فقه الاعتكاف
لفضيلة :
أ . د / خالد بن علي المشيقح
شبكة نور الإسلام
www.islamlight.net
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، أحمده، وأستعينه، وأستغفره، وأعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ((1) .
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً((2) .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً((3) .
أما بعد:
فإن من تمام نعم الله وعظيم منته أن هدى هذه الأمة إلى هذا الدين القويم، والصراط المستقيم الذي به تصلح نفوسهم، وتهذب أخلاقهم، وتنتظم معاملاتهم، ويصح سلوكهم وتقوم حياتهم وفق توجيه قرآني وهدي نبوي تضمنا علماً هو أج العلوم قدراً، وأعلاها فخراً، وأبلغها فضيلة وأشرفها مكانة، وهو علم الشرع الشريف وبيان أحكامه وتفصيل حلاله وحرامه.
كل ذلك ليقوم العباد بالحق الذي من أجله خلقوا؛ وهو عبادته على الوجه الذي ارتضى لهم، قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ((4) ، وقال تعالى:(1/1)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ((5) ، وقال تعالى:(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ((6) .
ولقد شرع الله أنواعاً من العبادات وأصنافاً من الطاعات من شأنها إذا قام بها العبد أن تربطه بخالقه وتصله بربه.
ومن أجل هذه العبادات وأعظمها: عبادة الاعتكاف؛ إذ بها يحي القلب، وتزكو النفس، ويتوجه بها العبد إلى الخير والإحسان، ويتذكر بها عقيدة الثواب والعقاب، ويكون في محاسبة لأعماله، وواجباته.
ولها تأثيرها العظيم في إصلاح الفرد والمجتمع.
الداعي لجمع أحكام الاعتكاف:
وقد دعاني إلى الكتابة في أحكام الاعتكاف جملة أمور، أهمها ما يلي:
1- قيام الحاجة إلى معرفة أحكام هذه العبادة من كتاب الله، وسنة رسوله ( ، وكلام أهل العلم، وخصوصاً بعد ظهور إحياء هذه السنة عند كثير من المسلمين وكثرة تساؤلهم عن أحكامها.
2- أن ما كتب حول هذا الموضوع مما وقفت عليه لم يستوعب جوانب الموضوع، فتجد قصوراً في استيعاب الأدلة، أو الأقوال أو المسائل.
3- ظهور بعض الآراء المتعلة بشأن الاعتكاف، كقول بعض أهل العلم: عدم شرعية الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة، وغير ذلك.
منهج البحث:
لا بد لكل باحث من منهج يسلكه، يحدد معالمه قبل الكتابة، وتتكامل صورته بعد انتهاء الموضوع، وإن من أبرز ملامح منهجي في هذا البحث ما يلي:
أولاً: اقتصرت في بحثي هذا على المذاهب الأربعة، والمذهب الظاهري، كما أذكر رأي مشاهير فقهاء السلف أحياناً.
ثانياً: أقوم بعرض المسألة الخلافية بذكر القول أولاً، فالقائل به، ثم أتبعه بالاستدلال، وما ورد عليه من مناقشة، وما أجيب به عنها، وهذا في جملة البحث، وقد يختلف المنهج تبعاً لاختلاف المسألة.(1/2)
ثالثاً: اعتمدت في نسبة كل قول لكل مذهب على أمهات كتب المذهب.
رابعاً: اجتهدت في التوفيق بين الأقوال، فإن تعذر ذلك رجحت ما ظهر لي رجحانه، بناء على قوة الأدلة، وبما يتمشى مع قواعد الشريعة، ومقاصدها العامة.
خامساً: عزوت الآيات القرآنية إلى مواضعها في كتاب الله، بذكر السورة ورقم الآية.
سادساً: خرجت جميع الأحاديث الواردة في البحث، وما كان منها في صحيح البخاري، أو مسلم: اكتفيت به، وما لم يخرجه أحدهما، أو كلاهما خرجته من الصحاح، والسنن، والمسانيد المتبقية، مع بيان درجة الحديث معتمداً في ذلك على ما ذكره العلماء في ذلك.
سابعاً: خرجت الآثار الواردة في البحث من مصادرها، مع بيان درجة الأثر ما وجدت في ذلك نقلاً عن أهل هذا الفن.
وأحياناً إذا لم أجد حكماً للمتقدمين على الحديث، أو الأثر، أقوم بالنظر في إسناده والحكم عليه.
ثامناً: وضحت معنى ما يرد في هذا البحث من كلمات وألفاظ غريبة.
تاسعاً: عملت فهرساً لهذا البحث اشتمل ما يلي:
1- فهرساً لمصادر البحث ومراجعه.
2- فهرساً لموضوعات البحث.
3- الداعي لجمع أحكام الاعتكاف.
4- منهج البحث.
مخطط البحث:
- التمهيد، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: بيان حقيقته اللغوية والشرعية.
المطلب الثاني: بيان حكمته.
- الفصل الأول: أدلة مشروعيته، وحكمه، وقسماه، وزمنه
- المبحث الأول: أدلة مشروعيته.
فرع: لم يرد شيء في فضل الاعتكاف.
- المبحث الثاني: حكمه، وفيه مطالب:
المطلب الأول: حكمه لغير المرأة.
المطلب الثاني: حكمه للمرأة.
المطلب الثالث: حكمه في غير رمضان والعشر الأواخر منه.
- المبحث الثالث: قسما الاعتكاف.
- المبحث الرابع: زمن الاعتكاف المسنون، وفيه مطالب:
المطلب الأول: أقل زمنه وأكثره.
المطلب الثاني: الزمن المتأكد للاعتكاف.
المطلب الثالث: زمن الاستحباب لدخول المعتكف والخروج منه، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: زمن الدخول.
المسألة الثانية: زمن الخروج.(1/3)
- الفصل الثاني: شروط صحة الاعتكاف وأركانه
- المبحث الأول: شروط صحته، وفيه مطالب:
المطلب الأول: شرط الإسلام
المطلب الثاني: شرط العقل
المطلب الثالث: شرط التمييز
المطلب الرابع: شرط النية
المطلب الخامس: شرط الطهارة مع الحيض والنفاس والجنابة
فرع: اعتكاف المستحاضة.
المطلب السادس: شرط إذن السيد للرقيق والزوج للزوجه، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اعتبار إذن السيد.
المسألة الثانية: ملك السيد والزوج تحليل الرقيق والزوجة.
المسألة الثالثة: فروع تتعلق بالرقيق.
المطلب السابع: شرط الصوم
المطلب الثامن: شرط المسجد، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اعتبار المسجد لصحة الاعتكاف
المسألة الثانية: ضابط المسجد الذي يشرع فيه الاعتكاف، وفيها أمران:
الأمر الأول: ضابطه للرجل.
الأمر الثاني: صابطه للمرأة.
المسألة الثالثة: ما يدخل في مسمى المسجد، وفيها أمور:
الأمر الأول: ما أعد للصلاة.
الأمر الثاني: سطح المسجد.
الأمر الثالث: رحبة المسجد.
الأمر الرابع: منارة المسجد، وفيه فروع:
الفرع الأول: أن يكون بابها في المسجد.
الفرع الثاني: أن يكون بابها خارج المسجد.
الفرع الثالث: أن يكون في رحبة المسجد.
الأمر الخامس: البيت المعد لاختزان سرج المسجد.
المسألة الرابعة: أفضل المساجد للاعتكاف.
المسألة الخامسة: تغيير المعتكف لمسجد اعتكافه.
- المبحث الثاني: أركان الاعتكاف.
- الفصل الثالث: الخروج من المسجد ومبطلات الاعتكاف
- المبحث الأول: الخروج من المسجد، وفيه مطالب:
المطلب الأول: أقسامه، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الخروج ببعض البدن.
المسألة الثانية: الخروج بجميع البدن لا عذر.
المسألة الثالثة: الخروج لأمر لا بد منه شرعاً أو طبعاً، وفيها أمران:
الأمر الأول: الخروج لقضاء الحاجة ونحو ذلك.
الأمر الثاني: الخروج للطهارة الواجبة، وفيه فروع:
الفرع الأول: أن لا يمكنه التطهر في المسجد.
الفرع الثاني: أن يمكنه التطهر في المسجد.(1/4)
الفرع الثالث: تطهره في بيته.
الأمر الثالث: الخروج للأكل والشرب.
الأمر الرابع: الخروج لصلاة الجمعة، وفيه فروع:
الفرع الأول: أثره على الاعتكاف.
الفرع الثاني: زمن الخروج من المعتكف.
الفرع الثالث: زمن الرجوع إلى المعتكف.
المسألة الرابعة: الخروج لعذر غير معتاد.
المسألة الخامسة: الخروج لقربة من القرب.
المطلب الثاني: اشتراط الخروج في الاعتكاف، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: حكمه.
المسألة الثانية: نوعاه، وفيه أمران:
الأمر الأول: أن يكون عاماً.
الأمر الثاني: أن يكون خاصاً.
المسألة الثالثة: فائدة الاشتراط.
المطلب الثالث: قضاء زمن الخروج للاعتكاف الواجب، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن يكون خروجه لعذر معتاد.
المسألة الثانية: أن يكون خروجه لعذر غير معتاد.
- المبحث الثاني: مبطلات الاعتكاف، وفيه مطالب:
المطلب الأول: الجماع، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: كونه مبطلاً.
المسألة الثانية: وجوب الكفارة بالجماع.
المطلب الثاني: مباشرة الزوجة ونحوها.
المطلب الثالث: إنزال المني، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: إ نزاله بمباشرة.
المسألة الثانية: إنزاله باحتلام.
المسألة الثالثة: إنزاله بالتفكر.
المسألة الرابعة: إنزاله بالنظر.
المسألة الخامسة: إنزاله باستمناء.
المطلب الرابع: طروء الحيض والنفاس، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: كونه مبطلاً.
المسألة الثانية: ما يشرع للمعتكفة بعد طروء الحيض والنفاس.
المسألة الثالثة: أثره على الاعتكاف الواجب عند من لم يعتبره مبطلاً.
المطلب الخامس: طروء الإغماء والجنون، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: كونهما من المبطلات.
المسألة الثانية: أثر ذلك على الاعتكاف الواجب عند من لم يره مبطلاً. وفيها أمران:
الأمر الأول: أن لا يخرج من المسجد.
الأمر الثاني: أن يخرج من المسجد.
المطلب السادس: السكر.
المطلب السابع: فعل كبيرة من الكبائر.
المطلب الثامن: الردة، وفيه مسألتان:(1/5)
المسألة الأولى: كونها مبطلة.
المسألة الثانية: أثرها على الاعتكاف الواجب.
المطلب التاسع: إفساد الصوم.
المطلب العاشر: قطع نية الاعتكاف.
المطلب الحادي عشر: الموت.
المطلب الثاني عشر: شروط المبطلات السابقة.
- الفصل الرابع: ما يشرع للمعتكف وما يباح له وما ينهى عنه وفيه مباحث:
- المبحث الأول: ما يشرع للمعتكف، وفيه مطالب:
المطلب الأول: العبادات المحصنة.
المطلب الثاني: العبادات المتعدية.
المطلب الثالث: أخذ ما يحتاج إليه من ثياب ونحوها.
المطلب الرابع: اتخاذ حجرة أو خبا يستتر به المعتكف.
المطلب الخامس: ترك ما لا يعنيه.
المطلب السادس: التبكير إلى صلاة الجمعة.
المطلب السابع: المكث في المسجد ليلة العيد.
- المبحث الثاني: ما يباح للمعتكف، وفيه مطالب:
المطلب الأول: الأكل والشرب في المسجد.
المطلب الثاني: النوم في المسجد.
المطلب الثالث: لزوم بقعة بعينها في المسجد.
المطلب الرابع: لبس الثياب الحسنة والطيب.
المطلب الخامس: غسل الرأس وتسريحه ودهنه.
المطلب السادس: أخذ سنن الفطرة.
المطلب السابع: عيادة المريض والصلاة على الجنازة، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن يكون ذلك داخل المسجد.
المسألة الثانية: أن يكون ذلك خارج المسجد.
المطلب الثامن: الوضوء في المسجد.
المطلب التاسع: زيارة المعتكف.
المطلب العاشر: زواجه وتزويجه وأذانه وإصلاحه بين الناس.
المطلب الحادي عشر: أمره بحاجته.
- المبحث الثالث: ما ينهى عنه المعتكف، وفيه مطالب:
المطلب الأول: كل ما يؤدي إلى إبطال الاعتكاف بلا عذر.
أو يخل بمقصوده وحكمته.
المطلب الثاني: عقود المعاوضات، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن يكون ذلك في المسجد.
المسألة الثانية: أن يكون ذلك خارج المسجد.
المطلب الثالث: التكسب بالصنائع ي المسجد.
المطلب الرابع: البول في المسجد.
المطلب الخامس: إخراج الريح في المسجد.
المطلب السادس: الحجامة والفصد في المسجد.(1/6)
المطلب السابع: البصاق في المسجد.
المطلب الثامن: الصمت عن الكلام في المسجد.
- الفصل الخامس: نذر الاعتكاف، وفيه مباحث:
- المبحث الأول: أن يقيده بوصف، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أن يقيده بوصف الصلاة.
المطلب الثاني: أن يقيده بوصف الصيام.
- المبحث الثاني: أن يقيده بزمان، وفيه مطالب:
المطلب الأول: أن ينذر اعتكافاً مطلقاً.
المطلب الثاني: أن ينذر اعتكاف يوم.
المطلب الثالث: أن ينذر اعتكاف يومين.
المطلب الرابع: من نذر اعتكاف أكثر من يومين، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن تكون معينة.
المسألة الثانية: أن تكون مطلقة.
المطلب الخامس: من نذر اعتكاف شهر، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن يكون معيناً.
المسألة الثانية: أن يكون مطلقاً.
المطلب السادس: أن ينذر اعتكاف ليلة.
- المبحث الثالث: أني قيده بمكان، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أن ينذر الاعتكاف بأحد المساجد الثلاثة.
المطلب الثاني: أن ينذر الاعتكاف بمسجد غير المساجد الثلاثة.
- الفصل السادس: قضاء الاعتكاف، وفيه مباحث:
- المبحث الأول: قضاء الاعتكاف المستحب.
- المبحث الثاني: قضاء الاعتكاف الواجب على الحي.
- المبحث الثالث: قضاء الاعتكاف الواجب على الميت.
- الخاتمة.
- فهرس المصادر والمراجع.
- فهرس الموضوعات.
وحسبي أني بذلت الجهد، وأفرغت الوسع حتى يخرج هذا البحث على النحو المطلوب، والنهج المحمود، راجياً الله الإخلاص في القصد والصواب في العمل، فإن يكن فيه من صواب فمن الله، وإن يكن فيه من خطأ فمني ومن الشيطان، سائلاً الله عز وجل الصفح عن الزلل، والتوفيق لصالح النية والقول والعمل.
خالد بن علي بن محمد المشيقح
التمهيد
ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: بيان حقيقته اللغوية والشرعية.
المطلب الثاني: بيان حكمته.
المطلب الأول
بيان حقيقته اللغوية والشرعية
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: بيان حقيقته اللغوية.
المسألة الثانية: بيان حقيقته الاصطلاحية.(1/7)
المسألة الأولى: بيان حقيقته اللغوية:
قال ابن فارس: "العين والكاف والفاء أصل صحيح يدل على مقابلة وحبس"(7) ، والاعتكاف افتعال من عكف على الشيء يعكف ويعكف عكفاً وعكوفاً، وهو متعد فمصدره العكف، ولازم فمصدره العكوف (8) .
والمتعدي لغة: بمعنى الحبس والمنع، ومنه قوله تعالى: (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّه((9) ، أي محبوساً قاله قتادة (10) .
ويقال: عكفته عن حاجته، أي: منعته.
واللازم لغة بمعنى: ملازمة الشيء، والمواظبة والإقبال والمقام عليه خيراً كان أو شراً، ومنه قوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد((11) ، أي مقيمون، ومنه قوله تعالى: (مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ((12) ، أي: ملازمون. وقال تعالى: (وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً((13) ، أي: مقيماً.
ومن مجيئها بمعنى الإقبال: قول العجاج يصف ثوراً:
فهن يعكفن به إذا حجا عكف النبيط يلعبون الفنزجاء (14)
أي: يقبلن عليه.
والنبيط: قوم من العجم.
والنفزج: لعبة للعجم يأخذ كل واحد منهم بيد صاحبه ويستديرون راقصين (15) .
وقال الشاعر:
وظل بنات الليل حولي عكفاً عكوف البواكي بينهن صريع (16)
وعكفوا حول الشيء: استداروا.
وهو من باب ضرب وطلب أي يصح في مضارعه كسر عين الفعل وضمها (17) .
وقيل: عكف على الخير، وانعكف على الشر (18) .
وقال شيخ الإسلام: "والتاء في الاعتكاف تفيد ضرباً من المعالجة والمزاولة، لأن فيه كلفة، كما يقال: عمل واعتمل وقطع واقتطع"(19).
قال ابن هبيرة: "وهذا الاعتكاف المشروع لا يحل أن يسمى خلوة"(20).
وكأنه نظر إلى قول بعضهم:
إذا خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قلي علي رقيب (21)
قال ابن مفلح: "ولعل الكراهة أولى"(22).
ويسمى الاعتكاف جواراً (23)؛ لحديث عائشة ( قالت: "كان رسول الله ( يصغي إلي رأسه وهو مجاور في المسجد فأرجله وأنا حائض"(24).(1/8)
وفي حديث أبي سعيد الخدري (، أن النبي ( قال: "إني كنت أجاور هذه العشر، ثم بدا لي أن أجاور العشر الأواخر"(25).
وعن ابن عباس وابن عمر ( قالا: "لا جوار إلا بصوم"(26).
المسألة الثانية: بيان حقيقته الشرعية:
يتفق قول الفقهاء على أنه في الشرع: لزوم مسجد لطاعة الله تعالى.
وإن كان بينهم ثمة تفاوت في التعريف في إثبات، أو حذف بعض الشروط والأركان؛ كالنية، والإسلام، والصوم، والكف عن الجماع...إلخ.
فمثلاً من تعاريف الحنفية: هو اللبث في المسجد مع الصوم ونية الاعتكاف (27).
ومن تعاريف المالكية: هو لزوم مسلم مميز مسجداً مباحاً بصوم كافاً عن الجماع ومقدماته يوماً وليلة فأكثر للعبادة بنية (28).
ومن تعاريف الشافعية: اللبث في المسجد من شخص مخصوص بنية (29).
ومن تعاريف الحنابلة: لزوم المسجد لطاعة الله على صفة مخصوصة عاقل، ولو مميزاً طاهر مما وجب غسلاً (30).
وعرفه ابن حزم بأنه: "الإقامة في المسجد بنية التقرب إلى الله عز وجل ساعة فما فوقها ليلاً أو نهاراً".
وعلى هذا فالاعتكاف في الشرع: لزم مسجد لعبادة الله تعالى من شخص مخصوص على صفة مخصوصة.
قال شيخ الإسلام: "لو قيل: لعبادة الله تعالى كان أحسن - أي بدلاً من طاعة الله تعالى - فإن الطاعة موافقة الأمر، وهذا يكون بما هو في الأصل عبادة كالصلاة، وبما هو في الأصل غير عبادة، وإنما يصير عبادة بالنية، كالمباحات كلها بخلاف العبادة فإنها التذلل للإله سبحانه وتعالى"(31).
وقال شيخ الإسلام: "ولما كان المرء لا يلزم ويواظب إلا من يحبه ويعظمه، كما كان المشركون يعكفون على أصنامهم وتماثيلهم، ويعكف أهل الشهوات على شهواتهم شرع الله لأهل الإيمان أن يعكفوا على ربهم سبحانه وتعالى.
وأخص البقاع بذكر اسمه سبحانه والعبادة له بيوته المبنية لذلك، فلذلك كان الاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله"(32).(1/9)
والاعتكاف من الشرائع القديمة (33)، كما قال تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ((34).
وقال تعالى: (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً((35)، وقال تعالى: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً((36).
قال شيخ الإسلام: "ولأن مريم عليها السلام قد أخبر الله سبحانه أنها جعلت محررة له، وكانت مقيمة في المسجد الأقصى في المحراب، وأنها انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً فاتخذت من دونهم حجاباً، وهذا اعتكاف في المسجد واحتجاب فيه"(37).
ولحديث ابن عمر ( ، في نذر عمر أن يعتكف ليلة في الجاهلية، فقال النبي ( : "أوف بنذرك"(38).
المطلب الثاني: بيان حكمته
أما حكمة شرعية الاعتكاف فبينها ابن القيم رحمه الله بقوله:(1/10)
"لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى، متوقفاً على جمعيته على الله، ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى، فإن شعث القل لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام، مما يزيده شعثاً، ويشتته في كل واد، ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى، أو يضعفه، أو يعوقه ويوقفه: اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب، ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرعه بقدر المصلحة، بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه، ولا يضره ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحدث سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبه، والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصير الهم كله به، والخطرات كلها بذكره، والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلاً من أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم"(39).
والحكمة من تخصيصه ( العشر الأواخر من رمضان، فقد بينها ( ، كما في حديث أبي سعيد الخدري ( ، أن النبي ( : "اعتكف الشعر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه، فقال: إني أعتكف العشر الأول ألتمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أتيت فقيل: إنها في العشر الأواخر، فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف فاعتكف الناس معه..."(40).
الفصل الأول
أدلة مشروعيته، وحكمه، وقسماه، وزمنه
وفيه مباحث:
المبحث الأول: أدلة مشروعيته.
المبحث الثاني: حكمه.
المبحث الثالث: قسماه.
المبحث الرابع: زمنه.
المبحث الأول
أدلة مشروعيته(1/11)
الاعتكاف مشروع بالكتاب والسنة وآثار الصحابة والإجماع.
فالكتاب:
قوله تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ((41).
وقوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد((42).
فإضافة الاعتكاف إلى المساجد المختصة بالقربات، وترك الوطء المباح لأجله دليل على أنه قربة.
وأما السنة وآثار الصحابة:
فكثيرة؛ منها: حديث عائشة ( قالت: "كان رسول الله ( يعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده"(43).
ويأتي في ثنايا البحث كثير من الأحاديث النبوية.
وأما آثار الصحابة ( ، فتقدم قريباً عن ابن عمر وابن عباس ( (44)، ويأتي أيضاً في ثنايا البحث عن علي وابن مسعود وحذيفة وابن عمر، وغيرهم ( .
وأما الإجماع:
فنقلة غير واحد من العلماء:
قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضاً إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذراً فيجب عليه"(45).
وقد نقله أيضاً ابن حزم (46)، والنووي (47)، وابن قدامة (48)، وشيخ الإسلام (49)، والقرطبي (50)، وابن هبيرة (51)، والزركشي (52)، وغيرهم (53).
(فرع)
ولم يرد في فضل الاعتكاف شيء من الأحاديث الثابتة عن النبي ( قال أبو داود في مسائله: "قلت لأحمد تعرف في فضل الاعتكاف شيئاً؟ قال: لا، إلا شيئاً ضعيفاً"(54).
وقد روى ابن عباس ( أن رسول الله ( قال في المعتكف: "هو الذي يعكف الذنوب ويجرى له من الحسنات كعامل الحسنات كلها"(55).
وروى أبو الدرداء مرفوعاً: "من اعتكف ليلة كان له كأجره عمرة، ومن اعتكف ليلتين كان له كأجر عمرتين.." (56)، ثم ذكر على قدر ذلك.
المبحث الثاني
وفيه ثلاث مطالب:
المطلب الأول: حكمه لغير المرأة.
المطلب الثاني: حكمه للمرأة.
المطلب الثالث: حكمه في غير رمضان والعشر الأواخر منه.
المطلب الأول: حكمه لغير المرأة:(1/12)
حكم الاعتكاف لغير سنة، وقد حكي إجماعاً (57).
لأدلة مشروعية الاعتكاف المتقدمة (58).
وعن الإمام ملك: كراهة الاعتكاف أخذها ابن رشد (59)، من قول الإمام مالك: "ما رأيت صحابياً اعتكف، وقد اعتكف ( حتى قبض وهم أشد الناس فلم أزل أفكر حتى أخذ بنفسي أنه لشدته نهاره وليله سواء كالوصال المنهي عنه مع وصاله المنهي عنه".
وقال أيضاً: ما بلغني أن أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ولا ابن المسيب، ولا أحداث من سلف هذه الأمة اعتكف إلا أبا بكر بن عبد الرحمن وذلك - والله أعلم - لشدة الاعتكاف"(60).
وعلل بعض المالكية: ما ظهر عن الإمام مالك من كراهية الاعتكاف، أنه من الرهبانية المنهي عنها (61).
وعلل ابن رشد: أن مالكاً كرهه مخافة أن لا يوفي شرطه (62).
وأخذ منه بعض المالكية: استحباب الاعتكاف دون سنيته (63).
ولا يسلم ما ذكره الإمام مالك رحمه الله، فإن الصحابة ( اعتكفوا معه في حياته ( ، لما روى أبو سعيد ( أن النبي ( : "اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط... فكلم الناس فدنوا منه، فقال: إني اعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لي: إنها في العشر الأواخر فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف فاعتكف الناس معه..."(64).
وأيضاً: اعتكف أزواجه بعده.
قال ابن حجر رحمه: "لعل أراد صفة مخصوصة، وإلا فقد حكيناه عن غير واحد من الصحابة أنه اعتكف"(65).
كعلي بن أبي طالب (66)، ويعلى بن أمية ( (67).
وروى عطاء قال: "كان ابن عمر إذا أراد أن يعتكف ضرب خباء أو فسطاطاً، فقضى فيه حاجته، ولا يأتي أهله، ولا يدخل سقفاً"(68).
وأيضاً تبيين الصحابة ( لأحكامه يظهر منه فعلهم له (69).
وإلحاق الإمام مالك الاعتكاف بالوصال فيه نظر، إذ الاعتكاف ثبت بأمره ( وفعله، بخلاف الوصال فقد نهى ( إلا إلى السحر (70).
وأيضاً فإن الوصال يضعف البدن، بخلاف الاعتكاف.(1/13)
وأما إلحاق بعض المالكية له بالرهبانية المنهي عنها. فغير مسلم، لما تقدم من أدلة مشروعيته.
وقد روى أبو داود عن الإمام أحمد أنه قال: "لا أعلم عن أ؛د من العلماء خلافاً أنه مسنون" (71).
وقال الزهري: "عجباً من الناس كيف تركوا الاعتكاف؟ ورسول الله ( كان يفعل الشيء ويتركه، وما ترك الاعتكاف حتى قبض"(72).
المطلب الثاني: حكمه للمرأة (73):
اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الاعتكاف للمرأة على قولين:
القول الأول: أنه يسن لها الاعتكاف كالرجل.
وهو قول جمهور أهل العلم (74).
القول الثاني: أنه يكره للمرأة الشابة.
وبه قال القاضي من الحنابلة (75).
الأدلة:
استدل الجمهور بالأدلة الآتية:
1- عمومات أدلة مشروعية الاعتكاف (76) وهي تشمل الرجل والمرأة الشابة.
2- قوله تعالى - عن مريم -: (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً((77)، وقوله تعالى: ( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَاب((78).
فمريم عليها السلام أخبر الله سبحانه أنها جعلت محررة له، وكانت مقيمة في المسجد الأقصى في المحراب، وأنها انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً فاتخذت من دونهم حجاباً، وهذا اعتكاف في المسجد واحتجاب فيه وشرع ما قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بنسخه (79).
3- حديث عائشة ( ، وفيه: "إذنه ( لعائشة وحفصة ( أن يعتكفا معه"(80). وكانتا شابتين.
4- حديث عائشة ( قالت: "اعتكفت معه امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة فربما وضعت الطست (81) تحتها وهي تصلي"(82).
وقد جاء مفسراً بأنها أم سلمة، وهي ليست عجوزاً (83).
5- حديث عائشة ( قالت: "كن المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله ( بإخراجهن من المسجد وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن"(84). وحيضها يدل على عدم كبرها.(1/14)
6- أنه لا يكره لها خروجها لمصلحة متعينة من عيادة أهلها ونحو ذلك، ولا يكره لها حج النافلة بل هو جهادها مع أن خوف الفتنة به اشد لما لم يكن فعله إلا كذلك، وكذا الاعتكاف (85).
ودليل من قال بالكراهة للشابة:
1- حديث عائشة ( وفيه: "أمر النبي ( بنقض قباب أزواجه لما أردن الاعتكاف معه"(86).
ونوقش هذا الاستدلال: بأن النبي ( أمر بنقض الأبنية لما خافه عليهن من المنافسة والغيرة، ولهذا قال: "آلبر يردن؟"(87).
2- حديث عائشة ( قالت: "لو أدرك رسول الله ( ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل"(88).
ونوقش هذا الاستدلال: بأنه لا يدل على عدم مشروعية الاعتكاف للشابة لذات العبادة، وإنما يدل على منع المرأة من المسجد إذا خشيت الفتنة منها أو من غيرها.
3- ولأنه خروج من البيت لغير حاجة فكره للشاة كالخروج للجمعة والجماعة (89).
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: عدم تسليم كراهة الجمعة والجماعة للشابة.
الوجه الثاني: أن الخروج للجمعة والجماعة لها مندوحة عنه بأن تصلي في بيتها (90).
الترجيح:
الراجح - والله أعلم- القول الأول؛ لعموم الأدلة، وصراحتها؛ ولأن الأصل أن ما ثبت في حق الرجل ثبت في حق المرأة إلا لدليل، ولمناقشة دليل القول الآخر.
المطلب الثالث
حكمه في غير رمضان والعشر الأواخر منه
اختلف العلماء رحمه الله في حكم الاعتكاف في غير رمضان وفي غير العشر الأواخر منه على قولين:
القول الأول: أنه مسنون.
وهو قول جمهور أهل العلم (91).
القول الثاني: أنه سنة في رمضان جائز في غيره.
وبه قال بعض المالكية (92).
وقال بعض المالكية: سنة في العشر الأواخر جائز فيما عداها (93).
قال ابن عبد البر: "والاعتكاف هو في العشر الأواخر من رمضان سنة، وفي غير رمضان جائز"(94).
وقال أيضاً: "وأجمعوا أن سنة الاعتكاف المندوب إليها شهر رمضان كله أو بعضه وأنه جائز في السنة كلها إلا ما ذكرنا"(95).(1/15)
قال ابن العربي المالكي: "وهو سنة وليس ببدعة، ولا يقال فيه: مباح فإنه جهل من أصحابنا الذين يقولون في كتبهم الاعتكاف جائز"(96).
الأدلة: استدل الجمهور على مشروعية الاعتكاف في غير رمضان بالأدلة الآتية:
1- عمومات أدلة الاعتكاف (97).
وهذه تشمل رمضان وغيره، والعشر وغيرها.
2- حديث عائشة ( قالت: "كان رسول الله ( إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه وترك الاعتكاف في رمضان حتى اعتكف العشر الأواخر من شوال "رواه البخاري (98)، وعند مسلم: "العشر الأول من شوال"(99).
فدل على أن غير رمضان والعشر محل لشرعية الاعتكاف.
ونوقش: أنه إنما اعتكف في شوال على سبيل القضاء ووقت القضاء ليس وقتاً للأداء.
3- حديث ابن عمر ( ، أن عمر سأل النبي ( قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام؟ قال: "فأؤف بنذرك"(100).
وهذا يشمل كل ليلة، فدل على أن غير رمضان والعشر محل لشرعية الاعتكاف.
ونوقش: بأن أمره ( لعمر ( إنما هو إجابة سؤال وليس أمراً ابتدائياً فلا يدل على المشروعية.
4- حديث أبي هريرة ( قال: "كان النبي ( يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً"(101)./
فدل على أن غير العشر محل لشرعية الاعتكاف.
5- ما رواه أنس ( قال: "كان رسول الله ( إذا كان مقيماً يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فإذا سافر اعتكف من العام المقبل عشرين"(102).
ولما روى أبي بن كعب ( أن رسول الله ( ، "كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فسافر ولم يعتكف فلما كان من العام المقبل اعتكف عشرين"(103).
ووجه الدلالة: أن النبي ( اعتكف عشرين يوماً فدل على مشروعية الاعتكاف في غير العشر، وليس هذا قضاء للاعتكاف، إذ لو كان قضاء لبادر به ( ، كما هو هدية ( (104).
6- ما روي عن النبي ( في اشترطاه الصوم أو عدم اشترطاه لصحة الاعتكاف.
7- ما ورد عن الصحابة ( في اشتراطه الصوم للاعتكاف أو عدم اشتراطه (105).(1/16)
وهذا مما يدل على شرعية الاعتكاف كل وقت غير رمضان والعشر؛ إذ العشر لا تكون إلا في رمضان، ورمضان يجب صومه فلو لم يشرع إلا في رمضان أو العشر لم يكن حاجة إلى القول باشتراطه الصوم أو عدمه.
8- ولأن المقصود من الاعتكاف جمع القلب على الله تعالى بالاعتكاف والإقبال عليه والإعراض عما عداه (106)، وهذا حاصل كل وقت، لكن يتأكد في بعض العبادات وله نظير من سائر العبادات تشرع كل وقت وتتأكد في بعض الأوقات.
ودليل الرأي الثاني والثالث:
حديث عائشة ( أن رسول الله ( "كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه"(107).
فالنبي ( لم يعتكف إلا في رمضان في العشر الأخير منه حتى توفاه الله.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن حديث عائشة دل على شرعية الاعتكاف في العشر الأواخر، وتقدم في أدلة الجمهور شرعية الاعتكاف في غير رمضان، وفي غير العشر.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من شرعية الاعتكاف كل وقت لقوة ما استدلوا به، ومناقشة أدلة المخالف.
المبحث الثالث: قسما الاعتكاف
ينقسم الاعتكاف إلى قسمين:
القسم الأول: الاعتكاف المسنون:
وهذا هو الأصل في الاعتكاف قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضاً إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذراً فيجب عليه"(108).
لما تقدم من أدلة مشروعية الاعتكاف (109).
القسم الثاني: الاعتكاف الواجب:
يجب الاعتكاف بالنذر إجماعاً (110).
لحديث عائشة ( ، أن النبي ( قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه"(111).
ولحديث ابن عمر ( :"أن عمر ( سأل النبي ( قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال: أوف بنذرك"(112).
وهل يجب الاعتكاف بالشروع فيه؟
فيه قولان لأهل العلم:
القول الأول: أنه لا يجب بالشروع فيه.
وهو قول جمهور أهل العلم.
القول الثاني: أنه يجب بالشروع فيه بمعنى أنه إذا قطعه وجب عليه أن يق يه.(1/17)
وهذا هو المشهور عند المالكية (113).
مسألة:
قال شيخ الإسلام: "فإن قيل: إذا كان له الخروج منه، ثم له أن يدخل فيه متى شاء فما معنى قولهم: يحرم على المعتكف كذا، ويجب عليه كذا؟ قيل: له فوائد:
إحداها: أن المحرمات في الاعتكاف من المباشرة والخروج من المسجد لغير حاجة، إنما له أن يفعلها إذا نوى ترك الاعتكاف، فيكون فعله على وجه الترك للاعتكاف، فلا يكون حين فعله معتكفاً، أما أن يستديم نية الاعتكاف ويفعل ذلك فلا يحل له ذلك، بل يكون قد اتخذ آيات هزواً، ويكون بمنزلة الحائض إذا أمسكت تعتقد الصوم صحيحاً وبمنزلة ما لو تكلم أو أحدث في الصلاة مع بقاء اعتقاد الصلاة، وهذا لأن العبادة التي ليست واجبة إذا أراد أن يفعلها، فإنه يجب أن يفعلها على الوجه المشروع، وليس أن يخل بأركانها وشروطها وإن كان له تركها بالكلية.
الثانية: أنه إذا فعل ما ينافيه من خروج ومباشرة انقطع الاعتكاف، فلو أراد أن يعود إليه كان اعتكافاً ثانياً يحتاج إلى تجديد نية، ولا يكفيه استصحاب حكم النية الأولى حتى إنا إذا لم نجوز الاعتكاف أقل من يوم فاعتكف بعض يوم ثم قطعه، ثم أراد أن يتمه باقي اليوم لم يصح ذلك كما لو أصبح صائماً ثم أكل، ثم أراد أن يتم الصوم.
الثالثة: أنه إذا نذر الاعتكاف معيناً أو مطلقاً صارت هذه الأمور واجبة عليه، وحرم عليه ما ينافي الاعتكاف بكل حال، كما لو نذر صوماً معيناً، أو صلاة مؤقتة، أو مطلقة"(114).
المبحث الرابع: زمن الاعتكاف المسنون (115)
وفيه مطالب:
المطلب الأول: أقل زمن الاعتكاف وأكثره.
المطلب الثاني: الزمن المتأكد للاعتكاف.
المطلب الثالث: زمن الاستحباب لدخول المعتكف وزمن الخروج منه.
المطلب الأول: أقل زمن وأكثره.
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أقله
اختلف العلماء في أقل زمن الاعتكاف على أقوال:
القول الأول: أن أقل مدته يوم.
وهو رواية عن أبي حنيفة (116)، وبه قال بعض المالكية (117)، ووجه عند الشافعية (118).(1/18)
القول الثاني: أن أقل مدته يوم وليلة.
وهو مذهب المالكية (119).
القول الثالث: أن أقل مدته عشرة أيام.
وهو رواية عن الإمام مالك (120).
القول الرابع: أن أقل مدته لحظة.
وهو قول أكثر العلماء (121).
فعند الحنفية: جاء في الدر المختار: "وأقله نفلاً ساعة من ليل أو نهار عند محمد وهو ظاهر الرواية عن الإمام، وبه يفتى، والساعة في عرف الفقهاء جزء من الزمان لا جزء من أربعة وعشرين كما يقوله المنجمون"(122).
وعند الشافعية: جاء في المجموع: "الصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور: أنه يشترط لبث في المسجد، وأنه يجوز الكثير منه والقليل حتى ساعة أو لحظة"(123).
وعند بعض الشافعية: يكفي المرور في المسجد من غير لبث وعلى هذا فلو مر من باب إلى باب آخر، ونوى حصل الاعتكاف (124).
وعند الحنابلة: جاء في الإنصاف: "أقله إذا كان تطوعاً، أو نذراً مطلقاً ما يسمى به معتكفاً لابثاً، قال في الفروع: ظاهره ولو لحظة"(125).
الأدلة:
دليل من ذهب إلى أن أقله يوم:
1- أن من شرط صحة الاعتكاف الصوم، والصوم لا يصح أقل من يوم.
ونوقش: بعدم تسليم اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف (126).
وأيضاً: فإن العبادة لا تكون مقدرة بشرطها (127).
2- أنه جاء عن بعض الصحابة: أنه لا اعتكاف إلا بصوم (128)، والصوم لا يكون إلا في يوم كامل، فكذار الاعتكاف لا يكون إلا في يوم كامل لاشتراطه الصوم فيه.
ونوقش: بما قاله ابن حزم: "إنه لم يأت عنهم لا اعتكاف أقل من يوم كامل إنما جاء عنهم أن الصوم واجب في حال الاعتكاف فقط، ولا يمتنع أن يعتكف المرء على هذا ساعة في يوم هو فيه صائم"(129).
ودليل من ذهب إلى أن أقله يوم وليلة: فحديث عمر ( ، وفيه تقديره بيوم وليلة فكان ذلك أقله (130).
وورد عن ابن عمر ( أنه قال: "لا اعتكاف أقل من يوم وليلة"(131).
ودليل من قال "أقله عشرة": أن النبي ( اعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله (132).
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:(1/19)
الوجه الأول: بعدم التسليم فإن النبي ( اعتكف أكثر من عشرة أيام كما تقدم قريباً في حديث أبي هريرة، وأنس، وأبي بن كعب ( (133).
الوجه الثاني: ما قالهج بان حزم: "فإن قيل: لم يعتكف رسول الله ( أقل من عشر ليال؟ قلنا: ولم يمنع من أقل من ذلك، وكذلك أيضاً لم يعتكف قط في غير مسجد المدينة، فلا تجيزوا الاعتكاف في غير مسجده عليه السلام، ولا اعتكاف قط إلا في رمضان... والاعتكاف فعل خير فلا يجوز المنع منه إلا بنص وارد بالمنع"(134).
ودليل من قال أقله لحظة:
1- قوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ((135).
قال ابن حزم: "فالقرآن نزل بلسان عربي مبين، وبالعربية التي خاطبنا رسول الله ( ، والاعتكاف في لغة العرب الإقامة... فكل إقامة في مسجد لله تعالى بنية التقرب إليه اعتكاف... مما قل من الأزمان أو كثر؛ إذ لم يخص القرآن والسنة عدداً من عدد، ووقتاً من وقت"(136).
ونوقش هذا الاستدلال: بالتسليم أن الاعتكاف في لغة العرب الإقامة، لكن كون النبي ( وصحابته لم يرد عنهم اعتكاف لحظة مع تكرر مجيئهم إلى المسجد وجلوسهم فيه، لانتظار الصلاة، وسماع الخطبة، وحضور مجالس العلم يدل على عدم شرعية ذلك.
2- ما يروى عن النبي ( ، أنه قال: "من اعتكف فواق ناقة فكأنما أعتق نسمة من ولد إسماعيل"(137).
ونوقش: بعدم ثبوته عنه ( .
3- ما ورد عن يعلى بن أمية ( : "إني لأمكث في المسجد الساعة، وما أمكث إلا لأعتكف"(138).
ونوقش: بأنه مخالف لظاهر سنته ( وسنة صحابته، حيث لم يرد عنهم نية الاعتكاف مدة لبثهم في المسجد لصلاة ونحوها.
4- أن الاعتكاف في اللغة يقع على القلي والكثير، ولم يحده الشرع بشيء يخصه فبقي على أصله (139).
ونوقش: بما نوقش به الدليل الأول.
دليل من قال: يكفي مجرد المرور بالمسجد دون اللبث، القياس على الوقوف بعرفة، حيث يكفي فيه مجرد المرور (140).
الترجيح:(1/20)
لعل أقرب الأقوال - والله أعلم - أن أقل الاعتكاف يوم أو ليلة، ولعله يستأنس لهذا بما تقدم من إذنه ( لعمر ( أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام وفاء لنذره.
ولما ورد عن الصحابة ( (141)، والسلف الصالح في اشتراط الصوم، أو عدم اشتراطه (142)، والصوم لا يكون أقل من يوم، والله أعلم.
وأيضاً لو شرع اعتكاف أقل من يوم لورد عن النبي ( ، وأمر به الصحابة، واشتهر عنهم، لتكرر مجيئهم إلى المسجد.
فالصحابة ( كانوا يجلسون في المسجد لانتظار الصلاة، وسماع الخطبة، أو العلم، وغير ذلك، ولم يرد عنهم قصد الاعتكاف.
ويترتب على هذا أنه لا يشرع الاعتكاف لمن قصد المساجد مدة لبثه، كما صرح به الشافعية والحنابلة (143).
وفي الاختيارات: "ولم ير أبو العباس لمن قصد المسجد للصلاة، أو غيرها أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه"(144).
المسألة الثانية: أكثره:
أما أكثر الاعتكاف فلا حد له (145) ما لم يتضمن محذوراً شرعياً؛ لعموم قوله تعالى: ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ((146).
ولم يرد ما يدل على التخصيص.
قال ابن الملقن: "فيه - أي حديث عائشة: "أن رسول الله ( كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله" (147) أن الاعتكاف لا يكره في وقت من الأوقات، وأجمع العلماء على أن لا حد لأكثره"(148).
وأما اقتصار النبي ( على اعتكاف العشر الأواخر فلا يدل على التخصيص، وإنما ذلك لسبب آخر وهو طلب ليلة القدر، إذ هي في تلك الليالي، ولهذا في حديث أبي سعيد ( أنه اعتكف العشر الأوسط فأخبر أنها في العشر الأواخر فاعتكف العشر الأواخر طلباً لها"(149).
وتقدم قريباً في حديث أبي هريرة، وأنس، وأبي بن كعب ( ، اعتكافه ( عشرين يوماً (150).
لكن عند المالكية: منتهى المندوب شهر، ويكره أن يزيد على الشهر (151).
ولم أقف على دليل لهذا التفصيل، والله أعلم.
المطلب الثاني: الزمن المتأكد للاعتكاف:(1/21)
تقدم شرعية الاعتكاف كل وقت، لكن يتأكد في شهر رمضان، ويتأكد تأكداً آخر في العشر الأواخر منه (152).
لما تقدم من حديث عائشة ( قالت: "كان رسول الله ( يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل"(153) وذلك طلباً لليلة القدر.
وعند الحنفية: أن اعتكاف العشر الأواخر من رمضان سنة مؤكدة على الكفاية إذا قام بها بعض المسلمين سقط الطلب عن الباقين، فإن واظبوا على تركها بلا عذر أثموا (154).
المطلب الثالث
زمن الاستحباب لدخول المعتكف وزمن الخروج منه
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: زمن الدخول.
المسألة الثانية: زمن الخروج.
المسألة الأولى: زمن الدخول:
اختلف أهل العلم رحمهم الله في الوقت المستحب لدخول المعتكف على قولين:
القول الأول: أنه من قبل غروب شمس ليلة الحادي والعشرين.
وبه قال جمهور أهل العلم (155).
القول الثاني: أنه من بعد صلاة الصبح من يوم الحادي والعشرين.
وهو رواية عن الإمام أحمد (156)، وبه قال الأوزاعي، ورواية عن الليث (157)، ومال إليه الصنائعي (158).
الأدلة:
1- حديث أبي سعيد الخدري ( ، أن النبي ( قال: "إني اعتكف العشر الأول ألتمس هذه الليلة، ثم أعتكف العشر الأوسط، ثم أتيت فقيل لي: إنها في العشر الأواخر، فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف، فاعتكف الناس معه".
وفي لفظ: "فليعتكف العشر الأواخر"(159).
وجه الدلالة:
دل هذا الحديث على أن زمن دخول المعتكف من بعد غروب الشمس ليلة إحدى وعشرين، لقوله: "فليعتكف العشر الأواخر"؛ إذ العشر بغير هاء عدد الليالي، وأول هذه الليالي ليلة إحدى وعشرين (160).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن العشر بغير هاء تطلق على الأيام كقوله ( :"ما من أيام العمل الصالح فيما أحب إلى الله من هذه العشر - يعني عشر ذي الحجة "(161).
ورد بأن العشر وإن أطلقت على الأيام، فالمراد هنا الليالي.
الوجه الثاني: أن المقصوم بالعشر هنا الأيام بدليل أنه ( دخل بعد صلاة الصبح.(1/22)
ورد: بعدم تسليمه كما سيأتي.
2- أن ليلة القدر ترجى في أوتار العشر، ومنها ليلة إحدى وعشرين، ولهذا النبي ( ، كما في حديث أبي سعيد ( عن اعتكف طلباً لها الشعر الأوسط ثم العشر الأواخر، فيستحب أن يدخل معتكفه قبل غروب شمس ليلة إحدى وعشرين (162).
دليل الرأي الثاني:
استدل هذا الرأي: ما روته عائشة ( أن النبي ( "كان إذا صلى الصبح دخل معتكفه"(163).
وهذا نص في محل النزاع.
ونوقش هذا الاستدلال بهذا الحديث من وجوه:
الوجه الأول: أن معنى الحديث أنه انقطع في معتكفه، وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح، لا أن ذلك كان وقت ابتداء اعتكافه، بل كان ابتدأه قبل الغروب لابثاً في جملة المسجد (164).
وأجيب: بأنه صرف للفظ عن ظاهره بلا دليل، وأيضاً فإن عادته ( أنه لا يخرج من بيته إلا عند الإقامة (165).
ورد: بوجود الدليل كما في أدلة الجمهور.
وأما كونه ( لا يخرج إلا عند الإقامة فيستثنى منه الاعتكاف لما استدل به الجمهور.
الوجه الثاني: أنه محمول على الجواز، إن سلم ذلك عنه ( وإن كان وقت الاستحباب قبل الغروب (166).
وأجيب: أنه لو كان وقت الاستحباب قبل الغروب لما تأخر عنه النبي ( ولبادر إليه كما هو شأنه ( .
ورد: بعدم تسليم تأخره ( .
الوجه الثالث: أنه محمول على أنه يدخل معتكفه بعد صلاة الصبح في اليوم العشرين، ليستزيد يوماً قبل دخول العشر (167).
وأجيب: أنه خلاف ما نقل عنه ( في حديث عائشة أنه كان يعتكف العشر الأواخر، فظاهره أنه كان لا يزيد عليها شيئاً.
الترجيح:
الراجح والله أعلم ما ذهب إليه أهل القول الأول؛ لظاهر حديث أبي سعيد الخدري ( ولكونه أحوط، والله أعلم.
المسألة الثانية: زمن الخروج:
استحب كثير من العلماء أن يكون خروجه من معتكفه عند خروجه إلى صلاة العيد (168)، وإن خرج قبل ذلك جاز.
وهذا فعل كثير من السلف، كابن عمر ( (169)، والمطلب ابن حنطب (170)، وأبي قلابة (171)، وأبي بكر بن عبد الرحمن (172)، وغيرهم.(1/23)
فعن الإمام مالك: "أنه رأى بعض أهل العلم إذا اعتكفوا العشر الأواخر من رمضان لا يرجعون إلى أهليهم حتى يشهدوا الفطر مع الناس".
وقال مالك: "وبلغني عن أهل الفضل الذين مضوا، وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك"(173).
وقال إبراهيم النخعي: "كان يستحبون للمعتكف أن يبيت ليلة الفطر في المسجد حتى يكون غدوه منه إلى العيد"(174).
ولكي يصل عبادة بعبادة (175).
وقال الأوزاعي: يخرج إذا غربت الشمس من آخر يوم من أيام العشر (176).
لأن العشر تزول بزوال الشهر، والشهر يزول بغروب الشمس من ليلة الفطر (177).
وقال سحنون وابن الماجشون: إن خرج عند غروب الشمس من آخر يوم من أيام العشر يعيد اعتكافه؛ لأن كل عبادتين جرى عرف الشارع على اتصالهما، فاتصالهما على الوجوب كالطواف، وركعتيه (178).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: المنع، فلا يسلم وجوب الاتصال بين الاعتكاف وصلاة العيد، لأن كل واحدة من العبادتين يصح إفرادها، فلم تكن إحداهما من شرط الأخرى كالصوم والصلاة (179).
الوجه الثاني: عدم تسليم المقيس عليه، فلا يجب الاتصال بين الطواف وركعتيه.
قال ابن عبد البر: "ولم يقل بقولهما أي ابن الماجشون وسحنون أحد من أهل العلم، ولا وجه له في القياس؛ لأن ليلة الفطر ليست بموضع اعتكاف ولا صيام، ولا من شهر رمضان، ولا يصح عن النبي ( فيها شيء"(180).
قال ابن رشد: "وسبب الاختلاف: هل الليلة الباقية هل هي من حكم العشر أم لا؟"(181).
الفصل الثاني
شروط صحة الاعتكاف وأركانه
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: شروط صحته.
المبحث الثاني: أركانه.
المبحث الأول
شروط صحة الاعتكاف
وفيه مطالب:
المطلب الأول: شرط الإسلام.
المطلب الثاني: شرط العقل.
المطلب الثالث: شرط التمييز.
المطلب الرابع: شرط النية.
المطلب الخامس: شرط الطهارة من الحيض والنفاس والجنابة.
المطلب السادس: شرط إذن السيد والزوج للرقيق والزوجة.
المطلب السابع: شرط الصوم.
المطلب الثامن: شرط المسجد.
المطلب الأول(1/24)
شرط الإسلام
فلا يصح الاعتكاف من كافر أصلي أو مرتد؛ لقوله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِه((182) فإذا كانت النفقات - مع أن نفعها متعدٍ - لا تقبل من الكافر لكفره.
فالعبادات البدنية المحضة من باب أولى (183).
وقال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ((184)، وقال تعالى:(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ((185)، وقال تعالى عن الكفار: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً((186)، وقال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ((187).
ولأن الكافر ليس من أهل المسجد.
وهذا الشرط باتفاق الأئمة (188).
المطلب الثاني: شرط العقل
فلا يصح الاعتكاف من مجنون ولا سكران، ولا مغمى عليه؛ لحديث عمر ( أن النبي ( قال: "إنما الأعمال بالنيات" متفق عليه (189).
وهؤلاء لا قصد لهم معتبر، ولأنهم ليسوا من أهل العبادة.
وهذا الشرط باتفاق الأئمة (190).
المطلب الثالث: شرط التمييز (191)
فغير المميز لا يصح منه الاعتكاف؛ لما تقدم من الدليل في الشرط الثاني.
وهذا باتفاق الأئمة (192).
المطلب الرابع: شرط النية
لحديث عمر ( المتقدم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"(193).
ولأن اللبث في المسجد قد يقصد به الاعتكاف وقد يقصد به غيره فاحتيج إلى النية للتمييز بينهما.
وإن كان الاعتكاف واجباً فتجب نية الفرضية؛ لأن الاعتكاف منه ما هو واجب ومنه ما هو مستحب.
فلا بد من نية تميز بين نوعي العبادة (194).
وهذا باتفاق الأئمة (195).
قال ابن هبيرة: "واتفقوا على أنه لا يصح إلا بالنية"(196).(1/25)
وقال ابن رشد: "أما النية فلا أعلم فهيا اختلافاً"(197).
إلا أن المالكية (198)، والشافعية (199)، وشيخ الإسلام (200) ذكروا النية مع أركان الاعتكاف، ويأتي في المبحث الثاني من هذا الفصل.
المطلب الخامس:
شرط الطهارة من الحيض والنفاس والجنابة
اختلف العلماء - رحمهم الله - في حكم اعتكاف الحائض والنفساء والجنب على قولين:
القول الأول: الحرمة وعدم الصحة.
وهو قول جمهور أهل العلم (201).
لكن عند الحنفية: الطهارة من الحيض والنفاس شرط للصحة في الاعتكاف الواجب لاشتراط الصوم له.
وأما التطوع فالطهارة من الحيض والنفاس والجنابة شرط للحل دون الصحة (202).
القول الثاني: صحة اعتكافهم في المسجد.
وهو قول الظاهرية (203).
الأدلة:
استدل جمهور أهل العلم على عدم صحة اعتكاف الحائض والنفساء والجنب بالأدلة الدالة على تحريم لبثهم في المسجد - لكن عند الحنابلة: إذا توضأ الجنب جاز لبثه في المسجد - وهي كما يلي (204):
1- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا((205).
وجه الدلالة: أن الله نهى الجنب عن قربان مواضع الصلاة وهي المساجد (206)، وغذا ثبت هذا في الجنب فكذا الحائض، لأن حدثها آكد ولذلك حرم الوطء ومنع الصيام، وأسقط الصلاة، وساواها في أكثر الأحكام (207).
قال الشافعي: (قال بعض العلماء بالقرآن معناها لا تقربوا مواضع الصلاة، وما أشبه ما قال بما قال؛ لأنه ليس في الصلاة عبور سبيل، إنما السبيل في موضعها وهو المسجد) (208).
وقد ورد هذا التفسير عن أنس وابن مسعود وابن عباس ( (209).(1/26)
ويدل لهذا التفسير أيضاً: سبب نزول الآية، وهو أن رجالاً من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فكانت تصيبهم الجنابة ولا ماء عندهم فيريدون الماء ولا يجدون ممراً إلا في المسجد فأنزل الله تعالى: (وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ((210).
لكنه مرسل.
ونوقش هذا الاستدلال: أن هذا غير مسلم؛ لأن المسجد لم يذكر في أول الآية فيكون آخرها عائداً عليه، وإنما ذكرت الصلاة والصلاة لا تجوز للجنب إلا أن لا يجد ماء فيتيمم صعيدً طيباً. فمعنى الآية: أن الجنب لا يقرب الصلاة إلا أن تصيبه الجنابة وهو مسافر فيتيمم ويصلي حتى يجد الماء (211).
وقد ورد هذا المعنى عن علي، وابن عباس ( (212).
وقد أجاب الجمهور عن هذه المناقشة بأنه لا يصح تفسير قوله تعالى: (إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ((213)، بالمسافر؛ لأمرين:
الأول: أن الجنب إذا لم يجد ماء يجوز له أن يتيمم، سواء كان عابر سبيل أو مقيماً في البلد فيكون قوله: ( إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ ( قيد لا معنى له.
الثاني: أن الله تعالى قال فيما بعد: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُو((214)، فذكر التيمم فيما بعد للمسافر، لو كان هو المقصود في أول الآية لكان هذا تكراراً يصان القرآن عن مثله (215).
ويمكن أن يرد على هذا الجواب فيقال: أما الأمر الأول: فإن الله ذكر المسافر على سبيل التغليب.
وأما الأمر الثاني: فإن التكرار موجود في القرآن لأهميته، والله أعلم.
2- حديث عائشة ( : "أن النبي ( جاء رسول الله ووجوب بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب"(216).
ونوقش: بأنه ضعيف لا يثبت عن النبي ( .(1/27)
3- حديث أم عطية ( قالت: "أمرانا يعني النبي ( أن نخرج في العيدين العواتق (217) وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين"(218). والمسجد من باب أولى.
ونوقش الاستدلال بهذا الحديث من أوجه:
الأول: أن المراد بالمصلى الصلاة لئلا يقطعن الصفوف بدليل ما في صحيح مسلم: "فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين"(219).
ويمكن أن يجاب: أن المراد الصلاة وموضعها جمعاً بين الروايتين، وفي رواية للبخاري قالت:"فيكن خلف الناس يكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته"(220).
الثاني: أن حاصله قياس المسجد على المصلى، وبينهما فروق، فالمسجد "نهى ( أن يستقاد به وأن تنشد الأشعار وأن تقام الحدود"(221)، بخلاف المصلى فإنه ثبت من حديث جابر "أنه ( رجم ماعزاً بالمصلى"(222).
وأيضاً ثبت أن النبي ( ذبح أضحيته بالمصلى (223).
الوجه الثالث: أن إطلاق المصلى مسجداً ليس متفقاً عليه.
4- حديث عائشة ( أن النبي ( قال لها: "ناوليني الخمرة من المسجد فقالت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك فناولته"(224).
وجه الدلالة:
أن معناه أن النجاسة التي يصان عنها المسجد وهي دم الحيض وليست في يدك، وقد خافت إدخال يدها فيه، والنبي ( أمرها بإدخال يدها فقط، ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن لتخصيص اليد معنى (225).
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الأول: أن المراد مسجد بيته ( الذي كان يتنفل فيه.
الثاني: أن معنى قوله: "إن حيضتك ليست في يدك" أي ليست في قدرتك واستطاعتك (226).
وأجيب عن هذه المناقشة:
أما الوجه الأول فغير مسلم لما روى أبو هريرة ( :"بينا رسول الله ( في المسجد فقال: يا عائشة ناوليني الثوب، فقالت: إني حائض، قال: إن حيضتك ليست بيدك"(227).
ولما في المسند أن النبي ( قال للجارية وهو في المسجد:"ناوليني الخمرة..."(228).
وأما الوجه الثاني: فخلاف ظاهر النص؛ ولذا أنكره القاضي عياض (229).(1/28)
5- حديث عائشة ( ، وفيه قوله ( لها وقد حاضت وهي محرمة: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت"(230).
6- حديث عائشة ( ، لما حاضت صفية قال: "أحبستنا هي؟ قالوا: إنها قد أفاضت، قال: فتنفر إذاً"(231).
فالنبي ( منع الحائض من دخول المسجد.
ونوقش هذا الاستدلال "بأن الوارد في الحديث هو النهي عن الطواف؛ لعدم صحته، ولا دلالة فيه على منعها من دخول المسجد (232).
ويمكن أن يجاب: بعدم التسليم فالطواف يصح من الحائض عند الضرورة، إذا تحفظت وأمنت تلويث المسجد، وإنما منعت من الطواف لمنعها من المسجد.
7- حديث عائشة ( قالت: "كن المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله ( بإخراجهن من المسجد"(233).
8- ما رواه جابر ( قال: "كان أحدنا يمر في المسجد وهو جنب مجتاز"(234).
وهو دليل على أنهم كانوا يتقون الجلوس في المسجد حال الجنابة دون المرور.
وأما دليل الحنابلة على جواز مكث الجنب في المسجد بعد الوضوء: فلما رواه طاء بن يسار قال: "رأيت رجالاً من أصحاب النبي ( يجلسون في المسجد وهم مجنبوبن إذا توضؤا وضوء الصلاة"(235).
ويستدل الحنفية والمالكية على عدم صحة اعتكاف الحائض والنفساء: بعدم صحة الصوم منهما؛ لأنهم يشترطون لصحة الاعتكاف الصوم (236).
? دليل من أجاز لبثهم في المسجد:
1- قوله ( في حديث جابر ( :"وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً"(237). ولا خلاف أن الحائض مباح لها جميع الأرض، وهي مسجد، فلا يجوز أن يخص بالمنع بعض المساجد دون بعض (238).
ويمكن أن يناقش: بأن هذا يقتضي استواء المساجد وغيرها من الأرض في جميع الأحكام ولا تقولون بذلك.
2- قول النبي ( لعائشة لما حاضت وهي محرمة: "افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت"(239).
فم ينهها إلا عن الطواف بالبيت فقط، ومن الباطل المتيقن أ، يكون لا يحل لها دخول المسجد، فلا ينهاها عليه السلام عن ذلك ويقتصر على منعها من الطواف (240).(1/29)
ونوقش: بأن النبي ( بين ما يباح لها مما يتعلق بالنسك فحسب، وإلا فتحرم عليها الصلاة ومس المصحف، وقراءة القرآن عند طائفة من العلماء، وكذا دخول المسجد، فعمومه ليس مراداً.
3- ما روت عائشة أم المؤمنين:"أن وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها فجاءت إلى رسول الله ( فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش"(241)(242).
قال ابن حزم: "فهذه امرأة ساكنة في مسجد النبي والمعهود من النساء الحيض فما منعها عليه السلام من ذلك، ولا نهى عنه، وكل ما لم ينه عنه فمباح"(243).
ويمكن أن يناقش: باحتمال أنها قد دخلت في سن اليأس، وبه يزول المانع، أو أنها تخرج في أيام حيضها، لما هو معلوم عندهم من المنع، أو أن ذلك للضرورة، لعدم وجود المكان الذي تأوي إليه، والله أعلم.
4- ما ثبت من حديث أبي هريرة ( من قوله النبي ( "إن المؤمن ليس بنجس"(244).
قال ابن المنذر: وإذا ثبت أن النبي ( قال هذا وكان تأويل قوله تعالى: (وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيل((245)، ما قد ذكرناه (246)، وجب ألا يمنع من ليس بنجس من المسجد إلا بحجة، ولا نعلم حجة (247).
ونوقش: بأنه لا يلزم من عدم نجاستها جواز لبثها في المسجد (248).
5- ما روته عائشة ( ؛ قالت: "اعتكفت مع رسول الله امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحرمة والصفرة؛ فربما وضعت الطست (249) تحتها وهي تصلي"(250).
والشاهد منه: إقراره ( لاعتكاف المستحاضة، والحائض مثلها لا فرق (251).
ونوقش: بالفارق؛ لأن الاستحاضة حدث لا يمنع الصلاة فلم يمنع اللبث كخروج الدم من أنفه (252).
6- حديث عائشة ( أن النبي ( قال لها: "ناوليني الخمرة من المسجد" قالت: إني حائض. قال: "إن حيضتك ليست في يدك"(253)(254).
7- حديث ميمونة؛ قالت: "كان رسول الله ( يضع رأسه في حجر إحدانا فيتلو القرآن وهي حائض،وتقوم إحدانا بالخمرة إلى المسجد فتبسطها وهي حائض"(255).
ونوقش: بأنه محمول على الحاجة أو العبور جمعاً بين الأدلة.(1/30)
8- أن المشرك يجوز أن يمكث في المسجد بدليل قصة ثمامة بن أثال ( (256)، فالمسلمة الحائض من باب أولى (257).
ونوقش من أوجه:
الوجه الأول: أن الشرع قد فرق بينهما، فقام دليل تحريم مكث الجنب بخلاف المشرك فقد حبسه النبي ط في المسجد، فإذا فرق الشرع لم يجز التسوية.
الوجه الثاني: عدم التسليم بجواز مكث الكافر، فهو ممنوع، وقصة ثمامة واقعة عين لا عموم لها.
الوجه الثالث: على التسليم بجواز مكث الكافر، فلأن الكافر لا يعتقد حرمة المسجد فلا يكلف بخلاف المسلم (258).
ونوقش: بعدم التسليم فهم مخاطبون بفروع الشريعة، فيعاقبون على ترك الواجبات، وفعل المحرمات.
9- أن الأصل عدم التحريم، وليس لمن حرم دليل صحيح صريح (259).
ونوقش: بعدم التسليم كما تقدم في أدلة الجمهور.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم وهو اشتراط الطهارة من الحيض والنفاس والجنابة لصحة الاعتكاف؛ لما تقدم من الأدلة على حرمة لبثهم في المسجد.
وإن جاز للجنب اللبث في المسجد بعد الوضوء، كما هو مذهب الحنابلة لكن تقدم أن الاعتكاف لا يكون أقل من يوم أو ليلة (260).
فرع: اعتكاف المستحاضة، ونحوها ممن حديثه دائم.
يصح اعتكاف المستحاضة باتفاق الأئمة.
وقد نقل ابن جرير وغيره: الإجماع على أنها تقرأ القرآن، وأن عليها جميع الفرائض التي على الطاهر (261).
ويدل لذلك: ما روته عائشة ( قالت: "اعتكفت مع رسول الله ( امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة، فربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي (262).
قال العيني: "ويلحق بالمستحاضة ما في معناها كمن به سلس البول، والمذي، والودي، ومن به جرح يسيل في جواز الاعتكاف"(263).
ويشترط: عدم تلويث المسجد، ولهذا وضعت الطست تحتها لئلا يصيب المسجد، ويأتي منع المعتكف من كل ما فيه تقذير للمسجد (264).
المطلب السادس:
شرط إذن السيد والزوج للرقيق والزوجة
وفيه مسائل:(1/31)
المسألة الأول: اعتبار إذن السيد والزوج للرقيق والزوجة.
المسألة الثانية: ملك السيد والزوج تحليل الرقيق والزوجة من اعتكافهما.
المسألة الثالثة: فروع تتعلق بالرقيق.
المسألة الأول: اعتبار إذن السيد والزوج للرقيق والزوجة.
يصح اعتكاف الرقيق والمرأة باتفاق الأئمة (265).
لحديث عائشة ( قالت: "كان رسول الله ( يعتكف في كل رمضان، فإذا صلى الغداة دخل مكانه الذي اعتكف فيه، قال: فاستأذنته عائشة أن تعتكف، فأذن لها، فضربت قبة أخرى فلما انصرف رسول الله ( من الغداة أبصر أربع قباب، فقال: ما هذا؟ فأخبر خبرهن، فقال: ما حملهن على هذا؟ آلبر؟ انزعوها فلا ارها، فنزعت، فلم يعتكف في رمضان حتى اعتكف في آخر العشر من شوال"(266).
ولعموم أدلة الاعتكاف فهل شاملة للرقيق (267).
ولأن ما ثبت في حق الحر من العبادات البدنية المحصنة ثبت في حق الرقيق إلا لدليل.
لكن ليس للزوجة أن تعتكف إلا بإذن زوجها، وليس للمملوك أن يعتكف إلا بإذن سيده، لما تقدم من حديث عائشة ( ، وفيه استئذان عائشة ( .
وفي رواية: "وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت".
ولحديث أبي هريرة ( أن رسول الله ( قال: "لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه" (268) .
وكذا الاعتكاف .
ولأن منافعهما مملوكة لغيرهما ، والاعتكاف يفوتها، ويمنع استيفاءها وليس بواجب عليهما بالشرع، فكان لهما المنع منه (269) .
فإن اعتكفا بلا إذن فالظاهر الصحة مع الحرمة؛ لأن النهي لا يعود إلى ذات العبادة وإنما لأمر خارج وهو تفويت حق الزوج والسيد .
المسألة الثانية: ملك السيد والزوج تحليل الرقيق والزوجة من اعتكافهما .
وفيها أمران:
الأمر الأول: أن يكون اعتكافهما بلا إذن .
الأمر الثاني: أن يكون اعتكافهما بإذن .
الأمر الأول : أن يكون اعتكافهما بلا إذن:(1/32)
إذا كان اعتكافهما بلا إذن فللزوج والسيد تحليلهما (270) ؛ لما تقدم من الدليل على اعتبار الإذن ، فإن لم يفعلا صح الاعتكاف وأجزأ إن كان تطوعاً ، أو واجباً بنذر (271) ؛ لأن الحق لهما وقد أذنا فيه .
الأمر الثاني: أن يكون اعتكافهما بإذن:
وفيه فرعان:
الفرع الأول: أن يكون تطوعاً:
اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك على قولين :
القول الأول: أن الزوج والسيد يملكان تحليلهما .
وهو مذهب الشافعية (272) ، والحنابلة (273) .
ودليل ذلك :
حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم ، وفيه: "إذن النبي ( لأزواجه بالاعتكاف ، ثم منعهن بعد ذلك" (274) .
ولأن لهما المنع منه ابتداء فكان لهما المنع منه دواماً (275) .
القول الثاني: أنه لا يملك الزوج تحليل زوجته ، ويملك السيد تحليل رقيقه مع الكراهة.
وهو مذهب الحنفية (276) .
وعللوا ذلك : بأن الزوج ملَّك الزوجة منافعها فلم يكره له المنع ؛ إذ هي تملك بالتمليك ، بخلاف الرقيق فلا يملك بالتمليك .
ونوقش من وجهين:
الأول : أنه اجتهاد في مقابلة النص .
الثاني: أن الهبة تملك بالقبض والمنافع تحدث شيئاً فشيئاً، فله المنع فيما لم يقبض ؛ لعدم ملكهما ذلك .
القول الثالث: لا يملك الزوج والسيد تحليل الزوجة والرقيق.
وهو مذهب المالكية (277) .
لوجوبه بعد الشروع فيه ، بمعنى وجوب قضائه بعد الشروع إذا قطعه.
ونوقش : بعدم التسليم ، كما سيأتي (278) .
الفرع الثاني: أن يكون واجباً بنذر :
وفيه جانبان:
الجانب الأول: أن يكون النذر معيناً.
الجانب الثاني: أن يكون غير معين.
الجانب الأول: أن يكون معيناً:
كما لو نذرت الزوجة أو الرقيق اعتكاف العشر الأواخر من رمضان بإذن الزوج أو السيد، لم يملكا منعهما منه (279) .
لأنه وجب بإذنهما .
ولأن المعين لا يجوز تأخيره .
الجانب الثاني: أن يكون غير معين :
كما لو نذرت الزوجة أو الرقيق اعتكاف عشرة أيام مطلقة .(1/33)
فقد اختلف العلماء في ملك الزوج والسيد تحليلهما على ثلاثة أقوال:
القول الأول : أنهما لا يملكان تحليلهما .
وهو ظاهر كلام الحنابلة (280) .
لأنه وجب التزامه بإذنهما فأشبه المعين (281) .
القول الثاني: إن أذنا بالشروع فيه لم يملكا تحليلهما ، وإن لم يأذنا بالشروع فيه ملكا تحليلهما .
وهو مذهب الشافعية (282) .
لأنه إذا لم يأذن الزوج والسيد بالشروع فحق الزوجة والرقيق ثابت في كل زمن فكان تعيين زمن سقوطه إلى الزوج والسيد فملكا تحليلهما .
القول الثالث: أنهما يملكان تحليلهما .
وهو مذهب المالكية (283) .
ولم أقف لهم على دليل.
ولعله يستدل لذلك: بأن منافعهما مملوكة للزوج والسيد، ولم يتعين الزمن للاعتكاف فملكا تحليلهما .
المسألة الثالثة: فروع تتعلق بالرقيق:
الفرع الأول: المكاتب : وهو الذي اشترى نفسه من سيده (284) :
اختلف العلماء رحمهم الله في اعتكاف المكاتب على قولين:
القول الأول: له أن يعتكف ما لم يضر بسيده .
وبه قال الإمام مالك (285) ، وبعض الشافعية (286) ، وبعض الحنابلة (287) .
لوجوب الوفاء بحق السيد ، وعدم مضارته ، وتعجيل عتق العبد، وأيضاً فالاعتكاف قد يكون تطوعاً فلا يقدم على الواجب وهو وفاء دين الكتابة.
القول الثاني: أن له أن يعتكف مطلقاً، فليس لسيده منعه من اعتكاف واجب ولا تطوع.
وهو قول الجمهور (288) .
لأنه لا يستحق منافعه، وليس له إجباره على الكسب، وإنما الدين في ذمته فهو كالحر المدين، فله الاعتكاف بلا إذن سيده .
ونوقش هذا الاستدلال: بأن المدين الحر ليس له أن يتصرف تصرفاً يضره بالدائن، وكذا المكاتب ؛ لقوله تعالى: (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ( (289) .
والأقرب: القول الأول؛ إذ لا ضرر ولا ضرار .
الفرع الثاني: المبعض ، وهو من بعضه حر وبعضه رقيق:(1/34)
فإن كان بينه وبين سيده مهايأه (290) ، فله أن يعتكف في يومه بغير إذن سيده؛ لأن منافعه غير مملوكه لسيده في هذا اليوم، وحكمه في يوم سيده حكم العبد.
فإن لم يكن بينهما مهايأة فلسيده منعه؛ لأن له ملكاً في منافعه في كل وقت(291) .
الفرع الثالث: أم الولد (292) ، والمدبر (293) ، والمعلق عتقه بصفة حكمهم حكم القن (294) .
الفرع الرابع:
لو نذر العبد الاعتكاف على ما تقدم ثم انتقل إلى غيره ببيع أو هبة أو إرث أو وصية ، فله الاعتكاف على ما تقدم بلا إذن المنتقل إليه؛ لأنه صار مستحقاً للعبد قبل تملك السيد الآخر ومثله الزوجة، لكن إن جهل المشتري فله الخيار (295) .
المطلب السابع: شرط الصوم :
اختلف العلماء في اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف على أقوال:
القول الأول: عدم اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف .
وبه قال بعض المالكية (296) ، وهو مذهب الشافعية (297) ، والحنابلة (298) ، وبه قال ابن حزم (299) .
القول الثاني: أن الصوم شرط لصحة الاعتكاف الواجب دون التطوع.
وهو مذهب الحنفية (300) .
القول الثالث: أنه شرط لصحة الاعتكاف مطلقاً .
وهو مذهب المالكية (301) ، وبه قال بعض الشافعية (302) ، ورواية عن أحمد (303) اختارها شيخ الإسلام وابن القيم (304) .
قال ابن رشد: "والسبب في اختلافهم أن اعتكاف رسول الله ( إنما وقع في رمضان، فمن رأى أن الصوم المقترن باعتكافه هو شرط في الاعتكاف، وإن لم يكن الصوم للاعتكاف قالا : لابد من الصوم مع الاعتكاف، ومن رأى أنه إنما اتفق ذلك اتفاقاً لا على أن ذلك كان مقصوداً له عليه الصلاة والسلام في الاعتكاف، قال: ليس من الصوم من شرطه، ولذلك أيضاً سبب آخر وهو اقترانه مع الصوم في آية واحدة" (305) .
الأدلة :
أدلة الرأي الأول:
استدل لهذا الرأي بالأدلة الآتية :
1 - قوله تعالى: (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ( (306) .
وجه الدلالة : دلت هذه الآية على مشروعية الاعتكاف بلا صوم لإطلاقها.(1/35)
2 - ما رواه ابن عمر أن عمر سأل النبي ( قال: "كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال له : أوفِ بنذرك" (307) .
وجه الدلالة:
دل هذا الحديث على أن الاعتكاف مشروع بلا صوم ؛ لأن الليل ليس ظرفاً للصوم، ولو كان الصوم شرطاً لصحته لما أذن له النبي ( بالاعتكاف.
ونوقش هذا الاستدلال :
بأنه مختلف في لفظه ، ففي رواية "ليلة" ، وفي رواية "يوماً" (308) .
وأجيب بأجوبة:
الجواب الأول: أن هذا الاختلاف في ألفاظ الحديث محمول على تعدد القصة، فيجوز أن يكون عمر سأل النبي ( عن اعتكاف ليلة وحدها فأمره به ، وسأله مرة عن اعتكاف يوم فأمره به (309) .
ورد هذا الجواب :
بالمنع ؛ إذ إن عمر ( إنما سأل النبي ( مرة واحدة عام الفتح (310) .
الجواب الثاني: أن رواية "ليلة" أرجح .
بدليل : ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال النبي ( : أوف بنذرك فاعتكف ليلة" (311) .
وهذا صريح في أنه إنما نذر ليلة.
ورد هذا الجواب: بما رواه ابن عمر بلفظ : "إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوماً في المسجد الحرام فكيف ترى ؟ قال: اذهب فاعتكف يوماً" (312) . فيحتمل أنه سأل عن اعتكاف يوم (313) .
ورد هذا الجواب أيضاً : بأن الليالي تطلق، ويراد بها الأيام استعمالاً فاشياً في اللغة لا ينكر (314) .
الجواب الثالث: على تسليم رواية "يوماً" فهي دليل على عدم اشتراط الصوم؛ إذ لم يأمره النبي ( بالصوم.
ورد هذا الجواب: بما رواه ابن عمر أن النبي ( قال لعمر: "اعتكف وصم"(315) .
ونوقش هذا الحديث : بأنه حديث منكر .
3 - ما رواه ابن عباس أن النبي ( قال: "ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه" (316) .
ونوقش هذا الاستدلال بهذا الحديث من وجهين:
الوجه الأول: أنه ضعيف لا يحتج به .
الوجه الثاني: أن الصحيح وقفه على ابن عباس .(1/36)
4 - ما روته عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله ( إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر، ثم دخل معتكفه ... وفيه ترك الاعتكاف في شهر رمضان حتى اعتكف العشر الأول من شوال" (317) .
وجه الدلالة :
دل هذا الحديث على أن الصوم ليس شرطاً للاعتكاف؛ لأن النبي ( اعتكف العشر الأول ويوم العيد من العشر الأول.
ونوقش هذا الاستدلال بهذا الحديث من وجهين:
الوجه الأول: أنه مختلف في لفظه، ففي رواية: "العشر الأول من شوال"، وفي رواية : "عشراً من شوال" (318) ، وفي رواية : "في آخر العشر من شوال" (319) .
فلا صراحة فيه على دخول يوم العيد .
وأجيب : بأن قولها : "عشراً من شوال" مجمل؛ إذ يحتمل أن تكون من أوله، أو أوسطه، أو آخره، فتحمل على المبين وهو قوله: "العشر الأول من شوال" .
وأما رواية: "في آخر العشر من شوال" فتفرد بها البخاري ، وما اتفق عليه الشيخان أرجح.
الوجه الثاني: أنه يصح أن يقال : اعتكف العشر الأول من شوال، ويوم العيد ليس منها كما يقال: صام العشر الأول من شوال (320) .
بل الظاهر عدم دخول يوم العيد لاشتغاله بالخروج إلى صلاة العيد، ثم رجوعه إلى منزله لفطره، وفي ذلك ذهاب بعض اليوم فلا يقوم اليوم مقام جميعه(321).
وأجيب بجوابين:
الجواب الأول: أنه لا يصح أن يقال: اعتكف العشر الأول، ولا يكون يوم العيد منها؛ لأنه خلاف الظاهر، وإنما صح أن يقال: صام العشر الأول ، ولا يكون يوم العيد منها، لوجود الدليل على خروج يوم العيد، وهو تحريم صيامه.
وأما اشتغاله بالصلاة أول اليوم فلا يمنع من اعتكافه بقية اليوم كما هو ظاهر الحديث، كما يقال: قام ليلة القدر، وإن كان قد أخل ببعضها.
الجواب الثاني: على تسليم أن يوم العيد ليس داخلاً في اعتكافه ( فالحديث دليل على عدم اشتراط الصوم لعدم نقله، إذ لو صام النبي ( لنقل؛ لأنه مما تتوافر الدواعي على نقله.
5 - ما روي أن علياً ( قال: "المعتكف ليس عليه صوم إلا أن يشترط ذلك على نفسه" (322) .(1/37)
6 - ما روي أن ابن مسعود قال: "المعتكف ليس عليه صيام إلا أن يشترط ذلك على نفسه" (323) .
7 - ما ورد أن ابن عباس "كان لا يرى على المعتكف صياماً إلا أن يجعله على نفسه" (324) .
8 - أنه عبادة مستقلة بنفسها، فلم يكن الصوم شرطاً فيه كالحج، والجهاد .
9 - أنه لزوم مكان معين لطاعة الله ، فلم يكن الصوم شرطاً فيه كالرباط(325).
10 - أنه لو اعتكف أكثر من يوم سمي معتكفاً ليلاً ونهاراً ، فلو اشترط الصوم لما صح الاعتكاف بالليل (326) .
11 - أن العكوف في اللغة : الإقبال على الشيء على وجه المواظبة وهذا يحصل من الصائم والمفطر (327) .
12 - أن العاكفين على الأصنام وَلَهاً سموا بذلك بمجرد احتباسهم عليها وإن لم يصوموا فالمحتبس لله في بيته عاكف له وإن لم يصم (328) .
أدلة الرأي الثاني:
استدل لهذا الرأي بالأدلة الآتية: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( (329) .
وجه الدلالة :
دلت هذه الآية على أن الصوم شرط لصحة الاعتكاف؛ لأن الله ذكره بعد ذكر الصوم، وعليه فيكون الاعتكاف مشروعاً في كل وقت عدا الأيام التي ينهى فيها عن الصيام (330) .
ونوقش هذا الاستدلال:
1 - بالمنع ؛ إذ لا يلزم من ذكر حكم بعد حكم آخر عقد أحدهما بالآخر، وإلا لزم أن يقال: لا يجزئ صيام إلا باعتكاف ولا قائل به (331) .
2 - أن النبي ( لم يعتكف إلا صائماً.
ونوقش هذا الاستدلال : بأن النبي ( كان يتحرى أفضل الأحوال في اعتكافه ، ولهذا كان يعتكف العشر الأواخر مع أن اعتكاف غيرها جائز ، وكان يعتكف عشراً ولو اعتكف أقل جاز (332) .
وأيضاً فإنه مجرد فعل لا يدل على الوجوب.
3 - قول عائشة رضي الله عنها: "والسنة في المعتكف ألا يخرج إلا للحاجة التي لابد منها... وفيه ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة، والسنة فيمن اعتكف أن يصوم" (333) .
والصحابي إذا أطلق السنة انصرف إلى سنته ( .
ونوقش هذا الدليل :(1/38)
بأنه ليس من قول عائشة ، بل مدرج من الزهري - كما سيأتي - ولو سلم، فهو محمول على الاستحباب ؛ لوجود الصارف عن الوجوب من أدلة القول الأول.
4 - ما روته عائشة مرفوعاً : "لا اعتكاف إلا بصوم" (334) .
ونوقش: بأنه ضعيف كما في تخريجه .
5 - ما ورد أن علياً قال: "المعتكف عليه الصوم (335) ، وإن لم يفرضه على نفسه" .
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنه مخالف لما ورد عنه ( من عدم اشتراط الصوم.
الوجه الثاني: أنه قول صحابي خالفه غيره.
6 - ما ورد أن ابن عمر ، وابن عباس رضي الله عنهما قالا: "المعتكف يصوم" (336) .
7 - ما ورد أن عائشة قالت: "لا اعتكاف إلا بصيام" (337) .
ونوقش هذا الدليل:
بالوجه الثاني من المناقشة الواردة على الدليل الرابع.
8 - أنه لبث في مكان مخصوص، فلم يكن بمجرده قربة، فيشترط له الصوم(338) .
ونوقش :
بالمنع، فليس قربة بمجرده ، بل بالنية فلا يشترط له الصوم .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه أهل القول الأول؛ لقوة دليله على اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف، وضعف أدلة المخالفين بمناقشتها، ولأن الأصل عدم اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف .
ثمرة الخلاف :
يترتب على القول باشتراط الصوم لصحة الاعتكاف:
1 - عدم صحة اعتكاف الأيام المنهي عنها كالعيدين وأيام التشريق (339) .
2 - عدم صحة اعتكاف الليل بمفرده .
3 - أن الاعتكاف لا يكون أقل من يوم .
المطلب الثامن: شرط المسجد :
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اعتبار المسجد لصحة الاعتكاف.
المسألة الثانية: ضابط المسجد الذي يشرع فيه الاعتكاف.
المسألة الثالثة: ما يدخل في مسمى المسجد الذي يصح فيه الاعتكاف.
المسألة الرابعة: أفضل المساجد للاعتكاف.
المسألة الخامسة : تغيير المعتكف لمسجد اعتكافه.
المسألة الأولى: اعتبار المسجد لصحة الاعتكاف:
يشترط المسجد لصحة الاعتكاف لقوله تعالى: ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( (340) .(1/39)
فلم ينه - الله تعالى - عن المباشرة إلا من اعتكف في المسجد وتخصيصه بالذكر يقتضي أن ما عداه بخلافه وتبقى مباشرة العاكف في غير المسجد على الإباحة، ولما لم يكن العاكف في غير المسجد منهياً عن المباشرة علم أنه ليس باعتكاف شرعي؛ لأنا لا نعني بالاعتكاف الشرعي إلا ما تحرم معه المباشرة كما أنا لا نعني بالصوم الشرعي إلا ما حرم فيه الأكل والشرب .
فإن قيل: فقوله تعالى: ( وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( دليل على أنه قد يكون عاكفاً في غير المسجد ؛ لأن التقييد بالصفة بما لولاه لدخل في المطلق .
أجيب : لا ريب أن كل مقيم في مكان ملازم له فهو عاكف ، لكن الكلام في النوع الذي شرعه الله تعالى، كما أن كل ممسك يسمى صائماً، وكل قاصد يسمى متيمماً، ثم لما أمر الله تعالى بتيمم الصعيد، وأمر بالإمساك عن المفطرات صار ذلك هو النوع المشروع، على أن الصفة قد تكون للتبيين والإيضاح كما في قوله تعالى: (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ((341)، وقوله تعالى : (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ( (342) ، ونحو ذلك (343) .
ولما روت عائشة رضي الله عنها، قالت: "إن كان رسول الله ( ليدخل رأسه وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً" متفق عليه (344) .
ولما يأتي أيضاً من الأحاديث الدالة على اعتبار المسجد لصحة الاعتكاف.
وحكي إجماعاً، قال القرطبي: "أجمع العلماء على أن الاعتكاف لا يكون إلا في مسجد" (345) .
وقال في المغني والشرح الكبير : "لا نعلم في ذلك خلافاً" (346) .
وقال ابن رشد، والزرقاني: "وقد اتفق العلماء على مشروطية المسجد للاعتكاف، إلا محمد بن عمر بن لبابة فأجازه في كل مكان" (347) .
المسألة الثانية: ضابط المسجد الذي يشرع فيه الاعتكاف:
وفيه أمران:
الأمر الأول: ضابطه للرجل.
الأمر الثاني: ضابطه للمرأة.(1/40)
الأمر الأول : ضابطه للرجل :
وبعد اتفاق الأئمة على اشتراط المسجد لصحة الاعتكاف.
اختلفوا في ضابط المسجد الذي يشرع فيه الاعتكاف للرجل على أقوال:
القول الأول: أنه لا يصح إلا في مسجد جماعة.
قال شيخ الإسلام: "وهو قول عامة التابعين، ولم ينقل عن صحابي خلافه، إلا من قول من خص الاعتكاف بالمساجد الثلاثة ، أو مسجد نبي" (348) .
فقد قال به من السلف : عروة ، والزهري، والحسن، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، وأبو الأحوص، وأبو قلابة، وغيرهم (349) .
وهو مذهب الحنفية (350) ، والحنابلة (351) .
لكن اختلفوا في تفسير مسجد الجماعة فعن أبي حنيفة وصححه بعض الحنفية، وهو المذهب عند الحنابلة : أنه الذي تقام فيه صلاة الجماعة.
والرأي الثاني عند الحنفية: أن المراد ماله إمام ومؤذن أديت فيه الخمس أو لا.
لكن عند الحنابلة من لا تجب عليه الجماعة كالمريض ونحوه من أهل الأعذار، وكذا لو نوى اعتكاف مدة لا تخللها صلاة جماعة صح في كل مسجد سوى مسجد البيت (352) .
القول الثاني: أنه في كل مسجد .
وهذا مذهب المالكية (353) ، والشافعية (354) .
سواء أقيمت فيه الجماعة أم لا ، إلا أنهم يستثنون مساجد البيوت، فلا يصح فيها الاعتكاف.
لكن عند المالكية: يجب الاعتكاف في المسجد الجامع إن تخلل اعتكافه جمعة، وعند الشافعية يجب الاعتكاف في الجامع إن تخلل اعتكافه جمعة، وكان نذراً متتابعاً.
القول الثالث: أنه لابد من مسجد جامع.
وهو قول : حماد، والحكم، وأبي جعفر محمد بن علي (355) . وهو اختيار الصنعاني.
والقول الرابع: أنه لا يصح إلا في المساجد الثلاثة.
وبه قال سعيد بن المسيب (356) .
وعن عطاء: : لا اعتكاف إلا في مسجد مكة والمدينة (357) .
الأدلة:
أما دليل من اشتراط أن يكون المسجد مما تقام فيه الجماعة:
1 - قوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ((358) .
وجه الدلالة :(1/41)
أن لفظ "المساجد" في الآية عام يشمل كل مسجد؛ لأن الله سبحانه عمَّ المساجد بالذكر، ولم يخص مسجداً دون مسجد، وهو اسم جمع معروف باللام ، والمباشرة نكرة في سياق النفي، فيكون معنى الكلام: لا تفعلوا شيئاً من المباشرة، وأنتم عاكفون في مسجد من المساجد، لكن خص بالمسجد الذي تقام فيه الجماعة للأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة؛ لأن اعتكاف الرجل في مسجد لا تقام فيه الجماعة يفضي إلى أحد أمرين:
إما ترك الجماعة الواجبة، وإما خروجه إليها فيتكرر ذلك منه كثيراً مع إمكان التحرز منه وذلك مناف للاعتكاف؛ إذ هو لزوم المعتَكَفِ والإقامة على طاعة الله فيه (359) .
وحتى لو قيل: بعدم وجوب الجماعة، فإن الجماعة من أعظم العبادات، وهي أوكد من مجرد الاعتكاف الخالي عنها بلا ريب، والمداومة على تركها مكروه كراهة شديدة ، فلو كان العكوف الخالي عنها مشروعاً، لكان قد شرع التقرب إلى الله تعالى بما ينهى فيه عن الجماعة؛ إذ الخروج من المعتكف لا يجوز، وهذا غير جائز (360) .
2 - قول عائشة رضي الله عنها: "السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ، ولا يباشرها، ولا يخرج إلا لما لابد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع" ، وفي لفظ : "إلا مسجد جماعة" (361) .
ونوقش: بأن الأقرب: نه مدرج من الزهري.
3 - أنه هو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم.
فعن علي ( أنه قال: "من اعتكف فلا يرفث في الحديث ولا يساب، ويشهد الجمعة والجنازة، وليوصل أهله إلا كانت له حاجة وهو قائم لا يجلس عندهم" (362) .
قوله : "ويشهد الجمعة" دليل على أنه لم يعتكف في جامع.
وعن علي ( قال: "لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة" (363) .
وروى ابن أبي مليكة قال: "اعتكفت عائشة بين حراء وثبير فكنا نأتيها هناك وعبد لها يؤمها" (364) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه قال : "لا اعتكاف إلا في مسجد تجمع فيه الصلوات" (365) .(1/42)
وعنه ( قال: "إن أبغض الأمور إلى الله البدع، وإن من البدع الاعتكاف في المساجد التي في الدور" (366) .
وعنه ( : "أنه سئل عن امرأة جعلت عليها أن تعتكف في مسجد نفسها في بيتها؟ فقال: بدعة وأبغض الأعمال إلى الله تعالى البدع، لا اعتكاف إلا في مسجد تقام فيه الصلاة" (367) .
وأما دليل من قال: بصحة الاعتكاف في كل مسجد له مؤذن وإمام وإن لم تقم فيه الجماعة:
فحديث حذيفة ( مرفوعاً: "كل مسجد له مؤذن وإمام فالاعتكاف فيه يصلح" (368) .
ونوقش : بأنه ضعيف جداً.
وأما دليل من صحح الاعتكاف في كل مسجد إلا مساجد البيوت - وهم المالكية والشافعية - :
فعموم قوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ((369) .
وهذا عام يشمل كل المساجد ولا يقبل تخصيصها ببعض المساجد إلا بدليل(370) .
ونوقش هذا الاستدلال : بأن هذا العموم مخصص بالأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة في المساجد، والاعتكاف في مسجد لا تقام فيه الجماعة يؤدي إلى أحد محذورين: إما ترك واجب وهو صلاة الجماعة، أو كثرة الخروج من المسجد لأداء صلاة الجماعة وهو مناف لركن الاعتكاف" (371) .
وأما دليل من قال: لا يصح الاعتكاف إلا مسجد جامع ما يلي:
1 - قول عائشة رضي الله عنها السابق، وفيه: "... ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع" (372) .
وتقدم أنه مدرج من الزهري.
2 - قول علي ( : "لا اعتكاف إلا في مصر جامع" (373) .
ونوقش: بعدم ثبوته .
وأما دليل من قال: لا يصح الاعتكاف إلا في المساجد الثلاثة:
فحديث حذيفة ( ، أنه قال لعبدالله بن مسعود ( : "عكوف بين دارك ودار أبي موسى لا يضر؟ وقد علمت أن رسول الله ( قال: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة. فقال عبدالله : لعلك نسيت وحفظوا، أو أخطأت وأصابوا" (374) .
ونوقش هذا الاستدلال من أوجه :
الوجه الأول: أنه لا يثبت مرفوعاً للنبي ( .(1/43)
الوجه الثاني: أنه لو كان ثابتاً مرفوعاً لاشتهر ذلك بين الصحابة، وقد خالفه علي بن أبي طالب وعائشة وابن عباس رضي الله عنهم (375) .
الوجه الثالث: أنه لو قيل بموجب هذا الحديث لكانت (أل) في قوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ((376) . للعهد الذهني، ولا دليل على ذلك في الآية، بل هي للعموم وهذا هو الأصل (377) .
الوجه الرابع : أنه لو قيل: بموجب هذا الحديث لكان حملاً للآية على النادر وهذا من معايب الاستدلال (378) .
الوجه الخامس: على فرض ثبوته ، فالمراد: لا اعتكاف كامل لما تقدم من أدلة الرأي الأول.
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - أن الاعتكاف يصح في كل مسجد جماعة؛ لما استدلوا به، ولورود المناقشة على أدلة المخالفين.
الأمر الثاني: ضابطه للمرأة:
تقدم أن الراجح أن مكان الاعتكاف للرجل هو كل مسجد تقام فيه الجماعة.
واختلف العلماء في مكان اعتكاف المرأة على قولين:
القول الأول: أنه يصح اعتكافها في كل مسجد، وإن لم تقم فيه الجماعة سوى مسجد بيتها.
وهو قول جمهور العلماء (379) ، لكن كره الشافعي : أن تعتكف في مساجد الجماعة .
القول الثاني: أن مكان اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وإن اعتكفت في مسجد الجماعة جاز، لكن مع الكراهة التنزيهية .
وهو قول الحنفية (380) .
وعندهم : أن الخنثى حكمه حكم الرجل ، لاحتمال ذكوريته.
أدلة الجمهور:
استدل الجمهور بالأدلة الآتية:
1 - قوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ((381) .
وجه الدلالة : أن المراد بالمساجد هنا المواضع التي بنيت للصلاة فيها ، وموضع صلاتها في بيتها ليس بمسجد؛ لأنه لم يبن للصلاة فيه .
فلا يثبت له أحكام المسجد الحقيقية وتسميته مسجد كقوله ( : "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" (382) .
2 - حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه "استئذان أزواجه ( في الاعتكاف في المسجد فأذن لهن" (383) .(1/44)
ولو لم يكن موضعاً لاعتكافهن لما أذن فيه ، ولو كان الاعتكاف في غيره أفضل لنبههن عليه.
3 - ولأن الاعتكاف قربة يشترط لها المسجد في حق الرجل فيشترط في حق المرأة كالطواف (384) .
ثانياً: دليلهم على عدم اشتراط إقامة الجماعة فيه:
أما المالكية والشافعية : فلأنهم لا يشترطون ذلك بالنسبة للرجل فالمرأة من باب أولى (385) .
وأما الحنابلة : فلأن الجماعة عندهم لا تجب عليها (386) .
أدلة الحنفية:
أولاً: استدلوا على أن الأفضل أن تعتكف في مسجد بيتها:
1 - حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خيرٌ لهن" (387) .
فصريح الحديث أن بيتها أفضل ، وهذا يشمل الاعتكاف.
ونوقش: بأن هذا في الصلاة دون الاعتكاف ؛ لما تقدم من أدلة الجمهور ، وهذا إن سلم الحديث، وإلا فهو معلول بالانقطاع.
2 - أن اعتكافها في بيتها أفضل كصلاتها فيه.
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنه قياس في مقابلة النص فهو فاسد الاعتبار.
الوجه الثاني: أنه قياس مع الفارق فإن صلاة النافلة للرجل في بيته أفضل، ومع ذلك لا يصح اعتكافه فيه بالاتفاق (388) .
3 - أن اعتكافها في بيتها أستر لها فكان أفضل (389) .
ونوقش : بالوجه الأول من المناقشة الواردة على الدليل الثاني.
ثانياً: دليلهم على كراهة الاعتكاف في المسجد العام :
حديث عائشة رضي الله عنها: "فإن النبي ( ترك الاعتكاف في المسجد لما رأى أبنية أزواجه في مسجده ( " (390) .
ونوقش هذا الاستدلال : من وجهين:
الوجه الأول: أنه ( ترك الاعتكاف خشية أن يكون الحامل للزوجات المباهاة والنافس الناشيء عن الغيرة فيخرج الاعتكاف عن موضوعه .
الوجه الثاني: أن الحامل له أن اجتماع النسوة عنده يصيره كالجالس في بيته، وربما يشغله ذلك عن التخلي لما قصد من العبادة فيفوت مقصوده بالاعتكاف(391) .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - هو القول الأول؛ لعموم أدلة الاعتكاف .
المسألة الثالثة:(1/45)
ما يدخل في مسمى المسجد الذي يصح الاعتكاف فيه :
وفيه أمور:
الأمر الأول: ما أعد للصلاة .
الأمر الثاني: سطح المسجد .
الأمر الثالث: رحبة المسجد.
الأمر الرابع: منارة المسجد .
الأمر الخامس: ما أعد لاختزان سرج المسجد وحصره، وكذا بيت السقاية.
الأمر الأول : ما أعد للصلاة:
اتفق الفقهاء رحمهم الله أن ما كان معداً للصلاة من البناء أنه يصح الاعتكاف فيه (392) .
لقوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ((393) .
وهاذ داخل في المسجد قطعاً.
الأمر الثاني : سطح المسجد :
فجمهور أهل العلم على صحة الاعتكاف فيه وصعود المعتكف إليه (394) ؛ لقوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ((395) ، وسطح المسجد منه.
وعند المالكية : لا يصح الاعتكاف فيه (396) بناء على عدم صحة الجمعة عليه(397) .
وفيه نظر: إذ لا يسلم عدم صحة الجمعة عليه.
الأمر الثالث: رحبة المسجد :
الرَّحْبة : بفتح الراء وسكون الحاء، أو بفتحهما: الأرض الواسعة، ورحبة المكان: ساحته ومتسعه. وجمعها: رحاب.
ورحبة المسجد : ساحته وصحته (398) .
واختلف أهل العلم في دخولها في مسمى المسجد وخروج المعتكف إليها على الأقوال الآتية:
القول الأول: إن كانت متصلة بالمسجد داخلة في سوره ، فهي من المسجد، وإن كانت غير متصلة به ولا محوطة بسياجه فليست منه.
وبه قال الشافعية، وهو رواية عن أحمد ، وبه قال القاضي من الحنابلة .
قال النووي : "المراد بالرحبة ما كان مضافاً إلى المسجد محجراً عليه وهو من المسجد نص الشافعي على صحة الاعتكاف فيها..." (399) .(1/46)
وقال المرداوي : "رحبة المسجد ليست منه على الصحيح من المذهب والروايتين.... وعنه - أي الإمام أحمد - أنه منه ... وجمع القاضي بينهما في موضع من كلامه فقال: إن كانت محوطة فهي منه وإلا فلا .. وقدم هذا الجمع في المستوعب، وقال: ومن أصحابنا من جعل المسألة على روايتين، والصحيح: أنها رواية واحدة على اختلاف الحالين" (400) اهـ.
ودليله قوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ((401) .
وإذا كانت الرحبة محوطة متصلة بالمسجد فهي منه .
القول الثاني: أنها ليست من المسجد فلا يصح الاعتكاف فيها.
وهو المشهور عند المالكية (402) ، والمصحح عند الحنابلة من المذهب (403) .
واستدلوا بما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنّ المعتكفات إذا حضنّ أمر رسول الله ( بإخراجهن من المسجد وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن" (404) .
ونوقش : بحمله على رحبة ليست محوطة .
القول الثالث: أنه يصح الاعتكاف فيها إذا ضرب خباءه فيها.
وهو قول للإمام مالك .
قال مالك : "لا يبيت المعتكف إلا في المسجد الذي اعتكف فيه إلا أن يكون خباؤه في رحبة من رحاب المسجد" (405) .
ولعله دليله : ما تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها.
وأقرب الأقوال: هو القول الأول؛ لما استدلوا به ، والله أعلم .
الأمر الرابع : منارة المسجد:
وفيه فروع :
الفرع الأول: أن يكون بابها في المسجد .
الفرع الثاني: أن يكون بابها خارج المسجد.
الفرع الثالث: أن تكون أو بابها في رحبة المسجد.
الفرع الأول: أن يكون بابها في المسجد:
فجمهور أهل العلم (406) : أنها من المسجد فيصح الاعتكاف فيها.
لقوله تعالى : ( وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ((407) ، وهي داخلة في اسم المسجد، ولذا يمنع الجنب منها.
وعند المالكية: أن المنارة ليست من المسجد فلا يصح الاعتكاف فيها (408) .(1/47)
لأنها موضع متخذ لغير الصلاة ولها اسم يختص بها عن المسجد، كالبيت المتخذ في المسجد لاختزان سرج المسجد وحصره (409) .
وأجيب : بأن البيت المتخذ لاختزان سرج المسجد وحصره من المسجد لدخوله في اسمه .
والقول بأنها ليست من المسجد غير مسلم فهي مبنية للمسجد لمصلحة الأذان فكانت منه.
وعلى هذا فالأقرب : قول الجمهور.
الفرع الثاني: أن يكون بابها خارج المسجد:
اختلف العلماء في المنارة إذا كان بابها خارج المسجد وصعدها المعتكف هل يبطل اعتكافه؟ على أقوال:
القول الأول: إن كان المؤذن الراتب فلا يبطل اعتكافه، وإن كان غيره بطل اعتكافه.
وبه قال بعض الحنفية (410) ، وهو المصحح عند الشافعية (411) ، وبه قال ابن البنا والمجد من الحنابلة (412) ، وظاهر كلام ابن حزم (413) .
القول الثاني: أن الصعود إليها لا يبطل الاعتكاف مطلقاً.
وهو ظاهر الرواية عند الحنفية (414) ، وهو وجه عند الشافعية (415) .
والقول الثالث: أن الصعود إليها يبطل مطلقاً.
وهو مذهب المالكية (416) ، ووجه عند الشافعية (417) ، وهو المصحح عند الحنابلة (418) .
الأدلة:
دليل الرأي الأول: أنها بنيت للمسجد لمصلحة الأذان، فكانت منه فيما بنيت له ، فلا يبطل اعتكاف المؤذن إذا خرج إليها (419) .
ودليل الرأي الثاني: أنها بنيت للمسجد فكانت تابعة له.
ونوقش : بأنه مسلم أنها تابعة للمسجد ، لكن إذا كان بابها خارج المسجد ثم خرج إليها فقد خرج بلا عذر.
ودليل الرأي الثالث: أنه مشى حيث يمشي لأمر منه بد كخروجه إليها لغير الأذان (420) .
ونوقش : بأن خروج المؤذن للمنارة للأذان كالمستثنى عند الاعتكاف؛ إذ هو أمر موكول إليه فيكون خروجه لعذر .
وعلى هذا فالأقرب : القول الأول؛ لما عللوا به ، ولمناقشة دليل القولين الآخرين، والله أعلم .
الفرع الثالث: أن تكون المنارة أو بابها في رحبة المسجد :(1/48)
فإذا كانت محوطة متصلة به، فلا يبطل الاعتكاف بالصعود إليها؛ إذ هذه الرحبة في حكم المسجد كما تقدم (421) .
الأمر الخامس: البيت المعد لاختزان سرج المسجد وحصره وكذا ما أعد للساقية :
فعند المالكية : لا يصح الاعتكاف فيه بناء على عدم صحة الجمعة فيه (422) .
وظاهر كلام جمهور أهل العلم صحة الاعتكاف فيه؛ لعدم استثنائها عندهم .
وهو الأقرب ؛ لدخوله في اسم المسجد.
ومثل ذلك أيضاً مكتبة المسجد .
وأما ما بنى عليه المالكية من عدم صحة صلاة الجمعة فيها فغير مسلم، وإن سلم فلا تلازم بين صلاة الجمعة والاعتكاف ، والله أعلم .
المسألة الرابعة : أفضل المساجد للاعتكاف:
أفضل المساجد للاعتكاف: المسجد الحرام ، ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى (423) .
لكونها أفضل المساجد؛ لحديث أبي هريرة ( قال: قال رسول الله ( : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" (424) .
وأفضلها : المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى؛ لحديث أبي هريرة ( أن النبي ( قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" (425) .
ولحديث جابر ( ، أن النبي ( قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف فيما سواه" (426) .
ولحديث أبي الدرداء ( ، قال: قال رسول الله ( : "فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي ألف صلاة، وفي بيت المقدس خمسمائة صلاة" (427) .
ثم بعد المساجد الثلاثة فقد نص الحنفية على أنه يستحب أن يعتكف في المسجد الجامع، ثم المساجد العظام التي كثر أهلها (428) .
ونص الشافعية والحنابلة: أن الأفضل أن يعتكف في الجامع ممن تجب عليه الجمعة، إذا تخلل اعتكافه جمعة لئلا يحوجه ذلك إلى الخروج إليها.(1/49)
ونص الحنابلة : أنه يستحب أن يتحرى الاعتكاف في مسجد تكون المطهرة قريبة منه؛ لئلا يطول زمن خروجه (429) .
وعلى هذا يقال: يستحب أن يكون الاعتكاف في المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي ثم المسجد الأقصى ، ثم المسجد الجامع ، لمزيته الشرعية، وخروجاً من خلاف من اشترطه.
ثم يتحرى من المساجد ما لا يخل بركن الاعتكاف وهو اللبث في المسجد (430) ، فيحتاج إلى الخروج أو طول زمن الخروج، ثم يتحرى من المساجد ما يحقق مقصود الاعتكاف وحكمته، وهو الإقبال على الله والاشتغال بذكره (431) ، ثم ما كان أكثر جماعة؛ لأن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، والله أعلم .
المسألة الخامسة: تغيير المعتكف لمسجد اعتكافه.
إذا خرج المعتكف من مسجد اعتكافه لأمر يبيح الخروج (432) ، فله أن يغير مسجد اعتكافه إذا كان الثاني أقرب لحاجته (433) .
أما إذا أراد الخروج ابتداء لتغيير المسجد سواء كان له مزية شرعية أم لا، فليس له ذلك إلا بالشرط ؛ لما يأتي من إباحة الخروج لسائر القرب أو أمرٍ لا ينافي الاعتكاف بالشرط (434) .
وكذا إذا كان المسجد الثاني أبعد عن حاجته من المسجد الأول فليس له ذلك إلا بالشرط ؛ لما في ذلك من تفويت زمن الاعتكاف .
فرع : وإذا خرج إلى مسجد آخر خروجاً شرعياً، فله أن يطيل مكثه فيه؛ لصلاحية المحل للاعتكاف.
المبحث الثاني: أركان الاعتكاف:
اختلف الفقهاء في تعداد أركان الاعتكاف، وهذا الاختلاف راجع إلى اعتبار بعض الشروط والامتناع عن بعض المبطلات أركاناً:
فعند الحنفية: أن ركن الاعتكاف هو اللبث في المسجد فقط، والباقي شروط وأطراف لا أركان (435) .
وعند المالكية : أركانه خمسة: نية الاعتكاف ، والمسجد المباح، والصوم ، والكف عن الجماع ومقدماته .
ومرادهم بالمسجد المباح: أي المباح لعموم الناس بأن لا يكون من المساجد المهجورة أو مساجد البيوت (436) .(1/50)
وعند الشافعية : أركانه أربعة: اللبث في المسجد ، والنية ، والمعتكف، والمعتكف فيه (437) .
وعند الحنابلة : فقد ذكر شيخ الإسلام أن أركان الاعتكاف ركنان: لزوم المسجد، والنية (438) .
والأقرب: ما ذهب عليه الحنفية وأن ركن الاعتكاف اللبث في المسجد ؛ إذ هو جزء العبادة وماهيتها، وما عدا ذلك شروط خارجة عن ماهية الاعتكاف ذكرت مع أدلتها في شروط صحة الاعتكاف في المبحث الأول والله أعلم .
الفصل الثالث
الخروج من المسجد ومبطلات الاعتكاف
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الخروج من المسجد.
المبحث الثاني: مبطلات الاعتكاف.
المبحث الأول
الخروج من المسجد (439)
وفيه مطالب:
المطلب الأول: أقسامه .
المطلب الثاني: اشتراطه .
المطلب الثالث: قضاء زمن الخروج للاعتكاف الواجب .
المطلب الأول: أقسامه . وفيه مسائل :
المسألة الأولى: الخروج ببعض البدن.
المسألة الثانية: الخروج بجميع البدن بلا عذر .
المسألة الثالثة: الخروج لعذر معتاد شرعاً أو طبعاً.
المسألة الرابعة: الخروج لعذر غير معتاد .
المسألة الخامسة : الخروج لقربة من القرب .
المسألة الأولى: الخروج ببعض البدن .
إذا أخرج المعتكف بعض بدنه لم يبطل اعتكافه ولا يترتب عليه شيء باتفاق الأئمة(440) ، ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت ترجل النبي ( وهي حائض وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها يناولها رأسه، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (441) .
المسألة الثانية: الخروج بجميع البدن بلا عذر:
فهذا يبطل اعتكافه باتفاق الأئمة (442) ، لحديث عائشة رضي الله عنها وفيه: "وكان - أي النبي ( - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ، ولمنافاته لركن الاعتكاف.
وقيد الحنفية الخروج المفسد بساعة وهو جزء من الزمان لا جزء من أربع وعشرين جزءاً (443) . وعند الصاحبين: - أبي يوسف ، ومحمد - يفسد إذا خرج أكثر النهار (444) ، أي أكثر من نصف يوم (445) .(1/51)
المسألة الثالثة: الخروج لأمر لابد له منه شرعاً أو طبعاً :
وفيها أمور:
الأمر الأول:
الخروج لقضاء الحاجة ونحو ذلك كالخروج للقيء أو غسل نجاسة:
فإذا خرج لما تقدم لم يبطل اعتكافه إجماعاً.
قال ابن المنذر : "وأجمعوا على أن للمعتكف أن يخرج عن معتكفه للغائط والبول" (446) .
وقال ابن هبيرة: "وأجمعوا على أن يجوز للإنسان الخروج إلى ما لابد منه كحاجة الإنسان ..." (447) .
وكذا نقل الإجماع على ذلك الماوردي (448) ، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ( : "كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (449) .
وقولها: "لحاجة الإنسان" المراد بذلك: البول والغائط ، كنى عنها بذلك ؛ لأن الإنسان يحتاج إليهما لا محالة (450) .
ولما تقدم قريباً أن النبي ( : "كان يخرج رأسه وهو معتكف لترجله عائشة رضي الله عنها" فالخروج لقضاء حاجة الإنسان من باب أولى.
ولأن هذا مما لابد منه ولا يمكن فعله في المسجد فلو بطل الاعتكاف بخروجه لم يصح لأحد اعتكاف.
لكن إن طال مكثه بعد حاجته فسد اعتكافه (451) .
ولا يكلف الذي خرج لحاجته الإسراع، بل له المشي على عادته (452) .
ولو كثر خروجه لقضاء الحاجة لعارض يقتضيه كإسهال فالمصحح عند جمهور الشافعية: أنه لا يضره نظراً إلى جنسه (453).
الأمر الثاني:
الخروج للطهارة الواجبة .
وفيه فروع :
الفرع الأول: أن لا يمكنه التطهر في المسجد .
الفرع الثاني: أن يمكنه التطهر في المسجد .
الفرع الثالث: تطهره في بيته مع وجود مطهرة قريبة من المسجد.
الفرع الأول: أن لا يمكنه ذلك في المسجد:
إذا لم يمكنه أن يتطهر الطهارة الواجبة في المسجد فله الخروج لذلك ، وهذا لا يبطل الاعتكاف باتفاق الأئمة .
قال ابن هبيرة: "وأجمعوا على أنه يجوز للإنسان الخروج إلى ما لابد منه لحاجة الإنسان والغسل من الجنابة..." (454) .
لما تقدم قريباً من الأدلة على الخروج لقضاء الحاجة ، فكذا للطهارة الواجبة .(1/52)
الفرع الثاني: أن يمكنه التطهر في المسجد :
فإن أمكنه التطهر في المسجد فهل يلزمه ذلك على قولين:
القول الأول: أنه لا يلزمه.
وهو قول المالكية (455) ، والحنابلة (456) .
لحديث عائشة رضي الله عنها وفيه: "وكان - أي النبي ( - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (457) . والوضوء والغسل تابع لحاجة الإنسان.
والقول الثاني: يلزمه أن يتطهر بالمسجد .
وبه قال الحنفية (458) ، والشافعية (459) ؛ لأنه خروج لأمر منه بد.
ونوقش : بعدم التسليم ، بل هو لأمر ليس منه بد ، إذ قد يلحقه ضرر بذلك إذا كان يحتشم من ذلك .
وقد لا يرغب الوضوء في المسجد خشية تلويثه.
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - أنه لا يلزمه أن يتطهر في المسجد ؛ إذ هو داخل في حاجة الإنسان، لكن إذا هناك مطهرة داخل المسجد معدة للتطهر وهو لا يحتشم منها لزمه ذلك.
الفرع الثالث: تطهره في بيته مع وجوده مطهرة قريبة من المسجد :
إذا كان هناك ميضأة قريبة من المسجد فهل له الذهاب إلى بيته؟ فيه أقوال:
القول الأول: أنه إذا كان يحتشم منها فلا يكلف التطهر منها لما في ذلك من خرم المروءة، فيكون داخلاً في حديث عائشة: "وكان لا يخرج إلا لحاجة الإنسان" . وإذا كان لا يحتشم منها فيكلف التطهر منها ، لعدم الضرر.
وهو قول أكثر العلماء (460) .
لكن قيده الشافعية (461) ، والقاضي من الحنابلة (462) ، بما إذا لم يتفاحش بعد البيت؛ لأنه إذا تفاحش بعده خرج عن عادة المعتكفين .
ولأنه يذهب جملة من وقت الاعتكاف في الذهاب والمجيء، وهو غير مضطر إليه .
القول الثاني : أنه ليس له الخروج إلى منزله مطلقاً.
وبه قال بعض الحنابلة (463) .
وعللوا : بأنه خروج لأمر له منه بد .
ونوقش : بعدم التسليم إذا كان مثله يحتشم من التطهر في غير منزله .
القول الثالث: يجوز له الخروج إلى بيته مطلقاً.
وهو وجه عند الشافعية (464) .
لأنه يشق عليه التطهر في غير بيته.(1/53)
ونوقش : بأنه إذا كان لا يحتشم من التطهر في غير بيته فلا مشقة عليه .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إلى جمهور أهل العلم من التفصيل لما عللوا به، والله أعلم .
وإذا كان له منزلان أو كان هناك مطهرتان لزمه التطهر بالأقرب منهما .
وهو مذهب الشافعية (465) ، والحنابلة (466) .
لعدم الحاجة في الذهاب إلى الأبعد .
وفي قول للحنفية والشافعية (467) : لا يلزمه التطهر بالأقرب منهما .
لأنه خروج لحاجة الإنسان فجاز للأبعد منهما .
ونوقش : بعدم التسليم فلا حاجة في الذهاب إلى الأبعد مع الاستغناء بالأقرب.
وعلى هذا فالأقرب: القول الأول.
وكذا لا يكلف الطهارة في ببيت صديقه القريب؛ لما في ذلك من المنة وربما احتشم من ذلك وشق عليه (468) .
الأمر الثالث: الخروج للأكل والشرب :
اختلف العلماء رحمهم الله في خروج المعتكف للأكل والشرب على قولين:
القول الأول: أنه ليس له ذلك إلا إذا لم يكن هناك من يأتيه به .
وبه قول جمهور أهل العلم (469) .
القول الثاني: يجوز الخروج للأكل إن كان المسجد مطروقاً، وإن كان مهجوراً فليس له الخروج .
وأما الشرب فإن كان في المسجد سقاية فلا يجوز له الخروج ، وإلا جاز.
وهو مذهب الشافعية (470) .
الأدلة :
استدل الجمهور بالأدلة الآتية:
1 - قوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ( (471) ،
فدلت الآية أن الأصل مكث المعتكف في مسجده ، لعدم الحاجة إلى خروجه إذا كان هناك من يأتيه بطعامه .
2 - حديث عائشة رضي الله عنها ، وفيه: "وكان - أي النبي ( - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (472) .
وقوله : "إلا لحاجة الإنسان" كناية عن البول والغائط (473) ، فدل ذلك على أنه لا يخرج للأكل والشرب .
واستدل الشافعية :
أن له الخروج للأكل إذا كان المسجد مطروقاً؛ لأن الأكل مما يستحيي منه، بخلاف المسجد المهجور .(1/54)
وليس له الخروج للشرب إذا كان في المسجد ماء؛ لأن في الأكل تبذلاً بخلاف الشرب. ولأن استطعام الطعام مكروه، واستسقاء الماء غير مكروه (474) .
الترجيح :
يمكن الجمع بين الرأيين فيقال: إن احتاج إلى الخروج للأكل لعدم من يأتيه به ، أو كان يحتشم من الأكل في المسجد لعدم حجرة أو خباء يأكل فيه فله الخروج ، وإلا فليس له ذلك. وكذا له الخروج للشرب إن لم يكن في المسجد سقاية، أو لم يكن من يأتيه به، والله أعلم .
فرع :
وأجاز ابن حامد من الحنابلة : أن يأكل مع أهله يسيراً إذا خرج لأمر لابد له منه كقضاء الحاجة؛ لأن ذلك لا يمنعه المرور في طريقه.
وقال بعض الحنابلة : ليس له ذلك؛ لأنه لبث في غير معتكفه لما له منه بُد فأشبه اللبث لمحادثة أهله .
فأمَّا إن أكل وهو مار فلا بأس به؛ لأنه له احتباس فيه (475) .
الأمر الرابع: الخروج لصلاة الجمعة :
وفيه فروع :
الفرع الأول: أثره على الاعتكاف.
الفرع الثاني: زمن الخروج من المعتكف لصلاة الجمعة.
الفرع الثالث: زمن الرجوع إلى المعتكف من صلاة الجمعة.
الفرع الأول: أثره على الاعتكاف .
إذا تخلل الاعتكاف جمعة في مسجد غير جامع وجب على المعتكف الخروج إلى صلاة الجمعة إذا كان من أهلها ، وهذا باتفاق الأئمة (476) .
لفرضيتها عليه إجماعاً (477) ، وعدم إمكان قضائها جمعة.
لكن اختلف العلماء رحمهم الله في بطلان الاعتكاف في الخروج إلى الجمعة على قولين :
القول الأول: أنه لا يبطل اعتكافه .
وهو مذهب الحنفية (478) ، والحنابلة (479) ، وبه قال ابن حزم (480) .
القول الثاني: أنه يبطل اعتكافه .
وهذا مذهب المالكية (481) ، والشافعية (482) .
لكن قيده الشافعية فيما إذا كان تطوعاً أو نذراً متتابعاً، فإذا كان نذراً غير متتابع لم يبطل بخروجه إلى الجمعة.
الأدلة : استدل الحنفية والحنابلة بالأدلة الآتية:
1 - ما تقدم من الأدلة الدالة على مشروعية الاعتكاف في مسجد الجماعة(483).(1/55)
وجه الدلالة : أن الشارع أذن بالاعتكاف في مسجد الجماعة مع إيجاب صلاة الجمعة ، فدل ذلك على إذنه للخروج لصلاة الجمعة ، وما ترتب على المأذون غير مضمون.
2 - أدلة وجوب صلاة الجمعة كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ( (484) .
وجه الدلالة : دلت هذه الأدلة على عدم بطلان الاعتكاف بالخروج إلى صلاة الجمعة؛ لأن إيجاب الشارع لها يقتضي استثناءها من عدم البطلان بالخروج.
3 - حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النبي ( - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (485) .
وهذا في معنى حاجة الإنسان.
4 - قول علي ( : "من اعتكف فلا يرفث في الحديث ولا يساب ، ويشهد الجمعة والجنازة ، وليوصل أهله إذا كانت له حاجة وهو قائم لا يجلس عندهم"(486).
5 - أنه خرج لواجب فلم يبطل اعتكافه كالمعتدة تخرج لقضاء العدة ، وكالخارج لإنقاذ غريق وإطفاء حريق.
6 - أنه إذا نذر أياماً فيها جمعة فكأنه استثنى الجمعة بلفظه (487) .
واستدل المالكية والشافعية على بطلان الاعتكاف بالخروج إلى الجمعة : بأنه يمكنه الاحتراز من الخروج بأن يعتكف في مسجد جامع (488) .
ونوقش : بأنه وإن أمكنه ذلك فلا يلزم منه بطلان اعتكافه بالخروج إلى صلاة الجمعة، لإذن الشارع في الاعتكاف في غير مسجد جامع.
الترجيح : الراجح - والله أعلم - عدم بطلان الاعتكاف بالخروج إلى صلاة الجمعة؛ لقوة الدليل على ذلك في مقابلة مناقشة دليل القول الآخر .
الفرع الثاني: زمن الخروج:
تقدم أن المعتكف له الخروج إلى صلاة الجمعة ؛ لأن هذا أمر لابد له منه شرعاً فيكون داخلاً في حاجة الإنسان، لكن اختلف العلماء القائلون بعدم فساد اعتكافه إذا خرج في وقت خروجه إلى الجمعة، على أقوال:
القول الأول: أن له التبكير إلى صلاة الجمعة، فيستحب أن يخرج في الوقت الذي يستحب الخروج إلى صلاة الجمعة (489).(1/56)
وبه قال أبو الخطاب، وابن عقيل (490) .
القول الثاني: أن له التبكير إلى صلاة الجمعة، ولا يستحب .
وهو مذهب الحنابلة (491) .
القول الثالث: أنه يخرج وقت زوال الشمس إن قرب مكان اعتكافه ، وإن بعد خرج في وقت يدركها ويصلي قبلها أربعاً.
وهو مذهب الحنفية (492) .
الأدلة :
استدل من قال باستحباب التبكير إلى الجمعة: بالأدلة الدالة على استحباب التبكير إلى صلاة الجمعة؛ كحديث أبي هريرة ( أن النبي ( قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنه، ومن راح في السعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة" (493) ، وهذا يشمل المعتكف وغيره .
واستدل الحنابلة على أن له التبكير : أنه خروج جائز فجاز تعجيله ، كالخروج لحاجة الإنسان (494) .
ولعل دليلهم على استحباب عدم التبكير : أنه مشغول بعبادة شرع فيها فكانت أولى .
واستدل الحنفية: بأن الخطاب بالصلاة لا يتوجه إلا بعد الزوال (495) .
ونوقش هذا الاستدلال: بأن هذا خطاب الوجوب ، أما خطاب السعي المستحب للجمعة فمن أول النهار.
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - استحباب تبكير المعتكف لصلاة الجمعة؛ لعموم أدلة استحباب التبكير لصلاة الجمعة، وصلاحية المكان للاعتكاف، فإن اللبث حاصل سواء بالمسجد الجامع أو مسجد اعتكافه ، فلا إخلال بركن الاعتكاف.
الفرع الثالث : زمن الرجوع إلى المعتكف :
لو تأخر المعتكف في الجامع الذي خرج إليه لأداء صلاة الجمعة لم يفسد اعتكافه عند القائلين بعدم فساد اعتكافه بالخروج إلى صلاة الجمعة؛ لصلاحية الموضع للاعتكاف.
لكن هل يكره مكثه أكثر من ذلك؟
اختلف العلماء - رحمهم الله - في ذلك على قولين:
القول الأول: أنه لا يكره ذلك، لكن لا يستحب أن يطيل المقام بعد الجمعة.
وهو مذهب الحنابلة (496) .(1/57)
وقال ابن قدامة: ويحتمل أن تكون الخيرة إليه في تعجيل الرجوع وتأخيره (497) .
وعللوا ذلك : بصلاحية الموضع للاعتكاف (498) .
القول الثاني: أنه يكره له المكث بعد صلاة الجمعة والسنة الراتبة بعدها.
وهو مذهب الحنفية (499) .
وعللوا ذلك: بأن فيه مخالفة لما التزمه من الاعتكاف في المسجد الأول؛ لأنه لما ابتدأ الاعتكاف فيه فكأنه عينه لذلك فيكره تحوله عنه مع إمكان الإتمام فيه.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - عدم كراهة المقام في الجامع بعد صلاة الجمعة؛ لأن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى دليل شرعي ولم يرد .
المسألة الرابعة: الخروج لعذر غير معتاد :
وذلك يشمل صوراً: كالخروج بسبب الخوف على نفسه، أو حرمته ، أو ماله من عدو أو لص أو حريق ، وكالخروج لانهدام المسجد، والخروج لأداء أو تحمل شهادة تعين عليه ذلك، ولإقامة حد، أو طلب سلطان، ولتفير متعين، وخروج المعتكفة لقضاء عدة الفراق ولمرض شديد تشق معه المقام في المسجد، فإن كان يسيراً لا يشق معه المقام في المسجد فخروجه مبطل ونحو ذلك.
وهذه الصور نص عليها فقهاء الحنابلة، فلا يبطل الاعتكاف بالخروج لشيء من ذلك عند الحنابلة .
والقول الثاني: إن خرج باختياره كخروجه لأداء شهادة، وكخروج المعتكفة لقضاء العدة - فإنه يجب عليها أن تكمل اعتكافها، ثم تخرج لتكمل عدتها - فإنه يبطل الاعتكاف.
وإن كان الخروج بغير اختياره كما لو أخرجه الحاكم لدين أو حد لم يبطل إلا إن اعتكف هرباً من ذلك ، وكذا لو خرج لأمر لا يمكن المقام معه كحيض ومرض .
وهذا مذهب المالكية (500) .
القول الثالث: أنه يبطل الاعتكاف بالخروج لأداء الشهادة، إلا إن تعين عليه التحمل والأداء وكان نذراً متتابعاً فلا يبطل، ولا يبطل الاعتكاف بخروج المعتكفة لقضاء العدة إلا إن كانت العدة بسببها كأن علق طلاقها بمشيئتها فقالت وهي معتكفة : قد شئت .(1/58)
فإن تعين عليه التحمل أو الأداء بطل ، إلا إن كان تحمله قبل الشروع في الاعتكاف فلا يبطل .
وكذا لا يبطل بالمرض الشديد الذي يشق معه المقام في المسجد، ويبطل باليسير الذي لا يشق معه المقام في المسجد .
وهذا مذهب الشافعية (501) .
القول الرابع : أنه يبطل اعتكافه بالخروج لذلك كله .
وهو مذهب الحنفية (502) .
إذ الأصل عند أبي حنيفة : أن الخروج لغير قضاء الحاجة من بول ونحوه، والطهارة الواجبة ، وصلاة الجمعة والعيدين - إذ يرون وجوب صلاة العيدين وجوباً عيناً - أنه مبطل عندهم .
إلا أنه في البدائع : إن انهدم المسجد أو أخرجه سلطان أو غيره فخرج منه مباشرة إلى مسجد آخر لم يبطل اعتكافه استحساناً (503) .
الأدلة :
أدلة الحنابلة :
استدل الحنابلة على ما ذهبوا إليه من عدم البطلان بطروء الأعذار المتقدمة ونحوها بما يلي:
1 - حديث عائشة رضي الله عنها ، وفيه: "وكان - أي النبي ( - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (504) .
فألحقوا الخروج لهذه الأعذار بالخروج لحاجة الإنسان .
2 - حديث صفية رضي الله عنها : "أنها جاءت إلى رسول الله ( تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان ، فتحدثت عنده ساعة ، ثم قامت تنقلب، فقام النبي ( معها يقلبها حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله ( فقال لهما رسول الله ( : على رسلكما إنها صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله وكبُر عليهما، فقال رسول الله ( : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ، وإني خشيت أن يلقي في أنفسكما شيئاً"(505) .
وفي رواية : "كان النبي ( في المسجد عنده أزواجه فرحن فقال لصفية بنت حيي: لا تعجلي حتى أنصرف معك، وكان بيتها في دار أسامة بن زيد فخرج النبي ( فلقيه رجلان .."(506).(1/59)
وجه الدلالة : أن قولها : "فخرج النبي ( معها" صريح في أن النبي ( خرج معها من المسجد، وأن قولها: "حتى بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة" تعني باباً غير الباب الذي خرج منه فإن حجر أزواج النبي ( كان شرقي المسجد وقبلته، وكان للمسجد عدة أبواب فيمر على الباب بعد الباب، والرجلان رأيا النبي ( ومعه المرأة خارج المسجد فإنه لو كان في المسجد لم يحتج إلى هذا الكلام.
وقوله: "لا تعجلي حتى أنصرف معك" وقيامه معها ليقلبها: دليل على أن مكانها بينه وبين المسجد مسافة يخاف فيها من سير المرأة وحدها ليلاً، وهذا قبل أن تكون حجرتها قريباً من المسجد ، ولهذا قال: "وكان بيتها في دار أسامة بن زيد" ، وهذا كله مبين لخروجه من المسجد فإن خروجه إلى مجرد باب المسجد لا فائدة فيه ولا خصوص لصفية فيه لو كان منزلها قريباً دون سائر أزواجه، فهذا خروج للخوف على أهله فيلحق به كل حاجة (507) .
3 - ولأنه خروج متعين فكان عليه الخروج إليه كالخروج إلى الجمعة (508) .
واستدل المالكية : بأنه إذا خرج لأداء الشهادة كان خروجه باختياره ؛ إذ يمكن أداؤها في المسجد إما بحضور القاضي ، أو نقلها عن المعتكف (509) .
ونوقش : أن خروج المعتكف وإن كان باختياره فهو بإيجاب الشارع فلم يبطل الاعتكاف .
واستدل الشافعية : لما ذهبوا إليه بما يلي:
1 - أنه إذا تعين عليه التحمل والأداء لم يبطل اعتكافه إذا كان نذراً متتابعا ً؛ لاضطراره إلى الخروج وإلى سببه .
2 - أنه يبطل اعتكافه المتتابع إذا تعين عليه الأداء أو التحمل؛ لأن خروجه باختياره .
ويناقش هذا التعليل: بما نوقش به تعليل المالكية .
3 - أنه لا يبطل الاعتكاف المتتابع بخروجه للشهادة إذا كان تحمله قبل الشروع فيه قياساً على ما إذا نذر صوم الدهر ففوته لصوم كفارة لزمته قبل النذر فلا يلزمه القضاء .
4 - أنه يبطل اعتكافه إذا كان تطوعاً أو نذراً غير متتابع: لأن خروجه باختياره (510) .(1/60)
ويناقش : كما تقدم في مناقشة تعليل المالكية .
وأما تعليلهم لخروج المعتكفة أو من لزمه حد فنحو ما تقدم.
واستدل الحنفية : بحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النبي ( - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (511).
فدل على أن الخروج المباح إنما هو لحاجة الإنسان من بول أو غائط ، وما يتبع ذلك من طهارة واجبة ، وكذا الخروج لصلاة الجمعة لإيجاب الشارع لها (512) .
ونوقش هذا الاستدلال : إذا سلم أن قولها رضي الله عنها: "لحاجة الإنسان" محصور بما يحتاجه من بول أو غائط، فأنتم لم تطردوا هذا الأصل فأجزتم الخروج لصلاة الجمعة ، وهذه الأعذار في معنى ذلك.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه الحنابلة، وهو عدم بطلان الاعتكاف بالأعذار الطارئة لقوة ما استدلوا به .
المسألة الخامسة: الخروج لقربة من القرب :
كعيادة مريض ، وصلاة جنازة ، وغسل جمعة على القول باستحبابه دون وجوبه ، وتجديد وضوء، وحضور مجلس علم ونحو ذلك.
ويتبين هذا في إيراد خلاف أهل العلم في خروج المعتكف لعيادة مريض أو صلاة جنازة .
القول الأول: أنه ليس له ذلك إلا بالشرط ، إلا إن تعينت عليه صلاة الجنازة أو تغسيله أو دفنه .
وهذا مذهب الحنابلة (513) .
القول الثاني: أنه ليس له الخروج إلى ذلك إلا بالشرط ، ولو تعين عليه ذلك.
وهذا مذهب الحنفية (514) ، والشافعية (515) .
القول الثالث: أن له الخروج إلى ذلك بلا شرط .
وبه قال الحسن البصري وسعيد بن جبير والنخعي (516) ، وهو رواية عن الإمام أحمد (517) .
القول الرابع : أنه يجب عليه الخروج لعيادة والديه وجنازتهما ، ويبطل اعتكافه .
وهو مذهب المالكية (518) .
الأدلة :
أدلة الرأي : استدل لهذا الرأي:
1 - حديث عائشة رضي الله عنها ، وفيه: "أن النبي ( لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (519) .(1/61)
فعلم أن هذه سنة الاعتكاف، وأن الخروج المباح للمعتكف الخروج لقضاء الحاجة، وما في معنى ذلك من الطهارة الواجبة ، وصلاة الجمعة ونحو ذلك كما تقدم، دون الخروج لسائر القرب. وفعله ( يفسر الاعتكاف المذكور في القرآن.
2 - حديث عائشة ، وفيه: "والسنة في المعتكف أن لا يخرج إلا للحاجة التي لابد منها، ولا يعود مريضاً ، ولا يمس امرأة ولا يباشرها ، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ، والسنة فيمن اعتكف أن يصوم" .
وتقدم هو هل من قول عائشة ، أو مدرج من الزهري؟ وهو الأقرب (520) .
3 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي ( يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو ولا يعرج يسأل عنه" (521) .
ونوقش : بأنه حديث ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم (522) .
4 - قول عائشة رضي الله عنها : "إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة" (523) .
فعدم سؤال عائشة رضي الله عنها عن المريض إلا وهي مارة دون تعريج عليه إذا دخلت البيت لحاجة دليل على عدم قصد الخروج لعيادة المريض من باب أولى.
5 - أنه خروج لما له منه بد فلم يجز كما لو خرج لزيارة والديه ، أو صديقه أو طلب العلم ، ونحو ذلك من القرب (524) .
ودليل جواز ذلك بالشرط : ما سيأتي بحثه في حكم الشرط في الاعتكاف قريباً .
ودليل جواز الخروج إذا تعين عليه ذلك:
ما تقدم من الأدلة على جواز الخروج للأعذار الطارئة (525) .
ودليل الحنفية والشافعية : أنه ليس له الخروج إلا بالشرط ولو تعين عليه:
أما الحنفية : فلأن الأصل عند أبي حنيفة: أنه لا يخرج المعتكف إلا بحاجة الإنسان من بول وغائط ، وما يتبعه من طهارة واجبة ، وكذا صلاة الجمعة ، لحديث عائشة رضي الله عنها ، وقد تقدم مناقشته (526) .
وأما الشافعية : فلأنه خروج باختياره فكان مبطلاً ، فلم يكن له ذلك إلا بالشرط .
ونوقش هذا التعليل : بأنه إذا تعين عليه ذلك كان من الأعذار الطارئة وقد تقدم الدليل على الخروج للأعذار الطارئة (527) .(1/62)
دليل الرأي الثالث:
1 - حديث أنس مرفوعاً: "المعتكف يتبع الجنازة ويعود المريض" (528) .
ونوقش : بأن في إسناده : عنبسة بن عبدالرحمن الأموي، متروك الحديث (529) .
2 - ما رواه عاصم بن ضمرة أن علي بن أبي طالب ( قال: "من اعتكف فلا يرفث ولا يساب ، ويشهد الجمعة والجنازة ، وليوصل أهله إذا كانت له حاجة وهو قائم لا يجلس عندهم" (530) . قال الإمام أحمد : عاصم بن ضمرة عندي حجة .
ونوقش : بمخالفته لظاهر القرآن والسنة .
كما أنه مخالف لقول عائشة رضي الله عنها .
وأما دليل المالكية : فيخرج لعيادة والديه لوجوب برهما، ويبطل اعتكافه ؛ لأنه خرج باختياره (531) .
ولا يخرج لعيادة أو جنازة غيرهما مطلقاً ؛ لعدم تجويزهم الشرط في الاعتكاف (532) .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - جواز الخروج بالشرط لكل قربة لما تقدم من الدليل على ذلك.
المطلب الثاني: اشتراط الخروج في الاعتكاف:
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: حكمه.
المسألة الثانية: نوعاه .
المسألة الثالثة: فائدته.
المسألة الأولى: حكمه :
اختلف العلماء في جواز الشرط وصحته في الاعتكاف على قولين:
القول الأول: جوازه وصحته .
وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، وبه قال كثير من السلف كالحسن وقتادة وعطاء ، وإبراهيم النخعي، وغيرهما (533) .
القول الثاني: عدم جوازه وعدم صحته .
وهو مذهب المالكية (534) .
قال ابن رشد : "وسبب اختلافهم تشبيههم الاعتكاف بالحج في أن كليهما عبادة مانعة لكثير من المباحات" (535) .
الأدلة :
استدل الجمهور بالأدلة الآتية :
1 - قوله ( : "المسلمون على شروطهم" (536) ، وهذا عام يشمل الاعتكاف(537) .
2 - حديث ضباعة بن الزبير رضي الله عنهما ، وفيه قوله ( لها : "حجي واشترطي قولي: اللهم محلي حيث حبستني" (538) .
وجه الدلالة : أن الإحرام ألزم العبادات بالشروع، ويجوز مخالفته بالشرط ، فالاعتكاف من باب أولى.(1/63)
3 - ما روي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما "في المجاور له نيته" أي شرطه (539) . لكنه ضعيف.
4 - أنه يجب الاعتكاف بعقده فكان الشرط إليه فيه كالوقف .
5 - أن الاعتكاف لا يختص بقدر فإذا شرط الخروج فكأنه نذر القدر الذي أقامه (540) .
دليل المالكية : عدم ورود الشرط في الاعتكاف .
قال الإمام مالك : "لم أسمع أحداً من أهل العلم يذكر في الاعتكاف شرطاً ، وإنما الاعتكاف عمل من الأعمال مثل الصلاة والصيام والحج وما أشبه ذلك من الأعمال ما كان من ذلك فريضة أو نافلة فمن دخل في شيء من ذلك فإنما يعمل بما مضى من السنة ، وليس له أن يحدث في ذلك غير ما مضى عليه المسلمون لا من شرط يشترطه ولا يبتدعه" (541) .
ونوقش هذا الاستدلال: أنه وإن لم يرد في الاعتكاف بخصوصه فقد ورد جواز الشرط العام الشامل للاعتكاف ، وكذا ورد في الإحرام وهو ألزم العبادات فألحق به الاعتكاف .
المسألة الثانية : نوعاه :
وفيها أمران:
الأمر الأول: أن يكون عاماً.
الأمر الثاني: أن يكون خاصاً.
الأمر الأول: أن يكون الشرط عاماً ، كأن يقول : إذا عرض لي عارض، أو شغل، أو مرض ونحو ذلك خرجت .
فمذهب الشافعية والحنابلة وبه قال ابن حزم (542) ، صحة هذا الشرط سواء كان الاعتكاف واجباً أو تطوعاً .
لما تقدم من الأدلة على صحة الشرط في الاعتكاف .
والقول الثاني: عدم صحته .
وبه قال بعض الشافعية (543) .
لأنه شرط مخالف لمقتضى الاعتكاف فبطل كما لو شرط الخروج للجماع.
ونوقش هذا التعليل : بعدم التسليم فإنه قياس مع الفارق ، فإن شرط الخروج أباحه الشارع بخلاف الجماع فقد حرمه الشارع .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - صحة الشرط العام ؛ لعموم أدلة صحة الشرط في الاعتكاف .
فعلى هذا عند الشافعية (544) : يخرج لكل شغل ديني، أو دنيوي مباح.
فالديني مثل: صلاة الجمعة ، والجماعة ، وعيادة المريض، ونحو ذلك .
والدنيوي المباح: مثل لقاء سلطان أو اقتضاء غريم ونحوه.(1/64)
وليس من الشغل الفرجة والنزهة والنظارة .
وعند الحنابلة (545) : يخرج لكل قربة كعيادة مريض ، أو صلاة جنازة ، أو زيادة عالم ونحو هذا.
أو أمر مباح لا ينافي الاعتكاف كأكله في بيته، أو مبيته فيه إذا احتاج إلى ذلك.
فإن كان ينافي الاعتكاف؛ كالجماع، أو المباشرة، أو الفرجة، أو النزهة، أو البيع للتجارة، أو التكسب بالصنعة في المسجد أو غيره لم يجز له ذلك لما يأتي.
الأمر الثاني: أن يكون خاصاً ، فإن كان قربة كعيادة مريض، وصلاة جنازة، وحضور مجلس علم فجائز عند أبي حنيفة (546) ، والشافعية (547) ، والحنابلة (548) .
وإن كان غير قربة فعند الحنابلة يشترط أن يحتاجه ولا ينافي الاعتكاف.
وكذا عند الشافعية : يشترط أن يكون مباحاً مقصوداً غير مناف للاعتكاف.
فقول الحنابلة : "أن يحتاجه" مثل المبيت في بيته، وأكله فيه.
وقول الشافعية : "مباحاً" خرج المحرم كالسرقة .
وقولهم: "مقصود" خرج غير المقصود كالنزهة والفرجة .
وقولهم : "غير مناف للاعتكاف" خرج الجماع ونحوه مما ينافي للاعتكاف (549) .
وعن الإمام أحمد : لا يصح الشرط لغير القربة، جزم به القاضي وابن عقيل واختاره المجد (550) .
المسألة الثالثة : فائدة الاشتراط :
أما في الاعتكاف المستحب ففائدته عدم بطلانه بالخروج لأجل الشرط .
وأما في الاعتكاف الواجب بنذر :
ففائدته عند الشافعية : في الاعتكاف المتتابع لا يلزمه تدارك ما فاته فكأنه قال: نذرت هذا الزمن والمشروط مستثنى منه (551) .
وفائدته عند الحنابلة : سقوط التدارك أي القضاء في المدة المعينة كنذر اعتكاف شهر رمضان.
وأما في المدة المطلقة كنذر شهر متتابع ففائدة الشرط البناء على ما سبق مع سقوط الكفارة (552) .
المطلب الثالث: قضاء زمن الخروج للاعتكاف الواجب:
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن يكون خروجه لعذر معتاد طبعاً أو شرعاً، كقضاء الحاجة ، أو الطهارة الواجبة ، أو الأكل، أو صلاة الجمعة .(1/65)
المسألة الثانية: أن يكون خروجه لعذر غير معتاد.
المسألة الأولى: أن يكون خروجه لعذر معتاد طبعاً أو شرعاً:
فهذا لا يلزمه قضاء زمن الخروج؛ لحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النبي ( - لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (553) .
ولم يرد عن النبي ( أنه كان يقضيه، ولا يقال: إن اعتكافه تطوع، فإن النبي ( كان يحفظ اعتكافه مما ينقصه ، ولهذا كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان ويصغي رأسه لعائشة لترجله ولا يدخل .
ولأن هذا لو كان ينقص الاعتكاف ولم يكن النبي ( يقضيه لم يكن النبي ( قد اعتكف العشر الأواخر، وقد كان ( يعتكف العشر الأواخر (554) .
ولأن الخروج له كالمستثنى لكونه معتاداً (555) .
المسألة الثانية: أن يكون خروجه لعذر غير معتاد:
اختلف القائلون بعدم بطلان الاعتكاف بالخروج للعذر الطارئ فيما يلزم المعتكف اعتكافاً واجباً على ما يلي (556) :
فالمشهور عند الحنابلة : أنه إذا لم يتطاول فهو على اعتكافه ولا يقضي الوقت الفائت لكونه يسيراً مباحاً أشبه حاجة الإنسان وغسل الجنابة .
وإن تطاول وجب عليه الرجوع إلى معتكفه لأداء ما وجب عليه، ثم لا يخلو النذر من ثلاثة أحوال:
الأول: أن يكون النذر أياماً غير متتابعة ولا معينة كنذره عشرة أيام مطلقة فيلزمه أن يتم ما بقي عليه من الأيام محتسباً بما مضى، لكنه يبتدئ اليوم الذي خرج فيه من أوله ليكون اليوم متتابعاً، ولا كفارة عليه؛ لأنه أتى بالمنذور على وجهه.
وقال المجد: قياس المذهب : يخير بين ذلك وبين بعض اليوم ويكفر.
الثاني: أن يكون النذر أياماً متتابعة غير معينة كما لو قال: لله علي أعتكف عشرة أيام متتابعة فيخير بين البناء على ما مضى فيأتي بما بقي عليه وعليه كفارة يمين جبراً لفوات التتابع ، وبين الاستئناف بلا كفارة .
الثالث: أن ينذر أياماً معينة كالعشر الأواخر من رمضان فعليه قضا ما ترك، وعليه كفارة يمين لفوات المحل (557) .(1/66)
لحديث عقبة بن عامر ( أن النبي ( قال: "كفارة النذر كفارة يمين" (558) .
وأما عند المالكية : فله حالتان:
الأولى: أن ينذر أياماً معينة كالعشر الأواخر من رمضان فيبني فور زوال عذره فيأتي بما أدركه منها، ويقضي ما فات منها.
الثانية: أن ينذر أياماً غير معينة كما لو نذر عشرة أيام مطلقة فيبني فور زوال العذر ، ويأتي بما أدركه منها (559) .
وأما الشافعية : فعندهم يقضي زمن الخروج ، ولم يذكروا تفصيلاً لذلك(560).
وأما الحنفية فتقدم أنهم يرون بطلان الاعتكاف بالخروج للأعذار الطارئة ، وحكمه إذا بطل : فإن كان شهراً معيناً قضى ما فسد ولا يلزمه الاستئناف ، كما لو أفطر يوماً من شهر معين نذر صيامه فلا يلزمه الاستئناف كمن أفطر في رمضان .
وإن كان شهراً غير معين، أو أياماً معينة، أو مطلقة ، لزمه الاستئناف؛ لأنه يلزمه التتابع (561) .
وأقرب الأقوال: قول الحنابلة؛ لما ذكروه من التفصيل والتعليل، والله أعلم .
المبحث الثاني (562)
مبطلات الاعتكاف
وفيه مطالب:
المطلب الأول: الجماع .
المطلب الثاني: مباشرة الزوجة ونحوها .
المطلب الثالث: إنزال المني .
المطلب الرابع : طروء الحيض والنفاس .
المطلب الخامس: الإغماء والجنون .
المطلب السادس: السكر .
المطلب السابع: فعل كبيرة من الكبائر .
المطلب الثامن: الردة .
المطلب التاسع : إفساد الصوم .
المطلب العاشر: قطع نية الاعتكاف.
المطلب الحادي عشر: الموت .
المطلب الثاني عشر: شروط المبطلات .
المطلب الأول: الجماع:
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: كونه مبطلاً .
المسألة الثانية: وجوب الكفارة فيه .
المسألة الأولى: كونه مبطلاً:
إذا جامع المعتكف زوجته أو أمته بطل اعتكافه إجماعاً. قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن من جامع امرأته وهو معتكف عامداً لذلك في فرجها أنه يفسد اعتكافه" (563) .
قال ابن حزم: "واتفقوا أن الوطء يفسد الاعتكاف" (564) .(1/67)
وقال ابن هبيرة: "وأجمعوا على أن الوطء عامداً يبطل الاعتكاف المنذور والمسنون معاً" (565) .
لقوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ((566) .
قال قتادة في قوله تعالى: (ولا تباشروهن...( الآية : "كان الناس إذا اعتكفوا يخرج أحدهم فيباشر أهله، ثم يرجع إلى المسجد فنهاهم الله تعالى عن ذلك" (567) ، فلا يحل له في المسجد ولا خارجاً منه إذا خرج خروجاً لا يقطع الاعتكاف.
وروي نحوه عن ابن رضي الله عنهما، ويأتي قريباً .
ولحديث عائشة رضي الله عنها: "وكان - أي النبي ( - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (568) .
فذكرت عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله ( كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان تعني الغائط والبول كُني عنهما بالحاجة؛ لأن الإنسان يحتاج إليهما لا محالة.
ولما تقدم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "والسنة للمعتكف أن لا يخرج إلا للحاجة التي لابد منها ولا يعود مريضاً ولا يمس امرأة ولا يباشرها.." (569) .
وقال ابن عباس: "إذا جامع المعتكف بطل اعتكافه" (570) .
المسألة الثانية: وجوب الكفارة بالجماع :
اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: أنه لا يلزمه شيء من الكفارات .
وهو قول جمهور أهل العلم (571) . إذ لا نص من قرآن أو سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح .
القول الثاني: أنه تجب عليه كفارة يمين.
وهو رواية عن الإمام أحمد . ولم أقف لهذه الرواية على دليل (572) .
القول الثالث : أنه تجب عليه كفارة الجماع في نهار رمضان.
قال الزهري في الرجل يقع على امرأته وهو معتكف : "لم يبلغنا في ذلك شيء ولكنا نرى أن يعتق رقبة مثل الذي يقع على أهله في رمضان" (573) .
وقال الحسن في رجل غشي امرته وهو معتكف: "إنه بمنزلة الذي غشي في رمضان عليه ما على الذي أصاب في رمضان" (574) .
وهو رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله - (575) .(1/68)
وقياس الاعتكاف على الصوم كما في قول الزهري والحسن غير مسلم؛ إذ هو قياس مع الفارق إذ الصيام لا تجب الكفارة فيه إلا بالوطء في نهار رمضان خاصة لحرمة الزمن ، لا لحرمة جنس الصوم، وأيضاً فإن الصيام عبادة يدخل في جبرانها المال بخلاف الاعتكاف .
مع أنه قياس فاسد الاعتبار؛ لمخالفته ظاهر القرآن. وأيضاً لا يصح قياس الاعتكاف على الحج؛ إذ الحج يلزم جنسه بالشروع بخلاف الاعتكاف، ثم الكفارة الواجبة فيه ليست من جنس كفارة الحج (576) .
وعلى هذا فالراجح : قول جمهور أهل العلم ، والله أعلم .
لكن إن كان الاعتكاف واجباً بنذر ، فإن كان معيناً كما لو نذر اعتكاف العشر الأواخر ، ثم وطيء فيها فتجب كفارة يمين لفوات الزمن المعين مع القضاء(577).
لما تقدم من حديث عقبة مرفوعاً: "كفارة النذر كفارة يمين" (578) .
وإن كان متتابعاً غير معين كما لو نذر اعتكاف عشرة أيام متتابعة ثم وطئ فيها خير بين كفارة اليمين مع البناء ، أو الاستئناف بلا كفارة (579) .
المطلب الثاني: مباشرة الزوجة ونحوها :
إذا باشر المعتكف زوجته أو أمته فإن كان لغير شهوة فلا يبطل اعتكافه باتفاق الأئمة (580) .
ودليل ذلك: حديث عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت ترجل النبي ( وهي حائض وهو معتكف في المساجد، وهي في حجرتها يناولها رأسه" (581) .
لكن عند ابن حزم تحرم المباشرة مطلقاً بشيء من الجسم إلا في ترجيل المرأة للمعتكف خاصة فمباح (582) .
وهذا منه رحمه الله جمود على النص.
وإن كانت المباشرة لشهوة حرم ذلك عليه ، باتفاق العلماء (583) ، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ( : "كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان" (584) ، ولمنافاته حال الاعتكاف، واختلف العلماء في بطلان اعتكافه على قولين:
القول الأول: أنه لا يبطل اعتكافه إلا بالإنزال .
وهو قول جمهور العلماء (585) .
القول الثاني: أنه يبطل اعتكافه مطلقاً.
وهو قول المالكية (586) .
الأدلة :(1/69)
استدل جمهور العلماء بالأدلة الآتية :
1 - البقاء على الأصل ، وهو صحة الاعتكاف، ولم يرد ما يدل على بطلانه (587) .
2 - قياس الاعتكاف على الصيام والحج ، فكما لا يبطل الصيام والحج بمجرد المباشرة لشهوة ، فكذا الاعتكاف.
واستدل المالكية على بطلان الاعتكاف بالمباشرة لشهوة، بقوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ((588) ، والمباشرة تشمل الجماع، والمباشرة لشهوة، والنهي إذا عاد إلى ذات المنهي اقتضى الفساد (589) .
ونوقش هذا الاستدلال من وجوه :
الأول: أن المباشرة المراد بها هنا الجماع، وهو قول جمهور المفسرين كما نقله ابن جرير الطبري (590) ، وابن الجوزي (591) ، وابن كثير (592) ، وهو اختيار ابن جرير، قال ابن جرير - رحمه الله - : "وأولى القولين عندي قول من قال معنى ذلك: الجماع، أو ما قام مقام الجماع مما أوجب غسلاً إيجابه، وذلك أنه لا قول في ذلك إلا أحد قولين: إما جعل حكم الآية عاماً، أو جعل حكمها في خاص من معاني المباشرة، وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله ( أن نساءه كن يرجلنه وهو معتكف، فلما صح ذلك عنه، علم أن الذي عني به من معاني المباشرة البعض دون الجميع ... فإذا كان عن رسول الله ( ما ذكرنا من غسل عائشة رأسه وهو معتكف، فمعلوم أن المراد بقوله:(وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ( (593) غير جميع ما لزمه اسم المباشرة، وأنه معنى به البعض من معاني المباشرة دون الجميع، فإذا كان ذلك كذلك، وكان مجمعاً على أن الجماع مما عني به كان واجباً تحريم الجماع على المعتكف وما أشبهه ..." (594) .
الوجه الثاني : أنه روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في سبب نزول الآية قال: "كانوا إذا اعتكفوا فخرج الرجل إلى الغائط جامع امرأته ، ثم اغتسل ، ثم رجع إلى اعتكافه فنهوا عن ذلك" (595) .
لكنه لا يثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما .(1/70)
وأجيب : بأنه ثبت عن ابن عباس بإسناد صحيح: "أن المعتكف إذا جامع بطل اعتكافه" (596) ، فابن عباس رضي الله تعالى عنهما أخذ ذلك من الآية فدل على أنه فسر المباشرة بالجماع، وقد دعا له النبي بالفقه في الدين ، والعلم بالتأويل .
الوجه الثالث: ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ((597) : "المباشرة والملامسة والمس جماع كله، ولكن الله عز وجل يكني ما شاء بما يشاء" (598) .
الترجيح : الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور العلماء ؛ للبقاء على الأصل ، وهو صحة الصوم، والإجابة عن دليل المالكية .
المطلب الثالث: إنزال المني:
وفيه مسائل :
المسألة الأولى: إنزاله بمباشرة.
المسألة الثانية: إنزاله باحتلام .
المسألة الثالثة: إنزاله بالتفكر .
المسألة الرابعة : إنزاله بالنظر.
المسألة الخامسة: إنزاله باستمناء.
المسألة الأولى: إنزاله بمباشرة:
إذا باشر المعتكف زوجته أو أمته، ثم أنزل بطل اعتكافه باتفاق الأئمة (599) .
وتقدمت الأدلة على تحريم المباشرة على المعتكف (600) .
المسألة الثانية: إنزاله باحتلام :
إذا احتلم المعتكف في منامه فأنزل منياً لم يفسد اعتكافه باتفاق الأئمة (601) .
ودليل ذلك : أن النائم مرفوع عنه القلم ؛ لحديث علي ( أن النبي ( قال: "رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق" (602) .
المسألة الثالثة : إنزاله بالتفكر:
إذا حدث المعتكف نفسه بأمر الجماع فأنزل منياً لم يفسد اعتكافه.
وبه قال جمهور أهل العلم (603) .
لحديث أبي هريرة ( ، أن النبي ( قال: "إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به" (604) .
القول الثاني: أنه يفسد اعتكافه.
وهو مذهب المالكية (605) .
واستدلوا : بأن كل ما أفسد الصوم أفسد الاعتكاف، والإنزال بالتفكر يفسد الصوم عند المالكية (606) .(1/71)
ونوقش هذا الاستدلال : بأنه مبني على أن الصوم شرط لصحة الاعتكاف، وهو غير مسلم كما تقدم في شرط صحة الصوم.
كما أنه لا يسلم أيضاً أن الإنزال بالتفكر يفسد الصيام .
الترجيح : الراجح - والله أعلم - عدم بطلان الاعتكاف بإنزال المني لعفو الشارع عن حديث النفس .
المسألة الرابعة: إنزال المني بالنظر:
إذا نظر المعتكف إلى زوجته أو أمته بشهوة فأنزل منياً، فاختلف العلماء رحمهم الله تعالى في فساد اعتكافه على قولين:
القول الأول: أنه لا يفسد اعتكافه إلا إذا كرر النظر.
وهو مذهب الحنابلة (607) .
القول الثاني: أنه لا يبطل اعتكافه .
وهو مذهب الحنفية (608) ، والشافعية (609) .
القول الثالث: أنه يبطل اعتكافه بمجرد النظر إذا أنزل .
وهو مذهب المالكية (610) .
الأدلة :
أما دليل الحنابلة أنه لا يبُطل اعتكافه إلا بتكرار النظر إذا أنزل : أن النظرة الأولى معفو عنها؛ لحديث علي ( أن النبي ( قال: "يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة" (611) .
وأما ما بعد الأولى فليست له فلم يكن معفواً عنها .
ودليل من قال بعدم الإبطال مطلقاً: أن النظر لا مباشرة فيه : فلم يبطل كالاحتلام (612) .
ونوقش : بأنه قياس مع الفارق إذ الاحتلام لا اختيار للإنسان فيه بخلاف تكرار النظر .
ودليل من قال بالإبطال مطلقاً: بأن الإنزال بمجرد النظر مبطل للصوم فأبطل الاعتكاف (613) .
ونوقش : بأنه مبني على أن الصوم شرط لصحة الاعتكاف وهو غير مسلم به كما تقدم في شروط صحة الاعتكاف .
الترجيح : الراجح - والله أعلم - إن غلب على ظنه الإنزال بنظرة أو تكرار النظر فأنزل بطل اعتكافه، وإلا لم يبطل وفيه جمع بين الأقوال وأدلتها.
المسألة الخامس: إنزاله بالاستمناء:
إذا استمنى المعتكف فأمنى اختلف العلماء في بطلان اعتكافه على قولين:
القول الأول: أنه يبطل اعتكافه .
وهو قول جمهور أهل العلم (614) .
القول الثاني: أنه لا يبطل اعتكافه .(1/72)
وهو الوجه الثاني عند الشافعية (615) .
الأدلة :
استدل الجمهور على إبطال الاعتكاف بالإنزال بالاستمناء : ما تقدم من الأدلة على إبطال الاعتكاف بالإنزال بالمباشرة فكذا الاستمناء (616) .
ودليل الرأي الثاني: أن كمال اللذة باصطكاك البشرتين (617) .
ونوقش هذا الاستدلال : بأن الإبطال ليس معلقاً باكتمال اللذة، ولهذا بطل الاعتكاف بالمباشرة مع أن كمال اللذة بالجماع (618) .
الترجيح : الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، ببطلان الاعتكاف بالإنزال بالاستمناء وقد تقدم بطلانه بالمباشرة مع أن الأصل فيها الحل فبطلانه بالمحرم أولى.
المطلب الرابع : طروء الحيض والنفاس :
وفي مسائل:
المسألة الأولى: كونه مبطلاً.
المسألة الثانية : ما يشرع للمعتكفة بعد طروء الحيض والنفاس.
المسألة الثالثة: أثره على الاعتكاف الواجب عند من لم يعتبره مبطلاً .
المسألة الأولى : كونه مبطلاً:
إذا حاضت المعتكفة أو نفست حرم عليها المقام في المسجد عند جمهور أهل العلم (619) ، لكن إذا خرجت هل يبطل اعتكافها للعلماء في ذلك قولان:
القول الأول: نه لا يبطل اعتكافها .
وبه قال جمهور أهل العلم (620) .
القول الثاني: أنه يبطل اعتكافها .
وهو مذهب الحنفية (621) .
الأدلة :
استدل الجمهور على عدم بطلان الاعتكاف بطروء الحيض أو النفاس بما يلي:
1 - ما تقدم من الأدلة على عدم بطلان الاعتكاف بالخروج للعذر المعتاد(622).
2 - ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: "كن المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله ( بإخراجهن من المسجد وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن" (623) .
فدل هذا على عدم بطلان اعتكاف المرأة إذا حاضت .
ودليل الحنفية : حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (624) .(1/73)
والمراد بحاجة الإنسان ما يحتاج إليه طبعاً كالبول والغائط ، أو شرعاً كالطهارة الواجبة والخروج للجمعة، وتقدم أصلهم هذا (625) .
ونوقش هذا الاستدلال : بأن خروج الحائض والنفساء لأجل الحيض أو النفاس في معنى حاجة الإنسان فيكون مستثنى ، والله أعلم .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - قول جمهور أهل العلم ؛ لقوة ما استدلوا به، ومناقشة دليل الحنفية .
المسألة الثانية: ما يشرع للمعتكفة بعد طروء الحيض أو النفاس :
اختلف القائلون بعدم بطلان الاعتكاف بطروء الحيض أو النفاس فيما يشرع للمعتكفة إذا حاضت أو نفست على أقوال:
القول الأول: أنها ترجع إلى منزلها فإذا طهرت رجعت إلى المسجد .
وهو قول جمهور أهل العلم (626) .
لكن عند الحنابلة : يستحب لها أن تضرب فسطاطا في رحبة المسجد إن كان له رحبة (627) .
القول الثاني: أنها تضرب فسطاطها في رحبة المسجد إن كان له رحبة.
وبه قال أبو قلابة (628) .
الأدلة :
استدل الجمهور على أن المعتكفة إذا حاضت لها الرجوع إلى بيتها بما يلي:
1 - أن الشارع أذن لها بالخروج فلها الرجوع إلى منزلها .
2 - أنه وجب عليها الخروج من المسجد فلم يلزمها الإقامة في رحبته كالخارجة لعدة أو خوف فتنة .
ونوقش : بأنه قياس مع الفارق؛ لأن خروج المعتدة لتعتد في بيتها لا يحصل ذلك مع الكون في الرحبة، وكذا الخائفة من الفتنة خروجها لتسلم من الفتنة، فلا تقيم في موضع لا تحصل الإقامة فيه (629) .
ودليل الحنابلة على استحباب الإقامة في الرحبة : حديث عائشة الآتي.
ودليل أبي قلابة على أنها تضرب فسطاطها في رحبة المسجد:
ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: "كنّ المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله ( بإخراجهن من المسجد، وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن"(630) .(1/74)
ونوقش : بأنه محمول على الاستحباب؛ إذ الاعتكاف لا يجب إلا في المسجد، وتحمل هذه الرحبة على رحبة لا يصح الاعتكاف فيها؛ لعدم دخولها في المسجد الذي يصح الاعتكاف فيه لكونها غير محوطة مثلاً، إذ لو كانت محوطة تابعة للمسجد لما جاز مقامها فيها (631) .
الترجيح : الراجح - والله أعلم - قول جمهور أهل العلم؛ لما استدلوا به .
المسألة الثالثة: أثر طروء الحيض أو النفاس على الاعتكاف الواجب عند من لم يعتبره مبطلاً :
اختلف القائلون بعدم إبطال الاعتكاف بطروء الحيض أو النفاس:
فالمشهور عند المالكية والحنابلة: أن حكم طروء الحيض على الاعتكاف الواجب. بنذر حكم طروء بقية الأعذار غير المعتادة، وقد تقدم بيان ذلك مفصلاً(632).
وعند الشافعية : أن النذر له حالتان:
الأولى: أن يكون النذر غير متتابع فهذه تبني بعد طهرها .
الثانية: أن يكون النذر متتابعاً، فإن كان الاعتكاف مدة لا يمكن حفظها من الحيض غالباً بأن كان أكثر من خمسة وعشرين يوماً لم يبطل التتابع ، بل تبنى عليه.
وإن كان في مدة يمكن حفظها من الحيض كخمسة عشر يوماً فما دونها فالمصحح عندهم أنه ينقطع التتابع فتستأنف (633) .
المطلب الخامس : طروء الإغماء (634) والجنون:
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى : كونهما من المبطلات .
المسألة الثانية: أثر ذلك على الاعتكاف الواجب عند من لم يره مبطلاً.
المسألة الأولى: كونهما من المبطلات:
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في بطلان الاعتكاف بالإغماء والجنون على قولين:
القول الأول: عدم بطلان الاعتكاف بهما.
وهو قول جمهور أهل العلم (635) .
القول الثاني: بطلان الاعتكاف بهما، فإن بقي في المسجد صح اليوم الذي أغمي فيه ولم يصح ما بعده.
وهو مذهب الحنفية (636) .
قال ابن رشد : "والسبب في اختلافهم في هذا الباب أنه ليس في هذه الأشياء شيء محدود من قبل السمع فيقع التنازع في تشبيههم ما اتفقوا عليه فيما اختلفوا فيه"(637) .
الأدلة :(1/75)
استدل الجمهور على عدم بطلان الاعتكاف بالإغماء والجنون بما يلي:
1 - لا يبطل بالإغماء ؛ لعدم منافاته له كالنوم (638) .
2 - أنه لا يبطل الاعتكاف بالجنون لعدم اختياره (639) .
ودليل الحنفية على بطلان الاعتكاف بالجنون والإغماء: فإن كان واجباً فلما تقدم من اشتراطهم الصوم للاعتكاف الواجب، لعدم نية الصوم من المغمى عليه والمجنون (640) .
وأما صحة اليوم الذي أغمي، أو جن فيه فلوجود نية الصوم .
وأما إن كان الاعتكاف تطوعاً فلم أقف لهم على دليل.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - ما ذهب جمهور أهل العلم وعدم بطلان الاعتكاف بطروء الجنون والإغماء لما استدلوا به.
المسألة الثانية : أثر طروء الجنون والإغماء على الاعتكاف الواجب:
وفيها أمران :
الأمر الأول: أن لا يخرج من المسجد:
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: أنه يلزمه قضاء زمن الجنون دون زمن الإغماء.
وهذا مذهب الشافعية (641) .
وعللوا : أنه يلزمه قضاء زمن الجنون؛ لأن المجنون لا تصح منه العبادات البدنية، ولا يلزمه قضاء زمن الإغماء إلحاقاً له بالنائم.
القول الثاني: أنه لا يلزمه قضاء زمنهما.
وهو ظاهر مذهب الحنابلة .
جاء في مطالب أولي النهى: "ويتجه أنه لا يقضي معتكف أغمي عليه زمن إغمائه ؛ إذ هو كنائم ، والنائم لا قضاء عليه، ولا يقضي زمن جنونه أيضاً لعدم تكليفه إذن وهو متجه" (642) .
والظاهر : أن المجنون لا يقضي الاعتكاف المعين؛ لعدم تكليفه مدة التعيين، ويلزمه ما عداه؛ لعدم صحته منه وإمكانه في زمن آخر (643) .
القول الثالث: أنه لا يلزمه قضاء اليوم الذي جن أو أغمي فيه ويلزمه قضاء فيما اختلفوا فيه" (644) .
الأدلة: استدل الجمهور على عدم بطلان الاعتكاف بالإغماء والجنون بما يلي:
1 - لا يبطل بالإغماء؛ لعدم منافاته له كالنوم (645) .
2 - أنه لا يبطل الاعتكاف بالجنون لعدم اختياره (646) .(1/76)
ودليل الحنفية على بطلان الاعتكاف بالجنون والإغماء: فإن كان واجباً فلما تقدم من اشتراطهم الصوم للاعتكاف الواجب ، لعدم نية الصوم من المغمى عليه والمجنون (647) .
وأما صحة اليوم الذي أغمي، أو جن فيه فلوجود نية الصوم.
وأما إن كان الاعتكاف تطوعاً فلم أقف لهم على دليل.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - ما ذهب جمهور أهل العلم وعدم بطلان الاعتكاف بطروء الجنون والإغماء لما استدلوا به.
المسألة الثانية: أثر طروء الجنون والإغماء على الاعتكاف الواجب:
وفيها أمران:
الأمر الأول: أن لا يخرج من المسجد :
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: أنه يلزمه قضاء زمن الجنون دون زمن الإغماء .
وهذا مذهب الشافعية (648) .
وعللوا : أنه يلزمه قضاء زمن الجنون؛ لأن المجنون لا تصح منه العبادات البدنية، ولا يلزمه قضاء زمن الإغماء إلحاقاً له بالنائم .
القول الثاني: أنه لا يلزمه قضاء زمنهما.
وهو ظاهر مذهب الحنابلة .
جاء في مطالب أولي النهى: "ويتجه أنه لا يقضي معتكف أغمي عليه زمن إغمائه؛ إذ هو كنائم ، والنائم لا قضاء عليه، ولا يقضي زمن جنونه أيضاً لعدم تكليفه إذن وهو متجه" (649) .
والظاهر: أن المجنون لا يقضي الاعتكاف المعين؛ لعدم تكليفه مدة التعيين ، ويلزمه ما عداه؛ لعدم صحته منه وإمكانه في زمن آخر (650) .
القول الثالث: أنه لا يلزمه قضاء اليوم الذي جن أو أغمي فيه ويلزمه قضاء ما بعده .
وهذا مذهب الحنفية (651) .
وهذا مبني على اشتراطهم الصوم للاعتكاف الواجب، فيصح اليوم الذي جن أو أغمي فيه لوجود النية، ولا يصح ما بعده لعدم وجود النية.
القول الرابع: أنه إن كان في عقله حين الفجر أو أكثر النهار، لم يلزمه قضاء زمنهما، وإلا لزمه ذلك .
وهذا مذهب المالكية (652) .
وهم يبنون هذا على اشتراطهم الصوم كما تقدم .
الأمر الثاني: أن يخرج من المسجد:(1/77)
إن خرج أو أُخرج المعتكف اعتكافاً واجباً بعد طروء الجنون أو الإغماء من المسجد لزمه قضاء زمنهما عند من قال بعدم بطلان اعتكافه بطروء الإغماء أو الجنون (653) .
ونص الشافعية : أنه لا ينقطع تتابع نذره إذا أفاق.
وظاهر كلام الحنابلة : أنه لا يلزمه قضاء المدة المعينة؛ لعدم تكليفه مدة التعيين (654) ، والله أعلم.
المطلب السادس: السكر:
إذا شرب أو أكل المعتكف ما يسكره بلا عذر، اختلف أهل العلم في أثر ذلك على اعتكافه على ثلاثة أقوال:
القول الأول: بطلان اعتكافه مطلقاً.
وهو قول جمهور أهل العلم (655) .
القول الثاني: إن كان نهاراً بطل اعتكافه وإن كان ليلاً لم يبطل.
وهو مذهب الحنفية (656) .
القول الثالث: عدم بطلانه مطلقاً.
وهو وجه عند الشافعية (657) .
الأدلة :
استدل الجمهور على بطلان الاعتكاف بالسكر :
1 - أن السكران خرج عن كونه من أهل المسجد ؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ( (658) ، ونهيه عن قربان الصلاة حال السكر يستلزم النهي عن قربان مواضعها (659) .
2 - أن السكر أفحش من الخروج من المسجد (660) .
واستدل الحنفية على بطلان الاعتكاف بالسكر نهاراً فقط :
1 - أنه إذا سكر نهاراً بطل صومه فبطل اعتكافه .
وهذا مبني عندهم على اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف الواجب. وقد تقدم بحث هذه المسألة (661) .
2 - أنه تناول محظور الدين لا محظور الاعتكاف فلم يبطل اعتكافه (662) .
ونوقش : نه لا يسلم أن السكر ليس من محظورات الاعتكاف؛ لما تقدم من أدلة الجمهور .
3 - أن السكر ليس إلا معنى له أثر في العقل مدة يسيرة فلا يفسد الاعتكاف ولا يقطع التتابع كالإغماء (663) .
ونوقش هذا التعليل : بأنه قياس مع الفارق ؛ إذ الإغماء بغير اختيار الإنسان ولا يأثم به بخلاف السكر، مع أن الحنفية يرون بطلان الاعتكاف بالإغماء إذا تطاول.(1/78)
واستدل من قال بعدم البطلان مطلقاً: أنه لم يخرج من المسجد فلم يبطل اعتكافه (664) .
ونوقش: بأن الإبطال ليس محصوراً بالخروج من المسجد، ولهذا المباشرة تبطل، وإن كان في المسجد.
وعلى هذا فالراجح: أن السكر من مبطلات الاعتكاف ، لما تقدم من الدليل على ذلك، ولكونه منافياً لحال الاعتكاف ، والله أعلم .
المطلب السابع: فعل كبيرة من الكبائر كالغيبة والنميمة:
اختلف العلماء رحمهم الله في بطلان الاعتكاف بفعل كبيرة كالغيبة والنميمة والسرقة ونحوها على قولين:
القول الأول: عدم بطلان الاعتكاف بذلك.
وهو قول جمهور أهل العلم (665) .
القول الثاني: بطلان الاعتكاف بذلك.
وهو مذهب المالكية (666) .
الأدلة :
أما دليل جمهور أهل العلم فما يلي:
1 - أن الأصل بقاء صحة الاعتكاف ، فلا يبطل إلا بدليل شرعي.
2 - أنه لما لم يبطل الاعتكاف بالكلام المباح لم يبطل بالمحرم كالصوم (667) .
3 - أن النهي عن فعل كبيرة لا يعود إلى ذات المنهي عنه، وإنما لأمر خارج ، فلم يكن مبطلاً.
وأما دليل المالكية:
القياس على السكر بجامع أن كلاً منهما كبيرة فلما فسد بالسكر فسد بكل كبيرة (668) .
ونوقش : بأنه قياس مع الفارق؛ إذ إن السكران ليس من أهل المسجد كما تقدم فلم يجز له المكث فيه فبطل في حقه ركن الاعتكاف، وهو اللبث في المسجد، بخلاف من فعل كبيرة فهو من أهل المسجد (669) .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، لما استدلوا به من أن الأصل صحة الاعتكاف ، وعدم إبطاله إلا بدليل شرحي، وورود المناقشة على دليل المالكية لكن يتأكد في حقه وجوب المبادرة إلى التوبة؛ لتلبسه بهذه العبادة، مع نقصان أجره بارتكابه لهذه المعصية.
وكذا لا يبطل اعتكافه إن خاصم، أو ساب أو قاتل؛ لما تقدم من التعليل على بطلان الاعتكاف بفعل كبيرة .
المطلب الثامن: الردة :
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: كونها مبطلة .
المسألة الثانية: أثرها على الاعتكاف الواجب .(1/79)
المسألة الأولى: كونها مبطلة :
إذا ارتد المعتكف بطل اعتكافه باتفاق الأئمة (670) .
ودليل ذلك قوله تعالى: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ( (671) .
فالردة تبطل جميع العبادات من الطهارة والصلاة والصوم والإحرام والاعتكاف ، لعموم الآية .
ولأن الكافر ليس من أهل العبادات (672) .
وقد تقدم أن من شروط صحة الاعتكاف الإسلام (673) .
المسألة الثانية : أثرها على الاعتكاف الواجب :
اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك على قولين:
القول الأول: أن اعتكافه يبطل فلا يتمكن من البناء في الاعتكاف المتتابع ، فيلزمه أن يستأنف .
وهذا مذهب الشافعية (674) ، والحنابلة (675) .
القول الثاني: سقوط القضاء .
وهو مذهب الحنفية (676) ، والمالكية (677) .
الأدلة: استدل الشافعية والحنابلة على عدم البناء في الاعتكاف المتتابع : بما تقدم من الدليل على بطلان الاعتكاف بالردة .
ولأنه غير معذور فلم يتمكن من البناء (678) .
واستدل الحنفية والمالكية: على سقوط قضاء الاعتكاف الواجب بالردة : بقوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ( (679) ، ولحديث عمرو بن العاص ( ، أن النبي ( قال: "الإسلام يهدم ما قبله" (680) .
ونوقش هذا الاستدلال : بأنه في الكافر الأصلي دون المرتد لترتب ذلك في ذمته قبل الردة .
وعلى هذا فالراجح : ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة؛ لما استدلوا به، والله أعلم .
وأما الاعتكاف غير المتتابع فما مضى منه قبل الردة فصحيح .
المطلب التاسع: إفساد الصوم :
وهذا عند المالكية مطلقاً؛ إذ الصوم شرط لصحة الاعتكاف عندهم.
وعند الحنفية : إفساد الصوم موجب لبطلان الاعتكاف الواجب بنذر؛ لأن الصوم شرط لصحته عندهم دون التطوع فيصح الاعتكاف فيه مع الفطر.
وعند الشافعية والحنابلة: أن ذلك لا يضر؛ لأنهم لا يرون شرطية الصوم لصحة الاعتكاف، بل هو مسنون (681) .
المطلب العاشر: قطع نية الاعتكاف:(1/80)
تقدم أن النية شرط من شروط صحة الاعتكاف، وقد عدم بعض أهل العلم كالحنفية والمالكية وغيرهم، كما سبق من أركان الاعتكاف.
وقد اختلف العلماء في بطلان الاعتكاف إذا نوى المعتكف الخروج من الاعتكاف على أقوال:
القول الأول: أنه يبطل اعتكافه بقطع نية الاعتكاف، دون العزم على الخروج منه أو التردد في القطع .
وبه قال ابن حامد من الحنابلة (682) .
القول الثاني: أنه يبطل اعتكافه مع العزم والتردد في القطع.
وهو ظاهر مذهب الحنابلة (683) ، حيث ألحقوا الاعتكاف بالصوم إذا نوى الخروج منه، وفي الصوم إذا عزم على الخروج منه أو تردد بطل صيامه.
القول الثالث: أنه لا يبطل اعتكافه بنية الخروج منه.
وهو مذهب الشافعية (684) .
الأدلة :
دليل الرأي:
أولاً: استدل على عدم القطع بالتردد أو العزم على القطع :
1 - حديث عمر ( أن النبي ( قال: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (685) .
دل الحديث على اعتبار النية للعبادة ، ولا تبطل إلا بالقطع دون التردد؛ إذ الأصل بقاء النية، فالتردد لا حكم له، بل العمل على ما عزم عليه.
2 - ما رواه ابن مسعود ( قال: "صليت مع النبي ( حتى هممت بأمر سوء، قيل: وما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه" (686) . فظاهره: تردد ابن مسعود أو عزمه على قطع الصلاة وقد استمر فيها.
3 - ولما روى أنس ( : "أن أبا بكر كان يصلي بهم في وجع النبي ( الذي توفي فيه حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف فكشف النبي ( ستر الحجرة لينظر إلينا وهو قائم، فكأن وجهه ورقة مصحف، ثم تبسم فضحك فهممنا أن نفتتن من الفرح" (687) . فظاهره تردد الصحابة ، أو عزمهم قطع الصلاة، واستمروا في صلاتهم.
4 - أنه لم يجزم بنية القطع .
ثانياً : استدل على بطلان الاعتكاف بنية قطعه : قياساً على قطع نية الصلاة والصوم (688) ، ولإبطاله شرطاً من شروط صحته.
وأما دليل الرأي الثاني: أن التردد في النية أضعفها أشبه ما لو قطعها، ولأنه لم يجزم النية.(1/81)
ونوقش هذا الاستدلال: بعدم التسليم ، لوجود الفارق فإن المتردد لم يقطع فلا يحكم له بشيء بخلاف من قطع النية ، فقد أبطل شرطاً من شروط صحة الاعتكاف.
وأما التعليل بأنه لم يجزم النية، فهو استدلال بمحل النزاع .
وأما دليل الشافعية : فلوجود ركن الاعتكاف، وهو اللبث في المسجد، وقياساً على ما لو جن أثناء الاعتكاف لانتفاء النية حال الجنون.
ونوقش هذا الاستدلال : بأنه وإن وجد اللبث في المسجد، فلا يلزم منه صحة الاعتكاف لإفساده بقطع نيته التي هي شرط فيه كما تقدم .
وأما القياس على الجنون فقياس مع الفارق؛ إذ الجنون ليس باختيار الشخص ، وقطع النية باختياره.
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - القول ببطلان الاعتكاف بقطع نيته، دون العزم على الخروج منه، أو التردد في الخروج منه؛ لقوة ما استدلوا به .
المطلب الحادي عشر : الموت:
إذا مات المعتكف أثناء اعتكافه بطل اعتكافه (689) ، لحديث أبي هريرة ( أن النبي ( قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له" (690) ، ولخروج الميت عن أهلية العبادة.
وسيأتي حكم قضاء الاعتكاف عن الميت (691) .
المطلب الثاني عشر: شروط المبطلات السابقة :
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى فيما يشترط لمن تلبس بمبطل من مبطلات الاعتكاف - حسب خلافهم في اعتباره مبطلاً، أو عدم اعتباره - على أقوال:
القول الأول: أنه يشترط لبطلان الاعتكاف بأي مبطل أن يكون عالماً ذاكراً مختاراً، فإن كان جاهلاً ، أو ناسياً ، أو مكرهاً لم يبطل اعتكافه.
وهو مذهب الشافعية (692) ، وبه قال ابن حزم (693) .
القول الثاني: إن كان البطلان بالخروج وما يتعلق به اشترط أن يكون عامداً مختاراً ، فإن كان ناسياً أو مكرهاً لم يبطل اعتكافه ، وإن كان البطلان بالوطء ومقدماته بطل مطلقاً .
وهذا مذهب الحنابلة (694) .
القول الثالث: أنه يبطل الاعتكاف مطلقاً .(1/82)
وهو مذهب الحنفية (695) ، والمالكية (696) .
لكن عند الحنفية : إن أكل نهاراً ناسياً لم يبطل الاعتكاف؛ إذ الأصل عندهم : أن ما منع منه لأجل الاعتكاف لا يختلف عمده وسهوه ، وما منع منه لأجل الصوم يختلف عمده وسهوه (697) .
الأدلة :
استدل من اشترط العلم والذكر والاختيار لفساد الاعتكاف بالمبطلات :
1 - قوله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ( (698) ، والجاهل والناسي والمكره لم يتعمد قلبه فعل المبطل .
2 - قوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ( (699) قال الله : "قد فعلت" (700) .
فدلت الآية على رفع المؤاخذة عن الناسي والجاهل .
3 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النبي ( قال: "إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" (701) .
وأما دليل الحنابلة على فساد الاعتكاف بالوطء ومقدماته مع النسيان والإكراه:
1 - عموم الأدلة الدالة على فساد الاعتكاف بالوطء ومقدماته.
ونوقش هذا الاستدلال : بتخصيص هذه العمومات بأدلة الرأي الأول.
2 - أن الاعتكاف عبادة تفسد بالوطء عمداً، فكذلك بالنسيان كالحج.
ونوقش هذا الاستدلال : بعدم تسليم الأصل المقيس عليه ، فلا يسلم أن الحج يفسد بالوطء نسياناً؛ لما تقدم من الأدلة ؛ إذ الجماع من باب التروك يعذر فيها بالجهل والنسيان .
وأما دليل الحنفية والمالكية على بطلان الاعتكاف بمبطلاته مع النسيان والإكراه : فعموم أدلة المبطلات .
وقد تقدم مناقشتها .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه الشافعية وأن الاعتكاف لا يبطل مع النسيان والإكراه والجهل؛ إذ يشترط للمؤاخذة بالمحظورات والمنهيات العلم والذكر والإكراه كما تدل عليه أصول الشريعة .
ولأن هذه المحظورات من باب التروك، وما كان من باب التروك يعذر فيه بالجهل والنسيان، بخلاف ما كان من باب الأوامر وأمكن تداركه .(1/83)
الفصل الرابع
ما يشرع للمعتكف ، وما يباح له ، وما ينهى عنه
وفيه مباحث:
المبحث الأول: ما يشرع للمعتكف.
المبحث الثاني: ما يباح له .
المبحث الثالث: ما ينهى عنه .
المبحث الأول
ما يشرع للمعتكف
وفيه مطالب:
المطلب الأول: العبادات المحضة .
المطلب الثاني: العبادات المتعدية.
المطلب الثالث: أخذ ما يحتاج إليه من ثياب ونحوها .
المطلب الرابع : اتخاذ حجرة أو خباء يستتر به المعتكف .
المطلب الخامس: ترك ما لا يعنيه .
المطلب السادس: التبكير لصلاة الجمعة .
المطلب السابع : المكث في المسجد ليلة العيد .
المطلب الأول : العبادات المحضة
تشرع للمعتكف العبادات المحضة كالصلاة وقراءة القرآن، والذكر ونحو ذلك؛ إذ إن حكمة الاعتكاف : جمع القلب على الله تعالى، والإقباع عليه، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه محل هموم القلب وخطراته (702) .
ومما يشرع للمعتكف من العبادات إذا اعتكف في غير شهر رمضان: الصيام عند القائلين بعد شرطيته لصحة الاعتكاف ، وهم الشافعية، والحنابلة (703) .
المطلب الثاني: العبادات المتعدية
فإن وجبت عليه، أو كانت لا تستغرق إلا زمناً يسيراً فإنها تشرع له كغيره، كإخراج زكاة وأمر لمعروف ونهي عن منكر، ورد سلام ، وإفتاء وإرشاد ، ونحو ذلك .
فإن لم تجب واستغرقت زمناً كثيراً كتدريس علم ومناظرة عالم، ونحو ذلك من العبادات المتعدية فاختلف العلماء في مشروعيتها للمعتكف على قولين:
القول الأول: مشروعية ذلك للمعتكف.
وهو مذهب الحنفية (704) ، ومذهب الشافعي (705) .
القول الثاني : كراهة ذلك للمعتكف .
وهو مذهب المالكية (706) ، والحنابلة (707) .(1/84)
سبب الخلاف : قال ابن رشد : "وسبب اختلافهم أن ذلك شيء مسكوت عنه ، فمن فهم من الاعتكاف حبس النفس على الأفعال المختصة بالمساجد قال: لا يجوز للمعتكف إلا الصلاة والقراءة ، ومن فهم منه حبس النفس على القرب الأخروية كلها أجاز له غير ذلك (708) .
الأدلة:
أدلة الرأي الأول:
استدلوا على ذلك بما يلي:
1 - حديث صفية رضي الله عنها: وفيه حديثه ( مع أزواجه (709) .
2 - حديث أبي سعيد الخدري ( : وفيه حديثه ( مع أصحابه (710) .
فيلحق بذلك الحديث بإقراء القرآن، وتعليم العلم .
3 - حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "ترجيل عائشة لرأس النبي ( وهو معتكف" (711) .
قال الخطّابي: "وعن مالك رحمه الله : أنه لا يشتغل في مجالس العلم ولا يكتبه وإن لم يخرج من المسجد ، والجمهور على خلافه ، وهذا الحديث يرد عليه ، فإن الاشتغال بالعلم وكتابته أهم من تسريح الشعر" (712) .
4 - أن هذا يتعدى نفعه إلى الناس ، وما تعدى نفعه من الأعمال أفضل مما اقتصر نفعه على صاحبه.
ونوقش هذا الاستدلال من وجوه :
الوجه الأول: أنه لا يلزم من كون الشيء أفضل أن يكون مشروعاً في كل عبادة، بل وضع الفاضل في غير موضعه يجعله مفضولاً وبالعكس، ولهذا قراءة القرآن أفضل من التسبيح وهي مكروهة في الركوع والسجود.
ولهذا لا يشرع هذا - إقراء القرآن والفقه - في الصلاة والطواف ، وإن كانا أفضل من الصلاة والطواف النافلتين.
وأجيب : أن إقراء القرآن والفقه ونحوهما لم يشرعا في الصلاة لتحريم الكلام فيها ، وأما الطواف فلا يسلم عدم مشروعية ذلك فيه ، وإن سلم فلقصر زمنه، أو لعدم مناسبة الحال .
الوجه الثاني: أن كونهما أفضل يقتضي الاشتغال بهما عن الاعتكاف .
الوجه الثالث: أن النفع المتعدي ليس أفضل مطلقاً ، بل ينبغي للإنسان أن يكون له ساعات يناجي فيها ربه ويخلو فيها بنفسه ويحاسبها ، ويكون فعله ذلك أفضل من اجتماعه بالناس ونفعهم.(1/85)
وأجيب : بأن صرف جزء من الوقت للتعليم لا يخل بما ذكر .
أدلة الرأي الثاني:
استدلوا على ما ذهبوا إليه بما يلي :
1 - أن النبي ( كان إذا اعتكف دخل معتكفه واشتغل بنفسه ، ولم يجالس أصحابه ولم يحادثهم كما كان يفعل قبل الاعتكاف ، ولو كان ذلك أفضل لفعله(713).
ونوقش: بعدم التسليم كما أدلة الرأي الأول ففيه محادثته لأصحابه وأزواجه.
2 - أن الاعتكاف من جنس الصلاة والطواف ولهذا قرن الله تعالى بينهما في قوله: (أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ( (714) ، ولما كان في الصلاة والطواف شغل عن كلام الناس وكذلك الاعتكاف وذلك أنها عبادة شرع لها المسجد فلا يستحب الإقراء حين التلبس بها كالصلاة والطواف (715) .
ونوقش : بوجود الفرق ؛ إذ الاعتكاف زمنه يطول، فلا ينهى عنه، بخلاف الصلاة والطواف.
3 - أن العكوف على الشيء هو الإقبال عليه على وجه المواظبة، ولا يحصل ذلك للعاكف إلا بالتبتل إلى الله سبحانه وترك الاشتغال بشيء آخر (716) .
ونوقش : بأن تعليم العلم إذا لم يطل لا يمنع من ذلك؛ لطول زمن الاعتكاف.
الترجيح : الراجح - والله أعلم - مشروعية تعليم العلم وإقراء القرآن للمعتكف، ونحو ذلك من العبادات المتعدية، لكن يقيد ذلك بما لم يكثر وبهذا تجتمع أدلة المسألة .
المطلب الثالث: أخذ ما يحتاج إليه من ثياب ونحوها :
وعلى هذا نص المالكية (717) .
ويدل لهذا ما رواه أبو سعيد الخدري ( قال: "اعتكفنا مع رسول الله ( العشر الأوسط فلما كان صبيحة عشرين نقلنا متاعنا ، فأتانا رسول الله ( فقال: من اعتكف فليرجع إلى معتكفه..." الحديث (718) .
المطلب الرابع: اتخاذ حجرة أو خباء يستتر به المعتكف:
يستحب للمعتكف رجلاً كان أو امرأة أن يستتر بشيء (719) .
وعليه بوب البخاري : باب الأخبية في المسجد (720) .(1/86)
لما روى أبو سعيد الخدري ( أن رسول الله ( : "اعتكف في قبة تركية على سدتها (721) قطعة حصير، قال: فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة، ثم أطلع رأسه فكلم الناس...." الحديث (722) .
لحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "أن أزواج النبي ( لما أردن الاعتكاف أمرن بأبنيتهن فضربت في المسجد ..." (723) .
ولأنه أخفى لعمله.
ويتأكد في حق المرأة إذا اعتكفت في مسجد الجماعة؛ لكيلا يراها الرجال، فخير لهم وللنساء أن لا يرى بعضهم بعضاً (724) .
وعند المالكية: يضرب خباءه في عجز المسجد، أو رحابه؛ لئلا يُضَيِّق، ولأنه أخلى له (725) .
المطلب الخامس: ترك ما لا يعنيه (726) :
يستحب للمعتكف ترك ما لا يعنيه (727) من القول والفعل .
لحديث أبي سعيد المتقدم أن رسول الله ( : "اعتكف في قبة تركية على سدتها قطعة حصير..." (728) .
ولحديث عائشة أن النبي ( : "كان إذا صلى الفجر دخل معتكفه..." (729) . وفي هذا خلو المعتكف بنفسه، وإقباله على عبادته ، وترك ما يخل بذلك ، أو يسببه.
لما روى أبو هريرة ( ، أن النبي ( قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" (730) .
وأولى من يدخل في ذلك المعتكف، لما تقدم أن حكمة الاعتكاف جمع القلب على الله تعالى، والإقباع عليه والانقطاع عن الخلق والإقباع على الله وحده... (731) .
وعن علي ( قال: "من اعتكف فلا يرفث في الحديث، ولا يساب ، ويشهد الجمعة والجنازة، وليوصل أهله إذا كانت له حاجة وهو قائم لا يجلس عندهم" (732) .
وعند الشافعية : يستحب للمعتكف إذا سبه إنسان أن لا يجيبه كما لا يجيبه الصائم (733) .
المطلب السادس : التبكير لصلاة الجمعة :
مما يستحب للمعتكف أن يبكر إلى الجمعة إذا اعتكف في غير جامع؛ لعمومات أدلة استحباب التبكير لصلاة الجمعة .
وقد تقدم بحث هذه المسألة (734) .
المطلب السابع: المبيت في المسجد ليلة العيد:(1/87)
استحب طائفة من السلف أن يبيت المعتكف في معتكفه ليلة العيد ولا يخرج منه إلا عند خروجه للعيد .
وقد تقدم بحث هذه المسألة (735) .
المبحث الثاني
ما يباح للمعتكف
وفيه مطالب:
المطلب الأول: الأكل والشرب في المسجد .
المطلب الثاني: النوم في المسجد .
المطلب الثالث: لزوم بقعة بعينها .
المطلب الرابع : لبس الثياب الحسنة والطيب.
المطلب الخامس: غسل الرأس وتسريحه ودهنه.
المطلب السادس : أخذ سنن الفطرة.
المطلب السابع: عيادة المريض ، والصلاة على الجنازة.
المطلب الثامن: الوضوء في المسجد .
المطلب التاسع: زيارة المعتكف.
المطلب العاشر: زواجه وتزويجه وأذانه وإصلاحه بين الناس.
المطلب الحادي عشر: أمره بحاجته .
المطلب الأول: الأكل والشرب في المسجد:
يباح للمعتكف أن يأكل ويشرب داخل المسجد باتفاق الفقهاء (736) .
ودليل ذلك :
قوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( (737) .
دلت الآية على مشروعية ملازمة المعتكف للمسجد ، فيقتضي أن يأكل ويشرب في المسجد .
وحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النبي ( - لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (738) .
فيفهم منه: أنه كان يأكل في المسجد .
وأيضاً : فإن الأكل في المسجد إذا لم يكن عادة جائز لغير المعتكف .
فالمعتكف من باب أولى ؛ إذ هو مأمور بملازمة المسجد.
وعند المالكية : الأولى أن يأكل داخل المسجد ، ويكره بفناء المسجد أو رحبته (739) .
وعندهم أيضاً : يكره اعتكاف من لا يجد من يأتيه بحاجته من الطعام والشراب (740) .
لكن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى الدليل الشرعي.
وعند الحنابلة: ينبغي للمعتكف أن يقتصد في أكله وشربه.
المطلب الثاني: النوم في المسجد :
يباح أيضاً للمعتكف أن ينام في المسجد باتفاق الفقهاء (741) .(1/88)
ودليل ذلك : قوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ((742). دلت الآية على مشروعية ملازمة المعتكف للمسجد، فيقتضي أن ينام فيه.
ولحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النيب ( - لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (743) .
فيفهم منه أنه ينام في المسجد .
ونص الحنابلة : أنه لا ينام إلا عن غلبة، وأن لا ينام مضطجعاً بل متربعاً، مع عدم كراهة شيء من ذلك.
ولعل مأخذهم: أن لا ينام كثيراً، فيخل بمقصود الاعتكاف وهو الإقبال على الله والتبتل إليه (744) .
المطلب الثالث: لزوم بقعة بعينها:
للمعتكف أن يلزم بقعة بعينها لاعتكافه وإن كره ذلك لغيره ؛ لما روى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله ( كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان.
قال نافع: وقد أراني عبدالله ( المكان الذي كان يعتكف فيه رسول الله ( من المسجد" (745) .
وروى ابن عمر رضي الله عنهما : "أن النبي ( كان إذا اعتكف طرح له فراشه، أو يوضع له سرير وراء اسطوانة التوبة" (746) .
ولما تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ( : "كان إذا صلى الفجر دخل معتكفه" (747) ، ولحديث أبي سعيد ( المتقدم أن النبي ( : "اعتكف في قبة تركية..." (748) .
ولأن الاعتكاف عبادة واحدة فلزوم المكان لأجلها كلزومه لصلاة واحدة وإقراء قرآن في وقت ونحو ذلك، وقيامه منه لحاجة لا يسقط حقه منه؛ لأن من قام من مجلس ثم عاد إليه فهو أحق به (749) .
المطلب الرابع: لبس الثياب الحسنة والطيب :
اختلف العلماء في حكم لبس المعتكف للثياب الحسنة والطيب على قولين:
القول الأول : إباحة ذلك.
وهو قول جمهور أهل العلم (750) .
القول الثاني: أنه يستحب ترك لبس رفيع الثياب ، ويكره الطيب.
وهو مذهب الحنابلة (751) .
الأدلة :
استدل الجمهور لما ذهبوا إليه بما يلي:(1/89)
1 - حديث عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله ( يصغي رأسه وهو مجاور في المسجد فأرجله وأنا حائض" (752) .
ففيه دليل على أن للمعتكف أن يتزين إلحاقاً له بالترجل (753) .
2 - عمومات أدلة لبس الثياب الحسنة، والتطيب، كقوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ( (754) ، وقوله تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ( (755) .
وحديث عبدالله بن مسعود ( ، أن النبي ( قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: يا رسول الله! الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً، فقال ( : إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس" (756) .
وحديث أبي هريرة ( ، أن رسول الله ( قال: "من عرض عليه ريحان فلا يرده" (757) .
3 - البقاء على البراءة الأصلية حتى يثبت الدليل الناقل، وليس في الكتاب والسنة ما يدل على استحباب ترك الثياب الحسنة، أو كراهة الطيب للمعتكف .
4 - أنه لو كان ترك الثياب الحسنة مستحباً أو الطيب مكروهاً لبينه النبي ( ونقلته الأمة .
وعلل الحنابلة لما ذهبوا إليه : أنها عبادة تختص بلبث في مكان مخصوص فلم يكن الطيب والرفيع من الثياب مشروعاً فيها كالحج .
ونوقش من وجوه :
الوجه الأولى : قياس مع الفارق ، فالمحرم بحج يحرم عليه لبس القميص والسراويل والعمامة ونحوها ، ولا يحرم ذلك على المعتكف (758) .
الوجه الثاني: أن ترك الطيب في الحج ليس مشروعاً في كل وقت ، بل ما دام متلبساً بالإحرام ، وما عدا ذلك فيشرع الطيب كالطيب عند الإحرام ، وعند طواف الإفاضة بعد التحلل الأول.
الوجه الثالث: أن الطيب في الحج محرم وفي الاعتكاف مكروه عند الحنابلة فافترقا.(1/90)
الترجيح : الراجح - والله أعلم - قول جمهور أهل العلم وعدم استحباب ترك رفيع الثياب أو كراهة الطيب؛ لأن الاستحباب والكراهة حكم شرعي يفتقر إلى الدليل الشرعي.
لكن المعتكفة ليس لها أن تمس طيباً إذا اعتكفت في مسجد الجماعة؛ لأنها ممنوعة منه، كما نص عطاء على كراهة ذلك لها (759) .
المطلب الخامس: غسل الرأس وتسريحه ودهنه (760) :
ودليله:
حديث عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت ترجل النبي ( وهي حائض وهو معتكف في المسجد، وهي في حجرتها يناولها رأسه، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" .
وفي لفظ : "كان يخرج رأسه من المسجد وهو معتكف فأغسله وأنا حائض"(761).
لكن يشترط أن لا يلوث المسجد .
لما روته عائشة رضي الله عنها قالت: "اعتكف مع رسول الله ( امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة ، فربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي" (762) .
فوضعها رضي الله عنها للطست تحتها لئلا يتلوث المسجد بشيء من الدم .
وأيضاً فإن النبي ( أخرج رأسه من المسجد عند غسله ، فيحتمل أنه فعل ذلك لقصد ترجيل عائشة رضي الله عنها، ويحتمل أنه فعل ذلك صيانة للمسجد.
ويأتي منع المعتكف من كل ما فيه تقذير للمسجد (763) .
المطلب السادس: أخذ سنن الفطرة:
من قص شارب ، ونتف إبط ، وحلق عانة، وتقليم ظفر.
ودليل ذلك : حديث عائشة المتقدم؛ إذ هي في معنى الغسل والترجيل ولأن هذا من باب النظافة والطهارة (764) .
لكن عند المالكية: يفعل ذلك إذا خرج من المسجد لعذر من الأعذار (765) أو يخرج يده من المسجد عند قص الظفر.
ويكره عندهم فعل ذلك في المسجد، ولو جمع ذلك في ثوبه.
قال ابن القاسم : قال مالك: "لا يقص المعتكف أظافره في المسجد، ولا يأخذ من شعره ، قال ابن القاسم : فقلنا له : إنه يجمع ذلك فيحرزه حتى يلقيه؟ فقال مالك : لا يعجبني وإن جمعه.(1/91)
وقيل لابن القاسم : أكان مالك يكره للمعتكف حلق الشعر وتقليم الأظفار؟ فقال: لا ، إلا أنه إنما كره ذلك لحرمة المسجد" (766) .
والأقرب: جواز ذلك في المسجد لما تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها، وكالوضوء في المسجد (767) ، وإن كان الأولى فعل ذلك خارج المسجد.
ويشترط : عدم تلويث المسجد ، لما تقدم من الدليل على ذلك (768) .
المطلب السابع: عيادة المريض والصلاة على الجنازة
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى : أن يكون ذلك داخل المسجد.
المسألة الثانية: أن يكون ذلك خارج المسجد .
المسألة الأولى : أن يكون ذلك داخل المسجد .
فللعلماء في ذلك قولان:
القول الأول: أن له ذلك .
وهو قول جمهور أهل العلم (769) .
القول الثاني: يكره له الصلاة على الجنازة في المسجد مطلقاً، وأما عيادة المريض فإن كان قريباً منه سلم عليه وهو جالس في محله ، وإن كان بعيداً يحتاج إلى الانتقال من محله كره له ذلك .
وهذا مذهب المالكية (770) .
الأدلة :
استدل الجمهور بالأدلة الآتية :
1 - حديث صفية رضي الله عنها، وفيه محادثة النبي ( لأزواجه (771) .
2 - حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه إخراج النبي ( رأسه لترجله عائشة رضي الله عنها (772) .
وفي هذا إباحة العمل اليسير (773) ، ويلحق بذلك صلاة الجنازة وعيادة المريض.
3 - عموم أدلة مشروعية عيادة المريض وصلاة الجنازة .
4 - أن هذا لا ينافي الاعتكاف أو موضعه .
وأما دليل المالكية: فإن الأصل عندهم في الجملة أن ما عدا الذكر والصلاة والتلاوة من الأفعال مكروه؛ إذ مقصود الاعتكاف إنما هو صفاء القلب ورياضة النفس، وهذا إنما يحصل بهذه الثلاثة دون غيرها (774) .
ونوقش : بعدم تسليم هذا الأصل فقد تقدم مشروعية العبادات المتعدية، كإقراء القرآن ، وتدريس الحديث والفقه (775) .
الترجيح :(1/92)
الراجح - والله أعلم - قول جمهور أهل العلم - وعدم كراهة الصلاة على الجنازة وعيادة المريض في المسجد - ، لما استدلوا به ، ومناقشة دليل من قال بالكراهة .
والقول بالإباحة لا يمنع المشروعية للعمومات.
المسألة الثانية: أن يكون ذلك خارج المسجد:
تقدم في مبحث الخروج من المسجد أن المعتكف لا يخرج لقربة من القرب إلا بالشرط.
لكن إذا خرج من المسجد لعذر من الأعذار فهل له عيادة المريض، والصلاة على الجنازة؟ على قولين:
القول الأول: أن له ذلك ما لم يقف لانتظارها أو يعدل عن طريقه إليها .
وهو قول جمهور أهل العلم (776) .
القول الثاني: يجوز مطلقاً.
وهو قول بعض السلف : كالحسن البصري، وسعيد بن جبير، وغيرهم(777)، وهو ظاهر مذهب الحنفية (778) .
جاء في بدائع الصنائع : "ولا يخرج لعيادة مريض ولا لصلاة جنازة ويجوز أن تحمل الرخصة على ما إذا خرج المعتكف لوجه مباح كحاجة الإنسان أو للجمعة، ثم عاد مريضاً ، أو صلى على جنازة من غير أن يكون خروجه لذلك قصداً وذلك جائز" (779) .
الأدلة :
استدل الجمهور على ما ذهبوا إليه بما يلي:
1 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي ( يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو ولا يعرج يسأل عنه" (780) .
ونوقش : بأنه ضعيف؛ لاضطراب ليث بن أبي سليم.
2 - ما ورد عن عائشة رضي الله عناه قالت: "عن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة" (781) .
3 - أنه لا يفوت بسببه إلا زماناً يسيراً (782) .
4 - أن سؤاله عن المريض كلام فيه مصلحة وقربة ولا يحبسه عن اعتكافه فجاز كغيره من الكلام المباح (783) .
دليل الرأي الثاني:
أما ما ذهب إليه الحسن وسعيد ، فلأنهم يجوزون الخروج لعيادة المريض وصلاة الجنازة ابتداء، وإن لم يخرج لعذر .
وتقدم دليلهم مع مناقشته (784) .
وأما دليل الحنفية : فلعله جواز العيادة وصلاة الجنازة تبعاً للخروج .
الترجيح:(1/93)
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، وأن له أن يعود المريض ويصلي على الجنازة في طريقه دون أن يقف لانتظارها ، لما تقدم من الدليل أن المعتكف ليس له فعل قربة من القرب خارج المسجد إلا بالشرط (785) ؛ ولأن الأصل بقاء المعتكف في معتكفه جاز له الخروج لحاجة الإنسان وما ألحق بها ، فما عداه خلاف الأصل .
المطلب الثامن : الوضوء في المسجد .
اختلف العلماء في حكم الوضوء في المسجد على أقوال:
القول الأول : إباحة الوضوء في المسجد .
وهو مذهب الشافعية والحنابلة (786) ، وهو قول كثير من السلف (787) .
قال ابن المنذر : "أباح كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار منهم ابن عمر وابن عباس وعطاء وطاووس وأبوبكر بن محمد بن عمرو بن حزم وابن جريج ، وعوام أهل العلم، وبه نقول إلا أن يبل مكاناً يجتاز الناس فيه فإني أكرهه إلا أن يفحص الحصا عن البطحاء كما فعل لعطاء وطاووس، فإاذ توضأ ردّ الحصا عليه فإني لا أكرهه" .
لكن اشترط الزركشي من الشافعية : ألا يحصل تمخط بالاستنشاق ولا بصاق بالمضمضمة ونحو ذلك من التنخع ، وإلا ينتهي إلى التحريم .
واشترط الحنابلة : أن لا يحصل منه بصاق، أو مخاط .
القول الثاني : كراهة الوضوء في المسجد .
وهو مذهب الحنفية(788) ، وبه قال الإمام مالك (789) ، ورواية عن الإمام أحمد(790) .
لكن عند الحنفية : إذا كان يتوضأ في مكان لا يصلي فيه لا يكره .
القول الثالث: عدم جواز الوضوء في المسجد .
وبه قال بعض الحنابلة (791) .
الأدلة :
استدل من قال بجواز الوضوء في المسجد بالأدلة الآتية:
1- ما رواه رجل من الصحابة ( قال: "حفظت لك أن رسول الله ( توضأ في المسجد" (792) .
2- وروى نعيم بن المجمر قال: "رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد فتوضأ فقال: سمعت النبي ( يقول: إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل" (793) .(1/94)
3- حديث علي بن أبي طالب ( "أن النبي ( دعا بسجل (794) من ماء زمزم، فشرب منه وتوضأ " (795) .
4- أن العباس بن عبدالمطلب ( قال في ماء زمزم: "لا أحلها لمغتسل، وهي للشارب والمتوضئ حل وبِل (796) " (797) .
5- ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما "أنه توضأ في المسجد" (798) .
ودليل من قال بالكراهة: ما تقدم من حديث أنس ( ، وفيه: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء ن هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن" (799) .
وإذا توضأ في المسجد فسيصيب المسجد شيء من القذر بسبب المخاط أو البصاق، أو وسخ الأعضاء .
ودليل من قال بعدم الجواز : بناء على نجاسة الماء المستعمل في رفع الحدث(800).
ونوقش : بعدم تسليم نجاسة الماء المستعمل، بل هو طهور.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - جواز الوضوء في المسجد، بشرط عدم تلويثه ، إذا كان غير مبلط ولا مفروش، والأحوط أن يكون وضوؤه في إناء إذا احتاج إلى ذلك.
المطلب التاسع: زيارة المعتكف (801) :
يباح للمعتكف أن يزوره أهله، وغيرهم ممن يريد زيارته، وأن يتحدثوا معه.
وبوب البخاري : باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه (802) .
ودليل ذلك: ما تقدم من حديث صفية، وفيه زيارة نسائه له ( ، وحديثه ( معهن (803) .
لكن لا تنبغي الإطالة في الزيارة أو الإكثار منها؛ لما تقدم أنه ينبغي للمعتكف أن يخلو بنفسه وأن يقبل على عبادة ربه (804) .
المطلب العاشر: زواجه وتزويجه وأذانه وإصلاحه بين الناس:
يباح للمعتكف أن يتزوج في المسجد، وأن يشهد النكاح ، ويؤذن ويقيم ويهني ويعزي ويصلح بين القوم كل ذلك في المسجد.
وهذا قول جمهور أهل العلم (805) .
لما تقدم من الدليل على أن للمعتكف عيادة المريض وصلاة الجنازة (806) .
ولعموم أدلة مشروعية هذه العقود والعبادات .
ولأنها طاعة ، ومدتها لا تطول غالباً، أشبه رد السلام وتشميت العاطس (807) .
ولأنها لا تنافي الاعتكاف ولا موضعه.(1/95)
والقول الثاني: كراهة هذه الأشياء .
وهذه مذهب المالكية (808) .
لكن إذا أذن في مكانه أو صحن المسجد أو زوج أو تزوج في مكانه ولم يطل لم يكره .
وقد تقدم أن الأصل عندهم كراهة الأفعال للمعتكف عدا الذكر والصلاة والتلاوة.
وتقدم مناقشته (809) .
وعلى هذا فالراجح : عدم كراهة هذه الأشياء.
المطلب الحادي عشر: أمره بحاجته:
للمعتكف أن يأمر بحاجته كإحضار طعام وشراب ولباس أو شراء شيء من ذلك ونحو ذلك، وإن كان مما ينافي المسجد ويتعلق بأمر الدنيا كإصلاح تجارته ، وتعاهد ضياعه ونحو ذلك فإذا خرج لعذر في طريقه (810) .
ودليل ذلك: ما تقدم من الدليل على أن للمعتكف عيادة المريض وصلاة الجنازة (811) .
المبحث الثالث
ما ينهى عنه المعتكف
وفيه مطالب:
المطلب الأول: كل ما يؤدي إلى إبطال الاعتكاف بلا عذر، أو يخل بمقصوده وحكمته.
المطلب الثاني: عقود المعاوضات.
المطلب الثالث: التكسب بالصنائع.
المطلب الرابع: البول في إناء في المسجد.
المطلب الخامس: إخراج الريح في المسجد .
المطلب السادس: الحجامة والفصد في المسجد.
المطلب السابع: البصاق في المسجد .
المطلب الثامن: الصمت عن الكلام .
المطلب الأول: كل ما يؤدي إلى إبطال الاعتكاف بلا عذر أو يخل بمقصوده وحكمته :
ينهى المعتكف عن كل ما يؤدي إلى إبطال الاعتكاف بلا عذر؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ( (812) .
فإن كان الاعتكاف واجباً بنذر حرم عليه ذلك، لوجوبه إتمامه بعد الشروع فيه، وعدم جواز قطعه .
وإن كان مسنوناً كره له ذلك إلا لحاجة .
لما تقدم من الآية .
وكذا ينهى عن كل ما يخل بمقصود الاعتكاف وحكمته من كثرة الكلام والخلطة والنوم، وعدم اغتنام الوقت بالإقبال على الله والاشتغال بطاعته من صلاة وقراءة وذكر، ونحو ذلك.(1/96)
ودليل ذلك : حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ( : "كان إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ثم دخل معتكفه" (813) .
ولحديث أبي سعيد ( أن النبي ( "اعتكف في قبة تركية..." (814) .
وهذا يدل على أن المعتكف منهي عن كثرة الكلام والخلطة وغير ذلك .
وهذا يدل على أن المعتكف منهي عن كثرة الكلام والخلطة وغير ذلك مما يخل بمقصود الاعتكاف، لانقطاع النبي ( عن الصحابة في معتكفه الخاص، والله أعلم.
وقد يستدل أيضاً لذلك : بحديث عائشة رضي الله عنها وغيره (815) ، وفيه "ترك النبي ( للاعتكاف لما ضرب أزواجه الأخبية في المسجد" .
فتركه ( للاعتكاف يدل على أنه يمتنع من كل ما يشغله ، وقد يقال: بأن النبي ( إنما ترك الاعتكاف لما رأى من تنافسهن .
المطلب الثاني: عقود المعاوضات :
كالبيع والشراء والإجارة والصرف والرهن وعقد الشركة ونحو ذلك.
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن يكون ذلك في المسجد .
المسألة الثانية : أن يكون ذلك خارج المسجد.
المسألة الأولى: أن يكون ذلك في المسجد:
وقد اختلف العلماء في حكم البيع في المسجد على قولين:
القول الأول: التحريم وعدم الصحة.
وهو مذهب الحنابلة (816) .
القول الثاني: الإباحة وصحة العقد مع الكراهة .
وهو قول جمهور أهل العلم (817) ، وحكي صحة العقد إجماعاً (818) .
لكن اشترط الحنفية لجواز البيع في المسجد : أن لا يكثر، وأن يكون محتاجاً إليه لتحصيل قوته، وقوت عياله ، وأن لا تحضر السلعة إلى المسجد .
واشترط الشافعية : أن لا يكثر من التجارة ، وإن اشترى ما لابد له منه لم يكرَه .
الأدلة :
استدل الحنابلة بالأدلة الآتية:
1 - قوله تعالى : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ*رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ ((819).(1/97)
فدلت الآية على أن المساجد محل العبادة دون البيع والتجارة، وإذا لم تكن محلاً للتجارة فإنه ينهى عن التجارة فيها، والنهي يقتضي الفساد.
2 - حديث أنس ( ، وفيه قوله ( : "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة وقراءة القرآن" (820) .
والبيع من كلام الناس، وقوله : "لا يصلح" يدل على النهي، والنهي يقتضي الفساد .
3 - حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله ( "نهى عن تناشد الأشعار في المسجد وعن البيع والشراء فيه" (821) .
والنهي إذا عاد إلى ذات المنهي عنه اقتضى التحريم والفساد (822) .
4 - حديث أبي هريرة ( : "من رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك" (823) .
5 - ما رواه أبو هريرة ( أن رسول الله ( قال: "من سمع رجلاً ينشد الضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا" (824) .
دل هذا الحديث: على النهي عن نشدان الضالة، ويلحق به ما في معناه من البيع والشراء والإجارة ونحوها مما لم يبن المسجد له (825) .
6 - وعن السائب بن يزيد قال: "كنت قائماً في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب ، فقال: اذهب فأتني بهذين فجئته بهما، قال : من أنتما، أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ضرباً ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله ( " (826) .
ويدخل في هذا كل أمر لم يبن المسجد له من بيع وشراء ونحوهما (827) .
ودليل الجمهور:
حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله ( "نهى عن تناشد الأشعار في المسجد وعن البيع والشراء" (828) .
فقرن النهي عن البيع والشراء في المسجد بالنهي عن إنشاد الشعر صارف من التحريم إلى الكراهة.
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: أن المراد بالشعر هنا المحرم ، وهو محرم في المسجد فلا دلالة فيه على صرف النهي عن التحريم.(1/98)
الوجه الثاني: أنه على تسليم عدم تحريم الشعر فلا يلزمه منه عدم تحريم البيع؛ إذ الجمع بين حكمين في النهي لا يلزم منه إعطاء حكم أحدهما الآخر؛ إذ دلالة الاقتران ضعيفة عند جمهور الأصوليين.
الترجيح : الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه الحنابلة من عدم صحة عقود المعاوضات في المسجد ؛ لقوة ما استدلوا به .
المسألة الثانية: أن يكون خارج المسجد :
فيجوز للمعتكف أن يخرج ويشتري مالا بد له منه كقوته وقوت عياله إذا لم يكن أحد يقوم به غيره (829) .
لكن اشترط المالكية : أن يكون شراؤه من أقرب مكان إليه، ولا يشتغل بشيء غيره.
واشترط الحنابلة : أن يكون ذلك في طريقه من غير أن يقف أو يعرج (830) .
ويستدل لهذا بحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النبي ( - لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" (831) . وهذا داخل في حاجة الإنسان إذا لم يكن من يأتيه به ولم يكن في ملكه .
ولما تقدم من الأدلة على الخروج للأعذار الطارئة (832) .
وقد ورد أن علياً "أعان ابن أخيه جعدة بن هبيرة بسبعمائة درهم من عطائه أن يشتري خادماً ، فقال له: ما منعك أن تبتاع خادماً؟ فقال: إني كنت معتكفاً، قال: وما عليك لو خرجت إلى السوق فابتعت؟ " (833) .
وهذا محمول على الضرورة ، فيلحق بالعذار الطارئة (834) .
أو يقال : اجتهاد من علي ( مخالف لظاهر القرآن والسنة، وقد خالفته عائشة رضي الله عنها (835) .
المطلب الثالث: التكسب الصنائع في المسجد:
وذلك مثل: الخياطة ، والحدادة، والخط ونحو ذلك .
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أنه يحرم التكسب بالصنائع في المسجد مطلقاً .
وهو مذهب الحنفية (836) ، والحنابلة (837) .
لكن استثنى الحنفية: ما إذا جلس الخياط ونحوه في المسجد لمصلحته من دفع صبيان أو صيانته فلا بأس .
واستثنى الحنابلة : ما إذا كان يسيراً لم يقصد به التكسب.
القول الثاني: أنه يكره التكسب بالصنائع في المسجد .(1/99)
وهو مذهب المالكية (838) ، والشافعية (839) .
الأدلة :
دليل الرأي الأول القائل بتحريم التكسب في المسجد :
أما الحنفية : فلأنه مخلص لله فلا يكون محلاً لغير العبادة (840) .
وأما الحنابلة : فلأن التكسب بالصنائع عندهم في معنى البيع، والبيع يحرم عندهم.
ودليل الرأي الثاني القائل بكراهته:
أن التكسب بالصنائع في المسجد في معنى البيع، والبيع يكره عندهم في المسجد (841) .
ونوقش : بعدم تسليم الأصل كما تقدم، بل البيع محرم في المسجد (842) .
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة من تحريم التكسب في المسجد ، لما استدلوا؛ ولأن إباحة ذلك يؤدي إلى إخراج المسجد عن مقصوده، ويخل بحرمته .
لكن إذا لم يقصد التكسب وكان يسيراً له أو لغيره فلا بأس كما لو خصف نعله أو رقع ثوبه (843) .
وكذا استثنى بعض العلماء : ما كان مصلحته عامة للمسلمين كإصلاح آلات الجهاد فأجازه في المسجد (844) .
ويؤيد ذلك: ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: "والله لقد رأيت رسول الله ( يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله ( يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم" (845) .
فاللعب بالحراب في المسجد جاز لكونه مقصوداً لغيره، لا لذاته، بل هو وسيلة للتقوي على الجهاد ، فصار من القرب كإقراء القرآن والعلم (846) .
وعلى قياسه كتابة العلم ، وتعليمه وإقراء القرآن بأجر (847) .
المطلب الرابع: البول في إناء في المسجد :
اختلف العلماء رحمهم الله في حكم البول في إناء في المسجد على قولين:
القول الأول: تحريم ذلك.
وهو قول جمهور أهل العلم من حنفية ومالكية وشافعية وحنابلة (848) .
ودليل ذلك ما يلي:
1- ما رواه أنس ( ، أن النبي ( قال لما بال الأعرابي في المسجد: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن" (849) .(1/100)
2- أن الهواء تابع للقرار ، فإذا حرم في قرار المسجد، فكذا في هوائه .
3- ولأن المساجد بيوت الله ومحل ذكره، وإباحة ذلك ولو في إناء يلحقها بالحشوش التي هي بيوت الشياطين.
4- ولأن هذا يقبح ويفحش فوجب صيانة المسجد عنه كما لو أراد أن يبول في أرضه، ثم يغسله (850) .
القول الثاني: إباحة ذلك.
وهو قول لبعض المالكية (851) ، ووجه عند الشافعية (852) ، والحنابلة (853) .
واستدلوا لذلك : بما روته عائشة رضي الله عنها قالت: "اعتكفت مع رسول الله ( امرأة من أزواجه مستحاضة ، فكانت ترى الحمرة والصفرة، فربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي" (854) .
فإذا جاز دم الاستحاضة في الإناء في المسجد، فكذا البول في إناء في المسجد.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن المستحاضة ونحوها لا يمكنها التحرز من ذلك إلا بترك الاعتكاف، لاستمرار الحدث، بخلاف من حصره بول ونحوه فيمكنه التحرز من ذلك بالخروج لقضاء الحاجة مع الاستمرار في الاعتكاف (855) .
الترجيح : الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم ؛ لقوة ما استدلوا به، ومناقشة دليل القول الآخر.
المطلب الخامس: إخراج الريح في المسجد :
اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: تحريم ذلك.
وهو وجه عند الشافعية ، ووجه عند الحنابلة (856) .
القول الثاني: كراهة ذلك .
وهو قول جمهور أهل العلم (857) .
الأدلة :
استدل من قال بتحريم إخراج الريح في المسجد :
1 - حديث أبي هريرة ( ، أن رسول الله ( قال : "الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث تقول: اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه" (858) .
وجه الدلالة :
دل هذا الحديث على أن الحدث في المسجد يحرم صاحبه دعاء الملائكة واستغفارهم، ودعاؤهم مرجو الإجابة، وما ذاك إلا لكونه أتى معصية (859) .
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: أن المراد بالحدث المعصية أو البدعة في المسجد (860) .(1/101)
ونوقش : بالمنع كما جاء مفسراً من حديث أبي هريرة ( ، أن رسول الله ( قال: "لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر له اللهم ارحمه حتى ينصرف أو يحدث ؟ قلت: ما يحدث؟ قال: يفسو أو يضرط " (861) .
الوجه الثاني: أن عدم دعاء الملائكة إذا أحدث لا لكونه عصى بالحدث، ولكن لكونه أخل بشرط دعاء الملائكة وهو الطهارة ، كما لو أحدث في صلاة نافلة فتبطل صلاته لإخلاله بالشرط، لا لعصيانه بالحدث لعدم وجوب الاستمرار فيها.
ونوقش: أن مجرد الحدث في المسجد أذية؛ لحديث أبي هريرة ( ، وفيه أن رسول الله ( قال: ".... وإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه وتصلي - يعني عليه - الملائكة في مجلسه الذي يصلي فيه : "اللهم اغفر له، اللهم ارحمه ما لم يؤذ يحدث فيه" (862) .
2 - حديث أنس ( ، لما بال الأعرابي في المسجد، وفيه قوله ( : "إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من هذا القذر" (863) .
3 - حديث جابر ( ، أن النبي ( قال: "من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس" (864) .
والريح في معنى ذلك ، وأذية الملائكة والأنس محرمة.
ودليل من قال بالكراهة بما يلي:
1 - حديث أبي هريرة ( المتقدم ، وفيه قوله ( : "ما لم يحدث" ففيه جواز إخراج الريح في المسجد، لكن ينهى عنه لحرمة المسجد .
ونوقش هذا الاستدلال : بأن قوله ( : "ما لم يحدث" بيان للعقوبة، لا لجواز الحدث .
2 - القياس على أكل الثوم والبصل فإنه يكره حضوره المسجد لرائحته، فكذا إخراج الريح.
ونوقش : بعدم تسليم الأصل المقيس عليه فقد ذهب طائفة من أهل العلم إلى تحريم حضور المسجد لمن أكل ثوماً أو بصلاً ونحوهما (865) .
الترجيح :(1/102)
الأحوط - والله أعلم - القول بالتحريم ، لظاهر ما استدلوا به، ومناقشة دليل القول الآخر ؛ ولأن إباحة الحدث في المسجد يلحقه بالحشوش التي هي مأوى الشياطين، والمساجد بيوت الله ومأوى ملائكته، وعلى هذا إذا أراد إخراج الريح يخرج من المسجد ، ثم يرجع .
المطلب السادس: الحجامة (866) والفصد (867) في المسجد :
اختلف العلماء في ذلك على:
القول الأول: تحريم الحجامة والفصد في المسجد، وإن كان في إناء فيكره .
وهذا مذهب الشافعية (868) .
القول الثاني: أنه تحرم الحجامة والفصد في المسجد مطلقاً .
وهو مذهب الحنابلة (869) .
القول الثالث : الجواز عند الضرورة .
وبه قال ابن عقيل (870) .
الأدلة :
استدل من قال بتحريم الحجامة:
1 - حديث أنس بن مالك ( ، وفيه قول النبي ( : "إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من القذر ولا البول ..." (871) .
والحجامة كالبول لنجاسة الدم .
ويناقش : بعدم التسليم بنجاسة الدم .
ويجاب عن ذلك : بأنه على تسليم عدم نجاسة البول ، فهو داخل في القذر، وقد نهى النبي ( عن القذر في المسجد.
2 - ما يأتي من النهي عن البصاق في المسجد وأنه خطيئة (872) ، والحجامة من باب أولى .
واستدل على الكراهة إذا كان في إناء: بحديث أنس السابق، وفيه قوله ( : "إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من البول ولا القذر" (873) ، لكن لا يحرم؛ لعد تلويث المسجد .
واستدل من قال بالتحريم مطلقاً وإن كان في إناء: أن الهواء تابع للقراء، فإذا حرم في أرضه (874) حرم في هوائه .
واستدل من قال بالجواز :
1 - ما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي ( "اعتكفت معه بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم فربما وضعت الطست تحتها من الدم" (875) .
ونوقش: بالفرق؛ إذ المستحاضة لا يمكنها التحرز من دم الاستحاضة إلا بترك الاعتكاف، بخلاف المحتجم .
2 - ما رواه زيد بن ثابت ( ، أن النبي ( : "احتجم في المسجد" (876) .(1/103)
لكنه لا يثبت . قال مسلم : إن ابن لهيعة أخطأ فيه حيث قال احتجم بالميم، وإنما احتجر ، أي اتخذ حجرة .
الترجيح : الراجح - والله أعلم - القول بعدم جواز الحجامة في المسجد ؛ لما في ذلك تلويث المسجد وتقذيره، والأقرب أيضاً عدم الجواز حتى وإن كان في إناء لما علل به الحنابلة .
المطلب السابع: البصاق في المسجد :
اختلف العلماء في ذلك على أقوال:
القول الأول: تحريم ذلك مطلقاً ، وكفارة ذلك دفنها .
وهو ظاهر مذهب الحنفية (877) ، وبه قال النووي (878) ، وهو مذهب الحنابلة (879).
لكن عند الحنفية: إن اضطر إلى ذلك كان البصق فوق الحصير أهون من البصق تحته؛ لأن الحصير ليس منه حقيقة، وما تحته مسجد حقيقة.
القول الثاني: يجوز إن أراد دفنها، وإن لم يرد دفنها فلا يجوز.
وبه قال القاضي عياض (880) ، والقرطبي (881) ، وبه قال المجد (882) .
القول الثالث: يجوز للمحتاج ، ولا يجوز لغير المحتاج .
وبه قال بعض الشافعية (883) .
القول الرابع: الجواز مطلقاً بشرط كونه يسيراً لا يؤدي إلى التقذير، ولم يتأذ به أحد ، ولم يكن المسجد مبلطاً .
وهو مذهب المالكية (884) .
الأدلة :
استدل من قال بتحريم البصاق في المسجد بما يلي :
1- ما رواه أنس ( أن النبي ( قال: "البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها" (885) .
2- ما رواه أبو ذر ( أن النبي ( قال: "عرضت عليّ أعمال أمتي حسنها وسيئها ، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد فلا تدفن" (886) .
3- حديث أنس ( ، وفيه قول النبي ( : "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن" (887) .
واستدل من قال بجواز البصق إذا أراد دفنها بما يلي:
ما رواه أبو أمامة ( أن النبي ( قال: "من تنخع في المسجد فلم يدفن فسيئة، وإن دفنه فحسنة" (888) .
واستدل من قال بجواز البصق عند الحاجة:(1/104)
ما رواه أبو هريرة ( أن النبي ( رأى نخامة في المسجد في قبلة المسجد فأقبل على الناس فقال: "ما بال أحدكم يقوم يستقبل ربه فيتنخع أمامه، أيحب أحدكم أن يستقبل فينخع في وجهه؟ فإذا انتخع أحدكم فليتنخع عن يساره تحت قدمه، فإن لم يجد فليفعل هكذا" ووصف القاسم فتفل في ثوبه، ثم مسح بعضه على بعض (889) .
فظاهر الحديث جوازه في المسجد للمحتاج حال العذر؛ لأن البصقعن اليسار أن تحت القدم إنما ورد في الصلاة؛ إذ المصلي لا يتمكن من الخروج من المسجد إلا بالحركة الكثيرة.
الترجيح :
الناظر في الأدلة السابقة يتبين له جواز البصاق في المسجد للمصلي فقط بشرط أن يدفنها بعد ذلك ، وأن لا يكون المسجد مفروشاً أو مبلطاً؛ لظاهر أحاديث الأمر بالدفن، وأما غير المصلي فلا يجوز له البصاق فيه؛ لتمكنه من البصاق خارج المسجد .
مسألة :
اختلف العلماء رحمهم الله في المراد بالدفن في قوله ( : "وكفارتها دفنها" على قولين:
القول الأول : أن المراد بالدفن: تغييبها في تراب المسجد ورمله وحصبائه، وإن كان أرضاً صلبة فبإخراجها، أو مسحها بخرقة ونحوها .
وهذا قول جمهور أهل العلم (890) .
القول الثاني: أن المراد إخراجها مطلقاً.
وبه قال بعض الشافعية (891) .
الأدلة :
استدل الجمهور : بما رواه أبو ذر ( أن النبي ( قال: "عرضت عليّ أعمال أمتي حسنها وسيئها ، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد فلا تدفن" (892) .
فظاهر الحديث: دفنها في المسجد ، وكذا نحوه حديث أبي أمامة المتقدم.
ودليل الرأي الثاني: لأجل الخروج من خلاف من قال بنجاسة البزاق (893) ، كما ورد عن سلمان الفارسي ( ، وإبراهيم النخعي.
ونوقش هذا الاستدلال : بأن القول بنجاسة البزاق ضعيف ، ويرده ما تقدم في حديث أبي هريرة ( ، وفيه قوله ( : "فإن لم يجد فليفعل هكذا" (894) . ووصف القاسم "فتفل في ثوبه، ثم مسح بعضه على بعض" .(1/105)
وفي رواية هشيم : "كأني أنظر إلى رسول الله ( يرد ثوبه بعضه على بعض".
الترجيح: الراجح - والله أعلم - القول الأول ؛ لظاهر الأحاديث.
المطلب الثامن: الصمت عن الكلام :
اختلف العلماء في ذلك على أقوال:
القول الأول: إن طال الصمت حتى تضمن ترك الكلام الواجب صار حراماً، وكذا إن تعبد بالصمت عن الكلام المستحب، والكلام المحرم يجب الصمت عنه ، وفضول الكلام ينبغي الصمت عنها.
وبه قال شيخ الإسلام (895) .
القول الثاني: أنه يكره الصمت إلى الليل.
وبه قال ابن عقيل (896) .
وقال الموفق والمجد : ظاهر الأخبار تحريمه (897) .
القول الثالث: إن تعبد بالصمت كره، وإن لم يتعبد به لم يكره.
وهو قول الحنفية (898) .
واستدل العلماء على ما تقدم بما يلي:
1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النبي ( "رأى رجلاً قائماً في الشمس فقال: من هذا؟ قالوا: هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه" (899) .
2- ما روته ليلى امرأة بشير بن الخصاصية "أنه سأل رسول الله ( : أصوم يوم الجمعة ولا أكلم ذلك اليوم أحداً؟ فقال: لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام هو أحدها أو في شهر ، وأما أن لا تكلم أحداً فلعمري لأن تكلم بمعروف وتنهى عن منكر خير من أن تسكت" (900) .
3- ما رواه قيس بن أبي حازم قال: "دخل أبوبكر على امرة من أحمس فقال لها زينب فأبت أن تتكلم: فقال: ما بال هذه ؟ قالوا: حجت مصمتة فقال لها تكلمي فإن هذا لا يحل ، هذا من عمل الجاهلية فتكلمت" (901) .
4- ما رواه علي بن أبي طالب ( ، أن رسول الله ( قال: "لا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل" (902) .
وأحسن الاقوال ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - من التفصيل.
الفصل الخامس
نذر الاعتكاف
وفيه مباحث:
المبحث الأول: أن يقيده بوصف .
المبحث الثاني: أن يقيده بزمان.
المبحث الثالث: أن يقيده بمكان.(1/106)
المبحث الأول: أن يقيده بوصف (903) :
وفيه مطلبان :
المطلب الأول: أن يقيده بوصف الصلاة .
المطلب الثاني: أن يقيده بوصف الصيام .
المطلب الأول: أن يقيده بوصف الصلاة .
وصورة ذلك : أن ينذر أن يعتكف مصلياً.
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول : أنه يلزمه الجمع بين الصلاة والاعتكاف.
وهذا هو المذهب عند الحنابلة (904) ، ووجه عند الشافعية (905) .
القول الثاني: لا يلزمه الجمع بينهما .
وهو مذهب الشافعية (906) .
الأدلة :
استدل الحنابلة على وجوب الجمع بين الصلاة والاعتكاف بما يلي:
1- ما تقدم من الأدلة على أنه ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه (907) .
والصلاة تقاس على الصوم .
2- حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي ( قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه..." (908) .
دل الحديث على وجوب الوفاء بالنذر، وهذا يشمل الوفاء بأصله ووصفه.
3- أن الصلاة صفة مقصودة في الاعتكاف فلزمت بالنذر كالتتابع (909) .
4- أنه يجب الجمع كما لو نذر القيام في صلاة النافلة (910) .
واستدل الشافعية على عدم وجوب الجمع : أن الصلاة أفعال مباشرة لا تناسب الاعتكاف (911) .
ونوقش هذا التعليل: بعدم التسليم ، بل إن الصلاة من أفضل الأعمال التي تشرع للمعتكف باتفاق الأئمة (912) .
الترجيح : الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه الحنابلة؛ لقوة ما استدلوا به من وجوب الجمع بين الصوم والاعتكاف .
المطلب الثاني: أن يقيده بوصف الصوم:
وصورة ذلك : أن ينذر أن يعتكف صائماً .
اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أنه يلزمه الجمع بين الاعتكاف والصوم .
وهو مذهب الشافعية (913) ، والحنابلة (914) .
القول الثاني: أنه لا يلزمه الجمع بينهما .
وهو وجه عند الشافعية (915) .
الأدلة :
دليل وجوب الجمع بين الصوم والاعتكاف:
1 - ما تقدم من الأدلة على وجوب الجمع بين الاعتكاف والصلاة .(1/107)
2 - ولأن هذا الوصف قربة فلزم بالنذر (916) .
وعلل من لم يوجب الجمع : أن الصوم والاعتكاف عبادتان مختلفتان فأشبه ما لو نذر أن يعتكف مصلياً أو عكسه حيث لا يلزمه جمعهما .
ونوقش : بعدم تسليم الأصل المقيس عليه ، فيلزمه إذا نذر أن يعتكف مصلياً أن يجمع بينهما .
وعلى هذا فالأرجح : وجوب الجمع بين الصيام والاعتكاف ؛ لما استدلوا به والله أعلم.
المبحث الثاني
أن يقيده بزمان
وفيه مطالب:
المطلب الأول: أن ينذر اعتكافاً مطلقاً .
المطلب الثاني: أن ينذر اعتكاف يوم .
المطلب الثالث: أن ينذر اعتكاف يومين.
المطلب الرابع: أن ينذر اعتكاف أكثر من يومين.
المطلب الخامس: أن ينذر اعتكاف شهر.
المطلب السادس: أن ينذر اعتكاف ليلة .
المطلب الأول: أن ينذر اعتكاف مطلقاً :
من نذر أن يعتكف ولم يقيده بزمن لزمه أن يعتكف أقل زمن للاعتكاف. وهذا قول جمهور أهل العلم (917) .
لما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي ( قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" (918) .
دل هذا الحديث على وجوب الوفاء بالنذر المطلق، وإذا لم يقيده بزمن رجع إلى تقييد الشارع .
ولأن هذا مقتضى نذره .
وعند الحنفية: يلزمه أن يعتكف يوماً (919) .
لأن هذا أقل الاعتكاف الواجب (920) .
وهم يبنون هذا على اشتراط الصوم للاعتكاف الواجب ، والصوم لا يكون أقل من يوم.
وتقدم في شروط صحة الاعتكاف عدم تسليم اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف .
وعلى هذا فالراجح قول جمهور أهل العلم وأنه يلزمه أقل ما يسمى اعتكافاً شرعاً؛ لما عللوا به .
المطلب الثاني: أن ينذر اعتكاف يوم :
اختلف في ذلك على أقوال:
القول الأول: أنه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
وبه قال الجمهور (921) .
القول الثاني: أنه من غروب شمس ليلة النذر إلى غروب الشمس يوم النذر.
وهو المعتمد عند المالكية (922) .
الأدلة :
أدلة الرأي الأول:
استدل لهذا الرأي بالأدلة الآتية :(1/108)
1 - قوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ( (923) .
وجه الدلالة :
دلت هذه الآية على أن اليوم يقع ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس، إذ هو وقت الصوم، وقد نذر أن يعتكف يوماً، فلزمه ذلك .
2 - من حيث اللغة أن اليوم اسم لبياض النهار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس (924) .
دليل الرأي الثاني:
استدل لهذا الرأي: بأن أقل الاعتكاف يوم وليلة ، فلزمه ذلك (925) .
ونوقش هذا الدليل :
بالمنع ، فقد تقدم أن أقل الاعتكاف يوم ، أو ليلة (926) .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه أهل القول الأول، فيلزمه أن يعتكف من قبل طلوع الفجر إلى غروب شمس ذلك اليوم لدلالة الشرع واللغة على ذلك .
المطلب الثالث: من نذر أن يعتكف يومين :
اختلف العلماء في ذلك على أقوال:
القول الأول: أنه لا يلزمه التتابع ولا الليلة المتخللة بينهما فيعتكف من طلوع فجر اليوم الأول إلى غروب شمسه ، ثم يعود ثانية من طلوع فجر اليوم الثاني إلى غروب شمسه، إلا إن شرط التتابع أو نواه ، فمن طلوع فجر اليوم الأول إلى غروب شمس اليوم الثاني.
وهو مذهب الشافعية (927) ، ومذهب الحنابلة (928) .
القول الثاني: أنه من غروب شمس ليلة اليوم الأول إلى غروب شمس اليوم الثاني.
وهو مذهب الحنفية (929) ، والمالكية (930) .
القول الثالث: أنه من طلوع فجر اليوم الأول إلى غروب شمس اليوم الثاني.
وبه قال أبو يوسف (931) ، وهو وجه عند الشافعية (932) ، وبه قال القاضي من الحنابلة (933) .
الأدلة :
أدلة الرأي الأول:
استدل الشافعية والحنابلة لما ذهبوا إليه بما يلي:
1 - أن اليوم اسم لبياض النهار فقط ، فلا تدخل الليلة المتخللة بين اليومين في وقت اعتكافهما، إلا إذا نوى ذلك، أو اشترطه .(1/109)
2 - أنه زمان لا يتناوله نذره، فلا يلزمه اعتكافه، كليلة ما قبله وما بعده (934) .
واستدل الحنفية : بأن الليلتين اللتين بإزاء اليومين تدخلان تبعاً ، كقول الرجل: كنا عند فلان يومين يريد وما بإزائهما من الليالي (935) .
ونوقش :
بعدم التسليم ، إلا إذا وجد ما يدل على ذلك من قرائن الأحوال .
واستدل من أوجب اعتكاف الليلة المتخللة بين اليومين:
أنه ليل يتخلل نهار الاعتكاف ، فكان من وقت اعتكافه كالليالي العشر.
ونوقش: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن في لفظ العشر الأواخر ما يدل على لزوم تتابعها ، وهو تعيينها، فهي كاليوم الواحد، بخلاف اليومين، فلا دلالة فيها.
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة ، لما استدلوا به ، فلا يلزمه اعتكاف الليل؛ لبراءة ذمته منه.
المطلب الرابع: من نذر اعتكاف أكثر من يومين :
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن تكون معينة.
المسألة الثانية: أن تكون مطلقة .
المسألة الأولى: أن تكون معينة :
وذلك كأن يقول: لله عليَّ أن أعتكف العشر الأواخر من رمضان، أو الأسبوع الأول من شهر شوال.
اختلف في ذلك على أقوال:
القول الأول: أنه من غروب الشمس أول ليلة إلى غروب شمس آخر يوم. وبه قال الجمهور (936) .
القول الثاني: أنه من صلاة الصبح من أول يوم إلى غروب الشمس من آخر يوم إن نذر اعتكاف العشر الأواخر من رمضان .
وهو رواية عن أحمد (937) .
القول الثالث: أنه لا تلزمه الليالي المتخللة بين الأيام فيدخل معتكفه من طلوع الفجر من أول يوم إلى غروب شمسه، ثم يعود في اليوم الثاني من طلوع الفجر إلى غروب شمسه، وهكذا .
وبه قال: بعض الشافعية (938) ، وبعض الحنابلة (939) .
الأدلة :
دليل الرأي الأول :
بأن وقت اعتكافه من غروب شمس أول ليلة إلى غروب شمس آخر يوم قياساً على ما لو نذر أن يعتكف شهراً بعينه، لتعين هذه الأيام (940) .
دليل الرأي الثاني: بأنه يدخل معتكفه من بعد صلاة الصبح :(1/110)
بما روته عائشة - رضي الله عنها - ، أن النبي ( : "كان إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ، ثم دخل معتكفه" (941) .
ونوقش الاستدلال بهذا الحديث :
بأنه محمول على اعتكاف التطوع (942) لا النذر، لدخول العشر بغروب شمس ليلة الحادي والعشرين، وقد نذر اعتكافها ، فيلزمه الدخول قبل الغروب ، وقال ابن عبدالبر: "لم يقل به - أي الحديث - أحد من الفقهاء" (943) .
دليل الرأي الثالث: أنه لا تلزمه الليالي المتخللة بين الأيام :
لأن اللفظ مطلق عن قيد التتابع , فيجري على إطلاقه، فلا تدخل الليالي المتخللة في وقت اعتكافه كما في الصوم .
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنه قياس مع الفارق ؛ إذ الاعتكاف عبادة دائمة ومبناها على الاتصال ؛ لأنه لبث والليالي قابلة للبث، فكانت داخلة في وقت اعتكافه ، بخلاف الصوم فهي ليست قابلة للصوم .
الوجه الثاني: أن في اللفظ ما يقتضي دخول الليالي في وقت الاعتكاف وهو تعين الأيام في زمن محدد، فهو قرينة على التتابع (944) .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه أهل القول الأول ، القائل: بأنه يدخل معتكفه من غروب شمس أول ليلةٍ إلى غروب شمس آخر يوم؛ لقوة دليله في مقابل ضعف أدلة المخالفين بمناقشتها .
المسألة الثانية: أن تكون مطلقة :
وذلك كأن يقول : لله عليّ أن أعتكف عشرة أيام .
اختلف في ذلك على أقوال :
القول الأول: أنه لا تلزمه الليالي المتخللة بين الأيام فيعتكف من طلوع فجر اليوم الأول إلى غروب شمسه ، ثم يعود ثانية من طلوع فجر اليوم الثاني إلى غروب شمسه وهكذا .
إلا إن اشترط التتابع ، أو نواه فمن طلوع فجر اليوم الأول إلى غروب شمس آخر يوم.
وهو مذهب الشافعية (945) ، ومذهب الحنابلة (946) .
القول الثاني: أنه من غروب شمس ليلة أول يوم إلى غروب شمس آخر يوم.
وهو مذهب الحنفية (947) ، والمالكية (948) .
الأدلة :
دليل الرأي الأول:
استدل لهذا الرأي بعدم لزوم الليالي المتخللة أيام الاعتكاف :(1/111)
1 - أن الليالي زمان لا يتناوله نذره، فلا تدخل في وقت اعتكافه كليلة ما قبله ، وكليلة ما بعده (949) .
2 - أنه نذر أياماً فقط ، واليوم اسم لبياض النهار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فلا تدخل الليالي في وقت اعتكافه ، لعدم ما يقتضي ذلك (950) .
أدلة الرأي الثاني:
استدل لهذا الرأي : بأن الأصل في الأيام وكذا الليالي إذا ذكرت بلفظ الجمع أن يدخل ما بإزائها من الليالي ، والليالي إذا ذكرت بلفظ الجمع يدخل ما بإزائها من الأيام ، لقوله تعالى في قصة زكريا : (ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً( (951) .
وقال في موضع آخر : ( ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً ( (952) ، والقصة واحدة، فلما عبر في موضع باسم الليالي ، وفي موضع باسم الأيام، دل على أن المراد كل واحد منهما وما بإزائه، حتى إنه في الموضع التي لم تكن فيه الأيام على عدد الليالي أفرد كل واحد منهما في الذكر (953) . فقال تعالى: (سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً( (954) .
ونوقش هذا الاستدلال:
بالمنع ؛ إذ لا يلزم من ذكر الأيام دخول الليالي إلا بقرينة.
وأما الآية ، فإن الليالي دخلت مع الأيام ؛ لأن الله ذكرها في موضع آخر فكان منصوصاً عليها (955) .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه أهل القول الأول؛ لقوة دليله في مقابل ضعف أدلة المخالفين بمناقشتها .
المطلب الخامس : من نذر اعتكاف شهر:
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن يكون معيناً.
المسألة الثانية: أن يكون مطلقاً .
المسألة الأولى: أن يكون معيناً:
وذلك أن يقول: لله عليّ أن أعتكف شهر رمضان، أو شوال.
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أنه من غروب شمس أول ليلة منه إلى غروب شمس آخر يوم منه سواء كان تاماً أم ناقصاً.
وبه قال الجمهور (956) .
القول الثاني: أنه من طلوع الفجر الثاني من أول يوم إلى غروب شمس آخر يوم.
وهو رواية عن الإمام أحمد (957) .
الأدلة :(1/112)
دليل الرأي الأول : أنه من غروب شمس أول ليلة منه، إلى غروب شمس آخر يوم منه:
1 - قوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ( (958). وشهود الشهر يكون برؤية هلاله بعد غروب الشمس، فدل ذلك على دخول الشهر.
2 - حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي ( قال: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته" (959).
فدل على أن الشهر يدخل برؤية الهلال ، ويخرج برؤيته ، والهلال يرى بعد غروب الشمس.
3 - أن الشهر يدخل بغروب شمس أول ليلة منه : بدليل حل الديون المعلقة ووقوع الطلاق والعتاق المعلقين (960) .
دليل الرأي الثاني: أنه من طلوع الفجر الثاني من أول يوم إلى غروب شمس آخر يوم:
1 - قوله تعالى: ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( (961) .
وجه الدلالة:
دلت الآية على أن الصوم شرط في الاعتكاف، فلم يجب ابتداؤه قبل شرطه؛ لأن الصوم لا يلزم إلا من طلوع الفجر الثاني (962) .
ونوقش هذا الاستدلال :
بالمنع كما سبق في شروط صحة الاعتكاف .
2 - حديث عائشة "أن النبي ( كان إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح، ثم دخل معتكفه" (963) .
ونوقش هذا الاستدلال بهذا الحديث : بما تقدم (964) .
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه أهل القول الأول، وأنه يبدأ اعتكافه من غروب شمس أول ليلة من الشهر إلى غروب شمس آخر يوم منه؛ لقوة دليله ، ولدخول الشهر بذلك لغة وشرعاً .
المسألة الثانية : أن يكون مطلقاً:
وذلك كأن يقول: لله عليَّ أن أعتكف شهراً .
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أنه لا يلزمه التتابع، ولا الليالي المتخللة بين الأيام، وعلى هذا فيعتكف من طلوع الفجر الثاني من أول يوم، إلى غروب الشمس، ثم يعود مرة ثانية، وهكذا .
وهو رواية عن الإمام أحمد (965) .(1/113)
القول الثاني: أنه إن اعتكف شهراً بالهلال ، فزمن الاعتكاف من دخول الشهر برؤية الهلال إلى خروج الشهر برؤية الهلال ، وإن اعتكف شهراً بالعدد ، فإنه من غروب الشمس ليلة أول يوم إلى غروب شمس آخر يوم. وبه قال أكثر الفقهاء (966) .
الأدلة :
دليل الرأي الأول:
استدل لهذا الدليل بعدم لزوم التتابع بما يلي:
1 - قوله تعالى: (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ( (967) .
وجه الدلالة: أن إطلاق الشهر لو أفاد التتابع لما قيد الله تعالى ذلك بقوله : (متتابعين( .
2 - أن اللفظ مطلق عن التتابع فجيري على إطلاقه فلا تدخل الليالي المتخللة بين الأيام في وقت اعتكافه .
3 - أنه معنى يصح فيه التفريق ، فلم يجب التتابع فيه بمطلق النذر كما لو نذر اعتكاف ثلاثين يوماً (968) .
دليل الرأي الثاني: أنه تلزمه الليالي المتخللة بين الأيام:
1 - أن إطلاق الشهر يقتضي دخول الليالي في وقت اعتكافه، كما لو نذر أياماً معينة (969) .
ونوقش : بالمنع؛ إذ إن من نذر اعتكاف شهر كما لو نذر اعتكاف ثلاثين يوماً، أو نذر اعتكاف أسبوعاً.
2 - أنه معنى يحصل بالليل والنهار، فإذا أطلقه اقتضى دخول الليالي ، كما لو حلف لا يكلم زيداً شهراً، وكمدة الإيلاء والعدة (970) .
ونوقش : بأنه قياس مع الفارق فإن من حلف ألا يكلم زيداً شهراً ، وكذا مدة الإيلاء والعدة تصدق على جميع أجزائها بخلاف من نذر اعتكاف شهر فلا تدخل الليالي .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه أهل القول الأول، وأنه لا يلزمه التتابع إلا بشرط أن ينوي التتابع ، أو يشترطه ؛ لعدم ما يوجب التتابع ولأن الأصل براءة الذمة.
المطلب السادس: أن ينذر اعتكافه ليلة:
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين :
القول الأول: من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني.
وهو مذهب الشافعية (971) ، والحنابلة (972) .
القول الثاني: أنه من غروب الشمس إلى غروب شمس يوم ليلة النذر.(1/114)
وهو مذهب الحنفية (973) ، والمالكية (974) .
الأدلة :
استدل الشافعية والحنابلة بما يلي:
1 - قوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ( (975) . دلت الآية على أن الليل يقع ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر ، وقد نذر أن يعتكف ليلة فلزمه ذلك فقط .
2 - من حيث اللغة أن الليل اسم لسواد الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر (976) .
وأما دليل الحنفية والمالكية :
أما الحنفية فيبنون ذلك على اشتراط الصوم للاعتكاف الواجب، والليل ليس محلاً للصوم فلزم أن يعتكف يوم ليلة النذر .
ونوقش : بعدم تسليم كما تقدم في شروط صحة الاعتكاف (977) .
وأما المالكية : فيبنون ذلك على أن أقل الاعتكاف يوم وليلة (978) .
ونوقش : بعدم تسليمه كما تقدم في زمن الاعتكاف .
الترجيح :
الراجح : ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة : أنه يلزمه الاعتكاف ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر لدلالة الشرع واللغة .
المبحث الثالث: أن يقيده بمكان :
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أن ينذر الاعتكاف بأحد المساجد الثلاثة .
المطلب الثاني: أن ينذر الاعتكاف بمسجد غير المساجد الثلاثة.
المطلب الأول: أن ينذر الاعتكاف بأحد المساجد الثلاثة :
اختلف العلماء رحمهم الله فيما إذا نذر الاعتكاف بأحد المساجد الثلاثة هل يتعين بالنذر أو لا؟ على أقوال:
القول الأول: أنه إذا عين الفاضل لم يجزئ المفضول، ولا عكس . فإذا نذر الاعتكاف في المسجد الحرام لم يجزئ في المسجد النبوي والمسجد الأقصى، وإذا نذر الاعتكاف في المسجد النبوي لم يجزئ المسجد الأقصى، وإذا نذر الاعتكاف في المسجد الأقصى أجزأ في المساجد الثلاثة كلها.
وهو قول جمهور أهل العلم (979) .
القول الثاني: أنه يجزئه الاعتكاف في كل مكان .
وهو قول الحنفية (980) .
الأدلة :(1/115)
استدل الجمهور على أنه إذا عين الفاضل لزمه ولم يجزئ المفضول، ولا عكس .
1 - حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي ( قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" (981) .
وجه الدلالة : أن الحديث دل على وجوب الوفاء بنذر الطاعة، وهو عام في أصل النذر، ووصفه، والمكان من الوصف، ولا يخرج الناذر عن موجب نذره إلا بأدائه في المكان الذي عينه، فيلزمه.
2 - حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن عمر بن الخطاب ( قال: قلت يا رسول الله ! إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام؟ فقال رسول الله ( : "أوف بنذرك" (982) .
فقوله ( : "أوف بنذرك" أمر والأصل في الأمر الوجوب ، فدل ذلك على أن من نذر الاعتكاف في مكان فإنه يلزمه ، ولم يكن له الاعتكاف في غيره .
ونوقش : بأن قوله ( : "أوف بنذرك" يحتمل أن يراد به الأمر بالوفاء بأصل النذر ، دون وصفه.
ويجاب عن هذه المناقشة من وجهين:
الوجه الأول: أن قوله ( : "أوف بنذرك" حكم مرتب على سؤال، والأصل في الحكم المرتب على السؤال أن يكون عائداً إلى أصل الحكم ووصفه إلا بدليل يدل على التفريق، ولا دليل على إخراج الوصف ، فيكون معتبراً.
الوجه الثاني: أنه لو كان المراد الوفاء بأصل النذر دون وصفه، لقال له اعتكف في مسجدي هذا، كما قال لمن نذر الصلاة في المسجد الأقصى : "صل ههنا" (983) ؛ لأنه أرفق بعمر ( وأيسر .
وأجيب عن هذه المناقشة: بأن عمر ( إنما سأل عام الفتح، فسؤاله كان بمكة (984) .
3 - حديث أبي هريرة ( أن النبي ( قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا" (985) .
أفاد الحديث : جواز شد الرحل إلى أحد المساجد الثلاثة، ويترتب على ذلك: أنه لو نذر الاعتكاف في أحدها لزمه ذلك، لكن يجوز الانتقال إلى المفضول؛ لما يأتي .
4 - حديث أبي هريرة ( أن النبي ( قال : "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" (986) .(1/116)
وفي حديث جابر ( أن رسول الله ( قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه" (987) .
وفي حديث أبي الدرداء ( أن النبي ( قال: "فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي ألف صلاة ، وفي بيت المقدس خمسمائة صلاة" (988) .
وإذا كان كذلك فمن نذر الصلاة في المسجد الحرام فقد نذر مائة ألف صلاة ، ومن نذر الصلاة في المسجد النبوي فقد نذر ألف صلاة، ومن نذر الصلاة في المسجد الأقصى فقد نذر خمسمائة صلاة (989) ، وكذا الاعتكاف، وعلى هذا فمن نذر الاعتكاف في أحد هذه المساجد لم يجزئه غيره، إلا الأفضل ، لما يأتي.
ونوقش هذا الاستدلال : بأنه لا دلالة على تعيّن المساجد الثلاثة لأداء النذر فيه لوجهين:
الوجه الأول: أن غاية ما في هذه الأحاديث إثبات فضل هذه المساجد الثلاثة، ولا يلزم من ثبوت الفضل لمكان تعيَّن الأداء فيه ، كالصلوات الخمس، فعلها في المسجد مع الجماعة أفضل وإذا صلاها في بيته سقط الواجب (990) .
وأجيب عن هذه المناقشة بأمرين:
الأمر الأول: عدم التسليم فإن من صلى في بيته لم تبرأ ذمته من واجب الجماعة في المسجد؛ إذ الجماعة في المسجد واجبة، وإن برئت ذمته من واجب الصلاة .
الأمر الثاني: أنه اجتهاد مخالف لظاهر النص.
الوجه الثاني: أن الصلاة في مسجد النبي ( أفضل من الصلاة في المسجد الحرام، لكن بدون الألف (991) .
وأجيب عن هذه المناقشة : بعدم التسليم فإن المسجد الحرام أفضل من المسجد النبوي مطلقاً؛ لما تقدم من الأحاديث .
5 - أن الناذر إذا عيَّن لنذره مكاناً فاضلاً فقد التزم فضيلة في العبادة الملتزمة، فإذا أداه في مكان دونه في الفضيلة فقد أقام الناقص مقام الكامل مع قدرته على الأداء بصفة الكمال كما التزمه، وهذا لا يجوز (992) .
وأما دليل الجمهور على أنه إذا اعتكف في الفاضل أجزأ عن المفضول :(1/117)
1 - حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أن رجلاً قام يوم الفتح فقال : يا رسول الله ! إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس ركعتين. فقال له: "صَلِّ ههنا، ثم أعاد عليه فقال صَلِّ ههنا ، ثم أعاد عليه، فقال: شأنك إذن" (993) .
وجه الدلالة : أن الحديث يدل على أن الناذر إذا أدى نذره في مكان أفضل من المكان الذي عينه فإنه يجزئه ؛ لأنه أدى أتم مما التزمه (994) .
2 - ما رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - : أن امرأة شكت شكوى، فقالت: إن شفاني الله لأخرجن فلأصلين في بيت المقدس، فبرأت. ثم تجهزت تريد الخروج، فجاءت ميمونة تسلم عليها، وأخبرتها بذلك، فقالت: اجلسي فكلي ما صنعت وصلي في مسجد الرسول ( ، فإني سمعت رسول الله ( يقول: "صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة" (995) .
دليل الحنفية :
استدل الحنفية على إجزاء الاعتكاف في كل مكان:
1 - حديث جابر ( أن رجلاً قام يوم الفتح فقال يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت القدس ركعتين فقال له : "صل ههنا..." الحديث (996) .
وجه الدلالة : أن الرسول ( أمر من نذر أن يصلي في بيت المقدس أن يصلي في غيره، فدل ذلك على أن من نذر أن يصلي في مكان ، فصلى في غيره أجزأه ذلك (997) ، والاعتكاف كالصلاة .
ويناقش : بأن النبي ( ، إنما أمره أن يصلي في المسجد الحرام؛ لنه أدى ما التزمه وزيادة ، قال شيخ الإسلام : "فقد أتى بأفضل من المنذور من جنسه" (998) .
2 - أن النذر قربة في الاعتكاف لا المكان، وبهذا الاعتبار تكون الأمكنة كلها سواء، فإذا اعتكف في أي مكان أجزأ (999) .
ونوقش هذا التعليل من وجهين:
الوجه الأول: منع كون الأمكنة كلها سواء، بل أفضلها المساجد الثلاثة كما تقدم في الأحاديث .
الوجه الثاني: أنه إذا عين مكاناً لنذره صار أداء النذر في المكان الذي عينه قربة لا تبرأ ذمته إلا بأدائه في المكان الذي عينه (1000) .(1/118)
3 - أن الناذر إنما يلتزم بنذره ما هو من فعله، لا ما ليس من فعله، والمكان ليس من فعله (1001) .
ونوقش : بالوجه الثاني من المناقشة الواردة على الدليل الثاني.
الترجيح :
القول الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم ؛ لقوة أدلته ، وضعف أدلة الحنفية، بما ورد عليها من المناقشات.
المطلب الثاني: أن ينذر الاعتكاف بمسجد غير المساجد الثلاثة :
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أنه لا يتعين المسجد بتعيينه بالنذر إلا إن كان له مزية شرعية ككثرة جماعة، أو كونه جامعاً تعين، ما لم يلزم من ذلك شد رحل.
وهذا القول اختاره شيخ الإسلام (1002) .
القول الثاني: أنه لا يتعين بتعيينه.
وهو قول جمهور أهل العلم (1003) .
لكن عند الحنابلة إذا لم يحتج إلى شد رحل يخير بين الوفاء وعدمه، واستظهر في الفروع : أن الأفضل الوفاء .
الأدلة :
استدل شيخ الإسلام : بما تقدم من الأدلة على تعين المساجد الثلاثة إذا نذر الاعتكاف فيها (1004) .
وجه الدلالة : أن المساجد الثلاثة لم تتعين إلا لميزتها لاشرعية ، فيلحق بها ما كان في معناها مما له مزية شرعية (1005) .
واستدل الجمهور: بما رواه أبو هريرة (: أن النبي ( قال:"لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى"(1006).
وجه الدلالة : دل هذا الحديث أن شد الرحل إنما يكون لهذه المساجد الثلاثة دون ما عداها ، وإذا قيل: يتعين غيرها بتعيينه بالنذر لزم من ذلك شد الرحل إليه(1007) .
ونوقش هذه الاستدلال: بأنه مسلم إذا لزم من ذلك شد رحل، وأما إذا لم يلزم من ذلك شد رحل فلا محذور.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه شيخ الإسلام - رحمه الله - ؛ لقوة ما استدل به، ولأن النذر الوفاء بأصله ووصفه ، والمكان من وصفه إذا كان له ميزة شرعية ، ولما ورد من الإجابة على دليل الجمهور .
الفصل السادس
قضاء الاعتكاف
وفيه مباحث :(1/119)
المبحث الأول: قضاء الاعتكاف المستحب .
المبحث الثاني: قضاء الاعتكاف الواجب على الحي.
المبحث الثالث: قضاء الاعتكاف الواجب على الميت .
المبحث الأول: قضاء الاعتكاف المستحب:
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى فيما إذا أبطل المعتكف اعتكافه المستحب بعد الشروع فيه : هل يلزمه قضاؤه ؟ على أقوال:
القول الأول: أنه لا يلزمه القضاء ، لكن يستحب له .
وهو قول عند الحنفية (1008) ، ومذهب الشافعية (1009) ، والحنابلة (1010) .
القول الثاني : أنه يلزمه القضاء .
وهو مذهب المالكية (1011) .
القول الثالث: أنه يلزمه قضاء اليوم الذي شرع فيه دون غيره .
وهو مذهب الحنفية (1012) .
وهناك قول ثالث للحنفية : أنه يقضي المسنون المؤكد وهو العشر الأواخر دون غيرها (1013) .
الأدلة :
أدلة القول الأول:
استدل القائلون بعدم وجوب القضاء على من أبطل اعتكافه المستحب بما يلي:
1 - حديث عائشة رضي الله عنها ، قالت: "كان النبي ( يعتكف العشر الأواخر من رمضان فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله، فاستأذنت حفصة عائشة أن تضرب خباء فأذنت لها فضربت خباء، فلما رأته زينب ابنة جحش ضربت خباء آخر، فلما أصبح النبي ( رأى الأخبية فقال: ما هذا ؟ فأخبر النبي ( فقال: آلبر تردن بهن؟ فترك الاعتكاف ذلك الشهر ، ثم اعتكف عشراً من شوال" (1014) .
وجه الدلالة: أنه لم يرد أنه ( أمر أزواجه بالقضاء، أو أنهن قضين الاعتكاف.
ونوقش هذا الاستدلال: بأنه لا دلالة فيه لعدم شروعهن فيه (1015) .
2 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل علي النبي ( ذات يوم، فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا : لا . فقال: فإني إذاً صائم، ثم أتانا يوماً آخر فقلنا يا رسول الله أهدي لنا حيس (1016) ، فقال: أرينيه فلقد أصبحت صائماً فأكل"(1017).
ولم يرد أنه ( قضى هذا اليوم ، وكذا الاعتكاف .(1/120)
3 - حديث أبي جحيفة قال: "آخى رسول الله ( بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها : ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً، فقال: كل فإني صائم، فقال: ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل.. فقال سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي ( ، فقال النبي ( : صدق سلمان" (1018) .
فأقر النبي ( سلمان على تفطير أبي الدرداء ولم يأمره بالقضاء، فدل على أن المتطوع - في غير الحج والعمرة - له الخروج من عبادته، ولا قضاء عليه .
4 - حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها : أن رسول الله ( "دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة ، فقال لها : أصمت أمس؟ قالت: لا . قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا. قال: فأفطري" (1019) .
فأمرها النبي ( بقطع التطوع ، ولم يأمرها بالقضاء، وكذا الاعتكاف.
5 - أنه لا يجب بالشروع فيه ابتداء، فالقضاء من باب أولى (1020) .
ودليل من أوجب القضاء بعد الشروع فيه ما يلي :
1 - قوله تعالى : (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ( (1021) .
وهذا يعم إبطاله بعد إكماله وفي أثنائه، فإن ما مضى من الاعتكاف عمل صالح يثاب عليه بحيث لو مات في أثنائه أُجر على ما مضى أجر مَنْ قد عمل لا أجر من نوى وقصد ، وإذا كان عملاً صالحاً فقد نهى الله عن إبطاله .
ونوقش هذا الاستدلال من أوجه:
الوجه الأول: أن ما لم يتم فليس بعمل (1022) ، أما كون الميت يؤجر فلأنه شرع فيه وحيل بينه وبين إتمامه .
الوجه الثاني: أن النهي هنا للكراهة لما تقدم من أدلة الجمهور، فلا يوجب القضاء .
الوجه الثالث: أن قوله تعالى : (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ( عام ، والخاص كحديث أبي جحيفة وعائشة - مقدم على العام .
الوجه الرابع: أن المعنى لا تبطلوا أعمالكم بالرياء ، أو بالكبائر (1023) .(1/121)
2 - أن النبي ( قضى الاعتكاف لما تركه كما في حديث عائشة وأنس وأبي هريرة رضي الله عنهم (1024) .
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول : أن النبي ( لم يشرع فيه فلا دلالة فيه (1025) .
ورد بن النبي ( شرع فيه؛ لأن المسجد كله موضع للاعتكاف، وقد دخل المسجد حين أراد الصلاة بالناس فالظاهر أنه نوى الاعتكاف؛ لأنه لم يكن في نيته الخروج منه بعد ذلك (1026) .
الوجه الثاني: نه محمول على الاستحباب ، لما تقدم من أدلة الرأي الأول.
الوجه الثالث: ما ذكره القرطبي بقوله: "ولا يقال فيه - أي حديث عائشة في اعتكاف النبي ( العشر الأول من شوال لما ترك الاعتكاف في رمضان - ما يدل على قضاء التطوع ؛ لأنا لا نسلم أنه قضاء بل هو ابتداء ؛ إذ لم يجب عليه لا بالأصل ولا بالنذر ، ولا بالدخول فيه؛ إذ لم يكن دخل فيه بعد، كيف ومعقولية القضاء إنَّما تتحقق فيما اشتغلت الذمة به، فإذا لم يكن شغل ذمة فأي شيء يقضي؟ غاية ما في الباب أنه ابتدأ عبادة هي من نوع ما فاته" (1027) .
وورد هذا بقول ابن عبدالبر - رحمه الله - : "غير نكير أن يكون النبي ( قضى الاعتكاف من أجل نه كان قد نوى أن يعمله وإن لم يدخل فيه؛ لأنه كان أوفى الناس لربه بما عاهده عليه، وأبدرهم إلى طاعته" (1028) .
3 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت أنا وحفصة صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه فجاء رسول الله ( فبدرتني إليه حفصة وكانت ابنة أبيها، فقالت: يا رسول الله إن كنا صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا، فقال: اقضيا يوماً آخر مكانه" (1029) .
وألحق الاعتكاف بالصيام .
ونوقش الاستدلال : بعدم ثبوت الحديث، وإن ثبت فمحول على الاستحباب.
4 - أنه يلزمه بالشروع فيه كالصلاة النافلة والحج والعمرة (1030) .
ونوقش هذا الاستدلال : أما القياس على الصلاة فغير مسلم فلا يسلم أنها تلزم بالشروع .
وأما الحج والعمرة فلوجود الفرق بينهما وبين الاعتكاف من وجهين:(1/122)
الأول: أن الحج والعمرة يمضى في فاسدهما ولا يخرج منهما بالإفساد ولا بقطع النية، والاعتكاف ليس كذلك (1031) ، فالحج والعمرة ألزم من الاعتكاف .
الثاني: أن الكفارة تجب في إفساد فرضهما ونفلهما بخلاف الاعتكاف (1032) .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - عدم وجوب القضاء لمن خرج من اعتكافه المستحب بعد الشروع فيه؛ إذ الأصل براءة الذمة.
قال شيخ الإسلام - رحمه الله - : "ولو قطعه مدة لم يلزمه قضاؤه ؛ لن من اصلنا المشهور : أنه لا يلزم بالشروع إلا الإحرام، لكن يستحب له إتمامه وأن يقضيه إذا قطعه.
وكذلك لو كان له ورد من الاعتكاف ففاته استحب له قضاؤه ؛ لأن النبي ( ترك اعتكاف العشر الأواخر من شهر رمضان لما ضرب أزواجه الأبية ثم قضاه من شوال (1033) ، ولم يأمر أزواجه بالقضاء؛ لأنه لم يكن من عادتهن وإنما عز من عليه ذلك العام، ولأن قضاءه غير واجب ، ولأنهن لم يكن شرعن فيه وهو ( قد شرع فيه؛ لأن المسجد كله موضع للاعتكاف وهو قد دخل المسجد حين صلى بالناس فالظاهر أنه نوى الاعتكاف من حينئذٍ ؛ لأنه لم يكن في نيته الخروج منه بعد ذلك" (1034) .
المبحث الثاني: قضاء الاعتكاف الواجب على الحي:
إذا أفسد المعتكف اعتكافه الواجب بمبطل من مبطلات الاعتكاف المتقدمة وجب عليه استئنافه بصفته ؛ لعدم براءة ذمته منه، إلا إذا كان أياماً لا يشترط فيها التتابع فما مضى منها صحيح ، ويقضي ما بقي، وإن كان أياماً متتابعة فيلزمه الاستئناف لإمكانه أن يأتي بالمنذور على صفته ، وإن كانت أياماً معينة لزمته كفارة يمين لتفويت الزمن (1035) .
لحديث عقبة ( أن النبي ( قال: "كفارة النذر كفارة يمين" (1036) .
المبحث الثالث: قضاء الاعتكاف الواجب على الميت:
إذا نذر شخص اعتكاف زمن وتمكن من ذلك، لكنه فرط حتى مات فهل يشرع لوليه أن يقضي عنه هذا الاعتكاف؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:(1/123)
القول الأول: أنه يستحب لوليه أن يقضيه عنه، فإن لم يفعل أطعم من تركته إن خلف تركة .
وهذا هو المذهب عند الحنابلة (1037) .
القول الثاني: لا يستحب لوليه أن يقضيه عنه ولكن يطعم عنه إن أوصى.
وهو قول جمهور أهل العلم (1038) .
الأدلة :
أدلة الحنابلة :
استدل الحنابلة على مشروعية قضاء الاعتكاف الواجب عن الميت بما يلي:
1 - حديث عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله ( : "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" (1039) .
فيلحق الاعتكاف بالصيام فإنه أشبه به من الصلاة .
ونوقش الاستدلال بهذا الحديث من وجوه :
الوجه الأول: أنه مؤول على معنى إطعام الحي عنه إذا مات وقد فرط في الصوم ، فيكون الإطعام قائماً مقام الصيام، ونظير ذلك قوله ( : "الصعيد الطيب وضوء المسلم" (1040) فسمى التراب وهو بدل باسم مبدله وهو الوضوء ، وهذا تأويل الماوردي (1041) .
وأجيب عنه : بقول ابن الملقن: "ولا يخفى ما في ذلك، والأحاديث مصرحة بصيام الولي عنه، والحديث الوارد في الإطعام عنه ضعيف" (1042) .
وأيضاً فهو صرف للفظ عن ظاهره بلا دليل.
قال النووي: "وأما تأويل الصيام بالإطعام فتأويل باطل يرده باقي الحديث"(1043) .
الوجه الثاني: أنه معارض لقوله تعالى : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ( (1044) ، وبقوله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى( (1045) .
وسيأتي الجواب عن هذا الوجه (1046) .
الوجه الثالث: أنه معارض لما رواه النسائي عن ابن عباس مرفوعاً: "لا يصل أحد عن أحد ، ولا يصوم أحد عن أحد ، ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مداً من حنطة" (1047) .
وأجيب : بعدم ثوبته عن النبي ( .
الوجه الرابع: أن مالكاً لم يجد عمل المدينة عليه (1048) .
وأجيب : بأن عمل المدينة مختلف في الاحتجاج به .
الوجه الخامس: أنه معارض للقياس الجلي، وهو أنه عبادة بدنية لا مدخل للمال فيها فلا يفعل عمن عليه كالصلاة (1049) .(1/124)
وأجيب : بأنه اجتهاد في مقابلة النص.
الوجه السادس: ما ذكره القاضي عياض وتبعه القرطبي: أن الحديث مضطرب .
وأجيب عن هذا : أنه لا يتأتى في حديث عائشة ، وإنما يتأتى في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ولا يسلم الاضطراب، وإنما فيه اختلاف يجمع بينه (1050) .
2 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن سعد بن عبادة ( سأل النبي ( في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه ، فقال رسول الله ( : "اقضه عنها" (1051).
ولا يخلو إما أن يكون سعد سأل النبي ( عن نذر كان على أمه وأجابه النبي ( على مقتضى هذا السؤال ولم يستفصله فكأنه قال: إذا كان عليها نذر فاقضه عنها؛ لأن السؤال كالمعاد في الجواب ، وهذا عام مطلق في جميع النذور.
أو يكون سأله عن نذر معين من صوم ونحوه فيكون اختيار ابن عباس أنه أمره أن يقضى عنها النذر ولم يعين ابن عباس أي نذر هو دليل على أنه فهم أن مناط الحكم عموم كونه نذرا، لا خصوص ذلك المنذور، وأن كل النذور مستوية في هذا الحكم، وابن عباس أعلم بمراد النبي ( ومقصوده (1052) .
3 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "جاء رجل إلى النبي ( فقال: يا رسول الله ! أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ فقال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ قال: نعم. قال: فدين الله أحق أن يقضى" (1053) .
فقوله ( : "فدين الله أحق أن يقضى" يشمل نذر الاعتكاف .
والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
4 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أن امرأة جاءت النبي ( فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها، أرايت لو كان على أمك دين ألست قاضية؟ قالت: نعم، قال : فاقضوا لله فالله أحق بالوفاء" (1054) .
فقوله ( : "فالله أحق بالوفاء" ، فبين النبي ( : أن هذا دين من الديون، وأن الله أحق أن يوفى دينه وأحق أن يقبل الوفاء، وهذه علة تعم جميع الديون الثابتة في الذمة لله .(1/125)
5 - حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ( ، وفيه قوله ( لعمرو حين سأله عن نذر لأبيه: "أما أبوك فلو أقر بالتوحيد فصمت عنه وتصدقت نفعه ذلك"(1055) .
6 - ما رواه عامر بن مصعب قال : "اعتكفت عائشة عن أخيها بعدما مات"(1056) .
ونوقش : بضعفه لضعف عامر (1057) ، وإبراهيم بن مهاجر (1058) .
7 - ما رواه عون بن عبدالله بن عتبة (1059) : "أن امرأة نذرت أن تعتكف عشرة أيام فماتت ولم تعتكف، فقال ابن عباس اعتكف عن أمك" (1060) .
أدلة الرأي الثاني:
استدل الجمهور على عدم مشروعية الاعتكاف عن الميت بما يلي:
1 - قوله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى( (1061) ، فدل على أن سعي غيره لا ينتفع به .
قال شيخ الإسلام : "وأما الآية فللناس عنها أجوبة متعددة كما قيل: إنها تختص بشرع من قبلنا ، وقيل: إنها مخصوصة، وقيل: إنها منسوخة ، وقيل: إنها تنال السعي مباشرة وسبباً والإيمان من سعيه الذي تسبب فيه. ولا يحتاج إلى شيء من ذلك بل ظاهر الآية حق لا يخالف بقية النصوص ، فإنه قال: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى( وهذا حق فإنه إنما يستحق سعيه فهو الذي يملكه ويستحقه كما أنه إنما يملك من المكاسب ما اكتسبه هو ، وأما سعي غيره فهو حق وملك لذلك الغير لا له ، لكن هذا لا يمنع أن ينتفع بسعي غيره كما ينتفع الرجل بكسب غيره" (1062) .
2 - حديث أبي هريرة ( ، أن رسول الله ( قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له ، أو علم ينتفع به من بعده" (1063) .
فأخبر ( : أنه إنما ينتفع بما عمله في الحياة، وما لم يكن عمله فهو منقطع عنه.
ونوقش هذا الاستدلال : بأن النبي ( قال: انقطع عمله، ولم يقل انقطع انتفاعه، فإذا اعتكف وليه عنه انتفع بذلك ، وبرأت ذمته.
3 - قول ابن عمر رضي الله عنهما: "لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد" (1064) .(1/126)
4 - قول ابن عباس رضي الله عنهما: "لا يصلي أحد عن أحد ، ولا يصوم أحد عن أحد" (1065) .
ونوقش هذان الأثران: بأنهما مخالفان لما ورد عنهما من قضاء صيام النذر عن الميت (1066) ، وكذا الصلاة (1067) .
5 - قول عائشة رضي الله عنهما: "لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم"(1068) .
ونوقش : بأنه ضعيف جداً (1069) .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه الحنابلة من مشروعية قضاء الولي الاعتكاف الواجب عن الميت؛ لقوة ما استدلوا به، ومناقشة أدلة القول الآخر.
الخاتمة :
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، أحمد الله أولاً وآخراً ، وأشكره تعالى على ما منَّ به من التوفيق في البدء والختام، وأصلي وأسلم على من بعثه الله رحمة للعالمين ، وبعد:
فلا يخفى أن كل باحث لابد أن يظهر له من خلال بحثه ثمار ونتائج ، وإني خلال معايشتي لبحث الاعتكاف خرجت منه بنتائج خرجت منها بهذه الضوابط :
الضابط الأول: عناية الشارع الحكيم بأمر القلب؛ إذ مدار العمل عليه.
الضابط الثاني: أن الاعتكاف شرعاً : "لزوم مسجد لعبادة الله عز وجل" .
الضابط الثالث: أن حكمته: "صلاح القلب واستقامته" .
الضابط الرابع: مشروعية الاعتكاف مطلقاً في رمضان وغيره، وفي العشر وغيرها .
الضابط الخامس: أن أقله يوم، ولا حدّ لأكثره.
الضابط السادس: أنه يتأكد اعتكاف العشر الأواخر من رمضان، وأن زمن دخول المعتكف من غروب شمس أول ليلة منها.
الضابط السابع: شرط صحة الاعتكاف أهلية المعتكف للعبادة والمسجد ، مع إذن السيد للرقيق، والزوج للزوجة .
الضابط الثامن : ما أقيمت فيه الجماعة من المساجد شرع الاعتكاف فيه لمن تجب عليه الجماعة.
الضابط التاسع : من لا تجب عليه الجماعة يشرع له في كل مسجد سوى مسجد البيت.
الضابط العاشر: كل ما اتصل بالمسجد ودخل في مسماه صح الاعتكاف فيه.(1/127)
الضابط الحادي عشر : يستحب الاعتكاف في المساجد الثلاثة ، ثم ما كان أكثر جماعة ، ثم ما لا يخل بركن الاعتكاف ومقصوده.
الضابط الثاني عشر: ركن الاعتكاف: اللبث في المسجد .
الضابط الثالث عشر: الخروج من المسجد بلا عذر بجميع البدن مبطل للاعتكاف .
الضابط الرابع عشر : الخروج لعذر معتاد شرعاً أو طابعاً أو لعذر غير معتاد لا يبطل الاعتكاف .
الضابط الخامس عشر : صحة الشرط في الاعتكاف سواء كان عاماً أو خاصاً بشرط عدم منافاته لأمر المسجد ، أو الاعتكاف.
الضابط السادس عشر: فائدة الاشتراط في العذر المعتاد عدم بطلان الاعتكاف التطوع ، وسقوط القضاء في الاعتكاف الواجب .
الضابط السابع عشر: يبطل الاعتكاف بالجماع ومقدماته، وبإنزال المني باستمناء أو تكرير نظر، وبالردة والسكر .
الضابط الثامن عشر: لا يبطل الاعتكاف بطروء الحيض ، أو النفاس، أو الجنون، والإغماء.
الضابط التاسع عشر: يشرع للمعتكف سائر العبادات، وينهى عن كل ما يخل بالاعتكاف وحكمته .
الضابط العشرون : يباح للمعتكف ما يحتاجه عادة كالأكل في المسجد ونحوه، وأخذ الزينة في البدن والثوب ، ونحو ذلك ، ما لم يلوث المسجد.
الضابط الحادي والعشرون: يباح للمعتكف من العقود ما لا ينافي المسجد.
الضابط الثاني والعشرون: للمعتكف فعل قربة خارج المسجد بلا شرط إذا كان في طريقه .
الضابط الثالث والعشرون: ينهى المعتكف عن كل ما يؤدي إلى إبطال الاعتكاف، أو يخل بمقصوده.
الضابط الرابع والعشرون: ينهى المعتكف عن كل ما ينافي المسجد من عقد معاوضة ، أو حدث ونحو ذلك .
الضابط الخامس والعشرون: يتقيد الاعتكاف المنذور بما قُيد به من صفة شرعية، أو مكان له ميزة شرعية.
الضابط السادس والعشرون: إذا قيد الناذر اعتكافه بزمن رجع إلى تحديده لغة ما لم يكن نية أو شرط .
الضابط السابع والعشرون : يستحب قضاء الاعتكاف المسنون إذا بطل .(1/128)
الضابط الثامن والعشرون: يجب قضاء الاعتكاف الواجب إذا أبطله المعتكف بصفته مع وجوب كفارة إذا كان معيناً.
الضابط التاسع والعشرون: يستحب قضاء الاعتكاف الواجب عن الميت.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلي وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
فهرس المصادر والمراجع
1- الآداب الشرعية : لابن مفلح (ت762هـ)، ط. مكتبة ابن تيمية - القاهرة .
2- الإجماع: محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (ت318هـ)، تحقيق: فؤاد عبدالمنعم أحمد، دار الدعوة - الطبعة الثالثة .
3- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان: ترتيب علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (ت739هـ)، ط: مؤسسة الرسالة، الأولى 1408هـ.
4- أحكام القرآن: أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص الحنفي (ت370)، نشر دار الكتاب العربي - بيروت .
5- أحكام القرآن: لأبي بكر محمد بن عبدالله المعروف بابن العربي (ت468هـ)، تحقيق علي محمد البجاوي ، دار الفكر .
6- الاختيار لتعليل المختار : عبدالله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي، علق عليه: الشيخ محمود أبو دقيقة ، دار الدعوة .
7- الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية : علاء الدين علي بن محمد البعلي (ت803هـ)، المؤسسة السعيدية - الرياض .
8- إرشاد الفحول: محمد بن علي بن محمد الشوكاني (ت1255هـ)، دار المعرفة - بيروت .
9- إرواء الغليل: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية 1405هـ.
10- أسد الغابة في معرفة الصحابة : لأبي الحسن علي بن أبي الكرم المعروف بابن الأثير ، نشر المكتب الإسلامية .
11- الاستذكار: لأبي عمر يوسف بن عبدالله بن عبدالبر (ت463هـ)، تحقيق: علي النجدي ناصف، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي - المغرب .
12- الأشباه والنظائر : لابن نجيم ، دار الفكر - بيروت .(1/129)
13- الإشراف على مسائل الخلاف : للقاضي عبدالوهاب بن علي بن نصر البغدادي (ت422هـ) ، مطبعة الإرادة ، الطبعة الأولى.
14- الإصابة في تمييز الصحابة : لشهاب الدين أبي الفضل أحمدبن علي بن محمد العسقلاني المعروف بابن حجر (ت852هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت .
15- الأعلام : خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين - بيروت ، الطبعة الخامسة 1980م.
16- الإعلام بفوائد عمدة الأحكام: لابن الملقن، ط. الأولى 1417هـ، دار العاصمة - الرياض .
17- إعلام الساجد بأحكام المساجد : لمحمد بن عبدالله الزركشي (ت794هـ)، ط. وزارة الأوقاف المصرية - القاهرة ، 1410هـ.
18- إعلام الموقعين عن رب العالمين : شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية (ت751هـ)، دار الجيل - بيروت .
19- الإفصاح عن معاني الصحاح : لأبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الحنبلي (ت560هـ)، الناشر: المؤسسة السعيدية - بالرياض .
20- الإقناع: لأبي النجا شرف الدين موسى الحجاوي المقدسي (ت968هـ)، الناشر: دار المعرفة - بيروت .
21- إكمال إكمال المعلم : للأُبّي (ت828هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت.
22- الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع : لمحمد الشربيني الخطيب، الناشر: دار المعرفة - بيروت ، 1398هـ. بهامشه تحفة الحبيب .
23- الأم : لأبي عبدالله محمد بن إدريس الشافعي (ت204هـ)، دار الفكر ، الطبعة الثانية 1403هـ.
24- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف : علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي الحنبلي (ت885هـ) ، مطبعة السنة المحمدية، الطبعة الأولى 1376هـ.
25- الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف : لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، تحقيق: د. أبو حماد صغير أحمد بن محمد حنيف، دار طيبة ، الطبعة الأولى 1405هـ.
26- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك : لأبي محمد عبدالله بن هشام (ت761هـ)، ط. دار الفكر - بيروت.(1/130)
27- البحر الرائق شرح كنز الدقائق : زين الدين بن إبراهيم بن محمد بن نجيم ، دار الكتب الإسلامي ، الطبعة الثانية .
28- بدائع الصنائع في تريب الشرائع : لعلاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي (ت587هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت ، الطبعة الثانية 1406هـ.
29- البداية والنهاية : ابن كثير (ت774هـ)، ط. دار الكتب العلمية، بيروت.
30- بداية المجتهد ونهاية المقتصد: لأبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (ت595هـ)، دار القلم - بيروت ، الطبعة الأولى 1408هـ.
31- البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع: لمحمد بن علي الشوكاني (ت1250هـ)، ط. دار المعرفة - بيروت .
32- بلغة السالك لأقرب المسالك : أحمد بن محمد الصاوي المالكي، مطبعة مصطفى البابي الحلبي 1372هـ.
33- البناية في شرح الهداية: لأبي محمد محمود بن أحمد العيني، دار الفكر - بيروت، الطبعة الثانية ، 1411هـ.
34- بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني: لأحمد بن عبدالرحمن البنا (ت1371هـ) ، ط. دار الشهاب - القاهرة .
35- التاج والإكليل لمختصر خليل : لأبي عبدالله محمد بن يوسف بن أبي القاسم العبدري الشهير بالموَّاق (ت897هـ)، دار الفكر - الطبعة الثانية 1398هـ، بهامش مواهب الجليل للحطاب .
36- تاج العروس من جواهر القاموس: لمحمد مرتضي الزبيدي (ت1205هـ)، ط. الأولى 1306هـ - القاهرة .
37- تاريخ بغداد: للحافظ أحمد بن علي الخطيب (ت463هـ)، ط. الأولى ، الناشر : دار الكتاب العربي - بيروت .
38- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي، نشر دار الكتاب الإسلامي ، مطبعة الفاروق الحديثة - القاهرة، الطبعة الثانية .
39- تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي : لمحمد عبدالرحمن بن عبدالرحيم المباركفوري (ت1353هـ)، مؤسسة قرطبة ، نشر المكتبة السلفية بالمدينة النبوية ، الطبعة الثانية 1406هـ .(1/131)
40- تحفة الراكع والساجد والساجد : للجراعي (ت883هـ)، ط. المكتب الإسلامي - بيروت ، 1401هـ.
41- تحفة المحتاج بشرح المنهاج : لشهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي، دار الفكر ، بهامش حاشيتي الشرواني والعبادي .
42- تخريج أحاديث إحياء علوم الدين: للعراقي ، وابن السبكي، والزبيدي، ط. دار العاصمة - الرياض 1408هـ.
43- تدريب الراوي: للسيوطي (ت911هـ)، ط. دار الكتب العلمية - بيروت .
44- التعليق المغني على الدارقطني: لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي، تحقيق : عبدالله هاشم يماني المدني، دار المحاسن - القاهرة، بذيل سنن الدارقطني.
45- تفسير القرآن العظيم : لابن كثير (ت774هـ)، دار الفكر - بيروت .
46- تقريب التهذيب: لشهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، دار المعرفة - بيروت ، الطبعة الأولى 1406هـ.
47- التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير : لأبي الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني (ت582هـ)، الناشر: مكتبة ابن تيمية - القاهرة .
48- التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد : لأبي عمر يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر النمري الأندلسي (ت463هـ)، مطبعة فضالة - المحمدية (المغرب) ، الطبعة الثانية 1402هـ.
49- تهذيب الأسماء واللغات: لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت767هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت .
50- تهذيب التهذيب : لشهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت582هـ)، دار الفكر - بيروت ، الطبعة الأولى 1404هـ.
51- تهذيب سنن أبي داود : لأبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي ثم الدمشقي، الشهير بابن قيم الجوزية (ت751هـ)، دار المعرفة - بيروت، مع مختصر سنن أبي داود للمنذري.
52- تهذيب الكمال في أسماء الرجال: لأبي الحجاج يوسف المزي (ت742هـ)، دار الفكر - بيروت ، ط1414هـ.(1/132)
53- جامع البيان عن تأويل آي القرآن: لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت310هـ) ، دار الفكر ، تاريخ الطبع 1405هـ.
54- الجامع الصحيح : لأبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري (ت256هـ)، ترقيم : محمد فؤاد عبدالباقي، المطبعة السلفية - القاهرة ، الطبعة الأولى 1400هـ.
55- الجامع الصحيح (سنن الترمذي): لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت279هـ)، مطبعة مصطفى البابي الحلبي - مصر ، الطبعة الثانية 1398هـ.
56- الجامع لأحكام القرآن : لأبي عبدالله محمد الأنصاري القرطبي (ت671هـ)، صححه أحمد عبدالعليم البردوني، دار الفكر، الطبعة الثانية.
57- جواهر الإكليل : صالح عبدالسميع الأبي الأزهري، دار الفكر.
58- الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية: لأبي محمد عبدالقادر بن محمد بن محمد بن نصر الله بن سالم بن أبي الوفاء القرشي (ت775هـ)، مطبعة عيسى البابي الحلبي 1398هـ.
59- الجوهر النقي: لعلاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير بابن التركماني (ت745هـ)، دار الفكر ، مع السنن الكبرى للبيهقي.
60- حاشية البناني على شرح الزرقاني لمختصر خليل : المسماة "الفتح الرباني فيما ذهل عنه الزرقاني" : محمد بن الحسين البناني، دار الفكر - بيروت .
61- حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: محمد عرفة الدسوقي، دار الفكر .
62- حاشية رد المحتار على الدر المختار : محمد أمين الشهير بابن عابدين، دار الفكر 1399هـ.
63- حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع : جمع / عبدالرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي (ت1392هـ)، الطبعة الثالثة 1405هـ.
64- حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح: أحمد بن محمد بن إسماعيل الطحطاوي الحنفي (ت1231هـ)، دار الإيمان - بيروت .
65- حاشية العدوي على شرح الخرشي لمختصر خليل: علي بن أحمد الصعيدي العدوي المالكي، دار الكتاب الإسلامي - القاهرة، بهامش شرح الخرشي لمختصر خليل .(1/133)
66- حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني: علي الصعيدي العدوي المالكي المصري، مطبعة المدني، الطبعة الأولى 1407هـ، بهامش كفاية الطالب الرباني للمنوفي.
67- حاشية قليوبي على شرح المحلي للمنهاج : لشهاب الدين أحمد بن أحمد القليوبي (ت1069)، دار إحياء الكتب العربية ، مطبوع مع حاشية عميرة.
68- الحاوي الكبير : لأبي الحسن علي بن محمد الماوردي (ت450هـ)، ط. الأولى 1414هـ - بيروت .
69- الخرشي على مختصر خليل : محمد الخرشي المالكي، دار الكتاب الإسلامي - القاهرة .
70- الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية : القروي، ط. دار الكتب العلمية - بيروت .
71- الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب: إبراهيم بن علي بن فرحون (ت799هـ) ، تحقيق: د. محمد الأحمدي أبو النور، دار التراث - القاهرة .
72- روضة الطالبين وعمدة المفتين: لأبي زكريا محيي الدين بن شرف النووي (ت676هـ)، المكتب الإسلامي ، الطبعة الثانية 1405هـ.
73- زاد المعاد . لشمس الدين أبي عبدالله محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ابن قيم الجوزية) (ت751هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، عبدالقاهر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة عشرة 1406هـ.
74- سراج السالك شرح أسهل المدارك : عثمان بن حسنين الجعلي، ط. الأخيرة 1402هـ، ط. دار الفكر.
75- سنن أبي داود: لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي (ت275هـ)، ط. دار الحديث للطباعة والنشر - بيروت، الأولى 1388هـ.
76- سنن ابن ماجه : لأبي عبدالله محمد بن يزيد القزويني (ت275هـ)، دار الفكر - بيروت .
77- سنن الدارقطني : علي بن عمر الدارقطني (ت385هـ)، تحقيق: عبدالله هاشم يماني المدني، دار المحاسن - القاهرة .
78- سنن الدارمي: لعبدالله بن عبدالرحمن الدارمي السمرقندي (ت255هـ)، دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة الأولى 1407هـ.
79- السنن الكبرى : لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت458هـ)، دار الفكر.(1/134)
80- سنن النسائي (المجتبى) : لأحمد بن شعيب النسائي، بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية السندي، دار البشائر الإسلامية - بيروت ، الطبعة الثانية 1406هـ.
81- سير أعلام النبلاء : لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت748هـ)، أشرف على تحقيقه وخرج أحاديثه شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الرابعة 1406هـ.
82- السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار: للشوكاني (1250هـ)، ط. دار الكتب العلمية - بيروت .
83- شجرة النور الزكية في طبقات المالكية : محمد بن محمد مخلوف، دار الفكر - بيروت.
84- شرح الزرقاني على مختصر خليل : عبدالباقي بن يوسف الزرقاني، دار الفكر - بيروت .
85- شرح العمدة : لشيخ الإسلام (ت728هـ)، ط. دار الأنصاري، 1417هـ . (كتاب الصيام).
86- شرح العمدة : لشيخ الإسلام (ت728هـ)، ط. دار العاصمة، الرياض 1417هـ،. (شروط الصلاة).
87- شرح الموطأ: للزرقاني، ط. دار المعرفة - بيروت، 1401هـ.
88- شرح الزركشي على مختصر الخرقي : محمد بن عبدالله الزركشي المصري الحنبلي (ت772هـ)، تحقيق الشيخ / عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله الجبرين، شركة العبيكان للطباعة والنشر.
89- الشرح الصغير: أحمد بن محمد بن أحمد الدردير، مطبعة مصطفى البابي الحلبي 1372هـ، بهامش بلغة السالك للصاوي.
90- الشرح الكبير: لأبي البركات أحمد الدردير، دار الفكر، بهامش حاشية الدسوقي.
91- الشرح الكبير: شمس الدين أبي الفرج عبدالرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد ابن قدامة المقدسي (ت682هـ)، دار الكتاب العربي - بيروت ، 1403هـ مع المغني لموفق الدين عبدالله بن قدامة .
92- الشرح الكبير مع الإنصاف: المؤلف السابق، ت: د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، ط. دار هجر، الأولى 1417هـ.
93- شرح الكوكب المنير : محمد بن أحمد بن عبدالعزيز بن علي الفتوحي الحنبلي المعروف بابن النجار (ت972هـ)، دار الفكر - دمشق 1400هـ.(1/135)
94- شرح مختصر الروضة: نجم الدين سليمان بن عبدالقوي بن عبدالكريم بن سعيد الطوفي، (ت716هـ)، تحقيق: د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي، طبع مؤسسة الرسالة - بيروت ، الطبعة الأولى 1410هـ.
95- شرح معاني الآثار : لأبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (ت321هـ)، تحقيق محمد زهري النجار، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1399هـ.
96- شرح منتهى الإرادات : منصور بن يونس بن إدريس البهوتي (ت1051هـ)، دار الفكر .
97- الشرح الممتع: للشيخ محمد بن صالح العثيمين ، ط. دار آسام للنشر 1414هـ - الرياض.
98- الصحاح : إسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق: أحمد عبدالغفور عطار، دار العلم للملايين - بيروت ، الطبعة الثانية 1399هـ.
99- صحيح ابن خزيمة : لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري (ت311هـ)، تحقيق: د. محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي ، الطبعة الثانية 1412هـ.
100- صحيح سنن ابن ماجه: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي - بيروت، نشر مكتب التربية العربي لدول الخليج، الطبعة الثالثة 1408هـ.
101- صحيح سنن النسائي: صحح أحاديثه : محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي - بيروت، نشر مكتب التربية العربي لدول الخليج، الطبعة الأولى 1409هـ.
102- صحيح مسلم: للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت261هـ)، دار إحياء التراث العربي.
103- صحيح مسلم بشرح النووي: لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت676هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت.
104- طبقات الشافعية : عبدالرحيم الإسنوي (جمال الدين) (ت772هـ) دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى 1407هـ.
105- طبقات الشافعية الكبرى : لتاج الدين أبي نصر عبدالوهاب بن علي بن عبدالكافي السبكي (ت771هـ)، دار إحياء الكتب العربية.
106- طبقات الفقهاء : لأبي إسحاق الشيرازي الشافعي (ت476هـ)، دار الرائد العربي - بيروت، الطبعة الثانية 1401هـ.(1/136)
107- الطبقات الكبرى: لمحمد بن سعد بن منيع البصري الزهري، دار صادر - بيروت.
108- الضعفاء الكبير: للعقيلي، ط. دار الكتب العلمية - بيروت.
109- عارضة الأحوذي: لابن العربي (ت543هـ)، ط. دار الكتب العلمية - بيروت.
110- العلل : للدارقطني (ت306هـ)، ط. دار طيبة.
111- عمدة القاري: للعيني (ت885هـ)، ط. دار إحياء التراث العربي - بيروت.
112- غاية المنتهى : لمرعي بن يوسف الحنبلي (ت1033هـ)، نشر المؤسسة السعيدية بالرياض، الطبعة الثانية.
113- فتاوى قاضي خان: لحسن بن منصور الأوزجندي الفرغاني الحنفي (ت295هـ)، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الثالثة 1400هـ مع الفتاوى الهندية .
114- الفتاوى الهندية ، المسماة بالفتاوى العالمكيرية: جماعة من علماء الهند، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الثالثة .
115- فتح الباري بشرح صحيح البخاري : لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق: محي الدين الخطيب، ترقيم : محمد فؤاد عبدالباقي، المكتبة السلفية - القاهرة، الطبعة الرابعة 1408هـ.
116- فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالبر: المغراوي، ط. مجموعة التحف النفائس الدولية، 1416هـ، الأولى.
117- الفتح الرباني ترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني : لأحمد ابن عبدالرحمن البنا، ط. دار الشهاب - القاهرة .
118- فتح العزيز شرح الوجيز: لأبي القاسم عبدالكريم بن محمد الرافعي (ت623هـ)، دار الفكر مطبوع مع المجموع شرح المهذب للنووي.
119- فتح القدير : لكمال الدين محمد بن عبدالواحد السيواسي ثم السكندري (ابن الهمام) (ت681هـ)، دار الفكر، الطبعة الثانية.
120- فتح الوهاب: لأبي يحيى زكريا الأنصاري (ت925هـ)، ط. دار المعرفة - بيروت.
121- الفروع : لشمس الدين المقدسي أبي عبدالله محمد بن مفلح (ت763هـ)، الناشر: مكتبة ابن تيمية - القاهرة.(1/137)
122- الفواكه الدواني: أحمد بن غنيم بن سالم بن مهنا النفراوي المالكي (ت1120هـ)، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الثالثة 1374هـ.
123- القاموس المحيط : مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت817هـ)، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1407هـ.
124- القوانين الفقهية : لمحمد بن أحمد بن جزي الكلبي (ت741هـ)، ط. الأولى، دار العلم - بيروت .
125- الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة: للذهبي (ت748هـ)، ط. دار الكتب الحديثة - القاهرة ، مصر، ط1392هـ.
126- الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل: لأبي محمد موفق الدين عبدالله بن قدامة المقدسي (ت620هـ) ، تحقيق: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، الطبعة الخامسة 1408هـ.
127- الكافي في فقه أهل المدينة: يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر النمري القرطبي، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى 1407هـ.
128- الكامل في ضعفاء الرجال: لأبي أحمد عبدالله بن عدي (ت365هـ)، ط. الأولى 1404هـ - بيروت.
129- الكتاب: لأبي الحسين أحمد بن محمد القدوري البغدادي الحنفي (ت428هـ)، المكتبة العلمية - بيروت 1400هـ، مع اللباب في شرح الكتاب للميداني.
130- الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار: لأبي بكر عبدالله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي العبسي (ت235هـ)، ط. الدار السلفية - الهند الأولى 1403هـ.
131- كشاف القناع عن متن الإقناع: منصور بن يونس إدريس البهوتي، دار الفكر - بيروت 1402هـ.
132- كشف الأستار عن زوائد البزار: لعلي بن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ)، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط. الثانية 1404هـ.
133- اللباب في شرح الكتاب: لعبدالغني الغنيمي الدمشقي الميداني الحنفي ، المكتبة العلمية - بيروت 1400هـ.
134- لسان العرب : لأبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الإفريقي المصري (ت711هـ)، دار صادر - بيروت، الطبعة الأولى.(1/138)
135- لسان الميزان : لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، دار الفكر - بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ.
136- مطالب أولي النهى بشرح غاية المنتهى: لمصطفى السيوطي الرحيباني، ط. الأولى 1380هـ، المكتب الإسلامي .
137- المبدع في شرح المقنع: لأبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح (ت884هـ)، المكتب الإسلامي 1980م.
138- المبسوط : محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي ، دار المعرفة - بيروت 1406هـ.
139- مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر: لعبدالرحمن بن محمد الحنفي (ت1078هـ)، ط. الأولى 1317هـ، دار إحياء التراث العربي.
140- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: لعلي بن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ)، دار الرسالة للتراث ، دار الكتاب العربي 1407هـ.
141- مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية : جمع/ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي، طبع بإدارة المساحة العسكرية بالقاهرة 1404هـ.
142- المحرر في الفقه : مجد الدين أبو البركات، عبدالسلام بن عبدالله بن تيمية الحراني (ت652هـ) ، مكتبة المعارف - الرياض ، الطبعة الثانية 1404هـ.
143- المحلى: لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم (ت456هـ)، تحقيق: أحمد محمد شاكر ، دار التراث - القاهرة.
144- مختصر خليل: خليل بن إسحاق المالكي، دار إحياء الكتب العربية.
145- مختصر سنن أبي داود: لعبدالعظيم بن عبدالقوي بن عبدالله المنذري (ت656هـ) ، دار المعرفة - بيروت، ومعه معالم السنن للخطابي وتهذيب سنن أبي داود لابن القيم.
146- المدونة الكبرى : للإمام مالك رواية سحنون التنوخي عن عبدالرحمن بن قاسم ، دار الفكر 1406هـ ، نشر مكتبة الرياض الحديثة .
147- مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح : حسن بن عمار بن علي الشرنبلالي الحنفي، دار الإيمان، بهامش حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح .(1/139)
148- المستدرك على الصحيحين : لأبي عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى 1411هـ.
149- المسند: للإمام أحمد بن حنبل، المكتب الإسلامي - بيروت، الطبعة الخامسة 1405هـ.
150- المسند: للإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت204هـ)، دار الفكر - بيروت .
151- مسند الطيالسي: سليمان بن داود الطيالسي (ت204هـ)، دار المعرفة 1406هـ - بيروت .
152- المسودة في أصول الفقه : لآل تيمية وهم: مجد الدين أبو البركات عبدالسلام بن عبدالله الخضر، وشهاب الدين أبو المحاسن عبدالحليم بن عبدالسلام، وشيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبدالحليم، تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد ، مطبعة المدني - القاهرة .
153- المستوعب : لمحمد بن عبدالله السامري (ت616هـ)، ت: د. مساعد بن قاسم الفالح ، مكتبة المعارف - الرياض 1413هـ .
154- مسائل الإمام أحمد: لأبي داود (ت275هـ)، دار المعرفة - بيروت .
155- مسائل الإمام أحمد: لابنه عبدالله ، ط. المكتب الإسلامي، الأولى، 1401هـ.
156- المسائل الفقهية من كتاب الروايتين: لأبي يعلى ، تحقيق د. عبدالكريم بن محمد اللاحم، مكتبة المعارف - بيروت.
157- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي (ت770هـ)، دار الفكر .
158- المصنف : لأبي عبدالرزاق بن الهمام الصنعاني (ت211هـ)، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي - بيروت، المطبعة الثانية 1403هـ.
159- المطلع على أبواب المقنع: لأبي عبدالله شمس الدين محمد بن أبي المفلح البعلي الحنبلي (ت709هـ)، المكتب الإسلامي - بيروت 1401هـ.
160- معالم السنن: محمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت288هـ)، دار المعرفة - بيروت ، مع مختصر سنن أبي داود للمنذري .
161- المعجم الكبير : للحافظ سليمان بن أحمد الطبراني (ت360هـ)، مكتبة ابن تيمية ، ط. الأولى ، ت: حمدي السلفي .(1/140)
162- المعجم الصغير: للمؤلف السابق، ط(1406هـ) ، مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت .
163- المعجم الوسيط : إعداد مجموعة من اللغويين، مجمع اللغة العربية، المكتبة الإسلامية، استانبول.
164- معجم مقاييس اللغة: لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، تحقيق: عبدالسلام محمد هارون، دار الفكر 1399هـ.
165- معرفة السنن والآثار : للحافظ أحمد بن الحسين البيهقي (ت458هـ)، ت: عبدالمعطي قلعجي، ط(1411هـ).
166- معجم المؤلفين : عمر رضا كحالة ، دار إحياء التراث العربي - بيروت .
167- معونة أولي النهى شرح المنتهى : لمحمد بن أحمد النجار (ت972هـ) ط: دار خضر للطباعة والنشر، ط. الأولى 1416هـ.
168- المغني: لأبي محمد عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت620هـ)، تحقيق د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي، د. عبدالفتاح محمد الحلو، هجر للطباعة والنشر ، الطبعة الأولى 1409هـ.
169- مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج : لمحمد الشربيني الخطيب، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي.
170- المقدمات الممهدات : لأبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (ت520هـ)، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى 1408هـ.
171- المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد: لبرهان الدين بن إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن محمد بن مفلح (ت884هـ)، تحقيق وتعليق: د. عبدالرحمن بن سليمان العثيمين، مطبعة المدني - القاهرة، نشر : مكتبة الرشد - الرياض ، الطبعة الأولى 1410هـ.
172- منار السبيل في شرح الدليل: لإبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان، مكتبة المعارف - الرياض، الطبعة الثانية 1405هـ.
173- المنتقى : لأبي محمد عبدالله بن علي الجارود النيسابوري (ت307هـ)، مطابع الأشرف - لاهور ، باكستان، الطبعة الأولى 1403هـ.
174- المنتقى شرح موطأ الإمام مالك : لأبي الوليد سليمان بن خلف بن سعد الباجي الأندلسي (ت494هـ) ، مطبعة السعادة ، الناشر: دار الكتاب العربي - بيروت .(1/141)
175- منتهى الإرادات : لتقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي الحنبلي المصري الشهير بابن النجار (ت972هـ)، تحقيق: عبدالغني عبدالخالق، عالم الكتب.
176- منح الجليل : محمد عليش، دار الفكر ، الطبعة الأولى 1404هـ.
177- منهاج الطالبين وعمدة المفتين: لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت676هـ)، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر .
178- المهذب : لأبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، طبع بمطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه بمصر.
179- موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ)، دار الثقافة العربية ، الطبعة الأولى 1411هـ.
180- مواهب الجليل: لأبي عبدالله محمد بن عبدالرحمن المغربي المعروف بالحطاب (ت954هـ)، دار الفكر ، الطبعة الثانية 1398هـ.
181- الموطأ : للإمام مالك بن أنس ، صححه ورقمه وخرج أحاديثه: محمد فؤاد عبدالباقي ، دار إحياء الكتب العربية.
182- النهاية في غريب الحديث: لمجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري (ابن الأثير) (ت606هـ)، المكتبة العلمية - بيروت .
183- نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : لشمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة الرملي (ت1004هـ) ، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، طبع سنة 1386هـ.
184- نيل الأوطار: محمد بن علي بن محمد الشوكاني (ت1255هـ)، دار الكتب العلمية ببيروت .
185- الهداية : لأبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني (ت510هـ)، مطابع القصيم ، الطبعة الأولى 1390هـ.
186- الهداية شرح بداية المبتدي : لبرهان الدين أبي بكر علي بن أبي بكر ابن عبدالجليل المرغيناني، (ت593هـ) دار الفكر - بيروت ، الطبعة الثانية 1411هـ ، مع البناية في شرح الهداية للعيني .
187- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان (ت681هـ)، تحقيق : د. إحسان عباس ، دار الثقافة - بيروت .(1/142)
فهرس الموضوعات
المقدمة…
الداعي لجمع أحكام الاعتكاف…
مخطط البحث…
التمهيد …
المطلب الأول: بيان حقيقته اللغوية والشرعية…
المطلب الثاني: بيان حكمته…
الفصل الأول: أدلة مشروعيته، وحكمه، وقسماه، وزمنه…
المبحث الأول: أدلة مشروعيته…
فرع: لم يرد شيء في فضل الاعتكاف…
المبحث الثاني: حكمه…
المطلب الأول: حكمه لغير المرأة…
المطلب الثاني: حكمه للمرأة…
المطلب الثالث: حكمه في غير رمضان والعشر الأواخر منه…
المبحث الثالث: قسما الاعتكاف…
المبحث الرابع: زمن الاعتكاف المسنون…
المطلب الأول: أقل زمنه وأكثره…
المطلب الثاني: الزمن المتأكد للاعتكاف…
المطلب الثالث: زمن الاستحباب لدخول المعتكف والخروج منه…
المسألة الأولى: زمن الدخول…
المسألة الثانية: زمن الخروج…
الفصل الثاني: شروط صحة الاعتكاف وأركانه…
المبحث الأول: شروط صحته…
المطلب الأول: شرط الإسلام…
المطلب الثاني: شرط العقل…
المطلب الثالث: شرط التمييز…
المطلب الرابع: شرط النية…
المطلب الخامس: شرط الطهارة مع الحيض والنفاس والجنابة…
فرع: اعتكاف المستحاضة…
المطلب السادس: شرط إذن السيد للرقيق والزوج للزوجه…
المسألة الأولى: اعتبار إذن السيد…
المسألة الثانية: ملك السيد والزوج تحليل الرقيق والزوجة…
المسألة الثالثة: فروع تتعلق بالرقيق…
المطلب السابع: شرط الصوم…
المطلب الثامن: شرط المسجد…
المسألة الأولى: اعتبار المسجد لصحة الاعتكاف…
المسألة الثانية: ضابط المسجد الذي يشرع فيه الاعتكاف…
الأمر الأول: ضابطه للرجل…
الأمر الثاني: صابطه للمرأة…
المسألة الثالثة: ما يدخل في مسمى المسجد…
الأمر الأول: ما أعد للصلاة…
الأمر الثاني: سطح المسجد…
الأمر الثالث: رحبة المسجد…
الأمر الرابع: منارة المسجد…
الفرع الأول: أن يكون بابها في المسجد…
الفرع الثاني: أن يكون بابها خارج المسجد…
الفرع الثالث: أن يكون في رحبة المسجد…
الأمر الخامس: البيت المعد لاختزان سرج المسجد…(1/143)
المسألة الرابعة: أفضل المساجد للاعتكاف…
المسألة الخامسة: تغيير المعتكف لمسجد اعتكافه…
المبحث الثاني: أركان الاعتكاف…
الفصل الثالث: الخروج من المسجد ومبطلات الاعتكاف…
المبحث الأول: الخروج من المسجد…
المطلب الأول: أقسامه…
المسألة الأولى: الخروج ببعض البدن…
المسألة الثانية: الخروج بجميع البدن لا عذر…
المسألة الثالثة: الخروج لأمر لا بد منه شرعاً أو طبعاً…
الأمر الأول: الخروج لقضاء الحاجة ونحو ذلك…
الأمر الثاني: الخروج للطهارة الواجبة…
الفرع الأول: أن لا يمكنه التطهر في المسجد…
الفرع الثاني: أن يمكنه التطهر في المسجد…
الفرع الثالث: تطهره في بيته…
الأمر الثالث: الخروج للأكل والشرب…
الأمر الرابع: الخروج لصلاة الجمعة…
الفرع الأول: أثره على الاعتكاف…
الفرع الثاني: زمن الخروج من المعتكف…
الفرع الثالث: زمن الرجوع إلى المعتكف…
المسألة الرابعة: الخروج لعذر غير معتاد…
المسألة الخامسة: الخروج لقربة من القرب…
المطلب الثاني: اشتراط الخروج في الاعتكاف…
المسألة الأولى: حكمه…
المسألة الثانية: نوعاه…
الأمر الأول: أن يكون عاماً…
الأمر الثاني: أن يكون خاصاً…
المسألة الثالثة: فائدة الاشتراط…
المطلب الثالث: قضاء زمن الخروج للاعتكاف الواجب…
المسألة الأولى: أن يكون خروجه لعذر معتاد…
المسألة الثانية: أن يكون خروجه لعذر غير معتاد…
المبحث الثاني: مبطلات الاعتكاف…
المطلب الأول: الجماع…
المسألة الأولى: كونه مبطلاً…
المسألة الثانية: وجوب الكفارة بالجماع…
المطلب الثاني: مباشرة الزوجة ونحوها…
المطلب الثالث: إنزال المني…
المسألة الأولى: إ نزاله بمباشرة…
المسألة الثانية: إنزاله باحتلام…
المسألة الثالثة: إنزاله بالتفكر…
المسألة الرابعة: إنزاله بالنظر…
المسألة الخامسة: إنزاله باستمناء…
المطلب الرابع: طروء الحيض والنفاس…
المسألة الأولى: كونه مبطلاً…
المسألة الثانية: ما يشرع للمعتكفة بعد طروء الحيض والنفاس…(1/144)
المسألة الثالثة: أثره على الاعتكاف الواجب عند من لم يعتبره مبطلاً…
المطلب الخامس: طروء الإغماء والجنون…
المسألة الأولى: كونهما من المبطلات…
المسألة الثانية: أثر ذلك على الاعتكاف الواجب عند من لم يره مبطلاً…
الأمر الأول: أن لا يخرج من المسجد…
الأمر الثاني: أن يخرج من المسجد…
المطلب السادس: السكر…
المطلب السابع: فعل كبيرة من الكبائر…
المطلب الثامن: الردة…
المسألة الأولى: كونها مبطلة…
المسألة الثانية: أثرها على الاعتكاف الواجب…
المطلب التاسع: إفساد الصوم…
المطلب العاشر: قطع نية الاعتكاف…
المطلب الحادي عشر: الموت…
المطلب الثاني عشر: شروط المبطلات السابقة…
الفصل الرابع: ما يشرع للمعتكف وما يباح له وما ينهى عنه…
المبحث الأول: ما يشرع للمعتكف…
المطلب الأول: العبادات المحصنة…
المطلب الثاني: العبادات المتعدية…
المطلب الثالث: أخذ ما يحتاج إليه من ثياب ونحوها…
المطلب الرابع: اتخاذ حجرة أو خبا يستتر به المعتكف…
المطلب الخامس: ترك ما لا يعنيه…
المطلب السادس: التبكير إلى صلاة الجمعة…
المطلب السابع: المكث في المسجد ليلة العيد…
المبحث الثاني: ما يباح للمعتكف…
المطلب الأول: الأكل والشرب في المسجد…
المطلب الثاني: النوم في المسجد…
المطلب الثالث: لزوم بقعة بعينها في المسجد…
المطلب الرابع: لبس الثياب الحسنة والطيب…
المطلب الخامس: غسل الرأس وتسريحه ودهنه…
المطلب السادس: أخذ سنن الفطرة…
المطلب السابع: عيادة المريض والصلاة على الجنازة…
المسألة الأولى: أن يكون ذلك داخل المسجد…
المسألة الثانية: أن يكون ذلك خارج المسجد…
المطلب الثامن: الوضوء في المسجد…
المطلب التاسع: زيارة المعتكف…
المطلب العاشر: زواجه وتزويجه وأذانه وإصلاحه بين الناس…
المطلب الحادي عشر: أمره بحاجته…
المبحث الثالث: ما ينهى عنه المعتكف…
المطلب الأول: كل ما يؤدي إلى إبطال الاعتكاف بلا عذر أو يخل
بمقصوده وحكمته.…(1/145)
المطلب الثاني: عقود المعاوضات…
المسألة الأولى: أن يكون ذلك في المسجد…
المسألة الثانية: أن يكون ذلك خارج المسجد…
المطلب الثالث: التكسب بالصنائع ي المسجد…
المطلب الرابع: البول في المسجد…
المطلب الخامس: إخراج الريح في المسجد…
المطلب السادس: الحجامة والفصد في المسجد…
المطلب السابع: البصاق في المسجد…
المطلب الثامن: الصمت عن الكلام في المسجد…
الفصل الخامس: نذر الاعتكاف…
المبحث الأول: أن يقيده بوصف…
المطلب الأول: أن يقيده بوصف الصلاة…
المطلب الثاني: أن يقيده بوصف الصيام…
المبحث الثاني: أن يقيده بزمان…
المطلب الأول: أن ينذر اعتكافاً مطلقاً…
المطلب الثاني: أن ينذر اعتكاف يوم…
المطلب الثالث: أن ينذر اعتكاف يومين…
المطلب الرابع: من نذر اعتكاف أكثر من يومين…
المسألة الأولى: أن تكون معينة…
المسألة الثانية: أن تكون مطلقة…
المطلب الخامس: من نذر اعتكاف شهر…
المسألة الأولى: أن يكون معيناً…
المسألة الثانية: أن يكون مطلقاً…
المطلب السادس: أن ينذر اعتكاف ليلة…
المبحث الثالث: أني قيده بمكان…
المطلب الأول: أن ينذر الاعتكاف بأحد المساجد الثلاثة…
المطلب الثاني: أن ينذر الاعتكاف بمسجد غير المساجد الثلاثة…
الفصل السادس: قضاء الاعتكاف…
المبحث الأول: قضاء الاعتكاف المستحب…
المبحث الثاني: قضاء الاعتكاف الواجب على الحي…
المبحث الثالث: قضاء الاعتكاف الواجب على الميت…
الخاتمة…
فهرس المصادر والمراجع…
فهرس الموضوعات…
(1) سورة آل عمران: 102.
(2) سورة النساء: 1.
(3) سورة الأحزاب: 70-71.
(4) سورة الذاريات : 56 .
(5) سورة الحج : 77 .
(6) سورة البينة : 5 .
(7) معجم مقاييس اللغة 4/108، مادة (عكف).
(8) لسان العرب 9/255، مادة (عكف).
(9) سورة الفتح، آية 25.
(10) تفسير ابن جرير 11/357.
(11) سورة البقرة، آية 187.
(12) سورة الأنبياء، آية 52.
(13) سورة طه، آية 97.
(14) .ديوان العجاج ص18، ولسان العرب 9/255، مادة (عكف).(1/146)
(15) نيل الأوطار 3/264.
(16) البيت للطرماح. لسان العرب 9/255، مادة (عكف).
(17) انظر: الصحاح 4/1406، ومعجم مقاييس اللغة 4/108، ولسان العرب 9/255، والمصباح المنير 2/424، مادة (عكف)، والمطلع ص157.
(18) مغني المحتاج 1/449.
(19) شرح العمدة 2/707.
(20) الإفصاح 1/255.
(21) كشاف القناع 2/348، ومطالب أولي النهى 2/228.
(22) الفروع 3/147.
(23) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 5/427.
(24) أخرجه البخاري، في الاعتكاف، باب الحائض ترجل رأس المعتكف (ح2028).
(25) أخرجه البخاري في فضل ليلة القدر، باب تحري ليلة القدر (ح2018)، ومسلم في الصيام، باب فضل ليلة القدر (ح1167).
(26) أخرجه عبد الرزاق 4/353، والبيهقي في الكبرى 4/318
قال الحافظ في الفتح 4/322: "أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح".
(27) الهداية مع فتح القدير 2/390.
(28) الشرح الكبير مع حاشيته 1/541.
(29) مغني المحتاج 1/449.
(30) الإقناع مع شرحه 2/347.
(31) شرح العمدة 2/708.
(32) شرح العمدة 2/708.
(33) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن 5/427، وانظر: تفسير ابن كثير 1/171.
(34) سورة البقرة: آية 125.
(35) سورة مريم: آية 17.
(36) سورة آل عمران: آية 37.
(37) شرح العمدة 2/748.
(38) أخرجه البخاري، في الاعتكاف، باب الاعتكاف ليلاً (ح2032)، ومسلم، في الأيمان، باب نذر الكافر (ح1656).
(39) زاد المعاد 2/86-87. وانظر: الفتاوى الهندية 1/212، والشرح الصغير للدردير 1/259، وسبل السلام 2/174.
(40) أخرجه البخاري، في فضل ليلة القدر، باب تحري ليلة القدر (ح2018)، ومسلم - واللفظ له - في الصيام، باب فضل ليلة القدر (ح1167) (215).
(41) سورة البقرة: آية 125.
(42) سورة البقرة: آية 187.
(43) أخرجه البخاري في الاعتكاف، باب الاعتكاف في العشر الأواخر (ح2026)، ومسلم في الصيام، باب فضل ليلة القدر (ح1172).
(44) ص 23،
(45) الإجماع ص53.
(46) مراتب الإجماع ص41.
(47) المجموع 6/407.(1/147)
(48) المغني 4/456.
(49) شرح العمدة 2/711.
(50) أحكام القرآن للقرطبي 2/333.
(51) الإفصاح 1/255.
(52) شرح الزركشي 3/4.
(53) كابن رشد في بداية المجتهد 1/312.
(54) مسائل أبي داود ص96.
(55) أخرجه ابن ماجه في الاعتكاف، باب في ثواب الاعتكاف (ح1781)، والبيهقي في شعب الإيمان 7/523، من طريق عبيدة العمي عن فرقد السبخي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً.
قال البخاري في تاريخه 7/131: "فرقد أبو يعقوب السبخي عن سعيد بن جبير في حديثه مناكير".
وعبيدة العمي، قال ابن حجر عنه في التقريب 1/247 :"مجهول الحال"، وأشار البيهقي في الشعب إلى تضعيفه، وضعفه البوصيري في الزوائد.
(56) عزاه شيخ الإسلام في شرح العمدة 2/712 إسحاق بن راهويه.
(57) انظر: الإجماع لابن المنذر ص53، وشرح العمدة لشيخ الإسلام 2/711، وأحكام القرآن للقرطبي 2/233.
(58) سبق توثيقها، ص31.
(59) مقدمات ابن رشد مع المدونة 1/201، وبداية المجتهد 1/312.
(60) الاستذكار 10/304.
(61) إكمال إكمال المعلم للأبي 3/281.
(62) بداية المجتهد 1/312.
(63) مواهب الجليل 2/454.
(64) سبق توثيقه ص23، 28.
(65) فتح الباري 4/272.
(66) أورد ابن العربي في العارضة 4/3 :"أن علي بن أبي طالب كان يعتكف العشر الأواخر حتى قبض" ولم أقف عليه في كتب الأثر.
(67) تخريجه ص54.
(68) أخرجه ابن أبي شيبة 3/90، ورواته ثقات.
(69) انظر ص104، 105، 117.
(70) أخرجه البخاري في الصوم، باب الوصال (ح1963)، عن أبي سعيد الخدري ( .
(71) مسائل أحمد لأبي داود، ص97.
(72) المبسوط 3/114، وعمدة القاري 12/140.
(73) بأتي حكم اعتكاف المرأة فيما يتعلق بالمكان. فالحنفية والشافعي قالوا: يكره في مسجد الجماعة، ويسن فيما عدا ذلك، وأما القاضي من الحنابلة فيكره عنده الاعتكاف للشابة، ولا يستحب في مكان آخر، لأن الاعتكاف عند الحنابلة لا يكون إلا في مساجد الجماعة. انظر: ص112.(1/148)
(74) المبسوط 3/119، والهداية مع فتح القدير 2/394، والمدونة مع مقدمات ابن رشد 1/200، والأم 2/108، وروضة الطالبين 2/398، ومغني المحتاج 1/451، وشرح العمدة 2/747، والمبدع 3/65، والمحلى 5/169.
(75) شرح العمدة 2/748.
(76) تقدمت ص31.
(77) سورة مريم: آية 17.
(78) سورة آل عمران: آية 37.
(79) شرح العمدة 2/748.
(80) أخرجه البخاري في الاعتكاف، باب الاعتكاف في شوال (ح2041)، ومسلم في الاعتكاف، باب متى يدخل من أراد الاعتكاف في معتكفه (ح1173).
(81) الطست: إناء، والتاء فيه بدل من السين وجمعه طساط، وطسوس (النهاية 3/124).
(82) أخرجه البخاري في الحيض، باب الاعتكاف للمستحاضة (ح309).
(83) انظر: فتح الباري 1/490.
(84) عزاه ابن قدامة في المغني 4/487، لأبي حفص العكبري، وابن مفلح في الفروع 3/176 لابن بطة، وقال: "إسناد جيد".
(85) شرح العمدة 2/748.
(86) تقدم توثيقه، ص38، 42.
(87) تقدم توثيقه، ص 38، 42.
(88) أخرجه البخاري في الأذان، باب انتظار الناس قيام الإمام (ح869).
(89) شرح العمدة 2/746، 747.
(90) المصدر السابق.
(91) المبسوط 3/114، والبناية على الهداية 3/406، وحاشية ابن عابدين 2/442، وأحكام القرآن للقرطبي 2/233، الأم 2/107، وروضة الطالبين 2/389، والمبدع 3/63، وكشاف القناع 2/348، ومطالب أولي النهى 2/228، والمحلى 5/179.
(92) الكافي لابن عبد البر 1/352.
(93) الاستذكار 1073/2، ومواهب الجيلي 2/454، وحاشية الدسوقي 1/541.
(94) الكافي لابن عبد البر 1/352.
(95) الاستذكار 10/273.
(96) عارضة الأحوذي 4/3.
(97) تقدمت ص31.
(98) أخرجه البخاري في الاعتكاف، باب الاعتكاف في شوال (ح2040).
(99) أخرجه مسلم في الاعتكاف، متى يدخل من أراد الاعتكاف في معتكفه (ح1173).
(100) تقدم توثيقه ص26.
(101) أخرجه البخاري، باب الاعتكاف في العشر الأوسط (ح2044).(1/149)
(102) أخرجه أحمد 3/104، والترمذي في الصوم، باب ما جاء في الاعتكاف إذا خرج منه (ح803)، وابن خزيمة (ح2226)، وابن حبان (3662) إحسان، والحاكم 1/439، والبيهقي 4/314.
وقال الترمذي: "حسن صحيح"، صححه البغوي، وابن حبان، وصححه الحاكم على شرطهما.
(103) أخرجه أحمد 5/141، وأبو داود في الصيام، باب ما جاء في الاعتكاف (ح2463)، وابن ماجه في الصيام، باب ما جاء في الاعتكاف (ح1770)، والطيالسي (ح553)، وابن خزيمة (ح2225)، وابن حبان (ح3663)، والحاكم 1/439،والبيهقي 4/314.
وسكت عنه أبو داود، وصححه ابن حبان والحاكم.
(104) ولهذا بادر بقضاء الاعتكاف في شوال، وبادر بقضاء سنة الظهر بعد العصر، والله أعلم.
(105) انظر: ص104، 108.
(106) سبل السلام 2/174، وانظر: ص27.
(107) سبق توثيقه ص31.
(108) الإجماع لابن المنذر ص53.
(109) تقدم توثيقها، ص31.
(110) الإجماع لابن المنذر ص53، وشرح العمدة 2/713، وبداية المجتهد 1/312.
(111) أخرجه البخاري في الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة (ح6696).
(112) سبق توثيقه ص26.
(113) سيأتي بحث هذه المسألة في حكم قضاء الاعتكاف، في الفصل السادس.
(114) شرح العمدة 2/817.
(115) وهذا في الاعتكاف المسنون، وسيأتي في الفصل الخامس ما يتعلق بالاعتكاف الواجب بنذر.
(116) الهداية مع فتح القدير 2/391، والاختيار 1/136.
(117) مواهب الجليل 2/454.
(118) روضة الطالبين 2/391.
(119) المدونة مع المقدمات 1/202، وأحكام القرآن لابن العربي 1/95، والخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية ص257.
(120) المدونة مع المقدمات 1/202، والاستذكار 10/313، وإكمال إكمال المعلم 3/283.
(121) انظر: الدر المختار 1/445، والقوانين الفقهية ص125، والمهذب 1/190، ومغني المحتاج 1/445، والإنصاف مع الشرح الكبير 7/566، والمحلى 5/179.
(122) الدر المختار 1/445.
(123) المجموع 6/489.
(124) روضة الطالبين 2/391، والمجموع 6/489.(1/150)
(125) الإنصاف مع الشرح الكبير 7/566.
(126) انظر: ص104، 108.
(127) أحكام القرآن لابن العربي 1/95.
(128) انظر: ص104.
(129) المحلى 5/180.
(130) أحكام القرآن لابن العربي 1/95.
وحديث عمر ( الذي أشار إليه ابن العربي: ما رواه عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر: "أ، عمر نذر أن يعتكف يوماً بليلته" العلل للدار قطني 2/30، وقال: "فإن كان حفظ - أي العمري - هذا فقد صحت الأقاويل عن نافع، ويكون قول من قال: "يوماً" بليلته، ومن قال: "ليلة" بيومها.
وفي تقريب التهذيب 1/435: "عبد الله بن عمر العمري ضعيف مات سنة 71هـ".
(131) عزاه شيخ الإسلام في شرح العمدة 2/760 لإسحاق بن راهويه، ولم أقف عليه في كتب الأثر.
(132) سبق توثيقه ص31.
(133) سبق تخريجها ص43.
(134) المحلى 5/180.
(135) سورة البقرة: آية 187.
(136) المحلى 5/179.
(137) أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير 1/22. قال الحافظ في التلخيص (942): "من حديث أنس بن عبد الحميد عن عائشة بلفظ: "من رابط وأنس هذا منكر الحديث، وفي الباب عن أنس أخرجه الطبراني في الأوسط ولم أر في إسناده ضعفاً إلا أن فيه وجادة، وفي المتن نكارة شديدة".
(138) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 4/346، وابن أبي شيبة 3/89، وإسناده صحيح، واحتج به ابن حزم في المحلى 5/179.
(139) انظر: المحلى 5/179.
(140) المجموع 6/489.
(141) انظر: ص104.
(142) مصنف ابن أبي شيبة 3/87، ومصنف عبد الرزاق 4/353.
(143) روضة الطالبين 2/391، وكشاف القناع 2/248.
(144) الاختيارات ص114.
(145) انظر: بدائع الصنائع 2/15، وأحكام القرآن لابن العربي 1/95، والمجموع 6/490، وكشاف القناع 2/374، والمحلى 5/180.
(146) سورة البقرة: 187.
(147) سبق توثيقه ص31.
(148) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 5/430.
(149) تقدم توثيقه ص31.
(150) سبق تخريجها ص43.
(151) بلغة السالك 1/255.(1/151)
(152) البحر الرائق 2/299، والشرح الكبير للدردير 1/550، والمجموع 6/275، والمستوعب 3/483، وكشاف القناع 2/348.
(153) سبق توثيقه ص31.
(154) حاشية ابن عابدين 2/244.
(155) انظر: البحر الرائق 2/503، وعمدة القاري 11/148، وحاشية ابن عابدين 2/452، والمدونة 2/238، وإكمال إكمال المعلم 3/287، والفواكه الدواني 1/376، وشرح النووي لصحيح مسلم 8/68، والإعلام لان الملقن 5/434، ونيل الأوطار 4/265، والفروع 3/170.
(156) الفروع 3/170، والإنصاف 3/369.
(157) شرح النووي لصحيح مسلم 8/68، والإعلام لابن الملقن 5/434، وفتح الباري 4/277.
(158) سبل السلام 2/174.
(159) سبق توثيقه ص5.
(160) الشرح الكبير لابن قدامة 2/67.
(161) أخرجه البخاري في العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق (ح669)، عن أم سلمة ( .
(162) الفروع 3/170.
(163) سبق توثيقه، ص38.
(164) شرح النووي على مسلم 8/69، والإعلام لابن الملقن 5/434، ونيل الأوطار 4/265.
(165) سبل السلام 2/174.
(166) الفروع 3/170.
(167) المصدر السابق.
(168) الاستذكار 10/296، وشرح الزرقاني للموطأ 2/209، وأحكام القرآن للقرطبي 2/337، والمجموع 6/491، والشرح الكبير لابن قدامة 2/67.
(169) لم أقف عليه في كتب الآثار، وقد أورده شيخ الإسلام في شرح العمدة 2/845.
(170) المغني 4/490.
(171) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/92، عن أبي مجلز وأبي قلابة من فعلهما.
(172) أخرجه مالك في الموطأ 1/315، عن أبي بكر بن عبد الرحمن من فعله.
(173) الموطأ، كتاب الاعتكاف، باب خروج المعتكف للعيد 1/315.
(174) مصنف ابن أبي شيبة 3/92.
(175) الشرح الكبير للدردير 1/550.
(176) الاستذكار 10/297.
(177) أحكام القرآن للقرطبي 2/337.
(178) الاستذكار 10/295، والمنتقى للباجي 2/82، وبداية المجتهد 1/315.
(179) المنتقى للباجي 2/82.
(180) التمهيد (فتح البر) 7/502.
(181) بداية المجتهد 1/315.
(182) سورة التوبة: آية 54.(1/152)
(183) الشرح الممتع للشيخ محمد العثيمين 2/9.
(184) سورة آل عمران: آية 19.
(185) سورة آل عمران: 85.
(186) سورة الفرقان: آية 23.
(187) سورة البينة: آية 5.
(188) بدائع الصنائع 2/108، وتبيين الحقائق 1/348، وجواهر الإكليل 1/156، وشرح الخرشي 2/267، وروضة الطالبين 2/396، ومغني المحتاج 2/454، والمبدع 3/63، وغاية المنتهى 1/364، ومنار السبيل 1/232.
(189) أخرجه البخاري في بدء الوحي كيف كان بدء الوحي (1)، ومسلم في الإمارة، باب قوله ( :"إنما الأعمال بالنية" (ح1907).
(190) المصادر السابقة.
(191) قال النووي رحمه الله في المجموع 7/28: "الصواب في حقيقة الصبي المميز: أنه الذي يفهم الخطاب ويحسن رد الجواب ومقاصد الكلام ونحو ذلك، ولا ينضبط ذلك بسن مخصوص، بل يختلف باختلاف الأفهام". وهذا أيضاً مذهب المالكية، وصوبه المرداوي. (بلغة السالك 1/255، والإنصاف مع الشرح 3/19).
فقال: "وهو الصواب والاشتقاق يدل عليه".
وعند جمهور الحنابلة: أن المميز من بلغ سبعاً، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً :"مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر...".
الحديث رواه أحمد وأبو داود وابن أبي شيبة والحاكم والدار قطني والبيهقي وغيرهم وسكت عنه أبو داود، وصححه الشيخ أحمد شاكر في تحقيق المسند (ح6689).
ويمكن حمله على الغالب، والله أعلم.
(192) بدائع الصنائع 2/108، وسراج السالك 1/203، وروضة الطالبين 2/396، والمبدع 3/63، ومطالب أولي النهى 2/227.
(193) تقدم توثيقه، ص69.
(194) انظر مطالب أولي النهى 2/232.
(195) المصادر السابقة ص(69)، هامش (1).
(196) الإفصاح 1/255.
(197) بداية المجتهد 1/315.
(198) الخلاصة الفقهية ص257.
(199) روضة الطالبين 2/395، وفتح الجواد 1/301.
(200) شرح العمدة 2/751.(1/153)
(201) الدر المختار وحاشيته 2/442، والشرح الصغير للدردير 2/290، والقوانين الفقهية ص31، والمجموع 6/519، ومغني المحتاج 1/454، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/605، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام 26/123، 215.
(202) انظر: مراقي الفلاح وحاشيته ص460، وحاشية ابن عابدين 2/442.
(203) المحلى 2/250، 5/286.
(204) رأيت إيراد أدلة تحريم لبث الحائض والجنب في المسجد وعدم تحريمه؛ لأن المسألة اعتكافهم مبنية على ذلك، إذ الاعتكاف هو اللبث في المسجد، والله أعلم.
(205) سورة النساء، آية 43.
(206) الأوسط لابن المنذر 2/109.
(207) الحاوي 1/384.
(208) الأم 1/54.
(209) أما أثر أنس ( فأخرجه الدارمي (ح1175)، والبيهقي 2/443، من طريق الحسن بن أبي جعفر الأزدي عن مسلم العلوي عن أنس.
والحسن بن أبي جعفر، قال عنه أبو حاتم وأبو زرعة: ليس بشيء وقال عمرو بن علي: صدوق منكر الحديث، كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه.
وقال البخاري: منكر الحديث.
(تهذيب الكمال 4/280، وتهذيب التهذيب 2/260).
وكذا مسلم العلوي: قال ابن حبان: لا يحتج به، وضعفه شعبة وابن معين.
(تهذيب الكمال 7/408، وتهذيب التهذيب 4/134).
وقال ابن حجر في التقريب 1/314 :"ضعيف".
وأما أثر ابن مسعود، فأخرجه عبد الرزاق 1/4121، وابن المنذر في الأوسط 2/107، والبيهقي 2/443.
قال البيهقي: "مرسل أبو عبيدة لم يسمع من أبيه"، وكذا قال العراقي في تخريجه للإحياء 2/204.
وأما أثر ابن عباس، فأخرجه الدرامي (ح1174)، وابن المنذر في الأوسط 2/106، والبيهقي في السنن الكبرى 2/443.
ومداره على أبي جعفر الرازي: عيسى بن ماهان الرازي.
وقد وثقه ابن معين وأبو حاتم وابن المديني. وضعفه الإمام أحمد والنسائي والفلاس وابن حبان.
وقال ابن حجر في التقريب 2/406 :"صدوق".
فالأثر جيد.
(تهذيب الكمال 21/140، وتهذيب التهذيب 8/203، 12/60).(1/154)
(210) أخرجه ابن جرير في تفسيره 4/102، عن المثنى ثنا أبو صالح، ثنا الليث، ثنا يزيد ابن أبي حبيب. ويزيد هذا ثقة من التابعية كان يرسل ولم يسمع من الزهري، فالأثر معلول الإرسال.
(تهذيب الكمال 20/297، وتهذيب التهذيب 11/279، والتقريب 2/362).
(211) انظر الأوسط 2/109، والمحلى 2/253، وأحكام القرآن لابن العربي 1/437.
(212) أما أثر علي فأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 1/157 عن علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن المنهال، عن عباد بن عبد الله وزر بن أبي حبيش به. وهذا إسناد صحيح.
وأثر ابن عباس أخرجه ابن أبي شيبة 1/157 عن وكيع عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي مجلز به، وابن أبي عروبة اسمه: سعيد، ثقة حافظ كثير التدليس واختلط، لكنه أثبت الناس في قتادة (التقريب 2/302) وعليه فالأثر صحيح.
(213) سورة النساء: آية 43.
(214) سورة النساء آية 43.
(215) انظر: تفسير ابن جرير 4/102، تفسير ابن كثير 1/502، وأحكام القرآن للقرطبي 5/207.
(216) أخرجه أبو داود في الطهارة، باب الجنب يدخل المسجد (ح232)، وابن خزيمة (ح1327)، والبيهقيق 2/442 من طريق عبد الواحد بن زياد عن أفلت بن خليفة قال: حدثتني جسرة بنت دجاجة قالت: سمعت عائشة به.
ولهذا الحديث علل:
أولاً: تفرد جسرة بهذا الحديث عن عائشة، ومثلها لا يحمل تفردها عن عائشة بمثل هذا، وأين أصحاب عائشة ( الكبار عن مثل هذا كعروة وأبي سلمة وغيرهما ولهذا قال البخاري في التاريخ الكبير (القسم الثاني من الأول) ص62: "عند جسرة عجائب".
وقال البيهقي :"فيها نظرة" (تهذيب التهذيب 12/435).
وفي التقريب 2/593: "جسرة بنت دجاجة العامرية الكوفية مقبولة، ويقال: إن لها إدراكاً".
وأما قول ابن القطان:"وقول البخاري في جسرة أن عندها عجائب لا يكفي في رد أخبارها"، وقولي العجلي:"جسرة تابعية ثقة فقوله - أي البخاري - عندها عجائب ليس بصريح في الجرح" (تهذيب الكمال 22/307، وتهذيب التهذيب 12/435).(1/155)
فهذا لا وجه له؛ لأن الإمام البخاري رحمه الله له نقد معروف وعنده دقة في ذلك، فقد يقول في الراوي فيه نظر ويقصد بذكل تضعيفه، فكيف بمن قال بعد ذكر خبرها "عندها عجائب"؟!، والأئمة ربما أعلوا حديث الثقة لتفرده عن أقرانه الذين هم أحفظ وأضبط للحديث منه في شيخهم.
ثانياً: أنه اختلف عليها فرواه الأفلت عنها عن عائشة، ورواه ابن أبي غنية عن أبي الخطاب الهجري عن محدوج الذهلي عن جسرة قالت: أخبرتني أم سلمة.. الحديث أخرجه ابن ماجه في الطهارة، باب ما جاء في اجتناب الحائض المسجد (ح645)، والطبراني في الكبير 23/373 (ح883)، وابن أبي حاتم في العلل 1/99، وقال: "قال أبو زرعة يقولون عن جسرة عن أم سلمة، والصحيح عن عائشة".
وقال ابن حزم في المحلى 2/185:"أما محدوج فساقط يروي المعضلات عن جسرة، وأبو الخطاب الهجري مجهول"، وقال في الحديث منجميع طرقه: "وهذا كله باطل".
وقال البخاري في التاريخ الكبير (القسم الثاني من الأول) ص62:"قال يحيى بن سعيد عن سفيان عن فليت العامري. وقال ابن مهدي عن سفيان عن فليت الذهلي سمع جسرة.
وقال عروة وعبادة بن عبد الله عن عائشة عن النبي ( سدوا هذه الأبواب إلى باب أبي بكر، وهذا أصح"أ.هـ.
ثالثاً: أن في إسناده أفلت بن خليفة، ويقال: فليت بن خليفة العامري. قال ابن المنذر في الأوسط 2/110:"وهو غير ثابت؛ لأن أفلت لا يجوز الاحتجاج بحديثه"، وقال ابن حزم في المحلى 2/253:"أما أفلت فغير مشهرو ولا معروف"، وقال الخطابي في معالم السنن 1/158:"وضعفوا هذا الحديث، وقالوا: أفلت رواية مجهول لا يصح الاحتجاج بحديثه". وقول أحمد:"لا بأس به" (تهذيب الكمال 2/307، وتهذيب التهذيب 1/320) فإن هذه اللفظة لا تعني توثيق حديثه، إلا أنه هناك فرق عند المحدثين بين توثيق الراوي وقبول حديثه. فأفلت وإن كان صدوقاً كما ذكر الذهبي وابن حجر، إلا أنه لا يحمل تفرده بهذا عن جسرة.(1/156)
وللحديث بعض الشواهد، لكنها بأسانيد واهية لا تقوم بها حجة، ولا يأخذ بها الحديث قوة كما في الإرواء 1/212، وبهذا بجاب على من صحح الحديث كابن خزيمة وابن القطان والشوكاني كما في التلخيص 185، والسيل الجرار 1/109، والله أعلم.
(217) العاتق: الشابة أو ما تدرك، وقيل: التي لم تبن من والديها ولم تزوج، وقد أدركت وشبت، وتجمع على العتق والعواتق (النهاية 3/179، مادة "عتق").
(218) أخرجه البخاري في العيدين، باب إذا لم يكن لها جلباب في العيد (ح981)، ومسلم في العيدين، باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى 2/605.
(219) أخرجه مسلم في الموضع السابق.
(220) أخرجه البخاري في العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريف (ح971),
(221) انظر: تخريجه ص248.
(222) أخرجه البخاري في الحدود، باب الرجم في المصلى (ح6820).
(223) أخرجه البخاري في العيدين، باب النحر في المصلى (ح982)، عن ابن عمر ( .
(224) أخرجه مسلم في الحيض، باب جواز غسل الحائض لراس زوجها (ح298).
(225) شرح النووي لصحيح مسلم 3/210.
(226) انظر: المصدر السابق.
(227) شرح النووي لصحيح مسلم 3/210.
(228) مسند الإمام أحمد 2/165 (الفتح الرباني) وفيه رجاله موثقون.
(229) شرح النووي لصحيح مسلم 3/210.
(230) أخرجه البخاري في الحيض، باب الأمر بالنساء إذا نفسن (ح294)، ومسلم في الحج، باب جواز إدخال الحج على العمرة 2/873 (1211) (120).
(231) أخرجه البخاري في الحج، باب إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت (ح1757)، ومسلم في الحج، باب إذا حاضت المرأة 2/964 (1211) (382).
(232) المحلى 2/253.
(233) سبق تخريجه ص39.(1/157)
(234) أخرجه ابن أبي شيبة 1/146 عن هشيم عن أبي الزيبر،وابن المنذر في الأوسط 2/106، عن جابر قال: "كان الجنب يمر في المسجد مجتازاً" من طريق حجاج ثنا هشيم.. بنحوه، والدارمي (ح1178) من طريق ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر بلفظ: "كنانمش في المسجد ونحن جنب لا نرى بذلك بأساً" وسعيد بن منصور (ح645) قال: ناهشيم نا أبو الزبير عن جابر قال: "كان أحدنا يمر في المسجد جنباً مجتازاً"، والبيهقي 2/443 قال: ...ثنا زياد بين أيوب ثنا هشيم ثنا أبوالزبير عن جابر قال: "كان أحدنا يمر في المسجد، وهو جنب مجتازاً".
قال النووي في المجموع 2/163:"رواه الدارمي بإسناد ضعيف".
وأبو الزبير المكي محمد بن مسلم بن تدريس. من رجال مسلم فقد أخرج له مسلم أحادث في الأصول مع أنه لم يصرح بالتحديث، وأخرجه له البخاري مقروناً بغيره، ولم يصفه بالتدليس إلا النسائي في السنن الكبرى، وتبعه ابن حزم (الكامل لابن عدي 6/2136، وسير أعلام النبلاء 5/383، وطبقات المدلسين ص108، وتهذيب الكمال 17/214، 215، والكاشف 3/96، تهذيب التهذيب 9/392).
ولم يصفه الإمام أحمد ولا شعبة بالتدليس مع شدته به، وقد وثقه يحيى بن معين والنسائي، وروى عنه مالك وهو لا يروي إلا ثقة وقال الإمام أحمد لا بأس به.
(انظر: تهذيب الكمال 17/214).
فإسناده صحيح، وقد سمع أبو الزبير من جابر، وعدم تصريحه بالسماع هنا لا يضر فليس كل حديث مدلس يرد، ولهذا أورد له مسلم جملة من الأحاديث معنعنة، وهذا ليس خاصاً بمسلم.
وقد سئل ابن المديني: "عن الرجل يدلس أيكون حجة فيما لم يقل حدثنا؟ قال: إذا كان الغالب عليه التلديس فلا حتى يقول حدثناً "وأبو الزبير لا يغلبه عليه التدليس، بل يلزمه بذلك إلا النسائي كما تقدم، وتبعه ابن حزم.
ولم يزل الأئمة يقبلون أحاديث أبي الزبير عن جابر مطلقاً، والله أعلم.(1/158)
(235) رواه حنبل بن إسحاق، كما في المنتقى للمجد 1/142، وابن المنذر في الأوسط 1/108، وسعيد بن منصور (ح646).
ومداره على: هشام بن سعد. قال الإمام أحمد: لم يكن بالحافظ، وقال مرة ليس بمحكم الحديث، وقال ابن معين والنسائي: ضعيف، ومرة ليس بالقوي، وقال أبو حاتم: لا يحتج به.
وقال ابن حبان: كان مما يقلب الأسانيد وهو لا يفهم ويسند الموقوفات من حيث لا يعلم فلما كثر مخالفته للأثبات فيما يرويه عن الثقات بطل الاحتجاج به، وإن اعتبر بما وافق الثقات من حديثه فلا ضير".
وقال أبو بكر بن خيثمة: "سمعت يحيى بن معين يقول: هشام بن سعد هو صالح ليس بمتروك الحديث".
وقال أبو داود: "أثبت الناس في زيد بن اسلم"، وقال مرة: ثقة أثبت الناس في زيد بن أسلم". وقال الذهبي:"يقال له: يتيم زيد بن أسلم صحبه وأكثر منه"، وقد أخرجه له مسلم في الشواهد.
(الجرح والتعديل 9/61، تهذيب الكمال 19/254، وسير أعلام النبلاء 7/344، وميزان الاعتدال 4/298، وتهذيب التهذيب 11/38).
وهذا الأثر عن زيد بن أسلم، وكلام الأئمة فيه إذا روى عن غير زيد بن أسلم فالأثر جيد، والله أعلم.
(236) يأتي ص98، فالحنفية يشترطونه في الاعتكاف الواجب، والمالكية يشترطونه مطلقاً.
(237) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب قوله تعالى: (ءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً( (ح335)، ومسلم في كتاب المساجد، باب مواضع الصلاة (ح521).
(238) المحلى 2/253.
(239) سبق توثيقه ص80.
(240) المحلى 2/253.
(241) الحفش - بكسر الخاء، وإسكان الفاء: البيت الصغير. (النهاية 1/407، مادة "حفش").
(242) الحديث مطول في البخاري، كتاب الصلاة، باب نوم المرأة في المسجد (ح439).
(243) المحلى 2/253.
(244) أخرجه البخاري في الغسل، باب عرق الجنب (ح283)، ومسلم في الحيض، باب الدليل على أن المسلم لا ينجس (ح371).
(245) المائدة: آية 6.(1/159)
(246) أي: أنها في المسافر لا يجد الماء فيتيمم. أنظر: الأوسط 2/108.
(247) الأوسط 2/110.
(248) المجموع 2/161.
(249) الطست: إناء، والتاء فيد بدل من السين فجمعه طساس، ويجمع على طسوس.
(النهاية 3/124، مادة "طسس").
(250) سبق توثيقه، ص38.
(251) المحلى 5/289، 290.
(252) المغني 1/201.
(253) سبق تخريجه ص79.
(254) تقدم الجواب عنه، ص79.
(255) أخرجه النسائي في كتاب الحيض، باب بسط الحائض الخمرة في المسجد 1/161، وحسنه الألباني في صحيح سنن النسائي (ح372).
(256) أخرجه البخاري في المغازي، باب وفد بني حنيفة (ج4372)، ومسلم في السير، باب ترك الأسارى (ح1764)، عن أبي هريرة ( .
(257) المجموع 2/160.
(258) الأوسط 2/110، والمجموع 2/160.
(259) المجموع 2/160.
(260) انظر: ص49.
(261) انظر: معالم السنن 1/217،وشرح النووي لمسلم 4/17، والحاوي 1/442، والمجموع 2/542، وعمدة القاري 3/280، وجامع المسائل الفقهية من تفسير القرطبي 1/99، وكشاف القناع 1/207.
(262) سبق تخريجه ص38.
(263) عمدة القاري 3/280.
(264) انظر: ما ينهى عنه المعتكف ص254.
(265) انظر: المبسوط 3/119، والفتاوي الهندية 1/211، مقدمات ابن رشد 1/200، والأم 2/108، وروضة الطالبين 2/396، والمستوعب 3/494، والمغني 4/485.
(266) أخرجه البخاري في الاعتكاف، باب الاعتكاف في شوال ((ح2041) واللفظ له، ومسلم في الاعتكاف، باب متى يدخل من أراد الاعتكاف في معتكفه (1173).
(267) انظر: ص31 .
(268) أخرجه البخاري في النكاح، باب لا تأذن المرأة في بيت زوجها 9/295 فتح ، ومسلم في الزكاة ، باب ما أنفق العبد من مال مولاه 2/711 (ح1026).
(269) المغني 4/485 .
(270) حاشية الدسوقي 1/545 .
(271) مغني المحتاج 1/454، وكشاف القناع 2/350 .
(272) روضة الطالبين 2/396 .
(273) المغني 4/485 .
(274) تقدم توثيقه .
(275) المغني 4/485 .
(276) الفتاوى الهندية 1/211 .(1/160)
(277) المدونة مع مقدمات ابن رشد 1/200، الشرح الكبير وحاشيته 1/545 .
(278) انظر: الفصل السادس ص303 .
(279) حاشية الدسوقي 1/545، وروضة الطالبين 2/396 ، والمغني 4/486 .
(280) انظر: المغني 4/486 ، وكشاف القناع 2/350 .
(281) المغني 4/486 .
(282) روضة الطالبين 2/396 .
(283) حاشية الدسوقي 1/545 .
(284) انظر: المصباح 2/525، مادة (كتب).
(285) المدونة مع المقدمات 1/200 .
(286) كالقاضي من الشافعية فقد قال: للمكاتب أن يعتكف ما لم يخل بكسب سيده . مغني المحتاج 1/454 .
(287) كالمجد وابن حمدان، فقالا: له أن يعتكف ما لم يحل نجم. الإنصاف مع الشرح الكبير 7/573 .
(288) الفتاوى الهندية 1/211، ومغني المحتاج 1/454، المغني 4/486 .
(289) سورة التوبة : 91 .
(290) أن يكون لسيده يوماً ولنفسه يوماً، ونحو ذلك . انظر: المصباح 2/645، مادة (هيأ).
(291) روضة الطالبين 2/396، والمغني 4/486 .
(292) وهي: التي وضعت من سيدها ما تبين فيه خلق إنسان.
(293) من علق سيده عتقه بموته . المصباح 1/188 ، مادة (دبر).
(294) روضة الطالبين 2/396، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/573 .
(295) المصادر السابقة .
(296) أحكام القرآن للقرطبي 2/334 .
(297) الأم 2/107 ، فتح الجواد 1/301، تحفة الطلاب 1/449 .
(298) المستوعب 3/478 ، وشرح الزركشي 3/5 ، وغاية المنتهى 1/363، الإقناع 1/321 .
(299) المحلى 5/268 .
(300) فتاوى قاضي خان 1/221، المبسوط 3/115، مجمع النهر 1/256 .
(301) الموطأ 1/315 ، المدونة مع مقدمات ابن رشد 1/195 ، التمهيد (فتح البر) 7/495، أحكام القرآن للقرطبي 2/334 .
(302) المجموع 6/485 .
(303) الإنصاف 3/360 .
(304) زاد المعاد 2/88 .
(305) بداية المجتهد 1/317 .
(306) سورة البقرة : 187 .
(307) أخرجه البخاري ، كتاب الاعتكاف ، باب الاعتكاف ليلاً (ح2032)، ومسلم ، كتاب الإيمان ، باب نذر الكافر (ح1656).(1/161)
(308) أخرجه البخاري ، في فرض الخمس، باب ما كان النبي ( يعطي المؤلفة قلوبهم (ح3314)، ومسلم ، كتاب الإيمان ، الباب السابق 2/1277، (ح1656).
(309) نصب الراية 2/489 .
(310) تهذيب السنن 3/346 .
(311) سنن الدارقطني، باب الاعتكاف 2/199، (ح2) ، وقال : هذا إسناد ثابت.
(312) أخرجه مسلم في الأيمان 2/1277 (ح1656).
(313) شرح النووي لمسلم 11/124 ، والأعلام بفوائد عمدة الأحكام 5/433 .
(314) تهذيب السنن 3/346 .
(315) أخرجه أبو داود، كتاب الاعتكاف، باب المعتكف يعود المريض (ح2475)، والدارقطني 2/200 ، والحاكم 1/606، والبيهقي 4/316 .
وقال الدارقطني: "سمعت أبابكر النيسابوري يقول: هذا حديث منكر؛ لأن الثقات من أصحاب عمرو بن دينار لم يذكروه... وابن بديل ضعيف الحديث" . وقال البيهقي في المعرفة 6/394: "منكر".
(316) أخرجه الدارقطني، باب الاعتكاف 2/199، (ح3)، وقال: "رفعه هذا الشيخ، وغيره لا يرفعه" .
والحاكم في المستدرك ، كتاب الصوم، باب الاعتكاف 1/439. وقال: "صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه" .
والبيهقي، كتاب الاعتكاف، باب من رأى الاعتكاف بلا صوم 4/319، وقال: "تفرد به عبدالله بن محمد الرملي" . وعبدالله هذا ضعيف. انظر: نصب الراية 2/490، تهذيب التهذيب 6/19 .
وقال ابن عبدالهادي في المحرر 115: "والصحيح أنه موقوف، ورفعه وهم" .
وقد رواه عبدالله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ : "نذر أن يعتكف يوماً بليلته" رواه الدارقطني في العلل 2/30 ، ثم قال: "فإن كان حفظ هذا فقد صحت الأقاويل عن نافع ، ويكون قول من قال يوماً بليلته ، ومن قال ليلة بيومها والله أعلم".
(317) أخرجه بهذا اللفظ مسلم في الاعتكاف، باب متى يدخل من أراد الاعتكاف في معتكفه 2/831 (ح1173) .
(318) سبق توثيقه .
(319) تقدم توثيقه .
(320) تهذيب السنن 3/348 .
(321) تهذيب السنن 3/340 .(1/162)
(322) أخرجه ابن أبي شيبة ، كتاب الصيام ، باب من قال لا اعتكاف إلا بصيام 3/87 ، وسنده ضعيف، فيه ليث بن أبي سليم ، كثير الاضطراب . انظر: تهذيب الكمال 15/450، وتهذيب التهذيب 8/417 .
(323) أخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق 3/87 ، وهو ضعيف ؛ لاضطراب ليث بن أبي سليم .
(324) أخرجه البيهقي في الكبرى 4/319، وقال: "وهذا هو الصحيح موقوف ورفعه وهم" وإسناده صحيح. وأبو سهيل: نافع بن مالك بن أبي عامر ثقة . (التقريب 2/296). وابن حزم في المحلى 5/268 واحتج به .
(325) الشرح الكبير لابن قدامة 2/61، تهذيب السنن 3/348 .
(326) المحلى 5/269 .
(327) انظر: ص27 .
(328) شرح العمدة 2/755 .
(329) سورة البقرة ، آية 187 .
(330) الموطأ 1/315 .
(331) المحلى 5/268 .
(332) انظر: ص42 .
(333) أخرجه أبو داود، كتاب الصوم، باب المعتكف يعود مريضه(ح2473). ويأتي الكلام عليه ص116.
(334) أخرجه الدارقطني، الباب السابق 2/199، وقال : "تفرد به سويد عن سفيان بن حسين" . والبيهقي 4/317، وقال: "هذا وهم من سفيان بن حسين ، وسويد ضعيف لا يقبل ما تفرد به" .
(335) أخرجه ابن أبي شيبة ، كتاب الصيام ، من قال الاعتكاف إلا بصوم 3/87 . وهو منقطع ، عكرمة لم يسمع علياً. قال أبو زرعة:عكرمة عن أبي بكر وعن علي مرسل . (تهذيب التهذيب 7/242).
(336) أخرجه عبدالرزاق 4/353، والبيهقي 4/318 . وقال الحافظ في الفتح 4/322: "أخرجه عبدالرزاق بإسناد صحيح" . وأخرجه عن ابن عباس رضي الله عنهما مفرداً ابن أبي شيبة 3/87 ، وعبدالرزاق 4/354، والبيهقي 4/318 ، عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما، وإسناده صحيح . وابن أبي ليلى، اسمه: عبدالرحمن.
(337) أخرجه عبدالرزاق 4/354، وابن أبي شيبة 3/87 من طريق حبيب أبي ثابت عن عطاء عن عائشة، ورجاله ثقات. انظر: (التقريب 1/148).
(338) الشرح الكبير لابن قدامة 2/61 .(1/163)
(339) انظر: مقدمات ابن رشد مع المدونة 1/200 .
(340) سورة البقرة ، آية 187 .
(341) سورة المؤمنون ، آية 117 .
(342) سورة البقرة، آية 61 .
(343) شرح العمدة 2/721، وانظر أيضاً: أحكام القرآن للجصاص 1/243 .
(344) أخرجه البخاري في كتاب الاعتكاف، باب لا يدخل البيت إلا لحاجة (ح2029)، ومسلم في الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها (ح297) .
(345) أحكام القرآن للقرطبي 2/333 .
(346) المغني 4/461، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/575 .
(347) بداية المجتهد 1/312، وشرح الزرقاني للموطأ 2/206.
(348) شرح العمدة 2/734 .
(349) مصنف عبدالرزاق 4/346، ومصنف ابن أبي شيبة 3/90 .
(350) أحكام القرآن للجصاص 1/243، وفتح القدير 2/393، والبحر الرائق 2/301، ومجمع الأنهر 1/256، وحاشية ابن عابدين 1/440 .
(351) المغني 4/461، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/575، ومطالب أولي النهى 2/235 .
(352) المغني 4/461، وشرح الزركشي 3/7 .
(353) أحكام القرآن لابن العربي 1/195 ، والتمهيد (فتح البر) 7/482، وشرح منح الجليل 1/419، والقوانين الفقهية ص85 .
(354) روضة الطالبين 2/395 ، ومغني المحتاج 1/451، وفتح الجواد 1/301 .
(355) مصنف ابن أبي شيبة 3/92، والتمهيد (فتح البر) 7/482، وأحكام القرآن للقرطبي 2/333 .
(356) رواه عنه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/91، وابن حزم في المحلى 5/194 وإسناده صحيح. (قيام الليل للألباني ص37).
(357) أخرجه عبدالرزاق 4/349 (وإسناده صحيح).
(358) سورة البقرة ، آية 187 .
(359) المغني 4/461، وشرح العمدة 4/721 .
(360) شرح العمدة 2/735 .(1/164)
(361) حديث عائشة أخرجه البخاري (ح2026)، ومسلم (ح1172) (5) عن عبدالله بن يوسف عند البخاري وقتيبة بن سعيد عند مسلم كلاهما عن الليث عن عقيلعن الزهري عن عائشة بلفظ: "أن النبي ( كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، ثم اعتكف أزواجه من بعده" ، وأخرجه البيهقي مثله في السنن 4/315، 320، وفي الشعب 7/520، وزاد قوله: "والسنة في المعتكف أن لا يخرج إلا للحاجة التي لابد منها، ولا يعود مريضاً، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة، والسنة فيمن اعتكف أن يصوم" من طريق يحيى بن بكير ونافع بن يزيد عن الليث به .
قال البيهقي : "وقوله: والسنة في المعتكف..." إلخ ، فقد قيل: إنه من قول عروة.
وأخرجه أبو داود (ح2473) بلفظ : "السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة ، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لابد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع" ، من طريق عبدالرحمن بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة به.
قال أبو داود: "غير عبدالرحمن لا يقول فيه: قالت السنة" ، قال أبو داود : "جعله قول عائشة" اهـ
وأورده الدارقطني في علله (5/154/ق/ب) من طريق يزيد بن عياش وعمر بن قيس كلاهما عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعروة أنهما سمعا عائشة تقول: "سنة الاعتكاف..." فذكرته .
ويزيد بن عياض كذبه مالك وغيره كما في التقريب 2/369، وعمر بن قيس المكي المعروف بسندل متروك كما في التقريب 2/62 .
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/317 من طريق سويد بن عبدالعزيز عن سفيان بن حسين عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعاً بلفظ : "لا اعتكاف إلا بصيام" ، وفيه حسين عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: لا اعتكاف إلا بصيام" هكذا موقوفاً.(1/165)
وأخرجه الدارقطني 2/201 عن حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: أخبرني الزهري عن الاعتكاف وكيف سنته؟ عن سعيد وعروة عن عائشة أنها أخبرتهما : "أن رسول الله ( كان يعتكف العشر الأواخر... ثم اعتكف أزواجه من بعده، وأن السنة للمعتكف أن لا يخرج..." الخ .
وأخرجه أحمد 6/168 عن عبدالرزاق ومحمد بن بكر البرساني عن ابن جريج قال: حدثني الزهري عن الاعتكاف وكيف سنته؟ عن سعيد بن المسيب وعروة عن عائشة "أن النبي ( كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان حتى توفاه الله" .
وبهذا يتبين الفصل بين اللفظ المدرج ، والحديث المرفوع.
وقال الدارقطني 2/201 : "يقال: إن قوله : من السنة للمعتكف ... الخ ، ليس من قول النبي ( أي ليس من قول عائشة - وإنه من كلام الزهري ، ومن أدرجه فقد وهم، والله أعلم" .
ويدل على الإدراج :
1 - أن معمراً فصل المدرج عن الحديث، فأخرج الإمام أحمد 6/232، 276 الحديث عن عائشة بلفظ : "كان - أي النبي ( يعتكف في العشر الأواخر من رمضان" من طريق معمر بن راشد ويونس بن يزيد وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عروة عن عاشة . وأخرج عبدالرزاق 4/357 عن معمر عن الزهري أنه قال: "لا يخرج المعتكف إلا لحاجة لابد له منها من غائط أو بول، ولا يتبع جنازة، ولا يعود مريضاً ولا يجيب دعوة ، ولا يمس امرة ولا يباشرها" وسنده صحيح.
وأخرج عبدالرزاق 4/348، وابن أبي شيبة 3/91 عن معمر عن الزهري قال: "لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة" ، وسنده صحيح.
2 - أن ابن جريج روى الحديث مرفوعاً كما تقدم دون المدرج، وروى المدرج من قول الزهري كما رواه معمر. أخرجه عبدالرزاق 4/357، وسنده صحيح .
3 - أن الزهري كان معروفاً بنه يدرج أحياناً في متن الحديث.
4 - أنه ثبت عن عروة أنه قال: "المعتكف لا يجيب دعوة ، ولا يعود مريضاً ، ولا يتبع جنازة، ولا اعتكاف إلا بصوم ، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة" .
أخرجه عبدالرزاق 4/347، 357، 358، 359، وإسناده صحيح .(1/166)
(362) أخرجه عبدالرزاق 4/356، وابن أبي شيبة 2/334، وعزاه ابن مفلح للإمام أحمد في الفروع 3/184، وقال: "إسناد صحيح" .
(363) أخرجه عبدالرزاق 4/346، وفي إسناده جابر الجعفي في التقريب 1/123: "ضعيف رافضي" .
(364) أخرجه عبدالرزاق 4/350، عن معمر عن أيوب عن ابن أبي مليكة . وهذا إسناد صحيح .
(365) أخرجه عبدالله بن أحمد في مسائله عن أبيه 2/673، ثنا بهز بن أسد ، ثنا همام عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس به . وهذا إسناد صحيح .
(366) أخرجه البيهقي 4/316، وإسناده صحيح (قيام الليل للألباني ص36).
(367) عزاه ابن مفلح في الفروع 3/156 لحرب في مسائله وقال: "بإسناد جيد" .
(368) أخرجه الدارقطني 2/200، وابن حزم في المحلى 5/196، وقال: "هذه سوأة لا يشتغل بها ذو فهم جويبر هالك، والضحاك ضعيف ولم يدرك حذيفة" .
(369) سورة البقرة، آية 187 .
(370) أحكام القرآن للجصاص 1/243 ، وأحكام القرآن للقرطبي 2/333 ، وبداية المجتهد 2/427، والمجموع 6/483 .
(371) انظر: المغني 4/461 .
(372) تقدم ص117 .
(373) أخرجه ابن أبي شيبة 3/91 ، من طريقين في أحدهما جابر الجعفي، وفي الآخر الحارث الأعور.
(374) هذا روي مرفوعاً وورد موقوفاً.
أما المرفوع فأخرجه سعيد بن منصور في سننه كما في الفروع 3/152، وابن حزم في المحلى 5/195، فرواه سعيد بن منصور عن سفيان عن جامع بن راشد عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: حذيفة لعبدالله بن مسعود: "إن قوماً عكوفاً بين دارك ودار الأشعري فلا تغير، وقد علمت أن رسول الله ( قال: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، أو قال في مسجد جماعة، فقال عبدالله لعلهم أصابوا وأخطأت، وحفظوا ونسيت" .
لكن قال ابن حزم في المحلى 5/195: "هذا شك من حذيفة أو ممن دونه ، ولو أنه عليه السلام قال: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة لحفظه الله تعالى علينا، ولم يدخل فيه شكاً فصح يقيناً أنه عليه السلام لم يقل قط".(1/167)
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/316 من طريق محمود بن آدم المروزي عن سفيان به بلفظ: "قال حذيفة لعبدالله - يعني ابن مسعود - عكوفاً بين دارك ودار أبي موسى، وقد علمت أن رسول الله ( قال: لا اعتكاف إلا في المسجد الحرام، أو قال : إلا في المساجد الثلاثة، فقال عبدالله : لعلك نسيت وحفظوا ، أو أخأت وأصابوا، الشك مني" .
ومحمود بن آدم المروزي ثقة. إلا أنه اضطرب في متنه.
وأخرجه الذهبي في السير 15/81 من طريق محمود بن آدم ... الخ ، بلا شك، وقال الذهبي: "صحيح غريب عال" لكن خالفه عبدالرزاق كما يأتي.
وأخرجه الطحاوي في المشكل 7/201، من طريق هشام بن عمار ، والإسماعيلي في معجمه 2/720 من طريق محمد بن الفرج كلاهما - هشام ومحمد - عن سفين عن جامع عن شقيق قال حذيفة لعبدالله : "عكوف بين دارك ودار أبي موسى لا تغير، وقد علمت أن رسول الله ( قال: "لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة : المسجد الحرام ، ومسجد النبي ( ، ومسجد بيت المقدس، قال عبدالله: لعلك نسيت وحفظوا ، وأخطأت وأصابوا" .
وفي التقريب 2/320 : "هشام بن عمار بن نصير السلمي ، صدوق مقريء كبر فصار يتلقن فحديثه القديم أصح مات سنة (145هـ) " ، فحفظه فيه كلام .
وفي التقريب أيضاً 2/200 : "محمد بن الفرج بن عبدالوارث القرشي البغدادي صدوق مات سنة (136هـ).
وأما الموقوف فأخرجه عبدالرزاق في مصنفه 4/348 عن سفيان بن عيينة عن جامع بن راشد قال سمعت أبا وائل يقول : "قال حذيفة لعبدالله: قوم عكوف بين دارك ودار أبي موسى لا تنهاهم؟ فقال عبدالله : فلعلهم أصابوا وأخطأت وحفظوا ونسيت ، فقال حذيفة: لا اعتكاف إلا في هذه المساجد الثلاثة: مسجد المدينة ومسجد مكة، ومسجد إيلياء" هكذا موقوفاً.(1/168)
وهذا أرجح؛ لأن هشام بن عمار ومحمد بن الفرج دون عبدالرزاق في الحفظ والإتقان. ويدل لذلك أيضاً ما أخرجه عبدالرزاق 4/347 من طريق الثوري عن واصل الأحدب عن إبراهيم النخعي قال: "جاء حذيفة إلى عبدالله فقال: ألا أعجب من ناس عكوف بين دارك ودار الأشعري فقال عبدالله: لعلهم أصابوا وأخطأت، فقال حذيفة : ما أبالي فيه أعتكف أو المدينة ومسجد الأقصى، وكان الذين اعتكفوا فعاب عليهم حذيفة في مسجد الكوفة الأكبر" وسنده صحيح، ومراسيل النخعي عن ابن مسعود خاصة صحيحة. (انظر: تهذيب الكمال 2/239، وشرح علل الترمذي لابن رجب 1/542).
(375) سبق تخريجها ص117،118 .
(376) سورة البقرة، آية 187 .
(377) الشرح الممتع 6/505 .
(378) تعليقات فضيلة شيخنا محمد بن عثيمين على الكافي لابن قدامة .
(379) حاشية العدوي 1/410، والتمهيد (فتح البر) 7/493، والشرح الصغير وحاشيته 1/255، والمجموع 6/484، وروضة الطالبين 2/398، ومغني المحتاج 1/451، والمستوعب 3/479، والإقناع 1/321، والمنتهي وشرحه 1/463، والمحلى 5/193 .
(380) المبسوط 3/119، والاختيار 1/137، والهداية مع فتح القدير 2/394 .
(381) سورة البقرة، آية 187 .
(382) تقدم توثيقه . وهو في الصحيحين .
(383) تقدم توثيقه . وهو في الصحيحين .
(384) الشرح الكبير مع الإنصاف 7/581 .
(385) انظر: ص112 .
(386) المغني 4/461 .
(387) أخرجه الإمام أحمد 2/76، وأبو داود في الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد (ح565)، وابن خزيمة (ح1684)، والحاكم 1/327، والبيهقي 3/131. وحبيب بن أبي ثابت لم يسمع من ابن عمر رضي الله عنهما . (تهذيب التهذيب 2/157). وقد صحح الحديث الشيخ الألباني في صحيح أبي داود(ح576) بشواهده. والحديث أخرجه البخاري البخاري في الأذان، باب استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد (ح900)، ومسلم في الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد (ح442) بلفظ : "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" .(1/169)
(388) انظر: الشرح الكبير مع الإنصاف 7/581 .
(389) بدائع الصنائع 2/113 .
(390) سبق توثيقه .
(391) فتح الباري 4/276، ونيل الأوطار 4/265 .
(392) انظر: الفتاوى الهندية 1/212، ومواهب الجليل 2/455، والمجموع 6/505، والمبدع 3/68، ومطالب أولي النهى 2/234 .
(393) سورة البقرة، آية 187 .
(394) المصادر السابقة .
(395) سورة البقرة، آية 187 .
(396) الموطأ مع شرح الزرقاني 2/206، وإكمال إكمال المعلم 3/288، وبلغة السالك 1/255، وحاشية الدسوقي 1/542، ومواهب الجليل 2/455 .
(397) شرح الزرقاني 2/206 .
(398) المصباح المنير 1/222، مادة (رحب) ، وإكمال إكمال المعلم 3/288 .
(399) المجموع 6/507 .
(400) الإنصاف 3/364 .
(401) سورة البقرة، آية 187 .
(402) إكمال إكمال المعلم 3/288، وشرح الزرقاني 2/206، ومواهب الجليل 2/455، والشرح الكبير وحاشيته 1/542 .
(403) المغني 4/487، والمبدع 3/68، والإنصاف 3/364 .
(404) سبق تخريجه .
(405) المدونة مع المقدمات 2/203، والموطأ مع المنتقى 2/79، وإكمال إكمال المعلم 3/288 .
(406) حاشية ابن عابدين 2/445، والفتاوى الهندية 1/212، والمجموع 6/507، والإنصاف مع الشرح الكبير 7/582، والمبدع 3/68، والمحلى 5/193 .
(407) سورة البقرة، آية 187 .
الموطأ مع شرح الزرقاني 2/206 .
(409) المنتقى للباجي 2/79 .
(410) الفتاوى الهندية 1/223.
(411) المجموع 6/505، وروضة الطالبين 2/405 .
(412) الإنصاف 3/365 .
(413) المحلى 5/193 .
(414) الفتاوى الهندية 1/223، وحاشية ابن عابدين 2/445 .
(415) المصادر السابقة للشافعية .
(416) المنتقى للباجي 2/79، والشرح الكبير وحاشيته 1/542 .
(417) المصادر السابقة للشافعية .
(418) الإنصاف مع الشرح الكبير 7/582 .
(419) المصدر السابق .
(420) الإنصاف مع الشرح الكبير 7/582 .
(421) انظر: ص129 .
(422) المنتقى للباجي 2/79، والشرح الكبير للدردير وحاشيته 1/542 .(1/170)
(423) انظر: البناية على الهداية 3/410، والمبسوط 3/115، وحاشية العدوي 1/410، والأم 1/107، والمجموع 6/481، والمستوعب 3/480، ومطالب أولي النهى 2/236 .
(424) أخرجه البخاري في فضل الصلاة ، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (ح1189)، ومسلم في الحج ، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد (ح1397).
(425) أخرجه البخاري في الموضع السابق (ح1190)، ومسلم في الحج ، باب فضل الصلاة بمسجد مكة (ح1394).
(426) أخرجه الإمام أحمد 3/343، وابن ماجه في إقامة الصلاة، باب ما جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام (ح1406)، وابن عبدالبر في التمهيد 6/27، وصححه البوصيري ، وفي الإرواء 4/146: "وهذا سند صحيح على شرط الشيخين وصححه المنذري والبوصيري" . وله شاهد من حديث عبدالله بن الزبير ( أخرجه الإمام أحمد 4/5، وابن عبدالبر في التمهيد 6/25، وقال ابن عبدالبر : "وهو حديث ثابت لا مطعن فيه لأحد" .
(427) أخرجه البزار 1/212، والطحاوي في المشكل 2/69، وابن عبدالبر في التمهيد 6/30، وقال ابن عبدالبر : (قال البزار : هذا إسناد حسن).
وهو ضعيف فيه سعيد بن سالم القداح، وسعيد بن بشير لا يحتج بما انفرد به .
وانظر: تمام المنة للألباني ص292.
وأخرجه الحاكم في مستدركه 4/509، وصححه ووافقه الذهبي، من حديث أبي ذر ( ، وفيه قوله ( لمن سأله عن الصلاة في بيت المقدس أفضل أو مسجده ( : "صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى" .
وصححه الشيخ الألباني في تمام المنة (ح294).
(428) بدائع الصنائع 2/113 .
(429) المجموع 6/481، شرح العمدة 2/828، ومطالب أولي النهى 2/236 .
(430) انظر: أركان الاعتكاف ص138 .
(431) انظر:ص27 .
(432) انظر: ص142 وما بعدها .
(433) الشرح الكبير 2/70 .
(434) انظر: ص168 .
(435) بدائع الصنائع 2/109، وحاشية ابن عابدين 2/441 .
(436) الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية ص257 .
(437) روضة الطالبين 2/391 .(1/171)
(438) شرح العمدة 2/751 .
(439) لما كان ركن الاعتكاف هو اللبث في المسجد كما تقدم قريباً كان خروج المعتكف من مكان اعتكافه منافياً لركن الاعتكاف، ولهذا أطال العلماء في بيان أحكامه، فكان إفراده في مبحث مستقل.
(440) فتح القدير 2/396، والدر المختار 2/447 ، والشرح الكبير وحاشيته 1/543 ، والأم 2/108، والمجموع 2/500، وروضة الطالبين 2/404، وكشاف القناع 3/362، والمحلى 5/188 .
(441) سبق توثيقه .
(442) المصادر السابقة .
(443) مجمع الأنهر 1/257، وحاشية ابن عابدين 2/443-447 .
(444) المصدر السابق .
(445) الهداية مع فتح القدير 2/395 .
(446) الإجماع لابن المنذر ص54 .
(447) الإفصاح 1/259 .
(448) المجموع 6/501 .
(449) سبق توثيقه ص111 .
(450) شرح العمدة 2/802 .
(451) فتح القدير 2/396، والمجموع 6/502، وشرح العمدة 2/835 .
(452) حاشية ابن عابدين 2/445، وشرح العمدة 2/829 .
(453) المجموع 6/502 .
(454) الإفصاح 1/259 . وانظر: المبسوط 3/116، والمجموع 6/501 ، ومغني المحتاج 1/457، والمستوعب 3/485، والمحلى 5/188 .
(455) الشرح الصغير وحاشيته 1/544 .
(456) المبدع 3/74، وكشاف القناع 2/356 .
(457) سبق توثيقه .
(458) بدائع الصنائع 2/115، وحاشية ابن عابدين 2/445 .
(459) المجموع 6/503 .
(460) انظر: حاشية ابن عابدين 2/445، والمجموع 6/501، ومغني المحتاج 1/457، وكشاف القناع 2/356 .
(461) المجموع 6/501 .
(462) شرح العمدة 2/828 ، 829 .
(463) المصدر السابق .
(464) المجموع 6/501 .
(465) المهذب مع المجموع 6/501 .
(466) المغني 4/468 .
(467) حاشية ابن عابدين 2/445، والمجموع 6/501 .
(468) المصادر السابقة .
(469) الاختيار 1/137، ومجمع الأنهر 1/256، وبلغة السالك 1/540، والمغني 4/468، وشرح العمدة 2/835 .
(470) الأم 1/105، والمجموع 6/505، ومغني المحتاج 1/457 .
(471) سورة البقرة : 187 .
(472) سبق توثيقه .(1/172)
(473) شرح العمدة 2/801 .
(474) المجموع 6/505 .
(475) شرح العمدة 2/835 .
(476) انظر: الهداية مع فتح القدير 2/394، والمدونة مع مقدمات ابن رشد 1/203، والأم 1/105، والمغني 4/465 .
(477) مراتب الإجماع لابن حزم ص32 .
(478) الهداية مع فتح القدير 2/394 ، وبدائع الصنائع 2/114 .
(479) المغني 4/467، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/600 .
(480) المحلى 5/179 .
(481) المدونة مع المقدمات 1/203، الموطأ مع شرح الزرقاني 1/205 .
(482) روضة الطالبين 2/409، والمجموع 6/513 .
(483) تقدمت ص114 .
(484) سورة الجمعة : 9 .
(485) سبق توثيقه .
(486) سبق تخريجه .
(487) الشرح الكبير مع الإنصاف 7/600 .
(488) المجموع 6/513 .
(489) اختلف العلماء رحمهم الله في وقت السعي المستحب إلى الجمعة للمأموم على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه من بعد طلوع الشمس ، وبه قال أبو حنيفة .
والقول الثاني: أنه من بعد طلوع الفجر، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة.
والقول الثالث: أنه في الجزء السادس الواقع بين طلوع الشمس وزوالها.
وهذا مذهب المالكية.
(عمدة القاري 2/172 ، وروضة الطالبين 2/44 ، وأحكام القرآن لابن العربي 4/1807، والشرح الكبير وحاشيته 1/381 ، والفروع 2/104، والمبدع 2/170).
ولعل أقرب الأقوال : قول أبي حنيفة ؛ لأنه قبل طلوع الشمس مشغول بصلاة الفجر وسنية المكث في المسجد إلى طلوع الشمس، والله أعلم .
(490) الهداية 1/88، والإنصاف مع الشرح الكبير 7/603 .
(491) المغني 4/467، والإنصاف مع الشرح 7/603 .
(492) الهداية مع فتح القدير 2/394 ، وبدائع الصنائع 2/114، ومجمع الأنهر 1/257 .
(493) أخرجه البخاري في الجمعة، باب فضل الجمعة (ح881)، ومسلم في الجمعة ، باب الطيب والسواك يوم الجمعة (ح850).
(494) كشاف القناع 2/357 .
(495) الهداية مع فتح القدير 2/394 .
(496) المغني 4/467، والإنصاف مع الشرح الكبير 7/602 .
(497) المغني 4/467 .
(498) المغني 4/467 .(1/173)
(499) بدائع الصنائع 2/114، والاختيار 1/136، ومجمع الأنهر 1/257، والدر المختار مع حاشية ابن عابدين 2/446 .
(500) المدونة مع المقدمات 1/204، وجواهر الإكليل 2/462، وحاشية الدسوقي 1/545، 549، والفواكه الدواني 1/374 .
(501) الأم 1/105، والمجموع 6/514، ومغني المحتاج 1/458 .
(502) فتح القدير 2/396، وحاشية ابن عابدين 2/547 .
(503) بدائع الصنائع 2/115 .
(504) سبق توثيقه .
(505) أخرجه البخاري في الاعتكاف ، باب هل يخرج المعتكف إلى حوائجه إلى باب المسجد؟ (ح2035)، ومسلم في السلام ، باب أنه يستحب لمن رؤي خالياً بامرأة ... (ح2174).
(506) أخرجه البخاري في الاعتكاف ، باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه (ح2038).
(507) شرح العمدة 2/803 .
(508) انظر: المبدع 3/75 .
(509) الشرح الكبير وحاشيته 1/543 .
(510) مغني المحتاج 1/458 .
(511) سبق توثيقه .
(512) فتح القدير 2/396، وحاشية ابن عابدين 2/547 .
(513) الشرح الكبير مع الإنصاف 7/609، والمبدع 3/74 .
(514) الدر المختار 2/546 .
(515) المجموع 6/509 .
(516) مصنف ابن أبي شيبة 3/88 ، المجموع 5/512 .
(517) الإنصاف مع الشرح الكبير 7/609 .
(518) الشرح الكبير مع حاشيته 1/543 .
(519) سبق ص 111 .
(520) سبق ص 115 .
(521) أخرجه أبو داود في الصوم ، باب المعتكف يعود المريض (ح2472)، والبيهقي 4/321 .
(522) ليث بن أبي سليم صدوق اختلط أخيراً ولم يتميز حديثه فترك . (التقريب 2/138).
(523) أخرجه مسلم في الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها (ح297).
(524) شرح العمدة 2/806 .
(525) انظر: ص160 .
(526) انظر: ص159-162 .
(527) انظر: ص160 .
(528) أخرجه ابن ماجه في الصيام، باب في المعتكف يعود المريض (ح1777).
(529) عنبسة بن عبدالرحمن الأموي بن سعيد بن العاص الأموي متروك ، رماه أبو حاتم بالوضع . (التقريب 2/88).
(530) تقدم ص117 .
(531) انظر: ص161 .(1/174)
(532) انظر: المطلب الثاني من هذا المبحث .
(533) مصنف عبدالرزاق 4/355، ومصنف ابن أبي شيبة 3/89، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 1/476، وروضة الطالبين 2/402 ، ومغني المحتاج 1/457 ، والكافي لابن قدامة 1/371، والإنصاف 3/376.
(534) المدونة مع المقدمات 1/198، الموطأ مع شرح الزرقاني 2/207 ، القوانين الفقهية ص85 .
(535) بداية المجتهد 1/317 .
(536) أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم في الإجارة ، أجرة السمسرة 4/451 فتح .
(537) شرح الزركشي 3/10 .
(538) أخرجه البخاري في النكاح ، باب الأكفاء في الدين (ح5089)، ومسلم في الحج، باب جواز اشتراط المحرم (ح1207) 2/867 .
(539) أخرجه عبدالرزاق 4/355، وفي إسناده مبهم .
(540) المغني 4/471، والكافي لابن قدامة 1/372 .
(541) الموطأ مع شرح الزرقاني 2/207 .
(542) روضة الطالبين 2/402، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/611، والمحلى 5/187 .
(543) روضة الطالبين 2/402 .
(544) روضة الطالبين 2/402 .
(545) المغني 4/471، والكافي 1/372، والمبدع 3/76 .
(546) الدر المختار 2/246 .
(547) روضة الطالبين 2/402 .
(548) المغني 4/471، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/611، والمبدع 3/76 .
(549) روضة الطالبين 2/402، ومغني المحتاج 2/457 .
(550) الإنصاف والشرح الكبير 2/612 .
(551) روضة الطالبين 2/402 ، ومغني المحتاج 2/457 .
(552) الشرح الكبير مع الإنصاف 7/613، والمبدع 3/76 .
(553) سبق توثيقه .
(554) سبق توثيقه .
(555) كشاف القناع 2/460 .
(556) أما الحنفية فيرون بطلان الاعتكاف بخروجه للأعذار الطارئة ، وأما بقية المذاهب فلهم تفصيلات في ذلك . انظر: ص159 .
(557) انظر: المغني 4/488، وكشاف القناع 2/460 .
(558) أخرجه مسلم في النذر، باب في كفارة النذر (ح1645).
(559) الشرح الصغير 1/259 .
(560) المجموع 6/502 .
(561) بدائع الصنائع 2/117 .(1/175)
(562) أما ما يتعلق بالخروج من المعتكف فقد تقدم بحثه في المبحث الأول، وتقدم فيه مبيناً ما يبطل من أقسام الخروج وما لا يبطل .
(563) الإجماع لابن المنذر ص54 .
(564) مراتب الإجماع ص41 .
(565) الإفصاح 1/258 .
(566) سورة البقرة : 187 .
(567) أخرجه الطبري في تفسيره 3/541، وعبد بن حميد كما في الدر المنثور 1/363 ، من طريق يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة. وأخرجه عبدالرزاق في تفسيره 1/88 عن معمر عن قتادة، وسنده صحيح.
(568) سبق توثيقه .
(569) سبق تخريجه ، وتقدم الكلام عليه.
(570) أخرجه حرب في مسائله كما في الفروع 3/191، وعبدالرزاق 4/363، وابن أبي شيبة 2/338، وعبد بن حميد كما في الدر المنثور 1/364، من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس. قال ابن مفلح في الفروع 3/191: "رواه حرب بإسناد صحيح" .
(571) المبسوط 3/123، والدر المختار وحاشيته 2/450، وأحكام القرآن لابن العربي 1/96، والمجموع 6/527، ومسائل أحمد لأبي داود ص97، والمغني 4/474، والكافي لابن قدامة 1/373، والإنصاف 3/382 .
(572) المستوعب 3/492 ، والإنصاف 3/382 .
(573) أخرجه عبدالرزاق 4/363، وابن أبي شيبة 2/338، وإسناد صحيح .
(574) أخرجه ابن أبي شيبة 2/338 ، وبمعناه أخرجه عبدالرزاق 4/363 عن معمر عن قتادة عن الحسن، وإسناده صحيح . "
(575) المستوعب 3/492 .
(576) انظر: شرح العمدة لشيخ الإسلام 2/815 .
(577) الإنصاف مع الشرح الكبير 7/624 .
(578) سبق تخريجه ص176 .
(579) انظر: ص175 .
(580) أحكام القرآن للجصاص 1/246، والأم 2/106، والمدونة مع المقدمات 2/197، وأحكام القرآن لابن العربي 1/96 ، وأحكام القرآن للقرطبي 2/332، والكافي لابن قدامة 1/373 .
(581) تقدم توثيقه .
(582) المحلى 5/187 .
(583) تفسير ابن كثير 1/224 .
(584) سبق تخريجه .
(585) المصادر السابقة للجمهور .
(586) المصادر السابقة للمالكية .
(587) أحكام القرآن للقرطبي 2/332 .(1/176)
(588) سورة البقرة : 187 .
(589) تحقيق المراد أن النهي يقتضي الفساد ص111 ، وشرح الكوكب المنير 3/58 .
(590) تفسير ابن جرير 2/187 .
(591) زاد المسير لابن الجوزي 1/193 .
(592) تفسير ابن كثير 1/224 .
(593) سورة البقرة : 187 .
(594) تفسير ابن جرير 2/187 .
(595) أخرجه ابن جرير في تفسيره 2/187، وهو ضعيف لجهالة القاسم بن الحسن، وضعف الحسين بن داود المصيصي (سنيد)، والانقطاع بين ابن جريج وابن عباس رضي الله عنهما .
(596) سبق تخريجه .
(597) سورة البقرة : 187 .
(598) أخرجه البيهقي 4/321 .
(599) انظر: ص182 .
(600) انظر: ص182 .
(601) بدائع الصنائع 2/116 ، وجواهر الإكليل 2/456، وروضة الطالبين 2/392، ومطالب أولي النهى 2/250 .
(602) أخرجه الإمام أحمد 1/116، 118، 140، 154، 158، وأبو داود في الحدود، باب في المجنون يسرق (ح4401)، والترمذي في الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد (ح1423)، وابن ماجه في الطلاق، باب طلاق المعتوه (ح2042)، والطيالسي (ح1507)، وابن خزيمة (ح1003)، وابن حبان (ح1497) موارد ، والحاكم 1/258 ، والدارقطني 3/138، والبيهقي 6/57 . وصححه الحاكم ووفقه الذهبي ، وصححه أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (ح940، 1183)، وأخرجه البخاري معلقاً موقوفاً على علي ( (البخاري بشرح فتح الباري9/388، 12/120).
(603) تبيين الحقائق 1/352، والفتاوى الهندية 1/213، وروضة الطالبين 2/392، ومطالب أولي النهى 2/250 .
(604) أخرجه البخاري في العتق ، باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق (ح2528)، ومسلم في الإيمان، باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر (ح127) .
(605) الشرح الكبير وحاشيته 1/518، 551 .
(606) الشرح الكبير وحاشيته 1/518، 551 .
(607) كشاف القناع 1/361 حيث ألحقوا الاعتكاف بالصوم .
(608) بدائع الصنائع 2/116، الدر المختار وحاشيته 2/450 .
(609) المجموع 6/526 .(1/177)
(610) مواهب الجليل 2/457، والمالكية يرون أن كل ما أبطل الصوم أبطل الاعتكاف، والإنزال بمجرد النظر مبطل عندهم للصوم .
(611) أخرجه أبو داود في النكاح، باب ما يؤمر به من غض البصر (ح2149)، والترمذي في الأدب ، باب نظر الفجأة (ح2778)، وقال الترمذي: "حسن غريب" .
(612) بدائع الصنائع 2/116، ومغني المحتاج 1/430 .
(613) مواهب الجليل 2/457 .
(614) الفتاوى الهندية 1/213، ومواهب الجليل 2/457، والشرح الكبير وحاشيته 1/518، 551، روضة الطالبين 2/392، مطالب أولي النهى 2/250.
(615) روضة الطالبين 2/392 .
(616) انظر: ص182 .
(617) المجموع 6/625 .
(618) المجموع 6/625 .
(619) انظر : ص71 .
(620) المدونة مع المقدمات 1/200 ، والقوانين الفقهية ص85، والمجموع 6/519، وروضة الطالبين 2/407، والمغني 4/487 ، والشرح الكبير 1/71 .
(621) رد المحتار 2/447، والفتاوى الهندية 1/213 .
(622) سبق ص
(623) سبق توثيقه .
(624) تقدم تخريجه .
(625) ص159-162 .
(626) الكافي لابن عبدالبر 1/307، والقوانين ص85، والمجموع 6/520، والمغني 4/487، والشرح الكبير 1/71 .
(627) المغني 4/487 .
(628) المصدر السابق .
(629) انظر: المجموع 6/520، والمغني 4/487، والشرح الكبير 1/71 .
(630) تقدم ص 39 .
(631) انظر: ص71 .
(632) انظر: ص159 .
(633) المجموع 6/519 ، وروضة الطالبين 2/407 .
(634) لغة : التغشية والتغطية. (معجم مقاييس اللغة 4/392، مادة (غمى). واصطلاحاً : آفة في القلب أو الدماغ تعطل القوى المحركة عن أفعالها مع بقاء القلب مغلوباً عليه. (حاشية رد المحتار 1/143).
(635) شرح الخرشي 2/278، وجواهر الإكليل 1/160، والمجموع 6/517، ونهاية المحتاج 3/225، والمغني 4/477، والمبدع 3/76، وكشاف القناع 2/357 .
(636) البحر الرائق 2/326، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص384 .
(637) بداية المجتهد 1/318 .
(638) مطالب أولي النهى 2/250 .(1/178)
(639) مطالب أولي النهى 2/250 .
(640) انظر: ص98 .
(641) المجموع 6/517، ونهاية المحتاج 3/225، وشرح المحلى للمنهاج 2/79 .
(642) مطالب أولي النهى 2/250، وانظر: الفروع 3/148، والإنصاف 3/358، وكشاف القناع 2/351.
(643) انظر: مطالب أولي النهى 6/431 .
(644) بداية المجتهد 1/318 .
(645) مطالب أولي النهى 2/250 .
(646) مطالب أولي النهى 2/250 .
(647) انظر: ص98 .
(648) المجموع 6/517، ونهاية المحتاج 3/225، وشرح المحلى للمنهاج 2/79 .
(649) مطالب أولي النهى 2/250، وانظر: الفروع 3/148، والإنصاف 3/358، وكشاف القناع 2/351 .
(650) انظر: مطالب أولي النهى 6/431 .
(651) المبسوط 3/126، ومراقي الفلاح ص384 .
(652) مواهب الجليل 2/422، وكفاية الطالب الرباني مع حاشيته 2/327، وجواهر الإكليل 1/160 .
(653) انظر: مواهب الجليل 2/422، والمجموع 6/517، وكشاف القناع 2/351، ومطالب أولي النهى 2/250، 6/431 .
(654) المصادر السابقة .
(655) الشرح الصغير 2/275، والأم 2/106، وروضة الطالبين 2/397، والمبدع 3/76، ومطالب أولي النهى 2/248 .
(656) بدائع الصنائع 2/166، والدر المختار وحاشيته 2/450 .
(657) المجموع 6/516 .
(658) سورة النساء: 43 .
(659) تفسير ابن جرير 4/97 .
(660) المجموع 6/516 .
(661) انظر: ص 98 .
(662) الفتاوى الهندية 1/213 .
(663) بدائع الصنائع 2/116 .
(664) المهذب مع المجموع 6/518 .
(665) بدائع الصنائع 2/116، والمجموع 6/534، والكافي لابن قدامة 1/418، وشرح المنتهى 1/470 .
(666) الشرح الكبير للدردير وحاشيته 1/544 .
(667) الكافي لابن قدامة 1/418 .
(668) انظر: بلغة السالك 1/256 .
(669) حاشية الدسوقي 1/544 .
(670) بدائع الصنائع 2/116، والقوانين الفقهية ص185، والأم 2/106، والشرح الكبير 3/145، والمبدع 3/76، والإنصاف 3/383 .
(671) سورة الزمر : 65 .
(672) شرح العمدة 2/820 .
(673) انظر: ص68 .(1/179)
(674) المجموع 6/519، ونهاية المحتاج 3/218 .
(675) كشاف القناع 2/362، ومطالب أولي النهى 2/248 .
(676) بدائع الصنائع 2/117 .
(677) شرح الزرقاني 2/221 .
(678) كشاف القناع 2/362 .
(679) سورة الأنفال: 38 .
(680) أخرجه مسلم في الإيمان ، باب كون الإسلام يهدم ما قبله 1/112 (ح121).
(681) بدائع الصنائع 2/109، 116، والشرح الصغير وحاشيته 1/259، والإقناع للشربيني 2/362، والإنصاف 3/358 . وانظر: شروط صحة الاعتكاف، شرط الصوم .
(682) انظر: شرح العمدة 2/593، والإنصاف 3/297 .
(683) معونة أولي النهى 3/114، ومنار السبيل 1/226 .
(684) روضة الطالبين 2/396 .
(685) سبق تخريجه ص 69 .
(686) أخرجه البخاري في التهجد ، باب طول القيام (ح1135)، ومسلم في صلاة المسافرين ، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل (ح773).
(687) أخرجه البخاري في العمل في الصلاة، باب من رجع القهقري (ح1205)، ومسلم في الصلاة ، باب استخلاف الإمام (419).
(688) معونة أولي النهى 3/114 .
(689) المدونة 1/201 .
(690) أخرجه مسلم في الوصايا ، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته (ح1631).
(691) انظر: الفصل السادس .
(692) المهذب 1/200 .
(693) المحلى 5/180 .
(694) الكافي لابن قدامة 1/373، والمبدع 3/76 .
(695) بدائع الصنائع 2/116، ومجمع الأنهر 1/206، والفتاوى الهندية 1/213 .
(696) الشرح الكبير 1/145 .
(697) بدائع الصنائع 2/116، والفتاوى الهندية 1/213 .
(698) سورة الأحزاب : 5 .
(699) سورة البقرة : 286 .
(700) أخرجه مسلم في الإيمان ، باب بيان أنه سبحانه لم يكلف إلا ما يطاق (ح125).(1/180)
(701) أخرجه ابن حبان (ح1498) موارد، والطبراني في الصغير 1/270 ، والطحطحاوي في الشرح 3/95 ، وابن عدي في الكامل (ح758)، والحاكم 2/98، والدارقطني 4/170، والبيهقي 7/56. وصححه الحاكم على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ، وقال ابن رجب في شرح الأربعين ص325 : "وهذا إسناد صحيح في ظاهر الأمر ، ورواته كلهم محتج بهم في الصحيح" ، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على الأحكام (ح713)، وأخرجه ابن ماجه (ح2045) بلفظ : "إن الله وضع.." . وقال البوصيري: "غسناده صحيح إن سلم من الانقطاع" .
(702) بدائع الصنائع 2/117، والمدونة مع المقدمات 1/206، والأم 2/105، والمغني 4/480 .
(703) انظر: ص98 .
(704) الأم 2/105 ، والمجموع 6/528، والإقناع 1/229 .
(705) فتح القدير 2/396، والفتاوى الهندية 1/212 .
(706) المدونة مع المقدمات 1/199 .
(707) المغني 4/480 .
(708) بداية المجتهد 1/312 .
(709) سبق توثيقه ص160 .
(710) سبق توثيقه ص28 .
(711) سبق تخريجه ص111 .
(712) طرح التثريب 4/175 .
(713) المغني 4/480، وشرح العمدة 2/788 .
(714) سورة البقرة: 125 .
(715) شرح العمدة 2/788 .
(716) شرح العمدة 2/788 .
(717) المدونة مع المقدمات 1/198، التاج والإكليل 2/463 .
(718) أخرجه بهذا اللفظ البخاري في الاعتكاف، باب من خرج من اعكافه عند الصبح (ح2040)، وقد تقدم .
(719) عمدة القاري 12/150، وإكمال إكمال المعلم 2/288، وفتح الباري 4/277، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/581 .
(720) صحيح البخاري مع عمدة القاري 12/150 .
(721) السدة : باب الدار، وقيل: الظلة على الباب لتقيه المطر (النهاية مادة (سدد) 2/353).
(722) تقدم توثيقه .
(723) تقدم توثيقه .
(724) الشرح الكبير مع الإنصاف 7/582 .
(725) إكمال إكمال المعلم 2/288 .
(726) أي يهمه. (انظر: المصباح، مادة "عنا" 2/434).(1/181)
(727) انظر: بدائع الصنائع 2/117، والفتاوى الهندية 1/212، ومواهب الجليل 2/461، والمجموع 6/533، والإقناع للشربيني 1/229، وشرح المنتهى 1/471 .
(728) سبق تخريجه .
(729) سبق تخريجه .
(730) أخرجه البخاري في الأدب ، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره 10/445، ومسلم في الإيمان ، باب الحث على إكرام الجار 1/68 .
(731) انظر : زاد المعاد 2/87 .
(732) تقدم .
(733) المجموع 6/543 .
(734) انظر: ص154 .
(735) انظر: ص61 .
(736) المبسوط 3/126، بدائع الصنائع 2/117، والمدونة مع المقدمات 1/206، والشرح الكبير وحاشيته 1/547، وروضة الطالبين 2/393، ومغني المحتاج 1/457، والمستوعب 3/491، والمغني 4/483، وكشف القناع 2/356.
(737) سورة البقرة : 187 .
(738) تقدم توثيقه .
(739) الشرح الكبير وحاشيته 1/547 .
(740) جواهر الإكليل 1/158 .
(741) المصادر السابقة .
(742) سورة البقرة ، آية 187 .
(743) تقدم توثيقه .
(744) المصادر السابقة للحنابلة .
(745) أخرجه مسلم في الاعتكاف، باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان (ح1171).
(746) أخرجه ابن ماجه في الصيام ، باب المعتكف يلزم مكاناً في المسجد (1773)، وقال البوصيري: "إسناده صحيح ورجاله موثوقون" .
وقال الشوكاني في النيل 4/466 : "إسناده في سنن ابن ماجه ثقات".
(747) سبق تخريجه .
(748) سبق تخريجه .
(749) شرح العمدة 2/721، ونيل الأوطار 4/266 .
(750) المبسوط 3/126، بدائع الصنائع 2/117، ومواهب الجليل 2/462 ، والمهذب مع المجموع 6/527 .
(751) شرح العمدة 2/779، وكشاف القناع 2/364 .
(752) سبق توثيقه .
(753) فتح الباري 4/272 .
(754) سورة الأعراف : 31 .
(755) سورة الأعراف : 32 .
(756) أخرجه مسلم في الإيمان ، باب تحريم الكبر وبيانه (ح91).
(757) أخرجه مسلم في الألفاظ من الأدب، باب استعمال المسك (ح2253).
(758) شرح العمدة 2/779 .
(759) المجموع 6/527 .(1/182)
(760) انظر: عمدة القاري 12/144، ونيل الأوطار 4/266، وسبل السلام 2/174 .
(761) سبق توثيقه .
(762) سبق تخريجه .
(763) انظر: ص260 .
(764) انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 5/438، وفتح الباري 4/272، ونيل الأوطار 4/266، وسبل السلام 2/174 .
(765) المدونة مع المقدمات 1/199 ، ومواهب الجليل 2/264 .
(766) المدونة 1/230 .
(767) انظر : ص 237 .
(768) انظر: ص231 .
(769) بدائع الصنائع 2/117، والمجموع 6/512، والمغني 4/469 .
(770) الشرح الكبير وحاشيته 1/548، والشرح الصغير وحاشيته 1/258 .
(771) سبق توثيقه .
(772) سبق توثيقه .
(773) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن 5/438، وطرح التثريب 4/175 .
(774) الشرح الكبير وحاشيته 1/548، والشرح الصغير وحاشيته 1/258 .
(775) انظر : ص217 .
(776) إكمال إكمال المعلم 2/78 ، والمجموع 6/512، وكتاب الروايتين 1/268 ، والفروع 3/187، والإنصاف 3/379 .
(777) انظر: ص 163 .
(778) بدائع الصنائع 2/114، وحاشية ابن عابدين 2/445 .
(779) بدائع الصنائع 2/114 .
(780) تقدم تخريجه .
(781) أخرجه مسلم في الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها (ح297).
(782) المجموع 6/511 .
(783) شرح العمدة 2/827 .
(784) انظر: ص165 .
(785) انظر: ص167، 168 .
(786) المجموع 2/174 ، وإعلام الساجد ص311، والمغني 1/198 ، وكشاف القناع 2/270، وتحفة الراكع والساجد ص202 .
(787) مصنف عبدالرزاق 1/418، ومصنف ابن أبي شيبة 1/36 .
(788) فتح القدير 1/422، وحاشية ابن عابدين 2/445 .
(789) إعلام الساجد ص311 .
(790) تحفة الراكع والساجد ص202 .
(791) تحفة الراكع والساجد ص202 .
(792) أخرجه ابن أبي شيبة 1/37 ، وأحمد 5/364، وإسناده صحيح .
(793) أخرجه البخاري في الوضوء ، باب فضل الوضوء (ح136).
(794) السجل: بسين مهملة مفتوحة، فجيم ساكنة ، الدلو العظيم مملوءة. انظر: نيل الأوطار 1/23، القاموس المحيط ص1309، مادة (سجل).(1/183)
(795) رواه أحمد 1/76، وأبو داود في كتاب الحج، باب الصلاة بجمع 2/193، والترمذي في كتاب الحج ، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف 3/232، وقال: "حديث حسن صحيح" ، وابن ماجه في كتاب المناسك، باب الموقف بعرفة 2/1001، وقال أحمد شاكر في تعليقه على المسند 2/19: "إسناده صحيح" .
(796) الحِلُّ: بالكسر، الحلال . وهو ضد الحرام، والبِلُّ بالكسر: الشفاء والمباح، ويقال حِلٌّ بِلٌّ، أو هو اتباع. انظر: القاموس المحيط ص1251، مادة (حل) ، مختار الصحاح ص150 .
(797) رواه الأزرقي في أخبار مكة، باب ما جاء في تحريم العباس بن عبدالمطلب زمزم للمغتسل فيها وغير ذلك 2/58، والفاكهي في أخبار مكة ، ذكر تحريم العباس بن عبدالمطلب زمزم وابنه عبدالله على المغتسل فيها 2/63، قال النووي في المجموع 1/91 : "لم يصح ما ذكروه عن العباس ، بل حكى عن أبيه عبدالمطلب" اهـ، وقال ابن كثير في البداية والنهاية 2/247: "الصحيح أن القائل هو عبدالمطلب، وقد روى من قول العباس وابنه عبدالله، وكأنهما يقولان ذلك، على سبيل التبليغ والإعلام بما اشترطه عبدالمطلب عند حفره ، فلا تنافي" اهـ بتصرف .
(798) أخرجه ابن أبي شيبة 1/36، وفي إسناده عطية العوفي، وفي التقريب 2/42: "صدوق يخطئ كثيراً، وكان شيعياً مدلساً" .
(799) سبق تخريجه .
(800) تحفة الراكع والساجد ص202 .
(801) انظر: عمدة القاري 12/152، والمدونة مع المقدمات 1/202، وفتح الباري 4/280 ، وكشاف القناع 2/362، ومطالب أولي النهى 2/252 .
(802) صحيح البخاري مع شرح عمدة القاري 12/152 .
(803) تقدم .
(804) انظر: ص222 .
(805) بدائع الصنائع 2/117، والمجموع 6/533، ومطالب أولي النهى 2/252 .
(806) انظر: ص233 .
(807) شرح الزركشي 3/17 .
(808) المدونات مع المقدمات 1/198، والشرح الصغير وحاشيته 1/258 .
(809) انظر : ص(1/184)
(810) انظر: المبسوط 3/121، والفتاوى الهندية 2/212، والمدونة مع المقدمات 1/198، وفتح الباري 4/280، والمستوعب 3/490، ومطالب ألوي النهى 2/252 .
(811) انظر: ص233 .
(812) سورة محمد: 33 .
(813) سبق توثيقه .
(814) سبق تخريجه .
(815) سبق تخريجه .
(816) شرح الزركشي 3/16، وتحفة الراكع والساجد ص208، والإنصاف 3/386 .
(817) المبسوط 3/131، وحاشية ابن عابدين 1/662، 2/448، وأحكام القرآن للقرطبي 12/270، وشرح الزرقاني 1/356 .
(818) تحفة الراكع والساجد ص208، وتحفة الأحوذي 1/267، ونيل الأوطار 2/158 .
(819) سورة النور: 36 .
(820) يأتي تخريجه ص254، وهو في الصحيحين .
(821) أخرجه الإمام أحمد 2/179، وأبو داود في الصلاة، باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة (ح1079) ، والترمذي في الصلاة ، باب كراهية البيع والشراء في المسجد (ح722)، والنسائي في المساجد، باب النهي عن البيع والشراء في المسجد 2/47، وابن ماجه في المساجد ، باب ما يكره في المساجد (ح748)، والطحاوي في الشرح 4/358، وسكت عنه أبو داود ، وحسنه الترمذي، وقال الحافظ في الفتح 1/549: "وإسناده صحيح إلى عمرو فمن يصحح نسخته يصححه" وصححه أحمد شاكر في تحقيق المسند (ح6676، 6991).
(822) انظر: تحقيق المراد في النهي يقتضي الفساد ص120 .
(823) أخرجه الترمذي في البيوع، باب النهي عن البيع في المسجد (ح1321)، والنسائي في اليوم والليلة (ح176)، وابن خزيمة (1305)، وابن حبان (1650) إحسان، والدارمي 1/326، وابن الجارود (ح562)، وابن السني (ح153)، والحاكم 2/56، والبيهقي 2/447 . وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي.
(824) أخرجه مسلم في المساجد، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد (ح568) .
(825) شرح مسلم للنووي 5/54 .
(826) أخرجه البخاري في المساجد ، باب رفع الصوت في المسجد (ح470).
(827) فتح الباري 1/560 .
(828) تقدم تخريجه ص248 .(1/185)
(829) بدائع الصنائع 2/117، والمدونة مع مقدمات ابن رشد 1/199، والشرح الكبير وحاشيته 1/548، والمجموع 6/531، وشرح العمدة 2/798، وكشاف القناع 2/362، والمحلى 5/189 .
(830) انظر: المراجع السابقة .
(831) سبق توثيقه ص111 .
(832) انظر: ص160 .
(833) أخرجه عبدالرزاق 4/362، وابن أبي شيبة 3/93، وابن حزم في المحلى 5/189، واحتج به ، وإسناده صحيح، عمار بن عبدالله بن يسار روى عن أبيه، وروى عن ابن عيينة. (الجرح والتعديل 6/392).
(834) انظر: ص117 .
(835) انظر: ص165 .
(836) فتح القدير 1/422 .
(837) المستوعب 3/490، وتحفة الراكع والساجد ص209، والمبدع 3/82 .
(838) أحكام القرآن للقرطبي 12/270، وانظر : مواهب الجليل 2/462 .
(839) المجموع 6/529 ، والإقناع 1/229، وفتح الوهاب 1/127 .
(840) فتح القدير 1/422 .
(841) مغني المحتاج 1/452 .
(842) انظر: ص246 .
(843) تحفة الراكع والساجد ص209 .
(844) شرح صحيح مسلم للنووي 5/55 .
(845) أخرجه البخاري في الصلاة، باب أصحاب الحراب في المسجد (ح454)، ومسلم في العيدين (ح892).
(846) انظر: فتح الباري 1/549 .
(847) انظر في هذه المسألة: فتح القدير 1/422، والمنتقى للباجي 1/311، وأحكام القرآن للقرطبي 12/270، والمحلى 4/241، والآداب الشرعية 3/395، وتحفة الراكع والساجد ص210 .
(848) حاشية ابن عابدين 1/656، ومواهب الجليل 2/463، والمجموع 6/531، وروضة الطالبين 2/393، وتحفة الراكع والساجد للجراعي ص201 .
(849) أخرجه البخاري في الوضوء ، باب ترك النبي ( والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله (ح219)، ومسلم واللفظ له في الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد (ح284).
(850) الكافي لابن قدامة 1/374 .
(851) المعيار المعرب 1/235 .
(852) المجموع 2/175 .
(853) تحفة الراكع والساجد ص201 .
(854) سبق تخريجه ص38 .
(855) انظر: كشاف القناع 2/370 .(1/186)
(856) إعلام الساجد للزركشي ص313 ، الآداب الشرعية لابن مفلح 3/384 .
(857) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص371، وأحكام القرآن للقرطبي 12/267، والمجموع 2/170، وفتح الباري 1/538، وكشاف القناع 2/365 .
(858) أخرجه الباري في الصلاة، باب الحدث في المسجد (ح445)، ومسلم في المساجد ، باب فضل صلاة الجماعة (ح649).
(859) إعلام الساجد ص313 .
(860) فتح الباري 1/539، 564 .
(861) أخرجه مسلم في المساجد ، باب فضل الصلاة المكتوبة في جماعة (ح649، 274).
(862) أخرجه البخاري بهذا اللفظ في الصلاة ، باب الصلاة في سوق المسجد (ح477).
(863) تقدم توثيقه ، وهذا اللفظ لمسلم .
(864) أخرجه مسلم في المساجد، باب نهي من أكل ثوماً (ح564).
(865) انظر: الآداب الشرعية لابن مفلح 3/384 .
(866) شرط ظاهر الجلد المتصل قصداً ، لإخراج الدم من الجسم دون العروق.
(867) شق العرق لإخراج الدم. (حاشية ابن قاسم 3/397، 399).
(868) المجموع 2/92، 175، وإعلام الساجد ص313، ومغني المحتاج 1/452 .
(869) تحفة الراكع والساجد 201، وكشاف القناع 2/370 .
(870) شرح العمدة 2/829 .
(871) تقدم تخريجه .
(872) سبق تخريجه .
(873) سبق تخريجه .
(874) كشاف القناع 2/370 .
(875) أخرجه البخاري في الحيض ، باب الاعتكاف للمستحاضة ص309 .
(876) عزاه ابن لهيعة في مجمع الزوائد 2/20، 21، للإمام أحمد، وقال: "وفيه ابن لهيعة وفيه كلام" .
(877) شرح مسلم للنووي 5/41 .
(878) فتح القدير 1/422، والفتاوى الهندية 1/110 .
(879) كشاف القناع 2/465 .
(880) شرح مسلم للنووي 5/41 .
(881) عون المعبود 1/177، 178 .
(882) تحفة الراكع والساجد ص200 .
(883) المجموع 4/101، وإعلام المساجد للزركشي ص309 .
(884) منح الجليل 1/250 .
(885) أخرجه مسلم في المساجد ، باب النهي عن البصاق في المسجد (ح552).
(886) أخرجه مسلم في الموضع السابق .
(887) سبق تخريجه .(1/187)
(888) أخرجه الإمام أحمد 4/58 (الفتح الرباني) ، وحسنه ابن حجر في الفتح 1/512 .
(889) أخرجه البخاري بنحوه في الصلاة، باب لا يبصق عن يمينه في الصلاة (ح410)، ومسلم في المساجد، باب النهي عن البصاق في المسجد (550).
(890) المصادر السابقة .
(891) إعلام الساجد للزركشي ص309 .
(892) سبق تخريجه .
(893) إعلام الساجد ص309 .
(894) تقدم تخريجه .
(895) الاختيارات ص114 .
(896) المغني 4/479 .
(897) المغني 4/479، والإنصاف مع الشرح الكبير 7/730 .
(898) الفتاوى الهندية 1/212 .
(899) أخرجه البخاري في الأيمان والنذور ، باب النذر فيما لا يملك (ح6704).
(900) أخرجه أحمد 5/224، وعبد بن حميد في مسنده 1/393 المنتخب، والطبراني في الكبير 2/44، من طريق عبيد الله بن إياد بن لقيط سمعت ليلى امرأة بشير أن بشيراً سأل... وعبيدالله بن إياد: صدوق، فالحديث حسن. (انظر: تهذيب الكمال 19/12، والتقريب 1/531).
(901) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية (ح3834).
(902) أخرجه أبو داود في الوصايا ، باب متى ينقطع اليتم (ح2873). وسكت عنه أبو داود ، وحسنه النووي في رياض الصالحين (ح1803)، وكذا سكت عنه الحافظ في الفتح 7/150 .
(903) لم أقف للحنفية والمالكية على كلام حول هذا المبحث .
(904) المنتهى مع شرحه 1/464، وكشاف القناع 2/249 . ويكفيه ركعة و ركعتان، ولا يلزمه أن يصلي جميع الزمان. (المصدر السابق).
(905) روضة الطالبين 2/394 .
(906) الوجيز 1/106، وروضة الطالبين 2/394 ، ومغني المحتاج 1/453 .
(907) انظر: ص99 .
(908) سبق تخريجه .
(909) شرح منتهى الإرادات 1/464 .
(910) كشاف القناع 2/349 .
(911) مغني المحتاج 1/453، وفتح الوهاب 1/131 .
(912) انظر: ص216 .
(913) روضة الطالبين 2/394، وفتح الوهاب 1/131 .
(914) كشاف القناع 2/349، وشرح المنتهى 1/464 .
(915) مغني المحتاج 1/453 .
(916) المصدر السابق .(1/188)
(917) انظر: أحكام القرآن لابن العربي 1/95، وروضة الطالبين 2/400، والمغني 4/493 . وتقدم أقل زمن الاعتكاف ص28، فعند المالكية يوم وليلة، وعند الشافعية والحنابلة : لحظة .
(918) سبق توثيقه .
(919) مجمع الأنهر 1/258 .
(920) مجمع الأنهر 1/258 .
(921) البحر الرائق 2/503، البناية على الهداية 3/422، والفتاوى الهندية 1/214، الأم 2/106، فتح العزيز مع المجموع 6/508، ونهاية المحتاج 3/227، وفتح الوهاب 1/127 ، والمغني 4/492، والفروع 3/169، وغاية المنتهى 1/365 .
(922) المدونة مع مقدمات ابن رشد 1/202، وأحكام القرآن للقرطبي 2/333، والشرح الكبير وحاشيته 1/550 .
(923) سورة البقرة : 187 .
(924) المصباح المنير، مادة (يوم) 2/682 .
(925) المدونة مع المقدمات 1/202 ، وأحكام القرآن لابن العربي 1/95، والشرح الصغير وحاشيته 1/256 .
(926) انظر: ص 49 .
(927) فتح العزيز مع المجموع 6/508، والمجموع 6/497، وفتح الوهاب 1/127 .
(928) الشرح الكبير مع الإنصاف 7/596، والفروع 3/168، وشرح المنتهى 1/467 .
(929) فتاوى قاضي خان 1/224، الهداية 2/402، البناية على الهداية 3/423 .
(930) حاشية الشرح الصغير 1/456 .
(931) الهداية 2/402، وفتح القدير 2/402 .
(932) فتح العزيز مع المجموع 6/508 .
(933) الشرح الكبير مع الإنصاف 7/596 .
(934) المهذب مع المجموع 6/496، والمغني 4/492 .
(935) البناية على الهداية 3/423 .
(936) بدائع الصنائع 2/110 ، والبناية على الهداية 3/223، والاختيار في تعليل المختار 2/204، والمدونة مع المقدمات1/202 ، والشرح الصغير 1/256، والمغني 4/491 ، والفروع 3/169، ومطالب أولي النهى 2/248 .
(937) الشرح الكبير مع الإنصاف 7/589 .
(938) المجموع 6/497 .
(939) الفروع 3/169، والإنصاف مع الشرح الكبير 7/592 .
(940) انظر: المغني 4/490 .
(941) سبق توثيقه .
(942) الشرح الكبير مع الإنصاف 7/590 .
(943) الاستذكار 10/331 .(1/189)
(944) انظر: بدائع الصنائع 2/111 ، والمغني 4/489 .
(945) المجموع 6/497، ومغني المحتاج 1/455، وفتح الوهاب 1/127 .
(946) المغني 4/491، الكافي لابن قدامة 1/370، والفروع 3/169 .
(947) فتاوى قاضي 1/224، والبناية على الهداية 3/422 .
(948) المدونة مع المقدمات 1/202 ، والكافي لابن عبدالبر 1/353، والشرح الصغير 1/256 .
(949) انظر: الكافي لابن قدامة 1/370 .
(950) الشرح الكبير مع الإنصاف 7/595 .
(951) سورة مريم : 10 .
(952) سورة آل عمران : 41 .
(953) البناية على الهداية 3/422 .
(954) سورة الحاقة : 7 .
(955) المغني 4/492، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/596 .
(956) بدائع الصنائع 2/111، البحر الرائق 2/205، والمدونة مع المقدمات 1/202، 2/234، والشرح الكبير للدردير 1/546، والمهذب 1/258، روضة الطالبين 2/401، والمغني 4/489، الفروع 3/170، الإقناع 1/323 .
(957) الفروع 3/170 .
(958) سورة البقرة: 185 .
(959) أخرجه البخاري في الصوم، باب إذا رأيتم الهلال فصوموا (ح1906)، ومسلم في الصيام ، باب وجوب صوم رمضان لرؤيته (ح1080).
(960) المغني 4/489 ، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/592 .
(961) سورة البقرة : 187 .
(962) الشرح الكبير مع الإنصاف 7/592 .
(963) سبق توثيقه ص42 .
(964) انظر: ص281 .
(965) الكافي 1/369 .
(966) بدائع الصنائع 2/111، الشرح الكبير للدردير 1/546، المجموع 8/ 493، الشرح الكبير مع الإنصاف 7/592 .
(967) سورة المجادلة : 4 .
(968) الكافي لابن قدامة 1/370 .
(969) الشرح الكبير مع الإنصاف 7/592 .
(970) المصادر السابقة .
(971) انظر: فتح العزيز مع المجموع 6/508، ونهاية المحتاج 3/227، وفتح الوهاب 1/127 .
(972) انظر: الفروع 3/169، وغاية المنتهى 1/365، وشرح المنتهى 1/467 .
(973) انظر: البحر الرائق 2/503، والفتاوى الهندية 1/214 .
(974) انظر: الشرح الكبير وحاشيته 1/550 .
(975) سورة البقرة : 187 .(1/190)
(976) المصباح المنير، مادة (ليل) 2/561 .
(977) انظر: ص98 .
(978) انظر: ص49 .
(979) المدونة مع المقدمات 1/202، والإقناع للشربيني 1/228، وفتح الوهاب 1/128، والمغني 4/493، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/588، والفروع 3/146 .
(980) المبسوط 3/132، والفتاوى الهندية 1/214 .
(981) تقدم توثيقه .
(982) سبق توثيقه .
(983) أخرجه الإمام أحمد 3/363، وأبو داود في الأيمان، باب من نذر أن يصلي في بيت المقدس (3045)، والدارمي 2/241، وابن الجارود في المنتقى 3/214 ، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/125، والحاكم 4/338، وأبو يعلى في مسنده 4/88، والبيهقي 10/82 . وصححه الحاكم على شرط مسلم. وكذا ابن دقيق العيد كما في تحفة المحتاج 2/566 .
(984) تهذيب السنن لابن القيم 2/346 .
(985) تقدم توثيقه .
(986) سبق توثيقه .
(987) سبق تخريجه .
(988) سبق تخريجه .
(989) انظر: شرح العمدة 2/775 .
(990) انظر: المبسوط 3/133 .
(991) انظر: شرح مسلم للنووي 9/163 ، فتح الباري 3/67 .
(992) انظر: المبسوط 3/132 .
(993) تقدم تخريجه .
(994) المبسوط 3/132 .
(995) أخرجه مسلم في الحج ، باب فضل الصلاة بمكة (ح1396).
(996) تقدم تخريجه ص294 .
(997) شرح معاني الآثار 3/125 .
(998) شرح العمدة 2/775 .
(999) المبسوط 3/133 .
(1000) انظر: المجموع 8/475 .
(1001) المبسوط 3/133 .
(1002) مجموع الفتاوى 1/50، والاختيارات ص113 .
(1003) المبسوط 3/133، المدونة مع المقدمات 1/202، والإقناع للشربيني 1/228 ، وفتح الوهاب 1/129، والفروع 3/146 ، وكشاف القناع 2/354 .
(1004) انظر: ص294 .
(1005) انظر: مجموع الفتاوى 31/51 .
(1006) سبق توثيقه .
(1007) كشاف القناع 2/253 .
(1008) الدر المختار 2/444 .
(1009) المجموع 6/396 .
(1010) المغني 4/412، 476، وشرح العمدة 2/715 .
(1011) المدونة مع المقدمات 1/200 ، والموطأ مع شرح الزرقاني 2/185 .
(1012) حاشية ابن عابدين 2/445 .(1/191)
(1013) حاشية ابن عابدين 2/445 .
(1014) تقدم توثيقه ص42 .
(1015) عمدة القاري 11/148 .
(1016) الحيس : التمر مع السمن والأقط (النهاية مادة "حيس" 1/467).
(1017) أخرجه مسلم في الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار (ح1154).
(1018) أخرجه البخاري في الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه القضاء (ح1968).
(1019) أخرجه البخاري في الصوم، باب صوم يوم الجمعة (ح1968).
(1020) المغني 4/473، وكشاف القناع 2/360.
(1021) سورة محمد : 33 .
(1022) شرح العمدة 2/628 .
(1023) تفسير ابن كثير 4/181 ، ونيل الأوطار 4/259 .
(1024) سبق تخريجها ص43 .
(1025) عمدة القارئ 11/149 .
(1026) شرح العمدة 2/717 .
(1027) المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم 3/246 .
(1028) التمهيد لابن عبدالبر 11/194 .
(1029) أخرجه أبو داود في الصوم، باب من رأى عليه القضاء (ح2457)، والنسائي في الكبرى كما في التحفة 12/427، والبيهقي في الكبرى 4/281 ، وابن عبدالبر في التمهيد 12/71 .
قال الخطابي في معالم السنن (2457): "إسناده ضعيف، وزميل مجهول، ولو ثبت احتمل أن يكون أمرهما استحباباً" .
وأخرجه ابن حبان (ح3517) إحسان ، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/109، والنسائي كما في التحفة 12/427، والبيهقي 4/281، وابن عبدالبر في التمهيد 12/71 من طريق جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، وصححه ابن حبان ، ورجاله ثقات، لكن أعل بن جرير بن حازم حدث به في مصر، وحديثه بمصر ليس بذاك كما ذكره النسائي .
(1030) التمهيد (فتح البر) 7/424، والاستذكار 10/312 .
(1031) المغني 4/412 .
(1032) شرح العمدة 2/717 .
(1033) تقدم توثيقه ص42 .
(1034) شرح العمدة 2/715 .
(1035) انظر: شرح الزركشي 3/14 .
(1036) سبق تخريجه ص176 ، وهو في مسلم .
(1037) المغني 4/399، وشرح الزركشي 2/609، والفروع 3/99، وكشاف القناع 2/336 .(1/192)
(1038) بدائع الصنائع 2/118 ، والمدونة مع المقدمات 1/201، والمجموع 6/393 .
(1039) أخرجه البخاري في الصوم، باب من مات وعليه صوم (ح1952) ومسلم في الصيام،(ح1147).
(1040) أخرجه الإمام أحمد 5/146، 147، 155، وأبو داود في الطهارة، باب الجنب يتيمم (332) ، والترمذي في الطهارة، باب ما جاء في التيمم للجنب (124) ، والنسائي 1/171 ، وعبدالرزاق (913)، وابن أبي شيبة 1/156، والدارقطني 1/187 ، والحاكم 1/170، والبيهقي 1/220، عن أبي ذر ( . وصححه الترمذي والحاكم، وصححه أيضاً أبو حاتم وابن القطان كما في التلخيص (209).
(1041) الحاوي 4/314 .
(1042) الحديث الذي أشار إليه ابن الملقن هو : حديث ابن عمر مرفوعاً: "من مات وعليه صوم رمضان، فليطعم عن كل يوم مسكيناً" أخرجه الترمذي (718)، وابن ماجه (1757)، والدارقطني 2/196، والبيهقي 4/254 .
قال الترمذي: "لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، والصحيح عن ابن عمر نه موقوف" . وقال البيهقي: "الصحيح أنه موقوف على ابن عمر".
(1043) المجموع 6/371 .
(1044) سورة الأنعام ، آية 164 .
(1045) سورة النجم، آية 39 .
(1046) انظر: ص 318 .
(1047) أخرجه النسائي في الكبرى 2/175، والبيهقي في سننه 4/257 تعليقاً وقال: "وقد رأيت بعض أصحابنا يضعف حديث ابن عباس" ، ثم ذكره . وقال الزيلعي في نصب الراية 2/463: "قلت غريب مرفوعاً" .
(1048) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 5/296 .
(1049) المصدر السابق .
(1050) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 5/296، وفتح الباري 4/194 .
(1051) أخرجه البخاري في الوصايا ، باب ما يستحب لمن يتوفى فجأة أن يتصدقوا عنه (ح2461)، ومسلم في النذرن باب الأمر بقضاء النذر (ح(1638).
(1052) شرح العمدة 1/380 .
(1053) أخرجه البخاري في الصوم ، باب من مات وعليه صوم (ح1952)، ومسلم في الصيام ، باب قضاء الصيام عن الميت (ح1147).(1/193)
(1054) أخرجه البخاري في الإحصار وجزا الصيد ، باب الحج والنذور عن الميت (ح1852).
(1055) أخرجه الإمام أحمد 2/182، وأبو داود في الوصايا، باب ما جاء في وصية الحربي (2883) . وسكت عنه أبو داود ، وسند أبي داود حسن، وقد احتج عامة أهل العلم برواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .
(1056) أخرجه ابن أبي شيبة 3/94 .
(1057) عامر بن مصعب شيخ لابن جريج لا يعرف قرنه بعمرو بن دينار، وقد وثقه ابن حبان على عادته (التقريب 1/389).
(1058) إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي الكوفي صدوق لين الحفظ (التقريب 1/44).
(1059) عون بن عبدالله بن عتبة بن مسعود، أبو عبدالله ثقة عابد مات سنة (120هـ) (التقريب 2/90).
(1060) أخرجه ابن أبي شيبة 3/94 ، وإسناده صحيح .
(1061) سورة النجم : 39 .
(1062) مجموع الفتاوى 24/312 .
(1063) أخرجه مسلم في الوصية ، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته (ح1631).
(1064) أخرجه مالك في الموطأ - في الصيام، باب النذر في الصيام (ح680) بلاعاً. وانظر أيضاً : ص
(1065) أخرجه النسائي في الكبرى في الصيام، باب صوم الحي عن الميت (ح2918)، والطحاوي في مشكل الآثار 3/141، وفي التلخيص تحت رقم (924): "إسناد صحيح" .
(1066) أما أثر ابن عمر رضي الله عنهما فأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/254. (وإسناده صحيح).
وأما أثر ابن عباس رضي الله عنهما فأخرجه عبدالرزاق 4/237، 240 ، وابن أبي شيبة 3/113، والبيهقي في الكبرى 4/254، وصححه الحافظ في الفتح 11/584 .
(1067) أخرج البخاري معلقاً بصيغة الجزم في الأيمان والنذور، باب النذر عن الميت (ح6698): "وأمر ابن عمر امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء، فقال: صلي عنها، وقال ابن عباس نحوه" .
(1068) أخرجه البيهقي في الكبرى 4/253 .
(1069) فتح الباري 4/194 .
??
??
??
??
14
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ / خالد بن محمد المشيقح
www. almoshaiqeh.islamlight.net(1/194)