الأراك مجموع لفتاوى العلامة عبد الرحمن البراك
التسمية عند سكب الماء
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
هل وردت التسمية عندما يسكب الإنسان ماء حاراً أو عند سقوط طفل أو شيء ما؟ أفيدونا مأجورين.
الجواب:
لا أذكر أنه ورد الندب في التسمية في خصوص ما ذُكر، لكن ذكرك لله من الأسباب التي دلت النصوص أنه يطرد الشياطين ويمنع من شرهم، كما شُرعت التسمية عند الاضطجاع وعند دخول المنزل، وعند الخروج، وعند دخول المسجد، وعند الخروج منه، وكذلك عند دخول الخلاء، فأرجو أن ما يفعله الناس في مثل هذه الأحوال التي أُشير إليها في السؤال أرجو أنه حسن؛ لأن صب الماء الحار ولا سيما في بعض المواضع التي يمكن أن تكون مسكناً للجن يخشى أن يكون له أثر انتقامي، فإذا ذكر الإنسان اسم الله فقال: باسم الله، كان ذلك سبباً في طرد ما يخشى من شر الشياطين، وكذلك إذا سقط الإنسان أو سقط الطفل، وذُكر اسم الله عليه رُجي أن يكون سبباً في سلامته من اعتداء بعض الشياطين، فالحاصل أن ذكر اسم الله فيه خير وهو أعظم أسباب السلامة من الشرور الظاهرة والباطنة، والله أعلم.
التسمي "بأسيرة القرآن"
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي سؤال عن امرأة أطلقت على نفسها اسماً في أحد المنتديات العامة، هذا الاسم أثار في نفسي نوعاً من الشك من ناحية جوازه من عدمه، والاسم هو (أسيرة القرآن)، فما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خير الجزاء، ونفع بكم وبعلمكم الإسلام والمسلمين.
الجواب:(1/1)
لا ينبغي أن تتسمى بهذا الاسم؛ لأنه لفظ محتمل لما يُحمد وما يُذم، فأسيرة القرآن تعني أن القرآن أسرها، وما معنى أن القرآن أسرها، هل ذلك على وجه التبرم بما في القرآن من أوامر ونواهي تقيد الإنسان عن الانطلاق في شهواته أم أن ذلك مقول على وجه التمدّح بالعمل بالقرآن، فيكون ذلك من الإعجاب بالعمل والاغترار، وكل هذا وذاك مذموم، فالواجب ترك التكلف وترك الدعاوى الباطلة التي تحتمل الغلو والمبالغة، نسأل الله أن يهدينا سواء السبيل، والله أعلم.
استثمار الوكيل لأموال الورثة
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
أنا الوكيل الشرعي لإخوتي على أموالهم العائدة من الإرث، هل يحق لي استثمار هذه الأموال في مشروع كشراء أرض مثلاً لهم؟
الجواب:
نعم ولي القصَّر من الأيتام ونحوهم، عليه أن يجتهد في حفظ أموالهم، وعدم التفريط فيها أو التعدي عليها، ومِنْ حفظها السعي في تنميتها لكن بالطرق المأمونة التي لا خطر فيها، والذي يظهر أن استثمارها بشراء أراض لها مستقبل من أحسن طرق التجارة لتنمية المال، وإذا فعل الولي ذلك محتسباً كان له أجر إحسانه، والله –تعالى- لا يضيع أجر من أحسن عملا، وقال –سبحانه-: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن" [الأنعام:152] [الإسراء:34].
فيجب على ولي اليتيم ألا يتصرف في مال موليه إلا بما فيه الخيرة له، والأنفع له، والله أعلم.
الاستشفاء بالقرآن
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
عن الشفاء بالقرآن ، فهل هو شفاء لمرض القلوب كالشرك ، والنفاق، وغيرها ، أم هو شفاء لأمراض عضوية كالصداع ، وألم المفاصل ؟ بل إني سمعت أن من يقرأ القرآن الكريم لا يصاب بسرطان .
الجواب:(1/2)
الحمد لله ، قال - تعالى -:" وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً " [الإسراء: 82] وقال - سبحانه وتعالى -: " يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين " [يونس: 57] فأخبر الله – سبحانه وتعالى – أن القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين ، ولا ريب أن المقصود الأول هو شفاء ما في الصدور من أمراض الجهل والشرك والكفر والنفاق والأخلاق الرديئة كالحسد والغش ، ولكنه مع ذلك شفاء للأمراض العضوية كالصداع وسائر الأوجاع التي تعرض للبدن كما دلت على ذلك سنة الرسول – صلى الله عليه وسلم - ، إذ قيد الرسول – صلى الله عليه وسلم - : " لا رقية إلا من عين أو حُمَة " رواه البخاري (5705) ومسلم (220) وقوله للذي رقى اللديغ بسورة الفاتحة : " وما أدراك أنها رقية " رواه البخاري (2276) ومسلم (2201) وقال – صلى الله عليه وسلم - : " لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً " رواه مسلم (2200) وأبو داود (3886) واللفظ له. والرقى تكون بالقرآن وبالأدعية المشروعة ، وأما القول بأن من يقرأ القرآن لا يصيبه السرطان فهذا لا نجزم بنفيه ولا إثباته ، لكن يرجى أن تكون الرقية بالقرآن سبباً للشفاء من السرطان فلا نقول إن ذلك حتمي ، بل السرطان مرض من الأمراض التي تعرض للإنسان من صالح وطالح فالعوارض الطبيعية تعرض لسائر الناس من المؤمنين والكفار ، ولكنها تكون للمسلم كفارة لذنوبه و سبباً في تعريضه للأجر بقدره ، فأمر المؤمن كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ، وليس ذلك إلا للمؤمن ، كما أخبر الرسول – صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم (2999). والله أعلم .
هل المنكر والفاحشة والذنب بمعنى واحد ؟
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
هل تجد اختلافاً من حيث المعنى بين هذه الكلمات ( المنكر ، الفاحشة ، الذنب ، الإثم ) ؟
الجواب:(1/3)
هذه الكلمات كلها تدلّ على الأمر المنهي عنه ، أي : كل ما نهى الله عنه ورسوله ، فهو إثم ، وهو منكر ، وهو ذنب . وهذه الكلمات متواردة على معنى واحد، وهو الأمر المنهي عنه؛ ولذا تعبّر معاجم اللغة وقواميسها عن هذه الكلمات بعضها ببعض، فبمراجعتك للسان العرب ونحوه تجد تفسير الإثم بالذنب ، والذنب بالإثم، والمنكر ضد المعروف، ولكن الفاحشة أخصّ من ذلك ، فتطلق في اللغة على ما جاوز قدره، أما من الذنوب فالفاحشة تختصّ بما كان كبيرة ، وما كان مستفحشاً في العقول والفِطَرِ ، فهي أخصّ من بقية هذه الأسماء فكل فاحشة ذنب ، ومنكر ، وإثم ، وليس كل منكر فاحشة .
فالنظرة إلى ما لا يحلّ هي ذنب ، ومنكر ، وإثم ، ولا تُسمى فاحشة . والزنا فاحشة، ومنكر ، وذنب ، وأما المنكر ، والذنب ، والإثم فكلها متلازمة ، وكلها تُطلق على الشيء الواحد ، فكل منكر هو إثم وذنب ، وبالعكس ، إلا أنّ لكل منهنّ دلالة ، فالذنب يُسمى منكراً ، لأنه مما تُنكره العقول ، والفِطَرُ المستقيمة ، وينكره الشرع والعقل، ويُسمى العمل المنهي عنه ذنباً ، لأنه يدلّ على تأخره ، وأنه عمل مؤخر كالذنب للبهيمة، فهو لفظ يدلّ على الانحطاط والتأخر . والإثم يدلّ على أنه مذموم ومكروه عند الله ، قد جمع الله بين أنواعٍ من ذلك في آيةٍ واحدة ، وهي قوله تعالى : (( قل إنما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تُشركوا بالله ما لم يُنزّل به سُلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) .
في ذمة الله هل تقال عن المتوفى ؟
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
هل يجوز أن يقال للمتوفى فلان في ذمة الله ؟ وما معنى في ذمة الله ؟
الجواب:(1/4)
هذا التعبير في حق المتوفى لا أعلم له أصلاً فلا ينبغي استعماله وإنما ورد في حق من عمل بعض الصالحات كصلاة الفجر في جماعة ففي صحيح مسلم عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من صلى الصبح فهو في ذمة الله) ومعنى في ذمة الله هنا الضمان وقيل الأمان . والله أعلم
حكم هذه العبارات
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
السؤال: ما حكم قول ؟
1- حرام عليك تفعل هذا.
2- ثالث الحرمين الشريفين.
3- ما تستاهل هذا.
الجواب:
الحمد لله، هذه كلمات تجري على ألسنة كثير من الناس، يقول أحدهم منكراً على غيره : حرام عليك هذا الفعل حرام عليك، أو هذا القول حرام عليك ، فإذا كان هذا الفعل أو القول حراماً في الدين؛ يعني ممَّا حرَّمه الله ورسوله، فإنكاره حقّ ووصفه بالتحريم حقّ، وإن لم يكن ممَّا حرّم الله ورسوله، فلا يجوز إطلاق التحريم عليه فالذين يقولون مثل هذا ، تارة يقولونه فيما هو حرام حقيقة وقد يطلقونه على ما ليس بحرام ، بل مكروه أو غير لائق فإن قصدوا التحريم الشرعي فهذا لا يجوز وهو من القول على الله بغير علم ، يقول –تعالى-:" ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب...الآية" [النحل: 116]، وإن لم يريدوا أنه حرام في الشرع، إنما يريدون بذلك أن هذا ممَّا لا يصلح ولا يليق فهذا من الخطأ في التعبير والأولى اجتنابه ؛ لأن فيه لبساً، والألفاظ الموهمة ينبغي تجنبها حتى لا يقع المسلم في المحذور وهو لا يشعر، وليحصل الالتزام بالمصطلحات الشرعيَّة فلا تطلق على غيرها، ولا يشبّه بها ما سواها، ممَّا يؤدي إلى الاشتباه، والله أعلم .(1/5)
وأمَّا قول القائل: ثالث الحرمين الشريفين ، يريد به المسجد الأقصى، فهذا تعبير فيه خطأ ، وهو يوهم أن المسجد الأقصى حرم، فتكون المساجد المحرَّمة ثلاثة وليس كذلك، فما ثمَّ إلا حَرَمَانِ مكة والمدينة ، كما أخبر الرسول –صلى الله عليه وسلم- :" بأن الله حرَّم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة " ( انظر البخاري 1834، ومسلم1353) ، وأخبر : بأن ابراهيم –عليه السلام – حرَّم مكة وأنه – صلى الله عليه وسلم- حرَّم المدينة (انظر البخاري 2129 ، ومسلم 1360) ، ومعنى تحريمها أي : أن الله حرَّم فيهما مَا لاَ يحرم في غيرهما، كقطع الشجر ، وقتل الصيد ، وأمَّا المسجد الأقصى فليس فيه تحريم خاص، لكنه من المساجد الثلاثة المفضلة التي قال فيها الرسول –صلى الله عليه وسلم- :" لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام، ومسجد الرسول – صلى الله عليه وسلم- ، ومسجد الأقصى" (البخاري 1189 ومسلم 1397 واللفظ للبخاري) ، فليتنبه إلى الفرق بين هذه المساجد ، فللمسجد الحرام ومسجد النبي –صلى الله عليه وسلم- خصوصيَّة ليست لغيرهما من المساجد ، والله أعلم .(1/6)
وأمَّا قول القائل : ما تستاهل هذا ، أو فلان ما يستاهل ، يقال في الخير والشر بأن يقال لمن أعطاه الله حظاً من مال وأهل وولد وغير ذلك ، فلان ما يستاهل ذلك، أو من ابتلي بمرض أو مصيبة: فلان ما يستاهل ما ابتلي به ، فإطلاق هذه العبارة على هذا الوجه اعتراض على تدبير الله وتقديره الحكيم، وعلى هذا فيحرم إطلاق هذه الكلمة؛ لاشتمالها على هذا المعنى المنكر، فإنه يجب على العبد أن يرضى بقضائه –سبحانه وتعالى- ويؤمن بأن الله حكيم عليم بتدبيره لأمر عباده ، فإنه يعطي ويمنع لحكمة بالغة وعلم تام ، فيجب الإيمان بحكمته وعدله، واطراح الاعتراض على أقداره فإن هذا من وساوس الشيطان، نسأل الله أن يعيذنا من شر الشيطان ومكره، إنه -سبحانه وتعالى- هو العاصم من شرِّ هذا العدو المبين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
قراءة الفاتحة على روح الميِّت
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
هناك عادة منتشرة بين الناس ألا وهي قراءة الفاتحة على روح الميِّت، يُرجى بيان الحكم الشرعي في هذه العادة وجزاكم الله خيراً .
الجواب:
اختلف أهل العلم في إهداء القراءة للميِّت، وذهب أكثرهم إلى الجواز قياساً على الصدقة.
وذهب جمع من أهل العلم إلى أنَّه لا تُهدى القراءة، ولا يصل ثوابها، وذلك أنَّ أمر الثواب غيب لا يقطع به الإنسان لنفسه، ولا يملك الإنسان التصرُّف فيه، وإنَّما المشروع فعل العبادة عن الغير كالصدقة عنه، فيقتصر فيه على ما ورد، ولم يرد عن الرَّسول ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ ولا عن أحدٍ من أصحابه القراءة عن الميِّت، لا أمراً ولا إذناً، وهذا القول أظهر.(1/7)
وليس لسورة الفاتحة خصوصيَّة في هذا الحكم. فلم يفرِّق المجيزون ولا المانعون بين الفاتحة وغيرها، فتخصيص الفاتحة بذلك لا أصل له، والمعروف أنَّ الَّذين يستحبون قراءة الفاتحة على روح الميِّت من العامة أو من غيرهم يخُّصون ذلك ببعض الأحوال والمناسبات، مثل قراءتها عند دفنه، أو عند الإحداد المُبْتَدَع، أو عند العزاء، وهذا كله بدع، كالَّذين يقفون قياماً حداداً على ميِّت ويقرؤون الفاتحة. وينبغي أن يُعلم أن استئجار من يقرأ القرآن ويهدي ثوابه حرام على المستأجِر والمستأجَر باتفاق أهل العلم، لأن من يقرأ القرآن بالأجرة لا ثواب له، فيجب الحذر من هذه العادة القبيحة المنكرة. أ هـ.
والله أعلم .
ما الواجب تجاه من يسبّ الله ؟
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
ما حكم من سبّ الله ؟
القضية أن شاباً يقول : إنّ هذا الرب الذي تعبدونه لا يفيد شيئاً ، علماً أنه يقول هذا الكلام أمام مجموعة من الموظفين في العمل ، ما الواجب علينا تجاه هذا الشخص ؟
الجواب:
سبُّ الله لونٌ من ألوان الكفر ، فمن يؤمن بالله ويؤمن بربوبيته وعظمته ، وبأنه خالقه وخالق كل شيء لا يسبه إلا أن يكون في غايةٍ من الانسلاخ من العقل والدين .
وإطلاق هذه العبارة ، وهي ما ورد في السؤال) : أنّ هذا الرب الذي تعبدونه لا يفيد شيئاً ) دالّّ على عدم الإيمان بوجود الله ، وأنه إن كان موجوداً فإنه لا ينفع عابديه ، فلا تجب عبادته ، بل لا تليق عبادته؛ لأن من لا يفيد عابديه لا يحسن بالعاقل أن يعبده . ومثل هذا القول إنما يصحّ فيما يعبده المشركون من أصنام؛ حيث إنها لا تنفع عابديها ، فلا تجلب لهم نفعاً ولا تدفع عنهم ضراً .(1/8)
فالحاصل: أن هذا القائل إن كان يدَّعي الإسلام فهو (مرتدّ)، و يجب على من يسمعه أن ينكر عليه ، ويغلظ عليه في الإنكار ، ويرفع أمره لمن يقيم عليه حكم الردّة . وأقل ما يجب مع الإنكار عليه بالقول وبيان أنّ هذا ردَّة؛ وجوب مقاطعته وعدم مجالسته، وإن بُلي الإنسان به في مكان عملٍ ، فيجب الإعراض عنه ، وعدم التسليم عليه، وعدم تلقيه بشيء من البِشر، وعدم استقباله بأي كلمة تدل على الهوادة معه؛ ليستشعر حقيقة جرمه، وشناعة ما قال ، وهذا أقلّ ما يفعله المسلم مع من لا يرجو لله وقاراً .
نسأل الله السلامة والعافية ، و أن يعيذنا من زيغ القلوب .
الحلف بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم-
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
ما حكم من يقول أو يحلف بجاه سيدنا محمد مثلاً ؟
الجواب:(1/9)
الحمد لله، لقد صح عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون" رواه النسائي (3769) وأبو داود (3248) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – وجاء عنه –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من حلف بغير الله فقد أشرك" رواه أبو داود (3251) والترمذي (1535) من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – فالحلف من المخلوق لا يجوز إلا بالله، أو صفة من صفاته، كعزته، وقدرته –سبحانه وتعالى- وعلى هذا فلا يجوز الحلف بأي مخلوق ولا بصفة من صفات المخلوق، لا بالرسول، ولا بملك من الملائكة، ولا بالكعبة، ولا بحياة فلان، أو شرف فلان، أو راس فلان، أو بالسيد فلان، كما يقع من كثير من الجهّال والضلال، وجاه الرسول –صلى الله عليه وسلم- هو صفة له وهي منزلته ووجاهته عند ربه –سبحانه وتعالى- فهي صفة من صفاته –عليه الصلاة والسلام-، مثل سيادته وولايته –عليه الصلاة والسلام-، أو رسالته، فالمقصود أنه لا يجوز الحلف بالمخلوق مهما كان شريفاً، ومهما كان له من الفضل، ومحمد –عليه الصلاة والسلام- هو سيد ولد آدم ومع ذلك فقد قال: "من حلف بغير الله فقد أشرك" (سبق تخريجه) فالواجب الحذر من الشرك كله ظاهره وخفيّه، قوليّه وفعليّه، عصمنا الله وإياكم من أسباب سخطه وصلى الله وبارك على عبده ورسوله.
هل الحنان والعطف من صفات الله ؟
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
هل (الحنان و العطف) من صفات الله تعالى ؟ وهل يجوز للمسلم أن يدعو قائلاً : "يارب أنعم علينا بعطفك وحنانك …" …وجزاكم الله خيراً
الجواب:
أما العطف فلا أعلم أنه ورد في شيء من النصوص نسبته إلى الله . وأما الحنان فقد ورد في المسند 3/230 بسند ضعيف جدا عن أنس مرفوعا :" أن عبداً في جهنم ينادي ألف سنة يا حنان يا منان " .(1/10)
ولكن يلاحظ أن لفظ العطف يرد في بعض كلام أهل العلم كمجاهد قد قال في قوله تعالى(( وحناناً من لدنا )) تعطفاً من ربه عليه . وكذا ورد في كلام ابن القيم بنحو هذا .
فلعله يعتبر مما يصح في الخبر دون الوصف حيث أن باب الخبر أوسع- كما في القاعدة المقررة – والعطف قريب معناه من الرحمة.
شيوخ يخبرون بمكان المسروق.
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
ما حكم امرأة تذهب إلى شيخ، وتسأله عن شيء وقع لها وهي صائمة؟ وتريد أن تعرف مَنِ الشخص الذي سرق بيتها ؟
الجواب:(1/11)
من الأصول المقررة في عقيدة المسلم أنه لا يعلم الغيب إلا الله، قال –تعالى-: "قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله" [النمل:65]، وحتى الرسول –صلى الله عليه وسلم-، وسائر الأنبياء تبرؤوا من دعوى علم الغيب، فلا يعلمون من ذلك إلا ما جاءهم به الوحي: "قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب" [الأنعام:50]، "قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير" [الأعراف:188] فمن ادعى علم الغيب كان كافراً، نعم هناك المشعوذون كالكهان والسحرة يدعون علم الغيب، وقد يصيبون في أشياء ويخطئون في أكثر من ذلك، بل جاء في شأن الكهان أن مسترق السمع من الجن يخبرهم بما سمع من السماء، فيكذب الكاهن معها مئة كذبة، فيصدقه الناس بأكاذيبه بسبب أنه صدق مرّة، وعلى كل حال فلا يجوز الذهاب لمن يدعي أنه يعرف مكان المسروق فإن هذا من شأن الكهان، وقد قال –صلى الله عليه وسلم-: "من أتى كاهناً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد –صلى الله عليه وسلم-" أبو داود (3904) وأحمد (9290) وإن كان هذا المخبر يتظاهر بالدين والخير والصلاح، فإذا كان يدعي أنه يعلم مكان المسروق، ويعرف أين يكون فلان، وأين يوجد فلان، ويحدد مواضعهم مثلاً فإنه كذاب أفاك تنزل عليه الشياطين، قال –تعالى-: "هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون" [الشعراء:221-222].(1/12)
وبهذا يعلم أن مثل هؤلاء الكهان لا يصح أن يعرفوا باسم الشيخ، أو العالم أو الفقيه، فإنه وإن ادعى العلم والصلاح دجال، يجب الحذر منه، ويجب التحذير من الاغترار بمظهره، ويجب بيان حقيقة مثل هؤلاء، وإذا كان للإنسان قدرة فعليه أن ينكر عليهم، ويمنعهم من إظهار ما عندهم ومن إتيان الناس إليهم، فإن الكهانة من أعظم المنكرات، وكذلك إتيان الكهان، فمن أقدره الله وجعل له سلطاناً فعليه أن يضرب على يد هؤلاء، ويكف شرهم، ويمنع العامة من ارتياد أماكنهم، ويجب على من لديه علم أن يبيّن للناس حكم الكاهن، وإتيان الكهان، فإن ذلك مما يحول بين هؤلاء المضللين وبين ما يريدون، فإنهم بهذه الأعمال الخبيثة يكونون من المفسدين في الأرض، والواجب على المسلم أن يسعى في الإصلاح ودرء الفساد، والله أعلم.
برج المولود .
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
ما رأي الإسلام فيما يقال:أن لكل مولود في كل برج (الأبراج الفلكية) ، كبرج الدلو مثلاً صفات معينة ؟
الجواب:
هذا الزعم هو فقه المنجمين الذين يربطون الحوادث الأرضية بتأثير النجوم والطوالع والبروج، وهو ضرب من السحر ورجم بالغيب، جاء في الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : (( من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد )) أخرجه أبو داود (3905) ، وابن ماجة (3726). وهو حديث حسن
فالقول: إن لهذه الأبراج تأثيراً على صفات المواليد وأحوالهم، وأخلاقهم، ومستقبلهم، هو قول باطل في الإسلام . فكل برج ، أو نجم يولد فيه الطويل والقصير، والطيب والخبيث، والغني والفقير، يولد فيه من يعمّر ومن لا يعمّر، يولد فيه الجميل والقبيح . فقول المنجمين في هذا قول باطل في الإسلام، وهو من ادعاء علم الغيب، وادعاء علم الغيب منازعة لله -سبحانه وتعالى- في قوله: (( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله)) .(1/13)
فعلى المسلمين أن يحذروا من أولئك الدجالين الذين يستغلون سذاجة البسطاء ، فيستغفلونهم ،ويسلبون أموالهم ، ويفسدون عقائدهم . فالمنجمون من طوائف المفسدين في الأرض، ولا يجوز الذهاب إليهم وسؤالهم، فإن المنجم من العرافين ويدخل في اسم العراف، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (( من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد )) أخرجه أحمد (9536) وهو حديث حسن .
فالحذر الحذر ، والواجب على المسلم أن يعتصم بالله، وأن يحقق إيمانه بربه، ولا يغتر بأولئك المضلين والمفسدين. كفى الله المسلمين شرهم وصلى الله وسلم على محمد .
كيف نثبت وجود الملائكة ؟
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
هل لكم أن تثبتوا لي أنه يوجد في هذه الدنيا ملائكة ؟
أريد جواباً مقنعاً . وجزاكم الله خيراً .
الجواب:(1/14)
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسوله، نقول لمن قال ذلك : أتؤمن بالله ورسوله وكتابه ؟ فإن قال: نعم أؤمن بالله ورسوله وكتابه . نقول: إن هذا يفرض عليك أن تؤمن بكل ما أخبر الله به في كتابه وعلى لسان رسوله، فإن الملائكة من علم الغيب، ولا طريق للعلم بهم إلا خبر الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم-، فلا طريق للعلم بالملائكة إلا بالوحي المنزل على رسل الله وأعظم ذلك ما أنزله الله -سبحانه وتعالى- من الكتاب والحكمة على محمد -صلى الله عليه وسلم- وقد ذكر الله الملائكة في كتابه في مواضع كثيرة جداً، كما في قصة آدم وإبليس، وذكر أن الإيمان بهم من أركان وأصول الإيمان والبر، وأن الكفر بهم ضلال بعيد كما قال –تعالى- : (( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله فقد ضل ضلالاً بعيداً )) كما بيّن سبحانه وتعالى في كتابه وعلى لسان رسوله -عليه الصلاة والسلام- أموراً كثيرة عن الملائكة من صفاتهم الخَلقية والخُلقية ، والأعمال التي وكلوا بها، فالإيمان بالملائكة من أصول الإيمان فمن ينكر وجودهم، أو يشك في وجودهم فإنه كافر بالله ورسوله وكتبه، ولو ادَّعى أنه مسلم، وأؤكد أنه لا طريق لإثبات وجودهم وأحوالهم إلا السمع، أي: النقل ، وهو كتاب الله، وما صحَّ من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وإن كان القائل لا يؤمن بالله ، أو لا يؤمن بالرسول ، أو لا يؤمن بالقرآن فللكلام معه مقام آخر، لا يتكلم معه في إثبات الملائكة بل يتكلم معه في أصل الأصول، وهو الإيمان بالله ورسوله وكتابه , والله أعلم .
عرض أعمال الأحياء على الأموات .
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
حول مسألة عرض أعمال الأحياء على الأموات، وما هو الصحيح في ذلك مع الإحالة على المراجع قدر الاستطاعة ؟
-حول مسألة تزاور الأموات فيما بينهم وما الصحيح في ذلك؟ مع الإحالة على المراجع قدر الاستطاعة.
الجواب:(1/15)
الحمد لله، الأموات في عالم البرزخ وهو ما بين الدنيا والآخرة من الموت إلى البعث، فلهم في هذه الدار أحوال وهم على منازلهم ومراتبهم من الخير والشر، قد دلت النصوص من الكتاب والسنة على جملة ذلك، فدلت على أن الأموات إما في نعيم وإما في عذاب، وهذا مما يجب الإيمان به، وهو من الإيمان بالغيب الذي أثنى الله به على المتقين، والعباد في هذه الدنيا لا يعلمون من أحوال أهل القبور شيئاً إلا النادر مما قد يكشف لبعض الناس، كما جاء في أخبار وروايات كثيرة منها الصحيح وغير الصحيح، وكذلك الأموات الأصل أنهم لا يعلمون من أحوال أهل الدنيا شيئاً؛ لأنهم غائبون عنها، فلا يجوز أن نثبت اطلاعهم على شيء من أحوال أهل الدنيا إلا بدليل، وقد جاءت آثار وروايات تدل على أن بعض الأموات يشعر بأحوال أهله، وما يكون منهم، ولا أعلم شيئاً عن صحّة هذه الآثار، وقد أوردها العلامة ابن القيم في كتباه المعروف كتاب (الروح)، ومن أصح ما ورد مما يتعلق بهذا المعنى، حديث: "إن الميت ليعذّب ببكاء أهله عليه" رواه البخاري (1286) ومسلم (928) من حديث ابن عمر –رضي الله عنهما-، وكذلك ثبت أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- تعرض عليه صلاة أمته وسلامهم عليه –صلى الله عليه وسلم-، انظر ما رواه أبو داود (1047-1531) والنسائي (1374) وابن ماجة (1636) من حديث أوس بن أوس –رضي الله عنه-، وأما مسألة تزاور الأموات فهو من جنس ما قبله، تذكر فيه آثار، وقد أورده ابن القيم في نفس الكتاب، ولا أذكر شيئاً مما يعول عليه لإثبات هذه الحال، ولكن نعلم أن أرواح المؤمنين مع بعضها في الجملة، وكذلك أرواح الكافرين، والله أعلم بالغيب، ومما يتعلق بمسألة عرض أعمال الأحياء على الأموات أو شعورهم بشيء عنها مسألة سماع الموتى، وقد دلّ القرآن على أن الأموات لا يسمعون، كما قال –سبحانه وتعالى-: "إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين" [النمل:80]، وقال –سبحانه وتعالى-:(1/16)
"وما أنت بمسمع من في القبور" [فاطر:22]، لكن ورد أن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم، انظر ما رواه البخاري (1338) ومسلم (2870) من حديث أنس –رضي الله عنه-، وما صحّ من الأحاديث في زيارة القبور والسلام على أهلها يأخذ منه بعض أهل العلم أنهم يسمعون كلام المسلِّم عليهم بدليل التوجّه إليهم بالخطاب، وأضف على ذلك ما روي من قوله –صلى الله عليه وسلم-: "ما من رجل يمرُّ على قبر أخ له كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه فيرد عليه السلام"، أو كما جاء في الحديث، انظر العلل المتناهية (1523) ومعجم الشيوخ (333) وهذه الأحاديث لا يصح الاستدلال بها على أن الأموات يسمعون كل ما يقال عند قبورهم فضلاً عمّا بَعُدَ عنهم، فيجب الاقتصار على ما ورد به الدليل، فنقول: الأصل أن الأموات لا يسمعون شيئاً من أقوال الأحياء إلاّ ما دلّ عليه الدليل، ولا يسمعون من يناديهم ليخبرهم بشيء من الأمور، فضلاً أن يسمعوا من يناديهم يستغيث بهم، ويطلب منهم الشفاعة عند الله، ولو كان ذلك قريباً من قبورهم، فضلاً عمّا يكون بعيداً عنهم، ومع إثبات ما ورد من السماع فإننا لا نثبته إلا على الإطلاق، لا نشهد لمعين بأنه يسمع سلام المُسلِّم عليه أو يسمع مشي المشيِّعين له عند الانصراف عنه، لكن نثبت ذلك على وجه الإجمال والإطلاق، وقوفاً على حدّ ما يقتضيه الدليل، والدليل جاء مطلقاً ليس فيه تعيين لمن يحصل له ذلك، وإنما جاء مطلقاً عاماً، فيجب الوقوف مع دلالته دون زيادة، وبهذا يعلم أن ما يفعله القبوريون عند قبور من يعظمونه من دعائهم والاستغاثة بهم أو دعاء الله عند قبورهم أن ذلك دائر بين البدعة والشرك، فيجب الوقوف عند حدود الله في زيارة القبور وغيرها، فإن زيارة القبور إنما شرعت إحساناً للموتى بالدعاء لهم، وانتفاعاً للحيّ بتذكر الآخرة، نسأل الله البصيرة في الدين والفرقان المبين.
الدعاء بجاه الله .(1/17)
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
ما حكم دعاء الله بقولنا: "إلهي أنت جاهي" ؟
الجواب:
هذا دعاء مبتدع لا يجوز فليس الله جاهاً لأحد، وجاه الإنسان هو ماله من المنزلة عند الله أو عند المخلوقين، وأما الله –جل وعلا- فليس جاهاً لأحد، وهذا الدعاء مبتدع إنما يصدر من جاهل لا يعرف دلالات الكلام.
فالواجب تجنب مثل هذا، قل يا الله أنت إلهي وأنت ربي لا إله غيرك أنت الحي القيوم، يا ذا الجلال والإكرام قال –جل وعز-: "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" [الأعراف:180]، والله أعلم.
ختم الدعاء بالفاتحة .
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
رأيت في إحدى القنوات الفضائية شيخاً فاضلاً تكلم كلاماً جميلاً اقشعرت منه جلود السامعين، وذلك في محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولكني رأيت في ختام محاضرته أن دعا إلى قراءة الفاتحة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والصحابة -رضوان الله عليهم-، فهل هذا جائز، أو ورد عن السلف رحمهم الله هذا ؟
الجواب:
قراءة الفاتحة عند ختم الدعاء بدعة لا أصل لها من كتاب، ولا سنة، ولا من فعل الصحابة، ولا من تبعهم بإحسان، فلا يجوز تحري ذلك، فإن تخصيص الذكر أو القراءة في وقت، أو حال، أو مكان لا يجوز إلا بدليل، وقراءة الفاتحة أوجبها الله في الصلاة، وهي رقية يرقى بها المريض، وتلاوتها عبادة كسائر سور القرآن، بل إنها أفضل سور القرآن، ولا أذكر موضعاً يشرع فيه قراءة الفاتحة على وجه الخصوص إلا ما ذكر، ويكفي دلالة على عظم شأن الفاتحة أن الله افترض قراءتها في كل ركعة، فالمسلم يقرؤها سبع عشرة مرة في صلاة الفريضة، ويقرؤها في سائر النوافل في كل ركعة، إذ لا تصح صلاة لا فرض، ولا نفل إلا بقراءتها؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم-: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" البخاري (756) ومسلم (394)، والله أعلم.
الدعاء (اللهم ارحمنا بأسرار الفاتحة) .
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:(1/18)
ما حكم صيغة هذا الدعاء : ( اللهم بأسرار الفاتحة ارحمنا أو فرج عنا) ؟
الجواب:
الحمد لله، هذا الدعاء بدعة لا أصل له، وليس له نظير في الأدعية المأثورة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – والسلف الصالح، فالواجب التوسل بما جعله الله وسيلة من الأسماء والصفات كأن تقول: اللهم برحمتك أستجير، وبرحمتك أستغيث، وتقول: يا أرحم الراحمين ارحمنا، وتقول: اللهم فرّج عنا يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، قال الله – تعالى- :" ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها"[الأعراف:180] فهذا الدعاء المسؤول عنه من الأدعية البدعية التي يخترعها بعض الناس ويعجبون بها، وهذا من تسويل الشيطان ، فالخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع .
الأذكار عبر الجوال!
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
ما حكم هذه الرسالة من الهاتف الجوال : " قل سبحان الله وبحمده 100 مرة ، وابعثها لـ 10 غيرك هي أمانة في ذمتك ". ؟
الجواب:(1/19)
الحمد لله ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه ، الذي يظهر لي أن مثل هذا لا ينبغي ؛ لأن له شبهاً بمن جاء ذكرهم في عهد الصحابة إذ كانوا يتحلقون ، ويقول أحدهم : سبحوا مائة ، هللوا مائة ، كبروا مائة ، فأنكر عليهم ابن مسعود – رضي الله عنه – وفرق جمعهم ، وعدَّ ذلك بدعة منهم، انظر ما رواه الدارمي (210) فلا موجب لأن تقول : سبّح مائة ، وإذا كان هناك رغبة في استغلال هذه الوسائل فيما يقرب إلى الله ، فيمكن أن تتضمن الرسائل وصايا مثل : يا أخي أوصيك بتقوى الله ، يا أخي لا تغفل عن ذكر الله ، ولا تقيد ذلك بقول، ولا بفعل ، كما لا يليق أن تقول : قم يا أخي صلَّ ركعتين ، وقل للآخرين صلوا ركعتين ، ولكن تقول : يا أخي اجتهد في أداء ما فرض الله عليك ، وتزود من النوافل ، ونحو ذلك من الوصايا العامة ، وأصل البدع قائمة على الاستحسان ، وليس كل ما يستحسنه الإنسان بعقله يكون حسناً ، وإن كان جنسه حسناً ، وبعض الأمور إن لم تكن بدعاً كانت وسيلة إلى بدعة ، أو مقربة إلى البدعة البينة ، فالواجب الحذر ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله .
كيف نجمع بين هذين الحديثين؟
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
لماذا نهى النبي -عليه السلام- عن تعليق الدعاء بالمشيئة ، وورد عنه قول : (( لا بأس طهور -إن شاء الله- )) ؟
الجواب:
ورد النهي عن تعليق الدعاء بالمشيئة في قوله -صلى الله عليه وسلم- : (( لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت ، ارحمني إن شئت ، ارزقني إن شئت ، وليعزم مسألته، إنه يفعل ما يشاء ، لا مكره له )) أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه (7477) . ولمسلم : (( ... وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه )) (2678) .
وهذا على إطلاقه ، فإنّ تعليق الدعاء بالمشيئة يدلّ على ضعف في العزم، أو أن الداعي يخشى أن يُكرِهَ المدعوّ ، والله سبحانه وتعالى لا مكره له ، كما في الحديث .(1/20)
وأما الحديث الذي أخرجه البخاري عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- دخل على أعرابي يعوده ، قال: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل على مريض يعوده قال : (( لا بأس طهور إن شاء الله ... الحديث )) (3616) فهذا الأسلوب أسلوب خبر ، والخبر في مثل هذا يحسن تعليقه على المشيئة ، مثال ذلك أن تقول : فلان رحمه الله، أو اللهم ارحمه، فلا يصح أن تُقيّد ذلك بالمشيئة. بخلاف ما إذا قلت : فلان مرحوم ، أو فلان في الجنّة، فإنه لابدّ من التقييد بالمشيئة؛ لأن الأوّل دعاء ، والثاني خبر ، ولا يملك الإنسان الإخبار عن الغيب، فإن أخبر عن ما يرجوه وجب تقييد ذلك بالمشيئة والله أعلم .
حكم الاعتداء على غير المسلمين .
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
سؤالي الأول، هو: عن غير المسلمين، حيث نسمع من الكثيرين أن كل من كان غير مسلم، وخصوصاً إذا لم يدفع الجزية فهو لا قيمة له ويجوز قتله وشتمه إلى ما هنالك! فما هو توجيهكم لمثل هؤلاء الأشخاص؟
الجواب:(1/21)
الحمد لله، دين الإسلام هو دين الله الذي بعث به رسله من نوح - عليه السلام- بل من آدم إلى خاتمهم محمد – صلى الله عليه وسلم – فالإسلام الذي أصله عبادة الله وحده لا شريك له، وطاعته وطاعة رسله هو الدين الحق الذي لا يقبل من أحد دين سواه ، قال- تعالى- :" ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران:85] فأتباع موسى وعيسى ومن قبلهما – عليهم السلام – كانوا على الإسلام حتى بعث محمداً – صلى الله عليه وسلم – فنسخ الله بشريعته ما تقدمها من الشرائع ، فالإسلام اليوم هو شريعة الله التي تضمنها القرآن وسنة الرسول – عليه الصلاة والسلام – كل من شهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، والتزم شريعة الله فهو مسلم، فمن خرج عن ذلك فهو كافر فالناس صنفان مسلم وكافر ـ فغير المسلمين هم الكافرون، والكفار باعتبار أحكام الشريعة فيهم ثلاثة أصناف: ذميّ، ومعاهد، ومحارب، فالذمي، هو: الذي التزم دفع الجزية ورضي بالإقامة تحت سلطان المسلمين آمناً على نفسه وماله وسائر حرماته، والثاني المُعاهد وهو: الذي كان بينه وبين المسلمين عهد، سواء كان في دار الإسلام أم في بلاده، فهذا أيضاً معصوم الدم والمال لا يجوز الاعتداء عليه في نفسه ولا ماله، ولا بغش ولا سرقة، ولا أي لون من ألوان العدوان، والثالث، هو: المحارب للمسلمين، وهذا حلال الدم والمال يجب على المسلمين إذا استطاعوا أن يحاربوه ويجاهدوه؛ لأنه عدو للإسلام وأهله من جميع الوجوه، قال - سبحانه وتعالى -:" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون "[الممتحنة:8-9] فإذا قاتل المسلمون أعداءهم المحاربين فإنه لا يجوز لهم قتل نسائهم ولا صبيانهم ،ولا من ليس(1/22)
من أهل القتال كالشيخ الفاني ، فدين الإسلام يحرم الظلم والعدوان إلا على من اعتدى وظلم ، قال – تعالى- :" الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين " [البقرة:194] وبهذا يعلم أن ما يقع من بعض جهلة المسلمين من الاعتداء على حقوق الآخرين من غير المسلمين، والذين أقام هؤلاء المسلمون في بلادهم بموجب الأنظمة والقوانين المتبعة التي تقتضي ألا يعتدي أحد على أحد، ما يقع من هؤلاء من السرقة، أو جحد حق، أو الاعتداء على الغير بضرب، أو سب بغير تسبب من الآخر كل ذلك مما تحرمه شريعة الإسلام، فما يفعله هؤلاء ليس من الإسلام في شيء، بل وأعظم من ذلك ما يقوم به بعض الغالطين من أعمال إرهابية كتفجير بعض المؤسسات، فإن ذلك ليس من الجهاد الذي شرعه الله لنشر العدل ولإعلاء كلمة الله في أرض الله وبين عباد الله، بل هو من الإفساد المنهي عنه، قال - سبحانه وتعالى -:" ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها إن رحمة الله قريب من المحسنين " [الأعراف:56]، وقال - سبحانه وتعالى -:" ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " [النحل: 125] فينبغي لكل عاقل أن يعرف بالإسلام ويدعو إليه بلسانه وحاله وخلقه، ويستنقذ الناس من النار بدلالتهم على الهدى والخير، كما ينبغي لكل عاقل أن يتبصر في دين الإسلام ليعرف حقيقته، وسيرى إن اجتهد في طلب الحق أن الإسلام دين الله الحق، وأن خلاص نفسه من عذاب الله إنما هو بالدخول في الإسلام،" ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " [آل عمران:85] والله - تعالى - يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
بيع تأشيرات الحج .
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
ما حكم بيع تأشيرات الحج التي تستخرج بشِقّ الأنفس ؟
الجواب:(1/23)
لا يجوز للإنسان أن يأخذ تأشيرة لنفسه وهو لا يريد الحج، فإن أخذ تأشيرة لنفسه وهو يريد الحج ثم عدل عن ذلك ، فليس له أن يبيعها إلا بنفس التكلفة التي بذلها في سبيل الحصول عليها . ومعنى ذلك أنه لا يجوز أن تتخذ تأشيرات الحج تجارة يستغلّ بها ضعفاء المسلمين والحريصين على الحج، بل ينبغي للمسلم أن يكون معيناً على الخير، وأن يساعد إخوانه المسلمين لا أن يستغلهم والله أعلم .
ارتداء الرجل حلقة الفضة.
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
تعودت ارتداء سلسلة ذهبية، ولما علمت بأن الذهب محرم للرجال خلعتها واستبدلتها بسلسلة فضية، فهل هذا الأمر يوافق صحيح الدين ؟
الجواب:
نعم يحرم لبس الذهب على الذكور، فلا يجوز للرجل أن يلبس خاتماً ولا ساعة ولا قلادة من ذهب؛ لما صح عن النبي –عليه الصلاة والسلام- أنه قال في الذهب والحرير:"هما حلال لإناث أمتي حرام على ذكورها" أحمد (19503) والنسائي (5148)، ولما رأى على رجل خاتم ذهب قال:" يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده" مسلم (2090) فألقى الرجل خاتمه، ثبت عنه –صلى الله عليه وسلم- أنه اتخذ خاتماً من فضة، فخاتم الفضة لا بأس به، وكذلك الساعة مثلاً، ولكن يحرم على الرجل كذلك التشبه بالنساء، فلا يجوز للرجل أن يلبس خواتم من فضة، فإن لبس الخواتم على عدد من الأصابع هو من شأن النساء، وكذلك القلادة، فيحرم عليك أن تلبس سلسلة ولو من فضة؛ لما في ذلك من التشبه بالنساء، فإن التحلي بالقلائد والخواتم والقروط بالآذان من زينة النساء، وفي الحديث الصحيح:"لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال" البخاري (5885) فعليك أيها الأخ أن تطَّرح هذه السلسلة وإن كانت من فضة، وتعتز برجولتك وتحمد الله على نعمه الدينية والدنيوية، والله –تعالى- حكيم عليم في شرعه وفي كل أفعاله، إنه –تعالى- حكيم عليم وصلى الله على نبينا محمد.
أغاني المدائح النبوية .(1/24)
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
ما حكم غناء واستماع الأغاني التي تشيد بالرسول وأهل بيته وصحابته ومكارم الأخلاق، فهي تطرب الروح وتسمو بها ولا تثير الغرائز ؟
الجواب:
لقد دلَّ الكتاب والسنة على تحريم الغناء، والغناء الذي ورد النهي عنه هو إنشاد الشعر بالألحان ولا سيما مع آلات العزف، وقد جاء عن الصحابة- رضي الله عنهم- تفسير الزور في قوله:" والذين لا يشهدون الزور" [الفرقان:72] وتفسير لهو الحديث في قوله – تعالى-:" ومن الناس من يشتري لهو الحديث" [لقمان:6] وتفسير صوت الشيطان في قوله – تعالى -:" واستفزز من استطعت منهم بصوتك" [الإسراء:64] وتفسير اللغو في قوله – تعالى -:" وإذا مروا باللغو" [الفرقان:72] جاء عن السلف تفسير هذا كله بالغناء، وجاء عن ابن مسعود – رضي الله عنه – أنه قال:" الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل" رواه أبو داود (4927) مرفوعاً بسند ضعيف، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (10/223) موقوفاً، وانظر التلخيص الحبير (2113). وجاء عن السلف قولهم:" الغناء رقية الزنى" ولا ريب أن الشعر المُلحن مع الآلات يُطرب، ومصدر الطرب هو الأصوات والأنغام، بقطع النظر عن المعاني، ولكن لا ريب أن الغناء أنواع فبعضه شر من بعض، فالغناء الذي يثير غرائز الجنس ويهيّج على فعل الحرام من الزنى أو الظلم والعدوان، أو يُحبب ما يبغضه الله ورسوله من الأقوال والأفعال أنه أقبح من الغناء الذي يسميه أهله غناءً دينياً، ويُضَمِّنُونَهُ معاني صحيحة، وقد يُضمِّنونه مدح الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأهل البيت، وهذا المدح تارة يكون مشوباً بالغلو، وحينئذ فإنه مع ما يورثه من الطرب واللهو فإنه يغرس في القلب الغلو في الدين ومنه الغلو في الرسول – صلى الله عليه وسلم -، والغلو في أهل بيته، وأهل بيت الرسول – صلى الله عليه وسلم – أغنياء بما أكرمهم الله به من الفضائل عن الغلو في إطرائهم، فالواجب اجتناب(1/25)
الغناء كله، والإقبال على سماع القرآن والحديث، ولا بأس بقراءة الشعر غير ملحن وغير مقرون بالآلات، وهو الشعر النظيف المشتمل على الترغيب بالفضائل ومكارم الأخلاق، أو مدح من يستحق المدح بحق وباعتدال دون إفراط وتجاوز للحدود، ودون توسع في ذلك، فإن التوسع في المباح لا بد أن يكون على حساب الأعمال الصالحة الجليلة، والعاقل الحازم هو من يُؤْثِرُ الأعلى على الأدنى، ويقدم الأفضل على الفاضل، فأوصي السائل وكل من يقرأ هذا الجواب ألا يغتر بهذه الأشعار التي هي مما يعتني به المتصوفة الذين يتدينون ويعبدون الله بسماع القصائد، ويستغنون بها عن سماع القرآن، ويظنون أنهم بذلك محسنون، فهم مبتدعون ومسيؤون من حيث يشعرون أولا يشعرون، وقد تكون هذه الأشعار الدينية الصوفية أقبح من الأشعار التي تثير الغرائز، من جهة ما يخشى منها من غرس البدع الاعتقادية، ومن التدين بما لم يشرعه الله، فأصحاب هذا السماع يُقْبِلُونَ عليه ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً، بينما المفتونون بالأغاني الخليعة يعترفون بأنهم عاصون في ذلك، ويهمون بالتوبة، ويجاهدون أنفسهم في ذلك، بينما لا يفكر بذلك أصحاب السماع المبتدع؛ لأنهم يظنونه ديناً وهو من دين الشيطان " أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً " [فاطر:8] فينبغي للسائل وغيره أن يقرأ ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في هذا الشأن سيما كتابه في تحريم السماع وهو مطبوع مشهور .
العلامة عبد الرحمن البراك يتحدث عن وسائل الدعوة،الأناشيد،التمثيل
سُئل فضيلة الشيخ العلامة البحر الفهامة الإمام عبد الرحمن بن ناصر البراك _حفظه الله_ السؤال التالي:
ما قول فضيلتكم حماكم الله في من يقول إن وسائل الدعوة توقيفية، يقول بأن من قال بأنها اجتهادية ضالٌ مبتدع، خارج عن الملة في هذا الباب ولا كرامة ؟
فأجاب الشيخ:
هذا مرتبط بما قبله،أو له شبه بما قبله[وهو حديثه عن عدم العدل].(1/26)
أما وسائل الدعوة فلا بد منها إلى تفصيل:
فيها وسائل توقيفية:
في الأمور الوسائل الشرعية،هذه توقيفية،يعني الوسائل التعبدية،هذه توقيفية.
والوسائل العادية:
ليست توقيفية،عادية،مثل:استعمال هذا المكبر وسيلة عادية،لا نقول إنه حرام،لأنه لم يأتي الأمر باستعماله،وسيلة عادية.
الدعوة لإقامة مدارس لتعليم القرآن وتعليم السنة هذه وسائل عادية يمكن أن نقول أنها لم تكن معروفة بشكل واسع وبارز.
فالوسائل العادية ليست توقيفية؛ولكن يجب أن تكون هذه الوسائل العادة محكومةً بالشرع كما أشرت إلى هذا بأنه لا تجوز الدعوة إلى الله بفعل مُحرم،فلا ندعوا إلى الله بالأغاني الدينية،والأغاني الدينية ما فيها دعوة ،كما هي أفعال المتصوفة يتعبدون لله بالغناء والرقص والمعازف، ومن الناس أيضاً يمكن في هذا الزمن من يحوله أن يدعوا إلى الله بمثل ذلك.
أو أيضاً من نوع التمثيل:
التمثيل عندي أنه لا يكاد يخلو من منكر؛فلا أراه وسيلة في الدعوة إلى الله.
…………..
من شريط توجيهات في الدعوة محاضرة للشيخ عبد الرحمن البراك.
………
الدعاء على الظالم .
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو من فضيلتكم أن تدلوني على طريق يريح نفسي وقلبي من الظلم، فقد تعرضت لظلم معنوي شديد، وقد أثر هذا الظلم في نفسي إلى حد بعيد جداً، فهل لي أن أسأل الله أن يريني يوماً في هذا الظالم ؟ ليس للشماتة -والعياذ بالله-، ولكن لأعلم أن الله قد اقتص منه، وهل لي أن أدعو بحسبي الله ونعم الوكيل وسوف يرد لي حقي ؟ وهل فعلاً أن الجزاء من جنس العمل ؟ وما مصدر هذه المقولة "الجزاء من جنس العمل" ؟ أفيدوني يرحمكم الله.
الجواب:(1/27)
الحمد لله، مما يبتلى به الإنسان في هذه الحياة الظلم، بأن يعتدي عليه بعض الناس بغير حق في نفسه أو ماله أو عرضه، والواجب على المسلم في المصائب كلها أن يصبر ويؤمن بأن ذلك بقدر الله وعليه أن يحاسب نفسه لعل ما وقع عليه من الظلم بسبب ذنوب اقترفها على حد قوله –تعالى-:"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم" [الشورى:30]، فإن الله قد يسلط على العبد من يؤذيه بسبب ما اقترف من السيئات ويبتليه بالمصائب في ماله ونفسه وغير ذلك، ليكون ذلك تمحيصاً لذنوبه، من صبر كسب، على حد قوله –صلى الله عليه وسلم-:"ما يصيب المسلم من نَصَب ولا وَصَب ولا همّ ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه"، صبره على الظلم من حيث إنه بقدر الله لا يمنع من مطالبته بحقه الذي يوجبه الشرع، كما قال –تعالى-:"ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم" [الشورى:41-42]، وعليك أيتها السائلة أن تصبري وتحتسبي الأجر من الله على ما وقع عليك من ظلم، وقد يرى الإنسان أحياناً أنه مظلوم من جهة فلان أو فلان وليس بظلوم، فعليه أن يتثبت في هذا الأمر، ولا يدعي الظلم على من لم يظلمه، فإن من الناس من إذا اُدعي عليه بحق وحُوكم في ذلك يرى أنه مظلوم وليس هو بمظلوم، ومن انتصار المظلوم لنفسه أن يدعو على الظالم من غير أن يعتدي، يدعو عليه بأن الله ينصفه منه، يقول: اللهم أنصفني منه، اللهم انصرني عليه، ولا يدعو عليه كما يشاء بأن يفعل الله به كذا وكذا، بأن يهلكه أو يدمره، أن يجعله في جهنم كما يفعل بعض الجهلة، وله أن يقول: حسبي الله ونعم الوكيل، فبهذا تفويض للأمر إلى الله "ومن يتوكل على الله فهو حسبه" [الطلاق:3]، وقال –سبحانه وتعالى-:"الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا(1/28)
حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" [آل عمران:173]، وأما أن الجزاء من جنس العمل فهذه سنة الله في شرعه وقدره، ولكن هذا لا يقال إنه مطرد في كل شيء، لكن هذا هو الغالب أن الجزاء يكون من جنس العمل كما قال –تعالى-:" ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون" [النمل:50]، وقال –سبحانه وتعالى-:"وجزاء سيئة سيئة مثلها" [الشورى:40]، وقال –تعالى-:"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" [البقرة:194] وكذلك في الإحسان من عفا عفا الله عنه، ومن أحسن أحسن الله إليه، قال –تعالى-:"هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" [الرحمن:60]، وهذه الآيات هي الأصل في هذه المقولة أن الجزاء من جنس العمل وشواهدها كثيرة، والله أعلم.
لعن الشياطين.
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
هل يجوز لعن الشياطين، كقول: الله يلعن إبليسك ؟
الجواب:
الحمد لله، ليس هذا بمشروع ولا أقول إنه لا يجوز، ليس من الأمور التعبدية التي يتعبد بها بعض الناس فقد يتعبد بلعن إبليس والمشروع هو الاستعاذة بالله من شر الشياطين شياطين الإنس والجن، هذا هو المشروع، "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم" [فصلت:36]، "وقل ربِّ أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ربِّ أن يحضرون" [المؤمنون:97-98]، فإذا آذاه أحد نقول له: استعذ بالله من شيطانه، استعذ بالله من الشيطان، كما قال –عليه الصلاة والسلام- للرجل الذي غضب واشتد غضبه قال –عليه الصلاة والسلام-:"إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قالها أعوذ بالله من الشيطان" البخاري (6115) واللفظ له، مسلم (2610) أو كما قال –صلى الله عليه وسلم-.
هل يترحم على الحي ؟
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
هل يجوز إطلاق لفظ ) يرحمه الله) على الحي أم هو مقيد بالموتى ؟
الجواب:(1/29)
الحمد لله ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ، الدعاء بالرحمة ينفع الحيَّ والميت ، ويشرع للمسلم أن يدعو لإخوانه المسلمين بالرحمة والمغفرة وبكل خير للأحياء والأموات ، وكل واحد محتاج إلى رحمة الله ، لا غنى لأحد عن رحمته – سبحانه وتعالى - ، وقد جرت عادة الناس أنهم إذا ذكروا الميت يقولون : رحمه الله ، وإذا ذكروا الحيَّ قالوا : حفظه الله ، ووفقه الله ، وهذا أمر عادي ليس بشرعي، والتوفيق والحفظ هو من رحمته – سبحانه وتعالى – فإذا قال المسلم : وفق الله فلاناً ، وحفظ الله فلاناً ، فهذا من أنواع الرحمة ، والرحمة تشمل هذا وغيره من أنواع الخير والحفظ والإحسان ، وهو - سبحانه وتعالى - أرحم الراحمين ، ولكن ينبه إلى أنه إذا دُعي بالرحمة بصيغة الفعل : رحمه الله فلا تقيد بالمشيئة فلا يقال: فلان رحمه الله –إن شاء الله- ، أما إذا قيل : فلان المرحوم فلا بد من التقييد بالمشيئة ، تقول : فلان المرحوم - إن شاء الله - ، وتقول : فلان رحمه الله دون تعليق على المشيئة ، والله أعلم .
عبارة: قدَّس الله روحه
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
ما حكم قولنا لمن مات (قدس الله سره)، أو (قدس الله روحه)، وكذلك (طيب الله ثراه) ؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب:(1/30)
الحمد لله، هذه العبارات متقاربة في المعنى ومقصودها الإحسان إلى الميت، والدعاء له بالطيب والطهارة، وليس شيء من هذه العبارات مأثوراً بالسنة أو عن السلف الأول، لكنها موجودة في كلام العلماء الذين يُؤرخون فيعبرون عن منزلة المترجم له بذكر قولهم: قدس الله روحه، أو قُدس سرّه، والتقديس: التطهير، والتطهير: إزالة الخبث وإزالة السوء، وقولهم: قُدس الله سرّه، يظهر لي أنها بمعنى قدس الله روحه؛ لأن الروح باعتبار أنها أمر خفي فهي بهذا الاعتبار سرّ، وأما طيب الله ثراه فهي عبارة تجري على ألسنة المتأخرين من الصحفيين والكتّاب كأنهم يعنون طيَّب الله قبره، وإنما يكون القبر طيباً إذا كان صاحبه من الصالحين؛ لأنه حينئذ يكون القبر عليه روضة من رياض الجنة إذ يفتح له باب من الجنة فيأتيه من روحها وطيبها، والذين اعتادوا الدعاء بهذا اللفظ لا يقتدى بهم، وهم يدعون بهذا الدعاء لمن يعظمونه، أو يَدَّعون تعظيمه وإن كانوا في الباطن بخلاف ذلك، وأولى من هذا وذاك الدعاء للميت المسلم بالمغفرة والرحمة والعفو والرضوان وسكنى الجنة والنجاة من النار، فهذا ما تضمنته الأدعية المأثورة عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- كما في دعاء الصلاة على الجنازة، والله أعلم.
رفع اليدين للتأمين في الخطبة
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
حكم رفع اليدين في التأمين على دعاء الإمام في خطبة الجمعة، أي رفع اليدين للمأموم بالتأمين لأنَّ المشاهد أنَّ كثيراً من الأخوة المصلِّين حينما يدعو خطيب الجمعة في آخر الخطبة لا يرفعون أيديهم، فهل في هذا نصٌّ بارك الله فيكم ؟
الجواب:(1/31)
رفع اليدين عند الدعاءِ من أسباب الإجابة، ولكنَّه يُشرع مطلقاً ومقيَّداً، فُيشرع مطلقاً في الدعاء المطلق، ويُشرع مقيَّداً في ما ورد له دليل من أنواع الدعاء المقيَّد، ومعنى ذلك أنَّه لا يُشرع رفع اليدين في كل دعاءٍ مقيَّد كالدعاءِ في آخر الصَّلاة قبل السَّلام أو بعد السَّلام، إذ لم يرد في السنَّة ما يدلُّ على ذلك، وإنَّما يُشرع رفع اليدين فيما دلَّت السنَّة على مشروعيِّة ذلك فيه كالدعاء بعد رمي الجمرة الأولى والثانية، وعلى الصفا والمروة وفي الاستسقاء وغير ذلك مما دلَّت السنَّة على رفع اليدين فيه، وعلى هذا فلا يُشرع للمأمومين أن يرفعوا أيديهم عند دعاء الخطيب على المنبر يوم الجمعة.
وقد أخرج مسلم رحمه الله عن عمارة بن رؤيبة أنَّه رأى بشر بن مروان رافعاً يديه على المنبر فقال: قبَّح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ ما يزيد على أن يقول بيده هكذا: وأشار بأصبعه المسبِّحة. قال النووي: فيه أنَّ السنَّة ألا يرفع اليد في الخطبة.
والله أعلم
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يشعر موتى المسلمون بأحاسيس أقربائهم بعد الموت
السؤال:
هل يشعر موتى المسلمون بأحاسيس أقربائهم بعد الموت؟ أحزانهم، بكائهم، سعادتهم وإن كانوا يذكرون الميت أم لا يذكرونه ؟
هل تعود روح المسلم إلي هذا العالم لتعرف ماذا يحدث للعائلة؟ سمعت أن الروح تعود لمدة أربعين يوماً إلي المكان الذي قبضت فيه. هل نرى أو نشعر بأرواح الأقرباء ؟ وما مدى تصديق الأحلام عن الموتى ؟ .
الجواب:
الحمد لله(1/32)
الإنسان إذا مات يغيب عن هذه الحياة ويصير إلى عالم آخر ، ولا تعود روحه إلى أهله ولا يشعرون بشيء عنه ، وما ذكر من عودة الروح لمدة أربعين يوما فهي من الخرافات التي لا أصل لها ، والميت كذلك لا يعلم بشيء من أحوالهم لأنه غائب عنهم في نعيم أو عذاب ، ولكن قد يُطلع الله بعض الموتى على بعض أحوال أهله ولكن دون تحديد . وقد جاءت آثار لا يعتمد عليها بأن الأموات قد يعرفون أشياء من أحوال أهلهم ، وأما الأحلام أي الرؤى فمنها ما هو حق ومنها ما هو من تلاعب الشيطان ، فقد يعرف الأحياء بطريق الرؤيا الصالحة شيئا من أحوال الميت ، ولكن ذلك يعتمد على صدق الرائي ، وصدق الرؤية ، وقدرة المعبّر لتلك الرؤيا ، ومع ذلك فلا يصح الجزم بمضمونها إلا أن يقوم دليل على ذلك ، فقد يرى الحي قريبه الميت فيوصيه بأشياء ويذكر له بعض الأمور التي يمكن معرفة صدقها إذا طابقت الواقع وقد حصل من هذا وقائع بهذا الشأن فمنها ما يكون مطابقا للواقع ، ومنها ما لا تعلم صحته ومنها ما يعلم كذبه فهي ثلاثة أقسام ، فيجب أن يراعى ذلك بالتعامل مع الأخبار والروايات والقصص المتعلقة بأحوال الموتى .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم الاستثمار المالي في المؤسسات التي تعطي نسبة عائد ثابتة
السؤال:
هل صحيح أن الإسلام يمنع الاستثمار المالي في المؤسسات التي تعطي نسبة عائد ثابتة ؟.
الجواب:
الحمد لله(1/33)
دين الإسلام هو الدين الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وقد اشتمل على أكمل الشرائع ، قال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ) فشريعة القرآن شريعة كاملة شاملة خالدة ، ففيها جميع الأحكام التي بها سعادة العباد في معاشهم ومعادهم ، ومن ذلك الأحكام المالية ، وهي الأحكام التي تنظم وتعدّد طرق كسب المال وصرفه ، فلا يجوز اكتساب المال بكل طريقة ولا يجوز صرف المال في كل ما يشتهي الإنسان ، فلا بدّ أن يخضع الإنسان في كل ذلك إلى شرع الله ومن ذلك أن الله تعالى حرّم الربا ، قال تعالى : ( وأحلّ الله البيع وحرّم الربا ) ، وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ) . ومن صور الربا الظاهر أخذ الفوائد على القروض أو إعطائها ، فلا يجوز القرض بفائدة ، وما يسمى بالفائدة في لغة البنوك هو الربا في لغة الشرع . وأما القرض الحسن فهو القرض الذي يقصد به الإرفاق والإحسان إلى الغير وذلك بألا يكون المقصود أخذ الفائدة والزيادة ، فما يسمى بالقروض في لغة البنوك هي في الحقيقة عقود ربا ، والله تعالى حكيم في شرعه لأنه تعالى شرع الشرائع بما فيها من المصالح العاجلة والآجلة وهو الحكيم العليم .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
أسئلة حول الانتحار وقضاء الله وقدره
السؤال:(1/34)
مات أخي الصغير بتعليق نفسه. كان عمره 25 عاما فقط. كانت المشكلة عبارة عن شجار بسيط بين أمي وبينه. كلنا في غاية الدهشة وفي حالة حزن شديدة. هناك أسئلة كثيرة أحب أن أسألها عن هذا الوضع. أولا، لماذا اختار الله هذا النوع من الوفاة لأخي؟ ثانيا، عمر والدي 75 عاما وهو ورع/ متدين جدا وأمي شديدة الكرم والطيبة / واللطف. لماذا أراهما الله مثل هذا اليوم في حياتهما. ثالثا، كيف يمكننا أن نساعده (أخي) الذي لم يعد بيننا؟ كيف يمكننا رؤيته في الجنة؟ هل بإمكاننا أن نبلغه سلامنا ؟ هل سيصله سلامنا ؟
أيضا، عندما تم فحصه لتحديد سبب الوفاة، وجدنا أن وفاته لم تكن بسبب الاختناق ولكن بسبب كسر عموده الفقري. ما حدث في الواقع هو أنه كان يوجد في غرفتي أرجوحة قماشية لطفلي. أخذ أخي كرسيا صغيرا كان قريبا منه وربطه في عنقه قائلا سأقتل نفسي. كانت أمي تصلي في نفس الغرفة. نشعر بأنه لم يكن انتحارا. ربما كان غضبه هو الذي دفعه لفعل ذلك.
يخبرنا أصدقاؤه بأنه ليس من نوعية الناس الذين يفكرون بالانتحار. في الحقيقة ، كان ينصحهم ضد الانتحار كلما ذكروه.
كانت جنازته جيدة أيضا، ولم يبدو من وجهه أنه يعاني أو شيئا من هذا القبيل. كان يبدو وكأنه نائم وما علينا إلا أن نوقظه من النوم. هل هذا يدل على شيء ؟.
أرجو الرد على هذا إذ أننا في غاية الانزعاج بسبب هذا الموت المفاجئ.
الجواب:
الحمد لله
لا بد بين يدي هذه الأسئلة من معرفة ثلاثة أمور هي :
أولا : أن كل شيء بقدر الله ، وكل ما يجري في هذا الوجود من خير وشر فهو بتقدير الله وتدبيره ومشيئته فإنه تعالى لا ربّ غيره ، ولا مدبّر معه .(1/35)
ثانيا : يجب الإيمان بحكمته سبحانه وتعالى في أقداره ، فله الحكمة البالغة في كل ما يجري في هذا الوجود سواء أدركنا ذلك أم لم ندركه ، بل كثير من حِكم الله لا تبلغها عقول العباد ، فيجب التسليم لله تعالى وذلك بالإيمان بكمال حكمته ، ولا يجوز الاعتراض عليه في شرعه ولا في قدره .
ثالثا : أن الانتحار جريمة كبرى وسوء خاتمة ، فالذي يقتل نفسه فرارا من مصيبة أو ضائقة أو فقر أو نتيجة انفعال وغضب ، إنه بهذا يعرّض نفسه لعقوبة الله ، فقد قال سبحانه وتعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما . ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا ) ، وثبت في الصحيحين عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : " من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يُلجم بها بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن قتل نفسه بسُمٍّ فسمّه في يده يتحسّاه في نار جهنم ... " الحديث .
فما ذكر في هذه الحالة يجب أن يفوض الحكم فيه إلى الله سبحانه ، فالظاهر أن ما فعل هو انتحار لأنه علّق نفسه ، أي ربط عنقه في حبل فشنق نفسه ، فهو إما أن يكون انتحر أو أراد الانتحار فالله أعلم .
وأما صلاح الوالدين واستقامتهما فهذا لا يمنع أن يبتليهما الله ببعض المصائب ليظهر بذلك صبرهما ، وليكون في ذلك تمحيص لذنوبهما فالمؤمن أمره كلّه خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له وليس ذلك إلا للمؤمن .(1/36)
فالابتلاء بالمصائب لا يدل على هوان العبد عند ربّه إذا كان مستقيما على طاعة الله ، فالإيمان بالله وطاعته وتقواه هي سبب الكرامة ، والكفر والفسوق والعصيان هي سبب الهوان ومن ابتلي بمصيبة فصبر كان ذلك رفعا لدرجاته ، والمصائب أنواع ، تكون مرضا ، وتكون فقد مال ، وتكون بفقد حبيب كابن ، أو أخ ، أو والد ، أو زوج أو زوجة ، فالله تعالى يبتلي عباده بالنعم والمصائب وهي الخير والشر كما قال تعالى : ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ) . وإن كان الانتحار صدر عن جهل وكان الشخص مستقيما على طاعة الله محافظا على الصلوات فإنه يرجى له العفو من الله سبحانه وتعالى فإنه تعالى أرحم الراحمين ، وإن كان يعلم تحريم الانتحار ولكنه لجأ إلى ذلك ليتخلص من المشكلة التي ضاق بها فإنه على خطر من التعرض للوعيد والعقاب الذي ورد في الحديث ، ولكنه مع ذلك إن كان مؤمنا بالله ورسوله وموحدا لله غير مشرك ، فإنه تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له ، وإن شاء عذبه ، ثم إذا عذبه فإنه لا بد أن يخرجه من النار ، قال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال ذرّة من إيمان " .(1/37)
وأما حاله عند تغسيله وتجهيزه وما ظهر به من المظهر الحسن فقد يستأنس به لحسن حاله ، وحسن عاقبته وأنه معذور عند ربه ومغفور له ، ولكن لا يجزم بشيء من ذلك لأن هذه الأمور غاية ما تفيد أنها تبشر بخير . وإن كان المنتحر مسلما موحدا مصليا فيمكن الإحسان إليه بالدعاء له بالمغفرة بأن يغفر الله له ذنوبه ، ومن ذلك ما فعله بنفسه من التسبب في قتل نفسه . وأما ما ورد في السؤال من انتقاد الكيفية التي اختارها الله له ليموت بها فهذا نوع اعتراض على قدر الله ، فالله هو المقدّر ، وهو خالق كل شيء ، وكل شيء بقدره سبحانه ، وهو الحكيم العليم ، ولكن ما كان مخالفا لشرع الله فلا يحتج بالقدر عليه ، وما يجري في الوجود من هذه الأمور لا يجوز الاعتراض على الله في تقديرها فيجب الإيمان بالقدر، والإيمان بحكمة الرب سبحانه وتعالى .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
الزوج ومسئوليته عن الزوجة التي لا تصلي
السؤال:
إذا كانت الزوجة لا تصلي بانتظام أو لا تصوم أو تخل ببعض التزاماتها الدينية الأخرى، فهل الزوج مسئول عن هذا يوم الحساب ؟ وهل سيعاقب عليه ؟ وما هي مسئوليته حيال هذا الموضوع في هذه الدنيا ؟.
الجواب:
الحمد لله(1/38)
قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) ففي هذه الآية أن الرجل والٍ على المرأة وقوّام عليها ، وفي الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : " والرجل راعٍ على أهل بيته ومسئول عن رعيته ، كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالرجل راع ومسئول عن رعيته " . وأهم ما يجب على الراعي توجيه رعيته إلى القيام بأمر الله بفعل ما أوجب الله ، وترك ما حرّم ، بهذا يؤدي واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . فعلى الزوج أن يأمر زوجته بما أوجب الله عليها وينهاها عما حرّم ، وأعظم الواجبات على المسلم الصلوات الخمس وصيام رمضان ، هذان ركنان من أركان الإسلام ، فالواجب على الزوج أن يأمر زوجته بأدائها وبالمحافظة على هاتين الفريضتين ، ولا يجوز له أن يتهاون في ذلك ، وكذلك سائر الواجبات ، وعليه أن ينهاها عما حرّم الله من الأقوال والأفعال ، فإذا رأى منها التجاوب والطاعة فهذا هو المراد ، وإن أصرّت على عصيانها فينبغي للمسلم ألا يبقيها له زوجة ، بل عليه أن يطلقها ، فكيف يرضى المسلم بزوجة لا تصلي أو تترك بعض الأوقات أو لا تصوم رمضان ، هذا مما لا يليق بالمسلم ، والله تعالى يقول : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ) . فمن قام بالواجب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تَبْرَؤُ ذمته ، ويسلم من عقوبة الله ، ومن أهمل وتهاون فإنه يعرض نفسه لما توّعد الله به التاركين لهذا الواجب ، قال تعالى : ( لُعِنَ الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) ، وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم) قال المفسرون : إذا اهتديتم(1/39)
: أي إذا قمتم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم حضانة ولد الزنا
السؤال:
توفيت أخت ولها طفل وليس لهذا الطفل أي أقارب مسلمين والوالد ليس له أي حق لأن الطفل ولد من غير زواج أبويه ثم أسلمت والدة الطفل .
هل يجوز لمسلمة عندها أطفال أن تأخذ هذا الطفل وتربيه كأحد أولادها بعد موافقة زوجها ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا الطفل مولود غير شرعي أي ولد زنا ، ومثل هذا هو في حكم اللقيط ، ما دامت أمه قد ماتت ، ومن الإحسان إلى هذا الطفل حضانته ورعايته ، فهذه الأخت المسلمة إذا ضمّت هذا الطفل إلى أولادها بالرعاية والتربية فهذا إحسان وعمل صالح ، ولكن لا يكون من أولادها ولا من أولاد زوجها بل هو أجنبي إلا إن أرضعته خمس رضعات إن كان في سنّ الرضاع فإنه يصير ابناً لها من الرضاع ، وابناً لزوجها من الرضاع
وأولادهما أخوة له من الرضاع ، ولا يكون بينهم توارث لأن علاقته بهم علاقة تربية وإحسان أو مع الرضاع فكل ذلك لا يوجب التوارث بينهم وبين الطفل .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم لبس البنطلون للنساء
السؤال:
هل يجوز للنساء أن يلبسن البنطلون ؟ وإذا كان الجواب : لا ، فلماذا ؟.
الجواب:
الحمد لله(1/40)
الواجب على المسلمة أن تلبس من الثياب ما يستر بدنها ، ويستر عورتها وذلك بلبس ما لا يصف البشرة كالشفاف ولا يصف حجم العورة كالضيق . والبنطلون هو مما يصف جسم وعورة المرأة فلهذا لا يجوز للمرأة أن تلبس البنطلون إلا وعليه قميص فضفاض أي واسع لأن من أهداف الإسلام الحفاظ على العورات والبعد عن كشفها لأن التهاون في ذلك من وسائل الوقوع فيما حرم الله من الزنا أو دواعيه . فالواجب على المسلمة أن تلتزم بآداب الإسلام في لباسها وفي حركاتها ، وفي كلامها ، قال تعالى: ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ) ، وقال تعالى : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ... الآية إلى قوله تعالى .. ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيهَ المؤمنون لعلكم تفلحون ) . والله أعلم
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
هل المولود في بيئة كفار مِثلُ المُولَد بين مسلمين ؟
السؤال:(1/41)
الأطفال الذين وُلدوا وتربوا في بيئات مختلفة وفي أديان مختلفة ينشؤون، وعندهم بشكل طبيعي ، نزعة إلى التمرد على القيود العادية ويكون عندهم شخصيات مختلفة. فالطفل المولود لعائلة هندوسية يصبح هندوسيا عندما يكبر. وبالنسبة له، فإن الدين الهندوسي هو الدين الصحيح. ولنفترض أن من هو في مثل حال هذا الشخص، الذي تأصل في طبعه منذ الطفولة أنه هندوسي أولا وأخيرا، أنه تلقى رسالة الإسلام ، فما هي احتمالات أنه سوف يتخلى عن دينه وهويته ويقبل بشيء جديد؟ أليس من العسير على مثله أن يصبح مسلما إذا ما قارنا ذلك مع آخر وُلد مسلما؟ إنه لشيء يخيفني جدا أن أفكر فيما لو أني وُلدت على دين آخر غير الإسلام فكيف يكون حالي الآن. وعليه، لماذا لا تكون القاعدة أن يحصل كل فرد على نفس الفرص كي يتمكن من تجريب الإسلام ويقبل به وهو صغير؟ هل هذا موضوع يتعلق بمشيئة الله، شيء روحاني (الهداية) أم بنفسية الإنسان ؟ أرجو أن ترد مستدلا من القرآن والسنة .
الجواب:
الحمد لله
قال تعالى ) : فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه " متفق عليه .(1/42)
والصواب أن المراد بالفطرة ملّة الإسلام كما في الحديث الذي رواه مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله تعالى : خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم ، وحرّمت عليهم ما أحللتُ لهم ، وأمرتْهم أن يُشركوا بي ما لم أنزّل به سلطانا " . ومعنى أن المولود يولد على ملة الإسلام أنه يولد مستعدا في تكوينه إذا تفتح عقله وعرض عليه الإسلام وضدّه أن يُؤْثِرَ الإسلام على ضدّه ، ويختار الإسلام ديناً ، ما لم يمنعه من ذلك مانع كالهوى أو التعصب ، فاتِّباع الهوى يحمل على إيثار الباطل لنيل حظ من الحظوظ من رئاسة أو مال والتعصب يحمل على اتباع الآباء والكبراء ولو كانوا على غير هدى ، قال تعالى : (بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمّة وإنا على آثارهم مقتدون ) ، وقال تعالى عن الأتباع من أهل النار : ( وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ). وإذا كان كل مولود يولد على الفطرة فمعلوم أن منهم من يتهيأ له ما يوافق فطرته ويثبتها كمن يولد بين أبوين مسلمين ، وينشأ في مجتمع مسلم ، ومنهم من يتعرض لتغيير فطرته كمن يولد بين أبوين كافرين وينشأ بين الكفار من يهود أو نصارى ومجوس أو مشركين . ولا ريب أن الذي ولد في الإسلام قد حصل له من أسباب الهداية والسعادة ما لم يحصل لغيره ممن ولدوا ونشأوا في مجتمعات كافرة ، والتوفيق للإيمان وتيسير أسباب الهداية فضل الله يؤتيه من يشاء . ثم يجب أن يُعلم أن من غيّرت فطرته عن الإسلام لا يعاقب بذنب غيره ، وإنما يعاقب إذا بلغته دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام فأعرض عنها ، ولم يقبلها إباءً واستكبارا وتعصبا لدين آبائه وأهل بلده ، لأنه قد قامت عليه الحجة بدعوة الرسول ، ومن قامت عليه الحجة الرسالية وأصرّ على كفره استحق العذاب ، قال تعالى : ( وما كنّا معذبين حتى نبعث رسولا).(1/43)
وقولك في السؤال ) إنه لشيء يخيفني ....... ) قول صحيح ومعقول فمن نعمة الله عليك أنْ ولِدْتَ في الإسلام ، ولو ولدت في دين آخر لكان يُخشى عليك من البقاء على الدين الباطل ، ولكن الله إذا أراد بالعبد خيرا يسّر له من أسباب الهداية ما ينقله عن ملّة الكفر إلى ملّة الإسلام فالأمر كلّه لله .
وقولك في السؤال ( لماذا لا تكون القاعدة ..... ) هو سؤال باطل سببه الجهل بحكمة الله تعالى وسنته في خلقه ، ومعلوم أنه يستحيل أن تكون الفرص للجميع واحدة مع تعدد وكثرة الديانات البشرية ، ثم إن الهداية إلى الإسلام تحصل بمشيئة الإنسان واختياره لأن الله تعالى أعطى الإنسان القدرة على الفرق بين الحقّ والباطل ، والنافع والضار بما ركّب فيهم من العقل ، وبما بعث به رسله من البينات ، ومع ذلك فمشيئة العبد تابعة لمشيئة الله فإنه الذي يُضلّ من يشاء بعدله وحكمته ، ويهدي من يشاء بفضله وحكمته .
قال تعالى : ( إن هو إلا ذكر للعالمين لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين (.
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
معنى لا إله إلا الله
السؤال:
لقد قال لي شيخي مرةً أن معنى لا إله إلا الله هو، لا: (لا أحد قادر على)، إله: (تلبية الحاجات)، إلا الله: (غير الله). ولكن الكثيرين غيره يقولون بأن معناها الحقيقي هو: لا معبود بحق سوى الله. وأنا أثق جدا في تعليمه. إنه يشرح قائلا: أولا، لدينا الحاجة إلى أن نكون أحياء. فإن لم تكن (ربما يقصد "الحاجة") لله، فمن ذا يستطيع تلبية هذه الحاجة غيره ؟ وقد قال أيضا، بأنه إذا إستطاع الإنسان العيش بلا إله إلا الله، فإن هذا الإنسان يكون صوفيا. وأكثر الناس اليوم يعادون الصوفية. فما هو رأيكم ؟.
الجواب:
الحمد لله(1/44)
أما بعد فقد قال تعالى : ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) . ففي هذه الآية الكريمة دلالة على فقر العباد إلى ربهم في جميع أمورهم ، في وجودهم وبقائهم ، وفي منافعهم وسلامتهم من كل مكروه . فالله هو الواهب لذلك كله ، قال تعالى : ( الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم ) وقال تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله ) . وهو سبحانه وتعالى غنيٌ عن عباده له الملك كله وله الحمد كله ، لا يبلغ العباد نفعه ولا ضره ، لو آمنوا كلهم ما زادوا في ملكه شيئا ، ولو كفروا كلهم ما نقصوا من ملكه شيئا . وهو رب العالمين ، رب الأولين والآخرين ، وهو الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه ، كل معبود سواه باطل . فمعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله ، هذا هو الصواب في معناها وليس معناها لا خالق إلا الله ، أو لا قادر على قضاء الحوائج إلا الله ، بل هذا كله من معناها ، فالإله الحق هو الخالق لكل شيء والقادر على كل شيء . فقول هذا الشيخ أن معنى لا إله إلا الله : (هو لا أحد يقدر على قضاء الحاجات إلا الله ) إن أراد أن هذا من معناها فهو صحيح ، وإن أراد أن هذا هو المقصود منها فباطل ، فإنه لو كان المقصود منها ما قاله هذا الشيخ لما امتنع المشركون الأولون أن يقولوها حين قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ؟ لأنهم يقرّون أنه لا خالق إلا الله ، ولكنهم كانوا يفهمون المعنى المقصود منها وهو لا معبود بحق إلا الله . فالله هو المعبود بحق وكل معبود سواه باطل وهذا يقتضي بطلان آلهة المشركين التي يعبدونها من دون الله ، قال تعالى : ( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير ) . فلما كان المشركون يعلمون معناها وأنها تقتضي بطلان معبوداتهم امتنعوا أن يقولوها وتواصوا بالصبر على آلهتهم كما قال تعالى : ( وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل(1/45)
الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عُجاب وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يُراد ) . وبهذا تعلم أن قول الكثيرين المخالفين لشيخك في معنى لا إله إلا الله هو الصواب .
وقول شيخك ( أن لدينا الحاجة إلى الله ...... إلى قوله هذه الحاجة غيره ) معناه أن الله وحده هو الذي يَمدّنا بالحياة وهذا حق ، ولكن ليس هو معنى لا إله إلا الله ، بل معناها لا معبود بحق إلا الله كما تقدّم . والإله الحق هو المستحق للعبادة وهو الذي يحيي ويميت ، وهو الله تعالى .
وقول شيخك ( إذا استطاع الإنسان ..........إلى قوله وأكثر الناس اليوم يعادون الصوفية ) إن أراد أنه يستغني عن الطعام والشراب دائما فهو قول باطل فإنه لا أحد من الناس يستغني دائما عن الطعام والشراب ولا الأنبياء فضلا عمّن سواهم ، وزعمه أن الصوفي يستطيع العيش بلا طعام أو شراب ، وأنّ ذكره لله يُغنيه عن ذلك دائما فهو باطل ومن ادعى ذلك منهم فهو كذاب ، فلا تغتر أيها السائل بهذا الشيخ ، فهو إما جاهل ضال وإما كذاب دجال ، فاحذر منه ومن أمثاله . نسأل الله لك الهداية والتوفيق.
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كان الله قد كتب الرزق لكل إنسان فلماذا يموت الناس من الجوع ؟.
السؤال:
إذا كان الله قد كتب الرزق لكل إنسان فلماذا يموت الناس من الجوع ؟.
الجواب:
الحمد لله(1/46)
فإن الله هو الرزاق وهو خير الرازقين وما من دابة إلا على الله رزقها ، وإنّ رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كاره ، ومن حكمة الله تعالى أن فارق بين العباد في أرزاقهم كما فارق بينهم في خلقهم وأخلاقهم فهو تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر أن يوسع الرزق على قوم ويضيقه على آخرين فهو تعالى متكفل بأرزاق العباد على ما سبق به علم الله وكتابه وقد علم سبحانه وتعالى وكتب أن من العباد من يبسط له في رزقه ومنهم من يضيق عليه ولله في ذلك حكم بالغة لا تحيط به العقول ، ومن حكمته تعالى في البسط والتضييق ابتلاء العباد بالنعم والمصائب كما قال تعالى : ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة ) ، وقال تعالى : ( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن - وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن ) الفجر ثم قال تعالى : ( كلا ) أي ليس الأمر كما يظن هذا الإنسان بل تنعيمه تعالى وتضييقه على من شاء ليس إلاّ ابتلاء لا إكراماً ولا إهانة ، ، وبهذا الإبتلاء يتبين الشاكر والصابر من ضدهما والله بكل شيء عليم .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
الفرق بين الرسول والنبي .
السؤال :
إشارة إلى سورة الأحزاب، الآية رقم 40، قال تعالى: "... ولكن رسول الله وخاتم النبيين."
ما هو الفرق بين الرسول والنبي؟
لماذا قال رسول ، ولم يقل الرسول الأخير؟.
الجواب :
الحمد لله(1/47)
الفرق المشهور بين النبي والرسول ، أن الرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه ، والنبي من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه ، ولكن هذا الفرق لا يسلم من إشكال ، فإن النبي مأمور بالدعوة والتبليغ والحكم ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية : الصواب أن الرسول هو من أرسل إلى قوم كفار مكذبين ، والنبي من أرسل إلى قوم مؤمنين بشريعة رسول قبله يعلمهم ويحكم بينهم كما قال تعالى : (إنا أرسلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا ) فأنبياء بني إسرائيل يحكمون بالتوراة التي أنزل الله على موسى ، وأما قوله تعالى : ( وخاتم النبيين ) ولم يقل خاتم المرسلين ؟ فلأن ختم الرسالة لا يستلزم ختم النبوة ، وأما ختم النبوة فيستلزم ختم الرسالة ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : " إنه لا نبي بعدي " ، ولم يقل لا رسول بعدي .
فعُلم أنه صلى الله عليه وسلم لا رسول بعده ولا نبي بل هو خاتم النبيين والمرسلين عليهم الصلاة والسلام .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
معنى القرب في قوله: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) .
السؤال:
يقول الله عز وجل في القرآن : "تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة". فهل يدل ذلك على أن الله يتحكم في الأمور الدنيوية وهو جالس (مستو) على العرش ؟ وعليه فكيف يكون الله أقرب إلينا من أوردتنا ؟.
الجواب :
الحمد لله
فقد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة أن الله سبحانه وتعالى فوق سماواته على عرشه وأنه العلي الأعلى ، وأنه فوق كل شيء ، وليس فوقه شيء ، قال تعالى : ( الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون ).
وقال تعالى : ( ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ).(1/48)
وقال تعالى : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) ، وقال تعالى : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ) . وقال عليه الصلاة والسلام : " وأنت الظاهر فليس فوقك شيء " . والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، ومع ذلك فقد أخبر الله سبحانه أنه مع عباده أينما كانوا : ( ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ) . بل قد جمع الله سبحانه بين ذكر علوّه على عرشه ومعيّته لعباده في آية واحدة وذلك في قوله تعالى : ( هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم ) . وليس معنى كونه معنا أنه مختلط بالخلق بل هو مع عباده بعلمه ، وهو فوق عرشه لا يخفى عليه شيء من أعمالهم وأما قوله سبحانه : ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) ، فقد قال أكثر المفسرين أن المراد هو قربه سبحانه بملائكته الموكّلين بحفظ أعمال العباد . ومن قال المراد بقربه تعالى فسّره بقربه بعلمه ، كما قيل في المعيّة.
هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة يثبتون علوّ الله على خلقه ، ومعيّته لعباده ، وينزهونه تعالى عن الحلول في المخلوقات ، وأما المعطلة كالجهمية ومن تبعهم فإنهم ينفون علوّه بذاته فوق المخلوقات واستواءه على عرشه ويقولون أنه حالٌ في كل مكان ، نسأل الله تعالى الهداية للمسلمين .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم قول " اللهم صل وسلم على سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي يا رسول الله" .
السؤال :
هل التلفظ بالكلمات الواردة أدناه يعد شركا:
" اللهم صل وسلم على سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي يا رسول الله"؟.
الجواب :
الحمد لله(1/49)
نعم هذه الكلمة تعدُّ شركاً ، لأنها استغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وشكوى الحال إليه . وذلك يتضمن أن الرسول عليه الصلاة والسلام يسمع نداء من يناديه في أي مكان ، ويغيث من يستغيث به ، ويفرِّج كربته وهذا ما لا يقدر عليه الرسول عليه الصلاة والسلام ولا في حياته فكيف بعد مماته ، وهو لا يعلم الغيب ، ولا يملك لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا . قال تعالى : ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضراً إلاَّ ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ) ، وقال تعالى : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) .
وقال تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ) . فالواجب على العبد أن لا يدعو إلاَّ الله ، ولا يستغيث إلاَّ به ، ولا يرجو غيره ، ولا يتوكل إلاَّ عليه فإن الله وحده هو الذي بيده الملك وبيده الخير ، وهو على كل شيء قدير .
وعلم الغيب ، وتفريج الكروب ، وسماع دعاء الداعين وإجابتهم من خصائص الرب سبحانه وتعالى ، فمن جعل شيئاً من ذلك لغيره كان مشركاً شركاً أكبر . قال تعالى : ( أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله قليلاً ما تذكَّرون ) ، وقال تعالى :( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ) . والله هو الذي يغفر الذنوب ، ويفرج الكروب ، ويعلم ما في الصدور سبحانه وتعالى ، فيجب على العبد ألا يقصد في حصول هذه المطال - من مغفرة الذنوب ، وتفريج الكروب ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله - ألا يقصد سوى مولاه فإنه ولي ذلك والقادر عليه .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم تسمية البنت باسم ملاك .
السؤال :
هل يجوز تسمية البنت باسم ملاك ؟.
الجواب :
الحمد لله
سئل الشيخ عبد الرحمن البراك - حفظه الله عن تسمية البنت بـ "ملاك" فقال : الأولى تركه ، وذلك لأمرين :(1/50)
-1 أن المراد بملاك "الملَك" ، وفي هذا مبالغة في تسمية المسمى بهذا الاسم .
-2 أنه اسم معروف عند النصارى ، وهم الذين يعبرون عن الملَك ب ( ملاك ) ، والأسماء الحسنة التي لا شبهة فيها كثيرة ، فيستغنى بها عما فيه إشكال ، وشبهة .
قاله فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
هل الله موجود فوق الجنة, أم داخلها ؟
السؤال:
هل الله موجود فوق الجنة, أم داخلها ؟ وأيضا هل اعتقاد أن الله أكبر من الكون هو جزء من العقيدة ؟.
الجواب :
الحمد لله العلي العظيم ، الكبير المتعال ، وسبحان الله العظيم ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ... أمَّا بعد :
فإنه مما يجب الإيمان به أنه تعالى العلي الأعلى ، وأنه استوى على العرش ، كما أخبر بذلك عن نفسه في كتابه ، فهو سبحانه وتعالى فوق كل شيء ، قال عليه الصلاة والسلام في دعائه " وأنت الظاهر ليس فوقك شيء " . وكذلك يجب الإيمان بأنه تعالى الكبير ، وأنه أكبر من كل شيء، وأنه العظيم الذي لا أعظم منه ، ومن كمال عظمته وقدرته أنه يأخذ السماوات والأرض بيديه يوم القيامة ، كما قال سبحانه وتعالى : ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) سورة الزمر . فيجب أن يعلم أنه تعالى مع كمال علوِّه ، وكمال عظمته يمتنع أن يحِلَّ في شيءٍ من مخلوقاته ، فلا يجوز أن يقال أنه تعالى في الجنة ، بل هو فوق العرش الذي هو سقف الفردوس ، والفردوس أعلى الجنة ، قال عليه الصلاة والسلام : " إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس ، فإنه أعلى الجنة ، وأوسط الجنة ، وسقفها عرش الرحمن " .(1/51)
ولا يجوز للمسلم أن يُفكِّر في ذات الله ، أو يتخيل عظمته فإن عقل الإنسان عاجز عن معرفة حقيقة ذات الرب وصفاته ، وكيفيتها ، كما قال الإمام مالك لمَّا سئل عن كيفية الاستواء على العرش ( الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة) .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
عقوبة عدم حضور صلاة الجمعة .
السؤال :
ما هي عقوبة عدم حضور صلاة الجمعة ؟ وما هي الأحاديث الدالة على ذلك؟.
الجواب :
الحمد لله
ترك الجمعة ممن تجب عليه من غير عذر كبيرة من كبائر الذنوب . ومن ترك ثلاث جمعٍ تهاوناً طُبع على قلبه وكان من الغافلين ، كما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ، وابن عمر رضي الله عنهما ، أنهما سمعا النبي عليه الصلاة والسلام يقول على أعواد منبره : " لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ، ثم ليكونن من الغافلين " ، وفي حديثٍ آخر " من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع على قلبه " . وهذه عقوبة قلبية ، وهي أشدُّ من العقوبة الجسدية بالسجن أو الجلد ، وعلى وليِّ الأمر أن يعاقب المتخلفين عن صلاة الجمعة بلا عذر ، بما يكون رادعاً لهم عن جريمتهم ، فليتق الله كل مسلم أن يضيع فريضة من فرائض الله ، فيعرض نفسه لعقاب الله ، وليحافظ على ما أوجب الله عليه ليفوز بثواب الله ، والله يؤتي فضله من يشاء .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال عن السنة والشيعة .
السؤال :
المسلمون السنة يقرأون القرآن ونحن (الشيعة الإسماعيلية) نقرأ القرآن أيضاً وهم يصلون العيد ونحن نصلي صلاة العيد أيضاً. فلماذا نقول أنهما طائفتان مختلفتان السنة والشيعة ؟.
الجواب :
الحمد لله(1/52)
فإن كل المنتسبين إلى الإسلام ممن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يقرأون القرآن ويقرون بوجوب الصلاة ، والصيام ، والزكاة ، والحج ولكنهم طوائف مختلفة ، ولكل طائفة طريقة تختص بها في اعتقاداتهم ، وعباداتهم وخير هذه الطوائف طائفة أهل السنة والجماعة ، وهي المتمسكة بالكتاب والسنة ظاهرا وباطنا والمتبعون لرسول الله عليه الصلاة والسلام ، وللسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، قال تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله(، وقال تعالى:( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم ...) الآية . وشر الطوائف هم المنافقون الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر ويقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وهم الذين قال الله فيهم : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين إلى قوله تعالى .. وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءُون ) . وما بين الطائفتين هم درجات متفاوتة في القرب والبعد من الخير والشر . والإسماعيلية طائفة من غلاة الرافضة ، وهم يتظاهرون بموالاة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، ويبطنون الكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله ، ولهذا قال بعض العلماء في الفاطميين إخوان الإسماعيلية : أنهم يظهرون الرفض ، ويبطنون الكفر المحض ، ويقال لهم الباطنيون لأنهم يزعمون أن للنصوص وللشرائع معانٍ باطنة تخالف ما يعرفه المسلمون منها . كقولهم الصلوات الخمس : معرفة أسرارهم ، وصوم رمضان : كتمان أسرارهم ، والحج : السفر إلى شيوخهم . ولكن مذهب الباطنية - ومنهم الإسماعيلية - مبني على السرية ، فحقائق معتقداتهم أسرار يختص بمعرفتها السادة عندهم ، وهؤلاء السادة يموهون على عامتهم ، ويستعبدونهم ، ويستغلونهم ، ويفرضون عليهم خُلفا ً مالية يدفعونها إليهم في أوقات معلومة ، ويلزمونهم بطاعتهم طاعة مطلقة ، ويخوفونهم إن خالفوا أمرهم أن(1/53)
يصابوا ببلاء ، ويأمرونهم بمخالفة أهل السنة في صومهم وفطرهم وحجهم ، وقد يتسامحون بشيء من ذلك مجاملة وخداعا . وأنت أيها السائل من عوام الإسماعيلية لا تعرف الأسرار التي عند السادة ، وهم لا يرونك أهلا لأن يطلعونك عليها لأنهم يعرفون أنك وأمثالك لو اطلعتم على تلك الأسرار لنفرتم عنهم ، وتبرأتم منهم وكفرتم بمعتقداتهم ، وهم يريدون أن تبقوا أتباعا مستعبدين لهم ، وتبقى لهم السيادة عليكم . فاتق الله أيها السائل وأنقذ نفسك من العبودية لغير الله والتبعية لغير رسول الله عليه الصلاة والسلام لأنه لا أحد يجب اتباعه وطاعته إلا الرسول عليه الصلاة والسلام ، منّ الله عليك بالهداية إلى السنة ، وجنبك طريق البدعة ، وبصرك بالحق إنه على كل شيء قدير .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
التأخر في الإنجاب حتى قضاء الديون .
السؤال :
هل علي أن أتريث ولا أحاول أن يكون لي أطفال, بسبب مخاوفي ألا أوفر للأطفال الذين قد يرزقني الله بهم مناخا إسلاميا في العائلة؟ علي ديون من الماضي وأنا أسددها بالإضافة إلى الفوائد التي عليها. وأنا أظن أنه يجدر بي أن أنتظر على إنجاب الأطفال حتى أتمكن من سداد الديون. فما هو رأيك في ذلك ؟.
الجواب :
الحمد لله
قال تعالى ) : وما من دابة إلا على الله رزقها ) ، وقال تعالى : ( وكأين من دآبة لاتحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم ) ، وقال تعالى : ( إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) . وقال تعالى : ( فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له .(
وقد ذم الله أهل الجاهلية الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر ونهى عن صنيعهم ، قال تعالى : ( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم ) . وأمر الله عباده بالتوكل عليه في جميع الأمور وهو الكافي لمن توكل عليه ، قال تعالى : ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) ، وقال تعالى : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه .((1/54)
فعليك أيها الأخ السائل أن تتوكل على مولاك في حصول رزقك ورزق أولادك ، ولا يمنعك الخوف من الفقر من طلب الأولاد والتسبب في الإنجاب فإن الله قد تكفل برزق الجميع ، وفي ترك الإنجاب خوفا من الفقر مشابهة لأهل الجاهلية . ثم اعلم أيها الأخ الكريم أن الاقتراض بالفائدة هو من الربا الذي توعد الله أهله بأليم العقاب ، وهو أحد السبع الموبقات أي المهلكات ، قال عليه الصلاة والسلام : " اجتنبوا السبع الموبقات ..... إلى قوله وأكل الربا " . وقال عليه الصلاة والسلام : " لعن الله آكل الربا وموكله ... " الحديث . وإن أكل الربا من أعظم أسباب الفقر ، ومحق البركة كما قال تعالى : ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) . وأظنك لا تعرف حكم الاقتراض بالفائدة فاستغفر الله مما مضى ، ولا تعد ، واصبر وانتظر من ربك الفرج واطلب الرزق من عنده ، وتوكل عليه إن الله يحب المتوكلين .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم استعمال السحر في تحقيق أغراض جيدة .
السؤال :
هل يجوز استخدام السحر لتحقيق أغراض جيدة ( حسنة النية ) ؟ أو لإقناع أحد والديَّ بأمر معين ؟ كمثل اقتناعهما بزواجي من فتاة معينة ؟.
الجواب :
الحمد لله
فإن السحر من علم الشياطين وعملهم ، قال تعالى : ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ) ، وقال تعالى : ( ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ) ، وقال تعالى : ( ولا يفلح الساحر حيث أتى .(
وقال عليه الصلاة و السلام : " اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا : وما هن ، قال : الشرك بالله ، والسحر ... الحديث " ، وقال عليه الصلاة والسلام : " ليس منا من سَحَرَ أو سُحِرَ له " .(1/55)
وعلى هذا لا يجوز استخدام السحر لأي غرض من الأغراض . فإن السحر باطل ، والباطل بأنواعه من الكفر ، والفسوق ، والمعاصي لا يكون طريقا إلى الخير ، والواجب طلب الأغراض النافعة بالطرق الشرعية التي لا إثم فيها ، وعاقبتها مأمونة ، والله تعالى قد أغنى عباده بما أباح لهم ، عما حرم عليهم فله الحمد والشكر على إنعامه .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم اللحم والدجاج والسمك الذي نتناوله في مطاعم البلاد غير الإسلامية
السؤال:
بخصوص اللحم والدجاج والسمك الذي نتناوله في مطاعم البلاد غير الإسلامية ، حيث أنهم لا يتبعون الطريقة الإسلامية. هل يكفي أن نقول بسم الله على ذلك اللحم ؟.
الجواب:
الحمد لله
ما يعرض من اللحوم في بلاد الكفار أنواع :
- أما السمك فهو حلال بكل حال لأن حله لا يتوقف على تذكيته ولا على التسمية .
- وأما بقية الأنواع فإن كان الذين ينتجون اللحوم من شركات أو أفراد هم من أهل الكتاب من اليهود أو النصارى ولا يعرف من طريقتهم أنهم يقتلون الحيوان بالصعق الكهربائي ، أو الخنق ، أو ضرب الحيوان على رأسه مثل ما هو معروف في الغرب فهذه اللحوم حلال ، قال تعالى:( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ) . وإن كانوا يقتلون الحيوان ببعض هذه الطرق فاللحوم حرام لأنه حينئذ تكون من المنخنقة والموقوذة ، وإن كان الذين ينتجون اللحوم من غير اليهود والنصارى فاللحوم التي يعرضونها حرام ، قال تعالى : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ) . فعلى المسلم أن يجتهد في اجتناب الحرام البين واتقاء المشتبهات حرصا على سلامة دينه ، وسلامة بدنه من التغذي بالحرام .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
وقت صلاة الفجر
السؤال :(1/56)
السؤال يرحمكم الله عن موعد صلاة الفجر , متى يبدأ ؟ عندنا في مصر يوجد فرق بين موعد الصلاة في النتيجة وموعد الشروق بما لا يقل عن ساعة ونصف. فهل هذا صحيح ؟.
الجواب :
الحمد لله
وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر إلى أن تطلع الشمس ، فمتى صلّى في هذا الوقت فقد أدّى الصلاة في وقتها ، ومن أخّرها متعمداً حتى طلعت الشمس فقد أتى ذنباً عظيماً . وبعض أهل العلم يرى أنه يصير كمن تركها فيجب الحذر من تأخير الصلاة عن وقتها . ومقدار ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس قريبٌ من ساعة ونصف كما هو مبيّنٌ في التقويم ، وقد صار التقويم هو الوسيلة للناس في معرفة مواقيت الصلاة بالساعة والدقيقة ، فينبغي العناية بذلك لأن الصلوات الخمس عمود الإسلام ، فيجب على المسلم أن يحافظ عليها في أوقاتها كما قال تعالى : ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) ، وقال تعالى : (حافظوا على الصلاة والصلاة الوسطى ) ، والصلاة الوسطى هي صلاة العصر .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا أمر الله الملائكة أن تسجد لآدم ؟
السؤال :
لماذا أمر الله الملائكة أن تسجد لآدم ؟ ولماذا سجد إخوة يوسف ليوسف ؟ أعرف أن السجود يجب أن يكون لله.
الجواب :
الحمد لله
السجود يكون على وجهين :
* يكون تعظيماً وتقرباً إلى من سُجِدَ لهُ ، وهذا سُجود عبادة ولا يكون إِلاَّّ لله وحده في جميع الشرائع .
* النوع الثاني من السجود ، سُجود تحيَّة وتكريم وهذا هو السُّجود الذي أَمَر الله الملائكة به لآدم فسجدوا له تكريماً ، وهو منهم عبادة لله سبحانه بطاعتهم له إذْ أمرهم بالسجود .(1/57)
وأمّا سجود أَبَويْ يُوسُف وإخوته له فكذلك هو من سجود التحية والتكريم ، وقد كان جائزاً في شريعتهم ، وأمّا في الشريعة التي جاء بها خاتم النبيين محمدٌ صلى الله عليه وسلّم فلا يجوز السجود فيها لغير الله مطلقاً ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " . ونهى النبي عليه الصلاة والسلام معاذاً عن السجود له لمّا ذكر أن أهل الكتاب يسجدون لعظمائهم ، وذكر الحديث المتقدم ، وتحريم السجود لغير الله مطلقاً في هذه الشريعة هو من كمالها في تحقيق التوحيد وهي الشريعة الكاملة في كُلِّ ما اشتملت عليه من الأحكام ، قال تعالى : ( اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا .(
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن أمارات الساعة
السؤال :
أعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتكلم في الدين من تلقاء نفسه ، فكيف عرف عن أمارات الساعة وما إلى ذلك فهل أخبره الله بها؟ أرجو التوضيح.
الجواب :
الحمد لله
كُلُّ ما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام من الغيب الماضي ، والحاضر، والمستقبل ، مثل بدء الخلق ، والقيامة ، والجنَّة ، والنَّار ، وأشراط الساعة ، والملائكة ، والأنبياء كُلُّ ذلك بوحيٍ من الله سبحانه وتعالى ، كما قال تعالى : ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحيٌ يوحى ) ، وقال تعالى : ( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ) ، وقال تعالى : ( قُل لا أقول لكم عِندي خزائُن الله ولا أعلمُ الغيبَ ولا أقول لكم إِنِّي مَلك إِن أتَّبع إِلاَّ ما يُوحى إِلي ) . فلذلك يجب تصديق الرسول عليه الصلاة والسلام في كُلِّ ما أخبر الله به في أمور الغيب وغيرها لأنه الصادق المصدوق ، فمن كذّبه ولو في خبرٍ واحد يعلم أنه ثبت ، فإنه بذلك يصير مرتداً عن الإسلام إن كان مسلماً .
كتبه فضيلة الشيخ(1/58)
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
تغيير المنكر باليد
السؤال:
يبنون الآن مرقصاً ليليا في منطقتنا وحاولنا منع وجوده عندنا لأنه سوف يتسبب في فساد كبير في منطقتنا سواء للمسلمين أو غير المسلمين ، فهل يجوز لنا أن نحطم هذا المكان إذا لم يدر بنا أحد مع العلم أن صاحب ذلك المكان سوف يخسر جميع الأموال التي استثمرها فيه ؟ وهل هذا من طرق النهي عن المنكر؟
الجواب:
الحمد لله
قال تعالى : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم رقم 70 ، وقال تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) ، وهذا المنكر الذي ورد في السؤال عن تغييره يجب تغييره قدر الاستطاعة بما يزيل المنكر ويخففه وذلك بالرفع إلى ذوي السلطة والقدرة على إزالته أو نقله عن الحي أو بمخاطبة المالك للموقع ليعدل عن استثماره في المنكر الذي يعود عليه بالضرر في العاجل والآجل ودعوته إلى استغلاله بنشاط نافع له ولأهل الحي ولا يلحقهم منه ضرر في دينهم ولا في دنياهم .
وأما التغيير بتدمير الملهى كما ورد في السؤال فإنه لا يجوز ، ولو أمن من يقوم بذلك على نفسه فإن المفاسد المترتبة على هذا التصرف كثيرة من تلف أموال لا يحل إتلافها وتوجيه التهم إلى أبرياء واستجوابهم وتعذيبهم من أجل التحقيق في الحادث ثم إنه قد لا يتراجع أصحاب الملهى عن باطلهم فيسعون في إقامته مرة أخرى وهو الأحرى ، فحذار أيها الأخ الغيور من التسرع في تغيير المنكر بعدم النظر في العواقب وقد أحسنت حيث تقدمت بهذا السؤال لتكون في أمرك على بينة وقد حصل البيان ، والله الهادي إلى سواء السبيل .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى المعجبين بـ "طاش ما طاش" تذكير وتبصير .(1/59)
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله :
أما بعد فإن من ركائز الإعلام المهمة التي يعوّل عليها في جذب المستمعين والمشاهدين التمثيليات والمسلسلات ، ولهذه المسلسلات هدفان :
أحدهما : إمتاع المشاهدين والمستمعين .
وثانيهما : غرس أفكار و أخلاق يعنى بنشرها صنّاع هذه التمثيليات - أو من وراءهم - ويراد صياغة المجتمع عليها وصبغه بها .
ومعلوم لكل من نور الله بصيرته بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل ما يبثه الإعلام من هذه المسلسلات لا يخلو من باطل بدرجات متفاوتة ، من اللهو الجالب للغفلة والصاد عن ذكر الله وعن الصلاة ، إلى تزيين الفواحش و المنكرات ، و إلى الكفر بالله و الاستهزاء بآياته ، و أنبيائه وأوليائه و بأهل طاعته .
فأما ما يبثه الكفار عبر قنواتهم فهو فساد و الإفساد و الإلحاد الذي هو حرب موجهة إلى المسلمين لإفساد عقائدهم و أخلاقهم و صدهم عن دينهم ، وليس هذا بمستغرب من الكفار بل هذا هو المنتظر ، فهمهم كما أبان الله عن نوايا طوائف الكفر في المسلمين كما قال تعالى : " وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ " وقال : " وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا " ، ولكن الغريب أن يقوم بهذه الهجمة طوائف من المنتسبين للإسلام ثم يُروج باطلهم على كثير من المسلمين ، فسبحان مصرف القلوب ومقلب القلوب .
وواجب ولاة الأمر وفقهم الله أن يحموا أمتهم من الأسباب الجالبة للفساد في الدين والأخلاق و يأخذوا على أيدي من يهيئ الأسباب لاستقبال ما تبثه هذه القنوات من الذين همهم الحصول على أكبر قدر ممكن من المال يظنونه ربحاً وهو سحت و وبال ، وهم بهذا يشاركون في نشر الفساد وتحقيق أهداف الكفار في المسلمين فعليهم من وزر الإفساد والإضلال بحسب تسببهم و تأثيرهم .(1/60)
ومما يسوء كلّ غيور على دين الله ومعظّم لحرماته ما يقوم به بعض المسلمين من تمثيليات يدّعون أنهم يعالجون بها مشاكل اجتماعية وهي لا تخرج في مضمونها عن الهدفين الرئيسين وهما :
-1 إمتاع المشاهدين بما تحويه من اللهو و اللعب والباطل .
-2 نشر أفكار و أخلاق تساير و توافق التوجهات المنحرفة .
و مدار هذه التمثيليات على النكت والفكاهات و الكذب والتمويهات والسخرية بأشخاص وجماعات يراد تحقيرها ، ولا سيما الذين ينكرون هذه التوجهات والسلوكيات والأهداف لهذه التمثيليات ، من العلماء والصلحاء و أهل الغيرة من الرجال والنساء ، وفي مقابل ذلك إظهار الإعجاب بالكفار الذين يوصفون بالحضارة والتقدم ، وبالمتشبهين بهم من المسلمين من الرجال و النساء .
و أهم ركائز هذه المسلسلات عند أصحابها وجود عنصر المرأة فيها ، ومعلوم ما ينشأ عنه مع الاختلاط المحرم من الكلمات والحركات والنظرات وما فوق ذلك من المنكرات .
وكلما كانت هذه المسلسلات أكثر جذباً للمشاهدين وشداً لهم - لاشتمالها على المشاهد و الكلمات المؤثرة والمثيرة و الباعثة على المتعة دون تمييز بين حلالها وحرامها - كان ذلك عند المفتونين بهذه المسلسلات علامة على تميزها و تفوق كُتّاب قصتها و مهارة مخرجيها و ممثليها .
ومن تلبيس الشيطان على أصحاب هذه الصناعة ومروجيها تخصيص شهر رمضان المبارك من ذلك الباطل بنصيب ، ففي الوقت الذي يستعد فيه المسلمون لاغتنام هذا الشهر بالصيام والقيام و الإحسان وتلاوة القرآن يستعد هؤلاء بتقديم ما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويحوّل ساعات الذكر والشكر لتكون وقتاً للهو و اللعب والغفلة ، مع ما تتضمنه حلقات المسلسل من منكرات قولية وفعلية .(1/61)
ومن هذا الباطل المسلسل المعروف بـ [ طاش ما طاش ] وقد أفاد المتابعون له لرصد مضامين حلقاته أنه يشتمل على أنواع من المنكرات ، من ذلك السخرية بأهل الغيرة على نسائهم ، و الكذب عليهم بالغلو في الغيرة ، وتمثيل ذلك بمشهد لا حقيقة له ، والغاية من هذا المشهد تشويه صورة الغيورين على محارمهم و إظهارهم بالمظهر المزري ليضحك منهم المشاهدون و ينفروا عن ذلك الخلق الكريم البريء من الإفراط والتفريط ، وفي مقابل ذلك مشهد ينبئ عن الإعجاب بحال المتهاونين بالحرمات و المسايرين للتقاليد السيئة ، كجلوس الأسرة على الشاطئ من غير احتشام ولا اهتمام .
ومن ذلك مشاهد تبرز أهل الخير والصلاح و الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمظهر المزري المضحك في حركاتهم وكلامهم ولباسهم ، وفي ذلك تشويه لصورتهم في عقول المشاهدين من الصبيان والسفهاء من الرجال والنساء .
ومن ذلك مشاهد تتضمن الاختلاط والسخرية بالحجاب ، وتمثيل بعض العلاقات الزوجية التي لو كانت حقيقية لما جاز نشرها ، كيف وهي تمثيل لتلك العلاقات من رجال ونساء أجانب ، وهي مشاهد محرم تمثيلها وعرضها ، وهذه المشاهد مدارها على الإثارة الجنسية وفي ذلك دعوة لمضامين هذه المشاهد .
وجملة القول أن تلك المشاهد تشتمل على باطل كثير ومنكرات قولية وفعلية فيها تشويه للحق وتنفير عن الفضيلة وتزيين للباطل و إغراء به ، وأهون ما فيه الهزل القولي والفعلي الذي يراد منه شد أنظار المشاهدين وإمتاعهم بالرخيص و السخيف ، ليضحكوا ويقهقهوا بعد ما شبعوا في هذا الموسم العظيم .
هذا بعض التصور عن هذا المسلسل فيما مضى ، فماذا سيكون عليه في هذا العام ؟
والموجب للتنصيص على مسلسل طاش ما طاش أنه مخصص لشهر رمضان ، ويستهدف فئات المجتمع ، ويبث في وقت الذروة من حيث عدد المشاهدين ، فالفتنة بما فيه من اللغو واللهو والمنكر أعظم .(1/62)
وبعد هذا العرض المجمل لمحتوى و أهداف المسلسلات ، يتبين أنها من الأعمال المنكرة ، يشترك في إثمها مُعِدُّوها و مشاهدوها ، وعلى معديها مثلُ آثام من أضلوه وصدوه عن ذكر الله وعن الصلاة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : "من دعا إلى ضلالة كان عليه من آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً . "
و إني لأدين لله بتحريم تمثيل ومشاهدة هذه المسلسلات والتي منها [ طاش ما طاش ] لذلك أوصي جميع المسلمين أن يتقوا الله ويراقبوه ويتوبوا إليه ويذكروا الموت و ما بعده والحساب و الجزاء ، وليعلم من فرط في حق الله و اجترأ على محارم الله ولم يتب أنه سيندم حين لا ينفع الندم كما قال تعالى : " أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ " .
كما أوصي المعجبين بهذا المسلسل و المتابعين له و لغيره أن يتوبوا إلى الله من الافتتان به ومتابعته ، ليكونوا من الذين قال الله فيهم " : وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ " وقال : " وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِرَامًا " و أن يأخذوا بالأسباب التي تعينهم على طاعة الله وذكره ، و اغتنام هذا الموسم العظيم من مواسم التزود للآخرة .
نسأل الله أن يمن على الجميع بالهداية إلى صراطه المستقيم ، و أن يعيذنا من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا و من الشيطان الرجيم ، وصلى الله على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين .
حرر في 15/8/1421هـ
أملاه / عبد الرحمن بن ناصر البراك
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف يكون في زيادة كلمة "شرائع" في سؤال جبريل نصرة لمذهب الإرجاء .(1/63)
سأل الأخ الكريم ( هيثم حمدان ) سؤالاً عن كلام للإمام مسلم حول رواية ( شرائع الإسلام ) و علاقتها بـ( نصرة مذهب الإرجاء ) و حيث كنت عند فضيلة شيخنا العلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك - حفظه الله - طرحت عليه نص كلام الأخ هيثم - جزاه الله خيراً - و سأورد نص كلام الأخ هيثم ثم جواب الشيخ حفظه الله :
قال الأخ ( هيثم حمدان) :
قال الإمام مسلم ( رحمه الله ) في كتاب ) التمييز ) في معرض كلامه على علّة في متن إحدى روايات حديث سؤال جبريل للنبي ( صلى الله عليه وسلّم ) عن الإسلام والإيمان والإحسان . .
ما بين [ ] من إضافتي:
"فأمّا رواية أبي سنان عن علقمة في متن هذا الحديث إذ قال فيه: أنّ جبريل (عليه السلام) قال: جئت أسألك عن شرائع الإسلام، فهذه زيادة مختلفة ليست من الحروف بسبيل، وإنّما أدخل هذا الحرف في رواية هذا الحديث شرذمة زيادة في الحرف، مثل ضرب [أبي حنيفة] النعمان ابن ثابت وسعيد بن سنان ومن يجاري الإرجاء نحوهما، وإنّما أرادوا بذلك تصويباً في قوله في الإيمان وتقعيد الإرجاء.
[و] ذلك [ممّا] لم يزد قولهم إلا وهناً وعن الحق إلا بعداً: إذ زادوا في رواية الأخبار ما كفى بأهل العلم والدليل على ما قلنا من إدخالهم الزيادة في هذا الخبر أنّ عطاء بن السائب وسفيان روياه عن علقمة فقالا: قال: يا رسول الله، ما الإسلام ؟
وعلى ذلك رواية الناس بعد مثل: سليمان ومطر وكهمس ومحارب وعثمان وحسين بن حسن وغيرهم من الحفاظ كلهم يحكي في روايته أن جبريل (عليه السلام) قال: يا محمد ما الإسلام ؟
ولم يقل: ما شرائع الإسلام كما روت المرجئة". انتهى.
وسؤالي للإخوة: كيف يكون في زيادة كلمة "شرائع" في سؤال جبريل نصرة لمذهب الإرجاء ؟
فأجاب الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله في يوم الجمعة الموافق 1/1/1423 هـ بما يلي :(1/64)
الذي يظهر أن المرجئة عندهم الإسلام هو الإيمان و الأعمال ليست من الإيمان و في هذه الرواية التي انتقدها مسلم – رحمه الله – مضمونها أن مباني الإسلام الخمسة هي شرائع الإسلام لأن الإسلام عندهم هو الإيمان الذي هو # التصديق # القلبي بخلاف الرواية المشهورة و هي أن المباني الخمسة هي الإسلام ، و الصواب أن اسم الإسلام يشمل جميع الشرائع و لكن خص هذه الخمس لأنها أعظم الشرائع و أفرضها فإنها فرض على الأعيان بأصل الشرع دون تسبب من المكلف و انظر شرح الطحاوية على قول الإمام الطحاوي – رحمه الله - :
// و الإيمان هو الإيمان بالله و ملائكته .. الخ // .
و الله أعلم .
كتبه فضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
معنى: "بائن من خلقه"
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال:
فضيلة الشيخ: ما معنى قول العلماء عن الله: بائن من خلقه ؟ وما معنى قولهم عن القرآن: إليه يعود ؟
الجواب:
أما قول أئمة السنة: إنه سبحانه وتعالى فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، معنى بائن من خلقه: أي أنه ليس حالاًّ في مخلوقاته، ليس هو داخل شيء من مخلوقاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، والمراد بهذه العبارة هو نفي الحلول في الجانبين، فليس في ذات الله شيء من مخلوقاته ، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته، لأنه العلي الأعلى فوق كل شيء، والحلول ينافي ذلك، وأما قول أهل السنة في القرآن: إنه منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، المقصود: رفعه في آخر الزمان، فإنه في آخر الزمان يرفع من الصدور ومن المصاحف فتخلُوا الأرض من القرآن، وذلك عند اقتراب قيام الساعة حين لا يبقى لوجود القرآن في الأرض أثر من الانتفاع به، فلا ينتفع به أحد لغلبة الكفر على الخلق، وأما أهل الإيمان فيُنزل الله ريحاً تقبض أرواحهم فتخلوا الأرض من الخير ولا يبقى فيها إلا شرار الناس وعليهم تقوم الساعة، نسأل الله السلامة والعافية.
لعن الكافر المعين
أجاب عليه:عبد الرحمن بن ناصر البراك(1/65)
السؤال:
ما حكم لعن (وليس سب فقط) اليهود والنصارى أفراداً أو جماعات أحياءً كانوا أم أمواتاً ؟ وجزاكم الله خيراً
الجواب:
أما لعن الكفار من اليهود والنصارى والمشركين على سبيل العموم فهذا جائز ومشروع من أجل التحذير من أفعالهم، فإن الرسول – عليه الصلاة والسلام – قال في آخر حياته وهو في سياق الموت – صلى الله عليه وسلم -: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، رواه البخاري (435-436)، ومسلم (531)، واليهود والنصارى داخلون في عموم قوله تعالى: "إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا" [الأحزاب: 64]، وقال سبحانه وتعالى: "ألا لعنة الله على الظالمين" [هود: 18]، واليهود والنصارى ظالمون بتكذيبهم للرسول – صلى الله عليه وسلم – وبغلو النصارى في المسيح وعبادتهم له، وعبادتهم للصليب، واليهود قتلة الأنبياء وهم الناكثون للعهود والخائنون، كما قال سبحانه وتعالى فيهم: "إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون" [الأنفال: 55-56].
وأما الأفراد الأحياء بأعيانهم مثل فلان أو فلان فلا ينبغي لعنهم، لأنه لا فائدة فيه، ولسنا متعبدين بذلك، إلا من له نكاية بالمسلمين وتسلط عليهم كرؤوس الكفر وأئمته، كرؤساء دول الكفر في هذا العصر فإنه يجوز لعنهم، مثل رؤساء الدول الكافرة المتسلطة على المسلمين، كرئيس الولايات المتحدة الأمريكية وأعوانه فيجوز لعنهم بأعيانهم، لأنهم جمعوا بين الكفر بالله والتسلط على عباد الله، وأما الأموات فكما قال عليه الصلاة والسلام: "لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا" رواه البخاري (1393)، لكنهم يدخلون في اللعنة العامة ؛ لعنة الله على الكافرين، والله أعلم.
سُئل فضيلة الشيخ العلامة البحر الفهامة الإمام عبد الرحمن بن ناصر البراك -حفظه الله- السؤال التالي:(1/66)
ما قول فضيلتكم حماكم الله في من يقول إن وسائل الدعوة توقيفية،يقول بأن من قال بأنها اجتهادية ضالٌ مبتدع،خارج عن الملة في هذا الباب ولا كرامة ؟
فأجاب الشيخ:
هذا مرتبط بما قبله،أو له شبه بما قبله[وهو حديثه عن عدم العدل].
أما وسائل الدعوة فلا بد منها إلى تفصيل:
فيها وسائل توقيفية:
في الأمور الوسائل الشرعية،هذه توقيفية،يعني الوسائل التعبدية،هذه توقيفية.
والوسائل العادية:
ليست توقيفية،عادية،مثل:استعمال هذا المكبر وسيلة عادية،لا نقول إنه حرام،لأنه لم يأتي الأمر باستعماله،وسيلة عادية.
الدعوة لإقامة مدارس لتعليم القرآن وتعليم السنة هذه وسائل عادية يمكن أن نقول أنها لم تكن معروفة بشكل واسع وبارز.
فالوسائل العادية ليست توقفية؛ولكن يجب أن تكون هذه الوسائل العادية محكومةً بالشرع كما أشرت إلى هذا بأنه لا تجوز الدعوة إلى الله بفعل مُحرم، فلا ندعوا إلى الله بالأغاني الدينية، والأغاني الدينية ما فيها دعوة ،كما هي أفعال المتصوفة يتعبدون لله بالغناء والرقص والمعازف، ومن الناس أيضاً يمكن في هذا الزمن من يحوله أن يدعوا إلى الله بمثل ذلك.
أو أيضاً من نوع التمثيل:
التمثيل عندي أنه لا يكاد يخلو من منكر؛فلا أراه وسيلة في الدعوة إلى الله.
…………..
من شريط توجيهات في الدعوة محاضرة للشيخ عبد الرحمن البراك.
………..
قول الشيخ في الأناشيد
يقول العلامة عبد الرحمن البراك حفظه الله:(1/67)
"لقد دلَّ الكتاب والسنة على تحريم الغناء، والغناء الذي ورد النهي عنه هو إنشاد الشعر بالألحان ولا سيما مع آلات العزف ، وقد جاء عن الصحابة - رضي الله عنهم - تفسير الزور في قوله:" والذين لا يشهدون الزور" [الفرقان:72] وتفسير لهو الحديث في قوله – تعالى-:" ومن الناس من يشتري لهو الحديث" [لقمان:6] وتفسير صوت الشيطان في قوله – تعالى -:" واستفزز من استطعت منهم بصوتك" [الإسراء:64] وتفسير اللغو في قوله – تعالى -:" وإذا مروا باللغو" [الفرقان:72] جاء عن السلف تفسير هذا كله بالغناء، وجاء عن ابن مسعود – رضي الله عنه – أنه قال:" الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل" رواه أبو داود (4927) مرفوعاً بسند ضعيف، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (10/223) موقوفاً، وانظر التلخيص الحبير (2113). وجاء عن السلف قولهم:" الغناء رقية الزنى" ولا ريب أن الشعر المُلحن مع الآلات يُطرب، ومصدر الطرب هو الأصوات والأنغام، بقطع النظر عن المعاني، .....................فالواجب اجتناب الغناء كله، والإقبال على سماع القرآن والحديث، ولا بأس بقراءة الشعر غير ملحن وغير مقرون بالآلات، وهو الشعر النظيف المشتمل على الترغيب بالفضائل ومكارم الأخلاق، أو مدح من يستحق المدح بحق وباعتدال دون إفراط وتجاوز للحدود، ودون توسع في ذلك، فإن التوسع في المباح لا بد أن يكون على حساب الأعمال الصالحة الجليلة، والعاقل الحازم هو من يؤثر الأعلى على الأدنى، ويقدم الأفضل على الفاضل، فأوصي السائل وكل من يقرأ هذا الجواب ألا يغتر بهذه الأشعار التي هي مما يعتني به المتصوفة الذين يتدينون ويعبدون الله بسماع القصائد، ويستغنون بها عن سماع القرآن، ويظنون أنهم بذلك محسنون، فهم مبتدعون ومسيؤون من حيث يشعرون أولا يشعرون، وقد تكون هذه الأشعار الدينية الصوفية أقبح من الأشعار التي تثير الغرائز، من جهة ما يخشى منها من غرس البدع الاعتقادية، ومن التدين بما(1/68)
لم يشرعه الله، فأصحاب هذا السماع يقبلون عليه ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً، بينما المفتونون بالأغاني الخليعة يعترفون بأنهم عاصون في ذلك، ويهمون بالتوبة، ويجاهدون أنفسهم في ذلك، بينما لا يفكر بذلك أصحاب السماع المبتدع؛ لأنهم يظنونه ديناً وهو من دين الشيطان " أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً " [فاطر:8] فينبغي للسائل وغيره أن يقرأ ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في هذا الشأن سيما كتابه في تحريم السماع وهو مطبوع مشهور . " وعلى مثل هذا الكلام وقفت على كلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى في تعقيبه على نهي الشافعي عن هذا وما الذي اشتد نكير الشافعي عليه...وعلى مثله كذلك وقفت لابن القيم في المدارج وتحريم السماع...
تم نقل هذه الفتاوى من منتديات مشكاة الإسلامية من مشاركة الأخ وليد العلي ..
جزاه الله خيراً ....(1/69)