هدم الجاني على الباني
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرني شيخنا شيخ الإسلام قاضي القضاة علم الدين البلقيني إجازة عن أبي إسحاق التنوخي عن القاسم بن مظفر أن عبد الرحيم بن تاج الأمناء أخبره الحافظ أبو القاسم ابن عساكر أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني أنا أبو محمد الحسن بن علي بن عبد الصمد الكلاعي أنا تمام بن محمد أخبرني أبي حدثني أبو الحسن علي بن شيبان الدينوري أخبرني محمد بن عبد الرحمن الدينوري عن رجل أظنه الربيع بن سليمان قال قال الشافعي سمعت سفيان بن عيينة يقول أن العالم لا يماري ولا يداري ينشر حكمة الله فإن قبلت حمد الله وإن ردت حمد الله. وبعد فقد رفع إلى أن رجلا أخذ خربة بجوار مسجد وبني بها مخازن ثم أنه قصرها على سكنى من يعدها للفساد فيسكن فيها جماعة بعضهم عزاب وبعضهم متزوجون وعيالهم بمسكن آخر وإنما يعدون هذا المسكن ليختلوا فيه للفساد وأن هذا الموضع يجتمع فيه كل يوم ثلاثاء خلق كثيرون يأتونه من أطراف البلد من نساء ورجال وشباب مرد فيجتمعون فيه على شرب الخمر والزنا واللواط بحيث يدخل جماعة يباشرون الزنا أو اللواط ويتأخر جماعة ينتظرون انتهاء النوبة إليهم فمنهم من يقف بالدهليز ومنهم من يقف بالطريق ومنهم من يجلس على باب المسجد حتى قيل أنه رؤى رجل في ذلك المسجد ومعه صبي يلوط به وصار ذلك مشاعا في تلك الخطة وصار المكان معروفا بذلك بحيث يقصد من أمكنة بعيدة لهذه الأمور، وبجوار هذا المكان الخبيث رجل مبارك يقوم في إنكار ما يراه بحسب ما يراه بحسب استطاعته فراجع صاحب البيت في إخلائه من هؤلاء وتسكين من هو على سيرة حميدة فأبى بعد طول المراجعة سنين رغبة في زيادة الأجرة وكان من جملة قوله له هذه أمة مذنبة ثم اتفق أن أخلى الله المكان من هؤلاء بعوارض طرأت لهم ثم زالت تلك العوارض فعادوا ليسكنوا على منوالهم فجاءني ذلك الرجل المبارك وشكا إلى هذا الأمر فقلت له اذهب إلى صاحب المكان وقل له أن لم يخل(1/1)
هؤلاء منه أفتيت بهدمه، ومن جملة الساكنين ثم رجل جهله فوق جهل الجاهلين ومقامه أسفل سافلين فلما بلغه هذا الكلام قال هذا ليس بحكم الله وذهب إلى الشيخ شمس الدين الباني فاستفتاه فأفتاه بأنه لا يهدم وإن من قال بهدمه يلزمه التعزير ثم جاء بهذه الفتوى وصار يجلس على الدكاكين في السواق ويقول فلان مجازف في دين الله وانضم إليه عصبة من نمطه فمنهم من يقول هذا الذي أفتى به - يعني قولي بالهدم - خرق للإجماع وآخر يقول هذا جاء به من إرم ذات العماد وصار كل من الجهال يرمي بكلام فألفت في ذلك كتابا سميته (رفع منار الدين وهدم بناء المفسدين) وهذا الكتاب مختصر منه ليسهل تناوله فأقول أما ما تلفظ به الجهال فإن كلام الجاهلين لا يعبأ به ولا يلتفت إليه وأما ما أفتى به الباني فإنه قد كتب في صحيفة عمله وطبع عليها بطابع وسوف يعرض عليه وهو واقف على الصراط فيقرؤه ويطلب منه الخروج من عهدته يوم لا ينفع جاه ولا تعصب، وأما الذي أفتيت أنابه فهو الذي وردت به الأحاديث وثبت عن الصحابة والتابعين ونص عليه العلماء من أئمة المذاهب الأربعة ولم تزل عليه الخلفاء والملوك وولاة الأمور سلفا وخلفا وها أنا أبين ذلك:
ذكر الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم(1/2)
ذكر الأحاديث المرفوعة: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم انطلق برجال معي معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) استدل بهذا الحديث من قال بأن الجماعة فرض عين وهم عطاء والأوزاعي وأحمد بن حنبل وداود وأبو ثور وابن المنذر وابن خزيمة وابن حبان - الأربعة من أصحابنا، قال النووي في شرح المهذب والصحيح أنها فرض كفاية والجواب عن الهم بتحريق بيوتهم ما أجاب به الشافعي وغيره أن هذا ورد في قوم منافقين يتخلفون عن الجماعة ولا يصلون فرادى قال وسياق هذا الحديث يؤيد هذا التأويل. قلت إذا تأمل المنصف هذا الكلام عرف منه أن الإمام الشافعي رضي الله عنه قائل بجواز العقوبة بتحريق البيوت فإنه لم ينكر سوى الاستدلال بالحديث على فرضية الجماعة على الأعيان وقال بمقتضى الحديث في حق المنافقين الذين لا يصلون وأما القائلون بأنها فرض عين فاستدلالهم بالحديث صريح في أنهم أيضا قائلون بجواز تحريق البيوت على من تخلف عنها من المسلمين، وقال الرافعي في شرح المسند اللفظ لا يقتضي كون الإحراق للتخلف فيحتمل أنه أراد طائفة مخصوصين من صفتهم أنهم يتخلفون فأما مطلق التخلف فإنه لا يقتضي الزجر بالإحراق قال ويوضحه أن الشافعي قال في الأم بعد رواية الحديث، فيشبه أن يكون ما قاله من همه بالإحراق إنما قاله في قوم تخلفوا عن صلاة العشاء لنفاق، وقال ابن فرحون المالكي اختلف في هذا الحديث هل هو في المؤمنين أو المنافقين قال والظاهر أنه في المؤمنين لقوله في الرواية الأخرى (ثم أتى قوما يصلون في بيوتهم ليس لهم عذر فأحرقها عليهم) والمنافقون لا يصلون في بيوتهم قال وفائدة قوله لقد هممت تقديم الوعيد والتهديد على العقوبة لأن(1/3)
المفسدة إذا ارتفعت واندفعت بالأخف من الزواجر لم يعدل إلى الأعلى انتهى. وقال الحافظ أبو الفضل بن حجر في شرح البخاري ذهب جماعة إلى أن الحديث ورد في المنافقين والذي يظهر لي أن المراد به نفاق المعصية لا نفاق الكفر بدليل قوله في رواية أبي داود (ثم أتى قوما يصلون في بيوتهم ليست بهم علة) فهذا يدل على أن نفاقهم نفاق معصية لا كفر لأن الكافر لا يصلي في بيته إنما يصلي في المسجد رياء وسمعة فإذا خلا في بيته كان كما وصفه الله به من الكفر والاستهزاء نبه عليه القرطبي قال ثم أنه قد يستدل بالحديث لكون الجماعة فرض كفاية إذ يحتمل أن يقال التهديد بالتحريق المذكور يمكن أن يقع في حق تاركي فرض الكفاية كمشروعية قتالهم، وقال ابن دقيق العيد في الحديث إنه صلى الله عليه وسلم لا يهم إلا بما يجوز له فعله لو فعله وأما كونه ترك ولم يفعل فلاحتمال أنهم انزجروا بذلك وتركوا التخلف الذي ذمهم بسببه، قال الحافظ ابن حجر وقد جاء في بعض الطرق بيان سبب الترك وهو ما أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة بلفظ (لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار) فهذا كلام الأئمة على هذا الحديث من الإمام الشافعي فمن بعده. فإن قيل التحريق بالنار منسوخ قلنا <ص في الآدمي والحيوان فقط وقد نص أصحابنا في باب السير على جواز تحريق شجر الكفار وهدم بنائهم إذا دعت ضرورة لذلك وقد ورد هذا الحديث من رواية جماعة من الصحابة فأخرج ابن ماجه عن أسامة بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لينتهين رجال عن ترك الجماعة أو لأحرقن بيوتهم) وأخرج أحمد والنسائي عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان والناس في قايلتهم وتجارتهم فأنزل الله (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لينتهين رجال أو لأحرقن بيوتهم) وأخرج(1/4)
أحمد بسند صحيح عن ابن أم مكتوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المسجد فرأى في القوم رفقة فقال (إني لأهم أن أجعل للناس إماما ثم أخرج فلا أقدر على إنسان يتخلف عن الصلاة في بيته إلا أحرقته عليه) وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس في جماعة ثم انصرف إلى قوم سمعوا النداء فلم يجيبوا فاضرمها عليهم نارا) وأخرج الحاكم في مستدركه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة (لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أحرق على قوم يتخلفون عن الجمعة بيوتهم) وأخرج ابن مردويه في تفسيره عن ابن عباس قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم فقال أخرج لهذا المسجد فقال مالك لعاصم انظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي فدخل على أهله فأخذ سعفات من نار وخرجوا يشتدون حتى دخلوا المسجد وفيه أهله فحرقوه وهدموه وخرج أهله فتفرقوا عنه، وأخرج ابن إسحاق وابن مروديه عن أبي رهم كلثوم بن الحصين وكان من أصحاب الشجرة قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم ومعن بن عدي أخا عاصم بن عدي فقال انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وأحرقاه فخرجا سريعين فقال مالك لمعن انظرني حتى أخرج إليك فدخل إلى أهله وأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجا يشتدان حتى أتيا المسجد وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه، وأخرج ابن جرير من طريق ابن إسحاق عن الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم قالوا أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك وكان أصحاب مسجد الضرار قد أتوه وهو متجهز إلى تبوك فقالوا يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة في الحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية وأنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه فقال إني على جناح سفر وحال شغل ولو قدمنا أتيناكم إن شاء الله فصلينا لكم(1/5)
فيه فلما نزل بذي أوان - بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار - وأتاه خبر المسجد فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ومعن بن عدي أو أخاه عاصم بن عدي أخا بني العجلان فقال انطلقا إلى هذا الظالم أهله فاهدماه وحرقاه فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف فقال مالك لمعن انظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجا يشتدان حتى دخلا المسجد وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه ونزل فيهم من القرآن ما نزل، وأخرج ابن المنذر في تفسيره من وجه آخر عن محمد بن إسحاق مثله، وأخرج البيهقي في دلائل النبوة من طريق ابن إسحاق عن ثقة من بني عمرو بن عوف مرسلا مثله، وأخرج أبو داود والترمذي والحاكم وصححه من طريق صالح ابن محمد بن زائدة قال دخل مسلمة أرض الروم فأتى برجل قد غل فسأل سالما عنه فقال سمعت أبي يحدث عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا وجدتم الرجل قد غل فاحرقوا متاعه واضربوه قال فوجدنا في متاعه مصحفا فسئل سالم عنه فقال بعه وتصدق بثمنه وأخرج الحاكم وصححه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال دخلت يوما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى ثوبان معصفران فقال ما هذان قلت صنعتهما لي أم عبد الله قال أقسمت عليك لما رجعت إليها فأمرتها أن توقد لهما التنور ثم تطرحهما فيه فرجعت إليها ففعلت، وأخرج مسلم والنسائي من طريق طاووس عن عبد الله ابن عمرو قال رأى النبي صلى الله عليه وسلم على ثوبين معصفرين قال أمك أمرتك بهذا قلت أغسلهما قال بل أحرقهما، قال النووي في شرح مسلم الأمر بإحراقهما عقوبة وهتك لزجره وزجر غيره عن مثل هذا الفعل.
ذكر ما ورد عن الصحابة والتابعين في ذلك(1/6)
قال ابن سعد في الطبقات في ترجمة عمر بن الخطاب قالوا إن عمر أول من ضرب في الخمر ثمانين واشتد على أهل الريب والتهم وأحرق بيت رويشد الثقفي وكان حانوتا قال ابن سعد والنباذ بالمدينة يسمى الحانوت، وقال ابن سعد أيضا في ترجمة إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أخبرنا يزيد بن هرون ومعن بن عيسى ومحمد ابن إسماعيل بن أبي فديك قالوا حدثنا ابن أبي ذئب عن سعد بن إبراهيم عن أبيه أن عمر بن الخطاب حرق بيت رويشد الثقفي وكان حانوتا للشراب وكان عمر قد نهاه فلقد رأيته يتلهب كأنه جمرة، أخرجه الدولابي في الكنى من وجه آخر عن سعد بن إبراهيم، ورويناه أيضا في نسخة إبراهيم بن سعد رواية كاتب الليث عنه، وقال عبد الرزاق في المصنف أنا عبد الله بن عمر عن نافع عن صفية ابنة أبي عبيد ومعمر عن نافع عن صفية قالت وجد عمر رضي الله عنه في بيت رجل من ثقيف خمرا. وكان قد جلده في الخمر فحرق بيته وقال ما اسمك قال رويشد قال بل أنت فويسق، وأخرج عن عبد القدوس عن نافع قال وجد عمر في بيت رويشد الثقفي خمر فحرق بيته وقال ما اسمك قال رويشد قال بل أنت فويسق، وقال ابن أبي شيبة في المصنف ثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني قال بلغ عمر بن الخطاب أن رجلا أثرى في بيع الخمر فقال اكسروا كل آنية له وسيروا كل ماشية له، وقال ابن سعد في الطبقات أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن الحارث، بن الفضيل عن أبيه عن حبيب بن عمير عن مليح بن عوف السلمي قال بلغ عمر بن الخطاب أن سعد بن أبي وقاص صنع بابا مبوبا من خشب على باب داره وخص على قصره خصا من قصب فبعث محمد بن مسلمة وأمرني بالمسير معه وقد أمره أن يحرق ذلك الباب وذلك الخص فانتهينا إلى دار سعد فأحرق الباب والخص، وقال سعيد بن منصور في سننه حدثنا مسكين بن ميمون ثنا عروة بن رويم قال بينا عمر بن الخطاب يتصفح الناس يسألهم عن أهل أجنادهم إذ مر بأهل حمص فقال كيف أنتم وكيف(1/7)
أميركم فقالوا خيرا يا أمير المؤمنين إلا أنه بنى علية يكون فيها فكتب كتابا وأرسل إليه بريدا وأمره إذا جئت باب عليته فأجمع حطبا وأحرق باب عليته فلما قدم جمع حطبا وأحرق باب العلية فأخبروه فقال دعوه فإنه رسول أمير المؤمنين، وقال ابن عبد الحكم في فتوح مصر حدثنا شعيب عن الليث وعبد الله بن صالح عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب قال أول من بنى غرفة بمصر خارجة بن حذاقة فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فكتب إلى عمر بن العاصي سلام عليك أما بعد فإنه بلغني أن خارجة ابن حذاقة بنى غرفة ولقد أراد خارجة أن يطلع على عورات جيرانه فإذا أتاك كتابي هذا فأهدمها إن شاء الله والسلام، وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف من طريق سعد بن إبراهيم عن أبيه قال دخل عبد الرحمن بن عوف ومعه ابن له عليه قميص حرير على عمر فشق القميص. فهذه آثار صحيحة عن عمر بن الخطاب في هدم بيوت الخمارين وإتلاف أمكنة الفساد إذا تعينت طريقا لإزالة الفساد وقد فعل ذلك في خلافته والصحابة يومئذ متوافرون ولم ينكره أحد منهم فكان ذلك إجماعا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر) وقال البخاري في الأدب المفرد حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثني معن حدثني ابن المنكدر عن أبيه عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير بن عبد الله أن رجلين اقتمرا على ديكين على عهد عمر فأمر عمر بقتل الديكة فقال له رجل من الأنصار أتقتل أمة تسبح فتركها، وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عثمان بن عفان أنه قال في النرد لقد هممت أن آمر بحزم حطب ثم أرسل إلى بيوت الذين هم في بيوتهم فأحرقها، وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن الحسن أن عثمان بن عفان كان يأمر بذبح الحمام التي يلعب بها. فهذان أثران عن عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين لمهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) وقد فعل ذلك عثمان وقاله في قصة النرد ولم(1/8)
ينكر عليه أحد والصحابة يومئذ متوافرون فكان إجماعا مع أن اللعب بالحمام ليس من المحرمات، وأخرج البيهقي عن عبد الرحمن بن يزيد قال كنت جالسا مع عبد الله بن مسعود فأتاه ابن له قد ألبسته أمه قميصا من حرير وهو معجب به فقال يا بني من ألبسك هذا قال أمي قال أدنه فدنا منه فشقه ثم قال اذهب إلى أمك فتلبسك ثوبا غيره، وأخرج ابن أبي شيبة من طريق المهاجرين شماس عن عمه قال رأى ابن مسعود ابنا له عليه قميص من حرير فشقه وقال إنما هذا للنساء، وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيف قال انطلقت مع عبد الله حتى أتيت داره فأتاه بنون له عليهم قمص حرير فحرقها وقال انطلقوا إلى أمكم فتلبسكم غير هذا، وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والبيهقي عن ابن الزبير أنه خطب بمكة فقال بلغني عن رجال يلعبون بلعبة يقال لها النردشير أني أحلف بالله لا أوتي بأحد يلعب بها إلا عاقبته في شعره وبشره وأعطيت سلبه من أتاني به، وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن مجاهد قال مر ابن عمر بقوم يلعبون بالشهاردة فأحرقها بالنار، وأخرج البيهقي عن مالك أنه قال الشطرنج من النرد بلغنا عن ابن عباس أنه ولى مال يتيم فأحرقها، وقال أبو نعيم في الحلية حدثنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن الحسن ابن قتيبة ثنا أحمد بن زيد الخزار ثنا ضمرة ثنا أكدين بن سليمان أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله عبد الله بن عوف على فلسطين أن أركب إلى البيت الذي يقال له المكس فأهدمه ثم أحمله إلى البحر فانسفه في اليم نسفا، وقال ابن جرير في تفسيره ثنا ابن حميد ثنا هرون عن أبي جعفر عن ليث أن شقيقا لم يدرك الصلاة في مسجد بني غاضرة فقيل له مسجد بني فلان لم يصلوا بعد فقال لا أحب أن أصلي فيه فإنه بني على ضرار وكل مسجد بني ضرارا أو رياء أو سمعة فإن أصله ينتهي إلى المسجد الذي بنى على ضرار.
ذكر نقول العلماء من أئمة المذاهب الأربعة في ذلك:(1/9)
قال الشيخ تاج الدين السبكي في الطبقات الوسطى في ترجمة الاصطخري أحد أئمة أصحابنا الشافعيين أصحاب الوجوه ما نصه ولي الحسبة ببغداد وأحرق طاق اللعب من أجل ما يعمل فيه من المناهي، وقال في الطبقات الكبرى في ترجمة الاصطخري أيضا من أخباره في حسبته أنه كان يأتي إلى باب القاضي فإذا لم يجده جالسا يفصل القضايا أمر من يستكشف عنه هل به عذر من أكل أو شرب أو حاجة الإنسان ونحو ذلك فإن لم يجد به عذرا أمره بالجلوس للحكم، ومنها أنه أحرق مكان الملاهي من أجل ما يعمل فيها من الملاهي. قال ابن السبكي وهذا منه دليل على أنه كان يرى جواز إتلاف مكان الفساد إذا تعين طريقا - هذه عبارة ابن السبكي. وقد نقل الماوردي في الأحكام السلطانية فعل الاصطخري ولم ينكره وقال أيضا في الأحكام السلطانية يمتاز والى الجرائم على القضاة بأوجه منها أن له فيمن تكررت منه الجرائم ولم ينزجر بالحدود استدامة حبسه إذا أضر الناس بجرائمه حتى يموت، ومنها أن له أخذ المجرم بالتوبة قهرا ويظهر له من الوعيد ما يقوده إليها طوعا ويتوعده بالقتل فيما لا يجب فيه القتل، وقال الغزالي في الأحياء درجات النهي عن المنكر سبعة: الأولى التخويف بلطف أن ذلك حرام وذلك للجاهل، الثانية النهي بالوعظ والنصح والتخويف بالله، الثالثة السب والتعنيف بالقول الغليظ الخشن وذلك يعدل إليه عند العجز عن المنع باللطف وظهور مبادئ الإصرار والاستهزاء بالوعظ والنصح، الرابعة التغيير باليد ككسر آلات الملاهي وإراقة الخمر ونحو ذلك الخامسة التهديد والتخويف كقوله دع عنك هذا أو لأكسرن رأسك أو لأضربن رقبتك: السادسة مباشرة الضرب باليد والرجل وغير ذلك بلا شهر سلاح وذلك جائز للآحاد بشرط الضرورة والاقتصار على قدر الحاجة في الدفع، السابعة أن يحتاج إلى أعوان يشهرون السلاح وفي احتياج هذا إلى إذن الإمام خلاف فقال قائلون يحتاج إليه لأنه يؤدي إلى تحريك الفتن وقال آخرون لا يحتاج إلى إذن وهو(1/10)
الأقيس لأن منتهاه تجنيد الجنود في رضا الله ودفع معاصيه ونحن نجوز للآحاد من الغزاة أن يجتمعوا ويقاتلوا من أرادوا من فرق الكفار قمعا لأهل الكفر فكذلك قمع أهل الفساد جائز لأن الكافر لا بأس بقتله فكذلك الفاسق المناضل عن فسقه لا بأس بقتله والمقتول من القائمين في حرب الفريقين شهيد، ثم قال الغزالي فإن قلت فليجز للسلطان زجر الناس عن المعاصي باتلاف أموالهم وتخريب دورهم التي فيها يشربون وإحراق أموالهم التي بها يتوصلون للمعاصي فاعلم أن ذلك أن ورد الشرع به لم يكن خارجا عن سنن المصالح والمصالح يتبع فيها ولا يبتدع - هذا كلام الغزالي فعلق القول به على وروده من الشرع لأنه لم يقف فيه على حديث، وقد صحت به الأحاديث والآثار عن الخلفاء الراشدين فإن قيل التعزيز بإتلاف المال منسوخ في مذهبنا قلت محل ذلك فيما لم يتعين طريقا لإزالة الفساد أما ما تعين طريقا لإزالته فإنه غير منسوخ فيه ولهذا فعله عمر بن الخطاب وغيره من الخلفاء الراشدين وهلم جرا، وقد نص أصحابنا على مثل ذلك في فروع منها قولهم يجوز كسر أواني الذهب والفضة لتحريم استعمالها واتخاذها، ومنها قولهم أن آلات الملاهي تكسر وهو متفق عليه عندنا، ومنها قال الغزالي في الأحياء للولاة كسر الظروف التي فيها الخمور زجرا وتأديبا دون الآحاد قال وقد فعل ذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيدا للزجر وتأديبا دون الآحاد قال وقد فعل ذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيدا للزجر ولم يثبت نسخه - هذا كلام الغزالي، قال الأسنوي في شرح المنهاج بعد نقله وهو من النفائس المهمات فانظر إلى قوله ولم يثبت نسخه كيف صرح بأن هذا القسم مما لم يجر فيه النسخ وإن جرى في القسم الآخر، ومنها قال الغزالي في الأحياء في إراقة الخمور للآحاد ولو كانت الخمر في قوارير ضيقة الرؤوس ولو اشتغل بإراقتها لأدركه الفساق ومنعوه أو لم يخف ذلك لكن كان فيه تضييع زمانه وتعطيل شغله فله كسرها(1/11)
إذ ليس عليه أن يضيع منفعة بدنه وغرضه من أشغاله لأجل ظروف الخمر - نقله الأسنوي وارتضاه، ومنها قال الغزالي في الأحياء لو كانت آنية من بلور أو زجاج على صورة حيوان وفي كسرها خسران مال كثير جاز كسرها، ومنها قال الغزالي في الأحياء لو أخبره عدلان ابتداء من غير استخبار أن فلانا يشرب الخمر في داره أو بأن في داره خمرا أعده للشرب فله إذ ذك أن يدخل داره ولا يلزمه الاستئذان ويكون قد تخطى ملكه بالدخول للتوصل إلى دفع المنكر ككسر رأسه بالضرب للمنع مهما احتاج إليه، ومنها قال الغزالي يتوقى في إراقة الخمور كسر الأواني وفي النهي عن لبس الحرير تمزيق الثوب إن وجد إلى ذلك سبيلا فإن لم يقدر إلا بالكسر والتمزيق فله ذلك وسقطت قيمة الظرف ويقومه بسبب الخمر إذا صار حائلا بينه وبين الوصول إلى الخمر ولو ستر الخمر ببدنه لكنا نقصد بدنه للضرب والجرح لنتوصل إلى إراقة الخمر فإذا لا تزيد حرمة ملكه على حرمة نفسه انتهى، وقال الحافظ عماد الدين بن كثير في تاريخه في صفر سنة ثلاث عشرة وثلثمائة بلغ الخليفة المقتدر بالله أن جماعة من الرافضة يجتمعون في مسجد نراثا فينالون من الصحابة ولا يصلون الجمعة ويكاتبون القرامطة ويدعون إلى ولاية محمد بن إسماعيل الذي بين الكوفة وبغداد ويدعون أنه المهدي ويتبرؤون من المقتدر من تبعه فأمر بالاحتفاظ عليهم واستفتى العلماء في المسجد المذكور فأفتوا بأنه مسجد ضرار يهدم كما هدم مسجد الضرار فأمر الخليفة بهدم المسجد المذكور كما أفتى بذلك العلماء فهدمه نازوك صاحب الشرطة وأمر الوزير الخاقاني فجعل مكانه مقبرة فدفن فيه جماعة من الموتى وقال ابن عطية في تفسيره روى أن مسجد الضرار لما هدم وأحرق اتخذ مزبلة يرمى فيه الأقذار والقمامات قال وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت (لا تقم فيه أبدا) كان لا يمر بالطريق التي فيها المسجد، وقال صاحب عيون التفاسير كل مسجد بنى مباهاة ورياء وسمعة أو لغرض غير(1/12)
وجه الله أو بمال غير طيب فهو لاحق بمسجد الضرار، وذكر نحو ذلك الكواشي في تفسيره وهو من الشافعية والشهاب الاياسلوغي في تفسيره وهو من الحنفية، وقال القرطبي في تفسيره ما نصه قال علماؤنا لا يجوز أن يبنى مسجدا إلى جنب مسجد ويجب هدمه والمنع من بنائه لئلا يتضرر المسجد الأول فيبقى شاغرا إلا أن تكون المحلة كبيرة فلا يكفي أهلها مسجد واحد فيبنى حينئذ وكذلك قالوا لا ينبغي أن يبنى في المصر الواحد جامعان ويجب منع الثاني ومن صلى الجمعة فيه لم تجزئه وقد أحرق النبي صلى الله عليه وسلم مسجد الضرار وهدمه، قال علماؤنا وإذا كان المسجد الذي يتخذ للعبادة وحض الشرع على بنائه يهدم، وينزع إذا كان فيه ضرر فما ظنك بسواه بل هو أحرى أن يزال ويهدم هذا كله كلام القرطبي، وقال ابن فرحون في طبقات المالكية في ترجمة الحارث بن مسكين أحد أئمة المالكية قاضي مر: كان عدلا في قضائه محمود السيرة قال محمد بن عبد الحكم قال ابن أبي دؤاد لقد قام حارثكم مقام الأنبياء وقد هدم مسجدا كان بناه خراساني بين القبول بناحية القطب في الصحراء وكان يجتمع فيه للقراءة والقصص والتعبير قال ابن فرحون وبمثل هذا أفتى يحيى ابن عمر في كل مسجد يبنى نائيا عن القرية حيث لا يصلى فيه أهل القرية وإنما يصلى فيه من ينتابه وبذلك أفتى في مسجد السبت بالقيروان وبمثله أفتى أبو عمران في المسجد الذي بنى بجبل فاس، وقال ابن فرحون في كتابه تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام التعزير لا يختص بفعل معين ولا قول معين فقد عزر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجر وأمر عمر بن الخطاب بهجر صبيغ الذي كان يسأل عن مشكلات القرآن فكان لا يكلمه أحد وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكسر دنان الخمر وشق ظروفها، ومن ذلك إباحته سلب الصائد في حرم المدينة لمن وجده، وأمره عبد الله ابن عمرو بتحريق الثوبين المعصفرين وأمره يوم خيبر بكسر القدور التي طبخ فيها لحوم الحمر وهدمه(1/13)
لمسجد الضرار وأمره بتحريق متاع الغال وبقطع نخل اليهود وتحريقها، ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم بلغه أن ناسا من المنافقين يثبطون الناس عنه في غزوة تبوك فبعث إليهم طلحة في نفر من أصحابه وأمره أن يحرق عليهم البيت ففعل، ومن ذلك أن عمر بن الخطاب أمر بتحريق قصر سعد بن أبي وقاص لما بلغه أنه احتجب عن الخروج للحكم بين الناس وأمر أيضا بتحريق حانوت رويشد الثقفي الذي كان يبيع الخمر وقال له أنت فويسق ولست برويشد، ومن ذلك أنه أراق اللبن المغشوش، وغير ذلك مما يكثر تعداده، وقال وهذه قضايا صحيحة معروفة، وقال الإمام شمس الدين بن القيم الحنبلي في كتاب الطرق الحكمية قد منع النبي صلى الله عليه وسلم الغال من الغنيمة سهمه وحرق متاعه هو وخلفاؤه ومن بعده ومنع المقاتل من السلب لما أساء شافعه على أمير السرية وعزم على تحريق بيوت تاركي الجمعة والجماعة وأمر بكسر دنان الخمر وبكسر القدور التي طبخ فيها اللحم الحرام وبتحريق الثوبين المعصفرين وسلك أصحابه وخلفاؤه من بعده من ذلك ما هو معروف مشهور فحرق عمر بن الخطاب حانوت الخمار بما فيه وحرق قرية يباع فيها الخمر وحرق قصر سعد بن ابي وقاص لما احتجب في قصره عن الرعية، وسئل أستاذنا الإمام كمال الدين بن الهمام الحنفي عن رجل يجمع في بيته جماعة إلى الفسق فأجاب بما نصه قال الفقهاء رجل أظهر الفسق في داره ينبغي أن يتقدم إليه أبدا للعذر فإن كف لم يتعرض له وإن لم يكف فالإمام مخير إن شاء سجنه وإن شاء ضربه أسواطا وإن شاء أزعجه عن داره، وقد بالغ بعض أشياخنا حيث أمر بتخريب دار الفاسق انتهى، وقال ابن فرحون صرح الحنفية بقتل من لا يزول فساده إلا بالقتل وذكروا ذلك في اللوطي إذا أكثر من ذلك يقتل تعزيرا، وفي معجم الأدباء لياقوت الحموي أن نور الدين الشهيد لما فتح المدرسة الكبيرة بحلب استدعى البرهان البلخي أمام الحنفية في زمانه فألقى فيها الدرس وكان الآذان بحلب على قاعدة الشيعة يزاد(1/14)
فيه حي على خير العمل محمد وعلى خير البشر فلما سمع البلخي ذلك أمر الفقهاء فصعدوا المنارة وقت الآذان وقال لهم مروا المؤذنين يؤذنوا الآذان المشروع ومن امتنع منهم ألقوه من فوق المنارة على رأسه ففعلوا فلم يعد أحد يؤذن على ذلك. وقال ابن كثير في سنة تسع وسبعمائة برزت المراسيم السلطانية المظفرية بيبرس إلى نواب البلاد الساحلية بإبطال الخمور وتخريب الحانات ففعل ذلك وفرح المسلمون فرحا كثيرا ولله الحمد، وقال الذهبي في العبر في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة خرب البازار المعد للفاحشة ببغداد من أوله إلى آخره وما يعلم ما غرم على بنائه إلا الله تعالى من عظمه ولله الحمد، وقال غيره في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة خرب آل ملك نائب السلطنة خزانة النبوذ وأراق خمورها وكانت دار فسق وفجور، وقال الحافظ ابن حجر في أنباء الغمر في سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة شدد منجك نائب الشام على أهل اللهو وأمر بقطع الأشجار الصفصاف التي بين النهرين وبتحريق المكان الذي بالسوق الأعلى وأزال المنكرات منه ومن الذي فوق الجهة وهدم الأبنية والحوانيت التي هناك. قلت وما زال هذا دأب الخلفاء والملوك سلفا وخلفا من عهد الصحابة وهلم جرا. والعلماء يفتونهم بذلك من غير نكير، ومن طالع تواريخ الأمة وقف على ذلك وعلمه علم اليقين، وقد قلت في هذه الواقعة:
يقول ربع الفسق ما مسلم * مما له أرصدت يرضاني
ولا ترى في الناس ذا مسكة * إلا يرى في الوزن نقصاني
وإن يزنى أحد راجحا * فالجاهل اللوطي والزاني
وقلت إن لم يخل مما به * فالشرع فيه هدم ذا الجاني
واستفتى الباني فأفتى بأن * من قال هذا آثم جاني
يا أيها الناس ألا فاسمعوا * مقال حق ليس بالواني
من ذا الذي أولى بتأثيمه * عند محب كان أوشاني
أهادم ربعا بنوه لكي * يعصى به الله أم الباني(1/15)