حرمة الإنسان في الإسلام
تأليف
أبو إسلام أحمد بن علي
غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين أجمعين
مقدمة
يارب يا كريم ارحمنا جميعا وتب علينا فإن ذنوبنا قد بلغت عنان السماء و نحن لا ندري وكنا نعتقد أننا من الأتقياء ولكن عندما قرأنا هذه الأحاديث الشريفة المباركة عن الغيبة والنميمة وعن حرمة الإنسان وصونه عن ذكر معايبه أو الخوض فيه بكلام قد يكون حقاً وقد لا يكون, عرفنا خطأنا.
فمن منا لا يخوض في عرض أخيه ... أو عرض الناس عموما من منا هذا ؟؟
والجواب لا أحد , الجواب كلنا يخوض ويسهب في الكلام إلا من رحم الله , وفي الوصف بما يكره من نتكلم عنه ونحن لا ندري وكأن هذا الفعل طبيعي وعادي جداً وليس فيه إثم وللأسف وجدنا أناس أجلاء من طلبة العلم ممن وقع في هذا المحظور وللأسف أيضاً فقد سكتنا ولم ننبههم على ما وقعوا فيه وكان يجب علينا ذلك وأن ندافع ونذب عن أعراض من وقعوا فيه .
و نتيجة هذا الفعل المشين عظيمة وكبيرة ومهلكة عند الله تعالى فقد قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه في الحديث الشريف وهو يسأله : يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فأجاب عليه النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال تقريري فقال له : ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم أو على مناخيرهم في النار يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم؟؟!!!
و ذكر في الأثر أن أطيب عضوين في الإنسان هما : قلبه ولسانه , وأن أخبث عضوين في الإنسان هما أيضاً قلبه ولسانه , وذلك بحسب النية والعمل بهما .
فأحذر نفسي وإياك بأن لا تقول أي كلمة أو تتفوه بأي كلمة إلا إذا مررتها على فكرك وعلى عقلك وعلى قلبك قبل أن تقولها فإذا كانت حسنة فقلها وإن كانت غير ذلك فاصمت ولا تتفوه بها فالكلمة إن لم تخرجها من فمك فقد ملكتها وإن أنت أخرجتها فقد ملكتك .(1/1)
وأحذرك أخي من أي مجلس تجلسه سواء مع الأصحاب والأصدقاء أو مع العاملين بمصلحتك أو مع أسرتك أن تضع نصب عينيك ماذا يخرج من فاهك وماذا يخرج من أفواه جلسائك فإن وجدته طيباً فأطل المجلس وإن وجدته غير ذلك فنبه الحاضرين معك أن لا يخوضوا في أعراض الناس وإن لم تستطع فقم من ذلك المجلس وقل ( سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك) فهذا الكلام الطيب هو كفارة لما قيل في هذا المجلس من كلام ليس فيه ذكر لله تعالى أو أمر بالمعروف أو نهي عن منكر أو كلام طيب كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
المؤلف
أبو إسلام أحمد بن علي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )
وأجل وأعظم شيء في مكارم الأخلاق إنما هو المعاملات بين البشر عموماً وبين المسلمين خاصة فكل المسلم على أخيه المسلم حرام (لا فرق بين عرق أو جنس أو لون أو وضع اجتماعي أو أمير أو غفير أو غنى أو فقر) ولا يحل أخذ ماله أو ملكه أو نفسه إلا بالحق الذي شرعه الله تعالى وكذلك حرمة الإنسان عموماً على الإنسان بدون معرفة إذا كان هذا الشخص مسلم أم غير مسلم فالضابط لهذه الحرمة هو العدل المطلق في المعاملات بين الجميع على قدم المساواة .
ولقد جاءت أحكام الشريعة الإسلامية بإقرار الأمن في بلاد المسلمين ، وعصمة دماء( الإنسان) المسلمين والمعاهدين على حد السواء ، وحفظ الدين والنفس والمال والعرض للمسلم و غير المسلم على حد السواء ، و تغليظ القيود لكي لا تنتهك هذه الأحكام .
فما بال من يفسدون في الأرض ويستبيحون دماء المسلمين والمعاهدين ويروعون أمنهم و يخربون أموالهم و ممتلكاتهم .
فهؤلاء يصدق فيهم قوله تعالى :
((1/2)
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا )الكهف.
و كما حرص الإسلام على حفظ دماء المسلمين و أموالهم و أعراضهم ؛ حرص أيضاً على من أخذ عهداً في بلاد المسلمين ..
و لننظر إلى قوله تعالى:
(......وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً........ }النساء92
فالإسلام فرض الدية والكفارة للكافر الذي أخذ الأمان في بلاد المسلمين إذا قتل خطأ .. فما بالنا إذا كان قتله عمداً و فيه ما فيه من قتل غيره من المسلمين و ترويع أمنهم ؟
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما .
( رواه البخاري )
وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قتل معاهدا في غير كنهه حرم الله عليه الجنة.
( رواه أبو داود )
وعن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفسه فأنا حجيجه يوم القيامة.
( رواه أبو داود)
ويقول الله تعالى :
(......وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً }الإسراء34
أي :
وأتموا الوفاء بكل عهد التزمتم به. إن العهد يسأل الله عنه صاحبه يوم القيامة فيثيبه إذا أتمه ووفَّاه ويعاقبه إذا خان فيه.
فما بالكم بمن يؤذي المسلمين و يروعهم وينشر الفساد في الأرض ؟
ولنستمع إلى قدوتنا و نبينا حامل رسالة هذا الدين و أحكامه في حجة الوداع إذا يقول :
((1/3)
إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ، قَالُوا: نَعَمْ ، قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ههنا التقوى ههنا التقوى ههنا وأشار إلى صدره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله.
( رواه مالك والبخاري ومسلم )
فالرسول صلى الله عليه وسلم يبين في هذا الحديث الشريف يبين ويوضح الأشياء التي يجب أن يفهمها ويعيها المسلم مع أخيه المسلم حتى تصفو الأنفس تجاه بعضها البعض ومنها :
1- عدم الظن السيئ به .
2- عدم التحسس .
3- عدم التجسس .
4- عدم التنافس .
5- عدم التحاسد .
6- عدم التباغض.
7- عدم التدابر.
ويأمرنا صلى الله عليه وسلم بأن نكون إخوان .
ونرى ابن عمر رضي الله عنه ينظر للكعبة قائلاً :
( مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ ) .
فهيا بنا أيها الأخوة نتنقل بين أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة التي تتناول حرمة الإنسان عامة وحرمة المسلم بوجه خاص
- عن البراء بن عازب رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق.
(رواه ابن ماجه بإسناد حسن)
- وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم .
( رواه مسلم والنسائي والترمذي مرفوعا وموقوفا ورجح الموقوف)(1/4)
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله.
( رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه)
- حدثنا هشام بن عمار ثنا عيسى بن يونس ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ألا إن أحرم الأيام يومكم هذا ألا وإن أحرم الشهور شهركم هذا ألا وإن أحرم البلد بلدكم هذا ألا وإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد.
(سنن ابن ماجه ج2:ص1297)
فبين عليه الصلاة والسلام حرمة دماء وأموال المسلم على المسلم وشبهها بحرمة مكة المكرمة وحرمة الشهر الحرام ذي الحجة وحرمة يوم عرفة.
- حدثنا أبو القاسم بن أبي ضمرة نصر بن محمد بن سليمان الحمصي ثنا أبي ثنا عبد الله بن أبي قيس النصري ثنا عبد الله بن عمرو قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيرا.
(سنن ابن ماجه ج2:ص1297)
- روى أبو هريرة رضي الله عنه :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يسم على سوم أخيه (وهو أن يجئ إلى رجل أنعم لغيره في بيع سلعة بثمن فيزيده ليبيع منه أو يجئ إلى المشتري فيعرض عليه مثل السلعة بدون ثمنها أو أجود منها بذلك الثمن).
(المهذب ج1:ص291)(1/5)
وهذا من التوجيه النبوي الذي يشعر بأحاسيس الإنسان تجاه الآخر , فلو حدث وخطب أحد على خطبتك بتقديم هدايا أو أشياء لا تقدر أنت أن تقدمها , ولو حدث واشتريت سلعة فجاء أحد وزاد الثمن ليأخذها , فما شعورك تجاه هذا الشخص ؟
فالشعور الطبيعي هو بغض وكراهية هذا الشخص الذي نافسك فيمن نويت أن تتزوجها أو في السلعة التي اتفقت على شراؤها , فيزيد الحقد والكراهية بين الناس عموماً وبين المسلمين خاصة .
- وعن أبي ذر رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل كشف سترا فأدخل بصره قبل أن يؤذن له فقد أتى حدا لا يحل له أن يأتيه ولو أن رجلا فقأ عينه لهدرت ولو أن رجلا مر على باب لا ستر له فرأى عورة أهله فلا خطيئة عليه إنما الخطيئة على أهل المنزل.
( رواه أحمد ورواته رواة الصحيح إلا ابن لهيعة ورواه الترمذي)
فالإنسان له حرمة , وتزيد هذه الحرمة خصوصاً إذا كان في بيته وبين أهله فجاء أحد من الناس فهتك ستره وكشف حرمة أهله قبل أن يأذن له صاحب البيت بأن يدخل أو يجلس , ويبين الحديث الشريف أن من تلصص عليك بأن نظر إليك مثلاً من ثقب الباب ليكشف سترك ففقأت عينه التي تلصص بها فليس له دية ولكانت عينه التي فقأت هدراً .
أما من مر على منزل قد فتحت أبوابه وظهر من بداخله على أي وضع , فرأى عورات أهل هذا المنزل عفواً فليس عليه شيء , ولكن الخطأ على أهل هذا المنزل الذي قد تكشفت عوراته .
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقؤوا عينه.
( رواه البخاري ومسلم وأبو داود )
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
بال أعرابي في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين.
( رواه البخاري )(1/6)
فبالرغم مما فعله هذا الرجل الذي كان يجهل أن قضاء بوله في المسجد لا يصح - وكان المسجد في هذا الزمن يفرش بالحصى- فإن الرسول صلى الله عليه وسلم منع عنه الناس أن يزرموه ويقطعوا بوله وذلك لحرمة الإنسان.
- وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار وفي رواية إذا المسلمان حمل أحدهما على أخيه السلاح فهما على حرف جهنم فإذا قتل أحدهما صاحبه دخلاها جميعا قال فقلنا أو قيل يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال إنه قد أراد قتل صاحبه .
( رواه البخاري ومسلم)
فلو عرف المسلمون هذا الحديث الشريف ما تقاتل أو تواجه أحد أمام الآخر, فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الاثنان في النار - من قتل ومن قُتِل- لأن كل واحد منهما كانت نيته قتل الآخر.
- ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن عادة قبيحة بين الناس ألا وهي النميمة وبين أن معظم عذاب الناس في القبور بسبب النميمة .
فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما:
مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان من كبير ثم قال بلى أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة وأما أحدهما فكان لا يستتر من بوله قال ثم أخذ عودا رطبا فكسره باثنتين ثم غرز كل واحد منهما على قبر ثم قال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا .
(صحيح البخاري ج1:ص464)
- حدثنا علي بن حجر السعدي وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق أخبرنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث قال:
كان رجل ينقل الحديث إلى الأمير فكنا جلوسا في المسجد فقال القوم هذا ممن ينقل الحديث إلى الأمير قال فجاء حتى جلس إلينا فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة قتات (أي نمام) .
(صحيح مسلم ج1:ص101)
- حدثنا محمد بن المثنى وبن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة سمعت أبا إسحاق يحدث عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال :(1/7)
إن محمدا صلى الله عليه وسلم قال ألا أنبئكم ما العضة هي النميمة القالة بين الناس وإن محمدا صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل يصدق حتى يكتب صديقا ويكذب حتى يكتب كذابا .
(صحيح مسلم ج4:ص2012)
- قال العلماء :
النميمة : هي نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم قال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله في الإحياء اعلم أن النميمة إنما تطلق في الأكثر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه كما تقول فلان يتكلم فيك بكذا قال وليست النميمة مخصوصة بهذا بل حد النميمة كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول.
(شرح النووي على صحيح مسلم ج2:ص112)
- ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن عادة أخرى تحدث بين الناس الآن بكثرة ولا ينتبهون لها وهي الغيبة أي ذكر أخاك بما يكره .
فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته.
(صحيح مسلم ج4:ص2001)
- وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أمر الربا وعظم شأنه وقال إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم.
(رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الغيبة والبيهقي)
- وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه .
( رواه الطبراني في الأوسط )
- وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق وإن هذه الرحم شجنة من الرحمن عز وجل فمن قطعها حرم الله عليه الجنة .
( رواه أحمد والبزار ورواة أحمد ثقات)(1/8)
فيبين هذه الأحاديث الشريفة عظم شأن المعصية لمن يخوض في أعراض المسلمين .
والغيبة لها عدة أسباب منها :
1-التشفي وإظهار الغيظ .
2- الحسد.
3- إرادة المغتاب رفع مكانته عند المستمعين له.
4- موافقة القرناء والجلساء ممن يخوضون في الغيبة.
5- الفراغ القاتل .
6- التقرب والتذلق لدى الوجهاء والكبراء .
7- من أجل اللعب واللهو والتنكيت.
والغيبة يمكن جوازها في ستة مواضع :
1- التظلم لولي الأمر والقاضي .
2- التعريف : مثل المعروف بلقب معين وهو راضي عنه كالأعرج-الأعور-الطويل وغيره .
3- التحذير: من أهل البدع – من أهل الفساد والمجون – العلمانيين – دعاة الخلاعة - ...
4- للمجاهر بالفسق: للذي يكشف ستر الله عليه بل يزيد فيفتخر بمعصيته .
5- للاستفتاء : لمن جاء يستفتيك في موضوع .
6- لطلب الإعانة في إزالة منكر .
- عن أبي حذيفة عن عائشة رضي الله عنها قالت:
قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا قال غير مسدد تعني قصيرة فقال لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته .
(سنن أبي داود ج4:ص269 )
فهذه الكلمة التي قالتها عائشة رضي الله عنها وهي وصف صفية رضي الله عنها بالقصيرة , واعتبرتها عائشة رضي الله عنها عيباً فيها , هذه الكلمة يصورها النبي صلى الله عليه وسلم كأنها هي حبر ملون ووضعت في البحر الكبير الواسع فمزجت بماء البحر فتلون ماء البحر , وذلك من عظم هذه الكلمة.
فهل يعي الناس هذا الحديث وينتهوا عن التنابز بالألقاب بين بعضهم البعض.
- حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم بن أبي النجود عن ذاكون عن صالح عن عائشة رضي الله عنها قالت:
يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب ولا يتوضأ من الكلمة الخبيثة يقولها لأخيه .
(مصنف ابن أبي شيبة ج1:ص125)
- حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن الحارث قال :
كنت آخذ بيد إبراهيم فذكرت رجلا فاغتبته قال فقال لي ارجع فتوضأ كانوا يعدون هذا هجرا .
(مصنف ابن أبي شيبة ج1:ص125)(1/9)
- حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن موسى بن أبي الفرات قال:
سأل رجلان عطاء فقال مر بنا رجل فقلنا المخنث قال قلتما له قبل أن صليتما أو بعد ما صليتما فقالا قبل أن نصلي فقال توضآ وعودا لصلاتكما فإنكما لم تكن لكما صلاة .
(مصنف ابن أبي شيبة ج1:ص125)
فهذه الأحاديث المتعددة للسلف الصالح إنما هي حث للمسلم بعدم الخوض في أعراض الناس عموماً فكيف تتكلم عن هذا وعن هذا وتخوض في عرض هذا وتصف هذا بما يكره ثم بعد ذلك تصلي بعد أن تكون أكلت من لحمه , فالأولى لك أن تذهب وتتمضمض وتتوضأ من هذا الأكل النتن ألا وهو أعراض الناس.
- حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن زيد بن صوحان قال:
قال عمر ما يمنعكم إذ رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس لا تغيروا عليه قالوا نتقي لسانه قال ذاك أدنى أن تكونوا شهداء.
(مصنف ابن أبي شيبة ج5:ص230)
أي من قتل وهو يذب و يدافع عن أعراض الناس التي تنتهك فهو شهيد وذلك بيان لحرمة الإنسان .
- حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس:
أن عمرو بن العاص مر على بغل ميت فقال لأصحابه أن يأكل أحدكم من هذا حتى يملأ بطنه خير من أن يأكل لحم أخيه المسلم.
(مصنف ابن أبي شيبة ج5:ص230)
أي لأن تأكل من لحم بغل ميت خير وأفضل من أكل لحم أخيك بغيبته.
- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فوقع فيه رجل من بعده فقال النبي صلى الله عليه وسلم تخلل فقال ومما أتخلل ما أكلت لحما قال إنك أكلت لحم أخيك.
(حديث غريب رواه أبو بكر بن أبي شيبة والطبراني)
يقول الله تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ{12}الحجرات.(1/10)
- حدثنا وكيع عن بن أبي ليلى عن الحكم عن بن لأبي الدرداء:
أن رجلا وقع في رجل فرد عنه آخر فقال أبو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ذب عن عرض أخيه كان له حجابا من النار.
(مصنف ابن أبي شيبة ج5:ص230)
فإذا كنت في مجلس ما وتكلم من تكلم عن فلان وعن علان- الذي لم يكن موجوداً في هذا المجلس- بما يكرهه فكنت أنت حائط الصد والدفاع عنه في هذا المجلس فكذلك ينتقل معك هذا الحائط فيكون حجاباً لك من النار يوم القيامة.
- قال الغزالي :
حد الغيبة أن تذكر أخاك بما يكرهه ولو بلغه.
وقال بن الأثير في النهاية :
الغيبة أن تذكر الإنسان في غيبته بسوء وان كان فيه .
وقال النووي في الأذكار:
ذكر المرء بما يكرهه سواء كان ذلك في بدن الشخص أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خلقه أو خلقه أو ماله أو والده أو ولده أو زوجه أو خادمه أو ثوبه أو حركته أو وطلاقته أو عبوسته أو غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكرته باللفظ أو بالإشارة والرمز.
قال النووي:
وممن يستعمل التعريض في ذلك كثير من الفقهاء في التصانيف وغيرها كقولهم (قال بعض من يدعى العلم أو بعض من ينسب إلى الصلاح أو نحو ذلك مما يفهم السامع المراد به ومنه قولهم عند ذكره : الله يعافينا - الله يتوب علينا - نسأل الله السلامة - ونحو ذلك ) فكل ذلك من الغيبة وتمسك من قال أنها لا يشترط فيها غيبة الشخص بالحديث المشهور الذي أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة رفعه أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكرهه قال أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان في أخيك ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته وله شاهد مرسل عن المطلب بن عبد الله عند مالك فلم يقيد ذلك بغيبة الشخص فدل على أن لا فرق بين أن يقول ذلك في غيبته أو في حضوره والأرجح اختصاصها بالغيبة مراعاة لاشتقاقها وبذلك جزم أهل اللغة قال بن التين الغيبة ذكر المرء بما يكرهه بظهر الغيب
((1/11)
فتح الباري ج10:ص469)
- ويبين هذا الحديث الشريف حرمة المسلم وتجنب أذاه حتى ولو من الرائحة الكريهة :
فعن أبي ثعلبة رضي الله عنه أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فوجدوا في جنانها بصلا وثوما فأكلوا منه وهم جياع فلما راح الناس إلى المسجد إذا ريح المسجد بصل وثوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربنا .
( رواه الطبراني بإسناد حسن)
فأسقط النبي صلى الله عليه وسلم أداء فريضة الصلاة جماعة لمن أكل بصلاً أو ثوماً حتى لا يتأذى جماعة المصلين بالمسجد من رائحة فمه الكريهة فالمسلم له حرمته .
- أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال :
حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة أن أبا النجيب مولى عبد الله بن سعد حدثه أن أبا سعيد الخدري حدثه أنه ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الثوم والبصل وقيل يا رسول الله وأشد ذلك كله الثوم أفنحرمه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوه ومن أكله منكم فلا يقرب هذا المسجد حتى تذهب ريحه.
(صحيح ابن حبان ج5:ص439)
- ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التكبر على الناس بل التواضع هو المطلوب بين الناس
فعن سعيد بن جبير عن بن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله جل وعلا الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في شيء منه أدخلته في النار.
(صحيح ابن حبان ج12:ص486)
- أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد ثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ثنا إبراهيم بن إسماعيل الأشهلي ثنا داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال الرجل للرجل يا مخنث فاجلدوه عشرين وإذا قال الرجل للرجل يا يهودي فاجلدوه عشرين تفرد به إبراهيم الأشهلي وليس بالقوي وهو إن صح محمول على التعزير.
(سنن البيهقي الكبرى ج8:ص252)(1/12)
- وعن ثوبان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
من جاء يوم القيامة بريئا من ثلاث دخل الجنة الكبر والغلول والدين.
(رواه النسائي وابن حبان في صحيحه )
- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل معروف صدقة وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك .
( رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح وصدره في الصحيحين من حديث حذيفة وجابر)
- وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله فقال:
1- أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس .
2- وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا .
3- ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد يعني مسجد المدينة شهرا .
4- ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضى .
5- ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام .
( رواه الأصبهاني واللفظ له ورواه ابن أبي الدنيا عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمه)
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره.
(رواه مسلم)
- وعن أنس رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رب أشعث أغبر ذي طمرين مصفح عن أبواب الناس لو أقسم على الله لأبره.
(رواه الطبراني في الأوسط)
فالمفروض أن لا ننظر إلى أشكال الناس ونقيمهم على أساس الشكل , ولكن ننظر لقلوبهم ومدى تقواهم لله تعالى .
- وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال:(1/13)
مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده جالس ما رأيك في هذا قال رجل من أشراف الناس هذا والله حري إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مر رجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيك في هذا فقال يا رسول الله هذا رجل من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب أن لا ينكح وإن شفع أن لا يشفع وإن قال أن لا يسمع لقوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خير من ملء الأرض ( من ) مثل هذا .
- وعن أنس رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
(رواه البخاري ومسلم )
أي لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يحب للناس ما يحب لنفسه , فهل نحن ذلك ؟؟!!!
- عن أبي موسى رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وشبك بين أصابعه .
(متفق عليه)
- وعن أبي موسى رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من مر في شيء من مساجدنا أو أسواقنا ومعه نبل فليمسك أو ليقبض على نصالها بكفه أن يصيب أحداً من المسلمين منها بشيء).
(متفق عليه)
فالرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث رحيم و رؤوف بالمسلمين أن يصيبهم مكروه .
قال الله تعالى:
{لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }التوبة128
- وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
(متفق عليه)
فيشبه الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين جميعاً كوحدة واحدة متماسكة الأطراف وغير مقطوعة الأوصال بحيث إذا مرض أو ضعف جزء من هذه الوحدة , ظهر تأثير هذا الضعف والوهن في باقي الأجزاء فتهب لتدفع هذا المرض عنها .(1/14)
- عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لا يرحم الناس لا يرحمه الله .
( رواه البخاري ومسلم والترمذي )
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير , وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء .
(متفق عليه)
فيجب للإنسان أن يتلمس للناس أعذارهم وإن لم تظهر عياناً, وأن يرفق بالآخرين من المسلمين.
- وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة .
( رواه أبو داود واللفظ له والترمذي وقال حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر)
- وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
المسلم أخو المسلم ولا يحل لمسلم إذا باع من أخيه بيعا فيه عيب أن لا يبينه .
( رواه أحمد وابن ماجه والطبراني في الكبير والحاكم)
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ويقول والذي نفسي بيده ما تواد اثنان فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما .
(رواه أحمد بإسناد حسن)
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ههنا التقوى ههنا ويشير إلى صدره ( ثلاث مرات ) بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله .
( رواه مسلم )
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ويقول والذي نفسي بيده ما تواد اثنان فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما وكان يقول للمسلم على المسلم ست:(1/15)
1- يشمته إذا عطس .
2- ويعوده إذا مرض .
3- وينصحه إذا غاب أو شهد.
4- ويسلم عليه إذا لقيه .
5- ويجيبه إذا دعاه .
6- ويتبعه إذا مات .
(رواه أحمد بإسناد حسن)
- وعن أنس رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقال رجل يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إن كان ظالما كيف أنصره قال تحجزه أو تمنعه عن الظلم فإن ذلك نصره.
(رواه البخاري)
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره يوم القيامة .
( رواه مسلم )
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
1- من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة .
2- ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة .
3- ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة .
4- والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .
5- ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة.
6- وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة ونزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده.
7- ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه .
( رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم )
- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين .
( رواه البخاري ومسلم)
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو من شيء فليتحلله منه اليوم من قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه.
( رواه البخاري والترمذي)(1/16)
- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه.
( رواه البخاري ومسلم)
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
أتدرون ما المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.
(رواه مسلم والترمذي)
- عن واثلة بن الأسقع رضي الله قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه ويبتليك.
( رواه الترمذي )
وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام .
(رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي وأبو داود)
- وفي رواية لأبي داود قال النبي صلى الله عليه وسلم:
لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنا فوق ثلاث فإن مرت به ثلاث فليلقه فليسلم عليه فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم وخرج المسلم من الهجر.
- عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس , من أجل أن ذلك يحزنه.
(متفق عليه)
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا : اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به.
( رواه مسلم والنسائي)
- وعن أبي ذر رضي الله عنه قال :(1/17)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسمك في وجه أخيك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة .
( رواه الترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه وزاد وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة)
فيحض الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على التآلف , فبين عليه الصلاة والسلام أن الابتسامة في وجه أخيك المسلم إنما هي صدقة تقدمها إليه وتأخذ أجر على هذه الصدقة , فإن كان بينك وبين أخوك المسلم شحناء أو بغضاء أو اختلاف فإن أنت عبست في وجهه عندما تراه فالشحناء والبغضاء تزداد وتعظم , ولكن التوجيه النبوي الكريم يقول لك أنك إذا تبسمت له فإن ما بينكما سيزول وستصفى الأوضاع بينكما .
و يبين صلى الله عليه وسلم للمسلم الطريق لنيل الأجر والثواب بأشياء يقدر عليها كل إنسان ولا تكلفه شيئاً مثل :
1- الأمر بالمعروف.
2- النهي عن المنكر .
3- إرشاد أخوك إذا هو أخطأ أو ضل الطريق .
4- إماطة الأذى عن الطريق.
5- إكرام أخوك بسقيه .
- و مما يدل على حرمة الإنسان حتى بعد مماته هذا الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه حتى تخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر ولا يدوسه من غير حاجة .
(المهذب ج1:ص139)
- أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد قال حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال:
حدثنا حجاج عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقصيص القبور وأن يبنى عليها أو يجلس عليها .
(صحيح ابن حبان ج7:ص435)
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
و القرآن الكريم به كثيراً من الآيات المباركات التي تبين(1/18)
حرمة المسلم وحرمة الإنسان عموماً
يقول الله تبارك وتعالى :
يقول الله تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ{12}الحجرات.
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }الحجرات10
{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }النور19
{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }الأحزاب58
{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ }الحج30
{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }الحج32
{لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ }الحجر88
{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }الشعراء215
{....... مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ........ }المائدة32
{(1/19)
وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً }الإسراء34
------------------------------
تم الانتهاء من هذا الكتاب بإذن الله تعالى ومشيئته
يوم الثلاثاء 27/6/1429هـ الموافق 1/7/2008م
---------------------------
ahmedaly240@hotmail.com
ahmedaly2407@gmail.com(1/20)