بسم الله الرحمن الرحيم
التعريف بالبحث :-
تكلم البحث عن أحكام الشَّعر في الطهارة والعبادات ، وقد تبين من خلال البحث طهارة شعر الإنسان سواء كان حياً أو ميتاً ، وسواء كان متصلاً أو منفصلاً ، وأن اللحية الكثيفة يغسل ظاهرها ولا يجب غسل ما تحتها من البشرة ولا غسل ما استرسل منها . وأن المجزئ في مسح الرأس في الوضوء مسح بعض الرأس ، ولا يجب على المرأة نقض شعرها في الحيض أو الجنابة ، كما أنه لا يجب عليها إيصال الماء إلى باطن ضفائرها .
كما تبين كراهة صلاة الرجل وثوبه مشمر أو كمه ، أو رأسه معقوص أو مردود شعره تحت عمامته وهي كراهة تنزيه ، وبَّين القدر الذي تتعلق به الفدية في الإحرام وهو حلق ما به إماطة الأذى ، وأن التقصير المجزئ في التحلل من الإحرام هو تقصير جميع جوانب الرأس مجموعة أو مفرقة ولا يكفي ربع الرأس ولا ثلاث شعرات منه. ويحرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره أو ظفره شيئاً في العشر من ذي الحجة ، وأن الدية تجب في إتلاف الشعر إذا لم ينبت.
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم :-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فإن المطلع في كتب الفقه يجد أن الأحكام المتعلقة بالشعر متناثرة في ثنايا الكتب الفقهية ، فأحببت أن أجمعها في مكان واحد حتى يتيسر لمن أراد حكماً خاصاً بالشعر أن يجده بسهولة ، وقد تيسر لي بحمد الله جمع بعض المسائل في الطهارة والعبادات والديات والزينة .
واقتصرت في هذا البحث على بعض المسائل المتعلقة بالشعر في الطهارة والعبادات والديات ، وأفردت أحكام الشعر في الزينة في بحث آخر .
واشتمل هذا البحث على تقديم وثلاثة فصول وخاتمة على النحو الآتي :
الفصل الأول : أحكام الشعر في الطهارة .
وفيه خمسة مباحث :
المبحث الأول : طهارة شعر الإنسان .
المبحث الثاني : غسل اللحية في الوضوء .
المبحث الثالث : مسح الرأس .(1/1)
المبحث الرابع : نقض شعر المرأة في الغسل .
المبحث الخامس : الاستحداد ونتف شعر الإبط .
الفصل الثاني : أحكام الشعر في العبادات .
وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : كف الشعر وعقصه في الصلاة .
المبحث الثاني :إزالة الشعر في الإحرام .
المبحث الثالث : أخذ الشعر لمن أراد أن يضحي .
الفصل الثالث : أحكام الشعر في الديات .
وفيه مبحث واحد :
المبحث الأول : دية شعر الرأس واللحية والحاجبين والأهداب ونحوها ....
وأخيراً الخاتمة بينت فيها النتائج التي توصلت إليها .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
الفصل الأول : أحكام الشعر في الطهارة
المبحث الأول : طهارة شعر الإنسان
للعلماء في طهارة شعر بني آدم قولان :
أحدهما : أنه طاهر ، سواء في ذلك المتصل والمنفصل ، في حياة الإنسان أو بعد موته .
وهو قول جمهور الفقهاء (1) .
والثاني : أنه نجس بعد انفصاله .
وهذا القول رواية عن محمد بن الحسن (2) ، وقول للشافعية (3) ، ورواية عن أحمد (4) ، وفي رواية أخرى عنه أنه نجس من الكافر (5) .
الأدلة :
- استدل من قال بنجاسة شعر الإنسان بعد انفصاله بالعقل :
1-أنه شعر من غير مأكول فيكون نجساً (6) .
2- أنه جزء من الآدمي انفصل في حياته فكان نجساً كعضوه (7) .
- واستدل من قال بطهارة الشعر بالسنة والعقل :
أ- السنة :
عن أنس بن مالك قال : لما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة ، ونحر نسكه وحلق ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فقال :" اقسمه بين الناس " (8) .
__________
(1) المبسوط 1/203، الهداية 1/21 ، قوانين الأحكام الشرعية 48 ، الوسيط 1/355 ، روضة الطالبين 1/43 ،
التهذيب1/177، الإنصاف 1/93، المغني 1/66.
(2) البناية 1/283.
(3) الحاوي 1/284، التهذيب 1/177، المجموع 1/232.
(4) الإنصاف 1/93.
(5) الإنصاف 1/93.
(6) الحاوي 1/284.
(7) المغني 1/66.
(8) رواه مسلم ، وأبو داود ، والترمذي .
انظر : صحيح مسلم ، كتاب الحج ، باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق 2/947، سنن أبي داود ،كتاب المناسك ، باب الحلق والتقصير 2/203 ، سنن الترمذي ، كتاب الحج ، باب ما جاء بأي جانب الرأس يبدأ في الحلق 1/197.(1/2)
وجه الدلالة :-
أ- أن الشعر لو كان نجساً لمنعهم منه صلى الله عليه وسلم (1) ، وقد علم أنهم يأخذونه ويحملونه تبركاً به، وما كان طاهراً من النبي صلى الله عليه و سلم كان طاهراً من سواه (2) .
ب -العقل :-
1- أن الشعر متصله طاهر فمنفصله طاهر (3) .
2- أن الإنسان متى حلق أو مشط رأسه ولحيته ، لا بد من أن يتناثر عليه بعض هذه الشعور ، ويلتصق به، فلو منع ذلك جواز الصلاة لضاق الأمر على الناس ، وسقوط الشعر مما تعم به البلوى (4) .
المناقشة والترجيح :-
اعترض من قال بنجاسة الشعر على من قال بالطهارة ، بأن ما استدللتم به من حديث أنس مردود بأن شعر النبي صلى الله عليه و سلم لا يقاس عليه غيره (5) .
وأجيب على هذا بأن الخصوصية لا تثبت إلا بدليل والأصل عدمه ، ولو لزم هذا في شعره صلى الله عليه وسلم للزم في منيه فيقال إن مني سائر الناس نجس ، فلما لم يفترق الأمر في ذلك ، وجب أن لايفترق كذلك في الشعر ، وحكمه صلى الله عليه وسلم حكم جميع المكلفين في الأحكام التكليفية إلا فيما يخص بدليل (6) .
واعترض من قال بالطهارة على الآخرين ، بأن ما استدللتم به من أن الشعر جزء من الآدمي انفصل في حياته فكان نجساً كعضوه ، مردود بما قاله إمام الحرمين : بأن من قال العضو المبان في الحياة نجس فقد غلط والوجه اعتبار الجزء بالجملة بعد الموت (7) .
وقال ابن قدامة : إن سلَّمنا نجاسة العضو المبان من الآدمي ، فإن العضو المبان من سائر الحيوانات ينجس بفصله في حياته بخلاف الشعر فإنه لا ينجس (8) ، وكذلك في الآدمي .
الترجيح :-
__________
(1) الحاوي 1/283.
(2) المغني 1/66، المبسوط 1/203.
(3) المغني 1/66.
(4) المجموع 1/222، البناية 1/283.
(5) فتح الباري 1/237.
(6) فتح الباري 1/237، معالم السنن 1/213.
(7) المجموع 1/232.
(8) المغني 1/93.
(8) الحج 78.(1/3)
يبدو لي - والله أعلم - رجحان مذهب القائلين بطهارة الشعر ، لأن الحديث واضح الدلالة في طهارة شعر النبي صلى الله عليه و سلم ، وطهارة شعر غيره كطهارة شعره ، ولأن سقوط الشعر مما تكثر به البلوى وقد قال تعالى " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ s "(8).
المبحث الثاني : غسل اللحية في الوضوء
المتوضئ ذو اللحية لا يخلو حاله من أمور :
1- أن يكون ذا لحية كثيفة (1) قد سترت البشرة .
2- أن يكون خفيف (2) اللحية لا يستر شعرها البشرة .
3- أن يكون بعض شعره خفيفاً لا يستر البشرة وبعضه كثيفاً يستر البشرة .
أولاً - إذا كانت اللحية كثيفة وقد سترت البشرة :-
اختلفت الروايات عن أبي حنيفة في غسل اللحية الكثيفة ، فعنه يجب غسل ربعها ، وعنه مسح ما يلاقي البشرة ، وعنه لا يتعلق به شيء ، وهي رواية عن أبي يوسف ، وعنه يجب إمرار الماء على ظاهر اللحية ، وصحح هذه الرواية الزيلعي (3) .
وعند المالكية : أن على المتوضئ أن يمّر الماء على لحيته ويغسل ظاهرها ، ولا يلزمه إيصال الماء للبشرة التي تحت اللحية في الوضوء (4) .
__________
(1) (2) في ضبط اللحية الكثيفة والخفيفة أوجه :
(2) أحدها : ما عده الناس خفيفاً فخفيف ، وما عدوه كثيفاً فهو كثيف ، والثاني : ما وصل الماء إلى ما تحته بلا مشقة فهو خفيف وما يشق إيصال الماء معه فهو كثيف، والثالث : إن ما ستر البشرة عن الناظر في مجلس التخاطب فهو كثيف وما لا يستر فخفيف ، وصحح هذا الوجه النووي وغيره .
انظر : البحر ل 44أ ، التهذيب :1/239، العباب ل 6ب ، تتمة الإبانة ل 39 أ ، المجموع 1/375.
(3) أحكام القرآن للجصاص 2/340، شرح فتح القدير 1/16، تبيين الحقائق 1/3 ، مجمع الأنهر 1/12.
(4) المدونة 1/18، البيان والتحصيل 1/169، الإشراف 1/118، الكافي لإبن عبد البر 1/166.(1/4)
وعند الشافعية : يمّر الماء على الشعر الساتر للبشرة ، وليس عليه إيصال الماء إلى البشرة التي تحت الشعر ، وهذا هو الصحيح المشهور في المذهب ، وذهب المزني وأبو ثور إلى أنه يجب إيصال الماء إلى البشرة التي تحت الشعر كالجنابة (1) .
وعند الحنابلة : يجب غسل ظاهر اللحية و لا يجب غسل ما تحتها ، ويسن تخليلها (2) .
والخلاف دائر بين أن يغسل البشرة التي تحت اللحية أولا يغسلها .
الأدلة :-
- استدل من قال بوجوب إيصال الماء إلى البشرة تحت اللحية الكثيفة بأن غسلها كالغسل من الجنابة لأمرين (3) :
أحدهما : أن غسل الوجه مستحق في الوضوء كاستحقاقه في الجنابة ، فوجب أن يلزمه إيصال الماء إلى البشرة في الوضوء كما يلزمه في الجنابة .
و الثاني : أنه لما لزمه إيصال الماء إلى ما تحت الحاجبين والشارب لزمه إيصاله إلى ما تحت اللحية ، لأن كل ذلك من بشرة الوجه .
- و استدل من قال بعدم وجوب إيصال الماء إلى البشرة ، وأنه يكفي غسل ظاهر اللحية بالقرآن والسنة والعقل .
أولاً - القرآن :
قوله تعالى " فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ " (4) .
وجه الدلالة :-
أن اسم الوجه يتناول ما تقع به المواجهة وما تحت الشعر الكثيف لا تقع به المواجهة فلم يتناوله الاسم، وإذا لم يتناوله الاسم لم يتعلق به الحكم (5) .
وإلى هذا أشار أبو حنيفة فقال ، إنما مواضع الوضوء ما ظهر منها والظاهر هو الشعر لا البشرة فيجب غسله (6) .
ثانياً - السنة :
__________
(1) المهذب 1/23، الحاوي 1/454، الإقناع 1/38، كفاية الأخيار 1/12.
(2) المغني 1/99، الكافي 1/27، كشاف القناع 1/96 ، شرح منتهى الإرادات 1/52، شرح الزركشي 1/184.
(3) الحاوي 1/454.
(4) المائدة 6 .
(5) الحاوي 1/455، الإشراف 1/118.
(6) مجمع الأنهر 1/12.(1/5)
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فغسل وجهه ، أخذ غرفة من ماء فمضمض بها واستنشق ، ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بهما وجهه ، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى ... ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ (1) .
وجه الدلالة :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيف اللحية وغسل وجهه مرة ، والمرة الواحدة لا يصل فيها الماء إلى ما تحت الشعر الكثيف من البشرة (2) .
ثالثاً - العقل :
1- أنه لما تعسر غسل ما تحت الشعر انتقل الواجب إليه من غير تغيير كالحاجبين وأهداب العينين ، وأقرب منه مسح الرأس لما تعسر انتقل إلى الشعر من غير تغيير (3) .
2- أن العادة فرقت بين شعر اللحية وبين شعر الحاجبين والذراعين ، لأن شعر اللحية يستر ما تحته في العادة فلم يلزم غسل ما تحته ، وشعر الذراعين والحاجبين لا يستر ما تحته في العادة ، فلزم إذا صار كثيفاً في النادر أن يغسل ما تحته (4) .
المناقشة والترجيح :
اعترض على ما استدل به من قال بوجوب غسل البشرة تحت اللحية الكثيفة وأنه كالغسل ، بأن هناك فرقاً بين الغسل من الجنابة وبين الوضوء ، وذلك بأن إيصال الماء إلى جميع الشعر والبشرة مستحق في الجنابة ، أما الوضوء فإنه يلزمه غسل ما ظهر (5) لقوله تعالى " فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ " (6) .
الترجيح :-
مما سبق يتبين رجحان قول القائلين بأن اللحية إذا كانت كثيفة لا يجب غسل ما تحتها لقوة أدلتهم ، ولأن في إيجاب غسل ما تحت اللحية الكثيفة مشقة وحرج . والله تعالى يقول" وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ " (7) .
فرع : غسل ما استرسل من اللحية
__________
(1) صحيح البخاري ،كتاب الوضوء ، باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة 1/45.
(2) الحاوي 1/456.
(3) الإشراف 1/118، تبيين الحقائق 1/3.
(4) الحاوي 1/456.
(5) ا لحاوي 1/456.
(6) المائدة 6.
(7) الحج 78.(1/6)
في غسل ما استرسل من اللحية قولان :
أحدهما : لا يجب غسل ما استرسل من اللحية وهو قول الحنفية (1) ، وقول للمالكية(5)، والشافعية (2) ، ورواية للحنابلة (3) .
والثاني : يجب غسل ما استرسل من اللحية ، وهو الأظهر والأشهر من قولي المالكية (4) ، وأصح قولي الشافعية (5) ، ورواية عن الحنابلة وهو المذهب (6) 0).
الأدلة :
استدل من قال بعدم الوجوب بالآتي :
1- أنه شعر خارج عن محل الفرض فأشبه ما نزل عن شعر الرأس ، والشعر النازل عن الرأس لا يكون حكمه حكم الرأس في جواز المسح عليه ، وكذلك النازل عن حد الوجه لا يكون حكمه حكم الوجه في وجوب الغسل (7) 1).
2- أن من طالت لحيته لا يقال طال وجهه ، وإنما يقال طالت لحيته ، وكذلك شعر الرأس ، وإنما أوجب الله غسل الوجه ومسح الرأس لا سوى ذلك (8) 2).
واستدل من قال بالوجوب بالآتي :
1- أنه شعر نابت على بشرة الوجه فأشبه شعر الخد (9) .
2- أن شعر الرأس واللحية لما نبت في الرأس واللحية وجب أن يحكم له بحكمها وإن خرج عن قدرهما ، كما أن ما نبت من الشجر في الحرم وجب أن يحكم له بحكم الحرم في أنه لا يجوز قطعه وإن طال حتى خرج من الحرم إلى الحل (2) .
المناقشة والترجيح :
__________
(1) تبيين الحقائق 1/3، تحفة الفقهاء 1/9، بدائع الصنائع 1/4.
(5) البيان والتحصيل 1/168 ، مقدمات ابن رشد 1/50 ، بداية المجتهد 1/11 .
(2) المهذب 1/ 23 .
(3) شرح الزركشي 1/184 ، الإنصاف 1/156.
(4) البيان والتحصيل 1/ 168.
(5) التهذيب 1/240.
(6) شرح الزركشي 1/184.
(7) التهذيب 1/240 ، شرح الزركشي 1/85 ، المغني 1/100.
(8) البيان والتحصيل 1/168.
(9) التهذيب 1/240.
(2) البيان والتحصيل 1/168.
(3) شرح الزركشي 1/185، المجموع 1/380.
(4) الكافي 1/66 ، أحكام القرآن للجصاص 1/399، التهذيب 1/240،المجموع 1/376، منار السبيل 1/28.(1/7)
اعترض على من قال بعدم الوجوب بأن ما استدللتم به ، بأن ما استرسل من اللحية شعر خارج عن محل الفرض فأشبه ما نزل من الرأس مردود ، بأن اللحية تشارك الوجه في معنى التوجه والمواجهة ، وما نزل من الرأس لا يشارك الرأس في الترأس (3) .
وبذلك يتبين رجحان قول القائلين بالوجوب والله أعلم .
فرع : تخليل اللحية
تخليل اللحية سنة وليس واجباً (4) ، قال الجصاص " لا خلاف بين فقهاء الأمصار في أن تخليل اللحية ليس بواجب" (1) .
ويستدل على كيفية التخليل بما روي عن أنس رضي عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفاً من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته وقال " هكذا أمرني ربي "(6) .
كيفية التخليل :
قال النووي :" قال السرخسي يخللها بأصابعه من أسفلها ، قال ولو أخذ للتخليل ماء آخر كان أحسن " (7) .
ثانياً - إذا كانت اللحية خفيفة لا تستر ما تحتها من البشرة :
للعلماء في هذه المسألة قولان:
أحدهما : ليس عليه إيصال الماء إلى البشرة ، ويكفيه غسل الشعر وهو قول للحنفية (2)
__________
(1) أحكام القرآن للجصاص 1/339.
( 6) رواه أبو داود والبيهقي ، قال ابن حزم : لا يصح حديث أنس لأنه من طريق الوليد بن زوران وهو مجهول ، و كذلك أعله ابن القطان، قال ابن القيم :وفي هذا التعليل نظر ، فإن الوليد هذا روى عن جعفر بن برقان ، وحجاج بن منهال ، وأبي المليح الحسن بن عمر الرقي وغيرهم . ولم بعلم فيه حرج .
وقال النووي : رواه أبو داود ولم يضعفه وإسناده حسن أو صحيح والله أعلم ، وقال الألباني وله شواهد كثيرة وبها يرتقي إلى درجة الحسن .
انظر : سنن أبي داود ، كتاب الطهارة ، باب تخليل اللحية 1/36، السنن الكبرى ،كتاب الطهارة ،باب تخليل اللحية 1/54، المجموع 1/376، الثقات 7/550، التهذيب لإبن القيم 1/107، المحلى 2/35، التلخيص الحبير 1/86، إرواء الغليل 1/130.
(7) المجموع 1/376 .
(2) بدائع الصنائع 1/3.(1/8)
والثاني : أن عليه غسل الشعر والبشرة ولا يجوز أن يقتصر على غسل أحدهما .
وهو القول المختار للحنفية (1) ، وقول المالكية (2) ، والشافعية (3) ، والحنابلة (4)
الأدلة :
استدل أصحاب القول الأول بالعقل :
1- أن الواجب غسل الوجه ولما نبت الشعر خرج ما تحته من أن يكون وجهاً ، لأنه يواجه إليه فلا يجب
غسله(5) .
2- أنه قد سوى بين الخفيف والكثيف في الجنابة ، ووجب غسل ما تحتهما فكذا يسوى بينهما في الوضوء فلا يجب غسله (5) .
واستدل أصحاب القول الثاني بالقرآن والعقل :
أولاً - القرآن :
قوله تعالى " فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ " (6)
وجه الدلالة :
أن البشرة من الوجه ويقع بها المواجهة (7) .
ثانيا- العقل :
1- أن البشرة موضع ظاهر من الوجه فوجب أن يلزم المتوضئ إيصال الماء إليها كالتي لا شعر عليها (8) .
2- أن اللحية طارئة والطارئ إذا لم يستر الجميع لم يسقط الفرض كالخف المخرق (9) .
3- أن الشعر الكثيف يشق إيصال الماء إليه بخلاف الخفيف (10) .
المناقشة والترجيح :
اعترض أصحاب القول الثاني على أصحاب القول الأول ، أنه يسوى بين الخفيف والكثيف في الجنابة فكذا في الوضوء بأن المعتبر في الموضعين المشقة وعدمها ، فلما كانت الجنابة قليلة أوجبنا ما تحت الشعور كلها لعدم المشقة . فكذا ما تحت الخفيف في الوضوء بخلاف الكثيف .
وبهذا يتبين رجحان قول القائلين بوجوب غسل الشعر والبشرة .
__________
(1) شرح فتح القدير 1/16 ، البحر الرائق 1/16 ، حاشية ابن عابدين 1/101 .
(2) الخرشي 1/122 ، الشرح الصغير 1/39 ، بلغة السالك 1/39 ، حاشية الصفتي 51.
(3) المهذب 1/23 ، التهذيب 1/239 ، الوسيط 1/367 .
(4) الكافي 1/27 ، كشاف القناع 1/97 ، شرح منتهى الإرادات 1/52 .
(5) بدائع الصنائع 1/3 .
(5) المجموع 1/376.
(6) المائدة 6.
(7) المجموع 1/376.
(8) (9،10) الحاوي 1/462.
(9) المجموع 1/367.(1/9)
ثالثاً - إذا كان بعض شعر اللحية خفيفاً لا يستر البشرة ، وبعضه كثيفاً يستر البشرة :
فللكثيف حكم اللحية الكثيفة وللخفيف حكم اللحية الخفيفة (1) ، و ذكر الماوردي أن هذا على ضربين (2) :
أحدهما : أن يكون الكثيف متفرقاً بين أثناء الخفيف لا يمتاز منه ولا ينفرد عنه ، فهذا يلزمه إيصال الماء إلى جميع الشعر والبشرة معاً ، لأن إفراد الكثيف بالغسل يشق ، وإمراره على ا لخفيف لا يجزئ.
والضرب الثاني : أن يكون الخفيف متميزاً منفرداً عن الكثيف ، فالواجب عليه أن يغسل ما تحت الخفيف دون الكثيف اعتباراً بما يقع به اسم المواجهة ، ولو غسل بشرة جميعه كان أولى .
فرع : إيصال الماء إلى شعر الحاجبين والأهداب والشارب والعنفقة (3) .
للعلماء في ذلك قولان:
أحدهما : أنه يجب غسلها إن كانت خفيفة تظهر معها البشرة ، ويجب غسل الظاهر منها إن كانت كثيفة لا تصف البشرة ، لأنه شعر ساتر لما تحته أشبه لحية الرجل (4) .
وهذا القول وجه للشافعية (5) ورواية للحنابلة (6) .
والثاني :أنه يلزم إيصال الماء إلى ما تحتها من البشرة سواء كان شعرها خفيفاً أو كثيفاً ، لأنها لا تستر ما تحتها عادة ، وإن وجد ذلك كان نادراً فلا يتعلق به حكم ، ولأنه شعر بين مغسولين فاعتبر حكمه بما بينهما .
وهذا القول هو المختار عند الحنفية (7) ، والمشهور عند الشافعية (8) ، ووجه للحنابلة (9).
...
المبحث الثالث : مسح الرأس
__________
(1) التهذيب 1/239 ، المجموع 1/375 ، المغني 1/99 .
(2) الحاوي 1/462.
(3) العنفقة : ما بين الشفة السفلى و الذقن كان عليها شعراً ولم يكن ، وعرفهاالمتولي بأنها الشعر النابت على الشفة السفلى ،
انظر : تتمة الإبانة ل 38 ب لسان العرب 10/277
(4) المجموع 1/377.
(5) المجموع 1/377.
(6) المغني 1/101.
(7) حاشية ابن عابدين 1/101.
(8) الحاوي 1/463.
(9) المغني 1/100، شرح الزركشي 1/184.
(10) الحاوي 1/477، شرح الزركشي 1/190.(1/10)
مسح الرأس واجب بالكتاب والسنة والإجماع (10) .
قال العمراني : مسح الرأس واجب لقوله تعالى " وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ " (1) 1) ، ولأن كل من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا مسح رأسه (2) 2) ، وأجمعت الأمة على وجوبه (3)
واختلفوا في قدر ما يجب مسحه من الرأس إلى عدة مذاهب .
أولاً - الحنفية :
للحنفية ثلاث روايات :
أحدها : المسح بمقدار ثلاثة أصابع ذكرها محمد بن ا لحسن في الأصل(1) .
والثانية : المسح قدر الناصية وهو ربع الرأس (4) ، رواها الحسن بن زياد عن أبي حنيفة وهو قول زفر .
قال زفر : إن مسح رأسه بإصبع أو إصبعين فإنه يجزيه ، إن مسح ربع رأسه ، وإن وضع ثلاثة أصابع ولم يمّرها جاز في قول محمد ولم يجز في قول أبي حنيفة و أبي يوسف حتى يمّرها بقدر ما تصيب البلة مقدار ربع الرأس (5) .
والثالثة : يجب مسح أكثر الرأس (6) .
ثانياً - المالكية :
للمالكية عدة أقوال منها (7) :
1- مسح جميع الرأس ، وإن ترك اليسير من غير قصد أجزأه ، وهو قول مالك .
2- إن مسح مقدم رأسه أجزأه ، وهو قول أشهب .
3- إن مسح ثلثي رأسه أجزأه ، وهو قول محمد بن مسلمة .
4- إن مسح ثلث رأسه أجزأه ، وهو قول أبي الفرج .
ثالثاً - الشافعية :
للشافعية ثلاثة أقوال :
__________
(1) المائدة 6.
(2) انظر : صحيح البخاري ، كتاب الوضوء ، باب مسح الرأس كله 1/55.
(3) البيان ل 4 أ .
(4) الأصل 1/43.
(2) الهداية 1/12.
(5) المبسوط 1/64.
(6) البناية 1/112.
(7) مقدمات ابن رشد 1/51، بداية المجتهد 1/12، تفسير القرطبي 1/87، أحكام القرآن 2/568.(1/11)
أحدها : أن مسح الرأس لا يتقدر بشئ بل يكفي فيه ما يمكن ، وهو الذي تظاهرت عليه نصوص الشافعي وقطع به جمهور الشافعية في الطرق ، وقال بعض الشافعية لو مسح بعض شعرة واحدة أجزأه ، وقال ابن القاص وأبو الحسن بن خيران أقله مسح ثلاث شعرات (1) .
والثاني : أن الفرض قدر الناصية ولا يجزئ أقل من ذلك ، وبه قال القاضي حسين (2) .
والثالث : مسح جميعه ، وهو قول المزني (3) .
رابعاً - الحنابلة :
للحنابلة أربع روايات (4) :
أحدها : وجوب مسح جميع الرأس ، وصحح هذه الرواية شيخ الإسلام بن تيمية .
والثانية : الواجب مسح البعض .
والثالثة : وجوب مسح جميع الرأس للرجل ، ويجزئ في المرأة مسح مقدم رأسها .
والرابعة : مسح قدر الناصية .
بعد عرض المذاهب يبدو أن الخلاف ينحصر في قولين :
أحدهما : وجوب مسح جميع الرأس .
والثاني يجزئ مسح بعض الرأس ، مع الاختلاف في قدر البعض على ما ذكرنا .
الأدلة :
استدل من قال بوجوب مسح جميع الرأس بالقرآن ، والسنة ، والعقل .
أولاً - القرآن :
قوله تعالى " #qكs|،ّB$#ur بِرُءُوسِكُمْ " (5) .
وجه الدلالة :
1_ أن الباء في قوله " برؤوسكم " مؤكدة زائدة ليست للتبعيض والمعنى و امسحوا رؤوسكم ، أي أن موقع الباء إلصاق الفعل بالمفعول ، إذ المسح إلصاق ماسح بممسوح فكأنه قيل ألصقوا المسح برؤوسكم ، أي المسح بالماء وهذا بخلاف ما لو قيل امسحوا رؤوسكم فإنه لا يدل على أنه ثم شيء ملصق (6) .
__________
(1) المجموع 1/398، روضة الطالبين 1/53، التهذيب 1/249، حلية العلماء 1/122.
(2) التهذيب 1/249.
(3) الحاوي 1/478.
(4) المغني 1/111، شرح الزركشي 1/191، الإنصاف 1/161، الكافي 1/29.
(5) المائدة 6.
(6) شرح الزركشي 1/190.(1/12)
2- وقيل إن دخول الباء هنا كدخولها في التيمم في قوله " فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ " (1) . فلو كان معناها للتبعيض لأفادته في ذلك الموضع (2) ، فلما لم يجز الاقتصار في التيمم على بعض الوجه دون بعض فكذلك هنا (3) .
3 - أن الحكم إذا علق باسم وجب استيفاء ما يتناوله كقوله : كل رغيفاً واعط درهماً (4) .
ثانياً - السنة :
1-عن عبد الله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه (5) .
2- عن المقدام بن معدي كرب قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فلما بلغ مسح رأسه وضع كتفيه على مقدم رأسه فأمرّهما حتى بلغ القفا ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه (6) .
وجه الدلالة من الحديثين :
الأحاديث تبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد استوعب جميع الرأس بهذه الكيفية .
ثالثاً - العقل (7) :
1- أن الرأس عضو ورد الظاهر به مطلقاً من غير تحديد فأشبه الوجه .
1- أنه عضو يعتد مباشرته في المسح ، فوجب إيعابه كالوجه في التيمم .
واستدل من قال يجزئ مسح بعض الرأس بالقرآن ، والسنة ، والآثار والعقل .
أولاً - القرآن :
قوله تعالى " #qكs|،ّB$#ur بِرُءُوسِكُمْ " (8) .
وجه الدلالة :
أن الباء في قوله " برؤوسكم " للتبعيض (9) ،
__________
(1) المائدة 6.
(2) تفسير القرطبي 6/88.
(3) مقدمات ابن رشد 1/51.
(4) الإشراف 1/119.
(5) صحيح البخاري ، كتاب الوضوء ، باب مسح الرأس كله 1/55.
(6) رواه أبو داود والبيهقي ، وقال ابن حجر إسناده صحيح ،
انظر : سنن أبي داود ،كتاب الطهارة ، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم 1/30، السنن الكبرى ، كتاب الطهارة ، باب الاختيار في استيعاب الرأس بالمسح 1/59، التلخيص الحبير 1/89.
(7) الإشراف 1/119.
(8) المائدة 6.
(3) المجموع 1/400.
(9) رواه الشافعي .
انظر : مسند الإمام الشافعي 1/14.(1/13)
فتفيد جواز مسح بعض الرأس .
ثانياً - السنة :
1- عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح ناصيته أو قال مقدم رأسه بالماء (1) .
2- عن أنس بن مالك أنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية فأدخل يده من تحت العمامة فمسح رأسه ولم ينقض العمامة(5) .
3- حديث عمرو بن المغيرة بن شعبة عن أبيه وفيه " ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه " (2)
وجه الدلالة من الأحاديث :
أن فعله صلى الله عليه وسلم بياناً لمجمل الكتاب ، إذ البيان يكون بالقول تارة وبالفعل أخرى ، كفعله في هيئة الصلاة وعدد ركعاتها ، وفعله في مناسك الحج وغير ذلك . فكان المراد من المسح بالرأس مقدار الناصية ببيان النبي صلى الله عليه و سلم.(7)
ثالثاً - الآثار :
1- أن عثمان بن عفان مسح مقدم رأسه بيده مرة واحدة ، ولم يستأنف له ماءً جديداً حين حكى وضوء النبي صلى الله عليه و سلم (3) .
2- عن نافع أن ابن عمر كان يدخل يده في الوضوء فيمسح بها مسحة واحدة في اليافوخ (4)
__________
(1) أخرجه أبو داود ، وابن ماجه ، والحاكم ، والبيهقي .
قال ابن حجر في إسناده نظر ، وقال الحاكم : هذا الحديث وإن لم يكن إسناده من شرط الكتاب فإن فيه لفظة غريبة وهي أنه مسح على بعض الرأس ولم يمسح على العمامة ، وقال الذهبي أبو معقل عن أنس في المسح على العمامة لا يعرف ، وقال أبو علي ابن السكن لا يثبت إسناده ، قال الذهبي : لو صح لدل على مسح بعض الرأس .
انظر : سنن أبي داود ، كتاب الطهارة ، باب المسح على العمامة 1/37، سنن ابن ماجه ، كتاب الطهارة وسننها ، باب ما جاء في المسح على العمامة 1/77، المستدرك ، باب ايجاب المسح وإن كان معتماً 1/61 ، التلخيص الجبير 1/58، التلخيص الذهبي 1/169.
(2) صحيح مسلم ،كتاب الطهارة ، باب المسح على الناصية والعمامة 1/230.
(7) بدائع الصنائع 1/5.
(4) رواه سعيد في سننه ، ذكرته نقلاً عن المغني 1/112.
(2) اليافوخ : ملتقى عظم مقدم الرأس و مؤخره ، انظر : يفخ ـ لسان العرب 3/67.(1/14)
فقط (1) .
قال ابن حجر : ولم يصح عن أحد من الصحابة إنكار ذلك (2) .
رابعاً - العقل :
1- أن المسح إذا أطلق فالمفهوم منه المسح من غير اشتراط للاستيعاب (3) .
2- أن من مسح بعض رأسه يقال مسح برأسه كما يقال مسح برأس اليتيم وقبل رأسه (4) .
المناقشة والترجيح :
اعترض من قال بوجوب مسح جميع الرأس على من قال يجزئ مسح بعض الرأس بالآتي :
1- أن قولكم أن الباء للتبعيض غير مسلم دفعاً للاشتراك ، ولإنكار الأئمة ، قال أبو بكر عبد العزيز: سألت ابن دريد وابن عرفة عن الباء تبعض ، فقالا : لا نعرف في اللغة أنها تبعض .
وقال ابن برهان : من زعم أن الباء تفيد التبعيض فقد جاء أهل اللغة بما لا يعرفونه (5) .
وقال القرطبي : وقيل إن الباء دخلت لتفيد معنى بديعاً ، وهو أن الغسل لغة يقتضي مغسولاً به ، والمسح لغة لا يقتضي ممسوحاً به ، فلو قال وامسحوا برؤوسكم لأجزأ المسح باليد إمراراً من غير شيء على الرأس فدخلت الباء لتفيد ممسوحاً به وهو الماء فكأنه قال : وامسحوا برؤوسكم الماء (6) .
ورد هذا الاعتراض بأمرين (7) :
أحدهما : أن العرب لا تدخل في الكلام حرفاً زائداً إلا لفائدة ، والباء الزائدة تدخل في كلامهم لأحد أمرين ، إما للإلصاق (8) 0) في الموضع الذي لا يصح الكلام بحذفها ولا يتعدى الفعل إلى المفعول إلا بها كقولهم : مررت بزيد ، وكقوله تعالى " وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ " (9) 1) لما لم يصح أن يقولوا مررت زيداً ، وليطوفوا البيت ، كان دخول الباء للإلصاق ولتعدى الفعل إلى مفعوله .
__________
(1) )3) الأوسط 1/398 ، مصنف عبدالرازق 1/6.
(2) فتح الباري 1/254.
(3) المجموع 1/339.
(4) المغني 1/112.
(5) شرح الزركشي 1/191 ، المغني 1/112.
(6) تفسير القرطبي 6/88.
(7) الحاوي 1/481.
(8) المقتضب 1/77، شرح ابن عقيل 3/22، مغني اللبيب 1/101.
(9) الحج 29.(1/15)
وإما للتبعيض (1) في الموضع الذي يصح الكلام بحذفها ويتعدى الفعل إلى مفعوله بعدمها ، ليكون لزيادتها فائدة، فلما حسن حذفها من قوله تعالى " #qكs|،ّB$#ur بِرُءُوسِكُمْ " ، لأنه لو قال وامسحوا رؤوسكم صلح ، دل على دخولها للتبعيض .
والثاني : أن من عادة العرب في الإيجاز والاختصار إذا أرادوا ذكر كلمة اقتصروا على أول حرف منها اكتفاء به عن جميع الكلمة كما قال الشاعر : قلت لها قفي قالت قاف .
أي وقفت ، وإذا كان هذا من كلامهم كانت الباء التي في قوله " وامسحوا برؤوسكم " مراداً بها بعض رؤوسكم ، لأنها أول حرف من بعض .
2- أن الأحاديث التي استدللتم بها مضطربة ، وتدل على جواز المسح على العمامة ، وعلى فرض صحتها فلعل الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لأنه كان في سفر وهو مظنة العذر ، ولهذا مسح على العمامة بعد مسح الناصية ، كما هو ظاهر من سياق مسلم في حديث المغيرة بن شعبة ، فلو لم يكن مسح جميع الرأس واجباً لما مسح على العمامة (2) .
وأجيب عن هذا بأنه قد روي عنه صلى الله عليه وسلم مسح مقدم الرأس من غير مسح على العمامة، ولا تعرض لسفر ، وهو ما رواه الشافعي ، وهو مرسل ، لكنه اعتضد بمجيئه من وجه آخر موصولاً ، وهو حديث أنس الذي أخرجه أبو داود وفي إسناده أبو معقل لا يعرف حاله ، فقد اعتضد كل من المرسل و الموصول بالآخر وحصلت القوة من الصورة المجموعة ، وهذا مثال لما ذكره الشافعي من أن المرسل يعتضد بمرسل آخر أو مسند ، والآثار التي ذكرناها عن عثمان وابن عمر ولم يصح عن أحد من الصحابة إنكار ذلك ، كما قاله ابن حزم يقوي به المرسل المتقدم (3) .
واعترض من قال بجواز مسح البعض على الآخرين بالآتي :
__________
(1) مغني اللبيب 1/105.
(2) مقدمات ابن رشد 1/52، تفسير القرطبي 1/88، فتح الباري 1/254.
(3) فتح الباري 1/254.
(4) شرح النووي على صحيح مسلم 3/124 .(1/16)
1- ما ذكرتموه من الأحاديث كحديث عمرو بن زيد وحديث المقدام لا تدل على الوجوب ، وإنما تدل على الاستحباب ، قال النووي : وليس في الحديث دلالة لوجوب استيعاب الرأس بالمسح ، لأن الحديث ورد في كمال الوضوء لا فيما لا بد منه (4) .
2- قولكم بأن مسح الرأس كمسح الوجه في التيمم، ولا يجزئ في التيمم مسح بعض الوجه مردود بأن السنة بينت أن المطلوب بالمسح في التيمم الاستيعاب ، وفي الرأس البعض ،كما أن هناك فرقاً بينهما ، وهو أن مسح الرأس أصل فاعتبر فيه حكم لفظه والتيمم بدل عن غسل الوجه فاعتبر فيه حكم مبدله .
وُأجيب أن هذا الفرق فاسد بالمسح على الخف ، ورد عليهم بأن هذا التعليل يقتضي استيعاب الخف بالمسح لكن ترك ذلك لوجهين ، أحدهما : الإجماع على أنه لا يجب ، والثاني : أنه يفسد الخف مع أنه مبني على التخفيف ، ولهذا يجوز مع القدرة على غسل الرجل بخلاف التيمم (1) .
الترجيح :
بعد مناقشة الأدلة يبدو لي - والله أعلم- رجحان قول من قال بأنه يجزئ مسح بعض الرأس لقوة أدلتهم ، ولأن بعض من قال بوجوب مسح الكل فرق بين الرجل والمرأة ، ودلل على ذلك بفعل عائشة رضي الله عنها ، وهذا حجة لهم لا عليهم ، إذ أنه لا فرق بين الرجل والمرأة ، لأن بعض الرجال في عهد النبي صلى الله عليه كانت لهم ذوائب فتحصل لهم المشقة كما تحصل للمرأة ، وهذا يدل على أن مسح بعض الرأس جائز .
المبحث الرابع : نقض شعر المرأة في الغسل
اختلف الفقهاء في نقض المرأة لشعرها في الغسل إلى قولين :
أحدهما : يجب على المرأة نقض شعرها في الغسل من الحيض ولا يجب عليها نقضه في الغسل من الجنابة .
وهو قول الباجي من المالكية (2) ، ورواية عن أحمد (3) ، وقول ابن حزم (4) .
__________
(1) المجموع 1/400، فتح الباري 1/254 ، تفسير القرطبي 1/88.
(2) المنتقى 1/96.
(3) المغني 1/226 ، الإنصاف 1/256، المبدع 1/147.
(4) المحلى 1/37.(1/17)
والثاني : لا يجب على المرأة نقض شعرها في الغسل سواء كانت حائضاً أم جنباً ،وذلك إذا بلغ الماء أصول الشعر.
وهو قول الحنفية (1) ، وجمهور المالكية (2) ، وقول الشافعية (3) ، ورواية عن الإمام أحمد(8) .
الأدلة :
استدل من قال بوجوب النقض في الحيض دون الجنابة بالسنة والعقل .
أولاً - السنة :
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرجنا موافين لهلال ذي الحجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" من أحب أن يُهلّ بعمرة فليهلل ، فإني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة " فأهلّ بعضهم بعمرة وأهلّ بعضهم بحج، وكنت أنا ممن أهلّ بعمرة فأدركني يوم عرفة وأنا حائض فشكوت إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال :" دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلّي بحج " ففعلت (4) .
وجه الدلالة :
الحديث يدل على وجوب نقض الشعر ، لأن المشط لا يكون إلا في شعر مضفور (5) .
2- عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها وغسلته بخطمى وأشنان ، وإذا اغتسلت من الجنابة لم تنقض رأسها ولم تغسل بالخطمى والأشنان " (2).
وجه الدلالة :
الحديث واضح الدلالة في وجوب النقض في الغسل من الحيض دون الغسل من الجنابة .
__________
(1) المبسوط 1/45 ، البحرالرائق 1/196، الفتاوى الهندية 1/13.
(2) مختصر خليل 18 ، الكافي لابن عبد البر 1/10، الشرح الصغير 1/6.
(7) الأم1/40،المهذب1/38،فتح العزيز1/159.
(8) الإنصاف1/256،المبدع1/198،المغني1/226، الكافي1/60،الشرح الكبير 1/219.
(3) صحيح البخاري ، كتاب الحيض ، باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض 1/82.
(5) المغني 1/226.
(2) السنن الكبرى ،كتاب الطهارة ، باب غسل المرأة من الجنابة والحيض 1/182.
(3) الضغث : معالجة شعر الرأس باليد عند الغسل كأنها تخلط بعضه ببعض ليدخل فيه الغسول ، انظر ـ ضغث ـ لسان العرب 2/164.(1/18)
3- عن عائشة أنها سُئلت عن غسل المرأة من الجنابة فقالت : " لتحفن على رأسها ثلاث حفنات من الماء ولتضغث (1) رأسها بيديها " (2) .
وجه الدلالة :
سؤال عائشة عن غسل المرأة من الجنابة لأنه أمر يتكرر دائماً ، وليس عليها نقض رأسها ، وأما الحيض فقليل ولا بد من نقض شعرها فيه ، لأنه ليس فيه حرج عليها (5) .
ثانياً - العقل :
1- أن عموم الغسل يجب في جميع الأجزاء من شعر وبشرة والضفر قد يمنع ذلك ، روي هذا عن النخعي (6) .
2- إذا جاز للمرأة الامتشاط في غسل الإحرام وهو مندوب كان جوازه لغسل الحيض وهو واجب أولى (3) .
واستدل من لم يفرق بين غسل الجنابة وغسل الحيض بالسنة .
1- عن أم سلمة قالت ، قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة ؟،
قال" لا ، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين " (4) .
وجه الدلالة :
يدل الحديث على أنه لا يجب على المرأة نقض ضفائرها (5) ، سواء في ذلك غسلها من الحيض أو غسلها من الجنابة.
2- حديث عائشة أن أسماء سألت النبي صلى الله عليه و سلم عن غسل المحيض فقال " تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شؤون رأسها ثم تصب عليها الماء ، ثم تأخذ فِرْصَة مُمَسَّكَة (6) فتطهر بها " (7) .
وجه الدلالة :
__________
(1) الموطأ ، كتاب الطهارة ، باب العمل في غسل الجنابة 1/45.
(5) المنتقى 1/96.
(6) نيل الأوطار 1/312 .
(2) فتح الباري 1/471 ، عمدة القاري 3/288.
(8) صحيح مسلم ،كتاب الحيض ، باب حكم ضفائر المغتسلة 1/259.
(9) نيل الأوطار 1/312 .
(6) فرصة ممسكة : أي قطعة من قطن أو صوف أو خرقة مطيبة بالمسك ، انظر شرح النووي على صحيح مسلم 4/14.
(2) صحيح مسلم ،كتاب الحيض ، باب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك 1/260 .(1/19)
ليس في الحديث ذكر نقض الشعر ،ولكن كل ما فيه الدلالة على التنظيف والمبالغة في إذهاب أثر الدم (1) ، ولو كان النقض واجباً لذكره ، لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ،ولأنه موضع من البدن فاستوى فيه غسله من الحيض والجنابة كسائر البدن (4) .
3- عن عبيد بن عمير قال : بلغ عائشة أن عبد الله بن عمرو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن ، فقالت : يا عجباً لابن عمرو ، هو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن أو ما يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن، لقد كنت اغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ، وما أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات (2) .
وجه الدلالة :
في قول السيدة عائشة إنكار على قول من رأى أن على المرأة نقض ضفائرها عند الغسل (3) ، وهو يدل على عدم وجوب نقض الشعر على النساء (4) ، وهذا لا يقال إلا عن توقيف .
4- عن ثوبان أنهم استفتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقال :" أما الرجل فلينثر رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر، وأما المرأة فلا عليها أن لا تنقضه،لتغرف على رأسها ثلاث غرفات بكفيها" (5) .
وجه الدلالة :
الحديث صريح في أن المرأة لا تنقض شعرها عند الغسل من الحيض أو الجنابة حيث جاء الكلام عاماً فيبقى على عمومه .
المناقشة والترجيح :
اعُترض على من قال أنه لا يجب على المرأة نقض شعرها سواء في ذلك غسلها من الحيض أو الجنابة بالآتي :
__________
(1) نيل الأوطار 1/313 .
(4) المغني 1/226.
(2) صحيح مسلم ،كتاب الحيض ، باب حكم ضفائر المغتسلة 1/260 .
(3) شرح الزرقاني 1/93.
(4) نيل الأوطار 1/313.
(5) صحيح سنن أبي داود ، كتاب الطهارة ، باب في المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل 1/76 .(1/20)
1- ما استدللتم به من حديث أم سلمة مردود بأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم راجع إلى الجنابة لا غير ، وأما النقض في الحيض فالنص قد ورد به ، ولو كان كذلك لكان الأخذ به واجباً ، إلا أن حديث عائشة رضي الله عنها نسخ ذلك بقول النبي صلى الله عليه و سلم لها في غسل الحيض (1) ." انقضي رأسك واغتسلي " ، فوجب الأخذ بهذا الحديث .
وأُجيب عن هذا بأن دعوى النسخ لا يصار إليها إلا بيقين ، فحديث عائشة الذي رواه البخاري ليس فيه أمر بالغسل وإنما ورد الخبر في مندوبات الإحرام ،ولو أُمرت بالغسل لم يكن فيه حجة ،لأن ذلك ليس هو غسل الحيض وإنما أمرت بالغسل في حال الحيض للإحرام بالحج (2) .
ولو ثبت الأمر بالغسل حمل على الاستحباب جمعاً بين الحديثين ،ولأن ما فيه يدل على الاستحباب ، وهو المشط وليس بواجب فما هو من ضرورته أولى (3) .
2- واعترضوا على إنكار عائشة على عبد الله بن عمرو وقالوا هذا الإنكار ليس بحجة لعدة وجوه :
أحدها : أن عائشة عنت بالغسل الغسل من الجنابة وليس من الحيض بدليل قولها في آخر الحديث
" لقد كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نغتسل من إناء واحد " وهذا بلا شك للجنابة لا للحيض (4) .
ويرد على هذا بأنه لو سلمنا أن ما عنته السيدة عائشة هو الغسل من الجنابة ، فإن جمهور الفقهاء متفقون على أنه لا فرق بين الغسل من الحيض والغسل من الجنابة .
ثانيها : أنه لو صح في الحديث أنها أرادت الحيض لما كان فيه حجة ، لأننا لم نؤمر بقبول رأيها إنما أمرنا بقبول روايتها ونقض الشعر هو الفرض اللازم (5) .
ويرد عليهم بأن السيدة عائشة لم تقل بهذا القول من عندها ، وإنما استندت إلى فعلها مع الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله أولى بالإتباع .
__________
(1) المحلى 2/38.
(2) المغني 1/226، نيل الأوطار 1/313 .
(3) الشرح الكبير 1/219.
(4) المحلى 2/39.
(5) المحلى 2/39.(1/21)
ثالثها : أن عبد الله بن عمرو صحابي وقد خالف السيدة عائشة ، وإذا وقع التنازع وجب الرد إلى القرآن والسنة لا إلى قول أحد المتنازعين دون الآخر وفي السنة ما ذكرنا (1) .
ويرد عليهم بأن أمر عبد الله بن عمرو رضي الله عنه بنقض النساء رؤوسهن إذا اغتسلن محمول على:
أ- أنه أراد إيجاب ذلك عليهن في شعور لا يصل إليها الماء .
ب- أو يكون مذهباً له أنه يجب النقض بكل حال ولا يكون بلغه حديث أم سلمة وعائشة .
د- يحتمل أنه كان يأمرهن على الاستحباب والاحتياط لا على الوجوب (2) .
أما قولهم : أن الأمر المتنازع فيه يرد إلى الكتاب أو السنة فأصحاب القول الآخر استندوا على أدلة قوية من السنة .
واعترض على من قال بالنقض في الحيض دون الجنابة بالآتي :
1- ما استدللتم به من حديث عائشة فقد أجيب عنه عند الرد على المعترضين على حديث أم سلمة .
2- ما استدللتم به من حديث أنس فهو من رواية البيهقي ، وحديث أم سلمة رواه مسلم فهو أولى بالتقديم منه (3)
3-ما استدللتم به من قول النخعي فمردود بأن النخعي ربما لم تبلغه الرخصة في عدم النقض
للنساء (4) .
الترجيح :
مما سبق يتبين أن جميع أدلة من قال بالتفريق ضعيفة ، وعلى هذا يكون القول الراجح هو قول من قال بأن غسل الحيض كغسل الجنابة ولا يجب على المرأة نقض شعرها إذا وصل الماء إلى أصول الشعر ، فإن كان يوجد ما يمنع وصول الماء إلى الأصول وجب النقض . والله أعلم .
فرع : إيصال الماء إلى باطن الضفائر والذوائب وما استرسل من الشعر .
اختلف العلماء في ذلك إلى قولين:
أحدهما : وجوب إيصال الماء إلى باطن الضفائر .
__________
(1) شرح النووي على صحيح مسلم 4/12.
(2) المحلى 2/39.
(3) شرح فتح القدير 1/59.
(4) نيل الأوطار 1/312.(1/22)
وهو مذهب المالكية (1) ، والشافعية (2) ، وفي قول للحنفية أنه يجب بل الذوائب وعصرها (3) ، ووجه للحنابلة أنه يجب غسل ما استرسل من الشعر (4) .
والثاني : لا يجب إيصال الماء إلى باطن الضفائر ولا يجب بل الذوائب ويكفي وصول الماء إلى أصول الشعر .
وهو القول الصحيح عند الحنفية (5) ، وهناك رواية للحنابلة أنه لا يجب غسل ما استرسل من الشعر (6) .
الأدلة :
استدل أصحاب القول الأول بحديث " تحت كل شعر جنابة فبلوا الشعر وأنقوا البشرة " (7) .
وجه الدلالة :
أن هذا شعر نابت في محل الفرض فوجب غسله كشعر الحاجبين (8) 0).
واستدل أصحاب القول الثاني بحديث أم سلمة وقول النبي صلى الله عليه و سلم " إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات " (9) 1).
وجه الدلالة :
أن أم سلمة أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، بأنها كانت تشد ضفر رأسها فلم يأمرها النبي صلى الله عليه و سلم بنقض ضفائرها .
المناقشة والترجيح :
__________
(1) شرح الزرقاني 1/3، المنتقى 1/96.
(2) مغني المحتاج 1/73 ، الوسيط 1/482.
(3) شرح فتح القدير 1/59، شرح العناية 1/60.
(4) المغني 1/227 ، الشرح الكبير 1/220.
(5) البحر الرائق 1/55 ، حاشية ابن عابدين 1/153.
(6) المغني 1/227 ، الشرح الكبير 1/220.
(7) رواه أبو داود والترمذي
قال أبو داود ، الحارث بن وجيه حديثه منكر وهو ضعيف ، وقال الترمذي : حديث الحارث بن وجيه حديث غريب لا نعرفه إلا من حديثه.
انظر : سنن أبي داود ، كتاب الطهارة ، باب الغسل من الجنابة 1/65 ، سنن الترمذي ، باب ماجاء أن تحت كل شعرة جنابة1/71.
(8) المغني 1/227.
(9) سبق تخريجه ص17 .(1/23)
اعتُرض على أصحاب القول الأول بأن الحديث الذي استدلوا به ضعيف ، وقولهم بأنه يجب غسله كشعر الحاجبين مردود ، بأن الحاجبين إنما وجب غسلهما لأنه من الضروري غسل بشرتها ، فكل شعر لا يمكن غسل بشرته إلا بغسله وجب غسله ، لأنه من قبيل ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (1) .
مما سبق يبدو رجحان قول أصحاب القول الثاني الذين لا يرون إيصال الماء إلى باطن الضفائر والذوائب ، لما ثبت من حديث أم سلمة . والله أعلم .
المبحث الخامس : الاستحداد ونتف شعر الإبط
حيث إن الطهارة بمعناها اللغوي هي النظافة والنزاهة عن الأقذار ، فقد أدرج بعض الفقهاء هذين الحكمين في كتاب الطهارة .
أولاً - الاستحداد :
الاستحداد لغة : حلق شعر العانة بالحديد .
قال أبو عبيد : وهو استفعال من الحديدة يعني الاستحلاق بها ، استعمل على طريق الكناية والتورية (2) .
والاستحداد في الاصطلاح : استعمال الموسى في حلق الشعر من مكان مخصوص من الجسد (3) .
المراد بالعانة :
قال النووي : المراد بالعانة الشعر النابت حوالي ذكر الرجل وقبل المرأة وفوقهما ، ونقل عن ابن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر (4) .
ونقل ابن حجر عن أبي شامة أن العانة الشعر النابت على الركب بفتح الراء والكاف وهو ما انحدر من البطن فكان تحت الثنية وفوق الفرج (5) .
حكم الاستحداد :
الاستحداد سنة لأنه من الفطرة ، فقد روى أبو هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" الفطرة خمس الختان ، والاستحداد ، وقص الشارب ، وتقليم الأظفار ، ونتف الآباط " (6) .
__________
(1) المغني 1/220 ، الشرح الكبير 1/227.
(2) حدد - لسان العرب 3/142.
(3) فتح الباري 10/289.
(4) المجموع 1/289، شرح النووي على صحيح مسلم 3/148.
(5) فتح الباري 10/289 .
(6) رواه البخاري ومسلم .
انظر : صحيح البخاري ، كتاب اللباس ، باب قص الشارب 4/64 ، صحيح مسلم ،كتاب الطهارة ، باب خصال الفطرة 1/221.(1/24)
والفطرة هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع ، فكأنها أمر جبلي ينطوون عليها (1) .
والسنة في العانة الحلق في حق الرجل والمرأة معاً .
فقد ثبت في الحديث الصحيح عن جابر قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة ..إلى أن قال :" فلما قدمنا المدينة ذهبنا لندخل فقال " امهلوا حتى ندخل ليلاً أي عشاء كي تمتشط الشعِثَةُ (2) وتستحد المُغَيِبَةُ (3) " (4)
ويتأدى أصل السنة بالإزالة بكل مزيل ، لأن المقصود إزالة الشعر (5) .
قال النووي : والسنة في العانة الحلق كما هو مصرح في الحديث فلو نتفها أو قصها أو أزالها بالنورة جاز ، وكان تاركاً للأفضل وهو الحلق (6) .
وذكر ابن حجر نقلاً عن النووي : والأولى في حق الرجل الحلق وفي حق المرأة النتف ، واستشكل بأن فيه ضرراً على المرأة بالألم ، وعلى الزوج باسترخاء المحل ، فإن النتف يرخي المحل باتفاق الأطباء . وقال ابن العربي : إن كانت شابة فالنتف في حقها أولى ، لأنه يربو مكان النتف وإن كانت كهلة فالأولى في حقها الحلق ، لأن النتف يرخي المحل ، ولو قيل الأولى في حقها التنور مطلقاً لما كان بعيداً. (7)
وأرى أن الأولى في حقها ما تطيقه وتقوى عليه .
__________
(1) نيل الأوطار 1/133، 8/33.
(2) الشعث : المغبر الرأس ، المنتف الشعر ، الحاف الذي لم يدهن ، انظر : شعث ـ لسان العرب 2/161.
(3) المُغَيِبَة : هي التي غاب عنها زوجها ، انظر : شرح النووي على صحيح مسلم 10/54.
(4) صحيح مسلم ، كتاب الرضاع ، باب استحباب نكاح البكر 2/1087.
(5) فتح الباري 10/290، المغني 1/71.
(6) المجموع 1/289.
(7) فتح الباري 10/290.(1/25)
وتعرض بعض العلماء لحكم الشعر الذي حول حلقة الدبر قال أبو شامة : ويستحب إماطة الشعر عن القبل والدبر بل هو من الدبر أولى ،خوفاً من أن يتعلق شيء من الغائط فلا يزيله المستنجي إلا بالماء ، ولا يتمكن من إزالته بالاستجمار (1) .
وقال ابن العربي : ولا يتعدى حلق العانة حلق الدبر وليتركه على حاله (2) 0).
وقال النووي : يستحب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما (3) 1).
قال الشوكاني : الاستحداد إن كان في اللغة حلق العانة فلا دليل على سنية حلق الشعر النابت حول الدبر ، وإن كان الاحتلاق بالحديد فلا شك أنه أعم من حلق العانة ، ولكنه وقع في مسلم وغيره بدل الاستحداد في حديث " عشر من الفطرة حلق العانة " ، فيكون مبنياً لإطلاق الاستحداد في حديث " خمس من الفطرة " فلا يتم سنية حلق شعر الدبر أو استحبابه إلا بدليل ، ولم نقف على حلق شعر الدبر من فعله صلى الله عليه وسلم ولا من فعل أحد من أصحابة (4) .
وقال ابن دقيق العيد : الذي ذهب إلى استحباب حلق ما حول الدبر ذكره بطريق القياس قال والأولى في إزالة الشعر هنا الحلق اتباعاً (5) .
ويتولى الإنسان إزالة شعر عانته بنفسه ، فإن لم يستطع فلا يدع أحداً يلي عورته إلا من يحل له الاطلاع عليها من زوجة أو أمه (6) .
ثانياً - نتف الإبط :
النتف لغة : نزع الشعر وما أشبهه (7) .
حكم نتف الإبط :
نتف الإبط سنة متفق عليها كما صرح به الحديث ، ولو حلقه أو أزاله بالنورة جاز ، لأن المقصود
النظافة (8) ، ونتفه أفضل لموافقته الخبر (6) .
__________
(1) فتح الباري 10/290.
(2) عارضة الأحوذي 10/216.
(3) شرح النووي على صحيح مسلم 3/148.
(4) نيل الأوطار 1/ 134.
(5) نقلاً عن فتح الباري 10/290.
(6) المجموع 1/289 ، المغني 1/71.
(7) نتف - لسان العرب 1/323.
(8) الفواكه الدواني 2/401، المجموع 1/288.
(6) المغني 1/72 .(1/26)
والحكمة في نتفه أنه محل للرائحة الكريهة ، وإنما ينشأ ذلك من الوسخ الذي يجتمع بالعرق فيه فيتلبد ويهيج ، فشرع فيه النتف الذي يضعفه فتخف الرائحة به،بخلاف الحلق فإنه يقوي الشعر ويهيجه فتكثر الرائحة لذلك (1) .
وقد ذكر ابن دقيق العيد معنىً لطيفاً في الحكمة من النتف في الإبط والحلق في العانة فقال : وقد فرق لفظ الحديث بين إزالة شعر العانة وإزالة شعر الإبط فذكر في الأول الاستحداد ، وفي الثاني النتف ، وذلك مما يدل على رعاية هاتين الهيئتين في محلهما ، ولعل السبب فيه أن الشعر بحلقه يقوى أصله ويغلظ جرمه ، ولهذا تصف الأطباء تكرار حلق الشعر في المواضع التي يراد قوته فيها ، والإبط إذا قوي فيه الشعر وغلظ جرمه كان أفوح للرائحة المؤذية الكريهة لمن يقاربها ، فناسب أن يسن فيه النتف المضعف لأصله المقلل للرائحة الكريهة ، وأما العانة فلا يظهر فيها من الرائحة الكريهة ما يظهر في الإبط ، فزال المعنى المقتضي للنتف ورجع إلى الاستحداد، لأنه أيسر وأخف على الإنسان من غير معارض (2) .
و يستحب أن يبدأ بالإبط الأيمن (3) ، لحديث عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله (4) 0) .
التوقيت في حلق العانة ونتف الإبط :
قال النووي : والمختار أن يضبط بالحاجة وطوله ، فإذا طال حلق ، أما حديث أنس " وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة (5) " فمعناه لا يترك تركاً يتجاوز به أربعين لا أنه وقت لهم الترك أربعين (6) .
__________
(1) تحفة الأحوذي 8/35.
(2) إحكام الأحكام 1/86.
(3) نيل الأوطار 1/134، شرح النووي على صحيح مسلم 3/149.
(4) صحيح البخاري ، كتاب الوضوء ، باب التيمن في الوضوء 1/51.
(5) صحيح مسلم ، كتاب الطهارة ، باب خصال الفطرة 1/222.
(6) شرح النووي على صحيح مسلم 3/149.(1/27)
وقال الشوكاني : بل المختار أن يضبط بالأربعين التي ضبط بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يجوز تجاوزها ، ولا يعد مخالفاً للسنة من ترك القص ونحوه بعد الطول إلى انتهاء تلك الغاية (3) .
وأرى أن ما قاله النووي أقرب إلى الصحة ، لأن الناس يختلفون في نمو الشعر وفي الحاجة إلى إزالته ، ولأن قطع الرائحة الكريهة الناتجة عن طول الشعر وتجمع العرق لا تزول غالباً إلا بإزالة الشعر ، ولا ينفع معها استعمال المستحضرات أو غسل المكان . والله أعلم .
فرع : هل يجبر الرجل زوجته على التنظيف والاستحداد ؟
ينظر في ذلك ، فإن طال وصار قبيحاً في النظر وأدى إلى نفرة الزوج منها فله إجبارها قطعاً ، لأن ذلك يمنع من الاستمتاع منها .
وإذا صار بحيث يوجد في العادة ففيه عند الشافعية قولان (1) :
أصحها : له إجبارها ، لأنه يمنع كمال الاستمتاع .
والثاني : ليس له إجبارها ، لأنه لا يمنع الاستمتاع .
الفصل الثاني : أحكام الشعر في العبادات
المبحث الأول : كف الشعر وعقصه في الصلاة .
الكف : معناه الجمع والضم (2) .
والعقص : أن يلوي شعره فيدخل أطرافه في أصوله (3) .
وفي الفتاوى الهندية : عقص الشعر هو جمع الشعر على الرأس وشده بشيء حتى لا ينحل (4) .
وقال في البدائع : العقص أن يشد الشعر ضفيرة حول رأسه كما تفعله النساء ، أو يجمع شعره فيعقده في مؤخر رأسه (5) .
حكم كف الشعر وعقصه في الصلاة :
__________
(1) نيل الأوطار 1/135.
(4) المهذب 2/66، المجموع 1/289، تكملة المجموع 16/410.
(2) كفف - لسان العرب 9/301 ، تحفة الأحوذي 2/147.
(3) شرح السنة 3/138 .
(4) الفتاوى الهندية 1/106.
(5) بدائع الصنائع 1/216. عمدة القاري 6/90 .(1/28)
اتفق الفقهاء على النهي عن الصلاة للشخص وثوبه مشمر وكمه أو نحوه ، أو رأسه معقوص ، أو مردود شعره تحت عمامته أو نحو ذلك . فكل ذلك مكروه ، وهي كراهة تنزيه ، فلو صلى كذلك فقد ارتكب الكراهة وصلاته صحيحة بإجماع ا لعلماء ، وحكى ابن المنذر الإعادة فيه عن الحسن البصري (1) .
والدليل على ذلك :
1- عن ابن عباس قال : أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعظم ولا يكف ثوبه ولا شعره (2) .
2- عن ابن عباس أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبع ونهى أن يكفت (3) الشعر والثياب (4) .
3- عن أبي سعيد المقبري أنه رأى أبا رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم مر بحسن بن علي عليهما السلام وهو يصلي قائماً وقد غرز ضفره في قفاه فحلها أبو رافع فالتفت حسن إليه مغضباً فقال أبو رافع : أقبل على صلاتك ولا تغضب ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ذلك كفل الشيطان " (5) .
__________
(1) انظر : بدائع الصنائع 1/216، الهداية 1/64 ، البناية 1/454، عمدة القاري 6/90 ، المدونة1/95، مواهب الجليل1/502
الخرشي 1/250، المجموع 4/98، شرح النووي على صحيح مسلم 4/209، كشاف القناع 1/372،
المبدع 1/480 ، الإقناع 1/140.
(2) متفق عليه .
انظر : صحيح البخاري ،كتاب الأذان ، باب لا يكف شعراً 1/195 ، صحيح مسلم ، كتاب الصلاة ، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر 1/354 .
(3) الكفت : الضم والجمع ، ومنه قوله تعالى " ألم نجعل الأرض كفاتا ، أحياء وأمواتاً " أي تجمع وتضم الناس في حياتهم وموتهم ، والكف بمعناه ومنه كافة الناس أي جماعتهم .
اتظر : إكمال المعلم 2/402.
(4) صحيح مسلم ،كتاب الصلاة ، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب وعقص الرأس في الصلاة 1/354.
(5) رواه أبو دواد والترمذي .
انظر : صحيح سنن أبي داود ، كتاب الصلاة ، باب الرجل يصلي عاقصاً شعره 1/191 ، سنن الترمذي ، أبواب الصلاة ، باب ما جاء في كراهية كف الشعر في الصلاة 1/237 .
(6) رواه مسلم وأبو داود .
انظر : صحيح مسلم ، كتاب الصلاة ، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب وعقص الرأس في الصلاة 1/355 ، صحيح سنن أبي داود ، كتاب الصلاة ، باب الرجل يصلي عاقصاً شعره 1/191 .(1/29)
قال أبو داود : يعني مقعد الشيطان ، يعني مغرز ضفره .
وقال أبو عيسى : حديث أبي رافع حديث حسن ، والعمل على هذا عند أهل العلم ، كرهوا أن يصلي الرجل وهو معقوص شعره .
4- عن عبد الله بن عباس أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص من ورائه فقام وراءه فجعل يحله وأقر له الآخر ، فلما انصرف أقبل إلى ابن عباس فقال : مالك ورأسي ، قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف " (6) .
واختلف العلماء في النهي هل هو مطلق لمن صلى كذلك سواء تعمده للصلاة ، أو كان كذلك قبلها لمعنى
آخر إلى قولين :
القول الأول : أن النهي إذا فعله لأجل الصلاة ، أما لو كان ذلك لباسه أو كان لأجل شغل فحضرت الصلاة
فصلى به فلا كراهة .وبه قال مالك (1) ، وذهب إليه الداودي (2) .
وفي المدونة : سألت مالكاً فيمن صلى محتزماً ، أو جمع شعره بوقاية أو شمر كميه ، قال إن كان ذلك لباسه قبل ذلك وهيئته أو كان يعمل عملاً فيشمر لذلك العمل فدخل في صلاته فلا بأس بأن يصلي بتلك الحال ، وإن كان إنما فعل ذلك ليكفت به شعراً و ثوباً فلا خير فيه (3) .
القول الثاني : أن النهي مطلق لمن صلى كذلك سواء تعمده للصلاة أم كان قبلها لمعنى آخر ، وصلى على حاله بغير ضرورة .وهو قول جمهور الفقهاء (4) .
الأدلة :
استدل أصحاب القول الأول بحديث ابن عباس :أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء ولا يكف شعراً ولا ثوباً (5)
__________
(1) المدونة 1/95، الخرشي 1/25، مواهب الجليل 1/502.
(2) إكمال المعلم 2/406 ، فتح الباري 2/245، عون المعبود 2/315.
(3) المدونة 1/95.
(4) المجموع 4/98، شرح النووي على صحيح مسلم 4/209، عمدة القاري 6/91، كشاف القناع 1/373، تحفة الأحوذي 2/147، مواهب الجليل 1/502.
(5) سبق تخريجه ص 25.
(6) فتح الباري 2/245 ، الخرشي 1/250.
(7) عمدة القاري 6/91.
(8) شرح النووي على صحيح مسلم 4/209.
(9) إكمال المعلم 2/406.
(10) المجموع 4/98 ، شرح النووي على صحيح مسلم 4/209 ، عمدة القاري 6؟91 ، إكمال المعلم 2/406 ، شرح السنة 3/38 ، معالم السنن 1/181.(1/30)
وجه الدلالة :
ظاهر الحديث يقتضي أن النهي عن ذلك إنما هو إذا قصد به الصلاة .
قال ابن حجر : ترجم البخاري وقال : باب لا يكف ثوبه في الصلاة وهذا يؤيد ماذهب إليه مالك (6).
واستدل من قال بالنهي مطلقاً بالأحاديث المتقدمة فهي تدل على كراهة الصلاة والشعر معقوص (7).
الترجيح :
قال النووي : والمختار الصحيح هو قول من قال بالنهي مطلقاً وهو ظاهر المنقول عن الصحابة وغيرهم ، ويدل عليه فعل ابن عباس (8).
وقال القاضي عياض بعد ذكر قول الداودي ودليل الآثار وفعل الصحابة يخالفه (9).
وعلى هذا فإن الرأي الراجح هو قول الجمهور . والله أعلم .
الحكمة من النهي :
1- أن الشعر يسجد معه ، فإذا كفه فلا يتحقق هذا ، ولهذا مثله بالذي يصلي وهو مكتوف (10) .
2- أن الإنسان إذا سجد فسجد معه شعره كتب له بكل شعرة أجر(1) .
ذكر ذلك مالك عن ابن مسعود قال : إن الشعر يسجد معك ولك بكل شعرة أجر(2) .
3- أن في رفعه الثوب والشعر عن مباشرة الأرض أشبه المتكبرين (3).
4- أن غرزة الشعر يقعد فيها الشيطان حالة الصلاة (4) .
قلت : هذا النهي مختص بالرجال دون النساء للآتي :
1- أن أمر النساء بعدم كف شعورهن ونقض ضفائرهن فيه من الحرج عليهن ما فيه ، لا سيما إذا كانت ضفائرهن طويلة .
2- أن المرأة ليست مطالبة بنقض ضفائرها في غسلها من الحيض والجنابة وذلك لرفع الحرج عنها ، وهذا لا يكون إلا في اليوم مرة واحدة ، أو في الشهر مرة ، فلا أظن أنها تطالب به خمس مرات في اليوم .
قال في حاشية الإقناع : إن كراهة كف الشعر إذا لم يكن في حله ثم ضفره مشقة وإلا فلا كراهة (5).
3- أن الحكمة من النهي عن كف الشعر ليسجد الشعر مع المصلي ، وهذه الحكمة لا تتحقق في المرأة ، لأنها مطالبة بستر شعرها ورده تحت الخمار .
المبحث الثاني : إزالة الشعر في الإحرام .(1/31)
أجمع العلماء على أن المحرم ممنوع من حلق رأسه إلا من عذر (6)، وسواء في ذلك الرجل و المرأة ، وكذلك يجب على ولي الصبي المحرم أن يمنعه من إزالة شعره (7) .
والأصل في ذلك : قوله تعالى " وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ "(8) ، وأجمعوا على وجوب الفدية على من حلق وهو محرم بغير علة (9) ، لقوله تعالى " فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ "(10).
قال الزركشي : لا نزاع في وجوب الفدية بحلق الرأس في الجملة (1 (1) .
فإن أراد المحرم حلق رأسه لغير عذر أثم وعليه الفدية - وقال الحنفية إن عليه دم لا يجزيه غيره (2) 1)، وإن أراد حلقه لعذر لم يأثم وعليه الفدية (3) .
ومن السنة ما رواه كعب بن عجرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ به زمن الحديبية فقال له " آذاك هوام رأسك " قال : نعم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " احلق رأسك ثم اذبح شاة نسكاً ، أو صم ثلاثة أيام أو أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين " (4) .
واختلف العلماء في القدر الذي يتعلق به الفدية إلى عدة مذاهب :
أولاً - الحنفية .
للحنفية قولان (5) :
__________
(1) الخرشي 1/250.
(2) المدونه 1/95.
(3) تحفة الأحوذي 2/148.
(4) فتح الباري 2/247.
(5) حاشية الإقناع 1/140.
(6) الإجماع 43 ، المغني 3/397.
(7) المجموع 196.
(8) البقرة 196.
(9) الإجماع 44 ، تفسير القرطبي 2/384.
(10) البقرة 196.
(11) شرح الزركشي 3/326.
(2) مختصر الطحاوي 68، بدائع الصنائع 2/192.
(3) كتاب الحج من الحاوي 2/390 .
(4) متفق عليه .
انظر : صحيح البخاري ، كتاب المحصر ، باب قول الله تعالى " فمن كان منكم مريضاً ....." 1/446، صحيح مسلم ، كتاب الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى2/861.
(5) مختصر الطحاوي 192، الهداية 1/161.(1/32)
أحدهما : إذا حلق ربع رأسه يجب عليه الدم ، وهو قول أبي حنيفة .
والثاني : لا يجب مالم يحلق أكثر رأسه ، وهو قول أبي يوسف ومحمد .
ثانياً - المالكية .
إن الفدية تلزم في نتف الشعر أو حلقه بمقدار ما يماط به الأذى من غير تقدير (1) .
ثالثاً - الشافعية .
أن الفدية تجب في حلق ثلاث شعرات (2) .
رابعاً - الحنابلة .
للحنابلة ثلاث روايات (3) :
أحدها : تجب الفدية في ثلاث شعرات فصاعداً .
والثانية : لا تجب إلا في أربع فصاعداً .
والثالثة : لا تجب إلا في خمس فصاعداً .
الأدلة :
- استدل أبو حنيفة : بأن الربع في حلق الرأس بمنزلة الكل ، لذا فإن بعض العرب والترك والكرد يقتصرون على حلق ربع الرأس ، وإذا قال القائل رأيت فلاناً يكون صادقاً في مقالته وإن لم ير إلا أحد جوانبه الأربع ، ولهذا أقيم مقام الكل في المسح ، وفي الخروج من الإحرام ، بأن حلق ربع رأسه للتحلل والخروج من الإحرام أن يتحلل ويخرج من الإحرام ، فكان حلق ربع الرأس ارتفاقاً كاملاً ، فكانت جناية كاملة فيوجب كفارة كاملة (4) .
- واستدل أبو يوسف ومحمد : بأن القليل والكثير من أسماء المقابلة ، وإنما يعرف ذلك بمقابله ، فإن كان مقابله قليلاً فهو كثير ، وإن كان كثيراً فهو قليل فيلزم منه أن يكون الربع قليلاً ، لأن ما يقابله كثير فكان هو قليلاً (5) .
- واستدل المالكية : بأن الفدية إنما تجب بالترفه والانتفاع بإماطة الأذى ،فإذا حصل ذلك بحلق يسير الشعر وجبت الفدية بحصول الانتفاع الكثير ، وبحصول الانتفاع بإماطة الأذى ، وإذا كان لغير منفعة مقصودة فإنه لا يحصل الترفة إلا بحلق الشعر الكثير أو جميع الرأس أو أكثره ، فإنه إذا حصل ذلك لم يخل من الانتفاع والترفة فتجب به الفدية .
__________
(1) بداية المجتهد 1/367، الإشراف 1/474، المنتقى 2/240.
(2) كتاب الحج من الحاوي 2/428، التهذيب 3/271.
(3) شرح الزركشي 3/326.
(4) بدائع الصنائع 2/192.
(5) الهداية 1/161.(1/33)
وأما إذا حلق شعرة أو شعرات يسيرة لغير منفعة مقصودة ، فإنه لا يحصل له بذلك إنتفاع ولا ترفه فلا تجب عليه فدية (1) .
- واستدل الشافعية : بقوله تعالى " فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ " (2) .
وجه الدلالة :
تقدير الآية " فحلق شعر رأسه ففدية " لأن الرأس لا يحلق وإنما الشعر يحلق ، فإذا حلق من رأسه ما ينطلق عليه اسم جمع مطلق كان حالقاً لرأسه ، وثلاث شعرات ينطلق عليها اسم الجمع فوجب أن يتعلق بها وجوب الدم (3) .
واستدل الحنابلة بالآتي :
1- من قال تجب الفدية في ثلاث فصاعداً ، فإنه بذلك يسمى حالقاً فيدخل تحت قوله " ففدية " إذ التقدير فحلق (4) .
2- ومن قال تجب بأكثر من ثلاث قالوا : إن الثلاثة آخر حد القلة وما زاد عليه كثير فيتعلق الحكم به دون القليل (5) .
المناقشة والترجيح :
1- أن ما استدل به أبو حنيفة فهي دعوى ليست مقبولة (6) .
2- وما استدل به أبو يوسف ومحمد بأن القليل والكثير يعرف بالمقابلة ، مردود ، بأن الربع كثير من غير مقابلة في بعض المواضع فيعمل عليه في موضع الاحتياط (7) .
3- وما استدل به مالك مردود بأن إماطة الأذى ليست شرطاً لوجوب الفدية (8) .
4- وما استدل به الشافعية مردود بأن من أخذ ثلاث شعرات لا يسمى حالقاً في العرف فلا يتناوله نص الحلق(2) .
الترجيح :
قال ابن عثيمين رحمه الله : وأقرب الأقوال إلى ظاهر القرآن هو إذا حلق ما به إماطة الأذى ، أي يكون ظاهراً على كل الرأس ، أي إذا حلق حلقاً يكاد يكون كاملاً يسلم به الرأس من الأذى لأنه هو الذي يماط به الأذى .
__________
(1) المنتقى 2/240.
(2) البقرة 196.
(3) كتاب الحج من الحاوي 2/428.
(4) (6) شرح الزركشي 3/327.
(5) المجموع 7/374.
(6) بدائع الصنائع 2/193.(1/34)
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم في رأسه( 3) ،والحجامة في الرأس من ضرورتها أن يحلق الشعر من مكان المحاجم ولا يمكن سوى ذلك . ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه افتدى ، لأن الشعر الذي يزال من أجل المحاجم لا يزال به الأذى ، فهو قليل بالنسبة لبقية الشعر .
وعلى هذا فنقول من حلق ثلاث شعرات أو أربعاً أو خمساً أو عشراً أو عشرين فليس عليه دم ولا يسمى هذا حلقاً (1)
فرع : شعر اللحية وسائر الجسد حكمه حكم شعر الرأس في المنع منه ، ووجوب الفدية فيه ، لأنه شعر يحصل به الترفه والتنظيف أشبه الرأس(5) .
فرع : الحلق والتقصير نسك في الحج والعمرة عند الحنفية(6) ، والمالكية(7) ، وأصح القولين عند الشافعية(8) ، وظاهر مذهب أحمد(9) .
وعلى هذا فلا يصح الحج ولا العمرة إلا به ولا يجبر بدم ولا غيره (10).
والدليل على أنه نسك :
1- قوله تعالى " لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ " (1 (2) .
وجه الدلالة :
أن الله تعالى امتن عليهم بدخولهم على هذه الصفة فوعدهم بحصولها ، فدل على أن الفضيلة تحصل بها (3) 1).
__________
(2) المجموع 7/374.
(2) بدائع الصنائع 2/193.
(3) متفق عليه .
انظر : صحيح البخاري ، كتاب جزاء الصيد ، باب الحجامة للمحرم 1/453 ، صحيح مسلم ، كتاب الحج ، باب جواز الحجامة للمحرم 2/862 .
(4) الشرح الممتع 7/136 .
(5) المنتقى 2/240 ، الإشراف 1/474 ، بداية المجتهد 1/367 ، كتاب الحج من الحاوي 433 ، المجموع 7/375 ، 247 ، شرح الزركشي 3/327 ، الشرح الكبير 3/267 .
(6) بدائع الصنائع 2/41.
(3) الإشراف 1/479.
(8) المجموع 8/205.
(9) المغني 3/458.
(10) المجموع 8/205 .
(11) الفتح 27 . - ( 12) الإشراف 1/497.(1/35)
2- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" اللهم ارحم المحلقين " قالوا : والمقصرين يا رسول الله ، قال " اللهم ارحم المحلقين " قالوا : والمقصرين يا رسول الله ،قال : " والمقصرين " (1) .
وجه الدلالة :
أن الحلق لو لم يكن من المناسك لما دخله التفضيل كالمباحات (2) .
3- أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعلوه في جميع حجهم وعمرهم ، ولم يخلوا به ولو لم يكن نسكاً لما داوموا عليه ، بل لم يفعلوه ، لأنه لم يكن من عاداتهم فيفعلوه عادة ، ولا فيه فضل فيفعلوه لفضله (3) .
وأجمعوا على أن الحلق أفضل من التقصير (4) .
وذلك للآية ولحديث ابن عمر السابق .
والحديث يدل على أن الحلق أفضل من التقصير لتكريره صلى الله عليه وسلم الدعاء للمحلقين وترك الدعاء للمقصرين في المرة الأولى والثانية مع سؤالهم ذلك (5) .
- وكون الحلق أفضل من التقصير إنما هو بالنسبة للرجال خاصة ، أما النساء فليس عليهن حلق وإنما عليهن التقصير (6) .
قال ابن المنذر : وأجمعوا أن ليس على النساء حلق (7) .
لحديث ابن عباس " ليس على النساء الحلق ، إنما على النساء التقصير " (8) .
ولأن في حلق النساء شعورهن مثلة (9) ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة (10) .
__________
(1) صحيح البخاري ، كتاب الحج ، باب الحلق والتقصير عند الإحلال 1/425.
(2) المغني 3/459.
(3) المغني 3/459.
(4) المجموع 8/209، المبسوط 4/70.
(5) تحفة الأحوذي 3/660.
(6) أضواء البيان 5/403.
(7) الإجماع 53، المجموع 8/207، سبل السلام 2/750.
(8) قال النووي : رواه أبوداود بإسناد حسن ، وصححه الألباني .
انظر صحيح سنن أبي داود ، كتاب المناسك ، باب الحلق والتقصير 1/555، المجموع 8/197.
(9) المهذب 1/325، المجموع 8/210.
(10) انظر : صحيح البخاري ،كتاب الذبائح والصيد ، باب ما يكره من المثلة 3/481.(1/36)
- و أجمع العلماء على أن التقصير مجزئ (1) ، ولكنهم اختلفوا في القدر الذي يكفي في الحلق والتقصير إلى مذاهب:
أولاً - الحنفية :
ذهب الحنفية إلى أن المجزئ في الحلق ربع الرأس ويكره .
أما الجواز ، فلأن ربع الرأس يقوم مقام كله في القرب المتعلقة بالرأس كمسح ربع الرأس في باب الوضوء ، وأما الكراهة ، فلأن المسنون هو حلق جميع الرأس وترك المسنون مكروه .
أما التقصير فالتقدير فيه بالأنملة ، ويجب أن يزيد في لتقصير على قدر الأنملة ، لأن الواجب هذا القدر من أطراف جميع الشعر ، وأطراف جميع الشعر لا يتساوى طولها عادة بل تتفاوت ، فلو قصر قدر الأنملة لا يصير مستوفياً قدر الأنملة من جميع الشعر بل من بعضه ، فوجب أن يزيد عليه حتى يستفين باستيفاء قدر الواجب فيخرج عن العهدة بيقين (2) .
ثانياً - المالكية :
ذهب المالكية إلى حلق جميع الرأس فلا يكفي بعضه ولو أكثره .
وفي التقصير يأخذ الرجل المقصر من قرب أصله .
قال الباجي ، قال مالك : ليس تقصير الرجل أن يأخذ من أطراف شعره ولكن يجزّ ذلك ، وليس مثل المرأة فإن لم يجزه وأخذ منه فقد أخطأ ويجزئه (3) .
أما المرأة فتقص جميع شعرها طويله وقصيره قدر الأنملة أو أزيد أو أنقص منها بيسير ، فليست الأنملة تحديداً لا بد منه (4) .
قال الباجي :قال مالك : ليس لذلك عندنا حد معلوم وما أخذت منه أجزأها ، و لابد أن تعم بالتقصير الشعر كله طويله وقصيره ، والدليل على ذلك أنها عبادة تتعلق بالرأس ، فكان حكمها فيه الاستيعاب كالمسح في الوضوء (5) .
3- الشافعية :
__________
(1) المجموع 8/209.
(2) بدائع الصنائع 2/141.
(3) المنتقى 3/29.
(4) جواهر الإكليل 1/182، ، حاشية العدوي 1/479.
(5) المنتقى 3/29.(1/37)
ذهب الشافعية إلى أنه يجزئه في الحلق والتقصير أن يحلق أو يقصر ثلاث شعرات فصاعداً، فأما دون الثلاث فلا يجزئه ، لأن اسم الجمع المطلق لا ينطلق عليه ، والأفضل أن يقصر من جميعه إن أراد التقصير (1) .
وتقصر المرأة من كل قرن مثل الأنملة (2) .
رابعاً - الحنابلة :
ذهب الحنابلة إلى أنه يلزمه التقصير أو الحلق من جميع شعره ، وكذلك المرأة ، ويقصر قدر الأنملة ، لأنه نسك تعلق بالرأس فوجب استيعابه به كالمسح (3) .
وأظهر هذه الأقوال أنه يلزم حلق جميع الرأس ، أو تقصير جميعه ، ولا يلزم في التقصير تتبع كل شعرة ، لأن فيه مشقة كبيرة ، بل يكفي تقصير جميع جوانب الرأس مجموعة أو مفرقة ، وأنه لا يكفي الربع ولا ثلاث شعرات، لأن الله تعالى يقول " مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ " (4) ، ولم يقل بعض رؤوسكم ، و" `ƒخژإ_اs)مBur " (5) ، أي رؤوسكم لدلالة ما ذكر قبله عليه ، وظاهره حلق الجميع أو تقصيره ولا يجوز العدول عن ظاهر النص إلا لدليل يجب الرجوع إليه .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " (6) فمن حلق الجميع أو قصره ترك ما يريبه إلى ما لا يريبه ، ومن اقتصر على ثلاث شعرات أو على ربع الرأس لم يدع ما يريبه ، إذ لا دليل يجب الرجوع إليه من كتاب ولا سنة على الاكتفاء بواحد منهما .
__________
(1) كتاب الحج من الحاوي 2/647، المهذب 1/235، المجموع 8/199.
(2) المجموع 8/211.
(3) المغني 3/412.
(4) الفتح 27.
(5) الفتح 27.
(6) رواه أحمد والترمذي ،وذكره البخاري تعليقاً ، وقال الترمذي :حديث صحيح .
انظر : مسند أحمد 3/153، صحيح البخاري ،كتاب البيوع ، باب تفسير المشتبهات 2/5، سن الترمذي ، أبواب صفة
القيامة 1/77.(1/38)
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حلق في حجة الوداع حلق جميع رأسه وأعطى شعره لأبي طلحة ليفرقه على الناس (1) .
وفعله في الحلق بيان للنصوص الدالة على الحلق كقوله " مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ " (2) وقوله " وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ " (3) .
وفعله إذا كان بياناً لنص مجمل يقتضي وجوب حكم : أن ذلك الفعل المبين لذلك النص المجمل واجب، ولا خلاف في ذلك بين من يعتد به من أهل الأصول (4) .
المبحث الثالث : أخذ الشعر لمن أراد أن يضحي .
والمراد إزالة الشعر بحلق أو تقصير ، أو نتف ، أو أخذه بنورة أو غير ذلك ، وسواء في ذلك شعر الإبط ، والشارب ، والعانة ، والرأس ، وغير ذلك من شعور البدن (5) .
اختلف العلماء في أخذ الشعر في العشر من ذي الحجة لمن أراد أن يضحي إلى ثلاثة أقوال :
أحدها : أن أخذه مباح ولا يكره .
وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (6) .
و الثاني : أنه مكروه كراهة تنزيه ولا يحرم .
وهو مذهب المالكية (7) ، والشافعية (8) ،
__________
(1) صحيح مسلم ، كتاب الحج ، باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق 2/947.
(2) الفتح 27.
(3) البقرة 196.
(4) أضواء البيان 5/402.
(5) شرح النووي على صحيح مسلم 13/139، عون المعبود 7/493.
(6) شرح معاني الآثار 4/182، معالم السنن 2/227.
(7) حاشية الرهوني 3/56.
وذكر النووي عن مالك ثلاثة أقوال : أحدها : لا يكره ، والثاني : يكره ، والثالث : يحرم في التطوع ولا يحرم في الواجب .
انظر : المجموع 8/392.
(8) للشافعية خمسة أوجه : أحدها : أنه مكروه كراهة تنزيه ، والثاني : كراهة تحريم ، والثالث : المكروه الحلق دون القلم ، والرابع لا كراهة إنما هو خلاف الأولى ، والخامس : لا يكره إلا لمن دخل عليه العشر وعين الأضحية .
انظر : المجموع 8/392، روضة الطالبين 3/210، كتاب الضحايا من الحاوي 96.(1/39)
ووجه للحنابلة (1) .
والثالث : أنه يحرم .
وهو وجه للحنابلة (2) ، وحكاه ابن المنذر عن أحمد وإسحق وسعيد بن المسيب وربيعة بن عبد الرحمن (3) .
الأدلة :
استدل من قال بالإباحة بالسنة والقياس .
أولاً - السنة :
عن عائشة قالت : كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم يبعث بها ، وما يمسك عن شيء مما يمسك عنه المحرم حتى ينحر هديه (4) .
وجه الدلالة :
الحديث يدل على إباحة حلق الشعر وأخذ الظفر وجميع ما يحرم على المحرم.
ثانياً - القياس :
أن الإحرام ينحظر به أشياء مما قد كانت كلها قبله حلالاً منها الجماع والقبلة وقص الأظافر وحلق الشعر وقتل الصيد ، فكل هذه الأشياء تحرم بالإحرام ، فأما الجماع فمن أصابه في إحرامه فسد إحرامه، وسوى ذلك لا يفسد إصابته الإحرام فكان الجماع أغلظ لأشياء التي يحرمها الإحرام ، ومن دخلت عليه أيام العشر وهو يريد أن يضحي ، فإن ذلك لا يمنعه من الجماع فلما كان ذلك لا يمنعه من الجماع وهو أغلظ ما يحرم بالإحرام كان أحرى أن لا يمنع مما دون ذلك (5) .
واستدل من قال بالكراهة بالسنة :
عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره " (6) .
وجه الدلالة :
أن هذا نهي ، والنهي إذا لم يقتض التحريم حمل على الكراهة (7) .
__________
(1) (4) المغني 11/95، الممتع 2/532، شرح الزركشي 7/8.
(2) شرح النووي على صحيح مسلم 12/28، معالم السنن 2/227، تحفة الأحوذي 5/118. عون المعبود 7/490، تهذيب الإمام ابن القيم 4/96، إكمال المعلم 6/431.
(3) صحيح مسلم ، كتاب الحج ، باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه 2/959.
(4) شرح معاني الآثار .
(5) صحيح مسلم ، كتاب الأضاحي ، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره وأظفاره شيئاً 3/1565.
(7) المنتقى 3/91، مواهب الجليل 3/244.(1/40)
واستدلوا على نفي الوجوب بحديث عائشة أنها قالت :" كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم يبعث بها ، وما يمسك عن شيء مما يمسك عنه المحرم حتى ينحر هديه " (1) .
قال الشافعي : البعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية فدل على أنه لا يحرم ذلك (2) .
وقال القاضي عبد الوهاب : إن المهدي أقرب إلى المحرم من المضحي ، لأنه ينحر في الحرم ثم لا يحرم عليه الحلق ولا التقليم فالمضحي أولى (4).
وقال الخطابي : حديث عائشة دليل على أن ذلك ليس على الوجوب ، وأجمعوا أنه لا يحرم عليه اللباس والطيب كما يحرمان على المحرم فدل ذلك على سبيل الندب والاستحباب دون الحتم والإيجاب (5).
واستدل من قال بالتحريم بحديث أم سلمة قالت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً (6).
وجه الدلالة :
أن مقتضى النهي في الحديث التحريم (7).
المناقشة والترجيح :
اعتُرض على من قال بالتحريم بالآتي :
أن ما استدللتم به من حديث أم سلمة بأن الأصل فيه أنه موقوف مردود بأن بعض الرواة روى حديث أم سلمة موقوفاً ، لكن أكثرهم رووه بأسانيد صحيحة مرفوعة ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه ، وأيضاً ما رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح . وهناك طرق أخرى كثيرة مرفوعة وكلها صحيحة فلا يصح القول بأن حديث أم سلمة الموقوف هو أصل الحديث ، بل الظاهر أن أصل الحديث هو المرفوع (8).
واعُترض على من قال بالإباحة والكراهة بالآتي :
__________
(1) سبق تخريجه ص 34.
(2) المجموع 8/392.
(4) الإشراف 2/980.
(5) معالم السنن 2/227.
(6) صحيح مسلم ، كتاب الأضاحي ، باب نهي عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره وأظفاره
شيئاً 3/1565.
(7) المغني 11/95، الممتع 2/523.
(8) عارضة الأحوذي 5/120، سنن الترمذي 3/39.(1/41)
أن ما استدللتم به من حديث عائشة لا يدل على الإباحة وإنما يدل على أن من بعث بهديه وأقام في أهله فإنه يقيم حلالاً ولا يكون محرماً بإرسال الهدي رداً على من قال من السلف أنه يكون بذلك محرماً ولهذا روت عائشة لما
حكي لها هذا الحديث .
وحديث أم سلمة يدل على من أراد أن يضحي فليمسك في العشر عن أخذ شعره وظفره خاصة فلا منافاة بينهما.
ولهذا كان الإمام أحمد وغيره يعمل بكلا الحديثين هذا في موضعه وهذا في موضعه .
ولو قدر بطريق الفرض تعارضهما لكان حديث أم سلمة خاصاًُ وحديث عائشة عاماً ، ويجب تنزيل العام على ما عدا مدلول الخاص توفيقاً بين ا لأدلة (1) .
ويجب حمل حديث عائشة على غير محل النزاع لوجوه منها :
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل ما نهى عنه وإن كان مكروهاً ، قال تعالى إخباراً عن شعيب " وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ " (2) .
ولأن أقل أحوال النهي أن يكون مكروهاً ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليفعله فيتعين حمل ما فعله في حديث عائشة على غيره .
ولأن عائشة تعلم ظاهراً ما بياشرها به من المباشرة ، أو ما يفعله دائماً كاللباس والطيب ، فأما ما يفعله نادراً كقص الشعر وقلم الأظافر مما لا يفعله في الأيام إلا مرة ، فالظاهر أنها لم ترده بخبرها ، وإن احتمل إرادتها إياه فهو احتمال بعيد ، وما كان هكذا فاحتمال تخصيصه قريب فيكفي فيه أدنى دليل ، وخبر أم سلمة دليل قوي فكان أولى بالتخصيص ، ولأن عائشة تخبر عن فعله وأم سلمة عن قوله والقول يقدم على الفعل لاحتمال أن يكون فعله خاصاًُ له (3) .
ورد قياسهم : بأنه فاسد مصادم للنص ، ومعلوم أن رد القياس بصريح السنة أولى من رد السنة بالقياس .
__________
(1) تهذيب الإمام ابن قيم 4/98.
(2) هود 88.
(3) المغني 11/96، شرح الزركشي 7/9.(1/42)
وتحريم النساء والطيب واللباس أمر يختص بالإحرام لا يتعلق بالأضحية ، وأما تقليم الظفر وأخذ الشعر فإنه من تمام التعبد بالأضحية ، كما في حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ولكن تأخذ من شعرك وتحلق عانتك فتلك تمام أضحيتك عند الله " (1) .
فأحب النبي صلى الله عليه وسلم توفير الشعر والظفر في العشر ليأخذه مع الضحية فيكون ذلك من تمامها عند الله (2) .
الترجيح :
بعد هذه المناقشة يبدو لي - والله أعلم -رجحان مذهب من قال بالتحريم لقوة أدلتهم .
فرع : من أخذ من شعره أو ظفره في العشر وهو يريد الأضحية فليس عليه إلا التوبة ولا فدية إجماعاً (3) .
فرع : الحكمة من النهي عن أخذ شيء من الشعر وتقليم ا لأظفار.
والحكمة من النهي أن يبقى المضحي كامل الأجزاء ليعتق من النار ،وقيل التشبه بالمحرم .
وقد بينا غلط هذا القول ، لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم (4) .
الفصل الثالث : أحكام الشعر في الديات
المبحث الأول : وجوب الدية في إتلاف الشعر .
والمقصود بالشعر شعر الرأس واللحية والحاجب والأهداب .
وقد اختلف العلماء في وجوب الدية في إتلاف الشعر إذا لم ينبت إلى مذهبين :
المذهب الأول :أن الدية لا تجب في إتلاف الشعر بل فيه حكومة (5) إذا لم ينبت .
__________
(1) رواه أبو داود ،وضعفه الألباني ، انظر : ضعيف سنن أبي داود ، كتاب الضحايا ، باب ما جاء في إيجاب الأضاحي 215.
(2) تهذيب الإمام ابن قيم 4/99.
(3) شرح الزركشي 7/9.
(4) شرح النووي على صحيح مسلم 13/139.
(5) الحكومة : أن يقوم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به ثم يقوم وهي به قد برئت فما نقص منه فله مثله من الدية، فيجب دية النفس بتلك النسبة ، مثل إن كانت قيمته مائة ونقص من قيمتة بتلك الجناية عشرة فيجب على الجاني عشر دية النفس .(1/43)
وهو قول مالك (1) ، والشافعي (5)، ورواية للحنابلة(6) ، واختاره ابن المنذر(7) .
والمذهب الثاني : أنه تجب فيه الدية .
وهو قول أبي حنيفة (8)،ورواية للحنابلة (9) وقال به الثوري ، وسعيد بن المسيب ، وشريح ، و الحسن ، وقتادة، والشعبي وهو قول علي وزيد بن ثابت (10).
الأدلة :
استدل من قال بأن في الإتلاف حكومة بالآتي :
1- أن الدية تجب فيما يكون له مع الجمال منفعة ، وهذه الشعور ليس فيها منفعة فلم تجب الدية (11).
2- أن الدية تجب فيما يؤلم قطعه وتخاف سرايته ، وقد عدم في الشعر الألم والسراية فلم تجب فيه الدية (12).
واستدل من قال تجب الدية بالآتي :
1- ماروي عن علي وزيد بن ثابت أنهما قالا في الشعر فيه الدية (13) .
__________
(1) المدونة 4/436 ، بداية المجتهد 2/224 ، الإشراف 2/827 ، الكافي لابن عبد البر 2/112 ، الخرشي 7/17 .
(5) حلية العلماء 7/850 ، التهذيب 7/167 ، كتاب الديات من الحاوي 250 ، نهاية المحتاج 7/326 .
(6) المغني 9/597 ، شرح الزركشي 6/158 .
(7) المغني 9/597.
(8) المبسوط 26/72 ، الهداية 4/180.
(9) كشاف القناع 6/38 ، شرح الزركشي 6/157.
(10) المغني 9/597 ، مصنف ابن أبي شيبة 9/16، 1،163، مصنف عبد الرزاق 9/319،321.
(11) كتاب الجنايات من الحاوي 250 ، التهذيب 7/167 ، بداية المجتهد 2/422 ، شرح الزركشي 6/157 .
(12) كتاب الجنايات من الحاوي 251، الإشراف 2/827.
(13) رواه البيهقي ، وابن حزم ، وابن شيبة .قال البيهقي : قال ابن المنذر ، ولا يثبت عن علي وزيد ما روي عنهما .
انظر : السنن الكبرى ، كتاب الديات ، باب ما جاء في الحاجبين واللحية والرأس 8/98 ، المحلى 10/433، مصنف ابن أبي شيبة ، كتاب الديات شعر الرأس إذا لم ينبت 9/163 ، إرواء الغليل 7/329.(1/44)
2- عن عبد الله بن سلمة بن تمام الشقري قال : مر رجل بقدر فوقعت على رأس رجل فأحرقت شعره فرفع إلى علي بن أبي طالب فأجله سنة فلم ينبت فقضى علي عليه فيه بالدية (1) .
3- عن إبراهيم قال : كان يقال ما كان من اثنين من الإنسان الدية ، و في كل واحد منهما نصف الدية، وما كان من واحد ففيه الدية (2).
4- أن الدية تجب قياساً على ما أجمع عليه الفقهاء من الأعضاء المثناة (3).
5- أن في إتلاف الشعر إذهاب للجمال والكمال فتجب الدية (4).
المناقشة والترجيح :
اعُترض على من قال تجب الدية بالآتي :
1- ما استدللتم به من قول زيد وعلي ، فإنه مردود بما قاله ابن المنذر أنه لا يثبت ما روي عنهما (5) .
وأجيب عن هذا بما ذكره ابن حزم بعد ذكر قولهم أن في إتلاف الشعر حكومة ، وهذا مما نقضوا فيه أصولهم في تشنيعهم خلاف الصاحب الذي لا يعرف له مخالف ، وقد جاء هاهنا عن علي بن أبي طالب ، وزيد بن ثابت ما لا يعرف عن أحد من الصحابة ولا من التابعين مخالف ، وهذا يريك أنهم لا يضبطون أصلاً (6).
2- ما استدللتم به من القياس مردود ، بأنه لا مجال فيه للقياس وإنما طريقه التوقيف ، فما لم يثبت من قبل السماع فيه دية فالأصل أن فيه حكومة (7).
ويجاب عليهم بأنه قد ثبت من قول الصحابي ، كما أنه لا شيء مما أوجبتم فيه الدية من الأعضاء أصل من السنة يصح حاشا الأصابع فقط (8).
واعُترض على من قال تجب في الإتلاف حكومة بالآتي :
__________
(1) مصنف ابن أبي شيبة ، كتاب الديات ، شعر الرأس إذا لم ينبت 9/163، المحلى 10/433.
(2) مصنف ابن أبي شيبة ، كتاب الديات ، شعر الرأس إذا لم ينبت9/162.
(3) بداية المجتهد 2/422.
(4) شرح الزركشي 6/157.
(5) السنن الكبرى 8/98.
(6) المحلى 10/433.
(7) بداية المجتهد 2/422.
(8) المحلى 10/433.
(9) المغني 9/597.
(10) المبسوط 26/73 ، الهداية 4/180، البناية 10/143.(1/45)
1- ما استدللتم به بأن الدية تجب فيما يكون له مع الجمال منفعة وأن هذه الشعور لا منفعة فيها مرود ، بأن فيها مع الجمال منفعة إذ أن الحاجب يرد العرق عن العين ويفرقه وهدب العين يرد عنها ويصونها فجرى مجرى أجفانها (9).
وفي شعر الرأس جمال كامل وبعض المنفعة أيضاً فما يحصل لها بالجمال من المنفعة أعظم وجوه المنفعة ، والقرع عيب في الناس ولهذا يتكلف الأقرع في ستر رأسه كما يتكلف بستر سائر عيوبه وكذلك في اللحية ، وتفويت المنفعة يوجب كمال الدية (10).
2- ما استدللتم به من أن الدية تجب فيما يؤلم ، فمردود بأن في نتف الشعر ونزعه أو إتلافه من أصله أيضاً ألم .
الترجيح :
مما سبق يبدو - والله أعلم - أن مذهب من قال بوجوب الدية هو الراجح لقوة أدلتهم .
فروع :
1- لا قصاص في شيء من الشعور التي ذكرنا ، لإن إتلافها إنما يكون بالجناية على محلها وهو غير معلوم المقدار فلا تمكن المساواة فيه فلا يجب القصاص فيه (1) .
2- إن عاد الشعر قبل أخذ الدية سقطت ديته ، وإن عاد بعد أخذ الدية ترد للجاني (2) .
3- في الحاجبين الدية كاملة وفي أحدهما نصف الدية ، وفي الأهداب الدية كاملة وفي أحدها ربع الدية (3) .
4- إن بقي من شعر اللحية أو بقي من شعر غيره من الشعور الثلاثة ما لا جمال فيه ، فالواجب دية كاملة لأنه أذهب المقصود منه ، ولأن جنايته ربما أحوجت لإذهاب الباقي لزيادته في القبح على ذهاب الكل (4) .
وفي قول يلزمه الدية بقسطه وقيل تجب فيه حكومة لأنه لا مقدر فيها (5) .
5- في الشارب حكومة إن لم يعد لأنه لا مقدر فيه (6) .
__________
(1) المغني 9/598 ، الشرح الكبير 8/613.
(2) كشاف القناع 6/38 ، المغني 9/598 .
(3) الكافي 4/98 ، المبدع 8/389 ، منار السبيل 2/346 .
(4) كشاف القناع 6/38 ، الشرح الكبير 8/613.
(5) المبدع 8/390.
(6) كشاف القناع 6/38 ، منار السبيل 2/352.(1/46)
6-لا حكومة في إزالة شعر الإبط والعانة (1) .
الخاتمة :
أهم النتائج التي توصلت إليها في هذا البحث :
1- أن شعر الإنسان طاهر سواء كان حياً أو ميتاً وسواء كان الشعر متصلاً أو منفصلاً .
2- إذا كانت اللحية كثيفة لا يجب غسل ما تحتها من البشرة ويجب غسل ما استرسل من اللحية
3- إذا كانت اللحية خفيفة لا تستر ما تحتها من البشرة فيجب غسل الشعر و البشرة .
4- إذا كان شعر اللحية خفيفاً لا يستر البشرة وبعضة كثيفا يستر البشرة ، فإن كان الكثيف متفرقا بين أثناء الخفيف لا يمتاز منه ولا ينفرد عنه ، فيلزمه إيصال الماء إلى جميع الشعر والبشرة معا ، و إن كان الخفيف متميزاً منفرداً عن الكثيف فالواجب أن يغسل ما تحت الخفيف دون الكثيف .
5- المجزئ في مسح الرأس في الوضوء مسح بعض الرأس .
6- لا يجب على المرأة نقض شعرها في الحيض أو في الجنابة ، كما لا يجب عليها إيصال الماء إلى باطن الضفائر و الذوائب .
7- يكره للرجل أن يصلي وثوبه أو كمه مشمر ، أو كان رأسة معقوصا أو مردوداً شعره تحت عمامته ، و الكراهة تنزيهية .
8- القدر الذي يتعلق به وجوب الدية هو إذا حلق المحرم مابه إماطة الأذى بحيث يكون ظاهراً على كل الرأس ، أي إذا حلق حلقاً يكاد يكون كاملا يسلم به الرأس من الاذى ، لأنه هو الذي يماط به الأذى .
9- يجزئ التقصير في التحلل من الإحرام ، ويلزم المحرم تقصير جميع رأسه ، ولا يلزم تتبع كل شعرة، لأن فية مشقة كبيرة ، بل يكفي تقصير جميع جوانب الرأس مجموعة أو مفرقة ، ولا يكفي الربع أو ثلاث شعرات .
10- يحرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره أو ظفره في العشر من ذي الحج .
11- تجب الدية في إتلاف الشعر إذا لم ينبت .
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين .
المراجع :
1- إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام ، محمد بن علي بن وهب ابن دقيق العيد ، (د.ط) ، دار الكتب العلمية ، بيروت-لبنان ،(د.ت) .
__________
(1) نهاية المحتاج 7/326.(1/47)
2- أحكام القرآن ، أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص ، طبعه مصوره عن الطبعة الأولى ، دار الكتاب العربي ،بيروت-لبنان ، (د.ت) .
3- أحكام القرآن ، محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي ، تحقيق :علي محمد البجاوي ،(د.ط) ، دار المعرفة،بيروت-لبنان ، (د.ت) .
4- الإجماع ، محمد بن إبراهيم بن المنذر ،تحقيق : عبد الله عمر البارودي ،ط1،دار الجنان ،بيروت-لبنان، 1406هـ-1986م .
5- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل ، محمد ناصر الدين الألباني ،ط1، المكتب الإسلامي ،بيروت، دمشق ،1399هـ-1979م .
6- الإشراف على نكت مسائل الخلاف، القاضي عبد الوهاب بن علي البغدادي، ط1، دار ابن حزم ،بيروت-لبنان،1420هـ-1999م .
7- الأصل، أبو عبد الله محمد بن حسن الشيباني ،صححه و علق عليه : أبو الوفا الأفغاني ،(د.ط)، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية ،كراتشي-باكستان ،(د.ت) .
8- الإقناع ، موسى الحجاوي المقدسي ، تصحيح وتعليق : عبد اللطيف السبكي ، ( د.ط ) ، دار الطباعة والنشر ، بيروت - لبنان ، ( د.ت ) .
9- الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ، محمد بن أحمد الشربيني الخطيب ، (د.ط) ، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان ، ( د.ت).
10- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ،الشيخ محمد الأمين الشنقيطي،ط1،دار المعرفة للطباعة والنشر،بيروت-لبنان،(د.ت).
11- إكمال المعلم بفوائد مسلم ،القاضي عياض بن موسى بن عياض ،تحقيق:د.يحيى إسماعيل ، ط1،دار الوفا للطباعة والنشر ،جمهورية مصر العربية -المنصورة،1419هـ-1998م.
12- الأم،الإمام محمد بن إدريس الشافعي ،صححه :محمد زهري النجار ،ط2،دار المعرفة للطباعة والنشر،بيروت-لبنان ،1339هـ-1973م .
13- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ،أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي،تحقيق: حامد الفقي، ط2،دار إحياء التراث العربي ،بيروت-لبنان ،1400هـ-1980م .(1/48)
14- الأوسط، أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر ،تحقيق: د.أبو حماد صغير أحمد بن محمد حنيف،ط1، دار طيبة ، الرياض ،1405هـ-1985م .
15- البحر الرائق شرح كنز الدقائق ،زين الدين إبراهيم بن نجيم،ط2،دار المعرفة للطباعة والنشر ،بيروت-لبنان،(د.ت) .
16- بحر المذهب : عبد الواحد بن إسماعيل الروياني ، مخطوط بدار الكتب المصرية تحت رقم 369 فقه شافعي .
17- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، أبو بكر بن مسعود الكاساني ،ط2،دار الكتاب العربي ،بيروت-لبنان ،1402هـ-1982م .
18- بداية المجتهد ونهاية المقتصد ،أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد،ط 4 ، دار المعرفة للطباعة والنشر،بيروت-لبنان،1398هـ-1978م .
19- بلغة السالك لأقرب المسالك ،أحمد بن محمد الصاوي،(د.ط) ،دار الفكر ،بيروت-لبنان،(د.ت) .
20- البناية في شرح الهداية ، محمود بن أحمد العيني تصحيح :محمد عمر الرامفوري ، ط1،دار الفكر للطباعة والنشر ،بيروت-لبنان،1400هـ-1980م.
21- البيان والتحصيل ،أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد ،تحقيق :د.محمد حجي ،(د.ط)، دار الغرب الإسلامي،1404هـ-1984م.
22- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ،عثمان بن علي الزيلعي ، ط2 ، دار المعرفة للطباعة والنشر،بيروت-لبنان،(د.ط) .
23- تتمة الإبانة ، أبو سعيد عبد الرحمن المعروف بالمتولي ،مخطوط بدار الكتب المصرية تحت رقم 50 فقه شافعي .
24- تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ، محمد بن عبد الرحمن المباركفوري ،(د.ط) ، دار الفكر للطباعة والنشر ،بيروت-لبنان ،(د.ت) .
25- تحفة الفقهاء ،علاء الدين السمرقندي ،دار الكتب العلمية ،بيروت-لبنان ،1405هـ-1984م.
26- تكملة المجموع ،محمد نجيب المطيعي ،(د.ط) ،دار المعرفة للطباعة والنشر ،بيروت-لبنان (د.ت) .
27- التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ، أحمد بن علي العسقلاني ،تصحيح:السيد عبد الله هاشم اليماني ،(د.ط) ،دار المعرفة ،بيروت-لبنان،1384هـ-1964م.(1/49)
28- التلخيص على المستدرك ،أبو عبد الله شمس الدين الذهبي ،مطبوع مع المستدرك للحاكم،(د.ط)، دار الكتاب العربي ،بيروت-لبنان ،(د.ت).
29- تهذيب الإمام ابن قيم،محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية ،تحقيق :أحمد محمد شاكر ،محمد حامد الفقي ، (د.ط)، دار المعرفة للطباعة والنشر ،بيروت-لبنان،(د.ت).
30- التهذيب في فقة الإمام الشافعي ،الحسين بن مسعود البغوي ،تحقيق:عادل عبد الموجود ،علي معوض،
ط1 ، دار الكتب العلمية ،بيروت-لبنان،1418هـ-1994م.
31- الثقات،أبو حاتم محمد بن حبان ،(د.ط)، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن ، الهند، ( د.ت ) .
32- الجامع لإحكام القرآن، محمد بن أحمد القرطبي ، ط 3 ، دار القلم ،1386هـ-1966م.
33- جواهر الإكليل شرح العلامة خليل ،صالح عبد السميع الآبي ،(د.ط) ،دار الفكر ، ( د. ت ) .
34- حاشية الإقناع ،الشيخ إبراهيم الباجوري ،مطبوع مع الإقناع للشربيني ،(د.ط)، دار المعرفة للطباعة والنشر ،بيروت-لبنان ، ( د، ت ) .
35- حاشية رد المحتار على الدر المختار ،محمد أمين الشهير بابن عابدين ، ط2،دار الفكر،بيروت-لبنان ، ( د. ت ) .
36- حاشية الإمام الرهوني على شرح الزرقانى لمختصر خليل ، محمد بن أحمد بن يوسف الرهوني ،(ط1)، المطبعة الاميرية ببولاق ،1306هـ .
37- حاشية الصفتي على شرح ابن تركي علي العشماوي ، يوسف بن سعيد بن إسماعيل الصفتي،(د.ط)، المكتبة الثقافية ،بيروت-لبنان ، (د.ت ).
38- حاشية العدوي على الخرشي ،علي العدوي ،مطبوع بها مش الخرشي على مختصر خليل،(د.ط)، دار صادر ، ( د . ت ) .
39- الحاوي من أوله حتى نهاية غسل الجمعة والعيدين ،علي بن محمد بن حبيب الماوردي ،تحقيق:د.راوية بنت أحمد الظهار ، ط 1،دار المجتمع ،جدة،1414هـ-1993م.(1/50)
40- حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء ،محمد بن أحمد الشاشي القفال ،تحقيق:د.ياسين أحمد درادكة،ط 1 ، مؤسسة الرسالة ،بيروت-لبنان،دار الأرقم ،عمان،1400هـ-1980م.
41- الخرشي على خليل ،محمد الخرشي المالكي ،(د.ط) ،دار صادر ، ( د. ت ) .
42- روضة الطالبين ،يحيى بن شرف النووي ،(د.ط) ، المكتب الإسلامي ، بيروت،دمشق، ( د . ت ) .
43- سبل السلام شرح بلوغ المرام ،محمد بن إسماعيل الأمير اليمني الصنعاني ،تصحيح:محمد عبد العزيز الخولي ،(د.ط)، مكتبة عاطف ،القاهرة ، ( د. ت ) .
44- سنن ابن ماجه،محمد بن يزيد القزويني ،تحقيق:محمد فؤاد عبد الباقي ،(د.ط)، دار إحياء التراث العربي،بيروت-لبنان ، ( د. ت ) .
45- سنن أبي داود ،أبو داود ،سليمان بن الأشعث السجستاني ،تحقيق:محمد محيي الدين عبد الحميد،(د.ط)،دار إحياء السنن النبوية ، ( د. ت ) .
46- سنن الترمذي وهو الجامع الصحيح ،أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي،تحقيق:عبد الوهاب عبد اللطيف ، ط 3 ،دار الفكر ،1398هـ-1978م.
47- السنن الكبرى ، أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ، ط 1،مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بالهند،حيدر آباد الدكن ،1347هـ.
48- شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ،محمد محيي الدين عبد الحميد ، ط 15 ،المكتبة التجارية الكبرى،مصر-القاهرة،1386هـ-1966م.
49- شرح الزرقاني على موطأمالك ، محمد الزرقاني ، ( د.ط ) ، دار المعرفة ، بيروت - لبنان ، 1398- 1978 م .
50- شرح الزركشي على مختصر الخرفي ، محمد بن عبد الله الزركشي ، تحقيق : عبد الله الجبرين ، (د.ط) ، ( د.ن ) ، (د. ت ) .
51- شرح السنه ،الحسين بن مسعود البغوي ،تحقيق:شعيب الأرناؤوط،زهير الشاويش ، ط2،المكتب الإسلامي ،بيروت،دمشق ،1403هـ-1983م.
52- الشرح الصغير ،أحمد بن محمد بن أحمد الدردير ،مطبوع بهامش بلغة السالك ، (د.ط ) ،دار الفكر بيروت-لبنان ، ( د. ت ) .(1/51)
53- شرح فتح القدير ،كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام الحنفي ،ط2، ،دار الفكر ،بيروت-لبنان ،1397هـ-1977م.
54- الشرح الكبير ،عبد الرحمن بن الشيخ أبي عمر محمد بن أحمدبن قدامة ،مطبوع مع المغني ،، ( د . ط ) دار الكتاب العربي ، بيروت - لبنان ، ( د. ت ) .
55- شرح معاني الآثار ، أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي ، تحقيق: محمد زهري النجار ، ط1 ،دار الكتب العلمية ،بيروت-لبنان،1399هـ-1979م.
56- الشرح الممتع على زاد المستقنع ، الشيخ محمد بن صالح العثيمين ،جمع وتحقيق:د.سليمان أبا الخيل ، د.خالد المشيقيح ، ط3،مؤسسة آسام للنشر ،الرياض ،1415هـ-1994م.
57- شرح منتهى الإرادات ، منصور بن يونس البهوتي ،(د.ط)، دار الفكر للطباعة والنشر،بيروت-لبنان ، ( د. ت ) .
58- شرح النووي على صحيح مسلم ،يحيى بن شرف النووي ،(د.ط)، المطبعة المصرية ومكتبتها،القاهرة ، ( د. ت ) .
59- صحيح البخاري ، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ،(د.ط)، دار الكتب العلمية،بيروت-لبنان،1420هـ-1999م.
60- صحيح سنن أبي داود ،محمد ناصر الدين الألباني، ط1 ، مكتبة المعارف ،الرياض، 1419هـ-1998م.
61- صحيح مسلم ،أبو الحسين مسلم بن الحجاج ،تحقيق:محمد فؤاد عبد الباقي ،(د.ط)، دار إحياء التراث العربي، بيروت-لبنان ، ( د. ت ) .
62- عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي ،محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي المالكي.(د.ط)، دار الكتب العلمية ،بيروت-لبنان ، ( د. ت ) .
63- العباب المحيط بمعظم نصوص الشافعية والأصحاب ،أحمد بن عمر بن محمد المرادي ،مخطوط بمكتبة الأزهر تحت رقم 1571 فقه شافعي .
64- عمدة القاري شرح صحيح البخاري ،أبو محمد محمود بن أحمد العيني ،(د.ط) ،دار الفكر، ( د. ت) .
65- عون المعبود ،محمد شمس الحق العظيم آبادي ،تحقيق:عبد الرحمن محمد عثمان ، ط3،دار الفكر،بيروت-لبنان،1399هـ-1979م.(1/52)
66- الفتاوى الهندية ،الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند ، ط3 ، دار إحياء التراث العربي ،بيروت-لبنان ،1400هـ-1980م.
67- فتح الباري شرح صحيح البخاري ، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، ط 2، دار المعرفة ،بيروت-لبنان ، ( د. ت ) .
68- فتح العزيز شرح الوجيز ، عبد الكريم بن محمد الرافعي ، مطبوع مع المجموع ، (د.ط ) ، دار الفكر،بيروت،لبنان ، ( د. ت ) .
69- الفواكه الدواني ،أحمد بن غنيم النفراوي ،(د.ط)، دار المعرفة للطباعة والنشر ،بيروت-لبنان.
70- قوانين الأحكام الشرعية ،محمد بن أحمد بن جزي الغرناطي ، طبعة جديدة ، دار العلم للملايين ، بيروت-لبنان،1979م ، ( د. ت ) .
71- الكافي، موفق الدين عبد الله بن قدامة ، تحقيق: زهير الشاويش ، ط 3، المكتب الإسلامي ، بيروت، دمشق، 1402هـ-1982م.
72- الكافي في فقة أهل المدينة ، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر ، تحقيق:د.محمد محمد أحيد ولد ماديك الموريتاني ، ط 2، مكتبة الرياض الحديثة ،الرياض ،1400هـ-1980م.
73- كتاب الحج من الحاوي ، علي بن محمد بن حبيب الماوردي ، تحقيق: د.غازي خصيفان ، رسالة لنيل درجة الدكتوراه مقدمة لجامعة أم القرى ،1407هـ-1987م.
74- كتاب الديات من الحاوي ، علي بن محمد بن حبيب الماوردي ، تحقيق: عبد الله حليم ، رسالة لنيل درجة الدكتوراه مقدمة لجامعة أم القرى ، 1407هـ-1987م.
75- كتاب الضحايا من الحاوي ، علي بن محمد بن حبيب الماوردي ،تحقيق:د.إبراهيم بن علي صندقجي ، ط 1، دار المنار ، 1412هـ-1992م.
76- كشاف القناع عن متن الإقناع ، منصور بن يوسف البهوتي ، (د.ط)، عالم الكتب ،بيروت ، 1403هـ-1983م.
77- كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار ، محمد الحسيني الحصني ،(د.ط)، دار الفكر للطباعة والنشر ، بيروت-لبنان ، ( د. ت ) .
78- لسان العرب ، محمد بن مكرم بن منظور ،(د.ط)، دار صادر ،بيروت-لبنان ، ( د. ت ) .(1/53)
79- المبدع في شرح المقنع ،إبراهيم بن محمد بن مفلح ،(د.ط)،المكتب الإسلامي ،بيروت، دمشق،1980م.
80- المبسوط ، محمد بن أبي سهل السرخسي ، ط 3، دار المعرفة ،بيروت-لبنان،1398هـ-1978م.
81- مجمع الأنهر ، عبد الله بن الشيخ محمد بن سليمان المعروف بدامادا أفندي ،(د.ط)، دار إحياء التراث العربي ، ( د. ت ) .
82- المجموع شرح المهذب ، يحيى بن شرف النووي ، (د.ط)، دار المعرفة ،بيروت-لبنان ، ( د. ت ) .
83- المحلى ، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ، (د.ط)، دار الآفاق الجديدة ،بيروت ، ( د. ت ) .
84- مختصر خليل ، خليل بن إسحاق المالكي ، تصحيح:أحمد نصر ، الطبعة الأخيرة ،دار الفكر ،بيروت-لبنان ،1401هـ-1981م.
85- مختصر الطحاوي ، أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي ، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني ، ط 1، دار إحياء التراث العربي ،بيروت-لبنان ،1406هـ-1986م.
86- المدونة ، الإمام مالك بن أنس ، رواية سحنون ،(د.ط)، دار الفكر ، ( د. ت ) .
87- المستدرك على الصحيحين ،أبو عبد الله الحاكم ، ط 1، دار الكتاب العربي ،بيروت-لبنان ، ( د. ت).
88- مسند الإمام أحمد ، أحمد بن حنبل ، المكتب الإسلامي ، ط 2،بيروت،1398هـ-1978م.
89- مسند الإمام الشافعي ، محمد بن إدريس الشافعي ، ط 1 ، دار الكتب العلمية ،بيروت-لبنان،1400هـ-1980م.
90- مصنف بن أبي شيبة ،أبو بكر بن أبي شيبة ،تحقيق:عبد الخالق الأفغاني ، ط 2،الدار السلفية ،الهند،1399هـ-1979م.
91- مصنف عبد الرزاق ،عبد الرزاق بن همام الصنعاني ،تحقيق:حبيب عبد الحمن الأعظمي ، ط 2، المكتب الإسلامي ،بيروت،1403هـ-1983م.
92- معالم السنن ،حمد بن محمد الخطابي ، المكتبة العلمية ، ط 2،بيروت-لبنان ،1401هـ-1981م.
93- المغني ،موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة ،(د.ط)، دار الكتاب العربي ، بيروت - لبنان،( د.ت ).(1/54)
94- مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ،ابن هشام الأنصاري ، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد ، (د.ط)، دار الكتاب العربي ،بيروت-لبنان ، ( د. ت ) .
95- مغني المحتاج ، محمد الخطيب الشربيني ، (د.ط)، دار الفكر ،بيروت-لبنان ، ( د. ت ) .
96- المقتضب، محمد بن يزيد المبرد ،تحقيق:محمد عبد الخالق عضيمة ،(د.ط)، وزارة الأوقاف ،المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ،لجنة إحياء التراث العربي ،القاهرة ،1399هـ-1979م.
97- المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة ، محمد بن أحمد بن رشد ، طبعة جديد عن الطبعة الأولى ، دار صادر بيروت ، ( د. ت ) .
98- الممتع في شرح المقنع ، زين الدين المنجي التنوخي الحنبلي ،تحقيق:د.عبد الملك ابن دهيش ، ط 1،دار خضر ،بيروت-لبنان ،1418هـ-1997م.
99- منار السبيل ،إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان ،تحقيق:زهير الشاويش ، ط4 ، المكتب الإسلامي،بيروت،دمشق،1399هـ-1979م.
100- المنتقى شرح موطأ الأمام مالك ،سليمان بن خلف الباجي ، ط 1، مطبعة السعادة ،مصر،دار الكتاب العربي، بيروت-لبنان،1331هـ.
101- المهذب في فقه الإمام الشافعي ،إبراهيم بن علي الشيرازي ، ط 2،دار المعرفة ،بيروت-لبنان،1379هـ-1959م.
102- مواهب الجليل لشرح مختصر خليل,محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالخطاب،ط2 ، دار الفكر ،بيروت-لبنان،1398هـ-1978م.
103- نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار ، محمد بن علي الشوكاني،(د.ط)،دارالجيل،بيروت_لبنان،1973م.
104- نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ،أحمد بن حمزة الرملي ،(د.ط)،المكتبة الإسلامية ، ( د. ت ) .
105- الهداية شرح بداية المبتدي ،علي بن أبي بكر المرغيناني،الطبعة الأخيرة ،المكتبة الإسلامية ، ( د. ت ) .
106- الوسيط في المذهب،محمد بن محمد الغزالي ،تحقيق:د.علي القرة داغي ، ط 1،اللجنة الوطنية للاحتفال بمطلع القرن الخامس عشر ، بغداد ،(د.ت).(1/55)