……………رسالة ………………………في المفطرات الطبية العلاجية والتشخيصية
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد،
إن الصوم من أركان الإسلام الخمسة التي لا يتحقق إسلام المرء إلا بها، فواجب كل مسلم أن يتعرف على ما يتعلق بهذه العبادة العظيمة من أحكام لا سيما تلك التي تعم بها البلوى، وإن ما يُعرف بمفسدات الصوم سواء تلك التي يترتب عليها القضاء فقط أم القضاء والكفارة لهي من أَولى المسائل التي تتردد استفتاءات الصائمين عليها نظراً لما يتعلق بها من إخلال بالصوم أو عدمه، ولما كانت حاجة وضرورة المجتمع المسلم إلى تعاطي أسباب التشخيص والعلاج مما شرعه وأحله وسخره الله تعالى لنا لا تنقطع بهلال رمضان، كان التساؤل حول ما يخل بالعبادة من هذه الأسباب وما لا يخل بها أمراً بدهياً، إذ يتعلق بمعرفة القسم الأول إما وجوب إرجاء الأسباب المُخلّة1 إن لم يترتب على ذلك ضرر يحكم به أهل الخبرة من الأطباء العدول الثقات أو رفع الحرج عن المريض الذي لا يستطيع إرجاء تعاطي هذه الأسباب المخلة بالصوم فيكون له سعة في رخصة الشريعة "فعدةٌ من أيام أُخر"2، في حين يتعلق بمعرفة القسم الثاني أي الذي لا يخل بالصوم صفاء ذهن المكلف وقلبه عن وساوس وشكوك فساد العبادة فيمضي في عبادته صارفاً همته إلى تحقيق معانيها الإيمانية.(1/1)
بناء على ما تقدم فإن من واجب قسم التعليم والتوعية الطبية في مشافينا أن يكون مصدراً لتوعية وتوجيه المريض المسلم تجاه ما قد يواجهه في شهر رمضان من إجراءات تشخيصية أو تعاطي وسائل علاجية حتى يكون على بينة من أمره فلا يشق على نفسه بترك علاج جائز ولا يفسد دينه بالتهاون في معرفة وتطبيق ما يترتب على ذلك من أحكام تتعلق بصومه، ولقد تم إعداد هذه الرسالة الموجزة والمشتملة على أنواع الإجراءات العلاجية والتشخيصية الأكثر شيوعاً مع بيان ما يترتب على تعاطيها من فساد الصوم أو عدمه مع مراعاة دقة التصوير الطبي للمسألة من جهة وعدم التناقض في التخريج الفقهي من جهة أخرى، ومن ثم عرض هذه الرسالة على لجنة الفتوى والإرشاد الديني في وزارة الأوقاف الموقرة للمراجعة والتوجيه والإرشاد، وليس الغرض من هذا العرض إلزام أحد باجتهاد أو مذهب فقهي معين بل الغرض منه وجود مصداقية ومرجعية شرعية يطمئن إليها المريض المسلم الذي يتلقى العلاج في مشافينا وذلك من خلال المذاهب الفقهية الأربعة، والله تعالى وحده المسؤول أن يبلغنا ما يرضيه عنا وأن يوفقنا لخدمته.(1/2)
إن هذه الرسالة ليست بحثاً فقهياً موسعاً وليست دعوى الإتيان بجديد، وإنما هي ترتيب موجز منضبط جمع فيه شتات المسائل بعد مراجعة أقوال المتقدمين والمتأخرين والمحاولة قدر الإمكان التأمل في أصولهم وضوابطهم التي خرَّجوا المسائل عليها دون تعصب لمذهب بعينه، وإنما كان الشغف منصرفاً للأرجح بالدليل من المذاهب الأربعة، والجهد منصباً على عدم التناقض في أحكام المسائل. وتتألف هذه الرسالة من قسمين أولهما عبارة عن استعراض للضوابط الفقهية المستنبطة من النصوص التي بنى عليها الفقهاء والتي تم تخريج المسائل عليها، وثانيهما استعراض لأفراد المسائل الطبية في صيغة سؤال وجواب هي الصيغة المقترحة لخطاب المرضى ولهذا جاءت في معظم الأحيان عارية عن ذكر الأدلة اللهم إلا ما احتاج إلى رفع إشكال أو توهم خاطئ، على أن يكون القسم الأول من الرسالة متاحاً لمن شاء مراجعة تفصيل الضوابط المخرجة عليها هذه المسائل. ولقد راعينا في إجابات الأسئلة التنبيه على وجود اختلاف المذاهب الأربعة مع التنبيه عليه حتى لا يتوهم الإجماع فيما ليس محل إجماع، كما أن التنبيه على وجود الخلاف في المسألة يراد منه الاحتراز من الإنكار على المخالف في مسائل اجتهادية ليست بمحل إنكار على التفصيل المعروف عند العلماء في ضوابط الإنكار على المخالف، ولكن أنبه على مسألة وهي اجتناب التلفيق فلا يحل لمسلم أن يتخير من جزئيات الفتوى وأقوال المذاهب ما يروق لباله فيقع في التعارض والتناقض واتباع الهوى، وذلك مثل من يأخذ باجتهاد بعض الفقهاء في الوضوء ويأخذ بغيرها في الصلاة، وإنك ترى في هذه الرسالة أن إجابات المسائل الجزئية كلها تنضبط وفق الأصول والضوابط التي وضعها الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى، بحيث لا يتعارض جواب مسألة جزئية مع أخرى إن شاء الله، وكوننا نبهنا على القول المخالف غايته أن يعلم القارئ وجود القول المخالف فيرجع إلى من يرجع إليه من أهل العلم ويحرر كل(1/3)
مسائل الباب على أصل واحد منضبط، أما أن يأخذ جواباً من هنا وآخر من هناك بحيث تتعارض أصول الجواب الأول مع الثاني فليس إلا محض الهوى نسأل الله تعالى أن يعافينا من ذلك.
وأخيراً أتقدم بجزيل الشكر لفضيلة الشيخ الدكتور محمد سليمان فرج وفضيلة الشيخ الدكتور نوح علي القضاة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بأبوظبي على مراجعة هذه الرسالة وتقديمهما لملاحظاتهما وتعليقاتهما وتوجيهاتهما القيمة، سائلاً المولى عز وجل أن يوفقنا جميعاً لخدمته، وأن يجعل ما حررناه وكتبناه خالصاً لوجه الكريم موجباً لرضوانه العظيم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
……………فصل
الضوابط الفقهية للمفطرات
إن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره، ولا بد لنا قبل الخوض في الضوابط الفقهية المتعلقة بالمفطرات أن نصور المسائل التي تتعلق بالمفطرات وأن نحرر محل النزاع فيها إن وجد حتى نتمكن من تأصيل الضوابط الفقهية المتعلقة بمسائل بحثنا، وفيما يلي بيان ذلك.
أولاً: التعريف :
الصوم لغةً مطلق الإمساك3 ، وشرعاً هو الإمساك عن أشياء مخصوصة في وقت مخصوص4، وأما مفسدات الصوم فهي الأمور التي يؤدي تعاطيها أو التلبس بها إلى الحكم بعدم صحة الصوم وبالتالي عدم إجزائه عن المكلف، ويترتب عليه - أي فساد الصوم الواجب - وجوب القضاء مع الكفارة أو بدون كفارة على تفصيل عند الفقهاء.
ثم إن الإجماع منعقد على وجوب الإمساك عن الأكل والشرب والجماع، وقد حكى هذا الإجماع الإمام الموفق ابن قدامة المقدسي والإمام القاضي ابن رشد رحمهما الله تعالى5، ثم إن الفقهاء قد اختلفوا فيما هو مسكوت عنه في نصوص الشرع قرآناً وسنةً، ولقد لخص ابن رشد رحمه الله محور الخلاف هذا في ثلاثة أمور جامعة هي :
1- ما يرد الجوف مما ليس مغذياً.
2- ما يرد الجوف من غير منفذ الطعام والشراب(1/4)
3- ما يرد باطن سائر الأعضاء ولا يرد الجوف ومثل له بان يرد الدماغ ولا يرد المعدة.6
ثانياً: أثر الإجراءات العلاجية والتشخيصية في صحة الصوم:
تتعلق بالإجراءات العلاجية جهة الدواء وجهة طريق التعاطي، ويمكن تحديد أهم طرق تعاطي الدواء في الصور التالية:
عبر الفم، تحت اللسان، عبر الأنف، عبر الاستنشاق/الإرذاذ، عبر الحجاج (قطرة العين)، عبر الأذن، عبر الشرج، الحقن داخل الأوعية/غسيل الكلى، الحقن تحت الجلد، الحقن داخل العضل، الحقن داخل السحايا/القحف، عبر الصفاق/رحض الصفاق (الغسيل البريتواني)، عبر الجنب، على الجلد، عبر الإحليل، عبر المهبل، عبر الفتحات الصناعية الموصلة للأمعاء، عبر الفتحات الصناعية الموصلة للمثانة/الحالب /الكلية، العلاجات السنية واللثوية، الخيوط الجراحية، الحجامة، والحقن داخل العظم، فهذه اثنتان وعشرون طريقة لتعاطي الدواء، ويتعلق بكل منها حكم شرعي بصحة الصوم أو فساده.
أما الإجراءاتت التشخيصية فعبارة عن إجراءات بوسائل معينة يتم تسليطها على المريض لمحاولة كشف المرض وقد تكون الوسيلة تشخيصية وعلاجية في آن واحد، وعادة ما يتعلق بالوسيلة التشخيصية أداة معينة وطريق لتسليطها على المريض، ومن أهم وأشيع الوسائل التشخيصية المطبقة حالياً ما يلي :
فصد الدم/التبرع بالدم، الاستقاءة، كشف العورة، لمس وجس المريض، الاستمناء، بزل الجنب، بزل الصفاق، بزل المثانة/ مفاغرة المثانة، بزل السحايا/البطينات الدماغية ، بزل الأذن، بزل السلى (الأمنيوس)، المس الشرجي، الفحص المهبلي/أخذ عينات من عنق الرحم/ تصوير الرحم والبوقين، تنظير الجهاز الهضمي (سفلي وعلوي)، تنظير الجنب، تنظير الصفاق، تنظير المثانة/قثطرة المثانة، تنظير المفاصل، القثاطر الوعائية، الجراحة (أخذ خزعات)، مقياس الحرارة، فهذه إحدى وعشرون وسيلة تشخيصية تتعلق بها أحكام شرعية تقضي بصحة الصوم أو فساده.(1/5)
ولا شك أن الوصول إلى الحكم الشرعي الصحيح المترتب على تعاطي أي مما سبق يتوقف بعد توفيق الله عز وجل على أمرين هما تصوير المسألة تصويراً طبياً دقيقاً وفق ما سخره الله تعالى لنا من معارف، ومن ثم تنزيل هذه الصورة على الضابط الفقهي المعتبر لمفسدات الصوم. أما التصوير الطبي فسيأتي بإذن الله تعالى عند جواب كل سؤال بعينه، وأما الضابط أو الضوابط الفقهية فهو ما يحتاج إلى تحرير، ولقد تقدم معنا كلام ابن رشد رحمه الله تعالى حول مناطات اختلاف العلماء فيما هو مسكوت عنه من سائر ما يتعاطاه الصائم، وسوف يظهر بإذن الله أن لكل محور من المحاور الثلاثة المذكورة آنفاً ما يتخرج عليه من الأمور الطبية العلاجية والتشخيصية، وعليه فإن المناطات المتعلقة بصورة المسألة المطروحة في بحثنا هذا تدور حول الأسئلة التالية:
1- هل يؤدي دخول غير المغذي عبر منفذ الطعام والشراب إلى الفطر؟ ومثال ذلك إدخال أنبوب عبر الفم إلى المعدة أو إدخال منظار عبر الفم إلى المعدة ونحوه.
2- هل يؤدي دخول الوارد من غير منفذ الطعام والشراب إلى الفطر؟ كأن يدخل من فتحة اصطناعية أو عبر فتحة الشرج والمهبل سواء أكان مغذياً أم غير مغذ على التفصيل الوارد في المحور الأول.
3- هل يؤدي دخول الوارد إلى باطن الجسم إلى الفطر؟ كأن يدخل دواء أو سائل مغذي عبر العروق أو غيرها فيما يعرف بالحقن والقثاطر ونحوها، سواء أكان مغذياً أم غير مغذٍ على التفصيل الوارد في المحور الأول.
إن هذه الصور المعروضة تجمع تحتها معظم إن لم يكن كل آحاد المسائل الطبية المتعلقة بالوارد إلى البدن إن شاء الله، وتبقى بعض المسائل المتعلقة بالخارج من البدن أرجئ الكلام عليها إلى موضعها وهي تتعلق بالقيء والمني والدم وما في حكمه.
ثالثاً : تحرير مناطات الحكم بالفطر فيما يتعلق بالمداخلات الطبية:(1/6)
سوف أستعرض فيما يلي جملةً من أقوال الفقهاء في هذه المسائل مع التأكيد والتنبيه على أن الفقهاء المتقدمين لم يكونوا بمعزل عن علوم الطب واستشارة أهل الخبرة في الطب حينما كانوا يجتهدون في تخريج المسائل، وإنه لمن القصور أن يعتقد البعض اليوم أن فقهاءنا المتقدمين كانوا من السذاجة بحيث يخوضون بغير علم أو يُلزمون الأمة بما لا يلزم، فوالله لقد كانوا أورع وأعلم من ذلك رحمهم الله رحمة واسعة ولا نزكي على الله أحداً، ووالله إننا اليوم وفي ذروة العلوم والمعارف الطبية والعلمية لا نزال عالة على فقه المتقدمين من علماء هذه الأمة، وإننا لا نزال نُخرِّج أفراد النوازل على ضوابط وضعوها بتوفيق الله وفضله عليهم منذ قرون عديدة، وإن أحدنا ليقرأ كلام الإمام ابن قدامة في المغني حول مسألة الحقن في الإحليل فتجده - مبيناً علة عدم الحكم بكون ذلك مفطراً كما عليه المذهب (أي الحنبلي) - يقول :"ولنا أنه ليس بين باطن الذكر والجوف منفذ وإنما يخرج البول رشحاً فالذي يتركه فيه لا يصل إلى الجوف فلا يفطره"7 فتحسب أنه يتكلم في كتاب طب لا كتاب فقه، ناهيك عن أن كلامه صحيح عموماً من وجهة النظر التشريحية والوظيفية مما يدل على أن هؤلاء الفقهاء كانوا يسألون أهل الطب عن الطب وأهل كل فن عن فنهم قبل الحكم والفتيا، فلا يستعجلن أحد اليوم برمي الفقهاء المتقدمين بالفتيا بدون علم - وهذا يشمل علم الشريعة وعلم الطب المعروف في زمانهم بالرجوع إلى أهل الفن- فإن هذه تهمة يكذبها واقع الحال ويكذبها ما منَّ الله تعالى به على هؤلاء العلماء من توفيق وبركة في علومهم حتى حفظت إلى اليوم، وإن كثيراً مما نمارسه في الطب اليوم علاجاً وتشخيصاً ليس بذاك الذي لم يكن معروفاً أو متصوراً في زمانهم كما هو معروف لمن قرأ كتب الفقهاء والأطباء في ذلك الزمان، ولسوف يظهر ذلك مما بين أيدينا من نصوص كلام الفقهاء رحمة الله عليهم أجمعين.(1/7)
وبالنسبة إلى محل النزاع المذكور آنفاً فإنه يندرج في الحقيقة تحت أمرين أحدهما اعتبار غير المغذي مفطراً أم لا والثاني اعتبار الدخول عن غير طريق الفم مفطراً أم لا، وإن السبر والتقسيم بناء على هذين الاعتبارين ينتهي بنا إلى الصور التالية:
أ. أن يدخل البدن الطعام والشراب وما يتغذى به عن طريق الفم(المنفذ الطبيعي المعتاد).
ب. أن يدخل البدن ما ليس بطعام ولا شراب ولا يغتذى به عن طريق الفم.
ج. أن يدخل البدن ما يغتذى به مما هو من جنس الطعام والشراب عن غير طريق الفم.
د. أن يدخل البدن ما لا يغتذى به عن غير طريق الفم.
وحيث إن هذه الصور مركبة من الاعتبارين الذين ذكرناهما فإنني أستعرض جملةً من كلام الفقهاء فيهما إن شاء الله تعالى:
1- المغذي وغير المغذي الداخل عبر منفذ الطعام والشراب:(1/8)
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى :"فأما ما لا يتغذى به [أي عن طريق الفم] فعامة أهل العلم على أن الفطر يحصل به"8، وقال الإمام النووي في المجموع :" إذا ابتلع طرف الخيط وطرفه الآخر بارزاً أفطر بوصول الطرف الواصل ، ولا يعتبر الانفصال من الظاهر"9، قلت: فالخيط ليس بطعام ولا شراب وهو المقصود، وكذلك فإن وصول غير المتحلل (كالدرهم والحصاة ) إلى المعدة عبر الفم يفطر عند المالكية10، وقال الإمام السرخسي:"فأما السعوط والوجور يفطره لوصوله إلى أحد الجوفين إما الدماغ ، أو الجوف، والفطر مما يدخل"11، قلت: والوجور ما يوضع في الحلق من دواء، ومعلوم أن الدواء ليس أكلاً ولا شرباً معتاداً وهو المقصود. ولقد نقل الإمام ابن قدامة حكاية عن أبي طلحة الأنصاري أنه كان يأكل البَرَد في الصوم ويقول ليس بطعام ولا شراب، ثم قال :"ولم يثبت عندنا ما نُقل عن أبي طلحة فلا يعد خلافاً"12. ومن جهة أخرى فإن قرار المجمع الفقهي حول المفطرات في مجال التداوي نص على جملة أمور لا تفطر وذكر منها :"منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى"13. قلت: سيأتي بيان أن هذه الصورة - على فرض التنزل مع الفتوى بها - وأمثالها صورة نظرية إذ لا يخلو مثل هذا الإجراء الطبي من إدخال سوائل أو مواد مزلقة ونحو ذلك، هذا مع أننا لا نسلم بهذا القول كما سيظهر إن شاء الله من استعراض الأدلة والنصوص الشرعية.
2- الوارد إلى البدن من غير منفذ الطعام والشراب:(1/9)
قال الإمام النووي :" ( وأما ) الحقنة فتفطر على المذهب [ أي المذهب الشافعي ] . وبه قطع المصنف14 والجمهور، وفيه وجه قاله القاضي حسين : لا تفطر وهو شاذ، إن كان منقاساً فعلى المذهب ، قال أصحابنا سواء كانت الحقنة قليلة أو كثيرة ، وسواء وصلت إلى المعدة أم لا ، فهي مفطرة بكل حال عندنا"15، وقال ابن قدامة ( في المذهب الحنبلي) في سياق تعداد المفطرات:" ...أو ما يدخل إلى الجوف من الدبر بالحقنة.."16 قلت: أي حقنة الشرج، وكذا قال الإمام السرخسي في المذهب الحنفي :" . والحقنة تفطر الصائم لوصول المفطر إلى باطنه"17، وفرَّق المالكية بين ما يتحلل وما لا يتحلل، :"فوصول المائع للمعدة مفسد مطلقاً كان المنفذ عالياً أو سافلاً ووصول الجامد لها لا يفسد إلا إذا كان المنفذ عالياً"18، قلت: وكل ما تقدم يتعلق بالوارد إلى جوف الأمعاء، ويبقى الوارد إلى جوف البدن (ما عدا الأمعاء) أو باطنه19، فإن ما يرد ويدخل البدن إلى غير تجويف الأمعاء يمكن رده إلى قسمين؛ أحدهما ما يصل إلى تجويف طبيعي داخل البدن والثاني ما يكون في داخل البدن ولكنه مصمت غير مجوف؛ يقول ابن قدامة رحمه الله تعالى:" أنه يفطر بكل ما أدخله إلى جوفه أو مجوف في جسده كدماغه وحلقه ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته إذا وصل باختياره وكان مما يمكن التحرز منه سواء وصل من الفم على العادة أو غير العادة كالوجور20 واللدود21 أو من الأنف كالسعوط22 أو ما يدخل من الأذن إلى الدماغ أو ما يدخل من العين إلى الحلق كالكحل أو ما يدخل إلى الجوف من الدُبر بالحقنة أو ما يصل من مداواة الجائفة23 إلى جوفه أو من دواء المأمومة24 إلى دماغه فهذا كله يُفطره، لأنه واصل إلى جوفه باختياره فأشبه الأكل، وكذلك لو جرح نفسه أو جرحه غيرُه باختياره فوصل إلى جوفه سواء استقر في جوفه أو عاد فخرج منه، وبهذا كله قال الشافعي، وقال مالك : لا يفطر بالسعوط إلا أن ينزل إلى حلقه، ولا يفطر إذا داوى المأمومة(1/10)
والجائفة واختلف عنه في الحقنة واحتج له بأنه لم يصل إلى الحلق منه شيء فأشبه ما لم يصل إلى الدماغ ولا الجوف، ولنا أنه واصلٌ إلى جوف الصائم باختياره فيفطره كالواصل إلى الحلق والدماغ جوف والواصل إليه يغذيه فيفطره كجوف البدن"25،وقال الإمام النووي رحمه الله في المذهب الشافعي :"قال الرافعي : وضبط الأصحاب الداخل المفطر بالعين26 الواصلة من الظاهر إلى الباطن في منفذ مفتوح عن قصد مع ذكر الصوم ، وفيه قيود ( منها ) الباطن الواصل إليه ، وفيما يُعتبر به وجهان ، ( أحدهما ) أنه ما يقع عليه اسم الجوف ( والثاني ) يعتبر معه أن يكون فيه قوة تحيل الواصل إليه من دواء أو غذاء ، قال : والأول هو الموافق لتفريع الأكثرين كما سيأتي إن شاء الله تعالى ويدل عليه أنهم جعلوا الحلق كالجوف في إبطال الصوم بوصول الواصل إليه ، وقال إمام الحرمين من فقهاء الشافعية: إذا جاوز الشيء الحلقوم أفطر، وعلى الوجهين جميعاً باطن الدماغ والبطن والأمعاء والمثانة مما يفطر الوصول إليه بلا خلاف ، حتى لو كانت ببطنه أو برأسه مأمومة ، وهي الآمة ، فوضع عليها دواء فوصل جوفه ، أو خريطة دماغه أفطر ، وإن لم يصل باطن الأمعاء وباطن الخريطة ، وسواء كان الدواء رطباً أو يابساً عندنا"27 قلت: يظهر من كلام ابن قدامة أن مقصوده بالجوف كل ما هو مجوف في البدن وفرَّع عليه كلاً من المعدة (الأمعاء) والمهبل والدماغ وجوف الصدر وجوف البطن، في حين فصل الإمام النووي تفصيلاً دقيقاً حين ذكر في ضبط باطن البدن أنه "ما يقع عليه اسم الجوف أو يعتبر معه أن يكون فيه قوة تحيل الواصل إليه من دواء أو غذاء"، ومع أنه رجح الأول فإن يظهر والله تعالى أعلم أنه قد اقترب كثيراً رحمه الله تعالى من تحرير الضابط الذي يدور عليه مجمل الاختلاف في مسألة الداخل، واللطيف حقاً أن ما ذكره من اعتبار القوة التي تحيل الواصل إلى باطن البدن من دواء أو غذاء هو ما نعرفه اليوم يقيناً من علوم(1/11)
الطب ووظائف الأعضاء عن امتصاص المواد واستحالتها وتمثيل البدن لها ووصولها إلى معظم إن لم يكن كل البدن بغض النظر عن الطريق الذي نفذت منه إلى الباطن، والغريب حقاً أن ينشغل المعاصرون من الأطباء والفقهاء بالتشريح الظاهري للبدن والذي يظهر لنا أن القدماء كانوا على إطلاع دقيق عليه ويغفلوا عن هذا الوصف الذي ذكره الإمام النووي وأثبته الطب اليوم بما هو محسوس معلوم يقيناً من أن المادة التي تصل إلى الباطن سواء أكانت تحت الجلد أم في العروق أم في الدبر أم في العظم أم في العضل أم في الدماغ أن ذلك كله يحيله البدن ويتوزع في سائره بسرعة قد تجاوز سرعة وصولها عن طريق الفم والمعدة، وأظهر ما يدل على هذا ما يعرف اليوم بطب النظائر المشعة حيث تحقن مادة ما في الجسم بحيث تكون هذه المادة مشعة ويمكن تتبع سيرها في أعضاء الجسم فتارة تحقن المادة في وريد المرفق فتجدها في سائر عظام البدن وتارة تحقنها في المثانة فتجدها في حويضة الكلية، وهكذا، بل إن بعض التسممات الدوائية التي تحدث عن طريق إعطاء جرعة إضافية عبر الأوعية الدموية (ما يعرف بالحقن الوريدية ) يمكن تخليص الجسم منها عن طريق إعطاء مادة الفحم عبر المعدة والأمعاء بحيث يمتص الفحم الدواء المحقون وريدياً لأنه يصل إلى تجويف الأمعاء عبر الدورة الدموية. هذا ويمكن أن نخلص من كلام النووي رحمه الله أن بين الجوف والباطن عموماً وخصوصاً مطلقاً، فكل جوف من البدن يكون في الباطن وليس كل ما في الباطن جوفاً، وإن التعويل على مصطلح الباطن هو ما تطمئن النفس إلى التزامه وسأبين لاحقاً إن شاء الله ضابطه والدليل عليه.(1/12)
ثم إن نصوص الفقهاء قد تناولت جملةً من الصور الأخرى المتفرعة على مسألة دخول باطن البدن، تأمل مثلاً قول الإمام النووي :" إذا قطر في إحليله شيئاً ، ولم يصل إلى المثانة أو زرق فيه ميلاً28 ، ففيه ثلاثة أوجه ( أصحها ) يفطر وبه قطع الأكثرون لما ذكره المصنف29 ( والثاني ) لا ( والثالث ) إن جاوز الحشفة أفطر وإلا فلا ، والله أعلم . ( فرع ) لو وصل الدواء إلى داخل لحم الساق أو غرز فيه سكينا أو غيرها فوصلت مخه لم يفطر بلا خلاف30 ، لأنه لا يعد عضواً مجوفاً . ( فرع ) لو طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه فوصلت السكين جوفه أفطر بلا خلاف عندنا ، سواء كان بعض السكين خارجا أم لا"31، وقال أيضاً:" لو أدخل الرجل أصبعه أو غيرها دبره ، أو أدخلت المرأة أصبعها أو غيرها دبرها أو قبلها وبقي البعض خارجاً بطل الصوم باتفاق أصحابنا إلا الوجه الشاذ السابق عن الحناطي في الفرع الذي قبل هذا ، قال أصحابنا : وينبغي للصائمة ألا تبالغ بأصبعها في الاستنجاء ، قالوا : فالذي يظهر من فرجها إذا قعدت لقضاء الحاجة له حكم الظاهر فيلزمها تطهيره ، ولا يلزمها مجاوزته فإن جاوزته بإدخال أصبعها زيادة عليه بطل صومها ، وقد سبق إيضاح المسألة في باب الاستطابة ، هذا تفصيل مذهبنا ، وقال أبو حنيفة : إذا كان الواصل إلى الباطن متصلا بخارج لا يبطل صومه ، ودليلنا أنه وصل الباطن فبطل صومه كما لو غاب كله "32.(1/13)
قلت: هذه التفريعات الدقيقة في غاية الحسن بغض النظر عن الراجح والمرجوح منها، ويمكن أن يتخرج عليها مسائل طبية كثيرة جداً كما سيظهر في هذه الرسالة، وإني لأعجب حقاً من دقة وعمق فقهائنا وأئمتنا في هذه التقعيدات والتفريعات التي قد يستطيل بعض الجهلة عليهم فيرمونهم بها بالتطويل والإسهاب والتخيل والوهم في حين ترى سعة ما أسبغه الله تعالى على هؤلاء الأئمة الأعلام من توفيق وبركة في علومهم فإذا بنا اليوم نقف على كنوز ما أسهل التخريج عليها وما أيسر الحكم على النوازل بها وما هذا إلا دليل بركة هذه العلوم التي أفنى فيها هؤلاء الجهابذة أعمارهم فرحمهم الله رحمة واسعة وجزاهم عنا خير ما جزى عالماً على علمه وإماماً عن طلابه.
بناءً على ما سبق يمكن تلخيص أهم اعتبارات الفقهاء في الحكم على المفطرات فيما يلي :(1/14)
1- اعتبار المنفذ : فكل ما دخل عبر المنفذ الطبيعي مع العمد والذِكر يؤدي إلى الفطر ، وأصحاب هذا الضابط يقولون إن المعتبر هو المنفذ الطبيعي المعتاد - أي الفم - وإن أي دخول من منفذ غير المنفذ الطبيعي لا يؤثر، وعلى هذا الاعتبار تدور رحى معظم فتاوى المعاصرين الذين لا يرون الفطر بكثير من المداخلات الطبية والتشخيصية كما هو واضح في قرار مجمع الفقه الإسلامي33، وهذا الاعتبار يعكر عليه حديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه حيث قال له رسول لله صلى الله عليه وسلم :" وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً"34 فدل على أن وصول قطرات الماء عبر الأنف إلى الحلق يؤثر في الصوم، والأنف ليس منفذاً معتاداً فلا أحد يأكل أو يشرب من أنفه، فدل هذا الحديث بمفهومه على أن ما دخل الجوف من منفذ غير المعتاد يؤثر في صحة الصوم. كما أن دليل العقل يعكر على هذا الضابط فاليوم مثلاً لو أن مريضاً فتحت له فتحة صناعية مباشرة إلى المعدة بحيث يصل أنبوب معدي من خارج الجسم إلى المعدة مباشرة ثم أعطي غذاءً عن طريقه فهذا الدخول يتم عبر منفذ غير معتاد وفي النفس شيء غير يسير من القول بعدم فطر هذا، بل أي شيء يكون الفطر غير هذا؟ وهذا قوي جداً في بيان عدم اعتبار اعتياد المنفذ ضابطاً والله أعلم.(1/15)
2- اعتبار الارتفاق (الاغتذاء): فكل داخلٍ مما يرتفق به الجسم ويعتبر مغذياً للجسم مع العمد والذِكر يؤدي إلى الفطر، والمقصود هنا التفريق بين المغذي وغير المغذي وأصحاب هذا القول يرون أن ما دخل الجوف من المغذيات يفطر بغض النظر عن المنفذ، وأن ما لا يعتبر مغذياً ولا يرتفق به البدن فلا يعتبر مفطراً، ويعكر على هذا الضابط أمور: (منها) حديث لقيط بن صبرة المتقدم فإن القطرات اليسيرة من الماء لا يُتغذى بها ومع ذلك اعتبرت مفطرة إذا وصلت الجوف، و(منها) اتفاق الفقهاء على أنه لو قاء أو استقاء ثم تعمد ابتلاع ما قاءه فإنه يفطر مع أن هذا القيء لا يُتغذى به ولا يُرتفق به بل هو نجس، و(منها) أن ممن يقول بهذا الضابط من يفرق بين دخول غير المغذي عبر المنفذ المعتاد أو غيره فيفطر بالأول دون الثاني وهذا التفريق تحكُّم يفتقر إلى دليل. والخلاصة أن مسألة الارتفاق غير معتبرة والله أعلم.
3- اعتبار مطلق الدخول : فكل ما دخل الجسم مع العمد والذِكر يؤدي إلى الفطر، وهذا يعتبر أن الفطر يحصل بوصول أي شيء إلى الجوف (أو الباطن بتعبير أدق) بغض النظر عن المنفذ والارتفاق كما هو ظاهر من حديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه، وهو أيضاً نصٌ عن ابن عباس رضي الله عنه ذكره البخاري رحمه الله معلقاً تعليقاً جازماً في معرض جواب ابن عباس عن الفطر بالحجامة فقال :"الصوم مما دخل وليس مما خرج"35 (وهذا القول بعدم الفطر بالحجامة هو مذهب الشافعية والحنفية والمالكية خلافاً للحنابلة36 رحمة الله على الجميع)، وإن هذا الضابط هو ما تطمئن النفس إلى صحته ورجحانه والله أعلم.(1/16)
4- اعتبار منطوق النصوص الشرعية الصحيحة فحسب: فكل ما ورد به النص الشرعي صريحاً مما يؤدي إلى الفطر حكم به وما عدا ذلك مما سكت عنه النص لا يؤدي إلى الفطر وهو رأي ابن تيمية رحمه الله، وحجة هذا القول37 أن الصيام من العبادات الركنية التي يحتاج الناس إلى بيانها فلو كان غير الطعام والشراب والجماع مفطراً لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم صريحاً حتى لا تختلج عبادة الناس، والحقيقة إن هذا القول فيه نظر لأسباب (منها) أن الشريعة تنبه بالنظير على النظير ولا يلزم التصريح بكل شيء وإلا فلأي شيء رد الله تعالى الناس إلى أولي العلم الذين يستنبطون المسائل ويردونها إلى أصولها ويقيسون النظير على النظير؟ و(منها) أن الفقهاء يقولون بالفطر بأشياء لم يرد فيها نص صريح كما هو الحال في الاستمناء وإن كان النص جاء بالأصل وهو ترك الشهوة الكاملة (أي الجماع)، و(كذلك) هنا نكتة دقيقة تمنع من تصريح الوحي بآحاد المفطرات وهي أن الشريعة لو أنها صرحت بأنواع المفطرات كلها بدلاً من الاكتفاء بالأصل العام المنبه عليها - وهو مطلق الإمساك - لاقتصرت النصوص على التصريح بما هو معروف زمن نزول الوحي من هذه المفطرات، ولتوهم من يأتي بعد أن الحكم مختص بها بدليل التصريح بآحادها وعدم الاكتفاء بالتنبيه على الأصل الجامع لها حيث كان يكفي ذلك التنبيه، وحيث إن الشريعة وُضعت لكل زمان ومكان كان لازماً أن تأتي بأصول تحتمل كل جديد يظهر في حياتنا ، فلو صرحت الشريعة زمن الوحي بأن الحقن والسعوط وغيره مما هو معروف يومها مفسد للصوم لجاء البعض اليوم وقال : لمَّا فصلت الشريعة في ذكر آحاد مفسدات الصوم ولم تذكر ما سواها دل ذلك على إرادة الاقتصار عليها، وبالتالي لا يلحق بها طرق الدخول المعاصرة كالإبر الوريدية ونحوها. وتحرير هذه النكتة قريب من قوله تعالى:"والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون"38 فلما عددت الآية آحاد المركوبات التي(1/17)
أنعم الله بها على الناس جاء آخر الآية منبهاً على عدم إرادة الاقتصار عليها ولم يكن ممكناً التصريح بالطائرات والسيارات والدراجات مما لم يوجد بعد فجاء بأصل عام هو :"ويخلق ما لا تعلمون"، وكذلك الحال هنا حيث إن التصريح بآحاد المفطرات الطبية في نصوص الوحي لا بد من أن يقتصر على ما هو معروف زمن الوحي وإن الاقتصار عليه يوهم عدم إرادة غيره، وعليه فإن عدم التصريح بآحاد المفطرات الطبية المعروفة زمن الوحي يفيد عدم إرادة الاقتصار عليها وأن كل ما يستجد في المستقبل من علاجات أو وسائل طبية ينبغي قياسه على الأصل الوارد بالوحي، والله تعالى أعلم. وأصرح من ذلك كله القاعدة العامة في أن الشريعة تنبه بالنظير على النظير وقد ورد ذلك صريحاً في باب الصوم في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : هشِشت فقبلت وأنا صائم ، فقلت : يا رسول الله صنعت اليوم أمراً عظيماً ، قبَّلت وأنا صائم ، قال : أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم ؟ قلت : لا بأس قال : فمه"39، قال الخطابي رحمه الله:" في هذا الحديث إثبات القياس والجمع بين الشيئين في الحكم الواحد لاجتماعهما في الشبه ؛ لأن المضمضة بالماء ذريعة إلى نزوله إلى البطن فيفسد الصوم ، كما أن القبلة ذريعة إلى الجماع المفسد للصوم فإذا كان أحدهما غير مفطر وهو المضمضة فكذا الآخر"40 قلت: هذا القياس وإن كان في بيان ما لا يفطر فإنه أصل في إثبات الحكم للنظير بالنظير، وهو المراد41.(1/18)
هذا جملة ما يدور عليه كلام الفقهاء بالنسبة لضابط ما يفسد الصوم مما سوى الجماع وما يلحق به42، ولئن نظرنا إلى ما هو معروف من العلوم الطبية اليوم وأعني بذلك علوم التشريح ووظائف الأعضاء على وجه الخصوص، لتبين لنا دقة نظر الفقهاء المتقدمين الذين يقول معظمهم بالفطر مما دخل مع اختلاف في مسائل جزئية بين فقيه وآخر ولكن مرد هذا الاختلاف في الحقيقة يعود إلى التخريج على هذا الضابط لا إلى الضابط نفسه، فالخلاف بين المذاهب الأربعة فيما يفطر يدور في الحقيقة حول الاختلاف في تصوير وتصور الوصول إلى أحد الجوفين - أو الباطن - مع اتفاق المذاهب الأربعة على كون مدار الإمساك هو عن الإيصال إليهما، وقد تقدم بيان ما يدل على ذلك من كلام الفقهاء رحمهم الله تعالى.(1/19)
ورغم أن المتأخرين متسامحون نسبياً في مسألة المفطرات الطبية إلا أننا نجد فتواهم في كثير من الأحيان مقيدة بشروط أو قيود أو علل ترجع في حقيقتها إلى نوع مراعاة لهذا الضابط، ومن النكت الدقيقة في هذه الفتاوى المقيدة أن كثيراً من هذه القيود أو العلل لا يمكن تحقيقها في الواقع العملي للممارسة الطبية مما يجعلها فتاوى (نظرية) لا وجود لها في الواقع في أكثر الأحيان في ممارستنا الطبية، ولسوف أضرب مثالاً واحداً يبين هذه النقطة وهو ما يتعلق بالإبر أو الحقن الوريدية : فكثير من المعاصرين يفرق بين كون هذه الإبر مغذية أو غير مغذية فيقول بالفطر إذا كانت الإبر فيها سوائل ومواد مغذية ويقول بعدم الفطر إذا كانت مجرد دواء فقط، وعلة الفطر في الحالة الأولى لدى هؤلاء أن هذا مما يرتفق به ولأنه ملحق بالطعام والشراب رغم أنه من منفذ غير طبيعي، وعلتهم في الحالة الثانية أن هذا الدواء مما لا يرتفق به وأنه داخل عبر منفذ غير طبيعي43؛ قلت: على فرض التنزل مع هذا التفريق ونحن لا نسلم به، فإن الصورة المعروضة في الحالة الثانية أعني إعطاء الدواء المجرد عبر الإبر هي صورة نظرية غير موجودة في الواقع، لأننا في الطب لا يمكن أن نحقن دواءً ما في الوريد بمفرده وإنما لا بد من أن يكون الدواء المحقون ممزوجاً بكمية ولو قليلة من السائل الملحي أو السكري (وهو السائل المغذي)44 وهذا ينطبق على الإبر الوريدية والعضلية وتحت الجلد، فإذا كان الحال كذلك - وهو كذلك - فإن هذه الصورة تعود إلى الحالة الأولى وهي حقن السوائل المغذية والتي يقول هؤلاء بالفطر بها، فتأمل. ولقد ورد في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما نصه :
" أولاً: الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات:
1- قطرة العين ، أو قطرة الأذن، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.(1/20)
2- الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
3- ما يدخل المهبل من تحاميل (لبوس)، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي.
4- إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم.
5- ما يدخل الإحليل، أي مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى، من قثطرة (أنبوب دقيق)، أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة.
6- حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
7- المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
8- الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية.
9- غاز الأوكسجين.
10- غازات التخدير (البنج) ما لم يعط المريض سوائل (محاليل) مغذية.
11- ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد؛ كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية.
12- إدخال قثطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء.
13- إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها.
14- أخذ عينات (خزعات) من الكبد أو غيره من الأعضاء، ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل.
15- منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى.
16- دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي.
17- القيء غير المتعمد، بخلاف المتعمد (الإستقاءة). " اهـ، ثم جاءت العبارة التالية:
"ثانياً: ينبغي على الطبيب المسلم نصح المريض بتأجيل ما لا يضر تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكورة فيما سبق"45 اهـ.
قلت: إن هذه التوصية تشعر ببقاء شيء في النفس من الحكم بسلامة الصوم في الصور المتقدمة عند القائلين بذلك، فتأمل.(1/21)
بعدما تقدم من بيان فإني أوجز في هذا الموضع الضوابط التي استخلصها من النصوص الشرعية هؤلاء الفقهاء وفتاويهم لتكون مرجعاً مساعداً للطبيب الذي يصور المسائل وللمفتي الذي يُخرِّج عليها آحاد المسائل، فأقول وبالله أستعين:
أولاً: إن جملة النصوص الشرعية وأقوال الصحابة والتابعين التي استند عليها الفقهاء في هذه الضوابط هي :
وسأذكر هذه النصوص مع موضع الشاهد ووجه الدلالة على سبيل الاستشهاد والإشارة لا على سبيل الاستيعاب، ولقد أردت بعرض هذه النصوص بيان أن ما يلي من ضوابط يستند إلى أصول شرعية أو إلى أقوال اجتهادية معتبرة لمتقدمي الأئمة في هذه الأمة:
1- قوله تعالى:" وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل"46 وموضع الشاهد قوله تعالى (ثم أتموا الصيام) حيث إن الصيام لغةً مطلق الإمساك واصطلاحاً هو إمساك مخصوص عن أشياء مخصوصة بنية مخصوصة في وقت مخصوص، وهذا معناه أن الأصل الإمساك عن كل ما يتناوله معنى الإمساك47 ثم ينظر فيما استثناه الشرع مما يجوز تعاطيه كالكلام والاستياك والغسل والوضوء وبلع الريق ونحوه مما دل عليه فعل الرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا فارق مهم بين من يعتبر البراءة الأصلية ويقتصر في القول بالفطر على ما نص عليه الشرع وبين ما يشير إليه النص بأن البراءة الأصلية قد ارتفعت وشغلت ذمة المكلف بالأمر بالصيام المطلق ثم يكون تقييد هذا الإطلاق باستثناء ما دل الشرع على استثنائه كما تقدم، فتأمل هذا الفارق فإنه دقيق جداً.(1/22)
2- قوله تعالى في الحديث القدسي :"يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي"48، وفي رواية :" يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي"49، وموضع الشاهد هو الإشارة إلى مطلق الودع (أي الترك) فلفظ أكله وشربه مصدر، وهذا المعنى هو المقصود بدليل الرواية الثانية حيث قال : طعامه وشرابه، ووجه الدلالة أن نص الحديث القدسي أشار إلى مطلق الترك وهذا يستلزم مطلق الإمساك على نحو ما تقدم.
3- حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"50، والدلالة فيه مماثلة للنص السابق من جهة ودع الطعام والشراب مطلقاً.
4- حديث لقيط بن صبرة وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم :" وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً"51، ووجه الدلالة أن وصول قطرات الماء اليسيرة إلى الداخل عبر منفذ غير معتاد يؤدي إلى الفطر فدل على أمرين هما عدم اعتبار المنفذ وعدم اعتبار الارتفاق لأن البدن لا يرتفق بقطرات الماء اليسيرة هذه.
5- حديث عائشة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر جنباً في رمضان من غير حلم فيغتسل ويصوم.52، وموضع الشاهد ثبوت اغتساله صلى الله عليه وسلم أثناء صومه، وهذا الاغتسال - الذي حقيقته تعميم البدن بالماء - لا يخلو من وصول الماء إلى مجرى السمع الظاهر وإلى ظاهر العينين ونحوهما، فدل على جواز تعاطي جنس ما يفطر بظاهر البدن.
6- حديث عامر بن ربيعة قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم ما لا أحصي أو أعُد.53، ووجه الدلالة أن ما لم يجاوز حد الظاهر لا يفسد الصوم.
7- من أقوال الصحابة قول ابن عباس رضي الله عنه :" الصوم مما دخل وليس مما خرج"54، وهذا موقوف على حبر الأمة وترجمان القرآن رضي الله عنه وأرضاه، وهو مما يسوغ الاجتهاد فيه من جهة فهم النصوص، فلنا أنه اجتهاد صحابي معتبر على أقل تقدير، وهو يمثل الضابط الذي اخترناه كما سيأتي.(1/23)
8- من أقوال التابعين قول الحسن :" لا بأس بالسعوط للصائم إن لم يصل إلى حلقه، ويكتحل"55، ووجه الدلالة الاستثناء والتقييد بعدم الوصول للحلق، ومفهوم المخالفة أنه يفطر بما وصل، وهذا نموذج من أقوال التابعين رحمهم الله.
هذه جملة النصوص التي أحببت أن أثبتها وأبين وجه دلالتها عند الفقهاء على المراد، ووجه تقرير الضوابط التالية بها.
ثانياً: بالنظر إلى كل ما تقدم فإن الراجح والله أعلم - وهو الأحوط كما يظهر من النصوص الشرعية - اعتبار الضوابط التالية للمفطرات عند فقهاء المذاهب الأربعة على تباين آرائهم:
1- كل ما وصل إلى الجوف (الباطن) عبر طريق يتجاوز ظاهر البدن يؤدي إلى الفطر. 56
2- المقصود بظاهر البدن ما يلي : الجلد السليم، وما لم يتجاوز اللهاة من تجويف الفم والأنف،ومجرى السمع الخارجي ما لم يتجاوز غشاء الطبل، والحجاج ما لم يتجاوز قناة الدمع إلى الحلق، وباطن الإحليل ما لم يصل إلى المثانة،وظاهر الدبر ما لم يجاوز حلقة الدبر،وظاهر فرج المرأة ما لم يجاوز حد الظاهر، فكل ما باشر ظاهر البدن غير متجاوز حد الظاهر لا يفطر بدليل أحاديث الوضوء (وفيه غسل الجلد والوجه والعينين والمضمضة) والاستنجاء (وفيه مباشرة الماء لظاهر حلقة الدبر وظاهر الفرج) والغُسل ( ولا ينفك عنه وصول الماء إلى مجرى السمع) ونحوه.
3- لا عبرة بالارتفاق بالمادة الواصلة لا من جهة الكم ولا من جهة الجنس.57
4- لا عبرة بالخارج من البدن عفواً (أي دون عمد)
5- لا يفطر الخارج من البدن قصداً إلا القيئ أو المني فإنه يفطر باستدعائه أو بمباشرة أسبابه عمداً ذاكراً لصومه58.
6- الجماع مفطر
7- كل ما يحكم بالفطر به فالمقصود حال كون المكلف ذاكراً لصومه عامداً لتعاطي المفطر.(1/24)
وبناء على هذه الضوابط التي استخلصها الفقهاء من النصوص الشرعية وهي الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة والتابعين (ولم أستوعبها بالذكر طبعاً) سوف يتم تخريج كافة المسائل الطبية التي سنعرض لها في صورة أسئلة وأجوبة في الفصل التالي من هذه الرسالة المختصرة إن شاء الله تعالى.
فصل: أحكام المسائل الطبية من حيث إفساد الصوم
أولاً: الإجراءات العلاجية : تكون المداخلات العلاجية مشتملة على إعطاء دواء أو مادة ما عبر أحد الطرق التي تقدم ذكرها، ويختلف الحكم بحسب هذه الطرق على ما يلي من تفصيل حيث ذكرنا في الجواب ما تخرج على الضوابط التي أثبتناها ثم أشرنا إلى المسائل الخلافية بالتنبيه على وجود قول مخالف :
سؤال1: هل يؤدي تناول الأدوية الجامدة أو السائلة عن طريق الفم إلى الفطر؟
جواب 1: نعم، إن تناول هذه الأدوية عمداً يفسد الصوم ويوجب القضاء أو القضاء والكفارة عند البعض (كالمالكية).
سؤال 2: هل يؤدي تناول الأدوية تحت اللسان إلى الفطر؟
جواب 2: إذا كان الدواء مما يتحلل تحت اللسان - كأدوية الذبحة الصدرية وأدوية الضغط وأدوية الشقيقة - ويمتص بحيث يصل إلى الجوف فإن تناوله عمداً يفسد الصوم، أما إذا كان الدواء لا يتحلل بالمكث القصير في الفم أو تحت اللسان - كالغسولات الفموية أو مجرد المضمضمة أو وضع دواء موضعي لا يتحلل ولا يمتص - مثل بعض أدوية الفطريات الموضعية - فإنها لا تفطر ما لم يتعمد ابتلاعها.59
(تنبيه: وهناك قول بأن ما يلي لا يعتبر من المفطرات ونصه: الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق60، علماً بأن وصوله إلى الحلق مؤكد)
سؤال 3: هل يؤدي تناول الأدوية عبر الأنف إلى الفطر؟
جواب 3: هذا يُعرف في القديم بالسعوط، وله أحوال:
1- فإذا كان الدواء موضعياً لا يتجاوز الأنف ولا يصل إلى الحلق كبعض المراهم الموضعية فهذا لا يفسد الصوم.61(1/25)
2- أما إذا وصل إلى الحلق أياً كان نوع الدواء فإنه يفسد الصوم ويوجب القضاء إذا كان تناوله عمداً.
3- أما بالنسبة للبخاخات فعلى نفس التفصيل فإذا كانت موضعية فلا تفسد أما إذا وصل أثر البخ والإرذاذ إلى الحلق أو ابتلعه فيفسد الصوم ويوجب القضاء
4- إذا أُدخل الأنبوب الأنفي المعدي أو الأنفي المعوي فإنه يفسد الصوم بمجرد إدخاله سواء جرى فيه طعام وشراب أم لم يجري.62
(تنبيه: هناك قول آخر من جملة الأمور التي لا تعتبر من المفطرات وفيه:"منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى")63
سؤال4: هل يؤدي أخذ البخاخ أو الإرذاذ (كبخاخ الربو ) عن طريق الفم أو الأنف إلى الفطر؟
جواب 4: نعم، إن الدواء في هذه البخاخات وإن كان يراد منه الوصول إلى الرئتين فإن النسبة العظمى منه تتجاوز اللهاة وتصل إلى المعدة،وهذا الإرذاذ مادة لها جرم مؤثر، وليس صحيحاً أنها مجرد هواء وإلا لم يكن علاجاً فإن الهواء المجرد يتنفسه المريض وغيره. ولا فرق في هذا بين البخاخ الفموي وبين الإرذاذ الذي يكون بالجهاز مع وضع كمامة على الأنف والفم، فهذا كله يُفسد الصوم إذا تعمد استنشاقه64، أما إذا لم يتعمد - كالطبيب المعالج أو الشخص الذي يساعد المريض على تناول العلاج - فلا يفسد صومه طالما لم يتعمد65 فإذا تعمد الاستنشاق أفطر.
(تنبيه:هناك قول لبعض المعاصرين بأن بخاخ الربو وما في حكمه لا يفطر ومن هؤلاء الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله والشيخ عبد الله بن جبرين66)
سؤال 5: هل يؤدي وضع الدواء في الحجاج (قطرة العين) إلى الفطر؟
جواب 5: هذا فيه تفصيل، ويمكن تخريجه على مسألة الكحل وهي مسألة خلافية معروفة عند القفهاء67، مع ملاحظة أن الحجاج يتصل بتجويف الأنف عن طريق قناة طبيعية تعرف بقناة الدمع، وما يصل إلى تجويف الأنف عبرها يمكن وصوله إلى الحلق وابتلاعه، وعليه يتفرع ما يلي:(1/26)
1- إن مجرد وضع المرهم أو القطرة العينية لا يفطر بذاته طالما لم يصل إلى الحلق
2- إذا وصل الدواء إلى الحلق أثناء الصيام وابتلعه الصائم فإنه يُفطر بذلك بغض النظر عن كمية الواصل.
3- إن وصول الدواء أو القطرة إلى الحلق عن طريق القناة الدمعية يزداد وضوحاً في بعض الحالات التي يوضع للمريض قثطرة صناعية في قناة الدمع بهدف توسيعها، وإن مجرد وضع هذه القثطرة الصناعية لا يُفطر لأن نهايتها لا تتجاوز اللهاة، ولكن احتمال وصول الدواء إلى الحلق يزيد ويشعر به المريض شعوراً واضحاً فإن تعمد ابتلاع ما يصل إلى الحلق منها أفطر.68
سؤال 6: هل يؤدي وضع القطرة الأذنية أو غسيل الأذن إلى الفطر؟
جواب 6: هذا فيه تفصيل، فمن الناحية التشريحية فإن مجرى السمع الخارجي ينتهي بغشاء الطبل الذي يفصله عن الأذن الوسطى، والأذن الوسطى هي التي تتصل بالحلق عبر مجرى طبيعي يعرف بقناة الأذن الوسطى، وعليه يكون التفصيل التالي:
1- إن مجرد وضع الدواء أو القطن أو آلة الفحص في مجرى السمع الخارجي لا يُفطر بذاته طالما أن غشاء الطبل سليم ( وهذا يمكن أن يخبر به الطبيب المعالج)، ولا يؤثر إحساس المريض بشيء في حلقه لأن هذا الإحساس في هذه الحالة ناجم عن تخريش النهايات العصبية في مجرى السمع الخارجي ولا يدل على وصول المادة إلى الحلق لأن هذا الوصول غير ممكن مع سلامة غشاء الطبل
2- إذا كان غشاء الطبل مثقوباً أو تالفاً أو غائباً أو فيه قناة صناعية ( كما يجري في بعض العمليات) ففي هذه الحالة يمكن أن يصل الدواء أو ماء غسيل الأذن من مجرى السمع الخارجي إلى الأذن الوسطى ومنه إلى الحلق، وعليه فإذا شعر المريض بالمادة في حلقه وابتلعها عمداً فإنه يُفطر، أما إذا شعر بها وتنخمها ولم يبتلعها عمداً فلا يفطر لأن مكان وصول المادة عبر قناة الأذن الوسطى يكون في القسم العلوي من الحلق ولا يكون مجاوزاً للهاة وهو الحد المعتبر لتجاوز المادة المفطرة إلى الحلق.(1/27)
3- إذا كانت المادة أو الدواء جامدة لا تنساب بطبيعتها ووضعت في مجرى السمع الخارجي ما دون غشاء الطبل فلا يؤثر وجود الغشاء أو عدمه ولا يُفطر المريض لأن هذه الجوامد لا تنساب ولا تصل إلى الحلق (ومثال هذا سدادة أذن موضعية مضمخة بدهن أو مرهم جامد)69
سؤال 7: هل يؤدي تناول الحقن أو الدواء أو السوائل عبر الشرج إلى الفطر؟
جواب 7: نعم، إن تعمد تناول الحقن الشرجية أو الدواء ( كالتحاميل الشرجية) أو السوائل ( كالتحضير للعمليات الجراحية) يؤدي إلى الفطر70.
(تنبيه: هناك قولان آخران أحدهما يفرق بين ما هو مائع وما هو يابس فيفطر بالأول دون الثاني71، والآخر قول بعدم الفطر بدون تفصيل72، ويذكر أن قرار مجمع الفقه المشار إليه في هذه الرسالة قد توقف في مسألة ما يدخل الشرج من حقن وتحاميل ومناظير73)
سؤال 8: هل يؤدي حقن الدواء داخل الأوعية الدموية إلى الفطر؟ وكذلك غسيل الكلى؟
جواب 8: نعم إذا تعمد ذلك، ولا فرق بين كون المحقون مغذياً أو غير مغذٍ لأن الدواء المحقون في الأوعية يصل إلى الدوارن وإلى الجوف. ويجب تنبيه من يفرق بين كون المحقون مغذياً أو غير مغذٍ إلى أن الأدوية التي تُحقن لا تحقن بمفردها عادة وإنما تمزج بكمية ولو قليلة من المحلول الملحي أو السكري أي أن التفريق بين كون المحقون مغذياً أو غير مغذٍ تفريق نظري على فرض صحته74.
(تنبيه: هناك قول بأن حقن ما ليس بمغذٍ لا يفطر75، فيجب سؤال الطبيب عندها عن طبيعة الحقنة وهل تشمل على سائل سكري أو ملحي أو مغذي فيفطر بذلك أم هي دواء مجرد فلا يفطر به على هذا القول)
وكذلك فإن غسيل الكلى بكل أشكاله مفضي إلى الفطر.76
سؤال 9: هل يؤدي حقن الدواء في العضلات إلى الفطر؟
جواب 9: نعم، إذ أن المادة المحقونة في العضلات يتم امتصاصها عبر الأوعية الدموية ثم تصل إلى الدورة الدموية وإلى الجوف على التوضيح المتقدم في الجواب رقم 8. مع ملاحظة أن العضلات ليست جوفاً.(1/28)
(تنبيه: هناك قول بأن حقن ما ليس بمغذٍ لا يفطر77، فيجب سؤال الطبيب عندها عن طبيعة الحقنة وهل تشمل على سائل سكري أو ملحي أم هي دواء مجرد)
سؤال 10: هل يؤدي حقن الدواء تحت الجلد إلى الفطر؟
جواب 10: نعم على التوضيح المتقدم في جواب 8 و9. مع ملاحظة أن تحت الجلد ليس جوفاً.
سؤال 11: هل يؤدي حقن الدواء أو السائل داخل السحايا (عبر إبرة البزل القطني أو عبر قثطرة ) أو داخل القحف (الجمجمة) إلى الفطر؟
جواب 11: نعم لأن هذا الدواء والسائل يصل إلى الدماغ وهو في الباطن وإلى السائل الدماغي الشوكي الذي يتم امتصاصه عبر العروق الدموية فالحاصل أن المادة المحقونة تصل مباشرة إلى تجويف الدماغ كما أنها تصل إلى باطن الجسم بعد امتصاص السائل الدماغي الشوكي78.
(تنبيه: هناك قول لبعض المعاصرين بعدم الفطر بأي شيء مما يدخل الدماغ والسحايا79)
سؤال 12: هل يؤدي حقن أو غسل تجويف البطن ( الصفاق) أو إجراء غسيل عبر البطن ( رحض الصفاق أو غسيل البريتوان) إلى الفطر؟
جواب 12: نعم لأن المحقون يصل إلى الجوف مباشرة كما أنه يتم امتصاصه عبر الصفاق ( وهو الغشاء المبطن لتجويف البطن) فيصل إلى الدوارن وباطن الجسم. ويدخل في هذا غسيل الكلى عبر ما يعرف برحض الصفاق (غسيل البريتوان)80.
(تنبيه: قرار مجمع الفقه الإسلامي توقف في مسألة الفطر بغسيل الكلى عبر البريتوان، ولم أقف على قول صريح لمن يقول بعدم الفطر به81)
سؤال 13: هل يؤدي حقن أو غسيل تجويف جدار الصدر إلى الفطر؟
جواب 13: نعم، وذلك من وجهين أحدهما أن تجويف جدار الصدر من الجوف والمحقون واصل إليه مباشرة، كذلك فإن المادة المحقونة يتم امتصاصها عبر غشاء الجنب (وهو الغشاء المبطن لجوف الصدر) حيث تصل إلى الدورة الدموية والجوف العام82. وإن هذه المسألة والمسألة السابقة تُخرج على مسألة الجائفة المعروفة عند الفقهاء قديماً83.(1/29)
(تنبيه: هناك قول بالتفريق بين الدواء المائع واليابس84، وهناك قول بعدم الفطر بمداواة الجائفة مطلقاً85)
سؤال 14: هل يؤدي وضع الدواء على الجلد (كالمراهم والمساحيق الجلدية) إلى الفطر؟
جواب 14: هذا فيه تفصيل باعتبار سلامة الجلد أو عدمها وذلك على النحو التالي:
1- إذا كان الجلد سليماً ووضعت عليه أية مادة علاجية فإنها لا تؤدي إلى الفطر ولو شعر المريض بها86. ويشمل هذا كامل الجلد ويشمل مجرى السمع الخارجي حتى غشاء الطبل ( على التفصيل في جواب 6) ويشمل تجويف الأنف وباطن الفم حتى اللهاة ( ما لم تكن المادة متحللة على التفصيل المذكور في جواب 2) ويشمل غشاء العين الخارجي المعروف بالملتحمة ( على التفصيل في جواب 5)
2- إذا كان الجلد مصاباً بحيث تزيد نسبة امتصاص المادة عن الحد الطبيعي87 - كما هو الحال في حروق الدرجة الثانية والثالثة وفي التقرحات غير السطحية ونحوها - فإن هذا أقرب إلى الحقن تحت الجلد ويُرجع إلى رأي الطبيب في تقييم ذلك فإذا حكم الطبيب بأن نسبة امتصاص الدواء تفوق المعتاد من سطح الجلد السليم فإنه يحكم بالفطر وإلا فلا88، والله تعالى أعلم.
(تنبيه : ينتبه في القول الآخر عند من يرى عدم الفطر بالحقن غير المغذية عدم تأثير سلامة الجلد لأنهم لا يرون الفطر بما حقن فيه من مادة غير مغذية 89)
سؤال 15: هل يؤدي حقن أو تقطير الدواء في الإحليل إلى الفطر؟
جواب 15: إذا كان الدواء المحقون موضعياً كما في بعض الأدوية التي توضع موضعياً في الإحليل بحيث لا تنفذ إلى المثانة فهذا لا يؤدي إلى الفطر90. ( انظر جواب 18 لمزيد من التفصيل)، وبالنسبة للمرأة فإن موضع الإحليل (أي مجرى البول) في المهبل يُلحق حكمه به91 كما سيأتي في سؤال 16.
سؤال 16: هل يؤدي وضع أو حقن الدواء في المهبل إلى الفطر؟
جواب 16: هذا فيه تفصيل على النحو التالي:(1/30)
1- إذا كان العلاج الموضوع خارجياً على القسم الخارجي من الجهاز التناسلي وهو الذي يتناوله الاستنجاء عادة - كبعض المراهم ونحوها - فلا يُفطر والله أعلم.
2- إذا تجاوز القسم الظاهر من الجهاز التناسلي ووصل إلى المهبل فإنه يفطر بذلك لأن المهبل متصل بالجوف عن طريق عنق الرحم والرحم ولأن بطانة المهبل تمتص المواد الموضوعة فيه، وكذلك لو وضع شيء في إحليل المرأة فإن هذا في المهبل ويؤدي إلى الفطر92.
(تنبيه: المالكية رحمهم الله يفرقون بين حقن المائع واليابس فتفطر المرأة بالأول ولا تفطر بالثاني93، وهناك قول لبعض المعاصرين بعدم الفطر مما ذكر94وأما)
سؤال 17: هل يؤدي تناول الدواء أو السوائل أو الغذاء عبر الفتحات الصناعية الموصلة للأمعاء إلى الفطر؟
جواب 17: إن الفتحات الصناعية الموصلة للأمعاء سواء أكانت تصل القسم العلوي للجهاز الهضمي (كفتحات المعدة والمعي الدقيق ) أو القسم السفلي منه (كفتحات الكولون ) تتصل مباشرة بالأمعاء وكل ما يدخل عن طريقها من طعام أو شراب أو دواء أو أداة يؤدي إلى الفطر.95
(تنبيه: هناك قول للمالكية رحمهم الله تعالى يفرق فيما وصل إلى الأمعاء من طريق سفلي بين ما إذا كان مائعاً أو يابساً فيفطر بالأول دون الثاني، وصورة هذه المسألة أن يحقن في فتحة سفلية ماء فيفطر أو يدخل فيه مسباراً أو قثطرة فلا تفطر على هذا القول96)
سؤال 18: هل يؤدي حقن الدواء أو السائل ونحوه عبر الفتحات الصناعية الموصلة للمثانة أو الحالب أو الكلية إلى الفطر؟
جواب 18: نعم لأن هذا كله واصل إلى الجوف بخلاف الدواء الذي يعطى موضعياً في الإحليل بحيث لا يتجاوز الإحليل إلى المثانة. فكل واصل إلى المثانة أو الحالب أو حويضة الكلية يؤدي إلى الفطر سواء أكان وصوله عبر الإحليل (كما في المواد التي تحقن عبر القثاطر) أو عبر فتحات صناعية إلى المثانة أو الحالب أو الحويضة97.(1/31)
(تنبيه: هناك قول لا يعتبر الداخل إلى المثانة مفطراً باعتبار أنها طريق خروج لا طريق دخول98، ولم أقف على قول يفصل في الحالب والحويضة99)
سؤال 19: هل تؤدي العلاجات الموضعية السنية أو اللثوية إلى الفطر؟ وكذا قلع الأسنان أو حفرها وحشوها؟ وإعطاء التخدير لذلك؟
جواب 19:هذا فيه تفصيل :
1- إن علاج الأسنان بكل ما هو موضعي لا يبتلع ولا يتحلل لا يؤدي إلى الفطر، وكذلك التخدير الموضعي بالبخ ونحوه وكذلك قلع الأسنان
2- أما لو ابتلع شيئاً مما سبق عمداً ذاكراً لصومه فإنه يفطر سواء أكان دواءً موضعياً أم حشوة سن أم ما يتناثر من حفر الضرس أم السن المقتلع فإن بلع أياً من ذلك عمداً ذاكراً لصومه فإنه يؤدي إلى الفطر، وكذلك التخدير الذي يعطى بالحقن فإنه يؤدي إلى الفطر100
(تنبيه: يراعى في مسألة التخدير بالحقن القول المخالف 101 الذي تقدم التنبيه عليه في سؤال 8)
سؤال 20: هل تؤدي خياطة الجروح الخارجية في الجلد بالخيوط الجراحية إلى الفطر؟
جواب 20: إن وضع الخيوط الجراحية في الجلد لخياطة الجروح لا يفطر بذاته لأن الجلد من حد الظاهر كما قدمنا (فأشبه لو وضع شيئاً في فمه ولم يبتلعه) ولكن ينتبه إلى أن عملية الخياطة نفسها قد تتضمن حقن مخدر في الموضع فهذا تجري عليه أحكام الحقن كما تقدم في مواضعه. ويلاحظ أن بعض الخيوط الجراحية تكون من النوع المتحلل ولكن هذا التحلل بطيء جداً فعسى ألا يكون به بأس إن شاء الله.
أما الجروح العميقة فهذه غالباً ما يفطر المصاب بها لأسباب أخرى حيث تقتضي إعطاء علاجات ومداخلات تؤدي إلى الفطر بطبيعة الحال، وعلى أي حال فإن وضع الخيوط الجراحية في الجروح العميقة وفي الجوف يؤدي إلى الفطر بسبب الوصول إلى الجوف.(على التفصيل الذي قدمنا مع مراعاة التنبيه على القول المخالف)102
سؤال 21: هل تؤدي الحجامة إلى الفطر؟
جواب 21: الصحيح أن الحجامة لا تفطر والأحوط تركها خروجاً من الخلاف المعروف103.(1/32)
(تنبيه: هناك قول آخر بالفطر من الحجامة لظاهر حديث :"أفطر الحاجم والمحجوم"104)
سؤال 22: هل يؤدي الحقن داخل العظم إلى الفطر؟
جواب 22: إن الحقن داخل العظم عن طريق إبر خاصة تغرز في العظم يؤدي بالمادة المحقونة إلى الامتصاص مباشرة عبر العروق الدموية للعظم والوصول من ثم إلى الجوف، فهذه حكمها حكم الحقن داخل العروق أي أنها تؤدي إلى الفطر.
( تنبيه: لم أقف على من أشار إلى هذه المسألة بالتحديد)105
ثانياً: الإجراءات التشخيصية:
يشتمل الإجراء التشخيصي عادة على أمرين هما آلة الفحص ومحل البدن الذي تسلط عليه هذه الآلة، وتدور أحكام كل من هذه الإجراءات على تصوير الأمرين وتنزيلهما على الضوابط المتعلقة بالفطر، ولقد أثبتنا في الجواب ما رأيناه متخرجاً على الضوابط المتقدمة آنفاً، ونبهنا على وجود الخلاف بقولنا (تنبيه) حتى يعلم أنها مسألة خلافية أو اجتهادية:
سؤال 1: هل يؤدي فصد الدم إلى الفطر؟ وماذا عن التبرع بالدم؟
جواب 1: صورة المسألة هنا ما يكون من أخذ عينات دموية من المرضى عن طريق وضع إبرة في الوريد أو الشريان وسحب الدم بدون حقن أية مادة في الإبرة، فإذا كان الأمر كذلك فهذا لا يؤدي إلى الفطر (وإن كان غرز الإبرة محل نظر ولكن عادة لا يتجاوز الجلد كثيراً فهو قريب من حد الظاهر وما قارب الشيء أخذ حكمه، إضافة إلى أن هذه الإبر غير متحللة فيقوى القول بعدم الفطر بهذا والله تعالى أعلم). ويجب التنبيه إلى أنه في بعض الحالات قد يقوم من يسحب الدم بحقن محلول سائل في الإبرة أو القثطرة بهدف التأكد من وضعيتها ففي هذه الحالة يحدث الفطر بسبب حقن المحلول (الذي يكون من جنس المحلول المغذي عادة).(1/33)
أما التبرع بالدم فإنه وإن كان من حيث الصورة مشابهاً لفصد الدم غير أن الكمية المسحوبة من الدم للتبرع عادة ما تؤدي إلى إنهاك المتبرع مما قد يفضي به إلى الفطر بسبب حاجته إلى تعاطي ما يستعيد به عافيته، فلعل الأَولى ترك التبرع بالدم إلى وقت الفطر ما لم يكن هناك طارئ، أما إذا غلب على الظن أنه يضطر إلى الفطر بسبب التبرع فحينئذٍ يقوى القول بترك ذلك لأنه أشبه بتعاطي الأسباب المفضية للفطر.
(تنبيه: هناك من يقيس التبرع بالدم على الحجامة وهو قياس مع الفارق لأن التبرع حقيقته فصد وليس حجامةً وعلى أي حال فيراعى عند من يقيس التبرع بالدم على الحجامة قول من يقول بالفطر بالحجامة كما نبهنا106)
سؤال 2: هل تؤدي الاستقاءة إلى الفطر؟ وكذلك غسيل المعدة؟
جواب 2: صورة هذه المسألة أن يتعاطى المريض أو الطبيب المعالج سبباً يؤدي إلى حدوث القيء عمداً كما في بعض التسممات حيث يعمد إلى الاستقاءة لطرح المادة السامة، وأياً ما كان السبب فإن الاستقاءة عمداً تؤدي إلى الفطر. أما إذا كان القيء بغير عمد فهذا لا يؤدي إلى الفطر إلا إذا تعمد المريض ابتلاع ما وصل إلى الفم.
أما غسيل المعدة فهو قريب من صورة الاستقاءة لأن حقيقته تعمد استخراج ما في المعدة فهو يؤدي إلى الفطر.
ولعل مما يلحق بصورة الاستقاءة قيام الطبيب بإخراج الأنبوب المعدي أو المنظار الموضوع سابقاً إما عن طريق الأنف أو الفم لأن حقيقة الاستقاءة استدعاء خروج ما في المعدة، وعليه فإن إخراج هذا الأنبوب أثناء فترة الصوم يؤدي إلى الفطر107.(1/34)
(تنبيه: مسألة المنظار هنا تشوش في الحقيقة على القول بأن إدخال المنظار إلى المعدة لا يفطر108 لأن هذا الإجراء عادة ما يكون للتشخيص ولا يتجاوز نصف الساعة إلى الساعة ثم يخرج الطبيب هذا المنظار فعلى فرض التنزل مع القول بعدم الفطر بإدخال المنظار فإنه سيخرج هذا المنظار من المعدة بعلم المريض وبإذنه فيؤدي إلى الفطر لأن حقيقة الاستقاءة تعمد استخراج ما في المعدة، فتأمل109)
ويراعى في كل مسائل الاستقاءة العمد وذكر الصوم110.
سؤال 3: هل يؤدي كشف العورة من أجل إجراء الفحص الطبي إلى الفطر؟ وهل إذا أدى كشف العورة إلى إمذاء أو إنزال (الطبيب أو المريض) فهل يؤدي ذلك إلى الفطر؟
جواب 3: لا يؤدي كشف العورة إلى الفطر ولا فرق في هذا بين العورة المغلظة وغيرها، ولكن تراعى الضوابط الشرعية لكشف العورة للأسباب الطبية.
وإذا أدى كشف العورة المأذون به شرعاً إلى الإمذاء فلا يؤدي إلى الفطر111، أما إذا أدى إلى الإنزال فإنه لا يؤدي إلى الفطر إلا إذا تم تجاوز المأذون به شرعاً من حد النظر أو تكراره أو دوامه عامداً ذاكراً لصومه، وإذا أفطر بهذا فإنه يقضي دون كفارة.
(تنبيه: هناك قول بالفطر بخروج المذي إذا تعاطى أسبابه من نظر وتفكر ونحوه112، وهناك قول بعدم الفطر بخروج المني في الصورة المذكورة أعلاه113)
سؤال 4: هل يؤدي لمس جسد المريض أو جسه إلى الفطر؟ وماذا لو لمس أو جس فأمذى أو أنزل؟
جواب4: لا يؤدي اللمس أو الجس المأذون به شرعاً إلى الفطر ولا فرق في هذا بين العورة المغلظة وغيرها، ولكن تراعى الضوابط الشرعية لمباشرة المريض للأسباب الطبية.
وإذا أدى اللمس أو الجس المأذون به شرعاً إلى الإمذاء فلا يؤدي إلى الفطر114، أما إذا أدى إلى الإنزال فإنه لا يؤدي إلى الفطر115 إلا إذا تجاوز الحد المأذون به شرعاً عمداً ذاكراً لصومه كما تقدم في مسألة النظر116، والله أعلم.
(تنبيه : هناك قول بالفطر إذا لمس فأمنى لوجود المباشرة117)(1/35)
سؤال 5: هل يؤدي الاستمناء إلى الفطر؟ وهل تجب فيه الكفارة؟
جواب 5: صورة المسألة أن يحتاج إلى استخراج عينة من السائل المنوي للفحص وهذا الاستمناء المتعمد يؤدي إلى الفطر118 ويوجب القضاء دون الكفارة. وينتبه إلى أن مثل هذا الفحص لا يكون ملجئاً عادة بل يمكن تأجيله وبالتالي فلا يصح تعاطيه أثناء الصوم لعدم الضرورة أو الحاجة.
(تنبيه: هناك قول للمالكية بوجوب القضاء مع الكفارة إذا كان الاستمناء في صيام رمضان119، وهناك قول للظاهرية رحمهم الله بعدم الفطر بالاستمناء إذ ليس فيه نص صريح)
سؤال 6: هل يؤدي بزل الجنب (جوف الصدر) إلى الفطر؟
جواب 6: صورة هذه المسألة أن يقوم الطبيب بإدخال إبرة إلى داخل جوف الصدر ثم يقوم بسحب السوائل والأخلاط الفاسدة المتراكمة فيه، وقد يضع بعد ذلك أنبوباً لتفريغ ما يتراكم تباعاً أو لا يحتاج الأمر لذلك. أما الحكم ففيه تفصيل على النحو التالي:
1- إذا أدخل الطبيب الإبرة أو أنبوب التصريف في جوف الصدر بعلم المريض واختياره (أي موافقته) أثناء الصوم فإن هذا يؤدي إلى الفطر120.
2- إذا وضع الأنبوب قبل الفجر وأراد المريض صيام ذلك اليوم فلا يفطر بذلك بشرط ألا يُحقن فيه دواء أو سائل أو نحوه وبشرط ألا يتم دفع الأنبوب إلى داخل تجويف الصدر أكثر مما كان وقت إدخال الأنبوب لأن حقيقة ذلك إدخال الجزء الذي كان خارجاً فأشبه إدخال شيء جديد إلى الجوف.
3- إذا أُدخل الأنبوب أو الإبرة بعد الفجر في الجوف فإن صومه يفسد كما تقدم ولكن لو بقي هذا الأنبوب في مكانه لعدة أيام لتصريف الأخلاط المتراكمة وأراد المريض أن يستأنف الصوم في الأيام التالية فإن صومه صحيح بشرط ألا يحقن أي دواء أو سائل في الأنبوب وبشرط ألا يتم دفع الأنبوب وتحريكه إلى داخل أما لو سحب الأنبوب قليلاً إلى الخارج لتعديل وضعيته فلا بأس121.(1/36)
(تنبيه: هناك قول بعدم الفطر من المنظار الواصل إلى جوف البطن ولم يصرح أصحابه بمسألة جوف الصدر122 وهناك قول بالتفريق بين ما هو متحلل وغير متحلل123 )
سؤال 7 : هل يؤدي بزل الصفاق ( جوف البطن) إلى الفطر؟
جواب 7: صورة هذه المسألة إما إدخال إبرة أو قثطرة (أنبوب) عبر جدار البطن إلى داخل جوف البطن ثم سحب السوائل أو الأخلاط المتراكمة نتيجة المرض إما بهدف إجراء الفحوص التشخيصية أو بهدف العلاج، فإذا استعملت الإبرة فإنها عادة تُنزع بعد إنهاء عملية السحب أما القثطرة فعادة ما تترك مكانها إما لتكرار تصريف السوائل والأخلاط المتراكمة أو لحقن مواد علاجية أو سوائل غسيل كما هو الحال في غسيل الكلى عبر الصفاق. وأما حكم هذا الإجراء ففيه تفصيل:
1- إذا أدخلت الإبرة أو القثطرة أثناء الصوم بإذن المريض وعلمه ذاكراً لصومه فإنه يفطر وذلك لأن الإبرة أو القثطرة تصل إلى الجوف.
2- إذا أُدخلت الإبرة أو القثطرة قبل الفجر وأراد المريض صيام ذلك اليوم فإن صومه صحيح بشرط ألا يحقن فيها أي دواء أو سائل وبشرط ألا يتم دفعها وتحريكها إلى داخل أما لو سحبت قليلاً إلى الخارج لتعديل وضعيتها فلا بأس.
3- إذا أُدخلت الإبرة أو القثطرة بعد الفجر فإنه يفطر كما تقدم ولكن لو بقيت هذه القثطرة موضوعة لعدة أيام في الجوف لتصريف الأخلاط المتراكمة وأراد المريض أن يستأنف الصوم في الأيام التالية فإن صومه صحيح بشرط ألا يُحقن فيها أي دواء أو سائل وبشرط ألا يتم دفعها وتحريكها إلى داخل أما لو سحبت قليلاً إلى الخارج لتعديل وضعيتها فلا بأس.124
(تنبيه: هناك قول بعدم الفطر من المنظار الواصل إلى جوف البطن 125،وقول بالتفريق بين ما هو متحلل وغير متحلل 126)
سؤال 8: هل يؤدي بزل المثانة إلى الفطر؟ وهل يؤدي إحداث فتحة صناعية بين المثانة وجدار البطن لتصريف البول في حالات إنسداد عنق المثانة أو الإحليل إلى الفطر؟
جواب 8: تفصل ذلك على النحو التالي:(1/37)
1- إن بزل المثانة عن طريق إدخال إبرة عبر جدار البطن السفلي إلى جوف المثانة ثم سحب ما فيها من البول يؤدي إلى الفطر لأن المثانة واقعة في الجوف وهذه الإبرة واصلة إلى الجوف عندما تغرز في جوف المثانة.
2- إن أُحدثت فتحة صناعية دائمة أو مؤقتة بين جدار المثانة وجدار البطن بحيث يتم تصريف البول إلى الخارج عبر هذه الفتحة فإن وجود هذه الفتحة بحد ذاته وخروج البول منها لا يؤدي إلى الفطر
3- لو تم إدخال قثطرة أو دواء أو سائل عبر الفتحة الصناعية الموصوفة في رقم (2) فإن هذا يؤدي إلى الفطر لوصوله إلى الجوف.127
(تنبيه: هناك قول بعدم الفطر مما وصل إلى المثانة عن طريق الإحليل128 ولم أقف على من تكلم على الصور التي أوردتها تحديداً)
سؤال 9 : هل يؤدي بزل السحايا أو بزل البطينات الدماغية إلى الفطر؟ وماذا عن القثاطر الموضوعة بشكل مؤقت أو مزمن؟
جواب 9: نعم إن بزل السحايا عن طريق إدخال إبرة إلى جوف القناة الفقرية حيث يتوصل إلى بزل السائل الدماغي من حول الحبل الشوكي يؤدي إلى الفطر، وكذلك الحال في بعض الإجراءات التي يقوم الطبيب فيها بإدخال إبرة عبر الجمجمة إلى تجويف الدماغ المسمى (البطينات) لبزل السائل منه أو تفريغ نزيف من داخل أو حول الدماغ، وسبب الفطر في هذه الحالات هو دخول الإبرة إلى جوف الدماغ.
أما لو أدخلت قثطرة إلى السحايا أو البطينات سواء لفترة مؤقتة أو مزمنة ففيه تفصيل:
1- إذا كان إدخال القثطرة أثناء الصوم فإنه يُفطر.
2- إذا كان إدخال القثطرة قبل الفجر وبقيت إلى ما بعده فإنها لا تفطر بشرط ألا يحقن فيها شيء وألا يتم تحريكها إلى الداخل أثناء الصوم (أما لو تم سحبها قليلاً إلى الخارج لتعديل وضعيتها فلا بأس).
3- إذا كان إدخال القثطرة بعد الفجر فإنها تفطر، ولكن لو بقيت لعدة أيام وأراد استئناف الصوم في الأيام التالية فإنها لا تؤثر بشرط ألا يحقن فيها شيء وألا يتم تحريكها إلى الداخل أثناء الصوم كما تقدم.(1/38)
4- إذا تم حقن مادة ظليلة للتصوير الشعاعي من خلال إبرة أو قثطرة موضوعة في السحايا أو البطينات فإنه يؤدي إلى الفطر إذا كان أثناء فترة الصوم، أما لو حقنت المادة قبل الفجر وتم التصوير بعد الفجر فلا يؤدي إلى الفطر.129
(تنبيه: هناك قول بعدم الفطر مما وصل الدماغ والسحايا من أداة أو مواد علاجية130)
سؤال 10 : هل يؤدي بزل الأذن إلى الفطر؟ وماذا عن الأنابيب الصغيرة التي توضع في غشاء الطبل للتهوية ؟
جواب 10: صورة المسألة أن يتم استعمال إبرة لا تشتمل على أي جزء أو مادة متحللة يتم إدخالها في مجرى السمع الخارجي ثم يتم ثقب غشاء الطبل بها - وهو ثقب صغير جداً- حتى يصل رأس الإبرة إلى الأذن الوسطى ويتم بزل السائل المتجمع فيها، وعادة لا يتم حقن شيء في الأذن الوسطى ثم تسحب الإبرة كاملة الأجزاء إلى الخارج، ولما كان الداخل إلى الأذن الوسطى لا يتحلل منه شيء البتة لأنه من مادة معدنية فإنه لا يصل منه شيء إلى الحلق131، وتبقى العملية كلها في حدود ملاصِقة لما هو من خارج الجسم، وعليه نذكر التفصيل التالي:
1- إن بزل الأذن بالصورة المذكورة لا يؤدي إلى الفطر إن شاء الله.
2- أما لو حقنت أية مواد في الأذن الوسطى كأن يفعل الطبيب ذلك لتنظيف أو علاج الأذن الوسطى وما بعدها فهذا يرجع فيه إلى التفصيل المذكور في جواب رقم 6 من أسئلة المداخلات العلاجية.
3- قد يقوم الطبيب بوضع مادة مخدرة موضعية على غشاء الطبل من خارج قبل البزل فهذا لا يؤدي إلى الفطر إن شاء الله لأنه موضوع من خارج
4- أما أنابيب التهوية التي توضع في نفس غشاء الطبل فإن وجود هذه الأنابيب لا يؤدي إلى الفطر بنفسه ولكن يحترز من أن غشاء الطبل في هذه الحالة أصبح مفتوحاً وبالتالي فإن أية مادة موضوعة في مجرى السمع الخارجي يمكن أن تصل إلى داخل الأذن ويرجع في حكم هذا إلى التفصيل الوارد في جواب 6 من المداخلات العلاجية132.(1/39)
سؤال 11: هل يؤدي بزل السلى (السائل الأمنيوسي) إلى الفطر؟ وكذلك تنظير الجنين؟
جواب 11: إن بزل السلى يكون بواسطة إدخال إبرة عبر جدار البطن ثم عبر جدار الرحم بحيث يصل إلى السائل المحيط بالجنين ثم تسحب منه عينة، وهذا كله يؤدي إلى الفطر بسبب الوصول إلى الجوف. وكذلك الحال بالنسبة لتنظير الجنين. ويذكر أن هذه الإجراءات عادة ما تكون غير إسعافية بحيث يمكن إرجاؤها إلى ما بعد الفطر، ويرجع في هذا إلى خبرة الطبيب العدل الحاذق.133
(تنبيه: هناك قول لبعض المعاصرين بأن منظار البطن الداخل إلى جوف البطن لا يفطر134 ولم أقف على من صرح بمسألة تنظير الجنين135)
سؤال 12: هل يؤدي المس الشرجي (الفحص الشرجي) إلى الفطر؟
جواب 12: صورة المسألة قيام الطبيب الفاحص بإدخال أصبع مكسوة بقفاز الفحص وموضوع عليه مادة مزلقة إلى داخل الشرج متجاوزاً حلقة الدبر الخارجية وهذا يؤدي إلى الفطر بسبب الوصول إلى الجوف.136
(تنبيه: هناك قول بعدم الفطر بذلك إذا بقي جزء متصل في الخارج137)
سؤال 13: هل يؤدي الفحص المهبلي إلى الفطر؟ وماذا عن أخذ عينات من عنق الرحم أو تجريف الرحم؟ وماذا عن تصوير الرحم والبوقين؟
جواب 13: الجواب ما يلي:
1- إن فحص المهبل سواء أكان الفحص بالأصبع المكسوة بالقفاز أم بمنظار المهبل يؤدي إلى الفطر138.
2- إن أخذ عينات من عنق الرحم أو إجراء تجريف الرحم يستلزم إدخال أدوات عبر المهبل للوصول إلى هذه الأعضاء وهذا كله يؤدي إلى الفطر139.
3- إن تصوير الرحم والبوقين الظليل يتم عبر حقن مادة ظليلة في عنق الرحم تصل إلى جوف الرحم والبوقين وهما متصلان بالجوف وهذا كله يؤدي إلى الفطر140.
(تنبيه: هناك قول لبعض المعاصرين بعدم الفطر بشيء مما ذكر141، وعند المالكية يقتصر الفطر فقط على إدخال الموائع ولا تفطر بدخول الجامد لأن قُبُل المرأة منفذ سفلي142)(1/40)
سؤال 14: هل يؤدي تنظير الجهاز الهضمي إلى الفطر؟ وماذا عن التصوير عبر الفتحات الصناعية للجهاز الهضمي؟
جواب 14: إن تنظير الجهاز الهضمي بواسطة إدخال المنظار سواء أكان عبر الفم (تنظير هضمي علوي) أم عبر الشرج (تنظير هضمي سفلي) يؤدي إلى الفطر143.
(تنبيه: هناك قول لبعض المعاصرين بعدم الفطر بالمنظار إذا لم يرافقه إعطاء محاليل144، وعند المالكية تفريق بين المائع والجامد إذا أدخل من منفذ سفلي كالدبر فيفطر بالمائع ولا يفطر بالجامد145)
أما تصوير جهاز الهضم عن طريق حقن مادة ظليلة في الفتحات الصناعية الموصلة إلى الجهاز الهضمي فهذا يؤدي إلى الفطر إلا إذا كان حقن المادة قبل الفجر والتصوير بعده146.
سؤال 15: هل يؤدي تنظير الجنب إلى الفطر؟
جواب 15: نعم إن تنظير الجنب عن طريق إدخال المنظار إلى جوف الجنب مع ما يرافق ذلك من حقن سوائل ونحوه يؤدي إلى الفطر147.
(تنبيه: هناك قول بعدم الفطر من المنظار الواصل إلى جوف البطن 148،وقول بالتفريق بين ما هو متحلل وغير متحلل149)
سؤال 16: هل يؤدي تنظير الصفاق ( جوف البطن) إلى الفطر؟
جواب 16: نعم إن تنظير الصفاق عن طريق إدخال المنظار إلى جوف البطن مع ما يرافق ذلك من حقن سوائل ونحوه يؤدي إلى الفطر150.
(تنبيه: هناك قول بعدم الفطر من المنظار الواصل إلى جوف البطن 151،وقول بالتفريق بين ما هو متحلل وغير متحلل152)
سؤال 17: هل يؤدي تنظير أو قثطرة المثانة إلى الفطر؟
جواب 17 : إن تنظير المثانة عن طريق إدخال منظار إلى المثانة - غالباً عبر الإحليل - يؤدي إلى الفطر، هذا مع ما يرافق التنظير عادة من حقن سوائل ونحوه في المثانة.
أما بالنسبة للقثطرة ففيها تفصيل:
1- إن إدخال القثطرة إلى المثانة أثناء الصوم يؤدي إلى الفطر153(1/41)
2- إن إدخال القثطرة إلى المثانة قبل الفجر واستبقاؤها لما بعده لا يؤدي إلى الفطر بشرط ألا يحقن فيها شيء في فترة الصوم وألا يتم تحريكها إلى الداخل في فترة الصوم.
3- إن إدخال القثطرة أثناء الصوم يفطر، فإذا بقيت لعدة أيام وأراد أن يستأنف الصوم في الأيام التالية فلا تؤثر في الأيام التالية بشرط ألا يحقن فيها شيء في فترة الصوم وألا يتم تحريكها إلى الداخل في فترة الصوم154.
(تنبيه: هناك قول بعدم الفطر مما وصل إلى المثانة عبر الإحليل155)
سؤال 18: هل يؤدي تنظير المفاصل إلى الفطر؟
جواب 18: إن تنظير المفصل يستلزم إدخال المناظر إلى جوف المفصل مع ما يرافق ذلك من حقن سوائل ونحوه فهذا يؤدي إلى الفطر156. مع ملاحظة أن المفاصل ليست من الجوف157
(تنبيه: لم أقف على من ذكر هذه المسألة تحديداً 158)
سؤال 19: هل يؤدي وضع القثاطر الوعائية إلى الفطر؟
جواب 19 : هذا فيه تفصيل159 ولكن قبل الجواب أبين أنه من الناحية العملية فإن وضع أية قثطرة في عرق من عروق المريض الشريانية أو الوريدية يرافقه حقن كمية ولو قليلة من المحلول الملحي (وهو محلول مغذي) وذلك بغرض التأكد من سلامة وضعية القثطرة وللتأكد من جريانها وعدم انسدادها، وعليه نقول:
1- إذا اشتمل إدخال القثطرة حقن أية مادة (كالمحلول الملحي الذي يحقن للتأكد من جريان القثطرة) فإن ذلك يؤدي إلى الفطر.
2- القثاطر الوعائية التي تصل إلى العروق الكبيرة (كالشريان الأبهر أو الوريد الأجوف السفلي ونحوهما) تؤدي إلى الفطر بذاتها لوصولها إلى الجوف.(تنبيه: هناك قول بعدم الفطر كما في قرار مجمع الفقه ولم أجد فيه تفصيلاً فيما يتعلق بحقن شيء في القثطرة أو عدمه)(1/42)
3- القثاطر الصغيرة والإبر التي لا تتجاوز الجلد وتحت الجلد كثيراً ولا تتحلل ولا يحقن فيها شيء أثناء وضعها قد يقوى القول بعدم الفطر بها لأنها مجاورة للخارج (الجلد) ولم يصل منها شيء إلى الجوف، وصورة هذه المسألة تتأتى في الحالات التي توضع فيها القثطرة أو الإبرة بغرض سحب الدم سواء أكان لأجل أخذ عينة دم للفحص المخبري أو كان للتبرع بالدم، فهذه لا تفطر إن شاء الله.
4- إذا أبقيت القثطرة لعدة أيام وأراد الصوم في هذه الأيام فصومه صحيح بشرطين ؛ ألا يحقن شيء في هذه القثطرة وألا يتم دفع هذه القثطرة إلى الداخل أكثر مما كانت عليه وقت إدخالها، أما لو سحبت فلا بأس. وننبه هنا على أن هذا يتأتى عادة في القثاطر الصغيرة في العروق المحيطية (الأقرب إلى الجلد) أما القثاطر الطويلة التي تصل إلى العروق الكبيرة فغالباُ ما تستلزم استمرار جريان كمية ولو قليلة من السائل المميِّع حتى لا تحدث فيها جلطات تسد منافذها وفي هذه الحالة لا يمكن أن يصوم المريض في هذه الأيام طالما أن هناك ما يحقن في هذه القثاطر160.
(تنبيه: هناك قول آخر في عدم الفطر بما هو محقون في العروق إلا إذا كان مغذياً161، كما أن هناك قول بعدم الفطر بإدخال القثاطر 162)
سؤال 20: هل يؤدي أخذ خزعات جراحية من الجلد إلى الفطر؟
جواب 20: هذا فيه تفصيل:
1- إذا كان أخذ الخزعة (أي قطع قطعة) من الجلد يتم بدون حقن مادة مخدرة أو يتم بوضع مادة مخدرة موضعية على الجلد فقط (كما هو حال بعض المراهم المخدرة) فإن مجرد قطع قطعة من الجلد وخياطتها لا يفطر إن شاء الله.
2- إذا اشتمل إجراء الخزعة على حقن أية مادة مخدرة سواء أكان تحت الجلد أم في الأنسجة الأعمق فإن هذا يؤدي إلى الفطر بسبب هذا الحقن على التفصيل والتتنبيه الذي بيناه في الجزء الأول المتعلق بحقن المواد.(1/43)
3- أما الخزعات من باقي أنحاء الجسد فلا يتصور إجراؤها بدون حقن مادة مخدرة أو إدخال مبضع أو إبرة أو مسبار إلى الجوف وكل هذا مما يؤدي إلى الفطر بطبيعة الحال.
(تنبيه : يراعى بالنسبة لتعليق الفطر على الحقن ما نبهنا عليه من وجود القول الآخر في الحقن وانها إذا كانت بغير مغذٍ فلا تفطر163)
سؤال 21: هل يؤدي قياس حرارة الجسم بالمقاييس المختلفة إلى الفطر؟
جواب 21: هذا فيه تفصيل بحسب طريقة قياس الحرارة وذلك على النحو التالي:
1- إذا تم قياس الحرارة عن طريق وضع مقياس الحرارة في الفم تحت اللسان - وهذا لا يجاوز اللهاة عادة - فهذا لا يؤدي إلى الفطر.
2- إذا تم قياس الحرارة عن طريق وضع جهاز القياس في مجرى السمع الخارجي فإن هذا لا يتجاوز الظاهر ولا يؤدي إلى الفطر.
3- إذا تم قياس الحرارة عن طريق إدخال مقياس الحرارة في الشرج فإن هذا يجاوز حلقة الدبر ويؤدي إلى الفطر164.
(تنبيه: لم أقف من المعاصرين على من صرح بمسألة ميزان الحرارة في الشرج، وبالنسبة للمالكية الذين يفرقون بين الداخل المائع أو الجامد فميزان الحرارة جامد غير متحلل فلا يفطر مجرد إدخاله 165)
هذا ما تيسر عرضه من أهم وأكثر الإجراءات الطبية شيوعاً مع بيان أثرها على الصوم، ولا أدعي استيعاب ما عرضت لكل الإجراءات فعسى أن يتيسر ذلك بإذنه تعالى.
وأنبه هاهنا على مسائل مهمة :
1- إن دور الطبيب المعالج مهم جداً في التصوير الدقيق للحالة المرضية أو الإجراء الذي يحتاجه مريضه بحيث يتمكن المريض من نقل مسألته إلى من يستفتيه بصورة واضحة، وإن التوفيق إلى الصواب في الفتيا في هذه النوازل يعتمد بعد الله عز وجل على صحة ودقة هذا التصوير، فليستشعر الطبيب ثقل هذه المسؤولية وليتق الله تعالى في ذلك.(1/44)
2- إن دور الطبيب المعالج مهم جداً في تحديد الضرورة أو الحاجة إلى إجراء ما يفسد الصوم من مداخلات علاجية أو تشخيصية، فإذا لم تكن هناك ضرورة أو حاجة وأمكن تأجيل الإجراء إما لبعد الفطر في ذلك اليوم أو لبعد رمضان فلا يجوز له أن يشير على مريضه بغير ذلك، وإنه يتحمل تبعة ذلك فليقل أو ليستكثر منه، وليس "عدم التعقيد" بالأمر المعتبر شرعاً ما لم يؤدي إلى الحرج والتضييق على الناس، فليتنبه.
3- إن مسؤولية تحري ما يخل بعبادة المرء تقع عليه بالمقام الأول، فعلى المريض أو وليِّه في حال عجزه أن يسعى إلى معرفة كل ما يتعلق بأداء عبادته على الوجه الصحيح المجزئ شرعاً، ولا بد من أن يكون هذا التحري قائماً على أساس استشعار اشنغال ذمة المكلف بما خاطبه الله تعالى به شرعاً من تكاليف، وأن يكون طريقه في ذلك الرجوع إلى أهل العلم الثقات فيما قد يشكل عليه من مسائل لا أن يدع الأمر جزافاً هملاً دون سؤال أو تحرٍ أو حتى استشعار لهذا الواجب.
4- إن على الطبيب والمريض والفقيه والمسؤولين الإداريين في المشافي ووزارات الصحة أن يعملوا معاً على تحقيق الموازنة الدقيقة السليمة بين ما أذن الله تعالى به من حفظ الصحة وبين ما طالب سبحانه وتعالى به من تكاليف وواجبات حتى تبرأ الذمة دون مشقة أو عنت في جانب الدنيا ودون إهمال أو تفريط في جانب الآخرة.
ختاماً أسأل الله تعالى أن يجعل هذه الرسالة نافعة لكاتبها وقارئيها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب الفقير إلى رحمة ربه
الطبيب المسلم وسيم فتح الله
20 رجب 1425 هجرية/ 4 سبتمبر 2004 ميلادية
تمت مراجعته 17 شعبان 1425 هجرية/ 1 أكتوبر 2004 ميلادية
…………الفهرس العام
العنوان…………………………الصفحة
مقدمة…………………………1
فصل: الضوابط الفقهية للمفطرات…………………3…
أولاً: التعريف………………………3(1/45)
ثانياً: أثر الإجراءات العلاجية والتشخيصية في صحة الصوم…………3
ثالثاً: تحرير مناطات الحكم بالفطر فيما يتعلق بالمداخلات الطبية………5
فصل:أحكام المسائل الطبية من حيث إفساد الصوم……………18
أولاً: الإجراءات العلاجية……………………18
س1: تناول الأدوية عبر الفم…………………18
س2:تناول الأدوية تحت اللسان…………………18
س3: تناول الأدوية عبر الأنف…………………18
س4: تناول الأدوية عبر البخاخ الأنفي أو الفموي……………19
س5:تناول الأدوية عبر العين والحجاج………………19
س6: تناول الأدوية عبر الأذن…………………20
س7: تناول الأدوية والحقن عبر الشرج………………21
س8: تناول الأدوية عبر العروق الدموية والغسيل الكلوي…………21
س9:تناول الأدوية عبر الحقن العضلي………………22
س10: تناول الأدوية عبر الحقن تحت الجلد………………22
س11: الحقن داخل السحايا أو القحف………………22
س12: الحقن داخل البطن والغسيل عبر الصفاق……………22
س13: الحقن داخل جدار الصدر…………………23
س14: الأدوية الجلدية الخارجية…………………23
س15: حقن الدواء عبر الإحليل…………………24
س16: حقن أو وضع الدواء في المهبل………………24
س17:…تناول الأدوية أو السوائل أو الغذاء عبر الفتحات الصناعية للأمعاء……25
س18: حقن الدواء عبر الفتحات الصناعية الموصلة للمثانة والحالب والكلية……25…
س19: العلاجات الموضعية لللأسنان وقلع وحفر وحشو الأسنان………25
س20:خياطة الجروح الخارجية الجلدية………………26
س21: الحجامة………………………26
س22: الحقن داخل العظم…………………27
ثانياً: الإجراءات التشخيصية…………………27
س1: فصد الدم والتبرع بالدم…………………27
س2: الاستقاءة وغسيل المعدة…………………28
س3: كشف العورة وما لو أدى إلى الإمذاء أو الإنزال…………28
س4: لمس وجس جسد المريض وما لو أدى إلى الإمذاء أو الإنزال………29
س5: الاستمناء………………………29
س6: بزل الجنب (جوف الصدر)…………………30
س7:بزل الصفاق ( جوف البطن)…………………30
س8: بزل المثانة وإحداث فتحة صناعية في المثانة اتصريف البول………31(1/46)
س9: بزل السحايا أو بطينات الدماغ والقثاطر المؤقتة والدائمة………32
س10: بزل الأذن والأنابيب في غشاء الطبل……………32
س11: بزل السلى (الأمنيوس) عند الحامل وتنظير الجنين…………33
س12: الفحص الشرجي……………………34
س13: الفحص المهبلي (النسائي) وأخذ عينات من عنق الرحم وتصويره……34
س14: تنظير جهاز الهضم والتصوير عبر الفتحات الصناعية للأمعاء………34
س15: تنظير الجنب (تجويف الصدر)………………35
س16: تنظير الصفاق (جوف البطن)………………35
س17: تنظير وقثطرة المثانة…………………35
س18: تنظير المفاصل……………………36
س19: وضع القثاطر الوعائية (في العروق الدموية)……………36
س20: الخزعة الجراحية من الجلد…………………37
س21: قياس حرارة الجسم بوسائل القياس المختلفة……………38
الفهرس
1 أي تأجيل تعاطي هذه العلاجات أو الفحوصات التشخيصية
2 سورة البقرة - 184
3 التعريفات - الجرجاني - 113
4 المغني - ابن قدامة - 4/125
5 المغني - 4/176، بداية المجتهد 1/266
6 بداية المجتهد - 1/266
7 المغني - ابن قدامة - 4/ 182
8 المغني - 4/167-168
9 المجموع شرح المهذب - النووي - كتاب الصيام - باب ما يفطر به الصائم
10 حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - باب الصيام - شرط صحة الصوم
11 المبسوط - السرخسي - كتاب الصوم
12 المغني- 4/168
13 دورة المؤتمر العاشر لمجمع الفقه الإسلامي - المفطرات في مجال التداوي -
14 أي مصنف المهذب الذي شرحه النووي في المجموع
15 المجموع - كتاب الصيام - باب ما يفطر به الصائم - وما بين معقوفتين من كلامي
16 المغني - 4/170
17 المبسوط - السرخسي - كتاب الصوم
18 حاشية الدسوقي على الشرح الكبير- باب الصيام - شرط صحة الصوم.
19 تتكرر كلمتا الجوف والباطن كثيراً عند كلام الفقهاء عن مفسدات الصوم، وسوف أشرع في ضبطهما لاحقاً إن شاء الله
20 الوجور : الدواء يصب في الحلق
21 اللدود : الدواء يصب في جانب الفم
22 السعوط : ما يستعط أي يستنشق إلى داخل الأنف(1/47)
23 الجائفة هي الجرح الذي يصيب البدن فيصل إلى تجويف من تجاويفه
24 المأمومة هي الإصابة في الرأس التي تصل بعمقها إلى حد ما يعرف اليوم بالأم الجافية وهو الغشاء الخارجي من السحايا التي تحيط بالدماغ وهذه تكون داخل القحف (أي الجمجمة)
25 المغني - ابن قدامة - 4/170-171
26 العين أي المادة المعينة
27 المجموع - الموضع السابق
28 أي أدخل فيه مسباراً
29 يعني صاحب المتن المشروح
30 أي في المذهب
31 المجموع - مرجع سابق
32 السابق
33 دورة المؤتمر العاشر - جدة - 23-28 صفر 1418 الموافق 28 يونيو - 3 يوليو 1997، قرار بشأن المفطرات في مجال التداوي، وقد أثبته لاحقاً
34 الترمذي - كتاب الصوم - حديث 718
35 صحيح البخاري - كتاب الصوم - باب الحجامة والقيء للصائم
36 المغني - ابن قدامة - 4/168، والفقه الإسلامي وأدلته - الدكتور وهبة الزحيلي - 1710-1733
37 انتصر لهذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى، وذهب مذهبه بعض الفقهاء المعاصرين
38 سورة النحل - 8
39 سنن أبي داود - كتاب الصيام - باب القبلة للصائم - حديث 2385 ومعنى هششت : نشطت وارتحت، وقوله صلى الله عليه وسلم فَمَه: أي هذه بهذه
40 المجموع شرح المهذب - كتاب الصيام - باب ما يفسد الصوم
41 ولقد ذهب ابن تيمية رحمه الله إلى فساد قياس المسكوت عنه على المصرح به من المفطرات، في حين أن النص صريح في كون ذلك سائغاً، والله تعالى أعلم.
42 والكلام هنا عن الداخل أما الخارج من البدن فنشير إليه لاحقاً
43 وهذا في الحقيقة تحكم واضح يصطدم مع النصوص التي أوردناها(1/48)
44 هذا التصوير والتفصيل من كلامي، وهو في عرف الطب مستفيض بيننا معاشر الأطباء، وإن من الفقهاء المعاصرين الذي يفتون بالفطر بالحقن بدون تفريق بين كونها مغذية أو غير مغذية فضيلة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي وقد سمعت ذلك في الأشرطة الصوتية لدروسه في شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع - وهو متن فقهي في المذهب الحنبلي - في سياق شرحه كتاب الصوم وفي جوابه على سؤال صريح في مسألة الفطر بالحقن.
45 قرار مجمع الفقه الإسلامي - الدورة العاشرة بجدة - قرار المفطرات في مجال التداوي
46 سورة البقرة - 187
47 وقد كان هذا الصيام في شرع من قبلنا يشمل الإمساك عن الكلام، فتأمل!
48 صحيح البخاري - كتاب التوحيد - باب قول الله تعالى "يريدون أن يبدلوا كلام الله" - حديث 7492
49 صحيح البخاري - كتاب الصوم - باب فضل الصوم - حديث 1894
50 صحيح البخاري - كتاب الصوم - باب من لم يدع قول الزور - حديث 1903
51 الترمذي - كتاب الصوم - حديث 718
52 صحيح البخاري - كتاب الصوم - باب اغتسال الصائم - حديث 1930
53 صحيح البخاري - كتاب الصوم - باب سواك الرطب واليابس للصائم
54 صحيح البخاري - كتاب الصوم - باب الحجامة والقيء للصائم
55 صحيح البخاري - كتاب الصوم - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء
56 تنبيه أورده الشيخ الدكتور نوح علي القضاة أن لفظ (الجوف) يقصد به الفقهاء باطن الجمجمة والصدر والبطن.
57بدليل حديث لقيط بن صبرة وبدليل الإجماع على فطر من تعمد ابتلاع قيئه والقيء نجس ولا يتغذى به (وحكى هذا الإجماع ابن المنذر رحمه الله في الإجماع كما ذكره ابن قدامة في المغني - 4/172)
58 وفي مسألة الحجامة خلاف معروف بين الفقهاء.(1/49)
59 هذا الجواب مخرج على مسألة العلك المتحلل وغير المتحلل فالعلك إذا تحلل بمضغه وتعمد بلع ريقه يفطر عند الحنابلة كما ذكره ابن قدامة في المغني - 4/180، وذكر الدكتور وهبة الزحيلي من أمثلة ما يفطر عند الشافعية :" تناول حب تصلب الشرايين عند الإحساس بالضيق"(الفقه الإسلامي وأدلته 1719) قلت: وهذا الحب نوع يوضع تحت اللسان ويتحلل ثم يمتص
60 قرار مجمع الفقه الإسلامي - الدورة العاشرة بجدة - قرار المفطرات في مجال التداوي
61 قال الإمام النووي :" ولو أمسك فيه (أي الفم والأنف) تمرة ودرهماً وغيرهما لم يفطر ما لم ينفصل من التمرة ونحوها شيء" انظر المجموع شرح المهذب - كتاب الصيام - باب ما يفطر به الصائم
62 هذا الحكم خرَّجته على مسألة الخيط التي ذكرها الإمام النووي في المجموع شرح المهذب - كتاب الصيام - باب ما يفسد به الصوم ونصها :" إذا ابتلع طرف الخيط وطرفه الآخر بارزاً أفطر بوصول الطرف الواصل، ولا يعتبر الانفصال من الظاهر، وحكى الحناطي وجهاً فيمن أدخل طرف خيطٍ جوفه أو دبره وبعضه خارجاً أنه لا يفطر، والمشهور الأول وبه قطع جمهور الأصحاب"
63 قرار مجمع الفقه الإسلامي - الدورة العاشرة بجدة - قرار المفطرات في مجال التداوي(1/50)
64 هذا الحكم مُخرَّج على مسألة إيصال البخور وبخار القدر عند المالكية ونصها:" فمتى وصل - أي دخان البخور أو بخار القدر للحلق وجب القضاء ... واعلم أن محل وجوب القضاء بوصول البخور وبخار القدر للحلق إذا وصل باستنشاق سواء كان المستنشق صانعه أو غيره" انظر حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - باب الصيام - شرط صحة الصوم، ومسألة غبار الطريق وغربلة الدقيق ذكرها ابن قدامة في المغني 4/174-176، وممن أفتى بالفطر ببخاخ الربو من المعاصرين الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي (جواب سؤال في دروس شرح زاد المستقنع وقد سمعته من تسجيل صوتي) وذكر الدكتور وهبة الزحيلي في كلامه عن مفسدات الصوم عند الشافعية ما نصه:" لكن لو استخدم مريض الربو بخاخة الهواء عند ضيق النفس فإنه يفطر " انظر الفقه الإسلامي وأدلته 1719
65 هذا الحكم مُخرَّج على مسألة وصول بخار القدر وغبار الطريق وغربلة الدقيق بدون اختيار الصائم وتعمده، راجع حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (الموضع السابق)، والمغني لابن قدامة (الموضع السابق)
66 فتاوى علماء البلد الحرام - الطبعة الأولى - 298-299
67 الكحل لا يفطر عند الشافعية والحنفية أما الحنابلة فيفطر عندهم إذا وجد طعمه في حلقه أو علم وصوله إليه، وعند المالكية يفطر به إذا علم أو شك في وصوله إلى الحلق. (ذكر هذه الأقوال ابن قدامة في المغني 4/171، والدكتور وهبة الزحيلي في الفقه الإسلامي وأدلته 1733)
68 هذا من كلامي وهو مُخرَّج على مسألة الكحل بالتفصيل الذي ذكره الحنابلة والمالكية أعني وصول المادة إلى الحلق، ولم أجد من المعاصرين من فصَّل في مسألة القثطرة في قناة الدمع، وإنما أورد قرار مجمع الفقه من جملة ما لا يعتبر من المفطرات (قطرة العين إذا اجتنب ابتلاع ما يصل إلى الحلق.)اهـ.(1/51)
69 هذا التفصيل مخرج على مسألة ما يدخل من الأذن إلى الدماغ (المغني لابن قدامة 4/170)، ( المجموع شرح المهذب - للنووي- باب ما يفسد الصوم)، (المبسوط للسرخسي - كتاب الصوم)، (حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - شرط صحة الصوم) و(الفقه الإسلامي وأدلته - د.وهبة الزحيلي 1733، وقرار مجمع الفقه الإسلامي الدورة العاشرة - المفطرات في مجال التداوي
70 ممن قال بذلك مطلقاً الحنابلة (المغني 4/170، والعدة شرح العمدة 136)، والشافعية (انظر المجموع شرح المهذب للنووي، باب ما يفسد الصوم)، والحنفية (انظر المبسوط للسرخسي كتاب الصوم)، أما المالكية فلهم تفصيل كما يأتي لاحقاً
71 هذا قول المالكية فهم يفرقون بين دخول المائع (السائل) أو المتحلل إلى الدبر وبين دخول الجامد (أو غير المتحلل) إلى الدبر فيقولون بالفطر في الحالة الأولى وعدم الفطر في الحالة الثانية ( حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - شرط صحة الصوم، والفقه الإسلامي وادلته للدكتور وهبة الزحيلي ص 1714)
72 هذا القول من فتاوى الصيام للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في جواب سؤال عن استعمال التحاميل (اللبوس ) في الدبر للصائم المريض.
73 قرار مجمع الفقه الإسلامي - الدورة العاشرة - المفطرات في مجال التداوي
74 هذا كله مُخرَّج على الضوابط التي ذكرتها آنفاً مستخلصةً من أقوال الفقهاء، ومسألة الحقن داخل العروق الدموية نازلة معاصرة فليس للمتقدمين فيها نصٌ صريح.، ومن الفقهاء المعاصرين الذين أفتوا بالفطر بالحقن في العروق الدموية مطلقاً بدون تمييز المغذي من غير المغذي الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي (سمعته مسجلاً تسجيلاً صوتياً من دروس شرح زاد المستقنع لفضيلته)
75 قرار مجمع الفقه الإسلامي - المفطرات في مجال التداوي، ونص فيه من جملة ما لا يعتبر من المفطرات على :" الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية باستثناء السوائل والحقن المغذية)(1/52)
76 هذا تفريعٌ مني على نفس المسألة باعتبار أن سائل الغسيل سائل مغذٍ كما هو مستفيض عند أهل الطب فهو مفطر على قول من يفرق وعلى قول من لا يفرق بين المغذي وغير المغذي، وسيأتي الكلام عن غسيل الكلى عبر الصفاق إن شاء الله، وفتوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء في المملكة العربية السعودية تقضي بأن غسيل الكلى عبر الآلة التي تخرج الدم وتنقيه وتعيده إلى الجسم يؤدي إلى الفطر سؤال 10/190)
77 قرار مجمع الفقه الإسلامي - المفطرات في مجال التداوي، ونص فيه من ضمن ما لا يعتبر من المفطرات على :" الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية باستثناء السوائل والحقن المغذية)
78 هذا مُخرَّج على القول بالفطر بما يصل إلى الدماغ وبمداواة المأمومة وهو قول الحنابلة (المغني - 4/170)، والشافعية (المجموع شرح المهذب - النووي - باب ما يفسد الصوم)، وعند الحنفية يفطر بالسعوط والوجور لوصوله أحد الجوفين إما الدماغ أو الجوف ( المبسوط - للسرخسي- كتاب الصوم)
79 قرار مجمع الفقه الإسلامي في المفطرات في مجال التداوي ، ونص من جملة ما لا يعتبر من المفطرات على :"دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النحاع الشوكي"
80 هذا مُخرَّج على مسألة مداواة الجائفة والتي يقول بالفطر بها الحنابلة (المغني 4/170)، والشافعية (المجموع - باب ما يفسد الصوم)،وعند الحنفية يفطر بمداواة الجائفة بمائع فتنطبق صورة غسيل الصفاق على هذا القول ( المبسوط - السرخسي - كتاب الصوم)، أما المالكية فلا يحدث الفطر بمداواة الجائفة باعتبار أنه منفذ سفلي وصغير وهم يشترطون سعة المنفذ السفلي لحصول الفطر بما يصل عن طريقه ( حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - شرط صحة الصوم)
81 اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء في المملكة العربية السعودية ( صفحة 10/190)،أجابت بفطر من يجرى له الغسيل الكلوي بالآلة ولم يتطرق السؤال أو الجواب إلى غسيل الكلى عبر الصفاق صراحةً.(1/53)
82 جدار الصدر يحتوي على تجويف تقع فيه الرئتان والقلب والأوعية الدموية الرئيسية وعناصرأخرى، كما توجد فتحات صغيرة في الحجاب الحاجز الفاصل بين جوف البطن وجوف الصدر يمكن وصول المائعات من جوف الصدر إلى جوف البطن عبرها، وهذا مستفيض بين أهل الطب والتشريح ومعروف بالحس والمشاهدة من علم التشريح.
83 فعند الحنابلة مثلاً أنه يفطر إذا أوصل إلى جوفه شيئاً من أي موضعٍ كان وصرحوا بمداواة الجائفة ( انظر المغني 4/170، والعدة شرح العمدة 136)، وكذا عند الشافعية دون تفريق بين اليابس والرطب من الدواء (المجموع شرح المهذب - باب ما يفسد الصوم)
84 ذكر السرخسي رواية عن أبي حنيفة يفرق بين مداواة الجائفة بالمائع أو اليابس فيفطر بالأول ولا يفطر بالثاني ( المبسوط - السرخسي - كتاب الصوم ) حيث قال الإمام السرخسي رحمه الله: فأما الجائفة والآمة إذا داواهما بدواء يابس لم يفطره، وإن داواهما بدواء رطب فسد صومه في قول ابي حنيفة رحمه الله)، قلت: ثم تعقب السرخسي هذا القول فقال:" وفي ظاهر الرواية فرق بين الدواء الرطب واليابس وأكثر مشايخنا أن العبرة بالوصول حتى إذا علم أن الدواء اليابس وصل إلى جوفه فسد صومه)اهـ.
85 هذا اختيار ابن تيمية رحمه الله كما تقدم في مبحث الضوابط
86 هذه المسألة مُخرَّجة على ضابط التفريق بين الظاهر والباطن كما تقدم في الضوابط، وذكر الإمام السرخسي في المبسوط مسألة دهن الشارب وأنه لا يضر الصائم في مذهب الحنفية ( المبسوط - السرخسي - كتاب الصوم)، وكذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي المذكور آنفاً نص على عدم اعتبار ما يلي من المفطرات ومنها :"ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية" اهـ. قلت: ونص القرار لا يفصل في سلامة الجلد.
87 يرى الشيخ الدكتور نوح علي القضاة عدم التفريق بين الصورتين(1/54)
88 هذه المسألة تخريجٌ مني على مسألة الوصول إلى الباطن مع عدم اعتبار المنفذ، قال ابن قدامة في المغني:" ثم لا يعتبر في الواصل أن يكون من منفذ بدليل ما لو جرح نفسه جائفةً فإنه يُفطر"(المغني 4/172).، ولكني لم أقف على قول أحد يفصل في مسألة الجلد غير السليم ، أما في عرف أهل الطب فإن مسألة نفاذ الدهونات والسوائل عبر الجلد المصاب بمعدل زائد عن الطبيعي مستفيض.
89 أي كما تقدم في قرار مجمع الفقه الإسلامي وهو أن الحقن في الجلد بغير مغذٍ لا يؤدي إلى الفطر، وقد تقدم.
90 هذا قول الحنابلة والحنفية (ذكره ابن قدامة في المغني - 4/182)، وحكاه الدكتور وهبة الزحيلي عن الجمهور خلافأً للشافعي رحمه الله (الفقه الإسلامي وأدلته - 1733)
91 هذا التفصيل مبني على اختلاف الرجل والمرأة في الناحية التشريحية، فإحليل الرجل موجود في الذكر وهو من خارج فله حكم الظاهر، أما إحليل المرأة فموجود ضمن المهبل فما وضع في إحليل المرأة فهو في مهبلها لزوماً
92 انظر المغني لابن قدامة (4/170)، الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي ص 1706(قول الحنفية) ، ص1719( قول الشافعية)
93 حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - شرط صحة الصوم
94 قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي نص من جملة ما لا يعتبر من المفطرات على :"ما يدخل المهبل من تحاميل (لبوس) أو غسول أو منظار مهبلي أو أصبع للفحص الطبي"اهـ.
95 هذا مُخرَّج على مذهب الحنابلة والشافعية والحنفية بالفطر بما وصل إلى الجوف (راجع المغني 4/170، المبسوط للسرخسي- كتاب الصوم، والمجموع للنووي باب ما يفسد الصوم)، وعند المالكية تفصيل يأتي ذكره.
96 حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - شرط صحة الصوم، والفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي ص 1714، وأما الصورة المذكورة فتصويرٌ مني وتخريجٌ على هذا الضابط(1/55)
97 هذا مُخرَّج على قول الشافعية بالفطر بما يصل إلى المثانة (المجموع للنووي- باب ما يفسد الصوم)، وحكى قول الشافعي في الفطر بما يقطر في الإحليل الإمام ابن قدامة في المغني (4/182)
98 المغني لابن قدامة 4/182، وقرار مجمع الفقه الإسلامي - الدورة العاشرة - المفطرات في مجال التداوي
99 مسألة ما وصل إلى الحالب والحويضة تخريجٌ مني على الضوابط التي تقدمت في هذه الرسالة مستخلصة من أقوال الفقهاء وهو الفطر بما وصل إلى باطن الجسم بغض النظر عن طريق الدخول
100 مسألة الفطر بحقنة التخدير تعود إلى مسألة الفطر بالحقن تحت الجلد التي تقدمت في السؤال 8،9، 10 وقد ذكرت ضابطه والمراجع المتعلقة به فليرجع إليه غير مأمور.
101 قرار مجمع الفقه الإسلامي - الدورة العاشرة - المفطرات في مجال التداوي
102 هذه الصورة لم أجد من تكلم عليها صراحة ولقد خَرَّجنها على ضابط الفطر بما وصل إلى باطن الجسم كما سبق (وهذا الضابط ذكره الإمام النووي في المجموع، ولقد تقدم تحرير هذا الضابط،) وأما التفريق بين خياطة الجروح السطحية والعميقة فعلى اعتبار أن ما جاور الشيء أخذ حكمه، فالجلد من حد الظاهر وما هو أعمق من الجلد فهو في حد الباطن، والله تعالى أعلم. أما مسألة الحقن سواء للتخدير أو غيره فلقد تقدم بيان ذلك في سؤال رقم 8 وبيان الضابط الذي تخرَّج عليه القول بالفطر ومن قال به من المعاصرين وبيان قرار مجمع الفقه الإسلامي بعدم الفطر بالحقن غير المغذية.
103 عدم الفطر بالحجامة هو قول الشافعية والحنفية والمالكية حكاه ابن قدامة في المغني 4/168
104 الفطر بالحجامة هو قول الحنابلة ، والحديث صحيح واحتج من لا يرى الفطر بالحجامة بالنسخ وبأدلة أخرى (انظر المغني 4/168) ولقد توقف قرار مجمع الفقه الإسلامي في المفطرات في مجال التداوي في مسألة الفصد والحجامة.(1/56)
105 هذه الصورة لم أجد من المعاصرين من تكلم فيها، ولقد خرَّجتها على ضابط الفطر بما وصل باطن الجسم على التفصيل الذي قدمته واستخلصته عند الكلام على ضوابط المذاهب الأربعة في المفطرات، وأقرب ما وجدته في كلام المتقدمين كلام الإمام النووي في المجموع ونصه:" لو وصل الدواء إلى داخل لحم الساق أو غرز فيه سكيناً أو غيرها فوصلت مخه لم يفطر بلا خلاف [أي في مذهب الشافعية] لأنه لا يعد عضواً مجوفاً" اهـ. قلت: فلم يصرح بالعظم ، وكلامه يشعر بأن العلة ضابط الجوف في حين أن الضابط الذي رجحناه وتقدم تحريره يدور على حد ظاهر الجسم وباطن الجسم كما أشبعنا الكلام عليه آنفاً، والله تعالى أعلم.
106 أجاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله على سؤال سحب الدم بأنه إذا أخذ من الدم كمية كبيرة يلحق بالبدن بها ضعف فإنه يفطر بذلك قياساً على الحجامة (انظر فتاوى علماء البلد الحرام - الطبعة الأولى - 296)، وتوقف قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته العاشرة حول المفطرات في مجال التداوي توقف في مسألة الفصد والحجامة.
107 وهذا يمكن تخريجه على مسألة الخيط التي ذكرها الإمام النووي في المجموع - باب ما يفسد الصوم وقد تقدمت مراراً.
108 تعقيب الشيخ الدكتور نوح علي القضاة :"بل يفطر لأنه جسم دخل جوفاً"
109 نص قرار مجمع الفقه الإسلامي المشار إليه مراراً في هذه الرسالة إلى أن من الأمور التي لا تعتبر من المفطرات :" منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى" وذكر أيضاً:" القيء غير المتعمد بخلاف المتعمد (الاستقاءة)"اهـ. قلت: ولم يصرح القرار بمسألة إخراج المنظار، وظاهر تصريحهم بالفطر بالاستقاءة يقتضي الفطر بإخراج المنظار، والله تعالى أعلم.
110 اشتراط العمد وتذكر الصوم نص عليه ابن قدامة في المغني 4/167، والعمدة 136.
111 ذكر الدكتور وهبة الزحيلي أن عدم الفطر بالإمذاء هو قول الحنفية والشافعية (الفقه الإسلامي وأدلته - ص 1733)(1/57)
112 هذا القول للحنابلة نص عليه ابن قدامة في المغني 4/167 والعمدة 136، وذكره الدكتور وهبة الزحيلي أنه مفطر عند المالكية أي إخراج المذي بالنظر والفكر المستديمين (الفقه الإسلامي وأدلته ص 1714)
113 ذكر هذا الدكتور وهبة الزحيلي عن الحنفية (ص 1710) والشافعية ص1725
114 عند الحنفية لا يفطر بخروج المذي كما تقدم برقم 108
115 تعقيب الشيخ الدكتور نوح علي القضاة : " بل يفطر لأنه ناتج عن الملامسة"
116 قيد التعمد والذكر للصوم صرح به ابن قدامة في العمدة 136، والمغني 4/168
117 ذكر هذا القول عند الحنابلة الإمام ابن قدامة في المغني 4/ 186، وذكره عن الشافعية الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه (الفقه الإسلامي وأدلته ص 1721)
118 العمدة 136، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي 1707، 1714، 1721
119 الفقه الإسلامي وأدلته - د. وهبة الزحيلي - ص 1715
120 انظر كلام النووي في المجموع باب ما يفسد الصوم، وابن قدامة في المغني 4/ 170
121 هذه الصورة والتي قبلها تخريجٌ مني على مسألة الخيط التي ذكرها الإمام النووي في المجموع (باب ما يفسد الصوم) ولكن على أساس عدم اعتبار المنفذ وإنما على اعتبار مطلق الوصل من ظاهر الجسم إلى باطن الجسم كما بينته في الضوابط المستخلصة من نصوص الكتاب والسنة وفقهاء المذاهب الأربعة.
122 انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي
123 هذا قول المالكية في مداواة الجائفة بمائع أو يابس فيفطر بالأول ولا يفطر بالثاني، راجع حاشية الدسوقي على الشرح الكبير.
124 هذه المسألة نظيرة المسألة السابقة في سؤال 6 وكلامي عليها نظير ما ذكرته في التعليق رقم 118
125 انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي
126 هذا قول المالكية في مداواة الجائفة بمائع أو يابس فيفطر بالأول ولا يفطر بالثاني، راجع حاشية الدسوقي على الشرح الكبير.(1/58)
127هذا مُخرَّج على مسألة من جرح نفسه أو جرحه غيره باختياره فوصل إلى جوفه،انظر المغني 4/170، وانظر مسألة السكين عند الإمام النووي في المجموع - باب ما يفسد الصوم
128 انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي
129 انظر كلام الفقهاء في مسألة الآمة في المغني 4/170، والمجموع - باب ما يفسد الصوم
130 انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي
131 هذه المسألة تخريجٌ مني وهي قريبة جداً من مسألة نبش الأذن بعود ونحوه وقد حكى الدكتور وهبة الزحيلي أنه - أي نبش الأذن بالعود - لا يفطر عند الجمهور خلافاً للشافعية رحمة الله على الجميع، انظر الفقه الإسلامي وأدلته 1733.
132 هذا التفصيل كله من كلامي ولم أجد من المعاصرين من فصل فيه، وهو مُخرَّج على ما تقدم من الضوابط المذكورة آنفاً.
133 هذا مُخرَّج على مسألة من جرح نفسه أو جرحه غيره باختياره فوصل إلى جوفه،انظر المغني 4/170، وانظر مسألة السكين عند الإمام النووي في المجموع - باب ما يفسد الصوم
134 انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي
135 قرار مجمع الفقه ذكر مسألة (إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم) وهذا السياق يشعر بأن المراد إدخال ذلك عن طريق المهبل ، وعلى كل حال فإن التصريح بصورة تنظير الجنين التي ذكرتها غير موجود في نص القرار، ولم أقف عليه لغيره .
136 هذا مُخرَّج على مسألة إدخال الإصبع في الدبر، انظر كلام النووي في المجموع، باب ما يفسد الصوم
137 عند الحنفية إذا أدخل أصبع وبقي بعضه خارجاً فإنه لا يفطر (ذكره النووي في المجموع - باب ما يفسد الصوم، وانظر الفقه الإسلامي وأدلته 1708، وقد توقف قرار مجمع الفقه الإسلامي المشار إليه مراراً في هذه المسألة.(1/59)
138 هذه المسألة مخرجة على مسألة الفطر بإدخال المرأة أصبعها أو غيرها قُبُلَها، حكى الإمام النووي اتفاق الشافعية على الفطر بذلك (انظر المجموع للنووي- باب ما يفسد الصوم)
139 هذا مُخرَّج على مسألة الأصبع السابقة
140 هذا تخريجٌ مني على ضابط الوصول إلى باطن الجسم كما تقدم في الضوابط
141 انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي
142 حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - شرط صحة الصوم. قلت: وعلى هذا التفريق فإن إدخال أداة جامدة غير متحللة كإبرة أو قثطرة أو منظار لا يفطر أما حقن السوائل كمواد التصوير ونحوها فتفطر.
143 هذا تخريجٌ على مسألة الخيط التي ذكرها الإمام النووي وسبقت الإشارة إليها مراراً (المجموع شرح المهذب - باب ما يفسد الصوم)، وعلى مسألة إدخال الأصبع أو غيرها في الدبر ذكرها النووي في المجموع أيضاً.
144 انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي
145 حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - شرط صحة الصوم
146 لأن المفطرات إنما تؤدي إلى الفطر إذا تعاطاها أثناء صيامه، فالمادة الظليلة إذا حقنت بكاملها قبل وقت الفجر ثم صام المريض وأجري التصوير بعد صومه فهذا لم يتعاطى المفطر أثناء الصوم فلا يؤثر.
147هذا مُخرَّج على مسألة من جرح نفسه أو جرحه غيره باختياره فوصل إلى جوفه،انظر المغني 4/170، وانظر مسألة السكين عند الإمام النووي في المجموع - باب ما يفسد الصوم
148 انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي
149 هذا قول المالكية في مداواة الجائفة بمائع أو يابس فيفطر بالأول ولا يفطر بالثاني، راجع حاشية الدسوقي على الشرح الكبير.
150 انظر التعليق السابق
151 انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي
152 انظر تعليق رقم 146(1/60)
153 المجموع شرح المهذب - النووي - باب ما يفسد الصوم (ذكر أن المثانة مما يفطر الوصول إليها بلا خلاف ) قلت: أي بلا خلاف في المذهب الشافعي.
154 هذا تخريجٌ مني على مسألة الخيط المبتلع المتصل التي ذكرها النووي لكن مع عدم اعتبار المنفذ (المجموع شرح المهذب - النووي - باب ما يفسد الصوم)
155 انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي
156 هذا تخريجٌ مني على ضابط الوصول إلى باطن الجسم مطلقاً وقد تقدم بيان هذه الضوابط وتحريرها واستخلاصها من كلام فقهاء المذاهب الأربعة
157 أي على اصطلاح الفقهاء
158 لم أجد من صرح بهذه المسألة أو حكمها ولعله قصورٌ مني، والله أعلم.
159 تقدم الكلام على الضوابط والمسائل التي تخرجت عليها تفاصيل هذه المسألة فليرجع إليها في مسائل الحقن وفي عرض وتحرير ضوابط المفطرات الطبية.
160 قد يصلح في بعض الحالات حقن سائل مميع في هذه القثاطر مرة أو مرتين يومياً بحيث لا يحتاج إلى جريان مستمر لهذا السائل، فإن أمكن ذلك مع تفادي أوقات الصوم فعندها لا بأس وعلى المريض أن يرجع إلى طبيبه في هذا كله.
161 انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي
162 انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي ونص من جملة ما لا يعتبر من المفطرات على :"إدخال قثطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء)اهـ.
163 انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي حول المفطرات في مجال التداوي
164 هذا تخريج على مسألة الأصبع في الدبر وقد تقدمت ( المجموع شرح المهذب - باب ما يفسد الصوم)
165 حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - شرط صحة الصوم
??
??
??
??
8(1/61)