وقد كان لعائشة لُعب من بنات وخيل لها أجنحة !
(1/221)
قالت عائشة رضي الله عنها : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر ، فهبّت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب ، فقال : ما هذا يا عائشة ؟ قالت : بناتي ! ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع ، فقال : ما هذا الذي أرى وسطهن ؟ قالت : فرس . قال : وما هذا الذي عليه ؟ قالت : جناحان ! قال : فرس له جناحان ؟! قالت : أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة ؟! قالت : فضحك حتى رأيت نواجذه . رواه أبو داود .
وفي الصحيحين عنها رضي الله عنها أنها قالت : كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان لي صواحب يلعبن معي ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إليّ ، فيلعبن معي .
والله تعالى أعلى وأعلم .
وهذا موضوع عن حكم التصوير
http://www.al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=368
236- الحاسة السادسة
(...السؤال...)
بارك الله فيك يا شيخنا الفاضل نريد تعليقاً على مسألة الحاسة السادسة هل هي حقيقة أم خيال وهناك من يؤمن بوجودها وأنها قد تكون نقمةُ عليهم !!!؟
(...الجواب...)
قد يكون ذلك الْحَدْس له نصيبه من الحقيقة ، ولكنه لا يَكون إلاَّ للمؤمن الذي يَعرف الناس بالفِراسة .
الفراسة نور يقذفه الله في قلوب أوليائه ، يُفرِّقون به بين الحق والباطل ، كما في قوله الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ(
ويستدلّون على بواطن الأمور بظواهرها ، كما في قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ( .
قال مجاهد : للمتفرسين
قال ابن جُزيّ في تفسيره : للمتوسمين أي للمتفرسين ، ومنه فراسة المؤمن . اهـ .
والفراسة في اللغة : التثبت والنظر .
(1/222)
وقال الزجاج : المتوسمون في اللغة النظّار المتثبتِّون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة سِمَة الشيء ، يُقال : توسمت في فلان كذا أي عرفت وسم ذلك فيه وقال غيره المتوسم الناظر في السمة الدالة على الشيء . نقله ابن الجوزي .
ويُروى أن رجلا دَخَل على عثمان رضي الله عنه فقال له عثمان : أرى في عينيك الزنا ، فقال الرجل : أَوَحْي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وكان شاه بن شجاع الكرماني لا تخطئ له فراسة ، وكان يقول :
مَن غضّ بصره عن المحارم ، وأمسك نفسه عن الشهوات ، وعَمَر باطنه بدوام المراقبة ، وظاهره بإتباع السنة ، وعوّد نفسه أكل الحلال ؛ لم تُخْطئ له فراسة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مُعقّباً على قول الكرماني :
والله تعالى يجزي العبد على عمله بما هو من جنس عمله ، فَغَضّ بصره عما حرم يعوضه الله عليه من جنسه بما هو خير منه ، فيُطلق نور بصيرته ويفتح عليه .
وممن اشتهر بذلك الإمام الشافعي رحمه الله .
والله تعالى أعلم .
237- هل هناك شبهة فى قول سيدى للأنبياء
(...السؤال...)
لقد رأيت في احد المنتديات مكتوب لايصح ان نقول للنبي صلى الله عليه وسلم ولأحد من الانبياء
(سيدي )
بل انه يقال لله سبحانه وتعالى واريد ان ارد على هذا العضو ؟؟؟
(...الجواب...)
في المسالة تفصيل :
فإن كان داخل الصلاة فلا يُقال ( سيدي ) ولا يُقال ( سيدنا ) ؛ لأن الصلاة عِبادة ويُقتَصَر فيها على ما وَرَد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، خاصة فيما عَلَّم أمَّتَه .
وإن كان في غير الصلاة فأحقّ من يكون سيِّدا للبشرية هو محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد صحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : أنا سيد ولد آدم يوم القيامة . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام للأنصار : قُومُوا إلى سَيِّدكم . رواه البخاري ومسلم .
أما الذي يُمنَع منه فهو لفظ ( السَّيِّد ) لِقوله عليه الصلاة والسلام : السيد الله تبارك وتعالى . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
(1/223)
وهذا أيضا يُمنع من قوله إذا كان على سبيل التعظيم ، فإن سبب قوله عليه الصلاة والسلام : السيد الله تبارك وتعالى . ما قاله له وفد بني عامر ، فإنهم قالوا له عليه الصلاة والسلام على سبيل التعظيم : أنت سيدنا . فقال : السيد الله تبارك وتعالى . قلنا : وأفضلنا فضلا ، وأعظمنا طَولا . فقال : قولوا بِقولكم - أو بعض قولكم - ولا يَسْتَجْرِيَنّكم الشيطان .
والله تعالى أعلم .
238- هل هناك شبهة في قول سيدي وسيدتي في الحوار
(...السؤال...)
بناء على سؤالي هل يجوز قول سيدي رسول الله صلى عليه سلم
فهناك من يسال باحد المنتديات
حيث قال احد الاعضاء
نجد في الحوار أستخدام سيدي وسيدتي
بين الناس هل في هذا شبهة ؟؟
(...الجواب...)
إذا كان ذلك القول ليس على سبيل التعظيم ، ولا يُقال للمُنافِق ، ولا للزنديق ، كالرافضي والعلماني ونحوهم ؛ فيجوز قوله .
وأما إذا كان يُقال على سبيل التعظيم ، فيمنع من قوله .
وكذلك إذا كان يُقال للمنافق أو للزنديق ، لِقوله صلى الله عليه وسلم : لا تقولوا للمنافق سيد ، فإنه إن يَكُ سَيّدًا فقد أسخطتم ربكم عز وجل . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
والله تعالى أعلم .
239- الكوتشينة واللعب بالنرد على النت
(...السؤال...)
1-هل لعب الكوتشينه أو ألعاب الكروت بصفه عامه
(كذلك اللعب بالنرد علي النت في الالعاب بطريقة إليكترونية)
هل هو حرام ؟
2- سئل الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله: ما حكم لعب الشدة في الكمبيوتر ؟ الرجاء الاستدلال.
(...الجواب...)
لا يجوز لعب الورق سواء في الجهاز أو مباشرة ، لما فيها من العكوف على الصور ، ولما فيها من إضاعة الأوقات .
والمسلم سوف يُسأل عن عمره فيمَ أفناه ، وعن شبابه فيمَ أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيمَ أنفقه . كما قال عليه الصلاة والسلام .
(1/224)
وسُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (...السؤال...) التالي :أتسلى أحياناً بلعب الورق عبر شاشة الكمبيوتر بدون لعب أي شخص معي في أوقات فراغي,ولا تلهيني عن صلاتي أو عبادتي فما حكم ذلك ؟
فأجاب رحمه الله : لو تسليت بقراءة سيرة النبي صلي الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين كان خيراً لك .
والله تعالى أعلم .
240- حكم تربية الحيوانات الاليفة
(...السؤال...)
ما حكم تربية الحيوانات الاليفة خاصة..(العصافير _القطط_الدجاج *الفراخ*)..؟
(...الجواب...)
تَجُوز تربية الحيوانات الأليفة ، بشرط أن تُرعَى ويُعتَنَى بها ، ولا تُترَك حتى تموت .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة عُذِّبَت في هِرّة سجنتها حتى ماتت ، فدخلت فيها النار ، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض . رواه البخاري ومسلم .
وقال أنس رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلُقاً ، وكان لي أخ يُقال له أبو عمير - قال : أحسبه فطيم - وكان إذا جاء قال : يا أبا عمير ما فعل النغير؟! نَغْرٌ كان يلعب به . رواه البخاري ومسلم .
وأما الكلاب فلا تجوز تربيتها في البيوت ، ويَجوز أن تُربّى للماشية وحراسة الزرع ، ونحو ذلك مما أباحته الشريعة .
والله تعالى أعلم .
241- شيخ مجهول الهوية !!
(...السؤال...)
فضيلة الشيخ في بعض المنتديات ينشؤون قسما خاصا للفتاوى وينصبون شخصا ما للفتاوى والرد على أسئلة الأعضاء وهو بمعرف لا يبين من هو ؟ ومااسمه ؟ ومن هم مشايخه ؟
أيملك من يفتي الناس الحق بإخفاء هويته عن الآخرين ؟
وإذا ما خوطبت الإدارة بهذا الأمر قالت أن الشيخ يرفض كشف هويته !
فهل يعقل أن يأخذ الناس أمور دينهم ممن لا بعرفون حقيقة أمره وسيرته ؟
وهل يجوز نشر فتاويه ؟
(...الجواب...)
ومنذ متى كان أهل العِلْم يتستَّرون تحت أسماء مُستعارة ؟
وأي شيء يُخْفُون ؟
وكيف يُراد قبول قَول يُنسَب إلى شخص مجهول ؟
(1/225)
فإن كان الرجل مِن أهل العْلِم فليُظْهِر نفسه ، وإن كان مِن أهل الجهل فعليه أن يَتوارى عن الموقع والمكان الذي نُصِّب فيه !
ولا يجوز قبول قول من شخص مجهول ، ولا العمل بموجبه .
لأن هذا من شأنه قبول قول من لا يُعْلَم حاله ، وفتح الباب أمام أعداء السنة للتستّر وراء أسماء وهمية لإضلال الناس .
ولو كان أحدنا يُريد وصفة طبيّة أو هندسية مَا قبلها إلاَّ مِن شخص معروف موثوق .
فكيف بِدِين الله ؟
والله المستعان .
242- أسئلة حول قسم المشرفين في بعض المنتديات
(...السؤال...)
أسئلتي تتعلق ببعض الأمور الاشرافية والادارية في المنتديات وأرجو أن تفيدونا فيها
- من المعلوم أن هناك قسم خاص لمشرفي واداري أي موقع وبعض المواقع يستغلون هذا الجانب المحجوب عن الأعضاء بالتندر والتفكه حول بعض الأعضاء ومشاركاتهم وردودهم والضحك عليها وعلى من كتبها أو التهجم والسخرية عليهم وهم مطمئنون أن العضو لن يطلع على ما يكتب في قسم الإشراف
فما نصيحتكم بارك الله فيكم ؟
- في بعض المنتديات وفي قسم الإشراف تتحول المواضيع بين المشرف والمشرفة لدردشة فيظن من يطلع عليها أنه قد دخل ( شاتا ) بالخطأ وإذا ما نصحوا قالوا إننا نمزح فقط !
فما توجيهكم بارك الله فيكم ؟
(...الجواب...)
بالنسبة للكلام عن الأعضاء داخل الأقسام الإدارية فإن كان من باب التندّر والاستهزاء فلا يجوز ، وإن كان من باب نقْد الفِكرة ، أو كان الكلام عن الطَّرْح ونوعيته ، فلا إشكال ؛ لأن الكلام حينئذ يكون عن الفكرة وعن الطرح ، وليس عن شخص مُعيّن .
وأما المزاح بين الجنسين فيجب أن يكون له حدود ، وأن لا يَصِل إلى حال كأن الشخص يتكلّم مع بعض محارِمه ، ولا يُعفي الطَّرَفين – الرجل والمرأة – ادِّعَاء أن ذلك على سبيل المزاح ؛ لأن باب المزاح بين الجنسين الذين ليس بينهم مَحْرَمِيَّة يجب إغلاقه ، لِمَا يُفضي إلى الفساد والفتنة ، والقاعدة : ما أفضى إلى مُحرَّم فهو مُحرَّم .
والله تعالى أعلم .
(1/226)
243- كلمة مبروك ما تجوز لأنه اسم لجني من الجن
(...السؤال...)
عندي سؤال يا فضيلة الشيخ/ الحين انا جان خبر ان كلمة مبروك ما تجوز لأنه اسم لجني من الجن، وقالوا لي قل مبارك وليس مبروك
وابي توضيح هل هي تجوز ولا لا
(...الجواب...)
ومن قال إنه اسم اختصّ به أحد مِن الشياطين ؟ والأسماء منها ما هو مُشترك بين الجن والإنس ، ومنها ما هو مُختصّ بالشياطين .
وأما ما يتعلق بقول " مبروك " أو مبارك " فقد سبق التفصيل فيها هنا :
http://www.al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=672
والله تعالى أعلم .
244- الدعم الفني للمنتديات
(...السؤال...)
- من فترة أصبحت أتعامل كدعم فني للمنتديات من إصلاح وتركيب هاكات واستايلات وغيره حسب الطلبات وكوني فتاة أردت الإستفتاء في أمري لتجنب الشبهات
وأرجوا أن أجد فتوى تصب في مصلحتي وتدفع عني الشبهات ومداخل الذنوب حفظكم الله ورعاكم
- هل بدعمي الفني لهذه المنتديات أتحمل وزر مايحصل فيها من تجاوزات ؟؟
- بالتأكيد سيحصل رسائل محتواها طلبات لأنفذها من إدارة تلك المنتديات فهل في هذه الرسائل مايضرني علماً أن المحتوى لايتعدى الطلبات ؟؟
- بخصوص مراقبة الرسائل الخاصة التي تدور بين الأعضاء لفترة محددة مع إخبارهم بالأمر هذا هل فيه تحمل ذنب ؟؟
- بعض إداريي المنتديات يطلبون مني تركيب هاكات تتشابه لحد ما بما يسمى الشات ولمن لديه خبرة يسمى الهاك (بهاك صندوق المحادثات) قمت من يومين بتركيبه لأحد المنتديات كبديل عن هاك الإهداءات بحسب طلب صاحب المنتدى هل أتحمل وزر هذا الأمر ومايحصل به من تجاوزات بين الأعضاء والعضوات ومانصيحتكم لي حفظكم الله ؟
- مانصيحتكم لي هل أترك عني الدعم الفني للمنتديات واسخر نفسي لما كنت افعله من دعوة الى الله ؟؟
أتمنى الإجابة بما يريح الضمير وبكل صراحة
(...الجواب...)
(1/227)
إذا كنت تعلمين أن ذلك الدّعم الفني سيكون عون على المعصية ، فلا يجوز لك حينئذ عَمَل ذلك ؛ لأن ذلك مِن باب التعاون على الإثم والعدوان ، وقد قال الله تبارك وتعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ( .
وكذلك ما يَكون فيما يُسمى بـ ( الشات ) فالأغلب فيه أنه يُستخدم في غير ما أحلّ الله لِعباده .
وإذا كان الأمر كذلك، وكان الْحُكم للغالب ؛ فلا يَجوز تركيب ما يتعلق بالمحادثة المذكورة مِن برامج ، ولا المساعدة فيه .
أما بخصوص مراقبة الرسائل الخاصة بين الأعضاء ، فإذا كان ذلك مُعلنا للأعضاء ، أو كان ذلك في شروط التسجيل ، فلا بأس بذلك ؛ لِِما فيه من مصلحة عامة ، ومِن مَنْع للفساد ، والسُّبُل الملتوية .
وبالنسبة للرسائل المتعلقة بالطلبات إذا كانت لا تتعدى ذلك ، فلا بأس بها .
وإذا أمكن الجمع بين تحصيل الأمرين : الدنيوي والديني ؛ فهو أفضل .
وإذا ضاق الأمر أو ضاق الوقت ، فقدّمي ما يتعلّق بالآخرة .
وكان الله في عونك .
245- كنت مقصرة في الصلاة واسرق من المحلات!!
(...السؤال...)
نرجو التكرم بالإجابة على (...السؤال...) التالي، الاخوة في هذا الموقع المفيد جدا، إني لم أكن مداومة على الصلاة و أنا نادمة على ما فعلت فما يجب أن أقوم به اليوم لكي يقبل الله توبتي ؟
وفي سن العشرين كنت اسرق أغراضا من المحلات التجارية إيماني كان ضعيفا ولم أكن أفكر في خطورة ما أقوم به، فكيف أصلح ما قمت به ؟ بارك الله فيكم
(...الجواب...)
بالنسبة للصلاة فليس عليك قضاء ما تركتيه خلال السنوات الماضية .وعليك الإحسان فيما بقي مِن عمرك يُغفر لك ما مضى وما بقي ، كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله .
وأكثري مِن النوافل ؛ لأن مِن فوائد النوافل سدّ ما يكون في الفرائض مِن خَلل ونقص .
وبالنسبة لِمَا سُرِق مِن المحلات فإن استطعت إعادة قيمته فيجب عليك إعادة قيمته إذا لم يترتّب على ذلك مفسدة .
(1/228)
وإن لم تستطيعي إعادته فعليك أن تتصدقي بقيمة تلك المسروقات على نية أصحابها . وتُقدّر تلك المسروقات بِما يَظن الشخص أنه تبرأ ذمته به .
والله تعالى أعلم .
246- هل يجوز قول تحياتي لك او تحيتي لك
(...السؤال...)
هل يجوز قول :
تحياتي لك ؟
أو
تحيتي لك ؟
أو
ولك خالص تحياتي ؟
أو
تقبل تحياتي ؟
سيئل الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله
هذا (...السؤال...):
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل
سُئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – عن عبارة " لكم تحياتنا " وعبارة " أهدي لكم تحياتي "
فأجاب – رحمه الله – : عبارة " لكم تحياتنا ، وأهدي لكم تحياتي " ونحوهما من العبارات لا بأس بها . قال الله تعالى : ( وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ) فالتحية من شخص لآخر جائزة ، وأما التحيات المُطلقة العامة فهي لله ، كما أن الحمد لله ، والشكر لله ، ومع هذا فيصح أن نقول : حمدت فلانا على كذا ، وشكرته على كذا . قال تعالى : ( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) . انتهى كلامه – رحمه الله – .
قال الشيخ عبد الرحمن – عفا الله عنه – :إتماماً للفائدة فإن قول : لك خالص تحياتي . لا يجوز ، وعلل ذلك بعض العلماء بأن الخالص من الشيء هو لُبُّه ، ولا يكون خالص العمل والإخلاص فيه إلا لله . قال تعالى : ( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ ) . والله تعالى أعلم .
********************************
الرابط هو
ارجو التوضيح
فهنا يقول الشيخ :
لاباس به......
ثم يقول
وأما التحيات المُطلقة العامة فهي لله ....!! فهل يجوز قول : تحياتي لك ..اما لا ؟؟ بصراح لم افهم الفتوى جيدا , ارجو المساعده ......
(...الجواب...)
يجوز قول : تحياتي لك ..
قال الشيخ رحمه الله : عبارة " لكم تحياتنا ، وأهدي لكم تحياتي " ونحوهما من العبارات لا بأس بها . انتهى
(1/229)
أما ( التحيات ) هكذا مُطلَقَة ، فهي لا تجوز إلا لله .. ولذلك نقول في التشهّد : التحيات لله ...
والله يحفظك
247- شات !؟
(...السؤال...)
ماحكم الشات الصوتي وماياتي من ورائه من اشتراكات وارباح من الاعلانات كما في المنتديات ... (...السؤال...) هل تصميم شات صوتي يغلب عليه الطابع الديني وتخصيص رومات اسلاميه هل هو حرام ....؟
(...الجواب...)
سبق (...الجواب...) عن هذا رعاك الله
http://www.al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=651
الأْحُكم للغالب ، فإن كان الغالب على العمل هو الطابع الديني ، ولا يتم تركيب أشياء يُستعان بها على الحرام ؛ فهو جائز . مع أني أستبعد أن يكون الطابع كذلك ، فلا تخلو غرف الدردشة من محاذير ومُحرّمات .
248- مشاركة بنات وشباب في منتديات الألعاب والتسلية
(...السؤال...)
إحدى الأخوات وجهت لي هذا (...السؤال...) وأتمنى مشكوراً مأجوراً الإجابة عليها إلى الاخت الفاضلة/ ... أتمنى منك توضحي لنا حكم المشاركة للبنات والشباب في منتديات الألعاب والتسلية
هل هو حرام ؟؟ أم ماذا ؟ وأضيف عليها ... شيخنا الكريم عن تبادل الخواطر والهمسات النثرية والقصائد الشعرية، حيثُ أني جالست عدد من الفتيات وعبرنَّ عن مدى تعلقهنَّ بالكاتب الذي بادلهنَّ هذه الهمسات عبر المنتديات
(...الجواب...)
جاء الإسلام بسد الذرائع، وبِمَنْعِ الفتنة وإغلاق منافذها وقطع دابِرها، ومن ذلك أن الله أمر أطهر نساء العالمين ( أمهات المؤمنين ) بأن لا يخضعن بالقول ، لئلا يطمع من في قلبه مرض
هذا وهنّ أمهات المؤمنين اللواتي يحرمن عليهم
قال سبحانه وتعالى : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا ) وقال في شأنهن : (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)
أما لماذا ؟
(1/230)
فإليك إلى (...الجواب...) (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)
فالإسلام يطلب من أتباعه طهارة القلوب ، فهي مُقدّمة على طهارة الظاهر مِن ثوب ونحوه، وإصلاح أعمال القلوب مُقدّم على إصلاح الظاهر
لأن القلوب هي الأصل والظاهر تَبَع، كما أن الظاهر يدلّ على الباطن، ولو سلّمنا سلامة النية فإنه لا يجوز التساهل في ذلك، فإن ما أفضى إلى محرّم فهو مُحرّم
وكذلك التبسّط بين الجنسين، كأن يقول أحدهما للأخر : يا غالي أو يا غالية أو عزيزي أو عزيزتي
وكذلك المضاحكة ولو بالأسلوب والكلام كل ذلك يجب إغلاقه وسَدّ بابه ، ولذلك تُنهَى المرأة عن المزاح مع الرّجال الأجانب لأن ذلك خُطوة مِن خُطوات الشيطان .
وتَمِيل المرأة إلى الرجل ميلا فِطريا ، ويميل الرجل إلى المرأة ، لِما ركّب الله فيهما مِن غريزة ، ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما : خُلق الرجل من الأرض فجعلت نِهمته الأرض ، وخُلقت المرأة من الرجل فجُعلت نِهْمَتها في الرَّجل ، فاحْبِسُوا نِساءكم .
يعني عن الرجال الأجانب ، وامنعوهن من الاختلاط أو الخلوة بهم .
ويُمنَع تبادل الخواطر والهمسات النثرية والقصائد الشعرية بين الجنسين ؛ لأن من شأن هذا فتح الأبواب للهوى والنفس والشيطان ، وقد نَهَى الله عن اتِّبَاع خُطوات الشيطان ، وأمَر باتِّخاذه عَدوا ؛ وذلك لأنه يَدعو أصحابه ليكونوا معه في نار جهنم .
قال تعالى : (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) .
وعلى الفتاة المسلمة أن تكون عفيفة حَييَّة ، لا تستهويها تلك التفاهات ، ولا تجري خَلْف تلك السخافات ، ولا تنساق وراء تلك السفاسف ؛ فإن الله تبارك وتعالى يُحِبّ معالي الأمور وأشرافها ، ويَكره سِفسافها ، كما قال عليه الصلاة والسلام .
والله تعالى أعلم .
249- سؤال عن اسم ( الخطاب ابو عمر ) في المنتديات
(...السؤال...)
(1/231)
لفت انتباهي انو في ناس يختار هذا الاسم في منتديات الفرفشه ( الخطاب ابو عمر )
فما حكم استخدام هذا الاسم وشكرا..
(...الجواب...)
مِن السُّنَّة استعمال الكُنى اللائقة .
ويجوز أن يتكنّى المسلم بـ " أبي عُمر " .
ولا يجوز أن يتسمّى بأسماء الأئمة الأعلام ، ولا بأسماء الصحابة الكِرام ، وأعني به إذا تسمّى بالاسم كاملا ، كأن يتسمى بـ " عمر بن الخطاب " أو " أحمد بن حنبل " ونحو ذلك .
وذلك لِمَا يتضمن هذا الفعل مِن محاذير ، منها :
1 – الانتساب إلى غير الآباء ، وفاعل ذلك واقع تحت الوعيد الشديد .
2 – تعريض تلك الأسماء للسبّ والشتم .
3 – إذا أخطأ من تسمّى بِتلك الأسماء ، نُسِب الخطأ إلى تلك الأسماء .
وهذا سبق التفصيل فيه هنا :
فتاوى في الأسماء المتضمنة الانتساب إلى غير الأب
http://www.al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=887
والله تعالى أعلم .
250- بعض الأسئلة التي تخص الصم والبكم
(...السؤال...)
أولاً : هل المحادثة بالصوت والصورة عن طريق الجوال مع قريب أو صديق ويصعب عليهم التخاطب بالكتابة للصم والبكم مشروعة ؟
ثانياً : كيف تناصح المرأة من الصم والبكم التي لا تحسن وضوءهاوصلاتهاأو تخل بشيء من دينهاإذا كانت غير محرمة للرجل وهل يجوز ذلك عبر المحادثة بالصوت والصورة في الإنترنت ؟
ثالثاً: قد تحتاج الأصم الأبكم إلى رفع صوت لحاجة بتعمد وأحياناً يرفع صوته بلا شعور فهل هذا فيه حرج وإيذاءاً للسامعين وجزاكم الله خيرا
(...الجواب...)
إذا كان الحال ما ذُكِر ، ودَعَتْ الحاجة إلى ذلك ؛ فيجوز ، وتُقدَّر الحاجة بِقدرها .
أما بالنسبة للمرأة فلا يجوز ذلك ؛ لأن تلك الصور قابلة للعَرْض والنشر .
والسلامة لا يعدلها شيء .
والله تعالى أعلم .
251- الإستهزاء بأسلوب الدعوة
(...السؤال...)
مما لاشك فيه للدعوة أساليب متعددة وطرق كثيرة لاحصر لها
ومن هذه الأبواب باب الدعوة إلى الله عبر المنتديات وعبر الإنترنت بشكل عام
(1/232)
بطرح مواضيع أو نقل مواضيع لها وقع وعظي في نفوس القراء
ربما يكون طرحها في المنتديات أو المجموعات البريدية أو ماشابه قاصدين وجه الله وعلى أمل أن يهتدي بموضوعنا شخص ما ألهته المعاصي والدنيا
لن اطيل عليكم
لكن سبب كتابتي هو أنني طرقت باب المنتديات ووجدت قبولاً لطرحي
منذ فترة قريبة طرقت باب أحد المجموعات البريدية للدعوة إلى الله ولتنبيه الغافلين بمغريات الانترنت وللتحذير من مداخل الشيطان كالماسنجر وطرق التعامل في المنتديات بين الجنسين وغيره
واجهتني ردود تألمت حقيقة منها وفيها استهزاء بأسلوب الدعوة وسخرية من شخصي ومن طرحي ومن افكاري للدعوة إلى الله
ويمكنني طرح أحد هذه الردود التي تألمت منها كمثال بسيط من الأمثلة
طامعة من فضيلتكم ارشادي لطريقة التعامل مع فئات كهذه ونصحي بالطريقة السليمة للإستمرار في مجال الدعوة عبر الانترنت
وهذا مثال حي أقتبسه لكم
اقتباس
اقول يارقيه ليتهم رقدو ذاك الليل
عايشه في عصر حجري وافكارك قديمه
ومواعظك سمعناها واحنا صغار
ياليت اقل شي اذا تبغي تنصحي يكون عندك اسلوب راااااقي
لازم تحدثي مواعظك يعني (اب ديت) ضروري مثل بعض البرامج لازم نسويلها اب ديت كلامك اكل وشرب عليه الدهر ومن يقرأ كلامك يجيه مغص بصراااحه
لانك عازله نفسك ومشتهيه مستحيه على قولتهم
طوري نفسك واسلوبك الدعوي لعل الله يهدي على يدك المسلمات الذين فرطوا في دينهم واصبحوا في غفلة وكما تعلمين يااختي الطاهره الشريفه ونحسبك كذلك والله حسيبك ان البنات هذي اليومين يتعرضون للذئاب البشريه المفترسه مثلي فياليت تركزي علييهم وتسلطي الضوء
حتى لايصبحن مرتعا خصبا يقضي فيه الذئاب وطرهم ويمارسون معهم الرذيله على المسنجر وينتشر الخنا والزنا على المنتديات ونصبح مثل العالم الغربي في انتشار الفواحش
كذا اسلوبك باااايخ
اختصر الطريق تبي تنجحي لاتتفلسفي كأنك في برنامج
(1/233)
كل الكلام اللي قلتيه نعرفه ومافي احد مايعرفه والبنات اشطر من الشباب اليومين هذي ولاتسويلي فيها انك شريفة مكه كل وحده وعارفه حدودها وشرفها وشرف اهلها وعرضها
انصحي انا معاك اوكي بس بطريقه زي الناس وابعدي عن نصايح الجدات والامهات وايام جدي زماااان
العالم فاهمه وعندها خبر عن كل شي بس خلي اسلوبك جميل في توصيل المعلومه لان ماحد راح يقرأ ايميلك وكذا اسلوبك الا وحده او واحد زيك مسوي مطوع وغثيث تلاقينه ويجيب المرض في اسلوبه وكلامه
تكلمي بلغة العصر خلي كل الناس تشوف ايميلاتك بالاسلوب الشبابي اللي ماشي هاليويمين بالنكت بالضحك مو بثقالت الدم اللي فقعت قلبي وخلتني اكتبلك كل هالكلام
واذا انتي ادميه راح تفهمي كلامي
واذا انتي مثل جدتي ماراح تفهمينه
واخيرا لو اني مكان صاحب المنتدي راح اعطيك تحذير انك تعدلي اسلوبك اللي يجيب النوم او اطردك اذا قمتي تتفلسفي اكثر من كذا
وجزاك الله جنات الفردوس الأعلى دون حساب
(...الجواب...)
يَتَّضِح مِن خلال الردّ الْمُقْتَبَس أن صاحبته تحتاج إلى الأدب أكثر مما تحتاج إلى شيء آخر ، وعلى من ينتقد الناس أن يَنظُر في عيوب نفسه قبل أن ينظر في عيوب الناس ، وأن يتأدّب بآداب الرَّدّ قبل أن يَرُدّ .
قال الليث بن سعد رحمه الله لبعض طلاّب العْلِم : أنتم إلى يسير مِن الأدب أحْوج منكم إلى كثير مِن العِلْم !
وقال شريك بن عبد الله : قليل مِن الأدب خير مِن كَثير مِن العِلْم .
وقال برهان الدين البقاعي رحمه الله لبعض الأعاجِم : أنت أحْوج إلى الأدب مِنك إلى العِلْم الذي جئت تَطلبه !
وقد أَمَر الله بالتذكير ، فقال : (وَذَكِّرْ) .
وأخبر أنه إنما ينتفِع بالذِّكْرَى مَن كان مؤمِنًا ، فقال : (فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) .
وإنما يتذكّر مَن كان عاقلا ، فقال تعالى : (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ) ، وهم أصحاب العقول السليمة !
(1/234)
وأخبر أنه إنما يتذكّر مَن يَخْشَى ، فقال : (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى) .
ونصّ أهل العلم على أن عنوان السعادة في ثلاث ، منها : إذا ذُكِّر تذكَّر .
وليس كَحَال من إذا ذُكِّر أعْرَض ونأى بِجانبه ، وسَخِر ممن ذَكَّرَه .
وكون الإنسان قد سَمِع ما يُقال لا يمنعه ذلك مِن قبول الحق والانقياد له ، إلاَّ أن يكون مُعانِدا أو مُكابِرا .
وعلى من يدعو إلى الله أن يَصْبر على دَعوته ، ولا يلتفت إلى استهزاء المستهزئين ، فقد اسْتُهْزِئ بإمام المرسَلِين صلى الله عليه وسلم ، فقال الله عزّ وَجَلّ له : (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) ، ثم قال له تبارك وتعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) ، أي : فَعَلَيك بِعِبَادَة ربِّك تبارك وتعالى ، وعليك بالتسبيح والصلاة ، فإن ذلك يُزيل عنك ضيق الصَّدْر ، ويُذهِب الْهَمّ .
وقال الله عزّ وَجَلّ لرسوله صلى الله عليه وسلم : (وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا) !
وأخبر الله جَلَّ جَلاله بأن الاستهزاء مِن صِفات المنافقين ، فقال : (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ) .
وأخبر أن الاستهزاء مِن صِفات الجاهلين ، فقال في صِفات المؤمنين : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا) .
وقال تعالى : (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)
(1/235)
وقال في قصة موسى مع قومه : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) فـ (قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا) فَرَدّ عليهم نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام بِقوله : (أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) !
فالاستهزاء بضاعة الجاهلين ، وطريقة المنافقين ، وأسلوب المشرِكين ..
نعوذ بالله من أن نكون من الْهَالِكِين .
وكان الله في عونك .
252- هل ورد نهي عن النوم مستلقي أوعلى البطن؟
(...السؤال...)
هل ورد نهي عن النوم مستلقيا أو على البطن وجزاك الله خيرا
(...الجواب...)
النوم على البطن مكروه .
فعن أبي ذر رضي الله عنه قال : مرّ بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع على بطني ، فَرَكَضَنِي بِرِجْله ، وقال : يا جنيدب ! إنما هذه ضجعة أهل النار . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني .
وفي حديث طخفة بن قيس الغفاري رضي الله عنه قال : بينما أنا مضطجع في المسجد من السحر على بطني إذا رجل يُحَرِّكني بِرِجله ، فقال : إن هذه ضَجعة يُبغضها الله . قال : فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه ، وحسّنه الألباني .
والخطاب في الشريعة يشمل الذكر والأنثى إلا فيما اختص به أحدهما ، كما نص على ذلك ابن القيم في إعلام الموقعين .
هذا ما يتعلّق بالنوم أو الاضطجاع على البطن .
أما النوم مُستلقيا فقد استلقى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد .
روى البخاري ومسلم من طريق عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مُستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى .
زاد البخاري : وعن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال : كان عمر وعثمان يفعلان ذلك .
وجاء النهي عن الاستلقاء ووضع إحدى الرِّجْلَين على ألأخرى ، كما في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يستلقين أحدكم ثم يَضع إحدى رجليه على الأخرى .
(1/236)
وهو محمول على ما إذا أدّى ذلك إلى انكشاف العورة ، ودلَّت عليه الرواية الثانية عند مسلم : وأن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مُسْتَلْقٍ على ظهره .
قال النووي : قال العلماء : أحاديث النهى عن الاستلقاء رافعا إحدى رجليه على الأخرى محمولة على حالة تظهر فيها العورة أو شيء منها ، وأما فِعله صلى الله عليه وسلم فكان على وَجه لا يَظهر منها شيء ، وهذا لا بأس به ولا كراهة فيه على هذه الصِّفَة . اهـ .
قال ابن حجر : والظاهر أن فِعْله صلى الله عليه وسلم كان لبيان الجواز ، وكان ذلك في وقت الاستراحة لا عند مجتمع الناس ، لِمَا عُرِف مِن عادته مِن الجلوس بينهم بالوقار التام . اهـ .
والله تعالى أعلم .
253-ما يحصل من محادثة على الماسنجر
(...السؤال...)
* مارأيك بما يحصل من محادثة على الماسنجر ؟
(...الجواب...)
إذا كانت المحادثة بين الجنسين ، وكانت المرأة غريبة عن الرجل ، فهي مِن أبواب الشيطان ، وخُطوة في طريق الزلل .
والإسلام جاء بسدّ الذرائع والوسائل الْمُفْضِية والْمُؤدِّية إلى ما حرّم الله .
ولذلك جاء الإسلام بِغضّ البصر ، لِكونه مُفضيا إلى ما حرّم الله .
وجاء النهي عن الخلوة بالأجنبية ، وكذلك النهي عن الخضوع بالقول ؛ لِما يُؤدّيه ذلك من وقوع الفاحشة ، أو حصول مُقدِّماتها .
والله تعالى أعلم .
254-حكم المراسلة بين الجنسين بالمنتديات هل يحمل وزرها مدير المنتدى ؟
(...السؤال...)
مدير لأحد المنتديات قام بإيقاف الرسائل الخاصة خوفاً من المراسلات بين الشباب و الشابات
و قال لي أنه سيتحمل وزر هذه المراسلات علما أنه قد ضر البعض ، و قد ألغى بعض فوائد المرسال
فما رأي فضيلتكم بهذا ؟ هل عليه وزر أذا حصل مثل هذه المراسلات بضوابط ؟
(...الجواب...)
القاعدة : درء المفاسِد مُقدَّم على جلب المصالح .
وكثيرا ما يُساء استخدام الرسائل الخاصة ، فإيقافها في كثير من المنتديات حماية وصِيانة , بل وحِفْظ لأعراض المسلمات مِن عبث العابثين .
(1/237)
وكم وقع بسببها مِن آثام .
والله المستعان .
255-الفرق بين : المتدين والملتزم والمستقيم
(...السؤال...)
شيخنا الفاضل
هل يوجد فرق بين المسلم التقي والمتدين والمستقيم والملتزم ؟
ام انها صفات مرتبطة ببعضها لا اختلاف بينها ؟
(...الجواب...)
لا فرق بينها ، لأنه يُقصد بها معنى واحد .
256-هل سميت فاطمه رضي الله عنها بالبتول ؟
(...السؤال...)
هل سميت فاطمه رضي الله عنها بالبتول ؟ والبتول معناها العذراء ولكن فاطمه رضي الله عنها تزوجت ؟
فكيف هذا ؟ وهل هذا الاسم من وضع الروافض؟ ام ماذا ؟
(...الجواب...)
قال ابن الأثير : وسُمّيت فاطمة البتول لانقطاعها عن نساء زمانها فَضلا ودَينا وحَسَبا . وقيل : لانقطاعها عن الدنيا إلى الله تعالى . اهـ .
وقال الإمام النووي : قال العلماء : التبتل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعا إلى عبادة الله . وأصل التبتل القطع ، ومنه مريم البتول وفاطمة البتول لانقطاعهما عن نساء زمانهما دِينا وفَضلا ورَغبة في الآخرة . اهـ .
والله تعالى أعلم .
257-ملكة جمال الجنة؟؟؟
(...السؤال...)
الله يحفظك ياشيخ ممكن تعليلقك على هذه المشاركه
هل قرأتم أو رأيتم أو عرفتم عن ملكة جمال الجنة؟؟؟..
جالسة في قصرها الجميل ترتدى أجمل الثياب....
.و حولها الخدم من كل مكان ...
... بإشارة من إصبعها يهرول الجميع لتنفيذ أوامرها..
.... بأمنية تخطر على بالها يتحقق المحال .
........ تحتار ........ آين من جواهرها التى لاحصر لها سترتديها اليوم
لحبيبها .....
.. لعلك تظنها زوجة أحد من المؤمنين من الحور العين ....
.... لا ياصاحبى ...
.. فإنها أكثر جمالا و ملكا و تنعما .
...... أتدرى من هى ؟
إنها المسلمة المؤمنة التى أطاعت ربها
..... نفذت أوامره ..
..عاشت في الدنيا محافظة على صلاتها
... محافظة على حجابها ...
. متصفة بأجمل صفات الحياء والأخلاق ..
نساء الدنيا المؤمنات اللاتي يدخلهن الله الجنة برحمته :
(1/238)
وهؤلاء هن ملكات الجنة وهن اشرف وأفضل وأكمل وأجمل من الحور العين
( لعبادتهن الله في الدنيا)
وفى حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لأم سلمة- رضي الله عنها-
أن فضل نساء الدنيا على الحور العين كفضل ظاهر الثوب على بطانته
وقد أعد الله لهن قصوراً ونعيماً ممدوداً أعطاهن الله شباباً دائماً وجمالاً
لم تره عين من قبل
, قال- صلى الله عليه وسلم- في وصفهن أن المؤمن لينظر إلي مخ ساقها ( أي
زوجته )
كما ينظر أحدكم إلى السلك من الفضة في الياقوت ( كأنهن في شفافية الجواهر)
على رؤوسهن التيجان وثيابهن الحرير .
فيا أيتها المسلمة .... ألا ترضين بأن تكوني ملكة الجنة المتوجة ,
تنتقلين بين أصناف النعيم كما تشائين ؟!!!
أختاه لا تتركى صلاتك
أختاه أكرمى نفسك بحجابك ،
أختاه بري والديك
أختاه و الله قلبك أرق وأغلى ، من أن تؤذيه بعلاقات محرمة قبل الزواج
، ادخرى قلبك النفيس
و الجأي بالدعاء الى الله أن يرزقك زوجا ،
يعوضك ما قد تتصورين فواته عليك من متعة قبل الزواج...
من تتزوجين في الجنه ؟
المرأة لا تخرج عن هذه الحالات في الدنيا فهي:
1- إما أن تموت قبل أن تتزوج.
2- إما أن تموت بعد طلاقها قبل أن تتزوج من آخر.
3- إما أن تكون متزوجة ولكن لا يدخل زوجها معها الجنة، والعياذ بالله.
4- إما أن تموت بعد زواجها.
5- إما أن يموت زوجها وتبقى بعده بلا زوج حتى تموت.
6- إما أن يموت زوجها فتتزوج بعده غيره.
هذه حالات المرأة في الدنيا ولكل حالة ما يقابلها في الجنة:
1- فأما المرأة التي ماتت قبل أن تتزوج فهذه يزوجها الله – عزوجل – في الجنة من رجل من أهل الدنيا لقوله
صلى الله عليه وسلم : « ما في الجنة أعزب » ، قال الشيخ ابن عثيمين: إذا لم تتزوج – أي المرأة – في الدنيا فإن الله تعالى يزوجها ما تقر بها عينها في الجنة.. فالنعيم في الجنة ليس مقصورا على الذكور وإنما
هو للذكور والإناث ومن جملة النعيم: الزواج.
(1/239)
2- ومثلها المرأة التي ماتت وهي مطلقة.
3- ومثلها المرأة التي لم يدخل زوجها الجنة. قال الشيخ ابن عثيمين: فالمرأة إذا كانت من أهل الجنة ولم
تتزوج أو كان زوجها ليس من أهل الجنة فإنها إذا دخلت الجنة فهناك من أهل الجنة من لم يتزوجوا من الرجال.
أي فيتزوجها أحدهم.
4-وأما المرأة التي ماتت بعد زواجها فهي – في الجنة! – لزوجها الذي ماتت عنه.
5- وأما المرأة التي مات عنها زوجها فبقيت بعده لم تتزوج حتى ماتت فهي زوجة له في الجنة.
6- وأما المرأة التي مات عنها زوجها فتزوجت بعده فإنها تكون لآخر أزواجها مهما كثروا لقوله صلى الله عليه
وسلم : « المرأة لآخر أزواجها » . ولقول حذيفة رضي الله عنه لامرأته: ( إن شئت أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا فلذلك حرم الله على أزواج النبي أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه في الجنة (.
مسألة: قد يقول قائل: إنه قد ورد في الدعاء للجنازة أننا نقول ( وأبدلها زوجا خيرا من زوجها ) فإذا كانت
متزوجة.. فكيف ندعوا لها بهذا ونحن نعلم أن زوجها في الدنيا هو زوجها في الجنة وإذا كانت لم تتزوج فأين
زوجها؟
و(...الجواب...) كما قال الشيخ ابن عثيمين: "إن كانت غير متزوجة فالمراد خيرا من زوجها المقدر لها لو بقيت وأما
إذا كانت متزوجة فالمراد بكونه خيرا من زوجها أي خيرا منه في الصفات في الدنيا لأن التبديل يكون بتبديل
الأعيان كما لو بعت شاة ببعير مثلا ويكون بتبديل الأوصاف كما لو قلت لك بدل الله كفر هذا الرجل بإيمان وكما
في قوله تعالى: { ويوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات } ، والأرض هي الأرض ولكنها مدت والسماء
هي السماء لكنها انشقت".
اللهم ثبتنا على دينك يا رب العالمين
اللهم اغننا بحلالك عن حرامك وبمغفرتك عن عذابك
(...الجواب...)
لا أعلم أنه يصِحّ حديثا في تفضيل نساء الدنيا على نساء الجنة .
(1/240)
وحديث : (أن فضل نساء الدنيا على الحور العين كفضل ظاهر الثوب على بطانته) ضعيف شديد الضعف .
ويُدعى للميت إذا كان رجلا أن يُبدله الله زوجا خيرا من زوجه .
ففي حديث عوف بن مالك رضي الله عنه قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة ، فحفظت مِن دُعائه وهو يقول : اللهم اغفر له وارحمه ، وعافه واعْفُ عنه ، وأكرم نُزُله ، ووسّع مُدْخَله ، واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونَقِّه مِن الخطايا كما نَقّيت الثوب الأبيض مِن الدَّنس ، وأبدله دارا خيرا مِن دَاره ، وأهلا خيرا من أهله ، وزوجا خيرا من زوجه ، وأدخله الجنة ، وأعذه من عذاب القبر ، أو مِن عذاب النار . قال عوف : حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت . رواه مسلم
قال السيوطي : قال طائفة من الفقهاء هذا خاصّ بالرَّجُل ، ولا يُقال في الصلاة على المرأة : أبْدِلْها زوجا خيرا من زوجها ؛ لجواز أن تكون لزوجها في الجنة ، فإن المرأة لا يمكن الاشتراك فيها ، والرَّجُل يَقْبَل ذلك . اهـ .
والله أعلم .
258-حكم قول ( أعوذ بالله من كلمة أنا )
(...السؤال...)
كثير مااكتب بموضوعي كلمة انا .. واقرا كثيرون عندما يكتبون مواضيعهم وعند ذكر كلمة انا يقولون انا واعوذ بالله من كلمة انا
فما صحة ذلك القول وحكمه ؟
(...الجواب...)
لا يُذمّ قول ( أنا ) في كل حال ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : أنا .
فقد قال عليه الصلاة والسلام : إنَّ أتقاكم وأعْلمكم بالله أنا . رواه البخاري ومسلم .
وكذلك من بعده من الصالحين .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات يشرك بالله شيئا دخل النار . وقلت أنا : مَن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة . رواه البخاري ومسلم .
والأمثلة على ذلك كثيرة جدا .
وإنما يُذمّ قول ( أنا ) في حَال التعالي والاعتداد بالنَّفْس والتفاخُر ، ونحو ذلك .
(1/241)
فإن الإنسان متى ما اعتَدّ بِنفسه ووثق بها وُكِل إليها ، وإذا وُكِل إليها وُكِل إلى عجز وضعف وعورة .
قال ابن القيم رحمه الله : وليحذر كل الحذر مِن طُغيان ( أنا ، و لِي ، و عندي ) ؛ فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابْتُلِي بها إبليس وفرعون وقارون ، فـ (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) لإبليس ، و (لِي مُلْكُ مِصْرَ) لفرعون ، و(إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) لقارون . وأحْسن ما وُضِعَت ( أنا ) في قول العبد : أنا العبد المذنب المخطئ المستغْفِر الْمُعْتَرِف ونحوه . و ( لِي ) في قوله : لي الذنب ، و لِي الْجُرْم ، و لِي الْمَسْكَنة ، و لِي الفقر والذّل . و ( عندي ) في قَوله : اغفر لي جِدّي وهَزلي وخَطئي وعَمدي ، وكل ذلك عندي . اهـ .
وكان سلف هذه الأمة في غاية التواضع مع ما هُم فيه مِن عُلو ورِفعة .
وقال رجل للإمام أحمد رحمه الله : بلغني أنك مِن العَرب . فقال : نحن قوم مساكين .
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يُكثر أن يقول : أنا الْمُكَدِّي وابن الْمُكَدِّي .. وهكذا كان أبي وجَدّي .
وأين حال أولئك النجوم الزاهرة في مقابل عقول لم تَسْتَنِر بِنُور العِلْم تتباهى بالعِلْم ، وتتشبّع بِما لم تُعطَ ؟!
وأين ذلك مِن نُفوس تتكبّر وتتعالى ، وهي ليس فيها إلا البدعة والْخُرافة ؟!
والله المستعان .
259-متى يكون المزاح خارماً للمروءة ومتى لا يكون كذلك؟
(...السؤال...)
(1/242)
محل سؤالي يا شيخنا هو أنني طالب علم, وكما يعلم فضيلتكم فإن طالب العلم يكون محطّ أنظار العوام وقدوتهم, بل لا أبالغ إن قلت أنهم أحياناً يتصيدون له الخطأ! فمن الواجب عليه أن يكون مثالياً في خُلُقه وهيئته, ولابد له من حشمةٍ ووقار, ويحفظ معهم مروءتة وهيبتة حتى يلاقي كلامُه صدىً في نفوسهم, ولهذا السبب أجد في نفسي أحياناً حرجاً شديداً من المزاح معهم خشية أن يقدح هذا في مروءتي, ويسقط عندهم هيبتي, حتى أنني في بعض الأحيان أشعر أنهم يهابونني!! رغم أني طلق الوجه لا أقابل أحدهم إلا وتبسمت له وأخذت على يده, وربما كان ذلك لما عُرف عني من شدتي على بعض أهل البدع لاسيما الإخوان المسلمين وأهل التصوف منهم والذين يشكلون دهماء البلد الذي أعيش فيه!, وهذا بالطبع لا يرضيني فقد كان رسول الله (ص) فخماً مفخماً وكان رغم ذلك يمزح دون كذب!
فهلا أوضحت لي يا شيخنا متى يكون المزاح خارماً للمروءة ومتى لا يكون كذلك؟!
(...الجواب...)
كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزَح ولا يقول إلاَّ حقا .
ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالوا : يا رسول الله إنك تُدَاعِبنا . قال : إني لا أقول إلاَّ حقا . رواه الإمام أحمد والترمذي .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبتسم لأصحابه ، ابتسامة تأسِر القلوب ، وتأخذ بالألباب .
قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه : ما حَجَبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ، ولا رآني إلاَّ تبسَّم في وجهي . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم : ولا رآني إلاَّ ضَحِك .
ولم يكن عليه الصلاة والسلام يَتَميَّز عن أصحابه بشيء ، بل كان الرجل الغريب يدخل مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فيسأل : أيّكم محمد ؟!
(1/243)
ففي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : بينما نحن جلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد دخل رَجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ، ثم قال لهم : أيكم محمد ؟ والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم . قال : فقلنا : هذا الرجل الأبيض المتكئ . رواه البخاري .
وكان عليه الصلاة والسلام يُمازِح الصغير والكبير .
ومع ذلك كان الصحابة يَهابُون رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم تواضعه لهم ، وتبسّطه معهم .
وكان الصحابة رضي الله عنهم يمزحون مع بعضهم ، بل جاء عنهم أنهم كانوا يترامَون بِقشور البطيخ .
روى البخاري في الأدب المفرَد من طريق بكر بن عبد الله قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ ، فإذا كانت الحقائق كانوا هُم الرِّجَال .
وأقْبَل أبو هريرة في السوق يحمل حُزمة حَطب - وهو يومئذ خليفة لمروان - فقال : أوسِع الطريق للأمير !
وكان الأئمة والعلماء يَمزحون ، واشتهر بعضهم بالطّرفة ، كالإمام الشعبي والأعمش ، ولم يُنقص ذلك من إمامتهم .
وينبغي أن يُعلَم أنه ليس كل أحد يُمزَح معه ، كما أن المزاح لا يكون في كل وقت ؛ لأن كَثرته تُذهب الهيبة ، وتُسقط المروءة ، خاصة إذا صاحبه تبذّل !
وقد يتبسّط العالم أو طالب العلم مع خواصّ أصحابه في أمور لا تكون مع عامة الناس .
ولذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَل بئر أريس جلس على حافة بئر أريس وتوسَّط قُفّها ، وكشف عن ساقيه ، ودَلاهما في البئر ..
(1/244)
قال أبو موسى رضي الله عنه : فجاء أبو بكر فدفع الباب ، فقلت : من هذا ؟ فقال : أبو بكر ، فقلت : على رِسْلك . قال : ثم ذهبتُ فقلت : يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن ، فقال : ائذن له ، وبَشِّره بالجنة . قال : فأقبلت حتى قلت لأبي بكر : ادخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يُبَشِّرك بالجنة . قال : فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القُفّ ودَلّى رجليه في البئر كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم ، وكشف عن ساقيه ، ثم رَجعتُ فَجَلَسْتُ ... فإذا إنسان يُحَرِّك الباب ، فقلت : من هذا ؟ فقال : عمر بن الخطاب ، فقلت : على رِسْلِك ، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلّمت عليه ، وقلت : هذا عمر يستأذن ، فقال : ائذن له ، وبَشِّره بالجنة ، فجئت عمر ، فقلت : أذِن ويُبَشِّرك رَسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة . قال : فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القُفّ عن يَساره ، ودَلّى رجليه في البئر .. رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مُضطجعا في بيتي كاشِفًا عن فخذيه أو ساقيه ، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال ، فَتَحَدَّث ، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك ، فَتَحَدَّث ، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوَّى ثيابه ، فدخل فَتَحَدَّث ، فلما خرج قالت عائشة : دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تُبَاله ، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تُبَالِه ، ثم دخل عثمان فجلستَ وسَوّيت ثيابك ؟ فقال : ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ؟ رواه مسلم .
والله تعالى أعلم .
260-هل لفظ (مبروك) جائز ؟
(...السؤال...)
ما تعليقكم على هذا الموضوع ؟
كلمة مبروك ماذا تعني ؟تعتبرُ عبارة (مبروك) من التهاني المتداولة الشائعة بيننا، ونقصد بها الدعاء ..
بالبركة والنّماء عند المناسبات السارّة . ..
(1/245)
لكنّ الصحيحَ من جهة اللّغة أن نقول )مُبارك) أو (بالبَرَكة) أو (بارك الله لك أو فيك أو عليك) أو (بارك الله( ..ونحوها من صيغ التبريكات الصحيحة لغةً وشرعاً، والتي تعني الدعاء بالنّماء والزّيادة .
أما (مبروك) فإنها مشتقّة من بَرَكَ البعير يبرُكُ بُروكاً أي : استناخَ البعير وأقامَ وثبَتَ .فقولنا لشخص (مبروك) يعني : بَرَك عليك البعير واستقرّ وثَبَتَ ، لأنه اسم مفعول من بَرَكَ .
فهذه العبارة في الحقيقة دعاءٌ على الشخص لا دعاءٌ له، واختلاف المعنى واضح وضوح الشمس.
(...الجواب...)
جاء في (...السؤال...) : (بَرَكَ البعير يبرُكُ بُروكاً) ولا أعرف أنه يُشتقّ منها ( مَبْرُوك ) . ولم أجِد – فيما بين يدي حال سَفَري – معنى ( مبروك ) في كُتُب اللغة .
هذا مِن جِهة .
ومِن جَهة أخرى فإن بين بُروك البعير وبين البركة اشْتِرَاكا في أصل الاشتقاق . قال ابن منظور في لسان العرب :
بَرَك : الْبَرَكة : النماء والزيادة . والتبريك : الدعاء للإنسان أو غيره بالبركة . يُقال : بَرّكْتُ عليه تَبْرِيكًا ، أي : قلت له : بارك الله عليك .
وبارك الله الشيء وبارك فيه وعليه : وَضَع فيه الْبَرَكة . وطعام بَريك : كأنه مُبارك .وقال الفراء في قوله تعالى : (رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ) قال : البركات : السعادة .
قال أبو منصور : وكذلك قوله في التشهد : " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " لأن مَن أسْعَده الله بما أسْعَد به النبي فقد نال السعادة المباركة الدائمة .
وفي حديث الصلاة عن النبي : " وبارك على محمد وعلى آل محمد " أي أثْبِت له وأدِم ما أعطيته من التشريف والكرامة ، وهو مِن بَرَكَ البعير : إذا أناخ في موضع فَلَزِمَه .
وتُطْلَق البركة أيضا على الزيادة ، والأصل الأول . وفي حديث أم سليم : " فَحَنّكَه وبَرّك عليه " أي دَعَا له بالبركة . ويُقال : بارك الله لك ، وفيك ، وعليك ، وتَبارك الله ، أي : بَارَك الله . اهـ .
(1/246)
والصحيح في التّبريك أن يُقال : على البركة . ففي حديث عائشة رضي الله عنها وقِصّة زواجها : فإذا نسوة من الأنصار في البيت ، فَقُلْن : على الخير والبركة ، وعلى خير طائر . رواه البخاري ومسلم .
أو يُقال في التبريك : بارك الله لك . قال النبي صلى الله عليه وسلم لِعبد الرحمن بن عوف لما تزوّج : بارك الله لك . رواه البخاري. وقال عبد الرحمن بن عوف لِسعد بن الربيع : بارك الله لك في أهلك ومالك .
أو يُقال : بارك الله عليك، قال النبي صلى الله عليه وسلم لِجابر لما تزوّج : بارك الله عليك
والله أعلم .
261- التبرع بالأعضاء
(...السؤال...)
ما حكم التبرع بالأعضاء ؟
(...الجواب...)
سبق (...الجواب...) عن سؤال مشابه هنا :
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=612
والله يحفظك
262- الرسمه صورة دائريه وفيها نقطتان كنايه عن العينين
(...السؤال...)
لدي سؤال ارجوا الاجابه عليه اجابه شافيه واضحه ومفصله
وعدم اهمال قرائته
سؤالي هو:من المعروف ان لبس الملابس ذات الارواح محرم ولاكن ماحكم لبس الملابس ذات الصور التي لاتشبه مخلوقا من مخلوقات الله كأن تكون الرسمه صورة دائريه صفراء وفيها نقطتان كنايه عن العينين؟؟؟
وخطا كنايه عن الفم ؟؟؟فاذا كانت محرمه هل يحل لبسها بعد طمسها؟؟؟وماهي كيفيه الطمس؟؟ هل بتغطيه العينين فقط ام الوجه كاملا؟
ومالحكم اذا كانت الصورة غالبه على البس كاملا ؟؟؟والطمس يفسدة؟ وماحكم الصلاة في الملابس المطموسه صورها؟
فاذا كان الطمس يحل الصلاة بلملابس المصورة فهل شرشف الصلاة اي (رداء الصلاة) يجزىء؟؟؟ لانه يغطي الصور كلها فكأنه طمسها طمسا مؤقتا؟؟؟؟
وانا لم اسئل هذا (...السؤال...) الا لاني فعلا بحاجه الى اجابه علما بأن أغلب ملابسي تشمل على الصور التي لاتشبه المخلوقات الحقيقيه ويشق علي التخلص منها خصوصا وانها قد كلفتني مبالغ باهضه...فماذا افعل؟؟؟
شاكرة لكم حسن اصغائكم وعذرا على الاطاله
(...الجواب...)
(1/247)
الابتعاد عن مثل هذه الصور أولى ، وإن كانت مُجرّد خطوط . والصلاة صحيحة ولو اشتملت الملابس على صور ذوات أرواح ، فهي صحيحة مع إثم لابس الصورة .
وهذه الأشكال المشار إليها في (...السؤال...) لا تأخذ حكم صور ذوات الأرواح فيما يظهر ، وإن كان تركها أولى .
أما إذا كانت صور ذوات أرواح فيُمكن طمسها أو تغيير ملامح الصورة ، كأن يُكتب عليها بأقلام خاصة للملابس أو تتم خياطة ما يُخفي معالم الصورة .
وكنت سألت شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن الصلاة على سجادة فيها صور حيوانات ، فقال لي رحمه الله : الصلاة صحيحة مع الكراهة ، وعلّل ذلك رحمه الله بأن الصور التي توطأ هي صور مهانة .
ومما يجدر التنبيه عليه في هذا المقام ما يكثر في الملابس ، خصوصا ملابس النساء والصبيان ؛ وهو وجود الصليب
وقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه .
والله تعالى أعلى وأعلم .
263- هل الدعاة الحاليين يعتبرون من القُصَّاص ؟
(...السؤال...)
اريد ان اعرف هل الدعاة الحاليين يعتبرون من القُصَّاص ؟
لا احب ان اذكر اسماء ولكني مضطرة لذلك مثل د. عبد المحسن الاحمد _ خالد الراشد _ محمد العريفي _ خالد الجبير _ابراهيم بوبشيت _ فيصل الشدي _نبيل العوضي _عايض القرني _ بدر المشاري _خالد الخليوي ..
ارجو ان توضح لي ذلك لاني سمعت من يقول ان كل هؤلاء الدعاة من القصاصين ولا يجوز سماعهم
فارجو التوضيح بالتفصيل لان اكثر العوام يحرصون على حضور محاضراتهم وسماع اشرطتهم فمن منهم القصاص ؟
(...الجواب...)
الأسماء المذكورة لأناس فضلاء ، ولعلماء ودُعاة .. وليس مِن شَرْط العالم أن لا يُخطئ ..نحن لا نُبرِّئ أحدا من علمائنا ولا من دُعاتنا وطلبة العِلْم من الخطأ ..
إلا أن القاعدة عند الْمُنْصِفِين من أهل العِلْم : أن العالِم لا يُتابَع في زَلَّتِه ولا يُتبَع في زَلَّتِه .
(1/248)
ومعنى هذا القول :أنَّ العالِم لا يُتابَع في زَلَّتِه ولا في خطئه ، لأنه لو فُعِل ذلك لكان بِمنَزِلة ادِّعَاء العِصْمَة .
ولا يُتْبَع في زَلَّتِه ولا في خطئه ، ولا يُشنَّع عليه في الخطأ الذي وقع فيه ؛ لأنه بَشَر لا يَخلو من صِفَات البشر ، ولا يَعْرو مِن نَقْص وخطأ .
وكثيرا ما يَقول أهل العِلْم : الإنصاف عَزيز ! أي : قليل ونادر !
وكثيرا ما يَقَع بعض الناس في بعض الدُّعَاة والعلماء جهلا منهم بِما للعالِم مِن مكانة ، أو هَ,ى في أنفسهم حيث قد بَلَغ بعض الدُّعَاة ما لَم يَبْلُغه بعض كِبار العلماء ، أعْنِي مِن حيث الصِّيت والشُّهْرَة والقَبُول عند الناس ، وهذا قد يَكون من الابتلاء ، وقد يَكون فيه فِتْنَة للعالِم .
وفي بعض الأحيان يقع بعض الناس في بعض الدُّعَاة نتيجة تَعصُّب لبعض المشايخ ، فما أن يَتكلَّم بعض أهل العِلْم في بعض العلماء أو في بعض طَلبة العِلم والدُّعَاة حتى يُسارِع من لا يَعِي ما يَقول إلى تقليد ذلك العالِم ، ويَضْرِب الطَّبْل لِزَلَّة ذلك العالِم !
وأحيانا يَكون الوقوع في أعراضهم مَبْنِيًّا على شفا جُرُف هار ! كيف ؟ نجِد مَن يُبدِّع بعض أهل العِلم أو يُضَلِّلهم نتيجة وَهْم تَوهَّمَه !
فَيُقَال لمثل هذا ما كان الشيخ الألباني رحمه الله يُرَدِّده : أثْبِت العَرْش ثم انْقُش ! وهذا مَثَل سَائر .. ومعناه : أثْبِت أصل المسألة ثم ناقِش ..
مرة ناقشتُ أحد الذين يَقَعُون في أعراض أحد الدُّعاة .. فقال : هو مُبتَدِع ضال حِزبيّ ! قلت : أثْبِت هذا . قال : فلان يقول ذلك ! قلت : وأين هي الْحُجَّة على ذلك ؟
وهل تَبْرأ الذِّمَّة أمام الله أن تقول : سمعت قولا فقلتُ به ؟! دون تَحقّق وتثَبُّت ؟ وطالبته كثيرا أن يُبِت حرفا واحدا من البِدع تكلَّم به ذلك الدَّاعِية .. لم يَجِد حرفا واحدا !
(1/249)
بل كان كلامه مَبْنِيًّا على تقليد .. وأن يُصدِّر نفسه ، ويَجعل نفسه حَكَمًا على العلماء ، ليرفع مِن شأن نفسه ! أو أن يَضَع نفسه موضع يَحيى بن معين أو مكان أحمد بن حنبل !
وكثير من الواقعين في أعراض الدُّعاة ليس معهم من العِلم شيء .. وذلك لأنهم انشغلوا بأعراض عباد الله عن تعلُّم العِلْم ، وعن مجالسة العلماء .. وكلّ ما معهم هو قيل وقال ! ونحن قد نُهينا عن قيل وقال !
قول الأوزاعي : ندع من قول أهل الحجاز : استماع الملاهي ، والجمع بين الصلاتين من غير عذر
أي : أنّ هذا القول من زلاّت العلماء التي لا يُتابَعون عليها . فأهل الحجاز زلّوا في زمن من الأزمنة في هذه المسالة ، فلذا لم يأخذ العلماء بقولهم في هذه المسألة .
كما أن أهل الكوفة زلّوا في مسألة النبيذ ، وهو نوع من الشَّراب ، فلم يؤخذ بقولهم في هذه المسألة، ولذا لما سُئل الإمام أحمد رحمه الله عن شُرب بعض العلماء للنبيذ . ذَكَر أنها زَلاّت عُلماء .
قال أبو حاتم الرازي : ذَكَرت لأحمد بن حنبل من شرب النبيذ مِن مُحَدِّثي الكوفة ، وسَمَّيْت له عددا منهم ، فقال : هذه زلاّت لهم ولا تَسْقُط بزلاّتهم عدالتهم .فألإمام أحمد يَرى هذه زَلاّت ، ليستْ مَحلّ اقتداء . ومن أخذ بِزلاّت العلماء فقد رَقّ دِينه ، وتَعرّض للخروج مِن الدِّين ، ولو لم يشعر .
قال الإمام الذهبي رحمه الله : ومن تتبّع رخص المذاهب وزلاّت المجتهدين فقد رقّ دينه ، كما قال الأوزاعي أو غيره : من أخذ بقول المكيين في المتعة ، والكوفيين في النبيذ ، والمدنيين في الغناء ، والشاميين في عصمة الخلفاء ، فقد جمع الشرّ ، وكذا من أخذ في البيوع الربوية بمن يتحيّل عليها ، وفي الطلاق ونكاح التحليل بمن توسّع فيه ، وشِبْه ذلك ، فقد تَعَرَّض للانْحِلال ! فنسأل الله العافية والتوفيق . اهـ .
(1/250)
وليس مِن أحدٍ بعد الأنبياء إلاَّ ويَقع في الخطأ ..وقال سعيد بن المسيب : ليس من شريف ولا عالم ولا ذي سلطان إلا وفيه عيب لا بُدّ ولكن من الناس من لا تذكر عيوبه ؛ من كان فضله أكثر من نقصه وُهِب نقصه لفضله .
وقال الإمام الشافعي : لا نعلم أحدا أُعطي طاعة الله حتى لم يخلطها بمعصية إلا يحيى بن زكريا ، ولا عصى الله فلم يَخلط بطاعة ، فإذا كان الأغلب الطاعة فهو المعدّل ، وإذا كان الأغلب المعصية فهو المجرّح . اهـ .
وهذا كلام جميل من إمام جليل ، فَعُضّ عليه بالنواجذ .
والإنصاف عزيز ونادر .. قال الإمام وكيع : أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم ، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم . رواه الدارقطني ، ونقله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن عبد الرحمن بن مهدي .
قال ابن القيم رحمه الله : ومَنْ له علم بالشرع والواقع يعلم قطعا أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة ، وهو مِنْ الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلّة ، هو فيها معذور بل ومأجور لاجتهاده ، فلا يجوز أن يُتبع فيها ، ولا يجوز أن تُهدر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب المسلمين . اهـ .
والذين ذُكِرتْ أسماؤهم في (...السؤال...) ليسوا مِن جِنْس القُصَّاص الذين جاء ذمّهم .. لأن ما يُذمّ مِن القصص أن يُعرِض القاصّ عن كِتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، لا أن يستعين بالقصة ويستعملها في موضعها .
ويُذمّ من القصص اعتماد الغرائب ، بل واسْتِجازَة الكذب في القصص – كما عند بعض الجماعات – لأجل دعوة الناس !
وليس مِن تَحفُّظ إلا على من انتسب إلى جماعات بِدْعِيَّة ! قال الشيخ ابن باز رحمه الله ( مجموع فتاوى ومقالات 8/331 ) :
جماعة التبليغ ليس عندهم بصيرة في مسائل العقيدة فلا يجوز الخروج معهم إلاَّ لمن لديه عِلم وبصيرة بالعقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنة والجماعة حتى يرشدهم وينصحهم ويتعاون معهم على الخير . اهـ .
والله تعالى أعلم .
(1/251)
264- انتشار صور الفنانين والفنانات في تواقيع الأعضاء
(...السؤال...)
فضيلة الشيخ بارك الله فيكم على جهودكم في خدمة الدين الحنيف وجزاكم الله كل خير. لدى سؤال ودي في حجة فتوى صريحة وهو أنه انتشرت في المنتديات وضع صور الفنانات وبعض النساء في التواقيع صور لهن .
وأيضا الرجال كصورة فنان ؟ بودي فتوى من سيادتكم لكي أحج فيها بعض البنات على تحريمه
وجزاكم الله كل خيرا.
(...الجواب...)
(...الجواب...)/ وبارك الله فيك، رسالتك وصَلَتْ وَصَلَك الله بِحبل هداه، وكَتَب لك رضاه إلى يوم لقياه.
لا يجوز نشر صُور ذوات الأرواح لا في التصاميم ولا في التواقيع .
وقد جاء الوعيد الشديد والتهديد الأكيد في حقّ من صَوّر صُورة، وأنه يُكلّف يوم القيامة أن يَنفخ فيها الروح ولن يستطيع ذلك، وإنما ذلك من باب التحدّي له، وإقامة الحجة عليه. وجاء لعن المصوِّرين. وهذا كله سبق بسط الأدلة فيه
هنا
http://www.al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=368
وقد يَقول قائل: إني لا أُصوِّر الصُّوَر.. وكلما أعمله أني أضَع صُوَر ذوات الأرواح في التوقيع أو في التصميم. فيُقال له: الراضي كالفاعل، فالذي يرضى بالمعصية والمنكَر كالذي فَعَله.
ألَم تسمع إلى قوله عليه الصلاة والسلام: ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع. قالوا: أفلا نقاتلهم ؟ قال: لا. ما صَلّوا. رواه مسلم. فالمسألة خطيرة وعظيمة.. إي والله.. ليست بالهيّنة..
ويزداد الأمر سوءا ، ويَعظُم الذَّنْب إذا كان الصورة لامرأة يُفتَتَن بها، أو لِسفلة من حُالة المجتمع من المغنّين أو الممثلين ؛ فإن من نشر صُورَهم فقد عرّض نفسه لِمقتِ الله ، وسوف يَحمِل الإثم مُضاعفا، إثمه وذَنْبَه وإثم من فتَنه أو أضلّه. ونسأل الله السلامة والعافية.. والسلامة لا يَدِلها شيء.
(1/252)
وإن قال قائل: التصوير الفوتوغرافي مُختَلَف فيه. قيل له: الخلاف فيه أولاً ضعيف، لأنه خِلاف الأدلة الصحيحة التي تَعُمّ كل صُورة وتصوير لذاوت الأرواح مِن إنسان وحيوان وطير وغيرها من ذوات الأرواح .
ثم إن الإنسان لن يُسأل يوم القيامة: لِمَ لََمْ تُصوِّر صُور ذوات الأرواح ؟ ولكنه سوف يُسأل: لِمَ صَوّرت صَُور ذوات الأرواح..
بل سوف يُوقف مَوقِف العاجز الذليل، فيُطلَب منه نفخ الروح بِتلك الصّور التي صوّرها. وقد تساهل كثير من الناس بشأن الصور، وفُتِنوا بها. وهذه بلية ورَزِيّة.
والله المستعان، والله أعلم
265- ما حكم مشاهدة الصور النسائية حيث توضع في الصور الرمزية أو في التوقيع في المنتديات أو في الجوالات كخلفية؟
(...السؤال...)
ما حكم مشاهدة الصور النسائية حيث توضع في الصور الرمزية أو في التوقيع في المنتديات أو في الجوالات كخلفية؟
أفتونا مأجورين، نفع الله بكم وبارك فيكم
(...الجواب...)
وجزاك الله خيرا، ووفَّقَك الله لِكُلّ خَيْر .
لا يجوز النظر إلى صُور النِّسَاء ، سواء كان النظر مباشرة أو عن طريق الصور ، وقد يَكون النظر إلى الصور أكثر فِتنة ؛ لأنها غالبا تُحسَّن ، والتي تُصوَّر تتزيَّن قبل التصوير !
ولا يجوز نشر تلك الصور ، لا في التواقيع ، ولا في الصور الرمزية . ومَن نشرها فعليه الإثم مرتين : إثم نشرها ، وإثم النظر إليها .
ويتحمّل إثم كل من نظر إليها . وفي هذا تنبيه إلى القائمين على المواقع والمنتديات ، أن آثامهم بِقَدْر عدد الناظرين إليها !
ولعلك تتخيَّل كم ينظر إلى تلك الصور في مشارق الأرض وفي مغاربها ، وصاحب الموقع أو المنتدى يَجْمع تلك السيئات ، بل لعلها تجري عليه وهو في قبره إذا مات ولم يَتُب من نشرها .
فالمسألة ليست بسيطة كما يتصورّها بعض الناس ، بل هي مسألة عظيمة . وبِقَدْر ما تكون الفِتنة والافتِتان بالصور يَعْظُم الإثم .
(1/253)
وقد وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن تهاون كثير من الناس في النظر إلى صور النساء الأجنبيات بحجة أنها صورة لا حقيقة لها ؟
فأجاب رحمه الله بقوله : هذا تهاون خطير جداً ، وذلك أن الإنسان إذا نظر للمرأة سواء كان ذلك بوساطة وسائل الإعلام المرئية ، أو بواسطة الصحف أو غير ذلك ، فإنه لابد أن يكون من ذلك فتنة على قلب الرجل تَجُرّه إلى أن يتعمد النظر إلى المرأة مباشرة ، وهذا شيء مشاهد .
ولقد بلغنا أن من الشباب من يقتني صور النساء الجميلات ليتلذذ بالنظر إليهن ، أو يتمتع بالنظر إليهن ، وهذا يدل على عظم الفتنة في مشاهدة هذه الصور ، فلا يجوز للإنسان أن يشاهد هذه الصور ، سواء كانت في مجلات أو صحف أو غير ذلك .
والله المستعان .
266-رسالة الى من يتخذ صور الفنانات وذوات الارواح فى المنتديات
(...السؤال...)
وددت من فضيلتكم توجيه كريم
لرواد المنتديات واللذين اتخدوا من التوقيع مساحة لوضع بطاقات تحمل صور ذوات الأرواح كصور نسائية لمغنيات نخجل نحن النساء
من النظر لها أو فتيات صغيرات أو بعض الشخصيات من الرجال، تحمل العبارات ما بين شعر ونثر الخ ... فما توجيهكم وما حكم ذلك
أتمنى منكم التوضيح حتى يتسنى لي نقله لمن يتساهل بوضع مثل هذه التواقيع، وجزاكم الرحمن خير الجزاء ونفع بكم وبعلمكم
(...الجواب...)
وجزاك الله خيرا، وبارك الله فيك .
لا شَكّ أنَّ مسألة التصوير والصُّوَر مما ابْتُلِي بها كثير مِن الناس ، بل وقد تَهاوَن فيها كثير مِن الناس ، وهي مسألة عظيمة ، فإنَّ أصل أوّل شِرْك في الأرض كان بسبب الصُوَر ، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما عن ( وُدّ وسِواع ويَغوث ويَعُوق ونسْر)
قال : أسْمَاء رِجَال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ، ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هَلك أولئك وتُنسّخ العِلْم عُبِدَت . رواه البخاري .
(1/254)
وقال محمد بن قيس : ( يَغُوث وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) قال : كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح ، وكان لهم أتْبَاع يَقْتَدون بهم ، فلمَّا مَاتُوا قال أصحابهم الذين كانوا يَقْتَدون بهم : لو صَوَّرناهم كان أشْوَق لنا إلى العبادة إذا ذَكرناهم . فَصَوَّروهم ، فلما مَاتُوا وجَاء آخَرون دَبّ إليهم إبليس ، فقال : إنما كانوا يَعْبُدونهم وبهم يُسْقَون الْمَطَر ، فَعَبَدُوهم .
وصُوَر ذوات الأرواح عُموما دَاخِلة في الأحَاديث الصحيحة التي جاء فيها التشديد على التصوير وذَمّ الصُّوَر والْمُصوِّرين ، وأنه يُؤتى به يوم القيامة فيُؤمَر أن ينفخ الرُّوح بكل صورة صوّرها ، وهذا من باب التعجيز .
والنصوص قد جاءت بِذَمّ الصُّور والتصاوير والمصوِّرين ، ولفظ الصُّوَر يشمل الجميع ، فيشمل التصوير والرسم باليد ، ويشمل حبس الظِّلّ ، ويَشْمَل صناعة التماثيل من باب أولى .
وقد جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال : يا أبا عباس إني إنسان إنما مَعِيشتي مِن صَنعة يَدي ، وإني أصنع هذه التَّصَاوِير ، فقال ابن عباس : لا أحدثك إلاَّ مَا سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، سَمِعْتُه يقول :
مَنْ صَوّر صُورة فإن الله مُعَذِّبه حتى يَنْفُخَ فِيها الرُّوح ، وليس بنافخ فيها أبدا . فَرَبَا الرجل رَبْوَة شديدة ، واصْفرّ وَجْهه . فقال : ويَحْك إن أَبَيْتَ إلاَّ أن تَصنع فعليك بهذا الشَّجر ، كل شيء ليس فيه روح . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن دقيق العيد : وَقَدْ تَظَاهَرَتْ دَلائِلُ الشَّرِيعَةِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ التَّصْوِيرِ وَالصُّوَرِ . اهـ . وقال : وَرَدَ فِي الأَحَادِيثِ : الإِخْبَارُ عَنْ أَمْرِ الآخِرَةِ بِعَذَابِ الْمُصَوِّرِينَ . وَأَنَّهُمْ يُقَالُ لَهُمْ " أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ " . اهـ .
وقد بَسَطْتُ القول في هذه المسألة هنا
(1/255)
ولن يُسأل الإنْسان يَوم القيامة : لِم لَمْ تُصوِّر ؟ ولكنه سَوف يُسْأل : لِمَ صَوَّرْت ؟ ويُحَاسَب عمَّا صَوَّرَه مِن ذوات الأرواح ، إلاَّ مَا اضْطُرَّ إليه.
والتصوير سواء كان بواسِطة آلة تصوير أو كان باليد فهو تصوير ، والجميع يتّفِقُون على أنها صُورَة !ولا يُخْرِجها مِن عُموم الأحَادِيث ولا مِن شِدَّة الوَعِيد إلاَّ نَصّ قاطِع ، وليس في المسألة نَصّ قاطِع يُخرِج بعض صُوَر ذوات الأرْوَاح عن بعض .
ويشتَدّ الأمر إذا كان ذلك بِنِشْر صُوَر فاتِنة ، أو شِبْه عَارِيَة ؛ فإنَّ فاعِل ذلك آثِم مِن ثلاث جِهَات :
الأولى : مِن جِهَة نشْر صُوَر ذوات الأرواح .
والثانية : مِن جِهة نَشْر الصُّوَر الفاتِنَة .
والثالثة : مِن جِهة إشاعة الفاحشة بين الناس .
فكُلّ مَن نَظَر إلى تلك الصُّوَر فإنه آثِم ، ومَن نَشَرها فهو آثِم ، ولا ينقص مِن آثام ناشرها شيئا ! وقد دَلّ على هذا قوله سبحانه وتعالى : ( لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ ) .
وقوله عليه الصلاة والسلام : مَن دَعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومَن دَعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام مِن تَبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا . رواه مسلم .
وأما إشاعة الفاحشة في المؤمنين ، فقد جاء في حقّ صاحبها الوعيد الشديد ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ) .
وعلى المسلم أن يَحتاط لِنفسه ولِدِينه ، فإن السلامة لا يَعْدِلها شيء . وكما قلت : لن يُسأل الإنْسان يَوم القيامة : لِم لَمْ تُصوِّر ؟
والله تعالى أعلم .
267- ما حكم السلام ورده بهذه الأشكال التعبيرية وكذلك عمل بطاقات بها آيات مزينه.
(...السؤال...)
(1/256)
بارك الله فيكم يا شيخ ما حكم السلام ورده بهذه الأشكال
أي هل يجب كتابة السلام باليد أم يكفي أن أضع أحد الأشكال هذه وأسلم وأرد السلام بلساني؟؟؟ مع العلم أني أتكاسل وأنسى قول السلام بلساني في بعض الأوقات
وكذلك بالماسنجر نضع كلمة " السلام " مثلاً ويظهر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كاملة
وقد نضغط على الأشكال المسجلة بالماسنجر ونختار عبارة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فتظهر للمستقبل ؟؟
وكذلك في كفارة المجلس وغيرها
(...الجواب...)
وبارك الله فيك .
طالما أن هذه الصِّيَغ تتضمن ردّ السلام ، فيكفي إذا ردّ الإنسان السلام على السلام المكتوب بِكِتابة ، ولو مِن دُون تلفُّظ ، أو ابتدأ بِكتابة السلام بمثل هذه الصِّيَغ .
إلاَّ أن الملاحَظ وُجود صور فراشات ، وهذه لا علاقة لها بِرَدِّ السَّلام ! والله يحفظك
268-ما حكم البطاقات التى تحتوى على آيات قرآنية وتستخدم كتوقيع
(...السؤال...)
انتشر في مواقع الانترنت والجوالات مثل هذه البطاقات تحتوي على آيات بشكل جميل والبعض يجعلها توقيعا له والبعض تكون له نيك نيم في الماسنجر .
فهل هذا يتعارض مع قدسية القرآن ؟وهل يجوز لنا تصمم مثل هذه البطاقات كخلفية والكتابة عليها ، وتكون الآية في الخلف قد لا تكون واضحة وإنما زينه ؟
أرجو أن توضحوا لي الأمر .
وجزاكم الله خير
(...الجواب...)
وجزاك الله خيرا، وبارك الله فيك .. وشكر لك حرصك على (...السؤال...) .
هذا أقْرَب إلى العَبَث ! وهل أُنْزِل القرآن لِتُزيَّن به المجالس ، وخَلفيات التصاميم ، ويُجعل في التواقيع على أنه زينة وليس للعبرة والتأمل والتَّدبُّر ؟
(...الجواب...) : لا
(1/257)
إنما أُنْزِل القرآن لِيُعْمَل به ، ولِتِلاوته ، وتدبّره . قال تبارك وتعالى : (وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلا) وقال عزّ وَجَلّ : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ)
فلا يَجوز أن تُجعل مثل هذه التصاميم خلفيات ولا شِعارات ، سَواء للجوال أو للمواقع ، أو في التواقيع والأسماء .
ويُمكن أن يُجْعَل بدل ذلك عبارات مُؤثِّرة ، أو أبيات شِعر ، أو كلمات مِن مأثور الْحِكَم ، ونحو ذلك .
ومما يُنبَّه عليه في هذا السِّيَاق أن بعض الرسامين والمصمِّمِين قد يتلاعب بهم الشيطان حتى يجعلوا آيات الله على صورة طير ، أو على صورة حيوان ، أو على صورة ثِمار ، فنجد أن الآيات قد جُعِلَتْ على هيئة طير مثلا ، فإذا دَقَق الناظِر فيها النظر رأى مِن خلال ذلك ألآيات في داخل ذلك التصميم .
وهذا لا شكّ أنه استخفاف بآيات الله . والاستخفاف بها كُفْر . نسأل الله السلامة والعافية .
والله تعالى أعلم .
269-ما حكم استخدام الآيات القرآنية فى التواقيع للتذكرة؟
(...السؤال...)
تقول الأخت السائلة : السلام عليكم فضيلة الشيخ واثابكم الله على ماتبذلونه لتبليغ رسالة محمد صلى الله عليه وسلم....
اطلعنا على فتواكم الكريمة التالية...فقد نقلت الينا الفتوى في منتدى آخر.. وحدث عندنا استشكال حفظكم الله...
وهو ان (...السؤال...) قصد التزيين بالآيات على اطلاق التزيين...ثم جاء (...الجواب...) بعدم القول بجواز ذلك بأي شكل كان... وهو ماتطمئن اليه النفوس حفظكم الله...
لكن ما اشكل علينا هو التوقيع بالايات دون تزيين او زخرفة من اي نوع...وانما التوقيع بها بغرض التذكير بالآي والذكر الحكيم ليذكر من يخاف وعيد.. واستغلال خاصية التوقيع التي تظهر آليا في جميع المشاركات وتمييزها بخط مختلف عن خط نص المشاركة لتلفت نظر القاريء...
(1/258)
كالكتابة بلون اسود والتوقيع بلون ازرق..دون اي زخرفة بل كتابة ذات النص القرآني المجرد فقط .
فهل هذا يا فضيلة الشيخ داخل في النهي عن الاستخفاف بالذكر الحكيم والعياذ بالله..؟
(...الجواب...)
إنما قصدت بالاستخفاف أن يُقصد به التّزيين فحسب ، وأشدّ منه أن تُزخرف الآيات على هيئة إنسان أو حيوان ، ومن المعلوم أن بعض حروف الآيات سوف يُرْسَم به مؤخِّرة ذلك الإنسان أو ذلك الحيوان الذي قُصِد زخرفة الآية على هيئته .
وأما العبارات التي فيها تذكير مثل العبارة التي في التوقيع ، وهي جزء من آية ، فلا أرى بها بأسا ..
ولكن لا تَكن للزينة .. بل للتذكير والعِظة .. ومع ذلك أيضا فلو اجْتُنِبَت الآيات في ذلك كله لَكان أوْلى .
والله تعالى أعلم .
270-هل هذا التوقيع حرام؟
(...السؤال...)
من فضلك يا شيخ أريد أن أسأل
هل هذا التوقيع حرام ؟
(...الجواب...)
وجزاك الله خيرا ووفقك لكل خير، أكره ابتذال القرآن بمثل هذه الصور ..
فأحيانا يَكون التوقيع مثلا عبارة عن مصحف مفتوح ، أو يَكون خَلْفِية تصميم ونحو ذلك ؛ وهذا كله ليس للعِظة ولا للعبرة ، ولا لِقراءته ، بل للزينة !
وأما العبارات التي فيها تذكير مثل العبارة التي في التوقيع ، وهي جزء من آية ، فلا أرى بها بأسا ..
ولكن لا تَكن للزينة .. بل للتذكير والعِظة ..
والله يحفظك
271- بعض أسماء أبناء إبليس ووظائفهم
(...السؤال...)
يرجى الإفادة بمدى صحة هذه المعلومات !!
جزاكم الله خيرا
-------------
الإيميل كالتالي:
------------
المشكله كلها من اقبض
هذة أسماء لأبناء إبليس ووظائف حفظنا الله جميعا من مكرهم
هفاف : وظيفته إيذاء الناس وتخويفهم بالظهور لهم بهيئة حيوانات مخيفة
زلنبور:موكّل على من في السوق بتزيين أفعالهم من اللغو والكذب والقسم الكاذب ومدح البضاعة لبيعها
ولّها: للوسوسة في الطهارة وفي الصلاة.
أبيض: للوسوسة إلى الأنبياء ولإثارة الغضب.
ثبر: ليزين للمصاب بمصيبة خمش الوجه وشقّ الجيب ولطم الخد.
(1/259)
أعور: لتحريك الشهوات لدى الرجال والنساء ودفعهم للزنا.
داسم: لإثارة الفتن في البيت بين أهله
مطرش: لإشاعة الأخبار الكاذبة
دهّار: لإيذاء المؤمنين في النوم بواسطة الأحلام المرعبة والاحتلام مع النساء الأجنبيات
وما زالت لاقيس: بنت إبليس التي علّمت نساء قوم لوط السحاق بعد أن اشتغل وظيفتها إلى الآن إضلالهن بالسحاق. الرجال بالرجال منهم
مقلاص: لتزيين أمر القمار والمتقامرين ثم إيقاع العداوة والبغضاء بينهم
تمريح: لإشغال وقت الناس عن أداء واجباتهم
اقبض: واجبه وضع البيض إذ يضع في اليوم ثلاثين بيضة، عشر في المشرق، وعشر في المغرب
وعشر في وسط الأرض، فيخرج من كل بيضة عدد من الشياطين والعفاريت والجان، وجميعها أعداءالانسان
(...الجواب...)
وقد سئل الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله هذا (...السؤال...) سابقا فأجاب:
هذا من الترف العلمي ، ومن الفراغ ! وهو دالّ على جهل من اشتغل بمثل هذا ، لأنه اشتغل بما لا فائدة فيه عما فيه فائدة .
فإن أهل العلم يَذكرون أوصاف جُند إبليس ، لأن الوصف أهم من الاسم ! ولذا قال الإمام البخاري : باب صفة إبليس وجنوده .
كما أن هذا الترف قديم !
روى الحافظ يعقوب بن سُفيان ( ت 277 هـ ) من طريق الإمام الأعمش قال أتى الشَّعْبِيَّ رجلٌ فقال : ما اسم امرأة إبليس ؟! فقال : إن ذاك لعرس ما شهدته ! ومِن طريقه رواه الحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق .
وروى ابن عساكر من طريق عامر الرازي أن حَمَّالاً مَرّ يحمل دِنا من خَلّ ، فَمَرَّ بالشعبي ، فقال : يا أبا عمرو ما كان عرس إبليس ؟ قال : تلك وليمة لم أشهدها ! قال : فما تقول في أكل الذُّبّان ؟ قال : إن اشتهيتَه فَكُلْه !
فمثل هذا الترف ، و(...السؤال...) عما لا يضرّ الجهل بِه ، وترك ما يضرّ الجهل به جوابه مثل جواب الإمام الشعبي !
والله تعالى أعلم .
272- ريحانة بنت شمعون
(...السؤال...)
(1/260)
قرأت مرات أن السيدة ريحانة بنت شمعون من أمهات المؤمنين ومرات أنها من الأماء ... فياليت التوضيح و نبذة عنها
(...الجواب...)
قال ابن جرير في التاريخ : وأفاء الله عز وجل على رسوله ريحانة بنت زيد من بني قريظة .
وقال نَقْلاً عن ابن إسحاق : وكان رسول الله قد اصطفى لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خنافة إحدى نساء بني عمرو بن قريظة ، فكانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تُوفي عنها وهي في ملكه ، وقد كان رسول الله عَرض عليها أن يتزوجها ويَضرب عليها الحجاب ، فقالت : يا رسول الله بل تتركني في ملكك فهو أخفّ عليّ وعليك ؛ فتركها ، وقد كانت حين سَباها رسول الله قد تعصّت بالإسلام وأبَتْ إلاَّ اليهوديه ، فَعَزَلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجد في نفسه لذلك مِن أمرها ، فبينا هو مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خَلفه ، فقال : إن هذا لثعلبة يُبَشرني بإسلام ريحانة ، فجاءه ، فقال : يا رسول الله قد أسلمت ريحانة ، فَسَرَّه ذلك . اهـ .
ونَقَل ابن كثير عن ابن إسحاق قوله عن سبايا بني قريظة : وكان رسول الله قد اصطفى من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خنافة ، إحدى نساء بني عمرو بن قريظة ، وكان عليها حتى توفي عنها وهي في ملكه ، وقد كان رسول الله عرض عليها الإسلام فامتنعت ثم أسلمت بعد ذلك ، فَسُرّ رسول الله بإسلامها ، وقد عرض عليها أن يعتقها ويتزوجها ، فاختارت أن تستمر على الرقّ ، ليكون أسهل عليها ، فلم تزل عنده حتى توفي عليه الصلاة والسلام . اهـ .
وقال ابن كثير : وكانت له وليدة يُقال لها : ريحانة بنت شمعون مِن أهل الكتاب مِن خنافة ، وهم بطن من بني قريظة .
وقال في ذِكر سَراري النبي صلى الله عليه وسلم : ومنهن : ريحانة بنت شمعون القرظية ، وقيل : النضرية .
وقال ابن القيم رحمه الله :
(1/261)
قيل : ومن أزواجه : ريحانة بنت زيد النضرية ، وقيل : القرظية ، سُبِيت يوم بني قريظة فكانت صَفيّ رسول الله فأعتقها وتزوجها ثم طلقها تطليقة ثم راجعها .
وقالت طائفة : بل كانت أمَته ، وكان يطؤها بملك اليمين حتى توفي عنها ، فهي معدودة في السَّراري لا في الزَّوْجات .
والقول الأول اختيار الواقدي ، ووافقه عليه شرف الدين الدمياطي ، وقال : هو الأثبت عند أهل العلم . وفيما قاله نظر ، فإن المعروف أنها مِن سَراريه وإمَائه . والله أعلم . اهـ .
وقال ابن حجر : ريحانة بنت شمعون بن زيد . وقيل : زيد بن عمرو بن قنافة بالقاف ، أو خنافة بالخاء المعجمة ، من بني النضير ... وماتت قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة عشر . وقيل : لَمَّا رَجع مِن حَجة الوداع .
والله تعالى أعلم .
273- تسميه امهات المؤمنين بهذا الأسم
(...السؤال...)
لماذا سميت امهات المؤمنين بهذا الاسم؟؟
(...الجواب...)
سَمّى الله عزّ وَجَلّ أمهات المؤمنين بِهذا الاسم ، فقال : (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) .
وفي قراءة تفسيرية : وهو أبٌ لهم .
قال الشنقيطي : وفي قراءة أُبَيّ بن كعب : (وأزواجه أمهاتهم وهو أبٌ لهم) ورُوي نحوها عن ابن عباس ، وبهذا القول قال كثير من العلماء . اهـ .
وقال عليه الصلاة والسلام : إنما أنا لكم مثل الوالد لِوَلَدِه أُعَلِّمُكم . رواه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه .
قال الرازي : يعني في الرأفة والرحمة .
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم بِمَنْزِلة الأب للمؤمنين ، فَزَوْجَاته بِمنْزِلة الأمهات للمؤمنين .
ولذلك حُرِّم نِكاح أمهات المؤمنين على المؤمنين .
(1/262)
قال القرطبي : شَرَّف الله تعالى أزواج نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم بأن جَعَلهن أمهات المؤمنين ، أي : في وجوب التعظيم والْمَبَرَّة والإجلال وحُرمة النكاح على الرجال ، وحجبهن رضي الله تعالى عنهن ، بخلاف الأمهات . وقيل : لَمَّا كانت شَفَقَتهن عليهم كَشَفَقَة الأمَّهات أُنْزِلْن مَنْزِلَة الأمَّهات . اهـ .
والله تعالى أعلم .
274- هل مدة حياة الانسان كأن بين الاذان والصلاة
(...السؤال...)
شيخنا الكريم ان الانسان لما يولد ياذن في أوذنه ولما يموت يصلى عليه صلاة لا اقامة فيها ولا اذان لماذا ؟
هل مدة حياة هذا الانسان كأن بين الاذان والصلاة ام ماذا
(...الجواب...)
هذا معنى ما قاله الشاعر :
أذان المرء حين الطفل يأتي *** وتأخير الصلاة إلى الممات
دليل أن محياه قصير *** كما بين الأذان إلى الصلاة
ومعناه أن حياة الإنسان قصيرة ، كأنها الْمُدَّة التي بين الأذان والإقامة .
وفي هذا المعنى قول نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام ، وقد سُئل عن عمره الذي بَلَغ الألف أو جاوزَه ، فقال : كأنني دَخلت مع باب وخَرَجْتُ مع آخر .
ونبينا صلى الله عليه وسلم شَبَّه بقاءه في هذه الدنيا بالراكِب الذي جَلَس تحت ظِلّ شَجَرة ثم راح وتركها ، فقال عليه الصلاة والسلام : ما أنا والدنيا إنما أنا والدنيا كَرَاكِب اسْتَظَلّ تحت شجرة ثم راح وتركها . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني .
والله تعالى أعلم .
275- الأغنية إذا سحبنا منها الموسيقى ووضعنا بدلها دف
(...السؤال...)
(( الله لا يهينكم ابي اعرف حكم الأغنية إذا سحبنا منها الموسيقى ووضعنا بدالها دف وايقاعات تكوون مثلا أغاني زفات، الله يعافيكم ابي الحكم بسرعة
اقصد كلمات الأغنية نفسها، لان كثير من أغاني الزفات تسحب منها الموسيقى ويوضع بدلا منه دف أو إيقاع مع مؤثرات موسيقيه خفيفة ابي اعرف شو الحكم بالكلمات، أتمنى تكونون فهمتم شو اقصد الله يوفقكم))
(1/263)
ننتظر رأي فضيلتكم لا حرمكم ربي الأجر والثواب...
(...الجواب...)
إذا لم تكن كلمات الأغاني مِن الكلام الفاحش ، ولم يَكن في سماعها تذكير لِمن كان يسمعها ، يحمله الشيطان عند سماعها إلى الْحَنين إليها ، فيجوز سماعها بعد سحب الموسيقى منها ، إلا أنه لا يجوز وضع مُؤثِّرات موسيقية على تلك الكلمات ، وإنما يجوز أن يُوضَع عليها أصوات دُفوف ، على أن لا تُسمع إلا في الأعراس ونحوها مما جاء الترخيص بِسماعها فيه .
والله تعالى أعلم .
276-ما هى الحكمة من تحريم الموسيقى؟
(...السؤال...)
(...السؤال...) هو :ما هي الحكمة من تحريم الموسيقى ؟ وهل إذا كنت أستمع إلى أخبار ونحوها وكانت الخلفية موسيقى هل هي حرام أم لا ؟
أفيدونا مأجورين
(...الجواب...)
ووفَّقَك الله لِكُلّ خَيْر . في تحريم الأغاني والموسيقى حِكَم كثيرة ، منها :
1- أنها مِزمَار الشيطان ، وهي صوته الذي يُغوي به بني آدم ، قال تعالى : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) .
مجاهد : باللهو والغناء ، أي : اسْتَخِفُّهم بذلك . قال القرطبي : في الآية ما يَدُلّ على تحريم المزامير والغناء واللهو ، لقوله : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ) .
2- أنها تَصُدّ عن ذِكْر الله ، فلا يَجْتَمِع كلام الرحمن وكلام الشيطان في قَلْبٍ بحيث يَنْتَفِع به صاحبه .
قال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) .
ولاحِظ الترابط بين اتِّخاذ اللهو – وهو الغناء – وبين الصَّدّ عن سبيل الله وأنَّ صاحبه لا يتأثَّر بِكلام الله تبارك وتعالى .
(1/264)
ولذا قال ابن القيم : حُبّ الكِتاب وحُبّ ألْحَان الغناء *** في قلب عَبْد ليس يَجْتَمِعانِ
وليس المقصود أنه لا يُوجَد مَن يقرأ القرآن وهو يَستمع إلى الغِناء ، بل يُوجَد ولكنه لا ينتفع به .
3- أن الغناء رُقيَة الزِّنا ، كما قال غير واحد مِن السَّلف . أي أنه يَدْعو إلى ذلك . وهذا صحيح . فهل رأيت مُطرِبا يَدعو إلى فضيلة ؟!
4- أنَّ الغناء يُنْبِت النِّفاق في القلب ، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه، قال ابن القيم رحمه الله : فالغناء يُفْسِد القلب ، وإذا فَسَد القلب هَاج في النفاق . اهـ .
ولابن القيم كلام جميل حول هذه المسألة ، فانْظُره في كتابه : " إغاثة اللهفان " .
5- ما يُحْدِثه الغناء مِن نَشْوَة وطَرَب ، وقد أثْبَتَتْ دِراسات علمية تأثير الغناء على السائقين ! كَما أثْبَتَت دِراسات علمية أيضا تأثير القرآن في جَلْب السَّكِينَة ، وكانت تجارب أُجْرِيَتْ على مسلمين وكُفَّار أثْبَتَتْ ذلك !
6- ما يُحْدِثه الغناء مِن قَسْوة في القلب ، وقد اسْتَعاذ النبي صلى الله عليه وسلم مِن قَلْب لا يَخْشَع . كما في صحيح مسلم . قال الضحاك : الغناء مَفسدة للقلب مَسخطة للرَّب .
ولا يجوز استماع الموسيقى سواء كانت مع غناء وطَرَب ، أو تَخلل الأخبار ، أو البرامج الأخرى .
وسُئل شيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله هذا (...السؤال...) : ما حكم استماع بعض البرامج المفيدة كأقوال الصحف ونحوها التي تتخللها الموسيقى ؟
فأجاب رحمه الله : لا حرج في استماعها والاستفادة منها مع قفل المذياع عند بدء الموسيقى حتى تنتهي ، لأن الموسيقى مِن جملة آلات اللهو ، يَسَّر الله تركها والعافية مِن شرها . اهـ .
وسُئل أيضا : هل سماع ومشاهدة الأغاني بالراديو أو التلفزيون حرام في الإسلام في بعض الأوقات من ليل أو نهار أفيدونا أفادكم الله ؟
(1/265)
فأجاب رحمه الله : نعم سماع الأغاني والملاهي حرام في الإسلام كما قال الله عز وجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) الآية ، ولَهْو الحديث قال أكثر العلماء :
إنه الغناء ، ويُضَاف إليه أيضا أصوات الملاهي كالطنبور والعود والكمان وشِبه ذلك ، فهذه كلها تَصُدّ عن سبيل الله ، وتُقَسِّي القلوب وتُنَفِّرها من سماع القرآن الكريم ، وقد أخبرنا الرب عز وجل أن ذلك من أسباب الضلال والإضلال ومِن أسباب الاستكبار والبعد عن سماع كتاب الله
فالقلب إذا اعتاد سماع الأغاني ومشاهدة المغنين فإنه يقسو بذلك وتصده عن الحق إلا من رحم الله ، كما أنها تشغله عن طاعة الله ورسوله وعن سماع القرآن والمواعظ ، حتى قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : إن الغناء يُنْبِت النفاق في القلب كما يُنْبِت الماء الزرع . اهـ .
والله تعالى أعلم .
وسبق التفصيل في حُكم الأغاني والموسيقى هنا
http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/132.htm
لَفْتَة :
قال ابن القيم : العقل والشرع قد يُوجِبان تحصيل المصالح وتكميلها ، وإعْدام المفاسِد وتقليلها .
وقال الشيخ ابن سعدي :الشَّارِع لا يأمُر إلاَّ بِمَا مَصْلَحَته مُتَحَقِّقَة أو رَاجِحَة .ولا ينْهَى إلاَّ عَمَّا مَفْسَدته مُتَحَقِّقَة أو رَاجِحَة .
277- ما دورنا كدعاة تجاه ما تبثه هذه الفضائحيات
(...السؤال...)
انتشرت في الفترة الأخيرة ظهور القنوات التي تدعو الى السحر وتحث عليه وعلى تعليمه فاتجهه كثير من اصحاب الفكر القاصر الى مثل هذه القنوات في زمن قل فيه الخوف من الله والتوكل عليه
فما راي سماحتكم في ذلك ومادورنا كدعاة تجاه ماتبثه هذه الفضائحيات
(...الجواب...)
لا يُقْمَع الباطِل بِمثل نشْر الخير ، وإظهار الْحَقّ ، وكَشْف زَيف الباطل وتَعْرِيته .
(1/266)
وذلك لأن الباطل لا يَظهر إلاَّ إذا خَفَتْ صوت الْحَق ، وضَعُف نُوره ، وإلاَّ فإن " نُور الْحَقّ أضْوأ مِن الشَّمْس ، فَيَحِقّ لِخَفَافِيش البَصَائر أنْ تَعْشُو عَنه " ، كما قال ابن القيم .
ونشر الحق وتوعية الناس بِخطَر أولئك الدّجالين ليس فقط على دُنياهم ونَهْب أموالهم ، بل وعلى عقائدهم وأديانهم .
وأن الله قد يبتلي عباده بالسراء والضراء ، كما قال تعالى : )وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ( .
وأن الله يبتلي عِباده لِيَعْلَم الصابرين .
وأن هذه الحياة الدنيا دار ابتلاء ، وأن الآخرة دار جزاء ، وأن الإنسان إذا خسِر هذه الدنيا ، فلا يعني خسارة كل شيء ، لكنه إن خسِر الآخرة فقد خسر كل شيء ، وذلك هو الخسران المبين ، كما قال تعالى : (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ( .
وأن السِّحر بِضاعة يهودية ، وسِلعة شيطانية .
وترسيخ الحق بأدلته في أذهان الناس .
فمن ذلك :
بيان حقيقة أنه لا يعلم الغيب إلا الله تعالى ، وان كل مُدّعٍ لِعلْم الغيب فهو كاذب أفّاك مُفتري .
بيان أن الله تعالى هو الشافي .
توضيح حقيقة السَّحَرة والكُهّان .
وأنهم دُعاة على أبواب جهنم مَن أجابَهم قذفوه فيها .
وأن الرضا بالسِّحر وتصديق السحرة كُفْر مُخرِج مِن الملّة ، لا ينفع معه عمل مهما كان ذلك العمل ، إلا أن يتُب منه صاحبه .
ونسأل الله السلامة والعافية .
278- ما قولكم بخصوص فيديو طفلة تولد بهئية ثعبان
(...السؤال...)
شيخنا الكريم قد أنتشر في هذي الايام فيديو لطفلة وهي بهيئة ثعبان ويقولون انها من السعودية والبعض يقول انها ولدت في مسشتفى الأمل للولادة ولكن لست متأكد من وفاة البنت يقولون توفيت بعد ثلاثة ايام والله أعلم
شيخ عبدالرحمن السحيم الفاضل ماهو تعقيبكم الكريم بخصوص هذي الحالات ؟
(1/267)
وأريد أن اناقشك شيخنا الفاضل على خلق الانسان . هل الله سبحانه وتعالى يخلق الانسان في صورة بشعه تكون له نقمه في عيشة او تعاسه بين الناس ؟؟
قال سبحانه وتعالى :: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12-14].
وقال سبحانه وتعالى :: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 7-8].
وجزاكم الله خير
وهذا رابط الفديو للطفلة
تم حذف المقطع
حتى لا يكون المنتدى منبر لنشر مثل هذه المقاطع
الإدارة
(...الجواب...)
أولاً : يحتاج الأمر إلى تحقّق وتأكّد مِن وُجود مثل هذه الحالة ؛ لأننا في زمان كثُر فيه الْخِداع ، وبإمكان الشخص المحتَرِف التلاعب بالصُّوَر كيفما شاء !
ثانيا : إذا ثَبَت وُجود هذه الحالة ، فإن العلماء يَنُصّون على أنه إذا كان الفعل مما لا يستحيل وُقوعه عادة أنه جائز الوقوع ، ويقولون : القُدرة الإلهية صالحة لذلك فَيُمكَن الوقوع .
ثالثا : وُقوع حالة أو حالات معدودة لا يَخرِق ما تقرر في الآيات التي أوردتها مِن أن الله خَلَق الإنسان في أحسن تقويم ، وفي أحسن صُورة ؛ لأن الْحُكم للغالب ، وغالب الْخَلْق في أحسن تقويم .
رابعا : ذَكَر العلماء قديما وُقوع حالات خارجة عن القاعدة العامة مِن خَلْق الإنسان في أحسن صُورة .
وقد يكون ذلك مِن باب الابتلاء .
وقد يكون مِن باب العقوبات ، كأن يَكون الشخص استهزأ بِقدرة الله ، فأراه الله عجائب قدرته .
(1/268)
وقد يكون من بعض ما يَخرج عن القاعدة العامة عُقوبة أيضا لأبوي الطفل أو لأحدهما ، إذا ما وقعا – أو وَقَع أحدهما – فيما حرّم الله ، مِن الزنا والفجور وتعاطي ما لا يَحِلّ تعاطيه .
وقد يَكون ما يخرج عن العادة بأسباب بعض الأدوية والعلاجات التي تتناولها المرأة أثناء فترة الْحَمل أو قبلها ، ونحو ذلك .
ومما ذَكَره العلماء في باب العقوبات ما ذَكَره ابن كثير في البداية والنهاية حكاية عن ابن خلكان - فيما نَقَل مِن خَطّ الشيخ قطب الدين اليونيني - قال : بلغنا أن رجلا يدعى أبا سلامة مِن ناحية بُصرى كان فيه مُجُون واستهتار ، فَذُكِر عنده السواك وما فيه مِن الفَضيلة ، فقال : والله لا أستاك إلا في الْمَخْرَج - يعني دُبُرَه - فأخذ سِواكًا فَوَضَعه في مَخْرَجِه ، ثم أخْرَجه ، فمكث بعده تسعة أشهر وهو يشكو من ألم البطن والمخْرَج ، فَوَضَع ولداً على صِفة الجرذان له أربعة قوائم ، ورأسه كرأس السمكة ، وله أربعة أنياب بارزة ، وذنب طويل مثل شبر وأربع أصابع ، وله دُبُر كَدُبُر الأرنب ، ولَمَّا وَضَعَه صاح ذلك الحيوان ثلاث صيحات ، فقامت ابنة ذلك الرجل فَرَضَخَتْ رأسه فمات ، وعاش ذلك الرجل بعد وضعه له يومين ، ومات في الثالث ، وكان يقول : هذا الحيوان قتلني وقطّع أمعائي . وقد شاهَد ذلك جماعة من أهل تلك الناحية ، وخطباء ذلك المكان ، ومنهم من رأى ذلك الحيوان حياً ، ومنهم من رآه بعد موته . اهـ .
وأذكر أنني قرأت قبل سنوات خبرا صحفيا مَفاده أن بهيمة وضَعَتْ مولودا رأسه رأس بهيمة وجسمه جِسم إنسان ، ثم مات بعد ذلك .
أخيرا :
عادة أن مَن يُولد على مثل تلك الحالة لا يعيش سوى أياما .
ولله في خلقه شؤون .
والله تعالى أعلم .
279- أسئلة تتعلق بالتعامل بين الجنسين من خلال الشبكة
(...السؤال...)
(1/269)
1= هل يجوز ما يحصل بمنتدى التسلية والتعارف خصوصاً أو غيره من الأقسام ما يحصل بين الرجل والمرأة من أعضاء المنتدى من مزاح ونقاشات جانبيه بعيده عن الموضوع المراد طرحه وما يتولد من ذلك من صداقات بريئة بينهم ؟
2 = هل يجوز التراسل الخاص بين الأعضاء من رجل وامرأة في المنتدى بعيداً عن مواضيع إدارة المنتدى أو الاستفسار عن شيء شرعي أو طبي .. بمعنى أن يكون هناك كلام عابر وسلام وتعارف فقط لا غير ؟
3 = هل يجوز أن يخاطب الرجل المرأة بالمنتدى بعبارة عزيزتي أو هي تخاطبه بعزيزي أو غيرها من العبارات المتلطفة ؟
4 = هل يجوز أن تتجاوز الفتاة والرجل من أعضاء المنتدى علاقة الكتابة في منتدى واحد إلى صداقات خارج إطار المنتدى .. أي إلى الماسنجر والبريد وأحياناً المحادثات الصوتية .. بدعوى الأخوة والمعزة والصداقة ؟
5 = هل يكون المرء آثماً إذا سمح لأخواته وزوجته بالمشاركة في المنتدى ؟
-------------------
هذه الأسئلة التي تحضرني الآن وأرجو منك إفادتنا مشكوراً بأي نصائح تدعم جانب الخير بالمنتدى وتغلق أي باب من أبواب الشر الذي ممكن أن يحدث من قبل إنشاء هذا المنتدى وجزاكم الله عنا كل خير وبارك الله فيكم .
(...الجواب...)
أما بخصوص هذه الأسئلة على وجه الخصوص فإليك (...الجواب...) :
1- قلت – حفظك الله – : ... وما يتولد من ذلك من صداقات بريئة بينهم ! فأقول : وأين البراءة في تلك العلاقات ؟!
إلا أن يكون ذلك في بدايتها ومن طرف واحد مُغرر به ؟! وقد سدّ الله الطرق المفضية والمؤدّية إلى الوقوع في الحرام . فحرّم نظر الرجال إلى النساء .
وأمَر بغضّ البصر . وحرّم الخلوة . ومنع الاختلاط بين الجنسين . وحرّم على النساء النظر إلى الرجال نظر شهوة وريبة . ومنع المصافحة بين الجنسين إلا في المحارم . ومنع من الخضوع بالقول .
(1/270)
كل هذه يصح أن نُسمّيها : احتياطات أمنية لمنع وقوع الفاحشة .فلا يصحّ أن تُرتكب هذه الأشياء تحت شعار " حُسن النيّة " أو " براءة المقصد " أو تحت أي شعار من هذه الشعارات .
وقد كان عطاء بن أبي رباح يقول : لو ائتمنت على بيت مال لكنت أمينا ، ولا آمن نفسي على أمة شوهاء .
وعلّق عليه الإمام الذهبي بقوله : صدق رحمه الله . ففي الحديث " ألا لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان " .
=======
2- أما التراسل الخاص بين الأعضاء ، خاصة بين الرجال والنساء ، فيجوز بقدر الحاجة ، كأن يكون هناك إشكال وسؤال عنه ، أو يكون هناك تنبيه وتوضيح ، أو نصيحة لا يحسن أن تُقال على الملأ .
وبشرط أن لا تتعدى تلك العلاقات هذا القدر إلى التعارف المُشار إليه ، أو تصل إلى إعطاء أرقام الهواتف ، أو تبادل الصور ، كل ذلك بحجة التعارف للزواج !
===========
3- أكره التخاطب بمثل هذه العبارات ( عزيزتي – أختي الغالية - ... ) ونحوها من عبارات التلطف التي ربما كسرت قلوب القوارير ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : رفقاً بالقوارير . لا تكسر القوارير . قال ذلك لمن يحدو ويُنشد بصوت حسن .
ويكتفي بالتخاطب بمثل عبارة : أختي الفاضلة / الكريمة / ... ونحو ذلك . ومثل هذه العبارات بعض الوجوه التعبيرية التي لا تمتّ للحياء بِصِلة .
============
4- لا يجوز للفتاة أو للشاب تجاوز علاقة الكتابة في منتدى واحد إلى صداقات خارج إطار المنتدى ، أو المحادثة عبر الماسنجر ، أو التراسل عبر البريد ؛ سدّاً للذريعة ، وإغلاقاً لِباب الفتنة .
ويُستثنى من ذلك التراسل لأجل النصيحة أو (...السؤال...) عما أشكل ونحو ذلك .
===========
5- لا يأثم طالما أنها مشاركات مُنضبطة بالأُطر الشرعية .
وعليك أخي الحبيب الحرص على نشر الخير ، ومُناصحة الأعضاء ، خاصة من يظهر منه التقصير ، أو من تلحظ عليه ارتكاب منكر في المنتدى .
(1/271)
والتنبيه على الأعضاء – رجالا كانوا أو نساءً – على التقيّد بشروط المنتدى، والتذكير بأن من تأتيه رسائل خاصة أو بريدية عبر المنتدى بقصد التعارف بين الجنسين أو يتعرّض لمضايقات ورسائل غرام أن عليه إخبارك لتقوم بما تراه حيال الموقف في حينه .
والله يحفظك ويرعاك
280-هل يجوز أن ترحب الفتاة بالشاب فى المنتدى كأن تقول (حياك الله أو حياك بالغالى أو العكس)
(...السؤال...)
هل يجوز ان ترحب الفتاة بالشاب في منتدى الترحيب كأن تقول حياك الله وبياك في هذا المنتدى او العكس او حياك يالغالي او الغالية
(...الجواب...)
(...الجواب...)/ الترحيب بين الجنسين فإني أكرهه خاصة إذا صاحبه عبارات مثل : الغالي أو الغالية ، وما شابه ذلك .
أما إذا أفضى إلى مفسدة فإنه يُمنع منه ، لأن العلماء يَنصُّون على أن ما أفضى إلى حرام فهو حرام . كما يَنصُّون على ان الوسائل لها أحكام مقاصدها وغاياتها .
ومن باب سد الذرائع فإنه يُمنع منها .
281-قول (إنى أحبك فى الله) هل يجوز ان تقولها لاي شخص ام يشترط ان يكون لنفس النوع اي الرجال للرجال والنساء للنساء
(...السؤال...)
أفتنا يا شيخ عبدالرحمن في باب اني احبك في الله
هل يجوز ان تقولها لاي شخص ام يشترط ان يكون لنفس النوع اي الرجال للرجال والنساء للنساء
وماذا يترتب على المحبه فى الله من واجبات
(...الجواب...)
نعم يجوز أن تقولها المرأة للرجل ، والرجل للمرأة إذا أُمِنت الفتنة، فأصل المحبة بين المؤمنين والمؤمنات ، والذي جمعهم هو الإيمان .
قال سبحانه وتعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ )
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخلا بها فقال : والله إنكم لأحب الناس إليّ . رواه البخاري ومسلم .
وفي المسند عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبله ذات يوم صبيان الأنصار والإماء فقال : والله إني لأحبكم .
(1/272)
وأما ما يترتب على المحبة فمن ذلك :
1- النصح والتناصح ، لقوله صلى الله عليه وسلم : الدين الصيحة . قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم . رواه مسلم .
وقال جرير بن عبد الله رضي الله عنه : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والنصح لكل مسلم . رواه البخاري ومسلم .
2- التعاون على البر والتقوى ، لقوله تبارك وتعالى : ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )
3- الصبر على من أحبهم في الله .قال جل جلاله ( إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )
4- النُّصرة، لقوله سبحانه : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )
وهذا عام في الأخوة الإيمانية . والنصرة عامة ، فقد تكون في كلمة ، وقد تكون في موقف ، وقد تكون في المال ، إلى غير ذلك .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : وكونوا عباد الله إخوانا . المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره . التقوى ههنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ،كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه . رواه مسلم .
5- الذبّ عن عرض الأخ أو الأخت في حال الغَيْبَة ، وهذا وإن كان داخلا في الذي قبله ، لكني أفردته لأهميته .
قال عليه الصلاة والسلام : من ذب عن لحم أخيه بالغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار . رواه الإمام أحمد .
(1/273)
ومن هذا الباب فعل معاذ رضي الله عنه في غزوة تبوك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك : ما فعل كعب ؟ فقال رجل من بني سلمة : يا رسول الله حبسه بُرداه ونظره في عطفيه ! فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلتَ . والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً . رواه البخاري ومسلم .
6-ستر ما يطّلع عليه من عيوبهم ؛ لأن الأخلاء ربما اطّلع بعضهم على بعض الهفوات من بعض ، فلزمه أن يستر عورة أخيه .
7- وأخيراً: أن يُعلمه إذا أحبه ، أنه يُحبه في الله . قال صلى الله عليه وسلم : إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه انه يحببه . رواه الإمام أحمد .
والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم .
وقد ذكرني سؤالك بسؤال طريف وردني مرة عندما ألقيت محاضرة على مدرسة بنات من خلال مكبر الصوت ، فورد سؤال تقول فيه السائلة : ( هل يجوز أن تقول المرأة للشيخ أحبك في الله ... إن كان (...الجواب...) ( نعم ) فنحن نُحبك في الله ) !
282- ما هى الضوابط الشرعية فى كتابة الشعر والخواطر
(...السؤال...)
فضيلة الشيخ بارك الله فيك ماهي الضوابط الشرعية في كتابة الشعر والخواطر؟
(...الجواب...)
http://www.al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=250
(...الجواب...) اختي الكريمة في نفس سؤالك عن القصص، فالضوابط هي الضوابط ! والمحاذير هي المحاذير
والله الموفق
283- ما حكم من يدخل الآيات في أبيات الشعر أو من يُشبه شيئا كامرأة بسورة معينة ؟
(...السؤال...)
ما حكم من يدخل الآيات في أبيات الشعر أو من يُشبه شيئا كامرأة بسورة معينة ؟
وهل يجوز ذلك ؟
(...الجواب...)
فأجاب حفظه الله: إدخال جزء من آية في شعر أو نثر لا بأس به إذا كان في محلّه .وهو يكثر في كلام أهل العِلم .
(1/274)
وقد جاء في كتاب التعريفات للجرجاني : الاقتباس : أن يُضمّن الكلام نثرا أو نظما شيئا من القرآن أو الحديث كقول شمعون في وعظه : يا قوم اصبروا على المحرمات ، وصابروا على المفترضات ، وراقبوا بالمراقبات ، واتقوا الله في الخلوات ، ترفع لكم الدرجات . وكقوله : وإن تبدلت بنا غيرنا فحسبنا الله ونعم الوكيل . انتهى .
وقال السيوطي في قوله عليه الصلاة والسلام يوم خيبر : إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين . قال : هو من أدلة جواز الاقتباس من القرآن ، وهي كثيرة لا تحصى .
ومن الاقتباس قول الشيخ صفي الدين الحلي :هذي عصاي التي فيها مآرب لي *** وقد أهش بها طورا على غنمي
ومن التلميح قوله :أن ألقها تتلقف كل ما صنعوا *** إذا أتيت بسحر من كلامهم
ومثله قول بعضهم :يا نظرة ما جَلَتْ لي حسن طلعته *** حتى انقضت وأدامتني على وجل
عاتبت إنسان عيني في تسرعه *** فقال لي : " خُلق الإنسان من عجل "
وقول الآخر :
يا من عدى ثم اعتدى ثم اقترف *** ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
ابشر بقول الله في آياته : **** ( إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)
فالتضمين والاقتباس والتلميح جائز إلا أنه يجب أن يُصان كلام الله الذي هو القرآن عن الابتذال ، ويحرم إذا كان فيه شيء من الاستهزاء بل يصل بصاحبه إلى الكفر عياذا بالله .
وأما تشبيه المرأة بالسورة من القرآن فهذا مما يجب أن يُصان عنه القرآن ، خاصة إذا كان هذا فيما يتعلق بالعشق والغرام .
لأن القرآن كلام الله تعالى .
والله تعالى أعلى وأعلم .
284- فضيلة الشيخ ما رأيك بمن ينهى عن الغضب وهوسريع الغضب
(...السؤال...)
فضيلة السيخ مارأيك بمن ينهى عن الغضب وهو سريع الغضب
وما نصيحتك له ؟
وهل هو من اللذين يقولون ما لا يفعلون ؟
(...الجواب...)
(1/275)
أما سُرعة الغضب فقد تكون طبيعة في الإنسان ، ويُحاول الإنسان أن يُهذِّب تلك الطبيعة ، وليس بمقدوره تغييرها تماما ، بحيث ينتقل مِن طبيعة إلى طبيعة أخرى مُغايِرة لِما هو عليه .
ولا يدخل في الذين يقولون ما لا يفعلون .
قيل للحسن البصري رحمه الله : إن فلاناً لا يَعِظ ، ويقول : أخاف أن أقول ما لا أفعل ! قال : وأيّنا يفعل ما يقول ؟ ودّ الشيطان لو ظَفِر بهذا ، فلم يأمر أحد بمعروف ، ولم يَنْهَ عن منكر .
قال المناوي في فيض القدير : ولو توقّف الأمر والنهي على الاجتناب لرُفع الأمر بالمعروف ، وتعطّل النهي عن المنكر ، وانْسَدّ باب النصيحة التي حثّ الشارع عليها ، سيما في ذا الزمان الذي صار فيه التلبس بالمعاصي شعار الأنام ودثار الخاص والعام . اهـ .
والله تعالى أعلم .
285- ارجو الدخول على الرابط التالي والتصويت بنعم
(...السؤال...)
الشيخ السحيم بارك الله فيه ،، أنا مشرفة في منتدى وتنقل مواضيع وتكتب وكثيرا جدا أرد بما تكتبه فجزاك الله خيرا ،، وقد تواجهني بعض المواضيع فلا أجد لها ردا حتى عن طريق البحث فأعذرني إن راسلتك لأطلب منكم التوضيح
من ضمنها هذا الموضوع
يعرض حاليا على عمدة مدينة لندن مشروع بناء مسجد للمسلمين بتكلفة 100 مليون جنيه استرليني ، وبالمقابل تقوم صحيفة Evening Standard وهي صحيفة مسائية باستفتاء للمضي في هذا المشروع أو عدمه.
ارجوا الدخول على الرابط التالي والتصويت بنعم yes
انشرها حتى ولو لاثنين من أصدقائك ولك الأجر في قيام هذا المسجد إن قدر الله له ذلك
فما حكم مثل هذه المواضيع وأعتذر لأنني لم أرسل عبر صفحات المنتدى لأنني لا أريد أن أصرح باشتراكي في منتدى أخر وأنني مشرفة فيه لا لشئ إلا للستر
وجزاكم الله خيرا ونفع بكم
(...الجواب...)
وجزاك الله خيرا
إذا ثَبَتت جدوى مثل هذه الموضوعات وثَبَتَتْ أيضا مصداقيتها ، فيُصوّت لأجل مصالح المسلمين .
(1/276)
مع أن مثل هذه الموضوعات عديمة الجدوى في الغالب فليس التصويت الصحفي هو الذي يُعطي مثل تلك المشاريع قوّة الْمُضِيّ ، وليس هو الذي يمنعها .
لأن وراء ذلك الإجراءات القانونية عندهم ، وهي أقوى مِن مثل هذه الجعجعات الصحفية !
وكان الله في عونك .
286- اختلف البعض في استخدام كلمة (يلا)
(...السؤال...)
اختلف البعض في استخدام كلمة (يلا) وهي كلمة عامية يستخدمها بعض أهل الخليج، وهي تستخدم في عدة أمور مثلا ( يلا رايحين ) يعني هيا بنا نذهب.
أو معنى آخر وهو ( يلا خير إن شاء الله ) أي تقريبا ( على كل حال خير إن شاء الله ) وهي كلمة عامية يستخدمها أهل الخليج بشكل عام تقريبا
ولكن البعض يقول إنها هي أصلا مختصرة لكلمة يا الله على شكل بسرعة مثلا يالله، فهل من تعليق شيخنا الكريم
شكرا لك أخي الكريم على التوضيح وجزاك الكريم الجنة لكن أخي أتمنى وهذا طلب مني أن تعرض هذه الكلمة على الشيخ الجليل عبدالرحمن السحيم حفظه الله:
لأن أخي الكريم يراودني الشك في استخدام هذه الكلمة في هذا المعنى، وأكون مشكورة لك على حسن تعاونك معنا
بارك الله فيك أخي وفقك لعمل الخير
(...الجواب...)
وجزاك الله خيرا، وبارك الله فيك ، وفي الأخت السائلة ، وشكر لها حرصها .
هذه الكلمة مثل ما ذُكِر في (...السؤال...) من أنه يُقصد بها ( يا الله ) ، وقائلها غالبا يقصد بها الاستعانة بالله ، نحو قولهم : ( يالله مشينا ) . ولا يَظهر لي أن في الكلمة ما يُحذر منه .
والله تعالى أعلم .
287- رد المشرفين على اسئلة الأعضاء في القسم الديني
(...السؤال...)
إنه لا يجوز لنا كمشرفين على القسم الديني بالرد على استفسار الأعضاء عندما يسألون عن الحكم الشرعي ،، ونحن لا نرد من عندنا بل نبحث عن الفتوى المناسبة والتي تتضمن ما سأله العضو ولا نرد إلا بما قاله أهل العلم كأمثال الشيخ ابن باز والألباني والعثيمين رحمهم الله أو الفوزان أو حضرتكم حفظكم الله ونفع بكم
(1/277)
أعتذر لأنني أطلت ولكن للأهمية ولكم الأجر عند رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا
(...الجواب...)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
أما إذا كانت المسألة واضِحة ، ورَدّ من لديه عِلْم بأقوال أهل العِلْم ؛ فلا بأس به .
وأما إذا كان (...السؤال...) مُختلفا ، فأخشى أن يقع اللبس ، وهذا رايته كثيرا ، فيأتي مَن يسأل عن مسألة ويَفهم القارئ أمْرًا آخر ، ثم يأتي بفتوى مُغايرة لِحال السائل وللسؤال .
فإذا وُضِع (...السؤال...) أو الاستفسار عن أمْر واضِح فلِيتأنّ المشرف أو المشرفة قبل الرّد ، ويُكرر قراءة (...السؤال...) ، ثم ينقل فتوى من يَثِق به مِن أهل العلم ، وإذا أمكن توثيق الفتوى فهو مطلوب أيضا ؛ لأن النقل ربما يعتريه النقص أو السَّقْط .
والله تعالى أعلم .
288- ما رأيكم بمن يدخل غرف الشات بقصد النصيحة
(...السؤال...)
ما رأيكم بمن يدخل غرف الشات بقصد النصيحة ؟ ويتسمى باسم فتاة حتى ينجذب إليه الشباب فيبدأ بالنصح، وإلصاق العبارات التي فيها وعظ وتذكير
أهذا مجال دعوة أم أن السلامة لا يعدلها شيء في مثل هذه الغرف ؟ جزاكم الله خيرا
(...الجواب...)
وجزاك الله خيرا
كما ذكرت – وفّقك الله – السلامة لا يعدلها شيء ، هذا مِن جِهة .ومِن جهة ثانية فإن ما عِند الله لا يُنال بِمعصيته ، ورضا الله لا يُطلَب بِسَخَطِه ، والدعوة إلى الله لا تكون عن طريق الكذب ، بأن يدخل الرجل باسم امرأة ويتصنّع ذلك !
ولا يجوز للمرأة دُخول مثل هذه المتاهات ! أعني غُرف المحادثة المباشرة ( الشات ) فَكم جَرَّتْ مِن ويلات على نساء صالحات دَخَلْن بِقصد الدعوة والإصلاح ؟
والله تعالى أعلم .
289- همزة وصل بين السائل والشيخ هل يناله الأجر ؟
(...السؤال...)
شيخنا الكريم : كما تعلم ان بعض المنتديات الاسلامية همزة وصل بين السائل والشيخ .
(1/278)
مثلا انا اذا عندي سؤال اطرحه في هذا المنتدى الطيب وفضيلتك تجاوب عليه وهدف السائل التفقه في الدين ورضى الله وهدف الشيخ هو تعليم ما وهبه الله من العلم النافع ( وخيركم من تعلم العلم وعلمه) ورضى الله والسائل لو لم يوجد هذا المنتدى لما تمكن من توصيل (...السؤال...) الى الشيخ .
السائل طلب العلم وهذا امر به الدين وله اجر.
والشيخ تعليم ما وهبه الله وله اجر.
لكن (...السؤال...) يقع هنا
هل اصحاب هذه المنتديات وهم بمثابت همزة وصل بين السائل والشيخ لهم اجر في ذلك كله ؟ ارجو الافادة والتوضيح واخص بذكر هنا اصحاب والذين اوجدوا منتديات الارشاد للفتوى الشرعية وكذلك منتديات التي تخص الفتاوى .
(...الجواب...)
نشر الخير لا يعدِله شيء إذا خلُصت النوايا .
قال الإمام المجاهد عبد الله بن المبارك : لا أعلم بعد النبوة أفْضل مِن بَثّ العِلْم .
وقال ابن وهب : كنت بين يدي مالك رضي الله عنه فَوَضَعْتُ ألواحي وقُمتُ أُصَلِّي ، فقال : ما الذي قُمتَ إليه بأفضل مما قُمتَ عنه .
ولا شكّ أن سعي مَن سَعى لِنشر الخير أنه داخِل في عموم تعليم الناس الخير ..
وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام : إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في جُحرها وحتى الْحوت ؛ لَيُصَلُّون على مُعَلِّم الناس الخير . رواه الترمذي ، وصححه الألباني .
وفي حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل يُدْخِل بالسَّهم الواحد ثلاثة نَفَر الجنة : صَانِعه يَحْتَسِب في صَنْعَته الخير ، والرَّامي به ، وَمُنْبِلَهُ . رواه الإمام أحمد وأصحاب السُّنَن -أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه .
كَما أن من قام على مثل هذه المنتديات هم في الحقيقة أدِلاّء على الخير .
قال صلى الله عليه وسلم : الدال على الخير كَفَاعِله . رواه الإمام أحمد .
وفي الحديث الآخر : مَن دَلّ على خير فَلَه مثل أجْر فَاعِله . رواه أبو داود .
(1/279)
ونسأل الله أن يُجري الخير على أيدي إخواننا وأخواتنا الذين حرصوا على نشر الخير ، وإفادة الناس ، وان يجعلهم مفاتيح للخير مغاليق للشر .
والله تعالى أعلم .
290- هل يجوز الكذب في اصلاح ذات البين
(...السؤال...)
هل يجوز الكذب في اصلاح بين أثنين من الناس اختلفوا في امر ما لكي اصلاح بينهما بالتي هي احسن ؟
(...الجواب...)
نعم ، يجوز الكذب في إصلاح ذات البين ، ويتجنّب المسلم الكذب الصريح ، ويستعمل المعاريض والتورية ما استطاع إلى ذلك سبيلا .
قال عليه الصلاة والسلام : ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ، ويَقول خَيراً ، وينمي خيراً . ولم يُرَخص في شيء مما يقول الناس كَذِب إلاَّ في ثلاث : الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها . رواه مسلم .
وإصلاح ذات البين أُجِيز فيه الكذب مراعاة للمصلحة التي تترتّب على إصلاح ذات البين .
كما أن إصلاح ذات البين من أفضل القُربات . قال سبحانه : ( لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بأفضل مِن درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟ قالوا : بلى . قال : إصلاح ذات البين . وفساد ذات البين الحالقة . رواه الإمام أحمد وأبو داود وصححه الألباني .
وفساد ذات البين هي الحالقة التي تحلق الدِّين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : إياكم وسُوء ذات البين فإنها الْحَالِقَة . رواه الترمذي وحسّنه الألباني .
والله تعالى أعلم .
291- ما هي نصيحتكم لأهل العراق
(...السؤال...)
ما هي نصيحتكم شيخنا الكريم لأهل العراق؟ وما هو المخرج لما يحصل هناك؟؟
(...الجواب...)
قضية العراق قضية أمة .. ويجب الرجوع فيها إلى علماء الأمة
(1/280)
وأما النصيحة فهي في وصية الله عز وجل للمؤمنين : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) .
ونسأل الله أن ينصر أهل السنة في العراق ..
وأن يقمع أهل الزيغ والضلال .. وان يُخرِج العدو المْحتَلّ من ديار المسلمين ..
وأن يَرُدّ المسلمين إليه ردا جميلا
292- سهام جارحة من الكلمات في حق ملتزم
(...السؤال...)
توجد بدع كثيرة منتشرة بين المسلمين وعندما نريد توضيح لهم ذلك أو إرشادهم إلى الصواب .. تأتينا سهام جارحة من الكلمات والسخرية والإستهزاء .... مما يجعلنا نسكت وخاصة إذا كان الحوار يدور بين شاب ملتزم ورجل يكبره في السن ... وبعض الأحيان تساقط الدمعات من قوة تلك الكلمات
والمشكلة البعض ينظر إلى الشاب الملتزم أو الشابة الملتزمة إنهم معقدين وكل شيء عندهم حرام ..
فنريد منكم كلمة حيال ذلك وكلمات نثيت بها انفسنا
(...الجواب...)
بِقَدْر ما يُبتلى المرء ترتفع درجاته ، ويَعظُم أجْره .
ومَن أخذ مِن الْمِيراث تَحَمَّل الأعباء !
فَمَن تَحمَّل جزءا مِن ميراث الأنبياء في التعليم والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ فعليه أن يصبر على الابتلاء كَما صَبَروا ، ولذلك قال الله عزّ وَجَلّ لِنبيِّه صلى الله عليه وسلم : (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) .
وأوصى لقمان ابنه إذا أمَر بالمعروف ونهي عن المنكر أن يصبر على ما أصابه ، فقال : (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) .
وأما الكلمات فقد كتبت مقالاً بعنوان :
تُرِيدِين لُقْيَان الْمَعَالِي رَخِيصَةً ؟
http://saaid.net/Doat/assuhaim/284.htm
وآخر بعنوان :
الْمَكَارِمُ مَنَوطَةٌ بالْمَكَارِهِ
http://saaid.net/Doat/assuhaim/270.htm
وثالث بعنوان :
(1/281)
إضاءات للدعاة والداعيات
http://saaid.net/Doat/assuhaim/256.htm
وكان الله في عونك .
293- أشارك في المنتديات الإسلامية بعلم مديري
(...السؤال...)
أنا أعمل في وظيفة حكومية ولنا إيميل على النت وأنا المسؤولة عن الإيميل والنت يعمل دائما
أما سؤالي/ فهو أنى أدخل على النت وأشارك في المنتديات الإسلامية بعلم مديري وموافقته ومع العلم بأن هذا لا يعطلني عن عملي، فأنا أدخل في وقت فراغي
وأحادث أخواتي في الله عالماسنجر، فهل في هذا شيء يغضب الله، أرجو الرد على سؤالي ، وأنا في الانتظار
(...الجواب...)
يَجوز إذا كان هذا لا يُعطِّل عن العمل الذي كُلِّفْت به ، وكان بِعْلم وموافقة صاحِب الصلاحية .
خاصة وأنك ذَكَرْت أن الاتصال بالشبكة ( الإنترنت ) يَعمل دائما ، فالاتِّصَال والمشاركة لا تُكلِّف الجهة مبالغ طائلة ، ولا يترتّب عليه زيادة أعباء مالية . فيَظهر أنه لا بأس به ما لم يشغل عن عمل كُلِّف به الموظّف .
والله تعالى أعلم .
294- إنشغال المشرفين بالنشر دون المراجعة والمراقبة
(...السؤال...)
رغبة في الأجر ينشغل المشرفون عندنا وفي والمنتديات الأخرى بنشر المواضيع بينما الذي ينبغي عليهم هو الاهتمام بمراجعة المواضيع المنشورة والتعليق على مواضيع الأعضاء لتشجيعهم على الخير
ومع العلم نوجههم لهذا الأمر ولكنهم يرجعون لنفس الموضوع ألا وهو الانشغال بالنشر والدافع طبعا الرغبة في كسب المزيد من الحسنات والأجر
وسؤالنا/ أليس كل ما ينشر في المنتدى في صحيفة أعمال هؤلاء المشرفين ولا ينقص ذلك من أعمال أصحابها شيئا ؟
مع اصطحاب النية من قبل المشرفين في إدارة المنتدى بأن عملهم في مراجعة المواضيع وتشجيع الأعضاء لكي يكثر الخير ويعم النفع وأنهم يبتغون ما عند الله وضغطوا على أنفسهم في الإقلال من النشر لغاية عليا وهدف أسمى
(...الجواب...)
(1/282)
بالنسبة للإشراف فهو أمانة وتَكلِيف أكثر مِن كونه تَشْرِيفًا . والْمُشْرِف في المنتديات أو في المواقع هو مسؤول عَمَّا يُنشَر في القسم الذي يتولّى الإشراف عليه ، فإن نُشِر فيه خير كان شَرِيكا في الخير والأجر ، وإن نُشر فيه شَرّ كان شَريكا في الإثم والوِزْر .
وفي الحديث عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل يُدْخِل بالسَّهم الواحد ثلاثة نَفَر الجنة : صَانِعه يَحْتَسِب في صَنْعَته الخير ، والرَّامي به ، وَمُنْبِلَهُ . رواه الإمام أحمد وأصحاب السُّنَن ( أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ) .
وأكثر ما يُنشَر في المنتديات الأحاديث الموضوعة ، ونشْرها وإقرارها ذَنْب وجريمة !والعلماء يَعدّون إيراد الأحاديث الموضوعة ذَنْباً يُعاب به العالِم .
قال الإمام الذهبي: وما أبو نعيم بمتهم بل هو صدوق عالم بهذا الفن ، ما أعلم له ذَنْباً - والله يعفو عنه - أعظم من روايته للأحاديث الموضوعة في تواليفه ثم يَسْكُتْ عن تَوهِيَتِها . اهـ .
ولا يجوز الاستشهاد بالحديث الموضوع لا في فضائل الأعمال ولا في غيرها ، بل لا يجوز ذِكره على أنه حديث .
وتقع مسؤولية التحذير من الأحاديث الموضوعة المكذوبة على عواتق المشرفين ، ولا يَعني هذا أن ناشرها تبرأ عُهْدَته ، أو تَسْلَم ذِمّته ، بل هو آثِم على فِعْلِه ذلك ، واقِف على شَفِير النار .
روى مسلم – في المقدِّمة – عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : مَن حَدّث عَنِّي بِحَدِيث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذِبِين .وضُبِطَتْ ( أحد الكاذِبَيْن )
والأخطر مِن ذلك أن يدخل المسلم في زمرة الكذّابين على سَيِّد المرسلين، قال عليه الصلاة والسلام : مَن كَذَبَ عليّ مَتعمداً فليتبوأ مقعده من النار . رواه البخاري ومسلم .
(1/283)
فأُهِيب بإخواني المشرفين عموما بالحرص على ما يُنشَر في منتدياتهم . كَما أُهِيب بإدارات المنتديات أن يُوكَل الأمر إلى أهله ، فلا يُعيَِّن في الإشراف إلا مَن هو كُفء وأهْل للإشراف ، وأن نتجنّب المجاملات والمحسوبيات ! في هذا الباب .
فالأمر عظيم ، والْخَطْب جَسِيم ، والوقوف بين يديّ الله مُتعيِّن مُتَحتِّم ، فليُعِدُّوا للسؤال جَوابا وللجواب صوابا . ونسأل الله السلامة والعافية .
والله تعالى أعلم .
295- الدُّمَى المعروضة بالمحلات، هل محرم النظر إليها
(...السؤال...)
الدُّمَى المعروضة بالمحلات بالفترينا هل هو محرم النظر إليها ؟وغير أني رئيت ببعض المحلات دُمى لابسة قمصان نوم جداً عارية ما حكمها أيضا ...
ولكم الشكر
(...الجواب...)
الدُّمَى ليس لها حُرْمة ، ولا يَحرُم النَّظر إليها ، ثم إنها لا تكون مُصوّرة على صُورة دقيقة .
وكذلك ما يُعرض عليها أقمصة أو ملابس داخلية ، إلا أن عرضها على الملأ يُنافي الحياء ، والحياء هُو خُلُق دِين الإسلام ، كما جاء عن نبينا عليه الصلاة والسلام .
والله تعالى أعلم .
296- ماذا علينا إتجاه اختلاف العلماء في الفتوى
(...السؤال...)
ماذا علينا إتجاه اختلاف العلماء في الفتوى ... وأي رأي نأخذ ونعمل به .. هل ما ارتاحت له النفس وأطمئن به القلب
أما علينا إتباع قاعدة معينه حيال ذلك
(...الجواب...)
بالنسبة لاختلاف الفتوى في مسألة واحدة فيؤخذ بفتوى الأوثق والأورع والأكثر أخذا بالكتاب والسنة
وإن كان الناظر في الفتاوى لديه آلية النظر فلينظر في الأدلة وليأخذ بما يترجح لديه
أما إن تساوى العلماء في التقوى والورع والأخذ بالكتاب والسنة فيأخذ المسلم بما يكون أكثر صيانة لدينه وعِرضه كما قال عليه الصلاة والسلام : فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعِرضه . رواه البخاري ومسلم .
وليأخذ من العلماء كل في مجاله وتخصصه ، إذ صاحب التخصص مقدّم على غيره في بابه .
وليتأمل في قواعد الشرع
(1/284)
فإن دار الأمر بين التحريم والإباحة قَدَّم التحريم لأنه الأحوط لِدِينه
وإن دار الأمر بين النَّفْي والإثبات قَدَّم الْمُثْتِب لأن معه زيادة علم
وإذا أخذ الإنسان بأي من القولين وفق ما تقدم من ضوابط لم يأثم أمام الله إذ أنه أخذ بقول عالم موثوق .
وأما ما ارتاحَتْ إليه النَّفْس فهذا يكون بالنسبة إلى القَول وإلى العَالِم الذي يُوثَق بِعِلْمِه ويُنظَر فيه إلى مَن ترتاح نفسه ، فلا عِبْرَة بما ترتاح إليه النفوس المريضة !
لأن مِن الناس من يأخذ بِما ترتاح إليه نفسُه في الرُّخَص !
فإن من الناس من يتتبّع الرُّخَص ، فإذا علِم أن ذلك العالم مثلا يُجيز الغناء أخذ بفتواه هذه ، وذهب إلى قول آخر في المعاملات والرِّبا ، وإلى قول ثالث في الحجاب ... وهكذا
فإن من فعل ذلك رقّ دِينه ، واجتمع فيه الشرّ كلّه !
قال إسماعيل القاضي : دخلت مرة على المعتضد فدفع إلي كتاباً فنظرت فيه فإذا قد جمع له فيه الرخص من زلل العلماء ، فقلت : مصنف هذا زنديق ! فقال : ولِمَ ؟ قلت : لأن من أباح المسكر لم يبح المتعة ، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء ، وما من عالم إلا وله زلة ، ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه ؛ فأمر بالكتاب فأُحرق .
قال الإمام الأوزاعي : مَنْ أَخَذَ بِقَولِ المكيين في المتعة ، والكوفيين في النبيذ ، والمدنيين في الغناء والشاميين في عصمة الخلفاء ، فقد جمع الشر . وكذا من أخذ في البيوع الربوية بمن يتحيل عليها ، وفي الطلاق ونكاح التحليل بمن توسّع فيه ، وشبه ذلك فقد تعرض للانحلال . فنسأل الله العافية والتوفيق .
وقال الإمام الذهبي : وقال الإمام الذهبي : فمن وضح له الحق في مسألة ، وثبت فيها النص وعمل بها أحد الأئمة الأعلام كأبي حنيفة مثلا أو كمالك أو الثوري أو الأوزاعي أو الشافعي وأبي عبيد وأحمد وإسحاق فليتبع فيها الحق ولا يسلك الرخص ، وليتورع ولا يَسَعَهُ فيها بعد قيامِ الحجةِ عليه تقليد .
(1/285)
وقال أيضا : ومن تتبّع رخص المذاهب وزلاّت المجتهدين فقد رَقّ دينه .
وقال آخر : من أراد أن يتعطّل ويتبطّل فليلزم الرخص .
وقال بعضهم : أصل الفلاح ملازمةُ الكتاب والسنة ، وترك الأهواء والبدع ، ورؤية أعذار الخلق ، والمداومة على الأوراد ، وترك الرُّخص .
فالمؤمن يجب عليه أن يتحرّى الحق ولا يجوز له أن يتتبّع الرُّخَص .
أما إذا جهل مسألة وسأل عنها عالِما موثوقاً فأفتاه فإنه يأخذ بقوله .
والله تعالى أعلم .
297- هل يجزئ الإنكار بالقلب مع القدرة بحجة الخجل
(...السؤال...)
أخي الفاضل/ جزاك الله خيراً على هذه الأطروحة الفريدة ..أسأل الله أن يحيي قلوبنا من بعد موات .. ولكن ..هل يجزئ الإنكار بالقلب مع القدرة على سواه بحجة الخجل !
لأني أعاني كثيراً صراعاً مع النفس وبالأحرى ( الشيطان )! لدرجة أن يقذف في قلبي أن ليس هذا بمنكر بحجة الخلاص !!
(...الجواب...)
جواب الشيخ عبدالرحمن السحيم:
إذا استطاع المسلم أن يُنكِر بِلسانه ، فإنه يُنكر بِلِسانه وقلبِه ، أما إذا لم يستطع أو غَلب على ظنِّه أنه يتضرر بالإنكار ، فله رُخصة في ترك الإنكار باللسان .
ويجب على الإنسان في بيته ما لا يجب عليه في غير بيته ؛ لأنه في بيته له الأمر والنهي ، بِخلاف غيره .
وأما مسألة الخجل فالمسألة تحتاج إلى جهاد نَفْس وشيطان أولاً ، وتحتاج إلى تعويد في البداية ، وإذا احتَسب الْمُنْكِر الأجْر هَان عليه ما يَلقاه بعد ذلك .
فكثيرا ما يترك بعضنا الأمر والنهي في غفلة عن الأجر الْمُتَرَتِّب على ذلك .
فلو تصوّرنا إنسانا يقع في منكر ما ، ثم أنْكَرنا عليه ، فكم من الأجور تترتّب على ذلك ؟أجْر ترك المنكر ، ويُقابِله أيضا أجر فِعل المعروف للترابط بين فِعل المعروف وتَرْك المنكَر .
وأجْر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وفي الحديث : إن من أمتي قوما يعطون مثل أُجُور أوَّلهم يَنْكِرون المنكر . رواه الإمام أحمد . وصححه الألباني .
والله تعالى أعلم .
(1/286)
298- سؤال في الرؤى والأحلام
(...السؤال...)
كثر في وقتنا الحالى مفسرين الاحلام والرؤيا، حيث ان بعضهم يحدد لك مثلا تسفيرا بقوله ستحصل على ترقية في عملك يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا . او ستكسب صفقة تجارية او او ...
وكثير من الناس اصبح همهم وشغلهم الشاغل تفسير كل مايراه في نومه .فما هو توجيهكم لنا بارك الله فيكم نحو هذا الموضوع الهام في عصرنا هذا .
وجزاءكم الله بك خير وبارك فيكم
(...الجواب...)
أخي الحبيب هذه مسألة أسرف فيها فئام من الناس ، وأفرطوا فيها ، حتى أصبحوا يسألون عما رأوا وعما لم يروا !
بل أصبحوا يسألون حتى عن الأحلام وعن تلاعب الشيطان بهم .وكثّر لأجل ذلك المُعبّرون ، فكل يدعي تأويل الرؤى ، شأنهم في ذلك شأن الرُّقى .والرؤى تقع ، وهي جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة .
وهي من المُبشِّرات ، فيُستبشر بها ، ولا يُعوّل عليها ، ولا يُبنى عليها أحكام .لقوله صلى الله عليه وسلم : لم يبق من النبوة إلا المبشرات . قالوا : وما المبشِّرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة . رواه البخاري .
والرؤيا ثلاثة أقسام :
الأول : الرؤيا ، ومنها رؤيا الأنبياء ، كرؤيا يوسف عليه الصلاة والسلام ، ورؤى نبينا صلى الله عليه وسلم ، وغيرها .
والثاني : حديث النفس . وهي أن يكون الإنسان يُحدّث نفسه بشيء في اليقظة ، فيراه في منامه ، فهذا حديث النفس .
والثالث : من الشيطان ، وهو الحُلُم ، ومنه الاحتلام .قال عليه الصلاة والسلام : الرؤيا ثلاث : فالرؤيا الحسنة بشرى من الله ، والرؤيا تحزين من الشيطان ، والرؤيا مما يحدث به الإنسان نفسه ، فإذا رأى أحدكم ما يكرهه فلا يحدث به ، وليقم وليصل . رواه الترمذي وغيره ، وصححه الألباني .
وعند ابن ماجه عنه عليه الصلاة والسلام قال : إن الرؤيا ثلاث : منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها بن آدم ، ومنها ما يهمّ به الرجل في يقظته فيراه في منامه ، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة . وصححه الألباني .
(1/287)
والأحلام المزعجة أو المكروهة هي من تلاعب الشيطان ببني آدم ليحزنهم بذلك .ولذا لما جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله رأيت في المنام كأن رأسي ضُرب فتدحرج ، فاشتدت على أثره . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي : لا تحدث الناس بتلعّب الشيطان بك في منامك .رواه مسلم .
والرؤيا إذا عُبِّرت ، فإما أن تقع وإما لأنها لا تقع .فيكون المعبِّر لم يوفق في تعبيرها ، أو الرؤيا لم تصدق .
ومن رأى رؤيا ولم تسرّه ، فإنها لا تضره وعليه بما يلي :
1- أن ينفث على يساره ثلاث مرات حين يستيقظ ويستعيذ بالله من الشيطان .
2- أن يتعوّذ من شرّها .
3- ينقلب على جنبه الآخر .
4-أن يقوم فيُصلي .
5- أن لا يقصّها على أحد .
6- أن لا يسعى لتأويلها وتعبيرها .
والأدلة على ذلك :
قال صلى الله عليه وسلم : الرؤيا من الله ، والحلم من الشيطان ، فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث حين يستيقظ ثلاث مرات ، ويتعوذ من شرها ، فإنها لا تضره . قال أبو سلمة – الراوي عن أبي قتادة - : وإن كنت لأرى الرؤيا أثقل عليّ من الجبل ، فما هو إلا أن سمعت هذا الحديث فما أباليها . متفق عليه .
وقال عليه الصلاة والسلام : إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا ، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثا ، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه . رواه مسلم .
وقد تقدّم قوله صلى الله عليه وسلم : فإذا رأى أحدكم ما يكرهه فلا يحدث به ، وليقم وليُصلِّ .
وقال صلى الله عليه وسلم : الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبّر ، فإذا عُبرت وقعت ، ولا يقصها إلا على وادّ ، أو ذي رأي . رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني .
وقال عليه الصلاة والسلام : إذا رأى أحدكم الرؤيا الحسنة فليُفسرها ، وليُخبر بها ، وإذا رأى الرؤيا القبيحة ، فلا يفسرها ، ولا يخبر بها أحدا . صححه الألباني في صحيح الجامع .
والله تعالى أعلم .
(1/288)
299- لماذا سمي شيخ الإسلام بهذا الأسم
(...السؤال...)
- اعرف من هو شيخ الإسلام - و لكني أريد أن أعرف لماذا سُمِّي بهذا الاسم؟
(...الجواب...)
هذا الوصف وُصِف به غير واحد مِن أهل العِلم . ويُوصَف به مَن كان له أثَر بالِغ في زمانه ، ومَن جَمَع خِصالا مِن العِلْم والعَمَل .
قال لإمام ابن ناصر الدين الدمشقي في معنى " شيخ الإسلام " : منها أنه شيخ في الإسلام قد شاب وانفرد بذلك عمن مضى من الأتراب ، وحصل على الوعد الْمُبَشّر بالسلامة أنه مَن شَاب شيبة في الإسلام فهي له نور يوم القيامة .
ومنها ما هو في عرف العوام أنه العدة ومفزعهم إليه في كل شِدّة .ومنها أنه شيخ الإسلام بسلوكه طريقة أهله قد سَلِم مِن شَرّ الشباب وجهله ، فهو على السنة في فرضه ونفله .ومنها شيخ الإسلام بالنسبة إلى درجة الولاية وتبرك الناس بحياته فوجوده فيهم الغاية .
ومنها أن معناه المعروف عند الجهابذة النقاد المعلوم عند أئمة الإسناد أن مشايخ الإسلام والأئمة الأعلام هم الْمُتَّبِعُون لِكِتاب الله عز وجل ، الْمُقْتَفُون لسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذين تَقَدَّموا بمعرفة أحكام القرآن ووجوه قراءته وأسباب نزوله وناسخه ومنسوخه ، والأخذ بالآيات المحكمات ، والإيمان بالمتشابهات ، قد أحْكَموا مِن لغة العرب ما أعانهم على عِلْم ما تَقدم ، وعلموا السنة نقلا وإسنادا ، وعملا بِما يجب العمل به ، اعتمادا وإيمانا بما يلزم من ذلك اعتقادا واستنباطا للأصول والفروع من الكتاب والسنة ، قائمين بما فرض الله عليهم متمسكين بما سَاقَه الله من ذلك إليهم ، متواضعين لله العظيم الشأن ، خائفين مِن عثرة اللسان ، لا يَدَّعُون العصمة ، ولا يَفْرَحُون بالتَّبْجِيل ، عَالِمِين أن الذي أُوتُوا مِن العِلم قليل ؛ فمن كان بِهذه الْمَنْزِلة حُكِم بأنه إمام ، واستحق أن يقال له شيخ الإسلام . اهـ .
(1/289)
وقد وُصِف الإمام أحمد رحمه الله بـ " إمام أهل السنة " ، رغم أن أئمة أهل السنة كُثُر – والحمد لله – إلاَّ أنه انفرد في زمانه بِنصرة السُّنَّة ، وثَبَّته الله حتى أثبت السُّنَّة ، ولذلك قيل : نَصَر الله الإسلام بأبي بكر يوم الفتنة ، وبأحمد يوم الْمِحْنَة .
والله تعالى أعلم .
300- أقول لصاحبي : إني فعلت الخير
(...السؤال...)
هل يجوز أن أبالغ وأقول لصاحبي : إني فعلت الخير . لأني أعرف أنه يقلدني في كل شي ؟
(...الجواب...)
جواب الشيخ عبدالرحمن السحيم : إذا كان إظهار العمَل لِمصلحة ، كأن يكون الإنسان يُقتَدَى به ؛ فيجوز .
وقد سُرّ النبي صلى الله عليه وسلم لَمّا حثّ على الصدقة فأظهر رجُل عمَلَه ، ثم اقتدى به الناس .
فقد جاء قوم ظَهَرتْ عليهم آثار الفاقَة ، فحثّ النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة ، فكان مما قال : تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ ، مِنْ ثَوْبِهِ ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ ، حَتَّى قَالَ : وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ . قَالَ جرير بن عبد الله رضي الله عنه : فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا ، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ . قَالَ : ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ . رواه مسلم .
قال الإمام النووي : وكان الفضل العظيم للبادى بهذا الخير ، والفاتح لِبَاب هذا الإحسان . اهـ .
وإذا كان الإنسان يَنْشَط على فِعْل الخير برؤية من يقتدي به ، فلا حرج على مَن يُقْتَدى به في إظهار بعض أعماله ليُقتَدى به ، وعليه أن يتعاهَد نفسه لئلا يدخل عمله رياء أو سُمعة .
والله تعالى أعلم .
301- كيف التخلص من المصاحف القديمة
(...السؤال...)
س1 كيف التخلص من المصاحف البالية ( القديمة ) المتمزقة ؟
(1/290)
س2 كيف التخلص من قصصة الوراق التي بها بسم الله الرحمن الرحيم ؟ هل يجوز حرقها او دفنها وردمها في الابار ؟
(...الجواب...)
اجوبة الشيخ لك رعاك الله:كيف التخلص من المصاحف البالية ( القديمة ) المتمزقة ؟
(...الجواب...) : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأعانك الله . المصاحف التي يُمكن الاستفادة منها تُعطَى لبعض الجمعيات أو الجهات التي تتولّى صيانتها ومِن ثّم إرسالها لمن يحتاج إليها .
أما التي لا يُمكن الاستفادة منها فيتم إحراقها ، أو دفنها في مكان طاهر لا يَصِل إليها شيء من الأذى ولا القَذَر . وقد أحْرَق الصحابة رضي الله عنهم المصاحِف التي خَالفت الرسم العثماني . والله تعالى أعلم .
كيف التخلص من قصاصة الأوراق التي بها بسم الله الرحمن الرحيم ؟ هل يجوز حرقها أو دفنها وردمها في الآبار ؟
(...الجواب...) : الأوراق الْمُحْتَرَمة والتي تتضمّن شيئا مِن ذِكْر الله ، أو مِن أسمائه سبحانه وتعالى ، تجِب صيانتها ورفعها عن الامتهان ، سواء كانت قصاصات أوراق أو صُحُف أو غيرها ، ولا يجوز امتهانها ، وما وُجِد منها وَجب رفعه ، فإما أن تُحرَق بعد ذلك ، وإما أن تُدفَن في أرض طيبة لا يَصِل إليها أذى ولا قَذَر .
والله تعالى أعلم .
302- هل يجب الاستئذان في كل شي؟!
(...السؤال...)
هل يجب علينا الاستئذان في كل شي حتى من الأشياء الصغيرة؟؟
أوضح أكثر..اذا كان عند اخي ماء في غرفته او عصير..هل اشربه بدون استئذان ام لا ضرر من عدم الاستئذان..
او عنده قلم او كتاب او ماكولات خفيفة كالبسكويت وغيره..او عند ابي سيارته واود ان استخدمها ..
اشياء كثيرة وكثيرة تحدث في حياتنا بشكل يومي..فهل ملزم علينا الاستئذان..اذكر ان احد الاخوة قال لي ان كان الامر متعارف عليه وتعلم ان اخوك او ابيك او صاحبك لن يمانع ان استخدمت ذلك الشي..فلا حرج في ذلك
والله اعلم..وهذا ما لدي..ارجو انكم فهمتو قصدي..جزاكم الله خير..
(...الجواب...)
جواب الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله
(1/291)
عضو مركز الدعوة والإرشاد
أعانك الله .. يَخْتَلِف هذا باخْتِلاف الأشْخَاص ، وباخْتِلاف الأشياء التي يُسْتَأذَن فيها .
فهُناك من الأشخاص ( الأقارب أو الأصدقاء ( من يُعْرَف عنه أنه لا يُمانِع من مثْل ذلك ، ولا يُؤثِّر عليه ولا يتأثر بذلك ؛ فهذا قد كَفَى غيره مؤنة الاسْتِئذان ، أي لا يَحتاج إلى استئذان .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يَدْخُل بساتين الأنْصار من غير استئذان ، ورَكِب مَرَّة فَرَس أبي طلحة ، ولم يُذْكَر استئذان ، وذلك لِعِلْمه صلى الله عليه وسلم بِطِيب نُفوس أصحابه بذلك .
ففي الصحيحين مِن حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَزِعُوا مَرَّةً فَرَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لأَبِي طَلْحَةَ - كَانَ يَقْطِفُ ، أَوْ كَانَ فِيهِ قِطَافٌ - فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ : وَجَدْنَا فَرَسَكُمْ هَذَا بَحْرًا . فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لا يُجَارَى .
قال ابن حجر : كان يقطف أو كان فيه قِطاف ، والمراد أنه كان بَطيء الْمَشِي . ومِن النَّاس من يَحتاج إلى استِئذان في كل صغير وكبير ! فَمِثْل هذا لا بُدّ مِن اسْتِئْذَانه .
لأن الأصل أنه لا يَحِلّ مَال امرئ مُسْلِم إلاَّ بِطِيب نفسٍ منه ، لِقوله عليه الصلاة والسلام : : لا يَحِلّ مَال امْرِئ إلاَّ بِطِيب نَفْسٍ منه . رواه الإمام أحمد وغيره ، وقال في الإرواء : صحيح .
وكَمَا يَخْتَلِف الاستِئذان باخْتِلاف الأشخاص ، كذلك يَخْتَلِف باختِلاف الأشياء ، فإن الشيء الثمين لا بُدّ من الاستئذان فيه ، بِخِلاف مَا لا تَرْتَفِع له هِمَم أوسَاط الناس .
فإنّ مِن الأشياء ما لا تَرْتَفِع لها هِمم وأنظَار أوساط الناس ، فهذه في الغالب لا يَلْزَم الاستئذان فيها ، إلاَّ مَن عُلِم أنه يغضب لأجلها .
والله تعالى أعلم .
303- تعلم اللغة الانجليزية
(...السؤال...)
(1/292)
هناك بعض المواقع التي من خلالها نستطيع تعلم اللغة الانجليزية، و هي تقوم على أساس اشتراك أعضاء من مختلف أنحاء العالم، و يقومون بمراسلة بعضهم البعض و تصحيح أخطاء غيرهم.
بمعنى اخر قمت بالاشتراك بهذا الموقع و أنا أقوم بمراسلة شخص لا أعرفه باللغة الانجليزية ، و في الرساله أتحدث عن الحياة في دولتي بشكل عام ، فقط بنية تعلم اللغة الانجليزية، و يقوم الشخص بتصحيح أخطائي و ارسالها لي كما أنه يقوم بالتحدث عن دولته أيضا بالرسالة.
و سؤالي هنا/ هل ما أقوم به جائز أم لا، لأنني أنا فتاة، و هو شاب في الثلاثينات من العمر.هل كوني أريد تعلم اللغة الانجليزية يجيز لي مراسلة شخص غريب
(...الجواب...)
جواب الشيخ عبدالرحمن السحيم :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبارك الله فيك
إذا أُمِنَتِ الفِتنة ، ولم يَجّر ذلك إلى محذور ، فأرجو أنه لا بأس به . إلا أن كثرة المراسلة يُؤدِّي إلى الوقوع في المحذور .ثم إن هذا الفعل فيه مَدخل للشيطان ، فيُمنَع منه من باب سدّ الذرائع .
وطالما أن القصد هو تَعلّم اللغة فلماذا لا تُراسِل الفتاة فتاة مثلها ، ويُراسِل الرجل رجلا مثله .وبهذا يَحصل المقصود من غير وُقوعٍ في مَحْذُور .
والله تعالى أعلم .
304- توبيخ المعلم لتلاميذه بصوت عال
(...السؤال...)
هل هناك شيء في توبيخ المعلم لتلاميذه بصوت عال أو توبيخ أحدهم، لأنه هناك بعض التلاميذ يقولون لمعلمهم لا تغضب حسب وصية النبي صلى الله عليه وسلم
وهل اذا رفع صوته يكون قد خالف ما قاله تعالى في سورة لقمان على لسان لقمان
(...الجواب...)/
ما كان الرِّفق في شيء إلا زانه ، وما نُزِع من شيء إلا شانه ، كما قال عليه الصلاة والسلام .وقد يحتاج المعلِّم إلى الشدّة في بعض الأحيان ، أو يحتاج إلى التوبيخ في موقف مُعيّن .
(1/293)
وبعض الطلاب ربما أغضبوا من لا يَغضب ! وربما جعلوا الحليم حيرانا ! وإذا رفع صوته في بعض الأحيان أو في بعض المواطن فلا يكون خالف ما جاء في وصية لُقمان لابنه .
فالخطيب يرفع صوته ليُسمع الناس ولا يُذمّ هذا بل يُمدح .
بل ربما رفع الإنسان صوته على زوجته أو على ولده ، ولا يُعدّ هذا من نكارة الصوت، وقد أشرت إلى هذا في هذا الموضوع :
قطع الله يدك
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=1088
والله تعالى أعلى وأعلم .
305- حيات البيوت هل تُقتل أو تؤمر
(...السؤال...)
أنا اسكن بعماره بالطابق الثانى بحى ممتلىء بالعمائر وليس بجانبنا لا أرض خاليه بالعكس بحى جديد . اليوم وأنا أنظف فى القسم الثانى من الشقه وهى مجالس الرجال رأيت ثعبان طوله تقريبا
20 سم وقمت بالعجل بظربه بعصا بعد أن ذكرت أسم الله ولكنه يتحرك
فقمت بظربه بالعصا حتى قطعت رأسه ولكن يتحرك قليلا بعدها بعشر مات (...السؤال...) شيخى العزيز مالذى أتى به بشقتى رغم أنها لاتطل على أرض خاليه . وقيل لى كان المفروض عدم قتله بالبيت مالعمل
واتمنى معرفه أى شى أو معلومه لأطمأن التفكير جعلنى فى حيره مالذى أتى به معا العلم لانزكى أنفسنا فأنا وزوجى ملتزمين والحمدلله ولايوجد فى بيتنا مايغضب الله سبحانه .
(...الجواب...)
(...الجواب...)/ طالما أنك ذكرت اسم الله فلا عليك
واختلف العلماء في حيات البيوت هل تُقتل أو تؤامر ؟ وهل هذا عام في جميع حيات البيوت أو في حيات المدينة النبوية ؟
الذي يظهر أنه خاص بحيات بيوت المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام
فقد روى مسلم في صحيحه من طريق أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته قال فوجدته يصلي . قال : فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته ، فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت ، فالتفت فإذا حية ، فوثبت لأقتلها ، فأشار إليّ أن اجلس ، فجلست ، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار ، فقال : أترى هذا البيت ؟
فقلت : نعم .
(1/294)
قال : كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس ، فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق ، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله ، فاستأذنه يوما فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة ، فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع ، فإذا امرأته بين البابين قائمة ، فأهوى إليها الرمح ليطعنها به ، وأصابته غيرة .
فقالت له : اكفف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني .فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ، ثم خرج فركزه في الدار ، فاضطربت عليه فما يُدرى أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى ؟
قال : فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له وقلنا : ادع الله يحييه لنا. فقال : استغفروا لصاحبكم ، ثم قال : إن بالمدينة جِنا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان .
والذي يظهر أنه إذا كان في غير المدينة النبوية فإنه يُسمّى ويُقتل .
والله أعلم .
306- عملية جراحية لأجل تنقيص الوزن
(...السؤال...)
هذه مرأة تسأل عن جواز أو عدم جواز إجراء عملية لأجل تنقيس الوزن عالما بالظروف التالية:
- أن قي العملية سيضع الطبيب حلقة أو سوار على المعدة لكي لا تحس المرأة بالجوع و لكي تنقس الأكل.
- أن حال السمنة عند المرأة قد أدى إلى بعض المشاكل الصحية كمرض السكر و الكُولِسْتِرُول ...إلخ- أنه يوجب أن تحفظ الحلقة مدة طويلة مثل عشر أعوام ثم تخلعها
و ما هو (...الجواب...) إذا لم يكن مرض خطير بسبب السمنة و لكن تجد بعض الصعوبات في المشي و التنفس مثلا
جزاكم الله خير الجزاء
(...الجواب...)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيراً، مثل هذه العمليات جائزة ، إلا أنه لا يَجوز أن يُجري ذلك طبيب مع وجود طبيبة .
(1/295)
وإن لم تُوجَد طبيبة ، فهناك أدوية وسُبل أخرى غير العمليات ، ومن غير أن تتعرّض المرأة لكشف أجزاء من جسدها أمام طبيب بل قد يكون أمام فريق طبي ، دون ضرورة .
أما إذا دَعَت الضرورة إلى ذلك وخافتْ على نفسها فيجوز أن تُجري تلك العملية ، ولو على يد طبيب رجل .
والله تعالى أعلم .
307- ما حكم شُرب شراب الشعير ؟؟
(...السؤال...)
ما حكم شرب شراب الشعير المعلب او الطازج وهل هو شراب الجعة المنهي عنه؟
(...الجواب...)
لا بأس بِشَراب الشعير ، إلا أن يكون خُلِط معه كحول .
والله تعالى أعلم
308-الفرق بين : إن شاء الله و إنشاء الله
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل
إن شاء الله
هل كتابتها هكذا ( إنشاء الله ) به شىء ؟
و إن كان فلماذا ؟
جزاكم الله خيرا
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيراً .
( إن شاء الله ) هذا من المشيئة
و ( إنشاء ) هذا من الإنشاء .
وهذا الأخير ( إنشاء ) لا يُقال في هذا الموضع في حق الله تبارك وتعالى .
وإنما الذي يُقال ( إن شاء الله ) لتعليق الأمر على المشيئة فيما يُريد الإنسان فِعله .
والله تعالى أعلم .
309-ما رأي فضيلتكم في هذه الطُرفة ..
ذهب مجموعة من الشعراء إلى مجلس الخليفة فراءهم أحد المتطفلين فتبعهم حتى إذا استقروا في مجلس الخليفة بدأوا يلقون القصائد واحداً بعد الآخر
فلما وصل الدور عند المتطفل أُمر بإلقاء القصيدة فقال : أنا لست بشاعر
قال الخليفة : و ما الذي أتى بك ؟
قال المتطفل : أنا لست بشاعر أنا من الغاوين
يقصد قوله تعالى ( و الشعراء يتبعهم الغاوون )
جواب ..
هذا ليس فيه سخرية ولا استهزاء ولا وضع القرآن في غير موضعه
وكل ما فيه إشارة إلى معنى الآية ، وهو معنى صحيح .
والمحذور لو كان المعنى غير صحيح ، أو تضمن الكلام استهزاء بشيء من الدِّين .
ولذلك قال ابن جُزي في تفسيره : و( الغاوون ) قيل : هم رواة الشعر . وقيل : هم سفهاء الناس الذين تعجبهم الأشعار ، لما فيها من اللغو والباطل . وقيل : هم الشياطين .
وقد استدلّ بالآية أحد الشعراء ، فدرأ عمر رضي الله عنه الحدّ بسبب ذلك ، ولم يُنكِر عليه استدلاله بالآية .
وهذا سبقت الإشارة إليه
هُنا
http://saaid.net/Doat/assuhaim/21.htm
ونقل القرطبي ذلك في تفسير الآية ، فإنه قال :
روي عن الفرزدق أن سليمان بن عبد الملك سمع قوله :
فَبِتْنَ بجانبي مصرعات *** وبت أفض أغلاق الختام
فقال : قد وجب عليك الحد ، فقال : يا أمير المؤمنين قد درأ الله عني الحد بقوله : (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ) .
وروي أن النعمان بن عدي بن نضلة كان عاملا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقال :
فمن مبلغ الحسناء أن حليلها **** بميسان يسقى في زجاج وحنتم
إذا شئت غنتني دهاقين قرية**** وصناجة تجذو على كل منسم
إذا كنت ندمانى فبالأكبر اسقني**** ولا تسقني بالأصغر المتثلم
لعل أمير المؤمنين يسوءه **** تنادمنا في الجوسق المتهدم
فبلغ ذلك عمر فأرسل إليه بالقدوم عليه ، وقال :إي والله إني ليسوءني ذلك ، فقال : يا أمير المؤمنين ما فعلت شيئا مما قلت ، وإنما كانت فضلة من القول ، وقد قال الله تعالى : (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ) فقال له عمر : أما عذرك فقد درأ عنك الحدّ ، ولكن لا تعمل لي عملا أبدا وقد قلتَ ما قلت .
والله أعلم .
(1/296)
1-أتخلص من العادة السيئة (العادة السرية) ؟
السؤال :
ما هي أحكام العادة السرية ؟
وما هي النواهي والزواجر عنها ؟
وما كفارتها ؟
الجواب/ أخي الحبيب :
هذا بحث مختصر سبق أن أفدت به أحد الأخوة، مما استدل به المانعون والقائلون بالتحريم قوله تعالى :
( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ )
قال الإمام الشافعي - رحمه الله - : وبين أن الأزواج وملك اليمين من الآدميات دون البهائم ثم أكّدها ، فقال : ( فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ )
فلا يحل العمل بالذكر إلا في زوجة أو في ملك اليمين ولا يحل الاستمناء ، والله أعلم .
وقال القرطبي في التفسير : فسمى من نكح ما لا يحل عاديا ، فأوجب عليه الحد لعدوانه ، واللائط عادٍ قرآنا ولغة بدليل قوله تعالى : ( بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ) .
وقال : ( فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) أي المجاوزون الحد من عدا أي جاوز الحد وجازه . اهـ .
وقال ابن جرير : وقوله : ( فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ ) يقول : فمن التمس لفرجه مَنْكَحاً سوى زوجته وملك يمينه ( فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) يقول : فهم العادون حدود الله ، المجاوزون ما أحل الله لهم إلى ما حرم عليهم ، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ( أي أهل التفسير ) . انتهى .
وقال ابن القيم - رحمه الله - في الآية : وهذا يتضمن ثلاثة أمور : من لم يحفظ فرجه يكن من المفلحين ، وأنه من الملومين ، ومن العادين ففاته الفلاح ، واستحق اسم العدوان ، ووقع في اللوم ؛ فمقاساةُ ألمِ الشهوة ومعاناتها أيسرُ من بعض ذلك . اهـ
وفي المسألة أحاديث وآثار :
(1/1)
الحديث الأول : سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة – وذكر منهم – والناكح يده . والحديث ضعفه الألباني – رحمه الله – في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1/490 ) ح ( 319 )
والحديث الثاني : رواه البيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن مالك قال : يجيء الناكح يده يوم القيامة ويده حبلى . وقال سعيد بن جبير : عذب الله أمة كانوا يعبثون بمذاكيرهم . وقال عطاء : سمعت أن قوما يحشرون وأيديهم حبالى من الزنا .
أما حديث أنس الموقوف عليه والذي رواه عنه البيهقي من طريق مسلمة بن جعفر ، فقد قال فيه الذهبي في ميزان الاعتدال : مسلمة بن جعفر عن حسان بن حميد عن أنس في سب الناكح يده يُجهل هو وشيخه . ووافقه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان .
ولكن هذا لا يعني أن العادة السرية ليست محرمة .
فقد صح عن ابن عمر أنه سئل عن الاستمناء فقال : ذاك نائك نفسه ! وكذلك صح عن ابن عباس مثله . ووردت آثارا أخرى عن الصحابة في تحريم هذا الأمر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : أما الاستمناء فالأصل فيه التحريم عند جمهور العلماء ، وعلى فاعله التعزير وليس مثل الزنا . والله أعلم .
وسئل – رحمه الله – عن الاستمناء هل هو حرام أم لا ؟
فأجاب: أما الاستمناء باليد فهو حرام عند جمهور العلماء ، وهو أصح القولين في مذهب أحمد ، وكذلك يعزر من فعله ، وفى القول الآخر هو مكروه غير محرم ، وأكثرهم لا يبيحونه لخوف العنت ولا غيره ، ونقل عن طائفة من الصحابة والتابعين أنهم رخصوا فيه للضرورة ، مثل أن يخشى الزنا فلا يُعصم منه إلا به ، ومثل أن يخاف أن لم يفعله أن يمرض ، وهذا قول أحمد وغيره ، وأما بدون الضرورة فما علمت أحداً رخّص فيه . والله أعلم . انتهى .
وممن أفتى بحرمته من العلماء المعاصرين : الشيخ ابن باز وابن عثيمين والألباني وغيرهم . رحم الله الجميع .
-------------
وأما النواهي عنها والزواجر عن هذه العادة السرية السيئة ، فأمور :
(1/2)
أولها : مراقبة الله عز وجل في حال الخلوة ، وتعظيم نظره سبحانه، فإن الإنسان لا يفعلها إلا إذا غاب عن أعين الناس واستتر وخلا بنظر الله عز وجل .
فلا يجعل الله أهون الناظرين إليه .
ثبت في سنن ابن ماجه بسند صحيح عن ثوبان رضي الله عنهأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا ، قال ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا ، جلِّهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم ؟ قال : أما إنهم إخوانكم ، ومن جلدتكم ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها .
فقوله عليه الصلاة والسلام : إذا خلوا بمحارم الله . يدل على الكثرة والاستمرار .
وهذا هو شأن المنافقين الذي قال الله عز وجل عنهم : ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا )
وليعلم أن الله مُطّلع عليه يراه حيثما كان .دخل رجل غيضة فقال : لو خلوت ها هنا بمعصية من كان يراني ؟! فسمع صوتا ملأ ما بين لابتي الغيضة ( ألا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) .
ثانيها : أن يعلم أن حفظ الفرج مطلب ، وقد أثنى الله على الحافظين لفروجهم والحافظات ، وتقدّم كلام ابن القيم في ذلك .
وحفظ الفروج من الكليّات والضرورات التي جاءت الشريعة بحفظها .وحفظ الفروج سبب لدخول الجنة .
فقال رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم : من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة . رواه البخاري .
وقال – عليه الصلاة والسلام – : اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة ؛ اصدقوا إذا حدثتم ، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدوا إذا ائتمنتم ، واحفظوا فروجكم ، وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم . رواه الإمام أحمد وغيره ، وصححه الألباني .
(1/3)
والنساء شقائق الرجال ، ولذا قال – عليه الصلاة والسلام – : إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها ، وأطاعت زوجها . قيل لها : أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت . رواه أحمد وغيره ، وصححه الألباني .
وحفظ الفرج له أسباب ، ومن أعظم أسبابه غض البصر ، ولذا قال سبحانه : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )
وقال بعدها مباشرة : ( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ )ولعل من أكثر ما يوقع في هذه العادة السيئة هو إطلاق البصر ، وعدم غضِّه ، سواء بالنسبة للرجالأو النساء .
وسواء كان النظر مُباشراً ، أو كان عن طريق الصور الثابتة أو المتحركة !
ثالثها : أن يقرأ في الكتب والأبحاث التي تناولت أضرار تلك الفعل، وذلك العمل . فقد يكون رادعا له أن يعلم أضرارها ومخاطرها سواء قبل الزواج أو بعده .
رابعها : أن يُشغل نفسه بأشياء من طاعة الله أو على الأقل بأشياء مباح . ولذا كان السلف يستحسنون أن يكون للشاب العزب شعر يُرجّله ويُسرّحه ليشتغل به عن سفاسف الأمور .
وليتذكّر أن النفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية .
خامسها : أن يسأل الله عز وجل أن يُجنّبه السوء والفحشاء .
وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه على آله وسلم : اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت . أنت ربي وأنا عبدك ، ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي ، فاغفر لي ذنوبي جميعا ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت . رواه مسلم .
سادسها : أن يحرص على مجالسة الصالحين ، و يجتنب رفقة السوء التي تعينه على المعصية . وألا يخلو بنفسه فتأخذه الأفكار ويسبح في بحور الأوهام .
(1/4)
سابعها : تجنّب ما يذكّره ويُثير شهوته ويبعث كوامن نفسه كالنظر المحرم، سواء كان مباشرا أو عن طريق الشاشات أو المجلات ونحوها ، وتقدّمت الإشارة إلى هذا في غض البصر ، ولكني أحببت التأكيد عليه .
هذا ما تم تذكّره وكتابته في هذه العجالة حول النوهي عنها .
--------------------
وأما الكفارة فلا كفارة لها إلا التوبة النصوح، فيتوب منها ولو وقع فيها وعاد إليها فيتوب من الذّنب كلما وقع فيه .
وأما ما يتعلق بهذه الحالة على وجه الخصوص ، فكما قالت الأخت الفاضلة أم العالية ( شهد ) وهي لا تؤاخذ على أمر خارج عن إرادتها ، وواقع بغير كامل تصرفها ، وتحت تأثير السِّحر .
والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم .
2-حكم قول : "الله يبقيك أو طال عمرك"
...
سئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : عن عبارة " أدام الله أيامك" ؟
فأجاب بقوله : قول : " أدام الله أيامك " من الاعتداء في الدعاء لأن دوام الأيام محال مناف لقوله تعالى : ( كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) ، وقوله تعالى: ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون ) .
كما سئل فضيلته رحمه الله : ما حكم قول: " أطال الله بقاءك " و " طال عمرك " ؟
فأجاب قائلاً: لا ينبغي أن يطلق القول بطول البقاء، لأن طول البقاء قد يكون خيراً وقد يكون شراً، فإن شر الناس من طال عمره وساء عمله، وعلى هذا فلو قال : أطال الله بقاءك على طاعته ونحوه فلا بأس بذلك . انتهى كلامه رحمه الله .
ومثله قول بعضهم : الله يبقيك !
وذكر ابن القيم رحمه الله من الألفاظ المكروهة : أن يقول : " أطال الله بقاءك " و " وأدام أيامك " و " عشت ألف سنة " ونحو ذلك . انتهى كلامه رحمه الله .
وقد سُئل رسول الله : أي الناس خير ؟ قال : من طال عمره ، وحسن عمله . قيل : فأي الناس شر ؟ قال : من طال عمره ، وساء عمله . رواه الإمام أحمد .
(1/5)
قالت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم أمتعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبأبي أبي سفيان ، وبأخي معاوية . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد سألت الله لآجال مضروبة ، وأيام معدودة ، وأرزاق مقسومة ، لن يعجل شيئا قبل حلّه ، أو يؤخر شيئا عن حله ، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار أو عذاب في القبر ؛ كان خيراً وأفضل . رواه مسلم .
فنسأل الله أن يُحسن خاتمتنا ، وأن يُعيذنا من عذاب القبر ومن عذاب النار .
3-تزكية النفس ..
فإن الله تبارك وتعالى أقسم في كتابه أحد عشر قسماً ، وهو سبحانه لا يُقسم إلا على أمرٍ ذي بالٍ وله شأن عظيم .
فأقسمَ تبارك وتعالى بالشمس وبضُحاها وبالقمر وبالنهار وبالليل ، وبالسماء وبمن بناها [ على قول لأهل التفسير ، وعلى القول الثاني ، أن القسم بالسماء وبنيانها ، وكذلك ما بعدها ] ، وبالأرض وبمن طحاها ، وبنفس وبمن سوّاها ، والمُقسَم عليه هو فلاح مَنْ زّكى نفسه ، وخيبة وخسارة مَنْ دسّاها .
والتزكية هنا هي تطهير النَّفس من أدران الذنوب صغيرها وكبيرها ، وتنقيتها مِن العيوب ، وترقيتها بطاعة الله ، وعلوّها بالعلم النافع والعمل الصالح ، فإن النفس تسمو بهذه الأشياء ، وترتفع بالإيمان عن نَزَعَاتِ الشهوات ، وتعلّق النفس بهذه الدنيا ومَلَذّاتِها التي هي في حقيقتها لا تُساوي عند الله جناح بعوضة ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء . رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما .
وأخذ ابن القيم هذا المعنى فقال :
لو ساوت الدنيا جناح بعوضة = لم يَسْقِ منها الرب ذا الكفران
لكنها والله أحقرُ عنده = من ذا الجناح القاصر الطيران
(1/6)
إن أعظم مِنّةٍ امتنّ الله بها على هذه الأُمّة هي بِعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعثته متضمنة تلاوة آيات الله على أتباعه ، وتزكيتهم ، وتعليمهم الكتاب والحكمة ، قال سبحانه : ( لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) .
قال الشيخ السَّعدي في قوله تعالى : (وَيُزَكِّيهِمْ) : أي يُطهّر أخلاقَكم ونفوسَكم بتربيتها على الأخلاق الجميلة ، وتنزيهها عن الأخلاق الرذيلة ، وذلك كتزكيتِكم من الشرك إلى التوحيد ، ومن الرياء إلى الإخلاص ، ومن الكذب إلى الصدق ، ومن الخيانة إلى الأمانة ، ومن الكبر إلى التواضع ، ومن سوء الخلق إلى حسن الخلق ، ومن التباغض والتهاجر والتقاطع إلى التّحابِّ والتواصل والتّوادد ، وغير ذلك من أنواع التزكية .اهـ
فتسمو النفس بالإيمان بالله ، فلا تلتفت إلى قطّاع الطريق على الله والدار الآخرة ، وإذا سَمَت النفس وارتفعت بالإيمان بالله لم تكن هذه الحياة الدنيا سوى مرحلة تُوصِل إلى الله ، كما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقد نام على حصير ، فقام وقد أثّر في جنبه ، فقيل له : يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاء ؟ فقال : ما لي وما للدنيا ؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها . كما في المسند وجامع الترمذي .
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه وقد كتب إلى بعض إخوانه : أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله ، والزهد في الدنيا والرغبة فيما عند الله ؛ فإنك إذا فعلت ذلك أحبك الله لرغبتك فيما عنده ، وأحبك الناس لتركك لهم دنياهم ، والسلام .
وقال رضي الله عنه : ابن آدم إنما أنت أيام ، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك . ابن آدم إنك لم تزل في هدم عمرك منذ يوم ولدتك أمك . وورد مثله عن الحسن .
(1/7)
وإذا عَلَتْ همةُ المؤمن طَلَبَ جنةً عرضها السماوات والأرض ، كما فَعَلَ ربيعة ابن كعب الأسلمي رضي الله عنه ، لما قال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : سل . قال : أسألك مرافقتك في الجنة . قال : أو غير ذلك . قال : هو ذاك . قال : فأعنى على نفسك بكثرة السجود . رواه مسلم .
هكذا تسمو النفس فترى أنها في حبس ، لا أن تتعلّق بهذا الحبس .
أعني ما صحّ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم : الدنيا سجن المؤمن ، وجنة الكافر . رواه مسلم
وإذا ترفّعتْ نفسُ المؤمن طَلَبَتْ معالي الأمور ، وتجنّبتْ سفاسفها ، كما قال صلى الله عليه وسلم .
إن الله يُحب معالي ألأمور وأشرافها ، ويكره سفسافها .
وتكون تزكيةُ النفس بتعاهد خطراتها ، وحركاتها وسكناتها ، وما تأتي وما تذر وماذا تُريد بكذا وما ذا أرادت بكذا ، ماذا أرادت بتلك الكلمة ، وماذا قصدت بتلك النظرة ، ولماذا فرّطتُ في طاعة ربي ، ولماذا أخّرتُ الصلاة ، وهكذا .
فإن مَنْ حاسب نفسه في هذه الحياة الدنيا هانَ عليه الحساب يوم القيامة ، ولذا قال عمر رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، وتزينوا للعرض الأكبر يومئذٍ تعرضون لا تَخفى منكم خافية .
ومِن وسائل تزكية النفس نهيها عن الهوى ، فإن ذلك سبباً في رفعتها ، كما قال وليُّها ومولاها : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى )
وقد قيل :
تركُ نفسك يوماً وهواها = سعيٌ لها في رداها
(1/8)
وقد أوصى الله سبحانه وتعالى عبده ونبيَّه داود صلى الله عليه وسلم بأن لا يتّبع الهوى فيُضلّه عن سبيل الله ، قال سبحانه وبحمده : ( دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ )
وأوصى سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بما أوصى به المرسلين ، فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ )
فالوصية : لا تتبعوا الهوى فتجوروا .
فالله تبارك وتعالى جَعَلَ اتِّباع الهوى سبب الضلال ، فَمَنْ اتّبع هواه ، فقد اتّخذه إلها مِن دون الله ، ومن أضلّ ممن يدعوا من دون الله ، كما في قوله عز وجل : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) ؟
وقال سبحانه وبحمده : ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا ) ؟
ثم قال تبارك وتعالى : ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا )
وإن النفس كلما زَكَتْ تشوّقت إلى الجنة ، وإن نفس المسلم توّاقة .
(1/9)
قال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - : إن لي نفسا تواقة ، لقد رأيتني وأنا بالمدينة غلام مع الغلمان ، ثم تاقت نفسي إلى العلم بالعربية والشعر ، فأصبت منه حاجتي وما كنت أريد ، ثم تاقت إلى السلطان فاستعملت على المدينة ، ثم تاقت نفسي وأنا في السلطان إلى اللبس والعيش الطيب ، فما علمت أن أحدا من أهل بيتي ولا غيرهم كانوا في مثل ما كنت فيه ، ثم تاقت نفسي إلى الآخرة والعمل بالعدل ، فأنا أرجو أن أنال ما تاقت نفسي إليه من أمر آخرتي .
ومما يُزكّي النفس مراقبة الله في الخلوة والجلوة .
ولما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث من فعلهن فقد طَعِمَ طَعْمَ الإيمان : من عبد الله وحده ؛ فإنه لا إله إلا الله ، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه … وزكّى عبدٌ نفسه ، قال رجل : ما تزكية المرء نفسه يا رسول الله ؟ قال : أن يعلم أن الله معه حيثما كان . رواه الطبراني في مسند الشاميين ، واصله عند أبي داود .
ولذا عرّف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الإحسان بأنه : أن تعبد الله كأنك تراه .
وكان مِنْ دعائه صلى الله عليه وسلم أنه يقول : اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها . أنت وليها ومولاها . كما في صحيح مسلم .
فدلّ هذا الحديث على طلب تزكية النفس ، وسؤال الله التوفيق لتزكية النفس ؛ لأن تزكية النفس سبيل للفلاح .
والتزكية تنقسم إلى قسمين :
1 - قسم مطلوبٌ ، وهو ممدوحٌ شرعاً ، وهو تزكية النفس وتطهيرها من الذنوب والآثام ، وتنقيتها من شوائب العبودية لغير الله ، والتعلّق بسوى مولاها ، وهذا الذي قال فيه الحق سبحانه : ( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا )
(1/10)
2 - وقسمٌ ممنوعٌ شرعاً ومنهيٌ عنه ، وهو تزكية النفس ومدحها ، والإعجاب بالعمل ، وحبُّ المدح بما ليس في الشخص ،فإن الله ذمّ الذين يُحبُّون أن يُحمَدُوا بما لم يفعلوا كما في قوله تعالى : ( لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
وهذا النوع من التّزكية هو الذي قال فيه عز وجل : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً )
ولما ذَكَرَ تبارك وتعالى الكبائر وأمر باجتنابها قال : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )
فنهى سبحانه وتعالى عن تزكية النفس إذ هو سبحانه أعلم بالمتقين ، فلا يمدح العبدُ نفسه بأنه من المتقين ، وقد كان سلف هذه الأمة يذمّون أنفسهم ، ولا يرون لهم فضلاً على غيرهم ، ويعملون العمل ويجتهدون فيه ، ويخافون أن يُردّ عليهم .
قال أوي الوازع قلت لابن عمر : لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم ، فغضب وقال : إني لأحسبك عراقيا ! وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه ؟!
قال أبو المليح قال رجل لميمون : يا أبا أيوب ما يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم . قال : أقبل على شأنك ! ما يزال الناس بخير ما اتقوا ربهم .
وكانوا يتّهمون أعمالهم ، ويخشون أن تُردّ عليهم لتقصيرهم فيها مع اجتهادهم .
(1/11)
و لذا لما نزل قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ) قالت عائشة – رضي الله عنها – : سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم : أهم الذين يزنون ويسرقون ويشربون الخمر قال : لا يا ابنة الصديق ، ولكنهم الذين يُصلون ويصومون ويتصدقون ، وهم يخافون أن لا يُقبل منهم ، أولئك الذين يسارعون في الخيرات . رواه الترمذي وغيره .
وكان مُطرّف بن عبد الله يقول : لأن أبيت نائما ، وأصبح نادما ، أحب إلي من أن أبيت قائما ، فأصبح معجَبا . يعني بعمله .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه ، فقال به هكذا . رواه البخاري .
وقال الحسن البصري : إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة ، وإن المنافق جمع إساءة وأمنا . يعني إساءةً في العمل وأمناً من مكر الله .
وكان الربيع بن خثيم على شِدّته في العبادة حتى رُويَ عنه أنه إذا سجد كأنه ثوب مطروح ، فتجيء العصافير فتقع عليه ، ومع ذلك ورد عنه أنه كان يبكى حتى تبتلّ لحيته من دموعه ، ثم يقول : أدركنا أقواما كنا في جنوبهم لصوصا .
وكان - رحمه الله - يُقاد إلى الصلاة وبه الفالج ، فيُقال له : يا أبا يزيد قد رُخِّص لك قال : إني أسمع حي على الصلاة حي على الفلاح ، فمن سمع منكم فليُجبه ولو زحفا ولو حبوا .
وهو الذي قال فيه ابن مسعود رضي الله عنه : لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآك لأحبّك ، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين .
ومن هذا النوع - أي الممنوع من التزكية -كان النبي صلى الله عليه وسلم يُغيِّر بعض الأسماء لما فيها من التزكية ، فقد غيَّر اسم ( بَرّة ) إلى زينب ، وقال : لا تُزكوا أنفسكم ، الله أعلم بأهل البر منكم .
وعكس التزكية التدسية ، وهي سبب الخذلان والخسارة ، كما قال تعالى : ( وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا )
(1/12)
وقال سبحانه وتعالى : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ )
فالإنسان في خسارة عظيمة ، وهو مردود إلى أسفل سافلين ، ومستقرُّه في سجّين
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات .
فَدَلّ هذا على فضل الإيمان بالله والعمل الصالح ، وأن النفس تسموا به وتزكوا ، وأنها بغير الإيمان بالله والعمل الصالح تُردّ إلى أسفل سافلين ، ولذا قال سبحانه عن الكفار : ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا )
وأعظم ما تُدنّس به النفوس الشرك بالله ، فإن الله سمّى الكافرين نجس ، وهي النّجاسة المعنوية ، قال سبحانه : ( يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا )
وتكون تدسية النفس بتدنيسها بالمعاصي والموبقات والرذائل من الأخلاق والرديء
من الطباع والعادات ، وترك ما يُكمّلها ويُنمِّيها ، واستعمال ما يَشينها .
ولم أر في عيوب الناس عيباً = كنَقصِ القادرين على التمام
فإذا كانت المسلمة تستطيع أن تُكمل نفسه ولم تفعل فهذا علامة خُذلان وتخليةٌ للمرء مع نفسه ، وإذا وُكِلَ العبدُ إلى نفه فقد وُكِلَ إلى ضعف وعجزٍ وعورة .
وقد ذَكَرَ ابن القيم شيئاً مِن عقوبات المعاصي ، فقال :
من عقوبات المعاصي جَعْل القلب أعمى أصم أبكم ، ومنها الخسف بالقلب كما يخسف بالمكان وما فيه ، فيُخسف به إلى أسفل سافلين وصاحبه لا يشعر ، وعلامة الخسف به أنه لا يزال [ أي القلب ] جوّالا حول السفليات والقاذورات والرذائل ، كما أن القلب الذي رفعه الله وقرَّبَه إليه لا يزال جوّالا حول البِرِّ والخير ومعالي الأمور والأعمال والأقوال والأخلاق .
(1/13)
قال بعض السلف : إن هذه القلوب جوّالة ؛ فمنها ما يجول حول العرش ، ومنها ما يجول حول الحُشّ . والحش هو بيت الخلاء .
ومنها – أي مِن عقوبات المعاصي- مَسْخ القلب ، فيمسخ كما تمسخ الصورة ، فيصير القلب على قلب الحيوان الذي شابهه في أخلاقه وأعماله وطبيعته ؛ فمن القلوب ما يُمسخ على قلب خنزير لشدّة شَبَهِ صاحبه به ، ومنها ما يمسخ على خلق كلب أو حمار أو حية أو عقرب وغير ذلك ، وهذا تأويل سفيان بن عيينة في قوله تعالى : ( وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ) قال : منهم من يكون على أخلاق السباع العادية ، ومنهم من يكون على أخلاق الكلاب وأخلاق الخنازير وأخلاق الحمير ، ومنهم من يتطوس في ثيابه كما بتطوس الطاووس في ريشه ، ومنهم من يكون بليد كالحمار ، ومنهم من يُؤثِر على نفسه كالديك ، ومنهم من يألف ويؤلف كالحمام ، ومنهم الحقود كالجمل ، ومنهم الذي هو خير كله كالغنم ، ومنهم أشباه الذئاب ، ومنهم أشباه الثعالب التي يروغ كروغانها .
وقد شبّه الله تعالى أهل الجهل والغي بالحُمُرِ تارة ، وبالكلب تارة ، وبالأنعام تارة ، وتقوى هذه المشابهة باطنا حتى تظهر في الصورة الظاهرة ظهورا خَفِيّاً يراه المتفرسون ، ويظهر في الأعمال ظهورا يراه كل أحد ، ولا يزال يقوى حتى تُستشنع الصورة ، فتنقلب له الصورة بإذن الله ، وهو المسخ التام ، فيقلب الله سبحانه وتعالى الصورة الظاهرة على صورة ذلك الحيوان ، كما فعل باليهود وأشباههم ، ويفعل بقوم من هذه الأمة يَمسخهم قردة وخنازير .
فسبحان الله كم من قلبٍ منكوسٍ وصاحبه لا يشعر ، وقلبٍ ممسوخ ، وقلبٍ مخسوف به ، وكم من مفتونٍ بثناء الناس عليه ، ومغرورٍ بستر الله عليه ، ومستدرَجٍ
بنعم الله عليه ؛ وكل هذه عقوبات وإهانة ، ويظن الجاهل أنها كرامة !
(1/14)
وقال : ومنها حجاب القلب عن الرب في الدنيا ، والحجاب الأكبر يوم القيامة كما قال تعالى : (كَلا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ )
فَمَنَعَتْهم الذنوب أن يقطعوا المسافة بينهم وبين قلوبهم فيصلوا إليها فَيَرَوا ما يُصلحها ويُزكيها ، وما يُفسدها ويُشقيها ، وإن يقطعوا المسافة بين قلوبهم وبين ربهم فَتَصِلَ القلوب إليه فتفوزَ بقربه وكرامته ، وتَقَرَّ به عينا ، وتطيبَ به نفسا ، بل كانت الذنوب حجابا بينهم .
ومنها - أي من عقوبات المعاصي - المعيشة الضنك في الدنيا وفي البرزخ والعذاب في الآخرة . قال تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ) .
ولا تَقَرُّ العين ، ولا يهدأ القلب ، ولا تطمئنُّ النفس إلا بإلهها ومعبودها الذي هو حقّ ، وكلُّ معبودٍ سواه باطل . اهـ .
والله تعالى أعلى وأعلم .
4-الإجابات الْجَلِيَّة عن الشُّبُهات الرافضية
الحمد لله فاطر السماوات والأرض بارئ الورَى ، والصلاة والسلام على من بعثه ربّه رحمة للعالمين ، فأقام به عَلَم الهدى ، وعلى آله وأصحابه الغرّ الميامين ، نجوم الدُّجَى ومصابيح الهدى .
أما بعد :
فقد سألني أحد الإخوة مجموعة من الأسئلة ، أوردها طالباً الجواب عنها .
ولما رأيت الأمر أمراً مُنكَرا شددتُ ذراعي ، وجرّدت ذراعي ، واستللتُ قَلمي ، واستعنت بِربِّي وأمضيت وقتا في الذب عن خيار هذه الأمة ، وفي تجلية الحق ودَحْض الشبهة وكشف الغمّة .
وتلك الشبهات عبارة عن عشرين سؤالاً وجّهها بِزعمه إلى الوهابية !
وهي - كما سيأتي - لازمة لأمة الإسلام جمعاء !
(1/15)
وسوف أصدّر كل سؤال له بـ " قال الرافضي : "
قال الأخ الفاضل الذي أورد الأسئلة :
شيخنا الفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وَرَدَ إليّ هذا المقال و فيه بعض الأسئلة تحتاج إلى جواب و معرفة لحال السائل
المقال بعنوان :
جائزة للوهابية لمن يجيب على هذه الأسئلة
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك أخي الكريم :
لا شك أن هذه شُبُهات رافضية
وهي دالّة على قِلة فقه في الدِّين ، وتُنبئ عن حقد دفين على أهل السنة ، بل على الصحابة رضي الله عنهم .
فإن ما في هذه الأسئلة أو أغلبه لا يلزم ( الوهابية ) كما زَعم ، وإنما تلزم كل أهل القِبْلَة !
فإن أهل القِبْلَة قاطبة يُصلُّون التراويح عدا الرافضة ومن دار في فلكهم ، ولذا قال الإمام القحطاني رحمه الله :
إن التّراوح راحة في ليلِه *** ونشاط كل عويجز كسلان
والله ما جَعَل التراوِح مُنكَراً *** إلا المجوس وشيعة الشيطان
وسيأتي الجواب عن ذلك في محلّه – إن شاء الله –
قال الرافضي :
إذا أجبتم عن هذه الأسئلة فلكم جائزة قيمة سنعلن عنها فيما بعد
يجب أن تكون الإجابة صحيحة وليست كلاما تحليليا من جيوبكم
يجب التحلي بالأخلاق الإسلامية والابتعاد عن السب والشتم .
الردّ :
أقول : هذا أول التّهكم والسخرية منه .
وليس نحن من نسبّ ونشتم ، وإنما الذي هو دأبهم وديدنهم السب والشتم واللعن ، حتى اخترعوا دعاء في لعن وسب خيار هذه الأمة ، في ما يُسمونه ( دعاء صنمي قريش ) !
وآخر من يُطالِب بالتحلّي بالأخلاق الإسلامية هم الرافضة ، لأنهم أبعد الناس عنها قولاً وفِعلاً !
فإن دِينهم يقوم على السب والشتم واللعن .
قال الرافضي :
السؤال الأول :
هل يستطيع أي إنسان أن يغير القوانين والشرائع الإلهية ؟
أليس الله هو من أنزل آيات تدعونا لاتباع ما أتانا به الرسول ؟
أليس الله هو من قال إنه لا خيرة لأي إنسان إذا ما قضى الله ورسوله أمرا !؟
(1/16)
فلماذا تقبلون قيام عمر ابن الخطاب بابتداع صلاة التراويح؟ ولماذا تقبلون ابتداعه للطلاق الثلاث في مجلس واحد ؟
ولماذا تقبلون بدعته التي أدخلها على الأذن ؟ الصلاة خير من النوم .
من الذي أعطاه الحق ليجتهد مقابل النص النبوي والإلهي ؟
الردّ :
ليت الذي طَرَح هذه الشبهات غير الرافضة !
لأن هذا الاعتراض منقوض على الرافضة بأمور كثيرة ، من أبرزها :
أنهم يدّعون – زورا وبُهتاناً – أن القرآن ناقص ومُحرّف ، منذ زمن المفسِّر الرافضي الشهير ( علي بن إبراهيم الْقُمِّي ) الذي كان حيا سنة 307 هـ إلى زمن النوري الطبرسي صاحب كتاب " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " وقد حَشَد أكثر من ألفي رواية عن أئمة وعلماء الرافضة تُبت تحريف القرآن – بِزعمه – ، ولدى الرافضة سورة الولاية ! ليست في مصاحف المسلمين ! فقط في مصاحف الرافضة !!!
وأما قول الرافضي :
أليس الله هو من أنزل آيات تدعونا لاتباع ما أتانا به الرسول ؟
فالجواب : بلى .
والله قد أمرنا باتِّباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقال : (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ومما أتانا به رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بالاقتداء بالشيخين على وجه الخصوص ، فقال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذي ، وهو حديث صحيح .
ومما أتانا به رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بالتّمسّك بِسُنّة الخلفاء الراشدين المهديين ، فقال : فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ . رواه الإمام أحمد وغيره .
قال الرافضي :
فلماذا تقبلون قيام عمر ابن الخطاب بابتداع صلاة التراويح ؟
الردّ :
(1/17)
عمر رضي الله عنه لم يَبتدِع صلاة التراويح ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلاّها ، فصلّى بالناس في رمضان ، يومين أو ثلاثة وصلّى بصلاته أُناس من أصحابه إلا أنه عليه الصلاة والسلام تَرَكها خشية أن تُفرض على أمّته .
فقد روى البخاري ومسلم من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى في المسجد ذات ليلة فصلّى بصلاته ناس ، ثم صلى من القابلة فكثُر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة ، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبح قال : قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تُفْرَض عليكم . قال وذلك في رمضان .
وفي رواية للبخاري ومسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من جوف الليل فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته ، فأصبح الناس يتحدثون بذلك ، فاجتمع أكثر منهم ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية فصلوا بصلاته ، فأصبح الناس يذكرون ذلك فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة ، فخرج فصلوا بصلاته ، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفق رجال منهم يقولون الصلاة ، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج لصلاة الفجر ، فلما قضى الفجر أقبل على الناس ، ثم تشهد ، فقال : أما بعد : فإنه لم يخفَ علي شأنكم الليلة ، ولكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل ، فتعجزوا عنها .
وهذا مِنْ رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته ، فهو صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوف رحيم ، كما وَصَفَه ربُّه بذلك .
ولم يَتركها الناس ، فقد كانوا يُصلّون التراويح والقيام في رمضان ، إلا أنهم كانوا يُصلونها أوزاعاً مُتفرّقين .
(1/18)
روى البخاري عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري : خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون ، يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر : إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثم عزم فجمعهم على أبي ابن كعب ، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر : نعم البدعة هذه ، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون . يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله .
قال الإمام الزهري في التراويح : فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر رضي الله عنهما .
فكل الذي صَنَعه عمر رضي الله عنه أن جَمَع ما تفرّق ، ولم يُشرِّع ابتداء .
فَعُمَر رضي الله عنه لم يكن منه إلا أنه أحيا الأمر الأول ، وجَمَع الناس على إمام واحد بدل الفرقة والاختلاف ، فهل فِعل عُمر الذي يُعد عند العقلاء مَدْحاً صار عند الرافضة قَدْحاً ؟!
قال ابن عبد البر : لم يَسُنّ عمر إلا ما رضيه صلى الله عليه وسلم ، ولم يمنعه من المواظبة عليه إلا خشية أن يُفرض على أمته ، وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما ، فلما عَلِمَ عمر ذلك مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعَلِمَ أن الفرائض لا يُزاد فيها ولا يُنقص منها بعد موته صلى الله عليه وسلم أقامها للناس وأحياها ، وأَمَرَ بها وذلك سنة أربعة عشرة من الهجرة ، وذلك شيءٌ ذخره الله له وفضّله به . اهـ .
قال ابن رجب - في قول عمر رضي الله عنه : نعم البدعة هذه - : وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع ؛ فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية ، فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد وخرج ورآهم يصلون كذلك فقال : نعمت البدعة هذه . اهـ .
قال الرافضي :
ولماذا تقبلون ابتداعه للطلاق الثلاث في مجلس واحد ؟
الردّ :
(1/19)
لم يَبْتَدِع عُمر رضي الله عنه ذلك ، وما كان عمر رضي الله عنه ليَبْتَدِع ، بل لا يُعرف في الصحابة مُبتدِعاً .
وما فعله عمر رضي الله عنه يُعتبر من السياسة الشرعية لا من التشريع ، وبينهما فَرْق .
ما هو الفرق بين التشريع وبين السياسة الشرعية ؟
التشريع : هو سنّ أمر لم يكن في شريعة الإسلام ، كأن يأتي أحد فَيَسُنّ ويُشرِّع للناس الحج لغير مكة ، كالحج إلى كربلاء أو إلى النجف !
أو فَرْض خُمس في أموال الناس ، ونحو ذلك !
والسياسة الشرعية : أن يأخذ الناس بالحزم في أمر مشروع .
وهذا باب واسع عند أهل العلم ، بل عند العقلاء .
فللحاكم أن يأخذ الناس بالسياسة الشرعية ، ويُلزِمهم بأمر رآهم توسّعوا فيه ، ولهذا أصل في السنة النبوية ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الوصال في الصيام ، فقال له رجال من المسلمين : فإنك يا رسول الله تواصل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيكم مثلي ؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقين ، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصَلَ بهم يوماً ، ثم رأوا الهلال ، فقال : لو تأخر لزدتكم ، كالمنكل بهم حين أبوا . رواه البخاري ومسلم .
ومثل ذلك ما يُفرض على الناس من عقوبات إذا تساهلوا في أمر كان لهم فيه سَعة .
بل للحاكم العفو عن الحدود في سِنيّ المجاعات ، وهذا ما عمِل به عُمر ، والرافضة تعيب عُمر رضي الله عنه بذلك !
عابوا عُمر بأنه تَرَك إقامة الحدود عام المجاعة !
وتلك شَكَاة ظاهر عنك عارها أبا حفص !
فإن الحدود تُدرأ وتُدفع بالشُّبُهات ، والمجاعة شُبهة أن الجائع ما دَفَعه على السرقة إلا الجوع .
وهذا موافق لِهَدْيِه عليه الصلاة والسلام :
كما أن هذا له أصل في الشريعة ، فقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ماعز رضي الله عنه وقد اعترف ماعز بما اقترف .
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول له : لعلك قبلت ، أو غمزت ، أو نظرت . رواه البخاري .
(1/20)
فكأن النبي صلى الله عليه وسلم يُلقنه ، وهو مع ذلك يُردّه .
وكان عُمر رضي الله عنه يقول : لأن أُعَطِّل الحدود بالشبهات أحب إلي من أن أُقيمها بالشبهات
ولم يَنْفَرِد عمر رضي الله عنه بهذا ، فقد جاء هذا عن معاذ وعبد الله بن مسعود وعقبة بن عامر أنهم قالوا : إذا اشتبه عليك الحدّ فادرأه . رواه ابن أبي شيبة .
وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فإذا وجدتم للمسلم مَخْرَجاً فخلوا سبيله ، فإن الإمام إذا اخطأ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة . رواه ابن أبي شيبة .
ومن باب السياسة الشرعية إلزام الناس بالطلاق الثلاث ، أي بإيقاعها .
وهذا ليس تشريعا ، فإن التشريع لو أن أحداً قال : يُزاد طلقة رابعة – مثلا – فإن هذا هو التشريع .
أما إلزام الناس بأمر مشروع فهذا ليس من باب التشريع ، وإنما هو من باب السياسة الشرعية ، والناس إذا رأوا أنه ضُيِّق عليهم في أمر كان لهم فيه سَعة كان أدعى للزّجر .
وهذا الذي ذَهَب إليه عمر رضي الله عنه .
قال ابن عباس : كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم . رواه مسلم .
وهذا قد وافقه عليه الصحابة وهم مُتوافرون .
كما أن عمر رضي الله عنه لم يزعم نسخ العمل بالثلاث أن تكون واحدة ، وإنما أخذ بذلك .
وهذا كالذي يأخذ بأمر واحد من كفارة اليمين ، أو يَصرف الزكاة لصنف واحد من الأصناف الثمانية .
فالذي يُكفِّر عن يمينه بالإطعام ، ويلتزم هذا لا يُعتبَر مُشرِّعاً ، وإنما أخذ ببعض ما شُرِع ، وتركه لبعض ما فيه اختيار .
وكذلك الذي يصرف الزكاة لصنف واحد من الأصناف الثمانية [ أهل الزكاة ] لا يُعتبر مُعطّلاً لما شرعه الله ، وإنما أخذ ببعض ما له فيه خيار .
(1/21)
وكذلك القول بالنسبة للطلاق الثلاث ، وما اختاره عُمر رضي الله عنه فيها .
وقد أذِن لنساء بني إسرائيل الخروج إلى أماكن العبادة ، ثم مُنِعن لما توسّعن في الزينة والطِّيب .
قالت عائشة رضي الله عنها : لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل . قال يحيى بن سعيد : فقلت لعمرة : أنساء بني إسرائيل منعهن المسجد ؟ قالت : نعم . رواه البخاري ومسلم .
وإنما مُنعت نساء بني إسرائيل من المساجد لما أحدثن وتوسعن في الأمر من الزينة والطيب وحسن الثياب . ذكره النووي في شرح مسلم .
قال ابن حجر في موضوع آخر مشابه : وفائدة نهيهن – أي النساء – عن الأمر المباح خشية أن يَسْتَرْسِلْن فيه فيُفضي بهن إلى الأمر المحرَّم لضعف صبرهن ، فيستفاد منه جواز النهي عن المباح عند خشية إفضائه إلى ما يحرم . اهـ .
وقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم عندما تلاعب الناس بالطلاق ، فقد أُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا ، فقام غضبانا ، ثم قال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ؟ حتى قام رجل وقال: يا رسول الله ألا أقتله ؟ رواه النسائي .
ثم إن اعتبار الثلاث واحدة له أصل في السنة ، ففي قصة الملاعنة أن الرجل طلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن شهاب : فكانت تلك سنة المتلاعنين . رواه البخاري .
قال الرافضي :
ولماذا تقبلون بدعته التي أدخلها على الأذن ؟ الصلاة خير من النوم .
من الذي أعطاه الحق ليجتهد مقابل النص النبوي والإلهي ؟
الردّ :
هذا يدل على جهل الرافضي !
فإن قول " الصلاة خير من النوم " ليست من مُختَرعات عُمر كما زَعَم ! بل هي من السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ففي حديث أبي محذورة رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله علمني سنة الأذان . قال : فمسح مقدم رأسي ، وقال : تقول :
(1/22)
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر - ترفع بها صوتك - ثم تقول :
أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله . أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله - تخفض بها صوتك - ثم ترفع صوتك بالشهادة : أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله . أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله . حي على الصلاة حي على الصلاة . حي على الفلاح حي على الفلاح ، فإن كان صلاة الصبح قلتَ : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم . الله أكبر الله أكبر . لا إله إلا الله . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي
قال محذورة رضي الله عنه : كنت أؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم فكنت أقول في أذان الفجر الأول : حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .
فهذا يدل على أن قول المؤذن لصلاة الفجر " الصلاة خير من النوم " ليس مما ابتدعه عمر رضي الله عنه – كما زَعَم الرافضي – .
وليت المعترض من غير الرافضة !
لأن الرافضة زادوا في الأذان " حي على خير العَمَل " وزادوا شهادة ثالثة عما عليه أهل القِبْلَة ، وهي قولهم في الأذان : اشهد أن علياً وليّ الله " .
وأهل السنة يشهدون أن علياً وليّ الله ، بل هو من خيرة أولياء الله ، وفرق بين أن نشهد بهذا وبين أن تُجعَل في الأذان !
وهذه ينفرد بها الرافضة عن سائر أهل القبلة ، وهي مما زادوه واخترعوه في العبادة .
فـ [ من الذي أعطاههم الحق ليجتهدوا مقابل النص ؟!! ]
من الذي أعطى أئمة الرافضة أن يُشرِّعوا لهم الخمس ؟
من الذي أعطاهم الحق ليُشرِّعوا في الأذان ( حي على خير العمل ) ؟
من الذي أعطاهم الحق ليزيدوا في الأذان شهادة ثالثة ( اشهد أن علياً ولي الله ) ؟
من الذي أعطاهم الحق ليُشرِّعوا طقوساً معينة مخصوصة ليوم عاشوراء ؟
من الذي أعطاهم الحق ليحجّوا إلى كربلاء والعتبات المقدّسة في النجف ( الأشرف ) بزعمهم ؟
(1/23)
ومن الذي أعطاهم الحق ليبنوا لهم كعبة في قُم ؟!!!
ومن ... ؟؟
ومن ... ؟؟
لا شيء سوى التعصّب الأعمى !
وأُضِيف هنا :
أن علي بن أبي طالب كان ممن يُشير على عُمر بمثل ذلك .
روى عبد الرزاق عن عكرمة أن عمر بن الخطاب شَاوَرَ الناس في جلد الخمر ، وقال : إن الناس قد شربوها واجترؤوا عليها . فقال له عليّ : إن السكران إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى فاجعله حَدّ الفرية . فجعله عمر حد الفرية ثمانين .
وروى الحاكم عن وبرة الكلبي قال : أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر رضي الله عنه ، فأتيته وهو في المسجد معه عثمان بن عفان وعليّ وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير رضي الله عنهم متكئ معه في المسجد ، فقلت : إن خالد بن الوليد أرسلني إليك وهو يقرأ عليك السلام ، ويقول : إن الناس قد انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة . فقال عمر : هم هؤلاء عندك فَسَلْهُم . فقال عليّ رضي الله عنه : نراه إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وعَلَى المفتري ثمانون . فقال عمر : أبلغ صاحبك ما قال . فَجَلَدَ خالد ثمانين ، وجَلَدَ عُمر ثمانين .
فهذا رأي علي بن أبي طالب ، وهذه مشورته التي أخذ بها عُمر وأخذ بها الخلفاء من بعدِه ، وعليها العَمَل إلى يومنا هذا .
ولم يقتصر الأمر على المشورة فحسب بل كان علي بن أبي طالب يَفعل مثل ذلك من غير نكير ، لأن باب السياسة الشرعية واسع ، وليس هو من باب البِدع .
روى البخاري ومسلم من طريق عمير بن سعيد النخعي قال : سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ما كنت لأقيم حَدّاً على أحد فيموت فأجِد في نفسي إلا صاحب الخمر ، فإنه لو مات وَدَيتُه ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَسُنَّه .
يعني حدّ الخمر .
فَلَم نَقُل نحن ولا الرافضة إن علياً يُشرِّع من دون الله !
بل نرى هذا من باب السياسة الشرعية التي فيها مُتّسَع للأمة .
(1/24)
وأن الناس إذا توسّعوا في أمر كان لهم فيه سَعة ، أنه يُضيّق عليهم من باب السياسة الشرعية ، وأخذ الناس بالْحَزم .
قال الرافضي :
السؤال الثاني :
من هم الخلفاء الاثنا عشر المذكورين في صحيحي البخاري ومسلم ، والذين بهم يكون الدين عزيزا !؟
أليس من المفروض أن يعرف هؤلاء الاثنا عشر؟
وخصوصا أنهم أئمة زمانهم , خصوصا أن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ؟
خصوصا وأن ابن عمر نفسه هو من روى أن من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ؟
ما هو مصير أهل السنة على مدى القرون من خلال عدم وجود بيعات معروفة لهؤلاء الخلفاء الاثنا عشر ؟
الردّ :
أولا : الحديث رواه مسلم من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة ، كلهم من قريش .
وفي رواية لمسلم : إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة .
والرواية الثانية تُفسِّرها الرواية الأولى ، وهو أن الإسلام سيظلّ عزيزاً إلى انقضاء عهد اثني عشر خليفة .
ثانياً : حديث " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " هذا من أحاديث الرافضة ! وليس له أصل عند أهل السنة بهذا اللفظ .
وفرق بينه وبين حديث : " من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " ، فإن الأول تكليف لمعرفة إمام الزمان – كما تدّعيه الرافضة – والآخر في مسألة البيعة .
فالبيعة شيء ، ومعرفة إمام زمانه شيء آخر .
ثم إن هذا الحديث لو صحّ لكان فيه ابلغ رد على الرافضة .
كيف ؟
الرافضة تعتقد بإمامة اثنا عشر إماماً من أئمة آل البيت ، وانتهت الإمامة إلى أن جاءت ولاية الفقيه !
فلذلك هم يُصلّون مُتفرِّقين ، لا يجمعهم إمام ، مع اعتقادهم خلو الزمان من إمام .
فهذا الحديث لو ثبت لكان رداً عليهم !
(1/25)
ثالثاً : هذا الحديث الذي ذكره المعترض ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : " لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة ، كلهم من قريش " يُلزِم الرافضة الأخذ به ، ويَلزَم منه قبول إمامة من رفضوا إمامتهم ، كأبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية رضي الله عنهم .
فإن هؤلاء من الأئمة من الخلفاء ، وهم من قريش .
فأهل السنة – بحمد الله – عَرَفوا هؤلاء الأئمة ، وعرفوا لهم حقّهم ، وهم أكثر الناس حظّا في الأخذ بهذا الحديث الذي ذَكَره المعتَرِض .
فإن أهل السنة يعتقدون إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ والحسن بن علي ومعاوية ، فهؤلاء ستة من الأئمة الاثنا عشر ، وكلهم من قريش .
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وستكون خلفاء فتكثر . قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فُوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم . رواه البخاري ومسلم .
فنحن أخذنا بهذا الحديث ، والبيعة الأولى كانت لأبي بكر رضي الله عنه ، فيجب الوفاء بها .
كما أن الرافضة لا تعترف بإمامة ولا بخلافة الحسن بن علي رضي الله عنهما ، والذي أتم عِقد الخلافة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .
وفي رواية لأبي داود : خلافة النبوة ثلاثون سنة ، ثم يؤتي الله الملك - أو ملكه - من يشاء .
والإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما أتم بخلافته هذه الثلاثين سنة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن كثير رحمه الله :
(1/26)
وإنما كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي ، فإنه نَزَل عن الخلافة لمعاوية في ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ، وذلك كمال ثلاثين سنة من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه توفى في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة ، وهذا من دلائل النبوة صلوات الله وسلامه عليه وسلم تسليما ، وقد مَدَحَه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صنيعه هذا ، وهو تركه الدنيا الفانية ورغبته في الآخرة الباقية ، وحقنه دماء هذه الأمة ، فَنَزَل عن الخلافة وجَعَلَ الملك بِيدِ معاوية حتى تجتمع الكلمة على أمير واحد . اهـ .
كما أن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما حقق نبوة جدِّه صلى الله عليه وسلم ، حينما قال عليه الصلاة والسلام : إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين . رواه البخاري
أما الرافضة فإنه رَفَضُوا إمامة الحسن بن علي رضي الله عنهما ، بل وسمّوه (خاذل المؤمنين ) ، وذلك حينما حقق هذه النبوّة ، وحينما حَقَن دماء المسلمين ، وتنازل عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنه .
فإن الرافضة قالوا للحسن بن علي رضي الله عنهما : يا خاذل المؤمنين !
وقالوا له : مُسوّد وجوه المؤمنين !
وصنيع الحسن بن علي رضي الله عنهما يؤكِّد على أمر آخر ، وهو أن الحسن بن علي رضي الله عنهما قَبِل إمامة معاوية رضي الله عنه ، فلو كان الحسن رضي الله عنه لا يَرى له بيعة أو يرى أنه غَصَب آل محمد حقّهم – كما تزعم الرافضة – أكان يتنازل عن حقِّه ؟
وفي مصادر الرافضة عن الحسن رضي الله عنه أنه قال :
أرى والله معاوية خيراً لي من هؤلاء ؛ يزعمون أنهم لي شيعة ، ابتغوا قتلي وأخذوا مالي ، والله لأن آخذ من معاوية ما أحقن به من دمي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي ، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا بي إليه سلماً ، ووالله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير . ( الاحتجاج للطبرسي ) .
(1/27)
ومن أراد الاستزادة حول حياة أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما فيُراجِع كتاب :
حياة أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : شخصيته وعصره ، للدكتور علي بن محمد الصلابي .
والرافضي يقصد معرفة الأئمة الاثنا عشر ، ويعني بهم :
علي بن أبي طالب
والحسن بن علي
والحسين بن علي
وزين العابدين علي بن الحسين
والباقر
والصادق
والكاظم
وعلي بن موسى الرضا
محمد بن علي بن موسى الرضا
والهادي
والعسكري
وابنه : محمد بن الحسن [ الذي تزعم الرافضة أنه غاب في سرداب سامرا سنة 329 هـ ]
وهو الذي تُسمه الرافضة ( المهدي ) و ( القائم ) .
فلو كان المقصود بالحديث هؤلاء الأئمة – عليهم السلام – لَقَال : كلهم من أهل بيتي ، كما قال ذلك في الإخبار عن المهدي المنتظر ، لا مهدي السرداب !
أو لقال : من عِترتي .
ويَرِد على هذا أن فِرق الرافضة مُختَلِفة مُتباينة في تحديد الأئمة الاثنا عشر .
قال البغدادي في الفرق بين الفِرق : افترقت الرافضة بعد زمان علي رضي الله عنه أربعة أصناف : زيدية وإمامية وكيسانية وغُلاة ، وافترقت الزيدية فرقا ، والإمامية فِرقا . اهـ .
ثم إن عند ( الاثنا عشرية) ( الجعفرية ) ( الإمامية ) أن الأئمة هم الذين تقدّم ذِكرهم .
واتفقوا مع الإسماعيلية إلى جعفر الصادق رحمه الله ورضي الله عنه ، ثم افتَرقوا ، الإسماعيلية مع إسماعيل بن جعفر ، والرافضة مع موسى بن جعفر .
إلى غير ذلك مما يطول ذِكره من الاختلافات بين فِرق الرافضة أنفسهم فضلا عن غيرهم .
ثم إن زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم أولاد غير محمد الباقر ، فماذا حَصَرتْ الرافضة الإمامة في الباقر ؟
فإن من أولاد زين العابدين :
محمد الباقر وعبد الله وزيد وعمر وعلي ومحمد الأوسط ولم يُعقب ، وعبد الرحمن وحسين الصغير ، والقاسم ولم يعقب .
ثم إن الإمام الثاني عشر اخْتَلفت أقوال الرافضة فيه :
(1/28)
ففي قول لهم : إنه لم يُولَد أصلا ، وهذا ما أثبته غير واحد من علماء الرافضة ، كالطوسي في كتابه (الغَيبة) ، والمفيد في كتابه (الإرشاد) ، والطبرسي في كتاب (أعلام الورى) .
وفي قول ثاني : أنه وُلِد ومات صغيرا ، وقُسِم ميراث أبيه بعد وفاة الأب [ الحسن بن علي العسكري ] .
فكيف يُقسم ميراث أبيه مع وُجوده في السرداب ؟!!
وقول ثالث : أنه دَخَل في السرداب ، وهذا قالوا به لخداع العامة ، وأكل أموالهم باسم الإمام والخمس والمرقد والسرداب !! وإلا كيف يُعقل أن يعيش إنسان في سرداب أكثر من ألف عام ؟!
ومتى سوف يخرج ويُخلّص الرافضة ؟!
ويزعمون أن من إنجازات القائم أنه يُخرج الذين غصبوا آل محمد حقهم [ كما يزعمون ] وسوف يُخرجهم من قبورهم ويُقيم عليهم الحدّ !!!
وسوف يهدم المسجدين : الحرام والنبوي ، كما نصّوا عليه !
وكان يُقال : حدِّث العاقل بما لا يُعقل ، فإن صدّق فلا عَقْل له !
فو الله لا أعلم في مِلة من الملل ، ولا في دِين من الأديان ، بل ولا في معقول من المعقولات ، بل ولا في كلام المجانين !! أن الموتى يُخرجون من قبورهم ليُقتصّ منهم ، وتُقام عليهم الحدود !
لا أعلم هذا إلا في دِين الرافضة !
فأي أئمة تُريدون أن نعرف أو نتّبِع ؟
الأئمة الذين يؤمن بهم الزيدية ؟
أو الذين يؤمن بهم الرافضة الاثنا عشرية ؟
أو الذين يؤمن بهم الإسماعيلية ؟
أما من أراد أن يطّرد مع نفسه ، ويأخذ بهذا الحديث ، فإن عليه أن يعرف الأئمة من بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، فإن قوله عليه الصلاة والسلام : لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة ، كلهم من قريش " يعني أن هذا مُتتابِع مُتواصِل مع عِزّة الإسلام التي كان عليها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه قال : " لا يزال " أي من وقته صلى الله عليه وسلم وزمانه ، ويمتدّ هذا العِز وتلك العِزّة إلى اثني عشر خليفة .
(1/29)
ولم يقُل عليه الصلاة والسلام سوف يكون الدين عزيزاً إذا مرّ اثنا عشر خليفة ، أو إذا حَكَم اثنا عشر خليفة ، ونحو ذلك .
ولم يقُل سيكون هذا الدين عزيزاً إذا اتّبعتم اثنا عشر خليفة .
وإنما أخبر أن هذا الدين سوف يستمر عزيزاً إلى انقضاء اثني عشر خليفة .
والتاريخ يشهد أن الدين كان قائما عزيزاً في ظل الخلفاء الأربعة ، ففي زمانهم فُتِحت الفتوح ، ومُصِّرت الأمصار ، وذلّت أمم الكُفر ، وأُطفِئت نار المجوس ! مما حدا بالغلام المجوسي الذي فُتحت بلاده ، وأُطفِئت نار آلهته أن يطعن ويقتل من فعل ذلك ، وهو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقد قَتَله المجوسي الملعون : أبو لؤلؤة المجوسي ، والذي أُقيم له مؤخّراً ضريح في إيران ! وتُسمّيه الرافضة [ بابا شجاع الدين ] !
فيا عجبا ممن يترضّون على مجوسي قَتَل مُسلِما ، بل قَتَل خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويلعنون خيار هذه الأمة !!
قال الرافضي :
السؤال الثالث: إن الصحابة كانوا معروفين بالشجاعة والكرم والعبادة والعلم ... فنسال : كم كافرا قتل عمر ابن الخطاب في معارك بدر احد الخندق خيبر وحنين ؟
الردّ :
لسنا بحاجة إلى معرفة الأعداد ، لأننا لو أردنا معرفة ذلك بالنسبة لِكبار الصحابة فلن نتمكّن من معرفة ذلك بِدِقّة ، ليس ذلك في حق كبار الصحابة ، بل في حق سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ، لا يُعلَم كم قَتَل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على وجه التحديد والدقّة .
وذلك راجع إلى أمور ، منها :
أولاً : أن دواعي الإخلاص تمنع من التحدّث بمثل هذا .
ثانياً : أن الحروب تدور رحاها حتى يذهل الابن عن أبيه ، والأب عن ابنه ، فضلا عن أن يعدّ كم قَتَل .
ثالثاً : أن هذا ليس مما يُتفاخَر به ، أي كثرة من قَتَل ، ولم يكن هذا من شأن القوم ولا من دأبهم .
فإننا لو سألنا الرافضة على وجه التحديد والدِّقّة : كم قَتَل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟
(1/30)
ما استطاعوا الإجابة بِدِقّة .
وقد يُعرف ذلك في حق آحادٍ منهم ، كخالد بن الوليد ، وذلك ليس على وجه الدقّة ، وإنما يكون على التقريب والظنّ .
ثم يُقال لهذا الرافضي : لماذا خصصت عُمر رضي الله عنه ، وهو المشهود له بالشجاعة في الجاهلية والإسلام ؟
فالجواب : أن عمر رضي الله عنه كما تقدّم هو من أطفأ نيران أجدادك المجوس !
من اجل هذا تحقد الرافضة على عمر رضي الله عنه ، وتحيك ضدّه الأساطير وتُلفّق الأكاذيب ، وتختلق القصص في حق رجل أحبه النبي صلى الله عليه وسلم وبشّره بالجنة ، وتزوّج ابنته ، وهي حفصة بنت عمر رضي الله عنها وارضاها ، وهي أم المؤمنين ، ومن لم يَرض بها أُمّاً للمؤمنين ، فقد طعن في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذّب القرآن ؟
كيف ؟
قال الله عز وجل : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) .
فمن لم يعتقد أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين فليس هو من المؤمنين بِنصّ الآية .
وحفصة وعائشة رضي الله عنهن من زوجات نبينا صلى الله عليه وسلم ، ومات عليه الصلاة والسلام وهو في حجر عائشة رضي الله عنها .
أيُعقل أن يموت النبي صلى الله عليه وسلم وهو راض عنها ثم لا نرضى عنها ، وندّعي اتِّباع النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته ؟
أُيعقل أن يرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زوجاته ، ويموت وهو عنهن راضٍ ، ولا يأتيه الوحي من السماء يُخبره بخبرهن ؟
إن نبينا أفضل من نوح ومن لوط ، وقد جاء القرآن بالإخبار عما فعلته امرأة نوح وامرأة لوط ، فقال الله تعالى : ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) .
(1/31)
بل لقد جاء القرآن وتنزّل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قضايا عديدة ، وفي إخباره عليه الصلاة والسلام بما قيل من قول .
والرافضة تزعم أن أمهات المؤمنين – خاصة عائشة وحفصة – خانتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأين هو الوحي الذي أخبرهم بهذا ؟
وهل تَرَك الله رسوله صلى الله عليه وسلم يعيش مع من لا يُناسِبن مقام النبوة في حياته وبعد مماته ؟
سبحانك هذا بهتان عظيم .
ولسنا بحاجة إلى نسج أساطير وخيالات ، كتلك التي يُحدِّث بها الرافضة في حق عليّ رضي الله عنه ، ن أنه ضَرَب مَرحب اليهودي في خيبر فقدّه نصفين ، فما زال سيفه ذو الفقار يفري في الأرضين ويَقطع حتى بَعَث الله جبريل ليُمسك بسيف عليّ قبل أن يقطع الأرض نصفين ! فما أمسكه جبريل إلا قبل الأرض السابعة ! ثم قال : إنه أثقل عليّ من قرى قوم لوط !
هكذا تروي الرافضة !
ولا عَجب أن يُقبَل هذا إذا كان في أصح كتاب ( وهو الكافي للكليني ) حديث حمار عن أبيه عن جدّه ! بل وفيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم فداك أبي وأمي !
ففي الكافي ( المجلد الأول ص 237 بَابُ مَا عِنْدَ الأَئِمَّةِ مِنْ سِلاحِ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ مَتَاعِهِ) :
(1/32)
أَنَّ أَوَّلَ شَيْ ءٍ مِنَ الدَّوَابِّ تُوُفِّيَ عُفَيْرٌ سَاعَةَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) قَطَعَ خِطَامَهُ ثُمَّ مَرَّ يَرْكُضُ حَتَّى أَتَى بِئْرَ بَنِي خَطْمَةَ بِقُبَا فَرَمَى بِنَفْسِهِ فِيهَا فَكَانَتْ قَبْرَهُ وَرُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) قَالَ إِنَّ ذَلِكَ الْحِمَارَ كَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَقَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إِنَّ أَبِي حَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ نُوحٍ فِي السَّفِينَةِ فَقَامَ إِلَيْهِ نُوحٌ فَمَسَحَ عَلَى كَفَلِهِ ثُمَّ قَالَ يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ هَذَا الْحِمَارِ حِمَارٌ يَرْكَبُهُ سَيِّدُ النَّبِيِّينَ وَ خَاتَمُهُمْ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي ذَلِكَ الْحِمَارَ .
فهل يقول عاقل عن حمار أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي) ؟
والله لو قِيل هذا لزبّال ما رضيه ، فكيف بسيّد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ؟
كيف يرضى من ينتسب إلى الإسلام أن يكون هذا جزء من دِينه ؟
أما أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلّ في أعينهم من أن يُحِدّوا إليه النّظر .
وقد شهِد بذلك العدو قبل الصديق ، فقال عروة بن مسعود الثقفي – وكان مُشركا – وقد عاد إلى قريش يُحدِّثهم بما رأى ، قال : أي قوم والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمدا ، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فَدَلَكَ بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه ، وإذا تَكلّم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيما له . رواه البخاري .
هذا حال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم .
(1/33)
وذاك حال الرافضة التي تزعم محبة النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته رضي الله عنهم .
قال الرافضي :
السؤال الرابع :
إذا كان قولنا بعدم محبة عائشة ومودتها موجب للكفر ، فما هو قولكم في من حاربها وأراد قتلها؟
الردّ :
ألا يعلم الرافضي أنه بقوله هذا يُسيء إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟
عليّ رضي الله عنه لم يُرِد قَتْل عائشة رضي الله عنها .
بل قال لها يا أمّه .
ففي التاريخ أنه لما كان نهاية وقعة الْجَمَل ، وحُمِل هودج عائشة ، وأنه لكالقنفذ من السهام ، ونادى منادى عليّ في الناس : إنه لا يتبع مُدبر ولا يُذَفَّف على جريح ، ولا يَدخُلوا الدُّور ، وأمَرَ عليّ نفراً أن يحملوا الهودج من بين القتلى ، وأمر محمد بن أبي بكر وعماراً أن يضربا عليها قبة ، وجاء إليها أخوها محمد فسألها : هل وصل إليك شيء من الجراج ؟ فقالت : لا ، وما أنت ذاك يا ابن الخثعمية ؟ وسلّم عليها عمار ، فقال : كيف أنت يا أم ؟ فقالت : لست لك بأم ؟ قال : بلى وإن كرهتِ ! وجاء إليها علي بن أبي طالب أمير المؤمنين مُسَلِّماً ، فقال : كيف أنت يا أمّه ؟ قالت : بخير ، فقال : يغفر الله لك . وجاء وجوه الناس من الأمراء والأعيان يُسَلِّمُون على أم المؤمنين رضي الله عنها .
فهل كان عليّ رضي الله عنه يُريد قَتْل عائشة رضي الله عنها ؟
أما لو كان يُريد ذلك لما أمر بالهودج أن يُحمَل ، بل يأمر أن يُجهز عليها ، وحاشاه ذلك .
وفي كُتُب التاريخ : ثم جاء عليّ إلى الدار التي فيها أم المؤمنين عائشة ، فاستأذن ودخل فَسَلَّم عليها وَرَحَّبَتْ به .
(1/34)
بل أمَرَ عليّ رضي الله عنه بِجَلْدِ من نال من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، ففي كُتب التاريخ أن علياً رضي الله عنه لما سلّم على عائشة ورحّبت به ، ثم خَرَج من الدار ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين إن على الباب رجلين ينالان من عائشة ! فأمَرَ عليٌّ القعقاع بن عمرو أن يجلد كل واحد منهما مائة ، وأن يُخرجهما من ثيابهما .
وفي دواوين التاريخ : أن أم المؤمنين عائشة لما أرادت الخروج من البصرة بَعَثَ إليها عليّ رضي الله عنه بكل ما ينبغي من مركب وزاد ومتاع وغير ذلك ، وأذن لمن نجا ممن جاء في الجيش معها أن يَرجع إلا أن يحب المقام ، واختار لها أربعين امرأه من نساء أهل البصرة المعروفات ، وسَيَّر معها أخاها محمد بن أبي بكر ، فلما كان اليوم الذي ارتحلت فيه جاء عليٌّ فوقف على الباب وحضر الناس معه ، وخَرَجَتْ من الدار في الهودج فَوَدَّعَتِ الناس ، وَدَعَتْ لهم ، وقالت : يا بَنِيَّ لا يعتب بعضنا على بعض ، إنه والله ما كان بيني وبين عليّ في القِدَم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها ، وإنه على مَعتبتي لمن الأخيار . فقال عليٌّ : صَدَقْتِ ، والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك ، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والاخرة . وسار علي معها مُوَدِّعا ومُشيِّعاً أميالا ، وسَرَّحَ بَنِيهِ معها بقية ذلك اليوم .
وهذا يدل على أن علياً رضي الله عنه لم يُرِد أن يَقتُل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وأنها سار معها وودّعها ، ولم يُنقل عنه كلمة واحدة في الطّعن في عائشة رضي الله عنها .
ولذلك لما سأل بعض أصحاب عليّ علياً أن يَقْسِم فيهم أموال أصحاب طلحة والزبير ، فأَبَى عليه ، فطعن فيه السبئية ! وقالوا : كيف يحل لنا دماؤهم ولا تحل لنا أموالهم ؟ فبلغ ذلك علياً ، فقال: أيكم يحب أن تصير أم المؤمنين في سهمه ؟ فسكت القوم .
(1/35)
وهذا إقرار من عليّ رضي الله عنه بأن عائشة أم المؤمنين ، وهو إقرار عمّار أيضا – كما سيأتي – ولكن الرافضة لا ترضى بما رضيه عليّ رضي الله عنه ولا بما رضيه أصحابه رضي الله عنهم .
وهذا ما فهمه أصحابه رضي الله عنهم ، فقد قام عمار رضي الله عنه على منبر الكوفة فذكر عائشة ، ذكر مسيرها ، وقال : إنها زوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ، ولكنها مما ابتليتم . رواه البخاري .
وروى البخاري من طريق عبد الله بن زياد الأسدي قال : لما سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة بعث عليٌّ عمار بن ياسر وحسن بن عليّ فقدِما علينا الكوفة فصعدا المنبر ، فكان الحسن بن عليّ فوق المنبر في أعلاه وقام عمار أسفل من الحسن ، فاجتمعنا إليه فسمعت عمارا يقول : إن عائشة قد سارت إلى البصرة ووالله إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي ؟
وروى الإمام أحمد في فضائل الصحابة من طريق عريب بن حميد قال : رأى عمار يوم الجمل جماعة ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : رجل يسب عائشة ، ويقع فيها . قال : فمشى إليه عمار فقال : اسكت مقبوحا منبوحا ! اتقع في حبيبة رسول الله ؟ إنها لزوجته في الجنة .
وذَكَرَ ابن كثير أن عماراً سمع رجلا يسب عائشة ، فقال : اسكت مقبوحا منبوحا ! والله إنها لزوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ، ولكن الله ابتلاكم بها ليعلم أتطيعوه أو إياها .
وفي رواية أنه قال له بعدما لَكَزَهَ لَكَزَات .
فإذا كان هذا قول أحد المقرّبين إلى عليّ رضي الله عنه ، وهو أنه كان ينهى عن سبّ عائشة رضي الله عنها ، ويُشدِّد في النهي ، فهل يُظنّ أنهم كانوا يُريدون قَتلها رضي الله عنها ؟
ونحن نرضى لأنفسنا ما رضيه عمار بن ياسر رضي الله عنه .
ونحفظ ألسنتنا عن فتنة طهّر الله منها أسيافنا .
(1/36)
هذا هو شأن الأخيار في معرفة الفضل لأهله ، ولا يَعرف الفضل إلا أهل الفضل .
ولما نَقَل ابن كثير ما جرى من أحداث في وقعة الجمل قال :
هذا ملخص ما ذكره أبو جعفر بن جرير رحمه الله عن أئمة هذا الشأن ، وليس فيما ذكره أهل الأهواء من الشيعة وغيرهم من الأحاديث المختلفة على الصحابة والأخبار الموضوعة التي ينقلونها بما فيها ، وإذا دعوا إلى الحق الواضح أعرضوا عنه ، وقالوا : لنا أخبارنا ولكم أخباركم ! فنحن حينئذ نقول لهم : ( سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ).
قال الرافضي :
السؤال الخامس :
أن عائشة زوج النبي خلال حياتها وخلال خلافة عثمان كان لها موقف حاد ضد الخليفة لدرجة التحريض على قتله وتشبيهه باليهودي نعثل .
فما هو سبب خروجها على إمام زمانها الذي يستوجب الخروج عليه الموت على غير دين الإسلام وشق عصا المسلمين ؟
هل هو حبها ومودتها لعثمان الخليفة المقتول بلسانها وسيوف الصحابة أم عداوتها لعلي بن أبي طالب الخليفة الشرعي المختار من قبل الصحابة ؟
الردّ :
لم تُحرِّض عائشة رضي الله عنها الناس ضد عثمان رضي الله عنه .
ولم يصحّ في ذلك نَقْل يُعتمَد عليه .
وقد كُذب على عائشة رضي الله عنها ، والذين كذَبُوا عليها هم الذين أوقدوا الفتنة تحت رئاسة اليهودي ( المترفّض ) ابن سبأ !
وسبب كذبهم عليها معرفتهم بقدر أم المؤمنين عند الناس ، إذ هي زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل هي أحب زوجاته إليه ، وعلِموا أن الباطل لا يَروج إلا بأن يُلصَق بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
وعائشة رضي الله عنها نَفَتْ ذلك ، بل أقسَمْ أنها ما كتبت في ذلك شيئا ، فقالت رضي الله عنها :
والذي آمن به المؤمنون ، وكَفَر به الكافرون ما كَتَبتُ سواداً في بياض .
قال الأعمش – وهو من رواة الحديث وفيه تشيّع - :
فكانوا يَرون أنه كُتِب على لسانها .
(1/37)
كما علِم أهل الفتنة مكانة عليّ رضي الله عنه فَكَتَبُوا على لسانهم كُتُباً يَدعون فيها بالخروج على عثمان رضي الله عنه .
فنحن نعتقد أن عائشة كُذِب عليها كما كُذِب على عليّ رضي الله عنه .
فإن أثبت الرافضة مكاتبات عائشة وثورتها على عثمان فليُثبِتوا ذلك عن علي رضي الله عنه .
وحاشا عليّ رضي الله عنه وحاشا عائشة رضي الله عنها أن يكونوا من دُعاة الفتنة .
ثم إن قول الرافضي : (لدرجة التحريض على قتله وتشبيهه باليهودي نعثل )
أقول هذا كذب صريح ، وهذا لو صحّ عن عائشة رضي الله عنها لما نَطَق به الرافضة ، لأمور :
الأول : شدّة عداوتهم لعائشة رضي الله عنها ، فكيف يأخذوا بقولها ؟
والرافضة لا تزال إلى اليوم تُسمي عثمان رضي الله عنه ( نعثل ) .
فهل بلغ حب الرافضة لعائشة رضي الله عنها أن يتشبّهوا بها حتى في اللفظ !!!
الثاني : أن الرافضة يتديّنون بمخالفة العامة ( أهل السنة ) ويقولون في ذلك : كل خير فيما خالَف العامة .
ففي ( الكافي 1/68) يَروون عن أبي عبد الله وقد سُئل :
قُلْتُ : فَإِنْ كَانَ الْخَبَرَانِ عَنْكُمَا مَشْهُورَيْنِ قَدْ رَوَاهُمَا الثِّقَاتُ عَنْكُمْ ؟ قَالَ : يُنْظَرُ فَمَا وَافَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَخَالَفَ الْعَامَّةَ ! فَيُؤْخَذُ بِهِ وَيُتْرَكُ مَا خَالَفَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَوَافَقَ الْعَامَّةَ . قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْفَقِيهَانِ عَرَفَا حُكْمَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَوَجَدْنَا أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ مُوَافِقاً لِلْعَامَّةِ وَالآخَرَ مُخَالِفاً لَهُمْ . بِأَيِّ الْخَبَرَيْنِ يُؤْخَذُ ؟ قَالَ : مَا خَالَفَ الْعَامَّةَ فَفِيهِ الرَّشَادُ .
فلو كانت عائشة نَطَقتْ بذلك لما تلفّظ به الروافض !
الثالث : أن أئمة الرافضة يعترفون بأنفسهم بأن الشيعة هم قَتَلة عثمان رضي الله عنه .
ويتبجّحون بذلك .
(1/38)
ويُصرِّح الصفّار المعاصر بان الشيعة هم قَتَلَة عثمان رضي الله عنه ، ويتّهم عمار بن ياسر بأنه هو المخطِّط لذلك .
وهو بصوته هنا :
http://www.albrhan.com/arabic/video/index.html
وكَذّب الصّفار !
فإن الحسن والحسين كانا يُدافِعان عن عثمان رضي الله عنه .
قال ابن كثير :
كان الحصار مستمرا من أواخر ذي القعدة إلى يوم الجمعة الثامن عشر من ذي الحجة ، فلما كان قبل ذلك بيوم قال عثمان للذين عنده في الدار من المهاجرين والأنصار - وكانوا قريبا من سبعمائة ، فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسن والحسين ومروان وأبو هريرة وخلق من مواليه ، ولو تركهم لَمَنَعُوه - فقال لهم : أُقْسِم على من لي عليه حق أن يكف يده ، وأن ينطلق إلى مَنْزِله . وعنده من أعيان الصحابة وأبنائهم جمّ غفير ، وقال لرقيقه : من أغمد سيفه فهو حرّ . فَبَرَدَ القتال من داخل وحَمِي من خارج ، واشتد الأمر ، وكان سبب ذلك أن عثمان رأى في المنام رؤيا دلّت على اقتراب أجله ، فاستسلم لأمر الله رجاء موعوده ، وشوقاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليكون خير ابني آدم حيث قال حين أراد أخوه قَتْلَه : ( إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ) ورُوي أن آخر من خَرَجَ من عند عثمان من الدار بعد أن عَزَمَ عليهم في الخروج الحسن بن عليّ ، وقد جُرِح . اهـ .
فهذا الثابت في كُتب التاريخ من أن الحسن والحسين كانا مع عثمان في الدار ، وكانا ممن أراد الدفاع عن عثمان بل والقتال معه .
فهل يُقال بعد ذلك : إن آل البيت هم الذين خَرَجوا على عثمان ؟
إن هذه مَنقصَة ومثلَبَة ، وليست مما يُمدَح به آل البيت .
إن الغدر ليس من شِيَم الرِّجال .
وإنما المظنون بآل البيت بل والمعروف عنهم الوفاء .
كيف لا ؟ وهم نسل النبي صلى الله عليه وسلم وقرابته .
وأما قول الرافضي :
(1/39)
( فما هو سبب خروجها على إمام زمانها الذي يستوجب الخروج عليه الموت على غير دين الإسلام وشق عصا المسلمين ؟ )
أقول : هي لم تَخرَج عليه ، بل خَرَجتْ رجاء أن يُصلح الله بها بين فئتين .
فقد أرسلت عائشة إلى عليّ تُعْلِمه أنها إنما جاءت للصلح . كما في كُتب التواريخ .
وقد تقدّم أنها أثَنَتْ على عليّ رضي الله عنه ، وأثنى عليها .
كما أنها ندِمت في خروجها ذلك لما كان فيه ، مع أنها لم تخرج أصلا إلا للإصلاح .
قالت عائشة لابن عمر : ما منعك أن تنهاني عن مسيري ؟ قال : رأيت رجلا قد استولى على أمرك ، وظننت أنك لن تخالفيه . يعني ابن الزبير قالت : أما أنك لو نهيتني ما خرجتُ .
ثم إن الذي أنشب الحرب هم أهل الفتنة ودعاتها والذين تستّروا بحبّ عليّ رضي الله عنه .
وهم الذين كانوا يُخالِفون علياً ، إن أمرهم لم يأتمروا ، وإن نهاهم لم ينتهوا .
وهذا هو شأن أدعياء المحبة في كل زمان ومكان .
وهل ما قاله الصفّار من دعوى أن عمار بن ياسر رضي الله عنه هو الذي قاد الثورة ضد عثمان رضي الله عنه ينطبق عليه قولك هنا في حق عائشة رضي الله عنها ؟
مع أننا نُبرئ عمار بن ياسر وعائشة من ذلك .
وأنتم تُثبتونه ؟
فأجيبوا عما أثبتموه في ضوء ما قررته من قولك : (الذي يستوجب الخروج عليه الموت على غير دين الإسلام وشق عصا المسلمين ؟) .
قال الرافضي :
السؤال السادس :
قال رسول الله (ص) في حق علي ما نصه :"من كنت مولاه فعلي مولاه" .
"علي مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي" .
"إن هذا خليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا " .
"علي مع الحق والحق مع علي " .
"من أطاع عليا فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله" .
فإذا كانت كل هذه الأحاديث لا تدل على خلافة علي وأحقيته بالخلافة ، فما هي العبارات التي تطلبونها للدلالة على الخليفة بعد النبي ؟
(1/40)
وإذا كان قول النبي من كنت مولاه فعلي مولاه دليل محبة فقط ، فالنبي حسب زعمكم كان يحب أبا بكر وعمر . فهل عندكم أحاديث تفيد أن النبي استخدم نفس الألفاظ معهما ؟
وهل قال لهما : إن أبا بكر وعمر وليا كل مؤمن بعدي ؟
طالما أن هذا القول دليل محبة فقط ؟
الردّ :
حديث : " من كنت مولاه فعلي مولاه " رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .
وحديث : " عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي " رواه الإمام أحمد والترمذي ، وهو صحيح .
وصحّ عند أهل السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لِعليّ : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى . رواه البخاري ومسلم .
ويوضِّح هذا ويُبيِّنه ما جاء في سبب هذه الرواية ، وهو ما رواه البخاري ومسلم من طريق مصعب بن سعد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك واستخلف علياً ، فقال : أتخلفني في الصبيان والنساء ؟ قال : ألا ترضى أن تكون مِنِّي بمنزلة هارون من موسى ؟ إلا أنه ليس نبي بعدي .
وموسى عليه الصلاة والسلام قد خَلَفه هارون عليه الصلاة والسلام عندما ذهب موسى لميقات ربِّه .
ولم يَخلفه في النبوة ، لأنه مات قبله .
قال الإمام القرطبي :
لا خلاف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُرِد بمنزلة هارون من موسى الخلافة بعده ، ولا خلاف أن هارون مات قبل موسى عليهما السلام ، وما كان خليفة بعده ، وإنما كان الخليفة يوشع بن نون ، فلو أراد بقوله : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " الخلافة ، لقال : أنت مني بمنزلة يوشع من موسى ، فلما لم يَقُل هذا دل على أنه لم يُرِد هذا ، وإنما أراد أني استخلفتك على أهلي في حياتي وغيبوبتي عن أهلي كما كان هارون خليفة موسى على قومه لما خرج إلى مناجاة ربه . اهـ .
وصح عند أهل السنة قول عليّ رضي الله عنه :
والذي فلق الحبة وبَرأ النَّسَمَة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا يُحبّني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق . رواه مسلم .
(1/41)
أما حديث : " إن هذا خليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا " فهو حديث موضوع مكذوب لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولو صح ما كان لأحد أن يُخالِفه ، وما كان لعليّ رضي الله عنه أن يسكت ، ولا يُنفِّذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وحسبك منقصة لِعليّ أن يُزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بأمر ولم يُنفِّذه .
سأل حفص بن قيس عبدَ الله بن الحسن بن علي رضي الله عنهم عن المسح على الخفّين . فقال : امسَح ، فقد مَسَح عُمر بن الخطاب رضي الله عنه . قال : فقلت : إنما أسألك أنت تمسح ؟
قال : ذاك أعجز لك ! أُخبِرك عن عُمر وتسألني عن رأيي . فَعُمَر كان خيراً مِنِّي ومن ملء الأرض . فقلت : يا أبا محمد ، فإن ناساً يَزعمون أن هذا منكم تقيّة !
قال : فقال لي – ونحن بين القَبر والمنبر – : اللهم إن هذا قولي في السر والعلانية ، فلا تسمعنّ عَلَيَّ قول أحد بعدي . ثم قال : من هذا الذي يَزعم أن عليا رضي الله عنه كان مقهوراً ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَه بأمر ولم يُنفذه ؟ وكفى بإزراء على عليٍّ ومَنقَصَة أن يُزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَره بأمرٍ ولم يُنفِذه .
وكذلك حديث : " "علي مع الحق والحق مع علي " .
وحديث : "من أطاع عليا فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله "
هذه لا تثبت ولا تصح عند أهل العلم ، وفيما صحّ في فضائل أبي الحسن غُنية وكفاية .
وسبق لي التفصيل في سيرة أبي الحسن رضي الله عنه وأرضاه ، والتفصيل هنا :
http://saaid.net/Doat/assuhaim/146.htm
وقول الرافضي :
فإذا كانت كل هذه الأحاديث لا تدل على خلافة علي وأحقيته بالخلافة ، فما هي العبارات التي تطلبونها للدلالة على الخليفة بعد النبي ؟
الردّ :
أقول لو كانت هذه الأحاديث – ما صحّ منها – تدلّ على خلافة عليّ وأحقّيته بالخلافة أكان يجوز لأبي الحسن رضي الله عنه وأرضاه مع شجاعته وإمامته في الدِّين – أكان يجوز له السكوت ؟
(1/42)
أكان يجوز له ترك تنفيذ وصية النبي صلى الله عليه وسلم ؟
إنكم حينما تطعنون في خلافة الخلفاء الثلاثة تطعنون في عليّ رضي الله عنه من حيث لا تشعرون
كيف ذلك ؟
تطعنون في عليّ رضي الله عنه أنه قصّر في تنفيذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمّه ووالد زوجته وجدّ أولاده !
ومما يؤكِّد أنه عليه الصلاة والسلام لم يُوصِ وصية صريحة لأحد من آل بيته ما رواه البخاري من طريق عبد الله بن عباس أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه ، فقال الناس : يا أبا الحسن كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : أصبح بحمد الله بارئا . فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب فقال له : أنت والله بعد ثلاث عبد العصا ، وإني والله لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف يتوفى من وجعه هذا ، إني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت . اذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنسأله فيمن هذا الأمر . إن كان فينا علمنا ذلك ، وإن كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا . فقال عليّ : إنا والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده ، وإني والله لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فلو كان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يفهم من تلك النصوص أنه وصيّ النبي صلى الله عليه وسلم أكان يقول : إنا والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده ، وإني والله لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروى البخاري ومسلم من طريق إبراهيم عن الأسود بن يزيد قال : ذَكَرُوا عند عائشة أن عليا كان وصيا. فقالت : متى أوصَى إليه ؟ فقد كنت مسندته إلى صدري أو قالت : حجري ، فدعا بالطست فلقد انخنث في حجري وما شعرت أنه مات ، فمتى أوصَى إليه ؟
(1/43)
ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة لِعليّ رضي الله عنه فلماذا اختلف علماء الرافضة قبل غيرهم في الوصية ؟
فعلماء الرافضة قد اختلفوا فيما بينهم : هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم لِعليّ أو لم يُوصِ ؟
وسمعت مرّة رافضيا وقِحا يقول : أخطأت يا رسول الله إذ لم تُوصِ .
قبّحه الله من خطيب وقبّحه الله من مذهب يُخطّئ رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهذا هو التناقض بعينه !
ففريق يزعمون أنه أوصى لِعليّ وفريق يُخطِّئونه لأنه لم يُوصِ .
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء لمن بُويع أولاً ، فقال : ستكون خلفاء فتكثر . قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فُوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم . رواه البخاري ومسلم .
فالذي بُويع له أولاً هو أبو بكر .
فقول الرافضي :
وإذا كان قول النبي من كنت مولاه فعليّ مولاه دليل محبة فقط ، فالنبي حسب زعمكم كان يحب أبا بكر وعمر . فهل عندكم أحاديث تفيد أن النبي استخدم نفس الألفاظ معهما ؟
وهل قال لهما : إن أبا بكر وعمر وليا كل مؤمن بعدي ؟
فـ
الردّ :
أما محبته صلى الله عليه وسلم لأبي بكر فظاهره ، وأبو بكر رضي الله عنه زكّاه الله تعالى وزكّاه رسوله صلى الله عليه وسلم .
فمن ذلك :
قوله تعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ) .
والذي كان معه صلى الله عليه وسلم في الغار هو أبو بكر رضي الله عنه .
فمن خاطَرَ بنفسه وماله غير أبي بكر في الهجرة ؟
(1/44)
قالت أسماء : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر معه احتمل أبو بكر ماله كله معه خمسة آلاف ، أو ستة آلاف درهم ، فانطلق بها معه . قالت : فدخل علينا جدي أبو قحافة ، وقد ذهب بصره ، فقال : والله إني لأراه قد فجعكم بِمَالِه مع نفسه ! قالت : قلت : كلا يا أبت ، إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا . قالت : فأخذتُ أحجارا فوضعتها في كوّة في البيت كان أبي يضع فيها ماله ، ثم وضعت عليها ثوبا ، ثم أخذت بيده فقلت : ضع يدك يا أبت على هذا المال . فوضع يده فقال : لا بأس إن كان ترك لكم هذا فقد أحسن ، ففي هذا لكم بلاغ . قالت : ولا والله ما ترك لنا شيئا ، ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك . رواه ابن إسحاق في السيرة ، وأورده أصحاب التواريخ ، وقال د . الصلابي : وإسناده صحيح .
وقوله تعالى : ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
فإنه جاء في تفسير هذه الآية : والذي جاء بالصدق : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصدّق به : أبو بكر رضي الله عنه .
وأما الأحاديث التي تدل على محبته صلى الله عليه وسلم وتزكيته للخلفاء الراشدين ، فمن ذلك:
قوله صلى الله عليه وسلم :
عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم والأمور المحدثات ، فإن كل بدعة ضلالة . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وغيرهم .
وقوله صلى الله عليه وسلم في حق الشيخين : اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذي ، وهو حديث صحيح .
بل هناك ما هو أصرح في النصّ على خلافة الصدّيق رضي الله عنه ، فمن ذلك :
روى البخاري ومسلم من طريق عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال : أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن ترجع إليه . قالت : أرأيت إن جئت ولم أجدك - كأنها تقول الموت - قال صلى الله عليه وسلم : إن لم تجديني فأتي أبا بكر .
(1/45)
وقال صلى الله عليه وسلم في حق أبي بكر : لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخي وصاحبي . رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، ورواه مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه .
فهذا صريح في إثبات الأخوّة والصُّحبة لأبي بكر رضي الله عنه ، فإنه صلى الله عليه وسلم قال عن أبي بكر : أخي وصاحبي .
ومن ذلك أيضا :
ما روه البخاري عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بِخِرْقَة ، فقعد على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنه ليس من الناس أحد أمَنّ عليَّ في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ، ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن خلة الإسلام أفضل ، سُدّوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر .
ومما فيه النص الصحيح الصريح على خلافة أبي بكر رضي الله عنه ما رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى مُتَمَنٍّ ويقول قائل : أنا أولى . ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .
قال ابن أبي العز الحنفي :
ولو كتب عهداً [ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ] لَكَتَبَه لأبي بكر ، بل قد أراد كتابته ثم تركه وقال : يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر . فكان هذا أبلغ من مجرد العهد ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دلّ المسلمين على استخلاف أبي بكر وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله ، وأخبر بخلافته إخبار راضٍ بذلك حامد له ، وعَزَم على أن يكتب بذلك عهداً ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك الكتاب اكتفاء بذلك . اهـ .
(1/46)
ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما مرض مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فأذن ، فقال : مُرُوا أبا بكر فليصلِّ بالناس ، فقيل له : إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام في مقامك لم يستطع أن يُصلي بالناس ، وأعاد فأعادوا له ، فأعاد الثالثة : مُرُوا أبا بكر فليصل بالناس ، فخرج أبو بكر فصلى ، فَوَجَد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسه خِفّة فخرج يُهادَي بين رجلين ، فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن مكانك ثم أُتِيَ به حتى جلس إلى جنبه . رواه البخاري ومسلم .
ولهذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إن نبيكم صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة لم يُقْتَل قتلاً ولم يَمُتْ فجأة ، مرض ليالي وأياما يأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة ، وهو يرى مكاني فيقول : ائت أبا بكر فليُصَلِّ بالناس ، فلما قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَظَرتُ في أمري فإذا الصلاة عظم الإسلام وقوام الدين ، فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ، بايعنا أبا بكر . رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى وابن عبد البر في التمهيد وابن عساكر في تاريخ دمشق .
وفي رواية : لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلي بالناس وإني لشاهد ما أنا بغائب ، ولا في مرض ، فرضينا لدنيانا ما رضي به النبي صلى الله عليه وسلم لديننا .
فنحن نرضى بمن رضي به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
- وسيأتي أن عليا رضي الله عنه بايَع أبا بكر بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها -
ومما يدلّ على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أبا بكر الصديق رضي الله عنه في الحجة التي قبل حجة الوداع وأمّره عليها يؤذن في الناس : ألا لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .
فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام ، فلم يحجّ عام حجة الوداع الذي حج فيه النبي صلى الله عليه وسلم مُشرِك .
(1/47)
وفي رواية للبخاري : ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم بِعَلِيّ بن أبي طالب وأمَرَه أن يؤذن ببراءة .
وهذا يدلّ على أن علياً رضي الله عنه كان تحت إمرة أبي بكر في تلك الحجّة التي قَبْل حجّة الوداع .
فهذه أحاديث صحيحة صريحة في إثبات أخوة أبي بكر وصحبته للنبي صلى الله عليه وسلم ، بل وفي النصّ على خلافته .
وعليّ رضي الله عنه أثبت خلافة أبي بكر بقوله وفِعله .
أما قوله فقد تقدّم قوله : فرضينا لدنيانا ما رضي به النبي صلى الله عليه وسلم لديننا .
وروى البخاري من طريق محمد بن الحنفية قال : قلت لأبي [ يعني عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ] : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان ، قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين .
وأما فِعله فـ :
عَدم منازعة أبي بكر في أمر الخلافة .
قبوله لأحكام أبي بكر رضي الله عنه ، ولو كان عليّ رضي الله عنه يَرى أن أبا بكر ليس هو الخليفة ، أو يرى أنه غاصب لحق آل محمد – كما تقول الرافضة – لم يُمضِ أحكامه .
ومن أظهر الأحكام التي أمضاها قبوله لِسَبي أبي بكر ، فإن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخذ جارية من سَبي بني حنيفة ، فإن أم محمد بن الحنفية من سَبْي بني حنيفة ، ومحمد بن علي يُنسب إلى أمِّه فيُقال : محمد بن الحنفية .
فلو كان علياً رضي الله عنه لا يَرى خلافة أبي بكر أكان يأخذ سبيّة من سبايا حَرب سيّرها وأمَر بها الصدِّيق رضي الله عنه ؟
(1/48)
ولما قَدِم خالد بن سعيد بن العاص بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهر وعليه جبة ديباج فلقي عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب فصاح عمر بمن يليه : مزقوا عليه جبته ، أيَلبس الحرير ؟ فمزَّقوا جبته . فقال خالد لِعليّ : يا أبا الحسن يا بني عبد مناف أغُلبتم عليها ؟ فقال عليّ عليه السلام : أمُغالبة ترى أم خلافة ؟ قال : لا يُغالب على هذا الأمر أولى منكم يا بني عبد مناف . وقال عمر لخالد : فضّ الله فاك ، والله لا يزال كاذب يخوض فيما قلتَ ، ثم لا يضرّ إلاّ نفسه . ذَكَره ابن جرير الطبري في تاريخه وابن عساكر وابن كثير وغيرهم .
وفضائل أبي بكر شهد بها أئمة آل البيت رضي الله عنهم ، فمن ذلك :
ما أخرجه الدارقطني في الأفراد من طريق أبي إسحاق عن أبي يحيى قال : لا أحصي كم سمعت علياً يقول على المنبر : إن الله عز وجل سَمَّى أبا بكر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم صِدِّيقاً . ذكره ابن حجر في الإصابة .
قال : وأخرج البغوي بسند جيد عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال : وَلِينا أبو بكر فخير خليفة ؛ أرحم بنا ، وأحْنَاهُ علينا .
وقول الإمام جعفر الصادق رحمه الله ورضي الله عنه : أوْلَدَني أبو بكر مرتين .
وسبب قوله : أولدني أبو بكر مرتين ، أن أمَّه هي فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وجدته هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .
فهو يفتخر في جّدِّه .. ثم يأتي من يدّعي اتِّباعه ويلعن جدَّ إمامه .
وقول جعفر الصادق لسالم بن أبي حفصة وقد سأله عن أبي بكر وعمر ، فقال : يا سالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى ، ثم قال جعفر : يا سالم أيسُبُّ الرجل جدّه ؟ أبو بكر جدي ، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما ، وأبْرَأ من عدوهما .
(1/49)
وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق - عن أبيه – وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي – رضي الله عنهم أجمعين ، قال : جاء رجل إلى أبي – يعني علي بن الحسين ، المعروف والمشهور بِزين العابدين - فقال : أخبرني عن أبي بكر ؟ قال : عن الصديق تسأل ؟ قال: وتسميه الصديق ؟
قال : ثكلتك أمك ، قد سماه صديقا من هو خير مني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسَمِّه صديقا ، فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحبّ أبا بكر وعمر وتَوَلّهما ، فما كان من أمْرٍ ففي عُنقي .
ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما ، ثم ابتركوا في عثمان ابتراكا ، فشتمهم .
وابتركوا : يعني وقعوا فيه وقوعاً شديداً .
وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمكانةِ صاحبه في الغار ، ولذا لما جاء رجل فسأل زين العابدين : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنْزِلتهما مِنه الساعة .
وهل يُصاحب الخيّر إلا الأخيار ؟
وهل يُنبتّ الخَطّيُّ إلا وشيجه *** وهل تنبت إلا في منابتها الشجر
فإذا انتقص أحدٌ أبا بكر أو انتقص عمر – رضي الله عنهما – فإنه في الحقيقة منتقصٌ لمن اتّخذهما صديقين وصاحبين .
ومُنتقِص لمن تولاّهما ولمن كان له بهما صِلة نسب وقَرابة .
فمن سبّ أبا بكر فقد سب الإمام جعفر الصادق وأساء إليه .
وإذا كان الصديق رضي الله عنه وعُمر غصبا آل محمد حقّهم – كما تزعم الرافضة – أكانوا يُناكِحونهم ، فيَتزوّجون منهم ويُزوّجونهم ؟
إن هذا غير مُتصوّر في وجود عداوة .
وهذا خلاف ما تزعمه الرافضة ، فإن الإمام عليّ زوّج عمر ابنته أم كلثوم .
ومحمد بن علي بن الحسين بن علي – المعروف بـ (الباقر) تزوّج فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنهم .
(1/50)
وجدّة جعفر الصادق هي : أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم .
وعُمر رضي الله عنه تزوّج أم كلثوم بنت عليّ كما تقدّم .
روى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن الزبير بن بكار قال في تسمية ولد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وأم كلثوم بنت عليّ خطبها عمر بن الخطاب إلى عليّ بن أبي طالب وقال : زوجني يا أبا الحسن ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل نسب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري . فَزَوّجه إياها ، فولدت لعمر زيداً ورقية . تزوج رقية بنت عمر إبراهيم بن نعيم فماتت عنده ، ولم يترك ولداً ، وقُتِلَ زيد بن عمر ، قَتَلَه خالد بن أسلم مولى آل عمر بن الخطاب خطأ ، ولم يترك ولداً ، ولم يَبْقَ لعمر بن الخطاب ولد من أم كلثوم بنت علي .
والرافضة نتيجة بغضهم لِعُمَر يُنكرون هذه الرواية ، وهي ثابتة صحيحة .
فهذه أحاديث في إثبات محبة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر .
وهذه أحاديث في النص على خلافة أبي بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذه آثار عن بعض أئمة آل البيت في إثبات إمامة أبي بكر وعُمر .
وهذه المعقولات والمنقولات لمن كان له عقل ، ولمن كان له قلب .
قال سالم بن أبي الجعد : قلت لمحمد بن الحنفية لأي شيء قُدِّم أبو بكر حتى لا يُذكر فيهم غيره ؟ قال : لأنه كان أفضلهم إسلاما حين أسلم ، فلم يَزَل كذلك حتى قبضه الله .
ومحمد بن الحنفية هو محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن أبيه .
قال الرافضي :
السؤال السابع :
تبعا لمبدأ العقلانية يُفترض بأي فرقتان تتقاتلان أن تكون إحداهما على حق والأخرى على الباطل ، أو أن الاثنتين على الباطل؟ فطبقوا نفس السؤال على معارك الجمل وصفين .
الردّ :
قوله : (يُفترض بأي فرقتان) يحتاج إلى تصحيح لغوي !
ونقول : تبعا لمبدأ العقلانية : ألا يُمكن أن يكون الفريقان على حقّ ؟
الجواب : بلى .
(1/51)
وقد أثبت الله وَصْف الإيمان للمقتتلِين ، فقال تبارك وتعالى : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) .
أما أهل الجَمَل فتمّ الإصلاح بينهما كما تقدّم ، واكرم عليّ رضي الله عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، ولا يُظنّ بأبي الحسن غير ذلك .
وأما أهل صِفِّين فتم الاصطلاح على أمر التحكيم .
فلا نعلم أن فريقا بغى على الآخر .
وقد قال سبحانه وتعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) .
فالله أثبت الإيمان لكلا الطائفتين ، فهل تستطيع أنت أن تنفي الإيمان عن إحدى الطائفتين ؟
وقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم أن المختَلِفِين من المسلمين ، فقال : ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين . رواه البخاري .
فكلا الطائفتين والفِئتين من المسلمين .
ولهذا كان أهل السنة لا يخوضون في ما وقع بين الصحابة لأن هذا مما يُوغِر الصّدور ، ولأننا قد نُهينا عن الخوض في ذلك ، وأُمِرنا بالسكوت إذا ذُكِر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : إذا ذُكر أصحابي فأمْسِكُوا ، وإذا ذُكرت النجوم فأمسكوا ، وإذا ذُكر القَدَر فأمسكوا . رواه الطبراني في الكبير واللالكائي في الاعتقاد . وصححه الألباني .
ولا نسبّ أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم امتثالاً لأمره عليه الصلاة والسلام حينما قال :
لا تسبوا أصحابي . لا تسبوا أصحابي ، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهبا ما أدرك مُدّ أحدهم ولا نصيفه . رواه البخاري ومسلم .
(1/52)
ونحن نُثبت قوله عليه الصلاة والسلام لعمّار بن ياسر رضي الله عنه : ويح عَمّار تقتله الفئة الباغية . رواه البخاري ومسلم .
قال يعقوب بن شيبة : سمعت أحمد بن حنبل سُئل عن هذا ، فقال : فيه غير حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وَكَرِه أن يتكلم في هذا بأكثر من هذا .
قال الرافضي :
السؤال الثامن :
أن الخارجين على علي بن أبي طالب هم عندكم متأولين مجتهدين ولا يضرّ خروجهم عليه بدخولهم الجنة ؟
فهل ستطبقون نفس المعايير إذا ما خرج أحد ضد غير عليّ من الخلفاء ؟
لماذا سميتم من خرج على أبي بكر بأهل الردة ؟ مع أن الروايات الموجودة في البداية والنهاية وتاريخ الطبري تفيد بأن هؤلاء من أهل الإسلام .
الردّ :
مَن خَرَج على أبي بكر لم يَخرج ضد الحاكم والخليفة وإنما هو ضد الإسلام ككلّ .
وبين الحالتين كما بين المشرق والمغرب !
فالذي يخرج على حاكم قد يكون مُتأوِّلاً ، والذي يرفض الإسلام أو بعض شعائره لا يُمكن اعتباره مُتأوِّلاً .
فالذين سُمُّوا بالمرتدِّين هم طوائف ، منهم مَن مَنَع أداء الزكاة ، ومنهم من ارتدّ عن الإسلام بموت النبي صلى الله عليه وسلم .
ولسنا نحن الذين سمّيناهم بذلك ، بل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم سمّوهم كذلك .
قال أنس بن مالك رضي الله عنه : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدّت العرب ، قال عمر : يا أبا بكر كيف تُقَاتِل العرب ؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه : إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، ويُقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة . والله لو منعوني عناقا مما كانوا يعطون رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه . قال عمر رضي الله عنه : فلما رأيت رأي أبي بكر قد شرح علمت أنه الحق . رواه النسائي بهذا اللفظ ، وأصله في الصحيحين .
(1/53)
أما الذين خَرَجوا على عثمان رضي الله عنه فلَم يُسمّوا مرتدِّين ، وكذلك الذين خَرَجوا على عليّ رضي الله عنه .
لتعلم أن أهل السنة أهل إنصاف وعدل .
فالذين خَرَجوا على عثمان وقَتَلوا صاحب القرآن وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنتيه ، هم دُعاة فتنة ، تستّروا بحجج داحضة ، وكَتَبوا كُتُباً وزوّروها على ألسنة بعض الصحابة – كما تقدّم – يقودهم ابن سبأ اليهودي المتستّر بالرّفض !
والذين خَرجوا على عليّ رضي الله عنه سُمُّوا خوارج .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم علياً بهؤلاء ، وبعلاماتهم ، فمن ذلك :
ما رواه مسلم من طريق عبيد الله بن أبي رافع – مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم – أن الحرورية [ الخوارج ] لما خَرَجَتْ على عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا : لا حكم إلا لله ! قال عليّ : كلمة حق أريد بها باطل ! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء ، يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم - وأشار إلى حلقه - مِنْ أبغض خلق الله إليه ، منهم أسود إحدى يديه طُبْيُ شاة أو حلمة ثدي ، فلما قتلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : انظروا ، فنظروا فلم يجدوا شيئا ، فقال : ارجعوا فو الله ما كذبت ولا كذبت - مرتين أو ثلاثا - ثم وجدوه في خربة ، فأتوا به حتى وضعوه بين يديه .
(طُبْيُ شاة ) ضرع شاة .
وبين الفريقين فرق وبَون ، وذلك أن الذي يرفض بعض شعائر الإسلام يُسمى مرتداً .
والذي يخرج على الحاكم لشُبهة أو لهوى يُسمى باغياً .
والتفريق بينهما جاء في القرآن .
فمن ذلك :
قوله تعالى : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .
(1/54)
وقوله سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) الآية .
وقال في شأن الباغي : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .
وقال في شأن الخصمين : ( قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ) .
وهذا يُبيِّن أصل التفريق ، فإن من بَغَى على غيره وَجَب الْحُكم بينهما أو الإصلاح بينهما .
فإن كان في حال قِتال وَجَب الإصلاح بينهما ، لقوله تعالى : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) .
فالطائفة التي تُقاتِل بعد الإصلاح ولا تَقْبَل به تُعتبر باغية ولا تُسمى مرتدّة .
فهذا أصل التفريق بين اللفظين وبين الْحُكمَين .
فلو خَرَج خارج على أبي بكر لقِيل في حقِّه باغٍ أو خارجي ، أما أن يَخرج عن الإسلام كله أو بعضه فهذا مرتد لا باغٍ .
قال الرافضي :
السؤال التاسع :
أن أهل السنة عندهم أربعة مصادر للتشريع .. القرآن السنة القياس والاجتهاد .. فهل أخذت تلك المصادر بعين الاعتبار من قبل المختلفين في سقيفة بني ساعدة ؟
الردّ :
الاجتهاد مُختَلَف فيه وليس من الأدلة المتفق عليها ، وأما الأدلة المتفق عليها بين أهل السنة فهي :
القرآن ، والسنة ، والإجماع ، والقياس .
وأما قول الرافضي :
فهل أُخذت تلك المصادر بعين الاعتبار من قبل المختلفين في سقيفة بني ساعدة ؟
فالجواب عنه : نعم أُخِذتْ بِعين الاعتبار ، والأدلة على ذلك :
(1/55)
أن القرآن فيه مَدح أبي بكر رضي الله عنه ، كما تقدّم ، فَتمّ تقديمه .
والسنة فيها النصّ على خلافة أبي بكر رضي الله عنه ، فَتمّ تقديمه . وقد سَبَقت أدلة السنة في النص على خلافة أبي بكر ، وعدم النص على خلافة غيره ، وبهذا نَطَقتْ كُتب الرافضة قبل كُتب السنة ، أعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَنصّ على عليّ رضي الله عنه ، وقد تقدّمت الأدلة في ذلك .
والإجماع قد أُخِذ به في سقيفة بني ساعدة ، فإنهم بايَعوا أبا بكر بالإجماع بعد وقوع الخلاف ، والإجماع مُنعقد على بيعة أبي بكر ، بما في ذلك قبول عليّ رضي الله عنه كما تقدّم بقوله وفِعله .
وأما القياس فإن الذي قاس في هذا الموضع هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي قال :
فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا .
فهذا قياس جَليّ .
فإن شأن الدِّين أعظم ، وقد قدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر في الصلاة – التي هي عَمود الدِّين – ، والدنيا تأتي تبعاً للدِّين ، فقَدَّم الصحابة أبا بكر في أمور دنياهم ، وهي الخلافة .
فاجتمعت أدلة الكتاب والسنة والإجماع والقياس على خلافة أبي بكر رضي الله عنه .
وإمامة أبي بكر ثابتة بالنص – كما تقدّم – وهي لازِمة للرافضة !
كيف ؟
جَلَسْتُ يوما في المسجد النبوي إلى جوار مُعمّم إيراني ! وكان يقرأ القرآن ، فسألته : ماذا تقرأ ؟
قال : هذا – وأشار إلى المصحف – مُستغرِبا السؤال ؟
قلت : نعم
قال : هذا كلام ربي .
قلت : وهل تؤمن به ؟!
قال : طبعاً .
قلت له : مَن جَمَعَ هذا القرآن ؟
فسكت ، ثم قال : الصحابة .
قلت : بالتحديد مَنْ ؟
قال : أبو بكر .
قلت : ومن ؟
قال : وعثمان .
قلت : هذا يعني أن الخلفاء الثلاثة هم من جَمَع هذا القرآن .
قال : نعم
قلت : إذا يَلزمك أحد أمرين :
إما الاعتراف بإمامتهم ، وقبول هذا القرآن .
أو ردّ إمامتهم وردّ القرآن .
قال – متمحِّلاً – :هذا ليس بِلازِم !
(1/56)
قلت : بلى ، وبينهما تلازم .
فلو جَمَع اليهود كتابا وقالوا لنا هذا قرآن ، فهل نقبَله ؟
قال : لا
قلت : ولو جاءك كتاب قيل : هذا من الخميني . هل تقبله ؟
قال : نعم
قلت : هذا التفريق يلزم منه أحد الأمرين .
وهذا لازم لكل رافضي
إما أن يَقبَل القرآن ويقول بإمامة من جَمَعوه .
وإما أن يَدّعي تحريف القرآن ، ويردّ إمامة من جَمَعوه .
فالمصاحف تُعرف إلى اليوم بالمصاحف العثمانية ، والرسم يُعرف بالرسم العثماني ، نسبة إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه .
قال الرافضي :
السؤال العاشر:
إن الله سبحانه وتعالى أخبرنا في كتابه العزيز عن وجود منافقين من أهل المدينة مَردوا على النفاق وإن الله يعلمهم .. في أي معسكر كان هؤلاء بعد وفاة النبي (ص) يوم انقسم المسلمين إلى حزبين حزب علي اللي رفض البيعة وأعوانه ، وحزب أبي بكر وعمر وأتباعهم ؟
ومن بايع هؤلاء المنافقين ؟
الردّ :
في هذا السؤال إساءة أدب في حق عليّ رضي الله عنه .
كيف ؟
يَزعم هذا الرافضي أن علياً رضي الله عنه لم يُبايع أبا بكر رضي الله عنه .
فهل خَرَج عليّ عن إجماع المسلمين ؟
وهل قَبِل عليّ رضي الله عنه أن يأخذ سبية من سبايا بني حنيفة كما تقدّم ، ليُناقِض نفسه ؟
فالرافضة تزعم أن علياً رَفَض بيعة أبي بكر ، وعليّ قبِلها بقوله وفِعله .
والرافضة تُسيء إلى عليّ رضي الله عنه في قولها هذا .
كيف يُنسب هذا إلى عليّ ؟
هل يُتصوّر أن يعيش عليّ على هامش الحياة ؟
ولا يأخذ بِحقِّه ومعه أتباع – كما يَزعم هذا المتسائل – بقوله : (حزب علي اللي رفض البيعة وأعوانه) .
أيرضى الأسد الضرغام والشجاع الصنديد بمثل هذا الموقف ؟
لو كان من أطراف الناس ، أو ممن لا يُؤبَه له ، لربما قِيل ذلك في حقِّه .
أما في حقّ أبي الحسن فهذا القول مَنْقَصَة في حقِّه .
ومثل هذا الزعم والْمَنْقَصَة زعم الرافضة أن عُمر رضي الله عنه كَسَر أضلاع فاطمة رضي الله عنها !
(1/57)
فأين أبا الحسن رضي الله عنه ليأخذ بثأره وحقِّه ؟
إن ضعفاء الناس لا يَرضون بهذا فكيف يَرضى به عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ؟
وكيف يُتصوّر أن عمر رضي الله عنه الذي تزوّج أم كلثوم بنت عليّ ثم يكسر أضلاع أمِّها ؟
هذا غير مُتصوّر على الإطلاق .
وأما شُبهة الرافضي هذه ، وهي ما أخبر الله عنه من شأن المنافقين في قوله تبارك وتعالى : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ) .
فالجواب في نفس الآية .
كيف ؟
لقد قال الله تعالى لِنبيِّه صلى الله عليه وسلم : ( لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ) ، فَمَا علِم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم إلا القليل .
ولذا كانت أسماء المنافقين تخفى على الصحابة رضي الله عنهم ، ومَن عُلِم منهم ، فقد مات ، كعبد الله بن أُبي ، فإنه مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن عَلِمه النبي صلى الله عليه وسلم فقد أعْلَم به أمين سِرِّه : حُذيفة رضي الله عنه ، ولذا كان عمر رضي الله عنه يسأله : هل سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم . فيقول : لا ، ولا أُزكّي أحدا بعدك .
وقد أخفى الله أسماء المنافقين لِحِكم عديدة ، منها :
أنه أدعى للتوبة من النِّفاق ، وقد تاب بعض المنافقين .
أن الله يَبتلي المؤمنين بالمنافقين .
أن المنافق يُعامَل في الدنيا مُعاملة المؤمن .
فالمنافقون ما كانوا يستعلِنون بالنِّفاق على رؤوس الأشهاد ، ولذا لما سُئل حذيفة رضي الله عنه : يا أبا عبد الله النفاق اليوم أكثر أم على عهد رسول الله ؟ فضرب بيده على جبهته وقال : أوه ! وهو اليوم ظاهر ! إنهم كانوا يستخفونه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولما قال رجل : اللهم أهلك المنافقين . قال حذيفة : لو هَلَكُوا ما انتصفتم من عدوكم !
(1/58)
ولما قيل للحسن : يا أبا سعيد اليوم نفاق ؟ قال : لو خرجوا من أزقة البصرة لاستوحشتم فيها !
وهذا يدل على استخفاء المنافقين .
فهذا السؤال الذي أورده ليس في محلّه .
وليس في هذا السؤال سوى سوء الأدب مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
وأما قوله : ( ومن بايع هؤلاء المنافقين ؟ )
فلم يُبايِع أحدٌ من الناس أحدً من المنافقين !
وهو يَقصد ومن بايَع هؤلاء المنافقون !
قال الرافضي :
السؤال الحادي عشر:
أن الله سبحانه وتعالى أخبرنا في كتابه العزيز أن من يقتل مسلما مؤمنا فنصيبه جهنم ، وأنه ملعون ، ومع ذلك فالتاريخ يخبرنا أن 70800 مسلم قتل في معارك الجمل وصفين ؟ فما هو مصير القتلة هنا ؟
الردّ :
وهذا سوء أدب آخر مع عليّ رضي الله عنه ، فإن علياً رضي الله عنه ممن قاتَل في تلك المعارِك .
فالواجب التّرضّي عن الصحابة وعدم الخوض فيما شَجَر بينهم ، وقد تقدّم سبب ذلك والتفصيل فيه .
وقد رأيت الرافضي في هذه الاعتراضات يُورِد الآيات بالمعنى ، وهذا لا يجوز ، وهو خلاف التأدّب مع الله .
وأبسط رد على هذا السؤال الذي أورده :
أن الله أثبت الإيمان للقاتِل والمقتول ، فقال : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) فأثبَت الإيمان للطائفتين .
وأبته النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة ، يَقاتِل هذا في سبيل الله فيُقْتَل ، ثم يتوب الله على القاتِل ، فيُسلم فيُقاتِل في سبيل الله عز وجل ، فيُستشهد . رواه البخاري ومسلم
(1/59)
وأما آية النساء : ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) فهي على سبيل التهديد والزّجر ، ألا ترى أنه إذا جاءك شخص يُريد أن يَقتُل آخراً أنك تزجره وتُهدِّده ، وتقول له : إن الله توعّد القاتِل بالنار والغضب واللعنة .
وفي آية النساء ذِكر الجزاء ، وليس من شرط الجزاء أن يَقع ، ولا من شرط العقوبة الإيقاع .
فإن الله يغفر لمن يشاء ما دون الشِّرك ، كما في قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) .
ونحن نعتقد أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم اجتهدوا في هذا الأمر ، فمن أصاب فَلَه أجران ، ومن أخطأ فَلَه أجر ، ومن وقع في أعراضهم فَعَليه وِزر .
كما أننا لا نعتقد العصمة في الصحابة ولا في العلماء كما تدّعيه الرافضة في الأئمة ، بل يَزعمون أن الأئمة يعلمون الغيب ، وأنهم يَعلمون متى يموتون !
ففي الكافي ( 1/ 258 ) بَابُ أَنَّ الأَئِمَّةَ ( عليهم السلام ) يَعْلَمُونَ مَتَى يَمُوتُونَ ، وَأَنَّهُمْ لا يَمُوتُونَ إِلا بِاخْتِيَارٍ مِنْهُمْ
ثم روى الكليني بإسناده عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) : أَيُّ إِمَامٍ لا يَعْلَمُ مَا يُصِيبُهُ وَ إِلَى مَا يَصِيرُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِحُجَّةٍ لِلَّهِ عَلَى خَلْقِهِ !
ثم عقد الكليني باباً في كتابه الكافي ( 1 / 260 ) الذي هو أصح كتب الرافضة فقال :
بَابُ أَنَّ الأئِمَّةَ ( عليهم السلام ) يَعْلَمُونَ عِلْمَ مَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ وَ أَنَّهُ لا يَخْفَى عَلَيْهِمُ الشَّيْ ءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ !
إذا كان هذا في حق الأئمة في اعتقاد الرافضة ، فماذا بقي في عِلم الله ؟!
وأي غيب أثبت الله أنه لا يَعلمه إلا هو ؟
(1/60)
أليس الله هو القائل عن نفسه : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) ؟
وهو القائل : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ) .
فهل الغيب الذي لا يعلمه إلا الله والذي اختصّ بِعِلمه سبحانه وتعالى هو الذي يَعلمه الأئمة ؟
وهل الغيب الذي لا يُظهر عليه أحداً إلا من ارتضى من الرسل ، فعلّمهم ما يَحتاج إليه الناس ، ليس محجوبا عن الأئمة ؟
إن الأئمة لم يَدّعوا ذلك لأنفسهم ، وإنما ادّعاه من انتسب إليهم – زورا وبهتانا – .
والله المستعان .
قال الرافضي :
السؤال الثاني عشر :
من بين ال 124000 نبي المرسلين من الله لهداية البشر .. هل هناك أي دليل يثبت أن ما تركه هؤلاء الأنبياء ذهب صدقة ؟
ولماذا استأثر بعض نساء النبي بإرث النبي كالبيت مثلا ؟
وإذا كانت نساء النبي من أهل البيت كما يقول السنة فالصدقة عليهم حرام !
الردّ :
أولاً : هذا العدد ما مصدره ؟ وما صحة القول به ؟!
ثانياً : هل هناك دليل على أن ما تَرَكه هؤلاء الأنبياء أُعطِيَ لورثتهم ؟
فعلى سبيل المثال : سليمان عليه الصلاة والسلام له أكثر من مائة زوجة .. فأين هو الدليل على أن ما تَرَكه سليمان عليه الصلاة والسلام قُسِم على ورثته ومن بينهم زوجاته ؟
وقول الله تعالى : ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) فإن سليمان ورِث العِلم والحِكمة والنبوّة .
فإن قلتَ : وَرِثَ كل شيء .
قلنا لك : أين الدليل على ذلك ؟
(1/61)
ثم إن كان كما قلت : فأين بقية ورَثة داود عليه الصلاة والسلام ؟
وفي " الجوهر الثمين في تفسير الكتاب المبين " للسيد عبد الله شُبّر ( مفسِّر رافضي ) أن أبناء داود تسعة عشر .
وهذا التفسير من التفاسير المعتمدة لدى الرافضة .
فهل يُمكن أن يرِث سليمان دون بقية أبناء داود ؟
فإن قُلتم : لا .
قلنا : هذا هو الحق ، وهو مُتّفق عليه ، من أن الأنبياء لا يُورَثُون .
وإن قُلتم : نَعم .
فأنتم محجوجون باحتجاجكم !
فأنتم تزعمون أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ورِثنه دون ابنته !
أما نحن فنعتقد أن ما تركه الأنبياء لا يُورَث لقوله عليه الصلاة والسلام : لا نُورَث ما تَرَكْنَا فهو صدقة . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن كثير : قال الله تعالى : ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) أي وَرِثَه في النبوة والملك ، وليس المراد وَرِثَه في المال ، لأنه قد كان له بنون غيره ، فما كان ليخص بالمال دونهم ، ولأنه قد ثبت في الصحاح من غير وجه عن جماعة من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ما تركنا فهو صدقة . وفي لفظ : نحن معاشر الأنبياء لا نورث . فأخبر الصادق المصدوق أن الأنبياء لا تُورَث أموالهم عنهم كما يُورَث غيرهم بل يكون أموالهم صدقة من بعدهم على الفقراء والمحاويج ، لا يَخُصُّون بها أقرباؤهم لأن الدنيا كانت أهون عليهم وأحقر عندهم من ذلك كما هي عند الذي أرسلهم واصطفاهم وفضلهم . اهـ .
فأتوا بخبر واحد يُفيد أن نبياً من الأنبياء وَرِثه ورثتُه كما يتوارث الناس .
وقول الرافضي : (ولماذا استأثر بعض نساء النبي بإرث النبي كالبيت مثلا ؟ )
فالجواب عنه :
أن عائشة رضي الله عنها لم تستأثر بشيء من إرثه صلى الله عليه وسلم .
(1/62)
فإن الرافضة يقولون : لماذا بقيت عائشة في بيتها ؟ فهم يَزعمون بذلك أنها ورثته !
وهذا ليس بصحيح من وجهين :
الوجه الأول : أن عائشة ما كانت تتصرّف في حجرتها ، وما كان لها ذلك ، وقد دُفِن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هل يُمكن أن تتصرفّ في حُجرة دُفِن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وهل يُمكن أن تُوهب تلك الحجرة ؟
هذا ليس بمتصوّر عقلا .
الوجه الثاني : أن بقاء عائشة رضي الله عنها في حجرتها لا يعني أنها ملكتها ولا أنها ورثتها ، وإنما أُقِرّتْ عليها وفيها .
وهذا يؤكِّد على قوله عليه الصلاة والسلام : ما تَرَكْنَا فهو صدقة .
فعائشة رضي الله عنها كسائر الناس في ذلك ، بل هي أولى الناس أن يُقرّ في تلك الحجرة .
ولذا فإن عمر رضي الله عنه استأذن عائشة رضي الله عنها أن يُدفَن في تلك الحجرة ، لا لأنها تملكها ، وإنما تأدّبا مع أم المؤمنين رضي الله عنها .
ثم هي حجرة صغيرة ، كانت إذا نامت فيها لم يبق للنبي صلى الله عليه وسلم مُتّسعاً للسجود .
فلو كانت عائشة رضي الله عنها أُعطِيتْ نصيبها من ميراث النبي صلى الله عليه وسلم هل كانت تُعطى حجرة دُفن فيها النبي صلى الله عليه وسلم ؟
بل لو كان ميراث النبي صلى الله عليه وسلم قُسِم على زوجاته – كما يزعم الرافضي – لما رضيَتْ بتلك الحجرة الصغيرة ، ومما تَرَكه النبي صلى الله عليه وسلم فَدَك .
فهل صح عند أهل السنة أو عند الرافضة أن أبا بكر أو عمر قسما فَدَك بين زوجاته صلى الله عليه وسلم ؟
الجواب : لا
والدليل على ذلك ما رواه البخاري من طريق عروة عن عائشة رضي الله عنها أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرَدْن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن ، فقالت عائشة : أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نورث ما تركنا صدقة ؟
وإنما يتشبّث الرافضة بالقشّة !
(1/63)
وهي زعمهم أن عائشة أُقِرّت في حجرتها فهذا يعني أنها ورثتها !
وهذا خلاف الحقيقة .
ولا يَجوز أن تُورّث عائشة ولا غيرها حجرة دُفِن فيها النبي صلى الله عليه وسلم .
ثم يُورِدون استئذان عمر أن يُدفَن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع صاحبه ، وهذا هو الآخر ليس فيه مُستمسك ، فإن عمر رضي الله عنه تأدّب مع أمِّه فاستأذنها .
كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال : لا يقتسم ورثتي دينارا ، ما تركت بعد نفقة نسائي ومئونة عاملي فهو صدقة . رواه البخاري ومسلم .
فهذا صريح في استثناء نفقة نسائه ومئونة عامله ، وهو ليس من الميراث الذي يُقسم سمة الميراث ، بل هو صدقة من الصدقات .
وقول الرافضي : (وإذا كانت نساء النبي من أهل البيت كما يقول السنة فالصدقة عليهم حرام )
فالجواب عنه :
أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم من آل بيته ومِن أهله بنصّ القرآن .
فإن الله قال عن نوح : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ) .
وقال في شأن زوجة إبراهيم : ( قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) .
وقال عن لوط : ( إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ) .
(1/64)
وقال في شأن زوجات نبيِّنا صلى الله عليه وسلم : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ) .
فالخِطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن .
ونحن نُصَلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وعلى زوجاته .
روى البخاري ومسلم من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنهم قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا : اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
فإن ذُكِر آل البيت وحدهم دَخَل فيهم زوجاته صلى الله عليه وسلم .
والصيغة المشهورة :
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . رواه البخاري ومسلم .
(1/65)
وأما حديث الكساء فقد رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مُرط مرحل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء عليّ فأدخله ، ثم قال : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) .
فهذا الحديث ليس فيه حصر آل البيت في هؤلاء ، فإن أزواجه صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، وهن من أهل بيته ، والآيات السابقة صريحة في ذلك .
والصلاة الإبراهيمية صريحة أيضا ، كما تقدّم في الرواية .
وأما الصدقة فإنها تَحرم على بني هاشم وبني المطّلب فحسب – على الصحيح – .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى بني هاشم وبني المطّلب ، ومَنَع بني عبد شمس وبني نوفل .
روى البخاري من طريق جبير بن مطعم قال : مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا ، ونحن وهم منك بِمَنْزِلة واحدة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد .
فهؤلاء هم الذين تَحرم عليهم الصدقة .
وجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف .
وعثمان بن عفان بن أبي العاص بن عبد شمس بن عبد مناف .
فأولاد عبد مناف بن قصي أربعة :
هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل .
فهؤلاء الأربعة يلتقون في عبد مناف ، ومع ذلك لا تَحرم الصدقة إلا على بني هاشم وبني عبد المطّلب .
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
الصحيح أن المراد بذي القربى في الآية بنو هاشم وبنو المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل .
ووجهه أن بني عبد شمس وبني نوفل عادوا الهاشميين وظاهروا عليهم قريشا فصاروا كالأباعد منهم للعداوة وعدم النصرة . اهـ .
فتحريم الصدقة شيء ، وكون زوجاته من أهل بيته شيء آخر .
(1/66)
ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم مَنَع بني عبد شمس وبني نوفل من سهم ذوي القُربى ؟ مع كونهم أبناء رجل واحد .
وأما مسألة ميراثه صلى الله عليه وسلم التي يُدندن حولها الرافضة ، وما يتعلّق بأرض فَدَك ، وقوله عليه الصلاة والسلام : لا نُورَث ما تَرَكْنَا فهو صدقة .
فالجواب عنها من وجوه :
الوجه الأول : أن الأنبياء لا يُورَثون ، ومَن قال بِخلاف ذلك فعليه الدليل ، ولا دليل .
الوجه الثاني : أن آل البيت شهِدوا بصحة حديث : لا نورَث ، ما تركنا صدقة .
بل شهد به عليّ بن أبي طالب نفسه .
روى الإمام البخاري في صحيحه أن فاطمة عليها السلام أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، تطلب صدقة النبي صلى الله عليه وسلم التي بالمدينة وفَدَك وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث . ما تركنا فهو صدقة . إنما يأكل آل محمد من هذا المال - يعني مال الله - ليس لهم أن يَزيدوا على المأكل . وإني والله لا أغير شيئا من صدقات النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت عليها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأعمَلَنّ فيها بما عَمِل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتشهد عليّ رضي الله عنه ثم قال : إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك ، وذَكَرَ قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقهم . فتكلم أبو بكر فقال : والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إلي أن أصِلَ من قرابتي .
فأين هذا ممن زعم الظلم لبنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
أكان عليّ رضي الله عنه قال ذلك تقيّة ؟
أو كان عليّ رضي الله عنه ضعيفاً لا يأخذ حقّه ؟
(1/67)
وروى الإمام مسلم في صحيحه أن عمر رضي الله عنه كان في مجلسه فاستأذن عليه عباس وعليّ رضي الله عنهما ، فأذن لهما فقال عباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا ، فقال القوم : أجل يا أمير المؤمنين ، فاقض بينهم وأرِحهم .
فقال عمر : اتئِدا . أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ما تركنا صدقة ؟
قالوا : نعم .
ثم أقبل على العباس وعليّ فقال : أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ما تركناه صدقة ؟
قالا : نعم .
فقال عمر : إن الله جل وعز كان خصّ رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره . قال : ( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ) .
وفي رواية للبخاري أن عُمر قال لعلي وعباس : أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك ؟ قالا : نعم ، فَتَوَفَّى الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر : أنا وَلِيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبضها فَعَمِلَ بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم تَوفى الله أبا بكر ، فقلت : أنا ولي وليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبضتها سنتين أعمل فيها ما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، ثم جئتماني وكلِمتكما واحدة وأمركما جميع ، جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها . فقلتُ : إن شئتما دفعتها إليكما بذلك . فتلتمسان مني قضاء غير ذلك ؟ فو الله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة ، فإن عجزتما فادفعاها إليّ فأنا أكفيكماها .
فهذا عُمر رضي الله عنه يقول للعباس وعليّ رضي الله عنهما : إن شئتما دفعتها إليكما .
فلماذا لم يَقبضاها ؟ ثم يَقسمانها على ورثة النبي صلى الله عليه وسلم كما تزعم الرافضة !
(1/68)
بل جاء في رواية لمسلم صريحة في أن عمر رضي الله عنه دَفَع بعض ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عليّ والعباس رضي الله عنهما .
ففي صحيح البخاري ومسلم : فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى عليّ وعباس ، فغلبه عليها عليّ ، وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر .
فهذه الرواية الصحيحة تُثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دَفَع صدقة النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت بالمدينة إلى عليّ والعباس .
فأين هو الدليل أن علياً رضي الله عنه أعطى فاطمة نصيبها من ميراث أبيها ؟
فمن طَعَن في أبي بكر وعُمر بشأن ميراث فاطمة فيَلزمه أن يَطعن في عليّ لأنه عمِل كما عَمِلا !
ومن طريف ما يُروى في هذا المقام ، وإلزام الرافضة بمثل هذا اللزوم ، ما رواه ثعلب عن ابن الأعرابي قال : أول خطبة خطبها السفاح في قرية يقال لها العباسية ، فلما صار إلى موضع الشهادة من الخطبة قام رجل من آل أبي طالب في عنقه مصحف فقال : أذكّرك الله الذي ذَكَرْتَه ألا أنصفتني من خصمي ، وحكمت بيني وبينه بما في هذا المصحف .
فقال له : ومَن ظَلَمَك ؟
قال : أبو بكر الذي مَنَعَ فاطمة فَدَكاً .
قال : وهل كان بعده أحد ؟
قال : نعم .
قال : مَنْ ؟
قال : عمر .
قال : فأقام على ظلمكم ؟
قال : نعم .
قال : وهل كان بعده أحد ؟
قال : نعم .
قال : مَنْ ؟
قال : عثمان .
قال : وأقام على ظلمكم ؟
قال : نعم .
قال : وهل كان بعده أحد ؟
قال : نعم .
قال : ومَنْ هو ؟
قال : عليّ .
قال : وأقام على ظلمكم ؟
قال : فأسكت الرجل ! وجَعَل يلتفت إلى ورائه .
فأثبتوا لنا أن عليا رضي الله عنه قَسَم ميراث النبي صلى الله عليه وسلم سواء فيما تولاّه زمن عمر ، أم في زمان خلافته هو رضي الله عنه .
وأين إثبات ذلك ؟
فهل أعطى ورثة فاطمة حقّهم من فَدَك وسهم النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر ؟
فإن لم تأتوا به – وهو الحق – فلا أقل من مُعاملة أبي بكر وعمر كمعاملة عليّ رضي الله عنهم أجمعين .
(1/69)
ثم إن الرافضة تزعم أن أبا بكر وعمر ظلما فاطمة ميراثها .
وها هو العباس رضي الله عنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وها هو عليّ رضي الله عنه زوج ابنته يُقرّان بقول النبي صلى الله عليه وسلم ويتذكّرانه يوم ذكّرهما به عُمر رضي الله عنه ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم :
" لا نورث ما تركناه صدقة " .
فيلزم من تكذيبنا لهذا الخبر لانفراد أبي بكر به – كما يَزعم بعضهم – أن نُكذّب العباس وعليّ رضي الله عنهما ، لأنهما وافقا أبا بكر عليه ، وشهدا بِصحّة قول عمر .
وهما يشهدان عليه شهادة بعد أن نشدهما عمر رضي الله عنه فقال : أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ما تركناه صدقة ؟
فهل شهدا على كذب وزور ؟؟ سبحانك هذا بهتان عظيم .
وعند أبي داود أن العباس وعلي دخلا على عمر وعنده طلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد وهما يختصمان فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد : ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل مال النبي صلى الله عليه وسلم صدقة إلا ما أطعمه أهله وكساهم إنا لا نورث ؟ قالوا : بلى .
يعني كل هؤلاء شهدوا على صدق عمر رضي الله عنه وعلى صدق أبي بكر رضي الله عنه ثم تأتي الرافضة لتّكّذّب الأخيار الأبرار !!!
والحديث لم ينفرد به أبو بكر رضي الله عنه بل رواه عمر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين .
الوجه الثالث : أن الله خصّ نبيّه بشيء لم يخصّ به غيره ، وهو الفيء ، وهو الغنائم التي أُخِذت من غير قِتال .
وخصّ بني هاشم وبني المطّلب بسهم ذوي القربى ، فلا تحلّ لهم الصدقة – كما تقدّم – .
الوجه الرابع : هل ردّ عليّ رضي الله عنه هذا الميراث لورثته حينما تولّى الخلافة ؟!
الجواب : لا .
إذا يُقال في حق عليّ رضي الله عنه ما يُقال في حق أبي بكر وعُمر إذ لم يُعطيا فاطمة حقها من ميراث أبيها.
قد يقول قائل : فاطمة قد ماتت آنذاك .
(1/70)
والجواب : أن فاطمة رضي الله عنها وإن ماتت ، إلا أنه إذا كان لها حق في ميراث أبيها ، فهو لورثتها من بعدها .
فلماذا لم يَقسمه عليّ رضي الله عنه حينما تولّى الخلافة وصار الأمر له ؟!
بل لماذا لم يَقسِمه وقد وُكِل إليه ؟
وقد تقدم هذا .
الوجه الخامس : إذا كان رسول الله يُؤيِّد بالوحي – وهو كذلك – فلماذا لم يَقسِم أرض فدَك وسهمه في خيبر على ورثته ؟
فإن قيل : النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما يكون بعده .
فيُقال : فالله يعلم ما كان وما يكون ، ولم يأمر نبيّه صلى الله عليه وسلم بأن يَقسم ميراثه قبل موته لئلا تُظلَم ابنته .
وهل يُتصوّر أن الله أقرّ نبيّه على ظلم ابنته ؟!
أما في ظل عقيدة ( البداء ) التي يَعتقدها الرافضة والمستمدّة من عقائد اليهود التي تَنْسِب الجهل إلى الله فقد يجوز مثل هذا !
هذا إذا قلنا إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يَعلم ما يكون بعده على معتقد أهل السنة والجماعة ، أما على اعتقاد الرافضة من الأئمة يعلمون الغيب – كما تقدّم – فيلزم على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم يَعلم الغيب عند الرافضة ! ويلزم من هذا أن يكون علِم ما سيكون بعده في شأن ابنته ، ولم يُنصِفها .
أقول هذا من باب إلزام الرافضة ، وإلا فإن عقيدة أهل السنة والجماعة أنه لا يَعلم الغيب إلا الله
وليُعلم أن أهل السنة هم أعفّ الناس ألسنة ، وهم أكثر الناس تأدّبا مع مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فلا ينسبونه إلى الخطأ ، ولا إلى الجهل ، ولا إلى الظلم ، كما هو لازم دِين الرافضة وعقيدتهم وأقوالهم !
الوجه السادس : أن فاطمة رضي الله عنها ليست كبقيّة النساء .
كيف ؟
سألني مرّة بعض الرافضة : لماذا كل بنت ترِث من أبيها إلا فاطمة ؟
فأجبت : لأن كل بنت ليست بنت نبي غير فاطمة !
ولأن فاطمة هي بنت سيد المرسلين ، وخاتم النبيين ، فليست مثل سائر النساء ، ولا كَبقيّة البنات
(1/71)
وثمّة شُبهة يتمسّك بها الرافضة ، وهي قولهم : إن أبا بكر أنفذ وعد النبي صلى الله عليه وسلم لِجابر رضي الله عنه ، ولم يُورّث فاطمة من ميراث أبيها .
والجواب عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم وَعَد جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، فقال : لو قد جاء مال البحرين قد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ، فلم يجئ مال البحرين حتى قُبض النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر مُنادياً فنادى : من كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتنا . قال جابر : فأتيته فقلت : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا وكذا ، فحثى لي حثية فعددتها فإذا هي خمسمائة ، فقال : خُذ مثليها . رواه البخاري ومسلم .
فهذا من وفاء أبي بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم أن يُنفذ مُجرّد الوعد ، وهذا من حسنات أبي بكر ، والرافضة تعدّه من مساوئه !
والرافضة تقول : لماذا صدّق أبو بكر جابر فيما قال ، ولم يُصدق فاطمة رضي الله عنها ؟
والجواب :
أن جابر بن عبد الله يُخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وَعَدَه ، ومن وفاء أبي بكر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنفذ وعده لجابر رضي الله عنه .
وأما فاطمة فإنها لم تقل وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم . بل تُطالب بحقها من ميراث أبيها حيث فهمت أن لها الحق في ميراث أبيها ، فهي رضي الله عنها ما قالت : وعدني أبي صلى الله عليه وسلم .
فأبو بكر رضي الله عنه لم يُكذّب الزهراء رضي الله عنها ، وإنما أفهمها أن ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم صَدَقة بنصّ قولِه عليه الصلاة والسلام .
(1/72)
ويدل عليه ما رواه الترمذي عن فاطمة أنها جاءت إلى أبي بكر فقالت : من يرثك ؟ قال : أهلي وولدي . قالت : فما لي لا أرث أبي ؟ فقال أبو بكر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا نُورَث . ولكني أَعُول من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوله ، وأنفق على من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُنفِق عليه .
وثمّة شُبهة يتشبّث بها الرافضة في هذا السياق ، وهي :
أن النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بَضْعَة مني فمن أغضبها أغضبني . رواه البخاري .
تقول الرافضة : إن أبا بكر أغضب فاطمة رضي الله عنها ، فهو داخل في هذا الحديث .
وليس الأمر كما زعموا ، فإن أبا بكر رضي الله عنه عمِل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما سيأتي ، وعمِل بما اتفق عليه الخلفاء من بعده ووافقوه عليه بما في ذلك عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه .
فهل يُقال : إن علياً رضي الله عنه أغضب فاطمة بهذا ؟
والجواب عن ذلك من وُجوه :
الأول : سبب وُورد الحديث ، وهو خِطبة عليّ رضي الله عنه ابنة أبي جهل .
وذلك أن ن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما سمعت بذلك فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له : إن قومك يتحدثون إنك لا تغضب لبناتك ! وهذا عليّ ناكحا ابنة أبي جهل . قال المسور : فقام النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته حين تشهد ثم قال : أما بعد فإني أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدّثني فصدقني ، وإن فاطمة بنت محمد مضغة مني ، وإنما أكره أن يفتنوها ، وإنها والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد أبدا . قال : فَتَرَكَ عليّ الخطبة . رواه البخاري ومسلم .
الثاني : أن أبا بكر عمِل بما عمِل به الخلفاء من بعدِه ، وهذا يعني أنه على الحق ، فالغضب الذي يُغضب فاطمة والذي يَغضب له النبي صلى الله عليه وسلم ما كان في حقّ ، أي ما كانت فيه مُحقّة .
(1/73)
ونحن لا ندّعي العِصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفاطمة سيدة نساء العالمين ، وهي من بنات آدم تغضب كما يَغضبون .
بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك عن نفسه ، فقال : اللهم إنما أنا بشر ، فأيّ المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا . رواه مسلم .
الثالث : أن علياً رضي الله عنه أغضَب فاطمة مرّة ، فهل يُمكن أن يُقال إن علياً رضي الله عنه أغضب فاطمة فغضبت عليه ، أو غاضبها ثم خَرَج من عندها ، أنه بفعله ذلك أغضب النبي صلى الله عليه وسلم ؟
روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد علياً في البيت ، فقال : أين ابن عمك ؟ قالت : كان بيني وبينه شيء ، فغاضبني ، فخرج فلم يَقل عندي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان : انظر أين هو . فجاء فقال : يا رسول الله هو في المسجد راقد . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شِقه وأصابه تراب ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول : قُم أبا تراب ، قَم أبا تراب .
فلو كان هذا الإغضاب من عليّ سبب في غضب النبي ما مسح عنه التراب ، ولا مازحه بقوله هذا .
الرابع : أن أبا بكر رضي الله عنه عَرَف لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حقّهم ، وما كان يسرّه أن تموت فاطمة وهي غضبى عليه . فقد طَلَب رضاها قبيل موتها .
فقد حدّث الشعبي قال : لما مرضت فاطمة أتى أبو بكر فاستأذن ، فقال عليٌّ : يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك ، فقالت : أتحبّ أن آذن له ؟ قال : نعم . فأذِنَتْ له ، فدخل عليها يترضّاها ، وقال : والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضاة الله ورسوله ومرضاتكم أهل البيت . قال : ثم ترضّاها حتى رَضِيَتْ . رواه البيهقي في الكبرى وفي الاعتقاد .
قال الذهبي في سيرة سيدة نساء العالمين رضي الله عنها :
(1/74)
ولما توفي أبوها تعلقت آمالها بميراثه ، وجاءت تطلب ذلك من أبي بكر الصديق ، فحدّثها أنه سمع من النبي يقول : لا نورث ما تركنا صدقة ، فَوَجَدَتْ عليه ، ثم تعللت . اهـ .
ومما يدلّ على رضاها عنه أنها رضي الله عنها أوصَتْ أن تُغسِّلها أسماء بنت عُميس امرأة أبي بكر رضي الله عنها وعنه .
قال ابن كثير : ولما حضرتها الوفاة أوْصَتْ إلى أسماء بنت عميس امرأة الصديق أن تغسلها ، فغسلتها هي وعلي بن أبي طالب وسلمى أم رافع ، قيل : والعباس بن عبد المطلب . وما رُوي من أنها اغتسلت قبل وفاتها وأوصت أن لا تُغَسّل بعد ذلك فضعيف لا يُعوّل عليه ، والله أعلم .
فلو كانت تجِد في نفسها على الصدِّيق رضي الله عنه لما أوصَتْ أن تُغسِّلها امرأته ، ولكانت بمنأى عن أهل بيت أغضبوها وغصبوها حقّها – كما تزعم الرافضة – .
قال الرافضي :
السؤال الثالث عشر :
أن الله سبحانه وتعالى أرسل 124000 نبي لهداية البشر .. فهل نقل عن أي نبي من هؤلاء أن صحابته لم يحضروا مأتمه ؟ وأنهم تنازعوا المنصب بعده ؟
الردّ :
يُقال في هذا العدد ما قيل فيه سابقاً .
ثم يُقال : وهل نُقِل عن نبي من الأنبياء أنه عُمِل له مأتم ؟ كما هو دِين الرافضة !
الذي لا يكاد يخلو شهر من الشهور من مأتم !
وهذا يدل على أن المآتِم ليست من دين الأنبياء ، وإنما هي من دِين الرافضة الذين اتّخذوا الأئمة آلهة !
ولم يتنازَع الصحابة رضي الله عنهم المنصب بَعده .
ومن تعنيه بالانشغال بالمنصب هو من كان حضر دَفنه ، فإن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يَدروا أين يقبرون النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال أبو بكر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لن يُقبر نبي إلا حيث يموت . فأخّروا فراشه وحَفَروا له تحت فراشه . رواه الإمام أحمد .
(1/75)
وحدّث ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أرادوا أن يَحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوا إلى أبي عبيدة بن الجراح وكان يضرح كضريح أهل مكة ، وبعثوا إلى أبي طلحة وكان هو الذي يحفر لأهل المدينة وكان يلحد ، فبعثوا إليهما رسولين فقالوا : اللهم خِر لرسولك ، فوجدوا أبا طلحة فجيء به ولم يوجد أبو عبيدة ، فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فلما فرغوا من جهازه يوم الثلاثاء وُضع على سريره في بيته ، ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا يُصلّون عليه حتى إذا فرغوا أَدْخَلوا النساء حتى إذا فرغوا أدْخَلوا الصبيان ، ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد . لقد اختلف المسلمون في المكان الذي يُحفَر له ، فقال قائلون : يُدفَن في مسجده ، وقال قائلون : يُدفن مع أصحابه ، فقال أبو بكر : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما قُبِض نبيّ إلا دُفن حيث يُقبض . قال : فرفعوا فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي عليه فحفروا له ثم دُفِن صلى الله عليه وسلم وسط الليل من ليلة الأربعاء ، ونزل في حفرته علي بن أبي طالب والفضل بن العباس وقثم أخوه وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه ابن ماجه .
فهل الذين دَخَلوا عليه أرسالاً يُصلّون عليه كانوا يتنازعون المنصب آنذاك ؟!
ثم إن الأمم الماضية كانت تسوسها الأنبياء ، فليس ثم منصب خلافة .
قال عليه الصلاة والسلام : كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي . رواه البخاري ومسلم .
والأمة قد افترقت رغم حرص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على وِحدة الصف واجتماع الكلمة ، فكيف لو ضُيِّع هذا المنصب ؟
قال الرافضي :
السؤال الرابع عشر:
(1/76)
إذا كان عمر ابن الخطاب مُصيبا عندما رفض طلب النبي للدواة والقلم ليكتب كتابا لن يضل به أحد بعده ... فما هي العبرة المستفادة من لا وعي النبي يومها كسنة لنطبقها لأن فعل النبي سنة ؟
وما هو مصير من يتعرض للنبي بهذه الطريقة ؟
الردّ :
وما مصير من يسب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ويُسيء الأدب مع أصهاره صلى الله عليه وسلم ؟!
فعُمر رضي الله عنه هو والِد حفصة أم المؤمنين ، وهو زوج أم كلثوم بنت عليّ .
وعثمان رضي الله عنه هو زوج ابنتي النبي صلى الله عليه وسلم .
ولم يُعرف عن أحد أنه جَمَع ابنتي نبيّ ، أي تزوّج بهما الواحدة بعد الأخرى ، سوى عثمان رضي الله عنه ، ومع ذلك لم يَسْلَم من أذى الرافضة وسبِّهم وشتمهم ولعنهم !
ومن آذى أصهار النبي صلى الله عليه وسلم فقد آذى النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس من آذى عَمِّي فقد آذاني .
ونحن نقول : ومن آذى أصهاره فقد آذاه صلى الله عليه وسلم .
وأما قول الرافضي إن عمر رفض طلب النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا لا يصحّ ، وإنما قال عُمر رضي الله عنه ذلك من باب التأدّب مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولعدم رفع الصوت عنده صلى الله عليه وسلم ، ولكراهته لِلّغط عنده صلى الله عليه وسلم .
ثم إن ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَكتبه قاله ونُقِل إلينا .
فإنه عليه الصلاة والسلام لما قال : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا . فتنازعوا - ولا ينبغي عند نبي تنازع – ثم قال : دَعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه . وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجِيزوا الوفد بنحو ما كنت أُجيزهم . قال الراوي : ونسيت الثالثة . رواه البخاري ومسلم .
(1/77)
وسَبَق أنه عليه الصلاة والسلام قال لعائشة رضي الله عنها وهو في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى مُتَمَنٍّ ويقول قائل : أنا أولى . ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر . رواه مسلم .
فهذا مما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوله ويَكتبه .
وعُمر رضي الله عنه كان ينهى عن رفع الصوت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي مسجده في حياته وبعد موته .
روى البخاري من طريق السائب بن يزيد قال : كنت قائما في المسجد فحصبني رجل ، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب ، فقال : اذهب فأتني بهذين ، فجئته بهما . قال : من أنتما ؟ أو من أين أنتما ؟ قالا : من أهل الطائف . قال : لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ! ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فأنكر عمر رضي الله عنه رَفع الصوت عند النبي صلى الله عليه وسلم في حال حياته ، وأنكر رفع الصوت في مسجده صلى الله عليه وسلم بعد مماته .
وهذا الرافضي يعتبر ذلك مَنقصة في حق عُمر !
قال الرافضي :
السؤال الخامس عشر :
إذا كان الشيعة هم من خذل الحسين وقتله كما يجعجع بعض الجهلة ؟ فلماذا لم ينصره السنة ؟
وفي أي موقف كانوا يومها ؟
في أي معسكر ؟
هل كانوا جانيا فخذلوه أم كانوا في معسكر يزيد ؟
أم لم يكونوا موجودين أصلا ؟
أم كانوا في رحلة في جزر المالديف..؟
الردّ :
لن أرد عليك بحقائق التاريخ الساطعة الناصعة ، وإنما سوف أرد عليك في جواب هذا السؤال بما أثبته أئمة الشيعة الرافضة من أن الذين زعموا محبة الحسين هم من خَذَله !
وقال الإمام الحسين رضي الله عنه في دعائه على شيعته :
اللهم إن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقاً، واجعلهم طرائق قدداً ، ولا ترض الولاة عنهم أبداً، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا . (الإرشاد للمفيد 241).
ودعا عليهم مرة أخرى ، فقال :
(1/78)
لكنكم استسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الدّبا ، وتهافتم كتهافت الفراش ، ثم نقضتموها ، سفهاً وبعداً ، وسحقاً لطواغيت هذه الأمة وبقية الأحزاب ونَبَذة الكتاب ، ثم انتم هؤلاء تتخاذلون عنا وتقتلوننا ، ألا لعنة الله على الظالمين . (الاحتجاج للطبرسي 2/24) .
وقال السيد محسن الأمين :
بَايَع الحسين من أهل العراق عشرون ألفاً ، غَدروا به وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم ، وقتلوه . (أعيان الشيعة/القسم الأول 34) .
وقال الإمام زين العابدين لأهل الكوفة :
هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه ، وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق ثم قاتلتموه وخذلتموه ؟ بأي عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول لكم : قاتلتم عِترتي وانتهكتم حرمتي ، فلستم من أمتي . (الاحتجاج 2/32).
وقال أيضا :
إن هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم ؟! (الاحتجاج 2/29).
وقالت فاطمة الصغرى في خطبة لها في أهل الكوفة :
يا أهل الكوفة ، يا أهل الغدر والمكر والخيلاء ، إنا أهل البيت ابتلانا الله بكم ، وابتلاكم بنا فجعل بلاءنا حسناً . فكفرتمونا وكذبتمونا ورأيتم قتالنا حلالاً وأموالنا نهباً . كما قتلتم جدنا بالأمس ، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت . تباً لكم ! فانتظروا اللعنة والعذاب فكأن قد حلّ بكم ... ألا لعنة الله على الظالمين . تباً لكم يأهل الكوفة ، كم قرأت لرسول الله صلى الله عليه وآله قبلكم ، ثم غدرتم بأخيه علي بن أبي طالب وجدي ، وبنيه وعترته الطيبين .
فَرَدّ علينا أحد أهل الكوفة [ ممن يدّعون محبة آل البيت ] فقال :
نحن قتلنا علياً وبني علي *** بسيوف هندية ورماحِ
وسبينا نساءهم سبي تركٍ *** ونطحناهمُ فأيُّ نطاحِ (الاحتجاج 2/28) .
وقالت زينب بنت أمير المؤمنين لأهل الكوفة :
(1/79)
أما بعد يا أهل الكوفة ، يا أهل الختل والغدر والخذل . إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ، هل فيكم إلا الصلف والعجب والشنف والكذب ؟ أتبكون أخي ؟ أجل والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً فقد ابليتم بِعارِها . وأنى ترخصون قتل سليل خاتم النبوة . (الاحتجاج 2/29-30).
هذا ما أثبتته مصادر الرافضة قبل غيرهم !
وقد علِم الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه بأن الذين يدّعون محبة الحسين إنما هم كَذّبَة .
فقد قال لأخيه الحسين رضي الله عنه :
يا أخي إن أبانا رحمه الله تعالى لما قُبض رسول الله استشرف لهذا الأمر ورجا أن يكون صاحبه ، فصرفه الله عنه ، ووليها أبو بكر ، فلما حضرت أبا بكر الوفاة تشوّف لها أيضا فصُرفت عنه إلى عمر ، فلما احتضر عمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم ، فلم يشك أنها لا تعدوه فصُرفت عنه إلى عثمان ، فلما هلك عثمان بُويع ثم نُوزع حتى جرّد السيف وطلبها فما صَفَا لَه شيء منها ، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة ، فلا أعرفن ما استخفّك سفهاء أهل الكوفه فأخرجوك .
وأما أهل السنة فما أخرجوه من داره ولا وَعدوه بالنُّصرة ، ولا زعموا أن الكوفة بل العراق كلها تحت أمره ..
ما كان أهل السنة أهل ثورة وفِتنة !
وإنما كان ذلك في أهل الرفض ، فهم الذين يَزعمون أنهم أهل ثورة !
ويَنسبُون ذلك إلى بعض الصحابة ، كعمّار بن ياسر والحسين بن علي رضي الله عنهم .
فهل علِمت مَن قَتَل الحسين ؟ ومن الذي أخرجه ثم خذَله ؟
شهِد بهذه الحقيقة علماء الرافضة قبل غيرهم .
قال الرافضي :
السؤال السادس عشر:
(1/80)
إذا كان لا وجود لأي خلاف بين علي والخلفاء الثلاثة ممن سبقه ، فلماذا لم يحمل علي سيفه على عاتقه ويشارك في المعارك التي خاضها هؤلاء الخلفاء ضد الكفار خصوصا وأن الجهاد واجب عيني يومها في كثير من المعارك ... بينما نجده حينما استلم الخلافة وهو في سن متأخرة حمل سيفه على عاتقه في حربه في صفين والجمل ؟
الردّ :
ها أنت تُسيء إلى أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه المرّة تِلو الأخرى !
هل كان عليّ جباناً بحيث يقبع في بيته ، ولا يُشارك في الجهاد ؟ ولا يأخذ بِحقّه المغصوب – بزعمكم – ؟
أحد أمرين :
إما أنه يرى بيعة أبي بكر – وهذا ما تقدّم تقريره بقوله وفِعله – وإقراره أحكام أبي بكر .
وإما أنه لا يراها . فلماذا انزوى وسَكَت – كما تدّعون – ؟!
إما أن يكون شُجاعاً يقوم على رؤوس الناس ويُحرّضهم على أخذ حقّه
وإما أن يَنْزَوي ويكون جباناً .
فأيهما تختار ؟ طالما أنك تدّعي وُجود خلاف !
أما من أخذ بالقول الصحيح وهو أن عليّ بن أبي طالب كان يرى صحّة البيعة لأبي بكر ، فإنه لا يَلزمه شيء من ذلك !
نعم .. كان هناك خلاف يسير في أول الأمر ثم بايَع عليّ أبا بكر وانتهى الخلاف .
روى البخاري ومسلم عن عائشة حديثاً طويلاً – وفيه – :
(1/81)
وكان لعلي من الناس وجْه حياة فاطمة ، فلما توفيت استنكر عليٌّ وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ، ولم يكن يبايع تلك الأشهر ، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك ... فدخل عليهم أبو بكر فتشهد عليٌّ فقال : إنا قد عرفنا فضلك ، وما أعطاك الله ، ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك ، ولكنك استبددت علينا بالأمر ، وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبا ، حتى فاضت عينا أبي بكر ، فلما تكلم أبو بكر قال : والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إليّ أن أصل من قرابتي ، وأما الذي شَجَرَ بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير ، ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته . فقال عليٌّ لأبي بكر : موعدك العشيّة للبيعة ، فلما صلى أبو بكر الظهر رقي على المنبر فتشهد وذكر شأن عليّ وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه ، ثم استغفر وتشهد عليٌّ فعظّم حق أبي بكر وحدّث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضّله الله به ، ولكنا نرى لنا في هذا الأمر نصيباً فاستبد علينا ، فوجدنا في أنفسنا ، فَسُرّ بذلك المسلمون وقالوا : أصبت . وكان المسلمون إلى عليّ قريبا حين راجع الأمر المعروف .
فهذا عليّ رضي الله عنه قد شهد بِفضل أبي بكر وبإمامته ، بل وبايعه بعد أشهر .
فهل يبقى بعد ذلك مجالا لقائل أن يقول : إن عليا كان يرى أن أبا بكر غصبه حقّه .
فلو كان كذلك لَما بايَعه ، ولما اعترف بِفضله .
وأما أنه لم يَحمِل سيفه فقد كان الخلفاء يستشيرونه ، ويَعرفون له فضله ، ولهذا كان يبقى في المدينة .
وهذا ثابت في كُتب السنة والشيعة ( الرافضة ) .
فإن مما يُروى في كُتب الرافضة قول عمر : أعوذ بالله من معضلة ولا أبو حسن لها .
وهو مُثبت في كُتب أهل السنة .
قال ابن كثير : وكان عمر يقول : أعوذ بالله من معضلة ولا أبو حسن لها .
(1/82)
وذَكَر ابن حزم الظاهري أن هذا القول جاء عن معاوية رضي الله عنه .
وكذلك ذَكَره ابن الأثير في النهاية .
وكان عُمر رضي الله عنه يستشير عليّ بن أبي طالب وعمّه العباس .
قال ابن كثير في ذِكر نهاوند :
فصعد عُمر المنبر حتى اجتمع الناس فقال : إن هذا يوم له ما بعده من الأيام ، ألاَ وإني قد هممت بأمر فاسمعوا وأجيبوا وأوجزوا ، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم . إني قد رأيت أن أسير بمن قبلي حتى أنزل منزلا وسطا بي هذين الْمِصْرَين فأستنفر الناس ، ثم أكون لهم ردءا حتى يفتح الله عليهم ، فقام عثمان وعليّ وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف في رجال من أهل الرأي فتكلم كل منهم بانفراده فأحسن وأجاد ، واتفق رأيهم على أن لا يسير من المدينة ولكن يبعث البعوث ويحضرهم برأيه ودعائه ، وكان من كلام عليّ رضي الله عنه أن قال : يا أمير المؤمنين إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قِلة ، هو دينه الذي أظهر وجنده الذي أعزّه وأمدّه بالملائكة حتى بلغ ما بلغ ، فنحن على موعود من الله ، والله منجز وعده وناصر جنده ، ومكانك منهم يا أمير المؤمنين مكان النظام من الخرز يجمعه ويمسكه ، فإذا انحلّ تفرّق ما فيه وذهب ، ثم لم يجتمع بحذافيره أبداً ، والعرب اليوم وإن كانوا قليلا فهم كثير عزيز بالإسلام ، فأقِم مكانك واكتب إلى أهل الكوفة فهم أعلام العرب ورؤساؤهم فليذهب منهم الثلثان ويُقيم الثلث ، واكتب إلى أهل البصرة يُمِدّونهم أيضا . وكان عثمان قد أشار في كلامه أن يُمدّهم في جيوش من أهل اليمن والشام ، ووافق عمر على الذهاب إلى ما بين البصرة والكوفة فَرَدّ عليّ على عثمان في موافقته على الذهاب إلى مابين البصرة والكوفة ، كما تقدم ، وَرَدّ رأي عثمان فيم أشارّ بِهِ من استمداد أهل الشام خوفاً على بلادهم إذا قلّ جيوشها من الروم ، ومن أهل اليمن خوفاً على بلادهم من الحبشة ، فأعجب عمر قول عليٍّ وسُرّ به ، وكان عمر إذا استشار أحدا
(1/83)
لا يُبْرِم أمرا حتى يشاور العباس . اهـ .
واستشاره عمر رضي الله عنه في فتح بيت المقدس ، وفي فتح المدائن .
وكان عمر رضي الله عنه يستخلفه على المدينة إذا خَرج عُمر رضي الله عنه لِحجّ أو عمرة أو فتوحات .
وكانت علاقة عليّ رضي الله عنه بِعُمر علاقة الأخ بأخيه .
أخرج ابن أبي شيبة من طريق أبي السفر قال : رُئي على عليّ بُرد كان يكثر لبسه . قال فقيل له : إنك لتكثر لبس هذا البرد . فقال : إنه كسانيه خليلي وصفيي وصديقي وخاصّي عمر . إن عمر ناصح الله فنصحه الله ، ثم بكى .
وأقطَع عمر علياً ينبع .
وروى جعفر بن محمد ( الصادق ) عن أبيه أن عُمر جَعَل للحسين مثل عطاء عليّ ، خمسة آلاف
وهذا يدلّ أيضا على شرعية خلافة عمر رضي الله عنه ، وإقرار عليّ بذلك ، بل وإقرار أولاده من بعده .
فإن عمر رضي الله عنه أعطى للحسين بن عليّ ابنة يزدجرد ، وهي من سبي الفُرس ، فولدتْ له زين العابدين ، ومن هذا النسل تتابع الأئمة الذين اتّخذهم الرافضة أئمة من الأئمة الاثنا عشر .
فعِماد دين الرافضة قائم على هِبة وأعطية أعطاها عُمر رضي الله عنه للحسين بن علي رضي الله عنهما .
كما كان يحضر مجلس الخلافة في زمن عثمان رضي الله عنه ، وكان عثمان يستشيره .
ولم يقتصر الحضور على عليّ رضي الله عنه بل إن الحسن كان يحضر مجلس عثمان رضي الله عنه
(1/84)
روى الإمام مسلم في صحيحه من طريق حُضَين بن المنذر أبو ساسان قال : شهدت عثمان بن عفان وأُتِيَ بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ، ثم قال : أزيدكم فشهد عليه رجلان - أحدهما حمران - أنه شرب الخمر ، وشَهِد آخر أنه رآه يتقيأ ، فقال عثمان : إنه لم يتقيأ حتى شربها ، فقال : يا علي قُم فاجلده ، فقال عليّ : قُم يا حَسَن فاجلده ، فقال الحسن : وَلِّ حارها من تولى قارّها ، فكأنه وَجَدَ عليه ، فقال عليّ : يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده ، فجلده وعليّ يَعُدّ حتى بلغ أربعين ، فقال : أمسِك ، ثم قال : جَلَدَ النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ، وَجَلَدَ أبو بكر أربعين ، وعمر ثمانين ، وكلّ سُنَّة ، وهذا أحب إليّ .
فهذا الحديث فيه ردود وليس ردّاً على الرافضة !
ففيه أن عليّاً رضي الله عنه كان يحضر مجلس عثمان
وأنه كان يُقرّ عثمان على إقامة الحدود ، ولو كانت ولاية عثمان غير شرعية ، فهل كان يُقرّ أو يأمر من يُقيم الحد ، والآمِر به عثمان رضي الله عنه ؟
وفيه إقرار عليّ عُمرَ على فعله في تحديد الجلد بـ 80 ، وقد تقدّم هذا في أول الإجابات .
إلى غير ذلك مما يجهله الرافضة !
وكان في زمان الخلفاء من يُقاتِل ويَقود الجيوش ، أما في زمان عليّ رضي الله عنه فقد هَلَك كثير من القادة .
فسيف الله خالد بن الوليد مات قبل خلافة عليّ ، والنعمان بن مُقرّن استُشهد في نهاوند في خلافة عمر ، وغيرهم كثير ، مما جَعَل علي بن أبي طالب يحمل سيفه ويقود الجيوش بنفسه .
مع ما ناء به من أعباء الخلافة ، حيث كان يرى أن المسؤولية أُلقيَت على عاتقه .
فهذه من أسباب عدم كثرة خروجه للقتال في زمن الخلفاء الثلاثة قبله ، وخروجه للقتال في زمنه
قال الرافضي :
السؤال السابع عشر:
(1/85)
إن كتب أهل السنة مليئة بالأحاديث عن رسول الله(ص) والتي يرويها عمر وعائشة وابن عمر وأبو هريرة بينما لا نجدها تحوي إلا القليل القليل من الأحاديث التي يرويها علي وفاطمة والحسن والحسين الذين تربوا في أحضان النبي ورأوه أكثر مما رآه غيرهم ؟
ما السبب ... هل عدم وجود طريق صحيح إليهم ؟
طيب نسال لماذا لم يوجد هذا الطريق الصحيح ... هل كان كل من يصاحب أهل البيت من غير الثقاة ... ولماذا لم يرو ثقاتهم عن أئمة أهل البيت اللاحقين الذين عاصروا البخاري ومسلم إلا القليل ... هل كانت روايات أهل البيت لا تعجب حفاظ السنة!
الردّ :
بل أهل السنة يَروون عن أئمة آل البيت .
والمسألة تحتاج إلى تفصيل :
أولاً :
ليس المقياس هو القُرب من النبي صلى الله عليه وسلم أو البُعد ، ولا تقدّم الإسلام أو تأخّره ، وإنما المقياس التفرّغ لهذا الشأن ، والتحديث بما سَمِع .
فعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما كان يَكتب الأحاديث ، وله صحيفة معروفة بالصحيفة الصادقة ، وشهِد له أبو هريرة بكثرة الأحاديث ، فقال أبو هريرة رضي الله عنه : ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب ولا أكتب . رواه البخاري .
وجاء عن عبد الله بن عمرو أنه تفرّغ للعبادة وانقطع لها ، ولهذا لم يُكثر التحديث .
وخبره في الصحيحين .
وجاء عن غير واحد ممن كَتَبوا أنهم أحرقوا تلك الصُّحُف ، وأمَروا الناس أن يعتمِدوا على حِفظهم ..
إلى غير ذلك من الأسباب التي تجعل الراوي أكثر أو أقل من غيره في الرواية .
وعلى سبيل المثال :
أحاديث أبي بكر رضي الله عنه قليلة ، وذلك لاشتغاله بأعباء الخلافة ، وبحروب الردّة .
وخالد بن الوليد قليل الحديث جداً ، وذلك لاشتغاله بالجهاد والمرابَطة .
وعُمر أيضا ليس من المكثرين .
(1/86)
ولذا قال أبو هريرة رضي الله عنه : إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة ! ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا ، ثم يَتلو : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ ) إلى قوله ( الرَّحِيمُ ) إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق ، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم ، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بِشبع بطنه ، ويحضر ما لا يحضرون ، ويحفظ ما لا يحفظون . رواه البخاري ومسلم .
ثانياً :
الحسن رضي الله عنه وُلِد في السنة الثالثة والحسين رضي الله عنه في السنة الرابعة من الهجرة ، فعلى هذا تكون أعمارهم دون العاشرة عند موت النبي صلى الله عليه وسلم ، وتقريبا قُرابة سبع وست سنوات ، وهم يُعدّون من صغار الصحابة .
ولذلك لما قال أبو الحوراء السعدي للحسن بن علي : ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أذكر أني أخذت تمرة من تمر الصدقة فألقيتها في فمي ، فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعابها فألقاها في التمر . رواه الإمام أحمد .
ثالثاً : بالنسبة لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فإن الحقيقة أن مروياته عند أهل السنة أكثر من مروياته عند الرافضة !
قَلِّب الكافي مثلا تجد أن الرواية عن جعفر الصادق – مثلا – أكثر من الرواية عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه .
وقلّب الكافي فلا تكاد تجد رواية عن الحسن بن عليّ رضي الله عنه إلا نادراً .
وأما كتب أهل السنة ففي مسند الإمام أحمد فقط لِعليّ رضي الله عنه (819) حديثا بالمكرر .
ولعليّ رضي الله عنه في مسند بَقيّ بن مخلد (586) حديثا .
وله رضي الله عنه في الكُتُب الستة (322) حديثاً .
واتفق البخاري ومسلم على (20) حديثا ، وانفرد البخاري بـ (9) ومسلم بـ (15) حديثا .
(1/87)
يقول الدكتور علي الصِّلابي : ويُعتبر أمير المؤمنين عليّ أكثر الخلفاء الراشدين رواية لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا راجع إلى تأخّر وفاته عن بقية الخلفاء ، وكثرة الرواة عنه . اهـ .
وأما سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء رضي الله عنها فلم تُعمّر طويلا بل توفّيت بعد وفاة أبيها صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ، عاشَتْ أربعاً أو خمساً وعشرين سنة .
ولذلك قَلَّتْ مروياتها ، وأحسب أن مروياتها عند أهل السنة أكثر منها عد الرافضة !
ولكي تعرف أن أهل السنة لا يتحيّزون ضد آل البيت ، بل هم محل تقدير ، أن في مسند الإمام أحمد - وهو يُعتبر من أضخم الموسوعات الحديثية - المجلد الأول منه لأحاديث الخلفاء الثلاثة ( أبي بكر وعمر وعثمان ) والمجلّد الثاني كاملا لأحاديث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه .
فبلغت أحاديث الخلفاء الثلاثة (561) حديثا ، في حين بلغت أحاديث علي بن أبي طالب (819) حديثا .
فهل بعد هذا يُتّهم أهل السنة أنهم لا يَروون عن آل البيت ؟!
وهم يَروون لعليّ رضي الله عنه أكثر من ثلاثة من الخلفاء !!
رابعاً : آل البيت ليسوا محصورين بِعليّ وفاطمة والحسن والحسين ، كما أن ذرية الحسين ليست محصورة في الباقر – كما تقدّم – .
ويكاد يكون عُمدة أهل السنة في التفسير حبر الأمة وتُرجمان القرآن ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أعني ابن عباس رضي الله عنهما .
وهو لا يُعتبر عُمدة في التفسير عند الرافضة ، بل العُمدة في الأئمة المعصومين – زعموا – !
وانظر إلى مرويات ابن عباس رضي الله عنهما في كُتب السنة أو في كُتب التفسير تجد أنها ليست بالقليلة بل هي كثيرة جداً .
ومسند ابن عباس ( 1660) حديثاً ، وله في الصحيحين (75) وانفرد البخاري له بـ (120) ومسلم بـ (9) .
ولابن عباس في تفسير ابن جرير الطبري (5809) روايات .
خامساً :
قول الرافضي : (هل كان كل من يصاحب أهل البيت من غير الثقاة) ؟
(1/88)
فالجواب في كُتُب الرافضة ، من أن بعض من صحب أئمة آل البيت كانوا كذلك .
وإليك بعض ما جاء فيها :
جابر بن يزيد الجعفي :
روى الكشّي في معرفة أخبار الرجال عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أحاديث جابر ، فقال : ما رأيته عند أبي قطّ إلا مرة واحدة ، وما دَخَل عليّ قطّ .
وجابر الجعفي هذا رافضي يُقال في كُتب الرافضة أنه روى سبعين ألف حديث عن الأئمة !
مفضّل بن عمر :
روى الكشي عن حماد بن عثمان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول للمفضل بن عمر : يا كافر ! يا مشرك ! مالك ولابني ؟ يعني إسماعيل بن جعفر .
وقد نبّه الكشي على أن المفضل بن عمر كان يكذب على جعفر الصادق يستأكل الناس .
أبو بصير الليث المرادي :
روى الكشي عن أبي يعفور قال : خرجنا من السواد نطلب دراهم لنحجّ ، ونحن جماعة ، وفينا أبو بصير المرادي قال : قلت له : يا أبا بصير اتق الله وحجّ بِمالِك ، فإنك ذو مال كثير . فقال : اسكت ! فلو أن الدنيا وقعت لصاحبك لاشتَمَل عليها بِكسائه !
وكان يقول عن جعفر الصادق : أظنّ صاحبنا ما تكامل عقله !
زرارة بن أعين :
في رجال الكشي عن الإمام الصادق أنه قال في حقّ زرارة : زرارة شرّ من اليهود والنصارى !
وفي المصدر المذكور عن أبي عبد الله عليه السلام : لعن الله زرارة ، لعن الله زرارة ، لعن الله زرارة .
وفي كتاب الرجال للكشي وتنقيح المقال للمامقاني في عن زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التشهد فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . قلت : التحيات والصلوات ؟ قال : التحيات والصلوات ، فلما خرجت قلت : إن لقيته لأسألنه غدا فسألته من الغد عن التشهد ، فقال كمثل ذلك قلت : التحيات والصلوات ؟ قال : التحيات والصلوات . فلما خرجت ضَرَطْتُ في لحيته ، وقلت لا يفلح أبدا .
وزرارة هذا من أكثر الرواة في كُتب الرافضة !
(1/89)
فقد ذكر الخوئي أن مرويات زرارة تبلغ 2490 مورداً ، كما في كتاب رجال الشيعة للزرعي .
بريد بن معاوية العجلي :
روى الكشي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : لعن الله بريدا وزرارة .
فهذه نماذج ممن كانوا يلتفّون حول بعض الأئمة من آل البيت ، فهذا سبب واضح من أسباب قلّة الرواية عنهم .
وهؤلاء ممن كَذَب على الأئمة خاصة على جعفر الصادق ، ويكفي أن جابر الجُعفي روى سبعين ألف حديث عن الأئمة !
ومع ذلك يقول عنه أبو عبد الله : ما دَخَل عَلَيَّ قطّ .
وأما عند أهل السنة فإن هؤلاء الأئمة محلّ تقدير وإجلال ، وقد رووا عنهم بخلاف ما يُوهمه كلام هذا الرافضي !
قال الرافضي :
السؤال الثامن عشر :
إذا كان أبو بكر هو الأفضل بعد النبي لقربه من النبي فلماذا لم يختاره النبي يوم آخى بين المسلمين في الوقت الذي نراه آخى نفسه مع علي !؟
الردّ :
تقدّم قوله عليه الصلاة والسلام في حق أبي بكر رضي الله عنه :
لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخي وصاحبي .
ومعلوم أن القول أبلغ من الفعل .
ومع ذلك فإننا نُثبت فضل عليّ وفضل أبي بكر ، ولا يمتنع عقلا ولا شرعا أن يكون هذا له فضائل وهذا له فضائل .
بل قد يقول قائل : أيهما أفضل من زوّجه النبي صلى الله عليه وسلم بنتاً واحدة من بناته أو من زوّجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنتين من بناته ، زوّجه الأولى فلما ماتت زوّجه الثانية ؟
والجواب : من زوّجه ابنتيه أفضل ممن زوّجه بنتاً واحدة . وهو كذلك عند أهل السنة .
ونحن لا نُفضِّل بين الصحابة ولا بين الأنبياء على وجه يُنتقَص فيه آخر ، وإنما نذكر فضل هذا وفضل هذا .
ولا نغمط أحداً حقّه .
قال الرافضي :
السؤال التاسع عشر :
(1/90)
أن السيدة فاطمة بنت النبي ماتت بعد النبي بستة أشهر ، بينما مات أبو بكر بعد النبي بسنتين ونصف وعمر في وقت لاحق بعده ولكن بالرغم من تأخر موتهما عن موت فاطمة إلا أننا نجدهما دفنا إلى جانب النبي في الوقت الذي لم تنل فاطمة ابنه النبي التي غضبها من غضب النبي هذا المكان كقبر لها ؟
فهل هي التي أوصت أن تدفن بعيدا عن أبيها؟
إذا كان الجواب لا ، فهل هناك من منع دفنها بجانب أبيها ؟
وما السر في دفنها ليلا وعدم حضور أبو بكر وعمر لدفنها .. مع أن الإسلام ينتدب الخليفة والمسلمين لحضور جنازة أي شخص يموت حتى ولو كانت جارية مملوكة ؟
لقد ماتت ابنة سيد البشر فمن حضر جنازتها ؟
الردّ :
هذا القول فيه حق وباطل .
أما الحق فإن فاطمة رضي الله عنها ماتت بعد أبيها بستة أشهر .
وأما الباطل فهو الإيحاء بمنع دفن فاطمة إلى جوار أبيها .
ومثله ما ترويه الرافضة من منع دفن الحسن إلى جوار جدّه صلى الله عليه وسلم .
وهنا يُقال للرافضي : وهل أوصت فاطمة رضي الله عنها أن تُدفَن إلى جوار أبيها ورُفِضتْ هذه الوصية ؟
وهل كانت هناك عداوة – كالتي يحملها الرافضة – بين آل أبي بكر وآل البيت ؟
الجواب : لا
ثم إن أبا بكر استرضى فاطمة في آخر حياتها ، فرضيَت عنه ، وقد تقدّم هذا .
فـ فاطمة رضي الله عنها رضِيَتْ عن أبي بكر والرافضة رَفَضتْ أن تترضّى عن أبي بكر !
صاحبة الشأن رَضِيَتْ ، ومن ليس له شأن يسبّ ويلعن !
هذا والله من العجب العُجاب !
وتقدّم فيما سبق بيان القول الفصل في غضب فاطمة رضي الله عنها ، الذي هو من غضب أبيها صلى الله عليه وسلم .
وفي الوقت الذي نرى الرافضة يستعظمون غضب فاطمة رضي الله عنها لأن غضبها من غضب أبيها صلى الله عليه وسلم ، نجدهم يستهينون بغضبه صلى الله عليه وسلم ، إذ يسبُّون زوج ابنتيه رقية وزينت ، وهن أخوات فاطمة الزهراء رضي الله عنهن جميعاً .
فلماذا يُتحاشى غضب الرسول صلى الله عليه وسلم هنا ولا يُتحاشى هناك ؟!
(1/91)
الذي يسب ويلعن عثمان رضي الله عنه هو سابّ للنبي صلى الله عليه وسلم ومؤذٍ له ، فالنبي صلى الله عليه وسلم زوّجه بنتاً بعد أخرى .
أكان يخفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم حال عثمان ؟
فهبوا أنه خَفي عليه ، فهل يَخفى على من لا تخفى عنه خافية سبحانه وتعالى ، العالِم بحال عثمان ومآله بعد ذلك ؟
فهل وَجَدتْ الرافضة في مصاحفها أن الله غضَب على عثمان بعد أن رضي عنه ؟!
وهل وَجدوا أن النبي صلى الله عليه وسلم زوّج ابنتيه لملعون ؟
حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُصاهِر من لا يُرضى دينه وخُلُقه ، وحاشا عثمان رضي الله عنه أن لا يكون كذلك .
وفي الصحيحين أنها رضي الله عنها لما توفيت دفنها زوجها عليّ ليلا ، ولم يُؤذِن بها أبا بكر ، وصلّى عليها ، وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته .
فهذا يدل على أن علياً رضي الله عنه هو الذي دَفَنها ليلاً ، ولم توصِ هي رضي الله عنها بشيء ، لا من جهة دفنها إلى جوار أبيها ولا من جهة دفنها ليلاً .
وقد تكون وفاتها في آخر النهار أو في الليل فكرِه عليّ أن يؤذِن أبا بكر ، كما كرِه الصحابة أن يُؤذِنوا النبي صلى الله عليه وسلم في موت الذي كان يقمّ المسجد .
وقد يكون ذلك لما وقع أول الأمر من خلاف حول ما تَرَكه النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أن هذه الرواية تدل على رجوع عليّ رضي الله عنه ومُبايعته لأبي بكر بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها
ونحن لا ندّعي العصمة لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، فكلٌّ يؤخذ من قوله ويُترك .
ومما يَردّ على هذا الرافضي من أن فاطمة لم تُقبَر إلى جوار أبيها صلى الله عليه وسلم ، أن أبا بكر لم يَعلَم أصلاً بوفاتها ، وأن علياً دَفَنها بليل .
فلو كان عَرَض على عائشة أن يَدفنها إلى جوار أبيها صلى الله عليه وسلم هل كان هذا يخفى على أبي بكر رضي الله عنه ؟
(1/92)
ثم إن فاطمة رضي الله عنها كانت محل تقدير عند عائشة رضي الله عنها .
روى الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة من فاطمة ، إلا أن يكون الذي وَلَدها .
فلا يُتصوّر بعد هذا أن تكون عائشة تمنع فاطمة من أن تُقبَر إلى جوار النبي صلى الله عليه وسلم .
أما دَفن أبي بكر وعُمر إلى جوار النبي صلى الله عليه وسلم فهذا قد أجاب عنه إمام من أئمة آل البيت ، وهو زين العابدين رضي الله عنه ، وقد سُئل : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنْزِلتهما مِنه الساعة .
وأشار إليه الإمام عليّ رضي الله عنه فيما رواه عنه ابن عباس رضي الله عنهما .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : وُضِعَ عُمر على سريره فتكنّفه الناس يَدعون ويُصلون قبل أن يُرفع ، وأنا فيهم ، فلم يَرعني إلا رجل آخذ منكبي ، فإذا علي بن أبي طالب ، فَتَرَحَّم على عُمر وقال : ما خَلَّفْتُ أحداً أحبّ إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك ، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك ، وحسبت إني كنت كثيرا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ، ودخلت أنا وأبو بكر وعُمر ، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر . رواه البخاري ومسلم .
أما قوله : ( مع أن الإسلام ينتدب الخليفة والمسلمين لحضور جنازة أي شخص يموت حتى ولو كانت جارية مملوكة ؟ ) .
فهذا ليس بصحيح ، فالخليفة الذي ينوء بأعباء الخلافة لا يُكلّف بحضور جنازة كل مسلم .
وفاطمة رضي الله عنها دُفِنت ليلاً .
ومما رأيته يُروى في كُتب الرافضة زعمهم أن الحسن أوصى أن يُدفَن إلى جوار جدّه ، ويزعمون أن عائشة رضي الله عنها رَفَضَتْ ذلك .
وهذا غير صحيح لا من حيث الرواية ولا من حيث الدراية .
(1/93)
فهذه الرواية التي رواها الكليني في الكافي رواية مُنقطِعة وفيها مجاهيل ، فهو يَروي – كعادته - بإسناده عن ( عِدّة من أصحابنا ) وهذا يُعتبر من رواية المجاهيل . فمن هم هؤلاء الأصحاب ؟
وفي الإسناد :
علي بن إبراهيم ، وهو القُمِّي ، وهو شيخ الكليني ، والرافضة مختلفون في توثيق القُمِّي .
هارون بن الجهم يُخالف في حديثه .
ثم إنه من رواية أبي جعفر ، وأبو جعفر يَروي عن الحسن مُرسلاً ، أي لم يَلقَ الحسن .
فالحسن رضي الله عنه توفِّي سنة 49 أو 50 أو 51 هـ على أقوال في وفاته .
وأبو جعفر الباقر وُلِد ولد سنة ست وخمسين (56) وتوفِّي سنة 114 هـ .
فعلى هذا يكون الباقر لم يَر الحسن أصلاً .
فالحسن على أكثر الأقوال توفي سنة 51 هـ ، والباقر وُلِد سنة 56 هـ
أي أن بين وفاة الحسن وبين ولادة الباقر خمس سنوات .
فالرواية على هذا لا تصح من عدّة وُجوه .
هذا لو سلمنا بقبول الكافي أصلاً !
أما إذا لم نُسلِّم به ، فالرواية أصلا لا تُناقش هذه المناقَشة .
وإنما قرّرت هذا التقرير من باب التنزّل مع الخصم .
فالكافي يحتاج إلى إثبات عدالة الكليني أولاً .
ثم عدالة رواة الرافضة .
وتقدّم الكلام على أشهر رواة الرافضة في الكافي وغيره .
قال الرافضي :
السؤال العشرين :
إن التاريخ يخبرنا بأن قريش طردت بني هاشم والمؤمنين بالنبي في أوائل الدعوة من مكة إلى شعاب أبي طالب حيث بقوا لثلاث سنين هناك يعانون الصعوبات .. أين كان أبو بكر وعمر خلال تلك الفترة إذا ما فرضنا أنهم من أوائل المسلمين كما يدعي مخالفي مذهب أهل البيت ؟
لِمَ لم يطردوا مع من طرد وخصوصا إذا عرفنا أن أبا بكر وعمر من قبيلتي تيم وعدي الصغيرتين اللتان لا وزن لهما أمام قبيلة بني هاشم المطرودة !
إذا كانوا في مكة فلما لم يقدما للنبي المساعدة يومها ؟
(1/94)
وإذا كانا لا يستطيعان الوصول إلى شعب أبي طالب فهل هناك أي دليل تاريخي يثبت أنهما قدما شيئا للمسلمين بطريقه أو بأخرى في تلك الأيام وخصوصا أن قريش منعت التعامل والتزاوج مع النبي وبني هاشم .
الردّ :
أولاً : أهل السنة لا يُعتَبرون من مُخالِفي آل البيت ، بل هم من موافقيهم .
وتقدّم قبل قليل أن مسند الإمام عليّ رضي الله عنه أكثر من مُسند ثلاثة من الخلفاء قبله .
ثانياً : كان هذا الحصار الآثم الظالِم ضد بني هاشِم وبني المطّلب .
قال الإمام البيهقي : وحين بُعِث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة آذاه قومه وهَمُّوا به فقامت بنو هاشم وبنو المطلب مسلمهم وكافرهم دونه ، وأبوا أن يُسْلِموه ، فلما عرفت قريش أن لا سبيل إلى محمد صلى الله عليه وسلم معهم اجتمعوا على أن يكتبوا فيما بينهم على بني هاشم وبني المطلب أن لا يُنكحوهم ولا يَنكحوا إليهم ، ولا يبايعوهم ولا يبتاعوا منهم ، وعمد أبو طالب فأدخلهم الشعب شعب أبي طالب في ناحية من مكة ، وأقامت قريش على ذلك من أمرهم في بني هاشم وبني المطلب سنتين أو ثلاثا .
وهذا الحصار كان بعد قوّة الإسلام وفُشوّه وانتشاره .
وكان ذلك بعد إسلام حمزة رضي الله عنه وبعد إسلام عُمر رضي الله عنه .
قال الإمام ابن كثير : وقال ابن هشام عن زياد عن محمد بن اسحاق : فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلوا بلداً أصابوا منه أمناً وقرارا ، وأن النجاشي قد منع من لجأ إليه منهم ، وأن عُمَر قد أسلم فكان هو وحمزة مع رسول الله وأصحابه ، وجعل الإسلام يفشو في القبائل ، فاجتمعوا وائتمروا على أن يَكتبوا كتابا يَتعاقدون فيه على بني هاشم وبني عبد المطلب على أن لا ينكحوا إليهم ولا يُنكحوهم ، ولا يَبيعوهم شيئا ولا يَبتاعوا منهم . اهـ .
وهذا يدل على تَقدّم إسلام عُمر رضي الله عنه .
بل كان عُمر رضي الله عنه من أسباب قوّة المسلمين .
(1/95)
قال ابن مسعود رضي الله عنه : ما زلنا أعِزّة منذ أسلم عمر . رواه البخاري .
وأما إسلام أبي بكر فلا يشك عاقل مُنصِف أنه أول من أسلم من الرِّجال .
وكان أبو بكر رضي الله عنه يَدفَع عن النبي صلى الله عليه وسلم ويُدافِع عنه ما استطاع .
روى البخاري من طريق عروة بن الزبير قال : سألت عبد الله بن عمرو عن أشدّ ما صَنَعَ المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُصلي فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا ، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه فقال : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ، وقد جاءكم بالبينات من ربكم ؟
ثالثاً : أبو بكر رضي الله عنه عانَى كما عانى غيره في تلك الفترة ، بل لعله عانّى أشدّ مُعاناة .
(1/96)
ويدل على ذلك أنه لما ابتلي المسلمون في مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر رضي الله عنه مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدّغِنة وهو سيد القارة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يَخرج ولا يُخرج ، فإنك تكسب المعدوم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكَلّ ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فأنا لك جار . فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنة ، فرجع مع أبي بكر ، فطاف في أشراف كفار قريش ، فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج . أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ، ويصل الرحم ، ويحمل الكل ، ويَقري الضيف ، ويعين على نوائب الحق ؟! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة ، وآمنوا أبا بكر ، وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكر فليعبد ربه في داره ، فليصل ، وليقرأ ما شاء ، ولا يؤذينا بذلك ، ولا يستعلن به . فإنا قد خشينا أن يَفْتِنَ أبناءنا ونساءنا . قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يُعجبون وينظرون إليه ، وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن ، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين ، فأرسلوا إلى ابن الدغنة ، فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره ، وإنه جاوز ذلك ، فابتنى مسجدا بفناء داره ، وأعلن الصلاة والقراءة ، وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأتِه فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل ، وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يردَّ إليك ذمتك فإنّا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرّين لأبي بكرٍ الاستعلان . قالت عائشة : فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه ، فإما أن
(1/97)
تقتصر على ذلك ، وإما أن ترد إلي ذمتي ، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أُخفِرت في رجل عقدت له . قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . رواه البخاري .
وَتعرّض أبو بكر رضي الله عنه لأشدّ أنواع التعذيب حتى شارَف على الهلاك .
قال ابن كثير : وقام أبو بكر في الناس خطيبا ورسول الله جالس ، فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله ، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضُرِبوا في نواحي المسجد ضربا شديدا ، ووُطِئ أبو بكر وضُرِب ضربا شديدا ، ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه ، ونَزَا على بطن أبي بكر حتى ما يُعرف وجهه من أنفه ، وجاء بنو تَيم يتعادون فأجْلَت المشركين عن أبي بكر ، وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه مَنْزِله ولا يَشُكُّون في موته ، ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد ، وقالوا : والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة ، فرجعوا إلى أبي بكر فجعل أبو قحافة وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب فتكلم آخر النهار ، فقال : ما فعل رسول الله ؟ فمسُّوا منه بألسنتهم وعَذَلُوه ، ثم قاموا ، وقالوا لأُمِّه أم الخير : انظري أن تطعميه شيئا ، أو تسقيه إياه . فلما خَلَتْ به ألَحَّتْ عليه ، وجعل يقول : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : والله مالي علم بصاحبك . فقال : اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه . فَخَرَجَتْ حتى جاءت أم جميل فقالت : إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله . فقالت : ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله ، وإن كنت تُحبِّين أن أذهب معك إلى ابنك ؟ قالت : نعم . فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا دَنِفَاً ، فَدَنَتْ أم جميل وأعلنت بالصِّياح ، وقالت : والله إن قوما نالوا هذا منك لأهل فِسْق وكُفر ، وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم . قال : فما فعل رسول الله ؟ قالت : هذه أمك تسمع . قال : فلا شيء عليك منها . قالت : سالِم
(1/98)
صَالِح . قال : أين هو ؟ قالت : في دار ابن الأرقم . قال : فان لله عَليَّ أن لا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا أو آتي رسول الله . فامْهَلَتَا حتى إذا هدأت الرِّجْل وسكن الناس ، خرجتا به يتكئ عليهما حتى أدخلتاه على رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فأكب عليه رسول الله فَقَبَّلَه ، وأكبّ عليه المسلمون ورَقَّ له رسول الله رِقَّةً شديدة ، فقال أبو بكر : بأبي وأمي يا رسول الله ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي بَرَّة بولدها ، وأنت مبارك فادعها إلى الله ، وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار . قال : فدعا لها رسول الله ودعاها إلى الله ، فأسْلَمَتْ ، وأقاموا مع رسول الله في الدار شهرا ، وهم تسعة وثلاثون رجلا ، وقد كان حمزة بن عبد المطلب أسلم يوم ضُرِب أبو بكر ، ودعا رسول الله لعمر بن الخطاب أوْ لأبي جهل بن هشام ، فأصبح عمر ، وكانت الدعوة يوم الأربعاء فأسْلَمَ عُمر يوم الخميس ، فَكَبَّر رسول الله وأهل البيت تكبيرة سُمِعَتْ بأعلى مكة .
فقول الرافضي : ( لِمَ لم يطردوا مع من طرد وخصوصا إذا عرفنا أن أبا بكر وعمر من قبيلتي تيم وعدي الصغيرتين اللتان لا وزن لهما أمام قبيلة بني هاشم المطرودة ! )
فالجواب عنه أن المقاطعة كانت لبني هاشم وبني المطّلب ، كما تقدّم .
كما أن قبيلة تيم ( قبيلة أبي بكر ) ليست كما وَصَف الرافضي ( لا وَزن لها ) بل لها وَزن حتى أنها هَدّدتْ عند تعذيب أبي بكر رضي الله عنه بِقَتْل عُتبة بن ربيعة ، ومن هو عُتبة ؟
إلا أن قوّة قريش وجبروتها وسطوتها ومكانتها عند العَرَب بالإضافة إلى قرابتها ببني هاشم وبني المطّلب جَعَلت الناس يُحجِمون عن مدّ يد المساعدة لبني هاشم وبني عبد المطّلب حينما حُصِروا .
وقد عَلِمتَ أن أبا بكر رضي الله عنه تعرّض للتعذيب من قِبَل بعض صناديد قريش ، وتعرّض للمضايقة حتى همّ بالخروج من مكة حتى ردّه ابن الدّغنة .
(1/99)
يقول الدكتور مهدي رزق الله : ونَالَ أبا بكر رضي الله عنه نصيبه من الأذى ، حتى فكّر في الهجرة إلى الحبشة فراراً بِدِينِه . اهـ .
كما أن تلك المقاطَعة ليس فيها تفاصيل دقيقة إذ لم تكن العَرَب تُعنى بالتوثيق والكتابة والتقييد للأحداث .
يقول الدكتور مهدي رزق الله : لم يَرِد ذِكر هذه المقاطَعة بتفصيل في الصِّحاح . اهـ .
وأنت لو تأمّلت في كتاب الله فضلا عن السنة لوجدّتَ كثيرا من الأحداث لا يَرد لها تفاصيل دقيقة .
فَعَلى سبيل المثال قصة يوسف عليه الصلاة والسلام ، وقد لبِث في السجن بِضع سنين ، ومع ذلك لم يَرِد تفاصيل ماذا عمِل في تلك السنوات .
بل في قصة نوح عليه الصلاة والسلام وقد لبِثَ في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، لم يَرد ذِكر تفاصيل ماذا عمِل في تلك السنين ، والفائدة حاصلة في الإشارة ، والعِبْرَة مُتحقّقة بسياق هذا القَدْر من قصّته .
فالذي يَطلب تفاصيل دقيقة لما حَدَث في سنوات تلك المقاطَعة لن يجد تلك التفاصيل الدقيقة ، بحيث تتناول ماذا عمِل فلان وماذا قال فلان .
وبقي أن نُذكِّر القارئ الكريم المنصف بشيء من فضائل أبي بكر رضي الله عنه .
فإنه قدَّم نفسه وماله في سبيل الله ، وفي سبيل نُصرة رسول الله وحمايته .
ولذا حفِظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الصَّنِيع .
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بِخِرْقَة ، فقعد على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنه ليس من الناس أحد أمَنّ عليَّ في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ، ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن خلة الإسلام أفضل ، سُدُّوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر .
(1/100)
وهذا فيه إشارة في آخر حياته صلى الله عليه وسلم إلى فضل أبي بكر مع ما تقدّم من صريح العبارة في رضاه صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر ، وأمره له أن يَؤمّ الناس .
ولما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة إلى المدينة أتى إلى أبي بكر رضي الله عنه ظُهراً ، ولم يأتِ إلى غيره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : أشعرت أنه قد أُذِن لي في الخروج ؟ قال أبو بكر : الصحبة يا رسول الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصحبة . قال : يا رسول الله إن عندي ناقتين أعددتهما للخروج ، فَخُذ إحداهما . قال : قد أخذتها بالثمن . رواه البخاري .
وتقدّم أن أبا بكر لما خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة احتمل أبو بكر ماله كله معه خمسة آلاف ، أو ستة آلاف درهم ، فانطلق بها معه .
ولما حثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة وأمر بها ، جاء أبو بكر رضي الله عنه بمالِه كلّه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قال : أبقيت لهم الله ورسوله رواه أبو داود والترمذي .
ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم : من أنفق زوجين في سبيل الله نُودي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة . فقال أبو بكر رضي الله عنه : بأبي وأمي يا رسول الله ما على من دُعي من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدْعَى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم . رواه البخاري ومسلم .
(1/101)
ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم اليوم صائما ؟ قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا . قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟ قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا . قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا . قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا . قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا . قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرئ إلاَّ دَخَل الجنة . رواه مسلم .
قال ابن حجر في افصابة : وأخرج أبو داود في الزهد بسند صحيح عن هشام بن عروة أخبرني أبي قال : أسلم أبو بكر وله أربعون ألف درهم . قال عروة : وأخبرتني عائشة أنه مات وما ترك دينارا ولا درهما .
وقال يعقوب بن سفيان في تاريخه : حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا هشام عن أبيه : أسلم أبو بكر وله أربعون ألفا ، فأنفقها في سبيل الله ، وأعتق سبعة كلهم يعذب في الله ؛ أعتق بلالا وعامر بن فهيرة وزنيرة والنهدية وابنتها وجارية بني المؤمل وأم عبيس .
وقال الحافظ :
(1/102)
ومن أعظم مناقبه قول الله تعالى : ( إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) فإن المراد بصاحبه أبو بكر بلا نزاع ، إذ لا يعترض لأنه لم يتعين ، لأنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة عامر بن فهيرة وعبد الله بن أبي بكر وعبد الله بن أريقط الدليل ، لأنا نقول : لم يصحبه في الغار سوى أبي بكر ، لأن عبد الله بن أبي بكر استمر بمكة وكذا عامر بن فهيرة ، وإن كان ترددهم إليهما مدة لبثهما في الغار استمرت لعبد الله من أجل الإخبار بما وقع بعدهما ، وعامر بسبب ما يقوم بغذائهما من الشياه ، والدليل لم يصحبهما إلا من الغار ، وكان على دين قومه مع ذلك كما في نفس الخبر ، وقد قيل إنه أسلم بعد ذلك . وثبت في الصحيحين من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر وهما في الغار : ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ والأحاديث في كونه كان معه في الغار كثيرة شهيرة ، ولم يشركه في هذه المنقبة غيره . اهـ .
وروى الإمام أحمد والحاكم – وصححه – عن عليّ رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر : مع أحدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال ويكون في الصف .
وروى البخاري ومسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل . قال : فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : فقلت : من الرجال ؟ فقال : أبوها . قلت : ثم من ؟ قال : عمر بن الخطاب . فَعَدَّ رجالا .
وروى البخاري من طريق يحيى بن سعيد عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهما قال : كنا نُخَيِّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنُخَيِّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم .
(1/103)
وروى البخاري من طريق محمد بن الحنفية قال : قلت لأبي : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان ، قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين .
وهذه إشارات لفضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وقد أطال ابن عساكر في تاريخ دمشق في ذِكر فضائله رضي الله عنه .
والله تعالى أعلم .
صفر 1426 هـ
5-تولية المرأة للمناصب ( شُبهات وردّها )..
شُبهات حول حديث :
" لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " وردّها
روى البخاري - بإسناده - عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم - أيام الجمل بعد ما كِدت أن ألْحَق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم - قال : لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى قال : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة
ويُورِد بعض أعداء الملّة - من المستشرقين ومن نَحَا نَحْوَهم ولَفّ لفّهم - عِدّة شُبهات حول هذا الحديث ، وسأورِد بعض ما وقَفْتُ عليه من تلك الشبهات ، وأُجيب عنها - بمشيئة الله - .
الشبهة الأولى :
لماذا لم يتذكر أبو بكرة راوية الحديث هذا الحديث إلا بعد ربع قرن وفجأة وفى ظل ظروف مضطربة ؟
الجواب :
لم ينفرد أبو بكرة رضي الله عنه بهذا الأمر ، فقد جاء مثل ذلك عن عدد من الصحابة ، أي أنهم تذكّروا أحاديث سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يرووها إلا في مناسباتها ، أو حين تذكّرها .
فمن ذلك :
1 - ما قاله حذيفة رضي الله عنه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلاَّ حدَّث به ، حَفِظَه مَنْ حَفِظَه ، ونَسِيَه مَنْ نَسِيَه ، قد علمه أصحابي هؤلاء ، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكُره كما يذكُر الرجل وجْهَ الرَّجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عَرَفَه . رواه مسلم .
(1/104)
2 – وروى مسلم عن عمرو بن أخطب قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا
3 – ما فعله عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما حينما تولّى الخلافة سنة 64 هـ ، فإنه أعاد بناء الكعبة على قواعد إبراهيم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما تَرَك ذلك إلا لحدثان الناس بالإسلام ، فلما زالت هذه العِلّة أعاد ابن الزبير بناء الكعبة .
وشكّ عبد الملك بن مروان في ذلك فهدم الكعبة ، وأعاد بناءها على البناء الأول .
روى الإمام مسلم أن عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت إذ قال : قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين ، يقول سمعتها تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحِجْر ، فإن قومك قصروا في البناء ، فقال الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة : لا تقل هذا يا أمير المؤمنين فأنا سمعت أم المؤمنين تحدِّث هذا . قال : لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى ابن الزبير .
فهذا عبد الملك يعود إلى قول ابن الزبير ، وذلك أن ابن الزبير لم ينفرد بهذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها ، وإنما رواه غيره عنها .
هذا من جهة
ومن جهة أخرى لم يقُل عبد الملك بن مروان لِمَ لَمْ يتذكّر ابن الزبير هذا إلا بعد أن تولّى ، وبعد ما يزيد على خمسين سنة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم !
إلى غير ذلك مما لا يُذكر إلا في حينه ، ولا يُذكر إلا في مناسبته .
ثم إن أبا بكرة رضي الله عنه لم ينفرِد برواية الحديث ، شأنه كشأن حديث عائشة في بناء الكعبة على قواعد إبراهيم ، إذ لم ينفرد به ابن الزبير عن عائشة .
فحديث : لا يُفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة قد رواه الطبراني من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه .
(1/105)
فزالت العِلّة التي علّلوا بها ، وهي تفرّد أبو بكرة بهذا الحديث ، ولو تفرّد فإن تفرّده لا يضر ، كما سيأتي – إن شاء الله – .
الشبهة الثانية :
زعم بعضهم أن الحديث مكذوب ، فقال : الكذب في متن الحديث فهو القول بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قاله لما بلغه أن الفرس ولوا عليهم ابنة كسرى . في حين أنه ليس في تاريخ الفرس أنهم ولوا عليهم ابنة كسرى ولا أية امرأة أخرى .
الجواب :
هذا أول قائل إن في البخاري حديثا موضوعا مكذوبا ، ولولا أنه قيل به لما تعرّضت له ! لسقوط هذا القول ، ووهاء هذه الشبهة !
فإن كل إنسان يستطيع أن يُطلق القول على عواهنه ، غير أن الدعاوى لا تثبت إلا على قدم البيِّنة وعلى ساق الإثبات .
فإن قوله : ( في حين أنه ليس في تاريخ الفرس أنهم ولوا عليهم ابنة كسرى ولا أية امرأة أخرى )
دعوى لا دليل عليها ولا مستند سوى النفي العام !
في حين أن القاعدة : الْمُثبِت مُقدَّم على النافي .
وكُتب التاريخ قبل كُتب الحديث تنص على ذلك .
قال ابن جرير الطبري في التاريخ :
ثم ملكت بوران بنت كسرى أبرويز بن هرمز بن كسرى أنو شروان .
وقال ابن الجوزي في المنتَظَم :
ومن الحوادث ملك ( بوران ) بنت كسرى أبرويز . اهـ .
وقد عَقَد ابن الأثير في كتابه ( الكامل في التاريخ ) باباً قال فيه :
ذكر ملك ( بوران ) ابنة ابرويز بن هرمز بن أنو شروان .
ثم قال : لما قُتِل شهريراز مَلَّكَتْ الفرس ( بوران ) لأنهم لم يجدوا من بيت المملكة رجلا يُمَلِّكونه ، فلما أحسنتْ السيرة في رعيتها ، وعدلتْ فيهم ، فأصلحت القناطر ، ووضعت ما بقي من الخراج ، وردّت خشبة الصليب على ملك الروم ، وكانت مملكتها سنة وأربعة أشهر . اهـ
وفي البدء والتاريخ للمقدسي ما نصّه :
(1/106)
وكان باذان بعث برجلين إلى المدينة كما أمره ابرويز لياتياه بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فبينما هما عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال لهما : إن ربى أخبرني إنه قَتَل كسرى ابنه هذه الليلة لكذا ساعات مضين منها ، فانصرف الرجلان ونظرا فإذا هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم وثب شهرابراز الفارسي الذي كان بناحية الروم فَمَلَك عشرين يوما ثم اغتالته بوران دخت بنت ابرويز فقتلته ، وملكت بوران دخت سنة ونصف سنة ، فأحسنت السيرة وعَدَلَتْ في الرعية ولم تَجْبِ الخراج ، وفرّقت الأموال في الأساورة والقوّاد ، وفيها يقول الشاعر :
دهقانة يسجد الملوك لها *** يجبى إليها الخراج في الجرب اهـ .
بل ذَكَر ابن كثير رحمه الله أنه مَلَك فارس أكثر من امرأة في أزمنة متقارِبة
قال ابن كثير في البداية والنهاية :
فملكوا عليهم ابنة كسرى بوران بنت ابرويز ، فأقامت العدل وأحسنت السيرة ، فأقامت سنة وسبع شهور ، ثم ماتت ، فملّكوا عليهم أختها ازرميدخت زنان ، فلم ينتظم لهم أمر ، فملّكوا عليهم سابور بن شهريار وجعلوا أمره إلى الفرخزاذ بن البندوان فزوَّجه سابور بابنة كسرى ازرميدخت ، فكرِهَتْ ذلك ، وقالت : إنما هذا عبد من عبيدنا ! فلما كان ليلة عرسها عليه هَمُّوا إليه فقتلوه ، ثم ساروا إلى سابور فقتلوه أيضا ، وملّكوا عليهم هذه المرأة ، وهي ازرمدخيت ابنة كسرى ، ولعبت فارس بملكها لعبا كثيرا ، وآخر ما استقر أمرهم عليه في هذه السنة أن ملّكوا امرأة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة . اهـ .
وقال الذهبي في التاريخ : ومات قتلا ملك الفرس شهر براز ابن شيرويه قتله أمراء الدولة وملكوا عليهم بوران بنت كسرى . اهـ .
ولا يخلو كتاب تاريخ من ذِكر تولِّي ( بوران ) الْحُكُم .
فقد ذَكَرها خليفة بن خياط ، واليعقوبي ، وابن خلدون ، واليافعي ، وكُتب تواريخ المدن ، كتاريخ بغداد ، وغيرها .
(1/107)
على أنه لو صحّ (أنه ليس في تاريخ الفرس أنهم ولوا عليهم ابنة كسرى ولا أية امرأة أخرى)
لكان فيه دليل على قائله وليس له !
كيف ذلك ؟
يكون قد أثبت أنه لا يُعرف لا في جاهلية ولا في إسلام أن امرأة تولّت مَنْصِباً !!
الشبهة الثالثة :
قول القائل : هل من المعقول أن نعتمد في حديث خطير هكذا على راوية قد تم جلده (أبو بكرة) في عهد عمر بن الخطاب تطبيقاً لحد القذف ؟!
الجواب :
سبق أن علِمت أن أبا بكرة رضي الله عنه لم ينفرد برواية الحديث .
ثم الجواب عن هذه الشبهة أن يُقال :
أولاً : لا بُدّ أن يُعلم أن أبا بكرة رضي الله عنه صحابي جليل .
ثانياً : الصحابة كلّهم عدول عند أهل السنة ، عُدُول بتزكية الله لهم وبتزكية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أغْنَتْ عن كل تزكية .
ثالثاً : أبو بكرة رضي الله عنه لم يفسق بارتكاب كبيرة ، وإنما شهِد في قضية ، فلما لم تتم الشهادة أقام عمر رضي الله عنه الْحَدّ على من شهِدوا ، وكان مما قاله عمر رضي الله عنه : وقال من تاب قبلت شهادته .
وقال لهم : من أكْذَبَ نفسه قَبِلْتُ شهادته فيما يُستَقْبَل ، ومن لم يفعل لم أُجِزْ شهادته .
فعمر رضي الله عنه لم يقُل : لم أقبل روايته .
وفرق بين قبول الشهادة وبين قبول الرواية .
والفروق ذكرها القرافي في كتابه : الفُروق .
رابعاً : مما يؤكِّد الفرق بين الرواية والشهادة ما نقله ابن حجر عن المهلّب حينما قال :
واستنبط المهلب من هذا أن إكذاب القاذف نفسه ليس شرطا في قبول توبته ، لأن أبا بكرة لم يُكذب نفسه ، ومع ذلك فقد قبل المسلمون روايته وعمِلُوا بها .
على أن آية القذف في قبول الشهادة .
وعلى أن هناك فَرْقاً بين القاذِف لغيره ، وبين الشاهد – كما سيأتي – .
خامساً : أبو بكرة رضي الله عنه لم يَرَ أنه ارتكب ما يُفسِّق ، ولذا لم يَرَ وجوب التوبة عليه ، وكان يقول : قد فسَّقوني !
وهذا يعني أنه لم يَرَ أنه ارتكب ما يُفسِّق .
(1/108)
قال البيهقي : إن صح هذا فلأنه امتنع من التوبة من قَذْفِه ، وأقام على ذلك .
قال الذهبي : قلت : كأنه يقول لم أقذِف المغيرة ، وإنما أنا شاهد ، فجنح إلى الفرق بين القاذف والشاهد ، إذ نصاب الشهادة لو تمّ بالرابع لتعيَّن الرجم ، ولما سُمُّوا قاذِفين .
سادساً : في الرواية تُقبل رواية المبتدع ، إذا لم تكن بدعته مُكفِّرة ، وهذا ما يُطلق عليه عند العلماء ( الفاسق الْمِلِّي ) ، الذي فِسقه متعلق بالعقيدة ، لا بالعمل .
وروى العلماء عن أُناس تكلّموا في القدر ، ورووا عن الشيعة ، وليس عن الرافضة الذين غَلَوا في دين الله !
ورووا عن الخوارج لِصِدقِهم .
ورووا عمّن يشرب النبيذ .
وعن غيرهم من خالَف أو وقع في بدعة
فإذا كان هؤلاء في نظر أهل العلم قد فسقوا بأفعالِهم هذه ، فإنه رووا عنهم لأن هؤلاء لا يرون أنهم فسقوا بذلك ، ولو رأوه فسقاً لتركوه !
فتأمّل الفرق البيِّن الواضح .
وأبو بكرة رضي الله عنه مع كونه صحابياً جاوز القنطرة ، إلا أنه يرى بنفسه أنه لم يأتِ بما يُفسِّق ، ولو رأى ذلك لَتَاب منه .
وهو – حقيقة – لم يأتِ بما يُفسِّق .
غاية ما هنالِك أنه أدى شهادة طُلِبت منه ، فلم يقذِف ابتداء ، كما علِمت .
والصحابة قد جاوزوا القنطرة ، والطّعن في الصحابة طَعن فيمن صحِبوا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
فإن القدح في خير القرون الذين صحِبُوا الرسول صلى الله عليه وسلم قَدْحٌ في الرسول عليه السلام ، كما قال مالك وغيره من أئمة العلم : هؤلاء طعنوا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما طعنوا في أصحابه ليقول القائل : رجل سوء كان له أصحاب سوء ، ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحين ، وأيضا فهؤلاء الذين نَقَلُوا القرآن والإسلام وشرائع النبي صلى الله عليه وسلم . . اهـ .
فإن مرتبة الصُّحبة كافية في العَدَالَة .
ولذا قيل لهم ما لم يُقَل لغيرهم
ونالوا من شرف المراتب ما لم يَنَلْه غيرهم
(1/109)
فإنه لا يوجد أحد قيل له : اعمل ما شئت فقد غُفِر لك ، سوى أصحاب بدر .
روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال ائتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها ، فانطلقنا تعادي بنا خيلنا فإذا نحن بالمرأة فقلنا : اخرجي الكتاب . فقالت : ما معي كتاب ، فقلنا : لتخرجنّ الكتاب أو لتلقين الثياب ، فأخرجته من عقاصها ، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا حاطب ما هذا ؟ قال : لا تعجل عليَّ يا رسول الله إني كنت أمرا مُلصقاً في قريش - قال سفيان كان حليفا لهم - ولم يكن من أنفسها وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم ، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن اتّخِذ فيهم يَداً يَحْمُون بها قرابتي ، ولم أفعله كُفرا ، ولا ارتدادا عن ديني ، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صَدَق ، فقال عمر : دعني يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق ! فقال : إنه قد شهد بدرا ، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : إن الله عز وجل اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم . رواه الإمام أحمد .
فأنت ترى أن هذا الصحابي فَعَل ما فَعَل ، ولو فَعَله غيره ممن لم يَنَل شرف شهود غزوة بدر ، لربما كان له شأن آخر .
ويُقال مثل ذلك في حق أبي بكرة رضي الله عنه ، فإنه نال شرف الصحبة ، وكفى بهذا الشَّرَف تعديلا وتوثيقاً .
ثم إن أبا بكرة الثقفي له أربعة عشر حديثا في صحيح البخاري !
فلِمَ لم يُطعَن إلا في هذا الحديث ؟
أنا أُخبِرك !
لأنه عارَض أهواء أقوام يُريدون إخراج المرأة !
الشبهة الرابعة :
(1/110)
ذِكْر بلقيس ملكة سبأ في القرآن الكريم .
حيث قال القائل : (ويكفينا إشادة القرآن ببلقيس ملكة سبأ وهى امرأة)
والجواب عن هذه الشُّبهة من عدّة أوجه :
الوجه الأول : أن يُقال أين هي الإشادة ؟
أفي نسبتها للضلال والكُفر ؟
كما في قوله تعالى : (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ)
أم في ذِكر بعثها للرشوة باسم الهدية ؟!
كما في قوله تعالى : (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)
وربما يُقصد بالإشادة ما ذُكِر عنها أنها كانت عاقلة حكيمة
وهذا يُجاب عنه في :
الوجه الثاني : أن يُقال إنها كانت كافرة ، فهل إذا أُثني على كافر بِعَدْلٍ أو بِعَقْلٍ يكون في هذا إشادة بِكُفره ؟!
بل وفي نفس القصة : (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ) فهل يُمكن أن يُقال : هذا فيه ثناء على العفاريت ! فَتُولَّى العفاريت المناصِب ! وتُحَكّم في الناس ؟!!!
الوجه الثالث : أن هذا لو صحّ أن فيه إشادة – مع ما فيه من ذمّ – فليس فيه مستند ولا دليل .
أما لماذا ؟
فلأن هذا من شرع من قبلنا ، وجاء شرعنا بخلافه .
الوجه الرابع :
أن هذا الْمُلك كان لِبلقيس قبل إسلامها ، فإنها لما أسلمت لله رب العالمين تَبِعَتْ سُليمان عليه الصلاة والسلام ، فقد حكى الله عنها أنها قالت : (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
فلما أسلمت مع سليمان لم يعُد لها مُلك ، بل صارت تحت حُكم سليمان عليه الصلاة والسلام .
أخيراً :
إلى كل من خاض في مسألة تولية المرأة للمناصِب ، ومن يُطالِب أن تكون المرأة ( قاضية ) !
بل ويستدل بعضهم بما كان من الكفّار قديما وحديثا .
(1/111)
أما قديما فيستدلّون بقصة بِبلقيس !
وأما حديثاً فيستشهدون بحُكم ( اليزابيث ) !
وعجيب ممن ترك الكتاب والسنة وأصبح يستدلّ على صحة أقواله بأحوال الكفار قديما وحديثاً !
ومتى كانت أفعال الكفار مصدراً للتشريع ؟؟!!
أما حُكم ملكة بريطانيا فإنه في الواقع تشريفي وراثي فحسب .
ثم إن المتنفِّذِين في السياسة والحياة العامة هم مِن الرجال سواء بسواء في بقية الدول الأوربية
ولو لم يكن كذلك فإنه من أفعال النصارى التي لا مستند فيها ولا دليل ولا شُبهة أصلاً !
ثم إنهم يزعمون أن المرأة الغربية أكثر حصولاً على الحقوق من غيرها ، وهي لا تتولّى المناصب الكبرى ذات الخطورة والأهمية .
" وحتى الآن فجميع رؤساء الولايات المتحدة هم من الرِّجال البِيض ذوي نفوذ مالي واجتماعي كبير "
كما قال د . المسلاتي في كتابه ( أمريكا كما رأيتها ) .
وهذا يؤكِّد أن الدعاوى في وادٍ والواقع في وادٍ آخر !!
ويؤكِّد أيضا أن شُبهات القوم إنما تُثار في بلاد الإسلام فحسب !
وإلا فما معنى أن تُطالَب المرأة أن تتولّى القضاء والمناصِب القيادية ، وهي لا تأخذ نصيبها من قيادة وإدارة دفّة الْحُكْم ؟؟؟!!!
والله نسأل أن يهدينا سواء السبيل .
6-حول الخُلع وأحكامه
الحمد لله الذي شرع لنا الدين القويم ( دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )
أحمده سبحانه وتعالى وأستعينه وأستغفره حيث ما جعل علينا في الدِّين من حرج .
والصلاة والسلام على من بعثه ربه بالحنيفية السمحة ، حيث قال عليه الصلاة والسلام : إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ، ولكني بعثت بالحنيفية السمحة . رواه الإمام أحمد .
فديننا وسط بين إفراط اليهود وتفريط النصارى .
وهو وسط في العبادات ، ووسط في المعاملات .
يُعطي كل ذي حق حقّه ، من غير إجحاف ولا تطفيف .
(1/112)
ومن هنا فإن قضايا المعاملات لم تُترك لأهواء البشر ولا لتصرّفاتهم إذ يَحْكُم ذلك النزعات الفردية ، والأهواء الشخصية ، والمصالح المشتركة لكل طائفة على حساب الأخرى .
فقد جاء الإسلام بقضايا المعاملات بين الناس أنفسهم ، كما جاء بقضايا المعاملات بين الناس وبين خالقهم .
والعلاقات الزوجية جزء من المعاملات بل من أهم المعاملات لطولها وملازمتها في الغالب ، لذا فقد جعل الإسلام فيها ومنها المخرج لكلا الطرفين نظرا لأنه قد يشوبها ما يشوبها من كدر وضيق .
ومن هنا كان اقتراح الأخت الفاضلة فدى – بارك الله فيها - في إجرءا هذا اللقاء حول هذه المسألة ، ألا وهي الخُلْع .
فأما تعريفه فـ :
الخُلْع في اللغة مأخوذ من خَلَعَ الثوب .
وهو بالضمّ (الخُلْع ) اسم .
وبالفتح (الخَلْع ) المصدر .
ومعناه في اللغة واسع .
وأما في اصطلاح الفقهاء فهو :
فراق الزوج زوجته بِعوض بألفاظ مخصوصة .
فائدته :
تخليص الزوجة من زوجها على وجه لا رجعة فيه إلا برضاها ، وبعقد جديد .
الأصل فيه :
قوله تعالى : ( وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ )
ومِن السُّنّة قصة امرأة ثابت بن قيس رضي الله عنه وعنها
والقصة أخرجها البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ، ولكني أكره الكفر في الإسلام .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟
قالت : نعم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقبل الحديقة ، وطلِّقها تطليقة .
(1/113)
وفي رواية له أنه عليه الصلاة والسلام قال : فَتَرُدِّينَ عَليْهِ حَديقَتَهُ ؟ فقالَتْ : نَعَمْ . فَرُدَّتْ عَليْهِ ، وأمَرَهُ ففارَقَها .
أسئلة اللقاء الذي أُجري حول الخُلع ، ويلي كل سؤال جوابه ، والسؤال باللون الأحمر .
شيخنا الفاضل ..
هناك سؤال يعرض لكثير من الناس : إذا كان الطلاق بيد الرجل .. فما الذي جعله الشرع بيد المرأة ؟
وما سبيلها إلى إنهاء العلاقة الزوجية مع زوجها إذا كرهت الحياة معه لغلظ طبعه , أو سوء خلقه , أو لتقصيره في حقوقها أو لعجزه البدني أو المالي عن الوفاء بهذه الحقوق أو لغير ذلك من الأسباب ؟؟
الجواب:
أولاً : ينبغي أن يُعلم أن الحياة الزوجية قائمة على ركنين :
المودّة والمحبة ، والرحمة المتبادلة.
وقد يضعف الركن الأول وعندها يجب أن يقوى الركن الثاني
أما لماذا ؟
فلأنه قد يكون هناك ما يدعو إلى بقاء هذه الحياة الزوجية بين الزوجين ، كوجود أولاد ونحو ذلك ، ولا يكون هناك بغض وكراهية ، بل تضعف المحبة والمودّة بين الزوجين .
ولذا قال عمر رضي الله عنه : ليس كل البيوت يبنى على الحب ، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام .
وقد يُحب الرجل في زوجته خلقا من الأخلاق أو صفة من الصفات فيُبقيها لأجل هذه الصفة ، ومثله الزوجة .
إلا أنه ينبغي أن لا يغيب عن أذهان كل من الزوجين رحمة كل طرف بالآخر ، وإن ضعفت المحبة والمودّة .
وأن تتذكّر المرأة فضل الصبر على الزوج ، وأنه يستحيل وجود زوج خال من العيوب.
إذا عُلم هذا فيأتي الجواب عن الشق الأول من السؤال :
وهو : ما الذي جعله الإسلام بيد المرأة ؟
عندما يكره الرجل زوجته وتقع البغضاء وربما العداوة والشحناء ، وعندما يُخفق في علاج هذه الأمراض الأُسريّة فإنه قد يلجأ إلى الطلاق ، وإن كانت الشريعة الغراء قد وضعت ضوابط وحلول قبل الإقدام على الطلاق ، كأن لا يُطلّق في حيض ولا في طهر جامع فيه ، وأن يلجأ إلى التحكيم قبل الطلاق .
(1/114)
وأما المرأة فإنها إذا وقع لها مثل ذلك فإنها تلجأ أولاً إلى الإصلاح ثم إلى التحاكم أيضا فإذا لم يُجد ذلك شيئا فإن لها حق المخالعة .
فتتفق مع زوجها على أحد ثلاثة أمور :
إما أن تُعيد له ما دفعه من مهر
أو أقل منه
أو أكثر
فإذا لم يقبل بذلك فإن لها حق اللجوء إلى القضاء ثم للقاضي أن يخلع الزوجة من ذمة زوجها ولو بالقوّة .
ولكن وإن قلنا بالمخالعة وأنه يجوز للزوج أن يقبل ويأخذ ما دفعته الزوجة إلا أنه ينبغي على الزوج أن لا يغيب عن ذهنه قوله تبارك وتعالى : ( وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ )
وهنا قد يرد السؤال :
لماذا جُعل الطلاق بيد الرجل دون المرأة ؟
فأقول :
القاعدة أن الغُنم بالغُرم
ما معنى هذا الكلام ؟
الغُنم من الغنيمة والكسب
والغُرم هو من الغرامة والخسارة
والعرب تقول : يتولّى حارّها من تولّى قارّها !
أي من تولى بارد الشيء ويسيره يتولّى شدّته .
فالذي تولّى النفقة وأُلزِم بها هو الذي يتولّى الطلاق
ثم إنه حُمّل القوامة فيكون الطلاق بيده
ثم إن المرأة عاطفية تغلب عليها العاطفة ، وهذا مدح وليس ذمّ ، إذ خلقها الله عز وجل عاطفية لحاجة الأم والولد إلى العاطفة وإلى مزيد من الحنان .
إذن السبيل إلى إنهاء تلك الحياة الزوجية التي لم يُكتب لها الاستمرار هو الطلاق من قبل الزوج ، والخُلع من قبل المرأة .
وهذا من حكمة الشريعة الإسلامية التي هي شريعة ربانية خالية من أهواء البشر
إذ أن بعض الديانات – كالنصرانية – لا يُمكن أن يوقع الطلاق ، ولذا يلجأ بعض الأزواج إلى التخلّص من زوجته ، وهذا موجود في زماننا هذا بالأرقام والإحصائيات في أوربا وأمريكا .
كما أنهم يجعلون الطلاق بيد المرأة !
وهذا إجحاف في حق الزوج
إذ الزوجة عندهم تُطلّق ، والزوج لا يستطيع ذلك !
مع أن هذا بخلاف ما جاء في كتبهم المقدّسة وإن دخلها التحريف !
فضيلة الشيخ :
ما هو الخلع في الشرع ؟
وما هي أسبابه ؟
الجواب:
(1/115)
أما تعريف الخُلع فقد سبق في المقدّمة
وأما أسبابه فمنها :
* كراهية المرأة لزوجها ، دون أن يكون ذلك نتيجة سوء خُلق منه ، كما قالت زوجة ثابت بن قيس رضي الله عنها وعنه .
* عضل الزوج لزوجته ، بحيث يكره الزوج زوجته ولا يُريد أن يُطلّقها فيجعلها كالمعلّقة ، فتفتدي منه نفسها بمالها ، وإن كان يحرم عليه فعل ذلك .
* سوء خُلُق الزوج مع زوجته فتُضطر الزوجة إلى المخالعة .
* إذا خافت الزوجة الإثم بترك حقِّ زوجها .
والله تعالى أعلى وأعلم .
شيخنا الفاضل ..
- ما هي الشروط الواجب توفرها لصحة الخلع ؟؟
- وما هي الأسباب الموجبة لإقرار الخلع والتي يحق للمرأة بموجبها طلب إنفاذ الخلع من زوجها ؟؟
- وهل يمكن اعتبار الخلع هو الحل للخلافات الزوجية وللعديد من القضايا التي قد تستمر في المحاكم لسنوات طويلة بدون حل ؟؟
الجواب:
أولاً : أن يكون هناك ما يدعو إليه ، إذ قد ورد الوعيد الشديد على من طلبت الطلاق دون سبب .
قال عليه الصلاة والسلام : أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة . رواه الإمام أحمد وغيره ، وصححه الألباني .
ثانيا : أن يكون على عِوض ، أي على مُقابل تدفعه الزوجة
فإن لم يكن مُقابل فهو طلاق من جهة الزوج .
ومن جهة الزوج أن لا يكون نتيجة عضل ومُضارّة بالزوجة لتخالعه ، لقوله تبارك وتعالى : ( وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً )
ثم ذكّر الأزواج بما كان بينهم فقال : ( وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا )
وأما الأسباب التي تدعو إلى الخُلع فقد سبقت الإشارة إليها .
(1/116)
ويُضاف إليها أيضا ما لو كان الزوج ضعيف الدِّين ويرتكب بعض ما حرّم الله من الكبائر ولا تستطيع الزوجة الصبر على ذلك كما أنها لا تستطيع إثبات ذلك لدى المحاكم وهو لا يُريد أن يُطلّق فإنها تُخالعه .
والخُلع هو أحد الحلول الشرعية للمشكلات الزوجية ، إذ أن بعض الأزواج يحمله سوء الخلق أو اللؤم أحيانا على مُعاشرة زوجة لا تُحبه بل تكرهه ، أو لا يُريد أن يوقع الطلاق بل يُريد أن تطلب منه ذلك ليذهب بما أعطاها من مهر أو يأخذ العِوض والمقابِل على الطلاق .
ومثله التحاكم الذي شرعه الله عز وجل لعباده في حال وقوع الخلاف والشقاق بين الزوجين .
ما هي شروط الخلع ؟
هل تمنع الزوجة من أن تشم رائحة الجنة ..إن طلبت الخلع!!
كما في الطلاق...حيث ان كل امرأة تطلب الطلاق من زوجها..لا تشم رائحة الجنة..
هل للزوجة عدة..بعد الخلع !!
هل يجوز للزوجة ان تعود الى زوجها..بعد الخلع،، إن ندمت..!!
وكيف يتم ذلك..!
في كندا..ان لم يكن هناك امام، فهل يجوز أن يتم الخلع في المسجد..مع وجود الشهود..!!
الجواب:
أما شروط الخُلع فقد سبقت الإشارة إليها أعلاه .
كما سبقت الإشارة إلى حديث : أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة . رواه الإمام أحمد وغيره .
وهذا الحديث رواه أبو داود في كتاب الطلاق . بابٌ في الخلع .
وهذا مُقيّد بما إذا كان من غير بأس
من غير سبب
من غير وجود عُذر شرعي
أما إذا وُجد السبب من كراهية أو شقاق وخلاف مستمر أو غير ذلك مما سبقت الإشارة إليه من الأسباب فيجوز لها أن تطلب الطلاق أو أن تُخالعه .
ولذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُنكر على زوجة ثابت بن قيس رضي الله عنها وعنه لما قالت : يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ، ولكني أكره الكفر في الإسلام .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟
قالت : نعم . رواه البخاري .
وسبقت الإشارة إليه في المقدمة .
(1/117)
ففي هذا الحديث أنها سألته الطلاق ؛ لأنها لم تُحبّه
وفيه أنها ردّت عليه المهر ؛ لأنها هي التي طلبت الطلاق .
فهي لا تعيبه في خلق ولا دين ولكنها لا تُحبّه.
قال ابن حجر رحمه الله :
قولها : ولكني أكره الكفر في الإسلام : أي أكره أن أقمت عنده أن أقع فيما يقتضي الكفر ، وانتفى أنها أرادت أن يحملها على الكفر ويأمرها به نفاقا بقولها : لا اعتب عليه في دين ، فتعيّن الحمل على ما قلناه . انتهى .
فهي تكرهه ، ومعلوم أن الحب من الله لا يأتي بوصفه ، فبعض النساء من أول أيامها ربما لا تُطيق حتى النظر إلى زوجها ، والحب والمحبة من الله ، فلا تأتي بالقوّة !
قال عليه الصلاة والسلام : إن المِقَة من الله . رواه الإمام أحمد وغيره .
والمقة هي المحبة .
أما المختلِعة فقد اختلف العلماء في عدّتها : هل تعتد بعد الخلع بحيضة أو تعتد كعدّة المطلّقة ؟
والصحيح أنها تعتدّ بحيضة واحدة لما رواه أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عدّتها حيضة .
وروى ابن أبي شيبة عن نافع عن بن عمر أن الرُّبيِّع اختلعت من زوجها فأتى عمها عثمان ، فقال : تعتد بحيضة . وكان بن عمر يقول : تعتد ثلاث حيض حتى قال هذا عثمان ، فكان يُفتي به ويقول : خيرنا وأعلمنا .
يعني بذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه .
فإذا حاضت بعد الخُلع ثم طهرت فقد انقضت عدّتها .
والسبب في ذلك - والله أعلم –
أن العِدّة جُعلت في حال الطلاق بثلاث حيض – في غير حامل –
حتى يحصّل التّروّي والمراجعة ، ولذلك لا يُخرج الرجل زوجته من بيته إذا طلّقها طلاقا رجعيا ولا يحل له ذلك .
قال سبحانه وتعالى : ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ )
أما لماذا ؟
(1/118)
فـ ( لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا )
ومن الحكمة أيضا في التروّي والمراجعة ورأب الصدع أن لا يقع الطلاق في طُهر وقع فيه جماع ، ولا يوقع في حال حيض لتغيّر نفسية المرأة في ذلك الوقت .
وأما رجوع الزوجة إلى زوجها بعد المخالعة فهو محلّ خلاف أيضا
والصحيح – والله أعلم – أنه يجوز لها أن ترجع إليه ، ولكن بعقد جديد ومهر جديد .
فإذا ندمت الزوجة بعد وقوع الخلع ورغب بها الزوج فإنه لا بّد من عقد جديد وتسمية مهر جديد أيضا ولو كان يسيراً .
لا إشكال في أن يتم الخلع في المسجد ويشهد عليه الشهود لتُضبط الأمور .
لأنه لا يقع إلا في حال شقاق ونزاع فيُخشى من إنكاره .
والله تعالى أعلى وأعلم .
الأخت الفاضلة " المؤمنة السلفية " تسأل فتقول :
1 - معلوم أن الخلع حق من حقوق الزوجة تتنازل بموجبه عن بعض الحقوق لتكسب حريتها المتمثلة بالطلاق ، متى يحق لها أن تستخدم هذا الحق ؟
2 - ما هي الظروف التي إذا وجدت تعطى المرأة الحق في طلب الخلع ؟
الجواب:
المعنى في السؤالين واحد :
فيحق للزوجة أن تستخدم هذا الحق ( الخُلع ) عندما يكون هناك ما يُبرر طلب الطلاق.
كأن تكون المرأة تكره زوجها كرها شديداً .
أو لا ترضى دينه ( كأن يكون يشرب الخمر أو يتعاطى المخدّرات أو يرتكب فاحشة الزنا )
أو يكون سيئ الخُلُق ، ولو كان على دين وصلاح .
أو يكون كثير الضرب لها من غير مُبرر
أو ترى المرأة أن زوجها يُبغضها ويُضيّق عليها ويؤذيها لأجل أن تطلب هي الطلاق حتى تُفاديه بمالٍ مُقابِل ذلك .
ونحو هذه الأعذار
فهذه أعذار تُجيز للمرأة أن تطلب الخُلع ، وإن كان الصبر – أحياناً – أفضل من المخالعة .
وإنما جُعل الخُلع على عِوض ومُقابل مادي حتى لا تتسرّع إليه المرأة لأدنى سبب ، بل تعلم أنها سوف تدفع ما يُقابِل ذلك .
والله تعالى أعلى وأعلم .
وسؤال آخر من أختنا الفاضلة " أم اليمان " :
(1/119)
هل يكون حال الزوجة بعد الخلع كحالها بعد الطلاق من ناحية العدة ؟
وهل يصح الخلع في أي وقت ؟
الجواب:
أما ما يتعلق بالعِدّة فقد سبق الجواب عنه ، وتفصيل القول فيه .
2 - المسألة محلّ خلاف بناء على الاختلاف : هل الخُلع طلاق أو فسخ ؟
والذي يظهر أنه فسخ
ولا يُشترط له ما يُشترط للطلاق مِن أن يكون الطلاق في طُهر لم يقع فيه جماع ، وأن لا يكون في وقت حيض .
كما أنه لا يُشترط له – على الصحيح – عِدّة ، كما سبق بيانه .
والنبي صلى الله عليه وسلم لما جاءته زوجة ثابت بن قيس رضي الله عنها وعنه تُريد مخالعة زوجها سألها إن كانت تردّ عليه المهر ، وهو الحديقة التي أهداها إياها ، فلما قالت : نعم أمره عليه الصلاة والسلام أن يُفارقها ، ولم يسألها عن حالها .
بخلاف حال ابن عمر رضي الله عنهما الذي طلّق في حال حيض فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يردّ زوجته لأن هذا من الطلاق البدعيّ .
والله تعالى أعلى وأعلم .
إحدى الأخوات تسأل فتقول :
هل يجوز لبعض الأزواج المطالبة ببدل نقدي مُبالغ فيه عدا عن تنازل الزوجة عن جميع حقوقها المالية ؟؟!!
وهل يُشترط في الخلع التلفظ أم أن الكتابة تكون كافية ويُعتبر الخلع صحيح ونافذ ؟؟!!
الجواب:
يجوز أن يكون الخُلع على مبلغ أقلّ من المهر
ويجوز أن يكون على مبلغ أكثر ، إلا أن القاعدة : لا ضرر ولا ضرار .
فلا يضارّ الزوج بزوجته
والأغلب أن يكون على مقدار ما دفعه من مهر
إلا أنه ينبغي أن تُبنى هذه الأمور على المسامحة لسابق العِشرة بين الزوجين .
إذا كانت الكتابة مِن قِبَل الزوج فتعتبر كافية
وهذا من إقامة الكتابة مقام العبارة ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
شيخنا الفاضل ..
(1/120)
يرى بعض المحللين والمراقبين لتطبيق قانون الخلع في بعض الدول العربية مؤخراً أن قانون الخلع لا يُنصف الزوجات لأنهن سوف يتنازلن عن كل مستحقاتهن المالية ويخسرن جميع الحقوق المستحقة لهن من مؤخر صداق وأثاث منزلي وغير ذلك . ولذلك فعند حدوث أي مشكلة فالزوجات يرفضن اللجوء إلى الخلع لأن طرق التقاضي بالطلاق تحفظ لها حقوق عديدة لا يكفلها الخلع .
فما رأي فضيلتكم في هذا الرأي ؟؟ وبماذا تردون عليهم ؟؟
هل حكم الخلع في الإسلام مثل حكم الطلاق .. أم أن هناك فرق بينهما ؟؟ أي هل يعتبر الخلع طلقة أم لا ؟؟
هل يُشترط إثبات المخالعة رسمياً في المحاكم أم تصح بمجرد وجود شهود عليها ؟؟
هل يُشترط أن يكون الخلع مشروطاً بدفع النقود المتداولة بين الناس أم يجوز فيه أي منفعة تقابل بالأموال ؟؟
وهل يجوز أن يكون التخلي عن الأطفال هو بدل للخلع ؟؟
الجواب:
الخُلع ليس ورقة رابحة في يد المرأة تلوّح بها متى شاءت !
وإنما هو حل من الحلول
والحلول منها ما يمكن أن يكون أوليّاً ومنها ما يكون كمبضع الجرّاح .
كما تكون الحلول في علاج النشوز ( وعظ فهجر فضرب غير مبرّح )
وقد يكون العلاج مؤلما ساعة تلقي المريض له ، ولكن عاقبته سليمة
وكذلك الأمر بالنسبة للخلع
لا تُكره عليه المرأة ولكنه حق من حقوقها إذا ما كانت الأسباب الداعية إليه من قِبلها أو أرادت أن تشتري كرامتها وتحفظ نفسها من أن تُهان .
وإن كان هذا الأمر محرّم في حق الرجل
أي أن يؤذيها ويعضلها حتى تطلب منه الطلاق .
قال سبحانه وتعالى : (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )
ولكن الزوجة قد تجد نفسها مُضطرّة لمخالعة زوجها في ظروف معينة .
والعلماء يُشبّهون المخالعة بفكاك الأسير نفسه من آسره .
- هناك فروقات بين الخلع والطلاق سبقت الإشارة إلى بعضها
(1/121)
ففرق بين الخلع والطلاق من حيث العِدّة
وفي وقت إيقاع كل منهما
ولا يترتب عليه نفقة ، بخلاف الطلاق الرجعي
وأما هل يُعتبر طلاقا أو لا ؟
فتقدمت الإشارة إلى خلاف العلماء : هل هو طلاق أو فسخ ؟
والتفصيل والترجيح .. كل ذلك تقدّم .
ولا يُعتبر طلاقا على الصحيح من أقوال أهل العلم .
وإن كانت تحصل به الفُرقة بين الزوجين كما سبق بيانه .
- ولا يُشترط أن يكون إثبات الخلع في المحاكم ، إلا أنه أثبت وأضبط للأمور إذا ضُبِطت وقُيّدت بالمحاكم الشرعية .
- لا يُشترط في الخلع أن يكون نقدا بل إذا كان المهر عيناً أو منفعة وردّتها إليه صح أن يكون خُلعا
ومثله لو اتفقت الزوجة مع زوجها على وضع مؤخر الصّداق – مثلا – جاز
ويصح أن يكون مُقابل أن تُسقط عنه نفقتها إذا كانت حاملا ؛ لأن الحامل تجب لها النفقة ، لقوله تعالى : ( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)
ويصحّ الخلع مُقابل مجهول ، كأن تُخالعه على شاة من غنمها ونحو ذلك .
- ويجوز أن يكون تخلّي الزوجة عن حضانة أطفالها مُقابل الخُلع ؛ لأن الزوجة أولى بحضانة أطفالها ما لم تتزوّج .
شيخنا الفاضل ..
- ما أوجه الشبه والاختلاف بين الخلع وبين المباراة ؟؟
- نرجو أن تحدثنا شيخنا الكريم - بحكم موقعكم ومكانتكم الكريمة - عن مدى تطبيق هذا الحكم الشرعي ( الخُلع ) في محاكم المملكة العربية السعودية .. ؟؟
وهل تجد النساء هناك حرجاً في اللجوء إلى هذا المنفذ - الذي أباحه الله لها ؟؟
الجواب:
المباراة يملكون بها المرأة أمر نفسها
ولا يُشترط فيها أن تكون على عِوض .
بخلاف الخُلع
فإنه لا يُجعل فيه أمر المرأة إلى نفسها بل هو فسخ كما تقدّم بيانه
ويُشترط فيه أن يكون على عِوض .
- أما ما أعرفه عن المحاكم أنه يُطبق فيها ، وهو حُكم شرعي لا حرج فيه ولا في طلبه من قِبل المرأة .
وتلجأ بعض النساء إليه في بعض الظروف
(1/122)
وقد يتولّى المطالبة به أحيانا وليّ المرأة إذا وكّلته على ذلك .
سؤال:
امرأة كانت ذات زوج فطلقها .. ثم تزوجت غيره فطلبت الخلع لعلةٍ شرعية ..
هل يجوز لها أن ترجع لزوجها الأول ؟؟ أم لابد أن يكون الزواج الثاني انتهى بطلاق لا بخلع .
و بارك الله فيكم و رفع شأنكم في الدارين .
الجواب:
شرط عودتها لزوجها السابق أن تنكح زوجا غيره بغير قصد التحليل
لقوله تبارك وتعالى : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ )
فقوله ( فَإِنْ طَلَّقَهَا ) يعني الطلقة الثالثة .
والمقصود أن تنكح زوجا غيره .
ويُشترط أن لا يكون تزوجها ليُحلِّلها لزوجها الأول
ولقوله عليه الصلاة والسلام : ألا أخبركم بالتيس المستعار ؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : هو المحلِّل ، لعن الله المحلِّل والمحلَّل له . رواه أبو داود .
ويُشترط في هذا النكاح أن تقع المعاشرة بين الزوجة وزوجها الثاني حتى تحلّ لزوجها الأول.
فقد روى البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : جاءت امرأة رفاعة القرظي النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : كنت عند رفاعة فطلقني فَأَبَتّ طلاقي ، فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير إنما معه مثل هدبة الثوب ! فقال : أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك . وأبو بكر جالس عنده وخالد بن سعيد بن العاص بالباب ينتظر أن يُؤذن له ، فقال : يا أبا بكر ألا تسمع إلى هذه ما تجهر به عند النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فلا والله ما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبسم !
وقد أشرت فيما سبق إلى إمكان رجوع الزوجة إلى زوجها ولو بعد الخلع ، ولكن بعقد جديد ومهر جديد .
والله تعالى أعلى وأعلم .
في البداية .. نشكر مشرفات الشقائق على جهودهن . وعلى حسن اختيارهن .
(1/123)
والشكر موصول للشيخ الفاضل عبد الرحمن السحيم .. على قبوله الدعوة . والله نسأل له التوفيق والسداد .
أما سؤالنا : هناك من النساء . من تستخدم الخلع .. لكي تتخلص من زوجها لأسباب تافهة أو أعذار واهية لا تستدعي فسخ هذه العلاقة الزوجية .. وعندما تنصح بأن تتقي الله وتحافظ على زوجها وأسرتها تحتج بأن الشرع أعطاها هذا الحق ولها أن تستخدمه وقتما تشاء .
ونحن نعلم أنه الشرع أعطاها هذا الحق إذا كانت الحياة مع زوجها لا تطاق أو استفحل أن تعود المياه بينهما إلى مجاريها .
فما حكم فعلها ذلك .. وما هي نصيحتكم لمن تحاول أن تسلك هذا المسلك ؟؟
أفيدونا أثابكم الرحمن وجزاكم الله خيرا
الجواب:
وأثابك الله
وبارك الله فيك
تقدّم أن الخُلع حل من الحلول للحياة التي تصل إلى طريق مسدود
وأنه ليست ورقة رابحة في يد المرأة تستعمله متى شاءت
كما سبقت الإشارة إلى أن قوله عليه الصلاة والسلام : أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة . رواه الإمام أحمد ، ورواه أبو داود في كتاب الطلاق . بابٌ في الخلع .
وأن هذا الوعيد يشمل الخُلع الطلاق .
وأُشير هنا إلى قوله عليه الصلاة والسلام : المختلعات هُنّ المنافقات . رواه الترمذي ، وصححه الألباني .
وهذا إذا كان الخُلع من غير سبب .
فالخُلع يُشبه الكيّ ، لا يُلجأ إليه عند الاضطرار إليه .
ومما ينبغي أن يُعلم أن الخُلع يأخذ الأحكام الخمسة ، فيكون في بعض الحالات :
حراماً
أو مكروها
أو جائزا
أو مستحبا
أو واجباً
وتفصيل الحالات في كُتب الفقه .
وهذا يعني أنه ليس تسلية ولا ألعوبة في أيدي الناس !
والله تعالى أعلى وأعلم .
شيخنا الفاضل ..
- من خلال دراسة لقوانين الأحوال الشخصية في أثنى عشرة دولة عربية وموقفها من طلاق الخلع بحكم القضاء باعتباره من الحقوق الشرعية للمرأة، تبين الاختلاف البين حيال هذا الحق للزوجة حيث اشترطت غالبية القوانين توافر الرضا الصريح والمسبق
(1/124)
للزوج قبل الحكم بها من القضاء في ثلاث دول عربية (الجزائر، ليبيا، ومصر) مما يؤكد أن الطبيعة القانونية لطلاق الخلع غير محددة في هذه القوانين ..
فهل يُشترط شيخنا الفاضل موافقة الزوج ورضاه قبل المباشرة بتطبيق الخلع ؟؟
- وهل يجوز لشخص أجنبي أن يتفق مع الزوج على أن يخلع الزوج زوجته بحيث يتعهد هذا الشخص بدفع بدل الخلع للزوج لتتم الفرقة بينهما ؟؟
- وهل يتقيد الخلع بوقت معين أو حال معين بالنسبة للمرأة ( مثل الحيض والنفاس ) كما هو في حال الطلاق ؟؟
وجزاكم الله خيراً وزادكم من علمه وفضله.
الجواب:
وإياكم
وبارك الله فيك
يحتاج الكلام أحيانا إلى الدّقَّة عند الإطلاق ، فالقول بأن دراسة القوانين في اثنتي عشرة دولة بحاجة إلى أن تكون الدراسة توافق الواقع .
هذا من ناحية
ومن ناحية أخرى فإن أكثر الدول العربية لا ترفع بحكم الله رأساً ، ولا تعبأ به أصلاً .
أما اشتراط رضا الزوج ففيه تفصيل :
إن كان ابتداء فيُشترط رضاه ، نظرا لعِظم حق الزوج .
وإن امتنع فللقاضي أن يخلع الزوجة من زوجها ولو بغير رضاه .
- ويجوز لشخص أجنبي أن يتبرّع ببذل العِوض
ونص العلماء على أنه يصحّ بذل العوض ممن يصحّ تبرّعه ، وهو العاقل الرشيد .
وعلّلوا ذلك بأنه بذل مال في غير مُقابلة ولا منفعة .
ولكن ينبغي التنبه هنا إلى أنه لا يجوز لشخص أجنبي أن يتفق مع ذات زوج لا تُريده فيتّفق معها على أن تُخالِع زوجها ويدفع هو العِوض على أن تتزوّجه
لأن هذا من المواعدة في السرّ التي نهى الله عنها بقوله : (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفًا )
(1/125)
ولأن هذا من إفساد الحياة الزوجية بين الأزواج ، لقوله عليه الصلاة والسلام : ليس منا من خَبّب امرأة على زوجها . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
- لا يتقيّد الخلع بما يتقيّد به الطلاق
وقد تقدّم الكلام حول هذه المسألة ، وأن الخُلع فسخ وليس طلاقاً ، وسبقت الإشارة إلى الخلاف في المسألة .
كما سبقت الإشارة إلى سبب ذلك .
والله تعالى أعلى وأعلم .
شيخنا الفاضل ..
قبل أن ننهي لقاءنا المبارك مع فضيلتكم .. نرجو أن تتفضلوا بتوجيه كلمات ناصحة وبعض التوصيات للمرأة المسلمة تعينها على إصلاح حياتها الزوجية مما لا يضطرها إلى اللجوء إلى طلب الطلاق أو الخلع اللذان قد ينبني عليهما الكثير من المشاكل والأحقاد والظلم للأبناء كما نرى ذلك في كثير من الأسر في وقتنا الحاضر ؟؟
أما الوصية فهي وصية الله للأولين والآخرين ( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ )
ووصيته لعباده المؤمنين : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
قال ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير هذه الآية : حقّ تقاته : أن يُطاع فلا يُعصى ، وأن يُذكر فلا يُنسى ، وأن يُشكر فلا يُكفر .
والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى الأزواج فقال : استوصوا بالنساء خيرا . رواه البخاري ومسلم . وقال : لا يَفْرك مؤمن مؤمنه ؛ إن كره منها خُلًقاً رضيَ منها آخر . رواه مسلم .
ويُقال مثل ذلك في حق المرأة
وإن كان حق الزوج على زوجته أعظم
وسبقت الإشارة إلى ذلك هنا :
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?s=&threadid=9787&highlight=
وهنا :
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?s=&postid=96221#post96221
ثم ليُعلم أنه ليس كل البيوت يُبنى على الحب ، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام . كما قال عمر رضي الله عنه .
(1/126)
فلا تتصوّر المرأة أن توجد حياة زوجية خالية مما يشوبها أو يُكدّرها ولو في وقت من الأوقات ، إذ هذه طبيعة هذه الحياة الدنيا :
طُبعت على كدر وأنت تُريدها = صفواً من الأقذاء والأكدار !
وقول الله أصدق وأبلغ : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ)
ولا يتصور الزوج أيضا أن يجد زوجة خالية من العيوب
ولكن الحياة تؤخذ على التسديد والمقاربة
وتؤخذ على العفو والمسامحة
وليُعلم أيضا أن أحب شيء إلى إبليس هو الطلاق
فهو يسعى إليه جاهدا ، بل ويُرسل جنوده في ذلك ، ويؤزّهم أزّا ، ويدفعن دفعا ، لأجل التفريق بين الأزواج .
بل إن إبليس ليفرح إذا وقع الطلاق ، وإذا ما توصّل جندي من جنوده إلى ذلك جعله مُقرّبا منه ، وأدناه إليه ، وضمّه وأكرمه !
أخبر عن ذلك من لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام بقوله :
إن إبليس يضع عرشه على الماء ، ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ؛ يجيء أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا ، فيقول : ما صنعتَ شيئا ! قال : ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرّقت بينه وبين امرأته ! قال : فيُدنيه منه ، ويقول : نِعْمَ أنت ! قال الأعمش : أراه قال : فيلتزمه . رواه مسلم .
فإذا رُزقت المرأة بزوج صالح يحفظها ويرعاها فلتعلم أن هذه نعمة يجب شُكرها
وإن طلب الطلاق من غير سبب هو كُفران لهذه النعمة
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة . وقد سبقت الإشارة إليه .
وإن مِن كرام الرجال من يأبى عليه كرمه أن يعود في شيء بذله
فقد ذكر الأمير أسمة بن منقذ أن امرأة وُصِفت لعمِّه عز الدين أبي العساكر ، قال : فأرسل عمّي عجوزاً من أصحابه تُبصرها ، وعادت تصفها وجمالها وعقلها ! إما لرغبة بذلوها لها ، وإما أرَوها غيرها ، فخطبها عمّي وتزوجها . فلما دخلت عليه رأى غير ما وُصف له منها . ثم هي خرساء !
فوفّاها مهرها ، وردّها إلى قومها .
(1/127)
فأُسِرتْ من بيوت قومها - بعد ذلك - فقال عمّي : ما أدع امرأة تزوجتها - وانكشفت عليّ - في أسْر الإفرنج . فاشتراها بخمسمائة دينار ، وسلّمها إلى أهلها . اهـ .
هكذا تكون مكارم الأخلاق .
وهكذا يجب أن تكون العِشرة ولو بعد الفراق
وهذا من حفظ العهد .
والله تعالى أعلى وأعلم.
7-ما يتعلق بذبائح أهل الكتاب
أولاً : لا إشكال في حلّ ذبائح أهل الكتاب لقوله تعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ )
ثانياً : ينبغي أن يُعلم أن أهل الكتاب هم اليهود والنصارى ، وإن بدّلوا دينهم أو حرّفوه ، فهم أهل الكتاب طالما أنهم ينتسبون لليهودية أو النصرانية .
ثالثاً : يُشترط لِحلّ ذبائح أهل الكتاب أن يَذبحوا الذبح الشرعي ، فلو خنقوا ذبائحهم أو صعقوها بالكهرباء - ونحو ذلك من الطرق المستعملة اليوم عندهم - لم تحلّ ذبائحهم ، وهذه الطرق لو ذَبَح بها مسلم لم يحلّ الأكل منها إلا عند الضرورة التي تُبيح الأكل من الميتة .
رابعاً : لا يزال اليهود إلى اليوم يذبحون الذبح الشرعي ، ولذا فلن أتناول ذبائح اليهود إذ لا إشكال فيها من حيث الذّبح .
خامساً : الطُّرق المستخدمة عند النصارى في الذبح .
تختلف باختلاف البلدان ، وتختلف أيضا باختلاف المذبوح .
ومن زار تلك الدول أو سمع من بعض المسلمين الذين يُقيمون في البلدان الأوربية أو الأمريكية عَلِمَ حقيقة ذبائح النصارى اليوم .
وكثير من المسلمين الذين يعيشون في تلك البلدان لا يأكلون من ذبائح النصارى لعلمهم بحقيقة الذبح وحقيقة المسالخ والمصانع .
بل ويحرصون على توفير اللحم الحلال للسجناء ، وللمرضى في المستشفيات .
(1/128)
وحدثني دكتور عربي يُقيم في فرنسا منذ ثلاثين عاماً أنه لا يأكل اللحوم التي يذبحها النصارى ، حتى إنه عندما أُصيب بحادث ودخل المستشفى بقي ستة أشهر لا يأكل اللحم ليقينه بأنها لم تعُد ذبائح ! وإنما هي ميتة .
ولما كثُر الكلام عليه قال لهم : إنه نباتي لا يأكل اللحوم ؛ فتركوه !!
وحدثني شاب مسلم يُقيم في فرنسا أنه عمِل في مسلخ للدجاج ، وأن ذبح الدجاج في تلك المسالخ يتم كالتالي :
أولاً : تُعلّق الدجاج من أرجلها
ثانياً : تُمرر الدجاج على حوض ماء مكهرب ! فتُغمس في الماء لتُصعق بالكهرباء .
ثالثاً : بعد صعقها بتلك الطريقة تخرج إلى مشرط يقص الرأس ، وأحيانا تكون يكون مستوى رأس الدجاجة أقل من مستوى الأمواس فيُقطع بعض الرأس .
وحدثني مسلم آخر يُقيم في فرنسا بمثل هذا .
وقد رأيت آثار بعض ذلك في بعض المطاعم ، فقد قُدّم لي دجاجة بنصف رأس !!!
وأما الأبقار أو الأغنام فإنها إما أن تُصعق بالكهرباء ، وإما أن تُضرب على الرأس .
ويزعمون أن ذلك أرحم للحيوان !!!
وفي أبحاث هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية توصّلت الهيئة بعد طول بحث وتحرّي ، وبعد أن سألت من يُقيم في تلك الدول ، وبعد أن أوفدت من يبحث ويسأل ويستقصي تبيّن للهيئة المنع من أكل تلك الذبائح .
وكان ممن أوفد لأوروبا الشيخ عبد الله الغضية ، وقد أكّد – حفظه الله – على أنه إذا زاد العرض على الطلب في مزارع الدواجن أنه يتم تخزين الدجاج الحي في ثلاجات تحت درجة برودة شديدة ، يموت معها الدجاج ويبقى مُثلّجاً حتى تأتي الحاجة إلى إخراجه وتنظيفه !
وقد سألت الهيئة الشيخ صالح محايري – داعية مُقيم في البرازيل – ، وقد ذكر بعض تلك الطرق عن شركة ( ساديا ) !
كما أكدت تلك الأبحاث أن من يُعطي الشهادات لبعض تلك الشركات هم من الفرق المنحرفة عن الإسلام ؛ كالقاديانية وغيرها ، بقصد جمع الأموال .
(1/129)
وقد استلّ الجزء المتعلق بالذبائح من أبحاث هيئة كبار العلماء وطُبع مفردا في كُتيّب تحت عنوان : حُكم الذبائح المستوردة .
ولا يُعفي المسلم بعد علمه بذلك أن يقول : كُتِب عليها عبارة ( حلال ) أو ( على الطريقة الإسلامية ) فهذه مجرّد أختام !
وقد وُجدت بعض الأسماك المُعلبة مكتوب عليها : ( ذُبحت على الطريقة الإسلامية ) !!!
والحل :
أن لا يأكل المسلم إلا ما تيقن حلّه ، وعلِم بطريقة ذبحه .
فإن كان يُقيم في بلاد الكفر فعليه أن يشتري اللحوم من المحلات التي تبيع اللحم الحلال ، أو يشتري مما يقوم على ذبحه اليهود في بعض تلك الدول ، أو يأكل المأكولات البحرية .
ولا يتهاون في هذا الجانب ، فأيما جسد نبت على سحت فالنار أولى به .
والله تعالى أعلم .
8-العقوبات الماليَّة
المُقدِّمَة
الحمد لله الذي شرع لنا الدين القويم ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين .
أما بعد :
فإن شريعة الإسلام لما كانت خاتمة الشرائع اشتملت على مصالح العباد في دينهم ودنياهم ، كما تضمّنت من الآداب والأدب ما تُحْفظ به الحقوق ، وتُردع به النفوس المريضة ، وتُكفّ به النزّعات الجامحة ، وتنتهي النفوس الضعيفة عما تَروم .
كما أن شريعة الإسلام جاءت بِحِفْظِ الكليات والضرورات الخمس .
قال الشاطبي :
الأصول الكلية التي جاءت الشريعة بِحِفْظِها خمسة : وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال (1) .
وقال : تكاليف الشريعة تَرجع إلى حِفظ مقاصدها في الْخَلْق (2) .
ومن أجل ذلك شُرِعت الحدود والعقوبات .
والعقوبات تنقسم إلى أقسام ثلاثة :
1 - عقوبات متعلقة بالبدن ، وهي العقوبات البدنية ، كالتعزير دون الحدود (3) .
2 - عقوبات متعلقة بالمال ، وهي العقوبات المالية ، وهي مَناط البحث .
3 - عقوبات مالية وبدنية ، كإلزام من جَامَع قبل التحلل الأول بإتمام حَجِّهِ وإعادته مِن قابِل (4) ، وهذا من باب العقوبات .
(1/130)
ولأهمية هذه المسائل فقد أحببت بحث مسألة العقوبات المالية حيث جَرى فيها الخلاف بين الفقهاء ، ولأني لم أرَ من بحثها بحثا مُستقلاً .
وعلاقة هذا البحث بآيات الأحكام أن هناك مَن تناول هذه المسالة في تفسير قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) الآية [الأنفال: 41] (5) .
وهناك مَن تناوله في تفسير قوله تعالى : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) [النحل:126] .
وقد جَعَلتُ البحث في مقدمة وخاتمة ومبحثين .
فالمبحث الأول في تحرير محل النِّزاع .
والمبحث الثاني في حُكم العقوبات المالية .
وإذا خرّجت الحديث ، فإن كان في الصحيحين أو في أحدهما اكتفيتُ بِذكره لشهرتها ، مُكتفياً برقم الحديث ، وإليه الإشارة بحرف (ح) .
وإن كان الحديث في غيرهما ذكرت تصحيحه وتضعيفه مما وقفتُ عليه من كلام أهل العلم قديما وحديثاً .
وإن كان الحديث في غير الصحيحين خرّجته من مسند الإمام أحمد والسُّنن الأربع المشهورة ، ولا أخرج عنها إلا لزيادة فائدة .
وأسأل الله أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، وأن يُلهمنا رُشدنا ، وأن يُجنِّبنا الزلل .
وهذا أوان الشروع في المقصود ، فأقول مُستعيناً بالله :
المبحث الأول
في تحرير محلّ النِّزاع
المبحث الأول : في تحرير محل النِّزاع
اخْتَلَف العلماء في العقوبات المالية ، من حيث كونها باقية أو منسوخة ، بعد أن اتّفقوا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عَمِل بها .
وفرّق بعض العلماء بين العقوبات المالية وبين الحدود .
قال الشافعي : العقوبات غير الحدود ، فأما الحدود فلا تُعطَّل بِحَال ، وأما العقوبات فللإمام تركها على الاجتهاد (6) .
منشأ الخِلاف :
منشأ الخلاف في هذه المسألة هو :
هل العقوبات المالية منسوخة أو لا ؟
فجمهور أهل العِلم على بقاء العقوبات المالية ، وأنها لم تُنْسَخ .
(1/131)
فَيَرى علماء أهل المدينة وعلماء الحديث أن السُّنن والآثار قد جاءت بالعقوبات المالية كما جاءت بالعقوبات البدنية (7) .
و " أهل المدينة يَرَون العقوبات المالية مشروعة حيث مَضَتْ بها سنة رسول الله وسنة خلفائه الراشدين " (8) .
وبعض صُوَر العقوبات المالية قولٌ عند الشافعي باعتبار ما بَلَغَه من الحديث (9).
وعلّق القول به على صحة الحديث . قال الشافعي : ولا يُثبِتُ أهل العلم بالحديث أن تُؤخَذ الصدقة وشطر إبل الغالّ لِصَدَقَتِه ، ولو ثَبَتَ قُلنا به (10) .
ويُفهم من كلام الإمام النووي في المجموع القول به (11) .
وإن كان الشيرازي ادّعى نسخ العقوبات المالية (12) .
وحكى القول بالنّسخ غير واحد ، منهم حافظ المغرب ابن عبد البر(13) ، وابن حجر (14) ، والبهوتي (15) .
" وقد أنكر العقوبات المالية من أنكرها مِنْ أهل الكوفة ومن اتَّبَعهم وادَّعوا أنها منسوخة " (16) .
فهل ثبت النّسخ ؟
وهل توافرت فيه شروط القول به ؟
وهل صحّت الأحاديث في إثبات العقوبات المالية ؟
هذا ما سيتبيّن - إن شاء الله - مِِن خلال المبحث الثاني .
المبحث الثاني
في حُكم العقوبات المالية
المبحث الثاني : في حُكم العقوبات المالية
جاء النصّ على العقوبات المالية في أكثر من حديث ، واختلفتْ أنظار العلماء إليها بين تصحيح وتضعيف ، وبين قول بالنّسخ .
وقبل عَرض الْحُكم أسوق ما وقفتُ عليه من أدلّة هذا الباب :
الدليل الأول : حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أثقل صلاة على المنافقين : صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتُقام ، ثم آمر رجلا فيُصلي بالناس ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (17) .
(1/132)
وفي رواية : لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت صلاة العشاء وأمرتُ فِتياني يُحرقون ما في البيوت بالنار (18) .
الدليل الثاني : حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون ، ولا يُفرّق إبل عن حسابها ، من أعطاها مُؤتجراً فله أجرها ، ومن منعها فإنا آخذوها وشَطْرَ مَالِه ، عَزمة من عزمات ربنا عز وجل لا يحل لآل محمد منها شيء (19) .
قال ابن القيم : وقد قال علي بن المديني : حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده صحيح . وقال الإمام أحمد : بهز ابن حكيم عن أبيه عن جده صحيح . وليس لمن ردّ هذا الحدث حُجة ، ودعوى نسخه دعوى باطلة إذ هي دعوى ما لا دليل عليه ، وفي ثبوت شرعية العقوبات المالية عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت نسخها بحجة ، وعَمِلَ بها الخلفاء بعده (20) .
وقال العيني : أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح إلى بهز (21) .
وقال ابن حجر : رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي من طريق بهز ابن حكيم عن أبيه عن جده . وقد قال يحيى بن معين في هذه الترجمة : إسناد صحيح إذا كان من دون بهز ثقة (22) .
وقال أيضا " وقال ابن الطلاع في أوائل الأحكام : بهز مجهول . وقال ابن حزم : غير مشهور بالعدالة . وهو خطأ منهما ، فقد وثّقَه خَلْق من الأئمة ، وقد استوفيت ذلك في تلخيص التهذيب ، وقال البيهقي وغيره : حديث بهز هذا منسوخ ، وتعقبه النووي بأن الذي ادَّعوه من كون العقوبة كانت بالأموال في الأموال في أول الإسلام ليس بثابت ولا معروف ، ودعوى النسخ غير مقبولة مع الجهل بالتاريخ (23) .
(1/133)
كما قال : واعتمد النووي ما أشار إليه ابن حبان من تضعيف بهز ، وليس بِجَيِّد ؛ لأنه موثّق عند الجمهور ، حتى قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين : بهز بن حكيم عن أبيه عن جده صحيح إذا كان دون بهز ثقة (24) . وقال الترمذي : تكلّم فيه شعبة ، وهو ثقة عند أهل الحديث ، وقد حسَّن له الترمذي عدة أحاديث ، واحْتَجّ به أحمد وإسحاق ، والبخاري خارج الصحيح ، وعلّق له في الصحيح (25) .
وفي الجرح والتعديل : قال أبو زرعة : بَهز بن حكيم صالح ، ولكنه ليس بالمشهور (26) .
وقال الذهبي : الإمام الْمُحَدِّث أبو عبد الملك القشيري البصري له عدة أحاديث عن أبيه عن جده (27) .
ونقل ابن الأثير عن الحربي أنه قال : غَلِط بهزٌ الراوي في لفظ الرواية ، وإنما هو : " وشُطِر مالِه " ، أي يجعل مَاله شطرين ويَتخيّر عليه المصَّدِّق ، فيأخذ الصدقة من خير النِّصْفَين عقوبة لمنعه الزكاة ، فأما مالا تلزمه فلا . ثم ردّه بنقل قول الخطابي في قول الحربي : لا أعرف هذا الوجه (28) .
ودعوى غَلَط بهز بعيدة ومردودة ، فقد قال ابن القيم :
وقول الحربي إنه " وشُطِر " بوزن شغل - في غاية الفساد ، ولا يَعرفه أحد من أهل الحديث ، بل هو من التصحيف ، وقول ابن حبان : لولا حديثه هذا لأدخلناه في الثقات . كلام ساقط جداً ، فإنه إذا لم يكن لضعفه سبب إلاّ روايته هذا الحديث ، وهذا الحديث إنما رُدّ لضعفه كان هذا دوراً باطلاً ، وليس في روايته لهذا ما يُوجب ضعفه ، فإنه لم يخالف فيه الثقات .
وهذا نظير رد مَنْ رَدّ حديث عبد الملك بن أبي سليمان بحديث جابر في شفعه الجوار ، وضعّفه بكونه روى هذا الحديث . وهذا غير موجب للضعف بحال (29) .
وإنما يُثبت الغلَط إذا عُرف الْمُقابِل . فأين هي الرواية التي تُقابِل رواية بهز حتى يُحكم على رواية بهز بالغلط ؟
(1/134)
وقد قال الشافعي : ليس الشاذ من الحديث أن يَروي الثقة ما لا يَرويه غيره ، هذا ليس بِشَاذّ ،إنما الشاذ أن يَروِي الثقة حديثاً يُخالِف فيه الناس (30) .
نعم . لو وُجِد من روى الحديث بخلاف رواية بهز لكان للترجيح أو القول بالغلط وجه ، أما مع عدم الْمُعارِض فلا وجه لتغليط الراوي .
ولذلك قال ابن عدي : لَم أرَ له حديثا مُنكراً ، ولم أرَ أحداً من الثقات يَختلف في الرواية عنه (31) .
وقال الشوكاني : وثَبَت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال - فَذَكَرَه - (32) .
وقال الألباني : حَسَن (33) .
وخلاصة القول أن هذا الحديث حَسَن من أجل الكلام في رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جدِّه ، " وجَدّ بهز بن حكيم اسمه معاوية بن حيدة القشيري " (34) .
وسبق القول بأنه " احْتَجّ به أحمد وإسحاق ، والبخاري خارج الصحيح ، وعلّق له في الصحيح " .
وتعليق البخاري له في باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة ، ومن تَسَتَّر فالتستّر أفضل . وقال بهز عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم الله أحق أن يُستحيا منه من الناس (35) .
فهذا تعليق بصيغة الجزم .
وقال الترمذي : حديث بهز عن أبيه عن جده حديث حسن (36) .
فَثَبَت بهذا الحديث من جهة إسناده .
وبقي الكلام في النّسخ ، وسيأتي لاحقاً - إن شاء الله - .
الدليل الثالث : حديث سويد بن مقرن رضي الله عنه قال : لقد رأيتني سابع سبعة من بني مُقرِّن مالنا خادم إلا واحدة لطمها أصغرنا ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعتقها
وفي رواية : لقد رأيتني وإني لسابع إخوة لي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما لنا خادم غير واحد فَعَمِدَ أحدُنا فَلَطَمَهُ ، فأمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعتقه (37) .
(1/135)
ومثله حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال : كنت أضرب غلاماً لي بالسوط ، فسمعت صوتا من خلفي اعلم أبا مسعود ، فلم أفهم الصوت من الغضب . قال : فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول : اعلم أبا مسعود . اعلم أبا مسعود . قال : فألقيت السوط من يدي ، فقال : اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام . قال : فقلت : لا أضرب مملوكا بعده أبداً .
وفي رواية : فقلت يا رسول الله هو حُرٌّ لوجه الله ، فقال : أما لو لم تفعل للفحتك النار ، أو لمستك النار (38) .
وفي معناه حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال : كانت لي جارية تَرعى غنماً لي قِبَل أُحُدٍ والجوانية فاطّلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بنى آدم آسف كما يأسَفُون ! لكني صككتها صَكّة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظَّم ذلك عليّ . قلت : يا رسول الله أفلا أعتقها ؟ قال : ائتني بها ، فأتيته بها ، فقال لها : أين الله ؟ قالت : في السماء . قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله . قال : أعتقها فإنها مؤمنة (39) .
الدليل الرابع : حديث البراء بن عازب قال : لقيت خالي ومعه الراية ، فقلت : أين تريد ؟ قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ مالَه (40) .
قال الشوكاني : " وفيه أيضا متمسك لقول مالك أنه يجوز التعزير بالقتل . وفيه دليل أيضا على أنه يجوز أخذ مال من ارتكب معصية مُستَحِلاً لها بعد إراقة دمه (41) .
والحديث احتجّ به ابن حزم (42) .
وقال الألباني : صحيح (43) .
(1/136)
الدليل الخامس : حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثمر المعلَّق . فقال : من أصاب منه بِفِيهِ من ذي حاجة غير مُتّخِذ خُبْنَة (44) فلا شيء عليه ، ومن خَرَج بشيء فعليه غرامة مِثليه والعقوبة ، ومن سَرَق منه شيئا بعد أن يؤويه الْجَرين (45) فبلغ ثمن الْمِجَنّ فعليه القطع (46) .
وفي رواية قال سمعت رجلاً من مُزينة يَسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الْحَرِيسَة (47) التي تُوجد في مراتعها . قال : فيها ثمنها مرتين وضَرْب نكال ، وما أُخِذ من عَطَنِه (48) ففيه القطع إذا بلغ ما يُؤخذ من ذلك ثمن المجن .
قال : يا رسول الله فالثمار وما أُخذ منها في أكمامها ؟ قال : إن أخذ بِفَمِه ولم يَتَّخِذَ خَبنة فليس عليه شيء ، ومن احتمل فعليه ثمنه مرتين وضرب نكال ، وما أُخِذ مِنْ أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يُؤخذ من ذلك ثمن الْمِجَنّ .
" قال الطحاوي : هذا الحديث تلقّت العلماء مَتْنَه بالقبول " (49) .
وقال الألباني : حسن (50) .
الدليل السادس : حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ ثوبين مُعصفرين ، فقال : أأمك أمرتك بهذا ؟! قلت : أغْسِلْهُما . قال : بل أحرقهما (51) .
الدليل السابع : عَمَل الصحابة رضي الله عنهم بالعقوبات المالية (52) .
الدليل الثامن : دليل عقلي : وهو إذا كان يجوز أن يُعزّر بالقتل ، فالمال لا شك أنه دون النّفس فيُمكن أن يُعزّر به .
وممن يُجوِّز التعزير بالقتل في الذنوب الكبار - أصحاب أبى حنيفة في مواضع يُسَمُّون القتل فيها سياسة ، كقتل من تكرر لواطه ، أو قَتْله بالمثقل ، فإنهم يُجوِّزون قتله سياسة وتعزيرا (53) .
كما أن الصحابة رضي الله عنهم قاتَلُوا من فرّق بين الصلاة والزكاة ، وقاتلوا من مَنَع الزكاة .
(1/137)
فهذه الأحاديث بمجموعها صحيحة ، وإن تُكلِّم في بعض أسانيدها ، إلا أن ما يُخص البحث هو ما يتعلّق بالعقوبات المالية ، وهذا واضح في الأحاديث إجمالاً .
أما على تفصيل الدلالات فأقول :
الحديث الأول : صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم هَمَّ بتحريق بيوت الذين يتخلّفون عن صلاة الجماعة ، وما مَنَعه عليه الصلاة والسلام من ذلك إلا لما فيها من النساء والذّريّة ، كما تقدّم بيانه .
وهذه عقوبة مالية .
والحديث الثاني : أصرح شيء في الباب ، ولذلك كثُر الكلام حوله ، وادّعاء نسخه .
والحديث الثالث : فيه أمْر النبي صلى الله عليه وسلم بعتق الخادم (54) ، وهو عقوبة مالِيّة ، فإنه إذا أعتقه من أجل عقوبته إياه كانت عقوبة له ، فلم ينتفع به من ناحية خدمته ولا من ناحية بيعِه .
ومثله حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه وقول النبي صلى الله عليه وسلم له : أما لو لم تفعل للفحتك النار ، أو لمستك النار .
وهذا يعني أن أبا مسعود عُوقِب في مالِه لينجو من العقوبة الأخروية .
وكذلك أمْر النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن الْحَكَم السلمي بإعتاق الجارية ، هو عقوبة في مالِه .
فمُلك اليمين يُعتبر من مالِ الإنسان ، فإذن اُعتِق عليه فقد عُوقِب في مالِه .
والحديث الرابع : سبق فيه قول الشوكاني : وفيه أيضا متمسك لقول مالك أنه يجوز التعزير بالقتل . وفيه دليل أيضا على أنه يجوز أخذ مال من ارتكب معصية مُستَحِلاً لها بعد إراقة دمه .
فإذا أُريق دمه لم يكن ماله بأعزّ من دمِه ، وهو قياس الأولى .
والحديث الخامس : فيه " ومن خَرَج بشيء فعليه غرامة مِثلَيه والعقوبة " .
فهذه عقوبتان : مالية وبدنية .
فالمالية : غَرامة مثليه ، وهي صريحة أنها في مالِه .
والبدنيّة : العقوبة المطلَقَة ، ويُرجع في تقديرها إلى الحاكم .
وفي بعض رواياته : " فيها ثمنها مرتين وضَرْب نكال " .
وهذا صريح في التّغريم ، وهو مُتعلّق بالمال .
(1/138)
والحديث السادس : صريح في إحراق الثياب المعصْفَرَة ، وهو عقوبة مالية واضحة
وقال النووي : قال بعضهم : في هذا الحديث دليل على أن العقوبة كانت في أول الأمر بالمال ، لأن تحريق البيوت عقوبة مالية ، وقال غيره : أجمع العلماء على منع العقوبة بالتحريق في غير المتخلف عن الصلاة والغالّ من الغنيمة ، واختلف السلف فيهما ، والجمهور على منع تحريق متاعهما (55) .
والدليل السابع : عَمَل الصحابة رضي الله عنهم ، دليل على عدم النسخ ، خاصة وانه لا يُعرف لهم مُخالِف .
وعَمل الصحابي حجّة على الراجح (56) .
والدليل الثامن : دليل عقلي ، وهو موافق للأدلة النقلية المتقدِّمة .
فإذا ثبتت الأدلة من الناحية الحديثية ، وشهِد بعضها لبعض ، فهل هي منسوخة ؟
هذا ما سوف يتبيّن في المسألة التالية :
مسألة :
هل ثبت القول بالنسخ في هذه الأحاديث ؟
أولاً : لا يُقال بالنّسخ إلا بشروط ثلاثة :
أحدها : أن يتعذّر الجمع بين النصوص ، فإن أمكن الجمع فلا يُعدل عنه .
وثانيها : أن يُعرف التاريخ ، فيُعرف الْمُتقدِّم من المتأخِّر .
وثالثها : أن تتكافأ الأدلة من حيث الصحة .
قال ابن حزم : القولين إذا تَعارضا وأمكن أن يُستَثْنَى أحدهما من الآخر فيُسْتَعملان جميعاً لم يَجُز غير ذلك ، وسواء أيقنّا أيهما أول أو لم نُوقِن ، ولا يجوز القول بالنسخ في ذلك إلا ببرهان جلي من نص أو إجماع أو تعارض لا يمكن معه استثناء أحدهما من الآخر (57) .
وقال في مناقشة خصومه : فنقول لهم - وبالله تعالى نتأيد - : إن كان هذا الخبر عندكم حجة فخُذُوا بما فيه من أن مانع الزكاة تؤخذ منه وشطر إبله زيادة !
فإن قلتم : هذا منسوخ . قلنا لكم : هذه دعوى بلا حجة (58) .
(1/139)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ومن قال : إن العقوبات المالية منسوخة وأطلق ذلك عن أصحاب مالك وأحمد فقد غلِط على مذهبهما ، ومن قاله مُطلقا من أي مذهب كان فقد قال قولاً بلا دليل ، ولم يجيء عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء قط يقتضى أنه حرّم جميع العقوبات المالية ، بل أخْذ الخلفاء الراشدين وأكابر أصحابه بذلك بعد موته دليل على أن ذلك مُحْكَم غير منسوخ ، وعامة هذه الصور منصوصة عن أحمد ومالك وأصحابه ، وبعضها قول عند الشافعي باعتبار ما بلغه من الحديث ، ومذهب مالك وأحمد وغيرهما أن العقوبات المالية كالبدنية تنقسم إلى : ما يُوافق الشرع ، وإلى ما يخالفه . وليست العقوبة المالية منسوخة عندهما ، والْمُدَّعون للنسخ ليس معهم حجة بالنسخ لا من كتاب ولا سنة ، وهذا شأن كثير ممن يخالف النصوص الصحيحة والسنة الثابتة بلا حجة إلا مجرد دعوى النسخ ، وإذا طُولِبَ بالناسخ لم يكن معه حجة (59) .
وقال الشيخ أحمد شاكر : إذا تعارض حديثان ظاهراً ، فإن أمكن الجمع بينهما فلا يُعدَل عنه إلى غيره بِحالٍ ، ويجب العمل بهما (60) .
وقال الشنقيطي ، حيث قال : وإنما قلنا إن هذا القول أرجح عندنا لأن الجمع واجب إذا أمكن ، وهو مقدم على الترجيح بين الأدلة كما علم في الأصول (61) .
وقال الشيخ ابن باز تعليقاً على قول ابن حجر : " وتُعُقِّب بأنه منسوخ كما قيل في العقوبة بالمال " (62) : وجزم الشارح بالنّسخ ليس بجيِّد ، والصواب : عدم النسخ لأدلة كثيرة معروفة في محلِّها ، منها : حديث الباب ، وإنما المنسوخ التعذيب بالنار (63)
فَثَبت بهذا أن الأحاديث مُحْكَمة وليست بمنسوخة ، وذلك لأمور :
1 - ثبوت الأحاديث ولا مُعارِض لها .
2 - عدم معرفة الْمُتقدِّم من المتأخِّر .
3 - إمكانية الجمع بين الأحاديث .
4 - عمل الصحابة والتابعين بها ، بل وعمل الخلفاء والأئمة من بعدهم .
حُكْم المسألة :
جواز العقوبة بالمال ، وهي الغرامة .
(1/140)
وعَمِل به الصحابة رضي الله عنهم فَمَن بعدهم من التابعين والخلفاء من بعد .
ذِكْر مَن قال بذلك :
قال ابن خويز منداد : ورُوي أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ضَرَبا الغالّ وأحْرَقَا متاعه (64) .
وغرّم عُمرُ بن الخطّاب حاطبَ بن أبي بلتعة ضعف ثمن ناقة الْمُزني لما سَرَقها رَقِيقُه ورُوي عن جماعة من الصحابة أنهم جَعَلوا دِية من قُتِل في الحرم - دِية وثُلثاً ، وهو مذهب أحمد بن حنبل (65) .
ولما قدم علينا عمر بيت المقدس أعطى عبادةُ بن الصامت رجلاً من أهل الذِّمة دابته يمسكها فأبى عليه فَشَجَّه موضِّحَة ، ثم دخل المسجد ، فلما خرج عمر صاح النبطي إلى عمر ، فقال عمر : من صاحب هذا ؟ قال عبادة : أنا صاحب هذا ، فقال: ما أردت إلى هذا ؟ قال : أعطيته دابتي يُمسِكها فأبى وكنت امرءاً فيّ حدّ . قال : أمّا لا ، فاقْعُد للقَوَد . فقال له زيد بن ثابت : ما كنت لِتُقِيد عبدك من أخيك . قال : أما والله لئن تَجَافَيْتَ لك عن القَوَد لأُعنِّتُك في الدِّيَة ، أعطه عَقْلَها مرتين (66).
والشاهد أن عُمر ضاعف الدِّية على عُبادة ، وهذه عقوبة مالية .
(1/141)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : والتعزير بالعقوبات المالية مشروع أيضا في مواضع مخصوصة في مذهب مالك في المشهور عنه ، ومذهب أحمد في مواضع بلا نزاع عنه ، وفى مواضع فيها نزاع عنه ، والشافعي في قول ، وإن تنازعوا في تفصيل ذلك كما دلّت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل إباحته سَلْب الذي يصطاد في حرم المدينة لمن وَجَدَه ، ومثل أمْره بِكسْر دِنان الخمر وشقّ ظُروفه ، ومثل أمره عبد الله بن عمر بِحَرْق الثوبين المعصفرين ، وقال له : أغْسِلْهُما ؟ قال : لا ، بل أحرقهما . ... ومِثْل أمْر عمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب بتحريق المكان الذي يباع فيه الخمر ومثل أخذ شطر مال مانع الزكاة ، ومثل تحريق عثمان بن عفان المصاحف المخالفة للإمام ، وتحريق عمر بن الخطاب لكُتب الأوائل ، وأمْره بتحريق قصر سعد بن أبى وقاص الذي بناه لما أراد أن يحتجب عن الناس ، فأرسل محمد بن مسلمة وأمره أن يُحَرّقه عليه ، فذهب فَحَرّقه عليه ، وهذه القضايا كلها صحيحة معروفة عند أهل العلم بذلك ، ونظائرها متعددة (67) .
وكان سالم بن عبد الله بن عُمر في غزاة فَوَجَدَ رجلاً قد غَلّ ووُجد في متاعه مُصحفاً ، فأُحْرِق متاعه كله إلا المصحف . قال سالم : بيعوه فتصدقوا به (68) .
وعن الْحَسَن في الذي يَغُلّ . قال : يَحْرَق رَحْله (69) .
وعن إسماعيل بن عياش عن إسحاق بن عبد الله بن أبى فروة أن رجلا يُقال له زياد غَلّ شَعراً من الغنم ، فأُتي به سعيد بن عبد الملك فجمع ماله فأُحْرِق ، وعمر بن عبد العزيز حاضر ذلك فلم يَعِبْه (70) .
(1/142)
وروى عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد قال : أخبرني صالح بن محمد أنه شهد رجلا يقال له زياد يتبع غلا في سبيل الله في أرض الروم ، فاستُفتي فيه سالم بن عبد الله وعمر بن عبد العزيز ورجاء بن حيوة ، فكلهم أشاروا أن يُجلَد جَلْداً وجيعاً ، ويُجمع متاعه إلا الحيوان فيُحْرَق ، ثم يُخْلَى سبيله في سراويله ، ويَعطى سيفه قط (71) .
وروى عن الثوري عن يونس بن عبيد قال : كان يُؤمر بالرجل إذا غلّ ، يُؤمر ِرَحْلِه فيُبْرَز فيُحْرَق . قال : وقال عمرو عن الحسن : ويُحْرَم نصيبه من المغنم (72) .
وروى عن ابن عيينة عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول قال : يَجمَع رَحْله فيُحْرَق (73) .
قال القرطبي : لم يَختَلِف مذهب مالك في العقوبة على البدن ، فأما في المال فقال في الذمي يبيع الخمر من المسلم : تُراق الخمر على المسلم ويُنْزَع الثمن من الذمي عقوبة له لئلا يبيع الخمر من المسلمين ، فعلى هذا يجوز أن يُقال تجوز العقوبة في المال ، وقد أراقَ عمر رضي الله عنه لَبَنَاً شِيب بماء (74) .
قال ابن عبد البر : وقد اختلف العلماء في عقوبة الغالّ .
فقال الأوزاعي ومحمد بن عبد العزيز ، وهو قول مكحول : يَحْرَق متاع الغالّ كله .
قال الأوزاعي : إلا سلاحه وثيابه التي عليه وسَرجه ، ولا تُنتزع منه دابة ، ويُحْرَق سائر متاعه كله إلا الشيء الذي غلّ فإنه لا يُحرَق . قال : ولا عقوبة عليه غير ذلك .
وقال أحمد وإسحاق في عقوبة الغال : يُحرَق متاعه ورَحْله ، كقول الأوزاعي .
ورُوي عن الحسن البصري أنه قال : يُحرَق جميع رحله إلا أن يكون حيوانا أو مصحفاً .
وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم والليث بن سعد : لا يُحرّق رَحْل الغالّ ، فلا يعاقب إلا بالتعزير على اجتهاد الأمير .
وقال الشافعي وداود : إن كان عالما بالنهي عُوقِب ، وهو قول الليث (75) .
(1/143)
وقال الخطابي : وقال أحمد في الرجل يَحمل الثمرة في أكمامها : فيه القيمة مرّتين ، وضَرْب نَكال . وقال : مَن درأنا عنه الحدّ ضاعفنا عليه الغُرْم (76) .
قال ابن العربي : إذا غلّ الرجل في المغنم فوجدناه أخذناه منه وأدَّبناه ، خلافا للأوزاعي وأحمد وإسحاق من الفقهاء وللحسين من التابعين حيث قالوا : يُحرَق رحله إلا الحيوان والسلاح . قال الأوزاعي : إلا السَّرج والإكاف لحديث أبي داود عن ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا وجدتم الرجل قد غلّ فأحرقوا متاعه واضربوه (77) .
وقال ابن القيِّم في فوائد أقضيته صلى الله عليه وسلم : إثبات العقوبات المالية ، وفيه عِدة سنن ثابتة لا معارض لها ، وقد عمل بها الراشدون وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ، وأكثر من عَمِلَ بها عمر رضي الله (78) .
وهذا ما رجّحه الشنقيطي ، حيث قال : الذي يظهر لي رجحانه في هذه المسألة هو ما اختاره ابن القيم قال في (زاد المعاد) بعد أن ذكر الخلاف المذكور في المسألة والصواب أن هذا من باب التعزير والعقوبات المالية الراجعة إلى اجتهاد الأئمة فإنه حرق وترك وكذلك خلفاؤه من بعده ونظير هذا قتل شارب الخمر في الثالثة أو الرابعة فليس بحد ولا منسوخ وإنما هو تعزير يتعلق باجتهاد الإمام (79) .
وقال الحافظ العراقي في حديث تحريق البيوت على الْمُتخلِّفين عن الصلاة :
فِيهِ جَوَازُ الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ مِنْ قَوْلِهِ " نُحَرِّقُ بُيُوتًا " وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْعُقُوبَاتِ بِالْمَالِ مَنْسُوخَةٌ بِنَهْيِهِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَقَدْ يُقَالُ : هَذَا مِنْ بَابِ مَا لا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلا بِهِ ؛ لأَنَّهُمْ قَدْ يَخْتَفُونَ فِي مَكَان لا يُعْلَمُ فَأَرَادَ التَّوَصُّلَ إلَيْهِمْ بِتَحْرِيقِ الْبُيُوتِ (80) .
(1/144)
وقد تقدّم قول شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا القول لم يقُل به الجمهور .
وأما التعليل بالمنع من العقوبات المالية بإضاعة المال لا يستقيم ؛ فلا يستقيم أيضا لأن الذي نهى عن إضاعة المال هو الذي أمَرَ بالعقوبات المالية .
فدعوى النسخ لا يُسلَّم بها ، ولم يدلّ دليل على النّسخ .
فإن قيل :
ما هي حُدود العقوبات المالية ؟
وهل تَسْري على كل أحد ؟
فالجواب :
أن " العقوبة إنما تَسُوغ إذا كان المعاقب مُتَعَدِّياً بِمَنْعِ واجب أو ارتكاب محظور ، وأما ما تولّد من غير جنايته وقَصْدِه فلا يُسَوِّغ أحدٌ عقوبته عليه " (81) .
فَمَنْع الواجب كَمَن امتنع عن أداء زكاته ، فإنها تؤخذ منه وشطر مالِه .
وارتكاب المحظور كَمَن أخذ من حائط غيره ، أو تعدّى على ماشية غيره في مراتعها
أما ما عدا ذلك مما لم يكن فيه تفريط ولا تعدّي فإنه لا يُعاقَب في مالِه .
وهذا بخلاف الدِّيات والأرْش (82) .
أما ما يتعلق بالحقوق المالية :
فقد قال الإمام النووي:
" الحقوق المالية الواجبة لله تعالى ثلاثة أضرب ، وقد أشار إليها المصنف :
ضَرْبٌ يجب لا بسبب مباشَرة من العبد ، كزكاة الفطر ، فإذا عجز عنه وقت الوجوب لم يَثبت في ذِمّته ، فلو أيْسَر بعد ذلك لم يجب .
وضَرْبٌ يجب بسبب من جهته على جهة البدل ، كجزاء الصيد ، وفِدية الْحَلْق والطيب واللباس في الحج ، فإذا عجز عنه وقت وجوبه ثَبَتَ في ذِمّته تغليباً لمعنى الغرامة ؛ لأنه إتلاف محض .
وضَرْبٌ يجب بسببه لا على جهة البدل ، كَكَفّارَةِ الجماع في نهار رمضان ، وكفارة اليمين ، والظهار ، والقتل " (83) .
وهذا يُبيِّن الفرق بين الحقوق المالية والعقوبات المالية .
كما سبقت الإشارة إلى الفرق بين الحدود والعقوبات .
وبالله التوفيق .
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
هذه خاتمة المطاف ، ومن خلال هذا البحث اتّضحت أمور ، وتبيّنت معالم ، أوجزها في هذه النُّقاط :
(1/145)
1 - ثبوت العقوبات المالية ، والعمل بالغرامات المالية ، وأن ذلك مُحكَم لم يُنسخ وأن الأدلة فيه كثيرة ، إذ بلغت في هذه العُجالة ثمانية أدلّة من غير استقراء تام ، ومن غير تتبّع كامل .
2 - حِكمة الشريعة الإسلامية في تنويع العقوبات التي تُلائم كل زمان ومكان ، وتُوافق طبائع النفوس ، فبعض النفوس لا يردعها العقاب البدني ، وإنما يردعها العقاب المالي ، فتُردع بالعقوبة المالية في محلِّها .
وللإمام أن يُعاقِب بالعقوبة المالية إذا رأى أن ذلك أدعى للرّدع .
3 - ينبغي التفريق بين العقوبات المالية وبين المكوس ( الضرائب ) ، فالعقوبات المالية بِحقّ وقد عمل بها النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه من بعده .
أما المكوس فقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم منها أبلغ تحذير ، ويكفي في هذا الباب قوله عليه الصلاة والسلام : لا يدخل الجنة صاحب مَكس . يعني : العَشَّار (84)
4 - كما ينبغي التفريق بين العقوبات والحدود والكفّارات .
5 - أنه ينبغي لطالب العِلم البحث والتحرِّي والتدقيق ، وان لا يكتفي بقول عالمٍ واحد ، بل عليه أن يَجمع الأقوال لتستبين له المسائل .
المراجِع
(1/146)
الأحاديث المختارة ، تأليف الحافظ ضياء الدين المقدسي . ط. مكتبة النهضة الحديثة ، مكة ، الأولى ، 1410 تحقيق عبد الملك بن دهيش . الإحكام في أصول الأحكام ، تأليف ابن حزم الظاهري . ط. دار الكتب العلمية ، بيروت ، الأولى 1405 إراواء الغليل تخريج أحاديث منار السبيل ، تأليف الشيخ الألباني . ط. المكتب الإسلامي ، الأولى ، 1399 الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار ، تأليف الحافظ ابن عبد البر القرطبي . ط. مؤسسة الرسالة . أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ، تأليف الإمام الشنقيطي . ط.دار الكتب العلمية ، بيروت ، الثانية ، 1424 ، تخريج محمد بن عبد العزيز الخالدي . الأم ، تأليف الإمام الشافعي . ط. دار المعرفة ، بيروت ، الثانية ، 1393 الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ، تأليف الشيخ أحمد شاكر . ط. دار العاصمة ، الرياض ، الأولى 1415 ، تحقيق علي بن حسن الحلبي . تاريخ ابن معين رواية الدوري . ط. مركز البحث العلمي ، مكة ، الأولى 1399 ، تحقيق أحمد نور سيف . تاريخ ابن معين رواية عثمان الدارمي . ط. دار المأمون للتراث ، 1400 ، تحقيق أحمد نور سيف . التعاريف ، تأليف الحافظ المناوي . ط. دار الفكر الراقي ، بيروت ، دمشق ، الأولى 1410 ، تحقيق د. محمد رضوان . التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ، تأليف الحافظ ابن حجر ، 1384 تحقيق السيد عبد الله هاشم اليماني . جامع الترمذي . تأليف الإمام محمد بن عيسى الترمذي . ط . دار إحياء التراث ، بيروت . تحقيق أحمد شاكر وآخرون . الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته وأيامه . تأليف الإمام محمد بن إسماعيل البخاري . ط . دار ابن كثير ودار اليمامة . الثالثة 1407 الجامع لأحكام القرآن ، تأليف الإمام محمد بن أحمد القرطبي . ط. دار الشعب ، القاهرة . حاشية ابن القيم على سُنن أبي داود ، تأليف الإمام بن قيم الجوزية . ط. دار الكتب العلمية ،
(1/147)
بيروت ، الثانية ، 1415 زاد المعاد في هدي خير العباد ، تأليف الإمام ابن قيم الجوزية . ط. مؤسسة الرسالة ، بيروت ، الرابعة عشر ، 1407 ، تحقيق شعيب وعبد القادر الأرنؤوط . سنن أبي داود . تأليف الإمام سليمان بن الأشعث السجستاني . ط . المكتبة العصرية . السنن الكبرى ، تأليف الإمام البيهقي . ط. مكتبة دار الباز ، مكة ، 1414 ، تحقيق محمد عبد القادر عطا . سُنن النسائي ، تأليف الإمام النسائي . ط. مكتب المطبوعات ، حلب ، الثانية ، 1406 ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة . سنن سعيد بن منصور ، تأليف سعيد بن منصور . ط. دار الصميعي ، الرياض ، الأولى 1414 ، تحقيق الشيخ سعد الحميد . سير أعلام النبلاء ، تأليف الإمام محمد بن أحمد الذهبي . ط. مؤسسة الرسالة ، بيروت السابعة 1410 تحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرون . السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار ، تأليف الإمام الشوكاني . ط. دار الكتب العلمية ، بيروت ، الأولى 1405 ، تحقيق محمود زايد . شرح مُختصر الروضة ، تأليف الإمام الطوفي . ط. وزارة الشؤون الإسلامية . الثانية ، 1419 ، تحقيق د . عبد الله التركي . شرح منتهى الإرادات ، تأليف الإمام البهوتي . ط. عالم الكتب ، بيروت ، الثانية ، 1996 صحيح سنن أبي داود ، تأليف الشيخ الألباني . صحيح سُنن النسائي ، تأليف الشيخ الألباني . صحيح مسلم . تأليف الإمام مسلم بن الحجاج القشيري . ط . دار الحديث . الأولى 1412 ضعيف سُنن أبي داود ، تأليف الشيخ الألباني . طرح التثريب في شرح تقريب الأسانيد ، تأليف الحافظ العراقي وولده . ط. مكتبة نزار الباز ، مكة ، الثانية ، 1420 ، تحقيق حمدي الدمرداش . عمدة القاري شرح صحيح البخاري ، تأليف الإمام العيني . ط. دار إحياء التراث ، بيروت . غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود ، تأليف أبو إسحاق الحويني . ط. دار الكتاب العربي ، بيروت ، الأولى ، 1408 فتح الباري بشرح صحيح البخاري . تأليف الحافظ أحمد بن علي
(1/148)
العسقلاني . ط . بتحقيق الشيخ / عبد القادر شيبة الحمد ، وَ ط. دار المعرفة . الكامل في ضعفاء الرِّجال ، تأليف الحافظ ابن عدي . ط. دار الفكر ، بيروت ، الثالثة 1409 ، تحقيق يحيى مختار غزاوي . كشاف القناع تأليف الإمام البهوتي . ط. دار الفكر ، بيروت ، 1402 لسان العرب ، تأليف ابن منظور الأفريقي . ط. دار صادر ، بيروت ، الأولى . المجموع شرح المهذب ، تأليف الإمام النووي . ط. دار الفكر ، بيروت ، 1997 مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ، جمع عبد الرحمن بن قاسم وابنه محمد . ط. مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، 1415 المحلى ، تأليف الإمام ابن حزم الظاهري . ط. دار الآفاق الجديدة ، بيروت . مسند الإمام أحمد بن حنبل ، تأليف الإمام أحمد بن محمد بن حنبل . ط. مؤسسة قرطبة مصر . وَ ط. مؤسسة الرسالة ، الأولى 1420 مصنف عبد الرزاق ، تأليف الإمام عبد الرزاق الصنعاني . ط. المكتب الإسلامي ، بيروت ، الثانية 1403 ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي . مصنَّف ابن أبي شيبة ، تأليف ابن أبي شيبة . ط. دار الرشد ، الرياض ، الأولى 1409 تحقيق كمال الحوت . معالم السنن شرح سُنن أبي داود ، تأليف الإمام الخطابي . ط. دار الكتب العلمية ، بيروت ، الأولى 1411 ، بعناية عبد السلام عبد الشافي . معرفة علوم الحديث ، تأليف الإمام الحاكم . ط. دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1397 ، تحقيق السيد معظم حسين . المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج ، تأليف الإمام النووي . ط. دار إحياء التراث ، بيروت ، الثانية ، 1392 المهذب ، تأليف الإمام الشيرازي . ط. دار الفِكر ، بيروت . الموافقات ، تأليف الإمام الشاطبي . ط. دار المعرفة ، بيروت ، الثانية ، 1395 النهاية في غريب الحديث ، تأليف الإمام المبارك بن محمد الجزري ( ابن الأثير ) . ط. المكتبة العلمية ، بيروت ، 1399 ، تحقيق طاهر الزواوي ، ومحمود الطناحي . نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار ، تأليف الإمام
(1/149)
الشوكاني . ط. دار الجيل ، بيروت ، 1973
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الموافقات (3/47) .
(2) الموافقات (2/8) .
(3) ستأتي الإشارة إلى الفرق .
(4) نَقَل النووي في المجموع (7/333 وما بعدها) الأقوال في هذه المسألة . ويُنظر : الاستذكار ، لابن عبد البر (4/257) .
(5) تناوله الشنقيطي في مسألة تحريق رَحْل الغالّ ، وسيأتي النقل عنه في موضعه .
(6) الأم (4/250) .
(7) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (20/384) بتصرف يسير .
(8) المرجع السابق ، الموضع السابق .
(9) المرجع السابق ، الموضع السابق .
(10) السنن الكبرى ، للبيهقي (4/105) .
(11) وسيأتي في المبحث الثاني .
(12) المهذب (1/141) ، وذَكَر أنه قول الشافعي في القديم .
(13) الاستذكار (6/536) .
(14) فتح الباري (4/365) وقد نقله بصيغة التمريض ، فقال : وقيل ناسخة الأحاديث الواردة في رفع العقوبة بالمال وقد كانت مشروعة قبل ذلك .
(15) شرح منتهى الإرادات (1/446) ، وَ كشاف القناع (2/257) .
(16) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (20/384) .
(17) رواه البخاري (ح 618) ومسلم (ح 651) .
(18) رواه الإمام أحمد (ح 8782) .
(19) رواه الإمام أحمد (ح 20053) وأبو داود (ح 1575) والنسائي (ح 2444) وغيرهم .
(20) حاشية ابن القيم على سُنن أبي داود (4/319) .
(21) عمدة القاري (9/13) .
(22) التلخيص الحبير (2/160) ثم ذكر الخلاف في بهز بن حكيم .
(23) المرجع السابق (2/161) .
(24) في تاريخ ابن معين رواية الدوري (4/124) : سمعت يحيى يقول : بهز بن حكيم ثقة . وهو كذلك في رواية عثمان الدارمي (82) .
(25) فتح الباري (13/355) .
(26) (2/430) .
(27) سير أعلام النبلاء (6/253) .
(28) النهاية في غريب الحديث (2/473) .
(29) حاشية ابن القيم (4/319) .
(30) معرفة علوم الحديث - ص (119) .
(31) الكامل في ضعفاء الرِّجال (2/67) .
(1/150)
(32) السيل الجرار (2/15) .
(33) صحيح سنن أبي داود (ح 1393) .
(34) جامع الترمذي (3/45) .
(35) صحيح البخاري (1/107) .
(36) الجامع (4/28) .
(37) رواه مسلم (ح 1658) .
(38) رواه مسلم (ح 1659) .
(39) رواه مسلم (ح 537) .
(40) رواه الإمام أحمد (ح 18580) وأبو داود (ح 4457) والترمذي (ح 1362) والنسائي (ح 3332) وابن ماجه (ح 2607) .
(41) نيل الأوطار (7/286) .
(42) المحلى (9/527) .
(43) إراواء الغليل (ح 2351) .
(44) قال ابن الأثير في النهاية (2/9) : الخبنة معطف الإزار وطرف الثوب ، أي لا يأخذ منه في ثوبه ، يَقال : أخبن الرجل إذا خبأ شيئا في خُبنة ثوبه أو سراويله .
(45) الجرين : البيدر الذي يداس فيه الطعام ، والموضع الذي تُجفف فيه الثمار . (التعاريف للمناوي 1/240)
(46)رواه الإمام أحمد (ح 6683) وأبو داود (ح 1710) والنسائي (ح 4958) ورواه الترمذي (ح 1289) مُختَصراً ، وقال : هذا حديث حسن .
(47) قال ابن الأثير في النهاية (1/367) : والحريسة فعيلة بمعنى مفعولة ، أي أن لها من يحرسها ويحفظها ، ومنهم من يجعل الحريسة السَّرِقة نفسها ،يُقال : حرس يحرس حرساً إذا سرق ، فهو حارس ومحترس ... ويُقال للشاة التي يُدركها الليل قبل أن تصل إلى مراحها حريسة ، وفلان يأكل الحرسات إذا سرق أغنام الناس وأكلها ، والاحتراس أن يسرق الشيء من المرعى .
(48) قال ابن الأثير في النهاية (3/258) : عطنه أي مَراحه .
(49) نيل الأوطار (7/301)
(50) صحيح سُنن أبي داود (ح 1504) وصحيح سُنن النسائي (ح 4593)
(51) رواه مسلم (ح 2077) .
(52) وسيأتي تفصيل ذلك في ذِكر الأقوال .
(53) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (35/406) .
(54) والخادِم يُطلق على الذَّكر والأنثى .
(55) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج (5/135) وهو المعروف بـ ( شرح النووي على مسلم ) .
وسيأتي تفصيل هذه المسألة .
(1/151)
(56) يُنظر تفصيل ذلك في : شرح مُختصر الروضة للطوفي (3/185 وما بعدها ) .
(57) الإحكام في أصول الأحكام (4/470) ويُنظر : شرح مختصر الروضة للطوفي (2/340) .
(58) الْمُحلَّى (6/57) ثم ذَكَر بعد ذلك تضعيفه لحديث عمرو بن شعيب ، ورَدّ ابن حجر تضعيفه كما تقدّم .
(59) مجموع الفتاوى (28/111) .
(60) الباعث الحثيث (2/482) .
(61) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (2/304) .
(62) الفتح (2/130) .
(63) حاشية على فتح الباري (2/130) .
(64) الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي (4/260) والرواية عنهما ضعيفة ، كما في غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود ، لأبي إسحاق الحويني (ح 1082)
(65) معالم السنن ، للخطابي (2/28) .
(66) مصنَّف ابن أبي شيبة (ح 27869) والقَوَد : القِصاص (لسان العرب 3/ 372) .
(67) مجموع الفتاوى (28/110) .
(68) الأحاديث المختارة ، للضياء المقدسي (1/311) .
(69) سنن سعيد بن منصور (2/315) .
(70) سنن سعيد بن منصور (2/315) .
(71) المصنف (5/247) .
(72) المصنّف (5/247) .
(73) المصنّف (5/247) .
(74) الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي (4/260) .
(75) نَقَلَ ذلك كله ابن عبد البر في الاستذكار (5/93) .
(76) معالم السنن (2/28) .
(77) الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي (1/394) والحديث الذي ذَكَره ضعّفه الترمذي في الجامع (4/61) والبيهقي في الكبرى (9/102) ، ونَقَل تضعيف البخاري له ، وضعّفه ابن عبد البر في الاستذكار (5/92) وضعفه الألباني في ضعيف سُنن أبي داود (ح 580) .
(78) زاد المعاد (5/54) .
(79) أضواء البيان ، مرجع سابق (2/304) .
(80) طرح التثريب (2/507) .
(81) حاشية ابن القيم (4/319) .
(82)و الأَرْشُ من الجراحات ما ليس له قدر معلوم ، وقيل : هو دية الجراحات ( لسان العرب 6/263) .
(83) المجموع شرح المهذب (6/356) .
(84) رواه الإمام أحمد (ح 17333) وقال مُحققو المسند (28/586) : حسن لغيره . ويُنظر تخريجه هناك .
(1/152)
9-هل نحتفل بالمولد النبوي ... ؟؟؟
الموضوع طويل ... ومن أراد الفائدة فليقرأ حتى النهاية
كثير ممن يحتفل بالمولد النبوي يحتفلون به بدعوى محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتعظيمه .
فما مدى صحّة الدعوى ؟
روى البخاري ومسلمٌ عَنِ ابن عَبّاسٍٍ ـ رضي الله عنه ـ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَال : لَوْ يُعْطَى النّاسُ بِدَعْوَاهُمْ , لادّعَى ناسٌ دِمَاءَ رِجَالٍٍ وَأَمْوَالهُمْ .
إن كلَّ إنسانٍٍ يستطيعُ أن يدّعي ما يريد ، وأن يقولَ ما يشاء .
غير أن الحقائقَ تكذِّبَ ذلك القولَ أو تصدِّ قُه .
قال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ : زعم قومٌ أنهم يحبون اللهَ فابتلاهم الله بهذه الآية . يعني قوله تعالى ( قل إن كنتم تحبون اللهَ فاتبعوني يحببكم الله ويغفرْ لكم ذنوبكم والله غفور رحيم )
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ : هذه الآيةُ الكريمة حاكمةٌ على كل من ادّعى محبة الله وهو على غير الطريقة المحمدية فإنه كاذبٌ في دعواه في نفس الأمر حتى يتّبع الشرعَ المحمدي والدينَ النبوي في جميع أقوالِه وأفعالِه .
أولا : يرد هذا السؤال :
هل نحن أكثر حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة ؟
لقد سطّرَ أصحابُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم أعظمَ ملحمةٍ في الحبِّ . سطّروها بدمائهم فِداءً لرسولهم صلى الله عليه وسلم .
قدّموا بين يديه صدورهم ونحورهم .
فدَوه بكل غالٍ ونفيس .
(1/153)
وصَفَهُم عُروةُ بنُ مسعودٍ ـ وكان مشركا ـ حين كان يرمقُ أصحابَ النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه ، فقال : فوالله ما تنخم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نخامةً إلا وقعتْ في كفِّ رجلٍٍ منهم فَدَلَكَ بها وجهَه وجلدَه ، وإذا أمرهم ابتدروا أمرَه ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتَهم عنده ، وما يُحِدُّون إليه النظرَ تعظيماً له . ولما رجع عروةُ إلى أصحابه قال : أي قوم . والله لقد وفَدْتُّ على الملوك ووفَدتُّ على قيصر وكسرى والنجاشي والله إنْ رأيتُ ملِكاً قط يعظمْه أصحابُه ما يعظمُ أصحابَ محمد صلى الله عليه وسلم محمدا . رواه البخاري .
وفي الصحيحين من حديث أنسٍ رضيَ اللهُ عنه قال : لما كان يومَ أحُدٍ انهزمَ الناسُ عنِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وأبو طلحةَ بينَ يدَي النبيّ صلى الله عليه وسلم مُجوّبٌ عليهِ بحجَفةٍ له ، وكان أبو طلحةَ رجلاً رامياً شديدَ النزعِ ، كَسَرَ يومَئذ قوسَينِ أو ثلاثاً ، وكان الرجلُ يَمرُّ معه بجعْبةٍ من النّبل فيقولُ : انْثُرها لأبي طلحةَ . قال : ويُشرِفُ النبيّ صلى الله عليه وسلم ينظرُ إلى القوم ، فيقولُ أبو طلحة : بأبي أنتَ وأمي ! لا تُشرفْ يُصيبُكَ سهمٌ من سِهام القوم ، نَحرِي دُونَ نحرِك .
ويومها شُلّتْ يدُ أبي طلحة رضي الله عنه .
تساقط الصحابةُ أمامه الواحدُ تِلو الآخر فداء له صلى الله عليه وسلم ولرسالته .
(1/154)
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أُفْرِدَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي سَبْعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُريْشٍ ، فَلَمّا رَهِقُوهُ قَالَ : مَنْ يَرُدّهُمْ عَنّا وَلَهُ الْجَنّةُ أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنّةِ ؟ فَتَقَدّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتّىَ قُتِلَ , ثُمّ رَهِقُوهُ أَيْضاً . فَقَالَ: مَنْ يَرُدّهُمْ عَنّا وَلَهُ الْجَنّةُ أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنّةِ ؟ فَتَقَدّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتّىَ قُتِلَ ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتّىَ قُتِلَ السّبْعَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبَيْهِ : مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا . رواه مسلم .
ومع كلِّ هذا الحب وتلك التضحيات ما كانوا يَغْلُون فيه صلوات الله وسلامه عليه .
فهذا أنسُ بنُ مالكٍ رضي الله عنه يقول : ما كان شخصٌ أحبُّ إليهم من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك . رواه أحمد والترمذي والبخاري في الأدبِ المفردِ بأسانيدَ صحيحة .
لقد زعمَ أقوامٌ أنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم مُحِبُّون ، ودعواهم في وادٍ وأعمالُهم في وادٍ آخر .
شتّان بين مشرِّقٍ ومُغرِّبِ !
إن محبَّتَه صلى الله عليه وسلم إنما تكون بإحياءِ سُنَّتِه .
تكون باقتفاءِ أَثَرِه .
تكون بطاعته فيما أمر .
وليست محبتُه بالتغنِّي بشمائله بقرعَ الدفوفِ ليلةَ مولده ، ولا بالغلو فيه ؛ فهذا معصيةٌ له عليه الصلاة والسلام ، حيث قال : لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله . رواه البخاري عن عمر رضي الله عنه .
وإن من الإطراء إضفاء بعض صفات الله عليه صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك قول القائل :
مالي من ألوذ به سواك *****عند حدوث الحادث العمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها*****ومن علومك علم اللوح والقلم
(1/155)
فهذا إطراء وغلو لا يرضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل هو عين إطراء النصارى لعيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ، فإن النصارى ادعت في عيسى الألوهية ، وأضافت إليه شيئا من صفات الله عز وجل ، وهناك من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل كفعل النصارى ، بأن أدعى أن من علومه علم اللوح والقلم ، ومن جوده الدنيا والآخرة ، وأنه هو الملاذ والملجأ والمستعاذ ، وكل هذا لا يرضاه صاحب الملة الحنيفية .
جاءه رجل فكلمه فقال ما شاء الله وشئت ، فقال : ويلك اجعلتني لله عدلا ؟ قل ما شاء الله وحده .
وجاءه أعرابي فقال : يا رسول الله جهدت الأنفس وضاعت العيال ونهكت الأموال وهلكت الأنعام فاستسق الله لنا فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويحك أتدري ما تقول ؟ وسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه ثم قال : ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك .
فهذه أمثلة على إنكاره صلى الله عليه وسلم على من جعله لله ندا أو أضاف إليه شيء من صفات الله ، أو نعته ووصفه بنعوت الله وصفاته .
فمن أحدث في دين رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فإنما هو يستدرك على أبي القاسم صلى الله عليه وسلم .
قال الإمام مالك – رحمه الله – : من ابتدع في الدين بدعة فرآها حسنة فقد اتّهم أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، فإن الله يقول : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ) فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا .
ألا وإن مما يُقوّي محبةَ رسولِ الهدى صلى الله عليه وسلم ويزيدها معرفة كريم خصاله ، وعظيم شمائله ، وهذا لا يَحصُل إلا بقراءة سيرته ليس في يومٍ من السَّنَةِ فحسْب ، والوقوف عن كَثَبٍ على شمائله ، فهناك كُتُبٌ خُصَّتْ بِذِكْرِ شمائلِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم وأخلاقِه .
(1/156)
فرسول الله صلى الله عليه وسلم حاز قَصَبَ السَّبقِ في كل خُلُق فاضل ، فهو الشُّجاع إذا احمرّت الحَدَق ، وادلهمّت الخطوب
أنت الشّجاع إذا الأبطال ذاهلة **** والهُنْدُوانيُّ في الأعناق والُّلمَمِ
قال البراء رضي الله عنه : كنا والله إذا احمر البأس نتقي به ، وإن الشجاع منّا للذي يحاذي به ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم
وقال عليّ رضي الله عنه : كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه . رواه أحمد وغيره .
أما البراء رضي الله عنه فهو الملقّب بالمَهْلَكَة ، وأما عليٌّ رضي الله عنه فشجاعتُه أشهرُ من أن تُذْكَر .
وهو صلى الله عليه وسلم الكريم إذا عُدَّ الكرماء ، يُعطي عطاء من لا يخشى الفقر .
أتاه رجلٌ فسأله فأعطاه غَنَماً بين جبلين ، فأتى قومه فقال : أي قوم أسلموا ، فو الله إن محمدا ليعطي عطاء رجلٍ ما يخاف الفقر . رواه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه .
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الرِّيحِ المرسَلَة ، وكان أجود ما يكون في رمضان . كما في الصحيحين من حديث ابن عباس
قَدِمَ عليه سبعون ألف درهم ، فقام يَقْسمُها فما ردَّ سائلاً حتى فرغ منه صلى الله عليه وسلم . رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم .
وهو صلى الله عليه وسلم على خُلُقٍ عظيم يُوجِبُ مَحَبَّتَه ، ويَبْعَثُ على توقيره .
مَنَحتُ حُبّيَ خير الناس قاطبةً**** بِرَغْمِ من أنفُه لا زال في الرَّغَمِ
يكفيك عن كل مَدْحٍ مدْحُ خالِقِه **** واقرأ بربك مبدأ سورةِ القلم ( وإنك لعلى خُلُق عظيم )
قال أنس : كان النبي أحسنَ الناس ، وأشجعَ الناس ، وأجودَ الناس . متفق عليه .
حليم على مَنْ سَفِه عليه ، أتته قريش بعد طول عناء وأذى ، فقال : اذهبوا فأنتم الطلقاء .
(1/157)
شَدّ أعربيٌّ بُردَه حتى أثّر في عاتقه ، ثم أغلظ له القول بأن قال له : يا محمد مُرْ لي من مال الله الذي عندك ! فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم أمر له بعطاء . متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه .
هو مَنْ جمع خصال الخير وكريم الشمائل ، وَصَفَه ربّه بأنه ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .
قال الحسن البصري في قوله عز وجل ( فبما رحمةٍ من الله لِنْتَ لهم ) قال : هذا خُلُقُ محمد صلى الله عليه وسلم نَعَتَه الله عز وجل .
كان علي رضي الله عنه إذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان أجودَ الناس كفّاً ، وأشرَحهم صدرا ، وأصدقَ الناس لهجة ، وألْيَنَهُهم عريكة ، وأكرَمهم عِشرة ، من رآه بديهةً هابَه ، ومن خالطه معرفةً أحبَّه ، يقول ناعِتُه لم أرَ قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم . رواه الترمذي وابن أبي شيبة والبيهقي في شُعب الإيمان .
تلك قَطْرِةٌ من بحرِ صفاتِه ، وإشارةٌ لمن ألقى السَّمْعَ ، وتذكِرةٌ للمُحِبّ .
فهذه أخلاقه فأين المحبُّون ؟
هذه من أخلاقه عليه الصلاة والسلام فأين المقتدون ؟
أين أدعياء محبته صلى الله عليه وسلم ؟
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ***** إن التشبه بالكرام فلاح
فما أحبَّ أبا القاسم من تنكّرَ لِسُنَّتِه ، أو طعَنَ في صحابته ، أو قذف زوجاتِه
وما أحبَّ أبا القاسم كلَّ المحبّة من استنَّ بغير سُنّتِه ، واقتفى غير طريقته ، واهتدى بغير هَدْيِه .
ما أحبَّ أبا القاسم كلَّ المحبّةِ من لم يَذْكُرْه في العام سوى يومٍ أو ليله ، ويَنسى ذِكرَه بقيّةَ سَنَتِه .
ما أحبَّ أبا القاسم كلَّ المحبّةِ من خالفَ أمرَه ، أو أحيا سُنّةَ الجاهلية .
وقد رأيت في بعض البلاد التي يحتفلون بها بـ ( المولد النبوي ) من جعلوا يوم الاحتفال مؤرّخا بالتاريخ الميلادي ، تاريخ أعداءه وأعداء دينه ملته ، تاريخ النصارى ، على ما بينهم من اختلاف في تحديد يوم الميلاد .
(1/158)
ولو كان الاحتفال يمثل صدق المحبة لأرّخوا بتاريخ هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم . ( ولكنها كما قلت دعاوى خفيفة )
وبالمناسبة فإن يوم مولده لم يثبت من الناحية التاريخية على وجه التحديد .
ثم إنه صلى الله عليه وسلم مات في نفس الشهر الذي ولد فيه .
فهل هؤلاء يحتفلون بيوم ولادته أو بيوم موته ؟؟
ولعل أولئك الذين اتخذوا يوم ميلاده يوما يحيونه ويدعون فيه محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه ما يكونون بمن عقوا أمهاتهم ثم جعلوا لهن يوما في السنة يزورونهن ويهدون إليهن الورد والحلوى .
ولعل أولئك يصدق عليهم قول ابن القيم – رحمه الله – :
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا ***** تقييده بشرائع الإيمان
واللهو خفّ عليهم لما رأوا ***** ما فيه من طرب ومن ألحان
فتهربوا من الأوامر والنواهي وتمسكوا بما لا مشقة فيه ، من رقص وطرب وأكل وشرب ولهو .
فأين هم عن سمته وهديه ؟
وأين هم عن سنته وطريقته ؟
وأين هم عن امتثال أمره ؟
وأين هم عن اقتفاء أثره ؟
صلى عليك الله يا علم الهدى .
فهل يكفي من محبة النبي صلى الله عليه وسلم يوما من السنة ثم تنسى سنته طيلة العام ؟
وهل يكفي من محبته صلى الله عليه وسلم مجرد الشعارات والدعاوى ؟
لا والله حتى تسيل المهج في محبته . لا الطبول والمسيرات ، وأحيانا ( المشروبات ) .
فاتقوا الله حق تقاته ، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، واذكروا نعمة ربكم عليكم ، واعتصموا بكتاب الله واستمسكوا بسنة نبيّكم . عضوا عليها بالنواجذ . وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كلَّ محدثةٍ بدعة وكلَّ بدعةٍ ضلالة ، وكلَّ ضلالةٍ في النار .
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم منّة ربِّ العالمين ( لقد منّ اللهُ على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسِهم ) .
ودعوةُ أبيه إبراهيم ( ربنا وابعث فيهم رسولاً من أنفسهم ) .
وبشارة عيسى عليه السلام ( ومبشِّراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمه أحمد ) .
(1/159)
إن البريّةَ يومَ مبعثِ احمدٍ******نَظَرَ الإله لها فبدّل حالها
بل كرّمَ الإنسانَ حين اختار *****من خيرِ البريةِ نجمها وهلالها
لبسَ المُرقّعَ وهو قائدُ أمةٍ***** جَبَتِ الكنوزَ فكسّرتْ أغلالها
ولا يفهم من هذا الكلام أن فيه تنقصا من قدر صاحب القَدر صلى الله عليه وسلم .
بل أنا كما قال الشاعر :
إن حلّ في القلب أعلى منك منزلة*****في الحبّ حاشا إلهي باريء النّسَمِ
فمزّق الله شرياني وأوردتي *****ولا مَشَت بي إلى ما أشتهي قدمي
حول مسألة الاحتفال بالمولد ردّ عليّ أحد الأخوة
كنت كتبت موضوعاً عن بدعية الاحتفال بالمولد فكتب أحدهم :
ربما يكون الموضوع قديم ولكن لسفري لم أستطع المشاركه
أعجب أحياناً من البعض الناس تذبح في الدول الإسلاميه ونحن نقول المولد حرام
طيب يا سيدي حرام وبدعه ووووووو
اليوم الوطني حلال
تهنئة رؤساء الدول الكافره في مناسباتهم حلال
مرور 100 عام حلال
مرور 20 عام حلال
علموا الناس ما ينفعهم ودعوا عنكم الاختلاف ابحثوا عن وحدة الصف وليس النعق بما تسمعون للتفريق
اكتبوا مواضيع عن العبادات وكيف يتقرب المرء من خالقه
أحكام الصلاة فالناس لاتعرفها شروط وواجبات ومحرمات وووو لا اله إلا الله
الجواب :
عفا الله عنك
كم كنت أتمنى بعد عودتك من سفرك أنك رددت رداً أفضل
كم تمنيت أن يكون الرد رداً علمياً
وكم تشوّّقت أن أرى رداً فيه قال الله قال رسوله قال الصحابة هم أولوا العرفان
وأن ترد عليّ ما استدللت به بدلاً من إلقاء الكلام هكذا .
ومن قال لك أننا قلنا :
اليوم الوطني حلال
تهنئة رؤساء الدول الكافره في مناسباتهم حلال
مرور 100 عام حلال
مرور 20 عام حلال
لا في هذا المنتدى ولا في غيره ، ولا من كلام علمائنا الأجلاء – حفظهم الله –
وكم تمنّيت أنك نجوت مما حذّرت منه ، أو فعلت ما دعوت إليه .
ألست تدعو إلى تعليم الناس أمر دينهم وعباداتهم وكيف يتقرب الناس إلى خالقهم وتعليمهم أحكام الصلاة
(1/160)
فَلِمَ لم تقل : أنا لها !
وتفعل ما أمرت به ، ودعوت إليه ؟!
أليست البدع أشد من الكبائر كما نص على ذلك أهل العلم ؟؟؟
وأن البدعة أحب إلى الشيطان من الكبيرة ؟؟؟
لِمَ تعتب علينا أن حذرنا من بدعة منتشرة ؟؟؟
ومن أمر لم يكن له أصل في دين الله ؟؟
ولم تنظر بعين بصيرتك إلى هذا المنتدى وما يشتمل عليه من تعليم الناس أمر دينهم
هذا قسم للفتاوى
وهذا للدروس الفقهية لتعليم الناس أمر عبادتهم
وهذا قسم ثالث لتثبيت محبة النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب الناس
[[ وهذا كله بفضل الله ومِنّته ثم بجهود الأخوة والأخوات في هذا المنتدى المبارك ]]
أم أن هذا الموضوع فقط لم يُعجبك ، فقلت ما قلت ؟؟؟
ودعوت – فقط – إلى وحدة الصف !
أين أنت من دراويش الصوفية حينما يُخرجون أولادهم يهيمون في الشوارع بلباس أخضر بدعوى حب النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع من كل عام ؟؟؟
وقد رأيت هذا بنفسي في بلد أفريقي . يجهل كثير من الناس أمر دينهم وعقيدتهم
بل ويجهلون حقيقة محبة النبي صلى الله عليه وسلم
ولو سألتهم أن يصفوه لك صلى الله عليه وسلم لما وصفوه
ولو سألتهم أن يذكروا لك شيئا من هديه وسُنّته لما ذكروه
أين دعاوى وحدة الصف ؟؟
بل وأين دعاوى تعليم الناس دينهم ؟؟؟
يتركون الناس طيلة الشهور والأعوام ثم يأتون في هذا اليوم برقص وغناء وطرب وأكل وشرب وربما فسق وفجور بدعوى محبة النبي صلى الله عليه وسلم !
وقد رأيت شيئا بل أشياء من ذلك .
ودعني أتساءل :
هل عندما يُذبح بعض الناس في بلاد الإسلام أو في غيرها من أبناء المسلمين
هل عندما يُذبحون يجب علينا أن لا نتكلّم في أمور ديننا وعقيدتنا ؟؟؟
ونبقى في حالة حداد ! لا نتكلّم سوى في هذه المأساة فقط ؟؟؟
وعندما نتكلّم في مسألة من مسائل العقيدة نكون أهملنا ما يتعلّق بالعبادات ؟؟؟
أو العكس
يعني عندما نتكلّم عن مسائل العبادات نُهمل مسائل الاعتقاد ؟؟؟
إن هذا هو الخلل بعينه .
(1/161)
فالنبي صلى الله عليه وسلم مات عمه حمزة رضي الله عنه وماتت زوجه خديجة وما ترك دعوته ولا قعد عن العمل .
بل قُتِل سبعون من أصحابه بل من خيرة أصحابه وذلك في يوم واحد ، ومع ذلك ما اشتغل في هذا الأمر دون غيره .
ثم إن مسائل العبادات يُقال لمن أخطأ فيها أخطأت
أما مسائل الاعتقاد فيُقال لمن أخطأ فيها : كفرت ! أو ابتدعت ، ونحو ذلك .
ومسائل البدع يتناولها العلماء في كتب العقائد .
بل أفردها بعض العلماء في التصنيف كالإمام الشاطبي – رحمه الله – .
ومع ذلك لم يقل له أحد ممن عاصره :
أنت لم تُعلّم الناس أمر عبادتهم !
بل كل على ثغر من ثغور الإسلام
وإذا كنت ترى أننا قصرنا في تعليم الناس أمر دينهم فحيّ هلا بك ، وشمّر عن ساعد الجد
فهذه الميادين مفتوحة أمامك
الشبكة العالمية ( الإنترنت )
التأليف
التدريس
وسائل الإعلام المختلفة
وغيرها الكثير
ولكن المسألة – في ظني – كما نقلت أعلاه عن ابن القيم – رحمه الله – :
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا ***** تقييده بشرائع الإيمان
واللهو خفّ عليهم لما رأوا ***** ما فيه من طرب ومن ألحان
العلم أمانة
وهو ثقيل على النفوس
وتحصيله صعب
فَرُدّ – رحمك الله – بِعِلْم
أو اسكت – عفا الله عنك - بِحزم
راجياً أن تتقبلها بقول حسن .
والله يرعاك
---------------------
وحول مسألة الاحتفال بالمولد ردّ عليّ أحد الأخوة بقوله :
خاص جدا للمحرر المسؤول
ان ما قرأت أجده أكثر اقناعا
لأنني وحسب علمي الضئيل أعرف أن هناك روايات أخرى للحديث (عليكم بسنتي..........)
وهي أنه يضيف (وعترتي من أهل بيتي........) أو كما قال المصطفى صلى اله عليه وسلم
كما أ،ه توجد قاعدة شرعية ألا وهي أن الأشياء في أصلها الاباحة ما لم يرد نص في تحريمها
وأيضا هناك بعض المواقف المذكورة ليست للخلفاء الراشدين
ثم ان العقل مناط التكليف....... ومن هنا يجب أن يطلع المسلم على جميع وجهات النظر ويحكم
(1/162)
وأخيرا بارك الله فيك وهدانا للصراط المستقيم
الجواب :
وفيك بورك أخي الحبيب
أولاً : الوصية بعترته - عليه الصلاة والسلام - وهم أهل بيته - رضي الله عنهم - ليست في هذا الحديث ، وإنما في حديث آخر رواه الترمذي وغيره .
ثانياً : ليس لها علاقة بالموضوع .
ثالثاً : القاعدة التي ذكرتها ذات شقين :
الأصل في الأشياء الإباحة
والأصل في العبادات التوقيف
ويقولونها بعبارة أخرى : العبادات توقيفية .
( يعني أنها موقوفة على النص )
وهنا نحتاج إلى أن ننظر في استدلالكم - حفظكم الله -
هل محبة النبي صلى الله عليه على آله وسلم وتوقيره وتعظيمه هل هي عادة أو عبادة ؟
نتفق جميعا على أنها عبادة وطاعة وقُربة يؤجر عليها المسلم .
فلا يُشرع شيء تُدّعى فيه محبته - عليه الصلاة والسلام - مما لم يكن مشروعاً ، ومما لم يرد في السنة ، ولم يفعله الصحابة - رضي الله عنهم - رغم شدة محبتهم له كما بيّنت في الموضوع الأصلي أعلاه .
فمن مثل الصحابة - رضي الله عنهم - في محبة النبي صلى الله عليه على آله وسلم ؟؟
وأتمنى أن تُعيد قراءة الموضوع لترى بنفسك إجلال الصحابة وتوقيرهم للنبي صلى الله عليه على آله وسلم ، ومع ذلك ما كانوا يقومون له لكراهيته صلى الله عليه على آله وسلم لذلك .
حتى مُجرّد القيام الذي نهى عنه ، ولم يرضه لنفسه - عليه الصلاة والسلام - تواضعاً وتأديبا وتعليما لأصحابه .
فهل ندّعي أننا أشد حُبّاً لرسول الله صلى الله عليه على آله وسلم ، ونُريد أن نأتي بما لم يأت به أحد في القرون المفضلة ؟؟
والله يحفظكم .
10-الجواب المفصّل عن شبهات في التوسل
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد :
فهذه أسئلة وردتني من أحد إخواننا من خلال الشبكة ( الإنترنت ) ، وقد أُورِدتْ عليه شُبُهات في التوسّل ، وطلب مِني الإجابة عنها .
حيث يقول الأخ الفاضل نبيل :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(1/163)
شيخنا الكريم عبد الرحمن حفظكم الله تعالى ..
هذه بعض الشبهات يطرحها أعداء الدين من يستغيثون بالقبور أو يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم..
فنرجو أن نرى إجابة شافية لدحر الباطل .. وقد أرسلت لكم في البريد غير عن هذا، وفقكم الله تعالى..
يقول هذا الرجل/
و هذي الأدلة من أمهات كتب أهل السنة و الجماعة ، والقوانين تمشي على الجميع ما دام الموضوع ليس من تأليفي الشخصي ، و ما يحق لأحد أن يمسح ردودي إذا كانت منقولة من القرآن الكريم و سنة الرسول ص ، أقصد الصحاح و كتب السنن .
--------
* أحاديث تثبت أن التوسل برسول الله ص يجوز حتى و هو في قبره ، و أن التوسل و طلب الغوث منه حيا و ميتا ليس شرك ، لكن يتعمدون أن ما يذكرونها ....
[ أوْرَدَ شُبهات كثيرة أُورِدَتْ عليه ، فَجَعَلْتُ كل شُبهة في فقرة مُستَقِلّة ، ثم أجبتُ عنها بما يسّر الله تعالى في خمس وعشرين فقرة ، ونَقَلتُ القول كما هو من غير زيادة ولا نُقصان ] ..
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك وحفظك .
هذه شُبُهات أوْهَى من بيت العنكبوت !
وهي لا تَخرج عن أربعة أمور :
الأول : إما استدلال بدليل لا يُسلَّم لِصاحبه باستدلاله فيه ، إذ ليس فيه ما يخدم مقصده
الثاني : أن يكون الدليل ضعيفاً لا تقوم به حجّة .
الثالث : أن يكون فِعل عالم ، وأفعال العلماء يُستَدلّ لها ولا يُستدلّ بها ، كما بينه ابن القيم رحمه الله . فليس فِعل أحد من الناس حُجّة على الْخَلْق إلا فعل محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم أفعال الصحابة على خِلاف بين أهل العلم ، والصحيح حُجّية قول الصحابي ما لم يُخالِف أو يُخالَف .
الرابع : تحريف في النصوص لهوى في النفس ! وثَنْي أعناق النصوص والزيادة فيها ، أو النقص منها لتخدم أغراض قائليها !
وقبل التفصيل أُشير إلى ما جاء في المقال ، حيث زَعَم القائل أن :
(1/164)
[ بعض الناس لا يظهرون حبا للنبي ، إنما يظهرون بغضا له والعياذ بالله . كالذين يزعمون أن النبي محمد ميتة ، أو أنه لا ينفع، أو أن التبرك به وبآثاره شرك ، أو أن زيارة قبره شرك أو أن التوسل به شرك والعياذ بالله ، أو الذين يحرمون مدحه عليه السلام والاحتفال بمولده وغير ذلك، كله يظهر بغضا للنبي ولا يظهر حبا له صلى الله عليه وسلم ولا اتباعا له]
فالدعاوى أسهل وأيسر ما يكون !
والدعوى لا بُدّ لها من بَيِّنَة !
فالذين يَدّعون محبته صلى الله عليه وسلم هم أكثر الناس بُعدا عن هديه وعن سُنّته صلى الله عليه وسلم ..
ففي هذا المقال أورِدت أحاديث ضعيفة ، وبعضهم يُورِد أحاديث مكذوبة ! بِدعوى محبته صلى الله عليه وسلم ! وسوف يتبيّن هذا من خلال مناقشة هذه الشُّبُهات ..
فأين هي دعوى المحبة ؟!
ولدى أصحاب دعوى المحبة من المخالفات لِهَدْيه ولِسُنّته صلى الله عليه وسلم ما يَضيق الوقت عن تِعدادها ، من رقص وطَرَب وشرب للخمور واختلاط ، وغير ذلك مما لا يَخفى على عاقل يَعرف حقائق عن احتفالات بعض مشايخ الطُّرُق الصوفية !
ثم إنهم مِن أكثر الناس صدودا عن السنة ، فهم يَهجرون العمل بالسُّنة طيلة العام ثم يُحيونها ليلة في العام !
فهم كالأوربي الذي هَجَر أمه عاماً كاملاً ثم زَعَم أنه يبرّها بزيارة لها في عيد الأم !
فأين القوم والمحبة الصادقة ؟
وسبق أن كتبت مقالاً بعنوان :
هل نحتفل بالمولد النبوي ... ؟؟؟
وهو هنا :
http://saaid.net/Doat/assuhaim/100.htm
وذكرتُ فيه طرفا من أحوال الصحابة في صِدق المحبة له صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك لم يُنقَل عنهم ما يَفعله أهل الأهواء والبدع .
ثم إن دعاوى المحبة والتي يُحاول أولئك إثباتها عَبْر الاحتفال بمولده فيها إزراء بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، مع ما فيها من مخالفة هَدْيِه وأمْرِه صلى الله عليه وسلم .
(1/165)
فالاحتفال بالمولد النبوي لم يَكن في القرون الفاضلة ! وحسبُك بِعمل لم يَكن في القرون الفاضلة ، ولم يَكن عليه خيار الناس – أن يُرَدّ على صاحبه !
وأما قوله : (كالذين يزعمون أن النبي محمد ميتة) فهذا ظُلم عظيم ، وكذب مُبين ! فلم يَقُل بهذا مسلم قطّ ، أي لا أحد يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم مَيْتَة .
أما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات فهذا حق ، ومن أنكره فقد كُفُر بالقرآن ، فإن الله يقول في مُحكم كِتابه مُخاطشبا نبيّه صلى الله عليه وسلم : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) ، وقال : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) .
وقالت عائشة رضي الله عنها : أقبل أبو بكر رضي الله عنه على فرسه من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد ، فلم يُكَلّم الناس حتى دخل على عائشة رضي الله عنها فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مُسَجّى بْبُرْد حَبرة ، فكشف عن وجهه ، ثم أكَبّ عليه فَقَبّلَه ، ثم بكى ، فقال : بأبي أنت يا نبي الله ! لا يجمع الله عليك موتتين ، أما الموتَة التي كُتِبَتْ عليك فَقَد مُتَّها . رواه البخاري .
(1/166)
وقالت أيضا عن خطبة أبي بكر رضي الله عنه : فَحَمِدَ الله أبو بكر وأثنى عليه ، وقال : ألا من كان يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم فإن محمداً قَدْ مَات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) ، وقال (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) ، فَنَشَجَ الناس يَبْكُون . رواه البخاري .
فهل كان أبو بكر رضي الله عنه مُبغِضاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أخبر أنه ميّت ؟!
والأحاديث في هذا كثيرة .
وإليك الجواب بالتفصيل عما استُدلّ به :
1 – قول القائل :
[وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما نصه: " وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمّان عن مالك الدار قال أصاب الناس قحط (أي مجاعة) في زمن عمر (أي في خلافته) فجاء رجل (من الصحابة) إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسقِ لأمتك فإنهم قد هلكوا، (معناه اطلب من الله المطر لأمتك) ]
الجواب :
أولاً : هذا النصّ أُدْخِل فيه ما ليس منه ، لِيَخْدِم الغَرَض الذي سِيق لأجله !
ثانياً : النصّ كما هو في فتح الباري :
[ وروى بن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الداري - وكان خازن عمر - قال : أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله اسْتَسْقِ لامتك فإنهم قد هلكوا . فأُتي الرجل في المنام فقيل له : ائت عمر .. الحديث . وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة ] .
(1/167)
فقوله في النصّ السابق [فجاء رجل (من الصحابة)] يُوهَم أنه من رواية ابن أبي شيبة التي صحَّح إسنادها الحافظ ابن حجر رحمه الله ، وليس كذلك ، بل هي من رواية سيف بن عمر ، وروايته لا يُعوّل عليها عند أهل العلم !
فلا يثبت أن الذي جاء هو رجل من الصحابة ، فلِم أُقْحِم في النصّ أن الرجل من الصحابة ؟!
ولماذا حُذِفتْ بقية كلام الحافظ ؟
ربما لأنها تُسقط الاستدلال !
كما أنه زيد في النص ما ليس منه ، وهو قوله : [إيتِ عمر فاقرئه مني السلام وأخبره أنهم يُسقون]
وهذا القدر ليس في فتح الباري .. وإن كان في رواية ابن أبي شيبة .
وهذا تُبيّنه وتُوضِّحه رواية بن أبي خيثمة – وفيها - : ائت عمر فقل له : إنكم مُسْتَسْقُون فعليك الكَّفّين . قال : فبكى عمر وقال : يا رب ما آلوا إلا ما عجزت عنه . ذَكَرها ابن حجر في كتاب " الإصابة " .
فقوله : " إنكم مُسْتَسْقُون " يُوضِّح المقصود ، وهو ما دَلَّتْ عليه رواية البخاري ، وأوصاه بالدعاء ورفع الأكَفّ .
ثم إن هذا ليس فيه مُستمسَك لأهل التوسّل الممنوع [ التوسّل بالأموات ] !
كيف ؟
الجواب :
أولاً : أنه رؤيا منام ، ورؤيا المنام ليس فيها دليل ، ولا يُعوّل عليها ولا يَجوز العمل بمقتضاها ، وإلا لزِم منه تغيير الدِّين ، والاستدراك على شريعة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم ، كما بيّنه أوضح بيان الإمام الشاطبي في كتابه " الاعتصام " .
ثم إن الرؤى يُستبشر بها ولا يُعوّل عليها ، لقوله عليه الصلاة والسلام : لم يَبْقَ من النبوة إلا المبشِّرات . قالوا : وما المبشِّرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة . رواه البخاري .
فهي مُبشرِّة بنصّ قوله صلى الله عليه وسلم ، أي أنه يُستبشر بها ، ولا يُعوّل عليها من ناحية العمل .
(1/168)
ثانياً : لو صحّ الاستدلال بها لم يكن فيها مُستمسَك ، لأن الرجل لم يَكتَفِ بإتيان قبره صلى الله عليه وسلم وسؤاله ، بل أُتِي الرّجل في المنام – أتاه آتٍ – فأرشده أن يأتي إلى عمر رضي الله عنه
ثالثاً : أصحاب هذا الْمَسْلَك والاستدلال يبترون النصوص لِيَتِمّ لهم ما أرادوا .
وإلا فلِم لم يُعرِّجوا على آخر القصة ، وأن الرجل قيل له في المنام : ائت عمر .
وأنه أتى إلى عمر رضي الله عنه ، وفَعَل عمر ما فَعَل ، وهو ما رواه البخاري عن أنس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قَحِطُوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب ، فقال : اللهم إنا كُنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بِعَمِّ نبينا فاسقنا . قال : فَيُسْقَون .
وهذا لا يُنكَر .
بل فيه دليل على من أجاز التوسّل بالأموات ، وفيه إسقاط لِشُبْهَتِه ، ودحض لِباطِله .
إذ لو كان من الْمُستَقِرّ عند الصحابة إتيان قبره صلى الله عليه وسلم والتوسّل به لما لجأ عمر رضي الله عنه ومن معه من الصحابة إلى العباس عمّ النبي صلى الله عليه وسلم .
ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الأنبياء ، وأفضل من عمّه بلا ريب ، فلو كان الصحابة رضي الله عنهم يَرون جواز التوسّل بالأموات لأتوا إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وسألوه السُّقيا والشفاء !
وهذا لم يَكن منهم رضي الله عنهم .
وتقديم عمر رضي الله عنه للعباس رضي الله عنه ليس من باب التوسّل بالأموات ، بل هو من باب طلب الدعاء من الحيّ الذي يُرجَى صلاحه ، وهذا لا خلاف فيه .
والعباس رضي الله عنه حيّ وهو رجل صالح بالإضافة إلى قُربه من النبي صلى الله عليه وسلم .
ولو كان يجوز التوسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم لما تَرَكَ الصحابة رضي الله عنهم سؤاله صلى الله عليه وسلم وهم أقرب الناس إليه – في المدينة – وأحب الناس إليه ، وهو أحب الناس إليهم ، ولما قدّموا العباس رضي الله عنه يَدعو لهم .
(1/169)
ولم يكن التوسّل بشخص العباس فحسب بل بِصلاحه ودعائه ، فقد روى عبد الرزاق في المصنّف عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر استسقى بالمصلى ، فقال للعباس : قُم فاسْتَسْقِ ، فقام العباس فقال : اللهم إن عندك سحابا وإن عندك ماء ، فانشر السحاب ، ثم أنزل فيه الماء ، ثم انزله علينا ، فاشْدُد به الأصل ، وأطَلْ به الزرع ، وأدِرّ به الضرع ... الحديث .
وكان من دعاء العباس يومئذ : اللهم إنه لا ينزل بلاء إلا بذنب ، ولا يكشف إلا بتوبة ، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك ، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ، ونواصينا إليك بالتوبة ، فاسقنا الغيث .
فَدَلّ هذا على أن التوسّل إنما كان بِدعاء العباس رضي الله عنه ، ولو كان بشخص العباس فَحَسْب لاكتفى عمر رضي الله عنه بالدعاء بشخص العباس أو بمن هو أولى منه ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفرق بين طلب الدعاء من الحيّ ، وبين طلبه من الميّت .
فالأول مسموح ، والثاني ممنوع .
2 – الاستدلال بقوله تعالى : (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) ليس مَحلّ استدلال بجواز التوسّل أو الاستغاثة بالأموات ، بل فيه الاستغاثة بالحيّ القادر فيما يَقدر عليه .
وهذا محلّ اتّفاق .
ولو كانت الاستغاثة بِنوحٍ عليه الصلاة والسلام في زمان موسى عليه الصلاة والسلام لربما استدلّ به المخالِف !
ولو كان يجوز ذلك في شريعة من قبلنا لم يَكن ليُستَدلّ به في شريعتنا ، إلا أن تأتي شريعتنا بإقراره ، ولذلك لا يجوز الاستدلال بِفعل يوسف عليه الصلاة والسلام مع أبويه بجواز السجود لغير الله ، لأن شريعتنا جاءت بمنعه .
وهذا من الأدلة التي يضعونها في غير مواضعها ! فإن استغاثة الرّجل بموسى عليه الصلاة والسلام فيما كان موسى يقدر عليه في حال حياته عليه الصلاة والسلام .
3 – ومثل الاستدلال السابق ما يُستَدلّ به في الشفاعة يوم القيامة ، فقد جاء في السؤال قول صاحب الشُّبْهَة :
(1/170)
[ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض أحوال يوم القيامة : إن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد فيشفع ليقضى بين الخلق. رواه البخاري في كتاب الزكاة ]
وهذا ليس في حال الوفاة بل هو فيما يكون بعد البِعْث ، أي أن هذا يكون يوم القيامة ، والناس أحياء حياة لا موت بعدها .
فلا يستقيم الاستدلال بهذا الدليل ، لأننا نُثبت الشفاعة لنبينا صلى الله عليه وسلم ، وهي الشافعة العُظمى في الموقف العصيب ، وهذا يكون يوم القيامة .
والشفاعة أنواع ، وسبق ذِكرها هنا :
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?s=af6b4081eded82d0e4fc5660c8bd8579&threadid=16044
وهل نحن نُنكِر الشفاعة حتى يُستَدلّ علينا بمثل هذا ؟!
هذا والذي قبله يُنكَر بهما على من يُنكِر ذلك .
4 – الاستدلال بحياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في قبورهم ، حيث يقول صاحب الشُّبْهَة :
[ روى الإمام مسلم في صحيحه كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى عليه السلام قال: حدثنا هدّابُ بنُ خالد وشيبانُ بنُ فَرّوخٍ قالا: حدّثنا حماد بنُ سَلَمةَ عن ثابتٍ البُناني وسُليمان التميمي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتيتُ (وفي رواية هدّابٍ: مررتُ) على موسى ليلةَ أُسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يُصلي في قبره" ]
أقول :
وأصْرح منه قوله صلى الله عليه وسلم : الأنبياء أحياء في قبورهم يُصَلّون .
قال الهيثمي : رواه أبو يعلى والبزار ، ورجال أبي يعلى ثقات . اهـ .
وقال الألباني : صحيح .
(1/171)
وقال الشيخ رحمه الله مُعلِّقا على هذا الحديث : اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما هي حياة برزخية ، ليست من حياة الدنيا في شيء ، ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب الأمثال لها ؛ ومحاولة تكيفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا . هذا هو الموقف الذي يجب أن يَتّخذه المؤمن في هذا الصَّدَد : الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيِسَة والآراء ، كما يَفعل أهل البِدع الذين وصَل الأمر ببعضهم إلى ادِّعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقية ! قال : يأكل ويشرب ويجامع نساءه ! ، وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى . ويشهد للحديث رؤيته صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء لموسى قائما في قبره يُصلي . اهـ .
فإذا أثبتنا حياة الأنبياء في قبورهم ، وأنها ليست من جنس حياة الأحياء في هذه الدنيا ، فليس لأحد أن يتوسّل بهم ، ولا أن يَدعوهم .
لأن إخباره صلى الله عليه وسلم عن حياته في قبره أو عن حياة الأنبياء ليس فيه إذن ولا أمر بالتوسّل به صلى الله عليه وسلم ولا بِغيره من الأنبياء .
5 – الاستدلال بأن صلاة من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم معروضة عليه .
حيث جاء في الشُّبْهَة : [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي من بعيد أُعلمته". قال الحافظ في الفتح وسنده جيد .اهـ ]
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عن حياة الأنبياء :
(1/172)
وإذا ثبت أنهم أحياء من حيث النّقل فإنه يقويه من حيث النظر كون الشهداء أحياء بنص القرآن والأنبياء أفضل من الشهداء ، ومِن شواهد الحديث ما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة رفعه ، وقال فيه : وصَلُّوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم . سنده صحيح ، وأخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب بسند جيد بلفظ : من صلى على عند قبري سمعته ، ومن صلى عليّ نائيا بُلِّغته . وعند أبي داود والنسائي وصححه بن خزيمة وغيره عن أوس بن أوس رفعه في فضل يوم الجمعة : فأكْثِرُوا عليّ من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة عليّ . قالوا : يا رسول الله وكيف تُعْرَض صلاتنا عليك وقد أَرِمْت ؟ قال : إن الله حَرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء . اهـ
فصلاة من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم تَبْلُغه وإن كان بعيدا فإن صلاته تُعرَض على النبي صلى الله عليه وسلم .
ولا إشكال في ذلك ، وكيفية ذلك لا تُعلَم ، لأن هذا من ألأمور الغيبية التي لا عَهْد للإنسان بها ، ولا بِكيفيتها .
وإثبات حياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبره لا يُسوِّغ دعاءه ، ولا يُجيز التوسّل به صلى الله عليه وسلم ، إذ لو كان ذلك جائزاً لَدَلّ أمته عليه .
فإن كان دَلّ أمته عليه ، فأين هو الدليل ؟!
وإن لم يكن فهو من قبيل الممنوع ، إلا حَسب زعم الصوفية أن الأولياء فوق درجة الأنبياء ! فيجوز حينئذ عندهم أن يفعل الوليّ ما لم يأذن به النبي ! وهذا هو الكفر بِعينه !
وهذا لَعمر الحقّ هو التنقّص للنبي صلى الله عليه وسلم من أقوام زعموا محبته ! والإزراء به عليه الصلاة والسلام .
يقول قائل الصوفية :
مقام النبوة في برزخ *** فُويق الرسول ودون الولي !
وأمرٌ آخر أشار إليه الحافظ ابن حجر ، وهو أن الله أثبَت حياة الشهداء ، فمن ذلك قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) .
(1/173)
وممن قُتِل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حمزة رضي الله عنه ، وهو عمّ النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أسد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك لا يَسُوغ أن يُدعى ، ولا أن يُتبرّك به ، وإن كان حيًّا حياة برزخية .
ولو جاز أن يُتبرّك به ، أو يُدْعَى أو يُستشفَع به لَدَلّ النبي صلى الله عليه وسلم أمّته عليه ، فلما لم يَدُلّ أمته عليه عُلِم أنه غير مشروع .
ومن قال بجواز التوسّل بالأموات ، أو التبرّك بهم ، فإنه يستدرك على النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ويتّهمه بالتقصير في البلاغ .
6 – الاستدلال بمشروعية زيارة القبور على شدّ الرِّحال ، والاستدلال بآية النساء :
حيث جاء في السؤال قول صاحب الشُّبْهَة :
[وقال الإمام أحمد بن زيني دحلان في كتابه الدرر السُّنية في الرد على الوهابية : اعلم رحمك الله أن زيارة قبر نبينا صلى الله عليه وسلم مشروعة مطلوبة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة أما الكتاب فقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً}
دلت الآية على حث الأمة على المجيء إليه صلى الله عليه وسلم والاستغفار عنده واستغفاره لهم وهذا لا ينقطع بموته.اهـ]
أولاً : أحمد دحلان هذا لا يَرقى لمراتب العلماء فضلا عن أن يُوصَف بالإمامة !
ثانياً : زيارة القبور لا يُجادَل فيها ولا يُمارَى ، وهي مشروعة ، وليس المقصود منها التبرّك بالأموات ، ولا التوسّلأ بهم ، بل مقصودها الأعظم نَفْع الزائر نفسه ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام : نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإن في زيارتها تَذْكِرة . رواه أبو داود وغيره ، وأصله في صحيح مسلم .
(1/174)
ثالثاً : ما يتعلّق بِشَدّ الرِّحال إنما يكون لِمسجده صلى الله عليه وسلم ابتداء ثم يُزار قبره ، امتثالاً لأمره صلى الله عليه وسلم حيث قال : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومسجد الأقصى . رواه البخاري ومسلم .
رابعاً : الاستدلال بالآية لا يُسلَّم ، وذلك من خمسة أوجه ، سبق بسطها وبيانها هنا :
[url=http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?s=&threadid=38832]مسألة في قوله تعالى(وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ)[/url]
ولم يثبت أن أحداً من أهل العلم استدلّ بها على ما زعمه "دحلان " ، ولا فَعَله أحد من الصحابة رضي الله عنهم .
وأما حديث : " حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه ، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم " . فهو حديث ضعيف لا تقوم به حجّة ، كما بينه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة .
وقد ورد مختصرا بلفظ : تُعْرَض عليّ أعمالكم كل خميس . وهو حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما قول [رواه البزار ورجاله رجال الصحيح كما قال الحافظ الهيثمي في مجمعه]
فهذا تدليس على القرّاء ! وإيهام تصحيح الحديث !
وقول الحافظ الهيثمي لا يُعتبر تصحيحاً للحديث ، فإن قوله : رجاله رجال الصحيح . لا يقتضي صِحّة إسناد الحديث ، بل ولا يقتضى اتِّصال إسناده ، بل الوصف لِرجال الإسناد دون الإسناد نفسه ، وهذا يَعلمه من له أدنى معرفة بمصطلح الحديث وطُرُق الأئمة في كُتبهم .
فقول الحافظ الهيثمي مثلا : رجاله ثقات ، أو رجاله رجال الصحيح ، ونحوها ، لا يُقتضي صِحّة الحديث ، بل الوصف مُتعلّق بِرجال الإسناد ، دون تصحيح الإسناد ، ودون تصحيح مَتْن الحديث .
والحدث ضعيف كما علمت .
(1/175)
فانظر إلى فِقه القوم ودعاوى المحبة ، حيث يستدلّون بالضعيف والموضوع المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! زعما منهم أنهم ينصرون سُنّته ، وأنهم يُحبّونه .
وهذا مثل استدلال من يستدلّ بحديث : إذا سألتم الله فاسألوه بِجاهِي ، فإن جاهي عند الله عريض . وهو حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا تجوز روايته ، ولا يَحِلّ تناقله إلا على سبيل التحذير منه .
وسبق بيان ذلك هنا :
ما صحة حديث : أن آدم عليه السلام قد توسل برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
http://www.almeshkat.net/index.php?pg=fatawa&ref=832
ما حُكم التوسّل بِجاه النبي صلى الله عليه وسلّم ، أو بِحَقِّه ؟
http://www.almeshkat.net/index.php?pg=fatawa&ref=833
7 – الاستدلال بالحديث الضعيف مرة أخرى ، في التوسّل والسؤال بِحق السائلين ! حيث جاء في الشُّبْهَة :
[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قال إذا خرج إلى المسجد: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا ، فاني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة ، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك ، فأسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك . رواه ابن ماجة وأحمد والطبراني والبيهقي]
فهذا ليس فيه مُا يَتمسّك به دُعاة دُعاء الأموات ! من وجهين :
الأول : ضَعف الحديث ، كما بيّنه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة .
الثاني : أن هذا الحديث لو صحّ لم يَجُز أن يُتعدّى إلى كل توسّل ممنوع ، بل يُقتصر على ما وَرَدَ فيه ، هذا مِن جِهة ، ومن جهة أخرى فإن الداعي يدعو ربه ، وبما أوجَب رب العزّة على نفسه ، لا يَدعو الأموات من دون الله ، فتأمّل !
فإن الداعي يقول : " أسألك بِحقّ السائلين عليك " فلو صحّ الحديث لم يَكن فيه دعاء أموات ، بل فيه دعاء الله بما أوجَب على نفسه .
(1/176)
هذا لو صحّ ، كيف والحديث ضعيف ؟!
8 – قول القائل :
[ألف علماء الإسلام الكتب في الاستشفاع والتوسل نذكر منها:
1 - كتاب الوفاء في فضائل المصطفى لابن الجوزي ، أفرد بابا حول التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وبابا للإستشفاء بقبره الشريف.
2 - شفاء السقام لتقي الدين السبكي حيث تعرض لمسألة التوسل بشكل تحليلي معتبر.
3 - مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام لمحمد بن نعمان المالكي وغيرهم كثير]
وهذا مردود من وجوه :
الأول : أن كلام العالم يُستدَلّ له ، ولا يُستَدلّ به ، فليست العصمة لأحد بعد الأنبياء ، وكلّ يُؤخَذ من قوله ويُترَك إلا محمد صلى الله عليه وسلم .
ثانياً : أن ابن الجوزي رحمه الله ليس ممن تُؤخَذ عنه العقيدة ، فقد وقع في التأويل المذموم ، ويُقال مثله عن السُّبْكي .
وقديما قيل : اعرف الحقّ تَعرِف أهله .
وهؤلاء يُريدون قلب القاعدة !
فهم لا يَعرفون الحقّ إلا إذا جاء عن فلان أو فلان !
ثالثاً : أن كتاب " مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام " مما تستدلّ به الرافضة والصوفية ! وقد رأيت بعض مواقع الرافضة تُشيد بهذا الكتاب !
وحسبك أن الكتاب خَدَم أعداء الإسلام ، ولم يَخدم أهل الإسلام !
وليست العبرة بالتأليف بِقدر ما تكون العِبرة بمحتوى الكتاب ومضمونه ، فإن قُطْب الصوفية ! ابن عربي ألّف كتابا في الشِّرْك والْكُفْر ! وقد قال عنه الإمام الذهبي : ومن أردأ تواليفه كتاب (الفصوص) فإن كان لا كُفْر فيه فما في الدنيا كفر!!! نسأل الله العفو والنجاة . فواغوثاه بالله ، وقد عَظَّمَه جماعة وتكلّفوا لما صَدَرَ منه ببعيد الاحتمالات . اهـ .
9 – الاستدلال مرة ثالثة بالحديث الضعيف ! وفي غير ما دلّ عليه ! يقول صاحب الشُّبْهَة :
(1/177)
[أخرج البزار من حديث عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لله ملائكة سياحين في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد أعينوا عباد الله]
فالحديث أولاً ضعيف ، لا تقوم به حُجّة ، ولا يُعوّل عليه ، كما بيّنه الشيخ الألباني في تخريج " الكلِم الطيب " وفي " السلسلة الضعيفة " .
وقول الحافظ الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله ثقات . لا يُعتَبر تصحيحاً له . فتوثيق الرِّجال لا يَلزم منه صِحّة الإسناد ، وصِحّة الإسناد لا يَلزم منها صِحّة الحديث . وهذا مبني على قواعد وأصول بيّنها العلماء في مصطلح الحديث .
ومثله حديث : إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة ، فليناد : يا عباد الله احبِسُوا عليّ ، يا عباد الله احبِسُوا عليّ ، فإن لله عز وجل في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم . فهو ضعيف أيضا .
ومثله أيضا حديث : " إذا أضلّ أحدكم شيئًا أو أراد عونًا وهو بأرضٍ ليس فيها أنيس فليقل يا عباد الله أعينوني" وفي رواية " أغيثوني " ، " فإن لله عبادًا لا ترونهم " . فهو ضعيف أيضا .
ولو صحّ الحديث فليس فيه مُسْتَمسَك لمن يستدلّ به على التوسّل بالأموات ، فإن الاستغاثة بالحي فيما يَقدِر عليه لا تُنكَر ، وقد مضى هذا في آية القصص (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) .
فالشخص يُنادي حيًّا قادراً ، ولا يُنادي ميّتا . فغاية ما في هذا الحديث – لو صَحّ – أن يكون الإنسان يستعين بِـ " حَيّ قادر " على أمر يستطيعه .
وهذا كأن ترى إنسان قادم من بعيد وأنت تريد ردّ الدابة فتُنادِيه وتصيح به : رُدّ الدابة .
10 – تحريف الكلم عن مواضِعه ! والزيادة في النصوص لتخدم أهواءهم ! يقول صاحب الشُّبْهَة:
(1/178)
[روى البخاري في الأدب المفرد ما نصه : حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن أبي اسحق عن عبد الرحمن بن سعد قال : " خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك فقال : يا محمد "ا.هـ . وقد ذكر البخاري هذا الحديث تحت عنوان: "باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله]
أولاً : الحديث ضعيف ، ففي إسناده أبو إسحاق السبيعي ، وهو قد اختلط وتغيّر بأخرة ، وهو مُدلّس أيضا . فالحديث ضعيف كما بيّنه الشيخ الألباني في تخريج " الكلِم الطيب " وفي "ضعيف الأدب المفرَد " .
ثانياً : ليس في الحديث عند البخاري في الأدب المفرد حرف النداء ( يا ) بل ( محمد ) بدون يا النداء .
ثالثاً : لو صحّ الأثر ليس فيه مُستمسك على الاستغاثة بالأموات ولا بالتوسّل بهم ، بل غاية ما فيه ذِكْر اسم من تُحبّ .
ولم يَقُل ابن عمر - ولا غيره من الصحابة - بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد أغثني ، ولا يا محمد اشفِ مريضي ، أو اقضِ حاجاتي ، ولا حتى في هذا الحديث لم يَقُل : يا محمد أزِل الْخَدَر عن رِجْلِي !
فابن عمر رضي الله عنهما لم يَدعُ النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسأله الشفاء ، كما يفعله بعض الجهال .
ووَرَد هذا الأثر عن ابن عباس ، وذَكَره شيخ الإسلام ابن تيمية في " الْكَلِم الطيب " وحَكم عليه الألباني بالضعف الشديد .
11 - الاستدلال بما في كُتب التواريخ دون النظر إلى مناهج مؤلِّفيها ، ودون النظر في أسانيدها
حيث جاء في السؤال :
[في كتاب البداية والنهاية لابن كثير الذي تحبه الوهابية في المجلد الذي فيه الجزء السابع والثامن ص 104-105 يذكر فيه عن بلال ابن الحارث المزني الصحابي الذي قصد قبر النبي وطلب منه ما لم تجري به العادة وتوسل به، وفيه يقول: "إن أهله طلبوا منه أن يذبح لهم شاة فقال ليس فيهِنَّ شيء فألحوا عليه فذبح الشاة فإذا عظمها حُمُرٌ فقال: "يا محمداه"]
(1/179)
أولاً : من يُسمّيه الكاتب ( الوهابية ) هم أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، وهم يُحبّون كُتُب السلف ، بل وكُتُب الْخَلَف ، ويأخذون منها ما هو نافع ، وما وافَق الحق أخذوا به
ثانياً : قال ابن كثير في البداية والنهاية :
ثم روى سيف عن مبشر بن الفضيل عن جبير بن صخر عن عاصم بن عمر بن الخطاب أن رجلا من مزينة عام الرمادة سأله أهله أن يذبح لهم شاة فقال : ليس فيهن شيء ، فألَحُّوا عليه فذبح شاة فإذا عظامها حمر فقال يا محمداه ... . اهـ .
وهذا أولاً سياق تاريخي ، وكُتُب التواريخ يَتسمّح فيها العلماء ما لا يتسمّحون في غيرها .
هذا من جهة
ومن جهة ثانية أن العلماء كانوا يَرون إبراز وإظهار الإسناد إبراء للعُهدة ، فابن كثير أحال في هذه القصة على رواية راوٍ أخباري ضعيف ، وهو سيف بن عمر . فأقواله غير معتبرة في الحديث فضلا عن أن تكون مُعتبرة في العقائد !
قال عنه الإمام الذهبي : ضَعَّفَه ابن معين وغيره .
وقال عنه ابن حجر في التقريب : سيف بن عمر التميمي ، صاحب كتاب الرِّدّة ، ويُقال : الضبي ، ويُقال غير ذلك ، الكوفي ، ضعيف الحديث ، عمدة في التاريخ ، أفحش ابن حبان القول فيه . اهـ .
فهو في الحديث ضعيف ، فلا يُستدَلّ بما رواه في الأحاديث فضلا عن أن يُستَدَلّ بما رواه في العقائد .
أما في التاريخ فأمرها يسير ، إذ لا يُبنى عليها أحكام ، ولا يُعوّل على ما في كُتُب التواريخ والسِّيَر غالباً ، ولذا قال الإمام أحمد : ثلاثة كتب ليس لها أصل : المغازي والملاحم والتفاسير .
(1/180)
قال الخطيب في جامِعِه : وهذا محمول على كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة غير معتمد عليها لعدم عدالة ناقليها وزيادات القصاص فيها ، فأما كتب الملاحم فجميعها بهذه الصفة ، وليس يصح في ذِكر الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة غير أحاديث يسيرة ، وأما كتب التفاسير فمن أشهرها كتابا الكلبي ومقاتل بن سليمان ، وقد قال الإمام أحمد في تفسير الكلبي : من أوله إلى آخره كذب . قيل له : فَيَحِلّ النظر فيه ؟ قال : لا . وقال أيضا : كتاب مُقَاتِل قريب منه . انتهى ... وأما المغازي فمن أشهرها كتب محمد بن إسحاق ، وكان يأخذ عن أهل الكتاب .
وقال الشافعي : كُتُب الواقدي كذب ، وليس في المغازي أصحّ من مغازي موسى بن عقبة . انتهى .
(1/181)
وكذا ما يُذْكَر من القبور بجبل لبنان في البقاع أنه قبر نوح عليه الصلاة والسلام لا أصل له ، وإنما حدث في أثناء المائة السابعة ! وكذلك القبر المشهور الذي يُنْسَب لأُبَيّ بن كعب رضي الله عنه بالجانب الشرقي من دمشق ، مع اتّفاق العلماء على أنه لم يَدخلها ، فضلا عن دفنه فيها ! وإنما مات في المدينة . وكذلك المشهد المنسوب لعبد الله بن سلام رضي الله عنه في قرية " سقبا " من الغوطة لا أصل له هنا ، وإنما مَدْفَنه بالمدينة كما ذكره العلماء المعتبرون ، منهم النووي . وكذلك المكان المنسوب لابن عمر من الجبل الذي بالمعلاة مقبرة مكة لا يصح أصلا ، وإن اتّفَقُوا على أنه تُوفّي بمكة . والمكان المنسوب لعقبة بن عامر رضي الله عنه من قرافة مصر ، بل منام رآه بعضهم بعد أزمنة متطاولة ! والمكان المنسوب لأبي هريرة رضي الله عنه بعسقلان ، إنما هو قبر حيدرة بن خيشنة على ما جَزَم به بعض الحفاظ الشاميين ، ولكن جزم ابن حبان وتبعه الحافظ ابن حجر بالأول . وكذلك المكان المشهور بالمشهد الحسيني من القاهرة فليس الحسين مَدفوناً فيه بالاتفاق ، وإنما فيه رأسه كما ذكر بعض المصريين . قال الحافظ ابن حجر : ونفاه بعضهم ، ومنهم ابن تيمية فإنه بالغ في إنكار ذلك وأطال ، كما نقله عنه السخاوي .
وقال الإمام محمد بن الجزري : لا يصح تعيين قبر نبي غير نبينا عليه الصلاة والسلام ، نعم قبر إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في تلك القرية لا بخصوص تلك البقعة . انتهى . اهـ . نَقَله العجلوني في كشف الخفاء .
فالعقائد بل والأحكام لا تُؤخَذ من كُتُب التواريخ ابتداءً ، وإنما يُستأنس بما فيها .
وأصحاب تلك الْكُتُب لهم مناهِج وطُرُق في الرواية ، فيَروون في تلك الكُتُب ما لا يَروونه في كُتبهم الأخرى .
فابن جرير الطبري - مثلاً - لم يُعوّل على رواية " أبي مِخنف " في التفسير ، بل ولم يَلتفت إليها في كُتُبه في العقيدة ، ككتاب " صَرِيح السُّنة " .
(1/182)
ولكنه روى عنه في التاريخ ، في كتاب " تاريخ الأمم والملوك " ، لأن له مَنْهَجاً في التفسير وفي العقيدة غير منهجه في التاريخ .
فمن أراد الاستدلال من كُتُب أهل العلم فلا بُدّ أن يكون عالما بمناهج أهل العلم ، وإلا زَلّ فَضَلّ وأضَلّ ، وربما نَسَب إلى العالِم ما لم يَقُلْه ، وما لم يَقُل بِه .
ثم لو صَحّتْ نِسبة ذلك القول إلى الصحابي ، فليس فيه ما يُستَنَد إليه !
فقول : " يا محمداه " ليس فيه نداء استغاثة ، ولا توسّل به صلى الله عليه وسلم ، بل غاية ما فيه أن يكون كما في التشهّد " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " ، فهو من باب استحضار الْمُخَاطَب ، لا من باب دعائه .
ويَدلّ على هذا قوله عليه الصلاة والسلام لأصحابه : إن الله هو السلام ، فإذا صلى أحدكم فلْيَقُل : التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ؛ فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض . رواه البخاري ومسلم .
أي أصابه ذلك السلام ، ولم يَقُل : إنكم تَدعون كل عبد صالح ، ولا أنه يسمعكم كل عبد صالح
وهذا كما يُسلّم على الأحياء يُسلّم على الأموات .
ولا يُنكَر أن يأتي آتٍ ويُسلِّم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه ، بل على عامة أموات المسلمين ، فالسلام مشروع من الأحياء للأحياء ، ومن الأحياء للأموات ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : لا تَقُل عليك السلام ، فإن عليك السلام تحية الموتى . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
(1/183)
فقول : " يا محمداه " من باب استحضار الْمُخاطَب ، وليس من باب الدعاء في شيء ، كما يقول القائل : وا مُعتَصِماه ، وهو لا يَدعو " المعتَصِم " ولا يُريد منه نُصرَة ! وكما يقول القائل : أين أنت يا صلاح الدّين ؟ فهو لا يَدعو " صلاح الدّين " ويَعلم عِلم يَقين أن صلاح الدين لا يَرجِع إلى الدنيا ، ولا يَملك لِنفسه ولا لغيره ضَرًّا ولا نفعاً ولا موتا ولا حياة ولا نشوراً .
وإنما هو يستحضر شَخص ذلك الْمُخاطَب ، وهذا أسلوب معروف عند أهل العربية .
12 - الاستدلال بحديث ربيعة بن كعب رضي الله عنه ، حيث قال :
[روى مسلم في صحيحه أن ربيعة بن كعب الأسلمي الذي خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله من باب حُبّ المكافأة:"سلني"، فطلب من رسول الله أن يكون رفيقه في الجنة، فقال له: أسألك مرافقتك في الجنة، فلم يُنكر عليه رسول الله بل قال له من باب التواضع:" أو غير ذلك" ، فقال الصحابي : هو ذاك ، فقال له : " فأعني على نفسك بكثرة السجود " ]
وهذا حق ّلا مِرية فيه ، ولكن لا بُد لكل استدلال من أمرين :
الأول : صِحّة الدليل .
والثاني : صِحّة الاستدلال .
فالدليل صحيح لا إشكال فيه ، ولا غُبار عليه ، وإنما الاستدلال هنا لا يُسلّم لِمن استَدَلّ به .
فسؤال النبي صلى الله عليه وسلم في حياته أمراً مُمكِناً لا يُنكَر ، فهل أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ضَمَانة إلى الجنة ؟
وهل قال له النبي صلى الله عليه وسلم : أدْخَلْتُك الجنة ؟
الجواب : لا ، فلا صُكوك غفران في الإسلام ، وإنما هذا في النصرانية وفي دِين الرافضة !
وإنما أحَالَه عليه الصلاة والسلام على عَمَلٍ يُدخِله الجنة ، وهو " كثرة السجود " .
ولذلك بوّب عليه الإمام النووي في شرح مسلم بـ " باب فضل السجود والحث عليه " .
ومع ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم مُؤيّد بالوحي ، فإذا أخبر أن شخصا بِعينه في الجنة ، فإنما يكون ذلك بما أوحاه الله إليه .
(1/184)
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال لأقرب الناس إليه : يا أم الزبير بن العوام عمة رسول الله ، يا فاطمة بنت محمد اشتريا أنفسكما من الله لا أملك لكما من الله شيئا ، سَلاني من مالي ما شئتما . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم : لما أنزلت هذه الآية : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا ، فاجْتَمَعُوا ، فَعَمّ وخَصّ ، فقال : يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك لكم من الله شيئا ، غير أن لكم رَحِمًا سَأبُلّها ببلالها .
قال الإمام النووي : ومعنى الحديث سَأصِلُها ، شُبِّهَتْ قطيعة الرحم بالحرارة ووصلها بإطفاء الحرارة ببرودة ، ومِنه : " بُلّوا أرحامكم " أي صِلُوها . اهـ .
وفي حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم : ولكن لهم رَحِم أبُلّها ببلالها . يعني أصِلُها بِصِلَتِها . رواه البخاري .
فهذا إعلان منه صلى الله عليه وسلم لأقرب الناس إليه - فضلا عن غيرهم - أنه لا يَملِك لهم شيئاً ، إلا ما يكون من صِلَة الرّحِم ، وما كان يستطيع أن يُعطيهم من مالِه ، فقال لعمّته وابنتِه : " سَلاني من مالي ما شئتما " رواه البخاري ومسلم .
وقال لِقَرَابته : " فإني لا أملك لكم من الله شيئا ، غير أن لكم رَحِمًا سَأبُلّها ببلالها " .
13 – الاستدلال بما جاء عن موسى عليه الصلاة والسلام ، حيث قال :
(1/185)
[وكذلك سيدنا موسى عليه السلام سألته عجوز من بني إسرائيل أن تكون معه في الجنة ، ولم يُنكر عليها ذلك ، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها أي طلبها.. رواه ابن حبان والحاكم والهيثمي وصححوه .. ولفظ الحديث أنه قال: "دلوني على قبر يوسف ، قالت : حتى تعطيني حكمي ، قال: ما حكمك ؟، قالت : أن أكون معك في الجنة ، فَكَرِه أن يعطيها ذلك ، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها ". فماذا يقولون بعد هذا ؟؟]
أولاً : قال ابن كثير عن هذا الحديث : وهذا حديث غريب جدا ، والأقرب أنه موقوف . اهـ .
ثانياً : لم يُصحِّحه الإمام الهيثمي ، كما يُوهِمه قوله أعلاه ، بالإضافة إلى خطأ منهجي يَدلّ على ضعف علم من استدلّ به ! وهو قوله : " رواه ابن حبان والحاكم والهيثمي " فالهيثمي لا يُقال في حقِّه : رواه الهيثمي ؛ لأنه لا يَروي الحديث بإسناده ، بل يُورِده مُختَصَراً .
ومع ذلك فلم يُصحِّح الهيثمي الحديث ، بل قال فيه : ورجال أبي يعلى رجال الصحيح . اهـ .
وهذا لا يُعتَبَر تصحيحاً عند الْمُحدِّثِين ، فالْحُكم على الرِّجال ليس حُكما على الإسناد ، والْحُكم على الإسناد لا يَعني تصحيح الحديث ، فقد يكون متن الحديث مُنْكَراً ، وقد يكون مُعللاً ، وقد يكون شاذًّ ، كما هو معلوم عند أهل هذا الفنّ .
ومع ذلك فالهيثمي مُتَعّقّب في كثير من أحكامه ، ومنها هذا ، فهذا الحديث على شرط مسلم وحده ، فإن " يونس " لم يُخرِّج له البخاري في صحيحه . كما بيّنه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " .
ثالثاً : إحقاقاً للحقّ – وحتى لا يُقال تغافل عمّن صحّح الحديث - فالحديث صحّحه الشيخ الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " .
رابعاً : فِقه الحديث :
(1/186)
1 - ليس فيه ما يَدلّ على دعاء الأموات ، فإن تلك المرأة سألت موسى عليه الصلاة والسلام أن تكون معه في الجنة ، فأمره الله أن يُعطيها سؤلها ، وهو أن تكون معه في الجنة ، وموسى عليه الصلاة والسلام مُؤيّد بالوحي ، فلا يُقاس غير الأنبياء على الأنبياء ، وهي لم تَطلب ذلك من يوسف عليه الصلاة والسلام وهو في قَبره مع معرفتها بِقَبْرِه ، بل طلبت ذلك من نبيّ حيّ يُوحى إليه ، وقد أوحى الله إليه أن يُعطي تلك المرأة ما سألتْ .
هذا من ناحية .
2 - ومن ناحية أخرى فإن النبي صلى الله عليه وسلم ساق تلك القصة شحذاً للهِمم ، ويُؤيِّد هذا ما جاء في أول الحديث .
قال أبي موسى رضي الله عنه : أتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أعرابياً فأكرمه ، فقال له : ائتنا . فأتاه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : سَلْ حاجتك . قال : ناقة نركبها ، وأعْنُز يحلبها أهلي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل ؟ قالوا : يا رسول الله ، وما عجوز بني إسرائيل ؟ قال : إن موسى عليه السلام لما سار ببني إسرائيل من مصر ضَلُّوا الطريق ، فقال : ما هذا ؟ فقال علماؤهم : إن يوسف عليه السلام لما حضره الموت أخذ علينا مَوثِقاً من الله أن لا نَخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا . قال : فمن يعلم موضع قبره ؟ قال : عجوز من بني إسرائيل ، فَبَعَثَ إليها ، فأتته ، فقال : دُليني على قبر يوسف . قالت : حتى تعطيني حُكمي . قال : وما حكمك ؟ قالت : أكون معك في الجنة . فَكَرِه أن يُعْطِيها ذلك ، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها ، فانطلقت بهم إلى بحيرة موضع مستنقع ماء ، فقالت : أنضبوا هذا الماء فأنْضَبوه ، فقالت : احتفروا ، فاحتفروا ، فاسْتَخْرَجُوا عظام يوسف ، فلما أقَلّوها إلى الأرض وإذا الطريق مثل ضوء النهار .
(1/187)
فكأن النبي صلى الله عليه وسلم كَرِه سؤال الأعرابي واقتصاره على متاع دنيوي زائل ، فأراد تعليق هِمم الناس بالنعيم المقيم ، فَضَرَب مثالا بتلك العجوز التي لم تسأل موسى عليه الصلاة والسلام شيئا من متاع الدنيا ، وإنما سألته أن تَكون معه في الجنة .
3 - ثم إن في هذه القصة ما يَرُدّ على من يَدعو الأموات ، أو يتوسّل بالأنبياء ، فإن تلك العجوز ، بل بني إسرائيل لم يتوسّلوا بنبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام ، ولا تبرّكوا به ، ولا ذُكِر أن تلك العجوز كانت تأتي مكانه – وهي تَعْلَمه – لتسأل حوائجها !
فَدَلّ هذا على منع التوسّل بالأموات ، ولو كان ذلك جائزاً لكان موسى عليه الصلاة والسلام قد دَلّ الناس عليه ، خاصة مع كثرة أنبياء بني إسرائيل ، وإخراجهم لِجَدَث يوسف عليه الصلاة والسلام .
14 – الاستدلال بِفعل عائشة في وضع قطعة من قميصه عليه الصلاة والسلام معها في قبرها ، حيث قال حيث قال صاحب الشُّبْهَة : [روى الإمام مرتضى الزبيدي في شرح الاحياء ( 10/ 333 ) عن الشعبي قال حضرت عائشة رضي الله عنها فقالت : إني قد أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثا ولا أدري ما حالي عنده فلا تدفنوني معه ، فاني أكره أن أجاور رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أدري ما حالي عنده ثم دعت بخرقة من قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ضعوا هذه على صدري وادفنوها معي لعلي أنجو بها من عذاب القبر]
ولا يُنكَر التبرّك به عليه الصلاة والسلام في حياته ، والتبرّك بآثاره بعد وفاته ، وهذا ثابت عن غير واحد من الصحابة .
أما في حال حياته صلى الله عليه وسلم فالأحاديث والآثار الواردة في ذلك كثيرة جداً ، منها التبرّك بِشَعْرِه صلى الله عليه وسلم وآثاره ، من فَضْلَة وضوء ، ومِن فَضْلَة سؤر ، ومن تبرّك بريقه صلى الله عليه وسلم في تحنيك المواليد ، إلى غير ذلك ، مما هو معلوم مُتّفق عليه بين الجميع
(1/188)
وأما تبرّك الصحابة بآثاره بعد موته صلى الله عليه وسلم ، أو طَلَب البركة في آثاره صلى الله عليه وسلم لتكون مع أحدهم في قبره ، فكثير أيضا ، ومن ذلك :
ما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد قال : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بِبُرْدَة ، فقالت : يا رسول الله أكسوك هذه ، فأَخَذَها النبي صلى الله عليه وسلم مُحْتاجًا إليها فلبسها ، فرآها عليه رجل من الصحابة ، فقال : يا رسول الله ما أحسن هذه فاكْسُنِيها ، فقال : نعم ، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامَهُ أصحابه ، قالوا : ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذها مُحتاجًا إليها ثم سألته إياها ، وقد عَرَفْتَ أنه لا يُسْأل شيئا فيمنعه ، فقال : رَجَوتُ بَركَتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لَعَلِّي أُكَفَّن فيها .
وروى البخاري من طريق ثمامة عن أنس أن أم سليم كانت تبسط للنبي صلى الله عليه وسلم نِطْعًا فيقيل عندها على ذلك النطع . قال : فإذا نام النبي صلى الله عليه وسلم أخَذَتْ مِن عَرَقِه وشَعْرِه فجمعته في قارورة ، ثم جمعته في سُكّ . قال : فلما حضر أنس بن مالك الوفاة أوصى إليّ أن يُجِعَل في حَنوطه من ذلك السُّك . قال : فَجُعِل في حَنوطه . ورواه مسلم مُختَصراً .
(1/189)
قال ابن حجر في فتح الباري : قوله : " أخَذَتْ مِن عَرَقِه وشَعْرِه فجعلته في قارورة " في رواية مسلم : " في قوارير " ولم يَذكر الشعر ، وفي ذكر الشعر غرابة في هذه القصة ، وقد حمله بعضهم على ما ينتثر من شَعْرِه عند التَّرَجّل ، ثم رأيت في رواية محمد بن سعد ما يزيل اللبس ، فإنه أخرج بسند صحيح عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حَلَق شَعْرَه بِمِنى أخذ أبو طلحة شعره فأتى به أم سليم ، فجعلته في سُكّها . قالت أم سليم : وكان يجيء فَيَقِيل عندي على نَطع ، فَجَعَلْتُ أسْلُت العرق .. الحديث . فيُسْتَفاد من هذه الرواية أنها لما أخذت العرق وقت قيلولته أضافته إلى الشعر الذي عندها ، لا أنها أخذت من شَعْرِه لما نام . ويستفاد منها أيضا أن القصة المذكورة كانت بعد حجة الوداع ، لأنه صلى الله عليه وسلم إنما حَلَق رأسه بِمِنى فيها . اهـ .
هذا على سبيل المثال لا الْحَصْر ، والآثار كثيرة في الباب .
ولا يُمكن التبرّك بما يُنسَب إليه صلى الله عليه وسلم من أثر من شَعر أو غيره في زماننا هذا ، لِعدَم اليقين بأن هذه من شَعره ، أو تلك من ثوبه وقميصِه صلى الله عليه وسلم .
ولأن من وجد شيئا من آثاره عليه الصلاة والسلام لا يُؤثِر بها غيرَه ، ولذا قال ابن عباس رضي الله عنهما للنبي صلى الله عليه وسلم : ما كنت لأوثِر بنصيبي منك أحداً يا رسول الله . رواه البخاري ومسلم .
هذا من جهة .
ومِن جِهة أخرى من يستطيع أن يَجزم في الأزمنة المتأخِّرة أن ما وُجِد ونُسِب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه من آثاره عليه الصلاة والسلام فِعلاً ؟
ونُدرة آثاره عليه الصلاة والسلام كانت في القرون الفاضلة ، ويَدلّ عليه ما رواه البخاري عن ابن سيرين قال : قلت لَعَبِيدة : عندنا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أصبناه من قِبَلِ أنس ، أو مِن قِبَلِ أهل أنس . فقال : لأن تكون عندي شَعْرَة منه أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها .
(1/190)
وهذا في زمن التابعين ، وهم أقرب الناس إلى الصحابة .
وفي زمان الخليفة المهدي جاءه رجل وفي يده نعل ملفوف في منديل ، فقال :
يا أمير المؤمنين ، هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهديتها لك !
فقال : هاتها .
فدفعها الرجل إليه ، فقبّل باطنها وظاهرها ، ووضعها على عينيه ، وأمَرَ للرجل بعشرة آلاف درهم ، فلما أخذها وانصرف ، قال المهدي لجلسائه :أترون أني لم أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَرها فضلا علن أن يكون لبسها ؟! ولو كذّبناه لقال للناس : أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فردّها عليّ ، وكان من يُصدّقه أكثر ممن يدفع خبره ، إذ كان من شأن العامة ميلها إلى أشكالها ! والنصرة للضعيف على القوي وإن كان ظالما ! فاشترينا لسانه وقبلنا هديته وصدّقناه !ورأينا الذي فعلناه أنجح وأرجح .
فيُقال لمن زَعم أن ذلك الثر من آثاره صلى الله عليه وسلم : أثبِتْ العرش ثم انقُش !
أثبت أولاً أن ذلك الأثر من آثاره صلى الله عليه وسلم ونحن نوافقك على التبرّك به .
15 – قال في الشُّبْهَة : [روى الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخه بإسناده إلى علي بن ميمون قال : سمعت الشافعي يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم ، يعني زائرا ، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده ، فما تبعد عني حتى تقضى . اهـ . تاريخ بغداد -(1/123) ]
أولاً : يُقال مثل ما قيل عن كتاب " البداية والنهاية " ، فكُتُب التواريخ لأصحابها مناهج في إيراد الروايات ، ولا يتم الاستدلال إلا بمعرفة مناهج أصحابها .
ثانياً : في إسناد هذه القصة من لا يُعرَف ، فالذي يظهر عدم ثبوت ذلك عن الإمام الشافعي .
ثالثاً : غاية ما في هذه القصة أنها فِعل عالم ، وأفعال العَالِم وأقواله تُعْرَض على الكتاب والسُّنَّة ، وتُوزَن بهما .
وكلام العالِم يُسَتَدَلّ له ، ولا يُستَدَلّ به .
(1/191)
وكلام العالِم يُحَتَجّ له ، ولا يُحتَجّ به .
وإلا لزِم ادِّعاء العصمة للعالم والإمام ، كما تفعل الرافضة !
ثم إن الصحابة والتابِعين أفضل ممن جاء بعدهم ، ولم يأتِ أحد منهم إلى قبر أفضل الْخَلْق صلى الله عليه وسلم يَتَبرّك به ، أو يسأل الله الحاجة عنده ، أو يَدعو عند قبره صلى الله عليه وسلم ، ولم يثبت عن أهل القرون الفاضلة من ذلك شيء .
16 – الاستدلال بِفعل الإمام مالك رحمه الله .
حيث قال صاحب الشُّبْهَة : [ قال الإمامِ مالكٍ للخليفةِ المنصورِ لما حَجَّ فزارَ قبرَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسألَ مالكًا قائلاً: "يا أبا عبدِ الله أستقبلُ القِبلَةَ وأدعو أم أستقبلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : وَلِمَ تَصرِفُ وجهَكَ عنه وهو وَسيلَتُكَ ووسيلةُ أبيكَ آدم عليه السلام إلى الله تعالى؟ بل استقبِلهُ واستشفع بهِ فيشفّعهُ الله" ذكرهُ القاضي عياضٌ في كتابِ الشّفا]
أولاً : هذه الرواية لم تثبت ولم تَصِحّ عن الإمام مالك رحمه الله ، فإن الذي رواها هو محمد بن حُميد ، وهو ضعيف .
ولو صَحّت القصّة لم تَكن تَخفى على علماء المالكية ، خاصة وأن منهم مُفسِّرين ، كابن عطية والقرطبي وابن جُزيّ وغيرهم ، ومع ذلك لم يُشيروا إلى هذه الحكاية في تفاسيرهم .
ثانياً : يُقال في هذا ما قيل في سابقِه ، من أن فِعل العَالِم وقوله يُحتَجّ له ، ولا يُحتَجّ به ، هذا لو صحّت القِصّة .
وقد اشتهر عن الإمام مالك رحمه الله أنه كان يقول : كل أحد يُؤخذ من قَولِه ويُرَدّ عليه إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم .
وجاء هذا المعنى عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وعن مُجاهد رحمه الله ، كما تقدّم .
ثالثاً : الإمام مالك رحمه الله من اشد الناس في ردّ البِدَع وذمّها ، وكان يَنهى ويَزجُر عن إحداث أمر لم يَكن عليه عَمَل السَّلَف ، فقد أمر بِسَجن أحد العلماء – ولم يَعرِفه – لما ألْقَى ثوبه بين يديه حال الصلاة !
(1/192)
رابعاً : هذا يُخالِف ما اشتُهر عن الإمام مالك رحمه الله مِن نَهيِه عن استقبال القبور عند الدعاء ، ففي المبسوط : قال مالك : لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن لِيُسَلِّم ويمضي .
ونص أحمد أنه يستقبل القبلة ويجعل الحجرة عن يساره لئلا يستدبره ، وذلك بعد تحيته والسلام عليه ؛ فظاهر هذا أنه يقف للدعاء بعد السلام . وذكر أصحاب مالك أنه يدعو مستقبلا القبلة يوليه ظهره ، وبالجملة فقد اتفق الأئمة على أنه إذا دَعَا لا يَستقبل القبر . نَقَله الشيخ سليمان بن عبد الله في شرح كتاب التوحيد .
خامساً : وهو يُخالِف نَهْيَه صلى الله عليه وسلم عن اتِّخاذ قبره عيداً ومسجداً .
روى ابن أبي شيبة من طريق علي بن عمر عن أبيه عن علي بن حسين أنه رأى رجلا يجيء إلى فُرْجَة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو ، فَدَعَاه ، فقال : ألا أُحَدِّثُك بحديث سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا تتخذوا قبري عيدا ، ولا بيوتكم قبورا ، وصَلُّوا عَليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم .
فهذا ما فهمه أئمة آل البيت رضي الله عنهم مع قُربِهم منه عليه الصلاة والسلام .
فهل يَزعُم زاعِم أن أئمة آل البيت كانوا لا يُحبّون رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
سبحانك هذا بهتان عظيم .
قال ابن القيم رحمه الله : وهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين رضي الله عنهما نَهَى ذلك الرجل أن يَتَحَرّى الدعاء عند قبره ، واستدل بالحديث وهو الذي رواه وسَمِعَه من أبيه الحسين عن جده علي رضي الله عنه - وهو أعلم بمعناه من هؤلاء الضُّلاّل - وكذلك ابن عمه الحسن بن الحسن - شيخ أهل بيته - كَرِهّ أن يَقْصد الرجل القبر إذا لم يكن يريد المسجد ، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدا .
(1/193)
قال شيخنا [ يعني ابن تيمية ] : فانظر هذه السنة كيف مَخْرَجها من أهل المدينة ، وأهل البيت الذين لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم قُرْب النسب وقُرْب الدار ؛ لأنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم ، فكانوا له أضبط . اهـ .
17 – الاستدلال بالحديث الموضوع المكذوب بِدعوى محبته صلى الله عليه وسلم ! حيث يقول صاحب الشُّبْهَة :
[في الحديثِ الذي رواه السيوطي وغيره أن آدمَ عليه السلامُ لما أكلَ من الشجرةِ قالَ: "يا رب أسألُكَ بحقِّ محمدٍ إلا ما غفرتَ لي". قال: "وكيف عرفتَ محمداً ولم أخلقْهُ". قالَ : "رفعتُ رأسي إلى قوائِمِ العرشِ فوجَدْتُ مكتوباً : لا إله إلا اللهُ محمدٌ رسولُ اللهِ فعَرَفتُ أَنَّكَ لم تُضِفْ إلى اسمِك إلا أحبَّ الخلقِ إليكَ". بهذا الحديثِ يُسْتَدَلُّ على التوسلِ ومشروعِيَّتِهِ]
أولاً : الحديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما بيّنه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة .
وقد صَحَّح الحاكم هذا الحديث فتعقّبه الإمام الذهبي ، بقوله :
قال : صحيح . قُلتُ : بل موضوع ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم المذكور في إسناده واهٍ .
قال الحاكم : وهو أول حديث ذكرته له في هذا الكتاب . قلتُ [ أي الذهبي ] : وفيه عبد الله بن مسلم الفهري ، ولا أدري من هو . اهـ .
وفي تخريج وتحقيق " مختصر استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك أبي عبد الله الحاكم " لابن الملقِّن ما نصّه :
الْحُكم على الحديث :
قلتُ : مما تقدّم يتبيّن أن عبد الرحمن بن زيد ضعيف ، وأما عبد الله بن مسلم ، فالظاهر أنه ابن رشيد مُتّهم بِوضع الحديث ، فعليه يكون الحديث بهذا الإسناد موضوعاً ... ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أُنْكِر عليه ، فإنه نفسه قد قال في كتاب " الْمَدْخَل " : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم رُوى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يَخْفَى على من تأمّلها من أهل الصَّنْعَة أن الْحَمْل فيها عليه . اهـ .
(1/194)
وقد ضعّفه غير واحد من أهل العلم .
ففي تاريخ مدينة دمشق لحافظ ابن عساكر : قال البيهقي : تَفَرَّد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه ، وهو ضعيف . والله أعلم . اهـ .
وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط والصغير ، وفيه من لم أعرفهم . اهـ .
فانظر إلى من يدّعي محبة النبي صلى الله عليه وسلم كيف يُشارِك في الكذب عليه ، وذلك بِنَشْر الحديث الموضوع المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ونشر الحديث الموضوع ذَنْب وخطيئة تجب التوبة منها .
قال الإمام الذهبي في ترجمة " أبي نُعيم " : وما أبو نعيم بِمُتَّهَم بل هو صدوق عالم بهذا الفن . ما أعلم له ذنبا - والله يعفو عنه - أعظم من روايته للأحاديث الموضوعة في تواليفه ، ثم يَسْكُت عن توهيتها . اهـ .
فَقَبّح الله من يستدلّ بالحديث الموضوع على بِدعة مُحدَثَة ، يَزعم بها نُصرة النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته !
فبَطَل قوله : [بهذا الحديثِ يُسْتَدَلُّ على التوسلِ ومشروعِيَّتِهِ] بل لا يجوز نشر هذا الحديث ولا ذِكره إلا على سبيل التحذير ، فكيف يُسَتَدلّ به ؟؟!
وسبق الجواب عن سؤال :
ما صحة حديث : أن آدم عليه السلام قد توسل برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
http://www.almeshkat.net/index.php?pg=fatawa&ref=832
18 – الاستدلال بِحديث الأعمى ، حيث يقول صاحب الشُّبْهَة : [روى الطبراني في المعجم الكبير والصغير أن الرسول علم رجل أعمى أن يتوسل به علمه أن يقول: "اللهم إني أسألك وأتوجه بنبيك محمد نبي الرحمة .. يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضي لي". قال الطبراني والحديث صحيح]
الحديث صحيح ، والاستدلال به بهذه الطريقة غير صحيح .
لا يصح في التوسّل به صلى الله عليه وسلم إلا حديث الأعمى .
(1/195)
وحديث الأعمى رواه الترمذي وابن ماجه النسائي في الكبرى عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادعُ الله أن يعافيني . قال : إن شئتَ دعوت ، وإن شئتَ صبرت فهو خير لك . قال : فادْعُه . قال : فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي ، اللهم فَشَفِّعْه فِيَّ .
وفي رواية :
فقال : يا رسول الله ادع الله أن يكشف لي عن بصري . قال : أو أدَعُك ؟ قال : يا رسول إنه شقّ علي ذهاب بصري . قال : فانطلق فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك أن يكشف لي عن بصري شفعه فيّ وشفعني في نفسي ، فَرَجَع وقد كَشَفَ له عن بصره .
وهذا ليس فيه دليل ولا مستمسك لمن يتوسّل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم
بل فيه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل ، فقد سأل الله عز وجل أن يُشفّع النبي صلى الله عليه وسلم فيه ، وذلك في حال حياته دون مماته .
والذي دلّ على هذا أن من الصحابة من عَمِي وأُصِيب في بصره ، ولم يأتِ إلى قبره صلى الله عليه وسلم بعد وفاته عليه الصلاة والسلام فيدعو بهذا الدعاء .
فابن عباس رضي الله عنهما من علماء هذه الأمة ، وهو ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أُصيب ببصره وعَمِي في آخر عمره ، ولم يأتِ إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم يستشفع به ، ولم يصحّ عن واحد من أصحابه أنه فَعَل ذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .
قال ابن عبد البر في ترجمة ابن عباس هو القائل ما روي عنه من وجوه :
إن يأخذ الله من عينيّ نورهما *** ففي لساني وقلبي منهما نور
فبَطَل بذلك قول السُّبكي الآتي بعد ذلك .
19 – قول السُّبْكي ، حيث أوْرَدَ صاحب الشُّبْهَة عن السبكي قوله :
(1/196)
[ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي إلى ربه ، ولم ينكر ذلك أحد من السلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يفعله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مُثلة ]
أقول :
بل لا يُعرَف ذلك عن السَّلَف ، أي الاستشفاع به صلى الله عليه وسلم ، ولا التوسّل بشخصه عليه الصلاة والسلام ، ولا بِجاهه صلى الله عليه وسلم .
فالصحابة رضي الله عنهم منهم من أصابه المرض ، ومنهم من عَمِي ، بل وقع بينهم الْخِلاف ، ومنهم من شكَا غربته وكُربته ،ولكنه لم يشكُها إلا إلى الله ، امتثالاً لقوله عليه الصلاة والسلام : إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله . رواه الإمام أحمد والترمذي .
فالْمُحَدَّث الْمُلْهَم عمر رضي الله عنه شكا حاله عند الكبر ، وإنما شكاه إلى الله لا إلى أحد مِن خلْقِه .
روى الإمام مالك في الموطأ وعبد الرزاق في المصنّف والحاكم في المستدرك من طريق سعيد بن المسيب قال : لما صَدَر عمر بن الخطاب عن مِنى في آخر حجّة حجها أناخ بالبطحاء ثم كوّم كومة ببطحاء ثم طَرَح عليها صنفة ردائه ثم استلقى ومَدّ يديه إلى السماء فقال : اللهم كبر سني ، وضَعُفَتْ قوتي ، وانتشرت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مُضَيّع ولا مُفَرِّط .
واشتهر عن عليّ رضي الله عنه قوله : أشكو إلى الله عجري وبُجَري .قال الأصمعي : يعني همومي وأحزاني .
وهذا هو دِين الأنبياء ، فإبراهيم عليه الصلاة والسلام حينما أُلْقِي في النار لم يَزِد على قول : حسبنا الله ونعم الوكيل .
قال ابن عباس : (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقى في النار ، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) . رواه البخاري .
(1/197)
ويعقوب عليه الصلاة والسلام إنما شَكا حُزنه وبثّ شكواه إلى مولاه ، فقال : (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) .
وهذا هو دِين النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن الله تبارك وتعالى قال : (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) .
فَنَسَب الإيتاء والإعطاء إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أما الكفاية – وهي الْحَسْب – فنسبها إلى الله وحده (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ) .
ومثله ما جاء في أجوبة أسئلة الناس ، فإن الله وَكَل الجواب فيها إلى رسوله صلى الله عليه وسلم
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ ... ) الآية .
( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ ... ) الآية .
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ ... ) الآية .
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ ... ) الآية .
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ ... ) الآية .
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ ... ) الآية .
وهكذا في سائر أسئلة الناس يأتي الجواب من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم آمراً إياه أن يقول للناس كذا وكذا .
فـ (قُلْ) خِطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقول وأن يُبلِّغ الجواب .
(1/198)
إلا في مسألة واحدة ، وهي الدعاء ، فإن الله تبارك وتعالى قال : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) فلم يأتِ بـ(قُلْ) لئلا يَتوهّم مُتوهِّم أن النبي صلى الله عليه وسلم واسطة بين الْخَلْق والْحَقّ سبحانه وتعالى في الدعاء ، وإنما أتى بصيغة التوكيد (فَإِنِّي) ثم أخبر عن نفسه أنه قريب مُجيب ، فما على الداعي إلا أن يَدعو الله (فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) .
ولأن الدعاء عبادة محضة لا يَصلُح فيها واسطة بين العبد وبين ربِّه جل جلاله ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : الدعاء هو العبادة . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه .
فشيخ الإسلام ابن تيمية لم يأتِ بِبِدْعٍ من القول ، ولم يَعدِل عن الصراط المستقيم ، بل مشى على ما كان عليه سَلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين .
فلا يَصِحّ عن واحد من الصحابة أنه أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم يَدعوه أو يتوسّل به أو يطلب منه قضاء الحوائج ، بل لما أرادوا الاستسقاء طلبوا من العباس عمّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يَدعو لهم ، ولم يَعدِلوا عن الإتيان إليه صلى الله عليه وسلم في قبره إلا لِما تقرّر عندهم أنه لا يجوز دعاء الأموات ولا التوسّل بهم ، وقد تقدم هذا المعنى .
وعداء السُّبكي لابن تيمية يَعرفه أهل العلم ! وذلك لاختلاف المشارِب بينهما !
20 – قوله : [ثبت أن خبيبَ بن عدى الصحابي حين قُدّم للقتل نادى : يا محمّد . رواه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني]
وأين إثبات ذلك ؟
وقد تقدّم قول الإمام الذهبي في ترجمة " أبي نُعيم " : وما أبو نعيم بِمُتَّهَم بل هو صدوق عالم بهذا الفن . ما أعلم له ذنبا - والله يعفو عنه - أعظم من روايته للأحاديث الموضوعة في تواليفه ، ثم يَسْكُت عن توهيتها . اهـ .
(1/199)
وفي إسناد هذه القصة عند أبي نُعيم في الْحِلية " الهيثم بن عدي " نَقَل ابن عدي في الكامل عن يحيى بن معين قال : الهيثم بن عدي كوفي ليس بثقة ، كان يكذب .
ونَقَل عن البخاري قوله فيه : سكتوا عنه .
ونَقَل عن النسائي قوله : الهيثم بن عدي متروك الحديث .
فمثل هذا تكون روايته موضوعة مكذوبة .
فكيف يُقال : [ ثَبَت .. ] ؟؟ هذا إيهام للقراء ، وعدم أمانة في النقل .
فهذا يُوجِب ردّ قوله ، واطِّراح ما يقوله ، وعدم الركون إلى ما ينقله .
21 – الاستدلال بقول خالد بن الوليد رضي الله عنه ، حيث يقول صاحب الشُّبْهَة : [خالد بن الوليد رضي الله عنه كان شعار كتيبته يوم اليمامة "يا محمداه" فخالد نادى بذلك ونادى بندائه الجيش فهل يكون هذا إلا إقرارًا من هذا الجيش الكريم على تصويب ما أمر به خالد رضي الله عنه وقد كان في الجيش من الحفاظ والعلماء والبدريين وعِليَة الصحابة رواه ابن الأثير في الكامل]
أقول :
أولاً : هذا منقول من كُتُب التواريخ ، وقد سبق التنبيه على مناهج كُتُب التواريخ أكثر من مرّة
وقد رواه ابن جرير الطبري في تاريخه بإسناده من طريق شيخه محمد بن حُميد ، وهو ضعيف ، فالرواية على هذا ضعيفة ، يُستأنس بها في التواريخ ، ولا يُعتَمد عليها في العقائد .
ثانياً : لو صحّ هذا فإنه – كما تقدّم – من باب استحضار المخَاطَب فحسب .
ثالثاً : لو صحّ هذا فلا يُمكن الاستدلال به على التوسّل ، لأن خالداً رضي الله عنه لم يَقُل : يا محمد انصرني . ولم يَقُل : يا محمد أغثني ! بل غاية ما فيه أن جعلوا شعارهم " يا محمداه" ، وهو كقول : وا إسلاماه ، ونحوها ، كما تقدّم .
22 – قوله : [وتوسل عمر بن الخطاب بالعباس رضي الله عنه لما استسقى الناس وغير ذلك مما هو مشهور فلا حاجة إلى الإطالة بذكره والتوسل الذي في حديث الأعمى قد استعمله الصحابة السلف بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وفيه لفظ "يا محمَّد"، وذلك نداء عند المتوسل]
(1/200)
أقول : الدعاوى أسهل ما يكون !
وقد تقدّم الجواب عن فِعل عمر رضي الله عنه مع العباس رضي الله عنه ، وليس فيه توسّل بِميّت ، ولم يتوسّل عمر رضي الله عنه بالعباس بشخصه فحسب ، بل بِدعائه ، فَطَلب من العباس رضي الله عنه أن يَدعو لهم ، وهذه حُجة عليهم لا لهم .
فلو توسّل عمر بالعباس لقال : اللهم إنا نتوسّل إليك بالعباس فاسقنا ، ولم يأمره بالدعاء .
وقد ثبت أن عمر رضي الله عنه قال للعباس : قم يا عباس فادعُ . وقد تقدّم .
وحديث الأعمى تقدّم أيضا .
ولم يستعمله الصحابة كما زعم صاحب الشُّبْهَة ، بل لا يُعرف هذا عن الصحابة رضي الله عنهم
فأين هي الأسانيد الصحيحة والثابتة عن الصحابة رضي الله عنهم في أنهم استعملوا حديث الأعمى ، وأنهم توسّلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ، أو طلبوا منه قضاء الحاجات ، أو تفريج الكُرُبات ؟
لا يثبت عن واحد من الصحابة من ذلك حرف واحد في ذلك ، ولو وَجدوا حرفا واحدا عن صحابي واحد لرفعوا الأعلام ، ونادَوا في الأنام على ذلك !
23 – التلبيس المتكرر على الناس ، حيث يقول صاحب الشُّبْهَة : [الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم كان من دعائه :"اللهمّ إني أسألك بحقّ السائلين عليك" وهذا توسّل لا شكّ فيهِ وكان يُعلّم هذا الدّعاء أصحابَه ويأمرهم بالإتيانِ]
تقدّم بيان ضعف الحديث ، والجواب عنه لو صحّ ، مع أنه لم يصِحّ ، بل هو حديث ضعيف .
24 – تكرار التلبيس وتصحيح ما ليس بصحيح !
حيث يقول : [وصحّ عنه أنه صلى الله عليه وسلم لما ماتت فاطمة بنت أسد أمّ عليّ رضي الله عنها ألحدها صلى الله عليه وسلم في القبر بيده الشريفة وقال:" اللهمَّ اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسّعْ عليها مدخلها بحقّ نبيّك والأنبياء الذين من قبلي إنك أرحم الراحمين]
فقوله : [ صَحّ عنه .. ] هذا تصحيح منه للحديث ، وهو حديث ضعيف .
(1/201)
قال الهيثمي في الْمَجْمَع : رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، وفيه روح بن صلاح وثَقه ابن حبان والحاكم ، وفيه ضعف ، وبقية رجاله رجال الصحيح . اهـ .
والحديث قد ضعّفه ابن الجوزي في العلل المتناهية بقوله : تَفَرّد به " روح بن صلاح " وهو في عِداد المجهولين ، وقد ضَعَّفَه ابن عدي . اهـ .
فقوله : [ وصَحّ عنه .. ] مُخالِف للأمانة العلمية ، وتلبيس على القرّاء !
25 – قوله : [وقد ذَكَرَ الحافظُ الجزريُّ وهو شيخُ القرَّاءِ وكانَ من حفَّاظِ الحديثِ في كتابٍ له يُسمَّى الحصن الحصين وكذلكَ ذكرَ في مختصرهِ قال: "مِن مواضِعِ إجابةِ الدُّعاءِ قبورُ الصّالحينَ" ا.هـ، وهذا الحافظُ جاءَ بعد ابن تيمية بِنحوِ مائةِ سنةٍ، ولم يُنكِر عليه العلماءُ إلا أن يكونَ بعض الشَّاذّين الذين لَحِقوا نفاةَ التَّوسُّلِ من أتباعِ ابن تيمية]
سبق القول بأن كلام العالِم يُعرَ على الكتاب والسنة ، ويُوزَن بميزان الكتاب والسُّنَّة .
وأن كلام العالِم يُحتَجّ له ، ولا يُحتَجّ به .
وأن كلام العالِم يُسْتَدَلّ له ، ولا يُسْتَدَلّ به .
وهذا الاستدلال مثل الاستدلال بأفعال المشركين ! حيث كانوا يَدعون أصنامهم فربما استُجيب لهم استدراجاً ، وربما لبّس عليهم الشيطان فكلّمهم من خِلال تلك الأصنام فيزدادون غَيا إلى غيِّهم ، وضلالاً إلى ضلالهم .
وأما قوله : [ولم يُنكِر عليه العلماءُ إلا أن يكونَ بعض الشَّاذّين الذين لَحِقوا نفاةَ التَّوسُّلِ من أتباعِ ابن تيمية]
فابن تيمية رحمه الله لم يَنْكِر التوسّل جُملة وتفصيلا ! بل أنكَر التوسّل الممنوع ، وأما التوسّل المشروع فهو لا يُنكِره ، بل يُقرّه ويُثبته ويَدعو إليه .
ولو تأمّلت في أحوال أصحاب التوسّل البِدْعِيّ لرأيت أنهم لا يتوسّلون إلا التوسّل الممنوع ! فلا يَكادون يَعرفون التوسّل المشروع !
(1/202)
والتوسّل المشروع هو التوسّل إلى الله بأسمائه وصفاته وبمحبة نبيِّه صلى الله عليه وسلم وبالأعمال الصالحة .
وأما نفي التوسّل الممنوع والمنع منه ، فلم يَنفرد به ابن تيمية – كما يُوهمه قول القائل – ولم يَشُذّ به ، وإنما أراد هؤلاء تشويه صورة ذلك العالم الرباني الذي حارب البِدع وأهلها ! فوصَفُوه بالشذوذ لتنفير الناس منه ومن أقواله !
ونفي التوسّل الممنوع هو ما دلّ عليه الكتاب والسُّنَّة .
فَمِن الكتاب العزيز قول رب العزة سبحانه : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا) .
وقرأ ابن مسعود : { أولئك الذين تدعون ..}
وهذا في ذم ما كان عليه أهل الشرك من توسّل ممنوع !
قال ابن جُزيّ في تفسيره : المعنى أن أولئك الآلهة الذين تَدعون من دون الله يَبتغون القُرْبَة إلى الله ويرجونه ويخافونه ، فكيف تعبدونهم معه ؟ . اهـ .
ومن السُّنَّة قوله صلى الله عليه وسلم : إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله . رواه الإمام أحمد والترمذي .
ولم يَقُل عليه الصلاة والسلام فاسألوا الله بِجاهي ، أو تَوسّلوا بي . بل أمَر بسؤال الله مُباشَرة .
وخلاصة القول :
أنه لم يثبت خبر ولا أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه بل ولا عن أحد من التابعين في التوسّل الممنوع ، ولا في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، أو الاستغاثة به عليه الصلاة والسلام بعد وفاته .
وما صحّ من خبر فليس فيه التوسّل به صلى الله عليه وسلم ولا بِجاهِه ، ولا الاستغاثة به عليه الصلاة والسلام ، ولا طلب قضاء الحوائج ، أو كشف الكروب ، أو شفاء المرضى .
(1/203)
واسأل الله أن يُرينا الحق حقا ويُوفّقنا لاتِّبَاعِه ، ويُرينا الباطل باطلا ويُوفّقنا لاجتنابِه .
والله تعالى أعلم .
11-شبهات مُثارة حول قضايا متعلقة بالمرأة..
الشيخ
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
هذا السؤال وصلني عبر البريد :
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى / الشيخ العلامة أمد الله في عمره
شيخنا الجليل : بعد الاحتلال الأمريكي صدر كتاب اسمه : ( قضايا مثارة حول المرأة المسلمة ) لكاتب معروف بدرجة أستاذ دكتور - رئيس ما يسمى بالحزب الإسلامي العراقي - وقد تضمن هذا الكتاب الكثير من الآراء التي فاجأتنا نرجو من سيادتكم الإجابة عليها :
1ـ ذكر حالات جديدة في عصرنا حول موضوع سفر المرأة فقال في ص 33 :
أستاذة في كلية علمية تُدعى مع زميلاتها ومع زملائها إلى مؤتمر عالمي يسافرن بالطائرة في إطار وفد علمي ، وينْزِلن في فندق معروف مهيأ للوفد جميعا ، فلا يمكن أن نقول إن سفرهن حرام لأنهن لسن مع أزواجهن ، لأن طبيعة هذا السفر لا تشبه الأسفار القديمة ، ولكن لابد أن يوافق الزوج على هذا السفر ، والزوج الذي زوجه بهذا المستوى العلمي لابد أن يكون في مستواها ولا يتعسف في استعمال حقه .
2ـ وقال في ص 49 من الكتاب :
فالنقاب لا يدخل في أصل الحجاب ولا في قوله تعالى : ( إلا ما ظهر منها )
والحجاب الكامل فرض على نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، والدليل على أن هذا الحجاب الكامل خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ) .
إلى أن قال : ولكني أدعو النساء إلى عدم لبس النقاب في عصرنا هذا لأنه منفر مخالف للأخذ بالأيسر ، ولأنهن في الكليات والدوائر والمؤسسات وحتى الطرقات يحتجن إلى إظهار وجوههن لكي يعرفن .
3ـ في ص 70 وعند كلامه عن صوت المرأة هل هو عورة أم لا ؟ و هل الغناء حرام أم لا ؟ قال :
(1/204)
فإذا كان صوت المرأة ليس عورة في الكلام الطبيعي ، فلماذا يكون عورة إذا أنشدت قصيدة أو أنشودة في الفضيلة والجهاد ، والدعوة إلى الإسلام والخير أمام الرجال في احتفال عام على خشبة المسرح أو بدون حضور الرجال ، إذا كانت في كل ذلك ملتزمة بضوابط الحجاب الإسلامي ، وعدم الخضوع بالقول والتصنع في إغراء الرجال .
4ـ وفي ص 71 قال عن تمثيل المرأة :
وأما تمثيل المرأة سواء أكانت على خشبة المسرح أم في المسلسلات أم في الأفلام ، إذا انضبط بضوابط الإسلام مع وجود المحارم ، فلماذا يكون حراما ، إذا لم يحصل فيه الاختلاء أو الاختلاط الفاحش .
5 ـ في ص86 في حديثه عن اتخاذ الأرقاء قال :
وفي العصر الحديث أدركت البشرية ظلم هذا النظام القاهر ، فقررت دولها إلغاءه نهائيا من حياة البشرية ، وأقرت ذلك في مواثيق حقوق الإنسان الصادرة من الأمم المتحدة .
والإسلام يرحب بذلك أعظم ترحيب ، لأنه دين الأخوة الإنسانية ، ولذلك وقعت الدول الإسلامية على تلك المواثيق . إن إطاعة لشريعة الإسلام أو اتِّباعا للسياسة الدولية ، والمسلمون عند شروطهم ولا يجوز لهم اتخاذ العبيد في الحرب طالما أن الأمم الأخرى لا تفعل ذلك .
فما هو الرأي الشرعي في هذه المسائل ؟
الجواب :
بارك الله فيك أخي الكريم
وأريد أن أسأل سؤالا قبل الرد والجواب :
ما هو الحرام إذاً في عُرف هذا الدكتور ؟!
وما هي الضوابط الشرعية التي أبقاها لِحفظ الأعراض ؟!
وأقول : كان حق هذا الكتاب أن يكون الجزء الثاني من كتاب : الحلال والحلال في نظره !
ويَصدق على هذا الكتاب وهذه الآراء قوله تعالى : (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ)
(1/205)
قال الإمام ابن جرير الطبري في التفسير : فتأويل الكلام إذن : فترى يا محمد الذين في قلوبهم مرض وشك إيمان بنبوتك وتصديق ما جئتهم به من عند ربك يُسارِعون فيهم يعني في اليهود والنصارى . ويعني بمسارعتهم فيهم مسارعتهم في موالاتهم ومُصانعتهم . اهـ .
وقال ابن قتيبة (يُسَارِعُونَ فِيهِمْ) : في رِضاهم .
وقبل الردّ على هذه الشُّبُهات أقول مستعينا بالله :
أولاً : لا بُدّ أن يُعلم أن دين الله واحد ثابت لا يتغيّر ، وقد تتغيّر الفتاوى الاجتهادية ( المبنية على اجتهاد ) أما ثوابت الإسلام وقواطع الأدلة فلا تتغيّر ولا تتبدّل .
فلا يصح – عقلاً ولا شرعاً – أن يأتي مأفون فيقول : الصلاة كانت تُناسب ذلك الوقت والزّمان حيث لم يكن ثمّة رياضة ونوادٍ رياضية ! أما اليوم فتوجد أندية رياضية وممارسات رياضية تُغني عن الصلاة ! وقد وُجِد من قال بهذا القول الساقط المرذول من كل وجه !
ولا يصح – عقلاً ولا شرعاً – أن يُقال : إن الحج لا يُناسب العصر لما فيه من زِحام ومشقّة !
لأن هذه ثوابت شرعية لا تتغيّر ولا تتبدّل .
كما لا يصح – عقلاً ولا شرعاً – إلغاء الحدود لأن بعض أمم الكُفر ترفض إقامة الحدود !
والذي خَلَق الْخَلْق هو الذي شرع الشرع بأوامره ونواهيه وزواجره . قال تعالى : ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) .
وقد كان السلف يُشدِّدون في هذا الجانب ، فلا يجوز ردّ نصّ صحيح لمتغيّرات العصر ، ولا لِعَدَمِ قبول بعض العقول له !
قال الحميدي : ذَكر الشافعيُّ حديثا ، فقال له رجل : تأخذ به يا أبا عبد الله ؟ فقال : أفي الكنيسة أنا ؟! أو ترى على وسطي زنارا ؟! نعم أقول به ، وكلما بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم قُلتُ به .
(1/206)
وقال الربيع بن سليمان : سمعت الشافعي وسأله رجل عن مسألة ، فقال له رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة كذا وكذا ، فقال له السائل : يا أبا عبد الله تقول به ؟ قال : فرأيت الشافعي أرعد وانتفض ، وقال : يا هذا أي ارض تُقِلُّني ، وأي سماء تُظِلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فلم أقُل به ؟ نعم عَلَيَّ السمع والبصر .
وحدّث أبو معاوية الضرير هارون الرشيد بحديث " احتج آدم وموسى " فقال رجل شريف : فأين لقيه ؟ فغضب الرشيد وقال : النطع والسيف ! زنديق يطعن في الحديث . فما زال أبو معاوية يسكِّنه ويقول : بادرة منه يا أمير المؤمنين . حتى سكن .
قال الإمام الذهبي بعد أن ساق قول أبي قلابة : " إذا حَدَّثْتَ الرجل بالسُّنة فقال : دعنا من هذا ، وهات كتاب الله ، فاعلم أنه ضال .
ثم علّق عليه بقوله :
قلت أنا : وإذا رأيت المتكلم المبتدع يقول : دعنا من الكتاب والأحاديث الآحاد وهات العقل ، فاعلم أنه أبو جهل !!
وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول : دعنا مِن النقل ومِن العقل وهات الذوق والوجد فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر ، أو قد حَلّ فيه ! فإن جبنت منه فاهرب وإلا فاصرعه وابرك على صدره واقرأ عليه آية الكرسي واخنقه ! انتهى كلامه .
وقال أبو سليمان الداراني : إنه لتمر بقلبي النكتة من نكت القوم فلا أقبلها إلا بشاهدي عدل من الكتاب والسنة .
وقال النصر آبادي : أصل هذا المذهب ملازمة الكتاب والسنة ، وترك الأهواء والبدع ، والاقتداء بالسلف ، وترك ما أحدثه الآخرون ، والإقامة على ما سلكه الأولون .
فلا يَجوز اطِّراح الأحاديث وردّ الأدلة بهذه الصورة بِدعوى التماشي مع روح العصر – زعموا – أو مُسايرة الواقع !
ثانياً : لا بُدّ أن يُعلَم أن الشريعة الإسلامية جاءت بتحقيق المصالح وتكميلها ، وإعدام المفاسد وتقليلها .
(1/207)
وأنها لا تأمر بشيء إلا ومصلحته مُتحقِّقَة أو راجحة ، ولا تنهى عن شيء إلا ومفسدته مُتحقِّقَة أو راجحة .
فليست ألأوامر والنواهي لمجرّد التكليف ، ولا لتعذيب العباد لأنفسهم ، بل هي الغاية في تحقيق المصالح ودفع المفاسد والْمَضارّ .
كما أن الشريعة الإسلامية جاءت بِحفظ الضرورات الخمس ، وهي :
الدِّين والعقل والنَّفْس والعِرض والمال .
قال الإمام الشاطبي : فقد اتفقت الأمة بل سائر الملل على أن الشريعة وُضِعتْ للمحافظة على الضروريات الخمس ، وهي : الدين والنفس والنسل والمال والعقل وعلمها عند الأمة كالضروري
وقال : فالضروريات الخمس كما تأصلت في الكتاب تَفَصَّلَتْ في السُّنة . اهـ .
ومن هذا الباب حِفظ المرأة ، وأن لا تُسافر إلا مع ذي مَحرَم ، ليس لِعدم الثقة بها ، وإنما من باب المحافظة عليها ، لأنها ضعيفة في اصل خِلقتها ، إذ خُلِقتْ من ضعف مُضاعَف ، كما في قوله تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً) فالرّجل خُلِق من ضعف ، ومن هذا الضعف خُلِقتْ حواء ، كما في قوله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) .
وهذا الضعف أنسب للمرأة إذ هو أنسب للأنثى لتكون أرقّ وألطَف ، ولتكون أحْنَى على ولدها ، وطبيعة المرأة شاهدة بذلك .
ثم إن ما يُحفَظ هو ما يكون له قَدر كبير ، وله مكانة في النَّفْس ، ويَعزّ على الإنسان أن يَفقِده .
ألا ترى أن الإنسان يُغلق الأبواب على أمواله ، بينما يَطَّرح الزَّبَل في ممرّ الكِلاب ؟!
فالحضارة الغربية جَعَلتْ المرأة بمنْزِلة الزِّبَالة !
بينما الإسلام جَعَل المرأة بمثابة الدّرة والجوهرة النفيسة .
فالإسلام حفِظ المرأة من كل ما يَشينها أو يَخدش حياءها .
(1/208)
وحفِظ لها كرامتها وصانِها ، ولذا شُرِع جلد من قَذَف مُسلِمة عفيفة ، واعتُبِر ذلك في الإسلام من الْمُهْلِكات ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : اجتنبوا السبع الموبقات – وَذَكَر منهن – : وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات . رواه البخاري ومسلم .
ثالثاً : ما يتعلق بِسفر المرأة من غير مَحرَم :
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سفر المرأة من غير مَحرَم ولو كان ذلك لأداء فريضة الله التي فَرض على عباده ، ولو كان ذلك لأداء فريضة الحج .
ولذا لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يخلوَنّ رجلٌ بامرأةٍ إلاّ مع ذي مَحْرَم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم . قام رجلٌ فقال : يا رسولَ الله امرأتي خَرجَت حاجّةً ، واكتَتَبتُ في غزوةِ كذا وكذا ، قال : انطلق فحُجّ مع امرأتِك . رواه البخاري ومسلم .
فهذا الرجل لم يأذن له النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج للجهاد في سبيل الله ويترك امرأته تذهب للحج
بل أمره أن ينطلق ليحجّ مع امرأته
وفي تعبيره صلى الله عليه وسلم بـ " انطلق " ما يدلّ على السرعة .
كما أنه عليه الصلاة والسلام لم يسأله : هل امرأتك مع رفقة صالحة ؟ ونحو ذلك .
وقال عليه الصلاة والسلام : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تُسافر مسيرة يوم إلا مع ذي مَحْرَم . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم : لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها .
وقد وَرَدتْ روايات فيها يومين ، وأخرى فيها : ثلاثة أيام .
وهذا يقول فيه العلماء : لا مفهوم للعدد .
(1/209)
قال الإمام النووي : وفي رواية لأبي داود : " ولا تسافر بَريداً " والبريد مسيرة نصف يوم . قال العلماء : اختلاف هذه الألفاظ لاخْتِلاف السائلين واخْتِلاف المواطن ، وليس في النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم والليلة أو البريد . قال البيهقي كأنه صلى الله عليه وسلم سُئِل عن المرأة تُسافر ثلاثا بغير محرم فقال : لا . وسُئل عن سفرها يومين بغير محرم فقال : لا . وسُئل عن سفرها يوما فقال : لا ، وكذلك البريد ، فأدّى كل منهم ما سمعه ، وما جاء منها مختلفا عن رواية واحد فسمِعَه في مواطن ؛ فروى تارة هذا وتارة هذا ، وكله صحيح ، وليس في هذا كله تحديد لأقلّ ما يقع عليه اسم السفر ، ولم يُرِد صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفراً ، فالحاصل أن كل ما يسمى سفرا تُنْهَى عنه المرأة بغير زوج أو محرم ، سواء كان ثلاثة أيام ، أو يومين ، أو يوما ، أو بريداً ، أو غير ذلك ، لرواية بن عباس المطلقة وهي آخر روايات مسلم السابقة : " لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم " وهذا يتناول جميع ما يُسَمَّى سفراً . والله أعلم . اهـ .
وتحريم سفر المرأة من غير مَحرم مَحلّ إجماع بين العلماء .
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : واستُدِلّ به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم ، وهو إجماع في غير الحج والعمرة والخروج من دار الشرك ، ومنهم من جَعَلَ ذلك من شرائط الحج . اهـ .
أي أن من العلماء من جعل الْمَحْرَم من شروط الحجّ .
فلم يَختلِف العلماء في تحريم سفر المرأة من غير مَحرَم إلا في مسألتين – ذكرهما ابن حجر – وهي:
الحج والعمرة والهجرة من دار الشرك .
والصحيح أنه لا يَجوز للمرأة أن تُسافر للحج أو العمرة إلا مع ذي مَحرم للحديث السابق .
وأما قوله : (فلا يمكن أن نقول إن سفرهن حرام لأنهن لسن مع أزواجهن ، لأن طبيعة هذا السفر لا تشبه الأسفار القديمة)
(1/210)
فأقول : كان الناس في الأسفار القديمة يَنْزِلون في خيام أو تحت أشجار ، وهي لا تَستر ولا تَحجب إلا قليلاً ، وهو أبعد عن الخلوة ، خاصة في أسفار الجماعات .
لكنه في هذا الزمان يُرى في الطائرات – فضلا عن الفنادق والمقاهي – ما يُعلَم معه عِلم يقين أن فساد الناس في هذا الزمان أولى بالمنع .
ولا زلت أذكر أننا كُنا في طائرة مُتّجهة إلى شرق آسيا ، وهي مليئة بالنساء من غير محارِم لهن ، وفي الطائرة بعض سفهاء الأحلام ! فما أن أقلعت الطائرة حتى تأبّط كل واحد منهم ذراع أو فخِذ امرأة !
وإذا غاب الرقيب فقُل على العفاف السلام !
فلما أنكرت ذلك زَعَم أحدهم أنه يتفاهم معها ! كما زَعم أن لديها مكتب استقدام ! وأنه يتفق معها على استقدام عَمالة !
فقلت له : عجبا ! أوَ يَكون التفاهم بالشِّفَاه ؟!
قال : وَصَل بك سوء الظن إلى هذه الدرجة ؟!
قلت : إذا كان الأمر كما تقول : فما حاجة أن يكون فخذك بين فخذيها في طائرة ؟!
فنَظر إلى فخذه ، وإذا هو لا يَزال بين فخذيها ! فخَجِل وأطرق ، ثم أبدى اعتذاره فيما بعد .
فالشاهد من هذا أن وسائل السفر الحديثة وكذلك وسائل السكن أدْعَى لارتكاب الفاحشة ، ولوقوع المحذور مما سَبق في الأزمنة الماضية .
والفنادق في زماننا هذا ادعى للفساد والرِّيبَة ، وذلك لوجود وسائل الاتصال ، فيُمكن لنَزِيل فندق أن يتصل وأن يُرتّب أمره ، وأن يستقبل من شاء ، وأن يَخلو به ، من غير حسيب ولا رقيب .
أضِف إلى ذلك وُجود القنوات الفضائية التي تُتاجِر بالغرائز ، وتُثير الشَّهوات .
وكم من الناس سأل عن وقوعه في الفاحشة ، وكان سبب ذلك أنه سكن في فندق فنظر ابتداء إلى تلك القنوات الفاجِرة ، فتأججت شهوته ، وثارت غريزته ، وربما دَخَلتْ عليه شابة تعمل في الفندق ، أو تكون أُرسِلتْ له قَصداً ؛ إما لإغوائه ، أو لابتزازه ! أو لهما معاً !
(1/211)
ثم إن فساد كثير من الناس – أو قُل بعض الناس – يستدعي مَنْع ما هو مُبَاح فضلا عما هو مُحرَّم .
ومن هنا قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : لو أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما مُنِعَتْ نساء بني إسرائيل . قال يحيى بن سعيد : فقلت لعمرة : أنساء بني إسرائيل منعهن المسجد ؟ قالت : نعم . رواه البخاري ومسلم .
وإنما مُنعت نساء بني إسرائيل من المساجد لما أحْدَثْنَ وتوسّعنَ في الأمر من الزينة والطيب وحسن الثياب . ذكره النووي في شرح مسلم .
ومن باب السياسة الشرعية والآداب المرعية أن يُمنَع الناس فيما لهم فيه مَندوحة إذا توسّعوا فيه .
قال ابن حجر في موضوع آخر مشابه : وفائدة نهيهن – أي النساء – عن الأمر المباح خشية أن يَسْتَرْسِلْنَ فيه فيُفْضِي بهن إلى الأمر المحرَّم لضعف صبرهن ، فيستفاد منه جواز النهي عن المباح عند خشية إفضائه إلى ما يَحْرُم . اهـ .
رابعاً : قوله : (فالنقاب لا يدخل في أصل الحجاب ولا في قوله تعالى : ( إلا ما ظهر منها )
والحجاب الكامل فرض على نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، والدليل على أن هذا الحجاب الكامل خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ) .
أقول : هذا خطأ في فهم الآية ، إذ قال الله في آية الأحزاب : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59) ) .
فماذا يُفهَم من قوله تعالى : (وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ) ؟
لا يُفهَم منه إلا ذِكر نساء المؤمنين بعد ذِكر أمهات المؤمنين .
قال الإمام الشنقيطي في التفسير :
(1/212)
ومِن أنواع البيان التي تضمّنها هذا الكتاب المبارك أن يقول بعض العلماء في الآية قولاً ، ويكون في نفس الآية قرينة تدلّ على بُطلان ذلك القول ... ومِن أمثلته :
قول كثير من الناس : " إن آية الحجاب ، أعني قوله تعالى : (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) الآية – خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم " فإن تعليله لهذا الْحُكم الذي هو إيجاب الحجاب بكونه أطهر لقلوب الرِّجال والنساء من الريبة في قوله : (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) قرينة واضحة على قصد تعميم الْحُكم ، إذ لم يَقُل أحد من جميع المسلمين إن غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا حاجة إلى طهارة قلوبهن ، ولا إلى طهارة قلوب الرِّجال من الرِّيبة منهن ، وقد تقرر في الأصول أن العِلّة قد تُعمم مَعلولها . اهـ .
وأقول : لو افترضنا اختصاص أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب ، وهُنّ بمنْزِلة الأمهات ، بل هُنّ أمهات للمؤمنين بِنَصّ قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) ، فغيرهنّ من باب أولى وأولى أن يَدخلن في هذا الخطاب .
ويَلزم من القول باختصاص أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب اختصاصهن بعدم الخضوع بالقول ، وجوازه لغيرهن من النساء ! وهذا لا يُقول به عاقل !
(1/213)
كما أن قوله تعالى : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا) الخطاب فيه مُوجّه لأمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن ، إلا أن الْحُكم عام .
فتحريم الخضوع بالقول ليس خاصاً بأمهات المؤمنين ، بل هو عام لكل مؤمنة تُؤمن بالله واليوم الآخر
وكذلك النهي عن التبرّج .
والأمر بالصلاة والزكاة ، كل هذا عام لكل مؤمنة ، ولم يَقُل أحد باختصاص أمهات المؤمنين به .
ومن قال باختصاص أمهات المؤمنين بالحجاب لزِمه أن يقول باختصاص أمهات المؤمنين بهذه المنهيّات وبهذه الأوامر .
وقوله : ( ولكني أدعو النساء إلى عدم لبس النقاب في عصرنا هذا لأنه مُنفر مخالف للأخذ بالأيسر ، ولأنهن في الكليات والدوائر والمؤسسات وحتى الطرقات يحتجن إلى إظهار وجوههن لكي يعرفن ) .
أقول : ما هو الضابط للتنفير ؟
ثم ما هو الضابط في الأخذ بالأيسر ؟
أما التنفير ، فلم يَقُل أحد من المسلمين ذوي الفِطر السليمة بأنه مُنفِّر ، لا من السَّلَف ولا مِن الخَلَف
وإنما قد يقول به من لا يرتضي دِين الله وشِرعته .
والمشاهد أن الكفّار في بلادهم – شرقاً أو غَرباً – يَحترمون من يتمسّك بِمبادئه ، ويلتزم بشخصيته ، بينما يَكرهون من يكون مُتلوِّناً مُتَقلِّباً .
(1/214)
وكم كان حجاب المرأة المسلمة في أوربا أو في أمريكا دعوة صامتة ، ومظهراً مُثيراً للسؤال : لماذا تلبس هذه هذا اللباس ؟
فإذا أُجيبتْ بأن هذا مِن دِين المرأة المسلمة ، كان سببا في البحث عن هذا الدِّين ، ومن ثمّ دخوله .
بل قد صرّحت غير واحدة أنه ما دعاها إلى الإسلام إلا حجاب المرأة المسلمة .
وصرّحتْ كاتبة بريطانية قبل أكثر من مائة عام بأن مظاهر التعرِّي عار على بلادها !
تقول الكاتبة الشهيرة " آتي رود " - في مقالة نُشِرت عام 1901م - : لأن يشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم ، خير وأخفّ بلاءً من اشتغالهن في المعامل حيث تُصبح البنت ملوثة بأدرانٍ تَذهَب برونق حياتها إلى الأبد ، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين ، فيها الحِشمة والعفاف والطهارة … نعم ! إنه لَعَارٌ على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثَلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال ، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يُوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت ، وترك أعمال الرجال للرجال سلامةً لِشَرَفِها . اهـ .
وقد ذَكَرَ الدكتور مصطفى السباعي – رحمه الله – أنه كان في رحلة علمية من ميناء " دوفر " إلى ميناء " أوستن " فالْتَقَى فتاة إيطالية تَدْرس الحقوق في جامعة أكسفورد وتحدّث مع تلك الفتاة عن المرأة المسلمة وحقوقها ، وكيف تعيش . قالت الفتاة : إنني أغبط المرأة المسلمة ، وأتمنّى أن لو كنت مولودة في بلادكم .
ولما قام إمبراطور ألمانيا " غليوم " بزيارة لِتركيا أحبّ أعضاء جمعية الاتحاد والتّرقي التركية أن يُظهروا له تمدّنهم ! فأخرجوا بعض بنات المدارس وهُنّ متبرجات لاستقباله ، واستغرب الإمبراطور ، وقال للمسؤولين : إني كنت آمل أن أشاهد في تركيا الحشمة والحجاب بحكم دينكم الإسلامي ، وإذا بي أشاهد التبرج الذي نشكو منه في أوربا ، ويقودنا إلى ضياع الأسرة ، وخراب الأوطان ، وتشريد الأطفال !!
(1/215)
أقول : وها نحن نُدعى لخوض غمار تجربة فاشلة ! بحجة أن الحجاب غير لائق بعصرنا ، وأنه مُنفِّر !
وإظهار المرأة لوجهها فيه فتنة له ولغيرها ، فإنها إذا كانت جميلة طاردتها العيون ، وإن كانت غير ذلك احتُقِرت وازدُريتْ ، وفي كلا لحالتين هذا الفِعل له أثر نفسي بالغ على المرأة .
وليس كونه فتنة في بلاد المسلمين فحسب بل حتى في بلاد الحضارة المادية – بلاد التفسّخ والعُري – فقد نَقَلتْ لنا وسائل الاتصال أن شاباً يعيش في بلاد الغرب رأى فتاة فاتنة ، فما زال يُلاحقها ويُراودها عن نفسها وهي تتمنّع ، فما كان منه إلا أن ألقى مادة حارقة ( ماء النار ) على وجهها فشوّهه !
وأما كون الحجاب يُنفِّر أو أن تركه من باب الأيسر ، فإن هذا سوف يَفتح باباً عظيما من الشرّ .
فليس ثمّ ضابط للتنفير ، ولا ضابط للتيسير في ظل هذا القول .
فقد يأتي من يقول : لباس الحشمة ( اللباس الساتر ) مُنفِّر ، وتركه أخذ بالأيسر خاصة في المدارس والكليات وأماكن العمل ، كما قال الدكتور !
ونحن نرى اليوم دعوة في دول العُريّ بل دعوات لِنَبذِ الاختلاط ، وهم الذين كانوا بالأمس يُنادون بضرورة الاختلاط لكسر الحواجز التي بين الجنسين ! ولإزالة رغبة كل طرف بالآخَر !
فلما ذاقوا ويلات هذا الاختلاط ، واكتووا بِنارِه صرخوا ودَعوا إلى ضرورة الفصل بين الجنسين حتى في أمريكا ! فضلا عن غيرها !
وأما معرفة المرأة فلا مصلحة فيها ، أعني معرفة شخصها وعينها ، وإنما المصلحة أن تُعرف المحجّبة أنها حُرّة عفيفة فلا يَتعرّض لها أحد بسوء .
قال تعالى : (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ)
(1/216)
قال ابن جُزي الكلبي في التفسير : أي ذلك أقرب إلى أن يُعرف الحرائر من الإماء ، فإذا عُرِف أن المرأة حُرة لم تُعارض بما تُعارض به الأمَة ، وليس المعنى أن تُعرف المرأة حتى يُعلم من هي ، إنما المراد أن يُفرّق بينها وبين الأمة ، لأنه كان بالمدينة إماء يعرفن بالسوء ، وربما تعرض لهن السفهاء . اهـ .
خامساً : قوله : ( فإذا كان صوت المرأة ليس عورة في الكلام الطبيعي ، فلماذا يكون عورة إذا أنشدت قصيدة أو أنشودة في الفضيلة والجهاد ، والدعوة إلى الإسلام والخير أمام الرجال في احتفال عام على خشبة المسرح أو بدون حضور الرجال ، إذا كانت في كل ذلك ملتزمة بضوابط الحجاب الإسلامي ، وعدم الخضوع بالقول والتصنع في إغراء الرجال )
أما صوت المرأة فالصحيح أنه ليس عورة ، ولكن ليس معنى هذا أن تتغنّى أمام الرِّجال ، ولا أن تَخطُب !
ولما كان صوت المرأة قد يَتضمّن الفتنة لبعض الرِّجال ، أُمِرتْ المرأة أن تُصفِّق في الصلاة ، وأن لا تقول : سبحان الله ، مع كونه من الأذكار ، وليس من الأناشيد ولا التأوّه !
وارتُكِبت أخف المفسدتين ، ودُفِع أعظم الضررين بأصغرهما ، وذلك أن تكلّم المرأة قد يتضمّن مفسدة وفتنة ، والتصفيق منهي عنه ، فارتُكب المنهي عنه لأنه أقل في الفتنة ، دفعا للفتنة ، ودرءاً للمفسدة .
قال عليه الصلاة والسلام : التسبيح للرجال ، والتصفيق للنساء . رواه البخاري ومسلم .
فكيف يُقال بعد ذلك بجواز إنشاد المرأة أمام الرِّجال ، وظهورها على المسارح ، وخلع جلباب الحياء ، ونبذ الأخلاق الفاضلة ؟
أما لو كان هذا جائزاً لأذِن فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو عليه الصلاة والسلام لم يأذن به للنساء لا في جهاد ولا في غيره ، وقد أذِن للرِّجال بالإنشاد والحداء في الجهاد والسَّفر ، كما في الصحيحين .
(1/217)
بينما لم يأذن فيما يتعلق بالنساء إلا للجواري الصغار أن يَضربن بالدفّ في نكاح أو عيد ، وفي حديث عائشة : دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث . قالت : وليستا بمغنيتين ، فقال أبو بكر : أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وذلك في يوم عيد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا ، وهذا . رواه البخاري ومسلم .
فهما أولاً جاريتان صغيرتان ، ثم إنهما ليستا بمغنيتين ، فلم يكن ذلك لهما مهنة ، ولا اعتادتا عليه .
والعلماء يَعترون الغناء عيبا في الأمَة تُردّ به !
فكيف يُطلَب العيب للحُرّة !
" أما مالك بن أنس فإنه نَهَى عن الغناء وعن استماعه ، وقال : إذا اشترى جارية ووجدها مُغنية كان له ردّها بالعيب ، وهو مذهب سائر أهل المدينة " قال القرطبي ، وقال :
سئل [ أحمد ] عن رجل مات وخلّف ولدا وجارية مُغنية ، فاحتاج الصبي إلى بيعها ، فقال : تُباع على أنها ساذجة لا على أنها مُغنية ، فقيل له : إنها تساوي ثلاثين ألفا ، ولعلها إن بِيعت ساذجة تساوي عشرين ألفا ، فقال : لا تُباع إلاّ على أنها ساذجة . اهـ .
وأي فضيلة سوف تدعو إليها امرأة لم تلتزِم بها ؟
أي فضيلة سوف تدعو إليها امرأة تقف على مسرح أمام العشرات بل المئات ؟
وهل سوف تَخرج أمامهم مُتبَذِّلََة تَفِلة ؟
هذا ما لا يُمكن !
لا يُمكن أن تَخرج امرأة لتقف أمام الناس بلباس عادي ! بل سوف تأخذ كامل زينتها ! وسوف تجِد من يُفتيها بأن هذا من مصلحة الدعوة ! أو من الحث على الفضيلة !
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من تَخرج إلى المسجد أن لا تَخرج بِزينة مرئية أو محسوسة !
فقال عليه الصلاة والسلام : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تِفِلات . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
قال ابن حجر : أي غير متطيبات ، ويقال : امرأة تفلة إذا كانت متغيرة الريح . اهـ .
(1/218)
قال عليه الصلاة والسلام : إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمسَّ طيبا . رواه مسلم .
وقال : أيما امرأة أصابت بَخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة . رواه مسلم .
وقال : أيما أمرأة استعطرت فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية . رواه الإمام أحمد وغيره .
بل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعطّرت أن تغتسل حتى لو كانت تريد المسجد .
فقد لقيَ أبو هريرة رضي الله عنه امرأةً فوجد منها ريح الطيب ينفح ولذيلها إعصار ، فقال : يا أمة الجبار ! جئت من المسجد ؟ قالت : نعم .قال : وله تطيبت ؟ قالت : نعم . قال : إني سمعت حبي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : لا تُقبل صلاةٌ لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة . رواه الإمام أحمد وأبو داود ، وحسنه الألباني .
فهذه الأحاديث تدل على منع المرأة من التعطّر وأخذ الزينة إذا خَرَجتْ وإن كان ذلك لأطهر الأماكن وأحبها إلى الله : المساجد . فكيف بغيرها من الأماكن ؟
كما أن المرأة إذا خَرَجتْ استشرفها الشيطان وزيّنها في عيون الرِّجال ، وإن كانت تمشي في طريق .
فكيف بها لو وقفتْ أمام الرِّجال – أو أشباه الرِّجال – تتغنّى وتُنشِد ؟!
هل سوف تقف كالخشبة ؟!
لا يُتصوّر ذلك !
بل سوف تتحرّك وتتمايل بما يقتضيه النَّغَم أو الإيقاع ! ونحو ذلك .
إن الشباب المنشدين لما خَرَجوا على المسارِح تزيّنوا ! ولم يَقتصروا على المباح بل تعدّوه إلى الحرام ، من إسبال وغيره !
فكيف سوف تكون المرأة إذا وقفتْ أمام الرِّجال مُنْشِدة ؟!
ثم يُدعى أنها سوف تدعو إلى الجهاد والفضيلة !
نعم سوف تدعو .. ولكن إلى غير الفضيلة !
وقد تدعو إلى ما دَعَتْ إليه أم كلثوم ! كانت بلادها تُقصف وتُدكّ ، وهي تُمارس دور تخدير الشعوب : هل رأى الحبّ سُكارى مثلنا ؟!
فأفلحتْ وأنجحتْ ! ودَعَتْ إلى اللا فضيلة !!
كما أن إنشاد المرأة لن يَقِف عند حدّ .. بل سوف يأخذ أشكالاً ويمر بأطوار ..
(1/219)
وسف ترى إذا انجلى الغبار ! أفرس تحتك أم حمار !
والمطالبة بإنشاد المرأة ووقوفها على المسرح بحجة الدعوة إلى الجهاد والفضيلة ! هو خطوة من خطوات الشيطان لها ما بعدها ، وعلى الأمّة ما بعدها !
كفى مُتاجرة بقضايا المرأة المسلمة !
ويُقال لهذا الدكتور ومن على شاكلته : لو دَعَتِ المرأة إلى الجهاد لكان أول من يُحاربها من كان على شاكلتكم ! ولما رَضِيَتْ العمّة بهذا التطرّف والإرهاب الناعم !!
سادساً :
قوله : ( وأما تمثيل المرأة سواء أكانت على خشبة المسرح أم في المسلسلات أم في الأفلام ، إذا انضبط بضوابط الإسلام مع وجود المحارم ، فلماذا يكون حراما ؟ إذا لم يحصل فيه الاختلاء أو الاختلاط الفاحش ) .
يُقال في التمثيل ما قيل في الإنشاد .
وأقول : أي خير جَنَتْه أمة الإسلام من الرقص والتمثيل ؟!
وأي فائدة مرجوّة من مُسلسل أو مسرحية ؟!
فالتمثيل من أوله إلى آخره هو بضاعة نصرانية !
وهو يَعتمد على الْخِداع والكذب !
كما أن المتاجرة به طريقة يهودية !
واستوديوهات ( هوليود ) شاهدة بذلك وشاهدة على ذلك !
وهل يَتصوّر الدكتور أن من تُريد التمثيل سوف تأتي بزوجها أو بِذي مَحرَم منها ليكون معها على خشبة المسرح ! أو داخل غرفة التصوير ( الاستوديو ) ؟!
هذا يُخالِف أصول هذا العمل ! ويُخالِف أصول ذلك المجتمع الآسِن ( مُجتمع العفن الفني ) !
وقوله : (إذا انضبط بضوابط الإسلام) أقول : هذا قيد الكَيد !
فكلّ من أراد أن يكيد الأمة أو يخترق صفوفها أو يُروّج باطلا وصَفَه بهذا الوصف : في ضوء الشريعة! في إطار الشريعة ! وفق الشريعة الإسلامية !
حتى صارتْ تُروى طرائف ومضحِكات عن اللصوص وقُطّاع الطريق أنهم استخدموا ذلك القيد !
بل حتى الفجار والكفار يُعبِّرون بهذه التعابير !
وما ذلك إلا لِعلمهم أن الباطل لا يَروج إلا بمثل هذا اللبوس !
(1/220)
وقديما قال إبليس في كَيْدِه : (قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى) .
فأنت ترى رأس الكفر وإمامه أول من استعمل هذا القيد لترويج الباطل !
وأما قوله : (إذا لم يحصل فيه الاختلاء أو الاختلاط الفاحش) فأقول : هذا مستحيل !
ثم إن هذا القيد قد يُلْتَفَتْ إليه أول الأمر – إذا التُفِتَ إليه – ثم ما يلبث أن يتلاشى ويَزول !
وسوف يُوصَف وُجود المحرم بالتشديد ومناقضة أوصل المهنة !
وما لبث الدكتور أن ناقض نفسه بنفسه !
فهو في مسألة السَّفر لم يشترط المحرَم ، وهو هنا يشترطه من غير سَفر !
فهو هنا يقول : (إذا انضبط بضوابط الإسلام مع وجود المحارم) وفي السفر : لا يَحتاج وُجود مَحرِم !
وقد يَحْتجّ عليه مُحتجّ بقوله هو في مسألة سفر المرأة ، فيقول : لا حاجة إلى المحرم طالما أن المرأة سوف تُمثِّل مع مجموعة من النساء !
ولا يُستغرب أيضا أن يقول قائل : مع مجموعة من النساء الموثوقات ! [المعروفات بسوء السِّيرة ! ] !
ثم قيّد الدكتور الاختلاط بأن لا يَكون فاحشاً !
فما هو حد الفُحش عند الدكتور ؟!
ولماذا يَمنع منه طالما أنه يَدعو إليه ؟!
إن الاختلاط لا يَصلح منه قليل ولا كثير
ولا خير فيه قلّ أو كثُر
وكيف يَرضى عاقل لقريبته أن تختلط بالرِّجال الأجانب دونما نكير ؟
والاختلاط ممنوع وإن كان في أطهر البقاع مع حُسن المقصد .
فقد روى البخاري عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال . قال : كيف تَمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال ؟
قلت : أبعد الحجاب أو قبل ؟
قال : إي لعمري . لقد أدركته بعد الحجاب .
قلت : كيف يُخالِطن الرجال ؟
قال : لم يكن يخالطن ، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرة من الرجال لا تخالطهم ، فقالت امرأة : انطلقي نستلم يا أم المؤمنين قالت : عنكِ ، وأَبَتْ .
(1/221)
ومعنى ( حَجْرَة ) أي ناحية . يعني أنها لا تُزاحم الرجال في الطواف .
ومعنى " أبَتْ " : أي رفضت وامتنعت أن تُزاحم الرجال لِتستلم الحجَر أو الرُّكن .
ولما دخلت مولاة لعائشة عليها فقالت لها : يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا ، فقالت لها عائشة رضي الله عنها : لا آجرك الله . لا آجرك الله . تُدافعين الرجال ؟ ألا كبّرتِ ومَررتِ . رواه الشافعي والبيهقي .
ثم إن مثل هذه الأمور لا يُمكن أن تُضبط مع فساد الوسط الفنِّي بعامّة .
ولو كان جائزا لاقتضتْ السياسة الشرعية أن يُمنع منه لما يُفضي إليه من المفاسد
وقواعد الشرع تنص على :
ما أفضى إلى مُحرّم فهو مُحرّم
ودرء المفاسد مُقدّم على جلب المصالح
والضرر يُزال
والذرائع يُسدّ بابها
فهذه قواعد الشريعة وأصول الدِّين وكليّاته تَمنع من مثل هذا الفعل ، لو كان مُباحاً ، فكيف به وهو مُحرّم أصلاً .
أعني تحريم الخلوة والاختلاط ، بل والتمثيل ، فقد بين ذلك الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله – في رسالة له بعنوان :
التمثيل : حقيقته ، تاريخه ، حُكمه .
قال الشيخ في خاتمة البحث :
والخلاصة أن التمثيل : حرفة ، وأداء ، وتكسّباً ، وعَرضا ، ومُشاهَدة ، لا يَجوز ، لأنه إن كان تمثيلا دينيا فهو بِدعيّ ، : لوقف العبادات على النص ومورده ، ولِما علِمت من أصله لدى النصارى واليونان .
وإن كان غير ذلك فهو لهوٌ مُحرَّم ، لما فيه من التشبّه ، ولما رأيته من تفاريق الأدلة ، وما يَحتوي عليه ، ويترتّب عنه من الآثار المعارِضة لآداب الشريعة . اهـ .
سابعاً :
قوله عن الرِّق : (والإسلام يرحب بذلك أعظم ترحيب ، لأنه دين الأخوة الإنسانية ، ولذلك وقعت الدول الإسلامية على تلك المواثيق . إن إطاعة لشريعة الإسلام أو اتِّباعا للسياسة الدولية ، والمسلمون عند شروطهم ولا يجوز لهم اتخاذ العبيد في الحرب طالما أن الأمم الأخرى لا تفعل ذلك )
(1/222)
أقول : هذا الذي يَدعو إليه الدكتور مُخالِف للنقل والعقل بل ومُخالِف للواقع .
فأما النقل فجواز ذلك في الجهاد ، أي جواز وتشريع الرِّق في الإسلام ، وهو من محاسِن الإسلام لا من مساوئه كما يُصوّره بعض من قلّ عِلمه ، أو نقص فهمه !
فالرِّق ليس لِذات الرِّق ، وليس من باب التّشهِّي ، بل هو مقصود لما يترتّب عليه من مصالح ، لعل من أبرزها :
أن يعيش هؤلاء الأرقاء بين المسلمين فيَتأثّرون بالإسلام فيَدخلونه .
ومن هذا الباب جاء الأمر بالإحسان إلى الرقيق وإعانته ، بل وإعطائه اللقمة إذا وَلِيَ حرّ طعام ، كما في الصحيح
كل ذلك من باب الإحسان إليه وترغيبه في دخول الإسلام .
فإذا دخَل في دين الإسلام صار مُسلِماً ، ثم جاء الإسلام بالحث على العِتْق ، وجاء العِتق أيضا في الكفّارات ، فمن ذلك :
في كفارة قتل النفس خطأ
في كفارة الظِّهار
كفارة الوطء في نهار رمضان
في كفارة اليمين
وانظر كيف جاء الحث على العِتق وتحرير الرِّقاب في الكفارة الكبيرة والصغيرة ، فهي في قتل النفس وفي في كفارة الظِّهار وفي كفارة الوطء في نهار رمضان ، وهي تُقابِل صيام شهرين مُتتابِعين .
كما جاءت في مُقابِل صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين .
وجاء الترغيب في العتق من غير سبب طلبا لمرضات الله ، كما جاء الترغيب في العتق تَقرّبا إلى الله
وجاء الأمر بالمكاتبة ، وتخليص الرقيق من رِقِّه إذا رغب في ذلك ، فقال الله تبارك وتعالى : ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ ) .
وقد يُقال : لماذا لا يُترك أسرى الحرب ويُمَنّ عليهم ولا يُسترَقّون ؟
فالجواب :
(1/223)
أن الفداء مشروع بقوله تعالى : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)
وأن من مقاصد ذلك أن يتخلّص من قيد الكفر ، ويكون بعيداً عن بيئة الكُفر .
وأنه بِبُعده عن بيئته سوف يكون حُرّاً في اتِّخاذ القرار .
وكم رأينا ممن عاش ردحاً من الزمن على الكُفْر فلما عاش في بلاد المسلمين وابتعد عن بيئته دَخَل في دِين الله عن قناعة تامة .
وأما قوله : (والمسلمون عند شروطهم ولا يجوز لهم اتخاذ العبيد في الحرب طالما أن الأمم الأخرى لا تفعل ذلك )
أقول : هذا القول مردود من عدّة أوجه :
الوجه الأول : أن الشروط التي يَجب الوفاء بها ما لم تُخالِف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهذا مُخالِف لِشرع الله ولِسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما بال أناس يَشترطون شروطا ليستْ في كتاب الله ، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل ، وإن اشترط مائة شرط ، شرط الله أحق وأوثق . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن حجر : قال القرطبي : قوله : " ولو كان مائة شرط " خَرَجَ مخرج التكثير ، يعني أن الشروط الغير المشروعة باطلة ولو كَثُرَتْ . اهـ .
الوجه الثاني : أن هذه الاتفاقية لم تُوقِّع عليها الأمم المتحدة ، فهي منقوضة بفعل الكفار أنفسهم !
وهو ما يتعلق بأسرى الحرب .
الوجه الثالث : أن الرِّق أخف بلاء وأرحم مائة مرة من الأسر الذي تستعمله أمم الحضارة المادية اليوم !
فو الله إنه لأرحم ألف مرة أن يعيش الرقيق بين المسلين يذهب ويَجيء ، يَروح ويَغدو ، يُطَعم ويُضمن له الملبس والسكن – خير وأخف بلاء مما يَعيشه أسرى ( جوانتانامو ) في حر الصيف وبَرد الشتاء ، في ذلّ وقهر ، بل أُصيب بعضهم بأمراض نفسية وعضوية تحت نظر وسمع العالَم .
(1/224)
وقد شهِدتْ بذلك صحفيّة يهودية زارتْ تلك المعتقلات ، فكتبت مقالا نُشِر في صفحات الشبكة الإلكترونية .
تقول الصحفيّة " أورلي أزولاي كاتس " مراسلة صحيفة يديعوت أحرونوت في واشنطن :
وصل الأسرى إلى معتقل 'جوانتنامو ' الكوبي على متن طائرات عسكرية أمريكية مُقيدين بالعصابات ،ووجوههم مخفية بنوع سميك من القماش لا يمكن لأحد منهم رؤية أي طيف من تحته أو من خلاله علاوة على لون القماش الأسود القاتم.
ولم يسمح الجنود الأمريكيون المرافقون للأسرى بأن يتوجه أي منهم لقضاء حاجته في المراحيض الموجودة بالطائرات ' مثل أي إنسان ' لكن إذا كان لابد فاعلاً فليفعلها في نفس مكانه بعد أن أحضروا دلواً بلاستيكياً متوسط الحجم للجميع ، وقد وقف الجنود مدججون بالأسلحة في وجوه الأسرى وهم يتبولون أو يتبرزون ، فيما قام بعض الأسرى بالتبول في ملابسه بعد أن أعيته الحيل .
وتقول :
هؤلاء الأسرى لا يحق لهم مقابلة محامييهم لعدم وجود اعتراف أمريكي بهذا المبدأ في هذه المعتقلات ، ولا يحق لأي أسير أن يتعرف على لائحة الاتهام الموجهة إليه !
كما تقول :
حاول 29 أسيراً الانتحار سواء عن طريق شنق أنفسهم في سقف المعتقل أو تقطيع البعض لشرايين أجسامهم .
وجود 90 أسيراً بصفة مستمرة لدى طبيب نفسي في المعتقل يعانون من أقصى أنواع الاكتئاب. [ وهذا حسب المصادر العسكرية الأمريكية ومن المعتقد أن أغلب هؤلاء قد اتخذوا هذه الوسيلة لتخفيف التعذيب الأمريكي وأملاً في إفراج السلطات الأمريكية عنهم ]
وجود عدد غير قليل من المعتقلين يتناولون يومياً الأقراص المهدئة وحقن المسكنات .
(1/225)
وفي نهاية رحلتها إلى اشهر معسكر اعتقال في العالم تكشف أزولاي عن وجود 3 معتقلين من الأحداث تم وضعهم في قسم يسمى ' إيجوانا ' حيث يمكن للأحداث الثلاثة أن يشاهدوا من زنزانتهم مياه المحيط من خلال ثقب صغير في قطعة قماش ضخم تم وضعها على الزنزانة من الخارج ، والغريب أن هؤلاء الأحداث الثلاثة لا يعرفون الجرم الذي ارتكبوه أو نوعية الاتهامات الموجهة إليهم والتي أوصلتهم إلى جوانتانامو .
[ من مقال بعنوان : رحلة إلى جوانتانامو 'بعيون إسرائيلية' موقع مُفكِّرة الإسلام الثلاثاء 7 ذو القعدة 1424هـ - 30 ديسمبر 2003م ]
وهنا أسأل من كان له ذرّة من عقل :
أيهما أشد بلاء وأعظم جُرما .. الرِّق الذي كَفَل حُسن التعامل مع أسير الحرب ، أو الأسْر الذي شهِدتْ ببعضه صحفية يهودية ؟
لا يشكّ عاقل أنه لا يُمكن إجراء مُقارنة بين الرِّق في الإسلام والأسْر في ظل الولايات المتحدّة !
ولا يشك عاقل أن الرِّق في الإسلام أرحم ألف مرّة من يوم واحد في جوانتانامو !
كما أُذكِّر الدكتور بما يُسمى " تجارة الرقيق الأبيض " وهذا ليس في دول العالم الثالث كما يُسمونها بل في دول الحضارة المادية .
فتحت عنوان : " مليار دولار أرباح التجارة في الرقيق الأبيض بـ'إسرائيل' " جاء ما يلي :
أفاد تقرير لموقع 'نيوز إسرائيل' العبري على شبكة الإنترنت اليوم الأربعاء أن حجم الأرباح الناجمة عن تجارة الرقيق الأبيض في 'إسرائيل' وصلت لمليار دولار سنويًا . وقال الموقع : إن التجارة في الرقيق الأبيض تحوّلت لصناعة في 'إسرائيل' . اهـ .
وتحت عنوان : " عائدات تجارة الرقيق الأبيض في البلقان " جاء ما يلي :
في دراسة صدرت عن منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة عن التجارة الدولية غير المشروعة بالنساء والأطفال خاصة في أوروبا !
وتقدر عائدات تجارة الرقيق الأبيض عبر منطقة البلقان من 9 ـ 12 مليار دولار سنويًا .
(1/226)
وصدر عن منظمة الهجرة العالمية عام 1997 أن نحو 175 ألف امرأة تم الاتجار بهن عبر البلقان استقدمن من آسيا الوسطى إلى دول الاتحاد الأوروبي .
فأي شروط يُريد الدكتور أن يُلتَزم بها ، وأبناؤنا في رق الأسْر ؟!
ونساؤنا تُباع في البلقان إذ كان يتاجِر بها تجار الحروب ؟!
ولن نذهب بعيدا فالعراق اليوم يشهد بسوء صنيع العدو ، وسوء مُعاملة الأسرى .. ليست معاملة بشرية بل معاملة وحشية ، لا تمتّ إلى البشرية بل ولا إلى أخلاق أهل الجاهلية بِصِلَة !
فقد شهد العالم أجمع ما عُومِل به أسرى الحرب في العراق ، من وحشية في التعذيب ، وامتهان لأدنى حقوق البشر ، إلى إعدام لإنسانية الأسير !
فقد فَعلوا بأسرى العراق ما لم يفعله أبو جهل في جاهليته !
وأظهرت وسائل الإعلام والمواقع الكثيرة الوحشية التي يتعامل بها الجنود الأمريكيين مع أسرى الحرب في العراق .
وقال بعضهم مُعتذرا بعذر بارد باهت : هذه تصرفات شخصية !
ونحن نعلم أنها تصرفات لا تزال تُرتَكب بوحشية وهمجية لم يسبق لها مثيل !
هذا ما يُعامَل به أسرانا .. فكيف عامل الإسلام أسرى الحروب على مر التاريخ ؟
سؤال نوجهه للدكتور !
حرام أن نسترقّ أسيرا مُحاربا نُدخله بلاد المسلمين بلا قيد ولا غِل ؟!
وحلال ما يَجري في جوانتانامو وما يجري في العراق ؟!
أم أن ألأمر كما قيل :
حرام على بلابله الدوح *** حلال للطير من كل جنسِ ؟!
وخلاصة القول الرق في الإسلام :
أنه ليس هو الحل الوحيد في حق أسرى الحرب ، بل أسير الحرب أمام خيارات :
إما أن يُعفى عنه ويُمنّ عليه
وإما أن يُفادِي نفسه
وإما أن يتم تبادل الأسرى بين المسلمين وعدوّهم
وإما أن يُسترقّ
وكما أن الاسترقاق ليس هو الخيار الوحيد فكذلك خيار الحرْب ليس هو الخيار الوحيد .
فالْحَرْب لا يُلجأ إليها بدئ ذي بدء ، وإنما تكون بعد استنفاذ الجهود السلمية ، وذلك بـ :
(1/227)
1 – الدعوة إلى الدخول في دِين الإسلام ، فَمن دَخَل فيه فَلَه ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم .
2 – الاستسلام ودَفع الجزية ، ولهم الحماية في ظل الإسلام ( خاصة مع أهل الكتاب ) فالغُنْم بالغُرْم فهم يَدفعون جزية مُقابِل إقرارهم على دِينهم ، ومُقابِل تقديم الحماية لهم في المجتمع المسلم .
3 – الحرب والقتال ، وهو كما ترى ليس هو الحل الأول وليس هو الخيار الوحيد ، بل هو الخيار الثالث .
في حين تلجأ بعض دول الحضارة المادية اليوم إلى الحرب كخيار أول وأخير ! الحرب والحرب فقط !
ودويلة اليهود – ومن يقف وراءها ويُساندها – تَشُنّ الحرب في كل يوم على ضِعاف عُزّل !
فإذا اختار طرف من الأطراف الحرب ، ورفض السِّلْم ، واختار هذا الحل ! فعليه تحمّل نتيجته ، ومن نتائجه الأسْر والرِّق .
وهذا الرِّق له فوائد ، منها :
أن يعيش بين المسلمين ، وأن يتأثّر بهم ، فيتم استنقاذه من الكفر إلى الإسلام .
أن يكون بعيدا عن التأثير والضغوط فيُقرِّر بنفسه ويختار لها .
أن يشعر بالذلّ نتيجة اختياره الحرب على السِّلْم
كما جاء الأمر بإكرام الرقيق ، فمن ذلك :
اعتباره أخاً للمسلمين إذا أسلَم
وإطعامه وتأمين الملبس والمسكن له .
وأن لا يُكلّف فوق طاقته ، فهذا من الرفق به .
وقد أمر الله بالإحسان إلى الرقيق فقال تعالى : ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ )
وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم : إخوانكم خَوَلُكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يَلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم . رواه البخاري .
(1/228)
وقال عليه الصلاة والسلام : للمملوك طعامه وكسوته ، ولا يُكلّف من العمل إلا ما يُطيق . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين أو لقمة أو لقمتين ؛ فإنه ولي حَرّه وعلاجه . رواه البخاري ومسلم
وهذا فيه مراعاة لنفسيته فضلا عن تكليفه ما لا يُطاق .
ومن باب التكريم أن الرقيق إذا أسلم وحُسن إسلامه ضُوعِف له الأجر .
قال عليه الصلاة والسلام : العبد إذا نصح سيده وأحسن عبادة ربه كان له أجره مرتين . رواه البخاري ومسلم .
وقال : للعبد المملوك المصلِح أجران . وكان أبو هريرة يقول : والذي نفس أبي هريرة بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبرّ أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك . رواه مسلم .
وإن كانت امرأة فأحسن إليها وليها ثم أعتقها وتزوّجها كان له أجران .
قال عليه الصلاة والسلام : من كانت له جارية فعالها فأحسن إليها ثم أعتقها وتزوجها كان له أجران . رواه البخاري .
وهذا فيه حث على العتق أيضا .
وتقدّم أن الإسلام حثّ على العتق في مناسَبة وفي غير مناسبة . بسبب أو بغير سبب .
كما حث على مُكاتَبة الرقيق إذا رغب في ذلك ، وأراد فك ربقة الرق من رقبته ، فإنه لا يُمانَع من ذلك ، بخلاف أسير الحرب لدى أمم الأرض قاطبة !
كما أن الأسير إذا استُرِقّ لم يُجعل في رجلِه قيد ، ولا في يده غل ، بل هو حرّ طليق في بلاد المسلمين ، إلا أنه مملوك فحسب .
فَشَتّان ما بين الرِّق في الإسلام ، وما بين معاملة أسرى الحروب في كل مكان !
ونحن نُطالب اليوم بمعاملة أسرى الحرب معاملة الرقيق في الإسلام ! وقد رضينا بذلك !
سواء من كانوا في جوانتانامو أو كانوا في العراق !
لِيُعْلَم أن الرق في الإسلام رحمة وليس نِقمة .
12-حُكم الغناء والمزامير
بالنسبة للغناء من غير موسيقى كرهه كثير من السلف
والكراهة في كلام العلماء المتقدمين تُطلق على التحريم
(1/229)
وقد كثُرت الأقوال عن سلف هذه الأمة في النهي عن الغناء ، وإن كان من غير آلة موسيقية
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) قال : هو الغناء وأشباهه .
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : والله هو الغناء .
وقال رضي الله عنه : الغناء يُنبت النفاق في القلب .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليه بسارحة لهم يأتيهم يعني الفقير لحاجة فيقولوا : ارجع إلينا غدا ، فيُبيّتهم الله ويضع العلم ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة . رواه البخاري موصولاً وليس مُعلّقاً .
والعَلم هو الجبل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والآلات الملهية قد صح فيها ما رواه البخاري في صحيحه تعليقا مجزوما به داخلا في شرطه .
وقال الفضيل بن عياض : الغناء رقية الزنا .
وقال الخليفة يزيد بن الوليد : يا بني أمية إياكم والغناء ، فإنه يُنقص الحياء ويزيد في الشهوة ويهدم المروءة ، وإنه لينوب عن الخمر ، ويفعل ما يفعل السكر ، فإن كنتم لا بُدّ فاعلين فجنبوه النساء ؛ إن الغناء داعية الزنا . رواه البيهقي في شعب الإيمان .
قال خالد بن عبد الرحمن : كنا في عسكر سليمان بن عبد الملك فسمع غناء من الليل ، فأرسل إليهم بكرة فجيء بهم ، فقال : إن الفرس لتصهل فتسوق له الرمكة ، وإن الفحل ليهدر فتضبع له الناقة ، وإن التيس لينبّ فتسترمّ له العنز ، وان الرجل ليتغنى فتشتاق إليه المرأة ، ثم قال : اخصوهم ! فقال عمر بن عبد العزيز : هذا مُثلة ، ولا يحل ، فخلَّى سبيلهم . رواه البيهقي في شعب الإيمان .
(1/230)
قال ابن القيم رحمه الله : فالغناء يُفسد القلب ، وإذا فسد القلب هاج في النفاق . اهـ .
ولا شك أنه إذا كان من خلال آلة موسيقية فهو أشدّ في التحريم .
قال الإمام البيهقي - رحمه الله - : وان لم يداوم على ذلك ( يعني على الغناء ) لكنه ضرب عليه بالأوتار ، فإن ذلك لا يجوز بحال ، وذلك لأن ضرب الأوتار دون الغناء غير جائز لما فيه من الأخبار . ( يعني لما ورد فيه من الأحاديث ) .
والغناء والأغاني من الباطل .
ولذا لما سُئل القاسم بن محمد عن الغناء . فقال : أنهاك عنه وأكرهه . قال الرجل : أحرام هو ؟ قال : انظر يا ابن أخي إذا ميّز الله الحق من الباطل . في أيهما يجعل الغناء ؟
يعني أنه يكون مع الباطل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ولقد حدثني بعض المشايخ أن بعض ملوك فارس قال لشيخ رآه قد جمع الناس على مثل هذا الاجتماع ( مجالس السماع ) : يا شيخ إن كان هذا هو طريق الجنة فأين طريق النار ؟!!
قال الحليمي رحمه الله : وإنما خرج ذلك ( القول بتحريم الغناء ) لما فيه من الإغراء بالحرام ، فدخل في قوله تعالى : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) انتهى .
وقال الإمام البيهقي – رحمه الله –
وروينا عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ترنمهم بالأشعار ، وهذا في الأشعار التي يكون إنشادها حلالا ويكون الترنّم بها في بعض الأحايين دون بعض ، فإن كان يُغني بها فيتخذ الغناء صناعة يؤتى عليه ويأتي له ويكون منسوبا إليه مشهوراً به ، فقد قال الشافعي رحمة الله عليه : لا تجوز شهادته ، وذلك أنه من اللهو المكروه الذي يُشبه الباطل ، وأن من صنع هذا كان منسوبا إلى السَّفه وسقاطة المروءة ، ومن رضي هذا لنفسه كان مستخفّاً وإن لم يكن محرما بيّن التحريم . انتهى .
فإذا كان هذا في الغناء وحده دون آلة ، فكيف إذا كان بآلة ؟؟؟
(1/231)
وإن كانت الأغاني تدعو إلى الجهاد أو كانت تدعو إلى فعل الفضائل أو فيها مدح للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فلم تكن معروفة عند السلف ، إنما عُرفت عند دراويش الصوفية .
ولا يُنال رضا الله بسخطه ، إنما يُنال رضا الله عز وجل بما يُحبه ويرضاه سبحانه وتعالى .
ولو كان الغناء محبوبا مرضياً لله عز وجل لسبقنا إليه وإلى التقرب به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام .
ولو كان يُنشّط العزائم على الجهاد ونحو ذلك لسبقونا إليه .
إلا أن المشاهد أنهم كانوا يحرصون على التّقرّب إلى الله بأنواع الطاعات والقربات والكفّ عن المحرّمات ، حتى في الجيوش ، كما تقدّم عن سليمان بن عبد الملك – رحمه الله – وهو إنما سمع غناء من الليل في عسكره ، وقد همّ بأن يخصي أولئك الذين اشتغلوا بالغناء تلك الليلة .
وإن كانت في مدائح النبي صلى الله عليه وسلم فهي مُحدَثَة ، فإن الغناء والتّغني في مدحه صلى الله عليه وسلم لم يُعرف إلا بعد القرن الثالث الهجري .
وأي خير في إنسان ينسى سُنة النبي صلى الله عليه وسلم عاماً كاملاً ويذكره ويتغنّى به في ليلة واحدة ؟!
حاله كحال أولئك الغربيين مع أمهاتهم . يهجرونهن عاماً كاملاً ويزورونهنّ يوماً في السنة !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : التطريب بالآلات الملهية محرم في السماع الذي أحبه الله وشرعه ، وهو سماع القرآن ، فكيف يكون قربة في السماع الذي لم يشرعه الله ؟ وهل ضمّ ما يشرعه الله إلى ما ذمه يصير المجموع المعين بعضه لبعض مما أحبه الله ورضيه ؟؟
ولا يُمكن أن يجتمع حبّ القرآن ، وحبّ مزامير الشيطان .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
حُبّ الكتاب وحُبّ الحان الغناء *** في قلب عبد ليس يجتمعان
ومما هو مشاهد محسوس معلوم
أن من استلذّ بسماع الأغاني لا يُمكن أن يجد حلاوة تلاوة كلام الله عز وجل .
(1/232)
نعم . قد تجتمع تلاوة القرآن مجرّد تلاوة مع سماع الغناء ، لكن سماع انتفاع وتلذذ لا يمكن أن يجتمعا .
والغناء يصدّ عن سبيل الله ، ولذا لما ذكر الله الغناء – وهو لهو الحديث – قال :
( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) .
فتأمل قوله سبحانه ( لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) ثم تأمل قوله ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً ) تجد أن الغناء سبب في الصدّ عن سبيل الله ، وأن مُحب الغناء لا يُحب سماع كلام الله ، بل قد يستثقله .
وهذا أمر مُشاهد
فمحبّ الغناء لو كان يبحث عن الأغاني من خلال إذاعة وسمع القرآن فجأة فإنه ربما يتأفّف منه !
فانظر إلى أثر الغناء على القلب .
والمُشاهَد أن الأغاني لا تدعو إلى مكارم الأخلاق ، ولا تدعو إلى الأخلاق الفاضلة
وإنما تدعو إلى العشق والغرام ، والحب والهيام .
وتشتمل على ذكر محاسن النساء والغلمان !
فأي خير فيها ؟؟؟
وقفة وشُبهة :
قد يدّعي أقوام أن الموسيقى الهادئة تُريح الأعصاب !
وليس الأمر كذلك ، فقد ثبّت طبيّاً أن النفس تجد الراحة في القرآن وليس في الغناء
وصدق الله ومن أصدق من الله قيلا ، ومن أصدق من الله حديثاً : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )
وقد يقول البعض : إن هناك من أفتى بأن سماع الغناء جائز !
فأقول : استفت قلبك !
إن أكثر الشباب الذين يستمعون إلى الغناء يتركون سماعه في نهار رمضان .
فعلى أي شيء يدلّ صنيعهم هذا ؟
(1/233)
يدلّ على أنهم يتحرّجون من سماعه أثناء صيامهم .
ولو اعتبروه مباحاً لما تركوه ! فتأمل هذا الفعل من مستمعيه ومُتّبعي فتوى الترخيص فيه !
وقبل فترة سألني أحد الشباب عن حُكم الغناء ، وأن الشيخ فلان في فضائية من الفضائيات يُفتي بجواز سماعه !
فقلت : دعنا من الفتوى الآن !
ما تقول أنت ؟
وما تجد في قرارة نفسك ؟
هل إذ استمعت إلى الأغاني لا تجد حرجاً من سماعه ؟
وهل إذا استمعت إلى أغنية تكون كما تستمع إلى درس أو محاضرة ؟
قال : لا والله !
قلت : فالنبي صلى الله عليه وسلم قال : البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك ، وكرهت أن يطلع عليه الناس . رواه مسلم .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : الإثم حوازّ القلوب .
أي أنه يبقى له أثر يحزّ في القلب وفي النفس ، فلا ترتاح له النفس .
ونبي الله صلى الله عليه وسلم قد جعل لنا قاعدة ، ألا وهي :
دع ما يريبك إلى مالا يريبك . رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي .
------------------------
سؤال وجوابه :
لماذا الغناء يُنبت النفاق في القلب ؟؟
أورد ابن القيم – رحمه الله – هذا السؤال ثم قال :
فإن قيل : فما وجه إنباته للنفاق في القلب من بين سائر المعاصي .
قيل : هذا من أدلّ شيء على فقه الصحابة في أحوال القلوب وأعمالها ومعرفتهم بأدويتها وأدوائها وأنهم هم أطباء القلوب دون المنحرفين عن طريقتهم الذين داووا أمراض القلوب بأعظم أدوائها فكانوا كالمداوي من السقم بالسم القاتل ، وهكذا والله فعلوا بكثير من الأدوية التي ركبوها أو بأكثرها فاتفق قلة الأطباء وكثرة المرضى وحدوث أمراض مزمنة لم تكن في السلف . والعدول عن الدواء النافع الذي ركّبه الشارع وميل المريض إلى ما يقوي مادة المرض فاشتد البلاء وتفاقم الأمر وامتلأت الدور والطرقات والأسواق من المرضى ، وقام كل جهول يطبب الناس .
فاعلم أن للغناء خواص لها تأثير في صبغ القلب بالنفاق ونباته فيه كنبات الزرع بالماء .
فمن خواصِّه :
(1/234)
أنه يلهي القلب ويصدّه عن فهم القرآن وتدبره والعمل بما فيه . فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبداً لما بينهما من التضاد .
فإن القرآن ينهى عن اتباع الهوى ، ويأمر بالعفة ، ومجانبة شهوات النفوس ، وأسباب الغيّ ، وينهى عن اتباع خطوات الشيطان .
والغناء يأمر بضد ذلك كله ويحسِّنه ويهيّج النفوس إلى شهوات الغيّ ، فيُثير كامنها ويزعج قاطنها ، ويحركها إلى كل قبيح ، ويسوقها إلى وصل كل مليحة ومليح ... وهو جاسوس القلب ، وسارق المروءة ، وسوس العقل . يتغلغل في مكامن القلوب ، ويطلع على سرائر الأفئدة ، ويدب إلى محل التخيل فيُثير ما فيه من الهوى والشهوة والسخافة والرقاعة والرعونة والحماقة . فبينا ترى الرجل وعليه سمة الوقار وبهاء العقل وبهجة الإيمان ووقار الإسلام وحلاوة القرآن ، فإذا استمع الغناء ومال إليه نقص عقله وقلّ حياؤه وذهبت مروءته وفارقه بهاؤه وتخلى عنه وقاره وفرح به شيطانه . انتهى بطوله من كلامه - رحمه الله - .
ولا مزيد عليه يا إمام .
رحم الله ابن القيم برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته .
والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم .
13-حتى لا تبوء بها
والذي نُشِر في المشكاة بعنوان :
" والله لا يغفر الله لفلان "
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد :
فقد كَثُر الكلام حول التكفير ، ولُحِظ المسارعة فيه ، والْجُرأة عليه ، ولما كان هذا المهيع دحض مزلّة ، وهالَني أنني جَلَستُ إلى شاب يدرس في المرحلة الثانوية ، زاده من العلم : قِيل وقال ! ولا يَظهر عليه أثر عِلم ولا الْتِزام سُنّة ؛ رأيته يخوض في مثل هذه المسائل التي لو عُرِضتْ على عُمر لَجَمع لها أهل بدر !
لما رأيت الأمر كذلك ، رأيت أن أكتب في هذه المسألة مع قِصَر الباع ، غير أني مَددتُ ذراعي إلى أُولي الأيدي والأبصار لتصحيح ما كَبَا فيه كاتبه ، أو ردّ ما ندّ عن جادة الصواب .
فأقول مُستعينا بالله :
(1/235)
روى الإمام مسلم عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّث أن رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان ، وإن الله تعالى قال : من ذا الذي يتألّى عليّ أن لا أغفر لفلان ، فإني قد غفرت لفلان ، وأحبطت عملك .
ربما نتعاظم جميعا ما قاله ذلك الرجل !
ونتساءل :
من يستطيع أن يقول كما قال ذلك الرجل ؟
ومن يستطيع أن يُحجِّر واسعاً ؟
أو يحكم على مسلم بالخلود في النار ؟
أقول : مَن يحمل راية التكفير الواسعة يستطيع أن يقول ذلك ، بل لا بُدّ أن يقول ذلك !
ومن يجرؤ على التكفير أو يتساهل في أمره فهو واقع في ذلك لا محالة !
وكيف ذلك ؟
إذا حكم على مُعيّن بأنه كافر فقد حكم بأن الله لا يغفر له ، وقد قال بلسان حاله – إن لم يكن بلسان مقاله - : والله لا يغفر الله لفلان !
وهذا أمر بالغ الخطورة
ولذا قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله :
ولا نُكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحلّه ، ولا نقول لا يضرّ مع الإيمان ذنب لمن عمله .
وشرح هذا القول ابن أبي العز بكلام نفيس في شرح الطحاوية أسوقه بطوله لنفاسته ، وشدّة الحاجة إليه في زماننا
قال رحمه الله في شرح قول الطحاوي المتقدِّم :
أراد بأهل القبلة الذين تقدّم ذكرهم في قوله : " ونُسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ما داموا بما جاء به النبي معترفين ، وله بكل ما قال وأخبر مصدقين " يشير الشيخ رحمه الله بهذا الكلام إلى الرد على الخوارج القائلين بالتكفير بكل ذنب .
واعلم - رحمك الله وإيانا - أن باب التكفير وعدم التكفير ، باب عظُمت الفتنة والمحنة فيه ، وكثُر فيه الافتراق ، وتشتتت فيه الأهواء والآراء ، وتعارضت فيه دلائلهم ، فالناس فيه في جنس تكفير أهل المقالات والعقائد الفاسدة المخالفة للحق الذي بعث الله به رسوله في نفس الأمر ، أو المخالفة لذلك في اعتقادهم - على طرفين ووسط - من جنس الاختلاف في تكفير أهل الكبائر العملية .
(1/236)
فطائفة تقول : لا نكفِّر من أهل القبلة أحدا ، فتنفي التكفير نفيا عاما ، مع العلم بأن في أهل القبلة المنافقين الذين فيهم من هو أكفر من اليهود والنصارى بالكتاب والسنة والإجماع ، وفيهم من قد يُظهر بعض ذلك حيث يُمكنهم ، وهم يتظاهرون بالشهادتين ، وأيضا فلا خلاف بين المسلمين أن الرجل لو أظهر إنكار الواجبات الظاهرة المتواترة والمحرمات الظاهرة المتواترة ونحو ذلك ، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا مرتدا ، والنفاق والردّة مظنتها البدع والفجور ، كما ذكره الخلال في كتاب السنة بسنده إلى محمد بن سيرين أنه قال : إن أسرع الناس ردّة أهل الأهواء ، وكان يرى هذه الآية نزلت فيهم : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )
ولهذا امتنع كثير من الأئمة عن إطلاق القول بأنا لا نكفر أحداً بذنب ، بل يُقال لا نكفِّرهم بكل ذنب كما تفعله الخوارج ، وفرق بين النفي العام ونفي العموم ، والواجب إنما هو نفي العموم مناقضة لقول الخوارج الذين يُكفِّرون بكل ذنب ، ولهذا - والله اعلم - قيده الشيخ رحمه الله بقوله : ما لم يستحلّه . وفي قوله : " ما لم يستحلّه " إشارة الى أن مراده من هذا النفي العام لكل ذنب من الذنوب العملية لا العلمية ، وفيه إشكال ، فإن الشارع لم يَكْتَفِ من المكلف في العمليات بمجرد العمل دون العلم ، ولا في العلميات بمجرّد العلم دون العمل ، وليس العمل مقصوراً على عمل الجوارح ، بل أعمال القلوب أصل لعمل الجوارح ، وأعمال الجوارح تبع إلا أن يُضمَّن قوله " يستحله " بمعنى يعتقده أو نحو ذلك .
(1/237)
وقوله : ولا نقول لا يضرّ مع الإيمان ذنب لمن عمله - إلى آخر كلامه - ردّ على المرجئة ، فإنهم يقولون : لا يضرّ مع الإيمان ذنب ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، فهؤلاء في طرف ، والخوارج في طرف ، فإنهم يقولون : نُكفر المسلم بكل ذنب ، أو بكل ذنب كبير ، وكذلك المعتزلة الذين يقولون : يَحبط إيمانه كله بالكبيرة ، فلا يبقى معه شيء من الإيمان ، لكن الخوارج يقولون : يخرج من الإيمان ويدخل في الكفر ، والمعتزلة يقولون : يخرج من الإيمان ولا يدخل في الكفر ، وهذه المنزلة بين المنزلتين ! وبقولهم بخروجه من الإيمان أوجبوا له الخلود في النار ! وطوائف من أهل الكلام والفقه والحديث لا يقولون ذلك في الأعمال لكن في الاعتقادات البدعية ، وإن كان صاحبها متأوِّلا فيقولون : يَكفر كل من قال هذا القول ، لا يُفرّقون بين المجتهد المخطئ وغيره ، أو يقولون : يَكفر كل مبتدع ، وهؤلاء يَدخل عليهم في هذا الإثبات العام أمور عظيمة ، فإن النصوص المتواترة قد دلّت على أنه يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، ونصوص الوعد التي يحتج بها هؤلاء تُعارض نصوص الوعيد التي يحتج بها أولئك ، والكلام في الوعيد مبسوط في موضعه ، وسيأتي بعضه عند الكلام على قول الشيخ : " وأهل الكبائر في النار لا يُخلّدون إذا ماتوا وهم موحدون "
(1/238)
والمقصود هنا : أن البدع هي من هذا الجنس ، فإن الرجل يكون مؤمنا باطنا وظاهرا ، لكن تأوّل تأويلا أخطأ فيه ، إما مجتهدا ، وإما مفرطا مذنبا ، فلا يقال : إن إيمانه حَبِط لمجرد ذلك ، إلا أن يدل على ذلك دليل شرعي ، بل هذا من جنس قول الخوارج والمعتزلة ، ولا نقول : لا يكفر ، بل العدل هو الوسط ، وهو أن الأقوال الباطلة المبتدعة المحرمة المتضمنة نفي ما أثبته الرسول ، أو إثبات ما نفاه ، أو الأمر بما نهى عنه ، أو النهي عما أمرَ به يُقال فيها الحق ، ويثبت لها الوعيد الذي دلّت عليه النصوص ، ويبين أنها كفر ، ويُقال : من قالها فهو كافر ، ونحو ذلك ، كما يُذكر من الوعيد في الظلم في النفس والأموال ، وكما قد قال كثير من أهل السنة المشاهير بتكفير من قال بخلق القرآن ، وأن الله لا يُرى في الآخرة ، ولا يَعلم الأشياء قبل وقوعها ، وعن أبي يوسف رحمة الله أنه قال : ناظرت أبا حنيفة رحمه الله مدة حتى اتفق رأيي ورأيه أن من قال بخلق القرآن فهو كافر .
(1/239)
وأما الشخص المعيّن إذا قيل : هل تشهدون أنه من أهل الوعيد وأنه كافر ؟ فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة ، فإنه من أعظم البغي أن يُشهد على معيّن أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار ، فإن هذا حكم الكافر بعد الموت ، ولهذا ذكر أبو داود في سننه في كتاب الأدب باب النهي عن البغي ، وذكر فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول : كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين ، فكان أحدهما يُذنب ، والآخر مجتهد في العبادة ، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب ، فيقول : أقصِر ، فوجده يوما على ذنب ، فقال له : أقْصِر ، فقال : خلني وربي ، أبُعثت عليّ رقيبا ؟ فقال : والله لا يغفر الله لك ، أو لا يدخلك الله الجنة ، فَقَبَضَ أرواحهما ، فاجتمعا عند رب العالمين ، فقال لهذا المجتهد : أكنت بي عالما ؟ أو كنت على ما في يدي قادرا ؟ وقال للمذنب : اذهب فادخل الجنة برحمتي ، وقال للآخر : اذهبوا به إلى النار . قال أبو هريرة : والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبَقَتْ دنياه وآخرته ، وهو حديث حسن .
ولأن الشخص المعيّن يمكن أن يكون مجتهدا مخطئا مغفورا له ، ويمكن أن يكون ممن لم يبلغه ما وراء ذلك من النصوص ، ويمكن أن يكون له إيمان عظيم وحسنات أوجبت له رحمة الله ، كما غفر للذي قال : إذا متّ فاسحقوني ، ثم اذروني ، ثم غفر الله له لخشيته ، وكان يظن أن الله لا يقدر على جمعه وإعادته ، أو شك في ذلك ، لكن هذا التوقّف في أمر الآخرة لا يمنعنا أن نعاقبه في الدنيا لمنع بدعته ، وأن نستتيبه ، فإن تاب وإلا قتلناه .
ثم إذا كان القول في نفسه كفرا قيل : إنه كفر ، والقائل له يَكْفر بشروط وانتفاء موانع ، ولا يكون ذلك إلا إذا صار منافقا زنديقا ، فلا يتصور أن يكفر أحد من أهل القبلة المظهرين الإسلام إلا من يكون منافقا زنديقا ، وكتاب الله يبين ذلك ، فإن الله صنّف الخلق فيه ثلاثة أصناف :
(1/240)
صنف كفار من المشركين ومن أهل الكتاب ، وهم الذين لا يُقرّون بالشهادتين .
وصنف المؤمنون باطنا وظاهرا .
وصنف أقرّوا به ظاهرا لا باطنا .
وهذه الأقسام الثلاثة مذكورة في أول سورة البقرة ، وكل من ثبت أنه كافر في نفس الأمر ، وكان مُقرّاً بالشهادتين فإنه لا يكون إلا زنديقا ، والزنديق هو المنافق .
وهنا يظهر غلط الطرفين ، فإنه من كَفّر كل من قال القول المبتدع في الباطن ، يلزمه أن يُكفِّر أقواما ليسوا في الباطن منافقين ، بل هم في الباطن يُحبّون الله ورسوله ويؤمنون بالله ورسوله وإن كانوا مذنبين ، كما ثبت في صحيح البخاري عن أسلم مولى عمر رضي الله عنه عن عمر أن رجلا كان على عهد النبي كان اسمه عبد الله وكان يلقب حمارا ، وكان يُضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان رسول الله قد جلده في الشَّراب ، فأُتيَ به يوماً ، فأمر به فجُلد ، فقال رجل من القوم : اللهم العنه ! ما أكثر ما يؤتى به ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تلعنوه ، فو الله ما علمت إنه يحب الله ورسوله .
وهذا أمر متيقّن به في طوائف كثيرة وأئمة في العلم والدّين ، وفيهم بعض مقالات الجهمية أو المرجئة أو القدرية أو الشيعة أو الخوارج ، ولكن الأئمة في العلم والدِّين لا يكونون قائمين بجملة تلك البدعة بل بفرع منها ، ولهذا انتحل أهل هذه الأهواء لطوائف من السلف المشاهير .
فمن عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضا ، ومن ممادح أهل العلم أنهم يُخطِّئون ولا يُكفِّرون .
ولكن بقي هنا إشكال يَرِد على كلام الشيخ رحمه الله ، وهو أن الشارع قد سَمّى بعض الذنوب كفرا ، قال الله : ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )
وقال صلى الله عليه وسلم : سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر . متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه .
وقال : لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض .
(1/241)
و " إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما " . متفق عليهما من حديث ابن عمرو رضي الله عنه .
وقال : أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر . متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه .
وقال صلى الله عليه وسلم : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، والتوبة معروضة بعد .
وقال صلى الله عليه وسلم : بين المسلم وبين الكفر ترك الصلاة . رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه .
وقال صلى الله عليه وسلم : من أتى كاهنا فصدّقه ، أو أتى امرأة في دبرها ، فقد كفر بما أُنزل على محمد .
وقال صلى الله عليه وسلم : من حلف بغير الله فقد كفر . رواه الحاكم بهذا اللفظ .
وقال : ثنتان في أمتي بهم كفر : الطعن في الأنساب ، والنياحة على الميت .
ونظائر ذلك كثيرة .
والجواب أن أهل السنة متّفقون كلهم على أن مرتكب الكبيرة لا يَكفر كفراً ينقل عن الملة بالكلية ، كما قالت الخوارج ، إذ لو كفر كفراً ينقل عن الملّة لكان مرتداً يُقتل على كل حال ، ولا يُقبل عفو ولي القصاص ، ولا تجري الحدود في الزنا والسرقة وشرب الخمر ، وهذا القول معلوم بطلانه وفساده بالضرورة من دين الإسلام .
ومتفقون على أنه لا يخرج من الإيمان والإسلام ، ولا يدخل في الكفر ، ولا يستحق الخلود مع الكافرين ، كما قالت المعتزلة ، فإن قولهم باطل أيضا .
إذ قد جعل الله مرتكب الكبيرة من المؤمنين قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ) إلى أن قال : ( فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ) فلم يُخرج القاتل من الذين آمنوا ، وجعله أخاً لولي القصاص ، والمراد أخوّة الدين بلا ريب .
(1/242)
وقال تعالى : ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) إلى أن قال : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ )
ونصوص الكتاب والسنة والإجماع تدل على أن الزاني والسارق والقاذف لا يُقتل بل يُقام عليه الحد ، فدلّ على أنه ليس بمرتد .
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من كانت عنده لأخيه اليوم مظلمة من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون درهم ولا دينار ، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فطُرحت عليه ، ثم ألقي في النار .
فثبت أن الظالم يكون له حسنات يَستوفي المظلوم منها حقه ، وكذلك ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما تعدّون المفلس فيكم ؟ قالوا : المفلس فينا من لا له درهم ولا دينار . قال : المفلس من يأتي يوم القيامة وله حسنات أمثال الجبال ، فيأتي وقد شتم هذا ، وأخذ مال هذا ، وسفك دم هذا ، وقذف هذا ، وضرب هذا ، فيَقتص هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإذا فَنِيَتْ حسناته قبل أن يقضي ما عليه أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه ، ثم طُرح في النار . رواه مسلم .
وقد قال تعالى : ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ) فدلّ ذلك على أنه في حال إساءته يعمل حسنات تمحو سيئاته ، وهذا مبسوط في موضعه .
والمعتزلة موافقون للخوارج هنا في حكم الآخرة ، فإنهم وافقوهم على أن مرتكب الكبيرة مخلّد في النار ، لكن قالت الخوارج : نُسميه كافرا ، وقالت المعتزلة : نُسميه فاسقا ، فالخلاف بينهم لفظي فقط .
وأهل السنة أيضا متّفقون على أنه يستحق الوعيد المرتب على ذلك الذنب ، كما وردت به النصوص ، لا كما يقوله المرجئة من أنه لا يضرّ مع الإيمان ذنب ، ولا ينفع مع الكفر طاعة .
(1/243)
وإذا اجتمعت نصوص الوعد التي استدلت بها المرجئة ، ونصوص الوعيد التي استدلت بها الخوارج والمعتزلة تَبيّن لك فساد القولين ، ولا فائدة في كلام هؤلاء سوى أنك تستفيد من كلام كل طائفة فساد مذهب الطائفة الأخرى .
ثم بعد هذا الاتفاق تبين أن أهل السنة اختلفوا خلافا لفظيا لا يترتب عليه فساد .
وهو : أنه هل يكون الكفر على مراتب كفراً دون كفر ؟
كما اختلفوا : هل يكون الإيمان على مراتب إيماناً دون إيمان ؟
وهذا الاختلاف نشا من اختلافهم في مسمى الإيمان هل هو قول وعمل يزيد وينقص أم لا ؟ بعد اتفاقهم على أن من سماه الله تعالى ورسوله كافراً نسميه كافرا ، إذ من الممتنع أن يُسمي الله سبحانه الحاكم بغير ما أنزل الله كافراً ، ويُسمي رسوله - من تقدّم ذكره - كافراً ، ولا نُطلق عليهما اسم الكفر .
ولكن من قال : إن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ، قال هو كفر عملي لا اعتقادي ، والكفر عنده على مراتب ، كفر دون كفر ، كالإيمان عنده .
ومن قال : إن الإيمان هو التصديق ، ولا يدخل العمل في مسمى الإيمان ، والكفر هو الجحود ، ولا يزيدان ولا ينقصان قال : هو كفر مجازي غير حقيقي ! إذ الكفر الحقيقي هو الذي ينقل عن الملة ، وكذلك يقول في تسمية بعض الأعمال بالإيمان كقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ) أي صلاتكم إلى بيت المقدس ، إنها سميت إيمانا مجازا لتوقف صحتها عن الإيمان ، أو لدلالتها على الإيمان ، إذ هي دالّة على كون مؤدّيها مؤمنا ، ولهذا يُحكم بإسلام الكافر إذا صلّى صلاتنا .
فليس بين فقهاء الأمة نزاع في أصحاب الذنوب ، إذا كانوا مُقرّين باطنا وظاهرا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما تواتر عنهم أنهم من أهل الوعيد ، ولكن الأقوال المنحرفة قول من يقول بتخليدهم في النار ، كالخوارج والمعتزلة .
(1/244)
ولكن أردأ ما في ذلك التعصب على من يضادّهم ، وإلزامه لمن يخالف قوله بما لا يلزمه ، والتشنيع عليه ، وإذا كنا مأمورين بالعدل في مجادلة الكافرين ، وأن يجادلوا بالتي هي أحسن ، فكيف لا يعدل بعضنا على بعض في مثل هذا الخلاف ؟
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) .
وهنا أمر يجب أن يُتفطن له ، وهو :
أن الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفراً ينقل عن الملة .
وقد يكون معصية كبيرة أو صغيرة .
ويكون كفراً إما مجازيا ، وإما كفراً أصغر على القولين المذكورين .
وذلك بحسب حال الحاكم :
فإنه إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب ، وأنه مخير فيه ، أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله فهذا كفر أكبر .
وإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله وعلمه في هذه الواقعة وعدل عنه مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة ، فهذا عاص ويسمى كافراً كفرا مجازيا أو كفراً أصغر .
وإن جهل حكم الله فيها مع بذل جهده واستفراغ وسعه في معرفة الحكم وأخطأه ، فهذا مخطئ له أجر على اجتهاده ، وخطؤه مغفور .
وأراد الشيخ رحمه الله بقوله : " ولا نقول لا يضرّ مع الإيمان ذنب لمن عمله " مخالفة المرجئة ، وشبهتهم كانت قد وقعت لبعض الأولين فاتفق الصحابة على قتلهم إن لم يتوبوا من ذلك ، فإن قدامة بن مظعون شرب الخمر بعد تحريمها هو وطائفة وتأوّلوا قوله تعالى : ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ )
(1/245)
فلما ذَكروا ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه اتفق هو وعلي بن أبي طالب وسائر الصحابة على أنهم إن اعترفوا بالتحريم جُلدوا ، وإن اصرّوا على استحلالها قُتلوا ، وقال عمر لقدامة : أخطأتْ استك الحفرة ! أما إنك لو اتقيت وآمنت وعملت الصالحات لم تشرب الخمر ، وذلك أن هذه الآية نزلت بسبب أن الله سبحانه لما حرّم الخمر ، وكان تحريمها بعد وقعة أحد ، فقال بعض الصحابة : فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر ؟ فأنزل الله هذه الآية يبين فيها أن من طعم الشيء في الحال التي لم يُحرّم فيها فلا جناح عليه إذا كان من المؤمنين المتقين المصلحين ، كما كان من أمر استقبال بيت المقدس ، ثم إن أولئك الذين فعلوا ذلك يُذمّون على أنهم أخطئوا وأيسوا من التوبة ، فكتب عمر إلى قدامة يقول له : ( حم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ) ما أدري أي ذنبيك أعظم ؛ استحلالك المحرّم أولاً ، أم يأسك من رحمة الله ثانيا ؟ وهذا الذي اتفق عليه الصحابة هو متفق عليه بين أئمة الإسلام . انتهى كلامه رحمه الله بطوله .
وبعد هذا لا يُظنّ أنني أُدافع عن أئمة الكفر
ولا أُنافح عن أهل الظلم والجور
فلكل نظام وزارة أعلام !
ولا أقصد الذين بدّلوا نعمة الله كفرا ، وبدّلوا شرعه دساتير من زبالة أفكار الكفّار !
ولا أعني الذين يُوالون الكفّار جملة وتفصيلا .
ولكنني أردت وضع الأمور في مواضعها ، وتبيان بعض الحق في هذه المسألة التي زلّت بها أقدام
وهي مزلق كبير ، ومنعطف خطير
وزلّة القدم في مسائل المعتقد ربما أخرجت صاحبها من دين الإسلام .
وفرق بين أن يتحدّث الشخص في مسألة يُقال له إذا جانب الصواب : أخطأت
وبين أن يتكلّم في مسألة إذا جانب الصواب فيها يُقال له : كفرت
(1/246)
ولكي يُعلم خطورة هذا المزلق - وهو المسارعة في تكفير المعيّن - أسوق قوله عليه الصلاة والسلام في التحذير من التكفير
قال عليه الصلاة والسلام : أيما امرئ قال لأخيه : يا كافر ؛ فقد باء بها أحدهما ، إن كان كما قال ، وإلا رَجَعَتْ عليه . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم : إذا كفّر الرجل أخاه ، فقد باء بها أحدهما .
أُخيّ :
لن تُسأل في قبرك إلا عن هذا الرجل الذي بُعث فيكم . ما تقول فيه ؟
ويوم القيامة تُسأل في خاصة نفسك وعن من ولاّك الله عليهم
فدع عنك هذا الأمر فالسلامة لا يعدلها شيء .
إن الأنبياء يأتون يوم القيامة وكل يقول : نفسي نفسي !
بل كل نبي إذا أتته الخلائق للشافعة لهم قال : نفسي ، ثم ذكر ذنبه ، إلا عيسى لا يذكر ذنبا ، ثم يُحيل الخلائق على سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام .
هل تأملت هذا ؟!
هذا وهم أنبياء يُلقون باللائمة على أنفسهم وينظرون في ذنوب أنفسهم
فهل نظرنا في ذنوبنا وعيوبنا قبل عيوب غيرنا ؟!
وكلك عورات وللناس ألسنُ
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?s=563e874e3fee72c753e9ca61cc0125e4&threadid=4578&highlight=
وثمة شُبهات يستمسك بها الجُرءاء على التكفير ، منها :
1 - استدلالهم بقوله تعالى : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ) فيستدلّون بهذه الآية على كُفر جنوده الحاكم وأتباعه بعد أن يُكفّروا الحاكم .
وهذا خطأ من وجوه :
الوجه الأول : أن كُفر فرعون كان كفراً أصلياً ، بخلاف المسلم الذي يكفر فله أحكامه في الشريعة المختلفة عن حُكم الكافر الأصلي ، وهي أحكام المرتد .
فهو مِن وجه أشدّ من الكافر الأصلي لقوله عليه الصلاة والسلام : من بدّل دينه فاقتلوه . رواه البخاري .
الوجه الثاني : أن الْحُكم على المرتدّ أصعب من الْحُكم على الكافر الأصلي .
فالكافر الأصلي يجب أن لا يختلف في كُفره اثنان
(1/247)
بينما المرتد اختلف في حكمه خيار هذه الأمة بعد نبيِّها عليه الصلاة والسلام .
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر بعده ، وكفر من كفر من العرب . قال عمر بن الخطاب لأبي بكر : كيف تقاتل الناس ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فمن قال : لا إله إلا الله فقد عصم منِّي ماله ونفسه إلا بحقها وحسابه على الله ؟ فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عِقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه ، فقال عمر بن الخطاب : فو الله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق .
لو كان كفر المرتد واضحاً بيِّنا لما اختلف فيهم خيار هذه لأمة بعد نبيِّها صلى الله عليه وسلم .
أما لماذا ؟
فلأن الإسلام عنده يقين ، فلا يُخرج من هذا اليقين بشبهة أو شكّ
فاليقين لا يزول بالشكّ .
ولا أعني أيضا عدم كُفر المعيّن ، إلا أن الحُكم على مُعيّن بالكفر وأن الله لا يغفر له من الصعوبة بمكان .
2 – نظرهم إلى بعض القوانين والأنظمة المستوردة من الغرب
فأقول : ليس كل نظام يُعتبر كُفرا
فالقوانين والأنظمة المتعلقة بحياة الناس تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
قسم يوافق الشريعة ، فلا إشكال فيه .
وقسم يُخالف الشريعة ، وهذا محل النظر .
وقسم لا يُخالف ولا يُوافق ، فهذا تقوم به مصالح الناس دون الإضرار بهم ، كأنظمة المرور ونحوها .
وأما ما يُخالف الشريعة – ويضربون لذلك مثلاً بالمُحاكمات العسكرية – فأقول :
ليس كل حاكم خالف حُكما شرعيا يكون به كافراً ، وقد تقدّم تفصيل ذلك في كلام ابن أبي العز رحمه الله .
فلو علِم الحاكم حكم الله ثم عدل عنه في قضية أو في مسألة فلا يكون كافرا كفرا يُخرج عن الملّة .
(1/248)
أرأيت إلى القاضي الذي يعلم بحكم الله عز وجل ثم يعدل عنه في قضية أو في مسألة محاباة لشخص أو خوفا من آخر ، هل تُراه يكفر بهذا الفعل ؟
الجواب : لا
وإن كان هذا الحكم الذي حكم به ليس هو حكم الله في تلك المسألة .
وإن كان يدخل في الكفر الأصغر ، إلا أنه لا يُخرجه ذلك عن الملّة .
بل أرأيت حكم القبائل التي تتحاكم إلى شرع الله ثم تعدل عنه في قضية من القضايا إلى عاداتها وأعرافها ، هل يُحكم بكفر القبيلة بأسرِها ؟
الجواب : لا ، وإن كان يدخل في الكفر الأصغر أيضا .
بل أرأيت الرجل يتقدّم إليه الخاطب الذي لا يُرتضى دينه ولا خلقه ، بل قد يكون زانيا ، فيُزوّجه ويُعرض عن حكم الله في هذه المسالة ( الزَّانِي لا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً )
فهل يُحكم بكفره وخروجه عن ملّة الإسلام ؟
الجواب : لا ، بل يُحكم بأنه وقع في الشرك الأصغر ، والشرك الأصغر أكبر من الكبائر ، كما يُقرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
وهذا على سبيل المثال ، وعلى هذا فـ قِس .
وخذ على سبيل المثال :
الحجاج بن يوسف الثقفي ، وما اشتُهر عنه من سفك الدماء بل سفَكَ دماء بعض الصحابة والعلماء ، كابن الزبير رضي الله عنه وسعيد بن جبير رحمه الله .
وهذه القضية قضية الدماء كان يعدل فيها عن شرع الله إلى رأيه وجبروته وبطشه .
والصحابة مُتوافرون ، ومع ذلك لم يَحكموا بكفره ، وإن سمّوه ظالما ، أو قالوا عنه : خبيثاً ، ونحو ذلك ، إلا أنهم لم يُكفِّروه .
ليُعلم أنه ليس كل من فعل الكفر يُعتبر كافرا
ولا كل من فعل بدعة يُعتبر مُبتدعاً
فمعاذ رضي الله عنه لما رأى النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها رأى في نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحقّ أن يُعظّم فلما قدم قال : يا رسول الله رأيت النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها ، فرأيت في نفسي أنك أحق أن تعظم ، فقال : لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها . رواه الإمام أحمد .
(1/249)
وفي رواية : فلما قدم معاذ سجد للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأنكر ذلك .
ومثله قصة الرجل الإسرائيلي الذي ظنّ أن الله لا يقدر عليه
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان رجل يُسرف على نفسه ، فلما حضره الموت قال لبنيه : إذا أنا متّ فأحرقوني ، ثم اطحنوني ، ثم ذروني في الريح ، فوالله لئن قدر عليّ ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا ، فلما مات فُعل به ذلك ، فأمر الله الأرض فقال : اجمعي ما فيك منه ، ففعلت ، فإذا هو قائم ، فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : يا رب خَشْيَتك ، فغفر له .
فهذه من أفعال الكفار واعتقاداتهم ، ولكن منع مانع من كُفرهم .
وهذا يؤكِّد هذه القاعدة : ليس كل من فعل الكفر يُعتبر كافراً .
ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : الإنسان قد يكون فيه شُعبة من شُعب الإيمان وشُعبة من شعب النفاق ، وقد يكون مُسلماً وفيه كفر دون الكفر الذى ينقل عن الإسلام بالكلية ، كما قال الصحابة ؛ ابن عباس وغيره : كفر دون كفر . وهذا قول عامة السلف ، وهو الذى نص عليه أحمد وغيره . اهـ .
ومِن شُبهات القوم
3 - التكفير بموالاة الكفّار ، فيقولون : الحاكم الفلاني أعان الكفّار وهذا من اتِّخاذ الكفار أولياء ، والله عز وجل قال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ )
(1/250)
فهم قد غفلوا عن قوله سبحانه وتعالى : ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )
فالله عز وجل أمر بالإحسان إلى طائفة من الكفّار .
وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي بقوله : إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد عنده فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه . رواه البيهقي .
وقبل منه الهدية ، وذلك قبل إسلام النجاشي .
وغفلوا عن قوله تبارك وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )
فسماهم ظالمين .
قال ابن جرير رحمه الله في قوله تعالى : ( فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) يقول فالذين يفعلون ذلك منكم هم الذين خالفوا أمر الله فوضعوا الولاية في غير موضعها وعصوا الله في أمره .
كما غفلوا عن فعل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه يوم فتح مكة
(1/251)
فإنه بعث كتاباً لأهل مكة يُخبرهم بمسير النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فبعث النبي من أتى بالكتاب ، فقال عمر : يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين ، فدعني فلأضرب عنقه ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما حملك على ما صنعت ؟ قال حاطب : والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم . أردت أن يكون لي عند القوم يَدٌ يدفع الله بها عن أهلي ومالي ، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق ، ولا تقولوا له إلا خيرا ، فقال عمر : إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه ! فقال : أليس من أهل بدر ؟ فقال : لعل الله اطّلع إلى أهل بدر فقال أعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة ، أو فقد غفرت لكم ، فدمعت عينا عمر ، وقال : الله ورسوله أعلم . رواه البخاري ومسلم .
فأنت ترى النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعاجله بالحكم بمجرّد فعل الكفر بل سأله :
ما حملك على ما صنعت ؟
فأجاب حاطب بعذره .
فصدّقه النبي صلى الله عليه وسلم ، ودرأ عنه الكُفر .
فهل سألنا من وقعت منه الموالاة : ما حملك على ما صنعت ؟!
وهنا أسأل من يُسارع إلى التكفير :
هل فعل حاطب هذا من موالاة الكفّار أو لا ؟
وهل هو دلالة للكفار على عورات المسلمين ؟
وهل فيه إفشاء سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم للكفّار ؟
وهل فيه مظاهرة ومعاونة لهم على المسلمين أو لا ؟
الجواب : كل ذلك موجود في فعله ، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُكفِّره بل سأله واستوضح منه الأمر ، فيدلّ هذا دلالة واضحة على أن الأمر يحتمل .
ويدلّ أيضا على أنه ليس كل من فعل الكفر يُعتبر كافراً ، وإلا لحكم النبي صلى الله عليه وسلم بكفره .
بل إن الله تبارك وتعالى سمّى فعل حاطب موالاة ، ومع ذلك لم يُحكم بكفره .
(1/252)
قال سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ )
والأدلة على هذا كثيرة
ومثله الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد اتق الله !
فَرَدّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ويلك ! أوَ لستُ أحق أهل الأرض أن يتقي الله ؟
ثم ولّى الرجل ، فقال خالد بن الوليد : يا رسول الله ألا أضرب عنقه ؟
قال : لا ، لعله أن يكون يصلي .
فقال خالد : وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ، ولا أشق بطونهم . رواه البخاري ومسلم .
والذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ما عَدَلْتَ !
ومع ذلك لم يُحكم بكفر هؤلاء جميعاً ولو فعلوا الكفر أو تلفّظوا به .
بل يَقُوم بالشخص ما يقوم من موانع أو تأويل أو خوف ونحو ذلك .
فلا بد من انتفاء الموانع ومن قيام الحجة على الشخص بنفسه .
وهم يُكفِّرون من وقف مع الكفار أو ساعدهم ، ويعتبرون هذا من الموالاة
ثم يحكمون بردّة مَن فعل ذلك .
ولتحرير المسألة يجب ان نقف مع تعريف أهل العلم للولاء :
قال الدكتور محمد بن سعيد القحطاني في كتاب الولاء والبراء ( 89 – 91 ) :
(1/253)
الولاية : هي النصرة والمحبة والإكرام والاحترام ، والكون مع المحبوبين ظاهراً وباطنا . قال تعالى : ( اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ).
فموالاة الكفار تعني التقرب إليهم وإظهار الود لهم، بالأقوال والأفعال والنوايا . اهـ .
ثم نقل عن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ
أن مسمى الموالاة ( لأعداء الله ) : يقع على شعب متفاوتة منها ما يوجب الردة وذهاب الإسلام بالكلية ، ومنها ما هو دون ذلك من الكبائر والمحرمات . اهـ .
وحريّ بكل من يُسارع في التكفير أن يعضّ على هذه الكلمات بالنواجذ .
فإذا عرفنا أن :
الولاية : هي النصرة والمحبة والإكرام والاحترام ، والكون مع المحبوبين ظاهراً وباطنا .
تبيّن لنا أنه ليست كل نُصرة ولا كل محبة ولا كل إكرام أو احترام أو مدح أو ثناء على الكفار أنه يكون موالاة مُخرجة من الملة ناقلة عن الدِّين .
بل قد تكون مُباحة كما لو تزوّج المسلم كتابية ( نصرانية أو يهودية ) فأحبها حب الرجل لزوجته ، لكان هذا من الحب المباح .
ولو مدح المسلم الكفّار ببعض ما فيهم من الخصال لم يكن كافراً بذلك .
وتقدّم قول النبي صلى الله عليه وسلم في النجاشي .
وفي صحيح مسلم أن المستورد القرشي قال عند عمرو بن العاص : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تقوم الساعة والرّوم أكثر الناس . فقال له عمرو : أبصر ما تقول ؟ قال : أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالا أربعا : إنهم لأحلم الناس عند فتنة ، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ، وأوشكهم كرة بعد فرة ، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف ، وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك .
(1/254)
فهذا من مدح النصارى بما فيهم ، ولا يكون من الموالاة المحرّمة فضلا عن أن تكون من الموالاة المخرجة عن الإسلام .
فلا بدّ في الولاية لكي تكون مخرجة عن الإسلام من توافر أركان التعريف :
وهي النصرة والمحبة والإكرام والاحترام ، والكون مع المحبوبين ظاهراً وباطنا .
ألا ترى إلى قول أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم لما اجتمعوا في بيت عتبان بن مالك رضي الله عنه ، فقال قائل منهم : أين مالك بن الدخيشن أو بن الدخشن ؟ فقال بعضهم : ذلك منافق لا يحب الله ورسوله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقل ذلك ، ألا تراه قد قال لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله . قال : الله ورسوله أعلم . قال : فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله . رواه البخاري ومسلم .
وتقدّم فعل حاطب وأنه من جنس الموالاة ، وأن الله سماه موالاة ، ولكنها من جنس الموالاة المحرّمة لا المكفِّرة .
ومِن شبهات القوم :
4 – تصريح الربا وتشريع أبواب البنوك الربوية ، وأن هذا من استحلال ما حرّم الله ، وهو كُفْر صريح .
ويُردّ على هذا القول بأن فعل الإنسان للمعاصي والموبقات لا يُخرجه من الإسلام إلا باستحلالها ، وفرق بين العمل بها ، وبين استحلالها .
أليس صاحب بيت الدّعارة الذي فتح بيوت الخنا والفجور وقام عليها ودفع فيها مالَه بل وربما حرسها بحرِّ مَالِه لا نستطيع أن نحكم بكفره ، وإن حكمنا عليه بالفسق والفجور ، وهو يفتح أبواب تلك البيوت ويحميها .
فالإذن بالربا كبيرة من كبائر الذنوب – ولا نهوّن من شأنها – ولكن فرق بين أن نقول كبيرة من كبائر الذنوب ، وبين أن نقول كفر بالله العظيم .
ولكي تتصوّر المسألة أكثر ، تصوّر قريبا لك فتح ملهى ليلي يتعاطى الناس فيه الفواحش والموبقات ؛ هل تحكم بكفره ؟
(1/255)
وأيهما أعظم فتح بنوك الربا وحمايتها أو حَمْل الناس عليها وعلى التعامل بها بالقوّة ؟
لقد كان الإمام أحمد رحمه الله يقول : من قال القرآن مخلوق فهو كافر .
ومع ذلك لم يُكفِّر المعتصم ولا كبير قُضاته ابن أبي دؤاد ، مع أنهم حملوا الناس على القول بتلك البدعة المكفِّرة ، وما سجنوا الإمام أحمد إلا ليقول بذلك القول ؟
فهذا القول كُفر ، وحماه المعتصم وتبنّاه ، ونافح عنه كبير قُضاته ، ومع ذلك لم يُحكم بكفر المعتصم .
وهل يستطيع أحد اليوم أن يحكم بكفر المعتصم أو ابن أبي دؤاد ؟
فالمعتصم حَمَلَ الناس بقوّة السلطان على القول بتلك البدعة المكفِّرة .
ولو حَمَلَ الحاكمُ الناس على بدعة مكفِّرة لم يُحكم بكفره إذا كان عنده أصل الإسلام .
ولو حمل الناس على التعامل بالربا وألزمهم به لكان أهون مما لو فتح البنوك وحَرَسها وحماها .
والله يعلم أني أكره بيوت الربا وبنوكه كراهة شديدة ، إلا أن بيان الحق لا يعني حب الباطل .
ومن شُبهات القوم :
5 – اللجوء إلى محكمة العدل الدّولية ، والانضمام إلى هيئة ألأمم وإلى مجلس الأمن ، وهم يحكمون بغير ما أنزل الله .
والجواب عن هذه الشُّبهة
أن يُقال : إنهم أُلجئوا إليها .
وهذا بخلاف من لجأ إليها ابتداء ورضي بها حَكَماً من دون الله .
ولعل قائلا يقول : وما الذي ألجأهم إليها ؟
أقول : كما تُلجئك أنظمة وقوانين البلاد الغربية على احترام أنظمتها عند دخولها ، بل وقبل دخولها !
وبعض من يحمل لواء التكفير أو قُل المسارعة فيه يعيش في بلاد الكفّار !
وهو مع ذلك يحترم أنظمة البلد وقوانينه . فهل نحكم بكفره ؟!
ولو أُقيمت ضدّه دعوى أو شكاه كافر إلى محاكم بلاده لاضطر إلى اللجوء إلى تلك المحاكم ، ولو لم يستجب سوف يؤخذ بقوّة القانون إلى محاكم تلك الدّول الكافرة . فهل يُحكم بكفره حينئذٍ ؟
ومن شُبهات القوم :
(1/256)
6 - تقسيم بعضهم الناس إلى فريقين : مؤمنين وكفّار ، والناس إما يوالون المؤمنين فهم منهم ، وإما يوالون الكفار فهم منهم .
ونسي هؤلاء أن ثمة فريق ثالث ، وهم المنافقون .
فـ " المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين ، تعير إلى هذه مرة ، وإلى هذه مرة " رواه مسلم .
وفي التنزيل مِن وصف المنافقين : ( وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ )
فهذا وصف المنافقين .
فهم قد يميلون للكفار خوف زوال مُلك ، وقد يُعينونهم في ظرف مُعيّن ، وقد يخذلون المؤمنين في زمن مُعيّن ، فيكونون كما وصف الله عز وجل : ( هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ )
أي في ذلك الحال .
ومثله قوله تبارك وتعالى في وصف المنافقين : ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ )
فوصفهم بأنهم مرضى قلوب ، ولم يصفهم بالكفر بالله عز وجل .
وهذا مما يغيب عن أذهان من يُسارعون إلى التكفير .
7 – قولهم : يجب تكفير من لم يَحكم بما أنزل الله ، أو من وَالى الكفّار ، فَيَحْمِلون الناس على ذلك ، من باب تحقيق التوحيد بالكفر بالطاغوت استدلالا بقوله تعالى : ( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا )
وهذا لا يصح استدلالهم به ، إلا بعد الرجوع لتفسير الاية للنظر في معنى الطاغوت حتى يُكفر به .
(1/257)
قال ابن جرير رحمه الله – بعد أن ساق الأقوال في معنى الطاغوت – :
والصواب من القول عندي في الطاغوت أنه كل ذي طغيان على الله فعُبد من دونه ، إما بقهر منه لمن عَبَده ، وإما بطاعة ممن عبده له إنسانا كان ذلك المعبود أو شيطانا أو وثنا أو صنما أو كائنا ما كان من شيء . اهـ .
وقال الحافظ ابن كثير : أي مَن خلع الأنداد والأوثان وما يدعو إليه الشيطان من عبادة كل ما يعبد من دون الله ووحد الله فعبده وحده وشهد أن لا إله إلا هو . اهـ .
وقال ابن الجوزي رحمه الله :
والمراد بالطاغوت هاهنا خمسة أقوال .
ثم ساق الأقوال كما ساقها ابن جرير رحمه الله ، وليس فيها تكفير المرتد أو البراءة مِن الْحُكّام !
ولأن هذا الأمر – كما تقدّم – يختلف فيه كبار رجالات الأمة ، فكيف بغيرهم ؟
فلا يُكلّف الخلق الكفر بأمر مُشكل كهذا الأمر ، أي لا يُكلّف عامة الناس بالإيمان بمثل هذا الأمر ، والبراءة مما قد يَخفى .
فإذا كان الخلاف في شأن المرتدِّين وقع بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فكيف بسائر الأمة ؟
فهل تُكلّف الأمة بالكفر بأمر يقع فيه الخلاف بين خيار رجالها ؟
وهذا يعني أن المسلم ليس مُلزما بتكفير مسلم كائنا من كان .
أما الكفّار فهو مُلْزَم بالبراءة منهم .
هذه مِن شُبهات القوم ، وهذه بعض أجوبتها .. والله الهادي إلى سواء السبيل .
وقد رأيت أن عامة من يخوض في مسائل التكفير مِمّن لم ترسخ أقدامهم في العِلم
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : ( كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ ) قال : حلماء فقهاء .
قال الإمام البخاري رحمه الله : ويُقال الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره .
عن سعيد بن جبير رحمه الله قال : ( كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ ) قال : علماء فقهاء .
وقال سفيان بن عيينة : يُراد للعلم : الحفظ والعمل والاستماع والإنصات والنشر . اهـ .
وسؤال أُوجِّهه لكل جرئ على التكفير :
هل تعلّمت العلم حتى تُناقش في الأمور الكبار ؟
(1/258)
هل طلبت العلم ؟
هل جالست العلماء وثَنَيتَ ركبك عندهم ؟
إنه لا يتكلّم في أمور الطب ولا يصف الدواء إلا طبيب حاذق درس الطب ما يزيد على ست سنوات من عمره !
ولا يتكلّم في هندسة البناء إلا من أمضى قريبا من ذلك في دراسة هذا العلم .
وقل مثل ذلك في سائل العلوم
بل إنك أنت لو مرض لك قريب أو مرضت أنت لما ذهبت إلى سبّاك أو نجّار ! لتبحث عنده عن الدواء !
ولو تعطّلت سيارتك لما ذهبت للمنجرة لإصلاح عطل سيارتك !
إذا ( قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا )
وعلوم الشريعة يجب أن لا يتكلّم فيها إلا من درسها ومارسها
وليست علوم الشرع كلأ مباحاً لكل مُتعالم !
وقد قيل : لا تكن أبا شبر !
فمن هو أبو شبر ؟!
وما خبر الأشبار ؟!
قال الشيخ بكر أبو زيد في حلية طالب العلم وهو يذكر المحاذير في طريق طالب العلم :
احذر أن تكون أبا شبر !
فقد قيل : العلم ثلاثة أشبار
من دخل في الشبر الأول تكبّر
ومن دخل في الشبر الثاني تواضع
ومن دخل في الشبر الثالث علِم أنه ما يعلم
وإن مما يُلحظ من بعض الشباب المتحمّس أنه يتحدّث في مسائل لو عُرضت على عمر رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر !
يعني أن عمر رضي الله عنه لما تنزل به النازلة والمسألة الكبيرة ما كان يُفاخر بعلمه ولا يُكابر ولا يدّعي أنه أعلم أهل زمانه – ومن هو عمر ؟ -
وإنما كان يجمع لها كبار أصحابه ، حتى يجمع لها كبار أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين شهدوا غزوة بدر .
فما بال بعضنا يتجرّأ على مسائل كتلك المسائل ؟!
وربما يُقحم نفسه في مسائل يتورّع عن الخوض فيها بعض كبار العلماء – لا خوفا ولكن ورعا –
هل تعلم أن الإمام مالك - الذي كانت تُضرب إليه أكباد الإبل ، وتُقطع لأجله المسافات ، ويُتحمل لأجله عناء الأسفار – وهو الذي كان يُسمى إمام دار الهجرة ( يعني إمام المدينة )
وهو الذي كان كأنه السلطان في زمانه يأمر وينهى وتهابه الأمراء
(1/259)
بل لما رأى ما رأى من أحد العلماء - وهو لم يعرفه – أمر بسجنه فسُجن
ومع ذلك كان يُكثر أن يقول : لا أدري !
بل قيل عُرضت عليه أربعون مسألة أجاب عن ثمان مسائل ! وقال في الباقي : لا أدري !
فهل قلت في يوم من الأيام : لا أدري !
إن من أغفل وترك ( لا أدري ) أصيبت مقاتله
ومن ترك ( لا أدري ) قال على الله بغير علم
ومن تجرأ على القول على الله قال على الله بغير علم
فأقِلّ - أُخيّ – من القول على الله
لأن من قال بكل مسألة أخطأ ولا بُدّ
ومن تكلّم بكل ما علِم وقع في القول على الله بغير علم الذي هو قرين الشرك بالله
قال الله عز وجل : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )
ولا بد من احترام العلماء وأهل العلم الذين أمضوا أعمارهم في دراسته وممارسته ، ولو أخطأوا .
عرضت هذا الموضوع على شيخنا الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله ، فعقّب هنا بقوله :
يُنظر مدى الخطأ ومدى تأثيره في الأمة ، وزلّة العالِم تُتّقى ، فإذا كثُرت زلاّته ينبغي التحذير منه بأسلوب يُحقق المصلحة وعدم الاغترار به ولا يترتّب عليه مفسدة ، والله المستعان . اهـ .
فانظر في سيئاته تجد أنها تنغمر في بحور حسناته .
وانظر إلى أثر ذلك العالم في الأمة
ثم انظر إلى أثرك وماذا قدّمت – أنت – للأمة ؟!
قدّم عمره في مدارسة العلم وتدريسه
وقدّمنا – نحن – الكلام في عرضه !
قدّم جهده ووقته
وقدمنا له الطعن
وهل هناك أحد بعد الأنبياء يخلو من الخطأ
من ذا الذي تُرضى سجاياه كلها = كفى المرء نُبلا أن تُعدّ معايبه
والله أسأل أن اكون وُفِّقت للهدى والرشاد والصواب .
ثم وردني اعتراض حول ما تقدّم ، فرأيت أن أُورِد الاعتراض وجوابه هنا إتماما للفائدة :
(1/260)
وهذا الاعتراض حول فِعل حاطب رضي الله عنه
حول قصة حاطب ابن أبي بلتعة رضي الله عنه وأنه قد ظاهر كفار مكة ، ومع ذلك لم يُكفِّره النبي صلى الله عليه وسلم ، ولهذا يستدلّ بعض أهل العلم على أنه ليست كل نوع موالاة يُعتبر كُفراً .
وقد ردّ أحد الأخوة ناقلاً لقول أحد المشايخ ، فقال :
وقد رد على هذه الشبهة الشيخ ...... فقال :
والجواب عن هذه الشبهة ... من وجوه :
الوجه الأول : أن هذا الدليل من أصرح الأدلة على كفر المظاهر وارتداده عن دين الإسلام ، وهذا يظهر من ثلاثة أمور في هذا الحديث :
الأمر الأول : قول عمر في هذا الحديث : دعني أضرب هذا المنافق ، وفي رواية : فقد كفر ، وفي رواية : بعد أن قال الرسول صلى الله عليه وسلم أوليس قد شهد بدراً ؟. قال عمر : بلى ولكنه نكث وظاهر أعداءك عليك .
فهذا يدل على أن المتقرر عند عمر رضي الله عنه والصحابة أن مظاهرة الكفار وإعانتهم كفر وردة عن الإسلام ، ولم يقل هذا الكلام إلا لما رأى أمراً ظاهره الكفر.
الأمر الثاني : إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لما فهمه عمر ، ولم ينكر عليه تكفيره إياه ، وإنما ذكر عذر حاطب .
الأمر الثالث : أن حاطباً رضي الله عنه قال : وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام .
وهذا يدل على أنه قد تقرّر لديه أيضاً أن مظاهرة الكفار (كفر وردة ورضا بالكفر) ، وإنما ذكر حقيقة فعله .
الوجه الثاني : أن حاطباً رضي الله عنه إنما أعان الرسول صلى الله عليه وسلم على أعدائه ، وناصره بنفسه ، وماله ، ولسانه ، و رأيه ، في جميع غزواته ، وشهد معه بدراً ، والحديبية ، وأهلها في الجنة قطعاً ، وأعان الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة أيضاً ؛ فقد خرج فيها غازياً مع المسلمين بنفسه وماله لحرب المشركين ، ولم تقع منه مناصرة للكفار على المسلمين مطلقاً ؛ لا بنفس ، ولا مال ، ولا لسان ، ولا رأي ، وله من السوابق ما عرفه كل مطلع .
(1/261)
ومع هذا كله :
فإنه لما كاتب المشركين يخبرهم بخروج النبي صلى الله عليه وسلم - ولم يكن ذلك منه مظاهرة لهم ولا مناصرة ؛ لأنه سيقاتلهم بنفسه مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد تيقن من الانتصار– فقد اتهمه عمر بالنفاق ، وسأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، ونفى هو عن نفسه الكفر والردة ، ونزل فيه قرآناً يتلى إلى يوم القيامة وهو قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ…الآيات) .
وهذا من أعظم الدلائل على أن من ناصر الكفار بنفسه أو بماله أو بلسانه أو برأيه ونحو ذلك فقد ارتد عن دين الإسلام والعياذ بالله .
الوجه الثالث : أن رسالة حاطب رضي الله عنه لكفار مكة ليست من المظاهرة والإعانة لهم على المسلمين في شيء ، فقد روى بعض أهل المغازي كما في (الفتح 7/520) أن لفظ الكتاب : أما بعد ، يا معشر قريش ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش كالليل ، يسير كالسيل ، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده ، فانظروا لأنفسكم والسلام . وليس في هذا ما يفهم منه أنه مظاهرة ومناصرة لهم ، بل هو قد عصى الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابته لهم ، وهي معصية كبيرة كفّرتها عنه سوابقه .
الوجه الرابع : أن فعل حاطب رضي الله عنه اختلف فيه هل هو كفر أو لا ؟
(1/262)
فإن قيل هو كفر : فهذا دليل على أن إفادة الكفار بمثل هذا الأمر اليسير كفر ، فهو تنبيه على أن ما فوقه من المناصرة بالنفس أو المال أو غير ذلك كفر من باب أولى .
وإن قيل ليس بكفر : فإنما يكون هكذا لأنه في حقيقة فعله ليس مناصراً للكفار ولا مظاهراً لهم على المسلمين ، ومع هذا فهو بريد للكفر وطريق إليه مع عدم وجود صورة المناصرة للكفار لما سبق في الوجه الأول ، فلا يستدل بهذه الصورة على مسألتنا هذه ، ولا تقدح في هذا الأصل .
الوجه الخامس : أن حاطباً رضي الله عنه إنما فعل ذلك متأولاً أن كتابه لن يضرّ المسلمين ، وأن الله ناصر دينه ونبيه حتى وإن علم المشركون بمخرجه إليهم ، وقد جاء في بعض ألفاظ الحديث أن حاطباً قال معتذراً (قد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم له أمره) .
وقد أخرج البخاري رحمه الله قصة حاطب في كتاب (استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم) في (باب ما جاء في المتأولين) .
وقد قال الحافظ في (الفتح 8 / 634) : "وعذر حاطب ما ذكره ، فإنه صنع ذلك متأولاً ألاّ ضرر في") .
ففرق كبير بين ما فعله وهو موقن بأن الكفار لن ينتفعوا من كتابه في حربهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبين من ظاهرهم وأعانهم بما ينفعهم في حربهم على الإسلام وأهله !! .
الوجه السادس : أن يقال للمستدل بهذا الحديث على عدم كفر المظاهر :
هل هذا الحديث يدل على أن جميع صور مظاهرة الكفار ومناصرتهم ليست كفراً وردة ؟
فإن قال : نعم ، فقد خرق الإجماع ، ولا سلف له ، فلا كلام معه .
وإن قال : لا .
فيقال : فما الصور التي يكفر بها المظاهر للكفار .
فأي صورة يذكرها يقدح فيها بحديث حاطب هذا ، وأي جواب له على هذا القدح ، فهو جوابنا عليه هنا ) ا.هـ.
هذا ما نَقَله المعتَرِض .
-------------------
قال الفقير إلى عفو مولاه عبد الرحمن السحيم :
وللجواب عما أورده الأخ الفاضل أقول :
(1/263)
أولاً : أنا لم أقُل ( أن المظاهرة ومناصرة الكفار ليست كفراً ) هكذا على الإطلاق .
ثانيا : هل من يستدل بالكتاب والسنة يُعتبر استدلاله شُبهة ؟!
ففعل حاطب جاء ذكره في الكتاب والسنة .
وقد علمت أن قصته مخرّجة في الصحيحين وغيرها من دواوين السنة .
وأن العلماء يستدلّون بهذا الحديث على عدم تكفير مَن والى الكفار بصورة من صور الموالاة .
ثالثا : أما الأجوبة عما ذكره الشيخ كإجابات على شُبهة من يستدلّ بالحديث فأقول :
أما الوجه الأول من الجواب الأول من أن هذا الحديث من أصرح الأدلة على كفر من ظاهر الكفار ، وأنه ورد في رواية : فإنه قد كفر ... إلخ
فهذا قد أجاب عنه الحافظ في الفتح فقال :
وفي حديث بن عباس قال عمر : فاخترطت سيفي ، وقلت : يا رسول الله أمكني منه فإنه قد كفر . وقد أنكر القاضي أبو بكر بن الباقلاني هذه الرواية وقال : ليست بمعروفة ، قاله في الرد على الجاحظ لأنه احتج بها على تكفير العاصي ، وليس لإنكار القاضي معنى لأنها وردت بسند صحيح وذكر البرقاني في مستخرجه أن مسلما أخرجها ، وردّه الحميدي ، والجمع بينهما أن مسلما خرّج سندها ولم يسُق لفظها ، وإذا ثبت فلعلّه أطلق الكفر وأراد به كفر النعمة ، كما أطلق النفاق وأراد به نفاق المعصية ، وفيه نظر لأنه استأذن في ضرب عنقه فأشعر بأنه ظن أنه نافق نفاق كفر ، ولذلك أطلق أنه كفر ، ولكن مع ذلك لا يلزم منه أن يكون عمر يرى تكفير من ارتكب معصية ولو كبرت ، كما يقوله المبتدعة ، ولكنه غلب على ظنه ذلك في حق حاطب فلما بين له النبي صلى الله عليه وسلم عذر حاطب رجع . اهـ .
وقال العيني في عمدة القارئ :
إن عمر رضي الله عنه إنما قال لحاطب : إنه منافق ؛ لأنه ظن أنه صار منافقاً بسبب كتابه إلى المشركين . اهـ .
وقوله في الوجه الثاني من الجواب الأول : إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لما فهمه عمر ، ولم ينكر عليه تكفيره إياه .. إلخ .
(1/264)
فيَرِد عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعرض عن عمر وعن قوله حتى سأل حاطباً .
أليس الإعراض نوع إنكار ؟
ثم إن عمر رضي الله عنه لما اعتذر حاطب قال عمر مرة ثانية : إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين ، فدعني فلأضرب عنقه ! فقال : أليس من أهل بدر ؟
أليس من أهل بدر ؟
أليس هذا من الإنكار ؟
أم أن الإنكار أن يُضرب المخالِف بالعصا ؟!!
ومما يدلّ على أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على عمر سؤاله لعمر هذا السؤال ثم جواب عمر بعد ذلك بقوله – بعد أن دمعت عيناه - : الله ورسوله أعلم .
كما يَرِد عليه أيضا أن عمر رضي الله عنه عُرف عنه هذا الأمر في الشدّة على المخالف ، كما وقع ذلك منه في حق عبد الله بن أُبيّ
فقد روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار ، فقال الأنصاري : يا للأنصار ، وقال المهاجري : يا للمهاجرين ، فسمع ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما بال دعوى جاهلية ؟ قالوا : يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار ، فقال : دعوها فإنها منتنة . فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال : فعلوها ! أما والله ( لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ ) فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام عمر فقال : يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دعْه ! لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه .
فهل إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على عمر يعني تصحيح ما عليه ابن أُبيّ ؟!
ولما قال رجل : اعدل يا محمد فإنك لم تعدل ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويلك ومن يعدل بعدي إذا لم أعدل ، فقال عمر : دعني يا رسول الله حتى أضرب عنق هذا المنافق . رواه أبو داود ، وأصله في الصحيحين .
فلم يأذن له النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ثم أخبر عن ذلك الرجل أن الخوارج يخرجون مِن صُلبه !
(1/265)
فهل يعني هذا إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لما قاله الرجل عندما سكت عن عمر حتى ولّى الرجل وذهب ؟!
بل لم يُنكر النبي صلى الله عليه وسلم على عمر قوله هذا إنكاراً صريحا .
فهذه الأدلة تدلّ على أن عمر رضي الله عنه عُرف عنه هذا الأمر ، وهو الشدّة مع المخالف أو مع من يظن أنه صدر منه ما يقتضي النفاق أو الكفر .
كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح .
قال الحافظ في الفتح :
إنما قال ذلك عمر مع تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاطب فيما اعتذر به لما كان عند عمر من القوة في الدين وبغض من يُنسَب إلى النفاق و ظنّ أن من خالف ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم استحق القتل ، لكنه لم يجزم بذلك ، فلذلك استأذن في قَتْلِه ، وأطلق عليه منافقا لكونه أبْطَن خلاف ما أظهر ، وعذر حاطب ما ذكره فإنه صنع ذلك متأولا أن لا ضرر فيه . اهـ .
قال الشيخ في الوجه الثالث من الجواب الأول : أن حاطباً رضي الله عنه قال : وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام .
وهذا يدل على أنه قد تقرّر لديه أيضاً أن مظاهرة الكفار (كفر وردة ورضا بالكفر) ، وإنما ذكر حقيقة فعله .
فالجواب عنه أن هذا صدر منه في مقام الاعتذار .
وقد عقد الإمام البخاري عليه باباً فقال :
باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا ، وقال عمر لحاطب بن أبي بلتعة : إنه نافق ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وما يدريك لعل الله قد اطلع إلى أهل بدر فقال : قد غفرت لكم .
كما يُجاب عما قاله بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرَ أن ما صدر من حاطب موجبا للكفر وإلا لأمر بضرب عُنقه ! أو استتابته على الأقل .
فهل يفعل حاطب ما تقرّر لديه أنه كفر وردّة ورضا بالكفر ، ثم يحتاج إلى من يسأله قبل المعاتبة ، أو يستفصل منه ، أو يلتمس له العُذر ؟!
فلو كان هذا الفعل موجباً للكفر لما سأله النبي صلى الله عليه وسلم .
(1/266)
ولو كان هذا الفعل موجبا للكفر فهل كان هناك من داعٍ للسؤال قبل المعاتبة ؟
ثم إن هذه الآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) نزلت في حاطب رضي الله عنه كما في الصحيحين .
وقد سمّى الله عز وجل فعله هذا موالاة للكفار ومودّة لهم .
فهل تُكفّرون حاطباً بذلك ؟!
الجواب : لا
والحديث واضح الدلالة
قال الشيخ في الوجه الثاني : ولم تقع منه مناصرة للكفار على المسلمين مطلقاً ... ولم يكن ذلك منه مظاهرة لهم ولا مناصرة
هذا القول بعضه يردّ على بعض !
فإنه أورد فيه آية الممتحنة ، وفيها : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ)
وفيها أيضا : ( تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ )
كما يردّه ما قرره سابقا مِن ( إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لما فهمه عمر ، ولم ينكر عليه تكفيره إياه )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
(1/267)
وقد تحصل للرجل موادّتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنباً ينقص به إيمانه ولا يكون به كافرا ، كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنزل الله فيه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) وكما حصل لسعد بن عبادة لما انتصر لابن أبي في قصة الإفك ، فقال لسعد بن معاذ : كذبت والله لا تَقتله ولا تقدر على قتله . قالت عائشة : وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية ، ولهذه الشُّبهة سَمّى عمر حاطبا منافقا ، فقال : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق ، فقال : إنه شهد بدرا ، فكان عمر متأولا فى تسميته منافقا للشُّبهة التي فعلها ، وكذلك قول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لنقتلنه ، إنما أنت منافق تجادل عن المنافقين ! هو من هذا الباب ، وكذلك قول من قال من الصحابة عن مالك بن الدخشم : منافق . وإن كان قال ذلك لما رأى فيه من نوع معاشرة ومودة للمنافقين . ولهذا لم يكن المتّهمون بالنفاق نوعاً واحدا بل فيهم المنافق المحض ، وفيهم من فيه إيمان ونفاق ، وفيهم من إيمانه غالب وفيه شعبة من النفاق ، وكان كثير ذنوبهم بحسب ظهور الإيمان ولما قوى الإيمان وظهر الإيمان وقوته عام تبوك صاروا يعاتبون من النفاق على ما لم يكونوا يعاتبون عليه قبل ذلك . انتهى كلامه رحمه الله .
وهذا القول الفصل من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يُسقط ما استدلّ به الشيخ أو قال به .
كما قال الشيخ في الوجه الثالث : أن رسالة حاطب رضي الله عنه لكفار مكة ليست من المظاهرة والإعانة لهم على المسلمين في شيء .
أقول : أليس مِن المُناصرة إفشاء سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتمه عن كفار مكة ؟
أليس من المناصرة تنبيه الكفار إلى قوة المسلمين ، كما جاء في الكتاب الذي أرسله حاطب ؟
(1/268)
أليس من أعانتهم بالرأي والمشورة أن يُقال لهم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم على غزوكم ؟
كما يردّه قول الشيخ نفسه :
وهذا من أعظم الدلائل على أن من ناصَر الكفار بنفسه أو بماله أو بلسانه أو برأيه ونحو ذلك فقد ارتدّ عن دين الإسلام ، والعياذ بالله .
أليس إخبار كفار مكة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قصَدَهم وأراد غزوهم ليأخذوا أهبة الاستعداد وليتهيئوا لقتاله .. أليس هذا من الإعانة لهم بالرأي والمشورة والنصيحة ؟!
الجواب في الآية ( تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ )
كما أقول :
لو لم يكن في رسالة حاطب نوع موالاة أو مناصرة بالرأي لماذا نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن كتاب حاطب ؟
لكان أقل شأناً من ذلك ؟
هذا من وجه
ومن وجه آخر : لماذا ينتدب النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من فرسان جيشه ليُدركوا المرأة قبل أن يصل الكتاب للكفار ؟!
فقد جاء في رواية في الصحيحين عن علي رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد الغنوي والزبير بن العوام وكلنا فارس . قال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ، فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين . الحديث .
لماذا يختار النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الفرسان لهذه المهمة ؟
ثم لماذا يأمرهم بالذهاب على وجه السرعة : انطلقوا ؟
إذا كان الكتاب ليس بكبير شأن ، والفعل كذلك ، لماذا كل هذا الاهتمام به ؟
فلو كان شأن الكتاب كما صوّره الشيخ لما كان من شأنه أن ينزل خبره من السماء ثم يكون من شأنه ما يكون !
والحديث بوّب عليه الإمام البخاري : باب الجاسوس ، وقول الله تعالى : ( لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ )
كما بوّب عليه أيضا : باب من نظر في كتاب من يحذر على المسلمين ليستبين أمره .
وهذا يدلّ على أن فعل حاطب رضي الله عنه ليس بالأمر اليسير في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين .
(1/269)
ولا يُعفيه من المساءلة كونه في الجيش أو كونه ناصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وماله .
وأما قول الشيخ : الوجه السادس : أن يقال للمستدل بهذا الحديث على عدم كفر المظاهر :
هل هذا الحديث يدل على أن جميع صور مظاهرة الكفار ومناصرتهم ليست كفراً وردة ؟
فإن قال : نعم ، فقد خرق الإجماع ، ولا سلف له ، فلا كلام معه .
وإن قال : لا .
فيقال : فما الصور التي يكفر بها المظاهر للكفار .
فالجواب عنه من وجوه :
الأول : أن الله عز وجل سمى فعل حاطب رضي الله عنه موالاة ومودّة ، ولم يُكفَّر حاطب بفعله ، بل قبِل النبي صلى الله عليه وسلم عُذره .
الثاني : أنه لا يُستدلّ بالحديث على عدم كُفر المظاهر ، بل يُستدلّ به على أنه ليست كل مظاهرة أو مناصرة أو معاونة لهم بالرأي أو بالمشورة أنها تكون كفراً وردّة .
الثالث : أن تحرير المسألة يتبيّن بحدِّها وتعريفها
وقد سبق تعريف الموالاة
بأنه : النصرة والمحبة والإكرام والاحترام ، والكون مع المحبوبين ظاهراً وباطنا ، فموالاة الكفار تعني التقرب إليهم وإظهار الودّ لهم بالأقوال والأفعال والنوايا . اهـ .
وتقرر أن مسمى الموالاة لأعداء الله : يقع على شعب متفاوتة منها ما يوجب الردّة وذهاب الإسلام بالكلية ، ومنها ما هو دون ذلك من الكبائر والمحرمات .
فإذا عرفنا أن :
الولاية : هي النصرة والمحبة والإكرام والاحترام ، والكون مع المحبوبين ظاهراً وباطنا .
تبيّن لنا أنه ليست كل نُصرة ولا كل محبة ولا كل إكرام أو احترام أو مدح أو ثناء على الكفار أنه يكون موالاة مُخرجة من الملة ناقلة عن الدِّين .
وسؤال الشيخ : فما الصور التي يكفر بها المظاهر للكفار ؟
الجواب عنه في تعريف الموالاة
وهي ما توافر فيها : النصرة والمحبة والإكرام والاحترام ، والكون مع المحبوبين ظاهراً وباطنا .
كما يَرِد عليه السؤال :
(1/270)
إذا كنت ترى أن الموالاة أو المناصرة توجب الكفر والردّة ، فما هي الصور التي لا توجب ذلك ، وتجعلنا نسأل قبل الْحُكم : ما حملك على ما صنعت ؟!
والعلماء يعدّون لبس لباس الكفّار والتّشبّه بهم صورة من صور الولاء للكفار ، إلا أنها لا تُخرج من دين الإسلام ، وهذا محلّ اتفاق ، كما بسط القول فيه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم ، وقال به الشيخ حمد بن عتيق في سبيل النجاة والفكاك ، وكما ذكره الدكتور القحطاني في كتاب الولاء والبراء .
فهل من تشبّه بأعداء الله في لباس أو زيّ مما هو من خصائصهم يكون موالياً كافراً بذلك ؟
الجواب : لا
إذا هذه الصورة تنقض الوجه الأخير عند الشيخ .
فائدة :
حول مسألة الْحُكم بغير ما أنزل الله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وقال ابن عباس وغير واحد من السلف في قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، ( فأولئك هم الفاسقون ) و ( الظالمون ) كفر دون كفر وفسق دون فسق وظلم دون ظلم ، وقد ذَكَرَ ذلك أحمد والبخاري وغيرهما .
وفائدة أخيرة حول الموضوع :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
شعب الإيمان قد تتلازم عند القوة ولا تتلازم عند الضعف ، فإذا قوي ما في القلب من التصديق والمعرفة والمحبة لله ورسوله أوجب بغض أعداء الله ، كما قال تعالى : ( ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ) وقال : ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ) . اهـ .
والله تعالى أعلى وأعلم .
كتبه / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
1424 هـ
وتم عَرْض أغلب الموضوع على شيخنا الشيخ عبد الكريم الخضير ، وقد قرأه على عُجالة في البلد الأمين ( مكة )
فأبدى ملحوظة تم إدراجها في هذا الموضوع .
(1/271)
وما كان فيه من صواب فمن الله ، وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان .
14-من أحكام الجهاد في الإسلام
تقسيم الجهاد :
من حيث تقسيم الجهاد ، فالعلماء قسموا جهاد الكفّار إلى قسمين :
جهاد دفع ، وجهاد طلب . ويُتسامح في الأول لدفع العدو الصائل ما لا يُتسامح في الثاني .فجهاد الدفع يتعيّن على أهل ذلك البلد الذي دهمه العدو ، ولو بغير إمام كما سيأتي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
فأما إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين فإنه يصير دفعه واجبا على المقصودين كلهم ، وعلى غير المقصودين لإعانتهم - إلى أن قال -
كما كان المسلمون لما قصدهم العدو عام الخندق لم يأذن الله في تركه لأحد ، كما أذن في ترك الجهاد ابتداء لطلب العدو الذي قسمهم فيه إلى قاعد وخارج . بل ذم الذين يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم ( يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً) (الأحزاب: من الآية13) فهذا دفع عن الدين والحرمة والأنفس ، وهو قتال اضطرار . وذلك قتال اختيار للزيادة في الدين وإعلائه ولإرهاب العدو كغزاة تبوك ونحوها . اهـ
وقال المرداوي في الإنصاف :
تنبيه : مفهوم قوله أو حضر العدو بلده . أنه لا يلزم البعيد ، وهو الصحيح إلا أن تدعو حاجة إلى حضوره . كعدم كفاية الحاضرين للعدو ، فيتعّين أيضا على البعيد . اهـ .
أما جهاد الطلب ، فامتثالا لقوله تعالى : ( قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) .
وغيرها من الآيات ، والأحاديث الدالة على وجوب الجهاد ومُضيِّه مع كل برّ وفاجر إلى يوم القيامة .
حُكم الجهاد :
(1/272)
من حيث حُكم الجهاد ، فقد جرى فيه الخلاف ، فجمهور العلماء على أنه فرض كفاية ، وذهب بعض العلماء أنه فرض عين . منهم سعيد بن المسيب .
والصحيح أنه فرض كفاية على الأمة ، للأدلة التي سوف أذكرها فيما بعد .
ولا يعني كونه فرض كفاية التقليل من أهميته ، إذ أن الجهاد من أفضل القربات وقد سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل ؟ فقال : رجل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه . متفق عليه من حديث أبي سعيد رضي الله عنه .
ولما سألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : نرى الجهاد أفضل العمل ، أفلا نجاهد ؟ قال : لا ، لكن أفضل الجهاد حج مبرور . رواه البخاري ، وفي رواية له قال : جهادكن الحج .
ولذا قرر غير واحد من أهل العلم أن الحج في حق النساء أفضل من الجهاد ، فلا يجب الجهاد على النساء بلا نزاع . يُنظر الإنصاف ومجموع الفتاوى .
وفي المسألة خلاف .
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : استيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلا ونهاراً ، أفضل من الجهاد الذي لم تذهب فيه نفسه وماله . اهـ .
يُشير بذلك إلى حديث البخاري عنه عليه الصلاة والسلام : ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه . قالوا : ولا الجهاد ؟ قال : ولا الجهاد ؛ إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله ، فلم يرجع بشيء .
والأحاديث في فضل الجهاد كثيرة معلومة .
قال الإمام أحمد - رحمه الله - : لا أعلم شيئا من العمل بعد الفرائض أفضل من الجهاد .
ولما ذُكِر له الجهاد جعل يبكي ويقول : ما من أعمال البر أفضل منه .
كما أنه لا يعني القول بالفرضية الكفائية أنه لا يجب على الأمة ، بل الفروض الكفائية إذا لم يَقم بها من يكفي أثم الجميع . كما هو مقرر عند أهل العلم .
قال المرداوي في الإنصاف : فرض الكفاية واجب على الجميع . نص عليه في الجهاد . وإذا قام به من يكفي ، سقط الوجوب عن الباقين ، لكن يكون سُنّة في حقهم . اهـ .
(1/273)
ولو قيل بفرضية الجهاد على الأعيان لتعطلت الفروض الأخرى ، ولم يكن ثمة من يقوم بها .
ولو كان الجهاد فرض عين على جميع أفراد الأمة لما مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسواق ، ولما وضع الصحابة سيوفهم عن عواتقهم ، ولما قال عمر رضي الله عنه : ألهاني الصفق في الأسواق ، ولما قال ابن عوف رضي الله عنه : دلوني على السوق ، ولما أذِن النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان في تخلّفه لتمريض زوجته ، ولما بقي في المدينة من تدعو الحاجة إلى بقائه ، ونحو ذلك .
ولما قال عليه الصلاة والسلام : لولا أن أشق على أمتي ما تخلفت عن سرية ، ولكن لا أجد حمولة ، ولا أجد ما أحملهم عليه ، ويشق علي أن يتخلفوا عني . متفق عليه .
وقد نص العلماء على : يُشترط لمن أراد الجهاد وجود زاد ونفقة عياله مدة غيبته
ويُنظر لذلك - على سبيل المثال - المقنع والشرح الكبير والإنصاف .
ولو كان يجب على كل أحد ما عُذِر من كان على مثل هذه الحال .
كما أنه لا يجب على النساء كما تقدّم ، ولا يجب على العبيد في أصح قولي العلماء ، ولا يجب على أولي الضرر ، ولا على أهل الأعذار .
ولو كان يجب وجوبا عينيا على كل أحد لما عُذر هؤلاء .
قال سبحانه : ( لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ )
فهؤلاء الضعفاء والمرضى والفقراء الذين لا يجدون ما يُنفقون ولا يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحملهم عليه من الدواب قد عذرهم الله في محكم كتابه .
(1/274)
وقال سبحانه : ( لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ) .
ولو كان الجهاد فرض عين على الدوام لما كان هناك مجال مقارنة بين المجاهدين والقاعدين ، ولما وعد الله الجميع بالحسنى .
كما أن الأعمى إذا شارك في رأي أو مكيدة ، أو شارك الأعرج ونحوه ، كما شارك في القتال عمرو بن الجموح الأنصاري رضي الله عنه ، فإن ذلك عزيمة عزموا بها على أنفسهم لا أنه فرض عليهم .
وقد نص العلماء على أن الجهاد لا يتعين إلا في ثلاث حالات :
1 – إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان . لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ )
2 – إذا نزل الكفار ببلد ، تعيّن على أهله قتالهم ودفعهم . لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً )
3 – إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير . لقوله صلى الله عليه وسلم : وإذا استنفرتم فانفروا . متفق عليه
ومن أحكام الجهاد :
أولاً : ضرورة وجود إمام أو أمير .
لا يقوم الجهاد إلا بإمام أو أمير ، يُرجع إليه عند الحاجة ، ويُردّ إليه عند الاختلاف .
ولم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيّر سرية أو بعث بعثا أو أنفذ جيشاً دون أن يؤمّر عليه أميرا ، وقد أمّر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة على جيش مؤتة ، وهم زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم .
(1/275)
قال في الشرح الكبير : وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده ، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك
– إلى أن قال –
فإن عُدِمَ الإمام لم يؤخّر الجهاد ؛ لأن مصلحته تفوت بتأخيره . اهـ .
وهذا لا يكون إلا في حالات نادرة ، أو في حالات جهاد دفع العدو الصائل .
إذ
لا يصلح الناس فوضى لا سُراة لهم ولا سُراة إذا جهالهم سادوا
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : الغزو غزوان : فأما من ابتغى وجه الله ، وأطاع الإمام ، وأنفق الكريمة ، وياسَرَ الشريك ، واجتنب الفساد ؛ فإن نومه ونبهه أجرٌ كله وأما من غزا فخرا ورياء وسمعة ، وعصى الإمام ، وأفسد في الأرض ؛ فإنه لم يرجع بالكفاف . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم ، وهو حديث صحيح
وقال عمر رضي الله عنه : إنه لا إسلام إلا بجماعة ، ولا جماعة إلا بإمارة ، ولا إمارة إلا بطاعة . رواه عنه الدارمي .
وقد عقد الإمام البخاري - رحمه الله - بابا ، فقال : باب الجهاد ماض مع البر والفاجر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة . ثم ساق بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة : الأجر والمغنم .
أما لماذا الجهاد مع البر والفاجر ؟
فإنه بالنظر إلى مقاصد الشريعة ، وبالنظر إلى عواقب الأمور وما تؤول إليه عند ترك الجهاد مع الفاجر مِنْ تمكن العدو وتسلطه على رقاب المسلمين وعلى ديارهم وأموالهم ، فتحقيق هذه المصالح أعظم ، وترك الجهاد مع الفاجر يُفوّت تحقيق هذه المصالح بل وينتج عنه مفاسد لا يعلمها إلا الله .
قال الإمام أحمد : أرأيتم لو أن الناس كلهم قعدوا عن الجهاد كما قعدتم ، من كان يغزو ؟ أليس كان قد ذهب الإسلام ؟
ثانياً : الإعداد للجهاد
(1/276)
لا يُمكن أن يُقاتَل العدو بغير إعداد ولا عدّة ، ولذا قال الله سبحانه وتعالى : ( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْل ِتُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ )
أما من قاتَل العدو بغير إعداد فإنه قد خالِف ما أُمِرَ به ، ورام النصر من غير بابه .
ولذا كانوا يُعوّدون الخيل على الكرّ والفرّ حتى في حال السِّلم حتى تألف ذلك عند القتال .
جاء في سيرة نور الدين زنكي :
أنه كان يُكثر اللعب بالكرة ، فأُنكِرَ عليه فكتب نور الدين لمن أنكر عليه :
والله ما أقصد اللعب ، وإنما نحن في ثغر ، فربما وقع الصوت فتكون الخيل قد أدمنت على الانعطاف والكر والفرّ .
ثالثاً : إخلاص النية
إخلاص النية شرط في قبول العبادات
ومن لم يُخلص في جهاده لم يكن له من نصيب فيه ، ولم يكن له إلا ما نوى إذا نوى أمراً دنيوياً ، أما إذا أظهر للناس أنه يُجاهد في سبيل الله ولم يكن كذلك فهذا أول من تسعر به النار ، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأُتي به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت . قال : كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء ، فقد قيل . ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ... الحديث . رواه مسلم
(1/277)
وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال : التقى النبي صلى الله عليه وسلم والمشركون في بعض مغازيه فاقتتلوا فمال كل قوم إلى عسكرهم وفي المسلمين رجل لا يدع من المشركين شاذة ولا فاذة إلا اتبعها فضربها بسيفه ، فقيل : يا رسول الله ما أجزأ أحد ما أجزأ فلان . فقال : إنه من أهل النار . فقالوا : أينا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار ؟ فقال رجل من القوم : لأتبعنه فإذا أسرع و أبطأ كنت معه حتى جرح ، فاستعجل الموت ، فوضع نصاب سيفه على الأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل عليه فقتل نفسه ، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أشهد أنك رسول الله . فقال : وما ذاك فأخبره ، فقال : إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وإنه من أهل النار ويعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة .
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
أما إذا غزا وهو يُريد غرضا دنيوياً ، فليس له إلا ما نوى ، وإن ذهبت نفسه .
قال عليه الصلاة والسلام : من غزا ولا ينوي في غزاته إلا عقالا فله ما نوى . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .
رابعاً : وضوح الهدف ، وبيان القصد .
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : الرجل يقاتل للمغنم ، والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه . فمن في سبيل الله ؟ قال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله . متفق عليه
فيُقاتِل المسلم من أجل هدف سام ، وغاية عظيمة ، وهي إعلاء كلمة الله
والمسلم يربأ بنفسه أن يُقاتِل حمية أو عصبية أو لغرض دنيوي زائل
قال عليه الصلاة والسلام : من قُتِل تحت راية عُمِّيَّةٍ ، يدعو عصبية أو ينصر عصبية ، فَقِتْلَةٌ جاهلية . رواه مسلم .
وفي الحديث الآخر : ليس منا من دعا إلى عصبية ، وليس منا من قاتل على عصبية ، وليس منا من مات على عصبية . رواه أبو داود .
فلا بُد أن يكون المسلم على بيّنة في قتاله .
وما الهدف من هذا القتال ؟
(1/278)
إذا كان لإقامة شرع الله فهذا هو المقصد ، أما إذا كان لتحصيل أرض أو وطن ثم تُحكم بحكم الجاهلية فبئس القصد وبئست النيّة .
إذاً لا بُدّ من وضوح الهدف ، والقتال تحت راية واضحة وضوح الشمس .
لا أن يكون الحال كما قيل :
وهل أنا إلا من غُزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد
وقبل الختام أود تحرير القول في مسألة جرى فيها الخلاف ، ألا وهي :
مسألة الاستئذان
وتتضمن :
1 - استئذان الإمام
2 - استئذان الوالدين
3 - استئذان الدائن
4 - استئذان العبد
5 - استئذان المرأة
أولاً : استئذان الإمام
ذكر بعض العلماء أنه لا يجوز الغزو إلا بإذن الإمام .
قال ابن قدامة في المغني : مسألة ؛ قال : ( وإذا غزا الأمير بالناس لم يَجز لأحد أن يتعلف ولا يحتطب ولا يبارز علجا ولا يخرج من العسكر ولا يحدث حدثا إلا بإذنه ) يعني لا يخرج من العسكر لتعلف وهو تحصيل العلف للدواب ولا الاحتطاب ولا غيره إلا بإذن الأمير . اهـ .
كما ذكروا أيضا أن المبارزة لا تكون إلا بإذن الإمام
وليس هذا على إطلاقه .
قال في العمدة : ولا يجوز الجهاد إلا بإذن الأمير إلا أن يفجأهم عدو يخافون كلَبه ، أو تعرض فرصة يخافون فوتها . اهـ .
ومعنى ( كَلَبَه ) أي شرّه وأذاه .
وهذا القول – أعني – لا يجوز الجهاد إلا بإذن الإمام ، له حظ من النظر في ابتداء الغزو وتسيير السرايا وبعث الجيوش ، لا أن الحكم ينسحب على الأفراد .
فلم يُنقل عن سرية أنها سارت أو جيش أن انطلق في زمان النبي صلى الله عليه وسلم إلا بإذنه .
وهذا يُشبه حال الجيوش النظامية اليوم فإنه لا يمكن أن تسير إلا بأمر الحاكم ولو أن كل من أراد القتال جمع جيشا وسار بسرية لأصبح المسألة فوضى ، ولا تنضبط الأمور بذلك .
أما دفع العدو الصائل فلا يُشترط له ذلك – كما تقدّم – .
(1/279)
أما ما يُستدل به من مجيء ذلك الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في القصة المعروفة – وستأتي – فليس فيه دليل على عموم الاستئذان ، ثم إنه لا يقوى على تخصيص الآية في قوله سبحانه وتعالى :
( لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ) .
قال القرطبي - رحمه الله - في التفسير : أي في القعود ولا في الخروج ، بل إذا أمرت بشيء ابتدروه ، فكان الاستئذان في ذلك الوقت من علامات النفاق لغير عذر.اهـ .
وقال الشوكاني بعد أن ذكر الأوجه في الآية :
وأما على ما يقتضيه ظاهر اللفظ فالمعنى لا يستأذنك المؤمنون في الجهاد بل دأبهم أن يبادروا إليه من غير توقف ولا ارتقاب منهم لوقوع الإذن منك فضلا عن أن يستأذنوك في التخلف . اهـ .
ثم إن قصة الرجل الذي جاء يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد واقعة عين لا عموم لها ، بدليل أنه لم يُحفظ عن الصحابة رضي الله عنهم الاستئذان لكل من أراد الجهاد .
وقصة الرجل الذي جاء يستأذن رواها البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد ، فقال : أحي والداك ؟ قال : نعم . قال : ففيهما فجاهد .
(1/280)
ومثله قصة جاهمة السلمي رضي الله عنه حيث قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة . قال : ويحك ! أحيّة أمك ؟ قلت : نعم . قال : ارجع فبرّها ، قال : ثم أتيته من الجانب الآخر فقلت : يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة . قال : ويحك ! أحيه أمك ؟ قلت : نعم يا رسول الله . قال : فارجع إليها فبرها ثم أتيته من أمامه فقلت : يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة . قال : ويحك ! أحيه أمك ؟ قلت : نعم يا رسول الله . قال : ويحك الزم رجلها فثم الجنة . رواه ابن ماجه ثم قال :
قال أبو عبد الله بن ماجة : هذا جاهمة بن عباس بن مرداس السلمي الذي عاتب النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين .
وهذا يدلّ على أمرين :
الأول : أن الاستئذان وقائع أعيان لا عموم لها .
والثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بما يعلم أنه الأصلح لهم .
بدليل اختلاف الوصية من رجل لآخر .
ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال أوصني . قال : عليك بالجهاد .
وجاءه آخر فقال أوصني . قال : لا تغضب .
وقال لثالث : عليك بالصوم فإنه لا عدل له .
وأوصى رجلاً فقال : لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله .
وهكذا . تختلف الوصية باختلاف أحوال الناس .
والذي يظهر أن هذا الرجل الذي ردّده النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان ذلك بسبب معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بحاله وأنه لا صبر له - كما أشار إليه ابن ماجه - .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : قد يكون الشخص يَصلح دينه على العمل المفضول دون الأفضل ، فيكون أفضل في حقه ، كما أن الحج في حق النساء أفضل من الجهاد . اهـ .
ثم إنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك – أي خلاف الاستئذان – .
(1/281)
فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن أفضل الأعمال . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة . قال : ثم مه ؟ قال : الصلاة قال : ثم مه ؟ قال : الصلاة ثلاث مرات . قال : ثم مه ؟ قال : الجهاد في سبيل الله . قال : فإن لي والدين . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آمرك بوالديك خيرا ، فقال : والذي بعثك نبيا لأجاهدن ولأتركنهما . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأنت أعلم . رواه الإمام أحمد وابن حبان ، وإسناد ابن حبان حسن .
فقول هذا الصحابي رضي الله عنه : " فإن لي والدين " يُشعر أنه سمع بترديد النبي صلى الله عليه وسلم لمن أتاه قبله .
كما أن حمل الرجل بنفسه على العدو مُخالِف لاشتراط الاستئذان
وقد وقع هذا بمرأى ومسمع من بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلم يُنكروه بل أقروه .
(1/282)
حدّث أبو عمران التجيبي قال : كنا بمدينة الروم فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم ، فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر ، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر رضي الله عنه ، وعلى الجماعة فضالة بن عبيد رضي الله عنه فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم فصاح الناس ، وقالوا : سبحان الله يلقي بيديه إلى التهلكة ، فقام أبو أيوب رضي الله عنه فقال : يا أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هذا التأويل ، وإنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار . لما أعز الله الإسلام ، وكثر ناصروه ، فقال بعضنا لبعض سراً دون رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أموالنا قد ضاعت ، وإن الله قد أعز الإسلام ، وكثر ناصروه ، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها ، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم يردّ علينا ما قلنا : ( وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو ، فما زال أبو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم . رواه أبو داود والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح .
ولما أغار الكفار على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم فصادفهم سلمة بن الأكوع رضي الله عنه خارجا من المدينة تبعهم وطاردهم وقاتلهم بغير إذن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقرّه النبي صلى الله عليه وسلم . كما في الصحيحين .
ثم إن الخلاف قد وقع بين العلماء في الغزو بإذن الإمام .
وفي الرجل يدخل دار الحرب وحده مغيرا بغير إذن الإمام .
(1/283)
قال أبن قدامة في المغني : إذا دخل قوم لا منعة لهم دار الحرب بغير إذن الإمام فغنموا ؛ فعن أحمد فيه ثلاث روايات : إحداهن أن غنيمتهم كغنيمة غيرهم يخمسه الإمام ويقسم باقيه بينهم ، وهذا قول أكثر أهل العلم ، منهم الشافعي . لعموم قوله سبحانه : ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَه ُ) الآية ، والقياس على ما إذا دخلوا بإذن الإمام – ثم ذكر بقية الأقوال – ورجه هذا القول .
وقال في معرض سياق الأقوال : فإن الجهاد إنما يكون بإذن الإمام ، أو من طائفة لهم مَنَعَة وقوّة . اهـ
ونسب هذا القول الإمام النووي إلى الجمهور .
فلو كان الجهاد لا يجوز بغير إذن الإمام على إطلاقه لما جاز أن يُعطى هؤلاء نكالاً لهم .
وكذلك القول في المبارزة بغير إذن الإمام .
قال ابن المنذر : المبارزة بإذن الإمام حسن ، وليس على من بارز بغير إذن الإمام حرج ، وليس ذلك بمكروه ؛ لأني لا أعلم خبرا يمنع منه . اهـ .
الثاني : استئذان الوالدين
ثبت في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد ، فقال : أحي والداك ؟ قال : نعم . قال : ففيهما فجاهد . متفق عليه .
قال جمهور العلماء : يحرم الجهاد إذا منع الأبوان أو أحدهما ، بشرط أن يكونا مسلمين ، لأن برّهما فرض عين عليه ، والجهاد فرض كفاية ، فإذا تعين الجهاد فلا إذْن .
قال الإمام الصنعاني :
وذهب الجماهير من العلماء إلى أنه يحرم الجهاد على الولد إذا منعه الأبوان أو أحدهما بشرط أن يكونا مسلمين ؛ لأن برّهما فرض عين والجهاد فرض كفاية ، فإذا تعين الجهاد فلا . فإن قيل : برّ الوالدين فرض عين أيضا ، والجهاد عند تعينه فرض عين ، فهما مستويان . ما وجه تقديم الجهاد ؟ قلت : لأن مصلحته أعمّ ، إذ هي لحفظ الدين والدفاع عن المسلمين ، فمصلحته عامة مقدمة على غيرها . اهـ .
(1/284)
وهذا هو القول الصواب ، جمعاً بين الأدلة ، ويُستثنى من ذلك ما إذا كان له أبوان شيخان كبيران وليس لهما عائل سواه ، فحينئذٍ يجوز له التخلف عن الجهاد .
وتقدمت الأدلة في استئذان الأبوين وعدمه .
قال في المغني :
وإن أذن له والداه في الغزو وشرطا عليه أن لا يُقاتل ، فحضر القتال تعيّن عليه وسقط شرطهما . كذلك قال الأوزاعي وابن المنذر ؛ لأنه صار واجبا عليه فلم يبق لهما في تركه طاعة .
استئذان المدين من غريمه
روى الإمام مسلم عن أبي قتادة أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال . فقام رجل فقال : يا رسول الله ! أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم . إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر ثم قال رسول الله : كيف قلت ؟ قال : أرأيت إن قتلت في سبيل الله ، أتكفر عني خطاياي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر . إلا الدَّين . فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك .
قال ابن قدامة في المغني :
(1/285)
ومن عليه دين حال أو مؤجل لم يجز له الخروج إلى الغزو إلا بأذن غريمه إلا أن يترك وفاء أو يقيم به كفيلا أو يوثقه برهن ، وبهذا قال الشافعي ، ورخص مالك في الغزو لمن لا يقدر على قضاء دينه ؛ لأنه لا تتوجه المطالبة به ولا حبسه من أجله فلم يمنع من الغزو كما لو لم يكن عليه دين . ولنا إن الجهاد تقصد منه الشهادة التي تفوت بها النفس فيفوت الحق بفواتها وقد جاء أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا تكفر عني خطاياي ؟ قال : نعم ، إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك . رواه مسلم . وأما إذا تعين عليه الجهاد فلا إذن لغريمه ؛ لأنه تعلق بعينه ، فكان مقدما على ما في ذمته كسائر فروض الأعيان ، ولكن يستحب له أن لا يتعرض لمظان القتل . اهـ
استئذان العبد
مما اشترط العلماء لوجوب الجهاد : الحرية
فلا يجب على العبد ، كالحج .
وهذا مما يُضعف القول بفرضية الجهاد على الأعيان .
استئذان المرأة
لا تخرج المرأة للجهاد ؛ لأن جهاد النساء جهاد لا شوكة فيه : الحج . كما تقدم .ولأن المرأة ضعيفة ، ولا يؤمن ظفر العدو بها .
قال في الإنصاف :ظاهر قوله : ويمنع النساء إلا طاعنة في السن ؛ لسقي الماء ، ومعالجة الجرحى . منع غير ذلك من النساء وهو صحيح ، وهو ظاهر كلام الأصحاب .
ثم قال تنبيه :ظاهر كلام المصنف أن المنع من ذلك على سبيل التحريم ، وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب . اهـ .
وإنما ذكرت هذه المسألة لأني سمعت من النساء من تقول : إنه يجوز للمرأة أن تخرج بغير إذن زوجها إذا تعيّن الجهاد .والقاعدة الشرعية تنص على أن : درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح .
وقد سُئل الإمام أحمد رحمه الله : فتخاف على المنتقل بعياله إلى الثغر الإثم ؟ قال : كيف لا أخاف الإثم ، وهو يعرض ذريته للمشركين .
(1/286)
قيل : فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها . قال : هذا للواحدة . ليس الذرية . اهـ .
أقول : وهذا محمول على الثغور المخوفة .
وختاماً أرجو أن أكون قد وُفّقت في تناول هذا الموضوع ، والإفادة فيه .والله أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
الرياض - 1422 هـ
...
15-هل مَنَع ابن الصّلاح من تصحيح وتضعيف الأحاديث ؟
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد :
فهذا بحث حول مسألة كثُر الكلام حولها ، والحديث عنها ، قديماً وحديثاً ، ألا وهي : هل منع ابن الصلاح من تصحيح الحديث في العصور المتأخرة إطلاقاً ، أو منع من التصحيح إلا بِقُيود ؟
وهل خالف ابن الصلاح غيره من الأئمة ممن صححوا بعض الأحاديث ، فضعّفها أو العكس ؟
هذا ما سعيت إليه من خلال هذا البحث .
وقد تتبعت أحكام ابن الصلاح من خلال ثلاثة كُتُب :
الأول : فتاوى ابن الصلاح نفسه ، وقد جَعلتُ ما نقلته عنه في آخر البحث لبيان نتيجة البحث .
الثاني : سُبُل السلام ، للإمام الصنعاني .
الثالث : كتاب " نيل الأوطار " للإمام الشوكاني .
واستعنت بالكتابين الأخيرين لأنهما ينقلان أحكام ابن الصلاح على بعض الأحاديث ، وربما كان النقل من مصادر غير متوفِّرة في زماننا هذا .
وقد جعلت البحث من ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : في تحرير محلّ النِّزاع .
و المبحث الثاني : في أحكام ابن الصلاح على الأحاديث من خلال ما نقله عنه الإمامان : الصنعاني والشوكاني .
وقد قسمته إلى أقسام ثلاثة :
القِسْم الأول : في موافقة ابن الصلاح لغيره من الأئمة .
و القِسْم الثاني : في مخالفة ابن الصلاح لغيره من الأئمة .
و القِسْم الثالث : فيما انفرد به ابن الصلاح من تصحيح أو تضعيف .
(1/287)
أما المبحث الثالث : فكان في أحكام ابن الصلاح من خلال " فتاواه " المطبوع بعنوان : فتاوى ومسائل ابن الصلاح في التفسير والحديث والأصول والفقه . ومعه أدب المفتي والمستفتي (1) .
وإذا خرّجت الحديث ، فإن كان في الصحيحين أو في أحدهما اكتفيتُ بِذكره لشهرتها ، مُكتفياً برقم الحديث ، وإليه الإشارة بحرف (ح) رمزاً لرقم الحديث .
وإن كان الحديث في غيرهما ذكرت رقمه أيضا مما اعتُمد فيها الرقم ، ولا أذكر الجزء والصفحة إلا عند الحاجة إليه ، كأن يكون الكلام عقب الحديث ، ونحو ذلك .
وإن كان الحديث فيما أنقله من أقوال الأئمة : ابن الصلاح والصنعاني والشوكاني فإني لا أُخرِّجه ، لخروجه عن المقصود ، إلا لزيادة فائدة ، كأن يكون من أخْرَج الحديث تكلّم في الحديث تصحيحاً أو تضعيفاً ونحو ذلك مما تدعو إليه الحاجة .
في مُخالفة ابن الصلاح أو موافقته لغيره قد يتكرر الحديث ، وذلك لأنه قد يُخالِف غيره ، فأذكره في المخالَفَة ، وقد يُوافق غيره فأذكره في الموافقة .
ومثال ذلك أن يُضعِّف حديثا صححه الحاكم – مثلاً – ، ويكون النووي – مثلا – أو ابن حجر ، ضعّفوا الحديث ، ويكون ابن الصلاح ضعّف الحديث ، فأذكره في الموضعين ، مرة لأنه خالِف غيره ، ومرة لأنه وافَق غيره .
وأسأل الله لنا وله العون والتوفيق والسَّداد .
كتبه / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
المبحث الأول
في تحرير محلّ النِّزاع
المبحث الأول : في تحرير محلّ النِّزاع
ولتحرير محل النِّزاع لا بُدّ من إيراد عِبارة ابن الصلاح في ذلك ، والوقوف مع ألفاظها دون زيادة ولا نُقصان ، من أجل أن يُفهم عنه مُراده ، ومن أجل أن يُفهم كلامه مُجرّداً عن كلام وفهْم غيره .
ذلك أن من مبادئ البحث العلمي : التجرّد عن الأحكام السابقة .
قال ابن الصلاح في مقدمة :
(1/288)
إذا وجدنا فيما نَروي من أجزاء الحديث وغيرها حديثاً صحيح الإسناد ، ولم نَجِده في أحدِ الصحيحين ، ولا منصوصاً على صِحّته في شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة ، فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم بصحته ، فقد تعذّر في هذه الأعصار الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد ، لأنه ما من إسناد من ذلك إلا ونَجِد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه ، عريِّاً عما يُشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان . فآل الأمر إذاً - في معرفة الصحيح والحسن - إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة التي يُؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف ، وصار معظم المقصود - بما يُتداول من الأسانيد خارجاً عن ذلك - إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة ، زادها الله تعالى شرفاً ، آمين (2) .
ومن أجل تحرير محلّ النِّزاع فسوف أقِف مع عبارة ابن الصلاح ، فأقول :
قوله : " إذا وجدنا فيما نَروي من أجزاء الحديث وغيرها " هذا يعني أنه فيما يُروى في زمانه ، أي بأسانيد أهل زمانه .
وقوله : " فإنا لا نتجاسر على جَزْمِ الْحُكْمِ بِصِحَّتِه " ويبدو لي أن هناك فرقاً بين الْحُكم بصحّة الحديث ، والجزم بصحّته .
ويؤيِّد هذا الفهم قول ابن الصلاح قبل ذلك في الحديث الصحيح : " وليس من شرطه أن يكون مقطوعاً به في نفس الأمر ، إذ منه ما ينفرد بروايته عدل واحد ، وليس من الأخبار التي أجمعت الأمة على تلقيها بالقبول " (3) .
فهو يُفرِّق بين القطع والجزم ، وبين الْحُكم ، وهذا يبدو لي أنه واضح وظاهر في تقريره .
ولذلك قال : " فقد تعذّر في هذه الأعصار الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد " .
ولو سألناه : لماذا ؟
لكانت إجابته : " لأنه ما من إسناد من ذلك إلا ونَجِد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه ، عريِّاً عما يُشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان "
(1/289)
ويهمنا كثيراً معرفة عود الضمير في قوله : " من ذلك " أي من تلك الأسانيد التي في زمانه ، والتي تُروى بها الأحاديث المسندة في الأجزاء الحديثية في الأزمنة المتأخِّرة .
وما الذي حملني على هذا الفهم ؟
أقول :
قول ابن الصلاح نفسه في أول كلامه : " إذا وجدنا فيما نَروي من أجزاء الحديث وغيرها " فهو فيما يَروي هو أو يَروي غيره من الأجزاء الحديثية وغيرها ، أي مما اتّصل إسناده إلى زمانه .
ولا يُنتقد على ابن الصلاح كونه ذَكَر الحفظ والضبط والإتقان ، لأن الضبط ضبطان :
ضبط صدر ، وضبط كتاب .
فلا يُتعقّب بأنه اشترط الحفظ ، والحفظ ليس من شرط الصحيح .
لأنه جمع بين ثلاثة أوصاف : الحفظ والضبط والإتقان .
وقد قال : أعلم أن الرواية بالأسانيد المتصلة ليس المقصود منها في عصرنا وكثير من الأعصار قَبْلَه إثبات ما يُروى ، إذ لا يخلو إسناد منها عن شيخ لا يَدرِي ما يرويه ولا يضبط ما في كتابه ضبطاً يصلح لأن يعتمد عليه في ثبوته ، وإنما المقصود بها بقاء سلسلة الإسناد التي خُصّت بها هذه الأمّة (4) .
فهو قد بيّن قصده من الضبط والحفظ ، وأن الضبط خفّ في الأعصار المتأخِّرة ، وخُفِّف في قبول الرواية .
والذي يؤكِّد أنه قَصَد ما يُرْوَى في زمانه من أجزاء بأسانيد أهل زمانه أنه نصّ في آخر كلامه على ذلك فقال : " وصار معظم المقصود - بما يُتداول من الأسانيد خارجاً عن ذلك - إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة " .
فهذا نصّ واضح جليّ في أنه يعني بذلك الأسانيد التي في زمانه .
وهذا شِبه اتِّفاق .
أي أن الأسانيد المتأخِّرة لا يُعرف حال كثير من رجالها ، وأن الأئمة تساهلوا وتجاوزوا فيها من اشتراط الضبط والإتقان ، وذلك لأجل إبقاء سلسلة الإسناد التي خصّ الله بها هذه الأمّة .
(1/290)
ولا نذهب بعيداً في زمن كمثل زمن ابن الصلاح ، بل في أزمنة مُتقدِّمة ، كَزَمَنِ الحافظ الطبراني ، فإن بعض شيوخه لا يُعرف ، أو لا يَكاد الباحث يقف لهم على تراجم ، وما ذلك إلا لِضعف العناية بالأسانيد وبتتبّع أحوال الرِّجال بعد تدوين السنة في القرنين الثاني والثالث .
وصار الأئمة يَقْبَلُون الرواية والأسانيد من أجل إبقاء سلسلة الإسناد ، لا من أجل الْحُكْم عليها ولا العَمَل بموجبها .
والقول بأن العناية بالأسانيد قلّت في الأزمنة المتأخِّرة قول لم ينفرد به ابن الصلاح بل قال به غير واحد من الأئمة ، وكأنه محل اتِّفاق .
فقد نص الإمام النووي على ذلك بقوله : أعرض الناس هذه الأزمان عن اعتبار مجموع الشروط المذكورة لكون المقصود إبقاء سلسلة الإسناد المختص بالأمة ، فَلْيُعتَبَر ما يليق بالمقصود ، وهو كون الشيخ مُسلِما بالغا عاقلا غير متظاهر بفسق أو سخف ، وبضبطه بوجود سماعه مُثْبَتاً بِخَطِّ غير مُتَّهم ، وبروايته من أصل مُوافِق لأصلِ شيخه ، وقد قال نحو ما ذكرناه الحافظ أبو بكر البيهقي (5) .
وعبارة البيهقي : توسّع من توسع في السماع من بعض محدثي زماننا (6) الذين لا يَحفظون حديثهم ولا يُحسِنون قراءته من [ كتبهم ] (7) ولا يَعرفون ما يُقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم ، وذلك لتدوين الأحاديث في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث . قال : فمن جاء اليوم بحديث لا يُوجد عند جميعهم لا يُقبل منه ، ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته ، والحجّة قائمة بحديثه برواية غيره (8)، والقصد من روايته والسماع منه أن يَصير الحديث مُسلسلا بِـ (حدثنا) و(أخبرنا) وتَبْقَى هذه الكرامة التي خُصَّتْ بها هذه الأمة شرفاً لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم .
وكذا قال السِّلَفي في جزء له في شرط القراءة .
(1/291)
وقال الذهبي في الميزان (9) : ليس العمدة في زماننا على الرواة بل على المحدِّثين والمفيدين الذين عُرفت عدالتهم وصدقهم في ضبط أسماء السامعين . قال : ثم من المعلوم أنه لا بد من صون الراوي وستره (10) .
وقال الحافظ العراقي : وكذا ينبغي أن نُقَيِّد السماع من الصبي للحديث بعد أن صار الملحوظ فيه إبقاء سلسلة الإسناد إذا مَشينا على صحته ، وهو المعتمد (11) .
وقال : بل توسّعوا حين صار الملحوظ إبقاء سلسلة الإسناد لأكثر من ذلك ، بحيث كان يُكتب السماع عند المزِّي وبحضرته لمن يكون بعيدا عن القارئ ، وكذا للنّاعس والمتحدِّث ، والصبيان اللذين لا ينضبط أحدهم ، بل يلعبون غالبا ولا يَشتغلون بمجرّد السماع ، حكاه ابن كثير (12) .
فهذه كلمات الأئمة مُتتابعة في أن الأسانيد في العصور المتأخِّرة لا يُعتبر بها بِقَدْرِ ما تَبْقَى بها سلسلة الإسناد .
فهل خالَفهم ابن الصلاح ؟
هذا الذي تتابع عليه الأئمة هو ما قاله ابن الصلاح ، حيث قال : وَقَدْ فُقِدَتْ شُرُوطُ اَلأَهْلِيَّةِ فِي غَالِبِ أَهْلِ زَمَانِنَا , وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ مُرَاعَاةُ اِتِّصَالِ اَلسِّلْسِلَةِ فِي اَلإِسْنَادِ (13) .
وقال أيضا : وينبغي بعد أن صار الملحوظ إبقاء سلسلة الإسناد أن يُبكِّر بإسماع الصغير في أول زمان يصح فيه سماعه (14) .
وقال في المسألة الرابعة عشرة : أعرض الناس في هذه الأعصار المتأخرة عن اعتبار مجموع ما بيّنا من الشروط في رواة الحديث ومشايخه ، فلم يتقيدوا بها في رواياتهم ، لتعذر الوفاء بذلك على نحو ما تقدم ، وكان عليه من تقدم (15) .
وكم من الأسانيد يتناقلها العلماء إلى زماننا هذا لا يُعرف حال رواتها ، ولا يُعتبر بها .
وبطبيعة الحال لا يُعمل بها ، ولا يُبنى عليها أحكام .
ولذا قال الإمام القاسمي : توسَّع الحفاظ رحمهم الله تعالى في طبقات السَّماع (16) .
(1/292)
وكان ابن الصلاح قد نصّ أيضا على أن تصانيف الأئمة المعتمدة المشهورة هي التي يُؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف ، وهذا محلّ اتِّفاق ، من أن شُهرة الكُتُب المعتمدة كافٍ عن صحة الأسانيد إلى أصحابها .
ولذا قال الشيخ أحمد شاكر : فالعبرة في رواية المتأخِّرين على الكُتُب والأصول الصحيحة التي اشتُهرت بنسبتها إلى مؤلِّفيها ، بل تواتر بعضها إليهم ، وهذا شيء واضح لا يحتاج إلى بيان (17) .
فزال بذلك اللبس ، أو فَهْم غير ما أراده ابن الصلاح ، من أنه أراد قطع النظر عن الأسانيد كافّة ، وإنما أراد الأسانيد التي تُروى بها الأحاديث في الأزمنة المتأخِّرة .
وهذا سوف يتّضح أكثر ، ويظهر بِجلاء من خلال النقل عن ابن الصلاح ، سواء ما نقله الإمامان : الصنعاني والشوكاني ، أو من خلال أحكامه وعمله في فتاواه .
المبحث الثاني : في أحكام ابن الصلاح على الأحاديث من خلال ما نقله عنه الإمامان : الصنعاني والشوكاني .
المبحث الثاني :
في أحكام ابن الصلاح على الأحاديث من خلال ما نقله عنه الإمامان :
الصنعاني والشوكاني
المبحث الثاني :
في أحكام ابن الصلاح على الأحاديث من خلال ما نقله عنه الإمامان :
الصنعاني والشوكاني
وهذا الْمبحث قسمته إلى ثلاثة أقسام :
القِسْم الأول : في موافقة ابن الصلاح لغيره من الأئمة في حُكمه على الأحاديث
1 - حديث : " إذا صلى أحدكم فليجعل تِلْقَاء وجهه شيئا " الحديث .
حُكم ابن الصَّلاح : أن الحديث مُضطرب ، حيث مثّل له بالمضطرب (18) .
وافَقَ الإمام النووي ، حيث قال النووي في الخلاصة : وقال الحفّاظ هو ضعيف لاضطرابه (19) .
ووافقه الحافظ العراقي (20) ، حيث قال : وقول من ضعّفه أولى بالحق من تصحيح الحاكم له مع هذا الاضطراب والجهالة براويه (21) .
(1/293)
2 - قال الشوكاني في حديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُبال في المغتسل ونهى عن البول في الماء الراكد ، ونهى عن البول في الشارع ، ونهى أن يبول الرجل وفرجه بادٍ إلى الشمس والقمر ، فذكر حديثا طويلا في نحو خمس ورقات على هذا الأسلوب (22) قال الحافظ : وهو حديث باطل لا أصل له ، بل هو من اختلاق عباد بن كثير ، وذكر أن مداره عليه . وقال النووي في شرح المهذب : هذا حديث باطل ، وقال ابن الصلاح : لا يُعرف ، وهو ضعيف (23) .
حُكم ابن الصَّلاح : لا يُعرف ، وهو ضعيف .
وافَقَ الإمام النووي ، ووافقه الحافظ ابن حجر .
3 - قال النووي : الأدعية في أثناء الوضوء لا أصل لها ، ولم يذكرها المتقدِّمون وقال ابن الصلاح : لم يصح فيه حديث (24) .
حُكم ابن الصَّلاح : لم يصح فيه حديث .
وافَقَ النووي ، وحَكَم بأنه لم يصحّ في المسألة حديث .
4 - أورد الشوكاني حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن لا تشرك بالله وإن قُطِّعتَ وحُرِّقت ، وأن لا تترك صلاة مكتوبة متعمدا ، فمن تركها متعمدا فقد برئت منه الذمة ، ولا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر .
ثم قال في أثناء تخريجه : وقال ابن الصلاح والنووي : إنه حديث مُنْكَر (25) .
حُكم ابن الصَّلاح : حديث مُنْكَر .
وافَقَ الإمام النووي .
5 - حديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذٍ ماله وباعه في دَين كان عليه . قال الصنعاني : رواه الدارقطني وصححه الحاكم ، وأخرجه أبو داود مرسلا ورجح إرساله . قال عبد الحق : المرسل أصح من المتصل ، وقال ابن الصلاح في الأحكام : هو حديث ثابت (26)
حُكم ابن الصَّلاح : هو حديث ثابت .
وافَقَ الحاكم ، حيث قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (27) .
فالذي يظهر من حُكمه أنه لم يكتفِ بتصحيح الحاكم .
(1/294)
6 - قال الشوكاني في حديث : "مسح الرقبة أمان من الغلّ " قال ابن الصلاح: هذا الخبر غير معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من قول بعض السَّلف (28)
حُكم ابن الصَّلاح : الخبر غير معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من قول بعض السَّلف .
وافَقَ ابن الصلاح جمع من الأئمة .
قال الحافظ ابن حجر : وقال القاضي أبو الطيب لم تَرِد فيه سنة ثابتة ، وقال القاضي حسين : لم تَرِد فيه سنة ، وقال الفوراني : لم يَرِد فيه خبر . وأورده الغزالي في الوسيط وتعقّبه ابن الصلاح فقال : هذا الحديث غير معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من قول بعض السلف . وقال النووي في شرح المهذب : هذا حديث موضوع ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وزاد في موضع آخر لم يصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء ، وليس هو سنة بل بدعة (29) .
7 - أورد الشوكاني حديث " إذا أنت بايعت فقل : لا خلابة ، ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال ؛ إن رضيت فأمسك ، وإن سخطت فارددها على صاحبها " .
قال ابن الصلاح : وأما رواية الاشتراط فمنكرة لا أصل لها (30) .
حُكم ابن الصَّلاح : رواية الاشتراط مُنكَرة لا أصل لها .
وافَق الرافعي .
وتعقّبه الحافظ ابن حجر فقال : قوله : وجعل لك ذلك ثلاثة أيام . وفي رواية : ولك الخيار ثلاثا . وفي رواية : قُل : لا خِلابة ، واشترط الخيار ثلاثا . قال الرافعي : وهذه الروايات كلها في كتب الفقه ، وليس في كتب الحديث المشهورة سوى قوله : " لا خلابة " انتهى . وأما قوله : ولك الخيار ثلاثا ، فرواه الحميدي في مسنده والبخاري في تاريخه والحاكم في مستدركه من حديث محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر ، ولفظ البخاري : إذا بعت فَقُل : لا خلابة ، وأنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال . وصرّح بسماع بن إسحاق (31) .
8 - وقال في حديث : "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ":
(1/295)
قوله : " رجلٍ ذكر " هكذا في جميع الروايات ووقع عند صاحب النهاية والغزالي وغيرهما من أهل الفقه فلأولى عصبة ذكر ، واعترض ذلك ابن الجوزي والمنذري بأن لفظة العصبة ليست محفوظة . وقال ابن الصلاح : فيها بُعْدٌ عن الصحة من حيث اللغة فضلا عن الرواية ؛ لأن العصبة في اللغة اسم للجمع لا للواحد ، وتعقب ذلك الحافظ فقال : إن العصبة اسم جنس يقع على الواحد فأكثر ، ووصف الرجل بأنه ذكر زيادة في البيان (32) .
حُكم ابن الصَّلاح : فيها بُعْدٌ عن الصحة من حيث اللغة فضلا عن الرواية .
وافَقَ ابن الجوزي والمنذري في كون اللفظة غير محفوظة ، وزاد عليهما استبعاد الرواية من حيث اللغة .
9 – حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه . قال الصنعاني : وصَرَّح بضعفِ الحديث جماعة من الحفاظ كالمنذري وابن الصلاح والنووي وغيرهم (33) .
حُكم ابن الصَّلاح : تصريحه بضعف الحديث .
وافَقَ غيره : فوافق النووي والمنذري ، وهما مِن مُعاصِريه .
10 – حديث " العين وكاء السَّه ، فمن نام فليتوضأ " قال الصنعاني : وحَسَّنَ المنذري والنووي وابن الصلاح حديث عليّ (34) .
حُكم ابن الصَّلاح : تحسين الحديث .
وابن الصلاح حسّن الحديث مع كونه ليس في شيء من الكُتب التي اشترط أصحابها الصحيح فيما جمعه .
فتبيّن بهذا أن قول ابن الصلاح : ثم إن الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة المشهورة لأئمة الحديث : ( كأبي داود السجستاني ) ، و ( أبي عيسى الترمذي ) ، و ( أبي عبد الرحمن النسائي ) ، و ( أبي بكر بن خزيمة ) ، و ( أبي الحسن الدارقطني ) ، وغيرهم . منصوصاً على صحته فيها .
ولا يكفي في ذلك مجرد كونه موجوداً في ( كتاب أبي داود ) ، و ( كتاب الترمذي ) ، و ( كتاب النسائي ) ، وسائر من جمع في كتابه بين الصحيح وغيره (35) .
(1/296)
أنه يعني أن لمن تأهّل للنظر في الأسانيد أن ينظر في أسانيد هذه الكُتُب ، ولذا حسَّن حديث عليّ رضي الله عنه ، مع كونه عند أبي داود (36) وابن ماجه (37) .
ولذلك " قال ابن الصلاح والنووي وغيرهما : إنه يجوز الاحتجاج بما سكت عنه أبو داود ، وصَرّح أبو داود نفسه أنه لا يسكت إلا عن الحديث الصالح للاحتجاج"(38)
فهذا يَنْفِي كونه يمنع التصحيح مُطلقاً ، وإنما يعتمد أحكام الأئمة في المصنّفات المشهورة إذا لم يكن الحديث مما انتُقِد أو تُكلِّم فيه .
11 – حديث : " إنما الطواف بالبيت صلاة فإذا طفْتُم فأقِلُّوا الكلام " .
قال الشوكاني : واختُلِف على عطاء في رفعه ووقفه ، ورجح الموقوف النسائي والبيهقي وابن الصلاح والمنذري والنووي ، وزاد : إن رواية الرفع ضعيفة (39) .
حُكم ابن الصَّلاح : ترجيح الموقوف ، وموافقة البيهقي والنووي والمنذري .
وهذا يعني أنه رجّح رواية على أخرى ، فقال بالوقف دون الرّفع .
.
القِسْم الثاني : في مخالفة ابن الصلاح لغيره من الأئمة
1 - قال الصنعاني في حديث : " إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا ، فإن لم يَجِد فلينْصِب عصا ، فإن لم يكن فليخطّ خطاً ، ثم لا يضره مَن مَرّ بين يديه " أخرجه أحمد وابن ماجه وصححه ابن حبان . ولم يُصِبْ من زعم ( وهو ابن الصلاح ) أنه مُضطرب ، فإنه أورده مثالاً للمضطرب فيه ، بل هو حَسَن ، ونازعه المصنف في النُّكت ، وقد صححه أحمد وابن المديني (40) .
حُكم ابن الصَّلاح : أن الحديث مُضطرب .
وخالَف في ذلك ابن خُزيمة (41) وابن حبّان (42) في تصحيح الحديث .
ومُخالفته هذه تُقيِّد فهم قوله في قبول الحديث : ويكفي مجرد كونه موجوداً في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه (43) بأنه يعني ما لم يُنازَعُوا في صحّته .
وقد تعقّبه الحافظ في النّكت (44) ، فقال : واستدرك عليه شيخنا ما فاته من وجوه الاختلاف فيه .
(1/297)
2 - قال الشوكاني في حديث : " إذا كان دم الحيضة فإنه أسود يعرف ، فإذا كان كذلك فامسكي عن الصلاة ، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي ، فإنما هو عِرق . رواه أبو داود والنسائي . الحديث رواه ابن حبان والحاكم وصححاه ، وأخرجه الدارقطني والبيهقي والحاكم أيضا بزيادة : فإنما هو داء عرض ، أو ركضة من الشيطان ، أو عرق انقطع ، وهذا يَرُدّ إنكار ابن الصلاح والنووي وابن الرفعة لزيادة انقطع (45) .
حُكم ابن الصَّلاح : إنكار زيادة لفظة " انقَطَع ".
خالَف تصحيح الحاكم (46) للحديث بتمامه .
وهذا يؤكِّد أن ابن الصلاح يحكم على الأحاديث بل على اللفظة الواحدة ، وإن خالَف الأئمة المتقدِّمين الذين صحّحوه .
3 - قال الشوكاني في حديث التسمية على الوضوء : قال ابن الصلاح : انقلب إسناده على الحاكم (47) .
حُكم ابن الصَّلاح : انقلب إسناده على الحاكم .
خالَفَ الحاكم في تصحيح الحديث (48) ، فإن المقلوب نوع من الضعيف (49) .
4 - قال الصنعاني في زيادة " وبركاته " في التسليم من الصلاة : وقول ابن الصلاح : " إنها لم تثبت " قد تعجّب منه المصنف ، وقال : هي ثابتة عند ابن حبان في صحيحه ، وعند أبي داود ، وعند بن ماجه (50) .
حُكم ابن الصَّلاح : لم تَثْبُت .
خالَفَ ابن حبان في تصحيح الحديث ، فقد رواه ابن حبان في صحيحه (51) .
قال الحافظ ابن حجر : تنبيه : وقع في صحيح ابن حبان من حديث ابن مسعود زيادة " وبركاته " وهي عند ابن ماجة أيضا ، وهي عند أبي داود أيضا في حديث وائل ابن حُجر ، فيُتَعجَّب من ابن الصلاح حيث يقول : إن هذه الزيادة ليست في شيء من كتب الحديث (52) .
وقد ذَكَرَ لها الحافظ طُرقا كثيرة في تلقيح الأفكار تخريج الأذكار لما قال النووي أن زيادة " وبركاته " رواية فردة .
ثم قال الحافظ بعد أن ساق تلك الطرق : فهذه عِدة طُرق تَثبت بها " وبركاته " بخلاف ما يوهمه كلام الشيخ أنها رواية فردة (53) .
(1/298)
5 - أورد الشوكاني حديث " الأذنان من الرأس " وقال في تخريجه : واعتذر القائلون بأنهما ليستا من الرأس بضعف الأحاديث التي فيها الأذنان من الرأس ، حتى قال ابن الصلاح : أن ضعفها كثير لا ينجبر بكثرة الطرق ، ورُدّ بأن حديث ابن عباس قد صرح أبو الحسن بن القطان أن ما أعله به الدارقطني ليس بعلّة ، وصرَّح بأنه إما صحيح أو حسن (54) .
حُكم ابن الصَّلاح : ضَعْفُها كثير لا ينجبر بكثرة الطرق .
وعبارة ابن الصلاح : لعل الباحث الفهم يقول : إنا نجد أحاديث محكوماً بضعفها مع كونها قد رويت بأسانيد كثيرة من وجوه عديدة ، مثل حديث : " الأذنان من الرأس " ونحوه ، فهلا جعلتم ذلك وأمثاله من نوع الحسن ؟ لأن بعض ذلك عَضَد بعضاً ، كما قلتم في نوع الحسن على ما سبق آنفاً .
وجواب ذلك : أنه ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه (55) .
فقد ضعّف الحديث وخالَف ابن حبّان (56) .
وخالَفَ ابن القطّان الفاسي ، وهما مُتعاصِران .
6 - قال الشوكاني في زيادة " وبحمده " في التسبيح في الركوع والسجود :
وحديث أبي جحيفة قال الحافظ : إسناده ضعيف ، وقد أنكر هذه الزيادة ابن الصلاح وغيره ، ولكن هذه الطرق تتعاضد فَيُرَدّ بها هذا الإنكار (57) .
حُكم ابن الصَّلاح : إنكار هذه الزيادة .
خالَفه الحافظ ابن حجر بأن إسناد هذه الزيادة ضعيف ، وقوّى الشوكاني هذه الزيادة بمجموع طُرُقها .
7 - حديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذٍ ماله وباعه في دَين كان عليه . قال الصنعاني : رواه الدارقطني وصححه الحاكم ، وأخرجه أبو داود مرسلا ورجّح إرساله . قال عبد الحق : المرسل أصح من المتصل ، وقال ابن الصلاح في الأحكام : هو حديث ثابت (58)
حُكم ابن الصَّلاح : هو حديث ثابت .
خالَف أبا داود وعبد الحق في كون الحديث مرسلاً ، وحَكَم بثبوته ، وهذا تصحيح للحديث ، بخلاف الإرسال فإنه تضعيف .
(1/299)
8 - حديث معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : العين وكاء السَّه ، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء . رواه أحمد والدارقطني .
قال الشوكاني : وأما حديث معاوية فأخرجه أيضا الدارقطني والبيهقي ، وفي إسناده بقية عن أبي بكر بن أبي مريم وهو ضعيف ، وقد ضَعّف الحديثين أبو حاتم (59) . وحَسَّنَ المنذري وابن الصلاح والنووي حديث عليّ .
حُكم ابن الصَّلاح : تحسين حديث عليّ .
وقد خالَفَ أبا حاتم في تضعيفه للحديث .
9 - حديث : " إنما الطواف بالبيت صلاة فإذا طفْتُم فأقِلُّوا الكلام " .
قال الشوكاني : واختُلِف على عطاء في رفعه ووقفه ، ورجح الموقوف ... ابن الصلاح (60) .
حُكم ابن الصَّلاح : ترجيح الموقوف .
وقد أورته هنا لأنه خالَف الحاكم ، فقد أخرجه الحاكم في المستدرك (61) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وقد أوقفه جماعة .
فالحاكم اختار رواية الرفع وصححها ، ثم ذَكَر أن جماعة أوقفوه ، وقد خالَفه ابن الصلاح فرجّح الوقف .
وهذا يعني أن ابن الصلاح يَحكُم على الأحاديث وإن كان من خرّجها نصّ على صحّتها في كتاب مُعتمَد مشهور .
كما أن ابن حبان (62) أخرج الحديث مرفوعاً .
وكذلك أخرجه ابن الجارود (63) .
10 – حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض : يتصدق بدينار أو بنصف دينار " رواه الخمسة . وقال أبو داود : هكذا الرواية الصحيحة قال : دينار أو نصف دينار ...
وأقرّ ابن دقيق العيد تصحيح ابن القطان ، وقوّاه في الإمام وهو الصواب ... وفي ذلك ما يَرُدّ على النووي في دعواه في شرح المهذب والتنقيح والخلاصة أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم في تصحيحه ، وأن الحق أنه ضعيف باتفاقهم ، وتبع النووي في بعض ذلك ابن الصلاح (64).
حُكم ابن الصَّلاح : تضعيف الحديث .
وقد خالَفَ الحاكم ، فقد أخرج الحديث ثم قال : هذا حديث صحيح (65) .
وخالَفَ تصحيح أبي داود .
(1/300)
وقد تقدّم أن ابن الصلاح يَرَى أن ما سَكَتَ أبو داود عنه صالح للاحتجاج ، وقد صرّح أبو داود بصحّة الرواية ، وخالَفَه ابن الصلاح .
11 - وعن بن أبي أوفى قال : أصبنا طعاما يوم خيبر ، وكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينطلق .
وحديث ابن أبي أوفى أخرجه الحاكم والبيهقي . قال ابن الصلاح في كلامه على الوسيط : هذا الحديث لم يُذكر في كتب الأصول (66) .
حُكم ابن الصَّلاح : هذا الحديث لم يُذكر في كتب الأصول .
خالَفَ الحاكم ، فقد أخرج الحديث وقال : حديث صحيح على شرط البخاري (67) .
وابن الصلاح يعتبر مستدرك الحاكم من الأصول ، ولكن فاته أن الحاكم أخرجه
فسبحان من لا تخفى عليه خافية .
.
القِسْم الثالث : فيما انفرد به ابن الصلاح من تصحيح أو تضعيف .
1 - قال الشوكاني في حديث : " لا تُساووهم في المجالس " : وفي إسناده عمرو بن سمرة عن جابر الجعفي ، وهما ضعيفان . قال ابن الصلاح في كلامه على الوسيط : لم أجد له إسناداً يَثبت (68) .
حُكم ابن الصَّلاح : لم أجد له إسناداً يَثْبُت .
وهذا حُكم انفرد به ابن الصّلاح ، ونقله عنه الحافظ (69) .
وهذا يعني أن ابن الصلاح لو وَجَد إسناداً يثبت حَكَم له بالصِّحة والثّبوت .
2 – حديث : " لو يعلم المارّ بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراّ له من أن يمر بين يديه " قال أبو النضر : لا أدري قال : أربعين يوما ،أو شهرا ، أو سنة . رواه الجماعة .
قوله : " ماذا عليه " في رواية للبخاري " من الإثم " تفرد بها الكشميهني (70) .
قال الحافظ ابن حجر : قوله : " ماذا عليه " زاد الكشميهني : " من الإثم " وليست هذه الزيادة في شيء من الروايات عند غيره والحديث ... وأنكر ابن الصلاح في مشكل الوسيط على من أثبتها في الخبر ، فقال : لفظ " الإثم " ليس في الحديث صريحا (71) .
المبحث الثالث :
في أحكام ابن الصلاح على الأحاديث من خلال فتاواه
المبحث الثالث :
(1/301)
في أحكام ابن الصلاح على الأحاديث من خلال فتاواه (72)
سُئل ابن الصلاح عن ما يُروى أنه صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي على صاع أو صاعين من شعير ، وأنه صلى الله عليه وسلم مات وله حصون وأرض . فهل هذه الأحاديث صحاح أنه صلى الله عليه وسلم مات وهو فقير ؟
فأجاب :
روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير ، وكان له مما أفاء الله تبارك وتعالى أراض بخيبر وفَدَك وغيرهما ، وكانت مُعَدَّة لنوائبه ولم تُورَث منه لقوله صلى الله عليه وسلم : إنا لا نورث ما تركنا صدقة . وكل هذا صحيح ولا تناقض فيه (73) .
وسُئل : مسألة صوم رجب كله هل على صائمِهِ إثم أم له أجر ؟
وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه ابن دحية الذي كان بمصر أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جهنم لَتُسَعَّر من الحول إلى الحول لصوّام رجب . هل صح ذلك أم لا ؟
فأجاب :
لا إثم عليه في ذلك ، ولم يؤثمه بذلك أحد من علماء الأمة فيما نعلمه . بلى ، قال بعض حفاظ الحديث : لم يثبت في فضل صوم رجب حديث ، أي فضل خاص ، وهذا لا يوجب زهداً في صومه فيما ورد من النصوص في فضل الصوم مُطلقاً ، والحديث الوارد في كتاب السنن لأبي داود وغيره في صوم الأشهر الحرم كافٍ في الترغيب في صومه .
وأما الحديث في تسعير جهنم لصوامه فغير صحيح ، ولا تَحِلّ روايته ، والله أعلم (74) .
وسُئل : إذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أقوام أنهم من أهل الجنة وهم مؤمنون مصدقون بخبره صلى الله عليه وسلم فهل يأمنوا المكر لما أخبرهم به من أنهم من أهل الجنة ؟ وسمعنا عن عمر رضي الله عنه أنه قال : لا آمن مَكْرِه ورجلي الواحدة في الجنة والأخرى بَرّا ! فهل هذا عن عمر رضي الله عنه صحيح أم لا ؟
فأجاب :
(1/302)
هذا القول عن عمر رضي الله عنه لسنا نُصَحِّحُه بل أصل كونه لم يأمن مكر الله تعالى ، وأنه كان شديد الخوف مما بين يديه - ثابت عنه (75) .
وقال في جواب له :
وروى أيضا الإمام الحسن بن سفيان النسوي صاحب المسند وغيره في إسناده وتُكُلِّم في توثيق رجاله عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أُعْطِيَتْ أمتي في شهر رمضان خمساً . وقال : وأما الثانية : فإنهم يُمْسُون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك . وروى هذا الحديث الفقيه الحافظ أبو بكر السمعاني (76) رحمه الله في أماليه ، وأمْلَى فيه مَجْلِساً كبيراً ، وقال : هذا حديث حَسَن (77) .
فهو بهذا قد اعتبر تصحيح المتأخِّرين في غير المصنّفات المشهورة المعتمدة ، بل في الأمالي والأجزاء .
وسُئل عن صلاة التسبيح ، وهل هي من السنة أم من البدعة ؟ وهل صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق أم لا ؟
فأجاب :
هي سنة غير بدعة ، وهي مروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثها حديث حسن مُعتَمَد معمول بمثله لا سيما في العبادات والفضائل ، وقد أخرجه جماعة من أئمة الحديث في كتبهم المعتمدة : أبو داود السجستاني ، وأبو عيسى الترمذي ، وأبو عبد الله بن ماجه ، والنسائي وغيرهم ، وأورده الحاكم أبو عبد الله الحافظ في صحيحه المستدرك ، وله طرق يعضد بعضها بعضا ، وذكرها صاحب التتمة (78) .
وقد خالَفَ غيره في هذا الْحُكُم .
فالحاكم أخرجه في المستدرك (79) ولم يُصحِّحه .
وأبو داود ذَكَرَ الخلاف في رفعه ووقفه (80) .
والترمذي رواه واستغربه ، فقال : هذا حديث غريب من حديث أبي رافع (81) .
فـ ابن الصلاح حَكَم على هذا الحديث بأنه " حديث حسن مُعتَمَد " ، مع أنه لم يُصحَّح في أي من الكُتب التي ذكرها ، بل هو إلى التضعيف أقرب ، فيكون قد انفرد بهذا التحسين .
وقد قال العقيلي : وليس في صلاة التسابيح حديث يثبت (82) .
(1/303)
بل هو يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك يرى تصحيح الحديث والعمل به إذا اعتضد بالعمل .
ومعلوم أن التأويل فرع التصحيح .
وقد سُئل عن تلقين الموتى بعد الدفن ، هل هو مشروع ؟ وإذا شُرِع ذلك فهل يشرع تلقين الطفل الرضيع ؟ وما الدليل على ذلك ؟ وعلة تلقين الطفل مطلوب ؟
فأجاب :
أما تلقين البالغ فهو الذي نختاره ونعمل به ، وذكره جماعة من أصحابنا الخراسانيين ، وقد روينا حديثاً من حديث أبي أمامة ليس بالقائم إسناده ، ولكن اعتضد بشواهد ، وبِعمل أهل الشام به قديما (83) .
وقال ابن الصلاح : وأما بغلة النبي صلى الله عليه وسلم المسماة بـ (دلدل) فمن الدليل على أنها كانت أنثى ما جاء في خبرها عن موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه قال : كانت دلدل بغلة النبي صلى الله عليه وسلم أول بغلة رُئيت في الإسلام أهداها له المقوقس .
قال الراوي : وبَقِيَتْ حتى كان زمن معاوية .
وروى محمد بن سعد بِسندٍ له أن اسم بغلة النبي صلى الله عليه وسلم الدلدل وكانت شهباء ، وكان بينبع حتى ماتت . ثم قال ابن سعد - وهو ثقة - : أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي وقبيصة بن عقبة قالا : حدثنا سفيان الثوري عن جعفر عن أبيه قال : كانت بغلة النبي صلى الله عليه وسلم تسمى الشهباء . وهذا إسناد رجاله أثبت (84) .
الخاتمة
الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
هذه خاتمة المطاف ، ومن خلال هذا البحث اتّضحت أمور ، وتبيّنت معالم ، أوجزها في هذه النُّقاط :
1 - أن ابن الصلاح رحمه الله يُفرِّق بين صحة الحديث وبين الجزم والقَطْع بها ، كما أنه يُفرِّق بين صحّة الحديث ، وبين قولهم : إسناده صحيح .
فقد سأله سائل في الفتاوى (85) فقال : ذكرت في كتابك الذي صنفته في علوم الحديث فوائد جمة ، إلا أن في أوله أو قالوا في حديث أنه غير صحيح فليس ذلك قطعا بأنه كذب في نفس الأمر ، إذ قد يكون صدقاً في نفس الأمر ، وإنما المراد به أنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور . والله أعلم .
(1/304)
وقد رأينا قد ذُكِر عن الأئمة أنهم قالوا في الحديث : حديث إسناده صحيح ومتنه غير صحيح ، أو إسناده غير صحيح ومتنه صحيح ، أو صحيح ، أو إسناده ضعيف ومتنه ضعيف ، وأيضا لهم كتب الموضوعات ، ويقولون من فلان ، الله أعلم من وضعه فهذا يدل على أنه في نفس الأمر غير صحيح ، فإن رأى أن يَذْكُر في شرح هذا ما يشفي به غلة الطالب فعل ذلك .
فأجاب :
الذي يَرِد من هذا على ذلك قولهم : إسناده صحيح ومتنه غير صحيح وجوابه أن في كلامي احتراز عنه وذلك في قولي أنه يصح إسناده على الشرط المذكور ، ومتى كان المتن غير صحيح فمُحال أن يكون له إسناد صحيح على الشرط المذكور ؛ لأنه من الشرط المذكور فلا يكون شاذاً أو لا معللاً ، والذي أوردتموه لا بد أن يكون في إسناده شذوذ أو علة تعلله ، ولأجل ذلك لا يصح به المتن ، فإن أُطلِق عليه أنه إسناد صحيح فلا بالتفسير الذي ذكرته ، بل بمعنى أن رجال إسناده عدول ثقات هذا فحسب ، وما بعد هذا لا يمس ما ذكرته إلا قولهم في بعض الأحاديث أنه موضوع .
والجواب أنه ليس في الكلام الذي ذكرته إنكار لذلك ، وإنما فيه أنه لا يُستفاد ولا يُفهم من قولهم هذا الحديث غير صحيح أكثر من أنه لم يصح له إسناد على الشرط المذكور ، وهذا كذلك لأن هذا الكلام لا يظهر من معناه أنه كذب في نفس الأمر ومهما أردنا أن نذكر أنه كذب في نفس الأمر احتجنا إلى زيادة لفظ مثل أن يقول هو موضوع ، أو كذب ، أو نحو ذلك ، والله أعلم .
قولي لم يصح إسناده عام أي لم يَصِحّ له إسناد . والله أعلم . اهـ .
2 – أن ما فُهم عن ابن الصلاح من أنه يمنع التصحيح مُطلقاً ، أو أنه يقول بانقطاع التصحيح في الأعصار المتأخِّرة غير صحيح ، بل رأينا يُصحِّح ويُضعِّف ، وينفرد بأحكام حديثية لم يُسبق إليها .
(1/305)
3 – أن أحكام ابن الصلاح لم تكن تقليداً لغيره ، كما يُفهم عنه أنه بعد أن رأى انقطاع زمن التصحيح والتضعيف ، أن مآل التصحيح والتضعيف على ما وُجِد من أحكام الأئمة .
إذ رأينا :
4 - أن ابن الصلاح يجتهد في حُكمه على الأحاديث صحة وضعفاً بما يراه ، لا تقليداً لغيره .
5 – أن ابن الصلاح يُخالِف الأئمة المتقدِّمين ، فنجده يُصحِّح ما ضعّفوه ، أو يُضعِّف ما صحَّحوه .
6 – أن ابن الصلاح اعتمد تصحيح المتأخِّرين ، وذلك واضح في اعتماده تحسين السمعاني .
7 – أن هذه النتائج تجعلنا نُعيد النّظر في كلام ابن الصلاح ، ونفهم عنه خلاف ما اشتُهر عنه من أنه يمنع التصحيح ، فهذا القول وإن أطلقه غير واحد من أهل العلم إلا أنه عند التحقيق لا يَثبت مُقابِل تصرّف ابن الصلاح نفسه .
بل لو فُهِم منه ذلك على إطلاقه لم يكن لتأليفه كتابه " علوم الحديث " كبير فائدة !
إذ ما الفائدة من معرفة الصحيح والحسن والشاذ والْمُنكَر ، وسائر علوم الحديث إذا لم يكن لها ثمرة وفائدة ، وهي التصحيح والتضعيف ؟
8 – أن قول ابن الصلاح : " فآل الأمر إذاً - في معرفة الصحيح والحسن - إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة التي يُؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف " لا يُمكن فهمه على أنه لا يعتمد تصحيح الأئمة وأحكامهم في كُتبهم الأخرى ، كالسؤالات ، وذلك لأمور :
الأول : أن الغالب على أحكام الأئمة هي في كُتبهم المعتمدة لمشهورة ، كالترمذي والحاكم – مثلاً – فأكثر أحكامهم في كُتبهم المشهورة دون السؤالات .
الثاني : أن شُهرة هذه المصنّفات أشهر من الكُتب المؤلّفة في السؤالات .
الثالث : أن تصرّف ابن الصلاح بخلاف هذا الفهم .
الرابع : أن أتبع قوله السابق بقوله : " وصار معظم المقصود بما يُتداول من الأسانيد خارجاً عن ذلك " .
فهذا يُبيِّن لنا بجلاء قصد ابن الصلاح ، وأنه قسّم الكُتب إلى قسمين :
1 - مُصنّفات معتمدة مشهورة .
(1/306)
2 – أجزاء مُتداولة في العصور المتأخرة ، لا يؤمن معها الخلل ، ولا يُعتمد عليها
9 – أنه ينبغي على الباحث أن يتجرّد عند بحثه من الأحكام السابقة ، والْمُقرَّرات الذهنية السالفة ، ليكون مُنصِفاً .
10 – أنه ينبغي حمل كلام العالِم بعضه على بعض ، فإذا وُجِد له كلام مُوهِم حُمِل على ما ليس مُوهِماً ، بل يُحمَل على منهجه والخطّ العام الذي سار عليه .
المراجِع
الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ، ترتيب ابن بلبان الفارسي . ط . مؤسسة الرسالة ، بيروت ، الطبعة الثانية 1414 هـ تحقيق شعيب الأرنؤوط .
الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ، تأليف الشيخ أحمد شاكر . ط. دار العاصمة ، الرياض ، الأولى 1415 ، تحقيق علي بن حسن الحلبي .
تدريب الراوي في شرح تقريب النوواي ، تأليف الإمام السيوطي . ط. دار الكتاب العربي ، بيروت ، 1409
التقييد والإيضاح لما أُطلِق وأُغلِق من مقدّمة ابن الصلاح تأليف الحافظ العراقي ، ط . مؤسسة الكُتب العلمية .
التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ، تأليف الحافظ ابن حجر ، 1384 تحقيق السيد عبد الله هاشم اليماني .
جامع الترمذي . تأليف الإمام محمد بن عيسى الترمذي . ط . دار إحياء التراث ، بيروت . تخقيق أحمد شاكر وآخرون .
سُبُل السلام ، تأليف الإمام الصنعاني . ط. دار إحياء التراث ، بيروت ، الرابعة ، 1379 ، تحقيق محمد عبد العزيز الخولي .
سلسة الأحاديث الصحيحة ، تأليف الشيخ الألباني . ط. دار المعارف ، الرياض ، 1415
سنن أبي داود . تأليف الإمام سليمان بن الأشعث السجستاني . ط . المكتبة العصرية .
سير أعلام النبلاء ، تأليف الإمام محمد بن أحمد الذهبي . ط. مؤسسة الرسالة ، بيروت السابعة 1410 تحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرون .
طبقات الفقهاء ، تأليف الإمام الشيرازي . ط. دار القلم ، بيروت ، تحقيق خليل الميس
فتاوى ومسائل ابن الصلاح في التفسير والحديث والأصول والفقه . ومعه أدب المفتي والمستفتي .
(1/307)
فتح المغيث شرح ألفية الحديث ، تأليف الحافظ العراقي . ط. دار الكتب العلمية ، بيروت ، الأولى ، 1414، تحقيق صلاح عويضة .
قواعد التحديث ، تأليف الإمام القاسمي . ط.دار النفائس ، بيروت ، الأولى ، 1407
كتاب الضعفاء ، تأليف الحافظ العقيلي . ط. دار الكتب العلمية ، بيروت ، الأولى ، 1404 ، تحقيق عبد المعطي قلعجي .
مستدرك الحاكم ، تأليف الإمام الحاكم . ط. دار الكتب العلمية ، بيروت ، الأولى 1411 ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا .
المنتقى ، تأليف الإمام ابن الجارود . ط. مؤسسة الكتاب ، بيروت ، الأولى ، 1408، تحقيق عبد الله عمر البارودي .
ميزان الاعتدال في نقد الرِّجال ، تأليف الإمام الذهبي . ط. دار الكتب العلمية ، بيروت ، الأولى ، 1995 ، تحقيق عادل عبد الموجود ، وَ علي معوّض .
النكت على كتاب ابن الصلاح ، تأليف الحافظ ابن حجر . ط. الجامعة الإسلامية في المدينة ، الأولى ، 1404
نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار ، تأليف الإمام الشوكاني . ط. دار الجيل ، بيروت ، 1973
--------------------------------------------------------------------------------
(1) ويقع في مُجلّدين .
(2) علوم الحديث " مُقدِّمة ابن الصلاح " المطبوع مع التقييد والإيضاح للحافظ العراقي . ص (27-29) .
(3) علوم الحديث ، مرجع سابق . ص (26) .
(4) قواعد التحديث ، للقاسمي . ص (225) .
(5) التقريب والتيسير . نقلاً عن تدريب الراوي (1/290) .
(6) والإمام البيهقي توفي سنة 458 هـ .
(7) في تدريب الراوي : مِن كسبهم . والصواب من كُتُبهم .
(8) وهذا موافق لقول ابن الصلاح ، فيما يُروى من الأسانيد في زمانه .
(1/308)
(9) (1/114، 115) وعبارته فيه : وكذلك من قد تُكُلِّم فيه من المتأخِّرِين لا أُورِد منهم إلا من قد تبين ضعفه واتّضح أمره من الرواة ، إذ العمدة في زماننا ليس على الرواة بل على المحدِّثين والمفيدين والذين عُرفت عدالتهم وصدقهم في ضبط أسماء السامعين . ثم من المعلوم أنه لا بُدّ من صون الراوي وستره .
(10) تدريب الراوي ، للسيوطي (1/290 ، 291) وقول البيهقي نقله عنه ابن الصلاح في المقدمة (151)
(11) فتح المغيث شرح ألفية الحديث (2/13) .
(12) فتح المغيث شرح ألفية الحديث (2/51) .
(13) نَقَله ابن كثير في اختصار علوم الحديث . ( الباعث الحثيث – مرجع سابق – 1/321) .
(14) علوم الحديث ، مرجع سابق . ص (157) .
(15) علوم الحديث ، مرجع سابق . ص (151) .
(16) قواعد التحديث ، مرجع سابق . ص (227) .
(17) الباعث الحثيث (1/322) .
(18) علوم الحديث ، مرجع سابق . ص (122) .
(19) نَقَله عنه الحافظ العراقي في التقييد والإيضاح . ص (123) .
(20) التقييد والإيضاح ، مرجع سابق . ص (122، 123) .
(21) المرجع السابق . ص (123) .
(22) أي بهذا السرد المتتابِع ، وإلا فقد صح النهي عن بعضها .
(23) نيل الأوطار (1/102)
(24) سبل السلام (1/57) ونيل الأوطار (1/217) .
(25) نيل الأوطار (1/371) .
(26) سبل السلام (3/56) .
(27) المستدرك (ح 2348) .
(28) نيل الأوطار (1/203) .
(29) التلخيص الحبير (1/92) .
(30) نيل الأوطار (5/288) .
(31) التلخيص الحبير (3/21) .
(32) نيل الأوطار (6/170) .
(33) سبل السلام (1/53) .
(34) سبل السلام (1/713) .
(35) علوم الحديث ، مرجع سابق . وتقدّم هذا النقل .
(36) (ح 203) .
(37) (ح 477) .
(38) نيل الأوطار (1/350) .
(39) نيل الأوطار (1/261) .
(40) سبل السلام (1/146) ونيل الأوطار (3/5) .
(41) فقد أخرجه في صحيحه (ح 811) .
(42) الإحسان (ح 2361 ، ح 2376) .
(43) علوم الحديث ، مرجع سابق . ص (32) .
(44) (2/773) .
(1/309)
(45) نيل الأوطار (1/342) .
(46) (ح 623) .
(47) نيل الأوطار (1/165) .
(48) (ح 519) .
(49) يُنظر ما قرره ابن الصلاح في علوم الحديث في النوع الثاني والعشرين . التقييد والإيضاح . ص (131) .
(50) سبل السلام (1/196) .
(51) (ح 1993) .
(52) التلخيص الحبير (1/271) .
(53) نقلا عن نيل الأوطار (2/338) .
(54) نيل الأوطار (1/200) .
(55) علوم الحديث مع التقييد والإيضاح . ص (51) .
(56) فقد ذَكَر الحافظ العراقي في التقييد والإيضاح . ص (51) أن ابن حبان أخرجه من رواية شهر بن حوشب وهو ضعيف عند الجمهور .
ولم أجد الحديث عند ابن حبان ، ولا ذكره الألباني في الصحيحة (ح 36) عند تخرجه للحديث .
(57) نيل الأوطار (2/273) .
(58) سبل السلام (3/56) ، وقد تقّدم في القِسْم الأول لموافقته للحاكم .
(59) نيل الأوطار (1/242) ، ويقصد بـ " الحديثين " حديث علي وحديث معاوية . وحديث عليّ سبق في القسم الأول .
(60) نيل الأوطار (1/261) ، وقد تقدّم في القسم الأول موافقته للحفّاظ .
(61) (ح 1687) .
(62) الإحسان (ح 3836) .
(63) المنتقى (ح 461) .
(64) نيل الأوطار (1/352) . .
(65) المستدرك (ح 612) .
(66) نيل الأوطار (8/130) .
(67) المستدرك (ح 2578) .
(68) نيل الأوطار (9/181) .
(69) التلخيص (4/193) .
(70) نيل الأوطار (3/8) .
(71) فتح الباري (1/585) .
(72) المطبوع بعنوان : فتاوى ومسائل ابن الصلاح في التفسير والحديث والأصول والفقه . ومعه أدب المفتي والمستفتي .
(73) فتاوى ابن الصلاح (1/177) .
(74) (1/180) .
(75) (1/181) .
(76) والسمعاني توفِّي سنة سنة عشر وخمسمائة . ( طبقات الفقهاء للشيرازي – ص 250) وفيها : كان فقيها مُحدِّثا حافظا أديبا واعظاً مبرزا جامعا لانتساب العلوم ، ويلقب بتاج الإسلام وزاد على أقرانه وأهل عصره في علم الحديث ومعرفة الرجال وأسانيد وحفظ المتون .
(77) (1/105) .
(78) (1/235) .
(79) (ح 1192) .
(1/310)
(80) السنن (2/30) .
(81) الجامع (2/351) .
(82) الضعفاء (1/124) .
(83) (1/261) .
(84) فتاوى ابن الصلاح (1/155) .
(85) (1/176) .
16-الجمع بين الصلاتين للمسافر وجمع المقيم
المقدمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
أما بعد :
فإن من نِعمة الله عليّ أن مِنّ عليّ بمحبة العِلم وأهله ، فجعل نهمتي في مدارسته .
ومن تمام النعمة أن يسر لي دراسة علم الحديث ضمن برنامج الدراسات العليا ، وبالأخص دراسة أحاديث الأحكام التي لا يستغني عنها مسلم فضلا عن طالب عِلم ، ذلك أنه ما مِن مُصلٍّ ولا صائم ولا عابد لله إلا وهو مُحتاج إلى معرفة أحكام عباداته لتكون عبادته على بصيرة .
ولما كان من المقرر دراسة أحاديث الأحكام فقد كُلِّفت بدراسة بعض أحاديث الجمع بين الصلاتين في السفر ، وما يتعلق بجمع المقيم .
وقد استعنت بالله لدراسة هذه الأحاديث ، دراسة حديثية فقهية .
وقد خرّجت الأحاديث تخريجا متوسّطا مع بيان درجة الحديث من خلال أحكام العلماء المتقدّمين أو المتأخرين ، أو أجمع بين الأقوال ما أمكن .
كما ذَكَرْت بعض المباحث الفقهية المستنبطة من هذه الأحاديث قيد الدراسة .
وقسّمت البحث إلى مبحثين :
المبحث الأول : الجمع بين الصلاتين في السفر .
والمبحث الثاني : جمع المقيم .
وتحت كل مبحث مسائل .
وأتوجه بالشكر الجزيل لفضيلة أستاذنا د . عبد الله السوالمة - حفظه الله - على ما أولاه من عناية وتوجيه .
وأسأل الله أن يستعملنا في طاعته إنه ولي ذلك والقادر عليه .
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
المبحث الأول : الجمع بين الصلاتين في السفر
أولاً : روايات الحديث
عن أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخّر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما ، وإذا زاغت قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب . متفق عليه .
(1/311)
وفي رواية لمسلم : إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم يجمع بينهما .
وفي رواية لمسلم : إذا عَجِلَ عليه السفر يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما ، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق .
ثانياً : تخريج الحديث :
رواه البخاري في كتاب الكسوف باب يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس .
وفي باب إذا ارتحل بعد ما زاغت الشمس صلى الظهر ثم ركب (1) .
ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها (2) .
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر ، وإذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخّر الظهر حتى ينزل للعصر ، وفي المغرب مثل ذلك ؛ إن غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين المغرب والعشاء وإذا ارتحل قبل أن تغيب الشمس أخّر المغرب حتى ينزل للعِشاء ثم جمع بينهما (3) .
قال الترمذي : والمعروف عند أهل العلم حديث معاذ من حديث أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء . رواه قرّة بن خالد وسفيان الثوري ومالك وغير واحد عن أبي الزبير المكي ، وبهذا الحديث يقول الشافعي ، وأحمد وإسحاق يقولان : لا بأس أن يجمع بين الصلاتين في السفر في وقت إحداهما (4).
وفي رواية لمسلم (5) قال معاذ : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك ، فكان يجمع الصلاة ، فصلى الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا ، حتى إذا كان يوما أخّر الصلاة ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ، ثم دخل ، ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعا.
وفي رواية لأحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله يجمع بين الصلاتين في السفر المغرب والعشاء ، والظهر والعصر (6) .
ثالثاً : من مباحث الحديث الفقهية
المسألة الأولى :
ما حدّ السفر ؟
(1/312)
أو ما هي المسافة التي تُبيح الترخّص ؟
لم يرِد في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم تحديد مسافة السفر (7) .
فالفرق بين السفر الطويل والقصير لا أصل له في كتاب الله ولا في سنة رسوله بل الأحكام التي علقها الله بالسفر علقها به مطلقا (8) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وقد تنازع العلماء في قصر أهل مكة خلفه (9) فقيل : كان ذلك لأجل النُّسك ، فلا يَقصر المسافر سفرا قصيرا هناك ، وقيل : بل كان ذلك لأجل السفر ، وكلا القولين قاله بعض أصحاب أحمد ، والقول الثاني هو الصواب ، وهو أنهم قصروا لأجل سفرهم ، ولهذا لم يكونوا يقصرون بمكة وكانوا محرمين ، والقصر مُعلّق بالسفر وجودا وعدما ، فلا يُصلى ركعتين إلا مسافر ، وكل مسافر يصلى ركعتين كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : صلاة المسافر ركعتان ، وصلاة الفطر ركعتان ، وصلاة النحر ركعتان ، وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير نقص - أي غير قصر - على لسان نبيكم ، وفى الصحيح (10) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ، ثم زِيد في صلاة الحضر وأُقِرّت صلاة السفر ، وقد تنازع العلماء : هل يختص بسفر دون سفر ؟ أم يجوز في كل سفر ؟ وأظهر القولين أنه يجوز في كل سفر قصيرا كان أو طويلا ، كما قصر أهل مكة خلف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة ومنى ، وبين مكة وعرفة نحو بريد أربع فراسخ ، وأيضا فليس الكتاب والسنة يخصان بسفر دون سفر لا بقصر ولا بفطر ولا تيمم ، ولم يَحد النبي صلى الله عليه وسلم مسافة القصر بحد لا زماني ولا مكاني . ولا يمكن أن يُحدّ ذلك بِحَدٍّ صحيح ، فإن الأرض لا تذرع بذرع مضبوط في عامة الأسفار ، وحركة المسافر تختلف ، والواجب أن يُطلق ما أطلقه صاحب الشرع ، ويُقيَّد ما قيّده ، فيَقْصُر المسافر الصلاة في كل سفر ، وكذلك جميع الأحكام المتعلقة بالسفر من القصر والصلاة على الراحلة والمسح على الخفين ، ومن قسم الأسفار إلى قصير وطويل ، وخَصّ
(1/313)
بعض الأحكام بهذا ، وبعضها بهذا ، وجعلها متعلقة بالسفر الطويل ، فليس معه حجة يجب الرجوع إليها (11) .
المسألة الثانية :
حُكم الجمع في السفر ، وفيها خمسة أقوال :
القول الأول : جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِعُذْرِ السَّفَرِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ فِي وَقْتِ الأُولَى مِنْهُمَا ، وَجَمْعَ تَأْخِيرٍ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَالْجُمْهُور .
القول الثاني – وهو يُقابِل الأول – : لا يجوز الجمع مطلقا إلا بعرفة ومزدلفة ، وهو قول الحسن والنخعي وأبي حنيفة وصاحبيه ، وأجابوا عما رُوي من الأخبار في ذلك بأن الذي وقع جمع صوري ، وهو أنه أخّر المغرب مثلا إلى آخر وقتها ، وعجّل العشاء في أول وقتها.
القول الثالث : وبه قال الليث ، وهو المشهور عن مالك : أن الجمع يختص بمن جدّ به السير .
القول الرابع : وبه قال عمر بن عبد العزيز والحسن والأوزاعي : أن الجمع في السفر يختص بمن له عذر .
القول الخامس : وبه قال أحمد في رواية ، واختاره ابن حزم ، وهو مروي عن مالك : أنه يجوز جمع التأخير دون التقديم (12) .
وقد أُجيب عن القول الثاني – وهو منع الجمع إلا بعرفة ومزدلفة - بأجوبة ، منها :
1 – بما ثبت من الأحاديث التي جاء فيها التصريح بالجمع ، وأنه رخصة ، وقد ثبت في صحيح مسلم (13) عن يعلي بن أمية قال : قلت لعمر بن الخطاب : ( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) فقد أمِنَ الناس ، فقال : عجبت مما عجبت منه ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : صدقة تصدّق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته .
وبين الجمع والقصر تلازم ، فإن من جاز له القصر جاز له الجمع ، ولا عكس .
(1/314)
2 - بأن هذا الجمع الصوري فيه مشقّة ، والجمع المقصود منه التيسير على المسافر .
قال الخطابي : ظاهر اسم الجمع عُرفا لا يقع على مَنْ أخّر الظهر حتى صلاها في آخر وقتها ، وعجّل العصر فصّلاها في أول وقتها ؛ لأن هذا قد صلّى كل صلاة منهما في وقتها الخاص بها ، وإنما الجمع المعروف بينهما أن تكون الصلاتان معا في وقت إحداهما . ومعقول أن الجمع بين الصلاتين من الرُّخص العامة لجميع الناس عامهم وخاصّهم ، ومعرفة أوائل الأوقات وأواخرها مما لا يُدركه الخاصة فضلا عن العامة ، وإذا كان كذلك كان في اعتبار الساعات على الوجه الذي ذهبوا إليه ما يُبطل أن تكون هذه الرخصة عامة ، مع ما فيه من المشقة المُرْبِية (14) على تفريق الصلاة في أوقاتها الموقّتة (15) .
وقال ابن عبد البر : ولا معنى للجمع الذي ذهب إليه أبو حنيفة ، ومن قال بقوله ؛ لأن ذلك جائز في الحضر بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في طرفي وقت الصلاة : " ما بين هذين وقت " فأجاز الصلاة في آخر الوقت ، ولو لم يَجز في السفر من سعة الوقت إلا ما جاز في الحضر بطل معنى السفر ومعنى الرخصة والتوسعة لأجله .
ومعلوم أن الجمع بين الصلاتين في السفر رخصة لمكان السفر وتوسعة في الوقت ، كما أن القصر في السفر لم يكن إلا من أجل السفر ، وما يُلقى فيه من المشقة في الأغلب ، وفي ارتقاب المسافر ومراعاته أن لا يكون نزوله إلا في الوقت الذي عدّه أبو حنيفة مشقة وضيقا لا سعة (16) .
وقال ابن قدامة : الجمع رخصة ، فلو كان على ما ذكروه لكان أشد ضيقا وأعظم حرجا من الإتيان بكل صلاة في وقتها ؛ لأن الإتيان بكل صلاة في وقتها أوسع من مراعاة طرفي الوقتين بحيث لا يبقى من وقت الأولى إلا قدر فعلها ، ومن تدبر هذا وجده كما وصفنا ، ولو كان الجمع هكذا لجاز الجمع بين العصر والمغرب والعشاء والصبح ، ولا خلاف بين الأمة في تحريم ذلك (17) .
(1/315)
وقال ابن حجر : الأخبار جاءت صريحة بالجمع في وقت إحدى الصلاتين ، وهو المتبادر إلى الفهم من لفظ الجمع ، ومما يَرُدّ الحمل على الجمع الصوري جمع التقديم (18) .
وأُجيب عن القول الثالث - أن الجمع يختص بمن جدّ به السير - بما جاء في حديث معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر ، وإذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخّر الظهر حتى ينزل للعصر ، وفي المغرب مثل ذلك ؛ إن غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين المغرب والعشاء ، وإذا ارتحل قبل أن تغيب الشمس أخّر المغرب حتى ينزل للعِشاء ثم جمع بينهما (19) .
قال ابن قدامة : وفي هذا الحديث أوضح الدلائل وأقوى الحجج في الردّ على من قال : لا يجمع بين الصلاتين إلا إذا جدّ به السير ، لأنه كان يجمع وهو نازل غير سائر ماكث في خبائه ، يخرج فيصلي الصلاتين جميعا ثم ينصرف إلى خبائه (20) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ظاهر حديث معاذ أنه كان نازلا في خيمة في السفر ، وأنه أخّر الظهر ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ، ثم دخل إلى بيته ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا ، فإن الدخول والخروج إنما يكون في المنزل ، وأما السائر فلا يقال دخل وخرج بل نزل وركب (21)
وذكر ابن عبد البر حديث ابن عمر : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عَجِل به السير يجمع بين المغرب والعشاء .
ثم قال : ليس في حديث ابن عمر هذا ما يدل على أن المسافر لا يجوز له الجمع بين الصلاتين إلا أن يَجِدّ به السير بدليل حديث معاذ بن جبل ؛ لأن فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين في سفره إلى تبوك نازلا غير سائر .
وليس في أحد الحديثين ما يعارض الآخر ، وإنما التعارض لو كان في حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يجمع بين الصلاتين إلا أن يجدّ به السير فحينئذ كان يكون التعارض لحديث معاذ (22) .
(1/316)
قال العراقي : وَحَكَى أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْجَدِّ فِي السَّفَرِ عَنْ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَعُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَفُقَهَاءِ الْمُحَدِّثِينَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ (23) .
وقال الشوكاني :
في الحديث دليل على جواز جمع التأخير في السفر سواء كان السير مُجِدّاً أم لا (24) .
وبمثل هذا أُجيب عن القول الرابع ، في أن الجمع في السفر يختص بمن له عذر .
كما أُجيب عن القول الخامس في أنه يجوز جمع التأخير دون التقديم ، بأحاديث الباب التي فيها جمع التقديم والتأخير دون تفريق ، وبأن هذا القول تحكّم بلا دليل .
المسألة الثالثة :
متى يجوز الجمع للمسافر ؟
يجوز للمسافر الترخّص برخص السّفر إذا فارق عامِر قريته .
فعن أنس رضي الله عنه قال : صليت الظهر مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين (25) .
وروى عبد الرزاق من طريق علي بن ربيعة الأسدي قال : خرجنا مع علي رضي الله عنه ونحن ننظر إلى الكوفة ، فصلى ركعتين ، ثم رجع فصلى ركعتين وهو ينظر إلى القرية ، فقلنا له : ألا تصلي أربعا ؟ قال : حتى ندخلها (26) .
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقصر الصلاة حين يخرج من بيوت المدينة ، ويقصر إذا رجع حتى يدخل بيوتها (27) .
قال الإمام مالك : لا يَقصر الصلاة الذي يريد السفر حتى يخرج من بيوت القرية ، ولا يتم حتى يدخلها أو يقاربها (28) .
قال ابن عبد البر رحمه الله : وهو مذهب جماعة العلماء إلا من شذّ .
وقال : فإذا تأهّب المسافر وخرج من حَضَرِه عازما على سفره فهو مسافر ، ومن كان مسافرا فله أن يُفطر ويقصر الصلاة إن شاء . اهـ (29) .
والمسافر " لا يكون ضاربا في الأرض حتى يخرج " (30) .
المسألة الرابعة :
هل يُشترط للجمع نِيّة عند افتتاح الأولى ؟
لا يُشترط للجمع نِيّة عند افتتاح الأولى .
(1/317)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : اختلفوا في الجمع والقصر هل يشترط له نية ؟ فالجمهور لا يشترطون النية كمالك وأبى حنيفة ، وهو أحد القولين في مذهب أحمد ، وهو مقتضى نصوصه ، والثاني تشترط كقول الشافعي وكثير من أصحاب أحمد كالخرقى وغيره ، والأول أظهر ، ومن عمل بأحد القولين لم يُنكر عليه (31) .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي جمعا ولم يُنقل عنه أنه أمر أصحابه أو أرشدهم إلى ذلك .
المسألة الخامسة :
هل يترخّص المسافر سَفَرَ معصية برخص السفر ؟
لا تباح هذه الرخص في سفر المعصية كالإباق وقطع الطريق والتجارة في الخمر والمحرمات نص عليه أحمد ، وهذا قول الشافعي (32) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وقد تنازع المتأخرون فيمن سافر لزيارة قبر نبي ، أو نحو ذلك من المشاهد ، والمحققون منهم قالوا : إن هذا سفر معصية ولا يقصر الصلاة فيه ، كما لا يقصر في سفر المعصية ، كما ذكر ذلك ابن عقيل وغيره (33) .
وقالوا مثل ذلك في الأكل من الميتة عند الاضطرار ؛ لأن الله لما ذكر تحريم الميتة قال : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) قالوا : والعاصي باغ أو عادٍ ولا يُباح له ذلك (34) .
بل قالوا مثل ذلك في عموم رُخص السفر ، حتى في النافلة في السفر على الراحلة .
قال النووي :
شرط جواز التنفل في السفر ماشيا وراكبا أن لا يكون سفر معصية ، وكذا جميع رخص السفر شرطها أن لا يكون سفر معصية (35) .
وقال في موضع آخر :
مذهبنا جواز القصر في كل سفر ليس معصية سواء الواجب والطاعة والمباح كسفر التجارة ونحوها ، ولا يجوز في سفر معصية ، وبهذا قال مالك وأحمد وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم (36) .
وقال أيضا :
ولا يجوز الجمع في سفر معصية (37) .
وقال ابن عبد البر :
قال مالك : ومن سافر في معصية لم يَجُز له أن يقصر .
(1/318)
وقال الشافعي : إن سافر في معصية لم يقصر ، ولم يمسح مسح المسافر . وهو قول الطبري (38) .
وقال شيخنا الشيخ ابن عثيمين :
مسألة :
رجل سافر لأجل أن يترخّص ، فهل يترخّص ؟
الجواب :
لا ؛ لأن السفر حرام حينئذ ؛ ولأنه يُعاقب بنقيض قصده ، فكلّ من أراد التحايل على إسقاط الواجب أو فعل المحرّم عُوقب بنقيض قصده (39) .
المسألة السادسة :
الجمع بين صلاتي العَشِيّ وبين صلاتي العِشائين في وقت إحداهما للمسافر النازل .
فائدة : في حديث أبي هريرة المتفق عليه (40) : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العَشي .
قال القاضي عياض : قوله : " إحدى صلاتيّ العشيّ " يريد الظهر والعصر ، وكانوا يُصلون الظهر بعَشيّ ، والعَشيّ ما بعد زوال الشمس إلى غروبها . قال الباجي : إذا فاء الفئ ذراعا فهو أول العشيّ (41) .
ومنه قوله سبحانه وتعالى : ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ ) .
مذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين أنه لا يجمع المسافر إذا كان نازلا ، وإنما يجمع إذا كان سائرا ، بل عند مالك إذا جدّ به السير ، ومذهب الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى أنه يجمع المسافر وإن كان نازلا (42) .
قال الإمام العراقي : زَادَ حَدِيثُ مُعَاذٍ عَلَى ذَلِكَ بِبَيَانِ الْجَمْعِ فِي زَمَنِ الإِقَامَةِ الَّتِي لا تَقْطَعُ اسْمَ السَّفَرِ فَوَجَبَ الأَخْذُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (43) .
فالمسافر النازل في البلد لا تجب عليه الجماعة ، بدليل ما رواه الإمام أحمد عن موسى بن سلمة قال : كنا مع ابن عباس بمكة فقلت : إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا ، وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين . قال : تلك سُنة أبى القاسم صلى الله عليه وسلم (44) .
ورواه مسلم (45) عنه قال : سألت ابن عباس كيف أصلي إذا كنت بمكة إذا لم أصل مع الإمام ؟ فقال : ركعتين سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم .
(1/319)
ومما استدلوا به قوله صلى الله عليه وسلم : إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً (46) .
قال ابن حجر : ففضل الجماعة حاصل للمعذور – ثم ذَكَرَ الحديث – (47) .
ولا تجب الجمعة على المسافر .
قال ابن قدامة : وأما المسافر فأكثر أهل العلم يرون أنه لا جمعة عليه ، قاله مالك في أهل المدينة ، والثوري في أهل العراق ، والشافعي وإسحاق وأبو ثور ، وروي ذلك عن عطاء وعمر بن عبد العزيز والحسن والشعبي (48) .
وقال أيضا : وإن أحبّ أن يجمع بين الصلاتين في وقت الأولى منهما جاز نازلاً كان أو سائرا أو مقيما في بلدٍ إقامة لا تمنع القصر ، وهذا قول عطاء وجمهور علماء المدينة والشافعي وإسحاق وابن المنذر (49) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وقد دل الكتاب والسنة على أن المواقيت خمسة في حال الاختيار ، وهي ثلاثة في حال العذر ؛ ففي حال العذر إذا جمع بين الصلاتين بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء فإنما صلى الصلاة في وقتها ، لم يُصلِّ واحدة بعد وقتها ، ولهذا لم يَجِب عليه عند أكثر العلماء أن ينوي الجمع ، ولا ينوي القصر وهذا قول مالك وأبي حنيفة وأحمد في نصوصه المعروفة وهو اختيار أبي بكر عبد العزيز (50) .
وقد دلّت هذه الأحاديث على جواز تقديم صلاة العصر إلى وقت الظهر للمسافر ، وعلى جواز تأخير الظهر إلى العصر .
وعلى أن السنة تقديم الصلاتين في وقت الأولى لمن أدركه وقت الأولى ؛ لأنه أبرأ للذمة .
وعلى أن للمسافر اختيار الأرفق به ، فإذا سار قبل الزوال فله أن يؤخّر صلاة الظهر إلى وقت صلاة العصر ، فيُصليهما في وقت العصر عند نزوله ، وهذا من يُسر الشريعة .
وعلى أن عموم التقديم والتأخير يجري في العِشائين أيضا ، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر صلاة المغرب حتى يجمع بينها وبين صلاة العشاء (51) .
(1/320)
وتقدّمت الإشارة إلى رواية مسلم لحديث أنس ، وفيها : إذا عَجِل عليه السفر يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما ، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق .
المسألة السابعة :
لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إلا بِنيّة ، فإذا أراد المسافر تأخير صلاة الظهر ليجمعها إلى العصر فلا بُدّ من أن ينوي تأخير الظهر ، ومثله تأخير المغرب .
قال ابن قدامة : فموضع النية في وقت الأولى من أوله إلى أن يبقى منه قدر ما يصليها ؛ لأنه متى أخّرها عن ذلك بغير نية صارت قضاء لا جمعاً (52) .
المسألة الثامنة :
الجمع في وقت الأولى يجعل الوقت بعدهما للثانية ، فمن جمع الظهر والعصر في وقت الظهر ، فإن ما بعد صلاة العصر يكون وقت نهي ، ومن جمع المغرب والعشاء في وقت المغرب فله أن يُصلي الوتر
قال ابن قدامة : وإذا جمع في وقت الأولى فله أن يصلي سنة ثانية منهما ، ويوتر قبل دخول وقت الثانية ؛ لأن سنتها تابعة لها فيتبعها في فعلها ووقتها ، والوتر وقته ما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح ، وقد صلى العشاء فدخل وقته (53) .
وقال أيضا : والنهي عن الصلاة بعد العصر متعلق بفعل الصلاة ، فمن لم يُصلِّ أبيح له التنفّل وإن صلى غيره ، ومن صلى العصر فليس له التنفل ، وإن لم يصل أحد سواه ، لا نعلم في هذا خلافا عند من يمنع الصلاة بعد العصر (54) .
المبحث الثاني : جمع المقيم
فيه حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء (55) .
وفي رواية لمسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا بالمدينة في غير خوف ولا سفر . قال أبو الزبير : فسألت سعيدا : لِمَ فَعَلَ ذلك ؟ فقال : سألتُ ابن عباس كما سألتني ، فقال : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته .
(1/321)
وفي رواية له قال : جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر .
أولاً : من مباحث الحديث الفقهية
أولاً : حديث ابن عباس رضي الله عنهما أصل في جمع المقيم .
وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث فجوّزوا الجمع في الحضر للحاجة مطلقا لكن بشرط أن لا يُتخذ ذلك عادة ، وممن قال به : ابن سيرين وربيعة وأشهب وبن المنذر والقفال الكبير ، وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث (56) .
ومنطوق حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير عُذر .
ومفهومه أن الخوف والمطر والسفر أعذار تُبيح الجمع .
ثانياً : لا يصح في سبب الجمع سوى ما قاله فيه راويه : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته .
والقاعدة أن الراوي أدرى بمرويِّه .
" وليس لأحد أن يتأوّل في الحديث ما ليس فيه " (57) .
وقال النووي: ويؤيده ظاهر قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته ، فلم يُعلله بمرض ولا غيره (58)
وفي رواية البخاري (59) : فقال أيوب : لعله في ليلة مطيرة ؟ قال : عسى .
قال ابن حجر : واحتمال المطر قال به أيضا مالك عقب إخراجه لهذا الحديث .
(1/322)
ثم قال الحافظ : لكن رواه مسلم وأصحاب السنن من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير بلفظ من غير خوف ولا مطر ، فانتفى أن يكون الجمع المذكور للخوف أو السفر أو المطر ، وجوّز بعض العلماء أن يكون الجمع المذكور للمرض ، وقوّاه النووي ، وفيه نظر ؛ لأنه لو كان جَمْعُه صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين لعارض المرض لما صلى معه إلا من به نحو ذلك العذر ، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بأصحابه ، وقد صرح بذلك ابن عباس في روايته . قال النووي : ومنهم من تأوّله على أنه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم مثلا فَبَانَ أن وقت العصر دخل فصلاها . قال : وهو باطل ؛ لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر ، فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء (60) .
ثالثاً : حَمَل بعض العلماء الحديث على الجمع الصوري ، وهو مردود بقول راويه : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته .
قال ابن حجر : وإرادة نفى الحرج يقدح في حمله على الجمع الصوري ؛ لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج (61) .
رابعاً : جواز الجمع إذا وُجد العُذر المبيح له .
فالمرض عُذر ، ومتى وُجِدت المشقة جاز للمريض الجمع .
قال ابن المنذر : اختلف أهل العلم في جمع المريض بين الصلاتين في الحضر والسفر ، فأباحت طائفة للمريض أن يجمع بين الصلاتين ، وممن رخص في ذلك عطاء بن أبي رباح .
وقال مالك في المريض : إذا كان أرفق به أن يجمع بين الظهر والعصر في وسط وقت الظهر إلا أن يخاف أن يغلب على عقله فيجمع قبل ذلك بعد الزوال ، ويجمع بين المغرب والعشاء عند غيبوبة الشفق إلا أن يخاف أن يغلب على عقله فيجمع قبل ذلك ، وإنما ذلك لصاحب البطن وما أشبهه من المرضى ، أو صاحب العلة الشديدة يكون هذا أرفق به (62) .
وقال الليث : يجمع المريض والمبطون ، وقال أبو حنيفة : يجمع المريض بين الصلاتين كجمع المسافر ، وقال أحمد وإسحاق : يجمع المريض بين الصلاتين (63) .
(1/323)
وقال الترمذي : ورخّص بعض أهل العلم من التابعين في الجمع بين الصلاتين للمريض ، وبه يقول أحمد وإسحاق ، وقال بعض أهل العلم يجمع بين الصلاتين في المطر ، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق ، ولم يَرَ الشافعي للمريض أن يجمع بين الصلاتين (64) .
" والمرض المبيح للجمع هو ما يلحقه به بتأدية كل صلاة في وقتها مشقة وضعف . قال الأثرم : قيل لأبي عبد الله : المريض يجمع بين الصلاتين ؟ فقال : إني لأرجو له ذلك إذا ضعف ، وكان لا يقدر إلا على ذلك . وكذلك يجوز الجمع للمستحاضة ولمن به سلس البول ومن في معناهما " (65) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : فالأحاديث كلها تدل على أنه جمع في الوقت الواحد لرفع الحرج عن أمته ، فيُباح الجمع إذا كان في تركه حرج قد رفعه الله عن الأمة ، وذلك يدل على الجمع للمرض الذي يحرج صاحبه بتفريق الصلاة بطريق الأولى والأحرى ، ويجمع من لا يُمكنه إكمال الطهارة في الوقتين إلا بِحَرج كالمستحاضة وأمثال ذلك من الصور (66)
وقال : الذي يجمع للسفر هل يباح له الجمع مطلقا أو لا يباح إلا إذا كان مسافرا ؟
فيه روايتان عن أحمد مقيما أو مسافرا ، ولهذا نص أحمد على أنه يجمع إذا كان له شغل . قال القاضى أبو يعلى : كل عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة يبيح الجمع ، ولهذا يجمع للمطر والوحل وللريح الشديدة الباردة في ظاهر مذهب الإمام أحمد ، ويجمع المريض والمستحاضة والمرضع (67) .
والمطر والبرد الشديد والريح الشديدة والوَحَل كلها أعذار مُبيحة للجمع .
فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن صلاة الجمع في المطر بين العشائين ، هل يجوز من البرد الشديد ؟ أو الريح الشديدة ؟ أم لا يجوز إلا من المطر خاصة ؟
فأجاب : الحمد لله رب العالمين . يجوز الجمع بين العشائين للمطر والريح الشديدة الباردة والوحل الشديد ، وهذا أصح قولي العلماء ، وهو ظاهر مذهب أحمد ومالك وغيرهما ، والله أعلم (68) .
(1/324)
وقال ابن الملقِّن : اختلف العلماء في جواز الجمع بعذر المطر ، فجوّزه الشافعي والجمهور في الصلوات التي يجوز الجمع فيها ، وخصّه مالك بالمغرب والعشاء فقط (69) .
ومن العلماء من قيّد المطر بالشديد الذي يبلّ الثياب وتقع المشقة بسببه .
قال ابن قدامة : والمطر المبيح للجمع هو ما يبل الثياب وتلحق المشقة بالخروج فيه ، وأما الطلّ والمطر الخفيف الذي لا يَبُلّ الثياب فلا يبيح ، والثلج كالمطر في ذلك ؛ لأنه في معناه وكذلك البَرَد .
فأما الوَحْل بمجرّده ، فقال القاضي : قال أصحابنا : هو عذر ؛ لأن المشقة تلحق بذلك في النعال والثياب كما تلحق بالمطر ، وهو قول مالك .
وذكر أبو الخطاب فيه وجها ثانيا أنه لا يبيح ، وهو مذهب الشافعي وأبو ثور ؛ لأن مشقته دون مشقة المطر ، فإن المطر يبل النعال والثياب ، والوحل لا يبلها ، فلم يصح قياسه عليه ، والأول أصحّ لأن الوحل يلوث الثياب والنعال ويتعرض الإنسان للزّلق ، فيتأذى نفسه وثيابه ، وذلك أعظم من البلل ، وقد ساوى المطر في العذر في ترك الجمعة والجماعة فَدَلّ على تساويهما في المشقة المرعية في الحكم .
فأما الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة ففيها وجهان : أحدهما يبيح الجمع . قال الآمدي : وهو أصح ، وهو قول عمر بن عبد العزيز ؛ لأن ذلك عذر في الجمعة والجماعة (70) .
خامساً : هل يجمع بين الظهر والعصر لأجل هذه الأعذار ؟
ذهب بعض أهل العلم إلى منع الجمع بين الظهر والعصر في المطر
قال ابن قدامة : فأما الجمع بين الظهر والعصر فغير جائز (71) .
وهذا خلاف المقصد من الجمع ، فإنه متى ما وُجِدت المشقة جاز الجمع ، كما تقدّم .
(1/325)
قال الإمام الشافعي : أرأيتم إن قال لكم قائل : بل نجمع بين الظهر والعصر في المطر ، ولا نجمع بين المغرب والعشاء في المطر . هل الحجة عليه ؟ إلا أن الحديث إذا كانت فيه الحجة لم يَجز أن يؤخذ ببعضه دون بعض ، فكذلك هي على من قال : يجمع بين المغرب والعشاء ، ولا يجمع بين الظهر والعصر ، وقلما نجد لكم قولا يصح ، والله المستعان . أرأيتم إذا رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فاحتججتم على من خالفكم بهذا الحديث في الجمع بين المغرب والعشاء ، هل تَعدون أن يكون لكم بهذا حجة ؟ فإن كانت لكم به حجة فعليكم فيه حجة في ترككم الجمع بين الظهر والعصر ، وإن لم تكن لكم بهذا حجة على من خالفكم فلا تجمعوا بين ظهر ولا عصر ، ولا مغرب ولا عشاء ، لا يجوز غير هذا وأنتم خارجون من الحديث (72)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : يجوز الجمع بين صلاة المغرب والعشاء ، وبين الظهر والعصر عند كثير من العلماء للسفر والمرض ونحو ذلك من الأعذار (73) .
وحديث الباب حجة لمن قال بالجمع في الحضر عند وجود العُذر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك توسعة لأمته ، ورَفْعُ الحرج من قواعد الشريعة .
وقال الأُبّي : وبالجمع للمطر قال مالك والشافعي وجمهور السلف ، وأباه الحنفية وأهل الظاهر والليث إلا أن مالكاً قَصَر الجمع للمطر في المعروف عنه على المغرب والعشاء ، وعمّمه الشافعي فيهما وفي الظهر والعصر ، وهو ظاهر ما لِمالِك في الموطأ ، وألحق مالك بالمطر اجتماع الطين والظّلمة ، وجاء عنه ذِكر الطين مُفرَدا (74) .
فائدة :
في قول ابن عباس رضي الله عنهما : أراد أن لا يحرج أمته .
(1/326)
قال ابن سيد الناس : قد اختُلف في تقييده ، فرُوي بالياء المضمومة آخر الحروف ، وأمتَه منصوب على أنه مفعوله ، ورُوى تحرج بالتاء ثالثة الحروف مفتوحة ، وضم أمتُه على أنها فاعلة ، ومعناه إنما فعل تلك لئلا يشق عليهم ويثقل ، فقصد إلى التخفيف عنهم (75) .
وفائدة أخرى :
قوله : " صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء " فيه تقديم وتأخير .
فإن السبع هي صلاتي المغرب والعشاء .
والثَّمان هي صلاتي الظهر والعصر .
وهذا يجوز لغة ، قال الله تبارك وتعالى : ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (76) .
فقدّم وأخّر .
والله تعالى أعلى وأعلم .
الخاتمة
الحمد لله الذي هدى ويسّر
وبعد :
فهذه جولة في بعض دواوين العِلم وبعض مصنفات أئمة الإسلام ، وما مثلي أمام هذه الكُتب إلا كما قال أبو عمرو بن العلاء : ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال (77) .
وحسبنا أن نقتبس من نورهم ، وأن نأخذ بآثارهم ، فنعرف لهم قدرهم ، ونُنزلهم منازلهم
فلا نُقدّس أقوالهم ، ولا نطّرحها ، بل ما وافق الكتاب والسنة أخذنا به ، وما خالفهما تركناه ، نزولا عند رغباتهم في ذلك ، وتحقيقاً لما أمروا به " إذا رأيتم كلامي يخالف كلام رسول الله فاعملوا بكلام رسول الله واضربوا بكلامي الحائط " (78) .
ومن هنا كان هذا البحث عبارة عن استنطاق كتب أئمة الإسلام .
ويسّر الله بحث مسألتين :
الأولى : الجمع بين الصلاتين للمسافر .
والثانية : جمع المقيم .
وقد جمعت فيه شتات مسائل متفرّقة ، ولا أزعم أني جمعت كل ما قيل في هذه المسائل .
وأسأل الله أن ينفع به كاتبه وقارئه .
والله أعلم .
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
(1/327)
المراجع
الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار تأليف الإمام ابن عبد البر النَّمَري . ط . دار قتيبة ودار الوعي . الأولى 1414
الإعلام بفوائد عمدة الأحكام . تأليف الإمام عمر بن علي ( ابن الملقِّن ) . ط . دار العاصمة . الأولى 1417
إكمال إكمال المعلِم . تأليف الإمام محمد بن خليفة الأُبّي . ط . دار الكتب العلمية . الأولى 1415
الأم . تأليف الإمام محمد بن إدريس الشافعي . ط . دار المعرفة . الثانية 1393
الأوسط . تأليف الإمام محمد بن إبراهيم بن المنذر . ط . دار طيبة . الأولى 1985 م
تاريخ مدينة دمشق . تأليف الإمام علي بن الحسن بن هبة الله ( ابن عساكر ) . ط . دار الفكر 1995 م
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي , تأليف الإمام محمد بن عبد الرحمن المباركفوري . ط . المكتبة التجارية 1415
تفسير القرآن العظيم . تأليف الإمام إسماعيل بن كثير القرشي . ط . دار المعارف . الثانية 1408
جامع البيان عن تأويل آي القرآن . تأليف الإمام محمد بن جرير الطبري . ط . دار هجر . الأولى 1422
جامع الترمذي . تأليف الإمام محمد بن عيسى الترمذي . ط . دار الكتب العلمية .
الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته وأيامه . تأليف الإمام محمد بن إسماعيل البخاري . ط . دار ابن كثير ودار اليمامة . الثالثة 1407
الدر المنثور في التفسير بالمأثور . تأليف الإمام جلال الدين السيوطي . ط . دار هجر . الأولى 1424
سنن ابن ماجه . تأليف : الإمام محمد بن يزيد القزويني ( ابن ماجه ) . ط . دار المعرفة . الأولى 1416
سنن أبي داود . تأليف : الإمام سليمان بن الأشعث السجستاني . ط . المكتبة العصرية .
الشرح الممتع شرح زاد المستقنع . تأليف الشيخ محمد بن صالح العثيمين . ط . مؤسسة آسام . الثانية 1414
صحيح مسلم . تأليف الإمام مسلم بن الحجاج القشيري . ط . دار الحديث . الأولى 1412
(1/328)
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم . تأليف الشيخ محمد ناصر الدين الألباني . ط . مكتبة المعارف . الثانية 1417
طرح التثريب في شرح التقريب . تأليف الإمام العراقي وابنه . ط . مكتبة نزار الباز . الثانية 1420
فتح الباري بشرح صحيح البخاري . تأليف الحافظ أحمد بن علي العسقلاني . ط . بتحقيق الشيخ / عبد القادر شيبة الحمد
قواعد التحديث . تأليف الشيخ جمال الدين القاسمي . ط . دار النفائس . الأولى 1407
المجموع شرح المهذب . تأليف الإمام محيي الدين بن شرف النووي . ط . دار إحياء التراث العربي . الأولى 1422
--------------------------------------------------------------------------------
(1 ) ( 0 1 / 374 ) ح ( 1059 ، 1060 )
(2 ) ( 1 / 489 ) ح ( 704 ) ، والروايات الثانية في الموضع نفسه .
(3 ) رواه الإمام أحمد ( 36 / 413 ) وأبو داود ( 2 / 5 ) والترمذي ( 2 / 438 ) .
(4 ) جامع الترمذي ( 2 / 440 ) .
(5 ) ( 4 / 1784 ) .
(6 ) المسند ( 3 / 367 ) وقال محققوه : حديث صحيح ..
(7) وقد أطال ابن عبد البر في الاستذكار ( 6 / 81 – 91 ) في ذكر مذاهب العلماء في المسافة التي تُعتبر سفرا ، ومنشأ هذا الخلاف عدم ورود التحديد في النصوص .
(8 ) مجموع الفتاوى ( 24 / 34 ) باختصار .
(9 ) يعني خَلْف النبي صلى الله عليه وسلم .
(10 ) رواه البخاري ( ح 1040 ) ومسلم ( ح 685 ) .
(11 ) مجموع الفتاوى ( 24 / 12 ، 13 ) .
(12 ) يُنظر لذلك : معالم السنن للخطابي ( 1 / 227 ) طرح التثريب للعراقي ( 3 / 750 ، 751 ) ونيل الأوطار للشوكاني ( 3 / 242 ) .
(13 ) ( 1 / 478 ح 686 ) .
(14 ) يعني الزائدة .
(15 ) معالم السنن للخطابي ( 1 / 228 ، 229 ) .
(16 ) الاستذكار ( 6 / 20 ) .
(17 ) المغني ( 3 / 129 ) .
(18 ) فتح الباري ( 2 / 676 ) باختصار .
(19 ) سبق تخريجه .
(20 ) المغني ( 3 / 131 ) .
(21 ) مجموع الفتاوى ( 24 / 64 ) .
(1/329)
(22 ) الاستذكار ( 6 / 15 ) .
(23 ) طرح التثريب ، مرجع سابق ( 3 / 752 ) .
(24 ) نيل الأوطار ، مرجع سابق ( 3 / 242 ).
(25 ) رواه البخاري ( 1 / 369 ح 1039 ) ومسلم ( 1 / 480 ح 690 ) .
(26 ) المصنف ( 2 / 530 ) ، وجعله الإمام البخاري عنوان باب ( 1 / 369 ) .
(27 ) المرجع السابق ، الموضع نفسه .
(28 ) الاستذكار ( 6 / 78 ) .
(29 ) المرجع السابق ، وهذه الآثار وإن كانت في القصر دون الجمع إلا أنها عامة في رُخَص السّفر .
(30 ) المغني ( 3 / 111 ) .
(31 ) مجموع الفتاوى ( 24 / 16 ) .
(32 ) المغني ( 3 / 115 ) .
(33 ) مجموع الفتاوى ( 27 / 139 ) .
(34 ) قال سعيد بن جبير : العادي الذي يقطع الطريق لا رخصة له . وقال مجاهد : فمن اضطر غير باغ ولا عاد قاطعا للسبيل أو مفارقا للأئمة أو خارجا في معصية الله فله الرخصة ، ومن خرج باغيا أو عاديا أو في معصية الله فلا رخصة له وإن اضطر إليه . يُنظر لذلك : جامع البيان عن تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري ( 3 / 59 ، 60 ) ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ( 1 / 211 ) والدر المنثور للسيوطي ( 2 / 133 ) .
(35 ) المجموع شرح المهذّب ( 3 / 154 )
(36 ) المرجع السابق ( 4 / 158 ) .
(37 ) المرجع السابق ( 4 / 175 ) .
(38 ) الاستذكار ( 6 / 55 ، 56 ) .
(39 ) الشرح الممتع ( 4 / 515 ) .
(40 ) البخاري ( ح 468 ) ومسلم ( ح 573 ) .
(41 ) مشارق الأنوار ( 2 / 103 ) .
(42 ) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ( 24 / 22 ) .
(43 ) طرح التثريب ( 3/750 ) .
(44 ) المسند ( 3 / 357 ) وقال محققوه : إسناده حسن .
(45 ) ( 1 / 479 ) .
(46 ) رواه البخاري ( 3 / 1092 ح 2834 ) من حديث أبي موسى رضي الله عنه .
(47 ) فتح الباري (2/ 160) .
(48 ) المغني ( 3 / 216 ) وهو ما رجحه ابن قدامة .
(49 ) المغني ( 3 / 130 ) .
(50 ) مجموع الفتاوى ( 21 / 434 ) .
(51 ) البخاري ( ح 1041 ) ومسلم ( ح 703 ) .
(1/330)
(52 ) المغني ( 3 / 138 ) .
(53 ) المرجع السابق ( 3 / 140 ) وقوله : " فله أن يصلي سنة ثانية منهما " لا يُفهم منه الصلاة بعد العصر إذ هو وقت نهي ، كما أن السنة للمسافر أن لا يُصلي السنن الرواتب عدا راتبة الفجر ، لما رواه البخاري ( ح 1050 ) ومسلم ( ح 689 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أره يسبح في السفر . يعني به السنة الراتبة ؛ لأن ابن عمر نفسه روى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم النافلة في السفر على الراحلة ( البخاري ح 955 ) و ( مسلم ح 700 ) ويُستثنى من ذلك راتبة الفجر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتركها في سفر ولا في حضر . روى البخاري ( ح 1106 ) عن عائشة رضي الله عنها قالت : صلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ، ثم صلى ثماني ركعات ، وركعتين جالسا ، وركعتين بين النداءين ، ولم يكن يدعهما أبدا .
(54 ) المغني ( 2 / 525 ) .
(55 ) رواه البخاري ( 3 / 201 ح 522 ) ومسلم ( 1 / 491 ح 705 ) والرواية الآتية عنده ( 1 / 490 ) .
(56 ) فتح الباري ( 2/24 ) .
(57 ) من كلام الإمام الشافعي في الأم ( 7 / 205 ) وكان قال قبله : وإنما ذهب الناس في هذا مذاهب، فمنهم من قال : جمع بالمدينة توسعة على أمته لئلا يُحرج منهم أحد إن جَمَع بحال .
(58 ) شرح مسلم ( 5/219 ) .
(59 ) تقدّم تخريجها .
(60 ) فتح الباري ( 2 / 30 ) .
(61 ) المرجع السابق ( 2 / 31 ) يعني قَصْد الجمع الصوري لا يخلو من حرج .
(62 ) الأوسط ( 2 / 434 ) ، والاستذكار لابن عبد البر ( 6 / 36 ، 37 ) .
(63 ) الاستذكار ( 6 / 37 ) .
(64 ) الجامع ( 1 / 357 ) .
(65 ) المغني ، مرجع سابق ( 3 / 136 ) .
(66 ) مجموع الفتاوى ( 24 / 84 ) .
(67 ) ( 24 / 14 ) .
(68 ) مجموع الفتاوى ( 24 / 29 ) .
(69 ) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ( 4 / 80 ) .
(70 ) المغني ( 3 / 134 ) .
(71 ) المرجع السابق ( 3 / 132 ) .
(1/331)
(72 ) الأم ( 7 / 205 ) .
(73 ) مجموع الفتاوى ( 22 / 31 ) .
(74 ) إكمال إكمال المعلم ( 3 / 30 ) .
(75 ) تحفة الأحوذي للمباركفوري ( 1/492 ، 493 ) .
(76 ) آل عمران ( 106 ، 107 ) .
(77 ) نقلا عن : موضِّح أوهام الجمع والتفريق ( 1/13 ) وتاريخ دمشق لابن عساكر ( 67 / 113 ) .
(78) سير أعلام النبلاء ( 10/35 ) وقواعد التحديث للقاسمي ( ص 52 ) وقد جمع الألباني أقوال الأئمة في ذلك في مقدمة كتابه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ( ص 45 - 55 ) .
17-الصلاة في أوقات النهي
تحرير محلّ النِّزاع :
قال ابن الملقّن : أجمعت الأمة على كراهة صلاة لا سبب لها في أوقات النهي ، واتفقوا على جواز الفرائض المؤدّاة فيها .واختلفوا في النوافل التي لها سبب كالعيد والجنازة وقضاء الفوائت (1) .
وقال الشوكاني : وقد اختلف أهل العلم في الصلاة بعد العصر وبعد الفجر ، فذهب الجمهور إلى أنها مكروهة وادعى النووي الاتفاق على ذلك ، وتعقبه الحافظ بأنه قد حُكي عن طائفة من السلف الإباحة مطلقا ، وأن أحاديث النهي منسوخة . قال : وبه قال داود وغيره من أهل الظاهر ، وبذلك جزم ابن حزم (2) .
وتعقب الحافظ للنووي مُتعقّب :
لأن الإمام النووي لا يرى الاعتداد بخلاف أهل الظاهر ، فإنه قال في المجموع (3) في مناقشة مسألة أخرى : فكأنهم لم يعتدوا بخلاف داود ، وقد سبق أن الأصح أنه لا يُعتد بخلافه ، ولا خلاف غيره من أهل الظاهر لأنهم نفوا القياس ، وشرط المجتهد أن يكون عارفا بالقياس .
ثم إن هذا الاتفاق نقله غير واحد ، فقد نقله ابن عبد البر فقال : ولا خلاف بين المسلمين أن صلاة التطوع كلها غير جائز أن يُصلى شيء منها عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ، وإنما اختلفوا في الصلوات المكتوبات والمفروضات على الكفاية والمسنونات (4) .وقال العراقي : وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ (5) . ثم ذكَرَ قول ابن عبد البر وقول النووي .
أوقات النهي :
(1/332)
يُمكن تقسيم أوقات النهي عن الصلاة إلى خمسة أوقات :
1 - بعد العصر إلى أن تصفرّ الشمس .
2 – بعد الفجر إلى أن تطلع الشمس .
3 – قُبيل صلاة الظهر إلى أن تزول الشمس ( بمقدار عشر دقائق تقريباً قبل الأذان ) .
4 – من اصفرار الشمس إلى الغروب .
5 – من طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح ( بمقدار عشر دقائق تقريباً ) .
هذه الأوقات لا يجوز أن التطوّع فيها ابتداءً .
ويُمكن تقسيم هذه الأوقات الخمسة إلى أوقات موسّعة ، وهي ما بعد صلاة الفجر وما بعد صلاة العصر ، وإلى أوقات مُضيَّقة ، وهي عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند الزوال .
والذي يظهر أن ذوات الأسباب تُصلى في الأوقات الموسَّعة دون المضيَّقة .
وذلك للدليل والتعليل :
أما الدليل فهو قوله عليه الصلاة والسلام : إذا طلع حاجب الشمس فأخِّروا الصلاة حتى ترتفع ، وإذا غاب حاجب الشمس فأخِّروا الصلاة حتى تغيب . رواه البخاري ومسلم .
وحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب . رواه مسلم . وحديث عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه ، وهو في صحيح مسلم ، وستأتي الإشارة إليه .
وحديث ابن عمر مرفوعا : " لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها ، فإنها تطلع بقرني شيطان " وفي رواية : " لا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها ، فإنها تطلع بين قرني شيطان " رواه البخاري ومسلم .
قال العراقي في شرح الحديث :
(1/333)
اقْتَصَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى حَالَتَيْ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا ، وَدَلَّ غَيْرُهُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ مُسْتَمِرٌّ بَعْدَ الطُّلُوعِ حَتَّى تَرْتَفِعَ ، وَأَنَّ النَّهْيَ يَتَوَجَّهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ حِينِ تَضَيُّفِ الشَّمْسِ أَيْ مَيْلِهَا ، وَهِيَ حَالَةُ صُفْرَتِهَا وَتَغَيُّرِهَا فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " إذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ " لَفْظُ الْبُخَارِيِّ ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ حَتَّى يَبْرُزَ ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : : ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ ، وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَزُولَ وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ " وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْت يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الصَّلاةِ قَالَ صَلِّ صَلاةَ الصُّبْحِ ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ ، ثُمَّ صَلِّ ، فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلاةِ ، فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ ، فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ
(1/334)
قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ . وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الارْتِفَاعِ عَنْ الأُفُقِ بَلْ الارْتِفَاعُ الَّذِي يَذْهَبُ مَعَهُ صُفْرَةُ الشَّمْسِ أَوْ حُمْرَتُهَا ، وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِقَدْرِ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لا تُنَافِي لَفْظَ الْحَدِيثِ ؛ لأَنَّ مَعْنَى ( عِنْدَ ) حَضْرَةُ الشَّيْءِ ، فَمَا قَارَبَ الطُّلُوعَ وَالْغُرُوبَ فَلَهُ حُكْمُهُ ، لَكِنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا يُقَارِبُ الطُّلُوعَ مِمَّا بَعْدَهُ ، وَمَا يُقَارِبُ الْغُرُوبَ مِمَّا قَبْلَهُ ، وَتَمَسَّكَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ : إنَّ الْكَرَاهَةَ تَزُولُ بِطُلُوعِ قُرْصِ الشَّمْسِ بِتَمَامِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ ؛ لأَنَّ الأَحَادِيثَ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الارْتِفَاعِ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ فَيَجِبُ الأَخْذُ بِهَا . اهـ .
وروى الإمام أحمد وأبو داود من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر تربّع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناء . وفي إسناده سماك بن حرب ، وهو صدوق .
وأما التعليل فلأن الأوقات المضيَّقة هي أوقات قصيرة يسيرة ، مع ما يقع فيها من مُشابهة المشركين .قال الإمام الذهبي : فنفس الموافقة والمشاركة لهم (6) في أعيادهم ومواسمهم حرام ، بدليل ما ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها ، وقال : إنها تطلع بين قرني شيطان ، وحينئذ يسجد لها الكفار ، والمصلِّي لا يقصد ذلك إذ لو قصده كَفَرَ ، لكن نفس الموافقة والمشاركة لهم في ذلك حرام (7) .
(1/335)
قال ابن قدامة : والنهي عن الصلاة بعد العصر متعلق بفعل الصلاة ، فمن لم يُصلِّ أبيح له التنفّل وإن صلى غيره ، ومن صلى العصر فليس له التنفل ، وإن لم يصل أحد سواه ، لا نعلم في هذا خلافا عند من يمنع الصلاة بعد العصر (8) .
وقال أيضا : الصحيح أنه لا يُصلى على الجنازة في الأوقات الثلاثة التي في حديث عقبة بن عامر ، وكذلك لا ينبغي أن يركع للطواف فيها ، ولا يعيد فيها جماعة ، وإذا مُنعت هذه الصلوات المتأكدة فيها فغيرها أولى بالمنع (9) .
هل تُصلّى ذوات الأسباب في وقت النهي ؟
ما كان من ذوات الأسباب فإنها تُصلّى في أوقات النهي على الصحيح من أقوال أهل العلم .فالفوائت تُصلي في أوقات النهي، لقوله عليه الصلاة والسلام : من نسي صلاة أو نام عنها ، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ، لا كفارة لها إلا ذلك . رواه مسلم .
ولقوله عليه الصلاة والسلام : من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس ، فقد أدرك الصبح ، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس ، فقد أدرك العصر . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن عبد البر : وقال مالك والثوري والشافعي والأوزاعي - وهو قول عامة العلماء - من أهل الحديث والفقه من نام عن صلاة أو نسيها أو فاتته بوجه من وجوه الفوت ثم ذكرها عند طلوع الشمس واستوائها أو غروبها أو بعد الصبح أو العصر - صلاها أبداً متى ذكرها (10) .
كما تُصلى كل صلاة لها سبب ،فتُصلّى ركعتي الطواف في أوقات النهي لقوله عليه الصلاة والسلام : يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (11) .
وتُصلى تحية المسجد لقوله عليه الصلاة والسلام : إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين . رواه البخاري ومسلم .
(1/336)
وسنة الوضوء تُصلى في أوقات النهي الموسَّع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ بلالاً على صلاة ركعتين كلما توضأ ، فقال عليه الصلاة والسلام : يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة ؟ فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة . قال بلال: ما عملت عملا في الإسلام أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهورا تاماً في ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كََتَبَ الله لي أن أصلي . رواه البخاري ومسلم .
ولقائل أن يقول : كيف مُنعت الصلاة في الأوقات المضيّقة ، وحديث بلال هذا لم يخص وقتا دون وقت .والجواب : أن ما في هذا الحديث إقرار منه عليه الصلاة والسلام ، وما تقدّم من النهي عن الصلاة في الأوقات المضيّقة قول ، ودلالة القول أقوى من دلالة التقرير .كما أن القول خاص ، وفعل بلال عام في كل وقت ، فقُدِّم الخاص على العام .وتبقى دلالة فعل بلال على جواز صلاة ذوات الأسباب في أوقات النهي الموسّعة دون المضيّقة .
وتُصلى راتبة الفجر بعد الفجر
قال ابن قدامة : فأما قضاء سنة الفجر بعدها فجائز ، إلا أن أحمد اختار أن يقضيهما من الضحى ، وقال : إن صلاهما بعد الفجر أجزأ ، وأما أنا فأختار ذلك ، وقال عطاء وابن جريج والشافعي يقضيهما بعدها ، لما رُوي عن قيس بن قهد (12) قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الفجر ، فقال : ما هاتان الركعتان يا قيس ؟ قلت يا رسول الله لم أكن صليت ركعتي الفجر فهما هاتان . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي (13) ، وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز ؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر ، وهذه في معناها ؛ ولأنها صلاة ذات سبب فأشبهت ركعتي الطواف (14) .
وتُصلّى صلاة الكسوف ، ويُسجد سجود التلاوة والشكر في هذه الأوقات ؛ لأنها من ذوات الأسباب .
إشكال وجوابه :
(1/337)
ثبت النهي عن الصلاة بعد العصر في غير حديث تقدّم بعضها ، وثبت ما يُعارضه ظاهرا ، وهو أنه عليه الصلاة والسلام قضى سنة الظهر بعد العصر ، فقد روى البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد العصر عندي قط .وسيأتي ذِكر مزيد من الروايات :وللعلماء مسالك في الجمع بين هذه الأحاديث :
الأول : أنه تعارض حاظر ومُبيح
والقاعدة أنه إذا تعارض حاظر ومُبيح قُدِّم الحاظر .
والثاني : أنه هذا الفعل خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم .
قال الحافظ ابن حجر : تمسك بهذه الروايات من أجاز التنفل بعد العصر مطلقا ما لم يقصد الصلاة عند غروب الشمس ، وقد تقدم نقل المذاهب في ذلك ، وأجاب عنه من أطلق الكراهة بأن فعله هذا يدل على جواز استدراك ما فات من الرواتب من غير كراهة ، وأما مواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك فهو من خصائصه ، والدليل عليه رواية ذكوان مولى عائشة أنها حدثته أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها ، ويواصل وينهى عن الوصال . رواه أبو داود (15) .
والثالث : أن هذا من قضاء النوافل ، ولا يكون هذا إلا لمن حافظ عليها .
(1/338)
وهذا الذي يظهر من النصوص الواردة في صلاته صلى الله عليه وسلم بعد العصر .ففي الصحيحين عن كريب مولى ابن عباس أن عبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن أزهر والمسور بن مخرمة أرسلوه إلى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : اقرأ عليها السلام منا جميعا وسلْها عن الركعتين بعد العصر ، وقل : إنا أُخبرنا أنك تصلينهما ، وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما . قال ابن عباس : وكنت أَضْرِب مع عمر بن الخطاب الناس عليها . قال كريب : فدخلت عليها وبلغتها ما أرسلوني به فقالت : سَلْ أم سلمة . فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة فقالت أم سلمة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما ثم رأيته يصليهما ؛ أما حين صلاهما فإنه صلى العصر ، ثم دخل وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فصلاهما ، فأرسلت إليه الجارية فقلت : قومي بجنبه فقولي له : تقول أم سلمة يا رسول الله إني أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما ، فإن أشار بيده فاستأخري عنه . قال : ففعلت الجارية فأشار بيده ، فاستأخرت عنه ، فلما انصرف قال : يا بنت أبي أمية سألتِ عن الركعتين بعد العصر . إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم ، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر ، فهما هاتان . متفق عليه .
وعند مسلم عن أبي سلمة أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصليهما بعد العصر . فقالت : كان يصليهما قبل العصر ، ثم إنه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتهما ، وكان إذا صلى صلاة أثبتها . قال يحيى بن أيوب : قال إسماعيل : تعني داوم عليها .
(1/339)
قال ابن قدامة : وأما قضاء السنن الراتبة بعد العصر ، فالصحيح جوازه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله فإنه قضى الركعتين اللتين بعد الظهر بعد العصر في حديث أم سلمة ، وقضى الركعتين اللتين قبل العصر بعدها في حديث عائشة ، والاقتداء بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم متعين ؛ ولأن النهي بعد العصر خفيف لما رُوي في خلافه من الرخصة ، وما وقع من الخلاف فيه ، وقول عائشة : إنه كان ينهى عنها ، معناه - والله أعلم - نهى عنها لغير هذا السبب ، أو أنه كان يفعلها على الدوام وينهى عن ذلك ، وهذا مذهب الشافعي (16) .
محرم 1425 هـ
-------------------------------
[1] الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ( 2 / 310 ) .
[2] نيل الأوطار ( 3 / 100 ) .
[3] ( 9 / 230 ) .
[4] الاستذكار ( 1 / 112 ) .
[5] طرح التثريب ( 1 / 367 ) .
[6] يعني بهم الكفار والمشركين .
[7] تشبه الخسيس بأهل الخميس ( ص 30 ) .
[8] المغني ( 2 / 525 ) .
[9] المرجع السابق ( 2 / 535 ) .
[10] الاستذكار ( 1 / 47 ) .
[11] رواه الترمذي ( ح 868 ) وابن ماجه ( ح 1254 )
[12] قال النووي : بقاف مفتوحة ثم هاء ساكنة ثم دال .
[13] وقال الألباني : صحيح لغيره .
[14] المغني ( 2 / 531 ، 532 ) .
[15] فتح الباري ( 2 / 64 ) .
[16] المغني ( 2 / 533 ) .
18-كتاب: ( لا تَكُن أعجَز النَّاس فتترك سِلاحك )
بقلم فضيلة الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
_حفظه الله _
لا تكن أعجز الناس
فتترك سلاحك
شأن الدعاء
فضله
آدابه
أوقاته
أحواله
أماكنه
موانعه
المُقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العلي الأعلى ، الذي يعلم السر وأخفى .
الحمد لله الجواد الكريم ، أمر عباده بالدعاء ووعدهم بالإجابة فضلا مِنْه ومِنّة وتكرما .
أشهد أني ربي حيي كريم ، وأنه عظيم حليم .
وأنه أهل الثناء والمجد ، لا نحصي ثناء عليه بل هو كما أثنى على نفسه .
(1/340)
وأُصلّي وأُسلّم على من بعثه ربه بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، وعلى آله وأصحابه الأخيار الأبرار ما تعاقب الليل والنهار .
أما بعد :
فإن الدعاء عباده بل هو العبادة 1 .
ولما كان كذلك ورأيت أن بعض الناس يتدافعون أحياناً على أبواب الناس ويزدحمون عليها ، غافلين أو متغافلين عن باب ذي الجلال والإكرام ، منصرفين عن باب الجواد الكريم سبحانه ، لما رأيت ذلك أحبب أن أكتب في هذا الموضوع أوضّح فيه ما كان خافيا عليّ في يوم من الأيام ، فقد عَرَضَتْ للعبد الفقير حاجة ، فكان من توفيق الله – جل جلاله – أن وقفت على ما رواه الإمام أحمد وغيره من حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :" مَنْ نَزَلَتْ به فاقة فأنزلها بالناس لم تُسَدّ فاقته ، ومَنْ نَزَلَتْ به فاقة فأنزلها بالله ، فيوشك الله له برزق عاجل ، أو آجل " 2 فالحمد لله أولاً وآخراً .
وما رأيته من لجوء كثير من الناس إلى الأسباب المادية ، وإلى الخلق - دون قرع باب مسبب الأسباب ، ومن بيده قلوب العباد ، وإليه المعاد - مما دفعني للبحث في هذا الموضوع والكتابة فيه . رجاء أن أنتفع به أولاً ، وينتفع به غيري ثانياً .
وحسبي أن أغرف مما صحّ من دواوين السُّنّة وبطون كتب السلف ، مما وشّيْتُ به هذه الرسالة وحلّيتُ به عرائس القول .
وحسبي أني أنتقي من أطايب القول ، وأنظمه عقداً في سلك الترقيم ! مما قد يخفى على بعض الناس إن لم يكن على كثير ممن يُريد الدعاء .
ولي في صنيعي هذا قدوة وأسوة في أئمة الإسلام ، وإن كنت في جنبهم كبقلٍ في أصول نخل طوال 3 ، لكن التّشبّه بالكرام فلاح .
وبدا لي أن أكتب من خلال النقاط التالية :
1 تعريف الدعاء وأنواعه
2 الأمر بالدعاء والحث عليه .
3 فضل الدعاء .
4 كيف يكون الدعاء مستجاباً ؟
5 أدعية مأثورة ودعوات مستجابة .
6 موانع الدعاء .
(1/341)