الاستطاعة
أحرم بالحج ثم فاته الوقوف بعرفة
السؤال : أحرم للحج ، ولم يشترط ثم فاته الوقوف بعرفة ( لو لمرض ، أو لتأخر ، أو بدون عذر) فماذا عليه ، وكيف يتحلل من إحرامه؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج ، بل هو ركنه الأعظم ؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (الْحَجُّ عَرَفَةُ ، فَمَنْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ) رواه الترمذي (889) والنسائي (3016) واللفظ له ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح النسائي .
فمن لم يأت عرفة قبل طلوع فجر يوم النحر ، ولو لحظة ، ولو ماراً ، فاته الحج بإجماع العلماء .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (8/273) : " فإذا أحرم بالحج ، فلم يقف بعرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر فقد فاته الحج بالإجماع ..." انتهى.
ثانياً :
يلزم من فاته الحج - ولم يكن قد اشترط في أول إحرامه أن محله حيث حبس - أمور :
1ـ أن يتحلل من إحرامه بعمرة .
2ـ يجب عليه القضاء من العام القادم ، ولو كان الحج الفائت تطوعاً .
3ـ يجب عليه أن يذبح هدياً مع القضاء .
4ـ تلزمه التوبة إن كان تأخره لغير عذر .
هذا خلاصة ما يلزم من فاته الحج .
وبيان ذلك بالأدلة :
1- من فاته الحج تحلل من إحرامه بطواف وسعي وتقصير أو حلق (عمرة) .
لما رواه مالك في الموطأ (870) أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه : (خَرَجَ حَاجًّا حَتَّى إِذَا كَانَ بِالنَّازِيَةِ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ أَضَلَّ رَوَاحِلَهُ ، وَإِنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمَ النَّحْرِ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : اصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الْمُعْتَمِرُ ، ثُمَّ قَدْ حَلَلْتَ ، فَإِذَا أَدْرَكَكَ الْحَجُّ قَابِلًا ، فَاحْجُجْ وَأَهْدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ) ، وصحح إسناده النووي رحمه الله .(1/1)
ينظر "المنتقى شرح الموطأ" (3/7) ، "المجموع" ( 8/ 274 ) .
2- أما وجوب القضاء والهدي ، فلما رواه عِكْرِمَةَ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ . قَالَ عِكْرِمَةُ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا : صَدَقَ ) رواه أبو داود (1862) وفي لفظ : ( مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ أَوْ مَرِضَ ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
ولقول عمر لأبي أيوب رضي الله عنهما : (فَإِذَا أَدْرَكَكَ الْحَجُّ قَابِلًا ، فَاحْجُجْ وَأَهْدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ) ، وبهذا قال الحنفية ومالك والشافعي والحنابلة .
وروى مالك عن نافع عن سليمان بن يسار (أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَخْطَأْنَا الْعِدَّةَ ، كُنَّا نَرَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ ، فَقَالَ عُمَرُ : اذْهَبْ إِلَى مَكَّةَ فَطُفْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ ، وَانْحَرُوا هَدْيًا ، إِنْ كَانَ مَعَكُمْ ، ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا ، وَارْجِعُوا ، فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَأَهْدُوا ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ ) .
ينظر "المجموع" (8/275) .
وقال ابن قدامة في "المغني" (3/280) : " الهدي يلزم من فاته الحج في أصح الروايتين . وهو قول من سمينا من الصحابة , والفقهاء , إلا أصحاب الرأي , فإنهم قالوا : لا هدي عليه...، ولنا , حديث عطاء , وإجماع الصحابة..." انتهى .(1/2)
وقال أيضاً (3/281) : " وإذا كان معه هدي قد ساقه نحره [يعني في السنة التي فاته الحج فيها] ، ولا يجزئه , بل عليه في السنة الثانية هدي أيضاً. نص عليه أحمد , وذلك ؛ لحديث عمر رضي الله " انتهى . وينظر "المجموع" ( 8/ 275) .
3- لا فرق في الأحكام السابقة بين المعذور وغيره ، لكن يفترقان في الإثم . فلا يأثم المعذور ويأثم غيره . كذا صرح بإثمه القاضي أبو الطيب وغيره . وانظر : "المجموع" (8/276) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
كذب وزعم أنه حج عن نفسه ثم حج ثلاث مرات عن غيره
السؤال : سألني أحد من الأشخاص أنك حجيت فقلت نعم وأنا لم أحج فحجيت عن أشخاص آخرين 3 أعوام متتالية وأنا أعلم بالحكم وأنه لا يجوز إلا إذا حجيت أنا فما الحكم وما الذي يترتب علي؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا يخفى أن ما قمت به كذب وخداع يترتب عليه تأخير الحج عمن أراده منك ، والواجب أن تتوب إلى الله تعالى وتندم على ما قدمت .
ثانيا :
لا يجوز للإنسان أن يحج عن غيره حتى يحج عن نفسه أولا ، فإن فعل قبل أن يحج عن نفسه انصرفت الحجة له ، ولزمه رد المال إلى أصحابه .
قال ابن قدامة رحمه الله : "(ومن حج عن غيره , ولم يكن حج عن نفسه , ردّ ما أخذ , وكانت الحجة عن نفسه) وجملة ذلك : أنه ليس لمن لم يحج حجة الإسلام أن يحج عن غيره , فإن فعل وقع إحرامه عن حجة الإسلام . وبهذا قال الأوزاعي , والشافعي , وإسحاق ...
لما روى ابن عباس , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من شبرمة ؟ قال : قريب لي . قال : هل حججت قط؟ قال : لا . قال : فاجعل هذه عن نفسك , ثم احجج عن شبرمة) رواه الإمام أحمد , وأبو داود , وابن ماجه , وهذا لفظه ...
إذا ثبت هذا , فإن عليه رد ما أخذ من النفقة ; لأنه لم يقع الحج عنه , فأشبه ما لو لم يحج" انتهى من "المغني" (3/102) .(1/3)
وعليه ؛ فإن الحجة الأولى تنصرف لك ، ويلزمك رد المال إلى أهله ، أو أن تحج هذا العام عنه ، فإن لم تستطع فادفع المال لمن يحج عنه .
وأما الحجة الثانية والثالثة ، فالنيابة فيها صحيحة ؛ لأنها وقعت بعد الحجة الأولى التي انصرفت لك .
ثالثا :
لا يجوز لأحدٍ أن يكون قصده من الحج عن غيره أخذ المال ، وإنما يكون قصده الحج والوصول إلى الأماكن المقدسة ، والإحسان إلى أخيه بالحج عنه .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : "النيابة في الحج جاءت بها السنَّة ؛ فإن الرسول عليه الصلاة والسلام سألته امرأة وقالت : (إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال : نعم) ، والاستنابة بالحج بعوض : إن كان الإنسان قصده العوض : فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله : من حج ليأخذ المال فليس له في الآخرة من خلاق – أي : نصيبٌ - وأما من أخذ ليحج : فلا بأس به ، فينبغي لمن أخذ النيابة أن ينوي الاستعانة بهذا الذي أخذ على الحج ، وأن ينوي أيضاً قضاء حاجة صاحبه ؛ لأن الذي استنابه محتاج ، ويفرح إذا وجد أحداً يقوم مقامه ، فينوي بذلك أنه أحسن إليه في قضاء الحج ، وتكون نيته طيبة" انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" (89/السؤال 6) .(1/4)
وقال رحمه الله : "وإن من المؤسف أن كثيراً من الناس الذين يحجون عن غيرهم إنما يحجون من أجل كسب المال فقط ، وهذا حرام عليهم ؛ فإن العبادات لا يجوز للعبد أن يقصد بها الدنيا ، يقول الله تعالى : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ويقول تعالى : (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) ، فلا يقبل الله تعالى من عبد عبادة لا يبتغي بها وجهه ، ولقد حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم أماكن العبادة من التكسب للدنيا ، فقال صلى الله عليه وسلم : (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد ، فقولوا : لا أربح الله تجارتك) ، فإذا كان هذا فيمن جعل موضع العبادة مكاناً للتكسب يدعى عليه أن لا يربح الله تجارته : فكيف بمن جعل العبادة نفسها غرضاً للتكسب الدنيوي كأن الحج سلعة ، أو عمل حرفة لبناء بيت ، أو إقامة جدار ؟ تجد الذي تعرض عليه النيابة يكاسر ويماكس هذه دراهم قليلة ، هذه لا تكفي ، زد ، أنا أعطاني فلان كذا ، أو أعطي فلان حجة بكذا ، أو نحو هذا الكلام مما يقلب العبادة إلى حرفة وصناعة ، ولهذا صرح فقهاء الحنابلة رحمهم الله بأن تأجير الرجل ليحج عن غيره غير صحيح ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : من حج ليأخذ المال ، فليس له في الآخرة من خلاق ، لكن إذا أخذ النيابة لغرض ديني مثل أن يقصد نفع أخيه بالحج عنه ، أو يقصد زيادة الطاعة والدعاء والذكر في المشاعر : فهذا لا بأس به ، وهي نية سليمة .(1/5)
إن على الذين يأخذون النيابة في الحج أن يخلصوا النية لله تعالى ، وأن تكون نيتهم قضاء وطرهم بالتعبد حول بيت الله وذكره ودعائه ، مع قضاء حاجة إخوانهم بالحج عنهم ، وأن يبتعدوا عن النية الدنيئة بقصد التكسب بالمال ، فإن لم يكن في نفوسهم إلا التكسب بالمال : فإنه لا يحل لهم أخذ النيابة حينئذ ، ومتى أخذ النيابة بنية صالحة : فالمال الذي يأخذه كله له ، إلا أن يشترط عليه رد ما بقي" انتهى من "الضياء اللامع من الخطب الجوامع" (2/477).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يعتمر الزوجان جميعاً، أو يدخرا المال ليحج الزوج وحده؟
السؤال : هل الأولى الادخار للحج السنة القادمة أم العمرة الآن ؟ الآن أنا وزوجي معنا مال يكفي لنعتمر معاً ولكن إذا لم نعتمر حتى العام القادم ممكن يتوفر بعض المال ليحج هو وحده ولكن هذا غير مؤكد فما هو الأولى؟.
الجواب :
الحمد لله
الذي ننصحكما به هو المبادرة إلى أداء العمرة ، ما دمتم مستطيعين وذلك لعدة أسباب :
1- أن المشروع للمؤمن أن يبادر إلى الأعمال الصالحة ، قال الله تعالى : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران/133 ، وقال تعالى : (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) الحديد/21.
وقال بعض السلف : من فتح له باب من الخير فلينتهزه ، فإنه لا يدري متى يغلق عنه .
2- أنك غير متأكدة من استطاعة زوجك الحج العام القادم بسبب كفاية المال ، بل حتى لو وجد المال فقد توجد أمور أخرى كالانشغال أو غيره تمنعه من الحج ، فيكون قد أخَّر العمرة من غير حاجة أو مصلحة أعظم ، ولم يتمكن من الحج.(1/6)
3- أنكما الآن تستطيعان العمرة ، فهي واجبة عليكما ، وأما الحج ، فليس واجباً عليكما الآن ـ بسبب عدم الاستطاعة ـ وليس من الحكمة أن يؤجل الإنسان ما يجب عليه الآن ، من أجل أن يأتي فيما بعد بما لم يكن واجباً عليه .
فأنتما الآن مأموران بالعمرة ، ـ ما دمتما مستطيعين ـ ولستما مأمورين بالحج ، لعدم الاستطاعة ، فعليكما الإتيان بالعمرة ، امتثالا لأمر الله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/16 ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) رواه البخاري (7288) ومسلم (1337) .
4- ثم إنك لم تذكري شيئاً عن هذا المبلغ المدخر ، هل هو ملك لزوجك ، أو ملك لكما ادخرتماه معاً؟
فإن كان المبلغ لكما ، فقد ذكر العلماء رحمهم الله أنه لا يجوز الإيثار بالطاعات الواجبة ، فليس لك أن تعطي مالك لزوجك ليحج هو به ، ثم لا تعتمرين أنت .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
"الإيثار بالقرب على نوعين :
النوع الأول : القرب الواجبة : فهذه لا يجوز الإيثار بها ، ومثاله رجل معه ماء يكفي لوضوء رجل واحد فقط ، وهو على غير وضوء ، وصاحبه الذي معه على غير وضوء ففي هذه الحال لا يجوز أن يؤثر صاحبه بهذا الماء ؛ لأنه يكون قد ترك واجباً عليه وهو الطهارة بالماء ، فالإيثار في الواجب حرام ..." انتهى .
"لقاءات الباب المفتوح" اللقاء/35 ص 22 .
ونسأل الله لكما التوفيق إلى ما يحب ويرضى .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
هل يحج وعليه ديون يقدر على وفائها؟(1/7)
السؤال: أريد أن أحج .. لكن علي ديون . وأنا لم أقابل الناس الذين أقرضوني منذ 7 سنوات . وقد حاولت الوصول إليهم عبر الرسائل وإجراء الاتصالات الهاتفية وعن طريق سؤال الناس عنهم ، لكني لم أتمكن من ذلك . أنا أقيم في دولة غير التي يقيمون فيها . ماذا أفعل؟ لقد مضى علي 7 سنوات وأنا أحاول العثور عليهم (لكني لم أتمكن من ذلك)، وكيف أحج والحال ما ذكر؟
الجواب :
الحمد لله
لا يردّك ذلك عن الحج ، حيث إنك متمكن من وفاء هذه الديون متى وجدت أهلها ، وحيث إنك مستعد لوفاء الدين فلا يردّك ذلك عن الحج ، وعليك بالبحث عنهم وإذا وجدتهم وفيتهم حقوقهم .
والله أعلم
فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله .
سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله
أيهما يقدم أداء العمرة أم سداد الدين ؟
أود عمل عمرة حيث إنني نويت أو نذرت إن زاد راتبي في العمل بأن أؤدي العمرة ، ولكن علي ديون أسددها ، فهل تصح العمرة ، أم يجب أن أنتظر بعد أداء الدين ؟ وجزاكم الله خير الجزاء .
الحمد لله
حقوق العباد مقدمة في وجوب الأداء على الحج والعمرة ، فلا يجوز أن يخرج المسلم حاجا أو معتمرا وثمة من يطالبه بماله الذي استدانه منه ، وذلك من حفظ الشريعة الإسلامية العظيمة لحقوق الناس ، وحرصها على بقاء روح المودة والتآلف بينهم ، فلا يأكل بعضهم مال بعض ، ولا يتعدى أحد على أحد .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال الآتي :
أنا مدينٌ لعدة أشخاص ، هل أذهب إلى مكة للصيام فيها مع أولادي ، مع أن أجرة السكن سوف أتقاسمها أنا وأولادي ؟
فكان جوابه رحمه الله :
" إنني أسأل سؤالاً : هل الصدقة أفضل أو الزكاة الواجبة ؟ الزكاة الواجبة .
هل التطوع أفضل أو الواجب ؟ الواجب .(1/8)
هل العقل أن أبدأ بالواجب قبل التطوع أو بالعكس ؟ يقتضي أن أبدأ بالواجب قبل التطوع ، فلا يجوز للإنسان أن يذهب إلى مكة للتطوع بالعمرة وعليه دَيْن ، الدين يجب عليه الوفاء به ، والتطوع في العمرة هل يجب عليه ؟ لا يجب ، حتى الفريضة تسقط مع وجود الدين .
يا إخواني : الدِّين ليس عاطفة ، الفرض الذي فرضه الله على العباد وهو حج البيت والعمرة إذا كان الإنسان مَديناً سقط عنه ، ولقي ربه بغير ذنب ، إنسان مدين ولم يحج لم يؤدِ الفريضة ، نقول : كلمة : ( لم يؤد الفريضة ) غلط ، لماذا غلط ؟ لأن ما عليه فريضة ، حتى الآن ما عليه فريضة ، لكن لا يكون الحج فريضة إلا لمن سلم من الدَّيْن .
ولذلك نقول لهذا الأخ : هوِّن على نفسك ، أمسك عليك مالك ، ابق في بلدك ، وفِّر الدراهم لقضاء دينك ، ولا تكن كالذي عمر قصراً وهدم مصراً .
فنرى لهذا الأخ : أنه يجب عليه البقاء في بلده .
نعم لو فرض أن أحداً من الناس تبرع له بكل النفقات ، وقال : لا تعطني ولا درهماً واحداً .
فهنا نقول : إذا كان سفره إلى العمرة لا يعطل شغلاً يحصل به على المال فليذهب ؛ لأنه في هذه الحالة هل يضر غريمه أو لا يضره ؟ لا .
قال له شخص : أنا أعلم أن عليك عشرة آلاف ريال ، وأعلم أن الدين يجب تقديمه على التطوع ، لكن تفضل معي أنت وأهلك مجاناً من حين تركب حتى ترجع ، هل له أن يذهب معه ؟ هنا نقول : إذا كان صاحب عمل ، وكان غيابه عن عمله ينقص من تحصيله فلا يذهب ، أما إذا لم يكن صاحب عمل ، وأن ذهابه معه لا ينقصه شيئاً ، فلا بأس أن يذهب معه .
لا يفرق بين كون الدين حالاً ولا مؤجلاً ، إلا إذا كان مؤجلاً وهو يعرف من نفسه أنه إذا حلَّ الأجل فهو قادر على الوفاء فلا بأس ، كرجلٍ موظف عليه دين يحل بعد شهرين مثلاً ، ويعرف أنه إذا حل الدَّيْن فهو قادر على الوفاء ، فحينئذٍ نقول : اذهب ؛ لأن بقاءه في بلده لا يغني الغريم شيئاً " انتهى.
"اللقاء الشهري" (رقم/33، سؤال رقم/4)(1/9)
وقد سبق بيان ذلك في موقعنا في جواب السؤال رقم : (11771) ، (36868) ، (36852)
فالواجب عليك أن تنتظر حتى سداد الدين جميعه :
ثم إن كان ما وقع منك نذر وجب عليك أداؤه ؛ لأن نذر الطاعة واجب الأداء .
وأما إن كان مجرد عزم على أداء العمرة شكرا لله تعالى من غير تلفظ بالنذر ، فيستحب لك حينئذ وفاء النذر بأداء العمرة ، فهي من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلمون إلى ربهم سبحانه وتعالى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ممنوع من السفر فهل ينيب من يحج عنه؟
هل يجوز أن أحج لأخي حيث إنه ممنوع من السفر بسبب قضية منذ عشرين عاما ولا زالت مستمرة إلى الآن ولا ندرى متى تنتهي وهو يخاف أن يتوفى دون أن يحج مع العلم أنها قضية لا تمس الشرف أو الأمانة بل قضية سياسية ويتدخل فيها ذوو النفوذ لمنع انتهاء القضية بالرغم من براءته منه ويشهد الله على ذلك وهو يبلغ الآن 56 عاما .
الحمد لله
ما دام أخوك يرجو أن يسمح له بالسفر ، فيتمكن من الحج بنفسه ، فليس له أن ينيب غيره ليحج عنه ، بل يصبر وينتظر ؛ لأن الإنابة إنما تكون من العاجز الميئوس من زوال سبب عجزه .
وإن قُدّر أنه مات قبل ذلك فلا شيء عليه لأنه معذور ، وحينئذ يُحج عنه من تركته ، أو يتبرع من يحج عنه .(1/10)
قال ابن قدامة رحمه الله : " وجملة ذلك أن من وُجدت فيه شرائط وجوب الحج , وكان عاجزا عنه لمانع مأيوس من زواله , كزمانة , أو مرض لا يرجى زواله , أو كان ضعيف الخلق , لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة , والشيخ الفاني , متى وجد من ينوب عنه في الحج , ومالاً يستنيبه به , لزمه ذلك . وبهذا قال أبو حنيفة , والشافعي ...... ومن يرجى زوال مرضه , والمحبوس ونحوه , ليس له أن يستنيب . فإن فعل , لم يجزئه . وبهذا قال الشافعي . لأنه يرجو القدرة على الحج بنفسه , فلم يكن له الاستنابة , ولا تجزئه إن فعل , وفارقَ المأيوس من برئه ; لأنه عاجز على الإطلاق , آيس من القدرة على الأصل , ولأن النص إنما ورد في الحج عن الشيخ الكبير , وهو ممن لا يرجى منه الحج بنفسه , فلا يقاس عليه إلا من كان مثله " انتهى بتصرف يسير من "المغني" (3/91) وما بعدها.
وأخوك يأخذ حكم المحبوس الذي ذكره ابن قدامة رحمه الله .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ممنوع من السفر خارج البلاد فهل يوكل من يحج عنه؟
ماذا يفعل من كان يريد الحج ولم يحج قبل ذلك ، ولكنه ممنوع من السفر ، لا يستطيع السفر خارج البلاد ، هل يمكن أن يطلب من أحد أن يحج عنه؟
الحمد لله
وردت السنة النبوية بجواز الحج عن الغير ، في حالين :
الأولى : أن يكون ميتاً .
ودليل ذلك ما رواه مسلم (1149) أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أمها التي ماتت ، وقالت : (يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا ؟ قَالَ : حُجِّي عَنْهَا ) .
الحال الثانية :
من كان عاجزا عن الحج ببدنه عجزاً لا يرجى زواله كالرجل الكبير الذي لا يستطيع السفر وتحمل مشاق الحج ، أو المريض مرضاً مزمناً لا يُرجى حصول الشفاء منه .(1/11)
ودليل ذلك : أن امْرَأَةٌ َقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، (إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ) رواه البخاري (1513) ومسلم (1334).
وأما من كان عاجزا عن الحج لأنه ممنوع من السفر خارج البلاد ، فهذا المنع يُرجى زواله ، وكثير ممن كانوا ممنوعين من السفر خارج بلادهم ، تمكنوا بعد مدة من السفر ، إما لتغير الحكومة المانعة ، أو لغير ذلك من الأسباب .
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (11/51) :
"يجوز للمسلم الذي قد أدى حج الفريضة عن نفسه أن يحج عن غيره إذا كان ذلك الغير لا يستطيع الحج بنفسه لكبر سنِّه أو مرض لا يرجى برؤه أو لكونه ميتًا ؛ للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك ، أما إن كان من يراد الحج عنه لا يستطيع الحج لأمر عارض يرجى زواله كالمرض الذي يرجى برؤه ، وكالعذر السياسي ، وكعدم أمن الطريق ونحو ذلك : فإنه لا يجزئ الحج عنه" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود
وعلى هذا ؛ فلا يجوز لهذا الشخص الممنوع من السفر ، أن يوكل من يحج عنه ، بل ينتظر حتى يزول هذا المانع ، ويتمكن من الحج بنفسه .
الإسلام سؤال وجواب
والدها يمنعها من الذهاب للحج فهل لها أن تنيب من يحج عنها؟
هل يجوز لمسلمة تتمتع بكامل صحتها أن ترسل غيرها ليحج أو يعتمر عنها حيث إن والدها لا يسمح لها بالذهاب؟ وما عساها أن تفعل إذا كانت لا تجد ما يكفي لأن تذهب بمفردها لأداء المناسك ولا ما يمكنها من إرسال من ينوب عنها؟ وهل لها أن تذهب للحج دون إذن والدها؟
الحمد لله
لا يجب الحج إلا على المستطيع ، لقول الله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 .(1/12)
ومن الاستطاعة بالنسبة للمرأة : أن تجد محرما يسافر معها ، ويكون معها من النفقات ما يكفيها ومحرمها ، لأن نفقة حج المحرم عليها هي ، لأنه إنما سافر لمصلحتها .
فإذا لم تجد المرأة محرماً يسافر معها ، أو لم تجد المال الكافي لذلك ، فالحج غير واجب عليها .
وإذا كان الحج غير واجب عليها ، فهي غير آثمة ولا مقصرة بتركه ، وليس لها في هذه الحالة أن تنيب من يحج ويعتمر عنها ، بل تنتظر حتى يغنيها الله وييسر لها محرما ثم تحج بنفسها .
ثانياً :
ليس للأب أن يمنع ابنته أو ابنه من حج الفريضة .
فإذا كانت تستطيع الحج ببدنها ومالها ، ومعها محرم سيسافر معها ، فإنها تستأذن من أبيها ، فإن لم يأذن فلتخرج بغير إذنه ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
وليس منع الأب لها سببا لجواز توكيلها من يحج عنها .
فإن هذا المنع يرجى زواله ، وقد نقل الحافظ ابن حجر في فتح الباري (4/70) اتفاق العلماء على أن المحبوس لا ينيب من يحج عنه الفريضة ، لأنه يرجى خلاصه من الحبس .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (41950) .
الإسلام سؤال وجواب
ضوابط وأحكام حج البدل
هناك في بلدنا بعض حملات الحج تقدم حج البدل , بحيث نعطيهم نقوداً - وهي تكلفة الحج - وسيقوم أناس من طلبة العلم بالحج بدلاً عنَّا , , فهل يجوز ذلك ؟
الحمد لله
يتساهل كثيرون في حج البدل ، وحج البدل له ضوابط وشروط وأحكام ، سنذكر ما تيسر منها عسى الله أن ينفع بها :
1. لا يصح حج البدل في حجة الإسلام عن القادر الذي يستطيع الحج ببدنه .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"لا يجوز أن يستنيب في الحج الواجب من يقدر على الحج بنفسه إجماعا ، قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن من عليه حجة الإسلام وهو قادر على أن يحج لا يجزئ عنه أن يحج غيره عنه" انتهى .
" المغني " ( 3 / 185 ) .(1/13)
2. حج البدل يكون عن المريض مرضاً لا يرجى برؤه ، أو عن العاجز ببدنه ، أو عن الميت ، دون الفقير والعاجز بسبب ظرف سياسي أو أمني .
قال النووي رحمه الله :
"والجمهور على أن النيابة في الحج جائزة عن الميت والعاجز الميئوس من برئه ، واعتذر القاضي عياض عن مخالفة مذهبهم – أي : المالكية - لهذه الأحاديث في الصوم عن الميت والحج عنه بأنه مضطرب ، وهذا عذر باطل ، وليس في الحديث اضطراب ، ويكفى في صحته احتجاج مسلم به في صحيحه .
" شرح النووي على مسلم " ( 8 / 27 ) .
والحديث الذي أشار إليه النووي رحمه الله وذكر أن بعض المالكية حكم عليه بالاضطراب هو:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ فَقَالَ : وَجَبَ أَجْرُكِ ، وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ ، قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا ؟ قَالَ : صُومِي عَنْهَا ، قَالَتْ : إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا ؟ قَالَ : حُجِّي عَنْهَا . رواه مسلم ( 1149 ) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"واتفق من أجاز النيابة في الحج على أنها لا تجزى في الفرض إلا عن موت أو عضَب – أي : شلل - ، فلا يدخل المريض ؛ لأنه يرجى برؤه ، ولا المجنون ؛ لأنه ترجى إفاقته ، ولا المحبوس ؛ لأنه يرجى خلاصه ، ولا الفقير ؛ لأنه يمكن استغناؤه" انتهى .
" فتح الباري " ( 4 / 70 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
هل يجوز للمسلم الذي أدى فرضه أن يحج عن أحد أقاربه في بلاد الصين لعدم تمكنه من الوصول لأداء فريضة الحج ؟ . فأجابوا :(1/14)
"يجوز للمسلم الذي قد أدى حج الفريضة عن نفسه أن يحج عن غيره إذا كان ذلك الغير لا يستطيع الحج بنفسه لكبر سنِّه أو مرض لا يرجى برؤه أو لكونه ميتًا ؛ للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك ، أما إن كان من يراد الحج عنه لا يستطيع الحج لأمر عارض يرجى زواله كالمرض الذي يرجى برؤه ، وكالعذر السياسي ، وكعدم أمن الطريق ونحو ذلك : فإنه لا يجزئ الحج عنه" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 51 ) .
3. حج البدل لا يكون عن العاجز ماليّاً ؛ لأن الحج تسقط فرضيته عن الفقير ، إنما حج البدل عن العاجز ببدنه .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
هل يجوز لأحد أن يعتمر أو يحج عن قريبه الذي يكون بعيداً عن مكة ، وليس لديه ما يصل به إليها ، مع أنه قادر بالطواف ؟
فأجابوا :
"قريبك المذكور لا يجب عليه الحج مادام لا يستطيع الحج ماليّاً ، ولا تصح النيابة عنه في الحج ولا في العمرة ؛ لأنه قادر على أداء كل منهما ببدنه لو حضر بنفسه في المشاعر ، وإنما تصح النيابة فيهما عن الميت ، والعاجز عن مباشرة ذلك ببدنه" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/52) .
4. لا يجوز لأحدٍ أن يحج عن غيره إلا أن يكون قد حجَّ عن نفسه ، فإن فعل فتقع حجته عن نفسه لا عن غيره .
قال علماء اللجنة الدائمة :
"لا يجوز للإنسان أن يحج عن غيره قبل حجه عن نفسه ، والأصل في ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : لبيك عن شبرمة ، قال : حججت عن نفسك ؟ قال : لا ، قال : حج عن نفسك ، ثم عن شبرمة" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 50 ) .
5. يجوز للمرأة أن تحج عن الرجل ، كما يجوز للرجل أن يحج عن المرأة .(1/15)
قال علماء اللجنة الدائمة :
"والنيابة في الحج جائزة ، إذا كان النائب قد حج عن نفسه ، وكذلك الحال فيما تدفعه للمرأة لتحج به عن أمك ، فإن نيابة المرأة في الحج عن المرأة وعن الرجل جائزة ؛ لورود الأدلة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك" انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 52 ) .
6. لا يجوز لأحدٍ أن يحج عن شخصين أو أكثر في حجة واحدة ، وله أن يعتمر عن نفسه – أو عن غيره – ويحج عن آخر .
قال علماء اللجنة الدائمة :
"تجوز النيابة في الحج عن الميت ، وعن الموجود الذي لا يستطيع الحج ، ولا يجوز للشخص أن يحج مرة واحدة ويجعلها لشخصين ، فالحج لا يجزئ إلا عن واحد ، وكذلك العمرة ، لكن لو حج عن شخص واعتمر عن آخر في سنة واحدة أجزأه إذا كان الحاج قد حج عن نفسه واعتمر عنها" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 58 ) .
7. لا يجوز لأحدٍ أن يكون قصده من الحج عن غيره أخذ المال ، وإنما يكون قصده الحج والوصول إلى تلك الأماكن المقدسة ، والإحسان إلى أخيه بالحج عنه .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"النيابة في الحج جاءت بها السنَّة ؛ فإن الرسول عليه الصلاة والسلام سألته امرأة وقالت : (إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال : نعم) ، والاستنابة بالحج بعوض : إن كان الإنسان قصده العوض : فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله : من حج ليأكل فليس له في الآخرة من خلاق – أي : نصيبٌ - وأما من أخذ ليحج : فلا بأس به ، فينبغي لمن أخذ النيابة أن ينوي الاستعانة بهذا الذي أخذ على الحج ، وأن ينوي أيضاً قضاء حاجة صاحبه ؛ لأن الذي استنابه محتاج ، ويفرح إذا وجد أحداً يقوم مقامه ، فينوي بذلك أنه أحسن إليه في قضاء الحج ، وتكون نيته طيبة" انتهى .(1/16)
" لقاءات الباب المفتوح " ( 89 / السؤال 6 ) .
وقال رحمه الله :
"وإن من المؤسف أن كثيراً من الناس الذين يحجون عن غيرهم إنما يحجون من أجل كسب المال فقط ، وهذا حرام عليهم ؛ فإن العبادات لا يجوز للعبد أن يقصد بها الدنيا ، يقول الله تعالى : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ويقول تعالى : ( فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ) ، فلا يقبل الله تعالى من عبد عبادة لا يبتغي بها وجهه ، ولقد حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم أماكن العبادة من التكسب للدنيا ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد ، فقولوا : لا أربح الله تجارتك ) ، فإذا كان هذا فيمن جعل موضع العبادة مكاناً للتكسب يدعى عليه أن لا يربح الله تجارته : فكيف بمن جعل العبادة نفسها غرضاً للتكسب الدنيوي كأن الحج سلعة ، أو عمل حرفة لبناء بيت ، أو إقامة جدار ؟ تجد الذي تعرض عليه النيابة يكاسر ويماكس هذه دراهم قليلة ، هذه لا تكفي زد أنا أعطاني فلان كذا ، أو أعطي فلان حجة بكذا ، أو نحو هذا الكلام مما يقلب العبادة إلى حرفة وصناعة ، ولهذا صرح فقهاء الحنابلة رحمهم الله بأن تأجير الرجل ليحج عن غيره غير صحيح ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : من حج ليأخذ المال ، فليس له في الآخرة من خلاق ، لكن إذا أخذ النيابة لغرض ديني مثل أن يقصد نفع أخيه بالحج عنه ، أو يقصد زيادة الطاعة والدعاء والذكر في المشاعر : فهذا لا بأس به ، وهي نية سليمة .(1/17)
إن على الذين يأخذون النيابة في الحج أن يخلصوا النية لله تعالى ، وأن تكون نيتهم قضاء وطرهم بالتعبد حول بيت الله وذكره ودعائه ، مع قضاء حاجة إخوانهم بالحج عنهم ، وأن يبتعدوا عن النية الدنيئة بقصد التكسب بالمال ، فإن لم يكن في نفوسهم إلا التكسب بالمال : فإنه لا يحل لهم أخذ النيابة حينئذ ، ومتى أخذ النيابة بنية صالحة : فالمال الذي يأخذه كله له ، إلا أن يشترط عليه رد ما بقي" انتهى .
" الضياء اللامع من الخطب الجوامع " ( 2 / 477 ، 478 ) .
8. إذا مات المسلم ولم يقض فريضة الحج وهو مستكمل لشروط وجوبها وجب أن يحج عنه من ماله الذي خلفه سواء أوصى بذلك أو لم يوص .
قال علماء اللجنة الدائمة :
"إذا مات المسلم ولم يقض فريضة الحج وهو مستكمل لشروط وجوبها وجب أن يحج عنه من ماله الذي خلفه سواء أوصى بذلك أو لم يوص ، وإذا حج عنه غيره ممن يصح منه الحج وكان قد أدى فريضة الحج عن نفسه : صح حجه عنه ، وأجزأ في سقوط الفرض عنه" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/100) .
9. هل للذي يحج عن غيره أجر الحج كاملاً ويرجع كيوم ولدته أمه ؟ .
قال علماء اللجنة الدائمة :
"وأما تقويم حج المرء عن غيره هل هو كحجه عن نفسه أو أقل فضلاً أو أكثر : فذلك راجع إلى الله سبحانه " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 100 ) .
وقالوا :
"من حج أو اعتمر عن غيره بأجرة أو بدونها فثواب الحج والعمرة لمن ناب عنه ، ويرجى له أيضًا أجر عظيم على حسب إخلاصه ورغبته للخير ، وكل من وصل إلى المسجد الحرام وأكثر فيه من نوافل العبادات وأنواع القربات : فإنه يرجى له خير كثير إذا أخلص عمله لله" انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 77 ، 78 ) .(1/18)
وقال الإمام ابن حزم رحمه الله :
عن داود أنه قال : قلت لسعيد بن المسيب : يا أبا محمد ، لأيهما الأجر أللحاج أم للمحجوج عنه ؟ فقال سعيد : إن الله تعالى واسع لهما جميعا .
قال ابن حزم : صدق سعيد رحمه الله .
" المحلى " ( 7 / 61 ) .
وما يفعله الموكَّل من أعمال خارج النسك كالصلاة في الحرم وقراءة القرآن وغيرها فأجرها له دون من وكَّله .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"وثواب الأعمال المتعلقة بالنسك كلها لمن وكله ، أما مضاعفة الأجر بالصلاة والطواف الذي يتطوع به خارجا عن النسك وقراءة القرآن لمن حج لا للموكل" انتهى .
" الضياء اللامع من الخطب الجوامع " ( 2 / 478 ) .
10. الأفضل أن يحج الولد عن والديه ، والقريب عن قريبه ، فإن استأجر أجنبيّاً جاز .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
توفيت والدتي وأنا صغير السن ، وقد أجَّرت على حجتها شخصاً موثوقاً به ، وأيضاً والدي توفي ، وقد سمعت من بعض أقاربي أنه حج .
هل يجوز أن أؤجر على حجة والدتي أم يلزمني أن أحج عنها أنا بنفسي ، وأيضاً والدي هل أقوم بحجة له وأنا سمعت أنه قد حج ؟
فأجاب :
"إن حججت عنهما بنفسك واجتهدت في إكمال حجك على الوجه الشرعي : فهو الأفضل ، وإن استأجرت من يحج عنهما من أهل الدين والأمانة : فلا بأس .
والأفضل أن تؤدي عنهما حجّاً وعمرة ، وهكذا من تستنيبه في ذلك يشرع لك أن تأمره أن يحج عنهما ويعتمر ، وهذا من برِّك لهما وإحسانك إليهما ، تقبل الله منا ومنك" انتهى .
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 16 / 408 ) .
11. لا يشترط لمن يُحج عنه أن يُعرف اسمه ، بل تكفي نية الحج عنه .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
يوجد لدي حوالي أربعة أشخاص متوفين ما بين أعمام وأجداد ، ما بين رجال ونساء ، ولم أعرف أسماء البعض منهم ، وأريد أن أرسل لكل واحد منهم من يحج لهم على حسابي الخاص ؟ .
فأجابوا :(1/19)
"إذا كان الأمر كما ذكر : فمن عرفتَ اسمه من الرجال والنساء: فلا إشكال فيه ، ومن لم تعرف اسمه : فإنه يجوز لك أن تنوي عن الرجال والنساء من الأعمام والأخوال على حسب ترتيب أعمارهم وأوصافهم ، وتكفي النية في ذلك ، وإن لم تعرف الاسم" انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/172) .
12. لا يجوز لمن وُكِّل بالحج عن غيره أن يوكِّل غيره إلا برضا من وكَّله .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"ولا يحل لمن أخذ النيابة أن يوكل غيره فيها لا بقليل ، ولا بكثير إلا برضا من صاحبها الذي أعطاه إياها" انتهى .
" الضياء اللامع من الخطب الجوامع " ( 2 / 478 ) .
13. هل تجوز الإنابة في حج النافلة ؟ .
في المسألة خلاف بين العلماء ، وقد اختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه لا تجوز النيابة إلا في حج الفريضة .
قال الشيخ رحمه الله :
"إذا كان الرجل قد أدى الفريضة ، وأراد أن يوكل عنه من يحج أو يعتمر نافلة ، فإن في ذلك خلافاً بين أهل العلم ، فمنهم من أجازه ، ومنهم من منعه ، والأقرب عندي : المنع ، وأنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً يحج عنه أو يعتمر إذا كان ذلك نافلة ؛ لأن الأصل في العبادات أن يقوم بها الإنسان بنفسه ، وكما أنه لا يوكل الإنسان أحداً يصوم عنه - مع أنه لو مات وعليه صيام فرض صام عنه وليه - ، كذلك في الحج ، والحج عبادة يقوم فيها الإنسان ببدنه ، وليست مالية يُقصد بها الغير ، وإذا كانت عبادة بدنية يقوم بها الإنسان ببدنه : فإنها لا تصح من غيره عنه إلا فيما وردت به السنة ، ولم ترد السنة في حج الإنسان عن غيره حج نفل ، وهذه إحدى الروايتين عن أحمد : أعني أن الإنسان لا يصح أن يوكل غيره في نفل حج أو عمره سواء كان قادراً أو غير قادر .(1/20)
ونحن إذا قلنا بهذا القول صار في ذلك حث للأغنياء القادرين على الحج بأنفسهم ؛ لأن بعض الناس تمضي عليه السنوات الكثيرة ما ذهب إلى مكة اعتماداً على أنه يوكل من يحج عنه كل عام ، فيفوته الحج على أساس أنه يوكل من يحج عنه" انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 192 ، 193 ) .
14. ينبغي تحري أهل الخير والصدق والأمانة والعلم بمناسك الحج لحج البدل .
قال علماء اللجنة الدائمة :
"ينبغي لمن يريد أن ينيب في الحج أن يتحرى فيمن يستنيبه أن يكون من أهل الدين والأمانة حتى يطمئن إلى قيامه بالواجب" انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/53) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
هل يُلزم كل من الولد والوالد بنفقة حج الآخر
السؤال : هل يجب على الأب نفقة حج الفريضة لولده الفقير وهل يجب على الولد نفقة حج الفريضة لأبيه الفقير ؟
الجواب:
الحمد لله
لقد عرضت هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب بما يلي : لا يجب ، لأنّ العبادات مشروطة بالاستطاعة ، والاستطاعة لا تتأتّى من الغير ، فلا يجب على أي من الطرفين شيء في هذا للآخر ، لكن إن طلب الوالد من الولد القادر نفقة الحجّ كانت إجابته من باب البر المأمور به فيكون واجبا بهذا الاعتبار . والله أعلم
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تريد العمرة ولا تجد محرماً
أريد أن أذهب للعمرة ولكن لا يوجد لدي محرم وهذا الأمر يحزنني ، فزوجي مشغول دائماً بعمله ولا يستطيع ترك عمله لمدة 8 أو 10 أيام ، أرجو أن ترشدني كيف أستطيع أن أعتمر ؟.
الحمد لله
المرأة التي لا تجد محرماً تسافر معه لا يجب عليها الحج ولا العمرة ، وهي معذورة في ترك ذلك ، ويحرم عليها السفر للحج أو لغيره من غير محرم ، وعليها أن تصبر حتى ييسر الله أحد محارمها ليسافر معها .(1/21)
وسبل الخير كثيرة ، فإذا لم يستطع المسلم فعل بعض العبادات ، فإنه يجتهد فيما يستطيعه من العبادات حتى يوفقه الله وييسر له ما لا يستطيعه من العبادات .
ومن فضل الله تعالى على عباده المؤمنين أن العبد إذا عزم على فعل طاعة ولكنه لم يستطع فعلها لعذر ، فإنه يثاب الفاعل لها روى البخاري (4423) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : ( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ )
قال علماء اللجنة الدائمة :
المرأة التي لا محرم لها لا يجب عليها الحج ؛ لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل ، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج ، قال الله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) ، ولا يجوز لها أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها زوج أو محرم لها ؛ لما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم " ، فقام رجل فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، قال : " انطلِق فحج مع امرأتك " ، وبهذا القول قال الحسن والنخعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي ، وهو الصحيح ؛ للآية المذكورة ، مع عموم أحاديث نهي المرأة عن السفر بلا زوج أو محرم ، وخالف في ذلك مالك والشافعي والأوزاعي ، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه ، قال ابن المنذر : تركوا القول بظاهر الحديث ، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 90 ، 91 ) .(1/22)
وقالوا :
إذا كان الواقع كما ذكر - من عدم تيسر سفر زوجك أو محرم لك معك لتأدية فريضة الحج - فلا يجب عليك مادمت على هذه الحال؛ لأن صحبة الزوج أو المحرم لك في السفر للحج شرط في وجوبه عليك، ويحرم عليك السفر للحج وغيره بدون ذلك ، ولو مع زوجة أخيك ومجموعة من النساء، على الصحيح من قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) متفق على صحته ، إلا إذا كان أخوك مع زوجته فيجوز السفر معه ؛ لأنه محرم لك ، واجتهدي في الأعمال الصالحات التي لا تحتاج إلى سفر، واصبري رجاء أن ييسر الله أمرك ، ويهيء لك سبيل الحج مع زوج أو محرم .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 96 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ما هي الاستطاعة في الحج
ما هي الاستطاعة في الحج ؟
الجواب :
الحمد لله
الاستطاعة بالنسبة للحج أن يكون صحيح البدن ، وأن يملك من المواصلات ما يصل به إلى بيت الله الحرام من طائرة أو سيارة أو دابة أو أجرة ذلك بحسب حاله ، وأن يملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً ، على أن يكون ذلك زائداً عن نفقات من تلزمه نفقته حتى يرجع من حجه وأن يكون مع المرأة زوج أو محرم لها في سفرها للحج أو العمرة .
من فتاوى اللجنة الدائمة/كتاب الحج والعمرة والزيارة ص17
هل يحج عن أبيه الذي ليس له مال يحج به؟
أنا شاب أعمل في بلاد الحرمين ، ودخلي محدود يكفيني للضروريات ، وتكاليف المعيشة والحمد لله ، وقد حججت عن نفسي ثلاث مرات والحمد لله ، ولي والد في مصر لم يحج بعد ، وذلك لعدم توفر نفقة الحج لديه ، علماً بأنه طيب وصحيح ومعافى ، ولكن بسبب عدم توفر نفقة الحج ، هل يمكنني أن أحج عنه ؟
الحمد لله(1/23)
"إذا كان الواقع ما ذكر من أن والدك صحيح معافى ولا يستطيع الحج من أجل عدم استطاعته المالية فلا يلزمه الحج ؛ لقوله سبحانه وتعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آل عمران/97 ، ولا يصح الحج عنه منك ، ولا من غيرك ، لكن يشرع لك إذا كنت مستطيعاً لنفقته على الحج أن تساعده بذلك ليحج بنفسه .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/31، 32) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يحج عن قريبه الذي لا يستطيع السفر للحج؟
هل يجوز للمسلم الذي أدى فرضه أن يحج عن أحد أقاربه في بلاد الصين لعدم تمكنه من السفر لأداء فريضة الحج ؟
الحمد لله
"يجوز للمسلم الذي قد أدى حج الفريضة أن يحج عن غيره إذا كان ذلك الغير لا يستطيع الحج بنفسه لكبر سنه أو مرض لا يرجى برؤه أو لكونه ميتاً ؛ للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك ، أما إن كان من يراد الحج عنه لا يستطيع الحج لأمر عارض يرجى زواله كالمرض الذي يرجى برؤه ، وكالعذر السياسي ، وكعدم أمن الطريق ونحو ذلك ؛ فإنه لا يجزئ الحج عنه .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/51) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يلزم الزوج الغني تكاليف حج زوجته؟
زوجة لا تملك نفقات الحج وزوجها غني ، فهل هو ملزم شرعاً بنفقات حجها ؟
الحمد لله(1/24)
"لا يلزم الزوج شرعاً بنفقات حجها وإن كان غنياً ، وإنما ذلك من باب المعروف ، وهي غير ملزمة بالحج لعجزها عن نفقته .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/35) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/94) أيضاً :
"لا يجب على الزوج لزوجته نفقات حجها مثل ما تجب عليه نفقات أكلها وكسوتها وسكناها ، ولكن بذله من باب حسن العشرة ومكارم الأخلاق ، ويجب لها عليه في سفر حجها ما يقابل نفقتها حال كونها مقيمة" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
الإسلام سؤال وجواب
هل يلزمه الأخذ من رأسماله المحتاج إليه ليحج؟
أعمل تاجرا ، وربح التجارة يكاد يكفيني وأهلي ، ولا أستطيع الحج حتى آخذ من رأسمال التجارة ، مما يسبب نقص الربح ، فلا يكفيني الربح الناتج لنفقات أولادي ، فهل يجب علي الحج ؟
الحمد لله
لا يجب الحج إلا على المستطيع ، لقول الله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آل عمران/97.
ومعنى الاستطاعة المالية : أن يكون عنده من النفقة ما يكفيه وأهله إلى أن يعود .
ويكون له بعد عودته ما يقوم بكفايته وكفاية من ينفق عليهم كأجرة عقار أو راتب أو تجارة ونحو ذلك .
ولذلك لا يلزمه أن يحج برأس مال تجارته الذي ينفق على نفسه وأهله من ربحها ، إذا كان سيترتب على نقص رأس المال نقصُ الأرباح بحيث لا تكفيه وأهله .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/12) :(1/25)
"ومن له عقار يحتاج إليه لسكناه , أو سكنى عياله , أو يحتاجه إلى أجرته لنفقة نفسه أو عياله , أو بضاعة متى نقصها اختل ربحها فلم يكفهم , لم يلزمه الحج" انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
أنا مواطن مصري ورب أسرة من طفلين وزوجة ، وراتبي في مصر لا يكاد يكفي ضرورات الحياة ، وليس لي أي دخل آخر ، وعملت بإحدى دول الخليج 4 سنوات ، وتوفر لي مبلغ من المال ، ووضعته في بنك إسلامي ليدر علي دخلاً يساعد في مواجهة أعباء الحياة المختلفة ، بحيث الراتب وهذا الدخل يكفيني بصورة معتدلة أنا وأسرتي ، فهل أنا مكلف باقتطاع جزء من هذا المبلغ لنفقات الحج ، وهل أنا مكلف بالحج في ضوء هذه الظروف ؟ علماً بأنني إذا اقتطعت مبلغ نفقات الحج من حسابي في البنك سوف يؤثر هذا على دخلي الشهري ، ويرهقني مادياً .
فأجابوا :
"إذا كانت حالتك كما ذكرت فلست مكلفاً بالحج ؛ لعدم الاستطاعة الشرعية ، قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آل عمران/97 ، وقال : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/16 ، وقال : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج/78 .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/35، 36) .
وعلى هذا ؛ فلا يجب عليك الحج ، ما دمت محتاجاً للمال الذي معك لنفقاتك ونفقات أولادك .
الإسلام سؤال وجواب
هل يؤجل الحج لحاجته إلى الأموال التي معه ؟
معي من الأموال ما يكفيني للحج ، ولكنني بحاجة إليها ، فهل يجوز لي أن أؤجل الحج ؟.
الحمد لله(1/26)
من شروط وجوب الحج الاستطاعة (القدرة) ، لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران/97 .
وهذا يشمل الاستطاعة البدنية والاستطاعة المالية .
أما الاستطاعة البدنية فمعناها أن يكون صحيح البدن ويتحمل مشقة السفر إلى بيت الله الحرام وأداء المناسك .
وأما الاستطاعة المالية فمعناها أن يملك النفقة التي توصله إلى بيت الله الحرام ذهاباً , وإياباً .
قالت اللجنة الدائمة (11/30) :
الاستطاعة بالنسبة للحج أن يكون صحيح البدن وأن يملك من المواصلات ما يصل به إلى بيت الله الحرام من طائرة أو سيارة أو دابة أو أجرة ذلك بحسب حاله ، وأن يملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً على أن يكون ذلك زائداً عن نفقات من تلزمه نفقته حتى يرجع من حجه ، وأن يكون مع المرأة زوج أو محرم لها حتى في سفرها للحج أو العمرة اهـ .
ويشترط أن تكون النفقة التي توصله إلى البيت الحرام فاضلةً عن حاجاته الأصلية ، ونفقاته الشرعية ، وقضاء ديونه .
والمراد بالديون حقوق الله كالكفارات وحقوق الآدميين .
فمن كان عليه دين ، وماله لا يتسع للحج وقضاء الدين فإنه يبدأ بقضاء الدين ولا يجب عليه الحج .
ويظن بعض الناس أن العلة هي عدم إذن الدائن ، فإذا استأذنه وأذن له فلا بأس .
قال الشيخ ابن عثيمين (الشرح الممتع 7/30) : وهذا الظن لا أصل له ، بل العلة هي انشغال الذمة اهـ . بتصرف .
فلو أذن الدائن للمدين بالحج فإن ذمة المدين تبقى مشغولة بالدين ، ولا تبرأ ذمته بهذا الإذن ، ولذلك يقال للمدين : اقض الدين أولاً ثم إن بقي معك ما تحج به وإلا فالحج غير واجب عليك .
وإذا مات المدين الذي منعه سداد الدين عن الحج فإنه يلقى الله كامل الإسلام غير مضيع ولا مفرط ، لأن الحج لم يجب عليه ، فكما أن الزكاة لا تجب على الفقير فكذلك الحج .(1/27)
أما لو قدم الحج على قضاء الدين ومات قبل قضائه فإنه يكون على خطر ، إذ إن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين فكيف بغيره ؟!
والمراد بالنفقات الشرعية : النفقات التي يقرها الشرع كالنفقة على نفسه وأهله ، من غير إسراف ولا تبذير ، فإن كان متوسط الحال وأراد أن يظهر بمظهر الغني فاشترى سيارة ثمينة ليجاري بها الأغنياء ، وليس عنده مال يحج به ، وجب عليه أن يبيع السيارة ويحج من ثمنها ، ويشتري سيارة تناسب حاله .
لأن نفقته في ثمن هذه السيارة الثمينة ليست نفقة شرعية ، بل هو إسراف ينهى الشرع عنه .
والمعتبر في النفقة أن يكون عنده ما يكفيه وأهله إلى أن يعود .
ويكون له بعد عودته ما يقوم بكفايته وكفاية من ينفق عليهم كأجرة عقار أو راتب أو تجارة ونحو ذلك .
ولذلك لا يلزمه أن يحج برأس مال تجارته الذي ينفق على نفسه وأهله من ربحها ، إذا كان سيترتب على نقص رأس المال نقصُ الأرباح بحيث لا تكفيه وأهله .
سئلت اللجنة الدائمة (11/36) عن رجل له مبلغ من المال في بنك إسلامي وراتبه مع أرباح المال تكفيه بصورة معتدلة ، فهل يجب عليه الحج من رأس المال مع العلم أن ذلك سيؤثر على دخله الشهري ويرهقه مادياً ؟
فأجابت :
إذا كانت حالتك كما ذكرت فلست مكلفاً بالحج لعدم الاستطاعة الشرعية ، قال الله تعالى : (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) . وقال : (وما جعل عليكم في الدين من حرج) اهـ
والمراد بالحاجات الأصلية : ما يحتاج إليه الإنسان في حياته كثيراً ، ويشق عليه الاستغناء عنه .
مثل : كتب العلم لطالب العلم ، فلا نقول له : بع كتبك وحج بثمنها ، لأنها من الحوائج الأصلية .
وكذلك السيارة التي يحتاج إليه ، لا نقول له بعها وحج بثمنها ، لكن لو كان عنده سيارتان وهو لا يحتاج إلا إلى واحدة فيجب عليه أن يبيع إحداهما ليحج بثمنها .
وكذلك الصانع لا يلزمه أن يبيع آلات الصنعة لأنه يحتاج إليها .(1/28)
وكذلك السيارة التي يعمل عليها وينفق على نفسه وأهله من أجرتها ، لا يجب عليه بيعها ليحج .
ومن الحوائج الأصلية : الحاجة إلى النكاح
فإذا كان معه أموال ولكنه محتاج إلى النكاح وسوف يتزوج بها فإنه يقدم النكاح .
راجع السؤال رقم ( 27120 ) .
إذاً فالمراد من الاستطاعة المالية أن يفضل عنده ما يكفيه للحج بعد قضاء الديون ، والنفقات الشرعية ، والحوائج الأصلية .
الإسلام سؤال وجواب
توفير السكن مقدم على الحج
أقيم الآن أنا وزوجتي في اليمن وإلى هذا الوقت لا نملك السكن في بلدنا ، علماً أنني أملك مبلغاً من المال وإلى الآن لم نحج حجَّ الفريضة ، فهل يجب علينا الحج الآن فوراً ما دمنا قادرين مادياً ، ولو كنا لا نملك بيتاً؟ أم نشتري أولاً مسكناً نسكن فيه ثم بعد ذلك إن كنا قادرين على الحج حججنا ، وإلا أجلناه إلى القدرة ؟
الحمد لله
" من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى أوجب الحج على المستطيع ، قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آل عمران/97 ، وذلك بأن يملك الزاد والراحلة ، ويكون هذا الزاد وهذا المركوب فاضلاً عن كفايته من مسكنه ومصروفه ، ومصروف أولاده إلى أن يرجع ، فإذا كان المبلغ الذي بأيديكم لا يُغطي حاجاتكم الضرورية ، ومنها المسكن ، فإنه لا يجب عليكم الحج حتى توفروا حوائجكم الضرورية ؛ فإذا زاد بأيديكم شيء حججتم ، ولا يجب عليكم الحج ، ولا يلزمكم حتى يتوافر لديكم المال الزائد عن كفايتكم سكناً ونفقة لكم ولأولادكم ومن تجب عليكم نفقتهم" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (2/493) .
الإسلام سؤال وجواب
أحرم بالحج ومُنع من دخول مكة(1/29)
ذهب أحد الزملاء إلى الحج ، وأحرم من ميقات المدينة واتجه إلى مكة وهناك وعند نقطة الحراسة أمروه بالرجوع لأنه ليس معه تصريح للحج ، فرجع وخلع ملابس الإحرام ، هل تعتبر حجته عليها ثواب في ذلك بالرغم أنه لم يدخل مكة وكان قد أحرم؟
الحمد لله
"أولاً: لا إثم عليه في تحلله من إحرامه ورجوعه دون أن يتم حجه؛ لأنه مغلوب على أمره، والله عليم بحاله رحيم بعباده، فيجزيه على قدر ما فعل من أعمال الحج بإخلاص.
ثانياً: من كان قد اشترط عند إحرامه بأنه إن حبسه حابس فمحله حيث حبس فلا يلزمه شيء، وإن لم يكن قد اشترط ذلك فعليه هدي يذبحه حيث أحصر؛ لقوله تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ) البقرة/196 ، ثم يحلق رأسه أو يقصر؛ وبذلك يكون حله من إحرامه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/350) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن رجل حج بدون تصريح فمنع من دخول مكة فماذا يلزمه؟
فأجاب : "إن كان قال عند الإحرام: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فيحل ولا شيء عليه ، وإذا لم يشترط فالواجب عليه أن يذبح هدياً لقوله تعالى : (فإن أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ) البقرة/196. ويتحلل [أي : يحلق أو يقصر] حيث أحصر" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/433) .
الإسلام سؤال وجواب
زوجته ترضع فهل يؤخر الحج إلى العام القادم
السؤال : نويت الحج هذا العام ، لكن زوجتي ترضع ، فقررت تأجيل الحج إلى السنة القادمة إن شاء الله ، مع العلم أن حالتي المادية ميسرة والحمد لله ؛ فهل علي شيء ؟
الجواب :
الحمد لله(1/30)
إذا كنت قد حججت حج الفريضة ، فأنت مخير في حج التطوع بين أن تأتي به هذا العام ، أو تؤخره لعام قادم نظرا لما ذكرت من انشغالك بأهلك أو رغبتك في مرافقتهم لك ونحو ذلك ، ولك ألا تأتي به أصلا ؛ لأنه تطوع غير مفروض .
وإذا كان السؤال عن حج الفرض ، فهذا ينبني على كون الحج واجبا على الفور أو على التراخي ، وفي ذلك خلاف بين الفقهاء ، والراجح أنه واجب على الفور ، فمن ملك الزاد والراحلة وجب عليه أن يحج ، ولم يجز له تأخيره ، وانظر السؤال رقم (41702) .
وبناء على ذلك : فإن كان تركك لأهلك لا يترتب عليه مضرة لها أو لرضيعها ، لزمك الحج هذا العام ، وليس لك تأخيره رغبة في ذهاب أهلك معك .
وأما زوجتك فإن كان لديها من المال ما تحج به ، أو تبرعتَ أنت لها بنفقة الحج ، ولم يكن عليها أو على رضيعها مضرة في ذهابها للحج ، أو كان يمكنها تركه لدى من يرعاه ويقوم عليه ، لزمها الحج ، وإلا جاز لها التأخير .
والمقصود أنه قد يجب الحج على الزوج ، ولا يجب على الزوجة ، بالنظر لتوفر الشروط أو وجود الموانع ، فلا يؤخر الزوج حجه الواجب رغبة في اصطحاب أهله للحج .(1/31)
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ما نصه : " زوجتي لم تؤد فريضة الحج إلى الآن ، ولدينا طفل عمره أربعة أشهر وهو يرضع من أمه ، فهل تحج أم تبقى عند طفلها ، وهل الأفضل إذا حجت أن تأخذ حبوباً لإيقاف دم الحيض أم لا تأخذ أفيدونا وفقكم الله ؟ فأجاب : " إذا كان الطفل لا يتأثر ولا يتضرر بسفرها عنه ، بأن يرضع من لبن غير لبن أمه ، وعنده من يحضنه حضانة تامة ، فلا حرج عليها أن تحج خصوصاً إذا كانت فريضة ، أما إذا كان يخشى على الطفل ، فإنه لا يحل لها أن تحج ولو كانت حجة الفريضة ؛ لأن المرضع يباح لها أن تدع صيام الفرض إذا خافت على ولدها ، فكيف لا تدع المبادرة بالحج إذا خافت على الولد ؟ فإذا خافت على الولد فإن الواجب أن تبقى ، وإذا كبر في العام القادم حجت ، ولا حرج عليها إذا بقيت وتركت الحج ؛ لأن الحج في هذه الحالة لا يجب عليها على الفور .
أما استعمال الحبوب في الحج أو في العمرة فلا بأس بها ؛ لأن هذه حاجة ، ولكن يجب أن تستأذن الطبيب وأن تراجعه ؛ لأنه قد تكون الحبوب ضارة فتضرها " انتهى من "اللقاء الشهري" (10/25) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يقترض من صاحب العمل ليحج ؟
صاحب العمل رجل يحب الخير وقد قام بإنشاء صندوق للحج للعاملين على أن يتحمل هو نصف مصاريف الحج لكل فرد، وباقي الأفراد يقومون بسداد النصف الآخر عن طريق القسط، فما هو مدى صحة هذا الحج؟.
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يجزي صاحب هذا العمل خير الجزاء ، وأن يكثر في المسلمين من أمثاله ، الذين ييسرون على إخوانهم المسلمين ، ويعينونهم على طاعة الله تعالى .
وحجك بهذه الطريقة صحيح ولا حرج فيه إذا كنت قادراً على سداد هذا القسط من راتبك ، أما إذا كان راتبك لا يكفي لسداد هذا القسط ، بحيث ستقع بسبب هذا الدَّيْن في المماطلة أو التضييق على من تنفق عليهم فالأولى لك أن تؤجل الحج حتى ييسر الله لك .(1/32)
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن يقترض ليحج ، فأجاب :
لا حرج في ذلك إذا كان يستطيع الوفاء اهـ .
فتاوى ابن باز (16/393) .
ونصف التكاليف الذي يتحمله صاحب العمل يعتبر هدية ، ولا بأس في قبولها والحج بها . راجع السؤال رقم (36990) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل للطبيبة أن تسافر مع حملة الحج دون محرم ؟
أعلم أن حج المرأة بغير محرم غير جائز , وقد سافرت العام الماضي مع إحدى الحملات للحج مع وجود المحرم . هذا العام لا يتوفر لدي محرم ليسافر معي , والحملة ملزمة بسفر طبيبة معها , علما بأنه لا يوجد وقت الآن حتى تجد الحملة طبيبة أخرى . أفيدوني ماذا أفعل أثابكم الله ؟.
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم ، ولو كان سفرها للحج الواجب أو العمرة الواجبة ، لما روى البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا ، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ : اخْرُجْ مَعَهَا ) .
وأما حج النافلة ، فتمنع المرأة من السفر إليه بلا محرم عند أكثر العلماء ، بل حكى بعضهم اتفاق العلماء على ذلك .
وكون الحملة ملزمة بسفر طبيبة معها ، والوقت لا يتسع للبحث عن طبيبة أخرى ، كل ذلك لا يبيح لك السفر معهم بلا محرم ، وكيف يتقرب العبد إلى ربه بالحج أو بمساعدة الآخرين ، عن طريق المعصية ؟!
نسأل الله لك التوفيق والثبات والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
تعهد صديقه بوفاء دينه فما حكم حجه ؟
السؤال :(1/33)
قبل أن أتمسك بالتعاليم الإسلامية ، اقترضت من البنك قرضا بفائدة لأحد أصدقائي. وقد قطع صديقي عهدا على نفسه أن يقوم بسداد المبلغ . وأريد الآن أن أحج مع والدتي ، إلا أنه لن يكون باستطاعته سداد المبلغ قبل الحج (مع العلم أن القرض باسمي) .
فهل يؤثر ذلك على صحة أدائي لفريضة الحج ؟.
الجواب :
الحمد لله
الحمد لله الذي هداك للتمسك بالإسلام ، وما ذكرته لا يؤثّر ذلك على صحّة حجّك فإذا تحقّقت الاستطاعة لديك فاذهب إلى الحجّ ، " والاستطاعة بالنسبة للحج أن يكون صحيح البدن وأن يملك من المواصلات ما يصل به إلى بيت الله الحرام من طائرة أو سيارة أو دابة أو أجرة ، ذلك حسب حاله ، وأن يملك زادا يكفيه ذهابا وإيابا ، على أن يكون ذلك زائدا عن نفقات من تلزمه نفقته حتى يرجع من حجه " فتاوى اللجنة الدائمة 11/30
وعليك بالتوبة إلى الله من معاونتك صاحبك على الحرام وقد قال الله تعالى ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) ، وأن تبيّن لصاحبك حكم المسألة وتنصحه أن يتوب ولا يعود ، وفّقنا الله وإياك لما يحبّ ويرضى ، وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
الحج على نفقة إحدى الدوائر الحكومية
أنا شاب أملك من المال ما يكفيني والحمد لله وقد وجدت فرصة للعمل أثناء الحج مع أداء هذه الفريضة العظيمة على حساب إحدى الدوائر الحكومية . هل تجوز حجتي أم لا ؟ مع العلم أن هذه أول مرة لي في الحج .
الحمد لله
يجوز للإنسان أن يحج على نفقة غيره ، سواء كان حج فريضة أو نافلةً ، كما يجوز له أن يعمل ويتجر ويتكسّب أثناء الحج . وقد أخرج الطبري في تفسيره بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) البقرة/198
قال : ( لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده ) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة ما الحكم فيمن يحج من نفقات الحاكم ؟(1/34)
بمعنى : إذا أراد حاكم من الحكام بأن يعطي رعاياه مبلغاً من المال وقال لهم : حجوا بهذا المال ، فهل يجوز لهم بأن يحجوا به أم لا ؟ وإذا حجوا به فهل تسقط عنهم حجة الإسلام ؟ مع ذكر الدليل لما تقولون .
فأجابوا : " يجوز لهم ذلك ، وحجهم صحيح ؛ لعموم الأدلة " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/36) .
انظر جواب السؤال رقم (36841)
ونسأل الله أن يتقبل منا ومنك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم الذهاب للحج والعمرة والدفع بواسطة قروض الائتمان
انتشرت في الآونة الأخيرة إعلانات من شركات السياحة التي تقوم بتنظيم رحلات الحج والعمرة والتي تعلن فيها عن قيامها بتقسيط تكاليف الرحلات من باب التيسير على راغبي الحج والعمرة ، ولاجتذاب أكبر قدر منهم خاصة في ظل حالة الكساد التي تمر بها العديد من الدول ، وقلة السيولة المالية في أيدي مواطنيها ، وقد أعلنت أيضا بعض الشركات عن قبول الدفع عن طريق كروت الائتمان .
السؤال هو : ما حكم الشرع فيمن يحج ويعتمر بهذه الطريقة ؟ وهل يصح الحج أو العمرة في هذه الحالة - خاصة أن بعض الفقهاء قد أفتى بجواز تمويل الحج عن طريق القروض التي تسدد على أقساط مناسبة كنوع من التيسير في ظل الارتفاع الشديد في تكاليف الرحلات - ؟.
الحمد لله
الحج أحد أركان الإسلام ، ومبانيه العظام ، وهو فرض ثابت بكتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأجمع المسلمون على ذلك .
قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/97 .(1/35)
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْس : شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالْحَجِّ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ) رواه البخاري ( 8 ) ومسلم ( 16 ) .
ولا يجب الحج إلا على المستطيع ، ومن الاستطاعة : القدرة المالية ، والقدرة البدنية للسفر وأداء المناسك .
ولا يكلف الإنسان بالاستدانة للحج ؛ ولا يستحب له أن يفعل ذلك ، فإن خالف واستدان فالحج صحيح إن شاء الله تعالى .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : بعض الناس يأخذ سلفيات من الشركة التي يعمل بها ، يتم خصمها من راتبه بالتقسيط ليذهب إلى الحج ، فما رأيكم في هذا الأمر ؟
فأجاب :
" الذي أراه أنه لا يفعل ؛ لأن الإنسان لا يجب عليه الحج إذا كان عليه دَيْن ، فكيف إذا استدان ليحج ؟! فلا أرى أن يستدين للحج ؛ لأن الحج في هذه الحال ليس واجباً عليه ، ولذا ينبغي له أن يقبل رخصة الله وسعة رحمته ، ولا يكلف نفسه دَيْناً لا يدري هل يقضيه أو لا ؟ ربما يموت ولا يقضيه ويبقى في ذمته " انتهى . "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (21/93) .
أما إن كانت استدانته بقرض ربوي ليحج ، فإن هذا من أكبر الكبائر .
وتحريم الربا أشهر من أن يُستدل له . قال الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278، 279 .(1/36)
وقال تعالى : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/275 .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ . رواه مسلم ( 1597 ) .
فكيف يرضى مسلم أن يفعل كبيرة توعد الله تعالى بالحرب عليها من أجل أن يحج ، وهو غير واجب عليه إذا لم يكن مستطيعاً .
وقد سبق في جواب السؤال (20107) ، (11179) بيان تحريم القروض الائتمانية وأنها نوع من الربا .
أما من حيث صحة الحج فإنه يصح ولو كان المال الذي يحج به حراماً ، ولكنه ليس حجاً مبرورا .
حتى قال بعض الأئمة :
إذَا حَجَجْت بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحْتٌ فَمَا حَجَجْت وَلَكِنْ حَجَّتْ الْعِيرُ
لا يَقْبَلُ اللَّهُ إلا كُلَّ طَيِّبَةٍ مَا كُلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللَّهِ مَبْرُورُ .
و(العير) الدابة التي يركبها الحاج . (أي : الحمار) .
انظر السؤال (34517) .
قال النووي رحمه الله :
إذا حج بمال حرام أو راكباً دابة مغصوبة أثم وصح حجه وأجزأه عندنا ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والعبدري ، وبه قال أكثر الفقهاء .
" المجموع " ( 7 / 40 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
ما حكم من حج من مال حرام – يعني : فوائد بيع المخدرات - ثم يرسلون تذاكر الحج لآبائهم ويحجون ، مع علم بعضهم أن تلك الأموال جمع من تجارة المخدرات ، هل هذا الحج مقبول أم لا ؟ .
فأجابوا :
كون الحج من مال حرام لا يمنع من صحة الحج ، مع الإثم بالنسبة لكسب الحرام ، وأنه ينقص أجر الحج ، ولا يبطله .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 43 ) .
وفي الباب حديث مشهور لكنه ضعيف :(1/37)
عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن حج بمال حرام فقال : لبيك اللهم لبيك ، قال الله عز وجل : لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك ) .
قال ابن الجوزي :
وهذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . " العلل المتناهية " ( 2 / 566 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يحج أم يكمل دراسته
منذ أيام قرأت سورة آل عمران التي يفرض الله الحج فيها على الرجال. وهذا آخر فصل دراسي لي في أمريكا. ومعي مبلغ حوالي 2000 دولار أمريكي ومع هذا أخشى إن أنفقت المبلغ في الحج فسوف تغضب أمي فإنه لا تحب التزامي بالإسلام وفي نفس الوقت لا أدري إن كان هناك فرص أخرى لذهابي إلى الحج والمال لدراستي تدفعه الحكومة وسوف أعود لأعمل 5 سنوات في الحكومة ولا أعرف إن كنت سوف يكون لدي المال الكافي مرة ثانية للحج أم لا. ومن ناحية أخرى إذا استطعت توفير بعض المال فسوف أشتري سيارة لكي تصبح أمي غنية. فقد ربتني منذ أن كان عمري 3 سنوات حين مات أبي ولم يكن هناك أقارب طيبون.
الحمد لله
الحج فرضٌ من فروض الإسلام ، وركنٌ من أركانه ، ودعامةٌ من دعائمه ، لايجوز للمستطيع تأخيره ولا التردد في أدائه ، ولا طاعة لأحدٍ في معصية الله سبحانه وتعالى ، قال تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ، ومن كفر فإن الله غنيٌّ عن العالمين ) . وقال صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت " . فلا يجوز لك أن تُرضي والدتك في معصية الله سبحانه ، عليك أن تبرها وتحسن إليها لكن في غير معصية ، فمن أرضى الناس بسخط الله عليه ، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس .
الشيخ عبد الكريم الخضير
هل تأخذ نفقة الحج من زوجها بائع المحرمات(1/38)
السؤال : زوجي يملك مطعماً يبيع فيه الخمر والخنزير ، لي طفلان وأود الذهاب للحج إن شاء الله بعد سنتين ، قال زوجي بأنه سيدفع التكاليف لأنه لا يوجد لي أي مصدر للدخل المالي ولا أريد أن يربي أطفالي أي شخص آخر ، فهل هذا جائز ؟
ماذا يجب أن أفعل ؟ أعلم بأنني وأطفالي لا زلنا صغار في السن ولكنني أريد الحج فماذا أفعل ؟
الجواب :
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين :
زوجها يبيع الخمر والخنزير هل يجوز أن تأخذ منه نفقة لحج الفريضة ؟
فأجاب حفظه الله بقوله :
لا.....لا يجوز وتعتبر من غير القادرين .
الشيخ عبد الله بن جبرين
حكم الحج قبل قضاء الدَّين
بسبب خسارة زوجي في التجارة، فإن عليه ديون كبيرة جدا تجاه البنوك وبعض الأقارب ، وسوف يستغرق سداد تلك الديون سنوات عديدة . فهل يجوز لنا أن نذهب للحج أو العمرة ونحن في هذه الحالة ؟.
الحمد لله
من شروط الحج الاستطاعة ، ومن الاستطاعة : الاستطاعة المالية ، ومن كان عليه دَيْن مطالبٌ به بحيث أن أهل الدَّين يمنعون الشخص عن الحج إلا بعد وفاء ديونهم فإنه لايحُجّ ، لأنه غير مستطيع ، وإذا لم يطالبوه ويعلم منهم التَّسامح فإنه يجوز الحج ويكون صحيحاً ، ويجوز الحج كذلك إذا كان الدَّين غير محدد الوقت للقضاء بميعادٍ معيَّن ، ويكون قضاؤه متى تيسر ، وقد يكون الحج سبب خير لأداء الدين . والله أعلم .
انظر فتاوى اللجنة الدائمة 11/46 ، وفتاوى إسلامية 2/190.
عليه دين ويريد أن يحج
لدي قرض من البنك وأريد أن اذهب للعمرة وأعلم أنني يجب أن أسدد ديوني كلها قبل أن اذهب للحج أو العمرة . فهل يمكن أن تخبرني بالطريقة الصحيحة والحدود في ذلك إسلاميا ؟.
الحمد لله
أولاً :(1/39)
إن كان هذا القرض ربوياً فهو محرم وكبيرة من كبائر الذنوب وموبقة من الموبقات السبعة وقد حرمته الأمم كلها حتى الإغريق عبدة الأوثان قال أحدهم واسمه صولون : المال كالدجاجة العقيمة فالدرهم لا يلد درهماً .
وجاء في عقيدة النصارى أن آكل الربا لا يكفن إذا مات حتى اليهود فإنهم يحرمون الربا .
وأما الإسلام فقد حرمه بما لا يدع مجالاً لأحد أن يشك في التحريم .
قال الله تعالى { وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة / 275 .
وقال { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } البقرة / 278 .
وأبي جحيفة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب الأمة ولعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ولعن المصور . رواه البخاري ( 2123 ) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله . رواه مسلم ( 1597 ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " . رواه البخاري ( 2615 ) ومسلم ( 89 ) .
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه ( أي فمه ) فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان فقلت ما هذا فقال الذي رأيته في النهر آكل الربا . رواه البخاري ( 1979 ) .(1/40)
فالواجب عليك التوبة إلى الله من هذا العمل أما إن كان هذا القرض قرضاً حسناً لا يدخله الربا فلا بأس به .
ثانياً :
أما الحج : فالذي لا يستطيع أن ينفق على نفسه لضيق ذات اليد لا يجب عليه الحج ، ولكن أي الأمرين أولى الحج أم سداد الديون ؟
الراجح : أن الدَّين أولى لأن المدين لا يلزمه الحج إذ من شروط الحج الاستطاعة .
فإن تعارض حجك مع قضاء الدين فقدِّم قضاء الدين ، ولكن إن لم يتعارض كتأخر وقت السداد ، أو صبر صاحب الدين على دينه فالصحيح أنه لا بأس بالحج أو العمرة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يجوز أن يحج المدين المُعسر إذا حجّجه غيره و لم يكن في ذلك إضاعة لحق الدين إما لكونه عاجزاً عن الكسب وإما لكون الغريم غائباً لا يمكن توفيته من الكسب . " مجموع الفتاوى " ( 26 /16 ) .
وذلك كله بشرط الاستطاعة التامة مع سداد ديون من يطالبك وقد حل الأجل للقضاء إن كنت مديناً لأكثر من دائن مع تيسر الراحلة والزاد وما يلزمك لإصلاح شأنك في السفر غير مضيع لعيالك أو من تجب عليك نفقتهم .
بحيث تترك لهم ما يسد حاجتهم وإن لم تفعل فقد أثمت وضيعت من ألزمك الله رعايته .
عن خيثمة قال : كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو إذا جاءه قهرمان له فدخل فقال أعطيت الرقيق قوتهم قال لا قال فانطلق فأعطهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته " . صحيح مسلم ( 996 ) .
وقد جاء عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " . رواه أبو داود ( 1692 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
عليه دين ويريد أن يحج
لدي قرض من البنك وأريد أن اذهب للعمرة وأعلم أنني يجب أن أسدد ديوني كلها قبل أن اذهب للحج أو العمرة . فهل يمكن أن تخبرني بالطريقة الصحيحة والحدود في ذلك إسلاميا ؟.
الحمد لله
أولاً :(1/41)
إن كان هذا القرض ربوياً فهو محرم وكبيرة من كبائر الذنوب وموبقة من الموبقات السبعة وقد حرمته الأمم كلها حتى الإغريق عبدة الأوثان قال أحدهم واسمه صولون : المال كالدجاجة العقيمة فالدرهم لا يلد درهماً .
وجاء في عقيدة النصارى أن آكل الربا لا يكفن إذا مات حتى اليهود فإنهم يحرمون الربا .
وأما الإسلام فقد حرمه بما لا يدع مجالاً لأحد أن يشك في التحريم .
قال الله تعالى { وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة / 275 .
وقال { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } البقرة / 278 .
وأبي جحيفة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب الأمة ولعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ولعن المصور . رواه البخاري ( 2123 ) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله . رواه مسلم ( 1597 ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " . رواه البخاري ( 2615 ) ومسلم ( 89 ) .
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه ( أي فمه ) فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان فقلت ما هذا فقال الذي رأيته في النهر آكل الربا . رواه البخاري ( 1979 ) .(1/42)
فالواجب عليك التوبة إلى الله من هذا العمل أما إن كان هذا القرض قرضاً حسناً لا يدخله الربا فلا بأس به .
ثانياً :
أما الحج : فالذي لا يستطيع أن ينفق على نفسه لضيق ذات اليد لا يجب عليه الحج ، ولكن أي الأمرين أولى الحج أم سداد الديون ؟
الراجح : أن الدَّين أولى لأن المدين لا يلزمه الحج إذ من شروط الحج الاستطاعة .
فإن تعارض حجك مع قضاء الدين فقدِّم قضاء الدين ، ولكن إن لم يتعارض كتأخر وقت السداد ، أو صبر صاحب الدين على دينه فالصحيح أنه لا بأس بالحج أو العمرة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يجوز أن يحج المدين المُعسر إذا حجّجه غيره و لم يكن في ذلك إضاعة لحق الدين إما لكونه عاجزاً عن الكسب وإما لكون الغريم غائباً لا يمكن توفيته من الكسب . " مجموع الفتاوى " ( 26 /16 ) .
وذلك كله بشرط الاستطاعة التامة مع سداد ديون من يطالبك وقد حل الأجل للقضاء إن كنت مديناً لأكثر من دائن مع تيسر الراحلة والزاد وما يلزمك لإصلاح شأنك في السفر غير مضيع لعيالك أو من تجب عليك نفقتهم .
بحيث تترك لهم ما يسد حاجتهم وإن لم تفعل فقد أثمت وضيعت من ألزمك الله رعايته .
عن خيثمة قال : كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو إذا جاءه قهرمان له فدخل فقال أعطيت الرقيق قوتهم قال لا قال فانطلق فأعطهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته " . صحيح مسلم ( 996 ) .
وقد جاء عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " . رواه أبو داود ( 1692 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
عليه دين ويريد أن يحج
لدي قرض من البنك وأريد أن اذهب للعمرة وأعلم أنني يجب أن أسدد ديوني كلها قبل أن اذهب للحج أو العمرة . فهل يمكن أن تخبرني بالطريقة الصحيحة والحدود في ذلك إسلاميا ؟.
الحمد لله
أولاً :(1/43)
إن كان هذا القرض ربوياً فهو محرم وكبيرة من كبائر الذنوب وموبقة من الموبقات السبعة وقد حرمته الأمم كلها حتى الإغريق عبدة الأوثان قال أحدهم واسمه صولون : المال كالدجاجة العقيمة فالدرهم لا يلد درهماً .
وجاء في عقيدة النصارى أن آكل الربا لا يكفن إذا مات حتى اليهود فإنهم يحرمون الربا .
وأما الإسلام فقد حرمه بما لا يدع مجالاً لأحد أن يشك في التحريم .
قال الله تعالى { وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة / 275 .
وقال { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } البقرة / 278 .
وأبي جحيفة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب الأمة ولعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ولعن المصور . رواه البخاري ( 2123 ) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله . رواه مسلم ( 1597 ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " . رواه البخاري ( 2615 ) ومسلم ( 89 ) .
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه ( أي فمه ) فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان فقلت ما هذا فقال الذي رأيته في النهر آكل الربا . رواه البخاري ( 1979 ) .(1/44)
فالواجب عليك التوبة إلى الله من هذا العمل أما إن كان هذا القرض قرضاً حسناً لا يدخله الربا فلا بأس به .
ثانياً :
أما الحج : فالذي لا يستطيع أن ينفق على نفسه لضيق ذات اليد لا يجب عليه الحج ، ولكن أي الأمرين أولى الحج أم سداد الديون ؟
الراجح : أن الدَّين أولى لأن المدين لا يلزمه الحج إذ من شروط الحج الاستطاعة .
فإن تعارض حجك مع قضاء الدين فقدِّم قضاء الدين ، ولكن إن لم يتعارض كتأخر وقت السداد ، أو صبر صاحب الدين على دينه فالصحيح أنه لا بأس بالحج أو العمرة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يجوز أن يحج المدين المُعسر إذا حجّجه غيره و لم يكن في ذلك إضاعة لحق الدين إما لكونه عاجزاً عن الكسب وإما لكون الغريم غائباً لا يمكن توفيته من الكسب . " مجموع الفتاوى " ( 26 /16 ) .
وذلك كله بشرط الاستطاعة التامة مع سداد ديون من يطالبك وقد حل الأجل للقضاء إن كنت مديناً لأكثر من دائن مع تيسر الراحلة والزاد وما يلزمك لإصلاح شأنك في السفر غير مضيع لعيالك أو من تجب عليك نفقتهم .
بحيث تترك لهم ما يسد حاجتهم وإن لم تفعل فقد أثمت وضيعت من ألزمك الله رعايته .
عن خيثمة قال : كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو إذا جاءه قهرمان له فدخل فقال أعطيت الرقيق قوتهم قال لا قال فانطلق فأعطهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته " . صحيح مسلم ( 996 ) .
وقد جاء عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " . رواه أبو داود ( 1692 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل هناك سن لا تحتاج فيه المرأة لمحرم(1/45)
أنا آنسة في سن 38 ، مدرِّسة ، لم أتزوج بعدُ ، الوالد متوفى ، وأنا أعول والدتي إلى حد ما في نفقات المنزل ، رغبت في الحج ، وتقدمت ، وفزت بالقرعة ، ولكن أحتاج لمحرم ، وأخي المحرم لا يملك النفقات الخاصة به ، وأعلم أنني يجب أن أسدد عنه ، ولكن أنا مستقبلا في حاجة لما معي ، فقررت أن أؤجل الفريضة إلى سن لا أحتاج فيه لمحرم ، ما جزاء هذا الفعل ؟ أرجوكم إفادتي لشدة قلقي .
الحمد لله
أولاً :
لا يجب الحج إلا على المستطيع لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران/97 . ومن الاستطاعة بالنسبة للمرأة أن تجد محرماً ويوافق على السفر معها ، فإذا لم تجد لم يجب عليها الحج .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة ( 11/93 ) : من شروط الحج الاستطاعة ، ومن الاستطاعة وجود المحرم للمرأة ، فإذا فقد المحرم فلا يجوز لها السفر ، ولا يجب عليها الحج إلا بوجوده وموافقته على السفر معها ، قال تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران/97 .
راجع السؤال رقم (316 ) ، ( 5207 ) ، ( 34380 ) .
ثانياً :
ليس هناك سن تبلغه المرأة لا تحتاج فيه لمحرَم ، بل في جميع سني عمرها بعد بلوغها لا يحل لها السفر إلا مع ذي محرم ، من غير تفريق بين شابة وعجوز ، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) رواه البخاري ومسلم .
وقد سبق بيان هذا في أجوبة الأسئلة : ( 47029 ) و ( 25841 ) .
ثالثاً :
إن وجدت المرأة محرَماً : وجبت عليها نفقته .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
ونفقة المحرم في الحج عليها ، نص عليه أحمد ؛ لأنه من سبيلها ، فكان عليها نفقته كالراحلة ، فعلى هذا يعتبر في استطاعتها أن تملك زادا وراحلة لها ولمحرمها . " المغني " ( 3 / 99 ) .
وقال السرخسي :(1/46)
المحرم إذا كان يخرج معها فنفقته في مالها . " المبسوط " ( 4 / 163 ) .
رابعاً :
وأما تأخيرك للحج بسبب حاجتك للنفقة ، فيراجع السؤال رقم ( 11534 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
دخلي يساوي مصاريفي ، فهل عليَّ حج ؟
أنا رب أسرة من طفلين وزوجة ، وراتبي لا يكاد يكفي ضرورات الحياة ، وليس لي أي دخل آخر ، وعملت بإحدى دول الخليج 4 سنوات ، وتوفر لي مبلغ من المال ، ووضعته في بنك إسلامي ليدر علي دخلاً يساعد في مواجهة أعباء الحياة المختلفة ، بحيث أن الراتب وهذا الدخل يكفيني بصورة معتدلة أنا وأسرتي ، فهل أنا مكلف باقتطاع من هذا المبلغ نفقات الحج ، وهل أنا مكلف بالحج في ضوء هذه الظروف ؟
علماً بأنني إذا اقتطعت مبلغ نفقات الحج من حسابي في البنك سوف يؤثر هذا على دخلي الشهري ، ويرهقني مادياً . فبماذا تشيرون عليَّ يا فضيلة الشيخ ؟ .
الحمد لله
إذا كانت حالتك كما ذكرت فلست مكلفاً بالحج ؛ لعدم الاستطاعة الشرعية ، قال الله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) آل عمران / 97 ، وقال : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) التغابن / 16 ، وقال : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) الحج / 78
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/35)
لديها طفل رضيع فهل يجب عليها الحج؟
إذا كان للمرأة أولاد صغار ، منهم طفل رضيع يصعب عليها أخذه معها في الحج ، فهل يجب عليها الحج أو لها أن تؤجله ؟.
الحمد لله(1/47)
" لا حرج على هذه المرأة التي هذه حالها أن تؤخر الحج إلى سنة قادمة ، أولاً : لأن كثيراً من العلماء يقولون : إن الحج ليس واجباً على الفور ، وأنه يجوز للإنسان أن يؤخره مع قدرته ، وثانياً : أن هذه محتاجة للبقاء من أجل رعاية أولادها ، ورعاية أولادها من الخير العظيم ، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ) فأقول : تنتظر إلى العام القادم ، ونسأل الله أن ييسر لها أمرها ، ويقدر لها ما فيه الخير " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/66) .
الحج على نفقة الغير
امرأة قدمت إلى المملكة وتيسر لها أداء فريضة الحج على نفقة المضيف ، وتسأل هل تجزئ هذه الحجة عن حجة الإسلام ، والحال أنها لم تنفق على حجها من مالها شيئاً ؟.
الحمد لله
أداؤها فريضة الحج لا يؤثر على صحته أنها لم تنفق عليه شيئاً من مالها ، أو أنها أنفقت الشيء القليل ، وقام غيرها بإنفاق الشيء الكثير من تكاليف حجها ، وعليه فإذا كان حجها مستكملاً الشروط والأركان والواجبات فهو مسقط عنها فريضة الحج ، وإن قام غيرها بتكاليفه .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (فتاوى اللجنة 11/34) .
حج من عليه دين
أخذت من البنك العقاري مبلغاً قدره مائتان وواحد وخمسون ألف وتسعمائة ريال يدفع أقساطاً سنوية ، هل يحق لي أن أحج وهذا المبلغ علي للبنك العقاري ؟.
الحمد لله
الاستطاعة على الحج شرط من شروط وجوبه ، فإن قدرت عليه وعلى دفع القسط المطلوب منك حين الحج لزمك أن تحج ، وإن تواردا عليك جميعاً ولا تستطيعهما معاً فقدم تسديد القسط الذي تطالب به ، وأخر الحج إلى أن تستطيعه ؛ لقول الله سبحانه وتعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) آل عمران / 97 .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/45)(1/48)
ليس له مال ويريد الحج عن غيره بمقابل
رجل لم يحج عن نفسه ، وليس عنده مال يحج به ، هل يحوز له أن يأخذ مالاً ليحج عن رجل ميت أو كبير في السن ؟.
الحمد لله
لا يجوز للإنسان أن يحج عن غيره قبل حجه عن نفسه ، والأصل في ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : لبيك عن شبرمة ، قال : ( حججت عن نفسك؟ ) قال : لا ، قال : ( حج عن نفسك ، ثم عن شبرمة ) رواه أبو داوود وصححه الألباني في الإرواء ( 994)
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/50)
يساعد والديه على الحج وهو لم يحج
هل يجوز للإنسان أن يرسل والديه إلى الحج قبل أن يذهب هو إلى الحج ؟.
الحمد لله
الحج فريضة على كل مسلم حر عاقل بالغ مستطيع السبيل إلى أدائه، مرة في العمر. وبر الوالدين وإعانتهما على أداء الواجب أمر مشروع بقدر الطاقة ، إلا أن عليك أن تحج عن نفسك أولاً ، ثم تعين والديك إن لم يتيسر الجمع بين حج الجميع ، ولو قدمت والديك على نفسك صح حجهما.
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/70)
إذن الدائن للمدين بالحج
إذا أراد المسلم أن يؤدي فريضة الحج وهو عليه دين ، فهل إذا استأذن من صاحب أو أصحاب الدين وسمح له بالحج فهل حجه صحيح ؟.
الحمد لله
إذا كان الواقع كما ذكر من سماح الدائن أو الدائنين لك في الحج قبل تسديد ما عليك لهم من الدين فلا حرج عليك في أداء الحج قبل التسديد، ولا تأثير لكونك مديناً لهم على صحة حجك في مثل هذه الحالة.
وبالله التوفيق
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( 11/46)(1/49)
أنواع النسك
اعتمر في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده فهل يكون متمتعاً؟
برجاء الإفادة في عمل عمرة في أشهر الحج مع نية الحج في نفس العام ، هل بالضرورة عند رجوعنا للحج أن نكون متمتعين وعلينا هدى أم لا ؟ مع العلم أننا ننوي الحج مفردين ، وإقامتنا في المدينة النبوية .
الحمد لله
المتمتع هو من أحرم بالعمرة في أشهر الحج وفرغ منها ثم أحرم بالحج من عامه .
ومن شرط التمتع ألا يسافر من مكة بعد العمرة إلى بلده ، فإن سافر إلى بلده ثم رجع بالحج مفرداً فهو مفرد ، ولا يكون متمتعاً ، ولا يلزمه هدي ، لأنه أنشأ للحج سفراً جديداً ، وإذا أراد هذا الحاج أن يكون متمتعاً فإنه يحرم بعمرة من الميقات في سفره الثاني للحج .
أما إذا سافر من مكة بعد العمرة إلى غير بلده كما لو سافر إلى جدة ثم رجع محرماً بالحج ، فهو متمتع ، وسفره إلى جدة لا يبطل تمتعه ، لأنه لم يسافر إلى أهله .
سئل الشيخ ابن باز عن رجل أدى العمرة في شوال ثم رجع إلى أهله ، ثم عاد إلى مكة بنية الحج مفرداً ، هل يكون متمتعاً ويجب عليه الهدي .
فأجاب :(2/1)
إذا أدى الإنسان العمرة في شوال ثم رجع إلى أهله ثم أتى بالحج مفرداً فالجمهور على أنه ليس بمتمتع ، وليس عليه هدي ، لأنه ذهب إلى أهله ثم رجع بالحج مفرداً ، وهذا هو المروي عن عمر وابنه رضي الله عنهما ، وهو قول الجمهور ، والمروي عن ابن عباس أنه يكون متمتعاً ، وأن عليه الهدي ، لأنه جمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج في سنة واحدة ، أما الجمهور فيقولون : إذا رجع إلى أهله ، وبعضهم يقول : إذا سافر مسافة قصر ثم جاء بحج مفرد فليس بمتمتع ، والأظهر والله أعلم أن الأرجح ما جاء عن عمر وابنه رضي الله عنهما ، أنه إذا رجع إلى أهله فإنه ليس بمتمتع ، ولا دم عليه ، وأما من جاء للحج وأدى العمرة ثم بقي في جدة أو الطائف وهو ليس من أهلهما ثم أحرم بالحج فهذا متمتع ، فخروجه إلى الطائف أو جدة أو المدينة لا يخرجه عن كونه متمتعاً ، لأنه جاء لأدائهما جميعاً ، وإنما سافر إلى جدة أو الطائف لحاجة ، وكذا من سافر إلى المدينة للزيارة كل ذلك لا يخرجه عن كونه متمتعاً في الأظهر والأرجح فعليه هدي التمتع ، ويسعى للحج كما سعى لعمرته اهـ مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (17/96).
وفي فتاوى الشيخ ابن باز أيضاً (17/98) :
وإن رجع محرماً بالعمرة - يعني في سفره الثاني- وحل منها ثم أقام حتى يحج فهذا متمتع ، وعمرته الأولى لا تجعله متمتعاً عند الجمهور ، ولكن صار متمتعاً بالعمرة الأخيرة التي أداها ثم بقي في مكة حتى حج اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
إذا رجع المتمتع إلى بلده ثم أنشأ سفراً للحج من بلده فهو مفرد ، وذلك لانقطاع ما بين العمرة والحج برجوعه إلى أهله ، فإنشاؤه السفر معناه أنه أنشأ سفراً جديداً للحج وحينئذ يكون حجه إفراداً ، فلا يجب عليه هدي التمتع حينئذ ، لكن لو فعل ذلك تحيلاً على إسقاط الهدي فإنه لا يسقط ، لأن التحيل على إسقاط الواجب لا يقتضي إسقاطه ، كما أن التحيل على المحرم لا يقتضي حله اهـ فتاوى أركان الإسلام (ص 524) .(2/2)
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز للقارن أن يقلب نيته إلى إفراد
ما حكم من غير رأيه ولبى بالحج مفردا بعد الميقات ؟.
الحمد لله
أجاب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله على سؤال عن حكم من نوى بالحج متمتعا وبعد الميقات غير رأيه ولبى بالحج مفردا وهل عليه هدى 0
وقال سماحته : هذا يختلف فإن كان نوى قبل وصوله إلى الميقات نوى أنه يتمتع وبعد وصوله إلى الميقات غير نيته وأحرم بالحج وحده فهذا لا حرج عليه ولا فدية أما إن كان قد لبى بالعمرة والحج جميعا من الميقات أو قبل الميقات ثم أراد أن يجعله حجا فليس له ذلك ولكن لا مانع أن يجعله عمرة أما أن يجعله حجا فلا فالقران لا يفسخ إلى حج ولكن يفسخ إلى عمرة لأنه أرفق بالمؤمن ولانها هى التى أمر بها النبى أصحابه عليه الصلاة والسلام فإذا أحرم بهما جميعا من الميقات ثم أراد أن يجعله حجا مفردا فليس له ذلك ولكن له ان يجعل ذلك عمرة وهو الأفضل له فيطوف ويسعى ويقصر ويحل ثم يلبى بالحج بعد ذلك فيكون متمتعا . انتهى
الشيخ عبد العزيز بن باز
يشترط تعيين صاحب الهدي من قبل الوكيل عنه في الذبح
هل يجب ذبح الهدي بنفسي أم يجوز التوكيل لأحد المكاتب أو البنوك الموجودة بمكة والمتخصصة في ذلك ؟
الحمد لله
لا يجب على الإنسان أن يذبح هديه بنفسه ، ويجوز أن يوكل ثقة أمينا يتولى ذلك عنه .
ولكن يجب التنبه إلى أمر يتعلق بالتوكيل ، وهو أنه يلزم عند الذبح تعيين صاحب الهدي ، فينوي الوكيل أنها عن فلان ، ولا يصح أن يذبح مجموعة من الخراف مثلا عن مجموعة من الناس دون تعيين .
وعليه ؛ فلا يجوز توكيل المكاتب أو البنوك التي لا تعين أسماء المذبوح لهم إلا عند الضرورة ، بحيث يتعذر على الإنسان أن يذهب إلى المذبح بنفسه ، أو أن يجد وكيلا ثقة يذبح عنه .(2/3)
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : بعض الحملات يجمعون من الحجاج مبالغ للهدي ويذبحون عنهم هديهم، ولكن ربما تركوا التسمية عن كل واحد فهل هذا جائز؟
فأجاب : "هذا لا يجوز، لا بد أن تعين لمن هذه الذبيحة، فمثلاً: إذا كان في الحملة ثلاثون رجلاً واشترى لهم ثلاثين شاةً؛ فليكن بين يديه قائمة بأسمائهم، وكلما قدم شاةً قال: هذه عن فلان؛ لأنه لا بد من التعيين، أما أن يذبح الثلاثين عن ثلاثين رجلاً فلا يصلح هذا " انتهى من "اللقاء الشهري" (73/32).
وسئل رحمه الله : سمعنا عنكم يا فضيلة الشيخ أنكم قد حذرتم من إعطاء هذه الشركات، ولكن ما الحل فيما مضى فإنا قد حججنا أكثر من مرة ونعطيها هذه الشركات ولا يأخذون أسماءنا، فما الحكم فيما مضى هل يجزئ؟ فإن كان لا يجزئ فماذا يلزمنا؟
الجواب: "إننا لم نحذر من إعطاء الهدي؛ لأن الهدي في الحقيقة ضرورة، لأن الإنسان بين أمرين: إما أن يعطيها لهذه الشركات، وإما أن يذبحها ويدعها في الأرض لا ينتفع بها لا هو ولا غيره، أما إذا حصل أن الإنسان يذبح هديه ويأكل منه ويهدي ويتصدق فهذا لا شك أنه أفضل بكثير، وهذا يمكن لبعض الناس الذين لهم معارف في مكة يمكن أن يوكلوه ويقولوا: اذبحوا لنا الهدي، وحينئذٍ ينتفع به، أو هو ينزل إلى مكة ويذهب إلى المسلخ ويشتري ويذبح هناك فسيجد من يتزاحمون عنده ليأخذوا منه، لكن الذي أرى أن من الخطأ العظيم أن يرسل بقيمة الأضاحي إلى بلاد أخرى ليضحى بها هناك، هذا هو الذي ليس له أصل، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يبعث بالهدي إلى مكة ليذبح في مكة ولم ينقل عنه لا في حديث صحيح ولا ضعيف أنه أرسل أضحيته لأي مكان، بل كان يذبحها في بيته ويأكلون ويهدون ويتصدقون " انتهى من "اللقاء الشهري" (34/17).(2/4)
وإذا كانت الشركة تكتب اسم صاحب الذبيحة وتعلقها في رقبتها ـ كما تفعل بعض الشركات ـ ونوى الذابح أن هذه الذبيحة عن صاحب هذه الورقة ، كان ذلك مجزئاً وصحيحاً ، وحصل به التعيين المطلوب ، ولا يشترط أن يذكر اسم صاحبها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
تقيم في جدة واعتمرت في أشهر الحج فهل تكون متمتعة إذا حجت؟
السؤال: زوجي يعمل في جده ونحن مقيمون بها منذ ما يقرب من سنه وقمنا بأداء العمرة في شهر ذي القعدة ثم تحللنا وعدنا إلى جده وننوي الحج هذا العام إن شاء الله وسوف نذهب يوم الثامن من ذي الحجة إلى مكة فهل علينا حج التمتع وهل يعتبر هذا سفر واحد وهل يجوز أن أحج بمال زوجي برضاه أرجو الإيضاح في المسالتين بالتفصيل والسلام عليكم
الجواب :
الحمد لله
أولا :
التمتع : هو أن يحرم الإنسان بالعمرة في أشهر الحج ويحل منها ثم يحرم بالحج من عامه ، ويلزمه بذلك هدي ؛ لقوله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ) البقرة/196.
فإن عاد إلى بلده بعد العمرة ، ثم أنشأ سفرا جديدا للحج فهو مفرد ، وليس متمتعا عند جمهور أهل العلم .
وعليه ؛ فرجوعكما بعد العمرة من مكة إلى جدة يقطع حكم التمتع .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : إني أديت مناسك العمرة في شهر شوال 1395هـ، وبعد تأديتها رجعت إلى بلدتي، وبما أني عازم إن شاء الله على تأدية فريضة الحج هذا العام 1395هـ، فهل يكون علي فدي أم لا؟
فأجابوا : "جمهور الفقهاء يرون أنه ليس عليك هدي؛ لأنك لم تتمتع بالعمرة إلى الحج في سفرة واحدة، حيث ذكرت أنك رجعت بعد أداء العمرة في شوال عام 95هـ إلى بلدك، ولم تبق بمكة حتى تؤدي الحج.(2/5)
ويرى بعض الفقهاء أن عليك الهدي إذا حججت من عامك ولو رجعت إلى بلدك أو إلى أبعد منها؛ لعموم قوله تعالى: ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) البقرة/196 . والفتوى والعمل جاريان على قول الجمهور من عدم وجوب الهدي في ذلك " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/366) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن رجل أدى العمرة في شوال ثم رجع إلى أهله ، ثم عاد إلى مكة بنية الحج مفرداً ، هل يكون متمتعاً ويجب عليه الهدي ؟
فأجاب : " إذا أدى الإنسان العمرة في شوال ثم رجع إلى أهله ثم أتى بالحج مفرداً فالجمهور على أنه ليس بمتمتع ، وليس عليه هدي ، لأنه ذهب إلى أهله ثم رجع بالحج مفرداً ، وهذا هو المروي عن عمر وابنه رضي الله عنهما ، وهو قول الجمهور ، والمروي عن ابن عباس أنه يكون متمتعاً ، وأن عليه الهدي ، لأنه جمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج في سنة واحدة ، أما الجمهور فيقولون : إذا رجع إلى أهله ، وبعضهم يقول : إذا سافر مسافة قصر ثم جاء بحج مفرد فليس بمتمتع ، والأظهر ـ والله أعلم ـ أن الأرجح ما جاء عن عمر وابنه رضي الله عنهما ، أنه إذا رجع إلى أهله فإنه ليس بمتمتع ، ولا دم عليه ، وأما من جاء للحج وأدى العمرة ثم بقي في جدة أو الطائف وهو ليس من أهلهما ثم أحرم بالحج فهذا متمتع ، فخروجه إلى الطائف أو جدة أو المدينة لا يخرجه عن كونه متمتعاً ، لأنه جاء لأدائهما جميعاً ، وإنما سافر إلى جدة أو الطائف لحاجة ، وكذا من سافر إلى المدينة للزيارة كل ذلك لا يخرجه عن كونه متمتعاً في الأظهر والأرجح فعليه هدي التمتع ، ويسعى للحج كما سعى لعمرته " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (17/96).
وأنتم الآن من أهل جدة ، فرجوعكما إليها رجوع إلى بلدكما ومحل إقامتكما .
ثانيا :(2/6)
يجوز للإنسان أن يحج على نفقة غيره ، من والد أو زوج أو ابن أو غيرهم ، ولزوجك الأجر على تمكينك من الحج وإعانتك عليه ، وليس من شرط الحج أن يكون من نفقة الإنسان نفسه ، وينظر جواب السؤال رقم (36841) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
مختصر صفة الحج عن النفس أو الغير، وأنواع النسك
أريد أن أحج هذا العام بالنيابة عن والدي المتوفى علما بأني حججت عن نفسي قبل عدة سنوات ، فأرجو أن توضح لي أفضل طريقة لأداء الحج حسب السنَّة ، وما هي الفروق بين أنواع الحج ؟ وأيها الأفضل أن يؤديها الإنسان لنفسه ؟.
الحمد لله
أولاً :
هذا ملخص لما يقوم به الحاج وفق السنَّة الصحيحة :
1. يحرم الحاج في اليوم الثامن من ذي الحجة من مكة أو قربها من الحرم ، ويفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة من الغسل والطيب والصلاة فينوي الإحرام بالحج ويلبي , وصفة التلبية في الحج كصفة التلبية في العمرة إلا أنه يقول هنا : لبيك حجا بدل قوله : لبيك عمرة , وإن كان خائفا من عائق يمنعه من إتمام حجه اشترط فقال : وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني وإن لم يكن خائفا من عائق لم يشترط .
2. ثم يذهب إلى " مِنى " فيبيت بها ، ويصلي بها خمس صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر .
3. فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع سار إلى " عرفة " ، وصلى بها الظهر والعصر جمع تقديم قصراً ، ثم يجتهد في الدعاء والذكر والاستغفار إلى أن تغرب الشمس .
4. فإذا غربت سار إلى " مزدلفة " ، فصلى بها المغرب والعشاء حين وصوله ، ثم يبيت بها إلى أن يصلي الفجر ، فيذكر الله تعالى ويدعوه إلى قبيل طلوع الشمس .
5. ثم يسير منها إلى " مِنى " ليرمي جمرة العقبة ، وهي الأخيرة مما يلي مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى كل واحدة بقدر نواة التمر تقريبا يكبر مع كل حصاة .
6. ثم يذبح الهدي ، وهو شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة .(2/7)
7. ثم يحلق رأسه إن كان ذكراً , وأما المرأة فحقها التقصير دون الحلق ، ويكون تقصيرها بمقدار أنملة من جميع شعرها .
8. ثم يذهب إلى مكة فيطوف طواف الحج .
9. ثم يرجع إلى " منى " فيبيت فيها تلك الليالي ، أي : ليلة الحادي عشر والثاني عشر من شهر ذي الحجة ، ويرمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات ، يبدأ بالصغرى - وهي البعيدة من مكة - ثم الوسطى ، ويدعو بعدهما ، ثم جمرة العقبة وليس بعدها دعاء .
10. فإذا أتم رمي الجمار في اليوم الثاني عشر فإن شاء تعجل ونزل من منى , وإن شاء تأخر فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق , والتأخر أفضل , ولا يجب إلا أن تغرب الشمس من اليوم الثاني عشر وهو بمنى , فإنه يلزمه التأخر حتى يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال , لكن لو غربت عليه الشمس بمنى في اليوم الثاني عشر بغير اختياره مثل أن يكون قد ارتحل وركب ولكن تأخر بسبب زحام السيارات ونحوه فإنه لا يلزمه التأخر لأن تأخره إلى الغروب بغير اختياره .
11. فإذا انتهت تلك الأيام وأراد السفر : لم يسافر حتى يطوف بالبيت طواف الوداع سبعة أشواط ، إلا المرأة الحائض والنفساء فلا وداع عليهما .
12. إذا كان الحاج متطوعا بالحج نيابة عن غيره سواء أكان قريباً له أو غير قريب فإنه لا بد أن يكون قد حج عن نفسه قبل ذلك ، ولا يتغير من صفة الحج إلا النية بأن ينوي الحج عن هذا الشخص ويسميه في التلبية فيقول ( لبيك عن فلان ) ، ثم في الدعاء في المناسك يدعو لنفسه ويدعو لهذا الذي يحج عنه .
ثانياً :
أما أنواع الحج فهي ثلاثة : التمتع , والقِرَان , والإفراد
التمتع : هو الإحرام بالعمرة في أشهر الحج – وهي : شوال , ذو القعدة , عشر من ذي الحجة - ويفرغ منها الحاج ، ثم يحرم بالحج من مكة أو قربها يوم التروية في عام عُمرته .(2/8)
القران : وهو الإحرام بالعمرة والحج معا ولا يحل منهما الحاج إلا يوم النحر أو يُحرم بالعمرة ثم يدخله عليها قبل الشروع في طوافها .
الإفراد : وهو أن يحرم بالحج من الميقات أو من مكة إذا كان مقيما بها أو بمكان آخر دون الميقات ثم يبقى على إحرامه إلى يوم النحر إذا كان معه هديٌ فإن لم يكن معه هديٌ شُرع له فسخ حجه إلى العمرة فيطوف ويسعى ويقصّر ويحل كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم الذين أحرموا بالحج وليس معهم هدي . وهكذا القارن إذا لم يكن معه هدي يشرع له فسخ قرانه إلى العمرة لما ذكرنا
وأفضل الأنساك التمتع لمن لم يسق الهدي لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه وأكده عليهم .
وننصحك – للمزيد في معرفة أحكام الحج والعمرة – بالرجوع إلى كتاب مناسك الحج والعمرة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، ويمكنك التحصُّل عليه من خلال موقع الشيخ على الشبكة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
القارن يلزمه طواف واحد وسعي واحد
ذهبت إلى الحج بنية القران وانتهيت من العمرة فنصحني بعض الإخوة بالسعي مرة واحدة فقط فهل يجوز ذلك ؟ وإن لم يكن فما الحكم مع أنني سألت؟
الحمد لله
القارن بين الحج والعمرة لا يلزمه إلا طواف واحد وسعي واحد ، كالمفرد .
والطواف اللازم في حقه هو طواف الإفاضة ، وأما طواف القدوم فسنة . والسعي له أن يأتي به بعد طواف القدوم أو يؤخره ليكون بعد طواف الإفاضة .
وهذا ما دلت عليه السنة الصحيحة ، وذهب إليه جمهور أهل العلم .
قال ابن قدامة رحمه الله : " المشهور عن أحمد , أن القارن بين الحج والعمرة , لا يلزمه من العمل إلا ما يلزم المفرد , وأنه يجزئه طواف واحد , وسعي واحد , لحجه وعمرته . وهذا قول ابن عمر , وجابر بن عبد الله , وبه قال عطاء , وطاوس , ومجاهد , ومالك , والشافعي , وإسحاق , وأبو ثور , وابن المنذر .(2/9)
وعن أحمد رواية ثانية , أن عليه طوافين وسعيين . وبه قال الثوري , وأبو حنيفة . وقد روي عن علي , ولم يصح عنه ".
ثم ذكر أدلة الجمهور فقال : " عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : (وأما الذين كانوا جمعوا بين الحج والعمرة , فإنما طافوا لهما طوافا واحدا) . متفق عليه . وفي مسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة , لما قرنت بين الحج والعمرة : يسعك طوافك لحجك وعمرتك) . وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من أحرم بالحج والعمرة , أجزأه طواف واحد , وسعي واحد عنهما جميعا) . وعن جابر (أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن بين الحج والعمرة , فطاف لهما طوافا واحدا) . رواهما الترمذي , وقال في كل واحد منهما : حديث حسن . وروى ابن ماجه عن جابر وابن عمر وابن عباس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطف بالبيت هو وأصحابه لعمرتهم وحجهم إلا طوافا واحدا) " انتهى بتصرف من "المغني" (3/241) .
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله : " أما الجمهور المفرقون بين القارن والمتمتع القائلون : بأن القارن يكفيه لحجه وعمرته طواف زيارة واحد ، وهو طواف الإفاضة ، وسعي واحد ، فاحتجوا بأحاديث صحيحة ليس مع مخالفيهم ما يقاومها ".
انتهى من "أضواء البيان" (4/430) .
وبهذا يتبين أن ما ذُكر لك من أن القارن عليه سعي واحد هو الصواب .
ولا يخفى أن القارن إذا طاف للقدوم وسعى ، فإنه يظل على إحرامه ، ولا يأخذ من شعره ، ولا يسمى ما أتى به عمرة ؛ بل هي أعمال للحج والعمرة معا .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
صفة الحج عن الغير ونوع النسك فيها
السؤال :
الذي ينوي عن العاجز لمرض أو وفاة في أداء المناسك ، ما هي صفة ما يقوم به هذا النائب ؟ وهل يلزمه أن يختار حج التمتع أو الإفراد ؟
الجواب:
الحمد لله(2/10)
النائب يقول : ( لبيك عن فلان ) ويجب على النائب أن يتمتع لأن التمتع هو أفضل الأنساك ، وكل إنسان وُكِّل في شيء فالواجب عليه اتباع الأفضل ، إلا إذا اختار موكّله خلاف ذلك ، لأن الوكيل مؤتمن ويجب عليه فعل الأصلح .
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين /170
يجب على المتمتع سعيان أحدهما للعمرة والثاني للحج
هل المتمتع يكفيه سعي واحد بين الصفا والمروة للعمرة والحج أم يجب عليه أن يسعى مرتين ؟
الحمد لله
يجب على المتمتع أن يسعى سعيين بين الصفا والمروة ، الأول للعمرة والثاني للحج .
" ولا يكفي سعي واحد في أصح أقوال العلماء ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت الحديث ، وفيه فقال : (ومن كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا . . . إلى أن قالت : فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم) رواه البخاري ومسلم .(2/11)
وقولها رضي الله عنها - عن الذين أهلوا بالعمرة - : (ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم) تعني به : الطواف بين الصفا والمروة ، على أصح الأقوال في تفسير هذا الحديث ، وأما قول من قال : أرادت بذلك طواف الإفاضة ، فليس بصحيح ؛ لأن طواف الإفاضة ركن في حق الجميع وقد فعلوه ، وإنما المراد بذلك : ما يخص المتمتع ، وهو الطواف بين الصفا والمروة مرة ثانية بعد الرجوع من منى لتكميل حجه ، وذلك واضح بحمد الله ، وهو قول أكثر أهل العلم ، ويدل على صحة ذلك أيضا ما رواه البخاري في الصحيح تعليقا مجزوما به ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه سئل عن متعة الحج ، فقال : أَهَّل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، في حجة الوداع وأهللنا ، فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي) ، فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة ، وأتينا النساء ، ولبسنا الثياب ، وقال : (من قلد الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله) ، ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج ، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة) . انتهى المقصود منه ، وهو صريح في سعي المتمتع مرتين . والله أعلم .
وأما ما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافهم الأول ، فهو محمول على من ساق الهدي من الصحابة ؛ لأنهم بقوا على إحرامهم مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى حلوا من الحج والعمرة جميعا ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أهل بالحج والعمرة وأمر من ساق الهدي أن يهل بالحج مع العمرة ، وألا يحل حتى يحل منهما جميعا . والقارن بين الحج والعمرة ليس عليه إلا سعي واحد ، كما دل عليه حديث جابر المذكور وغيره من الأحاديث الصحيحة .(2/12)
وهكذا من أفرد الحج وبقي على إحرامه إلى يوم النحر ليس عليه إلا سعي واحد ، فإذا سعى القارن والمفرد بعد طواف القدوم كفاه ذلك عن السعي بعد طواف الإفاضة ، وهذا هو الجمع بين حديثي عائشة وابن عباس وبين حديث جابر المذكور رضي الله عنهم ، وبذلك يزول التعارض ويحصل العمل بالأحاديث كلها .
ومما يؤيد هذا الجمع أن حديثي عائشة وابن عباس حديثان صحيحان ، وقد أثبتا السعي الثاني في حق المتمتع ، وظاهر حديث جابر ينفي ذلك ، والمثبت مقدم على النافي ، كما هو مقرر في علمي الأصول ومصطلح الحديث ، والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/79- 81) .
الإسلام سؤال وجواب
إدخال الحج على العمرة قبل الحلق
إذا أحرم المتمتع من الميقات ، وأدى مناسك العمرة ، ولم يحل إحرامه منها ، بل ظل في إحرامه ، ونوى به الحج . فما حكمه؟
الحمد لله
إن كان مرادك بقولك : (لم يحل إحرامه منها) ، أنه طاف للعمرة وسعى ، وحلق أو قصر من شعره ، ولم يخلع ثياب الإحرام ، بل أحرم بالحج فورا ، بملابس إحرام العمرة ، فهذا لا شيء عليه ؛ لأنه متمتع انتهى من أفعال العمرة ثم أحرم بالحج ؛ فعمرته صحيحة وكذلك حجه . فإن كان إحرامه بالحج قبل يوم التروية فهو قد استعجل ، وغايته أنه خالف السنة بتعجله ، ولكن لا شيء عليه لذلك ، وعليه دم ؛ لتمتعه ، كغيره .
وإن كان مرادك بقولك : (لم يحل إحرامه منها) ، أنه أدخل الحج على العمرة بعد ما طاف وسعى لها وقبل أن يحلق أو يقصر من شعره ، فقد اختلف العلماء في هذا : والمشهور من المذهب أن حجه غير صحيح ؛ لأنه لا يصح إدخال الحج على العمرة بعد الشروع في طوافها ؛ لأنه شرع بالتحلل من العمرة بذلك . صرح بذلك الفقهاء رحمهم اللَّه إلا لمن كان معه هدي .(2/13)
وفي قول ثان ذكره الموفق في «المغني» وغيره : أنه يصح حجه ، وعليه دم ، ويكون بذلك قارنا . قال في «المغني» (5/ 244) . : وإن أحرم بالحج قبل التقصير ، فقد أدخل الحج على العمرة ؛ فيصير قارنا.اهـ . مع أن الموفق ذكر فيما سبق أنه لا يصح .
وقد استشكل العلماء هذا ، فقال بعضهم : إن ذلك سهو من الموفق رحمه اللَّه . وبعضهم قال : إنه غير سهو ، وإنما أخذ بقول آخر . وقال آخرون : إن المراد من كان معه هدي . والقول بصحة حجه مذهب المالكية . وممن قال به من الحنابلة : الموفق في «المغني» وصاحب «الشرح الكبير» (3/ 424) .«والمستوعب» (4/291) «والمبدع» (3/327) ، وقال به الشيخ أبو المواهب والشيخ سليمان بن علي ، ذكره في «مفيد الأنام» ، واختاره إذا كان ناسيا أو جاهلا ، وعليه دم ؛ لتركه الحلق ، أو التقصير . واللَّه أعلم .
الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل .
وقد اختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه يصح حجه ، ويكون متمتعاً ، عملاً بنيته ، ويكون عليه أن يذبح شاة لأنه ترك واجباً من واجبات العمرة وهو الحلق أو التقصير ، فقد سئل رحمه الله : المتمتع إذا نسى التقصير من شعره ثم دخل في الحج وتذكر بعد ما دخل في الحج فما الحكم ؟
فأجاب:
"هذه مسألة عظيمة ، بعض العلماء يقول : لا حج له ؛ لأنه أحرم بالحج في غير موضعه ، إذ إنه لو كان يريد أن يكون قارناً لأحرم بالحج قبل الطواف ، فهو الآن لا قارن ، ولا متمتع ، والذي نرى أنه متمتع ، وأنه يلزمه فدية لترك التقصير ، وحجه صحيح إن شاء الله" انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (22/474، 475) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لا يجوز تغيير نية الإحرام من القران إلى الإفراد(2/14)
في أحد الأعوام نويت بالحج والعمرة معاً وقت الإحرام ، وعندما سارت السيارة من قريتنا حوالي اثنين كيلو متر وجدت أن رفقاءنا في الحج أحرموا بالحج فقط – أي بالإفراد – فعملت مثلهم ؛ فهل على شيء في ذلك أم لا ؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً ، علماً بأنني ذهبت للعمرة بعد ذلك في رمضان عدة مرات .
الحمد لله
"إذا كان تحول نيتك من الإحرام بالحج والعمرة معاً إلى الإحرام بالحج فقط حصل قبل الإحرام فلا شيء عليك ، وإن كان ذلك بعد عقد الإحرام بالحج والعمرة فلا يسقط ذلك عنك حكم القران ، ودخلت أعمال عمرتك في أعمال حجك ، وعليك هدي التمتع .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/162) .
الإسلام سؤال وجواب
لا يصح تغيير النية من التمتع إلى الإفراد .
كنا ننوي الحج متمتعين ، وحصل أن تأخرنا في الطريق فغيرنا الإحرام إلى إفراد وذهبنا إلى عرفات مباشرة ، فهل يجوز ذلك؟
الحمد لله
المتمتع إذا لم يتمكن من الاعتمار قبل الحج ، فإنه يغير نيته من التمتع إلى القران ، فينوي أنه صار قارناً بين الحج والعمرة معاً .
وهذا هو ما وقع لعائشة رضي الله عنها ، فإنها كانت متمتعة ثم حاضت ولم تتمكن من الاعتمار قبل الحج فأدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة . رواه البخاري ومسلم .
ولا يجوز للمتمتع تغيير النية إلى إفراد ، لأنه لما نوى العمرة وجب عليه إتمامها ، لقوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) البقرة/196 .
ومعنى الإفراد أنه لن يعتمر وإنما يحج فقط ، وعلى هذا ، فتغييركم النية إلى الإفراد غير صحيح ، وتكونون بذلك قارنين ، فيلزمكم الهدي .(2/15)
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مجموعة من الشباب خافوا ألا يتمكنوا من الاعتمار قبل الحج ، فغيروا النية إلى الإفراد . فأجاب:
"إن كان تغيير النية قبل الإحرام فلا حرج في ذلك ، وإن كان بعد الإحرام فإن حجهم كان قراناً ، ولم يكن إفراداً ، ومعنى أنه كان قراناً أنه لما أدخلوا الحج على العمرة صاروا قارنين ، فإن القران له صورتان :
الأولى : أن يحرم بالحج والعمرة جميعاً من أول عقد الإحرام .
الثانية : أن يحرم بالعمرة أولاً ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها .
وعلى هذا ما دمتم أحرمتم بالعمرة أولاً ثم بدا لكم أن تجعلوها حجاً فإنكم تكونون قارنين ، فإن كنتم قد ذبحتم هدياً في عيد الأضحى من حجكم ذلك العام فقد أتيتم بالواجب وتم لكم الحج والعمرة ، فإن لم تكونوا قد ذبحتموه فإن عليكم أن تذبحوه الآن بمكة وتأكلوا منه وتتصدقوا . فمن لم يجد الهدي منكم ـ أي ما يشتري به الهدي ـ فإن عليه أن يصوم عشرة أيام الآن" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/39) .
الإسلام سؤال وجواب
حجت مثل ما يحج الناس ولم تكن تعلم الأنساك الثلاثة
امرأة لا تعلم بأنساك الحج الثلاثة ولا تعلم النية فيها ، ولها خمس حجج وهي تحج يوم التروية ، وتذهب مع الناس، إذا ذهبوا عرفة وكذلك مزدلفة ، وترمي الجمار ، ليس له نية محددة من الأنساك الثلاثة ، فهل حجها في هذه الأعوام صحيح ؟
الحمد لله(2/16)
"الظاهر أن حجها صحيح ، لأنها كانت تقول : أحرمت بما الناس محرمون به ، والإحرام بما أحرم به فلان جائز ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب في حجة الوداع وكان قدم من اليمن مع أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما فقال له : (بما أهللت) فقال : بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : فإن معي الهدي ، فجعله قارناً ، وأما أبو موسى الأشعري فقال : إنه أهل بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن لما لم يكن معه هدي أمره أن يجعلها عمرة ، لأن التمتع أفضل من القران .
فهذه المرأة لا شك مما يظهر لنا أنها أحرمت بما أحرم به الناس ، وإنها تقول : دربي درب الناس ، لكن الواجب على الإنسان إذا أراد العبادة سواء حجا أو صوماً أو صدقة أو غير ذلك الواجب أن يتعلم قبل أن يتقدم ، أما بعد أن فعل يأتي ويقول : ما الحكم ؟ هذا لا شك أنه خلاف الأولى " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/22) .
الإسلام سؤال وجواب
هل له أن يحرم بعمرة فقط ثم ينوي الحج من مكة؟
هل يجوز أن يؤدي المسلم عمرة فقط لأنه سيتجاوز الميقات ويبقى في مكة ثم يؤدي حج الفريضة ؟
الحمد لله
نعم ، يجوز للمسلم أن يحرم من الميقات بعمرة فقط ، فإذا فرغ منها تحلل ، وبقي في مكة حتى يحرم بالحج من موضعه في مكة في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة ، ويسمى هذا حج التمتع ، لأنه أتى في سفرته بعمرة وحجة ، وتحلل بينهما من الإحرام .
فالتمتع هو أن يأتي الإنسان بعمرة في أشهر الحج : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ، ثم يحج في نفس السنة .(2/17)
والمتمتع يلزمه ذبح هدي في مكة ، يوزع على الفقراء هناك ؛ فإن لم يجد ثمن الهدي صام ثلاثة أيام أثناء الحج ، وسبعة بعد رجوعه إلى بلده ؛ لقوله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) البقرة/196 .
ويجوز للإنسان أن يحج حجا مفردا ، بأن ينوي الحج عند الميقات ، ولا ينوي العمرة ، ويستمر على إحرامه حتى اليوم الثامن ، ثم يكمل حجه ، ولا هدي عليه .
كما يجوز أن يحج قارنا ، بأن ينوي الحج والعمرة معا من الميقات ، ثم إذا وصل مكة طاف وسعى ، ولم يتحلل ، بل يستمر على إحرامه حتى يكمل أعمال الحج ، ويلزمه هدي كالمتمتع.
فهذه الأنساك الثلاثة ، كلها جائزة ، ولكن أفضلها هو التمتع .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (31822) و (27090) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
إذا اعتمر في أشهر الحج ثم سافر قبل أن يحج هل ينقطع تمتعه ؟
قمت بالعمرة في شهر شوال هذا العام وأنوي إن شاء الله أن أحج فهل يعتبر هذا حج تمتع ويلزم الهدي ؟
الحمد لله
من اعتمر في شوال ، وأقام بمكة ثم حج من عامه ، فهو متمتع ، يلزمه دم التمتع .
وذلك أن التمتع هو " أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ، ثم يحرم بالحج في عامه " وأشهر الحج هي : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة .
فإن سافر بين العمرة والحج ، ففيه خلاف بين الفقهاء ، والصحيح في ذلك : أنه إذا رجع إلى بلده انقطع تمتعه ، وإذا سافر إلى غير بلده فهو باقٍ على تمتعه ، فإن حج من عامه وجب عليه الهدي .
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : إني أديت مناسك العمرة في شهر شوال 1395هـ، وبعد تأديتها رجعت إلى بلدتي، وبما أني عازم إن شاء الله على تأدية فريضة الحج هذا العام 1395هـ، فهل يكون علي فدي أم لا؟(2/18)
فأجابوا : جمهور الفقهاء يرون أنه ليس عليك هدي؛ لأنك لم تتمتع بالعمرة إلى الحج في سفرة واحدة، حيث ذكرت أنك رجعت بعد أداء العمرة في شوال عام 95هـ إلى بلدك، ولم تبق بمكة حتى تؤدي الحج.
ويرى بعض الفقهاء أن عليك الهدي إذا حججت من عامك ولو رجعت إلى بلدك أو إلى أبعد منها؛ لعموم قوله تعالى: ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) البقرة/196 . والفتوى والعمل جاريان على قول الجمهور من عدم وجوب الهدي في ذلك " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/366) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "إذا أحرم الإنسان بالتمتع ووصل إلى مكة فالواجب عليه أن يطوف ويسعى ويقصر، وبذلك يحل من عمرته، وله بعد ذلك أن يخرج إلى جدة ، أو إلى الطائف ، أو إلى المدينة ، أو إلى غيرها من البلاد ، ولا ينقطع تمتعه بذلك ، حتى لو رجع محرماً بالحج ، فإن التمتع لا ينقطع . أما لو سافر إلى بلده ثم عاد من بلده محرماً بالحج فإن تمتعه ينقطع، فإن عاد محرماً بعمرة بعد أن رجع إلى بلده صار متمتعاً بالعمرة الثانية لا بالعمرة الأولى ؛ لأن العمرة الأولى انقطعت عن الحج بكونه رجع إلى بلده . وخلاصة القول: أن من كان متمتعاً فله أن يسافر بين العمرة والحج إلى بلده أو غيره ، لكن إن سافر إلى بلده ثم عاد محرماً بالحج فقد انقطع تمتعه ويكون مفرداً ، وإن سافر إلى غير بلده ثم عاد محرماً بالحج فإنه لا يزال على تمتعه وعليه الهدي كما هو معروف " انتهى من "اللقاء الشهري" (16/4).
والحاصل : أنك إن رجعت إلى بلدك بعد العمرة انقطع التمتع ، ولم يلزمك الهدي ، وإن بقيت في مكة أو سافرت إلى بلد آخر غير بلدك ، كالمدينة مثلا ، لم ينقطع تمتعك .
وينبغي أن يُعلم أن أفضل الأنساك التمتع ، فهو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، وتمنى أنه كان فعله . وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (31822) .(2/19)
فإن كنت رجعت إلى بلدك وانقطع تمتعك فالأفضل لك أن تحرم من الميقات بعمرة عند سفرك إلى الحج لتكون متمتعا .
وينبغي أن يُعلم أيضاً : أن الهدي ليس غرامة يتهرب منها الإنسان ، بل هو عبادة يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى ، ويزداد بها تقوى وعملاً صالحا ، وشكراً لله تعالى على تيسيره أداء النسكين ( الحج والعمرة ) في سفر واحد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
العمرة في أشهر الحج
هل تجوز العمرة في أشهر الحج على أن لا أحج في نفس السنة ، مثال: لقد ذهبت إلى مكة المكرمة قبل الحج بنصف شهر تقريبا ، وقضيت مناسك العمرة وبعدها سافرت هل تجوز ؟.
الحمد لله
تجوز العمرة في أشهر الحج من غير خلاف بين العلماء ، لا فرق في ذلك بين أن ينوي الحج في عامه أو لا ينوي ذلك .
وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع مرات ، كلهن في شهر ذي القعدة ، وهو من أشهر الحج التي هي شوال وذو القعدة وذو الحجة . ولم يحج إلا مع عمرته الأخيرة في حجة الوداع .
روى البخاري (4148) ومسلم (1253) عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عُمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته :عمرة من الحديبية أو زمن الحديبية في ذي القعدة ، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة ، وعمرة من جِعْرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة ، وعمرة مع حجته ".
قال النووي رحمه الله في شرحه : ( فالحاصل من رواية أنس وابن عمر اتفاقهما على أربع عمر وكانت إحداهن في ذي القعدة عام الحديبية سنة ست من الهجرة وصُدُّوا فيها فتحللوا وحسبت لهم عمرة ، والثانية في ذي القعدة وهي سنة سبع وهي عمرة القضاء ، والثالثة في ذي القعدة سنة ثمان وهي عام الفتح ، والرابعة مع حجته وكان إحرامها في ذي القعدة وأعمالها في ذي الحجة ).(2/20)
وقال : ( قال العلماء وإنما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم هذه العمر في ذي القعدة لفضيلة هذا الشهر ولمخالفة الجاهلية في ذلك فإنهم كانوا يرونه من أفجر الفجور . . . ففعله صلى الله عليه وسلم مرات في هذه الأشهر ليكون أبلغ في بيان جوازه فيها وأبلغ في إبطال ما كانت الجاهلية عليه والله أعلم ).
الإسلام سؤال وجواب(2/21)
أحكام الحرمين
زيارة المسجد النبوي
إذا أراد الحاج والمعتمر أن يزور المسجد النبوي فهل ينوي زيارة المسجد أم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وما هي آداب زيارة المسجد النبوي ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله - :
" إذا أحب الحاج أن يزور المسجد النبوي قبل الحج أو بعده فلينو زيارة المسجد النبوي لا زيارة القبر ؛ فإن شد الرحل على وجه التعبد لا يكون لزيارة القبور وإنما يكون للمساجد الثلاثة المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى كما في الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى " رواه البخاري (1189) ومسلم (1397)
فإذا وصل المسجد النبوي قدم رجله اليمنى لدخوله وقال : بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم , ثم يصلي ما شاء .
والأولى أن تكون صلاته في الروضة وهي ما بين منبر النبي صلى الله عليه وسلم وحجرته التي فيها قبره لأن ما بينهما روضة من رياض الجنة , فإذا صلى وأراد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فليقف أمامه بأدب ووقار وليقل : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد , اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . أشهد أنك رسول الله حقا وأنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده , فجزاك الله عن أمتك أفضل ما جزى نبيا عن أمته .
ثم يأخذ ذات اليمين قليلا فيسلم على أبي بكر الصديق ويترضى عنه . ..(3/1)
ثم يأخذ ذات اليمين قليلا أيضا فيسلم على عمر بن الخطاب ويترضى عنه وإن دعا له ولأبي بكر رضي الله عنهما بدعاء مناسب فحسن .
ولا يجوز لأحد أن يتقرب إلى الله بمسح الحجرة النبوية أو الطواف بها ، ولا يستقبلها حال الدعاء بل يستقبل القبلة لأن التقرب إلى الله لا يكون إلا بما شرعه الله ورسوله ، والعبادات مبناها على الاتباع لا على الابتداع .
والمرأة لا تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا قبر غيره لأن النبي صلى الله عليه وسلم لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ " رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (843) لكن تصلي وتسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهي في مكانها فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في أي مكان كانت ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : صلوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ، وقال : إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام " رواه النسائي (1282) وصححه الألباني في صحيح النسائي (1215) .
( فائدة : زُوَّارات بمعنى زائرات ، لأن زُوَّارات جمع زُوّار أي زائر . انظر زايارة القبور للنساء ص 17 للشيخ أبو بكر أبو زيد ) .
وينبغي للرجل خاصة أن يزور البقيع وهو مقبرة المدينة فيقول : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم .
وإن أحب أن يأتي ( جبل أُحد ) ويتذكر ما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في تلك الغزوة من جهاد وابتلاء وتمحيص وشهادة ثم يسلم على الشهداء هناك مثل حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس بذلك فإن هذا قد يكون من السير في الأرض المأمور به والله أعلم "
كتاب المنهج لمريد العمرة والحج .
هل تضاعف الصلاة في حرم المدينة؟(3/2)
السؤال : الصلاة في حدود الحرم النبوي أجرها مثل الصلاة في الحرم , وكذلك مكة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
ثبت تضعيف أجر الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي فيما رواه أحمد وابن ماجه (1406) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ) .
والحديث صححه المنذري والبوصيري ، وقال الألباني : " سنده صحيح على شرط الشيخين " انتهى من "إرواء الغليل" (4/146) .
ثانيا :
سبق في جواب السؤال رقم (124812) ذكر الخلاف في " المسجد الحرام " الذي ثبت فيه التضعيف هل يختص بمسجد الكعبة أم يشمل ما كان داخل حدود الحرم ، وبَيَّنَّا أن الراجح هو الأول .
ثالثا :
حرم المدينة لا تضعيف فيه ، بل التضعيف مختص بالمسجد الذي بناه الرسول صلى الله عليه وسلم ، واختلف الفقهاء في حصول ذلك في الزيادة التي طرأت على المسجد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، والجمهور على أن الصلاة تضاعف فيها كما تضاعف في أصل المسجد .
واستدلوا على ذلك ببعض الآثار .
قال ابن رجب رحمه الله : " وحكم الزيادة حكم المزيد فيه في الفضل أيضا ، فما زيد في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم كله سواء في المضاعفة والفضل .
وقد قيل : إنه لا يعلم عن السلف في ذلك خلاف ، إنما خالف فيه بعض المتأخرين من أصحابنا ، منهم ابن عقيل وابن الجوزي ، وبعض الشافعية .
ولكن قد روي عن الإمام أحمد التوقف في ذلك :(3/3)
قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله : الصف الأول في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أي صف هو ، فإني رأيتهم يتوخون دون المنبر ، ويدعون الصف الأول ؟ قال : ما أدري . قلت لأبي عبد الله : فما زيد في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فهو عندك منه ؟ فقال : وما عندي ، إنما هم أعلم بهذا - يعني : أهل المدينة .
وقد روى عمر بن شبة في كتاب أخبار المدينة بإسناد فيه نظر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لو بني هذا المسجد إلى صنعاء لكان مسجدي) فكان أبو هريرة يقول : لو مد هذا المسجد إلى باب داري ما عدوت أن أصلي فيه .
وبإسناد فيه ضعف عن أبي عمرة قال : زاد عمر في المسجد في شاميه ، ثم قال : لو زدنا فيه حتى نبلغ الجبانة كان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم .
وبإسناده عن ابن أبي ذئب قال : قال عمر : لو مد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحليفة كان منه " انتهى من "فتح الباري" لابن رجب (2/479).
وفي "الموسوعة الفقهية" (37/251) : " طرأت على بناء المسجد النبوي توسعة وزيادات في بنائه عما كان عليه في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد بحث العلماء حكم هذه الزيادة من جهة نيل الثواب ، فمنهم من قال إن الفضل الثابت لمسجده صلى الله عليه وسلم ثابت لما زيد فيه .
وإلى هذا ذهب الحنفية والحنابلة وهو اختيار ابن تيمية ، قال ابن عابدين : " ومعلوم أنه قد زيد في المسجد النبوي ، فقد زاد فيه عمر ثم عثمان ثم الوليد ثم المهدي ، والإشارة بهذا [يعني في قول النبي صلى الله عليه وسلم (ومسجدي هذا)] إلى المسجد المضاف إليه صلى الله عليه وسلم ، ولا شك أن جميع المسجد الموجود الآن يسمى مسجده صلى الله عليه وسلم ، فقد اتفقت الإشارة والتسمية على شيء واحد فلم تلغ التسمية فتحصل المضاعفة المذكورة في الحديث ، فيما زيد فيه " .
ونقل الجراعي عن ابن رجب مثل ذلك ، وأنه قد قيل إنه لا يعلم عن السلف في ذلك خلاف .(3/4)
وروي عن الإمام أحمد التوقف .
ورجح السمهودي - من المالكية - أن ما زيد في المسجد النبوي داخل في الأفضلية الواردة بالحديث ، ونقل عن الإمام مالك أنه سئل عن حد المسجد الذي جاء فيه الخبر هل هو على ما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو هو على ما عليه الآن ؟ فقال بل هو على ما هو الآن ، وقال لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما يكون بعده وزويت له الأرض فأري مشارق الأرض ومغاربها ، وتحدث بما يكون بعده فحفظ ذلك من حفظه في ذلك الوقت ونسي ذلك من نسيه ، ولولا هذا ما استجاز الخلفاء الراشدون المهديون أن يزيدوا فيه بحضرة الصحابة ولم ينكر عليهم ذلك منكر .
وذهب الشافعية إلى أن هذه الفضيلة مختصة بنفس مسجده صلى الله عليه وسلم الذي كان في زمانه دون ما زيد فيه بعده .
وإلى هذا ذهب ابن عقيل وابن الجوزي وجمع من الحنابلة " انتهى باختصار .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل مكة والمدينة محفوظتان من الطاعون والأوبئة العامة كانفلونزا الخنازير؟
السؤال : هل يمكن لمرض انفلونزا الخنازير أو غيره من الأوبئة أو الطاعون أن ينتشر في مكة والمدينة ، أم أنهما محفوظتان من الأوبئة؟
الجواب :
الحمد لله
ليست مكة والمدينة في مأمن من الأوبئة ، فقد وقع بالمدينة وباء في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقد روى البخاري (2643) عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ : (أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ ، وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ... إلخ) .
ومعنى : ذريعاً : أي : سريعاً .
غير أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المدينة لا يدخلها الطاعون ، وجاء في بعض ألفاظ الحديث أنه لا يدخل مكة أيضاً .(3/5)
روى البخاري (1880) ومسلم (1379) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ) .
قال الحافظ في "الفتح" :
"وَوَقَعَ فِي بَعْض طُرُق حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة : (الْمَدِينَة وَمَكَّة مَحْفُوفَتَانِ بِالْمَلَائِكَةِ عَلَى كُلّ نَقْب مِنْهُمَا مَلَك لَا يَدْخُلهُمَا الدَّجَّال وَلَا الطَّاعُون) أَخْرَجَهُ عُمَر بْن شَبَّة فِي " كِتَاب مَكَّة " عَنْ شُرَيْح عَنْ فُلَيْح عَنْ الْعَلَاء بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا وَرِجَاله رِجَال الصَّحِيح" انتهى .
وقد ذكر النووي رحمه الله عن أبي الحسن المدائني أن مكة والمدينة لم يقع بهما طاعون قط .
"الأذكار" ص 139.
ولكن .. ذكر بعض العلماء أن مكة قد دخلها طاعون عام 749 هـ .
وأجاب الحافظ ابن حجر رحمه الله عن ذلك بأنه لم يكن طاعوناً ، وإنما كان وباء آخر ، فظن من نقل ذلك أنه طاعون .
فالحاصل : أن مكة والمدينة محفوظتان من الطاعون ، وليستا محفوظتان من غيره من الأمراض والأوبئة .
نسأل الله تعالى السلامة والعافية لجميع المسلمين .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
هل الأفضل أن يؤم الناس للتروايح أو يصلي مأموماً في المسجد الحرام
السؤال : أنا شاب من سكان مكة وأحفظ 10 أجزاء من القرآن فأيهما أفضل أصلي التراويح في المسجد الحرام أم الإمامة بالناس؟
الجواب :
الحمد لله :
أولاً : إذا كان الإنسان قائماً على مسجد ، ومكلفاً بإمامة المصلين فيه من الجهات المسئولة أو القائمين على المسجد ، ويتقاضى على ذلك مكافأة شهرية ، لزمه القيام بواجب الإمامة كما ينبغي ، ولا يجوز له الإخلال بها ، ولا التخلّف عنها إلا لعذر غالب .(3/6)
وليس له ترك المسجد القائم عليه ، للصلاة في مسجد آخر ، ولو كان المسجد الحرام ، اللهم إلا أن يقيم مقامه الكفء الذي يرضى عنه أهل المسجد ، وتوافق عليه الجهات المسئولة عن المسجد .
قال الشيخ ابن عثيمين : " إذا كان الإنسان موظفاً ، أو كان إماماً في مسجد فإنه لا يدع الوظيفة ، أو يدع الإمامة ويذهب إلى الصلاة في المسجد الحرام ، لأن الصلاة في المسجد الحرام سنة ، وأما القيام بالواجب الوظيفي فإنه واجب ، ولا يمكن أن يترك الواجب من أجل فعل السنة .
وقد بلغني أن بعض الأئمة يتركون مساجدهم ويذهبون إلى مكة من أجل الاعتكاف في المسجد الحرام ، أو من أجل صلاة التراويح ، وهذا خطأ ؛ لأن القيام بالواجب واجب ، والذهاب إلى مكة لإقامة التراويح أو الاعتكاف ليس بواجب ". انتهى من " مجموع الفتاوى والرسائل" (14/241) .
ثانياً : أما إذا كان الإنسان متطوعاً بالإمامة ، ويوجد من يقوم مقامه في هذا الأمر ، فالأفضل له أن يصلي في المسجد الحرام لعظم أجر الصلاة فيه .
وليس لمن كان مقيماً في مكة أن يزهد في هذا الفضل ، بناء على أن فضل الصلاة في المسجد الحرام يشمل جميع مساجد الحرم .
قال الشيخ ابن باز: " الصلاة في المسجد الحرام الذي قرب الكعبة أفضل من وجوه : لكثرة الجمع ، ولقربه من الكعبة ومشاهدتها ، وللاحتياط في ذلك ، واليقين بأنه تضاعف له الصلاة إذا قبلها الله منه ، بخلاف من كان في المساجد الأخرى ، فإن في ذلك خلافا بين العلماء ".. انتهى "مجموع الفتاوى" ابن باز (30 /78).
الإسلام سؤال وجواب
يجوز أخذ لقطة الحرم إذا كانت يسيرة
وجدت لقطة في مكة حوالي عشرة إلى خمسة عشر ريالا، ما حكمها ؟
الحمد لله(3/7)
"اللقطة الحقيرة لا قيمة لها، إن عرفها فلا بأس ، وإن أكلها فلا بأس ، وإن تصدق بها فلا بأس؛ لأنها حقيرة ما تتحمل التعريف ، العشرة والعشرين والثلاثين أو ما أشبه ذلك، هذه اللقطة اليوم ليس لها أهمية فإن تصدق بها عن صاحبها فلا بأس ، وإن استعملها فلا بأس ، وإن تركها فلا بأس" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/441) .
الإسلام سؤال وجواب
اللقطة اليسيرة لا تعرف ولو كانت في مكة
وجدت خمسين ريالاً أثناء رمي الجمار في الحج فماذا أفعل بها ؟ وهل أتصدق بها ؟
الحمد لله
"هذا مبلغ قليل لا يتحمل التعريف ، ولا يتحمل التكلف والتعريف ، لكن لو أعطيتها المسؤولين عن اللقطات فلا بأس ، وإن عرفتها ما تيسر لك ذلك تقول: من له الدراهم حول المرمى ، وفي مجامع الناس لعله يأتيك أحد يصفها ثم تعطيه إياها إذا وافق الوصف فلا بأس، ولو تصدقت بها فلا بأس؛ لأنه مبلغ قليل إن تصدقت بها عن صاحبها فلا بأس إن شاء الله، ولك أجر" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/438) .
الإسلام سؤال وجواب
الأعمال الصالحة في مكة أفضل من غيرها، لكن لا ندري مقدار تفضيلها إلا الصلاة
(صوم رمضان في مكة يعدل صيام ألف شهر فيما سواه) ، هل هذا حديث صحيح؟
الجواب:
الحمد لله
"ليس بصحيح ، فقد ورد حديث ضعيف لا يصح، إنما الثابت في الصلاة فقط ، الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة فيما سواه، وفي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم خير من ألف صلاة فيما سواه، وأما الصوم فلم يثبت فيه شيء، سوى حديث ضعيف ، أنه خير من مائة ألف فيما سواه، لكنه ضعيف ، لكن الأعمال الصالحة لها فضل في مكة ، الصوم والصدقة والأذكار وغير هذا من الأعمال الصالحة لها فضل، لكن ليس هناك دليل على بيان المضاعفة لكميتها ما عدا الصلاة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (25/211) .
من هم حاضرو المسجد الحرام؟(3/8)
السؤال : قال الله تعالى : (ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) البقرة/196 ، من هم حاضرو المسجد الحرام ؟ هل هم أهل مكة أم أهل الحرم ؟ وما رأيكم فيمن قال : إن المكي لن يتمتع ولن يقرن بدون أهله؟
الجواب :
الحمد لله
"هذا الذي ذكره السائل هو جزء من آية ذكرها الله سبحانه وتعالى فيمن تمتع فقال : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ) البقرة/196 ، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في المراد بحاضري المسجد الحرام .
فقيل : هم من كان داخل حدود الحرم ، فمن كان خارج حدود الحرم فليسوا من حاضري المسجد الحرام.
وقيل : هم أهل المواقيت ومن دونهم .
وقيل : هم أهل مكة ومن بينه وبينها دون مسافة القصر .
والأقرب أن حاضري المسجد الحرام هم أهل الحرم .
فمن كان من حاضري المسجد الحرم فإنه إذا تمتع بالعمرة إلى الحج فليس عليه هدي مثل : لو سافر الرجل من أهل مكة إلى المدينة مثلاً في أشهر الحج ثم رجع من المدينة فأحرم من ذي الحليفة بالعمرة مع أنه قد نوى أن يحج هذا العام فإنه لا هدي عليه هنا ؛ لأنه من حاضري المسجد الحرام ، وكذلك أهل مكة يمكن أن يقرنوا ولكن لا هدي عليهم مثل : أن يكون أحد من أهل مكة في المدينة ثم يحرم من ذي الحليفة في أيام الحج بعمرة وحج قارناً بينهما ، فهذا قارن ولا هدي عليه أيضاً ، لأنه من حاضري المسجد الحرام" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 70، 71) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/389) :
"اختلف أهل العلم في المعنى بـ : (حاضري المسجد الحرام) ، والراجح أنهم أهل الحرم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .(3/9)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
الإسلام سؤال وجواب
ما هو الشيء الذي في الجنة يوجد في الكعبة؟
ما هو الشيء الذي في الجنة يوجد في الكعبة ؟
الحمد لله
لا نعرف شيئاً في الكعبة ورد في السنة النبوية أنه من الجنة إلا شيئين :
1- الحجر الأسود ، وقد ورد ذلك من حديث ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نَزَلَ الحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنَ الجَنَّةِ ، وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ ، فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ ) رواه الترمذي (877) .
قال الترمذي : حديث حسن صحيح . وصححه ابن خزيمة (4/219) ، والضياء المقدسي في "المختارة" (10/260) ، وحسنه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (5/732) ، والحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3/540) ، والألباني في "السلسلة الصحيحة" (2618) .
وجاء من قول ابن عباس وابن عمرو وغيرهما أيضا ، انظر "مصنف ابن أبي شيبة" (4/35) ، ومن قول أنس رضي الله عنه في "مسند أحمد" (3/277) .
وانظر جواب السؤال رقم : (1902) ، (21402) ، (45643) .
2- مقام إبراهيم : وقد ورد ذلك في حديث عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ الرُّكْنَ وَالمَقَامَ يَاقُوتَتَانِ مِنْ يَاقُوتِ الجَنَّةِ ، طَمَسَ اللَّهُ نُورَهُمَا ، وَلَوْ لَمْ يَطْمِسْ نُورَهُمَا لأَضَاءَتَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ ) .
جاء من طريق مسافع بن شيبة الحجبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص .
وقد رواه عن مسافع جماعة من الرواة على وجهين :
أ- موقوفا من كلام عبد الله بن عمرو بن العاص :(3/10)
كذا رواه الزهري وشعبة ، كما ذكره أبو حاتم في "العلل" (1/300) دون أن يورد الأسانيد . ب- مرفوعا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم :
رواه رجاء أبو يحيى عن مسافع .
كما في "مسند أحمد" (2/213) ، وسنن الترمذي (878) ، وصحيح ابن خزيمة (4/219) وصحيح ابن حبان (9/24) ، ومستدرك الحاكم (1/627) .
ورجاء هو ابن صبيح الحَرَشي ، قال فيه ابن معين : ضعيف ، وقال أبو حاتم : ليس بقوي ، وقال ابن خزيمة : لست أعرف أبا رجاء هذا بعدالة ولا جرح ، ولست أحتج بخبر مثله .
وقد وثقه الإمام البخاري وابن حبان ، وقد اختار توثيقهما الشيخ أحمد شاكر في تحقيق المسند.
انظر : "تهذيب التهذيب" (3/268) .
ورواه مرفوعا أيضا :
شبيب بن سعيد الحبطي ، وأيوب بن سويد ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري عن مسافع ، الأول عند البيهقي في "السنن الكبرى" (5/75) ، والثاني عند ابن خزيمة في "صحيحه" (4/219) ، والحاكم في "المستدرك" (1/626) ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (5/75) ، وهذا السند صحيح ، فإن شبيب بن سعيد ثقة ، وثقة ابن المديني .
انظر ترجمة في : "تاريخ بغداد" (11/329) و "تاريخ الإسلام" (28/381) .
وقد صححه النووي في "المجموع" (8/36) وقال : صحيح على شرط مسلم . وابن تيمية في "المناسك من شرح العمدة" (2/434) ، .
وقال الألباني في تحقيقه لصحيح ابن خزيمة (2731) : إسناده حسن لغيره ، فإن أيوب بن سويد سيء الحفظ ، وقد تابعة شبيب بن سعيد الحبطي عند البيهقي ، وهو ثقة ، عن رواية ابنه أحمد عنه ، فإسناده صحيح . انتهى .
وقال عنه شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لابن حبان (3710) : حديث حسن لغيره ، وصححه الألباني أيضاً في صحيح الترمذي (878) .
وقد صححه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تحقيقه المسند (7000) وأطال في تخريجه .(3/11)
وقد اختار محققو مسند الإمام أحمد أن الأصح وقفه على عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، وأن إسناد المرفوع ضعيف ، وكأن الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في "فتح الباري" (3/540) يميل إلى هذا القول .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز جلب حصى أو تراب من مزدلفة أو من الحرم؟
أديت فريضة الحج العام الماضي ، وعندما كنا في مزدلفة أخذت صخرتين واحتفظت بهم ، إلى الآن ، فهل في هذا شيء ؟ هل يجب عليَّ التخلص منهما ؟ وكيف ؟ هل تعد مزدلفة من الحرم ؟
الحمد لله
أولاً :
نسأل الله أن يتقبل حجك ، وأن تكوني من المغفور لهم ذنوبهم ، والذين رجعوا من حجهم بلا ذنب ولا إثم .
ثانياً:
" المزدلفة " من المشاعر ، وهي في حدود الحرم ، وقد سمَّاها الله تعالى في كتابه " المشعر الحرام " فقال : ( فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ) البقرة/198 .
قال ابن حزم الأندلسي رحمه الله :
وأما مزدلفة : فهي المشعر الحرام ، وهي من الحرم .
" المحلى " ( 7 / 188 ) .
وقال النووي رحمه الله :
واعلم أن المزدلفة كلها من الحرم .
" شرح مسلم " ( 8 / 187 ) .
ثالثاً :
لا ينبغي أخذ شيء من آثار مكة أو المدينة ؛ لعدم ثبوت ذلك عن أحد من سلف هذه الأمَّة ؛ لأن ذلك مظنة تعظيم هذه الآثار واعتقاد نفعها ، وهو ما جاءت الشريعة بمحاربته ، وإغلاق طرقه ، نعم ، لو كانت الوصية بإحضار ماء زمزم لكان ذلك جائزاً ؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ؛ لأنه أخبرنا أنها ماء مباركة ، وأن فيها شفاء بإذن الله ، وأما ما عداها كترابٍ من عرفة ، أو حصى من مزدلفة ، أو ما يشبه ذلك : فليس لأحد حمله معه إلى بلاده .(3/12)
وقد اختلف العلماء في حكم إخراج التراب والحجارة من الحرم إلى ثلاثة أقوال : الجواز ، والكراهة ، والتحريم ، وإلى الجواز ذهب الحنفية ، وإلى الكراهة ذهب بعض الشافعية ، والتحريم هو قول جمهور الشافعية ، وهو الذي لا ينبغي القول بغيره ، إذا عُلم أن من يخرجه يريد التبرك به أو تعظيمه . لأن تراب الحرم وحجارته لا يُتبرك بها لا وهي في مكانها في الحرم ، ولا هي خارجة عنه .
والخلاف المذكور بين العلماء إنما هو في مجرد الإخراج من الحرم ، وليس في التبرك بها ، والتعظيم لها .
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
"لا خيرَ في أن يُخرج من حجارة الحرم ، ولا ترابه شيء إلى الحل ؛ لأنَّ له حرمة ثبتت بايَنَ بها ما سواها من البلدان ، ولا أرى - والله تعالى أعلم - أن جائزاً لأحد أن يزيله من الموضع الذي باين به البلدان إلى أن يصير كغيره" انتهى .
" الأم " ( 7 / 155 ) .
وقال ابن حزم رحمه الله :
"ولا يخرج شيء من تراب الحرم ولا حجارته إلى الحل ، ... عن عطاء قال : يُكره أن يُخرج من تراب الحرم إلى الحل ، أو يدخل تراب الحل إلى الحرم .
وهو قول ابن أبى ليلى ، وغيره ، ولا بأس بإخراج ماء زمزم ؛ لأن حرمة الحرم إنما هي للأرض ، وترابها ، وحجارتها ، فلا يجوز له إزالة حرمتها ، ولم يأت في الماء تحريم" انتهى.
" المحلى " ( 7 / 262 ، 263 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
يريد أن يحج ، ومحمل عدة وصايا ، يقول : إنه قد طَلب منه مجموعة من الناس أن يأتي لهم بشيء من مكة ، والمدينة ، مثل حجر ، أو ماء ، أو قليل تراب ، أو ما شابه ذلك ، فكيف أصنع ؟ .
فأجاب :
"هذه الوصايا التي أشار إليها ، أن يأتي إلى من أوصوه بتراب ، أو ماء ، أو أحجار من الحرم : لا يلزمه أن يفي بها ، وله أن يردها عليهم ، ولو كانت وصاياهم بأن يدعو الله لهم في هذه المشاعر : لكان ذلك أولى وأجدر .(3/13)
إذا استبدل هذه الوصايا بأن يدعو الله لهم في هذه المشاعر بما فيه خيرهم في دينهم ودنياهم : كان ذلك أولى ، وأجدر ، وأحسن" انتهى .
" فتاوى نور على الدرب " .
رابعاً:
من أخذ شيئا من تراب الحرم إلى خارجه فعليه أن يستغفر الله تعالى من فعله أولاً ، ثم عليه أن يرجعه إلى أي بقعة في الحرم إن استطاع ، ولا يجب أن يردَّه بنفسه ، بل لو أعطاه لمن يوثق به ليرده : جاز له ذلك ، فإن لم يستطع هذا ولا ذاك : فيضعها في أي مكان طاهر ، وقد قال تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة/ 286 .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 17 / 195 ) :
"صرح الشافعية بحرمة نقل تراب الحرم ، وأحجاره ، وما عمل من طينه - كالأباريق وغيرها - إلى الحل ، فيجب رده إلى الحرم" انتهى .
وقال الماوردي رحمه الله :
"فإن أخرج من حجارة الحرم ، أو من ترابه شيئاً : فعليه ردُّه إلى موضعه ، وإعادته إلى الحرم" انتهى .
" الحاوي في الفقه الشافعي " ( 4 / 314 ) .
ونقله عنه النووي في " المجموع " ( 7 / 460 ) وأقرَّه .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
قامت بأخذ عيّنة من نباتات في مكة لعمل بحث ، فهل تجب عليها كفارة؟
قبل حوالي أربع سنوات وأنا طالبة في الجامعة ، قمت بعمل بحث على أنواع النباتات ، وقد أخذت عينه من نباتات مكة (من 3 إلى 5) أوراق شجر من داخل منطقة الحرم ، مع العلم أنني لم أقم بقطع غصن أو ما شابه ذلك ، مع علمي بحرمة البلد الحرام ؛ ولكن عللت فعلي بأنه في سبيل العلم ، وأنه جائز ؟! أفيدوني بارك الله فيكم : هل تجب علي كفارة ؟ وإذا وجبت بكم تقدر وكيف توزع ؟
الحمد لله(3/14)
فقد وردت الأحاديث الكثيرة في الصحيحين وغيرهما في تحريم شجر الحرم المكي ، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم عن مكة : ( أَلَا وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي ، أَلَا وَإِنَّهَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ؛ أَلَا وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ ؛ لَا يُخْتَلَى [ أي : لا يحصد ] شَوْكُهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ ) رواه البخاري (112) ومسلم (1355) .
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/161): " أجمع أهل العلم على تحريم قطع شجر الحرم , وإباحة أخذ الإذخر , وما أنبته الآدمي من البقول والزروع والرياحين . حكى ذلك ابن المنذر" انتهى .
وهم وإن أجمعوا على تحريم قطع شجر الحرم ، فقد اختلفوا في مسائل ، منها :
هل يحرم كل شيء في الحرم ، أم التحريم خاص لما نبت بنفسه ؟ فأكثر أهل العلم يقولون المحرم إنما هو ما نبت بنفسه ، أما ما غرسه الآدمي فليس بحرام .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (7/218): " المحرم ما كان من شجر الحرم ، لا من شجر الآدمي ، وعلى هذا فما غرسه الآدمي أو بذره من الحبوب فإنه ليس بحرام ، لأنه مُلْكه ولا يضاف إلى الحرم ، بل يضاف إلى مالكه." انتهى.
ومنها: هل يحرم أخذ الورق من الشجر المحرم أم لا ؟ فالحنابلة لا يجيزون أخذ الورق ، خلافاً لجمهور أهل العلم القائلين بجواز أخذه ؛ لأنه لا يضر بالشجر ، وعلى هذا المذاهب الثلاثة . قال ابن قدامة في "المغني" (3/170) : " وليس له أخذ ورق الشجر . وقال الشافعي : له أخذه ; لأنه لا يضر به . وكان عطاء يرخص في أخذ ورق السَّنَى [ نبت يُتداوى به ] , يستمشي به [ أي يُشرَبُ ماؤُه للمَشِيِّ ، كما في تاج العروس ] , ولا يُنزع من أصله . ورخص فيه عمرو بن دينار .(3/15)
ولنا , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يخبط شوكها , ولا يعضد شجرها } , رواه مسلم . ولأن ما حرم أخذه حرم كل شيء منه , كريش الطائر .
وقولهم : لا يضر به . لا يصح فإنه يضعفها , وربما آل إلى تلفها " انتهى .
وعلى هذا فإن كان ما أخذته الأخت السائلة من الأوراق قد أخذته من شجر لم يغرسه الأدمييون ، فإن أخذها له محل خلاف بين العلماء ؛ والجمهور على جوازه ، ويمنعه الحنابلة ، إن لم تكن هناك حاجة عامة تدعو إلى أخذه ؛ فإن كانت قد أخذته مع إمكان أن تستغني عنه بغيره من أشجار الحل ، فينبغي أن تستغفر وتتوب إلى الله تعالى ، وإن كانت هناك حاجة تعليمية تعود على عموم الناس بالنفع ولا يقوم شجر الحل مقامها ، فلا حرج إن شاء الله.
وعلى كل الاحتمالات ، لا ضمان عليها ولا كفارة، لأن الفقهاء الذين يمنعون أخذ الورق وهم الحنابلة ، لا يوجبون ضمان شجر الحرم ، وبهذا أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء .
جاء فيها : " وإذا أتلف شيئاً من شجر الحرم أو حشائشه مملوكاً لأحد فكذلك عليه قيمته لمالكه، وإن لم يكن مملوكاً لأحد فلا شيء عليه، ولا ينبغي له تعمد ذلك؛ لنهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك "
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/209)
... أما إن كان هذا الشجر مملوكاً فلا حرج في أخذ هذه الأوراق إن شاء الله لأن هذا مما جرت العادة بالمسامحة فيه.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
هل الحجر الأسود من السماء
عن عمر أنه قبَّل الحجر وقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُك ما قبلتك. هل الحجر الأسود نزل من السماء؟ أو هو حجر كسائر الأحجار؟ وما المراد بوضع هذا الحجر في ذلك الموضع؟ وبعض الناس يظنون أنها هي قبلة المسلمين في صلاتهم، معاذ الله.
الحمد لله(3/16)
الحجر الأسود اختصه الله سبحانه بما شرعه لنا من تقبيله واستلامه، وأراد أن يكون في ركن الكعبة التي نستقبلها في صلاتنا، وشرع تقبيله واستلامه للطائفين؛ مع القدرة، فإن لم يتيسر فالإشارة إليه عند محاذاته مع التكبير، وقد ورد حديث رواه الترمذي وغيره في أنه نزل من الجنة ، لكن في سنده ضعف ........ ( والحديث رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي 695) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( فتاوى اللجنة 11/228).
حكم إدخال الخادمات غير المسلمات لمكة في موسم الحج
هل يجوز إدخال غير المسلمين إلى مكة المكرمة كالخادمات لفترة الحج أو العمرة ، بحجة أن الشخص لا يجد لها مكاناً يبقيها فيه خلال فترة غيابه عن بلده ؟ .
الحمد لله
أولاً :
اتخاذ خادمات في البيوت له مفاسد لم تعد تخفى على أحد ، وكم تسبب وجود الخادمات في كثير من المشكلات في بيوت المسلمين ، ووقع كثيرون في المعاصي الصغيرة والكبيرة بسبب ذلك ، فمنهن من يستعملن السحر لتثبيت وجودها في المنزل ، أو لكف الأذى عنها ، ومنهن من توقع صاحب المنزل أو أبناءه في غرامها ، وتُفعل الفواحش في تلك البيوت ، ومنهن من تتسبب بالأذى والضرر للأطفال الصغار سواء في بدنه أو في دينه ، وهكذا في مفاسد يصعب حصرها .
ويرجى النظر في جواب السؤال رقم ( 26282 ) ففيه زيادة بيان حول مفاسد إحضار الخادمات ، وشروط جواز ذلك .
ثانياً :
إذا كانت الأسرة مضطرة لوجود خادمة في البيت ، بسبب كثرة الأعمال البيتية ، وبشرط الالتزام بالشروط الشرعية : فإنه يجوز لصاحب البيت إحضار خادمة للعمل ، ويُفضَّل أن تكون مسلمة ؛ لما في اتخاذها كافرة من مخاطر كبيرة على الأسرة .
ولينظر جواب السؤال رقم ( 31242 ) ففيه شروط استخدام خادم غير مسلم .(3/17)
وأما إن كانت الأسرة تعيش في " الجزيرة العربية " فإنه لا يجوز لهم إحضار الخادمات الكافرات للعمل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب .
فعن عُمَر بْن الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، حَتَّى لاَ أَدَعَ فِيهَا إِلَّا مُسْلِماً) رواه مسلم (1767) .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ منها : ( أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ) رواه البخاري (2888) ومسلم (1637) .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (104806) .
ثالثاً :
أما جلب الخادمات الكافرات وغيرهن من الكفار إلى الحرم : فلا يجوز سواء للعمرة أو للحج أو لغيرهما ، وهذا وجه آخر في المنع من دخولهم الحرم ، فهو من جهة داخل قطعاً في " جزيرة العرب " التي نص النبي صلى الله عليه وسلم على تحريم دخولهم فيها ، وكذلك من وجه آخر أنه قد وردت النصوص بتخصيص الحرم من منع دخولهم فيه ، وهو المعمول به منذ أزمان بعيدة بفضل الله تعالى وتوفيقه .
ومعنى هذا أنه من كان لوجوده في جزيرة العرب من الكفار مصلحة للمسلمين ، أو كان أحدٌ قد تساهل في جلب الكفار لها : فإنه لا يجوز التعدي على الشرع من الجهة الأخرى بإدخالهم إلى حدود الحرم .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) التوبة/28 .
والمسجد الحرام هنا هو : الحرم كله .
قال النووي رحمه الله :(3/18)
والمراد بالمسجد الحرام ها هنا : الحرم كله ، فلا يمكَّن مشرك من دخول الحرم بحال ، حتى لو جاء في رسالة أو أمر مهم لا يمكَّن من الدخول ، بل يُخرج إليه من يقضى الأمر المتعلق به ، ولو دخل خفية ومرض ومات : نبش وأخرج من الحرم .
" شرح مسلم " ( 9 / 116 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : بالنسبة لحكم استصحاب الخادمة الكافرة وإدخالها إلى الحرم ؟ .
فأجاب :
أجبني : كيف يذهب بامرأة كافرة إلى المسجد الحرام والله عز وجل يقول : ( فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ) التوبة/28 ؟ لا ، هذا حرام عليه ، وإذا قدِّر أنه اضطر إلى هذا يقول لها : أسلمي ، فإن أسلمت : فهذا المطلوب ، وإن لم تسلم : إما أن يبقى معها ، وإما أن يرسلها إلى أهلها ، وأما أن يأتي بها إلى مكة : فهذا لا يجوز ، أولاً : معصية لله عز وجل ، ثانياً : امتهان للحرم .
السائل :
هو يا شيخ من غير هذه البلاد ، وجاء بها ، وعندما سأل عن الحكم وقيل له : لا يجوز ، هل يرجع هو وإياها ؟ .
الشيخ :
نعم ، يرجع هو وإياها ، أو يردها إلى بلدها .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 196 / السؤال رقم 18 ) .
والخلاصة :
أن جلب الخادمات وعملهن في بيوت المسلمين فيه محاذير ومخالفات شرعية كثيرة ، وتزداد هذه المحاذير إذا كانت الخادمة غير مسلمة ، وأنه لا يجوز جلب الخادمات الكافرات إلى جزيرة العرب ، ولا دخولهن حدود الحرم .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ليس على الحائض حرج في دخولها للمدينة النبوية ؟
هل يجوز للمرأة أن تدخل الحرم المدني وهي حائض ؟ وماذا عليها إذا كانت حائضاً وهي في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟.
الحمد لله(3/19)
لا تُمنع المرأة الحائض من دخول مكة ولا المدينة ، وليس في النصوص ما يمنعها من دخولهما ، بل النصوص تدل على عكس ذلك ، فالنساء اللاتي يأتين للحج والعمرة يمكن أن يكنَّ حيَّضاً وهنَّ ممنوعات من الطواف بالبيت فقط ، وقد كانت عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، وحاضت قبل دخول مكة ، ولم يمنعها صلى الله عليه وسلم من دخولها حتى تطهر ! بل أمرها أن تفعل جميع مناسك الحج إلا الطواف بالبيت ، فإنها تؤجله حتى تطهر ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي ) رواه البخاري (305) ومسلم (1211) .
والنساء اللاتي يسكنَّ المدينة ألم يكن يصيبهن الحيض ؟ فهل كانوا يخرجن من المدينة ؟! فالحاصل أنه لا حرج في دخول الحائض مكة والمدينة وبقائها فيهما ، والأمر أوضح من أن يستدل له .
وأما دخول الحائض المسجد ( سواء كان المسجد الحرام بمكة ، أو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، أو غيرهما من المساجد ) فقد سبق في جواب السؤال (33649) أنه لا يحل لها دخول المسجد ، فلينظر .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ما حكم إرسال السلام للنبي صلى الله عليه وسلم مع الذاهبين للمدينة ؟
ما حكم إرسال السلام مع الحجاج للنبي صلى الله عليه وسلم ؟.
الحمد لله
هذا الفعل غير مشروع ، ولم يكن هذا من فعل أهل القرون الفاضلة ، ولا عقلاء المسلمين ؛ لأنه يمكن لأي أحدٍ أن يسلِّم على النبي صلى الله عليه وسلم في أي مكانٍ كان ، وقد تكفَّل الله تعالى بتوصيل هذا السلام مع ملائكة جعل الله هذا الأمر وظيفتهم ، وعليه : فإن من يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم في أي مكان فإن سلامه سيصل يقيناً ، فأين هذا من تكليف زائر للمدينة النبوية بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يُدرى أيصل أم لا ، ولا يُدرى أيذكر أم ينسى ؟(3/20)
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام ) رواه النسائي (1282) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " (1664) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ، ولا تجعلوا قبري عيداً ، وصلُّوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ) رواه أبو داود (2042) وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (7226) .
قال علماء اللجنة الدائمة :
تحميل الإنسان غيره السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأموات : ليس مشروعاً ، بل هو بدعة ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) .
فالواجب ترك هذا العمل وتنبيه من يقع فيه إلى أنه لا يجوز ، ومِن فضل الله علينا أن جعلَ سلامَنا على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يبلغه أينما كنَّا ، في مشارق الأرض ومغاربها ، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلغوني من أمتي السلام ) رواه الإمام أحمد والنسائي وغيرهما ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( خير أيامكم يوم الجمعة ، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا تجعلوا قبري عيداً ، ولا بيوتكم قبوراً ، وصلُّوا عليَّ ، فإن صلاتكم تبلغني أين كنتم ) ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 16 / 29 ، 30 ) .
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله - عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - :(3/21)
إرسال السلام على النبي صلى الله عليه وسلم مع مَن يسافر إلى المدينة : لا أصل له ، فلم يكن من عادة السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم ، والتابعين ، وأهل العلم إرسال السلام ، ولم ينقل عن أحد منهم شيء من ذلك ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يُبلَّغُ صلاة أمته وسلامها عليه ، كما في الحديث الصحيح : ( لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا ، وَلا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا ، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ ) أخرجه أبو داود (2042) ، وفي لفظ : ( فإنَّ تَسْلِيمَكُمْ يَبْلُغُنِي أَيْنَمَا كُنْتُمْ ) أخرجه أبو يعلى (469) .
وعلى هذا : فالتعبد بإرسال السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم : بدعة ، بل ولا يشرع إرسال السلام إلى الميت ، وإنما يسلم على الميت من يزوره ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور أهل البقيع ويسلم عليهم ويدعو لهم ، ويُعلِّمُ أصحابه رضي الله عنهم كيف يقولون إذا زاروا القبور ، كقوله صلى الله عليه وسلم : ( السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَلاحِقُونَ ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ ) أخرجه مسلم (975) وقال لعائشة رضي الله عنها : ( قُولِي : السَّلامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلاحِقُونَ ) أخرجه مسلم (974) ، وإنما يبلغ السلام من الغائب للحي .
والمقصود : أن الله يسَّر على هذه الأمة أن يصلُّوا ويسلِّموا على نبيِّهم صلى الله عليه وسلم ، ويكثروا من ذلك في أي بقعة من الأرض ، وقد ورد أن الله وكّل بقبره صلى الله عليه وسلم ملائكة يبلغونه من أمته صلاتهم وسلامهم عليه ، صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم.(3/22)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ومع هذا نقول : أنتَ لو سلَّمتَ عليه في أقصى الدنيا فإن سلامك سوف يبلغه ؛ لأن الله وكَّل ملائكة سيَّاحين في الأرض إذا سلَّم أحدٌ على الرسول صلى الله عليه وسلم نقلوا السلام إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، فنحن الآن إذا قلنا : " اللهم صلِّ وسلِّم على رسول الله " : نُقل سلامنا إليه ، في الصلاة تقول : " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " يُنقل السلام إليه . . .
سمعتُ بعض الناس يقول في المدينة : إن أبي وصَّاني أن أسلِّم على الرسول ، وقال : سلِّم لي على الرسول ، وهذا غلط ، والرسول صلى الله عليه وسلم ليس حيّاً حتى يُنقل سلام الحي له ، ثم إذا سلَّم أبوك على الرسول نَقل سلامَه مَن هو أقدر منك على إبلاغه وأوثق منك ، وهم الملائكة .
إذن : لا حاجة إلى هذا ، ونقول : أنت في مكانك ، في أي مكان من الأرض تقول " السلام عليك أيها النبي " وسيبلغه بأسرع من هذا وأوثق وأحسن .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (23/416، 417) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الركن اليماني
يتعلق سؤالي بالكعبة المشرفة , فقد ذهبت لأداء العمرة منذ سنتين ومن حسن حظي أنني قمت بالطواف قريبا جدا من جدران الكعبة . ولدهشتي وجدت أن للركن اليماني للكعبة شيئا غريبا يشبه الحجر وعليه علامات . أود أن أعرف ما هذا الشيء , وما هو اسمه , وهل يسمح لنا بتقبيله , كما نقبل الحجر الأسود ؟.
الحمد لله
قد جاء في كتاب ( التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم ) لمؤلفه محمد طاهر الكردي المكي ج3 ص 256 أن حجر الركن اليماني يرجع عهده إلى بناء عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ، وأنه باق إلى يومنا هذا ، وأن كل من جدد بناء الكعبة حافظ على هذا الركن . وذكر أنه في عام 1040 هـ في عهد السلطان مراد الرابع الذي جدد بناء الكعبة ، انكسر طرف حجر الركن ، فوُضع في محل ذلك رصاص مذاب.(3/23)
وقد سبق ذلك إلصاق قطع الركن وتسميرها ، في عهد الفاطميين .
فلعل ما شاهدته هو ذلك الرصاص وأثر المسامير ، مع تغير لونها من أثر الطيب واستلام الطائفين .
والمشروع هو استلام هذا الركن دون تقبيل أو تكبير فإن لم يتمكن من استلامه فإنه لا يشير إليه ؛ لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
الركن اليماني كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستلمه ولم يكن يكبر ، وعلى هذا فلا يسن التكبير عند استلامه .
الشرح الممتع 7/283
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
ويستلم الركن اليماني بيده في كل طوافة ، ولا يقبله ، فإن لم يتمكن من استلامه لم تشرع الإشارة إليه بيده .
مناسك الحج والعمرة ص 22
أما الاستلام فقد دل عليه ما رواه الحاكم من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت استلم الحجر والركن في كل طواف " صحيح الجامع رقم 4751 .
وجاء في فضل استلام الركن اليماني قوله صلى الله عليه وسلم : " إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا " رواه أحمد عن ابن عمر وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2194
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حِجر إسماعيل ، تسمية لا أصل لها
هل دفنَ إسماعيل عليه السلام والدته هاجر في "حِجْرِ إسماعيل" ؟ فقد سمعت ذلك من أحد شيوخنا .
الحمد لله(3/24)
ننبه أولا إلى أن تسمية الناس للحِجر بحِجر إسماعيل تسمية لا أصل لها ، ولا علم لإسماعيل عليه السلام بهذا الحجر ، فقد بنى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام الكعبة بناء كاملا مشتملا على هذا الحجر ، ثم إن جدران الكعبة تصدعت من أثر حريق وسيل جارف حدث قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، فهدمت قريش ما بقي من جدرانها ، ثم أعادت بناءها ، فقصرت بها النفقة الطيبة عن إتمام البناء على قواعد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، فأخرجوا منها الحِجر ، وبنوا عليه جدارا قصيرا دلالة على أنه منها ، وكانوا قد شرطوا على أنفسهم ألا يدخلوا في بنائها إلا نفقة طيبة ، لا يدخلها مهر بغي ولا بيع ربا ، ولا مظلمة لأحد.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الجَدْر أمن البيت هو ؟ قال نعم . قلت : فما بالهم لم يدخلوه في البيت ؟ قال إن قومك قصرت بهم النفقة "
رواه البخاري 1584 ومسلم 1333 .
والجَدر : لغة في الجدار ، والمراد به الحِجر .
فالصواب أن يقال : الحجر ، دون أن ينسب إلى إسماعيل عليه السلام .
ولم يثبت في حديث مرفوع أن هذا الحجر دفن فيه إسماعيل عليه السلام ، أو دفنت فيه هاجر . لكن وردت آثار موقوفة بأسانيد واهية تفيد أن قبر إسماعيل عليه السلام في الحجر .
وانظر في ذلك : تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد للشيخ اللأباني رحمه الله ص 75 ، 76
وكون إسماعيل عليه السلام يدفن أمه داخل الكعبة ، أو يدفنه أبناؤه فيها أمر مستبعد غاية الاستبعاد ، والقول به فرع عن ثبوته ، ولم يثبت شيء من ذلك ولله الحمد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز دخول غير المسلم المدينة المنورة ؟
هل يجوز دخول غير المسلم المدينة المنورة أي : داخل الحرم ( للحاجة ) ؟.
الحمد لله
أولاً :(3/25)
لا يجوز أن يمكَّن الكفار من السكنى في جزيرة العرب ، وقد اختلف أهل العلم في تحديد الجزيرة ، لكنهم لم يختلفوا في كون المدينة النبوية منها .
قال ابن قدامة :
ولا يجوز لأحد منهم ( يعني : الكفار ) سكنى الحجاز ، وبهذا قال مالك , والشافعي ، إلا أن مالكا قال : أرى أن يجلوا من أرض العرب كلها ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يجتمع دينان في جزيرة العرب " ، وروى أبو داود بإسناده عن عمر أنه " سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب , فلا أترك فيها إلا مسلما " قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وعن ابن عباس قال : " أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشياء , قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب , وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، وسكت عن الثالث " رواه أبو داود . " المغني " ( 9 / 285 ، 286 ) .
ثانياً :
يجوز للكفار دخول المدينة للتجارة دون الإقامة ، ويُعطون وقتا كافياً ثم يؤمرون بالمغادرة .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
ويجوز لهم دخول الحجاز للتجارة ; لأن النصارى كانوا يتجرون إلى المدينة في زمن عمر رضي الله عنه وأتاه شيخ بالمدينة , فقال : أنا الشيخ النصراني , وإن عاملك عَشَّرَني ( أي : أخذ مني العشر ) مرتين ، فقال عمر : وأنا الشيخ الحنيف ، وكتب له عمر : أن لا يُعَشِّروا في السنة إلا مرة ، ولا يؤذن لهم في الإقامة أكثر من ثلاثة أيام - على ما روي عن عمر , رضي الله عنه - ثم ينتقل عنه ، وقال القاضي : يقيم أربعة أيام حد ما يتم المسافر الصلاة . " المغني " ( 9 / 286 ) .
ثالثاً :
ما ذكرناه في المدينة وحرمها لا ينطبق على الحرم المكي ، إذ الكفار ممنوعون من دخوله على كل حال .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 3 / 130 ، 131 ) :(3/26)
يرى الجمهور , ومعهم محمد بن الحسن من الحنفية : أنه لا يجوز للكافر دخول الحرم المكي بحال ، ومذهب الحنفية أن ذلك جائز بصلح أو إذن .
وأما حرم المدينة فإنه لا يمنع من دخوله لرسالة أو تجارة أو حمل متاع ، وأما ما عدا ذلك - من أرض العرب - فلا يدخله الكافر إلا بإذن أو صلح ، وللفقهاء في ذلك تفصيل ... انتهى
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ما هو الملتزَم ؟ وما هي كيفية الدعاء عنده ؟
ما هو الملتزم ؟ وما كيفية الدعاء عنده ؟.
الحمد لله
الملتزم : هو من الكعبة المشرَّفة ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة ، ومعنى التزامه أي : وضع الداعي صدره ووجهه وذراعيه وكفيه عليه ودعاء الله تعالى بما تيسر له مما يشاء .
وليس هناك دعاء معين يدعوه المسلم في ذلك المكان ، وله أن يلتزمه عند دخوله الكعبة ( إن تيسَّر له دخولها ) ، وله أن يفعله قبل طواف الوداع ، وله أن يفعله في أي وقت شاء ، وينبغي للداعي أن لا يضيِّق على غيره فيطيل الدعاء ، كما لا يجوز مزاحمة الناس وأذيتهم من أجله ، فإن رأى فسحة ومجالاً دعا وإلا فيكفيه الدعاء في الطواف وسجود الصلاة .
والذي جاء عن الصحابة – رضي الله عنهم – في الالتزام أصح مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
عن عبد الرحمن بن صفوان قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت : لألبسن ثيابي ، وكانت داري على الطريق فلأنظرن كيف يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم . رواه أبو داود ( 1898 ) وأحمد ( 15124 ) .
وفيه : يزيد بن أبي زياد ، ضعَّفه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم .(3/27)
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه قال : طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة قلت : ألا تتعوذ ؟ قال : نعوذ بالله من النار ، ثم مضى حتى استلم الحجر ، وأقام بين الركن والباب ، فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطا ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله . رواه أبو داود ( 1899 ) وابن ماجه ( 2962 ) . وفيه: المثنى بن الصباح ، ضعَّفه الإمام أحمد وابن معين الترمذي والنسائي وغيرهم. والحديثان يشهد كلٌّ منهما للآخر. وقد صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2138 )
وذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " الملتزم بين الركن والباب " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وإنْ أحبَّ أنْ يأتيَ الملتزم - وهو ما بين الحجر الأسود والباب - فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته فعل ذلك ، وله أنْ يفعل ذلك قبل طواف الوداع فإنَّ هذا الالتزام لا فرق بين أنْ يكون حالَ الوداع أو غيره ، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين دخول مكة ، وإنْ شاء قال في دعائه الدعاء المأثور عن ابن عباس : اللهمَّ إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرتَ لي مِن خلقك وسيرتَني في بلادك حتى بلغتَني بنعمتِك إلى بيتِك وأعنتَني على أداء نسكي فإنْ كنتَ رضيتَ عني فازدَدْ عني رضا وإلا فمِن الآن فارضَ عني قبل أنْ تنآى عن بيتك داري فهذا أوان انصرافي إنْ أذنتَ لي غير مستبدلٍ بك ولا ببيتِك ولا راغبٍ عنك ولا عن بيتِك اللهمَّ فأصحبني العافيةَ في بدني والصحةَ في جسمي والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتَني واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير .
ولو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسناً . " مجموع الفتاوى " ( 26 / 142 ، 143 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :(3/28)
وهذه مسألة اختلف فيها العلماء مع أنها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ( يعني لم ترد في حديث صحيح ، بناءً على تضعيف الأحاديث الواردة في هذا ) ، وإنما عن بعض الصحابة رضي الله عنهم ، فهل الالتزام سنة ؟ ومتى وقته ؟ وهل هو عند القدوم ، أو عند المغادرة ، أو في كل وقت ؟ .
وسبب الخلاف بين العلماء في هذا : أنه لم ترد فيه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن الصحابة – رضي الله عنهم – كانوا يفعلون ذلك عند القدوم .
والفقهاء قالوا : يفعله عند المغادرة فيلتزم في الملتزم ، وهو ما بين الركن الذي فيه الحجر والباب ...
وعلى هذا : فالالتزام لا بأس به ما لم يكن فيه أذية وضيق . " الشرح الممتع " ( 7 / 402 ، 403 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
أسئلة عن الحجر الأسود
قرأت مقالة عن " الحجر الأسود " وأريد أن أتأكد من صحة الأحاديث والروايات هل هي صحيحة ويؤخذ بها أم أنها موضوعة جزاك الله كل خير ؟ والمقالة هي :
" صدِّق أو لا تصدق "(3/29)
نعم ، هناك حجر واحد فقط على وجه الأرض يطفو فوق الماء ، إنه " الحجر الأسود " الموجود في الركن الجنوبي الشرقي من الكعبة المشرفة في الحرم الشريف في مكة المكرمة ، قال جلال السيوطي : يقال إنه لما اشترى المطيع لله الحجر الأسود من أبي طاهر القرمطي جاء عبد الله بن عُكيم المحدث وقال : إن لنا في حجرنا آيتين : إنه يطفو على الماء ، ولا يحمو بالنار ، فأتى بحجر مضمخ بالطيب مغشي بالديباج ليوهموه بذلك ، فوضعوه في الماء فغرق ، ثم جعلوه في النار فكاد أن يتشقق ، ثم أتي بحجر آخر ففعل به ما فعل بما قبله فوقع له ما وقع له ، ثم أتي بالحجر الأسود فوضع في الماء فطفا ، ووضع في النار فلم يحم ، فقال عبد الله : هذا حجرنا ، فعند ذلك عجب أبو طاهر القرمطي وقال : من أين لكم ؟ فقال عبد الله : ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحجر الأسود يمين الله في أرضه يأتي يوم القيامة له لسان يشهد لمن قبَّله بحق أو باطل لا يغرق في الماء ولا يحمى بالنار ... " .
و " الحجر الأسود " هو الذي يبدأ منه الطواف في الركن الجنوبي الشرقي من الكعبة المشرفة ، وأصله من يواقيت الجنة ، ولونه المغمور أبيض كلون المقام ، وهو موضع سكب العبرات ، واستجابة الدعاء ، ويُسن استلامه وتقبيله ، وهو يمين الله في الأرض بمعنى أنه مقام مصافحة العهد مع الله على التوبة ، ويشهد يوم القيامة لكل من استلمه ، ومن فاوضه فإنما يعاهد يد الرحمن ، ومسحه يحط الخطايا حطّاً ، وهو ملتقى شفاه الأنبياء والصالحين والحجاج والمعتمرين والزوار فسبحان الله العظيم .
الحمد لله
أولاً :
الحجر الأسود هو : الحجر المنصوب في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة المشرفة من الخارج في غطاء من الفضة وهو مبدأ الطواف ويرتفع عن الأرض الآن متراً ونصف المتر .
وما ذُكر في المقال الوارد ضمن السؤال فيه حق عليه أدلة صحيحة ، وفيه ما لا أصل له .(3/30)
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم ( 1902 ) أكثر ما ورد في السنة الصحيحة عن " الحجر الأسود " ، ومنه : أن الحجر الأسود أنزله الله تعالى إلى الأرض من الجنة ، وكان أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم ، وأنه يأتي يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق ، وأن استلامه أو تقبيله أو الإشارة إليه : هو أول ما يفعله من أراد الطواف سواء كان حاجا أو معتمراً أو متطوعاً ، وقد قبَّله النبي صلى الله عليه وسلم ، وتبعه على ذلك أمته ، فإن عجز عن تقبيله فيستلمه بيده أو بشيء ويقبل هذا الشيء ، فإن عجز : أشار إليه بيده وكبَّر ، ومسح الحجر مما يكفِّر الله تعالى به الخطايا .
ثانياً :
وأما بخصوص سرقة القرامطة للحجر الأسود له ومكثه عندهم فترة كبيرة : فصحيح .
قال ابن كثير – في حوادث 278 هـ - :
وفيها تحركت القرامطة ، وهم فرقة من الزنادقة الملاحدة أتباع الفلاسفة من الفرس الذين يعتقدون نبوة زرادشت ومزدك ، وكانا يبيحان المحرمات .
ثم هم بعد ذلك أتباع كل ناعق إلى باطل ، وأكثر ما يفسدون من جهة الرافضة ويدخلون إلى الباطل من جهتهم ؛ لأنهم أقل الناس عقولاً ، ويقال لهم : الإسماعيلية ؛ لانتسابهم إلى إسماعيل الأعرج بن جعفر الصادق .
ويقال لهم : القرامطة ، قيل : نسبة إلى قرمط بن الأشعث البقار ، وقيل : إن رئيسهم كان في أول دعوته يأمر من اتبعه بخمسين صلاة في كل يوم وليلة ليشغلهم بذلك عما يريد تدبيره من المكيدة ...(3/31)
والمقصود : أن هذه الطائفة تحركت في هذه السنة ، ثم استفحل أمرهم وتفاقم الحال بهم - كما سنذكره - حتى آل بهم الحال إلى أن دخلوا المسجد الحرام فسفكوا دم الحجيج في وسط المسجد حول الكعبة وكسروا الحجر الأسود واقتلعوه من موضعه ، وذهبوا به إلى بلادهم في سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، ثم لم يزل عندهم إلى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ، فمكث غائباً عن موضعه من البيت ثنتين وعشرين سنة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
" البداية والنهاية " ( 11 / 72 ، 73 ) .
ثالثاً :
وأما ما ذكر من وصف الحجر الأسود بأنه موضع سكب العبرات ، فقد ورد في ذلك حديث عند ابن ماجه (2945) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَرَ ثُمَّ وَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلًا ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَبْكِي ، فَقَالَ : ( يَا عُمَرُ ، هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ ) . ولكنه حديث ضعيف ذكره الألباني في "إرواء الغليل" (1111) وقال: ضعيف جدا اهـ .
وأما حديث " الحجر الأسود يمين الله في الأرض " فالجواب عنه : أنه حديث باطل لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " : " هذا حديث لا يصح " .
" العلل لابن الجوزي " ( 2 / 575 ) ، وانظر " تلخيص العلل " للذهبي ( ص 191 ) ، وقال ابن العربي :حديث باطل فلا يلتفت إليه ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا يثبت ، وعلى هذا فلا حاجة للخوض في معناه " .
" مجموع الفتاوى " ( 6 / 397 ) .
وأما ما ذكرت من وصف الحجر الأسود بأنه موضع سكب العبرات ، فقد ورد في ذلك حديث عند ابن ماجة ولكنه حديث ضعيف لا يصح .
رابعاً :(3/32)
وأما ما ذُكر من وصف الحجر الأسود بأنه " يطفو على الماء " ، وأنه " لا يحمو بالنار " و " استجابة الدعاء " : فمما لا أصل له في السنَّة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل تضاعف السيئة والحسنة في رمضان
هل صحيح أن السيئة تضاعف في رمضان كما أن الحسنة تضاعف؟ وهل ورد دليل على ذلك ؟.
الحمد لله
نعم ، تضاعف الحسنة والسيئة في الزمان والمكان الفاضلين ، ولكن هناك فرق بين مضاعفة الحسنة ومضاعفة السيئة ، فمضاعفة الحسنة مضاعفة بالكم والكيف ، والمراد بالكم : العدد ، فالحسنة بعشر أمثالها أو أكثر ، والمراد بالكيف أن ثوابها يعظم ويكثر ، وأما السيئة فمضاعفتها بالكيف فقط أي أن إثمها أعظم والعقاب عليها أشد ، وأما من حيث العدد فالسيئة بسيئة واحدة ولا يمكن أن تكون بأكثر من سيئة .
قال في مطالب أولي النهى (2/385) :
( وتضاعف الحسنة والسيئة بمكان فاضل كمكة والمدينة وبيت المقدس وفي المساجد , وبزمان فاضل كيوم الجمعة , والأشهر الحرم ورمضان . أما مضاعفة الحسنة ; فهذا مما لا خلاف فيه , وأما مضاعفة السيئة ; فقال بها جماعة تبعا لابن عباس وابن مسعود . . . وقال بعض المحققين : قول ابن عباس وابن مسعود في تضعيف السيئات : إنما أرادوا مضاعفتها في الكيفية دون الكمية ) اهـ .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ( الصيام هل يحصّل به المسلم تكفير الذنوب صغيرها وكبيرها ؟ وهل إثم الذنوب يتضاعف في رمضان ؟ )(3/33)
فأجاب : ( المشروع للمسلم في رمضان وفي غيره مجاهدة نفسه الأمارة بالسوء حتى تكون نفسا مطمئنة آمرة بالخير راغبة فيه ، وواجب عليه أن يجاهد عدو الله إبليس حتى يسلم من شره ونزغاته ، فالمسلم في هذه الدنيا في جهاد عظيم متواصل للنفس والهوى والشيطان ، وعليه أن يكثر من التوبة والاستغفار في كل وقت وحين ، ولكن الأوقات يختلف بعضها عن بعض ، فشهر رمضان هو أفضل أشهر العام ، فهو شهر مغفرة ورحمة وعتق من النار ، فإذا كان الشهر فاضلا والمكان فاضلا ضوعفت فيه الحسنات ، وعظم فيه إثم السيئات ، فسيئة في رمضان أعظم إثما من سيئة في غيره ، كما أن طاعة في رمضان أكثر ثوابا عند الله من طاعة في غيره . ولما كان رمضان بتلك المنزلة العظيمة كان للطاعة فيه فضل عظيم ومضاعفة كثيرة ، وكان إثم المعاصي فيه أشد وأكبر من إثمها في غيره ، فالمسلم عليه أن يغتنم هذا الشهر المبارك بالطاعات والأعمال الصالحات والإقلاع عن السيئات عسى الله عز وجل أن يمن عليه بالقبول ويوفقه للاستقامة على الحق ، ولكن السيئة دائما بمثلها لا تضاعف في العدد لا في رمضان ولا في غيره ، أما الحسنة فإنها تضاعف بعشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة ؛ لقول الله عز وجل في سورة الأنعام : ) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) الأنعام / 160
والآيات في هذا المعنى كثيرة .
وهكذا في المكان الفاضل كالحرمين الشريفين تضاعف فيهما أضعافا كثيرة في الكمية والكيفية، أما السيئات فلا تضاعف بالكمية ولكنها تضاعف بالكيفية في الزمان الفاضل والمكان الفاضل كما تقدمت الإشارة إلى ذلك ، والله ولي التوفيق )
انتهى من مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/446) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (7/262) :
تضاعف الحسنة والسيئة بمكان وزمان فاضل .(3/34)
فالحسنة تضاعف بالكم وبالكيف . وأما السيئة فبالكيف لا بالكم ، لأن الله تعالى قال في سورة الأنعام وهي مكية : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) الأنعام/160 . وقال : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) الحج/25 . ولم يقل : نضاعف له ذلك . بل قال : ( نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) فتكون مضاعفة السيئة في مكة أو في المدينة مضاعفة كيفية .( بمعنى أنها تكون أشد ألماً ووجعاً لقوله تعالى : وقال : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) الحج/25 .اهـ
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يودع حمام المدينة المنورة الكعبة قبل موته
السؤال : سمعت أحد حجاج بيت الله الحرام يقول : إن أي حمامة بالمدينة المنورة إذا قرب أجل موتها تطير إلى مكة المكرمة وتشق سماء الكعبة المشرفة كوداع لها ثم تموت بعد أن تطير مسافة من الأميال فهل هذا صحيح أم لا ؟.
الجواب :
الحمد لله(3/35)
ليس لحمام المدينة ولا لحمام مكة ميزة تخصها دون غيرها من الحمام سوى أنه لا يجوز صيده ولا تنفيره لمحرم بالحج أو العمرة أو غير محرم ما دام في حرم مكة أو حرم المدينة ، فإذا خرج عنهما حل صيده لغير المحرم بالحج أو العمرة كسائر الصيد ، لعموم قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم " ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله حرم مكة فلم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها .. الحديث رواه البخاري ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاهُها ولا يصاد صيدها " رواه مسلم ، فمن ادعى أن أي حمامة بالمدينة المنورة إذا دنا أجلها طارت إلى مكة ومرت بهواء الكعبة فهو جاهل قد ادعى شيئا لا أساس له من الصحة فإن الآجال لا يعلمها إلا الله ، قال الله تعالى : " وما تدري نفس بأي أرض تموت " ووداع الكعبة إنما يكون بطواف من حج أو اعتمر حولها ، فدعوى أن الحمام يعلم دنو أجله ، وأنه يوادع الكعبة بالطيران فوقها دعوى كاذبة لا يجرؤ عليها إلا جاهل يفتري الكذب على الله وعلى عباده والله المستعان .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
فتاوى اللجنة الدائمة 3/64
هل المسجد الأقصى يعتبر حرماً ؟
هل المسجد الأقصى يعتبر حرماً كحرم مكة والمدينة ؟ .
الحمد لله
أولاً : المسجد الأقصى له فضيلة على غيره من المساجد ، فأفضل المساجد على الإطلاق المسجد الحرام ، ثم المسجد النبوي ، ثم المسجد الأقصى .
وهذه المساجد الثلاثة هي المساجد التي يشرع السفر إليها للعبادة : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ : مَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى ، وَمَسْجِدِي هَذَا ) رواه البخاري (1996) .(3/36)
والصلاة في المسجد الأقصى بمائتين وخمسين صلاة .
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى هو ، وليوشكن أن يكون للرجل مِثْل شطن فرسه من الأرض حيث يَرى منه بيت المقدس خيراً له من الدنيا جميعاً " . رواه الحاكم ( 4 / 509 ) وصححه ووافقه الذهبي والألباني كما في " السلسلة الصحيحة " في آخر الكلام على حديث رقم ( 2902 ).
(شطن فرسه) هو حبل الفرس .
والصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة ، فتكون الصلاة في المسجد الأقصى بمائتين وخمسين صلاة .
وأما الحديث المشهور أن الصلاة فيه بخمسمائة صلاة : فضعيف . انظر " تمام المنة " للشيخ الألباني رحمه الله ( ص 292 ) .
ثانياً : الحرم له أحكام تخصه ، شرعها الله تعالى .
منها : تحريم القتال فيه .
ومنها : أنه يحرم صيد الحيوانات والطيور الموجودة به ، ويحرم قطع نباته الذي نبت بفعل الله تعالى ولم يزرعه أحد .
وقد امتن الله تعالى على أهل مكة بأن جعل لهم مكة حرما آمناً ، يأمن فيه الناس والدواب ، قال الله تعالى : ( أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) القصص/57 .
وقال : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) العنكبوت / 67 .
وقال تعالى : ( وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ) البقرة / 97 .
وروى مسلم (1362) عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ . . . لا يُقْطَعُ عِضَاهُهَا وَلا يُصَادُ صَيْدُهَا ) .(3/37)
والعضاه كل شجر فيه شوك ، وإذا حُرِّم قطعُ الشجر الذي فيه شوك فتحريم قطع الشجر الذي لا شوك فيه من باب أولى .
وروى مسلم (1374) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَجَعَلَهَا حَرَمًا ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ . . . أَنْ لا يُهْرَاقَ فِيهَا دَمٌ ، وَلا يُحْمَلَ فِيهَا سِلاحٌ لِقِتَالٍ ، وَلا تُخْبَطَ فِيهَا شَجَرَةٌ إِلا لِعَلْفٍ . . . الحديث ) .
قال النووي :
فِيهِ : جَوَاز أَخْذ أَوْرَاق الشَّجَر لِلْعَلْفِ , وَهُوَ الْمُرَاد هُنَا بِخِلَافِ خَبْط الْأَغْصَان وَقَطْعهَا ; فَإِنَّهُ حَرَام اهـ.
والقدس ليس حرماً بهذا المعنى باتفاق المسلمين ، وقد توسع الناس في إطلاق هذا الوصف ( أعني : الحرم ) فصارت القدس حرماً ! وصار مسجد إبراهيم الخليل في فلسطين حرما ! بل صارت الجامعات يقال عنها : الحرم الجامعي !!! وليس هناك حرم في الأرض إلا حرم مكة ، والمدينة ، ووادٍ بالطائف اسمه ( وُج ) اختلف العلماء فيه هل هو حرم أم لا ؟
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (27/14-15) :
وليس ببيت المقدس مكان يسمى حرما ولا بتربة الخليل ولا بغير ذلك من البقاع ، إلا ثلاثة أماكن :
أحدها : هو حرم باتفاق المسلمين ، وهو حرم مكة ، شرفها الله تعالى .
والثاني : حرم عند جمهور العلماء ، وهو حرم النبي ( يعني المدينة النبوية ) فإن هذا حرم عند جمهور العلماء ، كمالك والشافعي وأحمد ، وفيه أحاديث صحيحة مستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والثالث : وُج ، وهو وادٍ بالطائف ، فإن هذا رُوِيَ فيه حديث ، رواه أحمد في المسند ، وليس في الصحاح ، وهذا حرم عند الشافعي لاعتقاده صحة الحديث ، وليس حرماً عند أكثر العلماء ، وأحمد ضعف الحديث المروى فيه فلم يأخذ به .(3/38)
وأما ما سوى هذه الأماكن الثلاثة فليس حرماً عند أحد من علماء المسلمين ، فإن الحرم ما حرم اللهُ صيده ونباته ، ولم يحرم الله صيد مكان ونباته خارجا عن هذه الأماكن الثلاثة اهـ .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
توجيهات إسلامية لزوار المدينة النبوية
أعرف مجموعة من الإخوة سيقومون بزيارة المسجد النبوي بعد حجهم هذا العام ، ويريدون منكم النصيحة والتوجيه .
الحمد لله
أيها الوافدون على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قدِمتم خير مقدَم ، وغنمتم خيرَ مغنم ، وطاب في طيبة بقاؤكم ، وتقبّل الله صالح أعمالكم ، وبلّغكم خير آمالكم ، حُيِّيتم في دار الهجرة والنصرة بلد المصطفى المختار ، ومهاجَر الصحابة الأخيار ، وديار الأنصار .
وهذه توجيهات يسيرة لمن أراد زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم :
1- أيها الوافدون لطابة ، إنكم في بلد هي بعد مكة خير البقاع ، وأشرف الأماكن والأصقاع ، فاعرفوا حقَّها، واقدروا قدرها، وراعوا حرمتَها وقداستها، وتأدبوا فيها بأحسن الآداب ، واعلموا أن الله توعد من أحدث فيها بأشدِّ العذاب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي أنه قال : ( المدينة حرم ، فمن أحدث فيها حدثًا أو آوى محدِثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلاً ) رواه البخاري (1867) ومسلم (1370) واللفظ له .
فمن أتى فيها إثمًا أو آوى من أتاه وضمّه إليه وحماه فقد عرّض نفسه للعذاب المهين وغضب إله العالمين .
وإن من أعظم الإحداث تكدير صفوها بإظهار البدع والمحدثات ، وتعكيرها بالخرافات والخزعبلات، وتدنيس أرضها الطاهرة بنشر المقالات البدعية، والكتب الشركية، وما يخالف الشريعة الإسلامية من ألوان المنكرات والمحرمات، والمحِدث والمؤوي له في الإثم سواء.(3/39)
2- زيارة المسجد النبوي سنة من المسنونات ، وليست واجبًا من الواجبات ، ليس لها علاقة بالحج ولا هي له من المتمِّمات ، وكل ما يُروى من أحاديث في إثبات علاقتها أو علاقة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم بالحج فهو من الموضوعات والمكذوبات ، ومن قصد بشدِّ رحله إلى المدينة زيارة المسجد والصلاة فيه فقصده مبرور ، وسعيه مشكور ، ومن لم يقصد بشدّ رحله إلا زيارة القبور والاستعانة بالمقبور فقصده محظور ، وفعله منكور، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تُشَدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى ) رواه البخاري (1189) ومسلم (1397).
وعن جابر رضي الله عنهما، عن رسول الله أنه قال : ( إن خير ما رُكبت إليه الرواحل مسجدي هذا والبيت العتيق ) أخرجه أحمد (3/350) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1648) .
3- الصلاة في مسجد المدينة مضاعفة الجزاء، فرضًا ونفلاً في أصحّ قولي العلماء ، يقول عليه الصلاة والسلام : ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواها إلا المسجد الحرام ) رواه البخاري (1190) ومسلم (1394).
إلا أن صلاة النافلة في البيت أفضل من صلاتها في المسجد حتى ولو كانت مضاعفة ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) رواه البخاري (731) ومسلم (781) .
4- أيها الزائر المكرَّم لهذا المسجد المعظم، اعلم أنه لا يجوز التبرك بشيء من أجزاء المسجد النبوي، كالأعمدة أو الجدران أو الأبواب أو المحاريب أو المنبر، بالتمسح بها أو تقبيلها، كما لا يجوز التبرك بالحجرة النبوية باستلامها أو تقبيلها أو مسح الثياب بها ، ولا يجوز الطواف بها ، ومن فعل شيئًا من ذلك وجب عليه التوبة وعدم العودة .(3/40)
5- ويُشرع لمن زار المسجد النبوي أن يُصلي في الروضة الشريفة ركعتين أو ما شاء من النفل لما ثبت فيها من الفضل ، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي ) رواه البخاري (1196) ومسلم (1391) .
وعن يزيد بن أبي عبيد قال : كنت آتي مع سلمة بن الأكوع فيصلِّي عند الأسطوانة التي عند المصحف ، أي في الروضة الشريفة ، فقلت : يا أبا مسلم ، أراك تتحرّى الصلاة عند هذه الأسطوانة! فقال : فإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرّى الصلاة عندها . رواه البخاري (502) ومسلم (509).
والحرص على الصلاة في الروضة لا يسوِّغ الاعتداء على الناس ، أو مدافعة الضعاف ، أو تخطّي الرقاب .
6- ويُشرع لزائر المدينة والساكن بها إتيان مسجد قباء للصلاة فيه ؛ اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وتحصيلاً لأجر عمرة ، فعن سهل بن حنيف قال: قال رسول الله : ( من خرج حتى يأتي هذا المسجد ـ يعني : مسجد قباء ـ فيصلي فيه كان كعدل عمرة ) أخرجه أحمد (3/487) ، والنسائي (699) وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1180، 1181) .
وعند ابن ماجه : ( من تطهّر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له أجر عمرة ) رواه ابن ماجه (1412) .
وفي الصحيحين أن رسول الله كان يأتي مسجد قباء كل سبت ماشيًا وراكبًا فيصلي فيه ركعتين رواه البخاري (1191) ومسلم (1399)
7- أيها الزائر المكرَّم، لا يُشرع زيارة شيء من المساجد في المدينة النبوية سوى هذين المسجدين : مسجد رسول الله ومسجد قباء ، ولا يشرع للزائر ولا لغيره قصد بقاع بعينها ، يرجو الخير بقصدها أو التعبد عندها لم يرد في زيارتها دليل من كتاب أو سنة أو فعل الصحابة رضي الله عنهم .(3/41)
وليس من المشروع تتبع مواطن أو مساجد صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره من الصحابة الكرام لقصد الصلاة فيها أو التعبد بالدعاء ونحوه عندها ، وهو لم يأمر بقصدها ، ولم يحث على زيارتها ، فعن المعرور بن سويد رحمه الله تعالى قال : خرجنا مع عمر بن الخطاب ، فعرض لنا في بعض الطريق مسجد ، فابتدره الناس يصلون فيه ، فقال عمر : ( ما شأنهم؟! ) فقالوا : هذا مسجد صلى فيه رسول الله ، فقال عمر : ( أيها الناس ، إنما هلك من كان قبلكم باتباعهم مثل هذا ، حتى أحدثوها بيعًا ، فمن عرضت له فيه صلاة فليصل ، ومن لم تعرض له فيه صلاة فليمض ) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (7550) .
ولما بلغ عمر بن الخطاب أن ناسًا يأتون الشجرة التي بُويع تحتها النبي أمر بها فقطعت. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (7545) .
8- شرع لزوار المسجد النبوي من الرجال زيارةُ قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، للسلام عليهم والدعاء لهم ، أما النساء فلا يجوز لهن زيارة القبور في أصح قولي العلماء لما رواه أبو داود (3236) والترمذي (320) وابن ماجه (1575) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي لعن زائرات القبور " صححه الألباني في إصلاح المساجد .
ولما رواه الترمذي (1056) عن أبي هريرة أن رسول الله لعن زوارات القبور " وقال : " حسن صحيح " ، وأخرجه أيضاً أحمد (2/337) ، وابن ماجه (1574) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (843) ومشكاة المصابيح (1770) .
وصفة الزيارة أن يأتي الزائر القبر الشريف فيستقبله بوجهه ويقول : " السلام عليك يا رسول الله " ثم يتقدم إلى يمينه قدر ذراع فيسلم على أبي بكر ويقول : "السلام عليك يا أبا بكر " ثم يتقدم قليلاً إلى يمينه قدر ذراع للسلام على عمر بن الخطاب فيقول : " السلام عليك يا عمر"(3/42)
9- ويُشرع لزوار المدينة من الرجال زيارة أهل بقيع الغرقد وشهداء أحد ؛ للسلام عليهم والدعاء لهم، فعن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا المقابر يقول : ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية ) أخرجه مسلم في صحيحه (974،975).
10- زيارة القبور إنما شرعت لمقصدين عظيمين :
أولهما : للزائر لغرض الاعتبار والادكار .
وثانيهما : للمزور بالدعاء له والترحم عليه والاستغفار .
ويُشترط لجواز زيارة القبور عدم قول الهُجر وأعظمه الشرك أو الكفر ، فعن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فمن أراد أن يزور فليزر، ولا تقولوا هُجْرًا ) أخرجه النسائي (2033) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (886) .
وقد أخرجه مسلم برقم (977) دون قوله : ( ولا تقولوا هجراً ).
فلا يجوز الطواف بهذه القبور ولا غيرها ، ولا الصلاة إليها ولا بينها ، ولا التعبد عندها بقراءة القرآن أو الدعاء أو غيرهما ؛ لأن ذلك من وسائل الإشراك برب الأملاك والأفلاك ، ومن اتخاذها مساجد حتى ولو لم يُبن عليها مسجد، فعن عائشة وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما قالا: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم الموت ، طفق يطرح خميصةً على وجهه، فإذا اغتمّ بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك : ( لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) يحذر ما صنعوا . أخرجه البخاري (436) ومسلم (529).
وقال عليه الصلاة والسلام : ( إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد ) أخرجه أحمد (1/405) . وأصله في البخاري معلقاً : كتاب الفتن ، باب ظهور الفتن (7067) ، ومسلم : كتاب الفتن ، باب قرب الساعة (2949) دون ذكر اتخاذ القبور مساجد.(3/43)
وعن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول : ( لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ) أخرجه مسلم (972).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ) أخرجه أحمد (3/83) ، والترمذي (317) وصححه الألباني في إرواء الغليل (1/320) .
وفي حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُصلَّى بين القبور. أخرجه ابن حبان (1698) قال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد (2/27) "رجاله رجال الصحيح" .
ولا يجوز السجود على المقابر، بل ذلك وثنية جاهلية ، وشذوذ فكري ، وتخلف عقلي ، ولا يجوز لزائر تلك القبور ولا غيرها التبرك بها بمسحها أو تقبيلها أو إلصاق شيء من أجزاء البدن بها أو الاستشفاء بتربتها بالتمرغ عليها ، أو أخذ شيء منها للاغتسال بها، ولا يجوز لزائرها أو غيرها دفن شيء من شعره أو بدنه أو مناديله أو وضع صورته أو غير ذلك مما معه في تربتها لقصد البركة ، ولا يجوز رمي النقود أو شيء من الطعام كالحبوب ونحوها عليها، ومن فعل شيئًا من ذلك وجب عليه التوبة وعدم العودة ، ولا يجوز تطييبها ، ولا القسم على الله بأصحابها ، ولا يجوز سؤال الله بهم أو بجاههم وحقهم ، بل ذلك توسل محرم من وسائل الشرك، ولا يجوز رفع القبور ولا البناء عليه ؛ لأن ذلك وسيلة إلى تعظيمها والافتتان بها ، ولا يجوز بيع طعام أو طيب أو غير ذلك لمن عُلم استخدامه لها في تلك المخالفات العظيمة .(3/44)
والاستغاثة بالأموات أو الاستعانة بهم أو طلب المدد منهم أو نداؤهم وسؤالهم سدَّ الفاقات وإغاثة اللهفات وجلب الفوائد ودفع الشدائد شركٌ أكبر يخرج صاحبه عن ملة الإسلام ، ويجعله من عُبَّاد الأوثان ، إذ لا يفرِّج الهموم ولا يكشف الغموم إلا الله وحده لا شريك له جل في علاه : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ . إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا اسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلاَ يُنَبّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) فاطر / 13، 14 .
ويقول جل في علاه : ( قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً. أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) الإسراء / 56، 57 .
الشيخ صلاح البدير – إمام وخطيب المسجد النبوي
مخالفات تقع عند زيارة المسجد النبوي
لاحظت في زيارة للمسجد النبوي أن بعض الناس يتمسح بجدران الحجرة النبوية ، والبعض يقف كأنه يصلي فتجده يضع يديه على صدره وهو مستقبل القبر ، فهل ما يعملونه صحيح ؟.
الحمد لله
تقدمت الإشارة إلى آداب الزيارة لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم في السؤال ( 36863 ) ومما ينبه عليه ما يقع فيه بعض الزوار من المخالفات :
المخالفة الأولى :
دعاء الرسول أو نداؤه أو الاستغاثة به أو الاستعانة به كقول بعضهم : " يا رسول الله اشف مريضي ، يا رسول الله اقض ديني ، يا وسيلتي ، يا باب حاجتي " أو غير ذلك من الأقوال الشركية ، المضادَّة للتوحيد الذي هو حق الله على العبيد .
المخالفة الثانية :(3/45)
الوقوف أمام القبر كهيئة المصلي ، بوضع اليمين على الشمال على الصدر أو تحته ، وذلك فعل محرّم ؛ لأن تلك الهيئة هيئة ذل وعبادة لا تجوز إلا لله عز وجل .
المخالفة الثالثة :
الانحناء عند القبر أو السجود أو غير ذلك مما لا يجوز فعله إلا لله ، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ( لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ) أخرجه أحمد (3/158) وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1936، 1937) وإرواء الغليل (1998) .
المخالفة الرابعة :
دعاء الله عند القبر ، أو اعتقاد أن الدعاء عنده مستجاب ، وذلك فعل محرَّم لأنه من أسباب الشرك ، ولو كان الدعاء عند القبور أو عند قبر النبي أفضل وأصوب وأحبَّ إلى الله لرغبنا فيه رسول الله ؛ لأنه لم يترك شيئًا يقرب إلى الجنة إلا وحث أمته عليه ، فلما لم يفعل ذلك عُلم أنه فعل غير مشروع ، وعمل محرم وممنوع ، وقد روى أبو يعلى والحافظ الضياء في المختارة أن علي بن الحسين رضي الله عنهما رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو ، فنهاه وقال : ألا أحدثكم حديثًا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تتخذوا قبري عيدًا ولا بيوتكم قبورًا ، وصلوا عليَّ فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم " رواه أبو داود (2042) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1796) .
المخالفة الخامسة :
إرسال من عجز عن الوصول إلى المدينة سلامه لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض الزوار ، وقيام بعضهم بتبليغ هذا السلام ، وهذا فعل مُبتدع ، وأمر مخترع ، فيا مرسل السلام ، ويا مبلغه كفّا عن ذلك ، فقد كُفيتما بقوله : ( صلوا عليَّ فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم ) .
وبقوله عليه الصلاة والسلام : ( إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلِّغوني من أمتي السلام ) أخرجه أحمد (1/441) ، والنسائي (1282) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2170)
المخالفة السادسة :(3/46)
التكرار والإكثار من زيارة قبره ، كأن تكون الزيارة بعد كل فريضة، أو في كل يوم بعد صلاة بعينها ، وفي هذا مخالفة لقوله عليه الصلاة والسلام : ( لا تجعلوا قبري عيدًا ) قال ابن حجر الهيتمي في شرح المشكاة : " العيد اسم من الأعياد ، يقال : عاده واعتاده وتعوّده صار له عادة ، والمعنى : لا تجعلوا قبري محلاً لاعتياد المجيء إليه متكررًا تكرارًا كثيرًا ، فلهذا قال : ( وصلوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ) فإن فيها كفاية عن ذلك " انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
وفي كتاب الجامع للبيان لابن رشد : " سئل مالك رحمه الله تعالى عن الغريب يأتي قبر النبي كل يوم ، فقال : ما هذا من الأمر ، وذكر حديث : ( اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبد ) صححه الألباني في : تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد (ص24-26) .
قال ابن رشد : فيُكره أن يُكثر المرور به والسلام عليه ، والإتيان كل يوم إليه لئلا يُجعل القبر كالمسجد الذي يؤتى كل يوم للصلاة فيه ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله : ( اللهم لا تجعل قبري وثنًا ) " انظر البيان والتحصيل لابن رشد (18/444-445).
انتهى كلامه رحمه الله .
وسئل القاضي عياض عن أناس من أهل المدينة يقفون على القبر في اليوم مرة أو أكثر ، ويسلمون ويدعون ساعة ، فقال : " لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ، ولا يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولَها ، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك " الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/676) .
المخالفة السابعة :
التوجه إلى قبره الشريف من كل نواحي المسجد ، واستقباله له كلما دخل المسجد أو كلما فرغ من الصلاة ، ووضع اليدين على الجنبين ، وتنكيس الرؤوس والأذقان أثناء السلام عليه في تلك الحال ، وهذه من البدع المنتشرة ، والمخالفات المشتهرة .(3/47)
فاتقوا الله عباد الله ، واحذروا سائر البدع والمخالفات ، واحذروا الهوى والتقليد الأعمى ، وكونوا من أمركم على بينة وهدى ، قال جل في علاه : { أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ كَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ وَاتَّبَعُواْ أَهْوَاءهُمْ } محمد/ 14 .
نسأل الله أن يجعلنا من الهداة المهتدين، المتبعين لسنة سيد المرسلين .
الإسلام سؤال وجواب(3/48)
حج الصغير
لا يجزئ حج الصغير عن حجة الإسلام
إذا حج الإنسان وهو صغير فهل عليه أن يحج مرةً أُخرى ؟ أم تكفيه عن حجة الإسلام ؟ .
الحمد لله
حج الصغير صحيح كما تقدم في السؤال رقم ( 13636 ) إلا أنها لا تُجزئه عن حجة الإسلام بل عليه إذا بلغ وكان قادراً أن يحج حجةً أُخرى .
وهذا قول جمهور أهل العلم من المذاهب الأربعة بل حكي إجماعاً .
لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة أخرى " رواه ابن أبي شيبة وصححه ابن حجر في التلخيص (2/220) والألباني في الإرواء (4/159)
قال ابن قدامة في المغني (5/44) : " قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم – إلا من شذَّ عنهم ممن لا يُعتد بقوله خلافاً – على أن الصبي إذا حج في حال صغره ، والعبد إذا حجَّ في حال رقه ، ثم بلغ الصبي وعتق العبد ، أن عليهما حجة الإسلام ، إذا وجدا إليهما سبيلا " انتهى
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة ما نصه :
" تعتبر العمرة والحج من غير البالغ تطوعاً ، ولا تكفي عن حجة الإسلام وعمرته "
فتاوى اللجنة (11/24) .
الإسلام سؤال وجواب
حكم جمع طواف الحامل والمحمول بطواف واحد؟
السؤال: نويت الذهاب إلى العمرة إن شاء الله ، واصطحبت معي زوجتي وولدي ، الأكبر له من العمر سنتان ، والأصغر له ثلاثة أشهر ، ولي بعض الأسئلة التي أرجو أن أجد لها جوابًا شافيًا عندكم بإذن الله : هل لا بد من طواف لي ، ثم طواف لأحدهما ، ثم طواف للآخر ، وسعي لي ، ثم لأحدهما ، ثم للآخر ، أم يجزئ لنا كلنا طواف وسعي واحد ، وإن كان لا بد من طواف وسعي لكل منا ، هل يجوز مثلاً أن أطوف بأحدهم ، ثم يسعى به خاله أو أمه ، بحيث نفرق أعمال العمرة علينا ، لما في تكرارها من مشقة كبيرة لا تخفى عليكم؟
الجواب: الحمد لله اختلف العلماء فيمن حمل غيره وطاف به ، هل يقع الطواف عنهما معاً أو عن أحدهما؟ على قولين :(4/1)
القول الأول : أنه لا يصح ذلك ، بل لابد من طواف مستقل للحامل ، وطواف آخر للمحمول ، وهو قول جمهور العلماء . قال ابن قدامة رحمه الله : " إن نوى الطواف عن نفسه وعن الصبي : احتمل وقوعه عن نفسه .... واحتمل أن يقع عن الصبي .... لكون المحمول أولى . واحتمل أن يلغو لعدم التعيين , لكون الطواف لا يقع عن غير معين " انتهى. "المغني" (3/108) . وقال البهوتي رحمه الله : "فإن نوى الطائف بالصغير ، الطواف عن نفسه ، وعن الصبي ، وقع الطواف عن الصبي ، كالكبير يطاف به محمولا لعذر؛ لأن الطواف فعلٌ واحدٌ لا يصح وقوعه عن اثنين " انتهى. "كشاف القناع" (2/381). وقال أبو إسحاق الشيرازي (الشافعي) : "وإن حَمَلَ مُحرِمٌ مُحرمًا ، وطاف به ، ونويا ، لم يجز عنهما جميعا ؛ لأنه طواف واحد ، فلا يسقط به طوافان....) " انتهى. "المجموع" (8/39).(4/2)
القول الثاني : أنه يصح طواف واحد عن الحامل والمحمول ، وهو قول الحنفية ، وقول عن الإمام الشافعي . واختاره كثير من علمائنا المعاصرين ، كالشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله والشيخ ابن جبرين . قال ابن نجيم الحنفي رحمه الله : " وذكر الإسبيجابي : ومن طِيف به محمولا أجزأه ذلك الطواف عن الحامل والمحمول جميعا, وسواء نوى الحامل الطواف عن نفسه وعن المحمول أو لم ينو " انتهى. "البحر الرائق" (2/381) ، "المجموع" (8/39) . وقد نقلنا فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ بن جبرين في ذلك ، في جواب السؤال رقم (12945) . ونزيد هنا فتوى للشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله ، فقد سئل : إذا حج بالصبي وحمله في الطواف والسعي فهل يجزئ؟ فأجاب : "الصواب أن الطواف الواحد يجزئ عن الحامل والمحمول ، عن الرجل وعن الصبي ؛ لأنه نوى عن نفسه وعن الصبي ، وبعض العلماء يرى أنه لا يكفي إلا عن واحد ، ولكنه قول ضعيف" انتهى . "الفتاوى السعدية" (ص/239). فعلى هذا ؛ يكفيك طواف واحد وسعي واحد ، عنك وعن الصبي الذي تحمله ، ولو وضعتها على عربة ونويت الطواف والسعي عنها وأنت تطوف وتسعى معها ، أجزأ ذلك إن شاء الله . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
أحرم بالعمرة لطفلته ولم تكملها
أحرمنا للعمرة مع طفلتي ذات السنة ولم تؤد المناسك وذلك للخوف من الأمراض المعدية وخشية الإرهاق, مع العلم أنا اشترطنا التحلل عند وجود حابس .
الحمد لله
إذا كنت أحرمت بالعمرة لطفلتك ، ثم لم تكملها ، فلا شيء عليك ، لأن إحرام الصبي غير لازم ، لعدم تكليفه ، وهذا مذهب الحنفية ، واختاره بعض أهل العلم .
وينظر : السؤال رقم (49028) ورقم (37995) .
وأما الاشتراط فإنه يفيد إذا وجد المانع والحابس ، كالمرض ، ولا يكفي مجرد الخشية من المرض أو الإرهاق .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
صحة حج الصغير
أريد أن أحج بولدي الصغير الذي لم يبلغ بعد ، فهل يقبل حجه ؟.
الحمد لله(4/3)
اتفق أهل العلم على عدم وجوب الحج والعمرة على غير البالغ ؛ لأن الصبي مرفوع عنه القلم
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يبلغ ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ " رواه أبو داوود (4403) وابن ماجه (2041)
وأما صحة حج الصبي فالصحيح أن حجه صحيح ويثاب عليه ، وهو قول جمهور أهل العلم بل حُكى هذا القول إجماعاً .
لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ مَنْ الْقَوْمُ ؟ قَالُوا : الْمُسْلِمُونَ .
فَقَالُوا : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ .
فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ : أَلِهَذَا حَجٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ " رواه مسلم (1336) .
أنظر السؤال (14621) .
للاستزادة راجع كتاب مناسك الصبيان ص6 .
الإسلام سؤال وجواب
هل يكتب للأطفال حج ؟
هل اصطحاب الأطفال للحج. هل تكتب لهم حجة إذا أديت المناسك عنهم أو ماذا.
الحمد لله
دلت السنة الصحيحة على أن الصبي له حج يثاب عليه ، لكن لا يجزئه عن حجة الإسلام ، فقد روى مسلم (2378) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : رَفَعَتْ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَلِهَذَا حَجٌّ ؟ قَالَ : ( نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ ).
قال النووي في "شرح مسلم" :
" فِيهِ حُجَّة لِلشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء أَنَّ حَجّ الصَّبِيّ مُنْعَقِد صَحِيح يُثَاب عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُجْزِيه عَنْ حَجَّة الْإِسْلَام , بَلْ يَقَع تَطَوُّعًا , وَهَذَا الْحَدِيث صَرِيح فِيهِ . . .
قَالَ الْقَاضِي : وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئهُ إِذَا بَلَغَ عَنْ فَرِيضَة الْإِسْلَام إِلَّا فِرْقَة شَذَّتْ فَقَالَتْ : يُجْزِئهُ , وَلَمْ تَلْتَفِت الْعُلَمَاء إِلَى قَوْلهَا . . .(4/4)
وقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَك أَجْر ) مَعْنَاهُ بِسَبَبِ حَمْلهَا وَتَجْنِيبهَا إِيَّاهُ مَا يَجْتَنِبهُ الْمُحْرِم وَفِعْل مَا يَفْعَلهُ الْمُحْرِم " انتهى .
وقال الخطابي :
" إِنَّمَا كَانَ لَهُ الْحَجّ مِنْ نَاحِيَة الْفَضِيلَة دُون أَنْ يَكُون مَحْسُوبًا عَنْ فَرْضه لَوْ بَقِيَ حَتَّى بَلَغَ وَيُدْرِك مَدْرَك الرِّجَال , وَهَذَا كَالصَّلَاةِ يُؤْمَر بِهَا إِذَا أَطَاقَهَا وَهِيَ غَيْر وَاجِبَة عَلَيْهِ وُجُوب فَرْض وَلَكِنْ يُكْتَب لَهُ أَجْرهَا تَفَضُّلًا مِنْ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى وَيُكْتَب لِمَنْ يَأْمُرهُ بِهَا وَيُرْشِدهُ إِلَيْهَا أَجْر فَإِذَا كَانَ لَهُ حَجّ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مِنْ سُنَنه أَنْ يُوقَف بِهِ الْمَوَاقِف وَيُطَاف بِهِ حَوْل الْبَيْت مَحْمُولًا إِنْ لَمْ يُطِقْ الْمَشْي وَكَذَلِكَ السَّعْي بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة وَنَحْوهَا مِنْ أَعْمَال الْحَجّ " انتهى نقلاً من "عون المعبود" .
وروى الترمذي (926) عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : (حَجَّ بِي أَبِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ) صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة أخرى) رواه الشافعي في مسنده ، وصححه الألباني في إرواء الغليل (686) .
وقد سبق الكلام على حج الصبي ، وما يترتب عليه في جواب السؤال رقم (3240) و (49028)
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
يسأل عن إحرام الصبيان
إذا أحرمت بابني الصغير ، ثم واجهتنا صعوبات الزحام ، ونحو ذلك مما هو مشاهد في الحج ، في هذه الأيام ، فهل لنا أن نفسخ إحرامه ، بعد ما تلبس به ؟ وما الذي يلزمنا حينما نفسخه ؟.
الحمد لله(4/5)
قد سبق بيان مشروعية حج الصغير ، وبيان أن هذه الحجة لا تجزئه عن حجة الإسلام ، وسبق بيان ما يفعله الولي بصبيه ، [ انظر الأسئلة 13636، 36862، 14621 ] .
ومع ذلك فينبغي أن يراعي الولي ظروف الوقت الذي يريد أن يحرم فيه بالصبي ؛ فإن كان في وقت لا يشق فيه الإحرام بالصبي ، لقلة الزحام ، ونحو ذلك ، فإنه يحرم به ، وإن كان في وقت يشق فيه الإحرام بالصبي ، لشدة الزحام في الحج ، أو العمرة في رمضان ، أو ضعف وليه ، ونحو ذلك ، فالأولى في حقه ألا يحرم به ؛ لأنه ربما يشغله عن أداء نسكه الذي هو مطالب به على الوجه الأكمل . انظر الشرح الممتع 7/24 .
لكن كثيرا من الأولياء لا يحسنون تقدير هذه الصعوبات ، أو يغلب على ظنهم أنهم يستطيعون تحملها ، ثم يكون الأمر على خلاف ما قدروه ، وربما لم يتحمل الصبي نفسه البقاء في الإحرام ، ويشق على الولي أن يلزمه بالاستمرار فيه ، فما الحكم في هذه الحالة ؟
قال الشيخ ابن عثيمين ، رحمه الله :
المشهور من المذهب [ يعني مذهب الحنابلة ] أنه يلزمه الإتمام ؛ لأن الحج والعمرة يجب إتمام فعلهما .
والقول الثاني ، وهو مذهب أبي حنيفة ، رحمه الله تعالى ، أنه لا يلزمه الإتمام ؛ لأنه غير مكلف ، ولا ملزم بالواجبات .
وهذا القول هو الأقرب للصواب ، وهو ظاهر ما يميل إليه صاحب الفروع [ يعني ابن مفلح ، تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية ] .
وعلى هذا له أن يتحلل ، ولا شيء عليه ، وهو في الحقيقة أرفق بالناس ؛ لأنه ربما يظن الولي أن الإحرام بالصبي سهل ، ثم يكون على خلاف ما يتوقع ، فتبقى المسألة مشكلة ، وهذا يقع كثيرا من الناس اليوم ، فإذا أخذنا بهذا القول ، الذي هو أقرب للصواب لعلته الصحيحة ، زالت عنا هذه المشكلة . ) الشرح الممتع 7/25 ، وانظر الفتاوى 22/148 .
الإسلام سؤال وجواب(4/6)
المواقيت
هل يجب على النائب أن يحج من مكان من يحج عنه؟
امرأة من اليمن أوصت ورثتها قبل موتها أن يجعلوا من يحج عنها من مالها الخاص ، فهل يجوز الحج عن هذه المرأة ممن هم في مدينة جدة ؟ وهل يحرم من بيته في جدة ، أو يذهب إلى ميقات أهل اليمن الساحلي ويحرم من هناك ، أو أنه يجب على الذي سيحج عن هذه المرأة أن يكون من اليمن ؛ أي خروجه للحج يكون من اليمن ؟ وهل يجب أن يكون هذا الحاج من بلدة هذه المرأة صاحبة الوصية ؟
الحمد لله
لا يجب على النائب أن يحج من بلد مَنْ يحج عنه ، ولا أن يحرم من ميقاته ، بل يُحرم النائب من ميقاته هو ، ولا حرج أن يحج من جدة عن امرأة من أهل اليمن ، ويحرم النائب من جدة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن رجل من أهل أفريقيا يريد أن يكلف شخصاً بالحج عن أمه ، فأجابت:
"يجوز للشخص المذكور أن يقيم من مكة أو غيرها من الثقات من يحج عن أمه إذا كانت متوفاة أو عاجزة عن مباشرة الحج بنفسها ؛ لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/80) .
الإسلام سؤال وجواب
حكم الإحرام فوق الميقات لمن كان في الطّائرة
السؤال: أنا أعمل في طيارات خاصة بالقاعدة الجويّة ، ويركب معنا ناس نوصلهم من منطقة إلى منطقة ، وفي رحلة كانت متجهة إلى جدة ، ركب معنا رجال متجهون إلى مكة ، قالوا لنا : إذا وصلنا فوق الميقات قولوا لنا ، فنسينا أن نخبرهم وما ذكرناهم ، فلما بقي قليل على الوصول إلى جدة ، ذَكَرْتُهم فسألت الكابتن ، فقال: قل لهم : إنا الآن فوق الميقات ، فهل عليهم شيء ؟ وإذا عليهم شيء ماذا يفعلون ؟ وعلى من الذنب ؟ وشكرا .
الجواب
الحمد لله(5/1)
إنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم حدّد المواقيت المكانيّة في حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما بقوله : وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلّى الله عليه وسلّم - لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ ، وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ . قَالَ « فَهُنَّ لَهُنَّ ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ ، وَكَذَا فَكَذَلِكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا » . أخرجه البخاريّ برقم (1524) ، ومسلم برقم (1181) .
وقد أجمع الفقهاء على هذه المواقيت ، وعلى أنّها لأهلها ، ولمن أتى عليها .
ينظر : الإشراف لابن المنذر (3/177) ، ومراتب الإجماع (ص42) ، والاستذكار (11/76) ، والمغني (5/56) .
وعلى هذا فلا يجوز لمن يريد الحجّ أو العمرة أن يتجاوز الميقات المحدّد له ، سواء كان من طريق البرّ أو البحر أو الجوّ ؛ لأثر ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ : ( لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ ، أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا ، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا ، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا ؟ قَالَ : فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ ، فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ ) . أخرجه البخاريّ برقم (1531) .
فجعل عمر رضي الله عنه ميقات من لم يمرّ بالميقات محاذاته ، ومن حاذاه جواً فهو كمن حاذاه براً .
فالواجب على من حاذى الميقات في الطّائرة أن يحرم ، والأولى له أن يحرم قبل المحاذاة ؛ لسرعة الطّائرة .
وينظر جواب السؤال رقم ( 4635) .(5/2)
أمّا من سألت عنهم فالواجب عليهم أن يلبسوا الإحرام ، ويُهلوا بالعمرة ، أو الحج ، وإن كانوا لابسين لملابس الإحرام ، فما عليهم إلا أن يهلوا بالنسك ، فور إخباركم لهم بالميقات ، ولا شيء عليهم سوى ذلك ، ما داموا لم يتعمدوا تجاوز الميقات بلا إحرام ، بل لم يعلموا ـ أصلا ـ أنهم تجاوزوه من غير إحرام ، وإنما ظنوا أن المكان الذي أحرموا منه هو ميقاتهم ، بناء على خبركم .
وأما بالنسبة لكم ، فقد كان الواجب عليكم أن تنبهوهم قبل وصول الميقات بزمن يكفي لاستعدادهم للإحرام ، فهذه هي أمانتكم أنتم ومسؤوليتكم .
وحيث إنكم نسيتم ذلك ، فليس عليكم إثم في هذا النسيان ، لقول الله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) البقرة/286 .
وفي الحديث القدسي : قال الله تعالى : ( قد فعلت ) . رواه مسلم (126) .
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ) .
رواه ابن ماجة (2043) وصححه الألباني .
لكن المشكلة الكبيرة بالنسبة لكم هي أنه كان الواجب عليكم أن تعلموهم بحقيقة الحال ، وأنكم قد تجاوزتم الميقات فعلا ، وحينئذ كان يجب عليهم أن يؤخروا إحرامهم إلى أن ينزلوا من الطائرة ، ثم يعودوا إلى الميقات فيحرموا منه .
فإن أحرموا ، وقد علموا أنهم تجاوزوا الميقات : كان عليهم أن يذبحوا فدية .(5/3)
والواقع أن الإثم الذي وقعتم فيه ، أنت والكابتن ، هو في غشكم لهم ، وعدم إخبارهم بحقيقة الحال ، وحيث إن الأمر لم يعد ممكنا تداركه : فالواجب عليك ـ أنت ومن شارك في ذلك ـ أن تتوبوا إلى الله تعالى من تدليسكم عليهم ، خاصة والأمر يتعلق بصحة العبادة ، وحدود الله فيها .
وينبغي عليكم ـ مع توبتكم إلى الله تعالى من ذلك ـ أن تحصوا عدد هؤلاء المعتمرين ، ولو على وجه التقريب ، وتذبحوا عن كل واحد منهما هديا ، لأنكم أنتم الذين تسببتم في تعدي من معكم للميقات بدون إحرام ، ثم قطعتم عليهم فرصة الرجوع لاستدراك ما فاتهم .
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن جماعة ذهبوا للحج بالنقل الجماعي ، ولم ينتبه السائق للميقات إلا بعد أن تجاوزه بمائة كيلو ، فطالبه الركاب بالرجوع للميقات ليحرموا منه ، فرفض العودة إليه ، وواصل الرحلة حتى وصلوا إلى جدة فماذا يلزمهم ؟
فأجاب :
" الواجب على السائق أن يتوقف عند الميقات ليحرم الناس منه ؛ فإن نسي ولم يذكر إلا بعد مائة كيلو ، كما قال السائل ، فإن الواجب عليه أن يرجع بالناس حتى يحرموا من الميقات ، لأنه يعلم أن هؤلاء يريدون العمرة أو يريدون الحج ؛ فإذا لم يفعل وأحرموا من مكانهم ، أي بعد تجاوز الميقات بمائة كيلو ، فإن عليهم على كل واحد فدية يذبحها في مكة ، ويوزعها على الفقراء ، لأنهم تركوا واجباً من واجبات النسك ، سواء في حج أو عمرة .
وفي هذه الحال لو حاكموا هذا السائل ، لربما حكمت المحكمة عليه بغرم ما ضمنوه من هذه الفدية ، لأنه هو الذي تسبب لهم في غرمها ، وهذا يرجع إلى المحكمة ؛ إذا رأى القاضي أن من المصلحة أن يقول للسائق : عليك قيمة الفدى التي ذبحها هؤلاء ، لأنك أنت الذي اعتديت عليهم ، والنسيان منك ، أنت فرطت أولا ، ثم اعتديت عليهم ثانيا بمنعهم من حق الرجوع " .
"مجموع فتاوى الشيخ" (21/368) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب(5/4)
يعيش في جدة وأحرم للحج من مكة
أعيش في جدة وفي السنة الماضية أديت فريضة الحج أنا وزوجتي ، لكننا قمنا بأداء العمرة قبل الحج بثمانية أيام ، وأحرمنا من مسجد عائشة في مكة بدلاً من أن نحرم من منزلنا . فهل ما فعلناه صحيح ، أم إن علينا فدية ؟ وكيف ، ولمن تقدم هذه الفدية ؟
الجواب :
الحمد لله
من كان من أهل جدة وأنشأ الحج أو العمرة منها فإنه يحرم منها ؛ لأنها تعتبر داخل الميقات ، فحكم أهلها حكم من جاوروا مكة ، ممن هم دون المواقيت ، يحرمون من حيث أنشأوا النية .
وذلك لما رواه البخاري (1526) ومسلم (1181) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
" وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ ، فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ ، وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا " .
قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الواجب على المعتمر ...الإحرام من الميقات الذي يمر عليه حين قدومه إلى مكة ، إن كان خارج المواقيت .
أما إن كان داخل المواقيت كأهل جدة وأم السلم وبحره ولزيمة والشرائع ونحوها ، فإنه يلزمه الإحرام من محله الذي أنشأ فيه نية الدخول في الحج أو العمرة " انتهى .
"فتاوى إسلامية" (2/690)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الذي قصد أن يعتمر ، وهو من أهل جدة : فيجب أن يحرم من جدة ولا يؤخر " انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (121/24) .(5/5)
وعلى ما تقدم : كنت تقصد بالإحرام من مسجد عائشة : الإحرام بالعمرة التي قمتما بأدائها قبل الحج ، فقد تجاوزتما الميقات الذي يلزمكما الإحرام منه ، وهو مكان إقامتكما : جدة .
والأحوط لكما : أن تذبحا ، عن كل واحد منكما شاة ، تذبح في مكة ، ويوزع لحمها على الفقراء ، ولا يأكل منه شيئا .
قال ابن عثيمين :
" إذا أحرم الإنسان لحجٍ أو عمرة من غير الميقات الذي عينه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فالإحرام لازم وصحيح ، والحج والعمرة صحيحان ، لكن العلماء يقولون : إن إيقاع الإحرام من الميقات من واجبات الحج أو العمرة ، وأن من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة فعليه فدية يفدي بها ليجبر هذا النقص ، تذبح في مكة وتوزع على الفقراء ولا يأكل منها شيئاً ، ثم إن لم يستطع فبعضهم قال : يصوم عشرة أيام ، وبعضهم قال : لا شيء عليه . والصحيح : أنه لا شيء عليه إذا لم يستطع ؛ لأنه ليس هناك دليل صحيح على أن من عجز عن فدية ترك الواجب أن يصوم عشرة أيام ".
"لقاء الباب المفتوح" (175/14)
وأما إن كان الإحرام الذي وقع منكما في مسجد عائشة ، هو إحرامكما للحج ، بعد أداء العمرة ، وكان إحرامكما للعمرة من جدة : فلا شيء عليكما في ذلك ، مع أن إحرامكما بالحج إنما يجب من حيث تنزلون ، في مكة ، أو في غيرها ، من غير حاجة إلى الخروج إلى مسجد عائشة ، أو إلى غيره من الحل .
الإسلام سؤال وجواب
مزيد من الإيضاح في حكم نظر الكافرة إلى المسلمة
قلت بأن الكافرات يجوز لهن أن ينظرن إلى المسلمة بدون حجاب, وأنا لست مقتنعة بعد لأنك ذكرت حديثا واحدا أن عائشة رضي الله عنها ظهرت أمام يهودية . أرجو أن تتوسع في توضيح الموضوع حيث أن أقاربي بحكم الزوجية هم من الكفار.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :(5/6)
فحرصك أيتها السائلة على الحشمة والاحتشام في الملبس حتى أمام الكافرات مما يستحق الإشادة والشكر خاصة في زمن قل فيه الحياء ، وضعفت فيه الغيرة .
وأما ما يتعلق بمسألة نظر الكافرة إلى ما يظهر عادةً من المسلمة فهذه المسألة اختلف فيها العلماء قديماً وحديثاً ، وتجدين في السؤال (2198 ) ملخصاً لأقوال العلماء وأدلة كل قول ، وستلحظين أن من قال بجواز نظر الكافرة إلى المسلمة دون حجاب ؛ لديهم أكثر من دليل على ذلك .
ولكن مما تجدر الإشارة إليه ما يلي :
1- أن المسلم الصادق إذا ثبت عنده الدليل الصحيح في أي مسألة شرعية ، وكانت دلالته على المسألة ظاهرةً واضحةً لزمه العمل به ، ولا يلزم وجود دليلين أو أكثر في كل مسألة .
2- أن المرأة الكافرة إذا كانت غير مأمونة فخُشِي منها أن تصف المرأة المسلمة أو تسيء إلى عرضها لزم المسلمة التحرز منها بالحجاب أو بالامتناع عن مجالستها ونحو ذلك .
3- أن القول باحتجاب المرأة المسلمة عن الكافرات قول معتبر وله وجه من الصحة ، وقد قال به كثير من السلف ؛ فلو رغبت المسلمة أن تحتاط لدينها وتعمل بهذا القول فلها ذلك ، ويرجى لها الخير لتورِّعها ، وحرصها على البعد عن الشبهات . لكن لا ينبغي لها أن تنكر على من خالفها في ذلك مادامت المسألة محل اجتهاد ونظر بين العلماء . وخصوصاً إذا أمنت الفتنة من هذه الكافرة .
4- ينبغي للنساء ألا يتوسعن في التكشف أمام محارمهن أو النساء المسلمات فضلاً عن الكافرات ، بل لا يُظهرن إلا ما ينكشف في العادة من اليدين والساقين والرقبة والشعر،(والحياء شعبة من الإيمان) وفي السؤال ( 6596 ) مزيد من التوضيح والفائدة . والله أعلم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
أتى جدة بنية الذهاب للمدينة والإحرام منها فمنع من الذهاب للمدينة وأحرم من جدة(5/7)
أنا وزوجتي ذهبنا للحج الماضي . لم نلبس ملابس الإحرام حتى وصلنا إلى جدة بسبب أننا كنا نفترض أن نذهب إلى المدينة أولاً . لكن السلطات في جدة لم تسمح لنا بالذهاب إلى المدينة بسبب توقيت الحج . كان خمسة أيام قبل الحج . كانت نيتنا أن نلبس الإحرام من المدينة قبل أن نعود إلى جدة . هل يجب علينا أن نذبح ، كلانا؟ وكيف علينا أن ندفع المال للذبيحتين من الولايات المتحدة الأمريكية؟
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت من وصولكم جدة دون إحرام لعزمكم على الذهاب إلى المدينة أولا ثم الإحرام منها ، وأن السلطات منعتكم من الذهاب إلى المدينة ، فأحرمتم من جدة ، فلا حرج عليكم ؛ لأن ذهابكم إلى جدة أولا لم تكونوا قاصدين به الحج ، فلم يلزمكم الإحرام من الميقات عند مروركم عليه ، وإنما قصدتم الحج من سفركم من المدينة ، فيلزمكم الإحرام من ميقاتها (ذو الحليفة) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : رجل جاء من جدة ولم يحرم ، أولاً ذهب إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي ، ثم أحرم من ميقات أهل المدينة ، هل هذا صحيح ؟
فأجاب : " لا بأس ، يعني : لو أن الإنسان جاء من بلده قاصداً المدينة أولاً ، ونزل في جدة ، ثم سافر من جدة إلى المدينة ، ثم رجع من المدينة محرماً من ميقات أهل المدينة فلا بأس " انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (121/29) .
وحيث تعذر السفر إلى المدينة ، وعزمتم على الحج فإنكم تحرمون من مكانكم ، أي من جدة ، وهذا ما فعلتم والحمد لله ، فلا يلزمكم شيء .
ونسأل الله لنا ولكم القبول .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم من أحرم بعد تجاوز الميقات(5/8)
السؤال : ذهبت هذه السنة أنا وزوجي إلى الحج ، كانت الرحلة متجهة من أبو ظبي إلى جدة ، وكان كابتن الطائرة ليس مسلمًا ، واخبرنا أنه خلال 45 دقيقة سوف نحاذي الميقات ، وبعد انتهاء المدة لم يخبرنا بمحاذاة الميقات ، وسمعنا أن ركاب الطائر بدؤوا بالتلبية ، فهل يكون علينا دم أم لا ؟
الجواب:
الحمد لله
إن كنتم أحرمتم بعد تجاوز الميقات ، فالواجب عليك أن تذبح شاة عن نفسك وأخرى عن زوجتك ، تذبحان في مكة وتوزعان على المساكين هناك .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (22/140) :
" من جاوز الميقات غير محرم وجب عليه أن يرجع إليه ليحرم منه إن أمكنه ، فإن رجع إليه فأحرم منه فلا دم عليه ، وهذا باتفاق ؛ لأنه أحرم من الميقات الذي أمر بالإحرام منه .
وإن تجاوز الميقات وأحرم فعليه دم ، سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع ، وهذا عند المالكية والحنابلة" انتهى .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما حكم تجاوز الميقات في الحج والعمرة ؟
فأجاب :
" لا يجوز للمسلم إذا أراد الحج أو العمرة أن يتجاوز الميقات الذي يمر به إلا بإحرام .
فإن تجاوزه بدون إحرام لزمه الرجوع إليه والإحرام منه .
فإن ترك ذلك وأحرم من مكان دونه أو أقرب منه إلى مكة فعليه دم عند الكثير من أهل العلم ، يذبح في مكة ويوزع بين الفقراء ؛ لكونه ترك واجبا وهو الإحرام من الميقات الشرعي " انتهى باختصار.
"مجموع فتاوى ابن باز" (17/9) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ركبت الطائرة من الرياض إلى جدة بنية العمرة ، ثم أعلن قائد الطائرة أنه بعد خمس وعشرين دقيقة سنمر فوق الميقات ، ولكن غفلت عن زمن المرور فوق الميقات بمقدار أربع أو خمس دقائق ، وأتممنا مناسك العمرة ، فما الحكم يا فضيلة الشيخ ؟
فأجاب :
"الحكم أنه على ما ذكره العلماء يلزم هذا السائل أن يذبح شاةً في مكة ويوزعها على الفقراء ، فإن لم يجد فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها .(5/9)
لكني أنصح الإخوة : أنه إذا أعلن القائد أنه بقي خمسةً وعشرين دقيقة أو عشر دقائق أن يحرموا ؛ لأن بعض الناس ينام بعد هذا الإعلان ولا يشعر إلا وهو قريب من مطار جدة ، وأنت إذا أحرمت قبل الميقات بخمس دقائق أو عشر دقائق أو ساعة أو ساعتين فلا عليك شيء ، إنما المحذور أن تؤخر الإحرام حتى تتجاوز الميقات ، والخمس الدقائق للطيارة تبلغ مسافة طويلة .
فأقول للأخ السائل : اذبح فدية في مكة ووزعها على الفقراء عن كل واحد منكم لم يحرم إلا بعد الميقات ، لكن في المستقبل انتبهوا إذا أعلن قائد الطائرة فالأمر واسع أحرموا ، حتى إذا نمتم بعد ذلك لم يضركم " انتهى.
"اللقاء الشهري" (رقم/56، سؤال رقم/4) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
يعمل في الرياض وله منزل في خليص فمن أين يحرم؟
نويت الحج هذا العام إن شاء الله وسؤالي بالتحديد من أين أقوم بالإحرام ؟ حيث إني أعمل بالرياض وأسكن أنا وزوجتي في شقة إيجار , وفي الإجازات مثل إجازة الحج وإجازة عيد الفطر دائما أتوجه إلى منطقتنا خليص في الغربية قرب مكة وأسكن في بيتي الذي أملكه فهل أحرم من بيتي في خليص حيث لا أمر بأي ميقات أو أحرم من أي ميقات أم ماذا ؟
الحمد لله
من له سكنان أحدهما خارج الميقات والثاني دون الميقات ، وأراد السفر إلى مكة لأداء المناسك فله أن يحرم من البعيد أو القريب ، والأولى أن يحرم من البعيد .
قال ابن قدامه رحمه الله :
"إذا كان للمتمتع قريتان ، قريبة بعيدة ... له أن يحرم من القريبة ... وقال القاضي : له حكم القرية التي يقيم بها أكثر" انتهى من "المغني" (3/246).
وهذا الذي اختاره القاضي هو مذهب الشافعية .
قال في تحفة المحتاج (4/151) : "ومن له مسكنان قريب من الحرم وبعيد عنه اعتبر ما مقامه به أكثر" انتهى .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
أنا طلب أدرس في المنطقة الشرقية وأهلي في جدة وأريد الحج فمن أين أحرم ؟ هل من قرن المنازل أو من سكني في جدة ؟(5/10)
فأجاب : "أنت مخير ما دمت من سكان جدة دون الميقات وإذا أحرمت من قرن المنازل فهو أفضل وأولى ، لكونك وافداً ، وأخذت بالأكمل والأحوط ، وإن أنت قصدت أهلك ثم أحرمت منهم فلا بأس" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (17/54) .
الإسلام سؤال وجواب
من تجاوز الميقات ونسي أن يحرم وجب عليه الرجوع إلى ميقاته
شخص ذهب للعمرة بالطائرة وأعلن قائد الطائرة أن محاذاة الميقات ستكون بعد ثلث ساعة ولكنه نام ولم يستيقظ إلا في المطار فذهب إلى السيل وأحرم من هناك وأتى بعمرته فهل عليه شيء أم لا ؟
الحمد لله
"إذا كان هذا من أهل الرياض وذهب إلى السيل وأحرم فلا شيء عليه ؛ لأنه أحرم من ميقاته ، وأما إذا كان جاء من المدينة فالواجب أن يذهب إلى ميقات أهل المدينة ويحرم منه ، فإن أحرم من السيل فعليه فدية ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت قال : (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن) فتجاوز ميقات أهل المدينة لمن مر به من غيرهم ، كتجاوز أهل نجد ميقات أهل نجد وهم لم يحرموا" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/309) .
الإسلام سؤال وجواب
نسي أن يحرم في الطائرة فهل يعود إلى الميقات ليحرم منه؟
من نسي الإحرام أو انشغل عنه في الطائرة حتى تجاوز الميقات فلم يحرم وأراد الرجوع بالسيارة إلى الميقات الذي تجاوزه فهل يجوز له ذلك ؟
الحمد لله
"نعم ، يجوز ، والقاعدة : إذا تجاوز الإنسان الميقات وقد أراد الحج أو العمرة ولم يحرم منه ، فإن أحرم من مكانه الذي دون الميقات لزمه الدم ، وإذا رجع إلى الميقات وأحرم منه فلا شيء عليه .
وبناء على ذلك لو فرضنا أنه ركب طائرة من مطار القصيم وهو يريد العمرة ، ثم نزل إلى جدة قبل أن يحرم ، نقول له : إما تذهب إلى السيل الكبير وتحرم منه ، وإن أحرمت من جدة فعليك دم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/302) .
الإسلام سؤال وحواب
تجاوز السائق الميقات ورفض أن يعود إليه(5/11)
ذهبنا إلى العمرة بالباص ، ولم ينتبه السائق للميقات إلا بعد تجاوزه بمائة كيلو ، فرفض العودة إليه وواصل الرحلة حتى وصلت جدة . فماذا علينا والحال هكذا ؟
الحمد لله
"الواجب على السائق أن يتوقف عند الميقات ليحرم الناس منه ، فإن نسي ولم يذكر إلا بعد مائة كيلو كما قال السائل فإن الواجب عليه أن يرجع بالناس حتى يحرموا من الميقات؛ لأنه يعلم أن هؤلاء يريدون العمرة أو يريدون الحج . فإذا لم يفعل وأحرموا من مكانهم ، أي بعد تجاوز الميقات بمائة كيلو فإن على كل واحد فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء ؛ لأنهم تركوا واجباً من واجبات النسك سواء في حج أو عمرة .
وفي هذه الحال لو حاكموا هذا السائق لربما حكمت المحكمة عليه بغرم ما ضمنوه من هذه الفدية لأنه هو الذي تسبب لهم في غرمها ، وهذا يرجع إلى رأي القاضي إذ يمكنه أن يلزم السائق بقيمة الفدية التي دفعها هؤلاء ، لأنه فرط في حقهم بنسيانه ، ثم اعتدى عليهم بمنعهم من حق الرجوع للإحرام" انتهى .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 218) .
الإسلام سؤال وجواب
من سكان الجبيل وله أهل بمكة فمن أين يحرم بالحج؟
أنا من سكان الجبيل وأريد الحج مفردا وعندي أهل في مكة وأريد الذهاب إليهم ثاني يوم في الشهر قبل بدء الحج فهل لابد من الإحرام من الميقات السيل الكبير؟
الحمد لله(5/12)
إذا كان مقامك واستقرارك في الجبيل ، وعزمت على الحج وأنت به ، فيلزمك الإحرام من الميقات ، وهو قرن المنازل (وادي السيل) ؛ لما روى البخاري (1524) ومسلم (1181) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ : (إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ ) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : رجل من أهل جدة سكن في الجبيل ويريد الحج متمتعا فمن أين يحرم للعمرة ؟ هل يحرم من الميقات أو من بيت أهله في جدة ؟ وإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة فمن أين يحرم بالحج ؟ وهل يلزمه أن يرجع للميقات فيحرم منه ؟
فأجاب : " إذا كان الإنسان من أهل جدة وكان يعمل في بلاد أخرى كالجبيل أو الظهران أو الرياض وغيرها فإنه إذا أراد الحج يحرم من أول ميقات يمر به ، يحرم بالعمرة ، فإذا كان في اليوم الثامن أحرم من جدة ، ولا يلزمه أن يأتي الميقات مرة أخرى ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت وقال : ( من كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة ) فيكون جواب هذا السؤال : أن السائل يجوز له إذا حل من عمرته أن يذهب إلى أهله في جدة فإذا كان اليوم الثامن أحرم مع أهله أو أحرم بنفسه من جدة وخرج إلى منى " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/327).
وسئل أيضا رحمه الله : رجل متزوج ويسكن مع زوجته وأولاده في الرياض ، وأمه وأبوه في جدة فما الحكم ؟(5/13)
فأجاب : "هذا إذا جاء إلى جدة فهو مسافر ، فهنا إذا أراد أن يذهب إلى أهله للزيارة ، وهو مريد أن يعتمر نقول : لابد أن تحرم من الميقات ؛ لأن وطنك الرياض ، أما جدة فهي وطن أبيه وأمه ، ولهذا لو كان في رمضان فله أن يفطر إذا سافر إلى مقر أبيه وأمه وهو ساكن في بلد آخر " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/329) .
وأنت مخير بين أن تحرم بالحج مفردا ، وتظل على إحرامك إلى أن تتحلل يوم النحر ، وبين أن تحرم بالعمرة متمتعا بها إلى الحج ، وهذا أفضل وأيسر ، فإذا فرغت من عمرتك حللت من إحرامك ، ثم إذا كان اليوم الثامن أحرمت بالحج من مكانك في مكة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
متى يحرم راكب الطائرة؟
أنا أريد الحج هذه السنة بإذن الله وأريد أن أسافر من الرياض إلى جدة عن طريق الجو "بالطائرة" فمتى أحرم بالضبط ؟.
الحمد لله
ميقاتك في هذه الحالة هو (قرن المنازل) ويسمى الآن (السيل الكبير) .
ويجب الإحرام من الميقات لمن مَرَّ به ، فإن لم يمر به وجب عليه الإحرام إذا حاذاه براً أو بحراً أو جواً . فيجب عليك أن تحرم إذا حاذيت الميقات بالطائرة ، ونظراً لأن الطائرة تمر على الميقات بسرعة فلا بأس أن تحرم قبله بقليل احتياطاً .
قال الشيخ بن جبرين :
ومن لم يكن في طريقه ميقات : أحرم إذا حاذى أقربها إليه سواء كان طريقه برّاً أو بحراً أو جوّاً ويحرم راكب الطائرة إذا حاذى الميقات أو يحتاط قبله حتى لا يجاوزه قبل إحرامه ، فمن أحرم بعد ما جاوز الميقات فعليه دم جبران ، والله أعلم اهـ
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 198 ) .
ومن فتاوى اللجنة الدائمة :(5/14)
جدة ليست ميقاتاً لحج أو عمرة إلا للمستوطنين أو المقيمين بها، وكذا من وصل إليها لحاجة غير عازم على حج أو عمرة، ثم بدا له أن يحج أو يعتمر. أما من كان له ميقات قبلها كذي الحليفة بالنسبة لأهل المدينة وما وراءها، أو حاذاها براً أو جواً، وكالجحفة لأهلها ومن حاذاها براً أو بحراً أو مر بها جواً، وكيلملم كذلك، فإنه يجب عليه أن يحرم من ميقاته أو مما يحاذيه جواً أو بحراً أو براً اهـ . "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/130) .
والدليل على الإحرام مما يحاذي الميقات ما أخرجه البخاري ( 1458 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما فُتح هذا المصران – يعني : الكوفة والبصرة - أتَوا عمر فقالوا : يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه و سلم حدَّ لأهل نجد قرناً وهو جورٌ عن طريقنا ، وإذا أردنا قرناً شق علينا قال : فانظروا حذوها من طريقكم فحدَّ لهم ذات عرق .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3/389) :
" فانظروا حذوها " أي : اعتبروا ما يقابل الميقات من الأرض التي تسلكونها من غير مَيل فاجعلوه ميقاتاً اهـ
وينبغي أن يعلم أنه ليس من السنة أن يحرم الإنسان قبل الميقات ، لأنَّ هذا لم يفعله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إلا إذا كان الرجل في طائرة فلا يتمكن من الوقوف عند محاذاة الميقات فهذا يحتاط بما يغلب على ظنه أنه لن يتجاوز الميقات إلا وهو محرم .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
فلم يُنقل عن أحدٍ ممن حجَّ مع النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه أحرم قبل ذي الحليفة ، ولولا تعين الميقات لبادروا إليه لأنه يكون أشق فيكون أكثر أجراً . "فتح الباري" ( 3 / 387 ) .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل لها أن تأتي جدة دون إحرام ثم ترجع إلى ميقاتها فتحرم؟(5/15)
امرأة قادمة من مصر إلى السعودية يوم 7/12/1428 وتريد الحج إلا أنها تريد جدة قبل الحج للقاء زوجها القادم من جنوب المملكة : والسؤال : ما الحكم لو حصلت هناك عشرة زوجية ( في جدة ) ما الأحكام المترتبة على ذلك ؟ السؤال الثاني : من أين تحرم يوم التروية للذهاب إلى الحج؟
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت ، فأمامها خياران ، تفعل الأنسب لها :
الأول وهو الأفضل : أن تحج متمتعة ، فتنوي العمرة عند مرورها بالميقات ، وتأتي جدة وهي محرمة فلا يعاشرها زوجها ، ثم تذهب إلى مكة ، فإذا فرغت من عمرتها قصرت من شعرها ، وتحللت ، وجاز لزوجها معاشرتها إذا لم يكن محرما . ثم في اليوم الثامن (يوم التروية ) تحرم بالحج من مكانها سواء كانت في مكة أو جدة .
الثاني : أن تأتي جدة من مصر دون إحرام ، ولزوجها معاشرتها في هذه الحالة ما لم يكن محرماً ، ثم إذا أرادت الحج ذهبت إلى ميقاتها ، [ رابغ ] لتحرم منه بالحج .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : من تجاوز الميقات عالماً عامداً لكنه أراد الراحة، مثلاً: تجاوز ميقات قرن إلى الشرائع ؛ ليرتاح عند أقربائه ، ثم يرجع إلى الميقات ويحرم منه، وهو يريد نسكاً، هل يأثم بهذا التجاوز أم أن الأمر فيه سهولة؟
الجواب: "لا ، الأمر فيه سهولة، يعني: الأفضل ألا يتجاوز الميقات حتى يحرم، ويمكنه أن يستريح عند أقاربه وهو محرم، والناس لا يرون في هذا بأساً ولا خجلاً ولا حياء، لكن لو فعل، وقال: سأذهب أستريح الآن، وأرجع إلى الميقات وأحرم منه؛ فلا حرج.
السائل: تكون مدة أسبوع؟ الشيخ: ما هناك مانع أبداً، المهم أنه يتجاوز الميقات ونيته أن يرجع ويحرم منه. السائل: يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي تجاوزه. الشيخ: يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي تجاوزه. السائل: بعُد أم قرُب؟ الشيخ: سواء بعد أم قرب " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (93/26).(5/16)
وليعلم أن المُحْرم بحج أو عمرة يحرم عليه الجماع ومقدماته ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (11356) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل لها أن تأتي جدة دون إحرام ثم ترجع إلى ميقاتها فتحرم؟
امرأة قادمة من مصر إلى السعودية يوم 7/12/1428 وتريد الحج إلا أنها تريد جدة قبل الحج للقاء زوجها القادم من جنوب المملكة : والسؤال : ما الحكم لو حصلت هناك عشرة زوجية ( في جدة ) ما الأحكام المترتبة على ذلك ؟ السؤال الثاني : من أين تحرم يوم التروية للذهاب إلى الحج؟
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت ، فأمامها خياران ، تفعل الأنسب لها :
الأول وهو الأفضل : أن تحج متمتعة ، فتنوي العمرة عند مرورها بالميقات ، وتأتي جدة وهي محرمة فلا يعاشرها زوجها ، ثم تذهب إلى مكة ، فإذا فرغت من عمرتها قصرت من شعرها ، وتحللت ، وجاز لزوجها معاشرتها إذا لم يكن محرما . ثم في اليوم الثامن (يوم التروية ) تحرم بالحج من مكانها سواء كانت في مكة أو جدة .
الثاني : أن تأتي جدة من مصر دون إحرام ، ولزوجها معاشرتها في هذه الحالة ما لم يكن محرماً ، ثم إذا أرادت الحج ذهبت إلى ميقاتها ، [ رابغ ] لتحرم منه بالحج .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : من تجاوز الميقات عالماً عامداً لكنه أراد الراحة، مثلاً: تجاوز ميقات قرن إلى الشرائع ؛ ليرتاح عند أقربائه ، ثم يرجع إلى الميقات ويحرم منه، وهو يريد نسكاً، هل يأثم بهذا التجاوز أم أن الأمر فيه سهولة؟
الجواب: "لا ، الأمر فيه سهولة، يعني: الأفضل ألا يتجاوز الميقات حتى يحرم، ويمكنه أن يستريح عند أقاربه وهو محرم، والناس لا يرون في هذا بأساً ولا خجلاً ولا حياء، لكن لو فعل، وقال: سأذهب أستريح الآن، وأرجع إلى الميقات وأحرم منه؛ فلا حرج.(5/17)
السائل: تكون مدة أسبوع؟ الشيخ: ما هناك مانع أبداً، المهم أنه يتجاوز الميقات ونيته أن يرجع ويحرم منه. السائل: يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي تجاوزه. الشيخ: يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي تجاوزه. السائل: بعُد أم قرُب؟ الشيخ: سواء بعد أم قرب " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (93/26).
وليعلم أن المُحْرم بحج أو عمرة يحرم عليه الجماع ومقدماته ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (11356) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل لها أن تأتي جدة دون إحرام ثم ترجع إلى ميقاتها فتحرم؟
امرأة قادمة من مصر إلى السعودية يوم 7/12/1428 وتريد الحج إلا أنها تريد جدة قبل الحج للقاء زوجها القادم من جنوب المملكة : والسؤال : ما الحكم لو حصلت هناك عشرة زوجية ( في جدة ) ما الأحكام المترتبة على ذلك ؟ السؤال الثاني : من أين تحرم يوم التروية للذهاب إلى الحج؟
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت ، فأمامها خياران ، تفعل الأنسب لها :
الأول وهو الأفضل : أن تحج متمتعة ، فتنوي العمرة عند مرورها بالميقات ، وتأتي جدة وهي محرمة فلا يعاشرها زوجها ، ثم تذهب إلى مكة ، فإذا فرغت من عمرتها قصرت من شعرها ، وتحللت ، وجاز لزوجها معاشرتها إذا لم يكن محرما . ثم في اليوم الثامن (يوم التروية ) تحرم بالحج من مكانها سواء كانت في مكة أو جدة .
الثاني : أن تأتي جدة من مصر دون إحرام ، ولزوجها معاشرتها في هذه الحالة ما لم يكن محرماً ، ثم إذا أرادت الحج ذهبت إلى ميقاتها ، [ رابغ ] لتحرم منه بالحج .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : من تجاوز الميقات عالماً عامداً لكنه أراد الراحة، مثلاً: تجاوز ميقات قرن إلى الشرائع ؛ ليرتاح عند أقربائه ، ثم يرجع إلى الميقات ويحرم منه، وهو يريد نسكاً، هل يأثم بهذا التجاوز أم أن الأمر فيه سهولة؟(5/18)
الجواب: "لا ، الأمر فيه سهولة، يعني: الأفضل ألا يتجاوز الميقات حتى يحرم، ويمكنه أن يستريح عند أقاربه وهو محرم، والناس لا يرون في هذا بأساً ولا خجلاً ولا حياء، لكن لو فعل، وقال: سأذهب أستريح الآن، وأرجع إلى الميقات وأحرم منه؛ فلا حرج.
السائل: تكون مدة أسبوع؟ الشيخ: ما هناك مانع أبداً، المهم أنه يتجاوز الميقات ونيته أن يرجع ويحرم منه. السائل: يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي تجاوزه. الشيخ: يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي تجاوزه. السائل: بعُد أم قرُب؟ الشيخ: سواء بعد أم قرب " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (93/26).
وليعلم أن المُحْرم بحج أو عمرة يحرم عليه الجماع ومقدماته ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (11356) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لا يلزم من أراد الحج أو العمرة شيء إذا تجاوز الميقات ونسي أن يحرم ثم رجع إليه وأحرم
ذهبت للعمرة مؤخرا من الرياض . لقد لبست إحرامي وأنا في البيت ولم أنو، ظانا أني سأنوي وأنا في الطائرة قبل المرور بمحاذاة الميقات . وللأسف ، فإني لم أسمع الإعلان عن الميقات في الطائرة ولم أتمكن من النية لأن الطائرة كانت قد تجاوزت الميقات . وقررت الذهاب لمكة . وعندما وصلت إلى مكة، خلعت إحرامي ولبست ملابسي العادية وسقت السيارة إلى قرن المنازل (القريبة من) الطائف . وارتديت إحرامي هناك مرة أخرى ونويت للعمرة ورجعت إلى مكة وأديت مناسك عمرتي . أرجو أن تخبرني ما إذا كانت قد أديت عمرتي بشكل صحيح، أم أن علي أن أدفع كفارة ؟ وإذا كان علي دفع كفارة ، فماذا علي أن أفعل. أرجو أن ترد علي .
الحمد لله
من تجاوز الميقات بغير إحرام فعليه أن يرجع إليه ليحرم من هناك فإذا نزل من الطائرة بجدة ركب سيارة إلى ميقات أهل نجد وأحرم منه ، فإن أحرم من جدة وهو عازم على الحج والعمرة لزمه دم جبران عن تجاوز الميقات .
فتوى الشيخ ابن جبرين
وانظر فتاوى مشابهة في كتاب فتاوى إسلامية 2/202(5/19)
وأنت أيها السائل قد أصبت في رجوعك إلى الميقات وإحرامك من هناك ، ولا يعتبر خلعك لملابس الإحرام موجباً للدَّم لأنك لم تُحرم أصلاً ، فإن الإحرام هو نية الدخول في النسك لا لبس الإحرام ، وبناء عليه فإن فعلك صحيح وليس عليك كفارة ولله الحمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
لا يجب الإحرام على من دخل مكة إلا إذا كان مريداً للنسك
هل يجب على من دخل مكة للعمل أن يحرم بالحج أو العمرة عند دخوله إليها ؟
الحمد لله
"من توجه إلى مكة ولم يرد حجا ولا عمرة ؛ كالتاجر ، والحطَّاب ، والبريد ونحو ذلك فليس عليه إحرام إلا أن يرغب في ذلك ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر المواقيت : (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة) ، فمفهومه أن من مر على المواقيت ولم يرد حجا ولا عمرة فلا إحرام عليه .
وهذا من رحمة الله بعباده وتسهيله عليهم ، فله الحمد والشكر على ذلك ، ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى مكة عام الفتح لم يحرم ، بل دخلها وعلى رأسه المغفر ؛ لكونه لم يرد حينذاك حجا ولا عمرة ، وإنما أراد افتتاحها وإزالة ما فيها من الشرك" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجوع فتاوى ابن باز" (16/44، 45) .
الإسلام سؤال وجواب
قدم إلى جدة غير ناوٍ للعمرة، ثم نوى العمرة وأحرم من جدة
حضرت من الأردن بالطائرة إلى جدة قاصداً مدينة بيشة ، وليس بنيتي أداء العمرة ولا حتى الذهاب إلى مكة ، ولكن تأخرت الطائرة إلى بيشة فجلست في جدة يومين ، وعند ذلك قمت بالإحرام من جدة وتوجهت إلى مكة لأداء العمرة ، فهل هذه العمرة صحيحة ؟
الحمد لله(5/20)
"هذا الإحرام صحيح ؛ لأنك أنشأته من جدة ، ولم تنو العمرة قبل ذلك ، ولا دم عليك فيه ، والأصل في ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : وَقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، قال : (فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ، فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك أهل مكة يهلون منها ) متفق عليه . وما دل عليه عموم هذا الحديث من أن من أراد الإحرام بالعمرة فإنه يحرم من مكة ليس على ظاهره ، فقد جاء ما يدل على أن من أراد الإحرام بالعمرة وهو بمكة فإنه يحرم من الحل ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المُحَصَّب فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : (اخرج بأختك من الحرم فتهل بعمرة ثم لتطف بالبيت ، فإني أنتظركما هنا) قالت : فخرجنا ، فأهللت ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة ، فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله في جوف الليل فقال : (هل فرغت؟) قلت : نعم ، فأَذَّن في أصحابه بالرحيل ، فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة . متفق عليه .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/150، 151) .
الإسلام سؤال وجواب
مسافر من المدينة إلى جدة بالطائرة فكيف يصنع في الإحرام بالعمرة؟
من ركب الطائرة من المدينة إلى جدة وهو يريد العمرة ، ماذا يفعل ، هل يلبس الإحرام من مطار المدينة وينوي العمرة من حين ركوبه ، أم ماذا يفعل ؟
الحمد لله(5/21)
"إذا أردت السفر بالطائرة من المدينة إلى مكة للعمرة فإنه يشرع لك أن تغتسل وتتوضأ وضوء الصلاة وتلبس إحرامك ، وبعد إقلاع الطائرة من المطار تلبي بالعمرة ، وذلك قبل مجاوزة ميقات أهل المدينة ، وهو آبار علي .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/151، 152) .
الإسلام سؤال وجواب
يعسكرون في الشرائع لحفظ الأمن ، فمن أين يحرمون؟
نحن من أفرد القوات المسلحة ، ونشارك في مهمة الحج سنوياً ، ونقيم في منطقة الشرائع مدة المشاركة ما يقارب شهراً ، وفي أثناء أدائنا للمهمة نذهب على شكل قافلة ، ولا يسمح للقافلة بالتوقف في الميقات ، ونتعدى الميقات إلى منطقة الشرائع خارج مكة ، فهل نخرج إلى الجعرانة للإحرام منها ، أم نرجع إلى السيل الكبير ونحرم منه ؛ لأننا اجتزناه في أثناء مسيرنا أو نحرم من مكان معسكرنا الذي هو الشرائع خارج مكة قرب الأميال ؟
الحمد لله
"ما دام أنكم ذهبتم للعمل وتجاوزتم الميقات فإذا أراد أحد الإحرام فإنه يحرم من مكانه داخل الميقات ؛ لأنه دخل بنية العمل ، وقد قال صلى الله عليه وسلم عند ذكر المواقيت : ( ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ ، حتى أهل مكة من مكة ) إلا من كان منكم عازماً على الحج أو العمرة حين مروره على الميقات ؛ فإن عليه أن يرجع إلى الميقات ليحرم منه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة) .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .(5/22)
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/140- 142) .
الإسلام سؤال وجواب
ميقات أهل اليمن والجنوب إذا جاؤوا من طريق الساحل
أرجو إفادتي عن ميقات أهل الجنوب عن طريق الساحل ، وهل يجوز لي الإحرام من جدة ؟ لأن طريقي على الساحل.
الحمد لله
"ميقات أهل اليمن الذين أتوا عن طريق الساحل يلملم المسماة اليوم بالسعدية ، فلا يجوز لمن مر عليه أو حاذاه مريداً الحج أو العمرة أن يتجاوزه بدون إحرام ، وليست جدة ميقاتاً لهم ، وإنما هي ميقات لأهلها ولمن أراد الحج والعمرة وهو مقيم بها ، أو وافد عليها بدون نية الحج أو العمرة ثم عزم على الحج .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/134) .
وانظر جواب السؤال رقم (107988) .
الإسلام سؤال وجواب
من أهل القنفدة ويدرس في جدة فمن أين يحرم للعمرة؟
أنا طالب أدرس في مدينة جدة ، وأسكن في القنفذة تبعد عنها 350 كم ، وفي خلال يومي الخميس والجمعة أذهب إلى القنفذة . والسؤال : هل من السنة في إقامتي في القنفذة أن أقصر من الصلاة أم ماذا ؟ وإذا أردت العمرة من جدة هل يجوز هذا ؟
الحمد لله
"إذا أنشأت العمرة من جدة فأحرم من جدة ، وإذا نويتها وأنت في القنفذة فإنك تحرم من ميقات أهل اليمن (السعدية) ، وليس لك أن تقصر الصلاة في بلدك ؛ لأنها وطنك ، بل عليك أن تصلي أربعاً ، وهكذا في جدة عليك أن تصلي أربعاً عند جمهور العلماء ؛ لأنك تنوي الإقامة أكثر من أربعة أيام .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .(5/23)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/136) .
الإسلام سؤال وجواب
أقام في جدة ثلاثة أيام ثم أحرم منها
بعض الناس يقول للقادمين إلى جدة للحج أو العمرة : اجلسوا في جدة ثلاثة أيام ثم أحرموا منها ، وكثير من الناس يفعلون هذا . فهل هذا الفعل صحيح ؟ .
الحمد لله
هذا الفعل غير صحيح ، والواجب عليهم أن يحرموا من الميقات ، فإذا تجاوزوه من غير إحرام وجب عليهم الرجوع إليه ليحرموا منه ، فإذا لم يفعلوا وأحرموا من جدة فعليهم ذبح شاة ، تذبح وتوزع في مكة على المساكين .
وقد سئل الشيخ ابن باز عن هذه المسألة ، فأجاب :
يلزمهم أن يعودوا إلى ميقاتهم إذا كانوا قادمين للحج أو العمرة ولا يجوز لهم تجاوز الميقات بدون إحرام؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لما وقّت المواقيت لأهل المدينة والشام ونجد واليمن وغيرهم قال : ( هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ) فلا بد أن يحرموا من الميقات الذي يمرون عليه إذا كانوا قاصدين الحج أو العمرة فيحرموا منه ، فإذا تجاوزوه فإن عليهم الرجوع إليه ، فإن تجاوزوه ولم يرجعوا وأحرموا بعده لزمهم دم ، وهكذا إن عجزوا عن الرجوع إليه أحرموا من مكانهم وعليهم دم يجزئ في الأضحية يذبح في مكة للفقراء ويقسم بينهم اهـ .
فتاوى الشيخ ابن باز (17/36) .
الإسلام سؤال وجواب
ميقات أهل الباحة إذا جاءوا مكة من طريق الساحل(5/24)
نحن من سكان مدينة الباحة وقبل سنتين تقريبا نزلنا إلى مكة من طريق الباحة - الطائف وعلمنا أن ميقات أهل الباحة هو ميقات أهل الطائف ( السيل الكبير " قرن المنازل " ) فمررنا به وأحرمنا بعمرة وأتممنا العمرة ولله الحمد . أما الآن فسوف ننزل إلى مكة من طريق المخواة – طريق الساحل ، وهذا يمر بميقات أهل اليمن ( يلملم ) . هل يجوز لنا الإحرام منه بالعمرة ؟ أم علينا الذهاب إلى ميقات قرن المنازل ؟
الحمد لله
ما دمتم ستأخذون طريق الساحل ، فميقاتكم (يلملم) ميقات أهل اليمن ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل اليمن يلملم ، ثم قال بعد ذكر المواقيت : ( هُنَّ لَهُنَّ ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ) رواه البخاري (1524) ومسلم (1181).
وهذا هو ميقاتكم الأصلي ، وأما ميقات السيل الكبير فإنكم تحرمون منه إن أتيتم مكة من طريق الطائف .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
أحوال وأحكام من قصد " جدة " لعمل أو زيارة ثم اعتمر
سافر أبي من الأردن إلى جدة لمؤتمر له هناك ، وقيل لهم : إنهم سوف يؤدون العمرة بعد أن يبيتوا ليلة أو ليلتين في جدة بعد انتهاء المؤتمر ، وفي الطائرة أعلن عن وصول الميقات لمن أراد أن يحرم ، ولم يحرم ، ولكن عندما وصل جدة تفاجأ أن البرنامج قد تغير ، وأنه في ليلة وصولهم عليهم أداء العمرة ، فأحرم من جدة ، وأدَّى العمرة ، ولم يخرج كفارة ، هل عليه شيء ؟
الحمد لله
لا يخلو من قصد جدة للعمل ، واعتمر من حالين :
الأولى : أن ينوي العمرة قبل وصوله لها ، فيكون في سفره إلى جدة قاصداً العمل والعمرة معاً ، بقطع النظر أيهما يكون أولاً .
والثانية : أن يقصد جدة ولم ينو العمرة ، ثم يبدو له أن يعتمر .
ففي الحال الأولى يجب عليه أن يُحرم من الميقات ، ثم يقضي عمله في جدة ، ثم يعتمر ، والأفضل له أن يبدأ بالاعتمار .(5/25)
فإن تعذر عليه أن يبدأ بالعمرة ، وشق عليه أن يبقى أياما في جدة بثياب الإحرام فله ألا يحرم من الميقات عند مروره عليه ، لكن إذا أراد الإحرام بالعمرة بعد انتهاء عمله في جدة وجب عليه أن يخرج إلى الميقات ليحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم من جدة ، فقد ترك واجباً من واجبات الإحرام ، ويجب عليه أن يذبح شاة في مكة ويوزعها على فقراء الحرم .
وأما الحال الثانية : فلا يلزمه أن يُحرم في الميقات ؛ لأنه لا يقصد العمرة أصلاً ، ولو نوى العمرة بعد انتهاء عمله في جدة : فإنه يُحرم من مكانه في جدة .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
إنني في عطلة الربيع الماضية اصطحبت أهلي وأولادي بنية زيارة أختي في الطائف ، ونأخذ عمرة والعلاج في جدة ، هذه هي النية أساساً ، الذي حصل أننا أقمنا في الطائف يوماً ، ثم ذهبنا إلى جدة مارين بمكة ولم نحرم من السيل ، حيث كنت أعتقد أن ما في ذلك شيء ، فأخرنا العمرة حتى العودة من جدة ، وفعلاً بعد انتهائنا من جدة أحرمنا بالعمرة ، ... فأرجو من سماحتكم توجيهنا للصواب ، وماذا يترتب علينا ؟ .
فأجابوا :
" الواجب على مَن نوى العمرة ثم مرَّ بالميقات : أن يُحرم منه ، ولا يجوز له مجاوزته بدون إحرام ، وحيث لم تحرموا من الميقات : فإنه يجب على كل منكم دم ، وهو ذبح شاة تجزئ في الأضحية تُذبح بمكة المكرمة ، وتقسم على فقرائها ، ولا تأكلوا منها شيئاً " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 176 ، 177 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : مَن سافر مِن بلده إلى جدة ثم أراد العمرة فهل يحرم من جدة ؟
فأجاب :
" لا يخلو الأمر مِن حالين :(5/26)
1. أن يكون الإنسان قد سافر إلى جدة بدون نية العمرة ، ولكن طرأت له العمرة وهو في جدة : فإنه يُحرم من جدة ، ولا حرج في ذلك ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما حين ذكر المواقيت قال : ( ومَن كان دون ذلك : فمِن حيث أنشأ ، حتى أهل مكة من مكة ) .
2. أن يكون سافر من بلده بنية العمرة عازماً عليها : فإنه يجب في هذه الحالة أن يُحرم من الميقات الذي يمر به ، ولا يجوز الإحرام من جدة ؛ لأنها دون الميقات ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقَّت المواقيت فقال: ( هنَّ لهنَّ ولمن مرَّ عليهن مِن غير أهلهن لمن أراد الحج والعمرة ) .
فإن أحرم من جدة ونزل إلى مكة في هذه الحال : فإن عليه عند أهل العلم فدية ، دماً يذبحه في مكة ، ويتصدق به على الفقراء ، وعمرته صحيحة ، فإن لم يحرم من جدة بعد وصوله إليها ، وهو ناوٍ العمرة قبل وصوله : فإنه يرجع إلى الميقات ، ويحرم منه ، ولا شيء عليه.
"فتاوى أركان الإسلام " ( السؤال رقم 467 ) .
وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله :
القادم بالطائرة من الرياض ، ويريد العمرة ومرَّ بمدينة جدة لزيارة بعض الأهل ، أو الأصدقاء ليوم أو ليومين ، هل يلزمه أن يحرم مما يحاذي الميقات من الجو ؟
فأجاب :
" يجب عليه أن يحرم من هذا الميقات إذا مرَّ به أو مرَّ محاذياً له من الأرض أو من الجو ، فإنه لا يتجاوزه إلا بإحرام ، فالذي يذهب بالطائرة يتهيأ للإحرام قبل الركوب بما يريد أن يتهيأ به ، وإذا حاذى الميقات إما أن يسأل الملاحين أو هم يعلنون ذلك للناس أو هو يحتاط ويحرم إذا غلب على ظنه بأنه قرب من الميقات ، فيحرم من الجو ، أما أن يتعداه إلى أن ينزل في مطار جدة : فهذا خطأ ، وإذا فعل هذا فيكون عليه دم " انتهى بتصرف .
وسئل – حفظه الله - :
حتى لو كان سيبقى في جدة ليوم أو ليومين للزيارة ؟ .
فأجاب :(5/27)
" ولو كان ، سيبقى في جدة ليوم أو ليومين إن أراد أن يبقى في جدة قبل أداء النسك ، يبقى في إحرامه ، وإن نزل إلى مكة وأدَّى النسك ثم رجع إلى جدة إلى عمله : فهذا أحسن ؛ لأن المبادرة بأداء النسك أحسن ، يعني : ما دام نوى العمرة لا يجوز له أن يتعدى الميقات إلا بإحرام ، لا شك في هذا ، ثم هو بعد ذلك هو في خيار ، إن شاء بقي في جدة بإحرامه ، وإن شاء نزل إلى مكة ، وعاد إلى جدة لعمله " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الفوزان " ( 4 / 119 ، 120 ، السؤال رقم 118 و 119 ) .
والخلاصة :
إذا كان والدك في سفره من الأردن إلى جدة ناوياً للعمرة – وهذا هو الظاهر - ، فكان الواجب عليه أن يحرم من الميقات أو يخرج من جدة للإحرام من الميقات ، وبما أنه لم يفعل واحداً من الأمرين ، فعليه أن يذبح شاة في مكة ويوزعها على الفقراء ، فإن كان قد غادر مكة ورجع إلى الأردن ، فيبحث عمن يرسل له الأموال ويوكله في الذبح في مكة .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
لا حرج أن يصلي ركعتين سنة الوضوء ليحرم بعدهما وإن لم يكن من عادته فعلهما
إذا كان الإنسان ليس من عادته أن يصلي ركعتين بعد الوضوء ، فهل يصليهما عند الإحرام من أجل أن يحرم بعدهما ؟
الحمد لله
نعم ، لا حرج من صلاتهما ليحرم بعدهما ، حتى يكون إحرامه بعد صلاة .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : قلتم يجعل الإحرام بعد سنة الوضوء إن كان من عادته أنه يصليها . فإذا لم يكن من عادته أنه يصليها فما الحكم ؟
فأجاب :
"أرى أنه لا بأس ، فلا يلزم أن الإنسان إذا فعل شيئاً أن يفعله في كل حال ، فما دام السنة في الوضوء مشروعة وأراد أن يصلي فهذا لا بأس به ولا حرج حتى لو كان من عادته أنه لا يصليها" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/14) .
الإسلام سؤال وجواب
حكمة تحريم الذهب على الرجال
يسأل أحد زملائي الهندوس في العمل عن الحكمة وراء عدم جواز ارتداء الرجال المسلمين للذهب؟
الحمد لله(5/28)
إن شريعة الله عز وجل جاءت بأحكام تنطوي على مصالح العباد في دنياهم وأخراهم ، لأنها الشريعة المنزلة من خالق هذا الإنسان العالم بما يصلحه ويفسده ، لكن الحكمة من وراء التشريع قد تظهر لكل أحد وقد لا تظهر ، والمؤمن مأمور بالتسليم والإذعان لأحكام الله لأن ذلك مقتضى إيمانه بالله ربا وإلهاً ، ومن ثم فالكافر ينبغي أن يكون الجدال معه في إثبات هذا الإيمان أولاً ، ثم بعد ذلك يخوض المرء في الحديث عن الحِكَم من وراء التشريعات .
وفي الجواب عن هذا السؤال بخصوصه نقول :
إن الله جل شأنه خلق الإنسان وجعله زوجين ، ذكراً وأنثى ، وجعل لكل واحد منهما خصائص تتناسب مع الوظيفة الموكلة إليه في هذه الحياة ، فللرجل وظائف وأعمال لا تطيقها المرأة ، وللمرأة وظائف وأعمال لا يطيقها الرجل .
وإذا كان الأمر كذلك فإن من تمام الحكمة أن يهيئ كل واحد منهما لتلك الوظائف ، التي تطلب منه .
ومن المعلوم أن الذهب مما يتجمل به الإنسان ويتزين به فهو زينة وحلية ، والرجل غير مقصودٍ بهذا الأمر ، أي ليس إنسانا يتكمل بغيره ، بل الرجل كامل بنفسه ، لما فيه من الرجولة ، فليس بحاجة إلى أن يتزين لشخص آخر تتعلق به رغبته ، بخلاف المرأة ، فإن المرأة محتاجة إلى التجمل ، حتى يكون ذلك مدعاة للعشرة بينها وبين زوجها ، ولهذا أبيح لها أن تتجمل بالذهب وغيره حتى تتعلق بها رغبة الرجل ، فيطلبها ، فيتحقق المقصود من النكاح ، وهو المحافظة على الجنس البشري ، فالتنشئة في الزينة والنعومة إنما تليق بالمرأة ، أما الرجل فإن ذلك في حقه من المذام والمعايب ، ولذلك قال الله تعالى : ( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) الزخرف/18 .
هذا خلاصة ما أجاب به أهل العلم عن هذا السؤال كما ذكر ذلك العلامة ابن عثيمين رحمه الله في مجموع فتاويه (11/60) .(5/29)
وإذا كان الذهب والتزين به أمراً يوافق طبيعة المرأة والوظيفة التي خلقت لها فإن من الحكمة الظاهرة أن يمنع الرجل من التشبه بالمرأة في ذلك ، يقول العلامة ابن القيم رحمه الله في " إعلام الموقعين" (2/109) :
" وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجال حُرِّم لسد ذريعة التشبه بالنساء " انتهى .
ومن العجائب الآن : أنك ترى كثيراً من الشباب يتجملون بلبس سلاسل الذهب وغيرها ، بل تجدهم يضعون المكياج على وجوههم ، وهذا انتكاس في الفطرة ، ويتنافى مع الرجولة والحزم اللذين يجب أن يتصف بهما الرجل ، ولذلك لا تجد عاقلاً صاحب أعمال جادة يفعل ذلك ، وإنما هم إما من الشواذ ، أو ممن عندهم نقص في نفوسهم ، وفراغ في أوقاتهم ، فيحاولون ملأ نقص نفوسهم وفراغ أوقاتهم بذلك .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
له منزل في الشرائع وآخر في الطائف فمن أين يحرم
إنسان له مسكنان إحداهما في مكة ( الشرائع ) والآخر في الطائف ولا يذهب إلى مسكنه الثاني في مكة إلا في أيام الإجازات وليس كل الإجازات وأيام الشتاء ونوى الحج .. فمن أين يحرم ؟ ثم هل يجوز له إذا لم يطف طواف الوداع أن يأتي لوالدته في الطائف ويسلم عليها ثم يذهب إلى بيته في مكة ويطوف طواف الوداع..؟
الحمد لله
أولا :(5/30)
إذا كان الأمر كما ذكرت ، فإنك تحرم بالحج من المكان الذي نويت فيه الحج ، فإن كنت في الطائف ونويت الحج لزمك الإحرام من الميقات (السيل الكبير ) ، وإن كنت في الشرائع وأردت الحج ، أحرمت من مكانك ؛ لما روى البخاري (1526) ومسلم (1181) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ( وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا ) .
ثانيا :
إذا فرغت من أعمال الحج ، فليس لك الخروج إلى الطائف إلا بعد طواف الوداع ، لما
رواه البخاري (1755) ومسلم (1328) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ ، إِلا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْحَائِضِ ).
قال ابن قدامة في "المغني" (5/337) : " ومن كان منزله في الحرم فهو كالمكي , لا وداع عليه . ومن كان منزله خارج الحرم , قريباً منه , فظاهر كلام الخرقي أنه لا يخرج حتى يودع البيت .
وهذا قول أبي ثور وقياسُ قول مالك . لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ) . ولأنه خارج من مكة , فلزمه التوديع , كالبعيد " انتهى بتصرف يسير .
وسئل الشيخ ابن باز عن جماعة من أهل جدة تركوا طواف الوداع ورجعوا إلى جدة .(5/31)
فأجاب : " الحج صحيح ، ولكن أسأتم في ترك الوداع ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الحاج بالوداع ، فقال : ( لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت ) وهذا خطاب للحجاج يشمل أهل جدة وغيرهم ، فالواجب على جميع أهل البلدان - سواء في جدة أو الطائف وغيرهم - أن يودعوا البيت ، وقد تسامح بعض العلماء بالنسبة لمن منزله دون مسافة قصر كأهل بحرة وأشباههم ، قالوا : إنه لا وداع عليه ، والأحوط لكل من كان خارج الحرم أن يودع إذا انتهى حجه ، وأهل جدة بعيدون ، وهكذا أهل الطائف ، فالواجب عليهم أن يودعوا قبل أن يخرجوا ، لأنهم يشملهم الحديث ، وعليهم دم يذبح في مكة عن كل واحد منهم ترك طواف الوداع ، توزع على الفقراء ، شاة أو سُبْع بدنه أو سُبْع بقرة " انتهى "مجموع فتاوى ابن باز" (17/394) .
ثالثا :
وأما قبل الفراغ من أعمال الحج ، فلك الذهاب إلى الطائف دون وداع ، ثم العودة لإكمال النسك ، كالخروج إلى الطائف نهار يوم النحر أو في أيام التشريق .
وراجع السؤال رقم (36244)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
يأتي من مصر إلى جدة ثم يذهب إلى المدينة ويحرم من ذي الحليفة(5/32)
قرأت في أحد الأسئلة عما يفعله بعض الحجاج وتجاوزهم للميقات دون إحرام ثم بقاؤهم في جدة لثلاثة أيام وإحرامهم منها! وقد بينتم أن هذا الفعل غير جائز ، لكن حدث معي وأسرتي أننا ذهبنا لنعتمر العام الماضي ، ولكن والديّ أرادا زيارة المدينة أولاً ثم الذهاب إلى مكة ، حتى يمكننا أن نصلي الجمعة في الحرم (يبدو أن لدى أهلي اعتقاداً أن صلاة الجمعة في المسجد الحرام أفضل منها في المسجد النبوي) ، وفعلاً ركبنا الطائرة وتجاوزنا الميقات من دون أن نحرم فبتنا في جدة ليلة واحدة وبعد ذلك توجهنا للمدينة وبتنا فيها ليلتين . وعندما أردنا الرحيل إلى مكة قمت أنا ولبست إحرامي في فندق المدينة ، وكذلك أحرمت النسوة اللواتي كن معنا من الفندق ، بينما أحرم والدي وإخوتي من ميقات أهل المدينة (ذو الحليفة) ، ومن ثم توجهنا إلى مكة وأدينا العمرة . فهل ما فعلناه كان خطئاً مشابهاً لخطأ أولئك الذين يتوجهون إلى مكة بنية الحج ويتجاوزون الميقات من دون إحرام ؟
الحمد لله
لا حرج عليكم فيما فعلتم ، لأن سفركم إلى جدة لم تكونوا قاصدين به العمرة ، فلم يلزمكم الإحرام من الميقات عند مروركم عليه ، وإنما قصدتم العمرة من سفركم من المدينة ، فيلزمكم الإحرام من ميقاتها (ذو الحليفة) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : رجل جاء من جدة ولم يحرم، أولاً ذهب إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي ، ثم أحرم من ميقات أهل المدينة ، هل هذا صحيح ؟
فأجاب : " لا بأس ، يعني : لو أن الإنسان جاء من بلده قاصداً المدينة أولاً ، ونزل في جدة ، ثم سافر من جدة إلى المدينة ، ثم رجع من المدينة محرماً من ميقات أهل المدينة فلا بأس " انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (121/29) .
وسئل أيضا عن رجل قدم للحج وميقاته يلملم ، ولكنه لم يحرم من الميقات ، ونزل جدة ، وذهب إلى المدينة للزيارة ، ثم عاد إلى مكة وأحرم من ذي الحليفة ، فهل عليه شيء ؟
فأجاب :(5/33)
"إن كان قصده المدينة من الأصل ثم يرجع فيحرم من ذي الحليفة فلا شيء عليه" انتهى باختصار .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/345) .
ثانيا :
الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة بالمسجد النبوي ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ) رواه البخاري (1190) ومسلم (1394) ، وهذا يشمل الجمعة وغيرها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يقدم هدية لصديقة بمناسبة شراء منزل بقرض ربوي؟
أود السؤال عن حكم إعطاء هدية لشخص بمناسبة شرائه لبيت عن طريق القرض الربوي علما أني قد نصحت هذا الشخص قبل شرائه البيت ولكنه أصر فهل يجوز أن ألبي دعوته لحفلة بمناسبة شراء البيت الجديد وأن أهديه هدية للمنزل؟
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت من وقوعه في هذا الذنب العظيم ، وإصراره عليه ، رغم نصحك له، فلا ينبغي أن تلبي دعوته في حضور احتفاله بشراء هذا البيت ، ولا أن تهدي له شيئا بهذه المناسبة ، وهو في الحقيقة يحتاج إلى من يعزيه لا إلى من يهنيه ، فإن الربا من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب ، قال الله تعالى : ( يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ) البقرة/276 ، وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278 ، 279 .
وروى مسلم (1598) عن جابر رضي الله عنه قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه . وقال : هم سواء .(5/34)
وقال صلى الله عليه وسلم : ( درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية ) رواه أحمد والطبراني ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3375) .
وينبغي أن تستمر في نصحه ليتوب إلى الله تعالى مما اقترف .
نسأل الله أن يغفر لنا وله ، وأن يصلح أحوال المسلمين أجمعين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم التسجيل في حملة تبيت خارج منى
ما حكم النزول مع الحملات التي تذهب للحج وتكون خيامهم بمزدلفة خارج حدود منى ؟ هل هذه الخيام امتداد لمنى أم لا ؟ وهل هناك حرج إن ذهبت مع هذه الحملات ؟ وهل يؤثر على صحة الحج في شيء ؟
الحمد لله
أولا :
المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر من ذي الحجة ، واجب في قول جمهور العلماء ، ويلزم من تركه بدون عذر : دم ، شاة تذبح في مكة وتوزع على فقرائها .
وإذا لم يجد الإنسان مكانا في منى نزل حيث انتهت الخيام ، ولو في مزدلفة ؛ لقوله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16، وقوله : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/286.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : شخص حج وسكن خارج منى فماذا يلزمه ؟ وما الضابط في المبيت في منى ؟
فأجاب : " إذا لم يجد الإنسان مكانا في منى فلينزل حيث انتهت الخيام ، أما إذا كان يجد مكانا فإن الواجب أن يبيت فيها .
أما الضابط في المبيت فإنه يكون في منى معظم الليل ، يعني أكثر الليل . لكن من نزل من منى مثلا لطواف الإفاضة في أول الليل ثم لم يتيسر له من الزحام أن يرجع إلا بعد طلوع الفجر فإنه لا شيء عليه " .(5/35)
وقال رحمه الله : " فالواجب على الإنسان أن يبحث عن مكان في منى قبل أن ينزل في مزدلفة ، فإذا لم يجد مكانا فلينزل في مزدلفة ويبقى فيها ، ولا يلزمه أن يذهب إلى منى يدور فيها بسيارته معظم الليل ، أو يجلس على الأرصفة بين السيارات ، وقد يكون ذلك خطرا عليه ، فنقول : إذا لم تجد مكانا في منى فاجلس في مزدلفة ، عند منتهى الخيام ، ولا يلزمك شيء ما دمت بحثت عن مكان ولم تجد ؛ لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها " انتهى من " فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (23/240، 241).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " إذا اجتهد الحاج في التماس مكان في منى ليبيت فيه فلم يجد فلا حرج عليه أن ينزل خارجها ، ولا فدية عليه ؛ لعموم قول الله سبحانه : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (16/149).
وعلى هذا ، فالواجب عليه أن يسجل في حملة تبيت في منى . أو يسجل في حملة تبيت في مزدلفة وفي نيته أنه سيبحث عن مكان في منى . فإن وجد بات فيه نصف الليل وإن لم يجد فلا حرج عليه من البقاء في مزدلفة .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
يسكن في الظهران ووالداه في جدة فهل يحرم للعمرة من جدة؟
أنا من جدة وانتقلت للعمل في الظهران حاليا وبصفة دائمة ووالدتي وإخوتي لازالوا هناك .. سؤالي .. إجازتي السنوية بعد أسبوعين (والهدف الأساسي هو الذهاب إليهم) وأفكر بالعمرة .. هل يلزمني الذهاب للميقات أم أني أحسب من أهل جدة خصوصا وأن الغرض الأساسي من ذهابي هناك هو زيارة أهلي ؟.
الحمد لله
ما دامت إقامتك في الظهران دائمة ، فإذا سافرت لزيارة والديك في جدة ، وأنت عازم على أداء العمرة ، لزمك أن تحرم من الميقات الذي تمر عليه .
أما إن كانت إقامتك في الظهران مؤقتة فأنت مخير بين الإحرام من الميقات ، وبين إنشاء العمرة من جدة .(5/36)
قال في مطالب أولى النهى (2/298 ) : " ومن له منزلان , جاز أن يحرم من أقربَ لمكة وإحرامه من أبعدَ عن مكة أفضل , لأنها أشق على النفس ".
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (17/54 ) :
أنا طالب أدرس في المنطقة الشرقية وأهلي في جدة وأريد الحج فمن أين أحرم هل من قرن المنازل أو من سكني في جدة ؟
فأجاب :
أنت مخير ما دمت من سكان جدة دون الميقات ، وإذا أحرمت من قرن المنازل فهو أفضل وأولى لكونك وافداً وأخذت بالأكمل والأحوط ، وإن قصدت أهلك ثم أحرمت منهم فلا بأس " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجل متزوج ويسكن مع زوجته وأولاده في الرياض وأمه وأبوه في جدة فما الحكم ؟
فأجاب: " هذا إذا جاء إلى جدة فهو مسافر ، فهنا إذا أراد أن يذهب إلى أهله للزيارة ، وهو مريد أن يعتمر نقول لا بد أن تحرم من الميقات ؛ لأن وطنك الرياض ، أما جدة فهي وطن أبيه وأمه ، ولهذا لو كان في رمضان فله أن يفطر إذا سافر إلى مقر أبيه وأمه وهو ساكن في بلد آخر " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" ( 21/ 329 ).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
المكي إذا خرج إلى الطائف وفي نيته الحج هل يلزمه الإحرام؟
قمت أنا وزوجتي وعمتي ولله الحمد بأداء فريضة الحج للعام المنصرم1426 هـ أنا وزوجتي من سكان مكة المكرمة أما عمتي فهي من سكان مدينة الباحة وقد قامت بالسفر إلى مدينة الطائف حيث ذهبت أنا وزوجتي لإحضارها من مدينة الطائف إلى مكة المكرمة في اليوم السادس من ذي الحجة حيث أحرمت من ميقات " وادي محرم " وفي اليوم السابع قامت بأداء طواف القدوم وفي اليوم الثامن قمت أنا وزوجتي بالإحرام من منزلنا في مكة للحج وانطلقنا نحن الثلاثة لأداء فريضة الحج في إحدى الحملات .... سؤالي : هل يلزمنا فدية لأننا لم نحرم من ميقات " وادي محرم " أي أننا تجاوزناه أنا وزوجتي بدون أن نحرم منه لأننا من سكان مكة ؟
الحمد لله(5/37)
لا حرج عليكم في تجاوز الميقات دون إحرام ؛ لكونكم لم تريدوا الحج أو العمرة في ذلك الوقت ، وفي نيتكم الإحرام في اليوم الثامن من منازلكم ، لمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم في المواقيت : ( هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ ) رواه البخاري (1524) ومسلم (1181).
وهكذا إذا خرج المكي إلى الطائف أو جدة ، ثم رجع وهو غير مريد للنسك ، فلا يلزمه الإحرام ، على الراجح من قولي العلماء .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/122) : " من مر على أي واحد من المواقيت التي ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو حاذاها جوا أو برا أو بحرا وهو يريد الحج أو العمرة وجب عليه الإحرام ، وإذا كان لا يريد حجا ولا عمرة فلا يجب عليه أن يحرم " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا خرج المكي إلى جدة مثلا ثم رجع إلى مكة في اليوم الخامس من ذي الحجة وهو يريد الحج من عامه فهل يلزمه الإحرام من جدة ؟ وهل له أن يحرم بالعمرة ويكون متمتعا ؟
فأجاب : " له أن يحرم بالعمرة ويكون متمتعا ، وإذا كان يريد الحج لم يلزمه (يعني الإحرام من جدة ) ؛ لأن أهله في مكة " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (21/326).
وقوله رحمه الله : " لأن أهله في مكة " المقصود أنه من أهل مكة أو المقيمين بها ، فلا يؤثر كون أهلك خرجوا معك إلى الطائف ، فالحكم واحد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
أحرمت بالعمرة من مكة ونسيت شوطا أو شوطين من السعي(5/38)
في السنة الماضية أخذت عمرة ، ولكن بعد ثلاثة أو أربعة أيام من قدومي إلى مكة ، وهناك قال لي البعض : إن الإحرام يكون من مكة وأنا زائرة ؟ ثم أخذت العمرة بعد الإحرام من مكة ، ولكن أظن أنني نسيت شوطين من السعي ، وذلك بعد مراجعة نفسي ، أو ربما شوطاً ؟ وأنا أريد أن أذهب يوم الثلاثاء القادم إلى العمرة فماذا علي ؟
الحمد لله
أولا :
إذا أحرمت بالعمرة من داخل مكة ، ولم تخرجي إلى موضعٍ من الحِلِّ ، كالتنعيم أو ما يسمى بمسجد عائشة رضي الله عنها ، فقد فاتك واجب من واجبات العمرة ، وهو الإحرام من الميقات ، وميقات العمرة لأهل مكة ومن كان بها هو الحِلُّ ، فيلزم من كان بها وأراد العمرة أن يخرج إلى أي مكان في الحِلِّ ليحرم منه ، فإن لم يفعل لزمه دم ، شاة تذبح وتوزع على فقراء الحرم ، وراجعي السؤال رقم (48955) .
ثانيا :
ما ذكرتيه من نقص أشواط السعي إن كان مجرد شك أو ظن حصل بعد فراغك من السعي ، فلا عبرة به ؛ لأن الشك بعد الفراغ من العبادة لا يؤثر .
قال ابن قاسم العبادي في حاشيته على "تحفة المحتاج" (4/81) : " ولو شك في العدد قبل تمامه أخذ بالأقل إجماعا , وإن ظن خلافه أو شك في ذلك بعده أي بعد فراغه لم يؤثر " انتهى.
وإن تيقنت أنك سعيت ستة أشواط أو خمسة ، فإن سعيك لم يكتمل ، وتحللك من عمرتك لا يصح ، لبقاء ركن من أركان العمرة وهو السعي ، فلا تزالين على إحرامك ، ويلزمك ثلاثة أمور :
الأول : أن تجتنبي جميع محظورات الإحرام ؛ لأنك لازلت على إحرامك .
الثاني : أن تعودي إلى مكة فتأتي بالسعي من أوله .
الثالث : أن تتحللي بالأخذ من شعرك قدر أنملة ؛ لأن تحللك الأول وقع قبل تمام النسك ، فلم يُعتدّ به .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن رجل أدى عمرة ولكن سعيه ناقص شوطاً فماذا يلزمه ؟(5/39)
فأجاب : "هذا الرجل لا يزال على إحرامه ، يجب أن يخلع ثيابه ويتجنب محظورات الإحرام، ويلبس ثياب الإحرام من بلده الذي هو فيها فوراً ، ويذهب إلى مكة ويسعى من جديد ، لأنه إلى الآن في عمرته" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (22/435) .
وما ارتكبتيه من محظورات الإحرام خلال هذه المدة ، إن كان عن جهل بالحكم ، فلا شيء عليك فيه ، وإن كان مع علمك بأنك لا تزالين محرمة ، فتلزمك الفدية عنه .
وراجعي السؤال رقم (36522) .
ثالثا :
لا يشرع لك الإحرام بالعمرة من الميقات في سفرك القريب المذكور ( يوم الثلاثاء ) ؛ لأنك لا زلت على إحرامك بالعمرة الأولى كما سبق ، لكن إذا وصلت مكة ، وأتممت عمرتك الأولى وتحللتِ منها ، ثم أردت الاعتمار ثانيا ، فإنك تخرجين إلى التنعيم أو أي موضعٍ من الحل ، وتحرمين بالعمرة .
نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
أحرمت بالعمرة من مكة فماذا عليها؟
أنا من سكان مكة وأردت العمرة ولم أذهب للميقات لإصرار أخي أنه لا يلزم ذلك ، ولكن أنا أعلم بوجوب الميقات. ما الحكم ؟ وإذا كان عليّ دم عمرة وأردت إرساله لخارج المملكة فهل يجوز ذلك ؟.
الحمد لله
أولاً :
من كان بمكة وأراد أن يعتمر فإنه يجب عليه الخروج إلى الحل (خارج حدود الحرم) ليحرم بالعمرة ، ولا يجوز له أن يحرم بالعمرة من مكة ، فإن فعل ذلك فعليه عند جمهور العلماء دم أي : يذبح شاة في مكة ويوزعها على مساكين الحرم .(5/40)
روى البخاري (1556) ومسلم (1211) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ . . . فذكرت الحديث وقالت : فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ .
وروى البخاري (1215) ومسلم (1211) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْتَمَرْتُمْ وَلَمْ أَعْتَمِرْ . فَقَالَ : يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، اذْهَبْ بِأُخْتِكَ فَأَعْمِرْهَا مِنْ التَّنْعِيمِ ، فَأَحْقَبَهَا عَلَى نَاقَةٍ فَاعْتَمَرَتْ . (أَحْقَبَهَا) أي أركبها خلفه .
وفي رواية للبخاري ومسلم : قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن : ( اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنْ الْحَرَمِ فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ ) .
قال النووي :
( اُخْرُجْ بِأُخْتِك مِنْ الْحَرَم فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ ) فِيهِ دَلِيل لِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاء أَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّة وَأَرَادَ الْعُمْرَة فَمِيقَاته لَهَا أَدْنَى الْحِلّ , وَلا يَجُوز أَنْ يُحْرِم بِهَا مِنْ الْحَرَم . . .(5/41)
قَالَ الْعُلَمَاء : وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخُرُوج إِلَى الْحِلّ لِيَجْمَع فِي نُسُكه بَيْن الْحِلّ وَالْحَرَم , كَمَا أَنَّ الْحَاجّ يَجْمَع بَيْنهمَا فَإِنَّهُ يَقِف بِعَرَفَاتٍ وَهِيَ فِي الْحِلّ , ثُمَّ يَدْخُل مَكَّة لِلطَّوَافِ وَغَيْره هَذَا تَفْصِيل مَذْهَب الشَّافِعِيّ , وَهَكَذَا قَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء أَنَّهُ يَجِب الْخُرُوج لإِحْرَامِ الْعُمْرَة إِلَى أَدْنَى الْحِلّ , وَأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي الْحَرَم وَلَمْ يَخْرُج لَزِمَهُ دَم . وَقَالَ عَطَاء : لا شَيْء عَلَيْهِ . وَقَالَ مَالِك : لا يُجْزِئهُ حَتَّى يَخْرُج إِلَى الْحِلّ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : وَقَالَ مَالِك : لا بُدّ مِنْ إِحْرَامه مِنْ التَّنْعِيم خَاصَّة . قَالُوا : وَهُوَ مِيقَات الْمُعْتَمِرِينَ مِنْ مَكَّة , وَهَذَا شَاذّ مَرْدُود , وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِير أَنَّ جَمِيع جِهَات الْحِلّ سَوَاء , وَلا تَخْتَصّ بِالتَّنْعِيمِ . وَاَللَّه أَعْلَم اهـ .
وأما من كان بمكة وأراد أن يحرم بالحج فإنه يحرم من موضعه بمكة ولا يلزمه الخروج إلى الحل .
ودليل ذلك ما رواه البخاري (1524) ومسلم (1181) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ .
قال الحافظ :
((5/42)
حَتَّى أَهْل مَكَّة مِنْ مَكَّة ) أَيْ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى الْخُرُوج إِلَى الْمِيقَات لِلإِحْرَامِ مِنْهُ بَلْ يُحْرِمُونَ مِنْ مَكَّة, وَهَذَا خَاصّ بِالْحَاجِّ . وَأَمَّا الْمُعْتَمِر فَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُج إِلَى أَدْنَى الْحِلّ. قَالَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ : لا أَعْلَم أَحَدًا جَعَلَ مَكَّة مِيقَاتًا لِلْعُمْرَةِ اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "مناسك الحج والعمرة" (ص 27) بعد أن ذكر المواقيت ، قال :
ومن كان أقرب إلى مكة من هذه المواقيت فميقاته مكانه فيحرم منه ، حتى أهل مكة يحرمون من مكة إلا في العمرة فيحرم من كان في الحرم من أدنى (أي أقرب) الحل اهـ . ثم استدل بحديث عائشة المتقدم مع أخيها عبد الرحمن .
ثانيا :
يجب ذبح الشاة بمكة وتوزيعها على مساكين الحرم ، ولا يجوز توزيعها خارج مكة . وذلك لقول الله تعالى في جزاء الصيد في الإحرام : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) المائدة /95. وقوله تعالى : ( ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) .
وسئلت اللجنة الدائمة عن جماعة أحرموا بالعمرة من كدى (مكان بمكة) ولم يخرجوا إلى التنعيم .
فأجابت :(5/43)
أخطأ هؤلاء الذين أحرموا بالعمرة من كدى ، لأن كدى ليست من الحل ، بل من الحرم ، وليست كالتنعيم ، ولا الجعرانة ، لأن كلا من التنعيم والجعرانة من الحل ، وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ، ولم يعتمر من التنعيم ، وإنما أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يذهب مع أخته عائشة لتحرم بالعمرة من التنعيم ، لأنها أقرب مكان من الحل إلى الحرم ، ولو كان الإحرام بالعمرة داخل حدود الحرم جائزا شرعا لأذن لعائشة أن تحرم من مكانها بالأبطح ، ولم يكلفها وأخاها الذهاب إلى التنعيم للإحرام منه بالعمرة ، لما في ذلك من المشقة دون حاجة وهم على سفر ، وكان صلى الله عليه وسلم إذا خير بين أمرين اختار أيسرهما ما لم يكن إثما ، وقياس كدى على التنعيم والجعرانة غير صحيح ،لأن الإحرام من المواقيت تعبدي وعمرتهم صحيحة ، وعلى كل منهم ذبيحة لإحرامهم بالعمرة من الحرم اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام (صـ 515) :
فيجب على من أراد الحج أو العمرة إذا مر بالميقات أن يهل منه ، ولا يتجاوزه ، فإن فعل وتجاوز وجب عليه أن يرجع ليحرم منه ، وإذا رجع وأحرم منه فلا فدية عليه ، فإن أحرم من مكانه ولم يرجع فعليه عند أهل العلم فدية يذبحها ويوزعها على فقراء مكة اهـ .
الإسلام سؤال وجواب
المرور على الميقات من غير إحرام وهو يريد العمرة أو الحج
انتدبت للعمل كطبيب خلال موسم الحج ولا أستطيع عمل عمرة عند دخولي مكة ولا أستطيع ارتداء ملابس الإحرام ، فماذا عليَّ أن أفعله إذا تبقى لديَّ يومان بعد انتهائي من عملي لكي أقوم بأداء عمرة قبل عودتي إلى مدينتي ؟.
الحمد لله
أولاً :
إذا لم تكن جازماً بعمل العمرة في ذلك السفر ، فإنه لا يلزمك الإحرام من الميقات ، فإذا عزمت عليها وأنت في مكة فإنك تخرج إلى خارج الحرم (التنعيم أو غيره) لتحرم بالعمرة .(5/44)
أما إذا كنت جازماً بفعل العمرة في ذلك السفر فكان الواجب عليك أن تحرم من الميقات ، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، فهنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ، فمن كان دونهن فمهلُّه من أهله ، وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها . رواه البخاري (1454) ومسلم (1181) .
فمن مرَّ على ميقات من هذه المواقيت مريداً الحج أو العمرة فإنه يجب عليه أن يُحرم منه ، فإن كان يسكن دون هذه المواقيت فإنه يُحرم من مكانه ، فإن كان في مكة فإنه يُحرم للحج من مكانه ، ويحرم للعمرة من أي مكان من الحل كالتنعيم أو عرفة ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها لما أرادت العمرة بعد حجها ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أخاها أن يخرج بها إلى الحل لتحرم بالعمرة من هناك . متفق عليه .
وانظر السؤال (32845 ) .
ثانياً :
إن مرَّ مريد الحج والعمرة على الميقات دون أن ينوي الإحرام منه : فإنه يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي مرَّ عليه ليحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم من مكانه فإنه يلزمه – على قول جمهور العلماء – ذبح شاة في مكة وتوزيعها على مساكين الحرم .
سئل علماء اللجنة الدائمة عمن سافر من أجل العمل في موسم الحج ، ويقيمون خارج مكة ، ولم يحرموا من الميقات ، فمن أين يحرمون ؟
فأجابت :(5/45)
" بالنسبة للإحرام للعمرة أو الحج مادام أنكم ذهبتم للعمل وتجاوزتم الميقات فإذا أراد أحد الإحرام فإنه يحرم من مكانه داخل الميقات ؛ لأنه دخل بنية العمل ، وقد قال صلى الله عليه وسلم عند ذكر المواقيت : ( ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ ، حتى أهل مكة من مكة ) إلا من كان منكم عازماً على الحج أو العمرة حين مروره على الميقات فإن عليه أن يرجع إلى الميقات ليحرم منه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقَّت المواقيت : ( هنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ ممن أراد الحج والعمرة ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/140، 141) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" من تجاوز الميقات بدون إحرام فلا يخلو من حالين : إما أن يكون مريداً للحج والعمرة : فحينئذٍ يلزمه أن يرجع إليه ليحرم منه بما أراد من النسك – الحج أو العمرة - فإن لم يفعل فقد ترك واجباً من واجبات النسك ، وعليه عند أهل العلم فدية : دم يذبحه في مكة ، ويوزعه على الفقراء هناك .
وأما إذا تجاوزه وهو لا يريد الحج والعمرة : فإنه لا شيء عليه " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (21/السؤال رقم 341) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ميقات أهل مكة في العمرة
من أين يحرم أهل مكة للعمرة ؟ وإذا كان مصيفهم في الهدا ( وهو قبل الميقات ) أين يحرمون للعمرة أيضاً ؟.
الحمد لله
أهل مكة يحرمون للعمرة من خارج الحرم كالتنعيم ، وإذا سكنوا في الهدا وقت الصيف فإنهم يحرمون للعمرة من مكانهم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت : (.. ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ ، حتى أهل مكة يهلون من مكة ) متفق عليه ، وثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم أمر عائشة لمَّا أرادت العمرة وهي في مكة أن تحرم من الحل . ( أي : خارج الحرم )
وبالله التوفيق
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/129) .(5/46)
ميقات أهل السودان والصومال وأثيوببيا
من أين يحرم أهل أثيوبيا والصومال والسودان ؟
وما حكم من آتى منهما للحج أو العمرة بدون إحرام ثم أحرم بعد أيام وذهب إلى مكة مباشرة ؟.
الحمد لله
ميقات أهل أثيوبيا والصومال إذا جاءوا من الجنوب فإنهم يحاذون يلملم التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن ، فيحرمون إذا حاذوها ، وإن جاءوا من شمال جدة فميقاتهم الجحفة التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الشام ، وجعل الناس بدلاً منها رابغ ، لأنها خربت ، أما إذا جاءوا من بين ذلك قصداً إلى جدة فإن ميقاتهم جدة ، لأنهم يصلون إلى جدة قبل محاذات الميقاتين المذكورين ، وكذلك أهل السودان إذا جاءوا قصداً إلى جدة فميقاتهم جدة ، وإن جاءوا من الناحية الشمالية فإن ميقاتهم إذا حاذوا الجحفة أو رابغاً ، وإن جاءوا من الناحية الجنوبية فإن ميقاتهم إذا حاذوا يلملم ، فيكون ميقات أهل تلك البلاد مختلف بحسب الطريق الذي جاءوا منه . هذا إذا جاءوا للعمرة أو للحج .
أما من جاء للعمل وقد أدى فريضة العمرة والحج فإنه لا يجب أن يحرم ؛ لأن الحج والعمرة لا يجبان إلا مرة واحدة في العمر ، فإذا أداهما الإنسان لم يجبا عليه مرة أخرى ، اللهم إلا بنذر .
ومن قدم للحج أو للعمرة ولم يحرم إلا بعد أن جاوز الميقاتين وقد مر بأحدهما فإن أهل العلم يقولون : إن إحرامه صحيح ، ولكن عليه دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء ؛ لأنه ترك واجباً من واجبات الإحرام وهو كونه من الميقات ، فمن حصل له مثل ذلك فعليه ذبح الدم في مكة يوزع على الفقراء إن كان غنياً ، وإن كان فقيراً فليس عليه شيء ، لقول الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 .
انظر : "فتاوى ابن عثيمين" (21/283، 284) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن ميقات أهل السودان ، فأجاب :(5/47)
" على حسب الطريق ، إن كان طريقهم يمر بميقات الجحفة لزمهم الإحرام إذا حاذوها ، وإن كان طريقهم لا يحاذي ميقاتاً قبل جدة فإنهم يحرمون منها ، إذا كانوا ممن أراد الحج والعمرة " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (17/35) .
الإسلام سؤال وجواب
من أين يحرم من لم يمر على الميقات؟
إذا لم يمر المحرم على شيء من المواقيت المعروفة فمن أين يحرم ؟.
الحمد لله
" إذا كان لا يمر بشيء من هذه المواقيت فإنه ينظر إلى حذو الميقات الأقرب إليه (فيحرم منه) ، إذا مر في طريق بين يلملم وقرن المنازل ينظر أيهما أقرب إليه ، فإذا حاذى أقربهما إليه أحرم من محاذاته ، ويدل لذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاءه أهل العراق وقالوا : يا أمير المؤمنين إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل نجد قرناً ، وإنها جَوْر عن طريقنا - يعني فيها ميول وبعد عن طريقنا - فقال رضي الله عنه : انظروا إلى حذوها من طريقكم . فأمرهم أن ينظروا إلى محاذاة قرن المنازل ويحرموا ، هكذا جاء في صحيح البخاري ، وفي حكم عمر رضي الله عنه - هذا فائدة جليلة ، وهي أن الذين يأتون عن طريق الطائرات وقد نووا الحج أو العمرة ويمرون بهذه المواقيت إما فوقها أو عن يمينها أو يسارها يجب عليهم أن يحرموا إذا حاذوا هذه المواقيت ، ولا يحل لهم أن يؤخروا الإحرام حتى ينزلوا في جدة ، كما يفعله كثير من الناس ، فإن هذا خلاف ما حدده النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) الطلاق/1 . وقال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) البقرة/229 .
فعلى الإنسان إذا جاء عن طريق الجو وهو يريد الحج أو العمرة أن يكون متهيئاً للإحرام في الطائرة ، فإذا حاذى أول ميقات يمر به وجب عليه أن يحرم ، أي أن ينوي الدخول في النسك ولا يؤخر هذا حتى يدخل في مطار جدة " انتهى .(5/48)
"فتاوى ابن عثيمين" (21/276) .
يشق عليه الإحرام في الطائرة فماذا يفعل
إذا أراد الحج أو العمرة ، ويشق عليه الإحرام بالطائرة ، ثم هو مع ذلك لا يعرف مقدار الميقات ، فهل له تأخير الإحرام إلى جدة أم لا ؟.
الحمد لله
إذا أراد الحج والعمرة وهو في الطائرة فله أن يغتسل في بيته ، ويلبس الإزار والرداء إن شاء ، وإذا بقي على الميقات شيء قليل أحرم بما يريد من حج أو عمرة ، وليس في ذلك مشقة ، وإذا كان لا يعرف الميقات فإنه يسأل قائد الطائرة ، أو أحد المساعدين له ، أو أحد المضيفين ، أو الركاب ممن يثق به من أهل الخبرة بذلك .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/153)
العبرة بميقات الوكيل
لقد توفي رجل قبل سنتين ولم يستطع إلى الحج سبيلاً ، والآن عائلته وأولاده يرغبون في الحج نيابة عنه ، ولكن ليس عندهم فلوس بقدر ما يكفي لهم لإركاب أحد من باكستان ليقوم بالحج عنه ، ولذلك يريدون توكيل أحد المسلمين الموجودين بمكة المكرمة ويعطونه مصاريف الحج والهدي . فهل يتم الحج هكذا عنه ، ويناله من ثوابه ؟.
الحمد لله
الصحيح من قولي العلماء أن العبرة بميقات النائب عن غيره وهو الذي يباشر الحج بنفسه ، وليست العبرة بميقات من يحج ويعتمر عنه ، وعلى هذا يجوز أن توكلوا من يحج عن والدكم من أهل مكة ونحوها من البلاد القريبة من الحرم .
انظر فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/134)
ميقات العمرة لأهل جدة
أنا ساكن في جدة وأنا طالب في الجامعة ومتزوج وأهلي يسكنون (أبي وأمي) في مكة وسوف أذهب إلى مكة لزيارتهم والبقاء عندهم إلى يوم السبت , فهل يجوز لي ولزوجتي الإحرام للعمرة يوم السبت من جعرانة لأنها قريبة من سكن أهلي في الشرائع .
الحمد لله(5/49)
إذا كنت عازما على العمرة في سفرك هذا فالواجب عليك أن تحرم بها من جدة ، لأن جدة أقرب إلى مكة من الميقات ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر المواقيت : ( فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ ، .. حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا ) . رواه البخاري (1526) .
وفي حديث آخر : ( وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ ) . رواه البخاري (1524) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
جدة ميقات لأهلها والمقيمين بها اهـ
فتاوى ابن باز (17/34) .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة (11/126) :
وأما جدة فهي ميقات لأهل جدة والمقيمين بها إذا أراد حجاً أو عمرة اهـ
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
إشكال في ميقات أهل مكة للعمرة
ماذا يقول العلماء في حديث عائشة رضي الله عنها الذي ورد فيه خروجها إلى التنعيم للعمرة وحديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي ورد فيه: « حتى أهل مكة يهلون منها ، ممن أراد الحج أو العمرة » ، وكيف نجمع بينهما ؟ بينوا لنا الرأي الصحيح الموافق للكتاب والسنة ، ومن أين يحرم أهل مكة للعمرة ، من التنعيم أم من مكة المكرمة ؟.
الحمد لله
يحسن أن نذكر أولاً لفظ الحديثين ثم نبين وجه الجمع بينهما .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، قال : « فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ، ومن كان دونهن فمهله من أهله ، وكذلك أهل مكة من مكة » رواه البخاري ومسلم .(5/50)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب ( اسم مكان ) ، فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : « اخرج بأختك من الحرم ( وفي رواية إلى التنعيم ) فلتهل بالعمرة ، ثم لتطف بالبيت ، فإني أنتظركما هاهنا » ، قالت : فخرجنا فأهللت ، ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة ، فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله في جوف الليل ، فقال: « هل فرغت ؟» فقلت : نعم ، فأذن في أصحابه بالرحيل ، فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الفجر، ثم خرج إلى المدينة . رواه البخاري ومسلم.
وعلى هذا يقال : إن حديث ابن عباس رضي الله عنهما عام في أن أهل مكة يحرمون من مكة بالحج مفرداً وبالعمرة مفردة وبالحج والعمرة قراناً ، وحديث خروج عائشة من الحرم مع أخيها عبد الرحمن لتحرم من التنعيم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وإرشاده خاص ، والقاعدة المعروفة المسلمة عند العلماء : أن العام والخاص إذا تعارضا حُمِل العام على الخاص ، فيُعمل بالخاص ، وهو هنا الإحرام بالعمرة من التنعيم ، أو غيره من الحل ، فيكون معنى « حتى أهل مكة من مكة » : أن أهل مكة يحرمون بالحج مفرَدَاً أو بالحج والعمرة قراناً ، لا يحتاجون إلى الخروج إلى الحل ، أو إلى ميقات من المواقيت الأخرى المذكورة في الحديث ؛ ليحرموا منه بذلك .
أما العمرة مفردة فعلى من أراد الإحرام بها وهو في مكة أو داخل حدود الحرم أن يخرج إلى الحل -التنعيم أو غيره - ليحرم بها، وبهذا قال جمهور العلماء، بل قال المحب الطبري: لا أعلم أحداً جعل مكة ميقاتاً للعمرة. اهـ.
فيتعين حمل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما : « حتى أهل مكة من مكة » على القارن والمفرد ، دون المعتمر عمرة مفردة .(5/51)
ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً ، فلو كان الإحرام بالعمرة مفردة من الحرم مأذوناً فيه لاختاره لعائشة ؛ لكونه أيسر وأقل التزاماً وكلفة بالنسبة له ولعائشة وأخيها ، ولم يأمرها بالخروج إلى الحل أو التنعيم ؛ لتحرم منه ، فعدوله عن الإحرام من الحرم وهو أيسر للجميع إلى الإحرام من الحل مع ما فيه من المشقة والكلفة التي لا توجد في الأمر الأول دليل على أن الإحرام بالعمرة من الحل دون الحرم مقصود إليه مأمور به شرعاً لمن أراد أن يعتمر عمرة مفردة وهو بالحرم .
وبالله التوفيق .
انظر اللجنة الدائمة ( 11/143 ) .
الإسلام سؤال وجواب
سيسافر إلى جدة ولا يدري هل يتمكن من الحج أو لا؟
سأسافر إلى جدة للعمل قبل الحج إن شاء الله تعالى ، وفي نيتي أن أحج إذا تمكنت من ذلك ، مع العلم أني قد لا أتمكن من الحج بسبب ظروف العمل . فمن أين أحرم بالحج ؟ هل أرجع إلى الميقات أم أحرم من جدة ؟.
الحمد لله
ليس عليك الرجوع إلى الميقات ، بل تحرم من مكانك الذي عزمت على الحج وأنت فيه ، سواء كان من جدة أو غيرها ، وذلك لأنك لما مررت بالميقات لم تكن عازماً عزماً جازماً على الحج .
قال الشيخ ابن باز :
من أتى مكة وهو ينوي الحج إن تيسر له ثم تيسر له ذلك فعزم على الحج فإنه يحرم من مكانه سواء كان داخل المواقيت أو في مكة . أما إن كان يعلم أنه يسمح له بذلك فإنه يلزمه الإحرام بالحج من الميقات الذي يمر عليه إذا مر عليه وهو عازم على الحج ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ، ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة ) . متفق عليه اهـ .
فتاوى ابن باز (17/53) .
الإسلام سؤال وجواب
الاستعداد للإحرام قبل الميقات بنحو (3) ساعات(5/52)
نبعد عن مكة حوالي (300) كيلو متر وهذه المسافة لا تستغرق بالسفر في السيارة أكثر 3 ساعات ، فهل يجوز لنا أن نغتسل ونلبس ثياب الإحرام في بيوتنا ثم نسافر إلى مكة ؟.
الحمد لله
نعم يجوز ذلك ، ولكن لا تحرموا إلا عند المرور بالميقات .
وقد سئل الشيخ ابن باز عمن يبعد عن مكة (350) كيلو متر ويسافر إليها بالسيارة هل يجوز له أن يستعد للإحرام في بلده بالاغتسال ولبس ثياب الإحرام ؟ وهل يجوز أن يحرم من بلده ؟
فأجاب :
لا حرج في الاغتسال ولبس ملابس الإحرام والتطيب من منازلهم لقربهم من الميقات بواسطة السيارات لكن المشروع لهم ألا يحرموا إلا من الميقات ، والإحرام هو نية الدخول في النسك هذا هو الإحرام ، ثم يشرع لهم مع النية التلفظ بالنسك فيقول لبيك عمرة أو لبيك حجاً ، ثم يلبي التلبية الشرعية وهي : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك . وفق الله الجميع لما فيه رضاه اهـ .
فتاوى ابن باز (17/51) .
الإسلام سؤال وجواب
من أين أحرم النبي صلى الله عليه وسلم
هل الرسول صلى الله عليه وسلم أحرم واغتسل من المدينة المنورة ؟.
الحمد لله
أحرم النبي صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة ( وتسمى الآن أبيار علي ) ، أي : أهلَّ بالنسك ولبَّى به منها لا من المدينة ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت المكانية لنسك الحج والعمرة ، فجعل ذا الحليفة ميقاتاً لأهل المدينة ، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بشيء ويخالفه ، وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ( وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ ، حتى أهل مكة من مكة ) رواه البخاري (1524) ومسلم (1181)(5/53)
وثبت عن سالم بن عبدالله بن عمر رضي الله عنهم أنه سمع أباه يقول : ( ما أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد ، يعني : مسجد ذي الحليفة ) رواه البخاري (1541) ومسلم (1186) ، واغتسل بذي الحليفة أيضاً ؛ لما روي عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل . رواه الترمذي وحسنه ( وصححه الألباني في المشكاة 2547 )
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/124).
يريد أن يعتمر عن نفسه وعن أبيه المتوفى
ما هي الخطوات السليمة لأداء مناسك العمرة عن أبى المتوفى بعد أدائها لنفسى ؟.
الحمد لله
عليك أن تحرم بالعمرة عن نفسك من الميقات الذي ستمر به ، ثم إذا أتممت العمرة عن نفسك بالطواف والسعي والتقصير من شعرك تخرج إلى التنعيم أو غيره من الحل (خارج الحرم) ثم تحرم عن أبيك بالعمرة فتقول : لبيك اللهم بعمرة عن أبي ، ثم تطوف وتسعى وتحلق أو تقصر ، والحلق أفضل . ولا يلزمك الرجوع إلى الميقات للإحرام بالعمرة عن أبيك .
قال الشيخ ابن باز :(5/54)
إذا أردت الحج أو العمرة لك أو لغيرك من الأموات أو العاجزين عن أدائها لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه ، فإن الواجب عليك أن تحرم من الميقات الذي تمر عليه وأنت قاصد الحج أو العمرة فإذا فرغت من أعمال العمرة أو الحج فلا حرج عليك أن تأخذ عمرة لنفسك من أدنى الحل كالتنعيم والجعرانة ونحوهما ، ولا يلزمك الرجوع إلى الميقات ؛ لأن عائشة رضي الله عنها أحرمت بالعمرة من ميقات المدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فلما فرغت من حجها وعمرتها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة مفردة فأمر أخاها عبد الرحمن أن يذهب بها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج ولم يأمرها بالرجوع إلى الميقات . وكانت قد أدخلت الحج على عمرتها التي أحرمت بها من الميقات بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لما حاضت قبل أن تؤدي أعمالها . وبالله التوفيق اهـ
فتاوى ابن باز (17/15) .
الإسلام سؤال وجواب
تجاوز الميقات من غير أن يحرم
ما حكم من تجاوز الميقات من غير أن يحرم وهو يريد الحج ؟.
الحمد لله
من مَرَّ على الميقات وهو يريد الحج أو العمرة وجب عليه الإحرام من الميقات ، فإن تجاوزه ولم يحرم وجب عليه الرجوع ليحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم بعد مجاوزته للميقات فالمشهور عند العلماء أن عليه دماً ، فيذبح شاة في مكة ويوزعها على المساكين .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :(5/55)
من جاوز الميقات لحجٍّ أو عمرة ولم يحرم وجب عليه الرجوع والإحرام بالحج والعمرة من الميقات ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك بقوله : " يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن ويهل أهل اليمن من يلملم " ... . فإذا كان قصده الحج أو العمرة يلزمه الإحرام من الميقات الذي يمر عليه فإذا كان من طريق المدينة أحرم من ذي الحليفة ، وإن كان من طريق الشام أو مصر أو المغرب أحرم من الجحفة من رابغ الآن وإن كان من طريق اليمن أحرم من يلملم وإن كان من طريق نجد أو الطائف أحرم من وادي قرن و يسمى حاليا " السيل " ويسميه بعض الناس " وادي محرم " فيحرم من ذلك بحجة أو عمرة أو بهما جميعا ..إلخ
فتاوى إسلامية ( 2 / 201 ) .
قال الشيخ بن جبرين :
فمن أحرم بعد ما جاوز الميقات فعليه دم جبران ، والله أعلم اهـ
"فتاوى إسلامية" (2/198) .
الإسلام سؤال وجواب
تجاوز الميقات لمن نوى الحج أو العمرة ثم الرجوع إليه
حاج ينوي الحج ولكنه له غرض في مكة ثم إلى المدينة ، وتجاوز الميقات ولم يحرم ، ودخل مكة ثم سافر إلى المدينة وأحرم من ميقات المدينة حاجاً . فما حكم تصرفه هذا ؟.
الحمد لله
مادام أن الحاج خرج إلى ميقات أهل المدينة ، وأتى محرماً فلا شيء عليه في دخوله بدون إحرام ، وكان الأولى له أن يدخل من ميقاته الأول محرماً .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/155)
ميقات حجاج استراليا
نحن نعيش في استراليا ، وفي هذا العام يريد وفد كبير من مسلمي استراليا القيام بفريضة الحج ، ونحن نسافر من سدني مثلاً وأول محطة لنا وهي أحد ثلاث موانئ جوية : جدة ، أبو ظبي ، البحرين ، فأين ميقات إحرامنا ؟ هل نحرم من سدني أو من أي مكان آخر ؟ أرجو الإجابة ولكم الشكر.
الحمد لله(5/56)
ليست سدني ولا أبو ظبي ولا البحرين ميقاتاً لحج ولا عمرة ، وليست جدة ميقاتاً لمثلكم ، وإنما هي ميقاتٌ لأهلها .
ويجب أن تحرموا إذا كنتم مررتم جواً فوق أول ميقات تمرون عليه قاصدين إلى مكة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا وقت المواقيت : ( هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ) ، وبإمكانكم أن تسألوا مُضِيف الطائرة قبل المرور عليه ، وإن نويتم الدخول في الإحرام بالحج أو العمرة ولبيتم بذلك قبل الميقات الذي ستمرون عليه خشية أن تتجاوزوه غير محرمين فلا بأس ، أما التهيؤ للإحرام بتنظيف أو غسل أو ارتداء ملابس الإحرام فيجوز في أي مكان .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/131) .(5/57)
شروط وجوب الحج
هل يقدم الحج على الزواج بثانية؟
السؤال : إذا ما كان رجل لديه زوجة وأطفال وأراد أن يتزوج مرة أخرى من امرأة أخرى ، ولكنه لم يقض فريضة الحج بعد ، فهل يكون عليه أن ينفق ماله في الحج أولاً ثم بعد ذلك يتزوج من أخرى؟ ولكنه يريد الزواج من أخرى في الوقت الحالي وأن يحج ولكنه لا يملك المال الكافي للأمرين معاً . أرجو أن تخبروني أي الأمرين أفضل ، مع العلم بأن لديه زوجة وأطفالاً .
الجواب :
الحمد لله
ذكر أهل العلم أن الرجل إذا لم يكن متزوجاً فإنه يقدم الحج على الزواج ، إلا أن يخاف العنت ، وهو الوقوع في الفاحشة أو المشقة ، فيقدم حينئذ الزواج على الحج .
قال الشيرازي في "المهذب" (1 / 197) .
" وإن احتاج إلى النكاح وهو يخاف العنت قدم النكاح " انتهى .
وقال المرداوي في "الإنصاف" (3/404) :
" إذَا خَافَ الْعَنَتَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْحَجِّ : قَدَّمَ النِّكَاحَ عَلَيْهِ , عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ , نَصَّ عَلَيْهِ [يعني الإمام أحمد] , وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ , وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ لِوُجُوبِهِ إذَنْ , وَحَكَاهُ الْمَجْدُ إجْمَاعًا , لَكِنْ نُوزِعَ فِي ادِّعَاءِ الْإِجْمَاعِ " انتهى .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"إن كان المسلم لا يخاف على نفسه من الزنا وجب عليه تقديم الحج على الزواج ، وإن كان يخاف على نفسه من ذلك قدم الزواج على الحج من أجل إعفاف نفسه ، ولأن الحج إنما يجب على المستطيع ، وهذا يعتبر غير مستطيع حتى يعف نفسه " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23 / 320) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"من اشتدت حاجته إلى الزواج وجبت عليه المبادرة به قبل الحج ؛ لأنه في هذه الحال لا يسمى مستطيعاً ، إذا كان لا يستطيع نفقة الزواج والحج جميعاً فإنه يبدأ بالزواج حتى يعف نفسه" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16 / 359) .(6/1)
وانظر جواب السؤال رقم (27120) .
أما من كان متزوجاً ، فقد أعف نفسه بالزواج ، فالواجب عليه المبادرة بالحج قبل الزواج بثانية ؛ فإنه ركن من أركان الإسلام ، وقد قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) آل عمران/97 .
وقد يكون الرجل متزوجاً ولكنه يحتاج إلى أخرى ، إما لكونه قوي الشهوة ، أو لكون الأولى مريضة أو غير ذلك من الأسباب ، ففي هذه الحالة يقدم الزواج بثانية على الحج ، لحاجته إليه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"لو كان الأب نفسه يحتاج إلى نكاح ويخشى على نفسه إن لم يتزوج وليس في يده إلا هذه الدراهم فهو إما أن يحج بها وأما أن يتزوج فحينئذٍ نقول : قدم الزواج .
ولا تعجب إذا قلت إن الأب محتاج إلى الزواج وليس عنده إلا هذه الدراهم ؛ لأن هذا يقع كثيرا قد يكون الرجل كثير الشهوة لم تغنه المرأة الأولى ، أو تكون المرأة الأولى قد ماتت أو طلقت فيحتاج إلى زوجة أخرى" انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (227 / 30) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجب حج المدين على نفقة غيره
أنا رجلٌ مدين وقد عرض علي أخٌ في الله أن أحج معه ويتكفل بالنفقة فهل يجب علي الحج ؟.
الحمد لله
سُئل الشيخ محمد بن عثيمين هذا السؤال فقال رحمه الله :
إذا كان هذا الأخ يريد أن يتحمل عنك نفقة الحج بحيث لا يضرك الذهاب معه فلا بأس أن تحج معه لكنه لا يجب عليك الحج معه وإنما قلنا لا يجب لأن فيه مِنَّةًً عليك يُخشى في يوم من الأيام أن لا يكون أخاً لك في الله ثم بعد ذلك يمن عليك ويقول هذا جزائي حججت بك في العام الفلاني وتفعل بي ما تفعل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
هل يقدم الحج أم الزواج ؟
أيهما أولى للشخص ؛ أن يحج بما معه من مال أم يتزوج به ؟ لأن هذا الوقت وقت فتن يخاف فيه المرء على نفسه .(6/2)
الحمد لله
إذا كان الرجل يحتاج إلى الزواج ، ويشق عليه تأخيره فإنه يقدم الزواج على الحج .
أما إذا كان لا يحتاج إلى الزواج فإنه يقدم الحج .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/12) :
وَإِنْ احْتَاجَ إلَى النِّكَاحِ , وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ ( أي المشقة ) , قَدَّمَ التَّزْوِيجَ , لأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ , وَلا غِنَى بِهِ عَنْهُ , فَهُوَ كَنَفَقَتِهِ , وَإِنْ لَمْ يَخَفْ , قَدَّمَ الْحَجَّ ; لأَنَّ النِّكَاحَ تَطَوُّعٌ , فَلا يُقَدَّمُ عَلَى الْحَجَّ الْوَاجِبِ اهـ . وانظر أيضاً : "المجموع" (7/71) للنووي .
وسئل الشيخ ابن عثيمن رحمه الله :
هل يجوز تأجيل الحج إلى ما بعد الزواج للمستطيع ، وذلك لما يقابل الشباب في هذا الزمن من المغريات والفتن صغيرة كانت أم كبيرة ؟
فأجاب :
لا شك أن الزواج مع الشهوة والإلحاح أولى من الحج لأن الإنسان إذا كانت لديه شهوة ملحة فإن تزوجه حينئذٍ من ضروريات حياته ، فهو مثل الأكل والشرب ، ولهذا يجوز لمن احتاج إلى الزواج وليس عنده مال أن يدفع إليه من الزكاة ما يُزوج به ، كما يعطى الفقير ما يقتات به وما يلبسه ويستر به عورته من الزكاة .
وعلى هذا فنقول : إنه إذا كان محتاجاً إلى النكاح فإنه يقدم النكاح على الحج لأن الله سبحانه وتعالى اشترط في وجوب الحج الاستطاعة فقال : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران / 97 .
أما من كان شاباً ولا يهمه أن يتزوج هذا العام أو الذي بعده فإنه يقدم الحج لأنه ليس في ضرورة إلى تقديم النكاح اهـ
فتاوى منار الإسلام (2/375) .
الإسلام سؤال وجواب
حكم من حجج والديه ولم يحج عن نفسه
ما حكم من حجج والديه ولم يحج بنفسه؟
الحمد لله(6/3)
من استطاع الحج ، وتوفرت فيه شروطه ، وجب عليه أن يحج في عامه ، ولا يجوز له تأخير الحج ، لأجل والديه أو غيرهما ؛ لأن الحج واجب على الفور في أصح قولي العلماء ، وفرض العين مقدم على بر الوالدين ؛ لقوله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) آل عمران /97 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( عجلوا الخروج إلى مكة ، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له من مرض أو حاجة ) رواه أبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في شعب الإيمان ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (3990) .
وينظر جواب السؤال رقم (41702) .
لكن حج الوالدين في هذه الحالة صحيح ، وعلى هذا الابن أن يبادر بالحج عند الاستطاعة .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل يجوز للإنسان أن يرسل والديه إلى الحج قبل أن يذهب هو إلى الحج ؟
فأجابوا : الحج فريضة على كل مسلم حر عاقل بالغ مستطيع السبيل إلى أدائه، مرة في العمر. وبر الوالدين وإعانتهما على أداء الواجب أمر مشروع بقدر الطاقة ، إلا أن عليك أن تحج عن نفسك أولاً ، ثم تعين والديك إن لم يتيسر الجمع بين حج الجميع ، ولو قدمت والديك على نفسك صح حجهما ، وبالله التوفيق " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/70)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لديه مال لو اشترى به سيارة لم يتمكن من الحج
أصبحت بحمد الله قادرا على الحج ولكنني أود شراء سيارة , فهل يجوز شراؤها ؟ علما بأن هذا قد يؤجل الحج .
الحمد لله
إذا كنت بحاجة إلى السيارة ، فلا حرج عليك في شرائها ولو أدى ذلك إلى تأخير الحج ؛ لأن من شرط وجوب الحج الاستطاعة المالية ، وهي ملك مال فائض عن حوائج الإنسان الأصلية ، ومن هذه الحوائج : السيارة التي يركبها الإنسان ، إذا كانت تناسب حاله ، ولم يبالغ في شراء ما غلا ثمنه ، تقليدا ومباهاة لغيره ، وراجع شروط الحج في جواب السؤال رقم (41957) .(6/4)
أما إذا كنت غير محتاج للسيارة فيجب عليك تقديم الحج على شرائها .
ونسأل الله تعالى أن يوسع عليك ويرزقك رزقاً طيبا مباركا فيه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يحج حج الفريضة أم يزوج ابنه بهذا المال
إذا كان هناك رجل يريد أن يحج حج الفريضة ( لأول مرة ) وكان لديه ابن أعزب في عمر الزواج ، وكان لدى هذا الرجل مبلغ من المال يكفي فقط لأن يحج أو يزوج ابنه ، في هذه الحالة أيهما أولى : أن يقوم بأداء فريضة الحج ؟ أم يقوم بتزويج ابنه ؟.
الحمد لله
أولا :
يلزم الرجل أن يزوج ولده إذا كان الولد محتاجاً إلى الزواج ، وعاجزاً عن تكاليفه ، في أصح قولي العلماء ؛ لأن الحاجة إلى النكاح قد لا تقل عن الحاجة إلى الأكل والشرب ، فتدخل في النفقة الواجبة .
قال المرداوي في "الإنصاف" (9/204) : " يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه من الآباء والأجداد والأبناء وأبنائهم وغيرهم , ممن تجب عليه نفقتهم . وهذا الصحيح من المذهب - يعني مذهب الإمام أحمد - " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب ، ولذلك قال أهل العلم : إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه إن كان ماله يتسع لذلك ، فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج ولم يكن عنده ما يتزوج به ، لكن سمعت أن بعض الآباء الذين نسوا حالهم حال الشباب إذا طلب ابنه منه الزواج قال له : تزوج من عرق جبينك . وهذا غير جائز ، وحرام عليه إذا كان قادراً على تزويجه ، سوف يخاصمه ابنه يوم القيامة إذا لم يزوجه مع قدرته على تزويجه " انتهى من " فتاوى أركان الإسلام" ( ص440-441 ) .
ثانيا :(6/5)
إذا تعارض حج الوالد مع زواج الابن ، لكون المال الذي يملكه الأب لا يكفي إلا لأحدهما ، فإنه ينظر في نكاح الابن هل يجب الآن أم يمكن تأخيره ؟ فإن كان الابن محتاجا للنكاح ويخشى على نفسه الوقوع في الحرام ، فإن زواجه مقدم على حجه هو لنفسه ، ومقدم على حج أبيه كذلك لأمرين :
الأول : أن إعفافه وصيانته عن الوقوع في الحرام أمر واجب لا يحتمل التأخير ، أما الحج فيمكن تأخيره إلى أن ييسر الله له .
والثاني : أن الحج لا يجب على الأب إلا إذا ملك مالا فائضاً عن نفقته ونفقة من تلزمه نفقته ، وقد لزمه هنا تزويج ابنه حتى لا يقع في الحرام .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/12) : " وَإِنْ احْتَاجَ إلَى النِّكَاحِ , وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ ( أي المشقة ) , قَدَّمَ التَّزْوِيجَ – يعني : على الحج - لأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ , وَلا غِنَى بِهِ عَنْهُ , فَهُوَ كَنَفَقَتِهِ . وَإِنْ لَمْ يَخَفْ , قَدَّمَ الْحَجَّ ; لأَنَّ النِّكَاحَ تَطَوُّعٌ , فَلا يُقَدَّمُ عَلَى الْحَجَّ الْوَاجِبِ " انتهى.
وانظر أيضاً : "المجموع" (7/71) للنووي .
وانظر السؤال رقم (27120) .
أما إن كان الولد لا يحتاج إلى النكاح أو لا يخاف على نفسه الوقوع في الحرام لو أخر النكاح ، فإنه لا يلزم تزويجه الآن ، وعليه فيكون الحج واجبا على الأب ؛ لأنه ملك مالا فائضا عن نفقته ونفقة من يعول ، قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/ 97 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يحج قبل أن يسدد فاتورة الكهرباء والهاتف ؟
إذا صدرت فاتورة مثل فاتورة جوال أو كهرباء وغيره هل يلزم بتسديدها قبل الحج ؟.
الحمد لله(6/6)
ينبغي للإنسان أن يسدد ديونه قبل سفره – سواء كان سفره إلى الحج أم غيره – أو يترك من الأموال ما يكفي لسدادها ، حتى تبرأ ذمته ، ولا يكون مطالباً عند الله بشيء من حقوق العباد .
وأما السفر إلى الحج لمن عليه دين ، فيقال إن الديون على ثلاثة أنواع :
الأول : دين غير مؤجل وجاء وقت سداده ويطالب به أصحابه ، فيجب سداده ، ولا يجوز تأخيره لأجل الحج أو غيره ، لأن ذلك يدخل في المَطْل المحرم .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ) رواه البخاري (2287) ومسلم (1564) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ ) رواه النسائي (4689) وأبو داود (3628) وابن ماجه (2427) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
و( لَيُّ الْوَاجِدِ ) بمعنى ( مطل الغني ) وهو مماطلة الغني القادر على سداد الدين وتأخيره للسداد من غير عذر .
والمقصود بحل عرضه : أن يقال: مطلني فلان، أو يا ظالم يا معتدي ، وعقوبته : حبسه .
ولو فرض أن سداد هذا الدين يؤدي إلى عدم الحج ، فإنه يجب السداد ، ولا إثم في ترك الحج حينئذ ؛ لأنه لا يجب إلا على المستطيع له ماديا وبدنيا .
الثاني : دين يتسامح فيه أهله ، ويرضون بتأخيره ، ويأذنون لصاحبه في الحج ، وهذا لا إشكال فيه ، لكن الأفضل هو السداد ؛ حتى تبرأ الذمة ؛ لأن الدائن لو أذن للمدين بالحج فإن ذمة المدين تبقى مشغولة بالدين ، ولا تبرأ ذمته بهذا الإذن ، ولذلك يقال للمدين : اقض الدين أولاً ثم إن بقي معك ما تحج به وإلا فالحج غير واجب عليك .
وإذا مات المدين الذي منعه سداد الدين عن الحج فإنه يلقى الله كامل الإسلام غير مضيع ولا مفرط ، لأن الحج لم يجب عليه ، أما لو قَدَّم الحج على قضاء الدين ومات قبل قضائه فإنه يكون على خطر ، إذ إن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين ، فكيف بغيره ؟!(6/7)
الثالث : دين مؤجل ، لم يحن وقته في زمن الحج ، فهذا لا يمنع المدين من الحج ، إلا إن علم أن بذله المال في الحج سيمنعه من سداد الدين ، إما لقرب موعد السداد ، أو لقلة ذات اليد ونحو ذلك ، فهذا إن حج كان مفرطا متهاونا في أداء ما عليه من حق .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/46) : " من شروط الحج : الاستطاعة ، ومن الاستطاعة : الاستطاعة المالية . ومن كان عليه دَيْن مطالبٌ به بحيث أن أهل الدَّين يمنعون الشخص عن الحج إلا بعد وفاء ديونهم فإنه لا يحُجّ ، لأنه غير مستطيع ، وإذا لم يطالبوه ويعلم منهم التَّسامح فإنه يجوز الحج ويكون صحيحاً . ويجوز الحج كذلك إذا كان الدَّين غير محدد الوقت للقضاء بميعادٍ معيَّن ، ويكون قضاؤه متى تيسر ، وقد يكون الحج سبب خيرٍ لأداء الدين . والله أعلم " انتهى .
والذي يظهر أن فاتورة الكهرباء والهاتف ونحو ذلك هي من الدين المؤجل ، وذلك لأنهم يحددون فترة تسدد فيها الفاتورة ، قد تكون قريبة من الشهر ، فإن استطاع الإنسان أن يحج ثم إذا رجع سدَّد الفاتورة ، فلا حرج عليه ، أما إذا كان وقت السداد ينتهي قبل رجوعه من الحج ، فليبدأ أولاً بسداد الفاتورة ، ثم إن بقي معه مال يكفي للحج ، فالحمد لله ، وإن لم يكف فإنه يؤجل الحج إلى أن ييسر الله له .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يحج أم يفي بوعده لأخيه ويعطيه المال ؟
قبل فترة من الزمن طلب مني أخي نقودا فوعدته بإعطائه الذي أملك وبعد ذلك بأسبوعين اتصل علي خالي وطلب سلفة هو الآخر وقمت بإعطائه المال الذي طلبه ولم أستطع رده لأن له جميلا سابقا ، طبعا المال الذي وهبته هو جزء من المال الذي وعدت به أخي .
السؤال : أني نويت الحج فما أفعل : هل أخلف الوعد مع أخي علما بأنه محتاج له وأحج به ؟ هل أعطيه المال وأستلف للحج ؟ طبعا لا يجوز ، أم هل يتم تأجيل الحج الى السنة القادمة بمشيئة الله ؟.
الحمد لله
أولا :(6/8)
نشكر لك حسن صنيعك وصلتك للرحم ومساعدتك لأقاربك بالمال ، ونسأل الله تعالى
أن يجزيك خيراً .
ثانيا :
يجوز للإنسان أن يقترض ليتمكن من الحج ، إذا كان واثقاً من قدرته على الوفاء ، كما لو كان موظفاً وله راتب ، ويعلم أن راتبه يكفيه لقضاء الدين ، أو كان صاحب تجارة ونحو ذلك .
قال في "مواهب الجليل" (2/531) :
" وفي منسك ابن جماعة الكبير : " وإن اقترض للحج مالا حلالا في ذمته وله وفاء به ورضي المقرض فلا بأس به " انتهى .
وبهذا أفتت اللجنة الدائمة ، والشيخ ابن باز رحمه الله .
انظر : " فتاوى اللجنة الدائمة " (11/41) ، " فتاوى الشيخ ابن باز " (16/393) .
فإذا فعلت ذلك فإنك تكون قد جمعت بين جميع المصالح : حججت ، وأحسنت إلى أخيك ، ووفيت بما وعدته به .
ثالثا :
أما إذا لم تجد من يقرضك فإنك تحاول النظر في المصالح وتقدم الأهم منها ، وتقدم أيضاً المصلحة التي لا تحتمل التأخير على تلك التي يمكن تأخيرها .
فتنظر في الحج : هل هو واجب عليك ؟ أم سبق لك أن حججت الفريضة ، وتريد أن تحج النافلة .
وتنظر في حاجة أخيك : هل هي حاجة ماسة أم لا ؟ وهل يمكن تأجيلها شهراً أو شهرين أم لا ؟ وهل يمكنك أن تقضي له جزءً من حاجته الآن وتؤجل الباقي أم لا ؟ .........إلخ .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه الخير .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
أخذت قرضا ربويا وأعطته لأخيها ليحج
كان أخي مشتاقا للذهاب إلى الحج وليس له الإمكانيات المادية لذلك فقد قررت مساعدته .
لي أموال في البنك ، ولكني فضلت الاحتفاظ بها لأنني أخشى أن أحتاج إليها في أشياء أكثر أهمية ، وأخذت قرضاً من البنك وساعدت به أخي ، فسؤالي هو ما حكم عمل الخير الذي أردت فعله ؟ وهل لي جزاء في ذلك أو بما أن القرض من البنوك حرام فليس لي أي حسنة في هذا العمل ؟ وماذا عن حج أخي ، هل هو صحيح ما دام ليس مسئولا عن مصدر المال ؟.
الحمد لله
أولا :(6/9)
بذل المال لمساعدة الأخ أو غيره في الحج عمل عظيم من أعمال البر ؛ لأنه إعانة على أداء هذه الطاعة العظيمة ، التي يترتب عليها رفع الدرجات ومحو السيئات ، لكن لا يجوز أن تكون هذه المساعدة سببا لوقوعك فيما حرم الله تعالى ، كالاقتراض من البنك الربوي ، فإن الربا شأنه عظيم ، وقد ورد فيه من الوعيد ما لم يرد في غيره من الذنوب والمعاصي .
وانظري لمعرفة ذلك السؤال رقم (6847) ورقم (9054) .
والواجب عليك أن تتوبي إلى الله تعالى من التعامل بالربا .
واعلمي أنه لا يجوز الإيداع في البنك الربوي إلا عند الخوف على المال ، وعدم وجود بنك إسلامي ، ويجب أن يكون الإيداع حينئذ من غير فوائد ؛ لما تقرر في قواعد الشريعة من أن "الضرورات تبيح المحظورات" ، وأن "الضرورة تقدر بقدرها" .
ثانيا :
حج أخيك صحيح إن شاء الله ، لأنه أخذ المال منك بطريق مباح ، إما الصدقة أو الهبة أو القرض الحسن .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن المال الذي اكتسبه الإنسان بطريق محرم – كالربا – يحرم على من اكتسبه فقط ، ولا يحرم على من أخذه منه بعد ذلك بطريق مباح كالبيع والهدية ونحو ذلك . وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال ( 45018) .
فالتحريم إنما يتوجه لما قمت به من الاقتراض بالربا ، ولا يتوجه إلى أخيك .
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
يخاف أن يفصل من عمله ولديه مال فهل يجب الحج منه؟
بمشيئة الله تعالى خلال العام القادم سيتوفر معي مبلغ من المال يكفى لقيامي بالحج بمفردي دون زوجتي، وهذا المبلغ سوف يكون سنداً لي لأية ظروف ، وخاصة أني أعمل بالقطاع الخاص ، ربما يفصلوني من العمل في أي وقت فهل يجب عليّ الحج أم لا؟ مع العلم أنني الآن معي مبلغ آخر ولكنه يلزمني لإتمام البناء (أنا عاقد قران) .
الحمد لله(6/10)
يشترط لوجوب الحج على المكلف : الاستطاعة المالية والبدنية ؛ لقوله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران / 97 .
وقد فسر الفقهاء الاستطاعة المالية بأنها ملك الزاد والراحلة ، أي النفقة التي توصله إلى بيت الله الحرام ذاهبا وإيابا ، إذا كانت هذه النفقة فاضلة عن حاجاته الأصلية ، ونفقاته الشرعية ، وقضاء ديونه .
والمعتبر في النفقة أن يكون عنده ما يكفيه وأهله إلى أن يعود ، وأن يكون له بعد عودته ما يقوم بكفايته وكفاية من ينفق عليهم كأجرة عقار أو راتب أو تجارة ونحو ذلك ، ولذلك لا يلزمه أن يحج برأس مال تجارته الذي ينفق على نفسه وأهله من ربحها ، إذا كان سيترتب على نقص رأس المال نقصُ الأرباح بحيث لا تكفيه وأهله . وانظر بيان ذلك في جواب السؤال رقم (11534) .
فإذا كان لديك المال الذي يكفي لحجك ، وهو زائد عن حاجتك ، فإنه يلزمك الحج ، إلا إذا كان الخوف من ترك العمل خوفاً حقيقياً له قرائن تقوِّيه ، فلا يجب عليك الحج حينئذ ، أما إذا كان هذا الخوف مجرد أوهام وظنون لا أساس لها ، فإنه يلزمك الحج .
وأما المال الذي رصدته للنكاح ، فلا يلزمك الحج منه إذا خشيت على نفسك العَنَََت والمشقة بتأخير النكاح ، بل تقدم النكاح ، فإن بقي مال آخر حججت منه ، وإلا فالحج غير واجب عليك لعدم استطاعتك .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وإن احتاج إلى النكاح , وخاف على نفسه العنت , قدم التزويج (يعني على الحج) ؛ لأنه واجب عليه , ولا غنى به عنه , فهو كنفقته .
وإن لم يخف , قدم الحج ; لأن النكاح تطوع , فلا يقدم على الحج الواجب " انتهى من "المغني" (3/88) .
وانظر جواب السؤال رقم (27120) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
مريض بالصرع فهل يجب عليه الحج(6/11)
أنا رجل مريض بمرض الصرع منذ 17 عاما وحالتي غير مستقرة مع تعاطي الأدوية ، فنوبات الصرع شديدة وليس لها وقت معين وليست منتظمة وأبول على نفسي أريد أن أسألكم عن الحج في حالتي؟ هل يجوز أن أبعث أحدا ليحج عني؟ مع العلم أن هناك مبلغا كبيرا لإخوتي علي ، وهم يرثوني لأني ليس لدي أولاد؟ وكذلك هم سامحوني فيه لأنهم عالجوني به .
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ويأجرك على ما أصابك .
ثانيا :
يشترط لوجوب الحج : الاستطاعة المالية والبدنية ؛ لقوله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 .
فمن كان مريضا لا يستطيع السفر إلى الحج ، أو لا يستطيع تأدية النسك ، أو يشق عليه ذلك مشقة شديدة ، فإنه لا يجب الحج عليه بنفسه .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله : " ولا ينبغي أن يختلف في أن المرض القوي الذي يشق معه السفر مشقة فادحة ، مسقط لوجوب الحج " انتهى من "أضواء البيان".
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : رجل مريض بمرض الصرع منذ ثلاث عشرة سنة ويستعمل دواء يمنع بقدرة الله تعالى حدوث نوبة الصرع ، ولكن إذا تعب وأجهد حدث له الصرع فهل يجوز له أن يوكل أحدا يحج عنه ؟ أم يحج ويتحمل ؟
فأجاب : " إذا كان هذا لا يرجى أن يزول ، فليوكل من يحج ويعتمر عنه إن كان عنده مال . وإن لم يكن عنده مال فالحج غير واجب عليه . أما إذا كان يرجى زواله باستمرار الدواء فلينتظر حتى يشفيه الله ، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يشفيه ويعافيه ويرفع عنه ما يجد " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (21/167).(6/12)
وما ذكره الشيخ رحمه الله من الإنابة في هذه المسألة هو قول جمهور العلماء ، قال ابن قدامة رحمه الله : " من وجدت فيه شرائط وجوب الحج , وكان عاجزا عنه لمانع مأيوس من زواله , كزمانة , أو مرض لا يرجى زواله , أو كان نضو الخلق ( أي : ضعيف وهزيل ) ، لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة ، والشيخ الفاني ، ومن كان مثله ، متى وجد من ينوب عنه في الحج ، ومالا يستنيبه به ، لزمه ذلك . وبهذا قال أبو حنيفة ، والشافعي " انتهى من "المغني" (3/91).
والدليل في ذلك ما رواه البخاري (1513) ومسلم (1334) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ).
وبناء على ذلك : فإنه لا يلزمك الذهاب إلى الحج بنفسك الآن ، ثم إن كان مرضك هذا مما يرجى زواله حسب نظر الأطباء الثقات ، فلا شيء عليك حتى يشفيك الله وتجد مالا تحج به .
أما إن كان المرض لا يرجى زواله ، وكان لديك المال الكافي ، فإنه يجب أن تنيب من يحج عنك ، بشرط أن يكون قد حج عن نفسه أولا .
ثالثا :
طالما أن إخوتك قد سامحوك في هذا المبلغ الكبير الذي أخذته منهم ، فلا أثر له على حكم حجك ، والحمد لله .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حجّ من عليه أقساط شراء ربوية
والداي اشتريا بيتا بالتقسيط وهم يدفعون فوائد على هذا القرض ، وقررا الآن أن يذهبا للحج وقد بقي 15 سنة لكي يتموا دفع الأقساط فهل يجوز لهم الحج مع انهم مدينين ؟ أم انهم يجب أن ينتظروا 15 سنة أولا ؟ وهل لهم أن يعتمروا خلال هذا الوقت إذا كان الحج غير جائز لهم حاليا ؟.(6/13)
الحمد لله
يجوز لهم الحج إذا سددوا القسط الحالّ ، وليس عليهم أن ينتظروا إلى آخر الأقساط ، بل إذا كانا قادرين على تسديد القسط الذي حلّ ، وقادرين على الحج وجب ذلك عليهما - وكذلك العمرة ، مع التوبة إلى الله من الربا الذي ورّطا أنفسهما فيه ، والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
التوكيل في العمرة والحج
هل يجوز لشخص مقيم في السعودية أن يؤدي العمرة لشخص في بلده الأصلي :
أ )إذا كان ذلك الشخص قادراً على القدوم للملكة حتى لو في المستقبل؟
ب )إذا كان لا يستطيع القدوم للمملكة إما لسبب صحي أو مادي؟.
الحمد لله
لا تصح النيابة عن القادر الذي يستطيع أداء العمرة ببدنه ، ( لو حضر بنفسه ) .
أما الذي لا يستطيع لسبب مادي فهذا لا يجب عليه الحج ولا العمرة ، وإنما تصح النيابة في العمرة والحج عن العاجز عن مُبَاشَرةِ ذلك بِبَدَنِهِ ، والميِّت ، والله أعلم .
فتاوى اللجنة الدائمة 11/52 .
ذهاب المريض إلى الحج
أنا رجل ياباني ولكني غير مسلم ولي صديق أسلم منذ فترة قصيرة ويريد الذهاب لأداء مناسك الحج ولكن في إحدى رجليه جرح كبير ، ولا يستطيع المشي إلا بعكاز فهل يحج ؟.
الحمد لله
قال الله تعالى في كتابه العزيز : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) آل عمران / 97.
وكلام العلماء في الاستطاعة يدور على وجود المركب الذي يوصله ونفقة الطريق ذهابا وإيابا بعد أن يترك نفقة عياله ومن تلزمه نفقتهم مدة غيابه وبعد قضاء ما عليه من الديون مع الصحّة وأمن الطريق والمحرم للمرأة .
وحيث أنّ قضية صاحبك المسلم تدور على الصحّة فنتوقّف عندها قليلا :
جاء عن عكرمة رحمه الله في تفسير الآية السابقة قوله : السبيل الصحة ( تفسير بن كثير سورة آل عمران آية 97 )(6/14)
فسلامة البدن من الأمراض والعاهات التي تعوق عن الحج شرط لوجوب الحجّ فلو كان الشخص مريضا مرضا مزمنا أو مصابا بعاهة دائمة أو مُقعدا أو شيخا كبيرا لا يمكنه التنقّل فلا يجب عليه أداء فريضة الحجّ .
ومن كان قادرا على الحجّ بمساعدة غيره وجب عليه الحجّ إذا تيسّر له من يُعينه ( الموسوعة الفقهية 17/34 ) .
قال ابن كثير رحمه الله : " وأما الاستطاعة فأقسام ، تارة يكون الشخص مستطيعا بنفسه ، وتارة بغيره كما هو مقرر في كتب الأحكام " . ( التفسير في الموضع المتقدّم ) .
ومن أُصيب بعاهة تمنعه من الحجّ ولا يُرجى زوالها فيجب عليه أن ينيب من يحجّ عنه ، أما إذا أُصيب بعاهة يُرجى زوالها فإنّه ينتظر حتى تزول ثمّ يحجّ بنفسه ولا يجوز له أن يوكّل من يحجّ عنه . ( الموسوعة الفقهية 17/34 ) .
وبناء على ما تقدّم يتبيّن لك جواب مسألتك أيها السائل الكريم لتخبر به صاحبك المسلم ولا يفوتني أن أشكرك على اهتمامك بمعرفة الحكم الشرعي لهذه المسألة المتعلّقة بالركن الخامس من أركان الإسلام وأنتهزها فرصة لأناشدك وأدعوك للانضمام إلى ركب هذه القافلة العظيمة : قافلة الإسلام . والسلام .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
هل للحامل أن تحج
هل يجوز للحامل أن تؤدي مناسك العمرة والحج ؟ وهل لمدة الحمل تأثير على ذلك ( مثلا كونها في شهرها الرابع مقارنة بالشهر الثامن ) ؟ حيث يمكن أن تسقط المرأة أو تمرض نتيجة للازدحام .
الحمد لله
1. لا مانع من ذهاب المرأة الحامل إلى الحج ، والحامل طاهر يلزمها الصلاة والصيام وطلاقها طلاق سنَّة .
2. بل قد ثبت في السنَّة أن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قد خرجت للحج مع النبي صلى الله عليه وسلم وهي حامل مُتِمٌّ ، حتى أنها ولدت في الميقات .(6/15)
عن عائشة رضي الله عنها قالت : نُفست أسماء بنت عميس – زوجة أبي بكر - بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر يأمرها أن تغتسل وتهل .
رواه مسلم ( 1209 ) .
نفست أي : ولدت .
بالشجرة أي بذي الحليفة وهي ميقات أهل المدينة .
قال النووي – في فوائد الحديث - :
وفيه : صحة إحرام النفساء والحائض ، واستحباب اغتسالهما للإحرام ، وهو مجمع على الأمر به ، لكن مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة والجمهور أنه مستحب ، وقال الحسن وأهل الظاهر : هو واجب .
والحائض والنفساء يصح منهما جميع أفعال الحج إلا الطواف وركعتيه لقوله صلى الله عليه وسلم " اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي " .
" شرح مسلم " ( 8 / 133 ) .
وإذا كانت المرأة لم تحج حجة الإسلام فليس الحمل عذراً لها في ترك الحج ، لأنه بإمكانها تجنب مواضع الزحام والمدافعة ، فإذا لم تستطع رمي الجمار بنفسها فإنها توكل من يرمي عنها ، وإذا لم تستطع الطواف والسعي ماشية فإنها تطوف وتسعى على العربة ... وهكذا .
وكثير من الناس يحجون وهم في حالة كبيرة من الراحة ، من حيث الطريق والمسكن وأداء المناسك .
3. نعم ، لو وجدت امرأة حامل وأخبرها طبيب ثقة أن في خروجها إلى الحج خطراً عليها أو على جنينها لكونها مريضة أو ضعيفة أو لغير ذلك من الأسباب فإنها تُمنع من أداء الحج في عامها هذا ، ويدل على هذا المنع قوله صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار " رواه ابن ماجه ( 2340 ) وهو حديث حسن ، وانظر تخريجه في " جامع العلوم والحكم " لابن رجب ( 1 / 302 ).
4. وبعض الأطباء يفرِّق بين كون الحمل في أوله ، فيخشى عليها وعلى جنينها ، وبين أن يكون في أشهره الأخيرة ، فيكون الخوف من غير مخوِّف .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
تأخير الدورة الشهرية من أجل الحج(6/16)
أنا مسلمة سأذهب للحج هذه السنة إن شاء الله وأتوقع أن تبدأ دورتي الشهرية عند وصلي مكة ، نصحني الناس بأن أستعمل حبوباً يصفها لي الطبيب لتؤخر موعد الدورة حتى أنتهي من الحج .
ما هو موقف الشرع من أخذ مثل هذه الحبوب التي تؤخر الدورة .
الحمد لله
يباح استخدام هذه الحبوب إذا لم يكن فيها ضرر على المرأة ، ويعرف ذلك باستشارة الطبيب المختص .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن هذا الأمر فأجابت :
يجوز للمرأة أن تستعمل حبوب منع الحيض وقت الحج خوفا من العادة ، ويكون ذلك بعد استشارة طبيب مختص على سلامة المرأة ، وهكذا في رمضان إذا أحبت الصوم مع الناس .
الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 2/495 .
الإسلام سؤال وجواب
إذن الوالدين لحج التطوع والفريضة
هل له الحج بغير إذن والديه ، ويصح حجه ، والخروج في طلب العلم ، وهل يأثمان
بمنعه ؟
لهما منعه من حج التطوع ، ولا يأثمان بذلكم ، وليس لهما منعه من الحج المفروض ، ويأثمان بمنعه ، ومتى حج بغير إذنهما صح حجه مطلقاً - وإن كان عاصياً في التطوع - وله السفر في طلب العلم بغير إذنهما .
من كتاب فتاوى الإمام النووي ص 94
هل يؤجل الحج من أجل الاختبارات؟
من المعلوم أن اختبارات بعض الجامعات بعد الحج مباشرة ، فهل يجوز تأجيل الحج إلى العام القادم من أجل الاختبارات ؟.
الحمد لله
" القول الراجح من أقوال أهل العلم : أن الحج واجب على الفور ، وأنه لا يجوز للإنسان أن يؤخره إلا بعذر شرعي ، لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له ، فقد يؤخر الحج هذه السنة ثم يموت ويبقى الحج دينا في ذمته ، ولكن إذا كان حجه يؤثر عليه في الامتحان فله أن يؤخره إلى السنة القادمة ، ولكني أشير عليه أن يأخذ دروسه معه ويحج ، هذا إن كان يسافر إلى الحج مبكراً ، ويمكنه أن يؤخر سفره إلى الحج ، ثم يتعجل في أيام الرمي ، وبهذا لا يستغرق الحج إلا أياماً يسيرة لا تضره إن شاء الله .(6/17)
فالإنسان الحريص يمكنه أن يحج ، ولا يؤثر ذلك عليه شيئاً ، كما أن الإنسان إذا اعتمد على الله وتوكل عليه ، وأتى بالحج واثقاً بالله عز وجل فغن الله سييسر له الأمر " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/63) بتصرف .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجب استئذان الوالدين في الذهاب إلى الحج؟
هل يجب استئذان الوالدين في الذهاب إلى الحج ؟.
الحمد لله
" أما إذا كان فرضاً فإنه لا يشترط رضاهما ولا إذنهما ، بل لو منعاه من الحج وهو فرض وجب عليه أن يحج ولا يطيعهما ، لقول الله : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) لقمان/15. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ ) .
أما إذا كان نفلاً فلينظر إلى المصلحة : إن كان أبوه وأمه لا يستطيعان الصبر عنه ، ولا أن يغيب عنهما فبقاؤه عندهما أولى ، لأن رجلاً استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد ، فقال له : ( أَحَيٌّ وَالِدَاكَ ؟) قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : ( فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ ) . ففي الفريضة لا يطاعان ، والنافلة ينظر ما هو الأصلح " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/68) .
شروط وجوب الحج
ما هي شروط وجوب الحج ؟.
الحمد لله
ذكر العلماء رحمهم الله شروط وجوب الحج ، والتي إذا توفرت في شخص وجب عليه الحج ، ولا يجب الحج بدونها ، وهي خمسة : الإسلام ، العقل ، البلوغ ، الحرية ، الاستطاعة .
1- الإسلام .
وهذا الشأن في جميع العبادات ، وذلك لأن العبادة لا تصح من الكافر ، لقول الله تعالى : ( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ) التوبة/54 .(6/18)
وفي حديث معاذ لما بعثه النبي صلى الله عليم وسلم إلى اليمن : ( إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ ) متفق عليه .
فالكافر يؤمر أولاً بالدخول في الإسلام ، فإذا أسلم أمرناه بالصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر شرائع الإسلام .
2، 3 - العقل والبلوغ
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ : عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ ) . رواه أبو داود (4403) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
فالصبي لا يجب عليه الحج ، لكن لو حج به وليه صح حجه وللصبي أجر الحج ، ولوليه أجر أيضاً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما رفعت إليه امرأة صبيا وقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر . رواه مسلم .
4- الحرية . فلا يجب الحج على العبد لأنه مشغول بحق سيده .
5- الاستطاعة (القدرة)
قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران/97 .
وهذا يشمل الاستطاعة البدنية والاستطاعة المالية .
أما الاستطاعة البدنية فمعناها أن يكون صحيح البدن ويتحمل مشقة السفر إلى بيت الله الحرام .
وأما الاستطاعة المالية فمعناها أن يملك النفقة التي توصله إلى بيت الله الحرام ذهاباً , وإياباً .
قالت اللجنة الدائمة (11/30) :(6/19)
الاستطاعة بالنسبة للحج أن يكون صحيح البدن وأن يملك من المواصلات ما يصل به إلى بيت الله الحرام من طائرة أو سيارة أو دابة أو أجرة ذلك بحسب حاله ، وأن يملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً على أن يكون ذلك زائداً عن نفقات من تلزمه نفقته حتى يرجع من حجه ، وأن يكون مع المرأة زوج أو محرم لها حتى في سفرها للحج أو العمرة اهـ .
ويشترط أن تكون النفقة التي توصله إلى البيت الحرام فاضلةً عن حاجاته الأصلية ، ونفقاته الشرعية ، وقضاء ديونه .
والمراد بالديون حقوق الله كالكفارات وحقوق الآدميين .
فمن كان عليه دين ، وماله لا يتسع للحج وقضاء الدين فإنه يبدأ بقضاء الدين ولا يجب عليه الحج .
ويظن بعض الناس أن العلة هي عدم إذن الدائن ، فإذا استأذنه وأذن له فلا بأس .
وهذا الظن لا أصل له ، بل العلة هي انشغال الذمة ، ومعلوم أن الدائن لو أذن للمدين بالحج فإن ذمة المدين تبقى مشغولة بالدين ، ولا تبرأ ذمته بهذا الإذن ، ولذلك يقال المدين : اقض الدين أولاً ثم إن بقي معك ما تحج به وإلا فالحج غير واجب عليك .
وإذا مات المدين الذي منعه سداد الدين عن الحج فإنه يلقى الله كامل الإسلام غير مضيع ولا مفرط ، لأن الحج لم يجب عليه ، فكما أن الزكاة لا تجب على الفقير فكذلك الحج .
أما لو قَدَّم الحج على قضاء الدين ومات قبل قضائه فإنه يكون على خطر ، إذ إن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين ، فكيف بغيره ؟!
والمراد بالنفقات الشرعية : النفقات التي يقرها الشرع كالنفقة على نفسه وأهله ، من غير إسراف ولا تبذير ، فإن كان متوسط الحال وأراد أن يظهر بمظهر الغني فاشترى سيارة ثمينة ليجاري بها الأغنياء ، وليس عنده مال يحج به ، وجب عليه أن يبيع السيارة ويحج من ثمنها ، ويشتري سيارة تناسب حاله .
لأن نفقته في ثمن هذه السيارة الثمينة ليست نفقة شرعية ، بل هو إسراف ينهى الشرع عنه .
والمعتبر في النفقة أن يكون عنده ما يكفيه وأهله إلى أن يعود .(6/20)
ويكون له بعد عودته ما يقوم بكفايته وكفاية من ينفق عليهم كأجرة عقار أو راتب أو تجارة ونحو ذلك .
ولذلك لا يلزمه أن يحج برأس مال تجارته الذي ينفق على نفسه وأهله من ربحها ، إذا كان سيترتب على نقص رأس المال نقصُ الأرباح بحيث لا تكفيه وأهله .
سئلت اللجنة الدائمة (11/36) عن رجل له مبلغ من المال في بنك إسلامي وراتبه مع أرباح المال تكفيه بصورة معتدلة ، فهل يجب عليه الحج من رأس المال مع العلم أن ذلك سيؤثر على دخله الشهري ويرهقه مادياً ؟ فأجابت :
" إذا كانت حالتك كما ذكرت فلست مكلفاً بالحج لعدم الاستطاعة الشرعية ، قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) . وقال : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) " انتهى .
والمراد بالحاجات الأصلية : ما يحتاج إليه الإنسان في حياته كثيراً ، ويشق عليه الاستغناء عنه .
مثل : كتب العلم لطالب العلم ، فلا نقول له : بع كتبك وحج بثمنها ، لأنها من الحوائج الأصلية .
وكذلك السيارة التي يحتاج إليها ، لا نقول له بعها وحج بثمنها ، لكن لو كان عنده سيارتان وهو لا يحتاج إلا إلى واحدة فيجب عليه أن يبيع إحداهما ليحج بثمنها .
وكذلك الصانع لا يلزمه أن يبيع آلات الصنعة لأنه يحتاج إليها .
وكذلك السيارة التي يعمل عليها وينفق على نفسه وأهله من أجرتها ، لا يجب عليه بيعها ليحج .
ومن الحوائج الأصلية : الحاجة إلى النكاح .
فإذا احتاج إلى النكاح قدم النكاح على الحج وإلا قدم الحج .
انظر جواب السؤال (27120) .
إذاً فالمراد من الاستطاعة المالية أن يفضل عنده ما يكفيه للحج بعد قضاء الديون ، والنفقات الشرعية ، والحوائج الأصلية .
فمن كان مستطيعاً ببدنه وماله وجب عليه المبادرة بالحج .
ومن كان غير مستطيع ببدنه وماله ، أو كان مستطيعاً ببدنه ولكنه فقير لا مال له ، فلا يجب عليه الحج.(6/21)
ومن كان مستطيعاً بماله ، غير أنه لا يستطيع ببدنه نظرنا :
فإن كان عجزه يرجى زواله كمريض يرجى شفاء مرضه فإنه ينتظر حتى يشفيه الله ثم يحج .
وإن كان عجزه لا يرجى زواله كمريض السرطان أو كبير السن الذي لا يستطيع الحج فهذا يجب عليه أن يقيم من يحج عنه ، ولا يسقط عنه الحج لعدم استطاعته ببدنه إذا كان مستطيعاً بماله .
والدليل على ذلك :
ما رواه البخاري (1513) أن امرأة قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على قولها إن الحج فرض على أبيها مع أنه لا يستطيع الحج ببدنه . ويشترط لوجوب الحج على المرأة أن يكون لها محرم ولا يحل لها أن تسافر للحج فرضاً كان أو نفلاً إلا مع ذي محرم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ) رواه البخاري (1862) ومسلم (1341) .
والمحرم هو زوجها ومن تحرم عليه على التأبيد بنسب أو رضاع أو مصاهرة .
وزوج الأخت أو زوج الخالة أو العمة ليس من المحارم ، وبعض النساء تتساهل فتسافر مع أختها وزوج أختها ، أو مع خالتها وزوج خالتها ، وهذا حرام .
لأن زوج أختها ، أو زوج خالتها ليس من محارمها .
فلا يحل لها أن تسافر معه .
ويُخشى أن يكون حجها غير مبرور ، فإن الحج المبرور هو الذي لا يخالطه إثم ، وهذه آثمة في سفرها كله إلى أن تعود .
ويشترط في المحرم أن يكون عاقلاً بالغاً .
لأن المقصود من المحرم حفظ المرأة وصيانتها والصبي والمجنون لا يحصل منهما ذلك .
فإذا لم يوجد للمرأة محرم ، أو وجد ولكن امتنع من السفر معها ، فلا يجب عليها الحج .
وليس من شروط الوجوب على المرأة إذن زوجها ، بل يجب عليها الحج إذا توفرت شروط الوجوب ولو لم يأذن الزوج .(6/22)
قالت اللجنة الدائمة (11/20) :
حج الفريضة واجب إذا توفرت شروط الاستطاعة ، وليس منها إذن الزوج ، ولا يجوز له أن يمنعها ، بل يشرع له أن يتعاون معها في أداء هذا الواجب اهـ .
وهذا في حج الفريضة أما النافلة فنقل ابن المنذر الإجماع على أن الزوج له منع زوجته من حج النافلة ، لأن حق الزوج واجب عليها فلا تفوته بما لا يجب عليها . المغني (5/35) .
انظر الشرح الممتع (7/5-28) .
الإسلام سؤال وجواب
إعطاء الفقير من الزكاة ليحج
هل يجوز إعطاء الفقير من الزكاة لأداء فريضة الحج ؟.
الحمد لله
ذكر الله تعالى مصارف الزكاة في قوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
واتفق العلماء على أن قوله تعالى : ( وفي سبيل الله ) المراد به الجهاد في سبيل الله.
ثم اختلفوا هل يشمل مع الجهاد الحج أم لا ؟
فذهب أكثر العلماء إلى أنه خاص بالجهاد ولا يشمل الحج ، وذهب الإمام أحمد إلى أنه يدخل فيه الحج واستدل بما رواه أبو داود (1988) عن أُمِّ مَعْقَلٍ أنها قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ حَجَّةً وَإِنَّ لأَبِي مَعْقَلٍ بَكْرًا ( والبكر هو الفتي من الإبل ) قَالَ أَبُو مَعْقَلٍ صَدَقَتْ جَعَلْتُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطِهَا فَلْتَحُجَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وثبت عن ابن عمر أنه قال : أَمَا إِنَّ الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ . قال الحافظ : أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ اهـ .
انظر : المغني (9 / 328) والمجموع (6/212) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات" (105) :(6/23)
ومن لم يحج حجة الإسلام وهو فقير أعطى ما يحج به اهـ يعني من الزكاة .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10 / 38) :
( يجوز صرف الزكاة في إركاب فقراء المسلمين لحج فريضة الإسلام ، ونفقتهم فيه ، لدخوله في عموم قوله تعالى : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) من آية مصارف الزكاة اهـ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
استئذان الزوج في الحج
هل يجوز للمرأة أن تحج ولو لم يأذن لها زوجها ؟.
الحمد لله
إذا كان الحج فريضة عليها ومنعها زوجها منه فإنها تحج ولو لم يأذن زوجها ، ولا يجوز لزوجها أن يمنعها من حج الفريضة ، أما إذا كان نافلة فإنها لا تحج إلا إذا أذن لها زوجها .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/35) :
" وليس للرجل منع امرأته من حجة الإسلام . وبهذا قال النخعي , وإسحاق , وأبو ثور , وأصحاب الرأي , وهو الصحيح من قولي الشافعي ، لأنه فرض , فلم يكن له منعها منه , كصوم رمضان , والصلوات الخمس . ويستحب أن تستأذنه في ذلك . نص عليه أحمد . فإن أذن وإلا خرجت بغير إذنه . فأما حج التطوع , فله منعها منه .
قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن له منعها من الخروج إلى الحج التطوع . وذلك لأن حق الزوج واجب , فليس لها تفويته بما ليس بواجب " انتهى باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : إذا منع الزوج زوجته فهل يأثم ؟
فأجاب :
" نعم ، يأثم إذا منع زوجته من الحج الذي تمت شروطه ، فهو آثم ، يعنى لو قالت : هذا مَحْرَمٌ ، هذا أخي يحج بي ، وأنا عندي نفقة ، ولا أريد منك قرشاً ، وهي لم تؤد الفريضة فيجب أن يأذن لها ، فإن لم يفعل حجت ولو لم يأذن ، إلا أن تخاف أن يطلقها فتكون حينئذ معذورة " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/115) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يحج من عليه ديون طويلة الأجل؟(6/24)
أعلم أن الحج لا يجب على من عليه دين ، فهل هذا ينطبق على الديون طويلة الأجل ؟ فقد يكون على بعض الناس دين للبنك العقاري يستغرق عمره كله في تسديده ، فهل يجب عليه الحج ؟.
الحمد لله
" الدين إذا كان حالاً فإنه مقدم على الحج ، لسبقه وجوب الحج ، فيوفي الدين ويحج ، وإذا لم يكن عنده شيء بعد وفاء الدين ينتظر حتى يغنيه الله ، وإذا كان مؤجلاً نظامياً فإن كان الإنسان واثقاً من نفسه أنه إذا حل الأجل يسدده فإن الدين هنا لا يمنع وجوب الحج ، سواء أذن له الدائن أم لم يأذن ، وإن كان لا يضمن القدرة على الوفاء فإنه ينتظر حتى يحل الأجل .
وبناء على ذلك نقول : من عنده دين لصندوق التنمية العقارية إذا كان يعلم من نفسه أنه إذا حل الأجل أوفى يجب عليه الحج ، ولو كان عليه دين " .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/96) .
وانظر جواب السؤال (36852) .
الإسلام سؤال وجواب(6/25)
محظورات الإحرام
هل يجوز للمحرم أن يغطي رأسه عند النوم؟
هل يجوز للمحرم أن يغطي رأسه عند النوم؟
الحمد لله
"إن كان أنثى فمعروف أنه يجوز أن تغطي رأسها ، أما إذا كان رجلا فلا يجوز لا عند النوم ولا في حال اليقظة ، لكن لو أنه غطاه وهو نائم ثم استيقظ وجب عليه كشف رأسه ولا شيء عليه ؛ لأن النائم مرفوع عنه القلم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 128) .
الإسلام سؤال وجواب
وضع مزيل العرق المعطر أثناء الإحرام جاهلا بالحكم
السؤال : اعتمرت ولله الحمد - اسأل الله القبول - لكني قبل أن أحل إحرامي وضعت مزيلاً للعرق وهو معطر ، جهلاً مني بحكم ذلك فهل علي شيء ؟
الجواب :
الحمد لله
لا يجوز للمحرم استعمال الطيب في بدنه أو ملابسه ؛ لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْا أَنَّ رَجُلًا وَقَصَهُ بَعِيرُهُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ ، وَلَا تُمِسُّوهُ طِيبًا ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا) رواه البخاري (1267) ومسلم (1206) .
قال ابن قدامة رحمه الله : "أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من الطيب" انتهى .
"المغني" (3/147) .
ويدخل في الطيب الممنوع على المحرم : مزيل العرق المعطر .
ولكن من فعل ذلك ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه ؛ لقوله تعالى : (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة/286 ، وقوله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/5 .
وينظر جواب السؤال رقم (49026) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(7/1)
أقام في مكة ستة أشهر بعد الحج ثم سافر إلى المدينة، فهل عليه وداع؟
السؤال: حججت هذا العام وأكملت جميع فرائض الحج ، ولكن بدون طواف الوداع ، علما بأنني من سكان مكة لأنني بقيت بها ستة أشهر وتركت طواف الوداع مجبرا نظرا لارتباطي مع الكفيل بعمل ، والذي نقلت إلى المدينة المنورة فجأة . فما الحكم في ذلك ؟
الجواب :
الحمد لله
إذا كنت من أهل مكة – كما ذكرت – وأقمت في مكة بعد انتهاء الحج فليس عليك طواف وداع , فإذا أردت أن تسافر من مكة لزمك أن تطوف .
قال النووي رحمه الله : " قال أصحابنا : من فرغ من مناسكه ، وأراد المقام بمكة ، ليس عليه طواف الوداع ، وهذا لا خلاف فيه ، سواء كان من أهلها ، أو غريبا ، وإن أراد الخروج من مكة إلى وطنه أو غيره طاف للوداع "
المجموع 8/254 " .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "إذا كان الرجل من أهل مكة ، وحج وسافر بعد الحج ، فليطف للوداع ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت ) مسلم 1327 ، وهذا عام ، فنقول لهذا المكي : ما دمت سافرت في أيام الحج ، وقد حججت ، فلا تسافر حتى تطوف" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/339) .
فعلى هذا ؛ كان يلزمك أن تطوف للوداع قبل السفر إلى المدينة ، فإن كنت لم تطف فالواجب عليك أن تذبح شاة في مكة وتوزعها على المساكين .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : "من ترك طواف الوداع أو شوطاً منه فعليه دم يذبح في مكة ويوزع على فقرائها" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (16/158) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
من فعل شيئا من المحظورات ، جاهلا بما يترتب عليها
ما الحكم فيمن ارتكب شيئا من محظورات الإحرام ، وهو جاهل ما يجب عليه من الكفارة إذا فعل هذا المحظور ؟.
الحمد لله(7/2)
أولا : ينبغي أن ننبه هنا إلى أن جهل كثير من الحجاج والمعتمرين بأحكام المناسك ، هو الذي يوقعهم في ارتكاب المحظورات ، أو أداء العبادة على غير الصفة المطلوبة منه ؛ فترى الواحد منهم أنفق أموالا كثيرة ، خاصة إذا كان يأتي من دول بعيدة ثم أهدر أجره ، أو نقصه بسبب جهله بما يجب عليه من أحكام .
فلذلك كان الواجب على من أراد أن يؤدي المناسك أن يتعلم أحكامها قبل الشروع فيها . وقد جاء عن أنس ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) رواه ابن ماجة وغيره ، وصححه الألباني في تخريج مشكلة الفقر ؛ قال الإمام أحمد : معناه أن يلزمه طلب علم ما يحتاج إليه ، من وضوئه ، وصلاته ، وزكاته ، إن كان له مال ، وكذلك الحج وغيره . جامع بيان العلم ، لابن عبد البر 1/52 ، وقال الحسن بن شقيق : سألت عبد الله بن المبارك : ما الذي يجب على الناس من تعلم العلم ؟ قال : أن لا يقدم الرجل على الشيء إلا بعلم ؛ يسأل ويتعلم ، فهذا الذي يجب على الناس من تعلم العلم .. الفقيه والمتفقه ، للبغدادي /45 ، ولهذا بوب الإمام البخاري ، رحمه الله ، في صحيحه : ( باب العلم قبل القول والعمل ) .
وليس معنى ذلك أنه يجب على كل أحد أن يحفظ كتابا من كتب المناسك ، عن ظهر قلب ، بل الواجب على كل مسلم أن يتعلم من ذلك ما يناسب حاله ، إما بنفسه ، إن كان عنده أهلية ذلك ، أو بسؤال أهل العلم ، أو بصحبة من يدله على أحكام المناسك ، ويعرفه بالواجب عليه ، كلما احتاج .
وأما محظورات الإحرام فقد سبق بيانها في السؤال [11356] .
لكن من فعل شيئا من هذه المحظورات جاهلا بأن الله ، تعالى ، حرم عليه ذلك في حال الإحرام ، فلا شيء عليه ؛ قال الله تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/5 .(7/3)
لكن إن كان يعلم أن الفعل الذي فعله محظور من محظورات الإحرام ، التي يحرم عليه فعلها ما دام محرما ، لكنه لم يظن أن تترتب عليه كل هذه الأحكام فقد قال الشيخ ابن عثيمين ، رحمه الله :
( هذا ليس بعذر ؛ لأن العذر أن يكون الإنسان جاهلا بالحكم ، لا يدري أن هذا الشيء حرام ، وأما الجهل بما يترتب على الفعل ، فليس بعذر ، ولذلك لو أن رجلا محصنا يعلم أن الزنا حرام ، وهو بالغ عاقل ، وقد تمت شروط الإحصان في حقه ، لوجب عليه الرجم ، ولو قال : أنا لم أعلم أن الحد هو الرجم ، ولو علمت أن الحد هو الرجم ما فعلت ، قلنا له هذا ليس بعذر ، فعليك الرجم ، وإن كنت لا تدري ما عقوبة الزنى ، ولهذا لما جاء الرجل الذي جامع في نهار رمضان يستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ماذا يجب عليه ، ألزمه النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة ، مع أنه كان حين جماعه جاهلا بما يجب عليه ، فدل ذلك على أن الإنسان إذا تجرأ على المعصية ، وانتهك حرمات الله ، عز وجل ، ترتب عليه آثار تلك المعصية ، وإن كان لا يعلم بآثارها حين فعلها . ) الفتاوى 22/173-174 .
الإسلام سؤال وجواب
يسأل عن التخيير في الفدية
بعض الناس يظن أنه حين يقع في شيء من محظورات الإحرام ، فالواجب عليه دم ، أو صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة مساكين ، وله أن يختار من هذه الثلاثة ما يشاء .
الحمد لله
يحرم على المحرم بحج أو عمرة حلق الشعر ، وقلم الأظفار ، وتغطية الرأس بما يلاصقها ، ولبس المخيط للرجل ، والبرقع والقفازين للمرأة ، والطيب في البدن أو الثوب ، وقتل الصيد ، وعقد النكاح ، والجماع ومقدماته . [ راجع السؤال 11356 ]
فإذا وقع المحرم في شيء من هذه المحظورات ، فإنه لا يخلو من أحوال :
( الأولى : أن يفعله ناسيا ، أو جاهلا ، أو مكرها ، أو نائما ، فلا شيء عليه .(7/4)
الثانية : أن يفعله عمدا ، ولكن لعذر يبيح فعل المحظور ، فلا إثم عليه ، ويلزمه فدية ذلك المحظور ، ويأتي بيانها .
الثالثة : أن يفعله عمدا بلا عذر ، فهو آثم ، وفديته على أقسام :
القسم الأول : ما ليس فيه فدية ، وهو عقد النكاح .
القسم الثاني : ما فديته بَدَنة ( بعير ) ، وهو الجماع في الحج قبل التحلل الأول .
القسم الثالث : ما فديته صيام ثلاثة أيام ، إن شاء متوالية ، وإن شاء متفرقة ، أو ذبح شاة مما يجزئ في الأضحية ، أو ما يقوم مقامه من سُبع بدنة ، أو سُبع بقرة ، ويفرق اللحم على الفقراء ، ولا يأكل منه شيئا ، أو إطعام ستة مساكين ، لكل مسكين نصف صاع مما يطعم . فهو مخير بين هذه الأشياء الثلاثة في إزالة الشعر والظفر ، والطيب ، والمباشرة لشهوة [ يعني مباشرة المرأة من غير جماع ] ، ولبس القفازين ، وانتقاب المرأة ، ولبس الذكر المخيطَ ، وتغطية رأسه .
القسم الرابع : ما فديته جزاؤه ، أو ما يقوم مقامه ، وهو قتل الصيد ؛ فإن كان للصيد مثل خير بين ثلاثة أشياء :
1- إما ذبح المثل ، وتفريق لحمه على فقراء الحرم .
2- أن ينظر كم يساوي المثل ، ويخرج ما يقابل قيمته طعاما يفرق على المساكين ، لكل مسكين نصف صاع .
3- أن يصوم عن إطعام كل مسكين يوما .
أما إذا لم يكن للصيد مثل ، فإنه يخير بين شيئين :
1- أن ينظر كم يساوي الصيد المقتول ، ويخرج ما يقابلها طعاما ، يفرقه على المساكين ، لكل
مسكين نصف صاع .
2- أن يصوم عن إطعام كل مسكين يوما ) [ فتاوى الشيخ ابن عثيمين 22/205-206 ) .
الإسلام سؤال وجواب
حكم صيام النّفل بنيّة القضاء
إذا كانت المسلمة متعودة على صيام الإثنين والخميس، فهل يجوز لها أن تستغل صيامها لتلك الأيام لقضاء ما فاتها من شهر رمضان ؟ أم أن النية يجب أن تكون منفصلة ؟.
الحمد لله(7/5)
لا بأس في صيام يومي الاثنين والخميس لقضاء ما فاتها من الأيام في شهر رمضان بشرط أن يكون الصيام بنيّة القضاء ، .. ولعلّها تدرك الأجرين معاً أجر القضاء ، وأجر النافلة وفضل الله واسع ، وعلى فرض أنها لا تدرك إلا القضاء فإن القضاء أفضل من النفل . وأما إذا نوت بصيامها التطوع ، ولم تنو القضاء فإنه لا يسقط بها الفرض ، وعليها أن تصوم الأيام التي أفطرتها من رمضان . والله أعلم وصلى الله على نبيّنا محمد وآله وصحبه .
كتاب فتاوى إسلامية ج/2 ص/149-150 ، فتاوى اللجنة الدائمة ج/10 ص/383.
مرض ولم يستطع أن يُحرم بثياب الإحرام
قد حج والدي في سنة ماضية ، وكان مريضاً مرضاً شديداً ولم يقدر على لبس ثياب الإحرام فما الواجب عليه؟.
الحمد لله
إذا أحرم الحاج بملابسه لدعاء الحاجة إلى ذلك بسبب برد ومرض ونحو ذلك فهو مأذون له في ذلك شرعاً، والواجب عليه بالنسبة إلى لبس المخيط صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين؛ لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، أو ذبح شاة تجزئ أضحية، وكذلك الحكم إذا غطى رأسه، ويجزئه الصيام في كل مكان، أما الإطعام والشاة فإن محلها الحرم المكي.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( فتاوى اللجنة 11/180).
تسريح الشعر للمرأة المحرمة
سأذهب للحج هذه السنة إن شاء الله .. الكثير قالوا لي : إن تسريح الشعر لا يجوز في الإحرام ، مع العلم أنه من الصعب علي ترك شعري دون تسريح .. وقد قمت بالبحث عن إجابة لسؤالي ، ولم أجد إلا فتوى تخص المحرم الرجل ، وهي أنه لا ينبغي ذلك . فما حكم تسريح الشعر للمرأة المحرمة ؟
الحمد لله
أولا :
إزالة شعر الرأس من محظورات الإحرام ، بأي وسيلة كانت تلك الإزالة ، بالحلق أو التقصير أو النتف أو الحك ونحوه ، لقوله سبحانه وتعالى : ( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) البقرة/196 .(7/6)
وقد اتفق أهل العلم على هذا الحكم ، كما اتفقوا على أن تسريح الشعر وتمشيطه مُحرَّم إذا جزم بتساقط بعض الشعر بسبب امتشاطه .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (11/179) :
" إذا تيقَّنَ المُحرِم سقوط الشعر بالترجيل : فلا خلاف بين الفقهاء في حرمته حينئذ " انتهى.
فإن كان شعره لا يتساقط بالتسريح : فقد اختلف أهل العلم في على ثلاثة أقوال :
القول الأول : الجواز والإباحة : وهو مذهب ابن حزم الظاهري ، حيث يقول في "المحلى" (5/186) : " أما نقض الرأس والامتشاط فلا يكره ذلك في الإحرام ، بل هو مباح مطلق " انتهى.
واستدل بعض العلماء لهذا القول بالحديث الذي يرويه البخاري (316) ومسلم (1211) عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقِ الْهَدْىَ ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ ، وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ ، وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِعُمْرَةٍ . فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : انْقُضِى رَأْسَكِ ، وَامْتَشِطِى ، وَأَمْسِكِى عَنْ عُمْرَتِكِ .
قالوا : فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة بالامتشاط مع أنها محرمة ، وإنما أمرها بالاغتسال لإحرام الحج ، فقد كان إحرامها في أصله للعمرة .
يقول الشوكاني في "نيل الأوطار" (5/94) :
" قوله : ( وامتشطي ) فيه دليل على أنه لا يكره الامتشاط للمحرم , وقيل : إنه مكروه .(7/7)
قال النووي : وقد تأول العلماء فعل عائشة هذا على أنها كانت معذورة ، بأن كان برأسها أذى فأباح لها الامتشاط كما أباح لكعب بن عجرة الحلق للأذى . وقيل : ليس المراد بالامتشاط هنا حقيقة الامتشاط بالمشط بل تسريح الشعر بالأصابع عند الغسل للإحرام بالحج لا سيما إن كانت لبدت رأسها كما هو السنة وكما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فلا يصح غسلها إلا بإيصال الماء إلى جميع شعرها ويلزم من هذا نقضه " انتهى.
القول الثاني : التحريم : وهو قول بعض الحنفية ، مستدلين بحديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَنِ الحَاجُّ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : الشَّعِثُ التَّفِلُ . رواه الترمذي (2998).
قالوا : والمراد بالشعث انتشار شعر الحاج ، فلا يجمعه بالتسريح والدهن والتغطية ونحوه .
انظر : "الاختيار لتعليل المختار" (1/143) ، "الموسوعة الفقهية" (11/179).
إلا أن الحديث ضعيف ، قال عنه الألباني في ضعيف سنن الترمذي : ضعيف جدا .
القول الثالث : الكراهة : لما فيه من تعرُّضٍ لمحظور من محظورات الإحرام ، وهو قول الشافعية والحنابلة .
قال النووي في "المجموع" (7/374) : " ويكره مشط رأسه ولحيته , لأنه أقرب إلى نتف الشعر " انتهى.
وقال البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/424) :
"للمحرم غسل رأسه وبدنه فعل ذلك عمر وابنه وأرخص فيه علي وجابر بلا تسريح ، لأن تسريحه تعريض لقطعه " انتهى بتصرف .
ونحوه في "الإنصاف" (3/460) .
وهذا القول الأخير بالكراهة هو أعدل الأقوال وأوسطها ، إذ ينبغي أن يكون المسلم حريصا على عبادته ، فلا يتعرض لما قد يخرمها ولو من وجه بعيد .
قال الشيخ ابن عثيمين – كما في "فتاوى نور على الدرب" (فتاوى الحج والجهاد/ باب محظورات الإحرام) :(7/8)
" تمشيط المحرم رأسه لا ينبغي ؛ لأن الذي ينبغي للمحرم أن يكون أشعث أغبر ، ولا حرج عليه أن يغسله ، وأما تمشيطه فإنه عرضة لتساقط الشعر " انتهى باختصار.
ثانيا :
إذا امتشطت المرأة أو الرجل ورأى في مشطه شعرات لا يدري هل قطعت بسبب المشط أو كانت ساقطة أصلا ، فلا تلزمه الفدية في هذه الحالة ، لاحتمال أن تكون مقطوعة من الأصل ، ولا يجب على العبد الفدية بمجرد الشك والاحتمال .
وقد نص على ذلك النووي رحمه الله في "المجموع" (7/262) ، ونحوه في "كشاف القناع" (2/423) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
استعمال الكريمات غير المعطّرة أثناء الإحرام
هل يمكن أن نستعمل السواك أو معجون الأسنان أو المرطبات الجلدية أو الكريمات غير المعطرة أثناء الحج ؟ .
الحمد لله
إذا خلت هذه الأشياء من الطيب فلا يحرم استعمالها ، لأن المحظور في الإحرام هو الطيب أو التدهّن بشيء فيه طيب ـ عطر ـ
قال ابن قدامة في الكلام على محظورات الإحرام : وإن طيّب بدنه أو ثوبه ، ( أو ادّهن بمطيّب ) . والمقصود من الادهان بالمطيّب : إذا مسح على جلده بدهن فيه طيب ، فإنه لا يجوز ، لأن ذلك سوف يعلق به وتبقى رائحته .
انظر الشرح الممتع لابن عثيمن ج/7 ص/158.
شرب المحرم بالحج أو العمرة لقهوة فيها زعفران
السؤال: كنا محرمين وفي طريقنا إلى مكة شربنا الشاي والقهوة ، وكان في القهوة زعفران ، فهل يلزمنا شيء ؟
الجواب :
الحمد لله
"إذا كان ذلك عن جهل منهم فإنه لا يلزمهم شيء ، وإذا كان عندهم شك هل هذا زعفران أو لا ؟ فلا يلزمهم شيء ، وإن تيقنوا أنه زعفران وقد علموا أن المحرم لا يجوز أن يشرب القهوة التي فيها الزعفران ، فإنه إن كانت الرائحة موجودة فقد أساءوا ، وإن كانت غير موجودة وليس فيه إلا مجرد لون فلا حرج عليهم في هذا .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_6040.shtml.(7/9)
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : امرأة محرمة بالعمرة شربت قهوة في زعفران قبل أن تكمل العمرة . هل الزعفران من أنواع الطيب ؟ وهل يخل بالعمرة أم لا ؟
فأجاب :
"المحرم الذي يشرب القهوة وفيها زعفران يكون قد أساء ؛ لأن الزعفران طيب فلا ينبغي استعماله في القهوة في حق المحرم ، كما لا ينبغي استعماله في ملابسه ولا في بدنه وهو محرم ، فإذا فعل ذلك الرجل المحرم أو المرأة المحرمة جهلا أو نسيانا فلا شيء عليهما ، أما إن تعمد ذلك وهو يعلم أنه محرم ولا يجوز ، فإنه يتصدق بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الحنطة ، أو يصوم ثلاثة أيام ، أو يذبح شاة" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (17/129) .
الإسلام سؤال وجواب
محظورات الإحرام
ما هي الأمور التي يجب على المحرم أن يمتنع عنها ?.
الحمد لله
محظورات الإحرام : هي الممنوعات التي يمنع منها الإنسان بسبب الإحرام ، ومنها :
1- حلق شعر الرأس ، لقوله تعالى : ( ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محلَّه ) البقرة/196 ، وألحق العلماء بحلق الرأس حلق سائر شعر الجسم ، وألحقوا به أيضاً تقليم الأظافر ، وقصها .
2- استعمال الطيب بعد عقد الإحرام ، سواء في ثوبه أو بدنه ، أوفي أكله أو في تغسيله أو في أي شيء يكون . فاستعمال الطيب محرم في الإحرام ، لقوله صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي وقصته ناقته : ( اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه ، ولا تحنطوه ) والحنوط أخلاط من الطيب تجعل على الميت .
3- الجماع . لقوله تعالى : ( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) البقرة/197
4- المباشرة لشهوة . لدخولها في عموم قوله ( فلا رفث ) ولأنه لا يجوز للمحرم أن يتزوج ولا أن يخطب ، فلأن لا يجوز أن يباشر من باب أولى .(7/10)
5- قتل الصيد . لقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) المائدة/95 ، وأما قطع الشجر فليس بحرام على المحرم ، إلا ما كان داخل الأميال (وهي حدود الحرم) ، سواء كان محرماً أو غير محرم ، ولهذا يجوز في عرفة أن يقلع الأشجار ولو كان محرماً ، لأن قطع الشجر متعلق بالحرم لا بالإحرام .
6- من المحظورات الخاصة بالرجال لبس القميص والبرانس والسراويل والعمائم والخفاف ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل ما يلبس المحرم ؟ فقال : ( لا يلبس القميص ولا البرانس ولا السراويل ولا العمائم ولا الخفاف ) إلا أنه صلى الله عليه وسلم استثنى من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل ، ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين .
وهذه الأشياء الخمسة صار العلماء يعبرون عنها بلبس المخيط ، وقد توهم بعض العامة أن لبس المخيط هو لبس ما فيه خياطة ، وليس الأمر كذلك ، وإنما قصد أهل العلم بذلك أن يلبس الإنسان ما فصل على البدن ، أو على جزء منه كالقميص والسراويل ، هذا هو مرادهم ، ولهذا لو لبس الإنسان رداءً مرقّعاً ، أو إزاراً مرقّعاً فلا حرج عليه ، ولو لبس قميصاً منسوجاً بدون خياطة كان حراماً .
7- ومن محظورات الإحرام وهو خاص بالمرأة النقاب ، وهو أن تغطي وجهها ، وتفتح لعينيها ما تنظر به ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عنه ، ومثله البرقع ، فالمرأة إذا أحرمت لا تلبس النقاب ولا البرقع ، والمشروع أن تكشف وجهها إلا إذا مرّ الرجال غير المحارم بها ، فالواجب عليها أن تستر وجهها ولا يضرها إذا مس وجهها هذا الغطاء .(7/11)
وبالنسبة لمن فعل هذه المحظورات ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً ، فلا شيء عليه ، لقول الله تعالى : ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمّدت قلوبكم ) الأحزاب/5 وقال تعالى في قتل الصيد وهو من محظورات الإحرام : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم ) المائدة /95 فهذه النصوص تدل على أن من فعل المحظورات ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه .
وكذلك إذا كان مكرهاً لقوله تعالى : ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ) النحل / 106 فإذا كان هذا من الإكراه على الكفر ، فما دونه أولى .
ولكن إذا ذكر من كان ناسياً وجب عليه التخلي عن المحظور ، وإذا علم من كان جاهلاً وجب عليه التخلي عن المحظور ، وإذا زال الإكراه عمن كان مكرهاً وجب عليه التخلي عن المحظور ، مثال ذلك لو غطى المحرم رأسه ناسياً ثم ذكر فإنه يزيل الغطاء ، ولو غسل يده بالطيب ثم ذكر وجب عليه غسلها حتى يزول أثر الطيب وهكذا .
من كتاب فتاوى منار الإسلام للشيخ ابن عثيمين ج/2 ص/391-394 .
فدية المحظور تخرج في الحرم أو في محل ارتكاب المحظور؟
أنا صاحب السؤال رقم 104178 وسؤالي هو بالنسبة لكفارات محظورات الإحرام هل إطعام الستة مساكين يكون في مكة أو مدينتي التي أقيم فيها ؟ حيث إني فعلت المحظورات التي فعلتها كانت في مكة وأيضا بلدي ؟
الحمد لله
ما وجب من الفدية بسبب ارتكاب محظور من محظورات الإحرام ، يخيّر فيه الإنسان بين فعله في الحرم ، أو في محل ارتكاب المحظور ، إلا جزاء الصيد فإنه يكون في الحرم .(7/12)
قال في "الروض المربع" : " وفدية الأذى أي الحلق واللبس ونحوهما كطيب وتغطية رأس وكل محظور فعله خارج الحرم ودم الإحصار : حيث وجد سببه من حل أو حرم ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نحر هديه في موضعه بالحديبية وهي من الحل ، ويجزئ بالحرم أيضا .
ويجزئ الصوم والحلق بكل مكان ؛ لأنه لا يتعدى نفعه لأحد ، فلا فائدة لتخصيصه " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح الكافي" : " ما وجب لفعل محظور كحلق الرأس ولبس الثياب وما أشبه ذلك غير جزاء الصيد فهذا على المذهب يخيّر بين أن يذبحه في مكان فعل المحظور لأنه مكان سببه أو في مكة ؛ لأن الأصل في الهدايا أن تبلغ الكعبة ، وهذا هو المذهب وهو الصحيح ، أن الإنسان يخير فيما وجب لفعل محظور سوى جزاء الصيد بين أن يذبحه في مكانه لوجود سببه فيه ، أو ينقله إلى مكة لأن الأصل في الهدايا أن تكون بالغة الكعبة " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ما حكم استعمال المحرم المناديل المعطرة؟
ما حكم استعمال المناديل المعطرة ؟
الحمد لله
"المناديل المعطرة إذا كانت رطبة وفيها طيب رطب يعلق باليد فلا يجوز للمحرم أن يستعملها ، أما إذا كانت جافة وكانت مجرد رائحة تفوح كرائحة النعناع والتفاح فلا بأس" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 155) .
الإسلام سؤال وجواب
لن يتمكن من لبس ملابس الإحرام بسبب طبيعة عمله
أقيم بالمملكة للعمل ، وأنوي أداء فريضة الحج ، وجهة عملي ندبتني هذا العام للعمل بالمشاعر المقدسة ، وعملي هناك لا يمنعني من أداء جميع المناسك ، إلا أنني لن أتمكن من لبس ملابس الإحرام ؛ لأن طبيعة عملي ونظامه تفرض علي ملبساً معيناً من المخيط . فماذا أفعل ؟ وهل يكون حجي صحيحاً إذا ذبحت فداء دون أن ألبس ملابس الإحرام طوال أيام الحج ؟
الحمد لله(7/13)
"إذا كان الواقع كما ذكر فحجك صحيح ؛ ولا إثم عليك في لبسك ملابس غير ملابس الإحرام ؛ دفعاً للحرج عن نفسك ، ولكن تلزمك فدية لذلك وهي إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم ، أو ذبح ذبيحة تصلح أضحية تطعمها مساكين مكة أو سائر الحرم ، ولا تأكل منها ، أو تصوم ثلاثة أيام ، أي ذلك فعلت أجزأك ، وعليك مثل ذلك عند غطاء الرأس ، إن كنت غطيت رأسك .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/182، 183) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز للمرأة أن تتطيب وهي محرمة؟
هل يجوز للمرأة أن تتطيب وهي محرمة ؟
الحمد لله
"لا يجوز لمحرم التطيب بعد الإحرام ، سواء كان رجلاً أو امرأة ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : (ولا تلبسوا شيئاً من الثياب مسه الزعفران أو الورس) ، وقول عائشة رضي الله عنها : (طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) متفق عليه ، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي مات وهو محرم : (لا تمسوه طيباً) متفق على صحته .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/190- 192) .
الإسلام سؤال وجواب
لا يجوز تطييب ثياب الإحرام
بعض الناس إذا أراد أن يحرم يطيب جسمه ورأسه ، ويطيب ملابس الإحرام ، ثم يلبسها ويحرم ، ما حكم ذلك؟
الحمد لله
أما تطييب الرأس والبدن فهو سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد سبق بيانه في جواب السؤال رقم (106550) .(7/14)
وأما تطيب ملابس الإحرام فلا يجوز ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرم عن لبس ثوب مسه طيب ، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن تطييب ملابس الإحرام فقال :
"لا يجوز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس)" انتهى.
"مجموع الفتاوى" لابن عثيمين (22/9) .
الإسلام سؤال وجواب
حكم استعمال المحرم للصابون المعطر
ما حكم الاغتسال بالصابون المعطر وقت الإحرام ؟
الحمد لله
"لا بأس به ؛ لأن هذه الرائحة ليست طيباً ولا تستعمل للطيب ، وإنما هي لتطييب النكهة فقط" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 160) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز للمحرم أن يلبس الحزام الطبي؟
ما حكم استعمال الحزام الطبي وذلك أثناء الطواف ، فبعض الناس لا يمكنه التحرك والمشي بدونه وهذا الحزام مخيط ، فهل يجوز له أن يستخدم ذلك الحزام في الحج ؟
الحمد لله
"نعم ؛ يجوز أن يستخدم الإنسان الحزام في الحج وفي العمرة أيضاً ولو كان مخيطاً . ويجب أن نعلم أن قول العلماء – رحمهم الله - : يحرم على الرجل لبس المخيط . أن مرادهم لبس القميص والسراويل وما أشبهه ، فلهذا يجب أن نفهم كلام العلماء على ما أرادوه ، ثم هذه العبارة : (لبس المخيط) ليست مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قيل : إن أول من قال بها أحد فقهاء التابعين إبراهيم النخعي رضي الله عنه وأما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقل للأمة لا تلبسوا المخيط . بل سئل : ما يلبس المحرم ؟ قال : (لا يلبس القميص ولا السراويل ، ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف) ولم يذكر لفظ المخيط إطلاقاً ، فيجب أن نفهم النصوص على ما أرادها المتكلم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 140) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز للمحرم لبس الكمامة؟
هل يجوز للمحرم لبس الكمامة ؟
الحمد لله(7/15)
"الكمامة للمحرم للحاجة لا بأس بها ، مثل أن يكون في الإنسان حساسية في أنفه فيحتاج للكمامة ، أو يمر بدخان كثيف فيحتاج للكمامة ، أو يمر برائحة فيحتاج للكمامة ، فلا بأس" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 130، 131) .
الإسلام سؤال وجواب
حكم مسك الإحرام بالدبابيس
ما حكم ما يفعله بعض الناس من مسك الإحرام بالدبابيس أو المشابك حتى يصل البعض أن يجعلها كالثياب ؟
الحمد لله
" الأولى ألا يشبك الإنسان رداءه ، بل يجعله على كتفيه ، لكن إذا كان يعمل كالطباخ والقهوجي وما أشبه ذلك وأراد أن يزره بمشبك ، فلا بأس بذلك ، أما ما أشار إليه السؤال من أن بعض الناس يزره بمشابك من الرقبة إلى السرة ، حتى يكون كأنه قميص ، فأنا أشك في جواز هذا ؛ لأنه حينذاك يشبه القميص ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في المحرم : (لا يلبس القميص)" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 135، 136) .
الإسلام سؤال وجواب
تغيير ملابس الإحرام
هل يجوز للمحرم من الرجال والنساء تغيير إحرامه بإحرام آخر، سواء كان في وقت الحج أو العمرة؟
الحمد لله
يجوز للمحرم بحج أو عمرة تغيير إحرامه بملابس أخرى للإحرام، ولا تأثير لهذا التغيير على إحرامه بالحج أو العمرة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( فتاوى اللجنة 11/185 )
هل للمحرم أن يتنظف بالصابون والشامبو؟
ما حكم التنظيف للمحرم بصابون أو شامبو ذي الرائحة ؟
الحمد لله
"لا بأس باغتسال المحرم فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل وهو محرم .
وأما الشامبو فالظاهر أن رائحته ليست عطرية ، وإنما هي رائحة ونكهة محبوبة للنفس كما في النعناع وورق التفاح وما أشبه ذلك ، والمهم أن ما كان طيباً لا يجوز استعماله للمحرم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 160) .
الإسلام سؤال وجواب
حكم لبس النقاب الأفغاني للمحرمة(7/16)
ما حكم لبس النقاب الأفغاني للمحرمة ؟ وهو عبارة عن غطاء كامل للوجه ، وجهة العينين تكون قطعة قماش أخف من باقي النقاب وتكون مثبتة به ولا يمكن فتحها.
الحمد لله
المرأة المحرمة تمنع من لبس النقاب والبرقع ؛ لما روى البخاري (1741) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين )
قال ابن قدامة رحمه الله : " قال ابن المنذر : وكراهية البرقع ثابتة عن سعد وابن عمر وابن عباس وعائشة ، ولا نعلم أحداً خالف فيه ......، فأما إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريباً منها فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها ، روي ذلك عن عثمان وعائشة ، وبه قال عطاء ومالك والثوري والشافعي وإسحاق ومحمد بن الحسن ، ولا نعلم فيه خلافاً ، وذلك لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه ) رواه أبو داود
" المغني " ( 3 / 154 ) ، وحديث عائشة صححه الألباني في كتابه حجاب المرأة المسلمة .
وعليه ، فالمحرمة تستر وجهها بشيء تسدله من على رأسها ، لا بالنقاب ولا بالبرقع ، والنقاب الأفغاني فيما بلغنا هو كالبرقع . فلا يجوز لبسه للمرأة المحرمة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم لبس الملابس الداخلية للمحرِم
أنا ذاهب للحج هذا العام ، ولكن حالتي الصحية تستوجب أن أقوم بارتداء ملابس داخلية ضيقة ( ملابس داخلية عادية ) لمنع قطرات من البول تخرج مني أثناء القيام ببعض الحركات ، كما يحدث في الصلاة من أن تلوث ملابسي الخارجية ، ونظراً لهذه الظروف فهل يجوز لي ارتداء ملابس داخلية عادية تحت ثوب الإحرام ؟ وفي حال ما لم يكن جائزاً فما هو الحل البديل ؟ .
الحمد لله
أولاً :(7/17)
اختلف العلماء في حكم لبس اللباس الداخلي للرجل الذي يغطي العورة المغلظة وهو ما يسميه العلماء بـ " التُّبَّان " فذهب بعضهم إلى جوازه من غير ضرورة ولا حاجة ، وقالوا : بأنه لم يرد النص في المنع منه فيما لا يلبسه المحرم .
وذهب الجمهور إلى أن لبسه ممنوع ، وأنه يقاس على السراويل ، بل ذهب بعض العلماء إلى أنه أولى بالمنع منه ،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
" وكذلك التبان أبلغ من السراويل " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 21 / 206 ) .
وقال ابن القيم – رحمه الله - :
" قال المزني : الفقهاء من عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا وهلم جرّاً استعملوا المقاييس في الفقه في جميع الأحكام في أمر دينهم .
قال :
وأجمعوا بأن نظير الحق حق ، ونظير الباطل باطل ، فلا يجوز لأحد إنكار القياس ، لأنه التشبيه بالأمور والتمثيل عليها ... .
ومن ذلك : نهي النبي صلى الله عليه وسلم المُحرم عن لبس القميص والسراويل والعمامة والخفين ، ولا يختص ذلك بهذه الأشياء فقط ، بل يتعدى النهي إلى الجباب والأقبية و الطاقية والجوربين والتبان ، ونحوه" انتهى باختصار .
" إعلام الموقعين " ( 1 / 205 – 207 ) .
وبه يتبين خطأ من استدل بجواز لبس التبان بكونه لم يُنص عليه في الحديث الذي بيَّن فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يلبسه المحرم .
قال ابن عبد البر – رحمه الله - :
وفي معنى ما ذكر في هذا الحديث من القمص والسراويلات والبرانس يدخل المخيط كله بأسره ، فلا يجوز لباس شيء منه للمحرم ، عند جميع أهل العلم .
" التمهيد " ( 15 / 104 ) .
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
" قال عياض : أجمع المسلمون على أن ما ذُكر في هذا الحديث لا يلبسه المحرم ، وأنه نبَّه بالقميص والسراويل على كل مخيط ، وبالعمائم والبرانس على كل ما يغطي الرأس به مخيطاً أو غيره ، وبالخفاف على كل ما يستر الرجل . انتهى .(7/18)
وخصَّ ابن دقيق العيد الإجماع الثاني بأهل القياس ، وهو واضح .
والمراد بتحريم المخيط : ما يلبس على الموضع الذي جعل له ، ولو في بعض البدن " انتهى.
" فتح الباري " ( 3 / 402 ) .
واستدل من قال بجواز لبس المحرم للتبان بما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها أجازت لبسه للحمَّالين ، وما ورد عن عمَّار بن ياسر رضي الله عنه أنه كان يلبسه .
أ. أثر عائشة :
قال البخاري – رحمه الله – في " صحيحه " ( 2 / 558 ) - :
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم... ولم تر عائشة رضي الله عنها بالتُبَّانِ بأساً للذين يرحلون هودجها .
انتهى
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
" وقد وصل أثر عائشة : سعيد بن منصور ، من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة : " أنها حجت ومعها غلمان لها ، وكانوا إذا شدوا رحلها يبدو منهم الشيء ، فأمرتهم أن يتخذوا التبابين ، فيلبسونها وهم محرمون " .
وفي هذا رد على ابن التين في قوله " أرادت النساء " ؛ لأنهن يلبسن المخيط ، بخلاف الرجال ، وكأن هذا رأي رأته عائشة ، وإلا فالأكثر على أنه لا فرق بين التبان والسراويل في منعه للمحرم ". انتهى من " فتح الباري " ( 3 / 397 )
وقد يُجاب عن هذا بأن عائشة رضي الله عنها أمرتهم بلبسه للضرورة ، لأن عورتهم كانت تنكشف ، فلا يدل على جواز لبسه بدون ضرورة .
ب. أثر عمار :
روى ابن أبي شيبة عن حبيب بن أبي ثابت قال : رأيت على عمار بن ياسر تُبَّاناً ، وهو بعرفات .
" مصنف ابن أبي شيبة " ( 6 / 34 ) .
وهذا محمول على الضرورة ، حيث ورد عند ابن شبة في " أخبار المدينة " ( 3 / 1100 ) ما يدل على إصابة عمار بن ياسر رضي الله عنه زمن عثمان بن عفان رضي الله ، وفيه قوله " فلا يستمسك بولي " .
وفي " النهاية في غريب الأثر " ( 2 / 126 ) :
وفي حديث عبد خير قال : رأيت على عمار دقرارة ، وقال : " إني ممثون "(7/19)
الدقرارة : التبَّان ، وهو السراويل الصغير الذي يستر العورة وحدها ، والممثون : الذي يشتكي مثانته .
وفي " لسان العرب " ( 13 / 71 ) :
وفي حديث عمار أنه صلَّى في تبَّان ، فقال : إني ممثون ، أي : يشتكي مثانته . انتهى
وهذه الآثار لو فرض عدم ثبوت آحادها : فهو يدل على أن لها أصلاً .
والصحيح : أنه يمنع الرجل المحرم من لبس التبَّان ، ويُحمل ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنه للضرورة ، وليس فيه نفي الفدية عمن لبسه .
ويُحمل ما ورد عن عمار بن ياسر أنه كان للضرورة بسبب إصابته في المثانة
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
" وما ذُكر عن عائشة رضي الله عنها ظاهره أنها إنما رخّصت في التبان لمن يُرَحِّل هودجها لضرورة انكشاف العورة ، وهو يدل على أنه لا يجوز لغير ضرورة ، والعلم عند الله تعالى ". انتهى
" أضواء البيان " ( 5 / 464 ) .
ثانياً :
يجوز لبس التبان لمن كان يعمل في التحميل – مثلاً - ويَخشى انكشاف عورته ، كما يجوز لبسه لمن يتمزق جلده بسبب الاحتكاك ، ويخشى على نفسه الضرر ، ويجوز كذلك لمن به جرح في عورته ويحتاج لتغطيته ، ومثله من كان مبتلى بسلس البول – وهي حالة مشابهة لحالة عمار بن ياسر - ، وفي كل تلك الأحوال – وما يشبهها – على لابسه الفدية ، وهي : إطعام ستة مساكين ، أو صيام ثلاثة أيام ، أو ذبح شاة
قال تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) البقرة/ 196 .(7/20)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ : جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ الْفِدْيَةِ فَقَالَ نَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً ، حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ : ( مَا كُنْتُ أُرَى الْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى - أَوْ : مَا كُنْتُ أُرَى - الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى ، تَجِدُ شَاةً ؟ فَقُلْتُ : لَا . فَقَالَ : فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ )
رواه البخاري ( 1721 ) ومسلم ( 1201 )
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : عن لبس المحرم للتبان ، لأنه إذا لم يلبسه لحقه ضرر .
فأجاب :
إن خاف أن يلحقه ضرر فلا بأس أن يلبسه ، ولكن إن حَصَّل أن يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع فهو أحسن .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 177 / السؤال 16 ) .
وانظر أجوبة الأسئلة : ( 20870 ) و ( 49033 )
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
اعتمرت ونسيت التقصير من شعرها وجامعها زوجها
كنت مع زوجتي في مكة لأداء العمرة ، وبعد عودتنها إلى البيت تمت عملية الجماع بيننا ، ثم تذكرت زوجتي أنها لم تتحلل ؟ فما هو الحكم ؟
الحمد لله
الحلق أو التقصير من واجبات العمرة ، ومن نسيه أتى به عند تذكره ، فإن فعل قبل ذلك شيئا من المحظورات جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه ، على الراجح من كلام أهل العلم .
وعليه ، فيلزم زوجتك الآن أن تقصر من شعرها ، وتحل بذلك من عمرتها ، ولا شيء عليها فيما حصل من الجماع ؛ لأنها إنما فعلت ذلك وهي تعتقد أنها تحللت من العمرة .(7/21)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في امرأة لم تتم عمرتها : " وأما ما فعلته من المحظورات ولنفرض أن زوجها جامعها - والجماع في النسك هو أعظم المحظورات - فإنه لا شيء عليها ؛ لأنها جاهلة ، وكل إنسان يفعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/351) باختصار .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الجماع بعد السعي وقبل الحلق أو التقصير فيه الفدية ، ولو كان عن نسيان أو جهل ، وهي فدية على التخيير ، كفدية الأذى ، أي كمن حلق شعره للتأذي من القمل ونحوه ، كما دل عليه قوله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) البقرة/196 .
فيصوم ثلاثة أيام ، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من بر أو غيره ، أو يذبح شاة توزع على فقراء الحرم ( مكة ) .
وانظر : "شرح منتهى الإرادات" (1/556) .
فلو أخذت زوجتك بهذا القول احتياطاً ، فحسن ، فتصوم ثلاثة أيام ، أو تطعم ستة مساكين أو تذبح شاة تعطى لفقراء الحرم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
نوم المحرم مع زوجته في فراش واحد ولمسها بدون شهوة
هل النوم مع الزوجة بعد الإحرام حرام إذا كان في فراش واحد ولمسها بدون شهوة ؟
الحمد لله
المحظور على المحرم هو الجماع ، والمباشرة بشهوة ، لمسا أو تقبيلا ؛ لقوله تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) البقرة/197.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/319) : " وقوله ( فلا رفث ) أي من أحرم بالحج أو العمرة فليجتنب الرفث ، وهو الجماع ، كما قال تعالى : ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) وكذلك يحرم تعاطي دواعيه من المباشرة والتقبيل ونحو ذلك ، كذلك التكلم به بحضرة النساء " انتهى .(7/22)
وقال النووي رحمه الله : " اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه يحرم على المحرم المباشرة بشهوة كالمفاخذة والقبلة واللمس باليد بشهوة ... وأما اللمس بغير شهوة فليس بحرام بلا خلاف " انتهى .
وفي "الموسوعة الفقهية" (2/168) : " يحرم على المحرم باتفاق العلماء وإجماع الأمة الجماع ودواعيه الفعلية أو القولية وقضاء الشهوة بأي طريق " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (7/184) أثناء ذكره لمحظورات الإحرام: المحظور التاسع: مباشرة النساء لشهوة أم المباشرة لغير شهوة كما لو أمسك الرجل بيد امرأته فهذا ليس حراماً . اهـ
وعليه فإذا نام المحرم مع زوجته في فراش واحد ، أو لمسها دون شهوة ، فلا حرج عليه ، إلا إن خشي أن يؤدي ذلك إلى وقوعه في المحظور ، فعليه أن ينام في فراش مستقل .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لبست النقاب والقفازين أثناء طواف الإفاضة(7/23)
لدي استفسارات متعلقة بالحج، أرجو التفضل على إجابتها مأجورين. وهو: أني حججت هذا العام وكنت قد نويتها قرانا، ولدي في حجتي هذه إشكالان: في أول مجيئنا لمكة المكرمة لم نعتمر وأجلناها إلى اليوم الثامن، وخلال أيام إحرامي نزلنا عند جماعة هم بنات مثلنا وأجبروني وأنا محرمة على أن يضعوا لي مكياج وأنا كنت منكرة هذا الأمر إنكاراً فقط ليس بناء على أنه لا يجوز الزينة في الإحرام لأن هذا ذهب عن بالي ، ثم بعد ذلك استخدمت كريم نيفيا لإزالة آثار المكياج ، فما أدري هل عليّ شيء بصنعي هذا ؟ مع العلم أنني كنت متحرزة شديدة التحرز من الروائح ولم نستخدم الصابون ولا أي شيء له رائحة ولم أعمل أي محظور سوى هذا . ثم بعد ذلك لما أردنا في اليوم الثامن أن نعتمر أصبت عذراً حتى اليوم الثاني من أيام التشريق، مع العلم أنني في اليوم الأول من أيامه قد رمى ولينا عنا وهي جمرة العقبة ، وأحللنا قبل طواف الإفاضة ، وهذا جائز لمن قد اعتمر ، أما أنا فقارنة لم أعتمر فقد أحللت إحرامي ناسية ثم ذبحت دما ، وقبل انصرافنا من مكة طاف من معي الوداع وأنا طفت الإفاضة وسعيت على اعتبار أنها عمرة الحج – وقد كنت لابسة النقاب والقفازين ، ثم خلعتها بعد الطواف وأنا مترددة في أمري فلست أدري هل علي شيء ؟
الحمد لله
أولا :
القارن بين الحج والعمرة لا يعتمر عند قدومه مكة ، وإنما يطوف للقدوم وهو سنة ليس واجباً ، ثم إن شاء سعى بعده أو يؤخر هذا السعي بعد طواف الإفاضة ، ويكفي هذا السعي عن الحج والعمرة جميعاً ، وعليه فكونك لم تطوفي ولم تسعي عند وصولك إلى مكة لا شيء فيه .
ويلزم القارن أيضاً طوافان : الأول طواف الإفاضة بعد رجوعه من عرفات والمزدلفة ، وطواف الوداع عند خروجه من مكة ، وله أن يؤخر طواف الإفاضة فيطوف عند خروجه من مكة طوافاً واحداً للإفاضة والوداع معاً ، كما فعلت .
ثانيا :(7/24)
استعمال المحرمة للزينة التي ليست طيبا ، لا حرج فيه . والمحظور هو استعمال الطيب . وعليه فلا حرج فيما صنعت من وضع المكياج ، واستعمال الكريم لإزالته ، وإن كان الأحوط عدم استعمال هذا الكريم لأجل ما فيه من الرائحة ، لكنه ليس طيبا في الأظهر ، ولا يسمى صاحبه متطيبا .
ثالثا :
إذا رمى الحاج جمرة العقبة ، وقصر من شعره ، فقد تحلل التحلل الأول ، سواء كان مفردا أو متمتعا أو قارنا ، فيباح له كل شيء إلا النساء ، فيجوز له استعمال الطيب ، وتقليم الأظافر ، ولبس المخيط إن كان رجلا ، وتلبس المرأة النقاب والقفازين , وإنما يمنع بعد هذا التحلل من الجماع فقط .
ويجوز التوكيل في الرمي للضعفة والنساء عند شدة الزحام .
وقد ذكرت أنك تحللت بعد الرمي ، ولم تبيني مرادك بالتحلل ، ولم تذكري شيئا عن تقصير الشعر ، فإن كنت قد قصرت من شعرك فقد تحللت التحلل الأول ، فيحل لك كل شيء إلا الجماع ، ويكون لبسك للنقاب والقفازين في طواف الإفاضة جائزاً ، أما إذا كنت لم تقصري شعرك قبل الطواف فأنت باقية على إحرامك ويكون لبسك للنقاب والقفازين في طواف الإفاضة غير جائز ، وعليك الفدية ، وهي صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم ، أو ذبح شاة توزع على فقراء الحرم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لم يكمل طواف العمرة ، وهو متمتع ؟
رجل دخل في الإحرام بنية التمتع ، وطاف طواف العمرة ، غير أنه لم يكمل الأشواط السبعة ، ثم سعى ، وقصر ، ثم تحلل وأتى أهله ، ثم أدى مناسك الحج كاملة بعد ذلك ، فهل يصح حجه ؟.
الحمد لله
الطواف ركن من أركان العمرة ، لا تصح إلا به ، والطواف المجزئ في العمرة سبعة أشواط تبدأ من الحَجَر الأسود ، وتنتهي به ، لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، طاف هكذا ، وقد قال : ( خذوا عني مناسككم ) .(7/25)
قال النووي ، رحمه الله : ( شرط الطواف أن يكون سبع طوفات ، كل مرة من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ، ولو بقيت خطوة من السبع لم يحسب طوافه ، سواء كان باقيا في مكة أو انصرف عنها وصار في وطنه ، ولا ينجبر شيء منه بالدم ، ولا بغيره ) المجموع 8/21 .
وبناء على ذلك ، فإن عمرته لم تتم ، ولم يتحلل منها ، وما فعله من التحلل وإتيان أهله ، محظورات ارتكبها وهو لا يزال محرماً بالعمرة ، وقد فعل تلك المحظورات وهو يظن أنه قد أنهى عمرته وتحلل منها ، ولذلك لا شيء عليه في هذه المحظورات . راجع السؤال ( 36522 ) ، ثم هذا الرجل قد أحرم بالحج على أنه متمتع ، ولكنه في الواقع لم يتم عمرته فيكون قد أدخل الحج على العمرة ، فيصير قارنا .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين ن رحمه الله ، عن رجل حج متمتعا ، وطاف طوافا ناقصا ، أي أربعة أشواط ، ثم سعى وقصر ، وحل ، وحصل منه جماع ، وأكمل حجه ؟
فأجاب :
( هذا يصير قارنا ، لأنه أدخل الحج على العمرة قبل طوافها ؛ لأن الطواف الأول لاغٍ ، وإدخال الحج على العمرة قبل الطواف يجعل النسك قرانا ، ويبقى النظر الآن في كونه حل ، ولبس , وجامع ، لكنه جاهل ، فلا شيء عليه ، وعلى هذا فيكون حجه تاما ، لكنه قارن ، وليس متمتعا ) . الفتاوى 22/178 .
الإسلام سؤال وجواب
لبس الجوارب في الإحرام للرجل والمرأة
أحْرَمْتُ بالعمرة فكان الجو بارداً ، فلبِسْتُ الجوربين ، فماذا يلزمني ؟.
الحمد لله
لا يجوز للرجل المحرم أن يلبس الجوربين . أما المرأة فيجوز لها ذلك .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (7 / 154) : مسألة : هل يحرم عليها ( أي المرأة المحرمة ) الجوارب ؟
الجواب : لا . الجوارب حرام على الرجل . اهـ.
فإن احتاج الرجل المحرم إلى لبسهما ، جاز له لبسها ، وعليه فدية ، وهي إما ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام ، يفعل ما يشاء من هذه الأمور الثلاثة .(7/26)
سئلت اللجنة الدائمة ما حكم لبس الشراب في الرجلين والطواف بها طواف القدوم في الحج ، وطواف العمرة في العمرة ؟
الجواب :
لا يجوز للرجل لبس الشراب وهو محرم بالحج أو العمرة ، فإن احتاج إلى لبسها لمرض ونحوه جاز ووجب عليه فدية ، وهي صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر ونحوه ، أو ذبح شاة .
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/183) .
الإسلام سؤال وجواب
لا يستطيع أن يلبس لبس الإحرام ، فهل له أن يحرم في ثيابه
رجل يرغب في أداء العمرة ولكن لا يستطيع لبس الإحرام لأنه معاق ومشلول : فهل يستطيع العمرة بثيابه وهل عليه كفارة ؟.
الحمد لله
" نعم إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يلبس ثياب الإحرام فإنه يلبس ما يناسبه من اللباس الآخر والجائز وعليه عند أهل العلم إما أن يذبح شاة يوزعها على الفقراء ، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، أو يصوم ثلاثة أيام .
هكذا قال أهل العلم قياسا على ما جاء في حلق الرأس حيث قال الله تعالى : ( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) البقرة/196
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الصيام صيام ثلاثة أيام ، وأن الصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، وأن النسك ذبح شاة . ويكون الذبح والإطعام في هذه المسالة بمكة احتياطا ، لأن انتهاك محظور اللبس سيستمر إلى التحلل " .
مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/138) .
قبل الطيب من غيره ، مجاملة له ، وهو محرم
ما الحكم فيمن قبل الطيب من غيره وهو محرم ، مع علمه بأن المُحْرِم لا يجوز له استعمال الطيب ؟ .
الحمد لله
المحرم ليس له أن يستعمل شيئا من الطيب في بدنه أو ثوبه :(7/27)
أما بدنه فلقول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في الذي مات محرما : ( اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ ، وَلا تُحَنِّطُوهُ ...ُ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا ) رواه البخاري 1265 ومسلم 1206
وقوله : ( وَلا تُحَنِّطُوهُ ) أَيْ : لا تُمِسُّوه حَنُوطًا , وَالْحَنُوط َ أَخْلَاط مِنْ طِيب تُجْمَع لِلْمَيِّتِ خَاصَّة , لا تُسْتَعْمَل فِي غَيْره .
وفي رواية لمسلم : ( ولا تمسوه بطيب ) ، فنهي النبي ، صلى الله عليه وسلم عن أن يُمَسَّ هذا الميت بحنوط ، وهو الطيب كما في رواية مسلم ، مع أن وضع الطيب في غسل الميت وكفنه مستحب وذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علة ذلك وهي أنه يبعث يوم القيامة ملبياً : أي أن إحرامه لم يبطل بموته ، وهذا يدل على أن المحرم ممنوع من الطيب . وعلى هذا أجمع العلماء .
قال ابن قدامة : ( أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من الطيب ) المغني 5/140 .
وأما ثوبه ، فلقول النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( ولا تلبسوا شيئا مسه زعفران ولا الورس ) البخاري 1838 ومسلم 1177 . قال ابن قدامة : ( لا نعلم بين أهل العلم اختلافا في هذا ) المغني 5/142 .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن رجل نوى الحج ، ثم طيبه آخر ، فقبل منه الطيب ، مجاملة ، وهو يعرف أن الطيب ممنوع على المحرم ، فما الحكم ؟
فأجاب : ( لا يجوز للإنسان أن يجامل في معصية الله ، عز وجل ؛ فيعصي الله من أجل المجاملة ، فالواجب عليك حين عرض عليك الطيب ، أن تقول : إنه لا يجوز للمحرم الطيب .
وهذا الرجل [ الذي أعطى الطيب لغيره ] قد يخفى عليه أن المحرم يحرم عليه استعمال الطيب ، وربما ينسى فيطيبك ...(7/28)
وبناء على أنك لم تفعل هذا وجاملته في معصية الله ، فإنه يجب عليك التوبة إلى الله مما صنعت ، والعلماء يقولون : يجب عليك واحد من أمور ثلاثة : إما ذبح شاة في مكة ؛ تتصدق بها على الفقراء ، وإما إطعام ستة مساكين ، لكل مسكين نصف صاع ، بمكة أيضا ، وإما أن تصوم ثلاثة أيام ، ولو في بلدك . وقالوا أيضا : يجوز أن يذبح الشاة ، وأن يطعم المساكين في مكة ، ويجوز في المكان الذي وقع فيه المحظور ) الفتاوى 22/153-154 .
الإسلام سؤال وجواب
حجت وهي منتقبة فماذا عليها ؟
حججت واعتمرت في العام الماضي ، كنت أعلم أن النقاب لا يجوز ، ومع هذا فكان علي أن أتنقب لأنه كان كثير من الناس حولي وقت الحج ، قيل لي بأن ما فعلتُه كان خطأ وأنني كان من المفترض أن أغطي وجهي بشيء آخر ، ماذا يجب أن أفعل الآن لأصحح هذا الخطأ ؟.
الحمد لله
لبس النقاب من محظورات الإحرام ، ويمكن للمرأة أن تغطي وجهها أمام الأجانب بعد الإحرام بشيء من الثياب تسدله من أعلى رأسها على وجهها ، من غير أن ترتكب المحظور الذي هو لبس النقاب .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قام رجل فقال يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم ... ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين " رواه البخاري ( 1741 ) .
قال ابن قدامة :(7/29)
قال ابن المنذر : وكراهية البرقع ثابتة عن سعد وابن عمر وابن عباس وعائشة ، ولا نعلم أحداً خالف فيه ، وقد روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين " ، فأما إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريباً منها فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها ، روي ذلك عن عثمان وعائشة ، وبه قال عطاء ومالك والثوري والشافعي وإسحاق ومحمد بن الحسن ، ولا نعلم فيه خلافاً ، وذلك لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه " رواه أبو داود (1833) والأثرم ) " المغني " ( 3 / 154 ) ، وحديث عائشة صححه الألباني في رسالة جلباب المرأة .
وفِعل إحدى محظورات الإحرام عمداً لعذر : يوجب الفدية وهي : إما صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم ، أو ذبح شاة في الحرم ، وليس عليه إثم لوجود العذر في فعله للمحظور . والظاهر أن حالك من هذا النوع لأنك ذكرتِ فيه أنك احتجتِ للانتقاب بسبب كثرة الرجال فيلزمك الفدية التي سبق ذكرها ولا إثم عليكِ ، هذا إذا كنت تعنين بالانتقاب في سؤالكِ لبس النقاب لا التغطية للوجه بغير اللبس المعتاد للنقاب ، أما كان الذي وقع منك إنما هو تغطية بغير النقاب أو بغير طريقة لبسه المعتادة فلا يلزمكِ شيء وتؤجرين إن شاء الله على حرصك على التستر والبعد عن نظر الرجال .
قال الشيخ ابن عثيمين :
وإذا فعل المُحرم شيئاً من المحظورات السابقة من الجماع أو قتلِ الصيد أو غيرهما فله ثلاث حالاتٍ :(7/30)
الأولى : أن يكون ناسياً أو جاهلاً أو مُكرَهاً أو نائماً ، فلا شيء عليه ، لا إثم ولا فدية ولا فساد نسك ؛ لقوله تعالى : ( رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَفِرِينَ ) البقرة/286 ، وقوله : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/5
الثانية : أن يفعل المحظور عمداً لكن لِعُذرٍ يبيحُه ، فعليه ما يترتب على فعل المحظور ، ولا إثم عليه ؛ لقوله تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) البقرة/196
الثالثة : أن يفعل المحظور عَمداً بلا عُذرٍ يبيحه ، فعليه ما يترتب على فعله مع الإثم .
" مناسك الحج والعمرة " ( الفصل الخامس / محظورات الإحرام ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز تغطية وسط الجسم بقطعة قماش تلف حوله في ملابس الإحرام ؟
إن شاء الله أنا ذاهب لأداء العمرة وبعض منتجي ملابس الإحرام في مصر يصنعون غطاء للعورة بدون مخيط أسفل القطعتين العلوية والسفلية أي تصبح الملابس ثلاث ( 3 ) قطع ، هل يصح ارتداؤها ؟ وإن كان هناك كفارة بالفدو - مثلاً - أرجو الرد للاحتياج الشديد .
الحمد لله(7/31)
الأصل للمحرم أنه يلبس ما يشاء إلا ما نصَّ الشرع على منعه ، وهو ما كان مفصَّلاً على قدر أي عضو من أعضاء جسمه ، أو على قدر البدن كله ، وهو الذي يُسمَّى في كتب الفقهاء " المخيط " ، وكذا لا يلبس المحرم ثياباً عليها الطيب ، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عما يلبسه المحرِم ذكَر ما لا يلبسه .
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا الْخُفَّيْنِ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ مَا هُوَ أَسْفَلُ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلاَ ثَوْباً مَسَّهُ زَعْفَران وَلاَ وَرْس) رواه البخاري ( 5458 ) ومسلم ( 1177 ) .
البرنس : ثوب ملتصق به غطاء الرأس .
الورس : نبت أصفر يُصبغ به طيب الرائحة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
المخيط عند الفقهاء : كل ما خيط على قياس عضو ، أو على البدن كله ، مثل : القميص ، والسراويل ، والجبة ، والصدرية ، وما أشبهها ، وليس المراد بالمخيط ما فيه خياطة ، بل إذا كان مما يلبس في الإحرام فإنه يلبس ولو كان فيه خياطة .
" الشرح الممتع " ( 7 / 126 ) .
وقال :
لا بد أن يلبس على عادة اللبس ، فلو وضعه وضعاً فليس عليه شيء ، أي : لو ارتدى بالقميص (أي : وضعه على كتفيه) فإن ذلك لا يضر ؛ لأنه ليس لبساً له .(7/32)
والدليل على هذا : حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سئل ما يلبس المحرم ؟ فقال : (لا يلبس القميص ، ولا السراويل ، ولا البرانس ، ولا العمائم ، ولا الخفاف ) ، فذكر خمسة أشياء لا تلبس مع أنه سئل عن الذي يلبس ، فأجاب بما لا يلبس ، ومعنى هذا أنه يلبس المحرم ما سوى هذه الخمسة ، وإنما عدل عن ذكر ما يلبس إلى ذكر ما لا يلبس لأن ما لا يلبس أقل مما يلبس .
" الشرح الممتع " ( 7 / 126 ،127 ) .
وقطعة اللباس التي تلف على الجسم يغطى بها منطقة العورة : لا يظهر أنها محظورة ، بل هي جائزة ؛ لأن المحظور هو لبس " السراويل " ويشبهه في المحظور أن يلبس " التُبَّان " وهي الثياب الداخلية التي يلبسها الناس ، بخلاف القطعة التي جاءت في السؤال ، وهي تشبه الإزار في كونها تلف على الجسم ، وليست مفصلة على قدر عضو من الجسم .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
المهم أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم عد ما يحرم عدًّا ، فما كان بمعناه ألحقناه به ، وما لم يكن بمعناه لم نُلحقه به ، وما شككنا فيه فالأصل الحل ، ومما نشك فيه الإزار المخيط ، فبعض الناس يلبس إزاراً مخيطاً ، أي : لا ينفتح ، ثم يلفه على بدنه ويشده بحبل ، فهل نقول : إن هذا جائز ، أو أنه يشبه القميص أو السراويل ؟ .
نقول : إنه جائز ؛ لأنه لا يشبه القميص ولا السراويل ، فالسراويل لكل قدمٍ كمٌّ ، والقميص في أعلى البدن ، ولكل يدٍ كُمٌّ - أيضاً - ، وبهذا خرج عن مشابهة السراويل والقميص فكان لا بأس به ، ويستعمله بعض الناس الآن ؛ لأنه أبعد عن انكشاف العورة ، فنقول : ما دام يطلق عليه اسم إزار فهو إزار ، ويكون حلالاً .
" الشرح الممتع " ( 7 / 133 ، 134 ) .
الإسلام سؤال وجواب
المرور على الميقات من غير إحرام وهو يريد العمرة أو الحج(7/33)
انتدبت للعمل كطبيب خلال موسم الحج ولا أستطيع عمل عمرة عند دخولي مكة ولا أستطيع ارتداء ملابس الإحرام ، فماذا عليَّ أن أفعله إذا تبقى لديَّ يومان بعد انتهائي من عملي لكي أقوم بأداء عمرة قبل عودتي إلى مدينتي ؟.
الحمد لله
أولاً :
إذا لم تكن جازماً بعمل العمرة في ذلك السفر ، فإنه لا يلزمك الإحرام من الميقات ، فإذا عزمت عليها وأنت في مكة فإنك تخرج إلى خارج الحرم (التنعيم أو غيره) لتحرم بالعمرة .
أما إذا كنت جازماً بفعل العمرة في ذلك السفر فكان الواجب عليك أن تحرم من الميقات ، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، فهنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ، فمن كان دونهن فمهلُّه من أهله ، وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها . رواه البخاري (1454) ومسلم (1181) .
فمن مرَّ على ميقات من هذه المواقيت مريداً الحج أو العمرة فإنه يجب عليه أن يُحرم منه ، فإن كان يسكن دون هذه المواقيت فإنه يُحرم من مكانه ، فإن كان في مكة فإنه يُحرم للحج من مكانه ، ويحرم للعمرة من أي مكان من الحل كالتنعيم أو عرفة ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها لما أرادت العمرة بعد حجها ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أخاها أن يخرج بها إلى الحل لتحرم بالعمرة من هناك . متفق عليه .
وانظر السؤال (32845 ) .
ثانياً :
إن مرَّ مريد الحج والعمرة على الميقات دون أن ينوي الإحرام منه : فإنه يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي مرَّ عليه ليحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم من مكانه فإنه يلزمه – على قول جمهور العلماء – ذبح شاة في مكة وتوزيعها على مساكين الحرم .
سئل علماء اللجنة الدائمة عمن سافر من أجل العمل في موسم الحج ، ويقيمون خارج مكة ، ولم يحرموا من الميقات ، فمن أين يحرمون ؟
فأجابت :(7/34)
" بالنسبة للإحرام للعمرة أو الحج مادام أنكم ذهبتم للعمل وتجاوزتم الميقات فإذا أراد أحد الإحرام فإنه يحرم من مكانه داخل الميقات ؛ لأنه دخل بنية العمل ، وقد قال صلى الله عليه وسلم عند ذكر المواقيت : ( ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ ، حتى أهل مكة من مكة ) إلا من كان منكم عازماً على الحج أو العمرة حين مروره على الميقات فإن عليه أن يرجع إلى الميقات ليحرم منه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقَّت المواقيت : ( هنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ ممن أراد الحج والعمرة ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/140، 141) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" من تجاوز الميقات بدون إحرام فلا يخلو من حالين : إما أن يكون مريداً للحج والعمرة : فحينئذٍ يلزمه أن يرجع إليه ليحرم منه بما أراد من النسك – الحج أو العمرة - فإن لم يفعل فقد ترك واجباً من واجبات النسك ، وعليه عند أهل العلم فدية : دم يذبحه في مكة ، ويوزعه على الفقراء هناك .
وأما إذا تجاوزه وهو لا يريد الحج والعمرة : فإنه لا شيء عليه " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (21/السؤال رقم 341) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لبس حمالة الطفل أثناء الإحرام
ما حكم لبس حمالة الأطفال التي تعلق على الجسم أثناء أداء فريضة العمرة " تسمى بالإنجليزية " Kangoro". ؟.
الحمد لله
لا حرج في لبس ما يسمى بحمالة الأطفال ، أثناء الإحرام ؛ لأن ذلك ليس من الألبسة المنصوص على منعها حال الإحرام ، ولا هي في معنى المنصوص .
وهي أشبه ما تكون بحمل قربة الماء ، أو وعاء النفقة ، أو بحمل المتاع على الظهر مع شده بحبل على الصدر ، وهذا لا محظور فيه كما سيأتي .(7/35)
والألبسة التي منع منها المحرم : هي القميص ( الثوب ) ، السراويل ، البرانس ( وهي ثياب واسعة لها غطاء يغطى به الرأس متصل بها ) العمائم ، الخفاف ( جمع خف ، وهو ما يلبس على الرِّجْل من جلد ) .
وقد دل على ذلك : ما رواه البخاري (5805) ومسلم (1177) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رضي الله عنهما قَالَ : قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ إِذَا أَحْرَمْنَا ؟ قَالَ : ( لا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَالسَّرَاوِيلَ وَالْعَمَائِمَ وَالْبَرَانِسَ وَالْخِفَافَ إِلا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ ، وَلا تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنْ الثِّيَابِ مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلا وَرْسٌ ).
ويلحق بذلك ما كان في معناه ، كالجبة والعباءة ، والتبان ( السراويل القصير ) ، والطاقية ، والجورب ، وكل ما كان مفصلا على الجسم أو بعض الجسم مما يلبس عادة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله مبينا اللباس الذي يمنع منه المحرم : " ويتضح بالحديث المذكور أن المراد بالمخيط ما خيط أو نسج على قدر البدن كله كالقميص ، أو نصفه الأعلى كالفنيلة ، أو نصفه الأسفل كالسراويل . ويلحق بذلك ما يخاط أو ينسج على قدر اليد كالقفاز أو الرجل كالخف ) انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (17/118) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولو تقلد الإنسان بسيف أو مسدس جاز ؛ لأنه لا يدخل فيما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم لا لفظا ولا معنى . ولو ربط بطنه بحزام جاز . ولو علق على كتفه قربة ماء جاز ، أو وعاء نفقة جاز. المهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم عدّ ما يحرم عدا ، فما كان بمعناه ألحقناه به ، وما لم يكن بمعناه لم نلحقه به ، وما شككنا فيه فالأصل الحل ) انتهى من "الشرح الممتع" (7/152) .(7/36)
فحمالة الطفل المسئول عنها لا تزيد على ما ذكره الشيخ من تعليق القربة على الكتف ، وهي شبيهة أيضا بحمل المتاع مع شده بحبل ونحوه .
وقد نص بعض العلماء على أنه يجوز للمحرم أن يحمل متاعه على ظهره ، ويشده بحبل على صدره إذا احتاج لذلك ، هذا يشبه إلى حد بعيد حمالة الطفل .
انظر : "منح الجليل شرح مختصر خليل" (2/308) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لماذا يحرم على الحاج لبس المخيط
لماذا حرم الله على الحجاج لبس المخيط ، وما الحكمة من ذلك ؟.
الحمد لله
أولاً: فرض الله الحج على من استطاع إليه سبيلاً من المكلفين، مرة في العمر، وجعله ركناً من أركان الإسلام، لما هو معلوم من الدين بالضرورة، فعلى المسلم أن يؤدي ما فرضه الله عليه؛ إرضاءً لله وامتثالاً لأمره، رجاءَ ثوابه وخوف عقابه، مع الثقة بأن الله تعالى حكيم في تشريعه وجميع أفعاله، رحيم بعباده، فلا يشرع لهم إلا ما فيه مصلحتهم وما يعود عليهم بالنفع العميم في الدنيا والآخرة، فإلى ربنا الملك الحكيم سبحانه التشريع، وعلى العبد الامتثال مع التسليم.
ثانياً : لمشروعية التجرد من المخيط في الحج والعمرة حكم كثيرة منها: تذكر أحوال الناس يوم البعث، فإنهم يبعثون يوم القيامة حفاة عراة ثم يكسون، وفي تذكر أحوال الآخرة عظة وعبرة، ومنها: إخضاع النفس، وإشعارها بوجوب التواضع، وتطهيرها من درن الكبرياء، ومنها إشعار النفس بمبدأ التقارب والمساواة والتقشف، والبعد عن الترف الممقوت، ومواساة الفقراء والمساكين... إلى غير ذلك من مقاصد الحج على الكيفية التي شرعها الله وبينها رسوله صلى الله عليه وسلم .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (فتاوى اللجنة 11/179)
((7/37)
* تنبيه : ليس المراد بالمخيط ما كان فيه خيوط ، بل المراد بالمخيط هو ما فُصِّل على أعضاء الجسم كالجاكيت – المفصل على اليدين والصدر – والسروال – المفصل على الرجلين – والخفين – المفصل على القدمين – والقفازين للمرأة – المفصل على الكفين - ، وبناءً عليه فيجوز لبس الساعة التي فيها خيوط ، والحذاء الذي فيه خيوط ، والحزام الذي فيه خيوط ... الخ ).
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
تقليم الأظافر للمحرم
هل يجوز للرجل عندما يحرم من الميقات أن يجلس ويقلم أظافره، أم لا يجوز له ذلك إلا بعد أن يذبح الهدي ؟.
الحمد لله
إذا فعل ذلك قبل الإحرام فلا حرج في ذلك، إلا أن يكون أراد أن يضحي وقد دخل شهر ذي الحجة فلا يجوز له ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وأما فعل ذلك بعد الإحرام أي بعد نية الدخول في الإحرام فلا يجوز مطلقاً؛ لأن المحرم ليس له أن يقلم أظفاره أو يأخذ شيئاً من شعره إلا إذا فرغ من طوافه وسعيه للعمرة، فإنه يتحلل من إحرامه بالحلق أو التقصير، وهكذا في الحج إذا رمى جمرة العقبة، فإنه يشرع له أن يحلق أو يقصر، والحلق أفضل، ثم يتحلل سواء كان ذلك قبل الذبح أو بعده، وكونه بعد الذبح أفضل إذا تيسر ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( فتاوى اللجنة 11/178).
قبل وباشر زوجته وهو محرم
شخص حاج، وقع في محذور، وهو تقبيل زوجته وإنزاله خارج القبل بشهوة بعد رمي جمرة العقبة والحلق وقبل طواف الإفاضة، وهي غير حاجة، أفتونا مأجورين.
الحمد لله(7/38)
لا يجوز لمسلم أحرم لحج أو عمرة أو بهما أن يتعرض لما يفسد إحرامه، أو ينتقص عمله، والقبلة حرام على من أحرم بالحج حتى يتحلل التحلل الكامل ، وذلك برمي جمرة العقبة ، والحلق أو التقصير وطواف الإفاضة والسعي إن كان عليه سعي ؛ لأنه لا يزال في حكم الإحرام الذي يحرم عليه النساء ، ولا يفسد حج من قبل امرأته وأنزل بعد التحلل الأول، وعليه أن يستغفر الله ولا يعود لمثل هذا العمل، ويجبر ذلك بذبح رأس من الغنم يجزئ في الأضحية يوزعه على فقراء الحرم المكي، والواجب المبادرة إلى ذلك حسب الإمكان.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( فتاوى اللجنة 11/188).
أصلع تضره الشمس فهل يغطي رأسه وهو محرم ؟
إنني أرغب في الحج إن شاء الله ومشكلتي هي: أنني رجل أصلع - بدون شعر يغطي الرأس - ، وبشرتي حساسة جداً، وأي أشعة شمس تؤثر على صحتي، وتسبب التهاباً شديداً في بشرة الرأس، وظهور الشرايين بالرأس خاصة وبالوجه عامة، وكما تعلم أن من محظورات الإحرام تغطية الرأس ، أرجو من سماحتكم إفتائي عن هذه الحالة، علماً أنني رجل قصير القامة، ولا أستطيع أن أحمل المظلة؛ لأنها تؤذي من حولي. هذا والله يرعاكم ويسدد خطاكم.
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكر فإنك تغطي رأسك وأنت محرم، وتفدي فتذبح شاة تطعمها الفقراء في مكة، أو تطعم ستة مساكين بالحرم: لكل مسكين نصف صاع من تمر أو غيره من قوت البلد، أو تصوم ثلاثة أيام.
هذا بالنسبة للإحرام بالحج، وكذلك لو أحرمت بالعمرة فعليك فدية أخرى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( فتاوى اللجنة الدائمة 11/181 )
لبس الإحرام ثم أراد ترك الحج
إذا لبس الإحرام لعمرة أو لحج ثم فسخها ماذا يجب عليه؟.
الحمد لله(7/39)
إذا لبس الإزار والرداء ولم ينو الدخول في الحج أو العمرة ولم يلب بذلك فهو بالخيار: إن شاء دخل في الحج أو العمرة، وإن شاء ترك ذلك، ولا حرج عليه إذا كان قد أدى حجة وعمرة الإسلام، أما إن كان قد نوى الدخول في الحج أو العمرة فليس له فسخ ذلك والرجوع عنه، بل يجب عليه أن يكمل ما أحرم به على الوجه الشرعي؛ لقول الله سبحانه: {وأتموا الحج والعمرة لله}البقرة196، وبهذا يتضح لك: أن المسلم إذا دخل في حج أو عمرة بالنية فليس له رفض ذلك، بل يجب عليه أن يكمل ما شرع فيه ؛ للآية الكريمة المذكورة ، إلا أن يكون قد اشترط ، وحصل المانع الذي خاف منه فله أن يتحلل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير لما قالت: يارسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية، قال: «حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني» متفق على صحته.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (فتاوى اللجنة 11/166).
قبل وباشر زوجته وهو محرم
شخص حاج، وقع في محذور، وهو تقبيل زوجته وإنزاله خارج القبل بشهوة بعد رمي جمرة العقبة والحلق وقبل طواف الإفاضة، وهي غير حاجة، أفتونا مأجورين.
الحمد لله
لا يجوز لمسلم أحرم لحج أو عمرة أو بهما أن يتعرض لما يفسد إحرامه، أو ينتقص عمله، والقبلة حرام على من أحرم بالحج حتى يتحلل التحلل الكامل ، وذلك برمي جمرة العقبة ، والحلق أو التقصير وطواف الإفاضة والسعي إن كان عليه سعي ؛ لأنه لا يزال في حكم الإحرام الذي يحرم عليه النساء ، ولا يفسد حج من قبل امرأته وأنزل بعد التحلل الأول، وعليه أن يستغفر الله ولا يعود لمثل هذا العمل، ويجبر ذلك بذبح رأس من الغنم يجزئ في الأضحية يوزعه على فقراء الحرم المكي، والواجب المبادرة إلى ذلك حسب الإمكان.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( فتاوى اللجنة 11/188).(7/40)
هل يلبس القفازين في الطواف حتى لا يمس النساء؟
هل يجوز لبس القفازات أثناء الإحرام ؟ خصوصاً أثناء الطواف والسعي بسبب التقارب الشديد بين النساء والرجال والذي قد يسبب اللمس ونقض الوضوء .
الحمد لله
لا يجوز للمحرم أن يلبس القفازين ، رجلاً كان أم امرأة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ ) . رواه البخاري (1838) .
والحديث وإن كان في حق المرأة إلا أن العلماء اتفقوا على تحريم لبس الرجل القفازين وهو مُحرم . انظر "المغني" (5/120) . وفتح الباري (4/53) .
وأما لمس النساء في الطواف والسعي ، فإن لمس المرأة الأجنبية حرام ، فعلى الرجل أن يحتاط ، ويبتعد عن أماكن النساء ، ثم إذا لمس امرأة من غير قصد فلا حرج عليه ، لقول الله تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ) الأحزاب/5 .
وأما نقض الوضوء بلمس المرأة فقد سبق في إجابة السؤال رقم (2178) أن الأرجح من أقوال العلماء أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم طواف من لامس امرأة أجنبية فقال :
لمس الإنسان جسم المرأة حال طوافه أو حال الزحمة في أي مكان لا يضر طوافه ، ولا يضرّ وضوءه ، في أصح قولي العلماء ، وقد تنازع الناس في لمس المرأة هل ينقض الوضوء ؟ على أقوال :
قيل : لا ينقض مطلقاً .
وقيل : ينقض مطلقاً .
وقيل : ينقض إن كان مع الشهوة .(7/41)
والأرجح من هذه الأقوال والصواب منها أنه لا ينقض الوضوء مطلقاً ، وأن الرجل إذا مس المرأة أو قبّلها لا ينتقض وضوؤه في أصح الأقوال ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قَبَّل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ ، ولأن الأصل سلامة الوضوء ، وسلامة الطهارة ....وبهذا يُعلم أن الذي مسّ جسمه جسم امرأة في الطواف أن طوافه صحيح ، وهكذا الوضوء ، ولو مسّ امرأته أو قبّلها فوضوؤه صحيح ما لم يخرج منه شيء ، لكن ليس له أن يمس جسم امرأة ليست محرماً له على وجه العمد " اهـ.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ج/17ص/218-219 .
الإسلام سؤال وجواب
لماذا يلبس الحجاج تلك الملابس ؟
لماذا الحاج يرتدي تلك الملابس في الحج؟
الحمد لله
أمرنا الله على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بارتداء الإزار والرداء في الحج وفي العمرة لحكمة يعلمها، فوجب علينا الامتثال؛ رجاءَ الثواب، سواء علمنا الحكمة أم لم نعلمها، ومما ذكره العلماء في ذلك: التذكير بحال الناس يوم الجمع والنشور يوم القيامة، وإشعار الحاج بالتواضع والتساوي بين الغني والفقير، نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والثبات على الحق حتى نلقاه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (فتاوى اللجنة 11/171)
انتقبت في حجها فهل عليها شيء
ذهبت للحج منذ سنتين وكنت منقبة ثم علمت انه لا يجوز تغطية الوجه خلال الحج ، ولكني عندما لبست النقاب كان قد قيل لي ومن مصدر موثوق به أنه يجوز تغطية الوجه .
الحمد لله(7/42)
1. ستر الوجه للمرأة خلق حسن ورحم الله المتنقبات رحمة كبيرة ولعلك أختي في الله لم تسألي إلا حرصاً على دينك – زادك الله حرصاً – إلا أن من الحرص الأعظم أن نحافظ على أوامر الدين التي تأمر النساء بنزع النقاب عن وجوههن عند الصلاة وفي الحج ولكن في الصلاة خاصة فإنه لا يحل ستر الوجه بحال إلا إن حضر من الرجال من هو من غير المحارم وفي الحج يجوز للمرأة أن تسدل على وجهها الغطاء إن لم يكن مفصلاً على حدود وجهها فالنقاب وهو ما يسمى ( البرقع ) لا يحل للمحرمة اتخاذه ويحل لها أن تسدل على وجهها غطاءاً تلقيه من رأسها على وجهها إلا إن تعذر غير النقاب ( البرقع) وحضر من لا يحل له النظر إلى وجه المرأة فإنه يحل لها النقاب ( البرقع) وإلا فلا .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : " قام رجل فقال يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين ولا تلبسوا شيئا مسه زعفران ولا الورس ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين " . رواه البخاري ( 1468 ) ومسلم ( 1177 ) .
2. وأما جواز السدل على الوجه بغير النقاب أو خشية الرجال الأجانب ، فقد صحَّ ذلك عن بعض الصحابيات الجليلات :
عن عائشة قالت : كنا نخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن محرمات فإذا التقينا الركبان سدلنا الثوب على وجوهنا سدلاً . رواه أبو داود ( 1833 ) وابن ماجه ( 2935 ) .
يقول الشيخ ابن عثيمين :(7/43)
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرّم على المحرمة تغطية وجهها وإنما حرم عليها النقاب فقط لأنه لباس الوجه وفرق بين النقاب وتغطية الوجه وعلى هذا فلو أن المرأة المحرمة غطت وجهها لقلنا : هذا لا بأس به ولكن الأفضل أن تكشفه ما لم يكن حولها رجال أجانب فيجب عليها أن تستر وجهها عنهم . " الشرح الممتع " ( 7/153 ) .
3. أما بالنسبة لما مضى من حجك بالصورة التي ذكرتِ فلاشيء عليك لعذر الجهل ، وكل محظورات الإحرام من فعلها جاهلاً أو ناسياً : فلا إثم عليه ولا فدية .
فعن يعلى بن أمية رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة قد أهل بالعمرة وهو مُصفر لحيته ورأسه وعليه جبة فقال يا رسول الله إني أحرمت بعمرة وأنا كما ترى فقال انزع عنك الجبة واغسل عنك الصفرة وما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك . رواه البخاري ( 1697 ) ومسلم ( 1180 ) .
قال الشيخ ابن عثيمين :
ومثل النسيان : الجهل والإكراه ، أي : لو أن الإنسان نسي فلبس ثوباً وهو محرم فليس عليه شيء ، ولكن عليه متى ذكر أن يخلعه ويلبس الإزار والرداء ، وكذلك الطيب ، فلو تطيب وهو محرم ناسياً فلا شيء عليه ، لكن عليه إذا ذكر أن يبادر بغسله . " الشرح الممتع " (7/222) .
و الله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
تغطية الرأس للمحرم ، والتظليل بالشمسية
هل يجوز تغطية الرأس بمظلة أثناء الحج لتحمي الجسم من أشعة الشمس ؟ هذه المظلة يمكن أن توضع على الكتف وتكون اليدان طليقتين .
الحمد لله
أولاً :
اتفق العلماء على أن ستر الرأس محرم على الرجل في الإحرام ، وقد دل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي مات بعرفة وهو محرم : ( اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلا تُمِسُّوهُ طِيبًا وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا ) . رواه البخاري (1267) ومسلم (1206) .(7/44)
ومعنى : ( لا تخمروا رأسه ) أي : لا تغطوه .
وروى البخاري (1542) ومسلم (1177) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَلْبَسُ الْقُمُصَ ، وَلا الْعَمَائِمَ ، وَلا السَّرَاوِيلاتِ ، وَلا الْبَرَانِسَ ، وَلا الْخِفَافَ) . والبرنس ثوب يلبسه أهل المغرب ، له رأس متصلة به.
ثانياً : تغطية المحرم رأسه على أقسام :
الأول : أن يغطيها بما يلاصق الرأس ، كالطاقية والعمامة وما أشبه ذلك فهذا حرام ، ودليل تحريمه الحديثان السابقان .
الثاني : أن يغطي رأسه بما لا يلاصقه كالشمسية والخيمة وسقف السيارة ونحو ذلك ، فلا بأس به ، لقول أم حصين رضي الله عنها : حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَرَأَيْتُهُ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَانْصَرَفَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَمَعَهُ بِلالٌ وَأُسَامَةُ أَحَدُهُمَا يَقُودُ بِهِ رَاحِلَتَهُ وَالآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الشَّمْسِ . رواه ومسلم (1298) .
قال النووي :
فِيهِ: جَوَاز تَظْلِيل الْمُحْرِم عَلَى رَأْسه بِثَوْبٍ وَغَيْره , وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب جَمَاهِير الْعُلَمَاء اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين : وهذا كالشمسية تماماً اهـ
وقال الشيخ ابن باز : لا حرج على المحرم أن يستعمل الشمسية اتقاءً للشمس ، كما يستظل في الخيمة وسقف السيارة اهـ فتاوى ابن باز (17/115) .
الثالث : حمل المتاع على الرأس ، فلا بأس به لأنه لا يقصد به الستر غالباً ، لكن إن قصد به الستر فهو حرام .
قال الشيخ ابن باز :(7/45)
وأما حمل المتاع فليس من الغطاء المحرم كحمل الطعام ونحوه إذا لم يفعل ذلك حيلة ، لأن الله سبحانه وتعالى قد حرم على عباده التحيل لفعل ما حرم اهـ فتاوى ابن باز (17/115) .
والله أعلم
انظر : الشرح الممتع (7/141-143) مناسك الحج والعمرة (ص 52-53) للشيخ ابن عثيمين .
الإسلام سؤال وجواب
وقع في العادة السرية في ليالي منى في الحج !
رجل - في دينه رقة - أدى الحج ووقع في العادة السرية مرة واحدة في إحدى ليالي المبيت بمنى ، فهل عليه شيء ؟ .
الحمد لله
يتعجب المرء حين يسمع عن حجاج تركوا ديارهم وأهلهم ، وأقبلوا بقلوبهم وأبدانهم على أداء النسك الذي جعله الله تعالى ركناً من أركان الإسلام ، ثم يعصي الواحد منهم ربَّه تعالى ، وأين ؟ في المشاعر ! بل وفي الحرم ، فـ " منى " من المشاعر وهي داخلة في حدود الحرم ، وقد سبق في جواب السؤال ( 329 ) حرمة العادة السرية ، ومما لا شك فيه أن المعصية تعظم بعظم الزمان والمكان ، وهو ما حصل في تلك المعصية ، والتي فُعلت في الحرم وفي زمان معظَّم وهي أيام التشريق أيام المناسك وذكر الله تعالى .
والمعصية في الحج تنقص ثوابه ، وقد قال العلماء عن الحج المبرور : إنه الذي لا يخالطه إثم . ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ) أي : بغير ذنب . رواه البخاري (1521) ومسلم (1350) .
فالواجب على الشخص المسئول عنه أن يتوب إلى الله ويستغفر ، وأن يندم ندماً صادقاً على فعله ، وأن يعزم على عدم العوْد لهذا الذنب ، مع الإكثار من الطاعات ودعاء الله تعالى أن يتقبل منه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" المعصية مطلقا تنقص من ثواب الحج ، لقوله تعالى :) فمن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) البقرة/197.(7/46)
بل إن بعض أهل العلم قال : إن المعصية في الحج تفسد الحج ؛ لأنه منهي عنها في الحج ، ولكن جمهور أهل العلم على قاعدتهم المعروفة أن التحريم إذا لم يكن خاصا بالعبادة فإنه لا يبطلها ، والمعاصي ليست خاصة بالإحرام ، إذ المعاصي حرام في الإحرام وغير الإحرام ، وهذا هو الصواب ، وأن هذه المعاصي لا تبطل الحج ولكنها تُنْقِصُ الحج " اهـ . "فتاوى أركان الإسلام" ص 571 .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن رجل زاول العادة السرية بعد أن أحرم بالحج وقبل الذهاب إلى عرفات ، فأجاب :
" الحج صحيح في أصح قولي العلماء . وعليك التوبة إلى الله من ذلك ؛ لأن تعاطي العادة السرية محرم في الحج وغيره ، لقول الله عز وجل : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) المؤمنون/5 – 7 .
هل يجوز أن يلبس الجاكيت في الإحرام إذا كان الجو بارداً ؟
هل يجوز أن نتغطى بالجاكيت أو أي شيء آخر أثناء الإحرام إذا كان الجو بارداً ؟.
الحمد لله
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا قال : يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يلبس المحرم القميص ولا السراويل ولا البرنس ولا الخفين إلا أن لا يجد النعلين فليلبس ما هو أسفل من الكعبين ) رواه البخاري ( 5458 ) ومسلم ( 1177 ) .
ففي الحديث : نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس أشياء مخصوصة للمحرِم ، وإباحة ما سواها ، ويقاس على ما نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما كان مثله ، فالجاكيت أو العباءة إذا وضعهما المحرم على كتفيه فهو لباس منهي عنه ، ويجوز له أن يلتحف بهما إذا أراد الدفء دون لبسهما .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :(7/47)
" وكذلك يجوز أن يلبس كل ما كان من جنس الإزار والرداء ، فله أن يلتحف بالقباء والجبة والقميص ونحو ذلك ، ويتغطى به - باتفاق الأئمة - عرضا ، ويلبسه مقلوباً ، يجعل أسفله أعلاه ويتغطى باللحاف وغيره ، ولكن لا يغطي رأسه إلا لحاجة " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 26 / 110 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – في بيان ما يحرم على المحرم من الرجال لبسه - :
" لا يلبس القميص ولا العمائم ولا البرانس ولا السراويل ولا الخفاف إلا إذا لم يجد إزاراً فيلبس السراويل ، أو لم يجد نعلين فيلبس الخفاف .
ولا يلبس ما كان بمعنى ما سبق ، فلا يلبس العباءة ولا القباء ولا الطاقية ولا الفنيلة ونحوها " انتهى .
" كيف يؤدي المسلم مناسك الحج والعمرة " ( ص 7 ، 8 ) .
وقال أيضاً :
ولا بأس أن يلف القميص على جسمه بدون لبس ، ولا بأس أن يجعل العباءة رداءً بحيث لا يلبسها كالعادة .
" مناسك الحج والعمرة " ( ص 64 ) .
وعلى هذا ، فإذا كان الجو بارداً فللمحرم أن يلتحف بعباءة أو غيرها من غير أن يلبسها على الوجه المعتاد ، فإذا احتاج إلى لبس جاكيت لكونه لا يجد شيئاً يدفع به البرد إلا هو فلا حرج عليه في لبسه ، وعليه أن يخرج الفدية : ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة مساكين . يفعل أي واحد من هذه الأشياء الثلاثة لحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه لما احتاج أن يحلق رأسه وهو محرم ، قال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَاحْلِقْ ، وَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً ) رواه البخاري (4190) ومسلم (1201) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
فعل العادة السرية وهو محرم
ماذا على من فعل العادة السرية في اليوم الثامن من أيام الحج وهو محرم ؟ .
الحمد لله(7/48)
الحج صحيح في أصح قولي العلماء . وعليك التوبة إلى الله من ذلك ، لأن تعاطي العادية السرية ، محرم في الحجّ وغيره ، لقول الله عز وجل : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) المؤمنون / 5-7 ، ولما فيها من المضار الكثيرة التي أوضحها العلماء .
نسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق . وعليك دم يذبح في مكّة للفقراء . اهـ
فتاوى الشيخ ابن باز 17/139
ولمعرفة حكم الاستمناء راجع سؤال رقم 329 .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز للمحرم أن يسرح شعره ؟
هل يجوز للمحرم أن يسرح شعره بالمشط ؟.
الحمد لله
قال ابن عثيمين رحمه الله :
تمشيط المحرم شعره لا ينبغي لأن الذي ينبغي للمحرم أن يكون أشعث أغبر ، ولا حرج عليه أن يغسله ، وأما تمشيطه فإنه عرضة لتساقط الشعر ، ولكن إذا سقط شعر من المحرم بدون قصد إما لحك رأسه أو لفركه وما أشبه ذلك فإنه لا حرج عليه في هذا ، لأنه غير متعمد إزالته ، وليعلم أن جميع محظورات الإحرام إذا لم يتعمدها الإنسان ووقعت منه على سبيل الخطأ أو على سبيل النسيان فإنه لا حرج عليه فيه ، لأن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه :
( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب / 5 . وقال سبحانه وتعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة / 286 . فقال الله : قد فعلت اهـ .
فتاوى أركان الإسلام (ص521-522)
لا بأس بلبس الحزام في الإحرام
هل يجوز لبس الحزام لأضع فيه النفقة والأوراق التي أحتاج إليها ، مع أنه مخيط ؟.
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين :
وضع الحزام على الإزار لا بأس به ، ولا حرج فيه .(7/49)
أما قول السائل : " أنه مخيط " هذا القول مبني على فهم خاطئ من بعض العامة ، حيث ظنوا أن المراد به ما كان فيه خياطة ، وليس كذلك بل مراد أهل العلم بلبس المخيط ما كان مصنوعاً على قدر العضو وليس على هيئته المعتادة كالقميص والسراويل والفنيلة ، وما أشبه ذلك ، وليس مراد أهل العلم ما كان به خياطة ، ولهذا لو أن الإنسان أحرم برداء مرقع أو بإزار مرقع لم يكن عليه في ذلك بأس وإن كان قد خيط بعضه ببعض اهـ .
فتاوى أركان الإسلام (ص525)
من فعل محظوراً من محظورات الإحرام ناسياً أو جاهلاً
إذا فعل المحرم شيئاً من محظورات الإحرام ناسياً أو جاهلاً أنه حرام فما الحكم ؟.
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين :
إذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه ، ولكن يجب عليه بمجرد ما يزول العذر أن يتخلى عن ذلك المحظور والواجب تذكير الناسي ، وتعليم الجاهل .
مثال هذا : لو أن رجلاً نسي فلبس ثوباً وهو محرم فلا شيء عليه ، ولكن من حين ما يذكر يجب عليه أن يخلع هذا الثوب ، وكذلك لو نسي فأبقى سرواله عليه ، ثم تذكر بعد أن عقد النيّة ولبى ، فإنه يجب عليه أن يخلع سرواله فوراً ولا شيء عليه ، وكذلك لو كان جاهلاً فإنه لا شيء عليه مثل أن يلبس فنيلة ليس فيها خياطة ، ظناً منه أن المُحَرَّم لبس ما فيه خياطة فإنه لا شيء عليه ، ولكن إذا تبيّن له أن الفنيلة وإن لم يكن بها خياطة فإنها من اللباس الممنوع فإنه يجب عليه أن يخلعها .(7/50)
والقاعدة العامة في هذا أن جميع محظورات الإحرام إذا فعلها الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرها فلا شيء عليه لقوله تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة /286. فقال الله تعالى : قد فعلت . ولقوله تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب /5. ولقوله تعالى في خصوص الصيد ، هو من محظورات الإحرام : ( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً ) المائدة /95. ولا فرق في ذلك بين أن يكون محظور الإحرام من اللباس ، والطيب ونحوهما ، أو من قتل الصيد وحلق شعر الرأس ونحوهما ، وإن كان بعض العلماء فرّق بين هذا وهذا ، ولكن الصحيح عدم التفريق ، لأن هذا من المحظور الذي يعذر فيه الإنسان بالجهل والنسيان والإكراه .
فتاوى أركان الإسلام (ص 536-537)
إصدار خطاب تعريف بالراتب لمن يشتري عن طريق البنك
السؤال : الذين يشترون السيارات عن طريق البنوك أو الإيجار المنتهي بالتمليك يطلبون من جهة العمل خطاب تعريف بالراتب ، الشخص المسؤول عن إصدار هذه الخطابات هل يجوز له أن يمنحها لهم أم لا ؟
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
إذا كان يعلم أنهم إنما يريدون ذلك ليتوصلوا به إلى هذه المعاملة المحرمة صار ذلك حراماً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه ، وقد نهى الله تعالى عن ذلك فقال : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) . والله تعالى أعلم .
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
غسل الجسم للتبرد أثناء الإحرام
هل يجوز للمحرم أن يغسل جسمه كله للتبرد ؟
الحمد لله
يجوز للمسلم أن يغسل جسمه كله للتبرد إذا كان فيه حر، وهذا فيه تنشيط له على هذه العبادة، ويحرص في أثناء الغسل على أنه لا يتساقط شيء من شعره أو بشرته.(7/51)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( فتاوى اللجنة 11/184)
هل من المحظورات وضع كيس على عضو من به سلس
السؤال : ما حكم أن يضع المحرم صاحب السلس شيئاً على العضو - مثل الكيس - حتى لا تنتشر النجاسة ؟ هل هو من محظورات الإحرام ؟.
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بأن هذا ليس من محظورات الإحرام .
والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
النعناع ليس من الطيب
هل النعناع يعد من الطيب المحظور في الإحرام ؟.
الحمد لله
النعناع ليس من الطيب ، بل هو أولى من الريحان الفارسي ، الريحان الفارسي يشبه اليشموم ، وهو وإن كانت رائحته طيبة فليس من الطيب ، بخلاف الريحان المعروف فإنه طيب طرياً ويابساً .
من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله .
هل يجوز للمحرم لبس النِّعال
أرجو أن تفيدني ما إذا كان يجوز للمحرم أن يلبس النعال ذات الشريطين . وهل ورد أي تحريم بخصوص ما ينتعل به المحرم ؟.
الحمد لله
السنة أن يُحرم الذكر في نعلين لأنه جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين ) فالأفضل أن يُحرم في نعلين حتى يتوقى الشوك والرمضاء والشيء البارد ، فإن لم يُحرم في نعلين فلا حرج عليه . انظر فتاوى إسلامية ج/2 ص/232 .
والنعال هو الحذاء قال الفيروزأبادي : ما وُقيت به القدم من الأرض . القاموس المحيط ج/ ص/1374 فكلُّ ما يصدق عليه أنه نعال فإنه يجوز له أن يُحرم فيه . ولا عبرة في الخيطان الموجودة ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(7/52)
المحرم في سفر المرأة
السفر بدون محرم للضرورة
السؤال: زوجة صديق تحتاج للسفر من تونس إلى فرنسا ، حيث كانت تعيش مع عائلتها قبل الزواج ، حتى يتسنى لها حضور موعد للحصول على الجنسية الفرنسية ، حتى تستطيع فيما بعد زيارة عائلتها بدون مشاكل . علما بأن زوجها سيوصلها إلى المطار قبل السفر بالطائرة ، وأن أباها سيستقبلها في المطار عند الوصول . هل يجوز لها ذلك؟
الجواب :
الحمد لله
الأصل الذي قررناه في فتاوى عدة أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم ، سواء كان السفر سفرَ قربة كالحج وزيارة الوالدين وبرهما ، أو سفراً مباحا لغير ذلك من الأغراض .
وقد دل على ذلك النص والاعتبار، فمن ذلك :
1- قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا ) رواه البخاري ( 1862 ).
وروى مسلم ( 1339 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ) وقد رويت أحاديث كثيرة في النهي عن سفر المرأة بلا محرم وهي عامة في جميع أنواع السفر .
2- ولأن السفر مظنة التعب والمشقة ، والمرأة لضعفها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها ، وقد ينزل بها ما يفقدها صوابها ، ويخرجها عن طبيعتها ، في حال غياب محرمها ، وهذا مشاهد معلوم اليوم لكثرة حوادث السيارات وغيرها من وسائل النقل .(8/1)
وأيضا : سفرها بمفردها يعرضها للإغراء والمراودة على الشر ، لاسيما مع كثرة الفساد ، فقد يجلس إلى جوارها من لا يخاف الله ، ولا يتقيه ، فيزين لها الحرام . فمن تمام الحكمة أن تصاحب محرما في سفرها ؛ لأن الهدف من وجود محرمها حفظُها وصيانتها والقيام بأمرها ، والسفر عرضة لوقوع الأشياء الطارئة بغض النظر عن المدة .
قال النووي رحمه الله : " فَالْحَاصِل أَنَّ كُلّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا تُنْهَى عَنْهُ الْمَرْأَة بِغَيْرِ زَوْج أَوْ مَحْرَم " انتهى .
وقد حكى غير واحد من العلماء اتفاق الفقهاء على منع سفر المرأة بلا محرم ، إلا في مسائل مستثناة .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " قال البغوي : لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض ( الحج الواجب ) إلا مع زوج أو محرم ، إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلصت . وزاد غيره : أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة " انتهى من "فتح الباري" (4/76).
وسفر المرأة إلى الحج الواجب بلا محرم ، اختلف العلماء في جوازه ، والصحيح من أقوال العلماء : أنه لا يجوز ، وسبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم 34380
هذا هو الأصل في هذا الباب ، فليس للمرأة أن تسافر بلا محرم ، ويجب أن يصحبها المحرم خلال السفر كله ، ولا يكفي أن يوصلها زوجها إلى المطار ويستقبلها والدها في البلد الآخر ، لكن حيث وجدت الضرورة فلا حرج ؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات .
وعليه ، فإذا كان حصول زوجة صديقك على الجنسية الفرنسية يرفع عنها ضررا معتبرا ، ولم يمكن لمحرمها مرافقتها في السفر ، فلا حرج أن تسافر بمفردها على النحو الذي ذكرت ، كما لا حرج أن تحصل على هذه الجنسية .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : " ما حكم سفر المرأة وحدها في الطائرة لعذر، بحيث يوصلها المحرم إلى المطار ويستقبلها محرم في المطار الآخر؟
الجواب:(8/2)
لا بأس بذلك عند المشقة على المحرم ، كالزوج أو الأب ، إذا اضطرت المرأة إلى السفر ، ولم يتيسر للمحرم صحبتها ، فلا مانع من ذلك بشرط أن يوصلها المحرم الأول إلى المطار ، فلا يفارقها حتى تركب الطائرة ، ويتصل بالبلاد التي توجهت إليها ، ويتأكد من محارمها هناك أنهم سوف يستقبلونها في المطار ، ويخبرهم بالوقت الذي تَقْدُمُ فيه ورقم الرحلة .. لأن الضرورات لها أحكامها، والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم "
انتهى من "فتاوى ابن جبرين".
وينظر : سؤال رقم (14235) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم الحج من غير محرم
السؤال :
عندما كان عمر زوجتي 14 سنة حجت مع والدتها وأختيها وزوج أحد أختيها وهو ليس بمحرم لها ، لم تكن تعلم ذلك الوقت بأن المرأة يجب أن تحج مع محرم ، فهل حجها مقبول أم أنها يجب أن تعيد الحج ؟
أرجو أن تذكر بعض الأدلة وبعض آراء العلماء في هذا الموضوع .
جزاك الله خيرا.
الجواب :
الحمد لله
أولاً : حجها صحيح إن شاء الله ، ولكن سفرها بدون مْحرَم أمر مُحرّم ومعصية للرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) وهذه سافرت بدون محرم ، فإن كانت جاهلة فأرجو أن تكون معذورة وعليها الاستغفار ، وإن كانت عالمة بالحكم فعليها التوبة والاستغفار .
ولكن يأتي سؤال آخر وهو هل هذه الحجة كافية عن حجة الإسلام ؟
إن كانت بالغة حينما حجت تلك المرة فحجتها كافية عن حجة الإسلام ولو بدون محرم ، وإن كانت لم تبلغ فلا بد أن تحج مرة أخرى وتكون حجتها الأولى نافلة - والمقصود بالبلوغ أن تظهر إحدى علاماته كالحيض أو الإنبات أو الاحتلام . والغالب أن المرأة في الرابعة عشر تكون بالغة . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
اصطحاب الخادمة للحج دون محرم لها(8/3)
يوجد لدينا خادمة في المنزل بدون محرم ، وسوف أقوم بأداء فريضة الحج العام القادم ، إن شاء الله ، وأود أن أصطحب الخادمة مع عائلتي لأداء الفريضة متكفلاً بجميع لوازمها ، فهل يجوز اصطحابها حيث إن الحج قد لا يتوفر لها أداؤه إلا معنا ، أفيدونا وجزاكم الله خيراً .
الحمد لله
قبل الرد على هذا السؤال أحذر إخواننا الذين أنعم الله عليهم في هذه البلاد بوفرة المال والخيرات من الانهماك في جلب الخادمات ، لأن هذا من الترف ، بل من الإسراف ، حتى أننا نسمع أن بعض الناس لا يكون إلا هو وزوجته في البيت مع تمكن المرأة بالقيام بجميع شؤون المنزل ومع ذلك يجلب خادمة لهما ، فأنا أحذر إخواني من هذا الأمر الجارف الذي أصبح لدينا أمراً يتسابق الناس إليه ، تقول زوجته : أريد خادمة فيذهب ويأتي لها بخادمة ، لذا أنصح ألا يأتي أحد بخادمة إلا للضرورة التي لا بد منها .
ثم الذي أرى أنه إذا كان هناك ضرورة فلا يجلب الإنسان إلا خادمة مسلمة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، وإذا أتى بخادمة فالذي أراه ألا تكون شابة جميلة ، لأنها محل فتنة لا سيما إذا كان عنده شباب ، لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، وألا يجلب الخادمة إلا ومعها محرم ، لأنه صلى الله عليه وسلم نهى أن تسافر المرأة بلا محرم .
وإذا كانت بمحرم فلا يرد الإشكال الذي سأل عنه ، فمحرمها سوف يحج معها ، أما إذا لم يكن معها محرم أو أتى بها المحرم ثم عاد فلا يحجون بها ، ولا يسافرون بها ، بل تبقى عند من يثقون به ، فإن لم يكن هناك من يثقون به فتحج معهم للضرورة وحجها صحيح .
والله الموفق .
من فتاوى منار الإسلام لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - 2/376.
تريد العمرة ولا تجد محرماً(8/4)
أريد أن أذهب للعمرة ولكن لا يوجد لدي محرم وهذا الأمر يحزنني ، فزوجي مشغول دائماً بعمله ولا يستطيع ترك عمله لمدة 8 أو 10 أيام ، أرجو أن ترشدني كيف أستطيع أن أعتمر ؟.
الحمد لله
المرأة التي لا تجد محرماً تسافر معه لا يجب عليها الحج ولا العمرة ، وهي معذورة في ترك ذلك ، ويحرم عليها السفر للحج أو لغيره من غير محرم ، وعليها أن تصبر حتى ييسر الله أحد محارمها ليسافر معها .
وسبل الخير كثيرة ، فإذا لم يستطع المسلم فعل بعض العبادات ، فإنه يجتهد فيما يستطيعه من العبادات حتى يوفقه الله وييسر له ما لا يستطيعه من العبادات .
ومن فضل الله تعالى على عباده المؤمنين أن العبد إذا عزم على فعل طاعة ولكنه لم يستطع فعلها لعذر ، فإنه يثاب الفاعل لها روى البخاري (4423) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : ( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ )
قال علماء اللجنة الدائمة :(8/5)
المرأة التي لا محرم لها لا يجب عليها الحج ؛ لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل ، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج ، قال الله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) ، ولا يجوز لها أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها زوج أو محرم لها ؛ لما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم " ، فقام رجل فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، قال : " انطلِق فحج مع امرأتك " ، وبهذا القول قال الحسن والنخعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي ، وهو الصحيح ؛ للآية المذكورة ، مع عموم أحاديث نهي المرأة عن السفر بلا زوج أو محرم ، وخالف في ذلك مالك والشافعي والأوزاعي ، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه ، قال ابن المنذر : تركوا القول بظاهر الحديث ، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 90 ، 91 ) .
وقالوا :
إذا كان الواقع كما ذكر - من عدم تيسر سفر زوجك أو محرم لك معك لتأدية فريضة الحج - فلا يجب عليك مادمت على هذه الحال؛ لأن صحبة الزوج أو المحرم لك في السفر للحج شرط في وجوبه عليك، ويحرم عليك السفر للحج وغيره بدون ذلك ، ولو مع زوجة أخيك ومجموعة من النساء، على الصحيح من قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) متفق على صحته ، إلا إذا كان أخوك مع زوجته فيجوز السفر معه ؛ لأنه محرم لك ، واجتهدي في الأعمال الصالحات التي لا تحتاج إلى سفر، واصبري رجاء أن ييسر الله أمرك ، ويهيء لك سبيل الحج مع زوج أو محرم .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 96 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(8/6)
هل تسافر بلا محرم أم تبقى وحدها أو في بيت خالها
السؤال: أنا طالبة في الجامعة المصرية ومعي أهلي في مصر ، وأنا لست أسكن معهم لأن الجامعة التي أدرس بها بعيدة عن بلدي وأسكن بمدينة الطالبات تابعة للجامعة ، ووالدي يعمل في السعودية ونذهب إليه في الصيف ، وكنت أذهب دائما برفقتهم إلى السعودية ، وفي هذا العام ستنتهي دراستي في أول رمضان ، وهم مضَطرون للذهاب حتى لا تنتهي إقامتهم ولا يسمح لهم بالدخول ، وأستطيع الحصول على امتداد لإقامتي فقط من السفارة لأجل الدراسة ، فهل يجوز أن أسافر بدون محرم بعد انتهاء الدراسة ، وسيوصلني خالي إلى المطار ، وينتظرني أبي بمطار جدة والمدة ساعة ونصف ، وإذا لم أسافر سأعود للبيت وأبقى وحدي أو أبقى عند خالي ، ولديه أبناء كبار وأنا محجبة ، فما الحكم فى سفري ؟
الجواب :
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم ، سواء كان السفر سفرَ قربة كالحج وزيارة الوالدين وبرهما أو سفراً مباحا كالسياحة وغير ذلك ، والدليل على ذلك ما يلي :
1- قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا ) رواه البخاري ( 1862 ).
وروى مسلم ( 1339 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ) وقد رويت أحاديث كثيرة في النهي عن سفر المرأة بلا محرم وهي عامة في جميع أنواع السفر .(8/7)
2- ولأن السفر مظنة التعب والمشقة ، والمرأة لضعفها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها ، وقد ينزل بها ما يفقدها صوابها ، ويخرجها عن طبيعتها ، في حال غياب محرمها ، وهذا مشاهد معلوم اليوم لكثرة حوادث السيارات وغيرها من وسائل النقل .
وقد حكى غير واحد من العلماء اتفاق الفقهاء على منع سفر المرأة بلا محرم ، إلا في مسائل مستثناة .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " قال البغوي : لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض ( الحج الواجب ) إلا مع زوج أو محرم ، إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلصت . وزاد غيره : أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة " انتهى من "فتح الباري" (4/76).
وسفر المرأة إلى الحج الواجب بلا محرم ، اختلف العلماء في جوازه ، والصحيح من أقوال العلماء : أنه لا يجوز ، وسبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (34380) .
وبخصوص حالتك : فإذا تمكن أحد إخوانك من تمديد إقامته ، والعودة لاصطحابك في هذا السفر ، فهو الواجب عليكم ، حتى مع ما فيه من زيادة الكلفة المادية ؛ فصيانة جانب الشرع أولى ، والحفاظ على الحرمات مقصود شرعي تبذل فيه الأموال ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) سبأ /39.
وأما حيث يتعذر عليكم ذلك ، فالذي يظهر لنا أن سفرك ـ في هذه الحالة ـ بدون محرم ، أثناء فترة الطائرة ، هو حالة ضرورة ، فنرجو ألا يكون عليك فيه حرج ، ثم إنه أخف ضررا من بقائك في بلدك بعيدا عن الأسرة ، أو إقامتك في بيت حالك ، والحال ما ذكرت .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : " ما حكم سفر المرأة وحدها في الطائرة لعذر، بحيث يوصلها المحرم إلى المطار ويستقبلها محرم في المطار الآخر؟
فقال في جوابه :(8/8)
" لا بأس بذلك عند المشقة على المحرم ، كالزوج أو الأب ، إذا اضطرت المرأة إلى السفر ، ولم يتيسر للمحرم صحبتها ، فلا مانع من ذلك بشرط أن يوصلها المحرم الأول إلى المطار ، فلا يفارقها حتى تركب الطائرة ، ويتصل بالبلاد التي توجهت إليها ، ويتأكد من محارمها هناك أنهم سوف يستقبلونها في المطار ، ويخبرهم بالوقت الذي تَقْدُمُ فيه ورقم الرحلة " .
انتهى . من فتاوى الشيخ ابن جبرين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يشترط المحرم في السفر القصير
هل المسافة بين القليوبية والقاهرة تعتبر سفراً فيجب أن يكون معي محرم ؟ أبي متوفى وأخي الوحيد طالب ويسكن عند كليته ، ولا يأتي إلا في نهاية الأسبوع مما يعطل الكثير من الأمور بالنسبة لي .
الحمد لله
دلت السنة الصحيحة على أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم ، وهذا يشمل السفر الطويل والقصير عند جمهور أهل العلم ، فكل ما سمي سفرا مُنعت منه المرأة إلا مع محرم .
روى البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا ، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ : اخْرُجْ مَعَهَا ) .
قال النووي رحمه الله مبيناً أن السفر هنا لا يتقيد بمسافة معينة :
"فالحاصل : أن كل ما يسمى سفرا تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم ، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوما أو بريدا (12 ميلاً) أو غير ذلك ؛ لرواية ابن عباس رضي الله عنهما : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) ، وهذا يتناول جميع ما يسمى سفرا والله أعلم " انتهى كلام النووي "شرح مسلم" (9/103) .(8/9)
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/339) : " يحرم على المرأة السفر بدون محرم مطلقا ، سواء قصرت المسافة أم طالت " انتهى .
وينظر جواب السؤال رقم (101520) .
فالمرجع في هذا إلى ما تعارف الناس عليه ، فما اعتبره الناس سفراً ، فهو سفر ، لا يجوز للمرأة الخروج إليه إلا مع محرم .
والخروج من القليوبية إلى القاهرة لا يعتبر في العرف سفراً ، بل هناك كثير من مناطق القليوبية الخروج إليها أسهل وأقرب من الخروج من حي من أحياء القاهرة إلى حي آخر .
وعلى هذا ، فلا حرج من الخروج من القليوبية إلى القاهرة ؛ لقضاء حوائجك بلا محرم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لا يذهب بوالدته إلى المسجد الحرام خوفا عليها ولكنها تذهب مع السائق
شخص والدته محبة للخير ، ولذا تشق على نفسها بكثرة الطاعات من صيام وقيام مما يسبب لها التعب والمرض ، وقد نصحها الأطباء فلم تستجب ؟ ولذا فإنه لا يوصلها إلى المسجد الحرام إذا طلبت كنوع من الاحتجاج على فعلها ، ومع ذلك فهي تلجأ إلى السائق ليقوم بتوصيلها . فما رأيكم في تصرفها وفي تصرفه معها ؟
الحمد لله(8/10)
"ليس من المشروع ، بل ولا من المطلوب من المرء أن يتعبد لله تعالى بعبادات تشق عليه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وقد قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إنه يقوم الليل ولا ينام ، ويصوم النهار ولا يفطر ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ) رواه مسلم (1159) . فالإنسان نفسه عنده أمانة ، يجب عليه أن يرعاها حق رعايتها . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اكْلَفُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا) . وإذا كان الإنسان في الشيء الواجب يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين رضي الله عنه : (صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ) رواه البخاري (1117) . ولما رفع الصحابة رضي الله عنهم أصواتهم بالذكر قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ) رواه البخاري (2992) أي : لا تكلفوها، امشوا بطمأنينة ، كما يمشي الناس في الربيع ، والناس في الربيع يمشون بطمأنينة لا يستعجلون في المشي حتى ترتع الإبل ، ولا تتكلف المشي .
فنقول لهذه المرأة – نسأل الله تعالى أن يزيدها من فضله رغبة في طاعته – نقول لها : ينبغي لها أن تتمشى في طاعة الله على ما جاء في شريعة الله عز وجل ، وألا تكلف نفسها ، وأن تتقي الله في نفسها ، وأن لا تشق على نفسها لا بالصيام ولا بالقيام ولا بغيره .(8/11)
وأما ركوبها مع السائق وحدها فهذا محرم ، لأنه لا يجوز للمرأة أن تخلو برجل غير محرم لها في السيارة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ) رواه البخاري (5233) وهذا النهي عام ، أما السفر فلا تسافر المرأة بلا محرم ، ولو كان معها غيرها . فهنا أمران : خلوة وهي حرام في الحضر والسفر ، وسفر وهو حرام إلا بمحرم .
فهذه المرأة تقع فيما حرم الله عز وجل لإدراك أمر ليس بواجب عليها .
أما بالنسبة لامتناع الابن عن إيصالها إلى المسجد الحرام فإن هذا إذا كان قصده لعلها تمتنع فهذا طيب ، لكن المشكلة أنها مصرة على الذهاب ، فأرى أن لا يمتنع ما دامت إذا لم يذهب بها طلبت من السائق أن يذهب معها ، وهو غير محرم ، فالذي أرى ، ألا يمتنع إذا كانت مصممة على الذهاب" انتهى باختصار.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" فتاوى الصيام (127- 130) .
الإسلام سؤال وجواب
هل تجوز عمرة بناتها بلا محرم؟
أريد السفر للعمرة مع أولاد أخي ومعي بناتي فهل تجوز عمرة بناتي ؟
يجوز أن تسافري للعمرة مع أبناء أخيك لأنهم محارم لك .
وأما بناتك فإن كن بالغات فلا يجوز لهن السفر من غير محرم ؛ لما روى البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا ، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ : اخْرُجْ مَعَهَا ).
ولا فرق بين سفر المرأة للحج أو للعمرة أو لغير ذلك ، فالجميع يشترط له المحرم ؛ لعموم الأحاديث ، بل ولما جاء في هذا الحديث من أن المرأة خرجت للحج ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم زوجها أن يخرج معها ويدع الجهاد .(8/12)
وإذا لم تجد المرأة محرما ، لم تجب عليها العمرة ولا الحج .
وإذا خرجت بلا محرم ، كانت آثمة بذلك .
وينظر جواب السؤال رقم (25841).
الإسلام سؤال وجواب
هل يكفي أن يوصلها زوجها إلى المطار ويستقبلها أخوها في بلدها ؟
أعيش أنا وزوجتي وأولادي في فرنسا لأسباب ما ، لا أستطيع زيارة العائلة في بلدي هذا الصيف ، ولكن زوجتي مصرة على الذهاب وحدها مع الأولاد (3 سنوات وسنة ونصف) رغم علمها بعدم جواز ذلك متعللة بصلة الرحم . 1- هل إذا أوصلتها إلى المطار وكان بانتظارها أخوها .هل هذا جائز؟ 2- ماذا علي أن أعمل إذا أصرت على الذهاب ؟ مع العلم أني بإمكاني منعها ولكن سيؤدي إلي وقوع بعض المشاكل
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم ، سواء كان السفر سفرَ قربة كالحج وزيارة الوالدين وبرهما أو سفراً مباحا كالسياحة وغير ذلك ، والدليل على ذلك ما يلي :
1- قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا ) رواه البخاري ( 1862 ).
وروى مسلم ( 1339 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ) وقد رويت أحاديث كثيرة في النهي عن سفر المرأة بلا محرم وهي عامة في جميع أنواع السفر .
2- ولأن السفر مظنة التعب والمشقة ، والمرأة لضعفها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها ، وقد ينزل بها ما يفقدها صوابها ، ويخرجها عن طبيعتها ، في حال غياب محرمها ، وهذا مشاهد معلوم اليوم لكثرة حوادث السيارات وغيرها من وسائل النقل .(8/13)
وأيضا : سفرها بمفردها يعرضها للإغراء والمراودة على الشر ، لاسيما مع كثرة الفساد ، فقد يجلس إلى جوارها من لا يخاف الله ، ولا يتقيه ، فيزين لها الحرام . فمن تمام الحكمة أن تصاحب محرما في سفرها ؛ لأن الهدف من وجود محرمها حفظُها وصيانتها والقيام بأمرها ، والسفر عرضة لوقوع الأشياء الطارئة بغض النظر عن المدة .
قال النووي رحمه الله : " فَالْحَاصِل أَنَّ كُلّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا تُنْهَى عَنْهُ الْمَرْأَة بِغَيْرِ زَوْج أَوْ مَحْرَم " اهـ.
وقد حكى غير واحد من العلماء اتفاق الفقهاء على منع سفر المرأة بلا محرم ، إلا في مسائل مستثناة .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " قال البغوي : لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض ( الحج الواجب ) إلا مع زوج أو محرم ، إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلصت . وزاد غيره : أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة " انتهى من "فتح الباري" (4/76).
وسفر المرأة إلى الحج الواجب بلا محرم ، اختلف العلماء في جوازه ، والصحيح من أقوال العلماء : أنه لا يجوز ، وسبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (34380)
ولا يكفي ما ذكرت من إيصال الزوجة إلى المطار واستقبال أخيها لها في البلد الآخر ، بل لابد من مرافقة الزوج أو المحرم لها طول السفر .
وعلى الزوجة أن تطيع زوجها ، لا سيما إذا كان يأمرها بما هو طاعة لله تعالى ، وينهاها عما هو معصية له سبحانه .
وعليك أن تبين لها الحكم الشرعي ، وأن المؤمن ليس له اختيار مع حكم الله تعالى أو حكم رسوله .
قال الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) الأحزاب/36 .(8/14)
وقال تعالى : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) النور/51 .
وليكن ذلك بالرفق واللين ، دون الشدة والعنف .
ونسأل الله لكما التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل تذهب مع أمها للعمرة بلا محرم أو تبقى بمفردها في البيت
هل يجوز لفتاة في سن 26 عام أن تذهب لأداء العمرة مع والدتها وصحبة آمنة ، فليس لها محرم كأخ أو أب أو زوج ، مع العلم أنها ترغب في أداء العمرة حتى لو لم تكن واجبة عليها بسبب عدم وجود محرم ، وهي كذلك ستضطر للجلوس وحدها إذا سافرت أمها للعمرة .
الحمد لله
المرأة التي لا تجد محرماً تسافر معه لا يجب عليها الحج ولا العمرة ، وهي معذورة في ترك ذلك ، ويحرم عليها السفر للحج أو لغيره من غير محرم ، وعليها أن تصبر حتى ييسر الله لها محرما يسافر معها .
وسبل الخير كثيرة ، فإذا لم يستطع المسلم فعل بعض العبادات ، فإنه يجتهد فيما يستطيعه من العبادات حتى يوفقه الله وييسر له ما لا يستطيعه من العبادات .
ومن فضل الله تعالى على عباده المؤمنين أن العبد إذا عزم على فعل طاعة ولكنه لم يستطع فعلها لعذر ، فإنه يثاب الفاعل لها روى البخاري (4423) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : ( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ ) .(8/15)
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" ( 11 / 90 ) : " المرأة التي لا محرم لها لا يجب عليها الحج ؛ لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل ، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج ، قال الله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) ، ولا يجوز لها أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها زوج أو محرم لها ؛ لما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم " ، فقام رجل فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجَّة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، قال : " انطلِق فحج مع امرأتك " ، وبهذا القول قال الحسن والنخعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي ، وهو الصحيح ؛ للآية المذكورة ، مع عموم أحاديث نهي المرأة عن السفر بلا زوج أو محرم ، وخالف في ذلك مالك والشافعي والأوزاعي ، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه ، قال ابن المنذر : تركوا القول بظاهر الحديث ، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه " انتهى .
وكما لا يجوز للفتاة السفر بلا محرم ، لا يجوز لوالدتها أيضا ، وعليها أن تتقي الله تعالى ، وأن تبقى مع ابنتها ، فإن أصرت على الذهاب ، وترتب على ذلك بقاء البنت لوحدها ، فإن كان بقاؤها في مكان آمن ، فلا إشكال ، وإن خيف عليها البقاء بمفردها ، فلعل هذا يكون عذرا في ذهابها مع والدتها للضرورة ، والإثم على أمها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج إلا مع محرم
هل يجوز للمرأة أن تذهب للحج أو العمرة مع مجموعة من الناس أو مجموعة من النساء إذا لم يوجد محرم ليذهب معها ؟.
الحمد لله
أولاً :
اختلف العلماء قديماً وحديثاً في هذه المسألة فقال بعضهم : يجوز للمرأة إن أمنت الطريق وكانت مع رفقة مأمونة أن تحج من غير محرم .(8/16)
وقال بعضهم : لا يجوز لها السفر إلا بمحرم يحميها ولو كانت في رفقة مأمونة ، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد ، واستدلوا بما يلي :
أ . عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم ، فقال رجل : يا رسول الله ، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج ، فقال : اخرج معها ) رواه البخاري ( 1763 ) ومسلم ( 1341 ) .
ب. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها ) رواه البخاري (1038) ومسلم (133) . وعند البخاري (1139) ومسلم (827) من حديث أبي سعيد : ( مسيرة يومين ) .
قال ابن حجر :
" وقيده في حديث أبي سعيد فقال : ( مسيرة يومين ) وفي حديث أبي هريرة مقيداً بـ ( مسيرة يوم وليلة ) وعنه روايات أخرى ، وحديث ابن عمر فيه مقيداً بـ " ثلاثة أيام " ، وعنه روايات أخرى أيضاً .
وقد عمل أكثر العلماء في هذا الباب بالمطلق لاختلاف التقييدات .
وقال النووي : ليس المراد من التحديد ظاهره بل كل ما يسمى سفراً فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم ، وإنما وقع التحديد عن أمر واقع فلا يعمل بمفهومه ، وقال ابن المنير: وقع الاختلاف في مواطن بحسب السائلين " انتهى .
" فتح الباري " ( 4 / 75 ) .
ثانياً :
استدل القائلون بعدم وجوب المحرم بما يلي :
أ. عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : ( بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل فقال : يا عدي هل رأيت الحيرة ؟ قلت : لم أرها وقد أنبئت عنها . قال : فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله ، قال عدي : فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله ) رواه البخاري ( 3400 ) .(8/17)
والظعينة : هي المرأة .
ويجاب عن هذا الاستدلال بأن هذا إنما هو خبر من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوقوع هذا الأمر ، ولا يعني الإخبار بحصول أمر ما أنه يكون جائزاً ، بل قد يكون جائزاً ، أو غير جائز ، حسب الأدلة الشرعية ، كما أخبر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن انتشار شرب الخمر والزنا وكثرة القتل قبل قيام الساعة ، وهي أمور محرمة من كبائر الذنوب .
فالمقصود من الحديث : أنه سينتشر الأمن ، حتى إن بعض النساء تجترئ وتسافر وحدها من غير محرم ، وليس المقصود أن سفرها بلا محرم جائز .
قال النووي رحمه الله " لَيْسَ كُلّ مَا أَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَوْنِهِ مِنْ عَلامَات السَّاعَة يَكُون مُحَرَّمًا أَوْ مَذْمُومًا , فَإِنَّ تَطَاوُلَ الرِّعَاءِ فِي الْبُنْيَان . وَفُشُوَّ الْمَالِ , وَكَوْنَ خَمْسِينَ اِمْرَأَةً لَهُنَّ قَيِّمٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بِحَرَامٍ بِلا شَكٍّ , وَإِنَّمَا هَذِهِ عَلامَات وَالْعَلامَة لا يُشْتَرَط فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ; بَلْ تَكُون بِالْخَيْرِ وَالشَّرّ وَالْمُبَاح وَالْمُحَرَّم وَالْوَاجِب وَغَيْره وَاَللَّه أَعْلَمُ " انتهى .
وينبغي أن يعلم أن اختلاف العلماء في اشتراط المحرم لسفر المرأة إلى الحج إنما هو في حج الفريضة ، أما النافلة فقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز لها السفر إلا مع محرم أو زوج ، كما في "الموسوعة الفقهية" (17/36) .
وقد قال علماء اللجنة الدائمة : " المرأة التي لا محرم لها لا يجب عليها الحج، لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج، قال الله تعالى: ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) آل عمران / 97 .(8/18)
ولا يجوز لها أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها زوج أو محرم لها؛ ... وبهذا القول قال الحسن والنخعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي، وهو الصحيح ؛ للآية المذكورة مع عموم أحاديث نهي المرأة عن السفر بلا زوج أو محرم ، وخالف في ذلك مالك والشافعي والأوزاعي، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه، قال ابن المنذر: تركوا القول بظاهر الحديث، واشترط كل منهم ما لا حجة له عليه " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 90 ، 91 ) .
وقالوا أيضاً :
" الصحيح أنها لا يجوز لها أن تسافر للحج إلا مع زوجها أو محرم لها من الرجال ، فلا يجوز لها أن تسافر مع نسوة ثقات غير محارم ، أو مع عمتها أو خالتها أو أمها بل لا بد من أن تكون مع زوجها أو محرم لها من الرجال .
فإن لم تجد من يصحبها منهما فلا يجب عليها الحج ما دامت كذلك " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" ( 11 / 92 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
أذِن لها زوجها في السفر لحج النافلة ثم تراجع فهل تسافر دون إذنه ؟
أنا متزوجة منذ أربع سنوات ، ولكني لم أشعر بالسعادة يوماً طوال هذه الزيجة ، لقد ارتكبت بعض الأخطاء التى تعلمت منها ، لكن زوجي لم يغفر لي هذه الأخطاء ، فهو أقرب لكونه ديكتاتوراً منه كزوج ، قامت إحدى الصديقات بدفع مصاريف الحج ولكني لم أقبلها إلا بعد الحصول على إذن من زوجى لأنها ليست حجة الفريضة ، ولكنه قام بالتراجع عن هذا الإذن بعد عمل جميع الترتيبات بسبب بعض الخلافات البسيطة التى بيننا ، الآن إذا لم أذهب للحج ستغضب صديقتي لأنه قد تم غلق الباب أمام إصدار تأشيرة أخرى لشخص آخر . فهل لزوجي الحق في أن يفعل ذلك أم أنه يسيء استخدام سلطته كزوج ؟ برجاء تقديم الإرشاد .
الحمد لله
أولاً :(8/19)
الواجب على الزوج أن يتقي الله في معاملته لزوجته ، وأن يعاشرها بالمعروف ، وإن كان كره منها خلُقاً فليعلم أن لها أخلاقاً أخرى تستحق رضاه عنها ، وعليه أن يعلم أنه هو لا يسلم من الخطأ والزلل ، فليعفُ عن خطئها ، وليصفح عن زللها إن هي تابت لربها وأنابت ، وليحسن معاملتها حتى يجعل الله تعالى بينه وبين زوجته مودة ورحمة .
ثانياً :
لا يحل للمرأة أن تسافر للحج أو لغيره إلا مع ذي محرَم ، ولم يرِد في سؤالك أية إشارة إلى وجود محرم معك أو عدم وجوده ، فإن لم يكن معك محرم في السفر فلا يجوز لك السفر سواء أذن زوجك أو لم يأذن ، ولو كان ذلك في حج الفريضة .
قال علماء اللجنة للإفتاء:
" قد تقرر في الشرع المطهر تحريم سفر المرأة بلا محرم ؛ للأدلة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن ذلك ، وهذا يعم أي سفر كان ، سواء لغرض مباح ، أم واجب ، أم مسنون ، وقد صدرت منا فتوى في تقرير ذلك برقم ( 16042 ) هذا نصها :
" لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر بدون محرم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) رواه أحمد والبخاري ومسلم ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو يخطب ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل فقال : إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، فقال : انطلق فحج مع امرأتك ) رواه أحمد والبخاري ومسلم .(8/20)
فالمرأة ممنوعة من كل ما يسمَّى سفراً ، إلا إذا كان معها محرم يصونها ويحفظها ويقوم بمصالحها ، والمحرم هو : زوجها ، أو من تحرم عليه على التأبيد ، لقرابة ، أو رضاع ، أو مصاهرة : كأبيها ، وابنها ، وأخيها ، وابن أخيها ، وعمها ، وخالها ، وأبي زوجها ، وابن زوجها ، وابنها من الرضاع ، أو أخيها من الرضاع ، ونحوهم ، وسواء كانت المرأة شابة ، أو عجوزاً ، وسواء كانت وحدها ، أو مع نساء ، ومجموعة النساء لا تكفي عن المحرم ؛ لعموم الأحاديث ؛ ولعدم انتفاء المحذور .
فالواجب على النساء وعلى أوليائهن تقوى الله ، والمحافظة على أوامر الله ورسوله ، وترك ما نهى الله عنه ورسوله ، خصوصا في المحافظة على الحياء والعفة ، وتجنب وسائل الشر والفساد ، ولا يجوز أن يحملهم الطمع في الدنيا على التساهل في هذا الأمر " .
لهذا : فإنه لا يجوز سفر المرأة لأداء فريضة الحج من غير محرم لها ، ويجب منع أصحاب حملات الحج من ذلك ؛ حذراً من إثم الوقوع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وسدّاً لأبواب الشر والفساد ، والله سبحانه وتعالى يقول : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) ، والمرأة من شروط استطاعتها : وجود محرمها ، وبذله نفسه للسفر بها ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 334 – 336 ) .
ثالثاً :
كما ينبغي أن تعلمي أنه لا يجوز لك للمرأة أن تسافر إلا بإذن الزوج ، وقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز للمرأة الذهاب لحج النافلة إلا بإذن زوجها .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
فأما حج التطوع : فله منعها منه ، قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن له منعها من الخروج إلى الحج التطوع .(8/21)
وذلك لأن حق الزوج واجب ، فليس لها تفويته بما ليس بواجب .
" المغني " ( 3 / 192 ) .
ولا يجوز لك السفر للحج – ولو وجد المحرَم – إذا كان زوجك قد تراجع عن إذنه .
ولا ينبغي للزوج أن يمنع زوجته من سفر الطاعة إن كان منعه لها من غير سبب شرعي ، وهو شريك في الأجر الذي تحصله إن أذن لها ، فإن أعانها ازداد أجره .
وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/283) : أن الزوج إذا أذن لزوته بالحج نافلة ، فله الرجوع في الأذن قبل أن تحرم ، فإن أحرمت لم يجز له الرجوع في الإذن .
وعليك أن تعتذري لصديقتك وتبيني لها سبب عدم سفرك معها ، وأن ذلك طاعة لله تعالى وفراراً من معصيته ، وليس للمسلم أن يقدم إرضاء مخلوق كائناً من كان على إرضاء الله تعالى .
نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ، ويصلح ما بينك وبين زوجك .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشروط المعتبرة في المحرم الذي يصح معه السفر ، وتندفع به الخلوة
هل أمر المحرم متوقف على العمر؟ أي أنه بعد عمر محدد (مثلا 0 إلى 9، 10 أو السبعينات والثمانينات إلخ) هل تنطبق شروط المحرم؟ ما هو حكم المحرم في الجنائز؟ (أي زيارة الجنازة إلخ) هل تنطبق نفس الشروط؟ أرجو الشرح.
الحمد لله
وبعد : فهذا السؤال يتضمن ثلاثة أمور :
الأول : العمر المعتبر في الشخص حتى يصح أن يكون محرما للمرأة .
فيقال : أما المحرم الذي يصح أن تسافر معه ، فيشترط أن يكون : ( مسلما ، ذكرا بالغا ، عاقلا ) يحرم عليها على التأبيد كالأب والأخ والعم والأخ من الرضاع وأبي الزوج ... الخ
الثاني : الخلوة بالأجنبية
وأما بالنسبة للخلوة بالمرأة الأجنبية ( داخل البلد ) فإنها تندفع بوجود المحرم البالغ أو الكبير الذي يستحيا منه ، ولا يكتفى بالطفل الصغير ، كما تندفع الخلوة بوجود امرأة أخرى أو رجل آخر بشرط عدم الريبة ، وأمن الخطر. ( الفتاوى الجامعة للمرأة 3 / 935 ،938 ) .(8/22)
قال النووي رحمه الله ( 9 / 109 ) : " وأما إذا خلا أجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما فهو حرام باتفاق العلماء ، وكذا لو كان معها من لا تستحي منه لصغره ، لا تزول به الخلوة المحرمة "
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : " ولابد أن يكون الشخص الذي تزول به الخلوة كبيرا ، فلا يكفي وجود الطفل ، وما تظنه بعض النساء أنه إذا استصحبت معها طفلا زالت الخلوة ظن خاطئ ( مجموع الفتاوى 10/ 52 ) .
الثالث : زيارة النساء للقبور
أما بالنسبة لزيارة المرأة للقبور فإن الصحيح من قولي العلماء أن زيارة القبور لا تجوز للنساء ويراجع السؤال رقم (8198 ) والسؤال رقم ( 14522 ) .
نسأل الله أن يجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن .. آمين .
الشيخ محمد صالح المنجد
والدتها تطلبها لرؤيتها وهي لا تستطيع السفر إليها
أقيم في بلد غربي منذ 11 عاما بعيدا عن والديّ ، وقد توفي أبي ، وأمي وأخواتي الأربع يقمن في العراق ، ولدي 8 أطفال سنهم يتراوح بين سنتين وثلاث عشرة سنة ، وأمي مسنة ومريضة وهي تتصل بي دائما وتطلب مني أن أعود لبلدي لأراها قبل أن تموت ، والعودة صعبة لأني لا أستطيع أن أترك أطفالي وحدهم ، وزوجي لا يوافق على عودتي وتركي أولادي وحدهم ، وليس لي محرم أسافر معه ، وأنا أرسل لأمي نقودا ، وأتصل بها كثيرا وأبكي دائما ، وأنا أعلم أن عليّ أن أرضي أمي ، ولكني لا أستطيع أن أترك أطفالي في بلد كافر ، وزوجي يعمل بالنهار والليل ، وليس لي أقارب هنا ، ولا أدري ماذا أفعل ، هل أطيع أمي وأترك أولادي وأعود إلى بلدي دون إذن زوجي ؟ أم أطيع زوجي وأبقى مع أولادي ؟ أرجو الإجابة بأسرع ما يمكن والسلام عليكم .
الحمد للّه
أسأل الله تعالى المعافاة التامة لوالدتك ، وأن يجمع بينكما على الخير والسعادة والعافية في الدنيا والآخرة .(8/23)
وأبشرك – أختي الكريمة – بأن الله سبحانه وتعالى حين يعلم منك حب الوفاء لوالدتك والسعي لتحقيق مرضاتها وطلب رضاها والعمل على برها سيكتب لك ثواب ذلك كله بمنه وكرمه وفضله .
ومفتاح الأمر الصبر ، إذ به تنال الرغبات وتفرج الكربات ، فلعل الله سبحانه وتعالى ابتلاكم بهذا الفراق كي يرى منكم الصبر والتصبر ، ثم يكون فرجه بأن ييسر أمر اجتماعكم من حيث لم تحتسبوا ، وينعم عليك بقرب والدتك ولو بعد حين .
إلا أنه لا يفوتني تنبيهك على بعض الأحكام الشرعية المهمة في هذا الشأن :
1- التذكير والتأكيد على حرمة سفر المرأة من غير محرم .
قال البغوي :
" لم يختلفوا في أنَّه ليس للمرأة السفر في غير الفرض إلا مع زوج أو محرم " انتهى .
نقله في "فتح الباري" (4/76)
وقد سبق بيان ذلك في موقعنا في أجوبة الأسئلة الآتية :
(9370) ، (25841) ، (47029) ، (52703) ، (82392)
2- من حق الزوج أن يمنع زوجته من السفر لزيارة والديها إذا كان يترتب على سفرها بعض المفاسد ، مثل الخوف على الأبناء ، أو الخوف على حياة الزوجة إذا عدم الأمان في البلد الذي ستسافر إليه ، أو عدم توفر محرم وانشغال الزوج بعمله ، وحينئذ لا يجوز للمرأة أن تخالف زوجها فتسافر من غير إذنه ، وقد نقل ابن المنذر الإجماع : على أن للرجل منع زوجته من الخروج في الأسفار كلها . وإنما اختلفوا في السفر لحج الفريضة . انظر "فتح الباري" (4/77) ، هذا في الأسفار التي يترتب عليها المفاسد السابقة .
فإن أمنت جميع هذه المفاسد ، وتوفر المحرم ، فلا يجوز للزوج حينئذ أن يمنعها من بر والديها وزيارتهم بما يحقق المقصود ، فإن بر الوالدين من أوجب الواجبات ، ولا شك أن من البر زيارة الوالدة المريضة التي تسأل ابنتها أن تراها قبل أن يحل أجلها وقد طال غيابها عنها.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (19/110) :(8/24)
" ولا ينبغي للزّوج منع زوجته من عيادة والديها وزيارتهما ؛ لأنّ في منعها من ذلك قطيعةً لهما ، وحملاً لزوجته على مخالفته ، وقد أمر اللّه تعالى بالمعاشرة بالمعروف ، وليس هذا من المعاشرة بالمعروف " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (25/387) :
" يجب على الزوج أن يحسن عشرة زوجته ، امتثالا لقول الله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) ومن العشرة بالمعروف الإذن للزوجة بزيارة أهلها وإيصالها إليهم ، ولا يكون سوء التفاهم لا سيما في الأمور الدنيوية حائلا دون ذلك ، أما إذا كان يترتب على زيارة الزوجة لأهلها مفسدة فإن للزوج أن يمنع الزوجة من الزيارة ؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح " انتهى .
فإن أصر الزوج على منع زوجته من زيارة الوالدين ، فهل يجوز لها أن تخالفه وتخرج لزيارتهم ؟ اختلف في ذلك أهل العلم على قولين سبق ذكرهما في موقعنا في جواب السؤال رقم (83360) .
ونحن لا نختار للمرأة أن تخالف زوجها فتخرج من بيته بغير إذنه ، لما في ذلك من المفاسد العظيمة على البيت والأسرة والعلاقة بين الزوجين ، ودرء هذه المفسدة أولى من جلب المصلحة في زيارة الوالدين ، خاصة وأن التأني ومحاولة التفاهم مع الزوج كي يسمح ويساعد في سفر المرأة لرؤية والدتها أمر قريب ممكن ، ومع حسن الأدب والحوار والخطاب بالخير والحسنى يلين الله القلوب بإذنه ، ويعطفها إلى الوفاق إن شاء الله تعالى .
وانظري سؤال رقم (1426) (10680)
3- ونذكركم أيضا بما سبق تقريره في موقعنا تحت رقم (11793) ، (14235) ، (27211) من التحذير من الإقامة في بلاد الكفار ، لما في ذلك من المفاسد العظيمة على الدين والأخلاق ، نرجو الاطلاع عليها والاستفادة منها ، فإن دين المسلم رأس ماله ، ولا يجوز له أن يفرط فيه فيضيع نفسه وأبناءه مقابل دراهم يتلقاها من بلاد الكفر والرذيلة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لديها مال يكفي للحج ولا تجد محرما(8/25)
أنا آنسة من المغرب أبلغ من العمر 35 سنة ، توفر لدي قدر من المال (لا أظن أني سأملك مثله يوما ما)، بعد تفكير طويل لم أجد خيرا من صرفه في الذهاب إلى بيت الله الحرام ، لأداء فريضة الحج علما أني أتشوق لزيارة ذلك المقام ، هذه هي أمنيتي في الحياة وأتمنى أن لا يحرمني الله من هذا الأمل , المشكلة هي أنني لا أتوفر على محرم ، أخي لا يمكنه الذهاب نظرا لضائقته المالية وكذلك والدي . أرجو منكم أن ترشدوني وتجدوا لي حلا لهذه المشكلة .
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم ، ولو كان سفرها للحج الواجب أو العمرة الواجبة ، لما روى البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ . فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا ، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ : اخْرُجْ مَعَهَا ) .
فلهذا الحديث وغيره من الأحاديث التي تدل على تحريم سفر المرأة بلا محرم ذهب جماعة من العلماء إلى أن وجود المحرم شرط لوجوب الحج على المرأة ، فإذا لم تجدي محرما يسافر معك ، فالحج غير واجب عليك ، وأنت معذورة ، مأجورة على نيتك إن شاء الله .
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن امرأة موسرة , لم يكن لها محرم , هل يجب عليها الحج ؟ فقال : لا .
"المغني" (3/97) .(8/26)
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : إن لي مشكلة أريد أن أجد لها حلاً من عند الله الرحيم بعباده ، وهي خاصة بأمر تأديتي لفريضة الحج . فأنا امرأة في الخمسين من عمري ، وأريد من فترة سنتين أن أسافر لأداء فريضة الحج ، والذي يعوق سفري هو أنني ليس لي محرم لكي يسافر معي ، فزوجي لا هم له سوى الأموال والدنيا ولا ينوي السفر للحج ، اللهم إلا إن كانت منحة من الشركة التي يعمل بها ، وهذا أمر لن يتأتى له إلا حينما يأتي دوره وأخاف أن يأتيني الأجل وأكون مقصرة في ذلك ، وقد ملكت الزاد والراحلة ... خلاصة الأمر : أن محارمي جميعاً لا يستطيعون السفر معي لمشاغلهم ، وعدم إمكانية السفر .
فأجابوا :
" إذا كان الواقع كما ذكر - من عدم تيسر سفر زوجك أو محرم لك معك لتأدية فريضة الحج - فلا يجب عليك ما دمت على هذه الحال ؛ لأن صحبة الزوج أو المحرم لك في السفر للحج شرط في وجوبه عليك ، ويحرم عليك السفر للحج وغيره بدون ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) متفق على صحته.
واجتهدي في الأعمال الصالحات التي لا تحتاج إلى سفر ، واصبري رجاء أن ييسر الله أمرك ، ويهيئ لك سبيل الحج مع زوج أو محرم " انتهى باختصار .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/95) .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل حجت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بدون محرم ؟
زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم حججن أكثر من مرة بعد وفاته ، فهل يمكن لهذا أن يكون دليلا على جواز حج المرأة بدون محرم ولكن مع مجموعة نساء معهم محارمهم ؟ .
الحمد لله
الصحيح من أقوال أهل العلم هو مذهب الحنفية والحنابلة القائلين بعدم جواز سفر المرأة للحج أو غيره من غير محرم ؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تُسَافِر الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ) رواه البخاري ( 1862 ) ومسلم ( 1341 ) .(8/27)
وقد سبق بيان ذلك في أجوبة الأسئلة : ( 3098 ) و ( 34380 ) و ( 47029 ) .
إلا أن بعض أهل العلم كالشافعية ، والمالكية ، وبعض السلف ، قالوا بجواز سفر المرأة للحج من غير محرم إذا وجدت الرفقة المأمونة .
واستدلوا بما ذكره السائل من أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم حججن من غير محرم ، وذلك فيما أخرجه البخاري رحمه الله ( 1860 ) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أذِن لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجة حجها ، فبعث معهن عثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف .
وللعلماء أصحاب القول الأول عدة أجوبة على هذا الاستدلال ، فمن ذلك :
1. قالوا : ليس في الحديث أنه لم يكن معهن محرم ، فلعل محارمهن كانوا معهن في قافلة الحج نفسها ، وبعثُ عمرَ بنِ الخطاب معهنَّ عثمانَ بن عفان وعبدَ الرحمن بن عوف زيادةٌ في الإكرام والاطمئنان ، ولا يُظن بالصحابة مخالفة نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سفر المرأة من غير محرم ، خاصة وقد جاء في بعض الروايات – وإن كان في سندها مقال – ما يدل على وجود محارمهن .
فقد روى ابن الجوزي في " المنتظم " في حوادث سنة ( 23 هـ ) عن أبي عثمان وأبي حارثة والربيع بإسنادهم قالوا : حجَّ عمر بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم معهن أولياؤهن ممَنْ لا تحتجبن منه ، وجعل في مقدم قطارهن : عبد الرحمن بن عوف ، وفي مؤخره : عثمان بن عفان .. الخ .
ثم إنه يبعد جدا ألا يكون معهن أحد من محارمهن ، مع كثرة المسافرين للحج معهن من المدينة ، فالغالب أنه لن يخلو الأمر من أخ أو جد أو خال أو عم أو أحد المحارم من الرضاعة ، وقد كانت الرضاعة كثيرة في ذلك الوقت .
2. ثم على فرض أنه لم يكن معهن محرم : فهو اجتهاد منهن ، ومعلوم أن اجتهاد الصحابي لا يُقبل إذا خالف نصّاً صحيحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الصنعاني رحمه الله :
" ولا تنهض حجة على ذلك ؛ لأنه ليس بإجماع " .
" سبل السلام " ( 2 / 930 ) .(8/28)
3. وأجاب فريق ثالث من أهل العلم بخصوصية ذلك بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنهن أمهات المؤمنين ، وجميع الرجال محارم لهن .
قال أبو حنيفة رحمه الله :
"كان الناس لعائشة محرماً ، فمع أيهم سافرت فقد سافرت بمحرم ، وليس الناس لغيرها من النساء كذلك " انتهى .
" عمدة القاري " ( 10 / 220 ) .
إلا أن جواب أبي حنيفة هذا غير مُسَلَّم ؛ لأن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في مقام أمهات المؤمنين في تحريم النكاح ، وليس في المحرمية ، وإلا فلو كن أمهاتٍ للمؤمنين في المحرمية أيضا لجاز لهن خلع الحجاب أمامهم والخلوة بهم ونحو ذلك من أحكام المحرمية ، وذلك ما لم يقل به أحد .
يقول ابن تيمية في " منهاج السنة " ( 4 / 207 ) عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم :
" إنهن أمهات المؤمنين في التحريم دون المحرمية " انتهى .
والمعتمد في الجواب هو الجواب الأول .
والحاصل : أنه لا يجوز أن تُرد الأحاديث الصحيحة الصريحة بما يستنبط من بعض أفعال الصحابة المحتملة ، والواجب هو اتباع ما ثبت وليس ما هو محتمل .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : يقولون إن عائشة رضي الله عنها حجت مع عثمان بدون محرم ؟
فأجاب :
"هذا يحتاج إلى دليل ، لا يجوز أن يقال : حجت بدون محرم بغير دليل ، لا بد أن يكون معها محرم ، فعندها أبناء أخيها ، عندها عبد الرحمن أخوها ، عندها أبناء أختها أسماء ، الذي يقول إنها حجت بدون محرم يكون قوله كذباً إلا بدليل ، ثم لو فرضنا أنها حجت بدون محرم فهي غير معصومة ، كل واحد من الصحابة غير معصوم ، الحجة في قال الله وقال رسوله ، ما هو بحجة قول فلان أو فلان ، ما خالف السنة فلا حجة فيه ، الحجة في السنة المطهرة الصحيحة ، هذا هو المعروف عند أهل العلم ، وهو المجمع عليه .
يقول الشافعي رحمه الله : أجمع الناس على أنه من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس .(8/29)
وقال مالك رحمه الله : ما منَّا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر ، (يعني : النبي صلى الله عليه وسلم) .
المقصود : أن الواجب على أهل الإسلام والمؤمنين هو الأخذ بالسنَّة ، لا يجب أن تعارض لقول فلان أو فلان أو فلانة ، ثم لا يظن بعائشة رضي الله عنها وهي الفقيهة المعروفة أفقه نساء العالم ، لا يظن بها أن تخالف السنَّة وتحج بغير محرم ، وهي التي سمعت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى .
" فتاوى الشيخ ابن باز" ( 25 / 361 ، 362 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"إذا قال قائل : هذا الحجيج ليس فيه أن معهن محرَماً ، فهل يقال هذا خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنهن أمهات المؤمنين ، ليس بمحرمية ولكن باحترام .
أو يقال المحرم هنا مسكوت عنه ، وأُرسل معهن هذان الصحابيان الفاضلان مع المحارم ؟ الأول محتمل ، والثاني محتمل .
فإذا أخذنا بالقاعدة أن يُحمل المتشابه على المُحكم ماذا نقول ؟
الجواب : نقول بالاحتمال الثاني ونقول : لابد أن محارمهن معهن لكن جُعل معهن هذان الصحابيان الجليلان تشريفاً وتعظيماً لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن " انتهى .
" شرح كتاب الحج من صحيح البخاري " ( شريط رقم 19 ، الوجه الثاني ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
تحريم سفر المرأة بغير محرم وشروط المحرم
أمي تريد الذهاب لأداء العمرة إن شاء الله تعالى ، وزوجها وإخوتها لا يستطيعون الذهاب معها ، وابن عمها وهو أخو زوجها وهو زوج أختها أيضاً سيذهب للحج مع زوجته فهل يجوز لأمي أن تذهب معهما لأداء مناسك العمرة ؟ .
الحمد لله(8/30)
من صيانة الإسلام للمرأة أنّه أوجب المحرم لسفرها ليحفظها ويصونها من أصحاب الشهوات والأغراض الدنيئة وأن يُعينها لضعفها في السّفر الذي هو قطعة من العذاب ، فلا يجوز سفر المرأة بغير محرم لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً قَالَ اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ ) البخاري فتح 3006
ومما يدلّ على وجوب المحرم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا الرّجل بترك الجهاد مع أنّه قد كُتب اسمه في إحدى الغزوات ، وأنّ سفر المرأة في طاعة وقُربة وهو الحجّ وليس في سياحة أو سفر مشبوه ، ومع ذلك أمره أن ينصرف ليحجّ مع امرأته .
وقد اشترط العلماء في المحرم خمسة شروط وهي : أن يكون ذكرا – مسلما – بالغا - عاقلا – وأن يحرم عليها تحريما مؤبدا كالأب والأخ والعم والخال وأبي الزوج وزوج الأم والأخ من الرضاع ونحوهم ( بخلاف المُحرَم المؤقت كزوج الأخت وزوج العمة وزوج الخالة ) .
وبناء على هذا فإن أخا زوجها وكذا ابن عمها أو ابن خالها ليسوا من المحارم فلا يجوز لها أن تُسافر معهم . والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
بيع تأشيرات الحج
ما حكم بيع تأشيرات الحج التي تستخرج بشِقّ الأنفس ؟.
الحمد لله
لا يجوز للإنسان أن يأخذ تأشيرة لنفسه وهو لا يريد الحج، فإن أخذ تأشيرة لنفسه وهو يريد الحج ثم عدل عن ذلك ، فليس له أن يبيعها إلا بنفس التكلفة التي بذلها في سبيل الحصول عليها . ومعنى ذلك أنه لا يجوز أن تتخذ تأشيرات الحج تجارة يستغلّ بها ضعفاء المسلمين والحريصين على الحج، بل ينبغي للمسلم أن يكون معيناً على الخير، وأن يساعد إخوانه المسلمين لا أن يستغلهم والله أعلم .
الشيخ : عبدالرحمن البراك .(8/31)
حكم خروجها من البيت دون إذن زوجها وسفرها دون محرم ؟
أريد أن أسأل إلى أي درجة تصل واجبات الزوج تجاه أهل زوجته ؟ سؤالي هذا لأنني عانيت مشكلة كبيرة مع زوجي نظراً إلى تعامله السيئ جدّاً مع أمي عندما قامت بزيارتنا ( نتيجة لمشاجرة حدثت بين حماتي وأمي ) وانتهت بأن زوجي طرد أمي أو ما شابه ، وأنا نتيجة إلى هذا اضطررت أن أغادر مع أمي البيت ضد رغبة زوجي في البقاء معه ( علما بأنني كنت أقطن في بلد آخر وسافرت مع أمي إلى بلادنا ) ومعاملة زوجي لي جيدة غير أنى غضبت من معاملته لها بهذا الشكل ، مع أنه تأسف لها في اليوم التالي , لكنها لم تسامحه ، فهل تصرفي كان صحيحاً ، أم أنني لم أطع زوجي كما وصى الله سبحانه وتعالى ؟.
الحمد لله
أولاً :
ينبغي للزوج أن يصل أهل زوجته ، ويحسن إليهم ، فإن هذا من حسن معاشرة زوجته ، وفعله هذا يُدخل السرور إلى قلبها ، ويجعله محل احترامها وتقديرها ، ويزيد في المحبة والمودة بينهما .
قال الله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِ?لْمَعْرُوفِ ) النساء/19 .
قال ابن كثير :
" أي : طيِّبوا أقوالَكم لهنَّ ، وحسِّنوا أفعالَكم وهيئاتكم حسب قدرتكم كما تحبُّ ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله كما قال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ ?لَّذِى عَلَيْهِنَّ بِ?لْمَعْرُوفِ ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (285) " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (1/477) .
ثانياً :
وأما طرد زوجكِ لأمكِ من بيته فقد اعتذر عن ذلك ، وينبغي لمن اعتذر له أخوه أن يقبل اعتذاره ويتجاوز عن زلته .(8/32)
ولتعلم المرأة المتزوجة أن طاعة زوجها مقدمة على طاعة والديها ، فالرجل لا يقدِّم أحداً على أمه في البرِّ ، والزوجة لا ينبغي لها أن تقدِّم أحداً على زوجها في الطاعة ؛ وذلك لعِظَم حقه عليها ، ومن عظم حق الرجل على المرأة أن الشرع كاد يأمرها بالسجود له لولا أنه لا يجوز لأحد أن يسجد لأحد من البشر .
ولا يحق للزوج منع أهل زوجته من زيارة ابنتهم ، إلا إن كان يخشى منهم إفساداً لها أو تحريضاً على النشوز ، فله – حينئذٍ – منعهم .
ثالثاً :
وأنتِ قد أخطأتِ مرتين ووقعتِ في مخالفة الشرع فيهما ، أما الأولى فهي خروجكِ من البيت من غير إذن زوجك ، والثانية هي سفركِ من غير محرَم .
أما الخروج من البيت دون إذن الزوج فهو من المحرمات ، بل إن الله تعالى منع المرأة المطلقة رجعيّاً أن تخرج من بيتها فكيف إن لم تكن كذلك ؟! قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) الطلاق/1 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" وقال زيد بن ثابت : الزوج سيد في كتاب الله , وقرأ قوله تعالى : ( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ) يوسف/25 ، وقال عمر بن الخطاب : النكاح رق , فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته ، وفي الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ – أي : أسيرات- ) ، فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير , فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة " انتهى .
"الفتاوى الكبرى" (3/148) .
قال ابن مفلح الحنبلي :(8/33)
" ويحرم خروج المرأة من بيت زوجها بلا إذنه إلا لضرورة ، أو واجب شرعي " انتهى .
"الآداب الشرعيَّة" (3/375) .
وأما سفر المرأة من غير محرم ، فهو حرام ، وقد جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال النووي :
" فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تُنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوماً أو بريداً أو غير ذلك لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً ، والله أعلم " انتهى بتصرف من "شرح مسلم" (9/103) .
والبريد : مسافة تقدر بنحو عشرين كيلو متر تقريباً .
ونرجو النظر في جواب السؤال ( 10680 ) ففيه بيان حقوق الزوج وحقوق الزوجة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
سفر المرأة بغير محرم
أعلم أن سفر المرأة بدون محرم لمدة يوم وليلة محرم .
هل يجوز للمرأة أن يوصلها المحرم لمكان إقلاع الطائرة ويستقبلها محرم آخر عند النزول من الطائرة ؟ المدة كاملة تستغرق 10 ساعات.
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر من غير محرم لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم )
ولأن الهدف من وجوده حفظها وصيانتها والقيام بأمرها ولا سيما حيث يقع شيء من الأمور الإضرارية والسفر عرضة لذلك بغض النظر عن المدة ، فما عده الناس سفراً كان كذلك ، وتنطبق عليه أحكام السفر حينئذٍ .
وللمزيد عن أحكام المحارم أنظر سؤال رقم ( 5538 ).
الشيخ محمد صالح المنجد
تريد السّفر للحجّ مع حملة دون محْرم
أنا البنت الوحيدة لأهلي ، متزوجة ولي بنتان ، أعيش مع زوجي في أمريكا ، جميع أقاربنا يعيشون في الشرق الأوسط ، محرمي الوحيد هو زوجي والذي لا يستطيع أن يسافر خارج أمريكا لأسباب لا أستطيع ذكرها في هذه الرسالة.
أريد الحج لأنه لديّ الاستطاعة ، فهل يجوز لي السفر للحج مع حملة ؟(8/34)
إذا لا فكيف لي أن أؤدي هذا الركن من أركان الإسلام حيث لا يوجد لي أي محرم ؟
الجواب :
الحمد لله
لا يجب الحج على المرأة إلا إذا كانت مستطيعة ، ووجود محرم يرافقها هو من الاستطاعة بالنسبة إليها ، فإذا لم يتيسر لها محرم تحجّ معه ، فهي غير مستطيعة شرعاً ، لأن الشرع قد نهاها أن تسافر بغير محرم ، وعليه فإن الحج لا يجب عليك إلا إذا وجدت محرماً ، فاصبري حتى ييسّر الله لك محرما تحجّين معه ، وأنت معذورة ولا إثم عليك في ذلك ، وأمّا الذّهاب مع حملة بدون محرم فلا يجوز لما جاء عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا . " رواه البخاري 1729 . وكان الحجّاج يخرجون من المدينة في قافلة مثل الحمْلة ومع ذلك لم يأْذن النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تُسافر بدون محْرم والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
سفر المرأة مع المرأة بدون محرم
السؤال : هل تعد المرأة محرماً للمرأة الأجنبية في السفر ، ونحو ذلك أم لا ؟.
الجواب :
الحمد لله
ليست المرأة محرماً لغيرها ، وإنما المحرم : هو الرجل الذي تحرم عليه المرأة بنسب ، كأبيها ، وأخيها ، أو بسبب مباح ، كالزوج وأبي الزوج وابن الزوج ، وكالأب من الرضاع ، والأخ من الرضاع ونحوهم .(8/35)
ولا يجوز للرجل أن يخلو بالمرأة الأجنبية ، ولا أن يسافر بها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) متفق على صحته ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة ، فإن ثالثهما الشيطان ) رواه الإمام أحمد وغيره ، من حديث عمر رضي الله عنه بإسناد صحيح .
والله ولي التوفيق .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8ص / 336
حكمُ سَفَر المرأة بدون محرمٍ
ما حكمُ سَفَر المرأة بدون محرمٍ لأنَّ عملَها يتطلَّب ذلك ؟.
الحمد لله
حرامٌ لأنَّ النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم قالَ : ( لا تُسافِرِ المرأةُ إلاَّ معَ ذي مَحْرَمٍ ) رواه البخاري (1763) ومسلم (1341) . حتى لو كان عملها يتطلَّب ذلك ، وعليه نقول إذا كانتْ لا تجد مَحْرَماً فلا تُسافرْ .
إعلام المسافرين ببعض آداب وأحكام السفر وما يخص الملاحين الجويين لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ص 8 .
حكم استقدام الخادمة بدون محرم
أنا امرأة أعيش في بلد غير مسلم لظروف عمل زوجي وأريد أن أحضر عاملة من بلد آخر لتعينني في المنزل فهل يجوز لي أن أحضرها من غير محرم ؟.
الحمد لله
" استقدام الخادمة بدون محرم معصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه صحّ عنه أنه قال : " لا تسافر امرأة إلا مع محرم " ، ولأن قدومها بلا محرم قد يكون سبباً للفتنة منها وبها ، وأسباب الفتنة ممنوعة ، فإن ما أفضى إلى المحرّم محرّم .(8/36)
وأما تساهل بعض الناس في ذلك ، فإنه من المصائب ولا حجّة لهم في قولهم إنه ضرورة ، لأننا لو قدرنا الضرورة للخادمة فليس من الضرورة أن تأتي بلا محرم . كما أنه لا حجّة لقول بعضهم إن إثم سفرها بلا محرم عليها هي أو على مكتب الاستقدام ، لأن من فتح الباب لفاعل المحرم كان شريكاً له في الإثم لإعانته عليه ، وقد قال الله تعالى : ( وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) المائدة /2 ، وأمر الله تعالى ورسوله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واستقدام الخادمة بلا محرم إقرار للمنكر لا إنكار له "
فتوى الشيخ ابن عثيمين من كتاب مجموعة رسائل وفتاوى نصيحة المسلمين بشأن الخدم والسائقين ص/57
أما حكم الإقامة في بلاد الكفار فيراجع الأسئلة (12866) و(10175) .
الإسلام سؤال وجواب
يجوز للمرأة أن تأخذ ما يمنع الحيض من أجل الحج
هل يجوز للمرأة أن تأخذ حبوباً تمنع الدورة لتتمكن من الحج مع الناس ؟.
الحمد لله
" لا حرج أن تأخذ المرأة حبوب منع الحمل تمنع الدورة الشهرية أيام رمضان حتى تصوم مع الناس ، وفي أيام الحج حتى تطوف مع الناس ولا تتعطل عن أعمال الحج ، وإن وجد غير الحبوب شيء يمنع من الدورة فلا بأس إذا لم يكن فيه محذور شرعاً أو مضرة " انتهى كلام الشيخ عبد العزيز بن باز .
فتاوى ابن باز (17/60)
إذا جاز للمرأة أن تسكن بمفردها فلم لا تسافر دون محرم؟
هل يجوز للمرأة أن تعيش بمفردها ؟ إذا كان يجوز لها السكن بمفردها فلماذا لا يجوز لها السفر بمفردها ؟.
الحمد لله(8/37)
للمرأة أن تعيش بمفردها بشرط أن تأمن على نفسها ، وليست من أهل التهمة والريبة ، وأما سفرها بلا محرم ، فهو منهي عنه نهيا صريحا، كما في الحديث الذي رواه البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا ).
وهذا من تمام الحكمة ، فإن السفر مظنة التعب والمشقة ، والمرأة لضعفها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها ، وقد ينزل بها ما يفقدها صوابها ، ويخرجها عن طبيعتها ، في حال غياب محرمها ، وهذا مشاهد معلوم اليوم لكثرة حوادث السيارت وغيرها من وسائل النقل .
وأيضا : سفرها بمفردها يعرضها للإغراء والمراودة على الشر ، لاسيما مع كثرة الفساد ، فقد يجلس إلى جوارها من لا يخاف الله ، ولا يتقيه ، فيزين لها الحرام .
ولو فرض أنها تسافر وحدها في سياراتها ، فهي معرضة لمخاطر أخرى من نحو تعطل سيارتها ، أو تآمر أهل السوء عليها ، وغير ذلك .
وبهذا يتضح أن الإسلام سبق النظم كلها في رعاية المرأة وحفظها واحترامها وتقديرها، واعتبارها درة ثمينة يجب أن تصان عن المفاسد والشرور.
ونحن نسلم لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ونعلم أن فيه تمام الحكمة والرحمة، لأن الله تعالى لا يحرم على عباده إلا ما فيه مفسدة ومضرة لهم .(8/38)
ولا يصح أن يقال السفر على إقامة المرأة في بيت بمفردها في بلدها ، لأن المخاطر في السفر أكثر منها في بلد الإقامة ، فإنها في بلدها لو حدث لها شيء أو احتاجت من يغيثها لوجدت من يساعدها ، ويخشى أهل الشر والفساد من الاعتداء عليها وهي في بلدها وبيتها ما لا يخشون في حال سفرها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل تسافر بلا محرم لزيارة الوالدين ؟
أعيش في بلاد الغربة منذ ثلاث سنوات ولم أزر بلدي منذ ذاك الوقت . عندي طفلان لم يرهما والديّ حتى الآن. ووالديّ يفتقدان لرؤية أطفالي كثيرًا . وزوجي لا يستطيع أن يأخذ إجازة من عمله. فهل يجوز لي في هذه الحالة السفر إلى والديّ دون محرم ؟ علمًا بأن هذا السفر فقط لأجل إدخال السرور على أبوي وإسعادهما .
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم ، سواء كان السفر سفرَ قربة كالحج وزيارة الوالدين وبرهما أو سفراً مباحا كالسياحة وغير ذلك ، والدليل على ذلك ما يلي :
1-عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا " . رواه البخاري ( 1862 ) .
وروى مسلم ( 1339 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ " وقد رويت أحاديث كثيرة في النهي عن سفر المرأة بلا محرم وهي عامة في جميع أنواع السفر .(8/39)
2-ومن المعقول أن السفر مظنة التعب والمشقة ، والمرأة لضعفها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها ، وقد ينزل بها ما يفقدها صوابها ، ويخرجها عن طبيعتها ، في حال غياب محرمها ، وهذا مشاهد معلوم اليوم لكثرة حوادث السيارات وغيرها من وسائل النقل . وأيضا : سفرها بمفردها يعرضها للإغراء والمراودة على الشر ، لاسيما مع كثرة الفساد ، فقد يجلس إلى جوارها من لا يخاف الله ، ولا يتقيه ، فيزين لها الحرام . وكذلك لو فرض أنها تسافر وحدها في سياراتها ، فهي معرضة لمخاطر أخرى من نحو تعطل سيارتها ، أو تآمر أهل السوء عليها ، وغير ذلك . فمن تمام الحكمة أن تصاحب محرما في سفرها ؛ لأن الهدف من وجود محرمها حفظُها وصيانتها والقيام بأمرها ولاسيما حيث يقع شيء من الأمور الضارة والسفر عرضة لذلك بغض النظر عن المدة .
قال النووي رحمه الله : ( فَالْحَاصِل أَنَّ كُلّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا تُنْهَى عَنْهُ الْمَرْأَة بِغَيْرِ زَوْج أَوْ مَحْرَم ) اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة عن جواز سفر المرأة للحج بدون محرم فأجابت بما يلي : " لا يجوز أن تسافر المرأة لحج أو غيره بدون محرم " فتاوى اللجنة الدائمة 11/97 .
وبهذا يتضح أن الإسلام سبق النظم كلها في رعاية المرأة وحفظها واحترامها وتقديرها، واعتبارها درة ثمينة يجب أن تصان عن المفاسد والشرور.
الإسلام سؤال وجواب(8/40)
مسائل متفرقة في الحج
هل يمكن إلغاء فريضة الحج والعمرة بسبب انتشار مرض "انفلونزا الخنازير" ؟
السؤال : هل يمكن إلغاء فريضة الحج والعمرة بسبب انتشار مرض " انفلونزا الخنازير " ؟ وهل يعتبر ذلك طاعوناً ؟ وهل مكة والمدينة في مأمن من الأوبئة بحفظ الله أو يمكن انتقال العدوى في هذه الأماكن ؟ وهل قوله تعالى : ( ومن دخله كان آمناً ) يشمل أيضا الأوبئة ، أي : يكون آمناً من الأوبئة ؟ . أفيدونا مأجورين ؛ لأني مقدم على العمرة خلال شهر .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
لا ريب أن الأمراض والأوبئة الفتاكة التي من طبيعتها الانتشار بالعدوى : تقاس على مرض الطاعون ، من حيث أحكامه المتعلقة بما يسمَّى " الحجر الصحي " .
فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّأْمِ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقَالَ عُمَرُ : ادْعُ لِي الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ ... .
فجاء عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه ، وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ فَقَالَ : إِنَّ عِنْدِي فِي هَذَا عِلْماً ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَاراً مِنْهُ) رواه البخاري (5397) ومسلم (2219) .
قال النووي رحمه الله :(9/1)
وأما الطاعون : فهو قروح تخرج في الجسد ، فتكون في المرافق ، أو الآباط ، أو الأيدي ، أو الأصابع ، وسائر البدن , ويكون معه ورم ، وألَم شديد , وتخرج تلك القروح مع لهيب ، ويسودّ ما حواليه ، أو يخضر ، أو يحمر حمرة بنفسجية ، كدرة ، ويحصل معه خفقان القلب ، والقيء , وأما الوباء : فقال الخليل وغيره : هو الطاعون ، وقال : هو كل مرض عام , والصحيح الذي قاله المحققون : أنه مرض الكثيرين من الناس في جهة من الأرض ، دون سائر الجهات , ويكون مخالفاً للمعتاد من أمراض في الكثرة ، وغيرها , ويكون مرضهم نوعاً واحداً ، بخلاف سائر الأوقات ؛ فإن أمراضهم فيها مختلفة ، قالوا : وكل طاعون وباء ، وليس كل وباء طاعوناً , والوباء الذي وقع في الشام في زمن عمر كان طاعوناً , وهو طاعون " عمواس " , وهى قرية معروفة بالشام .
" شرح النووي " ( 14 / 204 ) .
وعليه : فكل مرض فتاك من شأنه الانتقال للآخرين بالعدوى التي يقدِّرها الله فيه : فإن له حكم الطاعون ؛ لأن الشريعة لا تفرِّق بين متماثلين .
ثانياً :
أخذ العلماء من الحديث السابق أنه لا يجوز القدوم على أرض بها وباء فتَّاك ينتقل بالعدوى , ولا الخروج من أرض وقع فيها ، كما هو ظاهر النص السابق .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وفِي هذا الحَدِيث جَوَاز رُجُوع مَن أَرَادَ دُخُول بَلدَة فَعَلِمَ أَنَّ بِهَا الطَّاعُون ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيسَ مِن الطِّيَرَة ، وَإِنَّمَا هِيَ مِن مَنْع الإِلقَاء إِلَى التَّهْلُكَة ، أَو سَدّ الذَّرِيعَة ... .
وَفِي الحَدِيث أَيضاً : مَنْع مَنْ وَقَعَ الطَّاعُون بِبَلَدٍ هُوَ فِيها مِن الخُرُوج مِنهَا .
" فتح الباري " ( 10 / 186 ، 187 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله :(9/2)
"وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم للأمة في نهيه عن الدخول إلى الأرض التي هو بها , ونهيه عن الخروج منها بعد وقوعه : كمال التحرز منه ؛ فإن في الدخول في الأرض التي هو بها تعرضاً للبلاء , وموافاة له في محل سلطانه , وإعانة للإنسان على نفسه , وهذا مخالف للشرع والعقل ، بل تجنب الدخول إلى أرضه من باب الحمية التي أرشد الله سبحانه إليها ، وهي حمية عن الأمكنة ، والأهوية المؤذية" انتهى .
" زاد المعاد " ( 4 / 42 - 44 ) .
ثالثاً:
اختلف العلماء في المقصود بالأمن في قوله تعالى : ( وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ) آل عمران/97 على أقوال ، ومنها ما هو مقبول ، ومنها ما هو ضعيف لا يلتفت إليه .
أما الأقوال الضعيفة ، أو الباطلة في معنى الآية :
1. فمنها قول من قال : إن من دخله يأمن من عذاب النار في الآخرة ! .
2. وكقول من قال : إن من دخله يأمن من الموت على غير الإسلام ! .
3. وكقول من قال : إن المعنى : أن من دخل الحرم يأمن من الأمراض .
4. وكقول من قال : إن معنى الآية : الأمن من القتل .
لوجود كل ذلك في واقع الأمر ، كمن مات على الكفر ، والردة ، وكان قد دخل الحرم ، ولوجود المرض ، والوباء فيه ، وكذا حصول القتل فيه ، قديماً ، وحديثاً .
05 وقيل : إن ( مَن ) ها هنا لمن لا يعقل ، والآية في أمان الصيد .
وأما الأقوال المعتبرة في الآية :
1. أن معنى الآية : أن هذا الأمن على النفس من آيات الحرم ؛ لأن الناس كانوا يُتخطفون من حواليه ، ولا يصل إليه جبار ، فقصد الله تعالى بذلك تعديد النعم على كل مَن كان بها جاهلاً ، ولها منكراً من العرب ، كما قال تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) العنكبوت/ 67 ، فكانوا في الجاهلية من دخله ولجأ إليه : أمِن من الغارة ، والقتل .(9/3)
2. أنه أراد به : أن مَنْ دخله عام " عمرة القضاء " مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آمِناً ، كما قال تعالى : ( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَآءَ اللَّهُ آمِنِينَ ) الفتح/ 27 .
3. أنها خبر بمعنى الأمر ، تقديره : " ومَن دخله : فأمِّنوه " ، كقوله تعالى : ( فلا رفثَ ولا فسوقَ ولا جدال في الحج ) البقرة/ 197 ، أي : لا ترفثوا ، ولا تفسقوا .
قال ابن القيم رحمه الله :
وهذا إما خبر بمعنى الأمر ؛ لاستحالة الخُلْفِ في خبره تعالى ، وإما خبرٌ عن شرعه ودينه الذي شرَعه في حرمه ، وإما إخبارٌ عن الأمرِ المعهود المستمِرِّ في حرمه في الجاهلية والإسلام ، كما قال تعالى : ( أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) العنكبوت/ 67 ، وقوله تعالى : ( وَقَالُواْ إن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا، أَوَ لَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيءٍ ) القصص/ 57 ، وما عدا هذا من الأقوال الباطلة : فلا يُلتفت إليه ، كقول بعضهم : " ومَن دخله كان آمناً مِن النار " ، وقول بعضهم : " كان آمناً مِن الموت على غير الإسلام " ، ونحو ذلك ، فكم ممن دخله وهو في قعر الجحيم .
" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 3 / 445 ) .
والقول الأول الذي ذكره ابن القيم هو الأليق بمعنى الآية .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
ويقول سبحانه : ( وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ) يعني : وجب أن يؤمَّن , وليس المعنى أنه لا يقع فيه أذى لأحدٍ , ولا قتل , بل ذلك قد يقع , وإنما المقصود : أن الواجب تأمين من دخله , وعدم التعرض له بسوء .
وكانت الجاهلية تعرف ذلك , فكان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فلا يؤذيه بشيء حتى يخرج .
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 3 / 380 ) .(9/4)
وعلى هذا : ليس المقصود بالأمنِ الأمنَ مِنَ الأمراض والأوبئة ؛ فالأمراض والأوبئة قد تنزل أرض الحرم المكي والمدني , وهذا معروف ، قديماً ، وحديثاً .
وقد سبق في جواب السؤال رقم (131887) أن مكة والمدينة محفوظتان من الطاعون ، وليستا محفوظتين من سائر الأوبئة والأمراض العامة .
رابعاً:
نحمد لله على أن هذا الوباء لم يبلغ مكة ، أو المدينة ، وإنما هي بضع حالات في عموم المملكة العربية السعودية ، كما هو في أكثر الدول ، مع الوجود الكبير اليومي من المصلين ، والمعتمرين ، ومع ذلك فلا بأس أن يأخذ الإنسان بأسباب السلامة ، كلبس الكمامات , وغير ذلك من أسباب الوقاية من المرض .
والملاحظ أن بعض وسائل الإعلام تهول من هذا الأمر , ويستغل بعض الحاقدين والمتربصين ذلك للتنفير من شعائر الإسلام , مع أن هناك تجمعات كبيرة مماثلة - كملاعب كرة القدم ، والمهرجانات الغنائية - ولم نر ، أو نسمع ، من أولئك التحذير والتنفير من تلك التجمعات ، بل على العكس من ذلك ، نرى التشجيع على الحضور ، والمشاركة .
وإن تعجب فعجب من بعض العلماء حيث يفتون بعدم جواز الذهاب إلى الحج هذا العام بسبب ظهور بضع حالات في المملكة العربية السعودية ! وكانوا يشددون أن النص النبوي في الطاعون لا يقبل الجدال أنه منطبق على هذه الحالة ! وقد ظهر المرض في كثير من الدول ، وشفي كثير منها ، ولم يصل الأمر إلى إغلاق الدول الأبواب على نفسها .(9/5)
وبكل حال : فإذا صارت بلد موبوءة بمرض " انفلونزا الخنازير " ، أو " الطاعون " : فالحكم واحد ، ولا فرق بين المملكة العربية السعودية ، وغيرها ، لكن ليس الحكم في هذا لأحدٍ من الناس ، إلا أن يُعلن من مختصين أن تلك البقعة صارت موبوءة ، فحينئذٍ نطبق عليها الحكم الشرعي ، من تحريم دخولها ، وتحريم خروج أحدٍ منها ، لكن لا يتعجلن أحد بالحكم على موسم الحج ، أو العمرة بالإلغاء ، قبل دارسة ذلك من أهل الاختصاص من الأطباء ، ثم اعتماد علمائنا ذلك وإصدارهم فتوى في الموضوع .
قال الدكتور أحمد الريسوني - الخبير في " مجمع الفقه الإسلامي " - :
إن مسألة إلغاء العمرة في رمضان أو موسم الحج المقبل بسبب " إنفلونزا الخنازير " : يرجع القرار فيها إلى الأطباء المسلمين المختصين .
وقال :
إن " منظمة المؤتمر الإسلامي " ، أو " مجمع الفقه الإسلامي الدولي " مطالبان في هذه الحالة بتنظيم لقاء للأطباء المسلمين من عدد من الدول الإسلامية ؛ ليتدارسوا الوضعية ، ويقدروا الاحتمالات ، ويصدروا توصياتهم ، وبناء عليها يقرر الفقهاء في " مجمع الفقه الإسلامي " ، أو أي هيئة فقهية تشكَّل لهذا الغرض ما إذا كانت الضرورة تدعو لإلغاء الشعيرتين .
وقال :
إن تقدير أطباء غير مسلمين ، من أمريكا ، أو كندا ، أو غيرهما : لا يكفي ؛ لأن الأمر يتعلق بالعالم الإسلامي ، والحجاج والمعتمرين القادمين منه ، ويتعلق كذلك بموازنة بين فريضة الحج وشعيرة العمرة ، وما لهما من أهمية ، مع احتمالات الخطورة ، وانتشار الوباء .
وقال :
إذا قرر الأطباء المسلمون أن هناك احتمالات مرتفعة لانتشار الوباء بواسطة تجمع الحج ، والعمرة : فيتعين حينئذ على جميع الدول الإسلامية ، وعلى المملكة العربية السعودية على الخصوص ، اتخاذ التدابير اللازمة لوقف هذه التجمعات ، وتعليقها إلى حين انجلاء هذا الوباء .
وقال :(9/6)
إن هذا الإجراء لا غبار عليه ، وعلى مشروعيته ، ووجوبه ؛ لأن الله تعالى يقول : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا كان الوباء - أو الطاعون - في بلد فلا تخرجوا منه ولا تدخلوا إليه ) ، وكذلك سيدنا عمر رضي الله عنه أوقف سير جيش بكامله كان يتجه إلى الشام لما علم أن بها وباء الطاعون .
وقال :
لكن لا ينبغي التعجل ، بل اتخاذ الخطوات اللازمة التي تبتدئ بتقرير ، وتقدير الأطباء المختصين بشكل جماعي ، وتنتهي بفتوى الفقهاء ، ثم بتنفيذ المسؤولين السياسيين في البلدان المعنية ، وخاصة المملكة العربية السعودية .
انتهى من موقعه .
http://www.raissouni.org/affdetail.asp?codelangue=6&info=300
فالنصيحة للسائل أن يتوكل على الله , ويتوجه لأداء العمرة , والحج ، وأن يأخذ بأسباب السلامة - كما تقدم - ، إلا أن يظهر – لا قدَّر الله – ما يستوجب التوقف عن دخول البلد الحرام ، ويظهر ذلك بفتاوى أهل العلم الثقات ، والله هو المأمول أن يحفظنا وإياكم من كل سوء وشر .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
متمتعة تركت سعي الحج وتزوجت بعد ذلك فماذا يلزمها ؟
السؤال: حججت أنا وخالي ووالدتي متمتعين فأخذنا العمرة وحللنا وأحرمنا وأدينا مناسك الحج كلها ماعدا سعي الحج ظناً من والدتي أن سعي العمرة يكفي وهي جاهلة عن الحكم وأنا كنت في الثالثة عشرة من عمري ولكن كنت بالغة حينها وبعدها تزوجت ولم أعلم أن علي شيئاً إلا بالصدفة من بعض الداعيات فما علي أن أفعل الآن علماً بأن خالي توفي . وسأذهب بإذن الله إلى مكة لأداء العمرة فبماذا أبدأ وهل علي أن أذهب إلى الميقات بعد فعل سعي الحج السابق إذا كان علي ذلك والإحرام بالعمرة الجديدة وماذا عن عقد الزواج إذا لم أكن تحللت من النسك حتى الآن علماً بأن لي 38 سنة متزوجة .
الجواب :
الحمد لله
أولا :(9/7)
السعي ركن من أركان الحج ، لا يتم الحج بدونه ، ولا يتحلل المحرم التحلل الأكبر حتى يأتي به ، وأما التحلل الأصغر الذي يباح به كل شيء إلا النساء فيحصل بالرمي والحلق ، ثم إذا طاف المحرم وسعى تحلل التحلل الأكبر ، وحل له كل شيء .
والمفرد والقارن لا يلزمهما إلا سعي واحد ، فإن سعيا بعد طواف القدوم كفاهما هذا السعي .
وأما المتمتع فيلزمه سعيان ، سعي لعمرته ، وسعي لحجه .
وعليه ؛ فإذا لم تكوني سعيت سعي الحج ، فأنت على إحرامك الآن ، لم تتحللي التحلل الأكبر ، ولا يجوز لزوجك أن يجامعك حتى تتحلي بفعل السعي .
وأما عقد النكاح : فما دام قد وقع بعد التحلل الأول الذي يحصل بالرمي والحلق أو التقصير ، فإنه عقد صحيح على ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
قال الشيخ ابن عثيمين : " وهذا من الأمور التي ينبغي أن يسلك الإنسان فيها الاحتياط، فإذا جاءنا رجل ابتلي وعقد النكاح قبل أن يطوف طواف الإفاضة أو خطب امرأة قبل أن يطوف طواف الإفاضة، فنقول: لا تعد؛ لأن التحريم وإبطال العقد بعد أن وقع فيه صعوبة، ولكن لو جاءنا يستشير ويقول: هل تفتونني بأن أخطب أو أعقد النكاح وقد حللت التحلل الأول؟ فنقول له: لا " انتهى من "الشرح الممتع" (7/ 330).
وإن كان قد وقع الجماع في هذه المدة عن جهل ، فلا شيء عليكما ، والأحوط أن تخرجي فدية ، وهي ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين يعطى لفقراء مكة ، أو صيام ثلاثة أيام .
فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : أنا من سكان مكة حججت العام الماضي وطفت ولكن لم أسع ، فما الحكم ؟(9/8)
فأجاب : عليك السعي ، وهذا غلط منك ، ولا بد من السعي سواء كنت من أهل مكة أو من غيرهم ، لا بد من السعي بعد الطواف بعد النزول من عرفات تطوف وتسعى ، فالذي ترك السعي يسعى الآن ، وإذا كان أتى زوجته عليه ذبيحة يذبحها في مكة للفقراء ؛ لأنه لن يحصل له التحلل الثاني إلا بالسعي ، فعليه أن يسعى الآن بنية الحج السابق ، وعليه دم إن كان قد أتى زوجته " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (17/341) .
وقال رحمه الله - فيمن سافرت وقد بقي عليها من أشواط السعي - قال : "يجب عليكِ أن تعودي إلى مكة ، وأن تسعي سبعة أشواط بين الصفا والمروة بنية الحج السابق ، وعليك دم يذبح في مكة للفقراء إن كان لديكِ زوج قد جامعك ، فإن لم يكن لديك زوج أو لديك ولم يحصل جماع فليس عليك دم . وعليك أن تطوفي للوداع عند السفر من مكة " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (17/345) .
ثانيا :
وما دمت تنوين العمرة فإنك تحرمين بها من الميقات ، ثم إذا فرغت منها بالطواف والسعي والتقصير ، فإنك تأتين بسعي الحج .
وانظري جواب السؤال رقم (109368) .
ويلزمك عند الخروج من مكة طواف الوداع ؛ لأن وداعك الأول غير معتبر لوقوعه قبل الانتهاء من أعمال الحج .
ثالثا :
لا يلزم فعل شيء عن خالك ، ولا يقضى عنه ما فاته من السعي ، وهذا هو الصحيح فيمن مات في الحج سواء مات قبل التحلل الأول أو بعده .(9/9)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : (فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا) ، دليل على أنه لا يقضى عنه ما بقي من نسكه ولو كان الحج فريضة خلافا لما ذهب إليه بعض أهل العلم ، وقالوا : إنه يقضى عنه ما بقي من النسك إذا كان الحج فريضة ؛ فإننا نقول ردا على هذا القول : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لهم : اقضوا عنه بقية النسك ، ولو كان قضاء بقية النسك واجبا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ولأننا لو قضينا عنه بقية نسكه لفوتنا عليه فائدة كبيرة جدا ، وهي أنه يبعث يوم القيامة ملبيا ؛ لأنه لو قضي عنه بقية النسك لتحلل وانتهى من النسك ، فيكون في قضاء بقية النسك عنه إساءة للميت " انتهى من "الشرح الممتع" (5/ 286) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل تُغطَّى رِجلا المحرِم الميت بكفنه أم تُكشفان؟
السؤال : هل الميت المحرِم - حاج أو معتمر - تُغطَّى رِجله أم تبقى مكشوفة مثل رأسه ووجهه ؟ .
الجواب :
الحمد لله
لم يأت دليل من السنة النبوية على كشف رجلي الرجل المحرم إذا مات ، وإنما جاءت السنة بوجوب كشف رأسه ، وفي بعض الألفاظ : (ووجهه) وأما الرجلان فتستران كما يُستر سائر البدن .
وعمدة المسألة : حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْه وَلَا تُحَنِّطُوهُ ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّياً) رواه البخاري ( 1206 ) ومسلم ( 1206 ) .
وتفرد مسلم بزيادة "الوجه" ، فرواه مرة : ( وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلاَ وَجْهَهُ ) .
( فوقصته ) من الوقص وهو كسر العنق .
((9/10)
سدر ) ورق شجر ، يدق ويستعمل في الغسل والتنظيف .
( ولا تحنطوه ) لا تضعوا له الحَنوط ، وهو طيب يخلط للميت خاصة ، وهو يدل على أن جميع أنواع الطيب لا تحل للمحرم .
فهذا الحديث يدل على أنه يستر بدنه كله بالكفن إلا الرأس والوجه .
وقد نُقل عن الإمام أحمد أنه تكشف رجلاه أيضا ، غير أن علماء المذهب الحنبلي ضعفوا هذه الرواية عن الإمام أحمد ، وجزموا بوهم من نقلها عنه .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"واختلف عنه – أي : عن الإمام أحمد - في تغطية رجليه ، فروى حنبل عنه : " لا تُغطى رجلاه " ، وهو الذي ذكره " الخِرَقي " ، وقال الخلاَّل : " لا أعرف هذا في الأحاديث ، ولا رواه أحدٌ عن أبي عبد الله [الإمام أحمد] غير حنبل ، وهو عندي وهم من حنبل " .
والعمل على أنه يغطى جميع المحرم إلا رأسه ؛ لأن إحرام الرجل في رأسه ، ولا يمنع من تغطية رجليه في حياته ، فكذلك في مماته" انتهى .
" المغني " ( 2 / 404 ) .
ومذهب الإمام الشافعي رحمه الله أنه يُكشف رأس المحرِم فقط ، ويُغطى سائر بدنه .
وأما مذهب الإمامين أبي حنيفة ومالك رحمهما الله فهو : تكفين المحرم كتكفين غيره من الأموات فيستر جميع بدنه ، وعندهم أن حديث ابن عباس خاص بذلك الصحابي .
جاء " الموسوعة الفقهية " ( 13 / 244 ، 245 ) :
"قال الشافعية والحنابلة : إذا مات المحرم ، والمحرمة : حرُم تطييبهما ، وأخذ شيء من شعرهما ، أو ظفرهما ، وحرُم ستر رأس الرجل ، وإلباسه مخيطاً ، وحرُم ستر وجه المحرمة ؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المحرم الذي وقصته ناقته فمات : ( اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه ، اللذين مات فيهما ، ولا تمسوه بطيب ، ولا تخمروا رأسه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيّاً ) .(9/11)
وعند الحنفية والمالكية : يكفَّن المحرم ، والمحرمة ، كما يكفن غير المحرِم ، أي : يُغطَّى رأسه ، ووجهه ، ويطيَّب ، لما روي عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في المحرم يموت : (خمِّروهم ولا تشبهوهم باليهود) ، وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال في المحرم : (إذا مات انقطع إحرامه) ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : ولد صالح يدعو له ، أو صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ) ، والإحرام ليس من هذه الثلاثة" انتهى .
وحديث : ( خمِّروهم ولا تشبهوهم باليهود ) ، حديث ضعيف ، رواه الدارقطني في " سننه " (2/296) من طريق : علي بن عاصم عن ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن الجوزي رحمه الله :
"حديث لا يصح ، قال يزيد بن هارون : ما زلنا نعرف " علي بن عاصم " بالكذب ، وكان أحمد : سيىء الرأي فيه ، وقال يحيى : ليس بشيء ، وقال النسائي : متروك الحديث" انتهى .
" التحقيق في أحاديث الخلاف " ( 2 / 5 ) .
وضعفه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " ( 3556 ) .
والخلاصة :
أن رجلي المحرم إذا مات تستران بالكفن ولا تكشفان .
والله أعلم
موقع الإسلام سؤال وجواب
إذا حاضت قبل طواف الإفاضة ولم يمكنها البقاء(9/12)
إن شاء الله سوف أقوم بأداء فريضة الحج لهذا العام. ماذا أفعل في فترة الحيض أثناء المناسك أعلم أن المناسك مثل أي حاج ولكن فقط عدم الطواف بالبيت ....سؤالي هو أريد أن أستعمل موانع الدورة الشهرية وزوجي طبيب ويرفض هذه الطريقة حيث يقول لي ممكن أن تحدث نزيفاً غير متوقع عند بعض النساء مما يسبب لي ربكة شديدة لكن أود أن أسال عن طواف الإفاضة ماذا أفعل لو أني حائض حيث إنني مرتبطة مع حملة طوافة وزوجي عنده شغل بعد الحج وأنا من مدينة حائل ومعي أطفال بمعني هناك صعوبة أن يتركني زوجي عند إخوته في جدة لحين طهارتي وطوافي بالبيت بعد أن أطهر دلوني علي الخير حيث إنني في حيرة من أمري .
الحمد لله
أولا :
الحائض لا يصح طوافها ؛ لما روى البخاري (305) ومسلم (1211) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها لما حاضت قبيل دخول مكة في حجة الوداع قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : (افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي) .
وروى البخاري (4401) ومسلم (1211) عن عَائِشَةَ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاضَتْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَحَابِسَتُنَا هِيَ ؟ فَقُلْتُ : إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلْتَنْفِرْ) .
فهذا يدل على أن الحائض ممنوعة من الطواف ، وعليها أن تبقى حتى تطهر ، فإن سافرت لزمها الرجوع لتطوف ، وهذا ما ذهب إليه جماهير أهل العلم .(9/13)
وإذا خافت المرأة نزول الحيض قبل طوافها للإفاضة وكان لا يمكنها البقاء في مكة ولا العودة إليها بعد الذهاب منها ، فلها أن تستعمل دواء لمنع الحيض لتتمكن من الطواف ، والضرر الذي قد يلحقها من ذلك ضرر مغتفر في سبيل تحقيق هذه العبادة العظيمة وأدائها على الوجه المشروع .
وقد روى عبد الرزاق في مصنفه (1/318) أن ابن عمر رضي الله عنه سئل عن امرأة تطاول بها دم الحيضة فأرادت أن تشرب دواء يقطع الدم عنها فلم ير ابن عمر باسا ، ونعت ابن عمر ماء الأراك [أي وصف لها ذلك دواء لها] ، قال معمر : وسمعت ابن أبي نجيح يسأل عن ذلك فلم ير به باسا .
وروى عن عطاء أنه سئل عن امرأة تحيض ، يجعل لها دواء فترتفع حيضتها وهي في قرئها كما هي ، تطوف ؟ قال : نعم ، إذا رأت الطهر ، فإذا هي رأت خفوقا ولم تر الطهر الأبيض ، فلا .
والخفوق : الدم القليل أو الخفيف قرب الانقطاع .
وإذا لم يمكنها أخذ هذا الدواء أو خافت حصول ضرر عليها منه ، فقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أنه إن لم يمكنها البقاء في مكة لذهاب رفقتها ، ولم يمكنها الرجوع للطواف ، فهي مضطرة ، تستثفر وتتحفظ بما يمنع سقوط الدم وتطوف ، وبهذا أفتى بعض أهل العلم .
فقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : قدمت امرأة محرمة بعمرة ، وبعد وصولها إلى مكة حاضت . ومحرمها مضطر إلى السفر فوراً وليس لها أحد بمكة ، فما الحكم ؟(9/14)
فأجابت : "إذا كان الأمر كما ذكر من حيض المرأة قبل الطواف وهي محرمة ، ومحرمها مضطر للسفر فوراً وليس لها محرم ولا زوج بمكة ، سقط عنها شرط الطهارة من الحيض لدخول المسجد وللطواف للضرورة ، فتستثفر وتطوف وتسعى لعمرتها ، إلا إنْ تيسر لها أن تسافر وتعود مع زوج أو محرم ، لقرب المسافة ويسر المؤونة فتسافر وتعود فور انقطاع حيضها لتطوف طواف عمرتها وهي متطهرة ، فإن الله تعالى يقول : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) . وقال : (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) . وقال : (وما جعل عليكم في الدين من حرجٍ) . وقال : (فاتقوا الله ما استطعتم) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم) ، الحديث ، إلى غير ذلك من نصوص التيسير ورفع الحرج ، وقد أفتى بما ذكرنا جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (2/238) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : امرأة حاضت ولم تطف طواف الإفاضة وتسكن خارج المملكة وحان وقت مغادرتها المملكة ولا تستطيع التأخر ويستحيل عودتها للمملكة مرة أخرى فما الحكم ؟(9/15)
فأجاب : "إذا كان الأمر كما ذكر امرأة لم تطف طواف الإفاضة وحاضت ويتعذر أن تبقى في مكة أو أن ترجع إليها لو سافرت قبل أن تطوف ، ففي هذه الحالة يجوز لها أن تستعمل واحداً من أمرين : فإما أن تستعمل إبراً توقف هذا الدم وتطوف ، وإما أن تتلجم بلجام يمنع من سيلان الدم إلى المسجد وتطوف للضرورة ، وهذا القول الذي ذكرناه هو القول الراجح والذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وخلاف ذلك واحد من أمرين : إما أن تبقى على ما بقي من إحرامها بحيث لا تحل لزوجها ولا أن يعقد عليها إن كانت غير مزوجة ، وإما أن تعتبر محصرة تذبح هدياً وتحل من إحرامها ، وفي هذه الحال لا تعتبر هذه الحجة لها ، وكلا الأمرين أمر صعب ، فكان القول الراجح هو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية ، رحمه الله في مثل هذه الحال للضرورة، وقد قال الله تعالى : (ما جعل عليكم في الدين من حرج) . وقال : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) . أما إذا كانت المرأة يمكنها أن تسافر ثم ترجع إذا طهرت فلا حرج عليها أن تسافر فإذا طهرت رجعت فطافت طواف الحج وفي هذه المدة لا تحل للأزواج لأنها لم تحل التحلل الثاني " انتهى من "فتاوى إسلامية" (2/237) .
وطواف المرأة الحائض للضرورة يمكن أن تُفتى به امرأة أتت من بلاد بعيدة ولا يمكنها لا البقاء في مكة ولا العودة مرة أخرى لتطوف ، أما من كانت تقيم في بلاد الحرمين ، أو إحدى دول الخليج ، فإنه يمكنها الرجوع إلى مكة لتطوف طواف الإفاضة ، فإذا تعذر عليها الإقامة بمكة حتى تطهر ، فإنها تسافر ثم إذا طهرت رجعت لتطوف ، وفي هذه الفترة تتجنب معاشرة زوجها لأنها لم تتحلل التحلل الثاني .
وهذا هو ما ينطبق على حالتك ، فلا يجوز لك الطواف مع الحيض ، ولكنك ترجعين إن طهرت للطواف .(9/16)
وقد سئل الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم : حاضت امرأة قبل طواف الإفاضة، وهي مرتبطة بالسفر مع رحلة الحج التي أتت معها قبل أن تطهر من الحيض، فماذا عليها أن تفعل؟ علماً أنها لا تستطيع التأخر عن رحلتها في العودة، وجزاكم الله خيراً.
فأجاب :
"بالنسبة للمرأة التي حاضت قبل طواف الإفاضة لا تخلو من حالين:
الأول: أن تكون قادمة من بلاد بعيدة؛ كبلاد المغرب وباكستان، والهند، ونحو ذلك من البلاد البعيدة، فهذه على رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لها أن تتحفظ وأن تطوف للضرورة.
الثاني: أن تكون قادمة من بلاد قريبة؛ كأن تكون داخل المملكة العربية السعودية، أو تكون من بلاد الخليج، فهذه لا يجوز لها أن تطوف وهي حائض، بل تنتظر حتى تطهر، أو تذهب ثم بعد ذلك ترجع إذا طهرت، وإذا ذهبت فإنها لا تزال محرمة ولم تحل التحلل الثاني، فلا يجوز لزوجها أن يقربها حتى تحل التحلل الثاني" انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
رجل جامع زوجته في صيام واجب غير رمضان
ما الحكم في رجل جامع أهله في صيام واجب غير رمضان ؟.
الحمد لله
سئل فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله : ما الحكم في رجل جامع أهله في صيام واجب غير رمضان ؟
فأجاب : اتفق العلماء على أن الكفارة تجب بالجماع في نهار رمضان سواء أنزل الماء أو لم ينزل .
ولا يستثنى من ذلك إلا المكره والجاهل والناسي في أصح قولي العلماء .
وإذا أنزل ولم يولج لزمه القضاء عند أكثر أهل العلم وإذا أولج ولم ينزل لزمته الكفارة والقضاء .
فالكفارة مربوطة بالإيلاج وليست بالإنزال .
ولا تجب الكفارة إلا في الجماع بنهار رمضان فلو جامع في قضاء واجب أو نذر أو نحو ذلك لم تجب عليه الكفارة وبه قال الجمهور وهذا ظاهر الأدلة .(9/17)
وقد قال غيرُ واحد من أهل العلم . لو أن رجلاً وطيء في آخر يوم من رمضان فتبين له أنه من شوال لم تلزمه كفارة لأنه تبين أن صومه لم يكن فرضاً عليه والله أعلم . اهـ
انظر السؤال ( 40242 ) .
الإسلام سؤال وجواب
مصاب بالسلس فماذا يصنع في الحج
أعاني منذ سنوات قلائل من سلس البول غير الدائم، تخرج مني قطرات من البول بعد التبول، خلال السنوات الفائتة اعتدت أن أستخدم مناشف ورقية مع ملابسي الداخلية وأنظف نفسي بالماء ثم أتوضأ قبل كل صلاة. أنوي الذهاب للحج هذا العام إن شاء الله، أسئلتي هي: - هل أرتدي ملابس داخلية حال الإحرام؟ - هل يجوز لي جمع كل صلاتين معا أثناء سفري لأداء الحج أو خلال تأديتي للمناسك؟ - هل أنظف نفسي مرتين وأتوضأ مرتين قبل جمع صلاتين معا أثناء الحج؟ - أشعر أحيانا أنني متأكد أن شيئا لم يخرج مني، فهل علي في هذه الحالة أن أنظف نفسي مرة أخرى قبل جمع الصلاتين التاليتين؟ - هل علىّ أن أستخدم الماء لتنظيف نفسي قبل كل صلاة حتى ولم لم أتبول؟ هل يجوز استخدام المناشف الورقية فقط؟ - هل يجوز لي الاستمرار في أخذ الأدوية أثناء الإحرام؟
الحمد لله
أولا :
من كان حدثه دائما مستمرا ، كصاحب سلس البول والريح ، يتوضأ لوقت كل صلاة ، ويصلي بوضوئه ما شاء من الفروض والنوافل ، حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى ، ولا يضره لو خرج منه شيء بعد وضوئه ولو أثناء الصلاة .
وأما إن كان البول ينقطع عنه في وقت يتسع لطهارته وصلاته فإنه يلزمه تأخير الصلاة لذلك الوقت . وينبغي أن يذهب إلى الخلاء قبل الصلاة أو الأذان بربع ساعة مثلاً ثم يضع شيئاً يأمن معه التلوث بعد استنجائه ، ثم إذا انقطع البول استنجي وتوضأ وصلى .
وينظر جواب السؤال : 39494 و 6656 .
ثانيا :
يمكنك أثناء الإحرام أن تلف على ذكرك مناشف ورقية وأن تضع عليها كيسا يمنعها من السقوط ويمنع البول من الخروج ، ولا يعد هذا من المحظورات .(9/18)
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم أن يضع المحرم صاحب السلس شيئاً على العضو - مثل الكيس - حتى لا تنتشر النجاسة ؟ هل هو من محظورات الإحرام ؟.
فأجاب : بأن هذا ليس من محظورات الإحرام . وينظر جواب السؤال رقم 11013
فإن شق ذلك عليك فالبس حفاظة أو ملابس داخلية ، ولا حرج عليك ، لكن تلزمك الفدية وهي على التخيير : ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو صيام ثلاثة أيام .
لحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه لما احتاج أن يحلق رأسه وهو محرم ، قال له النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَاحْلِقْ ، وَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً ) رواه البخاري (4190) ومسلم (1201).
ثالثا :
يجوز لك الجمع بين الصلاتين لعذر السفر ، وكذلك إذا شق عليك الدخول للخلاء ثم الخروج منه والعودة إليه لا سيما مع وجود الزحام ، فحيث وجد الحرج والمشقة شرع الجمع .
ومن جمع بين الصلاتين ، فإنه يتوضأ لهما وضوءا واحدا ، سواء كان صاحب سلس أو لم يكن .
وكذلك التنظف والتطهر قبل الوضوء ، يكون مرة واحدة .
وإذا تأكدت من طهارة المحل وعدم خروج شيء منك فإنه لا يلزمك الاستنجاء ولا التطهر .
ويجوز الاقتصار على استعمال المناديل الورقية للتطهر ، وإن كان استعمال الماء أفضل .
رابعا :
لا حرج في استعمال الأدوية أثناء الإحرام .
ونسأل الله تعالى لك الشفاء والمعافاة وأن يرزقنا وإياك حجا مبرورا وذنبا مغفورا.
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ليس للاشتراط عند الإحرام صيغة محددة
هل يلزم المشترط أن يأتي بالصيغة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أم يشترط بأي كلام يعبر به عن نفسه؟
الحمد لله
"لا يلزمه أن يأتي بالصيغة الواردة ، لأن هذا مما لا يتعبد بلفظه ، والشيء الذي لا يتعبد بلفظه يكتفى فيه بالمعنى" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/26) .(9/19)
والمقصود أنه لو أتى بالمعنى كقوله : ( إن لم أستطع إكمال العمرة فأنا حلال أو متحلل ) فهذا يكفي .
الإسلام سؤال وجواب
لا يستطيع لبس الإحرام لأنه معاق
رجل يرغب في أداء العمرة ولكن لا يستطيع لبس الإحرام لأنه معاق ومشلول : فهل يستطيع العمرة بثيابه ؟ وهل عليه كفارة ؟
الحمد لله
"نعم ؛ إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يلبس ثياب الإحرام فإنه يلبس ما يناسبه من اللباس الآخر والجائز ، وعليه عند أهل العلم إما أن يذبح شاة يوزعها على الفقراء ، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، أو يصوم ثلاثة أيام .
هكذا قال أهل العلم قياساً على ما جاء في حلق الرأس حيث قال الله تعالى : (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) البقرة/196، وقد بَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصيام ثلاثة أيام ، وأن الصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، وأن النسك ذبح شاة ، ويكون الذبح والإطعام في هذه المسألة بمكة احتياطاً ، لأن انتهاك محظور اللبس سيستمر إلى التحلل" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 138) .
الإسلام سؤال وجواب
لا يجوز اصطحاب الخادمة الكافرة إلى الحرم
ما حكم استصحاب الخادمة الكافرة وإدخالها إلى الحرم وما العمل إذا قدم بها؟
الحمد لله
"كيف يذهب بامرأة كافرة إلى المسجد الحرام ، والله عز وجل يقول : (فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) التوبة/23 .
هذا حرام عليه ، وإذا قدر أنه اضطر لهذا يقول لها : أسلمي ، فإن أسلمت فهذا هو المطلوب ، وإن لم تسلم إما أن يبقى معها ، وإما أن يرسلها إلى أهلها .
وأما أن يأتي بها إلى مكة فهذا لا يجوز ، أولاً : معصية لله عز وجل . ثانياً : امتهان الحرم ، فيرجع هو وإياها أو يردها هي إلى بلدها" انتهى .(9/20)
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/433) .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (2192) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
نصائح للحاج قبل سفره إلى الحج
هل من نصيحة لمن أراد السفر للحج ، ماذا يفعل قبل سفره ؟
الحمد لله
"إذا عزم المسلم على السفر إلى الحج أو العمرة استحب له أن يوصي أهله وأصحابه بتقوى الله عز وجل ، وهي : فعل أوامره ، واجتناب نواهيه .
وينبغي أن يكتب ما له وما عليه من الدين ، ويشهد على ذلك ، ويجب عليه المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب ؛ لقوله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31.
وحقيقة التوبة : الإقلاع من الذنوب وتركها ، والندم على ما مضى منها ، والعزيمة على عدم العود فيها ، وإن كان عنده للناس مظالم من نفس أو مال أو عرض ردها إليهم ، أو تحللهم منها قبل سفره ؛ لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من كانت عنده مظلمة لأخيه من مال أو عرض فليتحلل اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه) .
وينبغي أن ينتخب لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال ؛ لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا) ، وروى الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ، ناداه مناد من السماء : لبيك وسعديك ، زادك حلال ، وراحلتك حلال ، وحجك مبرور غير مأزور . وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ، ناداه مناد من السماء : لا لبيك ولا سعديك ، زادك حرام ، ونفقتك حرام ، وحجك غير مبرور) .(9/21)
وينبغي للحاج الاستغناء عما في أيدي الناس والتعفف عن سؤالهم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم) .
ويجب على الحاج أن يقصد بحجته وعمرته وجه الله والدار الآخرة ، والتقرب إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال في تلك المواضع الشريفة ، ويحذر كل الحذر من أن يقصد بحجه الدنيا وحطامها ، أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك ، فإن ذلك من أقبح المقاصد وسبب لحبوط العمل وعدم قبوله ، كما قال تعالى : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) هود/15-16 . وقال تعالى : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) الإسراء/18-20 .
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : قال الله تعالى : (أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) .
وينبغي له أيضا أن يصحب في سفره الأخيار من أهل الطاعة والتقوى والفقه في الدين ، ويحذر من مصاحبة السفهاء والفساق .(9/22)
وينبغي له أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته ، ويتفقه في ذلك ويسأل عما أشكل عليه ؛ ليكون على بصيرة ، فإذا ركب دابته أو سيارته أو طائرته أو غيرها من المركوبات استحب له أن يسمي الله سبحانه ويحمده ، ثم يكبر ثلاثا ، ويقول : (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) الزخرف/13-14. اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا هذا ، واطو عنا بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب في المال والأهل ؛ لصحة ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أخرجه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
ويكثر في سفره من الذكر والاستغفار ، ودعاء الله سبحانه ، والتضرع إليه ، وتلاوة القرآن وتدبر معانيه ، ويحافظ على الصلوات في الجماعة ، ويحفظ لسانه من كثرة القيل والقال ، والخوض فيما لا يعنيه ، والإفراط في المزاح ، ويصون لسانه أيضا من الكذب والغيبة والنميمة والسخرية بأصحابه وغيرهم من إخوانه المسلمين .
وينبغي له بذل البر في أصحابه ، وكف أذاه عنهم ، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة على حسب الطاقة" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/32- 37) .
الإسلام سؤال وجواب
نوى الحج لنفسه ثم بدا له أن يغير النية لقريب له فهل له ذلك؟
رجل نوى الحج لنفسه وقد حج من قبل ثم بدا له أن يغير النية لقريب له وهو في عرفة فما حكم ذلك وهل يجوز له ذلك أم لا ؟ .
الحمد لله(9/23)
"الإنسان إذا أحرم بالحج عن نفسه فليس له بعد ذلك أن يغير لا في الطريق ولا في عرفة ولا في غير ذلك بل يلزمه أن يكمل لنفسه ولا يغير لا لأبيه ولا لأمه ولا لغيرهما بل يتعين الحج له ؛ لقول الله سبحانه وتعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) البقرة/196 ، فإذا أحرم لنفسه وجب أن يتمه لنفسه ، وإذا أحرم لغيره وجب أن يتمه لغيره ولا يغير بعد الإحرام إذا كان قد حج عن نفسه وهكذا العمرة" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (17/78) .
الإسلام سؤال وجواب
هل الأفضل أن يحج عن والديه أم يساهم في بناء مسجد؟
حججت الفريضة والحمد لله وأريد أن أحج عن والدي وعندنا مسجد يحتاج إلى إكمال البناء ، فهل الأفضل أن أحج عن والدي أو أساهم في بناء المسجد ؟
الحمد لله
"إذا كانت الحاجة ماسة إلى تعمير المسجد فتصرف نفقة الحج تطوعا في عمارة المسجد ؛ لعظم النفع واستمراره وإعانة المسلمين على إقامة الصلاة جماعة .
أما إذا كانت الحاجة غير ماسة إلى صرف نفقة الحج التطوع في عمارة المسجد لوجود من يعمره غير صاحب الحج ، فحجه تطوعا عن والديه بنفسه وبغيره من الثقات أفضل إن شاء الله ، لكن لا يجمعان في حجة واحدة ، بل يحج لكل واحد وحده" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/372) .
الإسلام سؤال وجواب
هل الأفضل أن يحج عن والديه أم يساهم في بناء مسجد؟
حججت الفريضة والحمد لله وأريد أن أحج عن والدي وعندنا مسجد يحتاج إلى إكمال البناء ، فهل الأفضل أن أحج عن والدي أو أساهم في بناء المسجد ؟
الحمد لله
"إذا كانت الحاجة ماسة إلى تعمير المسجد فتصرف نفقة الحج تطوعا في عمارة المسجد ؛ لعظم النفع واستمراره وإعانة المسلمين على إقامة الصلاة جماعة .(9/24)
أما إذا كانت الحاجة غير ماسة إلى صرف نفقة الحج التطوع في عمارة المسجد لوجود من يعمره غير صاحب الحج ، فحجه تطوعا عن والديه بنفسه وبغيره من الثقات أفضل إن شاء الله ، لكن لا يجمعان في حجة واحدة ، بل يحج لكل واحد وحده" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/372) .
الإسلام سؤال وجواب
ما المنافع التي يشهدها الناس في الحج؟
ما المنافع التي يشهدها الناس في الحج؟
الحمد لله
"المنافع التي يشهدها المسلمون في الحج منافع كثيرة منافع دينية ، ومنافع اجتماعية ، ومنافع دنيوية .
أما المنافع الدينية : فهي ما يقوم به الحجاج من أداء المناسك ، وما يحصل من التعليم والتوجيه من العلماء من هنا ومن هناك ، وما يحصل كذلك من الإنفاق في الحج ، فإنه من الإنفاق في سبيل الله عز وجل .
وأما المنافع الاجتماعية : فهي ما يحصل من تعارف الناس بينهم ، وائتلاف قلوبهم ، واكتساب بعضهم من أخلاق بعض ، وحسن المعاملة والتربية بعضهم البعض ، كما هو مشاهد لكل لبيب تأمل ذلك .(9/25)
وأما الفوائد الدنيوية : فما يحصل من المكاسب لأصحاب السيارات وغيرها مما يستأجر لأداء الحج ، وكذلك ما يحصل للحجاج من التجارة التي يوردونها معهم ويستوردونها من مكة ، وغير هذا من المنافع العظيمة ، ولهذا قال الله تعالى : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) الحج/28 ، فأتى فيها بالجمع الذي هو صيغة منتهى الجموع ، ولكن مع الأسف الشديد أن الحج في هذه الأزمنة عند كثير من الناس لا يستفاد منه هذه الفوائد العظيمة ، بل كأن الحج أفعال وأقوال جرداء ، ليس فيها إلا مجرد الصور فقط ، ولهذا لا تكسب القلب خشوعاً ، ولا تكسب ألفة بين المؤمنين ، ولا تعلماً لأمور دينهم ، بل ربما يكره بعضهم أن يسمع كلمة وعظ من ناصح لهم ، بل ربما يكون مع بعضهم سوء نية في دعوة الناس إلى الباطل ، إما بالمقال ، وإما بالفعال بتوزيع النشرات المضلة الفاسدة وهذا لا شك أنه مما يحزن ، ومما يجعل هذا الحج خارجاً عن نطاقه الشرعي الذي شرع من أجله ، لذا أنصح إخواني الحجاج بما يلي :
أولاً : إخلاص النية لله تعالى في الحج ، بأن لا يقصدوا من حجهم إلا الوصول إلى ثواب الله تعالى ودار كرامته .
ثانياً : الحرص التام على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في حجه ، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يقول : (لتأخذوا عني مناسككم) .
ثالثاً : الحرص التام على التآلف والتقارب بين المسلمين ، وتعريف بعضهم بعضاً بما ينبغي أن يعرفوه من مشاكل دينية واجتماعية وغيرها .
رابعاً : الرفق بالحجاج عند المشاعر ، وعند الطواف ، وعند السعي ، وعند رمي الجمرات ، وعند الدفع من مزدلفة ومن عرفة وغير ذلك .
خامساً : الحرص على أداء المناسك بهدوء وطمأنينة ، وألا يكون الواحد كأنما أتى ليقابل جيشاً ، أو جندياً محارباً ، ويظهر ذلك عند رمي الجمرات فإن بعض الناس تجدهم مقبلين إلى الجمرات والواحد منهم ممتلئ غضباً وحنقاً ، وربما يتكلم بكلمات نابية لا تليق بغير هذا الموضع فكيف بهذا الموضع ؟! .(9/26)
سادساً : أن يبتعد كل البعد عن الإيذاء الحسي والمعنوي بمعنى أنه يجتنب إلقاء القاذورات في الطرقات ، وإلقاء القمامة في الطرقات وغير ذلك ، الإيذاء المعنوي أن يتجنب شرب الدخان مثلاً بين أناس يكرهون ذلك ، مع أن شرب الدخان محرم في حال الإحرام وغير حال الإحرام ، وإذا وقع في الإحرام أنقص الإحرام وأنقص أجر الحج والعمرة ؛ لأن الله تعالى يقول : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) البقرة/197 ، والدخان محرم ، والإصرار عليه يؤدي إلى أن يكون كبيرة من الكبائر .
فالمهم أن الإنسان ينبغي له في هذا الحج أن يكون على أكمل ما يكون من دين وخلق حتى يجد طعم وحلاوة هذا الحج" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/7-9) .
الإسلام سؤال وجواب
من فوائد الحج
ما هي فوائد الحج؟
الحمد لله
"إن الله تعالى بحكمته نَوَّع العبادات على الخلق ليبلوهم أيهم أحسن عملاً ، وأقوم سبلاً ، فإن الناس يختلفون في مواردهم ومصادرهم ، فمنهم من يتقبل القيام بنوع من العبادات لأنه يلائمه ولا يتقبل النوع الآخر لأنه لا يلائمه ، فتجده في النوع الأول منقاداً مسرعاً ، وفي الثاني متثاقلاً ممانعاً ، والمؤمن حقاً هو الذي ينقاد لما يرضي مولاه لا لما يوافق هواه .
ومن تنوع العبادات تنوع أركان الإسلام ، فمنها ما هو بدني محض يحتاج إلى عمل وحركة جسم كالصلاة ، ومنها ما هو بدني لكنه كف عن المحبوبات التي تميل إليها النفس كالصيام ، ومنها ما هو مالي محض كالزكاة ، ومنها ما هو بدني مالي كالحج .
فالحج جامع للتكليف البدني والمالي ، ولما كان يحتاج إلى سفر وتعب أكثر من غيره لم يوجبه الله تعالى في العمر إلا مرة واحدة ، ونص على اشتراط الاستطاعة فيه ، والاستطاعة شرط للوجوب فيه وفي غيره ، لكن الحج أمس بها من غيره ، هذا وللحج فوائد عظيمة منها :(9/27)
1- أنه قيام بأحد أركان الإسلام التي لا يتم إلا بها ، وهذا يدل على أهميته ومحبة الله له .
2- أنه نوع من الجهاد في سبيل الله ، ولذلك ذكره الله تعالى بعد ذكر آيات الجهاد . وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة حين سألته هل على النساء جهاد ؟ قال : (نعم؛ عليهن جهاد لا قتال فيه ، الحج والعمرة) .
3- الثواب الجزيل والأجر العظيم لمن قام به على الوجه المشروع ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) وقال : (من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) , وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الحجاج والعمار وفد الله ، إن دعوه أجابهم ، وإن استغفروه غفر لهم) رواه النسائي وابن ماجة .
4- ما يحصل فيه من إقامة ذكر الله وتعظيمه وإظهار شعائره مثل التلبية ، والطواف بالبيت وبالصفا والمروة ، والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ، ورمي الجمار وما يتبع ذلك من الذكر والتكبير والتعظيم ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) .
5- ما يكون فيه من اجتماع المسلمين من جميع الأقطار وتبادل المودة والمحبة والتعارف بينهم ، وما يتصل بذلك من المواعظ والتوجيه والإرشاد إلى الخير والحث على ذلك .
6- ظهور المسلمين بهذا المظهر الموحد في الزمان والمكان والعمل والهيئة ، فكلهم يقفون في المشاعر بزمن واحد ، وعملهم واحد ، وهيئتهم واحدة ، إزار ورداء ، وخضوع ، وذلك بين يدي الله عز وجل .
7- ما يحصل في الحج من مواسم الخير الديني والدنيوي وتبادل المصالح بين المسلمين ، ولذلك قال الله تعالى : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) الحج/28 . وهذا يعم منافع الدين والدنيا .(9/28)
8- ما يحصل من الهدايا الواجبة والمستحبة من تعظيم حرمات الله ، والتنعم بها أكلاً وإهداء وصدقة للفقراء ، فمصالح الحج وحكمه وأسراره كثيرة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/239) .
الإسلام سؤال وجواب
هل العمل إذا كان شاقاً على النفس أعظم للأجر؟
هل العمل إذا كن شاقاً على النفس أعظم للأجر؟ وما رأيك فيمن يقول أحج على قدمي لأنه أعظم للأجر؟
الحمد لله
"المشقة إن كانت من لازم فعل العمل فإنك تؤجر عليها ، وإن كانت من فعلك فإنك لا تؤجر عليها ، بل ربما تأثم عليها .
مثلاً : إذا كان الإنسان حج على سيارة أو طائرة لكن في أثناء المناسك حصل له تعب من الشمس أو من البرد أيام الشتاء أو ما أشبه ذلك ، فإنه يؤجر على هذه المشقة لأنها بغير فعله ، أما لو كانت المشقة بفعله مثل أن يتعرض هو بنفسه للشمس ، فإنه لا يؤجر على هذا ، ولهذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قد نذر أن يقف في الشمس منعه من ذلك ونهاه ، لأن تعذيب الإنسان لنفسه إساءة إليها وظلم لها ، والله سبحانه وتعالى لا يحب الظالمين .
فالحاصل أن المشقة الحاصلة في العبادة إن كانت بفعلك ، فأنت غير مأجور عليها ، وإن كانت بغير فعلك فأنت مأجور عليها" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/44) .
الإسلام سؤال وجواب
يدخله صاحبه في أحد المخيمات المجانية
هناك مخيمات خاصة بالحج في بعض الجهات وفيها جميع الخدمات حتى الأكل والشرب ، بدون مقابل ، وقد يحدث أن يأتي حاج يعرف شخصاً من منسوبي هذه الجهات فيستطيع أن يدخله ضمن مخيمات الحج ، فهل يحق له هذا ، ويجوز فعله ، وهل حجي صحيح ؟
الحمد لله(9/29)
"الخيام التي تحجز ويتحجرها أصحابها في منى ، لا حرج على الإنسان أن يطلب خيمة منها ، لأن له الحق في أن ينزل في منى ، وأما الأكل والشرب والكهرباء وما أشبهها فإن أذن المسئول عن هذه المخيمات ، فلا بأس بذلك ، وإن لم يأذن ، فإنه لا يجوز أن يأكل أو أن ينتفع بالكهرباء والمكيفات التي جعلت في هذه الأماكن . والغالب أن المسئول عن هذه الخيام الغالب أنه يسمح للإنسان أن ينتفع ويأكل ويشرب ضمن الناس وتكون هذه بمنزلة الضيافة ، وحينئذ يكون الأكل والشرب والانتفاع بالكهرباء وكذلك النزول في الخيمة يكون جائزاً ما دام صدر الإذن به من المسئول عنها " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/75) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يستحب الاشتراط لكل من أراد الإحرام بالحج أو العمرة؟
هل يستحب لكل من أراد الحج أو العمرة أن يشترط عند الإحرام ؟
الحمد لله
"الاشتراط في الحج هو أن يشترط الإنسان عند عقد الإحرام : إن حبسه حابس فمحله حيث حبس .
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في مشروعية الاشتراط فمنهم من قال : إنه ليس بمشروع مطلقاً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم حج واعتمر ولم ينقل عنه أنه اشترط في حجه ولا في عمرته . ومن المعلوم أنه يكون معه المرضى ولم يرشد الناس إلى الاشتراط ، فها هو كعب بن عجرة رضي الله عنه في عمرة الحديبية أتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وفيه مرض والقمل يتناثر على وجهه من رأسه فقال صلى الله عليه وسلم : (ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى) وأمره أن يحلق رأسه وأن يفدي ، أو يصوم ، أو يطعم ، والقصة معروفة في الصحيحين وغيرهما .
ومن العلماء من قال : إنه مشروع مطلقاً ، وأن الإنسان يستحب له عند عقد الإحرام أن يشترط : إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ، وعللوا ذلك بأنه لا يأمن العوارض التي تحدث له في أثناء إحرامه وتوجب له التحلل ، فإذا كان قد اشترط على الله سهل عليه التحلل .(9/30)
ومن العلماء من قال : إن خاف من عائق اشترط وإلا فلا .
والصحيح أن الاشتراط ليس بمشروع إلا أن يخاف الإنسان من عائق يحول دونه وإتمام نسكه ، مثل أن يكون مريضاً ويشتد به المرض فلا يستطيع أن يتم نسكه فهنا يشترط ، وأما إذا لم يكن خائفاً من عائق يمنعه ، أو من عائق يحول بينه وبين إتمام نسكه فلا يشترط ، وهذا القول تجتمع به الأدلة ، ووجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر وحج ولم يشترط ، ولم يقل للناس على سبيل العموم : اشترطوا عند الإحرام ، ولكن لما أخبرته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب رضي الله عنها أنها تريد الحج وهي شاكية ، أي : مريضة ، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني ، فإن لك على ربك ما استثنيت ) فمن كان في مثل حالها فإنه يشترط ، ومن لم يكن فإنه لا يشترط" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/26- 28) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يحج عن أحد من الصحابة؟
هل يجوز أن يحج عن أحد من الصحابة؟
الحمد لله
"لا بأس أن يحج الإنسان عنهم كما يحج عن أي مسلم ، لكن مع ذلك نرى الدعاء للأموات أفضل بكثير من الأعمال الصالحة ، حتى الأب والأم إذا دعوت الله لهما فهو أفضل من أن تحج عنهما ، إذا لم يكن فرضاً ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما تحدث عن عمل الإنسان بعد موته قال : (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له) ولم يقل عليه الصلاة والسلام : ( يحج عنه ، ولا يتصدق عنه ، ولا يصوم عنه ، ولا يزكي ، ولا يحج) بل قال : (ولد صالح يدعو له) وهل تظن أيها المؤمن أحداً أنصح للأحياء والأموات من الرسول صلى الله عليه وسلم ؟! لا والله لا نظن ، بل نظن ونعتقد أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنصح الخلق للأحياء والأموات ، ومع ذلك قال : (أو ولد صالح يدعو له)" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/23) .(9/31)
الإسلام سؤال وجواب
لا يجوز تغيير نية الإحرام من القران إلى الإفراد
في أحد الأعوام نويت بالحج والعمرة معاً وقت الإحرام ، وعندما سارت السيارة من قريتنا حوالي اثنين كيلو متر وجدت أن رفقاءنا في الحج أحرموا بالحج فقط – أي بالإفراد – فعملت مثلهم ؛ فهل على شيء في ذلك أم لا ؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً ، علماً بأنني ذهبت للعمرة بعد ذلك في رمضان عدة مرات .
الحمد لله
"إذا كان تحول نيتك من الإحرام بالحج والعمرة معاً إلى الإحرام بالحج فقط حصل قبل الإحرام فلا شيء عليك ، وإن كان ذلك بعد عقد الإحرام بالحج والعمرة فلا يسقط ذلك عنك حكم القران ، ودخلت أعمال عمرتك في أعمال حجك ، وعليك هدي التمتع .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/162) .
الإسلام سؤال وجواب
لا يصح طواف الوداع إلا بعد إكمال الحج
هل يجوز أن يطوف الحاج للوداع صباح اليوم الثاني عشر ، ثم يرجع إلى منى لرمي الجمار ثم يسافر إلى بلده؟
الحمد لله
"الوداع آخر أعمال الحج، فلا يجوز أن يتقدم على شيء منها؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/302) .
الإسلام سؤال وجواب
لن يتمكن من لبس ملابس الإحرام بسبب طبيعة عمله(9/32)
أقيم بالمملكة للعمل ، وأنوي أداء فريضة الحج ، وجهة عملي ندبتني هذا العام للعمل بالمشاعر المقدسة ، وعملي هناك لا يمنعني من أداء جميع المناسك ، إلا أنني لن أتمكن من لبس ملابس الإحرام ؛ لأن طبيعة عملي ونظامه تفرض علي ملبساً معيناً من المخيط . فماذا أفعل ؟ وهل يكون حجي صحيحاً إذا ذبحت فداء دون أن ألبس ملابس الإحرام طوال أيام الحج ؟
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكر فحجك صحيح ؛ ولا إثم عليك في لبسك ملابس غير ملابس الإحرام ؛ دفعاً للحرج عن نفسك ، ولكن تلزمك فدية لذلك وهي إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم ، أو ذبح ذبيحة تصلح أضحية تطعمها مساكين مكة أو سائر الحرم ، ولا تأكل منها ، أو تصوم ثلاثة أيام ، أي ذلك فعلت أجزأك ، وعليك مثل ذلك عند غطاء الرأس ، إن كنت غطيت رأسك .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/182، 183) .
الإسلام سؤال وجواب
ما حكم صعود جبل الرحمة في يوم عرفات والصلاة عليه؟
هل هناك ثواب معين في صعود جبل الرحمة في يوم عرفات والصلاة عليه؟
الحمد لله(9/33)
"لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث على صعود جبل عرفات الذي اشتهر عند الناس باسم: جبل الرحمة، ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم صعود هذا الجبل في حجه ولا اتخذه منسكاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (خذوا عني مناسككم) ، ودرج على ذلك الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة ومن تبعهم بإحسان، فلم يكونوا يصعدون على هذا الجبل في حجهم ولا اتخذوه منسكاً لهم؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذي ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وقف تحت هذا الجبل عند الصخرات الكبار، وقال : (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة) ولذا قال كثير من العلماء: إن صعود هذا الجبل في الحج على وجه النسك بدعة، منهم الإمام النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ صديق خان، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أن يصلي نفلاً بموقف عرفات، بل اكتفى بصلاة الظهر والعصر في مسجد نمرة، جمعاً وقصراً، ولا اتخذ مصلى بما يسمى جبل الرحمة ليصلي فيه من صعد على هذا الجبل نافلة أو فريضة في يوم عرفات، بل اشتغل بعد صلاته الظهر والعصر بذكر الله تسبيحاً وتهليلاً وتحميداً وتكبيراً وتلبية، وبدعاء ربه والضراعة إليه، حتى غربت الشمس. فاتخاذ مصلى أو مسجد على هذا الجبل ليصلي فيه من صعد عليه من البدع التي أحدثها الجهال .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/206-208) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :(9/34)
"الصعود على جبل عرفات ليس من الأمور المشروعة ، بل هو إن اتخذه الإنسان عبادة بدعة ، لا يجوز للإنسان أن يعتقده عبادة ، ولا أن يعمل به على أنه عبادة ، والرسول صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على فعل الخير ، وأبلغ الناس في تبليغ الرسالة ، وأعلم الناس بدين الله ، لم يصعده ولم يأمر أحداً بصعوده ، ولا أقر أحداً بصعوده فيما أعلم ، وعلى هذا فإن صعود هذا الجبل ليس بمشروع ، بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف خلفه من الناحية الشرقية قال : (وقفت هاهنا ، وعرفة كله موقف) وكأنه صلى الله عليه وسلم يشير بهذا إلى أن كل إنسان يقف في مكانه ، ولا يزدحمون على هذا المكان الذي وقف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/32) .
الإسلام سؤال وجواب
نذر أن يحج كل عام ورئيسه في العمل يمنعه من ذلك
عاهدت الله أن أحج كل عام ، وكنت قبل ذلك لست موظفاً ، وتوظفت عسكرياً ، ولم يسمح لي مرجعي أن أحج كل عام ، أرجو الإفادة هل علي إثم أم لا ؟
الحمد لله
"إذا كان المانع الذي يمنعك عن الحج في بعض السنوات من الأمور القهرية التي لا تستطيع التغلب عليها فليس عليك إثم ؛ لقوله تعالى : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة/286 ، وقوله تعالى : (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) المائدة/6 .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/15، 16) .
الإسلام سؤال وجواب
نسي صيام اليوم الثالث في الحج فصامه بعد برجوعه
صمت يومين في الحج لأنني لم أجد الهدي ، ونسيت صيام اليوم الثالث ، فصمته مع الأيام السبعة ، هل علي شيء؟
الحمد لله(9/35)
"ليس على من نسي يوماً من الأيام الثلاثة شيء إذا صامه بعد رجوعه إلى أهله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/388) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يخرج من منى إلى الطائف ثم يعود بعد الزحام للوداع؟
هل يجوز للحاج أيام منى أن يذهب إلى الطائف وبعد مضي عشرين يوماً يعود فيودع؟
الحمد لله
"لا يجوز لمن حج البيت الحرام أن يسافر حتى ينهي أعمال الحج ومناسكه، ومنها طواف الوداع .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/307) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يحرم البيع والشراء بعد طواف الوداع؟
هل طواف الوداع، يحرم البيع والشراء في مكة أم لا؟
الحمد لله
"لا يحرم البيع ولا الشراء بعد طواف الوداع، لكن لو ودع الحاج ثم تأخر كثيراً عرفاً شرع أن يعيد الطواف.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/298-299) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يحجج أخته الفقيرة أو يقضي ديون زوجها؟(9/36)
أنا رجل موسر الحال ، ولي شقيقة ، زوجها معسر الحال ، وصار معه حادث وأصبح مديوناً وغير قادر على سداد الدين ؛ لأن عائلته كبيرة جداً ، وهو المعيل الوحيد لعائلته ، وأنا أديت فريضة الحج ، وحججت ثانياً ، والآن أريد أن أحج للمرة الثالثة وأحجج شقيقتي على نفقتي الخاصة ؛ لأنها لا تقدر أن تؤدي فريضة الحج ، ما هو أفضل عند الله تعالى : أحجج شقيقتي وأنا معها ، أو أفك عسر زوجها بمصاريف الحج وتكاليفه ؟
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكر من أن زوج أختك تحمل ديوناً وليس لديه سدادها ، فالأولى أن تقضي ديونه بما لديك ، وتؤجل تحجيج أختك ؛ لأن قضاء دين زوجها وتفريج كربتهما جميعاً أهم من تحجيجها ، وأنفع لهما جميعاً ، وليس عليها حج حتى تستطيع .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/44) .
الإسلام سؤال وجواب
يأخذ مالاً ليحج عن مريض أو متوفي
بعض الناس يأخذ مالاً ليحج عن شخص إما لمرض أو عن ميت ، فدفعوا أهله مبلغاً من المال لإسقاط فرضه ، وهذا المال يقارب 3000- 4000 ريال ، فيصرف منها مقدار ما يصرف من نفقات للحج كالفدي وغيره ، والباقي يضعه في ملكه الخاص به يشتري بها زاداً وغيره ، هل يصح له ذلك؟
الحمد لله
"إذا أعطى شخصٌ مالاً لشخص ليحج عنه لعجزه عن مباشرة الحج بنفسه ، أو ليحج عن ميت صح ذلك إذا كان النائب قد حج عن نفسه ، وله أن ينفق من هذا المال في حجه عنه ، ويملك ما بقي، أما إن أُعطيه ليحج ويرد الباقي أنفق منه ما يحتاجه في حجه عنه ويرد ما بقي .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .(9/37)
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/69، 70) .
الإسلام سؤال وجواب
يريد أن يصلي نوافل بعد صلاة الظهر والعصر بعرفة
هل يجوز بعد صلاة الحاج الظهر والعصر مع الإمام في عرفات أن يصلي نوافل حتى المغرب ؟
الحمد لله
"لم يصل الرسول صلى الله عليه وسلم نافلة يوم عرفات بعد صلاته الظهر والعصر جمع تقديم في عرفات ، ولو كانت مشروعة لكان أحرص عليها منا ، والخير كل الخير في الاقتداء به واتباع سنته .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/211، 212) .
الإسلام سؤال وجواب
يريد أن يصلي نوافل بعد صلاة الظهر والعصر بعرفة
هل يجوز بعد صلاة الحاج الظهر والعصر مع الإمام في عرفات أن يصلي نوافل حتى المغرب ؟
الحمد لله
"لم يصل الرسول صلى الله عليه وسلم نافلة يوم عرفات بعد صلاته الظهر والعصر جمع تقديم في عرفات ، ولو كانت مشروعة لكان أحرص عليها منا ، والخير كل الخير في الاقتداء به واتباع سنته .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/211، 212) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز للمحرم أن يشرب القهوة التي بها الزعفران؟
هل يجوز للمحرم أن يشرب القهوة التي بها زعفران ؟
الحمد لله(9/38)
"إذا كانت قد بقيت رائحة الزعفران فلا يجوز استعماله للمحرم ؛ لأن الزعفران من الطيب ، أما إذا كانت ذهبت رائحته بالطبخ فلا بأس به" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/160) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يصح أن يعتمر قبل أن يحج؟
هل يصح للإنسان أن يعتمر قبل أن يحج حج الفريضة؟
الحمد لله
"نعم ؛ يجوز للإنسان أن يعتمر قبل أن يحج ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا قبل أن يحجوا حجة الفريضة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/318) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يلزم الحجاج زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم والبقيع وأحد وقباء؟
هل يلزم الحجاج، من رجال ونساء، زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم والبقيع وأحد وقباء، أم الرجال فقط؟
الحمد لله
"لا يلزم الحجاج - رجالاً أو نساءً - زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا البقيع، بل يحرم شد الرحال إلى زيارة القبور مطلقاً، ويحرم ذلك على النساء، ولو بلا شد الرحال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى) متفق عليه ، ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، ويكفي النساء يصلين في المسجد النبوي، ويكثرن من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد وغيره.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/362) .
الإسلام سؤال وجواب
لا يعرف مناسك الحج ويريد الحج(9/39)
لا أعرف مناسك الحج وأريد أن أحج ، فماذا أفعل ؟
الحمد لله
الواجب على من أراد أن يحج أن يتعلم صفة الحج ، أو على الأقل يحمل معه كتيباً صغير الحجم سهل العبارة ، لأحد العلماء الموثوقين المعروفين باتباع السنة والحرص عليها ، ويعمل بما فيه .
ومن الكتب المفيدة في ذلك :
1-التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة للشيخ ابن باز رحمه الله .
2-مناسك الحج والعمرة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
وإذا أشكل عليه شيء سأل أهل العلم ، وينبغي أن يصحب أحد العلماء أو طلبة العلم ليعلمه المناسك أولاً بأول .
فيسأل عن الحملات التي تحرص على أن يكون معها أحد الدعاة أو طلبة العلم ويخرج معها .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن مثل ذلك فأجاب :
"جوابي على هذا أن الله سبحانه وتعالى قد أجابه في قوله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل/43 . والواجب على من أراد عبادة يجهلها أن يسأل أهل العلم عنها حتى يعبد الله على بصيرة ، لأن من شروط العبادة الإخلاص لله عز وجل ، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تمكن المتابعة إلا بمعرفة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم به من أعمال العبادة القولية والفعلية ، ولهذا أقول لهذا السائل : إذا أردت الحج وأنت لا تعرف أحكامه ولا تعرف المناسك فالواجب عليك أن تسأل أهل العلم بذلك ، وإنني أؤكد على من أراد الحج أن يصحب أحداً من أهل العلم من طلبة العلم الذين عرفوا بمعرفة الأحكام التي تتعلق بالحج من أجل أن يكون مقتدياً فيما يرشدونه إليه" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/50) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يشترط أن تكون ثياب الإحرام جديدة؟
ما السنة في الإزار والرداء للمحرم وهل يشترط أن يكونا جديدين ؟
الحمد لله
السنة في الإزار والرداء للرجل في الإحرام ، أن يكونا أبيضين نظيفين ، ولا يشترط أن يكونا جديدين .(9/40)
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (10/76) :
"ويلبس ثوبين نظيفين ، يعني : إزارا ورداء , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين ) .
ويستحب أن يكونا نظيفين ; إما جديدين , وإما غسيلين ; لأننا أحببنا له التنظف في بدنه , فكذلك في ثيابه , والأولى أن يكونا أبيضين ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خير ثيابكم البياض , فألبسوها أحياءكم , وكفنوا فيها موتاكم )" انتهى باختصار .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"لا يشترط في الإزار والرداء أن يكونا جديدين ، ولكن يستحب أن يحرم في ثوبين نظيفين أبيضين ، وكلما كانا أنظف فهو أحسن ؛ لأن الله تعالى جميل يحب الجمال " انتهى .
"مجموع الفتاوى" لابن عثيمين (22/12) .
الإسلام سؤال وجواب
إذا شك في الطواف فهل يسجد للسهو؟
إذا شك الإنسان في الطواف فهل يسجد للسهو باعتبار أن الطواف بالبيت صلاة ؟
الحمد لله
"لا يسجد ؛ لأنه لا يتعبد في الطواف بالسجود ، فإذا كان الأصل ليس فيه سجود ، فكيف إذا كان فيه شك ؟! كيف يجبر بالسجود وهو أصلاً ليس فيه سجود؟!" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 347) .
الإسلام سؤال وجواب
استأجروا عمارة في مكة ليبقوا فيها أيام منى نهاراً
بعض الحملات يستأجرون خياماً في منى وعمارة في مكة فيبيتون في منى ويرجعون نهاراً إلى عمارتهم في مكة المكرمة ترفهاً منهم فما حكم عملهم هذا؟
الحمد لله(9/41)
"لا شك أن عملهم هذا من حيث القواعد الفقهية جائز ، لكن عندي أن هؤلاء في الحقيقة إنما جاؤوا للنزهة ؛ لأنهم لم يتبعوا السنة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جلس في منى ليلاً ونهاراً ، والحج جهاد ، وليس ترفهاً ، ولا أدري كيف يشعر هؤلاء بالعبادة والإنابة إلى الله ، وأنهم مستمرون في الحج وهم ينتقلون إلى البيت رفاهية ، وربما يكون عندهم آلات لهو ، ثم يرجعون إلى منى جزءاً من الوقت ، أنا لا أدري كيف يشعرون بأنهم في عبادة ، ولهذا ينبغي أن ينبه المسلمون على هذه المسألة التي انهمك فيها كثير من الناس ، أخذوا بقواعد الفقهاء ، أو بما يقتضيه كلام الفقهاء ، ونسوا أن المسألة عبادة ، لذا ينبغي للإنسان أن يفعلها كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : (خذوا عني مناسككم) ، فنقول : ابق في خيمتك ولو كانت حارة ، ولو حصل عليك عرق ، ولو حصل عليك مشقة وأذية ، فهو في طاعة الله ، والمسألة أيام ، كل الحج لا يتجاوز ستة أيام ، الثامن ، والتاسع ، والعاشر ، والحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر لمن تأخر ، وأنت آتٍ من بلدك ، مغادر أهلك ، ومالك ، ومخاطر في الأسفار وتعجز عن أن تحبس نفسك ستة أيام ، أو خمسة أيام ، أو أقل من أربعة أيام ، فوالله يؤسفني هذا جداً ، ويؤلمني جداً ، وإن كان بعض الناس يفتي بما يقتضيه كلام الفقهاء ، فإنه سيتحول الحج بعدئذ إلى نزهة ، فنسأل الله لنا ولهم الهداية ، فأرى أن هؤلاء الذي مر ذكرهم في السؤال حجهم ناقص ولا شك ، لأنهم لم يتبعوا السنة في البقاء في منى ليلاً ونهاراً " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/248) .
الإسلام سؤال وجواب
أصاب ثياب الإحرام دم من ذبح الهدي
عند ذبح الهدي ، أصاب الدم ثياب الإحرام ، فهل يجوز لبسه وعليه دم؟
الحمد لله(9/42)
"الدم إذا كان طاهراً فإنه لا يضر إذا وقع على الإحرام أو غيره من الثياب ، والدم الطاهر من البهيمة هو الذي يبقى في اللحم والعروق بعد ذبحها : كدم القلب ودم الفخذ ونحو ذلك ، وأما إذا كان الدم نجساً فإنه يغسل سواءً في ثوب الإحرام أو غيره ، وذلك الدم المسفوح ، فلو ذبح شاة مثلاً وأصابه من دمها فإنه يجب عليه أن يغسل هذا الذي أصابه ، سواء وقع على ثوبه أو على ثوب الإحرام ، أو على بدنه ، إلا أن العلماء رحمهم الله قالوا : يعفى عن الدم اليسير لمشقة التحرز منه" انتهى .
"مجموع الفتاوى" لابن عثيمين (22/11) .
الإسلام سؤال وجواب
العبرة بما في النية وإن أخطأ اللسان
عند الإحرام كانت نيتي عمرة متمتعة بها إلى الحج ، ولكن لفظت حجاً متمتعة به إلى العمرة ، والعمل كان بالنية لا باللفظ ، فما هو الموقف من هذا العمل وهذا الحج وهل هو صحيح بالنية أم باللفظ ؟
الحمد لله
"إذا كان الذي لفظت به سبقة لسان غير مقصود منك فلا أثر له ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه البخاري (1) ومسلم (1907) .
فإذا كانت نيتك أن تحرمي بالعمرة متمتعة بها إلى الحج ولكن غلطت وقلت : أحرمت بالحج متمتعة به إلى العمرة ، أو ما أشبه ذلك ، فهذا لا يضر ، لأن العبرة بما في القلب ، وسبق اللسان بغير ما قصد الإنسان لا يضره شيئاً ، والله الموفق" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/20) .
الإسلام سؤال وجواب
توفيت ولم تصم الأيام السبعة، فهل يصوم عنها زوجها؟(9/43)
حججت أنا وزوجتي قبل عشرة أعوام وفي ذلك الحين لم يكن لنا نقود لشراء الفدية وقمنا بصيام ثلاثة أيام في الحج ، وعندما عدنا إلى البلد حصل منا الإهمال بسبب مشاغل الدنيا ولم نكمل الصوم وبقينا على هذا الحال حتى توفيت زوجتي وأنا الآن محتار كيف أعمل هل يجب عليَّ الصوم في الوقت الحاضر عني وعن زوجتي المتوفاة أم ماذا أعمل ؟
الحمد لله
"هذا العمل الذي عملتم من صيام ثلاثة أيام في الحج حين كنتم لا تجدون هدياً هو عمل صحيح ، لكن تأخيركم صيام الأيام السبعة إلى هذه المدة أمر لا ينبغي ، والذي ينبغي للإنسان أن يسارع في إبراء ذمته وأن يقضي ما عليه ، والواجب الآن أن تصوم أنت عن نفسك سبعة أيام .
أما المرأة فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) ، وإذا صام عنها أحد أولادها ، أو أبوها ، أو أمها أو صمت أنت فإن ذلك يكفي ، فإن لم يصم منكم أحد فأطعموا عن كل يوم مسكيناً" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 210، 211) .
الإسلام سؤال وجواب
حكم المناقشة العلمية في الطواف والسعي
ما حكم المناقشة العلمية بين شخصين فأكثر في أثناء الطواف أو السعي ؟
الحمد لله
"المناقشة العلمية في الطواف أو السعي لا بأس بها ، لا تبطل الطواف ولا السعي ، لكن الأفضل أن يشتغل الإنسان بالذكر ؛ لأن الطواف ينتهي ويزول ، والمناقشة ليس لها وقت ، أما الإجابة الخاطفة على سؤال من الأسئلة في أثناء الطواف أو السعي فإنها لا يفوت بها شيء ما لم يكثر السائلون ، ولهذا نقول: لا حرج على الإنسان إذا سأله سائل في الطواف أن يقول : انتظر حتى أفرغ من الطواف ، من أجل أن يفرِّغ نفسه للذكر" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 346) .
الإسلام سؤال وجواب
حكم ترديد الأدعية وراء المطوف بصوت مرتفع
ما حكم ترديد بعض الأدعية وراء المطوف بصوت مرتفع إذا حصل من رفع الصوت تشويش على المصلين والطائفين هناك ؟
الحمد لله(9/44)
"الدعاء من شخص يتبعه جماعة خلفه ، أو عن يمينه ، أو عن شماله لا أصل له من عمل الصحابة رضي الله عنهم .
وأما رفع الصوت به فإن كان فيه تشويش على الطائفين وإزعاج لهم فيكون منهياً عنه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه وقد سمعهم يقرأون جهراً وهم يصلون في المسجد فقال عليه الصلاة والسلام :(لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن) أو قال : (في القراءة) فهكذا نقول لهؤلاء الطائفين : لا تجهروا على الناس فتؤذوهم ، ولكن كلٌّ يدعو بما يحب ، ولهذا لو أن هؤلاء المطوفين وُجِّهوا إلى أن يقولوا للناس : طوفوا فكبروا عند الحجر الأسود وقولوا : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة/201 ، وادعوا بما شئتم في بقية الطواف ، واذكروا الله ، واقرأوا القرآن وصاروا يتابعونهم على هذا ، لكان هذا أحسن ، وأفيد للناس ، لأن كل إنسان يدعو ربه بما يحتاج إليه ، وهو يعرف المعنى الذي يتكلم به بخلاف ما يفعله المطوفون الآن بالدعاء الذي لا يعرفه الداعي خلفه ، فلو سألت هذا الداعي خلف المطوف ما معنى ما يقول ؟ لم يفدك -في الغالب – فكون الناس يدعون ربهم دعاء يعرفون معناه ويستفيدون منه خير من هذا" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 336، 337) .
وانظر جواب السؤال رقم (34644) ، (36628) .
الإسلام سؤال وجواب
سكن مكة من أجل الدراسة، فهل عليه هدي إذا تمتع؟
رجل قدم مكة للدراسة وسكن مكة من أجل الدراسة فقط ومتى انتهت الدراسة رجع إلى وطنه وتمتع فهل عليه هدي ؟
الحمد لله(9/45)
"نعم ؛ عليه الهدي لأن إقامته في مكة ليست إقامة استيطان ، والذي يسقط عنه هدي التمتع هو المستوطن مكة قال الله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ)" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 72) .
الإسلام سؤال وجواب
يتحلقون حول النساء في الطواف ، فلا تكون الكعبة عن يسارهم
يعمد كثير من الرجال إذا كان معهم نساء أن يمسك بعضهم بيد بعض في الطواف ويتحلقوا على من معهم من النساء حتى إن بعضهم ربما طاف على قفاه أو الكعبة عن يمينه؟
الحمد لله
"هذا من الأمر الخطير من وجه ، والمؤذي من وجه آخر ، أما كونه مؤذياً فلأنه إذا جاءوا هكذا مجتمعين آذوا الناس ومن المعلوم أنه لا يحل للإنسان أن يتعمد ما فيه أذية المسلمين .
وأما الخطر فلأنه كما قال السائل بعض الناس يطوف والكعبة خلف ظهره ، أو الكعبة أمام وجهه ، ومن شرط الطواف أن تجعل الكعبة عن يسارك ، وإذا جعلتها خلف ظهرك ، أو عن يمينك ، أو أمامك فإن الطواف لا يصح" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 287، 288) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يعتمر أو ينفق نفقة العمرة على الجهاد ونشر العلم وللمساكين؟
هل إنفاق نفقة عمرة التطوع في الجهاد ونشر العلم وقضاء حوائج الضعفاء أفضل من الاعتمار أو الاعتمار أفضل ؟ وهل يشمل ذلك عمرة رمضان ؟
الحمد لله
"يمكن الجمع بينهما فيما يظهر إذا اقتصد في نفقات العمرة ولا سيما العمرة في رمضان ، فإن لم يمكن الجمع فما كان نفعه متعدياً فهو أفضل ، وعلى هذا يكون الجهاد ونشر العلم وقضاء حوائج المحتاجين أولى" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 260) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يصح وقوف المغمى عليه بعرفة؟(9/46)
من أغمي عليه قبل عرفة ، ثم حمل إلى عرفة في يوم عرفة وهو مغمي عليه فهل يصح حجه مع عدم علمه؟
الحمد لله
"ذكر العلماء ـ رحمهم الله ـ أن وقوف المغمى عليه مجزئ ، وأن الإنسان لو أغمي عليه قبل طلوع الفجر يوم عرفة ، ولم يفق إلى بعد طلوع الفجر يوم النحر ، وهو في عرفة وقد وقف في عرفة فإن حجه صحيح" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/21) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يشرع للمعتمر أن يذبح هدياً بعد العمرة؟
قرأت في بعض كتب الفقه أنه يشرع للمعتمر أن يذبح هدياً بعد عمرته استحباباً فهل هذه من السنن المندثرة في هذا الوقت ؟
الحمد لله
"هذه من السنن المندثرة ، لكن ليس السنة أنك إذا اعتمرت اشتريت شاة وذبحتها ، السنة أن تسوق الشاة معك ، تأتي بها من بلادك ، أو على الأقل من الميقات ، أو من أدنى الحل عند بعض العلماء ، ويسمى هذا سوق الهدي ، أما أن تذبح بعد العمرة بدون سوق فهذا ليس من السنة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/372) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز للمحرم أن يضع رباطاً على ركبته لأنها تؤلمه؟
هل يجوز للمعتمر أن يضع رباطاً على ركبته لأنه يشعر بألم فيها ؟
الحمد لله
"نعم ؛ يجوز للمعتمر وللحاج أيضاً أن يربط رجله بسير يشده عليها إن كانت تؤلمه ، بل إن لم تؤلمه إذا كان له مصلحة في ذلك ، والسير وشبهه لا يعد لباساً" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 139) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز للمحرم أن يغتسل ، ويغير ثياب الإحرام؟
هل يجوز للمحرم أن يغتسل من أجل النظافة ؟ وهل يجوز أن يغير ثياب الإحرام ؟
الحمد لله
"المحرم يجوز له أن يغتسل من أجل النظافة ؛ لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل وهو محرم ، ويجوز للمحرم أن يغير ثياب الإحرام إلى ثياب أنظف منها أو أجدد ، ويجوز له أيضاً أن يترفه بالتكييف وغيره من أسباب الراحة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 144) .
الإسلام سؤال وجواب(9/47)
هل يجوز للمرأة أن تلبس ملابس ملونة في الإحرام؟
هل يجوز للمرأة أن تلبس في الحج ملابس ملونة كالأبيض والأخضر والأسود ؟
الحمد لله
"نعم ؛ يجوز للمرأة في الإحرام أن تلبس ما شاءت من الثياب غير أن لا تتبرج بزينة أمام الرجال الأجانب ؛ لأنه ليس للمرأة ثياب مخصوصة بالإحرام ، خلافاً للرجل فإن الرجل لا يلبس القميص ، ولا السراويل ، ولا العمائم ، ولا البرانس ولا الخفاف ، أما المرأة فالممنوع في حقها لبس القفازين والانتقاب والتبرج بالزينة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/181) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجزئ غسل الإحرام عن غسل الجنابة ؟
شخص أجنب في أثناء سفره للحج ، ولما وصل إلى الميقات نسي ما عليه من الجنابة ، واغتسل للإحرام فقط ، ثم طاف بالبيت ، وأدى سائر المناسك وهو كذلك ؟ فهل يصح حجه ذلك ؟.
الحمد لله
هذه المسألة سئل عنها الشيخ ابن عثيمين ، رحمه الله ، فقال :
( اغتساله للإحرام يجزئ عن اغتساله للجنابة ؛ لأنه غسل مشروع ، خصوصا مع النسيان ، وقد نص الفقهاء على ذلك بقولهم : " وإن نوى غسلا مسنونا أجزأ عن واجب " ، وقيده بعضهم بما إذا كان ناسيا . وحالة الرجل المذكور منطبقة على كلا القولين ، بأن ذلك يجزئه . )
فتاوى ابن عثيمين 22/373 .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز للمحرم أن يستظل بالمظلة (الشمسية)؟
ما حكم استعمال المظلة للمحرم ؟
الحمد لله(9/48)
"حمل المظلة على الرأس وقاية من حر الشمس لا بأس به ولا حرج فيه ، ولا يدخل هذا في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تغطية الرأس – رأس الرجل – لأن هذا ليس تغطية ، بل هو تظليل من الشمس والحر ، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معه أسامة بن زيد وبلال أحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوباً يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة ، وفي رواية : (والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس) وهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استظل بهذا الثوب وهو محرم قبل أن يتحلل" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 147، 148) .
الإسلام سؤال وجواب
نسي أنه كان جنباً، فهل يكفيه غسل الإحرام عن غسل الجنابة؟
شخص تذكر أنه كان عليه جنابة وهو مسافر في حجته الأولى ، فلما وصل الميقات نسى أن عليه جنابة واغتسل للإحرام فقط ، ولم ينو الاغتسال للجنابة ، وهكذا أحرم للحج فلم ينو الاغتسال من الجنابة ، فهل يكفي عن الإحرام وعن الاغتسال من الجنابة؟
الحمد لله
"اغتساله للإحرام يجزئ عن اغتساله للجنابة ؛ لأنه غسل مشروع ، وخصوصاً مع النسيان ، وقد نص على ذلك الفقهاء بقولهم : (وإن نوى غسلاً مسنوناً أجزأ عن الواجب) وقيده بعضهم بما إذا كان ناسياً ، وحالة الرجل المذكور منطبق على كلا القولين بأن ذلك يجزئه" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 373، 374) .
الإسلام سؤال وجواب
من الذين يعذرون لترك المبيت في منى؟
عذر الرسول صلى الله عليه وسلم في المبيت خارج منى السقاة وغيرهم ، فما الذي يقاس عليهم في وقت الحاضر؟
الحمد لله(9/49)
"إن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للعباس أن يبيت في مكة من أجل سقاية الحاج ، وهذا عمل عام ، وكذلك رخص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى ؛ لأنهم يرعون رواحل الحجيج ، ويشبه هؤلاء من يترك المبيت لرعاية مصالح الناس كالأطباء وجنود الإطفاء ، وما أشبه ذلك ، فهؤلاء ليس عليهم مبيت ، لأن الناس في حاجة إليهم .
وأما من بهم عذر خاص كالمريض والممرض له وما أشبه ذلك فهل يلحقون بهؤلاء ؟ على قولين للعلماء:
فمن العلماء من يقول : إنهم يلحقون ؛ لوجود العذر .
ومن العلماء من يقول : إنهم لا يلحقون ؛ لأن عذر هؤلاء خاص ، وعذر أولئك عام .
والذي يظهر لي أن أصحاب الأعذار يلحقون بهؤلاء ، مثل إنسان مريض احتاج أن يرقد في المستشفى هاتين الليلتين إحدى عشرة واثنتي عشرة فلا حرج عليه ، ولا فدية لأن هذا عذر ، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يرخص للعباس رضي الله عنه مع إمكانه أن ينيب أحداً من أهل مكة الذين لم يحجوا يدل على أن مسألة المبيت أمرها خفيف ، يعني ليس وجوبها بذلك الوجوب المحتم ، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله رأى أن من ترك ليلة من ليالي منى فإنه لا فدية عليه ، وإنما يتصدق بشيء . يعني عشرة ريالات أو خمسة ريالات حسب الحال" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/237) .
الإسلام سؤال وجواب
حاج مات بعرفة فهل يتم عنه الحج أو يحج عنه ؟
حاج مات بعرفة فهل يتم عنه الحج أو يحج عنه ؟
الحمد لله
" لا يحج عنه ؛ لأن هذا أدى الواجب عليه ، والنبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الرجل الذي وقصته ناقته في عرفة قال لهم صلى الله عليه وسلم : ( اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه ، ولا تحنطوه ولا تخمِّروا رأسه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا ) ولم يقل أتموا عنه . اهـ
مجموع فتاوى ابن عثيمين رقم 1063 (23/31) .
هل من فضل أو ميزة لمجيء عرفة يوم الجمعة ؟
هل صحيح أن لو عرفة كان يوم جمعة فصادف صلاة الجمعة تعادل 7 حجات ؟ . وجزاكم الله ألف خير(9/50)
الحمد لله
أولاً :
لا نعلم حديثاً أنه إن وافق عرفة يوم الجمعة أنه تكون الحجة في ذلك العام تعدل سبع حجات ، بل الوارد " سبعون حجة " و " اثنتان وسبعون حجة " لكنهما لا يصحان بحال !
أما الأول فقد ورد متنه في حديث ، لكنه باطل لا يصح ، وأما الثاني فلم نقف له على سند ولا متن ، فهو لا أصل له .
ونص الحديث الوارد :
" أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة ، وهو أفضل من سبعين حجة في غير جمعة " .
وقد حكم عليه الأئمة ببطلانه ، وعدم صحته :
1. قال ابن القيم – رحمه الله - :
وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل ثنتين وسبعين حجة : فباطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا عن أحد من الصحابة والتابعين والله أعلم .
" زاد المعاد " ( 1 / 65 ) .
2. قال الشيخ الألباني – رحمه الله – في " السلسلة الضعيفة " ( 207 ) - بعد أن حكم على الحديث بأنه باطل لا أصل له - :
و أما قول الزيلعي - على ما في " حاشية ابن عابدين " ( 2 / 348 ) : رواه رزين ابن معاوية في " تجريد الصحاح " - : فاعلم أن كتاب رزين هذا جمع فيه بين الأصول الستة : الصحيحين ، وموطأ مالك ، و سنن أبي داود ، والنسائي ، والترمذي ، على نمط كتاب ابن الأثير المسمى " جامع الأصول من أحاديث الرسول " ، إلا أن في كتاب " التجريد " أحاديث كثيرة لا أصل لها في شيء من هذه الأصول ، كما يعلم مما ينقله العلماء عنه مثل المنذري في " الترغيب و الترهيب " ، وهذا الحديث من هذا القبيل ، فإنه لا أصل له في هذه الكتب ، ولا في غيرها من كتب الحديث المعروفة ، بل صرح العلامة ابن القيم في " الزاد " ( 1 / 17 ) ببطلانه ، فإنه قال بعد أن أفاض في بيان مزية وقفة الجمعة من وجوه عشرة ذكرها : وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل اثنتين وسبعين حجة : فباطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و لا عن أحد من الصحابة و التابعين .(9/51)
و أقره المناوي في " فيض القدير " ( 2 / 28 ) ثم ابن عابدين في " الحاشية " .
انتهى
وفي " السلسلة الضعيفة " ( 1193 ) قال – رحمه الله - :
قال السخاوي في " الفتاوى الحديثية " ( ق 105/2 ) :
" ذكره رزين في " جامعه " مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكر صحابيه ، ولا مَن خرَّجه ، والله أعلم " .
انتهى
وفي " السلسة الضعيفة " ( 3144 ) قال – رحمه الله - :
قال الحافظ في " الفتح " ( 8 / 204 ) بعد أن عزاه لرزين في " الجامعة " مرفوعاً : " لا أعرف حاله ؛ لأنه لم يذكر صحابيه ، ولا من أخرجه " .
وقال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في جزء " فضل يوم عرفة " :
" حديث " وقفة الجمعة يوم عرفة أنها تعدل اثنتين وسبعين حجة " حديث باطل لا يصح ، وكذلك لا يثبت ما روي عن زر بن حبيش : أنه أفضل من سبعين حجة في غير يوم جمعة " . انتهى
3. وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
هل ورد شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل كون الحج حج الجمعة ؟ .
فأجاب :
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الجمعة إذا صادف يوم عرفة ، لكن العلماء يقولون : إن مصادفته ليوم الجمعة فيه خير .
أولاً : لتكون الحجة كحجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صادف وقوفه بعرفة يوم الجمعة .
ثانياً : أن في يوم الجمعة ساعةً لا يوافقها عبدٌ مسلم وهو قائمٌ يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياها ، فيكون ذلك أقرب للإجابة .
ثالثاً : أن يوم عرفة عيد ويوم الجمعة عيد ، فإذا اتفق العيدان كان في ذلك خير .
وأما ما اشتهر من أن حجة الجمعة تعادل سبعين حجة : فهذا غير صحيح .
" اللقاء الشهري " ( 34 / السؤال رقم 18 ) .
4. وسئل علماء اللجنة الدائمة :
يقول بعض الناس : إن يوم عرفة إذا صادف يوم جمعة كهذا العام يكون كمن أدى سبع حجات ، هل هناك دليل من السنة في ذلك ؟ .
فأجابوا :(9/52)
ليس في ذلك دليل صحيح ، وقد زعم بعض الناس : أنها تعدل سبعين حجة ، أو اثنتين وسبعين حجة ، وليس بصحيحٍ أيضاً .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 210 ، 211 ) .
وانظر : " فتح الباري " ( 8 / 271 ) ، " تحفة الأحوذي " ( 4 / 27 ) .
ثانياً :
هذا ، ولعله من أسباب انتشار هذا الأمر بين الناس أنه ذُكر في كتب الحنفية والشافعية .
قال الحنفية :
لوقفة الجمعة مزية سبعين حجة ، ويغفر فيها لكل فرد بلا واسطة .
وقالوا :
أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم جمعة ، وهو أفضل من سبعين حجة في غير جمعة .
" رد المحتار على الدر المختار " ( 2 / 621 ) .
وقال الشافعية :
وقيل : إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة : غَفر الله تعالى لكل أهل الموقف ، أي : بلا واسطة ، وغير يوم الجمعة بواسطة ، أي : يهب مسيئهم لمحسنهم .
" مغني المحتاج " ( 1 / 497 ) .
ثالثاً :
ولا يعني بطلان الحديث أنه ليس لوقوف عرفة يوم الجمعة مزية ، بل قد ذكر ابن القيم رحمه الله عشر مزايا لذلك ، ونوردها لعظَم فائدتها .
قال – رحمه الله - :
والصواب : أن يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع ، ويوم عرفة ويوم النحر أفضل أيام العام ، وكذلك ليلة القدر وليلة الجمعة ، ولهذا كان لوقفة الجمعة يوم عرفة مزية على سائر الأيام من وجوه متعددة :
أحدها : اجتماع اليومين اللذيْن هما أفضل الأيام .
الثاني : أنه اليوم الذي فيه ساعة محققة الإجابة ، وأكثر الأقوال أنها آخر ساعة بعد العصر ، وأهل الموقف كلهم إذ ذاك واقفون للدعاء والتضرع .
الثالث : موافقته ليوم وقفة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الرابع : أن فيه اجتماع الخلائق من أقطار الأرض للخطبة ، وصلاة الجمعة ، ويوافق ذلك اجتماع أهل عرفة يوم عرفة بعرفة ، فيحصل من اجتماع المسلمين في مساجدهم وموقفهم من الدعاء والتضرع ما لا يحصل في يوم سواه .
الخامس : أن يوم الجمعة يوم عيد ، ويوم عرفة يوم عيد لأهل عرفة ، ولذلك كُره لمن بعرفة صومه ... .(9/53)
قال شيخنا – أي: ابن تيمية - : وإنما يكون يوم عرفة عيداً في حق أهل عرفة ؛ لاجتماعهم فيه بخلاف أهل الأمصار ؛ فإنهم إنما يجتمعون يوم النحر ، فكان هو العيد في حقهم ، والمقصود : أنه إذا اتفق يوم عرفة ويوم جمعة : فقد اتفق عيدان معاً .
السادس : أنه موافق ليوم إكمال الله تعالى دينه لعباده المؤمنين وإتمام نعمته عليهم ، كما ثبت في صحيح البخاري عن طارق بن شهاب قال : جاء يهودي إلى عمر بن الخطاب فقال : يا أمير المؤمنين آية تقرؤونها في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت ونعلم ذلك اليوم الذي نزلت فيه لاتخذناه عيداً قال : أي آية ؟ قال : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) المائدة/3 ، فقال عمر بن الخطاب : إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه ، والمكان الذي نزلت فيه ، نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة ، يوم جمعة ، ونحن واقفون معه بعرفة .
السابع : أنه موافق ليوم الجمع الأكبر ، والموقف الأعظم يوم القيامة ؛ فإن القيامة تقوم يوم الجمعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها وفيه تقوم الساعة وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا إلا أعطاه إياه ) ...
الثامن : أن الطاعة الواقعة من المسلمين يوم الجمعة وليلة الجمعة أكثر منها في سائر الأيام ، حتى إن أكثر أهل الفجور يحترمون يوم الجمعة وليلته ، ويرون أن من تجرأ فيه على معاصي الله عز و جل عجل الله عقوبته ولم يمهله ، وهذا أمرٌ قد استقر عندهم ، وعلِموه بالتجارب ، وذلك لعظم اليوم وشرفه عند الله واختيار الله سبحانه له من بين سائر الأيام ، ولا ريب أن للوقفة فيه مزية على غيره .
التاسع : أنه موافق ليوم المزيد في الجنة ... وهو يوم جمعة ، فإذا وافق يوم عرفة كان له زيادة مزية واختصاص وفضل ليس لغيره .(9/54)
العاشر : أنه يدنو الرب تبارك وتعالى عشية يوم عرفة من أهل الموقف ، ثم يباهي بهم الملائكة ... .
فبهذه الوجوه وغيرها فضلت وقفة يوم الجمعة على غيرها .
وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل ثنتين وسبعين حجة فباطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا عن أحد من الصحابة والتابعين والله أعلم .
" زاد المعاد " ( 1 / 60 – 65 ) باختصار .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
حاضت أثناء الحج ولا تستطيع البقاء
امرأة قدمت للحج فحاضت بعدما أحرمت بالحج ومحرمها مضطر إلى السفر فورا ، وليس لها أحد بمكة فما الحكم ؟.
الحمد لله
تسافر معه وتبقى على إحرامها ، ثم ترجع إذا طهرت وهذا إذا كانت في بلاد الحرمين لأن الرجوع سهل ولا يحتاج إلى تعب ولا إلى جواز سفر ونحوه ، أما إذا كانت أجنبية ويشق عليها الرجوع فإنها تتحفظ ( أي تشد على فرجها خرقة حتى لا يسيل الدم فيلوث المسجد ) وتطوف وتسعى وتقصر وتنهي عمرتها في نفس السفر لأن طوافها حينئذ صار ضرورة والضرورة تبيح المحظور.
وأما طواف الوداع فلا يلزمك ؛ لأن الحائض لا يلزمها طواف الوداع لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما- : " أمر الناس أن يكون عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض " .
ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم -لما أخبر أن صفية طافت طواف الإفاضة قال : " فلتنفر إذا " ودل هذا أن طواف الوداع يسقط عن الحائض أما طواف الإفاضة فلا بد لك منه
انظر فتوى الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله رسالة 60 سؤال في الحيض .
الإسلام سؤال وجواب
كيف أسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم عند زيارة قبره ؟
إنني أريد أن أزور مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة النبوية ، فكيف السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهل زيارة المسجد واجبة ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد :(9/55)
ليست زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة ، و لكن إذا أردت السفر إلى المدينة من أجل الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم ؛ فذلك سنة . وإذا دخلت مسجده فابدأ بالصلاة ثم ائت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقل : ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، وصلى الله عليك وعلى آلك وأصحابك ) ، وأكثر من الصلاة والسلام عليه لما ثبت من قوله عليه الصلاة والسلام : " وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم " [ رواه أبوداود (2042) ] ثم سلِّم على أبي بكر ، وعمر وترضَّ عنهما ، ولا تتمسح بالقبر ، ولا تدعُ عنده ، بل انصرف وادع الله حيث شئت من المسجد وغيره ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "َ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى " رواه الإمام أحمد (1751) والبخاري (1189) ومسلم(1397)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9 / 117 )
حجت قبل استقامتها فهل تعيد الحج ؟
أنا كنت قد أديت فريضة الحج قبل أن ألتزم دينيا بسنوات وقبل أن أرتدي الحجاب . الحمد لله قد أصبحت الآن على قدر من الالتزام وأرتدي الحجاب والنقاب . هل علي تأدية فريضة الحج أم لا ؟.
الحمد لله
الحمد لله
أولا :
نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك ، وأخذ بيدك إلى طاعته ومرضاته ، ونسأله سبحانه لنا ولك الثبات حتى نلقاه .
ثانيا :
حجك الماضي يكفيك عن حجة الإسلام ، ولا يلزمك إعادته ، حتى لو كنت مقصرة في التزامك وتمسكك بالدين وارتداء الحجاب ، إلا إذا كنت في تلك الفترة تتركين الصلاة ، واستمر تركك لها أثناء الحج أيضا ، فحينئذ لا يعتدّ بحجك ، لأن ترك الصلاة كفر ، ولا يصح الحج مع وجود الكفر .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا حج من لا يصلي ولا يصوم فما حكم حجه وهو على تلك الحال ؟(9/56)
فأجاب : " ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة ، موجب للخلود في النار ، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وقول السلف رحمهم الله ، وعلى هذا فهذا الرجل الذي لا يصلي لا يحل له أن يدخل مكة ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) .
وحجه وهو لا يصلي غير مجزئ ولا مقبول ، وذلك لأنه وقع من كافر ، والكافر لا تصح منه العبادات ؛ لقوله تعالى : ( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ) " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/45) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الوقوف بعرفة لا تشترط له الطهارة
ماذا يفعل الحاج إذا خرجت منه ريح وهو متوجه إلى الطّواف أو عرفات ؟
الحمد لله
أولا :
ذهب جمهور العلماء إلى أن الطواف لا يصح من غير طهارة ، وقد سبق بيان اختلاف العلماء في ذلك في جواب السؤال رقم (34695) ، فمن انتقض وضوؤه وهو متوجه للطواف فإنه يذهب ويتوضأ ثم يشرع في طوافه . هذا هو الأولى والأحوط بلا شك .
ثانيا :
أما الوقوف بعرفات فلا تشترط له الطهارة ، فلا حرج على الحاج أن يقف بعرفات وهو غير متوضئ ، ولا يلزمه الوضوء إلا عند إرادة الصلاة ، وقد اتفق العلماء على أنه يصح وقوف الحائض والجنب .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (8/140) : " قال ابن المنذر : أجمع العلماء على أنه يصح وقوف غير الطاهر من الرجال والنساء كالجنب والحائض وغيرهما " انتهى .
غير أنه يستحب أن يقف طاهراً من الحدثين : الأكبر والأصغر ، لأنه سيذكر الله تعالى ، ويستحب الوضوء عند ذكر الله تعالى .
وانظر : كشاف القناع" (2/494)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
اقترضت بالربا ، وتريد أن تحجّ من راتبها(9/57)
قامت امرأة بأخذ قرض ربوي وتقوم بسداد القرض من راتبها والآن تريد الحج فهل لها أن تحج من راتبها ؟ فما حكم حجها ؟ .
الحمد لله
يحرم الاقتراض بالربا ، وعلى من ابتلي بذلك أن يتوب إلى الله تعالى ، ويندم على ما اقترف من هذا الذنب العظيم ، وينبغي أن يسارع في سداد هذا القرض ليتخلص من الربا وآثاره ، ولا يلزمه إلا سداد رأس المال ، أما الفائدة المحرمة فلا يجوز دفعها إلا أن يخشى الإنسان الضرر فيدفعها مكرهاً .
وانظر جواب السؤال (60185)
ثانياً :
لهذه المرأة أن تحج من راتبها ، وراتبها جزء من مالها الذي تملكه ، وهو مباح إن كان في مقابل عمل مباح .
ثالثاً :
إن كان هذا الدين على أقساط وكان سفرها للحج يؤثر على دفع هذه الأقساط فلا يجب عليها الحج ، بل الواجب عليها أن تبدأ سداد الدَّين أولاً ثم تحج ، وإن كان سفرها إلى الحج لا يؤثر على سداد هذه الأقساط فلا حرج عليها أن تحج ، لكن الأولى لها إن كان الحج نفلاً ، وسبق أن حجّت أن تبذل هذا المال في سداد الدين حتى تتخلص من هذا الربا المحرّم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
إذا أحرم بالحج أو العمرة عن شخصين
هل يجوز أن أجمع في نية العمرة أن تكون لوالدي معا حيث إنهما متوفَّيان أم يجب أن تكون لكل واحد على حدة ؟.
الحمد لله
النسك – حجا كان أو عمرة – لا يقع إلا عن شخص واحد ، فليس لك أن تجعل العمرة عن والديك ، بل تجعل لكل منهما عمرة ، والأولى أن تقدم عمرة الأم ؛ لما لها من مزيد الحق والبر ، إلا إن كانت عمرتها نفلا ، وعمرة أبيك واجبة ؛ لعدم أدائه للعمرة في حياته ، فتقدم العمرة عن الأب حينئذ .
قال في "كشاف القناع" (2/377) : " ويستحب أن يحج عن أبويه إن كانا ميتين أو عاجزين , زاد بعضهم : إن لم يحجا ، ونص الإمام أحمد على أنه يقدم أمه ; لأنها أحق بالبر , ويقدم واجب أبيه على نفلها " انتهى .
ومن أحرم بحج أو عمرة عن شخصين ، وقع النسك عن نفسه .(9/58)
قال الشافعي رحمه الله في "الأم" (2/137) : " ولو استأجر رجلان رجلا يحج عن أبويهما , فأهلّ بالحج عنهما معا كان مبطلا لإجارته , وكان الحج عن نفسه , لا عن واحد منهما , ولو نوى الحج عن نفسه وعنهما أو عن أحدهما كان عن نفسه وبطلت إجارته " انتهى.
وقال ابن قدامة في "المغني" (3/97) : " فإن استنابه اثنان في نسك , فأحرم به عنهما , وقع عن نفسه دونهما ; لأنه لا يمكن وقوعه عنهما , وليس أحدهما بأولى من صاحبه . وإن أحرم عن نفسه وغيره , وقع عن نفسه ; لأنه إذا وقع عن نفسه ولم ينوها , فمع نيته أولى " انتهى .
وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (7/126) : " قال أصحابنا : لو استأجر رجلان رجلا يحج عنهما , فأحرم عنهما معا انعقد إحرامه لنفسه تطوعا , ولا ينعقد لواحد منهما ; لأن الإحرام لا ينعقد عن اثنين , وليس أحدهما أولى من الآخر , ولو أحرم عن أحدهما وعن نفسه معا انعقد إحرامه عن نفسه ; لأن الإحرام عن اثنين لا يجوز , وهو أولى من غيره فانعقد , هكذا نص عليه الشافعي في الأم وتابعه الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والأصحاب " انتهى .
نسأل الله أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
شكت في قص شعرها للتحلل من الحج، فماذا تفعل ؟
أنا امرأة كبيرة السن ، قمت والحمد لله بأداء فريضة الحج في العام الماضي ، وبعد طواف الإفاضة طلبت من إحدى الأخوات أن تقص لي من شعري من أجل التحلل ، وبعد أن عدنا إلى بلادنا أصابتني شكوك بأنه هل قصت هذه السيدة لي شعري أم لا بالشكل المطلوب ؟
وأنا أطلب منكم إفادتي حتى يرتاح ضميري حول صحة حجتي .
الحمد لله
قرر العلماء أن من فعل العبادة انتهى منها ، ثم أصابه الشك هل أتمها أم لا ؟ ولم يصِل هذا الشك إلى مرتبة اليقين ، فهو شك غير معتبر ، والعبادة صحيحة تامة إن شاء الله تعالى .(9/59)
وخاصةً إذا كان من قام بالعبادة كثير الشكوك ، فمثله لا يجوز له أن يلتفت إلى شكوكه ، فهي حبائل الشيطان .
قال ابن قدامة في "المغني" (3/187) :
" إذا شك في الطهارة وهو في الطواف لم يصح طوافه ذلك ؛ لأنه شك في شرط العبادة قبل الفراغ منها ، فأشبه ما لو شك في الطهارة في الصلاة وهو فيها .
وإن شك بعد الفراغ منه لم يلزمه شيء ؛ لأن الشك في شرط العبادة بعد فراغها لا يؤثر فيها " انتهى .
قال الزركشي في "المنثور في القواعد الفقهية" (2/257) :
" فرق الإمام الشافعي بين الشك في الفعل وبين الشك بعد الفعل ، فلم يوجب إعادة الثاني ؛ لأنه يؤدى إلى المشقة ، فإن المصلي لو كُلف أن يكون ذاكرًا لما صلى لتعذر عليه ذلك ولم يطقه أحد ، فسومح فيه " انتهى .
وقد سئلت اللجنة الدائمة السؤال التالي :
هل يُلتفت إلى الشك في عدد الركعات ، أو عدد أشواط الطواف ، أو السعي ، بعد الانتهاء منها ، وكذلك الحال بالنسبة للوضوء أم لا ؟ بمعنى أنه لا ينظر إلى الشك بعد الانتهاء من العبادة ؟
فأجابت :
" الشك بعد الانتهاء من الطواف والسعي والصلاة لا يلتفت إليه؛ لأن الظاهر سلامة العبادة " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/143) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين عن شخص كثير الشكوك في الصلاة ، فما توجيهكم ؟
فجاب:
" الشكوك الكثيرة يجب طرحها وعدم الالتفات لها ؛ لأنها تلحق الإنسان بالموسوس ، ولا يقتصر الشيطان على تشكيكه في ذلك ، بل يشككه في أمور أخرى ، حتى إنه قد تبلغ به الحال إلى أن تشككه الوساوس فيما يتعلق بالتوحيد ، وصفات الله عز وجل ، ويشككه في طلاق زوجته وبقائها معه ، وهذا خطير على عقل الإنسان وعلى دينه .
ولهذا قال العلماء : إن الشكوك لا يلتفت إليها في ثلاث حالات :
الأولى : أن تكون مجرد وهم لا حقيقة له ، فهذه مطرحة ولا يلتفت إليها إطلاقًا .(9/60)
الثانية : أن تكثر الشكوك ، ويكون الإنسان كلما توضأ شك ، وكلما صلى شك ، وكلما فعل فعلًا شك ، فهذا أيضًا يجب طرحه وعدم اعتباره .
الثالثة : إذا كان الشك بعد انتهاء العبادة ، فإنه لا يلتفت إليه ما لم يتيقن الأمر .
مثال ذلك : لو شك بعد أن سلم من صلاته هل صلى ثلاثاً أم أربعاً في رباعية ، فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك ؛ لأن العبادة قد فرغت ، إلا إذا تيقن أنه لم يصل إلا ثلاثًا فليأت بالرابعة ما دام الوقت قصيرًا وليسجد للسهو بعد السلام ، فإن طال الفصل أعاد الصلاة كلها من جديد " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (14/سؤال 746) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز أن أعتمر للأحياء القادرين ؟
هل يجوز أن أعتمر للأحياء القادرين ؟ .
الحمد لله
لا يجوز أن تحج أو تعتمر عن أحد وهو قادر على الحج والاعتمار بنفسه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :(9/61)
" تَوَسُّعُ الناسِ في الاستنابة في الحج أمرٌ يؤسف له في الواقع ، وقد يكون غير صحيح شرعاً ، وذلك لأن الاستنابة في النفل في جوازها روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله ، رواية : أن الإنسان لا يجوز أن ينيب عنه أحداً في النفل ليحج عنه أو يعتمر عنه ، سواء كان مريضاً ، أو صحيحاً ، وما أجدر هذه الرواية بالصحة والقوة ، لأن العبادات يطلب من المكلف أن يقوم بها بنفسه ، حتى يحصل له من العبادة والتذلل لله ما يحصل ، وأنت ترى الفرق بين إنسان يحج بنفسه ، وإنسان يعطي دراهم ليحج عنه . الثاني ليس له فضل من العبادة في إصلاح قلبه وتذلله لله عز وجل ، وكأنه عقد صفقة بيع ، وَكَّلَ فيها مَنْ يشترى له أو يبيع له ، وإذا كان مريضاً وأراد أن يستنيب في النفل ، فيقال : هذا لم تأت به السنة ، وإنما جاءت السنة في الاستنابة في الفرض فقط ، والفرق بين الفرض والنفل أن الفرض أمر لازم على الإنسان ، فإذا لم يستطعه وَكَّلَ مَنْ يحج عنه ويعتمر ، لكن النفل ليس بواجب ، فيقال : ما دمت مريضاً وأديت الفريضة فاحمد الله على ذلك ، وابذل المال الذي تريد أن تعطيه من يحج عنك أو يعتمر في مصارف أخرى ، أَعِنْ إنساناً فقيراً لم يحج الفرض بهذا المال ، فهو خير لك من أن تقول : خذ هذا حج عني ، ولو كنت مريضاً ، أما الفرض فالناس والحمد لله لم يتهاونوا فيه ، لا تكاد تجد أحداً يوكل عنه من يحج فريضة إلا وهو غير قادر ، وهذا جاءت به السنة ، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، إن فريضة الله على عباده بالحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال : ( نعم ) .(9/62)
والخلاصة : أن الاستنابة في النفل فيها روايتان عن الإمام أحمد : إحداهما : أنها لا تصح الاستنابة ، والرواية الثانية : أنها تصح الاستنابة من القادر وغير القادر ، والأقرب للصواب بلا شك عندي أن الاستنابة في النفل لا تصح لا للعاجز ولا للقادر . وأما الفريضة للعاجز الذي لا يرجو زوال عجزه فقد جاءت بها السنة " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/140) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/68) :
" يجب على المسلم المكلف المستطيع أداء الحج على الفور ولا يجوز في هذه الحالة أن ينيب عنه من يحج ، ولا يكفي حج غيره عنه مادام مستطيعاً أداء الحج بنفسه" انتهى .
وقد اختار علماء اللجنة الدائمة جواز الاعتمار والحج عن الحي العاجز عن فعلهما ولو كان ذلك نافلة .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/81) :
" إذا اعتمرت عن نفسك جاز لك أن تعتمر عن أمك وأبيك إذا كانا عاجزين ، لكبر أو مرض لا يرجى برؤه " انتهى .
وهو ما اختاره أيضاً الشيخ ابن باز رحمه الله ، فإنه سئل : أريد أن أحج عن والدتي ، فهل لا بد أن أستأذنها ، علماً بأنها سبق أن أدت حجة الفريضة ؟
فأجاب :
" إذا كانت والدتك عاجزة عن الحج لكبر سنها أو مرض لا يرجى برؤه فلا بأس أن تحج عنها ولو بغير إذنها ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استأذنه رجل قائلاً : يا رسول الله ، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حج عن أبيك واعتمر ) واستأذته امرأة قائلة : يا رسول الله ، إن أبي شيخ كبير ولا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ( حجي عن أبيك ) . وهكذا الميت يحج عنه لأحاديث صحيحة وردت في ذلك ، ولهذين الحديثين " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (16/414) .
والحاصل :(9/63)
أنه لا يجوز الحج ولا العمرة عن أحد من الأحياء القادر على فعلهما ، وأما العاجز ، فإن كان ذلك في الفريضة فهو جائز ، وأما في النافلة فهو موضع خلاف بين العلماء .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز أن أعتمر للأحياء القادرين ؟
هل يجوز أن أعتمر للأحياء القادرين ؟ .
الحمد لله
لا يجوز أن تحج أو تعتمر عن أحد وهو قادر على الحج والاعتمار بنفسه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :(9/64)
" تَوَسُّعُ الناسِ في الاستنابة في الحج أمرٌ يؤسف له في الواقع ، وقد يكون غير صحيح شرعاً ، وذلك لأن الاستنابة في النفل في جوازها روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله ، رواية : أن الإنسان لا يجوز أن ينيب عنه أحداً في النفل ليحج عنه أو يعتمر عنه ، سواء كان مريضاً ، أو صحيحاً ، وما أجدر هذه الرواية بالصحة والقوة ، لأن العبادات يطلب من المكلف أن يقوم بها بنفسه ، حتى يحصل له من العبادة والتذلل لله ما يحصل ، وأنت ترى الفرق بين إنسان يحج بنفسه ، وإنسان يعطي دراهم ليحج عنه . الثاني ليس له فضل من العبادة في إصلاح قلبه وتذلله لله عز وجل ، وكأنه عقد صفقة بيع ، وَكَّلَ فيها مَنْ يشترى له أو يبيع له ، وإذا كان مريضاً وأراد أن يستنيب في النفل ، فيقال : هذا لم تأت به السنة ، وإنما جاءت السنة في الاستنابة في الفرض فقط ، والفرق بين الفرض والنفل أن الفرض أمر لازم على الإنسان ، فإذا لم يستطعه وَكَّلَ مَنْ يحج عنه ويعتمر ، لكن النفل ليس بواجب ، فيقال : ما دمت مريضاً وأديت الفريضة فاحمد الله على ذلك ، وابذل المال الذي تريد أن تعطيه من يحج عنك أو يعتمر في مصارف أخرى ، أَعِنْ إنساناً فقيراً لم يحج الفرض بهذا المال ، فهو خير لك من أن تقول : خذ هذا حج عني ، ولو كنت مريضاً ، أما الفرض فالناس والحمد لله لم يتهاونوا فيه ، لا تكاد تجد أحداً يوكل عنه من يحج فريضة إلا وهو غير قادر ، وهذا جاءت به السنة ، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، إن فريضة الله على عباده بالحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال : ( نعم ) .(9/65)
والخلاصة : أن الاستنابة في النفل فيها روايتان عن الإمام أحمد : إحداهما : أنها لا تصح الاستنابة ، والرواية الثانية : أنها تصح الاستنابة من القادر وغير القادر ، والأقرب للصواب بلا شك عندي أن الاستنابة في النفل لا تصح لا للعاجز ولا للقادر . وأما الفريضة للعاجز الذي لا يرجو زوال عجزه فقد جاءت بها السنة " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/140) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/68) :
" يجب على المسلم المكلف المستطيع أداء الحج على الفور ولا يجوز في هذه الحالة أن ينيب عنه من يحج ، ولا يكفي حج غيره عنه مادام مستطيعاً أداء الحج بنفسه" انتهى .
وقد اختار علماء اللجنة الدائمة جواز الاعتمار والحج عن الحي العاجز عن فعلهما ولو كان ذلك نافلة .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/81) :
" إذا اعتمرت عن نفسك جاز لك أن تعتمر عن أمك وأبيك إذا كانا عاجزين ، لكبر أو مرض لا يرجى برؤه " انتهى .
وهو ما اختاره أيضاً الشيخ ابن باز رحمه الله ، فإنه سئل : أريد أن أحج عن والدتي ، فهل لا بد أن أستأذنها ، علماً بأنها سبق أن أدت حجة الفريضة ؟
فأجاب :
" إذا كانت والدتك عاجزة عن الحج لكبر سنها أو مرض لا يرجى برؤه فلا بأس أن تحج عنها ولو بغير إذنها ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استأذنه رجل قائلاً : يا رسول الله ، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حج عن أبيك واعتمر ) واستأذته امرأة قائلة : يا رسول الله ، إن أبي شيخ كبير ولا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ( حجي عن أبيك ) . وهكذا الميت يحج عنه لأحاديث صحيحة وردت في ذلك ، ولهذين الحديثين " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (16/414) .
والحاصل :(9/66)
أنه لا يجوز الحج ولا العمرة عن أحد من الأحياء القادر على فعلهما ، وأما العاجز ، فإن كان ذلك في الفريضة فهو جائز ، وأما في النافلة فهو موضع خلاف بين العلماء .
الإسلام سؤال وجواب
من يدفع تكاليف مرافق المعوق في العمرة
أنا مسلم معاق ، وسأذهب لتأدية العمرة هذا العام إن شاء الله . وأرغب أن يقابلني أخي في جدة ليأخذني إلى مكة والمدينة . وهو يريد أن يعتمر أيضاً ، لكنه يصر على أن يدفع قيمة تذكرة سفره بنفسه ، مع أني سأدفع عن إقامتنا في الفندق وعن الطعام وعن المصاريف الأخرى . هل يمكنه أن يدفع قيمة تذكرته ، أم عليَّ أنا أن أدفع تذكرته أيضا ، كما فعلت في جميع مصاريفه الأخرى ، لأنه سيأتي ليساعدني ؟.
الحمد لله
لا بأس أن تدفع أنت ثمن تذكرته ، ولا بأس أن يدفع هو ثمن تذكرته بنفسه ، وما دام مصراً وراغباً في الأجر فليدفعها وهو مأجور أيضاً على مرافقتك إن شاء الله .
وأنت ستؤجر أيضاً إن شاء الله عن دفع بقية النفقة عنكما ، والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
المعصية وأثرها على صاحبها
حججت عن نفسي وبعد الحج بأشهر لم أر علامات القبول من الإقبال على الطاعات بل عملت الكثير من المعاصي وفي العام المنصرم عقدت العزم على الحج عن أمي المتوفاة ، سألت أحد المشايخ فأفتاني بالحج عنها كما نويت والكثرة من الاستغفار والتضرع فحججت عن أمي في إحدى الحملات وفي طواف الوداع كان الزحام شديدا فطفنا شوطا وجزء من شوط ثم صعدنا إلى السطح ، لشدة الزحام لم نعلم الموقع الذي وقفنا عنده بالضبط في الأسفل ولكن اجتهدنا في بداية الطواف من السطح أن يكون من الموضع الذي انتهينا عنده أسفل وطفنا حتى أتممنا الطواف ..(9/67)
بعد حجي الأخير إن اتجهت للمعاصي - وقد وقعت في كثير منها - شعرت بقسوة وضيق صدر وإن اتجهت إلى الطاعات أحسست بلذةٍ وأحمل عاطفة صادقة ومتأثرة نحو حال الإسلام وأهله في هذا الزمن .. وأنا قلق بشأن الحجين وشأن الطواف .. أفتوني مأجورين.
الحمد لله
أولاً : ننصحك أيها السائل بالبعد عن المعاصي صغيرها وكبيرها والحذر كل الحذر منها ؛ فإن للمعصية شؤماً على صاحبها ، فإليك بعض آثارها من كلام ابن القيم رحمه الله :
1- " حرمان العلم ، فإن العلم نور يقذفه الله في القلب ، والمعصية تُطفئ ذلك النور . ولما جلس الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته ، وتوقُّد ذكائه ، وكمال فهمه ، فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً ، فلا تُطفئه بظلمة المعصية .
2- حرمان الرزق ففي مسند الإمام أحمد عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه " رواه ابن ماجه (4022) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
3- وحشة تحصل للعاصي بينه وبين ربه ، وبينه وبين الناس .قال بعض السلف : إني لأعصي الله ، فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي .
4- تعسير أموره عليه ، فلا يتوجه لأمرٍ إلا ويجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه ، وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا .(9/68)
5- أن العاصي يجد ظلمةً في قلبه ، يُحس بها كما يحس بظلمة الليل ، فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره ، فإن الطاعة نور ، والمعصية ظلمة ، وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر ، كأعمى خرج في ظلمة الليل يمشي وحده ، وتقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين ، ثم تقوى حتى تعلو الوجه، وتصير سواداً يراه كل أحد . قال عبد الله بن عباس : " إن للحسنة ضياءً في الوجه ، ونوراً في القلب ، وسعةً في الرزق ، وقوةً في البدن ، ومحبةً في قلوب الخلق ، وإن للسيئة سواداً في الوجه ، وظلمةً في القلب ، ووهناً في البدن , ونقصاً في الرزق ، وبغضةً في قلوب الخلق " .
6- حرمان الطاعة ، فلو لم يكن للذنب عقوبةٌ إلا أن يُصدَّ عن طاعةٍ تكون بدله ، وتقطع طريق طاعة أخرى ، فينقطع عليه بالذنب طريقٌ ثالثة ثم رابعة وهلم جرا ، فينقطع عنه بالذنب طاعات كثيرة ، كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها ، وهذا كرجل أكل أكلةً أوجبت له مرضاً طويلا منعه من عدة أكلات أطيب منها والله المستعان .
7- أن المعاصي تزرع أمثالها ، ويُولِّد بعضها بعضاً ، حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها .
8- أن المعاصي تُضعف القلب عن إرادته ، فتقوى إرادة المعصية ، وتضعف إرادة التوبة شيئاً فشيئاً إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية ، ... فيأتي من الاستغفار وتوبة الكذابين باللسان بشيءٍ كثير ، وقلبه معقودٌ بالمعصية ، مُصرٌ عليها ، عازم على مواقعتها متى أمكنه ، وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلى الهلاك .
9- أنه ينسلخ من القلب استقباح المعصية فتصير له عادة ، لا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ،ولا كلامهم فيه .(9/69)
وهذا عند أرباب الفسوق هو غاية التهتك وتمام اللذة ، حتى يفتخر أحدهم بالمعصية ، ويُحدِّث بها من لم يعلم أنه عملها ، فيقول : يا فلان ، عملت كذا وكذا . وهذا الضرب من الناس لا يعافون ، ويُسدُّ عليهم طريق التوبة ،وتغلق عنهم أبوابها في الغالب . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرون ، وإنَّ من المجاهرة : أن يستر الله العبد ثم يُصبح يفضح نفسه ويقول : يا فلان عملت يوم كذا .. كذا وكذا ، فيهتك نفسه وقد بات يستره ربه " رواه البخاري (5949) ومسلم (2744) .
10- أن الذنوب إذا تكاثرت طُبِعَ على قلب صاحبها ، فكان من الغافلين . كما قال بعض السلف في قوله تعالى : { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } قال : هو الذنب بعد الذنب .
وأصل هذا أن القلب يصدأ من المعصية ، فإذا زادت غلب الصدأ حتى يصير راناً ، ثم يغلب حتى يصير طبعاً وقفلاً وختماً ، فيصير القلب في غشاوة وغلاف ، فإذا حصل له ذلك بعد الهدى والبصيرة انتكس فصار أعلاه أسفله ، فحينئذٍ يتولاه الشيطان ويسوقه حيث أراد .
ثانياً : قولك إنك " حججت ولم تر علامات القبول ، بل ازددت من المعاصي " يجاب عليه : بأن القبول إنما هو من الله ، ولا يستطيع أحدٌ أن يجزم لك بأن عملك قد قبل أم لا ؟
فالمؤمن يعمل الأعمال الصالحة وهو لا يعلم هل قبل الله منه أم لا ؟
حتى قال ابن عمر لو علمت بأن الله قبل مني حسنة واحدة لكان الموت أحب غائب إليَّ ؛ لأن الله يقول : " إنما يتقبل الله من المتقين " .
والإنسان مطلوب منه أن يُكثر من العمل الصالح ، وأن يجتهد في العمل بحيث يكون موافقاً لأمر الله ورسوله ، ويكون بذلك قد أبرأ ذمته ، ثم يسأل الله القبول .
فأنت أيها السائل إذا كان حجك صحيحاً خالياً من المحظورات فلا يلزمك إعادته ، وأما وقوعك في المعاصي فليس له تعلق بصحة الحج من عدمه ، ولكنك محاسب عليها،فعليك بالمبادرة بالتوبة منها قبل حلول الأجل .(9/70)
ثالثاً : قولك بأنك طفت ثم صعدت إلى السطح لشدة الزحام .
هذه مسألة الموالاة في الطواف ، وقد سُئلت اللجنة الدائمة عن سؤالٍ مشابهٍ لمسألتك فأجابت بأنه لا بأس من قطع الطواف وإكماله في الدور الأعلى .انظر فتاوى اللجنة الدائمة (11/230 ، 231، 232) .
وأما بداية الطواف فيكون من الموضع الذي انتهيت إليه ، وبالنسبة لاجتهادك في تحديد الموضع فإنه إذا تعذر اليقين عمل الإنسان بغلبة الظن لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن شك فتردد هل صلى ثلاثاً أم أربعاً قال : " فليتحرَّ الصواب ، ثم ليُتم عليه – أي يبني على التحري – ثم ليُسلم ثم ليسجد سجدتين بعد أن يُسلم " رواه البخاري (401) ومسلم (572) ، أنظر الشرح الممتع (3/461) .
وبناءً عليه فإكمال الطواف من السطح واجتهادك في البداية من الموضع الذي قطعت طوافك منه لا شيء عليك فيه إن شاء الله ، والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
المعصية وأثرها على صاحبها
حججت عن نفسي وبعد الحج بأشهر لم أر علامات القبول من الإقبال على الطاعات بل عملت الكثير من المعاصي وفي العام المنصرم عقدت العزم على الحج عن أمي المتوفاة ، سألت أحد المشايخ فأفتاني بالحج عنها كما نويت والكثرة من الاستغفار والتضرع فحججت عن أمي في إحدى الحملات وفي طواف الوداع كان الزحام شديدا فطفنا شوطا وجزء من شوط ثم صعدنا إلى السطح ، لشدة الزحام لم نعلم الموقع الذي وقفنا عنده بالضبط في الأسفل ولكن اجتهدنا في بداية الطواف من السطح أن يكون من الموضع الذي انتهينا عنده أسفل وطفنا حتى أتممنا الطواف ..
بعد حجي الأخير إن اتجهت للمعاصي - وقد وقعت في كثير منها - شعرت بقسوة وضيق صدر وإن اتجهت إلى الطاعات أحسست بلذةٍ وأحمل عاطفة صادقة ومتأثرة نحو حال الإسلام وأهله في هذا الزمن .. وأنا قلق بشأن الحجين وشأن الطواف .. أفتوني مأجورين.
الحمد لله(9/71)
أولاً : ننصحك أيها السائل بالبعد عن المعاصي صغيرها وكبيرها والحذر كل الحذر منها ؛ فإن للمعصية شؤماً على صاحبها ، فإليك بعض آثارها من كلام ابن القيم رحمه الله :
1- " حرمان العلم ، فإن العلم نور يقذفه الله في القلب ، والمعصية تُطفئ ذلك النور . ولما جلس الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته ، وتوقُّد ذكائه ، وكمال فهمه ، فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً ، فلا تُطفئه بظلمة المعصية .
2- حرمان الرزق ففي مسند الإمام أحمد عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه " رواه ابن ماجه (4022) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
3- وحشة تحصل للعاصي بينه وبين ربه ، وبينه وبين الناس .قال بعض السلف : إني لأعصي الله ، فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي .
4- تعسير أموره عليه ، فلا يتوجه لأمرٍ إلا ويجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه ، وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا .
5- أن العاصي يجد ظلمةً في قلبه ، يُحس بها كما يحس بظلمة الليل ، فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره ، فإن الطاعة نور ، والمعصية ظلمة ، وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر ، كأعمى خرج في ظلمة الليل يمشي وحده ، وتقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين ، ثم تقوى حتى تعلو الوجه، وتصير سواداً يراه كل أحد . قال عبد الله بن عباس : " إن للحسنة ضياءً في الوجه ، ونوراً في القلب ، وسعةً في الرزق ، وقوةً في البدن ، ومحبةً في قلوب الخلق ، وإن للسيئة سواداً في الوجه ، وظلمةً في القلب ، ووهناً في البدن , ونقصاً في الرزق ، وبغضةً في قلوب الخلق " .(9/72)
6- حرمان الطاعة ، فلو لم يكن للذنب عقوبةٌ إلا أن يُصدَّ عن طاعةٍ تكون بدله ، وتقطع طريق طاعة أخرى ، فينقطع عليه بالذنب طريقٌ ثالثة ثم رابعة وهلم جرا ، فينقطع عنه بالذنب طاعات كثيرة ، كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها ، وهذا كرجل أكل أكلةً أوجبت له مرضاً طويلا منعه من عدة أكلات أطيب منها والله المستعان .
7- أن المعاصي تزرع أمثالها ، ويُولِّد بعضها بعضاً ، حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها .
8- أن المعاصي تُضعف القلب عن إرادته ، فتقوى إرادة المعصية ، وتضعف إرادة التوبة شيئاً فشيئاً إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية ، ... فيأتي من الاستغفار وتوبة الكذابين باللسان بشيءٍ كثير ، وقلبه معقودٌ بالمعصية ، مُصرٌ عليها ، عازم على مواقعتها متى أمكنه ، وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلى الهلاك .
9- أنه ينسلخ من القلب استقباح المعصية فتصير له عادة ، لا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ،ولا كلامهم فيه .
وهذا عند أرباب الفسوق هو غاية التهتك وتمام اللذة ، حتى يفتخر أحدهم بالمعصية ، ويُحدِّث بها من لم يعلم أنه عملها ، فيقول : يا فلان ، عملت كذا وكذا . وهذا الضرب من الناس لا يعافون ، ويُسدُّ عليهم طريق التوبة ،وتغلق عنهم أبوابها في الغالب . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرون ، وإنَّ من المجاهرة : أن يستر الله العبد ثم يُصبح يفضح نفسه ويقول : يا فلان عملت يوم كذا .. كذا وكذا ، فيهتك نفسه وقد بات يستره ربه " رواه البخاري (5949) ومسلم (2744) .
10- أن الذنوب إذا تكاثرت طُبِعَ على قلب صاحبها ، فكان من الغافلين . كما قال بعض السلف في قوله تعالى : { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } قال : هو الذنب بعد الذنب .(9/73)
وأصل هذا أن القلب يصدأ من المعصية ، فإذا زادت غلب الصدأ حتى يصير راناً ، ثم يغلب حتى يصير طبعاً وقفلاً وختماً ، فيصير القلب في غشاوة وغلاف ، فإذا حصل له ذلك بعد الهدى والبصيرة انتكس فصار أعلاه أسفله ، فحينئذٍ يتولاه الشيطان ويسوقه حيث أراد .
ثانياً : قولك إنك " حججت ولم تر علامات القبول ، بل ازددت من المعاصي " يجاب عليه : بأن القبول إنما هو من الله ، ولا يستطيع أحدٌ أن يجزم لك بأن عملك قد قبل أم لا ؟
فالمؤمن يعمل الأعمال الصالحة وهو لا يعلم هل قبل الله منه أم لا ؟
حتى قال ابن عمر لو علمت بأن الله قبل مني حسنة واحدة لكان الموت أحب غائب إليَّ ؛ لأن الله يقول : " إنما يتقبل الله من المتقين " .
والإنسان مطلوب منه أن يُكثر من العمل الصالح ، وأن يجتهد في العمل بحيث يكون موافقاً لأمر الله ورسوله ، ويكون بذلك قد أبرأ ذمته ، ثم يسأل الله القبول .
فأنت أيها السائل إذا كان حجك صحيحاً خالياً من المحظورات فلا يلزمك إعادته ، وأما وقوعك في المعاصي فليس له تعلق بصحة الحج من عدمه ، ولكنك محاسب عليها،فعليك بالمبادرة بالتوبة منها قبل حلول الأجل .
ثالثاً : قولك بأنك طفت ثم صعدت إلى السطح لشدة الزحام .
هذه مسألة الموالاة في الطواف ، وقد سُئلت اللجنة الدائمة عن سؤالٍ مشابهٍ لمسألتك فأجابت بأنه لا بأس من قطع الطواف وإكماله في الدور الأعلى .انظر فتاوى اللجنة الدائمة (11/230 ، 231، 232) .
وأما بداية الطواف فيكون من الموضع الذي انتهيت إليه ، وبالنسبة لاجتهادك في تحديد الموضع فإنه إذا تعذر اليقين عمل الإنسان بغلبة الظن لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن شك فتردد هل صلى ثلاثاً أم أربعاً قال : " فليتحرَّ الصواب ، ثم ليُتم عليه – أي يبني على التحري – ثم ليُسلم ثم ليسجد سجدتين بعد أن يُسلم " رواه البخاري (401) ومسلم (572) ، أنظر الشرح الممتع (3/461) .(9/74)
وبناءً عليه فإكمال الطواف من السطح واجتهادك في البداية من الموضع الذي قطعت طوافك منه لا شيء عليك فيه إن شاء الله ، والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
أخذ النقود للحج عن الغير بنية جمع الدراهم
ما حكم من أخذ نقودًا ليحج عن غيره وليس في نيته إلا جمع الدراهم ؟.
الحمد لله
عرض هذا السؤال على الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله فقال :
" يقول العلماء : إن الإنسان إذا حج للدنيا لأخذ الدراهم، فإن هذا حرام عليه ، ولا يحل له أن ينوي بعمل الآخرة شيئا من الدنيا ؛ لقوله تعالى : { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نُوفِّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون } .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : من حج ليأخذ ، فليس له في الآخرة من خلاق ، وأما إذا أخذ ليحج أو ليستعين به على الحج ، فإن ذلك لا بأس به ولا حرج عليه .
وهنا يجب على الإنسان أن يحذر من أن يأخذ الدراهم للغرض الأول ، فإنه يُخشى ألا يُقبَل منه وألا يُجزِئ الحج عمن أخذه عنه ، وحينئذٍ يلزمه أن يُعيد النفقة والدراهم إلى صاحبها إذا قلنا بأن الحج لم يصح ولم يقع عن المستنيب .
ولكن يأخذ الإنسان الدراهم والنفقة ليحج بها عن غيره ، ليستعين بها على الحج ، ويجعل نيته في ذلك أن يقضي غرض صاحبها وأن يتقرب إلى الله تعالى بما يتعبد به في المشاعر وعند بيت الله .
انتهى من كتاب دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر .
الصعوبات التي تواجه الحاج
ما هي الصعوبات التي تواجه من أراد الحج ؟.
الحمد لله
يمكن إجمال الصعوبات بما يلي :(9/75)
1. الطواف : حيث يكثر الطائفون ، ويشتد الزحام ، وبالأخص عند الحجر الأسود ، لذا لا ننصح بمزاحمة الناس لتقبيل أو استلام الحجر الأسود ، حيث سيترتب على ذلك من الأذى ما هو أعظم من أجر هذا الفعل ، وكذا يختار المسلم الوقت المناسب للطواف حيث يخف الزحام ويستطيع أداء العبادة على الوجه المطلوب .
وقد أفتى العلماء بجواز الطواف على الطابق العلوي وهو وإن كان شاقا لكنه أدعى للقيام بأداء العبادة كما ينبغي ، ويبتعد به المسلم عن مزاحمة الناس وما يترتب عليه من مفاسد .
2. السعي : ويقال فيه ما قيل في الطواف ، وهو أضيق مكاناً من الطواف وأشد صعوبة .
3. الوقوف بعرفة : حيث يجتمع الحجاج كلهم في وقت واحد على مكان واحد ، ثم يكون الدفع في آن واحد ، وهو ما يسبب مشقة لكثير من الناس ، سواء في الوقوف أو في الدفع من عرفة .
4. مزدلفة : والصعوبة تكمن في عدم توفر الخدمات التي توجد في الأماكن الأخرى ، وأهمها أماكن قضاء الحاجة .
لذا ننصح في عرفة ومزدلفة أن يقلل الحاج من الطعام والشراب ، حتى لا يحتاج معه إلى قضاء الحاجة فيشق عليه أن يجد فيقع في حرج .
5. رمي الجمرات : وهناك تقتتل الناس ويظهر جهلهم في مدافعتهم للناس ، وفي رمي الجمار من أماكن بعيدة ، وفي رمي الأحذية والخشب مما يسبب ضرراً للحجاج ، ويجتمع الناس هناك في وقت واحد مما يسبب زيادة في الازدحام .
لذا ننصح الحاج تجنب وقت الذروة في الزحام وهو وقت الفجر في يوم العيد ، ووقت الزوال من باقي أيام التشريق ، وأن يرمي الجمرات في الليل حيث يخف الزحام جدا ، ويستطيع معه إقامة ذكر الله بهدوء وطمأنينة ، وقد أفتى العلماء بأن وقت الرمي يمتد من الزوال إلى الفجر، فلا حاجة بعده للذهاب في وقت اجتماع الناس والتسبب في أذية النفس وأذية الآخرين .(9/76)
6. وفي طواف الوداع : يحاول الحجاج أن ينصرفوا إلى أهليهم مبكرين ، لذا يجتمع الجميع - تقريباً – في وقت واحد مما يسبب لهم الأذى والضرر سواء في الذهاب إلى الحرم أو في الطواف نفسه أو في الخروج من مكة .
لذا ننصح الحجاج بتأخير نسكه إلى اليوم الثالث من أيام التشريق لا أن يعجِّل ، فيستفيد أجراً زائداً على مَن عجَّل ، وننصحه أن يحاول تأخير رجوعه ولو أياماً قلائل إلى أن ينصرف أكثر الحجاج فيستطيع أداء طواف الوداع كما يحب ربنا ويرضى .
هذا مجمل ما يصيب الحاج من صعوبة ، وحكمة الله تعالى اقتضت أن تكون المناسك في تلك البقعة المقفرة من النبات والزرع ، والشديدة الحرارة حتى يميز الله عباده بعضهم من بعض ، فلا يلبي نداء الحق إلا من أخلص نيته لربه .
ولا نخلو المقام من التذكير أن هذه الصعوبات لا تصد المسلم عن أداء هذه العبادة التي فرضها الله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الأجر يكون على قدر المشقة ، فكلما زادت المشقة والصعوبات كلما زاد الأجر والثواب .
عن أم المؤمنين قالت : قلت يا رسول الله يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك واحد قال " انتظري فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم فأهلي منه ثم القينا عند كذا وكذا قال أظنه قال غدا ولكنها على قدر نصبك أو قال نفقتك " .
رواه البخاري ( 1695 ) ومسلم ( 1211 ) .
قال النووي :
قوله صلى الله عليه وسلم " ولكنها على قدر نصبك أو قال نفقتك " هذا ظاهر في أن الثواب والفضل في العبادة يكثر بكثرة النصب والنفقة والمراد النصب الذي لا يذمه الشرع وكذا النفقة.
" شرح مسلم " ( 8 / 152 ، 153 ) .
وعلق الحافظ ابن حجر على كلامه فقال :(9/77)
وهو كما قال ، لكن ليس ذلك بمطرد فقد يكون بعض العبادة أخف من بعض وهو أكثر فضلا وثوابا بالنسبة إلى الزمان كقيام ليلة القدر بالنسبة لقيام ليال من رمضان غيرها وبالنسبة للمكان كالصلاة ركعتين في المسجد الحرام بالنسبة لصلاة ركعات في غيره وبالنسبة إلى شرف العبادة المالية والبدنية كصلاة الفريضة بالنسبة إلى أكثر من عدد ركعاتها أو أطول من قراءتها ونحو ذلك من صلاة النافلة وكدرهم من الزكاة بالنسبة إلى أكثر منه من التطوع أشار إلى ذلك بن عبد السلام في القواعد قال وقد كانت الصلاة قرة عين النبي صلى الله عليه وسلم وهي شاقة على غيره وليست صلاة غيره مع مشقتها مساوية لصلاته مطلقا والله أعلم .
" فتح الباري " ( 3 / 611 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
إذا أخذ المال للحج عن شخص فنقص أو زاد فما الحكم ؟
إذا أعطى رجل رجلاً مبلغاً معيناً لكي يحج عن ميت، ثم ذهب الرجل إلى الحج ثم نقص عليه هذا المبلغ أو زاد ، ما حكم ذلك ؟ كما أرجو الإفادة هل له أجر إذا أحسن هذه المواقف عن الميت ؟.
الحمد لله
المسلمون على شروطهم ، فإذا حصل اشتراط بين الدافع والآخذ على أن الآخذ يرد الزائد وعلى أن الدافع يكمل النقص ، فعلى كلٍّ أن يفي بالتزامه ، وإذا لم يكن بينهما شرط فإنه يأخذ الزائد ويكمل النقص ، أما الأجر فله أجر إن شاء الله إذا أخذ المال بنية صالحة وأدى الواجب عليه .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( 11/59)
حج بمال حرام
هل من حج بمال حرام يصح حجه أم لا ؟.
الحمد لله
يصح حجه ، فيكون قد أدى الحج الواجب عليه ، لكن حجه ليس مبروراً ، وثوابه ناقص نقصاً كبيراً . راجع السؤال رقم (34517) .
قال النووي في المجموع (7/62) : إذا حج بمال حرام أثم وصح حجه وأجزأه ، وبه قال أكثر الفقهاء اهـ . بتصرف .
وفي الموسوعة الفقهية (17/131) :(9/78)
فَإِنْ حَجَّ بِمَالٍ فِيهِ شُبْهَةٌ أَوْ بِمَالٍ مَغْصُوبٍ صَحَّ حَجُّهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ , لَكِنَّهُ عَاصٍ وَلَيْسَ حَجًّا مَبْرُورًا , وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ , وَأَبِي حَنِيفَةَ رحمهم الله وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ , وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : لا يُجْزِيهِ الْحَجُّ بِمَالٍ حَرَامٍ . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يَصِحُّ مَعَ الْحُرْمَةِ . وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم : ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ , أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ : يَا رَبِّ , يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ , وَمُشْرَبُهُ حَرَامٌ , وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ , وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ , فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ اهـ .
وقال الشيخ ابن باز :
الحج صحيح إذا أداه كما شرعه الله ، ولكنه يأثم لتعاطيه الكسب الحرام ، وعليه التوبة إلى الله من ذلك ويعتبر حجه ناقصاً بسبب تعاطيه الكسب الحرام ، لكنه يسقط عنه الفرض اهـ . فتاوى ابن باز (16/387) .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة (11/43) كون الحج من مال حرام لا يمنع من صحة الحج ، مع الإثم بالنسبة لكسب الحرام ، وانه ينقص أجر الحج ، ولا يبطله اهـ .
الإسلام سؤال وجواب
هل يمكن إرسال شخص للحج عن المتوفى بدلا من ابنه
السؤال :
تُوفي والدي في العام الماضي . وكان ينوي أداء الحج هذا العام. فهل يمكن أن أرسل شخصا آخر ليحج عنه؟ وهل يجب أن يكون هذا الشخص من الأقارب؟ ماذا عن التضحية (القربان) الذي يُؤدى وقت الحج، هل يجب أن يكون باسم والدي أم باسم الشخص الموكل؟.
الجواب :
الحمد لله(9/79)
إذا مات المسلم بعد القدرة على الحج ، فعلى وارثه أن يحج عنه بنفسه ، أو يوكل من يحج عنه من مال الميت لأنه دينٌ عليه ، وهو أحقُّ بالقضاء ولايلزم أن يكون الوكيل من الأقارب ، والهدي _ القربان _ الذي يُؤدى وقت الحج يكون باسم الوالد المتوفى لا بإسم المُوكَّل ، إذا كان من مستلزمات الحج ، وإن كان الحج إفراداً فلا هدي ( واجبا ) إلا إذا ارتكب المُوكَّل محظوراً فيه الفدية ، فعليه الفدية .
الشيخ عبد الكريم الخضير
أيهما أولا حج الفريضة أو قضاء دين الأب
السؤال : هل يقدم حج الفريضة أم أداء دين أبيه المطالب به ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله ، فأجاب بما يلي :
الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين و بعد : يقدِّم حج الفريضة لأنه لا يلزمه أداء الدين عن أبيه ، و لكن أباه إن كان خلّف تركةً وجب قضاء دينه منها و إن لم يخلف تركةً فأمره إلى الله عز و جل لكن ليبشر الولد بأن أباه إذا كان أخذ أموال الناس يريد أداءها فإن الله يؤدي عنه فيتحمل عنه ما يكون لدائنه فلا يقلق و لا يتعب ضميره ، و الخلاصة أنه يجب أن يؤدي فريضة الحج لأنه استطاع إليه سبيلا .. و الله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
هل يجوز أن يحج عن شخص ويعتمر عن آخر في نفس العام؟
ما حكم من سافر إلى الحج ونوى عمرته لأمه وحجه لأبيه ، والعام الثاني يعكس يحج لأمه ويعتمر لأبيه ، فهل يجوز أم لا ؟.
الحمد لله(9/80)
" كل من الحج والعمرة نسك مستقل ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم كيفية أدائهما قِراناً وإفراداً وتمتعاً بالعمرة إلى الحج ، فمن أراد الإحرام بالعمرة عن أمه مثلاً والإحرام بالحج بعد التحلل من العمرة عن أبيه أو العكس فله ذلك ، وإذا أحرم بأحد النسكين عن نفسه ، وبعد أن تحلل منه أحرم بالآخر عن أبيه مثلاً كان جائزاً ؛ لأن الأعمال بالنيات ، ولكل امرئ ما نوى " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/58) .
صحة حديث الحج كل خمس سنوات ومعناه
كيف نفهم الحديث الموجود في صحيح الترغيب والترهيب للألباني وهو حديث قدسي ، ويقول الله " من أعطاه الله الصحة ولم يزر بيت الله كل خمس سنوات فهو محروم " ؟ . هل يقصد الحج أم العمرة أم كلاهما ؟ ماذا نفهم من الحديث ؟ .
الحمد لله
أولاً :
نص الحديث :
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله : " إنَّ عبداً أصححتُ له جسمه ووسعتُ عليه في المعيشة تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إليَّ لمحروم " .
رواه أبو يعلى ( 2 / 304 ) والبيهقي ( 5 / 262 ) .
ثانياً :
الكلام عليه :
قد تكلم بعض أهل العلم على الحديث فذهب بعضهم - كابن العربي المالكي - إلى أنه موضوع ، وضعفه آخرون كالدارقطني والعقيلي والسبكي ، وقد ذهب ابن حبان والشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1662 ) إلى أنه صحيح .
ثالثاً :
حمل بعض العلماء معنى الحديث على الحج أو العمرة ، وعلى هذا بوَّب الهيثمي للحديث في كتابه " موارد الظمآن " ، فقال : " باب فيمن مضت عليه خمسة أعوام وهو غني ولم يحج أو يعتمر " .
" موارد الظمآن " ( ص 239 ) .
وحمله آخرون على الحج فقط كما بوب له المنذري في الترغيب والترهيب بقوله : ( ترهيب من قدر على الحج فلم يحج ) ا.هـ(9/81)
وقد استدلَّ بعض العلماء بالحديث على وجوب الحج في كل خمس سنوات مرة على المستطيع ، وهو قول ضعيف ، إما لضعف الحديث وعدم صحته أو لأن الحديث محمول على الاستحباب لا الوجوب .
قال السبكي :
وقد اتفق العلماء على أن الحج فرض عين على كل مكلف حر مسلم مستطيع مرة في العمر إلا من شذ فقال : إنه يجب كل خمسة أعوام مرة , ومتعلقه ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " على كل مسلم في كل خمسة أعوام أن يأتي بيت الله الحرام " حكاه ابن العربي ، وقال : قلنا : رواية هذا الحديث حرام فكيف إثبات حكم به ، انتهى كلامه .
وقال الدارقطني : وقد روي من غير طريق ، ولا يصح منها شيء .
" فتاوى السبكي " ( 1 / 263 ) .
وقال الحطاب :
( وقال بعض من شذ : إنه يجب في كل سنة وعن بعضهم أنه يجب في كل خمسة أعوام لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال " على كل مسلم في كل خمسة أعوام أن يأتي بيت الله الحرام " ، قال ابن العربي : رواية هذا الحديث حرام فكيف إثبات حكم به ؟ , يعني أنه موضوع , وقال النووي : هذا خلاف الإجماع فقائله ، محجوج بإجماع من قبله . ا.هـ
وعلى تسليم وروده فيحمل على الاستحباب والتأكد في مثل هذه المدة . أ.هـ
" مواهب الجليل " ( 2 / 466 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
أخذ المال مقابل الحج عن الغير
زوجي رحمه الله متوفى ، وأريد بإذن الله أن أوكل شخصاً يحج له حجة هذا العام ، هل يصح لمن يقوم بالحج عنه أن يأخذ مالاً عن تعبه غير المال الذي يأخذه كأجر المواصلات وثمن الغذاء والأكل والشرب ، أم لا ؟.
الحمد لله
يجوز لمن وُكِّل أن يحج عن غيره أن يأخذ ما جُعل له من الأجر عن قيامه بذلك الحج ، ولو كان أكثر مما أنفقه في المواصلات والطعام والشراب ، ونحو ذلك مما يحتاجه لأداء الحج ، ويشرع له أن يقصد بذلك المشاركة في الخير وأداء ما ييسر الله له من العبادات في الحرم الشريف ، وألا يكون قصده المال فقط .
وبالله التوفيق .(9/82)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/60) .
هل الأفضل أن يكرر الحج عن نفسه أم يحج عن أقاربه؟
هل الأفضل للإنسان تكرار الحج لنفسه تطوعاً أو ينوي ذلك لأحد أقاربه المتوفين أو الأحياء العاجزين عن الحج بعض السنين ؟ أي: سنة يحج لنفسه ، والحجة التي تليها ينويها لأحدهم .
الحمد لله
" الأفضل أن يحج عن نفسه ؛ لأنه الأصل ، ويدعو لنفسه ولغيره من الأقارب وسائر المسلمين ، إلا إذا كان أحد والديه أو كلاهما لم يحج الفريضة فله أن يحج عنهما بعد حجه عن نفسه ، براً بهما ، وإحساناً إليهما عند العجز أو الموت ، على أن يحج أو يعتمر عن كل واحد على حدة ، وليس له جمعهما بعمرة (واحدة) ولا حج (واحد) " انتهى .
فتاوى اللجنة الدائمة" (11/66) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : امرأة أرادت أن تحج عن والدتها وهي متوفاة ووالدتها قد حجت الفريضة ، فما هو الأفضل : أن تحج أو تدعو لها ؟
فأجاب :
" الأفضل أن تحج لنفسها ، وأن تدعو لأمها ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما قال : ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ : إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) لم يقل : ولد صالح يحج عنه أو يصوم عنه أو يتصدق عنه أو يصلى عنه ، فإذا سألنا سائل : أيهما أفضل أن أصلي وأجعل الثواب لأبي ، أو أتصدق وأجعل الثواب لأبي ، أو أن أدعو لأبي ؟ قلنا : الأفضل أن تدعو لأبيك ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم منا ، وأنصح منا ، وأفصح منا ، ولم يقل : أو ولد صالح يعمل له ، بل قال : ولد صالح يدعو له ، هذا ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى
"فتاوى ابن عثيمين" (21/251) .
الإسلام سؤال وجواب
حج عن غيره فهل له فضائل الحج؟(9/83)
إذا حج الشخص عن غيره ، فهل يناله ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم : ( من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) ؟.
الحمد لله
" يتوقف الجواب على هذا السؤال : هل هذا الرجل حج عن نفسه أو عن غيره ؟
الجواب :
أنه إنما حج عن غيره ، ولم يحج لنفسه ، فلا يدرك الأجر الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه إنما قام بالحج عن غيره ، لكنه إن شاء الله إذا قصد نفع أخيه ، وقضاء حاجته فإن الله تعالى يثيبه " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/34) .
نذرت أن تحج ولم تحج الفريضة
امرأة نذرت إن رزقها الله بمولود أن تحج ورزقها الله به فهل عليها الحج للنذر ؟ علماً بأنها لم تحج الفرض .
الحمد لله
" يجب أن يعلم أن النذر منهي عنه ، نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ( إِنَّهُ لا يَأْتِي بِخَيْرٍ ) . ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن النذر حرام . فلماذا تنذر ؟ ولماذا تكلف نفسك ؟ وهل الله عز وجل لا يمن عليك بالشفاء أو على قريبك بالشفاء إلا إذا اشترط له شرطاً ؟ سبحان الله ! لا تنذر ، بل اسأل الله الشفاء والعافية ، فإن كان الله أراد أن يشفي شفى سواء نذرت أم لم تنذر ، فإذا فعلت ونذرت فإن كان نذر طاعة وجب عليك الوفاء به ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ) وبناء على هذا نقول لهذه المرأة المذكورة : يجب أن تحجي . لكن تبدأ بحج الفريضة ، ثم تأتي بحج النذر وجوباً ، فإن لم تفعل فقد عرضت نفسها لعقوبة عظيمة ، ذكرها الله في قوله : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) التوبة/75، 76 .(9/84)
عاهدوا الله إن الله أغناهم أن يتصدقوا ، وأن يكونوا من الصالحين ، أعطاهم الله ذلك ، ولكنهم بخلوا بالمال ، وأعرضوا عن الصلاح ( فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ ) إلى متى ؟ ( إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ) إلى الموت ( بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ ) التوبة/77.
والخلاصة :
احذروا النذر ، لا تنذروا فأنتم في عافية ، ولا تلزموا أنفسكم ما لم يلزمكم الله به إلا بفعلكم ، فمن كان عنده مريض فليقل : اللهم اشفه ، ومن كان يريد الاختبار فليقل : اللهم نجحني ، لأن بعض الطلبة إذا كانت الدروس صعبة وخاف من السقوط يقول : لله عليَّ نذر إن نجحت لأفعل كذا وكذا . من الطاعات ، ثم إذا نجح أخذ يسأل ويجيء للعالم الفلاني يقول : خلصوني خلصوني ، ولكن لا مفر لا بد من الوفاء بالنذر " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/54) .
جاءته صدقه من أموال ربوية فهل يحج بها ؟
لم أحج الفريضة ، وقد أعطاني أحد الأشخاص مالاً لأحج به ، وهو معروف بأنه يتعامل بالربا ، فهل يجوز لي أن أحج بهذا المال ؟.
الحمد لله
" لا حرج على الإنسان إذا تصدق عليه أحد المرابين أن يحج بما تصدق به عليه ، ولا حرج عليه أن يقبل ما أهدى إليه ، لأن ذنب الربا على صاحبه . أما الذي أخذه بطريق شرعي : بطريق الهبة ، بطريق الصدقة ( فلا ذنب عليه ) .
والدليل على هذا أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل الهدية من اليهود ، وأكل طعام اليهود ، واشترى من اليهود ، مع أن اليهود معروفون بالربا وأكل السحت .
نعم ، لو فرضنا أن شخصاً سرق شاة من غَنَمِ رجلٍ ، وجاء وأهداها إليه ، فهنا تحرم ، لأنك تعرف أن هذه الشاة ليس ملكاً له ، أما إذا كان يتعامل الربا فإثمه على نفسه ، ومن أخذ منه بطريق شرعي فهو مباح له ، فنقول لهذه المرأة : لا حرج عليك أن تحجي بالمال الذي أعطاك إياه من كان معروفاً بالربا " انتهى .(9/85)
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . "فتاوى ابن عثيمين" (21/105) .
معنى الحديث : (من حج فلم يرفث . . )
ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام : ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) ؟.
الحمد لله
هذا الحديث رواه البخاري (1521) ومسلم (1350) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ) .
وفي رواية للترمذي (811) : ( غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وهذا الحديث كقوله تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) البقرة/197 .
وَالرَّفَث : اِسْم لِلْفُحْشِ مِنْ الْقَوْل , وَقِيلَ : هُوَ الْجِمَاع .
قال الحافظ :
" وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد بِهِ فِي الْحَدِيث مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ , وَإِلَيْهِ نَحَا الْقُرْطُبِيّ , وَهُوَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ فِي الصِّيَام ( فَإِذَا كَانَ صَوْم أَحَدكُمْ فَلا يَرْفُث ) " انتهى .
أي أن الرفث في الحديث يشمل الفحش في القول والجماع معاً .
( وَلَمْ يَفْسُقْ ) أَيْ لَمْ يَأْتِ بِسَيِّئَةٍ وَلا مَعْصِيَةٍ .
وَمَعْنَى ( كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمّه ) : أَيْ بِغَيْرِ ذَنْب .
وَظَاهِره غُفْرَان الصَّغَائِر وَالْكَبَائِر . قاله الحافظ .
" وإليه ذهب القرطبي والقاضي عياض ، وقال الترمذي : هو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحق اللّه لا العباد " قاله المناوي في "فيض القدير" .(9/86)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : معنى قوله عليه الصلاة والسلام : ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) : أن الإنسان إذا حج واجتنب ما حرم الله عليه من الرفث وهو إتيان النساء ، والفسوق وهو مخالفة الطاعة ، فلا يترك ما أوجب الله عليه ، ولا يفعل أيضاً ما حرم الله عليه ، فإن خالف فهذا هو الفسوق . فإذا حج الإنسان ولم يفسق ولم يرفث فإنه يخرج من ذلك نقياً من الذنوب ، كما أن الإنسان إذا خرج من بطن أمه فإنه لا ذنب عليه ، فكذلك هذا الرجل إذا حج بهذا الشرط فإنه يكون نقياً من ذنوبه" .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/20) .
وقال أيضاً (21/40) : "ظاهر الحديث أن الحج يكفر الكبائر ، وليس لنا أن نعدو الظاهر إلا بدليل ، وقال بعض العلماء : إذا كانت الصلوات الخمس لا تُكَفِّر إلا إذا اجْتُنِبَت الكبائر وهي أعظم من الحج وأحب إلى الله ، فالحج من باب أولى ، لكن نقول : هذا ظاهر الحديث ، ولله تعالى في حكمه شئون ، والثواب ليس فيه قياس " انتهى بتصرف يسير .
الإسلام سؤال وجواب
كيف يكون حجك مقبولاً ؟
ما هي الأمور التي ينبغي أن يعملها المسلم ليكون حجه مقبولاً إن شاء الله ؟.
الحمد لله(9/87)
" الأمور التي ينبغي أن يعملها ليكون حجه مقبولاً : أن ينوي بالحج وجه الله عز وجل وهذا هو الإخلاص . وأن يكون متبعاً في حجه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو المتابعة ، وكل عمل صالح فإنه لا يقبل إلا بهذين الشرطين الأساسيين : الإخلاص ، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم . لقول الله تعالى : ( وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) البينة/5 . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) .
فهذا أهم ما يجب على الحاج أن يعتمد عليه : الإخلاص ، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم . وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في حجته : ( لِتَأْخُذُوا عني مَنَاسِكَكُمْ ) .
ومنها : أن يكون الحج بمال حلال ، فإن الحج بمال حرام محرم ، لا يجوز ، بل قد قال بعض أهل العلم : إن الحج لا يصح في هذه الحالة ، ويقول بعضهم :
إذا حججت بمال أصله سحت فما حججت ولكن حجت العير
يعني حجت الإبل .
ومنها : أن يتجنب ما نهى الله عنه ، لقوله تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) البقرة/197 .
فيتجنب ما حرم الله عليه تحريماً عاماً في الحج وغيره من الفسوق والعصيان ، والأقوال المحرمة ، والأفعال المحرمة ، والاستماع إلى آلات اللهو ونحو ذلك ، ويجتنب ما حرم الله عليه تحريماً خاصاً في الحج : كالرفث وهو إتيان النساء ، وحلق الرأس ، واجتناب ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبسه في الإحرام . وبعبارة أعم : يجتنب جميع محظورات الإحرام .(9/88)
وينبغي أيضاً للحاج أن يكون ليناً سهلاً كريماً في ماله وعمله ، وأن يحسن إلى إخوانه بقدر ما يستطيع ، ويجب عليه أن يجتنب إيذاء المسلمين ، سواء كان ذلك في المشاعر ، أو في الأسواق ، فيجتنب الإيذاء عند الازدحام في المطاف ، وعند الازدحام في المسعى ، وعند الازدحام في الجمرات ، وغير ذلك . فهذه الأمور التي ينبغي على الحاج ، أو يجب للحاج أن يقوم بها ، ومن أقرب ما يحقق ذلك : أن يصحب الإنسان رجلاً من أهل العلم حتى يذكره بدينه ، وإذا لم يتيسر ذلك فليقرأ من كتب أهل العلم ما كان موثوقاً قبل أن يذهب إلى الحج ، حتى يعبد الله على بصيرة " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "فتاوى ابن عثيمين" (21/20) .
الإسلام سؤال وجواب
الحج عن الميت أفضل أم الصدقة ؟
هل الأفضل أن أحج عن والدي المتوفيين ، مع العلم أنهما قد حجا الفريضة ؟ أو أصرف ذلك في بناء المساجد والجهاد في سبيل الله ؟.
الحمد لله
" أحسن ما يبر به الوالدان ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو الدعاء لهما ، والاستغفار لهما ، وإكرام صديقهما ، وصلة الرحم التي لا صلة لك فيها إلا بهما ، هذه هي التي نص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم حين سأله السائل : فقال : يا رسول الله ، هل عليَّ من بر أبوي شيء بعد موتهما ؟ فأجابه بذلك ، وأما الحج عنهما والأضحية عنهما والصدقة عنهما فهي جائزة لا شك ، ولا نقول : إنها حرام ، لكنها مفضولة ، إذ إن الدعاء لهما أفضل من هذا ، واجعل هذه الأعمال التي تريد أن تجعلها لوالديك اجعلها لنفسك ، حج أنت لنفسك ، تصدق لنفسك ، ضح لنفسك وأهلك ، ابذل في المساجد والجهاد في سبيل الله لنفسك ، لأنك سوف تكون محتاجاً إلى العمل الصالح كما احتاج إليه الوالدان ، والوالدان قد أرشدك النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما هو أنفع وأفضل ، هل تظنون أن الرسول صلى الله عليه وسلم غاب عنه أن الأفضل أن تحج وتتصدق ؟!(9/89)
أبداً لا نعتقد أن الرسول غاب عنه ذلك ، فلنعلم أن الرسول اختار هذه الأشياء الأربعة : الدعاء ، والاستغفار ، وإكرام الصديق ، وصلة الرحم ، لأنها هي البر حقيقة ، ولهذا صح عنه أنه قال : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) لم يقل : أو ولد صالح يتصدق عنه ، أو يضحي عنه ، أو يحج عنه ، أو يصوم عنه ، مع أن الحديث عن الأعمال ، فعدل النبي عليه الصلاة والسلام عن جعل الأعمال للميت إلى الدعاء ، ونحن نشهد الله ، ونعلم علم اليقين أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لن يعدل إلى شيء مفضول ويدع الشيء الفاضل أبداً ، لأنه صلوات الله وسلامه عليه أعلم الخلق ، وأنصح الخلق ، فلو كانت الصدقة أو الأضحية ، أو الصلاة ، أو الحج ، لو كانت مشروعة لأرشد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا أقول : إنه ينبغي لطلبة العلم في مثل هذه الأمورالتي يكون فيها العامة سائرين على الطريق المفضول ينبغي لطالب العلم أن يبين ، وأن يوضح ، وأن يقول : ائتوني بنص واحد يأمر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن يتطوع الإنسان لوالديه بصوم أو صدقة ، أبداً لا يوجد ، لكن قال : ( مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ ) فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن نصوم الفرض عن الميت ، ولكن التطوع أبداً ، قلّب في السنة كلها من أولها إلى آخرها هل تجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أن يتصدق الإنسان عن والديه ، أو يصوم تطوعاً عن والديه ، أو يحج تطوعاً عن والديه ، أو يبذل دراهم في المصالح العامة لوالديه ؟ أبداً ، لا يوجد ، غاية ما هنالك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر هذا الشيء ، وإقرار الشيء لا يعني أنه مشروع ، فقد أقر سعد بن عبادة حين استأذن منه أن يجعل مخرافه يعني بستانه صدقة لأمه ، قال : (نعم) ،(9/90)
وكذلك أقر عليه الصلاة والسلام الرجل الذي قال : إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت ، أفأتصدق عنها ؟ قال : "نعم" ، لكن هل أمر أمته أن يتطوعوا لله ويجعلوها للأموات ؟ هذا لا يوجد ، ومن عثر على شيء من ذلك فليتحفنا به ، إلا بالشيء الواجب ، فالواجب لابد منه " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/267) .
هل يحج عن أمه أو عن أبيه؟
قد حججت والحمد لله ، ولكن والدي ماتا ولم يحجا ، وأنا أريد أن أحج عنهما ، فهل أبدأ بأمي ؟ وإن حججت عن أحدهما فأنا أريد أن أقترض للآخر وأوكل من يحج عنه .
الحمد لله
حق الأم في البر أعظم من حق الأب .
روى البخاري (5971) ومسلم (2548) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ .
" قَالَ اِبْن بَطَّال : مُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُون لِلأُمِّ ثَلاثَة أَمْثَال مَا لِلأَبِ مِنْ الْبِرّ , قَالَ : وَكَانَ ذَلِكَ لِصُعُوبَةِ الْحَمْل ثُمَّ الْوَضْع ثُمَّ الرَّضَاع , فَهَذِهِ تَنْفَرِد بِهَا الأُمّ وَتَشْقَى بِهَا , ثُمَّ تُشَارِك الأَب فِي التَّرْبِيَة . وَقَدْ وَقَعَتْ الإِشَارَة إِلَى ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى : ( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَان بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمّه وَهْنًا عَلَى وَهْن وَفِصَاله فِي عَامَيْنِ ) فَسَوَّى بَيْنهمَا فِي الْوِصَايَة , وَخَصَّ الأُمّ بِالأُمُورِ الثَّلاثَة .
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْمُرَاد أَنَّ الأُمّ تَسْتَحِقّ عَلَى الْوَلَد الْحَظّ الأَوْفَر مِنْ الْبِرّ , وَتُقَدَّمَ فِي ذَلِكَ عَلَى حَقّ الأَب عِنْد الْمُزَاحَمَة .(9/91)
وَقَالَ عِيَاض : وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى أَنَّ الأُمّ تَفْضُل فِي الْبِرّ عَلَى الأَب , وَقِيلَ : يَكُون بِرّهمَا سَوَاء , وَالصَّوَاب الأَوَّل " انتهى من "فتح الباري" .
وقال النووي في "شرح مسلم" :
" الصَّحَابَة هُنَا بِمَعْنَى الصُّحْبَة . قَالَ الْعُلَمَاء : وَسَبَب تَقْدِيم الأُمّ كَثْرَة تَعَبهَا عَلَيْهِ , وَشَفَقَتهَا , وَخِدْمَتهَا , وَمُعَانَاة الْمَشَاقّ فِي حَمْله , ثُمَّ وَضْعه , ثُمَّ إِرْضَاعه , ثُمَّ تَرْبِيَته وَخِدْمَته وَتَمْرِيضه , وَغَيْر ذَلِكَ " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مثل هذا السؤال ، فأجاب :
" حج عن أمك أولاً ، لأن الأم أحق بالبر عن الأب ، وهذا في الفريضة ، أما لو كان حج الأم نفلاً والأب فريضة فتبدأ بالفريضة للأب ، لكن لا تقترض لتنيب من يحج عن أبيك ، فإذا كان العام القادر وأنت قادر فحج عن أبيك ، وكونك الذي تؤدي الحج خير من كونك تنيب غيرك ، لأن إخلاصك لأبيك أكبر من إخلاص غيرك لأبيك ، لهذا نقول : لا يجوز لك أن تقترض من أجل أن تنيب من يحج عن أبيك ، بل حج عن أمك هذا العام ما دمت قادراً ، وفي العام القادم إن كنت قادراً فحج عن أبيك " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/ 134) .
الإسلام سؤال وجواب
سافر إلى الحج ولكنه مات قبل الحج فهل يعتبر حاجاً؟
رجل نوى الحج وعندما ذهب وافته المنية ، وقد كان باع ما عنده من أجل الحج ، فما حكم هذا ؟ وهل يعتبر حاجاً ؟.
الحمد لله
إذا عزم الرجل على الحج ثم مات فلا يخلو إما أن يموت قبل الإحرام أو بعده .
فإن مات قبل الإحرام فإن الله تعالى يثيبه على نيته ، ولكن يجب أن يحج عنه حجة الإسلام .
وإن كان مات بعد الإحرام فإن له ثواب الحج ، بل يبعث يوم القيامة ملبياً ، وعلى هذا فلا يحج عنه .
سئل الشيخ ابن عثيمين عمن جمع مالاً للحج ثم مات قبل أن يحج ، فأجاب :(9/92)
" هذا الرجل الذي عزم على الحج فباع ما عنده ليحج به فوافته المنية قبل أن يقوم بالحج ، نرجو الله عز وجل أن يكتب له أجر الحجاج ، لأنه نوى العمل الصالح ، وفعل ما قدر عليه من أسبابه ، ومن نوى العمل وفعل ما قدر عليه من أسبابه فإنه يكتب له ، قال الله تبارك وتعالى : ( وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) النساء/100 .
وإذا كان هذا الرجل الذي باع ماله ليحج ، لأن الحج فريضة الإسلام فإنه يحج عنه بعد موته بهذه الدراهم التي هيأها ، إما أن يحج عنه أحد من أوليائه أو أحد من غيرهم ، ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت فأحج عنها ؟ قال : ( نعم ) وكان ذلك في حجة الوداع " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/232) .
وسئل أيضاً : رجل جاء من بلده للحج ثم تحطمت الطائرة قبل أن يصل هل يعتبر حاجاً ؟
فأجاب :
" إذا هلك من سافر للحج قبل أن يخرج فليس بحاج ، لكن الله عز وجل يثيبه على عمله ، أما إذا أحرم وهلك فهو حاج ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي وقصته ناقته وهو واقف بعرفة فقال : ( اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه ، ولا تحنطوه ، ولا تخمروا رأسه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً ) . ولم يأمرهم بقضاء حجه ، وهذا يدل على أنه يكون حاجاً " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/252) .
الإسلام سؤال وجواب
مكانة الحج في الإسلام وشروط وجوبه
ما هي مكانة الحج في الإسلام ؟ وعلى من يجب ؟.
الحمد لله(9/93)
" الحج إلى بيت الله الحرام أحد أركان الإسلام ، ومبانيه العظام ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ ْبَيْتِ الله الحرام ) وهو فرض بكتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإجماع المسلمين . قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/97 .
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا ) ، وأجمع المسلمون على ذلك ، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة ، فمن جحد وجوبه وهو ممن عاش بين المسلمين فإنه يكون كافراً ، وأما من تركه تهاوناً فإنه على خطر عظيم ؛ لأن من العلماء من قال : إنه يكفر . وهذا القول رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ، ولكن القول الراجح : أنه لا يكفر بترك الأعمال إلا الصلاة فقط ، قال عبد الله بن شقيق رحمه الله - وهو من التابعين - : ( ما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة ) فمن تهاون بالحج حتى مات فإنه لا يكفر على القول الراجح ، ولكنه على خطر .
فعلى المسلم أن يتقي الله ، وأن يبادر بأداء الحج إذا تمت شروط الوجوب في حقه ، لأن جميع الواجبات تجب المبادرة بها إلا بدليل ، فكيف تطيب نفس المسلم أن يترك الحج إلى بيت الله الحرام مع قدرته عليه ، وسهولة الوصول إليه ؟! وكيف يؤخره وهو لا يدري لعله لا يستطيع الوصول إليه بعد عامه ؟! فقد يكون عاجزاً بعد القدرة ، وقد يكون فقيراً بعد الغنى ، وقد يموت وقد وجب عليه الحج ، ثم يفرط الورثة في قضائه عنه .(9/94)
أما شروط الوجوب فخمسة :
الشرط الأول : الإسلام ، وضده الكفر ، فالكافر لا يجب عليه الحج ، بل لو حج الكافر لم يقبل منه .
الشرط الثاني : البلوغ ، فمن لم يبلغ فلا حج عليه ، ولو حج صح حجه تطوعاً وله أجره ، فإذا بلغ أدى الفريضة ، لأن حجة قبل البلوغ لا يسقط به الفرض .
الشرط الثالث : العقل ، وضده الجنون ، فالمجنون لا يجب عليه الحج ، ولا يحج عنه .
الشرط الرابع : الحرية ، فالرقيق المملوك لا يجب عليه الحج ، ولو حج صح حجه تطوعاً ، وإذا عتق وجب عليه أن يؤدي الفريضة ، لأن حجة قبل أن يتحرر لا يجزئ عن الفرض .
وقال بعض العلماء : إذا حج الرقيق بإذن سيده أجزأه عن الفريضة ، وهذا القول هو الراجح .
الشرط الخامس : الاستطاعة بالمال والبدن ، ومن الاستطاعة أن يكون للمرأة محرم ، فإن لم يكن لها محرم فلا حج عليها " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . "فتاوى ابن عثيمين" (21/9-11) .
قول بعض الناس : من حج فليترك المجال لغيره!
تتوق النفس للحج ولكن نسمع كلمات من الناس لا ندري أهي صحيحة أم لا ؟
يقولون : من حج فليترك المجال لغيره ، فهل هذا القول صحيح ؟.
الحمد لله
" هذا القول ليس بصحيح ، أعني القول بأن من حج فرضه ليترك المجال لغيره ، لأن النصوص دالة على فضيلة الحج ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ) .(9/95)
والإنسان العاقل يمكن أن يذهب إلى الحج ولا يؤذي ولا يتأذى إذا كان يعامل الناس بالرفق ، فإذا وجد مجالاً فسيحاً فعل ما يقدر عليه من الطاعة ، وإذا كان المكان ضيقاً عامل نفسه وغيره بما يقتضيه هذا الضيق ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حين دفع من عرفة يأمر الناس بالسكينة ، وشنق لناقته الزمام يعنى جذبه حتى لا تسرع ، لكنه إذا وجد فجوة نَصَّ . قال العلماء : يعني إذا وجد متسعاً أسرع ، فدل هذا على أن الحاج ينبغي له أن يتعامل مع الحالة التي هو عليها ، فإذا وجد الضيق فليتأن في مشيه ، وليرفق بالناس ، وبهذا لا يتأذى ولا يؤذي ، فهذا الذي نراه في هذه المسألة ، يحج ويستعين الله تعالى على الحج ، ويقوم بما يلزمه من واجبات ، ويحرص على أن لا يؤذي أحداً ، ولا يتأذى بقدر المستطاع . ولو فرض أن هناك مصلحة أنفع من الحج مثل أن يكون بعض المسلمين محتاجاً إلى الدراهم للجهاد في سبيل الله ، فالجهاد في سبيل الله أفضل من الحج النافلة ، وحينئذ يصرف هذه الدراهم إلى المجاهدين ، أو كان هناك مسغبة يعني جوعاً شديداً على المسلمين ، فهنا صرف الدراهم في إزالة المسغبة أفضل من الحج بها " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/28، 29) .
هل يستخير قبل الحج؟
هل تستحب الاستخارة لمن أراد أن يسافر للحج ؟.
الحمد لله(9/96)
" الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستخارة شامل عام في كل أمر يهم به الإنسان ، ولا يدري الخيرة في فعله أم في تركه ، فيستخير الله تعالى ، ولكنه لا يتناول الأمور المفروضة على المرء ، لأن فعل الأمور المطلوبة على المرء خير بلا تردد ، وعلى هذا فإذا وجب الحج على الإنسان وتمت شروط الوجوب فإن عليه أن يحج بدون استخارة ، كما أنه إذا أذن لصلاة الظهر مثلاً ، فإنه يجب عليه أن يصلي بدون استخارة ، وكذلك إذا وجب عليه الجهاد فصار فرض عين عليه ، فإنه يجب عليه أن يجاهد بدون استخارة ، ولكن إذا كان الشيء مشروعاً وليس بواجب عليه فإنه يمكن أن تدخل فيه الاستخارة ، بمعني أن المشروعات بعضها أفضل من بعض ، فقد يريد الإنسان أن يعتمر عمرة تطوع ، أو يحج حج تطوع ، ولكن لا يدري : الحج أفضل أم بقاؤه في بلده للدعوة إلى الله والإرشاد وتوجيه المسلمين ، والقيام بمصالح أهل بيته أفضل ؟ فيستخير الله سبحانه وتعالى ، لا لأنه قد شك في فضل العمرة ، ولكن لأنه قد شك هل الذهاب للعمرة أفضل أم البقاء في بلده أفضل ؟ وهذا أمر وارد ، ويمكن فيه الاستخارة ، فمن تأمل حديث الاستخارة ، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم علم أنها لا تشرع إلا في الأمر الذي يتردد فيه الإنسان : أما الأمر الذي ليس فيه تردد فإنه لا استخارة فيه ، وكما أسلفت : أن الأمور الواجبة لا تحتمل التردد والشك في فعلها ، لوجوب القيام بها على من توفرت فيه شروط الوجوب " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/26، 27) .
حكم الاستنابة في الحج والعمرة
ما حكم الاستنابة في الحج أو العمرة ؟.
الحمد لله
" توكيل الإنسان من يحج عنه لا يخلو من حالين :
الحال الأولى : أن يكون ذلك في فريضة .(9/97)
والحال الثانية : أن يكون ذلك في نافلة ، فإن كان ذلك في فريضة فإنه لا يجوز أن يوكل غيره ليحج عنه ويعتمر ، إلا إذا كان في حال لا يتمكن بنفسه من الوصول إلى البيت لمرض مستمر لا يرجى زواله ، أو لكبر ونحو ذلك ، فإن كان يرجى زوال هذا المرض فإنه ينتظر حتى يعافيه الله ويؤدى الحج بنفسه ، وإن لم يكن لديه مانع من الحج بل كان قادراً على أن يحج بنفسه فإنه لا يحل له أن يوكل غيره في آداء النسك عنه ، لأنه هو المطالب به شخصياً . قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 . فالعبادات يقصد بها أن يقوم الإنسان بنفسه فيها ، ليتم له التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى ، ومن المعلوم أن من وكل غيره فإنه لا يحصل على هذا المعنى العظيم الذي من أجله شرعت العبادات .
وأما إذا كان الموكل قد أدى الفريضة وأراد أن يوكل عنه من يحج أو يعتمر فإن في ذلك خلافاً بين أهل العلم : فمنهم من أجازه ، ومنهم من منعه ، والأقرب عندي : المنع ، وأنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً يحج عنه ، أو يعتمر إذا كان ذلك نافلة ، لأن الأصل في العبادات أن يقوم بها الإنسان بنفسه ، وكما أنه لا يوكل أحداً يصوم عنه ، مع أنه لو مات وعليه صيام فرض صام عن وليه ، فكذلك في الحج ، والحج عبادة يقوم فيها الإنسان ببدنه ، وليست عبادة مالية يقصد بها نفع الغير ، وإذا كان عبادة بدنية يقوم الإنسان فيها ببدنه فإنها لا تصح من غيره عنه ، إلا فيما وردت به السنة ، ولم ترد السنة في حج الإنسان عن غيره حج نفل ، وهذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله - أعني أن الإنسان لا يصح أن يوكل غيره في نفل حج أو عمرة سواءً كان قادراً أو غير قادر .(9/98)
ونحن إذا قلنا بهذا القول صار في ذلك حث للأغنياء القادرين على الحج بأنفسهم ، لأن بعض الناس تمضي عليه السنوات الكثيرة ما ذهب إلى مكة ، اعتماداً على أنه يوكل من يحج عنه كل عام ، فيفوته المعنى الذي من أجله شرع الحج ، بناء على أنه يوكل من يحج عنه " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/136) .
وقد اختار علماء اللجنة الدائمة جواز الاعتمار والحج عن الحي العاجز عن فعلهما ولو كان ذلك نافلة .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/81) :
إذا اعتمرت عن نفسك جاز لك أن تعتمر عن أمك وأبيك إذا كانا عاجزين ، لكبر أو مرض لا يرجى برؤه " انتهى .
وهو ما اختاره أيضاً الشيخ ابن باز رحمه الله ، فإنه سئل : أريد أن أحج عن والدتي ، فهل لا بد أن أستأذنها ، علماً بأنها سبق أن أدت حجة الفريضة ؟
فأجاب :
" إذا كانت والدتك عاجزة عن الحج لكبر سنها أو مرض لا يرجى برؤه فلا بأس أن تحج عنها ولو بغير إذنها ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استأذنه رجل قائلاً : يا رسول الله ، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حج عن أبيك واعتمر ) واستأذته امرأة قائلة : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير ولا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : حجي عن أبيك . وهكذا الميت يحج عنه لأحاديث صحيحة وردت في ذلك ، ولهذين الحديثين " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (16/414) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يحج عن جدته ولو لم يرض أبوه؟
هل طاعة الوالدين تجب في كل شيء ، إذا أمراني بترك النافلة كصيام تطوع أو صلاة النافلة فهل طاعتهم واجبة ؟ فقد عزمت على أن أحج عن جدتي لأمي فرفض والدي وقال : أولادها أحق بها فهل تلزمني طاعته في هذا الأمر ؟.
الحمد لله(9/99)
" طاعة الوالدين تجب في كل ما فيه منفعة لهما ولا ضرر عليك به ، فأما إذا أمراك بترك النوافل نظرنا ؛ إذا كانا يحتاجان إلى عمل لا تقوم به إذا كنت منشغلاً بهذه النافلة فأطعهما ، مثل أن يقول لك أبوك : يا فلان ، انتظر الضيوف ، ولا تصل النافلة ، فهنا يجب عليك أن تطيعه لأن هذا لغرضٍ له ، وأما إذا قال : لا تصل الضحى ، لأنه يكره مثل هذه الأمور ، يكره النوافل لأنه ليس عنده إيمان قوي ، فلا تطعه ، ولكن دارِهِ ما استطعت ، بمعنى أن تخفي عنه ما تفعله من الخير .
فنقول للسائل : حج عنها ، وإذا قال لك أبوك : لا تحج . فقل : لا بأس ، وحج ، وليس في هذا كذب إذا كنت تستطيع التأويل ، والتأويل معناه : أن تقول له : لا أحج ، يعني العام القادم ، لأن هذا الأب يأمر بقطيعة الرحم ، أو هو جاهل ، فقل : نعم ، لا أحج عنها إرضاء لك ، وتنوي لا أحج عنها في العام القادم . لأنك سوف تحج هذا العام ، ومثل ذلك بعض الأمهات إذا رأت العلاقة بين ابنها وزوجته طيبة ، قالت : يا ولدي إما أنا وإما هي ، ليطلقها ، كذلك الأب ربما يكون معه سوء تفاهم من الزوجة يقول طلقها . فلا يطلقها . وسأل رجل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله فقال : إن أبي أمرني أن أطلق امرأتي وأنا أحبها . قال : لا تطلقها . فقال السائل : إن ابن عمر لما أمره أبوه عمر رضي الله عنه أن يطلق زوجته وسأل النبي صلى الله عليه وسلم قال : طلق زوجتك ، فأمر عبد الله بن عمر أن يطيع والده في تطليق زوجته ، فقال له الإمام أحمد قولاً سديداً : وهل أبوك عمر ؟! وهذه الكلمة لها معنى ، لأن عمر رضي الله عنه لم يأمر ابنه أن يطلق زوجته إلا أنه رأى سبباً شرعياً يقتضي ذلك ، لكن أباك لعله لحاجة شخصية بينه وبين المرأة " انتهى بتصرف يسير .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/265) .
حكم الطواف أثناء خطبة الجمعة
هل يجوز أن أطوف طواف الوداع بالحرم والإمام يخطب خطبة الجمعة ؟.
الحمد لله(9/100)
اختلف العلماء في حكم الطواف أثناء خطبة الجمعة ، سواء كان الطواف واجبا كطواف الإفاضة والوادع وطواف العمرة ، أم كان مستحباً .
فذهب المالكية إلى منعه ، قياساً على الصلاة ، فإن المأموم منهي عن الصلاة أثناء خطبة الجمعة إلا تحية المسجد ، وذلك لما فيها من الإعراض عن الخطيب والانشغال عن الخطبة ، والطواف كالصلاة في هذا .
انظر "مواهب الجليل" (3/78) .
وذهب الشافعية إلى جواز الطواف أثناء خطبة الجمعة ، ومنعوا قياسه على الصلاة ، لأن الطواف لا ينافي الاستماع للخطبة ، بخلاف الصلاة فالانشغال بها أقوى .
وانظر : "الغرر البهية" ( 2/ 29) ، " الفتاوى الفقهية الكبرى " ( 1/ 239) .
واختار الشيخ ابن جبرين المنع من الطواف أثناء خطبة الجمعة ، فقد سئل : ما حكم الطواف تطوعاً للمقيم والمسافر والخطيب يخطب يوم الجمعة ؟
فأجاب : " إذا ابتدأ الخطيب يخطب وجب على المصلين الإنصات للخطبة والبقاء في أماكنهم ولم يجز الاشتغال بغير ذلك إلا لمن دخل والخطيب يخطب ، فإنه يصلي ركعتين يخففهما ، سواء كان من أهل مكة أو من غيرهم ، فالأدلة عامة في النهي عن الحركة والكلام حال خطبة الخطيب ، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت) . هكذا حذر من هذه الكلمة مع أنها للصلاة ، فعلى هذا نرى أنه لا يجوز الطواف على كل حال ما دام الإمام يخطب خطبة الجمعة ، وقد كان الأئمة قديماً يمنعون من الطواف حال الخطبة ، ولكن تساهل المتأخرون وادعوا أنهم عاجزون عن حجز أولئك الذين يطوفون ، والذين يتعللون بأنهم مسافرون يودّعون البيت بهذا الطواف ، أو يرون فضل الطواف على الإنصات لسماع الخطبة ، ولكن هذا غير صحيح ، فنرى لزوم منعهم حتى يفرغ من الصلاة ، وأما خطبة العيد فلا بأس بالطواف حال خطبته وذلك لأنها سنة ، ولا يلزم البقاء للمصلين إلى انتهائها " انتهى نقلا عن مجلة الحرس الوطني ، عدد 272 بتاريخ 1/1/2005 .(9/101)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الحج على نفقة الغير
حججت مع ابني وأنفق هو كل تكاليف الحج ، وكنت أريد أن أحج على نفقتي الخاصة . فهل يؤثر ذلك على صحة الحج ؟.
الحمد لله
لا بأس أن يحج الإنسان على نفقة غيره ، سواء كان ذلك الغير ابنه أو أخاه أو صديقه . . الخ ، ولا يؤثر ذلك على صحة الحج ، وليس من شروط صحة الحج أن ينفق الإنسان على الحج من ماله .
سئلت اللجنة الدائمة عن امرأة تكلف مضيفها بنفقة الحج كاملة هل يصح حجها ؟
فأجابت :
أداؤها الفريضة لا يؤثر على صحته أنها لم تنفق عليه شيئاً من مالها ، أو أنها أنفقت الشيء القليل وقام غيرها بإنفاق الشيء الكثير من تكاليف حجها ، وعليه فإذا كان حجها مستكملاً الشروط والأركان والواجبات فهو مسقط عنها فريضة الحج وإن قام غيرها بتكاليفه اهـ . فتاوى اللجنة الدائمة (11/34) .
وسئلت اللجنة الدائمة (11/36) عن حكم الحج من نفقات الحاكم . فأجابت :
يجوز لهم ذلك ، وحجهم صحيح ، لعموم الأدلة اهـ
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة أيضاً (11/37) :
إذا حج الولد فرضه من مال أبيه فحجه صحيح اهـ .
وقالت اللجنة الدائمة أيضاً (11/40) عمن فاز في مسابقة دينية وكانت جازتها الحج :
يجزئ حجك ، ويعتبر أداء الفريضة عن نفسك اهـ .
الإسلام سؤال وجواب
هل يكثر من الطواف أم الصلاة في المسجد الحرام؟
هل الأفضل لمن كان بمكة أن يكثر من الصلاة في المسجد الحرام أم يكثر من الطواف ؟.
الحمد لله
الصلاة في المسجد الحرام والطواف بالكعبة كلاهما له فضل عظيم ، روى أحمد (14284) وابن ماجه (1406) عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (صَلاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ ) . قال الحافظ : رجال إسناده ثقات اهـ وصححه الألباني في إرواء الغليل (1129) .(9/102)
وروى الترمذي (959) عَنْ عبد الله بْن عُمَرَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ أُسْبُوعًا ( أي سبعة أشواط ) فَأَحْصَاهُ كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ ، لا يَضَعُ قَدَمًا وَلا يَرْفَعُ أُخْرَى إِلا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطِيئَةً وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : هل الأحسن للمقيم بمكة الطواف بالبيت أم الصلاة ؟
فأجاب :
. . أما تفضيل الصلاة على الطواف أو الطواف على الصلاة فهذا محل نظر ( أي فيه تفصيل ) ، فقد ذكر جمع من أهل العلم أن الغريب الأفضل له أن يكثر من الطواف ، لأن الصلاة يمكنه الإتيان بها في كل مكان ، ولا تختص بالمسجد الحرام ، أما الطواف فلا يحصل له الطواف إلا بمكة ، وهو ليس مقيماً في مكة بل سوف يخرج ويبتعد عنها فاغتنامه الطواف أولى .
أما المقيم بمكة فالصلاة له أفضل لأن جنس الصلاة أفضل من جنس الطواف ، فإذا أكثر من الصلاة كان أفضل اهـ بتصرف .
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (16/367) .
الإسلام سؤال وجواب
فضل يوم النحر
هل هناك مزايا خاصة لليوم العاشر من ذي الحجة ؟.
الحمد لله
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان لهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : " إن الله قد أبدلكم يومين خيراً منهما ، يوم الفطر ، والأضحى " رواه أبو داود ( 1134 ) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 2021 ) .
فأبدل الله هذه الأمة بيومي اللعب واللهو يومي الذِّكر والشكر والمغفرة والعفو .
ففي الدنيا للمؤمنين ثلاثة أعياد :
عيدٌ يتكرر كلَّ أسبوع ، وعيدان يأتيان في كل عام مرَّةً مرَّة ، من غير تكرر في السنة .
فأما العيد المتكرر كل أسبوع فهو يوم الجمعة .
وأما العيدان اللذان لا يتكرران في العام ، وإنما يأتي كلُّ واحدٍ منهما في العام مرةً واحدة .(9/103)
فأحدهما : عيد الفطر من صوم رمضان ، وهو مرتب على إكمال صيام رمضان ، وهو الركن الثالث من أركان الإسلام ومبانيه ، فإذا استكمل المسلمون صيام شهرهم المفروض عليهم ، شرع الله لهم عقيب إكمالهم لصيامهم عيداً يجتمعون فيه على شكر الله وذكره وتكبيره على ما هداهم له . وشرع لهم في ذلك العيد الصَّلاة والصَّدقة .
والعيد الثاني : عيد النحر وهو اليوم العاشر من شهر ذي الحجة ، وهو أكبر العيدين وأفضلهما ، وهو مترتب على إكمال الحجِّ ، فإذا أكمل المسلمون حجَّهم غُفر لهم .
وإنما يكمُلُ الحجُّ بيوم عرفة والوقوف بعرفة ؛ فإنه ركن الحجِّ الأعظم ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " الحج عرفة " رواه الترمذي ( 889 ) وصححه الألباني في إرواء الغليل ( 1064 ) .
ويوم عرفة هو يوم العتق من النار ، فيُعتق الله فيه من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين ، فلذلك صار اليوم الذي يليه عيداً لجميع المسلمين في جميع أمصارهم ، من شهد الموسم منهم ومن لم يشهده .
وشُرع للجميع التقرُّب إليه بالنُّسُك ، وهو إراقة دماء القرابين .
وتتلخص فضائل هذا اليوم بما يلي :
1- أنه خير الأيام عند الله :
قال ابن القيم – رحمه الله – في زاد المعاد ( 1/54 ) : " خير الأيام عند الله يوم النحر ، وهو يوم الحج الأكبر كما في سنن أبي داود ( 1765 ) عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر " وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
2- أنه يوم الحج الأكبر ..
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ وَقَالَ هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ " رواه البخاري 1742
وذلك لأن معظم أعمال الحج تكون في هذا اليوم ، ففيه يفعل الحجاج ما يلي :
1- رمي جمرة العقبة .
2- النحر .(9/104)
3- الحلق أو التقصير .
4- الطواف .
5- السعي .
3- أنه يوم عيد المسلمين :
قال صلى الله عليه وسلم : " يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام ، وهي أيام أكل وشرب " رواه الترمذي ( 773 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
يخرج من منى نهارا ويعود إليها ليلاً أيام التشريق
أنا من أهل الرياض ، وأريد الحج مع بعض الزملاء لي في جدة , وخلال أيام التشريق في منى أريد الذهاب إلى جدة للراحة والرجوع لمنى بالليل لأقضي معظم الليل في منى ما بين الساعة 10 إلى 4 صباحا .
سؤالي : هل يجوز أن أذهب إلى جدة كل يوم أثناء أيام التشريق والرجوع إلى منى بالليل ؟ وكم ساعة يجب أن أقضي من الليل في منى حتى أكون قد بت في منى ؟.
الحمد لله
أولا :
السنة للحاج أن يبقى في منى طوال اليوم ، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يخرج من منى إلا لطواف الإفاضة ، ويجب عليه أن يبيت بمنى معظم الليل .
ولا حرج عليه لو خرج من منى أثناء النهار إلى مكة أو غيرها ، لاسيما إذا كان ذلك لعدم وجود مكان يجلس فيه .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : شخص أفاض من عرفات ثم رمى الجمرة الأولى ثم طاف وسعى فجلس في منزله بمكة حتى العصر ثم رجع لمنى وذبح هديه ، هل عليه شيء في هذا الجلوس ؟
فأجاب : " لا حرج عليه في ذلك ، فمن جلس في مكة في نهار يوم العيد أو في أيام التشريق في بيته ، أو عند أصحابه فلا حرج عليه في ذلك ، وإنما الأفضل البقاء في منى إذا تيسر ذلك ، تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ، فإذا لم يتيسر له ذلك أو شق عليه ذلك ودخل مكة وأقام بها في النهار ثم رجع في الليل لمنى وبات فيها فلا بأس بهذا ولا حرج " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (17/365) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن بعض الحجاج من سكان العزيزية ينزلون إلى مساكنهم في النهار أيام التشريق .(9/105)
فأجاب : " الذي أرى أنه لا ينبغي لساكن العزيزية أن ينزل إلى بيته بالنهار ، فمن السنة بلا شك أن يبقى في الخيمة بمنى ؛ لأن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله عز وجل كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها عندما قالت : هل على النساء جهاد ؟ فقال : ( نعم جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة ) فالمشروع في حق الحاج أن يبقى ليلا ونهارا في منى " انتهى .
وسئل رحمه الله أيضاً : هل الخروج في أيام التشريق إلى ما قرب من مكة كجدة مثلا غير مخلّ بالحج ؟
فأجاب : " لا يخل بالحج ، ولكن الأفضل أن يبقى الإنسان ليلا ونهارا بمنى كما بقي النبي صلى الله عليه وسلم فيها ليلا ونهارا ". انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (23/241، 243) .
ثانيا :
ضابط المبيت بمنى : أن يبقى فيها الحاج أكثر من نصف الليل ، وتحسب ساعات الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر .
وعليه : فتحسب الزمن من المغرب إلى الفجر ، حسب التوقيت في منى ، فإن كان جلوسك ست ساعات في منى هو أكثر من نصف الزمن ، فقد أتيت بالواجب .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما مقدار مبيت الحاج في منى ليالي التشريق ؟
فأجاب : ذكر العلماء رحمهم الله أن المبيت في منى يجب أن يكون معظم الليل ، فإذا قدَّرنا أن الليل عشر ساعات فليكن خمس ساعات ونصف كلها في منى ، وما زاد على ذلك فهو سنة " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (23/244) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
تاريخ الحج
أريد منكم أن تخبروني عن تاريخ الحج ومشاعرها؟ مثالاً على ذلك أن المسلمون يسعون بين الصفا و المروة هي ما فعلته هاجر أما عن الباقي فلا أدري فأرجو إفادتي كرمي الجمار و الطواف و الوقوف بعرفة و شرب ماء زمزم و المبيت بمنى و مزدلفة و ذبح الهدي ...الخ. و لكم جزيل الشكر.
الحمد لله(9/106)
فمن المجمع عليه بين أهل الإسلام قاطبة قديماً وحديثاً ، سلفاً وخلفا ، أن الحج إلى بيت الله الحرام أحد أركان الإسلام الخمس كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وغيره .
ومن المعروف أن الحج كسائر العبادات ، له أعمال خاصة به ، وكل عمل من هذه الأعمال له هيئة يجب أن تؤتى على وجهها الصحيح ، كالإحرام من الميقات ، والطواف ، والسعي بين الصفا والمروة ، والوقوف بعرفة ، والمبيت بمزدلفة ، ومن رمي الجمار والذبح ، إلى غير ذلك من أعمال الحج المعروفة ، فالواجب في هذه الأعمال أن تؤدى وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم , والأحاديث التي تبين صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا , وقد توسع الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" والحافظ ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية" في جمع هذه الأحاديث , وبيان ما تدل عليه وتفيده من أحكام ، وعلى المسلم أن يهتم بمعرفة هذه الأحكام والعمل بها .
ثم ليعلم أن المقصود الأساسي من أعمال الحج إقامة ذكر الله تعالى , كما قال تعالى : ( فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ . ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ )... إلى أن قال تعالى : ( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) البقرة / 198- 203 .(9/107)
وجاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل . علقه البيهقي (5/145) , وروي مرفوعا وفيه ضعف .
والمسلم إنما يعظم مشاعر الحج لأن الله عز وجل أمره بتعظيمها ، كما قال تعالى : ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج / 32 ، وروى البخاري (1610) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قبل الحجر الأسود وقال : لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك .
يقول ابن الجوزي رحمه الله تعالى وهو في معرض كلامه عن أعمال الحج وشرحها وبسط الكلام عنها : « ثم زالت تلك الأشياء وبقيت آثارها وأحكامها وربما أشكلت هذه الأمور على من يرى صورها ولا يعرف أسبابها فيقول : هذا لا معنى له ، فقد بينت لك الأسباب من حيث النقل ، وها أنا أمهد لك من المعنى قاعدة تبنى عليها ما جاءك من هذا .
اعلم أن أصل العبادة معقول ، وهو ذل العبد لمولاه بطاعته ، فإن الصلاة فيها من التواضع والذل ما يفهم منه التعبد .
وفي الزكاة إرفاق ومواساة يفهم معناه .
وفي الصوم كسر شهوة النفس لتنقاد طائعة إلى مخدومها.
وفي تشريف البيت ونصبه مقصداً وجعل ما حوله حرماً تفخيماً له ، وإقبال الخلق شعثاً غبراً كإقبال العبد إلى مولاه ذليلاً معتذراً أمر مفهوم ، والنفس تأنس من التعبد بما تفهمه ، فيكون ميل الطبع إليه مُعيناً على فعله وباعثا ، فوظفت لها وظائف لا يفهمها ، ليتم انقيادها كالسعي والرمي ، فإنه لا حظ في ذلك للنفس ، ولا أُنس فيه للطبع ، ولا يهتدي العقل إلى معناه ، فلا يكون الباعث إلى امتثال الأمر فيه سوى مجرد الأمر والانقياد المحض ، وبهذا الإيضاح تعرف أسرار العبادات الغامضة » اهـ . انظر : مثير العزم الساكن ( 1/285-286 ) .(9/108)
إذا تبين هذا فإن الكثير من تاريخ أعمال الحج قبل الرسول الله صلى الله عليه وسلم غير معلوم لنا , وهذه الأمور لا يضر الجهل بها , وهناك بعض الأمور وردت الإشارة إلى شيء من تاريخها في بعض النصوص ، ونذكر هنا شيئا من ذلك :
1- متى فرض الحج ؟ أو : متى كان بدء الحج ؟
يقول تعالى ? وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ? الحج / 27 .
يقول ابن كثير في تفسيره ( 3/221 ) لهذه الآية « أي نادِ ( يا إبراهيم ) في الناس بالحج ، داعيا لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه ، فذكر أنه قال : " يا رب كيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم ؟ " فقال : " نادِ وعلينا البلاغ " فقام على مقامه ، وقيل على الحجر ، وقيل على الصفا ، وقيل على أبي قبيس ، وقال : " يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتاً فحجوه " فيقال إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض ، وأسمع من في الأرحام والأصلاب ، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر ، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة ، ليبك اللهم لبيك ، هذا مضمون ما ورد عن ابن عباس ، ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف والله أعلم . » أ.هـ.
ونقل ابن الجوزي في كتابه " مثير العزم الساكن ( 1/354 ) نحواً من ذلك مختصراً وعزاه إلى أهل السير .(9/109)
هذا عن تاريخ فرض الحج قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، أما عن تاريخ فرض الحج في الإسلام فقد اختلف فيه ، فقيل : فرض سنة ست ، وقيل سنة سبع ، وقيل سنة تسع ، وقيل سنة عشر ، وجزم الإمام ابن القيم رحمه الله بأن فرضه كان في العام التاسع أو العاشر ، قال رحمه الله تعالى : في زاد المعاد : « لا خلاف أنه لم يحج - أي النبي صلى الله عليه وسلم - بعد هجرته إلى المدينة سوى حجة واحدة وهي حجة الوداع ، ولا خلاف أنها كانت سنة عشر ...ولما نزل فرض الحج بادر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحج من غير تأخير ، فإن فرض الحج تأخر إلى سنة تسع أو عشر ... فإن قيل : فمن أين لكم تأخير نزول فرضه إلى التاسعة أو العاشرة ؟ قيل : لأن صدر سورة آل عمران نزل عام الوفود ، وفيه قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصالحهم على أداء الجزية ، والجزية إنما نزلت عام تبوك سنة تسع ، وفيها نزل صدر سورة آل عمران ... » أ.هـ .
قال القرطبي في تفسيره ( 2/4/92 ) : « وقد كان الحج معلوماً عند العرب مشهوراً لديهم ؛ فلما جاء الإسلام خوطبوا بما علموا وألزموا بما عرفوا . » وانظر كذلك أحكام القرآن لابن العربي ( 1/286 ) . انظر السؤال رقم ( 32662 )
2- الطواف بالبيت :
قال تعالى : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ ) البقرة / 125 , وهذه الآية تفيد أن الطواف بالبيت كان على عهد إبراهيم عليه السلام .
3- الرمل .
والرمل هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى . وهو سنة للرجال دون النساء في طواف القدوم وهو أول طواف يطوفه إذا قدم مكة .
- كيف كان بدء الرمل ؟(9/110)
أخرج البخاري في صحيحه ( 2/469-470 ) ( 1602 ) ومسلم ( 2/991-992 ) ( 1262 ) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فقال المشركون : إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حُمى يثرب . فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا الأشواط الثلاثة ... ) . وفي رواية زيادة : ( قال : ارملوا ليرى المشركون قوتكم ... ) .
4- ماء زمزم والسعي بين الصفا والمروة .
أخرج البخاري في صحيحه ( 6/396-397 ) ( 3364 ) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء إبراهيم بهاجر وابنها إسماعيل - وهي ترضعه - حتى وضعها عند البيت ، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ، وليس بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء ، فوضعها هنالك ، ووضع عندهما جراباً فيه تمرٌ ، وسقاءً فيه ماءً .
ثم قضى - أي رجع - إبراهيم منطلقا ، فتبعته أم إسماعيل فقالت : يا إبراهيم ! أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ، فقالت له ذلك مراراً ، وجعل لا يلتفت إليها ، فقالت له : آلله أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت : إذن لا يضيعنا . ثم رجعت ، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه فقال : ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) إبراهيم / 37 .
وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل ، وتشرب من ذلك الماء ، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال : يتلبط - فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل من الأرض يليها ، فقامت عليه ، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً ، فلم تر أحداً فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود ؛ حتى جاوزت الوادي .(9/111)
ثم أتت المروة ، فقامت عليها فنظرت هل ترى أحداً ، فلم تر أحداً ، ففعلت ذلك سبع مرات .
قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( فذلك سعى الناس بينهما ) فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت : صه - تريد نفسها - ثم تسمعت أيضا فقالت : قد أسمعت إن كان عندك غواث ، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه - أو قال : بجناحه - حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه وتقول بيديها هكذا ، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : يرحم الله أم إسماعيل ، لو تركت زمزم - أو قال : لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عينا معينا . قال : فقال لها الملك ، لا تخافوا الضيعة ، فإن ها هنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله ... ) الحديث .
قال ابن الجوزي في كتابه " مثير العزم الساكن " ( 2/47 ) : " وهذا الحديث قد بان فيه معنى تسميتها بزمزم ، فإن الماء لما فاض زمته هاجر ، قال ابن فارس اللغوي : زمزم من قولك زممت الناقة ، إذا جعلت لها زماماً تحبسها به ) اهـ.
5- الوقوف بعرفة :
روى أبو داود والترمذي (883) من حديث يزيد بن شيبان قال : كنا وقوفا بعرفة مكانا بعيدا من الموقف , فأتانا ابن مِربع الأنصاري , فقال : إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم يقول لكم : " كونوا على مشاعركم , فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم " وصححه الألباني في "صحيح أبي داود " (1688) .
والكثير من أعمال الحج كان على عهد إبراهيم عليه السلام , ولكن المشركين ابتدعوا بعض الأمور التي لم تكن مشروعة , فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم , خالفهم في ذلك وبين المشروع من أعمال الحج .(9/112)
فهذه نبذة يسيرة عن تاريخ الحج وتاريخ بعض مشاعره ، وللزيادة يمكنك الرجوع إلى كتاب الحافظ ابن الجوزي رحمه الله المسمى بـ " مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن " المجلد الأول منه كاملاً مع بداية المجلد الثاني .
وبإمكان السائل مراجعة السؤال رقم (3748) لمعرفة نبذة عن تاريخ المسجد الحرام .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب
صفة العمرة
أريد أن أعرف صفة العمرة بالتفصيل .
الحمد لله
العبادة لا تكون مقبولة عند الله تعالى إلا إذا توفر فيها شرطان ، وهما :
الأول : الإخلاص لله عز وجل ، بأن يقصد بها وجه الله والدار الآخرة ، لا يقصد بها رياءً ولا سمعة ولا حظاً من الدنيا.
الثاني : اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيها قولا وعملا . واتباع النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن تحقيقه إلا بمعرفة سنته صلى الله عليه وسلم .
لذلك فالواجب على من أراد أن يتعبد لله تعالى بعبادة –سواء كانت العمرة أو الحج أو غيرهما- أن يتعلم هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيها ؛ حتى يكون عمله موافقاً للسنة .
وسنلخص في هذه الأسطر صفة العمرة كما وردت في السنة .
والعمرة تتكون من أربعة أشياء وهي :
الإحرام ، والطواف بالبيت الحرام ، والسعي بين الصفا والمروة ، والحلق أو التقصير .
أولاً : الإحرام
الإحرام هو نية الدخول في النسك –الحج أو العمرة- .
إذا أراد أن يحرم فالسنة أن يتجرد من ثيابه ويغتسل كما يغتسل للجنابة ، ويتطيب بأطيب ما يجد من مسك أو غيره ، في رأسه ولحيته ، ولا يضره بقاء ذلك بعد الإحرام لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم تطيب بأطيب ما يجد ، ثم أرى وبيص المسك في رأسه ولحيته بعد ذلك . رواه البخاري (271) ومسلم (1190) .
والوبيص هو البريق واللمعان .(9/113)
والاغتسال عند الإحرام سنة في حق الرجال والنساء ، حتى النفساء والحائض لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس حين نفست أن تغتسل عند إحرامها وتستثفر بثوب وتحرم . رواه مسلم (1209) .
ثم بعد الاغتسال والتطيب يلبس ثياب الإحرام ، ثم يصلي غير الحائض والنفساء الفريضة إن كان في وقت فريضة ، وإلا صلى ركعتين ينوي بهما سنة الوضوء ، فإذا فرغ من الصلاة استقبل القبلة وأحرم ، وله أن يؤخر الإحرام حتى يركب دابته (سيارته) ويستعد للمسير ، فيحرم قبل انطلاقه من الميقات إلى مكة .
ثم يقول : لبيك اللهم بعمرة .
ثم يلبي بما لبى النبي صلى الله عليه وسلم به وهو: (لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) ، وكان من تلبيته صلى الله عليه وسلم : (لبيك إله الحق) ، وكان ابن عمر يزيد في التلبية : (لبيك وسعديك ، والخير بيديك ، والرغباء إليك والعمل) . يرفع الرجل صوته بذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية) صححه الألباني في صحيح أبي داوود (1599) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الحج العجُّ والثج) حسنه الألباني في صحيح الجامع (1112) .
والعج رفع الصوت بالتلبية ، والثج سيلان دماء الهدي .
والمرأة تقول بقدر ما يسمع من بجنبها ، إلا أن يكون بجانبها رجل ليس من محارمها فإنها تلبي سراً .
وإذا كان من يريد الإحرام خائفا من عائق يعوقه عن إتمام نسكه ( كمرض أو عدو أو حبس أو غير ذلك) فإنه ينبغي أن يشترط عند الإحرام فيقول : إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني - أي : إن منعني مانع من إتمام نسكي من مرض أو تأخر أو غيرهما فإني أحل من إحرامي - لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة بنت الزبير حين أرادت الإحرام وهي مريضة أن تشترط وقال : إن لك على ربك ما استثنيت . رواه البخاري (5089) ومسلم (1207) .(9/114)
فمتى اشترط وحصل له ما يمنعه من إتمام نسكه فإنه يحل من إحرامه ولا شيء عليه .
وأما من لا يخاف من عائق يعوقه عن إتمام نسكه فإنه لا ينبغي له أن يشترط لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط ولم يأمر بالاشتراط كل أحد ، وإنما أمر به ضباعة بنت الزبير لوجود المرض بها .
وينبغي للمحرم أن يكثر من التلبية خصوصا عند تغير الأحوال والأزمان ، مثل أن يعلو مرتفعا أو ينزل منخفضا أو يقبل الليل أو النهار ، وأن يسأل الله بعدها رضوانه والجنة ، ويستعيذ برحمته من النار .
والتلبية مشروعة في العمرة من الإحرام إلى أن يبدأ في الطواف ، فإذا بدأ في الطواف قطع التلبية .
الاغتسال لدخول مكة
وينبغي إذا قرب من مكة أن يغتسل لدخولها إن تيسر له ذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل عند دخوله مكة . رواه مسلم (1259) .
ثانياً : الطواف
فإذا دخل المسجد الحرام قدم رجله اليمنى وقال : بسم الله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك ، أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، ثم يتقدم إلى الحجر الأسود ليبتدئ الطواف فيستلم الحجر بيده اليمنى ويقبله ، فإن لم يتيسر تقبيله استلمه بيده وقَبَّل يده (والاستلام هو مسح الحجر بيده) فإن لم يتيسر استلامه بيده فإنه يستقبل الحجر ويشير إليه بيده ويكبر ، ولا يقبل يده .
وفي استلام الحجر الأسود فضل كبير ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليبعثن الله الحجر يوم القيامة وله عينان يبصر بهما ، ولسان ينطق به ، يشهد على من استلمه بحق) صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1144) .(9/115)
والأفضل أن لا يزاحم فيؤذي الناس ويتأذى بهم ، لما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمر : (يا عمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف ، إن وجدت خلوة فاستلمه ، وإلا فاستقبله وكبر) رواه أحمد (191) وقواه الألباني في رسالة مناسك الحج والعمرة ص 21.
ثم يأخذ ذات اليمين ويجعل البيت عن يساره فإذا بلغ الركن اليماني (وهو ثالث الأركان بعد الحجر الأسود) استلمه من غير تقبيل ولا تكبير ، فإن لم يتيسر له استلامه انصرف ، ولا يزاحم عليه . ويقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) رواه أبو داوود وحسنه الألباني في صحيح أبي داوود (1666).
وكلما مر بالحجر الأسود استقبله وكبر ، ويقول في بقية طوافه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة قرآن فإنما جعل الطواف بالبيت لإقامة ذكر الله تعالى .
وفي هذا الطواف ينبغي للرجل أن يفعل شيئين :
أحدهما : الاضطباع من ابتداء الطواف إلى انتهائه , والاضطباع أن يكشف كتفه الأيمن بأن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر فإذا فرغ من الطواف أعاد رداءه إلى حالته قبل الطواف ، لأن الاضطباع محله الطواف فقط .
والثاني : الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط ، والرمل هو إسراع المشي مع مقاربة الخطوات ، وأما الأشواط الأربعة الباقية فليس فيها رمل وإنما يمشي كعادته .
فإذا أتم الطواف سبعة أشواط غطى كتفه الأيمن ثم يتقدم إلى مقام إبراهيم فيقرأ : ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ) ثم يصلي ركعتين خلف المقام يقرأ في الأولى بعد الفاتحة ( قل يا أيها الكافرون ) وفي الثانية ( قل هو الله أحد ) بعد الفاتحة . ثم إذا فرغ من الصلاة ذهب إلى الحجر الأسود واستلمه إن تيسر له ، والمشروع هنا الاستلام فقط ، فإن لم يتمكن من الاستلام انصرف ولا يشير إليه .
ثالثاً : السعي(9/116)
ثم يخرج إلى المسعى فإذا دنا من الصفا قرأ : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) ويقول : (نبدأ بما بدأ الله به) ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها ويرفع يديه فيحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو . وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم هنا : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ) رواه مسلم (1218).
يكرر ذلك ثلاث مرات ويدعو بين ذلك . فيقول هذا الذكر ثم يدعو ، ثم يقوله الثانية ثم يدعو ، ثم يقوله الثالثة وينزل إلى المروة ولا يدعو بعد الثالثة .
فإذا بلغ العلم الأخضر ركض ركضا شديدا بقدر ما يستطيع ولا يؤذي أحداً لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى بين الصفا والمروة وهو يقول : (لا يُقطع الأبطح إلا شَدًّا) أي : إلا عَدْواً . رواه ابن ماجه وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (2419) .
والأبطح هم المسافة بين العلمين الأخضرين الموجودين الآن .
فإذا بلغ العلم الأخضر الثاني مشى كعادته حتى يصل إلى المروة فيرقى عليها ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا ، ثم ينزل من المروة إلى الصفا فيمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه ، فإذا وصل الصفا فعل كما فعل أول مرة ، وهكذا المروة حتى يُكَمِّل سبعة أشواط , ذهابه من الصفا إلى المروة شوط , ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر ، ويقول في سعيه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة قرآن .
تنبيه :
قوله تعالى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) يقولها من أراد السعي إذا اقترب من الصفا في بداية السعي فقط ، ولا يستحب تكرارها كلما اقترب من الصفا والمروة كما يفعله بعض الناس .
رابعاً : الحلق أو التقصير
فإذا أتم سعيه سبعة أشواط حلق رأسه إن كان رجلاً ، أو قصر من شعره .(9/117)
ويجب أن يكون الحلق شاملا لجميع الرأس ، وكذلك التقصير يعم به جميع جهات الرأس ، والحلق أفضل من التقصير لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة . رواه مسلم (1303) .
وأما المرأة فإنها تُقصِّر من شعرها بمقدار أنملة .
وبهذه الأعمال تمت العمرة فتكون العمرة : الإحرام والطواف والسعي والحلق أو التقصير .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لصالح الأعمال ، وأن يتقبل منا إنه قريب مجيب .
انظر كتاب مناسك الحج والعمرة للألباني ، وكتاب صفة الحج والعمرة وكتاب المنهج لمريد العمرة والحج لابن عثيمين رحم الله الجميع .
الإسلام سؤال وجواب
الحج بمال حرام
زوجتي كانت تعمل بوظيفة بائعة في محل للألبسة النسائية المحرمة شرعاً ، ولكن الحمد لله تركت العمل . وطبيعي أن يكون لها من المستحقات المالية علي فترة العمل السابقة ، وبهذا المبلغ اتفقنا أنا وزوجتي وبرضاها وموافقتها أن نوفره لمصاريف الحج لأبي وأمي علي الرغم أن أبي حج من قبل لكن أمي لم تحج ، لكن هم في سن كبير الآن فهل يجوز ذلك أم الأولى أن نحج أنا وزوجتي . مع العلم أنه أنا وزوجتي نرغب بالحج العام الذي يليه إن شاء الله . ومع العلم أيضا أنه لا توجد لدينا أي مدخرات مالية سوي هذا المبلغ فهل يجوز أصلا أن نستغل هذا المبلغ للحج في أي الحالتين . أرجو الإفادة .
الحمد لله
أولاً :
الواجب على من أراد الحج أَنْ تكون نفقته حلالاً طيبةً ; لِأَنَّ الْحَلَالَ يُعِينُ عَلَى الطَّاعَةِ ، وَيُكَسِّلُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ.
ويُخشى على من حج بمال حرام ألا يتقبل الله تعالى حجه ، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا ) رواه مسلم (1015) .
((9/118)
قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ رحمه الله : وَاعْلَمْ أَنَّ عِمَادَ الدِّينِ وَقِوَامَهُ هُوَ طِيبُ الْمَطْعَمِ ، فَمَنْ طَابَ مَكْسَبُهُ زَكَا عَمَلُهُ ، وَمَنْ لَمْ يُصَحِّحْ طيبَ مَكْسَبِهِ خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ لا تُقْبَلَ صَلاتُهُ وَصِيَامُهُ وَحَجُّهُ وَجِهَادُهُ وَجَمِيعُ عَمَلِهِ ; لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ : ( إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ ) . وَنَظَرَ عُمَرُ إلَى الْمُصَلِّينَ فَقَالَ : لا يَغُرُّنِي كَثْرَةُ رَفْعِ أَحَدِكُمْ رَأْسَهِ وَخَفْضِهِ ، الدِّينُ الْوَرَعُ فِي دِينِ اللَّهِ ، وَالْكَفُّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ ، وَالْعَمَلُ بِحَلالِ اللَّهِ وَحَرَامِهِ .
وقَالَ ابْنُ عُمَرَ : أَفْضَلُ الْحُجَّاجِ أَخْلَصُهُمْ نِيَّةً ، وَأَزْكَاهُمْ نَفَقَةً ، وَأَحْسَنُهُمْ يَقِينًا ) اهـ من "المدخل" (4/210) لابن الحاجب المالكي .
وَيُرْوَى لِبَعْضِ الأَئِمَّةِ :
إذَا حَجَجْت بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحْتٌ فَمَا حَجَجْت وَلَكِنْ حَجَّتْ الْعِيرُ
لا يَقْبَلُ اللَّهُ إلا كُلَّ طَيِّبَةٍ مَا كُلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللَّهِ مَبْرُورُ .
و(العير) الدابة التي يركبها الحاج . (أي : الجمل) .
وفي "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (2/530) :
مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ فَحَجُّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ ، وَذَلِكَ لِفِقْدَانِ شَرْطِ الْقَبُولِ ، لقوله تعالى : ( إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ ) . . .
وَقَدْ أَشَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى عَدَمِ الْقَبُولِ مِنْهُمْ الْغَزَالِيُّ وَالْقَرَافِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَنَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَفَى بِهِ حَجَّةً .(9/119)
وَقال الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ رُشَيْدٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي فِي الْمَنَاسِكِ الْمُسَمَّاةِ بِالذَّهَبِيَّةِ :
وَحُجَّ بِمَالٍ مِنْ حَلَالٍ عَرَفْتَهُ وَإِيَّاكَ وَالْمَالَ الْحَرَامَ وَإِيَّاهُ
فَمَنْ كَانَ بِالْمَالِ الْمُحَرَّمِ حَجُّهُ فَعَنْ حَجِّهِ وَاَللَّهِ مَا كَانَ أَغْنَاهُ
إذَا هُوَ لَبَّى اللَّهَ كَانَ جَوَابُهُ مِنْ اللَّهِ لا لَبَّيْكَ حَجٌّ رَدَدْنَاهُ اهـ باختصار .
ثانياً : لا يجوز الانتفاع بالمال الحرام ، والتوبة منه تكون بالتخلص منه وإنفاقه في وجوه الخير .
وإنفاقك هذا المال على أبيك وأمك فيه انتفاع لك بهذا المال لأنه مقابل النفقة الواجبة وهذا غير جائز .
ثالثاً : إذا لم يكن عندك من المال الحلال ما تحج به أنت وزوجتك فانتظر حتى تكتسب مالاً حلالاً تحج به لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران / 98 .
فإذا رزقكما لله رزقا حلالاً طيباً فعليكما المبادرة بالحج .
نسأل الله تعالى أن يتقبل منا منكم ، ويعيننا على التوبة النصوح .
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد(9/120)
حج المرأة
هل يشترط في المحرم للسفر أن يكون زوجاً؟ وهل للزوجة رفضها له محرماً لها؟
السؤال: هل يجوز أن أرفض أن أذهب لأداء فريضة الحج في صحبة زوجي ، ويرجع السبب من سؤالي هذا في أني لا أريد أن أذهب معه للحج : هو أنه منذ 8 سنوات - هي عمر زواجنا - وهو يؤذيني في مشاعري كزوجة ، ولقد آذاني كثيراً ، وأرى أن الذهاب لأداء الحج يعد فريضة خاصة ، وعظيمة ، واجب عليَّ أدائها ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
لا يحل للمرأة أن تسافر للحج ، ولا لغيره ، إلا مع ذي محرم ، ولا تخرج للحج ، ولا لغيره ، إلا بإذن زوجها . وقد سبق بيان ذلك في جوابي السؤالين : ( 96670 ) و ( 99539 ) .
ثانياً :
لا يُلزم الزوج بأن يحج مع امرأته ، كما لا تلزمه نفقة حجها ، إلا أن يكون اشتُرط عليه ذلك عند عقد الزواج .
فقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : هل يجب على الرجل أن يحج بزوجته فيكون محرماً لها ؟ وهل هو مطالب بنفقة زوجته أيام الحج ؟
فأجاب :
"لا يجب على الزوج أن يحج بزوجته ، إلا أن يكون مشروطاً عليه حال عقد الزواج ، فيجب عليه الوفاء به ، وليس مطالباً بنفقة زوجته ، إلا أن يكون الحج فريضة ، ويأذن لها فيه ، فإنه يلزمه الإنفاق عليها بقدر نفقة الحضر فقط" انتهى .
" فتاوى الشيخ العثيمين " ( 21 / 208 ) .
ثالثاً :
لا يشترط في محرم المرأة أن يكون زوجاً .
وتعريف المحرم عند العلماء : هو من حرُم عليه نكاحها على التأبيد ، بسبب مباح ؛ لحرمتها ، أي : بسبب نسب ، أو رضاع ، أو مصاهرة .
مثل : الأب والجد والابن والأخ والعم والخال وابن الأخ وابن الأخت .... أو أبوها أو أخوها من الرضاعة ، أو أبو زوجها أو ابنه .
انظر : " مغني المحتاج " ( 1 / 681 ) ، و " المغني " لابن قدامة ( 5 / 32 ) .
وينبغي أن يكون مأموناً ، عاقلاً ، وقد اشترط الجمهور أن يكون بالغاً .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " ( 17 / 36 ، 37 ) :(10/1)
"المحرم الأمين المشروط في استطاعة المرأة للحج هو كل رجل مأمون ، عاقل ، بالغ ، يحرم عليه بالتأبيد التزوج منها ، سواء كان التحريم بالقرابة ، أو الرضاعة ، أو الصهرية" انتهى .
رابعاً :
نظراً لأن المحرَم لا يشترط أن يكون الزوج : فلا تُلزم المرأة بالسفر معه للحج ، ويمكنها اختيار غيره ليحج معها .
وعليه : فما ذكرته الأخت السائلة من طبيعة علاقة زوجها به : يعد عذراً لها – إن شاء الله – لئلا تسافر للحج مع زوجها ، على أن تجد محرماً آخر يسافر معها .
وللزوج أن يمنع من يرى أنه لا يصلح محرماً لزوجته ، بسبب فسقه – مثلاً - ، أو ضعفه ، أو مرضه .
جاء في " الموسوعة الفقهية " (17/37) :
"إذا وجدتْ محرَماً : لم يكن للزوج منعها من الذهاب معه لحج الفرض" انتهى .
وإذا أصرَّ الزوج على منع سفر أحدٍ من محارمك إلا أن يكون هو ذلك المحرم لك : فإننا ننصحك بقبول ذلك منه ، لما يترتب على مخالفته من آثار سيئة ، ولما يمكن أن يكون حجه سبباً في هدايته ، فعسى الله أن يغيِّر من حاله ، وأخلاقه ، ولا يدري الإنسان أين الخير المقدَّر له ، ولا سببه .
ونسأل الله أن يهديه لأحسن الأخلاق ، وأن يجمع بينكما على خير .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
أعطى لزوجته مالاً لتحج ثم مات فهل لها أن تصرفه في غير الحج
السؤال: لو أن شخصاً دفع لزوجته مبلغاً لكي تحج ، ثم مات قبل أن يأتي موسم الحج ، فهل يجب على المرأة أن تحج بهذا المبلغ ؟ أم إنها تستطيع أن تستخدم هذا المبلغ في أشياء أخرى ، آمل بيان السبب في كلا الحالين؟
الجواب :
الحمد لله(10/2)
نعم ، يلزم المرأة أن تحج بهذا المال متى استطاعت ووجدت محرما ، لأن الزوج إنما أعطاها المال لتحج به ، فالظاهر أنه لو كان يعلم منها أنها لن تحج بالمال لم يعطها إياه . والأصل في أموال التبرعات أن تنفق فيما حدده المنفق من أوجه البر ، فلا تتعدى إلى غيرها ؛ بخلاف التبرعات العامة التي لم يقصد بها غرض معين ، فإنها تصرف في كافة أعمال البر .
قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله :
" ( وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لَك ) بِهَا ( عِمَامَةً أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ( تَعَيَّنَتْ ) لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ هَذَا ( إنْ قَصَدَ سَتْرَ رَأْسِهِ ) بِالْعِمَامَةِ ( وَتَنْظِيفَهُ ) بِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ لِمَا رَأَى بِهِ مِنْ كَشْفِ الرَّأْسِ وَشَعَثِ الْبَدَنِ وَوَسَخِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ ( فَلَا ) تَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ بَلْ يَمْلِكُهَا أَوْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ " انتهى .
""أسنى المطالب شرح روض الطالب" (2/479-480) .
وقال الشيخ سليمان بن عمر الجمل رحمه الله :
" لَوْ دَفَعَ لَهُ تَمْرًا لِيُفْطِرَ عَلَيْهِ تَعَيَّنَ لَهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ نَظَرًا لِغَرَضِ الدَّافِعِ " انتهى .
"حاشية الجمل على شرح المنهج" (2/328) .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
إذا كان وجه المرأة عورة ، فلماذا أمرت بكشفه في الإحرام ؟
السؤال : المرأة – المحرمة - مأمورة بكشف وجهها في الحج والعمرة ، فهل هذا يدل على أن وجه المرأة ليس بعورة ؟
الجواب :
الحمد لله
لا يصح الاستدلال بنهي النبي صلى الله عليه وسلم المرأة المحرمة أن تلبس النقاب على أن وجه المرأة ليس عورة .(10/3)
وبيان ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المرأة المحرمة بكشف وجهها ، وإنما نهاها عن لبس النقاب ، وفرق بين الأمرين ، فإنها لا تلبس النقاب ولكن تستر وجهها بغير النقاب ، كالسدال أو الطرحة .
وهذا ، كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل المحرم أن يلبس القميص ، فليس معناه أن يمشي عارياً ، بل يستر بدنه بغير القميص ، كالإزار والرداء .
ولهذا كانت النساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يغطين وجوههن في الإحرام بغير النقاب ، إذا كُنَّ قريبات من الرجال .
فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : ( كنا نغطي وجوهنا من الرجال في الإحرام ) رواه الحاكم ، وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ، قال الألباني : " إنما هو على شرط مسلم وحده " انتهى .
"حجاب المرأة المسلمة" (ص108) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا ، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ ) رواه أحمد (23501) وأبو داود (1833) ، قال الألباني : " سنده حسن من الشواهد ، ومن شواهده حديث أسماء المتقدم " انتهى .
"حجاب المرأة المسلمة" (ص107) .
ولهذا قال من قال من العلماء : إن وجه المرأة كبدن الرجل ، أي أنها تستره ولكن بغير النقاب .(10/4)
قال ابن القيم رحمه الله في "بدائع الفوائد" (3/664) : " وأما المرأة المحرمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لها كشف الوجه في الإحرام ولا غيره ، وإنما جاء النص بالنهي عن النقاب خاصة ، كما جاء بالنهي عن القفازين ، وجاء النهي عن لبس القميص والسراويل ، ومعلوم أن نهيه عن لبس هذه الأشياء لم يُرِدْ أنها تكون مكشوفة لا تستر البتة ، بل قد أجمع الناس على أن المحرمة تستر بدنها بقميصها ودرعها ، وأن الرجل يستر بدنه بالرداء ، وأسافله بالإزار ، مع أن مخرج النهي عن النقاب والقفازين والقميص والسراويل واحد ، وكيف يزاد على موجب النص ويفهم منه أنه شرع لها كشف وجهها بين الملأ جهاراً ، فأي نص اقتضى هذا أو مفهوم أو عموم أو قياس أو مصلحة ! بل وجه المرأة كبدن الرجل يحرم ستره بالمُفَصَّل على قَدْرِه كالنقاب والبرقع ، بل وكيَدِها يحرم سترها بالمُفَصَّل على قَدْرِ اليد كالقفاز ، وأما سترها بالكم وستر الوجه بالملاءة والخمار والثوب فلم ينه عنه البته .
ومن قال : إن وجهها كرأس المحرم ، فليس معه بذلك نص ولا عموم ، ولا يصح قياسه على رأس المحرم ، لما جعل الله بينهما من الفرق .
وقول من قال من السلف : إحرام المرأة في وجهها ، إنما أراد به هذا المعنى ، أي : لا يلزمها اجتناب اللباس كما يلزم الرجل ، بل يلزمها اجتناب النقاب فيكون وجهها كبدن الرَّجل ، ولو قُدِّر أنه أراد وجوب كشفه فقوله ليس بحجة ، ما لم يثبت عن صاحب الشرع أنه قال ذلك وأراد به وجوب كشف الوجه ، ولا سبيل إلى واحد من الأمرين " انتهى .
وقال أيضاً في حاشيته على مختصر سنن أبي داود :
"وأما نهيه صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر المرأة أن تنتقب ، وأن تلبس القفازين ، فهو دليل على أن وجه المرأة كبدن الرجل لا كرأسه ، فيحرم عليها فيه ما وضع وفُصَّل على قَدْر الوجه ، كالنقاب والبرقع ، ولا يحرم عليها سترة بالمقنعة والجلباب ونحوهما ، وهذا أصح القولين .(10/5)
فإن النبي صلى الله عليه وسلم سَوَّى بين وجهها ويديها ، ومنعها من القفازين والنقاب ، ومعلوم أنه لا يحرم عليها ستر يديها ، وأنهما كبدن المحرم ، يحرم سترهما بالمُفَصِّل على قَدْرِهما ، وهما القفازان ، فهكذا الوجه ، إنما يحرم ستره بالنقاب ونحوه ، وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم حرف واحد في وجوب كشف المرأة وجهها عند الإحرام ، إلا النهي عن النقاب ، وهو كالنهي عن القفازين ، فنسبة النقاب إلى الوجه كنسبة القفازين إلى اليد سواء وهذا واضح بحمد الله .
وقد ثبت عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة ، وقالت عائشة كانت الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفنا ذكره أبو داود " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي المرأة [المحرمة] عن تغطية وجهها ، وإنما ورد النهي عن النقاب ، والنقاب أخص من تغطية الوجه ، لكون النقاب لباس الوجه ، فكأن المرأة نهيت عن لباس الوجه ، كما نهي الرجل عن لباس الجسم " انتهى .
"الشرح الممتع" (7/165) .
وبهذا يظهر أن القول بأن المرأة المحرمة أُمرت بكشف وجهها ، غير صحيح .
وعليه ؛ فالاستدلال بذلك على أن وجه المرأة ليس عورة غير صحيح أيضاً .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
تقبيل المرأة للحجر الأسود
هل يصح للمرأة حين تقبيل الحجر أن تكشف وجهها وبجوارها الرجال ؟.
الحمد لله(10/6)
تقبيل الحجر الأسود في الطواف سنة مؤكدة من سنن الطواف إن تيسر فعلها بدون مزاحمة أو إيذاء لأحد بفعلك ؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وإن لم يتيسر إلا بمزاحمة وإيذاء تعين الترك والاكتفاء بالإشارة إليه باليد ، ولا سيما المرأة ؛ لأنها عورة ، ولأن المزاحمة في حق الرجال لا تشرع، ففي حق النساء أولى، كما أنه لا يجوز لها عند تيسر التقبيل بدون مزاحمة أن تكشف وجهها أثناء تقبيل الحجر الأسود ؛ لوجود من ليس هو بمحرم لها في ذلك الموقف .
فتاوى اللجنة الدائمة 11/229
متى تطوف الحائض والنفساء
المرأة النفساء إذا بدأ نفاسها يوم التروية وأكملت أركان الحج عدا الطواف والسعي إلا أنها لاحظت أنها طهرت مبدئيا بعد عشرة أيام فهل تتطهر وتغتسل وتؤدي الركن الباقي الذي هو طواف الحج ؟.
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" لا يجوز لها أن تغتسل وتطوف حتى تتيقن الطهر .
والذي يفهم من السؤال حين قالت (مبدئيا) أنها لم ترى الطهر كاملا فلا بد أن ترى الطهر كاملا ، فمتى طهرت اغتسلت وأدت الطواف والسعي ، وإن سعت قبل الطواف فلا حرج لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل في الحج عمن سعى قبل أن يطوف فقال : لا حرج "
انتهى من رسالة 60سؤال في الحيض
تريد العمرة ولا تجد محرماً
أريد أن أذهب للعمرة ولكن لا يوجد لدي محرم وهذا الأمر يحزنني ، فزوجي مشغول دائماً بعمله ولا يستطيع ترك عمله لمدة 8 أو 10 أيام ، أرجو أن ترشدني كيف أستطيع أن أعتمر ؟.
الحمد لله
المرأة التي لا تجد محرماً تسافر معه لا يجب عليها الحج ولا العمرة ، وهي معذورة في ترك ذلك ، ويحرم عليها السفر للحج أو لغيره من غير محرم ، وعليها أن تصبر حتى ييسر الله أحد محارمها ليسافر معها .
وسبل الخير كثيرة ، فإذا لم يستطع المسلم فعل بعض العبادات ، فإنه يجتهد فيما يستطيعه من العبادات حتى يوفقه الله وييسر له ما لا يستطيعه من العبادات .(10/7)
ومن فضل الله تعالى على عباده المؤمنين أن العبد إذا عزم على فعل طاعة ولكنه لم يستطع فعلها لعذر ، فإنه يثاب الفاعل لها روى البخاري (4423) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : ( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ )
قال علماء اللجنة الدائمة :
المرأة التي لا محرم لها لا يجب عليها الحج ؛ لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل ، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج ، قال الله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) ، ولا يجوز لها أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها زوج أو محرم لها ؛ لما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم " ، فقام رجل فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، قال : " انطلِق فحج مع امرأتك " ، وبهذا القول قال الحسن والنخعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي ، وهو الصحيح ؛ للآية المذكورة ، مع عموم أحاديث نهي المرأة عن السفر بلا زوج أو محرم ، وخالف في ذلك مالك والشافعي والأوزاعي ، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه ، قال ابن المنذر : تركوا القول بظاهر الحديث ، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 90 ، 91 ) .
وقالوا :(10/8)
إذا كان الواقع كما ذكر - من عدم تيسر سفر زوجك أو محرم لك معك لتأدية فريضة الحج - فلا يجب عليك مادمت على هذه الحال؛ لأن صحبة الزوج أو المحرم لك في السفر للحج شرط في وجوبه عليك، ويحرم عليك السفر للحج وغيره بدون ذلك ، ولو مع زوجة أخيك ومجموعة من النساء، على الصحيح من قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) متفق على صحته ، إلا إذا كان أخوك مع زوجته فيجوز السفر معه ؛ لأنه محرم لك ، واجتهدي في الأعمال الصالحات التي لا تحتاج إلى سفر، واصبري رجاء أن ييسر الله أمرك ، ويهيء لك سبيل الحج مع زوج أو محرم .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 96 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
كيف تقصر المرأة من شعرها في الحج والعمرة ؟
السؤال : بعد أن أدت والدتي العمرة قصت خصلة واحدة من شعرها جهلاً منها فما الحكم في ذلك ؟ .
الجواب :
الحمد لله
الحلق أو التقصير من واجبات العمرة ، وليس على النساء حلق ، وإنما المشروع لهن التقصير.
ويلزم التقصير من جميع الشعر ، على الراجح ، وهو مذهب المالكية والحنابلة ، فإن كان لها ضفائر أخذت من أطرافها جميعاً ، وإلا جمعت شعرها وأخذت من جميعه ، والمستحب أن تأخذ قدر أنملة ، ولها أن تقصر أقل من ذلك ؛ لأنه لم يرد تحديد له في الشرع .
قال الباجي رحمه الله في "المنتقى" (3/29) : " وأما المرأة فإنها إذا أرادت الإحرام أخذت من قرونها لتقصر فإذا حلت قصرت .
وكم مقدار ما تقصر ؟ روي عن ابن عمر أنه قال : مقدار أنملة . وقد روى ابن حبيب عن مالك قدر الأنملة أو فوق ذلك بقليل أو دونه بقليل . قال مالك : ليس لذلك عندنا حد معلوم وما أخذت منه أجزأها ولا بد من أن تعم بالتقصير الشعر كله طويله وقصيره " انتهى باختصار .(10/9)
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/196) : " يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره , وكذلك المرأة . نص عليه . وبه قال مالك " انتهى .
وقال : " وأي قدر قصّر منه أجزأه . وقال أحمد : يقصر قدر الأنملة . وهو قول ابن عمر , والشافعي , وإسحاق , وأبي ثور . وهذا محمول على الاستحباب ; لقول ابن عمر " انتهى .
وقال في (3/226) : " والمرأة تقصر من شعرها مقدار الأنملة . الأنملة : رأس الإصبع من المفصل الأعلى . والمشروع للمرأة التقصير دون الحلق . لا خلاف في ذلك . قال ابن المنذر : أجمع على هذا أهل العلم . وقد روى ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس على النساء حلق , إنما على النساء التقصير ) رواه أبو داود . وعن علي رضي الله عنه قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها ) رواه الترمذي . وكان أحمد يقول : تقصر من كل قرن قدر الأنملة . وهو قول ابن عمر , والشافعي , وإسحاق , وأبي ثور . وقال أبو داود : سمعت أحمد سئل عن المرأة تقصر من كل رأسها ؟ قال : نعم , تجمع شعرها إلى مقدم رأسها , ثم تأخذ من أطراف شعرها قدر أنملة " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (7/329) : " قوله: " وتقصر منه المرأة قدر أنملة " ، أي : أنملة الأصبع وهي مفصل الإصبع ، أي أن المرأة تمسك ضفائر رأسها إن كان لها ضفائر ، أو بأطرافه إن لم يكن لها ضفائر ، وتقص قدر أنملة ، ومقدار ذلك اثنان سنتيمتر تقريباً ، وأما ما اشتهر عند النساء أن الأنملة أن تطوي المرأة طرف شعرها على إصبعها فمتى التقى الطرفان فذاك الواجب فغير صحيح " انتهى .
وبناء على ذلك ، فمن قصرت من خصلة واحدة فإنها لم تقصر التقصير المعتبر ، ويلزمها الآن أن تقصر من شعرها على نحو ما ذكرنا ، ولا شيء عليها فيما ارتكبته من محظورات الإحرام فيما سبق .(10/10)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في امرأة لم تتم عمرتها : " وأما ما فعلته من المحظورات ولنفرض أن زوجها جامعها والجماع في النسك هو أعظم المحظورات فإنه لا شيء عليها ، لأنها جاهلة ، وكل إنسان يفعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه " انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/351) باختصار .
وسئل رحمه الله عن : رجل قصر شعره من جانب واحد بعد العمرة ، ثم رجع إلى أهله وتبين له أن فعله غير صحيح ، فماذا عليه ؟ فأجاب : " إن فعل هذا الأمر جاهلاً فالواجب عليه أن يخلع ملابسه الآن ( ويلبس إحرامه ) ويحلق حلقاً كاملاً أو يقصر ، ويكون ما فعله في محل العفو ؛ لأنه كان جاهلاً ، والحلق أو التقصير لا يشترط أن يكون في مكة ، بل يكون في مكة وفي غيرها . أما إن كان ما فعله بناءً على فتوى من أحد العلماء ، فليس عليه شئ ؛ لأن الله يقول ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، وبعض العلماء يرى : أن التقصير من بعض الرأس كالتقصير من كل الرأس " انتهى من "اللقاء الشهري" رقم 10 .
والمرأة لا يلزمها أن تخلع ملابسها قبل التقصير ؛ لأنه لا يحرم عليها لبس الثياب المعتادة في الإحرام ، وإنما تمنع فقط من النقاب والقفازين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لا يشرع للمرأة الهرولة لا في الطواف ولا في السعي
هل تهرول المرأة في الطواف بين العلمين الأخضرين في السعي بين الصفا والمروة ، كما يفعل ذلك الرجل؟
الحمد لله
"قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أنه لا رَمَل على النساء حول البيت ، ولا بين الصفا والمروة ، وليس عليهن اضطباع ؛ وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجَلَد [القوة] ، ولا يقصد ذلك في النساء ؛ ولأن النساء يقصد فيهن الستر ، وفي الرمل والاضطباع تعرض للكشف .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .(10/11)
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/226، 227) .
الإسلام سؤال وجواب
لبست البرقع وهي محرمة وكانت لا تعلم أنه حرام
هل يجوز للمرأة أن تلبس البرقع وهي محرمة ؟ فقد لبسه أهلي فلما رجعوا من الحج قيل لهم : إن حجكم غير مقبول ؛ لأنكم لبستم البرقع .
الحمد لله
"لبس البرقع لا يجوز للمرأة في الإحرام ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : (لا تنتقب المرأة ولا تلبس قفازين) رواه البخاري ، ولا شيء على من تبرقعت في الإحرام جاهلة للتحريم وحجتها صحيحة .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/190- 192) .
الإسلام سؤال وجواب
هل تقبل المرأة الحجر الأسود؟
هل يصح للمرأة حين تقبيل الحجر أن تكشف وجهها ويكون الرجال حولها؟
الحمد لله
"تقبيل الحجر الأسود في الطواف سنة مؤكدة من سنن الطواف ؛ إن تيسر فعلها بدون مزاحمة أو إيذاء لأحد بفعلك ؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وإن لم يتيسر إلا بمزاحمة وإيذاء تعين الترك ، والاكتفاء بالإشارة إليه باليد ، ولا سيما المرأة ؛ لأنها عورة ، ولأن المزاحمة في حق الرجال لا تشرع ، ففي حق النساء أولى ، كما أنه لا يجوز لها عند تيسر التقبيل لها بدون مزاحمة أن تكشف وجهها أثناء تقبيل الحجر الأسود ؛ لوجود من ليس هو بمحرم لها في ذلك الموقف .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .(10/12)
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/229) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز للمرأة أن تحرم وهي تلبس الذهب؟
هل يصح لها الإحرام بالذهب ؟
الحمد لله
"يجوز للمرأة أن تحرم وبيدها أسورة ذهب أو خواتم ونحو ذلك ، ويشرع لها ستر ذلك عن الرجال غير المحارم ؛ خشية الفتنة بها .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/190- 192) .
وقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 201) : "لا بأس أن تلبس المرأة حال الإحرام من الذهب ما شاءت إذا لم يخرج إلى حد الإسراف حتى الخواتم والأساور في اليدين ، لكن في هذه الحال تستره عن الرجال الأجانب خوفاً من وقوع الفتنة" انتهى .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
هل يلزم الزوج الغني تكاليف حج زوجته؟
زوجة لا تملك نفقات الحج وزوجها غني ، فهل هو ملزم شرعاً بنفقات حجها ؟
الحمد لله
"لا يلزم الزوج شرعاً بنفقات حجها وإن كان غنياً ، وإنما ذلك من باب المعروف ، وهي غير ملزمة بالحج لعجزها عن نفقته .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/35) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/94) أيضاً :(10/13)
"لا يجب على الزوج لزوجته نفقات حجها مثل ما تجب عليه نفقات أكلها وكسوتها وسكناها ، ولكن بذله من باب حسن العشرة ومكارم الأخلاق ، ويجب لها عليه في سفر حجها ما يقابل نفقتها حال كونها مقيمة" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
الإسلام سؤال وجواب
هل توكل المرأة من يرمي عنها خوفاً من الزحام؟
هل توكل المرأة من يرمي عنها الجمار ، نظراً لشدة الزحام؟
الحمد لله
"الزحام الشديد الذي يخشى على النساء منه لا يجوز أن تخوض المرأة غماره ؛ لأن ذلك تعب عليها ، ولأنها سترمي الجمرة وهي لا تشعر من شدة الزحام ، فمثلاً إذا كان يريد أن يتعجل في يومين ويحب أن يرمي من حين الزوال وينصرف ، هنا لا يمكن أن ترمي المرأة أبداً ، لأنه خطر عليها ، فنقول في هذه الحال : توكل ولا حرج ، أما في غير ذلك ، مثلاً : في اليوم الحادي عشر يمكن أن تؤخر الرمي عن الزوال إلى العصر ، أو إلى الليل ، ولها إلى الفجر فالأمر والحمد لله واسع" .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/122) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل يجوز رمي الجمار أيام الحج في وقتنا هذا عن النساء؛ نظراً لشدة الزحام؟
فأجابوا :(10/14)
"قال تعالى : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ، وقال تعالى : (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) ، فالعسر والحرج منفيان عن هذه الشريعة بهاتين الآيتين، وما جاء في معناهما، والنساء تختلف أحوالهن: فمنهن الحامل، وضخمة الجسم جداً، والهزيلة، والمريضة، والمسنة العاجزة، ومنهن القوية، فأما المرأة التي يوجد فيها عذر من الأعذار المشار إليها ونحوها فتجوز النيابة عنها، ولا إشكال في ذلك، والذي يرمي عنها لا ينوب عنها إلا بإذنها قبل الرمي عنها، فيرمي عن نفسه ثم عنها. وأما القوية فإذا حصلت مشقة غير مألوفة جازت النيابة عنها على الوصف الذي سبق في كيفية النيابة، وأنه يرمي عنها بعد ما يرمي عن نفسه. والشخص الذي يكون نائباً في الرمي عن غيره يكون من الحجاج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/283) .
وجاء فيها أيضاً (11/284) :
"يجوز عند الزحام في رمي الجمرات أن توكل المرأة من يرمي عنها، ولو كانت حجتها حجة الفريضة، وذلك من أجل مرضها أو ضعفها، أو المحافظة على حملها إن كانت حاملاً، وعلى عرضها وحرمتها؛ حتى لا تَنتهك حرمتها شدة الزحام .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .
الإسلام سؤال وجواب
هل توكل المرأة من يرمي عنها خوفاً من الزحام؟
هل توكل المرأة من يرمي عنها الجمار ، نظراً لشدة الزحام؟
الحمد لله(10/15)
"الزحام الشديد الذي يخشى على النساء منه لا يجوز أن تخوض المرأة غماره ؛ لأن ذلك تعب عليها ، ولأنها سترمي الجمرة وهي لا تشعر من شدة الزحام ، فمثلاً إذا كان يريد أن يتعجل في يومين ويحب أن يرمي من حين الزوال وينصرف ، هنا لا يمكن أن ترمي المرأة أبداً ، لأنه خطر عليها ، فنقول في هذه الحال : توكل ولا حرج ، أما في غير ذلك ، مثلاً : في اليوم الحادي عشر يمكن أن تؤخر الرمي عن الزوال إلى العصر ، أو إلى الليل ، ولها إلى الفجر فالأمر والحمد لله واسع" .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/122) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل يجوز رمي الجمار أيام الحج في وقتنا هذا عن النساء؛ نظراً لشدة الزحام؟
فأجابوا :
"قال تعالى : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ، وقال تعالى : (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) ، فالعسر والحرج منفيان عن هذه الشريعة بهاتين الآيتين، وما جاء في معناهما، والنساء تختلف أحوالهن: فمنهن الحامل، وضخمة الجسم جداً، والهزيلة، والمريضة، والمسنة العاجزة، ومنهن القوية، فأما المرأة التي يوجد فيها عذر من الأعذار المشار إليها ونحوها فتجوز النيابة عنها، ولا إشكال في ذلك، والذي يرمي عنها لا ينوب عنها إلا بإذنها قبل الرمي عنها، فيرمي عن نفسه ثم عنها. وأما القوية فإذا حصلت مشقة غير مألوفة جازت النيابة عنها على الوصف الذي سبق في كيفية النيابة، وأنه يرمي عنها بعد ما يرمي عن نفسه. والشخص الذي يكون نائباً في الرمي عن غيره يكون من الحجاج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/283) .
وجاء فيها أيضاً (11/284) :(10/16)
"يجوز عند الزحام في رمي الجمرات أن توكل المرأة من يرمي عنها، ولو كانت حجتها حجة الفريضة، وذلك من أجل مرضها أو ضعفها، أو المحافظة على حملها إن كانت حاملاً، وعلى عرضها وحرمتها؛ حتى لا تَنتهك حرمتها شدة الزحام .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .
الإسلام سؤال وجواب
إذا تعجلت المرأة فلا حرج أن توكل من يرمي عنها لشدة الزحام
يخاف بعض الرجال على نسائهم من شدة الزحام عند رمي الجمرات فيوقفهم على الجمرات فإن كانت الجمرات زحام رمى عنهن وإذا قل الزحام رمين فهل يصح لهن أن يرمين الجمرات إذا خف الزحام ، أم أن رمي الرجال عنهن أثناء الزحام كان كافياً؟
الحمد لله
"إذا كان هذا الزحام لابد منه مثل أن يكون في اليوم الثاني عشر ، وهم يميلون إلى أن يتعجلوا ، ولا يمكن أن يتأخروا حتى يخف ، فلا حرج أن تؤكل المرأة ، بل لابد أن توكل في هذه الحال ؛ لأن دخولها غمار الزحام ، لا شك أنه خطر عليها .
أما بقية الأيام فيمكن أن تؤخر الرمي إلى آخر الليل ويكون يسيراً" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/116) .
الإسلام سؤال وجواب
استعملت مانعاً للحيض ونزلت عليها كدرة
امرأة استعملت مانعاً للحيض من أجل الحج ومع التعب نزل عليها شيء مثل الكدرة فما حكمه ؟
الحمد لله
"هذا ليس بشي ، قالت أم عطية رضي الله عنها : (كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً) حتى وإن استمر ، ما دام لم يكن دماً خالصاً فليس بشي" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 91، 92) .
الإسلام سؤال وجواب
امرأة حاضت بعد طواف العمرة
ما الحكم لو حاضت المرأة بعد نهاية طواف العمرة ؟
الحمد لله(10/17)
"إذا أتاها الحيض بعد الطواف فإنها تمضي في عمرتها ولا يضرها شيء ، لأن ما بعد الطواف لا يشترط فيه الطهارة من الحدث ولا الطهارة من الحيض" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 95) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز استعمال إبرة توقف الحيض لمدة ساعات، من أجل الطواف؟
ما حكم استعمال الإبرة الموقفة للعادة الشهرية أو الحبوب الموقفة للعادة الشهرية علماً بأنها توقف لمدة ساعات فقط ؟
الحمد لله
"لا بأس به للضرورة ، لكن بشرط أن يكون هذا بعد موافقة الطبيب ، فإذا قال الطبيب لا بأس أن تستعملي هذه الإبرة أو الحبوب فلا بأس أن تستعملها من أجل الضرورة . سواء كان لساعات أو أيام" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 392) .
وسئل الشيخ أيضاً : عن امرأة في أثناء طواف الإفاضة نزلت عليها العادة فأخبرت طبيبة الحملة بذلك فقالت : سوف أعطيك إبرة توقف عنك الدم لمدة ست ساعات وفعلا توقف الدم ست ساعات ، فطافت من جديد وسعت ، بعد ست ساعات جاءت الدورة ، فهل ما فعلته صحيح أم ماذا ؟
فأجاب : "إذا كان الوقوف طهراً كاملاً – والنساء يعرفن الطهر – فلا بأس ، ويكون طوافها صحيحاً ، وأما إذا لم يكن طهراً صحيحاً فقد طافت قبل أن تطهر ، وطواف المرأة قبل طهرها غير صحيح" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 393، 394) .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (20467) ، (36600) .
الإسلام سؤال وجواب
لم لا تكون المساجد فيها اختلاط النساء بالرجال مثل الطواف ؟!
لماذا لا يجوز للنساء الصلاة مع الرجال فى المسجد بينما يعبد الله فى مكة كل من الرجال والنساء جنبا إلى جنب ؟ .
الحمد لله
أولاً:(10/18)
هذا الإشكال مبني على خطأ في معرفة حكم الشرع في اختلاط الرجال والنساء في الطواف ، فالأخ السائل يعتقد أن الشريعة تبيح اختلاط الرجال بالنساء " جنباً إلى جنب " في الطواف ! وهو يستشكل عدم وجود هذا في الصلاة ، ومعنى كلامه أنه يريد صفوف النساء والرجال متداخلة ، فيتراص الرجال والنساء في صفوف الصلاة الكعب بالكعب ، والمنكب بالمنكب ! وهذا لا يمكن تصور وجوده في الشريعة المحكمة التي تغلق أبواب الفتنة ، وتسد على الشيطان طرقه في الغواية .
وحتى يزول أصل الخلل لا بدَّ من توضيح مسألة طواف النساء والرجال حكماً وواقعاً .
أما حكماً : فهو أن يكون طواف النساء خلف الرجال وحدهن ، أو في الليل حيث لا يكون أحد في الطواف من الرجال .
وأما الواقع : فهو مخالف للشرع ، وما نراه من اختلاط الرجال بالنساء بالصورة الموجودة اليوم مرفوض في الشرع ، ولا يزال العلماء ينكرونه ، ويحاولون إصلاحه ، ولصعوبة الأمر فإن كثيراً من المحاولات لم تنجح ، بسبب جهل الناس وعدم تعاونهم ، وبسبب الازدحام الشديد ، وعدم القدرة على ضبط الناس في الطواف .
وقد حاول بعض الحكام الأمويين الفصل التام بين الرجال والنساء في الطواف ، واستدل عليه بالفعل الموجود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبيَّن أهل العلم أنه لا يلزم من الإذن لهن بالطواف مع الرجال أن يكون اختلاط ومماسة ! ومما يدل على هذا الذي ذكرناه :(10/19)
1. ما رواه البخاري (1539) عن ابْن جُرَيْجٍ قال : أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَال قَال : كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلى الله عَليْهِ وَسَلمَ مَعَ الرِّجَال ؟ قُلتُ : أَبَعْدَ الحِجَابِ أَوْ قَبْلُ ؟ قَال : إِي لعَمْرِي لقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الحِجَابِ ، قُلتُ : كَيْفَ يُخَالطْنَ الرِّجَال ؟ قَال : لمْ يَكُنَّ يُخَالطْنَ ، كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِي الله عَنْهَا تَطُوفُ حَجْرَةً مِنَ الرِّجَال لا تُخَالطُهُمْ ، فَقَالتِ امْرَأَةٌ : انْطَلقِي نَسْتَلمْ يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ – أي : الحجر الأسود - قَالتِ : انْطَلقِي عَنْكِ وَأَبَتْ ، يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِالليْل فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَال ، وَلكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلنَ البَيْتَ قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلنَ وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ .
حَجرة من الرجال : بعيدة عنهم .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
وظاهر هذا أن ابن هشام أول من منع ذلك ، لكن روى الفاكهي من طريق زائدة عن إبراهيم النخعي قال : نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء ، قال فرأى رجلا معهن فضربه بالدِّرة ، وهذا إن صح لم يعارض الأول ؛ لأن ابن هشام منعهن أن يطفن حين يطوف الرجال مطلقاً ، فلهذا أنكر عليه عطاء ، واحتج بصنيع عائشة ، وصنيعها شبيه بهذا المنقول عن عمر .
قال الفاكهي : ويُذكر عن ابن عيينة أن أول من فرَّق بين الرجال والنساء في الطواف : خالد بن عبد الله القسري . ا.هـ.
وهذا إن ثبت فلعله منَعَ ذلك وقتاً ، ثم تركه ؛ فإنه كان أمير مكة في زمن عبد الملك بن مروان ، وذلك قبل ابن هشام بمدة طويلة .
" فتح الباري " ( 3 / 480 ) .
فهذا إنكارٌ لواقع الطواف الذي تختلط فيه النساء بالرجال ، ولم يكن ليرضَ أحدٌ بذلك من الولاة فضلاً عن العلماء .
قال ابن جُماعة - رحمه الله - :(10/20)
ومن أكبر المنكرات : ما يفعله جهلة العوام في الطواف من مزاحمة الرجال بأزواجهم سافرات عن وجههن ، وربما كان ذلك في الليل ، وبأيديهم الشموع متقدة ... .
إلى أن قال :
" نسأل الله أن يلهم ولي الأمر إزالة المنكرات " .
وقال ابن حجر الهيتمي - بعد أن نقل كلامه - :
فتأمله تجده صريحاً في وجوب المنع حتى من الطواف عند ارتكابهن دواعي الفتنة .
" الفتاوى الفقهية " ( 1 / 201 ، 202 ) .
وقد علَّق الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - على هذا الحديث من صحيح البخاري بقوله :
طواف النساء مع الرجال لا بأس به ، ولا يمكن منعه خصوصاً في أوقاتنا هذه ؛ لأن كل امرأة مع محرمها ، ولو مُنع النساء من الاختلاط مع الرجال : لضاعت النساء ، وحصل من الشر أكثر ، ولكن لو جُعلن كما تفعل عائشة حَجرة ، يعني : بعيدات عن الرجال : لكان هذا طيباً ، وكانوا هنا يفعلونه في الأيام التي ليس فيها زحام شديد ، يجعلون النساء على الجانب ، وهو عمل طيب ، وأما أن تُمنع النساء ويقال لهن : لا تطفن إلا في الليل مثلاً : فهذا صعب ، وفي وقتنا هذا الأمر أصعب ، لو قلنا : الرجال وحدهم والنساء وحدهن : لحصل فتنة كبيرة ، كل إنسان يستطيع أن يصيد المرأة بدون من يعارضه ، ولكن على الإنسان أن يتقي الله عز وجل ويتجنب زحام النساء بقدر المستطاع ، وعلى المرأة أيضاً أن تنتبه لأولئك الفجار الذين يتصيدون النساء في المطاف - والعياذ بالله - وتجد الرجل يلتصق بها من أول الطواف إلى آخر الطواف - نسأل الله العافية - وكم ضُبط من قضية .
انتهى من " شرح صحيح البخاري " كتاب الحج ، بَاب طَوَافِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَال ، الشريط السابع ، الوجه الثاني .(10/21)
2. عَنْ أُمِّ سَلمَةَ رَضِي الله عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَليْهِ وَسَلمَ قَالتْ شَكَوْتُ إِلى رَسُول اللهِ صَلى الله عَليْهِ وَسَلمَ أَنِّي أَشْتَكِي فَقَال طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليْهِ وَسَلمَ حِينَئِذٍ يُصَلي إِلى جَنْبِ البَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ .
رواه البخاري ( 452 ) ومسلم ( 1276 ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
أمَرها أن تطوف من وراء الناس ليكون أستر لها ، ولا تقطع صفوفهم أيضاً ، ولا يتأذون بدابتها .
" فتح الباري " ( 3 / 481 ) .
وقال الشيخ سليمان الباجي المالكي – رحمه الله - :
وأما طواف النساء من وراء الرجال فهو للحديث الذي ذكرناه ( طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَة ) ولم يكن لأجل البعير ... وأما المرأة فإن مِن سنَّتها أن تطوف وراء الرجال ; لأنها عبادة لها تعلق بالبيت ، فكان مِن سنَّة النِّساء أن يكنَّ وراء الرجال ، كالصلاة .
" المنتقى شرح الموطأ " ( 2 / 295 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة - ردّاً على من قال بجواز الاختلاط قياساً على الاختلاط في الطواف - :
أما قياس ذلك على الطواف بالبيت الحرام : فهو قياس مع الفارق ؛ فإن النساء كن يطفن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مِن وراء الرجال متسترات ، لا يداخلنهم ولا يختلطن بهم .. .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 12 / 164 ، 165 ) .
ثانياً:
أما صلاة النساء مع الرجال في المسجد : فإن لها ضوابط وأحكاماً تؤدي كلها إلى حفظ الأعراض ، وتساهم في بناء المجتمعات على معالي الأخلاق ، ومن هذه الضوابط والأحكام :
1. أن يكون للنساء باب للدخول منه إلى المسجد غير باب الرجال .(10/22)
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ ) قَالَ نَافِعٌ : فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ .
رواه أبو داود ( 462 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وفي " عون المعبود " ( 2 / 92 ) :
( لو تركنا هذا الباب ) : أي باب المسجد الذي أشار النبي صلى الله عليه وسلم .
( للنساء ) : لكان خيراً ، وأحسن ؛ لئلا تختلط النساء بالرجال في الدخول والخروج من المسجد ، والحديث فيه دليل أن النساء لا يختلطن في المساجد مع الرجال ، بل يعتزلن في جانب المسجد ، ويصلين هناك بالاقتداء مع الإمام , فكان عبد الله بن عمر أشد اتباعا للسنة , فلم يدخل من الباب الذي جعل للنساء حتى مات . انتهى
2. جعل النساء في صفوف خاصة خلف الرجال ، حتى لو كانت امرأة واحدة .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ قُومُوا فَلِأُصَلِّ لَكُمْ قَالَ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَفْتُ وَالْيَتِيمَ وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ.
رواه البخاري ( 373 ) ومسلم ( 658 ) .
قال النووي – رحمه الله - :
وفيه : أن المرأة تقف خلف الرجال , وأنها إذا لم يكن معها امرأة أخرى : تقف وحدها متأخرة .
" شرح مسلم " ( 5 / 163 ) .
3. الترغيب في الصفوف الخلفية للنساء والترغيب في الصفوف الأولى للرجال .(10/23)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا ، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا ) .
رواه مسلم ( 440 ) .
قال النووي – رحمه الله - :
وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ، ورؤيتهم ، وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم ، وسماع كلامهم ، ونحو ذلك , وذم أول صفوفهن لعكس ذلك .
" شرح مسلم " ( 4 / 159 ، 160 ) .
4. جعل صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد ، ولو كان المسجد الحرام .
عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ ).
رواه أحمد ( 26002 ) وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " ( 341 ) .
5. انتظار الرجال بعد الصلاة قليلاً ، وإسراع خروج النساء قليلاً .
عن أُمّ سَلَمَة زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ النِّسَاءَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ إِذَا سَلَّمْنَ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ قُمْنَ ، وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَنْ صَلَّى مِنْ الرِّجَالِ مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ الرِّجَالُ .
رواه البخاري ( 828 ) .
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيراً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ " .
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ( وهو الزهري ) : فَأُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ الْقَوْمِ .
رواه البخاري ( 802 ) .(10/24)
قال بدر الدين العيني – رحمه الله - :
فيه : خروج النساء إلى المساجد ، وسبقهن بالانصراف ، والاختلاط بهن مظنة الفساد ، ويمكث الإمام في مصلاه والحالة هذه .
" عمدة القاري " ( 6 / 122 ) .
قال السندي – رحمه الله – في بيان سبب مكثه صلى الله عليه وسلم بعد السلام - :
أي : ليتبعه الرجال في ذلك ، حتى تنصرف النساء إلى البيوت ، فلا يحصل اجتماع الطائفتين في الطريق .
" حاشية سنن ابن ماجه " ( حديث 932 ) .
6. الحفاظ على الحجاب والستر في القدوم للمسجد والانصراف منه .
عن عَائِشَةَ قَالَتْ : كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ ( أي : متسترات بثوب يغطي جسدهن كله ) .
رواه البخاري ( 553 ) ومسلم ( 645 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
فإنَّ النساء كنَّ يطفن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من وراء الرجال متسترات ، لا يداخلنهم ، ولا يختلطن بهم ، وكذا حالهن مع الرجال في مصلى العيد ، فإنهن كنَّ يخرجن متسترات ، ويجلسن خلف الرجال في المصلى ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب الرجال خطبة العيد انصرف إلى النساء ، فذكَّرهن ووعظهن ، فلم يكن اختلاط بين الرجال والنساء ، وكذا الحال في حضورهن الصلوات في المساجد ، كنَّ يخرجن متلفعات بمروطهن ، ويصلين خلف الرجال ، لا تخالط صفوفهن صفوف الرجال .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 12 / 164 ، 165 ) .
ونرجو أن نكون بذلك قد أزلنا الخلل الذي يستدل به بعض الناس على جواز اختلاط الرجال بالنساء الاختلاط المستهتر ، ظناً منهم أن الشرع يبيح ذلك الاختلاط في الطواف فهذا الواقع مخالف للشرع ، نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب(10/25)
هل تجوز عمرة بناتها بلا محرم؟
أريد السفر للعمرة مع أولاد أخي ومعي بناتي فهل تجوز عمرة بناتي ؟
يجوز أن تسافري للعمرة مع أبناء أخيك لأنهم محارم لك .
وأما بناتك فإن كن بالغات فلا يجوز لهن السفر من غير محرم ؛ لما روى البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا ، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ : اخْرُجْ مَعَهَا ).
ولا فرق بين سفر المرأة للحج أو للعمرة أو لغير ذلك ، فالجميع يشترط له المحرم ؛ لعموم الأحاديث ، بل ولما جاء في هذا الحديث من أن المرأة خرجت للحج ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم زوجها أن يخرج معها ويدع الجهاد .
وإذا لم تجد المرأة محرما ، لم تجب عليها العمرة ولا الحج .
وإذا خرجت بلا محرم ، كانت آثمة بذلك .
وينظر جواب السؤال رقم (25841).
الإسلام سؤال وجواب
هل للمرأة أن تربط غطاء الوجه في الإحرام؟
هل بإمكان المرأة أن تربط غطاء الوجه أو تضع غطاء على الرأس دون أن تربطه ، ذلك أنه أثناء الطواف والسعي ليس من السهل الرؤية بوضوح حينما نسدل الجلباب على الوجه ؟
الحمد لله
"لا بأس بربط غطاء الوجه إذا كان يمكن إلا بشده أو ربطه في حال الإحرام أو غيره" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 194) .
الإسلام سؤال وجواب
هل الأفضل للمرأة أن تحج نافلة مع تعرضها لمزاحمة الرجال؟
لا يخفى على فضيلتكم ما تجده المرأة من مشقة في الحج من مزاحمة الرجال والاختلاط بهم ، في الطواف والسعي وغير ذلك من المشاعر ، فهل الأفضل للمرأة التي حجت الفريضة أن تكرر الحج أم تكتفي بحجة الفريضة ؟.
الحمد لله(10/26)
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
لا شك أن تكرار الحج فيه فضل عظيم للرجال والنساء ، ولكن بالنظر إلى الزحام الكثير في هذه السنين الأخيرة بسبب تيسر المواصلات ، واتساع الدنيا على الناس ، وتوفر الأمن ، واختلاط الرجال بالنساء في الطواف ، وأماكن العبادة ، وعدم تحرز الكثير منهن عن أسباب الفتنة ، نرى أن عدم تكرارهن الحج أفضل لهن ، وأسلم لدينهن ، وأبعد عن المضرة على المجتمع الذي قد يفتن ببعضهن ، وهكذا الرجال إذا أمكن ترك الاستكثار من الحج لقصد التوسعة على الحجاج ، وتخفيف الزحام عنهم ، فنرجو أن يكون أجره في الترك أعظم من أجره في الحج ، إذا كان تركه بسبب هذا القصد الطيب اهـ .
مجموع فتاوى ابن باز (16/361)
أذِن لها زوجها في السفر لحج النافلة ثم تراجع فهل تسافر دون إذنه ؟
أنا متزوجة منذ أربع سنوات ، ولكني لم أشعر بالسعادة يوماً طوال هذه الزيجة ، لقد ارتكبت بعض الأخطاء التى تعلمت منها ، لكن زوجي لم يغفر لي هذه الأخطاء ، فهو أقرب لكونه ديكتاتوراً منه كزوج ، قامت إحدى الصديقات بدفع مصاريف الحج ولكني لم أقبلها إلا بعد الحصول على إذن من زوجى لأنها ليست حجة الفريضة ، ولكنه قام بالتراجع عن هذا الإذن بعد عمل جميع الترتيبات بسبب بعض الخلافات البسيطة التى بيننا ، الآن إذا لم أذهب للحج ستغضب صديقتي لأنه قد تم غلق الباب أمام إصدار تأشيرة أخرى لشخص آخر . فهل لزوجي الحق في أن يفعل ذلك أم أنه يسيء استخدام سلطته كزوج ؟ برجاء تقديم الإرشاد .
الحمد لله
أولاً :
الواجب على الزوج أن يتقي الله في معاملته لزوجته ، وأن يعاشرها بالمعروف ، وإن كان كره منها خلُقاً فليعلم أن لها أخلاقاً أخرى تستحق رضاه عنها ، وعليه أن يعلم أنه هو لا يسلم من الخطأ والزلل ، فليعفُ عن خطئها ، وليصفح عن زللها إن هي تابت لربها وأنابت ، وليحسن معاملتها حتى يجعل الله تعالى بينه وبين زوجته مودة ورحمة .
ثانياً :(10/27)
لا يحل للمرأة أن تسافر للحج أو لغيره إلا مع ذي محرَم ، ولم يرِد في سؤالك أية إشارة إلى وجود محرم معك أو عدم وجوده ، فإن لم يكن معك محرم في السفر فلا يجوز لك السفر سواء أذن زوجك أو لم يأذن ، ولو كان ذلك في حج الفريضة .
قال علماء اللجنة للإفتاء:
" قد تقرر في الشرع المطهر تحريم سفر المرأة بلا محرم ؛ للأدلة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن ذلك ، وهذا يعم أي سفر كان ، سواء لغرض مباح ، أم واجب ، أم مسنون ، وقد صدرت منا فتوى في تقرير ذلك برقم ( 16042 ) هذا نصها :
" لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر بدون محرم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) رواه أحمد والبخاري ومسلم ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو يخطب ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل فقال : إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، فقال : انطلق فحج مع امرأتك ) رواه أحمد والبخاري ومسلم .
فالمرأة ممنوعة من كل ما يسمَّى سفراً ، إلا إذا كان معها محرم يصونها ويحفظها ويقوم بمصالحها ، والمحرم هو : زوجها ، أو من تحرم عليه على التأبيد ، لقرابة ، أو رضاع ، أو مصاهرة : كأبيها ، وابنها ، وأخيها ، وابن أخيها ، وعمها ، وخالها ، وأبي زوجها ، وابن زوجها ، وابنها من الرضاع ، أو أخيها من الرضاع ، ونحوهم ، وسواء كانت المرأة شابة ، أو عجوزاً ، وسواء كانت وحدها ، أو مع نساء ، ومجموعة النساء لا تكفي عن المحرم ؛ لعموم الأحاديث ؛ ولعدم انتفاء المحذور .
فالواجب على النساء وعلى أوليائهن تقوى الله ، والمحافظة على أوامر الله ورسوله ، وترك ما نهى الله عنه ورسوله ، خصوصا في المحافظة على الحياء والعفة ، وتجنب وسائل الشر والفساد ، ولا يجوز أن يحملهم الطمع في الدنيا على التساهل في هذا الأمر " .(10/28)
لهذا : فإنه لا يجوز سفر المرأة لأداء فريضة الحج من غير محرم لها ، ويجب منع أصحاب حملات الحج من ذلك ؛ حذراً من إثم الوقوع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وسدّاً لأبواب الشر والفساد ، والله سبحانه وتعالى يقول : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) ، والمرأة من شروط استطاعتها : وجود محرمها ، وبذله نفسه للسفر بها ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 334 – 336 ) .
ثالثاً :
كما ينبغي أن تعلمي أنه لا يجوز لك للمرأة أن تسافر إلا بإذن الزوج ، وقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز للمرأة الذهاب لحج النافلة إلا بإذن زوجها .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
فأما حج التطوع : فله منعها منه ، قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن له منعها من الخروج إلى الحج التطوع .
وذلك لأن حق الزوج واجب ، فليس لها تفويته بما ليس بواجب .
" المغني " ( 3 / 192 ) .
ولا يجوز لك السفر للحج – ولو وجد المحرَم – إذا كان زوجك قد تراجع عن إذنه .
ولا ينبغي للزوج أن يمنع زوجته من سفر الطاعة إن كان منعه لها من غير سبب شرعي ، وهو شريك في الأجر الذي تحصله إن أذن لها ، فإن أعانها ازداد أجره .
وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/283) : أن الزوج إذا أذن لزوته بالحج نافلة ، فله الرجوع في الأذن قبل أن تحرم ، فإن أحرمت لم يجز له الرجوع في الإذن .
وعليك أن تعتذري لصديقتك وتبيني لها سبب عدم سفرك معها ، وأن ذلك طاعة لله تعالى وفراراً من معصيته ، وليس للمسلم أن يقدم إرضاء مخلوق كائناً من كان على إرضاء الله تعالى .
نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ، ويصلح ما بينك وبين زوجك .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
حج النفساء(10/29)
إذا طهرت النفساء قبل الأربعين فهل يصح حجها ؟ وإذا لم تر الطهر فماذا تصنع مع العلم أنها ناوية الحج ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا طهرت النفساء قبل الأربعين فإنها تغتسل وتصلي وتفعل كل ما تفعله الطاهرات حتى الطواف لأن النفاس لا حد لأقله .
أما إذا لم تر الطهر فإن حجها صحيح أيضا لكن لا تطوف بالبيت حتى تطهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع الحائض من الطواف بالبيت والنفاس مثل الحيض في هذا ".
انتهى من رسالة 60 مسألة في الحيض
هل لثياب المرأة في الإحرام لون أو تفصيل خاص
تعتقد بعض النساء أن للإحرام ثياباً خاصة فما صحة ذلك ؟.
الحمد لله
المرأة تحرم بما شاءَت من الثياب الساترة وتجتنب لباس الشهرة والثياب الضيقة التي تصف تقاطيع الجسم وتجتنب الطيب والنقاب ولبس القفازين ولا حرج عليها في لبس الحلي وتغيير الثياب متى ما شاءَت .
والاعتقاد السائد في بعض البلاد أن المرأة تحرم من الثياب بلون كذا وكذا ليس له أصل في الشرع .
وقد قالت عائشة رضي الله عنها : المحرمة تلبس من الثياب ما شاءَت إلا ثوباً مسه ورس أو زعفران ... ) رواه البخاري في صحيحه معلقاً ووصله البيهقي في السنن ( 5 / 47 ) من طريق شعبة عن يزيد الرشك عن معاذة عن عائشة ورواته ثقات .
الشيخ سليمان بن ناصر العلوان.
مرت بالميقات وهي حائض ولم تُحرم
ذهبت للعمرة ومررت بالميقات وأنا حائض فلم أحرم وبقيت في مكة حتى طهرت فأحرمت من مكة فهل هذا جائز أم ماذا أفعل وما يجب علي ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله :(10/30)
" هذا العمل ليس بجائز ، والمرأة التي تريد العمرة لا يجوز لها مجاوزة الميقات إلا بإحرام ، حتى لو كانت حائضا فإنها تحرم وهي حائض وينعقد إحرامها ويصح ؛ والدليل لذلك أن أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر رضي الله عنهما ولدت - والنبي صلى الله عليه وسلم نازل في ذي الحليفة يريد حجة الوداع - فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم كيف أصنع ؟
قال : "اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي ".
ودم الحيض كدم النفاس ، فنقول للمرأة الحائض : إذا مررت بالميقات وأنت تريدين العمرة أو الحج فاغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي "
والاستثفار معناه : أنها تشد على فرجها خرقة وتربطها ثم تحرم ، سواء بالحج أو بالعمرة " .
ولكنها إذا أحرمت ووصلت إلى مكة لا تأتي إلى البيت ولا تطوف به حتى تطهر ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة حين حاضت في أثناء العمرة قال لها : " افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي في البيت حتى تطهري " هذه رواية البخاري ومسلم ، وفي صحيح البخاري أيضا ذكرت عائشة أنها لما طهرت طافت بالبيت وبالصفا والمروة ، فدل هذا على أن المرأة إذا أحرمت بالحج أو العمرة وهي حائض أو أتاها الحيض قبل الطواف فإنها لا تطوف ولا تسعى حتى تطهر وتغتسل أما لو طافت وهي طاهرة وبعد أن انتهت من الطواف جاءها الحيض فإنها تستمر وتسعى ولو كان عليها الحيض وتقص من رأسها وتنهي عمرتها لأن السعي بين الصفا والمروة لا يشترط له الطهارة ."
انتهى من رسالة 60 سؤال في الحيض
تريد العمرة وتخشى من الزحام مع الرجال
أريد أن أعمل عمرة في شهر رمضان ، لكن هذا الاختلاط الشديد بالرجال بل الالتصاق أيضا ، هل هذا جائز ؟.
الحمد لله
أولاً :
الاختلاط بين الرجال والنساء حرام ، وقد سبق تفصيل هذا في جواب السؤال رقم ( 1200 ) فلينظر .
ثانياً :(10/31)
قد راعت الأحكام الشرعية طبيعة المرأة ، واستغلال الشيطان لفتنتها ، فجاءت النصوص الشرعية الصحيحة تأمرها بأن تقر في بيتها ، وأن لا تتبرج ، وأن لا تزاحم الرجال ، بل إن النصوص الشرعية لم توجب عليها ما أوجبته على الرجال مثل حضور صلاة الجمعة والجماعات .
ومزاحمة المرأة للرجال من أعظم أسباب الفتن , ولذلك جاء الشرع بسد هذا الباب من أبواب الفتن , وحماية العبادات عن كل ما ينافيها , ففي صلاة العيد : أمر الرسول صلى الله عليه وسلم النساء بالخروج إليها , ولكن يكنَّ في مصلىً خاص بهن بعيداً عن الرجال . وفي الحج والعمرة أيضاً جاء الشرع بمنع اختلاط الرجال والنساء , وبما يحفظ النساء عن مزاحمة الرجال , ويتبين ذلك من وجوه :
أولها : أن الشارع لم يوجب على المرأة حجّاً أو عمرة إلاّ إذا كان معها محرم .
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم ، فقال رجل : يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج ، فقال : اخرج معها ) رواه البخاري ( 1763 ) ومسلم ( 1341 ) .
ثانيها : أن الشارع رخَّص لمن كان معه نساء , أن يدفع من مزدلفة بليل .(10/32)
فعن عبد الله مولى أسماء عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ فَقَامَتْ تُصَلِّي فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ : يَا بُنَيَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ ؟ قُلْتُ : لا ، فَصَلَّتْ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَتْ : يَا بُنَيَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ ؟ قُلْت : نَعَمْ ، قَالَتْ : فَارْتَحِلُوا ، فَارْتَحَلْنَا ، وَمَضَيْنَا حَتَّى رَمَتْ الْجَمْرَةَ ، ثُمَّ رَجَعَتْ ، فَصَلَّتْ الصُّبْحَ فِي مَنْزِلِهَا ، فَقُلْتُ لَهَا : يَا هَنْتَاهُ مَا أُرَانَا إِلا قَدْ غَلَّسْنَا ، قَالَتْ : يَا بُنَيَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِلظُّعُنِ . رواه البخاري ( 1595 ) .
والحديث بوَّب عليه الإمام البخاري بقوله : " بَاب مَنْ قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ بِلَيْلٍ فَيَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيَدْعُونَ وَيُقَدِّمُ إِذَا غَابَ الْقَمَرُ " .
يا هَنْتاه : يا هذه .
الظُّعُن : جمع ظعينة ، وهي المرأة .
ثالثها : استحباب البعد عن البيت في الطواف لئلا تختلط بالرجال ، ولو كان في البعد عدم استلام الحجر الأسود .
فعن عَطَاء قَالَ : طَافَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الرِّجَالِ . قيل له : كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ ؟ قَالَ : لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَطُوفُ حَجْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لا تُخَالِطُهُمْ ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ : انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَتْ : انْطَلِقِي عَنْكِ وَأَبَتْ . رواه البخاري ( 1539 ) .
حَجرة من الرجال : بعيدة عنهم .
وقال ابن جماعة رحمه الله :
" ومن أكبر المنكرات ما يفعله جهلة العوام في الطواف من مزاحمة الرجال بأزواجهم سافرات عن وجههن ، وربما كان ذلك في الليل ، وبأيديهم الشموع متقدة ..."
إلى أن قال :(10/33)
" نسأل الله أن يلهم ولي الأمر إزالة المنكرات " .
وقال ابن حجر الهيتمي - بعد أن نقل كلامه - :
" فتأمله تجده صريحاً في وجوب المنع حتى من الطواف عند ارتكابهن دواعي الفتنة " .
" الفتاوى الفقهية " ( 1 / 201 ، 202 ) .
ثالثاً :
وإذا أرادت المرأة أن تعتمر فيجب عليها أن تسافر ع محرم لها , حتى يحفظها ويصونها , وعليها أن تختار الأوقات التي يكون الحرم فيها غير مزدحم , أما مواسم الزحام كشهر رمضان فالأحسن لها أن تجتنب أداء العمرة فيها , لما يحصل من مزاحمتها للرجال ، ولا يمكنها التحفظ منهم .
وفي جواب السؤال رقم (36514) ذكرنا كلام الشيخ ابن باز رحمه الله أن الأفضل للمرأة الآن في ظل الزحام الشديد ألا تكرر الحج لأن ذلك أسلم لدينها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يلزم الزوج نفقة حج زوجته
هل يجب على المسلم أن يرسل زوجته للحج إذا كان يملك من المال ما يكفي لذلك ؟.
الحمد لله
لا يجب على الزوج أن يتحمل عن زوجته نفقة الحج ولو كان غنياً ، وإنما ذلك مستحب يؤجر عليه ولا يأثم بتركه .
إذ لم يوجب ذلك كتاب ولا سنة ، والزوجة جعل الإسلام لها المهر حقّاً خالصاً لها ، وأباح لها التصرف في مالها .
وإنما أوجب الشرع على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف ، ولم يوجب عليه قضاء ديْنها ، ولا دفع الزكاة عنها ، ولا دفع ما تتكلفه في الحج وغيره .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين : هل يؤجر الزوج إذا وكل من يحج عن زوجته وقد توفيت ولم تحج ... ... .. ؟ .
فقال : الأفضل أن يقوم هو بالحج عنها من أجل أن يقوم بالنسك على الوجه الأكمل الذي يحب ... .. ثم قال : أما الوجوب فلا يجب عليه .
" اللقاء الشهري " ( 34 ) رقم السؤال ( 579 ) .
فما دام أنه لا يجب القضاء عنها بعد موتها فكذلك لا يجب عليه حجها في حياتها .(10/34)
هذا من حيث الوجوب ، أما من حيث البر بها والعشرة بالمعروف : فإنه إن فعل فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ، ويكتب الله تعالى له أجر حجها .
وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه يجب على الزوج نفقة زوجته في حالة أن يتعمد إفساد حجها كمن أكرهها على الجماع قبل التحلل الأول – مثلاً - .
قال الشيخ عبد الكريم زيدان :
وليس من حقوق الزوجة على زوجها أن يتحمل نفقة حجها ، أو يشاركها في هذه النفقة .
" المفصل في أحكام المرأة " ( 2 / 177 ) .
وقد سئل الشيخ الألباني رحمه الله عن هذه المسألة بعينها فأجاب : أنه لا يجب على الزوج دفع نفقات حج زوجته . هذا بالنسبة للرجل أما المرأة فإن كان عندها من الأموال ما يكفيها للحج وجب عليها الحج ، وإن لم يكن عندها لم يجب عليها الحج .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل هناك سن لا تحتاج فيه المرأة لمحرم
أنا آنسة في سن 38 ، مدرِّسة ، لم أتزوج بعدُ ، الوالد متوفى ، وأنا أعول والدتي إلى حد ما في نفقات المنزل ، رغبت في الحج ، وتقدمت ، وفزت بالقرعة ، ولكن أحتاج لمحرم ، وأخي المحرم لا يملك النفقات الخاصة به ، وأعلم أنني يجب أن أسدد عنه ، ولكن أنا مستقبلا في حاجة لما معي ، فقررت أن أؤجل الفريضة إلى سن لا أحتاج فيه لمحرم ، ما جزاء هذا الفعل ؟ أرجوكم إفادتي لشدة قلقي .
الحمد لله
أولاً :
لا يجب الحج إلا على المستطيع لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران/97 . ومن الاستطاعة بالنسبة للمرأة أن تجد محرماً ويوافق على السفر معها ، فإذا لم تجد لم يجب عليها الحج .(10/35)
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة ( 11/93 ) : من شروط الحج الاستطاعة ، ومن الاستطاعة وجود المحرم للمرأة ، فإذا فقد المحرم فلا يجوز لها السفر ، ولا يجب عليها الحج إلا بوجوده وموافقته على السفر معها ، قال تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران/97 .
راجع السؤال رقم (316 ) ، ( 5207 ) ، ( 34380 ) .
ثانياً :
ليس هناك سن تبلغه المرأة لا تحتاج فيه لمحرَم ، بل في جميع سني عمرها بعد بلوغها لا يحل لها السفر إلا مع ذي محرم ، من غير تفريق بين شابة وعجوز ، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) رواه البخاري ومسلم .
وقد سبق بيان هذا في أجوبة الأسئلة : ( 47029 ) و ( 25841 ) .
ثالثاً :
إن وجدت المرأة محرَماً : وجبت عليها نفقته .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
ونفقة المحرم في الحج عليها ، نص عليه أحمد ؛ لأنه من سبيلها ، فكان عليها نفقته كالراحلة ، فعلى هذا يعتبر في استطاعتها أن تملك زادا وراحلة لها ولمحرمها . " المغني " ( 3 / 99 ) .
وقال السرخسي :
المحرم إذا كان يخرج معها فنفقته في مالها . " المبسوط " ( 4 / 163 ) .
رابعاً :
وأما تأخيرك للحج بسبب حاجتك للنفقة ، فيراجع السؤال رقم ( 11534 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
إذا حاضت المعتمرة انتظرت حتى تطهر
قدمت للعمرة أنا وأهلي ولكن حين وصولي إلى جدة أصبحت زوجتي حائضا ولكني أكملت العمرة بمفردي دون زوجتي فما الحكم بالنسبة لزوجتي ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله :
" الحكم بالنسبة لزوجتك أن تبقى حتى تطهر ثم تقضي عمرتها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حاضت صفية رضي الله عنها قال : " أحابستنا هي ؟ قالوا : إنها قد أفاضت ، قال : فلتنفر إذن " .(10/36)
فقوله صلى الله عليه وسلم " أحابستنا هي " دليل على أنه يجب على المرأة أن تبقى إذا حاضت قبل طواف الإفاضة حتى تطهر ثم تطوف وكذلك طواف العمرة مثل طواف الإفاضة لأنه ركن من أركان العمرة فإذا حاضت المعتمرة قبل الطواف انتظرت حتى تطهر ثم تطوف .
انتهى من رسالة 60 مسألة في الحيض
هل تحرم بالعمرة وهي حائض؟
سنسافر لأداء العمرة لمدة 10 أيام سنسافر أولاً للمدينة النبوية ثم إلى مكة ، إلا أنني سيكون عندي الدورة عندما نذهب من المدينة إلى مكة وبالتالي طبعاً كل من معنا سيحرمون من أبيار علي ، فهل يصح لي الإحرام مثلهم برغم وجود الدورة ، وستنتهي الدورة ونحن في مكة ، فمن أي مكان أحرم من مكة ؟.
الحمد لله
الحائض إذا مرت على الميقات وهي تريد الحج أو العمرة وجب عليها أن تحرم من الميقات ولا يجوز لها تأخير الإحرام حتى تصل إلى مكة وتطهر .
وقد دلت السنة وإجماع العلماء على أن الحيض لا ينافي الإحرام ، فتحرم المرأة وهي حائض ثم لا تؤدي العمرة حتى تطهر وتغتسل .
روى مسلم (1210) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ حِينَ نُفِسَتْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ .
قال النووي :
(نُفِسَتْ) أَيْ : وَلَدَتْ .
وَفِيهِ : صِحَّة إِحْرَام النُّفَسَاء وَالْحَائِض , وَاسْتِحْبَاب اِغْتِسَالهمَا لِلإِحْرَامِ اهـ .(10/37)
وروى البخاري (1556) ومسلم (1211) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ . . فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ . . . الحديث . ورواه البخاري في باب كيف تهل (أي : تحرم) الحائض والنفساء .
قال النووي :
فِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْحَائِض وَالنُّفَسَاء وَالْمُحْدِث وَالْجُنُب يَصِحّ مِنْهُمْ جَمِيع أَفْعَال الْحَجّ وَأَقْوَاله وَهَيْئَاته إِلا الطَّوَاف وَرَكْعَتَيْهِ , فَيَصِحّ الْوُقُوف بِعَرَفَاتٍ وَغَيْره كَمَا ذَكَرْنَا , وَكَذَلِكَ الأَغْسَال الْمَشْرُوعَة فِي الْحَجّ تُشْرَع لِلْحَائِضِ وَغَيْرهَا مِمَّنْ ذَكَرْنَا . وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الطَّوَاف لا يَصِحّ مِنْ الْحَائِض , وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ اهـ .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إِذَا أَتَتَا عَلَى الْوَقْتِ (أَيْ : الْمِيقَات) تَغْتَسِلانِ وَتُحْرِمَانِ وَتَقْضِيَانِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (1744) وصححه الألباني في سنن أبي داود .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (1/447) :(10/38)
"الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ , أَمَرَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ , وَمَا فِيهِمَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ , وَشُهُودِهِمَا عَرَفَةَ مَعَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ , وَرَمْيِ الْجِمَارِ , مَعَ ذِكْرِ اللَّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ , وَلا يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ , بَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا" اهـ .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (16/126) :
إذا وصلت الحائض أو النفساء للميقات وجب عليهما أن تحرما إذا كان الحج فريضة أو العمرة ، أما إن كان مستحبين وقد أدتا حجة الإسلام وعمرة الإسلام فإنه يشرع لهما الإحرام من الميقات كغيرهما من الطاهرات في الحج والعمرة اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
"المرأة التي حاضت قبل أن تحرم يمكنها أن تحرم وهي حائض لأن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر أسماء بنت عميس امراة أبي بكر رضي الله عنهما حين نفست في ذي الحليفة أمرها أن تغتسل وتسثفر بثوب وتحرم ، وهكذا الحائض أيضاً ، وتبقى على إحرامها حتى تطهر، ثم تطوف بالبيت وتسعى ) اهـ. "رسالة 60 سؤالاًَ في أحكام الحيض" .
الإسلام سؤال وجواب
هل يؤثر نزول الكدرة على الحج والعمرة ؟
كنت حاملاً في الشهر الثاني وسقط الجنين قبل ذهابي للحج بيومين ، وكنت طاهرة إلا أنه في يوم التروية في الليل وجدت قليلا من الإفرازات الغامقة تشبه الإفرازات التي تكون في آخر أيام الدورة الشهرية ، أي : إنها ليست دماً بل وسخ بني ، إلا أني أكملت حجي ، فهل حجي صحيح ؟ .
الحمد لله
ما رأيتِهِ من الإفرازات لا يؤثر على حجك ولا عمرتك ، فهو ليس دم حيض ولا نفاس ، بل إفرازات تسمى " الكدرة " ، وحكم هذه الإفرازات أنها توجب الوضوء عند جمهور العلماء ، فإذا توضأت عند طواف الإفاضة فطوافك صحيح بإجماع العلماء ، فإن لم تكوني توضأت فقد اختلف العلماء : هل يصح الطواف من غير طهارة أم لا ؟(10/39)
وسبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (34695) ، والذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتابعه الشيخ ابن عثيمين أنه لا يشترط .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" فما بعد الطهر من كدرة ، أو صفرة ، أو نقطة ، أو رطوبة ، فهذا كله ليس بحيض ، فلا يمنع من الصلاة ، ولا يمنع من الصيام ، ولا يمنع من جماع الرجل لزوجته ؛ لأنه ليس بحيض .
قالت أم عطية : ( كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً ) أخرجه البخاري ، وزاد أبو داود : ( بعد الطهر ) وسنده صحيح ، وعلى هذا نقول : كل ما حدث بعد الطهر المتيقن من هذه الأشياء فإنها لا تضر المرأة ولا تمنعها من صلاتها وصيامها ومباشرة زوجها إياها ، ولكن يجب أن لا تتعجل حتى ترى الطهر ؛ لأن بعض النساء إذا جف الدم عنها بادرت واغتسلت قبل أن ترى الطهر ، ولهذا كان نساء الصحابة يبعثن إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالكرسف - يعني : القطن - فيه الدم فتقول لهن : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء " انتهى .
" 60 سؤالاً عن أحكام الحيض " ( السؤال رقم 24 ) .
والحاصل : أن حجك صحيح إن شاء الله تعالى ، وهذه الإفرازات التي نزلت ليست حيضاً ولا نفاساً .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل تذهب للحج في عدة وفاة زوجها ؟
امرأة مات عنها زوجها ، وظهر اسمها في قرعة الحج ولم تكمل العدة ، فهل يجوز لها السفر إلى الحج ؟.
الحمد لله
اتفق الأئمة على أنه لا يجوز للمرأة المتوفى عنها زوجها أن تسافر إلى الحج في فترة العدة ( الحداد ) .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
عن امرأة عزمت على الحج هي وزوجها ، فمات زوجها فى شعبان ، فهل يجوز لها أن تحج ؟ .
فأجاب :
" ليس لها أن تسافر فى العدة عن الوفاة إلى الحج في مذهب الأئمة الأربعة " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 34 / 29 ) .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :(10/40)
" ليس للمرأة التي في الحداد السفر للحج ، كما هو مذهب الأئمة الأربعة ، أما ما ذكرتَ من أنه لا يحصل لك إجازة إلا في هذا الوقت : فليس بمسوغ شرعي يجيز السفر بالمرأة التي في عدة الوفاة " انتهى .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 899 ، 900 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
أحرمت للعمرة ثم بدا لها أن لا تفعل فماذا يجب عليها ؟
كنت في الطائف وقررت أن أذهب إلى مكة لقضاء بعض الأيام هناك ، وفي اليوم المحدد فكرت في الإحرام للعمرة ، وبالفعل اغتسلت وقلت : " لبيك اللهم بعمرة لبيك اللهم لبيك " ثم قبل مغادرة المنزل طرأ لي ما جعلني أؤجل فكرة العمرة ، وحيث إني امرأة فإنه لا يتغير كثير من حالي حين الإحرام ، لذلك نسيت أني قد نطقت بالتلبية ، فنزلت مكة ولم أعتمر ، وقضيت هناك أياماً ثم رجعت إلى الطائف ليوم واحد ومنها أحرمت للعمرة ونزلت مكة واعتمرت ( ولم أتذكر أنني قد لبيت المرة الأولى إلا عندما لبيت عند الميقات في المرة الثانية ) ، فماذا عليَّ في ذلك ؟.
الحمد لله
الواجب على كل من أحرم بالعمرة والحج أن يتم نسكهما وإن كانا نفليْن ؛ لقوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) ، ومن نوى الإحرام وترك تتمة النسك لغير عذر شرعي وقع في المحظور .
قال علماء اللجنة الدائمة :(10/41)
إذا كان لبس الإزار والرداء ولم ينو الدخول في الحج أو العمرة ولم يلب بذلك فهو بالخيار: إن شاء دخل في الحج أو العمرة ، وإن شاء ترك ذلك ، ولا حرج عليه إذا كان قد أدى حجة وعمرة الإسلام ، أما إن كان قد نوى الدخول في الحج أو العمرة فليس له فسخ ذلك والرجوع عنه ، بل يجب عليه أن يكمل ما أحرم به على الوجه الشرعي ؛ لقول الله سبحانه : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) ، وبهذا يتضح لك : أن المسلم إذا دخل في حج أو عمرة بالنية فليس له رفض ذلك ، بل يجب عليه أن يكمل ما شرع فيه ؛ للآية الكريمة المذكورة ، إلا أن يكون قد اشترط ، وحصل المانع الذي خاف منه فله أن يتحلل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير لما قالت : يارسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية ، قال: " حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني " متفق على صحته . فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 166 ، 167 ) .
وبناء على هذا ، فإن العمرة التي أديتها تقع عن العمرة التي أحرمت بها أولاً .
وأما محظورات الإحرام التي فعلتيها في تلك الأيام فإنها معفو عنها .
لأن الظاهر أنك كنت لا تعلمين تحريم فسخ نية العمرة بعد عقدها .
وقد سبق في إجابة السؤال ( 36522 ) أن من فعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أنه لا شيء عليه .
سئل الشيخ ابن عثيمين عن امرأة أحرمت بالعمرة ثم فسخت العمرة واعتمرت بعدها بعدة أيام عمرة أخرى فهل هذا العمل صحيح ؟ وما حكم ما فعلته من محظورات الإحرام ؟(10/42)
فأجاب : هذا العمل غير صحيح ، لأن الإنسان إذا دخل في عمرة أو حج حرم عليه أن يفسخه إلا لسبب شرعي قال الله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) ، فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله عز وجل مما صنعت ، وعمرتها صحيحة لأنها وإن فسخت العمرة فإنها لا تنفسخ العمرة ، وهذا من خصائص الحج ، والحج له خصائص عجيبة لا تكون في غيره ، فالحج إذا نويت إبطاله لم يبطل ، وغيره من العبادات إذا نويت إبطال بطل ، فلو أن الإنسان وهو صائم نوى إبطال صومه بطل صومه ، ولو أن المتوضئ أثناء وضوئه نوى إبطال الوضوء بطل الوضوء .
لو أن المعتمر أثناء العمرة نوى إبطالها لم تبطل ، أو نوى إبطال الحج أثناء تلبسه بالحج لم يبطل .
ولهذا قال العلماء : إن النسك لا يرتفض برفضه .
وعلى هذا نقول : إن هذه المرأة ما زالت محرمة منذ عقدت النية إلى أن أتمت العمرة ، ويكون نيتها الفسخ غير مؤثرة فيه ، بل هي باقية عليه .
وخلاصة الجواب : بالنسبة للمرأة نقول : إن عمرتها صحيحة ، وإن عليها أن لا تعود لرفض الإحرام مرة ثانية ، لأنها لو رفضت الإحرام لم تتخلص منه .
وأما ما فعلته من المحظورات ولنفرض أن زوجها جامعها والجماع في النسك هو أعظم المحظورات فإنه لا شيء عليها ، لأنها جاهلة ، وكل إنسان يفعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه . اهـ من مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/351) باختصار .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
استئذان الزوج في الحج
هل يجوز للمرأة أن تحج ولو لم يأذن لها زوجها ؟.
الحمد لله
إذا كان الحج فريضة عليها ومنعها زوجها منه فإنها تحج ولو لم يأذن زوجها ، ولا يجوز لزوجها أن يمنعها من حج الفريضة ، أما إذا كان نافلة فإنها لا تحج إلا إذا أذن لها زوجها .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/35) :(10/43)
" وليس للرجل منع امرأته من حجة الإسلام . وبهذا قال النخعي , وإسحاق , وأبو ثور , وأصحاب الرأي , وهو الصحيح من قولي الشافعي ، لأنه فرض , فلم يكن له منعها منه , كصوم رمضان , والصلوات الخمس . ويستحب أن تستأذنه في ذلك . نص عليه أحمد . فإن أذن وإلا خرجت بغير إذنه . فأما حج التطوع , فله منعها منه .
قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن له منعها من الخروج إلى الحج التطوع . وذلك لأن حق الزوج واجب , فليس لها تفويته بما ليس بواجب " انتهى باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : إذا منع الزوج زوجته فهل يأثم ؟
فأجاب :
" نعم ، يأثم إذا منع زوجته من الحج الذي تمت شروطه ، فهو آثم ، يعنى لو قالت : هذا مَحْرَمٌ ، هذا أخي يحج بي ، وأنا عندي نفقة ، ولا أريد منك قرشاً ، وهي لم تؤد الفريضة فيجب أن يأذن لها ، فإن لم يفعل حجت ولو لم يأذن ، إلا أن تخاف أن يطلقها فتكون حينئذ معذورة " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/115) .
الإسلام سؤال وجواب
ما تفعله الحائض من الميقات إلى آخر الحج
ماذا تفعل المرأة إذا أتتها الدورة الشهرية في بداية أيام الحج قبل دخول مكة ؟.
الحمد لله
إذا مرت الحائض بالميقات وهي تريد الحج فإنها تحرم من الميقات ثم إذا أتت مكة فإنها تفعل جميع أفعال الحج غير الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة فإنها تؤخرهما حتى تطهر . وهكذا تفعل من أتاها الحيض بعد الإحرام وقبل الطواف .
أما من حاضت بعد الطواف فإنها تسعى بين الصفا والمروة ولو كانت حائضاً .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
ما حكم حجة الحائض ؟ .
فأجابوا :
الحيض لايمنع من الحج ، وعلى من تحرِم وهي حائض أن تأتي بأعمال الحج ، غير أنها لاتطوف بالبيت إلا إذا انقطع حيضها واغتسلت ، وهكذا النفساء ، فإذا جاءت بأركان الحج فحجها صحيح .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 172 ، 173 ) .(10/44)
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
والمرأة التي تريد العمرة لا يجوز لها مجاوزة الميقات إلا بإحرام حتى لو كانت حائضاً ، فإنها تحرم وهي حائض وينعقد إحرامها ويصح ، والدليل لذلك أن أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر - رضي الله عنهما – ولدت والنبي صلى الله عليه وسلّم نازل في ذي الحليفة يريد حجة الوداع ، فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم كيف أصنع ؟ قال : " اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي " .
ودم الحيض كدم النفاس ، فنقول للمرأة الحائض - إذا مرت بالميقات وهي تريد العمرة أو الحج نقول لها - : اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي ، والاستثفار معناه : أنها تشد على فرجها خرقة وتربطها ثم تحرم سواء بالحج أو بالعمرة ، ولكنها إذا أحرمت ووصلت إلى مكة لا تأتي إلى البيت ولا تطوف به حتى تطهر ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم لعائشة حين حاضت في أثناء العمرة قال لها : " افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي في البيت حتى تطهري " هذه رواية البخاري ومسلم ، وفي صحيح البخاري أيضاً ذكرت عائشة أنها لما طهرت طافت بالبيت وبالصفا والمروة ، فدل هذا على أن المرأة إذا أحرمت بالحج أو العمرة وهي حائض أو أتاها الحيض قبل الطواف : فإنها لا تطوف ولا تسعى حتى تطهر وتغتسل ، أما لو طافت وهي طاهرة وبعد أن انتهت من الطواف جاءها الحيض : فإنها تستمر وتسعى ولو كان عليها الحيض ، وتقص من رأسها ، وتنهي عمرتها ؛ لأن السعي بين الصفا والمروة لا يشترط له الطهارة .
" 60 سؤالاً في الحيض " ( السؤال 54 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لم تطف طواف العمرة لأنها كانت حائضاً
أديت العمرة في آخر يومين من رمضان ولكن وقتها كان لدي الحيض ، فأحرمت من الميقات وسعيت بين الصفا والمروة وقصرت ، ومنعني الحيض من الطواف ، وبعد انتهاء الحيض بحوالي يوم أديت صلاة العيد ، وأديت طواف الوداع ، ورجعنا إلى بلادنا ، فهل هذه العمرة صحيحة ؟
الحمد لله(10/45)
أصبتِ في أشياء وأخطأتِ في أخرى ، فقد أصبتِ في الإحرام من الميقات – وأنتِ حائض - ، وأصبتِ في الامتناع عن الطواف ، لكنك أخطأتِ في السعي والتقصير ، وأخطأتِ في عدم الإتيان بطواف العمرة والسعي بعد طهارتك .
وتقديم السعي على الطواف يرى بعض العلماء أنه جائز في الحج دون العمرة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
"يشترط تقديم الطواف على السعي ، فلو بدأ بالسعي قبل الطواف : وجب عليه إعادته بعد الطواف ؛ لأنه وقع في غير محله .
فإن قال قائل : ما تقولون فيما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل ، فقال له رجل : سعيتُ قبل أن أطوف قال : " افعل ولا حرج " ؟
فالجواب : أن هذا في الحج وليس في العمرة ...." انتهى .
" الشرح الممتع " ( 7 / 310 ) .
وأنت الآن لا تزالين على إحرامك بالعمرة ، لأنها لم تتم ، والواجب عليكِ : الرجوع إلى مكة والقيام بطواف العمرة الذي تركتيه ، وإعادة السعي مرة أخرى ، وعليك التقصير بعده ، ولا عبرة بتقصيرك السابق لأنه وقع في غير محله .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء فيمن طاف على غير طهارة :
"لا تزال محرماً بالعمرة ؛ إذا كنت لم تعد للطواف وأنت طاهر ، وعليك : أن تتوجه إلى مكة محرماً في أسرع وقت ، وتطوف بالبيت وتسعى ثم تحلق أو تقصر ، وبذلك تمت عمرتك" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/237، 238) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
المسعى ليس من المسجد الحرام
هل المسعى من المسجد الحرام ؟ وهل تقربه الحائض ؟ وهل يجب على من دخل الحرم من المسعى أن يصلي تحية المسجد ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله :(10/46)
" الذي يظهر أن المسعى ليس من المسجد ولذلك جعلوا جدارا فاصلا بينهما لكنه جدار قصير ، ولا شك أن هذا خير للناس لأنه لو أدخل في المسجد وجعل منه لكانت المرأة إذا حاضت بين الطواف والسعي امتنع عليها أن تسعى ..
والذي أفتي به أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل السعي فإنها تسعى لأن المسعى لا يعتبر من المسجد .
وأما تحية المسجد فقد يقال إن الإنسان إذا سعى بعد الطواف ثم عاد إلى المسجد فإنه يصليها ولوترك تحية المسجد فلا شيء عليه والأفضل أن ينتهز الفرصة ويصلي ركعتين لما في الصلاة في هذا المكان من الفضل "
انتهى من رسالة 60 مسألة في الحيض
الحائض وركعتا الإحرام
كيف تصلي الحائض ركعتي الإحرام ؟.
الحمد لله
أولا :
ينبغي أن نعلم أن الإحرام ليس له صلاة فإنه لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه شرع لأمته صلاة للإحرام لا بقوله ولا بفعله ولا بإقراره .
ثانيا :
إن هذه المرأة الحائض التي حاضت قبل أن تحرم يمكنها أن تحرم وهي حائض لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر رضي الله عنه وعنها - حين نفست في ذي الحليفة - أن تغتسل بثوب وتحرم ،وهكذا الحائض أيضا وتبقى على إحرامها حتى تطهر ثم تطوف بالبيت وتسعى .
انتهى من كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، رسالة 60 سؤال في الحيض
أنظر السؤال (2564) .
الإسلام سؤال وجواب
خصوصيات النساء في الحج
لقد عزمت على الحج هذا العام إن شاء الله ، فأرجو تزويدي ببعض النصائح والتوجيهات التي تنفعني في الحج . كما أود طرح هذا السؤال : هل للنساء خصوصيات في الحج تتميز بها عن الرجال ؟.
الحمد لله(10/47)
أختي المسلمة هنيئا لك ما عزمت عليه من الذهاب إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج ، تلك الفريضة التي غابت عن كثير من نساء المسلمين، فبعضهن يجهلن أن الحج فريضة عليهن ، وبعضهن يعلمن ولكن يركبن مركب التسويف حتى يفجأهن الأجل وهن تاركات للحج ، وبعضهن لا يدرين شيئا عن المناسك ، فيقعن في المحظور والمحرم ، وربما بطل حجهن دون أن يشعرن ، والله المستعان .
والحج فريضة الله على عباده ، وهو ركن الإسلام الخامس ، وهو جهاد المرأة ؟ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : "جهادكن الحج " رواه البخاري
- وهذه أختي المسلمة- بعض النصائح والتوجيهات والأحكام التي تختص بها من أرادت الحج ، وهي مما يعين على جعل الحج متقبلا مبرورا ، والحج المبرور كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " ليس له ثواب إلا الجنة " متفق عليه .
1- الإخلاص لله شرط في صحة وقبول أي عبادة ومنها الحج ، فأخلصي لله تعالى في حجك ، وإياك والرياء فإنه يحبط العمل ويوجب العقوبة .
2- متابعة السنة ووقوع العمل وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم شرط ثان في صحة وقبول العمل ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم.
وهذا يدعوك إلى تعلم أحكام الحج وفق سنة النبي صلى الله عليه وسلم مستعينة على ذلك بالكتب المفيدة التي تعتمد على الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة.
3- احذري الشرك الأكبر والأصغر والمعاصي بجميع أنواعها ، فإن الشرك الأكبر يوجب الخروج من الإسلام وحبوط العمل والعقوبة ، والشرك الأصغر يوجب حبوط العمل والعقوبة ، والمعاصي توجب العقوبة .
4- لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج أو لغيره بدون محرم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " متفق عليه .(10/48)
والمحرم هو الزوج وكل من تحرم عليه المرأة تحريما دائما بقرابة أو رضاعة أو مصاهرة، وهو شرط في وجوب الحج على المرأة ، فإذا لم يكن للمرأة محرم يسافر معها لم يجب عليها الحج .
5- للمرأة أن تحرم فيما شاءت من الثياب من أسود أو غيره ، مع الحذر مما فيه تبرج أو شهرة كالثياب الضيقة والشفافة والقصيرة والمشقوقة والمزخرفة ، وكذلك يجب على المرأة الحذر مما فيه تشبه بالرجال ، أو مما هو من ألبسة الكفار .
ومن هنا نعلم أن تخصيص بعض العامة من النساء للإحرام لونا معينا كالأخضر أو الأبيض ليس عليه دليل ، بل هو من البدع المحدثة .
6- يحرم على المحرمة بعد عقد نية الإحرام التطيب بجميع أنواع الطيب ، سواء كان في البدن أو في الثياب .
7- يحرم على المحرمة إزالة الشعر من الرأس وجميع البدن بأي وسيلة وكذلك تقليم الأظافر.
8- يحرم على المحرمة لبس البرقع والنقاب ، ولبس القفازين ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين " رواه البخاري .
9- المحرمة لا تكشف وجهها ولا يديها أمام الرجال الأجانب ، متعللة بأن النقاب والقفازين من محظورات الإحرام ، لأنها يمكن أن تستر وجهها وكفيها بأي شيء كالثوب والخمار ونحوهما، فقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : " كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه " رواه أبو داود وصححه الألباني في حجاب المرأة المسلمة .
10- بعض النساء إذا أحرمن يضعن على رءوسهن ما يشبه العمائم أو الرافعات حتى لا يلامس الوجه شيء من الخمار أو الجلباب ، وهذا تكلف لا داعي له ؛ لأنه لا حرج في أن يمس الغطاء وجه المحرمة .(10/49)
11- يجوز للمحرمة أن تلبس القميص والسراويل والجوارب للقدمين ، وأساور الذهب والخواتم والساعة ونحوها ، ولكن يتعين عليها ستر زينتها عن الرجال غير المحارم في الحج وفي غير الحج .
12- بعض النساء إذا مرت بالميقات تريد الحج أو العمرة وأصابها الحيض ، قد لا تحرم ظنا منها أن الإحرام تشترط له الطهارة من الحيض ، فتتجاوز الميقات بدون إحرام ، وهذا خطأ واضح ، لأن الحيض لا يمنع الإحرام ، فالحائض تحرم وتفعل ما يفعله الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت ، فتؤخر الطواف إلى أن تطهر ، وإن أخرت الإحرام وجاوزت الميقات بدونه ، فالواجب عليها الرجوع لتحرم من الميقات ، فإن لم ترجع فعليها دم لترك الواجب عليها .
13- للمرأة أن تشترط عند الإحرام إذا خافت من عدم إكمال نسكها فتقول : " إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني " فلو حدث لها ما يمنعها من إتمام الحج تحللت ولا شيء عليها .
14- تذكري أعمال الحج :
أولا :- إذا كان يوم التروية ، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، اغتسلي وأحرمي ولبي قائلة : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك .
ثانياً : اخرجي إلى منى ، وصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر مع قصر الصلاة الرباعية ركعتين بدون جمع .
ثالثاً :- إذا طلعت شمس يوم التاسع سيري إلى عرفة ، وصلي بها الظهر والعصر جمعا وقصرا في وقت الظهر ، وامكثي في عرفة داعية ذاكرة مبتهلة تائبة إلى غروب الشمس .
رابعاً :- إذا غربت الشمس اليوم التاسع سيري من عرفة إلى مزدلفة ، وصلي بها المغرب والعشاء جمعا وقصرا ، وامكثي بها إلى صلاة الفجر، واجتهدي بعد الفجر في الذكر والدعاء والمناجاة حتى يسفر جدا .
خامساً :- انطلقي من مزدلفة إلى منى قبل شروق شمس يوم العيد، فإذا وصلت إلى منى فافعلي ما يلي :
أ - أرمي جمرة العقبة بسبع حصيات ، وكبري مع كل حصاة .
ب - اذبحي الهدي بعد ارتفاع الشمس .(10/50)
ج - قصري من كل أطراف شعرك قدر أنملة . ( 2 سنتيمتر تقريبا )
د - انزلي إلى مكة ، وطوفي طواف الإفاضة ، واسعي بين الصفا والمروة سعي الحج إذا كنت متمتعة ، أو لم تسعي مع طواف القدوم إذا كنت مفردة أو قارنة .
سادساً : ارمي الجمرات في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بعد الزوال إذا أردت التأخر، أو الحادي عشر والثاني عشر إذا أردت التعجل ، مع المبيت بمنى تلك الليالي .
سابعاًَ : إذا أردت الرجوع إلى بلدك فطوفي للوداع ، وبهذا تنتهي أعمال الحج .
15- المرأة لا تجهر بالتلبية ، بل تسر بها فتسمع نفسها ومن بجوارها من النساء ، ولا تسمع الرجال الأجانب حذرا من الفتنة ولفت الأنظار إليها . ووقت التلبية يبدأ من بعد الإحرام بالحج ويستمر إلي رمى جمرة العقبة يوم النحر .
16- إذا حاضت المرأة بعد الطواف وقبل السعي ، فإنها تكمل بقية المناسك فتسعى ولو كان عليها الحيض؛ لأن السعي لا يشترط له الطهارة.
17- يجوز للمرأة استعمال حبوب منع الحيض لتتمكن من أداء نسكها بشرط عدم حدوث ضرر عليها .
18- احذري مزاحمة الرجال في جميع مناسك الحج ، وبخاصة في الطواف عند الحجر الأسود والركن اليماني ، وكذلك في السعي وعند رمي الجمرات ، وتخيري الأوقات التي يخف فيها الزحام ، فقد كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تطوف في ناحية منفردة عن الرجال ، وكانت لا تستلم الحجر أو الركن إن كان هناك زحام .
19- ليس على المرأة رمل في الطواف ولا ركض في السعي : والرمل هو إسراع الخطا في الأشواط الثلاثة الأولى من الطواف ، والركض يكون بين العلمين الأخضرين في جميع أشواط السعي، وهما سنة للرجال .(10/51)
20- احذري هذا الكتاب : وهو كتاب صغير يحوي بعض الأدعية المبتدعة، وفيه دعاء مخصوص لكل شوط من أشواط الطواف أو السعي، وليس في ذلك دليل من كتاب أو سنة، فالدعاء مشروع في حال الطواف والسعي بما شاء الإنسان من خيري الدنيا والآخرة، وإن كان دعاء مأثورا عن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى .
21- للمرأة الحائض أن تقرأ كتب الأدعية والأذكار الشرعية ، ولو كان بها آيات من القرآن ، ويجوز لها أيضا أن تقرأ القرآن دون أن تمس المصحف .
22- احذري كشف شيء من بدنك : وبخاصة في الأماكن التي يمكن أن يراك فيها الرجال ، كأماكن الوضوء العامة ، فإن بعض النساء لا تبالي بوجود الرجال قريبا من تلك الأماكن ، فينكشف منها حال الوضوء ما لا يجوز كشفه من وجه وذراعين وساقين ، وربما خلعت ما على رأسها من خمار ، فتظهر الرأس والرقبة ، وكل ذلك محرم لا يجوز ، وفيه فتنة عظيمة لها ولغيرها من الرجال .
23- يجوز للنساء الدفع من مزدلفة قبل الفجر : فقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم لبعض النساء ولا سيما الضعيفات بالانصراف من مزدلفة بعد مغيب القمر في آخر الليل ، وذلك حتى يرمين جمرة العقبة قبل الزحام ، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن سودة رضي الله عنها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة جمع- أي مزدلفة- أن تدفع قبل حطمة الناس ، وكانت امرأة ثبطة - أي ثقيلة- فأذن لها .
24- يجوز تأخير الرمي إلى الليل إذا رأى ولي المرأة أن الزحام قد اشتد حول جمرة العقبة ، وأن في ذلك خطرا على من معه من النساء ، فيجوز تأخير رميهن الجمرة حتى يخف الزحام أو يزول، ولا شيء عليهن في ذلك .
وكذلك الحال عند الرمي في أيام التشريق الثلاثة ، يمكن أن يرمين الجمرات بعد العصر ، وهو وقت يخف فيه الزحام جدا كما هو مشاهد ومعلوم ، فإن لم يمكن فلا حرج في تأخير الرمي إلى الليل .
25- احذري احذري :(10/52)
لا يجوز للمرأة أن تمكن زوجها من جماعها أو مباشرتها طالما أنها لم تتحلل التحلل الكامل ، ويحصل هذا التحلل بثلاثة أمور :
الأول : رمي جمرة العقبة بسبع حصيات .
الثاني : " التقصير من جميع الشعر قدر أنملة ، وهي ما يقدر بـ (2 سنتيمتر) .
الثالث : طواف الحج (طواف الإفاضة) .
* فإذا فعلت المرأة هذه الثلاثة مجتمعة جاز لها كل شيء حرم عليها بالإحرام حتى الجماع ، وإذا فعلت اثنين منها جاز لها كل شيء إلا الجماع .
26- لا يجوز للمرأة أن تبدي شعرها للرجال الأجانب وهي تقصر من أطرافه ، كما تفعل كثير من النساء عند المسعى ؛ لأن الشعر عورة لا يجوز كشفه أمام أحد من الرجال الأجانب .
27- احذري النوم أمام الرجال : وهذا ما نشاهده من كثير من النساء اللاتي يحججن مع أهاليهن دون مخيم أو أي شيء يسترهن عن أعين الرجال، فينمن في الطرقات وعلى الأرصفة وتحت الجسور العلوية وفي مسجد الخيف مختلطين مع الرجال ، أو قريبا من الرجال ، وهذا من أعظم المنكرات التي يجب منعها والقضاء عليها .
28- ليس على الحائض والنفساء طواف وداع ، وهذا من تخفيف الشرع وتيسيره على النساء ، فللمرأة الحائض أن تعود مع أهلها وإن لم تطف طواف الوداع ، فاحمدي الله أيتها المرأة المسلمة واشكريه على هذا التيسير وتلك النعمة .
الإسلام سؤال وجواب
يجوز للحائض قراءة القرآن والدعاء
هل يجوز للحائض أن تقرأ الأدعية في عرفات ، وبها آيات قرآنية ؟.
الحمد لله(10/53)
" لا حرج أن تقرأ الحائض والنفساء الأدعية المكتوبة في مناسك الحج ، ولا بأس أن تقرأ القرآن على الصحيح أيضاً ؛ لأنه لم يرد فيها نص صريح يمنع الحائض والنفساء من قراءة القرآن ، إنما ورد في الجنب خاصة بأن لا يقرأ القرآن وهو جنب ، أما الحائض والنفساء فورد فيهما حديث ابن عمر : "لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً " ولكنه ضعيف ، ولكنها تقرأ بدون مس المصحف عن ظهر قلب ، فمن باب أولى أن تقرأ الكتب التي فيها الأدعية المخلوطة من الأحاديث والآيات إلى غير ذلك ، هذا هو الصواب، وهو أصح قولي العلماء رحمهم الله في ذلك " اهـ من كلام الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
فتاوى ابن باز (17/66)(10/54)
حكم الحج والعمرة
لا يجب الحج على من اعتمر في أشهر الحج
قال لي أحد الأشخاص بأن الحج وجب عليَّ لأني اعتمرت قبل دخول شهر ذي الحجة ، مع أني حججت قبل عامين ، فهل ما قاله صحيح ؟.
الحمد لله
ما قاله لك هذا الشخص غير صحيح ، لأن الحج لا يجب إلا مرة واحدة في العمر ، لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً ؟ قَالَ : بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ ) رواه أَبُو دَاوُد (1721) وصححه الألباني
وحيث إنك قد حججت قبل ذلك فلا يجب عليك الحج مرة أخرى .
وأشهر الحج ثلاثة وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة ، ولعل هذا الشخص فهم من تسميتها أشهر الحج أن من اعتمر فيها وجب عليه الحج ، وهذا الفهم غير صحيح ، بل معنى كونها أشهر الحج أن الحج لابد أن يقع فيها لا قبلها ولا بعدها .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن رجل حج متمتعا ، ثم بعد أدائه للعمرة رجع إلى بلده ولم يحج، فهل عليه شيء ?
فأجاب :
لا شيء عليك لأن المتمتع إذا أحرم بالعمرة ثم بدا له أن لا يحج قبل أن يحرم بالحج فلا شيء عليه إلا أن ينذر أن يحج هذا العام ، فإذا نذر وجب عليه الوفاء بنذره . اهـ .
فتاوى ابن عثيمين (2/679) .
الإسلام سؤال وجواب
أحرم بالعمرة في آخر شعبان وأداها في رمضان فهل له أجر عمرة في رمضان؟
السؤال: رجل أحرم بالعمرة قبل أذان المغرب في آخر يوم في شعبان ، وبعد المغرب أُعلن دخول رمضان ، فهل تحسب له عمرة في رمضان أم لا ؟ والمقصود : أنه دخل في نية الإحرام قبل المغرب ، وأدى العمرة في الليل - ليلة رمضان - .
الجواب :
الحمد لله
للعمرة في رمضان ثواب جليل ، وهو أجر حجة .(11/1)
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ : (مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا ؟ قَالَتْ : لَمْ يَكُنْ لَنَا إِلَّا نَاضِحَانِ [بعيران] ، فَحَجَّ أَبُو وَلَدِهَا وَابْنُهَا عَلَى نَاضِحٍ ، وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحًا نَنْضِحُ عَلَيْهِ ، قَالَ : فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي ، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً) وفي رواية لمسلم : (حجة معي) رواه البخاري (1782) ومسلم (1256) .
وحتى يحصِّل المسلم ذلك الأجر العظيم : فإن عليه أن يحرم للعمرة ، ويؤدي مناسكها في شهر رمضان ، لا أن يحرم لها في اليوم الأخير لشعبان ، ولو أدى مناسكها في رمضان ، ولا أن يحرم لها في رمضان ، ويؤدي مناسكها في شوال .
فهما صورتان لا يكون لمؤدي العمرة فيهما أجر حجة :
الصورة الأولى : أن يحرم للعمرة في آخر شهر شعبان ، ويؤدي المناسك بعد دخول شهر رمضان .
الصورة الأخرى : أن يحرم للعمرة قبل غروب شمس اليوم الأخير من رمضان ، ويؤدي مناسكها في ليلة العيد .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"والمعتمر في رمضان لا بد أن تكون عمرته من ابتداء الإحرام إلى انتهائه في رمضان ، وبناء على ذلك نأخذ مثالاً آخر :
لو أن رجلاً وصل إلى الميقات في آخر ساعة من شعبان ، وأحرم بالعمرة ، ثم غربت الشمس ، ودخل رمضان بغروب الشمس ، ثم قدم مكة ، وطاف ، وسعى ، وقصَّر ، هل يقال : إنه اعتمر في رمضان ؟ .
الجواب : لا ؛ لأنه ابتدأ العمرة قبل دخول شهر رمضان .
مثال ثالث : رجل أحرم بالعمرة قبل غروب الشمس من آخر يوم من رمضان ، وطاف ، وسعى للعمرة في ليلة العيد ، فهل يقال : إنه اعتمر في رمضان ؟ .
الجواب : لا ، لأنه لم يعتمر في رمضان ؛ لأنه أخرج جزءاً من العمرة عن رمضان ، والعمرة في رمضان من ابتداء الإحرام إلى انتهائه" انتهى .(11/2)
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 21 / 352 ، 353 ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
هل يعتمر الزوجان جميعاً، أو يدخرا المال ليحج الزوج وحده؟
السؤال : هل الأولى الادخار للحج السنة القادمة أم العمرة الآن ؟ الآن أنا وزوجي معنا مال يكفي لنعتمر معاً ولكن إذا لم نعتمر حتى العام القادم ممكن يتوفر بعض المال ليحج هو وحده ولكن هذا غير مؤكد فما هو الأولى؟.
الجواب :
الحمد لله
الذي ننصحكما به هو المبادرة إلى أداء العمرة ، ما دمتم مستطيعين وذلك لعدة أسباب :
1- أن المشروع للمؤمن أن يبادر إلى الأعمال الصالحة ، قال الله تعالى : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران/133 ، وقال تعالى : (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) الحديد/21.
وقال بعض السلف : من فتح له باب من الخير فلينتهزه ، فإنه لا يدري متى يغلق عنه .
2- أنك غير متأكدة من استطاعة زوجك الحج العام القادم بسبب كفاية المال ، بل حتى لو وجد المال فقد توجد أمور أخرى كالانشغال أو غيره تمنعه من الحج ، فيكون قد أخَّر العمرة من غير حاجة أو مصلحة أعظم ، ولم يتمكن من الحج.
3- أنكما الآن تستطيعان العمرة ، فهي واجبة عليكما ، وأما الحج ، فليس واجباً عليكما الآن ـ بسبب عدم الاستطاعة ـ وليس من الحكمة أن يؤجل الإنسان ما يجب عليه الآن ، من أجل أن يأتي فيما بعد بما لم يكن واجباً عليه .(11/3)
فأنتما الآن مأموران بالعمرة ، ـ ما دمتما مستطيعين ـ ولستما مأمورين بالحج ، لعدم الاستطاعة ، فعليكما الإتيان بالعمرة ، امتثالا لأمر الله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/16 ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) رواه البخاري (7288) ومسلم (1337) .
4- ثم إنك لم تذكري شيئاً عن هذا المبلغ المدخر ، هل هو ملك لزوجك ، أو ملك لكما ادخرتماه معاً؟
فإن كان المبلغ لكما ، فقد ذكر العلماء رحمهم الله أنه لا يجوز الإيثار بالطاعات الواجبة ، فليس لك أن تعطي مالك لزوجك ليحج هو به ، ثم لا تعتمرين أنت .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
"الإيثار بالقرب على نوعين :
النوع الأول : القرب الواجبة : فهذه لا يجوز الإيثار بها ، ومثاله رجل معه ماء يكفي لوضوء رجل واحد فقط ، وهو على غير وضوء ، وصاحبه الذي معه على غير وضوء ففي هذه الحال لا يجوز أن يؤثر صاحبه بهذا الماء ؛ لأنه يكون قد ترك واجباً عليه وهو الطهارة بالماء ، فالإيثار في الواجب حرام ..." انتهى .
"لقاءات الباب المفتوح" اللقاء/35 ص 22 .
ونسأل الله لكما التوفيق إلى ما يحب ويرضى .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
يقوم البنك بعمل قرعة ويعطي الفائز مالاً يؤدي به العمرة
السؤال : كل سنة يقوم أحد البنوك بعمل قرعة والفائزون يحصلون على أموال للعمرة ، فهل يجوز أداء العمرة بهذه الأموال من البنك ؟
الجواب :
الحمد لله
إذا كان البنك إسلاميا تنضبط معاملاته بالشرع ، ودفع هذه الجوائز من ماله للتشجيع على التعامل معه ، فلا حرج عليك في أخذ المال وأداء العمرة به .
وأما إن كان البنك ربويا ، فإنه لا يجوز الإيداع فيه إلا لضرورة حفظ المال ، ولا يجوز الانتفاع بالفائدة التي يقدمها ، بل تصرف في المصالح العامة .(11/4)
وعليه ؛ فما جاءك من هذا المال لا يجوز أن تعتمر منه ولا أن تنتفع به لنفسك ، بل تتخلص منه بإنفاقه في وجوه الخير ومصالح المسلمين .
وهذه الجوائز التي تعطيها البنوك للمودعين فيها هي صورة من صور الربا ، وحيلة من الحيل حتى يخدعوا بها الناس ، ليقبلوا على التعامل الربوي مع هذا البنك .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : عن بعض البنوك التجارية بدول الخليج تقوم بوضع جوائز مثل : سيارات أو بيوت جاهزة لمن يفتح في البنك حساب توفير لحفظ أمواله ، وتعمل قرعة بين زبائن البنك ، ثم يفوز بالجائزة أحد الزبائن ، فما حكم هذه الجائزة سواء كانت عينية أو مادية ؟
فأجابوا : " إذا كان الأمر كما ذكر ، فإن هذه الجوائز غير جائزة ؛ لأنها فوائد ربوية مقابل إيداع الأموال في البنوك الربوية ، وتغيير الأسماء لا يغير الحقائق " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/196) .
وينظر جواب السؤال رقم (72413) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حجت مفردة مع زوجها وتركا السعي
السؤال : حججت مع زوجي مفردة ، وأنا من سكان مكة ، ولم نقم بالسعي ، فماذا علينا ؟ وإن كان هناك فدي فما هي الجهة التي يمكن الاعتماد عليها في توزيعه ؟
الجواب :
الحمد لله
السعي ركن من أركان الحج ، لا يتم الحج بدونه ، ولا يتحلل المحرم التحلل الأكبر حتى يأتي به ، وأما التحلل الأصغر الذي يباح به كل شيء إلا النساء فيحصل بالرمي والحلق ، فإذا طاف المحرم وسعى تحلل التحلل الأكبر ، وحل له كل شيء .
والمفرد لا يلزمه إلا سعي واحد ، فإن سعى بعد طواف القدوم كفاه هذا السعي .
وعليه ؛ فإذا لم تكوني سعيت بعد طواف القدوم ، فأنت على إحرامك الآن ، لم تتحللي التحلل الأكبر ، ولا يجوز لزوجك أن يجامعك حتى تتحللا ، وذلك بفعل السعي .(11/5)
وإن كان قد وقع الجماع في هذه المدة عن جهل ، فلا شيء عليكما ، والأحوط أن تخرجا فدية ، وهي ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام ، عن كل واحد منكما .
ولا يحصل لكما التحلل إلا بالسعي .
وعليكما الاستغفار والتوبة من هذا التقصير والتفريط ، فلا أنتما فعلتما النسك كما أمر الله ، ولا سألتما أهل العلم خلال هذه المدة الطويلة ، مع وجودكما في مكة ويسر إتيانكما بالسعي .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : أنا من سكان مكة حججت العام الماضي وطفت ولكن لم أسع ، فما الحكم ؟
فأجاب : "عليك السعي ، وهذا غلط منك ، ولا بد من السعي سواء كنت من أهل مكة أو من غيرهم ، لا بد من السعي بعد الطواف بعد النزول من عرفات تطوف وتسعى ، فالذي ترك السعي يسعى الآن ، وإذا كان أتى زوجته عليه ذبيحة يذبحها في مكة للفقراء ؛ لأنه لن يحصل له التحلل الثاني إلا بالسعي ، فعليه أن يسعى الآن بنية الحج السابق ، وعليه دم إن كان قد أتى زوجته " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (17/341) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله فيمن حج وترك السعي لعجزه عن المشي واستئجار عربة : " وأما بالنسبة لترك السعي ، فهذا غلط ؛ لأنه يجب عليك إتمام المناسك ، والسعي ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به ، فإن كنت قد أحرمت مفردًا بالحج أو قارنًا بين الحج والعمرة وسعيت بعد طواف القدوم فإنه ليس عليك سعي آخر بعد طواف الإفاضة ، أما إن كنت متمتعًا أو كنت قارنًا أو مفردًا ولم تسع بعد طواف القدوم فإن السعي باق عليك ، فيجب عليك أن تذهب وأن تسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط بنية سعي الحج ، وإذا كان حصل منك مواقعة لزوجتك في هذه المدة ، فإنك تذبح شاة دم جبران توزعه على فقراء مكة ، وإذا أردت العودة إلى بلدك فإنك تطوف للوداع " انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الحكمة من تشريع الحج مرة واحدة في العمر(11/6)
لماذا ينبغي على المسلمين أن يزوروا مكة على الأقل مرة واحدة في العمر ؟.
الحمد لله
وبعد : فنحن المسلمين نشعر بالشرف ، والفخر أننا عبيدٌ لله الواحد الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، وأنه ربنا ولا رب لنا سواه ، ولذا فإننا نتلقى أوامر الرب الكريم ونحن في غاية الخضوع والتسليم لما يأمرنا به ؛ لأننا نعلم أنه هو الحكيم الذي ليس فوق حكمته حكمةُ أحد ، ونعلم أنه هو الرحيم الذي لا أحد أرحم منه سبحانه وبحمده ، ولذا فنحن نحبه حبا يُلزمنا بطاعته فيما يأمرنا به ، ولو كان هذا الأمر فيه مشقة علينا ؛ فنحن نشعر بالفخر والسعادة والراحة ونحن نؤدِّي ما يأمرُنا به .
وإذا كان الإنسان إذا أحب إنساناً آخر فإنه يحب أن يخدمه ، وربما يسعد بذلك ، فما بالك بالرب الكبير العظيم الذي خلقنا ورزقنا وكل ما بأيدينا فهو نعمة منه سبحانه ـ وله المثل الأعلى ـ فنحن مدينون لربنا بكل شيء ، فيجب علينا أن نسارع لكل ما يأمرنا به ، لعلنا نشكر شيئاً يسيراً جدّاً من نعمه العظيمة ، ولن نستطيع لكن الله الكريم بفضله الواسع يقبل منا أعمالنا القليلة ، ويجازينا عليها بالكثير .
فمثلًا : ( الحج ) : لو أنَّ مسلما أدَّى الحج على الوجه الذي طلبه منه ربه فإن الله وعده بأن يغفر له ذنبه ، ويدخله الجنة بشرط أن لا يفسد هذا العمل بارتكاب مخالفات عظيمة تغضب الله جل جلاله .
ومن زيادة رحمة الله بهذه الأمة ، أن الله جعل وجوب طاعته فيما يأمرنا به أو يأمرنا به رسوله صلى الله عليه وسلم معلقاً بالاستطاعة ، فمتى كان العبد مستطيعاً قادراً وجب عليه أن يأتي بالأمر المطلوب منه وإلا سقط عنه ، وهو معذور ، قال تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286 أي : طاقتها ، وفي " الحج " – خاصة - قال تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 .(11/7)
ومن رحمته أن أوجبه على عباده مرة واحدة في العمر حتى لا يشق عليهم ، لكنه حث من كان لديه قدرة وطاقة أن يكثر من الحج والعمرة فقال صلى الله عليه وسلم : " تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد " رواه النسائي ( 2 / 4) وهو حديث صحيح كما قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1200 ) .
وهذه العبادة العظيمة إنما شرعها الله لنعظّمه ونكبّره ونشكرَه على جميل نعمه ، وعظيم فضله ، فليس المقصود من الطواف بالكعبة هو مجرد الدوران على هذه الأحجار ! لا ، بل المقصود هو أن الله أمرنا أن نطوف بها سبعا فنحن نطيع الله ونطوف بها سبعا لا نزيد ولا ننقص بل نفعل ما أمرنا به ونحن نشعر أننا عبيد له أذلاء بين يديه فنكبره ونعظمه ونشكره أن شرفنا بعبوديتنا له عن كثير من بني البشر الذين يعبدون آلهة شتى، بل ربما يعبدون ذواتهم أو شهواتهم .
وهكذا في جميع مناسك الحج ، بل في جميع العبادات التي شرعها الله لنا ، فالحمد لله الذي شرفنا بهذا الدين العظيم .
ثم إن اهتمامك بالسؤال عن الحج وأنت بهذا السن يدل على حرص منك على المعرفة والتعلم ، فننصحك بمزيد التعرف على الإسلام والقراءة حوله وستكتشف بنفسك أنه دين الفطرة الذي يضع قدمك على الطريق الموصلة لرضا ربك العظيم ، الذي خلقك ورزقك فهو يستحق منك أن تعبده وحده دون غيره .(11/8)
ولعل من المناسب أن تعلم أن نبينا صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا أن أخاه نبيّ الله عيسى عليه السلام سوف ينزل في آخر الزمان وسوف يحج لهذا البيت العظيم وهو يعلن التوحيد لله سبحانه ، ونحن نؤمن أن هذا سيقع كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام ، كما نؤمن أن الشمس تطلع في وضح النهار ، قال صلى الله عليه وسلم : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا " رواه مسلم ( 1252 ) ، ومعنى ( ليهلن ) : أي : ليلبين بالحج أو بالعمرة أو بهما معا ، و( فج الروحاء ) : مكان بين مكة والمدينة.
نسأل الله أن يشرح صدرك للهدى .. آمين.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
الذي يحج عن غيره هل يأخذ مالاً؟ وهل يدعو لنفسه؟ وهل الأجر كاملاً؟
في حالة الحج بالإنابة عن شخص ما ، هل ينصرف أجر الذِّكر والدعاء في الطواف والسعي ويوم عرفة للشخص المنيب أم للشخص الذي يقوم بالحج ؟ وهل يجوز للذي يحج عن غيره أن يدعو لنفسه ولأهله خلال الحج في الطواف أو السعي أو يوم عرفة أم لا ؟ وما هي الأعمال التي يمكن أن يقوم بها من يحج عن غيره خلال الحج ويكون ثوابها له ؟ وهل له أجر أم أن أجره المال الذي أخذه مقابل الحج فقط ؟ .
الحمد لله
أولاً :
الحج بالإنابة ثابت في السنَّة الصحيحة عن المريض في بدنه العاجز عن الوصول لمكة لأداء المناسك ، وعن الميت الذي لم يحج ، بشرط أن يكون النائب حج عن نفسه أولاً .
ولا يجوز الحج عمن لا يستطيع الحج إذا كان عذره مؤقتا ويرجى زواله ، كامرأة لا يوجد محرم لها يسافر معها ، أو رجل ليس عنده إثبات شخصية ، أو رجل تمنعه دولته من السفر ، فهؤلاء يمكن أن تتغير أحوالهم ، وتتبدل ظروفهم إلى أن يستطيعوا القيام بالنسك بأنفسهم ، بخلاف العاجز في بدنه عجزاً مزمناً .
ثانياً :(11/9)
لا يجوز لمن يحج عن غيره أن يكون قصده المال ، فليست العبادة عرضة للتجارة ، ولا من مجالات الربح ، والأفضل لمن أراد أن يحج عن غيره أن يتبرع بها كاملة من غير أن يأخذ مالاً ، وهذا له أجر عظيم ، وهو في أعلى المراتب ، كما يجوز أن يطلب من أهل من سيحج عنهم تكاليف السفر وأداء المناسك ، دون أن يستوفي زيادة على قدر تلك التكاليف ، إلا أن يعطوه شيئاً منهم عن طيب نفسٍ منهم ، وله أجر على فعله ذاك ، وهو في أوسط المراتب ، وأما من قصد بالحج عن غيره المال والدنيا : فلا ثواب له على عمله ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"الحاجَّة عن الميت : إن كان قصدها الحج ، أو نفع الميت : كان لها في ذلك أجرٌ ، وثواب ، وإن كان ليس مقصودها إلا أخذ الأجرة : فما لَها في الآخرة مِن خلاق [أي : نصيب]" انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 26 / 18 ) .
وقال رحمه الله :
"الحاج عن الغير لأن يوفي دَيْنه : فقد اختلف فيها العلماء أيهما أفضل ، والأصح : أن الأفضل : الترك ؛ فإن كون الإنسان يحج لأجل أن يستفضل شيئاً من النفقة : ليس من أعمال السلف ، حتى قال الإمام أحمد : ما أعلم أحداً كان يحج عن أحدٍ بشيءٍ ، ولو كان هذا عملاً صالحاً : لكانوا إليه مبادرين ، والارتزاق بأعمال البر ليس من شأن الصالحين ، أعني: إذا كان إنما مقصوده بالعمل اكتساب المال .
وهذا المَدين يأخذ من الزكاة ما يوفي به دَيْنه خير له من أن يقصد أن يحج ليأخذ دراهم يوفي بها دَيْنه ، ولا يستحب للرجل أن يأخذ مالاً يحج به عن غيره إلا لأحد رجلين :
إما رجل يحب الحج ، ورؤية المشاعر ، وهو عاجز ، فيأخذ ما يقضي به وطره الصالح ، ويؤدي به عن أخيه فريضة الحج .
أو رجل يحب أن يُبرئ ذمَّة الميت عن الحج ، إما لصلة بينهما ، أو لرحمة عامة بالمؤمنين ، ونحو ذلك ، فيأخذ ما يأخذ ليؤدي به ذلك .(11/10)
وجِماع هذا : أن المستحب أن يأخذ ليحج ، لا أن يحج ليأخذ ، وهذا في جميع الأرزاق المأخوذة على عمل صالح ، فمن ارتزق ليتعلم ، أو ليعلِّم ، أو ليجاهد : فحسن ... .
وأمَّا من اشتغل بصورة العمل الصالح لأن يرتزق : فهذا من أعمال الدنيا ، ففرق بين من يكون الدين مقصوده ، والدنيا وسيلة ، ومن تكون الدنيا مقصوده ، والدِّين وسيلة ، والأشبه : أن هذا ليس له في الآخرة مِن خلاق ، كما دلت عليه نصوص" انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 26 / 19 ، 20 ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز باز رحمه الله :
هل الحج عن الآخرين مشروع على الإطلاق أم خاص بالقرابة ؟ ثم هل يجوز أخذ الأجرة على ذلك ؟ ثم إذا أخذ الأجرة على حجة عن غيره فهل له أجر في عمله هذا ؟ .
فأجاب :
"الحج عن الآخرين ليس خاصّاً بالقرابة ، بل يجوز للقرابة ، وغير القرابة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شبَّهه بالدَّيْن ، فدل ذلك على أنه يجوز للقرابة ، وغير القرابة .
وإذا أخذ المال وهو يقصد بذلك المشاهدة للمشاعر العظيمة ، ومشاركة إخوانه الحجاج ، والمشاركة في الخير : فهو على خير إن شاء الله ، وله أجر .
أما إذا كان لم يقصد إلا الدنيا : فليس له إلا الدنيا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) متفق على صحته" انتهى .
" مجموع فتاوى ابن باز " ( 16 / 423 ) .
ثالثاً :
إذا حج الإنسان عن غيره فإنَّ أجر المناسك من طواف وسعي والوقوف بعرفة ومزدلفة وغيرها هو لمن جُعل الحج له ، وأما الصلاة والدعاء : فهما لمن قام بالحج إلا ركعتي الطواف فهما تابعتان للحج لأنهما من المناسك ، والأفضل أن يشرك معه في الدعاء من يحج عنه ، ويُرجى أن يكون للمحجوج عنه أجر تلك الصلاة والدعاء ؛ لأنه السبب في طاعة من قام بالحج .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :(11/11)
"الذي يحج عن غيره : إنما يجعل الحج وما يتعلق به للغير ، أما الدعاء : فهو لنفسه ، ولكن من الأحسن أن يشرك غيرَه ، أي : يشرك الذي حج عنه ، أو اعتمر ، بالدعاء ، فيقول : اللهم اغفر لمن كانت له هذه الحجة ، أو كانت له هذه العمرة ؛ اغفر له ولي ، وارحمنا ، ويدعو بما يشمل نفسه ، ومن أعطاه المال ليحج به ، أما بقية الأفعال كالطواف والسعي والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمرات ، والمبيت بمنى ، وطواف الوداع : فكل هذا للذي حج عنه ، وليس له منه شيء" انتهى .
" اللقاء الشهري " ( 16 / 15 ) .
وسئل الشيخ رحمه الله : شخص حج عن غيره ولكنه ظل يدعو لنفسه في الحج دون غيره ؟ .
فأجاب :
"لا حرج في هذا ، يعني : لو أن الإنسان حج عن غيره ، ولكنه عند الميقات قال : " لبيك عن فلان " ونوى أن هذا النسك لفلان ، وكان في طوافه وسعيه ووقوفه بعرفة يدعو لنفسه : فحجه صحيح ؛ لأن الدعاء ليس شرطاً في صحة الحج ، ولكننا نرى أن الأولى : أن يدعو لنفسه ولأخيه ؛ لأن أخاه هو الذي تكفل بمؤونة الحج ، فلا يحرمه من الدعاء ، وأما النسك : فقد تم بدون دعاء" انتهى .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 88 / السؤال رقم 9 ) .
رابعاً :
اختلف العلماء فيمن حجَّ عن غيره ، هل يأخذ أجر الحج عن غيره وعن نفسه ، ويرجع كيوم ولدته أمه أم أن هذا فقط للمحجوج عنه ؟ ولا شك أن هذا الخلاف هو فيمن حج عن غيره ولم يكن قصده بذلك تحصيل المال ، والذي ذكرناه عن الشيخين ابن باز والعثيمين أن له أجراً ، لكن ليس كأجر الحج عن نفسه – وينظر كلام الشيخ العثيمين أيضاً في جواب السؤال رقم (45766) ، وهو قول علماء اللجنة الدائمة للإفتاء .
فقد سئلوا عن الرجل الذي يحج بأجرة عن ميت ؛ سواء كان رجلا أو امرأة ، أو عن عاجز ، لكبر سنٍّ ، أو مرض لا يرجى برؤه ، هل هذا المؤجر له أجر من الله ؟ .
فأجابوا :(11/12)
"مَن حجَّ أو اعتمر عن غيره بأجرة أو بدونها : فثواب الحج والعمرة لمن ناب عنه ، ويُرجى له أيضا أجر عظيم ، على حسب إخلاصه ورغبته للخير ، وكل من وصل إلى المسجد الحرام وأكثر فيه من نوافل العبادات وأنواع القربات : فإنه يُرجى له خيرٌ كثيرٌ إذا أخلص عمله لله" انتهى .
الشيخ عبد العزيز باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 77 ، 78 ) .
وخالف بعض العلماء في ذلك ، فقالوا بأن له ولمن حج عنه الأجر كاملاً ؛ لعموم حديث ( مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوم وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ) متفق عليه ، وإذا كان ( مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ ) كما صحَّ الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : فأولى لمن قام بالفعل حقيقة أن يأخذ الأجر كاملاً .
وفضل الله تعالى واسع ، يعطي من يشاء بغير حساب .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
حكم من أحس بتعب قبل إكمال الطواف
أنا امرأة مريضة ذهبت إلى العمرة وعندما طفت ثلاثة أشواط أصبت بالدوخة ماذا يجب علي أن أفعل ؟
الحمد لله
"عليك أن تستريحي وتكملي الطواف ، فإن طال الفصل فأعيدي الطواف من أوله . أما إذا زالت الدوخة بسهولة وسرعة فكملي الطواف ويكفي والحمد لله" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (17/435، 436) .
الإسلام سؤال وجواب
لا يجب الإحرام على من دخل مكة إلا إذا كان مريداً للنسك
هل يجب على من دخل مكة للعمل أن يحرم بالحج أو العمرة عند دخوله إليها ؟
الحمد لله(11/13)
"من توجه إلى مكة ولم يرد حجا ولا عمرة ؛ كالتاجر ، والحطَّاب ، والبريد ونحو ذلك فليس عليه إحرام إلا أن يرغب في ذلك ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر المواقيت : (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة) ، فمفهومه أن من مر على المواقيت ولم يرد حجا ولا عمرة فلا إحرام عليه .
وهذا من رحمة الله بعباده وتسهيله عليهم ، فله الحمد والشكر على ذلك ، ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى مكة عام الفتح لم يحرم ، بل دخلها وعلى رأسه المغفر ؛ لكونه لم يرد حينذاك حجا ولا عمرة ، وإنما أراد افتتاحها وإزالة ما فيها من الشرك" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجوع فتاوى ابن باز" (16/44، 45) .
الإسلام سؤال وجواب
اعتمر وترك السعي
معتمر قبل سبع سنوات ترك السعي ليخرج مع رفقته معتقداً أنه إذا أبطل هذا العمل بطل حجه ، وحج بعد ذلك واعتمر ماذا يلزمه ؟
الحمد لله
"تأخير هذا السائل سؤاله إلى ما بعد سبع سنوات خطأ عظيم ، يجب على المرء أن يسأل عن دينه أولاً قبل أن يعمل، ثم إذا عمل وشك في نفسه من بعض الأفعال التي فعلها فليسأل عنها مباشرة ، ولكن الأمر وقد وقع الآن ، فالذي أرى أنه يجب عليه أن يذهب إلى مكة ، ويأتي بعمرة فيطوف ويسعى ويقصر ، ثم يأتي بالسعي الأول ، لأنه ما زال دَيْناً في ذمته ، والحجات التي حجها بعد ذلك هي حجات منفصلة ما نواها قضاء عما سبق" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/59، 60) .
الإسلام سؤال وجواب
زوجته ترضع فهل يؤخر الحج إلى العام القادم
السؤال : نويت الحج هذا العام ، لكن زوجتي ترضع ، فقررت تأجيل الحج إلى السنة القادمة إن شاء الله ، مع العلم أن حالتي المادية ميسرة والحمد لله ؛ فهل علي شيء ؟
الجواب :
الحمد لله(11/14)
إذا كنت قد حججت حج الفريضة ، فأنت مخير في حج التطوع بين أن تأتي به هذا العام ، أو تؤخره لعام قادم نظرا لما ذكرت من انشغالك بأهلك أو رغبتك في مرافقتهم لك ونحو ذلك ، ولك ألا تأتي به أصلا ؛ لأنه تطوع غير مفروض .
وإذا كان السؤال عن حج الفرض ، فهذا ينبني على كون الحج واجبا على الفور أو على التراخي ، وفي ذلك خلاف بين الفقهاء ، والراجح أنه واجب على الفور ، فمن ملك الزاد والراحلة وجب عليه أن يحج ، ولم يجز له تأخيره ، وانظر السؤال رقم (41702) .
وبناء على ذلك : فإن كان تركك لأهلك لا يترتب عليه مضرة لها أو لرضيعها ، لزمك الحج هذا العام ، وليس لك تأخيره رغبة في ذهاب أهلك معك .
وأما زوجتك فإن كان لديها من المال ما تحج به ، أو تبرعتَ أنت لها بنفقة الحج ، ولم يكن عليها أو على رضيعها مضرة في ذهابها للحج ، أو كان يمكنها تركه لدى من يرعاه ويقوم عليه ، لزمها الحج ، وإلا جاز لها التأخير .
والمقصود أنه قد يجب الحج على الزوج ، ولا يجب على الزوجة ، بالنظر لتوفر الشروط أو وجود الموانع ، فلا يؤخر الزوج حجه الواجب رغبة في اصطحاب أهله للحج .(11/15)
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ما نصه : " زوجتي لم تؤد فريضة الحج إلى الآن ، ولدينا طفل عمره أربعة أشهر وهو يرضع من أمه ، فهل تحج أم تبقى عند طفلها ، وهل الأفضل إذا حجت أن تأخذ حبوباً لإيقاف دم الحيض أم لا تأخذ أفيدونا وفقكم الله ؟ فأجاب : " إذا كان الطفل لا يتأثر ولا يتضرر بسفرها عنه ، بأن يرضع من لبن غير لبن أمه ، وعنده من يحضنه حضانة تامة ، فلا حرج عليها أن تحج خصوصاً إذا كانت فريضة ، أما إذا كان يخشى على الطفل ، فإنه لا يحل لها أن تحج ولو كانت حجة الفريضة ؛ لأن المرضع يباح لها أن تدع صيام الفرض إذا خافت على ولدها ، فكيف لا تدع المبادرة بالحج إذا خافت على الولد ؟ فإذا خافت على الولد فإن الواجب أن تبقى ، وإذا كبر في العام القادم حجت ، ولا حرج عليها إذا بقيت وتركت الحج ؛ لأن الحج في هذه الحالة لا يجب عليها على الفور .
أما استعمال الحبوب في الحج أو في العمرة فلا بأس بها ؛ لأن هذه حاجة ، ولكن يجب أن تستأذن الطبيب وأن تراجعه ؛ لأنه قد تكون الحبوب ضارة فتضرها " انتهى من "اللقاء الشهري" (10/25) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ما هو الحجّ
السؤال :
ما الحج ؟
الجواب:
الحمد لله
الحج هو قصد الكعبة بيت الله الحرام لأداء المناسك وهي أفعال وأقوال جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة حجّه كالطواف سبعا بالبيت الحرام والسعي سبعا بين جبلي الصّفا والمروة والوقوف في عرفة ورمي الجمرات بمنى وغير ذلك ، وفيه منافع عظيمة للعباد من إعلان التوحيد لله والمغفرة العظيمة للحجاج والتعارف بين المسلمين وتعلّم أحكام الدّين وغير ذلك . واهتمامك بالسّؤال عن الحجّ أيّها الفتى مع صغر سنّك وبُعْد مكانك في كندا هو أمر جيد تُشكر عليه ، ونسأل الله لك التمكين من حجّ بيته وقضاء فرضه ، وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
أثر الحج على نفس المسلم وحياته(11/16)
ما أثر أداء الحج على نفس المسلم وحياته ؟.
الحمد لله
لأداء مناسك الحج فضائل متعددة وحِكَم بالغة من وفق لفهمهما والعمل بها وفق لخير عظيم ، وسنحاول هنا ذكر ما تيسر :
1. سفر الإنسان إلى الحج لأداء المناسك : يتذكر سفره إلى الله والدار الآخرة ، وكما أن في السفر فراق الأحبة والأهل والأولاد والوطن ؛ فإن السفر إلى الدار الآخرة كذلك .
2. وكما أن الذاهب في هذا السفر يتزود من الزاد الذي يبلغه إلى الديار المقدسة ، فليتذكر أن سفره إلى ربه ينبغي أن يكون معه من الزاد ما يبلغه مأمنه ، وفي هذا يقول الله تعالى : ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) البقرة/197 .
3. وكما أن السفر قطعة من العذاب فالسفر إلى الدار الآخرة كذلك ، وأعظم منه بمراحل ، فأمام الإنسان النزع والموت والقبر والحشر والحساب والميزان والصراط ثم الجنة أو النار ، والسعيد من نجَّاه الله تعالى .
4. وإذا لبس المحرم ثوبي إحرامه فإنه يذكر كفنه الذي سيكفن فيه ، وهذا يدعوه إلى التخلص من المعاصي والذنوب ، وكما تجرد من ثيابه فعليه أن يتجرد من الذنوب ، وكما لبس ثوبين أبيضين نظيفين ، فكذلك ينبغي أن يكون قلبه وأن تكون جوارحه بيضاء لا يشوبها سواد الإثم والمعصية .
5. وإذا قال في الميقات " لبيك اللهم لبيك " فهو يعني أنه قد استجاب لربه تعالى ، فما باله باقٍ على ذنوب وآثام لم يقل لربه بها " لبيك اللهم لبيك " يعني : استجبت لنهيك لي عنها وهذا أوان تركها ؟
6. وتركه للمحظورات أثناء إحرامه ، واشتغاله بالتلبية والذكر : يبين له حال المسلم الذي ينبغي أن يكون عليه ، وفيه تربية له وتعويد للنفس على ذلك ، فهو يروض نفسه ويربيها على ترك مباحات في الأصل لكن الله حرمها عليه ها هنا ، فكيف يتعدى على محرمات حرمها الله عليه في كل زمان ومكان ؟(11/17)
7. ودخوله لبيت الله الحرام الذي جعله الله أمناً للناس يتذكر به العبد الأمن يوم القيامة ، وأنه لا يحصله الإنسان إلا بكد وتعب ، وأعظم ما يؤمن الإنسان يوم القيامة التوحيد وترك الشرك بالله ، وفي هذا يقول الله تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) الأنعام/81 .
وتقبيله للحجر الأسود وهو أول ما يبدأ به من المناسك يربي الزائر على تعظيم السنة ، وأن لا يتعدى على شرع الله بعقله القاصر ، ويعلم أن ما شرع الله للناس فيه الحكمة والخير ، ويربي نفسه على عبوديته لربه تعالى ، وفي هذا يقول عمر رضي الله عنه بعد أن قبَّل الحجر الأسود : ( إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبِّلُك ما قبلتك ) رواه البخاري ( 1520 ) ومسلم ( 1720 ) .
8. وفي طوافه يتذكر أباه إبراهيم عليه السلام ، وأنه بنى البيت ليكون مثابة للناس وأمناً ، وأنه دعاهم للحج لهذا البيت ، فجاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ودعا الناس لهذا البيت أيضاً ، وكذا كان يحج إليه موسى وعيسى عليهما السلام ، فكان هذا البيت شعاراً لهؤلاء الأنبياء ، وكيف لا وقد أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام ببنائه وتعظيمه .
9. وشربه لماء زمزم يذكره بنعمة الله تعالى على الناس في هذا الماء المبارك والذي يشرب منه ملايين الناس على مدى دهور طويلة ولم ينضب ، ويحثه على الدعاء عند شربه لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ( أن ماء زمزم لما شرب له ) رواه ابن ماجه ( 3062 ) وأحمد ( 14435 ) وهو حديث حسن حسَّنه ابن القيم رحمه الله في " زاد المعاد " ( 4 / 320 ) .(11/18)
10. ويعلمه السعي بين الصفا والمروة عظيم تحمل أمنا هاجر للابتلاء ، وكيف أنها كانت تتردد بين الصفا والمروة بحثاً عن نفسٍ تخلصها مما هي فيه من محنة ، وخاصة في شربة ماء لولدها الصغير – إسماعيل - ، فإذا صبرت هذه المرأة على هذا الابتلاء ولجأت لربها فيه ، فلنا فيها أسوة حسنة ، فالرجل يتذكر جهاد المرأة وصبرها فيخفف عليه ما هو فيه ، والمرأة تتذكر من هي من بنات جنسها فتهون عليها الشدائد .
11. والوقوف بعرفة يذكر الحاج بازدحام الخلائق يوم المحشر ، وأنه إن كان الحاج ينصب ويتعب من ازدحام آلاف فكيف بازدحام الخلائق حفاة عراة غرلا – غير مختونين – ؟
12. ومثل ما قلنا في تقبيل الحجر الأسود نقول في رمي الجمار حيث يعوِّد المسلم نفسه على الطاعة ، والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وفي هذا إظهار للعبودية المحضة .
13. وأما ذبح الهدي فيذكره بالحادثة العظيمة في تنفيذ أبينا إبراهيم لأمر الله تعالى بذبح ولده البكر إسماعيل ، وأنه لا مكان للعاطفة التي تخالف أمر الله ونهيه ، ويعلمه كذلك خلق الاستجابة لما أمر الله بقول الذبيح إسماعيل : ( يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) الصافات/102 .
14. فإذا ما تحلل من إحرامه وحلَّ له ما حرمه الله عليه بسبب الإحرام ، رباه ذلك على الصبر ، وأن مع العسر يسراً ، وأن عاقبة المستجيب لأمر الله الفرح والسرور وهذه فرحة لا يشعر بها إلا من ذاق حلاوة الطاعة ، كالفرحة التي يشعرها الصائم عند فطره ، أو القائم في آخر الليل بعد صلاته .
15. وإذا انتهى من مناسك الحج وجاء به على ما شرع الله وأحب ، وأكمل مناسكه رجا ربه أن يغفر له ذنوبه كلها كما وعد بذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( مَن حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) رواه البخاري (1449) ومسلم (1350) ، ودعاه ذلك ليفتح صفحة جديدة في حياته خالية من الآثام والذنوب .(11/19)
16. وإذا رجع إلى أهله وبنيه وفرح بلقائهم ذكَّره ذلك بالفرح الأكبر بلقائهم في جنة الله تعالى ، وعرَّفه ذلك بأن الخسارة هي خسارة النفس والأهل يوم القيامة ، كما قال تعالى : ( قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين ) الزمر/15 .
هذا ما تيسر ذكره
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
إذا كان لديه مال يكفي للحج أو الهجرة الواجبة فأيهما يقدم؟
إذا توفر لي مال يكفي للحج الواجب أو الهجرة من بلد كافر وتبرج عظيم ... إلى بلاد إسلام فماذا أختار؟ مع العلم أن والدي مقيمان الآن في هذا البلد الكافر .
الحمد لله
أولا :
الحج واجب على الفور في أصح قولي العلماء ، ومعنى ذلك : أنه يجب على المكلف الحج بمجرد التمكن من فعله ، ولا يجوز له تأخيره من غير عذر ، وراجع السؤال رقم (41702)
ثانيا :
الهجرة من بلاد الكفر تكون واجبة أو مستحبة بحسب حال الإنسان ، فإن قدر على إظهار دينه ، وأمن الفتنة على نفسه ، لم تجب عليه الهجرة ، وإن لم يقدر على إظهار دينه ، أو خشي الفتنة على نفسه ، وجبت .
وإذا وجبت الهجرة ، ولم يجد الإنسان مالا ليهاجر ويحج ، فالهجرة مقدمة ، لأن الحج لا يجب إلا عند وجود نفقة زائدة على الحوائج الأساسية ، والهجرة الواجبة تدخل في الحوائج الأساسية ، فتقدم على الحج .
وأيضا : تأخير الهجرة بعد وجوبها ضرر على المسلم في دينه ، وأما الحج فيجوز تأخيره بعذر ، ولا ضرر في ذلك .
وهذا الكلام إنما يتصور في حال وجوب الهجرة في وقت الحج ، وإلا فإن وجبت الهجرة قبل الحج ، تعين فعلها ، ثم إن جاء الحج ، وتوفر المال ، وجب ، وإن لم يكن مال لم يجب .
ونسأل الله تعالى أن يحفظك بحفظه ، وأن يثبتك على طاعته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
تأخير الحج بدون عذر
ما حكم من أخر الحج بدون عذر وهو قادر عليه ومستطيع ؟
الحمد لله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :(11/20)
من قدر على الحج ولم يحج الفريضة وأخره لغير عذر، فقد أتى منكراً عظيماً ومعصية كبيرة ، فالواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك والبدار بالحج ؛ لقول الله سبحانه :( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن غني عن العالمين) آل عمران/97
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس : شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت" متفق على صحته (خ/ 8 ، م/ 16 )
ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله جبرائيل عليه السلام عن الإسلام ، قال :" أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " أخرجه مسلم في صحيحه (8) ، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
والله ولي التوفيق . ا.هـ .
من مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز رحمه الله ( 16 /359 )
حجت قبل استقامتها فهل تعيد الحج ؟
أنا كنت قد أديت فريضة الحج قبل أن ألتزم دينيا بسنوات وقبل أن أرتدي الحجاب . الحمد لله قد أصبحت الآن على قدر من الالتزام وأرتدي الحجاب والنقاب . هل علي تأدية فريضة الحج أم لا ؟.
الحمد لله
الحمد لله
أولا :
نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك ، وأخذ بيدك إلى طاعته ومرضاته ، ونسأله سبحانه لنا ولك الثبات حتى نلقاه .
ثانيا :
حجك الماضي يكفيك عن حجة الإسلام ، ولا يلزمك إعادته ، حتى لو كنت مقصرة في التزامك وتمسكك بالدين وارتداء الحجاب ، إلا إذا كنت في تلك الفترة تتركين الصلاة ، واستمر تركك لها أثناء الحج أيضا ، فحينئذ لا يعتدّ بحجك ، لأن ترك الصلاة كفر ، ولا يصح الحج مع وجود الكفر .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا حج من لا يصلي ولا يصوم فما حكم حجه وهو على تلك الحال ؟(11/21)
فأجاب : " ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة ، موجب للخلود في النار ، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وقول السلف رحمهم الله ، وعلى هذا فهذا الرجل الذي لا يصلي لا يحل له أن يدخل مكة ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) .
وحجه وهو لا يصلي غير مجزئ ولا مقبول ، وذلك لأنه وقع من كافر ، والكافر لا تصح منه العبادات ؛ لقوله تعالى : ( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ) " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/45) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
أتاها الحيض قبل أن تقوم بعمرتها
ذهبت أنا وزوجتي إلى مكة قبل يومين لأداء العمرة ، وفي الطائرة نوينا الإحرام للعمرة ، وعند وصولنا إلى مكة ذهبنا للفندق لوضع الحقائب هناك ، وبعد ذلك اكتَشَفَت زوجتي أنها أتتها الدورة الشهرية عندما وصلنا للفندق . فما الحكم في ذلك ؟ هل عليها فدية ؟ وكم مقدار الفدية ؟
الحمد لله
الحيض لا يمنع المرأة من الإحرام بالحج والعمرة ، ولكن يحرم عليها الطواف بالبيت إلا بعد أن تطهر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها لما حاضت قبل دخول مكة : (افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي) متفق عليه .
وثبت في صحيح البخاري أنها لما طهرت طافت بالبيت ، وسعت بين الصفا والمروة ، وهذا يدل على أنه إذا حاضت المرأة قبل الطواف فإنها لا تطوف ولا تسعى حتى تطهر .
وعلى هذا فالواجب على زوجتك أن تنتظر حتى تطهر ثم تطوف بالبيت ، وتسعى بين الصفا والمروة ، ثم تقصر شعرها ، وبهذا تكون قد أتمت عمرتها ، وليس عليها فدية من أجل حيضها وهي محرمة .(11/22)
وانظر جواب السؤال (40608) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
بلغت وتوفيت قبل موسم الحج
السؤال : بلغت ابنته ثم توفيت قبل أن يأتي موسم الحج ، هل يجب أن يحج عنها ؟.
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
هل خلّفت مالا ؟
- : إذا كان الجواب نعم .
فأجاب :
يُحجّ عنها والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تغيير الرأي لمن كان يريد الحج والعمرة
إذا كان الشخص يفكر في الذهاب في إجازة، وأتته فكرة الذهاب لتأدية العمرة، فإذا قرر عدم الذهاب للعمرة، لكنه ذهب بدلا عن ذلك إلى مكان آخر، فهل من بأس في ذلك ؟
لقد أُخبرت دائما بأن الشخص يذهب للعمرة والحج فقط إذا كان هناك طلب (نداء) وحان الوقت لذهابه. ومجرد مناقشة إمكانية الذهاب ، وبعدها لا يذهب ، فإن ذلك لا يعني أن الوقت (وقت قيام الشخص بالعمرة أو الحج) قد حان، أليس كذلك؟.
الحمد لله
أما حجّ الفريضة فينبغي المبادرة فيه لقوله عليه الصلاة والسلام : " تعجلوا الحج ، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له " ، ولقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : من مات ولم يحج وله جدة فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا . وأما حجّ النافلة أو العمرة فللإنسان أن يغير رأيه ، ولا يأثم مادام لم يدخل في النسك لقوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) ، وله أن يختار الوقت الذي يناسبه ولو عزم على السفر ثم تراجع فلا حرج عليه .
الشيخ ابراهيم الخضيري.
حكم أداء العمرة عن الغير بين العمرة والحج للمتمتع
حججت حج تمتع هذه السنة ، فهل يجوز للشخص أن يؤدي العمرة بالنيابة عن شخص آخر خلال الفترة بين الحج والعمرة ( أذهب للتنعيم وأعتمر من هناك ) ؟
قيل لي بأنه لا يجوز ولكنني أعرف ناس حجوا حج تمتع وبين عمرتهم وحجهم قاموا بعدة عمرات بالنيابة عن أشخاص آخرين وكذلك عمرة نفل لأنفسهم ، فهل يجوز هذا أم لا ؟.
الحمد لله(11/23)
هذا جائز ، لكنه ليس من السنة ، السنة للإنسان أن لا يكرر العمرة في السفرة الواحدة ، إنما يكتفي بنسكٍ واحد فقط ؛ لأن هذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، أما الشخص يريد أن يعتمر عنه ، فإن الأفضل أن يدعو له ، هذا هو الأفضل في ذلك .
الشيخ / خالد المشيقح
لا يحجّ المسلم عن غيره إلا بعد أن يحجّ عن نفسه
السؤال :
توفيت والدتي في أول شهر رمضان ولم تكن قد أدت فريضة الحج من قبل . ولذلك فإنني أنوي الحج عنها، علما بأنني لم أؤدِ فريضة الحج عن نفسي .
الجواب:
الحمد لله
أسأل الله تعالى أن يُثيبك على مشاعرك الطيبة تجاه والدتك وعلى حرصك على نفعها وبرّها بعد موتها ، أما بالنسبة لسؤالك فإنّ المسلم إذا أراد أن يحجّ عن غيره فلا بدّ أن يكون قد حجّ عن نفسه أولا ، والدليل على ذلك حديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلا يَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ قَالَ مَنْ شُبْرُمَةُ قَالَ أَخٌ لِي أَوْ قَرِيبٌ لِي قَالَ حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ قَالَ لا قَالَ حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ رواه أبو داود في سننه : كتاب المناسك باب الرجل يحجّ عن غيره وهو حديث صحيح ، نسأل الله أن يغفر لوالدتك وأن يُدخلها في رحمته والله وليّ المتقين .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
هل يجوز تبديل ملابس الإحرام ؟
احتلمت وأنا نائم في " منى " عندما كنت في الحج ، عندما استيقظت اغتسلت وغيرت ملابس الإحرام فهل فعلت الشيء الصحيح ؟ وهل حجي صحيح ؟.
الحمد لله
نعم ، يجوز للمحرم أن يغير ملابس إحرامه ، وقد سبق ذكر فتوى علماء اللجنة الدائمة في جواب السؤال رقم ( 26722 ) ، ونزيد هنا فتوى للشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :(11/24)
يجوز للمحرم بحج أو عمرة رجلاً كان أو أنثى تبديل ثياب الإحرام التي أحرم بها ولبس ثياب غيرها إذا كانت الثياب الثانية مما يجوز للمحرم لباسه .
" المنهج لمريد العمرة والحج " ( الفائدة الخامسة ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حج المرأة عن الرجل
هل يجوز للمرأة أن تحج عن أبيها ؟.
الحمد لله
نعم ، يجوز أن تحج المرأة عن الرجل .
روى البخاري (1513) ومسلم (1334) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ .
قال ابن حزم في "المحلى" (5/317) :
" وَجَائِزٌ أَنْ تَحُجَّ الْمَرْأَةُ عَنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ , وَالرَّجُلُ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ , لأَمْرِ النَّبِيِّ عليه السلام الْخَثْعَمِيَّةَ أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا , وَأَمْرِهِ عليه السلام الرَّجُلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أُمِّهِ ; وَالرَّجُلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أَبِيهِ , وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَقَالَ تَعَالَى : ( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) وَهَذَا خَيْرٌ , فَجَائِزٌ أَنْ يَفْعَلَهُ كُلُّ أَحَدٍ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (5/27) :(11/25)
" يَجُوزُ أَنْ يَنُوبَ الرَّجُلُ عَنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ , وَالْمَرْأَةُ عَنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ , فِي الْحَجِّ , فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ . لا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا , إلا الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ , فَإِنَّهُ كَرِهَ حَجَّ الْمَرْأَةِ عَنْ الرَّجُلِ . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : هَذِهِ غَفْلَةٌ عَنْ ظَاهِرِ السُّنَّةِ , فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للمرأة أن تحج عن والدها ولو كان لها إخوة ذكور بالغون ؟
فأجاب :
" يجوز للمرأة أن تحج عن والدها ، ولو كان لها إخوة ذكور بالغون ، والنيابة يقوم بها الرجال والنساء ، ولهذا سألت امرأة من خثعم النبي صلى الله عليه وسلم . . وذكر الحديث المتقدم ثم قال : فأذن لها أن تحج ، وهي امرأة عن رجل . ولكن لابد من المحرم في كل سفر ، سواء سفر الحج أو غيره ، وسواء سافرت المرأة لحجها عن نفسها ، أو لحجها عن غيرها " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/247) .
الإسلام سؤال وجواب
مات ولم يحج تفريطا فهل يحج عنه؟
من مات ولم يحج وهو في الأربعين ، وكان مقتدراً على الحج مع أنه محافظ على الصلوات الخمس ، وكان في كل سنة يقول : سوف أحج هذه السنة ، ومات وله ورثة هل يحج عنه ؟ وهل عليه شيء ؟.
الحمد لله(11/26)
" اختلف العلماء في هذا ، فمنهم من قال : إنه يحج عنه وأن ذلك ينفعه ، ويكون كمن حج لنفسه ، ومنهم من قال : لا يحج عنه ، وأنه لو حج عنه ألف مرة لم تقبل . يعني لم تبرأ بها ذمته ، وهذا القول هو الحق ، لأن هذا الرجل ترك عبادة واجبة عليه مفروضة على الفور بدون عذر ، فكيف يذهب عنها ، ثم نلزمه إياها بعد الموت ، ثم التركة الآن تعلق بها حق الورثة ، كيف نحرمهم من ثمن هذه الحجة وهي لا تجزئ عن صاحبها ، وهذا هو ما ذكره ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" ، وبه أقول : إن من ترك الحج تهاوناً مع قدرته عليه لا يجزئ عنه الحج أبداً ، لو حج عنه الناس ألف مرة ، أما الزكاة فمن العلماء من قال : إذا مات وأديت الزكاة عنه برأت الذمة ، ولكن القاعدة التي ذكرتها تقتضي ألا تبرأ ذمته من الزكاة ، لكني أرى أن تخرج الزكاة من التركة ، لأنه تعلق بها حق الفقراء والمستحقين للزكاة ، بخلاف الحج ، فلا يؤخذ من التركة ، لأنه لا يتعلق به حق إنسان ، والزكاة يتعلق بها حق الإنسان ، فتخرج الزكاة لمستحقيها ، ولكنها لا تجزئ عن صاحبها ، سوف يعذب بها عذاب من لم يزك ، نسأل الله العافية ، كذلك الصوم إذا علم أن هذا الرجل ترك الصيام وتهاون في قضائه ، فإنه لا يقضى عنه ، لأنه تهاون وترك هذه العبادة ، التي هي ركن من أركان الإسلام بدون عذر ، فلو قضي عنه لم ينفعه ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ ) . فهذا فيمن لم يفرط ، وأما من ترك القضاء جهراً وجهاراً بدون عذر شرعي فما الفائدة أن نقضي عنه " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/226) .
وجوب الحج على الفور
هل يجوز للشخص القادر على الحج أن يؤخر الحج عدة سنوات ؟.
الحمد لله
من استطاع الحج وتوفرت فيه شروط وجوبه ، وجب عليه الحج على الفور ، ولا يجوز له تأخيره .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" :(11/27)
" من وجب عليه الحج , وأمكنه فعله , وجب عليه على الفور , ولم يجز له تأخيره . وبهذا قال أبو حنيفة ومالك ، لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/97 . والأمر على الفور ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ ) . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه . وفي رواية أحمد وابن ماجه : ( فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ ، وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ ، وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ ) حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه " انتهى بتصرف .
ومعنى أن الأمر على الفور : أنه يجب على المكلف فعل المأمور به بمجرد التمكن من فعله ، ولا يجوز له تأخيره من غير عذر .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : هل وجوب الحج على الفور أم علي التراخي ؟
فأجاب :
" الصحيح أنه واجب على الفور ، وأنه لا يجوز للإنسان الذي استطاع أن يحج بيت الله الحرام أن يؤخره ، وهكذا جميع الواجبات الشرعية ، إذا لم تُقيد بزمن أو سبب ، فإنها واجبة على الفور " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/13) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يلزم الزوج أن يحج بزوجته؟
زوجتي لم تحج الفريضة ، فهل يجب علي أن أذهب بها للحج ؟ وهل تلزمني نفقتها في الحج ؟.
الحمد لله
" إن كانت الزوجة قد اشترطت عليه في العقد أن يحج بها وجب عليه أن يفي بهذا الشرط ، وأن يحج بها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) ، وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة/1 . وقال : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ) الإسراء/34 .(11/28)
أما إذا لم تشترط عليه ذلك ، فإنه لا يلزمه أن يحج بها ، ولكني أشير عليه أن يحج بها لأمور :
أولاً : طلباً للأجر ، لأنه يكتب له من الأجر مثل ما كتب لها ، وهي قد أدت فريضة .
ثانياً : أن ذلك سبب للألفة بينهما ، وكل شيء يوجب الألفة بين الزوجين فإنه مأمور به .
ثالثا : أن يمدح ويثني عليه بهذا العمل ، ويُقتدى به .
فليستعن بالله ويحج بزوجته . سواء شرطت عليه أم لم تشترط . وأما إذا اشترطت فيجب عليه أن يوفي به " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . "فتاوى ابن عثيمين" (21/114) .
آداب السفر إلى الحج أو غيره
هل هناك آداب معينة ينبغي مراعاتها على المسافر لاسيما من سافر إلى الحج ؟.
الحمد لله
آداب المسافر كثيرة جداً ، وقد اعتنى العلماء بجمعها ، وممن جمعها جمعاً حسناً النووي رحمه الله في كتابه " المجموع" (4/264- 287) فقد ذكر اثنين وستين أدباً ، ونذكر بعض هذه الآداب مختصرة ، ومن أراد التوسع فعليه بمراجعة كلام النووي رحمه الله .
قال رحمه الله :
" بَابُ آدَابِ السَّفَرِ .
هَذَا بَابٌ مُهِمٌّ ، تَتَكَرَّرُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ ، وَيَتَأَكَّدُ الِاهْتِمَامُ بِهِ .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا الإِشَارَةُ إلَى آدَابِهِ مُخْتَصَرَةً :
1- إذَا أَرَادَ سَفَرًا اُسْتُحِبَّ أَنْ يُشَاوِرَ مِنْ يَثِقُ بِدِينِهِ وَخِبْرَتِهِ وَعِلْمِهِ فِي سَفَرِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَشَارِ النَّصِيحَةُ وَالتَّخَلِّي مِنْ الْهَوَى وَحُظُوظِ النُّفُوسِ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر ) وَتَظَاهَرَتْ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يُشَاوِرُونَهُ فِي أُمُورِهِمْ .
2- إذَا عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْتَخِيرَ اللَّهَ تَعَالَى فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَدْعُو بِدُعَاءِ الاسْتِخَارَةِ .(11/29)
3- إذَا اسْتَقَرَّ عَزْمُهُ لِسَفَرِ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ بِالتَّوْبَةِ مِنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَالْمَكْرُوهَاتِ وَيَخْرُجَ عَنْ مَظَالِمِ الْخَلْقِ وَيَقْضِيَ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ دُيُونِهِمْ , وَيَرُدَّ الْوَدَائِعَ وَيَسْتَحِلَّ كُلَّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ فِي شَيْءٍ أَوْ مُصَاحَبَةٌ وَيَكْتُبَ وَصِيَّتَهُ وَيُشْهدَ عَلَيْهِ بِهَا وَيُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِي مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قَضَائِهِ مِنْ دُيُونِهِ وَيَتْرُكَ لأَهْلِهِ وَمَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ نَفَقَتَهُمْ إلَى حِينِ رُجُوعِهِ .
4- إرْضَاء وَالِدَيْهِ وَمَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ بِرُّهُ وَطَاعَتُهُ .
5- إذَا سَافَرَ لِحَجٍّ أَوْ غَزْوٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرِصَ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ حَلالا خَالِصَةً مِنْ الشُّبْهَةِ , فَإِنْ خَالَفَ وَحَجَّ أَوْ غَزَا بِمَالٍ مَغْصُوبٍ عَصَى وَصَحَّ حَجُّهُ وَغَزْوُهُ فِي الظَّاهِرِ , لَكِنَّهُ لَيْسَ حَجًّا مَبْرُورًا .
6- يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ فِي حَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَحْمِلُ فِيهِ الزَّادَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ الزَّادِ وَالنَّفَقَةِ لِيُوَاسِيَ مِنْهُ الْمُحْتَاجِينَ , وَلْيَكُنْ زَادُهُ طَيِّبًا لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ )
وَالْمُرَادُ بِالطَّيِّبِ هُنَا : الْجَيِّدُ , وَالْخَبِيثُ : الرَّدِيءُ , وَيَكُونُ طَيِّبَ النَّفْسِ بِمَا يُنْفِقُهُ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إلَى قَبُولِهِ .(11/30)
7- إذَا أَرَادَ سَفَرَ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ لَزِمَهُ تَعَلُّمُ كَيْفِيَّتِهِمَا ; إذْ لا تَصِحُّ الْعِبَادَةُ مِمَّنْ لا يَعْرِفُهَا , وَيُسْتَحَبُّ لِمُرِيدِ الْحَجِّ أَنْ يَسْتَصْحِبَ مَعَهُ كِتَابًا وَاضِحًا فِي الْمَنَاسِكِ جَامِعًا لِمَقَاصِدِهَا وَيُدِيمَ مُطَالَعَتَهُ , وَيُكَرِّرَهَا فِي جَمِيعِ طَرِيقِهِ لِتَصِيرَ مُحَقَّقَةً عِنْدَهُ , وَمَنْ أَخَلَّ بِهَذَا مِنْ الْعَوَامّ يُخَافُ أَنْ لا يَصِحَّ حَجُّهُ لإِخْلَالِهِ بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ أَرْكَانِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ , وَرُبَّمَا قَلَّدَ بَعْضُهُمْ بَعْضَ عَوَامِّ مَكَّةَ وَتَوَهَّمَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ الْمَنَاسِكَ مُحَقَّقَةً فَاغْتَرَّ بِهِمْ , وَذَلِكَ خَطَأٌ فَاحِشٌ , وَكَذَا الْغَازِي وَغَيْرُهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَصْحِبَ مَعَهُ كِتَابًا مُعْتَمَدًا مُشْتَمِلا عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ , وَيَعْلَمُ الْغَازِي مَا يَحْتَاجُ مِنْ أُمُورِ الْقِتَالِ وَأَذْكَارِهِ , وَتَحْرِيمِ الْغَدْرِ وَقَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ , وَيَتَعَلَّمُ الْمُسَافِرُ لِتِجَارَةٍ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْبُيُوعِ وَمَا يَصِحُّ وَمَا يَبْطُلُ وَمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ . . . وهكذا .
8- يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ رَفِيقًا رَاغِبًا فِي الْخَيْرِ كَارِهًا لِلشَّرِّ ، إنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ , وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ , وَإِنْ تَيَسَّرَ لَهُ مَعَ هَذَا كَوْنُهُ عَالِمًا فَلْيَتَمَسَّكْ بِهِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُهُ بِعِلْمِهِ وَعَمَلِهِ مِنْ سُوءِ مَا يَطْرَأُ عَلَى الْمُسَافِرِ مِنْ مَسَاوِئِ الأَخْلاقِ وَالضَّجَرِ وَيُعِينُهُ عَلَى مَكَارِمِ الأَخْلاقِ وَيَحُثُّهُ عَلَيْهَا .(11/31)
ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَحْرِصَ عَلَى إرْضَاءِ رَفِيقِهِ فِي جَمِيعِ طَرِيقِهِ , وَيَحْتَمِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَيَرَى لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ فَضْلا وَحُرْمَةً , وَيَصْبِرَ عَلَى مَا يَقَعُ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ .
9- يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَدِّعَ أَهْلَهُ وَجِيرَانَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ وَسَائِرَ أَحْبَابِهِ وَأَنْ يُوَدِّعُوهُ وَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ : أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ , ويقول المقيم للمسافر : زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى وَغَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ وَيَسَّرَ الْخَيْرَ لَكَ حَيْثُمَا كُنْتَ .
10- السُّنَّةُ أَنْ يَدْعُوَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ : ( بِاسْمِ اللَّهِ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بِاَللَّهِ ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلِيَّ ) .
11- السُّنَّةُ : إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ وَأَرَادَ رُكُوبَ دَابَّتِهِ أَنْ يَقُولَ : بِسْمِ اللَّهِ , فَإِذَا اسْتَوَى عَلَيْهَا قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ , ثُمَّ يقول : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، سُبْحَانَكَ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ .(11/32)
ويقول : اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنْ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا , وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ , اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ , وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ , اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ , وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ , وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالأَهْلِ وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ , وَزَادَ فِيهِنَّ : آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ .
مَعْنَى مُقْرِنِينَ : مُطِيقِينَ , وَالْوَعْثَاءُ - هِيَ الشِّدَّةُ ، وَالْكَآبَةُ : هِيَ تَغَيُّرُ النَّفْسِ مِنْ خَوْفٍ وَنَحْوِهِ ، وَالْمُنْقَلَبُ : الْمَرْجِعُ .
12- يُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَافِقَ فِي سَفَرِهِ جَمَاعَةً لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( لَوْ أَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مِنْ الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَكْبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
13- يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَمِّرَ الرِّفْقَةُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَفْضَلَهُمْ وَأَجْوَدَهُمْ رَأْيًا , وَيُطِيعُوهُ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إذَا خَرَجَ ثَلاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ ) حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ .(11/33)
14- يُسْتَحَبُّ السُّرَى (السير ليلاً) فِي آخِرِ اللَّيْلِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ , وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ : هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ , وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ : ( ِإنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ لِلْمُسَافِرِ ) .
وَالدُّلْجَة سَيْر آخِر اللَّيْل , وَقِيلَ سَيْر اللَّيْل كُلّه .
15- يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الرِّفْقَ وَحُسْنَ الْخُلُقِ , وَيَتَجَنَّبَ الْمُخَاصَمَةَ وَمُزَاحَمَةَ النَّاسِ فِي الطُّرُقِ , وَأَنْ يَصُونَ لِسَانَهُ مِنْ الشَّتْمِ وَالْغِيبَةِ وَلَعْنَةِ الدَّوَابِّ وَجَمِيعِ الْأَلْفَاظِ الْقَبِيحَةِ .
16- يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُكَبِّرَ إذَا صَعِدَ مكانا عالياً من الأرض ، وَيُسَبِّحَ إذَا هَبَطَ الأَوْدِيَةَ وَنَحْوَهَا .
17- يُسْتَحَبُّ إذَا أَشْرَفَ عَلَى قَرْيَةٍ يُرِيدُ دُخُولَهَا أَنْ يَقُولَ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ أَهْلِهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا , وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا .
18- يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ فِي سَفَرِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الأَوْقَاتِ ; لأَنَّ دَعْوَتَهُ مُجَابَةٌ .
19- يَنْبَغِي لَهُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَعَلَى الصَّلاةِ فِي أَوْقَاتِهَا , وَقَدْ يَسَّرَ اللَّهُ - تَعَالَى بِمَا جَوَّزَهُ مِنْ التَّيَمُّمِ وَالْجَمْعِ وَالْقَصْرِ .(11/34)
20- السُّنَّةُ أَنْ يَقُولَ : إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا مَا رَوَتْهُ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ قَالَتْ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( مَنْ نَزَلَ مَنْزِلا ثُمَّ قَالَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يُضَرَّ بِشَيْءٍ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
21- يُسْتَحَبُّ لِلرِّفْقَةِ فِي السَّفَرِ أَنْ يَنْزِلُوا مُجْتَمِعِينَ وَيُكْرَهُ تَفَرُّقُهُمْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لِحَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ النَّاسُ إذَا نَزَلُوا مَنْزِلا تَفَرَّقُوا فِي الشِّعَابِ وَالأَوْدِيَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ تَفَرُّقَكُمْ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ وَالأَوْدِيَةِ إنَّمَا ذَلِكُمْ مِنْ الشَّيْطَانِ ، فَلَمْ يَنْزِلُوا بَعْدَ ذَلِكَ مَنْزِلا إلا انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ .
22- السُّنَّةُ لِلْمُسَافِرِ إذَا قَضَى حَاجَتَهُ أَنْ يُعَجِّلَ الرُّجُوعَ إلَى أَهْلِهِ ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ سَفَرِهِ فَلِيُعَجِّلْ إلَى أَهْلِهِ ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ . نَهْمَتُهُ : مَقْصُودُهُ .(11/35)
23- السُّنَّةُ أَنْ يَقُولَ فِي رُجُوعِهِ مِنْ السَّفَرِ مَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنْ الأَرْضِ (مكان مرتفع) ثَلاثَ تَكْبِيرَاتٍ , ثُمَّ يَقُولُ : لا إلَهَ إلا اللَّهُ ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ , وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ , وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ . وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ : أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ قَالَ : ( آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ , فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
24- السُّنَّةُ إذَا وَصَلَ مَنْزِلَهُ أَنْ يَبْدَأَ قَبْلَ دُخُولِهِ بِالْمَسْجِدِ الْقَرِيبِ إلَى مَنْزِلِهِ فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ بِنِيَّةِ صَلاةِ الْقُدُومِ , لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .
25- يُسْتَحَبُّ النَّقِيعَةُ , وَهِيَ طَعَامٌ يُعْمَلُ لِقُدُومِ الْمُسَافِرِ , وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يَعْمَلُهُ الْمُسَافِرُ الْقَادِمُ , وَعَلَى مَا يَعْمَلُهُ غَيْرُهُ لَهُ , وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ لَهَا حَدِيثُ جَابِرٍ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ سَفَرِهِ نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .(11/36)
26 - يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ من غير محرم مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ ، سَوَاءٌ بَعُدَ أَمْ قَرُبَ , لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ " .
انتهى كلام النووي رحمه الله ملخصاً مع تصرف يسير .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
" آداب سفر الحج تنقسم إلى قسمين : آداب واجبة ، وآداب مستحبة . فأما الآداب الواجبة : فهي أن يقوم الإنسان بواجبات الحج وأركانه ، وأن يتجنب محظورات الإحرام الخاصة ، والمحظورات العامة ، الممنوعة في الإحرام وفي غير الإحرام . لقوله تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) البقرة/197 .
وأما الآداب المستحبة في سفر الحج : أن يقوم الإنسان بكل ما ينبغي له أن يقوم به ؛ من الكرم بالنفس والمال والجاه ، وخدمة إخوانه وتحمل أذاهم ، والكف عن مساوئهم ، والإحسان إليهم ، سواء كان ذلك بعد تلبسه الإحرام ، أو قبل تلبسه بالإحرام ، لأن هذه الآداب عالية فاضلة ، تطلب من كل مؤمن في كل زمان ومكان ، وكذلك الآداب المستحبة في نفس فعل العبادة ، كأن يأتي الإنسان بالحج على الوجه الأكمل ، فيحرص على تكميله بالآداب القولية والفعلية " انتهى
"فتاوى ابن عثيمين" (21/16) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يكثر من الحج أم يكتفي بمرة ؟
هل الأفضل أن نحج أكثر من مرة واحدة أم الحج مرة واحدة أفضل ؟.
الحمد لله(11/37)
أما الوجوب فلا يجب الحج إلا مرة واحدة في العمر ، عن أبي هريرة قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ، فقال رجل : أكلَّ عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ، ثم قال : ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه". رواه مسلم ( 1337 ) .
وعن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً ؟ قَالَ : بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ ) رواه أَبُو دَاوُد (1721) وصححه الألباني
وأما الأفضلية فكلما أكثر المسلم من الحج فهو أفضل ، حتى لو استطاع أن يحج كل سنة ، وقد ورد الترغيب في كثرة أداء الحج ، ومن ذلك :
أ. عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أفضل ؟ فقال : إيمان بالله ورسوله ، قيل : ثم ماذا ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ، قيل : ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور. رواه البخاري ( 26 ) ومسلم ( 83 ) .
ب. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " . رواه البخاري ( 1449 ) ومسلم ( 1350 ) .
ج. عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة " . رواه الترمذي ( 810 ) والنسائي ( 2631 ) . وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1200 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم العمرة(11/38)
هل العمرة واجبة أو سنة ؟.
الحمد لله
أجمع العلماء على مشروعية العمرة وفضلها .
واختلفوا في وجوبها ، فذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك –واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية- إلى أنها سنة مستحبة وليست واجبة .
واستدلوا بما رواه الترمذي (931) عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ ؟ قَالَ : لا ، وَأَنْ تَعْتَمِرُوا هُوَ أَفْضَلُ .
غير أن هذا الحديث ضعيف ، ضعفه الشافعي وابن عبد البر وابن حجر والنووي ، والألباني في ضعيف الترمذي ، وغيرهم .
قال الشافعي رحمه الله : هُوَ ضَعِيفٌ , لا تَقُومُ بِمِثْلِهِ الْحُجَّةُ , وَلَيْسَ فِي الْعُمْرَةِ شَيْءٌ ثَابِتٌ بِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ اهـ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : رُوِيَ ذَلِكَ بِأَسَانِيدَ لا تَصِحُّ , وَلا تَقُومُ بِمِثْلِهَا الْحُجَّةُ اهـ .
وقال النووي في "المجموع" (7/6) : اتفق الحفاظ على أنه ضعيف اهـ .
ومما يدل على ضعفه أن جابراً رضي الله عنه ثبت عنه القول بوجوب العمرة كما سيأتي .
وذهب الإمامان الشافعي وأحمد إلى وجوبها . واختار هذا القول الإمام البخاري ، رحم الله الجميع .
واستدل القائلون بالوجوب بعدة أدلة :
1- ما رواه ابن ماجه (2901) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ ؟ قَالَ: نَعَمْ ، عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ . قال النووي في "المجموع" (7/4) : إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم اهـ . وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
ووجه الاستدلال من الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم (عَلَيْهِنَّ) وكلمة (على) تفيد الوجوب .(11/39)
2- حديث جبريل المشهور لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وعلاماتها ، فقد رواه ابن خزيمة والدارقطني عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه زيادة ذكر العمرة مع الحج ، ولفظه : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتحج البيت وتعتمر ، وتغتسل من الجنابة ، وتتم الوضوء ، وتصوم رمضان ) قال الدارقطني : هذا إسناد ثابت صحيح .
3- ما رواه أبو داود (1799) والنسائي (2719) عَنْ الصُّبَيّ بْن مَعْبَدٍ قال كُنْتُ أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا . . . فَأَتَيْتُ عُمَرَ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي أَسْلَمْتُ ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيّ فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا ، فَقَالَ عُمَرُ : هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
4- قول جماعة من الصحابة منهم ابن عباس وابن عمر وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم .
قال جابر: لَيْسَ مُسْلِم إِلا عَلَيْهِ عُمْرَة . قال الحافظ : رَوَاه اِبْن الْجَهْم الْمَالِكِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَن اهـ.
وقال البخاري رحمه الله : بَاب وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَفَضْلِهَا ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : لَيْسَ أَحَدٌ إِلا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) اهـ وقوله : (لَقَرِينَتُهَا) أي : قرينة فريضة الحج .
وقال الشيخ ابن باز : الصواب أن العمرة واجبة مرة في العمر كالحج اهـ مجموع فتاوى ابن باز (16/355) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (7/9) : اختلف العلماء في العمرة ، هل هي واجبة أو سنة ؟ والذي يظهر أنها واجبة اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/317) :(11/40)
الصحيح من قولي العلماء أن العمرة واجبة ، لقوله تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) البقرة/166 ، ولأحاديث وردت في ذلك اهـ .
والله تعالى أعلم .
انظر : "المغني" (5/13) ، "المجموع" (7/4) ، "فتاوى ابن تيمية" ( 26/5) ، "الشرح الممتع" للشيخ ابن عثيمين (7/9) .
الإسلام سؤال وجواب
أتاها الحيض قبل الميقات فذهبت إلى جدة ، ثم أرادت العمرة فمن أين تحرم ؟
أما بعد امرأة قدمت من اليمن بنية العمرة وقبل أن تصل إلى الميقات ظهر عليها دم الحيض فذهبت إلى جدة ومكثت فيها أسبوعا وهي الآن تريد أن تعتمر . فهل تحرم من جدة أم تذهب إلى ميقات يلملم لتحرم منه .
الحمد لله
ينبغي أن يُعلم أن الإحرام لا تشترط له الطهارة ، فللحائض أن تحرم بالعمرة أو الحج ، وتفعل ما يفعل الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت ، لما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : " نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر يأمرها أن تغتسل وتهل " رواه مسلم 1209 ، والحائض والنفساء حكمهما واحد ، ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة لما قدمت وهي حائض أن تصنع مثل ما يصنع الحاج غير ألا تطوف بالبيت . رواه البخاري 1516
وهذه المرأة إن كانت قد عدلت عن العمرة حين أصابها الحيض ، وتجاوزت الميقات لا تنوي النسك ، فلما أتت جدة بدا لها أن تعتمر ، فلا حرج عليها في ذلك ، وتحرم من محلها في جدة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ " رواه البخاري 1524 ومسلم 1181 ، أي من كان دون المواقيت ، فيحرم من مكانه .
أما إن كانت تنوي العمرة لحظة مرورها أو محاذاتها للميقات ، ولم تحرم منه فيجب عليها أن ترجع لتحرم من الميقات فإذا لم تفعل وأحرمت من جدة فيجب عليها دم ، فتذبح شاة في مكة وتوزعها على فقراء ومساكين الحرم .(11/41)
قال ابن قدامة رحمه الله : ( وجملة ذلك أن من جاوز الميقات مريدا للنسك غير محرم , فعليه أن يرجع إليه ليحرم منه , إن أمكنه , سواء تجاوزه عالما به أو جاهلا , علم تحريم ذلك أو جهله . فإن رجع إليه , فأحرم منه , فلا شيء عليه ، لا نعلم في ذلك خلافا . وبه يقول جابر بن زيد , والحسن , وسعيد بن جبير , والثوري , والشافعي , وغيرهم ; لأنه أحرم من الميقات الذي أمر بالإحرام منه , فلم يلزمه شيء , كما لو لم يتجاوزه وإن أحرم من دون الميقات فعليه دم ) . انتهى من المغني 3/115
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
استحباب العمرة في جميع رمضان
هل العمرة مستحبة في العشر الأواخر من رمضان ؟ .
الحمد لله
رَغَّبَ النبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أداء العمرة في شهر رمضان ، روى البخاري (1782) ومسلم (1256) عن ابْنِ عَبَّاسٍ قال : قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عُمرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةٌ ) .
وهذا يشمل جميع رمضان ، وليس مختصًّا بالعشر الأواخر .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
تفسير قوله تعالى : ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )
ما معنى قوله تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) البقرة /197 ؟.
الحمد لله
هذه الآية الكريمة يذكر الله تعالى فيها بعض الأحكام والآداب المتعلقة بالحج .
يقول الله تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ )
أي : وقت الحج أشهر معلومات وهي شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة . وذهب بعض العلماء إلى أن شهر ذي الحجة كله من أشهر الحج .
وقوله تعالى : ( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ )
أي : أحرم به ، لأنه إذا أحرم بالحج وجب عليه إتمامه ، لقوله تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) البقرة /196 .(11/42)
وقوله تعالى : ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )
أي : إذا أحرم بالحج وجب عليه تعظيمه فيصونه عن كل ما يفسده أو ينقصه من الرفث والفسوق والجدال .
والرفث هو الجماع ، ومقدماته القولية والفعلية كالتقبيل والكلام المتعلق بالجماع والشهوة ونحو ذلك .
ويطلق الرفث أيضاً على الكلام الفاحش البذيء .
والفسوق هو المعاصي كلها كعقوق الوالدين وقطيعة الرحم وأكل الربا وأكل مال اليتيم والغيبة والنميمة .. الخ . ومن الفسوق : محظورات الإحرام .
والجدال معناه المخاصمة والمنازعة والمماراة بغير حق ، فلا يجوز للمحرم بالحج أو العمرة أن يجادل بغير حق .
أما المجادلة بالتي هي أحسن لبيان الحق فهذا مما أمر الله به في قوله : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن ) النحل /125 .
فهذه الأشياء ( الفحش في القول والمعاصي والجدال بالباطل ) وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان فإنه يتأكد المنع منها في الحج ، لأن المقصود من الحج الذل والانكسار لله والتقرب إليه بما أمكن من الطاعات ، والتنزه عن مقارفة السيئات ، فإنه بذلك يكون مبروراً ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .
نسأل الله تعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته .
والله أعلم .
انظر : فتح الباري (3/382) ، تفسير السعدي (ص 125) ، فتاوى ابن باز (17/144) .
الإسلام سؤال وجواب
تكرار الحج
هل يستحسن الحج كل سنة لمن يرغب ذلك ولا يشق عليه ، أو الأفضل كل ثلاث سنوات مرة أو كل سنتين مرة ؟.
الحمد لله(11/43)
فرض الله الحج على كل مكلف مستطيع مرة في العمر ، وما زاد على ذلك فهو تطوع وقربة يتقرب بها إلى الله ، ولم يثبت في التطوع بالحج تحديد بعدد ، وإنما يرجع تكراره إلى وضع المكلف المالي والصحي وحال من حوله من الأقارب والفقراء ، وإلى اختلاف مصالح الأمة العامة ودعمه لها بنفسه وماله ، وإلى منزلته في الأمة ونفعه لها حضراً أو سفراً في الحج وغيره ، فلينظر كلٌّ إلى ظروفه وما هو أنفع له وللأمة فيقدمه على غيره .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/14)
وجوب الحج ولو برفقة المبتدعة
نحن من أهل السنة ، ونعيش في دولة شيعية ، ونريد أداء فريضة الحج ، ولا نستطيع أن نسافر مع أهل البلد لكونهم من الشيعة تحسباً لما ينجم من مشاكل في الطريق .
الحمد لله
الواجب عليكم أن تحجوا ولو مع الشيعة إذا كنتم مستطيعين للحج ، وعليكم مع ذلك الحذر من شبهات الشيعة ومذهبهم الباطل ، وإن تمكنتم أن تنصحوهم وتدعوهم إلى اعتناق مذهب أهل السنة وجب عليكم ذلك ؛ لقول الله سبحانه : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) النحل / 125 ، وغيرها من الآيات الدالة على وجوب الدعوة إلى الله سبحانه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أصلح الله حال الجميع .
انظر اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/18) .
الإسلام سؤال وجواب
المبادرة في أداء الفريضة
هل يجوز لي تأجيل تأدية فريضة الحج لعام آخر أو عامين، وأنا الذي قد توفر لي شرط الاستطاعة ، من أجل زيارة الأهل والزوجة التي سأتغيب عنها مدة سنتين إذا ما أديت فريضة الحج هذا العام ، ولن يتيسر لي أداء الحج وزيارة الأهل معاً ، فإما أن أحج وإما أن أزور الأهل فأؤجل الحج . أفتونا مشكورين .
الحمد لله(11/44)
يجب على المسلم المبادرة إلى تأدية فريضة الحج متى كان مستطيعاً ؛ لأنه لا يدري ماذا يحدث له لو أخَّرَه ، وقد قال الله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) آل عمران / 97 وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ) خرجه الإمام أحمد رحمه الله (1/314) وحسَّنه الألباني في إرواء الغليل (990) .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/17 )
آثار الحج ومقاصده بين الواقع والمطلوب
رأيت في التلفاز مشاهد الحجاج وهي تتوافد على بيت الله الحرام ، فتحركت الأشجان ، ودمعت العينان على هذا المشهد العظيم .. فيا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً ..
سؤالي يا شيخ : هل لهذا التجمع العظيم ، من آثار على المسلم وعلى أهل الإسلام ؟ وما هو المطلوب من الحاج أن يتذكره وهو متوجه إلى بيت الله الحرام ؟.
الحمد لله
نشكرك على هذا السؤال وهذا الاهتمام ، ونسأل الله التوفيق لمن حج بمغفرة الذنوب ، ولمن لم يحج بحصول المرغوب والنجاة من المرهوب .. آمين .. آمين .
أما مقاصد الحج فهي مقاصد عظيمة ، وأهدافه سامية ، إليك شيئاً منها :
1. الارتباط بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام من لدن أبينا إبراهيم وبنائه للبيت إلى نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه لحرمة مكة، فيتذكر الحاج حين تردده في المشاعر وأداء للشعائر تردد أولئك المطهرين في هذه البقاع الشريفة .(11/45)
روى مسلم (241) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَمَرَرْنَا بِوَادٍ فَقَالَ: أَيُّ وَادٍ هَذَا فَقَالُوا : وَادِي الأَزْرَقِ فَقَالَ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وَاضِعًا إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ لَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللَّهِ بِالتَّلْبِيَةِ مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي .
قَالَ ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى ثَنِيَّةٍ فَقَالَ أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ قَالُوا هَرْشَى أَوْ لِفْتٌ فَقَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ خِطَامُ نَاقَتِهِ لِيفٌ خُلْبَةٌ مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي مُلَبِّيًا .
2. بياض اللباس ونقاؤه إشارة إلى طهارة الباطن ونقاء القلب وبياض الرسالة والمنهج ، وفيه طرح للزينة ، وإظهار للمسكنة ، وتذكر الموت حين يلبس الإحرام ذلكم اللباس الشبيه بالكفن فكأنه مستعد للقدوم على الله جل وعلا .
3. الإحرام من الميقات ، يجسد التعبد والرق لله بطاعته والاستسلام لأمره وشرعه ، فلا يتجاوزه أحد لأنه أمر الله ، والشرع شرعه سبحانه ، وفي هذا وحدة الأمة وانتظامها وضبطها لئلا يحصل التفرق والاختلاف في تحديد المواقيت .
4. الحج شعار التوحيد من أول لحظة يتلبس به الحاج : قال جابر بن عبد الله في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم : " ثم أهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " رواه مسلم (2137). أنظر السؤال ( 21617 ) .
5. تذكر الآخرة حين يجتمع الناس في صعيد واحد في عرفات وغيرها ليس بينهم تفاضل ولا تغاير الكل في هذا البلد سواء لا فضل لأحد على أحد فيه .(11/46)
6. الحج شعار الوحدة فإن الحج جعل الناس سواسية في لباسهم وأعمالهم وشعائرهم وقبلتهم وأماكنهم ، فلا فضل لأحد على أحد : الملك والمملوك ، الغني والفقير في ميزان واحد .
فالناس سواسية في الحقوق والواجبات، وهم سواسية في هذا البيت الحرام لا فرق بين الألوان والجنسيات وليس لأحد أن يفرق بينهم .
وحدة في المشاعر .. ووحدة في الشعائر.
وحدة في الهدف.. وحدة في العمل .
وحدة في القول "الناس من آدم، وآدم من تراب لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى "
أكثر من مليوني مسلم يقفون كلهم في موقف واحد .. وبلباس واحد .. لهدف واحد .. وتحت شعار واحد .. يدعون ربا واحدا .. ويتبعون نبيا واحدا.. وأي وحدة أعظم من هذه.
قال تعالى :{ إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم }
7. تربية على القناعة في اللباس والسكن حيث يلبس خرقة من قطعيتين فتكفيه ، ويسكن في مكان بقدر نومه فيغنيه .
8. إرهاب أهل الكفر والضلال بهذا الاجتماع العظيم للمسلمين فإنهم وإن كانوا متفرقين مختلفين فإن مجرد اجتماعهم على اختلافهم في وقت معين ومكان معين يدل على إمكان اجتماعهم في غيره .
9. بيان أهمية الاجتماع والتآلف بين المسلمين فإن كل إنسان تجده يسافر وحده ، بينما عند الحج تجده مع مجموعة ....
10. التعرف على أحوال المسلمين من خلال المصادر الموثوقة ، حيث يسمع المسلم من أخيه مباشرة عن أحوال إخوانه المسلمين في البلاد التي قدم منها .
11. تبادل المنافع والخبرات بين المسلمين عامة.
12. اجتماع أهل الرأي والعلم والحل والعقد من جميع البلدان وتدارس أحوال المسلمين وحاجاتهم ، وأهمية تضامنهم وتعاونهم.
13. تحقيق عبودية الله تعالى في وقوفه في المشاعر إذ يترك المسجد الحرام ، الذي هو أفضل البقاع ويقف بعرفات .(11/47)
14. غفران الذنوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " .
15. فتح باب الأمل لأهل المعاصي وتربيتهم على تركها ونبذها في تلك المشاعر ؛ حيث يتركون كثيرا من عاداتهم السيئة خلال فترة الحج وفي المشاعر.
16. بيان أن الإسلام دين النظام ففي الحج ترتيب للمناسك والوقت ، كل عمل في مكانه وفي وقته المحدد له .
17. تربية النفس على النفقة في وجوه الخير والبعد عن الشح فالحاج يبذل الأموال الكثيرة من أجل الحج في الراحلة وفي الطريق وفي المشاعر .
18. اكتساب تقوى القلوب وصلاحها بتعظيم شعائر الله ، يقول الله تعالى : ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )
19. تربية للأغنياء بترك تميزهم في لباسهم وسكنهم ومساواتهم للفقراء في اللباس والمشاعر من طواف وسعي ورمي ، وفي هذا تربية لهم على التواضع ، ومعرفة حقارة الدنيا .
20. مداومة الحاج على الطاعة وذكر الله تعالى في أيام الحج وهو ينتقل من مشعر إلى مشعر ومن عمل إلى آخر ، وهذا بمثابة دورة سنوية مكثفة في طاعة الله وذكره .
21. تربية النفس على الإحسان إلى الناس فيرشد الضال ، ويعلم الجاهل ، ويساعد الفقير، ويقف مع العاجز والضعيف.
22. التخلق بالأخلاق الحسنة من الحلم وتحمل الأذى من الخلق ، فإن الحاج لابد له من أن يتعرض لمزاحمة أو مخاصمة أو غير ذلك ، قال تعالى : ( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج )
23. التربية على الصبر وتحمل المشقة كالحر وطول الطريق والبعد عن الأهل والتردد بين المشاعر والزحام فيها .
24. التدرب على ترك العادات والتقاليد والمألوفات، فإن الحاج ملزم بكشف رأسه وترك لباسه. وسيترك ما اعتاده من سكن وطعام وشراب.(11/48)
25. في سعي الحاج بين الصفا والمروة يتذكر أن من أطاع الله وتوكل عليه واعتصم به فإنه لا يضيعه بل يرفع ذِكْرَهُ ، فهذه هاجر أم إسماعيل عليهما السلام لما قالت لإبراهيم : " آلله أمرك بهذا " قال : " نعم " قالت : اذاً فلن يضيعنا " فرفع الله ذِكْرَها وبدأ الناس يسعون مثلها بما فيهم الأنبياء عليهم السلام .
26. تربية النفس على عدم اليأس من روح الله مهما اشتدت الخطوب وعظمت الكروب فإن الله بيده الفرج فهذه أم إسماعيل كاد وليدها أن يهلك ، وبدأت تركض من جبل إلى آخر تتطلع للفرج فأتاها من حيث لا تحتسب إذ نزل الملك فضرب الأرض فخرج ماء زمزم وما فيه من شفاء لأمراض القلوب والأبدان .
27. يتذكر الحاج أنه في هذه المشاعر في ضيافة الرحمن فاجتماع الحج لم تدع له حكومة ولا هيئة ولا ملك ولا رئيس، إنما دعا إليه رب العالمين، وجعله مقاما يلتقي فيه المسلمون على قدم المساواة لا فضل فيه لأحد على أحد ، قال تعالى : ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ..) .
وروى النسائي (2578) عن أبي هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَفْدُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلاثَةٌ الْغَازِي وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ . صححه الألباني في صحيح النسائي (2462).
28. الموالاة للمؤمنين ، يتمثل ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا " رواه البخاري (65) ومسلم (3180) .
29. موسم الحج تبرز فيه المفاصلة التامة مع أهل الشرك والكفر ويحظر عدم حضورهم بأي وجه كان . حيث حُظِرَ عليهم دخول منطقة الحرم في كل وقت مهما كان المقصد قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم }(11/49)
وروى البخاري أن أبا هريرة قال : " بعثني أبو بكر رضي الله عنه في تلك الحجة في المؤذنين ، بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى : أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان " .
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
د. يحي بن إبراهيم اليحي
المصدر موقع الشيخ يحيى اليحيى
فضل الحج
الحج المبرور هل يغفر كبائر الذنوب ؟.
الحمد لله
ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) رواه البخاري (1521) ومسلم (1350) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) رواه البخاري (1773) ومسلم (1349) .
فالحج وغيره من صالح الأعمال من أسباب تكفير السيئات ، إذا أداها العبد على وجهها الشرعي ، وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الأعمال الصالحة لا تكفر إلا الصغائر ، أما الكبائر فلابد لها من توبة واستدلوا بما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) رواه مسلم (1/209) .
وذهب الإمام ابن المنذر رحمه الله وجماعة من أهل العلم إلى أن الحج المبرور يكفر جميع الذنوب ؛ لظاهر الحديثين المذكورين .
والله اعلم
انظر : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( 11/13 ) .
الإسلام سؤال وجواب
كم مرة يزور البيت الحرام في العمر
سمعت مؤخرا من مصدرين أن السنة تحتوي على إشارة بضرورة تحقيق مبدأ إسلامي يدعو إلى زيارة مكة المكرمة 7 مرات والقدس مرة واحدة في العمر.
هل لكم أن تتفضلوا بمساعدتي في التأكد من صحة ما سبق حيث أني لم أجد له دليلا بمفردي(11/50)
1. جاءت الأحاديث في بيان فضل الصلاة في بيت الله الحرام في مكة ، وفي المسجد النبوي ، وفي المسجد الأقصى .
= عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " . رواه البخاري ( 1133 ) ومسلم ( 1394 ) .
= عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه .
رواه ابن ماجه ( 1406 ) وأحمد ( 14847 ) . والحديث صححه البوصيري في " الزوائد " - هامش سنن ابن ماجه - .
= أما الصلاة في المسجد الأقصى : فالصحيح أنها على الربع من فضل الصلاة في مسجد المدينة .
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل : مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مسجد بيت المقدس ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ، ولَنِعْم المصلَّى ......" .
رواه الحاكم ( 4 / 509 ) وصصححه ووافقه الذهبي والألباني كما في " السلسلة الصحيحة " في آخر الكلام على حديث رقم ( 2902 ).
وأما الحديث المشهور أن الصلاة فيه بخمسمائة صلاة : فضعيف .
انظر " تمام المنة " للشيخ الألباني رحمه الله ( ص 292 ) .
2. وقد ورد في توقيت زيارة بيت الله الحرام حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه :
" إن الله يقول : إنَّ عبداً أصححتُ له جسمَه ، ووسعتُ عليه في المعيشة ، تمضي عليه خمسة أعوام لا يفدُ إليَّ لمحروم " . رواه ابن حبان ( 960 ) وأبو يعلى ( 1 / 289 ) والبيهقي ( 5 / 262 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1662 ) .(11/51)
وكلما كثر التردّد على بيت الله الحرام كان أفضل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تابعوا بين الحجّ والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب .." رواه الترمذي 810
وأما ما أشرت إليه في سؤالك من ادّعاء زيارة الكعبة سبع مرات في العمُر ومرّة للمسجد الأقصى فطالب الذي أخبرك بذلك بمصدره ودليله كما قال الله : ( قل هاتوا برهانكم ) ، فإنه لا يجوز إيجاب شيء أو ادّعاء أفضلية لأمر دون دليل صحيح ، وفقنا الله وإياك لما يحبّ ويرضى وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
يسافر ليحج ويتاجر
هل يجوز أن أسافر للحج واشتري بضاعة من مكة وأبيعها في بلدي لأربح منها ؟.
الحمد لله
يجوز الاتجار في مواسم الحج ، أخرج الطبري في تفسيره بسنده ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم ) البقرة / 198 . قال : لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده .
وبالله التوفيق
انظر فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/13)
متى فرض الحج ؟
في أي سنة من الهجرة فُرض الحج ؟.
الحمد لله
اختلف العلماء في السنة التي فرض فيها الحج ، فقيل في سنة خمس ، وقيل في سنة ست ، وقيل في سنة تسع ، وقيل في سنة عشر ، وأقربها إلى الصواب القولان الأخيران ، وهو أنه فرض في سنة تسع أو سنة عشر .
( والدليل قوله تعالى : ( ولله على الناس حجُّ البيت من استطاع إليه سبيلا ) ففي هذه الآية وجوب الحج وقد نزلت عام الوفود أواخر سنة تسع ، فيكون الحج فرض أواخر سنة تسع . انظر زاد المعاد 3/595 )
والله أعلم .
وبالله التوفيق .
أنظر فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 11/10 .
الإسلام سؤال وجواب(11/52)
أخطاء يقع فيها الحاج والمعتمر
هل ممكن أن يوكل من يرمي عنه الجمرات ثم يسافر إلى بلده؟
هل يجوز للحاج أن يوكل من يرمي الجمرات عنه يوم العيد أو اليوم الثاني ، ثم يعود إلى بلده؟
الحمد لله
"أمر الله سبحانه في كتابه الكريم بإتمام الحج والعمرة بقوله : (وأتموا الحج والعمرة لله) ، وتمامهما لا يحصل إلا بإخلاصهما لله، والمتابعة فيهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يجوز لمسلم أحرم بحج أو عمرة أن يخل بشيء من أعمالهما، أو أن يرتكب من الأمور المنهي عنها ما ينقصهما، ومن وكل في رمي جمراته أيام التشريق أو أحد أيام التشريق ونفر يوم النحر يعتبر مخطئاً مستهتراً بشعائر الله، ومن يوكل في رمي الجمرات اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر من أيام التشريق ويطوف طواف الوداع ليتعجل بالسفر فقد خالف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما أمر به في أداء المناسك وترتيبها، وعليه التوبة والاستغفار من ذلك، ويلزم من فعل ذلك دم عن ترك المبيت بمنى، ودم عن تركه رمي الجمرات التي وكل فيها ونفر، ودم ثالث عن طواف الوداع وإن كان طاف بالبيت لدى مغادرته؛ لوقوع طوافه في غير وقته؛ لأن طواف الوداع إنما يكون بعد انتهاء رمي الجمرات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/288-289) .
الإسلام سؤال وجواب
اعتمرت قبل عشر سنوات وهي حائض حرجا ثم تزوجت واعتمرت عدة مرات
السؤال: ذهبت للعمرة قبل عشر سنوات وعندما وصلت للميقات كنت حائضا فمن الحياء لم أخبر من معي وأتممت معهم مناسك العمرة وكنت حينها غير متزوجة وبعد أربع سنوات من حينها تزوجت وذهبت للعمرة مع زوجي خمس مرات وأنا طاهرة فهل علي شيء أو كفارة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :(12/1)
لا يجوز للمرأة الحائض أن تدخل المسجد الحرام ، ولا أن تطوف بالكعبة ، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة وقد حاضت قبل دخول مكة في حجة الوداع : (افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي) رواه البخاري (1650) ومسلم (1211) .
والله تعالى أحق أن يستحيى منه ، فلا يجوز للحائض الطواف بالبيت بدعوى أنها استحيت أن تخبر أهلها .
ثم إننا نعيب على السائلة أنها لم تسأل عن حكم ذلك إلا بعد عشر سنوات ، وكان الواجب عليها أن تبادر بالسؤال حتى تستدرك ما فاتها .
ثانياً :
إذا طافت المرأة وهي حائض فطوافها غير صحيح ، وعمرتها لم تتم ، وهي باقية على إحرامها حتى تتم عمرتها ، وقد ذكرت أنك اعتمرت بعد ذلك عدة مرات ، فتقع الأولى من هذه العمرات إتماماً لهذه العمرة التي طفت فيها وأنت حائض ، غير أنك ذكرت أنك تزوجت قبل الاعتمار ، وهذا يعني أنه قد تم عقد النكاح وأنت محرمة .
وعلى هذا فالذي يلزمك ما يلي :
1- إعادة عقد النكاح لأن العقد على المُحْرِم أو المُحْرِمة لا يصح .
2- وجوب إتمام العمرة ، وقد تم ذلك .
3- إن كان حصل جماع قبل إتمام العمرة الأولى ـ وهو الظاهر من السؤال ـ فهذا يعني أن العمرة قد فسدت ، فعليك قضاؤها ، وتبقى هذه العمرة في ذمتك حتى يتم قضاؤها ، ولا يكفي ما اعتمرتيه بعد ذلك عن القضاء ، لأن القضاء لا بد فيه من نية .
4- وعليك فدية عن الجماع ، وهي شاة ، تذبح وتوزع على مساكين الحرم .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
لي قريبة اعتمرت في رمضان ، ولما دخلت الحرم أحدثت حدثا أصغر ، خرج منها ريح وخجلت أن تقول لأهلها أريد أن أتوضأ ، ثم طافت ولما انتهت من الطواف ذهبت لوحدها وتوضأت ثم أتت بالسعي ، فهل عليها دم أم كفارة ؟
فأجاب :(12/2)
"طوافها غير صحيح ؛ لأن من شرط صحة الطواف الطهارة كالصلاة ، فعليها أن ترجع إلى مكة وأن تطوف بالبيت ، ويستحب لها أن تعيد السعي ؛ لأن أكثر أهل العلم لا يجيز تقديمه على الطواف ، ثم تقصر من جميع رأسها وتحل ، وإن كانت ذات زوج وقد جامعها زوجها فعليها دم يذبح في مكة للفقراء ، وعليها أن تأتي بعمرة جديدة من الميقات الذي أحرمت منه للعمرة الأولى ؛ لأن العمرة الأولى فسدت بالجماع ، فعليها أن تفعل ما ذكرنا ثم تأتي بالعمرة الجديدة من الميقات الذي أحرمت للعمرة الأولى منه ، سواء كان ذلك في الحال أو في وقت آخر ، حسب طاقتها" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (17/214-215) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هناك امرأة طافت حول الكعبة وهي حائض ، ولم تخبر والدها وأهلها بذلك وأكملت عمرتها ، فما عليها ؟
فأجاب :
"طواف العمرة ركن ، وهي الآن على إحرامها تماماً ، فيجب عليها أن تتجنب جميع محظورات الإحرام .
السائل : لكن هي اعتمرت وحجت بعدها مرات .
الشيخ : اعتمرت وحجت هل نوت القضاء ؟ إن نوت القضاء فهذا مقبول ، وإن لم تنو القضاء فيبقى هل صحت عمرها التي وقعت في جوف العمرة الأولى أو لم تصح ؟ أنا أقول أسأل الله لي العفو العافية : إن هذه العمرة صحيحة إن شاء الله لأنها جاهلة ، وإلا لكان إحرامها بعمرة في جوف عمرة لا يصح ، فنقول : إحرامها إن شاء الله صحيح وعمرتها صحيحة ، وما دامت لم تنو القضاء فعليها القضاء" انتهى باختصار .
"اللقاء الشهري" (4/417-418) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
سعيا للعمرة أربعة عشر شوطا جهلا ، فهل تصح عمرتهما ؟(12/3)
السؤال : ذهب والداي للعمرة هذا العام بعد أن ظلا يحلمان بها لما يقارب عشرة أعوام أو أكثر وعندما وصلا إلى السعي بين الصفا والمروة سعيا 14 مرة بدلاً من سبع مرات ظناً منهما أن السعية الواحدة الكاملة هي بالسعي من الصفا الى المروة ثم العكس. فهل عمرتهما صحيحة على هذا النحو ام يلزمهما اداءها من جديد؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الواجب على كل مسلم أن يتعلم ما يحتاجه من أمر دينه ما تصح به عقيدته وعبادته ، وهو ما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إليه ، في حجته التي حجها بالناس ، فقال لهم : ( لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ ؛ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ ) .
رواه مسلم (1297) من حديث جابر.
قال النووي رحمه الله :
" هَذِهِ اللَّام لَام الْأَمْر , وَمَعْنَاهُ : خُذُوا مَنَاسِككُمْ, وَتَقْدِيره : هَذِهِ الْأُمُور الَّتِي أَتَيْت بِهَا فِي حَجَّتِي مِنْ الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال وَالْهَيْئَات هِيَ أُمُور الْحَجّ وَصِفَته وَهِيَ مَنَاسِككُمْ ، فَخُذُوهَا عَنِّي ، وَاقْبَلُوهَا وَاحْفَظُوهَا ، وَاعْمَلُوا بِهَا وَعَلِّمُوهَا النَّاس .
قيل للإمام أحمد : طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ ؟
قَالَ : نَعَمْ ، لِأَمْرِ دِينِك وَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ ، مِنْ أَنْ يَنْبَغِيَ أَنْ تَعْلَمَهُ .
وَقَالَ أيضا : يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَقُومُ بِهِ دِينُهُ ، وَلَا يُفَرِّطُ فِي ذَلِكَ .
قيل: فَكُلُّ الْعِلْمِ يَقُومُ بِهِ دِينُهُ ؟
قَالَ : الْفَرْضُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ ، لَا بُدَّ لَهُ مِنْ طَلَبِهِ .
قيل : مِثْلُ أَيِّ شَيْءٍ ؟
قَالَ : الَّذِي لَا يَسَعُهُ جَهْلُهُ : صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ .
"الآداب الشرعية" لابن مفلح (2/99-100) .
ثانيا :(12/4)
حيث أن الوالدين قد زادا في عدد الأشواط عن جهل منهما بالحكم : فعمرتهما صحيحة ، وقد تم سعيهما بالأشواط السبعة المطلوبة ، وما زاد على ذلك فهو لاغ ، لا حكم له .
وقد سئل الشخ ابن باز رحمه الله :
لقد سعيت بين الصفا والمروة ، ولكن عملت الشوط من الصفا إلى الصفا على أنه واحد ، هل علي شيء في ذلك ؟
فأجاب الشيخ :
" هذه زيادة منك ، فقد سعيت أربعة عشر شوطا والواجب سبعة ، والسبعة الأخرى لا تجوز ؛ لأنها خلاف الشرع ، لكنك معذور بالجهل ، وعليك التوبة إلى الله من ذلك ، وعدم العود إلى مثلها إذا حججت أو اعتمرت ؛ لأن الذي حصل به المقصود سبعة من الصفا للمروة ثم من المروة للصفا ، تبدأ بالصفا وتختم بالمروة ، سبعة أشواط " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (17 / 341-342) .
وينظر : فتاوى الشيخ ابن عثيمين (22/424) .
وراجع لصفة العمرة إجابة السؤال رقم : (31819) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الاعتمار لأكثر من شخص في سفرة واحدة
السؤال: هل يجوز الاعتمار لأكثر من شخص؟ علماً أن المعتمر يعتمر لأول مرة؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
ليس من السنة ، ولا من هدي السلف ، تكرار العمرة في سفرة واحدة ، لا عن نفسه ، ولا عن غيره ؛ إذ الأصل أن لكل عمرة سفرة .
فمن سافر للعمرة أداها مرة واحدة في سفره هذا ، ولا يشرع في حقه تكرارها ، إلا إذا خرج من مكة مسافراً ثم رجع إليها .
قال ابن القيم رحمه الله :(12/5)
"ولم يكن في عُمَره صلى الله عليه وسلم عمرةٌ واحدةٌ خارجاً من مكة ، كما يفعل كثير من الناس اليوم ، وإنما كانت عمَرُه كلُها داخلاً إلى مكة ، وقد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة ، لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجاً من مكة في تلك المدة أصلاً ، فالعمرة التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرعها هي عمرة الداخل إلى مكة ، لا عمرة من كان بها فيخرج إلى الحل ليعتمر ، ولم يَفعل هذا على عهده أحدٌ قط ، إلا عائشة وحدها بين سائر من كان معه ؛ لأنها كانت قد أهلت بالعمرة فحاضت فأمرها فأدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة ، وأخبرها أن طوافها بالبيت وبين الصفا والمروة قد وقع عن حجتها وعمرتها ، فوجدت في نفسها أن يرجع صواحباتها بحج وعمرة مستقلين - فإنهن كن متمتعات ، ولم يحضن ، ولم يقرنَّ - وترجع هي بعمرة في ضمن حجتها ، فأمر أخاها أن يُعمرها من التنعيم ؛ تطييباً لقلبها ، ولم يعتمر هو من التنعيم في تلك الحجة ، ولا أحدٌ ممن كان معه " انتهى .
" زاد المعاد " ( 2 / 89 ، 90 ) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
بعض الناس يأتي من مكان بعيد لهدف العمرة إلى مكة ، ثم يعتمرون ويحلون ، ثم يذهبون إلى التنعيم ثم يؤدون العمرة ، يعني : في سفره عدة عمرات ، فكيف هذا ؟
فأجاب :
"هذا بارك الله فيك من البدع في دين الله ؛ لأنه ليس أحرص من الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من الصحابة ، والرسول صلى الله عليه وسلم كما نعلم جميعاً دخل مكة فاتحاً في آخر رمضان ، وبقي تسعة عشر يوماً في مكة ولم يخرج إلى التنعيم ليحرم بعمرة ، وكذلك الصحابة ، فتكرار العمرة في سفر واحد من البدع" انتهى .
لقاء الباب المفتوح - (121 / 28) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :(12/6)
" الإحرام بعمرة من التنعيم ، حيث أحرمت منه السيدة عائشة ، فهذا حكمٌ خاص بعائشة ومن يكون مثلها ، وأنا أعبر عن هذه العمرة من التنعيم بأنها عمرة الحائض ، ذلك لأن عائشة رضي الله عنها لما خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم حاجة في حجة الوداع وكانت قد أحرمت بالعمرة ، فلما وصلت إلى مكان قريب من مكة ، يعرف بـ " سَرِف " دخل عليها الرسول عليه السلام فوجدها تبكي ، فقال لها : ( ما لكِ تبكين ؟ أنفستِ ؟ ) قالت : نعم ، يا رسول الله ، قال عليه السلام : ( هذا أمر كتبه الله على بنات آدم ، فاصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي ولا تصلي ) فما طافت ولا صلت حتى طَهُرَتْ في عرفات ، ثم تابعت مناسك الحج وأدت الحج بكامله ، لما عزم الرسول عليه السلام على السفر والرجوع إلى المدينة ، دخل عليها في خيمتها فوجدها أيضاً تبكي ، قال: ( مالكِ ؟ ) قالت : مالي ؟ يرجع الناس بحج وعمرة ، وأرجع بحج دون عمرة ، ذلك لأنه بسبب حيضها انقلبت عمرتها إلى حج ، حج مفرد [هذا ما اختاره الشيخ الألباني رحمه الله ، واختار غيره من العلماء أنها صارت قارنة ، وليست مفردة] ، فأشفق الرسول عليه السلام عليها , وأمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق أن يردفها خلفه على الناقة وأن يخرج بها إلى التنعيم ففعل ورجعت واعتمرت فطابت نفسها ، فلذلك نحن نقول : من أصابها مثل ما أصابها ( أي عائشة ) من النساء حيث حاضت وهي معتمرة ولا تستطيع أن تكمل العمرة , فتنقلب عمرتها إلى حج , فتعوِّض ما فاتها بنفس الأسلوب الذي شرعه الله على لسان رسوله لعائشة , فتخرج هذه الحائض الأخرى إلى التنعيم وتأتي بالعمرة ، أما الرجال فهم والحمد لله لا يحيضون , فما لهم ولحكم الحائض ؟ والدليل أنه كما يقول بعض العلماء بالسيرة وبأحوال الصحابة : حج مع الرسول مئة ألف من الصحابة ما أحد منه جاء بعمرة كعمرة عائشة رضي الله عنها" انتهى .(12/7)
فلا يشرع لمن كان في مكة أن يخرج إلى التنعيم ليحرم بعمرة ، وإنما يشرع له إذا خرج من مكة لحاجة ، كما لو خرج إلى المدينة أو جدة أو الطائف .. ثم أراد الرجوع إلى مكة ، فلا حرج عليه أن يرجع بعمرة .
وقد يرخص لمن كان بمكة في الخروج إلى التنعيم ليحرم بعمرة عن غيره إذا كان قد جاء من بلاد بعيدة يحتاج إلى تأشيرة ونفقات كثيرة لدخول بلاد الحرمين الشريفين ، ولا يدري هل سيتيسر له ذلك أم لا؟
فمثل هذا قد يرخص له في الاعتمار عن غيره من التنعيم ، أما من يتيسر العودة إلى مكة فلا يعتمر في السفرة الواحدة أكثر من مرة ، سواء عن نفسه أو غيره .
ثانياً :
الاعتمار عن الغير يجوز إذا كان هذا الغير عاجزاً لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه ، أو كان ميتاً ، بشرط أن يكون المعتمر قد اعتمر عن نفسه أولاً .
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
أريد العمرة لبيت الله الحرام ، وأردت إذا ما فرغت من عمرتي فحينئذ أعتمر عن والدي -وهما على قيد الحياة ، والحمد لله- وعن والديهما - وهما قد ماتا رحمهما الله – هل هذه الطريقة صحيحة لي أم لا ؟
فأجابوا :
"إذا اعتمرت عن نفسك جاز لك أن تعتمر عن أمك وأبيك إذا كانا عاجزين لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه . كما يجوز لك أن تعتمر عن والدي والديك المتوفين" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11 / 80-81) .
ولمزيد الفائدة : يراجع جواب السؤال رقم : (111501) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
حكم من رمى الجمار ثم تبين له في بلده أنها أقل من سبع حصيات
عندما ذهبتْ والدتي إلى الحج : ذهبت لرمي الجمرات ، فأخذتْ بعض الحصوات في جيبها ، فرمتها ، ثم عادت إلى الفندق ، وخلعت العباءة التي كانت ترتديها ، عندما عادت إلى " هولندا " : وجدت أنه بقي بعض الحصى في جيب العباءة ، فهل عليها من شيء في هذا ؟ .
الجواب :
الحمد لله(12/8)
لا خلاف بين العلماء في أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رمى الجمار بسبع حصيات ، وأن هذا هو هديه ، ولا ريب .
قال ابن القيم رحمه الله :
"قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رمَى الجمرة بسبع حصيات ، من رواية عبد الله بن عباس , وجابر بن عبد الله , وعبد الله بن عمر" انتهى .
" حاشية ابن القيم على مختصر سنن أبي داود " ( 5 / 312 ) .
وقد اختلف أهل العلم في حكم من نقص من حصيات الرمي في الحج اختلافاً كثيراً ، وليس في المسألة نص يُرجع إليه ليحسم الخلاف .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 17 / 80 ، 81 ) :
مذهب الشافعية والحنابلة أنه يجب الدم على من ترك الرمي كلَّه ، أو ترك رمي يوم ، أو يومين ، أو ترك ثلاث حصيات من رمي أي جمرة .
وعند الشافعية في الحصاة : يجب مدٌّ واحد ، وفي الحصاتين : ضعف ذلك .
وعند الحنابلة في الحصاة ، أو الحصاتين : روايات .
قال في " المغني " : الظاهر عن أحمد أنه لا شيء عليه في حصاة ، ولا حصاتين .
وذهب الحنفية إلى أنه يجب الدم إن ترك الحاج رمي الجمار كلها في الأيام الأربعة ، أو ترك رمي يوم كامل ، ويلحق به ترك رمي أكثر حصيات يوم أيضا ؛ لأن للأكثر حكم الكل ، فيلزم فيه الدم ، أما إن ترك الأقل من حصيات يوم : فعليه صدقة ، لكل حصاة نصف صاع من بُرٍّ ، أو صاع من تمر ، أو شعير .
ومذهب المالكية : يلزمه دم في ترك حصاة ، أو في ترك الجميع . انتهى .
والذي يظهر لنا ـ والله أعلم ـ أنها إن تيقنت أنها تركت ثلاث حصيات فأكثر من جمرة واحدة ، أنها توكل من يذبح عنها شاة بمكة ويوزعها على مساكين الحرم ، فإن لم تتيقن ذلك فلا شيء عليها .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
حكم التلبية الجماعية بصوت واحد
السؤال: هل يجوز أن يقوم واحد بالتلبية بعد الإحرام ويردد المعتمرون وراءه أم ماذا ؟
الجواب:
الحمد لله(12/9)
التلبية بصوت جماعي بأن يشرع المعتمرون جميعا بالتلبية معا يبتدوؤن وينتهون بصوت واحد من الأخطاء التي يقع فيها كثير من الناس اليوم ، إذ لم يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم كانوا يلبون بصوت واحد ، وإنما يلبي كل منهم بصوته سواء وافق أصوات الملبين الآخرين أو خالفهم .
وانظر جواب السؤال رقم : (33746).
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : ما حكم التلبية الجماعية للحجاج ؟ حيث أحدهم يلبي والآخرين يتبعونه ؟.
فأجابت :
"لا يجوز ذلك ، لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن خلفائه الراشدين رضوان الله عليهم ، بل هو بدعة " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" قول أنس رضي الله عنه : ( حججنا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فمنا المُكبِّر ومنا المُهل ) – متفق عليه - يدل على أنهم ليسوا يلبون التلبية الجماعية ، ولو كانوا يلبون التلبية الجماعية لكانوا كلهم مهلين أو مكبّرين ، لكن بعضهم يكبر ، وبعضهم يهل ، وكل يذكر ربه على حسب حاله " انتهى.
" الشرح الممتع " (7/111) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
اعتمر ولم يحلق شعره جهلا ولبس ثيابه
السؤال : من لم يحلق شعره جاهلا الحكم وقد لبس ثيابه ما الحكم ؟
الجواب :
الحمد لله
من اعتمر ولم يحلق شعره أو يقصرْه جاهلا ثم لبس ثيابه ، فإنه يلزمه إذا علم أن ينزع ثيابه ، ويحلق أو يقصر ، ولا شيء عليه فيما ارتكبه من محظور اللبس أو غيره ، على الراجح ؛ لكونه جاهلا ، لكن عليه أن يتوب إلى الله تعالى من تقصيره في تعلم ما يجب عليه ، فإن من أراد عبادة أو معاملة لزمه تعلم حكمها ، وهذا من العلم المفروض عليه .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما حكم من نسي الحلق أو التقصير في العمرة فلبس المخيط ثم ذكر أنه لم يقصر أو يحلق ؟(12/10)
فأجاب : "من نسي الحلق أو التقصير في العمرة فطاف وسعى ثم لبس قبل أن يحلق أو يقصر فإنه ينزع ثيابه إذا ذكر ويحلق أو يقصر ثم يعيد لبسهما ، فإن قصر أو حلق وثيابه عليه جهلا منه أو نسيانا فلا شيء عليه ، وأجزأه ذلك ، ولا حاجة إلى الإعادة للتقصير أو الحلق ، لكن متى تنبه فإن الواجب عليه أن يخلع حتى يحلق أو يقصر وهو محرم " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (17/436).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
اعتمرت ونسيت أن تقصر شعرها ثم اعتمرت مرة أخرى
اعتمرت ونسيت أن أقصر شعري ثم ذهبت وأحرمت بعمرة جديدة وطفت وسعيت وقصرت شعري . فما حكم عمرتي الأولى والثانية وماذا يجب علي ؟.
الحمد لله
سألت عن هذا شيخنا عبد الرحمن البراك فأجاب :
إدخال العمرة على العمرة ليس عند فقهاء المسلمين ، فتكون العمرة الثانية لاغية ، وتقصيره يقع عن العمرة الأولى .
الإسلام سؤال وجواب
طاف للإفاضة والوداع في اليوم العاشر
إنني من أهل جدة ولقد من علي الله بحج البيت هذا العام وحججت أنا وزوجتي (علما أننا حججنا دون حملة ولا يوجد لنا مكان هناك) وأدينا النسك ليوم عرفة ومزدلفة وفي اليوم العاشر أدينا جميع نسكه من رمي وتقصير وسعي وطواف الإفاضة مع الوداع أديناه في اليوم العاشر . ثم نزلنا إلي جدة وجلسنا فيها إلى التاسعة مساءا وطلعنا إلي مني لنقيم بها ليلنا ثم نزلنا إلى جدة بعدما صلينا فجرنا في مني ليوم الحادي عشر ثم نزلنا جدة وطلعنا مرة أخرى إلى مني مغرب الحادي عشر ورمينا جمارنا لذلك اليوم وأقمنا في مني إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل ثم رجعنا إلى جدة ثم طلعنا إلى مني بعد صلاة ظهر الثاني عشر ورمينا الجمار ثم خرجنا من مني الرابعة عصرا ذلك اليوم ورجعنا إلى جدة هل علينا طواف وداع في شهر الحج ؟ هل علينا دم في شيء ؟
الحمد لله
أولا :(12/11)
السنة للحاج أن يبقى في منى نهارا ، لفعله صلى الله عليه وسلم ، وله أن يخرج منها إلى مكة أو جدة ونحوها ، لا سيما إذا كان ذلك لعدم وجود مكان له في منى .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل الخروج في أيام التشريق إلى ما قرب من مكة كجدة مثلا غير مخلّ بالحج ؟
فأجاب : "لا يخل بالحج ، ولكن الأفضل أن يبقى الإنسان ليلا ونهارا بمنى كما بقي النبي صلى الله عليه وسلم فيها ليلا ونهارا ". انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (23/241، 243) .
وينظر جواب السؤال رقم 36244 .
ثانيا :
طواف الوداع إنما يكون بعد فراغ الإنسان من نسكه ، أي بعد أيام منى ورمي الجمرات ، ولا يجوز ولا يصح تقديمه على ذلك ، فمن طاف للوداع في اليوم العاشر أو الحادي عشر ، لم يجزئه .
ويجوز تأخير طواف الإفاضة لوقت الوداع ، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم 36870 .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : " وأما من مسكنه في جدة وطاف طواف الإفاضة قبل أن يخلّص الرجم ونوى في طوافه أن الطواف طواف إفاضة ووداع ، فهذا لا يجزيه عن الوداع ، لأنه لم يكمل أعمال الحج بعد .
ولو كان طوافه للإفاضة المذكور بعد فراغه من الرمي ونواه للإفاضة ، واكتفى به عن الوداع ، ولم يقم بعده بل سافر في الحال . كفاه عن الوداع " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن إبراهيم" (6/108) .
والحاصل : أن طوافكم للوداع غير صحيح ، وانصرافكم إلى جدة بعد المناسك دون طواف ، يلزمكم فيه دم ، وهو شاة تذبح في الحرم وتوزع على فقرائه .
وكذلك الزوجة يلزمها ذبح شاة ، ما لم تكن في وقت الوداع حائضا ؛ لأن الوداع يسقط عن الحائض ، لما روى البخاري (1755) ومسلم (1328) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ) .(12/12)
ولا يصح طوافكم للوداع الآن ، ولا يسقط عنكم الدم بفعله ، لأنكم غادرتم مكة بلا وداع .
فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : نحن من سكان جدة قدمنا العام الماضي للحج ، وأكملنا جميع المناسك ما عدا طواف الوداع ، فقد أجلناه إلى نهاية شهر ذي الحجة ، وبعد أن خف الزحام عدنا ، هل حجنا صحيح ؟
فأجاب : "إذا حج الإنسان وأخر طواف الوداع إلى وقت آخر فحجه صحيح ، وعليه أن يطوف للوداع عند خروجه من مكة ، فإن كان في خارج مكة كأهل جدة وأهل الطائف والمدينة وأشباههم فليس له النفير حتى يودع البيت بطواف سبعة أشواط حول الكعبة فقط ليس فيه سعي ؛ لأن الوداع ليس فيه سعي بل طواف فقط ، فإن خرج ولم يودع البيت فعليه دم عند جمهور أهل العلم ، يذبح في مكة ويوزع على الفقراء والمساكين وحجه صحيح كما تقدم ، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم ، فالحاصل أن طواف الوداع نسك واجب في أصح أقوال أهل العلم ، وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : " من ترك نسكا أو نسيه فليهرق دما " وهذا نسك تركه الإنسان عمدا ، فعليه أن يريق دما يذبحه في مكة للفقراء والمساكين ، وكونه يرجع بعد ذلك لا يسقطه عنه ، هذا هو المختار ، وهذا هو الأرجح عندي والله أعلم " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (17/ 397).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم تكرار العمرة من مكة ، وحكم طواف الإفاضة للحائض
أنوي الحج هذا العام ، وكما يعلم الجميع ليس من السهل الحصول عليه ؛ لتكاليفه ؛ ووجود القرعة ، وأريد أن أستفيد من الحج إلى أقصى مدى ، حيث أنني أنوي أن أجري العمرة عدة مرات لأبي ، وجدي ، وعمي ، وعمتي ، الذين ماتوا قبل أن أولد ولم يحجوا . وسؤالي : أني إذا أحرمت بالتمتع ، وأجريت العمرات : لا أستطيع إجراء طواف الحج لوجود عذر شرعي ما بين 9 و 17 ذي الحجة ، ويوم 17 يجب أن أذهب إلى المدينة مع البعثة ، علماً بأني مع زوجي ، هل أنوي أقرن وأجري العمرات ولا حرج عليَّ ؟ .(12/13)
الحمد لله
أولاً:
اختلف أهل العلم في حكم تكرار العمرة في السفرة الواحدة ، والصحيح : أنها لا تشرع ، وأنه لا يجوز الإتيان بأكثر من عمرة في السفرة الواحدة ، ومن دخل مكة ليعتمر فلا يشرع له تكرارها لا عن نفسه ، ولا عن غيره ، إلا أن يخرج من مكة بغير قصد الرجوع إليها بعمرة ، فيجوز له إن دخلها ثانية أن يعتمر عن نفسه ، أو عمن لم يعتمر من أقربائه أو أهله ، وما يفعله الآن كثيرون من تكرار العمرة في السفرة الواحدة ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا من هدي أصحابه رضي الله عنهم ، وهم الذين كانوا يبذلون الجهد للوصول لمكة المكرمة ، ويحدوهم الشوق للاعتمار ؛ لما له من أجر جزيل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
قال أبو طالب : قلت لأحمد قال طاوس : " الذين يعتمرون من التنعيم لا أدري يؤجرون أو يعذبون " ، قيل له : لم يعذبون ؟ قال : لأنه ترك الطواف بالبيت ، ويخرج إلى أربعة أميال ، ويخرج ، إلى أن يجيء من أربعة أميال قد طاف مائتي طواف ، وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء " .
فقد أقرَّ أحمد قول طاوس هذا الذي استشهد به أبو طالب لقوله ، رواه أبو بكر في الشافي .
" مجموع الفتاوى " ( 26 / 265 ) .
وقال – رحمه الله - :
مثل أن يعتمر من يكون منزله قريباً من الحرم كل يوم ، أو كل يومين ، أو يعتمر القريب من المواقيت التي بينها وبين مكة يومان ، في الشهر خمس عمَر ، أو ست عمَر ، ونحو ذلك ، أو يعتمر من يرى العمرة من مكة كل يوم عمرة أو عمرتين : فهذا مكروه باتفاق سلف الأمة ، لم يفعله أحدٌ من السلف ، بل اتفقوا على كراهيته ، وهو وإن كان استحبه طائفة من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد : فليس معهم في ذلك حجةٌ أصلاً إلا مجرد القياس العام ، وهو أن هذا تكثيرٌ للعبادات أو التمسك بالعمومات في فضل العمرة ، ونحو ذلك .
" مجموع الفتاوى " ( 26 / 270 ) .
وقال ابن القيم – رحمه الله - :(12/14)
ولم يكن في عُمَره عمرةٌ واحدةٌ خارجا من مكة ، كما يفعل كثير من الناس اليوم ، وإنما كانت عمَرُه كلُها داخلاً إلى مكة ، وقد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة ، لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجاً من مكة في تلك المدة أصلاً ، فالعمرة التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرعها هي عمرة الداخل إلى مكة ، لا عمرة من كان بها فيخرج إلى الحل ليعتمر ، ولم يفعل هذا على عهده أحدٌ قط ، إلا عائشة وحدها بين سائر من كان معه ؛ لأنها كانت قد أهلت بالعمرة فحاضت فأمرها فأدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة ، وأخبرها أن طوافها بالبيت وبين الصفا والمروة قد وقع عن حجتها وعمرتها ، فوجدت في نفسها أن يرجع صواحباتها بحج وعمرة مستقلين - فإنهن كن متمتعات ، ولم يحضن ، ولم يقرنَّ - وترجع هي بعمرة في ضمن حجتها ، فأمر أخاها أن يُعمرها من التنعيم ؛ تطييباً لقلبها ، ولم يعتمر هو من التنعيم في تلك الحجة ، ولا أحدٌ ممن كان معه .
" زاد المعاد " ( 2 / 89 ، 90 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
ما هي المدة المحددة بعد أخذ العمرة، أتى شخص بعد أسبوع مثلاً، اعتمر قبل أسبوع، فهل يعتمر الآن ؟(12/15)
فأجاب : ذكر الإمام أحمد رحمه الله حدّاً مقارباً ، قال رحمه الله : إذا حمم رأسه ، أي : إذا اسود رأسه بعد حلقه فإنه يأخذ العمرة ؛ لأن العمرة لا بد فيها من تقصير أو حلق ، ولا يتم ذلك إلا بعد نبات الشعر ، وأما ما يفعله بعض الناس اليوم في رمضان ، أو في أيام الحج من تكرار العمرة كل يوم : فهذا بدعة ، وهم إلى الوزر أقرب منهم إلى الأجر ، فلذلك يجب على طلبة العلم أن يبينوا لهؤلاء أن ذلك أمر محدَث ، وأنه بدعي ، فليسوا أحرص من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولا من الصحابة ، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقي في مكة تسعة عشرة يوماً في غزوة الفتح ولم يحدِّث نفسه أن يخرج ويعتمر ، وكذلك في عمرة القضاء أدى العمرة وبقي ثلاثة أيام ، ولم يعتمر ، وكذلك الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يكررون العمرة .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 72 / السؤال رقم 20 ) .
وينظر خلاف العلماء في حكم تكرار العمرة في السنَة الواحدة : جواب السؤال رقم : ( 109321 ) .
ثانياً:
الأصل فيمن أصابها الحيض أنها تمتنع عن الطواف بالبيت ، فإذا كانت طافت طواف الإفاضة : فإنها تنفر ، ويسقط عنها طواف الوداع ، وإن لم تكن قد طافت طواف الإفاضة : فإنه يجب عليها الانتظار حتى تطهر ثم تطوف بالبيت ، ووجودها في قافلة ليس بعذرٍ لترك الطواف ، أو للطواف على حالها ، إن كان يمكنهم انتظارها ، أو كان يمكنها تأخير الخروج من مكة برفقة وليها .(12/16)
وينبغي التفريق بين من يمكنها الرجوع إلى مكة لأداء ذلك الطواف ، وبين من لا يمكنها ذلك إلا بحرج شديد ، فمن كانت قريبة الدار من مكة ، أو كان يمكنها الرجوع لمكة لأداء ما عليها من طواف الإفاضة : فإنه يمكنها النفير مع قافلتها – إن لم تستطع البقاء في مكة – على أن ترجع لأداء ذلك الطواف ، وبشرط أن لا يقربها زوجها – إن كانت متزوجة - ؛ لأنها لم تحل التحلل الأكبر ، فترجع لمكة ، وتطوف طواف الإفاضة ، وتُنهي بذلك حجها .
وأما من لا يمكنها البقاء في مكة ، ولا الرجوع إليها إلا بحرج شديد : فإنه يجوز لها الطواف على حالها ، فتغتسل ، وتشد على نفسها ثياباً تمنع نزول الدم ، ثم تطوف طواف الإفاضة .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 14217 ) .
وينظر جواب السؤال رقم ( 20465 ) في حيض المرأة في العمرة .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
كيف تقصر المرأة من شعرها في الحج والعمرة ؟
السؤال : بعد أن أدت والدتي العمرة قصت خصلة واحدة من شعرها جهلاً منها فما الحكم في ذلك ؟ .
الجواب :
الحمد لله
الحلق أو التقصير من واجبات العمرة ، وليس على النساء حلق ، وإنما المشروع لهن التقصير.
ويلزم التقصير من جميع الشعر ، على الراجح ، وهو مذهب المالكية والحنابلة ، فإن كان لها ضفائر أخذت من أطرافها جميعاً ، وإلا جمعت شعرها وأخذت من جميعه ، والمستحب أن تأخذ قدر أنملة ، ولها أن تقصر أقل من ذلك ؛ لأنه لم يرد تحديد له في الشرع .
قال الباجي رحمه الله في "المنتقى" (3/29) : " وأما المرأة فإنها إذا أرادت الإحرام أخذت من قرونها لتقصر فإذا حلت قصرت .
وكم مقدار ما تقصر ؟ روي عن ابن عمر أنه قال : مقدار أنملة . وقد روى ابن حبيب عن مالك قدر الأنملة أو فوق ذلك بقليل أو دونه بقليل . قال مالك : ليس لذلك عندنا حد معلوم وما أخذت منه أجزأها ولا بد من أن تعم بالتقصير الشعر كله طويله وقصيره " انتهى باختصار .(12/17)
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/196) : " يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره , وكذلك المرأة . نص عليه . وبه قال مالك " انتهى .
وقال : " وأي قدر قصّر منه أجزأه . وقال أحمد : يقصر قدر الأنملة . وهو قول ابن عمر , والشافعي , وإسحاق , وأبي ثور . وهذا محمول على الاستحباب ; لقول ابن عمر " انتهى .
وقال في (3/226) : " والمرأة تقصر من شعرها مقدار الأنملة . الأنملة : رأس الإصبع من المفصل الأعلى . والمشروع للمرأة التقصير دون الحلق . لا خلاف في ذلك . قال ابن المنذر : أجمع على هذا أهل العلم . وقد روى ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس على النساء حلق , إنما على النساء التقصير ) رواه أبو داود . وعن علي رضي الله عنه قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها ) رواه الترمذي . وكان أحمد يقول : تقصر من كل قرن قدر الأنملة . وهو قول ابن عمر , والشافعي , وإسحاق , وأبي ثور . وقال أبو داود : سمعت أحمد سئل عن المرأة تقصر من كل رأسها ؟ قال : نعم , تجمع شعرها إلى مقدم رأسها , ثم تأخذ من أطراف شعرها قدر أنملة " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (7/329) : " قوله: " وتقصر منه المرأة قدر أنملة " ، أي : أنملة الأصبع وهي مفصل الإصبع ، أي أن المرأة تمسك ضفائر رأسها إن كان لها ضفائر ، أو بأطرافه إن لم يكن لها ضفائر ، وتقص قدر أنملة ، ومقدار ذلك اثنان سنتيمتر تقريباً ، وأما ما اشتهر عند النساء أن الأنملة أن تطوي المرأة طرف شعرها على إصبعها فمتى التقى الطرفان فذاك الواجب فغير صحيح " انتهى .
وبناء على ذلك ، فمن قصرت من خصلة واحدة فإنها لم تقصر التقصير المعتبر ، ويلزمها الآن أن تقصر من شعرها على نحو ما ذكرنا ، ولا شيء عليها فيما ارتكبته من محظورات الإحرام فيما سبق .(12/18)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في امرأة لم تتم عمرتها : " وأما ما فعلته من المحظورات ولنفرض أن زوجها جامعها والجماع في النسك هو أعظم المحظورات فإنه لا شيء عليها ، لأنها جاهلة ، وكل إنسان يفعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه " انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/351) باختصار .
وسئل رحمه الله عن : رجل قصر شعره من جانب واحد بعد العمرة ، ثم رجع إلى أهله وتبين له أن فعله غير صحيح ، فماذا عليه ؟ فأجاب : " إن فعل هذا الأمر جاهلاً فالواجب عليه أن يخلع ملابسه الآن ( ويلبس إحرامه ) ويحلق حلقاً كاملاً أو يقصر ، ويكون ما فعله في محل العفو ؛ لأنه كان جاهلاً ، والحلق أو التقصير لا يشترط أن يكون في مكة ، بل يكون في مكة وفي غيرها . أما إن كان ما فعله بناءً على فتوى من أحد العلماء ، فليس عليه شئ ؛ لأن الله يقول ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، وبعض العلماء يرى : أن التقصير من بعض الرأس كالتقصير من كل الرأس " انتهى من "اللقاء الشهري" رقم 10 .
والمرأة لا يلزمها أن تخلع ملابسها قبل التقصير ؛ لأنه لا يحرم عليها لبس الثياب المعتادة في الإحرام ، وإنما تمنع فقط من النقاب والقفازين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لا يشرع استقبال قبر النبي صلى الله عليه وسلم عند الدعاء
رأيت في المسجد النبوي أن الناس يستقبلون قبر النبي صلى الله عليه وسلم عند الدعاء ويرفعون أيديهم ، فهل هذا من السنة ؟
الحمد لله
" ما يفعله بعض الزوار وغيرهم من تحري الدعاء عند قبره صلى الله عليه وسلم مستقبلا للقبر رافعا يديه يدعو ، فهذا خلاف ما عليه السلف الصالح من أصحاب رسول الله وأتباعهم بإحسان .(12/19)
بل هو من البدع المحدثات ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة) أخرجه أبو داود ، والنسائي بإسناد حسن ، وقال صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أخرجه البخاري ومسلم ، وفي رواية لمسلم : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) .
ورأى علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهما رجلا يدعو عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فنهاه عن ذلك ، وقال : ألا أحدثك حديثا سمعته من أبي ، عن جدي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا تتخذوا قبري عيدا ، ولا بيوتكم قبورا ، وصلوا علي ، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم) أخرجه الحافظ محمد بن عبد الواحد المقدسي في كتابه : "الأحاديث المختارة" .
وهكذا ما يفعله بعض الزوار عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم من وضع يمينه على شماله فوق صدره أو تحته كهيئة المصلي فهذه الهيئة لا تجوز عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم ، ولا عند السلام على غيره من الملوك والزعماء وغيرهم ؛ لأنها هيئة ذل وخضوع وعبادة لا تصلح إلا لله ، كما حكى ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح عن العلماء ، والأمر في ذلك جلي واضح لمن تأمل المقام وكان هدفه اتباع هدي السلف الصالح .
وأما من غلب عليه التعصب والهوى والتقليد الأعمى وسوء الظن بالدعاة إلى هدي السلف الصالح فأمره إلى الله ، ونسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق لإيثار الحق على ما سواه ، إنه سبحانه خير مسئول" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/108- 110) .
الإسلام سؤال وجواب
نصيحة إلى الحجاج الذين يؤذون جيرانهم بالتدخين والأغاني
هل من نصيحة توجه إلى الحجاج الذين يؤذون الناس بالمحرمات كالتدخين أو أصوات الأغاني ؟
الحمد لله(12/20)
"لا ريب أن إيذاء المسلمين من المحرمات المعلومة من الدين ، كما قال الله سبحانه : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) الأحزاب/58 ، وإذا كان الإيذاء بالتدخين أو بفتح الراديو أو المسجلات على الأغاني كان الأذى أكبر والإثم أعظم؛ لأن الغناء محرم وهكذا التدخين من المحرمات المضرة بالدين والدنيا والصحة .
وقد قال الله عز وجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الآية بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) لقمان/6 . قال أكثر العلماء : المراد بلهو الحديث الغناء وآلات اللهو .
وقال عز وجل : (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) المائدة/4 ، وقال في وصف نبيه صلى الله عليه وسلم : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) الأعراف/157 ، فبين المولى سبحانه أنه لم يحل لعباده إلا الطيبات ، وأن نبيه صلى الله عليه وسلم إنما أحل لأمته الطيبات ، وهي الأشياء النافعة بلا مضرة ، والدخان من الأشياء الضارة الخبيثة ، وقد أجمع العارفون به من الأطباء وغيرهم على أنه مضر بالصحة ، خبيث العاقبة ، خبيث الرائحة .
وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه وأعاذ الجميع من نزغات الشيطان" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/351، 352) .
الإسلام سؤال وجواب
نصيحة إلى الحجاج الذين يؤذون جيرانهم بالتدخين والأغاني
هل من نصيحة توجه إلى الحجاج الذين يؤذون الناس بالمحرمات كالتدخين أو أصوات الأغاني ؟
الحمد لله(12/21)
"لا ريب أن إيذاء المسلمين من المحرمات المعلومة من الدين ، كما قال الله سبحانه : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) الأحزاب/58 ، وإذا كان الإيذاء بالتدخين أو بفتح الراديو أو المسجلات على الأغاني كان الأذى أكبر والإثم أعظم؛ لأن الغناء محرم وهكذا التدخين من المحرمات المضرة بالدين والدنيا والصحة .
وقد قال الله عز وجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الآية بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) لقمان/6 . قال أكثر العلماء : المراد بلهو الحديث الغناء وآلات اللهو .
وقال عز وجل : (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) المائدة/4 ، وقال في وصف نبيه صلى الله عليه وسلم : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) الأعراف/157 ، فبين المولى سبحانه أنه لم يحل لعباده إلا الطيبات ، وأن نبيه صلى الله عليه وسلم إنما أحل لأمته الطيبات ، وهي الأشياء النافعة بلا مضرة ، والدخان من الأشياء الضارة الخبيثة ، وقد أجمع العارفون به من الأطباء وغيرهم على أنه مضر بالصحة ، خبيث العاقبة ، خبيث الرائحة .
وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه وأعاذ الجميع من نزغات الشيطان" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/351، 352) .
الإسلام سؤال وجواب
بعض الحجاج يلتقطون الصور في المشاعر المقدسة
بعض الناس يلتقطون الصور في المشاعر المقدسة وربما رفع الشخص يديه في الدعاء من أجل التصوير فقط فهل هذا جائز ؟ وهل يخل بالحج أم لا ؟
الحمد لله
"التقاط الصور للحجاج في مكان العبادة غير جائز من وجهين :(12/22)
الوجه الأول : أنهم يفعلون ذلك للاحتفاظ بالصور والذكرى ، وكل تصوير يقصد منه الاحتفاظ للذكرى فإنه حرام .
الوجه الثاني : أنه لا يسلم غالباً من الرياء ؛ لأن الإنسان يأخذ الصور ليريها للناس أنه حج ، ولهذا يفعل كما قال السائل يرفع يديه للدعاء ، وهولا يدعو لكن من أجل أن تلتقط له صورة .
أما إذا احتيج إلى ذلك لكون هذا الرجل نائباً عن شخص فقال : ألتقط الصورة لأثبت أنني حججت ، فإذا وصل إلى صاحبه الذي أنابه مزق الصورة ، فإن ذلك لا بأس به ؛ لأن الحاجة داعية إلى ذلك ، ولم يقصد به مجرد الذكرى ، أو الاقتناء" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/70، 71) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز أن يحج للرسول صلى الله عليه وسلم؟
من باب المحبة للرسول صلى الله عليه وسلم هل يجوز للإنسان أن يحج عنه ؟
الحمد لله
"إهداء القرب للرسول صلى الله عليه وسلم من السفه من حيث العقل ، ومن البدعة من حيث الدين ، أما كونه بدعة في الدين فلأن الصحابة رضي الله عنهم الذين شاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم ولازموه وأحبوه أكثر منا ، ما كانوا يفعلون [ذلك] ، ثم نأتي نحن في آخر الدنيا ونهدي للرسول بالحج عنه ، أو بالصدقة عنه هذا غلط من ناحية شرعية .
ومن الناحية العقلية هو سفه ، لأن كل عمل صالح يقوم به العبد فالنبي صلى الله عليه وسلم له مثله ؛ لأن من دل على خير فله مثل فاعله ، وإذا أهديت ثواب العمل الصالح للرسول صلى الله عليه وسلم فهذا يعني أنك حرمت نفسك فقط ، لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم منتفع بعملك ، له مثل أجرك سواء أعطيته أم لم تعطه ، وأظن هذه البدعة لم تحدث إلا في القرن الرابع ، وعلى ذلك أنكرها العلماء ، وقالوا : لا وجه لها ، وإذا كنت صادقاً في محبة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وأرجو أن تكون صادقاً – فعليك باتباعه واتباع سنته وهديه" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/23) .(12/23)
وللفائدة انظر جواب السؤال رقم (52772) .
الإسلام سؤال وجواب
حج قارنا وضحى ولم يؤدِّ الهدي
رجل قرن الحج بالعمرة وفعل جميع مناسك الحج، وفي أيام منى ذبح أضحية ولم يؤدِّ الهدي لجهله حتى انتهت أيام منى، فهل عليه الهدي؟
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكرت وجب عليه أن يذبح هدياً عن القران بمكة، وله أن يأكل منه، وله أن يُوَكِّل أميناً يذبحه عنه بمكة المكرمة، ولا يجزئ عنه ما ذبح بنية الضحية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/370) .
الإسلام سؤال وجواب
ما حكم صعود جبل الرحمة في يوم عرفات والصلاة عليه؟
هل هناك ثواب معين في صعود جبل الرحمة في يوم عرفات والصلاة عليه؟
الحمد لله(12/24)
"لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث على صعود جبل عرفات الذي اشتهر عند الناس باسم: جبل الرحمة، ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم صعود هذا الجبل في حجه ولا اتخذه منسكاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (خذوا عني مناسككم) ، ودرج على ذلك الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة ومن تبعهم بإحسان، فلم يكونوا يصعدون على هذا الجبل في حجهم ولا اتخذوه منسكاً لهم؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذي ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وقف تحت هذا الجبل عند الصخرات الكبار، وقال : (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة) ولذا قال كثير من العلماء: إن صعود هذا الجبل في الحج على وجه النسك بدعة، منهم الإمام النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ صديق خان، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أن يصلي نفلاً بموقف عرفات، بل اكتفى بصلاة الظهر والعصر في مسجد نمرة، جمعاً وقصراً، ولا اتخذ مصلى بما يسمى جبل الرحمة ليصلي فيه من صعد على هذا الجبل نافلة أو فريضة في يوم عرفات، بل اشتغل بعد صلاته الظهر والعصر بذكر الله تسبيحاً وتهليلاً وتحميداً وتكبيراً وتلبية، وبدعاء ربه والضراعة إليه، حتى غربت الشمس. فاتخاذ مصلى أو مسجد على هذا الجبل ليصلي فيه من صعد عليه من البدع التي أحدثها الجهال .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/206-208) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :(12/25)
"الصعود على جبل عرفات ليس من الأمور المشروعة ، بل هو إن اتخذه الإنسان عبادة بدعة ، لا يجوز للإنسان أن يعتقده عبادة ، ولا أن يعمل به على أنه عبادة ، والرسول صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على فعل الخير ، وأبلغ الناس في تبليغ الرسالة ، وأعلم الناس بدين الله ، لم يصعده ولم يأمر أحداً بصعوده ، ولا أقر أحداً بصعوده فيما أعلم ، وعلى هذا فإن صعود هذا الجبل ليس بمشروع ، بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف خلفه من الناحية الشرقية قال : (وقفت هاهنا ، وعرفة كله موقف) وكأنه صلى الله عليه وسلم يشير بهذا إلى أن كل إنسان يقف في مكانه ، ولا يزدحمون على هذا المكان الذي وقف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/32) .
الإسلام سؤال وجواب
طافوا للوداع وسافروا يوم الحادي عشر ووكلوا من يرمي عنهم اليوم الثاني عشر
بعض الحجاج عندما رموا جميع الجمرات يوم الحادي عشر من ذي الحجة، استأجروا من يرمي عنهم يوم الثاني عشر، وذهبوا إثر ذلك إلى مكة وطافوا طواف الوداع، وذهبوا إلى جدة وركبوا الطائرة؛ ولأن تذكرة الطائرة محددة بذلك الوقت فلا بد من الحضور. هل حجهم صحيح؟ وهل عليهم دم؟ وكم عدد الذبائح عليهم؟
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكر فحجهم صحيح لكنه ناقص بمقدار ما نقصوه من انصرافهم قبل أن يبيتوا بمنى ليلة الثاني عشر، ويرموا الجمرات الثلاث بعد زوال ذلك اليوم، ويودعوا بعده، وهم بلا شك آثمون لفعلهم هذا، المخالف لقوله تعالى : (وأتموا الحج والعمرة لله) ، وقوله عليه الصلاة والسلام : (خذوا عني مناسككم) ، وعليهم أن يستغفروا الله ويتوبوا إليه من ذلك، وعلى كل واحد منهم على القول الراجح دم يجزئ في الأضحية عن ترك المبيت، وآخر عن ترك رمي الجمرات، وثالث عن ترك الوداع؛ لأنهم في حكم من لم يرم؛ لنفرهم قبل الرمي، وفي حكم من لم يودع؛ لوقوع طواف الوداع قبل إكمال مناسكهم.(12/26)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/292) .
الإسلام سؤال وجواب
طاف في الحج من داخل الحجر
حججت لأول مرة، وعند الطواف بالكعبة اقتصرت في أكثر الأشواط على الطواف بالكعبة، وتركت الجدار الفاصل والمجاور للكعبة من الجهة الشمالية، فما هو حكم حجي؟
الحمد لله
"إذا كان الطواف الذي سألت عنه هو طواف الإفاضة -وهو الذي يكون بعد الوقوف بعرفات- فطوافك غير صحيح، ولا يجزئك هذا الحج إلا إذا أعدت هذا الطواف؛ لأن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، فلا بد من رجوعك إلى المسجد الحرام لتطوف بالكعبة سبعة أشواط تبدأ الشوط من الحجر الأسود وينتهي السابع عند الحجر الأسود، ويكون طوافك الأشواط كلها خارج حجر إسماعيل من وراء الجدار، بهذا يجزئك حجك، أما إن كان الطواف طواف الوداع فعليك دم يذبح بمكة للفقراء؛ تكميلاً لحجك، وليس عليك الرجوع إلى البيت، ولو رجعت لم يجزئك عن الدم، أما إذا كان الطواف نافلة فليس عليك شيء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/234) .
الإسلام سؤال وجواب
حكم التلبية الجماعية
ما حكم التلبية الجماعية للحجاج؟ حيث أحدهم يلبي والآخرين يتبعونه.
الحمد لله
"لا يجوز ذلك لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن خلفائه الراشدين رضوان الله عليهم، بل هو بدعة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(12/27)
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/358) .
وانظر جواب السؤال (33746).
الإسلام سؤال وجواب
يدرس في جدة ويقيم في الرياض وينوي العمرة بعد الاختبارات فمن أين يحرم ؟
أنا موظف في الرياض وأدرس منتسباً في جدة وأنوي العمرة من الرياض ، ولكن بعد الاختبارات ، فهل يجب عليَّ أن أذهب من جدة إلى " السيل الكبير " وأحرم للعمرة أو أني أحرم من جدة ؟.
الحمد لله
الواجب على من مرَّ على الميقات وهو يريد الحج أو العمرة أن يحرم منه . راجع السؤال رقم ( 33798 ) و ( 36646 ) .
ولك أن تؤخر إحرامك بالعمرة حتى تنقضي مدة إقامتك في جدة ثم تعود إلى الميقات فتحرم منه ، ولا يجوز لك الإحرام من جدة .
سئلت اللجنة الدائمة عن طالب يدرس في مدينة جدة ، ويسكن في القنفذة تبعد عنها مسافة 350 كم ، وفي خلال يومي الخميس والجمعة يذهب إلى القنفذة ثم يعود إلى جدة فإذا أراد العمرة فمن أين يحرم ؟
فأجابت :
" إذا أنشأت العمرة من جدة فأحرم من جدة ، وإذا نويتها وأنت في القنفذة فإنك تحرم من ميقات أهل اليمن" اهـ. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/136)
وسئل الشيخ ابن عثيمين عن رجل سافر من بلده إلى جدة ثم أراد العمرة فهل يحرم من جدة ؟
الجواب :
لا يخلو الأمر من حالين :
الحالة الأولى : أن يكون الإنسان قد سافر إلى جدة بدون نية العمرة ، ولكن طرأت له العمرة وهو في جدة ، فإنه يحرم من جدة ولا حرج في ذلك ، لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ حيث ذكر المواقيت قال : " وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ " رواه البخاري (1524) ومسلم (1181)(12/28)
الحالة الثانية : أن يكون سافر من بلده بنية العمرة عازما عليها فإنه يجب في هذه الحالة أن يحرم من الميقات الذي يمر به ، ولا يجوز الإحرام من جدة ؛ لأنها دون الميقات ، وقد ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه وقت المواقيت فقال : " هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أهلهن مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ "
فإن أحرم من جدة ونزل إلى مكة في هذه الحال فإن عليه عند أهل العلم فديةً دماً ، يذبحه في مكة ويتصدق به على الفقراء وعمرته صحيحة .
فإن لم يحرم من جدة بعد وصوله إليها وهو ناوٍ العمرة قبل وصوله فإنه يرجع إلى الميقات ويحرم منه ولا شيء عليه . والله أعلم . مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/291)
وسئل الشيخ ابن عثيمين أيضا عن مجموعة من الحجاج عقدوا العزم على الحج وهم من أهل الرياض وقد كلفوا للعمل في مطار جدة وبعضهم عقد نية الإفراد وبعضهم تمتع والآخرون بالقران لكنهم تجاوزوا الميقات ولم يحرموا حيث إن هناك زمنا طويلا بين بداية عملهم وبين موسم الحج بما يقارب الشهر فهل عليهم دم كلهم أو بعضهم حسب النية ؟
الجواب :
أما من أراد منهم التمتع فإن عدم إحرامه من الميقات خطأ مخالف للحكمة ؛ لأن الأولى به أن يحرم من الميقات ويأت بالعمرة ويخرج ، إلى جدة ، وأما من أراد القران والإفراد فصحيح أنه يشق عليه أن يجلس شهرا كاملا في إحرامه ، وإذا جاء وقت الحج خرجوا إلى الميقات الذي تجاوزوه وأحرموا منه ، فإن قُدِّرَ أن تَعَذَّر هذا ولم يتمكنوا من الذهاب إلى الميقات فلهم أن يحرموا من جدة ، وعليهم عند أهل العلم دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء، والتمتع مثلهم ما دام إلى الآن لم يحرم فإذا أراد الإحرام بالعمرة فلا بد أن يذهب إلى السيل ( ميقات أهل الرياض ) ويحرم منه ويطوف ويسعى ويقصر ويحل . مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/291)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(12/29)
بعض الأخطاء التي تحدث في الذهاب إلى منى وفي المبيت بها ليلة عرفة
ما هي الأخطاء التي تحدث في الذهاب إلى منى وفي المبيت فيها؟
الحمد لله
"من الأخطاء التي تكون في الذهاب إلى منى :
أن بعض الناس لا يجهر بالتلبية مع مشروعية الجهر بها ، فتمر بك أفواج الحجاج ولا تكاد تسمع واحداً يلبي ، وهذا خلاف السنة ، وخلاف ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ، فالسنة للإنسان في التلبية أن يجهر بها ويرفع صوته بذلك ما لم يشق عليه ، وليعلم أنه لا يسمعه شيء من حجر أو مدر ، إلا شهد له يوم القيامة عند الله سبحانه وتعالى .
ومن ذلك أيضاً : أن بعض الحجاج يذهب رأساً إلى عرفة ولا يبيت في منى ، وهذا وإن كان جائزاً ؛ لأن المبيت في منى قبل يوم عرفة ليس بواجب ، لكن الأفضل للإنسان أن يتبع السنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث ينزل في منى من ضحى يوم الثامن إلى أن تطلع الشمس لليوم التاسع ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وقال : (لتأخذوا عني مناسككم) رواه مسلم (1218) .
لكنه لو تقدم إلى عرفة ولم يبت في منى في ليلة التاسع فلا حرج عليه ؛ لحديث عروة بن المضرس أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر يوم العيد في مزدلفة وقال : يا رسول الله ، أكللت راحلتي وأتعبت نفسي ، فلم أر جبلاً إلا وقفت عنده فهل لي من حج ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (من شهد صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً ، فقد تم حجه وقضى تفثه) رواه أبو داود (1950) .
ولم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم المبيت بمنى ليلة التاسع ، وهذا يدل على أنه ليس بواجب .(12/30)
ومن الأخطاء في بقاء الناس في منى في اليوم الثامن : أن بعض الناس يقصر ويجمع في منى ، فيجمع الظهر مع العصر ، والمغرب مع العشاء ، وهذا خلاف السنة ، فإن المشروع للناس في منى أن يقصروا الصلاة بدون جمع ، هكذا جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان الجمع جائزاً ؛ لأنه في سفر ، والمسافر يجوز له الجمع نازلاً وسائراً ، لكن الأفضل لمن كان نازلاً من المسافرين أن لا يجمع إلا لسبب ، ولا سبب يقتضي الجمع في منى ، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجمع في منى ، ولكن يقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين ، فيصلي الظهر ركعتين في وقتها ، والعصر ركعتين في وقتها ، والمغرب ثلاثاً في وقتها ، والعشاء ركعتين في وقتها ، والفجر في وقتها" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/16) .
الإسلام سؤال وجواب
تعجل ثم تبين له أنه أخطأ في الرمي فرجع ورمى ليلاً فهل يبقى على التعجل؟
حاج تعجل ثم تبين له أن رميه في اليوم الثاني عشر كان خطأ فرجع ليلاً ورمى هل لا يزال متعجلاً ، أم يلزمه المبيت في منى والرمي من الغد؟
الحمد لله
"هذا الرجل الذي تعجل ، وخرج من منى قبل غروب الشمس ، ثم بان له أن رميه كان فيه خطأ ، فعاد فقضاه فإن له أن يرمي ثم يخرج من منى ، لأن هذا الرمي كان قضاءاً لما فات ، والله سبحانه وتعالى يقول : (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) البقرة/203.
أما لو أخر الرمي يوم الثاني عشر إلى الليل ، فإنه يبقى في تلك الليلة ليبيت في منى ، ثم يرمي الجمرات في اليوم الثالث عشر" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/303) .
الإسلام سؤال وجواب
خرج من عرفات قبل المغرب بسبب المرض؟(12/31)
ما حكم من خرج من عرفة قبل غياب قرص الشمس لمرض ، أو ضعف ، أو كبر ؟
الحمد لله
"القول الراجح أن البقاء بعرفة حتى تغرب الشمس واجب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفع قبل أن تغرب الشمس ، ولو كان جائزاً لدفع قبل أن تغرب الشمس ؛ لأنه نهار وأيسر للناس ، وأيضاً إذا دفع الإنسان قبل أن تغرب الشمس فقد خرج عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى سنة الجاهلية ؛ لأن أهل الجاهلية هم الذين يدفعون من عرفة قبل غروب الشمس ، ومن فعل ذلك فإن كان متعمداً ترتب على فعله أمران :
الأول : الإثم .
الثاني : عند أكثر العلماء فدية يذبحها في مكة ، ويوزعها على الفقراء ، أما إذا خرج قبل غروب الشمس من عرفة وهو جاهل فإنه يسقط عنه الإثم ، لكن يجب عليه عند أكثر العلماء البدل ، وهو أن يذبح شاة في مكة ، يوزعها على الفقراء" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/29) .
الإسلام سؤال وجواب
طاف طواف الإفاضة وهو جنب
حاج أصابته جنابة ليلة عرفة ومضى في حجه حتى انتهى ورجع إلى بلده فماذا عليه ؟
الحمد لله
"على هذا الإثم العظيم الكبير حيث أمضى كل هذه الأيام وهو يصلي على غير طهارة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) فالواجب عليه نحو صلاته أن يعيد كل ما صلى قبل اغتساله .
أما بالنسبة للحج فعليه أن يعيد طواف الإفاضة ، لأنه طاف وعليه جنابة ولا يصح الطواف من الإنسان وهو عليه جنابة ، لأن من عليه جنابة ممنوع من اللبث في المسجد كما قال تعالى : (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ) النساء/43 ، وعليه إذا كان متزوجاً أن يتجنب أهله حتى يرجع إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة ، وفي هذا الحال يحرم من الميقات بالعمرة ، ثم يطوف ويسعى ويقصر ، ثم يأتي بطواف الإفاضة وعليه – مع ذلك كله – التوبة إلى الله بالندم على ما حصل منه ، وأن يرى نفسه مقصراً ، مفرطاً في حق الله ، وأن يعزم على أن لا يعود إلى مثل هذا" انتهى .(12/32)
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 363، 364) .
الإسلام سؤال وجواب
أحوال وأحكام من قصد " جدة " لعمل أو زيارة ثم اعتمر
سافر أبي من الأردن إلى جدة لمؤتمر له هناك ، وقيل لهم : إنهم سوف يؤدون العمرة بعد أن يبيتوا ليلة أو ليلتين في جدة بعد انتهاء المؤتمر ، وفي الطائرة أعلن عن وصول الميقات لمن أراد أن يحرم ، ولم يحرم ، ولكن عندما وصل جدة تفاجأ أن البرنامج قد تغير ، وأنه في ليلة وصولهم عليهم أداء العمرة ، فأحرم من جدة ، وأدَّى العمرة ، ولم يخرج كفارة ، هل عليه شيء ؟
الحمد لله
لا يخلو من قصد جدة للعمل ، واعتمر من حالين :
الأولى : أن ينوي العمرة قبل وصوله لها ، فيكون في سفره إلى جدة قاصداً العمل والعمرة معاً ، بقطع النظر أيهما يكون أولاً .
والثانية : أن يقصد جدة ولم ينو العمرة ، ثم يبدو له أن يعتمر .
ففي الحال الأولى يجب عليه أن يُحرم من الميقات ، ثم يقضي عمله في جدة ، ثم يعتمر ، والأفضل له أن يبدأ بالاعتمار .
فإن تعذر عليه أن يبدأ بالعمرة ، وشق عليه أن يبقى أياما في جدة بثياب الإحرام فله ألا يحرم من الميقات عند مروره عليه ، لكن إذا أراد الإحرام بالعمرة بعد انتهاء عمله في جدة وجب عليه أن يخرج إلى الميقات ليحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم من جدة ، فقد ترك واجباً من واجبات الإحرام ، ويجب عليه أن يذبح شاة في مكة ويوزعها على فقراء الحرم .
وأما الحال الثانية : فلا يلزمه أن يُحرم في الميقات ؛ لأنه لا يقصد العمرة أصلاً ، ولو نوى العمرة بعد انتهاء عمله في جدة : فإنه يُحرم من مكانه في جدة .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :(12/33)
إنني في عطلة الربيع الماضية اصطحبت أهلي وأولادي بنية زيارة أختي في الطائف ، ونأخذ عمرة والعلاج في جدة ، هذه هي النية أساساً ، الذي حصل أننا أقمنا في الطائف يوماً ، ثم ذهبنا إلى جدة مارين بمكة ولم نحرم من السيل ، حيث كنت أعتقد أن ما في ذلك شيء ، فأخرنا العمرة حتى العودة من جدة ، وفعلاً بعد انتهائنا من جدة أحرمنا بالعمرة ، ... فأرجو من سماحتكم توجيهنا للصواب ، وماذا يترتب علينا ؟ .
فأجابوا :
" الواجب على مَن نوى العمرة ثم مرَّ بالميقات : أن يُحرم منه ، ولا يجوز له مجاوزته بدون إحرام ، وحيث لم تحرموا من الميقات : فإنه يجب على كل منكم دم ، وهو ذبح شاة تجزئ في الأضحية تُذبح بمكة المكرمة ، وتقسم على فقرائها ، ولا تأكلوا منها شيئاً " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 176 ، 177 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : مَن سافر مِن بلده إلى جدة ثم أراد العمرة فهل يحرم من جدة ؟
فأجاب :
" لا يخلو الأمر مِن حالين :
1. أن يكون الإنسان قد سافر إلى جدة بدون نية العمرة ، ولكن طرأت له العمرة وهو في جدة : فإنه يُحرم من جدة ، ولا حرج في ذلك ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما حين ذكر المواقيت قال : ( ومَن كان دون ذلك : فمِن حيث أنشأ ، حتى أهل مكة من مكة ) .
2. أن يكون سافر من بلده بنية العمرة عازماً عليها : فإنه يجب في هذه الحالة أن يُحرم من الميقات الذي يمر به ، ولا يجوز الإحرام من جدة ؛ لأنها دون الميقات ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقَّت المواقيت فقال: ( هنَّ لهنَّ ولمن مرَّ عليهن مِن غير أهلهن لمن أراد الحج والعمرة ) .(12/34)
فإن أحرم من جدة ونزل إلى مكة في هذه الحال : فإن عليه عند أهل العلم فدية ، دماً يذبحه في مكة ، ويتصدق به على الفقراء ، وعمرته صحيحة ، فإن لم يحرم من جدة بعد وصوله إليها ، وهو ناوٍ العمرة قبل وصوله : فإنه يرجع إلى الميقات ، ويحرم منه ، ولا شيء عليه.
"فتاوى أركان الإسلام " ( السؤال رقم 467 ) .
وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله :
القادم بالطائرة من الرياض ، ويريد العمرة ومرَّ بمدينة جدة لزيارة بعض الأهل ، أو الأصدقاء ليوم أو ليومين ، هل يلزمه أن يحرم مما يحاذي الميقات من الجو ؟
فأجاب :
" يجب عليه أن يحرم من هذا الميقات إذا مرَّ به أو مرَّ محاذياً له من الأرض أو من الجو ، فإنه لا يتجاوزه إلا بإحرام ، فالذي يذهب بالطائرة يتهيأ للإحرام قبل الركوب بما يريد أن يتهيأ به ، وإذا حاذى الميقات إما أن يسأل الملاحين أو هم يعلنون ذلك للناس أو هو يحتاط ويحرم إذا غلب على ظنه بأنه قرب من الميقات ، فيحرم من الجو ، أما أن يتعداه إلى أن ينزل في مطار جدة : فهذا خطأ ، وإذا فعل هذا فيكون عليه دم " انتهى بتصرف .
وسئل – حفظه الله - :
حتى لو كان سيبقى في جدة ليوم أو ليومين للزيارة ؟ .
فأجاب :
" ولو كان ، سيبقى في جدة ليوم أو ليومين إن أراد أن يبقى في جدة قبل أداء النسك ، يبقى في إحرامه ، وإن نزل إلى مكة وأدَّى النسك ثم رجع إلى جدة إلى عمله : فهذا أحسن ؛ لأن المبادرة بأداء النسك أحسن ، يعني : ما دام نوى العمرة لا يجوز له أن يتعدى الميقات إلا بإحرام ، لا شك في هذا ، ثم هو بعد ذلك هو في خيار ، إن شاء بقي في جدة بإحرامه ، وإن شاء نزل إلى مكة ، وعاد إلى جدة لعمله " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الفوزان " ( 4 / 119 ، 120 ، السؤال رقم 118 و 119 ) .
والخلاصة :(12/35)
إذا كان والدك في سفره من الأردن إلى جدة ناوياً للعمرة – وهذا هو الظاهر - ، فكان الواجب عليه أن يحرم من الميقات أو يخرج من جدة للإحرام من الميقات ، وبما أنه لم يفعل واحداً من الأمرين ، فعليه أن يذبح شاة في مكة ويوزعها على الفقراء ، فإن كان قد غادر مكة ورجع إلى الأردن ، فيبحث عمن يرسل له الأموال ويوكله في الذبح في مكة .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
طاف للعمرة من داخل الحِجْر
امرأة وزوجها أخذا عمرة وطافا ستة أشواط وفي الشوط السابع دخلا ما بين الكعبة والحِجْر ثم رجعا إلى بلدهما . فما الحكم في هذه الحالة ؟
الحمد لله
"الطواف الذي يدخل فيه الإنسان بين الحِجْر وبين الكعبة طواف ناقص ، لأن الواجب أن يكون الطواف بجميع الكعبة مع الحِجْر لقول الله تعالى : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الحج/29 ، وإذا كان ناقصاً لم يكن عليه أمر الله ورسوله . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي مردود عليه .
وبهذا يتبين أن طواف هذين الشخصين – الرجل وزوجته – طواف غير صحيح ، فيجب عليهما الآن ، فوراً أن يلبسا ثياب الإحرام ، وأن يذهبا إلى مكة فيطوفا بنية العمرة ، ويسعيا ويقصرا، أو يحلق الرجل وتقصر المرأة ، وبذلك يحلان من إحرامهما . هذا هو الواجب عليهما الآن .
وأما ما ارتكباه من فعل المحظور وهو صادر عن جهل منهما فلا إثم عليهما فيه ولا فدية ، لقول الله تبارك وتعالى : (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة/286 ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال : (قد فعلت)" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 352، 353) .
الإسلام سؤال وجواب
يريد أن يسافر من مكة ثم يعود لطواف الوداع بعد خفة الزحام
هل يجوز لأهل جدة أن يتركوا طواف الوداع ثم يعودون إلى مكة للإتيان به بعد خفة الزحام ؟.
الحمد لله(12/36)
لا يجوز لأحد من الحجاج أن يسافر من مكة قبل طواف الوداع .
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ هل يصح لأهل جدة النفر من منى إلى جدة دون طواف الوداع ومن ثم الرجوع بعد أيام لطواف الوداع ؟
فأجاب ـ رحمه الله ـ :
لا يجوز لأهل جدة ولا غيرهم أن يذهبوا إلى بلادهم قبل طواف الوداع ثم يرجعوا إلى مكة إذا خف الزحام يجب ألا يغادوا مكة حتى يطوفوا الوداع ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت ) وقال ابن عباس : كان الناس ينصرفون من كل وجه يعني من كل ناحية ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت ) . مجموع فتاوى ابن عثيمين (23/353)
بل إذا رجع بعد ذلك لطواف الوداع فإنه لا ينفعه ، قال الشيخ ابن عثيمين ( إذا خرج من مكة يريد جدة ووصل جدة فإنه لو أتى به ( يعني طواف الوداع ) لا ينفعه ؛ لأنه خرج وودع فكيف ينفعه بعد أن ودع وذهب ) اهـ مجموع فتاوى ابن عثيمين (23/353) .
الإسلام سؤال وجواب
لا يستطيع إخراج تأشيرة حج لوالدته إلا بدفع مال للموظف
أنا بألمانيا بإحدى الدول الأوروبية أريد أن أحجج أمي من هنا نظرا لأن الحج في بلادنا العربية لا يتم إلا بالقرعة ولكن لكي أتحصل على تأشيرة لوالدتي من السفارة السعودية طلب مني دفع إضافة 300 يورو لأن أمي غير مقيمة في ألمانيا، هذا المبلغ المالي لا يذهب إلى ميزانية السفارة وإنما إلى موظف في السفارة لكي يتدبر أمر التأشيرة لوالدتي فهل يعتبر هذا المبلغ رشوة أم أجرا مقابل إسداء خدمة ؟
الحمد لله
إذا كان هذا المال يعطى للموظف ، ولا يذهب إلى ميزانية السفارة ، فهو من الرشوة ، وهدايا العمال المحرمة ويأخذه الموظف سحتاً ومالاً حراماً ؛ لكن إذا لم تتمكن من استخراج التأشيرة إلا بدفع هذا المبلغ له فلا حرج عليه إن شاء الله ، والإثم عليه .(12/37)
فقد استثنى الفقهاء من الرشوة المحرمة ما دفعه الإنسان ليتوصل به إلى حقه ، فتحرم حينئذ على الآخذ دون المعطي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فأما إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراما على الآخذ , وجاز للدافع أن يدفعها إليه , كما كان النبي يقول : ( إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها نارا . قيل : يا رسول الله , فلم تعطيهم ؟ قال : يأبون إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل ) انتهى من "الفتاوى الكبرى" (4/174).
وقال تقي الدين السبكي رحمه الله : " والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل ، وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم على من يأخذها , وأما من لم يعطها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز . وهكذا حكم ما يعطى على الولايات والمناصب يحرم على الآخذ مطلقا ويفَصَّل في الدافع على ما بينا " انتهى من "فتاوى السبكي" (1/204).
ولزيادة التفصيل راجع السؤال رقم (72268)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لبست النقاب والقفازين أثناء طواف الإفاضة(12/38)
لدي استفسارات متعلقة بالحج، أرجو التفضل على إجابتها مأجورين. وهو: أني حججت هذا العام وكنت قد نويتها قرانا، ولدي في حجتي هذه إشكالان: في أول مجيئنا لمكة المكرمة لم نعتمر وأجلناها إلى اليوم الثامن، وخلال أيام إحرامي نزلنا عند جماعة هم بنات مثلنا وأجبروني وأنا محرمة على أن يضعوا لي مكياج وأنا كنت منكرة هذا الأمر إنكاراً فقط ليس بناء على أنه لا يجوز الزينة في الإحرام لأن هذا ذهب عن بالي ، ثم بعد ذلك استخدمت كريم نيفيا لإزالة آثار المكياج ، فما أدري هل عليّ شيء بصنعي هذا ؟ مع العلم أنني كنت متحرزة شديدة التحرز من الروائح ولم نستخدم الصابون ولا أي شيء له رائحة ولم أعمل أي محظور سوى هذا . ثم بعد ذلك لما أردنا في اليوم الثامن أن نعتمر أصبت عذراً حتى اليوم الثاني من أيام التشريق، مع العلم أنني في اليوم الأول من أيامه قد رمى ولينا عنا وهي جمرة العقبة ، وأحللنا قبل طواف الإفاضة ، وهذا جائز لمن قد اعتمر ، أما أنا فقارنة لم أعتمر فقد أحللت إحرامي ناسية ثم ذبحت دما ، وقبل انصرافنا من مكة طاف من معي الوداع وأنا طفت الإفاضة وسعيت على اعتبار أنها عمرة الحج – وقد كنت لابسة النقاب والقفازين ، ثم خلعتها بعد الطواف وأنا مترددة في أمري فلست أدري هل علي شيء ؟
الحمد لله
أولا :
القارن بين الحج والعمرة لا يعتمر عند قدومه مكة ، وإنما يطوف للقدوم وهو سنة ليس واجباً ، ثم إن شاء سعى بعده أو يؤخر هذا السعي بعد طواف الإفاضة ، ويكفي هذا السعي عن الحج والعمرة جميعاً ، وعليه فكونك لم تطوفي ولم تسعي عند وصولك إلى مكة لا شيء فيه .
ويلزم القارن أيضاً طوافان : الأول طواف الإفاضة بعد رجوعه من عرفات والمزدلفة ، وطواف الوداع عند خروجه من مكة ، وله أن يؤخر طواف الإفاضة فيطوف عند خروجه من مكة طوافاً واحداً للإفاضة والوداع معاً ، كما فعلت .
ثانيا :(12/39)
استعمال المحرمة للزينة التي ليست طيبا ، لا حرج فيه . والمحظور هو استعمال الطيب . وعليه فلا حرج فيما صنعت من وضع المكياج ، واستعمال الكريم لإزالته ، وإن كان الأحوط عدم استعمال هذا الكريم لأجل ما فيه من الرائحة ، لكنه ليس طيبا في الأظهر ، ولا يسمى صاحبه متطيبا .
ثالثا :
إذا رمى الحاج جمرة العقبة ، وقصر من شعره ، فقد تحلل التحلل الأول ، سواء كان مفردا أو متمتعا أو قارنا ، فيباح له كل شيء إلا النساء ، فيجوز له استعمال الطيب ، وتقليم الأظافر ، ولبس المخيط إن كان رجلا ، وتلبس المرأة النقاب والقفازين , وإنما يمنع بعد هذا التحلل من الجماع فقط .
ويجوز التوكيل في الرمي للضعفة والنساء عند شدة الزحام .
وقد ذكرت أنك تحللت بعد الرمي ، ولم تبيني مرادك بالتحلل ، ولم تذكري شيئا عن تقصير الشعر ، فإن كنت قد قصرت من شعرك فقد تحللت التحلل الأول ، فيحل لك كل شيء إلا الجماع ، ويكون لبسك للنقاب والقفازين في طواف الإفاضة جائزاً ، أما إذا كنت لم تقصري شعرك قبل الطواف فأنت باقية على إحرامك ويكون لبسك للنقاب والقفازين في طواف الإفاضة غير جائز ، وعليك الفدية ، وهي صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم ، أو ذبح شاة توزع على فقراء الحرم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
نسي طواف الإفاضة وعاد إلى بلده ولم يمكنه الرجوع إلى مكة
خالي شيخ متقدم في السن أعمى حج منذ 4 سنوات ونسي القيام بطواف الإفاضة ولم يقدر على القيام بطواف الوداع فماذا عليه أن يفعل ليتم حجه ؟ هل يجوز له أن يوكل من يعوضه لقضاء الطواف ؟ .
الحمد لله
أولا :
طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يتحلل المحرم التحلل الأكبر إلا بفعله ، وبناء على ذلك فخالك لا يزال محرما ، والواجب في حقه أمور :
1- الامتناع عن الجماع حتى يطوف للإفاضة ، ويتحلل التحلل الأكبر .(12/40)
وإن كان قد جامع وهو لا يدري أنه لا يزال محرماً فلا شيء عليه ، لكن يلزمه الامتناع عن الجماع من الآن .
2- الذهاب إلى مكة ، والطواف للإفاضة .
ويستحب أن يكون الدخول إلى مكة بعمرة ، ثم إذا فرغ منها وقصر من شعره ، طاف للإفاضة ، وذلك حتى لا يدخل مكة بغير إحرام .
ينظر : "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/194).
3- أما طواف الوداع فإذا طاف للإفاضة ثم خرج من مكة عقب الطواف أجزأ طواف الإفاضة عن طواف الوداع .
ثانيا :
لا يجوز له أن يوكل من يطوف عنه ؛ لأن الطواف ركن ، فلا تدخله النيابة .
لكن إن عجز عن المجيء لمكة ، لمرض أو عجز عجزا ماليا ، فإن بعض أهل العلم يعتبرونه في حكم المحصر ، فيذبح شاة في مكانه ويوزعها على الفقراء والمساكين ، وبهذا يتحلل ، ولا شيء عليه بعد ذلك . لكن إن كانت هذه هي حجة الإسلام ، فإنها تبقى في ذمته ؛ لأن حجه هذا لم يكتمل ، فمتى ما استطاع الحج وجب عليه .
قال الرملي في حاشيته على "أسنى المطالب" (1/529) : " استنبط البلقيني من الإحصار عن الطواف أن الحائض إذا لم تطف للإفاضة , ولم تمكنها الإقامة حتى تطهر وجاءت بلدها , وهي محرمة وعدمت النفقة , ولم يمكنها الوصول إلى البيت أنها كالمحصر فتتحلل بالنية والذبح والحلق " انتهى .
ومثله في "مغني المحتاج" (2/314) و "نهاية المحتاج" (3/317).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الوشم على الجسم هل يمنع من أداء الحج
ما حكم الوشم على الجسم وهل هو مانع إذا ما أراد الموشوم أداء فريضة الحج ؟ .
الحمد لله
يحرم الوشم في الجسم لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه : ( لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة ) والوشم يكون في الخد والشفة وغيرهما من الجسم بأن يغير لونها بزرقة أو خضرة أو سواد ولا يمنع الوشم من أداء الحج .
فتاوى اللجنة الدائمة 5/198
نزل عليها دم فاسد فظنته حيضاً ولم تطف طواف الوداع(12/41)
لما أرادت طواف الوداع نزل عليها دم فظنته حيضاً ، فسافرت ، ثم تبين لها بعد رجوعها أنها حامل ، وأن الدم دم فساد ، فهل يلزمها شيء ؟.
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
لا شيء عليها . والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الذهاب للمزارات والمساجد التي صلى بها الرسول صلى الله عليه وسلم
أرى بعض الناس عند زيارة المدينة المنورة يأتون المساجد السبعة بالإضافة إلى المسجد النبوي ومسجد قباء ، وفي الطائف يحرصون على أن يأتوا مسجد عداس وكذلك مساجد في مكة للصلاة فيها ، فما حكم ذلك ؟.
الحمد لله
قصد المسجد النبوي بالسفر عمل مشروع دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد : مسجدي هذا ومسجد الحرام والمسجد الأقصى " رواه البخاري ومسلم واللفظ له ، وأيضا الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام .
ومما يضاف إليه من الأماكن المشروع زيارتها دون قصدها بالسفر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه وزيارة قبور أهل البقيع وقبور شهداء أحد وآخر ذلك : زيارة مسجد قباء .
أما زيارة تلك القبور فمشروعيتها داخلة في عموم قوله صلى الله عليه وسلم " إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " رواه مسلم .
قال شيخ الإسلام - رحمه الله - : " ويستحب أيضا زيارة قبور أهل البقيع وشهداء أحد للدعاء لهم والاستغفار لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصد ذلك مع أن هذا مشروع لجميع موتى المسلمين " ( مجموع الفتاوى 17/470 )(12/42)
وأما زيارة مسجد قباء فدليل ذلك ما جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قباء راكبا وماشيا " وفي رواية : " فيصلي فيه ركعتين " رواه البخاري ومسلم ولقوله صلى الله عليه وسلم : " من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء وصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة " رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 6154 ).
أما زيارة بقية المساجد والأماكن الأثرية وادعاء أنها " مما ينبغي أن يزورها المرء " فهذا لا أصل له ، ويجب المنع من زيارتها للوجوه التالية :
الوجه الأول :
عدم ورود الدليل الشرعي على تخصيص تلك المساجد بالزيارة كما هو الحال بالنسبة لمسجد قباء , والعبادات كما هو معلوم مبناها على الاتباع لا على الابتداع .
الوجه الثاني :
أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أحرص الناس على اقتفاء سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يعرف عنهم زيارة تلك المساجد أو الأماكن الأثرية ، ولو كان خيرا لسبقونا إليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار يذهبون من المدينة إلى مكة حجاجا وعمارا ومسافرين ولم يقل أحد منهم أنه تحرى الصلاة في مصليات النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن هذا لو كان عندهم مستحبا لكانوا إليه أسبق فإنهم أعلم بسنته وأتبع لها من غيرهم ) ( اقتضاء الصراط المستقيم 2/748 ) .
الوجه الثالث :(12/43)
المنع من زيارتها سدا للذريعة ، وهذا المنع يدل عليه عمل السلف الصالح وعلى رأسهم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فعن المعرور بن سويد رحمه الله قال : " خرجنا مع عمر بن الخطاب فعرض لنا في بعض الطريق مسجد فابتدره الناس يصلون فيه فقال عمر : ما شأنهم ؟ فقالوا : هذا مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر : أيها الناس إنما هلك من كان قبلكم باتباعهم مثل هذا حتى أحدثوها بيعا فمن عرضت له فيه صلاة فليصل ومن لم تعرض له فيه صلاة فليمض " ( أخرجه ابن وضاح في كتابه البدع والنهي عنها وصححه ابن تيمية في المجموع 1/281 ) .
قال شيخ الإسلام - رحمه الله - معلقا على هذه القصة : ( لما كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد تخصيصه بالصلاة فيه ، بل صلى فيه لأنه موضع نزوله رأى عمر أن مشاركته في صورة الفعل من غير موافقة له في قصده ليس متابعة ، بل تخصيص ذلك المكان بالصلاة من بدع أهل الكتاب التي هلكوا بها ، ونهى المسلمين عن التشبه بهم في ذلك ، ففاعل ذلك متشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصورة ، ومتشبه باليهود والنصارى في القصد الذي هو عمل القلب ، وهذا هو الأصل فإن المتابعة في النية أبلغ من المتابعة في صورة العمل " ( مجموع الفتاوى 1/281 )
وورد في قصة أخرى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغه أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بها فقطعت " ( أخرجه ابن وضاح في كتابه البدع والنهي عنها ، وابن أبي شيبة في مصنفه 2/375 ، وصحح إسناده ابن حجر في فتح الباري 7/448 ، وقال الألباني رحمه الله : رجال إسناده ثقات ) ، قال ابن وضاح القرطبي رحمه الله : ( وكان مالك ابن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان المساجد وتلك الآثار للنبي صلى الله عليه وسلم ما عدا قباء وأحدا ) ( البدع والنهي عنها ص43 ) والمراد بقوله أحدا : زيارة قبور شهداء أحد .(12/44)
قال شيخ الإسلام - رحمه الله - : ( ولهذا لم يستحب علماء السلف من أهل المدينة وغيرها قصد شيء من المزارات التي بالمدينة وما حولها بعد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم إلا مسجد قباء لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد مسجدا بعينه يذهب إليه إلا هو ) ( مجموع الفتاوى 17/469 ) .
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - بعد أن ذلك المواضع التي يشرع زيارتها في المدينة : ( أما المساجد السبعة ومسجد القبلتين وغيرها من المواضع التي يذكر بعض المؤلفين في المناسك زيارتها فلا أصل لذلك ولا دليل عليه والمشروع للمؤمن دائما هو الاتباع دون الابتداع ) ( فتاوى إسلامية 2/313 ) .
وقال فضيلة الشيخ العلامة محمد بن عثيمين حفظه الله : ( ليس هناك شيء يزار في المدينة سوى هذه : زيارة المسجد النبوي ، زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، زيارة البقيع ، زيارة شهداء احد ، زيارة مسجد قباء ، وما عدا ذلك من المزارات فإنه لا أصل له ) ( فقه العبادات ص 405 ) .
وقد يظن بعضهم أن اشتراط عدم اعتقاد فضلها كاف في تسويغ الذهاب إليها أو إلى غيرها من الأماكن الأثرية وهذا مردود للأسباب التالية :
أولا : السلف الصالح - رحمهم الله - منعوا الذهاب إليها مطلقا دون تفصيل .
ثانيا : أن الذهاب إليها وتخصيصها بالزيارة لكونها على أرض المدينة التي شهدت ظهور الدعوة وبها مواقع بعض الغزوات دليل اعتقاد فضلها إذ لولا قيام هذا الاعتقاد في القلب لما انبعث القلب لتخصيصها بالزيارة .(12/45)
ثالثا : لو سلمنا جدلا عدم وجود اعتقاد فضيلتها عند زيارتها فإن زيارتها ذريعة إلى ذلك وإلى حدوث ما لا يشرع ، وسد الذرائع مما جاءت به الشريعة كما لا يخفى بل إن العلامة ابن القيم - رحمه الله - ذكر تسعة وتسعين وجها يدل على هذه القاعدة ثم بعد أن ذكر الوجه التاسع والتسعين قال : " وباب سد الذرائع أحد أرباع التكليف ، فإنه أمر ونهي ، والأمر نوعان أحدهما : مقصود لنفسه ، والثاني : وسيلة إلى المقصود ، والنهي نوعان أحدهما : ما يكون النهي عنه مفسدة في نفسه ، والثاني : ما يكون وسيلة إلى المفسدة ، فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين " ( إعلام الموقعين 3/143 )
رابعا : التغرير بالجهال عندما يشاهدون كثرة من يزور تلك المساجد أو الأماكن الأثرية فيعتقدون أنه عمل مشروع .
خامسا : أن التوسع في ذلك والدعوة إلى زيارة الأماكن الأثرية كجبل أحد وجبل النور بقصد السياحة والترفيه ذريعة من ذرائع الشرك ، وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء رقم ( 5303) المنع من صعود غار حراء لهذا الأمر ، والله المستعان .
مجلة الدعوة العدد/1754 ص/55 .
أحرمت وطافت وسعت وهي حائض ...
سؤالي عن امرأة حجت منذ سنوات ، و أحرمت من الميقات وطافت وسعت وهي حائض ( لا أدري هل عن جهل ) أرجو الإفادة في كل الأحوال , ثم إنها اعتمرت بعد ذلك مرات عديدة , فما الحكم ؟.
الحمد لله
لا يشترط في الإحرام والسعي الطهارةُ من الحيض ، غير أن المرأة الحائض ممنوعة من الطواف بالبيت حتى تطهر .(12/46)
وعلى هذا فإن المرأة التي تريد الحج أو العمرة تحرِمُ من الميقات وهي حائض وينعقد إحرامها ، والدليل على ذلك أن أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر رضي الله عنها ولدت والنبي صلى الله عليه وسلم نازل في ذي الحليفة ( ميقات أهل المدينة ) يريد الحج ، فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم كيف أصنع ؟ قال : " اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي " رواه مسلم ( 1218 ) ومعناه أنها تشد على فرجها خرقة وتربطها ثم تحرم سواء بالحج أو بالعمرة ، ودم الحيض كدم النفاس فالمرأة الحائض إذا مرت بالميقات تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم عملا بالحديث .
وكذلك يصح السعي بين الصفا والمروة من المرأة وهي حائض ، أما الطواف فغير صحيح ، والدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها حين حاضت في أثناء العمرة : ( افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي ) رواه البخاري ( 1650 ) ومسلم ( 1211 ) .
وعلى هذا ، فهذه المرأة لم تتحلل التحلل الثاني من إحرامها بالحج ويلزمها إعادة الطواف ولا يباشرها زوجها إن كانت متزوجة حتى تطوف .
هذا هو حكم هذه المسألة سواء فعلت ذلك بعلم أم فعلته جاهلة ، غير أنها إذا فعلت ذلك بعلم فإنها تأثم لارتكابها هذا المنكر بلا عذر ، أما إذا كانت جاهلة فإنها لا إثم عليها ، لكن يلزمها الإتيان بهذا الطواف ولا تتحلل التحلل الثاني حتى تأتي به كما سبق ، وكونها اعتمرت بعد هذا مرات عديدة لا يسقط عنها هذا الطواف .
سئلت اللجنة الدائمة عن حكم حجة الحائض فأجابت : " الحيض لا يمنع من الحج ، وعلى من تحرم وهي حائض أن تأتي بأعمال الحج ، غير أنها لا تطوف بالبيت إلا إذا انقطع حيضها واغتسلت ، وهكذا النفساء ، فإذا جاءت بأركان الحج فحجها صحيح " . فتاوى اللجنة الدائمة 11/172(12/47)
وسئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عمن دخلت الحرم وطافت وسعت وصلَّت وهي حائض فأجاب بقوله : " لا يحل للمرأة إذا كانت حائضا أو نفساء أن تصلي ، سواء في مكة أو في بلدها أو في أي مكان لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة : ( أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ) ، وقد أجمع المسلمون على أنه لا يحل لحائض أن تصوم ولا يحل لها أن تصلي ، وعلى هذه المرأة التي فعلت ذلك عليها أن تتوب إلى الله وأن تستغفر مما وقع منها ، وأما طوافها حال الحيض فهو غير صحيح وأما سعيها فصحيح ، لأن القول الراجح جواز تقديم السعي على الطواف في الحج وعلى هذا فيجب عليها أن تعيد الطواف ؛ لأن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج ، ولا يتم التحلل الثاني إلا به ، وبناء عليه فإن هذه المرأة لا يباشرها زوجها إن كانت متزوجة حتى تطوف ولا يعقد عليها النكاح إن كانت غير متزوجة حتى تطوف ) مجموعة فتاوى الشيخ محمد صالح بن عثيمين 22/382 .
الإسلام سؤال وجواب
حكم تجاوز الميقات بدون إحرام
حكم تجاوز الميقات بدون إحرام
الحمد لله
الإحرام من الميقات من واجبات الحج والعمرة ، فلا يجوز لأحد تجاوزُ الميقاتِ بدون إحرام وهو يريد أحد هذين النسكين ( الحج أو العمرة ) ، سواء أتى برا أم بحرا أم جوا .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عن حكم من تجاوز الميقات بدون إحرام فأجاب بقوله : " من تجاوز الميقات بدون إحرام فلا يخلو من حالين : إما أن يكون مريدا للحج أو العمرة ، فحينئذ يلزمه أن يرجع إليه ليحرم منه بما أراد من النسك ، الحج أو العمرة ، فإن لم يفعل فقد ترك واجبا من واجبات النسك ، وعليه عند أهل العلم فدية ؛ دم يذبحه في مكة ، ويوزعه على الفقراء هناك .(12/48)
وأما إذا تجاوزه وهو لا يريد الحج ولا العمرة ، فإنه لا شيء عليه ، سواء طالت مدة غيابه عن مكة أم قصرت ، وذلك لأننا لو ألزمناه بالإحرام من الميقات لكان الحج يجب عليه أكثر من مرة أو العمرة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الحج لا يجب في العمر إلا مرة ، وأن ما زاد فهو تطوع ، وهذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم فيمن تجاوز الميقات بغير إحرام أي أنه إذا كان لا يريد الحج ولا العمرة ، فليس عليه شيء ، ولا يلزمه الإحرام من الميقات " . فقه العبادات ص 283 وفتاوى أركان الإسلام ص 513 .
وعلى هذا ، فكان الواجب عليك أن تعود إلى الميقات بعد هبوط الطائرة لتحرم منه ، فإن لم ترجع وأحرمت بعد مجاوزة الميقات فالواجب عليك عند أهل العلم أن تذبح شاة وتوزعها على الفقراء في مكة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
أخطأ فرمى قبل وقت الرمي
ماذا يجب على من رمى الجمار ضحى ثاني يوم العيد، ثم علم بعد ذلك أن وقت الرمي هو بعد الظهر؟.
الحمد لله
من رمى الجمار ثاني يوم عيد الأضحى قبل الزوال فعليه أن يعيد رميها بعد زوال ذلك اليوم، فإن لم يعلم خطأه إلا في اليوم الثالث أو الرابع أعاد رميها بعد الزوال من اليوم الثالث أو الرابع بعد الزوال ، قبل أن يرمي لذلك اليوم الذي ذكر فيه ، فإن لم يعلم إلا بعد غروب شمس اليوم الرابع لم يرم، وعليه دم يذبح بالحرم ويطعمه الفقراء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة ( فتاوى اللجنة 11/273).
حكم تقبيل أستار الكعبة والمصحف والحجر الأسود
ما حكم تقبيل أستار الكعبة – الحجر الأسود – المصحف ؟.
الحمد لله(12/49)
تقبيل أي مكان في الأرض بدعة إلا الحجر الأسود ولولا الإتباع لكان تقبيل الحجر الأسود بدعة وكان عمر رضي الله عنه الله عنه يقول ( إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا النبي صلى الله عليه وسلم قبلّك ما قبلتك ) لذلك لا يجوز تقبيل أستار الكعبة أو الحجرات أو الركن اليماني أو المصحف وكذلك التمّسح به إذا كان من أجل التبرك به إذ أن مسحه للتعبد فقط .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
أخطأ وتعجل في اليوم الحادي عشر
من ترك الرمي في اليوم الثاني عشر ظناً منه أن هذا هو التعجّل وغادر ولم يطف للوداع فما حكم حجه ؟.
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" حجّه صحيح ، لأنه لم يترك فيه ركناً من أركان الحجّ ، ولكنه ترك فيه ثلاث واجبات إن كان لم يبت ليلة الثاني عشر بمنى .
الواجب الأول : المبيت بمنى ليلة الثاني عشر .
والواجب الثاني : رمي الجمار في اليوم الثاني عشر .
والواجب الثالث : طواف الوداع .
ويجب عليه لكل واحد منها دمّ يذبحه في مكّة ويوزعه على الفقراء " . "فتاوى أركان الإسلام" ( ص 566) .
لأن من ترك واجباً من واجبات الحج لزمه دم ويذبحه في مكة ويفرقه على الفقراء .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجب طواف الوداع على أهل جدة ؟
نحن مقيمون في جدة وأردنا الحج ، وذهبنا للحج ، ولم نطف طواف الوداع لأن والدي رفض وقال لنا : لا يطوفه إلا المسافر ، فماذا نفعل ؟.
الحمد لله
سئل علماء اللجنة الدائمة :
أقيم في مدينة جدة ، وأذهب إلى مكة دائماً فهل أودع البيت الحرام بعد الحج ، أم أُأخر لحين سفري إلى بلدي ، وهل في تأخير طواف الوداع كفارة ؟
فأجابوا :(12/50)
" إذا حججت فلا تسافر عقب حجِّك إلى جدة حتى تطوف طواف الوداع ، وإذا سافرت قبل الوداع فعليك هدي تذبحه في الحرم ، ولا تأكل منه ، بل أطعمه الفقراء ، لأن طواف الوداع واجب بعد الحج ، لعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما : " أُمِرَ الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض " متفق على صحته ، وعليك التوبة إلى الله من خروجك إلى جدة قبل طواف الوداع .
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/303)
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
هل يجوز للحاج أن يسافر إلى جدة دون أن يطوف طواف الوداع ؟ وما الذي يلزم من فعل ذلك ؟
فأجاب :
لا يجوز للحاج أن ينفر من مكة بعد الحج إلا بعد طواف الوداع لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت " رواه مسلم ، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : " أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" فلا يجوز لأهل جدة ولا لأهل الطائف ولا غيرهم الخروج من مكة بعد الحج إلا بعد الوداع .
فمن سافر قبل الوداع فإن عليه دماً لكونه ترك واجباً ، وقيل في ذلك أقوال أخرى ، ولكن هذا هو الصواب عند أهل العلم في هذه المسألة ، وقال بعض أهل العلم : لو رجع بنيّة طواف الوداع أجرأه ذلك وسقط عنه الدم ، ولكن هذا فيه نظر ، والأحوط للمؤمن ما دام سافر مسافة قصر ولم يودع فإن عليه دماً يجبر به حجه " (مجلة الدعوة العدد 1685)
وإذا لم يستطع ذبح شاة لعجزه فلا شيء عليه ولا يلزمه الصيام .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد تفصيل علمي في حكم من ترك واجباً :
وحينئذ نقول لمن ترك واجباً : اذبح فدية في مكة ووزعها على الفقراء بنفسك أو وكِّل من تثق به من الوكلاء ، فإن كنت غير قادر : فتوبتك تجزئ عن الصيام وهذا هو الذي نراه في المسألة . اهـ. الشرح الممتع (7/441)
والله أعلم .(12/51)
الإسلام سؤال وجواب
اعتمرت عدة مرات ولم تكن تأخذ من شعرها فما الحكم ؟
ما حكم من عملت عمرة أو أكثر ولكنها لم تقصر من شعرها ، وبعدها عملت أكثر من عمرة وقصرت ، فهل عليها شيء فيما مضى ؟ .
الحمد لله
من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة كالحلق أو التقصير فعليه عند العلماء فدية ( دم ) يذبح في مكة ويوزع على الفقراء
سئل الشيخ ابن عثيمين عمن اعتمر ولم يحلق أو لم يقصر ناسيا أو جاهلا فما حكم عمرته ؟
فأجاب :
العمرة صحيحة وإن لم يحلق أو يقصر ، وذلك لأن الحلق أو التقصير ليس من أركان العمرة ، وإنما هو من الواجبات ، وإذا تركه الإنسان ناسيا فإنه يحلق متى ذكر إلا إذا فات الأوان ، فإنه يذبح في مكة فدية يتصدق بها على الفقراء ، ولا إثم عليه [في] هذه الحال ما دام ناسيا أو جاهلا . اهـ.
مجموع فتاوى ابن عثيمين (22/466) 1000
وسئل أيضاً عن رجل تحلل من عمرته بعد أن طاف وسعى ولم يحلق ولم يقصر ثم أحرم بالحج ، ماذا يلزمه ؟
فأجاب :
الظاهر أنه باق على تمتعه ، ولكنه يلزمه عن ترك الحلق أو التقصير فدية ، بناء على ما هو مشهور عند الفقهاء من أن ترك الواجب تلزم فيه الفدية فإذا كان موسرا قادرا وجب عليه أن يذبح فدية في مكة وتوزع كلها على الفقراء ، وإن لم يكن قادرا فلا شيء عليه ، أما النسك فهو تمتع ، لأن هذه هي نيته . اهـ.
مجموع فتاوى ابن عثيمين (22/468) 1004.
الإسلام سؤال وجواب
طافت ابنته الصغيرة شوطين ولم تكمل العمرة لمرضها
أنا من قاطني مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية ذهبت في شهر رمضان لأداء العمرة أنا وزوجتي وأبنائي الثلاثة وأحرمت بنتي الكبرى (10 سنوات) ونوت العمرة ولم تشترط وكانت مريضة فطافت شوطين ولم تستطع أن تكمل عمرتها وعدنا إلى الرياض ، فهل علي شيء وماذا أفعل .
الحمد لله(12/52)
إذا كانت ابنتك قد بلغت وقت قطعها إحرامها : فإنه يلزمها الفدية – وهي شاة تُذبح في مكة وتوزع على فقراء الحرم - عند جمهور العلماء ، وهو حكم كل من أُحصر بعدو أو مرض أو نحوهما مما يعيقه عن تتمة نسكه ولم يكن قد اشترط .
وللمسلم أن يشترط في إحرامه إذا كان يخشى أن يعيقه أي ظرف طارئ عن إتمام عمرته وحجه كالمرض أو الخوف أو غير ذلك ، فيقول بعد إحرامه : " إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني " ، وفائدة هذا الاشتراط أنه لو عاقه شيء فإنه يحل من إحرامه بلا فدية .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
إذا تجاوز الميقات ملبيا بحج أو عمرة ولم يشترط وحصل له عارض كمرض ونحوه يمنعه من إتمام نسكه فماذا يلزمه أن يفعل ؟
فأجاب :
هذا يكون محصراً ، إذا كان لم يشترط ثم حصل عليه حادث يمنعه من التمام : إن أمكنه الصبر لعله يزول أثر الحادث ثم يكمل : صبر ، وإن لم يتمكن من ذلك : فهو محصَر على الصحيح ، والله قال في المحصر: { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } البقرة / 196 ، والصواب أن الإحصار يكون بالعدو ويكون بغير العدو ، فيهدي ويحلق ويقصر ويتحلل ، هذا هو حكم المحصر : يذبح ذبيحة في محله الذي أحصر فيه ، سواء كان في الحرم أو في الحل ويعطيها الفقراء في محله ولو كان خارج الحرم.
فإن لم يتيسر حوله أحد نقلت إلى فقراء الحرم أو إلى من حوله من الفقراء أو إلى فقراء بعض القرى ثم يحلق أو يقصر ويتحلل ، فإن لم يستطع الهدي صام عشرة أيام ثم حل أو قصر وتحلل .
" تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام " .
وإن كانت غير بالغة : فقد اختار بعض أهل العلم بأنه ليس عليك ولا عليها شيء ؛ وذهبوا إلى عدم لزوم المضي فيما أحرم به الصبي ؛ وذلك لأن الصبي ليس من أهل الالتزام ؛ ولأنه أرفق بالناس ؛ إذ قد يظن الولي أن الإحرام به سهل ثم يتبين له أن الأمر بخلاف ذلك .(12/53)
وهذا قول الحنفية وابن حزم واختاره من المتأخرين الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
اعتمرت وصلت وهي حائض
حججت وجاءتني الدورة الشهرية قبل طواف الإفاضة فاستحييت أن أخبر أحدا ودخلت الحرم فصليت وطفت وسعيت فماذا عليّ ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله :
" لا يحل للمرأة إذا كانت حائضا أو نفساء أن تصلي سواء في مكة أو في بلدها أو في أي مكان لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة : " أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم " . .
وقد أجمع المسلمون على أنه لا يحل لحائض أن تصوم ولا يحل لها أن تصلي ، وعلى هذه المرأة التي فعلت ذلك عليك أن تتوب إلى الله وأن تستغفر مما وقع منها وأما طوافها حال الحيض فهو غير صحيح وأما سعيها فصحيح لأن القول الراجح جواز تقديم السعي على الطواف في الحج وعلى هذا فيجب عليها أن تعيد الطواف لأن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج ولا يتم التحلل الثاني إلا به وبناء عليه فإن هذه المرأة لا يباشرها زوجها إن كانت متزوجة حتى تطوف ولا يعقد عليها النكاح إن كانت غير متزوجة حتى تطوف والله تعالى أعلم "
انتهى من رسالة 60 مسألة في الحيض
إذا طاف للوداع خرج ومشى كعادته ولا يمشي ووجهه للكعبة
بعض الحجاج بعد طواف الوداع لا يعطي الكعبة ظهره بل يمشي بظهره ووجهه إلى الكعبة حتى يخرج من المسجد . فهل هذا من السنة ؟.
الحمد لله
هذا الفعل ليس من السنة ، بل هو من البدع المنكرة ، وهذا يفعله بعض الناس ويزعمون أنهم بذلك يعظمون الكعبة ، ولو كان هذا حقاًّ لكان أولى الناس بفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ولكنه لم ينقل عنهم شيء من ذلك .
قال الشيخ ابن باز :(12/54)
فإذا فرغ من توديع البيت وأراد الخروج من المسجد مضى على وجهه حتى يخرج ، ولا ينبغي له أن يمشي القهقرى (أي يمشي بظهره) لأن ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ، بل هو من البدع المحدثة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه مسلم (1718) . وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) رواه أبو داود (4607) ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود . نسأل الله الثبات على دينه ، والسلامة مما خالفه ، إنه جواد كريم اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين وهو يعدد الأخطاء التي تقع من بعض الناس في طواف الوداع :
خروجهم من المسجد بعد طواف الوداع على أقفيتهم يزعمون بذلك تعظيم الكعبة ، وهذا خلاف السنة بل هو من البدع التي حذرنا منها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال فيها : (كل بدعة ضلالة) . والبدعة : كل ما أحدث من عقيدة أو عبادة على خلاف ما كان عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخلفاؤه الراشدون ، فهل يظن هذا الراجع على قفاه تعظيماً للكعبة على زعمه أنه أشدُّ تعظيماً لها من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أو يظن أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن يعلم أن في ذلك تعظيماً لها ، لا هو ولا خلفاؤه الراشدون ؟!! اهـ . (مناسك الحج والعمرة ص 135) .
فتاوى الشيخ ابن باز (16/98) .
الإسلام سؤال وجواب
يحرم على النساء زيارة قبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هل يجوز للنساء زيارة قبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟.
الحمد لله
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :(12/55)
لا يجوز لهن ذلك ، لعموم الأحاديث الواردة في نهي النساء عن زيارة القبور ولعنهن على ذلك ، والخلاف في زيارة النساء لقبر النبي صلى الله عليه وسلم مشهور ، ولكن تركهن لذلك أحوط وأوفق للسنة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستثن قبره ولا قبر غيره ، بل نهاهن نهياً عاماً ، ولعن من فعل ذلك منهن ، والواجب الأخذ بالتعميم ما لم يوجد نص يخص قبره بذلك وليس هناك ما يخص قبره . والله ولي التوفيق اهـ .
فتاوى الشيخ ابن باز (17/419)
أخطاء تقع في طواف الوداع
ما هي الأخطاء التي يقع فيها بعض الحجاج في طواف الوداع ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله - : " ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خفف عن الحائض " رواه البخاري (1755) ومسلم (1328) .
فالواجب أن يكون الطواف آخر عمل يقوم به الإنسان من أعمال الحج .
والناس يخطئون في طواف الوداع في أمور :
الأول :
أن بعض الناس لا يجعل الطواف آخر أمره ؛ بل ينزل إلى مكة ويطوف طواف الوداع ، وقد بقي عليه رمي الجمرات ، ثم يخرج إلى منى فيرمي الجمرات ثم يغادر ، وهذا خطأ ، ولا يجزئ طواف الوداع في مثل هذه الحال ، وذلك لأنه لم يكن آخر عهد الإنسان بالبيت الطواف ؛ بل كان آخر عهده رمي الجمرات .
الثاني :
أن بعض الناس يطوف للوداع ويبقى في مكة بعده ، وهذا يوجب إلغاء طواف الوداع ، وأن يأتي ببدله عند سفره . نعم لو أقام الإنسان في مكة بعد طواف الوداع لشراء حاجة أو لتحميل العفش أو ما أشبه ذلك فهذا لا بأس به .
الثالث :(12/56)
أن بعض الناس إذا طاف للوداع وأراد الخروج من المسجد رجع القهقرى ، أي : رجع على قفاه ، يزعم أنه يتحاشى بذلك تولية الكعبة ظهره ، وهذا بدعة لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أشد منا تعظيما لله تعالى ولبيته ، ولو كان هذا من تعظيم الله وبيته لفعله صلى الله عليه وسلم . وحيئذ فإن السنة إذا طاف الإنسان للوداع أن يخرج على وجهه ولو ولى البيت ظهره في هذه الحالة .
الرابع :
أن بعض الناس إذا طاف للوداع ثم انصرف ووصل إلى باب المسجد الحرام اتجه إلى الكعبة وكأنه يودّعها ، فيدعو أو يُسلِّم أو ما أشبه ذلك ، وهذا من البدع أيضا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولو كان خيرا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم "
انتهى من دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر "
أخطاء تقع في الحلق والتقصير
ما هي الأخطاء التي يرتكبها بعض الناس أثناء الحلق أو التقصير ؟.
الحمد لله
" من الأخطاء التي تكون في الحلق أو التقصير ما يلي :
الأول :
أن بعض الناس يحلق بعض رأسه حلقًا تامًا بالموسى ، ويبقي البقية ، وقد شاهدت ذلك بعيني ، فقد شاهدت رجلاً يسعى بين الصفا والمروة ، وقد حلق نصف رأسه تمامًا وأبقى بقية شعره ، فأمسكت به وقلت له : لماذا صنعت هذا ؟ فقال : صنعت هذا ، لأني أريد أن أعتمر مرتين ، فحلقت نصفه للعمرة الأولى ، وأبقيت نصفه لعمرتي هذه . وهذا جهل وضلال لم يقل به أحد من أهل العلم .
الثاني :
أن بعض الناس إذا أراد أن يتحلل من العمرة ، قصَّر شعرات قليلة من رأسه ، ومن جهة واحدة ، وهذا خلاف ظاهر الآية الكريمة ، فإن الله تعالى يقول : ( مُحلقِّين رؤوسكم ومقصِّرين ) الفتح / 27 ، فلا بد أن يكون للتقصير أثرٌ بيِّن على الرأس ، ومن المعلوم أن قص شعرة أو شعرتين أو ثلاث شعرات لا يؤثر ، ولا يظهر على المعتمر أنه قصر ، فيكون مخالفا لظاهر الآية الكريمة .(12/57)
ودواء هذين الخطأين أن يحلق جميع الرأس إذا أراد حلقه ، وأن يقصر من جميع الرأس إذا أراد تقصيره ولا يقتصر على شعرة أو شعرتين .
الثالث :
من الناس من إذا فرغ من السعي ولم يجد من يحلق عنده أو يقصر ، ذهبَ إلى بيته ، فتحلل ولبس ثيابه ، ثم حلق أو قصر بعد ذلك . وهذا خطأ عظيم ؛ لأن الإنسان لا يحل من العمرة إلا بالحلق أو التقصير ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين أمر أصحابه في حجة الوداع ممن لم يسق الهدي أن يجعلها عمرة ، قال : ( فليقصر ثم ليحلل ) رواه البخاري (1691) ، ومسلم (1229) . وهذا يدل على أنه لا حل إلا بعد التقصير .
وعلى هذا ، فإذا فرغ من السعي ولم يجد حلاقًا أو أحدًا يقصر رأسه ، فليبق على إحرامه حتى يحلق أو يقصر ، ولا يحل له أن يتحلل قبل ذلك ، فلو قُدِّر أن شخصًا فعل هذا جاهلا بأن تحلل قبل أن يحلق أو يقصر ، ظنًا منه أن ذلك جائز ، فإنه لا حرج عليه لجهله ، ولكن يجب عليه حين يعلم أن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام ؛ لأنه لا يجوز التمادي في التحلل من الإحرام مع علمه بأنه لم يحل ، ثم إذا حلق أو قصر تحلل "
انتهى من دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر للشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله
مخالفات تقع عند زيارة المسجد النبوي
لاحظت في زيارة للمسجد النبوي أن بعض الناس يتمسح بجدران الحجرة النبوية ، والبعض يقف كأنه يصلي فتجده يضع يديه على صدره وهو مستقبل القبر ، فهل ما يعملونه صحيح ؟.
الحمد لله
تقدمت الإشارة إلى آداب الزيارة لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم في السؤال ( 36863 ) ومما ينبه عليه ما يقع فيه بعض الزوار من المخالفات :
المخالفة الأولى :
دعاء الرسول أو نداؤه أو الاستغاثة به أو الاستعانة به كقول بعضهم : " يا رسول الله اشف مريضي ، يا رسول الله اقض ديني ، يا وسيلتي ، يا باب حاجتي " أو غير ذلك من الأقوال الشركية ، المضادَّة للتوحيد الذي هو حق الله على العبيد .(12/58)
المخالفة الثانية :
الوقوف أمام القبر كهيئة المصلي ، بوضع اليمين على الشمال على الصدر أو تحته ، وذلك فعل محرّم ؛ لأن تلك الهيئة هيئة ذل وعبادة لا تجوز إلا لله عز وجل .
المخالفة الثالثة :
الانحناء عند القبر أو السجود أو غير ذلك مما لا يجوز فعله إلا لله ، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ( لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ) أخرجه أحمد (3/158) وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1936، 1937) وإرواء الغليل (1998) .
المخالفة الرابعة :
دعاء الله عند القبر ، أو اعتقاد أن الدعاء عنده مستجاب ، وذلك فعل محرَّم لأنه من أسباب الشرك ، ولو كان الدعاء عند القبور أو عند قبر النبي أفضل وأصوب وأحبَّ إلى الله لرغبنا فيه رسول الله ؛ لأنه لم يترك شيئًا يقرب إلى الجنة إلا وحث أمته عليه ، فلما لم يفعل ذلك عُلم أنه فعل غير مشروع ، وعمل محرم وممنوع ، وقد روى أبو يعلى والحافظ الضياء في المختارة أن علي بن الحسين رضي الله عنهما رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو ، فنهاه وقال : ألا أحدثكم حديثًا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تتخذوا قبري عيدًا ولا بيوتكم قبورًا ، وصلوا عليَّ فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم " رواه أبو داود (2042) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1796) .
المخالفة الخامسة :
إرسال من عجز عن الوصول إلى المدينة سلامه لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض الزوار ، وقيام بعضهم بتبليغ هذا السلام ، وهذا فعل مُبتدع ، وأمر مخترع ، فيا مرسل السلام ، ويا مبلغه كفّا عن ذلك ، فقد كُفيتما بقوله : ( صلوا عليَّ فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم ) .
وبقوله عليه الصلاة والسلام : ( إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلِّغوني من أمتي السلام ) أخرجه أحمد (1/441) ، والنسائي (1282) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2170)
المخالفة السادسة :(12/59)
التكرار والإكثار من زيارة قبره ، كأن تكون الزيارة بعد كل فريضة، أو في كل يوم بعد صلاة بعينها ، وفي هذا مخالفة لقوله عليه الصلاة والسلام : ( لا تجعلوا قبري عيدًا ) قال ابن حجر الهيتمي في شرح المشكاة : " العيد اسم من الأعياد ، يقال : عاده واعتاده وتعوّده صار له عادة ، والمعنى : لا تجعلوا قبري محلاً لاعتياد المجيء إليه متكررًا تكرارًا كثيرًا ، فلهذا قال : ( وصلوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ) فإن فيها كفاية عن ذلك " انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
وفي كتاب الجامع للبيان لابن رشد : " سئل مالك رحمه الله تعالى عن الغريب يأتي قبر النبي كل يوم ، فقال : ما هذا من الأمر ، وذكر حديث : ( اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبد ) صححه الألباني في : تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد (ص24-26) .
قال ابن رشد : فيُكره أن يُكثر المرور به والسلام عليه ، والإتيان كل يوم إليه لئلا يُجعل القبر كالمسجد الذي يؤتى كل يوم للصلاة فيه ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله : ( اللهم لا تجعل قبري وثنًا ) " انظر البيان والتحصيل لابن رشد (18/444-445).
انتهى كلامه رحمه الله .
وسئل القاضي عياض عن أناس من أهل المدينة يقفون على القبر في اليوم مرة أو أكثر ، ويسلمون ويدعون ساعة ، فقال : " لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ، ولا يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولَها ، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك " الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/676) .
المخالفة السابعة :
التوجه إلى قبره الشريف من كل نواحي المسجد ، واستقباله له كلما دخل المسجد أو كلما فرغ من الصلاة ، ووضع اليدين على الجنبين ، وتنكيس الرؤوس والأذقان أثناء السلام عليه في تلك الحال ، وهذه من البدع المنتشرة ، والمخالفات المشتهرة .(12/60)
فاتقوا الله عباد الله ، واحذروا سائر البدع والمخالفات ، واحذروا الهوى والتقليد الأعمى ، وكونوا من أمركم على بينة وهدى ، قال جل في علاه : { أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ كَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ وَاتَّبَعُواْ أَهْوَاءهُمْ } محمد/ 14 .
نسأل الله أن يجعلنا من الهداة المهتدين، المتبعين لسنة سيد المرسلين .
الإسلام سؤال وجواب
أخطاء تقع في الطريق إلى مزدلفة وفي مزدلفة
ما هي الأخطاء التي تنصحونا بتجنبها أثناء ذهابنا إلى مزدلفة ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله - : " من الأخطاء التي تقع في الانصراف من عرفة إلى مزدلفة " :
الأول :
أنه في دفعهم من عرفة إلى المزدلفة تحدث المضايقات من بعضهم لبعض ، ومنها الإسراع الشديد الذي يؤدي أحيانا إلى تصادم السيارات ، وقد دفع النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة بسكينة ، وكان عليه الصلاة والسلام دفع وقد شنق لناقته القصواء الزمام ، وهو يقول بيده الكريمة : أيها الناس ، السكينة السكينة ؛ ولكنه صلى الله عليه وسلم مع ذلك إذا أتى فجوة أسرع ، وإذا أتى حبلا من الحبال – أي مرتفعاً - أرخى لناقته الزمام حتى تصعد فكان صلى الله عليه وسلم يراعي الأحوال في مسيره هذا، ولكن إذا دار الأمر بين كون الإسراع أفضل أو التأني، فالتأني أفضل.
الثاني :(12/61)
أن بعض الناس ينزلون قبل أن يصلوا إلى مزدلفة، ولا سيما المشاة منهم، يعييهم المشي ويتعبهم، فينزلون قبل أن يصلوا إلى مزدلفة، ويبقون هنالك حتى يصلوا الفجر ثم ينصرفوا منه إلى منى، ومن فعل هذا فإنه قد فاته المبيت في المزدلفة، وهذا أمر خطير جدا؛ لأن المبيت بمزدلفة ركن من أركان الحج عند بعض أهل العلم ، وواجب من واجباته عند جمهور أهل العلم ، وسنة في قول بعضهم ، والصواب أنه واجب من واجبات الحج ، وأنه يجب على الإنسان أن يبيت في مزدلفة ، وألا ينصرف إلا في الوقت الذي أجاز الشارع له فيه الانصراف كما سيأتي إن شاء الله تعالى .
الثالث :
أن بعض الناس يصلي المغرب والعشاء في الطريق على العادة ، قبل أن يصل إلى مزدلفة ، وهذا خلاف السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل في أثناء الطريق وبال وتوضأ، قال له أسامة بن زيد الصلاة يا رسول الله ؟ قال : " الصلاة أمامك " أخرجه البخاري (1669) ومسلم (1280) . وبقي صلى الله عليه وسلم ولم يصل إلا حين وصل إلى مزدلفة ، وكان قد وصلها بعد دخول وقت العشاء فصلى فيها المغرب والعشاء جمع تأخير.
الرابع :
إن بعض الناس لا يصلي المغرب والعشاء حتى يصل إلى مزدلفة ولو خرج وقت صلاة العشاء ، وهذا لا يجوز وهو حرام من كبائر الذنوب ، لأن تأخير الصلاة عن وقتها محرم بمقتضى دلالة الكتاب والسنة ، قال الله تعالى : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) النساء / 103، وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذا الوقت وحدده ، وقال الله تعالى : { ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } الطلاق / 1 ، وقال سبحانه : { ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون } البقرة / 229 .(12/62)
فإذا خشي الإنسان خروج وقت العشاء قبل أن يصل إلى مزدلفة ، فإن الواجب عليه أن يصلي وإن لم يصل إلى مزدلفة، يصلي على حسب حاله ، إن كان ماشيا وقف وصلى الصلاة بقيامها وركوعها وسجودها، وإن كان راكبا ولم يتمكن من النزول فإنه يصلي ولو على ظهر سيارته ، لقوله تعالى : { فاتقوا الله ما استطعتم } التغابن / 16 ، وإن كان عدم تمكنه من النزول في هذه الحال أمرا بعيدا ؛ لأنه بإمكان كل إنسان أن ينزل ويقف على جانب الخط من اليمين أو اليسار ويصلي .
وعلى كل حال فإنه لا يجوز لأحد أن يؤخر صلاة المغرب والعشاء حتى يخرج وقت العشاء ، بحجة أنه يريد أن يطبق السنة فلا يصلي إلا في مزدلفة ، فإن تأخيره هذا مخالف للسنة ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أخر، لكنه صلى الصلاة في وقتها .
الخامس :
أن بعض الحجاج يصلون الفجر قبل وقته ، فيصلون وينصرفون ، وهذا خطأ عظيم ، فإن الصلاة قبل وقتها غير مقبولة ؛ بل محرمة ، لأنها اعتداء على حدود الله عز وجل ، فإن الصلاة موقتة بوقت حدد الشرع أوله وآخره ؛ فلا يجوز لأحد أن يتقدم بالصلاة قبل دخول وقتها .
فيجب على الحاج أن ينتبه لهذه المسألة ، وألا يصلي الفجر إلا بعد أن يتيقن أو يغلب على ظنه دخول وقت الفجر ، صحيح أنه ينبغي المبادرة بصلاة الفجر في المزدلفة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بادر بها، ولكن لا يعني ذلك أن تصلى قبل الوقت . فليحذر الحاج من هذا العمل .
السادس :(12/63)
أن بعض الحجاج يدفعون من مزدلفة قبل أن يمكثوا فيها أدنى مكث، فتجده يمر بها مرورا ويستمر ولا يقف، ويقول : إن المرور كاف ، وهذا خطأ عظيم ، فإن المرور غير كاف؛ بل السنة تدل على أن الحاج يبقى في مزدلفة حتى يصلي الفجر ، ثم يقف عند المشعر الحرام يدعو الله تعالى حتى يسفر جدا، ثم ينصرف إلى منى ( والإسفار هو انتشار ضوء النهار قبل طلوع الشمس ) ، ورخص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة من أهله أن يدفعوا من مزدلفة بليل . وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ترقب غروب القمر فإذا غاب القمر دفعت من مزدلفة إلى منى .
وهذا - الدفع بعد غروب القمر - ينبغي أن يكون هو الحد الفاصل ، لأنه فعل صحابي، والنبي صلى الله عليه وسلم أذن للضعفة من أهله أن يدفعوا بليل، ولم يبين في هذا الحديث حد هذا الليل ، ولكن فعل الصحابي قد يكون مبينا له ومفسرا له. وعليه ، فالذي ينبغي أن يحدد الدفع للضعفة ونحوهم ممن يشق عليهم مزاحمة الناس ، ينبغي أن يقيد بذلك بغروب القمر ، وغروب القمر في الليلة العاشرة يكون قطعا بعد منتصف الليل ، يكون بمضي ثلثي الليل تقريبا .
السابع :
أن بعض الناس في ليلة المزدلفة يحيي هذه الليلة بالقيام والقراءة والذكر ، وهذا خلاف السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة لم يتعبد لله عز وجل بمثل هذا، بل في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى العشاء اضطجع حتى طلع الفجر ثم صلى الصبح . وهذا يدل على أن تلك الليلة ليس فيها تهجد أو تعبد أو تسبيح أو ذكر أو قرآن .
الثامن :
أن بعض الحجاج يبقون في مزدلفة حتى تطلع الشمس ، ويصلون صلاة الشروق أو الإشراق، ثم ينصرفون بعد ذلك، وهذا خطأ؛ لأن فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وموافقة لهدي المشركين ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دفع من مزدلفة قبل أن تطلع الشمس حين أسفر جدا . والمشركون كانوا ينتظرون حتى تطلع الشمس .(12/64)
فمن بقي في مزدلفة تعبدا لله عز وجل حتى تطلع الشمس ، فقد شابه المشركين ، وخالف سنة سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه "
انتهى من دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر
الحج عن والدٍ متوفَّى كان لا يصلي
والدي توفي من مدة طويلة ، وأعلم أنه كان لا يصلي ، وقد حضرت إلى السعودية وقمت بأداء فريضة الحج ثلاث مرات ، وقد نويت في المرة الأخيرة أن تكون لوالدي المتوفًّى ، ولكنني سمعت عن حكم من لم يصلِّ أنه في حكم الشرع كافر ، وقد حزنت كثيرًا عندما فكرت في موقف والدي ، وسؤالي : هل تجوز له هذه الحجة ؟ وهل تكفر عنه هذا التقصير في الصلاة ؟ .
الحمد لله
عرض هذا السؤال على الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله – فقال : " إن هذه السائلة ذكرت في سؤالها أنها قد أدت فريضة الحج ثلاث مرات ، والصحيح أن فريضة الحج مرة واحدة في العمر لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الحج مرة فما زاد فهو تطوع ) . وكونك عبَّرت بهذا التعبير ثلاث مرات فهذا خطأ .
وأما كونك قد حججت لوالدك وهو لا يصلي فالكفار لا ينتفعون بالأعمال الصالحة ، ولا يجوز الاستغفار لهم ، لقوله تعالى : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) التوبة / 113 .
ولكن نظرًا لأن والدك قد يصلي في بعض الأحيان ، أو يُشك في كفره فإنه لا حرج أن تحجي عنه وتقولي : اللهم اجعل أجر ذلك لوالدي إن كان مؤمنًا ، وتعلِّقي ذلك بكون أبيك مؤمنًا ، فمثل ذلك لا حرج فيه ، فإن تعليق الأمر جائز في العبادات وفي الدعاء .
أما في العبادات : فلقول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير رضي الله عنهما، وقد أرادت أن تحج وهي مريضة قال لها صلى الله عليه وسلم : ( حجي واشترطي فإن لك على ربك ما استثنيت ) رواه البخاري (5089) ومسلم (1207) .(12/65)
وأما في الدعاء : فلقوله تعالى في آية اللعان : ( والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ) النور/7 .
انتهى من دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر
الحج بدون إذن الزوج
امرأة متزوجة ، وعدها زوجها بالحج ، ولكنه لم يفِ بالوعد فمرَّ عليها أهلها في طريق سفرهم إلى مكة وأخذوها معهم دون علم الزوج ، ولا رضاه ، فهل حجها صحيح ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله - : " قبل الإجابة أود أن أبين أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج بدون رضا زوجها ، حتى ولو كان في البلد ، فكيف تحج بدون رضاه ، هذا حرام ، ولا يجوز لها ، ويجب على الزوج الذي وعد زوجته بالحج أن يفي بوعده ، فيحج بها ، لاسيما إن كان هذا مشروطا عليه في العقد ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ) رواه البخاري (2729) ومسلم (1418) .
وإذا كان هذا الوعد بعد العقد ، فإن العلماء اختلفوا بالوفاء به ، والصواب وجوب الوفاء به إذا لم يكن على الواعد ضرر ؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل إخلاف الوعد من صفات المنافقين . تحذيرا من إخلافه .
انظر دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر.
الإسلام سؤال وجواب
الدعاء الجماعي أثناء الطواف
نلاحظ أن بعض الطائفين يسيرون خلف رجلٍ يقال له ( مُطَوِّف ) حيث يدعو والبقية تُؤمن على دعائه فما رأيكم بهذا العمل ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله - : " من الخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يجتمع جماعة على قائد يطوف بهم ويُلَقِنَهُم الدعاء بصوت مرتفع فيتبعه الجماعة بصوت واحد ، فتعلو الأصوات ، وتحصل الفوضى ، ويتشوش بقية الطائفين ، فلا يدرون ما يقولون ، وفي هذا إذهاب للخشوع ، وإيذاءٌ لعباد الله في هذا المكان الآمن .(12/66)
ويا حبذا لو أن هذا القائد إذا أقبل بهم على الكعبة وقف بهم وقال : افعلوا كذا ، وقولوا كذا ، ادعوا بما تحبون ، وصار يمشي معهم في المطاف حتى لا يخطئ منهم أحد ، فطافوا بخشوع وطمأنينة ، يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ، وتضرعاً وخفيةً بما يحبونه ، وما يعرفون معناه ويقصدونه ،وسلم الناس من أذاهم .
(وكذلك) رفع الصوت بالدعاء فإن بعض الطائفين يرفع صوته بالدعاء رفعاً مزعجاً ، يُذهب الخشوع ، ويُسقط هيبة البيت ، ويُشوش على الطائفين ؛ والتشويش على الناس في عباداتهم أمر منكر، ( فعن أبي سعيد قال اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة ) أخرجه أبو داوود (1332) وصححه الألباني في صحيح أبي داوود 1183.
ولكن بعض الناس - نسأل الله لنا ولهم الهداية - في المطاف يرفعون أصواتهم بالدعاء ، وهذا كما أن فيه المحذورات التي ذكرناها ، وهي إذهاب الخشوع ، وسقوط هيبة البيت ، والتشويش على الطائفين ، فهو مخالف لظاهر قوله تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ) .
الإسلام سؤال وجواب
التمسح بالكعبة
في أثناء الطواف يشاهد بعض الناس يتمسحون بجدار الكعبة وبكسوتها ، وبمقام إبراهيم ، فما حكم ذلك العمل ؟.
الحمد لله
عرض هذا السؤال على الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله – فقال :
" هذا العمل يفعله الناس ، يريدون به التقرب إلى الله عز وجل والتعبد له ، وكل عمل تريد به التقرب إلى الله والتعبد له ، وليس له أصل في الشرع فإنه بدعة ، حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " إياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة " رواه الترمذي (2676) وأبو داوود (4607) .
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح سوى الركن اليماني والحجر الأسود .(12/67)
وعليه فإذا مسح الإنسان أي ركن من أركان الكعبة أو جهة من جهاتها ، غير الركن اليماني والحجر الأسود ، فإنه يعتبر مبتدعا ، ولما رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما يمسح الركنين الشماليين ، نهاه ، فقال له معاوية رضي الله عنه : ليس شيء من البيت مهجورا ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) الأحزاب / 21
وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح الركنين اليمانيين ، يعني الركن اليماني والحجر الأسود ، فرجع معاوية رضي الله عنه إلى قول ابن عباس .
ومن باب أولى في البدعة ، ما يفعله بعض الناس من التمسح بمقام إبراهيم ، فإن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تمسح في أي جهة من جهات المقام .
وكذلك ما يفعله بعض الناس من التمسح بزمزم ، والتمسح بأعمدة الرواق – وهي أعمدة المبنى العثماني القديمة - ، وكل ذلك مما لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فكله بدعة ، وكل بدعة ضلالة "
انتهى من دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر
الأخطاء التي تقع في زيارة المسجد النبوي
ما هي الأخطاء التي تقع عند زيارة المسجد النبوي ؟.
الحمد لله
" الأخطاء التي يقع فيها بعض الحجاج في زيارة المسجد النبوي تقع في أمور :
الأول :
اعتقاد بعض الحجاج بأن زيارة المسجد النبوي من متعلقات الحج وأن الحج لا يجوز بدونها بل ربما جعلها بعض الجهال أوكد من الحج ! وهذا اعتقاد باطل ؛ فلا علاقة بين الحج وزيارة المسجد النبوي ، فالحج يتم بدونها ، وهي تتم بدون الحج ، ولكن الناس اعتادوا من قديم أن يجعلوها في سفر الحج لمشقة تكرار الأسفار عليهم ، وكذا ليست أوكد من الحج ؛ فالحج من أركان الإسلام ومبادئه العظام وليست الزيارة كذلك . ولا نعلم أحدا من أهل العلم قال بوجوب زيارة المسجد النبوي أو قبر النبي صلى الله عليه وسلم .(12/68)
وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من حج ولم يزرني فقد جفاني ) فحديث كَذِب على الرسول صلى الله عليه وسلم مُناف للمعلوم من الدين إذ لو صح لكانت زيارة قبره من أوجب الواجبات .
الثاني :
أن بعض الزائرين للمسجد النبوي يطوفون بقبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ويتمسحون بشباك الحجرة وجدرانها ، وربما قبلوها بشفاههم ووضعوا خدودهم عليها وكل هذا من البدع المنكرة ؛ فإن الطواف بغير الكعبة بدعة محرمة ، وكذلك الاستلام والتقبيل ووضع الخدود إنما يشرع في مكانه من الكعبة ؛ فالتعبد لله تعالى بمثل ذلك في جدران الحجرة لا يزيد المرء من الله إلا بعدا .
الثالث :
أن بعض الزائرين يتمسح بالمحراب والمنبر وجدران المسجد، وكل هذا من البدع.
الرابع:
وهو الأدهى والأعظم نكرا ، أن بعض الزائرين يدعو النبي صلى الله عليه وسلم لكشف الكربات أو حصول الرغبات ، وهذا شرك أكبر مُخرِجٌ عن الملة لا يرضى به الله ورسوله ؛ قال الله تعالى : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) الجن / 18 ، وقال تعالى : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) غافر / 60 ، وقال تعالى : ( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر ) الزمر/7 .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على رجل قال له : ما شاء الله وشئت فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أجعلتني لله ندا، ما شاء الله وحده ) رواه ابن ماجه ( 2118 ) . فكيف بمن يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم لكشف الضر وحصول النفع وهو الذي قال الله له : ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ) الأعراف / 188 ، وقال : ( قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا ) الجن / 21 .(12/69)
فعلى المؤمن أن يعلق رجاءه ورغبته بخالقه وفاطره الذي يملك له تحقيق ما يرجوه وكشف ما يخافه ، وأن يعرف لنبيه صلى الله عليه وسلم حقه من الإيمان به ومحبته واتباعه ظاهراً وباطناً ، ويسأل الله الثبات على ذلك ، ولا يتعبد لله تعالى بغير ما شرع "
انتهى من كلام الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله – كتاب أخطاء يقع فيها الحاج والمعتمر .
حديث ضعيف في فضل الصلاة في المسجد النبوي أربعين يوماً
سمعت أن من صلى في المسجد النبوي أربعين صلاة تكتب له براءة من النفاق . فهل هذا الحديث صحيح ؟.
الحمد لله
هذا الحديث رواه أحمد (12173) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِي أَرْبَعِينَ صَلاةً لا يَفُوتُهُ صَلاةٌ كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ ، وَنَجَاةٌ مِنْ الْعَذَابِ ، وَبَرِئَ مِنْ النِّفَاقِ ) . وهو حديث ضعيف .
ذكره الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (364) وقال : ضعيف اهـ . وذكره في "ضعيف الترغيب" (755) وقال : منكر اهـ .
وذكر الألباني في كتابه "حجة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (ص185) أن من بدع زيارة المدينة النبوية "التزام زوار المدينة الإقامة فيها أسبوعا حتى يتمكنوا من الصلاة في المسجد النبوي أربعين صلاة ، لتكتب لهم براءة من النفاق وبراءة من النار" اهـ .
وقال الشيخ ابن باز :
أما ما شاع بين الناس من أن الزائر يقيم ثمانية أيام حتى يصلي أربعين صلاة فهذا وإن كان قد روي في بعض الأحاديث : ( أن من صلى فيه أربعين صلاة كتب الله له براءة من النار ، وبراءة من النفاق ) إلا أنه حديث ضعيف عند أهل التحقيق لا تقوم به الحجة ولا يعتمد عليه . والزيارة ليس لها حد محدود ، وإذا زارها ساعة أو ساعتين ، أو يوماً أو يومين ، أو أكثر من ذلك فلا بأس اهـ باختصار .
فتاوى ابن باز (17/406) .(12/70)
ويغني عن هذا الحديث الضعيف حديثٌ حسن رواه الترمذي (241) في فضل المحافظة على تكبيرة الإحرام مع الجماعة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ " حسنه الألباني في صحيح الترمذي (200) .
والفضل المترتب على هذا الحديث عام في كل مسجد جماعة ، في أي بلد ، وليس خاصاً بالمسجد الحرام أو المسجد النبوي .
وبناءً عليه فمن حافظ على صلاة أربعين يوماً يدرك فيها تكبيرة الإحرام مع الجماعة كتبت له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق ، سواء كان مسجد المدينة أو مكة أو غيرهما من المساجد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
أخطاء تقع في الطواف
في الطواف نلاحظ أن بعض الناس يقف في بداية المطاف ويتلفظ بنية الطواف ، كما أننا نلاحظ أن بعضهم يزاحم مزاحمة شديدة من أجل الوصول إلى الحجر ، وربما اقتتلوا عليه ، فما رأيكم في هذه الأعمال ؟.
الحمد لله
هذه من الأخطاء التي تقع في الطواف وهي على وجوه :
" الأول :
النطق بالنية عند إرادة الطواف، فتجد الحاج يقف مستقبلا الحَجَر إذا أراد الطواف ، فيقول : اللهم إني نويت أن أطوف سبعة أشواط للعمرة ، أو اللهم إني نويت أن أطوف سبعة أشواط للحج ، أو اللهم إني نويت أن أطوف سبعة أشواط تقربًا إليك .(12/71)
والتلفظ بالنية بدعة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولم يأمر أمته به ، وكل من تعبد لله بأمر لم يتعبد به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأمر أمته به ، فقد ابتدع في دين الله ما ليس منه ، فالتلفظ بالنية عند الطواف خطأ وبدعة ، وكما أنه خطأ من ناحية الشرع فهو خطأ من ناحية العقل ، فما الداعي إلى أن تتلفظ بالنية مع أن النية بينك وبين ربك ، والله سبحانه وتعالى عالم بما في الصدور وعالم بأنك سوف تطوف هذا الطواف ، وإذا كان الله سبحانه وتعالى عالماً بذلك فلا حاجة أن تظهر هذا لعباد الله .
والنبي صلى الله عليه وسلم قد طاف قبلك ولم يتكلم بالنية عند طوافه، والصحابة رضي الله عنهم قد طافوا قبلك ولم يتكلموا بالنية عند طوافهم، ولا عند غيره من العبادات ؛ فهذا خطأ.
الثاني :
أن بعض الطائفين يزاحم مزاحمة شديدة عند استلام الحَجَر والركن اليماني ، مزاحمة يتأذى بها ويؤذي غيره ، مزاحمة قد تكون مع امرأة ، وربما ينزغه من الشيطان نزع فتحصل في قلبه شهوة عندما يزاحم هذه المرأة في هذا المقام الضنك ، والإنسان بشر قد تستولي عليه النفس الأمارة بالسوء ، فيقع في هذا الأمر المنكر تحت بيت الله عز وجل ، وهذا أمر يكبر ويعظم باعتبار مكانه كما أنه فتنة في أي مكان كان .
والمزاحمة الشديدة عند استلام الحجر أو الركن اليماني ليست مشروعة ، بل إن تيسر لك بهدوء فذلك المطلوب ، وإن لم يتيسر فإنك تشير إلى الحجر الأسود .
أما الركن اليماني فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشار إليه ، ولا يمكن قياسه على الحجر الأسود ؛ لأن الحجر الأسود أعظم منه ، والحجر الأسود ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشار إليه .(12/72)
والمزاحمة كما أنها غير مشروعة في هذه الحال ، وكما أنه يُخشى من الفتنة فيما إذا كان الزحام مع امرأة ، فهي أيضًا تُحدث تشويشاً في القلب والفكر ، لأن الإنسان لا بد عند المزاحمة من أن يسمع كلاما يكرهه ، فتجده يشعر بامتعاض وغضب على نفسه إذا فارق هذا المحل .
والذي ينبغي للطائف أن يكون دائما في هدوء وطمأنينة ، من أجل أن يستحضر ما هو متلبس به من طاعة الله ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله .
الثالث :
أن بعض الناس يظنون أن الطواف لا يصح بدون تقبيل الحجر ، وأن تقبيل الحجر شرط لصحة الطواف ، ولصحة الحج أيضًا أو العمرة ، وهذا ظن خطأ ، وتقبيل الحجر سنة وليست سنة مستقلة أيضًا ، بل هي سنة للطائف ، ولا أعلم أن تقبيل الحجر يسن في غير الطواف ، وعلى هذا فإذا كان تقبيل الحجر سنة وليس بواجب ولا شرط ، فإن من لم يقبل الحجر لا نقول إن طوافه غير صحيح أو إن طوافه ناقص نقصا يأثم به ؛ بل طوافه صحيح وإذا وُجد زحام شديد فإن الإشارة أفضل من الاستلام ؛ لأنه هو العمل الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم عند الزحام ، ولأن الإنسان يتقي به أذى يكون منه لغيره ، أو يكون من غيره له .
فلو سألنا سائل وقال : إن المطاف مزدحم فماذا ترون : هل الأفضل أن أُزاحم فأستلم الحجر وأقبله ، أم الأفضل أن أشير إليه ؟
قلنا : الأفضل أن تشير إليه ؛ لأن السنة هكذا جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .
الرابع :
تقبيل الركن اليماني . وتقبيل الركن اليماني لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والعبادة إذا لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي بدعة وليست بقربة ، وعلى هذا فلا يشرع للإنسان أن يقبل الركن اليماني ، لأن ذلك لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما ورد فيه حديث ضعيف لا تقوم به الحجة .
الخامس :(12/73)
بعض الناس عندما يمسح الحجر الأسود أو الركن اليماني يمسحه بيده اليسرى كالمتهاون به ، وهذا خطأ فإن اليد اليمنى أشرف من اليد اليسرى ، واليد اليسرى لا تُقدَّم إلا للأذى ، كالاستنجاء بها والاستجمار بها ، والامتخاط بها وما أشبه ذلك ، وأما مواضع التقبيل والاحترام ، فإنه يكون لليد اليمنى .
السادس :
أنهم يظنون أن استلام الحجر والركن اليماني للتبرك لا للتعبد ، فيتمسحون به تبركًا وهذا بلا شك خلاف ما قصد به ، فإن المقصود بالتمسح بالحجر الأسود أو بمسحه وتقبيله تعظيم الله عز وجل ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استلم الحجر قال : الله أكبر ، إشارة إلى أن المقصود بهذا تعظيم الله عز وجل ، وليس المقصود التبرك بمسح هذا الحجر، ولهذا قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه عند استلامه الحجر : والله إني لأعلم أنك حجر ، لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك .
هذا الظن الخاطئ من بعض الناس- وهو أنهم يظنون أن المقصود بمسح الركن اليماني والحجر الأسود التبرك- أدى ببعضهم إلى أن يأتي بابنه الصغير فيمسح الركن أو الحجر بيده ، ثم يمسح ابنه الصغير أو طفله بيده التي مسح بها الحجر أو الركن اليماني ، وهذا من الاعتقاد الفاسد الذي يجب أن يُنهى عنه ، وأن يُبَيَّن للناس أن مثل هذه الأحجار لا تضر ولا تنفع ، وأن المقصود بمسحها تعظيم الله عز وجل وإقامة ذكره ، والاقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم .
....
وكل هذه الأمور وأمثالها مما لا شرعية فيه ، بل هو بدعة ولا ينفع صاحبه بشيء ؛ لكن إن كان صاحبه جاهلا ولم يطرأ على باله أنه من البدع ، فيُرجى أن يعفى عنه ، وإن كان عالمًا أو متهاونًا لم يسأل عن دينه ، فإنه يكون آثما .
السابع :(12/74)
أن بعض الناس يخصص كل شوط بدعاء معين ، وهذا من البدع التي لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يخص كل شوط بدعاء ، ولا أصحابه أيضًا ، وغاية ما في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إنما جعل الطواف بالبيت والصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ) .
وتزداد هذه البدع خطأ ، إذا حمل الطائف كتيبا ، كُتب فيه لكل شوط دعاء ، وهو يقرأ هذا الكتيب ، ولا يدري ماذا يقول ؛ إما لكونه جاهلا باللغة العربية ، ولا يدري ما المعنى ، وإما لكونه عربيًا ينطق باللغة العربية ولكنه لا يدري ما يقول ، حتى إننا نسمع بعضهم يدعو بأدعية هي في الواقع مُحرَّفة تحريفًا بينًا ، من ذلك أننا سمعنا من يقول : اللهم أغنني بجلالك عن حرامك ، والصواب : بحلالك عن حرامك .
ومن ذلك أيضًا أننا نشاهد بعض الناس يقرأ هذا الكتيب ، فإذا انتهى دعاء الشوط وقف ولم يدع في بقية شوطه ، وإذا كان المطاف خفيفًا ، وانتهى الشوط قبل انتهاء الدعاء ، قطع الدعاء .
ودواء ذلك أن نبين للحجاج ، بأن الإنسان في الطواف يدعو بما شاء وبما أحب ، ويذكر الله تعالى بما شاء ، فإذا بُيِّن للناس هذا زال الإشكال .
حكم من وقع في هذه البدع :
الناس في هذه الأمور التي يفعلونها :
إما جاهل جهلاً مطبقًا لا يطرأ بباله أن هذا محرم ، فهذا يُرجى أن لا يكون عليه شيء .
وإما عالم متعمد ليَضلَّ ويُضلَّ الناس ، فهذا آثم بلا شك وعليه إثم من اتبعه واقتدى به .
وإما رجل جاهل ومتهاون في سؤال أهل العلم ، فيُخشى أن يكون آثما بتفريطه وعدم سؤاله .(12/75)
هذه الأخطاء التي سقناها في الطواف نرجو الله سبحانه وتعالى أن يهدي إخواننا المسلمين لإصلاحها، حتى يكون طوافهم موافقا لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم . وليس الدين يؤخذ بالعاطفة والميل ، ولكنه يؤخذ بالتلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
انتهى من دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
أخطاء تقع عند دخول الحرم
نشاهد بعض المحرمين عند دخول الحرم يقومون بقراءة أدعية معينة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك يلتزمون بالدخول من باب معين ، فهل هذا العمل صحيح ؟.
الحمد لله
هذه من الأخطاء التي تقع عند دخول الحرم ، ويمكن توضيحها على النحو التالي :
" أولاً :
أن بعض الناس يظن أنه لا بد أن يدخل الحاج أو المعتمر من باب معين في المسجد الحرام ، فيرى بعض الناس مثلا أنه لا بد أن يدخل ، إذا كان معتمرا ، من الباب الذي يسمى : باب العمرة ، وأن هذا أمر لا بد منه أو أمر مشروع ، ويرى آخرون أنه لا بد أن يدخل من باب السلام ، وأن الدخول من غيره يكون إثمًا أو مكروهًا ، وهذا لا أصل له ، فللحاج والمعتمر أن يدخل من أي باب كان ، وإذا دخل المسجد فليقدم رجله اليمنى وليقل ما ورد في الدخول لسائر المساجد ، فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول : " اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك " رواه مسلم (713) .
ثانياً :
أن بعض الناس يبتدع أدعية معينة عند دخول المسجد ورؤية البيت ، يبتدع أدعية لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيدعو الله بها ، وهذا من البدع ، فإن التعبد لله تعالى بقول أو فعل أو اعتقاد لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بدعة وضلالة ، وحذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً :(12/76)
يخطئ بعض الناس- حتى من غير الحجاج - حيث إنهم يعتقدون أن تحية المسجد الحرام الطواف ، بمعنى أنه يسن لكل من دخل المسجد الحرام أن يطوف اعتمادًا على قول بعض الفقهاء في أن سنة المسجد الحرام الطواف ، والواقع أن الأمر ليس كذلك ، فالمسجد الحرام كغيره من المساجد التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين " رواه البخاري (444) ومسلم (714) .
ولكن إذا دخلت المسجد الحرام للطواف سواء كان الطواف طواف نسك كطواف العمرة والحج ، أو كان طواف تطوع كالأطوفة في غير النسك ، فإنه يجزئك أن تطوف وإن لم تصل ركعتين ، هذا هو معنى قولنا إن المسجد الحرام تحيته الطواف ، وعلى هذا فإذا دخلت بغير نية الطواف ولكن لانتظار الصلاة أو لحضور مجلس علم أو ما أشبه ذلك ، فإن المسجد الحرام كغيره ، يسن فيه أن تصلي ركعتين قبل أن تجلس لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك "
انتهى من دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
لا يشرع للمفرد أن يعتمر بعد الحج
هل السنة للحاج إذا انتهى من الحج أن يخرج إلى التنعيم ليعتمر كما فعلت ذلك عائشة رضي الله عنها ؟ .
الحمد لله
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :(12/77)
وأما ما يفعله بعض الناس من الإكثار من العمرة بعد الحج من التنعيم أو الجعرانة أو غيرهما وقد سبق أن اعتمر قبل الحج فلا دليل على شرعيته بل الأدلة تدل على أن الأفضل تركه ، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه لم يعتمروا بعد فراغهم من الحج ، وإنما اعتمرت عائشة من التنعم لكونها لم تعتمر مع الناس حين دخول مكة بسبب الحيض ، فطلبت من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تعتمر بدلاً من عمرتها التي أحرمت بها من الميقات فأجابها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ذلك وقد حصلت لها العمرتان : العمرة التي مع حجها ، وهذه العمرة المفردة ، فمن كان مثل عائشة فلا بأس أن يعتمر بعد فراغه من الحج ، عملاً بالأدلة كلها ، وتوسيعاً على المسلمين .
ولا شك أن اشتغال الحجاج بعمرة أخرى بعد فراغهم من الحج سوى العمرة التي دخلوا بها مكة يشق على الجميع ، ويسبب كثرة الزحام والحوادث ، مع ما فيه من المخالفة لهدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسنته اهـ .
مجموع فتاوى ابن باز (16/46)
حج هو وامرأته ولم يتما حجهما بسبب قلقهما على ابنتهما المريضة
السؤال: حججت أنا وزوجتي ووقفنا بعرفة حتى الساعة الثانية ظهراً وبسبب قلقنا على ابنتنا المريضة التي كانت برفقة الخادمة لم نكمل حجتنا ، مع العلم أننا حججنا حجة الفريضة فماذا يجب علينا؟
الجواب :
الحمد لله
يجب عليكم إتمام الحج ، فانصرافكم قبل الليل عليكم فيه دم ، وإذا تركتم المبيت في مزدلفة فعليكم دم آخر ، وإذا تركتم المبيت في منى فعليكم دم ثالث ، وإذا تركتم الرمي فعليكم دم رابع ، وإذا تركتم طواف الوداع فعليكم كل واحد منكم دم خامس ، وكذلك إذا لم تطوفوا طواف الحج ولم تؤدوا سعي الحج فإنه لا يتم حجّكم ، وتبقون على إحرامكم وتحرم زوجتك عليك حتى تكمل حجتك بالطواف والسعي ، وعليك أن تأتي بهذه الذبائح التي عليك حتى يتم بذلك حجك وحجّ امرأتك .(12/78)
والله أعلم
فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله .
زيارة مقابر الشهداء
ما حكم زيارة بعض مقابر المدينة كالبقيع وشهداء أحد ؟.
الحمد لله
" زيارة القبور سنة في كل مكان ، ولاسيما زيارة البقيع التي دُفن فيه كثير من الصحابة رضي الله عنهم ، ومنهم أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وقبره هناك معروف .
وكذلك يُسنُّ أن يخرج إلى أُحد ليزور قبور الشهداء هنالك ، ومنهم حمزة بن عبد المطلب ، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك ينبغي أن يزور مسجد قباء ، يخرج متطهرا فيصلي فيه ركعتين فإن في ذلك فضلا عظيما. ( فقد قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " صلاة في مسجد قباء كعمرة " صحيح الترغيب 1180 ، وقال عليه الصلاة والسلام : " من تطهر في بيته ، ثم أتى مسجد قباء ، فصلى فيه صلاة ؛ كان له كأجر عمرة " . صحيح الترغيب 1181 . )
وليس هناك شيء يُزار في المدينة سوى هذه : زيارة المسجد النبوي ، وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وزيارة البقيع ، وزيارة شهداء أحد ، وزيارة مسجد قباء ، وما عدا ذلك من المزارات كالمساجد السبعة ومسجد الغمامة فإنه لا أصل له وزيارتها بقصد التعبد لله بدعة ؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يجوز لأحد أن يُثبت لزمان أو مكان أو عمل أن فعله أو قصده قُربة إلا بدليل من الشرع .
انتهى من كلام الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله – كتاب : دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر .
حج المرأة في رفقة نساء دون محرم
امرأة تقول : إنني مقيمة في المملكة بحكم عملي بها ، وقد ذهبت للحج العام الماضي، وكان معي اثنتان من زميلاتي وليس معنا محرم. فما هو الموقف من ذلك؟.
الحمد لله(12/79)
قال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله - : " هذا العمل وهو الحج بدون مَحرم : مُحرَّم لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو يخطب : لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله ، إن امرأتي خرجت حاجة ، وإنني قد اكتُتِبتُ في غزوة كذا وكذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : انطلق فحج مع امرأتك " رواه البخاري (3006) ومسلم (1341) .
فلا يجوز للمرأة السفر بدون محرم ، والمحرم : من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح ، ويشترط أن يكون بالغا عاقلا ، وأما الصغير فلا يكون محرما ، وغير العاقل لا يكون محرما أيضا ، والحكمة من وجود المحرم مع المرأة حفظها وصيانتها ، حتى لا تعبث بها أهواء مَن لا يخافون الله عز وجل ولا يرحمون عباد الله .
ولا فرق بين أن يكون معها نساء أو لا ، أو تكون آمنة أو غير آمنة ، حتى ولو ذهبت مع نساء من أهل بيتها وهي آمنة غاية الأمن ، فإنه لا يجوز لها أن تسافر بدون محرم ؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر الرجل بالحج مع امرأته لم يسأله ما إذا كان معها نساء وهل هي آمنة أم لا ، فلما لم يستفسر عن ذلك دل على أنه لا فرق ، وهذا هو الصحيح .
وقد تساهل بعض الناس في وقتنا الحاضر فسوَّغ أن تذهب المرأة في الطائرة بدون محرم ، وهذا لا شك أنه خلاف النصوص العامة الظاهرة ، والسفر في الطائرة كغيره تعتريه الأخطار .(12/80)
فإن المسافرة في الطائرة إذا شيعها محرمها في المطار فإنه ينصرف بمجرد دخولها صالة الانتظار ، وهي وحدها بدون محرم وقد تغادر الطائرة في الوقت المحدد وقد تتأخر . وقد تقلع في الوقت المحدد فيعتريها سبب يقتضي رجوعها ، أو أن تنزل في مطار آخر غير المطار المتجهة إليه ، وكذلك ربما تنزل في المطار الذي تقصده بعد الوقت المحدد لسبب من الأسباب ، وإذا قُدِّر أنها نزلت في وقتها المحدد فإن المحرم الذي يستقبلها قد يتأخر عن الحضور في الوقت المعين لسبب من الأسباب ، إما لنوم أو زحام سيارات أو عطل في سيارته أو لغير ذلك من الأسباب المعلومة ، ثم لو قدر أنه حضر في الوقت المحدد واستقبل المرأة فإن من يكون إلى جانبها في الطائرة قد يكون رجلا يخدعها ويتعلق بها وتتعلق به .
والحاصل أن المرأة عليها أن تخشى الله وتخافه فلا تسافر لا إلى الحج ولا إلى غيره إلا مع محرم يكون بالغًا عاقلا . والله المستعان " انتهى .
المرجع كتاب دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر
أخطاء تقع عند رمي الجمرات
ما هي الأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج أثناء رمي الجمرات ؟.
الحمد لله
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رمى جمرة العقبة وهي الجمرة القصوى التي تلي مكة بسبع حصيات، ضُحى يوم النحر، يكبِّر مع كل حصاة منها، مثل حصا الخذف؛ أي : فوق الحِمَّص قليلا .
وروى ابن ماجه ( 3029 ) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو واقف على راحلته : هات الْقُطْ لي قال : فلقطت له حصيات هن حصى الخذف ، فوضعهن في يده ، وقال : بأمثال هؤلاء فارموا ... ، وإياكم والغلو فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين " وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (2455) .(12/81)
وروى أحمد وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله . هذه هي الحكمة من مشروعية رمي الجمرات.
والأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج في رمي الجمرات تكون من وجوه متعددة :
الأول :
أن بعض الناس يظنون أنه لا يصح الرمي إلا إذا كانت الحصى من مزدلفة ، ولهذا تجدهم يتعبون كثيرا في لقط الحصى من مزدلفة ، قبل أن يذهبوا إلى منى، وهذا ظن خاطئ ، فالحصى يؤخذ من أي مكان ، من مزدلفة ، من منى ، من أي مكان يؤخذ ، المقصود أن يكون حصى .
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه التقط الحصى من مزدلفة حتى نقول : إنه من السنة . فليس من السنة . ولا من الواجب أن يلتقط الإنسان الحصى من مزدلفة ؛ لأن السنة إما قول الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعله أو إقراره، وكل هذا لم يكن في لقط الحصى من مزدلفة .
الثاني :
أن بعض الناس إذا لقط الحصى غسله ، إما احتياطا لخوف أن يكون أحد قد بال عليه ، وإما تنظيفا لهذا الحصى ؛ لظنه أن كونه نظيفا أفضل . وعلى كل حال فغسل حصى الجمرات بدعة ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، والتعبد بشيء لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم بدعة ، وإذا فعله الإنسان من غير تعبد كان سفها وضياعا للوقت .
الثالث :
أن بعض الناس يظنون أن هذه الجمرات شياطين ، وأنهم يرمون شياطين ، فتجد الواحد منهم يأتي بعنف شديد وحنق وغيظ ، منفعلا انفعالا عظيما ، كأن الشيطان أمامه ، ثم يرمي هذه الجمرات ، ويحدث من ذلك مفاسد عظيمة :
1- أن هذا ظن خاطئ فإنما نرمي هذه الجمرات إقامة لذكر الله تعالى ، واتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحقيقا للتعبد ، فإن الإنسان إذا عمل طاعة وهو لا يدري فائدتها ، إنما يفعلها تعبدا لله ، كان هذا أدل على كمال ذله وخضوعه لله عز وجل .(12/82)
2- أن الإنسان يأتي بانفعال شديد وغيظ وحنق وقوة واندفاع ، فتجده يؤذي الناس إيذاء عظيما ، حتى كأن الناس أمامه حشرات لا يبالي بهم ، ولا يسأل عن ضعيفهم ، وإنما يتقدم كأنه جمل هائج .
3- أن الإنسان لا يستحضر أنه يعبد الله عز وجل أو يتعبد لله عز وجل بهذا الرمي ، ولذلك يعدل عن الذكر المشروع إلى قول غير مشروع ، فتجده يقول حين يرمي : اللهم غضبا على الشيطان ورضى للرحمن . مع أن هذا ليس بمشروع عند رمي الجمرة، بل المشروع أن يكبر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
4- أنه بناء على هذه العقيدة الفاسدة تجده يأخذ أحجارا كبيرة يرمي بها، بناء على ظنه أنه كلما كان الحجر أكبر كان أشد أثرا وانتقاما من الشيطان . وتجده أيضا يرمي بالنعال والخشب وما أشبه ذلك مما لا يشرع الرمي به .
إذن : إذا قلنا : إن هذا الاعتقاد اعتقاد فاسد، فما الذي نعتقده في رمي الجمرات ؟ نعتقد في رمي الجمرات أننا نرمي الجمرات تعظيما لله عز وجل، وتعبدا له ، واتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الرابع :
أن بعض الناس يتهاون ولا يبالي هل وقعت الحصاة في المرمى أم لا ؟
والحصاة إذا لم تقع في المرمى فإن المرمى لا يصح ، ويكفي أن يغلب على ظنه وقوع الحصاة في المرمى ولا يشترط اليقين لأن اليقين في هذه الحال قد يتعذر ، وإذا تعذر اليقين عمل بغلبة الظن ؛ ولأن الشارع أحال على غلبة الظن فيما إذا شك الإنسان في صلاته : كم صلى ، ثلاثا أم أربعا ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : " ليتحر الصواب ثم ليتم عليه " أخرجه أبو داوود (1020)
وهذا يدل على أن غلبة الظن في أمور العبادة كافية ، وهذا من تيسير الله عز وجل ؛ لأن اليقين أحيانا يتعذر .
وإذا وقعت الحصاة في الحوض ، فقد برئت بها الذمة ، سواء بقيت في الحوض أو تدحرجت منه .
الخامس :(12/83)
أن بعض الناس يظن أنه لا بد أن تصيب الحصاة العمود الموجود بالمرمى ، وهذا ظن خطأ ، فإنه لا يشترط لصحة الرمي أن تصيب الحصاة هذا العمود ، فإن هذا العمود إنما جعل علامة على المرمى الذي تقع فيه الحصى ، فإذا وقعت الحصاة في المرمى أجزأت سواء أصابت العمود أم لم تصبه .
السادس :
وهو من الأخطاء العظيمة الفادحة، أن بعض الناس يتهاون في الرمي ، فيوكل من يرمي عنه مع قدرته عليه ، وهذا خطأ عظيم ، وذلك لأن رمي الجمرات من شعائر الحج ومناسكه ، وقد قال الله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) البقرة / 196 ، وهذا يشمل إتمام الحج بجميع شعائره ؛ فيجب على الإنسان أن يقوم بها بنفسه ، وألا يوكل فيها أحدا .
يقول بعض الناس : إن الزحام شديد ، وإنه يشق علي . فنقول له : إذا كان الزحام شديدا أول ما يقدم الناس إلى منى من مزدلفة ، فإنه لا يكون شديدا في آخر النهار ، ولا يكون شديدا في الليل ، وإذا فاتك الرمي في النهار فارم في الليل ؛ لأن الليل وقت للرمي ، وإن كان النهار أفضل ، لكن كون الإنسان يأتي بالرمي في الليل بطمأنينة وهدوء وخشوع أفضل من كونه يأتي به في النهار ، وهو ينازع الموت من الزحام والضيق والشدة، وربما يرمي ولا تقع الحصاة في المرمى ، المهم أن من احتج بالزحام نقول له : إن الله قد وسع الأمر ، فلك أن ترمي في الليل .
وكذلك المرأة إذا كانت تخشى من شيء في الرمي مع الناس ، فلتؤخر الرمي إلى الليل ، ولهذا لم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة من أهله - كَسَوْدة بنت زمعة وأشباهها - أن يَدَعُوا الرمي ويوكلوا من يرمي عنهم - لو كان من الأمور الجائزة - بل أذن لهم أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل، ليرموا قبل حَطَمة الناس ؛ وهذا أكبر دليل على أن المرأة لا توكل لكونها امرأة .(12/84)
نعم لو فرض أن الإنسان عاجز ولا يمكنه الرمي بنفسه ، لا في النهار ولا في الليل ، فهنا يتوجه القول بجواز التوكيل ؛ لأنه عاجز ، وقد ورد عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يرمون عن صبيانهم ، لعجز الصبيان عن الرمي .
على كل حال : التهاون في هذا الأمر - أعني : التوكيل في رمي الجمرات إلا من عذر لا يتمكن معه الحاج من الرمي - خطأ كبير ؛ لأنه تهاون في العبادة ، وتخاذل عن القيام بالواجب .
الإسلام سؤال وجواب
حكم تسمية جبل عرفة بجبل الرحمة
يطلق على جبل عرفة : جبل الرحمة ، فما حكم هذه التسمية وهل لها أصل ؟.
الحمد لله
أجاب الشيخ محمد ابن عثيمين - رحمه الله – على هذا السؤال فقال :
" هذه التسمية لا أعلم لها أصلا من السنة ، أي : أن الجبل الذي في عرفة ، الذي وقف عنده النبي صلى الله عليه وسلم يسمى جبل الرحمة، وإذا لم يكن له أصل من السنة فإنه لا ينبغي أن يُطلق عليه ذلك ، والذين أطلقوا عليه هذا الاسم لعلهم لاحظوا أن هذا الموقف موقف عظيم ، تتبين فيه مغفرة الله ورحمته للواقفين في عرفة فسموه بهذا الاسم ، والأولى ألا يسمى بهذا الاسم ، وليقال: جبل عرفة ، أو الجبل الذي وقف عنده النبي صلى الله عليه وسلم ، وما أشبه ذلك "
انتهى من دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر
تجاوز الميقات بدون إحرام لمن أراد الحج أو العمرة
رجلٌ قدم من بلده إلى جدة وهو يريد الحج والعمرة ولكنه لم يُحرم من الميقات بل أحرم في مطار جدة فما الحكم ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله - :
عين النبي صلى الله عليه وسلم للإحرام أماكن مخصوصة يحرم منها من أراد الحج والعمرة ولا يحل له أن يتعداها حتى يحرم ؛ لأن تعديها قبل الإحرام من تعدي حدود الله تعالى، وقد قال الله سبحانه : ( ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ) البقرة / 229 ، وقال في آية أخرى : ( ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ) الطلاق / 1 .(12/85)
وفي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم ( وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، وقال : هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج أو العمرة ، ومن كان دون ذلك فمهله من أهله ) رواه البخاري ( 1524 ) ومسلم (1181).
وفيهما أيضا من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مُهَلُّ أهل المدينة من ذي الحليفة ) رواه مسلم (1183) ، وهو خبر بمعنى الأمر لكنه صيغ بلفظ الخبر تأكيدا لتنفيذه .
وعن عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق ) أخرجه أبو داوود (1739) وصححه الألباني في صحيح أبي داوود (1531)
وفي صحيح البخاري(1531) : ( أن أهل الكوفة والبصرة أتوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرنا ، وهو جورٌ عن طريقنا وإنا إن أردنا قرنا شق علينا . قال : فانظروا حذوها من طريقكم ) .
جور : أي مائل
فإحرام من أراد الحج أو العمرة واجب من هذه المواقيت إذا أتى عليها أو حاذاها ، سواء أتى من طريق البر أو البحر أو الجو .
فإن كان من طريق البر نزل فيها إن مر بها أو فيما حاذاها إن لم يمر بها ، وأتى بما ينبغي أن يأتي به عند الإحرام ، من الاغتسال وتطييب بدنه ولبس ثياب إحرامه ، ثم يحرم قبل مغادرته .
وإن كان من طريق البحر ، فإن كانت الباخرة تقف عند محاذاة الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه حال وقوفها ، ثم أحرم قبل سيرها ، وإن كانت لا تقف عند محاذاة الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه قبل أن تحاذيه ، ثم يحرم إذا حاذته .(12/86)
وإن كان من طريق الجو ، اغتسل عند ركوب الطائرة وتطيب ولبس إحرامه قبل محاذاة الميقات ، ثم أحرم قبيل محاذاته ، ولا ينتظر حتى يحاذيه ؛ لأن الطائرة تمر به سريعة فلا تعطي فرصة ، وإن أحرم قبله احتياطا فلا بأس .
دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر .
أخطاء تقع في الإحرام بالحج يوم التروية
إذا كان اليوم الثامن ( يوم التروية ) نلاحظ أمرين على بعض الناس :
1- أنهم يحرمون للحج من المسجد الحرام .
2- أنهم لا يُحرمون بملابس الإحرام التي أحرموا بها في العمرة .
فهل هذا العمل صواب أم خطأ ؟.
الحمد لله
هذه من الأخطاء التي تقع في إحرام الحج وسنتناولها بشيء من التفصيل :
قال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله :
" من الأخطاء التي تقع في إحرام الحج يوم التروية ما يلي :
أولا :
بعض الناس يعتقد أنه يجب أن يحرم من المسجد الحرام، فتجده يتكلف ويذهب إلى المسجد الحرام ليحرم منه ، وهذا ظن خطأ ؛ فإن الإحرام من المسجد الحرام لا يجب ، بل السنة أن يحرم بالحج من مكانه الذي هو نازل فيه ، لأن الصحابة الذين حلوا من العمرة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ثم أحرموا بالحج يوم التروية ، لم يأتوا إلى المسجد الحرام ليحرموا منه ؛ بل أحرم كل إنسان منهم من موضعه ، وهذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فيكون هذا هو السنة ، فالسنة للمحرم بالحج أن يكون إحرامه من المكان الذي هو نازل فيه ، سواء كان في مكة أو في منى ، كما يفعله بعض الناس الآن حيث يتقدمون إلى منى من أجل حماية الأمكنة لهم .
ثانياً :(12/87)
أن بعض الحجاج يظن أنه لا يصح أن يحرم بثياب الإحرام التي أحرم بها في عمرته إلا أن يغسلها وهذا ظن خطأ أيضا لأن ثياب الإحرام لا يشترط أن تكون جديدة أو نظيفة ، صحيح أنه كلما كانت أنظف فهو أولى ، وأما أنه لا يصح الإحرام بها لأنه أحرم بها في العمرة ، فإن هذا ظن ليس بصواب . هذا ما يحضرني الآن بالنسبة للأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج في الإحرام بالحج ".
انتهى من كتاب دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر
أخطاء تقع في الذهاب إلى عرفة وفي عرفة
ما هي الأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج يوم عرفة ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله - :
" ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مكث يوم عرفة بنمرة ( وهو موضع قبل عرفة ) حتى زالت الشمس ( وهو أول وقت الظهر ) ، ثم ركب ، ثم نزل في بطن وادي عرنة ( وهو واد بين نمرة وعرفات ) ، فصلى الظهر والعصر ركعتين ركعتين جمع تقديم ، بأذان واحد وإقامتين ، ثم ركب حتى أتى موقفه فوقف ، وقال : وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف ، فلم يزل واقفا مستقبل القبلة رافعًا يديه يذكر الله ويدعوه حتى غربت الشمس وغاب قرصها فدفع إلى مزدلفة .
ومن الأخطاء التي يرتكبها الحجاج في عرفة ما يلي:
الأول :
أن الحجاج يمرون بك ولا تسمعهم يلبون، فلا يجهرون بالتلبية في مسيرهم من منى إلى عرفة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة في يوم العيد .
الثاني :
ومن الأخطاء العظيمة الخطيرة أن بعض الحجاج ينزلون خارج عرفة ، ويبقون في منزلهم حتى تغرب الشمس ، ثم ينطلقون منه إلى مزدلفة ، وهؤلاء الذين وقفوا هذا الموقف ليس لهم حج ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الحج عرفة " رواه الترمذي (889) وصححه الألباني في إرواء الغليل (1064) . فمن لم يقف في عرفة في المكان الذي هو منها، وفي الزمان الذي عين للوقوف بها فإن حجه لا يصح للحديث الذي أشرنا إليه ، وهذا أمر خطير.(12/88)
وقد جُعلت علامات واضحة لحدود عرفة لا تخفى إلا على رجل مفرط متهاون ، فالواجب على كل حاج أن يتفقد الحدود حتى يعلم أنه وقف في عرفة لا خارجها .
ويا حبذا لو أن القائمين على الحجِّ أعلنوا للناس بوسيلة تبلغ جميعهم ، وبلغات متعددة ، وعهدوا إلى المُطَوّفين بتحذير الحُجّاج من ذلك ، ليكون الناس على بصيرة من أمرهم ، ويُؤَدُّوا حجَّهم على الوجه الذي تبرأ به الذِّمةُ .
الثالث :
أن بعض الناس إذا اشتغلوا بالدعاء في آخر النهار ، تجدهم يتجهون إلى الجبل الذي وقف عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن القبلة تكون خلف ظهورهم أو عن أيمانهم أو عن شمائلهم ، وهذا أيضًا جهل وخطأ ؛ فإن المشروع في الدعاء يوم عرفة أن يكون الإنسان مستقبل القبلة ، سواء كان الجبل أمامه أو خلفه ، أو عن يمينه أو عن شماله ، وإنما استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الجبل ؛ لأن موقفه كان خلف الجبل ، فكان صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة ، وإذا كان الجبل بينه وبين القبلة فبالضرورة سيكون مستقبلا له .
الرابع :
أن بعضهم يظن أنه لا بد أن يذهب الإنسان إلى موقف الرسول صلى الله عليه وسلم الذي عند الجبل ليقف هناك ، فتجدهم يتجشَّمون المصاعب، ويركبون المشاق ، حتى يصلوا إلى ذلك المكان ، وربما يكونون مشاة جاهلين بالطرق فيعطشون ويجوعون إذا لم يجدوا ماء وطعاما ، ويضلُّون في الأرض ، ويحصل عليهم ضرر عظيم بسبب هذا الظن الخاطئ ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف " .
وكأنه صلى الله عليه وسلم يشير إلى أنه : ينبغي للإنسان ألا يتكلف ليقف في موقف النبي صلى الله عليه وسلم ، بل يفعل ما تيسر له ، فإن عرفة كلها موقف .
الخامس :(12/89)
أن بعض الناس يعتقدون أن الأشجار في عرفة كالأشجار في منى ومزدلفة ، أي : لا يجوز للإنسان أن يقطع منها ورقة أو غصنًا أو ما أشبه ذلك ؛ لأنهم يظنون أن قطع الشجر له تعلق بالإحرام كالصيد ، وهذا ظن خاطئ ، فإن قطع الشجر لا علاقة له بالإحرام ، وإنما علاقته بالمكان ، فما كان داخل حدود الحرم - أي : داخل الأميال - من الأشجار فهو محترم ، لا يعضد ولا يقطع منه ورق ولا أغصان، وما كان خارجًا عن حدود الحرم فإنه لا بأس بقطعه ولو كان الإنسان محرما ، وعلى هذا فقطع الأشجار في عرفة لا بأس به ... ، ( وأما الأشجار التي غرسها الناس فلا يشملها تحريم قطع الشجرة من أجل الحرم ، ولكنها قد يحرم قطعها بسبب آخر وهو الاعتداء على حق من غرسها ، وعلى حق الحجاج أيضاً إذا كانت إنما غرست من أجل أن تلطف الجو ويستظل بها الناس من حر الشمس .
وعلى هذا فالأشجار المغروسة بعرفة لا يجوز قطعها لا من أجل الحرم وإنما لأن قطعها اعتداء على حق المسلمين عموماً ) .
السادس :
أن بعض الحجاج يعتقدون أن للجبل الذي وقف عنده النبي صلى الله عليه وسلم قدسية خاصة ، ولهذا يذهبون إليه ، ويصعدونه ، ويتبركون بأحجاره وترابه ، ويعلقون على أشجاره قصاصات الخرق ، وغير ذلك مما هو معروف ، وهذا من البدع ، فإنه لا يشرع صعود الجبل ولا الصلاة فيه ، ولا أن تعلق قصاصات الخرق على أشجاره ؛ لأن ذلك كله لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل فيه شيء من رائحة الوثنية ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على شجرة للمشركين يعلقون بها أسلحتهم ، فقال من معه : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الله أكبر ، إنها السنن ، لتركبن سنَن من كان قبلكم ، قلتم- والذي نفسي بيده- كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة . رواه الترمذي (2180) وحسنه الألباني في صحيح السنة للابن أبي عاصم .(12/90)
وهذا الجبل ليس له قدسية ، بل هو كغيره من الروابي التي في عرفة ، والسهول التي فيها ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف هناك ، فكان المشروع أن يقف الإنسان في موقف الرسول صلى الله عليه وسلم إن تيسر له ، وإلا فليس بواجب ، ولا ينبغي أن يتكلف الإنسان الذهاب إليه لما سبق .
السابع :
أن بعض الناس يظن أنه لا بد أن يصلي الإنسان الظهر والعصر مع الإمام في المسجد ، ولهذا تجدهم يذهبون إلى ذلك المكان من أماكن بعيدة ليكونوا مع الإمام في المسجد ، فيحصل عليهم من المشقة والأذى والتيه ما يجعل الحج في حقهم حرجا وضيقا ، ويضيق بعضهم على بعض ، ويؤذي بعضهم بعضا ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الوقوف : " وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف " ، وقال صلى الله عليه وسلم أيضا : " جُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " . فإذا صلى الإنسان في خيمته صلاة يطمئن فيها بدون أذى عليه ولا منه ، وبدون مشقة تلحق الحج بالأمور المحرجة ، فإن ذلك خير وأولى .
الثامن :
أن بعضهم يخرج من عرفة قبل أن تغرب الشمس ، فيدفع منها إلى المزدلفة ، وهذا خطأ عظيم ، وفيه مشابهة للمشركين الذين كانوا يدفعون من عرفة قبل غروب الشمس ، ومخالفة للرسول صلى الله عليه وسلم الذي لم يدفع من عرفة إلا بعد أن غابت الشمس وذهبت الصفرة قليلا ، كما جاء في حديث جابر رضي الله عنه .
وعلى هذا فإنه يجب على المرء أن يبقى في عرفة داخل حدودها حتى تغرب الشمس ؛ لأن هذا الوقوف مؤقت بغروب الشمس ، فكما أنه لا يجوز للصائم أن يفطر قبل غروب الشمس ، فلا يجوز للواقف بعرفة أن ينصرف منها قبل أن تغرب الشمس .
التاسع :
إضاعة الوقت في غير فائدة، فتجد الناس من أول النهار إلى آخر جزء منه وهم في أحاديث قد تكون بريئة سالمة من الغيبة والقدح في أعراض الناس ، وقد تكون غير بريئة لكونهم يخوضون في أعراض الناس ويأكلون لحومهم، فإن كان الثاني فقد وقعوا في محظورين :(12/91)
أحدهما : أكل لحوم الناس وغيبتهم ، وهذا خلل حتى في الإحرام ؛ لأن الله تعالى يقول : { فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } .
والآخر : إضاعة الوقت .
أما إن كان الحديث بريئا لا يشتمل على محرم ففيه إضاعة الوقت ، لكن لا حرج على الإنسان أن يشغل وقته بالأحاديث البريئة فيما قبل الزوال ، وأما بعد الزوال وصلاة الظهر والعصر فإن الأولى أن يشتغل بالدعاء والذكر وقراءة القرآن ، وكذلك الأحاديث النافعة لإخوانه إذا مل من القراءة والذكر ، فيتحدث إليهم أحاديث نافعة ؛ في بحث من العلوم الشرعية أو نحو ذلك مما يدخل السرور عليهم ، ويفتح لهم باب الأمل والرجاء لرحمة الله سبحانه وتعالى ، ولكن لينتهز الفرصة في آخر ساعات النهار ، فيشتغل بالدعاء ويتجه إلى الله عز وجل متضرعا إليه ، مخبتا منيبا طامعا في فضله راجيا ، لرحمته ، ويلح في الدعاء ، ويكثر من الدعاء الوارد في القرآن وفي السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن هذا خير الأدعية ، وإن الدعاء في هذه الساعة حري بالإجابة "
انتهى من دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر
الأخطاء التي يقع فيها المُحرم
نأتي إلى جدة بالطائرة ، فهل يجوز لنا أن نؤخر الإحرام بالحج حتى نصل إلى جدة ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله - : "
من الأخطاء التي يقع فيها بعض الحجاج في الإحرام
الأمر الأول :
ترك الإحرام من الميقات ، فإن بعض الحجاج ولا سيما القادمون بطريق الجو، يدعون الإحرام من الميقات حتى نزولهم إلى جدة ، مع أنهم يمرون فوقه ، وقد وقت النبي صلى الله عليه وسلم المواقيت لأهلها وقال : " هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن " رواه البخاري (1524) ومسلم (1181)(12/92)
وثبت في صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أنه لما شكا إليه أهل العراق أن قرن المنازل التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل نجد جَوْرٌ عن طريقهم ، أي بعيدة ومائلة عن الطريق ، قال رضي الله عنه : " انظروا إلى حذوها من طريقكم " أخرجه البخاري (1531) وهذا يدل على أن محاذاة الميقات كالمرور به ، والذي يأتي محاذيا للميقات من فوق الطائرة كالمار به ، فعليه أن يحرم إذا حاذى الميقات ، ولا يجوز له أن يتعدى الميقات لينزل في جدة ويحرم منها .
والطريق لتصحيح هذا الخطأ أن يغتسل الإنسان في بيته أو في المطار ، ويتأهب في الطائرة فيلبس ثوب الإحرام ويخلع ثيابه المعتادة ، فإذا حاذى الميقات أحرم منه ، فلبى بما يريد أن يحرم به من عمرة أو حج ، ولا يحل له أن يؤخر ذلك إلى جدة ، فإن فعل فقد أخطأ ، وعليه عند جمهور أهل العلم فدية يذبحها في مكة ، ويوزعها على الفقراء ؛ لأنه ترك واجبا من الواجبات .
الأمر الثاني :
أن بعض الناس يعتقد أنه لا بد أن يحرم بالنعلين ، وأنه إذا لم يكن النعلان عليه حين الإحرام، فإنه لا يجوز له لبسهما، وهذا خطأ، فإن الإحرام في النعلين ليس بواجب ولا شرط ، فالإحرام ينعقد بدون أن يكون عليه النعلان، ولا يمنع إذا أحرم من غير نعلين أن يلبسهما فيما بعد ؛ فله أن يلبس النعلين فيما بعد، وإن كان لم يحرم بهما، ولا حرج عليه في ذلك.
الأمر الثالث :
أن بعض الناس يظن أنه لا بد أن يحرم بثياب الإحرام ، وتبقى عليه إلى أن يحل من إحرامه ، وأنه لا يحل له تبديل هذه الثياب ، وهذا خطأ ؛ فإن الإنسان المحرم يجوز له أن يغير ثياب الإحرام لسبب أو لغير سبب، إذا غيرها إلى شيء يجوز لبسه في الإحرام .(12/93)
ولا فرق في ذلك بين الرجال والنساء ، فكل من أحرم بشيء من ثياب الإحرام وأراد أن يغيره فله ذلك ، لكن أحيانا يجب عليه تغييره كما لو تنجس بنجاسة لا يمكن غسله إلا بخلعه ، وأحيانا يكون تغييره أحسن إذا تلوث تلوثا كثيرا بغير نجاسة ، فينبغي أن يغيره إلى ثوب إحرام نظيف .
وتارة يكون الأمر واسعا، إن شاء غير وإن شاء لم يغير . المهم أن هذا الاعتقاد غير صحيح ، وهو أن يعتقد الحاج أنه إذا أحرم بثوب لا يجوز له خلعه حتى يحل من إحرامه .
الأمر الرابع :
أن بعض الناس يضطبعون بالإحرام من حين الإحرام ، أي من حين عقد النية ، والاضطباع أن يخرج الإنسان كتفه الأيمن ويجعل طرفي الرداء على كتفه الأيسر ، فنرى كثيرا من الحجاج- إن لم يكن أكثر الحجاج- يضطبعون من حين أن يحرموا إلى أن يحلوا وهذا خطأ ؛ لأن الاضطباع إنما يكون في طواف القدوم فقط ، ولا يكون في السعي ولا فيما قبل الطواف .
الأمر الخامس :
اعتقاد بعضهم أنه يجب أن يصلي ركعتين عند الإحرام ، وهذا خطأ أيضا ؛ فإنه لا يجب أن يصلي الإنسان ركعتين عند الإحرام ؛ بل القول الراجح الذي ذهب إليه أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أنه لا يسن للإحرام صلاة خاصة ؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فإذا اغتسل الإنسان ولبس ثياب الإحرام أحرم بدون صلاة ، إلا إذا كان وقت صلاة مثل أن تكون صلاة الفريضة قد حان وقتها أو قرب وقتها ، وهو يريد أن يمكث في الميقات حتى يصلي ، فهنا الأفضل أن يكون إحرامه بعد الصلاة ، أما أن يتعمد صلاة معينة في الإحرام ، فإن القول الراجح أنه ليس للإحرام صلاة تخصه .
انتهى من كتاب دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر.
التلبية الجماعية
هل السنة أن يلبي الحجاج بصون واحد ، أو يلبي كل رجل بمفرده ؟.
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :(12/94)
التلبية بصوت جماعي لم يرد عن الصحابة رضي الله عنهم ؛ بل قال أنس بن مالك : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم - يعني في حجة الوداع- فمنا المكبر ، ومنا المهلل ، ومنا الملبي . وهذا هو المشروع للمسلمين ؛ أن يلبي كل واحد بنفسه ، وألا يكون له تعلق بغيره .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الوقوف على الحجر الأسود وتعطيل الطواف
بعض الحجاج إذا جاء إلى هذا الخط الذي وضع علامة على ابتداء الطواف وقف طويلا فيضيق على إخوانه الطائفين ويؤذيهم . فما حكم الوقوف على هذا الخط والدعاء الطويل ؟.
الحمد لله
عرض هذا السؤال على الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله – فقال :
" الوقوف عند هذا الخط لا يحتمل وقوفا طويلا ؛ بل يستقبل الإنسان الحجر ويشير إليه ويكبر ويمشي ، وليس هذا موقفا يطال فيه الوقوف ، لكني أرى بعض الناس يقفون ويقولون : نويت أن أطوف لله تعالى سبعة أشواط ، طواف العمرة ، أو تطوعا ، أو ما أشبه ذلك ، وهذا يرجع إلى الخطأ في النية ، وأن التكلم بالنية في العبادات بدعة ، لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه ؛ فأنت تؤدي العبادة لله سبحانه وتعالى ، وهو عالم بنيتك فلا يحتاج إلى أن تجهر بها "
انتهى من دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر
التلفظ بالنية في الحج والعمرة
بما أن التلفظ بالنية بدعة فما الحكمة من تلفظ النية في الحج والعمرة ؟.
الحمد لله
النية محلها القلب ، والتلفظ بها بدعة ، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد تلفظوا بالنية قبل أي عبادة .
والتلبية في الحج والعمرة ليست هي النية .
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله - :(12/95)
التلفظ بالنية بدعة ، والجهر بذلك أشد في الإثم ، وإنما السنَّة النيَّة بالقلب ؛ لأن الله سبحانه وتعالى يعلم السرَّ وأخفى ، وهو القائل عز وجل : { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ } الحجرات / 16 .
ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحدٍ من أصحابه ولا عن الأئمة المتبوعين التلفظ بالنية ، فعلم بذلك أنه غير مشروع بل من البدع المحدَثة ، والله ولي التوفيق .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 315 ) .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
التلفظ بالنية لم يرِد عن النبي صلى الله عليه وسلم لا في الصلاة ولا في الطهارة ولا في الصيام ولا في أي شيء من عباداته صلى الله عليه وسلم ، حتى في الحج والعمرة لم يكن صلى الله عليه وسلم يقول إذا أراد الحج والعمرة " اللهم إني أريد كذا وكذا " ما ثبت عنه ذلك ولا أمَر به أحداً من أصحابه ، غاية ما ورد في هذا الأمر أن ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها شَكَت إليه أنها تريد الحج وهي شاكية " مريضة " فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم " حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني ، فإن لكِ على ربِّك ما استثنيتِ " إنما كان الكلام هنا باللسان ؛ لأن عقد الحج بمنزلة النذر ، والنذر يكون باللسان ؛ لأن الإنسان لو نوى أن ينذر في قلبه : لم يكن ذلك نذراً ولا ينعقد النذر ، ولما كان الحج مثل النذر في لزوم الوفاء عند الشروع فيه أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تشترط بلسانها وأن تقول : " إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني " .
وأما ما ثبت به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن قوله : " إن جبريل أتاني وقال : صلِّ في هذا الوادي المبارك ، وقل : عمرة في حجة ، أو عمرة وحجة " : فليس معنى ذلك أنه يتلفظ بالنية ، ولكن معنى ذلك أنه يذكر نسكه في تلبيته ، وإلا فالنبي عليه الصلاة والسلام ما تلفَّظ بالنية .(12/96)
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 216 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
زيارة جبل عرفة
يلتزم بعض الحجاج زيارة هذا الجبل قبل الحج أو بعده ويصلون في أعلاه ، فما حكم زيارة هذا الجبل وما حكم الصلاة فيه ؟.
الحمد لله
عرض هذا السؤال على الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله فقال : " حكمه كما يعلم من القاعدة الشرعية، بأن كل من تعبد الله تعالى بما لم يشرعه الله فهو مبتدع ، فُيعلَم من هذا أن قصد هذا الجبل للصلاة عليه أو عنده والتمسح به ، وما أشبه ذلك مما يفعله بعض العامة بدعة ، ينكر على فاعلها ، ويقال له : لا خصيصة لهذا الجبل . إلا أنه يسن أن يقف الإنسان يوم عرفة عند الصخرات ، كما وقف النبي صلى الله عليه وسلم ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف هناك عند الصخرات وقال : وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف .
وبناء على ذلك فلا ينبغي أيضا أن يشق الإنسان على نفسه في يوم عرفة ، ليذهب إلى ذلك الجبل ، فربما يضيع عن قومه ، ويتعب بالحر والعطش ، ويكون بهذا آثما ، حيث شق على نفسه في أمر لم يوجبه الله عليه "
دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر
حكم ذبح الهدي في غير مكة
بعض الحجاج يدفع نقودا لبعض المؤسسات الخيرية التي تتولى ذبح هديه وتوزيعه في شرق الأرض وغربها . فما حكم هذا العمل أثابكم الله ؟.
الحمد لله
عرض هذا السؤال على الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله – فقال :(12/97)
" هذا عمل خاطئ مخالف لشريعة الله ، وتغرير بعباد الله عز وجل ، وذلك أن الهدي محل ذبحه مكة ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ذبح هديه بمكة ، ولم يذبحه في المدينة ولا في غيرها من البلاد الإسلامية ، والعلماء نصوا على هذا وقالوا : إنه يجب أن يذبح هدي التمتع والقران والهدي الواجب- لترك واجب - يجب أن يذبح في مكة، وقد نص الله على ذلك في جزاء الصيد ، فقال تعالى : ( يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة ) فما قُيِّد في الشرع بأماكن معينة لا يجوز أن ينقل إلى غيرها ، بل يجب أن يكون فيها ، فيجب أن تكون الهدايا في مكة ، وتوزع في مكة ، وإن قدر أنه لا يوجد أحد يقبلها في مكة ، وهذا فرض قد يكون محالا فإنه لا حرج أن تذبح في مكة ، وتنقل لحومها إلى من يحتاجها من بلاد المسلمين ، الأقرب فالأقرب ، أو الأشد حاجة فالأشد "
انتهى من كتاب دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتر
ابتداء الطواف من باب الكعبة
بعض الناس يبدأ الطواف من باب الكعبة ، ولا يبدأ من الحجر الأسود فهل طوافه صحيح ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله - :
" الذي يبتدئ من عند باب الكعبة ويُتم طوافه على هذا الأساس لا يعتبر متماً للطواف ؛ لأن الله يقول : ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) الحج / 29 .
وقد بدأ النبي صلى الله عليه وسلم من الحجر الأسود وقال للناس : " لتأخذوا عني مناسككم " أخرجه مسلم (1297).
وإذا ابتدأ الطواف من عند الباب أو من دون محاذاة الحجر الأسود ولو بقليل ، فإن هذا الشوط الأول الذي ابتدأه يكون ملغياً ؛ لأنه لم يتم ، وعليه أن يأتي ببدله إن ذكر قريباً، وإلا فليُعِد الطواف من أوله. ( والواجب عليه أن يبدأ من محاذاة الحجر الأسود ) .(12/98)
وقد وضع خط على الأرض محاذاة الحجر الأسود إلى آخر المطاف ، ليكون علامة على ابتداء الطواف ونهايته ، والناس من بعد وجود هذا الخط صار خطؤهم في هذه الناحية قليلا ، لكنه يوجد من بعض الجهال ، وعلى كل حال فعلى المرء أن ينتبه لهذا الخطأ ، لئلا يقع في خطر عظيم من عدم تمام طوافه "
انظر دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر(12/99)
صفة الحج والعمرة
لا حرج من ذبح الهدي في مزدلفة
هل يجوز ذبح الهدي في مزدلفة؟
الحمد لله
"الذبح في مزدلفة وفي مكة وفي منى كله جائز ، فكل ما كان داخل الحرم فإن ذبح الهدي فيه جائز ولا حرج لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (كل فجاج مكة طريق ومنحر)" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/248) .
الإسلام سؤال وجواب
معتمرة تريد تأخير تقصير شعرها حتى تعودها لبلدها
السؤال: امرأة من الرياض سوف تعتمر في رمضان ثم تعود بعد يومين وتقصر تقصير العمرة عند مشغل نسائي في الرياض ، هل يجوز لها ذلك؟ وإذا كان يجوز ما هي المحظورات؟
الجواب :
الحمد لله
التقصير من شعر الرأس واجب من واجبات العمرة ، ولا تتحلل المرأة من إحرامها إلا به ، وللرجل أن يحلق أو يقصر ، والحلق له أفضل .
ولا حرج فيما ذكرت من تأخير المرأة تقصير شعرها إلى حين عودتها إلى الرياض ، لكن يلزمها اجتناب محظورات الإحرام من الطيب وقص الأظافر وغير ذلك حتى تقصّر .
وينظر في صفة تقصير الشعر جواب السؤال رقم (110804) .
وينظر في محظورات الإحرام جواب السؤال رقم (11356) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
خرج من مكة قبل أن يطوف ويسعى للحج
ما الحكم في الخروج من مكة قبل أن يطوف ويسعى للحج ، علماً بأن الحاج من أهل مكة ؟
الجواب :
الحمد لله
ينبغي على المسلم أن يحرص على تمام حجه على وفق السنة ، وخاصة إذا كانت حجة الفريضة ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن بره تحري إتمامه على السنة ، ومن السنة أن يتم النسك على تواليه دون قطعه بعارض
إلا أن يضطر إليه .
والوقت المفضل لطواف الإفاضة والسعي في الحج هو يوم النحر اقتداء به صلى الله عليه وسلم ، لأنه طاف وسعى يوم النحر ، وقال : ( خذوا عني مناسككم ) . رواه مسلم (1297)
أما آخر وقته ، فقد قال ابن قدامة رحمه الله :(13/1)
"الصَّحِيحُ أَنَّ آخِرَ وَقْتِهِ غَيْرُ مَحْدُودٍ ; فَإِنَّهُ مَتَى أَتَى بِهِ صَحَّ بِغَيْرِ خِلَافٍ , وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الدَّم " انتهى .
"المغني" (3/227) .
وجاء في الموسوعة الفقهية :
" فَلَيْسَ لِآخِرِهِ حَدٌّ مُعَيَّنٌ لِأَدَائِهِ فَرْضًا , بَلْ جَمِيعُ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَقْتُهُ إجْمَاعًا . لَكِنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ أَوْجَبَ أَدَاءَهُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ , فَلَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى أَدَّاهُ بَعْدَهَا صَحَّ , وَوَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ جَزَاءَ تَأْخِيرِهِ عَنْهَا . وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالتَّأْخِيرِ شَيْءٌ إلَّا بِخُرُوجِ ذِي الْحِجَّةِ , فَإِذَا خَرَجَ لَزِمَهُ دَمٌ . وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ , وَالشَّافِعِيَّةُ , وَالْحَنَابِلَةُ , إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالتَّأْخِيرِ أَبَدًا " . انتهى .
"الموسوعة الفقهية" (17/52) ، وينظر : أضواء البيان ، للشنقيطي (4/406) ، فتاوى اللجنة الدائمة (11/227) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين : عن رجل سافر إلى أرضه ولم يطف طواف الإفاضة ؟
فأجاب :
" يجب على هذا الرجل أن يمتنع عن أهله ، لأنه قد حلّ التحلل الأول دون الثاني ، ومن تحلل التحلل الأول دون الثاني أبيح له كل شيء إلا النساء ، ويلزمه أن يذهب إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة لإنهاء نسكه " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (223/15-16) .
والخلاصة : أن هذا الذي خرج من مكة قبل أن يطوف ويسعى للحج ، إن كان قد عاد في أيام الحج ، أو في شهر ذي الحجة ، فطاف وسعى : فقد صح حجه ، ولا شيء عليه .(13/2)
وإن كان قد أخره حتى خرج شهر ذي الحجة ، ثم عاد فأداه : فقد فعل الواجب عليه ، وصح حجه ، إلا أن الأحوط له أن يذبح دما عن هذا التأخير ، كما سبق نقله المالكية وغيرهم ، ولأن بعض أهل العلم يرى أن وقت الطواف والسعي ، وهكذا سائر أعمال الحج ، ينتهي بخروج شهر ذي الحجة ، لقول الله تعالى : ( الحج أشهر معلومات ) .
وينظر : مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (21/379) .
والله تعالى أعلم .
وينظر جوال السؤال رقم (26254) و (106551)
الإسلام سؤال وجواب
أحرم ولم يشترط ومنع من دخول مكة فعاد لبلده
السؤال : أحرمت من ذي الحليفة ولم أشترط ومنعت من قبل الشرطة لانتهاء الفيزا ، ورجعت إلى بلدي ، ماذا علي؟
الجواب :
الحمد لله
من أحرم بالحج أو العمرة ومنعه مانع من الوصول للبيت الحرام وإتمام نسكه ، فإن كان قد اشترط عند إحرامه بأن قال : اللهم محلي حيث حبستني ، تحلل ولا شيء عليه ، وإن لم يكن قد اشترط فهو محصر ، فيذبح شاة في مكانه الذي أحصر فيه ، سواء كان في الحرم أو في الحل ، ويعطيها الفقراء في مكانه أو ينقلها إلى فقراء الحرم ، ثم يحلق أو يقصر شعره ، ويتحلل .
قال الله تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) البقرة/196 .(13/3)
قال ابن قدامة رحمه الله : "أجمع أهل العلم على أن المحرم إذا حصره عدو من المشركين , أو غيرهم , فمنعوه الوصول إلى البيت , ولم يجد طريقا آمنا , فله التحلل . وقد نص الله تعالى عليه بقوله : ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) . وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه يوم حصروا في الحديبية أن ينحروا , ويحلقوا , ويحلوا . وسواء كان الإحرام بحج أو بعمرة , أو بهما , في قول إمامنا (الإمام أحمد) , وأبي حنيفة , والشافعي ..... وعلى من تحلل بالإحصار : الهدي , في قول أكثر أهل العلم ، لقول الله تعالى : (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) . قال الشافعي : لا خلاف بين أهل التفسير أن هذه الآية نزلت في حصر الحديبية" انتهى من "المغني" (3/172).
وذهب بعض العلماء إلى أن المحصر إذا لم يجد الهدي فإنه يصوم عشرة أيام ، قياساً على المتمتع .
واختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن المحصر إذا لم يجد الهدي لا يلزمه الصيام ، لأن الله تعالى لم يذكر الصيام في آية الإحصار .
ولأن الظاهر من حال الصحابة في صلح الحديبية أنهم كانوا فقراء ، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من ليس معه هدي منهم أن يصوم عشرة أيام .
وانظر : "الشرح الممتع" (7/184، 185) .
وعلى هذا ؛ فالواجب عليك الآن أن توكل من يذبح عنك ذبيحة في مكة توزع على فقراء الحرم ، ثم تحلق أو تقصر وتتحلل .
ويلزمك اجتناب محظورات الإحرام كلها حتى يتم تحللك .
وما وقع منك من المحظورات أثناء هذه المدة جهلا منك فلا يلزمك فيه شيء .
فإن لم تستطع ذبح الهدي فإنك تحلق أو تقصر وبذلك تكون قد تحللت من إحرامك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
إذا اعتمر ليحج متمتعا وكرر العمرة قبل الحج ، فهل يتضاعف عليه الدم؟(13/4)
السؤال: بالنسبة للمتمتع الذي أتم عمرته وفي انتظار يوم التروية للإحرام بالحج هل يجوز له القيام بعمرة أخرى ؟ فعندنا من يدعي بأن ذلك جائز للمتحلل ما دام ينتظر الحج . وإذا كان ذلك جائزا فهل عليه هدي على كل عمرة عملا بالآية (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) ؟
الجواب :
الحمد لله
يجوز للمتمتع الذي أنهى عمرته وجلس في مكة ينتظر الحج أن يعتمر خلال هذه المدة ، لا سيما إذا خرج من مكة إلى المدينة ونحوها ثم عاد إلى مكة ، ولا يترتب على ذلك مضاعفة دم التمتع ، لأن المقصود من الآية الكريمة أن من حج متمتعا فعليه دم ، وهذا وإن كرر العمرة إلا أنه لن يحج إلا مرة واحدة ، فلا يلزمه غير دم واحد .
وهل يشرع تكرار العمرة لمن جلس في مكة ولم يخرج منها كما يفعله كثير من الناس اليوم ، يخرجون إلى التنعيم للإحرام بالعمرة ؟
في ذلك خلاف بين أهل العلم ، فمنهم من رخص فيه ، ومنهم من كرهه ورآه مخالفا لفعل السلف .
وينظر جواب السؤال رقم (49897) ، ورقم (111501) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
المجزئ في رمي الجمرات أن تسقط في الحوض
السؤال: هل يكفي أن تقع الحجارة في الحوض أو الصحن المخصص للرمي ؟
الجواب:
الحمد لله
رمي الجمار هو رمي الحصيات المعينة العدد في الأماكن الخاصة بالرمي في منى (الجمرات) ، وهي إحدى شعائر الحج العظيمة التي ينشغل بها الحجاج في أيام معدودات في منى ، وليست الجمرة هي الشاخص ( العمود ) الذي يوجد في منتصف المرمى , بل الجمرة هي المرمى المحيط بذلك الشاخص ، فمن وقعت حصاته في الحوض ، أو الصحن ، المخصص للرمي فقد صح رميه وأجزأه باتفاق العلماء .
يقول الإمام الشافعي رحمه الله :
" أقل ما عليه في الرمي أن يرمي حتى يوقع حصاه في موضع الحصى , وإن رمى بحصاة فغابت عنه فلم يدر أين وقعت : أعادها ، ولم تجز عنه حتى يعلم أنها قد وقعت في موضع الحصى " انتهى.
" الأم " (2/235)(13/5)
ويقول ابن قدامة رحمه الله :
" لا يجزئه الرمي إلا أن يقع الحصى في المرمى , فإن وقع دونه لم يجزئه في قولهم جميعا ; لأنه مأمور بالرمي ولم يرم .
وإن طرحها طرحا ; أجزأه ; لأنه يسمى رميا .
وهذا قول أصحاب الرأي وقال ابن القاسم : لا يجزئه .
وإن رمى حصاة فالتقمها طائر قبل وصولها لم يجزه ; لأنها لم تقع في المرمى .
وإن وقعت على موضع صلب في غير المرمى , ثم تدحرجت على المرمى , أو على ثوب إنسان , ثم طارت فوقعت في المرمى , أجزأته , لأن حصوله بفعله .
وإن رمى حصاة فشك : هل وقعت في المرمى أو لا ؟ لم يجزئه ; لأن الأصل بقاء الرمي في ذمته , فلا يزول بالشك . وإن كان الظاهر أنها وقعت فيه أجزأته ; لأن الظاهر دليل " انتهى.
" المغني " (3/219-220)
ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" لا يشترط بقاء الحصى في المرمى ولكن يشترط وقوعه فيه ، فلو وقعت الحصاة في المرمى ثم خرجت منه أجزأت في ظاهر كلام أهل العلم ، وممن صرح بذلك النووي رحمه الله في المجموع . ولا يشرع رمي الشاخص بل السنة الرمي في الحوض " انتهى.
" مجموع فتاوى ابن باز " (16/144-145)
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" من شرط الرمي أن تقع الحصاة في الحوض ، وإذا وقعت الحصاة في الحوض ، فقد برئت بهذا الذمة ، سواء بقيت في الحوض أو تدحرجت منه ، ومن الأخطاء أيضا في الرمي : أن بعض الناس يظن أنه لا بد أن تصيب الحصاة الشاخص ، أي : العمود ، وهذا ظن خطأ ؛ فإنه لا يشترط لصحة الرمي أن تصيب الحصاة هذا العمود ، فإن هذا العمود إنما جعل علامة على المرمى الذي تقع فيه الحصى ، فإذا وقعت الحصاة في المرمى ، أجزأت سواء أصابت العمود أم لم تصبه " انتهى.
" فقه العبادات " ( ص 383 ، السؤال رقم 279 ) .
ويقول أيضا رحمه الله :
" المقصود أن تقع الحصاة في الحوض ، سواءٌ ضربت العمود أم لم تضربه " انتهى.
" الشرح الممتع " (7/321)
ويقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :(13/6)
" ولا بد أن تقع كل حصاة في الحوض ، سواء استقرت فيه ، أو سقطت منه بعد ذلك ، فإن لم تقع في الحوض لم تجز " انتهى.
" الملخص الفقهي " (1/446)
وانظر جواب السؤال رقم : (34420)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الدليل على شعيرة رمي الجمرات في الحج
السؤال: ما هو الدليل من الكتاب والسنة على رمي الجمرات ؟
الجواب:
الحمد لله
رمي الجمرات من شعائر الحج الواجبة والمشروعة لكل من قصد هذا المنسك العظيم ؛ وقد ورد التصريح بهذه الشعيرة العظيمة في السنة النبوية المتفق على صحتها بين أهل العلم :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَرْدَفَ الْفَضْلَ ، فَأَخْبَرَ الْفَضْلُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ .
رواه البخاري (1685) ومسلم (1282)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى جَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ ، وَرَمَى بِسَبْعٍ ، وَقَالَ : هَكَذَا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري (1748) ومسلم (1296)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ، يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يُسْهِلَ فَيَقُومَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُومُ طَوِيلاً ، وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى ، ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيَسْتَهِلُ وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُومُ طَوِيلاً وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ، وَيَقُومُ طَوِيلاً ، ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ ذَاتِ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ، وَلاَ يَقِفُ عِنْدَهَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ. فَيَقُولُ : هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ .
رواه البخاري (1751)(13/7)
قال ابن المنذر رحمه الله :
" وأجمعوا على أن من رمى الجمار في أيام التشريق بعد زوال الشمس أن ذلك يجزئه" .
الإجماع ، لابن المنذر (11) .
وقال ابن حزم رحمه الله :
" واتفقوا أن ثلاثة أيام بعد يوم النحر هي أيام رمي الجمار وأن من رماها فيها بعد الزوال أجزأه " .
مراتب الإجماع ، لابن حزم (46) .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" إذا وصل منى بدأ بجمرة العقبة , وهي آخر الجمرات مما يلي منى وأولها مما يلي مكة , وهي عند العقبة , وكذلك سميت جمرة العقبة ، فيرميها بسبع حصيات , يكبر مع كل حصاة , ويستبطن الوادي , ويستقبل القبلة , ثم ينصرف ولا يقف . وهذا بجملته قول من علمنا قوله من أهل العلم " انتهى.
" المغني " (3/218)
قال أبو حامد الغزالي رحمه الله :
" أما رمي الجمار فاقصد به الانقياد للأمر ، إظهارا للرق والعبودية ، وانتهاضا لمجرد الامتثال ، من غير حظ للعقل والنفس فيه ، ثم اقصد به التشبه بإبراهيم عليه السلام ، حيث عرض له إبليس لعنه الله تعالى في ذلك الموضع ليُدخل على حَجِّه شبهة ، أو يفتنه بمعصية ، فأمره الله عز وجل أن يرميه بالحجارة طردا له وقطعا لأمله ، فإن خطر لك أن الشيطان عرض له وشاهده فلذلك رماه ، وأما أنا فليس يعرض لي الشيطان فاعلم أن هذا الخاطر من الشيطان ، وأنه الذي ألقاه في قلبك ليفتر عزمك في الرمي ، ويخيل إليك أنه فعل لا فائدة فيه ، وأنه يضاهي اللعب فَلِمَ تشتغل به ، فاطرده عن نفسك بالجد والتشمير في الرمي فيه برغم أنف الشيطان ، واعلم أنك في الظاهر ترمي الحصى إلى العقبة ، وفي الحقيقة ترمي به وجه الشيطان وتقصم به ظهره ، إذ لا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك أمر الله سبحانه وتعالى تعظيما له بمجرد الأمر من غير حظ للنفس والعقل فيه " انتهى.
" إحياء علوم الدين " (1/270)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
فرغت من عمرتها وذهبت مع الناس إلى منى وأكملت المناسك دون أن تحرم بالحج(13/8)
ذهبت والدتي والتي تبلغ من العمر 57 سنة إلى الحج وكانت تنوي أن تؤدي حجا متمتعا وبعد أن أدت العمرة في الثامن من شهر ذي الحجة قامت بقص شعرها ولكنها لم تحرم من جديد وذلك لعدم معرفة منها ، وأكملت باقي مناسك الحج وذبحت في آخره ، فهل عليها من فدية ؟
الحمد لله
المتمتع إذا تحلل من عمرته ، ثم جاء وقت الحج ، أحرم به ، والإحرام هو نية الدخول في النسك ، والنية محلها القلب ، ولا يشترط التلفظ بها ولا يستحب ، كما لا يشترط الاغتسال والتنظف ، وإن كان الأفضل أن يغتسل عند الإحرام .
والمرأة تحرم في ثيابها ، ولا يلزمها لباس معين .
فإن كان مرادك أنها لم تغتسل أو لم تتلفظ بالنية أو لم تلبي ، أو لم تلبس لبسا خاصا ، فهذا لا يضر .
وخروجها مع الناس إلى منى ، ثم عرفة ، وأداؤها المناسك ، وامتناعها من المحظورات ، كل ذلك يدل على وجود نية الحج .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : امرأة لا تعلم بأنساك الحج الثلاثة ولا تعلم النية فيها ، ولها خمس حجج وهي تحج يوم التروية ، وتذهب مع الناس، إذا ذهبوا عرفة وكذلك مزدلفة ، وترمي الجمار، ليس لها نية محددة من الأنساك الثلاثة ، فهل حجها في هذه الأعوام صحيح؟
فأجاب : "الظاهر أن حجها صحيح ، لأنها كأنها تقول : أحرمت بما الناس محرمون به ، والإحرام بما أحرم به فلان جائز ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب في حجة الوداع وكان قدم من اليمن مع أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما فقال له : (بما أهللت) فقال : بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : فإن معي الهدي ، فجعله قارناً ، وأما أبو موسى الأشعري فقال : إنه أهل بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن لما لم يكن معه هدي أمره أن يجعلها عمرة ، لأن التمتع أفضل من القران .(13/9)
فهذه المرأة لا شك مما يظهر لنا أنها أحرمت بما أحرم به الناس ، وإنها تقول : دربي درب الناس ، لكن الواجب على الإنسان إذا أراد العبادة سواء حجا أو صوماً أو صدقة أو غير ذلك الواجب أن يتعلم قبل أن يتقدم ، أما بعد أن فعل يأتي ويقول : ما الحكم ؟ هذا لا شك أنه خلاف الأولى" انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/22) .
فالذي يظهر أن هذه المرأة حجها صحيح ، وليس عليها شيء .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لم يصلوا مزدلفة إلا بعد طلوع الشمس
ذهبت هذه السنة أنا وزوجي إلى الحج وعندما أراد أصحاب الحملة الذهاب إلى مزدلفة سألوا الجميع من يريد البيات في مزدلفة ومن لا يريد وعندما علم أن هناك مجموعة من الأشخاص تريد البقاء والمبيت في مزدلفة قالوا لنا انتظروا إلى أن يحضر الباص وحضر الباص الساعة العاشرة ليلا وركبنا وكان الباص بطيئا جدا بحيث وصلنا إلى مزدلفة الساعة السابعة صباحا فهل علي دم لأني لم أستطع دخول مزدلفة والمبيت فيها وكذالك الصلاة فيها ؟
الحمد لله
أولا :
المبيت بمزدلفة واجب عند جمهور العلماء ، وذهب بعضهم إلى أنه ركن .
واختُلف في القدر الواجب على أقوال ، ومذهب الشافعية والحنابلة : أن الوجود بمزدلفة واجب ولو لحظة , بشرط أن يكون ذلك في النصف الثاني من الليل بعد الوقوف بعرفة , ولا يشترط المكث , بل يكفي مجرد المرور بها .
فإذا كنتم دخلتم داخل حدود مزدلفة ولو لحظة فيما بين منتصف الليل إلى الفجر ، فقد أتيتم بالواجب .
وإن لم تتمكنوا من دخول مزدلفة ، لزحمة السير ، فلا شيء عليكم ؛ لأن الواجبات تسقط بالعذر ، قال تعالى : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/286.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : لم نستطع المبيت في مزدلفة لأننا لم نجد مكاناً إلا على الطريق ولا يسمحون لأحد بالوقوف على الطريق. فانصرفنا إلى منى فهل علينا شيء ؟(13/10)
فأجاب : "إن كان لم يجد مكاناً في مزدلفة أو منعه الجنود من النزول بها فلا شيء عليه ؛ لقول الله سبحانه : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، وإن كان ذلك على تساهل منه فعليه دم مع التوبة" انتهى من "فتاوى ابن باز" (17/287).
وينظر جواب السؤال رقم 14632 .
ثانيا :
قد أخطأتم خطأ عظيما بتأخير الصلاة عن وقتها ؛ لأن ذلك محرم ، بل كبيرة من كبائر الذنوب ، قال الله تعالى : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) النساء / 103، وقال سبحانه : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) مريم/59 ، والسنة تأخير المغرب وجمعها مع العشاء في مزدلفة ، لكن إذا خشي الإنسان خروج وقت العشاء قبل أن يصل إلى مزدلفة ، فإن الواجب عليه أن يصلي في الطريق ، ويصلي على حسب حاله ، إن كان ماشيا وقف وصلى الصلاة بقيامها وركوعها وسجودها ، وإن كان راكبا ولم يتمكن من النزول فإنه يصلي وهو راكب سيارته ، لقوله تعالى : (فاتقوا الله ما استطعتم) التغابن / 16 .
ومن بقي في عرفة إلى نحو الساعة العاشرة ليلا ، وهو يعلم ازدحام السير ، فإن الأولى له أن يصلي المغرب والعشاء في عرفة ، لا سيما إن كان معه نساء ، يصعب عليهن النزول والصلاة أثناء الطريق .
والمقصود أنه لا يُترك الواجب لأجل تحصيل السنة .
والواجب عليكم هو التوبة إلى الله تعالى من تأخير الصلاة ، ولا شيء عليكم غير هذا .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
مختصر صفة الحج عن النفس أو الغير، وأنواع النسك
أريد أن أحج هذا العام بالنيابة عن والدي المتوفى علما بأني حججت عن نفسي قبل عدة سنوات ، فأرجو أن توضح لي أفضل طريقة لأداء الحج حسب السنَّة ، وما هي الفروق بين أنواع الحج ؟ وأيها الأفضل أن يؤديها الإنسان لنفسه ؟.
الحمد لله
أولاً :
هذا ملخص لما يقوم به الحاج وفق السنَّة الصحيحة :(13/11)
1. يحرم الحاج في اليوم الثامن من ذي الحجة من مكة أو قربها من الحرم ، ويفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة من الغسل والطيب والصلاة فينوي الإحرام بالحج ويلبي , وصفة التلبية في الحج كصفة التلبية في العمرة إلا أنه يقول هنا : لبيك حجا بدل قوله : لبيك عمرة , وإن كان خائفا من عائق يمنعه من إتمام حجه اشترط فقال : وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني وإن لم يكن خائفا من عائق لم يشترط .
2. ثم يذهب إلى " مِنى " فيبيت بها ، ويصلي بها خمس صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر .
3. فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع سار إلى " عرفة " ، وصلى بها الظهر والعصر جمع تقديم قصراً ، ثم يجتهد في الدعاء والذكر والاستغفار إلى أن تغرب الشمس .
4. فإذا غربت سار إلى " مزدلفة " ، فصلى بها المغرب والعشاء حين وصوله ، ثم يبيت بها إلى أن يصلي الفجر ، فيذكر الله تعالى ويدعوه إلى قبيل طلوع الشمس .
5. ثم يسير منها إلى " مِنى " ليرمي جمرة العقبة ، وهي الأخيرة مما يلي مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى كل واحدة بقدر نواة التمر تقريبا يكبر مع كل حصاة .
6. ثم يذبح الهدي ، وهو شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة .
7. ثم يحلق رأسه إن كان ذكراً , وأما المرأة فحقها التقصير دون الحلق ، ويكون تقصيرها بمقدار أنملة من جميع شعرها .
8. ثم يذهب إلى مكة فيطوف طواف الحج .
9. ثم يرجع إلى " منى " فيبيت فيها تلك الليالي ، أي : ليلة الحادي عشر والثاني عشر من شهر ذي الحجة ، ويرمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات ، يبدأ بالصغرى - وهي البعيدة من مكة - ثم الوسطى ، ويدعو بعدهما ، ثم جمرة العقبة وليس بعدها دعاء .(13/12)
10. فإذا أتم رمي الجمار في اليوم الثاني عشر فإن شاء تعجل ونزل من منى , وإن شاء تأخر فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق , والتأخر أفضل , ولا يجب إلا أن تغرب الشمس من اليوم الثاني عشر وهو بمنى , فإنه يلزمه التأخر حتى يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال , لكن لو غربت عليه الشمس بمنى في اليوم الثاني عشر بغير اختياره مثل أن يكون قد ارتحل وركب ولكن تأخر بسبب زحام السيارات ونحوه فإنه لا يلزمه التأخر لأن تأخره إلى الغروب بغير اختياره .
11. فإذا انتهت تلك الأيام وأراد السفر : لم يسافر حتى يطوف بالبيت طواف الوداع سبعة أشواط ، إلا المرأة الحائض والنفساء فلا وداع عليهما .
12. إذا كان الحاج متطوعا بالحج نيابة عن غيره سواء أكان قريباً له أو غير قريب فإنه لا بد أن يكون قد حج عن نفسه قبل ذلك ، ولا يتغير من صفة الحج إلا النية بأن ينوي الحج عن هذا الشخص ويسميه في التلبية فيقول ( لبيك عن فلان ) ، ثم في الدعاء في المناسك يدعو لنفسه ويدعو لهذا الذي يحج عنه .
ثانياً :
أما أنواع الحج فهي ثلاثة : التمتع , والقِرَان , والإفراد
التمتع : هو الإحرام بالعمرة في أشهر الحج – وهي : شوال , ذو القعدة , عشر من ذي الحجة - ويفرغ منها الحاج ، ثم يحرم بالحج من مكة أو قربها يوم التروية في عام عُمرته .
القران : وهو الإحرام بالعمرة والحج معا ولا يحل منهما الحاج إلا يوم النحر أو يُحرم بالعمرة ثم يدخله عليها قبل الشروع في طوافها .
الإفراد : وهو أن يحرم بالحج من الميقات أو من مكة إذا كان مقيما بها أو بمكان آخر دون الميقات ثم يبقى على إحرامه إلى يوم النحر إذا كان معه هديٌ فإن لم يكن معه هديٌ شُرع له فسخ حجه إلى العمرة فيطوف ويسعى ويقصّر ويحل كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم الذين أحرموا بالحج وليس معهم هدي . وهكذا القارن إذا لم يكن معه هدي يشرع له فسخ قرانه إلى العمرة لما ذكرنا(13/13)
وأفضل الأنساك التمتع لمن لم يسق الهدي لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه وأكده عليهم .
وننصحك – للمزيد في معرفة أحكام الحج والعمرة – بالرجوع إلى كتاب مناسك الحج والعمرة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، ويمكنك التحصُّل عليه من خلال موقع الشيخ على الشبكة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
كيف تقصر المرأة من شعرها في الحج والعمرة ؟
السؤال : بعد أن أدت والدتي العمرة قصت خصلة واحدة من شعرها جهلاً منها فما الحكم في ذلك ؟ .
الجواب :
الحمد لله
الحلق أو التقصير من واجبات العمرة ، وليس على النساء حلق ، وإنما المشروع لهن التقصير.
ويلزم التقصير من جميع الشعر ، على الراجح ، وهو مذهب المالكية والحنابلة ، فإن كان لها ضفائر أخذت من أطرافها جميعاً ، وإلا جمعت شعرها وأخذت من جميعه ، والمستحب أن تأخذ قدر أنملة ، ولها أن تقصر أقل من ذلك ؛ لأنه لم يرد تحديد له في الشرع .
قال الباجي رحمه الله في "المنتقى" (3/29) : " وأما المرأة فإنها إذا أرادت الإحرام أخذت من قرونها لتقصر فإذا حلت قصرت .
وكم مقدار ما تقصر ؟ روي عن ابن عمر أنه قال : مقدار أنملة . وقد روى ابن حبيب عن مالك قدر الأنملة أو فوق ذلك بقليل أو دونه بقليل . قال مالك : ليس لذلك عندنا حد معلوم وما أخذت منه أجزأها ولا بد من أن تعم بالتقصير الشعر كله طويله وقصيره " انتهى باختصار .
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/196) : " يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره , وكذلك المرأة . نص عليه . وبه قال مالك " انتهى .
وقال : " وأي قدر قصّر منه أجزأه . وقال أحمد : يقصر قدر الأنملة . وهو قول ابن عمر , والشافعي , وإسحاق , وأبي ثور . وهذا محمول على الاستحباب ; لقول ابن عمر " انتهى .(13/14)
وقال في (3/226) : " والمرأة تقصر من شعرها مقدار الأنملة . الأنملة : رأس الإصبع من المفصل الأعلى . والمشروع للمرأة التقصير دون الحلق . لا خلاف في ذلك . قال ابن المنذر : أجمع على هذا أهل العلم . وقد روى ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس على النساء حلق , إنما على النساء التقصير ) رواه أبو داود . وعن علي رضي الله عنه قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها ) رواه الترمذي . وكان أحمد يقول : تقصر من كل قرن قدر الأنملة . وهو قول ابن عمر , والشافعي , وإسحاق , وأبي ثور . وقال أبو داود : سمعت أحمد سئل عن المرأة تقصر من كل رأسها ؟ قال : نعم , تجمع شعرها إلى مقدم رأسها , ثم تأخذ من أطراف شعرها قدر أنملة " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (7/329) : " قوله: " وتقصر منه المرأة قدر أنملة " ، أي : أنملة الأصبع وهي مفصل الإصبع ، أي أن المرأة تمسك ضفائر رأسها إن كان لها ضفائر ، أو بأطرافه إن لم يكن لها ضفائر ، وتقص قدر أنملة ، ومقدار ذلك اثنان سنتيمتر تقريباً ، وأما ما اشتهر عند النساء أن الأنملة أن تطوي المرأة طرف شعرها على إصبعها فمتى التقى الطرفان فذاك الواجب فغير صحيح " انتهى .
وبناء على ذلك ، فمن قصرت من خصلة واحدة فإنها لم تقصر التقصير المعتبر ، ويلزمها الآن أن تقصر من شعرها على نحو ما ذكرنا ، ولا شيء عليها فيما ارتكبته من محظورات الإحرام فيما سبق .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في امرأة لم تتم عمرتها : " وأما ما فعلته من المحظورات ولنفرض أن زوجها جامعها والجماع في النسك هو أعظم المحظورات فإنه لا شيء عليها ، لأنها جاهلة ، وكل إنسان يفعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه " انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/351) باختصار .(13/15)
وسئل رحمه الله عن : رجل قصر شعره من جانب واحد بعد العمرة ، ثم رجع إلى أهله وتبين له أن فعله غير صحيح ، فماذا عليه ؟ فأجاب : " إن فعل هذا الأمر جاهلاً فالواجب عليه أن يخلع ملابسه الآن ( ويلبس إحرامه ) ويحلق حلقاً كاملاً أو يقصر ، ويكون ما فعله في محل العفو ؛ لأنه كان جاهلاً ، والحلق أو التقصير لا يشترط أن يكون في مكة ، بل يكون في مكة وفي غيرها . أما إن كان ما فعله بناءً على فتوى من أحد العلماء ، فليس عليه شئ ؛ لأن الله يقول ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، وبعض العلماء يرى : أن التقصير من بعض الرأس كالتقصير من كل الرأس " انتهى من "اللقاء الشهري" رقم 10 .
والمرأة لا يلزمها أن تخلع ملابسها قبل التقصير ؛ لأنه لا يحرم عليها لبس الثياب المعتادة في الإحرام ، وإنما تمنع فقط من النقاب والقفازين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
متمتع أحرم بالحج يوم التروية من عرفة
متمتع أحرم بالحج يوم التروية من عرفة فهل عليه شيء؟
الحمد لله
"لا شيء عليه ، لأن الإحرام بالحج يجوز أن يكون من الحرم ومن الحل" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/9) .
الإسلام سؤال وجواب
ما الدليل على وجوب المبيت بمزدلفة؟
ما الدليل على وجوب المبيت بمزدلفة؟
الحمد لله
"الدليل على وجوبه قوله تعالى : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ ) البقرة/198 .(13/16)
والأصل في الأمر الوجوب حتى يقوم دليل على صرفه عن الوجوب ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لعروة بن مضرس رضي الله عنه وقد اجتمع به في صلاة الفجر يوم مزدلفة فقال : يا رسول الله ، إني أتعبت نفسي وأكللت راحلتي ، وما تركت جبلاً إلا وقفت عنده ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (من شهد صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً ، فقد تم حجه ، وقضى تفثه) .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للضعفة أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل ، والترخيص يدل على أن الأصل العزيمة والوجوب ، بل إن بعض أهل العلم ذهب إلى أن الوقوف بمزدلفة ركن من أركان الحج ، لأن الله تعالى أمر به في قوله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ) البقرة/198 .
والنبي صلى الله عليه وسلم حافظ عليه ، وقال : (وقفت هاهنا وجَمْع ـ أي مزدلفة ـ كلها موقف) رواه مسلم . ولكن القول الوسط من أقوال أهل العلم أن المبيت بها واجب وليس بركن ، ولا بسنة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/52) .
الإسلام سؤال وجواب
لا يجوز للمتمتع أن يقدم سعي الحج على الوقوف بعرفة والمزدلفة
رجل متمتع أدى العمرة ثم ذهب إلى جدة وفي اليوم الثامن أتى إلى مكة فطاف وسعى بقصد أن يسقط عنه السعي يوم العيد أيسقط عنه أم لا ؟
الحمد لله(13/17)
"المتمتع من المعلوم أنه يحل بالعمرة يطوف ويسعى ويقصر ويحل ، فإذا كان يوم الثامن أحرم بالحج وخرج إلى منى ، ولا ينفعه إذا سعى قبل ذلك ، لأن سعي الحج لا يجوز تقديمه على الوقوف بعرفة أو مزدلفة ، إلا إذا كان قارناً أو مفرداً وسعي بعد طواف القدوم ، وعلى هذا الرجل الذي فعل السعي قبل وقته أن يتجنب أهله إن كان عنده أهله ، ويجب عليه أن يسافر إلى مكة ويأتي بالسعي ، لأنه في غير وقته ، والأفضل أن يحرم بعمرة إذا وصل الميقات ويطوف ويسعى ويقصر ثم يأتي بسعي الحج" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/87، 88) .
الإسلام سؤال وجواب
ليس هناك دعاء معين لكل شوط في الطواف أو السعي
ما حكم التزام دعاء معين لكل شوط من أشواط الطواف أو السعي ؟
الحمد لله
"ليس هناك دعاء معين لكل شوط ، بل تخصيص كل شوط بدعاء معين من البدع ؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وغاية ما ورد التكبير عند استلام الحجر الأسود وقول : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة/201 ، بين الركن اليماني والحجر الأسود ، وأما الباقي فهو ذكر مطلق وقرآن ودعاء لا يخصص به شوط دون آخر" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 336، 337) .
وانظر جواب السؤال رقم (34644) .
الإسلام سؤال وجواب
ليس هناك دعاء معين لكل شوط في الطواف أو السعي
ما حكم التزام دعاء معين لكل شوط من أشواط الطواف أو السعي ؟
الحمد لله
"ليس هناك دعاء معين لكل شوط ، بل تخصيص كل شوط بدعاء معين من البدع ؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وغاية ما ورد التكبير عند استلام الحجر الأسود وقول : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة/201 ، بين الركن اليماني والحجر الأسود ، وأما الباقي فهو ذكر مطلق وقرآن ودعاء لا يخصص به شوط دون آخر" انتهى .(13/18)
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 336، 337) .
وانظر جواب السؤال رقم (34644) .
الإسلام سؤال وجواب
لا يجوز نحر هدي التمتع خارج الحرم
هل يجوز نحر هدي التمتع خارج الحرم ؟
الحمد لله
"يقول أهل العلم : إن الواجب نحر هدي التمتع داخل حدود الحرم لقوله تعالى : (ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الحج/33 ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه في منى وقال : (لتأخذوا عني مناسككم) .
ولأن الهدي دم يجب للنسك فوجب أن يكون في مكانه وهو الحرم ، وعلى هذا فمن نحر خارج الحرم لم يجزئه الهدي وتلزمه إعادته في الحرم ، ثم إن كان جاهلاً فلا إثم عليه وإن كان عالماً فعليه الإثم .
وقد أشار صاحب الفروع (3/465) إلى أن وجوب الذبح في الحرم باتفاق الأئمة الأربعة ، لكن قال الشيرازي في "المهذب" (ص 411) : "إذا وجب على المحرم دم لأجل الإحرام كدم التمتع والقران ، ودم الطيب وجزاء الصيد وجب عليه صرفه لمساكين الحرم لقوله تعالى : (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) المائدة/95 ، فإن ذبحه في الحل وأدخله الحرم نظر فإن تغير وأنتن لم يجزئه ، لأن المستحق لحم كامل غير متغير فلا يجزئه المنتن المتغير ، وإن لم يتغير ففيه وجهان :
أحدهما : لا يجزئه ، لأن الذبح أحد مقصودي الهدي فاختص بالحرم كالتفرقة .
والثاني : يجزئه ؛ لأن المقصود هو اللحم ، وقد أوصل ذلك إليهم" أ هـ .
قال النووي : وهو الصحيح .
ولكن الأحوط المنع ؛ للأدلة التي ذكرناها في صدر الجواب" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 226، 227) .
الإسلام سؤال وجواب
لا يشرع النطق بالنية في الحج ولا في العمرة
إذا قال الحاج لبيك عمرة أو لبيك حجاً ، فهل هذا يكون نطقاً بالنية ؟
الحمد لله(13/19)
"إذا قال في النسك : لبيك حجاً ، لبيك عمرة ، ليس هذا من باب ابتداء النية ، لأنه قد نوى من قبل ، ولهذا لا يشرع أن نقول : اللهم إني أريد العمرة ، اللهم إني أريد الحج ، بل انو بقلبك ولب بلسانك ، وأما التكلم بالنية في غير الحج والعمرة فهذا أمر معلوم أنه ليس بمشروع ، فلا يسن للإنسان إذا أراد أن يتوضأ أن يقول : اللهم إني أريد أن أتوضأ ، اللهم إني نويت أن أتوضأ أو بالصلاة : اللهم إني أريد أن أصلى ، اللهم إني نويت أن أصلى . كل هذا غير مشروع ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/20) .
الإسلام سؤال وجواب
لا يلزم من سعى من الدور الثاني أو الثالث أن يدور على قبة الصفا وقبة المروة
هل يلزم الإنسان إذا سعى في الدور الثاني أو السطح أن يدور على قبة الصفا وقبة المروة أو أن ذلك ليس بلازم حيث نرى الزحام في الدوران عليهما ؟
الحمد لله
"الدوران على قبة الصفا أو المروة ليس بلازم ؛ لأن الواجب استيعاب السعي إلى نهاية ممر العربيات ، وممر العربيات دون مكان الدوران بكثير" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 437، 438) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يختتم الطواف بالتكبير عند الحجر الأسود؟
هل يختم الطواف بالتكبير عند الحجر الأسود كما بدأ به أولا ؟
الحمد لله
"الطواف بالكعبة من العبادات المحضة ، والأصل في العبادات التوقيف ، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر في طوافه كلما حاذى الحجر الأسود ، ولا شك أن الطائف يحاذيه في نهاية الشوط السابع ، فيسن له أن يكبر كما سن له التكبير في بدء كل شوط عند محاذاته إياه ؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم مع استلام الحجر وتقبيله إذا تيسر ذلك .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .(13/20)
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/224، 225) .
الإسلام سؤال وجواب
ماذا يفعل من أراد الحج أو العمرة عند الميقات؟
ماذا يفعل من أراد الحج أو العمرة عند الميقات؟
الحمد لله
"إذا وصل إلى الميقات استحب له أن يغتسل ويتطيب ؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد من المخيط عند الإحرام واغتسل ، ولما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) ، وأمر صلى الله عليه وسلم عائشة لما حاضت وقد أحرمت بالعمرة أن تغتسل وتحرم بالحج ، وأمر صلى الله عليه وسلم أسماء بنت عميس لما ولدت بذي الحليفة أن تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم ، فدل ذلك على أن المرأة إذا وصلت إلى الميقات وهي حائض أو نفساء تغتسل وتحرم مع الناس ، وتفعل ما يفعله الحاج غير الطواف بالبيت ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وأسماء بذلك .
ويستحب لمن أراد الإحرام أن يتعاهد شاربه وأظافره وعانته وإبطيه ، فيأخذ ما تدعو الحاجة إلى أخذه ؛ لئلا يحتاج إلى أخذ ذلك بعد الإحرام وهو محرم عليه ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم شرع للمسلمين تعاهد هذه الأشياء في كل وقت ، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الفطرة خمس : الختان ، والاستحداد ، وقص الشارب ، وقلم الأظافر ، ونتف الآباط) ، وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال : (وُقِّتَ لنا في قص الشارب ، وقلم الأظافر ، ونتف الإبط ، وحلق العانة : أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة) .
وأخرجه النسائي بلفظ : (وَقَّت لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم) ، وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي بلفظ النسائي ، وأما الرأس فلا يشرع أخذ شيء منه عند الإحرام ، لا في حق الرجال ولا في حق النساء .(13/21)
وأما اللحية فيحرم حلقها أو أخذ شيء منها في جميع الأوقات ، بل يجب إعفاؤها وتوفيرها ؛ لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خالفوا المشركين ، وفروا اللحى ، وأحفوا الشوارب) ، وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (جزوا الشوارب ، وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس) .
وقد عظمت المصيبة في هذا العصر بمخالفة كثير من الناس هذه السنة ومحاربتهم للحى ، ورضاهم بمشابهة الكفار والنساء ، ولا سيما من ينتسب إلى العلم والتعليم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ونسأل الله أن يهدينا وسائر المسلمين لموافقة السنة والتمسك بها ، والدعوة إليها ، وإن رغب عنها الأكثرون ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ثم يلبس الذكر إزارا ورداء ، ويستحب أن يكونا أبيضين نظيفين ، ويستحب أن يحرم في نعلين ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين) ، أخرجه الإمام أحمد رحمه الله .
وأما المرأة فيجوز لها أن تحرم فيما شاءت من أسود أو أخضر أو غيرهما ، مع الحذر من التشبه بالرجال في لباسهم ، لكن ليس لها أن تلبس النقاب والقفازين حال إحرامها ، ولكن تغطي وجهها وكفيها بغير النقاب والقفازين ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المرأة المحرمة عن لبس النقاب والقفازين ، وأما تخصيص بعض العامة إحرام المرأة في الأخضر أو الأسود دون غيرهما فلا أصل له .
ثم بعد الفراغ من الغسل والتنظيف ولبس ثياب الإحرام ، ينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من حج أو عمرة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى) .(13/22)
ويشرع له التلفظ بما نوى ، فإن كانت نيته العمرة قال : (لبيك عمرة) أو (اللهم لبيك عمرة) ، وإن كانت نيته الحج قال : (لبيك حجا) أو (اللهم لبيك حجا) ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ، وإن نواهما جميعا لبى بذلك فقال : (اللهم لبيك عمرة وحجا) ، والأفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركوبه من دابة أو سيارة أو غيرهما ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أهل بعد ما استوى على راحلته ، وانبعثت به من الميقات للسير ، هذا هو الأصح من أقوال أهل العلم .
ولا يشرع له التلفظ بما نوى إلا في الإحرام خاصة ؛ لوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما الصلاة والطواف وغيرهما فينبغي له ألا يتلفظ في شيء منها بالنية ، فلا يقول : نويت أن أصلي كذا وكذا ، ولا نويت أن أطوف كذا ، بل التلفظ بذلك من البدع المحدثة ، والجهر بذلك أقبح وأشد إثما ، ولو كان التلفظ بالنية مشروعا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأوضحه للأمة بفعله أو قوله ، ولسبق إليه السلف الصالح .
فلما لم ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم علم أنه بدعة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة) . أخرجه مسلم في صحيحه ، وقال عليه الصلاة والسلام : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) . متفق على صحته ، وفي لفظ لمسلم : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/37- 42) .
الإسلام سؤال وجواب
يجب على المتمتع سعيان أحدهما للعمرة والثاني للحج
هل المتمتع يكفيه سعي واحد بين الصفا والمروة للعمرة والحج أم يجب عليه أن يسعى مرتين ؟
الحمد لله
يجب على المتمتع أن يسعى سعيين بين الصفا والمروة ، الأول للعمرة والثاني للحج .(13/23)
" ولا يكفي سعي واحد في أصح أقوال العلماء ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت الحديث ، وفيه فقال : (ومن كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا . . . إلى أن قالت : فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم) رواه البخاري ومسلم .
وقولها رضي الله عنها - عن الذين أهلوا بالعمرة - : (ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم) تعني به : الطواف بين الصفا والمروة ، على أصح الأقوال في تفسير هذا الحديث ، وأما قول من قال : أرادت بذلك طواف الإفاضة ، فليس بصحيح ؛ لأن طواف الإفاضة ركن في حق الجميع وقد فعلوه ، وإنما المراد بذلك : ما يخص المتمتع ، وهو الطواف بين الصفا والمروة مرة ثانية بعد الرجوع من منى لتكميل حجه ، وذلك واضح بحمد الله ، وهو قول أكثر أهل العلم ، ويدل على صحة ذلك أيضا ما رواه البخاري في الصحيح تعليقا مجزوما به ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه سئل عن متعة الحج ، فقال : أَهَّل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، في حجة الوداع وأهللنا ، فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي) ، فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة ، وأتينا النساء ، ولبسنا الثياب ، وقال : (من قلد الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله) ، ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج ، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة) . انتهى المقصود منه ، وهو صريح في سعي المتمتع مرتين . والله أعلم .(13/24)
وأما ما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافهم الأول ، فهو محمول على من ساق الهدي من الصحابة ؛ لأنهم بقوا على إحرامهم مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى حلوا من الحج والعمرة جميعا ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أهل بالحج والعمرة وأمر من ساق الهدي أن يهل بالحج مع العمرة ، وألا يحل حتى يحل منهما جميعا . والقارن بين الحج والعمرة ليس عليه إلا سعي واحد ، كما دل عليه حديث جابر المذكور وغيره من الأحاديث الصحيحة .
وهكذا من أفرد الحج وبقي على إحرامه إلى يوم النحر ليس عليه إلا سعي واحد ، فإذا سعى القارن والمفرد بعد طواف القدوم كفاه ذلك عن السعي بعد طواف الإفاضة ، وهذا هو الجمع بين حديثي عائشة وابن عباس وبين حديث جابر المذكور رضي الله عنهم ، وبذلك يزول التعارض ويحصل العمل بالأحاديث كلها .
ومما يؤيد هذا الجمع أن حديثي عائشة وابن عباس حديثان صحيحان ، وقد أثبتا السعي الثاني في حق المتمتع ، وظاهر حديث جابر ينفي ذلك ، والمثبت مقدم على النافي ، كما هو مقرر في علمي الأصول ومصطلح الحديث ، والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/79- 81) .
الإسلام سؤال وجواب
نوى السعي أثناء الشوط الأول
رجل ذهب إلى المسعى وسعى وهو يظن أنه مكان الطواف فلما وصل إلى العلم الأخضر عرف أنه في المسعى فنوى السعي فما حكم ذلك ؟
الحمد لله
"يجب عليه أن يعود من الأول ، فإن لم يكن فعل ذلك فليعد السعي الآن ، لأن السعي الأول لم يصح ، حيث إنه لم ينوه من أوله ، نواه من أثنائه فعليه الآن أن يعيد السعي" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/100) .
الإسلام سؤال وجواب
هل الأفضل صلاة التراويح مع الإمام أم الطواف ؟ لأن النساء يمنعن من الطواف عند صلاة التراويح(13/25)
بما أن النساء يمنعن من الطواف أثناء صلاة التراويح فهل الأفضل للرجل الطواف أم الاستمرار في صلاة التراويح ؟
الحمد لله
"الأفضل أن يستمر في صلاة التراويح ليكتب له قيام الليلة كلها ، والطواف له وقت آخر" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/53) .
الإسلام سؤال وجواب
هل الحجاج من أهل مكة يقصرون الصلاة في عرفة ومزدلفة ومنى؟
هل يقصر الحاج من أهل مكة الصلاة في المشاعر ؟
الحمد لله
"المشهور عند أصحاب الأئمة الثلاثة : الشافعي ومالك وأحمد رحمهم الله أن المكي لا يقصر ولا يجمع لأنه غير مسافر ، إذ إن السفر ما بلغ ثلاثة وثمانين كيلو ، أو أكثر ، والمعروف أن عرفة هي أبعد المشاعر عن مكة لا تبلغ هذا المبلغ ، فعلى هذا لا يجمع أهل مكة ولا يقصرون ، بل يتمون ويصلون كل صلاة في وقتها ، سواء في عرفة ، أو في مزدلفة ، أو في منى .
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنهم يجمعون ويقصرون ، وقال : إن الجمع والقصر سببه النسك ، وليس سببه السفر ، فيقصرون ، ولو كانوا في منى وهي أقرب المشاعر إلى مكة .
ولكن الصحيح أن القصر في منى وفي عرفة ومزدلفة ، ليس سببه النسك بل سببه السفر ، والسفر لا يتقيد بالمسافة ، بل يتقيد بالحال وهو أن الإنسان إذا خرج وتأهب واستعد لهذا الخروج وحمل معه الزاد والشراب فهو مسافر .
وبناء على ذلك نقول : إن الناس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يتزودون للحج ، أهل مكة وغير أهل مكة ، ولهذا كان أهل مكة مع الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، يجمعون ويقصرون تبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل : يا أهل مكة أتموا . وهذا هو القول الراجح ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ....(13/26)
وعلى القول الثاني الذي رجحناه فإن الإنسان إذا كان في مزدلفة أو في عرفة يكون في مكان منفصل عن مكة فيترخص برخص السفر ، أما إذا كان في منى فإن منى في الوقت الحاضر صارت كأنها حي من أحياء مكة ، فلهذا نرى أن الاحتياط للمكي أن لا يجمع ولا يقصر في منى ، مع أنه لا جمع في منى حتى لغير المكيين ، إذ إن منى السنة فيها لغير المكيين القصر بدون جمع ، أما مزدلفة وعرفة فهي منفصلة عن مكة ولم تتصل بها حسب ما رأيت أنه لم يتصل البناء ، وعلى كل حال لو فرض أن مكة كبرت في المستقبل وصارت المزدلفة منها مثل منى فالحكم واحد" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/61-63) .
الإسلام سؤال وجواب
هل الحجاج من أهل مكة يقصرون الصلاة في عرفة ومزدلفة ومنى؟
هل يقصر الحاج من أهل مكة الصلاة في المشاعر ؟
الحمد لله
"المشهور عند أصحاب الأئمة الثلاثة : الشافعي ومالك وأحمد رحمهم الله أن المكي لا يقصر ولا يجمع لأنه غير مسافر ، إذ إن السفر ما بلغ ثلاثة وثمانين كيلو ، أو أكثر ، والمعروف أن عرفة هي أبعد المشاعر عن مكة لا تبلغ هذا المبلغ ، فعلى هذا لا يجمع أهل مكة ولا يقصرون ، بل يتمون ويصلون كل صلاة في وقتها ، سواء في عرفة ، أو في مزدلفة ، أو في منى .
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنهم يجمعون ويقصرون ، وقال : إن الجمع والقصر سببه النسك ، وليس سببه السفر ، فيقصرون ، ولو كانوا في منى وهي أقرب المشاعر إلى مكة .
ولكن الصحيح أن القصر في منى وفي عرفة ومزدلفة ، ليس سببه النسك بل سببه السفر ، والسفر لا يتقيد بالمسافة ، بل يتقيد بالحال وهو أن الإنسان إذا خرج وتأهب واستعد لهذا الخروج وحمل معه الزاد والشراب فهو مسافر .(13/27)
وبناء على ذلك نقول : إن الناس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يتزودون للحج ، أهل مكة وغير أهل مكة ، ولهذا كان أهل مكة مع الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، يجمعون ويقصرون تبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل : يا أهل مكة أتموا . وهذا هو القول الراجح ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ....
وعلى القول الثاني الذي رجحناه فإن الإنسان إذا كان في مزدلفة أو في عرفة يكون في مكان منفصل عن مكة فيترخص برخص السفر ، أما إذا كان في منى فإن منى في الوقت الحاضر صارت كأنها حي من أحياء مكة ، فلهذا نرى أن الاحتياط للمكي أن لا يجمع ولا يقصر في منى ، مع أنه لا جمع في منى حتى لغير المكيين ، إذ إن منى السنة فيها لغير المكيين القصر بدون جمع ، أما مزدلفة وعرفة فهي منفصلة عن مكة ولم تتصل بها حسب ما رأيت أنه لم يتصل البناء ، وعلى كل حال لو فرض أن مكة كبرت في المستقبل وصارت المزدلفة منها مثل منى فالحكم واحد" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/61-63) .
الإسلام سؤال وجواب
هل يستحب الاشتراط لكل من أراد الإحرام بالحج أو العمرة؟
هل يستحب لكل من أراد الحج أو العمرة أن يشترط عند الإحرام ؟
الحمد لله
"الاشتراط في الحج هو أن يشترط الإنسان عند عقد الإحرام : إن حبسه حابس فمحله حيث حبس .(13/28)
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في مشروعية الاشتراط فمنهم من قال : إنه ليس بمشروع مطلقاً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم حج واعتمر ولم ينقل عنه أنه اشترط في حجه ولا في عمرته . ومن المعلوم أنه يكون معه المرضى ولم يرشد الناس إلى الاشتراط ، فها هو كعب بن عجرة رضي الله عنه في عمرة الحديبية أتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وفيه مرض والقمل يتناثر على وجهه من رأسه فقال صلى الله عليه وسلم : (ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى) وأمره أن يحلق رأسه وأن يفدي ، أو يصوم ، أو يطعم ، والقصة معروفة في الصحيحين وغيرهما .
ومن العلماء من قال : إنه مشروع مطلقاً ، وأن الإنسان يستحب له عند عقد الإحرام أن يشترط : إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ، وعللوا ذلك بأنه لا يأمن العوارض التي تحدث له في أثناء إحرامه وتوجب له التحلل ، فإذا كان قد اشترط على الله سهل عليه التحلل .
ومن العلماء من قال : إن خاف من عائق اشترط وإلا فلا .
والصحيح أن الاشتراط ليس بمشروع إلا أن يخاف الإنسان من عائق يحول دونه وإتمام نسكه ، مثل أن يكون مريضاً ويشتد به المرض فلا يستطيع أن يتم نسكه فهنا يشترط ، وأما إذا لم يكن خائفاً من عائق يمنعه ، أو من عائق يحول بينه وبين إتمام نسكه فلا يشترط ، وهذا القول تجتمع به الأدلة ، ووجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر وحج ولم يشترط ، ولم يقل للناس على سبيل العموم : اشترطوا عند الإحرام ، ولكن لما أخبرته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب رضي الله عنها أنها تريد الحج وهي شاكية ، أي : مريضة ، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني ، فإن لك على ربك ما استثنيت ) فمن كان في مثل حالها فإنه يشترط ، ومن لم يكن فإنه لا يشترط" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/26- 28) .
الإسلام سؤال وجواب
ما يقول أثناء الطواف؟(13/29)
هذه الأذكار جمعها أحد محبي العمرة ، وكان يريد نشرها بين المعتمرين ، فتوقف حتى يعود إليكم مشكورين فى بيان الصحيح والسقيم ، منها أذكار يحتاج إليها المعتمر : ما يقول أثناء الطواف : تبدأ الشوط الأول بحمد الله والثناء عليه ، ثم الصلاة على نبيه ، ثم الدعاء ، مع تقديم دعوات الدين على الدنيا ، مع حضور القلب .
الحمد لله
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ فيما نعلم ـ أدعية أو أذكار تقال في الطواف ، إلا فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود : (ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار) ، رواه أحمد في "المسند" (3/411) وصححه ابن حبان (9/134)، والحاكم (1/625)، والتكبير كلما حاذى الحجر الأسود ، رواه البخاري (4987) .
أما في باقي الطواف فهو مخير بين الذكر والدعاء وقراءة القرآن .
قال ابن قدامة في "المغني" (3/187) :
" ويستحب الدعاء في الطواف , والإكثار من ذكر الله تعالى ; لأن ذلك مستحب في جميع الأحوال , ففي حال تلبسه بهذه العبادة أولى ، ويستحب أن يَدَعَ الحديثَ [الكلام] , إلا ذكرَ الله تعالى , أو قراءةَ القرآن , أو أمرا بمعروف , أو نهيا عن منكر , أو ما لا بد منه " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (26/122) - :
" وليس فيه - يعني الطواف - ذكر محدود عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لا بأمره ، ولا بقوله ، ولا بتعليمه ، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية ، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ، ونحو ذلك فلا أصل له ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يختم طوافه بين الركنين بقوله : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) ، كما كان يختم سائر دعائه بذلك ، وليس في ذلك ذكر واجب باتفاق الأئمة " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :(13/30)
"ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر الله تعالى كلما أتى على الحجر الأسود ، وكان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة/201 .
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف دعاء مخصص لكل شوط .
وعلى هذا ؛ فيدعو الطائف بما أحب من خيري الدنيا والآخرة ويذكر الله تعالى بأي ذكر مشروع من تسبيح أو تحميد أو تهليل أو تكبير أو قراءة قرآن" انتهى باختصار .
"مجموع الفتاوى" (24/327) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
سعى للعمرة قبل طوافها
سافرت للعمرة ، ولم أكن أعرف أن الطواف قبل السعي ، وسعيت قبل الطواف ، فما حكم عمرتي؟
الحمد لله
"ليس عليه إعادة السعي؛ لما روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح إلى أسامة بن شريك قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم حاجاً، فكان الناس يأتونه، فمن قائل: يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف، أو قدمت شيئاً وأخرت شيئاً، فكان يقول : (لا حرج، لا حرج، إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم، فذلك الذي حَرِجَ وهَلكَ) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/320) .
(لَا حَرَج لَا حَرَج) : أَيْ لَا إِثْم .
( اِقْتَرَضَ ) : أَيْ اِقْتَطَعَ .
( عِرْض رَجُل مُسْلِم ) : أَيْ نَالَ مِنْهُ وَقَطَعَهُ بِالْغِيبَةِ أَوْ غَيْرهَا .
( فَذَلِكَ الَّذِي حَرِجَ ) : أَيْ وَقَعَ مِنْهُ حَرَج ( وَهَلَكَ ) : أَيْ بِالْإِثْمِ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
طاف في صحن المسجد ثم أكمل الطواف في الطابق العلوي(13/31)
طفنا للوداع ستة أشواط حول الكعبة ، وكان الزحام شديداً جداً ، فصعدنا إلى الدور العلوي وأكملنا الشوط المتبقي ، وأثناء ذلك شربنا من ماء زمزم ، فقال لنا بعض الناس إن الطواف والحج غير صحيح.
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكر فحجكم وطوافكم كلاهما صحيح، ولا شيء عليكم في طوافكم الشوط السابع في الدور العلوي من المسجد، ولا في الفصل بينه وبين الأشواط الستة الأولى بالصلاة أو بشرب أو بكلام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/231) .
الإسلام سؤال وجواب
طاف للوداع ليلاً ولم يتمكن من الخروج من مكة إلا صباح اليوم التالي
حججت هذا العام وأديت طواف الوداع بالليل، ولم أتمكن من الذهاب خارج مكة المكرمة وبت، وفي الصباح سافرت، فما الحكم؟
الحمد لله
"المشروع أن يكون طواف الحاج للوداع عند مغادرته لمكة المكرمة؛ لحديث ابن عباس المتفق عليه: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض)، وما دمت طفت بنية الخروج بالليل ولم تتمكن إلا في الصباح فلا شيء عليك في ذلك إن شاء الله، ولو كنت أعدت الطواف عند خروجك لكان أحوط.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/303) .
الإسلام سؤال وجواب
كم المدة التي يجب مكثها في منى بعد النحر؟
كم المدة التي يجب مكثها في منى بعد النحر؟ وفيه آية كريمة في ذلك : (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون) .
الحمد لله(13/32)
"المدة التي يجب على الحاج أن يمكثها في منى بعد يوم النحر يومان، هي: الحادي عشر، والثاني عشر من ذي الحجة، أما اليوم الثالث عشر من ذي الحجة فلا يجب عليه أن يمكثه في منى، ولا يجب عليه رمي الجمرات فيه، بل يستحب فقط، إلا إذا غربت عليه شمس اليوم الثاني عشر وهو في منى، فيجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر ثم رمي الجمرات الثلاث بعد الزوال.
وأما معنى ما ذكر من الآية : فمن تعجل بالنزول من منى بعد أن بات ليلتين بها عقب يوم النحر، وبعد رمي الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر فلا إثم عليه ولا يجب عليه دم؛ لأنه أدى ما وجب عليه، ومن تأخر بمنى فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمرات الثلاث في اليوم الثالث عشر فلا إثم عليه، بل مبيته بمنى هذه الليلة ورميه الجمرات في يومها أفضل وأعظم أجراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك. ثم ختم سبحانه وتعالى الآية بالحث على التقوى والإيمان باليوم الآخر، وما فيه من حساب وجزاء؛ ليكون باعثاً لمن تذكر ما فيه على الإكثار من الأعمال الصالحات، وعلى اجتناب المنكرات؛ رجاءَ رحمة الله وخوف عقابه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/266) .
الإسلام سؤال وجواب
لا حرج في الذهاب إلى عرفة ليلة تسع خوفاً من الزحام
ذهبت للحج مع حملة وبتنا في منى ليلة تسع من ذي الحجة ، وغادرناها إلى عرفة قبل صلاة الفجر حيث صلينا في عرفة الفجر ، حيث القائمين على الحملة قاموا بهذا الإجراء خوفاً من الزحام ، هل علينا شيء ؟
الحمد لله
"ليس عليكم شيء ، ولكن الأفضل للحاج أن يذهب من منى إلى عرفة بعد طلوع الشمس من اليوم التاسع من شهر ذي الحجة .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" .(13/33)