|
تم استيراده من نسخة : عبد الحميد بن عبد الستار
تم استيراده من نسخة : عبد الحميد بن عبد الستار
والأصل فيها : ما رواه زيد بن خالد الجهني قال : " سئل رسول الله ( عن لقطة الذهب والورق (1) فقال : " اعرف وكاءها (2) وعفاصها (3) ، ثم عرفها سنة ، فإن لم تعرف فاستنفقها ، ولتكن وذيعة عندك ، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر : فادفعها إليه " . وسأله عن ضالة الإبل فقال ( : " مالك ولها ؟ فإن معها حذاءها(4) وسقاءها (5) ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها " . وسأله عن الشاة فقال ( : " خذها فإنما هي لك ، أو لأخيك أو للذئب " متفق عليه .
والملتقط ثلاثة أنواع :
1. ما يجوز أخذه بدون تعريف : وذلك يتمثل في الشيء التافه الحقير الذي تقل قيمته همة ولا تتبعه همة أوساط الناس (6) كالسوط ، والرغيف ، فيملك بالتقاطه ، لقول جابر : " رخص رسول الله ( في العصا ، والسوط ، وأشباهه ، يلتقطه الرجل ينتفع به " .
2. ما لا يجوز أخذه : كالحيوان الذي يمتنع بنفسه من السباع إما لسرعتها " كالظباء والغزال " أو لقوتها وتحملها " كالإبل والبقر " أو لطيرانها " كطيور ونحو ذلك " فهذا يحرم التقاطه ، ومن أخذه لم يملكه ، ولزمه ضمانه ، ولم يبرأ إلا بدفعه إلى ( الإمام ) أ, نائبه .
3. ما يجوز أخذه مع تعريفه سنة كاملة : كالأمتعة من الحقائب ونحوها ، والأثمان كالنقود والحيوانات التي لا تمتنع بنفسها من صغار السباع كالغنم فيجوز أخذه بقصد الحفظ لصاحبه ، ويجب تعريفه سنة كاملة في المجمعات العامة : كالأسواق وأبواب المساجد في أوقات الصلوات ويملكه بعد ذلك حكماً (7).
__________
(1) - الورق : الفضة .
(2) - الوكاء : الحبل الذي يشد به .
(3) - العفاص : الوعاء الذي توضع فيه النفقة .
(4) - الحذاء : الخف .
(5) -السقاء : الجوف . .
(6) -متوسط الحال : ليس بالغني ولا بالفقير . .
(7) -لا حقيقة بحيث لو جاء صاحبها بعد سنين مثلاً فإنه يدفعها إليه . .
(118/20)
التصرف في اللقطة : لا يجوز التصرف في اللقطة قبل تمام الحول إلا إذا كان ذلك لمصلحة أو بعد تمام الحول فيتصرف فيها كما شاء لأنه ملكها لكن متى جاء طالبها فوصفها وصفاً مطابقاً وجب دفعها إليه .
لقطة الحرم
لا يسوغ أخذها إلا إذا خيف عليها التلف والضياع ، ويجب على آخذها تعريفها ما دام في الحرم ، وعند خروجه منه يسلمها للحاكم أو نائبه ، وليس له تملكها لقول رسول الله ( : " أن هذا البلد حرام ، لا يعضد شوكه ، ولا يختلى خلاه (1) ، ولا ينفر صيده ، ولا يلتقط لقطته إلا لمعروف " وفي الحديث : " أن الحديث أن النبي ( : "نهى عن لقطة الحاج " رواه مسلم عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي رضي الله عنه .
******************
" السبق "
المسابقة مشروعة ، وهي من الرياضة المحمودة ، وأحياناً تكون مستحبة أو مباحة حسب النية والقصد .
أنواع المسابقة : قد تكون المسابقة بالعدو بين الأشخاص ، كما تكون بالسهام ، والأسلحة ، والخيول ، والإبل .
ففي المسابقة بالعدو بين الأشخاص ، ثبت أن عائشة رضي الله عنها قالت : " سابقت النبي ( فسبقته ، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني ، فقال هذه بتلك "(2) .
والمسابقة بالسهام والرماح وكل سلاح يمكن أن يرمى به مشروعة يقل الله تعالى : (وأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ )(3).
وقال عقبة بن عامر : سمعت رسول الله ( وهو على المنبر يقرأ " وأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ " ألا إن القوة الرمي ، إلا أن القوة الرمي ، إلا أن القوة الرمي " رواه مسلم .
" فائدته الاجتماعية "
للسباق مزايا عدة وفوائد جمة : نختار منها ما يلي :
__________
(1) -أي لا يقطع الرطب من النبات . .
(2) ـ رواه أحمد وأبو داود . .
(3) - الأنفال: من الآية60
(118/21)
1 . تقوية أجسام الشباب ، وتعويدهم المهارة في الحركة ، والقوة في الجري .
2. تنمية روح التنافس بينهم وحملهم على التسابق الشريف .
3 . تعويدهم الصبر ، والتحمل ، والجلد ، والثقة بالنفس .
4. تهيئة جيل قوي يخوض المعارك بعزيمة صادقة وقلب ثابت لإعلاء كلمة الله ورفع الراية الإسلامية .
" السبق بعوض "
لا تصح المسابقة بعوض : إلا في ثلاثة أشياء :
1ـ الإبل . 2ـ الخيل . 3ـ الرمي .
لحديث : " لا سبق إلا في نصل (1) أو خف أو حافر " (2) .
" السبق بغير عوض "
تجوز المسابقة بغير عوض في الأشياء المباحة كلها : كالحيوان ، والأقدام ، والدرجات ، وغيرها يدل على ذلك مسابقة النبي ( عائشة .
والمصارعة جائزة : فقد صارع رسول الله ( ركانة على شاة فصرعه ثم عاد فصرعه فأسلم فرد عليه غنمه (3) .
المباريات الرياضية النافعة للشباب الإسلامي
لا شك أن للمباريات الرياضية أثراً قوياً في شد عضلات الشباب وتقوية أجسامهم ، وإبراز مواهب الذكاء الكامنة في نفوسهم ، وإيقاظ عزائمهم ، وإلهاب حماسهم إلى العمل الرياضي والبروز فيه ، وهي تغرس الثقة في نفوس الشباب، وتعودهم المهارة والدقة ، وتقضي على فراغهم ، وتقوي رغبتهم في الجهاد بعزيمة صادقة ورباطة جأش .
هذا إذا أنتخب لها مدربون أمناء اصطبغوا بالإسلام ، عقيدة وعملاً ، ونهجوه سلوكاً ، وخلقاً ، وعبادة ومعاملة فبذروا في نفوس الشباب حب الخير والفضيلة ، وتعهدوهم بالخلق الزاكي ، وألزموهم بالمحافظة التامة على شعائر الإسلام والبعد عن كل ما يدنس المرء ويشينه ، فبهذه التنشئة الصالحة ، يجني الشباب ثماراً طيبة ، ولا بد لذلك من شروط كستر العورة وعدم إضاعة الأوقات الطويلة في الكرة مثلاً وإلا تشغل الرياضة عما هو أهم منها .
" الوديعة "
__________
(1) - النصل : السهم .
(2) - رواه الخمسة عن أبي هريرة رضي الله عنه . .
(3) - رواه أبو داود عن محمد بن علي بن ركانة .
(118/22)
تعريفها : الوديعة لغة : مأخوذة من ودع الشيء إذا تركه ، وشرعاً : المال المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض .
وهي جائزة : للمودع وأخذها للمستودع إحسان مستحب أن وثق من نفسه القيام بمسؤوليتها قال الله تعالى : (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(1) .
ضمانها إذا تلفت عنده : فإن كان بتعد منه أو تفريط ضمنها .
ومن الصور التي يجب عليه فيها الضمان :
1. إلا يحفظها في حرز مثلها أو مثل الحرز الذي أمر بإحرازها فيه .
2 . أن يتصرف فيها لنفسه .
3. أن يكسر ختم كيسها .
4. أن يمتنع من ردها عند طلبها مع إمكانه .
*****************
" العارية"
معناها لغة : مشتقة من العري ، وهو : التجرد ، وسميت بذلك لتجردها عن العوض .
وشرعاً : إباحة نفع عينٍ تبقي بعد استيفائه .
وهي مشروعية للمعير لقولة تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)(2) وقد ذم الله جل وعلا المانع لها في قوله : (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ)(3) وفي حديث صفوان بن أمية : أن النبي ( استعار منه دروعاً يوم حنين ، فقال : أغضب يا محمد ؟ قال : " بل عارية مضمونة " (4).
" ضمانها وعدم ضمانها "
تضمن العارية إذا تلفت بيد المستعير ، بتعديه أو تفريطه ، لقوله ( : " على اليد ما أخذت حتى تؤديه " (5). وإن شروط ضمانها : ضمنها سواء تعدى المستعير أم لم يتعد ، فإن لم يشترط وتلفت بدون تعد ولا تفريط : لم يجب عليه ضمان .
" الإجارة "
الإجارة لغة : المجازاة والثواب .
وشرعاً : عقد على منفعةٍ مباحة معلومة .
__________
(1) - البقرة: من الآية195
(2) - المائدة: من الآية2
(3) - الماعون:7
(4) -رواه الخمسة إلا النسائي عن سمرة رضي الله عنه . .
(5) -رواه أحمد وأبو داود . .
(118/23)
حكمها : عقد لا زم من الطرفين ، لا يجوز لواحد منها فسخه ، قال تعالى : ( قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)(1) ، وقال رسول الله ( : " قال الله عز وجل : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ، رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حراً فأكل ثمنه ، ورجل أستأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره " رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه .
" حاجة الناس إليها "
الإجارة من مستلزمات المجتمع البشري وضرورياته ، لأن فيها تبادل المنافع بين الناس بعضهم بعضا، لأن العمل الذي يقوم به الفرد الواحد غير العمل الذي يقوم به ثلاثة أو أربعة ، وكل المزارع والمصانع والأعمال الكبيرة تتطلب الأيدي الكثيرة ولا طريق لذلك إلا هذا العقد .
وحاجة الناس إلى المنفعة ماسة : فهم يحتاجون الدور للسكنى ، والدواب والسيارات للحمل والركوب والآلات لاستعمالها في حوائجهم الأخرى ....وهكذا .
" شروطها "
شروطها أربعة :
1. أن يكون من جائز التصرف . 2. معرفة المنفعة .
3. معرفة الأجرة . 4. أن تكون المنفعة مباحة .
" الأجير الخاص والأجير المشترك "
الأجير الخاص : من قدر نفعه بالزمن ، وللمستأجر نفعه في هذه المدة جميعاً .
والأجير المشترك : من قدر نفعه بالعمل ، كخياطه ثوب ، أو بناء حائط ، ولا يضمن الأجير الخاص ما تلف بيده مالم يفرط ، ولكن الأجير المشترك : يضمن ما تلف من حرزه .
" ما يلزم المستأجر والمؤجر"
يلزم المستأجر بعد استكمال مدته : دفع الأجرة كاملة أن لم تكن مؤجلة ، مع تسليم المحل نظيفاً إذا استلمه نظيفاً
ويلزم المؤجر : كل ما جرت به العادة من آلة المركوب وقيادته ، وترميم الدار ، وإزالة كل عائق يمنع من الانتفاع بالعين المؤجرة .
" ما تنفسخ به الإجارة "
تنفسخ بتلف العين المؤجرة وانقطاع نفعها ، ومتى تعذر النفع من جهة المؤجر فلا شيء له لأنه لم يسلم ما تناوله عقد الإجارة .
" حق المستأجر في استيفاء المنفعة بنفسه أو بغيره "
__________
(1) - الكهف: من الآية77
(118/24)
للمستأجر أن يستوفي نفع العين المؤجرة بنفسه ، وله أن يقيم مقامه من يستوفيه بأجره أو غيرها ، بشرط أن يكون مثله أو أقل منه ، فإذا اكترى دار فله أن يكنها مثله ومن هو دونه في الضرر ، لأنه لم يزد على استيفاء حقه ، ولا يجوز أن يسكنها من هو أكثر ضرراً منه ، لأنه يأخذ فوق حقه .
**************
" الغصب "
معناه لغة : أخذ الشيء ظلماً .
وشرعاً : الاستيلاء على مال غيره قهراً بغير حق .
" تحريمه وتغليظ عقوبته"
مال الإنسان على الإنسان حرام ، فلا يحل لأحد أخذ شيء من مال أحدٍ إلا بطيبة نفسه ، وقد قال ر سول الله ( : " أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا " (1).
و هو كبيرة من كبائر الذنوب وعقوبته مغلظة : قال رسول الله ( : " من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع ارضين يوم القيامة " (2) .
"رد المغصوب"
يجب على الغاصب رد ما غصبه ولو غرم أضعافه : لأنه من رد المظالم إلى أهلها ، وقد قال رسول الله ( : " على اليد ما أخذت حتى تؤديه " (3) . " وعليه نفقته وأجره مثله ـ إن كان له أجرة ـ مدة مقامه في يده .
"ضمانه"
يجب عليه ضمانه إذا تلف مطلقاً ، وزيادته لربه ، كما يضمن جنايته ونقصه وما أتلفه .
"غرس الغاصب وبناؤه "
إذا غصب أرضاً فغرسها أو بنى فيها ألزم بقلع غرسه وإزالة بنائه ، وأرش نقص الأرض ، وتسويتها والأجرة لقوله ( : " ليس لعرق ظالم حق " (4) .
**************
" الشفعة "
معناها لغة : مأخوذة من الشفاعة وهي : الزيادة والتقوية أو من الشفع وهو الزوج ، فالشفيع كان نصيبه منفرداً في ملكه ، فبالشفعة ضم المبيع إلى ملكه فصار شفعاً .
__________
(1) -رواه البخاري ومسلم عن أبي بكر رضي الله عنه . .
(2) - متفق عليه عن عائشة . .
(3) -رواه الخمسة دون النسائي عن سمرة رضي الله عنه . .
(4) - رواه أبو داود من حديث عروة بن الزبير رضي الله عنه . .
(118/25)
وشرعاً : استحقاق انتزاع حصة شريكه من يد مشتريها بثمنه الذي استقر عليه العقد .
حكمة مشروعيته : دفع الضرر عن الشريك ، لأنه ربما يشتري الشقص عدو له ، أو ذو أخلاق شريرة فاسدة ، فيتولد من ذلك بغض في النفوس ، وحقد في القلوب ، فيتأذى الجار بذلك الجوار وقد أكبر النبي ( : " حق الجار فقال : "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه "(1). وقال : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر : فليكرم جاره "( (2) لذا : جعل الشارع الشفعة وأجازها لهذه الأغراض السَّامية . وجعل للشريك الحق في الأولوية والتقدم على غيره في الشراء ، إلا إذا سقط حقه بامتناعه عنه .
"ما تقع فيه الشفعة"
تقع في العقار الذي لم يقسم وما يتصل به من البناء والغراس ، لحديث جابر رضي الله عنه : " قضى النبي ( بالشفعة في كل ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق : فلا شفعة "(3) .
ما يبطلها : تبطل بتأخير المطالب بها بلا عذر مع العلم ، وبالعجز عن أداء الثمن كله أو بعضه ، وبمطالبته ببعض نصب شريكه .
****************
…
__________
(1) -مروي في الصحيحين عن عائشة ..
(2) - مروي في الصحيحين عن أبي شريح العدوي رضي الله عنه . .
(3) - متفق عليه ، عن جابر رض الله عنه واللفظ للبخاري . .
(118/26)
((((( الفرائض )))))
(/)
الفرائض
(/)
تسهيل الفرائض
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، وسلّم تسليماً.
أما بعد : فإن الله فرض المواريث بحكمته وعلمه، وقسمها بين أهلها أحسن قسم وأعدله، بحسب ما تقتضيه حكمته البالغة ورحمته الشاملة وعلمه الواسع، وبيَّن ذلك أتمّ بيان وأكمله، فجاءت آيات المواريث وأحاديثها شاملة لكل ما يمكن وقوعه من المواريث، لكن منها ما هو صريح ظاهر يشترك في فهمه كل أحد، ومنها ما يحتاج إلى تأمل وتدبر.
(119/1)
وكان أهل الجاهلية في جاهليتهم لا يورثون النساء، ولا الصغار من الذكور، ويقولون: لا يعطى إلا من قاتل وحاز الغنيمة، فأبطل الله هذا الحكم المبني على الجهل والظلم، وجعل الإناث يشاركن الذكور بحسب ما تقتضيه حاجتهن، فجعل للمرأة نصف ما للرجل من جنسها، ولم يحرمها كما فعل أهل الجاهلية، ولا سوّاها بالرجل كما فعله بعض المنحرفين عن مقتضى الفطرة والعقل، ثم قال: ) آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً)(النساء:الآية11).وقال في آية أخرى: ) وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ)(النساء:الآية12) )تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (النساء:13) )وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) (النساء:14) وقال في آية ثالثة: ) يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(النساء:الآية176)
فبيَّن الله تعالى أنه فرض المواريث بحسب علمه وما تقتضيه حكمته، وأن ذلك فرض منه لازم لا يحل تجاوزه ولا النقص منه، ووعد من أطاعه في هذه الحدود وتمشى فيها على ما حدّه وفرضه، جنات تجري من تحتها الأنهار خالداً فيها، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين، وتوعد من خالفه وتعدى حدوده، بأن يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين.
كما امتنّ بفضله علينا بالبيان التام حتى لا نضل ولا نهلك، فلله الحمد رب العالمين.
(119/2)
واعلم أنك إذا جمعت قوله (صلى الله عليه وسلم ): "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر(1)" ، إلى آيات المواريث؛ وجدتها قد استوعبت عامة أحكام المواريث ومهماته، وها أنا أشرح ذلك بحول الله، فأقول وبالله أقول:
آيات المواريث التي ذكرها الله نصاً في المواريث ثلاث:
الآية الأولى: في إرث الأصول والفروع.
الآية الثانية: في إرث الزوجين وأولاد الأم.
الآية الثالثة: في إرث الإخوة لغير أم.
فالآية الأولى: قوله تعالى: )يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ)(النساء:الآية11)؛ بيّن الله فيها أن الأولاد وهم الفروع ثلاثة أقسام: ذكور خلّص، وإناث خلّص، ومختلط من الجنسين.
فالذكور الخلّص لم يقدِّر لهم ميراثاً فدل، على أنهم عصبة يرثون بالسوية.
والإناث الخلّص قَدَّر ميراثهن للواحدة النصف، ولمن فوق الثنتين الثلثان، وقد دل الحديث ومفهوم قوله: ) وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْف)(النساء:الآية11)على أن للثنتين الثلثين.
والمختلط من الجنسين لم يقدر لهم ميراثاً فدل على أنهم عصبة ولكن للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما الأصول؛ فابتدأ الله بيان إرثهم بقوله: ) وَلِأَبَوَيْه) إلى آخره فذكر لهم حالتين:
إحداهما: أن يكون للميت أحد من الأولاد الذكور أو الإناث.
الثانية: أن لا يكون للميت أحد من الأولاد.
ففي الحال الأولى: ميراث كل واحد من الأبوين السدس فرضاً، والباقي للأولاد إن كانوا ذكوراً أو ذكوراً وإناثاً؛ لأنهم حينئذٍ يكونون عصبة، وعصبة الفروع أولى من عصبة الأصول؛ لأن الفروع جزء من الميت.
وإن كان الأولاد إناثاً خلّصاً، أخذن فرضهن والباقي - إن كان - يأخذه الأب؛ لأنه أولى رجل ذكر، ولا يتصور أن يبقى له شيء إذا كن اثنتين فأكثر مع الأم.
(119/3)
وفي الحال الثانية: وهي أن لا يكون للميت أحد من الأولاد، وورثه أبواه، فقد فرض الله للأم الثلث، وسكت عن الأب فيكون له الباقي، إلا أن يكون للميت إخوة اثنان فأكثر، فقد فرض الله لها السدس فقط والباقي للأب.
وتأمل قوله عز وجل: ) وَوَرِثَهُ أَبَوَاه)(النساء:الآية11)؛ فإنه ربما يؤخذ منه أنه لو ورثه معهما غيرهما، لم يكن للأم الثلث، فيكون فيه إشارة إلى ميراث الأم في العمريتين، وهما زوج وأم وأب، وزوجة وأم وأب، فإن للزوج أو الزوجة فرضه، ثم تعطى الأم ثلث الباقي بعده، والباقي للأب، وذلك أن الله جعل للأب مثليها إذا انفردا بالمال، فقياس ذلك أن يكون له مثلاها إذا انفردا ببعضه، والله أعلم.
والآية الثانية: قوله تعالى: )وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ)(النساء:الآية12)، يبيِّن الله تعالى فيها أن للزوج حالين:
إحداهما: أن يكون لزوجته الميتة أحد من الأولاد الذكور أو الإناث؛ ففرضه الربع.
الثانية: أن لا يكون لها أحد من الأولاد؛ ففرضه النصف.
وكذلك بيَّن أن للزوجة حالين:
إحداهما: أن يكون لزوجها الميت أحد من الأولاد الذكور أو الإناث؛ ففرضها الثمن.
الثانية: أن لا يكون له أحد من الأولاد؛ ففرضها الربع.
أما أولاد الأم وهم الإخوة والأخوات من الأم فبيّن الله تعالى أنهم يرثون في الكلالة، وأن ميراثهم مقدّر للواحد السدس، وللاثنين فأكثر الثلث بالسوية لا فضل لذكر على أنثى؛ وذلك - والله أعلم - لأن اتصالهم بالميت من طريق الأم - وهي أنثى - فليس هنا جهة أبوة حتى يفضل جانب الذكورة.
والآية الثالثة: قوله تعالى: )يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَة)(النساء:الآية176)ذكر الله فيها ميراث الإخوة لغير أم، ويؤخذ من الآية الكريمة أنهم ثلاثة أقسام:
أحدها: ذكور خلّص ويرثون بالسوية بلا تقدير.
الثاني: إناث خلّص ويرثن بالتقدير للواحدة النصف، وللثنتين فأزيد الثلثان.
(119/4)
الثالث: مختلط من الجنسين ويرثون بلا تقدير؛ للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأما قوله (صلى الله عليه وسلم ): "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر"(2) ؛ فيؤخذ منه إرث من عدا الأصول والفروع والإخوة، وأنه لا يرث منهم إلا الذكور بلا تقدير، يقدم الأولى فالأولى كالعم على ابنه، والشقيق على الذي لأب.
ويؤخذ من قوله تعالى: ) وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(الأنفال:الآية75)إرث ذوي الأرحام وهم من سوى أهل الفرائض والعصب، ولكن هذه الآية ليست نصاً في الميراث، فمن ثَمّ اختلف أهل العلم في إرث ذوي الأرحام، كما يأتي بيانه إن شاء الله.
المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، وسلّم تسليماً.
أما بعد : فإن الله فرض المواريث بحكمته وعلمه، وقسمها بين أهلها أحسن قسم وأعدله، بحسب ما تقتضيه حكمته البالغة ورحمته الشاملة وعلمه الواسع، وبيَّن ذلك أتمّ بيان وأكمله، فجاءت آيات المواريث وأحاديثها شاملة لكل ما يمكن وقوعه من المواريث، لكن منها ما هو صريح ظاهر يشترك في فهمه كل أحد، ومنها ما يحتاج إلى تأمل وتدبر.
(119/5)
وكان أهل الجاهلية في جاهليتهم لا يورثون النساء، ولا الصغار من الذكور، ويقولون: لا يعطى إلا من قاتل وحاز الغنيمة، فأبطل الله هذا الحكم المبني على الجهل والظلم، وجعل الإناث يشاركن الذكور بحسب ما تقتضيه حاجتهن، فجعل للمرأة نصف ما للرجل من جنسها، ولم يحرمها كما فعل أهل الجاهلية، ولا سوّاها بالرجل كما فعله بعض المنحرفين عن مقتضى الفطرة والعقل، ثم قال: ) آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً)(النساء:الآية11).وقال في آية أخرى: ) وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ)(النساء:الآية12) )تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (النساء:13) )وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) (النساء:14) وقال في آية ثالثة: ) يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(النساء:الآية176)
فبيَّن الله تعالى أنه فرض المواريث بحسب علمه وما تقتضيه حكمته، وأن ذلك فرض منه لازم لا يحل تجاوزه ولا النقص منه، ووعد من أطاعه في هذه الحدود وتمشى فيها على ما حدّه وفرضه، جنات تجري من تحتها الأنهار خالداً فيها، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين، وتوعد من خالفه وتعدى حدوده، بأن يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين.
كما امتنّ بفضله علينا بالبيان التام حتى لا نضل ولا نهلك، فلله الحمد رب العالمين.
(119/6)
واعلم أنك إذا جمعت قوله (صلى الله عليه وسلم ): "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر(1)" ، إلى آيات المواريث؛ وجدتها قد استوعبت عامة أحكام المواريث ومهماته، وها أنا أشرح ذلك بحول الله، فأقول وبالله أقول:
آيات المواريث التي ذكرها الله نصاً في المواريث ثلاث:
الآية الأولى: في إرث الأصول والفروع.
الآية الثانية: في إرث الزوجين وأولاد الأم.
الآية الثالثة: في إرث الإخوة لغير أم.
فالآية الأولى: قوله تعالى: )يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ)(النساء:الآية11)؛ بيّن الله فيها أن الأولاد وهم الفروع ثلاثة أقسام: ذكور خلّص، وإناث خلّص، ومختلط من الجنسين.
فالذكور الخلّص لم يقدِّر لهم ميراثاً فدل، على أنهم عصبة يرثون بالسوية.
والإناث الخلّص قَدَّر ميراثهن للواحدة النصف، ولمن فوق الثنتين الثلثان، وقد دل الحديث ومفهوم قوله: ) وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْف)(النساء:الآية11)على أن للثنتين الثلثين.
والمختلط من الجنسين لم يقدر لهم ميراثاً فدل على أنهم عصبة ولكن للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما الأصول؛ فابتدأ الله بيان إرثهم بقوله: ) وَلِأَبَوَيْه) إلى آخره فذكر لهم حالتين:
إحداهما: أن يكون للميت أحد من الأولاد الذكور أو الإناث.
الثانية: أن لا يكون للميت أحد من الأولاد.
ففي الحال الأولى: ميراث كل واحد من الأبوين السدس فرضاً، والباقي للأولاد إن كانوا ذكوراً أو ذكوراً وإناثاً؛ لأنهم حينئذٍ يكونون عصبة، وعصبة الفروع أولى من عصبة الأصول؛ لأن الفروع جزء من الميت.
وإن كان الأولاد إناثاً خلّصاً، أخذن فرضهن والباقي - إن كان - يأخذه الأب؛ لأنه أولى رجل ذكر، ولا يتصور أن يبقى له شيء إذا كن اثنتين فأكثر مع الأم.
(119/7)
وفي الحال الثانية: وهي أن لا يكون للميت أحد من الأولاد، وورثه أبواه، فقد فرض الله للأم الثلث، وسكت عن الأب فيكون له الباقي، إلا أن يكون للميت إخوة اثنان فأكثر، فقد فرض الله لها السدس فقط والباقي للأب.
وتأمل قوله عز وجل: ) وَوَرِثَهُ أَبَوَاه)(النساء:الآية11)؛ فإنه ربما يؤخذ منه أنه لو ورثه معهما غيرهما، لم يكن للأم الثلث، فيكون فيه إشارة إلى ميراث الأم في العمريتين، وهما زوج وأم وأب، وزوجة وأم وأب، فإن للزوج أو الزوجة فرضه، ثم تعطى الأم ثلث الباقي بعده، والباقي للأب، وذلك أن الله جعل للأب مثليها إذا انفردا بالمال، فقياس ذلك أن يكون له مثلاها إذا انفردا ببعضه، والله أعلم.
والآية الثانية: قوله تعالى: )وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ)(النساء:الآية12)، يبيِّن الله تعالى فيها أن للزوج حالين:
إحداهما: أن يكون لزوجته الميتة أحد من الأولاد الذكور أو الإناث؛ ففرضه الربع.
الثانية: أن لا يكون لها أحد من الأولاد؛ ففرضه النصف.
وكذلك بيَّن أن للزوجة حالين:
إحداهما: أن يكون لزوجها الميت أحد من الأولاد الذكور أو الإناث؛ ففرضها الثمن.
الثانية: أن لا يكون له أحد من الأولاد؛ ففرضها الربع.
أما أولاد الأم وهم الإخوة والأخوات من الأم فبيّن الله تعالى أنهم يرثون في الكلالة، وأن ميراثهم مقدّر للواحد السدس، وللاثنين فأكثر الثلث بالسوية لا فضل لذكر على أنثى؛ وذلك - والله أعلم - لأن اتصالهم بالميت من طريق الأم - وهي أنثى - فليس هنا جهة أبوة حتى يفضل جانب الذكورة.
والآية الثالثة: قوله تعالى: )يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَة)(النساء:الآية176)ذكر الله فيها ميراث الإخوة لغير أم، ويؤخذ من الآية الكريمة أنهم ثلاثة أقسام:
أحدها: ذكور خلّص ويرثون بالسوية بلا تقدير.
الثاني: إناث خلّص ويرثن بالتقدير للواحدة النصف، وللثنتين فأزيد الثلثان.
(119/8)
الثالث: مختلط من الجنسين ويرثون بلا تقدير؛ للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأما قوله (صلى الله عليه وسلم ): "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر"(2) ؛ فيؤخذ منه إرث من عدا الأصول والفروع والإخوة، وأنه لا يرث منهم إلا الذكور بلا تقدير، يقدم الأولى فالأولى كالعم على ابنه، والشقيق على الذي لأب.
ويؤخذ من قوله تعالى: ) وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(الأنفال:الآية75)إرث ذوي الأرحام وهم من سوى أهل الفرائض والعصب، ولكن هذه الآية ليست نصاً في الميراث، فمن ثَمّ اختلف أهل العلم في إرث ذوي الأرحام، كما يأتي بيانه إن شاء الله.
المؤلف
الإرث
أركانه - شروطه - أسبابه - موانعه - أقسامه
أركان الإرث ثلاثة: مورِّث، ووارث، وموروث.
فالمورِّث:انتقلت التركة منه وهو الميت.
والوارث:انتقلت التركة إليه.
والموروث: التركة.
وشروط الإرث ثلاثة:
- أحدها: موت المورِّث حقيقة أو حكماً.
- الثاني: حياة الوارث بعده ولو لحظة، حقيقة أو حكماً.
- الثالث: العلم بالسبب المقتضي للإرث.
أما موت المورِّث فلقوله تعالى: ) إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَك)(النساء:الآية176)والهلاك الموت، وتركه لماله لا يكون إلا بعد انتقاله من الدنيا إلى الآخرة.
ويحصل تحقق الموت بالمعاينة والاستفاضة وشهادة عدلين.
وأما الموت حكماً: فذلك في المفقود إذا مضت المدة التي تحدد للبحث عنه؛ فإننا نحكم بموته إجراء للظن مجرى اليقين عند تعذره، لفعل الصحابة رضي الله عنهم .
وأما اشتراط حياة الوارث بعد موت مورِّثه؛ فلأن الله تعالى ذكر في آيات المواريث استحقاق الورثة باللام الدالة على التمليك، والتمليك لا يكون إلا للحي.
ويحصل تحقق حياته بعد موت مورثه بالمعاينة، والاستفاضة، وشهادة عدلين.
(119/9)
وأما حياة الوارث حكماً: فمثلوا له بالحمل يرث من مورثه إذا تحقق وجوده حين موت مورثه، وإن لم تنفخ فيه الروح بشرط خروجه حياً.
وأما اشتراط العلم بالسبب المقتضي للإرث؛ فلأن الإرث مرتب على أوصاف كالولادة والأبوة والأخوة والزوجية والولاء ونحو ذلك، فإذا لم نتحقق وجود هذه الأوصاف، لم نحكم بثبوت ما رتب عليها من الأحكام؛ لأن من شروط ثبوت الحكم أن يصادف محله، فلا يحكم بالشيء إلا بعد وجود أسبابه وشروطه وانتفاء موانعه.
ومعنى العلم بالسبب المقتضي للإرث: أن تعلم كيف يتصل الوارث بالمورث؛ هل هو زوج أو قريب أو ذو ولاء أو نحو ذلك؟ لكن ههنا حالان:
إحداهما: أن يكون للميت وارث معلوم فيدعي آخر أنه أولى بإرث الميت منه؛ ففي هذه الحال لا بد أن نعلم بكيفية اتصال المدعي بالميت، وبمنزلته منه أيضاً؛ بأن نعلم أنه أخوه أو عمه أو ابن أخيه أو ابن عمه، وهل هو بعيد المنزلة من الميت أو قريب؛ لتعلم بذلك أيهما أولى بالإرث، ولا يكفي في هذه الحال أن تعلم أنه قريبه ونحوه؛ لئلا ندفع به حق الوارث المعلوم بلا علم.
الثانية: أن لا يكون للميت وارث معلوم ففي هذه الحال يكفي أن نعلم أنه قريبه أو من قبيلته ونحوه، ويستأنس لهذا بما رواه عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: مات رجل من خزاعة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بميراثه فقال: "التمسوا وارثاً أو ذا رحم"، فلم يجدوا له وارثاً ولا ذا رحم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "انظروا أكبر رجل من خزاعة ". رواه أبو داود(8) .
وأسباب الإرث ثلاث: نكاح، ونسب، وولاء.
(119/10)
فالنكاح عقد الزوجية الصحيح؛ فيرث به الزوج من زوجته والزوجة من زوجها بمجرد العقد، وإن لم يحصل وطء ولا خلوة؛ لعموم قوله تعالى: )وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُم)( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ)(النساء:الآية12). والمرأة تكون زوجة بمجرد العقد ولا تكون زوجة إلا بعقد صحيح، وروى الخمسة من حديث علقمة عن عبد الله بن مسعود : أنه قضى في امرأة توفي عنها زوجها ولم يكن دخل بها أن لها الميراث، فشهد معقل بن سنان الأشجعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق بمثل ما قضى به. وصححه الترمذي(9)
والنسب: هو الرحم، وهو الاتصال بين إنسانين بولادة قريبة أو بعيدة، لقوله تعالى: ) وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ)(الأنفال:الآية75)
والولاء: ولاء العتاقة وهي العصوبة التي تثبت للمُعْتِقِ وعصبته المتعصبين بأنفسهم، سواء كان العتق تبرعاً أو عن واجب؛ من نذر أو زكاة أو كفارة؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الولاء لمن أعتق" . متفق عليه(10).
فروع تتعلق بأسباب الإرث
الفرع الأول: يمتد التوارث بين الزوجين إلى أن تحصل البينونة بينهما بطلاق أو فسخ، فإذا حصلت البينونة انقطع التوارث بينهما، وعلى هذا فيثبت التوارث بين الزوجين في الطلاق الرجعي ما دامت في العدة؛ لأن الرجعية لا تبين إلا بانقضاء عدتها.
وأما الفسخ والطلاق البائن فينقطع التوارث فيهما بين الزوجين بمجرد الفرقة، إلا أن تقع من أحدهما في حال يتهم فيها بقصد حرمان الآخر من الإرث؛ فإن المتهم يُوْرَث ولا يَرِث معاقبة له بنقيض قصده السيّئ، ومثَّلوا لذلك بأمثلة منها:
(119/11)
1 - أن يطلق زوجته في مرض موته المخوف متهماً بقصد حرمانها، فلا يرثها لو ماتت؛ لأن البينونة منه، وأما هي فترثه ما دامت في العدة، وأما بعد انقضائها فلا ترثه في قول أبي حنيفة وأصحابه وقديم قولي الشافعي، وعن أحمد ما يدل عليه، لكن المشهور عنه أنها ترثه ما لم تتزوج، قال الأصحاب: أو ترتد، فإن ارتدت أو تزوجت سقط إرثها سواء عادت إلى الإسلام أم لا، وسواء فارقها الزوج الثاني أم لا. وقال مالك: لا يسقط إرثها بالزواج فترث ولو كانت مع الزوج، والله أعلم بالصواب.
وفي هذا المثال التهمة من الزوج.
2 - أن تفعل الزوجة في مرض موتها المخوف، ما يفسخ نكاحها من زوجها متهمة بقصد حرمانه، مثل: أن يعقد عليها لطفل صغير فترضعه رضاعاً تثبت به الأمومة، فإن النكاح ينفسخ ويرث منها لو ماتت ولا ترثه
والتهمة في هذا المثال من الزوجة.
الفرع الثاني: القرابة ثلاثة أصناف أصول، وفروع، وحواشي.
فالأصول:لهم ولادة على الشخص كالأم والأب وإن عَلَوا، والوارث منهم:
1 - كل ذكر ليس بينه وبين الميت أنثى، كالأب وأبيه، وإن علا بمحض الذكور، فإن كان بينه وبين الميت أنثى فهو من ذوي الأرحام كأبي الأم ونحوه.
2 - كل أنثى ليس بينها وبين الميت ذكر قبله أنثى، كالأم وأمها وأم الأب وأم الجد وإن علون بمحض الإناث، فإن كان بينها وبين الميت ذكر قبله أنثى فهي من ذوي الأرحام كأم أبي الأم؛ لأنها مدلية بمن هو من ذوي الأرحام، فكانت من ذوي الأرحام.
واختلف أهل العلم في الجدة المدلية بذكر وارث فوق الأب كأم الجد وأبيه وإن علت، والصواب أنها وارثة لأنها مدلية بوارث كأم الأب، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. قال في "المغني": وروي عن ابن عباس، قال ابن سراقة وبهذا قال عامة الصحابة إلا شاذاً. انتهى.
(119/12)
والفروع: كل من للشخص عليهم ولادة كالأولاد وأولادهم وإن نزلوا، والوارث منهم كل من ليس بينه وبين الميت أنثى، كالأولاد وأولاد الأبناء، فأما من بينه وبين الميت أنثى كأولاد البنات فمن ذوي الأرحام.
والحواشي: فروع الأصول كالإخوة والأعمام وأبنائهم، وإن نزلوا، والوارث منهم:
1 - الأخوات مطلقاً، فأما غيرهن من إناث الحواشي فمن ذوي الأرحام؛ كالعمة والخالة وبنت الأخ وبنت العم ونحوهن.
2 - الإخوة من الأم دون فروعهم.
3 - كل ذكر أدلى بذكر كالإخوة والأعمام لغير أم وأبنائهم، فأما المدلي بأنثى كالخال والعم لأم وابن الأخت ونحوهم فمن ذوي الأرحام.
الفرع الثالث: لا يرث بالولاء إلا المُعْتِق وعصبته المتعصبون بأنفسهم؛ كابن المعتق وأبيه وجده وأخيه لغير أم ونحوهم، وذلك لأن الولاء يورث به ولا يورث، هذا قول جماهير العلماء، وقال شريح: "إن الولاء يورث كما يورث المال، فلا يختص بالعصبة المتعصبين بأنفسهم"، وهو مروي عن الإمام أحمد.
فلو مات العتيق عن ابن معتقه وابنة معتقه فالمال للابن فقط على قول الجمهور؛ لأنه عاصب بنفسه، وليس للبنت شيءٌ لأنها عاصبة بغيرها، وعلى قول شريح المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
الفرع الرابع: ليس للميراث سبب غير هذه الأسباب الثلاثة عند جمهور العلماء، وزاد شيخ الإسلام ابن تيمية عند عدم الأسباب المذكورة أسباباً أُخر، وهي: الموالاة، والمعاقدة، والإسلام على يديه، والالتقاط، وكونهما من أهل الديوان، وقال: هو رواية عن الإمام أحمد، قال: "ويرث المولى من أسفل وهو العتيق عند عدم الورثة، وقاله بعض العلماء". انتهى.
وفي بعض ذلك أحاديث في "السنن" منها:
1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه، وكانوا يتوارثون بذلك حتى نزل قوله تعالى :
(وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ)(لأنفال:الآية75)
(119/13)
] ، فتوارثوا بالنسب. رواه أبو داود والدار قطني(11) ، وفي إسناده من فيه مقال.
2 - عن قبيصة عن تميم الداري رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما السنة في الرجل من أهل الشرك يسلم على يد رجل من المسلمين؟ فقال: "هو أولى الناس بمحياه ومماته". رواه الخمسة وصححه أبو زرعة، وقال الشافعي: ليس بثابت. وقال الترمذي: ليس بمتصل(12) .
3 - عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تحوز المرأة ثلاثة مواريث: عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه". أخرجه الخمسة إلا أحمد، وقال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم، وفي إسناده عمر بن ربيعة التغلبي، قال البخاري: فيه نظر، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، قيل: تقوم به الحجة؟ قال: لا، ولكن صالح(13) .
4 - عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً مات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يترك وارثاً إلّا عبداً هو أعتقه، فأعطاه ميراثه. رواه الخمسة، وفي إسناده عوسجة؛ قال النسائي: ليس بالمشهور. وقال أبو زرعة: ثقة(14) .
وهذه الأحاديث وإن كان في إسنادها ما ترى؛ فإن بَيْن هؤلاء وبين الميت من الصلة الخاصة ما يجعلهم أولى بميراثه من بيت المال، الذي هو لعموم المسلمين. والله أعلم.
موانع الإرث
موانع الإرث ثلاثة: الرق والقتل واختلاف الدِّين.
فالرق: وصف يكون به الإنسان مملوكاً يباع ويوهب، ويورث ويتصرف فيه، ولا يتصرف تصرفاً مستقلاً.
وعرّفه بعضهم بأنه: عجز حكمي يقوم بالشخص بسبب الكفر.
وإنما كان الرق مانعاً من الإرث؛ لأن الله أضاف الميراث إلى مستحقه باللام الدالة على التمليك، فيكون ملكاً للوارث، والرقيق لا يملك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من باع عبداً له مال فماله للبائع إلى أن يشترطه المبتاع" (15) . متفق عليه. فإذا كان لا يملك لم يستحق الإرث لأنه لو ورث لكان لسيده وهو أجنبي من الميت .
(119/14)
والقتل: إزهاق الروح مباشرة أو تسبباً، والذي يمنع من الإرث من القتل ما كان بغير حق، بحيث يأثم بتعمده لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرث القاتل شيئاً"(16) . رواه أبو داود.
وعن عمر نحوه مرفوعاً رواه مالك في "الموطأ" وأحمد وابن ماجه.
ولأنه قد يقتل مورّثه ليتعجل إرثه منه؛ فحرم من الإرث سداً للذريعة.
ولا فرق بين أن يكون القتل عمداً أو خطأ تعميماً لسد الذريعة، ولئلا يدّعي العامد أنه قتل خطأ. وقال مالك : "يرث القاتل خطأ من تِلاد مال المقتول دون الدية". وذكره ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" صفحة (521) ج 3 في فتاوى النبي صلى الله عليه وسلم في الزوجين يقتل أحدهما صاحبه خطأ أنه يرث من ماله ولا يرث من ديته. ذكره ابن ماجه(17) . قال ابن القيم: وبه نأخذ. انتهى.
قلت: وعلى هذا القول فالظاهر أنه لا بد من قرينة ظاهرة تدل على أن القتل ليس بعمد. والله أعلم.
فأما القتل الذي لو تعمده لم يكن آثماً كقتل الصائل فلا يمنع الإرث، وكذلك القتل الحاصل بتأديب أو دواء أو نحوه؛ فإنه لا يمنع الإرث إذا كان مأذوناً فيه، ولم يحصل تعدٍّ ولا تفريط.
واختلاف الدين: أن يكون أحدهما على ملة والثاني على ملة أخرى؛ مثل أن يكون أحدهما مسلماً والثاني كافراً، أو أحدهما يهودياً والآخر نصرانياً أو لا دين له، ونحو ذلك؛ فلا توارث بينهما لانقطاع الصلة بينهما شرعاً، ولذلك قال الله تعالى لنوح عن ابنه الكافر: ) إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) (هود: من الآية46) ولحديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ". رواه الجماعة.
وعن ابن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتوارث أهل ملتين شتى"(18) . رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
واستثنى الأصحاب رحمهم الله من ذلك مسألتين:
(119/15)
إحداهما: الإرث بالولاء فلا يمنعه اختلاف الدِّين بل يرث المولى ممن له عليه ولاء وإن كان مخالفاً له في دينه.
الثانية: إذا أسلم الكافر قبل قسمة التركة فيرث من قريبه المسلم ترغيباً له في الإسلام.
كما استثنى شيخ الإسلام ابن تيمية ثلاث مسائل:
إحداها: الاختلاف بالإسلام الصحيح والنفاق، قال: "فالنفاق، لا يمنع التوارث بين المسلم والمنافق للحكم بإسلامه ظاهراً".
الثانية: المسلم يرث من قريبه الذمي ولا عكس.
الثالثة: المرتد إذا مات أو قتل على ردته ورثه قريبه المسلم.
والصواب أنه لا يستثنى من ذلك شيء، لعموم الأدلة على منع التوارث مع اختلاف الدين، ولا دليل صحيح على التخصيص، لكن المنافق إذا لم يظهر نفاقه فإننا نحكم بظاهر حاله، وهو الإسلام؛ فيرث من قريبه المسلم وبالعكس، أما إذا كان معلوم النفاق ؛ فالصواب أن لا توارث بينه وبين قريبه المسلم. والله أعلم
فروع تتعلق بموانع الإرث
الفرع الأول : تنقسم موانع الإرث إلى قسمين:
أحدهما: ما يمنع من الجانبين.
والثاني: ما يمنع من جانب واحد.
فالذي يمنع من الجانبين اختلاف الدين والرق؛ فلا يرث المخالف في الدين لمن خالفه، ولا يرثه من خالفه، ولا يرث الرقيق ولا يورث.
والذي يمنع من جانب واحد القتل؛ فالقاتل لا يرث من المقتول والمقتول يرث من القاتل إذا مات القاتل قبله، ويتصور ذلك بأن يجرح مورثه جرحاً مميتاً ثم يموت الجارح قبله.
الفرع الثاني : الرق إن كان كاملاً منع من الإرث كله، وإن كان بعض الشخص رقيقاً وبعضه حراً - ويسمى المبعض - تبعض الحكم فيرث ويورث بقدر حريته؛ لأن الحكم يدور مع علته، قال الإمام أحمد رحمه الله : (إذا كان العبد نصفه حر ونصفه عبد ورث بقدر الحرية كذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم(19) . انتهى.
لكن ما كسبه أو ورثه بجزئه الحر فليس لمالك باقيه منه شيء، وإنما يكون لورثة المبعض كما صرح به الأصحاب رحمهم الله.
(119/16)
الفرع الثالث : المرتد لا يرث ولا يورث، فإن مات أو قتل قبل أن يعود إلى الإسلام؛ كان ماله فيئاً يصرف في مصالح المسلمين، واختار الشيخ تقي الدين أن ماله يكون لورثته المسلمين، وقال: أنه رواية عن أحمد، وأنه المعروف عن الصحابة رضي الله عنهم.
أقسام الإرث
الإرث ينقسم إلى قسمين: إرث بفرض وإرث بتعصيب.
فالإرث بالفرض أن يكون للوارث نصيب مقدر كالنصف والربع.
والإرث بالتعصيب أن يكون للوارث نصيب غير مقدر.
والفروض الواردة في القرآن ستة: نصف، وربع، وثمن، وثلثان، وثلث، وسدس، وأما ثلث الباقي فثابت بالاجتهاد في العمريتين، وفي بعض مسائل الجد، ومن يرث معه من الإخوة، على ما يأتي إن شاء الله.
واعلم أن لأهل العلم في الكلام على الفروض ومستحقيها طريقتين:
إحداهما: الكلام في كل فرض على حِدَة؛ فيذكر النصف ومن يرث به، والربع ومن يرث به، وهكذا.
الثانية: الكلام على مستحقي الفروض وبيان أحوالهم كل على حِدَة؛ فيذكر الزوج بأنه تارة يرث النصف، وتارة يرث الربع.
ويذكر الأم بأنها تارة ترث الثلث، وتارة ترث السدس، وتارة ترث ثلث الباقي.
ويبين شروط كل حالة.
وقد سلكت في هذه الرسالة هذه الطريقة لأنها طريقة القرآن، وأقرب إلى الفهم، وأبعد عن التشتت، والله الموفق.
أصحاب الفروض
نبدأ بأصحاب الفروض لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر"(20) .
فأصحاب الفروض عشرة: الزوج، والزوجة فأكثر، والأم والأب، والجد، والجدة فأكثر، والبنات، وبنات الابن، والأخوات لغير أم، وأولاد الأم.
ميراث الزوج
يرث الزوج من زوجته النصف: إن لم يكن لها فرع وارث؛ والفرع الوارث هم الأولاد، وأولاد الأبناء وإن نزلوا، فأما أولاد البنات فهم فروع غير وارثين، فلا يحجبون من يحجبه الفرع الوارث.
(119/17)
ويرث الربع: إن كان لزوجته فرع وارث سواء كان منه أم من غيره؛ لقوله تعالى: )وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ ) (النساء:الآية12) ، ولفظ الولد يشمل الذكر والأنثى من الأولاد وأولاد البنين وإن نزلوا.
فلو هلكت امرأة عن زوج وأب: فللزوج النصف لعدم الفرع الوارث والباقي للأب.
ولو هلكت عن زوج وابن: فللزوج الربع لوجود الفرع الوارث والباقي للابن.
ميراث الزوجة
ترث الزوجة من زوجها الربع: إن لم يكن له فرع وارث. وترث الثمن: إن كان له فرع وارث منها أو من غيرها، ولا فرق بين أن تكون الزوجة واحدة أو أكثر، فلا يزيد الفرض بزيادتهن؛ لقوله تعالى: ) وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم)(النساء:الآية12)فلو هلك امرؤٌ عن زوجة وأب: فللزوجة الربع لعدم الفرع الوارث والباقي للأب.
ولو هلك عن زوجة وابن: فللزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث والباقي للابن.
ميراث الأم
ميراث الأم: إما الثلث، وإما السدس، وإما ثلث الباقي.
فترث الثلث بثلاثة شروط:
أحدها: أن لا يكون للميت فرع وارث.
الثاني: أن لا يكون له عدد من الإخوة أو الأخوات أو منهما.
الثالث: أن لا تكون المسألة إحدى العمريتين.
(119/18)
وترث السدس إن كان للميت فرع وارث، أو كان له عدد من الإخوة أو الأخوات أو منهما؛ لقوله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُس)(النساء:الآية11) ، ولا فرق بين أن يكون الأخوة ذكوراً أو إناثاً، أو مختلفين: أشقاء أو لأب أو لأم، ولا بين أن يكونوا وارثين أو محجوبين بالأب، كما هو ظاهر الآية الكريمة؛ لأن الله فرض للأم الثلث مع الأب ثم قال: { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُس } ، فأتى بالفاء الدالة على ارتباط الجملة الثانية بالأولى وبنائها عليها، والأخوة لا يرثون مع الأب ومع ذلك فجعل للأم السدس في هذه الحال، وهذا هو قول جمهور العلماء.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنهم لا يحجبون الأم إلى السدس إذا كانوا محجوبين بالأب وهو خلاف ظاهر الآية الكريمة، فعلى قوله لو هلك امرؤ عن أبوين وأخوين كان للأم الثلث والباقي للأب، وعلى قول الجمهور للأم السدس فقط والباقي للأب.
وانظر لو هلك عن أم وأخ شقيق وأخ لأب؛ فهل يكون للأم الثلث على قول الشيخ؛ لأنه ليس معنا وارث من الإخوة إلا واحد؟
الظاهر: نعم لها الثلث قياساً على ما إذا حجب الإخوة بالأب، والله أعلم.
وترث ثلث الباقي في العمريتين، وهما:
(أ ) زوج وأم وأب.
(ب) زوجة وأم وأب.
فالمسألة الأولى:ستة للزوج النصف ثلاثة وللأم ثلث الباقي واحد والباقي اثنان للأب.
والمسألة الثانية:أربعة للزوجة الربع واحد وللأم ثلث الباقي واحد والباقي اثنان للأب.
وإنما سمِّيتا بالعمريتين؛ لأن أول من قضى بهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ووافقه على ذلك جمهور الصحابة والأئمة.
(119/19)
وقد دلّ القرآن على ذلك بطريق الإشارة، حيث جعل الله للأم ثلث المال إذا انفردت به مع الأب، فكذلك ينبغي إذا انفردت معه ببعض المال أن يكون لها ثلث ما انفردا به مما بقي بعد فرض الزوجين، وهذا أيضاً قياس قاعدة الفرائض؛ فإن كل ذكر وأنثى من جنس إذا كانا في درجة واحدة كان للذكر مثل حظ الأنثيين، أو على السواء، ولو أعطينا الأم الثلث كاملاً في العمريتين لاختلت هذه القاعدة، ولذا لو كان بدل الأب جَدّ في العمريتين لكان للأم الثلث كاملاً؛ لأنها أقرب منه، فلا يزاحمها في كامل حقها.
أمثلة أحوال الأم:
1 - هلك هالك عن أم وأب: للأم الثلث؛ لتمام الشروط والباقي للأب.
2 - هلك هالك عن أم وابن: للأم السدس؛ لوجود الفرع الوارث والباقي للابن.
3 - هلك هالك عن أم وأخوين لأب للأم السدس لوجود عدد من الإخوة والباقي للأخوين.
4 - هلك هالك عن أم وأخوين وأب، للأم السدس لوجود عدد من الإخوة والباقي للأب.
ميراث الأب
يرث الأب إما بالفرض، وإما بالتعصيب، وإما بالفرض والتعصيب.
فيرث بالفرض فقط إذا كان للميت ذكر وارث من الفروع، وفرضه السدس لقوله تعالى:) وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ )(النساء:الآية11) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر"(21) ؛ فإذا أخذ الأب فرضه كان الباقي لأولى رجل ذكر، وذكر الفروع أولى بالتعصيب من الأب، كما يأتي إن شاء الله.
ويرث بالتعصيب فقط إذا لم يكن للميت فرع وارث لقوله تعالى: ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ)(النساء:الآية11)، ففرض للأم ولم يفرض للأب، فدل على أنه يرث في هذه الحال بالتعصيب فقط
ويرث بالفرض والتعصيب إذا كان للميت فرع وارث من الإناث فقط، لما سبق من الآية والحديث، والأب هنا أولى رجل ذكر فيكون الباقي له بالتعصيب.
(119/20)
أمثلة أحوال الأب:
1 - هلك هالك عن أب وابن: للأب السدس فرضاً؛ لوجود ذكر وارث من الفروع والباقي للابن، وميراث الأب هنا بالفرض فقط.
2 - هلك هالك عن أم وأب: للأم الثلث؛ لوجود شروطه، والباقي للأب لعدم الفرع الوارث، وميراثه هنا بالتعصيب فقط.
3 - هلك هالك عن بنت وأب: للبنت النصف وللأب السدس فرضاً والباقي تعصيباً؛ لوجود أنثى وارثة من الفروع، وميراث الأب هنا بالفرض والتعصيب.
ميراث الجد
الجد الوارث هو من ليس بينه وبين الميت أنثى كأبي الأب، وميراثه كميراث الأب على ما سبق تفصيله، إلا في مسألتين:
إحداهما: العمريتان فإن للأم فيهما مع الجد ثلث جميع المال، ومع الأب ثلث الباقي بعد فرض الزوجية، كما سبق.
الثانية: إذا كان للميت إخوة أشقاء أو لأب فإنهم يسقطون بالأب، وفي سقوطهم بالجد خلاف، والراجح أنهم يسقطون به؛ كما يسقطون بالأب، وكما يسقط الإخوة من الأم، وهو قول أبي بكر الصديق وأبي موسى وابن عباس وأربعة عشر من الصحابة رضي الله عنهم قال البخاري: "لم يذكر أن أحداً خالف أبا بكر في زمانه وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون" (22)انتهى، وهذا مذهب أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن أحمد، واختاره من أصحابنا جماعة منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وصاحب "الفائق"، قال في "الفروع": وهو أظهر، وصوبه في "الإنصاف"، واختاره شيخنا عبد الرحمن السعدي، وشيخنا عبد العزيز بن باز، وذكر ابن القيم لترجيحه عشرين وجهاً فلتراجع من صفحة (71) إلى صفحة (81) من الجزء الثاني من "أعلام الموقعين" المطبوع مع "حادي الأرواح".
وعلى هذا القول الراجح لا يرث الإخوة معه شيئاً بكل حال، فيكون حكمه حكم الأب، إلا في العمريتين.
وأما على القول المرجوح - وهو المشهور من المذهب - فإن الجد يسقط الإخوة لأم ولا يسقط الإخوة الأشقاء أو لأب، وله معهم حالان:
(119/21)
إحداهما: أن لا يكون معهم صاحب فرض، فميراثه في هذه الحال الأكثر من ثلث المال، أو مقاسمة الإخوة.
والضابط في هذه الحال أنه متى كان الإخوة أكثر من مثليه فالأكثر له ثلث المال، ومتى كانوا أقل فالأكثر له المقاسمة، ومتى كانوا مثليه استوى له الأمران.
فلو هلك عن جد وثلاثة إخوة: فالأكثر للجد ثلث المال فيأخذه، والباقي للإخوة.
ولو هلك هالك عن جد وأخ: فالأكثر للجد المقاسمة؛ فيكون المال بينهما نصفين.
ولو هلك عن جد وأخوين لاستوى له الأمران الثلث والمقاسمة، فورثه بما شئت منهما.
ولو هلك عن زوج وجد وأخت: لكان للزوج النصف، ويستوي للجد ثلث الباقي وسدس جميع المال، لكن الإخوة هنا أقل من مثليه فالأكثر له المقاسمة، فيكون الباقي بعد فرض الزوج بينه وبين الأخت للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولو هلك هالك عن زوج وجد وأخوين: فللزوج النصف ويستوي هنا للجد المقاسمة وثلث الباقي وسدس جميع المال؛ فورثه بما شئت منها.
الحال الثانية: أن يكون معهم صاحب فرض: فيأخذ صاحب الفرض فرضه، ثم يكون ميراث الجد الأكثر من المقاسمة، أو ثلث الباقي بعد الفرض، أو سدس جميع المال؛ فإن لم يبق إلا السدس أخذه الجد وسقط الإخوة، إلا في الأكدرية، وتأتي إن شاء الله.
وإليك ضوابط هذه الحال:
الضابط الأول: إذا لم تستوعب الفروض النصف فلا حظ للجد في سدس المال، لكن إن كان الإخوة أكثر من مثليه فالأكثر له ثلث الباقي، وإن كانوا أقل فالأكثر له المقاسمة، وإن كانوا مثليه استوى له الأمران.
فلو هلك هالك عن زوجة وجد وثلاثة إخوة: فللزوجة الربع ولا حظ للجد في سدس المال، وهنا الإخوة أكثر من مثليه فالأكثر له ثلث الباقي فيأخذه؛ والباقي بين الإخوة.
ولو هلك هالك عن أم وجد وأخت: لكان للأم الثلث، ولا حظ للجد في سدس المال، والإخوة هنا أقل من مثليه فالأكثر له المقاسمة؛ فيكون الباقي بعد فرض الأم بين الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين.
(119/22)
ولو هلك هالك عن زوجة وجد وأخوين: لكان للزوجة الربع، ولا حظ للجد في السدس، والإخوة هنا مثلاه فيستوي له المقاسمة وثلث الباقي.
الضابط الثاني: إذا استوعبت الفروض النصف فقط استوى للجد ثلث الباقي وسدس جميع المال على كل حال، لكنْ إن كان الإخوة أكثر من مثليه فهما أكثر له من المقاسمة، وإن كانوا أقل فالمقاسمة أكثر، وإن كانوا مثليه استوت له الأمور الثلاثة.
فلو هلك هالك عن بنت وجد وثلاثة إخوة: فللبنت النصف، ويستوي للجد ثلث الباقي وسدس المال، وهما أكثر له من المقاسمة؛ لأن الإخوة أكثر من مثليه فيأخذ السدس، وإن شئت فقل: ثلث الباقي، والباقي بين الإخوة.
ولو هلك هالك عن زوج وجد وأخت: لكان للزوج النصف، ويستوي للجد ثلث الباقي وسدس جميع المال، لكن الإخوة هنا أقل من مثليه فالأكثر له المقاسمة، فيكون الباقي بعد فرض الزوج بينه وبين الأخت للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولو هلك هالك عن زوج وجد وأخوين: فللزوج النصف ويستوي هنا للجد المقاسمة وثلث الباقي وسدس جميع المال؛ فَوَرِّثه بما شئت منها.
الضابط الثالث: إذا استوعبت الفروض أكثر من النصف فلا حظ للجد في ثلث الباقي، لكن إن كان الإخوة مثليه فأكثر، أو كان الباقي بعد الفروض أقل من الربع؛ فالأكثر له السدس؛ وإن كانوا أقل من مثليه والباقي ربع فأكثر؛ نظرت أيهما أكثر له المقاسمة أم سدس المال.
ولو هلك هالك عن بنتين وزوجة وجد وأخ: فللبنتين الثلثان، وللزوجة الثمن، ولا حظ للجد في ثلث الباقي ولا في المقاسمة فيأخذ السدس والباقي للأخ.
ولو هلك هالك عن بنتين وجد وأخ: فللبنتين الثلثان، ولاحظ للجد في ثلث الباقي، وهنا يستوي له سدس المال والمقاسمة فورثه بما شئت منهما.
ولو كان مع الأخ أخ آخر لكان الأكثر للجد سدس المال فيأخذه والباقي بين الأخوين.
ولو كان بدلهما أخت واحدة فالأكثر للجد المقاسمة فيأخذ الباقي بعد فرض البنتين هو والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين.
(119/23)
فائدة: متى استوى للجد أمران فأكثر مما سبق فورثه بما شئت منهما.
الأكدرية
الأكدرية: زوج وأم وجد وأخت لغير أم.
مسألتها من ستة: للزوج النصف ثلاثة وللأم الثلث اثنان وللجد السدس واحد وللأخت النصف ثلاثة فتعول إلى تسعة، ثم نجمع نصيب الجد والأخت ليقتسماها تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين؛ فيكون نصيبهما أربعة ورؤوسهما ثلاثة، وهي تباين نصيبهما فنضرب رؤوسهما ثلاثة في عول المسألة تسعة، تبلغ سبعة وعشرين؛ للزوج تسعة وللأم ستة وللجد والأخت اثنا عشر له ثمانية ولها أربعة.
وسميت هذه المسألة بالأكدرية؛ لأنها كَدَّرتْ قواعد باب الجد والإخوة حيث خالفتها في ثلاثة أمور:
الأول: أن قاعدة هذا الباب إذا لم يبق إلا السدس أن يسقط الإخوة، وهنا في الأكدرية لم تسقط الأخت.
الثاني: أن مسائل هذا الباب لا تعول والأكدرية عالت.
الثالث: أنه في غير المعادة لا يفرض للأخت في هذا الباب، وفي الأكدرية فرض لها.
وهذه المسألة كما كدرت قواعد باب الجد والإخوة، فقد كدرت أيضاً قواعد الفرائض كلها، حيث ضم فيها فرض، إلى فرض ثم قسما بين صاحبيهما قسمة تعصيب، وليس في الفرائض فرضان مستقلان يضم أحدهما إلى الثاني، وليس في الفرائض وارث فرض له ثم ورث بالتعصيب.
المعادة
المعادة: أن يعد الإخوة الأشقاء أولاد الأب على الجد.
وشرح ذلك: أنه إذا اجتمع مع الجد إخوة أشقاء، وإخوة لأب؛ جعلنا الإخوة لأب إخوة أشقاء ليزاحموا الجد، فإذا أخذ نصيبه ورث الإخوة، كأن لم يكن معهم جد، وحينئذٍ لا يخلو من ثلاثة أحوال:
الحال الأولى: أن يكون في الإخوة الأشقاء ذكور، فلا إرث للإخوة لأب بكل حال؛ لأن ذكور الأشقاء يحجبون الإخوة لأب.
فلو هلك هالك عن جد، وأخ شقيق، وأخوين لأب: فالأكثر للجد ثلث المال؛ لأن الإخوة أكثر من مثليه فيأخذه، والباقي للأخ الشقيق، ولا شيء للأخوين لأب.
(119/24)
الحال الثانية: أن يكون الإخوة الأشقاء إناثاً، اثنتين فأكثر، فلا يتصور أن يبقى شيء للإخوة لأب؛ لأن أكثر ما يمكن أن يبقى بعد نصيب الجد الثلثان، وهما فرض الشقيقتين فأكثر.
فلو هلك هالك عن جد، وأختين شقيقتين، وأخوين لأب: فالأكثر للجد، ثلث المال، فيأخذه، ثم يفرض للأختين الثلثين فتأخذانهما ويسقط الأخوان.
ولو هلك هالك عن جد، وأختين شقيقتين، وأخت لأب: فالأكثر للجد المقاسمة، فيأخذ سهمين من خمسة، والباقي للأختين الشقيقتين، وتسقط الأخت للأب، ولم نكمل للشقيقتين الثلثين؛ لأن ذلك يستلزم العَوْلَ، ولا عَوْلَ في هذا الباب في غير الأكدرية.
الحال الثالثة: أن يكون الإخوة الأشقاء أنثى واحدة فقط، فيفرض لها بعد أخذ الجد نصيبه النصف، فإن بقي شيء، أخذه الإخوة لأب، وإلا سقطوا.
فلو هلك هالك عن جد، وأخت شقيقة، وأخ لأب: فالأكثر للجد المقاسمة، فيأخذ سهمين من خمسة، ثم يفرض للأخت الشقيقة النصف، فتأخذه، والباقي للأخ لأب.
ولو هلك هالك عن جد، وأخت شقيقة وأخت لأب: فالأكثر للجد المقاسمة، فيأخذ سهمين من أربعة، ثم يفرض للشقيقة النصف فتأخذه، وتسقط الأخت لأب؛ لأنه لم يبق بعد فرض الأخت الشقيقة شيء.
(تنبيه) لا نحتاج إلى المعادة إلا في الحال التي تكون فيها المقاسمة أكثر للجد لو قاسم الإخوة الأشقاء؛ ليكثر بذلك عدد الإخوة فيزاحموا الجد. أما إذا لم تكن المقاسمة أكثر له، فلا حاجة إلى المعادة.
فلو هلك هالك عن جد، وأخوين شقيقين، وأخ لأب: فلا حاجة إلى المعادة؛ لأن المقاسمة ليست أكثر للجد إذ تستوي له هنا وثلث المال، فلو عد الأخ لأب على الجد، لم ينقص حقه بذلك، فإنه سيرث ثلث المال بكل حال، فيأخذه، والباقي للشقيقين ويسقط الأخ لأب.
(119/25)
ولو هلك هالك عن بنت، وزوج، وجد، وأخت شقيقة، وأخ لأب: فللبنت النصف وللزوج الربع ويستوي للجد المقاسمة وسدس المال، فلذلك لا نحتاج إلى عد الأخ لأب عليه؛ لأن نصيب الجد لن ينقص عن السدس بكل حال، فيأخذه، والباقي للأخت الشقيقة، ويسقط الأخ لأب.
(تنبيه هام) جميع ما ذكرنا من أحوال الجد، والأكدرية، والمعادة، فإنما هو على القول بتوريث الإخوة مع الجد فأما على القول الراجح، من أنهم لا يرثون معه بكل حال، فإنه لا حاجة إلى هذه التفاصيل التي ليس عليها دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
ميراث الجدة
لا إرث للجدات مطلقاً مع وجود الأم.
والجدة الوارثة هي أم الأم، وأم الأب، وأم أبي الأب وإن علون بمحض الإناث.
فأما من أدلت بأب أعلى من الجد، كأم أبي الجد وإن علا فهي من ذوي الأرحام على المشهور من المذهب.
والصحيح أن كل جدة أدلت بوارث فهي وارثة، وإن أدلت بأب أعلى من الجد، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، واختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وصاحب الفائق؛ لأنها مدلية بوارث فكانت وارثة كأم الأب، والجد.
أما من أدلت بغير وارث، وهي من كان بينها وبين الميت ذكر قبله أنثى، كأم أبي الأم، فهي من ذوي الأرحام قولاً واحداً (23).
(119/26)
وميراث الجدة السدس سواء كانت واحدة أو أكثر، فلا يزيد الفرض بزيادتهن، لحديث قبيصة بن أبي ذؤيب قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر فسألته ميراثها فقال: ما لك في كتاب الله شيءٌ، وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس فقال: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة، فأنفذه لها أبو بكر قال: ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر فسألته ميراثها فقال ما لك في كتاب الله شيء، ولكن هو ذاك السدس، فإن اجتمعتما فهو بينكما وأيكما خلت به فهو لها. رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي. وقد نقل محمد بن نصر اتفاق الصحابة رضي الله عنهم أن السدس فرض الجدة الواحدة فأكثر.
فإن تعددت الجدات وتساوين في القرب، فالسدس بينهن بالسوية، وإن كان بعضهن أقرب من بعض سقطت البعيدة، سواء كانت من جهة الأم، أم من جهة الأب، وإن أدلت إحداهن بجهة وأخرى بجهتين، فلذات الجهة ثلث السدس، ولذات الجهتين ثلثاه.
فإذا هلك هالك عن أم أم، وأم أب، وعم: فللجدتين السدس بالسوية، والباقي للعم.
ولو هلك عن أم أم أم، وأم أب، وعم: فالسدس لأم الأب فقط؛ لأنها أقرب والباقي للعم.
ولو هلك عن جدة هي أم أم أمه، وأم أم أبيه، وجدة أخرى هي أم أبي أبيه، وعم: فللجدة الأولى ثلثا السدس، وللجدة الثانية ثلثه؛ لأن الجدة الأولى أدلت بجهتين، والثانية أدلت بجهة واحدة، والباقي للعم.
وصورة هذه المسألة أن يتزوج بنت خالته، فتأتي بولد، ثم يموت الولد عن الجدة المذكورة، وعن جدة أبيه.
(119/27)
مثاله: أن يكون لهند ابنتان زينب وحفصة، ولزينب ابن اسمه محمد من زوجها علي، واسم أم علي فاطمة، ولحفصة بنت اسمها أسماء، فتزوجها ابن خالتها محمد، فأتت بولد اسمه بكر، ثم مات بكر عن جدتيه هند وفاطمة، فلهند ثلثا السدس؛ لأنها أدلت بجهتين إذ هي أم أم أم، وأم أم أب، ولفاطمة ثلثه؛ لأنها أدلت بجهة واحدة مع ذات جهتين، إذ هي أم أبي أب.
ميراث البنات
البنات يرثن تارة بالفرض، وتارة بالتعصيب بالغير.
فيرثن بالتعصيب بالغير إذا كان معهن أخوهن، لقوله تعالى :(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن)(النساء:الآية11)
ويرثن بالفرض إذا لم يكن معهن أخوهن، فإن كانت واحدة فلها النصف، وإن كانتا اثنتين فأكثر فلهما الثلثان، لقوله تعالى: ( فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْف)(النساء:الآية11)، وروى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى ابنتي سعد بن الربيع الثلثين، رواه الخمسة إلا النسائي(24)
فلو هلك هالك عن بنت، وعم: فللبنت النصف؛ لأنها واحدة ولا معصب معها، والباقي للعم.
ولو هلك هالك عن بنتين، وأب: فللبنتين الثلثان؛ للتعدد، وعدم المعصب، وللأب السدس فرضاً، والباقي تعصيباً.
ولو هلك عن بنت، وابن: فالمال بينهما تعصيباً، للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا فرض للبنت لوجود المعصب.
ميراث بنات الابن
ميراث بنات الابن إذا لم يوجد فرع وارث أعلى منهن كميراث البنات، فيرثن بالتعصيب بالغير، إذا وجد ابن ابن بدرجتهن، ويرثن بالفرض، إذا لم يوجد ابن ابن بدرجتهن، للواحدة النصف وللثنتين فأكثر الثلثان؛ وذلك لأن أولاد الأبناء أولاد فيدخلون في عموم قوله تعالى: )يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ)(النساء:الآية11) وإن وجد فرع وارث أعلى منهن، فإما أن يكون ذكراً، أو أنثيين، أو أنثى واحدة.
(119/28)
فإن كان ذكراً سقطن؛ لأن كل ذكر من الفروع، يسقط من تحته من أولاد الابن.
وإن كانتا أنثيين فأكثر لا ذكر معهن، فلهما الثلثان، ويسقط من دونهن من بنات الابن؛ لاستغراق من فوقهن الثلثين، إلا أن يعصبهن ذكر بدرجتهن، أو أنزل منهن.
وإن كانت أنثى واحدة لا ذكر معها، فلها النصف، ولمن دونها من بنات الابن السدس تكملة الثلثين، سواء كن واحدة أم أكثر، فلا يزيد الفرض بزيادتهن؛ لأن إناث الفروع لا يتجاوز فرضهن الثلثين، وقد أخذت البنت النصف، فلم يبق إلا السدس يكون لبنات الابن.
وعن ابن مسعود ، أنه قضى في بنت، وبنت ابن، وأخت، بأن للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت، وقال: (أقضي فيها بما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم). رواه الجماعة إلا مسلماً والنسائي(25)
أمثلة لما سبق:
لو هلك هالك عن بنت ابن، وابن ابن: فالمال بينهما تعصيباً، للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا فرض لبنت الابن لوجود المعصب.
ولو هلك عن بنت ابن، وابن ابن ابن: فلها النصف؛ لانفرادها وعدم المعصب، وعدم فرع أعلى منها، والباقي لابن الابن النازل.
ولو هلك عن بنتي ابن، وعم: فلهما الثلثان، والباقي للعم.
ولو هلك عن بنت، وبنتي ابن، وعم: فللبنت، النصف ولبنتي الابن السدس، تكملة الثلثين، والباقي للعم.
ولو هلك عن بنت، وبنت ابن، وبنت ابن ابن، وابن ابن أنزل منها: فللبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، والباقي بين بنت الابن النازلة، وابن الابن النازل، تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين. وإنما عصبها مع كونه أنزل منها لاحتياجها إليه؛ حيث استغرق من فوقها الثلثين، ولولا تعصيبه إياها لسقطت.
فائدتان:
إحداهما: لا يمكن أن ترث أنثى من الفروع بالفرض مع وجود ذكر مساوٍ لها، بل يرثان بالتعصيب، للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان أعلى منها حجبها، وإن كان أنزل، لم يعصبها إلا إذا استغرق من فوقها الثلثين.
(119/29)
الثانية: كل طبقة من الفروع فهي بالنسبة لما فوقها في الإرث، كأولاد الابن بالنسبة للأولاد على ما سبق تفصيله.
ميراث الأخوات الشقيقات
ميراث الأخوات الشقيقات، إما بالفرض، وإما بالتعصيب بالغير، وإما بالتعصيب مع الغير.
فيرثن بالفرض بثلاثة شروط، أن لا يوجد فرع وارث، ولا ذكر من الأصول وارث، ولا معصب وهو الأخ الشقيق.
وفرض الواحدة النصف، والثنتان فأكثر الثلثان لقوله تعالى: )يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَك)(النساء:الآية176)، فإن وجد فرع وارث، وكان ذكراً، سقطت الأخوات؛ لأنه لا إرث للحواشي مع ذكر الفروع، وإن كان الفرع أنثى واحدة أو أكثر، أخذن فرضهن، والباقي للأخوات تعصيباً، لحديث ابن مسعود السابق، وهذه هي الحال التي يرثن فيها بالتعصيب مع الغير.
وإن وجد ذكر من الأصول وارث، فإن كان الأب، سقطت الأخوات بالإجماع، وإن كان الجد، فقد سبق ذكر الخلاف فيه، وأن الراجح سقوطهن به، فلا إرث للحواشي مع ذكر من الأصول مطلقاً على القول الراجح.
وإن وجد معهن معصب وهو الأخ الشقيق، ورثن معه بالتعصيب، للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى:
) وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)(النساء:الآية176) وهذه هي الحال التي يرثن فيها بالتعصيب بالغير.
أمثلة لما سبق:
لو هلك هالك عن أخت شقيقة، وعم: فلها النصف لتمام الشروط، والباقي للعم.
ولو هلك عن أختين شقيقتين، وعم: فلهما الثلثان، والباقي للعم.
ولو هلك عن أخت شقيقة، وابن: فالمال للابن، ولا شيء للأخت.
ولو هلك عن بنت، وأخت شقيقة: فللبنت النصف، والباقي للأخت الشقيقة تعصيباً؛ لوجود ذي فرض من الفروع.
(119/30)
ولو هلك عن أب، وأخت شقيقة: فالمال للأب، ولا شيء للأخت، وكذلك لو كان بدل الأب جد على الراجح.
ولو هلك عن أخت شقيقة، وأخ شقيق: فالمال بينهما تعصيباً، للذكر مثل حظ الأنثيين.
ميراث الأخوات لأب
ميراث الأخوات لأب، كميراث الأخوات الشقيقات على ما سبق تفصيله، بشرط أن لا يوجد أحد من الأشقاء، فإن وجد أحد من الأشقاء، فإن كان ذكراً سقطت الأخوات لأب، وإن كان شقيقة واحدة فلها النصف، وللأخوات لأب السدس، تكملة الثلثين، سواء كن واحدة أم أكثر، وإن كانت الشقيقات أكثر من واحدة سقطت الأخوات لأب؛ لاستغراق الشقيقات الثلثين، إلا أن يعصبهن أخ لأب.
أمثلة لما سبق:
أمثلة هذا الباب هي أمثلة الباب الذي قبله، بجعل الأخت الشقيقة أختاً لأب، والأخ الشقيق أخاً لأب، ولهذا الباب أمثلة خاصة نذكر منها ما يلي:
لو هلك هالك عن أخ شقيق، وأخت لأب: فالمال للأخ الشقيق ولا شيء للأخت؛ لأن ذكور الأشقاء يسقطون الإخوة لأب.
ولو هلك عن أختين شقيقتين، وأخت لأب، وعم: فللشقيقتين الثلثان، والباقي للعم، ولا شيء للأخت لأب؛ لاستغراق الشقيقتين الثلثين، وعدم المعصب لها.
ولو هلك عن أخت شقيقة، وأخت لأب، وعم: فللشقيقة النصف، وللأخت لأب السدس تكملة الثلثين، والباقي للعم.
ولو هلك عن أختين شقيقتين، وأخت لأب، وأخ لأب: فللشقيقتين الثلثان، والباقي بين الأخ لأب وأخته تعصيباً، للذكر مثل حظ الأنثيين.
فائدتان:
الأولى: هؤلاء الأربع، أعني البنات، وبنات الابن، والأخوات الشقيقات، والأخوات لأب، إذا وجد ذكر مماثل لهن درجة ووصفاً عصبهن بكل حال، فيرثن معه بالتعصيب للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن لم يكن مماثلاً لهن درجة ووصفاً، لم يعصبهن إلا ابن الابن النازل، مع بنت ابن أعلى منه، إذا استغرق من فوقها الثلثين.
أما إذا كان الذكر أعلى منها، فإنه يسقطها بكل حال.
(119/31)
الثانية: ابن الأخ لأب، وابن الأخ الشقيق، لا يعصبان الأخت لأب إذا استغرقت الشقيقات الثلثين، بخلاف ابن الابن النازل، فيعصب من فوقه من بنات الابن، إذا استغرق من فوقهن الثلثين، والفرق بينهما، أن الإرث بالولادة أقوى من الإرث بالأخوة، وأن ابن الأخ لا يعصب أخته، فلا يعصب عمته.
ميراث أولاد الأم
لا يرث أولاد الأم، إلّا إذا لم يوجد للميت فرع وارث ولا ذكر من الأصول وارث. فإن وجد للميت فرع وارث، أو ذكر وارث من الأصول، سقط أولاد الأم.
وميراث الواحد منهم السدس، والاثنين فأكثر الثلث بينهم بالسوية، لا يفضل ذكر على أنثى، لقوله تعالى:
) وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ)(النساء:الآية12). والكلالة الحواشي، فالذي يورث كلالة هو من يرثه حواشيه إذ لا ولد له ولا والد، والمراد بالأخ والأخت في هذه الآية أولاد الأم، وكون ما زاد على الواحد شركاء في الثلث، يدل على عدم تفضيل الذكر على الأنثى؛ لأن مطلق الشركة يقتضي التسوية.
أمثلة لما سبق:
لو هلك هالك عن أب، وأخ من أم: فالمال للأب، ولا شيء للأخ؛ لوجود أصل من الذكور وارث.
ولو هلك عن بنت، وأخ، لأم، وعم: فللبنت النصف، والباقي للعم، ولا شيء للأخ؛ لوجود الفرع الوارث.
ولو هلك عن أم، وأخ لأم، وأخت لأم، وأخ شقيق: فللأم السدس، ولولدي الأم الثلث بالسوية، والباقي للأخ الشقيق.
قواعد في الفروض وأهلها
(119/32)
القاعدة الأولى: جميع الفروض الثابتة بالقرآن وهي النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس، يمكن اجتماع واحد منهما مع الآخر في مسألة واحدة إلا الثمن، فلا يجتمع مع الثلث ولا مع الربع، وذلك لأن الثمن فرض الزوجة فأكثر مع الفرع الوارث، ولا يوجد الثلث مع الفرع الوارث؛ لأن الثلث إما للأم - ومن شرط إرثها إياه أن لا يوجد فرع وارث - وإما لأولاد الأم ولا إرث لهم أصلاً مع الفرع الوارث.
وأما الربع؛ فلأنه للزوج مع الفرع الوارث، ولا يمكن أن يجتمع زوج وزوجة في مسألة واحدة.
القاعدة الثانية: لا يجتمع فرضان من جنس في مسألة واحدة إلا النصف والسدس.
القاعدة الثالثة: لا يرث بالفرض من الذكور إلا الزوج، والأخ من الأم، وكذلك الأب، والجد مع الفرع الوارث.
القاعدة الرابعة: أربعة أصناف من ذوي الفروض فرض الواحد منهم والمتعدد سواء وهم:
الزوجات، والجدات، وبنات الابن، إذا فرض لهن السدس. والأخوات لأب إذا فرض لهن السدس. هكذا ذكر الفرضيون فيما رأيت، ويمكن زيادة صنف خامس وهو الأب إذا تعدد؛ وذلك في وطء الشبهة، إذا وطىء شخصان امرأة بشبهة وألحقته القافة بهما. فإنهما يرثانه ميراث أب واحد، فلو مات عنهما وعن ابن لكان لهما جميعاً السدس، ولو انفرد أحدهما لكان له السدس وحده والباقي للابن.
العصبة
العصبة جمع عاصب، وهو من يرث بلا تقدير، فإذا انفرد أخذ جميع المال، وإن كان معه صاحب فرض أخذ الباقي بعده، وإن استغرقت الفروض التركة سقط؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر" متفق عليه(26) .
أقسام العصبة
ينقسم العصبة ثلاثة أقسام عصبة بالنفس، وعصبة بالغير، وعصبة مع الغير.
فالعصبة بالنفس هم:
1 - جميع الذكور الوارثين من الأصول، والفروع، والحواشي، إلا الأخوة من الأم.
2 - من يرث بالولاء من ذكر أو أنثى، كالمعتق والمعتقة.
(119/33)
والعصبة بالغير هن البنات، وبنات الابن، والأخوات الشقيقات، والأخوات لأب مع ذكر مماثل لهن درجة ووصفاً، أو أنزل منهن في بنات الابن خاصة، إذا استغرق من فوقهن الثلثين، فيرث هؤلاء الأربع مع من كن عصبة به، للذكر مثل حظ الأنثيين.
والعصبة مع الغير هن الأخوات الشقيقات، والأخوات لأب مع إناث الفروع، فتجعل الأخوات الشقيقات بمنزلة الأخوة الأشقاء، والأخوات لأب بمنزلة الأخوة لأب.
جهات العصوبة وترتيب الإرث بها:
جهات العصوبة على القول الراجح خمس، مجموعة على الترتيب في قوله:
بنوةٌ أُبوةٌ أُخوةٌ عمومةٌ وذو الولا التتمة
فالبنوة يدخل فيها الأبناء وأبناؤهم وإن نزلوا بمحض الذكور، وكذا البنات وبنات الابن مع ذكر معصب لهن
والأبوة يدخل فيها الأب وآباؤه وإن علوا بمحض الذكور.
والأخوة يدخل فيها الأخوة لغير أم وأبناؤهم وإن نزلوا بمحض الذكور، وكذا الأخوات لغير أم إذا كن عصبة بالغير أو مع الغير.
والعمومة يدخل فيها الأعمام لغير أم، وأبناؤهم وإن نزلوا بمحض الذكور.
والولاء يدخل فيه المعتق، وعصبته المتعصبون بأنفسهم.
هذه جهات العصوبة على القول الراجح الذي يجعل الجد أباً.
أما على القول المرجوح الذي لا يجعله أباً فالجهات ست: البنوة ثم الأبوة ثم الجدودة والأخوة ثم بنو الأخوة ثم العمومة وبنوهم ثم الولاء.
فيقدم في التعصيب الأسبق جهة، فإن كانوا في جهة واحدة، قدم الأقرب منزلة، فإن كانوا في منزلة واحدة، قدم الأقوى، وهو من يدلي بالأبوين على الذي يدلي بالأب وحده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فما بقي فهو لأولى رجل ذكر"(27) ، فالابن أولى من الأب لأنه أسبق جهة، والأب أولى من الجد لأنه أقرب منزلة، والأخ الشقيق أولى من الأخ لأب لأنه أقوى. قال الجعبري مشيراً إلى ما سبق:
فبالجهةِ التقديمُ ثم بقربه وبعدهما التقديمَ بالقوة اجعلا
(119/34)
فلو هلك هالك عن أب، وابن: فللأب السدس فرضاً، والباقي للابن تعصيباً، ولا تعصيب للأب؛ لأن جهة البنوة أسبق من جهة الأبوة.
ولو هلك عن زوجة، وابن، وابن ابن: فللزوجة الثمن، والباقي للابن وحده؛ لأنه أقرب منزلة.
ولو هلك عن عم أبيه، وابن ابن ابن ابن عمه: فالمال لابن العم النازل دون عم الأب؛ لأن ابن العم يتصل بالميت في الجد وعم أبيه يتصل به في أبي الجد، فابن العم أقرب منزلة.
ولو هلك عن أخ لأب، وابن أخ شقيق: فالمال للأخ؛ لأنه أقرب منزلة ولم نعتبر قوة الثاني؛ لأن قرب المنزلة مقدم على القوة.
ولو هلك عن بنت، وأخت شقيقة، وأخ لأب: فللبنت النصف والباقي للأخت الشقيقة؛ لأنها أقوى من الأخ لأب
فوائد:
الفائدة الأولى: سبق أن العاصب إذا استغرقت الفروض التركة سقط، فعلى هذا يسقط الإخوة الأشقاء في الحمارية وهي:
زوج، وأم، أو جدة فأكثر، وعدد من أولاد الأم، وعصبة من الأشقاء.
فلو هلكت امرأة عن زوج، وأم، وأخوين من أم، وأخ شقيق: فالمسألة من ستة للزوج النصف ثلاثة، وللأم السدس واحد، وللأخوين من أم الثلث اثنان، ولا شيء للأخ الشقيق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر" (28). فإذا ألحقنا بهؤلاء فرائضهم التي فرضها الله لهم بنص القرآن، لم يبق للأخ الشقيق شيء، فيسقط بمقتضى النص وكل قياس خالفه فهو فاسد يجب نبذه لمعارضته النص.
وتسمى هذه المسألة - أيضاً - (المُشَرَّكَة)؛ لأن مذهب مالك والشافعي - رحمهما الله - التشريك فيها بين الإخوة الأشقاء والإخوة لأم في الثلث، وهو آخر الروايتين عن عمر، وإحدى الروايتين عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما .
والصواب عدم التشريك؛ لأنه مقتضى النص كما سبق.
ولو كان بدل الزوج زوجة، لكان لها الربع، وللأم السدس، وللأخوين من أم الثلث، والباقي للأخ الشقيق، ولو كانوا مائة أخ.
(119/35)
ولو كان بدل الأخوين من أم، أخ واحد، لكان للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخ من الأم السدس، والباقي للأخ الشقيق، ولو كان معه ألف أخ.
ولو كان بدل الأخ الشقيق أخت شقيقة، لكان للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخوين من أم الثلث، وللأخت الشقيقة النصف، وتعول إلى تسعة. فإن كان معها أخت أخرى فرض لهما الثلثان، وعالت إلى عشرة.
ولا تشريك في هذه المسائل، وهذا دليل على ضعف القول بالتشريك في مسألة المشركة.
الفائدة الثانية: علم مما سبق أنه لا يرث بنو أب الميت الأعلى مع بني أبيه الأقرب وإن نزلوا؛ لأن بني أبيه الأقرب أقرب منزلة، فإن من يجتمع بالميت في الجد مثلاً، أقرب ممن يجتمع به في أبي الجد، ولذلك كان بنو الأخوة وإن نزلوا، أولى من الأعمام وإن قربوا.
فلو هلك هالك عن عم جده، وابن ابن ابن ابن عم أبيه: كان المال للثاني؛ لأنه أقرب منزلة.
الفائدة الثالثة: لا يتصور التقديم بالقوة إلا في الأخوة والأعمام وأبنائهم وإن نزلوا.
الفائدة الرابعة: ترتيب عصبة المعتق في التقديم، كترتيب عصبة النسب، لكن لا يرث إلا العصبة بأنفسهم.
فلو هلك عن ابن معتقه، وأخي معتقه: كان المال للأول؛ لأنه أسبق جهة.
ولو هلك عن ابن معتقه، وابن ابن معتقه: فالمال للأول؛ لأنه أقرب منزلة.
ولو هلك عن أخ معتقه الشقيق، وأخيه من أبيه: فالمال للأول؛ لأنه أقوى.
ولو هلك عن ابن معتقه، وبنت معتقه: فالمال للابن؛ لأنه هو العاصب بالنفس، والبنت عاصبة بالغير.
الفائدة الخامسة: قد يرث الشخص بالفرض، والتعصيب من جهة واحدة، كما سبق في الأب والجد مع إناث الفروع، وقد يجتمع في الشخص جهة فرض، وجهة تعصيب، فيرث بهما إن لم تحجبا أو أحدهما. فلو تزوج بنت عمه فهلكت عنه، فله النصف فرضاً؛ لأنه زوج، والباقي تعصيباً؛ لأنه ابن عم.
(119/36)
وإن حجبتا لم يرث، فلو هلك عن بنت، وعم، وابن عم هو أخ من أم، فللبنت النصف، والباقي للعم، ولا شيء لابن العم بجهة الفرض؛ لأن البنت تحجبه، ولا بجهة التعصيب؛ لأن العم يحجبه.
وإن حجبت إحداهما ورث بالأخرى فقط، فلو هلك عن بنت، وابني عم أحدهما أخ من أم: فللبنت النصف، والباقي لابني العم تعصيباً بالسوية، ولا إرث للأخ من الأم بالفرض؛ لأن البنت تحجبه.
ولو هلكت امرأة عن عم، وابن عم هو زوج: فلابن عمها النصف فرضاً؛ لأنه زوج والباقي للعم ولا إرث لابن العم بالتعصيب؛ لأن العم يحجبه.
الفائدة السادسة: قد يجتمع في الشخص جهتا تعصيب فيرث بالمقدم منهما فقط إن لم يوجد لها مانع، فلو هلك عن عم معتق لأبيه، وابن عم معتق له: فالمال للعم، اعتباراً بالجهة المقدمة من التعصيب، وهي جهة النسب، ولو اعتبرنا المؤخرة وهي جهة الولاء لكان المال لابن العم؛ لأنه معتق للميت نفسه، فيكون أولى من معتق أبيه.
ولو هلك عن عمين أحدهما معتق: فالمال بينهما بالسوية بعصوبة النسب.
ولا يتميز المعتق بزيادة بسبب الولاء؛ لأنه إذا اجتمع في الشخص جهتا تعصيب، ورث بالمقدم منها فقط.
فإن وجد بالمقدم من جهتي التعصيب مانع ورث بالأخرى، فلو كان العتيق في المثال الأخير مخالفاً لعميه في الدين، ورثه العم المعتق بالولاء فقط؛ لوجود مانع في عصوبة النسب، وهو اختلاف الدين دون عصوبة الولاء؛ لأن اختلاف الدين لا يمنع من الإرث بالولاء على المشهور من المذهب، وقد سبق أن الصواب أنه مانع كالإرث بالنسب، فعليه لا ميراث لهما جميعاً.
ولو اشترت بنت أباها عتق عليها، ثم إذا هلك عنها وعن ابنه ورثاه بتعصيب النسب، للذكر مثل حظ الأنثيين
ولو اشترى الأب المذكور عبداً فأعتقه ثم هلك العتيق عن ابن معتقه وبنته المذكورين، لكان ماله للابن دون البنت؛ لأن الولاء لا يرث به إلا العاصب بالنفس، والبنت عاصبة بالغير.
(119/37)
فإن قيل: هذه البنت معتقة المعتق فهي عاصبة بالنفس؟ فالجواب: أن الابن عاصب بالنفس من جهة النسب، والبنت عاصبة بالنفس من جهة الولاء، وعصوبة النسب مقدمة على عصوبة الولاء، فكان الابن مقدماً عليها
الفائدة السابعة: من لا أب له شرعاً، كولد الزنا والمنفي بلعان، فعصبته عصبة فروعه، فإن عدموا فأمه، فإن عدمت فعصبتها على الترتيب السابق.
والمذهب أن عصبته عصبة فروعه، فإن عدموا فعصبة أمه المتعصبون بأنفسهم، ولا عصبة للأم ولا لغير العاصب بالنفس من عصبتها.
والأول أصح لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ميراث ابن الملاعنة، لأمه ولورثتها من بعدها(29) . رواه أبو داود. وسبق حديث واثلة ابن الأسقع(30): "أن المرأة تحوز ثلاثة مواريث: عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه"، ولأن الولادة انقطعت شرعاً من جهة الأب، فانحصرت في الأم؛ فكانت الأم بمنزلة الأم والأب؛ ولأن قاعدة الفرائض أن لا يدلي عاصب بصاحب فرض محض، فلا يدلي العاصب إلا بعاصب، فإذا كان عصبة الأم عصبة فهي عصبة أيضاً، وهي أقرب منهم، فتكون أولى بالتعصيب. وهذا القول هو قول ابن مسعود وإحدى الروايتين عن أحمد واختيار الشيخ تقي الدين.
فلو هلك منفي بلعان عن بنت، وأمه، وخاله، وخالته: فللبنت النصف، وللأم السدس فرضاً والباقي تعصيباً على القول الأول. أما على القول الثاني فللبنت النصف وللأم السدس فرضاً، والباقي للخال تعصيباً، ولا شيء للخالة؛ لأنها عاصبة بالغير.
الفائدة الثامنة: عُلِمَ مما سبق أن الورثة ينقسمون باعتبار الإرث بالفرض والتعصيب خمسة أقسام:
الأول: من يرث بالفرض فقط، وهم الزوجان، وأولاد، الأم وإناث الأصول، كالأم والجدة وإن علت.
الثاني: من يرث بالتعصيب بالنفس، وهم الأبناء، وأبناؤهم، والإخوة لغير أم، وأبناؤهم، والأعمام لغير أم، وأبناؤهم، وذو الولاء من ذكر وأنثى.
(119/38)
الثالث: من يرث بالفرض تارة، وبالتعصيب بالنفس تارة، ويجمع بينهما تارة، وهو الأب، والجد وإن علا.
الرابع: من يرث بالفرض تارة وبالتعصيب بالغير تارة ولا يجمع بينهما، وهن البنات، وبنت الابن وإن نزل
الخامس: من يرث بالفرض تارة، وبالتعصيب بالغير تارة، وبالتعصيب مع الغير تارة، ولا يجمع بين ذلك، وهن الأخوات الشقيقات والأخوات لأب.
هذه هي الأقسام التي قام عليها الدليل، وبقي قسم سادس لا دليل عليه، وهو من يرث بالفرض أولاً، ثم يقسم عليه بالتعصيب، وهو الجد، والأخت في الأكدرية، وقد سبق الكلام عليها وبيان ضعفها ومخالفتها للدليل وقواعد الفرائض.
الحجب
الحَجْبُ في اللغة المنع، وفي الاصطلاح منع الوارث من الإرث كله أو بعضه.
وهذا الباب مهم جداً في الفرائض لا ينقص أهمية عن أسباب الإرث وشروطه؛ وذلك لأن الإرث كغيره لا يتم إلا بوجود أسبابه وشروطه وانتفاء موانعه، فالحكم بالميراث يتوقف على معرفة أسبابه وشروطه وموانعه؛ حتى لا يحكم به مع تخلف الأسباب والشروط أو وجود الموانع، ولذلك قال بعض العلماء: لا يحل لمن لا يعرف باب الحجب أن يفتي في الفرائض خوفاً من أن يورث من لا إرث له فيحرم الحق أهله، ويعطيه من لا يستحقه.
وينقسم الحجب إلى قسمين: حجب بوصف، وحجب بشخص.
فالحجب بالوصف أن يتصف الوارث بمانع من موانع الإرث السابقة الرق والقتل واختلاف الدين .
وهذا القسم يمكن دخوله على جميع الورثة، فإن كان كل واحد منهم يمكن أن يكون رقيقاً أو قاتلاً أو مخالفاً في الدين.
والمحجوب بالوصف وجوده كالعدم، فلا يحجب غيره ولا يعصب غيره.
والحجب بالشخص أن يكون بعض الورثة محجوباً بشخص آخر، ويتنوع هذا القسم إلى نوعين حجب حرمان وحجب نقصان.
فحجب الحرمان أن لا يرث المحجوب مع الحاجب شيئاً، ويمكن دخوله على جميع الورثة إلا من يدلي إلى الميت بلا واسطة وهم ستة: الأم والأب والبنت والابن والزوجة والزوج.
(119/39)
وحجب النقصان أن يرث المحجوب مع الحاجب شيئاً لولا الحاجب لورث أكثر منه، وهذا النوع يمكن دخوله على جميع الورثة من غير استثناء.
والمحجوب بالشخص لا يحجب غيره حجب حرمان، ولكن قد يحجبه حجب نقصان، كالإخوة يحجبون الأم إلى السدس، وإن كانوا محجوبين بالأب.
وهذه قواعد لحجب الحرمان بالشخص:
القاعدة الأولى : في الأصول، فكل وارث من الأصول يحجب من فوقه إذا كان من جنسه، فالأب يحجب الأجداد لأنهم من جنسه ولا يحجب الجدات لأنهن من غير جنسه، والأم تحجب الجدات لأنهن من جنسها ولا تحجب الأجداد لأنهم من غير جنسها.
القاعدة الثانية : في الفروع، فكل ذكر وارث من الفروع يحجب من تحته سواء كان من جنسه أم لا، فالابن يحجب أبناء الابن وبنات الابن، فأما الأنثى من الفروع فلا تحجب من تحتها لكن إذا استغرقن الثلثين فإن من تحتهن من الإناث يسقطن، إلا أن يعصبهن ابن ابن بدرجتهن أو أنزل منهن.
القاعدة الثالثة : في الحواشي مع الأصول والفروع؛ فكل ذكر وارث من الأصول والفروع، فإنه يحجب الحواشي الذكور منهم والإناث، ولا يستثنى من ذلك شيء على القول الراجح، وسبق أن المذهب تشريك الإخوة لغير أم مع الجد على التفصيل السابق.
وأما الإناث من الأصول أو الفروع فلا يحجبن الحواشي، إلا إناث الفروع وهن البنات وبنات الابن فيحجبن الإخوة لأم.
القاعدة الرابعة : في الحواشي بعضهم مع بعض؛ فكل من يرث منهم بالتعصيب فإنه يحجب من دونه في الجهة أو القرب أو القوة على ما سبق في باب التعصيب. وأما من يرث بالفرض كالأخوات فإنه لا يحجب من يرث بالتعصيب ولا بالفرض(31) .
(119/40)
القاعدة الخامسة : في الولاء؛ فكل من يرث بالتعصيب من النسب فإنه يحجب من يرث به من الولاء، وكل من كان أعلى من غيره بالجهة أو المنزلة أو القوة فإنه يحجب من دونه، إلا أنه يفرض للأب والجد وإن علا، السدس مع الأبناء وأبنائهم على المذهب، والصواب أن لا فرض في الولاء لا للأب ولا للجد ولا لغيرهما وأنهما يسقطان بالأبناء وأبنائهم. اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ذكره عنه في الفائق.
القاعدة السادسة : قال الأصحاب: كل من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة، إلا الإخوة من الأم فإنهم يدلون بالأم ويرثون معها، وإلا الجدة أم الأب وأم الجد فإنها تدلي بهما وترث معهما.
وذكر ابن رجب هذه القاعدة على وجه آخر وهو: أن من أدلى بشخص فإن قام مقامه عند عدمه سقط به وإلا فلا.
أمثلة على ما سبق:
لو هلك هالك عن أم، وأخت شقيقة، وأخ شقيق رقيق، وعم لغير أم: فللأم الثلث وللأخت النصف والباقي للعم ولا شيء للأخ؛ لأنه رقيق فهو محجوب بالوصف، ولذلك لم يحجب الأم إلى السدس، ولم يعصب أخته ولم يسقط العم؛ لأن المحجوب بالوصف وجوده كالعدم فلا يحجب غيره ولا يُعصبه.
ولو هلك هالك عن أم، وأب، وإخوة: فللأم السدس والباقي للأب ولا شيء للإخوة؛ لأن الأب يحجبهم وإنما حجبوا الأم مع أنهم لا يرثون؛ لأن المحجوب بالشخص قد يحجب غيره نقصاناً.
ولو هلك هالك عن أب، وأمه، وجد، وأمه: فلأم الأب السدس، والباقي له، ولا شيء للجد؛ لأنه محجوب بالأب لكونه من جنسه، ولا لأمه؛ لأنها محجوبة بأم الأب لكونها من جنسها، ولو كان الأب معدوماً لكان لأمه السدس والباقي للجد، ولو كانت أم الأب معدومة لكان لأم الجد السدس والباقي للأب ولم يحجبها لأنها ليست من جنسه.
الحجب
الحَجْبُ في اللغة المنع، وفي الاصطلاح منع الوارث من الإرث كله أو بعضه.
(119/41)
وهذا الباب مهم جداً في الفرائض لا ينقص أهمية عن أسباب الإرث وشروطه؛ وذلك لأن الإرث كغيره لا يتم إلا بوجود أسبابه وشروطه وانتفاء موانعه، فالحكم بالميراث يتوقف على معرفة أسبابه وشروطه وموانعه؛ حتى لا يحكم به مع تخلف الأسباب والشروط أو وجود الموانع، ولذلك قال بعض العلماء: لا يحل لمن لا يعرف باب الحجب أن يفتي في الفرائض خوفاً من أن يورث من لا إرث له فيحرم الحق أهله، ويعطيه من لا يستحقه.
وينقسم الحجب إلى قسمين: حجب بوصف، وحجب بشخص.
فالحجب بالوصف أن يتصف الوارث بمانع من موانع الإرث السابقة الرق والقتل واختلاف الدين .
وهذا القسم يمكن دخوله على جميع الورثة، فإن كان كل واحد منهم يمكن أن يكون رقيقاً أو قاتلاً أو مخالفاً في الدين.
والمحجوب بالوصف وجوده كالعدم، فلا يحجب غيره ولا يعصب غيره.
والحجب بالشخص أن يكون بعض الورثة محجوباً بشخص آخر، ويتنوع هذا القسم إلى نوعين حجب حرمان وحجب نقصان.
فحجب الحرمان أن لا يرث المحجوب مع الحاجب شيئاً، ويمكن دخوله على جميع الورثة إلا من يدلي إلى الميت بلا واسطة وهم ستة: الأم والأب والبنت والابن والزوجة والزوج.
وحجب النقصان أن يرث المحجوب مع الحاجب شيئاً لولا الحاجب لورث أكثر منه، وهذا النوع يمكن دخوله على جميع الورثة من غير استثناء.
والمحجوب بالشخص لا يحجب غيره حجب حرمان، ولكن قد يحجبه حجب نقصان، كالإخوة يحجبون الأم إلى السدس، وإن كانوا محجوبين بالأب.
وهذه قواعد لحجب الحرمان بالشخص:
القاعدة الأولى : في الأصول، فكل وارث من الأصول يحجب من فوقه إذا كان من جنسه، فالأب يحجب الأجداد لأنهم من جنسه ولا يحجب الجدات لأنهن من غير جنسه، والأم تحجب الجدات لأنهن من جنسها ولا تحجب الأجداد لأنهم من غير جنسها.
(119/42)
القاعدة الثانية : في الفروع، فكل ذكر وارث من الفروع يحجب من تحته سواء كان من جنسه أم لا، فالابن يحجب أبناء الابن وبنات الابن، فأما الأنثى من الفروع فلا تحجب من تحتها لكن إذا استغرقن الثلثين فإن من تحتهن من الإناث يسقطن، إلا أن يعصبهن ابن ابن بدرجتهن أو أنزل منهن.
القاعدة الثالثة : في الحواشي مع الأصول والفروع؛ فكل ذكر وارث من الأصول والفروع، فإنه يحجب الحواشي الذكور منهم والإناث، ولا يستثنى من ذلك شيء على القول الراجح، وسبق أن المذهب تشريك الإخوة لغير أم مع الجد على التفصيل السابق.
وأما الإناث من الأصول أو الفروع فلا يحجبن الحواشي، إلا إناث الفروع وهن البنات وبنات الابن فيحجبن الإخوة لأم.
القاعدة الرابعة : في الحواشي بعضهم مع بعض؛ فكل من يرث منهم بالتعصيب فإنه يحجب من دونه في الجهة أو القرب أو القوة على ما سبق في باب التعصيب. وأما من يرث بالفرض كالأخوات فإنه لا يحجب من يرث بالتعصيب ولا بالفرض(31) .
القاعدة الخامسة : في الولاء؛ فكل من يرث بالتعصيب من النسب فإنه يحجب من يرث به من الولاء، وكل من كان أعلى من غيره بالجهة أو المنزلة أو القوة فإنه يحجب من دونه، إلا أنه يفرض للأب والجد وإن علا، السدس مع الأبناء وأبنائهم على المذهب، والصواب أن لا فرض في الولاء لا للأب ولا للجد ولا لغيرهما وأنهما يسقطان بالأبناء وأبنائهم. اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ذكره عنه في الفائق.
القاعدة السادسة : قال الأصحاب: كل من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة، إلا الإخوة من الأم فإنهم يدلون بالأم ويرثون معها، وإلا الجدة أم الأب وأم الجد فإنها تدلي بهما وترث معهما.
وذكر ابن رجب هذه القاعدة على وجه آخر وهو: أن من أدلى بشخص فإن قام مقامه عند عدمه سقط به وإلا فلا.
أمثلة على ما سبق:
(119/43)
لو هلك هالك عن أم، وأخت شقيقة، وأخ شقيق رقيق، وعم لغير أم: فللأم الثلث وللأخت النصف والباقي للعم ولا شيء للأخ؛ لأنه رقيق فهو محجوب بالوصف، ولذلك لم يحجب الأم إلى السدس، ولم يعصب أخته ولم يسقط العم؛ لأن المحجوب بالوصف وجوده كالعدم فلا يحجب غيره ولا يُعصبه.
ولو هلك هالك عن أم، وأب، وإخوة: فللأم السدس والباقي للأب ولا شيء للإخوة؛ لأن الأب يحجبهم وإنما حجبوا الأم مع أنهم لا يرثون؛ لأن المحجوب بالشخص قد يحجب غيره نقصاناً.
ولو هلك هالك عن أب، وأمه، وجد، وأمه: فلأم الأب السدس، والباقي له، ولا شيء للجد؛ لأنه محجوب بالأب لكونه من جنسه، ولا لأمه؛ لأنها محجوبة بأم الأب لكونها من جنسها، ولو كان الأب معدوماً لكان لأمه السدس والباقي للجد، ولو كانت أم الأب معدومة لكان لأم الجد السدس والباقي للأب ولم يحجبها لأنها ليست من جنسه.
التأصيل والتصحيح
التأصيل: تحصيل أقل عدد تخرج منه سهام المسألة بلا كسر.
والتصحيح: تحصيل أقل عدد ينقسم على الورثة بلا كسر.
وأصل المسألة: أقل عدد تخرج منه سهامها بلا كسر.
فإن كان الورثة عصبة نسب، فأصل مسألتهم بعدد رؤوسهم، يجعل الذكر رأسين والأنثى رأساً واحداً، فلو هلك عن ابنين، وابنتين فمسألتهم من ستة لكل ابن اثنان ولكل ابنة واحد.
وإن كان الورثة عصبة ولاء فإن تساووا في الملك فأصل مسألتهم بعدد رؤوسهم، وإن اختلفوا فأصل مسألتهم أقل عدد ينقسم على أنصبائهم من العتيق، فلو هلك عن موليين لكل واحد منهما نصفه فالمسألة من اثنين لكل واحد واحد، وإن كان لأحدهما ربعه فالمسألة من أربعة لذي الربع واحد والباقي لشريكه.
وإن كان في الورثة ذو فرض فأصل مسألتهم أقل عدد يخرج منه فرضها أو فروضها بلا كسر.
فإن كان الفرض واحداً أو اثنين فأكثر من جنس فأصل المسألة أقل عدد ينقسم على مخرجه، وإن كانت الفروض اثنين فأكثر والجنس مختلف، فأصل المسألة أقل عدد ينقسم على مخرجيهما.
(119/44)
وأصول مسائل ذوي الفروض سبعة على المشهور: اثنان وثلاثة وأربعة وستة وثمانية واثنا عشر وأربعة وعشرون.
فالاثنان لكل مسألة فيها نصف كزوج وعم، أو نصفان كزوج وأخت لغير أم.
والثلاثة لكل مسألة فيها ثلث كأم وعم، أو ثلثان كبنتين وعم أو ثلثان وثلث كأختين لغير أم وأختين لأم.
والأربعة لكل مسألة فيها ربع كزوج وابن، أو ربع ونصف كزوج وبنت وعم.
والستة لكل مسألة فيها سدس أو سدسان أو ثلاثة، كأم وابن، أو أم وأخ لأم وأخ شقيق، أو أم وأب وبنت وبنت ابن، أو سدس وثلث كأم وأخ لأم وعم، أو سدس ونصف كأم وبنت وعم، أو سدس وثلثان كأم وابنتين وعم، أو نصف وثلث كزوج وأم وعم أو نصف وثلثان كزوج وشقيقتين وعم.
والثمانية لكل مسألة فيها ثمن كزوجة وابن، أو ثمن ونصف كزوجة وبنت وعم.
والاثنا عشر لكل مسألة فيها ربع وسدس كزوج وأم وابن، أو ربع وثلث كزوجة وأم وعم، أو ربع وثلثان كزوجة وشقيقتين وعم.
والأربعة والعشرون لكل مسألة فيها ثمن وسدس كزوجة وأم وابن، أو ثمن وثلثان كزوجة وابنتين وعم.
- أقسام هذه الأصول باعتبار العول وعدمه:
لا تخلو فروض المسألة بالنسبة إلى أصلها من أحد ثلاثة أمور:
أحدها: أن تكون زائدة على أصل المسألة.
الثاني: أن تكون ناقصة عن أصل المسألة.
الثالث: أن تكون بقدر أصل المسألة من غير زيادة ولا نقص.
فالأول وهو زيادة الفروض على أصل المسألة يسمى (العول)
والثاني وهو نقص الفروض عن أصل المسألة يسمى (النقص)
والثالث وهو كون الفروض بقدر أصل المسألة من غير زيادة ولا نقص يسمى (العدل)
وهذه الأصول السبعة السابقة باعتبار العول والنقص والعدل أربعة أقسام:
أحدها: ما يكون ناقصاً دائماً، وهما أصل: أربعة وثمانية.
الثاني: ما يكون ناقصاً أو عادلاً ولا يكون عائلاً، وهما أصل: اثنين وثلاثة.
الثالث: ما يكون ناقصاً أو عائلاً ولا يكون عادلاً، وهما أصل: اثني عشر وأربعة وعشرين.
الرابع: ما يكون ناقصاً وعادلاً وعائلاً، وهو أصل: ستة.
(119/45)
وبهذا تبين أن الذي يمكن عوله ثلاث أصول:
الأصل الأول : أصل ستة وتعول إلى سبعة وثمانية وتسعة وعشرة.
مثال ذلك: أن تهلك امرأة عن زوج وأختين شقيقتين فالمسألة من ستة للزوج النصف ثلاثة وللأختين الثلثان أربعة وتعول إلى سبعة.
فإن كان معهم أم كان لها السدس واحد وتعول إلى ثمانية.
فإن كان معهم أخ لأم كان له السدس واحد وتعول إلى تسعة.
فإن كان معهم أخ لأم آخر كان له مع أخيه الثلث وتعول إلى عشرة، وتسمى الستة إذا عالت إلى عشرة أم الفروخ - بالخاء المعجمة - لكثرة عولها.
الأصل الثاني : أصل اثني عشر وتعول إلى ثلاثة عشر وخمسة عشر وسبعة عشر ولا تعول إلى شفع أبداً.
مثال ذلك: أن يهلك هالك عن ثلاث زوجات وثمان أخوات لغير أم وجدتين، فالمسألة من اثني عشر، للزوجات الربع ثلاثة لكل واحدة واحد، وللأخوات الثلثان ثمانية لكل واحدة واحد وللجدتين السدس اثنان لكل واحدة واحد، وتعول إلى ثلاثة عشر. فإن كان معهم أخت لأم كان لها السدس اثنان وتعول إلى خمسة عشر. فإن كانت الأخوات لأم أكثر من واحدة كأربع مثلاً كان لهن الثلث أربعة لكل واحدة واحد وتعول إلى سبعة عشر وتسمى هذه المسألة (أم الفروج) بالجيم لأن الوارثات كلهن نساء، وتسمى أيضاً (الدينارية الصغرى) لأن كل أنثى أخذت ديناراً مع اختلاف جهاتهن.
الأصل الثالث : أصل أربعة وعشرين وتعول إلى سبعة وعشرين فقط.
مثال ذلك: أن يهلك رجل عن زوجة، وابنتين، وأبوين: فالمسألة من أربعة وعشرين. للزوجة الثمن ثلاثة، وللبنتين الثلثان ستة عشر، وللأم السدس أربعة، وللأب السدس أربعة، وتعول إلى سبعة وعشرين.
وأما الأصول التي لا يمكن عولها فهي أربعة:
أحدها : أصل اثنين يكون ناقصاً كزوج وعم، ويكون عادلاً كزوج وأخت شقيقة.
الثاني : أصل ثلاثة يكون ناقصاً كأم وعم، أو بنتين وعم، ويكون عادلاً كأختين شقيقتين وأختين لأم.
الثالث : أصل أربعة يكون ناقصاً دائماً كزوج وابن، أو زوج وبنت وعم.
(119/46)
الرابع : أصل ثمانية يكون ناقصاً دائماً كزوجة وابن، أو زوجة وبنت وعم.
فوائد:
الفائدة الأولى : هذه الأصول السبعة السابقة هي الأصول المتفق عليها وبقي أصلان مختلف فيهما، وهما أصل ثمانية عشر وستة وثلاثين ويختصان بباب الجد والإخوة على القول بتوريثهم معه. فقيل: إنهما أصلان وقيل: بل مَصَحَّان.
فأصل ثمانية عشر لكل مسألة فيها سدس وثلث الباقي كأم وجد وثلاثة إخوة لغير أم فالمسألة من ثمانية عشر. للأم السدس ثلاثة وللجد ثلث الباقي خمسة والباقي للإخوة.
وأصل ستة وثلاثين لكل مسألة فيها سدس وربع وثلث الباقي كأم وزوجة وجد وثلاثة إخوة لغير أم. فالمسألة من ستة وثلاثين للأم السدس ستة وللزوجة الربع تسعة وللجد ثلث الباقي سبعة والباقي للإخوة.
الفائدة الثانية : إذا حصل العول في مسألة فإنه ينقص من نصيب كل وارث بقدر نسبة ما عالت به إليها بعد العول. فإذا عالت الستة مثلاً إلى سبعة كان نقص سهم كل وارث سبعاً لأنها عالت بواحد ونسبة الواحد إلى السبعة سبع. وإذا عالت إلى عشرة كان نقصه الخمسين؛ لأنها عالت بأربعة ونسبة الأربعة إلى العشرة خمسان.
الفائدة : أول مسألة حصل فيها العول وقعت زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في زوج وأختين لغير أم فاستشار الصحابة فاتفقوا على العول؛ لأنه الميزان القسط إذ لو لم نقل به لزم إكمال حق بعض الورثة ونقص الآخرين، وليس أحدهم أولى به من الآخر لأن الكل له فرض مقدر، فكان مقتضى العدل أن يدخل النقص على الجميع بالقسط كالغرماء إذا ضاق مال المفلس عن وفاء ديونهم. وهذا هو مقتضى نصوص الكتاب والسنة؛ لأن الله فرض لذوي الفروض فروضهم من غير استثناء ، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بإلحاق الفرائض بأهلها(35) ولا طريق إلى ذلك عند التزاحم إلا بالعول.
الفائدة الرابعة : إذا نقصت الفروض عن المسألة ولم يوجد عاصب رد على كل ذي فرض بقدر فرضه إلا الزوجين.
(119/47)
وقد اختلف العلماء في القول بالرد، فالمالكية والشافعية قالوا: إذا نقصت الفروض عن المسألة لم يرد على ذوي الفروض بل يصرف الزائد في بيت المال إن كان منتظماً.
والحنفية والحنابلة قالوا: بثبوته لدلالة الكتاب والسنة والاعتبار الصحيح.
أما الكتاب فقوله تعالى: ) وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ)(الأنفال:الآية75)، وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ترك مالاً فلورثته"(36) .
وأما الاعتبار فلأن صرف المال إلى الأقارب أولى من صرفه إلى بيت المال الذي هو لعموم الناس، ولأن الفروض تنقص بالعول إذا زادت على المسألة، فالقياس أن تزيد بالرد إذا نقصت عنها.
أما الزوجان فلا يرد عليهما؛ قال في "المغني": "باتفاق من أهل العلم، إلا أنه روي عن عثمان أنه رد على زوج، ولعله كان عصبة أو ذا رحم فأعطاه لذلك، أو أعطاه من بيت المال لا على سبيل الميراث، وسبب ذلك - إن شاء الله - أن أهل الرد كلهم من ذوي الأرحام فيدخلون في عموم قوله تعالى: ) وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ)(الأنفال:الآية75)
والزوجان خارجان من ذلك". انتهى كلامه.
وقد نقل الإجماع على عدم الرد على الزوجين غير واحد من الفرضيين وتقرير الدليل الذي قاله صاحب "المغني" أن الله فرض لذوي الفروض فروضهم فيجب أن لا يعطى أحد فوق فرضه ولا ينقص منه إلا بدليل، وقد قام الدليل على أنه ينقص منه عند التزاحم كما سبق في العول، وقام الدليل على أنه يعطى القريب ما فضل عن الفرض عند عدم العاصب وهو قوله تعالى: ) وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ)(الأنفال:الآية75)، فبقي الزوجان لا دليل على إعطائهما فوق ما فرض الله لهما.
(119/48)
وأما ما وقع في "فتاوى شيخ الإسلام" صفحة (48) مجموعة رقم (1) وفي "مختصر الفتاوى" صفحة (420) وفي "الاختيارات" صفحة (197) في امرأة خلفت زوجاً وأماً وبنتاً أنها تقسم على أحد عشر للبنت ستة أسهم وللزوج ثلاثة أسهم وللأم سهمان، وهذا على قول من يقول بالرد، كأبي حنيفة وأحمد. انتهى. فإن ظاهر هذه القسمة أنه يرد على الزوج وفي ذلك نظر من وجوه ثلاثة:
الأول : أن الشيخ صرح بأنها مبنية على قول من يقول بالرد. وقد علم أن القائلين بالرد لا يرون الرد على الزوجين، فقسمة المسألة المذكورة عندهم من ستة عشر للزوج أربعة وللبنت تسعة وللأم ثلاثة.
الثاني : أن الأصحاب لم ينقلوا عن الشيخ أنه يرى الرد على الزوجين مع اعتنائهم بآرائه واعتبارهم لها، بل إن صاحب "مختصر الفتاوى" قال عن المسألة المذكورة: إن فيها نظراً.
الثالث : إن الشيخ نفسه ذكر في موضع آخر مسألتين رد فيهما أحد الزوجين ولم يرد عليهما.
ففي صفحة (50) من المجموعة رقم (1) من "الفتاوى" في رجل مات وترك زوجة وأختاً لأبوين وثلاث بنات أخ لأبويه. قال الشيخ: للزوجة الربع وللأخت النصف ولا شيء لبنات الأخ. والربع الثاني إن كان هناك عصبة فهو للعصبة، وإلا فهو مردود على الأخت على أحد قولي العلماء وعلى الآخر فهو لبيت المال.
(119/49)
وقال في صفحة (52) من المجوعة المذكورة في امرأة خلفت زوجاً وابن أخت: أن للزوج النصف وأما ابن الأخت: ففي أحد الأقوال له الباقي وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وأحمد في المشهور عنه، وفي القول الثاني لبيت المال وهو قول كثير من أصحاب الشافعي، قال: وأصل المسألة تنازع العلماء في ذوي الأرحام الذين لا فرض لهم ولا تعصيب، فمذهب مالك والشافعي وأحمد في رواية: أن من لا وارث له بفرض ولا تعصيب يكون ماله لبيت مال المسلمين. ومذهب أكثر السلف وأبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه يكون لذوي الأرحام. ثم ذكر دليل ذلك. فأنت ترى أن الشيخ لم يرد على الزوجين في هاتين المسألتين ولو كان يراه لرد عليهما لاستحقاقهما الرد في مثل هذه الحال لو كانا من أهله. والظاهر أن المسألة الأولى التي ظاهرها الرد على الزوج سهو أو سَبْقَةُ قلم. والله أعلم.
ويمكن أن يقال في مسألة الرد على الزوجين أنه إذا لم يكن وارث بقرابة ولا ولاء فإنه يرد على الزوجين؛ لأن ذلك أولى من صرفه إلى بيت المال الذي يكون لعموم المسلمين فإن بين الزوجين من الاتصال الخاص ما ليس لعموم المسلمين فيكونان أحق بما بقي بعد فرضهما من بيت المال. ويحتمل أن يحمل على هذا ما روي عن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه .
عمل مسائل الرد
كنا كتبنا عمل مسائل الرد هنا ثم رأينا بعدُ أن نرجئها بعد التصحيح، والله الموفق .
التصحيح
سبق لك أن التصحيح تحصيل أقل عدد ينقسم على الورثة بلا كسر، وعلى هذا لا نحتاج إلى التصحيح فيما يأتي:
1 - إذا كان الورثة عصبة؛ لأن أصل مسألتهم من عدد رؤوسهم قلوا أو كثروا.
2 - إذا كان الورثة ذوي فرض مردود عليهم وهم من جنس واحد لأن أصل مسألتهم من عدد رؤوسهم أيضاً.
3 - إذا كانت السهام منقسمة على الورثة.
فإن كانت السهام منكسرة على الورثة أو على بعضهم فلا يخلو إما أن يكون الانكسار على فريق واحد أو على فريقين فأكثر، فهاتان حالان:
(119/50)
الحال الأولى : أن يكون الانكسار على فريق واحد فلنا فيه نظر واحد وهو النظر بينه وبين سهامه، فإما أن يكون بينهما موافقة أو مباينة فإن كان بينهما موافقة فاردد الرؤوس إلى وفقها ثم اضربه في أصل المسألة أو عولها إن كانت عائلة، فما بلغ فمنه تصح وعند القسم يضرب سهم كل وارث من المسألة بما ضربتها به يخرج نصيبه.
وإن كان بينهما مباينة فاضرب جميع الرؤوس في أصل المسألة أو عولها إن كانت عائلة، فما بلغ فمنه تصح. وعند القسم يضرب سهم كل وارث من المسألة بما ضربتها به يخرج نصيبه.
مثال الموافقة: أن يهلك هالك عن أم وأربعة أعمام: فالمسألة من ثلاثة، للأم الثلث واحد، والباقي اثنان للأعمام وهم أربعة لا ينقسم عليهم، ويوافق بالنصف فنرد رؤوسهم إلى نصفها اثنين ونضربه في أصل المسألة ثلاثة يبلغ ستة، ومنه تصح للأم الثلث واحد في اثنين باثنين، والباقي للأعمام اثنان باثنين بأربعة لكل واحد واحد.
ومثال المباينة: أن يهلك هالك عن زوجتين وابن فالمسألة من ثمانية، للزوجتين الثمن واحد، والباقي للابن، وسهم الزوجتين لا ينقسم عليهما ويباين فنضرب رؤوسهما في أصل المسألة ثمانية تبلغ ستة عشر ومنه تصح. للزوجتين الثمن واحد في اثنين باثنين لكل واحدة واحد، والباقي للابن سبعة في اثنين بأربعة عشر.
الحال الثانية : أن يكون الانكسار على فريقين فأكثر فلنا نظران:
النظر الأول: بين كل فريق وسهامه فإن كان بينهما مباينة أثبتنا جميع الرؤوس، وإن كان بينهما موافقة أثبتنا وفقها.
النظر الثاني: بين ما أثبتنا من الرؤوس فإما أن يكون بينهما مماثلة أو مداخلة أو موافقة أو مباينة وتسمى هذه (النسب الأربع) فالمماثلة تساوي العددين كثلاثة وثلاثة.
(119/51)
والمداخلة أن يكون أحد العددين منقسماً على الآخر بلا كسر كثلاثة وستة. وإن شئت فقل أن يكون أصغر العددين جزءاً غير مكرر لأكبرهما، فإن الثلاثة نصف الستة والنصف جزء غير مكرر بخلاف الأربعة مع الستة فإنها جزء مكرر إذ هي ثلثان.
والموافقة أن يتفق العددان بجزء من الأجزاء ولا ينقسم أحدهما على الآخر إلا بكسر، كأربعة وستة فقد اتفقا في جزء وهو النصف ولا تنقسم الستة على الأربعة إلا بكسر، وإن شئت فقل أن ينقسم العددان على آخر غير الواحد ولا ينقسم أحدهما على الآخر، فإن كلاً من الأربعة والستة ينقسم على اثنين ولا تنقسم الستة على الأربعة إلا بكسر.
والمباينة أن لا يتفق العددان في جزء من الأجزاء كثلاثة وأربعة، فإن الثلاثة لها ثلث وليس لها ربع، والأربعة بالعكس. وإن شئت فقل هي أن لا ينقسم أحد العددين على الآخر إلا بكسر، ولا ينقسما على عدد ثالث إلا بكسر فإن الثلاثة لا تنقسم على اثنين، والأربعة لا تنقسم على ثلاثة إلا بكسر.
فإن كان بين المثبت من الرؤوس مماثلة فاكتف بأحدهما.
وإن كان بين ذلك مداخلة فاكتف بأكبرهما.
وإن كان بين ذلك موافقة فاضرب وفق أحدهما بالآخر وأثبت الحاصل.
وإن كان بين ذلك مباينة فاضرب أحدهما بالآخر وأثبت الحاصل.
ويسمى المثبت من أحد المتماثلين وأكبر المتداخلين وحاصل الضرب في المتوافقين والمتباينين يسمى (جزء السهم)، فاضربه في أصل المسألة أو عولها إن كانت عائلة، فما بلغ منه تصح وعند القسم يضرب سهم كل وارث من المسألة في جزء السهم.
(119/52)
مثال المماثلة: أن يهلك هالك عن أربع زوجات وأربعة أبناء: فالمسألة من ثمانية للزوجات الثمن واحد لا ينقسم ويباين فنثبت رؤوسهن، والباقي سبعة للأبناء لا ينقسم ويباين فنثبت رؤوسهم ثم ننظر بينهما وبين رؤوس الزوجات نجد بينهما مماثلة، فيكون أحدهما جزء السهم نضربه في أصل المسألة ثمانية تبلغ اثنين وثلاثين، ومنه تصح للزوجات واحد في أربعة بأربعة لكل واحدة واحد، وللأبناء سبعة في أربعة بثمانية وعشرين لكل واحد سبعة.
ومثال المداخلة: أن يهلك هالك عن أختين لأم وثمانية أعمام فالمسألة من ثلاثة: للأختين الثلث واحد لا ينقسم ويباين والباقي للأعمام اثنان لا ينقسم عليهم ويوافق بالنصف، فنرد رؤوس الأعمام إلى نصفها أربعة، ثم ننظر بينها وبين رؤوس الأختين لأم نجدهما متداخلين فنكتفي بالأكبر، وهو رؤوس الأعمام، ثم نضربه في أصل المسألة ثلاثة تبلغ اثني عشر، ومنه تصح للأختين لأم واحد في أربعة بأربعة، لكل واحدة اثنان، وللأعمام اثنان في أربعة بثمانية لكل واحد واحد.
ومثال الموافقة: أن يهلك هالك عن أربع زوجات وستة أبناء فالمسألة من ثمانية: للزوجات الثمن واحد لا ينقسم ويباين، فنثبت رؤوسهن والباقي سبعة للأبناء لا ينقسم ويباين، فنثبت رؤوسهم، ثم ننظر بينها وبين رؤوس الزوجات نجد بينهما موافقة بالنصف، فنضرب نصف أحدهما بالآخر يبلغ اثني عشر وهو جزء السهم فنضربه في أصل المسألة ثمانية تبلغ ستة وتسعين ومنه تصح للزوجات واحد في اثني عشر باثني عشر لكل واحدة ثلاثة وللأبناء سبعة في اثني عشر بأربعة وثمانين لكل واحد أربعة عشر.
(119/53)
ومثال المباينة: أن يهلك هالك عن زوجتين وثلاث جدات وخمس أخوات لغير أم. فالمسألة من اثني عشر: للزوجتين الربع ثلاثة لا ينقسم ويباين، فنثبت رؤوسهما، وللجدات السدس اثنان لا ينقسم ويباين، فنثبت رؤوسهن، وللأخوات الثلثان ثمانية لا ينقسم ويباين، فنثبت رؤوسهن، ثم ننظر بين المثبتات في الرؤوس نجد بينهما مباينة فنضرب رؤوس الزوجتين في رؤوس الجدات تبلغ ستة، نضربها برؤوس الأخوات الخمس تبلغ ثلاثين، وهذا جزء السهم فاضربه في عول المسألة ثلاثة عشر تبلغ ثلاثمائة وتسعين ومنه تصح. للزوجتين ثلاثة في ثلاثين بتسعين لكل واحدة خمسة وأربعون، وللجدات اثنان في ثلاثين بستين لكل واحدة عشرون، وللأخوات ثمانية في ثلاثين بمائتين وأربعين لكل واحدة ثمانية وأربعون.
فوائد:
الفائدة الأولى : وجه انحصار النسبة بين كل عددين في النسب الأربع، أن العددين اللذين فوق الواحد إما أن يكونا متساويين فهما متماثلان، أو متفاضلان لا ينقسم أحدهما على الآخر ولا ينقسمان على عدد ثالث غير الواحد إلا بكسر فهما متباينان، أو متفاضلان لا ينقسم أحدهما على الآخر ولكن ينقسمان على عدد ثالث غير الواحد فهما متوافقان في الجزء الذي انقسما على مخرجه، أو متفاضلان ينقسم أحدهما على الآخر بلا كسر فهما متداخلان.
الفائدة الثانية : متى حصلت الموافقة في جزء أصغر لم يلتفت إلى الجزء الأكبر. فإذا اتفق العددان في الربع مثلاً وفي النصف اعتبرنا الربع لأن ذلك أخصر.
الفائدة الثالثة : إذا أردت أن تحصل أقل عدد ينقسم على الرؤوس فلك طريقان:
(119/54)
أحدهما: أن تنظر بينهما جميعاً فتثبت المباين ووفق الموافق وأحد المتماثلين وأكبر المتداخلين ثم تضرب المثبتات بعضها ببعض، فإذا أردت النظر بين ثلاثة وأربعة وخمسة وستة قلت بين الثلاثة والستة مداخلة فتكتفي بالستة، وبين الأربعة والستة موافقة بالنصف فنثبت نصف الستة ثلاثة، وبين الثلاثة والخمسة مباينة فنثبتهما، وبين الخمسة والأربعة مباينة فنثبتهما، فصار الحاصل معك ثلاثة وأربعة وخمسة فاضرب أحدهما بالآخر تبلغ ستين وهو أقل عدد ينقسم على هذه الأعداد (ثلاثة وأربعة وخمسة وستة).
الطريق الثاني: أن تنظر بين عددين منها فقط وتحصل أقل عدد ينقسم عليهما، ثم تنظر بينه وبين العدد الثالث وتحصل أقل عدد ينقسم عليهما، ثم تنظر بينه وبين العدد الرابع وهكذا.
ففي المثال المذكور ننظر بين الثلاثة والأربعة نجدهما متباينين، فنضرب أحدهما في الآخر يبلغ اثني عشر، ننظر بينها وبين الستة نجدهما متداخلين فنكتفي بالأكبر وهو اثنا عشر، ننظر بينه وبين الخمسة نجدهما متباينين فنضرب أحدهما بالآخر يبلغ ستين وهي أقل عدد ينقسم على الأعداد المذكورة (ثلاثة وأربعة وخمسة وستة) وهذه الطريقة أقرب إلى الضبط وأيسر على المتعلم.
الفائدة الرابعة : لا يقع الانكسار على أكثر من فريق في أصل اثنين، ولا على أكثر من فريقين في أصل ثلاثة وأربعة وثمانية وثمانية عشر، ولا على أكثر من ثلاث فرق في أصل ستة وستة وثلاثين، ولا على أكثر من أربع فرق في أصل اثني عشر وأربعة وعشرين.
وبهذا نعرف أنه لا يقع الانكسار على أكثر من أربع فرق قال صاحب "العذب الفائض": وهذا في غير الوصايا والولاء وذوي الأرحام والمناسخات، فإنه قد يقع الانكسار فيها على أكثر من أربعة أصناف. انتهى
المناسخات
المناسخات جمع مناسخة وهي في اصطلاح الفرضيين أن يموت وارث فأكثر قبل قسمة التركة.
وأحوال المناسخة ثلاثة:
(119/55)
الأولى: أن يكون ورثة الثاني هم بقية ورثة الأول من غير اختلاف، فنقسم التركة على من بقي كأن الميت الأول مات عنهم.
فلو هلك هالك عن ثلاثة أبناء ثم مات اثنان منهم واحداً بعد الآخر عمن بقي فالمال له.
الحال الثانية: أن يكون الميت الثاني من ورثة الأول وورثته لا يرثون غيره، ففي هذه الحال نصحح مسألة الميت الأول ونعرف سهم كل وارث منها، ثم نصحح مسألة من مات بعده ونقسم سهامه من المسألة الأولى على مسألته، فإما أن تنقسم أو تباين أو توافق. فإن انقسمت صحت مما صحت منه الأولى وكانت الأولى هي الجامعة.
وإن باينت سهامه مسألته فأثبت المسألة. وإن وافقتها فأثبت وفقها، ثم انظر بين المثبت من المسائل بالنسب الأربع وحصل أقل عدد ينقسم عليها كما سبق في النظر بين السهام والرؤوس، ثم اضرب الحاصل في مسألة الميت الأول فما بلغ فهو الجامعة ومنه تصح.
وعند القسم من له شيء من الأولى فاضربه فيما ضربتها به، فإن كان صاحبه حياً أخذه، وإن كان ميتاً فاقسمه على مسألته، فما حصل فهو جزء سهمها يضرب به نصيب كل واحد من ورثته.
ثم بعد ذلك اجمع ما حصل من أسهم الجامعة، فإن طابق ما صحت منه فالعمل صحيح، وإن زاد أو نقص فالعمل غير صحيح فأعده.
مثال الانقسام: أن يهلك رجل عن زوجة وثلاثة بنين، ثم يموت أحدهم عن ثلاثة أبناء وبنت، والثاني عن ابنين وثلاث بنات فمسألة الأول من ثمانية وتصح من أربعة وعشرين. للزوجة الثمن ثلاثة ولكل ابن سبعة. ومسألة الميت الثاني من سبعة. ومسألة الميت الثالث من سبعة. وسهام كل ميت منقسمة على مسألته فتصح المسألتان مما صحت منه الأولى أربعة وعشرين.
(119/56)
ومثال المباينة: أن يهلك هالك عن زوجة وابنين ثم يموت أحدهما عن ثلاثة أبناء، والثاني عن أربعة أبناء. فمسألة الميت الأول من ثمانية وتصح من ستة عشر، للزوجة اثنان ولكل ابن سبعة. ومسألة الميت الثاني من ثلاثة. ومسألة الميت الثالث من أربعة، وسهام كل ميت تباين مسألته فنثبت كامل المسألتين ثلاثة وأربعة وبينهما تباين، فنضرب إحداهما بالأخرى يحصل اثنا عشر وهو جزء السهم، نضربه فيما صحت منه مسألة الميت الأول ستة عشر يبلغ مائة واثنين وتسعين وهي الجامعة. فللزوجة من المسألة الأولى اثنان في اثني عشر بأربعة وعشرين، ولكل ابن منها سبعة في اثني عشر بأربعة وثمانين. فاقسم نصيب الابن الأول على مسألته ثلاثة يحصل ثمانية وعشرون، وهو جزء سهم مسألته يضرب به سهم كل واحد من ورثته يكن لكل ابن ثمانية وعشرون، واقسم نصيب الابن الثاني من المسألة الأولى أربعة وثمانين على مسألته أربعة يحصل واحد وعشرون، وهو جزء سهم مسألته يضرب به نصيب كل واحد من ورثته يكن لكل ابن واحد وعشرون.
(119/57)
ومثال الموافقة: أن تهلك امرأة عن زوج وأربعة بنين، ثم يموت أحد الأبناء عن ابنين وابنتين ويموت الثاني عن ثلاثة أبناء وثلاث بنات. فمسألة الميت الأول من أربعة وتصح من ستة عشر. للزوج أربعة ولكل ابن ثلاثة. ومسألة الميت الثاني من ستة والثالث من تسعة، وكل مسألة بينها وبين سهام المورث فيها موافقة بالثلث، فنرد الستة إلى ثلثها اثنين والتسعة إلى ثلثها ثلاثة، ثم ننظر بين الاثنين والثلاثة نجدهما متباينين نضرب أحدهما في الآخر يحصل ستة، نضربها في مسألة الميت الأول ستة عشر تبلغ ستة وتسعين وهي الجامعة، فللزوج من المسألة الأولى أربعة في ستة بأربعة وعشرين، ولكل واحد من الابنين الحيين ثلاثة في ستة بثمانية عشر، وللميت الثاني من الأولى ثلاثة في ستة بثمانية عشر، فاقسمها على مسألته ستة يخرج ثلاثة وهو جزء سهم مسألته، فاضرب به نصيب كل واحد من ورثته يكن لكل ابن ستة ولكل بنت ثلاثة. وللميت الثالث من المسألة الأولى ثلاثة في ستة بثمانية عشر، فاقسمها على مسألته تسعة يكن الحاصل اثنين وهو جزء سهمها، فأعط كل واحد من ورثته نصيبه من مسألته مضروباً في جزء السهم يكن لكل ابن أربعة ولكل بنت اثنان.
الحال الثالثة: ما سوى الحالين الأوليين ولها ثلاث صور:
إحداها: أن يكون ورثة الميت الثاني هم بقية ورثة الميت الأول مع الاختلاف.
الثانية: أن يكون ورثة الثاني من ورثة الأول وغيرهم.
الثالثة: أن يكون ورثة الميت الثاني من غير ورثة الأول.
وفي هذه الحال في جميع صورها نصحح مسألة الميت الأول ونعرف سهم كل وارث منها ثم نصحح مسألة الميت الثاني ونقسم سهامه من الأولى عليها، فإن انقسمت صحت الثانية مما صحت منه الأولى، وإن لم تنقسم فإن وافقت سهامه مسألته رددتها إلى وفقها وإن باينت سهامه مسألته فأثبت المسألة ثم اضرب الوفق عند التوافق أو الكل عند التباين في مسألة الميت الأول فما بلغ فمنه تصح ويسمى (الجامعة) .
(119/58)
وعند القسم من له شيء من المسألة الأولى فأعطه إياه من الجامعة فيما إذا كانت سهام الثاني منقسمة على مسألته وإن لم تكن منقسمة فاضربه فيما ضربت به المسألة الأولى ومن له شيء من الثانية أخذه مضروباً في الخارج بقسمة سهام مورثه على مسألته إذا كانت منقسمة وإلا أخذه مضروباً في جميع سهام مورثه عند التباين أو وفقها عند التوافق ومن كان وارثاً من المسألتين جمعت نصيبه من المسألة الأولى إلى نصيبه من المسألة الثانية ثم اجمع أسهم الورثة من الجامعة فإن طابقها فصحيح وإن زاد أو نقص فالعمل غير صحيح فأعده.
فإن مات ميت ثالث عملت له مسألة أخرى بعد عمل جامعة لمن قبله وهكذا كلما تعدد الأموات عملت لكل واحد مسألة مستقلة وجامعة.
وبهذا تبين أن الفرق بين هذه الحال وبين الحال الثانية أن هذه لا بد فيها لكل ميت من مسألة مستقلة وجامعة. أما الحال الثانية فيجمع الأموات كلهم في جامعة واحدة، والله أعلم.
وإليك أمثلة لهذه الحال لكل صورة مثال:
(119/59)
فمثال الصورة الأولى: أن يهلك هالك عن زوجة وابنتين منها وابن من غيرها ثم تموت إحدى البنتين عمن بقي ثم الثانية عمن بقي فالمسألة الأولى من ثمانية وتصح من اثنين وثلاثين. للزوجة أربعة وللابن أربعة عشر ولكل بنت سبعة ومسألة البنت الأولى وهي الميت الثاني من ستة لأن ورثتها أم وأخت شقيقة وأخ من أب للأم السدس واحد وللأخت النصف ثلاثة والباقي اثنان للأخ وسهامها من الأولى سبعة وهي مباينة لمسألتها فاضرب مسألتها ستة في ما صحت منه الأولى اثنين وثلاثين تبلغ مائة واثنين وتسعين وهي الجامعة فللزوجة من المسألة الأولى أربعة مضروبة في المسألة الثانية ستة بأربعة وعشرين ومن المسألة الثانية واحد مضروب في سهام المورث سبعة بسبعة الجميع واحد وثلاثون وللابن من المسألة الأولى أربعة عشر مضروبة في المسألة الثانية ستة بأربعة وثمانين ومن المسألة الثانية اثنان مضروبان في سهام المورث سبعة بأربعة عشر الجميع ثمانية وتسعون وللبنت الباقية من المسألة الأولى سبعة مضروبة في المسألة الثانية ستة باثنين وأربعين ولها من الثانية ثلاثة مضروبة في سهام مورثها سبعة بواحد وعشرين الجميع ثلاثة وستون.
انتهى عمل مسألة الميت الثاني وجامعته.
أما مسألة الميت الثالث وهي البنت الثانية فمن ثلاثة لأن ورثتها أم وأخ لأب للأم الثلث واحد والباقي للأخ لأب وسهامها ثلاثة وستون منقسمة على مسألتها وجزء سهمها واحد وعشرون، فللأم منها واحد في واحد وعشرين بواحد وعشرين أضفها إلى نصيبها من الجامعة واحد وثلاثين يكن المجموع اثنين وخمسين وللأخ منها اثنان في واحد وعشرين باثنين وأربعين أضفها إلى نصيبه من الجامعة ثمانية وتسعين يكن المجموع مائة وأربعين.
(119/60)
ومثال الصورة الثانية: أن يهلك هالك عن ثلاثة أبناء ثم يموت أحدهم عن بنت ومن بقي ويموت الثاني عن زوجة وبنت ومن بقي فمسألة الميت الأول تصح من ثلاثة لكل ابن واحد ومسألة الثاني تصح من أربعة للبنت اثنان ولكل أخ واحد وهي مباينة لسهامه فنضربها في المسألة الأولى ثلاثة تبلغ اثنتي عشر وهي الجامعة لكل ابن من المسألة الأولى واحد مضروب في المسألة الثانية أربعة بأربعة ومن المسألة الثانية واحد مضروب في سهام مورثه واحد بواحد الجميع خمسة فنصيب الابنين من الجامعة عشرة وللبنت من المسألة الثانية اثنان مضروبان في سهام مورثها واحد باثنين.
ومسألة الميت الثالث من ثمانية للزوجة الثمن واحد وللبنت النصف أربعة والباقي ثلاثة للأخ وهذه المسألة مباينة لسهام الميت من الجامعة فنضربها في الجامعة اثني عشر تبلغ ستة وتسعين ومنه تصح. للابن الحي من الجامعة الأولى خمسة مضروبة في مسألة الميت الثالث ثمانية بأربعين وله من المسألة الثالثة ثلاثة مضروبة في سهام مورثه خمسة بخمسة عشر ومجموع ما له من الجامعة وهذه المسألة خمسة وخمسون ولبنت الميت الثاني من الجامعة الأولى اثنان مضروبان في مسألة الميت الثالث ثمانية بستة عشر ولزوجة الميت الثالث من مسألته واحد مضروب في سهامه من الجامعة خمسة بخمسة ولبنته أربعة مضروبة في سهامه من الجامعة خمسة بعشرين.
ومثال الصورة الثالثة: أن يهلك هالك عن ابنين ثم يموت أحدهما عن ثلاثة أبناء ثم يموت أحد الأبناء عن ابنين فمسألة الميت الأول من اثنين لكل ابن واحد ومسألة الميت الثاني من ثلاثة لكل ابن واحد وهي تباين سهام مورثهم من المسألة الأولى فاضربها في الأولى اثنين تبلغ ستة وهي الجامعة للابن من المسألة الأولى واحد مضروب في المسألة الثانية ثلاثة بثلاثة ولكل ابن في الثانية واحد مضروب في سهام مورثه واحد بواحد.
(119/61)
ومسألة الميت الثالث من اثنين لكل ابن واحد وهي تباين سهام مورثهما فنضربها في الجامعة الأولى ستة تبلغ اثني عشر ومنه تصح لابن الميت الأول من الجامعة الأولى ثلاثة مضروبة في مسألة الميت الثالث اثنين بستة ولكل ابن من أبناء الميت الثاني من الجامعة واحد مضروب في مسألة الميت الثالث اثنين باثنين ولكل ابن من ابني الميت الثالث واحد من مسألته مضروب في سهامه من الجامعة واحد بواحد.
عمل الشباك
اعلم أن عمل المناسخات من أصعب علم الفرائض وأحوجها إلى معرفة تامة بعلم حسابها ومما يسهله طريقة الشباك التي وضعها الفرضيون لهذا الغرض ونحن نذكر هنا ما تحصل به الفائدة إن شاء الله فنقول:
سبق أن للمناسخات ثلاثة أحوال:
إحداها: أن يكون ورثة الثاني بقية ورثة الأول من غير اختلاف فهذه الحال لا تحتاج إلى عمل شباك لأنها تقسم على من بقي.
وإنما نحتاج إلى عمل الشباك في الحالين الأُخريين وسنضع أمامك من كل حال مثالاً تقيس عليه، فخذ المثال الثاني من الحال الثانية وهو:
رجل مات عن زوجتيه وابنيه ثم مات أحد الابنين عن ثلاثة أبناء والثاني عن أربعة وهذه صورتها في الشباك.
24
2
جه
ت
7
ابن
ت
7
ابن
28
1
ابن
28
1
ابن
28
1
ابن
21
1
ابن
21
1
ابن
21
1
ابن
21
1
ابن
تأمل هذا الشباك تجد أننا عملنا ما يلي:
1 - وضع جدول خاص لورثة الميت الأول كل واحد في مربع خاص.
2 - ثم وضع جدول لمسألته ووضع سهم كل وارث بإزائه.
3 - ثم وضع جدول لورثة الميت الثاني بحيث تنزل حقولهم عن حقول ورثة الميت الأول لأنهم غيرهم.
4 - ثم وضع جدول لمسألة الميت الثاني وسهم كل وارث بإزائه.
5 - ثم وضع جدول لورثة الميت الثالث بحيث تنزل حقولهم عن ورثة من قبلهم لأنهم ليسوا منهم.
6 - وضع جدول لمسألته وسهم كل وارث بإزائه.
7 - وضع جدول خاص بالجامعة ووضع سهم كل وارث من كل مسألة بإزائه في الجامعة.
(119/62)
8 - أننا رمزنا للميت بحرف (ت) بإزائه إشارة إلى موته ولو كان الميت أنثى لوضعنا (تت).
وهكذا يكون العمل في الشباك بالرمز للاختصار فيرمز للزوج (ج) وللزوجة (جه) وللجد (د) وللجدة (ده) وللأخ الشقيق (ق) وللأخت الشقيقة (قه) وللأخ لأب (خب) وللأخت لأب (ختب) وللأخ لأم (خم) وللأخت لأم (ختم) وإذا كان في المسألة زوج أو زوجة وأولاد فإن كانوا منهما كتب بإزاء الولد (هـ) إن كان الميت الزوجة و (ها) بالألف إن كان الميت الزوج وإن لم يكن الأولاد منهما كتب بإزاء الولد (غ) .
9 - وضع قوس فوق كل مسألة وعلى كل قوس عدد وهو جزء سهم المسألة التي تحته وضع فوقها ليضرب به سهم كل وارث منها فجزء سهم المسألة الأولى هو أقل عدد ينقسم على ما صحت منها مسائل الأموات الآخرين وجزء سهم الأموات الآخرين هو الحاصل بقسمة نصيبهم من الأول مضروباً بجزء سهمها على مسائلهم.
وإليك مثالاً من الحال الثالثة للصورة الأولى وهي: أن يكون ورثة الميت الثاني هم بقية ورثة الميت الأولى مع الاختلاف وهي:
رجل مات عن زوجة وابنتين منها وابن من غيرها ثم ماتت إحدى البنتين عمن بقي ثم ماتت الثانية عمن بقي - أيضاً - وهذه صورتها في الشباك.
52
1
أم
31
1
أم
4
جه
تت
7
بنت ها
تت
63
3
قه
7
بنت ها
140
2
خب
98
2
خب
14
ابن غ
تأمل هذا الشباك تجد أننا عملنا لكل ميت مسألة منفردة وهذا ليس بغريب فقد مر عليك في المثال الأول، لكن الغريب عليك شيئان:
أحدهما: أننا وضعنا اسم كل وارث في المسائل الأخيرة بإزاء اسمه في المسألة الأولى ووضعنا أسهمه من المسائل كلها بإزاء اسمه في الجامعة وذلك لأن الوارث في الأولى وارث فيما بعدها.
الثاني: أننا عملنا لكل ميت جامعة ولم نجعل الأموات كلهم في جامعة واحدة لما مر بك في القواعد.
(119/63)
وهكذا لو فرضنا أن ورثة الثاني خليط من ورثة الأول وغيرهم فإننا نعمل كهذا العمل إلا أننا نضع حقولاً أسفل للورثة الجدد الذين ليسوا من ورثة الأول كما في المثال الآتي:
رجل مات عن زوجة وبنتين منها وابن من غيرها ثم ماتت إحدى البنتين عن زوج ومن بقي، ثم ماتت البنت الثانية عن زوج وابن ومن بقي.
فمسألة الميت الأول تصح من اثنين وثلاثين، سهام الميت الثاني منها سبعة ومسألته من سبعة، فهي منقسمة عليها فصحت مما صحت منه الأولى، ومسألة الميت الثالث من اثني عشر وسهامه من الجامعة عشرة فهي توافقها بالنصف فنضرب نصف مسألته ستة بالجامعة اثنين وثلاثين تبلغ مائة واثنين وتسعين للزوجة في المسألة الأولى التي هي أم فيما بعد ذلك أربعون وللابن في المسألة الأولى أربعة وثمانون ولا شيء له من غير المسألة الأولى وللزوج في المسألة الثانية ثمانية عشر، وللزوج في المسألة الثالثة خمسة عشر وللابن خمسة وثلاثون.
وإليك صورتها في الشباك:
40
2
أم
5
1
أم
4
جه
تت
7
بنت ها
تت
10
3
قه
7
بنت ها
84
14
14
ابن غ
18
3
3
ج
15
3
ج
35
7
ابن
تأمل هذا الشباك تجد أننا لم نعمل فيه شيئاً جديداً عما سبق في الشباك الذي قبله سوى أننا نزلنا حقولاً بعدد الورثة الجدد في المسألتين الأخيرتين وهم زوج البنت الأولى وزوج وابن البنت الثانية.
فوائد:
الفائدة الأولى : قال الفرضيون: إذا كان في الورثة فريق من جنس فإنه يحسن أن تجعلهم في مربع واحد وتضع فيه رقماً بعددهم وتجعل سهامهم بإزائهم من مربعات المسألة حتى لا يطول الجدول نازلاً إلا أن يكون هناك غرض في كتابة كل واحد منهم بمربع خاص مثل أن يكون أحدهم قد مات فنحتاج إلى معرفة نصيبه لنقسمه على ورثته أو يكون لأحدهم وارث يختص به فيتعين كتابته بمربع خاص بسبب ميزته.
(119/64)
الفائدة الثانية : تبين لك مما سبق أننا نضع على مسألة الميت الأول جميع مسألة الميت الثاني عند التباين ووفقها عند التوافق وتضع على مسألة الميت الثاني جميع سهامه عند التباين ووفقها عند التوافق وهذا الموضوع على كل واحدة هو جزء سهمها يضرب به سهم كل وارث منها. فلو كانت سهام الميت الثاني منقسمة على مسألته فإننا نضع فوق المسألة الأولى رقم واحد لنضرب به سهم كل وارث منها أو ندعها بلا شيء وننقل نفس سهام الورثة فيها بإزائهم في الجامعة، وأما المسألة الثانية فنضع فوقها ما خرج بقسمة سهام الميت من الأولى عليها.
الفائدة الثالثة : لمسائل المناسخات اختصار قبل العمل واختصار بعد العمل فأما الاختصار قبل العمل فقد سبق في الحال الأولى (إذا كان ورثة الثاني هم بقية ورثة الميت الأول من غير اختلاف).
وأما الاختصار بعد العمل فيتأتى فيما إذا اشتركت سهام الورثة في الجامعة بجزء كثلث ونحوه فترد الجامعة وسهام كل وارث منها إلى ذلك الجزء الذي حصل فيه الاشتراك.
مثال ذلك: أن يهلك هالك عن زوجة وابن وبنت ثم تموت البنت عمن بقي فالمسألة الأولى تصح من أربعة وعشرين، للزوجة ثلاثة وللابن أربعة عشر وللبنت سبعة والمسألة الثانية من ثلاثة لأن الورثة فيها أم وأخ للأم الثلث واحد والباقي للأخ وبينها وبين سهام المورث من المسألة الأولى تباين فنضربها فيما صحت منه الأولى أربعة وعشرين تبلغ اثنين وسبعين وهي الجامعة للزوجة من الأولى ثلاثة مضروبة في الثانية ثلاثة بتسعة ولها من الثانية واحد مضروب في سهام المورث سبعة بسبعة الجميع ستة عشر وللابن من الأولى أربعة عشر مضروبة في الثانية ثلاثة باثنين وأربعين وله من الثانية اثنان مضروبان في سهام مورثه سبعة بأربعة عشر الجميع ستة وخمسون وهي مشاركة لسهام الزوجة بالثمن لأن كلاً منهما ينقسم على ثمانية فنرد الجامعة وسهام الورثة فيها إلى الثمن تكن الجامعة تسعة نصيب الزوجة منها اثنان ونصيب الابن سبعة
(119/65)
عمل مسائل الرد
لا يخلو أهل الرد من حالين:
إحداهما: أن لا يكون معهم أحد من الزوجين.
الثانية: أن يكون معهم أحد الزوجين.
ففي الحال الأولى إن كان المردود عليه واحداً أخذ جميع المال فرضاً ورداً، وإن كان أكثر من واحد وهم من جنس واحد فأصل مسألتهم من عدد رؤوسهم.
وإن كان أكثر من واحد وهم جنسان فأكثر فأصل مسائلهم من ستة، وترجع بالرد إلى العدد الذي تنتهي به فروضها.
فلو هلك هالك عن بنت فلها المال كله فرضاً ورداً.
ولو هلك عن أربع بنات فمسألتهن من أربعة لكل واحدة واحد.
ولو هلك عن جدة وأخ لأم فالمسألة من ستة للجدة السدس واحد وللأخ السدس واحد وترجع بالرد إلى اثنين فإن كان بدل الجدة أم صار لها الثلث اثنان وللأخ السدس واحداً وترجع بالرد إلى ثلاثة، فإن كان بدل الأخ بنت فلها النصف ثلاثة وللأم السدس واحد وترجع بالرد إلى أربعة فإن كان معهم بنت ابن صار للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين وللأم السدس واحد وترجع بالرد إلى خمسة.
وأما في الحال الثانية: وهي أن يكون معهم أحد الزوجين فنعمل مسألة الزوجية من مخرج فرضها ونصححها إن احتاجت للتصحيح، ثم إن كان صاحب الرد واحداً أخذ الباقي بعد فرض الزوجية فرضاً ورداً.
وإن كان صاحب الرد اثنين فأكثر من جنس قسمت الفاضل بعد فرض الزوجية عليهم كفريق فإن انقسم صحت مسألة الرد مما صحت منه مسألة الزوجية وإلا ضربت مسألة الرد في مسألة الزوجية أو في وفقها فما بلغ فمنه تصح.
وإن كان صاحب الرد اثنين فأكثر من أجناس فصحح مسألة الرد من أصل ستة ثم اقسم الفاضل بعد فرض الزوجية عليها فإن انقسم صحت المسألتان من أصل واحد وإلا ضربت مسألة الزوجية في مسألة الرد أو وفقها فما بلغ فمنه تصح.
(119/66)
وإذا أردت القسم فقل من له شيء من مسألة الزوجية أخذه مضروباً في مسألة الرد عند التباين أو وفقها عند التوافق أو بواحد عند الانقسام ومن له شيء من مسألة الرد أخذه مضروباً في الفاضل بعد فرض الزوجية عند التباين أو وفقه عند التوافق أو بالخارج بقسمة الباقي بعد فرض الزوجية على مسألة الرد عند الانقسام.
وإليك أمثلة لما سبق:
المثال الأول: هلكت امرأة عن بنت وزوج، فمسألة الزوجية من أربعة للزوج الربع واحد والباقي للبنت فرضاً ورداً.
المثال الثاني: هلك هالك عن زوج وثلاث بنات، مسألة الزوجية من أربعة للزوج الربع واحد ومسألة الرد من ثلاثة والباقي بعد فرض الزوج منقسم عليها فتصح المسألتان من أربعة فلو كانت البنات أربعاً باينت مسألة الرد للفاضل بعد فرض الزوج فنضربها في مسألة الزوجية تبلغ ستة عشر، للزوج من مسألة الزوجية واحد مضروب في مسألة الرد أربعة بأربعة ولكل بنت من مسألة الرد واحد مضروب في الفاضل بعد فرض الزوجية ثلاثة بثلاثة.
ولو كانت البنات ستاً لكانت مسألتهن من ستة وهي توافق الفاضل بعد فرض الزوجية بالثلث فنردها إلى ثلثها اثنين ونضربه في مسألة الزوجية أربعة تبلغ ثمانية ومنه تصح، للزوج من مسألة الزوجية واحد مضروب في وفق مسألة الرد اثنين باثنين ولكل واحدة من البنات واحد مضروب في وفق الفاضل بعد فرض الزوجية واحد بواحد.
المثال الثالث: أن يهلك هالك عن زوجة وأم وأخ من أم، فمسألة الزوجية من أربعة للزوجة الربع واحد ومسألة الرد من ستة وترجع بالرد إلى ثلاثة، للأم اثنان وللأخ واحد والباقي بعد فرض الزوجة منقسم على مسألة الرد فتصح المسألتان من أصل واحد.
(119/67)
فلو كان بدل الأم جدة رجعت مسألة الرد إلى اثنين بينها وبين الفاضل بعد فرض الزوجة تباين فنضربها في مسألة الزوجية أربعة تبلغ ثمانية ومنه تصح، للزوجة من مسألة الزوجية واحد مضروب في مسألة الرد اثنين باثنين وللجدة من مسألة الرد واحد مضروب في الفاضل بعد فرض الزوجة ثلاثة بثلاثة وللأخ من الأم كذلك.
ولو كان مع الأخ لأم أخوان آخران صارت مسألة الرد من ثلاثة للجدة واحد وللإخوة اثنان لا ينقسم عليهم ويباين فنضرب رؤوسهم ثلاثة في ثلاثة بتسعة والفاضل بعد فرض الزوجية ثلاثة يوافقها بالثلث فنرد مسألة الرد إلى وفقها ثلاثة ونضربه في مسألة الزوجية أربعة تصح من اثني عشر، للزوجة من مسألة الزوجية واحد مضروب في وفق مسألة الرد ثلاثة بثلاثة وللجدة من مسألة الرد ثلاثة مضروبة في وفق الفاضل بعد فرض الزوجة واحد بثلاثة وللإخوة ستة مضروبة في وفق الفاضل بعد فرض الزوجة واحد بستة لكل أخ اثنان.
وإن شئت أن تعمل مسائل الرد التي فيها أحد الزوجين على طريقة الشباك التي عرفتها في باب المناسخة فاعمل جدولاً لمسألة الزوجية ثم جدولاً لمسألة الرد واضعاً لكل مسألة جدولين أحدهما: لأسماء الورثة، والثاني: للسهام ثم تضع جدولاً خامساً للجامعة بينهما.
(تنبيه): وقع في عبارة بعض الفرضيين أن الفاضل بعد فرض الزوجية لا يمكن أن يكون موافقاً لمسألة الرد إذا كان أهل الرد من أجناس بل إما منقسم أو مباين، ولكن هذا ما لم تحتج مسألة الرد لتصحيح فإن احتاجت لتصحيح فقد يكون بينهما موافقة كما في المثال الأخير الذي مثّلنا، والله أعلم.
***
قسمة التركات
القسمة جعل الشيء الواحد أقساماً.
والتركة ما يخلفه الميت من مال أو حق أو اختصاص.
والمراد بقسمة التركات إعطاء كل وارث من التركة ما يستحقه شرعاً.
وبهذا تعرف أهمية هذا الباب، فإن أهمية الشيء بحسب ثمرته ومقصوده وقد ذكر الفرضيون رحمهم الله لقسمة التركة طرقاً كثيرة نذكر منها ما يلي:
(119/68)
الأول: طريق النسبة وهو أن تنسب سهم كل وارث من المسألة إليها وتعطيه من التركة بمثل تلك النسبة وهذا أعم الطرق نفعاً لأنه يعمل به فيما يقبل القسمة كالدراهم وما لا يقبلها كالعبد.
مثال ذلك: أن تهلك امرأة عن زوج وأم وأخت شقيقة والتركة ثمانون فالمسألة من ستة، للزوج النصف ثلاثة وللأم الثلث اثنان وللأخت النصف ثلاثة وتعول إلى ثمانية ونسبة سهم الزوج إلى المسألة ربع وثمن فأعطه من التركة ربعاً وثمناً ثلاثين ونسبة سهم الأم إلى المسألة ربع فأعطها ربع التركة عشرين ونسبة سهم الأخت إلى المسألة ربع وثمن فأعطها ربع التركة وثمنها ثلاثين.
الطريق الثاني: أن تضرب سهم كل وارث في التركة وتقسم الحاصل على ما صحت منه المسألة فما حصل فهو نصيبه ففي المثال السابق تضرب سهم الزوج ثلاثة في التركة ثمانين تبلغ مائتين وأربعين فاقسمها على ما صحت منه المسألة ثمانية يحصل ثلاثون فهي نصيبه من التركة وتفعل كذلك بسهم الأخت وتضرب سهم الأم اثنين في التركة ثمانين يبلغ مائة وستين فاقسمها على مصح المسألة ثمانية يحصل عشرون وهو سهم الأم من التركة.
فإن حصل في نصيب أحد الورثة كسر فحول المسألة إلى أضلاعها وهي الأعداد التي إذا ضربت بعضها ببعض خرجت المسألة ويحسن أن تبدأ بالأكبر فالأكبر، فإذا ضربت سهم أحد من الورثة في التركة فاقسمه على الضلع الأصغر، فإن بقي كسر فضعه تحته واقسم الحاصل الصحيح على الضلع الثاني، وهكذا حتى تصل إلى التركة فضع ما تبقى معك تحتها وهو نصيب الوارث منها.
واعلم أن كل ضلع بالنسبة لما قبله كواحد منه.
(119/69)
فلو كانت التركة في المثال السابق ستين لحصل كسر في نصيبي الزوج والأخت فنحل المسألة إلى أضلاعها اثنان وأربعة ثم تضرب سهم الزوج في التركة ستين يبلغ مائة وثمانين فاقسمها على الضلع الأصغر اثنين يكن الحاصل تسعين فضع تحته صفراً أو اتركه هملاً واقسم التسعين على الضلع الأكبر أربعة يحصل اثنان وعشرون ويبقى اثنان ضعهما تحت الضلع، وضع العدد الصحيح وهو اثنان وعشرون تحت التركة وبهذا تعرف أن للزوج اثنين وعشرين واثنين من أربعة من الواحد وهما نصف الواحد وتعمل في نصيب الأخت عملك في نصيب الزوج.
واضرب سهم الأم اثنين في التركة ستين يكن مائة وعشرين فاقسمها على الضلع الأصغر اثنين يحصل ستون، اقسمها على الضلع الأكبر أربعة يحصل خمسة عشر فهي نصيب الأم من التركة.
وإليك صورتها في الشباك:
تأمل هذا الشباك تجد أننا وضعنا:
أولاً: جدول أسماء الورثة.
ثانياً: جدول المسألة.
ثالثاً: جدول التركة.
رابعاً: جدول ضلع المسألة الأكبر.
خامساً: جدول ضلع المسألة الأصغر.
وإذا أردت أن تعرف صحة العمل فاجمع ما تحت الضلع الأصغر واقسمه عليه فإن انقسم بلا كسر فاضمم الحاصل بالقسمة إلى ما تحت الضلع الذي يليه ثم اقسم حاصل جمعها على الضلع المذكور فإن انقسم بلا كسر فاضممه إلى ما تحت التركة فإن ساوى التركة فالعمل صحيح وإلا فلا.
ومتى تعددت الأضلاع فاعمل بما تحتها من الجمع والقسمة كما سبق.
وإذا أردت أن تختبر المسألة المذكورة بما قلنا فانظر إلى الضلع الأصغر تجد لا شيء تحته فدعه وانظر إلى الضلع الثاني تجد تحته اثنين واثنين فاقسم حاصل جمعهما أربعة عليه يخرج واحد فاضممه إلى ما تحت التركة واجمعه يبلغ ستين وهو قدر التركة فالعمل إذاً صحيح.
وبقية طرق قسمة التركات معروفة في كلام الفرضيين رحمهم الله.
قسمة التركات إذا كان هناك وصية ويسمى عمل (الوصايا):
تنقسم الوصية بالنسبة إلى الموصى به ثلاثة أقسام: وصية بنصيب ووصية بجزء ووصية بهما.
(119/70)
فالوصية بالنصيب أن يوصى بنصيب أو بمثل نصيب أحد الورثة وهي نوعان:
أحدهما: أن يوصى بنصيب وارث معين فللموصى له مثل نصيب ذلك الوارث مضموماً إلى المسألة.
فلو أوصى بمثل نصيب زوجته وله زوجة وابن فمسألة الورثة من ثمانية للزوجة الثمن واحد والباقي للابن فنعطي الموصى له مثل نصيب الزوجة واحداً مضموماً إلى المسألة فتصح المسألة من تسعة، للزوجة واحد وللموصى له واحد والباقي للابن.
ولو أوصى بمثل نصيب ابنه وله ابنان فللموصى له الثلث ولكل ابن واحد، ولو كان معهما بنت فللموصى له سبعان ولكل ابن سبعان وللبنت سبع.
ولو كانت الوصية بمثل نصيب البنت كان للموصى له سدس وللبنت سدس ولكل ابن سدسان.
النوع الثاني : أن يوصي بنصيب أو بمثل نصيب وارث غير معين، فللموصى له مثل ما لأقلهم.
فلو أوصى له بمثل نصيب أحد الورثة والورثة أم وثلاث زوجات وابن فمسألة الورثة من أربعة وعشرين للأم السدس أربعة وللزوجات الثمن ثلاثة لكل واحدة واحد والباقي للابن، فأقل الورثة نصيباً إحدى الزوجات، فإن نصيبها واحد من أربعة وعشرين فيكون للموصى له واحد من خمسة وعشرين.
والوصية بالجزء أن يوصي له بجزء من ماله وهو نوعان أيضاً:
أحدهما : أن يوصي له بجزء غير معين كشيء وحظ ونصيب ونحوها فللموصى له ما شاء الورثة مما يتمول إلا إذا أوصى له بسهم فقيل: له ما شاء الورثة وقيل: له سدس بمنزلة سدس مفروض وهو المذهب وقيل: له سهم مما صحت منه المسألة إلا أن يزيد على السدس فيعطى السدس فقط ويظهر أثر هذا الخلاف بالمثال:
(119/71)
فإذا أوصى له بسهم من ماله وله زوجة وأم وابن فعلى القول الأول يعطيه الورثة ما شاؤوا، وعلى المذهب له أربعة من ثمانية وعشرين، لأن مسألة الورثة من أربعة وعشرين وسدسها أربعة فزده عليها تكن ثمانية وعشرين للموصى له أربعة وللأم أربعة وللزوجة ثلاثة والباقي للابن وعلى القول الثالث للموصى له سهم من خمسة وعشرين، لأن مسألة الورثة من أربعة وعشرين فسهمها واحد زده عليها تكن خمسة وعشرين للموصى له واحد وللأم أربعة وللزوجة ثلاثة والباقي للابن.
النوع الثاني: أن يوصي بجزء معين كثلث وربع ونحوهما فلك في عملها طريقان:
أحدهما: طريق ما فوق الكسر بأن تزيد على مسألة الورثة مثل الكسر الذي فوق الجزء الموصى به، فإذا أوصى بالخمس فزد على مسألة الورثة مثل ربعها أو بالربع فزد عليها مثل ثلثها وهكذا.
وضابط ذلك أن تزيد على مسألة الورثة عدداً يبلغ نسبة الجزء الموصى به بالنسبة إلى مجموع المسألتين.
مثال ذلك: أن يوصي بالخمس ومسألة الورثة من اثني عشر فزد عليها ثلاثة وذلك مثل ربعها وهو خمس الخمسة عشر فيكون للموصى له ثلاثة من خمسة عشر ومسألة الورثة بحالها كل له سهمه منها.
ولو أوصى له بالسبع ومسألة الورثة من ستة فزد عليها واحداً وهو نصيب الموصى له وإن كانت من اثني عشر فزد عليها اثنين وإن كانت من أربعة وعشرين فزد عليها أربعة فإن حصل كسر فابسطها من جنسه ليزول فلو أوصى له بالخمس ومسألة الورثة من ستة لبلغت سبعة ونصفاً فابسطها من مخرج الكسر اثنين تكن خمسة عشر، للموصى له ثلاثة واثنا عشر للورثة.
الطريق الثاني: أن تصحح مسألة الوصية من مخرجها ثم تصحح مسألة الورثة وتقسم الباقي بعد الوصية على مسألة الورثة فإن انقسم صحت مسألة الورثة مما صحت منه مسألة الوصية وإن حصل بينهما موافقة فاضرب وفق مسألة الورثة في مسألة الوصية فما بلغ فمنه تصح وإن حصل بينهما مباينة ضربت مسألة الورثة في مسألة الوصية فما بلغ فمنه تصح.
(119/72)
وعند القسم من له شيء من مسألة الوصية أخذه مضروباً في مسألة الورثة عند التباين أو وفقها عند التوافق أو أخذه بحاله عند الانقسام ومن له شيء من مسألة الورثة أخذه مضروباً في الباقي بعد الوصية عند التباين أو وفقه عند التوافق أو في الخارج بقسمته عليها عند الانقسام.
وإليك الأمثلة لما سبق:
المثال الأول للانقسام: أن توصي امرأة بثلث مالها ثم تموت عن زوج وشقيقة فمسألة الوصية من ثلاثة للموصى له واحد والباقي اثنان ومسألة الورثة من اثنين للزوج النصف وللأخت النصف والباقي بعد الوصية منقسم عليها فتصح المسألتان من ثلاثة للموصى له واحد وللزوج واحد وللأخت واحد.
المثال الثاني للموافقة: أن يوصي بالخمس ثم يموت عن بنت وزوجة وعم فمسألة الوصية من خمسة، للموصى له واحد والباقي أربعة ومسألة الورثة من ثمانية، للبنت النصف أربعة وللزوجة الثمن واحد والباقي للعم وإذا نظرت بين الفاضل بعد الوصية وبين مسألة الورثة وجدتهما متوافقين بالربع فنرد مسألة الورثة إلى ربعها اثنين ونضربه في مسألة الوصية خمسة يبلغ عشرة ومنه تصح، للموصى له واحد مضروب في وفق مسألة الورثة اثنين باثنين وللبنت أربعة مضروبة في وفق الباقي بعد الوصية واحد بأربعة وللزوجة واحد مضروب في وفق الباقي بعد الوصية واحد بواحد وللعم ثلاثة مضروبة في وفق الباقي بعد الوصية واحد بثلاثة.
المثال الثالث للمباينة: أن يوصي بالربع ثم يموت عن بنت وعم فمسألة الوصية من أربعة، للموصى له واحد ويبقى ثلاثة ومسألة الورثة من اثنين للبنت النصف واحد والباقي للعم وهي تباين الباقي بعد الوصية فاضربها في مسألة الوصية أربعة تبلغ ثمانية ومنه تصح، للموصى له واحد مضروب في مسألة الورثة اثنين باثنين وللبنت واحد مضروب في الفاضل بعد الوصية ثلاثة بثلاثة وللعم كذلك.
(119/73)
وثم طريق ثالث، قد يكون أسهل، وذلك بأن تضرب ابتداء ما صحت منه مسألة الورثة بمخرج الجزء الموصى به فما بلغ فمنه تصح فأعط الموصى له نصيبه ثم اقسم الباقي على الورثة بقدر سهامهم.
ومتى حصل بين السهام وبين الوصية موافقة بجزء من الأجزاء فاردد المسألة إليه فإذا أوصى له بالسبع ومسألة الورثة من ستة فاضربها بمخرج السبع سبعة تبلغ اثنين وأربعين للموصى له ستة والباقي للورثة ستة وثلاثون وهي توافق نصيب الموصى له بالسدس فاردد المسألة إلى سدسها سبعة واردد نصيب كل من الموصى له والورثة إلى سدسه يكن للموصى له واحد والباقي للورثة.
القسم الثالث: الجمع بين الوصية بالنصيب والجزء ولقلة وقوعه نحيل به القارئ على كتب الفقه، والله أعلم.
***
ميراث الحمل
إذا مات عن ورثة فيهم حمل فإن شاؤوا تأجيل القسمة حتى يوضع الحمل فلا بأس لأن الحق لهم وإن طلبوا أو بعضهم القسمة قبل الوضع فلهم ذلك، وحينئذ يجب العمل بالأحوط في إرث الحمل وفي إرث من معه.
فأما إرث الحمل فلا يخلو من حالين:
إحداهما: أن يختلف بالذكورة والأنوثة كالأولاد فيوقف للحمل الأكثر من إرث ذكرين أو أنثيين.
وضابط ذلك أنه متى استغرقت الفروض أقل من الثلث فإرث الذكرين أكثر وإن استغرقت أكثر من الثلث فإرث الأنثيين أكثر، وإن كانت الفروض بقدر الثلث استوى له ميراث الذكرين والأنثيين، وهذا الضابط فيما إذا كان الحمل يرث مع الأنوثة بالفرض، أما إذا كان يرث بالتعصيب فإن إرث الذكرين أكثر بكل حال أو يستويان.
فلو مات عن أم حامل من أبيه وعم، فللأم السدس ويوقف للحمل إرث ذكرين لأن الفروض لم تستغرق الثلث
ولو كان معهم زوجة فلها الربع وللأم السدس ويوقف للحمل إرث أنثيين لأن الفروض زادت على الثلث.
ولو مات عن أخوين لأم وزوجة أب حامل منه، فللأخوين الثلث والباقي للحمل وهنا يستوي ميراثه بالذكورة والأنوثة لأن الفروض بقدر الثلث.
(119/74)
ولو مات عن زوجة وأخ شقيق وأم حامل من أبيه فللزوجة الربع وللأم السدس ويوقف للحمل إرث ذكرين ولو أن الفروض أكثر من الثلث لأن الحمل يرث بالتعصيب بكل حال فلا يمكن أن يكون إرث الأنثيين أكثر.
ولا يوقف للحمل أكثر من إرث اثنين لأن ما زاد عليهما نادر، والنادر لا حكم له، ولا ينقص عن اثنين لأن وضع الاثنين كثير فوجب العمل بالاحتياط.
ثم إذا وضع على وجه يثبت به إرثه فإن كان ما وقف له بقدر إرثه أخذه وإن كان أقل أخذ تتمته ممن هي بيده وإن كان أكثر رد الزائد على من يستحقه من الورثة.
الحال الثانية: أن لا يختلف إرثه بالذكورة والأنوثة كأولاد الأم فَوَقِّف له إرث اثنين وقَدِّرْهُما ما شئت من ذكور أو إناث.
وأما إرث من مع الحمل فلا يخلو من ثلاثة أحوال:
إحداها: أن لا يحجبه الحمل شيئاً فيعطى إرثه كاملاً.
الثانية: أن يحجبه عن بعض إرثه فيعطى اليقين وهو ما يرثه بكل حال.
الثالثة: أن يحجبه عن جميع إرثه فلا يعطى شيئاً.
فلو هلك هالك عن زوجة حامل وجدة وعم فالجدة لا ينقصها الحمل شيئاً فتعطى إرثها السدس كاملاً والزوجة يحجبها الحمل عن بعض إرثها فتعطى اليقين وهو الثمن والعم يحجبه الحمل عن جميع إرثه فلا يعطى شيئاً.
شروط إرث الحمل
يشترط لإرث الحمل شرطان:
أحدهما: أن يتحقق وجوده حين موت مورثه وذلك بأحد أمرين:
الأول: أن تضع من فيه حياة مستقرة لدون ستة أشهر من موت مورثه مطلقاً.
الثاني: أن تضع من فيه حياة مستقرة لأربع سنين فأقل من موت مورثه بشرط أن لا توطأ بعد وفاته، فإن ولدته لأكثر من أربع سنين لم يرث مطلقاً على المذهب بناء على أن أكثر مدة الحمل أربع سنين.
(119/75)
والصواب أنه يرث إذا لم توطأ بعد موت مورثه لأن مدة الحمل قد تزيد على أربع سنين كما وقع، قال ابن القيم رحمه الله في "تحفة المودود" بعد ذكر الخلاف في تحديد أكثر مدة الحمل: "وقالت فرقة لا يجوز في هذا الباب التحديد والتوقيت بالرأي لأنا وجدنا لأدنى الحمل أصلاً في تأويل الكتاب وهو الأشهر الستة فنحن نقول بهذا ونتبعه ولم نجد لآخره وقتاً وهذا قول أبي عبيد وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن المرأة إذا جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم تزوجها الرجل فالولد غير لاحق به فإن جاءت به لستة أشهر من يوم نكحها فالولد له". انتهى.
الشرط الثاني: أن يوضع حياً حياة مستقرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا استهل المولود ورث"(37). رواه أبو داود ، وفيه محمد بن إسحاق. وتُعْلَمُ حياته باستهلاله وعطاسه ورضاعه ونحوها، فأما الحركة اليسيرة والاضطراب والتنفس اليسير الذي لا يدل على الحياة المستقرة فلا عبرة به.
ومتى شك في وجود الحياة المستقرة لم يرث لأن الأصل عدمها.
(فائدة) : يجب الاستبراء بعد موت المورث لكل موطوءة يرث حملها أو يحجب غيره، فلو مات عن أم متزوجة بزوج بعد موت أبيه وعن أخوين شقيقين وجب على الزوج الاستبراء لأن حمل أمه يرث منه.
ولو مات عن أم متزوجة بزوج بعد أبيه وأخ شقيق وجد وجب على الزوج الاستبراء لأن الحمل يحجب أمه
عمل مسائل الحمل
طريقة عمل مسائل الحمل أن تعمل مسألة لكل حال من أحوال الحمل وتحصل أقل عدد ينقسم على المسائل فما حصل فهو الجامعة فاقسمه على كل مسألة ليخرج جزء سهمها ثم اضرب به نصيب كل وارث منها.
(119/76)
فلو مات عن زوجة حامل وعم فالمسألة على تقدير موت الحمل من أربعة، للزوجة الربع واحد والباقي للعم، وعلى تقدير حياته وذكوريته من ثمانية، للزوجة الثمن واحد والباقي للحمل، وعلى تقدير حياته وأنوثيته من أربعة وعشرين للزوجة الثمن ثلاثة وللحمل الثلثان ستة عشر لأننا قدرناه ابنتين والباقي للعم، وإذا نظرت بين المسائل الثلاث وجدتها متداخلة فاكتف بالكبرى وهي الأربعة والعشرون واقسمها على مسألة موته أربعة يكن جزء سهمها ستة وعلى مسألة ذكوريته ثمانية يكن جزء سهمها ثلاثة وعلى مسألة أنوثيته أربعة وعشرين يكن جزء سهمها واحداً ثم أعط الزوجة نصيبها من إحدى المسألتين، مسألة الذكورة أو مسألة الأنوثة مضروباً بجزء سهمها يحصل لها ثلاثة ولا تعط العم شيئاً.
ميراث المفقود
المفقود من انقطع خبره فلم يعلم له حياة ولا موت وله حالان:
إحداهما: أن ينقطع خبره على وجه ظاهره السلامة كمن فقد في سفر تجارة آمن ونحوه فهذا ينتظر به تمام تسعين سنة منذ ولد لأن الغالب أن لا يعيش فوق ذلك فإن فقد من له تسعون اجتهد الحاكم في تقدير مدة يبحث فيها عنه.
الحال الثانية: أن ينقطع خبره على وجه ظاهره الهلاك كمن فقد في غرق مركب ونحوه فهذا ينتظر به تمام أربع سنين منذ فقد.
هذا هو المشهور من المذهب في تقدير مدة الانتظار في الحالين، والصواب أن الرجوع في تقديرها إلى اجتهاد الحاكم ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال والأماكن والحكومات، فيقدر مدة للبحث عنه بحيث يغلب على الظن تبين حياته لو كان موجوداً ثم يحكم بموته بعد انتهائها، والله أعلم.
ولنا في المفقود نظران أحدهما: في إرثه، والثاني: في الإرث منه.
فأما إرثه: فإنه متى مات مورثه قبل الحكم بموته ورثه المفقود فيوقف له نصيبه كاملاً ويعامل بقية الورثة باليقين، فمن كان محجوباً لم يعط شيئاً ومن كان ينقصه أعطي الأقل، ومن كان لا ينقصه أعطي إرثه كاملاً.
(119/77)
فلو هلك عن زوجة وجدة وعم وابن مفقود أعطينا الزوجة الثمن لأنه اليقين والجدة السدس لأن المفقود لا ينقصها ولم نعط العم شيئاً لأن المفقود يحجبه فنقف الباقي ثم لا يخلو من أربعة أحوال:
إحداها: أن نعلم أنه مات قبل مورثه فنرد الموقوف إلى من يستحقه من ورثة الأول.
الثاني: أن نعلم أنه مات بعده فيكون الموقوف تركة للمفقود ويصرف لورثته.
الثالثة: أن نعلم أنه مات ولا ندري أقبل مورثه أم بعده فجزم في "الإقناع" بأن الموقوف يكون لمن يستحقه من ورثة الأول كالحال الأولى، وجزم في "المنتهى" بأن الموقوف تركة للمفقود يصرف لورثته وهذا هو المذهب، وهو الصواب لأن الأصل بقاء حياته ولا يحكم بموته إلا بعد انقضاء مدة التربص.
الرابعة: أن لا نعلم له حياة ولا موتاً حتى تنقضي المدة وحكمها كالثالثة خلافاً ومذهباً.
النظر الثاني: في الإرث منه: فلا يورث ما دامت مدة التربص باقية لأن الأصل بقاء حياته، فإذا انقضت مدة التربص حكمنا بموته وقسمنا تركته على من كان وارثاً منه حين انقضائها ثم إن استمر جهل حاله فالحكم باق، وإن تبين أنه مات قبل ذلك أو بعده فماله لورثته حين موته وإن تبين أنه حي فماله له.
ومتى تبين أن ورثته حين انقضاء المدة لا يستحقون إرثه رجع عليهم من يستحقه بعينه إن كان باقياً أو بدله إن كان تالفاً من مثل مثلي أو قيمة متقوم لأنه قد تبين أنهم لا يستحقونه.
عمل مسائل المفقود
إذا مات مورث المفقود في مدة التربص فاعمل له مسألة حياة ومسألة موت وحصل أقل عدد ينقسم عليهما فهو الجامعة فاقسمه على كل مسألة ليخرج جزء سهمها وتضرب به نصيب كل وارث منها.
(119/78)
فلو هلكت امرأة عن زوج وأختين شقيقتين إحداهما مفقودة فمسألة الحياة تعول إلى سبعة، للزوج النصف ثلاثة وللأختين الثلثان أربعة، ومسألة الموت من اثنين، للزوج النصف واحد وللأخت النصف واحد وبين المسألتين تباين فاضرب إحداهما في الأخرى تبلغ أربعة عشر وهو الجامعة فاقسمها على مسألة الحياة سبعة يكن جزء سهمها اثنين، واقسمها على مسألة الموت اثنين يكن جزء سهمها سبعة والأضر في حق الزوج والأخت حياة المفقودة فأعطهما نصيبهما من مسألة الحياة، فللزوج ثلاثة في اثنين بستة وللأخت اثنان في اثنين بأربعة ويوقف للمفقودة أربعة فإن تبين أنها تستحقها فهي لها وإلا فللزوج منها واحد وللأخت ثلاثة.
(فائدة): قال الفرضيون رحمهم الله: قد لا يكون للمفقود حق في الموقوف مثل أن يكون ممن يحجب غيره ولا يرث وقد يكون له حق في بعضه مثل أن يكون الموقوف أكثر من نصيب المفقود وفي كلا الحالين يجوز للورثة أن يصطلحوا على ما لا حق للمفقود فيه ويقتسموه.
مثال الأول: أن تهلك امرأة عن زوج وأخت شقيقة وأخت لأب وأخ لأب مفقود، فمسألة حياته من اثنين، للزوج النصف واحد وللأخت الشقيقة النصف واحد ولا شيء للأخت لأب لأنها عصبة بأخيها وقد استغرقت الفروض التركة، ومسألة موته من ستة للزوج النصف ثلاثة وللشقيقة النصف ثلاثة وللأخت لأب السدس تكملة الثلثين واحد وتعول لسبعة.
(119/79)
وإذا نظرت بين المسألتين وجدتهما متباينتين فاضرب إحداهما في الأخرى تبلغ أربعة عشر وهي الجامعة فاقسمها على مسألة الحياة اثنين يكن جزء سهمها سبعة وإذا قسمتها على مسألة الموت سبعة صار جزء سهمها اثنين والأضر في حق الزوج والأخت الشقيقة مسألة الموت فيعطيان نصيبهما منها مضروباً في جزء سهمها فيكون لكل واحد ستة ويبقى من الجامعة اثنان ولا حق للمفقود فيهما بل هما إما للأخت لأب إن تبين موته قبل موت المورث وإلا ردا على الزوج والشقيقة فالحق لهؤلاء الثلاثة، الزوج والشقيقة والأخت لأب فلهم أن يصطلحوا عليهما.
ومثال الثاني: أن تهلك امرأة عن زوج وأختين شقيقتين وأخ شقيق مفقود فمسألة حياته تصح من ثمانية، للزوج أربعة والباقي للأخ وأختيه للذكر مثل حظ الأنثيين فله اثنان ولكل أخت واحد، ومسألة موته من ستة، للزوج النصف ثلاثة وللأختين الثلثان أربعة وتعول لسبعة وبين المسألتين تباين فاضرب إحداهما سبعة في الأخرى ثمانية تكن الجامعة ستة وخمسين فاقسمها عليهما يكن جزء سهم مسألة الحياة سبعة وجزء سهم مسألة الموت ثمانية والأضر في حق الزوج موت الأخ فأعطه من مسألة الموت سهمه ثلاثة مضروباً في جزء سهمها ثمانية بأربعة وعشرين والأضر في حق الأختين حياة أخيهما فأعطهما من مسألة الحياة سهمها اثنين مضروباً في جزء سهمها سبعة بأربعة عشر لكل واحدة سبعة ووقف للمفقود نصيبه من مسألة الحياة اثنين مضروباً في جزء سهمها سبعة بأربعة عشر والباقي من الجامعة أربعة لا حق للمفقود فيها وإنما هي للأختين إن تبين موت أخيهما قبل موت المورث أو للزوج إن لم يتبين ذلك، فللزوج والأختين أن يصطلحوا عليها ويقتسموها لأن الحق لهم.
تتمة
لو اصطلحوا على ما سبق ثم تبين اختصاص أحدهم به لظهور حال المفقود لم يُنْقَض الصلح لأنه برضاهم وهم أهل الحق ولو شاؤوا لانتظروا فلما رضوا بالتعجيل والصلح على بعض حقهم صار الحكم على ما رضوا به، والله أعلم.
الخنثى المشكل
(119/80)
الخنثى المشكل: هو من لا يعرف أذكر هو أم أنثى، وذلك بأن يكون فيه علامتا الذكور والإناث من غير تمييز أو لا يكون فيه علامة أحدهما.
وأحكام الخنثى المشكل نوعان:
نوع لا يختلف فيه الذكور والإناث فلا حاجة لتخصيص الخنثى فيه بحكم كالزكاة والفطرة ونحوهما.
ونوع يختلف فيه الذكور والإناث كالميراث فيحتاج فيه إلى أحكام تخص الخنثى وهل يلحق بالذكور أو بالإناث، والغالب أن يسلك به طريق الاحتياط في باب التحريم وبراءة الذمة في باب الإيجاب.
هذا وقد أشبع الكلام عليه في باب الميراث الفقهاء والفرضيون ولقلة وقوعه - ولله الحمد - تركنا الكلام عليه.
***
الغرقى والهدمى
يقصد الفرضيون رحمهم الله بهذا الباب كل جماعة متوارثين ماتوا بحادث عام كهدم وغرق ونحوهما.
فمتى وقع ذلك فلا يخلو من خمسة أحوال:
الأولى: أن نعلم المتأخر منهم بعينه فيرث من المتقدم ولا عكس.
الثانية: أن نعلم أن موتهم وقع دفعة واحدة فلا توارث بينهم لأن من شروط الإرث حياة الوارث بعد موت مورثه حقيقة أو حكماً ولم يوجد.
الثالثة: أن نجهل كيف وقع الموت؛ هل كان مرتباً أو دفعة واحدة؟
الرابعة: أن نعلم أن موتهم مرتب ولكن لا نعلم عين المتأخر.
الخامسة: أن نعلم المتأخر ثم ننساه.
وفي هذه الأحوال الثلاث لا توارث بينهم عند الأئمة الثلاثة وهو اختيار الموفق والمجد والشيخ تقي الدين وشيخنا عبد الرحمن السعدي، وشيخنا عبد العزيز بن باز، وهو الصحيح لأن من شروط الإرث حياة الوارث بعد موت المورث حقيقة أو حكماً ولا يحصل ذلك مع الجهل إلا أن الشافعية قالوا في الحال الأخيرة يوقف الأمر حتى يذكروا أو يصطلحوا لأن التذكر غير ميؤوس منه.
والمشهور من مذهب أحمد في الأحوال الثلاث الأخيرة أنه إن حصل بين ورثتهم اختلاف في السابق ولا بينة تحالفوا ثم لا توارث بينهم لعدم المرجح وإن لم يحصل اختلاف ورث كل منهم من الآخر من تلاد ماله دون ما ورثه منه دفعاً للدور.
عمل مسائل الغرقى
(119/81)
عمل مسائل الغرقى إذا لم يحكم بالتوارث بينهم لا يختلف عن عمل مسائل غيرها وأما إذا حكم بالتوارث فإنه يعمل مسألة لأحدهم لإرث تلاد ماله فنقسمها على ورثته الأحياء ومن مات معه ثم نعمل مسألة ثانية للأحياء من ورثة من مات معه ونقسم عليها نصيبه من مسألة الميت الأول ونحصل جامعة لهما كما سبق في المناسخات وبذلك تمت أول مسألة من الأموات ثم نرجع لنعمل مسألة الميت الثاني وهو الذي قدرنا أولاً أنه حي فنعمل له مسألة ونقسمها على ورثته الأحياء ومن مات معه ثم نعمل مسألة ثانية للأحياء من ورثة من مات معه ونقسم عليها سهامه ونصححها كما سبق، وإليك مثالاً يوضح ذلك:
أخوان صغير وكبير ماتا بهدم فمات الصغير عن زوجة وبنت وأخيه الذي معه وعم وتركته ثمانية دنانير ومات الكبير عن بنتين وأخيه الذي معه والعم وتركته أربعة وعشرون درهماً.
فمسألة الصغير من ثمانية، للزوجة الثمن واحد وللبنت النصف أربعة والباقي ثلاثة للأخ ولا شيء للعم، ومسألة إحياء الكبير من ثلاثة للبنتين الثلثان اثنان والباقي واحد للعم وإذا قسمت نصيب الكبير من أخيه على مسألته وجدته منقسماً عليها فتصح مسألتهما من ثمانية وبهذا انتهت مسألة الصغير وصار لزوجته دينار ولبنته أربعة ولكل واحدة من ابنتي أخيه دينار ولعمه دينار وقد وضعنا في الشباك بينها وبين مسألة الكبير فاصلاً ثلاثة خطوط.
ومسألة الكبير من ثلاثة، للبنتين الثلثان فلهما من التركة ستة عشر درهماً والباقي ثمانية دراهم لأخيه ولا شيء للعم ومسألة إحياء الصغير من ثمانية، للزوجة الثمن واحد وللبنت النصف أربعة والباقي للعم، وإذا قسمت نصيب الصغير من أخيه على مسألته وجدته منقسماً فتصح مسألتهما من أربعة وعشرين وبهذا انتهت مسألة الكبير فصار لكل واحدة من ابنتيه ثمانية دراهم ولبنت أخيه أربعة دراهم ولزوجته درهم وللعم ثلاثة.
(119/82)
وإذا جمعت ما لكل واحد من الأحياء تبين أن لزوجة الصغير دينار ودرهم ولبنته أربعة دنانير وأربعة دراهم ولكل واحدة من ابنتي الأخ الكبير دينار وثمانية دراهم وللعم دينار وثلاثة دراهم فهذه ثمانية دنانير وأربعة وعشرون درهماً وإليك صورتها في الشباك:
جه
1
1
جه
1
1
بنت
4
4
بنت
4
4
ق
3
ت
عم
عم
1
1
عم
3
3
بنت
1
1
بنت
8
8
بنت
1
1
بنت
8
8
ق
8
ت
دراهم
تأمل هذا الشباك تجد أننا وضعنا:
أولاً: ورثة الصغير.
ثانياً: سهامهم من التركة.
ثالثاً: الأحياء من ورثة الكبير.
رابعاً: سهامهم من التركة.
خامساً: جامعة المسألتين.
سادساً: أسماء ورثة الكبير.
سابعاً: سهامهم من التركة.
ثامناً: أسماء الأحياء من ورثة الصغير.
تاسعاً: سهامهم من التركة.
عاشراً: جامعة المسألتين.
وهذه العملية حينما تحكم بالتوارث، أما إذا لم تحكم بالتوارث فإننا نقسم تركة كل واحد منهما على الأحياء من ورثته فنقسم تركة الصغير على زوجته وبنته وعمه، لزوجته دينار واحد ولبنته أربعة دنانير ولعمه ثلاثة دنانير، ونقسم تركة الكبير على بنتيه وعمه، للبنتين ستة عشر درهماً وللعم ثمانية دراهم، وعلى هذا فيكون الحظ للعم إذ جاءه على هذا الوجه ثلاثة دنانير وثمانية دراهم وعلى الوجه الأول لم يأته إلا دينار واحد وثلاثة دراهم، والله أعلم.
وإلى هنا انتهى ما أردنا جمعه، وقد تم نقله في ليلة الأربعاء الموافق الأول من جمادى الآخرة عام أربع وثمانين وثلاثمائة وألف، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم إلى يوم الدين.
---
(119/83)
(37) رواه أبو داوود (2920) كتاب الفرائض باب المواود يستهل ثم يموت ، وله شاهد عند الترمزي (1032) كتاب الجنائز 43- باب ما جاء في ترك الصلاة على الجنين حتى يستهل . والنسائي (6358 - 6359) كتاب الفرائض 18- توريث المولود إذا استهل . وابن ماجه (2750 - 2751) كتاب الفرائض 17- باب إذا استهل المولود ورث . ومال إلى صحة وقفة الترمزي والنسائي والدار قطني .
---
(35) سبق رقم (1) وأنه في الصحيحين .
(36) رواه البخاري (2298) كتاب الكفالة 5- باب الدين ومسلم (1619) كتاب الفرائض باب من ترك مالاً فلورثته .
---
(31) إلا ما سبق فيما استغرقت الأخوات الشقيقات الثلثين فتسقط الأخوات لأب إن لم يعصبهن أخ لأب .
---
(31) إلا ما سبق فيما استغرقت الأخوات الشقيقات الثلثين فتسقط الأخوات لأب إن لم يعصبهن أخ لأب .
---
(26) سبق تخريجه رقم (1) .
(27) رواه البخاري ومسلم وسبق رقم (1) .
(28) رواه البخاري ومسلم وسبق رقم (1) .
(29) رواه ابو داوود (2907 - 2908) كتاب الفرائض ، باب ميراث ابن الملاعنة وله شاهد عند الطبراني موقوفاً على ابن مسعود قال الهيثمي (4/230) من المجمع : رجاله رجال الصحيح إلا أن قتادة لم يدرك ابن مسعود وفي الباب غير ذلك . وصححه الألباني .
(30) سبق رقم (13) .
---
(20) رواه البخاري ومسلم كما سبق رقم (1) .
(21) رواه البخاري ومسلم كما سبق رقم (1) .
(22) ذكره البخاري في صحيحه معلقاً : كتاب الفرائض 9- ميراث الجد مع الأب والإخوة . قال الحافظ في تغليق التعليق (5/ 214): قول أبي بكر إن الجد أب أسنده المؤلف " البخاري" في فضل ابي بكر، وأسنده في هذا الباب " أي برقم 6738" . وكذا قول ابن الزبير.
(119/84)
(23) رواه مالك في الموطأ (2/513/1076) كتاب الفرائض 8- باب ميراث الجدة . وأبو داوود (2894) كتاب الفرائض باب في الجدة. والترمزي (2101) كتاب الفرائض 10- باب ما جاء في ميراث الجدة وصححه . وابن ماجه (2724) كتاب الفرائض 4- باب ميراث الجدة وضعفه ابن حزم في المحلى (9/274) بالانقطاع وكذا عبد الحق وابن القطان ومال إليه الحافظ في التلخيص (3-82) . وقارن مع التمهيد (11/92) لأبن عبد البر .
(24) رواه أبو داوود (2891) كتاب الفرائض باب ما جاء في ميراث الصلب و الترمزي (2092) كتاب الفرائض 3- باب ما جاء في ميراث البنات وقال: حسن صحيح وابن ماجه (2720) كتاب الفرائض 2- باب فرائض الصلب . وأحمد (3/352) وحسنه الألباني وهو ظاهر صنيع الحافظ في الفتح (8/244) والشوكاني في النيل (6/171) .
(25) رواه البخاري (6736) كتاب الفرائض 8- باب ميراث ابنة ابن مع ابنة ، وأبو داوود (2890) كتاب الفرائض باب ما جاء في ميراث الصلب والترمزي (2093) كتاب الفرائض 4- باب ما جاء في ميراث ابنة الابن مع الصلب وقال: حسن صحيح . والنسائي في الكبرى (6329) كتاب الفرائض 9- تأويل قول الله عز وجل : ) إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ )(النساء: من الآية176) وابن ماجه (2721) كتاب الفرائض 2- باب فرائض الصلب .
---
(19) رواه أبو داوود (4582) كتاب الديات باب دية المكاتب ، والترمزي (1259) كتاب البيوع ، 35- باب ما جاء في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي وحسنه ، والنسائي في المجتبي (4808) كتاب القسامة دية المكاتب . وصححه ابن حزم (6/137) و (9/35) والألباني في الارواء (1726).
---
(15) رواه البخاري (2379) كتاب المساقات 17- باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو في نخل . ومسلم (1543) كتاب البيوع 15- باب من باع نخلاً عليها ثمر .
(119/85)
(16) رواه أبو داوود (4564) كتاب الديات ، باب ديات الأعضاء، والنسائي (6367) كتاب الفرائض 21- باب توريث القاتل. وقواه البيهقي (6/219-220) بشواهده وصححه الألباني في الأرواء (1671) وشاهده من حديث عمر : رواه مالك (2/867/10) كتاب العقول والنسائي (6368) كتاب الفرائض باب توريث القاتل، وابن ماجه (2646) كتاب الديات 14- باب القاتل لا يرث. وأحمد (1/ 46) مرسلاً إلا أحمد فوصله وفيه الحجاج وهو ضعيف .
(17) رواه ابن ماجه (2736) كتاب الفرائض 8- باب ميراث القاتل. والدارقطني (4/72-73/16) كتاب الفرائض والسير وغير ذلك. ومال إلى تصحيحه. وضعفه البويصري والألباني بل قال: موضوع وابن الجوزي في التحقيق (2/242/1661) وعبد الحق كما في نصب الراية (4/330) وقد روى عن عطاء ومجاهد وابن أبي نجيح والزهري ومجمد بن جبير وغيرهم القول بتوريث القاتل خطأ من المال دون الدية . أنظر : المصنف لابن شيبة (11/358) ومصنف عبد الرزاق (9/400) .
(18) رواه أبو داوود (2911) كتاب الفرائض باب هل يرث المسلم الكافر . والنسائي (6382- 6384) كتاب الفرائض 25- سقوط الموارثة بين الملتين ، ابن ماجه (2731) كتاب الفرائض 6- باب ميراث أهل الأسلام من أهل الشرك . وأحمد (2/178) وصححه الألباني وابن الملقن في الخلاصة (2/135/1744) وقال الحافظ في الفتح (12/51) : وسند أبي داوود إلى عمرو بن شعيب صحيح . وأخرجه ابن حبان من حديث عبد الله بن عمر في حديث كما ذكره الحافظ في التلخيص (3/97) .
---
(11) رواه الدار قطني (4/88) والطبراني في الكبير (11/284/11748) وقال الهيثمي في ( مجمع الزوائد) (7/28) رجاله رجال الصحيح . ويلاحظ أن لفظ أبي داوود (2921 - 2924) في إرث الحلف لا إرث المؤاخاة . كتاب الفرائض باب نسخ ميراث العقد بميراث الرحم وانظر عنده ( 2922) وكلها صحهها الشيخ الألباني .
(119/86)
(12) علقه البخاري في صحيحه قال: ويذكر عن تميم الداري واختلفوا في صحة الخبر ، وجزم في التاريخ الكبير (5/198) أنه لا يصح ووصله الترمزي (2112) كتاب الفرائض20- باب ما جاء في ميراث الذي يسلم على يدي رجل. وقال: لا يصح . وأبو داوود (2918) كتاب الفرائض باب في الرجل يسلم على يدي الرجل . وابن ماجه (2752) كتاب الفرائض 18- باب الرجل يسلم على يدي الرجل والنسائي (6411 - 6413) كتاب الفرائض 32- باب ميراث موالي الموالاة . وأحمد (4/102-103) وضعفه البيهقي (10/297) وحسنه أبو زرعة الدمشقي والألباني .
(13) رواه أبو داوود (2906) كتاب الفرائض 9- باب ميراث ابن الملاعنة . والنسائي (6420) كتاب الفرائض 37- باب ميراث اللقيط . وابن ماجه (2742) كتاب الفرائض 12- باب تحوز المرأة ثلاث مواريث ، والترمزي (2115) كتاب الفرائض 23- باب ما جاء ما يرث النساء من الولاء وقال : حسن غريب . وأحمد (4/106) وضعفه ابن عدي والبيهقي (6-259) وابن حزم والالباني ويفهم أن الحافظ في الفتح (12/31) مال إلى تحسينه ولعل ذلك (بجزء من الملاعنة ) أنظر ص (64) هنا .
(14) رواه أبو داوود (2905) كتاب الفرائض باب ميراث ذوي الأرحام . والنسائي (6409 - 6410) كتاب الفرائض 31- إذا مات العتيق وبقي المعتق ، والترمزي (2106) كتاب الفرائض 14- باب لا وراث له . وأحمد (1/ 358) وضعفه المنذري والألباني . ولعل أصله ما رواه الفاكهي في أخبار مكة (2164) باسناد صحيح عن عطاء عن عمر موقوفاً ولكنه منقطع .
---
(8) رواه ابو داوود (2903-2904) كتاب الفرائض ، باب في ميراث ذوي الأرحام والنسائي (6394) كتاب الفرائض ، 28- توريث ذوي الأرحام وأحمد (5/347) وضعفه المنذر والألباني .
(119/87)
(9) رواه أحمد (1/ 430) . وأبو داوود (2114-2116) كتاب النكاح ، باب فيمن تزوج ولم يسم صداقاً حتى مات والترمزي (1145) كتاب النكاح ، 44- باب ما جاء في الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يفرض لها . وقال : حسن صحيح والنسلئي (5515) كتاب النكاح 70- إباحة التزوج بغير من صداق ، وابن ماجه (1891) كتاب النكاح 18- باب الرجل يتزوج ولا يفرض لها فيموت على ذلك وصححه ابن حزم والألباني والحاكم (2/196-197).
(10) رواه البخاري (2155) كتاب البيوع ، 67 – باب البيع والشراء مع النساء ، ومسلم (1504) كتاب العتق 2- باب إنما إنما الولاء لمن أعتق .
---
(1) رواه البخاري (6732) كتاب الفرائض ، 5- باب ميراث الولد من أبيه وأمه . و مسلم (1615) كتاب الفرائض ، 1- بابا ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر .
(2) سبق الحديث في رقم (1) وهو في الصحيحين .
---
(1) رواه البخاري (6732) كتاب الفرائض ، 5- باب ميراث الولد من أبيه وأمه . و مسلم (1615) كتاب الفرائض ، 1- بابا ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر .
(2) سبق الحديث في رقم (1) وهو في الصحيحين .
(119/88)
تلخيص فقه الفرائض
تلخيص فقه الفرائض
محمد بن صالح العثيمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونتوب أليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا اله آلا الله وحده لا شريك له ، واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله واصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً ، وبعد :
فهذه رسالة مختصرة في علم الفرائض حسب المنهج الجديد المقرر للسنة الأولى الثانوية راعيت فيها سهولة التعبير مع الإيضاح بالأمثلة وسميتها ( تلخيص فقه الفرائض ) أسال الله تعالى أن يجعل عملي خالصا له نافعاً لعباده انه جواد كريم .
1ـ تعريف الفرائض 2ـ فائدته 3ـ حكمه
1ـ الفرائض : جمع فريضة بمعنى مفروضة ، وهى لغة : الشي الموجب والمقطوع .
في الاصطلاح هنا : العلم بقسمة المواريث فقها وحسابا .
2ـ فائدته : إيصال نصيب كل وارث إليه .
3ـ حكمه : فرض كفاية ، إذا قام به من يكفى سقط الفرض عن بقية الناس .
الحقوق المتعلقة بالتركة وبيان المقدم منها
الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة مرتبة كالتالي :
1ـ مؤن تجهيز الميت من ثمن ماء تغسله وكفنه وحنوطه واجرة غاسله وحافر قبره .
2ـ الحقوق المتعلقة بعين التركة كالديون الموثقة بالرهن .
3ـ الحقوق المتعلقة بذمة الميت كالديون التي ليس فيها رهن سواء كانت لله تعالى كالزكاة أم للآدميين كالقرض .
4ـ الوصية الجائزة ، وهى ما كانت بالثلث فاقل لغير وارث .
5ـ الإرث ، ويقدم منه بالفرض ثم التعصيب ثم الرحم .
مثال يوضح ذلك : أن يموت ميت ويبلغ ما يتعلق بتركته كالتالي :
100 ريال مؤن تجهيزه .
100 ريال دين موثق برهن .
100 ريال دين ليس فيه رهن .
100 ريال وصية جائزة .
وارث : زوج أخت شقيقة .
فإذا خلف مائة ريال صرفت في مؤن تجهيزه ،وترك الباقي .
وإذا خلف مائتي ريال فقط صرفت في مؤن تجهيزه والدين الموثق ، وترك الباقي .
(120/1)
وإذا خلف ثلاثمائة ريال فقط صرفت في مؤن تجهيزه والدين غير الموثق وترك الباقى .
وإذا خلف ستمائة ريال صرفت منها ثلاثمائة فيما سبق ، ومائة ريال فى الوصية ومائة ريال للزوج ، ومائة ريال للأخت الشقيقة .
ووجه تقديم الوصية على الإرث هنا ان فرض كل واحد من الزوج والأخت الشقيقة ، ولم يفرض لهما النصف إلا بالنسبة لما بقى بعد الوصية ولو لم تقدم الوصية عليهما لكان للوصية خمسة وسبعون ، ولكل واحد من الزوج والأخت مائة واثنا عشر ريالا ونصف ريال .
أسباب الإرث .
أسباب الإرث ثلاثة : نكاح ، ونسب ، وولاء .
أ ـ فالنكاح : عقد الزوجية الصحيح ، فيرث به الزوج من زوجته ، والزوجة من زوجها بمجرد العقد وان لم يحصل بينهما اجتماع .
ب ـ والنسب : القرابة وهى الاتصال بين شخصين بولادة قريبة أو بعيدة .
ج ـ والولاء : عصوبة تثبت للمعتق وعصبية المتعصبين بأنفسهم بسبب العتق .
أقسام القرابة باعتبار جهاتهم
ينقسم القرابة باعتبار جهاتهم إلي ثلاثة أقسام : أصول وفروع وحواشي .
أ ـ فالأصول من تفرع الميت منهم كالآباء والأمهات وكلهم وارثون بالفرض أو التعصيب سوى صنفين :
1 ـ كل ذكر حال بينه وبين الميت أنثي مثل أب الأم .
2 ـ كل أنثى أدلت بذكر حال بينه وبين الميت أنثى مثل أم أب الأم .
وهذان الصنفان من ذوى الأرحام .
ب ـ والفروع : من تفرعوا من الميت كالأولاد ، وكلهم وارثون بالفرض أو التعصيب إلا من أدلى بأنثى مثل : ابن البنت وبنت البنت فمن ذوى الأرحام .
جـ : والحواشي : من تفرعوا من أصول الميت كالاخوة والأعمام وكلهم وارثون بالفرض أو التعصيب سوى صنفين :
1ـ كل ذكر أدلى بأنثى سوى الاخوة من الام مثل : ابن الأخت وابن الأخ من الام والعم لام والخال .
2ـ جميع الإناث سوى الأخوات مثل بنت الأخ والعمة وبنت العم والخالة .
وهذان الصنفان من ذوى الأرحام .
شروط الإرث
شروط الإرث ثلاثة .
أ ـ تحقق موت المورث أو إلحاقه بالأموات .
(120/2)
مثال إلحاقه بالأموات : المفقود إذا مضت مدة انتظاره .
ب ـ تحقق حياة الوارث بعده أو إلحاقه بالأحياء .
مثل إلحاقه بالأحياء : الحمل إذا تحقق وجوده حين موت مورثه وان لم تنفخ فيه الروح . وكذلك المفقود في مدة انتظاره إذا لم نتحقق أن موته قبل موت مورثه .
وبناء على هذين الشرطين فلا توارث بين متوارثين ماتا ولم يَعلم أيهما اسبق موتا ، مثل ان يموتا بهدم أو غرق أو حريق أو حادث طريق ونحوه لعدم تحقق المورث قبل الوارث وحياة الوارث بعده .
جـ ـ العلم بالجهة الموجبة للإرث من زوجة أو قرابة أو ولاء ، بان نعلم هذا يرث هذا الميت لكونه زوجه و نحوه .
موانع الإرث
موانع الإرث ثلاثة : اختلاف الدين ، والرق ، والقتل .
فمتى وَجد واحد منها في شخص صار كالمعدوم فلا يرث ولا يؤثر على غيره من الورثة .
أ ـ فأما اختلاف الدين فمعناه : أن يكون إحداهما على ملة والثاني على ملة أخرى ، وهو مانع من الجانبين ، فالكافر لا يرث المسلم والمسلم لا يرث الكافر ، واليهودي لا يرث النصراني ، والنصراني لا يرث اليهودي وهكذا .
ب ـ وأما الرق فهو وصف يكون به الشخص مملوكا وهو مانع من الجانبين فلا يورٌث
ج ـ واما القتل فهو إزهاق الروح والمانع منه ما كان بغير حق سواء كان عمداً أم غير عمد وسواء كان مباشرة أم غير مباشرة أم بسبب . وهو مانع من جانب واحد ، جانب القاتل ، فالقاتل لا يرث من المقتول . واما المقتول فيرث من القاتل مثل أن يجرح أحد الشقيقين أخاه جرحاً مميتاً ثم يموت الجارح قبله فيرث منه المجروح حينئذ .فأما القتل بحق فلا يمنع من الإرث مثل أن يقتل مورثه قصاصاً فيرث منه حينئذ .
أقسام الورثة باعتبار نوع الإرث .
ينقسم الورثة باعتبار نوع الإرث ثلاثة أقسام : وارثين بالفرض ، ووارثين بالتعصيب ، ووارثين بالرحم .
أ ـ فالوارثون بالفرض : من ارثهم مقدٌر بجزء كالنصف والربع والثمن والثلثين والثلث والسدس .
(120/3)
ب ـ والوارثون بالتعصيب : من يرثون بلا تقدير .
جـ ـ والوارثون بالرحم كل قريب ينزل منزلة ذوى الفرض أو التعصيب ، وليس وارثا بهما بنفسه .
أصحاب الفروض ومقدار نصيب كل وارث
أصحاب الفروض عشرة : الزوج ، والزوجة ، والام ، والأب ، والجدة ، والجد ، والبنات ، وبنات الابن ، والأخوات من غير أم وأولاد الام .
1ـ ميراث الزوج
ميراث الزوج النصف أو الربع :
فيرث النصف بشرط ألا يكون للزوجة فرع وارث ويرث الربع بشرط أن يكون للزوجة فرع وارث .
مثال ارثه النصف : أن تموت امرأة عن زوجها وأبيها فللزوج النصف وللأب الباقي .
ومثال ارثه الربع : أن تموت امرأة عن زوجها وابنها فللزوج الربع وللابن الباقي .
2 ـ ميراث الزوجة
ميراث الزوجة الربع أو الثمن :
فترث الربع بشرط أن لا يكون للزوج فرع وارث ، وترث الثمن بشرط أن يكون للزوج فرع وارث .
مثال ارثها الربع : أن يموت شخص عن زوجته وأبيه فللزوجة الربع وللأب الباقي .
مثال ارثها الثمن : أن يموت شخص عن زوجته وابنه فللزوجة الثمن وللابن الباقي .
والزوجتان فاكثر كالزوجة الواحدة ، فلا يزيد الفرض بزيادتهن .
3 ـ ميراث الأم
ميراث الام الثلث أو السدس أو ثلث الباقي .
فترث الثلث بشرط أن لا يكون للميت فرع وارث ولا عدد من الاخوة الأخوات ، وان تكون المسالة إحدى العمريتين .
وترث السدس إذا كان للميت فرع وارث أو عدد من الاخوة أو الأخوات وترث ثلث الباقي في العمريتين وهما :
1 ـ زوج و أم وأب . تقسم من ستة للزوج النصف ثلاثة وللام ثلث الباقي واحد ، وللأب الباقي .
2 ـ زوجة وأم وأب . تقسم من أربعة . للزوجة الربع واحد وللام ثلث الباقي واحد وللأب الباقي .
مثال ارثها الثلث : أن يموت شخص عن أمه وأبيه ، فللأم الثلث وللأب الباقي .
مثال ارثها السدس : أن يموت شخص عن أمه وابنه فللام السدس وللابن الباقي .
مثال آخر : أن يموت شخص عن أمه أخويه الشقيقين فللام السدس ، وللشقيقين الباقي .
4- ميراث الأب
(120/4)
ميراث الأب بالفرض فقط وهو السدس أو بالتعصيب فقط ، أو بالفرض والتعصيب معا .
فيرث بالفرض بشرط أن يكون للميت فرع وارث ذكر .
ويرث بالتعصيب فقط بشرط أن يكون للميت فرع وارث .
ويرث بالفرض والتعصيب معاً بشرط أن يكون للميت فرع وارث أنثى لا ذكر معها .
مثال ارثه بالفرض فقط : أن يموت شخص عن أبيه وابنه فللأب السدس وللابن الباقي .
مثال ارثه بالتعصيب فقط : أن يموت شخص عن زوجته وأبيه فللزوجة الربع وللأب الباقي .
مثال ارثه بالفرض والتعصيب : أن يموت شخص عن ابنته وأبيه فللبنت النصف وللأب السدس فرضا والباقي تعصيبا .
5 ـ ميراث الجدة
المراد بالجدة هنا : من لم تدل بذكر بينه وبين الميت أنثى كأم أبى الام . ولا ترث جدة مع وجود الام ولا مع وجود جدة اقرب منها كأم الام مع وجود أم الأب .
وميراث الجدة الواحدة السدس فان تعددن فالسدس بينهن بالسوية ولا يزيد الفرض بزيادتهن .
مثال الجدة الواحدة : أن يموت شخص عن جدته ( أم أبيه ) وابنه فللجدة السدس وللابن الباقي .
ومثال المتعددات : أن يموت شخص عن جداته ( أم أم أمه ، وأم أم أبيه ، وأم أبى أبيه) وأبيه فللجدات السدس بالسوية وللأب الباقي .
6ـ ميراث الجد
المراد بالجد هنا : من لم يكن بينه وبين الميت أنثى كأبي الام ولا يرث جدٌ مع وجود الأب ولا مع وجود جدٌ اقرب منه كأبي أبى الأب مع وجود أبى الأب .
وميراث الجد بالفرض فقط وهو السدس ، وبالتعصيب فقط وبالفرض والتعصيب معاً .
فيرث بالفرض فقط بشرط أن يكون للميت فرع وارث ذكر .
ويرث بالتعصيب فقط بشرط أن لا يكون للميت فرع وارث .
ويرث بالفرض والتعصيب معا بشرط أن يكون للميت فرع وارث أنثى لا ذكر معها .
مثال ارثه بالفرض فقط : أن يموت شخص عن جدة وابنة فللجد السدس وللابن الباقي .
مثال ارثه بالتعصيب فقط . أن يموت شخص عن أمه وجده فللام الثلث وللجد الباقي .
(120/5)
ومثال ارثه بالفرض والتعصيب : أن يموت شخص عن بنته وجده فللبنت النصف وللجد السدس فرضا والباقي تعصيبا .
7ـ ميراث البنات
ميراث البنات بالتعصيب فقط وبالفرض فقط .
فيرثن بالتعصيب بشرط أن يكون للميت ابن . للذكر مثل حظ الانثيين ويرثن بالفرض بشرط أن لا يكون للميت ابن للواحدة النصف ، وللثنتين فاكثر الثلثان .
مثال ارثهن بالتعصيب : أن يموت شخص عن أبيه وبنته فلها المال كله ، له سهمان ، ولها سهم واحد .
ومثال ارث الواحدة بالفرض النصف : أن يموت شخص عن زوجته وابنته وأخيه وأخيه الشقيق فللزوجة الثمن وللبنت النصف وللشقيق الباقي .
ومثال ارث الثنتين بالفرض الثلثين : أن يموت شخص عن بنته وأبيه فللبنتين الثلثان وللأب السدس فرضا والباقي تعصيبا .
ومثال ارث الأكثر من الثنتين بالفرض الثلثين : ان يموت شخص عن بناته الثلاث وأمه وأبيه فللبنات الثلثان وللام السدس وللأب السدس ولم يرث الأب هنا بالتعصيب لانه لم يبق بعد الفرض شي .
8 ـ ميراث بنات الابن
لا ترث بنات الابن مع وجود ذكر وارث من الفروع أعلى منهن مطلقا ، ولا مع وجود انثتين وارثتين من الفروع أعلى منهن إلا أن يكون للميت ابن ابن بدرجتهن أو انزل منهن فيرثن معه بالتعصيب للذكر مثل حظ الانثيين .
وميراثهن فيما سوى ذلك بالتعصيب فقط وبالفرض فقط فيرثن بالتعصيب بشرط ان يكون للميت ابن ابن بدرجتهن للذكر مثل حظ الانثيين .
ويرثن بالفرض بشرط إلا يكون للميت ابن ابن بدرجتهن للواحدة النصف وللثنتين فاكثر الثلثان ألا أن يوجد أنثى من الفروع أعلى منهن ورثت النصف ، فيرثن السدس تكملة الثلثين سواء كن واحدة أم اكثر ، لا يزيد الفرض عن السدس بزيادتهن .
مثال ارثهن بالتعصيب مع وجود انثيين وارثتين من الفروع أعلى منهن : ان يموت شخص عن بنتيه وبنت ابنه وابن ابنه فللبنتين الثلثان ، ولبنت الابن وابن الابن الباقي ، وله سهمان ولها سهم واحد .
(120/6)
مثال آخر : أن يموت شخص عن بنتي ابنه وبنت ابن ابنه وابن ابن ابن ابنه . فلبنتي الابن الثلثان ولبنت ابن الابن وابن ابن ابن الابن الباقي ، وله سهمان ولها سهم واحد .
ومثال ارثهن بالتعصيب مع ابن ابن بدرجتهن : أن يموت شخص عن زوجته وبنت ابنه وابن ابنه . فللزوجة الثمن ولبنت الابن وابن الابن الباقي ، وله سهمان ولها سهم واحد .
ومثال ارث الواحدة بالفرض النصف : أن تموت امرأة عن زوجها وبنت ابنها وابن ابن ابنها فللزوج الربع ، ولبنت الابن النصف ، ولابن ابن الابن الباقي .
ومثال ارث الثنتين بالفرض الثلثين : أن يموت شخص عن جدته ( أم أمه ) وابنتي ابنه وأبيه فللجدة السدس ، ولابنتي الابن الثلثان وللأب السدس .
ومثال ارث الأكثر من الثنتين بالفرض الثلثين : أن يموت شخص عن بنات ابنه الثلاث وأبيه فلبنات الابن الثلثان وللأب السدس فرضا والباقي تعصيبا .
ومثال ارث الواحدة السدس مع أنثى من الفروع أعلى منها ورثت النصف :أن يموت شخص عن بنته وبنت ابنه وابن ابن ابنه فللبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين ولابن ابن الابن الباقي.
ومثال ارث الأكثر من واحدة السدس : أن تموت امرأة عن زوجها وبنتها وبنات ابنها وعمها فللزوج الربع وللبنت النصف ولبنات الابن السدس تكملة الثلثين وللعم الباقي .
9 ـ ميراث الأخوات من غير أم .
لا يرث أحد من الاخوة أو الأخوات مه وجود ذكر وارث من الفروع أو الأصول .
أ ـ ميراث الشقيقات :
ميراث الشقيقات بالتعصيب بالغير وبالتعصيب مع الغير وبالفرض .
فيرثن بالتعصيب بالغير إذا كان للميت أخ شقيق . للذكر مثل حظ الانثيين.
ويرثن بالتعصيب مع الغير إذا كان للميت أنثى من الفروع وارثة بالفرض ، فيكن بمنزلة الاخوة الأشقاء .
ويرثن بالفرض فيما سوى ذلك للواحدة النصف وللثنتين فاكثر الثلثان .
مثال ارثهن بالتعصيب بالغير: أن يموت شخص عن أخته الشقيقة وأخيه الشقيق فلهما المال كله ، له سهمان ولها سهم واحد .
(120/7)
ومثال ارثهن بالتعصيب مع الغير : أن يموت شخص عن بنته وبنت ابنه وأخته الشقيقة وأخيه من أبيه فللبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين وللشقيقة الباقي ولا شي للأخ من الأب .
ومثال ارث الواحدة بالفرض : أن يموت شخص عن أخته الشقيقة وزوجته وأخيه من أبيه فللشقيقة النصف وللزوجة الربع ، وللأخ من الأب الباقي .
ومثال ارث الثنتين بالفرض : أن يموت شخص عن أختيه الشقيقتين وأمه وعمه الشقيق .فللشقيقتين الثلثان ، وللام السدس ، وللعم الباقي .
ومثال ارث الأكثر من الثنتين بالفرض : أن يموت شخص عن أخواته الثلاث الشقيقات وجدته (أم أبيه ) وأخيه من أبيه . فللشقيقات الثلثان وللجدة السدس ، وللأخ من الأب الباقي .
ب ـ ميراث الأخوات من الأب : لا ترث الأخوات من الأب مع وجود ذكر وارث من الأشقاء مطلقاً ، ولا مع وجود اثنتين فاكثر من الشقيقات إلا أن يكون للميت أخ من أب فيرثن معه بالتعصيب للذكر مثل حظ الانثيين . ويرثن مع الشقيقة الواحدة السدس تكملة الثلثين سواء كن واحدة أم اكثر لا يزيد الفرض عن السدس بزيادتهن .
وميراثهن فيما سوى ذلك كميراث الشقيقات على ما سبق تفصيله .
مثال ارثهن مع الشقيقتين بالتعصيب : أن يموت شخص عن أختيه الشقيقتين وأخته من أبيه وأخيه من أبيه فللشقيقتين الثلثان وللأخ من الأب والأخت من الأب الباقي سهمان ولها سهم واحد .
ومثال اِرثهن مع الشقيقة السدس : أن يموت شخص عن أخته الشقيقة وأخته من أبيه وعمه الشقيق. فللشقيقة النصف وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين ، وللعم الباقي .
مثال آخر : ان يموت شخص عن أخته الشقيقة وأختيه من أبيه وأمه وعمه الشقيق . فللشقيقة النصف ، وللأختين من الأب السدس تكملة الثلثين ، وللام السدس ، وللعم الباقي .
10ـ ميراث أولاد الام .
(120/8)
أولاد الام هم الاخوة والأخوات من الام . ولا يرثون مع وجود أحد وارث من الفروع او ذكر وارث من الأصول وميراثهم بالفرض للواحد منهم السدس ، ولاثنين فاكثر الثلث بالسوية لا يفضل ذكرهم على أنثاهم .
مثال ارث الواحد . أن يموت شخص عن أخته من أمه وأخته الشقيقة وأختيه من أبيه وأمه فللأخت من الام السدس ، وللأخت الشقيقة النصف وللأختين من الأب السدس تكملة الثلثين ، وللام السدس .
مثال ارث الاثنين : أن يموت شخص عن أخويه من أمه وأختيه الشقيتين . فللأخوين من الام الثلث بالسوية وللشقيقتين الثلثان .
ومثال أخر الأكثر من الاثنين : أن يموت شخص عن أخيه من أمه وأختيه منها وأخيه الشقيق.فللأخوين والأخت من الام الثلث بالسوية ، وللشقيق الباقي .
تتمة
إذا اجتمعت فروض تزيد على المسالة لم يسقط أحد من أصحابها لانه ليس أحدهم أولى بالسقوط من الآخر فتعول المسالة الى منتهى فروضها ويكون النقص على الجميع بالقسط منسوباً الى منتهى عولها .
مثال ذلك :أن تموت امرأة عن زوجها وأختيها الشقيقتين فللزوج النصف وللشقيقتين الثلثان وتعول من ستة الى سبعة ، وينقص من فرض كل واحد سبعة .
مثال أخر : أن تموت امرأة عن زوجها وامها وأختيها الشقيقتين وأختيها من أمها فللزوج النصف وللام السدس وللشقيقتين الثلثان وللأختين من الام الثلث وتعول من ستة الى عشرة وينقص من فرض كل واحد خمساه .
مثال ثالث : أن يموت شخص عن زوجته وأختيه الشقيقتين وأخته من أمه . فللزوجة الربع وللشقيقتين الثلثان ولللاخت من الام السدس وتعول من أثنى عشر الى ثلاثة عشر ، وينقص من فرض كل واحد سهم من ثلاثة عشر سهماً .
مثال رابع : أن يموت شخص عن زوجته وابنتيه وأمه وأبيه فللزوجة الثمن وللبنتين الثلثان وللام السدس وللأب السدس وتعول من أربعة وعشرون الى سبعة وعشرون وينقص من فرض كل واحد تسعة .
تمرينات
تمرين (1)
1 ـ اذكر الضابط فيمن لا يرث بفرض و لا تعصيب القرابة مع التمثيل .
(120/9)
2ـ بيٌن من أقسام القرابة ما يأتي ومن منهم من ذوى الأرحام مع التعليل .
العمة . الأب . بنت الأخ الشقيق . الخال . بنت الابن أبو الام . أم الام . العم من الام . العم من الأب . ابن البنت . ابن الابن . ابن الأخ من الام . ابن الأخ من الأب . ابن البنت .ابن الابن ابن الأخ من الام . ابن الأخ من الأب . أم أب الام . أم الأب . ابن الأخت .
تمرين (2)
1 ـ متى يرث كل واحد من الزوجين الربع؟
2ـ متى يرث الأب بالفرض والتعصيب معأ؟
3 ـ ما هي الحالات التي لا يرث فيها كل من الجدة والجد ؟
4 ـ متى ترث الأخوات بالتعصيب مع الغير .
تمرين (3)
هات أمثلة لما يأتي مع التعليل
1 ـ مثالاً يتضمن فرض الثمن للزوجة والسدس لبنت الابن
2ـ مثالاً يتضمن فرض النصف للزوج والسدس للام
3ـ مثالاً يتضمن زيادة الفروض على المسالة من ستة الى ثمانية .
تمرين (4)
اقسم المسائل التالية مع التعليل :
1ـ أم وزوجة واخوان من أم وأخوان شقيقان
2ـ أخت شقيقة وأخ شقيق رقيق وأم وعم .
3ـ بنتان وبنت ابن وأخت من أب .
4ـ أختان شقيقتان واختان من أب واختان من أم
5 ـ زوجة وأم و جد
6 ـ زوج وأب وجدة ( أم أم ) وجدة ( أم أب ) وجدة ( أم أب أب)
7 ـ زوج وأم واختان شقيقتان وأخ من أم .
8 ـ زوجة وأم واختان من أب واختان من أم .
العصبة
العصبة : جمع عاصب وهو من يرث بلا تقدير فيرث جميع المال إن لم يكن معه صاحب فرض باقية مع صاحب فرض استغرق بعض المال ، ولا يرث شيئا مع صاحب فرض استغرق جميع المال .
مثال ارثه جميع المال : أن يموت شخص عن أخيه الشقيق . فله جميع المال .
ومثال ارثه باقية : أن تموت امرأة عن زوجها أخويها من أمها أخويها الشقيقين . فللزوج النصف وللأخوين من الام الثلث ، وللأخوين الشقيقين الباقي .
(120/10)
ومثال عدم ارثه : ان تموت امرأة عن زوجها وأمها أخويها من أمها أخويها الشقيقين . فللزوج النصف وللام السدس وللأخوين من الام الثلث ولا شي للأخوين الشقيقين لاستغراق الفروض جميع المال .
أقسام العصبة
ينقسم العصبة إلى ثلاثة أقسام : عاصب بنفسه ، وعاصب بغيره ، وعاصب مع غيره .
أ ـ فالعاصب بالنفس هم :
1 ـ جميع الذكور من الأصول والفروع والحواشي الاخوة من الام وذوى الأرحام
2 ـ جميع من يرث بالولاء من الذكور أو الإناث كالمعتق والمعتقة .
ب ـ العاصب بالغير هن : البنات وبنات الابن والأخوات الشقيقات والأخوات من الأب .
1 ـ فالبنات بالأبناء .
2ـ وبنات الابن بأبناء الابن إذا كانوا بدرجتين أو كانوا انزل منهن واستغرق من فوقهن الثلثين .
3 ـ والأخوات الشقيقات بالاخوة الأشقاء
4 ـ والأخوات من الأب بالاخوة من الأب .
فترث كل واحدة من هولاء بالتعصيب مع من كانت عصبة به للذكر مثل حظ الانثيين .
مثال ذلك في البنات : أن يموت شخص عن ابنته وابنه فلهما جميع المال ، له سهمان ولها سهم واحد .
ومثاله في بنات الابن : أن يموت شخص عن بنته وبنت ابنه وابن ابنه . فللبنت النصف ولابن الابن وبنت الابن وبنت الابن الباقي ، له سهمان ولها سهم واحد .
(120/11)
مثال أخر : ان يموت شخص عن بنتيه وبنت ابنه وابن ابن ابنه فللبنتين الثلثان ، ولابن ابن الابن وبنت الابن الباقي له سهمان ولها سهم واحد .ومثاله في الأخوات الشقيقات :أن يموت شخص عن أخته الشقيقة وأخيه الشقيق فلهما جميع المال له سهمان ولها سهم واحد . ومثاله في الأخوات من الأب : أن يموت شخص عن أخته من أبيه وأخيه من أبيه . فلهما جميع المال ، له سهمان ولها سهم واحد .ولا تعصب امرأة بأحد من الذكور سوى هولاء الأربعة فابن الأخ لا يعصب أخته ولا عمته ولا ابنة عمه والعم لا يعصب العمة . وابن العم لا يعصب أخته ولا ابنه عمه .مثال ذلك في ابن الأخ : أن يموت شخص عن ابنته وابن أخيه الشقيق وبنت أخيه الشقيق فللبنت النصف ولابن الأخ الشقيق الباقي ولا شي لبنت الأخ الشقيق .مثال أخر : أن يموت شخص عن أختيه الشقيقتين وأخته من الأب وابن أخيه من الأب . فللشقيقتين الثلثان ، ولابن الأخ الباقي ولا شي للأخت لعدم من يعصبها ومثاله في العم : أن يموت شخص عن عمه وعمته فللعم جميع المال ولا شي للعمة ومثاله في ابن العم : أن يموت شخص عن ابن عمه وبنت عمه فلابن العم جميع المال ، ولا شي لبنت العم .جـ ـ والعاصب مع الغير: الأخوات الشقيقات والأخوات من الأب مع من يرث بالفرض من الفروع، فتكون الأخوات الشقيقات بمنزلة الاخوة الأشقاء والأخوات من الأب بمنزلة الاخوة من الأب
مثاله في الشقيقات : أن يموت شخص عن بنته وأخته الشقيقة فللبنت النصف وللأخت الشقيقة الباقي .
ومثاله في الأخوات من الأب : أن يموت شخص عن بنته وبنت ابنه وأخته من أبيه . فللبنت النصف ، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين ، وللأخت من الأب الباقي .
ترتيب العصبة
يرث العصبة بالترتيب فيقدم الأسبق جهة ثم الأقرب منزلة ثم الأقوى . واليه الإشارة بقوله .
فبالجهة التقديم ثم بقربه
وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا .
ا ـ فأما الجهة فالأسبق فيها مقدم في التعصيب على من بعد والجهات أربع :
(120/12)
1 ـ فالبنوة يدخل فيها الأبناء وأبناؤهم وان نزلوا
2 ـ والأبوة يدخل فيها الآباء وأبناؤهم وان علوا .
3 ـ وفروع الأبوة يدخل فيها الاخوة والأعمام الأشقاء أو من الأب وأبناؤهم وان نزلوا .
4ـ والولاء ويدخل فيها المعتق وعصبته المتعصبون بأنفسهم والى هذه الجهات الأربع الإشارة بقوله .
جهاتهم بنوة أبوة فروعها وذو الولا التتمة
فمن كان في جهة من هذه الجهات قًدم في التعصيب على من بعده .
مثاله : أن يموت شخص عن أبيه وابنه فللأب السدس فرضا وللابن الباقي تعصيبا .
مثال ثان: أن يموت شخص عن أبيه وأخيه الشقيق فللأب جميع المال تعصيبا .
مثال ثالث: أن يموت شخص عن عمه ومعتقه فللعم جميع المال تعصيبا .
مثال رابع : أن يموت شخص عن أمه ومعتقه فللام الثلث وللمعتق الباقي تعصيبا .
ب ـ واما قرب المنزلة فإذا كان العصبة في جهة واحدة قٌدم الأقرب منزلة من الميت .
فالأقرب في جهة البنوة والأبوة من كان اقل واسطة إلى الميت .
والأقرب في جهة فروع الأبوة فروع الأب وهم الاخوة وأبناؤهم وان نزلوا الأقرب فالأقرب ، ثم فروع أبى الأب وهم الأعمام وأبناؤهم وان نزلوا الأقرب فالأقرب ثم فروع جد الأب وهم أعمام أبى الميت وأبناؤهم وان نزلوا الأقرب فالأقرب وهكذا نقول : فروع كل أب وان نزلوا اقرب من فروع من فوقه والأقرب في فروع كل أب اقلهم واسطة إليه .
والأقرب في جهة الولاء : المعتق ثم عصبته كترتيب عصبة النسب مثاله في جهة البنوة : أن يموت شخص عن ابنه وابن ابنه فللابن جميع المال تعصيبا .
ومثاله في جهة الأبوة : أن يموت شخص عن ابن ابن ابن عمه وعم أبيه . فلابن ابن ابن العم جميع المال تعصيبا .
ومثال ثان : أن يموت شخص عن ابن معتقه وعم معتقه فلابن العم جميع المال تعصيبا .
ومثاله في جهة الولاء : أن يموت شخص عن ابن معتقه وعم معتقه . فلابن المعتق جميع المال تصيباً .
(120/13)
مثال ثان : أن يموت شخص عن ابن ابن ابن أخي معتقه وعم معتقه فلابن ابن ابن أخي المعتق جميع المال تعصيبا.
جـ ـ واما القوة فإذا كان العصبة في جهة واحدة ومنزلة واحدة قٌدٌم الأقوى صلة بالميت وهو من يدلى بالأبوين على من يدلى بالأب وحده ولا يتصور التقديم بالقوة ألا في جهة فروع الأبوة .مثاله : أن يموت شخص عن أخيه الشقيق وأخيه من الأب فللشقيق جميع المال تعصيبا .
مثال ثان : أن يموت شخص عن ابن عمه الشقيق وابن عمه من الأب . فلابن عمه الشقيق جميع المال تعصيبا .
تمرينات
تمرين (1)
1 ـ من هو العاصب وكيف ارثه ؟
2 ـ من هو العاصب بالغير ومثٌل؟
3 ـ ما هي جهات العصوبة ومن يقدٌم فيها مع التمثيل
تمرين (2)
1 ـ هات أمثلة لما يأتي مع التعليل
1 ـ عاصب مع الغير قٌدٌم على عاصب بالنفس باعتبار القوة
2 ـ صاحب فرض له الثلث مع عاصب بالنفس قدٌم على عاصب بالنفس باعتبار سبق الجهة
3 ـ صاحب فرض له الربع مع عاصب بالنفس قدم على عاصب بالنفس باعتبار قرب المنزلة .
تمرين (3)
اذكر الوارث بالتعصيب من غير الوارث به فيما يأتي مع التعليل .
ابن مع أب . أبو جد مع أبى أب . بنت أخت من أب مع أخ شقيق . أخو معتق شقيق مع أخته الشقيقة . ابن ابن عم من أب مع ابن عم أب شقيق . أخ من أب مع أخ شقيق . ابن ابن ابن عم من أب مع معتق . ابن ابن أخ شقيق مع ابن أخ من أب . أخو معتق من أب مع أخيه الشقيق . ابن ابن ابن مع ابن ابن .
تمرين (4)
اقسم المسائل التالية مبينا العاصب بنفسه وبغيره ومع غيره ومن لا يرث منه ، وعلل لما تذكر في ذلك كله .
1 ـ زوج وابن وبنت
2 ـ زوجة وأب وابن رقيق
3 ـ بنت وأخت شقيقة وأخ من أب
4 ـ أخت من أب وعم أب وعم جد
5 ـ جدة وجد أب وجد أم
6 ـ أم وابن عم من أب وعم أب شقيق
7 ـ أخوان من أم وأخوان من أب وأخوان من أم وأب .
الحجب
الحجب لغة : المنع واصطلاحاً : منع مستحق الإرث من الإرث كله أو بعضه .
وينقسم ألي قسمين : حجب بوصف وحجب بشخص
(120/14)
فالحجب بالوصف : أن يكون في مستحق الإرث مانع من موانع الإرث ( اختلاف الدين والرق والقتل ) والمحجوب به يكون كالمعدوم فلا يحجب غيره ولا يؤثر عليه .
مثاله : أن يموت شخص عن أمه وأخته من أبيه وأخيه من أبيه وهو مخالف له في الدين وعمه فللام الثلث وللأخت من الأب النصف وللعم الباقي ، ولا شي للأخ من الأب
الحجب بالشخص : أن يكون مستحق الإرث محجوبا بشخص أخر .
أ ـ ففي الأصول :
1 ـ كل ذكر يحجب من فوقه من الذكور .
مثاله : ان يموت شخص عن أبيه وجده . فللأب المال ولا شي للجد .
2 ـ وكل أنثى تحجب من فوقها من الإناث .
مثاله : ان يموت شخص عن أمه وجدته وعمه فللام الثلث وللعم الباقى ولا شي للجدة .
ب ـ وفى الفروع : كل ذكر يحجب من تحته .
مثاله : ان يموت شخص عن ابنه وابن ابنه وبنت ابنه فللابن المال ولا شي لابن الابن وبنت الابن .
جـ ـ وفى الحواشي :
1 ـ جميع الحواشي يحجبون بالذكور من الأصول أو الفروع .
مثاله : أن يموت شخص عن أبيه وأخيه الشقيق . فللأب المال ولا شي للشقيق
مثال آخر : أن يموت شخص عن ابنه وأخته الشقيقة فللابن المال ولا شي للشقيقة .
2 ـ الاخوة من الام يحجبون أيضا بالإناث من الفروع .
مثاله أن يموت شخص عن بنته وأخيه من أمه وأخيه الشقيق فللبنت النصف و للشقيق الباقى ولا شي للأخ من الام .
3 ـ الاخوة من الأب يحجبون بالذكور من الأشقاء .
مثاله : أن يموت شخص عن أخته من أمه وأخته من أبيه وأخيه الشقيق فللأخت من الام السدس وللأخ الشقيق الباقي ولا شي للأخت من الأب .
وفى التعصيب :
1ـ الأسبق جهة يحجب من بعده
2 ـ القرب منزلة يحجب الأبعد
3 ـ الأقوى قرابة يحجب الأضعف . وسبق شرح ذلك وأمثلته .
الرد
الرد إضافة ما يبقى بعد الفروض إلى أصحابها إذا لم يكن عاصب .
فيرد على كل ذي فرض بقدر فرضه إلا الزوجين فلا يرد عليهما .
(120/15)
فان كان المردود عليه واحداً اخذ المال جميعه فرضا ورداً وان كانوا جماعة من أجناس قسم المال بينهم من اصل ستة وتنتهى بما تنتهي به فروضهم .
وان كان معهم أحد الزوجين أعطى فرضه من غير زيادة ثم قسم الباقي بين المردود عليهم على ما سبق .
ومثاله : إذا كان المردود عليه واحداً : ان يموت شخص عن ابنته ، فلها جميع المال نصفه بالفرض وباقيه بالرد .
ومثاله إذا كان المردود عليهم جماعة من جنس : ان يموت شخص عن بنتيه فلها جميع المال ثلثاه بالفرض وباقيه بالرد مقسوماً على اثنين عدد رؤوسهما .
ومثاله إذا كان المردود عليهم جماعة من أجناس : أن يموت شخص عن بنته وبنت ابنه وأمه / فمسألتهم من ستة للبنت النصف ولبنت الأب السدس تكملة الثلثين ، وللام السدس ، وترد المسالة إلى خمسة .
ومثاله إذا كان معهم أحد الزوجين : أن يموت شخص عن زوجته وامه وأخيه من أمه . فللزوجة الربع وللام والأخ من الام الباقي فرضا ورداً من اصل ستة للام الثلث اثنان وللاخ من السدس واحد وترد المسالة إلى ثلاثة يكون للزوجة واحد وللام اثنان وللأخ من الام واحد
ذوو الأرحام
ذوو الأرحام : كل قريب ليس بذي فرض ولا عصبة
فذوو الأرحام من الأصول :
1 ـ كل ذكر حال بينه وبين الميت أنثى كأبى الام وأبى الجدة .
2 ـ كل أنثى أدلت بذكر حال بينه وبين الميت أنثى كأم أب الام .
ومن الفروع : كل من أدلى بأنثى كابن البنت وبنت البنت
ومن الحواشي :
1 ـ كل ذكر أدلى بأنثى إلا الاخوة من الام كالخال وابن الأخ من الام وابن الأخت .
2ـ جميع الإناث سوى الأخوات كالعمة والخالة وبنت الأخ .
ويرثون بالتنزيل فينزل كل واحد منزلة من أدلى به من الورثة ويأخذ نصيبه
مثاله : أن يموت شخص عن ابن أخته الشقيقة وبنت أخته من أبيه وابن أخيه من أمه وخاله .
(120/16)
فلابن الأخت الشقيقة النصف لانه بمنزلة أمه ولبنت الأخت من الأب السدس تكملة الثلثين لأنها بمنزلة أمها ولابن الأخ من الام السدس لانه بمنزلة أبيه وللخال السدس لانه بمنزلة الام
تمرينات
تمرين (1)
1 ـ ما هو الرد وما شروطه
2 ـ مم تكون اصل مسالة الرد إذا كان المردود عليهم جماعة من جنس واحد أو أجناس ؟
3 ـ من ذووالارحام من الحواشي ؟
تمرين (2)
1 ـ مسالة رد فيها أحد الزوجين .
2ـ مسالة رد فيها أجناس انتهت بأربعة
3 ـ مسالة فيها ذوو أرحام من الأصول والفروع .
تمرين (3)
بيٌن ما لا رد فيه وما فيه رد فيما يأتي مع التعليل :
بنت وبنت ابن وأم وأب / أم وأخ من أم / زوج وأم وأب / أخت شقيقة وأخ لأب/ جدة وبنتان وأب / وأخت شقيقة وأخت من أب وأخت من أم / أخ من أم وبنت أخ شقيق
تمرين (4)
اقسم ما يأتي مع التعليل :
1ـ زوج وبنت وبنت ابن
2 ـ بنت أخت شقيقة وبنت أخ من أب وبنت عم
3ـ أم وأخ من أم وعم من أم
4ـ بنتان وبنت ابن وأخت من أب
5ـ بنت بنت وبنت بنت ابن وعم وأب
6 ـ أختان شقيقتان واختان من أب وعمتان
7 ـ بنت بنت وبنت أخ من أم وبنت أخ شقيق
والى هنا انتهى ما أردنا كتابته حسب المنهج المقرر والحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين .
(120/17)