مهذب
معجم المناهي اللفظية
للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد - وفقه الله-
هذبه
عبد الباسط بن يوسف الغريب
عمان - الأردن
مقدمة
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
فإن أهمية هذا الكتاب من أهمية هذه الأداة "اللسان" لدى الإنسان، إذ على النطق بالشهادتين ينبني الدخول في الإسلام، وفي النطق بِناقِضٍ لهما يكون الخروج منه، ولعظيم أمره جاء في حديث معاذ – رضي الله عنه - : "وهل يكُبُّ الناس في النار على وجوههم – أو قال: على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم"؛ و قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - : "والله الذي لا إله غيره ما على وجه الأرض شيء أحق بطول السجن من اللسان" [رواه وكيع، وأحمد، وابن مبارك، في "الزهد" لكل منهم.
وانظر إلى الرِّقابةِ المتنوعة على اللسان في نصوص القرآن الكريم كقوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ قّ:17- 18].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الفتاوى" " (4/74، 75): "والكلمة أصل العقيدة. فإن الاعتقاد هو الكلمة التي يعتقدها المرء، وأطيب الكلام والعقائد: كلمة التوحيد واعتقاد أن لا إله إلا الله. وأخبث الكلام والعقائد: كلمة الشرك، وهو اتخاذ إله مع الله".
وكتاب الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله "معجم المناهي اللفظية" من أعظم الكتب الجامعة لجملة كبيرة من الألفاظ، والمقولات، الدائرة على الألسن قديماً، وحديثاً، المنهي عن التلفظ بها؛ لذاتها، أو لمتعلقاتها، أو لمعنى من ورائها، كالتقيد بزمان، أو مكان، وما جرى مجرى ذلك من مدلولاتها، ومن ذلك:
ألفاظ منهي عنها في جانب توحيد الله ، وأسمائه ، وصفاته – سبحانه وتعالى - .
ألفاظ منهي عنها في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - .(1/1)
في جانب الوحيين الشريفين: الكتاب والسنة.
في حق الصحابة – رضي الله عنهم – ومن قفى أثرهم، واتبعهم بإحسان رحمهم الله تعالى.
في أحكام أفعال العبيد ، في أبواب الفقه كافة.
في الأدعية والأذكار.
في الرِّقاق والآداب، والمتفرقات.
في السلام والتهاني، والأزمنة، والأمكنة.
فيما غيره النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأسماء والكنى والألقاب.
في الأسماء والكنى والألقاب.
في الاصطلاح.
في اللغات الدخيلة، واللهجات والأساليب المولدة المعاصرة.
في السلوك، والبدع.
وقد ألفه حفظه الله كما ذكر صيانة للتوحيد، وحمايةً له، وحمايةً لحماه، حفظاً للديِّن، والعِرض، والشرف.
ولتتم الفائدة ,قمنا باختصاره, والاقتصار على اللفظ الخاطيء, مع بيان وجه المحذور فيه, ومن نبه عليه من العلماء, وقد حذفنا بعض الألفاظ , وكذلك ما تكرر من الألفاظ والله سبحانه وتعالى نسأله أن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يغفر لنا الزلل والخطأ.
عظم منزلة حفظ اللسان في الإسلام
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه: "الجواب الكافي": (230- 234): "فصل: وأما اللفظات: فحفظها بأن لا يخرج لفظة ضائعة، بأن لا يتكلم إلا فيما يرجو فيه الربح والزيادة في دينه، فإذا أراد أن يتكلم بالكلمة نظر: هل فيها ربح وفائدة أم لا؟ فإن لم يكن فيها ربح أمسك عنها، وإن كان فيها ربح نظر: هل تفوت بها كلمة هي أربح منها؟ فلا يضيعها بهذه، وإذا أردت أن تستدل على ما في القلب، فاستدل عليه بحركة اللسان؛ فإنه يطلعك على ما في القلب ، شاء صاحبه أم أبي.(1/2)
قال يحيى بن معاذ: "القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها "فانظر إلى الرجل حين يتكلم فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه، حلو وحامض، وعذب وأُجاج، وغير ذلك، وبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه، أي كما تطعم بلسانك طعم ما في القدور من الطعام فتدرك العلم بحقيقته، كذلك تطعم ما في قلب الرجل من لسانه، فتذوق ما في قلبه من لسانه كما تذوق ما في القدور بلسانك.
وفي حديث أنس المرفوع: "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه". وسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ فقال: "الفم والفرج". قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقد سأل معاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العمل الذي يدخله الجنة ويباعده من النار فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - برأسه وعموده وذروة سنامه، ثم قال: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ " قال: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه ثم قال: "كف عليك هذا" فقال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على وجوههم – أو على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم". قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ومن العجب: أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنا والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يُشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقى لها بالاً ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب؛ وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول.(1/3)
وإذا أردت أن تعرف ذلك فانظر فيما رواه مسلم في صحيحه من حديث جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أني لا أغفر لفلان؟ قد غفرت له وأحبطت عملك "فهذا العابد الذي قد عبد الله ما شاء أن يعبده أحبطت هذه الكلمة الواحدة عمله كله.
وفي حديث أبي هريرة نحو ذلك ، ثم قال أبو هريرة: تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في نار جهنم". وعند مسلم: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب".
وعند الترمذي من حديث بلال بن الحارث المزني عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه. وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه" وكان علقمة يقول: كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث؟
وفي جامع الترمذي أيضاً من حديث أنس قال: توفي رجل من الصحابة ، فقال رجل: أبشر بالجنة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وما يدريك؟ فلعله تكلم فيما لا يعنيه، أو بخل بما لا ينقصه" قال: حديث حسن.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة يرفعه: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت". وفي لفظ لمسلم : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإذا شهد أمراً فليتكلم بخير أو ليسكت"(1/4)
وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك، قال: " قل آمنت بالله ثم استقم" قلت: يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: "هذا ". والحديث صحيح.
وعن أُم حبيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا أمراً بمعروف، أو نهياً عن منكر، أو ذكر الله عز وجل". قال الترمذي: حديث حسن.
وفي حديث آخر: "إذا أصبح العبد فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول: اتقِّ الله فينا فإنَّما نحن بك، فإذا استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا" . تكفر: أي تخضع وتذل.
وفي اللسان آفتان عظيمتان، إن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى: آفة الكلام، وآفة السكوت، وقد يكون كل منهما أعظم إثماً من الأُخرى في وقتها؛ فالساكت عن الحق شيطان أخرس، عاص لله، مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه. والمتكلم بالباطل شيطان ناطق، عاص لله، وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته؛ فهم بين هذين النوعين، وأهل الوسط – وهم أهل الصراط المستقيم – كفوا ألسنتهم عن الباطل، وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الآخرة؛ فلا ترى أحدهم يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة؛ فضلاً أن تضره في آخرته، وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها، ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله وما اتصل به" انتهى.
كفارة من تلفظ بلفظ منهي عنه:(1/5)
القاعدة الشرعية أن من ارتكب منهياً عنه في الشرع المطهَّر فكفارته التوبة منه، بشروطها المعروفة. ولذا فإن على من فاه بلفظ منهي عنه، أن يستغفر الله ويتوب إليه منه ؛ لعموم قول الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: من الآية31]. وعلى من وقع فيما نهى الله عنه من نزغات الشيطان، أن يستعيذ بالله، فقد أرشد اللهُ عباده إلى ذلك بقوله: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [لأعراف: من الآية200].
وقال – سبحانه - : {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [ آل عمران:135].
"حرف الألف"
"أ"
آشهد: قال الزركشي – رحمه الله تعالى - : "ليتحرز من أغلاط يستعملها المؤذنون: أحدهما: مد الهمزة من أشهد فيخرج من الخبر إلى الاستفهام.
ثانيها: مد الباء من أكبر فينقلب المعنى إلى جمع كبر وهو الطبل.
ثالثها: الوقف على إله ويبتدئ: إلا الله. فربما يؤدي إلى الكفر.
رابعها: إدغام الدال من محمد في الراء من الرسول ، وهو لحن خفي عند القراء.
خامسها: أن [لا] ينطق بالهاء من الصلاة فيصير دعاءً إلى النار.
سادسها: أن يفتح الراء في أكبر الأُولى أو يفتحها ويسكن الثانية.
سابعها: مد الألف من اسم الله ومن الصلاة والفلاح ، فإن مده مدّاً زائداً على ما تكلمت به العرب لحن. قال أبو الفتح عبد الواحد بن الحسين المغربي: الزيادة في حرف المد واللين على مقدارها لكنة وخطأ.
ثامنها: قلب الألف هاءً من الله .."انتهى.
آلهة: قال ابن حجر: "وفيه الآلهة: أي الأصنام، وأطلق عليها الآلهة باعتبار ما كانوا يزعمون. وفي جواز إطلاق ذلك وقفة. والذي يظهر كراهته"اهـ .(1/6)
آمنت برسولِكَ الذي أرسلت "في الدُّعاء عند النوم": عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم إنِّي أسلمت وجهي إليك – إلى أن قال – آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت ..". قال: فردَّدتهن لأستذكرهن، فقلت: آمنت برسولك الذي أرسلت، قال - صلى الله عليه وسلم -: "قل: آمنت بنبيك الذي أرسلت" [رواه مسلم والترمذي وغيرهما].
آه: الأنين، أو التأوه، نحو "آه" أو "أوَّه" على قسمين: في الصلاة، أو خارجها، أما في الصلاة فتبطل به، عند الشافعية وأحمد وغيرهم. وقال أبو حنيفة، وصاحباه، ومالك: إن كان لخوف الله تعالى لم تبطل صلاته، وإلا بطلت. وقال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : "والتحقيق أن الأنين على قسمين: أنين شكوى، فيُكره، وأنين استراحة وتفريج، فلا يكره، والله أعلم" إلى آخره. وأما جعل "آه" من ذكره الله، كما روى عن السري السقطي، فهو من البدع المنكرة.
آوى أبو بكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طريداً وآنسه وحيداً: سُئِل العز بن عبد السلام – رحمه الله تعالى – عمن قال ذلك، فأجاب: "من زعم أن أبا بكر - صلى الله عليه وسلم - آوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طريداً فقد كذب، ومن زعم أنّه آنسه وحيداً فلا بأس بقوله والله أعلم" اهـ .
أألِجُ: جاء النهي عنه في "مسند" أحمد ، وسنن أبي داود، والترمذي. وعن عمرو بن سعيد الثقفي: أن رجلاً استأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أألج؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لأمةٍ يقال لها: روضة: "قومي إلى هذا فعلِّميه، فإنه لا يحسن يستأذن، فقولي له يقول: السلام عليكم أأدخل؟" فسمعها الرجل، فقال: أأدخل.(1/7)
آية: بيَّن الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله تعالى – أنه لا يجوز إطلاقها على ما في الكتب السابقة على القرآن الكريم "لأن الآية لا تطلق إلا على آية القرآن الكريم؛ لأنه اصطلاح إسلامي صِرْف، مأخوذ من معنى الإعجاز، ولم توصف الكتب السابقة بالإعجاز، ولم تكن موضعاً لتحدي الأُمم، وتعجيزها".
آية الله: ليس اسماً للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يلقب به، فكيف بغيره - صلى الله عليه وسلم -؟
أب: من الإلحاد في أسماء الله سبحانه وتعالى: تسمية النصارى لله تعالى "أبا" وتجد هذا بسطاً في تفسير قوله تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. وعند تفسير قول الله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} من سورة الأحزاب، يذكر المفسرين حكم إطلاق "أب" على النبي - صلى الله عليه وسلم - فليحرر.
الأب: في حكم إطلاقه على غير الأب لصلب. هذا مما سُئِل عنه ابن الصلاح فأجاب عنه – رحمه الله تعالى: قال الله تعالى: {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ}، وإسماعيل من أعمامه، لا من آبائه، وقال سبحانه: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ}، وأمه قد كان تقدم وفاتها، قالوا: والمراد خالتُهُ، ففي هذا: استعمال الأبوين من غير ولادة حقيقية، وهو مجاز صحيح في اللسان العربي، وإجراء ذلك في النبي - صلى الله عليه وسلم -، والعالم، والشيخ، والمريد: سائغ من حيث اللغة، والمعنى، وأما من حيث الشرع، فقد قال – سبحانه وتعالى - : {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}، وفي الحديث الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد، أُعلِّمُكم". فذهب بعض علمائنا إلى أنه لا يُقال فيه - صلى الله عليه وسلم -: أنه "أبو المؤمنين" وإن كان يُقال في أزواجه: "أُمهات المؤمنين". وحجته ما ذكرت.(1/8)
فعلى هذا، فيقال: هو مثل الأب أو كالأب أو بمنزلة أبينا. ولا يُقال: هو أبونا أو والدنا. ومن علمائنا من جوَّز، وأطلق هذا أيضاً، وفي هذا للمحقق مجال بحث يطول. والأحوط: التورع، والتحرز عن ذلك.
الأبد: في مبحث أسماء الله سبحانه وتعالى من كتاب: "تيسير العزيز الحميد"، بعد تقرير أنها توقيفية، وسياق حديث الترمذي، قال: "وما عدا ذلك ففيه أسماء صحيحة ثابتة، وفي بعضها توقف، وبعضها خطأ محض، كالأبد، والناظر، والسامع، والقائم، والسريع، فهذه وإن ورد عدادها في بعض الأحاديث فلا يصح ذلك أصلاً، وكذلك: الدَّهر، والفعَّال، والفالِق، والمخرج، والعالم، مع أن هذه لم ترد في شيء من الأحاديث ... الخ" .
أبقاك الله: قال السفاريني : قال الخلال في "الآداب": كراهية قوله في السلام: أبقاك الله. أخبرنا عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل قال: رأيت أبي إذا دُعي له بالبقاء يكرهه. يقول: هذا شيء قد فرغ منه. وذكر شيخ الإسلام - رحمه الله - : أنه يكره ذلك، وأنه نص عليه أحمد وغيره من الأئمة. واحتج له بحديث أُم حبيبة لما سألت أن يُمتِّعها الله بزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبأبيها أبي سفيان، وبأخيها معاوية، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّكِ سألت الله لآجال مضروبة، وآثار موطوءة، وأرزاق مقسومة، لا يعجل منها شيء قبل حله، ولا يؤخر منها شيء بعد حله، ولو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار، وعذاب في القبر كان خيراً لك" [رواه مسلم].
أبقيتُ لأهلي الله ورسوله: في مبحث صدقة المرء بماله كله من كتاب "زاد المعاد" قال: "فمكّن أبا بكر الصدِّيق - رضي الله عنه - من إخراج ماله كله، وقال: "ما أبقيت لأهلك؟" فقال: أبقيت لهم الله ورسوله. اهـ .(1/9)
قلت: وهذا إنما هو في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - أما بعد وفاته فلا، وذلك – والله أعلم – أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد انتقل إلى جوار ربه، فالبقاء إنما هو للهِ سبحانه وتعالى؛ ولهذا يصح في قول أحدنا أن يقول: أبقيتُ لأهلي الله سبحانه وتعالى، والله أعلم.
ابن بَهْلل: يُقال للذي لا يعرف نسبه. فرمي إنسان به قذف له.
ابن الدَّموك: هو: ولد الزنا ... فإطلاقه قذف.
أبناء درزة: هم السفلة الذين لا خير فيهم، ويُقال للأرذال: هم أولاد درْزة.
أبو حاجب: هو كناية في قذف الآدمي، يُراد به أنه ولد زنية.
أبو الحكم: حديث: المقدام بن شريح بن هانئ لما وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قومه، سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن الله هو الحكم ، وإليه الحكم ، فلِم تكنى أبا الحكم؟" فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أحسن هذا، فمالك من الولد؟". قال: شريح، ومسلم، وعبد الله، قال: "فمن أكبرهم؟". قلت شريح، قال: "فأنت أبو شريح" [رواه أبو داود والنسائي، والبخاري في: "الأدب المفرد" بإسناد صحيح].
أبو عيسى: كره جماعة من السلف: الكنية بها، وأجازها آخرون من العلماء. وحجة القائلين بالكراهة: ما رواه أبو داود، وابن شبّة، وعبد الرزاق، والبخاري في "الأدب المفرد"، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من إنكاره على من تكنى بأبي عيسى، فمنهم: ابنه عبد الرحمن، والمغيرة بن شعبة. وقال - رضي الله عنه -: وهل لعيسى من أب؟.
أبو فلان: في التكني عدة أبحاث:
استحباب تكنية الرجل بأكبر أولاده، وكنية النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أبو القاسم" أكبر أولاده - صلى الله عليه وسلم -.(1/10)
تكنية الرجل والصبي قبل أن يُولد له، وقد ترجم البخاري – رحمه الله تعالى – في "صحيحه" بقوله: باب الكنية للصبي، وقبل أن يولد للرجل. وذكر حديث: "يا أبا عمير ما فعل النغير"، مشيراً بذلك إلى الرد على من قال بالمنع.
جواز تكنية الرجل بأبي فلانة، وأبي فلان، والمرأة بأُم فلان، وأُم فلانة. قال النووي: اعلم أن هذا كله لا حجْر فيه.
تكنية الرجل الذي له أولاد بغير أولاده . قال النووي – رحمه الله تعالى: هذا باب واسع لا يحصى من يتصف به ولا بأس بذلك.
تكنية المرء نفسه، وهي مكروهة إلاَّ أن يقصد التعريف كما قرره الحافظ ابن حجر .
النهي عن التكنى بِكُنى مخصوصة، ويأتي ذكرها بعد هذا، إن شاء الله تعالى .
تكنية الكافر والمبتدع، والفاسق. ما الكافر فلا تجوز تكنيته بكنى المسلمين، ولا تكنيته على سبيل التعظيم.
أبو القاسم: عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، فإنما أنا أبو القاسم أقسم بينكم" [رواه مسلم].
وذكر الخلاف ابن القيم في التكني بأبي القاسم على أقوال أربعة، ثم قال: "والصواب أن التسمي باسمه - صلى الله عليه وسلم - جائز. والتكني بكنيته ممنوع منه. والمنع في حياته أشد. والجمع بينهما ممنوع منه. والله أعلم".
أبو مرة: كنية الشيطان وهذه الكنية لإبليس ذكرها الأشبيلي في "آكام المرجان"، كما ذكر له كنية أُخرى هي: أبُوْ كدُّوْس. وذكر ابن الأثير له من الكنى: أبو الكروَّس، أبو ليلى، أبو مخلَّد، أبو قترة، أبو مرة قال: وهو أشهرها، أبو الجن.
والعجيب أن تكنية إبليس – لعنة الله – بأبي مرة موجودة عند أهل قطرنا في الديار النجدية عند الغضب والتراشق. والتسطير لها هنا؛ للإيقاظ، بالتوقي عن تكنية المسلم بها. والله أعلم.(1/11)
أبيار علي: وقت النبي - صلى الله عليه وسلم - المواقيت، ومنها: ميقات أهل المدين : "ذو الحليفة"، وهو واد يقع على حافة وادي العقيق على يمين الذاهب إلى مكة مع طريق الهجرة "المُعَبَّد"، ويكون "جبل عيْرٍ" - وهو حد المدينة جنوباً – على يساره، ولا يزال هذا الميقات معروفاً بالاسم إلى هذا اليوم، ويعرف أيضاً باسم: "آبار علي" أو: "أبيار علي"، وهي تسمية مبنية على قصة مكذوبة، مختلقة موضوعة، هي : أن علياً - رضي الله عنه - قاتل الجن فيها. وهذا من وضع الرافضة – لا مسَّاهم الله بالخير ولا صبَّحهم - .
إتاوة: ساق الجاحظ جملة ألفاظ من أمر الجاهلية تركها الناس، فقال: "ما ترك الناس من ألفاظ الجاهلية": ترك الناس مما كان مستعملاً في الجاهلية أُموراً كثيرة، فمن ذلك تسميتهم للخراج: إتاوة، وتركوا أنعم صباحا وأنعم ظلاماً, كما تركوا أن يقولوا للملك أو السيد المطاع أبيت اللعن.(1/12)
الأجانب: في مقال حافل شمل عدة ألفاظ معاصرة، جاء في مجلة "البعث الإسلامي" بعنوان : "التغريب يشمل الألفاظ" للأستاذ على القاضي مما جاء فيه: "المجتمع الإسلامي في الماضي كان يستعمل ألفاظاً تحمل مدلولات إسلامية، لا يختلف أحد في فهمها ولا في استعمالها، ولا تدور المناقشات حولها. ثم جاء الاستعمار العسكري للبلاد الإسلامية الذي تبعه الاستعمار الفكري ، فعمل على تغيير الألفاظ، وتغيير مدلولاتها، فيسير المسلمون في اتجاه الحضارة الغربية، ويتركون الحضارة الإسلامية. لقد دعا الغربيون إلى استعمال اللغات العامية بدلاً من استعمال اللغة العربية بحجة أو بأخرى، ولم ينجحوا كثيراً في هذا الاتجاه، ثم بدأوا يغيرون التعبيرات التي لها حيوية إسلامية، ومدلولات تحرك المشاعر والسلوك، إلى تعبيرات أٌخرى لها مدلولات أُخرى. ومن هذه التعبيرات: الأجانب: بدلاً من الكُفِّار. الحرب: بدلاً من الجهاد. التراث: بدلاً من الإسلام. المساعي الحميدة: بدلاً من الصلح بين طائفتين من المسلمين. الوطنية والقومية: بدلاً من الإسلامية.
واستعملت كلمة الحرب، بدلاً من الجهاد: لأن الجهاد يعطي ظلاله الإسلامية فهو حرب ضد أعداء الإسلام، وهو جهاد في سبيل الله تعالى، ومن يقتل في سبيل الله فإنه شهيد.
واستعملت كلمة التراث: فأصبح المسلم يحس بأن القرآن والسنة من التراث ، كأي شيء آخر، وبذلك لم يعد لهما أهمية كبرى، والمسلم لذلك لا يعتز به الاعتزاز الكامل – وقد لا يخطر ببال المسلم القرآن والسنة، بل الكتب الصفراء – وحينئذ يرى أن هذا التراث بالٍ، وأن التمسك به رجعية، وما ينسحب على الكتب الصفراء ينسحب مع الزمن إلى القرآن الكريم والسنة النبوية.
ومن الممكن أن نستغني عن التراث أو بعضه. ولكن ليس من الممكن أن نستغني عن الإسلام ولا عن القرآن والسنة.
واستعملت كلمة المساعي الحميدة: بدلاً من الصلح بين طائفتين من المسلمين.(1/13)
أجداد المؤمنين: قال الكرماني: "أُم المؤمنين" مقتبس من قوله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}، قال العلماء: أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أمهات المؤمنين، في وجوب احترامهن وتحريم نكاحهن، لا في جواز الخلوة، والنظر، وتحريم نكاح بناتهن. وهل يُقال لإخوانهن، وأخواتهن: خالات وأخوال المؤمنين، ويقال: لبناتهن: أخوات المؤمنين؟. فيه خلاف. ولا يقال لآبائهن وأُمهاتهن: أجداد وجدات المؤمنين.
وهل يقال: أنهن "أمهات المؤمنات"؟ مبني على الخلاف المعروف في الأُصول: هل يدخل النساء في خطاب الرجال؟
الأجدع: الأجدع من أسماء الشيطان.
الأجر على قدر المشقة: هذه العبارة من أقاويل الصوفية، وهي غير مستقيمة على إطلاقها، وصوابها: "الأجر على قدر المنفعة"، أي منفعة العمل وفائدته كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وغيره.
الأجلُّ: يجري في بعض المكاتبات: إلى فلان الأجلّ، أي: بالنسبة للأحياء من المخلوقين، فهو نِسْبِيٌ والورع تركها. وقد سئل عنها الشيخ محمد بن إبراهيم، فأجاب بقوله: لا يجوز.
إحْ إحْ: التنحنح من المأموم عند إطالة الإمام القراءة، أو لينبه داخلاً، وهكذا. وهذا منكر.
أحد : ذكر الحافظ ابن حجر بحثاً عن القاضي عياض في: الأحد، والواحد، وأحد، فقال: وقيل: لا يُقال: "أحد" إلا لله تعالى، حكاه جمِيْعه عياض، ا هـ .
أحل الله كذا: قال ابن القيم: "ومن الألفاظ المكروهة ... أن يقول المفتي: أحلَّ الله كذا، وحرَّم الله كذا، في المسائل الاجتهادية، وإنَّما يقول فيما ورد النص بتحريمه.(1/14)
أحبائي في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: جاءت الشريعة بالمحبة في الله – تعالى – وهي الدارجة على لسان السلف، والمحبة هي ركن المِلّة، ومن أوجب الواجبات محبة ما يحبه الله، وبغض ما يكرهه الله، ولا يكون إيمان عبد إلاّ بمحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإتِّباعه، وتوقيره، وتعظيمه، وتبجيله، على رَسْم الشرع المطهَّر، مع مراعاة مجافاة الغلو والإفراط، ومن ذلك قول بعضهم: "أحبائي في رسول الله"، فقل: أحبائي في الله، قفواً لأثر السلف، وبعداً عن الغلو.
أحمد "تسمية الحيوان به": قبَّح الله الكفر، والكافرين، وإلى الله الشكوى من فسقة المسلمين، ما أسرع مبادراتهم في التقاط غثائيات الكفرة، والملحدين، ومنها: أنه قد شاع في التقاليد الغربية، اتخاذ الكافر له صديقاً من كلب، أو قرد أو نحوهما من الحيوانات، فيقوم بخدمته، ويكون أليفة، وجليسه، ورفيقه، وصديقه، ويكون لديه من الخدمة له والبِرِّ فيه، ما لا يكون من ولد لوالده، حتى بلغ الحال إلى إجراء الوصية منه لكلبه بماله، أو بكذا من الما .
ومن الحفاوة به، أنه يختار له اسماً بارزاً، لشخصية مهمة لديهم.
والمهم هنا أنه سرى إلى من شاء من فسقة المسلمين، اقتناء كلب، أو قرد أو قِطٍّ، والاهتمام به، وربما كان من بهيمة الأنعام، واقتفاء أثر الغرب بما يصنع، فيسمي المسلم كلبه باسم: "محمد" أو "أحمد" أو "عبد الله"، وهكذا من أسماء المسلمين، وما كنت أظن هذا، لولا أنني وقفت على حقيقة الأمر.
أحمد محمد: التسمية بهما على التركيب لذات واحدة، مراداً بالأول: التبرك، والثاني: العلمية. هذا من بداة الأعاجم وأوابدهم، وما حلَّ في جزيرة العرب إلاَّ بحلول مفاريد منهم.
الأحوال الشخصية: اصطلاح قانوني يطلق على أحكام النكاح وتوابعه. وفي إبطاله: انظر: "المواضعة في الاصطلاح": لراقمه، وهي في المجلد الأول: من "فقه النوازل".(1/15)
أخبرني قلبي بكذا: قال القرطبي عند تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} الآية.
قلت: ومن هذا النمط من أعرض عن الفقه والسنن وما كان عليه السلف من السنن، فيقول: وقع في خاطري كذا، وأخبرني قلبي بكذا، فيحكمون بما يقع في قلوبهم ويغلب عليهم في خواطرهم، ويزعمون أن ذلك لصفائها من الأكدار وخلوها من الأغيار فتجلى لهم العلوم الإلهية والحقائق الربانية .. إلى آخره، وهو مهم.
أُختِي : يقولها الزوج لزوجته .. وكان عمر - رضي الله عنه - يضرب من يدعو امرأته: أخته، وقد جاء في ذلك حديث مرفوع رواه أبو داود: أن رجلاً قال لامرأته: يا أخته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "أختك هي؟ إنما جعل إبراهيم ذلك حاجة لا مزاحاً" اهـ .
الأخ في إطلاقه على النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال صديق حسن خان رحمه الله: "وأطلق - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث لفظ: الأخ، على نفسه المقدسة، ومثله في الكتاب العزيز في حق الأنبياء كثيرٌ طيِّبُ. وليس في هذا الإطلاق استخفافٌ له - صلى الله عليه وسلم - كما زعم بعض الجهلة من الأُمة. قال بعض أهل العلم في معنى هذا الحديث: يعني أن بني الإنسان كلهم إخوة فيما بينهم" ا هـ .
قلت: وهِل الشيخُ صديق – رحمه الله تعالى – فإنه ليس في الحديث إطلاقه من الصحابي في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -. وإنما أطلقه النبي - صلى الله عليه وسلم - على نفسه. فليحرر.
اخْسأ كلْب بن كلْب: في سبِّ الكلب.(1/16)
في "شرح الإحياء" للزبيدي ذكر في النهي عن الغيبة لحظ النفس: قول السبكي، فقال: "قال تاج الدِّين – أي السبكي - : كنت جالساً بدهليز دارنا، فأقبل كلب، فقلت: اخسأ كلْب بن كلب، فزجرني الوالد من داخل البيت. فقلت: أليس هو كلب بن كلب؟ قال: شرط الجواز عمد قصد التحقير، فقلت: هذه فائدة" انتهى .
الإخشيد: قال الزبيدي: "الإخْشِيد – بالكسر - : ملك الملوك، بلغة أهل فرغانة، وذكره السيوطي في "تاريخ الخلفاء" انتهى.
أخطأ: حكم قولها للمجتهد: قرر شيخ الإسلام ما خلاصته: أن لفظ الخطأ فيه إجمال مانع من فهم المراد: فلفظ الخطأ قد يُراد به الإثم، وقد يُراد به عدم العلم.
أخطئ مع الناس ولا تصب وحدك: ومثله عند أهل اللغة: خطأٌ مشهور خيْرٌ من صواب مهجور.
قلت: وفي أمثلة بلاد الشام: ضع رأسك بين الروس وقل يا قطاع الرؤوس. وكلاهما خطأ، فالحق أحق أن يتبع، فكن مع الحق وإن كنت وحدك، فليست العبرة بكثرة السالكين، وإنما العبرة بمن كان على الصراط المستقيم.
ادْعُ لنا: الأصل جواز طلب المسلم الدعاء له من مسلم آخر؛ لأنه أمر في مقدور المخلوق، كما بَّينه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في مواضع من "الفتاوى: 1/132، 133، 326، 329".
وطلب الدعاء من الغير: لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فيه تفصيل في أن على طالب الدعاء له من غيره أن يكون مقصده نفعه، ونفع الداعي؛ بتكثير أجره على الدعاء له، وأن لا يطلب الدعاء له مقابل معروف بذله له، وأن يكون الطلب من أهل الخير والصلاح.
وقد توسع الناس في طلب الدُّعاء من الغير، وبخاصة عند الوداع: "ادعُ لنا"، "دعواتك"، حتى ولو كان المخاطب به فاسقاً ماجناً. وقد جاء عن بعض السلف كراهته.(1/17)
قال ابن رجب: "وكان كثير من السلف يكره أن يُطلب منه الدعاء، ويقول لمن يسأله الدعاء: أي شيء أنا؟ وممن روي عنه ذلك عمر بن الخطاب وحذيفة بن اليمان – رضي الله عنهما – وكذلك مالك بن دينار. وكان النخعي يكره أن يُسأل الدعاء. وكتب رجل إلى أحمد يسأله الدعاء، فقال أحمد: إذا دعونا نحن لهذا، فمن يدعو لنا؟
إرادة الشعب من إرادة الله: في "الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة" في جواب السؤال السابع والتسعين: أيجوز إطلاق هذه المقالة: "إرادة الشعب من إرادة الله"؟، فأجاب مؤلفها الشيخ عبد الرحمن الدوسري بقوله: "هذا افتراء عظيم تجرأ به بعض الفلاسفة ومنفذيها جرأةً لم يسبق لها مثيل في أي محيط كافر في غابر القرون، إذْ غاية ما قص الله عنهم التعلق بالمشيئة بقولهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ}. فكذَبهم الله، وهؤلاء جعلوا للشعب الموهوم "إرادة الأمر" لتبرير خططهم التي ينفذونها، ويلزم من هذا الإفك إفساد اللوازم المبطلة له، والدامغة لمن قاله، إذ على قولهم الفاسد يكون للشعب أن يفعل ما يشاء، ويتصرف في حياته تصرف من ليس مقيداً بشريعة وكتاب، بل على وفق ما يهواه، وعلى أساس المادة والشهوة والقوة، كالشعوب الكافرة التي لا تدين بدين يقبله الله، ولا ترعى خلقاً ولا فضيلة". إلى آخر ما ساقه في هذا المعنى. والله أعلم.
أرى الله أمير المؤمنين: قال سفيان الثوري: حدَّثنا أبو إسحاق الشيباني، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: كتب كاتب لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: هذا ما رأى الله ورأى عمر، فقال: بئس ما قلت، قل: هذا ما رأى عمر، فإن يكن صواباً فمن الله، وإن يكن خطأ فمن عمر. انتهى.(1/18)
أرْغم الله أنفك: أما قول المسلم لها لنفسه، أو في حق مسلم، فقد قال ابن القيم: "قال يحيى بن إبراهيم الطليطلي المتوفى سنة "259هـ" في كتاب "سِير الفقهاء" وهو كتاب جليل غزير العلم: حدَّثني عبد الملك بن حبيب، عن عبد الله بن المغيرة، عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كانوا يكرهون قول الرجل: يا خيبة الدهر، وكانوا يقولون: الله هو الدهر. وكانوا يكرهون قول الرجل: رغم أنْفِي الله، وإنما يرغم أنف الكافر. وكانوا يكرهون قول الرجل: لا والذي خاتمه على فمي، وإنما يختم على فم الكافر. وكانوا يكرهون قول الرجل: والله حيث كان، أو: أن الله بكل مكان" انتهى.
الأزلي: إطلاقه على الله تعالى لم يأت به نص؛ فيمتنع جعله اسماً لله سبحانه.
أسألك بمعاقد العزِّ من عرشك: يُروى عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه دعا به. قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع بلا شك، وإسناده مخبط، وفي إسناده عمر بن هارون. قال ابن معين فيه: كذاب، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المعضلات، ويدَّعي شيوخاً لم يرهم، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن القراءة في السجود.
استأثر الله به: عن مجاهد أنه كره أن تقول للميت: "استأثر الله به". رواه ابن أبي الدنيا.
أًساف: ومن الأسماء المحرَّم على المسلمين التَّسمَّي بها: التسمية بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله تعالى. ومنها: اللات، العزى، مناة، أساف، نائلة، هبل.
استجرت برسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الاستجارة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - استجارة بمخلوق، وهي على ثلاثة أنواع:
استجارة به - صلى الله عليه وسلم - في حياته فيما يقدر عليه من أمور الدنيا، فهذا جائز.
استجارة به في حياته فيما لا يقدر عليه، وهو من خصائص الله سبحانه، فهذا شرك أكبر يحرم عمله، أو إقراره.
استجارة به بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -، فهذا شرك أكبر مخرج عن الملة يحرم على المسلم عمله، أو إقراره.(1/19)
استقر على العرش: نسب بعض الأفَّاكين إلى شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يثبت استقرار الله على العرش. وهذه النسبة افتراء عليه ومعتقده معلوم مشهور من إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - بلا تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، ومنه: إثبات استواء الله على عرشه كما يليق بجلاله.
أستغفر الله: "استغفار المسلم للمشرك": قال النووي: "يحرم أن يُدْعى بالمغفرة ونحوها لمن مات كافراً، قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}. وقد جاء الحديث بمعناه. والمسلمون مجمعون عليه" انتهى. استووا: يحصل الغلط في هذا اللفظ من جهتين: الأُولى: فتح الواو، فيكون إخباراً، وحقه الضم ليكون أمراً للمصلين بتسوية صفوفهم للصلاة. والثانية: اقتصار بعض الأئمة على هذا اللفظ في تسوية الصف، دون تحقيق المراد من استواء الصف بما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله، ويُؤكد عليه، ويهْدِيْ إليه.
أسد الدين: المتحصل من كلام أهل العلم في التلقيب مضافاً إلى الدِّين، سواء للعلماء، أو السلاطين، أو خلافهم من المسلمين، أو غيرهم، ما يلي:
أولاً: أن هذا من محدثات القرون المتأخرة، من واردات الأعاجم على العرب المسلمين، فلا عهد للقرون المفضلة بذلك، لاسيما الصدر منها.
ثانياً: حرمة تلقيب الكافر بذلك.
ثالثاً: ويلحق به تلقيب المبتدع، والفاسق والماجن.
رابعاً: وفيما عدا ذلك مختلف بين الحرمة والكراهة والجواز، والأكثر على كراهته، والله أعلم.(1/20)
إسرائيليون: للشيخ عبد الله بن زيد آل محمود رسالة باسم: "الإصلاح والتعديل فيما طرأ على اسم اليهود والنصارى من التبديل"، فيها تحقيق بالغ بأن "يهود" انفصلوا بكفرهم عن بني إسرائيل زمن بني إسرائيل، كانفصال إبراهيم الخليل - عليه السلام - عن أبيه آزر، والكفر يقطع الموالاة بين المسلمين والكافرين، وكما في قصة نوح مع ابنه؛ ولهذا فإن الفضائل التي كانت لبني إسرائيل ليس ليهود منها شيء؛ ولهذا فإن إطلاق اسم بني إسرائيل على "يهود" يكسبهم فضائل ويحجب عنهم رذائل، فيزول التميز بين بني إسرائيل وبين "يهود" المغضوب عليهم، الذين ضربت عليهم الذلة والمسكنة.
كما لا يجوز إبدال اسم "النصارى" بالمسيحيين نسبة إلى أتباع المسيح - عليه السلام -، وهي تسمية حادثة لا وجود لها في التاريخ، ولا استعمالات العلماء؛ لأن النصارى بدَّلُوا دين المسيح وحرَّفوه، كما عمل يهود بدين موسى - عليه السلام -. وهذه تسمية ليس لها أصل، وإنَّما سمّاهم الله "النصارى"" لا "المسيحيين": {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}.
ولكفر اليهود والنصارى بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - صار التعبير عنهم بالكافرين ، قال الله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} الآية.
إن "يهود" علمٌ لمن لم يؤمن بموسى - عليه السلام -، فأما من آمن به فهم "بنو إسرائيل" ولهذا فهم يشمئزون من تسميتهم بهذا "يهود".
إسرافيل: في مبحث الأسماء المحرمة والمكروهة في حق الآدميين، من كتاب "تحفة المودود في أحكام المولود" قال: "ومنها أسماء الملائكة، كجبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، فإنه يكره تسمية الآدميين بها، قال أشهب: سئل مالكٌ عن التسمي بجبريل، فكره ذلك ولم يعجبه.(1/21)
أسْقطت آية كذا: قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى -: "وقد أخرج ابن أبي داود من طريق أبي عبد الرحمن السلمي قال: لا تقل: أسقطت آية كذا، بل قل: أغفلت. وهو أدب حسن" ا هـ.
الإسلام: هل يطلق هذا اللفظ الشريف العظيم على كل دين حق، أو يختص بهذه الملة الشريفة "الإسلام" الذي بعث الله به خاتم الأنبياء والمرسلين محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ فالدَّين الذي جاء به "الإسلام" مُخْتصٌّ بهذا الاسم، واختص أهله باسم: "المسلمين". في هذا أقوال ثلاثة:
العموم.
الخصوص.
اختصاصه بهذه الملة وبالأنبياء من قبل فقط، ولا يمتد ذلك إلى مللهم وأُمملهم. وهو الذي عليه المعول. والله أعلم.
الاسم غير المسمى: ما نطق الصحابة – رضي الله عنهم – في قضية الاسم والمسمى ومضى أمر الأمة على السَّداد، والتزام نصوص الكتاب والسنة، ولما ذرَّ قرن الفتن الكلامية، وفاهت المعتزلة والجهمية بمذهبهم الكفري الضال، ومنه: "أن أسماء الله مخلوقة" رفضهم الناس، ونفروا منهم، وقام العلماء باطلهم وفضحوا كفر مقالاتهم، حينئذٍ غلَّفوا مقالاتهم هذه بعبارة: "الاسم غير المسمى" وفلسفتهم في هذا: أنه إذا كان الاسم غير المسمى جاز أن يكون مخلوقاً، فصاروا يمتحنون الناس في عقائدهم بهذا السؤال البدعي: هل الاسم هو المسمى أو غيره؟ فمن قال هو غير المسمى، لزمه في اعتقادهم: أن الاسم مخلوق.
فقامت حجج الله وبيناته على ألسنة علماء أهل السنة والجماعة على منع الإطلاقين فلا يُقال: الاسم هو المسمى، ولا الاسم غير المسمى، وإنما يُقال كما قال الله – سبحانه - : {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}. واختار جمع من أهل السنة أن الاسم هو المسمى.
وقال ابن جرير الطبري: "الاسم للمسمى" وصار إليه خلق من العلماء؛ لموافقته للكتاب والسنة والمعقول.(1/22)
اشتراكية الإسلام: ألَّف العالم الفاضل: مصطفى السباعي – رحمه الله تعالى – كتاباً باسم "اشتراكية الإسلام"، وقد تعقبه الشيخ محمد الحامد – رحمه الله تعالى – ببعض ما فيه في كتاب سماه: "نظرات في كتاب "اشتراكية الإسلام". ومما انتقده عليه: هذه التسمية، فقال: "هذا وإنِّي آخذ على فضيلة الدكتور السباعي قبل كل شيء تسميته كتابه باسم: اشتراكية الإسلام. وإن كان قد مهّد لها تمهيداً، وبرر لها بما يسلك في نفس قارئه، لكنه – وفقه الله – لو فطن إلى أن العناصر اليسارية التي يدافعها أهلُ العلم الديني وقايةً لدين الله، وحمايةً له من تهديماتها، وبين الفريقين معركة فكرية مستعرة الأوار، وقد طارت هذه العناصر فرحاً بهذه التسمية، تستغل بها عقول الدهماء التي لا تدرك هدفه من اختياره لهذا الاسم؛ أقول: لو فطن لهذا؛ لكان له نظر في هذه التسمية ولاختار لكتابه اسماً آخر يحقق له مراده في احتراز من استغلال المضللين.
الإسلام هو الإسلام وكفى، هو هو، بعقائده، وأحكامه العادلة الرحيمة، فالدعوة إليه باسمه المحض أجدى وأولى من حيث إنه قِسْمٌ برأسه، وهو شرع الله العليم الحكيم" اهـ .
أشهد أن موحامداً رسول الله: قال مهنا: سمعت رجلاً يسأل أحمد بن حنبل، فقال: ما تقول في القراءة بالألحان؟ فقال أبو عبد الله: ما اسمك؟ فقال: محمد، قال: أيسرك أن يُقال لك: يا موحامدا – ممدوداً - ؟.
أشهد بشهادة الله: عن ابن سيرين: أن رجلاً شهد عند شريح، فقال: أشهد بشهادة الله، فقال له شريح: "لا تشهد بشهادة الله، ولكن اشهد بشهادتك، فإن الله لا يشهد إلا على حق". رواه ابن أبي الدنيا.
اشهدوا له بالخير: عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ""أيّما مُسلم شهد له أربعة بخير، أدخله الله الجنة" قلنا: وثلاثة؟ قال: "وثلاثة" قلنا: واثنان؟ قال: ""واثنان"، ثم لم نسأله في الواحد. [رواه البخاري، وغيره].(1/23)
فهذا الحديث، وما في معناه، هو في حق من شهد له اثنان فأكثر من المسلمين الصالحين، العارفين بحاله من أنفسهم، لا أن يُستشهد له، فيطلب من مشيعيه الشهادة له؛ ولهذا فإن ما يجري في بعض الأمصار من قول بعض الناس بعد الصلاة على الميت: اشهدوا له بالخير، فيقولون: من أهل الخير، أو صالح، فهو بدعة لا عهد للسلف بها. ومن الفهوم المغلوطة في فهم السُّنن.
أصْرم: عن أُسامة بن أخدري - رضي الله عنه -: أنَّ رجلاً يُقال له: أصرم، كان في النفر الذين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما اسمك؟" قال: أنا أصرم، قال: "بل أنت زرعة". [رواه أبو داود في سننه].
قال الخطابي: إنما غير اسم: الأصرم، لما فيه من معنى الصّرم، وهو القطيعة، يقال: صرمْتُ الحبل، إذا قطعته، وصرمت النخلة، إذا جذذت ثمرتها اهـ .
أُصلِّيْ نصِيْب الليل: سُئِل شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – عن رجل إذا صلى بالليل ينوي، ويقول: أُصلى نصيب الليل. فأجاب: "هذه العبارة "أُصلي نصيب الليل"، لم تنقل عن سلف الأُمة، وأئمتها، والمشروع أن ينوي الصلاة لله، سواء كانت بالليل أو النهار، وليس عليه أن يتلفظ بالنية، فإن تلفظ بها وقال: أُصلى لله صلاة الليل، أو: أُصلى قيام الليل، ونحو ذلك؛ جاز، ولم يستحب ذلك، بل الاقتداء بالسنة أولى، والله أعلم" اهـ .
أصول وفروع: هذا التفريق ليس له أصل لا عن الصحابة – رضي الله عنهم – ولا عن التابعين لهم بإحسان، ولا أئمة الإسلام، وإنما هو مأخوذ من المعتزلة، وأُمثالهم من أهل البدع، وعنهم تلقاه بعض الفقهاء.
وهو تفريق متناقض، ولا يمكن وضع حد بينهما ينضبط به.(1/24)
ولشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - ، وابن القيم – رحمه الله تعالى – مباحثُ مهمةٌ في نقض هذا التفريق. بما خلاصته: أنه انتشر في كلام المتقدمين أن أحكام الشريعة منقسمة إلى أُصول وفروع، ويقصدون بالأصول: ما يتعلق بالعقيدة، وما عُلِم من الإسلام بالضرورة، وبالفروع: فقه أحكام أفعال العبيد.
بل تحول إلى مقولة هزيلة بحيث أوردوا قولهم: هذا قشور وذلك لباب. ويعنون بالقشور: المسائل الفقهية الدائرة في محيط الاستحباب، أو الكراهة، ونحو ذلك من أُمور التحسينات، والحاجيات، وهذا النبزُ إحياء لما لدى المتصوفة، من تسميتهم أهل الفقه باسم: أهل القشور، وأهل الرقص من الصوفية: أهل الحقيقة، فانظر كيف أن الأهواء يجر بعضها بعضاً.
أصولي: من الجاري في مصطلحات العلوم الشرعية: أُصول الدين، ويُقال: الأصل، ويقصد به: علم التوحيد. ومنها: أُصول التفسير، أُصول الحديث، أُصول الفقه. وإلى هذا اشتهرت النسبة للمبرز فيه بلفظ: الأصولي. وعنهم ألف المراغي كتابه: "طبقات الأصوليين".
لكن في أعقاب اليقظة الإسلامية في عصرنا، وعودة الناس إلى الأخذ بأسباب التقوى والإيمان، والتخلص من أسباب الفسوق والعصيان، ابتدر أعداء الملة الإسلامية هذه العودة الإيمانية، فأخذوا يحاصرونها ويجهزون عليها بمجموعة من ضروب الحصار، والتشويه، وتخويف الحكومات منهم ومن نفوذهم، وفي قالب آخر تحسين المذاهب المعادية للإسلام وعرضها بأحسن صورة زعموا، وكان من هذه الكبكبة الفاجرة في الإجهاز على العودة الراشدة إلى الإسلام صافياً: جلْبُ مجموعة من المصطلحات المولودة في أرض الكفر، تحمل مفاهيم سيئة إلى حد بعيد، وكان منها هذا اللقب: "الأصولية"، النسبة إليها: "أُصولي"، "التزمت"، "التطرف".
والذي يعنينا هنا هو هذا اللقب، الذي صار له من الشيوع والولوع بذكره الأمر العجيب، حتى في بني جلدتنا، فكأنهم مرصدون لتبني نفثات العداء، وإشاعتها بين المسلمين.(1/25)
وقال شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز – أثابه الله تعالى - : "مما يلاحظ في هذه الأعوام – أي : 1412 هـ وما بعده – بشكل خاص أن كثيراً من وكالات الأنباء العالمية التي تخدم مخططات أعداء الإسلام، وتخضع لمراكز التوجيه النصراني، والماسوني، تخطط بأُسلوب ماكر؛ لإثارة العالم كله ضد ما يسمونه: "الأُصوليين"، وهم يقصدون بذلك الذَّمَّ والقدح في المسلمين المتمسكين بالإسلام على أُصوله الصحيحة، الذين يرفضون مسايرة الأهواء، والتقارب بين الثقافات، والأديان الباطلة.
وقد وقع بعض الإعلاميين المسلمين في مصيدة الأعداء، وأخذوا ينقلون تلك الأخبار المعادية للإسلام، وأصبحوا يتداولونها عن جهل بمقاصد أصحابها، أو غرض في نفوس بعضهم، فكانوا بفعلهم هذا ، أعواناً للأعداء على الإسلام والمسلمين ، بدلاً من قيامهم بواجب التصدي لأعداء الإسلام، وإبطال كيدهم، ببيان أهمية الرابطة الدينية والأُخوة الإسلامية بين الشعوب الإسلامية، وأن الأخطاء الفردية التي لا يسلم منها أحد، لا ينبغي أن تكون مبرراً للتشنيع على الإسلام والمسلمين، والتفريق بينهم" انتهى.
الأُصولية: الأصولية ... الراديكالية ... النضالية ... الخلاص ... العهد السعيد ... .
جميعها، وأمثال لها من "الألقاب الدينية" مصطلحات أجنبية تولدت حديثاً في العالم الغربي، أوصافاً "للكهنوتيين" المتشددين.
فإذا أخذنا هذا المصطلح "الأُصولية" نجد حقيقته كما يلي:
"أنَّه – يعني في بيئته الأصلية – العالم الغربي - : فرقة من البرتستنت تؤمن بالعصمة لأفرادها الذين يدعون تلقيهم عن الله مباشرة، ويعادون العقل، والفكر العلمي، ويميلون إلى استخدام القوة والعنف في سبيل هذا المعتقد الفاسد ...".
فمصطلح الأصولية، وما في معناه هو إذاً: لإيجاد جو كبير من الرعب والتخويف.
أطلس: هذا لفظ شاع لدى المسلمين، وانتشر، ولُقِّن الطلاب منذ الصِّغر، مطلقين له على: "مجموع الخرائط الجغرافية".(1/26)
إن أصل استعمال هذا المصطلح كان لأحد آلهة اليونان، الذين يعتقدون أنه يحْمِلُ الأرض، هكذا في أساطيرهم. فهل لنا أن نهجر هذا المصطلح الفاسد، لغة وشرعاً، ونأخذ بالأصيل: "علوم الأرض".
اعلم علمك الله وإياي: الدعاء على أربعة أوجه:
أن يدعو الإنسان لنفسه.
أن يدعو لغيره.
أن يدعو لنفسه ولغيره بضمير الجمع.
أن يدعو لنفسه ولغيره فيبدأ بنفسه ثم بغيره.
ومن هذا الوجه جاءت الأدعية في آيات القرآن الكريم منها قول الله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ} الآية.
فليس من آداب الدعاء: أن يدعو لغيره ثم يدعو لنفسه، ولذا تعقب العلماء ابن الصلاح لما قال في "مقدمته": "اعلم علمك الله وإياي"، فكان ينبغي أن يقول: "اعلم علمني الله وإياك".
أعوذ بالله وبك: عن إبراهيم النخعي – رحمه الله تعالى - : أنه كان يكره أن يقول: "أعوذ بالله وبك، حتى يقول: ثم بك" [رواه عبد الرزاق].
الأعور: في سياق ابن القيم – رحمه الله تعالى – للأسماء المحرمة والمكروهة، قال : "ومنها التسمية بأسماء الشياطين كخنزب، والولهان، والأعور، والأجدع.
أُف: التأفيف من كبائر الإثم في حق الوالدين، وقد نهى الله عنه في كتابه، فقال سبحان: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} الآية.
أما في الصلاة فالفقهاء يذكرونه في مبحث: النفخ في الصلاة. وعند الجمهور – منهم الأئمة الأربعة - : أنه إن بان منه حرفان، وهو عامد عالم بتحريمه؛ بطلت صلاته، وإلا فلا.
أفضل العالم: في هذا الإطلاق على أي عالِمٍ – مثلاً – مزاحمة لأوصاف النبوة.(1/27)
قال أبو على السكوني الإشبيلي، المتوفى سنة 727 هـ - رحمه الله – في كتابه: "لحن العوام فيما يتعلق بعلم الكلام" "ص152": "وكذلك يمتنع عليهم مزاحمة أوصاف النبوة، كقول بعضهم: "أفضل العالم"، "فخر بني آدم"، "حجة الله على الخلق"، "صدر صدور العرب والعجم"، وهذه الأوصاف إنما هي للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
فإن قال المُطلِقُ لذلك: قصدْتُ "عالم زمانه"، و"حجة الله على الخلق"، قيل له: أوهم كلامك الإطلاق والعموم ومزاحمة أوصاف النبوة ... انتهى.
أفعال العباد غير مخلوقة: هذا قول القدرية، وهو من البطلان بمنزلة من قال: السماء غير مخلوقة.
ومثله في الإنكار والابتداع قول بعض العجم: أفعال العباد قديمة.
ومثله قول بعض المتأخرين: أفعال العباد قدر الله. إن أراد أنها نفس تقدير الله الذي هو علمه ونحوه من صفاته فلا. أما إن أراد أنها مقدَّرة قدرها الله فهذا حق.
أفلح: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في "التحفة" في بيان الأسماء المكروهة: "وفي سنن أبي داود من حديث جابر عبد الله قال: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينهى أن يسمى بـ : يعلى، وبركة، وأفلح، ويسار، ونافع، وبنحو ذلك، ثم رأيته سكت بعْدُ عنها، فلم يقل شيئاً، ثم قُبِض ولم ينه عن ذلك، ثم أراد عمر أن ينهى عن ذلك ثم تركه.
وفي سنن ابن ماجه، من حديث أبي الزبير، عن جابر، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن عشت، إن شاء الله، لأنهين أُمتي أن يسموا: رباحاً، ونجيحاً، وأفلح، ويساراً".
قلت: وفي معنى هذا: مبارك، ومفلح، وخير، وسرور، ونعمة، وما أشبه ذلك، فإن المعنى الذي كره له النبي التسمية بتلك الأربع موجود فيها، فإنه يُقال: أعندك خير؟ أعندك سرور؟ أعندك نعمة؟ فيقول: لا؛ فتشمئز القلوب من ذلك، وتتطير به وتدخل في باب المنطق المكروه.(1/28)
أفلح وأبيه إن صدق: استقر الشرع العام لأُمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على تحريم الحلف بغير الله تعالى، وأن من حلف بغير الله فقد أشرك شركاً أصغر.
والأحاديث في النهي عن الحلف بغير الله – تعالى – بلغت مبلغ التواتر، وهي من قضايا الاعتقاد التي لا خلاف فيها بين المسلمين.
وأمام هذا جاء حديث عن طلحة بن عبيد الله، في قصة الأعرابي النجدي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أفلح وأبيه إن صدق" رواه مسلم، وأبو داود، وهو في البخاري، والموطأ، وبقية السنن، دون لفظ: "وأبيه".
وللعلماء عن هذا اللفظ: "وأبيه" أجوبة منها:
منسوخ بأحاديث التشريع العام.
على تقدير محذوف: "ورب أبيه".
خاص به - صلى الله عليه وسلم -.
تصحيف من قوله: "والله".
جرت بدون قصد الحلف. كما جرى: عقْرى، حلْقى، وما أشبههما.
لفظ يقصد به التأكيد لا التعظيم.
أقامها الله وأدامها: الحديث في هذا عند أبي داود، ولا يصح.
أقضى القضاة: من الألفاظ المكروهة وقد عقب السبكي في "الطبقات" على من يقول: إنَّ قاضي القضاة دون أقضى القضاة. بل يرى العكس فيما ناقله عن والده، ووجَّهه والله أعلم.
الْتفت:
لسيد قطب – المقتول ظلماً – رحمه الله تعالى – كتاب في تفسير القرآن العظيم، باسم: "في ظِلال القرآن"، وهو مع فائدته فيه مواضع تقتضي التنبيه، ومنها عبارات وألفاظ تسمَّح في إطلاقها. وقد ألَّف الشيخ عبد الله بن محمد الدويش، المتوفى سنة 1408 هـ - رحمه الله تعالى- كتاباً يتعقبه في ذلك باسم: "المورد الزلال في التنبيه على أخطاء الظلال"، فتعقبه في جملة ألفاظ منها:
1- التفت: في تفسير سورة العلق "6/3936"، قال: "إن الله ... قد تكرم في عليائه فالتفت إلى هذه الخليقة" ونحوه: "3/ 3937 ".(1/29)
والله سبحانه لا يوصف إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومنه لفظ النظر كما في حديث عياض – رضي الله عنه - : "إن الله نظر إلى أهل الأرض .... " الحديث، رواه مسلم. فلا يُطلق الالتفات على الله إلاَّ حيث ورد النص، ولا يعلم وروده، فيترك. والله أعلم.
2- الحقيقة الكبرى: لا يجوز إطلاقه على الله تعالى، ويأتي في حرف القاف بلفظ: قوة خفية.
3- قانون: إطلاقه على شريعة الإسلام. يأتي في حرف القاف.
4- ضريبة اجتماعية: تسمية الزكاة بذلك. الأسماء الشرعية بنص القرآن والسنة لا يجوز تغييرها ولا العدول عنها، وإن استبدالها باسم آخر فيه: هجر للاسم الشرعي، واستدراك على الشرع، ومنابذة ظاهرة لما ذكره الله ورسوله، مع ما في ذلك من انفصام بين المسلم وكتب السلف.
وإن لفظ الضريبة، ومثله: المكس، ونحوهما ، فيما إجحاف وجور، فلا يجوز أن يُطلق ما كان كذلك على الحقائق الشرعية.
5- العشق : يأتي في حرف العين.
6- لغة موسيقية. إيقاع موسيقي. منظومة موسيقية. إيقاع فيه خشونة: وصف القرآن العظيم بهذه الألفاظ، ونحوه، وهي أوصاف مرفوضة لثلاثة أُمور:
أن هذا تشبيه لآيات القرآن بآلات اللهو المحرمة.
الموسيقى فن يدعو إلى الفسق والفجور، فكيف يشبه به القرآن العظيم كلام رب العالمين ، الهادي إلى الإيمان والصراط المستقيم؟
أن الله سبحانه نفى كون القرآن قول شاعر ونزهه عنه فكيف يشبه بأصوات وموسيقات المُتفنِّنْيِن به؟
7- الكوكب: تسمية الأرض كوكباً. هذا إطلاق أجنبي عن نصوص الوحيين الشريفين، فالكواكب في السماء، والأرض في السفل، ولم يطلق على الكواكب اسم: الأرض، ومن لازم هذا الإطلاق أن تكون الأرض زينة للسماء الدنيا، وجعلها رجوماً للشياطين، وهذا باطل .(1/30)
8- نعيم بدوي: عبَّر عن بعض نعيم أهل الجنة بذلك عند قوله تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ}. وهذا التعبير يحتمل التنقيص، وإن كان غير مراد من سيد قطب – رحمه الله تعالى، لكن البعد عن الألفاظ المحتملة هو الحق.
9- الأُمة البدوية: إطلاقه على الجزيرة العربية، واختيار الله لهم لحمل الدِّين. وهذا تعبير خاطئ، فإن الله سبحانه لم يبعث نبيّاً : بدوياً، ولا جِنِّيّاً، ولا امرأة، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى}. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - وشيوخ الصحابة رضي الله عنهم من أهل القرى أي من المدن: مكة، والمدينة ... فهم حاضرة وليسوا بادية، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : "إن زاهراً باديتنا ونحن حاضره".
10- أناشيده: أطلقها على ترتيل داود عليه السلام للزبور. وهذا إطلاق فاسد، فالمتعين تنزيه كلام الله تعالى عن الأناشيد، والشعر، وقد قال الله تعالى عن القرآن العظيم: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ}. هذا ما اقتضى التنبيه عليهن، والله أعلم.
الله خليفتي عليك: قال صالح بن الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – قلت: - أي لأبيه - : المرأة تقول لابنها: الله خليفتي عليك؟ قال: لو استودعته الله كان أعجب لي، فأما خليفتي فما أدري.
الله ديتا: هذا تركيب أعجمي، تسمَّى به المسلمون منهم، ولفظ "ديتا" بمعنى: "عطية".
الله ركها محمد بخش: ركها بمعنى: محفوظ. فيكون معنى الكلمتين الأُوليين منه: محفوظ الله، على عادة الأعاجم في تقديم المضاف إليه على المضاف، ومعنى: محمد بخش: بخش: عطية، أو هبة. أي: عطية محمد، أو هبة محمد. وهذا محرم لا يجوز؛ لذا يجب تغيير هذا الاسم.(1/31)
الله ما يضرب بِعصى" هذه من الألفاظ الدارجة على ألسنة بعض العامة، عِنْد المُغالبةِ والمُشادّة، ويظهر أن المراد: أن الله – سبحانه – حكمٌ قِسط {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}، لكن في التعبير بها سوء أدب وجفاء، فتجتنب، وينهى عنها من يتلفظ بها.
الله ينشد عن حالك: لدى بعض أعراب الجزيرة، إذا قال واحد للآخر: كيف حالك، قال الآخر: الله ينشد عن حالك. وهذه الكلمة إغراق في الجهل، وغاية في القبح، ولا يظهر لها محمل حسن، ولو فرض لوجب اجتنابها؛ لأن علم الله – سبحانه – محيط بكل شيء، لا تخفى عليه خافية، فعلى من سمعها إنكارها والله أعلم.
الله الله: للعلامة محمد صديق حسن خان – رحمه الله تعالى – بحث مهم، في عدم مشروعية الذكر بالاسم المفرد "الله". وأنه لا أصل له في الكتاب، ولا في السنة، ولا في أقوال الصحابة – رضي الله عنهم – ولا عن أحد من أهل القرون المفضَّلة.
الله أكْبر: تكبيرة الإحرام، وما إليها، في الصلاة والأذان والإقامة ونحوها يحصل للناس فيها عدد من الأغاليط: منها: أن همزة "أكبر" حقها الفتح لا غير. ومنها: الله أكبر الله أكبرْ: في تكبير المؤذن على هذه الصفة مبحثان: الأول: فتح الراء في الأُولى. الثاني: وصل التكبير بالتكبير.
الله كبير: ومنها: أنه لا يُقال "الله كبير"، قال ابن فارس: ولا يجوز أن يقول "الله كبير" وذلك أن "أكبر" موضوع لبلوغ الغاية في العظمة. اهـ.
الله بالخير: سُئِل الشيخ عبد الله أبا بطين عن استعمال الناس هذا في التحية، فقال: "هذا كلام فاسد خلاف التحية التي شرعها الله ورضيها، وهو السلام، فلو قال: صبّحك الله بالخير، أو قال: الله يصبّحك بالخير، بعد السلام، فلا ينكر" اهـ .(1/32)
الله فرد وابن زيد فرد: قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - : "ولا يجوز أن يُقال: الله فرد، ولا موجود؛ لأنه لم يأت بهذا نص أصلاً، انتهى. وفي: "تاج العروس": "والفرد في صفات الله تعالى من لا نظير له، ولا مثل، ولا ثاني، قال الأزهري: ولم أجده في صفات الله تعالى التي وردت في السنة، قال: ولا يُوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: ولا أدري من أين جاء به الليث، انتهى.
الله فقط والكثرة وهم: سُئِل ابن تيمية – رحمه الله تعالى – عن كلمات وجدت بخط من يوثق به ذكرها عنه جماعة من الناس فيهم من انتسب إلى الدين فمنها:
إن الله لطف ذاته فسماها حقاً، وكثفها فسماها خلقاً .
إن الله ظهر في الأشياء حقيقة واحتجب بها مجازاً.
لبس صورة العالم فظاهره خلقه ، وباطنه حقه.
الله فقط والكثرة وهم.
عين ما ترى ذات لا ترى.
التوحيد لا لسان له، والألسنة كلها لسانه.
وذكر جملة وافرة نظماً ونثراً من مقولات الحلولية والصوفية الغلاة.
فأجاب عنها – رحمه الله تعالى – بأن هذه الأقوال مخالفة لدين الإسلام؛ لاشتمالها على أصلين باطلين: أحدهما: الحلول والاتحاد. ثانيها: الاحتجاج بالقدر على المعاصي. ثم بسط ذلك في نحو مائة صحيفة، والله أعلم.
الله – محمد: كتابه: لفظ الجلالة "الله" واسم النبي - صلى الله عليه وسلم - "محمد" على جنبتي المحاريب، وفي رقاع، ونحوها في المجالس. وهي دروشة لا معنى لها شرعاً. ومن يسوي المخلوق بالخالق سبحانه؟ ويجمل بالمسلم التوقي من هذه وأمثالها.
وانظر كيف نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قول الخطيب: "من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى"؛ لما يوهم من التسوية.(1/33)
الله مُتولٍّ على عباده: قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- في رده على الرافضي: "إن الله سبحانه لا يوصف بأنه متولٍّ على عباده، وأنه أمير عليهم، جل جلاله، وتقدست أسماؤه، فإنه خالقهم ورازقهم، وربهم، ومليكهم، له الخلق والأمر، ولا يُقال: إن الله أمير المؤمنين، كما يسمى المتولي، مثل علي، وغيره: أمير المؤمنين، بل الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يقال أيضاً: إنه متول على الناس، وأنه أمير عليهم، فإن قدْرهُ أجلُّ من هذا" اهـ .
الله موجود في كل مكان: عن عبد الله بن معاوية الغاضري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث من فعلهن فقد طعِم طعم الإيمان" .. وفيه: "وزكى نفسه"، فقال رجل: وما تزكية النفس؟ فقال: "أن يعلم أن الله عز وجل معه حيث كان". رواه البيهقي ، وغيره .
قال الألباني: "فائدة : قوله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله معه حيث كان"، قال الإمام محمد بن يحيى الذهلي: يريد أن الله علمه محيط بكل مكان، والله على العرش. ذكره الحافظ الذهبي في "العلو" رقم الترجمة "73" بتحقيقي واختصاري.
وأما قول العامة وكثير من الخاصة: الله موجود في كل مكان، أو في كل الوجود، ويعنون بذاته، فهو ضلال، بل هو مأخوذ من القول بوحدة الوجود، الذي يقول به غلاة الصوفية الذين لا يفرقون بين الخالق والمخلوق، ويقول كبيرهم: كل ما تراه بعينك فهو الله! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً"اهـ .
الله ورسوله أعلم: الأصل أن يُقال: الله سبحانه وتعالى أعلم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم إلا ما يعلمه الله به.
الله وفلان: قال البخاري في "الأدب المفرد": "باب لا يقول الرجل: الله وفلان". ثم ساق بسنده عن ابن جريج، قال: سمعت مغيثاً يزعم أن ابن عمر سأله عن مولاه، فقال: الله وفلان. قال ابن عمر: لا تقل كذلك، لا تجعل مع الله أحداً، ولكن قل: فلان بعد الله.(1/34)
الله يحافظ عليك: هذا إطلاق لم يرد، ولا يجوز، لأنه يقتضي المعالجة والمغالبة، وإنما يقال: الله يحفظك.
الله يسأل عن حالك: قال الشيخ أبا بطين – رحمه الله تعالى - : هذا كلام قبيح ينصح من تلفظ به. اهـ .
ومثله: الله ينشد عن حالك. كما تقدَّم قريباً.
الله يعاملنا بعدله: في ترجمة الشيخ عبد العزيز بن علي بن موسى النجدي المتوفى سنة "1344هـ"، رحمه الله تعالى - : " أن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود – رحمه الله تعالى – زار الشيخ المذكور، فتكلم الملك في أناس إلى أن قال: "الله يعاملنا وإياهم بعدله": فنبهه الشيخ أن يقول بدل : "عدله" "بفضله وعفوه"، فشكره الملك عبد العزيز على ذلك.
الله يظلمك: في قول بعضهم: تظلمني! الله يظلمك. وهذا باطل محال على الله تعالى، ولا تجوز نسبة الظلم إليه وهو تكذيب للقرآن: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}. وانظر في حرف الخاء: خان الله من يخون .
اللهم اجعلني من الأقلين: قال الجاحظ: وسمع عمر رجلاً يدعو، ويقول: اللهم اجعلني من الأقلين قال: ما هذا الدعاء؟ قال: إنِّي سمعت الله عز وجل يقول: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} وقال: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ}، قال عمر: عليك من الدعاء بما يعرف.اهـ.
اللهم أخْزِه: قال الجاحظ: وكره مطرف بن عبد الله، قول القائل للكلب: اللهم أخزه. اهـ .(1/35)
اللهم ارحم محمداً صلى الله عليه وسلم وآله: في معرض تعقب ابن القيم – رحمه الله تعالى – لمن قال إن صلاة العبد على النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعنى: طلب الرحمة – قال: ".. أن أحداً لو قال عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "رحمه الله". بدل: "صلى الله عليه وسلم"؛ لبادرت الأُمة إلى الإنكار عليه، وعدوه مبتدعاً غير موقر للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا مصلٍّ عليه، ولا مثن عليه بما يستحقه، ولا يستحق أن يصلى عليه بذلك عشر صلوات، ولو كانت الصلاة من الله الرحمة: لم يمتنع شيء من ذلك". انتهى .
اللهم اسلبه الإيمان: قال النووي: - رحمه الله تعالى - : "فصل: لو دعا مسلم، على مسلم فقال: اللهم اسلبه الإيمان؛ عصى بذلك. وهل يكفر الداعي بمجرد هذا الدعاء؟ فيه وجهان لأصحابنا، حكاهما القاضي حسين من أئمة أصحابنا في الفتوى، أصحهما: لا يكفر. وقد يحتج لهذا بقول الله تعالى إخباراً عن موسى عليه السلام: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا} الآية. وفي هذا الاستدلال نظر، وإن قلنا إن شرع من قبلنا شرع لنا" انتهى .
اللهم اغفر لي إن شئت: النهي عن ذلك ورد في "الصحيحين" وغيرهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وساقه ابن القيم في "الهدي" في: "فصل: في ألفاظ كان - صلى الله عليه وسلم - يكره أن يُقال – وذكر منها: ومنها أن يقول في دعائه: اللهم اغفر لي إن شئت، وارحمني إن شئت.
اللهم إني أريد الحج أو العمرة: هذه ونحوها هي عبارة تلفظ المتعبد بالنية، لما يريد القيام به من العبادات البدنية. وهي بدعة لا أصل لها في شرع، وقد غلط أقوام من أتباع الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى – عليه في فهم مذهبه في قولِه: عن الصلاة، ففهموا منه مشروعية التلفظ بالنية، وطردوها في الحج والعمرة، ونحوهما من العبادات البدنية. وقد كشف عن هذا ابن القيم - رحمه الله تعالى - في "الهدي" وبينته في "التعالم".(1/36)
وما جاء في الحج والعمرة من تسمية المحرم بهما أو بأحدهما ذلك في تلبيته كقوله: "اللهم لبيك حجاً" ليس من التلفظ بالنية في شيء.
اللهم صلِّ عليَّ: قال ابن القيم في معرض نقضه للقول بأن معنى الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - طلب الرحمة: "الوجه الرابع عشر: أنه يسوغ، بل يستحب لكل واحد أن يسأل الله أن يرحمه، فيقول: اللهم ارحمني. كما علّم النبي - صلى الله عليه وسلم - الداعي أن يقول: "اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، وارزقني"، فلما حفظها قال: "أما هذا فقد ملأ يديه من الخير". ومعلوم أنه لا يسوغ لأحد أن يقول: اللهم صل علي. بل الداعي بهذا مُعتدٍ في دعائه، والله لا يحب المعتدين. بخلاف سؤاله الرحمة فإن الله يحب أن يسأله عبده مغفرته ورحمته ، فعلم أنه ليس معناهما واحداً" اهـ .
اللهم صل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: لفظ السيادة ليس لها أصل لا في الصلاة – التشهد -ولا خارجها, وعلى ذلك كلمة: شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والفيروز آبادي، وتلميذه الحافظ ابن حجر، والسخاوي تلميذ الحافظ ابن حجر، والقاسمي، والألباني، في خلق آخرين. وعدم ذكر السيادة هو مذهب الحنفية. والله أعلم.
اللهم لا تبتليني إلا بالتي هي أحسن: قال ابن أبي شيبة في: "المصنف": "ما لا ينبغي للرجل أن يدعو به: ثم ذكر بسنده عن مجاهد، قال: كان يكره أن يقول: اللهم لا تبتليني إلا بالتي هي أحسن، ويقول: قال الله تعالى:{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}"اهـ.
اللهم لا تحوجنا لأحد من خلقك: يروى عن على – رضي الله تعالى عنه- أنه قال: اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقل هكذا، فإنه ليس أحد إلا هو محتاج إلى الناس، ولكن قل: اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك، الذين إذا أعطوا منُّوا، وإن منعوا عابوا".(1/37)
لا أصل له، فيه ابن فرضخ، يتهم بالوضع. وقال العجلوني: "قال ابن حجر المكي، نقلاً عن الحافظ السيوطي: إنه موضوع، بل قد يُقال: إن الدعاء به ممنوع" اهـ . والله أعلم.
اللهم لا تؤمني مكرك: ذكر ابن القيم – رحمه الله تعالى – خلاف السلف في هذا: هل يكره الدعاء به؟ فكان بعض السلف يدعو بذلك، ومراده: لا تخذلني حتى آمن مكرك ولا أخافه.
اللهم أعطني ما أُحب واصرف عني ما أكره: في: "الفتاوى الحديثية" لابن حجر الهيتمي – رحمه الله - : "[مطلب: ما هو محرم من الدعاء وليس بكفر]: وسُئِل رضي الله تعالى عنه سؤالاً صورته: نقل الشيخ شهاب الدين القرافي المالكي في قواعده ما هو محرم من الدعاء وليس بكفر، أن يسأل الله تعالى الاستعفاء في ذاته عن الأمراض، ليسلم طول عمره من الآلام والأسقام والأنكاد والمخاوف وغير ذلك من البلايا ، وقد دلَّت العقول على استحالة جميع ذلك؟ قال: فإذا كانت هذه الأُمور مستحيلة في حقه تعالى عقلاً كان طلبها من الله تعالى سوء أدب عليه ؛ لأن طلبها يعد في العادة تلاعباً وضحكاً من المطلوب منه، والله تعالى يجب له من الإجلال فوق ما يجب لخلقه ... إلى آخر ما ذكره رحمه الله تعالى؟
فأجاب بقوله: ما ذكره القرافي صحيح وقد أقره عليه جماعة من أئمتنا، وحينئذ فإذا قال الدَّاعي: اللهم سهل لي وأعطني ما أُحب واصرف عني ما أكره، فإن أراد العموم الذي ذكره القرافي؛ حرم عليه ذلك ، وإن أراد إعطاء ما يحب من أنواع مخصوصة جائزة، وصرف ما يكره من أنواع كذلك ، أو أطلق فلم يرد شيئاً ؛ لم يحرم عليه ذلك" انتهى.(1/38)
اللهم اغفر لنا وللمؤمنين جميع الذنوب: في "الفتاوى الحديثية" لابن حجر الهيتمي – رحمه الله تعالى - : "[مطلب: هل يجوز الدعاء للمؤمنين والمؤمنات بمغفرة جميع الذنوب وبعدم دخولهم النار أم لا؟]. فأجاب بقوله رحمه الله تعالى: إن الدعاء بعدم دخول أحد من المؤمنين النار حرام، بل كفر؛ لما فيه من تكذيب النصوص الدالة على أن بعض العصاة من المؤمنين لابد من دخوله النار. وأما الدعاء بالمغفرة لجميعهم فإن أراد به مغفرة مستلزمة لعدم دخول أحد منهم النار فحكمه ما مر، وإن أراد مغفرة تخفف عن بعضهم وزره، وتمحو عن بعض آخرين منهم، أو أطلق ذلك؛ فلا منع منه" انتهى.
اللهم لا تمتني: سؤال العبد أن لا يميته الله – سبحانه – دعاء بطلب المحال. وقاعدة الدعاء: أنه لا يجوز الدعاء بالمستحيلات التي لا تجوزها العقول، ولا الدعاء بالتخليد والمعافاة من الموت أو الدعاء برحمة بني آدم من الكفار وغيرهم، مما أحاله الشرع، لامتناع وقوعه، ولأنه لم يأت الشرع بالتعبد بمثله. فامتنع الدعاء بعدم الموت. والله أعلم.
إلهي بخش: هذا واحد من أسماء المسلمين الأعجميين في الهند، والباكستان، وما جاورهما من بلاد العجم، مُقدِّمين المضاف إليه على المضاف، على قاعدتهم في المتضايفين. ومعناه: إلهي: الله. بخش: عطية، أو هبة. أي عطية الله، أو هبة الله.
وهو تركيب أعجمي من جهة تقديم المضاف إليه على المضاف، وهو اسم أعجمي لا عهد للعرب به، وفيه لبس وإبهام. ولذا: فعلى المسلم اجتناب التسمية به ابتداء بعد أن علِم ما فيه.
إلى الرفيق الأعلى: ليس من الهدي النبوي أن يقول المسلم في حق المسلم الميت: قدم، أو: رحل، أو ذهب إلى الرفيق الأعلى. وقاعدة الإسلام في عدم الشهادة لأحد بجنة أو نار إلا من شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - تمنع هذا الإطلاق في حق غير من شهد له - صلى الله عليه وسلم - بالجنة.(1/39)
اللات: من الإلحاد في أسماء الله سبحانه وتعالى تسمية الأصنام بها. كتسميتهم اللات من الإلهية.
أُم المؤمنين: من خصوصيات زوجات النبي عليه الصلاة والسلام، أنهن أُمهات المؤمنين، قال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}، فكل واحدة منهن رضي الله عنهن يصدق عليها أنها أًم المؤمنين.
فهن أًمهات المؤمنين في الاحترام، والإكرام، وحرمة الزواج بهن بعده - صلى الله عليه وسلم -، وكما لا يشاركهن أحد في هذه الخصوصية، فلا يشاركهن أحد في إطلاق هذا اللقب.
أُم الأفراح: تلقيب الخمرة بذلك.
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى: "حتى إن الفجار ليسمون أعظم أنواع الفجور بأسماء لا ينبو عنها السمع ويميل إليها الطبع فيسمون أُم الخبائث: أُم الأفراح، ويسمون اللقمة الملعونة: لقيمة الذكر والفكر التي تثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن، ويسمون مجالس الفجور والفسوق: مجالس الطيبة، حتى إن بعضهم لما عذل عن شيء من ذلك قال لعاذله: ترك المعاصي والتخوف منها إساءة ظن برحمة الله وجرأة على سعة عفوه ومغفرته. فانظر ماذا تفعل هذه الكلمة في قلب ممتلئ بالشهوات ضعيف العلم والبصيرة؟".
إمام المتقين: يُروى عن عبد الله بن عكيم الجهني، مرفوعاً: "إن الله أوحى إليَّ في: عليٍّ، ثلاثة أشياء ليلة أُسري بي: أنه سيد المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين". رواه الطبراني في "المعجم الصغير"، وقال: تفرد به مجاشع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله تعالى: هذا حديث موضوع عند من له أدنى معرفة بالحديث، ولا تحل نسبته إلى الرسول المعصوم، ولا نعلم أحداً هو: سيد المسلمين، وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين، غير نبينا - صلى الله عليه وسلم -، واللفظ مطلق، ما قاله فيه: "من بعدي" انتهى.
الأًمة البدوية: مضى في التفت.(1/40)
أمؤمن أنت: كن دقيقاً في أُصول الدين، فإن للمبتدعة الكلاميين وغيرهم ألفاظاً يجرونها على أُصول معتقدهم، قد تندرج على من شاء الله من أهل السنة والجماعة، ومنها هذا السؤال، فقد كان الإمام أحمد وغيره من السلف يكرهون سؤال الرجل لغيره: أمؤمن أنت؟ ويكرهون الجواب لأن هذه بدعة أحدثها المرجئة؛ ليحتجوا بها لقولهم بأن الإيمان: التصديق. فافهم، واحذر غوائل ألفاظهم.
أمتي: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضئ ربك، اسق ربك، وليقل: سيدي ومولاي. ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل: فتاي ، وفتاتي، وغلامي". [متفق عليه]، وفي رواية لمسلم: "لا يقل أحدكم: ربي، وليقل سيدي ومولاي". وفي رواية له: "لا يقولن أحدكم عبدي، فكلكم عبيد. ولا يقل العبد: ربي، وليقل: سيدي". وفي رواية له: "لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي، وكلكم عبيد الله ، وكل نسائكم إماء الله ، ولكن ليقل: غلامي، وجاريتي، وفتاي، وفتاتي".
أمير المؤمنين: أول خليفة تسمى: أمير المؤمنين هو: الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، - رضي الله عنه -، كما في "تاريخ الطبري"، و"الأوائل" للعسكري، و"شرح المواهب"، و"تاريخ عمر بن الخطاب" لابن الجوزي، و"التراتيب الإدارية" للكتاني، و"الأذكار" للنووي. قال: "وأول من سمي أمير المؤمنين : عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لا خلاف في ذلك بين أهل العلم. وأما ما توهمه بعض الجهلة في مسيلمة؛ فخطأ صريح، وجهل قبيح مخالف لإجماع العلماء، وكتبهم متظاهرة على نقل الاتفاق على أن أول من سمي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -" اهـ . وإنَّما أوردته هنا للإيقاظ بأن هذا اللقب الشريف لا يسوغ إطلاقه على كافر يحكم بلاد الكافرين، ولا على كافر يحكم بلاد مسلمين، حتى لا يتشرف بشرف المضاف إليه، والله أعلم. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يقال: إن الله أمير المؤمنين. ا هـ .(1/41)
أمير الناس: لا يُقال في حق الله تعالى، ولا يقال في حق نبيه - صلى الله عليه وسلم -.
أنا: هو كما يُقال: لفظٌ نصفُ بلاءِ العالم منه. لما يدل عليه من كثير من المخلوقين غالباً من دعوى عريضة، وكذب أعرض، ونحوه مثل: لي، وعندي، وغيرهما.
وفي هذا يقول ابن القيم – رحمه الله تعالى – في "الزاد" (2/37): "وليحذر كل الحذر من طغيان: أنا، ولي، عندي، فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلي بها إبليس، وفرعون، وقارون: فأنا خير منه: لإبليس. ولي ملك مصر: فرعون. وإنما أُوتيته على علم عندي: لقارون.
وأحسن ما وضعت "أنا" في قول العبد المذنب المخطئ المستغفر المعترف، ونحوه. ولي: في قوله: لي الذنب، ولي الجرم، ولي المسكنة، ولي الفقر والذل. وعندي: في قوله: اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي" اهـ .
فائدة: في "خير الكلام" لابن بالي القسطنطيني "ص21" قال: ومن اختراعاتهم الفاسدة لفظ "الأنانية" فإنه لا أصل له في كلام العرب. اهـ .
أنا أنا: عن جابر - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في ديْنٍ كان على أبي، فدققت الباب فقال: "من ذا؟" فقلت: أنا، قال: "أنا أنا" كأنه كرهه. [متفق عليه].
أنا الحق: هذه من أقوال غلاة الصوفية، وهي نظير قول فرعون، قبحه الله: {أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى}.
أنا بالله وبك: هذا شبيه: ما شاء الله وشئت.
أنا خير من يونس بن متى: ورد الحديث بالنهي عن ذلك، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما ينبغي لعبد أن يقول: إني خير من يونس بن متى" [متفق عليه].
أنا الشيخ فلان: ذكر ابن حجر في شرح الاستئذان وكيف يجيب من قرع الباب، فقيل: من ذا؟ قال: قال النووي: إذا لم يقع التعريف إلا بأن يكني المرء نفسه لم يكره ذلك، وكذا لا بأس أن يقول: أنا الشيخ فلان، أو القارئ فلان أو القاضي فلان، إذا لم يحصل التمييز إلا بذلك. اهـ.(1/42)
وانظر إلى هذا القيد الحسن: "إذا لم يحصل التمييز إلا بذلك"، بمعنى أَنه إذا لم يكن على وجه التمييز وإنما على وجه التعالي والافتخار ففيه البأس. ولذا عددته في المناهي حين يكون كذلك. والله المستعان.
أنا صبي التوحيد: في "الدرر السنية في الفتاوى النجدية" قال: سُئِل الشيخ سعد بن حمد بن عتيق: هل هذه من دعوى الجاهلية؟ فأجاب جواباً مطولاً: أنه لا بأس بها في نصرة الحق ودفع الباطل. وإن كان المتكلم بها ينصر باطلاً ، أو يقصد تعاظماً وترفعاً فلا، والله أعلم.
أنا في حسب الله وحسب فلان: يأتي في حرف الميم ما شاء الله وشئت.
أنا متوكل على الله وفلان : هذا في معني الشرك المنهي عنه، لما قال له رجل: ما شاء الله وشئت، فقال: "أجعلتني لله نداً، قل: ما شاء وحده"، ونحوه من الأحاديث. فهو قول من لا يتوقى الشرك، والله أعلم.
وفي فتاوى الشيخ محمد - رحمه الله تعالى - أن هذا لا يجوز حتى ولو أتى بلفظ "ثم"؛ لأن التوكل كله عبادة، فلما سئل عن قول: متوكل على الله ثم عليك يا فلان، قال: شرك، يقول موكلك. ولا تقل: موكل الله ثم موكلك على هذا الشيء. هذه عامية؛ وليست في محلها.
أنا مؤمن أو: أنا مؤمن حقاً: قال ابن القيم: وقد ذهب المحققون في مسألة: أنا مؤمن، إلى هذا التفصيل بعينه، فقالوا: له أن يقول: آمنت بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، ولقائه، ولا يقول: أنا مؤمن؛ لأن قوله: أنا مؤمن، يفيد الإيمان المطلق الكامل الآتي صاحبه بالواجبات، التارك للمحرمات، بخلاف قوله: آمنت بالله، فتأمله. اهـ .
أنا مؤمن عِند الله: قال ابن أبي حاتم الرازي – رحمه الله تعالى - : "والناس مؤمنون في أحكامهم، ومواريثهم، فمن قال: إنه مؤمن حقاً، فهو مبتدع. ومن قال: هو مؤمن عند الله، فهو من الكاذبين. ومن قال: إني مؤمن بالله، فهو مصيب" انتهى .(1/43)
أنا مسلم إن شاء الله: عن الإمام أحمد – رحمه الله – في هذا روايتان: الأُولى: المنع من الاستثناء على قول الزهري: هو الكلمة. أما على القول الآخر الذي لم يختر فيه قول من قال: الإسلام الكلمة، فيستثني في الإسلام، كما يستثنى في الإيمان؛ لأن الإسلام: الكلمة، وفعل الواجبات الظاهرة كلها.
أنا ولي: قال ابن القيم في مبحث نفيس من "البدائع" "3/106/ 107": "والذي يظهر لي من ذلك: أن ولاية الله تعالى نوعان: عامة، وخاصة: فالعامة: ولاية كل مؤمن فمن كان مؤمناً لله تقياً كان له ولياً، وفيه من الولاية بقدر إيمانه وتقواه، ولا يمتنع في هذه الولاية أن يقول: أنا ولي إن شاء الله، كما يقول: أنا مؤمن إن شاء الله.
والولاية الخاصة: إن علم من نفسه أنه قائم لله بجميع حقوقه مؤثر له على كل ما سواه في جميع حالاته، قد صارت مراضي الله، ومحابه، هي همه، ومتعلق خواطره، يصبح ويمسي وهمه مرضاة ربه، وإن سخط الخلق، فهذا إذا قال: أنا ولي لله ؛ كان صادقاً، وقد ذهب المحققون في مسألة: أنا مؤمن، إلى هذا التفصيل ...." اهـ .
إن شاء الله: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وهذا ما يعقد عليه المسلمون قلوبهم، مؤمنين بقضاء الله وقدره، وأنه لا يخرج في هذه الأكوان شيء البتة عن قدرته ومشيئته، وأن للعبد قدرة ومشيئة وهي تابعة لقدرة الله ومشيئته، وينتهج المسلم في التعليق على المشيئة أُموراً:
إذا تحدث عما مضى فيقول: مضى بمشيئة الله، كقوله: خلق الله السموات بمشيئته، وأرسل محمداً - صلى الله عليه وسلم - بمشيئته. ولا يقول: إن الله خلق السموات إن شاء الله ... ومن قال ذلك فقد أخطأ بل قوله بدعة مخالفة للعقل والدين.(1/44)
إذا تحدث عن حال أو مستقبل فيقول: سأفعل كذا إن شاء الله، سوف أُتم العمل الحاضر إن شاء الله، وهكذا يعلقه على المشيئة. ومن الخطأ المبين تجريد ذلك من المشيئة: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} الآية.
الاستثناء في الماضي من الأعمال الصالحات، ويأتي في حرف الصاد بلفظ: صليت إن شاء الله.
تعليق الداعي للدعاء على المشيئة، كقوله: اللهم اغفر لي إن شاء الله. وهذا لا يجوز، وأنظره في لفظ: "اللهم اغفر لي إن شئت".
قول بعضهم: "أرجو إن شاء الله أن يكون كذا"، أو: "آمل .."، لا معنى للجميع بين الترجي، والمشيئة، فإنه لم يحصل الجزم، فيقول: "يكون كذا إن شاء الله"، بل إنْ قال: "أرجو" فليقل: "أرجو أن يكون كذا". والله أعلم.
إن فعل كذا فهو كافر: ويأتي في حرف الياء: يهودي إن فعل كذا.
إن الله أوجب علينا طلب الثأر:
قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى: في فتاويه: "وأما قول القائل: إن الله أوجب علينا طلب الثأر. فهو كذب على الله ورسوله، فإن الله لم يوجب على من له عند أخيه المسلم المؤمن مظلمة من دم، أو مال، أو عرض، أن يستوفي ذلك، بل لم يذكر حقوق الآدميين في القرآن إلا ندب إلى العفو ..." اهـ .
إن الله منزه عن الأعراض: مقصود المعتزلة منها: أنه ليس له سبحانه وتعالى علم ولا قدرة ولا حياة ولا كلام قائم به، ولا غير ذلك من الصفات التي يسمونها هم: أعراضاً. فليحذر أهل العلم من عبارات المبتدعة.
إن الله منزه عن الحدود والجهات والأحياز: مقصود المعتزلة : أنه ليس معايناً للخلق ، ولا منفصلاً عنهم، وأنه ليس فوق السموات رب، ولا على العرش إله. ونحو ذلك من معاني الجهمية.(1/45)
إن الله يرحم الكافر: ذكر ابن القيم – رحمه الله تعالى – في "البدائع" مسائل سئل عنها القاضي فقال: "ومنها: هل يجوز أن يقال: إن الله يرحم الكافر؟ فقال: لا يجوز أن يقال: إن الله يرحم الكافر؛ لأن فيه رد الخبر الصادق: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}، {لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} إلى أمثاله، بل يقال: يخفف عذاب بعضهم، قال تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}، {آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ}" اهـ .
إن الله يرضى لرضى المشايخ ويغضب لغضبهم: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فصل: وأما قول القائل: إن الله يرضى لرضا المشائخ، ويغضب لغضبهم. فهذا الحكم ليس هو لجميع المشائخ، ولا مختص بالمشائخ، بل كل من كان موافقاً لله: يرضى ما يرضاه الله ويسخط ما يسخط الله؛ كان يرضى لرضاه، ويغضب لغضبه، من المشائخ وغيرهم، ومن لم يكن كذلك من المشائخ، لم يكن من أهل هذه الصفة، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وكان قد جرى بينه وبين صهيب وخباب وبلال وغيرهم كلام في أبي سفيان بن حرب؛ فإنه مرَّ بهم فقالوا: ما أخذت السيوف من عدو الله مأخذها. فقال: أتقولون هذا لكبير قريش؟ ودخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: "لعلك أغضبتهم يا أبا بكر لئن كنت أغضبتهم، لقد أغضبت ربك"، أو كما قال. قال: فخرج عليهم أبو بكر فقال لهم: يا إخواني! أغضبتكم؟ قالوا: يغفر الله لك يا أبا بكر. فهؤلاء كان غضبهم لله.
أنا حُرٌّ: حكم هذا اللفظ، ونحوه: أنا حُرٌّ في تصرفي، أو تصرفاتي، حسب المقام، فإن كانت في مقام يُنهى فيه عن محرم، فهي محرمة؛ لأنه مضبوط بالشرع، لا بالتشهي والهوى. وإن كانت في مقام المباحات، فلا بأس بها، وهكذا.
إنه ليس بجسم: مقصود الجهمية بهذه العبارة: أن الله سبحانه وتعالى لا يرى، ولا يتكلم بنفسه، ولا يقوم به صفة، ولا هو مباين للخلق ..، وهو مقصود باطل.(1/46)
الأنبياء لم يحققوا التوحيد: هذه كلمة شنيعة إذا فاه بها مُسلم اقتضت كُفره، وردته؛ لما فيها من التنقص لمقام النبوة والتكذيب لآيات الله سبحانه؛ إذ ما من نبي بعث إلا ويأمر قومه بالتوحيد، وإفراد الله بالعبادة، وهذا كثير في القرآن الكريم في قصة كل نبي من أنبياء الله ورسله.
الأنبياء يتهمون: إذا قالها مكلف لمن قال له: تتهمني. وهذه من ألفاظ الردّة، نسأل الله السلامة.
الانتفاضة: في عام 1408هـ قام الغيورون من الفلسطينيين برد اعتداءات "يهود" ودافعوا عن أنفسه ، وعن حرماتهم، فأطبقت وسائل الإعلام، وأقلام الكاتبين، على تلقيب هذا العمل الجهادي الدفاعي باسم: "الانتفاضة".
وهذا لقب واصطلاح حادث، لم يعلق الله عليه حكماً، ثم هو ضئيل، ومن وراء ذلك هو في معناه هنا مُولَّدٌ ودخيل؛ إذ لا ينتفض إلا العليل كالمحموم والرعديد. فعلى المسلمين التيقظ والبصيرة فيما يأتون ويدعون. والله المستعان.
أنت للشيخ فلان: قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : "وأما قول القائل: أنت للشيخ فلان، وهو شيخك في الدنيا والآخرة. فهذه بدعة منكرة من جهة أنه جعل نفسه لغير الله، ومن جهة أن قوله: شيخك في الدنيا والآخرة كلام لا حقيقة له، فإنه إن أراد أنه يكون معه في الجنة، فهذا إلى الله لا إليه، وإن أراد أنه يشفع فيه فلا يشفع أحد لأحد إلا بإذن الله تعالى.
أنت فضولي: في "الدر المختار" قال في فصل: في الفضولي: هو: من يشتغل بما لا يعنيه، فالقائل لمن يأمر بالمعروف: أنت فضولي؛ يُخشى عليه الكفر. اهـ .
إنسانية: اتسع انتشار هذه اللفظة البراقة بين المسلمين عامتهم وخاصتهم، ويسْتمْلِحُ الواحد نفسه حين يقول: هذا عمل "إنساني".
وهكذا حتى في صفوف المتعلمين، والمثقفين، وما يدري المسكين أنها على معنى "ماسونية" وأنها كلمة يلوكها بلسانه وهي حرب عليه؛ لأنها ضد الدين فهي دعوة إلى أن نواجه المعاني السامية في الحياة بالإنسانية لا بالدين.(1/47)
إنها في المعنى شقيقة قول المنافقين: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}.
والخلاصة: إنها محاربة المسلمين باسم: الإنسانية، لتبقى اليهودية، ويمحى رسم الإسلام، قاتلهم الله وخذلهم.
أنديراً: ومن الأسماء المحرمة على المسلمين: التسمية بالأسماء الأعجمية المولَّدة للكافرين الخاصة بهم، والمسلم المطمئن بدينه يبتعد عنها، وينفر منها، ولا يحوم حولها. وقد عظمت الفتنة بها في زماننا، فيلتقط اسم الكافر من أمم الكفر. وهذا من أشد مواطن الإثم، وأسباب الخذلان، ويأتي في حرف العين: عبد المطلب.
أنصت: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة، والإمام يخطب؛ فقد لغوت". رواه الشيخان، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه، وغيرهم.
أنصتوا: في "السلسلة الصحيحة" للألباني ذكر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قلت للناس أنصتوا وهم يتكلمون، فقد ألغيت على نفسك" [رواه أحمد في المسند].
ثم أبان الشيخ ناصر أن هذا من الآداب الرفيعة في الحديث والمجالسة، وإن أخلَّ به كثير من المتباحثين. والله المستعان.
انصرفنا من الصلاة: عن ابن عباس وابن عمر – رضي الله عنهم – قالا: لا يقال: انصرفنا من الصلاة، ولكن: قد قضيت الصلاة. [رواه ابن أبي شيبة].
إنه برئ من الإسلام: عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال إنه بريء من الإسلام، فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً لم يعد إلى الإسلام سالماً". [رواه النسائي، وابن أبي الدنيا، وأحمد، والحاكم، وقال: على شرط الشيخين، وأقره الذهبي].(1/48)
أهلاً بذكر الله: قوله عند سماع الأذان: لا أصل له في المرفوع عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي الأثر عن عبد الله بن عُكيْم، قال: كان عثمان إذا سمع الأذان، قال: مرحباً بالقائلين عدلاً، وبالصلاة مرحباً وأهلاً. رواه ابن منيع كما في: "المطالب العالية"، ولا يصح.
أهل الكتاب ليسوا كفاراً: هذا القول كفر صريح، ومعتقِده مرتد عن الإسلام: قال الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} [آل عمران:70].
وقال – سبحانه - : {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29] .
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. والحكم بكفر من لم يؤمن برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب، من الأحكام القطعية في الإسلام، فمن لم يكفرهم فهو كافر؛ لأنَّه مكذِّب لنصوص الوحيين الشريفين.
أوجد الله كذا وكذا: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : لا يعرف هذا الإطلاق وإنما الذي جاء: خلقه، وبرأه، وصوره، وأعطاه خلقه، ونحو ذلك فلما لم يكن يستعمل فعله، لم يجئ اسم الفاعل منه في أسمائه الحسنى، فإن الفعل أوسع من الاسم .... وهو مهم.
أوغن: في شمال أفريقيا مجموعة من الأسماء الأعجمية ذات المعاني الخطيرة على الاعتقاد؛ لما فيها من الوثنية والتعلق بدون الله.(1/49)
وفي كتاب "الإسلام وتقاليد الجاهلية" فضل التنبيه على بعض منها، وهذا نص كلامه: "وتوجد هذه الأسماء الجاهلية بكثرة في "بلاد يوربا"، وهي التي تمُتُّ بصلة إلى الآلهة، التي كانوا يعبدونها من دون الله في الجاهلية، ويعتقدون أنهم منحدرون من تلك الأصنام. مثل: "أوغن"، ومعناه الحديد المعبود. و"أوبا أوشون" ومعناه: إله البحر، أو النهر المعبود. ومثل: "أوشو" بمعنى الإله العاشق و"آفا" ومعناه: الإله الكاهن، و"وشنغو" بمعنى إله الرعد. فتجد بعض الحجاج وبعض الزعماء الإسلاميين في بلاد "يوربا" حتى اليوم لا يزال يرادف هذه الأسماء باسمه على أنها أسماء أجداده، فيحتفلوا بها؛ لأنها أصلهم ونشأتهم، أليس حسن إسلام المرء أن يبتعد عن آثار الكفر والوثنية في كل شيء، حتى لا تجد مكاناً بين المسلمين. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة:208] انتهى.
أووَيْصل: قال أبو الوفاء ابن عقيل – رحمه الله تعالى - : قال أبو زيد: قلت للخليل: لِم قالوا في تصغير: "واصل" "أُويْصل" ولم يقولوا: "أُوَوَيْصِل"؟ قال: كرهوا أن يشبه كلامهم نبح الكلاب. انتهى.
إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين: قال النووي – رحمه الله تعالى - : "فصل: مما ينهى عنه ما يقوله كثير من الناس في الصلاة إذا قال الإمام: إياك نعبد وإياك نستعين. فيقول المأمون: إيَّاك نعبد وإياك نستعين. فهذا مما ينبغي تركه والتحذير منه. فقد قال صاحب "البيان" من أصحابنا: إن هذا يبطل الصلاة إلا أن يقصد به التلاوة. وهذا الذي قاله وإن كان فيه نظر، والظاهر أنه لا يوافق عليه، فينبغي أن يجتنب، فإنه لم يبطل الصلاة فهو مكروه في هذا الموضع. والله أعلم"، انتهى.
وفي "تمام المنة": من مرَّ بآية رحمة فليسأل الله من فضله، أن هذا مقصور على صلاة الليل في التطوع دون الفريضة. والله أعلم.(1/50)
الإيمان شيء واحد في القلب: هذه من ألفاظ أهل البدع التي يُلْمحُوْنَ بها إلى نفي القول والعمل عن مسمى الإيمان، وهذا يقولونه مراراً من تبعض الإيمان وتعدده.
الإيمان مخلوق أو غير مخلوق: في رواية أبي طالب عن الإمام أحمد – رحمه الله تعالى- أنه قال: "من قال في الإيمان إنه مخلوق فهو جهمي، ومن قال إنه غير مخلوق فهو مبتدع". [رواه ابن أبي يعلى].
وقرر والده: أبو يعلى، في "كتاب الإيمان" أنه لا يجوز إطلاق القول في الإيمان أنه مخلوق، أو غير مخلوق.
إيْليا: روي عن كعب أنه قال: لا تُسمُّوا بيت المقدس: "إيليا" ولكن سموه باسمه، فإن إيليا: امرأة بنتِ المدينة.
" حرف الباء"
"ب"
الباقي: هذا ليس من أسماء الله سبحانه وتعالى، والكلام عليه نحو الكلام على لفظ: "القديم".
باسم العروبة: ونحوها: باسم الوطن، باسم الشعب ..
قال الشيخ محمد الحامد – رحمه الله تعالى – ما نصه: "شاع في استفتاح الأحفال أن يقول عريف الحفل: باسم الله العلي القدير، باسم العروبة، باسم الوطن، نفتتح هذا الحفل ..إلخ.
الافتتاح باسم العلي القدير حميد جداً ولا ملام عليه، بل فيه أجر مهما صحبته نية صالحة، ولم يداخل الحفل مخالفة شرعية، لكنه باسم العروبة، وباسم الوطن، غير جائز شرعاً؛ لإخلاله بالتوحيد، وهو آكد حق لله على العبيد، ولو أن شركاً لفظياً نحو هذا صحِب ذِكْر الله على الذبيحة؛ لحرم أكلها واعتبرت كالميتة، ولو كان المذكور مع اسم الله، رسولاً، أو ملكاً ، أو كائناً، غير اسم الله عز وجل.
إننا مع تقديرنا للعروبة والوطن، اللذين تكتنفهما تشريعات الله تعالى وتعليماته السامية – مع تمجيدنا لهما، ودعوتنا لنصرهما – لا نرى التسمية بهما سائغة لما فيها من خدش التوحيد وجرحه، والتوحيد ركن الدين الشديد، وعماده الأقوى، وهو أعظم مطلوب ابتعث الله عليه كل نبي مرسل" اهـ .
باسم المسيح: تحرم الذبيحة التي يسمى عليها بذلك عند ذبحها، لأنها مما أهل بها لغير الله.(1/51)
بالبركة: بسط ابن القيم – رحمه الله تعالى- في "جلاء الأفهام" "ص178 – 179" القول في حقيقة "البركة" لغة واصطلاحاً. وأن أصل حقيقتها الثبوت واللزوم والاستقرار، فمنه: برك البعير، إذا استقر على الأرض. والبركة: النماء والزيادة. والتبريك: الدعاء بذلك. ويُقال: باركه الله، وبارك فيه، وبارك عليه، وبارك له. والمبارك: الذي قد باركه الله سبحانه ... والرب سبحانه يقال في حقه: "تبارك" ولا يقال: مبارك... إلخ.
وشيخه ابن تيمية – رحمه الله تعالى- سُئِل كما في الفتاوى "27/64" عمن يقول: قضيت حاجتي ببركة الله وبركة الشيخ. فأجاب – رحمه الله تعالى- "27 /95 – 96": بأن هذا منكر من القول، فإنه لا يُقرنُ بالله في مثل هذا غيره كما نهى - صلى الله عليه وسلم - من قال: "ما شاء الله وشئت".
ثم قال – رحمه الله تعالى- "ص96": "وقول القائل: ببركة الشيخ قد يعني بها دعاءه، وأسرع الدعاء إجابةً: دعاء غائب لغائب. وقد يعني بها بركة ما أمره به وعلمه من الخير. وقد يعني بها بركة معاونته له على الحق وموالاته في الدين، ونحوه ذلك. وهذه كلها معانٍ صحيحة. وقد يعني بها دعاء للميت والغائب، إذ استقلال الشيخ بذلك التأثير، أو فعله لما هو عاجز عنه، أو غير قادر عليه، أو غير قاصد له؛ متابعته أو مطاوعته على ذلك من البدع المنكرات، ونحو هذه المعاني الباطلة...". إذاً فيكون هذا اللفظ من الألفاظ المجملة المحتملة للحق والباطل فيحسن التوقي منها. والله أعلم.
بالله الطالب الغالب المهلك المدرك: قال الخطابي – رحمه الله تعالى- : "ومما جرت به عادة الحكام في تغليظ الأيمان وتوكيدها، إذا حلَّفوا الرجل لخصمه، أن يقولوا: بالله الطالب، الغالب، المهلك، المدرك ، في نظائرها، وليس يستحق شيء من هذه الأُمور أن يطلق في باب صفات الله عز وجل ، وأسمائه" اهـ .(1/52)
ببركة سيدي فلان على الله: قال المناوي في شرح حديث: "من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله": "فائدة: سُئِل شيخ الإسلام زكريا عن قوم جرت عادتهم إذا حلفوا أن يقولوا: ببركة سيدي فلان على الله. هل هم مخطئون بحلفهم بغير الله تعالى؟ أجاب: يكره الحلف المذكور، ويمنع منه، فإن لم يمتنع أُدِّب إن قصد بعلى: الاستعلاء على بابها" اهـ .
بجاه القرآن: وهذا لفظ موهم ممنوع. نبه عليه السكوني، وغيره.
بحق البخاري: ليس هذا دعاء شرعياً، ولا يميناً جائزة.
بحق الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، بحق صلاة جامعة وملائكة سامعة، بحق فلان، بحياة المصحف: وهذه الألفاظ كلها غير جائزة شرعاً.
بحياتي: هي من الحلف المنهي عنه.
البداء: إطلاقه على الله سبحانه وتعالى، من أفانين أهل البدع. وهو من أُصول الشيعة الرافضة. قاتلهم الله، ما أفسد عقولهم.
بدُّوح: رأيت رسالة باسم: "التنقيح لحكم التلقيح". وفي آخرها رسالة باسم: كلمة "بدوح" التي اعتيد وضعها تحت عنوان كتب المراسلات. طبع مطبعة القاهرة عام 1342 هـ . ومؤلفها الشيخ حسين مكي من علماء مكة زادها الله شرفاً. وهي لدى القاضي بمحكمتها الشيخ محمد الرفاعي، من موجودات مكتبته الحافلة.
ومفادها: أن تجار الحجاز عندما يبعثون بالبضائع إلى الآفاق يتعرض لها اللصوص، سوى ما يكتب عليه اسم تاجر بمكة اسمه "بدوح".
فانبعث من هذا بعض الاعتقاد لدى التجار، وصاروا يكتبون على بضائعهم هذه الكلمة: "بدوح" طلباً لسلامتها .. وهذه تميمة عن الدليل يتيمة، والله أعلم.
بذمتي: الباء من حروف القسم الثلاثة وهي: الباء والتاء والواو، فيكون ما هنا حلِفاً بالذِّمَّةِ، وهي مخلوقة، والحلف بالمخلوق لا يجوز، وهو شرك أصغر. لكن إن كان القائل يريد بقوله: "بذمتي" أي: "في ذمتي" أي في عهدي، وأمانتي، إنني لصادق، فلا يكون حلفاً، فيجوز.(1/53)
بَرَّة: ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نكح زينب بنت جحش، واسمها برة، غيَّرهُ - صلى الله عليه وسلم -، إلى: زينب.
بالرِّفاء والبنين: الرفاء : الالتحام والاتفاق، أي: تزوجت زواجاً يحصل به الاتفاق والالتحام بينكما.
والبنين: يهنئون بالبنين سلفاً وتعجيلاً. ولا ينبغي التهنئة بالابن دون البنت، وهذه سنة الجاهلية، وهذا سر النهي. والله أعلم.
بركتي عليكم: قال ابن القيم رحمه الله: وأما الرحمة والبركة فلا يضافان إلاَّ إلى الله وحده ولهذا لا يُقال: رحمتي وبركتي عليكم. ويقال: سلام مني عليكم، وسلام من فلان على فلان. وسر ذلك أن لفظ السلام اسم للجملة القولية بخلاف الرحمة والبركة فإنهما اسمان لمعناهما دون لفظهما، فتأمله فإنه بديع ..." اهـ . والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم: عن الشعبي: كان يكره أن يكتب أمام الشعر: بسم الله الرحمن الرحيم. [رواه ابن أبي شيبة].
وفي المسألة بحوث مطولة تجدها في الكلام على البسملة، لاسيما في شروح الحديث. والله أعلم.
بسم الله لفلان: قال ابن أبي شيبة: "في الرجل يكتب: بسم الله لفلان". وذكره بسنده عن ابن سيرين أن رجلاً كتب إلى ابن عمر: بسم الله لفلان، فقال ابن عمر: مه إن اسم الله هو له وحده.
والذي عليه كلمة السلف التوقي من العبارات الموهمة. والله أعلم.
بشرفي: الباء من حروف القسم؛ وقد دخلت هنا على: الشرف، فصار مقسماً به، وهذا حلف بغير الله – تعالى – فلا يجوز، وهو شرك أصغر.
بصلاتك: ومثلها: بِصيامِك. بِعُمُرِك. ونحوها من الألفاظ التي تجري مجراها، نحو: بذمتك. جمع هذه من القسم؛ إذا الباء: باء القسم، فهي مثل قولهم: بحياتك. بحياتي. بالكعبة، ونحو ذلك، وكل هذا حلف أو تحليف بغير الله فلا.(1/54)
البعيد: قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في رده على القشيري: "وقوله: وهو الأول والآخر، والظاهر والباطن، والقريب والبعيد: ليس في أسماء الله "البعيد" ولا وصفه بذلك أحد من سلف الأُمة وأئمتها، بل هو موصوف بالقرب دُوْن البُعْد ...انتهى.
بغيض: كان اسماً لهشام بن عكرمة، فغيره النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى "هشام".
بلا مماسة: هذا قول لم يأتي بالكتاب ولا السنة، فترك استعماله أولى وأهدى، والله أعلم.
بالعون: في تقرير للشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى – لما سُئِل عن قو : بالعون، أجاب: "هذا صريح في الحلف بغير الله، وليس الظن أنه يعني: بعون الله، وهذا اللفظ منتشر في ديار غامد، وزهران، وعسير .. والله أعلم.
وقيل: "عون": اسم صنم كان في اليمن، فيكون هذا من القسم به، كقوله الجاهلية الأُولى: "باللات والعزى"، وهذا شركٌ بين.
بلى وأنا على ذلك من الشاهدين: روى من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بعد قراءة آخر آية من سورة "التين" وهو ضعيف.
بوجه الله: عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يسأل بوجه الله إلا الجنة". رواه أبو داود، وابن منده في: "الرد على الجهمية"، والبيهقي في "سننه"، وفي "الأسماء والصفات"، والخطيب في "الموضح". وفي إسناده: سليمان بن قرم بن معاذ، ضعيف.
لكن يشهد لعموم النهي حديث أبي موسى - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجراً" رواه الطبراني، قال العراقي: إسناده حسن.
وحاصل السؤال بوجه الله يتلخص في أربعة أوجه:
سؤال الله بوجهه أمراً دينياً أو أُخروياً، وهذا صحيح.
سؤال الله بوجهه أمراً دنيوياً وهذا غير جائز.
سؤال غير الله بوجه الله أمراً دنيوياً وهو غير جائز.
سؤال غير الله بوجه الله أمراً دينياً.
والموضوع يحتاج إلى زيادة تحرير؟؟(1/55)
بيني وبين الله سر: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : "فائدة: قال ابن الجوزي: في آخر منتخب الفنون مما بلغه عن ابن عقيل من غير الفنون قال: سمعت أبا يعلى ابن الفراء يقول : من قال إن بينه وبين الله سراً فقد كفر، وأي وصلة بينه وبين الإله؟ وإنما ثم ظواهر الشرع، فإن عنى بالسر ظاهر الشرع فقد كذب؛ لأنه ليس بسر، وإن عنى شيئاً وراء ذلك فقد كفر.
وقال في قول المتوسلين بالميت: "اللهم إني أسألك بالسر الذي بينك وبين فلان": أيُ سر بين العبد وبين ربه لولا حماقة هذا القائل؟
قال ابن الجوزي معترضاً عليه: إنما يعني المتوسل بذلك العبادات المستورة عن الخلق. اهـ .
بيده الخير والشر: لا نعرف الجمع بينهما في كتاب، ولا سنة، بل القصر على الخير، كما في قول الله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران:26].
وفي دعاء التوجه إلى الصلاة والتلبية : "لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك". فلنقصر الثناء على الله بما أثنى به على نفسه "بيده الخير" سبحانه، مع إيماننا بأنه لا يخرج عن قدر الله شيء، وأن جميع ما يقدره – سبحانه – من خير وشر، كله حكمة، وخير، وإن كان الشَّرُّ شرّاً بالنسبة إلى المحل الوارد عليه، وهذا معنى: "والشر ليس إليك". والله أعلم.
بيع: تسمية الربا: بيعاً، منكر وتضليل لا يجوز، ومنازعة لله تعالى في حكمه. قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} الآية.
"حرف التاء"
"ت"(1/56)
تجب الثقة بالنفس: في تقرير للشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى – لما سُئِل عن قول من قال: تجب الثقة بالنفس، أجاب : "لا تجب، ولا تجوز الثقة بالنفس. في الحديث: "ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ... ".
تحياتي لفلان: لأبي طالب محمد بن علي الخيمي المنعوت بالمهذب، المتوفى سنة 642 هـ . رسالة باسم: "شرح لفظة التحيات" في "ص50" جاء فيها ما نصه: "فأما لفظ التحيات مجموعاً فلم أسمع في كتاب من كتب العربية أنه جمع إلا في جلوس الصلوات؛ إذا لا يجوز إطلاق ذلك لغير من له الخلق والأمر وهو الله تعالى؛ لأن الملك كله بيد الله، وقد نطق بذلك الكتاب العزيز: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} الآية إلى آخرها. والذي سطره أهل اللغة إنما يعبرون عن التحية الواحدة، ولم ينتهوا لجمعه دون إفراده، إذ كان ذلك من ذخائر الإلهام لقوم آخرين فهموا عن الله تعالى كتابه فنقلوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شريعته ......" اهـ .
التخلق بأسماء الله أو بأخلاق الله: رُوي: "تخلقوا بأخلاق الله" وهو لا أصل له. وقد قرر ابن القيم أنها عبارة غير سديدة، وأنها منتزعة من قول الفلاسفة بالتشبُّه بالإله على قدر الطاقة، قال: وأحسن منها: عبارة أبي الحكم بن برهان: وهي التعبُّد، وأحسن منها: العبارة المطابقة للقرآن؛ وهي الدعاء المتضمن للتعبد والسؤال.
تدخل القدر، تدخلت السماء، تدخلت عناية الله: انظر عن هذه الألفاظ الثلاثة في حرف الشين: شاءت حكمة الله.
التركيب: قول نفاة استواء الله تعالى على عرشه: لو كان فرق عرش لكان مركباً ... والمركب لفظ مجمل يراد به ما ركبه غيره، وما كان متفرقاً فاجتمعت أجزاؤه، وما يمكن تفريق بعضه عن بعض، والله تعالى منزه عن هذه التراكيب، وقد بسط ابن القيم معاني التركيب وأبطل إطلاق هذه حق الله سبحانه وتعالى وذلك في "الصواعق المرسلة".(1/57)
التصلية: يقال: صلى صلاة، وهل يقال: تصلية؟ خلاف: فمن اللغويين من منعه كالفيروز آبادي في "القاموس" ومن قبله الجوهري في "الصحاح" فإنهما قالا: صلى صلاة ولا يقال: صلى تصلية.
وتعقبه شارحه الزبيدي فقال: "وذلك كله باطل يرده القياس والسماع، أما القياس: فقاعدة التفعلة من كل فعل على: فَعَلَ معتل اللام مضعفاً كزكى تزكية وروى تروية، وما لا يحصر.
التصوف: قاعدة الباب في الألقاب عند أهل الإسلام: الخلوص من النسبة إلى اسم معين لم يسم الله به عباده ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - فمقامات الدين هي: الإسلام، والإيمان ، والإحسان، وعباده: المسلمون. المؤمنون. المحسنون. المتقون، وهكذا، فالإسلام دين التوحيد: عقيدة، وسلوكاً، وشعاراً، وعنواناً، فالنسبة إلى اسم معين لم يرد به الشرع: عنوان للفرقة، والتحزب ، وضرب الأُمة بعضها ببعض، وتشتيت جمعها فرقاً وأحزاباً، ينتج إيجاد سدود منيعة تمنع وحدة المسلمين.
وقد لهج علماء الأُمة سلفاً وخلفاً في طرح تلكم النسب المستحدثة، ولهذا فإِنَّه في كتب التراجم لدى المتقدمين من طبقة ابن الجوزي كما في "المنتظم" وما تقدمه لا تجدهم في التراجم ينسبون إلى المذاهب الفقهية كفلان الحنفي ونحوه، وهذا من بالغ التوقي.
والخلاصة: أن القول في الألقاب في ذلك كالقول في الطريق الموصلة إلى الله تعالى، فكما أن كل طريق إلى الله مسدود إلا طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم - فكذلك كل نسبة كالمتصوف، والسائر، والوصل، والواجد، ونحوها، نسب وألقاب ممنوعة إلا ما قام الدليل الشرعي عليه من كتاب أو سنة.
التطرف الديني: لهج المحدثون بهذا الاصطلاح في مطلع القرن الخامس عشر الهجري في وقت حصل فيه رجوع عامة شباب المسلمين إلى الله تعالى والتزامهم بأحكام الإسلام، وآدابه والدعوة إليه، فكان قبل ينبز من هذا سبيله بالرجعية، والتعصب، والجمود، ونحوها.(1/58)
ودين الله بين الغالي، والجافي، وقد كان علماء الإسلام يقررون النهي عن الغلو في الدين، وينشرون النصوص بذلك في الوقت الذي يحثون فيه على التوبة والرجوع إلى الله تعالى، فقلبت القوس ركوة في هذه الأزمان، فصار التائب المنيب إلى ربه ينبز بأنه متطرف؛ للتنفير منه، وشل حركة الدعوة إلى الله تعالى. ومن الغريب أنه مع سوء ما يرمي إليه فهو وافد من – يهود قبحهم الله – فتلقفه المسلمون فيا ليتهم يرفضونه والمصطلح لدى أهل العلم هو "الغلو" كما في الحديث المشهور: "إيَّاكم والغلو" الحديث.
تعالى: لا تقال في غير حق الله سبحانه وتعالى.
تعال أقامرك: عن أبي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف منكم فقال في حلفه: باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق". [رواه البخاري ، ومسلم].
تعريف اصطلاحاً: في التعريفات للحقائق الشرعية يغلط كثير من أهل العلم فيقولون مثلاً: "الصلاة" تعريفها اصطلاحاً كذا.
وهذا اللفظ "اصطلاح" لا يقال إلا فيما لم يتلقَّ بنص، أما ما ورد تلقيه بنص فيقال: "تعريفه شرعاً" أو "حقيقته الشرعية". وبيانه في "المواضعة في الاصطلاح" من "فقه النوازل".
تعس الشيطان: عن أبي المُليح، عن رجل، قال: كنت رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - فعثرت دابته، فقلت: تعس الشيطان، فقال: "لا تقل تعس الشيطان، فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت، ويقول: بقوَّتي، ولكن، قل: بسم الله، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب" [رواه أبو داود والنسائي].(1/59)
تع: هذا اللفظ مختصر: "تعالى"، عند ذكر الله سبحانه وتعالى. اصطلح عليه بعض النساخ المتأخرين رغبة في الاختصار وهو منتشر لدى طابعي بعض كتب أهل الإسلام من تصرفات الكفرة المستشرقين. وهو اصطلاح فاسد، بل بعض هذه المصطلحات في جانب التمجيد والتقديس لله سبحانه وتعالى، وفي جانب الصلاة والسلام على أنبياء الله ورسله، وفي جانب الترحم والترضي على السلف، جميعها مصطلحات فاسدة ليس من الأدب استعمالها، ولما في بعضها من معنى قريب لا يجوز، وإن كان غير مراد، فليجتن ، وعلى المسلم احتساب ذكر هذه الألفاظ المباركة خطاً ونطقاً؛ لما في ذلك من الأجر الكبير، والثواب العريض.
ومنها: "رض" مختصر: "رضي الله عنه" . "رح" مختصر: "رحمه الله". "صلعم" مختصر: "صلى الله عليه وسلم".
تغيير جبل ولا تغيير طبع: هذا جارٍ على الألسنة بمعنى المروي عن أبي الدرداء، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا، وإذا سمعتم برجل تغير عن خُلقه فلا تُصدقوا به، وإنه يصير إلى ما جبل عليه" [رواه أحمد وسنده منقطع].
ثم معناه: يُسْترْوحُ منه: "الجبْر" بمعنى أن المرء مجبور لا وسيلة له إلى تحسين خلقه، والأحاديث الصحيحة منتشرة في الترغيب في تحسين الخلق، وهذا يدل على نكارة هذا القول رواية ودراية. والله أعلم.
تفاوتت كلمة العلماء: لا تُقال هذه؛ لما بين التفاوت والاختلاف من الفرق، كما قال العسكري: "التفاوت كله مذموم؛ ولهذا نفاه الله - تعالى - عن فعله، فقال: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}.
وإنَّما يُقال: اختلفت كلمة العلماء؛ لأن من الاختلاف ما ليس بمذموم، ألا ترى قول الله تعالى: {وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}. فهذا الضرب من الاختلاف يكون على سنن واحد، وهو دالٌّ على علم فاعله، والتفاوت: هو الاختلاف الواقع على غير سنن، وهو دال على جهل فاعله " انتهى.(1/60)
تقبل الله منا ومنك: في التخاطب بها بعد الصلاة. ليس لها دليل من سنة، ولا أثر، والالتزام بها ترتيب هدي لم يدل عليه الشرع، فيكون بدعة، والله أعلم.
تكلمت بالقرآن: ذكر السكوني في "لحن العوام": "مما يمتنع قولهم: إذا قال: لفظت بالقرآن؛ لأن اللفظ في اللغة هو الطرح، والصواب أن يُقال: قرأت القرآن، ولا يُقال: لفظت بالقرآن، ولا : تكلمت بالقرآن؛ لأن المتكلم بالقرآن هو الله سبحانه، فلا يصرف عن غير مصارفه، وهو تعرض لتحريفه عما أُنزل فيه، وهذا محرم بإجماع الأُمة ..." انتهى.
تكاليف: استقرأ شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم – رحمهما الله تعالى – أنه لم يأت في الكتاب والسنة، تسمية أوامر الله، ونواهيه، وشرائعه: "تكليفاً"، بل سماها: روحاً، ونوراً .. وإنما جاء ذلك في جانب النفي {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا} الآية، فهذا الإطلاق إثباتاً لا يعرف أيضاً في لسان السلف، وإنما جاء من لدن كثير من المتكلمة والمتفقهة. والله أعلم.
التلقين: في منع إطلاق على الله – تعالى-.
توحَّد: قال العسكري – رحمه الله تعالى - : "الفرق بين قولنا: تفرَّد وبين قولنا: توحَّد، أنه يُقال: تفرَّد بالفضل والنُبل، وتوحَّد: تخلَّى" انتهى.
وبه نعلم ما في دعاء ختم القرآن، بقول الداعي: "صدق الله العظيم المتوحد ..... ".
توكلت عليك يا فلان: في تقرير للشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى- قال: " هذا شرك ... " اهـ .
(حرف الثاء)
(ث)
ثالث ثلاثة: هذا من أقبح الكفر بالله، وأغلظ الشرك به – سبحانه – قال الله تعالى – ردّاً على المثلثة النصارى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاّ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [المائدة:من الآية73].(1/61)
ثالث الحرمين: قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : "وأما المسجد الأقصى: فهو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال ... إلى أن قال: والأقصى: اسم للمسجد كله، ولا يُسمى هو ولا غيره حرماً، وإنما الحرم مكة والمدينة خاصة، وفي وادي وج الذي بالطائف نزاع بين العلماء" اهـ . وحيث إن المسجد الأقصى لا يسمى "حرماً" فلا يُقال حينئذٍ: "ثالث الحرمين ".
والظاهر أنها مولدة الاستعمال في هذا العصر، ولم أرها لدى السلف والله أعلم. وأما ما يوجد في: الأردن، وفي مصر، كقولهم: حرم الحسين، وحرم الست نفيسة، فهذا من البدع المحدثة.
(حرف الجيم)
(ج)
الجامع :
جاء عدُّ: "الجامع" في أسماء الله – سبحانه – في رواية الترمذي، وفيه: الوليد بن مسلم، ومعلوم أن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لله تسعة وتسعون اسماً" الحديث. قد رواه البخاري في: "الصحيح"، وليس فيه عدُّها، وإنَّما جاء عدَّها في رواية الترمذي، وابن ماجه ، والحاكم. والراجح الذي عليه الحافظ عدم صحة روايتها مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل هي موقوفة، مع وجود اختلاف شديد في سردها، وتباين في عدِّها، زيادة، ونقصاً.
وجاء في: "معجم أسماء العرب" موسوعة السلطان قابوس: "والجامع: "من أسماء الله الحسنى " .
وطرداً لقاعدة التوقيف على النص فليس "الجامع" من أسماء الله تعالى. فيمتنع إطلاقه، والتعبيد به، فلا يقال: عبد الجامع.
جاهلية القرن العشرين: بيَّن العلامة الألباني ما في هذا التعبير منْ تسمُّحٍ، وغضٍّ من ظهور الإسلام على الدِّين كله.(1/62)
فجاء في كتاب: "حياة الألباني" ما نصه: "مصطلح جاهلية القرن العشرين في نظر الألباني: السؤال: تناول الداعية "سيد قطب " – رحمه الله – مصطلحاً متداولاً بكثرة في إحدى المدارس الإسلامية التي يمثلها، ألا وهو مصطلح "جاهلية القرن العشرين" فما مدى الدقة والصواب في هذه العبارة؟ وما مدى التقائها مع الجاهلية القديمة وفقاً لتصوركم؟
فأجاب العلامة الألباني: وصف القرن العشرين بالجاهلية إنما ينطبق على غير المسلمين الذين لم يتبعوا الكتاب والسنة، ففي هذا الإطلاق إيهام بأنه لم يبق في المسلمين خير، وهذا خلاف ما سبق بيانه من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المبشرة ببقاء طائفة من الأُمة على الحق، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبي للغرباء ..... قالوا: من هم يا رسول الله؟ " جاء الحديث على روايات عدة في بعضها يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - واصفاً الغرباء: "هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي"، وفي رواية أُخرى قال عليه الصلاة والسلام: "هم أُناس قليلون صالحون بين أُناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم". فلذلك لا يجوز هذا الإطلاق في العصر الحاضر على القرن كله؛ لأنَّ فيه - والحمد لله – بقية طيبة لا تزال على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى سنته، وستظل كذلك حتى تقوم الساعة".
الجبر: في تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}، وبيان ردها على القدرية والجبرية، قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : "والنبي - صلى الله عليه وسلم -، أخبر بمثل ما أخبر به الرب تبارك وتعالى: أن العبد مُيَسَّرٌ لما خلق له، لا مجبور، فالجبر لفظ بِدْعِيٌّ، والتيسير لفظ القرآن والسنة .... ".(1/63)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مبحث القدر": "ولهذا أنكر الأئمة على من قال: "جبر الله العباد"، كالثوري، والأوزاعي، والزُّبيدي، وأحمد بن حنبل، وغيرهم، وقالوا: الجبر لا يكون إلا من عاجز، كما يجبر الأب ابنته على خلاف مرادها" انتهى.
وقال الأوزاعي: ما أعرف للجبر أصلاً من القرآن ولا السنة، فأهاب أن أقول ذلك ، ولكن القضاء ، والقدر، والخلق ، والجبل، فهذا يُعرف في القرآن والحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ..... " انتهى.
جبريل خادم للنبي - صلى الله عليه وسلم -: في ترجمة: على الرِّضى أبو الحسن ابن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين الهاشمي، المتوفى سنة 203 هـ، ذكر الذهبي في "السير" (9/ 388- 389) أبياتاً للحسن بن هانئ في علي الرضى، ومنها:
قُلْتُ لا أهتدي لمدح إمام… … كان جبريل خادماً لأبيه قلت – القائل الذهبي -: لا يسوغ إطلاق هذا الأخير إلا بتوقيف، بل كان جبريل معلم نبينا صلى الله عليه وسلم، وعليه" انتهى.
جبل الرحمة: في شرق مشعر عرفات، جبل صغير في جنوبيه صخرات كبار، ويسمى: "جبل عرفة" أو "جبل عرفات". وقد شاع على ألسنة الناس، وفي أقلام الكتابة تسميته باسم: "جبل الرحمة" وعند بادية نجد باسم : "القُرَين" ولا أصل لواحدة من هذين الوصفين. والله أعلم.
جلالة الملك المعظم: قال الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى – لما سُئِل في تقرير له: "لا يظهر لي أن فيها باساً؛ لأن له جلالة تناسبه" اهـ .
جلبي: بالجيم الفارسية المفتوحة ثم اللام ثم الباء الفارسية، ثم الياء المثناة التحتية: اشتهر به جماعة من علماء الروم، منهم صاحب "كشف الظنون".
وهو لفظ رومي معناه "سيدي". نص عليه السخاوي في ترجمة حسن جلبي، فهو كلفظ مولانا، وسيدنا، وسيدي، وملا: المستعملة للعلماء في بلادنا. – أي : الهند - .(1/64)
الجنس السامي: هذه نفثة استشراقية مولَّدة للإخفاق بلفظ "الجنس العربي". والقول فيها في "المواضعة في الاصطلاح". ويأتي سياقه في حرف الدال: دستور.
الجهة: الذي عليه أهل السنة والجماعة: أن لفظ "الجهة" لم يرد في الكتاب ولا السنة، فلا يطلق على الله سبحانه وتعالى.
الجوهر: ينبغي هنا معرفة أمور:
أن السلف – رحمهم الله تعالى – لا يصفون الله إلا بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
أن السلف – رحمهم الله تعالى – مع مراعاتهم لهذا الأصل، لا يردون بدعة ببدعة، ويراعون لفظ الكتاب والسنة، ولا يدفعون ما جاء فيهما بالألفاظ المجملة كلفظ الجوهر والجسم وغيرهما مما قد يتضمن معنى باطلاً.
أن الأقوال المبتدعة تضمنت تكذيب ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -.
أن أهل العلم والإيمان لما رأوا انتشار الكلام المحدث المناقض للكتاب والسنة، صار بيانهم لمراد المبتدعة في كلامهم وألفاظهم؛ حتى لا يقع أهل السنة والجماعة في البدعة والضلالة.
(حرف الحاء)
(ح)
الحاج: قال الله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} [التوبة: من الآية 19] وكلمة "الحاج" في الآية بمعنى جنسهم المتلبسين بأعمال الحج. وأما أن تكون لقباً إسلامياً لكل من حج، فلا يعرف ذلك في خير القرون. وقد بحث العلماء حكم مناداة الذي حج أو الذمي بقولهم: يا حاج. وقال الألباني: "تلقيب من حج بالحاج: بدعة ".
الحباب: قال أبو داود – رحمه الله تعالى – في "سننه": "وغيَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - اسم العاص، وعزيز، وعتلة، وشيطان، والحكم، وغراب، وحباب، وشهاب، فسماه: هشاماً. وسمى حرباً: مسلماً. وسمى المضطجع: المنبعث. وأرضاً عفْرة: خضِرة. وشعب الضلالة: سماه: شعب الهدى. وبنو الزنية: سماهم: بني الرَّشدة. وسمى بني مغوية: بني رشدة".
قال أبو داود: "تركت أسانيدها للاختصار".(1/65)
قال الخطابي: "وحباب: نوع من الحيات. وقد روي أن الحباب اسم الشيطان. فقيل : إنه أراد به المارد الخبيث من شياطين الجن. وقيل: أراد نوعاً من الحيات، يقال لها: الشياطين. ومن ذلك قوله تبارك وتعالى:{طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ}" اهـ.
حبيب الله: أفاض ابن القيم – رحمه الله تعالى – في مراتب المحبة وهي عشر، ثم قال في "المدارج": "العاشرة: مرتبة الخلة، التي انفرد بها الخليلان: إبراهيم ، ومحمد – صلى الله عليهما وسلم - ، كما صحَّ عنه أنه قال: "إن الله اتخذني خليلاً، كما اتخذ إبراهيم خليلاً"، وقال: "لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الرحمن". والحديثان في "الصحيح". وهما يبطلان قول من قال: الخلة لإبراهيم، والمحبة لمحمد، فإبراهيم خليله ومحمد حبيبه" اهـ .
الحج: لا يجوز إطلاقه في التعبدات إلا على "الحج إلى بيت الله الحرام"، وما عدا ذلك: فإطْلاقٌ بِدْعيٌّ لا يجوز، وقد فعل المبتدعة الأفاعيل، فقالوا: "الحج إلى المشاهد"، إلى "القبور"، إلى "العتبات المقدسة"، وهي بدعة رافضية قولاً وفعلاً، ليس لها في الإسلام نصيب.
حجر إسماعيل: ذكر المؤرخون، والإخباريون: أن إسماعيل بن إبراهيم – عليهما السلام – مدفون في: "الحِجْرِ" من البيت العتيق، وقلَّ أن يخلو من هذا كتاب من كتب التاريخ العامة، وتواريخ مكة – زادها الله شرفاً – لذا أُضيف الحجر إليه، لكن لا يثبت في هذا كبير شيء؛ ولذا فقُلِ: "الحِجْر"، ولا تقل: "حجر إسماعيل"، والله أعلم.
حدَّثني قلبي عن ربي: هذه من ألفاظ أصحاب الخيالات والجهالات، قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – نقلاً عن شيخه ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : "وأما ما يقوله كثير من أصحاب الخيالات والجهالات: حدثني قلبي عن ربي. فصحيح أن قلبه حدثه، ولكن عمَّن؟ عن شيطانه، أو عن ربه؟(1/66)
فإذا قال: حدثني قلبي عن ربي، كان مسنداً الحديث إلى من لم يعلم أنه حدثه به، وذلك كذب. قال: ومحدِّث الأُمة – عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لم يكن يقول ذلك. ولا تفوه به يوماً من الدهر، وقد أعاذه الله من أن يقول ذلك ..." انتهى وهو مهم.
حرام عليك تفعل كذا: يعتريها واحد من معنيين:
إن كان يقصد أن الله – سبحانه – حرَّم هذا شرعاً وهو محرم شرعاً، فلا محذور فيه.
وإن كان يقصد ما ذكر، وهو غير محرم شرعاً، فهو قول على الله تعالى بلا علم فيجب اجتنابه، قال الله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [النحل:116].
حرام على ربنا أن تفعل كذا: هذه عبارة تجري على ألسنة بعض العوام، وهي محتملة لواحد من معانٍ ثلاثة:
أن تكون بهذا اللفظ: "حرام عليَّ ربنا أن نفعل كذا" فهذه تحتمل واحداً من معنيين: أحدهما: أي: يا ربَّنا هذا حرام علي، فلا أفعله. فهذه إذا كانت على محرم شرعاً فلا محذور فيها لا لفظاً ولا معنى. والآخر: أن يقصد قائلها تحريم شيء عليه، فهذه تكون في غير الزوجة يميناً مكفَّرة، فإذا حنث وجبت عليه كفارة يمين.
أن تكون : "على" حرف جرٍّ، فإن كان قائلها يقصد المعنى الأول فلا محذور فيها معْنىً، لكن تترك للاشتباه في معناها مع المعنى الآتي:
أن تكون: بمعنى حرام أن يقدر الله لهذا القائل فعل كذا وكذا، فهذا لفظ محرم؛ لما فيه من سوء الأدب مع الله – تعالى – والله أعلم.
حرماً: جرت عادة بعض المسلمين خاصة في الديار المصرية أن يقولوا بعد الصلاة لبعضهم: حرماً، ولعلهم يقصدون الدعاء بشد الرحال إلى الحرم لأداء الحج والعمرة، وذكر ذلك بعد الصلوات من البدع المحدثة التي لا يعلم لها دليل ولا قائل بها من السلف. والله أعلم.(1/67)
حرَّم الله كذا: النهي عن قول العالم لها في المسائل الاجتهادية.
حروف الهجاء مخلوقة:قرر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى –بقوله : "فتبين أن الواجب أن يُقال ما قاله الأئمة كأحمد وغيره: أن كلام الإنسان كله مخلوق حروفه ومعانيه، والقرآن غير مخلوق حروفه ومعانيه " انتهى، وهو مهم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -: "فهذا المنقول عن آدم من نزول حروف الهجاء عليه، لم يثبت به نقل ، ولم يدل عليه عقل"، انتهى.
حسبي الله ونعم الوكيل "في بعض الأحوال": هي من أفضل الالتجاء إلى الله – تعالى – إذا بذل المرء الأسباب، ولم يحصل له المقصود، أما قولها مع عدم بذل السبب فهو ضعف وكسل، وهذا مما يُنهى عنه، "والمؤمن القوي خيْرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف".
حسدني الله إن كنت أحسدك: قال الزبيدي – رحمه الله تعالى - : "وقال ابن سيده: وحكى اللحياني عن العرب: حسدني الله إن كنت أحسدك. وهذا غريب. قال: وهذا كما يقولون: نفِسها الله عليَّ إن كنت أنْفسُها عليك، وهو كلام شنيع ؛ لأن الله – عز وجل – يجل عن ذلك" انتهى.
حسن القرآن: قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى – عن البخاري – رحمه الله تعالى – : "يقال : فلان حسن القراءة، ورديء القرآن ولا يُقال: حسن القرآن ، ولا رديء القرآن، وإنما يسند إلى العباد: القراءة، لا القرآن؛ لأن القرآن كلام الرب سبحانه وتعالى ، والقراءة فعل العبد ، ولا يخفى هذا إلا على من لم يوفق .... " اهـ .
حسنُ الملة: قال الزركشي – رحمه الله تعالى – نقلاً عن العسكري في: " الفروق اللغوية ": " وفرَّق بينه – أي الدين – وبين الملة، فإن الملة: اسم لجملة الشريعة، والدين: اسم لما عليه كل واحد من أهلها. يُقال: فلان حسن الدِّين، ولا يُقال: حسن الملة" انتهى.(1/68)
حسنات الأبرار سيئات المقربين: هذا لا أصل له في الموضوع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم هو باطل معنى؛ فكيف تكون الحسنة، سيئة؟! فهو باطل لفظاً، ومعنى. والله أعلم.
حُسْني: منع تسمية المسلم مولوده بهذا الاسم ونحوه مما لا تتسع له لغة العرب.
الحشوية: قيل إن أول من تكلم بهذا اللفظ: عمرو بن عبيد قال: كان عبد الله بن عمر حشوياً, وكان هذا اللفظ في اصطلاح من قاله يريد به: العامة الذين هم حشو، كما تقول الرافضة عن مذهب أهل السنة: مذهب الجمهور .. إلى آخر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- .
فانظر إلى هذه الجسارة الخبيثة في قولة المعتزلي عمرو بن عبيد في حق إمام من أئمة الهدى الصحابي عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – وما تزال سلسلة الفساد يجترها المرضى بفساد الاعتقاد يطلقون عباراتهم الفجة في حق أهل السنة والجماعة فيلقبونهم بالحشوية وينبزونهم. والله الموعد.
الحضرة: هذا من مفاسد الاصطلاح لدى الصوفية فيريدون بها حضرة جمع الفناء في توحيد الربوبية، أي فناء العبد في الرب ليكون كما قيل:
هو من أهوى ومن أهوى أنا
… نحن روحان حللنا بدنا
وهي نظير الحضرة عند أهل لإلحاد يريدون بها حضرة جمع الوجود في وجود واحد. نسأل الله السلامة والعافية.
الحطيم: قال أبو السَّفر: سمعت ابن عباس – رضي الله عنهما – يقول: " يا أيُّها الناس: اسمعوا مني ما أقول لكم، وأسمعوني ما تقولون، ولا تذهبوا فتقولوا: قال ابن عباس، قال ابن عباس. من طاف بالبيت فليطف من وراء الحجر، ولا تقولوا الحطيم، فإن الرجل في الجاهلية كان يحلف فيلقي سوطه أو نعله أو قوسه". [رواه البخاري].
حق السلطان: تسمية المكس بذلك، قال ابن القيم : في الألفاظ المكروهة: "ومنها أن يقول للمكوس: حقوقاً" اهـ .
حقاً: لا إله إلا الله: يضيف بعض الناس لفظ: "حقّاً" قبل التهليل في جواب المؤذن. ولم أرَ له أصلاً.(1/69)
وفي تأمين المأمون على دعاء الإمام حال القنوت تسمع بعض أهل الآفاق عن ذكر الإمام لتمجيد الله وتعظيمه وتنزيهه يقول المأمومون: "حقّاً" ولا نعرف لها في ذلك أصلاً، والمناسبة: قول: سبحانه، ونحوها مما ورد به الشرع.
حقائق: فساد تسمية المتصوفة شطحاتهم، وخيالاتهم: حقائق. سيأتي في حرف الراء: الراحة.
حقوق: تسمية المكس بها.
حقيقة: تسمية المتصوفة لما أحدثوه من البدع: "حقيقة" كما يسمون ما يشهدون من القدر: "حقيقة" و"مشهد الجمع"، كلها تسميات محدثة مضللة لمعاني ضالة.
حكم الله: ورد في حديث بريدة - رضي الله عنه - النهي عن تسمية الحكم الاجتهادي: حكماً لله. قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في مبحث تحريم القول على الله بلا علم: "وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح أميره بريدة أن يُنزل عدوه إذا حاصرهم على حكم الله، وقال: "فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أو لا ولكن أنزلهم على حكمك، وحكم أصحابك". فتأمل كيف فرق بين حكم الله وحكم الأمير المجتهد، ونهى أن يسمى حكم المجتهدين: حكم الله" اهـ .
حكمت: منع تسمية المسلم مولوده بهذا الاسم ونحوه من المولدات الأعجمية يأتي في حرف العين: عبد الرسول، عبد المطلب.
الحكيم: تسمية الطبيب به. قال السفاريني – رحمه الله تعالى - : "تنبيه: قال في: "الآداب الكبرى": ينبغي أن يُقال: طبيب، لا حكيم، لاستعمال الشارع.
قال الجوهري: الحكيم: العالم، وصاحب الحكمة. والحكيم: المتقن للأُمور، وقد حكُم، أي: صار حكيماً .." انتهى.
الحمد لله الذي تجلَّى لخلقه بخلقه: قالها هشام بن عمار واستنكرها عليه الإمام أحمد – رحمه الله تعالى -. قال الذهبي: "فهذه الكلمة لا ينبغي إطلاقها، وإن كان لها معنى صحيح، لكن لا يحتج بها الحلولي والاتحادي، وما بلغنا أنه سبحانه تجلى لشيءٍ إلا لجبل الطور فصيره دكاً، وفي تجليه لنبينا - صلى الله عليه وسلم - اختلاف؛ أنكرته عائشة، وأثبته ابن عباس" انتهى.(1/70)
الحمد لله: أي: التزامها بعد الجشأ، ليس سنة.
الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ المزيد من فضله: هذه أجل المحامد عند الشافعية، وقد نازعهم الآخرون، منهم ابن القيم في: "عدة الصابرين" وغيرها بما مفاده: من ذا الذي يستطيع أن يحمده – سبحانه – حمْداً يوافي نعمةً واحدةً من نِعم الله على عبده العامة أو الخاصة؟
الحمد للعيس: قال عمارة بن علي اليمني – مات قتيلاً سنة 569 هـ - : الحمد للعيس بعد العزم والهمم… … حمداً يقوم بما أولت من النعم
وقد أنكر العلماء عليه قوله هذا: الحمد للعيس، منهم أبو شامة، وسبط ابن الجوزي. قالا، واللفظ لأبي شامة: "وعندي في قوله: الحمد للعيس – وإن كانت القصيدة فائقة – نفرة عظيمة؛ فإنه أقامه مقام قولنا: الحمد لله. ولا ينبغي أن يفعل ذلك مع غير الله عز وجل. فله الحمد وله الشكر، فهذا اللفظ كالمتعين لجهة الربوبية المقدسة. وعلى ذلك اطراد استعمال السلف والخلف رضي الله عنهم" اهـ .
الحمد لله والسلام على رسول الله: عن نافع: أن رجلاً عطس إلى جنب ابن عمر، فقال: الحمد لله والسلام على رسول الله، قال ابن عمر: وأنا أقول: الحمد لله والسلام على رسول الله، وليس هكذا علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقول، علمنا أن نقول: "الحمد لله على كل حال".
[رواه الترمذي، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث زياد بن الربيع. ورواه أبو داود، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي].(1/71)
حمُو: قال ابن الحاج في مبحث التسمية المشروعة: "وتلاعب الشيطان بالناس في ذلك لما رآها تعود عليهم بالخير والبركة والاقتداء، قال: فلما رأى الشيطان هذه البركة وعمومها أراد أن يزيلها عنهم بعادته الذميمة وشيطنته الكمينة فلم يمكنه أن يزيلها إلا بضدها، وهو أن يكون الاسم يعود عليهم بالضر، ثم إنه لا يأتي لأحد إلا بالوجه الذي يعرف أنه يقبل منه. فلما أن كان أهل المشرق الغالب على بعضهم حب الفخر والرياسة، أبدل لهم تلك الأسماء المباركة بما فيه ذلك نحو عز الدين، وشمس الدين، إلى غير ذلك مما قد علم، فنزل التزكية موضع تلك الأسماء المباركة.
ولما أن كان أهل المغرب الغالب عليهم التواضع وترك الفخر والخيلاء، أتى لبعضهم من الوجه الذي يعلم أنهم يقبلونه منه، فأوقعهم في الألقاب المنهي عنها بنص كتاب الله تعالى فقالوا لمحمد: حمو، ولأحمد: حمدوس، وليوسف : يسو ، ولعبد الرحمن: رحمو. إلى ذلك مما هو معلوم معروف عندهم متعارف بينهم، فأعطى لكل إقليم الشيء الذين يعلم أنهم يقبلونه منه. نعوذ بالله من ذلك" انتهى.
الحمى لا بارك الله فيها: عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على أُم السائب فقال: "مالك يا أُمَّ السائب أو يا أُم المسيب، تزفزفين؟" قالت: الحمى لا بارك الله فيها، فقال: "لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد". [رواه مسلم في صحيحه].(1/72)
الحنَّان: ليس من أسماء الله – سبحانه – " الحنَّان " بتشديد النون، ومعناه: ذو الرحمة، لهذا فلا يُقال: "عبد الحنَّان" وإنَّما هو صفة فعل لله – تعالى- بمعنى الرحيم، من الحنان – بتخفيف النون – وهو الرحمة، قال الله تعالى: {وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا} [مريم: من الآية13] أي رحمة منا، ورجَّح بعض المفسرين ومنهم ابن كثير، أن الصفة ليحيى – عليه السلام – فيكون المعنى: جعلناه ذا حنان وزكاة، وأما ما جاء في حديث أنس - رضي الله عنه - قال: "سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك الحنان المنان". فهو حديث في السنن الأربع، ورواه أحمد، وتفرد في "المسند": (3/158) بلفظ: "الحنان" وكذا ابن حبان في "صحيحه"،
ولهذا قال الخطابي في "شأن" الدعاء: "ومما يدعو به الناس خاصهم وعامهم وإن لم يثبت به الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحنان، انتهى.
أقول: وكذلك: "المنَّان" لكنه ثابت من أسماء الله – عز وجل.
حنظلة: قرر ابن القيم – رحمه الله تعالى - : النهي عنه؛ قياساً على النهي عن اسمي: حربٍ ومرة.
الحواميم: قال الحريري: "يقولون: قرأت الحواميم، والطواسين. والصواب: قرأت آل حم، وآل طس"اهـ .
وقال الفراء: وأما قول العامة: الحواميم فليس من كلام العرب. فالحواميم: جمع حم، كما يقولون في جمع "طس": الطواسين. وهذان الجمعان لم يردا في كلام العرب ولا تعرفهما فليس من كلامها، وعليه: فينبغي دفع الخطأ عن آيات القرآن العظيم وأسماء سورة.
حياكم الله: كره جماعة من السلف البدء بها بالسلام، منهم النخعي وغيره.
حيِّ على الصلاة: بكسر الياء لحن، فهو اسم فعل أمر بفتحها: "حيَّ على الصلاة".(1/73)
حيَّ على خير العمل: قال النووي – رحمه الله تعالى - : "يكره أن يُقال في الأذان: "حي على خير العمل"؛ لأنه لم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وروى البيهقي فيه شيئاً موقوفاً على ابن عمر، وعلي بن الحسين- رضي الله عنهم -.
قال البيهقي: لم تثبت هذه اللفظة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فنحن نكره الزيادة في الأذان. والله أعل " اهـ .
وبالجملة: فلا يصح من المرفوع ولا من الموقوف على الصحابة رضي الله عنهم في هذه اللفظة شيء، وكله باطل لا أصل.
"حرف الخاء"
(خ)
خاتم الأولياء: محدث ليس في كلام السلف، غلط الحكيم الترمذي في ذلك.
خال المؤمنين: في إطلاق ذلك على إخوان زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - قولان للعلماء: المنع، والجواز، وحكاهما الكرماني في "شرح البخاري" ولم يرجح.
خالد: هذا من الأسماء التي أقرها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو لم يكن إلا ذاك الصحابي الجليل : خالد بن الوليد – رضي الله عنه – الذي هو بسيرته الجهادية في سبيل الله ، شرف لأُمة محمد - صلى الله عليه وسلم - لكفى. وقد استشكل بعض المعاصرين، التسمية به؛ لما فيه من دعوى الخلود، وهذا ليس بشيء؛ إذا الخلود هنا نِسْبِيٌّ وليس أبدِيّاً.
وأما إطلاقه على الله – سبحانه وتعالى – فلا؛ لأن "الخلو " هو استمرار البقاء من وقت مبتدأ، بخلاف لفظ: "الدوام" فإنه لغةً: استمرار البقاء في جميع الأوقات، لا في وقت دون وقت ولهذا يقال: إن الله لم يزل دائماً، ولا يزال دائماً، - سبحانه - : دائم، ولا يقال: إنه خالد. والله أعلم.
الخالق: من المحرم تسمية المخلوق باسم يختص به الرب سبحانه وتعالى مثل: الرحمن الخالق الباري، الصّمد. وقد غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ما وقع من التسمية بذلك مثل: الحكم، وأبي الحكم.(1/74)
خان الله من يخون: الخيانة بمعنى: "النفاق" إلا أنهما يختلفان باعتبار أن "الخيانة" مخالفة بنقض العهد سِرّاً، والنفاق باعتبار الدين، فنقيض الخيانة: الأمانة. ولهذا لما قال سبحانه: {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ} قال:{فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} الآية، ولم يقل: فخانهم؛ لأن الخيانة: خدعة ونفاق ونقض للعهد في مقام الائتمان.
ومن هذا يتبين أن هذا اللفظ: "خان الله من يخون" قول منكر يجب إنكاره، ويخشى على قائله.
خبثت نفسي: عن أبي أُمامة سهل بن حنيف عن أبيه – رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا يقولن أحدكم: خبثت نفسي، وليقل: لقست نفسي" [رواه البخاري ، ومسلم، وأبو داود، والنسائي].
قال الخطابي: " قوله: لقست نفسي، وخبثت، معناهما واحد. وإنما كره من ذلك لفظ الخبث، وبشاعة الاسم منه، وعلمهم الأدب في المنطق وأرشدهم إلى استعمال الحسن وهجران القبيح من " اهـ .
خسرت: قول من أخرج مالاً في طاعة الله: خسرة.
قال النووي – رحمه الله تعالى- : "ينبغي أن يقال في المال المخرج في طاعة الله تعالى: أنفقت. وشبهه، فيقال: أنفقت في حجتي ألفاً ... ولا يقول ما يقوله كثير من العوام: غرمت في ضيافتي، وخسرت في حجتي، وضيعت في سفري – أي للغزو - . وحاصله: أنّ "أنفقت" وشبهه يكون في الطاعات. و"خسرت، وغرمت، وضيعت ". ونحوها يكون في المعاصي، والمكروهات، ولا تستعمل في الطاعات" اهـ .(1/75)
خضنا بحراً وقف الأنبياء على ساحله: هذه من بدوات الباطنية، والتي تسربت إلى عامة المتصوفة ، مع أضعاف لها من الشطح، وتلاعب الشيطان بهم، وملاعبتهم لعقول العامة، وهكذا من صدَّق بالباطل صار إلى الشطح كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" (5/170)، وهي عبارات منتشرة ومشهورة بينهم، ومنها ما ينسب إلى بعض الكبار، فالله أعلم بحقيقة الحال، والذي يهمنا هنا، الإشارة إلى جملة من هذه العبارات، وأنها جميعها ليس لها في الحق نصيب، فأسوقها هنا مساقاً واحداً؛ للتحذير منها وقياس ما لم يذكر عليها لاجتنابها، ومنها:
قول الحلاج: أنا الحق."الفتاوى الحديثية" (300، 302، 313، 314)، وفيها اعتذارات سخيفة.
قول أبي يزيد: سبحاني سبحاني:
"الفتاوى الحديثية" (300، 302).
قول أبي يزيد: ما في الجبة غير الله: "الفتاوى الحديثية" (313)، وفيها اعتذارات مرفوضة.
قول عبدالقادر الجيلي: قدمي هذه على رقبة كل ولي: "الفتاوى الحديثية" (315).
حدثني قلبي عن ربي: "الفتاوى الحديثية" (320، 321).
خاطبني ربي: "الفتاوى الحديثية" (320، 321).
كمال التحقيق الخروج من التكليف: من مقولات ملاحدة القرامطة والباطنية. "الفتاوى" (11/539، 541).
خرجنا من الحضرة إلى الباب: من مخاريق الصوفية. "الفتاوى" (11/540، 541).
الفقر: على مصطلح الصوفية: غير مراد شرعاً. "الفتاوى" (11/20، 21، 28، 30).
الأقطاب: "الفتاوى" (11/ 433، 441).
الأبدال: "الفتاوى" (11/ 433، 441).
النجباء الثلاثمائة: "الفتاوى" (11/433).
الأقطاب السبعة: "الفتاوى" (11/433).
الغوث: "الفتاوى" (11/437).
الغياث: "الفتاوى" (11/437).
الخليج الفارسي: هذه التسمية الباطلة، تاريخاً، وواقعاً، من شعوبية فارس، فكيف يكون "الخليج الفارسي" وكل ما يحيط به أرض عربية من لحمة جزيرة العرب، وسكان عرب خلص؟ فلنقل: الخليج العربي.(1/76)
خلف الله: انظر في حرف العين: عون الله. ويُزادُ هُنا: إن كان بمعنى: عطاء الله، فحكمه كما يأتي في: عون الله. وإن كان معناه: أنه يَخْلُفُ الله، فهذا محرم وإثم لا يجوز. وانظر: خليفة الله.
خلق النهضة: لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- كلام نفيس يفيد منع مثل هذا التعبير في حق المخلوق، ومثله: الدور الخلاق. الجهد الخلاق. الكلمة الخلاقة. ونحوها من العبارات المولدة. قال – رحمه الله تعالى- في " الفتاوى" (6/328)".
الخلق عيال الله: هذا لفظ منتشر في مؤلفات بعض أهل العلم ، ومنه: كتاب باسم "عيال الله" للحافظ أحمد بن حرب النيسابوري – م سنة 234 هـ . وقال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في مبحث: إهداء القرب للأموات والإحسان إليهم من كتاب "الروح": "والخلق عيال الله، فأحبهم إليه أنفعهم لعياله، وإذا كان سبحانه يحب من ينفع عياله بشربة ماء، ومذقة لبن، وكسرة خبز، فكيف بمن ينفعهم في حال ضعفهم وفقرهم وانقطاع أعمالهم ؟ ... " اهـ . وعليه: فالتوقي من هذا اللفظ أولى، وإن تجوز بالتعبير به بعض الأكابر. والله أعلم.
خليفة الله: جماع خلاف أهل العلم في هذا على ثلاثة أقوال:
الأول: الجواز، فيجوز أن يقال: فلان خليفة الله في أرضه.
الثاني: منع هذا الإطلاق ؛ لأن الخليفة إنما يكون عمن يغيب ويخلفه غيره ، والله تعالى شاهد غير غائب، فمحال أن يخلفه غيره بل هو سبحانه وتعالى الذي يخلف عبده المؤمن فيكون خليفته.
والثالث: وهو ما قرره ابن القيم بعد ذلك فقال: قلت : إن أُريد بالإضافة إلى الله: أنه خليفة عنه، فالصواب قول الطائفة المانعة فيها. وإن أُريد بالإضافة: أن الله استخلفه عن غيره ممن كان قبله فهذا لا يمتنع فيه الإضافة. وحقيقتها: خليفة الله الذي جعله الله خلفاً عن غيره، وبهذا يخرج الجواب عن قول أمير المؤمنين: أُولئك خلفاء الله في أرضه .. إلخ. والله أعلم.
"حرف الدال"
(د)
…(1/77)
الداري: لم أرَ إطلاقه على – سبحانه – إلا في قول بعضهم ، شعراً:
يا ربِّ لا أدْرِيْ وأنْت الدَّاري … كُلُّ امرئ منك على مقدار
ومادة: "درى" مشتقه مِنْ عِلْمٍ سبقه "شكٌّ" أو بضرب من الحيلة؛ لهذا فلا يجوز إطلاقه على الله – سبحانه وتعالى.
ومما ينهى عنه من بابته قول العامة: "الله الذي يدْرِي"، صوابه: "الله الذي يعلم" سبحانه.
دُحيْم: في ترجمة: عبد الرحمن بن إبراهيم: دحيم القاضي، قال ابن حبان: "دحيم، تصغير تصغير دحْمان، ودحمان بلغتهم: خبيث، وكان يكره أن يُقال له: دحيم" اهـ .
وهذا اللقب منتشر عندنا في اليمامة يلقب به من اسمه: عبد الرحمن – على وجه الغضب – إذْ من الشائع أن "دحيماً" لقب الشيطان. وهذا ما لم أرَ له أصلاً. والله أعلم.
الدرجة الرفيعة: لا تثبت في الذكر بعد الأذان، نبَّه على ذلك جمع من الحفَّاظ.
الدستور: لأبي الأعلى المودودي – رحمه الله تعالى – كلام نافع، في أن تغريب المصطلحات أوجد انفصاماً بين المسلمين وبين الاستفادة من كتب سلفهم، أنقله بنصه، مع ما أضفته إليه في كتاب "المواضعة" في المبحث الرابع عشر: العدوان على مصطلحات الشريعة.
دلِيْل هل يطلق على الله تعالى؟ ولشيخ الإسلام – رحمه الله تعالى – بحث في حكم قول الداعي: يا دليل الحائرين. وهل من أسماء الله تعالى "الدليل"؟ ولم يظهر لي وجهه فليحرر. وانظر في حرف الياء : يا دليل الحائرين.
الدنيا نقد والآخرة نسيئة فالنقد خير من النسيئة: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : "وأعظم الناس غروراً من اغتر بالدنيا وعاجلها، فآثرها على الآخرة، ورضي بها من الآخرة ، حتى يقول بعض هؤلاء: الدنيا نقد، والآخرة نسيئة، والنقد أنفع من النسيئة. ويقول بعضهم: ذرّة منقودة ولا دُرّة موعودة. ويقول آخر منهم: لذات الدنيا متيقنة، ولذات الآخرة مشكوك فيها، ولا أدع اليقين بالشك.(1/78)
وهذا من أعظم تلبيس الشيطان وتسويله. والبهائم العجم أعقل من هؤلاء؛ فإن البهيمة إذا خافت مضرة شيء لم تُقدم عليه ولو ضربت، وهؤلاء يقدم أحدهم على عطبه، وهو بيْن مصدِّق ومكذِّب.
فهذا الضرب إن آمن أحدهم بالله ورسوله ولقائه والجزاء، فهو من أعظم الناس حسرة؛ لأنه أقدم على علم، وإن لم يؤمن بالله ورسوله فأبعد له.
وقول هذا القائل: النقد خير من النسيئة. جوابه: أنه إذا تساوى النقد والنسيئة فالنقد خير، وإن تفاوتا وكانت النسيئة أكثر وأفضل فهي خير. فكيف والدنيا كلها من أولها إلى آخرها كنفس واحد من أنفاس الآخرة؟ كما في مسند الإمام أحمد والترمذي من حديث المستورد بن شداد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما الدُّنيا في الآخرة إلا كما يدخل أحدكم إصبعه في اليم، فلينظر بِم يرجع؟"
فإيثار هذا النقد على هذه النسيئة من أعظم الغبن ، وأقبح الجهل، وإذا كان هذا نسبة الدنيا بمجموعها إلى الآخرة، فما مقدار عمر الإنسان بالنسبة إلى الآخرة؟ فأيما أولى بالعاقل؟ إيثار العاجل في هذه المدة اليسيرة، وحرمان الخير الدائم في الآخرة، أم ترك شيء صغير حقير منقطع عن قرب، ليأخذ ما لا قيمة له، ولا خطر له، ولا نهاية لعدده، ولا غاية لأمده.
الدليلان إذا تعارضا تساقطا: في مبحث تعارض الدليلين المقبولين: التدرج؛ بالجمع بينهما إلا إن عرف التاريخ فالنسخ، وإن لم يعرف فالترجيح، ثم التوقف عن العمل بالحديثين. قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى - : "والتعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط؛ لأن خفاء ترجيح أحدهما على الآخر إنما هو بالنسبة للمعتبر في الحالة الراهنة مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفي عليه .. والله أعلم" انتهى.(1/79)
وعند قول ابن حجر : "بالتساقط" علق عليه ملا علي قاري في شرحه لشرح النخبة بقوله: "بالتساقط: على ما اشتهر على الألسنة من أن الدليلين إذا تعارضا تساقطاً، أي: تساقط حكمهما، وهو يُوهم الاستمرار، مع أن الأمر ليس كذلك؛ لأن سقوط حكمهما إنما هو لعدم ظهور ترجيح أحدهما حينئذٍ، ولا يلزم منه استمرار التساقط، مع أن إطلاق: التساقط، على الأدلة الشرعية خارج عن سنن الآداب السنية" انتهى.
الدهر: فيه أمران:
تسمية الله تعالى بالدهر.
سب الدهر.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يسبنَّ أحدكم الدهر، فإن الله هو الدهر" [رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود وأحمد، وله ألفاظ مختلفة].
وقد عدّ ابن حزم "الدهر" من أسماء الله تعالى، وغلطه العلماء، وأوضحوا أنه غلط غلطاً فاحشاً ، قالوا: ولو كان ما ذكره ابن حزم صحيحاً لكان قول الذين قالوا: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} صواباً.
وأما الحديث فبينوا أن معناه: أنا صاحب الدهر، ومدبر الأُمور التي ينسبونها إلى الدهر، فمن سب الدهر عاد سبه إلى رب الدهر.
دِيْفيد: ترجمته: "داود" فيغير إليه.
ومثله: "جوزيف" ترجمته: يوسف.
"جيسس" ترجمته: عيسى.
"مُوْشي" ترجمته: موسى.
"ميْرِي" ترجمته: مريم.
الدين أفيون الشعوب: هذه المقولة المنكودة هي لكارل ماركس من دعاة الشيوعية الأوائل.
الدين سبب الطائفية والشقاق: كلمة شيوعية توجب الردة عن الإسلام كسابقتها.
الدين لله والوطن للجميع: كلمة توجب الردة، نسأل الله السلامة.
"حرف الراء"
(ر)(1/80)
راعنا: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} الآية. قال ابن القيم – رحمه الله تعالى في "الإعلام": "نهاهم سبحانه أن يقولوا هذه الكلمة – مع قصدهم بها الخير – لئلا يكون قولهم ذريعة إلى التشبه باليهود في أقوالهم وخطابهم، فإنهم كانوا يخاطبون بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويقصدون بها السب ويقصدون فاعلاً من الرعونة، فنهى المسلمين عن قولها ؛ سداً لذريعة المشابهة، ولئلا يكون ذريعة إلى أن يقولهم اليهود للنبي - صلى الله عليه وسلم -، تشبهاً بالمسلمين يقصدون بها غير ما يقصده المسلمون"اهـ .
الراحة: تسمية الخمرة بها، واستحلالها بهذا الاسم: منكر، وزور، لا يغير من حرمة الخمر شيئاً، وهذه التسمية إثم مضاف إلى إثم شربها.
الراية البيضاء: قال السكوني: "لا يجوز أن يقول: "الراية البيضاء" على الله" انتهى.
ربُّ القرآن: عن عكرمة قال: كان ابن عباس في جنازة، فلما وضع الميت في لحده، قام رجل فقال: اللهم رب القرآن، أوسع عليه مدخله، اللهم رب القرآن اغفر له. فالتفت إليه ابن عباس: فقال: مهْ: القرآن كلام الله، وليس بمربوب، منه خرج وإليه يعود. [رواه الضياء والبيهقي بسند ضعيف].
ربنا افتكره: هذا من الألفاظ المنتشرة في حاضرة الحرمين الشريفين عندما يموت شخص يقول أحدهم: فلان ربنا افتكره. ويقصد: أن فلاناً أحب لقاء الله، فأحبَّ الله لِقاءه، فالمقْصِدُ سلِيْم، واللفظ لا يجوز إطلاقه على الله تعالى؛ لأن الله لا يُوصف إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والله سبحانه لا يوصف بأنه يفتكر الشيء؛ لأن هذا وصف نقص، وعيب؛ إذ الافتكار لا يكون إلا بعد نسيان – تعالى الله عن ذلك عُلواً كبيراً - .(1/81)
الرَّب: قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: الربّ: هو المالك المتصرف، ولا يقال: "الربّ" معرَّفاً بالألف واللام إلا لله تعالى . ولا يجوز استعمال كلمة " الربّ " لغير الله إلا بالإضافة فتقول: ربّ الدار، وربّ السيف، وأما الربّ فلا يقال إلا لله عز وجل" اهـ .
الرب حق والعبد حق: هذا شطر بيت لابن عربي، ومراده بقوله: "حق" في الموضعين، الإلماح إلى مذهبه في القول بوحدة الوجود. فانظر كيف يكون اللفظ في ظاهره سليماً، وتحته معانٍ هي من أبطل الباطل.
الربا ضرورة شرعية، الربا ضرورة اقتصادية: بل الربا جريمة شرعية، توعد الله بها بالمحاربة، ولا يكون الربا ضرورة أبداً، وما قال بذلك أحد من العلماء، فتسليكه باسم الضرورة، افتيات على الشرع المطهر. والله أعلم.
ربك – ربي – ربتي: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقل أحدكم أطعم ربك وضئ ربك، وليقل: سيِّدي. مولاي. ولا يقل أحدكم: عبدي. أمتي ولْيَقُلْ: فتاي وفتاتي وغلامي". [رواه البخاري، ومسلم والنسائي، في "عمل اليوم والليلة"، وابن حبان، والبخاري في "الأدب المفرد" وغيرهم.
رجال الدِّين: الدين في الفكر الغربي بشتى مذاهبه ودياناته يعني: العبادة المصحوبة بالرهبة أو الوحشة. ومعنى هذا أن رجل الدين لا يصلح لفهم أمور المعاش بسبب انقطاعه عن محبة الناس، وليس كذلك في مفهوم الإسلام الذي لا يعترف بأن هناك رجل دين له نفوذ واختصاص، فكل مسلم رجل دين ودنيا.
فالدين في المفهوم الإسلامي هو: ما شرعه الله على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيما ينظم صلة العبد مع ربه ومع عباده على اختلاف طبقاتهم، وينظم أُمور معاشه وسلوكه، من غير وجود وساطة بشرية.(1/82)
ولهذا فلا تجد في المعاجم الإسلامية ما يسمى برجال الدين، وإنما تسربت بواسطة المذاهب المادية وخاصة: العلمانية. وقد بسط الأُستاذ الحوالي عن هذه الاصطلاح في كتابه "العلمانية" فشفى، ويرجع إليه. والله أعلم.
رجب الأصم: قال الله – تعالى - : {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة:من الآية36]. وكانت كذلك في الجاهلية، فأقر الإسلام حرمتها؛ لما فيها من تعظيم حرمات الله، ودار أمنه، ومحل بيته الحرام؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديْبية: "والله لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أجبتهم إليها".
وقال - صلى الله عليه وسلم - في تعيينها بعد الآية المذكورة: "ذو القعدة، ذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر، الذي بين جماد وشعبان". فهي ثلاثة سرد، وواحد فرد؛ ولهذا قيل "رجب الفرد"؛ لأنه شهر حرام فرد بين أشهر حلال. وقالت العرب: "رجب الأصم"؛ لأنه لا تسمع فيه قعقعة السلاح للقتال.
وقال المولدون: "رجب الأصب" فهو تحريف من الأصم، أو تخفيف له. وقد شاع عند الكتاب والمؤلفين إردافه بأحد هذه الأوصاف.
قال ابن عاشور - رحمه الله تعالى- : "وليتهم تركوا ذلك فإنه من الفضول في الكلام والتطويل الذي لا طائل تحته، وما كانت العرب تفعل ذلك، ولا هو مأثور عن السلف" انتهى.
الرجعية: مضى في حرف الألف أصولي، وانظر: واقعنا المعاصر لمحمد قطب: (ص371).
رحمة الله: التسمية بهذا ونحوه من المركبات، لم تكن معروفة في صدر هذه الأُمة سوى التعبيد لاسم من أسماء الله تعالى مثل: عبد الله ، وعبد الرحمن.
وهذه التسمية ونحوه: حسب الله، جبرة الله، نعمة الله. أو إلى الرسول مثل: حسب الرسول، غلام الرسول، فكلها مولدات حادثة، وغلو أعجمي. وفيها دعوى لا تصدق.(1/83)
رحم: في ترجمة: جهْدمة، امرأة بشير بن الخصاصية السَّدوسي رضي الله عنهما، قال ابن حجر: "قلت: كان اسم بشير: رحماً، فسماه النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيراً، ويقال: كان اسمها هذا فغيره النبي - صلى الله عليه وسلم - فسماها: ليلى". انتهى وفي "الاستيعاب" كان اسمه "رخماً" بالخاء.
رحمان اليمامة: قال السفاريني – رحمه الله تعالى - : "وأما قول بني حنيفة في مسيلمة الكذب: رحمان اليمامة، وقول شاعرهم:
"وأنت غيث الورى لازلت رحمانا"
فقال الزمخشري: من تعنتهم في كفرهم وإلا فهو كـ " الله " خاص به تعالى لغة وشرعاً، قال: ومن ثم أخر عن الله ... " اهـ .
رحمتي عليكم: قال ابن القيم رحمه الله تعالى - : "وأما الرحمة والبركة فلا يُضافان إلا إلى الله وحده، ولهذا يُقال: رحمتي وبركتي عليكم، ويقال: سلام مني عليكم، وسلام من فلان على فلان. وسر ذلك: أن لفظ السلام اسم للجملة القولية بخلاف الرحمة البركة فإنهما اسمان لمعناهما دون لفظهما، فتأمله فإنَّه بديع" اهـ .
رسول السلام: في تقرير للمفتي الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى – لما سُئِل عن ذلك قال كما في مجموعه (1/ 196): "إذا قيل في مبتدع كلمة تفخيم فلا تجوز، فضلاً عن أن تُقال لكافر، حتى المستقيم لا تجوز، وإضافتها إلى السلام قبيحة جداً، فرسل الله هم رسل السلامة في الدنيا والآخرة من جميع المحاذير، إلا أن القصود تؤثر في الألفاظ. الذي يقول ذلك ويقصد ويعلم: غير؟ فالناس متفاوتون في أشياء أُخر غير اللفظ بالنسبة إلى الجهل وعدمه، وبالنسبة إلى القصد وعدمه. والمنع يتفاوت في الغِلظ والخفة بحسب هذه الأُمور".
رض: اختصار لفظ : - رضي الله عنه – وهو اختصار غير سليم.(1/84)
رضي الله عنه: "لغير الصحابة رضي الله عنهم؟ ": لا خلاف في استحباب الترضي عن الصحابة رضي الله عنهم، وفي غيرهم حُكي الخلاف، فقال النووي: "يستحب الترضي والترحم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الأخيار، فيقال: "رضي الله عنه" أو "رحمة الله عليه" أو "رحمه الله"، ونحو ذلك. وأما ما قاله بعض العلماء: إن قول: "رضي الله عنه" مخصوص بالصحابة، ويقال في غيرهم: "رحمه الله" فقط، فليس كما قال، ولا يوافق عليه، بل الصحيح الذي عليه الجمهور: استحبابه، ودلائله أكثر من أن تحصر، فإن كان المذكور صحابياً ابن صحابي، قال: قال ابن عمر "رضي الله عنهما". وكذا ابن عباس، وكذا ابن الزبير، وابن جعفر، وأُسامة بن زيد، ونحوهم، ليشمله وأباه جميعاً" اهـ . فليحرر الخلاف؟؟
روح الدين الإسلامي: أهل العلم في هذا الزمان يعيشون في زحمة زحف مهول من "عامية الثقافية المعاصرة" ومن "توليد المصطلحات"، ومن الوقوع في دائرة "اصطلاح المتصوفة" من حيث لا يشعرون، ومن هذه: هذا اللفظ، ونحوه، مثل: روح الشريعة، روح الإسلام، ومعلوم أن لفظ "الروحانية"، وهذه البلاد فيها روحانية، وهذه المجالسة فيها روحانية، وهكذا كلها مصطلحات صوفية لا عهد للشريعة بها، فعلى المسلمين تجنبها، وإن كان لها بريق، فعند تأمل البصير لها ، يجدها خواء، أو تشتمل على منابذة للشريعة بوجهٍ ما. والله المستعان.
روح الله: بيَّن ابن حزم – رحمه الله تعالى –النهي عنها في كتابه "الجوامع" وليس بين يدي لأذكر نص كلامه فليرجع إليه.(1/85)
روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال النووي في "المجموع" (1/63): "قال العلماء المحققون من أهل الحديث وغيرهم: إذا كان الحديث ضعيفاً: لا يقال فيه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو فعل، أو أمر، أو نهى، أو حكم، وما أشبه ذلك من صيغ الجزم، وكذا لا يقال فيه: روى أبو هريرة أو قال، أو ذكر، أو أخبر، أو حدَّث، أو نقل، أو أفتى، وما أشبهه، وإنما يقال في هذا كله: روي عنه أو نُقِل عنه، أو حُكي عنه، أو جاء عنه، أو بلغنا عنه، أو: يُقال، أو يُذكر، أو يُحكى، أو يروى، أو يرفع، أو يعزى، وما أشبه ذلك من صيغ التمريض وليست من صيغ الجزم، قالوا: فصيغ الجزم موضوعة للصحيح أو الحسن، وصيغ التمريض لما سواها.
"حرف الزاي"
(ز)
زحافة: إنكار تسمية الركعتين بعد الوتر جالساً: "زحافة"؛ لعدم النص والعبادات لا يستحدث لها ألقاب لم يرد بها نص شرعي.
زحم: عن بشير بن معبد السدوسي - رضي الله عنه -، وكان اسمه زحم بن معبد، فهاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما اسمك؟ قال: زحم، قال: "بل أنت بشير". وذكر الحديث. [رواه البخاري في "الأدب المفرد"]، قال شارحه: [أخرجه أبو داود، والنسائي، وأحمد، وابن ماجه]. اهـ منه.
زرت قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: كتاب "الصارم المنكي في الرد على السبكي" كتاب جليل القدر، غزير العلم جم الفوائد، وعندي أنه أربى على كثير من كتابات شيخيه شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم – رحمهم الله تعالى ، ومما جاء فيه: " كره مالك- رحمه الله تعالى - : أن يقول القائل: زرت قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، لما يوهم هذا اللفظ من أنه إنما قصد المدينة لأجل زيارة القبر، ولما فيه من تعظيم القبر بإضافة الزيارة إليه مع كونه أعظم القبور على الإطلاق، وأجلها، وأشرف قبر على وجه الأرض .... " إلخ.(1/86)
زعموا: لم تجئ لفظة "زعم" في القرآن إلا في الإخبار عن قوم مذمومين في أشياء مذمومة، فكره الناس المذمومين في أخلاقهم، والكافرين في أديانهم، والكاذبين في أقوالهم. وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بئس مطية الرجل: زعموا". [رواه أبو داود، وغيره].
وقال شريح: "زعموا" كنيةُ الكذبِ. رواه ابن سعد.
على أن "زعم" قد تجيء في "القول الحق المحقق" كما في حديث أنس - رضي الله عنه - الطويل، وفيه: "جاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد أتانا رسولك، فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك قال - صلى الله عليه وسلم -: صدق" [رواه الشيخان وغيرهما].
زكي الدين: قرر أهل العلم على أن هذه النعوت المضافة إلى الدين: مثل زكي الدين، محيي الدين، نور الدين، فخر الإسلام، صدر الشريعة، ونحوها أنها:
إنما حدثت في الأزمنة المتأخرة، أما المتقدمون فهم بريئون من ذلك.
وإنها تقتضي تزكية المرء نفسه، والله تعالى يقول: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}.
وإنها من البدع المنكرة التي عمت بها البلوى.
ولهذا كان أجلة العلماء يتحاشون منها مثل: النووي – رحمه الله تعالى – وابن تيمية – رحمه الله تعالى - .
زمان سوء: أي سبَّ الزمان بمعنى سب الدهر.
قال السكوني: "ويقول قائلهم: "هذا زمان سوء"، وليس لهم في الزمان نفع ولا ضر، فيعود اعتراضهم إلى الفاعل سبحانه وتعالى، ولهذا المعنى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر". أي: فإن الله هو الفاعل وحده دون الدهر وغيره، لأنكم إذا سببتم الدهر؛ لأنه يفعل بكم الضر، وهو في الحقيقة لم يفعل شيئاً، فيصير سبكم للفاعل على الحقيقة، وهو: الله سبحانه. وهو كفر" انتهى.(1/87)
زوج: المحلِّل في النكاح "تيس مستعار" كما سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز تسميته زوجاً إلا على وجه التقييد بأن يُقال: زوج ملعون، أو زوج في نكاح تحليل، أو في نكاح باطل.
الزيارة: قال ابن عبد الهادي – رحمه الله تعالى - : "وقد قال أبو الوليد بن رشد في: "البيان والتحصيل": قال مالك: أكره أن يقال: الزيارة، لزيارة البيت الحرام" اهـ .
"حرف السين"…
(س)
السائب: في "الإصابة" في ترجمة: السائب الغفاري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غيَّر اسمه من: السائب إلى: "عبد الله".
سائر: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : "وتقسيم السائرين إلى الله تعالى إلى: طالب، وسائر، وواصل، أو إلى: مريد، ومراد، تقسيم فيه مساهلة لا تقسيم حقيقي، فإن الطلب، والسلوك، والإرادة، لو فارق العبد: لا نقطع عن الله بالكلية ...".
ثم بين أن هذا التقسيم يكون صحيحاً باعتبار، فاسداً باعتبار، في مبحث مبسوط. ولو كنا ممن يعرف الحق بالرجال لقررت متابعة ابن القيم – رحمه الله تعالى – لكن الحق يهرع إليه الجميع، والمجتهد يخطئ ويصيب، وهذه التسميات للمتعبدين لم يدل عليها دليل، فكيف تصح باعتبار؟ والله أعلم.
السَّامُّ عليكم: تشرع من المسلم جواباً على سلام الكافر، أما جواباً لمسلم، فلا تجوز؛ لأنها دعاء عليه بالسَّامِّ وهو الموت، وهذا اعتداء، ولأنها معاملة للمسلم بما يعامل به الكافر، وهذا اعتداء وهضم للمسلمين، ومخالفة لشريعة رب العالمين.
سبحان الله: من أوابد الأعاجم في الأسامي: تسمية المولود باسم: سبحان الله، وهو من آثار الغلو، والعجمة، ثم هذا اللفظ: "سبحان الله" هو ذكر من الأذكار، فكيف يسمى الشخص به؟ لذا فلا تجوز التسمية به، ويجب تغييره.(1/88)
سبحان اسم ربي العظيم: عند ابن القيم في مبحث الاسم والمسمى، وبيان الفرق بينهما، وأن الاسم هو اللفظ الدال على المسمى والرد على من قال باتحادهما ؛ لحجج منها قوله تعالى: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} ، {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ}، {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} قال - رحمه الله تعالى - : "وهذه الحجة عليهم لا لهم في الحقيقة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - امتثل هذا الأمر، فقال: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي العظيم. ولو كان كما زعموا لقال: سبحان اسم ربي العظيم.
ثم إن الأُمة كلهم لا يجوز لأحد منهم أن يقول: عبدت اسم ربي، ولا: سجدت لاسم ربي، ولا: يا اسم ربي ارحمني، وهذا يدل على أن الأشياء متعلقة بالمسمى لا بالاسم" ا هـ .
سبحان من لا يسهو ولا ينام: لا يصح تقييد هذا التسبيح في سجود السهو.
سبحانك ما عرفناك حق معرفتك: لمحمد بن قطب الدين الأزنيقي – م سنة 885 هـ -، رسالة في شرحها وبيان موقف الناس منها، فمنهم من نسب قائلها إلى الكفر، ومنهم من نسبه إلى الخطأ والخطل ..
سبحاني: في ترجمة أبي يزيد البسطامي من "السير" للذهبي قال: "وجاء عنه أشياء مشكلة لا مساغ لها، الشأن في ثبوتها عنه، أو أنه قالها في حالة الدهشة، والسكر، والغيبة، والمحو، فيطوى، ولا يحتج بها، إذْ ظاهرها إلحاد مثل: سبحاني، و: ما في الجنة إلا الله. ما النار؟ لأستندن إليها غداً، وأقول: اجعلني فداءً لأهلها وإلا بلعتها. ما الجنة؟ لعبة صبيان! ومراد أهل الدنيا. ما المحدثون؟ إن خاطبهم رجل عن رجل، فقد خاطبنا القلب عن الرب" ا هـ .
وإذا لم تكن هذه الكلمات من الإلحاد فما هو الإلحاد؟! نسأل الله السلامة والثبات. آمين.(1/89)
ست النساء: قال ابن النحاس الدمشقي – رحمه الله تعالى – في: "تنبيه الغافلين" (ص392) في مبحث الألفاظ: "وكذلك ما ابتدعوه من تسمية البنت: ست النساء، وست العلماء، وست الفقهاء، وست الكل، وما أشبه ذلك، وهذه أيضاً بدع قبيحة شنيعة؛ إذ يدخل في عموم ذلك اللفظ: الأنبياء، والعلماء، والصالحون. وإن كان المسمي بذلك لا يعتقد دخول من ذكر فهو كذب محض من غير ضرورة، والكذب حرام مع ما في ذلك من الكبر، والتفاخر، والتزكية، وغير ذلك "ثم ذكر حديث برة – رضي الله عنها – ا هـ .
سرير: نقل ابن القيم – رحمه الله تعالى – عن أبي القاسم عبد الله بن خلف المقري الأندلسي – رحمه الله تعالى – في كتابه: "الاهتداء لأهل الحق والاقتداء" نقلاً مطولاً في استواء الله تعالى على عرشه حقيقة، كما يليق بجلاله، وعظمة سلطانه، ثم ذكر سؤالاً للمؤولة، وأجاب عنه فقال: "فإن قال: فهل يجوز عندك أن ينتقل من لا مكان في الأزل إلى مكان؟ قيل له: أما الانتقال وتغير الحال فلا سبيل إلى إطلاق ذلك عليه؛ لأن كونه في الأزل لا يوجب مكاناً وكذلك نقلته لا توجب مكاناً، وليس في ذلك كالخلق؛ لأن كونه يوجب مكاناً من الخلق ونقلته توجب مكاناً، ويصير متنقلاً من مكان إلى مكان، والله تعالى ليس كذلك، ولكنا نقول: استوى من لا مكان إلى مكان. ولا نقول: انتقل، وإن كان المعنى في ذلك واحداً. كما نقول: له عرش، ولا نقول: له "سرير". ونقول: هو الحكيم. ولا نقول: هو العاقل، ونقول: خليل إبراهيم، ولا نقول: صديق إبراهيم، وإن كان المعنى في ذلك واحداً؛ لأنا لا نسميه ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى به نفسه على ما تقدم، ولا ندفع ما وصف به نفسه ... " اهـ .
السريع: من الخطأ المحض عدُّهُ من أسماء الله تعالى. وأنظره في حرف الألف: الأبد.(1/90)
سِسْتر: هذه اللفظة في اللغة الإنكليزية بمعنى: "الأخت" وقد انتشرت النداء بها في المستشفيات للممرضات وبخاصة الكافرات. وما أقبح بمسلم ذي لحية يقول لممرضة كافرة، أو سافرة: يا سستر، أي: يا أختي!
وأما الأعراب فلفرط جهلهم، يقولها الواحد منهم، مُدَلِّلاً على تحضره! نعمْ على بغضِهِ، وكثافة جهله. ومثله قولهم للرجل: "سير" أو: "مستر" بمعنى: سيد فعلى المسلم أن يحسب للفظ حسابه، وأن لا يذُلَّ وقد أعزَّه الله بالإسلام.
السُّكْر "بمعنى الخشية من الله": قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : "وهذا المعنى لم يعبر عنه في القرآن، ولا في السنة، ولا العارفون من السلف بالسكر أصلاً، وإنما ذلك من اصطلاح المتأخرين، وهو بئس الاصطلاح.." إلى آخره وهو مهم.
السلام على الله: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنا إذا كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده السلام على فلان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام" [رواه البخاري ومسلم].
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسألك الفوز بالجنة، أسألك النجاة من النار: قول هذا عقب السلام من الصلاة بدعة، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في "الفتاوى".
السلام على من اتبع الهدى: هذه في هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في مخاطبة أهل الكتاب. وقرر السيوطي المنع منها بين المسلمين؛ لأن مؤداها أن أخاك المسلم غير مهتدٍ.
سلام حار: من العبارات المولدة قولهم: سلام حار، لقاء حار، وهكذا. والحرارة وصف ينافي السلام وأثره، فعلى المسلم الكف عن هذه اللهجة الواردة الأجنبية، والسلام اسم من أسماء الله، والسلام يثلج صدور المؤمنين فهو تحيتهم وشعار للأمان بينهم.(1/91)
السمسار: عن قيس بن أبي غرزة قال: كنّا بالمدينة نبيع الأوساق ونبتاعها، وكنا نسمى أنفسنا: السماسرة، ويسمينا الناس، فخرج إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فسمَّانا باسم هو خير من الذي سمَّينا أنفسنا وسمَّانا الناس فقال: "يا معشر التجَّار، إنه يشهد بيعكم الحلف والكذب، فشوبوه بالصدقة" [رواه أصحاب السنن الأربع].
سوسن: لما كانت تسمية المرأة به منتشرة خارج جزيرة العرب، لهج به المستغربون من أبناء هذه الديار، وهذا دأب ضعفاء الحصانة العقدية والسلوكية، في تلقف كل وافد، ولو علموا أنه في الأصل: اسم لنبات طيب الرائحة؛ لكانوا فيه من الزاهدين.
وبتتبع علمِيَّةِ هذا على مرِّ القرون تبين مع ما ذكر ما يلي:
اسم لامرأة رميت بالبغاء في عهد دانيال عليه السلام، فبرأها الله تعالى، كما يروى في سنن البيهقي.
وهو اسم لأول من نطق بالقدر بالعراق، كما في "سير أعلام النبلاء" للذهبي قال (4/186): "عن الأوزاعي: أول من نطق بالقدر: "سوسن" بالعراق، كان نصرانياً فأسلم، ثم تنصر، فأخذ عنه معبد، وأخذ غيلان القدري عن معبد" اهـ.
فهو من الأسماء المشتركة بين الرجال والنساء: ومنه في الرجال محمد بن مسلم بن سوسن الطائفي.
وهو اسم لأم غائب الرافضة المنتظر المُدعى باسم: محمد بن الحسن العسكري، وقيل اسمها: نرجس، وقيل: صقيل.
السياسة: يلْفتُ نظر القارئ في مواد اللسان العربي، أن ثمة ألفاظ متقاربة المعنى، لكن بالتدقيق يجد بينها فروقاً، وقد أُفردت لذلك مؤلفات، وأُعدت فيه أبحاث، وجملتها معلومة.
والذي يعنينا هنا: أنه لبعض هذه الفروق في معانيها إمَّا فرق من جهة اشتقاقها، أو حقيقتها، أو صيغها، أو استعمالها، أو الحرف الذي تتعدى به كل منها، وهكذا من موجبات الفر، والتفريق؛ لواحد من هذه الأسباب يأتي التحقيق فيما لا يجوز إطلاقه شرعاً على الله – سبحانه وتعالى – أو على رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو على أي من أُمور الشرع المطهر.(1/92)
وقد اعتنى بهذه: اللغوي الشهير أبو هلال العسكري: الحسن بن عبد الله بن سهل، المتوفى بعد سنة 395 هـ ، وذلك في كتابه: "الفروق اللغوية"، وقد ذكر فيه نحو خمسين لفظاً لا يجوز إطلاقها على الله – تعالى - ؛ لما في الفرق من معنى لغوي لا تجوز نسبته إلى الله – سبحانه - . وكثير منها يُسلم له، وبعض جرَّة إليه بعض المناحي الكلامية – عفا الله عنا وعنه – وقد رأيت أن أسوق ما سلم منها شرعاً على مذهب جماعة المسلمين: أهل السنة والجماعة، مساقاً واحداً عند أول فارق ذكره في مقدمته لكتابة، وهو: "الفرق بين السياسة والتدبير".
ثم أحيل إلى هذا الموضوع، في حروفه من هذا الكتاب – إن شاء الله تعالى - :
السياسة: لا يوصف الله – سبحانه به؛ لأن اشتقاقها من النظر في دقيق الأُمور، مشتقة من السُّوْس: حيوان معروف. والأُمور لا تدق عنه سبحانه وإنما يوصف – سبحانه – بالتدبير؛ لأن له صفة الاستمرار، ولهذا قيل في التدبير المستمر: سياسة، قال الله تعالى: {يُدَبِّرُ الأمْرَ}. [ص15، 149، 158].
البداء: أصله الظهور بعد الخفاء؛ لهذا فلا يجوز على الله – تعالى – فلا يطلق على الله لفظ البداء، وهذا بخلاف: "النسخ" وهو: رفع حكم شرعي بآخر. فتقول: نسخ الله هذا الحكم [ص45 – 46]. وقد مضى زيادة بيان في حرف الباء: البداء.
المعرفة: من صفاته – سبحانه – : العلم الذي لا يسبقه جهل، بخلاف المعرفة؛ لهذا فلا يوصف الله – سبحانه – بلفظ عارف، وما تصرَّف عنه [ص/ 62 – 63]. وانظر في حرف العين : عارف.
الشعور: إنما يوصف الله بالعلم سبحانه - أما الشعور، فلا؛ لعدم النص أولاً، ولان الشعور، مشتق من الشَّعر؛ لدقته، والله - سبحانه- لا يدق عنه شيء، فلا يوصف به. [ص64].(1/93)
التلقين: نقول كما قال الله تعالى: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}[النساء: من الآية113] بخلاف: "التلقين" فإنه لا يكون إلا في القول ويقتضي التكرار مرة بعد أُخرى ، ولم يرد به نص. ولهذا: لا يُقال: إن الله يلقن العبد، كما يقال: إن الله يُعلِّمه. [ص65].
علاَّمة: قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [سبأ:48]. إذ صيغة: علاَّم، صيغة مبالغة، والله – سبحانه – موصوف بالعلم التام لما كان ، وما لم يكن، وأن لو كان كيف يكون.
لكن لا يوصف بصيغة المبالغة: "علاَّمة"؛ لأن دخول الهاء تفيد الوصف به بمن يقوم مقام جماعة من العلماء، فهذا للمخلوقين. [ص68 – 69].
الشديد: قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}[هود: من الآية66]. فمن أسماء الله – سبحانه - : القوي، ومن لوازم القوة : القدرة ، بخلاف: "الشديد"؛ ولهذا لم يأت في القرآن الكريم إلا مربوطاً بالعقاب أو العذاب أو الحساب الشديد، وهو كثير، وليس من أسماء الله "الشديد".
قال الله تعالى: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [ الرعد: من الآية13]. فهذا من صفات الله – سبحانه - . انتهى [ص86].
سيد المسلمين: لا تطلق على غير النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي إطلاقها مقيدة نظر، والصحيح الجواز، مثل سيد المسلمين في زمانه.
سيِّد الوُزراء: في ترجمة الوزير ابن هبيرة الحنبلي، المتوفى سنة 560 هـ من "ذيل الطبقات" قال ابن رجب: "وكان الوزير قبل وزارته، يلقب: جلال الدين، وقال يوماً: لا تقولوا في ألقابي: سيِّد الوزير، فإن الله – تعالى – سمَّى هارون: وزيراً، وجاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ وزيريه من أهل السماء: جبريل، وميكائيل، ومن أهل الأرض: أبو بكر، وعمر، وجاء عنه أنه قال: "إن الله اختارني واختار لي أصحاباً، فجعلهم وزراء وأنصاراً" ولا يصلح أن يقال عني: أني سيد هؤلاء السادة " انتهى.(1/94)
السيدة عائشة – رضي الله عنها: ههنا أمور:
السيادة للنساء مثل قول السيدة عائشة، السيدة خديجة، السيدة فاطمة. هذا لم يكن معروفاً في لسان السلف والخير في اتباعهم.
تسمية كل امرأة: "سيدة" مسلمة كانت أم كافرة، صالحة أم فاسقة. هذا لا يجوز؛ لأن تسويد الفاسق والكافر مما نهى عنه الشرع المطهر، ومنه ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بريدة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا تقولوا للمنافق: سيدنا، فإنه إن يكن سيدكم فقد أسخطتم ربكم". [رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي].
ومنه تسمية بعض المحلات التجارية، أو المجلات باسم: "سيدتي"، أو: "سيدتي الجميلة" فينهى عنه لذلك مع ما فيه من إغراء ومخادعة للمرأة، وإخضاع معها يجر إلى خضوعها.
السيد: جمْعُهُ سادة، والسِّيادة تكون للرئيس على القوم، وهو مشتق من السؤدد، وقيل : من السواد، لكونه يرأس على السواد الأعظم من الناس.
ويتعلق بهذا اللفظ عدة أبحاث:
أولاً- إطلاقه على الله تعالى: للبلوي في كتابه: "ألف باء للألباء" بحث مطول فيه (1/231 – 232).
والمفسرون يبحثونه في تفسير "الصمد" من سورة الإخلاص.
ويأتي في حرف الياء بلفظ: يا سيدي.
ثانياً- السيادة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: من استقرأ صيغ الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - الواردة لم يجد فيها لفظ "السيادة"، لا داخل الصلاة ولا خارجها، ومن استقرأ أحاديث الأذان لم يجدها في ذكر "الشهادة بأن محمداً رسول الله". والمحدثون كافة في كتب السنة لا يذكرون لفظ السيادة عند ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -.(1/95)
وقد استقرأ جماعة من المحققين ومنهم الحافظ ابن حجر كما نقله عنه: السخاوي في: "القول البديع"، والقاسمي في "الفضل المبين في شرح الأربعين" للعجلوني إذ قرر – رحمه الله تعالى – أن لفظ "السيادة" لم يثبت في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا في الشهادة له بالرسالة - صلى الله عليه وسلم -، وأنها داخل الصلاة لا تشرع لعدم التوقيف بالنص، وأما خارجها فلا بأس. وهذا نص ما في "الفضل المبين" (ص70 – 71) للقاسمي.
ثالثاً- إطلاقها على المخلوق: عن مطرِّف بن عبدالله بن الشخير – رحمه الله تعالى – قال: قال أبي: انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: أنت سيدنا، قال: "السيد الله"، قالوا: وأفضلنا فضلاً، وأعظمنا طولاً، قال: فقال: "قولوا بقولكم، ولا يستجرينكم الشيطان". [رواه أبو داود، والبخاري في "الأدب المفرد" والنسائي في "عمل اليوم والليلة"]. قال ابن حجر: رجاله ثقات، وقد صححه غير واحد، وقد جاءت أحاديث أُخر فيها إطلاق "السيد" على المخلوق، كما صحيح البخاري في حديث: "قوموا إلى سيدكم" وغيره.
قال ابن حجر في الجمع بينها: "ويمكن الجمع بأن يحمل النهي عن ذلك على إطلاقه على غير المالك، والإذن بإطلاقه على المالك، وقد كان بعض أكابر العلماء يأخذ بهذا، ويكره أن يخاطب أحداً بلفظه، أو كتابته بالسيد، ويتأكد هذا إذا كان المخاطب غير تقي. وذكر حديث بريدة" اهـ .
رابعاً- سيد للفاسق.
خامساً- سيد للمنافق: عن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا للمنافق سيّدنا .." الحديث. [رواه أبو داود، والبخاري في "الأدب المفرد" ونحوه عند الحاكم، وابن أبي الدنيا].
فالنهي يتأكد إذا كان المخاطب غير تقي.(1/96)
سادساً- سيد للكافر: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في: أحكام أهل الذمة: "وأما أن يخاطب بسيدنا، ومولانا، ونحو ذلك؛ فحرام قطعاً، وفي الحديث المرفوع: "لا تقولوا للمنافق: سيّدنا فإن يكن سيدكم فقد أغضبتم ربكم.. " ا هـ
سابعاً- سيد ولد آدم: أي فهو ممتنع في حق غير النبي - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم.
ثامناً- سِيْدي: عده ابن الحنبلي في "سهم الألحاظ في وهم الألفاظ" (ص61)، من الغلط والوهم في اللغة، فلا يقال: لغة: "أنت سِيْدي" في موضع: أنت سيِّدي، بفتح السين وتشديد الياء.
"حرف الشين"
(ش)
شاءت الطبيعة: يأتي في الطبيعة.
الشائي: جاء في بعض نقول الحموية: "الشائي". وهو: اسم فاعل من شاء، من الإخبار عن الله بلفظ الاسم، وليس اسماً من أسماء الله تعالى.
شاءت حكمة الله: المشيئة صفة من صفات الله تعالى والصفة تضاف إلى من يستحقها، ولله تعالى المشيئة الكاملة والقدرة التامة، ومشيئته سبحانه فوق كل مشيئة، وقدرته سبحانه فوق كل قدرة. فيقال: شاء الله سبحانه، ولا يقال: شاءت حكمة الله، ولا يقال: شاءت قدرة الله، ولا: شاء القدر، ولا: شاءت عناية الله، وهكذا من كل ما فيه نسبة الفعل إلى الصفة، وإنما يقال: شاء الله، واقتضت حكمة الله، وعنايته سبحانه. وكل هذه ونحوها، في حرف التاء: "تدخَّل القدر"، من عبارات بعض أهل عصرنا الذين لا يتورعون عن هذه وأمثالها.
الشاطر: هو بمعنى قاطع الطريق، وبمعنى: الخبيث الفاجر. وإطلاق المدرسين له على المتفوق في الدرس خطأ، فليتنبه.
نعم: "الشاطر" في اصطلاح الصوفية، هو "السابق المسرع إلى الله" فانظر كيف سرى هذا الاصطلاح الصوفي إلى تلقينه للطلاب.
شاهنشاه: وفي تاريخ ابن الكثير قال في ترجمة: عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة الديلمي: "وهو أول من تسمى "شاهنشاه". ومعناه: ملك الملوك"اهـ . وقال سفيان بن عيينة: "ملك الملوك: مثل شاهنشاه" [رواه البخاري، ومسلم].
الشديد: ليس من أسماء الله تعالى.(1/97)
الشراب الروحي: ويقولون: الأشربة الروحية للخمر. وهذا من التلبيس ..
شرح القرآن: قال أبو هلال العسكري – رحمه الله تعالى - : "الفرق بين الشرح والتفصيل: أن الشرح: بيان المشروح، وإخراجه من وجه الإشكال إلى التجلي، والظهور؛ ولهذا لا يُستعمل الشرح في القرآن.
والتفصيل هو ذكر ما تضمنته الجملة على سبيل الإفراد؛ ولهذا قال تعالى: {ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} ولم يقل: شُرحت. وفرق آخر: أن التفصيل: هو وصف آحاد الجنس، وذكرها معاً، وربما احتاج التفصيل إلى الشرح والبيان، والشيء لا يحتاج إلى نفسه" انتهى.
شرع الديوان: في "معيد النعم" للسبكي قال: "ومن قبائحهم: أنهم إذا اعتمدوا شيئاً مما جرت به عوائدهم القبيحة يقولون: هذا شرع الديوان لا شرع له، بل الشرع لله تعالى، ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، فهذا الكلام ينتهي إلى الكفر، وإن لم تنشرح النفس لتكفير قائله، فلا أقلَّ من ضربه بالسياط؛ ليكف لسانه عن هذا التعظيم الذي هو في غنية عنه، بأن يقول: عادة الديوان، أو طريقه، أو نحو ذلك من الألفاظ التي لا تنكر" اهـ .
الشريف: قال الهيتمي بعد بحث: "واعلم أن اسم: "الشريف" كان يطلق في الصدر الأول على من كان من أهل البيت، ولو عباسياً، أو عقيلياً، ومنه قول المؤرخين: الشريف العباسي، الشريف الزينبي، فلما ولي الفاطميون بمصر، قصروا الشرف على ذرية الحسن والحسين، فقط، واستمر ذلك إلى الآن" انتهى.
ثم ذكر مطلباً في اتخاذ الشريف للعلامة الخضراء، وأنه لا أصل لها، وإنما حدثت سنة 773 هـ .
أقول: وكذلك لفظ: "الشريف" لم يعرف في الاصطلاح المذكور إلا في القرن الثالث، ولا أصل له. وإنما هو مأخوذ من شرف اتصال النسب بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وجرى الناس عليه. وانظر في حرف السين : السيد.(1/98)
شعبان الأكرم: لا يعرف في السُّنَّة إثبات فضل لشهر شعبان إلا ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من إكثار الصيام فيه، وأما حديث: "فضل شعبان على سائر الشهور كفضلي على سائر الأنبياء" فهو موضوع.
قال ابن عاشور – رحمه الله تعالى: "ولعلَّ هذا الحديث هو الذي حمل الكُتاب على أن يُتْبِعُون اسم شعبان بوصف الأكرم، وهو فُضُوْلٌ زايد" انتهى.
الشعور: لا يجوز إطلاقه على الله - تعالى -.
الشَّعب: لفظ: "الشعب" بهذا المعنى – إطلاقه على الأُمة – هو مصطلح عبراني لدى اليهود، فهو يعني عندهم: "بني إسرائيل" الذي يجمع ثلاثة أوصاف: أنهم أبناء رجل واحد هو: "إسرائيل" أي: يعقوب - عليه السلام - وأن هذا الأب الذي يجمعهم "مختار"؛ لهذا لقبوا أنفسهم: "الشعب المختار" أو "شعب الله المختار" وأن أرضاً واحدة تجمعهم هي: "فلسطين".
فانظر كيف يُساق المسلمون فيُسحبون من شعاراتهم الإسلامية في الألقاب، ويُحشرون تحت مصطلح يهودي منكراً لفظاً ومعنى، يهدم إسلامهم، ويسلبهم حقهم، ويكسبهم ذل التبعية، والتفرق، والتشرذم. إن: "أُمة الإسلام" وإن: "المسلمين" لا يؤمنون بواحد من هذه الأوصاف الثلاثة التي قام عليها هذا اللقب العبراني اليهودي: "الشعب"؛ لأن أخوتهم إسلامهم، والإسلام قد محا كل رابطة دونه، فلا يجمعهم النسب إلى أب واحد وإنما يجمعهم: دين واحد هو: الإسلام.
والمسلمون لا يؤمنون بمبدأ الاختيار، وشغْلِ صكوك الغُفْران، بل هم: أمة مسلمة مكلفة وفق شريعة إسلامية محمدية: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}.
أقول بعد هذا البيان: انظر كيف يُبتلى المسلمون فيستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ، فيهجر لفظ: الأُمة المسلمة إلى لفظ الشعب، ثم يطير به الناس كل مطار، فترى في ديار المسلمين: "جريدة الشعب". "مطبعة الشعب" "كتاب الشعب". "متجر الشعب" وهكذا يؤخذ الناس ضُحى.(1/99)
ومن مواقع الأسف الشديد، أنك لا ترى من نبَّه على هذا، وقاوم هذا المصطلح الوافد، من علماء الأُمة وفقهائها، وإنما انساق الناس إليه كالعنق الواحد، فإلى الله المشتكى.
شكله غلط: هذا اللفظ من أعظم الغلط الجاري على ألسنة بعض المترفين عندما يرى إنساناً لا يعجبه؛ لما فيه من تسخط لخلق الله، وسخرية به.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ *فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار:6- 8]، وقال سبحانه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:4].
شهاب: قال الخطابي: "الشهاب: الشعلة من النار، والنار عقوبة الله سبحانه، وهي محرقة مهلكة ".
وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: ذُكِر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل يقال له: شهاب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بل أنت هاشم" [رواه البخاري في "الأدب المفرد "].
شهيد: قال البخاري – رحمه الله تعالى – في "صحيحه": باب لا يقال: فلان شهيد. قال ابن حجر: أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي، وكأنه أشار إلى حديث عمر. وفي كتاب: "النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح" لمحمد الطاهر بن عاشور، قال (ص118) عن ترجمة البخاري هذه: "هذا تبويب غريب، فإن إطلاق اسم الشهيد على المسلم المقتول في الجهاد الإسلام ثابت شرعاً، ومطروق على ألسنة السلف فمن بعدهم، وقد ورد في حديث "الموطأ"، وفي "الصحيحين": أن الشهداء خمسة غير الشهيد في سبيل الله، والوصف بمثل هذه الأعمال يعتمد النظر إلى الظاهر الذي لم يتأكد غيره، وليس فيما أخرجه البخاري هنا إسناداً وتعليقاً ما يقتضي منع القول بأن فلان شهيد، ولا النهي عن ذلك.(1/100)
فالظاهر أن مراد البخاري بذلك أن لا يجزم أحد بكون أحد قد نال عند الله ثواب الشهادة، إذ لا يدري ما نواه من جهاده، وليس ذلك للمنع من أن يقال لأحد: إنه شهيد، وأن تجري عليه أحكام الشهداء، إذا توفرت فيه، فكان وجه التبويب أن يكون: باب لا يجزم بأن فلاناً شهيد إلا بإخبار من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مثل قوله في عامر بن الأكوع: "إنه لجاهد مجاهد".
ومن هذا القبيل زجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أم العلاء الأنصارية حين قالت في عثمان بن مظعون: شهادتي عليك: لقد أكرمك الله، فقال لها: "وما يدريك أن الله أكرمه" اهـ.
الشوق: "إطلاق على الله تعالى": لابن القيم – رحمه الله – في مواضع من كتبه بحث مطول في هذا اللفظ، وأنه لا يجوز إطلاقه على الله تعالى، فهذا مما لم يرد به القرآن، ولا السنة فإطلاقه متوقف على السمع، ولم يرد به فلا ينبغي إطلاقه، وهذه قاعدة الأسماء والصفات في مبحث مبسوط، والله أعلم.
أما إطلاقه على العبد من أنه يشتاق إلى الله وإلى لقائه فهذا غير ممتنع، ففي دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وأسألك الشوق إلى لقائك" [رواه أحمد، والنسائي، من حديث السائب - رضي الله عنه - عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه -.
شيخ الإسلام: فيه عدة أبحاث وفوائد:
في أول من لقب به: أثر أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال: يا أمير المؤمنين سمعتك تقول على المنبر: اللهم أصلحني بما أصلحت به الخلفاء الراشدين المهديين، فمن هم؟ قال فاغرورقت عيناه، وأهملهما، ثم قال: أبو بكر وعمر – رضي الله عنهما – : إماما الهدى وشيخا الإسلام .. إلخ. ذكره المحب الطبري في "الرياض النضرة" بلا إسناد، وعنه: السخاوي في "الجواهر والدرر" وعنه الكتاني في "التراتيب الإدارية" لكنه لا يصح.(1/101)
والذهبي – رحمه الله تعالى – في "السير" (3/ 204) قال عن ابن عمر – رضي الله عنهما – : شيخ الإسلام" ولعله الصحابي الوحيد الذي نعتهُ الذهبي بذلك. والله أعلم.
لقب بهذا جماعات من أهل العلم منهم: أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي م سنة 227 هـ ، - رحمه الله تعالى – ، قال الإمام أحمد بن حنبل لرجل سأله: عمن أكتب؟ قال: اخرج إلى أحمد بن يونس اليربوعي، فإنه شيخ الإسلام. اهـ .
ومنهم شيخ الإسلام الصابوني (م.سنة 449 هـ - رحمه الله تعالى.
ومنهم أبو إسماعيل الهروي الحنبلي م سنة 481 هـ - رحمه الله تعالى - في جماعة آخرين ذكر منهم السخاوي جملة في "الجواهر والدرر".
في ترجمة الإمام شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك، م سنة 181 هـ - رحمه الله تعالى - قال الذهبي - رحمه الله تعالى - : "وناهيك به شيخ الإسلام، وشيخ الإسلام إنما هو أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – الذي ثبت الزكاة، وقاتل أهل الردة فاعرفه" اهـ .
وفي ترجمة الهكاري من "وفيات الأعيان" أن بعض الأكابر قال له: أنت شيخ الإسلام، فقال: بل أنا شيخ في الإسلام. اهـ .
لا نعرف في علماء الإسلام من فاقت شهرته بهذا اللقب بحيث ينصرف إليه، ولو لم يقرن باسمه، سوى: شيخ الإسلام ابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام النميري الحنبلي السلفي المجتهد المطلق م سنة 728 هـ - رحمه الله تعالى - وقد جفا في حقه أقوام على تتابع القرون سيراً في خط المقاومة الخلفية للعقيدة السلفية، فكفَّروا من لقبه بشيخ الإسلام، حتى ألف الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي كتابه النافع العظيم "الرد الوافر على من زعم أن من لقب ابن تيمية بشيخ الإسلام فهو كافر" فساق فيه من أقوال أهل المذاهب، والفرق، من لقبه بذلك، وقد أبطل الله مناوآتهم، وكشف سريرتهم، ورفع شأن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - ، وكان أرأس المجتهدين في القرون بعد.(1/102)
وقد غلا أقوام في آخرين، من عالم في مذهب، أو شيخ طريقة فأضافوا عليهم من الألقاب ما لا يطاق، وفي العصر الذي نعيش فيه – وأنا أقيد في هذا المعجم المبارك عام 1405 هـ - كثر إطلاق: سماحة الشيخ، وصاحب السماحة على من هم – على العلم وأهله – عالة، وإنما لما لهم من حظ وحظوة في هذه الدنيا؟
وللكنوي - رحمه الله تعالى - له بحث ماتع في: "الفوائد البهية" (ص241 – 242)، ولهذا الأمر السادس أدخلت "شيخ الإسلام" في المناهي اللفظية. والله أعلم.
شيخ شيوخ العارفين: في معيد النعيم للسبكي قال: "المثال الثامن والستون: شيخ الخانقاه، وربما سمي كبير هذه الطائفة: شيخ الشيوخ، وربما قيل: العارفين، وسمعت الشيخ الإمام: يشدد النكير في هذه العبارة، ويقول: شيخ شيوخ العارفين؟! يرددها مراراً منكراً لها، ويقول: لم يقنع بادعاء المعرفة حتى ادعى أنه شيخ شيوخها"اهـ .
الشيطان: فيه مبحثان:
الأول: النهي عن التسمية به.
قال الخطابي: "وشيطان: اشتقاق من الشطن وهو البعد عن الخير، وهو اسم المارد الخبيث من الجن والإنس"اهـ .
وعبد الله بن قرط الأزدي كان اسمه "شيطان" فغيره النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى: "عبد الله".
والثاني: في حكم سبه، ومضي في حرف التاء: تعس الشيطان.
شيء: إطلاقه على الله تعالى. يعني إثبات للوجود، ونفياً للعدم، قال الله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [ الأنعام: من الآية19] والله – سبحانه – كما قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: من الآية11]، لكن لفظ: "الشيء "ليس اسماً لله – تعالى -.(1/103)
وهكذا يُقال: في إطلاق لفظ: "الشيء" على القرآن، لكن جهماً وأتباعه يطلقونه اسماً من أسماء الله؛ حتى يدللوا على: أن أسماء الله مخلوقة، وعلى أن القرآن مخلوق لعموم قول الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [ الزمر:62]. وهذا الاستدلال تلبيس من بِشر وشيخه الجهم. وعلى طريقتهم الضالة: أليس الله يقول: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} ويقول سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}. والله – سبحانه – حيٌّ دائِمٌ لا يموت. والله أعلم.
شيَّعْتُ فُلاناً: قال صالح عن أبيه أحمد بن حنبل – رحمهما الله تعالى -: "حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا هشيم، عن منصور، عن ابن سيرين، أنهُ كان يكره أن يقول: شيَّعْتُ فُلاناً، وقال: إنما يُشيَّع الميت" انتهى.
"حرف الصاد"
(ص)
صاحب الحق في هذه الدنيا مغلوب: لابن القيم – رحمه الله تعالى – في: "إغاثة اللهفان" (2/ 177 – 179) كلام حافل في هذا ونحوه– رحمه الله تعالى – : "وقال: أما الدنيا فإنَّا نرى الكفَّار والمنافقين يغْلِبُون فيها، ويظهرون، ويكون لهم النصر والظفر. والقرآن لا يرِدُ بخلاف الحِسِّ، ويعتمد على هذا الظن: إذا أُديل عليه عدوٌّ من جنس الكفار والمنافقين، أو الفجرة الظالمين، وهو عند نفسه من أهل الإيمان والتقوى، فيرى أن صاحب الباطل قد علا على صاحب الحق، فيقول: أنا على الحقِّ، وأنا مغلوبٌ، فصاحب الحقِّ في هذه الدنيا مغلوبٌ مقهور، والدولة فيها للباطل.
فإذا ذُكِّر بما وعد الله تعالى من حُسنِ العاقبة للمتقين والمؤمنين، قال: هذا في الآخرة فقط.
وإذا قيل له: كيف يفعلُ الله تعالى هذا بأوليائه وأحبَّائِه، وأهلِ الحقِّ؟(1/104)
فإن كان ممن لا يُعلِّلُ أفعال الله تعالى بالِحِكم والمصالح، قال: يفعلُ الله في مُلكِه ما يشاء، ويحكم ما يريد {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الانبياء:23]. وإن كان ممن يُعلِّل الأفعال، قال: فعل بهم هذا ليُعرَّضهم بالصبر عليه لثواب الآخرة وعُلوِّ الدرجات، وتوْفيةِ الأجر بغير حساب.
ولكلِّ أحدٍ مع نفسه في هذا المقام مُباحثاتٌ وإيراداتٌ وإشكالات وأجوبة، بحسب حاصله وبضاعتِه، من المعرفة بالله تعالى وأسمائه وصفاتِه وحِكْمته، والجهل بذلك، فالقلوبُ تغْلِي بما فيها، كالقدْر إذا استجْمعتْ غلياناً.
فلقد بلغنا وشاهدنا من كثير من هؤلاء من التظلُّم للِرَّبِّ تعالى، واتِّهامه، ما لا يصْدُرُ إلا من عدو، فكان الجهْمُ يخرجُ بأصحابِه، فيُوقِفُهم على الجذْمى وأهل البلاء، ويقول: انظروا، أرْحمُ الراحمين يفعلُ مثل هذا؟ إنكاراً لرحمته، كما أنكر حِكمته. فليس الله عند جهمٍ وأتباعه حكيماً ولا رحيماً.
وقال آخر من كبار القوم: ما على الخلق أضرُّ من الخالق. وكان بعضهم يتمثل:
إذا كان هذا فِعله بمحبِّة
فماذا تراهُ في أعادِيه يصْنعُ؟
وأنت تشاهد كثيراً من الناس إذا أصابه نوعٌ من البلاء يقول: يا ربِّ: ما كان ذنبي حتى فعلت بي هذا؟
وقال لي غير واحد: إذا تبتُ إليه وأنبْتُ وعملتُ صالحاً ضيَّق عليَّ رزقي، ونكد عليَّ معيشتي، وإذا رجعْتُ إلى معصيته، وأعْطيْتُ نفسي مُرادها جاءني الرِّزْقُ والعوْنُ، ونحو هذا.
فقلت لبعضهم: هذا امتحان منه، ليرى صِدْقك وصبرك، هل أنت صادقٌ في مجيئك إليه وإقبالك عليه، فتصبر على بلائِه؛ فتكون لك العاقبةُ، أم أنت كاذبٌ فترجع على عقِبك؟
وهذا الأقوالُ والظنونُ الكاذبةُ الحائدةُ عن الصواب مبْنيةٌ على مُقدمتين:(1/105)
إحداهما: حُسْنُ ظنِّ العبدِ بنفسه وبدينه، واعتقادُه أنه قائمٌ بما يجبُ عليه، وتارك ما نُهي عنه ، واعتقادُه في خصْمه وعدُوِّه خلاف ذلك، وأنه تارك للمأمور ، مرتكب للمحظور، وأنه نفْسه أولى بالله ورسوله ودِينه منه.
والمقدمة الثانية: اعتقاده أن الله سبحانه وتعالى قد لا يُؤيد صاحب الدين الحق وينْصُره، وقد لا يجعلُ له العاقبة في الدنيا بوجهٍ من الوجوه، بل يعيش عُمره مظلوماً مقهوراً مُسْتضاما، مع قيامه بما أُمِر به ظاهراً وباطناً، وانتهائه عما نُهِي عنه باطناً وظاهراً، فهو عند نفسه قائمٌ بشرائع الإسلام، وحقائق الإيمان، وهو تحت قهر أهل الظلم ، والفجور والعُدْوان.
فلا إله إلا الله، كم فسد بهذا الاغترار مِنْ عابدٍ جاهلٍ، ومُتديِّن لا بصيرة له، ومُنْتسب إلى العلم لا معْرِفة له بحقائق الدين.
فإنه من المعلوم: أن العبد وإن آمن بالآخرة، فإنه طالبٌ في الدنيا لما لابُدَّ له منه: مِنْ جلْب النَّفْعِ ودفع الضر، بما يعتقد أنه مُستحب أو واجب أو مباحٌ، فإذا اعتقد أنَّ الدين الحقَّ واتِّباع الهدى ، والاستقامة على التوحيد، ومتابعة السُّنة ، ينافي ذلك، وأنه يُعادي جميع أهل الأرض، ويتعرض لما لا يقدر عليه من البلاء، وفوات حُظوظه ومنافعه العاجلة؛ لزم من ذلك: إعراضهُ عن الرَّغبة في كمال دينه ، وتجرده لله ورسوله، فيعرض قلبه عن حال السابقين المقربين، بل قد يُعرض عن حال المقتصدين أصحاب اليمين، بل قد يدخل مع الظالمين، بل مع المنافقين، وإن لم يكن هذا في أصل الدين، كان في كثير من فروعه وأعماله، كما قال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "بادِرُوا بالأعمال فِتناً كقطع الليل المظلم، يُصبحُ الرجل مؤمناً ويُمسي كافراً، ويُمسي كافراً ويُصْبح مؤمناً، يبيعُ دينه بِعرضٍ من الدنيا".(1/106)
صار الله: لا يجوز أن يقال: صار الله؛ لأن صار – وهي فعل ماض ناقص – معناها الانتقال من حال إلى حال، وإنما يقال : كان الله ؛ فإن "كان" – وهي فعل ماض ناقص – تدل على الزمان الماضي من غير تعرض لزواله في الحال أو لا زوال له ، ولهذا في الحديث: "كان الله ولم يكن شيء قبله" ولم يقل: صار الله. والله أعلم.
وانظر: "عمدة القاري" للبدر العيني – رحمه الله تعالى – في شرحه لترجمة البخاري – رحمه الله تعالى -: باب كيف كان بدء الوحي.
وقرر الشارح أنه لا يقال: صار.
فإن أراد منع الإطلاق لعدم النص فذاك، وإن أراد النفي لمذهب الأشاعرة نفاة الأفعال الاختيارية لله تعالى فهذا المقصد مرفوض، والله أعلم.
الصانع: في "بغية الوعاة" للسيوطي ترجمة لضياء بن سعيد القزويني – م سنة 708 هـ - . وقع في كلام الشيخ ضياء الدين إطلاق "الصانع" على الله تعالى، وهو جارٍ في ألسنة المتكلمين، وانتقد عليهم بأنه لم يرد إطلاقه على الله تبارك وتعالى، وأسماؤه توقيفية.
صبأ: في كتاب "المغازي": باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلي بني جذيمة، من "صحيح البخاري" ذكر قصته معهم، وقولهم له: صبأنا.
وفي ترجمة السَّميدع الكناني من "الإصابة" قال: " روى أبو الفرج الأصبهاني من طريق ابن دأب أن خالد بن الوليد لما توجه إلى بني كنانة يقاتلهم، فقالوا: إنا صبأنا . ولم يحسنوا أن يقولوا : إنا أسلمنا، فقتلهم، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - علياً فأعطاهم ديات من قتل منهم ... " الخبر.
صباح الخير: لابن حجر الهيتمي – رحمه الله تعالى – مطلب مهم ذكر فيه جملة ألفاظ هذا نصه: "[مطلب: على أنه تكره التحية بصباح الخير بخلاف صبحك الله بالخير]. ومحل عدم كراهة التحية بكرة النهار حيث لم تكن بألفاظ اليهود المشهورة كصباح الخير، بخلاف نحو صبحك الله بالخير.(1/107)
صباح النور: في "مجلة مجمع اللغة العربية بمصر" مقال ممتع للأستاذ عمر فروخ، قال فيه: "ومعظم الناس إذا حيا بعضهم بعضاً قالوا: صباح الخير أو مساء الخير! والرد على هذه التحية هو: صباح النور – مساء النور، وهذه التحية هي: التحية المجوسية، يعتقد المجوسي بقوتين: الخير، والشر، يمثلهما: النور والظلمة. وللمجوسي إله للخير أو النور، وإله للشر أو الظلمة، وهما يتنازعان السيطرة على العالم، فكان من المعقول أن يحيي المجوس بعضهم بعضاً بقولهم : صباح الخير – صباح النور! ومع أن الإسلام قد أمرنا بأن نأخذ تحية الإسلام: "السلام عليكم" مكان كل تحية أخرى، فلا يزال العرب في معظمهم – من المسلمين ومن غير المسلمين – يتبادلون التحية بقولهم صباح الخير – صباح النور" اهـ .
صبحك الله بالخير: النهي عن الابتداء بها قبل لفظ: السلام.
قال النووي – رحمه الله تعالى -:
"مسألة: إذا ابتدأ المارُّ، الممْرور عليه، فقال: صبحك الله بالخير، أو: بالسعادة، أو: قواك الله أو: لا أوحش الله منك، أو غير ذلك من الألفاظ التي يستعملها الناس في العادة؛ لم يستحق جواباً، لكن لو دعا له قبالة ذلك، كان حسناً، إلا أن يترك جوابه بالكلية، زجراً له في تخلفه، وإهماله السلام، وتأديباً له ولغيره في الاعتناء بالابتداء بالسلام" انتهى.
قال ابن علان في شرحه لها: "هذه الألفاظ كلها لا أصل لها في التحية، ولم يثبت فيها شيء" انتهى.(1/108)
الصّحْوة الإٌسْلاميّة: هذا وصف لم يعلق الله عليه حكماً، فهو اصطلاح حادث، ولا نعرفه في لسان السلف جارياً، وجرى استعماله في فواتح القرن الخامس عشر الهجري في أعقاب عودة الكفار كالنصارى إلى "الكنيسة". ثم تدرج إلى المسلمين، ولا يسوغ للمسلمين استجرار لباس أجنبي عنهم في الدين، ولا إيجاد شعار لم يأذن الله به ولا رسوله؛ إذ الألقاب الشرعية توقيفية: الإسلام، الإيمان، والإحسان، التقوى، فالمنتسب: مسلم، مؤمن، محسن، تقي .... فليت شعري ما هي النسبة إلى هذا المستحدث "الصحوة الإسلامية": صاحٍ، أم ماذا؟؟ ثم إنه يعني أن الإسلام كان في غفوة، وحال عزل في المسجد – كالديانة النصرانية كانت في الكنيسة فحسب – ثم أخذ في التمدد والانتشار، ففي هذا بخصوص الإسلام إغفال للواقع، ومغالطة للحقيقة، وإيجاد جو كبير للتخوف من المتدينين والرعب منهم حتى تتم مقاومتهم، وفي مصطلحات الصوفية كما في رسالة ابن عربي "مصطلحات الصوفية": الصحوة: رجوع إلى الإحسان بعد الغيبة بوارد قوي.
صدقت وبررت: يقولها من يسمع المؤذن في أذان الفجر يقول : "الصلاة خير من النوم" وهو لا يثبت، فليقل السامع مثل قول المؤذن سواء، والله أعلم.
صديق إبراهيم: طرداً للقاعدة العقدية عن أهل السنة والجماعة من أنا لا نسمي الله تعالى ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى ووصف به نفسه، أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - .. فنقول: اتخذ الله إبراهيم خليلاً، كما ذكره الله تعالى في كتابه، ولا نقول: اتخذ الله إبراهيم صديقاً؛ للتوقيف بالنص، والله أعلم.
صدق الله العظيم: نعم صدق الله العظيم {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً} [النساء: من الآية122]، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً} [ النساء: من الآية87].(1/109)
وقول القائل: صدق الله العظيم، ذكر مطلق، فتقييده بزمان أو مكان، أو حال من الأحوال، لابد له من دليل؛ إذ الأذكار المقيدة لا تكون إلا بدليل، وعليه: فإن التزام هذه بعد قراءة القرآن، لا دليل عليه ، فيكون غير مشروع، والتعبد بما لم يشرع من البدع، فالتزامها والحال هذه بدعة. والله أعلم.
الصديق: لا يجوز إطلاق كلمة: "الصديق" على "الكافر"؛ لأن أصل اشتقاق هذه الكلمة في اللغة يدور على: "المحبة والمودة"، والله – سبحانه – يقول: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: من الآية22]، فكيف إذا أُطلقت على كافر لا قرابة معه في نسب ولا سبب؟
ولهذا كانت "الصداقة" عند أهل اللسان هي: اتفاق الضمائر على المودة فإذا أضمر كل واحد من الرجلين مودة صاحبه، فصار باطنه فيها كظاهره، سُمِّيا: صديقين، ولهذا لا يقال: الله صديق المؤمن، كما أنه وليُّه. وقال العسكري – أيضاً – في الفرق بين المحبة والصداقة: "أن الصداقة: قوة المودة مأخوذة من الشيء الصدق، وهو: الصلب القوي، وقال أبو علي رحمه الله تعالى - : الصداقة اتفاق القلوب على المودة، ولهذا لا يقال: إن الله صديق المؤمن، كما يقال: إنه حبيبه، وخليله" انتهى.
ومثلها كلمة: "أخ" أو "أخي" فلا يجوز لمسلم أن يقولها لكافر، وهو ليس أخاً له من نسب أو رضاع.
الصرم: روى البخاري في: "الأدب المفرد"، والحاكم في: "المستدرك"، بإسناديهما عن: ابن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي – وكان اسمه الصرم – فسماه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سعيداً"، وقال: حدثني جدي قال: "رأيت عثمان - رضي الله عنه - متكئاً في المسجد" ورواه أحمد، والبزار، والطبراني، قال الهيثمي: ورجاله ثقات.(1/110)
الصرورة: في الجاهلية تسمية من لم يحج: صرورة، وفي حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا صرورة في الإسلام". [رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم].
صفر "تسمية محرم به": قال النووي في "الأذكار": "فصل: ويكره أن يسمى المحرَّم: صفراً؛ لأن ذلك من عادة الجاهلية".
صفر الخير: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفرة" [متفق عليه].
زاد مسلم: "ولا نوء، ولا غول".
وفي معنى: "لا صفر" أقوال ثلاثة: أنه داء في البطن يعدي؛ ولهذا فهو من باب عطف الخاص: "ولا صفر" على العام: "لا عدوى".
أو أنه نهى عن النّسأ، الذي كانت تعمله العرب في جاهليتها وذلك حينما يريدون استباحة الأشهر الحُرم فإنهم يؤخرونه إلى شهر صفر.
والثالث: أنه شهر صفر؛ إذ كانت العرب تتشاءم به. ولهذا نعته بعْضٌ بقوله: "صفر الخير" منابذة لما كانت تعتقده العرب وهذه لوثة جاهلية من نفسه من نفس لم يصقلها التوحيد بنوره.
صفو الله: للفرق اللغوي بين: "الصفوة والصفو" فإنه: يقال في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صفوة الله"؛ لأن الصفوة: خالص كل شيء، ولا يقال: "صفو الله"؛ لأن الصفو: مصدر سُمَّي به الصافي من الأشياء اختصاراً واتساعاً.
الصفة غير الموصوف: يأتي في حرف الكاف: الكلام غير المتكلم.
الصَّلاة، الصَّلاة:
قولها بعد الأذان، أو بين تسليمات التراويح ، كل هذا من البدع. كما ذكر ذلك ابن مفلح – رحمه الله تعالى -.
صلاة الصُّفْرة: عند بعض العامة في قلب الجزيرة العربية تسمية "صلاة المغرب": صلاة الصفرة. ولا تُعرف في لسان الشرع فتجتنب.(1/111)
الصلاة على رسول الله: قرر جماعة من العلماء – رحمهم الله تعالى كراهة إفراد الصلاة عن السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد وقع الإفراد لعدد من الأكابر كما في مقدمة مسلم لصحيحه، والشافعي للرسالة، وابن عبد البر في "التمهيد"، وللشيخ علي سلطان القاري رسالة في بيان هل يكره إفراد الصلاة عن السلام أم لا؟
الصلاة والسلام على أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - تخصيصه بها دون الثلاثة: أمير المؤمنين الخليفة الراشد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لم يرد تخصيصه بذلك، لكن هذا من فعلات الرافضة، وسريانه إلى أهل السنة فيه هضم للخلفاء الثلاثة قبله – رضي الله عنهم – فليتنبه إلى مسالك المبتدعة وألفاظهم، فكم من لفظ ظاهره السلامة وباطنه الإثم.
صلى الله عليه وسلم "على غير الأنبياء": الصلاة والسلام على غير الأنبياء – تبعاً أو استقلالاً - .. أما على سبيل التبعية فهي جائزة بالإجماع، كما في صيغ الصلاة الإبراهيمية.
وإنما الخلاف على سبيل الانفراد، فهذا فيه نزاع على قولين، فالجمهور منهم الثلاثة: على عدم الجواز فلا يقال: قال أبو بكر - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان المعنى صحيحاً، كما لا يقال: قال محمد عز وجل، وإن كان عزيزاً جليلاً؛ لأن هذا من شعار ذكر الله عز وجل، وحملوا ما ورد في ذلك من الكتاب والسنة على الدعاء لهم ، ولهذا لم يثبت شعاراً لآل أبي أوفى ولا لجابر وامرأته، قال ابن كثير: وهذا مسلك حسن.
صلْعم: في "التذكرة التيمورية": "كلمة صلعم: لا تجوز، بل الواجب التصلية والتسليم: "الفتاوى الحديثية" لابن حجر الهيتمي (1/ 548) المخطوطة، و(ص168) من المطبوعة.
وهذا يدل على أن هذا الاختصار، أو النحت الممقوت من زمن ابن حجر"اهـ .
وابن حجر توفى سنة 974 هـ .(1/112)
وقد أشار إلى إلى المنع من هذا: مِن قبْل: الفيروز آبادي في كتابه "الصلات والبُشر" فقال: "ولا ينبغي أن ترمز الصلاة كما يفعله بعض الكسالى والجهلة وعوام الطلبة، فيكتبون صورة "صلعم" بدلاً من: صلى الله عليه وسلم"اهـ .
وقال الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله تعالى – عنها: "اصطلاح سخيف".
صليت إن شاء الله: في مبحث الاستثناء في الإيمان، وأن السلف كانوا يستثنون في الإيمان المطلق، ومنهم من استثنى في أعمال البر ؛ لأنه لا يعلم وقوعها على الوجه المأمور به المقبول فهو استثناء فيما لم تعلم حقيقته. قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : "واستثنوا أيضاً في الأعمال الصالحة، كقول الرجل: صليت إن شاء الله، ونحو ذلك بمعنى القبول؛ لما في ذلك من الآثار عن السلف، ثم صار كثير من هؤلاء بآخرة يستثنون في كل شيء، فيقول: هذا ثوبي إن شاء الله. وهذا حبل إن شاء الله. فإذا قيل لأحدهم: هذا لا شك فيه، قال: نعم لا شك فيه، لكن إذا شاء الله أن يغيره غيره، فيريدون بقولهم: إن شاء الله: جواز تغييره في المستقبل، وإن كان في الحال لا شك فيه ...."انتهى. وهذا الاستثناء في كل شيء ماض معلوم : بدعة مخالفة للعقل والدِّين.
صمت رمضان كله وقمته: عن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقولنَّ أحدكم: إني صمت رمضان كله وقمته". فلا أدري أكره التزكية، أو قال: لابد من نومة أو رقدة؟ [رواه أبو داود والنسائي بأسانيد حسنة أو صحيحة] اهـ .
الصوفية: لشيخ الإسلام ابن تيمية تحقيقات عظيمة مسهبة في الرد على الصوفية وكشفهم، وفيها تحقيق فائق في ألقابهم ، وألفاظ، وأدعية لهم، منكرة غير مشروعة، وهي منتشرة في مواضع من "الفتاوى" وغيرها. وهذا بيان طرف منها ليقف الناظر عليها ويتطلب الرد عليها في محلها من الفتاوى. وهي:
الصوفية، وأن النسبة إليها حادثة لا تشرع. (36/176– 178).
الفقر: في اصطلاحهم (36/77 – 178).(1/113)
أنت للشيخ فلان، وهو شيخك في الدنيا والآخرة، بدعة. (36/180).
إن الله يرضى لرضى المشايخ ويغضب لغضبهم. (36/180).
الحيرة، وأن مدحها مسلك الملاحدة. (36/189– 190).
الفناء والاصطلاح في المحبة، وبطلانه في اصطلاح الصوفية. (36/190– 191).
رؤوس الأحزاب، الزعماء، سكرة، ونحوها من ألقابهم وألقاب مجالسهم، وهي منكرة مردودة. (36/196).
السماع، وقولهم: السماع شبكة يصاد بها العوام، وإنكاره. (36/200) في ألفاظ أخرى تراها في محلها من هذا الكتاب.
"حرف الضاد"
(ض)
الضمير: الضمير في اللغة هو: المستور. فعيل بمعنى مفعول، وهو: ما ينطوي عليه القلب من خير أو شر، كما في كتب اللغة منها: "مقاييس اللغة"، و"القاموس"، وشرحه ، وفي كتب التعريفات، نحو: الكليات، لأبي البقاء الكفوي، وكتاب: نظرات في اللغة والأدب للغلاييني. ومن مولد الإطلاقات في عصرنا الحاضر قولهم في مجال النفي ذمّاً: فلان لا ضمير له. ومدحاً: له ضمير، وعنده ضمير، وهكذا، ومثله سواء لفظ: الوجدان. وهذا من فاسد المواضعة والاصطلاح فإنه لذلك غابت كلمة التقوى، والمتقي، والإسلام، والمسلم، والصدق، والصادق، خوف الله، خشية الله، ذو دين، ونحوها من ألفاظ العزة، والصلة بالله، وتمجيد دينه وشرعه في الشريعة المطهرة.
ضمان: من المنكر العظيم تسمية "الربا" ضماناً.
"حرف الطاء"
(ط)(1/114)
الطبيعة: لابن القيم - رحمه الله تعالى – تحرير بالغ في هذا الإطلاق وحكمه، هذا نصه: "وكأني بك أيها المسكين تقول: هذا كله من فعل الطبيعة، وفي الطبيعة عجائب وأسرار، فلو أراد الله أن يهديك لسألت نفسك بنفسك وقلت: أخبرني عن هذا الطبيعة: أهي ذات قيمة بنفسها لها علم وقدرة على هذه الأفعال العجيبة ، أم ليست كذلك بل عرض وصفة قائمة بالمطبوعة تابعة له محمولة فيه؟ فإن قالت لك: بل هي ذات قائمة بنفسها لها العلم التام والقدرة والإرادة والحكمة؛ فقل لها: هذا هو الخالق البارئ المصور فلم تسمينه طبيعة ؟ ويا لله من ذكر الطبائع ومن يرغب فيها فهلا سميته بما سمى به نفسه على ألسن رسله ودخلت في جملة العقلاء والسعداء؟ فإن هذا الذي وصفت به الطبيعة صفته تعالى.
طلع سهيل وبرد الليل: قال ابن عبد البر: "ورُوى عن الحسن البصري، أنَّه سمع رجلاً يقول: طلع سهيل وبرد الليل، فكرِه ذلك، وقال: إن سهيلاً لم يكن قط بِحرٍّ ولا برد". وانظر في حرف الميم: مطرنا بنوء كذا وكذا.
طه: تسمية المولود بأسماء سور القرآن، وفواتح السور يأتي في حرف العين: عبد الرسول. وفي حرف الواو: وصال. وأما أنه اسم من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - فإليك البيان ببحث جامع لأسماء نبينا ورسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -:
"طه": آية شريفة من آيات القرآن العظيم، وبها افتتح الله سبحانه هذه السورة، وسميت بذلك. وأما تسمية النبي - صلى الله عليه وسلم - به فلا أصل له.
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى: "ومما يمنع منه التسمية بأسماء القرآن وسورة مثل: طه، ويس، وحم، وقد نصَّ مالك على كراهة التسمية بـ "يس" ذكره السهيلي، وأما ما يذكره العوام: أنَّ: يس، وطه ، من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - فغير صحيح، ليس ذلك في حديث صحيح، ولا حسن، ولا مرسل، ولا أثر.
"حرف الظاء"
(ظ)(1/115)
الظاهر: قرر ابن القيم – رحمه الله تعالى – منع تسمية الإنسان بأسماء الرب تبارك وتعالى، مثل: الأحد والصمد، وتسمية الملوك بالقاهر والظاهر، ونحو ذلك.
الظروف الطارئة: اصطلاح قاصر لا يؤدِّي معنى ما في الشرع: وضع الجوائح.
وبيانه في "المواضعة في الاصطلاح"، ويأتي في حرف الفاء: الفقه المقارن.
ظلمني الله يظلمه: مضى في حرف الخاء: خان الله من يخون.
ظواهر لفظية: تسمية الأدلة من الكتاب والسنة بذلك، وتقدم نقل كلام ابن القيم في ذلك في حرف الخاء بلفظ: خليفة الله. وانظر: "زاد المعاد" (2/37).
"حرف العين"
(ع)
العادات والتقاليد الإسلامية: في جواب للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برقم (282)، هذا نصه: "الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه .... وبعد:
جـ: إن الإسلام نفسه ليس عادات ولا تقاليد ، وإنما هو وحي أوحى الله به إلى رسله وأنزل به كتبه، فإذا تقلده المسلمون ودأبوا على العمل به صار خلقاً لهم وشأناً من شؤونهم، وكل مسلم يعلم أن الإسلام ليس نظماً مستقاة من عادات وتقاليد ضرورة إيمانه بالله ورسوله وسائر أُصول التشريع الإسلامي، لكن غلبت عليهم الكلمات الدارجة في الإذاعة والصحف والمجلات وفي وضع النظم واللوائح، مثل ما سُئِل عنه من قولهم: "وتمشياً مع العادات والتقاليد" فاستعملوها بحسن نية قاصدين منها الاستسلام للدين للإسلامي وأحكامه، وهذا قصد سليم يحمدون عليه غير أنهم ينبغي لهم أن يتحروا في التعبير عن قصدهم عبارة واضحة الدلالة على ما قصدوا إليه، غير موهمة أن الإسلام جملة عادات وتقاليد سرنا عليها أو ورثناها عن أسلافنا المسلمين، فيُقال مثلاً: "وتمشياً مع شريعة الإسلام وأحكامه العادلة" بدلاً من هذه الكلمة التي درج الكثير على استعمالها في مجال إبراز النهج الذي عليه هذه المجتمعات .... إلخ.(1/116)
ولا يكفي المسلم حسن النية حتى يضم إلى ذلك سلامة العبارة ووضوحها. وعلى ذلك لا ينبغي للمسلم أن يستعمل هذه العبارة وأمثالها من العبارات الموهمة للخطأ باعتبار التشريع الإسلامي عادات وتقاليد ، ولا يعفيه حسن نيته من تبعات الألفاظ الموهمة لمثل هذا الخطأ مع إمكانه أن يسلك سبيلاً آخر أحفظ للسانه، وأبعد عن المأخذ والإيهام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
عاشق الله: هذا مما يتسمى به الأعاجم من الهنود، وغيرهم، وهي تسمية لا تجوز، لما فيها من سوء الأدب مع الله – تعالى – فلفظ: "العشق" لا يطلق على المخلوق للخالق بمعنى: محبة الله، ولا يوصف به الله سبحانه.
وانظر في حرف العين: العشق.
عارف: امتناع وصف الله تعالى به.
قال ابن اللحام: "ولا يوصف – الله سبحانه – بأنه: عارف. ذكره بعضهم إجماعاً ، ووصفه الكرامية بذلك". يأتي مفصلاً في حرف الميم: معرفة الله.
وأما تسمية المسلم به فهو من بدوات الصوفية، في مراتب الطريق: سائر. عارف. واصل. وأما وصف المؤمن به فإن شارح الطحاوية رحمه الله تعالى – لما قال الطحاوي – رحمه الله تعالى - : "بعد أن لقوا الله عارفين" قال الشارح: "لو قال: مؤمنين، بدل قوله: عارفين، كان أولى؛ لأن من عرف الله ولم يؤمن به، فهو كافر، وإنما اكتفى بالمعرفة وحدها: الجهْمُ، وقوله مردود باطل" انتهى.
العاص: عن عبدالله بن مطيع قال: سمعت مطيعاً يقول: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: يوم فتح مكة: "لا يقتل قرشي صبراً بعد اليوم إلى يوم القيامة" فلم يدرك الإسلام أحد من عصاة قريش غير مطيع، كان اسمه: العاص فسمَّاه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مطيعاً". [رواه البخاري في "الأدب المفرد"، والدارمي، والطحاوي].(1/117)
عاصية: عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غيَّر اسم: عاصية، وقال: "أنت جميلة". [رواه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وأبو عوانة، وابن حبان، والبخاري في "الأدب المفرد".
العاطي: ليس من أسماء الله، فلا يجوز التعبيد به فلا يُقال: عبد العاطي.
العاقل: يُقال: الله – سبحانه - : هو الحكيم ولا يُقال: العاقل.
عالمية الإسلام: هناك عدد من الأساليب المولدة المعاصرة، منها ما هو صادر عن حسن نية، لتحبيب الإسلام إلى نفوس الشباب، ومنها ما هو استجرار بلا تفكير، ليظهر قائله فضل اطلاع لديه، ومنها ما هو عن سوء سريرة لهضم الإسلام، وكسر حاجز النفرة بينه وبين المذاهب، والتموجات الفكرية المعاصرة، وعلى أي كان السبب فإن الإسلام: لباس وحقيقة، ولباس التقوى ذلك خير، فيتعين على المتكلم، والكاتب، والمؤلف، أن لا يضغط على عكدِ اللسان، ولا يجعل سن القلم على القرطاس، إلا فيما يتسع له لسان الشرع المطهرة، وأن يبتعد عن الأساليب المنابذة له، وقد بينت طرفاً منها في كتاب : "المواضعة في الاصطلاح". والكاتبان الإسلاميان: الأًستاذ أنور الجندي، والأُستاذ محمد بن محمد حسين لهما فضل كبير بعد الله تعالى في بيان ذلك في تضاعيف مؤلفاتهما، وإليك بيان طرف من ذلك:
1- عالمية الإسلام العالمية: مذهب معاصر يدعو إلى البحث عن الحقيقة الواحدة التي تكمن وراء المظاهر المتعددة في الخلافات المتباينة، وهذا المذهب باطل ينسف دين الإسلام، بجمعه بين الحق والباطل، أي بين الإسلام وكافة الأديان، وحقيقته هجمة شرسة على الإسلام.
فكيف نقول: عالمية الإسلام، فنخضع الإسلام لهذا المذهب الفكري العدو الكاسر على الدين؟ ألا فلنقل "الإسلام والعالمية" لنظهر فضل الإسلام، ونحط إلى القاع ما دونه من مذاهب ونحل محاها الإسلام.(1/118)
والفرق أيضاً أنا إذا قلنا: عالمية الإسلام؛ أشعرنا السامع أن الإسلام عالمي يخضع لهذا المذهب، أما إذا قلنا: الإسلام والعالمية فنحن نتبين دين الإسلام وحكمه على هذا الاتجاه الفكري الجديد أو القديم.
2- تطور الفقه الإسلامي: الفقه الإسلامي ثابت لا يتطور؛ لأنه بنفسه يتلاقى مع جميع ظروف الحياة في كافة الأزمان ، والأماكن ، وإنما يقال: الفقه الإسلامي والتطور.
وتلك الدعوة إلى "تطور الفقه الإسلامي" حقيقتها خروج عليه فليتنبه.
3- موقف الإسلام من كذا: كقولهم: الربا وموقف الإسلام منه، السرقة وموقف الإسلام منها، وهكذا، وهذا التعبير فيه استصغار للإسلام، كأن السرقة شيء كبير أمام الإسلام، وكأن أحكامه نحوها فيها ما فيها فهي تنبئ عن الاعتذار والتبرير.
لماذا لا نقول: حكم الإسلام في الربا؟
4- رأي الدين: الرأي في أساسه مبني على التدبر والتفكر ومنها قولهم: "رأي الدين"، "رأي الإسلام"، "رأي الشرع"، وهي من الألفاظ الشائعة في أُخريات القرن الرابع عشر الهجري وهو إطلاق مرفوض شرعاً، لأن "رأي إذا تجاوزنا معناها اللغوي: "رأى البصيرِيَّة" إلى معناها اللغوية الآخر "رأى العلميَّة" والرأي يتردد بين الخطأ والصواب؛ صار من الواضح منع إطلاقها على ما قضى الله به في كتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فهذا يقال فيه: "دين الإسلام" "إن الدين عند الله الإسلام" والله سبحانه يقول {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: من الآية36].
فتشريع الله لعباده يقال فيه: حكم الله، وأمره ونهيه وقضاؤه، وهكذا، وما كان كذلك فلا يقال فيه "رأي" والرأي مدرجة الظن والخطأ والصواب.
ومنها: "الفكر الإسلامي"، و "الفكرة الإسلامية" بمعنى الإسلام؟؟!(1/119)
وكيف يصح أن يكون الإسلام ومصدره الوحي "فكراً"، و"الفكر" هو ما يفرزه العقل، فلا يجوز بحال أن يكون الإسلام مظهراً للفكر الإنساني؟
والإسلام بوحي معصوم والفكر ليس معصوماً، وإذا كان بعض الكاتبين أدرك الخطأ في هذا الاصطلاح فأبدله باصطلاح آخر هو: "التصور الإسلامي"، فإنه من باب رفع آفة بأُخرى؛ لأن التصور مصدره الفكر المحتمل للصدق والكذب.
وهذه المصطلحات المولَّدة، جميعها تعني الكلمة الأجنبية "الأيدلوجية" بمعنى الأصول الإسلامية.
فعلى المسلمين نبذ الاصطلاحات المولدة الركيكة في معناها ومبناها، والتي تقطع الصلة بحبل العلم والإيمان.
عباد الله: إطلاقها لا يتناول من لم يؤمن بشريعة الإسلام، فلا يُقال للكفار من كتابيين، وغيرهم: عباد الله، ولا يُقال للكافر: عبد الله؛ فإن لفظ العبد في القرآن: يتناول من عبد الله، فأما عبد لا يعبده فلا يُطلق عليه لفظ: عبده.
عبَّاد الشمس: هذا اسم لبعض الزهور خارج جزيرة العرب، ويستخلص منه بعض الدُّهان، وبعض الروائح الزكية، وهي مسماة بذلك؛ لانفتاح الزهرة في مواجهة الشمس شروقاُ وغروباً والعبودية لا تكون إلا لله – تعالى - : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} [الحج: من الآية18] لهذا فتسمية هذا النوع من الزهور باسم: عبَّاد الشمس، تسمية فاسدة، فتجتنب.
عبد الدِّين: يجب على من سمي باسم: "عبد الدِّين" أن يغيِّره؛ لأن التعبيد لا يكون إلا باسم من أسماء الله – تعالى – ولفظ : "الدين" ليس من أسماء الله تعالى.
عبد الرسول: التسمية هنا تنتظم الأسماء المحرمة مثل: عبد الرسول.
عبْد السُّبْحان: لايجوز؛ لأنَّه تعبيد لغير اسم من أسماء الله – تعالى - .(1/120)
عبد الجن: سمت بعض العرب أبناءها "عبد الجن" وهذا من التعبيد لغير الله، وهو شرك في التسمية.
عبد الحارث: في ترجمة: الصعب بن منقر؛ كان اسمه "عبد الحارث" فسمَّاه النبي - صلى الله عليه وسلم - "عبد الله"، رواه ابن السكن.
عبد الحجر: في ترجمة: عبد الله بن عبد المدان الحارثي: قال ابن الكلبي: "كان اسمه: عبدالحجر فغيَّره النبي - صلى الله عليه وسلم -" اهـ .
عبد رُضا: في ترجمته: عبد رُضا الخولاني، قال ابن حجر "قلت: أنا أستبعد أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يغير اسمه المذكور" اهـ .
عبد شمس: في ترجمة: عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كان اسمه: عبد شمس فغيره النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى: عبد الله قاله مصعب الزبيري، والطبراني في: الصحابة.
عبد العال: أسماء الله تعالى توقيفية وليس منها "العال" واسمه سبحانه "المتعال" قال تعالى : {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد:9].عبد العزى: في ترجمة سبرة بن أبي سبرة يزيد الجعفي - رضي الله عنه - أن أباه أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: "ما ولدك؟ "قال: عبد العزى، والحارث، وسبرة، فغير عبد العزى، فقال: "هو عبالله"، وقال: "إن خير أسمائكم: عبد الله، وعبدالرحمن، والحارث" [رواه أبو أحمد الحاكم].
عبد عمرو : من التعبيد لغير الله ومثلها: عبد عوف، عبد غنم، عبد الكعبة، عبد كلال، عبد اللات.
في ترجمة: أكنية، من الإصابة: كان جده اسمه عبد اللات، فسماه النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وفد عليه: "عبد الله". وقد أفاد بعض الأُردنيين بأنه يوجد عشيرة في بادية الأُردن باسم: "آل عبد اللات" ولم يغير إلى يومنا هذا، فليتنبه.
عبد المسيح: وقع سؤال أن امرأة مسلمة كلما ولد لها مولود من زوجها المسلم توفي الولود، فقال لها بعض الناس: سميه "عبد المسيح" ليعيش فما حكم التسمية؟(1/121)
فوقع الجواب من الأُستاذ يوسف القرضاوي في كتابه: فتاوى معاصرة (ص465– 466 بما ملخصه: وهو أن هذه التسمية حرام بإجماع المسلمين لعدة أُمور:
أولاً: ما علم من قاعدة الإسلام من تحريم أي اسم معبد لغير الله تعالى.
ثانياً: هذا الاسم خاصة من ضلالات النصارى، والاسم عنوان، والعنوان دليل على المسمى، فهل يسمي المسلم نفسه أو نسله بما يعلن غير ملة الإسلام؟ هذا من أسوأ المنكرات والتشبيهات.
ثالثاً: وإذا اقترن بالتسمية الدافع المذكور في السؤال؛ فهو شرك في القصد والرسم. والله المستعان.
عبد المطلب: حكى ابن حزم في "مراتب الإجماع" تحريم كل اسم معبد لغير الله، حاشا عبد المطلب، لما وقع فيه من خلاف؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين: "أنا ابن عبد المطلب"، لكن هذا لا يفيد جواز التعبيد به؛ لأنه حكاية نسب مضى، فهو من باب الإخبار لا من باب الإنشاء.
عبد مناة: في ترجمة: محمد بن خليفة بن عامر: كان اسمه "عبد مناة" فسماه النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "محمداً".
عبد الوحيد: قال الخطابي في: "شأن الدعاء" بعد أن ذكر من أسماء الله سبحانه وتعالى: الواحد، والأحد قال: "فأما الوحيد فإنما يوصف به في غالب العرف: المنفرد عن أصحابه، المنقطع عنهم. وإطلاقه في صفة الله سبحانه ليس بالبين عندي صوابه، ولا أستحسن التسمية بعبد الوحيد كما أستحسنها بعبد الواحد، وبعبد الأحد، وأرى كثيراً من العامة قد تسموا به ..." اهـ .
وللشيخ شمس الحق عظيم آبادي – رحمه الله تعالى – فتوى قال فيها: "إن التسمية بعبد الوحيد، لا تستحسن؛ لأن الوحيد ليس من أسماء الله سبحانه وتعالى ... " انتهى.
وهذا لأن أسماء الله سبحانه توقيفية، فلا يطلق عليه إلا ما ثبت بالكتاب أو السنة، وعليه فما لم يثبت بهما لا يجوز إطلاقه، ولا التسمية بالتعبيد به.(1/122)
ومثله الغلط في التعبيد بما ليس من أسماء الله تعالى: عبد المقصود. عبد الستار. عبد الموجود. عبد المعبود. عبد الهوه. عبد المرسل. عبد الطالب... فالخطأ في هذه من جهتين: تسمية الله بما لم يسم به نفسه، والتعبيد بما لم يسم الله به نفسه ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
العبقري: منع وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك.
عبَّر القرآن: يأتي في حرف الياء: يحكي القرآن.
عتلة: قال الخطابي في "معالم السنن" (4/127): "و: عتلة؛ معناها: الشدة والغلظة، ومنه قولهم: رجل عُتل: أي شديد غليظ، ومن صفة المؤمن: اللِّيْن والسهولة، وقال: المؤمنون هيِّنون ليِّنون" اهـ .
العتمة: قال البخاري في "صحيحه": باب ذكر العشاء والعتمة، ومن رآه واسعاً. وذكر أطراف أحاديث محذوفة الأسانيد كلها صحيحة مخرجة في أمكنة أُخرى صحيحة حاصلها: ثبوت تسمية هذه الصلاة تارة: عتمة، وتارة: عشاء.
ثم إن الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى – حرر الخلاف على ثلاثة أقوال : الكراهة، والجواز، وأنه خلاف الأولى قال: وهو الراجح.
وقد اختار ابن القيم في التحفة أن التحقيق: كراهة هجر الاسم المشروع "العشاء" واستعمال اسم: العتمة، فأما إذا كان المستعمل هو: الاسم الشرعي ولم يهجر، وأطلق الاسم الآخر أحياناً فلا بأس بذلك، وعلى هذا تتفق الأحاديث، وبالله التوفيق.
عدالة السماء: هذا تعبير حادث في عصرنا، يريدون به: عدل الله – سبحانه – على معنى: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [ الكهف: من الآية49].
فالمراد إن كان كما ذكر فهو حق، والتعبير غير سديد، بل هو قريب من إطلاقات الكلاميين التي لم يأت بها كتاب ولا سنة، كما في قولهم: "قوة خفية" فليجتنب.
عدو الله: عن أبي ذر - رضي الله عنه - سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من دعا رجلاً بالكفر أو قال: عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه".
هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري بمعناه، ومعنى حار: رجع.(1/123)
عدوان: كان الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عدوان الرزيني الحنظلي الأثيثي النجدي – المتوفى سنة 1179 هـ كان اسمه "عدوان"، وقد نقل الشيخ محمد بن حميد عن الشيخ محمد بن فيروز قوله: "قدم علينا، يعني المترجم له، في حياة والدي واسمه: عدوان، فحولت اسمه إلى: عبد العزيز، فكان هو اسمه" اهـ .
عزرائيل: خلاص كلام أهل العلم في هذا: أنه لا يصح في تسمية ملك الموت بعزرائيل – ولا غيره – حديث، والله أعلم.
العُزَّى: اسم صنم في الجاهلية، مأخوذ من اسم الله: العزيز. وهذا من الإلحاد في أسماء الله تعالى.
عزِيْز: قال الخطابي: "وعزيز، إنما غيّره - صلى الله عليه وسلم - لأن العزة لله سبحانه، وشعار العبد: الذلة والاستكانة، والله سبحانه، يقول: عندما يُقرِّعُ بعض أعدائه: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}.
عزَّ جاهك: إضافة الجاه إلى الله تعالى تحتاج إلى دليل؛ لأنه من باب الصفات والصفات توقيفية، فلا يوصف الله سبحانه إلا بما وصف به نفسه أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا دليل هنا يعلم فلا يطلق إذاً.
العشاء: "تسمية المغرب بالعشاء".
قال البخاري في "صحيحه": باب من كره أن يقال للمغرب العشاء.
ذكر بسنده حديث عبد الله المزني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب، قال الأعراب تقول: هي العشاء".
ووجه الكراهة والله أعلم: لئلا يقع الالتباس بالصلاة الأُخرى، وعلى هذا لا يكره أيضاً أن تسمى العشاء بقيد، كأن يقول: العشاء الأُولى، ويؤيده قولهم: العشاء الآخرة، كما في الحديث الصحيح، وقد بسط ذلك الحافظ في الفتح ثم قال:
فائدة: لا يتناول النهي تسمية المغرب عشاء، على سبيل التغليب كمن قال مثلاً: صليت العشاءين؛ إذا قلنا: إن حكمة النهي عن تسميتها عشاء خوف اللبس ؛ لزوال اللبس في الصيغة المذكورة ، والله أعلم .
العشق: فيه أمران:(1/124)
1- منع إطلاقه على الله – تعالى: ذكر ابن القيم – رحمه الله تعالى – خلاف طائفة من الصوفية في جواز إطلاق هذا الاسم في حق الله تعالى، وذكروا فيه أثراً لا يثبت، وأن جمهور الناس على المنع، فلا يقال: إن الله يعشق، ولا عشقه عبده، وذكر الخلاف في علة المنع. والله أعلم.
2- امتناع إطلاقه في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في اعتراضات ابن أبي العز الحنفي ، على قصيدة ابن أيبك؛ لأن العشق هو الميل مع الشهوة، وواجب تنزيه النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ إذ الأصل عصمته - صلى الله عليه وسلم -.
العصمة لله: أسماء الله وصفاته: توقيفية، وهذا اللفظ هو معنى عدد من أسمائه، مثل: الحكيم، الحفيظ، وكقول "الكمال لله" وليس من أسماء الله "الكامل"، ولي في الإطلاقين وقفة، والمشهور أن هذا تعبير لا يجوز في حق الله تعالى إذ العصمة لابد لها من عاصم، فليتنبه.
عُصيَّة: في "الصحيحين" وغيرهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أسلم: سلمها الله، وغِفار: غفر الله لها، وعُصيَّة: عصت الله".
وهذا من ارتباط المعاني بالمباني واشتقاق الأسماء من معانيها.
عفرة: قال الخطابي: "وأما عفرة: فهي نعت للأرض التي لا تنبت شيئاً، أُخذت من العُفْرة: وهي لون الأرض القحلة، فسماها: خضرة، على معنى التفاؤل؛ لتخضر وتمرع" اهـ .
العقد شريعة المتعاقدين: هذا من مصطلحات القانون الوضعي، الذي لا يراعي صحة العقود في شريعة الإسلام، فسواء كان العقد ربوياً أو فاسداُ، حلالاً، أو حراماً، فهو في قوة القانون ملزم كلزوم أحكام الشرع المطهر، وهذا من أبطل الباطل ويغني عنه في فقه الإسلام مصطلح: "العقود الملزمة".
ولو قيل في هذا التقعيد: "العقد الشرعي شريعة المتعاقدين" لصح معناه ويبقى جلْبُ قالب إلى فقه المسلمين، من مصطلحات القانونيين فليجتنب، تحاشياً عن قلب لغة العلم.
عقل: لا يصح تسمية الله تعالى به وهكذا.(1/125)
العقل الفعَّال في السماء: العقول العشرة: يأتي في قوة خفية.
عقيد: تسمية الخمرة الملعونة به، تضليلاً ومغالطة.
العقيقة: جرى الخلاف في معنى العقيقة لغةً على أقوال ثلاثة:
الأول: قول أبي عبيد والأصمعي، وغيرهما، إن أصلها: الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد، وإنما سميت الشاة التي تذبح عنه: عقيقة؛ لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح .. وهذا من تسمية الشيء باسم مُلابسه، وهو من مسلك العرب في كلامها.
الثاني: أن العقيقة هي الذبح نفسه، وبهذا قال أحمد – رحمه الله – وخطأ أبا عبيدة ومن معه.
الثالث: أن العقيقة تشمل القولين، وهذا للجوهري في "الصحاح"، قال ابن القيم: وهذا أولى. الله وأعلم.
وقد جرى الخلاف أيضاً لدى العلماء في حكم إطلاقها على أقوال ثلاثة:
الأول: كراهته؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن العقيقة فقال: "لا يحب الله العقوق" وكأنه كره الاسم، قالوا: يا رسول الله، إنما نسألك عن أحدنا يولد له، قال: "من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل، عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة".
[رواه أحمد في مسنده 2/183، وأبو داود بنحوه برقم 2842، من الأضاحي وترجمه بقول: باب في العقيقة، والنسائي].
وعليه فيقال لها: نسيكة، ولا يقال لها عقيقة.
الثاني: جوازه بلا كراهة. واحتجوا بأحاديث كثيرة منها: حديث سمرة "الغلام مرتهن بعقيقته". وغيره من الأحاديث الصحيحة التي فيها إطلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذا اللفظ عليها.(1/126)
الثالث: ما حققه الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – بعد ذكره الخلاف في "تحفة المودود" (ص54)، بقوله: "قلت: ونظير هذا اختلافهم في تسمية العشاء بالعتمة ، وفيه روايتان عن الإمام أحمد، والتحقيق في الموضعين: كراهة هجر الاسم المشروع من العشاء والنسيكة، والاستبدال به اسم العقيقة والعتمة، فأما إذا كان المستعمل هو الاسم الشرعي، ولم يهجر، وأُطلق الاسم الآخر أحياناً فلا بأس بذلك. على هذا تتفق الأحاديث. وبالله التوفيق" اهـ.
علامة: لا يجوز إطلاقه على الله تعالى.
علماء الرسوم: يصف الصوفية علماء التصوف بأنهم لا رسم لهم، أي ليس لهم ظواهر وعلامات، ولهذا يسمون: الفقهاء وأهل الأثر ونحوهم: علماء الرسوم؛ لأنهم عندهم لم يصلوا إلى الحقائق بل اشتغلوا عن معرفتها بالظواهر والأدلة. وهذا من دراويش المتصوفة نبزٌ لعلماء الإسلام نبز احتقار، لكن الزبد يذهب جفاء، وهل بقي من تراث نافع لجهود المسلمين في خدمة الشريعة إلا ما قام به علماء الرسوم – على حد تعبيرهم - ؟ والله المستعان.
علم الباطن والظاهر: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في بيان منزلة الإرادة: "يريد – أي الهروي – أن هذا العلم – التصوف – مبني على الإرادة، فهي أساسه، ومجمع بنائه، وهو مشتمل على تفصيل أحكام الإرادة، وهي حركة القلب ، وهذا سمى علم الباطن.
كما أن علم الفقه: يشتمل على تفصيل أحكام الجوامع، ولهذا سمَّوْهُ: علم الظاهر" اهـ .
أي أن غلاة المتصوفة سموا: علم الشريعة: علم الظاهر. وسموا علم هواجس النفس: علم الباطن, وهذا من فاسد الاصطلاح، فرحم الله ابن القيم، ما أكثر اعتذاره عن الهروي في سقطاته؟ والله المستعان.(1/127)
العلم اللدنّي: قال الله تعالى في حق الخضر عليه السلام: {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً} [الكهف: من الآية65]. وهو العلم الذي يقذفه الله في القلب إلهاماً بلا سبب من العبد، ولهذا سمي لدنياً والله تعالى هو الذي علم العباد ما لا يعلمون {عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:5].
هذه هي حقيقة العلم اللدني عند الصوفية، وقد كثر في عباراتهم وإطلاقاتهم.
يقول ابن القيم – رحمه الله تعالى – بعد ما مر تلخيصه من مدارج السالكين: "ونحن نقول: إن الحاصل بالشواهد والأدلة: هو العلم الحقيقي، وأما ما يدعى حصوله بغير شاهد ولا دليل : فلا وثوق به وليس بعلم .... إلى أن قال: وأما دعوى وقوع علم بغير سبب من الاستدلال : فليس بصحيح ...
فالعلم اللدني: ما قام الدليل الصحيح عليه : أنه جاء من عند الله على لسان رسوله ، وما عداه فلدُنَّي من لدن نفس الإنسان منه بدأ وإليه يعود، وقد انبثق سرُّ العلم اللدني ورخص سعره حتى ادَّعت كل طائفة أن علمهم لدني" انتهى ملخصاً.
وهذا الاصطلاح من مخترعات الصوفية ومواضعاتها، وإلا فإن العلم اللدني هو: العلم العندي، فعند، ولدنّ في الآية معناهما واحد في لغة العرب التي بها نزل القرآن، فما لم يكن العلم من عند الله على لسان رسول الله؛ فلا يكون من لدنه، والأُمور مرهونة بحقائقها. والله المستعان.
علمه بحالي يغني عن سؤالي: هذا يُحكى عن الخليل عليه السلام لما أُلقي في النار، قال جبريل: عند ذلك: ألك حاجة؟ قال: أما إليك، فلا، قال جبريل: فسل ربك، فقال إبراهيم: حسبي من سؤالي علمه بحالي.
وفي لفظ: علمه بحالي يغني عن سؤالي.
وقد قال ابن تيمية فيه: "كلام باطل"، وفي: تنزيه الشريعة، لابن عراق، نقل عن ابن تيمية أنه موضوع.(1/128)
وقال الألباني في: "السلسلة الصحيحة": "لا أصل له"، ثم قال بعد بحث نفيس: "وبالجملة فهذا الكلام المعزو إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام لا يصدر من مسلم يعرف منزلة الدعاء في الإسلام ، فكيف يقوله من سمانا مسلمين؟" اهـ .
علة فاعلة: من الإلحاد في أسماء الله تعالى تسمية الفلاسفة له: موجباً، أو: علة فاعلة بالطبع، ونحو ذلك.
العلة الفاعلة: العلة الأُولى: يأتي في حرف القاف: قوة خفية.
العلمانية: هذه اللفظة: مصدر صناعي، وكقولهم: علماني، روحاني، ونحوهما، وهو مولد معناه: "اللادينية" ويعني: "فصل الدين عن الدولة" وقيام الدولة في الحكم والإدارة والسياسة على غير الدين. وغايته: فصل الدين عن الحياة، وهي غايةٌ إلحادية فهو مصطلح فاسد لغةً ومعنىً.…وفيه تلبيس، وتضليل، إذْ يجعل هؤلاء المنافقين ، الملحدين – العلمانيين – يخبون ويضعون، ويديرون الأُمة، وهم منافقون، كافرون؛ لرفضهم الإسلام وتحكيمه في الحياة، فلنستعمل الألفاظ التي يستحقونها مما علق عليه الحكم الشرعي في الكتاب والسنة: "كفار"، و"منافقون"، "مرتدون" وعلى أفعالهم الإلحادية: "كفر". "إلحاد". "نفاق" وهكذا، لكن حذار حذار أن نرتب الحكم، أو نطق اللفظ إلا بعد توفر أسبابه شرعاً.
عليك السلام: يكره أن يقولها المسلِّم في الابتداء بصيغة الإفراد.
عليك السلام: إذا قال المسلِّم: السلام عليكم، فلا ينبغي الخلاف أن يقول المُسلِّم عليه: وعليكم السلام، بصيغة الجمع، ولو أجاب بصيغة الإفراد: وعليك السلام؛ لما كان الرد بالمثل، فضلاً عن الأحسن، نبَّه على ذلك ابن دقيق العيد، وفي الجواب بهذه الصيغة خمسة مباحث حررها الحافظ في: "فتح الباري"، فانظرها، و"الإصابة" له (7/383) في ترجمة أُبي بن كعب، وفي "بدائع الفوائد" ذكر أحكام السلام بما لا تجده في محل آخر. والله أعلم.(1/129)
عليك بنفسك: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعاً: "إن أحب الكلام إلى الله: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. وإن أبغض الكلام الله عز وجل: أن يقول الرجل للرجل: اتق الله، فيقول: عليك بنفسك" رواه البيهقي في "شعب الإيمان" بواسطة "كنز العمال".
على غير طهارة: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقيه في بعض طريق المدينة ، وهو جُنُبٌ، فانخنس منه، فذهب فاغتسل ثم جاء، فقال: "أين كنت يا أبا هريرة؟ "قال: كنت جُنباً، فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: "سبحان الله إن المسلم لا ينجس". رواه البخاري في: "كتاب الغسل من صحيحه" قال ابن حجر: "وكان سبب ذهاب أبي هريرة أنه - - صلى الله عليه وسلم - - كان إذا لقي أحداً من أصحابه، ماسحهُ، ودعا له، هكذا رواه النسائي وابن حبان من حديث حذيفة، فلما ظن أبو هريرة أن الجنب ينجس بالحدث خشي أن يماسحه - - صلى الله عليه وسلم - - كعادته فبادر بالاغتسال، وإنما أنكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: "وأنا على غير طهارة ... " انتهى.
عِنبة: في ترجمة: عِنبة، غير منسوبة: كان اسمها: عنبة، فسمَّاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عنقودة".
عِنْدي: انظر حرف الألف أنا.
عون الله: هذا من التسميات التي حدثت في الأُمة بعد اختلاطها بالأعجميين، وإلا فالعرب والمسلمون في صدر الإسلام لا يعرفون مثل هذه الأسماء المضافة: عون الله. ضيف الله. عطا الله. قسم الله. عناية الله. غرم الله. خلف الله. وهكذا.
والنصيحة للمسلم أن لا يسمي بها ابتداء، لكن من سُمِّي بشيء منها، فإن غيَّرها فهو مناسب، وإن بقي وهو على معنى: عون من الله، فلا بأس، وإن كان بمعنى أنه هو عون الله، فهو كذب، والمعنى الأول هو المتبادر.
"حرف الغين"
(غ)
…(1/130)
الغاية تُبرِّرُ الوسيلة: هذا على إطلاقه تقعيد فاسد؛ لما فيه العموم في الغايات، والوسائل، فالغاية الفاسدة لا يوصل إليها بالوسيلة ولو كانت شرعية، والغاية الشرعية لا يوصل إليها بالوسيلة الفاسدة، فلا يوصل إلى طاعة الله بمعصيته. نعم: الغاية الشرعية تؤيد الوسيلة الشرعية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. مع أن لفظ : "تُبرر" هنا غير فصيح في اللسان. والله أعلم.
غراب: قال الخطابي: "وغراب: مأخوذ من الغرب، وهو البعد، ثم هو حيوان خبيث الفعل، خبيث الطعم، وقد أباح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتله في الحل والحرم" اهـ . وفي "الأدب المفرد"، و"التاريخ الكبير" للبخاري بسنده عن رائطة بنت مسلم عن أبيها قال: شهدت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حنيناً، فقال لي: "ما اسمك؟" قلت: غراب، قال: "لا؛ بل اسمك مسلم".
غسل المخ: تركيب عصري مولد يعني: منْ تلوَّث فكره بما يكدر صفوه الفطرة، ونقاء الإسلام، والغسل لا يكون إلا للتنظيف، ففي هذا الإطلاق المولد تناقض بين المبنى والمعنى، فليقل: تلويث المخ، تلويث الفكر، فهلا تُركت مصطلحات الشرع على إطلاقها: مسلم، كافر، منافق، مبتدع، فاسق ... وهكذا؟
غلام رسول: ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – أن إضافة لفظ: "غلام" إلى "الرسول - صلى الله عليه وسلم -" أو "الشيخ" أو "الكبير في القوم" هو مما تسرَّب إلى أهل السنة من غلو الروافض، مريدين به، التعبيد، في مثل قولهم: "غلام علي" أي: "عبد علي"؛ ولهذا لا تجوز هذه الإضافة.
فغلام هنا بمعنى "عبد" فكأن قال: عبد الرسول، وهذا من تعبيد المخلوق للمخلوق. والإجماع على تحريم كل اسم معبد لغير الله – تعالى – مثل: عبد الرسول. عبد الكعبة. ونحوهما. وعليه فيكون "غلام رسول" بمنزلة قوله: "عبد الرسول"، فهو تعبيد لغير الله، فهو محرم بل شرك في التسمية.(1/131)
الغوث: لابن عابدين رسالة باسم: "إجابة الغوث ببيان حال النقباء، والنجباء، والأبدال، والغوث". والغوث من مصطلحات الصوفية. وهو كما في "التعريفات" للجرجاني: "الغوث هو القطب حينما يلتجأ إليه، ولا يسمى في غير ذلك الوقت: غوثاً"اهـ . وللصوفية فيه تعريفات وشروط يأباها الشرع.
غياث: قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : "وأما لفظ: الغوث، والغياث، فلا يُستحق إلا لله، فهو غياث المستغيثين، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره لا بملك مقرب ولا نبي مرسل ... ".
غير المسلمين: هذا من أساليب التميع في هذا العصر، التي كسرت حاجز النفرة من الكفر والكافرين، فلنترك التغيير والتبديل في الحقائق الشرعية، ولنلتزم بها، ولنقل عن عدونا الكافر: يهودي، نصراني، كتابي، وهكذا، حتى ترسم حقيقته بذكر لفظه وعلامته وسيماه. والله أعلم.
الغيرة على الله تعالى: قرر ابن القيم نقض كلام المتصوفة في قولهم: أنا أغار على الله، ولكن يُقال: أنا أغار لله. فالغيرة لله فرض، والغيرة على الله جهل محض. والله أعلم.
"حرف الفاء"
(ف)
…
فائدة: من فاسدة الاصطلاح والجناية على الإسلام وقلب الحقائق، تسمية "الربا" الذي حرَّمه الله ورسوله: "فائدة" و"قرضاً" و"ضماناً" و"معاملة".
وكل هذه تسمية للباطل المحرم بغير اسمه. والربا مكسب محرَّم خبيث، فكيف يلبس هذا اللباس الحسن "القرض"؟ والقرض من محاسن الشريعة، كما أن تحريم الربا من محاسنها. وهكذا، وهذه من مكايد العداء من المرابين وغيرهم، يسمون الربا بغير اسمه ، كما في حال المعربدين، يسمون الخمر بغير اسمها، فليحذر من هذه التسمية كالحذر من مشمولها سواء.
وهذا نظير استحلال الربا باسم: "البيع" وهذا منكر لا يجوز.(1/132)
الفاتحة زيادة في شرف النبي - صلى الله عليه وسلم -: إهداء قراءة القرآن للنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يشرع ومنه إهداء قراءة الفاتحة، وقول بعضهم: "الفاتحة: زيادة في شرف النبي - صلى الله عليه وسلم -" أي: اقرؤوا الفاتحة ليزداد شرفاً - صلى الله عليه وسلم - وهذا إهداء غير مشروع كما تقدم؛ لعدم الدليل عليه، لكن يبقى الدعاء بزيادة شرف النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل هو أمر مطلوب محمود أم الأولى تركه؟ مثل قولهم: زاده الله شرفاً. زاده الله فضلاً وشرفاً. ونحوهما.
الفاتحة: من البدع المحدثة في أعقاب التلاوة وصلاة الجنائز، والتعازي، ومن البدع المركبة في الموالد ، وهكذا.
الفاتحة على روح فلان: من البدع المحدثة: قولهم عند إخبار أحدهم بالوفاة: الفاتحة على روح فلان لاسيما والقراءة لا تصل إلى الموتى على أحد القولين في المسألة. والله أعلم.
فاطمة الزهراء: عند ذكر هذا الاسم لا ينصرف إلا إلى فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُمِّ الحسن، سيدة نساء هذه الأُمة ، تزوجها علي – رضي الله عنه – في السنة الثانية من الهجرة، وماتت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بستة أشهر، وقد جاوزت العشرين بقليل، رضي الله عنها، آمين. ويتعلق بهذا الاسم ثلاثة ألفاظ:
الأول: قول طائفة من غلاة الرافضة الباطنية، يُقال لهم "المخمسة" وهم الذين زعموا أن: محمداً، وعلياً، وفاطمه، والحسن، والحسين، خمستهم شيء واحد ... وزعموا أن فاطمة لم تكن امرأة، وكرهوا أن يقولوا: فاطمة بالتأنيث.
و"المخمسة" فرقة ضالَّةٌ بإجماع المسلمين، وقولهم: "إن فاطم لم تكن امرأة" كفر وضلال مبين.
وكراهتهم: اسم "فاطمة" بالتأنيث، هي كراهة محرمة في دين الله، بل يحرم إطلاق: "فاطم" على فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اعتقادهم.
نعم يجوز لغة: "فاطم" للترخيم، كما في ضرورة الشعر، منه:
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل .....(1/133)
الثاني: قولهم: "فاطمة البتول". أصل لفظة: "بتل" – بفتحات – معناها: الانقطاع. ومنه قيل لمريم – عليها السلام - : "مريم البتول"؛ لانقطاعها عن الرجال. وقيل لفاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فاطمة البتول "لا؛ لانقطاعها عن نساء زمانها فضلاً، وديناً، وحسباً.
الثالث: فاطمة الزهراء: الزهراء: المرأة المشرقة الوجه، البيضاء المستنيرة، ومنه جاء الحديث في سورة البقرة وآل عمران: "الزهراوان" أي: المنيرتان. ولم أقف على تاريخ لهذا اللقب لدى أهل السنة، فالله أعلم.
الفالق: تسمية الله به خطأ محض.
فتح: في ترجمة: سراج التميمي، غلام تميم الداري: ذكر الحافظ ابن حجر حديث ابن منده في قدوم غلمان تميم الداري على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه: أن فتحاً كان يُسرج مسجده - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "من أسرج مسجدنا؟" فقال تميم: غلامي هذا، قال: "ما اسمه؟" قال: فتح، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بل اسمه سراج"، فسماني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سراجاً.
وذكر ابن حجر: أن جعفر المستغفري ضبطه بنون مثقلة بعد الفاء، وآخره جيم، وهو اسم فارسي.
الفتوة: ذكر ابن القيم – رحمه الله تعالى – أن الهروي ذكر من منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة: الفتوة.
والفتوة هي استعمال الأخلاق الكريمة مع الخلق. ثم قال ابن القيم في "مدارج الساكين": "وأصل الفتوة: من الفتى، وهو الشاب الحدث السن، قال الله تعالى عن أهل الكهف: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً} .. فاسم الفتى لا يشعر بمدح ولا ذم كاسم الشاب والحدث . ولذلك لم يجئ اسم: الفتوة في القرآن، ولا في السنة، ولا في لسان السلف، وإنما استعمله من بعدهم في مكارم الأخلاق.(1/134)
وأصلها عندهم: أن يكون العبد أبداً في أمر غيره. وأقدم من علمته تكلم في الفتوة: جعفر بن محمد، ثم الفضيل بن عياض، والإمام أحمد، وسهل بن عبدالله، والجنيد. وغيرهم" اهـ .
وإن هذا الحكم الاستقرائي من ابن القيم – رحمه الله تعالى – أن اسم الفتوة لا أصل له في الوحيين الشريفين، يُبين بجلاء أنه من مستحدث الاصطلاح في التعبُّد، وإن قال به بعض الأكابر، فالأولى عدم استعماله. والله أعلم.
فذ: لا يقال: الله فذ.
قال العسكري – رحمه اله تعالى - : "الفرق الفذِّ، والواحد، أنَّ الفذَّ يفيد التقليل دون التوحيد، يقال: لا يأتينا فلان إلا في الفذ، أي القليل؛ ولهذا لا يقال لله تعالى: فذٌّ، كما يُقال له: فردْ" انتهى.
انظر في حرف الألف: الله فرد.
فرحة بنت: مثل دارج لدى العامة إذا بُشِّر بشيء، وكان على خلاف مراده قال: فرحة بنت. وإن خشي أن لا تصدق البشارة، قال: عسى أن لا تكون فرحة بنت. وهذا من مذاهب الجاهلية التي أبطلها الإسلام، وهو كراهية البنات، وفي ذلك نص يتلى، يقول الله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل:58].
الفريد: قال العسكري – رحمه الله تعالى - : "الفرق بين "الواحد" و"الوحيد" و"الفريد": أن قولك "الوحيد" و"الفريد" يفيد التخلي من الاثنين يقال: فلان فريد، ووحيد، يعني: أنه لا أنيس له، ولا يوصف الله – تعالى – به؛ لذلك" انتهى.
فرعون: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في سياق الأسماء المكروهة في: "تحفة المودود": "ومنها: أسماء الفراعنة، والجبابرة، كفرعون، وقارون، وهامان، والوليد.
فسد الزمان: ومثله: فسد الناس.
فضولي: في "حاشية ابن عابدين" أن من قال هذا اللفظ لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر: فهو مرتد.(1/135)
الفضيل ليس من أسماء الله تعالى؛ لهذا فلا يجوز التعبيد به فلا يقال: "عبد الفضيل" وهو منتشر في بلاد العجم، وهو مما يجب تغييره؛ لأنه تعبيد لغير الله تعالى.
الفعال: تسمية الله بالفعال خطأ محض، مضى في حرف الألف: الأبد.
الفقه المقارن: في إبطال المقارنة بين دين الإسلام وغيره، انظره في كتابي: "المواضعة" وقد عقدت المبحث السابع عشر في ذكر أمثلة لتغيير المصطلحات في الديار الإسلامية.
وذكرت فيه جملة وافرة منها، وأجدها مناسبة لموضوع هذا الكتاب أن أسوق هذا المبحث بتمامة، ثم أُحيل إليه عن الألفاظ الاصطلاحية الوافدة في حروفها من هذا المعجم.
وهذا نصه:
"المبحث السابع عشر: في ذكر أمثلة لتغيير المصطلحات في الديار الإسلامية:
1- الفقه المقارن: هذا اصطلاح حقوقي وافد يُراد به: مقارنة فقه شريعة رب الأرض والسماء بالفقه الوضعي المصنوع المختلق الموضوع من آراء البشر وأفكارهم.
وهو مع هذا لا يساعد عليه الوضع اللغوي للفظ "قارن" إذْ المقارنة هي المصاحبة، فليست على ما يريده منها الحقوقيون من أنها بمعنى "فاضل" التي تكون وازن، إذْ الموازنة بين الأمرين: الترجيح بينهما، أو بمعنى "وازن" لفظاً ومعنى. أو بمعنى "قايس" إذ المقايسة بين الأمرين: التقدير بينهما.
يقول الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه… … فكل قرين بالمقارن يقتدي
وقد اشتق القدامى من مادة القرن "الاقتران" بمعنى الازدواج، فقالوا: "اقترن فلان بفلانة" أي تزوجها، وسمي النكاح "القرآن" وزان الحِصان. وأصل ذلك في لغة العرب، أن العرب كانت تربط بين قرني الثورين بمسد تُسميه "قرنْ" على وزن بقر فسميا "قرنين" وسمى كل منهما قرين الآخر. فلتهنأ الزوجة الراقية بلسان العصر من تسميتها "قرينة" فصاحبها ذلكم الثور؟ وعليه: فهذا الاصطلاح "الفقه المقارن" تنبغي منابذته وضعاً وشرعاً دفعاً للتوليد والمتابعة.(1/136)
انظر: "مجلة اللغة العربية بمصر (1/138– 169). "مغامرات لغوية" (ص78 – 80) عبد الحق فاضل. "المدخل" للزرقا (2/ 955). "أخطاء المنهج الغربي" للجندي (ص 11– 14). كتابي: "الحدود والتعزيرات" (ص 11– 14).
2- القانون: ليعلم أن هذه الكلمة "قانون" يونانية الأصل، وقيل: فارسية، دخلت إلى العربية عن طريق السريانية، وكان معناها الأصلي "المسطرة" ثم أصبحت تعني "القاعدة الكلية" التي يتعرف منها أحكام جزئياتها. وهي اليوم تستعمل في اللغات الأجنبية بمعنى "التشريع الكنسي" وهي في البلاد العربية تستعمل بمعنى "القاعدة" لكل شيء، ثم توسع في استعمالها في الاصطلاح القانون بمعنى "جامع الأحكام القانونية"، فهو عبارة عن مجموعة الأوامر والنواهي الواجب الالتزام بها في البلاد.
والقوانين الوضعية متعددة بتعدد واضعها، ومنها ما هو قديم كقانون حمورابي، والقانون الروماني، ومنها ما هو حديث كالقانون الفرنسي والألماني، والبلجيكي، والإنجليزي، والأمريكي، والإيطالي، والسويسري .... وتسمى في اصطلاح المسلمين "القوانين الوضعية" تمييزاً للشريعة الإسلامية عنها، إذ هي من عند الله تبارك وتعالى، أما القوانين فهي من وضع البشر واختلاقهم.
وعليه فإن هذه اللفظة "قانون" وافدة على مصطلحاتنا، وقد انتزع بسببها "النص الشرعي" و"قول الله تعالى" و"قول رسوله - صلى الله عليه وسلم -" و" الشريعة" و "الشرع الإسلامي".
وانتشارها لدى بعض علماء المسلمين، وتسمية بعض مؤلفاتهم بها لا يبررها.(1/137)
وفي بحث للشيخ أبي شهبة – رحمه الله تعالى – بعنوان : "فضل الشريعة الإسلامية على الشرائع السماوية السابقة، والقوانين الوضعية" قال فيها: "أما القوانين فهي من وضع البشر، ولفظ "القانون" أو "القوانين" عند الإطلاق ينصرف إليها. ولا يجوز أن يطلق عليها شرائع كما يفعل المسلمون ورجال القانون اليوم في مؤلفاتهم ومحاضراتهم، وكذلك لا يجوز ولا ينبغي أن نطلق على التشريعات الإسلامية اسم "القوانين" مهما كان من توافر حسن النية؛ لما في هذا التعبير من اللبس والإبهام" اهـ .
انظر: "مجلة مجمع اللغة العربية" بمصر (19/67 – 68). و"فلسفة التشريع في الإسلام" للمحمصاني (ص16– 18)، و"تاج العروس" للزبيدي (9/ 315)، و"لسان العرب" (7/229)، و"القاموس" (4/261-269). و"ندوة محاضرات رابطة العالم الإسلامي لعام 1394 هـ" (ص17 – 32 ). وكتابي: "التقنين والإلزام".
3- القانون المدني: أو: القانون التجاري. ويسمونه: أبو القوانين. ويعبر عن بعض أقسامه باسم قانون الموجبات. "مجلة الالتزامات". وهذا المركب بجزئية "قانون مدني" لا مكان له في معاجم الشريعة، وقد رفع بوفادته اصطلاحها "كتاب البيوع". وانظر: "مجلة اللغة العربية" بمصر (19/68).
4- قانون العقوبات: أو: قانون الجزاء. كما في العهد العثماني. أو: القانون الجنائي. كما في قوانين مصر القديمة.
وأي من هذه المواضعات غريبة بجزئيها أو بفصل منها عن الاصطلاح الشرعي. فإن التراجم المعقودة لذلك في الشريعة على ما يلي: كتاب الجنايات. كتاب الجراح. ونحو ذلك مما تجده مبسوطاً في كتابي "الجناية على النفس وما دونها". وانظر: "مجلة مجمع اللغة العربية" (19/ 68).(1/138)
5- إعدام المجرم: هذا من أساليب المحدثين في العقوبات الشرعية لقاء الجناية على النفس فيقولون: أعدم الجلاد المجرم. ويقول القاضي في حكمه: حكمت بعقوبة إعدام المجرم .... أي: قتله. والمسموع عن العرب: إعدام الرجل أي: افتقر، وأعدم فلاناً: منعه، وأعدم الله فلاناً الشيء: جعله عادماً له.
ولهذا فإن الوضع اللغوية لا يساعد على ذلكم الاصطلاح، إضافة إلى أنه أجنبي عن المواضعات المعهودة لدى الفقهاء نحو "القصاص من القاتل" "قتل المحارب" وهكذا.
انظر: "مجمع اللغة العربية" بمصر (9/130): من ألفاظ الكتاب المحدثين لأحمد حسن الزيات.
6- الأحوال الشخصية: وهذا الاصطلاح يُعنى به أحكام النكاح والفُرق وتوابعها. وقد اكتسب من الشيوع في العوالم كافة ما لم يكن لغيره. وله من المساوئ بقدر شيوعه. وقد بسطتها في كتابي "معجم المناهي" يسر الله طبعه. وبالله التوفيق.
7- المحامي: كانت كلمة "أفوكاتو" مصر تعني: الوكيل في الخصومات. ثم استبدلها المجمعيون بلفظ "المدره" وهو في لغة العرب: زعيم القوم المنافح عن حقوقهم . ولكن لم يكتب لها الشيوع. ثم ماتت اللفظتان. وعاشت بعدهما كلمة "محامي" على إثر حلول القوانين الوضعية في الديار الإسلامية. ولن تجد لهذا اللفظ في فقه الشريعة أثراً، ولهذا فإن أحكام المحامين والمحاماة هي أحكام الوكالة والوكلاء. وعليه يعقد المحدثون والفقهاء "باب الوكالة" فلماذا نذهب بعيداً عن مواضعاتنا الشرعية؟ وفي مادة "حمى" من القاموس (4/322): "وحاميت عنه محاماةً وحماءً: منعْتُ عنه" اهـ . لكن لا تحس لها بأثر ولا إثارة في اصطلاح الفقهاء، فإذا اعتمدنا هذا الاصطلاح أحيينا سنة الإبعاد عن فقه الشريعة ومصطلحاتها. والله أعلم. "مجلة اللغة العربية" بمصر (7/124).(1/139)
8- نظرية الظروف الطارئة: تعني هذه النظرية: إذا أبرم شخصان عقداً كعقد توريد، أو إجارة، ثم حصل سبب قاهر لا يستطيع معه الوفاء بالتوريد أو استغلال منفعة العين المؤجرة مثلاً، فهل هذا سبب يلغي لزوم هذا العقد تأسيساً على قواعد العدل، والإحسان، ونفي الضرر، أو يبقى ملزماً، لأن العقد لازم شرعاً وقد وقع برضاهما؟
ليعلم أن هذه المواضعة "الظروف الطارئة" اصطلاح كنسي وفرنسي في قضائهما الإداري دون المدني. وهي في اصطلاح القانون باسم "نظرية الظروف المتغيرة".
وفي القانون الإنكليزي باسم "نظرية استحالة تنفيذ التزام تحت ضغط الظروف الاقتصادية التي نشأت بسبب الحرب". وفي القضاء الدستوري الأمريكي باسم "نظرية الحوادث المفاجئة".
على أن هناك طرف مقابل من دول الغرب لم يأخذ بهذه النظرية، وهو الأكثر، وهذا الاصلاح "الظروف الطارئة" لا وجود لمبناه في الفقه الشرعي، لكن محتواه الدالي موجود في الشريعة بصفة موسعة في عدة مظاهر هي على ما يلي:
أولاً: قواعد نفي الضرر، ومنها: "الضرر يزال". "لا ضرر ولا ضرار". "الضرورات تبيح المحظورات". "الضرر الأشد يزال بالأخف". "يدفع الضرر بقدر الإمكان". "ويحتمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام". وهكذا ...
ثانياً: في جملة كبيرة من الفروع الفقهية سواء كانت على سبيل رعاية مصالح المسلمين العامة كالتسعير، ونزع الملكية، ومنع الاحتكار، والحجر لاستصلاح الأديان والأبدان كالحجر على المفتي الماجن المتعالم، وعلى الطبيب الجاهل المتطبب، والمكاري المفلس. أو في سبيل رعاية مصلحة الفرد من المسلمين، كعقد الإجارة عند تعذر استيفاء المنفعة، وذلك مثل الفرَّان عند نزوح أهل المحلَّة، أو حدوث عيب في العين، ونحوه ذلك من الأسباب والتي اتسع لها مذهب الحنفية أكثر من غيرهم.
ثالثاً: وضع الجوائح: وهي ما يصيب الحبوب والثمار مما يتلفها أو يعيبها من برد أو نار ونحوهما؛ للحديث الثابت في ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.(1/140)
فهذه التطبيقات الفقهية سواء من باب التقعيد والتأصيل أو التفريع والتفصيل في غيرها في جملة من الفروع هي: أوسع شمولاً وأكثراً إحاطة وأسبق حكماً من "نظرية الظروف الطارئة".
فالمواضعة على هذا الاصطلاح لدى المسلمين فيها منابذة للمصطلحات الشرعية التي يقف الناظر فيها على معانيها من غير عناء ولا تكلف، أما هذه المواضعة الوافدة ففيها سنة الإبعاد، والتبعية، وقطع فتية المسلمين عن فقههم في شكله وحقيقته، والله المستعان.
9- تكنولوجيا: أي "تِقْنِيَّة" على وزن "عِلْمِيَّة" وهي مصدر صناعي من "التَّقَنْ" بوزن "الْعَلَمْ". والتقن: الرجل الذي يتقن عمله. وما شاع من نطقها بوزن كلمة "الأدبية" أو بوزن كلمة "التربية" فهو خطأ. "مجلة المجمع العلمي العراقي" الجزء الرابع المجلد/33 لعام 1403هـ، (ص313). من ألفاظ الحضارة. لمقرر المجمع محمد بهجت الأثري.
10- الأكاديمية: أي : "المجمع العلمي" أو "الدراسات العليا" وقد عرَّبها الكرماني بلفظ "المحفى" للمكان الذي يجتمع فيه الأحياء، أو المتخصصون، لكنها استثقلت فلم تنتشر. "مجلة مجمع اللغة العربية" بمصر (9/44). "علم اللغة"، لوافي (ص54).
11- الحرية: ونحوها "التسوية". وهي في الشريعة "قواعد العدل والإحسان" انظر: "الإسلام والحضارة الغربية" (ص29).
12- محبة الوطن: وهي محبة الدين وحمايته. "الإسلام والحضارة الغربية" (ص29).
13- المجلس التشريعي: يراد به "أهل الحل والعقد". انظر: "تدوين الدستور الإسلامي" (ص30 – 33).
14- المسئولية التقصيرية: ويقابله في الشريعة "أحكام الضمان". انظر: "التعسف"، لسعيد الزهاوي (ص256).
15- الإيتيمولوجيا: وهو: "علم أًصول الكلمات" أي البحث في أُصولها التي جاءت منها في لغة ما.
تنبيه: لوجيا بمعنى "علم" وهي يونانية الأصل. انظر: "مجلة مجمع اللغة العربية" بمصر (33/128). "مغامرات لغوية"، لعبد الحق فضل (ص203). "علم اللغة"، لوافي (ص10- 11).(1/141)
16- الستيليستيك: وهو"علم الأساليب" أي: أساليب اللغة واختلافها باختلاف فنونها من شعر ونثر. انظر: "علم اللغة" (ص 9-10، 15، 73 مهم).
17- علم الدياليسكتوجي: وهو: "علم اللهجات". وموضوعه: دراسة الظواهر المتعلقة بانقسام اللغة إلى لهجات، وتفرع اللغات العامية من كل لهجة من لهجاتها. انظر: "علم اللغة" (ص6).
18- علم الفونيتيك: وهو: "علم الصوت". وموضوعه: الدلالة الصوتية للألفاظ. انظر: "علم اللغة" (ص7، 33).
19- السيمنتيك: وهو: "علم دلالة اللفظ". انظر: "علم اللغة" (ص7، 33).
20- ليكسيكولوجيا: وهو: "علم المفردات". انظر: "علم اللغة" (ص7).
21- المورفولوجيا: وهو: "علم البنية" أي بنية الكلمة. انظر: "علم اللغة" (ص7، 15، 71).
22- الفيلولوجيا: وهو: "علم آداب اللغة وتاريخها". انظر: "علم اللغة" (ص13، 14).
23- الدياليكتولوجيا: وهو: "اللغة العامية". "علم اللغة" (ص66).
24- الجرامير: وهو: "قواعد اللغة". "علم اللغة" (ص9).
25- السوسيولوجيا: وهو: "علم الاجتماعية". "علم اللغة" (ص27، 61).
26- السيكولوجيا: وهو: "علم النفس". "علم اللغة" (ص24، 26).
27- الفيزيولوجيا: وهو: "علم وظائف أعضاء الإنسان". "علم اللغة" (ص26، 32).
28- الأونوماستيك: وهو: "علم أُصول الأعلام" أي أعلام الأشخاص والقبائل والأنهار. "علم اللغة" (ص11).
29- البيولوجيا: وهو : " علم الحياة". "علم اللغة" (ص32).
30- الأنثروبولوجيا: وهو: "علم الإنسان". "علم اللغة" (ص32).
31- الجيولوجيا: وهو: "علم طبقات الأرض" أو "علم الأرض". وأول من سمى ذلك بالجيولوجيا هو "دولوك" عام 1778م. "مجلة مجمع اللغة" بمصر (14/166- 172) بحث في كلمة: جيولوجيا.
32- بيداغوجيا: وهو: "علم التربية". "مجلة مجمع اللغة" بمصر (33/128).
33- ديموغرافيا: وهو: "علم السكا ". "مجلة مجمع اللغة" بمصر (33/128).
34- تيولوجيا: وهو: "علم تشكيل الإنسان". "مجلة مجمع اللغة" بمصر (33/128).(1/142)
35- السنتكس: وهو: "علم تنظيم الكلمات" أي تقسيمها وأحوالها من تذكير وتأنيث .... ومن فصائله "علم النحو" من أبحاث "السنتكس التعليمي" لدى الفرنجة. "علم اللغة" (ص8 – 9).
إلى غير ذلك من المواضعات الدخيلة مما نجد التنبيه عليها منتشراً في عدد من بحوث المعاصرين كقولهم: "قاعة البحث" في "مجلة مجمع اللغة العربية" (1/ 106، 2/ 119) وقولهم: "التعسف في استعمال الحق" وهذا الاصطلاح هو عين التعسف وقولهم: "البرلمان، ومجلس الشيوخ" كما في "مجلة اللغة العربية" بمصر (1/114– 19، 8 /133)، وقولهم: "التأمين التعاوني" ونحوها مما أرجو أن يُهيء الله من يجمع هذه المصطلحات ويناقشها على ميزان اللغة والشرع. والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وسلم .. " انتهى.
فقير: في حكم وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - به. قال الكتاني – رحمه الله تعالى - : بعد بيان ما فتح الله على نبيه - - صلى الله عليه وسلم - - من خزائن الأرض: "قال الحليمي – كما في شعب الإيمان - : من تعظيمه عليه السلام أن لا يوصف بما هو عند الله من أوصاف الضعة، فلا يُقال: كان فقيراً، وأنكر بعضهم إطلاق الزهد عليه، وقد ذكر القاضي عياض في "الشفا" وعنه التقي السبكي أن فقهاء الأندلس أفتوا بقتل صالح الطليطلي وصلبه؛ لتسميته النبي - صلى الله عليه وسلم - : يتيماً، وزعمه أن زهده لم يكن قصداً ولو قدر على الطيبات أكلها- هـ .(1/143)
الفكر الديني: الإسلام ليس مجموعة أفكار، لكنه وحي منزَّل من ربِّ العالمين في القرآن العظيم، وفي سنة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [لنجم:4].أما الفكر فهو قابل للطرح والمناقشة ، قد يصح وقد لا يصح؛ لهذا فلا يجوز أن يطلق عليه: "فِكْر"؛ لأن التفكير من خصائص المخلوقين، والفكر يقبل الصواب، والخطأ، والشريعة معصومة من الخطأ، ولا يقال كذلك: "المفكر الإسلامي"؛ لأن العالم الذي له رُتْبَةُ الاجتهاد، والنظر، مقيد بحدود الشرع المطهر، فليس له أن يفكر، فيُشرِّع، وإنما عليه البحث وسلوك طريق الاجتهاد الشرعي لاستنباط الحكم. نعم يطلقون: "الفكر الإسلامي" في عصرنا، مريدين قدرته على الاستنباط، ونشر محاسن الإسلام، فمن هنا يأتي التَّسمُّح بإطلاقها، والأولى اجتنابها. فلاسفة الإسلام: ليس للإسلام فلاسفة، وليس في ألفاظهم فصاحة ولا بلاغة.
الفناء: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : "لم يرد في الكتاب، ولا في السنة، ولا في كلام الصحابة والتابعين مدح لفظ: الفناء، ولا ذمه، ولا استعملوا لفظه في هذا المعنى المشار إليه البتة، ولا ذكره مشايخ الطرق المتقدمون، ولا جعلوه غاية، ولا مقاماً، ونحن لا ننكر هذا الفظ مطلقاً، ولا نقلبه مطلقاً" .. إلى آخره ما ذكره مبسوطاً. بلى: ننكر مطلقاً، وعلى المعترض الدليل، ودونه خرط القتاد. والله المستعان.
في ذمة الله: قولهم في حق المتوفَّى: في ذمة الله ، فطرداً لقاعدة التوقيف فلا يطلق هذا اللفظ، ولا يستعمل. والله أعلم.
"حرف القاف"
(ق)
القائم: من الخطأ المحض جعله من أسماء الله سبحانه وتعالى؛ لأن أسماء الله توقيفية، ولم يرد في هذا حديث صحيح، ومضى بحثه في حرف الألف: الأبد.
قارون: انظر في حرف الفاء: لفظ "فرعون".(1/144)
القاسم: عن جابر - رضي الله عنه - قال: ولد لرجل منا غلام فسماه: القاسم، فقلنا: لا نكنيك أبا القاسم، ولا كرامة، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "سم ابنك عبد الرحمن". [رواه البخاري في صحيحه].
قاضي القضاة: مضى في حرف الألف: أقضى القضاة.
قال الرسول: في "الطبقات" للسبكي قال: "قال الحسين: سمعت الشافعي يقول: يكره للرجل أن يقول: قال الرسول. ولكن يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ليكون معظماً.
القانون: تقدم , ومثله: القانون المدني، قانون العقوبات.
قبح الله وجهه: عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقولوا: قبح الله وجهه". رواه البخاري في "الأدب المفرد"، وابن خزيمة في "التوحيد"، وابن حبان والطبراني في: كتاب "السنة"، والخطيب من حديث ابن عمر.
قتْرة: قال الخطابي: "اسم إبليس، ويقال: كنيته: أبو قِترة، وابن قترة: حية خبيثة" اهـ .
قتل الحسين بسيف جده: نُسبت هذه المقولة للمؤرخ ابن خلدون، وقد تعقبه فيها الهيتمي، ودافع الحافظ ابن حجر العسقلاني عن ابن خلدون، بأنها لم توجد في تاريخ ابن خلدون، ولعله ذكرها في النسخة التي رجع عنها. والصحيح أنها مروية عن ابن العربي المالكي فقال: "إن الحسين قُتل بشريعة جده" يعني: لو أخذ رأي ومشورة كبار الصحابة، ولزم بيته، وترك الالتفات إلى أوباش الكوفة؛ لما كان ما كان.
القديم: في منظومة المقدسي لمفردات الإمام أحمد – رحمه الله - قال: الحمد لله القديم الأحد الواحد الفرد العظيم الصمد. وفي منظومة السفاريني في العقيدة قال: الحمد لله القديم الباقي مسبب الأسباب والأرزاقِ.
وبما أن أسماء الله تعالى توقيفية فإن لفظ "القديم" لا يرتضي السلف تسمية الله به؛ لعدم ورود النص به، لكن يصح الإخبار به عن الله تعالى؛ لأن باب الإخبار والصفات أوسع من باب الإنشاء والأسماء. والله أعلم.(1/145)
قد دعوت فلم يستجب لي: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي". رواه مالك في الموطأ، وبأتم منه في الصحيحين وغيرهما.
قد أعظم الفرية: في "صحيح ابن حبان" قال: "ذكر تعداد عائشة قول ابن عباس الذي ذكرناه من أعظم الفرية".
ثم ساق بسنده عن مسروق بن الأجدع، أنه سمع عائشة تقول: أعْظم الفرية على الله من قال إن محمد - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه، وإن محمدا - صلى الله عليه وسلم - كتم شيئاً من الوحي، وإن محمداً - صلى الله عليه وسلم - يعلم ما في غدٍ ... ، الحديث.
قال الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله تعالى – في الحاشية: "قال إمام الأئمة ابن خزيمة في "كتاب التوحيد" (ص127) كلمة يعقب بها على قول عائشة، هي من أعلى ما رأينا من الكلم في النقد الأدبي الممتاز، قال: "هذه لفظة أحسب عائشة تكلمت بها في وقت غضب، كانت لفظة أحسن منها، يكون فيها درك لبغيتها؛ كان أجمل بها. ليس بحسن في اللفظ أن يقول قائل أو قائلة: قد أعظم ابن عباس الفرية، وأبو ذر، وأنس بن مالك، وجماعات من الناس؛ الفرية على ربهم! ولكن قد يتكلم المرء عند الغضب باللفظة التي يكون غيرها أحسن وأجمل منها" انتهى.
قدَّس الله حجتك: قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : "وأما زيارة بيت المقدس فمشروعة في جميع الأوقات ... وليس السفر إليه مع الحج قربة. وقول القائل: "قدَّس الله حجتك" قول باطل لا أصل له" انتهى.
قدَّس الله سِرّه: هذه من أدعية المتصوفة، والروافض، والسرُّ عندهم: سر الأسرار والروح الطاهرة الخفية. وقد سرت إلى بعض أهل السنة، ولو قيل: قدَّس الله روحه، فلا بأس.(1/146)
القرآن قديم: عقيدة أهل الإسلام مِنْ لدُنِ الصحابة – رضي الله عنهم – إلى يومنا هذا هي ما أجمع عليه أهل السنة والجماعة: من أن القرآن العظيم: كلام الله – تعالى – وكانت هذه العبارة كافية لا يزيدون عليها. فلما بانت في المسلمين البوائن، ودبت الفتن فيمن شاء الله، فاه بعض المفتونين بأقوال، وعبارات يأباها الله ورسوله والمؤمنون، وكلها ترمي إلى مقاصد خبيثة ومذاهب ردئية ، تنقض الاعتقاد، وتفسد أساس التوحيد على أهل الإسلام، فقالوا بأهوائهم، مبتدعين: القرآن مخلوق، خلقه الله في اللوح المحفوظ أو في غيره. القرآن قديم. القرآن حكاية عن كلام الله. القرآن عبارة عن كلام الله. القرآن ليس كلام الله لكن عبارة عنه. القرآن حكاية عن المعنى القديم القائم بالنفس. القرآن عبارة عن المعنى القديم. القرآن صفة فعل لا صفة ذات.
قول اللفظية منهم: لفظي بالقرآن مخلوق. القرآن قديم، وهو معنى قائم بنفسه تعالى، ليس بحرف ولا صوت. القرآن قول جبريل وعبارته، ألَّفه بإلهام الله له. كتاب الله غير القرآن.
القرآن حكاية كلام الله: هذا اللفظ من أواب : عبد الله بن سعيد بن كلاب، فهو أول من قال ذلك، كما قاله الذهبي – رحمه الله تعالى - .
وهو يرمي بهذا القوم الفاسد إلى إنكار صفة الكلام لله تعالى، وأن الكلام صفة ذاتية قائمة بالله ليس من الصفات الاختيارية. وهذا من عبارات أهل البدع التي يطلقونها، وهم يرمون إلى مقاصد ينكرها أهل الملة قاطبة.
وقد نقض أبو الحسن الأشعري علي ابن كلاب مقالته، واستبدلها بأُخرى على شاكلتها: "القرآن عبارة عن كلام الله". وهذه وأمثالها إطلاقات حادثة، تحمل مقاصد عقدية باطلة.
القرآن صنعه الله: الصُّنع: إيجاد الفعل قال الله تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [ النمل: من الآية88]. والقرآن العظيم: كلام الله حقيقة على الوجه اللائق بعظمته وجلاله. لهذا فلا يُقال: القرآن صنع الله.(1/147)
ولا أعرف هذا الإطلاق لدى من مضى حتى من القائلين بالمقالة الكفرية: "القرآن مخلوق"، وإنما رأيتها في كلام بعض أهل عصرنا على عادتهم في التسمُّح بإطلاق الألفاظ، وعدم العناية والتوقي فيها. ومنه مرورها في مقدمة الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة – رحمه الله تعالى – لكتابه النفيس: "من أساليب القرآن الكريم" ولا نشك أنها عبارة درج بها القلم دون اعتقاد لمؤداها المتبادر: صنع، بمعنى: خلق، فالله يتجاوز عنَّا وعنه.
قرأت القرآن كله: قال ابن أبي شيبة في المصنف: "من كره أن يقول: قرأت القرآن كله ... وأخرج بسنده عن أبي رزين قال: قال رجل لحية بن سلمة - وكان من أصحاب عبد الله -: قرأت القرآن كله، قال: وما أدركت منه؟
وأيضاً عن ابن عمر أنه كان يكره أن يقول : قرأت القرآن كل " اهـ .
قرض: من المنكر العظيم تسمية الربا: قرضاً.
القسر: مثل لفظ الجبر، فإن أُريد أن الله جعل العبد مريداً فهذا حق، لكن تبقى المنازعة في اللفظ : لغة ومعنى؛ لما في القسر من معنى الإكراه والجبر. وإن أُريد به: القسر بمعنى الجبر وهو أنه لا اختيار للعبد ولا قدرة، فهذا قول الجبرية ، وهو من أبطل الباطل، ويبطل الشرائع.
قشور: تسمية فروع الديِّن: قشوراً. وأركانه: لباباً، وهذا من فاسد الاصطلاح وأعظمه خطراً، فتوقَّه ... "ولولا القشر لفسد اللباب ". ومثله في المنع في عبارات المعاصرين: هذه أُمور سطحية، أو فروعية، أو هامشية ليست ذات بال ...
قصعة من ثريد خير من العلم: مذكورة في ألفاظ الردة، نسأل الله السلامة.
القطب: من الإطلاقات المبتدعة، ومضى في حرف الغين: بلفظ: الغوث.
قمر الأنبياء: هذا من الأسماء الرائجة في بعض بلاد العجم، وهو كذب وتعالٍ على مقامات الأنبياء، ولا يقول: "إن الولي فوق مقام النبي" إلا ضُلاَّل الطرقية؛ لهذا فلا يجوز التسمي به ويجب تغييره.
قوَّاك الله: الابتداء بها قبل السلام عند اللقاء: خلاف السنة. مضى في حرف الصاد: صبحك الله بالخير.(1/148)
قوة خفية: أصل هذه العبارة ومثيلاتها: قوة مدبرة. قوة عليا. العقول العشرة. القوى الصالحة في النفس. الجواهر العقلية. العقل الفعال في السماء. العقل المدبِّر.
من إطلاقات الفلاسفة على "الملائكة"؛ لأنهم ينكرون حقيقتهم على تفصيل مذاهبهم، وقد رد عليهم علماء الإسلام وانتشرت ردودهم ، وإبطال مقولاتهم.
ونظيرها في حق الله تعالى تسمية الفلاسفة لله تعالى بقولهم: "علة فاعلة" وهذا من الإلحاد في أسماء الله تعالى. ومن هذه الأسماء الإلحادية التي سموا بها "الرب" سبحانه وتعالى: المبدأ. العلة الأولى. ثم انتقلت هذه العبارات وأمثالها إلى كتابات بعض المعاصرين الذين يعتملون التوسع في الأُسلوب، فأطلقوا هذا العبارات على الله تعالى، فقالوا عن الله: إنَّه قوة مدِّبرة. وهذا تعبير بدعي حادث، والقوة إنما هي وصف لله تعالى، كما في قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذريات:58].
و"القوي" من أسمائه سبحانه كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [ الحج: من الآية40 - 74]، فمن أسمائه سبحانه: "القوي".
ونقف حيث ورد النص؛ فالله "ذو القوة المتين"، والله هو "القوي العزيز"، ولا نقول: قوة مدبرة، ونحوها، كما لا نقول: أن الله تعالى: "عِزَّةٌ عظيمة" و"قدرة عظيمة" و"حقيقة كبرى". فكل هذه ألفاظ بدعة يجب التحاشي من التعبير بها، وإطلاقها على الله القوي العزيز القادر سبحانه وتعالى.
ومثلها في الابتداع: "مهندس الكون"، و"مبرمج المعلومات". واللفظ الأول من إطلاقات الماسونية، كما نصوا على ذلك في كتبهم، فخصوا التعبير عن الله بأنه "مهندس الكون"، تعالى الله عن قولهم.
وهو كسابقه في الابتداع، والله سبحانه هو: خالق كل شيء وهو مبدع الكون، وبارئ النسم: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: من الآية54].(1/149)
وأما "مبرمج المعلومات" فهو إطلاق أكثر حدوثاً في أعقاب ظهور "الحاسوب" ونحوه من الآلات التي تُدْخلُ بها المعلومات.
إضافة إلى أن لفظ "مهندس" وأصله "مهندز" – ولفظ "برمجة": ليسا من فصيح كلام العرب.
فكيف يطلق على الله ما لم يرد به نص ، وما في عربية لفظه اختلال؟
كل هذا منكر من القول ومرفوض، وابتداع في دين رب العالمين.
فواجب على كل مسلم التنبه لهذا، والتوقي من هذه الإطلاقات وإن وقع بها بعض من يُشار إليهم من المعاصرين.
القوة الخبيثة: هذه من إطلاقات المناطقة على الشياطين: ومرادهم بهذا: إنكار حقيقة الشياطين.
قوَّى الله ضعفك: عن عبد العزيز بن أبي رجاء قال: سمعت الربيع يقول: مرض الشافعي فدخلت عليه فقلت: يا أبا عبد الله "قوى الله ضعفك" فقال: يا أبا محمد، والله لو قوى الله ضعفي على قوتي أهلكني، قلت: أبا عبد الله ما أردت إلا الخير، فقال: لو دعوت الله عليَّ لعلمتُ أنك لم ترد إلا الخير.
"حرف الكاف"
(ك)
…
كافى الكفاة: أنكرها العلماء وهي في معنى: ملك الملوك وقاضي القضاة، وحاكم الحكام ؛ فإنَّ حاكم الحكام في الحقيقة هو الله تعالى. وقد كان جماعةٌ من أهل الدين والفضل يتورعون عن إطلاق لفظ قاضي القضاة، وحاكم الحكام، قياساً على ما يبغضه اللهُ ورسولهُ من التسمية بملك الأملاك وهذا محض القياس . يوضح ذلك: أن التلقيب بملك الملوك إنما كان من شعائر ملوك الفرس من الأعاجم المجوس ونحوهم. وكذلك كان المجوس يسمون قاضيهم "موبَذ مُبَذان" يَعنُون بذلك: قاضي القضاة. فالكلمتان من شعائرهم، ولا ينبغي التسمية بهما. والله أعلم.
كأنَّ وجهه مصحف: تجد في كتب الجرح والتعديل من عباراتهم في التوثيق: مثل ورقة المصحف، أو: كأنَّه المصحف، أو: كان يسمى: المصحف.
وهذه العبارة موجودة عند صلحاء ديارنا في نجد، لكن لا يقولونها فيما عهدنا إلا في حق الصالحين من العلماء والعبَّاد، والتوقي من استعمالها أسْلم. والله أعلم.(1/150)
كثير: أسند الحاكم عن عصام بن بشير، حدَّثني أبي، قال: أوفدني قومي بنو الحارث بن كعب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أتيته قال لي: "مرحباُ، ما اسمك؟" قلت: كثير، قال: "بل أنت بشير" .
قال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه" قال الذهبي: صحيح.
كرامة للرسول - صلى الله عليه وسلم -: في معرض بيان منع صرف أي من أنواع العبادة لغير الله تعالى، قال شيخ الإسلام في الفتاوى: " ولهذا لا ينبغي لأحد أن يسأل بغير الله: مثل الذي يقول: كرامة لأبي بكر، ولعلي، أو للشيخ فلان، أو الشيخ فلان، بل لا يُعطى إلا من سأل لله، وليس لأحد أن يسأل لغير الله، فإن إخلاص الدِّين لله واجب في جميع العبادات البدنية والمالية ... ".
كربلاء: في مبحث ابن القيم – رحمه الله – من التحفة من أن الأسماء والمباني تدل على المعاني قال: "ولمَّا نزل الحسين - رضي الله عنه - وأصحابه بكربلاء، سأل عن اسمها، فقيل: كربلاء، فقال: كرب وبلا" نسأل الله السلامة والعافية. فعليه : لو سمى شخص داره أو محلته ونحو ذلك بهذا الاسم؛ لكانت تسمية تكرهها النفوس وتأباها. والله المستعان.
الكرْم :
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسموا العنب: الكرْم، فإن الكرم المسلم". متفق عليه. هذا لفظ مسلم. وفي رواية للبخاري ومسلم: "يقولون الكرم. إنما الكرم قلب المؤمن". ونحوه عند أبي داود، وزاد: " ولكن قولوا: حدائق العنب".
كرم الله وجهه: سبق سياق كلام ابن كثير – رحمه الله تعالى – في حرف الصاد، عند قوله: صلي الله عليه وسلم، على غير الأنبياء. وقد ساقه السفاريني في غذاء الألباب ثم قال: "قلت: قد ذاع ذلك وشاع، وملأ الطروس والأسماع. قال الأشياخ: وإنما خُصّ علي – رضي الله عنه – بقول: كرم الله وجهه؛ لأنه ما سجد إلى صنم قط، وهذا إن شاء الله لا بأس به، والله الموفق" اهـ .(1/151)
قلت: أما وقد اتخذته الرافضة أعداء علي – رضي الله عنه – والعترة الطاهرة – فلا؛ منعاً لمجاراة أهل البدع. الله أعلم.
ولهم في ذلك تعليلات لا يصح منها شيء ومنه: لأنه لم يطلع على عورة أحد أصلاً، ومنها: لأنه لم يسجد لصنم قط. وهذا يشاركه فيه من ولد في الإسلام من الصحابة – رضي الله عنهم علماً أن القول بأي تعليل لابد له من ذكر طريق الإثبات.
كلام النفس: لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – بحوث حافلة في مسمى "الإيمان"، وفي حقيقه "الكلام"، في معرض الرد على الكلاميين في قضايا الاعتقاد هذه. وفيها ذكر: أن الذي يقيد بالنفس لفظ "الحديث "يقال: حديث النفس، ولم يوجد عنهم أنهم قالوا: كلام النفس، وقول النفس، كما قالوا: حديث النفس.
ولهذا يعبر عن الأحلام التي ترى في المنام بلفظ الحديث، لقول يعقوب عليه السلام: {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}، وقول يوسف: {وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}، وتلك في النفس لا تكون باللسان. فلفظ الحديث قد يقيد بما في النفس، بخلاف لفظ "الكلام" فإنه لم يعرفه أنه أريد به ما في النفس قط ....
وأما البيت الذي يحكى عن الأخطل، أنه قال:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما… … جعل اللسان على الفؤاد دليلا
فهذا لا تعرف صحة نسبته إلى الأخطل النصراني، ثم هو من المولدين.
الكلام غير المتكلم: للمتكلمة عبارات يصلون بها إلى تحقيق مذاهبهم، مع ما فيها من تلبيس على السامع، منها: الكلام غير المتكلم. القول غير القائل. القدرة غير القادر. الصفة غير الموصوف.
وهكذا في ألفاظ أخر، وقد بين الأئمة مقاصدهم ، ومرامي كلامهم.(1/152)
ونُقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في: الفتاوى ما نصه: "وسُئِل رحمه الله : ما تقول السادة العلماء الجهابذة – أئمة الدِّين رضي الله عنهم أجمعين – فيمن يقول: الكلام غير المتكلم، والقول غير القائل، والقرآن والمقروء والقارئ كل واحد منها له معنى؟ بينوا لنا ذلك بياناً شافياً؛ ليصل إلى ذهن الحاذق والبليد، أثابكم الله بمنه؟
فأجاب – رضي الله عنه - : الحمد لله، من قال : إن الكلام غير المتكلم، والقول غير القائل، وأراد أنه مباين له ومنفصل عنه، فهذا خطأ وضلال، وهو قول من يقول: إن القرآن مخلوق، فإنهم يزعمون أن الله لا يقوم به صفة من الصفات، لا القرآن ولا غيره، ويوهمون الناس بقولهم: العلم غير العالم، والقدرة غير القادر، والكلام غير المتكلم، ثم يقولون: وما كان غير الله فهو مخلوق ، وهذا تلبيس منهم.
فإن لفظ "الغير" يُراد به ما يجوز مباينته للآخر ومفارقته له، وعلى هذا فلا يجوز أن يُقال: عِلْمُ الله غيره، ولا يُقال : إن الواحد من العشرة غيرها، وأمثال ذلك، وقد يُراد بلفظ "الغير" ما ليس هو الآخر، وعلى هذا فتكون الصفة غير الموصوف، لكن على هذا المعنى لا يكون ما هو غير ذات الله الموصوفة بصفاته مخلوقاً؛ لأن صفاته ليست هي الذات؛ لكن قائمة بالذات، والله سبحانه وتعالى هو الذات المقدسة الموصوفة بصفات كماله، وليس الاسم اسماً لذات لا صفات لها؛ بل يمتنع وجود ذات لا صفات لها.
والصواب في مثل هذا أن يُقال: الكلام صفة المتكلم، والقول صفة القائل، وكلام الله ليس بايناً منه؛ بل أسمعه لجبريل، ونزل به على محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} ولا يجوز أن يُقال: إن كلام الله فارق ذاته، وانتقل إلى غيره، بل يُقال كما قال السلف: إنَّه كلام الله غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود.(1/153)
كُلُّ عامٍ وأنتم بخير: هو بضم اللام من "كل": مبتدأ لا خبر له، ولو قيل: الخبر محذوف تقديره "يمر"؛ لقيل: هذا من المواضع التي لا يحذف فيها الخبر.
وعليه: فهو لحن لا يتأدَّى به المعنى المراد من إنشاء الدعاء للمخاطب، وإنَّا يتأدَّى به الدُّعاء إذا فتحت اللام من "كل" ظرف زمان – لإضافتها إلى زمان – منصوب نعت لخير.
كل مجتهد مصيب: صوابه أن يقال: كل مجتهد عند نفسه مصيب؛ إذ الحق واحد في أحد القولين أو الأقوال. أو يُقال: لكل مجتهد نصيب؛ إذ له أجران إن أصاب، وأجر واحد إن لم يصب. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : وسُئِل: هل كل مجتهد مصيب؟ أو المصيب واحد والباقي مخطئون؟ "فأجاب: "قد بسط الكلام في هذه المسألة في غير موضع، وذكر نزاع الناس فيها، وذكر أن لفظ الخطأ قد يراد به الإثم؛ وقد يراد به عدم العلم.
فإن أُريد الأول فكل مجتهد اتقى الله ما استطاع فهو مصيب؛ فإنه مطيع لله ليس بآثم ولا مذموم.
وإن أُريد الثاني فقد يخص بعض المجتهدين بعلم خفي على غيره؛ ويكون ذلك علماً بحقيقة الأمر لو اطلع عليه الآخر لوجب عليه اتباعه؛ ولكن الواصل إلى الصواب له أجران، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق على صحته: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر".
كل مجتهد من أهل الأديان مصيب: في ترجمة عبيد الله بن الحسن العنبري، أنه كان ثقة في الحديث و"كان من كبار العلماء، العارفين بالسنة، إلا أن الناس رموه بالبدعة، بسبب قول حُكي عنه، من أنه كان يقول: بأن مجتهد من أهل الأديان مصيب، حتى كفره القاضي أبو بكر، وغيره".
وقد ساق قوله هذا، وما شابهه، الشاطبي في: "الاعتصام" وذكر رجوعه عنه، وأنه من باب زلة العالم، وقال كلمته المشهورة: "إذاً أرجع وأنا من الأصاغر، ولأن أكون ذنباً في الحق أحب إلي من أن أكون رأساً في الباطل"ا هـ .(1/154)
كل معجزة لنبي كرامة لولي: هذه من عبارات الصوفية، وللشامي في السيرة "سبل الهدى والرشاد" تقرير نفيس بإبطالها، وأن الصحيح عكسها. والله أعلم.
كلاّ وأبيك: عن كعب الأخبار قال: إنكم تشركون في قول الرجل: كلا وأبيك، كلا والكعبة، كلا وحياتك، وأشباه هذا. احلف بالله صادقاً أو كاذباً، ولا تحلف بغيره. رواه ابن أبي الدُّنيا.
كلام الله قديم: هذه جاءت في كلام بعض المشاهير كالموفق، وهي ذهول ،وإلا فهو الأول بصفاته سبحانه.
كلام الملوك ملوك الكلام: هذه العبارة يبحثها النحاة، وللفقهاء حولها وقفة في جواز إطلاقها من عدمه. وقد ألِّفت فيها عدة رسائل، لاسيما بين علماء الهند، لكن لم نقف على شيء منها،
كمسلم: في "معجم الأخطاء الشائعة" (ص268): أن الكاف هنا للتمثيل بما لا مثيل له، وتسمى كاف الاستقصاء.
والمعنى: بصفته مسلماً، أو: بكونه مسلماً. والعدناني صاحب هذا المعجم يتابع داغراً في كتابه: "تذكرة الكاتب (ص33).
وقد أجاز مجمع اللغة العربية بمصر هذا الأسلوب، لكنه اضطرب في شأن هذه الكاف: هل هي للتشبيه، أو للتعليل، أو زائدة؟
لكن المحققين من أهل اللغة لا يرتضون هذا الأُسلوب، ويرونه مولداً حادثاً عن الأُسلوب الإفرنجي فهو تقليد له. وأنه لا يوجد لدى النحاة ما يسمى بكاف الاستقصاء، ولا في الأدب العربي القديم، قرر ذلك جماعات منهم.
والشيخ تقي الدين الهلالي- رحمه الله تعالى- يسمى هذه الكاف: "الكاف الاستعمارية".
كيف أصبحت: ذكر ابن مفلح في "الآداب الشرعية" النقول عن الإمام أحمد، وبعض الأحاديث في جواز الابتداء بذلك بدلاً من السلام، ثم قال: "وقد ظهر من ذلك الاكتفاء بنحو: كيف أصبحت، وكيف أمسيت بدلاً من السلام، وأنه يرد على المبتدي بذلك، وإن كان السلام وجوابه أفضل وأكمل"اهـ .
بل البداءة بأي لفظٍ سوى "السلام" خلاف السنة، والأحاديث الواردة على خلاف ذلك ضعيفة لا تقوم بها حجة. وانظر في حرف الصاد: صبحك الله بالخير.
"حرف اللام"(1/155)
(ل)
لأبي فلان: قال صالح في مسائِلِهِ عن أبيه الإمام أحمد – رحمهما الله تعالى - : "وسُئِل وأنا شاهد: يكتب لأبي فلان؟ قال: يكتب "إلي أبي فلان" أحب إِليَّ " انتهى.
اللات: اسم صنم في الجاهلية مأخوذ من: الإله.
لاهوت: مما استدركه الزبيدي على "القاموس" قوله: (5/82): "لاهوت: يقال "الله "، كما يقال: ناسوت، للإنسان. استدركه شيخنا بناءً على ادعاء بعضهم أصالة التاء. وفيه نظر"انتهى.
لعمر الله: قال إسحاق الكوسج: قلت – أي للإمام أحمد - : يكره لعمري، ولعمرك؟ قال: ما أعلم به بأساً.
قال إسحاق: تركه أسلم؛ لما قال إبراهيم. "كانوا يكرهون أن يقولوا: لعمر الله". أي على سبيل التوقي، ولذا جعلتها في الملحق؛ إذ لا نهي عنها. ويأتي.
لَعَمْري: قال القرطبي – رحمه الله تعالى – في تفسيره عند قوله تعالى {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر:72]. "كره كثير من العلماء أن يقول الإنسان: لعمري؛ لأن معناه: وحياتي. قال إبراهيم النخعي: يكره للرجل أن يقول: لعمري؛ لأنه حلف بحياة نفسه، وذلك من كلام ضعفة الرجال، ونحو هذا قال مالك: إن المستضعفين من الرجال، والمؤنثين: يقسمون بحياتك وعيشك، وليس من كلام أهل الذكران، وإن كان الله سبحانه أقسم به في هذه القصة، فذلك بيان لشرف المنزلة والرفعة لمكانه، فلا يحمل عليه سواه ، ولا يستعمل في غيره.
وللشيخ حماد الأنصاري المدني رسالة باسم "القول المبين في أن لعمري ليست نصاً في اليمين".
والتوجيه أن يقال: إن أراد القسم منع، وإلا فلا، كما يجري على اللسان من الكلام مما لا يراد به حقيقة معناه، كقوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة – رضي الله عنها - : " عقرى حلقى" الحديث. والله أعلم.
لعن الله كذا: اللعن هو لغة: الطرد والإبعاد. وفي الشرع: الطرد و الإبعاد عن رحمة الله تعالى - .(1/156)
والأصل الشرعي: تحريم اللعن، والزجر عن جريانه على اللسان، وأن المسلم ليس بالطعان ولا اللَّعَّان، ولا يجوز التلاعن بين المسلِمين، ولا بين المؤمنين، وليس اللعن من أخلاق المسلمين ولا أوصاف الصديقين، ولهذا ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لعْنُ المسلم كقتله" متفق عليه. واللَّعَّان قد جرت عليه نصوص الوعيد الشديد؛ بأنه لا يكون شهيداً، ولا شفيعاً يوم القيامة، ويُنهى عن صحبته، ولذا كان أكثر أهل النار: النساء؛ لأنهن يُكثرن اللعن، ويكفرن العشير. وأن اللعان ترجع إليه اللَّعْنةُ، إذا لم تجد إلى من وجهت إليه سبيلاً. ومن العقوبات المالية لِلَّعَّان: أنه إذا لعن دابة تُركت.
وقد بالغت الشريعة في سد باب اللعن عن من لم يستحقه، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لعن الديك، وعن لعن البرغوث، فعلى المسلم الناصح لنفسه حفظ لسانه عن اللعن، وعن التلاعن، والوقوف عند حدود الشرع في ذلك، فلا يُلعن إلا من استحق اللعنة بنص من كتاب أو سنة، وهي في الأُمور الجامعة الآتية:
اللعن بوصف عام مثل: لعنة عامة على الكافرين. وعلى الظالمين. والكاذبين.
اللعن بوصف أخص منه، مثل: لعن آكل الربا. ولعن الزناة. ولعن السُّرَّاق والمرتشين. والمرتشي. ونحو ذلك.
لعن الكافر المعين الذي مات على الكفر. مثل: فرعون.
لعن كافر معين مات، ولم يظهر من شواهد الحال دخوله في الإسلام فيلعن.
وإن توقَّى المسلم، وقال: لعنه الله إن كان مات كافراً، فحسن.
لعن كافر معيَّن حي؛ لعموم دخوله في لعنة الله على الكافرين، ولجواز قتله، وقتاله. ووجوب إعلان البراءة منه.(1/157)
لعن المسلم العاصي – مُعيَّناً – أو الفاسق بفسقه، والفاجر بفجوره. فهذا اختلف أهل العلم في لعنه على قولين، والأكثر بل حُكي الاتفاق عليه، على عدم جواز لعنه ؛ لإمكان التوبة، وغيرها من موانع لحوق اللعنة، والوعيد مثل ما يحصل من الاستغفار، والتوبة، وتكاثر الحسنات وأنواع المكفرات الأخرى للذنوب. وإن ربي لغفور رحيم.
لعنه الله إلى آدم: كم سمعنا من مسلم يتسوره الغضب على مسلم فيقول: لعنته من آدم وبعد. وهذه من أقبح اللعن، وكله قبيح، ومن لعن نبياً أو رسولاً فقد كفر . نسأل الله السلامة.
لعنة الله على دين فلان "الكافر": هذا يعود إلى حال من وجهت إليه اللعنة من الكفار الأصليين، وهي لا تخلو من ثلاثة أحوال:
إن كافر كتابياً يهودياً أو نصرانياً، فإن سب أي دين جاء به نبي من أنبياء الله ، كفر.
إن كان الكافر كتابياً يهودياً أو نصرانياً ، لكنه على دينه المحرف كمن يقول من النصارى: عيسى ابن الله، وأنه لا يلزم اتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - فلا شيء في لعنه.
إن كان الكافر غير كتابي، فلا شيء في ذلك.
لعنة الله على الدابة: يحرم لعن الدابة، واللعان للدواب ترد شهادته؛ لأن هذا جرحة له.
عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر، فلعنت امرأة ناقةً ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا ما عليها، ودعوها مكانها ملعونة"، فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. [رواه أحمد ومسلم].
ولهما عن أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة" .
لفظ الله:
أفاد ابن الطيب في كتابه: "شرح كفاية المتحفظ" في اللغة: أن: "القول" و"الكلام" اشتهر في المفيد المستعمل بخلاف: "اللفظ" فيطلق على المفيد المستعمل، وعلى المهمل الذي لا معنى له. لهذا فلا يقال يقال: لفظ الله، وإنما يقال: كلام الله. والله أعلم.(1/158)
لفظي بالقرآن مخلوق: في أعقاب فتنة القول بخلق القرآن جرَّتْ ذًيُوْلاً من المباحث الكلامية الرديئة، فكان منها قول: "لفظي بالقرآن مخلوق" وقد نسب ذلك للإمام البخاري فتبرأ منه، كما تجده محرراً في: "فتح الباري" لابن حجر. وسُمي أصحاب هذا باللفظية. وقد تكاثرت مباحث أهل العلم في هذا، والذي استقر عليه مذهب أهل السنة: أن الكلام كلام الباري، والصوت صوت القاري، وأنه لا يجمل بالمسلم استعمال الألفاظ الموهمة، والعبارات المحتملة . والله أعلم.
لقيمة الذكر: لقيمة الراحة: تسمية "الحشيشة" المسكرة بذلك.
للهِ حدٌّ: هل يجوز أن يقال: لله حدٌّ. أو لا؟
في ترجمة "التميمي" من "السير" للذهبي كلام نفيس، ثم قال الذهبي: "قلت: الصواب الكف عن إطلاق ذلك، إذ لم يأت فيه نص، ولو فرضنا أن المعنى صحيح، فليس لنا أن نتفوه بشيء لم يأذن به الله، خوفاً من أن يدخل القلب شيء من البدعة، اللهم احفظ علينا ديننا" انتهى.
لم تسمح لي الظروف: في جواب للشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى – لما سُئِل عن هذا اللفظ أجاب: أن هذه الإضافة لا بأس بها، فهي كإضافة المجيء والذهاب إلى الدهر، وهذا منتشر في الكتاب والسنة كما في قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} الآية.
وهذه اللفظة من باب التوسع والتجوز في الكلام، على أن الأدب تركها. والمحذور في هذا سب الدهر .. إلى آخره في جواب مفصَّل.
لوْ: "لو" حرف امتناع لامتناع، بخلاف: "لولا" فهي حرف امتناع للوجود وتأتي: "لو" لمعانٍ وأغراض أخرى، منها: التمني. والعرض. والطلب. والحض. والتعليل.(1/159)
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المؤمن القوي خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كُلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أنِّي فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم.
ومن كمال التوحيد الاستسلام لقضاء الله وقدره، واللو: تحسر يوحي بمنازعة للقدر، والله المستعان.
واستثنى العلماء من ذلك جواز "لو" في الأُمور الشرعية التي لم تمكنه؛ لأنه من باب تمني الخير وفعله، وعليه عقد البخاري في: "الصحيح": "باب ما يجوز من اللو". وجوازها فيما يستقبل مثل: لو اشتريت كذا فانا شريكك.
انظر في حرف التاء: تعس الشيطان.
اللواط: يحْمِلُ لفْظُ: "لَوَطَ" في لسان العرب، معنى: الحب، والإلصاق، والإلزاق. لكن لا يُعرف أن مصدره: "اللواط" هو بمعنى اكتفاء الرجال بالرجال في الأدبار. إلا أن المعنى لُغة لا يأبي دخوله في مشموله، ومن ثم إطلاقه عليه؛ لتوفر معانيه في هذه: "الفِعْلة" من جهة قوة الباعث: الحب والشهوة للذكران، انظر إلى قول الله تعالى – عن قوم لوط في تقريعه ولومه لهم - : {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [لأعراف:81]، فقوله: "شهوة" فيه معنى الحب الذي هو من معاني "لَوَطَ"؛ ولهذا صار: "لُوْط" اسم علم من لاط بالقلب، أي: لصق حبه بالقلب.
هذا من جهة قوة الباعث على الفعل: "الحب" وكذا من جهة: "الفعل" الذي فيه إلصاق، وإلزاق، كما تقول العرب: لاط فُلان حوضه، أي: "طيَّنَّة".
وفي "الصحيحين"، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: ".... ولتقُوْمنَّ الساعة وهو يُليط حوضه فلا يُسقى فيه".(1/160)
فتأيَّد هذا الاشتقاق لغة، ولم يمتنع هذا الإطلاق "اللواط" على هذه الفِعلة الشنعاء، "واللوطي" على فاعلها. وقد أجمع على إطلاقها العلماء من غير خلاف يُعرف. فالفقهاء يعْقِدون أحكام اللواط، واللوطية، في مصنفاتهم الفقهية، والمفسرون في كتب التفسير، والمحدثون في شرح السنة، واللغويون في كتب اللغة.
ولهذا فلا تلتفت إلى ما قاله بعض من كتب في: قصص الأنبياء – عليهم السلام – من أهل عصرنا، فأنكر، هذه اللفظة: "اللواط" وبنى إنكاره على غلط وقع فيه بيان الحقيقة اللغوية لمعنى "لاط" وأن مبناها على "الإصلاح" فإن الحال كما تقدم من أن مبناها على: الحب والإلزاق، والإلصاق، وقد يكون هذا إصلاحاً وقد يكون إفساداً، حسب كل فعل وباعثه والله أعلم.
وبعد تقييد ما تقدم تبين لي بعد استشارة واستخارة، أن جميع ما قيدته من استدلال استظهرته لا يخلو من حمية للعلماء الذين تتابعوا على ذلك، والحمية لنبي الله لوط – عليه السلام – وهو معصوم ، أولى وأحرى ، والله – سبحانه وتعالى – يقول: {هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلَّا الإحْسَانُ} [ الرحمن:60]. فكيف ننسب هذه الفعلة الشنعاء: "الفاحشة" إلى نبي الله: لوط – عيه السلام – ولو باعتباره ناهياً، ولو كان لا يخطر ببال مسلم أدني إساءة إلى لوط – عليه السلام - ؟
ولعل من آثار هذه النسبة أنّك لا تجد في الأعلام من اسمه لوط إلا على ندرة. فهذا – مثلاً – "سير أعلام النبلاء" ليس فيه من اسمه لوط، سوى واحد: أبو مخنف لوط بن يحيى.
هذا جميعه أقوله بحثاً ، لا قطعاً، فليحرره من كان لديه فضل علم زائد على ما ذكر؛ ليتضح الحق بدليله. والله المستعان.(1/161)
لو كنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: في وفيات سنة 704 هـ من "الشذرات" قال: "وفيها ضربت رقبة الكمال الأحدب. وسببه: أنه جاء إلى القاضي جمال الديِّن المالكي يستفتيه وهو لا يعلم أنه القاضي: ما تقول في إنسان تخاصم هو وإنسان، فقال له الخصم: تكذب ولو كنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال له القاضي: من قال هذا؟ قال: أنا. فأشهد عليه القاضي من كان حاضراً، وحسبه، وأحضره من الغد إلى دار العدل، وحكم بقتله" اهـ .
لولا الله وفلان: لولا كَذَا لَكَانَ كَذَا: قال البخاري في "صحيحه": باب قول الرجل: لولا الله ما اهتدينا.
وساق بسنده عن البراء بن عازب – رضي الله عنهما – قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينقل معنا التراب يوم الأحزاب ، ولقد رأيته وارى الترابُ بياض بطنه يقول: "لولا أنت ما اهتدينا ...." الحديث.
ثم بيّن الحافظ – رحمه الله تعالى – موقع الحديث من الترجمة فقال: "إن هذه الصيغة إذا علَّق بها القول الحق لا يمنع، بخلاف ما لو علق بها ما ليس بحق، كمن يفعل شيئاً فيقع في محذور فيقول: لولا فعلت كذا ما كان كذا، فلو حقق لعلِم أن الذي قدره الله لابد من وقوعه سواء فعل أم ترك، فقولها واعتقاد معناها يفضي إلى التكذيب بالقدر" اهـ من "فتح الباري".
لي رب ولك رب: هذا لفظ يفيد في ظاهره التعدد، وهو كفر محض، ويظهر أن من يقوله من جهلة المسلمين – عند اللجاج والغضب – يريد: ربي وربك الله ، فلا تتعالى عليَّ، وهو مراد بعيد، واللفظ شنيع فليجتنب.
وليقل العبد: {اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ} [الشورى: من الآية15]. ونحو: "الله ربي وربكم" كما قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ} [آل عمران: من الآية51].(1/162)
ليس إلا الله: هذا من أذكار ابن سبعين وأمثاله من الملاحدة، يقولون في أذكارهم: ليس إلا الله، بدل قول المسلمين: لا إله إلا الله. لأن معتقدهم أنه وجود كل موجود، فلا موجود إلا هو، والمسلمون يعتقدون أن الله هو المعبود الحق دون سواه. فهذا الذِّكر من شطحات ابن سبعين وأصحابه من أهل وحدة الوجود ، بدل قول المسلمين: "لا إله إلا الله".
ليس على المخلوقين أضر من الخالق: هذه من شطحات أبي طالب المكي صاحب "قوت القلوب" فعن ابن العلاف: أنه وعظ ببغداد، وخلط في كلامه، وحفظ عنه أنه قال: - العبارة أعلاه – فبدعه الناس وهجروه. اهـ من "تاريخ بغداد" وعنه الصفدي في: "الوافي".
ليس في الإمكان أبدع مما كان: هذه كلمة فاه بها أبو حامد الغزالي، فأخذت طوراً كبيراً عند العلماء بين الإنكار والاعتذار، حتى ألفت فيها رسائل.
"حرف الميم"
(م)
…
ما أجرأ فلاناً على الله: روى الآجري في: "الشريعة" بسنده إلى عبدالله بن حُجْرٍ، قال: "قال عبد الله بن المبارك – يعني لرجل سمعه يقول: ما أجرأ فلاناً على الله - : لا تقل: ما أجرأ فلاناً على الله، فإن الله – عز وجل – أكرم من أن يجترأ عليه، ولكن قُل: ما أغرّ فلاناً بالله. قال: فحدثت به أبا سليمان الدارني، فقال: صدق ابن المبارك، الله – عز وجل – أكبر من أن يجترأ عليه، ولكنهم هانوا عليه، فتركهم ومعاصيهم، ولو كرموا عليه لمنعهم منها" انتهى.
ما أنزل الله على بشر من شيء: هذا من كلام الكافرين بالرسل، فإن من آمن بهم آمن بما أُنزل عليهم، ومن كفر بهم كفر بما أُنزل عليهم. قال الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:من الآية91]. وقد أبطل الله مقالتهم، ورد عليهم، ضلالهم وكفرهم.
ما ترك الأول للآخر شيئاً: قيل: لا كلمة أضر بالعلم، والعلماء، والمتعلمين، منها. وصوابها: "كم ترك الأول للآخر".(1/163)
وقالوا: لا كلمة أخص على طلب العلم من القول المنسوب لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "قيمة كل امرئ ما يحسنه".
ما شاء الله وشاء فلان:عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما شاء الله وشئت، قال: "أجعلتني لله نداً، قل ما شاء الله وحده". أخرجه أحمد، وابن ماجه، والبخاري في "الأدب المفرد" وغيرهم.
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في "كتاب الروح" له: "والفروق بين تجريد التوحيد، وبين هضم أرباب المراتب: أن تجريد التوحيد أن لا يعطى المخلوق شيئاً من حق الخالق وخصائصه؛ فلا يعبد، ولا يصلى له – إلى قوله - : لا يساوى برب العالمين في قول القائل: ما شاء الله وشئت. وهذا منك ومن الله. وأنا بالله وبك. وأنا متوكل على الله وعليك. والله لي في السماء وأنت لي في الأرض. وهذا من صدقاتك وصدقات الله. وأنا تائب إلى الله وإليك. وأنا في حسب الله وحسبك .... " اهـ.
ما كان معي خلق إلا الله: قال النووي – رحمه الله تعالى – في "الأذكار": "فصل: قال النحاس: كره بعض العلماء أن يُقال: ما كان معي خلق إلا الله.
قلت: سبب الكراهة بشاعة اللفظ من حيث إن الأصل في الاستثناء أن يكون متصلاً وهو هنا محال، وإنما المراد هنا الاستثناء المنقطع؛ تقديره: ولكن كان الله معي، مأخوذ من قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}. وينبغي أن يُقال بدل هذا: ما كان معي أحد إلا الله سبحانه وتعالى" اهـ .
ما في الجبة إلا الله: هذه من تلاعب الشيطان بغلاة الطرقية التي انتهت ببعضهم إلى الحلول والاتحاد وبعضهم إلى دعْوى سقوط التكاليف عنه، ولهم من هذا الشطح الفاضح كثير، وقد كان لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – مقامات عظيمة في كشف معتقداتهم الباطلة، وطرقهم الضالة، وأقوالهم الفاسدة.(1/164)
ما كنت أظن أن الله بقي يخلق مثله: ههنا عبارتان جرتا من شيوخ كبار في حق أئمة أعلام: أُولاهما: ما كنت أظن أن الله خلق مثله. قالها سعيد بن المسيب لقتادة كما في "السير".
الثانية: ما كنت أظن أن الله بقي يخلق مثله.
قيلت في حق الإمام الشافعي رحمه الله تعالى – وشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى:
أما الأُولى: فلم يظهر فيها ما يحذر.
وأما الثانية: فمنذ وقفت عليها في ترجمة ابن تيمية عند عامة من ترجمة ينقلونها سلفاً وخلفاً وأنا أتطلب التخريج لها لمعنى يحسن الحمل عليه فلم يقع لي ذلك؛ لأن ظاهرها فيه إسراف غير مقبول، وإن صدرت من إمام في حق إمام، حتى وجدت السؤال عنها مسطراً في كتاب: "الإعلام والاهتمام بجمع فتاوى شيخ الإسلام زكريا الأنصاري" – م سنة 926 هـ ففيه ما نصه: "سئل عمن قال: إن الله تعالى ما بقي يخلق مثل الإمام الشافعي – رضي الله عنه – فقال له شخص: لا تقل ذلك فقدرته تعالى صالحة لأن يُسلم ذميّ ويشتغل بالعلم فيصير في درجة الإمام الشافعي أو أفضل. فمن المصيب منهما؟ وماذا يلزم المخطئ منهما؟ فأجاب: بأن قدرة الله تعالى صالحة لذلك، ولا شيء على الثاني بمجرد قوله لذلك، وكذا الأول؛ إذ ليس معنى كلامه أن قدرة الله تعالى لا تصلح لذلك، بل معناه أن خلق مثل الإمام الشافعي – رضي الله عنه – لا يقع نظراً لظاهر الحال، وإن كان وقوعه ممكناً. والله أعلم" ا هـ .
وعندي أن الأولى ترك العبارة الاُولى تأدباً، والمتعين ترك العبارة الثانية لما يحمله ظاهرها من معنى غير لائق، وإن صدرت من إمام معتبر، وقد علم من مدارك الشرع ترك العبارات المجملة، والكلمات الموهمة، والله أعلم.
مالي إلا الله وأنت: انظر: ما شاء الله وشاء فلان.
ماهي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا:
هذه مقالة الدهريين كما حكاها الله عنهم، وأبطلها الله سبحانه ببراهين من كتاب الكريم.
ما يستأهل هذا:(1/165)
ويُقال "ما يستحق هذا شراً" إذا كان بعضهم مريضاً أو مصاباً، وهذا اللفظ اعتراض على الله في حكمه وقضائه. وأمر المؤمن كله خير.
المبادئ الإسلامية: اشتهر في العالم أن المبادئ السائدة هي ثلاثة:
الإسلام.
الرأسمالية.
الشيوعية، ومنها الاشتراكية.
فإذا قيل: المبادئ؛ لا تنصرف إلا إلى الكتَّاب المسلمين، وكأنَّهم عشقوها لوفادتها أو لرشاقتها، ولهذا صاروا يعبرون عن القواعد الأساسية باسم "المبادئ الإسلامية" وهذا من الإطلاق الموهم، فيخشى أن تنسحب إلى أن تلك المذاهب "الرأسمالية. الشيوعية. الاشتراكية" هي مبادئ الإسلام.
ولهذا مانع الشيخ عبد العزيز البدري العراقي – رحمه الله تعالى – في كتابه: "حكم الإسلام في الاشتراكية " من هذه المواضعة فقال: "كثيراً ما تطلق كلمة مبادئ، ويراد بها القواعد الأساسية، وهذا إطلاق خاطئ، حيث إن المبادئ ثلاثة في العالم : الإسلام، والرأسمالية، والشيوعية، ومنها الاشتراكية. لذا كان من الخطأ أن يقال: المبادئ الإسلامية، وإنما يُقال: مبدأ الإسلام" اهـ .
المتحيز: إطلاقه على الله تعالى من ألفاظ المبتدعة.
متعنا الله بحياتك: قال الشيخ عبد الله أبا بطين – رحمه الله تعالى - : "مرادهم أن يبقيه ما دام حياً ، ولا يتبين لي فيه بأس" ا هـ .
وكان سفيان يكره أن يقول: أمتع الله بك. قال أحمد: لا أدري ما هذا؟
المتولي: وصف الله به، مضى في حرف الألف: الله متولٍّ على عباده.
مثل ورقة المصحف: مضى في حرف الكاف: كأن وجهه مصحف.
مثواه الأخير: انتشرت هذه العبارة في زماننا على ألسنة المذيعين وبأقلام الصحفيين، وهي من جهالاتهم الكثيرة، المبنية على ضعف رعاية سلامة الاعتقاد. يقولونها حينما يموت شخص، ثم يدفن، فيقولون: "ثم دفن في مثواه الأخير" ونحوها.(1/166)
ومعلوم أن "القبر" مرحلة بين الدنيا والآخرة، فبعده البعث ثم الحشر، ثم العرض في يوم القيامة ثم إلى جنة أو نار: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [ الشورى: من الآية7].
ولذا فلو أطلقها إنسان معتقداً ما ترمي إليه من المعنى الإلحادي الكفر المذكور؛ لكان كافراً مرتداً فيجب إنكار إطلاقها، وعدم استعمالها.
المثل الأعلى: قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [ النحل:60] وفي سورة الروم: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [ الآية27].
فالمثل الأعلى لله سبحانه وتعالى بالكمال، ولرسله بالبيان والبلاغة، ولهذا فإن مما يستنكر وصف الكتاب المعاصرين بعض الناس بأن لهم المثل الأعلى، بل المثل الأعلى لله سبحانه وتعالى. فليتنبه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - : "العلم الإلهي لا يجوز أن يستدل فيه بقياس تمثيل يستوي فيه الأصل والفرع، ولا بقياس شمولي تستوي أفراده، فإن الله سبحانه ليس كمثله شيء ... ولكن يستعمل في ذلك قياس الأولى" انتهى مختصراً.
المجاز: تقسيم اللفظ على حقيقة ومجاز: اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة.
ومن أقوال "الصابئة الفلاسفة" أن القرآن "مجاز" وحقيقته كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -.
مُحِبُّ الله: التسمي بهذا، من طرائق الأعاجم، ولا عهد للعرب به، وبقدر ما فيه من التفاؤل ، ففيه تزكية، والله – تعالى – يقول: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [ النجم: من الآية32]. فالأولى بالمسلم ترك التسمية به.(1/167)
محدث: قال الله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الانبياء: من الآية2] أي أن الله تعالى تكلَّم بالقرآن بمشيئته بعد أن لم يتكلم به بعينه، وإن كان قد تكلم بغيره قبل ذلك، ولم يزل سبحانه متكلماً إذا شاء.
فالقرآن محدث بهذا المعنى. أما تسمية المبتدعة له "محدثاً" بمعنى مخلوق فهذا باطل، لا يقول به إلا الجهمية والمعتزلة. فهذا الإطلاق بهذا الاعتبار لا يجوز. والله أعلم.
محمد الله: هذا تركيب أعجمي، مغرق في العجمة، والغلو في النبي - صلى الله عليه وسلم -، كأن فيه محاكاة للنصارى في قولهم: "عيسى ابن الله" فلا تجوز التسمية به، ويجب تغييره.
وليس من باب إضافة المخلوق إلى الخالق، مثل: بيت الله، وناقة الله، وعبدالله، ونحوها، لما ذكر ، فتأمل؟؟
محمد "للاستغاثة": قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : "سُئِل القاضي عن مسائل عديدة وردت عليه من مكة وكان منها: ما تقول في قول الإنسان إذا عثر: محمد، أو: علي؟ فقال: إن قصد الاستعانة فهو مخطئ، لأن الغوث من الله تعالى، فقال: وهما ميتان فلا يصح الغوث منهما، ولأنه يجب تقديم الله على غيره" اهـ .
محمد أحمد: ونحو ذلك مما يُراد بالأول اسم الشخص "الابن" وبالثاني اسم أبيه. أي إسقاط لفظه "ابن" بين أعلام الذوات من الآدميين.
الجاري في لسان العرب، وتأيد بلسان الشريعة المشرفة إثبات لفظة "ابن" في جر النسب، لفظاً ورقماً، ولا يعرف في صدر الإسلام، ولا في شيء من دواوين الإسلام، وكتب التراجم وسير الأعلام حذفها البتة، وإنما هذا من مولدات الأعاجم، ومن ورائهم الغرب الأثيم، وكانت جزيرة العرب من هذا في عافية حتى غشاها ما غشَّى من تلكم الأخلاط، وما جلبته معها من أنواع العجمة، والبدع ، وضروب الردى، فكان من عبثهم في الأسماء إسقاط لفظة "ابن" وما كنت أظن أن هذا سيحل في الديار النجدية، فلله الأمر من قبل ومن بعد.(1/168)
محمد البادي: قال ابن كثير في ترجمة الفخر الرازي – م سنة 606 هـ : "وقامت عليه شناعات عظيمة بسبب كلمات كان يقولها مثل قوله: محمد البادي، يعني العرب، ويريد به النبي - صلى الله عليه وسلم - نسبة إلى البادية، وقال محمد الرازي يعني نفسه" اهـ .
ووصْفُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه بدوي مُناقضةٌ للقرآن الكريم فهو - صلى الله عليه وسلم - من حاضرة العرب لا من باديتها، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [ من الآية109] من سورة يوسف عليه السلام. وما يزال انعدام التوفيق يغْشى من في قلوبهم دخن.
ففي العقد التاسع بعد الثلاثمائة والألف نشر أحد الكاتبين من البادية الدارسين مقالاً صرح فيه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - من البادية. وقد ردَّ عليه الشيخ حمود بن عبد الله التويجري النجدي برسالة سمَّاها: "منشور الصواب في الرد من زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأعراب". والله أعلم.
محمد رسول الله: ذكرها بعد التسمية عند الذكاة، لا أصل له في المرفوع، وكرهه مالك، بل كره أن يقول مع التسمية: صلى الله على رسول الله.
محمدية: في كتاب "الفكر الخوالد": "وقد سمي الدِّين الذي دعا إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - دين الإسلام، ولهذا التسمية بدورها مغزى ينطوي على معنى الدخول في الإسلام، ويسمى معتنق هذا الدِّين مسلماً، والمسلم: أي الرجل الذي اهتدى للإسلام. أما التسمية بـ "محمدي" و"محمدية" فلم تكن في يوم من الأيام سائدة ولا مستساغة لدى أتباع هذا الدين" ا هـ . إذاً: فالتوقي من هذا الإطلاق مناسبة. وانظر في حرف الألف من الفوائد: الأمة المحمدية.(1/169)
المحو: قال الذهبي – رحمه الله تعالى – في ترجمة "كُرْزٍ الزاهد": قلت: هكذا كان زهاد السلف وعبَّادهم، أصحاب خوف وخشوع، وتعبُّد وقنوع، ولا يدخلون في الدنيا وشهواتها، ولا في عبارات أحدثها المتأخرون من: الفناء، والمحو، والاصطلام، والاتحاد، وأشباه ذلك ، مما لا يسوغه كبار العلماء، فنسأل الله التوفيق، والإخلاص، ولزوم الاتباع" انتهى.
محيي الدين: قال أحمد بن فرح اللخمي الإشبيلي: "وصح عن النووي أنه قال: لا أجعل في حل من لقبني محي الدين" اهـ .
المخرج: تسمية الله به خطأ محض.
مخرب: من أسماء بعض الأعراب؛ تفاؤلاً – زعموا – ليخرب على الأعداء.
وهو اسم مستهجن، مستقبح، فيجب تغييره، كما غيّر النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه من الأسماء المستكرهة للنفس.
مدينة السلام: بين النووي رحمه الله تعالى – كراهة السلف تسمية: "بغداد" بذلك.
مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أحكم وأعلم: هذه من أقوال المتأخرين الذين لم ينعموا بمذهب السلف في الاعتقاد، ولم يقدر لهم قدرهم، والسلفي يقول: مذهب السلف: أسلم وأحكم وأعلم.
المرحوم: قال محمد سلطان المعصومي الخجندي – رحمه الله تعالى في رسالته: "تنبيه النبلاء من العقلاء إلى قول حامد الفقي: إن الملائكة غير عقلاء" (ص55): "فقوله – أي حامد الفقي – في حق والده: "المرحوم" بصيغة المفعول، والحكم القطعي مخالف للسنة، وما أجمع عيله سلف الأمة، من أنه لا يجزم لأحد بعينه بأنه مغفور أو مرحوم، أو بأنه معذَّب في القبر والبرزخ والقيامة، كما أنه لا يجوز ولا يشهد لأحد بعينه لا بالجنة ولا بالنار إلا من ثبت الخبر فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ........ ".
وقال الشيخ عبد الله أبا بطين – رحمه الله تعالى - : "بل يقول : الله يرحمه ، لأنه لا يدري" اهـ .(1/170)
المرض الملعون: هذا من تسخط أقدار الله المؤلمة، ومن أركان الإيمان: الإيمان بالقدر خيْرِهِ، وشرِّهِ، وصفة المسلم: الرضا بعد القضاء، وأمر المسلم كله خير، إن أصابته سراء فشكر كان خيراً له، وإن أصابته ضرَّاء فصبر كان خيراً له.
قلت: ومنه قول الناس عن السرطان مرض خبيث أنكرها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله لأن المرض كفارة للذنوب والمعاصي , فكيف يقال خبيث .
المريد: المريد: هو المتجرد عن إرادته. قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – وتقسيم السائرين إلى الله، إلى: طالب، وسائر، وواصل، وإلى مريد، ومراد، تقسيم فيه مساهلة، لا تقسيم حقيقي، فإن الطلب، والسلوك، والإرادة، لو فارق العبد؛ لا نقطع عن الله بالكلية"اهـ .
وعلَّق عليه محقق الكتاب الشيخ محمد حامد الفقي – رحمه الله تعالى – فقال: "بل تقسيم على غير ما قسَّم الله في كتابه وعلى لسان رسوله أهدى السالكين، وأكرم الواصلين إلى مرضاة ربه في الدنيا والآخرة - صلى الله عليه وسلم -" اهـ .
المُزيِّن: تسمية الحلاَّق به: الزينة: ما يُتزيَّنُ به، والزَّين: ضِدُّ الشَّين، وبما أن الرجل يزيل ما أذن الشرع بإزالته من شعر الرأس والشارب فإن بعض الممتهنين هذه الحرفة سُمِّي بالمزين.
ولا أرى فيه بأساً، لكن إن كان الحلاق يحترف حلق اللحى فلا يجوز تسميته بالمزين؛ لأن اللحية زينة وكرامة للرجال، وفي الأثر: "والذي زيَّن الرجال باللحى!" والله أعلم.
مسجد بني فلان: لا بد هنا من ذكر كلمة جامعة في تسمية المساجد، ما يجوز منها، وما لا يجوز ؛ لشدة الحاجة إليها ، فأقول: "إن المساجد قد حصل بالتتبع وجود تسميتها على الوجوه الآتية وهي:
أولاً: تسمية المسجد باسم حقيقي، كالآتي:
إضافة المسجد إلى من بناه، وهذا من إضافة أعمال البر إلى أربابها، وهي إضافة حقيقية للتمييز، وهذه تسمية جائزة ومنها: "مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -" ويُقال: "مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".(1/171)
إضافة المسجد إلى من يصلي فيه، أو إلى المحلة، وهي إضافة حقيقية للتمييز فهي جائزة ومنها: "مسجد قباء" و "مسجد بني زريق"، كما في الصحيحين من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – في حديث المسابقة إلى مسجد بني زريق. "ومسجد السوق". كما ترجم البخاري – رحمه الله – بقوله: "باب العلماء في مسجد السوق".
إضافة المسجد إلى وصف تميز به مثل: "المسجد الحرام" و"المسجد الأقصى" كما في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [ الاسراء: من الآية1]. وفي السنة ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه متعددة : "لا تعمل المطي إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام. والمسجد الأقصى. ومسجدي هذا". ومنه: "المسجد الكبير". وقد وقع تسمية بعض المساجد التي على الطريق بين مكة والمدينة باسم: "المسجد الأكبر" . كما في "صحيح البخاري"، ومثله يُقال: "الجامع الكبير".
ثانياً: تسمية المسجد باسم غير حقيقي لكي يتميز ويعرف به. وهي ظاهرة منتشرة في عصرنا؛ لكثرة بناء المساجد وانتشارها ولله الحمد في بلاد المسلمين، في المدينة وفي القرية، بل في الحي الواحد، فيحصل تسمية المسجد باسم يتميز به، واختيار إضافته إلى أحد وجوه الأُمة وخيارها من الصحابة رضي الله عنهم، فمن بعدهم من التابعين لهم بإحسان، مثل: "مسجد أبي بكر رضي الله عنه" ، "مسجد عمر رضي الله عنه"، وهكذا للتعريف، فهذه التسمية لا يظهر بها بأس، لاسيما وقد عُرف من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - تسميته: سلاحه، وأثاثه، ودوابه، وملابسه، كما بينها ابن القيم – رحمه الله تعالى – في أول كتاب "زاد المعاد" .
وإن استغني عنها بالتمييز بالرقم فهو أولى، مثل: "المسجد رقم 1 في حي كذا".(1/172)
ثالثاً: تسمية المسجد باسم من أسماء الله تعالى مثل: "مسجد الرحمن" ، "مسجد القدوس"، "مسجد السلام"، ومعلوم أن الله سبحانه قال وقوله الفصل: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [ الجن:18]. فالمساجد جميعها لله تعالى بدون تخصيص، فتسمية مسجد باسم من أسماء الله ليكتسب العلمية على المسجد أمر محدث لم يكن عليه من مضى، فالأولى تركه. والله الهادي إلى سواء السبيل" انتهى.
قال البخاري – رحمه الله – في "صحيحه": "باب: هل يُقال: مسجد بني فلان؟".
ساق بسنده عن ابن عمر – رضي الله عنهما - : "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل التي أُضمرت من الحيفاء، وأمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمَّر من الثنية إلى مسجد بني زُريق. وأن ابن عمر كان فيمن سابق بها".
ومن كلام ابن حجر على هذا الحديث يستفاد أن الجمهور على الجواز، والخلاف للنخعي فيما رواه ابن أبي شيبة عنه: أنه كان يكره أن يقول: مسجد بني فلان، ويقول: مصلى بني فلان؛ لقوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}.
وجوابه: أن الإضافة في مثل هذا إضافة تمييز لا تمليك. والله أعلم.
المسامرة: المسامرة في اصطلاح الصوفية هي: خطاب الحق للعارفين من عالم الأسرار والغيوب. قال ابن القيم – رحمه الله تعالى : "المسامرة لفظ مجمل ولم يرد في السنة، والأولى العدول عنه إلى لفظ المناجاة"اهـ .
المسيح ابن الله وعزير ابن الله: قال الله تعالى في سورة التوبة مشدداً النكير على اليهود والنصارى فرط جهلهم وكذبهم: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة:30].(1/173)
وكتب التفسير طافحة في جمع النصوص في هذا وبيانها، ومن أهم ما في ذلك كتاب: "الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح" لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - . المسيحيون: مضى في حرف الألف: إسرائيليون.
المَسِيخُ: قال ابن العربي – رحمه الله تعالى – في : " كتاب القبس": (3/1106 – 1107): "تنبيه على وهم وتعليم على جهل: رواه بعضهم "المسيخُ" بخاءٍ معجمةٍ على معنى فعيل بمعنى مفعول من المسخ وهو تغير الخلقةِ المعتادة، وكأنه بجهله كره أن يشترك مع عيسى ابن مريم في الاسم والصفةِ ، فأراد تغييره وليس يلزم من الاشتراك في الحالات الاشتراك في الدرجات، وقد بيَّنا ذلك في شرحِ الحديث ، بل أغرب من ذلك أنه لا يضر الاشتراك في المحاسِن والهيئات. وقد جاء آخر بجهالةٍ أعظم من الأولِ فقال: إنه مسيِخٌ بتشديد السينِ والخاء المعجمة، فجاء لا فقه ولا لغة كما قيل في الأمثالِ: "لا عقل ولا قرآن" ؛ لأن فعيل من أبنية أسماء الفاعلين ومسيح من معاني المفعولين، وهما ضدان، والله أعلم. فأما صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرجأناها لعظمها، وتركناها لمن يطلبها في شرحِ الحديث، فإنها موعبة فيه ولم يستوعبه أحد كاستيعاب هند بن أبي هالة، وهو جزءٌ مجموع، فلينظر هنالك أيضاً" انتهى.
مشبهة: من نبز أهل الفرق لأهل السنة والجماعة الذين يثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه على الوجه اللائق بجلاله وكماله. وفي تفنيد هذا اللقب اعتنى الشيخان ابن تيمية وابن القيم – رحمهما الله تعالى – في رده وبطلانه.
المشرع: في مادة "شرع" من كتب اللغة مثل: "لسان العرب"، و"القاموس"، وشرحه و"تاج العروس": أن الشارع في اللغة هو العالم الرباني العامل المعلم، وقاله ابن الأعرابي، وقال الزبيدي أيضاً في تاج العروس: "ويطلق عليه - صلى الله عليه وسلم - لذلك، وقيل: لأنه شرع الدين أي أظهره وبينه" اهـ .(1/174)
المشرك لا تشمل الكتابي: هذا غلط قبيح، وقد دعتْ إليه في عصرنا" منظمة مجمع الأديان السماوية " – رد الله كيدهم عليهم - والأدلَّة على شرك اليهود والنصارى، وكفرهم أكثر من أن تُحصر منها: قوله - صلى الله عليه وسلم - : "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ... " الحديث: دلالة على إطلاق لفظ "المشرك" على أهل الكتاب فإنهم هم المعنيون بهذا الحديث.
ولشيخنا العلامة المفسِّر الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي المتوفى سنة " 1393 هـ " – رحمه الله تعالى – فتوى مفصَّلة مُدلَّلة في شمول لفظ المشركين: أهل الكتاب، مع جواب على سؤالين آخرين: عن مقر العقل من الإنسان، وهل يجوز دخول الكافر مساجد الله غير المسجد الحرام؟
مصيحف: قال ابن المسيب – رحمه الله تعالى – : "لا تقولوا : مصيحف ولا مُسيجد، ما كان الله فهو عظيم حسن جميل". أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (5/ 137)، والذهبي في "السير" (4/338).
وقاعدة الباب كما ذكرها أبو حيان – رحمه الله تعالى - : "لا تُصغِّرْ الاسم الواقع على من يجب تعظيمه شرعاً، نحو أسماء الباري تعالى، وأسماء الأنبياء – صلوات الله عليهم - وما جرى مجرى ذلك؛ لأن تصغير ذلك غض لا يصدر إلا عن كافر أو جاهل" انتهى ... إلى أن قال : "وتصغير التعظيم لم يثبت من كلامهم".
مطرنا بنوء كذا: عن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال: "هل تدرون ماذا قال ربكم "قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته. فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا. فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب" [متفق عليه].(1/175)
مطعم الحمد لله: ومثله: ملحمة بسم الله، ومطعم التوكل على الله. ونحوها، لا تجوز؛ لما فيها من الاستهانة بالذكر العظيم، وبُعْدُ اللياقة والأدب مع هذا الأذكار الشريفة بوضعها لغير ما وضعت له، ومن ثم توظيفها لأغراض دنيوية، وهذا غير ما شرعت له.
المعاملة: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : في مكايد الشيطان التي يكيد بها ابن آدم: في مبحث كيد الشيطان لآدم وجوابه، عند قوله تعالى: {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ}[الأعراف: من الآية20] : "يُقال: كيف أطمع عدُوُّ الله آدم – عليه والسلام – أن يكون بأكله من الشجرة من الملائكة، وهو يرى الملائكة لا تأكل ولا تشرب، وكان آدم – عليه السلام – أعلم بالله، وبنفسه، وبالملائكة، من أن يطمع أن يكون منهم بأكله ، ولاسيما مما نهاه الله – عز وجل – عنه: فالجواب: أن آدم وحواء - عليهما السلام- لم يطمعا في ذلك أصلاً، وإنما كذبهما عدو الله وغرَّهما، وخدعهما، بأن سمَّى تلك الشجرة شجرة الخلد ، فهذا أول المكر والكيد.
ومنه ورث أتباعه تسمية الأمور المحرمة بالأسماء التي تُحب النفوس مسمياتها ، فسموا الخمر: أم الأفراح. وسموا أخاها بلقيمة الراحة. وسموا الربا بالمعاملة. وسموا المكس بالحقوق السلطانية. وسموا أقبح الظلم وأفحشه: شرع الديوان. وسموا أبلغ الكفر، وهو جحد صفات الرب: تنزيهاً. وسموا مجالس الفسوق: مجالس الطيبة.
فلما سماها: "شجرة الخلد" قال: ما نهاكما عن هذه الشجرة إلا كراهة أن تأكلا منها، فتخلدا في الجنة، ولا تموتا، فتكونا مثل الملائكة الذين لا يموتون.." إلى آخر كلامه – رحمه الله تعالى - .(1/176)
وانظر: إلى تقلب المرابين، بأنواع الحيل، فبالأمس يسمون : "الربا": معاملة. و"المكس": شرع الديوان – كما يأتي في حرف الشين – وفي عصرنا يسمون: "الميسر": اليانصيب، بل هو شرُّ منه، كل هذا؛ لإبعاد المفاهيم عن حقيقة ما حرمه الله و رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
المعبود واحد وإن كانت الرق مختلفة: هذه مقولات دعاة "مجمع الأديان" في القديم، والحديث، فهي تتضمن أن الديانة النصرانية، واليهودية، المبدلتين المنسوختين موصلتان إلى الله تعالى، وهذا عين الكفر، والضلال، فدين الإسلام ناسخ لجميع الأديان. وهو من المعلوم من الدين بالضرورة.
المُعْتنِي: ليس من أسماء الله – تعالى – فيجب على من سمى باسم: "عبد المعتني "أن يغيره إلى: "عبد الغني" مثلاً.
المعدوم شيء: قال ابن تيمية: "هذا من أفسد ما يكون ..... " انتهى.
معرفة الله: بسط ابن القيم – رحمه الله تعالى – في : "مدارج السالكين" منزلة المعرفة، مبيناً حقيقتها، والفروق بينها وبين العلم ... وفي "بدائع الفوائد" عقد فائدة بديعة ذكر فيها حقيقة العلم والمعرفة، ثم قال: "إذا عرف هذا فقال بعض المتكلمين: لا يضاف إلى الله سبحانه إلا العلم لا المعرفة؛ لأن علمه متعلق بالأشياء كلها مركبها ومفردها تعلقاً واحداً بخلاف علم المحدثين، فإن معرفتهم بالشيء المفرد وعلمهم به غير علمهم ومعرفتهم لشيء آخر. وهذا بناء منه على أن الله تعالى يعلم المعلومات كلها بعلم واحد، وأن علمه بصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو عين علمه بكذب مسيلمة.
المعظم: في جواب لشيخ مشايخنا العلامة محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى – كما في "فتاويه" (1/118) قال: "لا ينبغي قول المخلوق للمخلوق: "يا معظم" مواجهة؛ لما فيها من إساءة الأدب" اهـ . وفيها أيضاً: (1/206) في تقرير له لما سُئِل عن لفظ: "جلالة الملك المعظم" قال: "لا يظهر لي أن فيهما بأساً ؛ لأن له جلالة تناسبه" اهـ.(1/177)
المعلم الأول: إطلاقه على واضع المنطق: أرسطو. ومنع هذا الإطلاق عليه.
المغفور له: انظر في حرف الميم: المرحوم.
المفتي الأكبر: كان الشيخ محمد ابن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب المشرّفي الوهيبي التميمي – رحم الله الجميع – المولود في 17 محرم عام 1311 هـ في الرياض، المتوفى في 14/ 9/ 1389 هـ في الرياض – منذ وفاة عمه شيخه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف خلفه على التدريس من عام 1339 هـ ، تولى عدة مناصب وجمع بين عدد من الأعمال قلّ أن تجتمع لغيره بل لا يعرف من قام بها في تاريخ هذه البلاد سواه، منها: أنه مفتي هذه البلاد، ورئيس القضاة، فصار أهل العلم من هذه البلاد وسائر الأقطار يلقبونه في مخاطباتهم بالمفتي الأكبر.
وكان – رحمه الله تعالى – لا يلقب نفسه بذلك ولا يرغب أن يلقبه أحد بذلك بل يكرهه وقد نبه على ذلك في عدة مناسبات. وقد سُئِل – رحمه الله تعالى – عن ذلك فأجاب بأنه لم يظهر له فيه ما نع شرعي. وكان الشيخ سليمان بن حمدان – رحمه الله تعالى – قد قرر في كتابه "نقض المباني" المنع من هذا اللقب. والله أعلم.
وهذا اللقب كان جارياً نحوه في حق أئمة أعلام من أعلام يدققون في الكلام، ومنه ما قاله الذهبي في "السير" (7/ 309) في ترجمة ابن الماجشون: "الإمام المفتي الكبير" اهـ .(1/178)
مفاتيح الغيب: سمى الفخر الرازي تفسيره بذلك، وفي تعقبها وغيرها من أسماء بعض المؤلفات، يقول السكوني – رحمه الله تعالى – : "ويقع في تسمية الكتاب، أسماءٌ غير جائزة، مثل تسمية بعض الكتب: "الإسرى". وتسمية بعضها : "المعارج". وهذا يوهم أن المصنِّف سُري به إلى السماء، فوجب منعه؛ لكونه يشير إلى مزاحمة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك. ومن ذلك تسمية بعضها: "مفاتيح الغيب". وتسمية بعضها: "الآيات البينات"؛ لأن ذلك يُوهم المشاركة فيما أنزله الله على نبيه، قال الله تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}.
وكذلك يوهم تسمية كتابه: "مفاتيح الغيب" المشاركة فيما عند الله تعالى، قال الله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}.
فليجتنب هذه التسميات، وما شاكلها من الموهمات" انتهى.
مقبل: عن جابر - رضي الله عنه - قال: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينهى أن يسمى الغلام بمقبل وببركة ... الحديث. رواه مسلم.
مُقْسِم: في ترجمة: مسلم بن خيشنة: كان اسمه "مقسم" فسمَّاه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مسلماً" ويأتي في: مِيسم.
الملائكة خدم أهل الجنة: في كتاب: "الحبائك في أخبار الملائك" للسيوطي: (ص156، 204) ذكر – رحمه الله تعالى – مبحثاً في المفاضلة بين بني آدم والملائكة، وفي (ص202) قال: "والملائكة خدم أهل الجنة" وقد رد محققه: الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري هذه المقولة وأنه لا دليل يبيح إطلاقها، وردها من أربعة وجوه. والله أعلم.
ملك الأملاك، ملك الملوك: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في تحفة المودود: "ومن المحرم: التسمية بملك الملوك، وسلطان السلاطين، وشاهنشاه.(1/179)
فقد ثبت في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أخنع اسم عند الله: رجل تسمَّى: ملك الملوك". وفي رواية: أخنى – بدل: أخنع. وفي رواية لمسلم: "أغيظ رجل عند الله يوم القيامة وأخبثه رجل كان يُسمَّى: ملك الأملاك، ولا ملك إلا الله".
ملك الروم، وإنما يُقال: عظيم الروم: في "التراتيب الإدارية" قال: "احتياطه - صلى الله عليه وسلم - في مكاتبه الرسمية: قال الشيخ زروق في حواشيه على الصحيح: إنما قال - صلى الله عليه وسلم - في كتابه لهرقل: عظيم الروم، ولم يقل: ملك الروم؛ لئلا يكون تقريراً لملكه. اهـ .
وقال الخفاجي في شرح الشفا: "وقال - صلى الله عليه وسلم -: عظيم الروم، ولم يقل: ملك الروم، ولا ملك القبط؛ لأنه لا يستحق ذلك العنوان إلا من كان مسلماً، ومع ذلك فلم يخل بتعظيمهما تلييناً لقبيهما في أول الدعوة إلى الحق" اهـ .
من أسماء الرحيم: قاعدة أسماء الله الحسنى أن لفظ "الله" هو الاسم الجامع لمعاني أسماء الله الحسنى كلها، ما عُلِم منها وما لم يُعلم؛ ولذلك يقال في كل اسم من أسمائه الكريمة: "هو من أسماء الله، ولا ينعكس"، ولهذا لم يأت في القرآن الكريم الإسناد لأي من أسماء الله – سبحانه – إلا للفظ الجلالة: "الله" و"الرحمن". فلا نقول في اسمه – سبحانه – "الرحمن": هو من أسماء الرحيم، وهكذا ولكن نقول: هو من أسماء الله تعالى. ولهذا فإن إضافة المساجد وتسمية "بيوت الله" إلى اسم من أسماء الله سبحانه فيه ما فيه ، فلا يقال: "مسجد الرحمن". وقد رأيت عام 1410هـ في مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام – مسجداً سمي بذلك، وهذا ما لا نعرفه له سلفاً فالمساجد لله. والمساجد بيوت الله. ولو جازت هذه التسمية لقلنا: مسجد الجبار. مسجد المتكبر، وهكذا، ولا قائل به بل هو مُحدث.(1/180)
من أين أقبلت: قال البخاري في "الأدب المفرد": "باب هل يقول: من أين أقبلت؟ وذكر بسنده عن مجاهد قال: كان يكره أن يحدَّ الرجل النظر إلى أخيه، أو يتبعه بصره إذا قام من عنده أو يسأله: من أين جئت، وأين تذهب؟"اهـ .
والنهي هنا، ليس لذات اللفظ، ولكنه من حُسن الأدب تركه؛ لأن هذا السؤال من غزيرة حُب الاستطلاع عما لا يعني المرء.
من بكى على هالك خرج عن طريق أهل المعارف: هذه من أقوال الصوفية، في البكاء على الميت، وقد ثبت في السنة البكاء على الميت إلى ثلاثة أيام، وقد بكى النبي - صلى الله عليه وسلم - على: عثمان بن مظعون - رضي الله عنه -، وبكى - صلى الله عليه وسلم - على ابنه إبراهيم – عليه السلام - .
وقد ساق ابن الجوزي – رحمه الله تعالى – مقالة المتصوفة هذه، وبين أنها من تلبيس إبليس عليهم، في مناهضتها للأحاديث المجيزة للبكاء على الميت. والله أعلم.
مِنْ زمزم: درج بعض القاطنين في الحرمين الشريفين، على الدعاء لمن يتوضأ للصلاة بعد الفراغ من وضوئه بقوله: مِنْ زمزم. ولعلَّه يراد الدعاء بأن يتمتع بشرب ماء زمزم.
وهذا لا أصل له، وترتيب دعاء لا يثبت عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم - من المحدثات فتنبه. والله أعلم.
ثم رأيت بعد هذا التقييد في كتاب: ردود على أباطيل للشيخ محمد الحامد – رحمه الله تعالى – فقال: "إنه ممنوع قطعاً " اهـ . والله أعلم .(1/181)
من عرف نفسه فقد عرف ربه: من الغرائب أن هذا اللفظ لا أصل له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا عن أحد من الصحابة – رضي الله عنهم - ، وأنكره الأئمة، منهم: أبو المظفر ابن السمعاني، والنووي، وابن تيمية، ونهاية ما بلغ به بعضهم أنه يحكى عن: يحيى بن معاذ الرازي، ومع هذا أُلفت في معناه الرسائل، وجالت في تأويله أنظار الطريقة، وجعلوه من أحاديث خير البرية، وحاشاه. ومن الرسائل المطبوعة في معناها: "القول الأشبه في حديث من عرف نفسه فقد عرف ربَّه" للسيوطي – رحمه الله تعالى – فقد ذكر عدم ثبوته، ثم ذكر اختلاف الناس في معناه.
والخلاصة: أنه حديث لا يثبت، فلا حاجة إلى البحث عن معناه. والله أعلم.
من علمني حرفاً صرت له عبداً: رُوي : "منْ علَّمك آية من كتاب الله، فكأنما ملك رِقَّك، إن شاء باعك، وإن شاء أعتقك" وهو موضوع.
وقد سُئِل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى – عن هذا فأنكره، وشدَّد النكير على من اعتقده؛ لمخالفته إجماع المسلمين.
منفرد: لا يقال: الله منفرد. قال العسكري – رحمه الله تعالى – في : "الفروق اللغوية": "الفرق بين الواحد والمنفرد: أن المنفرد يفيد النخلي والانقطاع عن القرناء؛ ولهذا لا يقال لله – سبحانه وتعالى - : منفرد، كما يقال: إنه متفرد.
ومعنى: "المتفرد" في صفات الله – تعالى- : المتخصص بتدبير الخلق وغير ذلك مما يجوز أن يتخصص به من صفاته، وأفعاله" انتهى.
من لا شيخ له فشيخه الشيطان: من كلمات الصوفية الشيطانية ونصها في: رحلة الآلوسي - رحمه الله تعالى.
من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في "الزاد" في سياق هديه - صلى الله عليه وسلم - في حفظ المنطق واختيار الألفاظ: "ومن هذا قوله للخطيب الذي قال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى: "بئس الخطيب أنت" اهـ .(1/182)
وهذا الحديث رواه مسلم في كتاب الجمعة، وأبو داود في كتاب الصلاة: باب الرجل يخطب على قوس، وأحمد في "مسنده" (4/256، 379) بإسناده عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - أن رجلاً خطب عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بئس الخطيب أنت؛ قل: ومن يعص الله ورسوله" اهـ . فثبت من هذا صحة حديث المنع بهذا اللفظ "ومن يعصهما" وأنه يُقال: "ومن يعصِ ورسوله فقد غوى" وضعف رواية أبي داود في الجمع بينهما باللفظ المنهي عنه، وبهذا تجتمع السنن وينتفي ما ظاهره التعارض. والله أعلم.
وعلى القول بصحة رواية ابن مسعود في حديث الحاجة، ونحوه حديث أنس بلفظه - صلى الله عليه وسلم -: "ومن يعصهما " فهذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - فيجوز له ذلك دون من سواه، فإن منصبه - صلى الله عليه وسلم - لا يتطرق إليه إيهام التسوية. بخلاف غيره فاقتضى التخصيص كما في حاشية السندي على "سنن النسائي" نقلاً عن العز بن عبد السلام. والله أعلم.
مناة: اسم صنم في الجاهلية، مأخوذ من اسم الله: المنان.
المنتقم: ليس من أسماء الله سبحانه وتعالى، وإنما جاء في القرآن مقيداً في آيات، منها قوله: تعالى: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [ المائدة: من الآية95]. وقوله سبحانه: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ}[ الدخان:16]. مهاراج: انظر في: حرف الميم: ملك الملوك. فهذه اللفظة معناها بالفارسية: شاهنشاه، وبالهندية: مهاراج. كما قرره صديق – رحمه الله تعالى – في كتابه: "الدين الخالص".
المهرجان: للفرس عيدان:
1- النيروز.(1/183)
2- المهرجان – بكاف معقودة تنطق بين الكاف والجيم – ويوافق السادس عشر من شهر "مهر" وذلك عند نزول الشمس أول الميزان. ومدته لديهم ستة أيام. ولهذا فإن إطلاق هذا الشعار الفارسي الوثني على اجتماعات المسلمين، من مواطن النهى الجلي. والله أعلم.
مهندس الكون: مضى في حرف القاف: قوة خفية.
موبذ موبذان: يعني في لغة العجم بمعنى: قاضي القضاة.
قال مسلم بن يسار: لو كان أبو قلابة من العجم لكان موبذ موبذان، يعني: قاضي القضاة.
الموحدون: هذا اللفظ لا ينصرف عند الإطلاق إلا على السلف، أهل السنة والجماعة الذين وحَّدوا ربهم، ولم يشركوا به شيئاً في ربوبيته ولا في أُلوهيته ولا في أسمائه وصفاته.
وقد تسمِّى به بعض أهل الفرق الضالة:
1- تسمية المعتزلة بالموحدين.
2- وتسمية الدروز بالموحدين.
وفي إطلاقه عليهما تضليل، للاشتراك اللفظي. ولعدم صدق الاسم عليهما ..
مولانا: مخاطبة الكافر بها.
المولى: قال النووي في "الأذكار": "قال الإمام أبو جعفر النحاس في كتابه "صناعة الكتاب": "أما المولى فلا نعلم اختلافاً بين العلماء أنه لا ينبغي لأحد أن يقول لأحد من المخلوقين: مولاي.
قلت – أي النووي - : وقد تقدم في الفصل السابق جواز إطلاق مولاي، ولا مخالفة بينه وبين هذا، فإن النحاس تكلم في المولى بالألف واللام. وكذا قال النحاس: يقال سيد لغير الفاسق. ولا يقال: السيد، بالألف واللام، لغير الله تعالى. والأظهر أنه لا بأس بقوله: المولى، والسيد بالألف واللام بشرطه السابق" اهـ . وشرطه السابق: أن لا يقولهما لفاسق أو متهم في دينه، ونحوه ذلك. كما قال شارحها.
مِيْزاب الرحمة: تسمية : " ميزاب الكعبة "بذلك، لا أعرف لها أصلاً في السنة، ولا في المأثور عن السلف.
"حرف النون"
(ن)
…
نائب الله في أرضه:
مضى في قولهم: خليفة الله. وقد استعملها الشيخ علي القاري وتعقبه بعض المحدّثين.
نائلة: منعُ المسلم من تسمية ابنته باسم: نائلة ونحوه من أسماء الأصنام.(1/184)
الناس مؤتمنون على أنسابهم: هذا لا أصل له مرفوعاً. ويذكر علماء التخريج أنه من قول مالك وغيره من العلماء. وإلى هذه الساعة لم أقف عليه مسنداً إلى الإمام مالك أو غيره من العلماء، فالله أعلم.
نبيذ: النهى عن استحلال الخمر باسم: النبيذ.
النبوة العلم والعمل: هذه كلمة اشتهرت نسبتها إلى ابن حبان. قال الذهبي في "السير" عن الهروي: قال: "سمعت عبد الصمد بن محمد بن محمد، سمعت أبي يقول: أنكروا على أبي حاتم بن حبان قوله: "النبوة العلم والعمل" فحكموا عليه بالزندقة وهُجر، وكتب فيه إلى الخليفة، فكتب بقتله.
قلت: هذه حكاية غريبة ، وابن حبان من كبار الأئمة، ولسنا ندِّعي فيه العصمة من الخطأ ..." إلى آخره وهو مهم.
النجباء: من إطلاقات الصوفية المبتدعة.
نستشفع بالله عليك: عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - قال: جاء أعربي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، نهكت الأنفس، وجاع العيال، وهلكت الأموال؛ فاستسق لنا ربك فإنا نستشفع بالله عليك، وبك على الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سبحان الله، سبحان الله! "فما زال يُسبِّحُ حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: "ويحك، اتدري ما الله؟ إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع بالله على أحد"، وذكر الحديث ، رواه أبو داود.
نسيت آية كذا: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يقولن أحدكم: نسيت آية كذا، فإنه ليس نسي ولكن نُسِّي".
رواه الطبراني. وأصله في مسلم . وقال البخاري في "صحيحه": "باب نسيان القرآن، وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا؟".
وذكر أحاديث، منها بسنده عن أبي وائل عن عبدالله قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "بئس لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نُسِّي".
قال الحافظ ابن حجر: "كأنه يريد أن النهي عن قول: نسيت آية كذا، وكذا ليس للزجر عن هذا اللفظ، بل الزجر عن تعاطي أسباب النسيان المقتضية لقول هذا اللفظ .." اهـ .(1/185)
والنهي عن اللفظ المذكور ظاهر النص. وفي الزجر عن أسباب النسيان أحاديث أُخر. والله أعلم.
نشهد أن لا إله إلا الله: صوابه كما في "خطبة الحاجة" وعامة هديه - صلى الله عليه وسلم - بالإفراد في الشهادتين بلفظ: "أشهد"؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يشهد عن غيره، إنما يشهد ويخبر عن نفسه.
النصراني خير من اليهودي: لا يجوز أن يقال: النصراني خير من اليهودي؛ لأنه لا خير فيهما، فيكون أحدهما أزيد في الخير. لكن يقال هذا كلام العرب.
نظام: سمى الله – سبحانه – ما أنزله على نبيه ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -: "قرآناً" و"كتاباً " .. ووصفة بصفات عظيمة جمة. لهذا فليس لنا أن نطلق على هذا: "القرآن العظيم" أسماء لم يسمه بها الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ومن ذلك لفظ: "نظام" فهو إطلاق محدث لا عهد للشريعة به، وهو يلاقي: "النظام القانون" بأنواعه: الإداري، والجنائي، وما إلى ذلك، فلا يسوغ أن يطلق على كلام رب الأرض والسماء، الوحي المعصوم، لفظ انتشر اصطلاحه على ما يضعه البشر من تعاليم وقوانين.
نعْتٌ لله تعالى: لله سبحانه وتعالى الأسماء الحسنى والصفات العُلى، ولهذا فإن الله سبحانه يُوصف بصفات الكمال، ولا يقال: ينعت؛ للمفارقة اللغوية بين الوصف والنعت: وهي: أن النعت ما كان خاصاً بعضو كالأعور، والأعرج، فإنهما يخصان موضعين من الجسد، والصفة للعموم كالعظيم والكريم، ومن ثم قال جماعة: الله تعالى يوصف ولا ينعت.
النعلة على دين ربك: يأخذ الغضب ببعض الحمقى مأخذاً، يجُرُّه إلى الوقوع في بذاءة اللسان، بل ربما أدَّاه إلى التفوه بألفاظ مخرجة عن دين الإسلام، ومنها اللفظ المذكور، فيجب اجتنابه وتحذير قائله، وإرشاده إلى التوبة النصوح.(1/186)
نعم المرء ربنا لو أطعناه لم يعصنا: في شأن الدعاء للخطابي في معرض ذكر أغاليط لمن جمح به اللسان: "وكقوله بعضهم – وإن كان من المذكورين في الزهاد - : "نعم المرء ربن لو أطعناه لم يعصنا" فإنَّها في أخواتها ونظائرها عجرفة في الكلام، وتهور فيه، والله سبحانه وتعالى متعال عن هذه النعوت ..... " اهـ .
النية: لا يجوز إطلاقها على الله تعالى فلا يُقال: ناو، ولكن يُقال: يريد. طرداً لقاعدة التوقيف على ما ورد به النص. والله أعلم.
أما إذا قيل: "نواك الله بحفظه"، بمعنى: صحبك وحفظك، فهذا معنى معروف في كلام العرب، قال الفراء: " نواك الله "أي: حفظك الله، وأنشد:
يا عمرو أحسن نواك الله للرشد
واقرا السَّلام على الأنقاء والثَّمدِ
"حرف الهاء"
(هـ)
…
ها: عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا قال: "ها" ضحك منه الشيطان" رواه البخاري.
الهدية: النهي عن استحلال الرشوة باسم الهدية.
هذا من الله ومنك: وفي حرف الميم: ما شاء الله وشاء فلان.
هذا من بركات الله وبركاتك: مضى في حرف الميم: ما شاء الله وشاء فلان.
هلك الناس: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قال الرجل: هلك الناس؛ فهو أهلكهم".
رواه مسلم، ومالك، وأبو عوانة، وابن حبان، والبخاري في "الأدب المفرد".
وقال النووي في معنى هذا الحديث وضبطه: " قلت: وروي "أهلكهم" برفع الكاف وفتحها، والمشهور الرفع ويؤيده أنه جاء في رواية رويناها في حلية الأولياء، في ترجمة سفيان الثوري: فهو من أهلكهم.(1/187)
قال الإمام الحافظ أبو عبد الله الحميدي في: "الجمع بين الصحيحين": في الرواية الأولى، قال بعض الرواة: لا أدري هو بالنصب أم بالرفع، قال الحميدي: والأشهر الرفع أي: أشدهم هلاكاً، قال: وذلك إذا قال ذلك على سبيل الإزراء عليهم والاحتقار لهم، وتفضيل نفسه عليهم، لأنه لا يدري سرَّ الله تعالى في خلقه. هكذا كان بعض علمائنا يقول، هذا كلام الحميدي.
وقال الخطابي: معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول: فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك، فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم: أي أسوأ حالاً منهم فيما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم، وربما أدَّاه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أن له فضلاً عليهم، وأنه خير منهم فيهلك. هذا كلام الخطابي فيما رويناه عنه في كتابه: "معالم السنن".
وقال ابن القيم في "الهدي": "وكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول الرجل: هلك الناس، وقال: إذا قال ذلك فهو أهلكهم. وفي معنى هذا: فسد الناس وفسد الزمان ونحوه".
هل فهمت: في آداب العالم مع طلبته، ذكر ابن جماعة – رحمه الله تعالى – "الأدب السابع" وهو طرح المسائل على الطلبة، وفيه: شكر الشيخ لمن فهم من الطلاب، وتلطفه مع من لم يفهم ، ثم قال: "ولذلك قيل: لا ينبغي للشيخ أن يقول للطالب: "هل فهمت" إلا إذا أمن من قوله: "نعم" قبل أن يفهم، فإن لم يأمن مِن كذبه لحياء، أو غيره، فلا يسأله عن فهمه؛ لأنه ربما وقع في الكذب بقوله: "نعم"؛ لما قدمناه من الأسباب ...".
هواء طبيعي: هذا اللفظ يحتمل أحد معنيين:
أحدهما: بعيد غير مراد للمسلم، وهو أن الهواء وغيره من هذه العوالم الكونية، بدون خالق، وهذا قول الملاحدة الطبائعيين، ومن في سلكهم من الدهريين، ومعتقده زنديق لا تقبل توبته.(1/188)
الثاني: قريب مراد، وهو إطلاق هذا اللفظ: "طبيعي" على كل ما خلقه الله، دون تدخل البشر في صنعه فيقال مثلاً: "هواء طبيعي" و "هواء صناعي" الحاصل من آلات التكييف الكهربائية، ونحوها. فهذا إطلاق جائز، وإن حصل التباس بالمعنى الأول حرم إطلاقه.
وغي جواب لجنة الفتوى رقم 9552 ما نصه: "إذا كان المقصود من هذا التعبير، أن الهواء معتدل، فهو جائز" انتهى.
هوهو: هذا من أذكار الطرقية المبتدعة، وأسماء الله تعالى وصفاته توقيفية، ولا أصل لهذا الذكر في الكتاب ولا السنة ولا عمل الصحابة – رضي الله تعالى عنهم – وإنكار هذا منتشر في كتب أهل السنة. والله أعلم.
الهوي: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في تفسير قوله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم:1] ما نصه: "وههنا أمر يجب التنبيه عليه غلط فيه أبو محمد بن حزم أقبح غلط، فذكر في أسماء الرب تعالى: الهوي. بفتح الهاء، واحتج بما في الصحيح من حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، الهويّ. فظن أبو محمد: أن الهوي صفة للرب. وهذا من غلطه – رحمه الله تعالى – يقال: مضى هوي من الليل. على وزن فعيل، ومضى هزيع منه أي: طرف وجانب. وكان يقول سبحانه ربي الأعلى. في قطعة من الليل وجانب منه. وقد صرحتْ بذلك في اللفظ الآخر فقالت: كان يقول: سبحان ربي الأعلى؛ الهوي من الليل".
"حرف الواو"
(و)
…
وأبيك: عن عمر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم" قال عمر - رضي الله عنه -: والله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنها. [رواه البخاري ومسلم، وأحمد، وابن أبي الدنيا].
واجب الوجود: في إطلاقه على الله تعالى إجمال مانع من فهم المراد، وبيان مفصلاً لدى شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في مواضع من كتبه.(1/189)
الواحد لا يصدر عنه إلا واحد: هذا القول من فاسد أقاويل أهل الكلام كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وفينا نبي يعلم ما في لغدِ: في حديث الرُّبيِّع بنت مُعوِّذ – رضي الله عنها – في غناء الجويريات، قال إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في الغد. فقال - صلى الله عليه وسلم - : "دعي هذه، وقولي الذي كنت تقولين".
[رواه البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه].
والله على "ما" يشاء قدير: في ترجمة الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى- من كتاب: "عنوان المجد"، قال: "هذه الكلمة اشتهرت على الألسن من غير قصد وهي قول الكثير إذا سأل الله تعالى: "وهو القادر على ما يشاء" وهذه الكلمة يقصد بها أهل البدع شراً، وكل ما في القرآن: "وهو على كل شيء قدير"، وليس في القرآن والسنة ما يخالف ذلك أصلاً؛ لأن القدرة شاملة كاملة، وهي والعلم: صفتان شاملتان تتعلقان بالموجودات والمعدومات، وإنَّما قصد أهل البدع بقولهم: "وهو على ما يشاء" أن القدرة لا تتعلق إلا بما تعلقت به المشيئة"اهـ .
وفي جواب للشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى – قال: "الأولى أن لا يطلق. ويُقال: إن الله على كل شيء قدير؛ لشمولة قدرة الله عز وجل لما يشاؤه ولما لا يشاؤه" اهـ .
هذا ما رأيته مسطراُ في المنع. وقد جاء إطلاقها في حديث ابن مسعود الطويل: في آخره أهل النار خروجاً، في صحيح مسلم. ترجم عليه النووي بقوله: باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار: وجاء في آخر الحديث: "قالوا ممّ تضحك يا رسول الله؟ قال: "من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين، فيقول: إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قدير" اهـ .
وفي الرواية في: كتاب "السنة" لابن أبي عاصم (1/245) وفي كتاب: الإيمان لابن منده بلفظ: "ولكن على ما أشاء قادر" اهـ .(1/190)
لكن هذا الإطلاق مقيد بأفعال معينة كهذا الحديث، وكذلك في الآية {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} معلقة بالجمع؛ وعيه فإن إطلاق هذا اللفظ له حالتان، الأُولى: على وجه العموم، فهذا ممتنع لثلاثة وجوه:
لأن فيها تقييداً لما أطلقه الله.
لأنه موهم بأن ما لا يشاؤه لا يقدر عليه.
لأنه موح بمذهب القدرية.
والحالة الثانية: على وجه التقييد كما ذكر.
والله حيث كان: عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه: كان يكره أن يقول الرجل: "والله حيث كان .... " رواه عبد الرزاق .
والله لا يكون كذا: هذا اللفظ من الإقسام على الله تعالى، وقد فصَّلت النصوص الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه على قسمين: جائز وممنوع:
أما الممنوع فهو في مقام التألِّي على الله – سبحانه – بدافع الجهل، والتكبر، والعُجب، والخِفَّة، والطيش.
وقد ثبت فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله – عز وجل: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان، قد غفرت له وأحبطت عملك" رواه مسلم.
وأما الجائز، فهو من المسلم القانت لربه، الواثق بعطائه، المؤمن بقدره. ويدُلُّ لهُ حديث: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره، منهم: البراء بن معرور".
ومن هذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في بعض مغازيه لننْتصِرنَّ، فقيل له: قل: إن شاء الله ، فقال: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً.
والله لا يغفر الله لفلان: عن جندب بن عبدالله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان: إني قد غفرت له، وأحبطت عملك" رواه مسلم.(1/191)
واللات: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من حلف منكم فقال باللات فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أُقامرك؛ فليتصدق" رواه البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم. وهو بلفظ أبسط. والله أعلم.
والكعبة: هذا حلف بغير الله – تعالى – فلا يجوز؛ لعموم الأحاديث الناهية عن الحلف بغير الله. قال النووي – رحمه الله تعالى - : "وُيكره الحلف بغير أسماء الله تعالى وصفاته سواء في ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، والكعبة، والملائكة، والأمانة، والروح، وغير ذلك" اهـ .
وأمانة الله: هذا حلف بالأمانة. وهو ممنوع شرعاً؛ لما ثبت عن بريدة - رضي الله عنه - قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف بالأمانة فليس منا" رواه أبو داود.
وايم الحق: هذا قسم فإن كان يريد بالحق: "الله سبحانه وتعالى" فهو جائز كقوله: وايم الله. وإن كان يريد بالحق: ضد الباطل ،فهو قسم بغير الله فلا يجوز.
والنبي: والحلف بالمخلوقين لا يجوز؛ لما فيه من الشرك بالله تعالى.
وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" [رواه أبو داود والترمذي، وحسنه، والحاكم وصححه، وأحمد، وابن حبان، وقال العراقي: إسناده ثقات].
وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الحلف بغير الله لا يجوز.
ومن الحلف بغير الله من المخلوقين المنتشر لدى بعض المسلمين في بعض الأقطار: والنبي. والكعبة. والشرف. وذمتي. وجبريل. وحياتي. والسيد. والرئيس. والشعب.
كل هذه الصيغ وأمثالها لا تجوز؛ لأنها حلف بغير الله تعالى.
الواقي: قال ابن الصلاح في خطبة كتابه: "علوم الحديث": "الحمد لله الهادي من استهداه، الواقي من اتقاه".(1/192)
فعلق عليها الحافظ ابن حجر في "نكته" بقوله: " بالقاف، وهو مشتق من قوله تعالى {فَوَقَاهُ اللَّهُ} [المؤمن: من الآية45] عملاً بأحد المذهبين في الأسماء الحسنى، والأصح عند المحققين أنَّها توقيفية. وأما قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ}[ الرعد: من الآية34]. فلا توقيف فيه على ذلك، لكن اختار الغزالي أن التوقيف مختص بالأسماء دون الصفات، وهو اختيار الإمام فخر الدِّين أيضاً وعلى ذلك يحمل عمل المصنف وغيره من الأئمة" انتهى.
الوحيد: ليس من أسماء الله سبحانه، ولهذا لا يعبَّد به فيقال: عبد الوحيد.
وعليك السلام: ترجم البخاري في كتاب الاستئذان من صحيحه فقال: باب من رد فقال: عليك السلام.
ثم ذكر الحافظ في "الفتح": وجوه احتمال المراد في ترجمة البخاري على خمسة أوجه: وذكر منها الثاني وهو أنه لا يأتي بصيغة الإفراد في الجواب على السلام فقال مستدلاً له: أخرج البخاري في "الأدب" المفرد من طريق معاوية بن قرة قال: قال لي أي: قرة بن إياس المزني الصحابي: إذا مر بك رجل فقال: السلام عليكم، فلا تقل: وعليك السلام، فتخصه وحده فإنه ليس وحده. وسنده صحيح.
ومن فروع هذه المسألة: "لو وقع الابتداء بصيغة الجمع؛ فإنه لا يكفي الرد بصيغة الإفراد؛ لأن صيغة الجمع تقتضي التعظيم، فلا يكون امتثل الرد بالمثل فضلاً عن الأحسن. نبه عليه ابن دقيق العيد" اهـ .
والله تعالى يقول: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} الآية [ النساء: 86]. فالرد بصيغة الإفراد ليس من ردِّ التحية بأحسن منها. والله أعلم.
وعليكم السلام: في حكم من قال في الابتداء: "وعليكم السلام" ولو بدون واو فهو لا يكون سلاماً ولا يستحق جواباً، وتعقبه بعضهم.(1/193)
والثابت في الابتداء تقديم لفظ "سلام" فيقال: "سلام عليكم" أو "السلام عليكم". وما ذُكِر نصَّ غيرُ واحدٍ على كراهته منهم: المتولي، وابن القيم وغيرهم، وحرر كلام الجميع الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى – في "الفتح". وفي حديث جابر بن سلمة مرفوعاً: "لا تقل: عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى، ولكن قل: السلام عليك". رواه الترمذي وغيره.
وِصال : في "تسمية المولود" ذكرت: الأصل التاسع: في الأسماء المكروهة وهذا نصه: "الأصل التاسعُ: في الأسماءِ المكروهةِ: يمكنُ تصنيفها على ما يلي:
تُكرهُ التَّسميةُ بما تنفُرُ منهُ القلوبُ؛ لمعانيها، أو ألفاظِها، أو لأحدِهما؛ لما تُثيرهُ مِن سُخريةٍ وإحراجٍ لأصحابِها وتأثيرٍ عليهم؛ فضلاً عن مُخالفةِ هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحسين الأسماءِ: ومنها: حرْب، مُرَّة، خنْجر، فاضِح، فحيط، حطيحط، فدْغوش ... وهذا في الأعرابِ كثيرٌ، ومن نظر في دليل الهواتفِ رأى في بعضِ الجهاتِ عجباً!
ومنها: هُيام وسُهام ؛ بضم أولهما: اسم لداء يُصيب الإبل.
ومنها: رُحاب وعفلق، ولكل منهما معنىً قبيحٌ.
ومنها: نادية؛ أي: البعيدة عن الماء.
ويُكرهُ التسمِّي بأسماءٍ فيها معانٍ رخوةٌ شهوانيةٌ، وهذا في تسمية البناتِ كثيرٌ، ومنها: أحلام، أريج، عبير، غادة "وهي التي تتثنَّى تيهاً ودلالاً"، فتنة، نهاد، وِصال، فاتن" أي: بجمالها "شادية، شادي" وهما بمعنى المُغنِّية".
ويُكرهُ تعمُّدُ التَّسمِّي بأسماءِ الفُساقِ الماجنين من الممثِّلين والمطربين وعُمَّارِ خشباتِ المسارحِ باللهوِ الباطلِ.
ومن ظواهر فراغ بعض النفُّوسِ مِن عزَّةِ الإيمان ِ: أنهم إذا رأوْه مسرحيةً فيها نسوةٌ خليعاتٌ؛ سارعوا مُتهافتين إلى تسميةِ مواليدِهم عليها، ومن رأى سجِلاَّتِ المواليدِ التي تُزامِنُ العرض؛ شاهد مصداقيَّة ذلك ... فإلى اللهِ الشكوى.(1/194)
ويُكرهُ التسميةُ بأسماءٍ فيها معانٍ تدلُّ على الإثمِ والمعصيةِ؛ كمثلِ "ظالم بن سرّاق"، فقد ورد أنَّ عثمان بن أبي العاصِ امتنع عن توليةِ صاحبِ هذا الاسمِ لمَّا علم أنَّ اسمه هكذا؛ كما في "المعرفة والتاريخ" (3/ 201) للفسوي.
وتُكرهُ التسميةُ بأسماءِ الفراعنةِ والجبابرة ومنها: فِرعونُ، قارونُ، هامانُ ...
ومنهُ التَّسميةُ بأسماءٍ فيها معانٍ غيرُ مرغوبةٍ ؛ كمثلِ: "خبِيَّة بن كنَّاز" ؛ فقد ورد أن عمر - رضي الله عنه -ُ قال عنهُ : " لا حاجة لنا فيهِ؛ هُو يخبِّئُ، وأبوهُ يكنزُ"؛ كما في "المؤتلف والمختلف" (4/1965) " للدار قطني.
ويُكرهُ التسمِّي بأسماءِ الحيواناتِ المشهورةِ بالصِّفاتِ المستهْجنةِ ، ومنها التَّسميةُ بما يلي: حنش، حِمار، قُنْفذ، قُنيفذ، قِرْدان، كلْب، كُليب.
والعربُ حين سمَّت أولادها بهذه؛ فإنَّما لما لحِظتْهُ مِن معنى حسنٍ مرادٍ: فالكلبُ لما فيهِ من اليقظةِ والكسْب، والحمارُ لما فيه مِن الصَّبر والجلد، وهكذا ... وبهذا بطل غمْزُ الشُّعوبيَّةِ للعربِ كما أوضحهُ ابنُ دُريدٍ وابنُ فارسِ وغيرُهما.
وتُكرهُ التَّسميةُ بكُلِّ اسمٍ مُضافٍ مِن اسمٍ أو مصدرٍ أو صفةٍ مُشبَّهة مضافةٍ إلى لفظِ "الدينِ" ولفظ "الإسلام"؛ مثل: نور الدين، ضياء الدين، سيف الإسلام، نور الإسلام .. وذلك لعظيمِ منزلةِ هذين اللفظين "الدين" و "الإسلام"، فالإضافةُ إليهما على وجْهِ التَّسميةِ فيها دعوى فجَّةٌ تُطِلُّ على الكذبِ، ولهذا نصَّ بعضُ العلماءِ على التَّحريمِ، والأكثرُ على الكراهةِ؛ لأنَّ منها ما يوهِمُ معاني غير صحيحةٍ ممَّا لا يجوزُ إطلاقُه، وكانت في أوَّلِ حدوثها ألقاباً زائدةُ عن الاسمِ ، ثم استُعْمِلتْ أسماءً.(1/195)
وقد يكونُ الاسمُ من هذه الأسماء منهيّاً عنهُ من جهتينِ ؛ مثلُ شهابِ الدين ؛ فإنَّ الشهابَ: الشُّعلةُ مِن النَّارِ، ثم إضافةُ ذلك إلى الدِّينِ، وقد بلغ الحالُ في إندونيسيا التسمية بنحوِ: ذهبِ الدِّينِ، ماسِ الدِّين!
وكان النوويُّ – رحمه الله تعالى – يكرهُ تلقيبهُ بمُحيي الدِّين ، وشيخُ الإسلام ابنُ تيمية – رحمه الله تعالى – يكْرهُ تلقيبهُ بتقيِّ الدِّين، ويقولُ: "لكنَّ أهْلي لقَّبوني بذلك فاشتهر".
وتُكرهُ التسميةُ بالأسماءِ المركَّبِةِ؛ مثل: محمَّد أحمد، محمد سعيد، فأحمد مثلاً هو الاسم، ومحمدُ للتبرُّك ..... وهكذا.
وهي مدعاةٌ إلى الاشتباهِ والالْتباسِ، ولذا لم تكُنْ معروفةً في هدْيِ السَّلف، وهي مِن تسمياتِ القُرونِ المُتأخِّرةِ ؛ كما سبقتِ الإشارةُ إليه.
ويُلحقُ بها المضافةُ إلى لفظِ "الله"؛ مثل: حسب الله، رحمة الله، جبرة الله؛ حاشا: عبد الله؛ فهو من أحبِّ الأسماءِ إلى الله.
أو المضافةُ إلى لفظِ الرسولِ؛ مثلُ: حسب الرسول، وغُلام الرسول ... وبيَّنتها في "تغريب الألقاب".
وكرِه جماعةٌ مِن العلماءِ التسمِّي بأسماءِ الملائكةِ عليهم السَّلامُ؛ مثل: جبرائيل، ميكائيل، إسرافيل.
أمَّا تسميةُ النِّساء بأسماءِ الملائكةِ؛ فظاهِرُ الحرمةِ؛ لأن فيها مضاهاةً للمشركين في جعْلِهِم الملائكة بناتِ اللهِ، تعالى اللهُ عن قولِهم. وقريبٌ مِن هذا تسميةُ البنتِ: ملاكٌ، ملكة، وملكْ.
وكرِه جماعةٌ مِن العلماءِ التَّسمية بأسماءِ سُورِ القرآنِ الكريمِ ؛ مثل : طه، يس ، حم .... "وأما ما يذكُرهُ العوامُّ أن يس وطه مِن أسماءِ النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فغيرُ صحيحٍ"اهـ .
والقرآن: الحلف بصفة من صفات الله تعالى مثل: القرآن. والمصحف. وآيات الله. وعزة الله. وقدرة الله. وحياة الله. وعلم الله.(1/196)
قاعدة الشريعة المطردة، أنه لا يجوز الحلف والقسم إلا بِاللهِ – تعالى – أو باسم من أسمائه ، أو صفة من صفاته – سبحانه - ؛ لأن الحلف يقتضي التعظيم الذي لا يشاركه فيه أحد، وهذا لا يصرف إلا لله تعالى؛ ولهذا كان الحلف بغير الله – تعالى – من المخلوقين كافة: شركاً بالله ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "منْ حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" أي : شركاً أصغر؛ لأن من يؤمن بالله إذا حلف بغيره، لا يقصد أن عظمة المخلوق المحلوف به مثل عظمة الله الخالق سبحانه، وبهذا التعليل صرف علماء التوحيد ظواهر هذه النصوص من الحديث المذكور وما في معناه إلى هذا المعنى: "الشرك الأصغر الذي لا يخرج عن الملة " أما إذا اعتقد المساواة فهو شرك أكبر. إذا عُرِف هذا فإن الحلف بصفة من صفات الله المذكورة، يمين شرعية منعقدة، يجب على من حنِث بها: الكفَّارة.
لكن إذا كان الحلف بصفة من صفات الله – تعالى – المذكورة، تستنكره نفوس العامة، فعلى المسلم احتساب الأجر بصرف حلفه بالله تعالى، وبعد تبصيرهم بجواز الحلف بصفة من صفات الله تعالى ، فلا عليهم إذا فقهوا؛ إذ القلوب ضعيفة، والشُّبهُ خطافةٌ.
إذا عُلِم هذا فإن الحلف بالمصحف أو بلفظ: "والقرآن الكريم" هو حلف بصفة من صفات الله – سبحانه - ؛ إذ القرآن مشتمل على كلام الله، وكلام الله من صفاته، فصار كما لو قال الحالف: "وكلام الله" فهذا حلف جائز، وقد أقام هذا أهل السنة على أهل البدعة مقام الحجة عليهم في قولهم الباطل: "بخلق القرآن". ولا يشكل عليك أن الحالف بالمصحف قد يريد الحلف بالورق والجلد؛ لأنَّ المصحف الكريم لا يسمى مصحفاً إلا بما فيه من كلام الله المجيد.
واعلم أيضاً: أنَّ الحلف بآيات الله، الجائز، هو الحلف بآيات الله الشرعية: "القرآن الكريم"، أما الحلف بآيات الله الكونية القدرية وهي مخلوقاته من إنس وجن فلا يجوز قولاً واحداً.(1/197)
"وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً... ": لايصح في قراءة هذه الآية الشريفة قبل الأذان: حديث. ولذا فلا تشرع قراءتها هنا.
وكيل الله: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في "المدارج": "فإن قلت: هل يصح أن يُقال: إن أحداً وكيل الله؟ قلت: لا، فإن الوكيل من يتصرف عن موكله بطريقة النيابة، والله عز وجل لا نائب له، ولا يخلفه أحد بل هو الذي يخلف عبده، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل".
على أنه لا يمتنع ذلك باعتبار أنه مأمور بحفظ ما وكله فيه، ورعايته والقيام به .... ".
وفي "المفتاح": ذكر الوجه الخامس والثمانين بعد المائة: في فضل العلماء وهو: أن الله سبحانه جعل العلماء وكلاء وأمناء على دينه ووحيه – ثم قال: "فإن قلت : فهل يصح أن يقال لأحد هؤلاء الموكلين: إنه وكيل الله بهذا المعنى ، كما يقال: ولي الله.
قلت: لا يلزم من إطلاق فعل التوكل المقيد بأمر ما أن يصاغ منه اسم فاعل مطلق ، كما أنه لا يلزم من إطلاق فعل الاستخلاف المقيد أن يقال: خليفة الله .... " انتهى .
الولي أفضل من النبي: من موروثات غلاة المتصوفة عن مشركة الصابئة، وهذا من الإلحاد في معاني نصوص الوحيين والتلاعب بهما.
"حرف لام ألف"
(لا)
لا أوحش الله منك: هذه اللفظة لا شيء فيها، لكن الابتداء بها قبل السلام عند اللقاء: خلاف السنة.
لا أدري: في "السير" (12/65) للذهبي: "سُئِل سُحنون: أيسع العالم أن يقول: لا أدري، فيما يدري؟ قال: أما ما فيه كتاب أو سنة ثابتة فلا، وأما ما كان من هذا الرأي، فإنه يسعه ذلك؛ لأنه لا يدري أمصيب هو أم مخطئ" انتهى.(1/198)
لا أماتك الله أبداً: قال الطرطوشي – رحمه الله تعالى - : "وهكذا أمر الرسول – عليه الصلاة والسلام – بالدعاء مع انطواء العاقبة، فادعوا فكل ميسر لِما سبق في علمه؛ ولهذا يجوز أن يقول القائل: مَدَّ الله في عمرك ، وطوَّل في حياتك، ووسَّع رزقك ولا يجوز أن يقول: لا أماتك الله أبداً" انتهى.
لا تبْعُد: كان من مذاهب العرب في جاهليتها، قولهم إذا مات الميت: "لا تبْعُد"، وجاء ذلك في كثير من أشعارهم، ومنه قول مالك بن الريب:
يقُوْلُوْن لا تبعد وهم يدفونني…
وأين مكان البعد إلا مكانيا
وهم يستعملون هذه اللفظة في الدعاء للميت، مريدين استعظام موته، والدعاء له بأن يبقى ذِكره. والإسلام قد نهى عن التشبه بالجاهليين ، فليجتنب.
لا تحله الحوادث: للجهمية في هذا الإطلاق مراد فاسد، كشفه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - ، مع ألفاظ أُخر أبان عن مرادهم فيها. في كتاب الحافل: "درء تعارض العقل والنقل".
لا سمح الله: من المستعمل في الوقت الحاضر، ولم أره عند من مضى، وظاهر أنه تركيب مولد، يريدون: لا قدر الله ذلك الأمر. والوضع اللغوي لمادة " سمح " لا يساعد عليه، والله أعلم.
لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة: هذه المقولة: علْمنةٌ مكشوفة، نظير مناداتهم بفصل الدين عن الدولة. فهي نظرة إلحادية؛ لإقصاء تحكيم الشرع الإسلام المطهر عن كراسي الولاة، والقضاء به بين الناس. فالسياسة العادلة على رسم الشريعة المطهرة مرتبطة بالدِّين ارتباط الروح بالبدن، سواء كانت في سياسة الوالي وتدبيره للحكم مع من ولاَّه الله عليهم، أم مع الكافرين من حربيين ، وذميين ، ومعاهدين.
ومن تأمل سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيرة الخلفاء الراشدين وجدها جارية على إقامة العدل والسياسة في أُمور الناس في دينهم ودنياهم.(1/199)
وهذا في السياسة الإسلام العادلة. لا في سياسة المكر والغدر ونقض العهود، والخيانة، والجور، والظلم، فإن الإسلام منها براء. والله أعلم .
لا شيء: قال ابن أبي شيبة في: "المصنف": "من كره أن يقول للشيء: لا شيء. ذكر بسنده عن مطرف قال: لا يكذبن أحدكم مرتين، يقول لشيء: لا شيء، لا شيء، أليس بشيء؟" اهـ . رواه ابن أبي الدنيا بلفظ: "لا تقل : إن الله يقول، ولكن قل: إن الله قال. قال: وأحدهم يكذب مرتين... فذكر" اهـ .
لاها الرحمن: ذكر ابن مالك والجوهري وغيرهما: أنه لا يكون ذلك إلا مع اسمه – سبحانه - : "الله" فيقال " لاها الله" كما في حديث السلب. ولا يقال مع غيره من أسماء الله تعالى مثل "الرحمن" فلا يُقال : "لاها الرحمن"؛ لأن ذلك لم يسمع، وانظره مبسوطاً في: "نيل الأوطار"، والله أعلم.
لا يحتاج إلى لسان العرب: سُئِل ابن رشد عمن قال ذلك فقرر في جواب له: أنه لا يقوله إلا جاهل وعليه التوبة إلى الله تعالى، ويؤدب إن كان لِخللٍ في دينه، نحو: كراهيته لغة العرب.
"حرف الياء"
(ي)
…
يا أرزان: سُئِل ابن تيمية – رحمه الله تعالى – عمَّن يقول: يا أرزان، يا كيان. هل صح أن هذه أسماء وردت بها السنة أم يحرم قولها؟ فأجاب: "الحمد لله: لم ينقل هذا عن الصحابة أحدٌ لا بإسناد صحيح، ولا بإسناد ضعيف، ولا سلف الأُمة، ولا أئمتها، وهذه الألفاظ لا معنى لها في كلام العرب؛ فكل اسمٍ مجهول ليس لأحد أن يرقي به، فضلاً عن أن يدعو به، ولو عرف معناها وأنه صحيح؛ لكره أن يدعو الله بغير الأسماء العربية" ا هـ.(1/200)
يا أزلي. يا أبدي. يا دهري يا ديمومي: هذه أدعية من مخاريق كتاب "دلائل الخيرات" للجزولي؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: من الآية180] وأسماء الله تعالى توقيفية بنص من كتاب أو سنة، وليس في نصوص الوحيين أنه من أسماء الله سبحانه: الأزلي. الأبدي. الدهري. الديمومي. لهذا فلا يجوز أن يُطلق عليه اسم لم يرد به نص ، ولا يجوز أن يدعى به.
يا أهل النار: في مبحث الأدب في الألفاظ والتخلص من الفظ المكروه بأمر سهل من كتاب "الطرق الحكمية" قال: "قد روينا عن عمر - رضي الله عنه - أنه خرج يعُسُّ المدينة بالليل فرأى ناراً موقدة في خباء فوقف وقال: يا أهل الضوء . وكره أن يقول: أهل النار".
يا جاه محمد: هذا دعاء، والدعاء لا يكون إلا لله، فصرفه إلى غيره شرك به. قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في "الفتاوى": "وأما قول القائل إذا عثر: يا جاه محمد، ياست نفسية، أو سيدي الشيخ فلان، أو نحو ذلك مما فيه استغاثته وسؤاله: فهو من المحرمات، وهو من جنس الشرك فإن الميت سواء كان نبياً أو غير نبي لا يدعى، ولا يسأل ولا يستغاث به لا عند قبره، ولا مع البعد من قبره، بل هذا من جنس دين النصاري الذين: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ .... }.. " إلى آخر سياقه – رحمه الله تعالى -.
يا حمار ... يا تيس ... يا كلب: قال النووي – رحمه الله تعالى - : "فصل: ومن الألفاظ المذمومة المستعملة في العادة قوله لمن يخاصمه: يا حمار ، يا تيس، يا كلب، ونحو ذلك، فهذا قبيح لوجهين، أحدهما: أنه كذب. والآخر: أنه إيذاء، وهذا بخلاف قوله: يا ظالم، ونحوه، فإن ذلك يسامح به لضرورة المخاصمة، مع أنه يصدق غالباً، فقلَّ إنسان إلا وهو ظالم لنفسه ولغيرها" اهـ .(1/201)
يا حنين: كره الإمام مالك الدعاء بنحو: يا حنَّان! لأنه ليس من أسماء الله سبحانه : الحنّان. وعوام مصر يصغرون فيقولون: يا حنيِّن يا رب. وتصغير اسم الله تعالى مُحّرَّمٌ لا يجوز، فليتنبه، فكيف ولم يثبت اسم: الحنان؟!
يا خيبة الدهر: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقولن أحدكم: يا خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر". رواه البخاري، ومسلم في صحيحيهما، وأبو داود، والنسائي، وأحمد، والدارمي، وأبو عوانة، والبخاري في "الأدب المفرد" وغيرهم.
وللخطابي - رحمه الله تعالى- بحث ماتع في كتابه "شأن الدعاء" فليرجع إليه. والله أعلم.
يا دائم المعروف: وفي "المعيار" للونشريسي، أنها من البدع المحدثة بعد الأذان، وكان المؤذنون بمكة - حرسها الله تعالى- يأتون بهذا اللفظة مع ذكر طويل بعد الأذان فأُبطل هذا. والحمد لله.
يا ذات: انظر لفظ : يا معبود. و"بدائع الفوائد" (1/164).
يا رب جمعت العقوبات: قال الداودي في ترجمة أبي ذر الحنفي قال: "أفتى فيمن قال : يا رب جمعت العقوبات علي؛ تسخطاً: يكفر ذكره في القنية" اهـ .
يا رحمة الله: هذا من باب دعاء الصفة، والدعاء إنما يُصرف لمن اتَّصف بها سبحانه؛ لهذا فلا يجوز هذا الدعاء، ونحوه: يا مغفرة الله، يا قدرة الله، يا عزة الله، وليس له تأويل، ولا محمل سائغ، وهو دعاء محدث لا يعرف في النصوص، ولا أدعية السلف. وإنما المشروع هو: التوسل بها كما في الحديث: "برحمتك أستغيث" ونحوه، وقد غلَّظ شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- النهي عن الدعاء بالصفة، وقال: إنَّه كُفر.
ولا يُسوِّغُ الدعاء بالصفة، جوازُ الحلفِ بها، فإن الحلف بها من باب التعظيم، أما الدعاء، فهو عبادة، والعبادة لا تصرف إلا لله تعالى، فكيف تُعبد صفته – سبحانه – فتُدعى؟
ومما تقدم نعلم الأحوال الثلاث:
دعاء الصفة : لا يجوز؛ لأن الدعاء عبادة والعبادة لا تصرف إلا لله سبحانه.(1/202)
التوسل إلى الله بصفاته أو بصفة منها: مشروع، كما وردت به السنة ، وأدعية السلف.
الحلف بها: جائزة؛ لأنه من باب التعظيم لله – سبحانه - .
والله أعلم
يا ساتر: لم أره في عداد أسماء الله تعالى، وقال بعض المعاصرين: وإنَّما يُقال: "يا ستِّيْر" لحديث: "إن الله حيي حليم ستير يحب الحياء والستر" رواه أحمد، وأبو داود والنسائي. وأنا متوقف في هذا الحرف؟
يا ساكن العرش: رأيت في رسالة: "الصفات الإلهية بين السلف والخلف"، للشيخ عبد الرحمن الوكيل – رحمه الله تعالى – في معرض بحث الاستواء لله تعالى على ما يليق بجلاله، قال: "ومن دعاء أهل الإسلام جميعاً – إذا هم رغبوا إلى الله عز وجل في الأمر النازل بهم – يقولون: يا ساكن العرش" اهـ .
وهذا تعبير غير سليم؛ لأن القاعدة أن الصفات والأسماء توقيفية، وهذا اللفظ: "ساكن العرش" مما لم يرد، فلا يشرع إذاً الدعاء به فتنبه. والله أعلم.
والشيخ – رحمه الله تعالى – أراد المعنى: علو الله سبحانه وأنه مستوٍ على عرشه سبحانه وتعالى، وهذا حق.
يا سبحان: قال الخطابي: في شأن الدعاء: "ومما يسمع على ألسنة العامة، وكثير من القصاص قولهم : يا سبحان، يا برهان ، يا غفران، يا سلطان، وما أشبه ذلك. وهذه الكلمات، وإن كان يتوجه بعض في العربية على إضمار النسبة بذي ، فإنه مستهجن ، مهجور؛ لأنه لا قدرة فيه. ويغلط كثير منهم في مثل قولهم: يا رب طه، ويس، ويا رب القرآن العظيم. وأول من أنكر ذلك ابن عباس: فإنه سمع رجلاً يقول عند الكعبة: يا رب القرآن ، فقال: مه! إن القرآن لا رب له، إن كل مربوب مخلوق" اهـ .
ياسين: تكره التسمية به قال: وسألته: أينبغي لأحد أن يتسمى بياسين؟ قال: ما أراه ينبغي؛ لقول الله عز وجل: { يّس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}" انتهى .
مضى في حرف الطاء: طه وفي حرف الواو: وصال.(1/203)
يا غائث المستغيثين: هذا لحن صوابه: يا مغيث المستغيثين؛ لأنه من "أغاث" الرباعي. ويقال: يا غياث المستغيثين.
يا قدِيْدِي: القديدي – بالفتح – جمعه: القديديون، وهم: أتباع العسكر من الصناع، كالشَّعَّاب، والحداد، والبيطار، في كلام أهل الشام. ويشتم الرجل فيقال: يا قديدي، ويا قُديدي.
يا كافر: عن أبي هريرة وابن عمر – رضي الله عنهم – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما". رواه البخاري ومسلم والترمذي، ومالك، والبخاري في "الأدب المفرد".
يا كبيكج: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الرُّقى، والتمائم، والتولة: شرك". رواه أبو داود ، وابن ماجه، وابن حبان، وأحمد، كما في السلسلة الصحيحة، وقال: "الرقى: هي هنا ما كان فيه الاستعاذة من الجن، أو لا يفهم معناها. مثل كتابة بعض المشايخ من العجم على كتبهم لفظ "يا كبيكج" لحفظ الكتب من الأرضة زعموا" ا هـ .
يا عظيم الرجا: لفظ "الرجاء" من الأمل لا يكون إلا ممدوداً، وبالقصر: "الرَّجا" بمعنى الناحية، وبعد بيان القرطبي لذلك في تفسير آية البقرة 218: {أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قال: "والعوام من الناس يُخطئون قولهم: يا عظيم الرَّجا، فيقصرون ولا يمدون" انتهى.
يا معبود: قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في مبحث الأسماء والصفات: "الثاني عشر: في بيان مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة، وهذا هو قطب السعادة، ومدار النجاة والفلاح: المرتبة الأُولى: إحصاء ألفاظها وعددها. والمرتبة الثانية: فهم معانيها ومدلولها. والمرتبة الثالثة: دعاؤها بها كما قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}.(1/204)
وهو مرتبتان؛ إحداهما: دعاء ثناء والثاني: دعاء طلب ومسألة ، فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، كذلك لا يُسأل إلا بها ، فلا يُقال: يا موجود، أو يا شيء، أو يا ذات اغفر لي، وارحمني، بل يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضياً لذلك المطلوب، فيكون السائل متوسلاً إليه بذلك الاسم ...".
ويوضح هذا ما بينه ابن القيم قبل ذلك في "البدائع"من أن فصل الخطاب أن ما يطلق عليه سبحانه من باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه في باب الأخبار لا يجب أن يكون توقيفياً كالقديم، والشيء، والموجود، والقائم بنفسه. فلينظر فإنه مهم. وهو ما نقله ابن سلوم في "مختصر شرح السفارينية" والله أعلم.
يا معظم: مواجهة المخلوق به فيه إساءة أدب.
يا من لا هو إلا هو: هذا من الأدعية الباطلة المخترعة في "دلائل الخيرات" للجزولي فإن: "الهو" ليس من أسماء الله تعالى، ولذا فلا يجوز الدعاء به.
يا وجه الله: يجري على لسان بادية الجزيرة قول: يا وجه الله. فسُئِل المفتي الشيخ محمد – رحمه الله تعالى – عن ذلك فقال: "ما تنبغي، وممكن أن مقصودهم الذات" انتهى.
يا ويله: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد؛ اعتزل الشيطان يبكي، يقول: "يا ويله – وفي رواية أبي كريب: يا ويلي – أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأُمرت بالسجود فأبيت فلي النار" رواه مسلم.
قال النووي في شرحه: "وقوله: "يا ويله"هو من آداب الكلام، وهو أنه إذا عرض في الحكاية عن الغير ما فيه سوء، واقتضت الحكاية رجوع الضمير إلى المتكلم صرف الحاكي الضمير عن نفسه تصاوناً عن صورة إضافة السوء إلى نفسه. وقوله في الرواية الأُخرى: يا ويلي؛ يجوز فيه فتح اللام وكسرها"اهـ .(1/205)
يا هو: هذا من جهلة الصوفية، وهو خطأ؛ لأنه لا ينادى لفظ ضمير الغائب لغةً، ويمتنع دعاء الله تعالى بذلك. وانظر في حرف الياء: يا رحمن. وفي حرف الهاء: هو هو.
وكما يمتنع شرعاً فهو ممتنع لغة، قال أبو حيان: "وقول جهلة الصوفية في نداء الله: "يا هو" ليس جارياً على كلام العر ".
يا يهودي: ومثله: يا نصراني، لمن أسلم منهم.
في تفسير قول الله تعالى في سورة الحجرات: {بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ}[ آية:11]. قال الحسن البصري: "كان اليهودي والنصراني، يُسلم فيقال له بعد إسلامه: يا يهودي، يا نصراني، فنهوا عن ذلك" رواه عبد الرزاق في تفسيره، وابن جرير في التفسير. وهكذا لا يجوز نبز وتعيير من تاب من ذنب، فكان أن الإسلام يجبُّ ما قبله فالتوبة تجبُّ ما قبلها، والنفوس واجب حملها على الخير، لا على الشر.
وعليه فلا يقال لمن فعل فعلة من المسلمين، ثم تاب منها: يا فاسق. يا زاني. يا سارق. وهكذا فتنبه. والله أعلم.
يثرب: وفي صحيح مسلم: عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله سمَّى المدينة طابة".
ويكره تسميتها: يثرب ففي سنن النسائي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أمرت بقرية تأكل القرى يقولون: يثرب، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديث" اهـ . مختصراً .
يحق من الله كذا: سُئِل الشيخ عبد الله أبا بطين – رحمه الله تعالى – عن قول بعض الناس: يحق من الله كذا، إذا كان أمر نعمة، فأجاب: إن قول بعض الناس الجهَّال: يحق من الله أن يكون كذا ، فهذه كلمة قبيحة يخاف أن يكون كفراً فينهى من قال ذلك وينصح" اهـ .
ولابن أبي العز الحنفي بحث في ردها بلفظ: "يجب على الله".(1/206)
قول اليهود لعنهم الله: يد الله مغلولة: قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} [المائدة: من الآية64].
يحكي القرآن: قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : "وإن قلت لما يبلغه المبلغ عن غيره: هذا حكاية كلام ذلك، كان الإطلاق خطأ، فإن لفظ: "الحكاية" إذا أُطلق يُراد به أنه أتى بكلام يشبه كلامه، كما يقال: هذا يحاكي هذا، وهذا قد حكى هذا؛ لكن قد يُقال: فلان قد حكى هذا الكلام عن فلان. كما يقال: رواه عنه، وبلغه عنه، ونقله عنه، وحدث به عنه؛ ولهذا يجيء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فيما يروي عن ربه". فكل ما أبلغه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد حكاه عنه، ورواه عنه.
فالقائل إذا قال للقارئ: هذا يحكي كلام الله، أو يحكي القرآن، فقد يفهم منه أنه يأتي بكلام يحاكي به كلام الله ، وهذا كفر، وإن أراد أنه بلغه وتلاه فالمعنى صحيح؛ لكن ينبغي تعبيره بما لا يدل على معنى باطل، فيقول: قرأه وتلاه، وبلغه وأدَّاه؛ ولهذا إذا قيل: يحكي القراءات السبع، ويرويها، وينقلها، لم ينكر ذلك؛ لأنه لا يفهم منه إلا تبليغها؛ لا أنه يأتي بمثلها" انتهى.
يُروى: هذه صيغة من صيغ التمريض في الرواية. فلا يجوز أن تُقال في مساق الصحيح من حديث وأثر وإنما تكون هي أو نحوها من صيغ التمريض إذا كان المسوق ضعيفاً رواية. وقد تقدَّم كلام النووي في ذلك في: حرف الراء بلفظ: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.(1/207)
يعلم الله: قال النووي في "الأذكار": "إن من أقبح الألفاظ المذمومة ما يعتاده كثير من الناس إذا أراد أحدهم أن يحلف على شيء يتورع من قوله: "والله" كراهة الحنث، أو إجلالاً لله تعالى، ثم يقول: الله يعلم ما كان هو كذا ونحوه، فإن كان صاحبها يتيقن الأمر كما قال ، فلا بأس بها، وإن شك في ذلك فهو من أقبح القبائح ؛ لأنه تعرض للكذب على الله تعالى ، فإنه أخبر أن الله تعالى يعلم شيئاً لا يتيقن كيف هو، وفيه دقيقة أقبح من هذه هي أنه تعرض لوصفه بأنه يعلم الأمر على خلاف ما هو، وذلك لو تحقق كان كفراً، فهذه العبارة فيها خطر، فينبغي للإنسان اجتناب هذه العبارات والألفاظ" انتهى باختصار.
يُقبَّل يدك: في ترجمة أبي إسحاق إبراهيم بن عبدالواحد المقدسي الحنبلي م سنة 614 هـ - رحمه الله تعالى -، قال ابن العماد: "وكان كثير الورع، والصدق، سمعته – أي الراوي عنه – يقول لرجل: كيف ولدك؟ فقال: يقبل يدك، فقال: لا تكذب" اهـ .
اليوبيل: هذه لفظة يهودية، جاءت في "سفر اللاويين" وهي تعني عندهم: الاحتفال بعد مضي خمسة وعشرين عاماً على كذا؟
وقد تطور هذا الاحتفال إلى: اليوبيل الذهبي وهو بعد مضي خمسين عاماً، واليوبيل الماسي وهو بعد مضي ستين عاماً، واليوبيل الثمانيني وهو بعد مضي ثمانين عاماً.
فهذا الاحتفال باليوبيل في جذوره اليهودية، لفظاً ومعنى، تسرَّب إلى المسلمين بمقاديره الزمانية في الاحتفال لأعمار الأشخاص ، والمؤسسات، ونحوها.
فهو احتفال بدعي في الإسلام ، وتشبه باليهود، وهو احتفال محرم شرعاً، وقد بسطته في: "فقه النوازل".
هذا ما يسر الله من تهذيب معجم المناهي اللفظية والحمد لله رب العالمين.
الفهرس
الموضوع ... الصفحة
المقدمة ... 2
عظم منزلة حفظ اللسان في الإسلام ... 4
كفارة من تلفظ بلفظ منهي عنه ... 6
حرف الألف ... 7
الباء ... 45
التاء ... 50
الثاء ... 54
الجيم ... 55
الحاء ... 58
الخاء ... 65
الدال ... 69
الراء ... 72(1/208)
الزاي ... 76
السين ... 78
الشين ... 86
الصاد ... 93
الضاد ... 101
الطاء ... 102
الظاء ... 103
العين ... 103
…
الموضوع ... الصفحة
الغين ... 116
الفاء ... 118
القاف ... 129
الكاف ... 134
اللام ... 139
الميم ... 146
النون ... 164
الهاء ... 167
الواو ... 169
اللام ألف ... 177
الياء ... 178
الفهرس ... 187(1/209)