فتاوى الحج من موقع اسلام أون لاين
إلغاء الحج بين الجواز والمنع العنوان
شبهات وردود الموضوع
هناك حديث عن جواز إصدار فتوى لإلغاء موسم الحج والعمرة هذا العام بسبب تفشي انفلونزا الخنازير، ما هو رأيكم بذلك؟ السؤال
23/06/2009 التاريخ
الدكتور نوح سلمان القضاة مفتي المملكة الأردنية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
الحج والعمرة من فرائض الإسلام ، قال تعالى: ( وأتموا الحج والعمرة لله ) فلا يجوز منعهما بمجرد وجود مرض من الأمراض .
ولا يتم منعهما إلا لأحد أمرين :
أولهما : أن يستوطن البلاء لا سمح الله في الحرمين الشريفين، وهذا لن يكون - إن شاء الله - ، لكن لوحدث وأفتى فقهاء الحرمين بناء على رأي الأطباء بعدم القدوم إلى المناسك وجب الامتثال عملاً بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مرض الطاعون: ( إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا فراراً منه ) رواه البخاري .
والثاني : أن يستوطن الوباء في قطر من الأقطار الإسلامية، وهذا لن يكون - إن شاء الله - لأن أكل الخنزير والتعامل معه محرم في الشريعة الإسلامية ، فلو وقع هذا الوباء في قطر وحجرت الدولة في ذلك القطر على مواطنيها ، ومنعتهم من السفر جاز لهم حينئذ أن لا يذهبوا للحج والعمرة .
أما أن يسمح لكل شخص أن يسافر حتى للبلدان التي وقع فيها البلاء ثم يمنع الذهاب للحج والعمرة فهذا صدّ عن سبيل الله واستهانة بأحكام الشريعة الإسلامية ولن يقع إن شاء الله.
والله أعلم.
___________________
نقلا عن "الدستور" الأردنية.
الامتناع عن الحج تجنبا للإصابة بإنفلونزا الخنازير العنوان
شبهات وردود الموضوع
اختير والداي للذهاب إلى موسم الحج لهذا العام وهما يترددان، نظراً لوجود ـ انفلونزا الخنازيرـ بالسعودية فهل يذهبان أم لا؟. السؤال
08/10/2009 التاريخ(1/1)
دكتور عبد الله الفقيه مشرف مركز الفتوى بالشبكة الإسلامية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإننا ننصح والديك وعموم المسلمين أن لا يهولوا من شأن هذا المرض فيمتنعوا عن أداء ما شرعه الله لهم من العبادات وفي الوقت نفسه عليهم أن لا يغفلوا الأخذ بالأسباب الواقية من الإصابة بهذا المرض، عملا بما أرشد إليه الشرع الشريف من الأخذ بالأسباب الجالبة للخير والدافعة للشرـ مهما كانت ـ في مقدور العبد.
ومن ثم، فإذا ثبت بكلام أهل الاختصاص بأن هذا المرض لم يصل إلى حد الوباء، أو بحيث يغلب على الظن أن من سافر لأداء الحج سيتعرض للإصابة به فالذي ينبغي لوالديك أن يحمدا الله تعالى أن جعلهما ممن اختير لأداء النسك، وأن يبادرا بالخروج لأداء الحج، وبخاصة إذا كانت هذه هي حجة الإسلام، فإن الحج واجب على الفور على ما ذهب إليه جمهور أهل العلم وهو المرجح عندنا.
وليعلما أن ما أصابهما لم يكن ليخطئهما وما أخطأهما لم يكن ليصيبهما فليتوكلا على الله، وليعلقا قلوبهما به عالمين أنه لا ينفع ويضر إلا الله عز وجل.
وعليهما كذلك أن يحرصا على الأخذ بالأسباب الواقية لهما من الإصابة..نسأل الله أن يتقبل منا ومن جميع المسلمين صالح الأعمال.
والله أعلم.
_________________
نشرت الفتوى على موقع الشبكة الإسلامية بتاريخ 07-10-2009
عادل - مصر الاسم
الشك في القدرة على إتمام الحج والعمرة العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله : من كان مريضاً وأراد أن يحرم بالحج أوالعمرة وهو شاك في قدرته على إتمام الشعائر لظروف خاصة عنده فماذا يفعل ؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً السؤال
12/08/2009 التاريخ
الدكتور محمد المختار الشنقيطي ـ من كبار علماء موريتانيا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/2)
فللذي يشك في قدرته على إتمام الحج أو العمرة أن يشترط ؛ لأن ضباعة -رضي الله عنها- اشتكت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية ! فقال -صلى الله عليه وسلم- : (أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني).
قال العلماء : في هذا دليل على أنه يشرع للذي يشك في قدرته على الحج أو العمرة أن يشترط عند خوفه عن العجز عن إتمام الحج أو العمرة، وهذا مما دلت عليه السنة النبوية المطهرة.
وكان الشافعي -رحمه الله- يقول : إن صح حديث ضباعة فأنا أقول به. و قال أصحابه وقد صح الحديث بالفعل فهو مذهبه.
والله أعلم .
انتشار انفلونزا الخنازير وتأثيرها على الحج والعمرة العنوان
شبهات وردود الموضوع
ما قولكم في بعض الفتاوى التي نادت بتأجيل موسم الحج لهذا العام بسبب انتشار مرض إنفلونزا الخنازير، أفيدونا؟ السؤال
29/07/2009 التاريخ
الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/3)
انتشار إنفلونزا الخنازير وتأثيرها على الحج والعمرة، من النوازل المعاصرة التي تحتاج إلى دراسة طبية فقهية معمقة، وما صدر من فتاوى طالبت بإلغاء موسم الحج لهذا العام وتأجيل العمرة، ما هي إلا فتاوى متسرعة ومتعجلة لم تدرس النازلة وفق القواعد والضوابط الشرعية المقررة لدراسة القضايا المعاصرة، والفتاوى المطالبة بإلغاء موسم الحج لهذا العام مشت على منهج المبالغة في التيسير والتساهل بحجة أن الدين يسر، وأن المصلحة تقضي بالمحافظة على صحة الناس، وأن حفظ الصحة أهم من الشعائر، كما قالت إحدى المفتيات !! [ إن المحافظة على الحياة أحد المقاصد الرئيسية للشريعة، لافتة إلى أن الإسلام دين يسرٍ لا عسر، والمشقة فيه تجلب التيسير؛ حيث يقول تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، ويقول جل شأنه:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.ودعت إلى تطبيق قاعدة «درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة» مستنكرة أن يخاف المسلمون من تأجيل العمرة أو حتى الحج، وكذلك الصلاة في الخلاء؛ لأنه يجب أن يكون خوفهم على حياتهم أكبر من خوفهم على فوات العبادة في هذه الظروف الاستثنائية التي تهدد الحياة!!!].
وهذه المخاوف التي بنيت عليها هذه الفتاوى المتسرعة ما هي إلا ظنون متوهمة ولا يجوز شرعاً أن نلغي فريضة الحج بسبب هذه الأوهام. ويمكن تلخيص الرد على هذه الفتاوى العرجاء بما يلي:
1- إن المبالغة في العمل بالمصلحة ولو عارضت النصوص الشرعية أمر مرفوض شرعاً، لأن المصلحة دليل متأخر الرتبة عند من يستدل به. ولا يجوز بحال من الأحوال تقديم المصلحة على نصوص الكتاب والسنة، حيث إن الحج فريضة محكمة، يقول الله عز وجل: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً }سورة آل عمران الآية97.(1/4)
2- هنالك تسرع واضح في إصدار هذه الفتاوى قبل استشارة أهل الاختصاص من الأطباء وغيرهم، فإن رأي الجهات الطبية ورأي الأطباء الثقات أهل الاختصاص يجب أن يؤخذ أولاً وبعد دراسته يمكن إصدار الفتاوى المناسبة، ومن المعلوم حتى الآن أن الأطباء لا يقولون بأنه يوجد داعٍ لإلغاء موسم الحج بسبب إنفلونزا الخنازير،فقد قال الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء المصريين:
[ إنه لا مانع من إنجاز موسم الحج والعمرة، مع ضرورة تقديم السلطات السعودية ضماناتٍ صحيةً بالحفاظ على الحجَّاج والمعتمرين، وأعرب عن استغرابه للدعوات المطالبة بوقف موسمَي الحج والعمرة، مؤكدًا أن العشرات يموتون في الأراضي المقدسة كلَّ عام بالإنفلونزا وغيرها؛ نتيجة تقدُّم الأعمار، وإصابة عدد كبير منهم بأمراض مزمنة وضعف مناعة.].
وأعلنت نقابة أطباء مصر في بيان لها أنه لا ضرورة علمية أو صحية لإلغاء رحلات الحج والعمرة هذا العام بسبب فيروس إنفلونزا الخنازير ، معتبرة أن الفيروس المسبب للمرض (إتش 1 إن 1 ) هو من نوع الأنفلونزا الموسمية نفسها , بل أخف منها ضرراً وقالت النقابة : إن الأطباء المتخصصين في علم الميكروبيولوجيا الإكلينيكية الذين استطلعت آراؤهم أجمعوا على أن الاتجاه إلى إلغاء الحج والعمرة للمصريين هذا العام يعتبر إجراءً علمياً غير صحيح , واستشهدت النقابة بأن معظم المصابين المصريين الوافدين لمصر تماثلوا للشفاء ].
3- إن فهم الواقعة المعاصرة فهماً صحيحاً، مطلوب قبل إصدار الفتوى.
يقول العلامة ابن القيم:[ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم: أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علماً.(1/5)
والنوع الثاني فهم الواجب في الواقع وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الواقع ثم يطبق أحدهما على الآخر فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك لم يعدم أجرين أو أجرٍ، فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله ورسوله ... ومن تأمل الشريعة وقضايا الصحابة وجدها طافحة بهذا، ومن سلك غير هذا أضاع على الناس حقوقهم ونسبه إلى الشريعة التي بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم] إعلام الموقعين 1/ 187.
4- إن هذه النازلة المعاصرة العظيمة – انتشار إنفلونزا الخنازير وتأثيرها على الحج والعمرة – تحتاج إلى فتوى جماعية تصدر عن المجامع الفقهية المعتبرة، ولا يقبل فيها فتاوى فردية متسرعة لا تقوم على قواعد الفتوى الصحيحة. ولا شك أن الاجتهاد الجماعي الذي تمثله المجامع الفقهية اليوم، مقدمٌ على الاجتهاد الفردي الذي يصدر عن أفراد الفقهاء، فهو أكثر دقةً وإصابةً من الاجتهاد الفردي، كما أن فيه تحقيقاً لمبدأ الشورى في الاجتهاد، وهو مبدأ أصيل في تاريخ الفقه الإسلامي،قال العلامة ابن القيم:[... ولهذا كان من سداد الرأي وإصابته أن يكون شورى بين أهله ولا ينفرد به واحدٌ، وقد مدح الله سبحانه المؤمنين بكون أمرهم شورى بينهم، وكانت النازلة إذا نزلت بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليس عنده فيها نصٌ عن الله ولا عن رسوله، جمع لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جعلها شورى بينهم ] إعلام الموقعين 2/156. وما يصدر عن المجامع الفقهية من قرارات لا يعتبر في حكم الإجماع الأصولي، ولكن قرارات هذه المجامع مقدمة على اجتهادات أفراد العلماء.(1/6)
5- وقد بحث المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وهو يضم مجموعة من علماء العصر هذه النازلة - تأجيل العمرة وإلغاء الحج بسبب إنفلونزا الخنازير – في أواخر حزيران الماضي وجاء في قراره ما يلي:[ تلقى المجلس استفتاءً بخصوص السفر لأداء مناسك الحج أو العمرة في هذا العام في ضوء ما حدث أخيراً من انتشار أنفلونزا الخنازير في الكثير من بلدان العالم، ورفع درجة التحذير من الوباء إلى الدرجة السادسة، وقد قام المجلس بالاتصال بالمسئولين في منظمة الصحة العالمية، فأفادوا أن هذه الدرجات المشار إليها هي درجات للانتشار الجغرافي، ولا علاقة لها على الإطلاق بدرجة الخطورة، وقد أعلنت الدرجة السادسة لأن عدة حالات من المرض قد ظهرت في جميع قارات العالم، وقد أوضحت المديرة العامة للمنظمة - وهي المفوضة الوحيدة من قبل دول العالم بتطبيق وتفسير اللوائح الصحية الدولية – أن شدة المرض معتدلة، ولا تزيد عن شدة الأنفلونزا الموسمية المعهودة.ولم يحدث أبداً من قبل أن أوبئة الأنفلونزا الموسمية قد دفعت إلى منع أو تحديد الحج أو العمرة، علماً بأن حكومة المملكة العربية السعودية قد تعهدت... بتنفيذ الخطة المتكاملة لمكافحة الوباء، وباتخاذ الاستعدادات لمنع وقوع المزيد من الحالات. وقد أصدرت وزارة الصحة في المملكة الاشتراطات الصحية لأداء الحج والعمرة لهذا العام، واحتفظت بحقها باتخاذ أي إجراءات احترازية إضافية.وبناء على ما تقدم، لا يرى المجلس مسوغاً لأية فتوى يكون مفادها تثبيط همم من يعقد العزم على أداء الحج أو العمرة هذا العام.(1/7)
على أنه من الضروري على كل حال اتخاذ التدابير الواقية من هذا المرض ومن غيره من الأوبئة، وتتلخص هذه التدابير بالدرجة الأولى في الامتناع عن العناق والقبلات والتقليل من المصافحة ما أمكن، وغسل اليدين بعد كل ملامسة لمريض، أو عقب تلوثهما، وستر الأنف والفم في حال العطاس والسعال بمنديل ورقي، والأفضل في أثناء التجمعات استعمال الأقنعة والكمامات، مع الانتباه إلى تبديل هذه الأقنعة أو الكمامات مراراً، والتخلص منها بطريقة صحية.ومن وسائل الوقاية أيضاً الالتزام بالتوصيات الصادرة عن السلطات الصحية في السعودية أو في البلدان التي ينتمي إليها الحجاج والمعتمرون، حول أخذ اللقاحات أو اصطحاب الأدوية اللازمة، علماً بأن هذه التوصيات قد يتم تخفيفها أو تشديدها بما يلائم الوضع الصحي السائد.كما يوصي المجلس بتأجيل القيام بأداء هذه المناسك للمسنين والمصابين بأمراض موهنة، أو المتعاطين لأدوية تخفف من المناعة، كما يوصي بذلك أولئك الذين حجوا أو اعتمروا من قبل تخفيفاً للزحام.]
وخلاصة الأمر أنه لا يجوز شرعاً المناداة بإلغاء موسم الحج وتأجيل العمرة بسبب ظنون وأوهام وتخوفات لا محل لها بسبب إنفلونزا الخنازير، ولا يجوز شرعاً تثبيط همم الحجاج والمعتمرين بمثل هذه الظنون، ومثل هذه القضايا المعاصرة الكبيرة تحتاج إلى اجتهادات جماعية وأخذ رأي أهل الاختصاص، ومن الغريب أن هذه الفتاوى العرجاء طالبت بإلغاء موسم الحج وتأجيل العمرة فقط دون النظر إلى تجمعات الناس الأخرى كالتي تحصل في مباريات كرة القدم ودور السينما والملاهي وغيرها، ولا نستبعد غداً أن تخرج فتاوى أخرى تنادي بإلغاء صلاة الجمعة وصلاة الجماعة بمثل هذه الظنون والأوهام!!
والله أعلم.
_______________________
نشرت الفتوى على موقع الشيخ الدكتور حسام بتاريخ 24-7- 2009م
باهر الاسم
من مُنع من الحج قبل الإحرام هذا العام العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع(1/8)
مسلم من فلسطين سافر إلى الأردن في طريقه لأداء فريضة الحج هذا العام ولكنه أعيد عن الجسر ومنع من السفر فأفتاه أحدهم بأنه يجب عليه أن يذبح شاة لأنه محصر فما قولكم في ذلك ؟
السؤال
12/11/2006 التاريخ
الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الدكتور حسام الدين عفانة أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس - فلسطين :
يقول الله تعالى :( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) سورة البقرة الآية 196.
وهذه الآية الكريمة أصل في بيان حكم المحصر ولكن لا بد أولاً من بيان معنى الإحصار عند العلماء فقد قال فقهاء الحنفية:[ الإحصار هو المنع من الوقوف بعرفة والطواف جميعاً بعد الإحرام بالحج الفرض والنقل وفي العمرة عن الطواف ] طلبة الطلبة ص 118.
وبمثل هذا التعريف قال بقية فقهاء المذاهب وكل الفقهاء فيما أعلم متفقون على أن الحاج لا يكون محصراً إلا إذا تلبس بالإحرام أي أنه لا إحصار قبل الإحرام . انظر الموسوعة الفقهية 2/199.
فإذا أحرم الحاج ثم عرض له عدو منعه من إتمام النسك فإنه يتحلل من إحرامه وعليه ذبح قال الله تعالى :( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) والمقصود به عند جمهور أهل العلم ذبح شاة . تفسير القرطبي 2/378.
وثبت في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :( قد أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عاماً قابلاً ) رواه البخاري.(1/9)
وبناء على ما تقدم فإن هذا الشخص الذي منع من السفر وأعيد عن الجسر لا يعتبر محصراً حيث إنه لم يحرم فلا شيء عليه ومن أفتاه بأن عليه شاة فقد أفتاه بغير علم وجاء بشيء منكر لم يقل به أحد من أهل العلم وإنها لجرأة كبيرة على العلم الشرعي أن يفتى بدون علم ولا فقه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، قال تعالى :( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) وقال تعالى :( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
والله أعلم.
صادق - مصر الاسم
تأجيل الحج والعمرة بسبب أنفلونزا الخنازير العنوان
شبهات وردود الموضوع
اجتاح العالم في الآونة الأخيرة مرض انفلونزا الخنازير، ودعت بعض الجهات الصحية والبيئية إلى تأجيل أداء العمرة والحج خوفا من العدوى، فما حكم الشرع في هذه الإجراءات الصحية التي نالت العبادات والشعائر الدينية؟ السؤال
14/05/2009 التاريخ
مجموعة من المفتين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالإسلام يدعو إلى دفع الضرر واتخاذ الوسائل التي تمنعه عن الناس، ويجب على المختصين أولا في مجالات الصحة والبيئة على مستوى العالم الإسلامي أن يتيقنوا من استحالة الوقاية من مرض انفلونزا الخنازير إلا بتأجيل الحج والعمرة، فإذا تأكد الضرر كان على أهل العلم واجب البيان في مسألة تأجيل الحج والعمرة خشية تحول مرض انفلونزا الخنازير إلى وباء يهلك الحرث والنسل، وإليك تفصيل ذلك في بعض أقوال أهل العلم..
يقول د.عبد الله الفقيه مشرف الفتوى بالشبكة الإسلامية والخبير الشرعي بوزارة الأوقاف القطرية:(1/10)
الذي يظهر والعلم عند الله تعالى هو أن الخوف من هذا الداء لا ينبغي أن يحول دون ما هو مطلوب من العبادات على وجه الاجتماع، وذلك ما لم يتطور الأمر إلى أن يكون وباءً، فإن تطور إلى أن يكون وباء، أو خشي ذلك خشية مستندة إلى أسباب موضوعية، ونصحت بذلك جهات الاختصاص في البلد ممن يوثق فيهم في جانب الشرع وفي جانب الطب، فالقول للأخذ بالاحتياط قولٌ له حظ كبير من النظر والعلم عند الله تعالى..
ويقول الشيخ على أبو الحسن مستشار شيخ الأزهر لشئون الفتوى:
لا مانع شرعاً من تأجيل أداء مناسك الحج والعمرة إذا حدث ما يضر المسلمين، استناداً إلى القاعدة الفقهية (درء المفاسد مقدم على جلب المنافع) . ولقول الرسول-صلى الله عليه وسلم-: "إذا نزل الطاعون في أرض وأنتم خارجها فلا تدخلوها، وإذا نزل وأنتم داخلها فلا تخرجوا منها"، وعلى الرغم من أن أداء الحج فريضة، فإنه فريضة على التوسع أو التراخي، ومن ثم يمكن تأجيل الفريضة إلى العام المقبل لحين زوال الخطر.
ومن المعروف شرعاً أن للحج والعمرة مواقيت مكانية لا يتجاوزها الإنسان إلا محرماً، إلا أن فريضة الحج تنفرد بأن لها مواقيت زمانية لقول المولى عز وجل (الحج أشهر معلومات) أما العمرة فليس لها ميقات زماني لأنها تجوز في أي وقت من العام، ومن الخطأ أن نقول عمرة رجب أو شعبان أو رمضان، لأن أداء العمرة يجوز في أي وقت في العام.
وإن الحكم بجواز تأجيل العمرة جاء نتيجة التيقن من خطورة المرض، وتوفر بيئة خصبة في الحج للانتشار، والعمرة ليست فرضًا، والأفضل عدم الذهاب، وإذا استمر الوباء في الانتشار يفضل عدم الذهاب إلي الحج.
ويقول الشيخ نوح سليمان مفتي المملكة الأردنية :
إن قرار تأجيل أو منع العمرة إلى الديار المقدسة بسبب تفشى مرض انفلونزا الخنازير شأن يتعلق بالمملكة العربية السعودية وعلمائها وأطبائها، ومنع السفر للعمرة يكون بأحد أمرين:(1/11)
الأول:قرار من أطباء السعودية إذا فرض الحجر الصحي خوفا على صحة الناس.
والثاني:إذا حظر بلد من البلدان على مواطنيه السفر خوفا من نقل المرض، فيكون من جملة المحظور عليهم السفر (المعتمرون) أما أن يخص المعتمرون بهذا الحظر فهذا صد عن سبيل الله.
إضافة إلى أن السعودية فيها من الحماية الربانية والاحتياطات الصحية ما يجعل نقل العدوى فيها قليلا . كما أن المسلمين لا يأكلون الخنزير ولا يتعاطون معه في التربية والاتصال البدني، فهم أبعد الناس عن هذا الوباء التزاما منهم بالشريعة الإسلامية.
ويقول الدكتور علي جمعة مفتي مصر:
أدعو إلى ضرورة الاجتهاد الجماعى بين كل المجامع الفقهية المعترف بها على مستوى العالم الإسلامى، للخروج بفتوى موحدة توضح موقف الشريعة الإسلامية حول مدى جواز تأجيل أداء الحج والعمرة، بسبب انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير، لأن الفتوى بتأجيل أداء الحج والعمرة لا ينبغي أن تصدر بصورة فردية، وإنما يجب أن تتم في صورة جماعية بحضور فقهاء الأمة الإسلامية، والتنسيق مع المجامع الفقهية المعتمدة في العالم الإسلامي.
وتأجيل أداء الحج والعمرة في حالة انتشار الفيروس بصورة كبيرة له جانب فني تحدده الجهات المعنية مثل وزارات الصحة والبيئة والزراعة ثم تأتى بعد ذلك، وبناء على تقارير هذه الوزارات، اجتهادات علماء الأمة الإسلامية لتحديد موقف موحد من هذا الخطر؛ لأن حفظ حياة الإنسان ووقايته من الأمراض من مقاصد الشريعة الإسلامية. انتهى
والله أعلم.
فريح - سوريا الاسم
حدود الاستطاعة في المذاهب الأربعة العنوان
الاستعداد للحج الموضوع
السلام عليكم ورحمةالله: أكرمكم الله أريد أن أعرف حدود الاستطاعة في قوله تعالى "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً". ولكم جزيل الشكر
السؤال
28/06/2009 التاريخ
الشيخ فرحات السعيد المنجي من علماء الأزهر الشريف المفتي
الحل(1/12)
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فتتحقق الاستطاعة بالقدرة على الزاد والراحلة ، وبسلامة البدن كان السفر برًّا أو بحرًا أو جوًّا، وبإمكان الوصول إلي مكة ومواضع النسك إمكانًا عاديًّا، دون أن تلحقه مشقة عظيمة ، وكذلك تدبير نفقة من تلزمه نفقتهم حتى يعود بإذن الله .
يقول فضيلة الشيخ فرحات السعيد المنجي من علماء الأزهر الشريف :
دلّت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على أن فريضة الحج إنما تلزم المستطيع ولا تجب على غيره، وقد اختلف الفقهاء في تحديد هذه الاستطاعة بوجه عام، وإليك بيانها إجمالاً:
قال فقهاء الحنفية : الاستطاعة هي القدرة على الزاد والراحلة بشرط أن يكونا فاضلين عن حاجياته الأصلية كالدين الذي عليه للغير والمسكن والملبس، وما يلزمه لعمله أو حرفته من أدوات، وأن يكونا كذلك زائدين عن نفقته من تلزمه نفقته عليهم مدة غيبته، وإلى أن يعود والمعتد في كل ذلك ما يليق بالشخص عادة وعرفًا، وهذا يختلف باختلاف أحوال الناس، ثم اشتراط ما تقدم إنما هو بالنسبة لمن كان بعيدًا عن مكة مسيرة ثلاثة أيام فأكثر، أما من كان قريبًا منها فإن الحج واجب عليه (المراد بمسيرته ثلاثة أيام السير على الدواب أو المشي على الأرجل).
ويشترط الحنفية كذلك لوجوب الأداء سلامة البدن فلا يجب أداء الحج على مشلول أو من يعجز عن تحمل مشقة السفر وعنائه، كما لا يجب على أحد من هؤلاء تكليف غيرهم بالحج عنهم، أما الأعمى الذي يقدر على الزاد والراحلة فإن وجد قائدًا للطريق وجب عليه أن يكلف غيره بالحج عنه، وإن لم يجد قائدًا فلا يجب الحج عليه بنفسه أو بإنابة الغير عنه، كما يشترط أمن الطريق بأن يكون الغالب فيه السلامة سواء كان السفر برًّا أو بحرًا أو جوًّا.(1/13)
وقال فقهاء المالكية: إن الاستطاعة هي إمكان الوصول إلي مكة ومواضع النسك إمكانًا عاديًّا، سواء كان ماشيًا أو راكبًا بشرط ألا تلحقه مشقة عظيمة، وإلا فلا يجب عليه الحج.
ويرى فقهاء الحنابلة أن الاستطاعة في الحج هي القدرة على الزاد والراحلة الصالحة لمثله، وبشرط أن يكونا فاضلين عما يحتاجه من كتب علم ومسكن وخادم ونفقته ونفقة عياله على الدوام.
وقال فقهاء الشافعية: الاستطاعة بالنفس تتحقق بالقدرة على الزاد أو الراحلة وأن تكون نفقات فاضلة عن دين ولو لم يحل أجله، وعن نفقة من تلزمه نفقته حتى يعود، وعن مسكنه المناسب وآلات صناعته ومهنته، وأمن الطريق.انتهى كلام الشيخ
المحرر: المقصود بالزاد ما يحتاجه من مأكول ومشروب في ذهابه إلى الحج ورجوعه إلى أهله أو عنده من المال ما يشترى به ذلك .
وأما الراحلة فتعني واسطة النقل التي يحتاجها في ذهابه ورجوعه، وفي سائر تنقلاته لأداء متطلبات الحج؛ سواء كانت واسطة النقل التي يحتاجها ملكًا له، أو يحصل عليها بأجرة أو مصاريف معينة .
والله أعلم .
من مُنع من الحج قبل الإحرام هذا العام العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
مسلم من فلسطين سافر إلى الأردن في طريقه لأداء فريضة الحج هذا العام ولكنه أعيد عن الجسر ومنع من السفر فأفتاه أحدهم بأنه يجب عليه أن يذبح شاة لأنه محصر فما قولكم في ذلك ؟
السؤال
12/11/2006 التاريخ
الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الدكتور حسام الدين عفانة أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس - فلسطين :
يقول الله تعالى :( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) سورة البقرة الآية 196.(1/14)
وهذه الآية الكريمة أصل في بيان حكم المحصر ولكن لا بد أولاً من بيان معنى الإحصار عند العلماء فقد قال فقهاء الحنفية:[ الإحصار هو المنع من الوقوف بعرفة والطواف جميعاً بعد الإحرام بالحج الفرض والنقل وفي العمرة عن الطواف ] طلبة الطلبة ص 118.
وبمثل هذا التعريف قال بقية فقهاء المذاهب وكل الفقهاء فيما أعلم متفقون على أن الحاج لا يكون محصراً إلا إذا تلبس بالإحرام أي أنه لا إحصار قبل الإحرام . انظر الموسوعة الفقهية 2/199.
فإذا أحرم الحاج ثم عرض له عدو منعه من إتمام النسك فإنه يتحلل من إحرامه وعليه ذبح قال الله تعالى :( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) والمقصود به عند جمهور أهل العلم ذبح شاة . تفسير القرطبي 2/378.
وثبت في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :( قد أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عاماً قابلاً ) رواه البخاري.
وبناء على ما تقدم فإن هذا الشخص الذي منع من السفر وأعيد عن الجسر لا يعتبر محصراً حيث إنه لم يحرم فلا شيء عليه ومن أفتاه بأن عليه شاة فقد أفتاه بغير علم وجاء بشيء منكر لم يقل به أحد من أهل العلم وإنها لجرأة كبيرة على العلم الشرعي أن يفتى بدون علم ولا فقه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، قال تعالى :( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) وقال تعالى :( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
والله أعلم.
المنع من السفر للدول الموبؤة بأنفلونزا الخنازير.. رؤية فقهية العنوان(1/15)
أصدر بعض العلماء فتاوى بتحريم السفر إلى البلاد الموبؤة بداء أنفلونزا الخنازير، وهذه الفتوى يترتب عليها من الضرر ما لا يخفى على أحد ، وبخاصة عند رجال الأعمال الذين يرتبط عملهم بالسفر، وكذلك طلاب العلم، والمرضى الذين لا يجدون علاجا مناسبا في بلادهم وغير ذلك، فهل هذه الفتوى صحيحة على الرغم مما يترتب عليها من ضرر؟ السؤال
10/10/2009 التاريخ
الدكتور رجب أبو مليح المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه
وباء أنفلونزا الخنازير من النوازل التي تتطلب ممن يتصدى للإفتاء في القضايا المتعلقة بها كثيرا من الأناة والتبصر، والفهم العميق للنازلة، ومراعاة الأحوال والأعراف، والنظر في المآلات، ومشاورة أهل الذكر في كافة التخصصات حتى تخرج الفتوى أقرب للصواب ويكون حظ المفتي فيها الأجر أو الأجرين.
والسفر إلى البلاد الموبؤة بأنفلونزا الخنازير أو المنع منه أمر يقدره ويقرره ولاة الأمر بعد مراجعة العلماء والخبراء المختصين، فمن حق الحكومات القيام بواجبها تجاه حماية الناس من هذا الوباء، ولا يعد هذا اعتداء على حرية الإنسان في التنقل، والعلم والسياحة، لأن هذا الأمر إن حدث ففيه حماية للإنسان خاصة، وللناس عامة.
هذا خلاصة ما أفتى به الدكتور رجب أبو مليح – مستشار النطاق الشرعي بشبكة إسلام أون لاين. نت- وإليك نص فتواه:
هذه نازلة من النوازل التي تتطلب ممن يتصدى للإفتاء فيها كثيرا من الأناة والتبصر، والفهم العميق للنازلة، ومراعاة الأحوال والأعراف، والنظر في المآلات، ومشاورة أهل الذكر في كافة التخصصات حتى تخرج الفتوى أقرب للصواب، وينال المجتهد أجرا واحدا إن أخطأ أو أجرين إن أصاب.
وهذه النازلة يتنازعها كثير من الأدلة الشرعية والقواعد الفقهية لا بد أن نجمع بينها إن أمكننا الجمع، أو نرجح بينها إن احتجنا إلى الترجيح .
ـ التعارض الظاهري بين الأدلة:(1/16)
وأول هذا التعارض يظهر من خلال الفهم السطحي أو المتسرع لبعض أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد ورد عنه فيما رواه البخاري بسنده عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " لا يوردن ممرض على مصح " والممرض: الذي إبله مراض، والمصح: الذي إبله صحاح . ومعنى: لا يورد عليه: لا يخلط المريضة الجرباء بالصحيحة أثناء ورود الماء. وإن كان هذا في الإبل والحيوانات فهو في الإنسان من باب أولى.
وروى مسلم بسنده عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ارجع فقد بايعناك ".
وقال في شأن الطاعون - وهو وباء عام -: " إذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارًا منه ". متفق عليه
وهذه الأحاديث قد يفهم منها التعارض بين ما رواه أبو هريرة أيضا عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صَفَر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد"." ومعناه كما ذكر عدد من العلماء : أن الأمراض لا تعدي بطبعها وذاتها كما يعتقد أهل الجاهلية، بل بتقدير الله تعالى، وبناء على سننه الكونية.
وبالتالي لا يكون هناك تعارض بل الثابت والصحيح هو أخذ الحذر والحيطة، والتداوي والأخذ بالأسباب.
- التعارض بين التداوي والأخذ بالأسباب والتوكل:
والأخذ بالأسباب الوقائية أو العلاجية لا يتنافى مع التوكل علي الله تعالى، بل هو عين التوكل لأننا نأخذ بالأسباب ونوقن أنها لا تغني عنا من الله شيئا بل كل شيء عنده بمقدار.(1/17)
يقول ابن حجر -رحمه الله-:الحق أن من وثق بالله، وأيقن أن قضاءه عليه ماض، لم يقدح في توكله تعاطي الأسباب اتباعا لسنته وسنة رسوله، فقد ظاهر ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين درعين، ولبس على رأسه المغفر، وأقعد الرماة على فم الشعب، وخندق حول المدينة، وأذن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة، وهاجر هو، وتعاطى أسباب الأكل والشرب ، وادخر لأهله قوت سنتهم، ولم ينتظر أن ينزل عليه من السماء، وهو كان أحق الخلق أن يحصل له ذلك. وقال للذي سأله: " أعقل ناقتي أو أدعها ؟ " قال " اعقلها وتوكل " فأشار إلى أن الاحتراز لا يدفع التوكل .انتهى كلام ابن حجر.
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ :التداوي لا ينافي التوكل، وكما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها ، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعا، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة ويضعفه، من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، الذي حقيقته: اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره فيهما، ولابد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، فلا يجعل العبد عجزه توكلا، ولا توكله عجزا .
ـ التعارض والترجيح بين المصالح والمفاسد:
لا شك أن صدور فتوى بالتحريم، أو قرار سياسي بالمنع من السفر من وإلى البلاد الموبؤة بهذا المرض أو غيره سيترتب عليه من المفاسد الكثير، فهذا سيترتب عليه تعطيل كثير من المصالح، وحدوث كثير من الضرر، وبالتالي لا بد أن تؤسس هذه الفتوى أو القرار على شهادة العلماء والخبراء الذين يؤكدون على أن الضرر المترتب على هذا السفر أكبر من النفع، وأنه لا يمكن دفع الضرر بوسيلة أخرى غير المنع من السفر.(1/18)
وعلى المفتي أن ينظر إلى هذه القواعد مجتمعة، مثل : لا ضرر ولا ضرار، والضرر يزال، ويدفع الضرر الأعلى بالضرر الأدنى، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح في الغالب، والضرورة تقدر بقدرها، وتقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ... إلى غير ذلك من القواعد والضوابط الفقهية.
ونظرية الضرر نظرية من النظريات الفقهية الضخمة، وهي نظرية مكتملة الأركان تقوم على أسس ثلاثة:
الأساس الأول: منع الضرر:
وهو يقوم في الأصل على أخذ كافة التدابير والاحتياطات لمنع وقوع الضرر، وهو في حالتنا الآن منع السفر إلى البلاد الموبؤة بهذا المرض، أو منها بعد أن أثبت العلم أنه ينتقل من الحيوان إلى الإنسان ومن الإنسان إلى إنسان آخر وهكذا، ومن حق الحكومات أن تأخذ من التدابير الواقية والأسباب المتاحة ما تمنع به هذا الضرر، بعد التأكد من أنها لن تستطيع أن تمنع انتشار هذا المرض إلا بهذه الوسيلة.
وهذا القرار وإن ترتب عليه ضرر في المال أو العلم أو غيره فحماية النفس مقدمة على حماية المال وفق سلم الأولويات في شريعتنا الغراء.
الأساس الثاني: دفع الضرر:
وهذا الأساس يعمل عند وقوع الضرر فعلينا ببذل أقصى الجهد لدفع هذا الضرر، ومحاولة الحيلولة بينه وبين أن يحدث آثاره، وهو في حالتنا هذه توفير سبل الوقاية من انتقال المرض سواء من الحيوان للإنسان أو من إنسان إلى إنسان آخر، ونشر الوعي بين الناس لتجنب الإصابة وانتقال العدوى، والإسراع بتصنيع وتوفير العلاج الناجع من هذا المرض .
الأساس الثالث: رفع الضرر:
وهذا يحدث ـ لا قدر الله ـ إن وقع المرض بعد إعمال جانب المنع والدفع ووقوع المحذور بعد ذلك، ويعمل هنا على رفع الضرر بالقدر المستطاع وترميم آثاره حتى لا يلازم الناس طوال حياتهم.(1/19)
وبناء على ما تقدم نرى أنه من حق الحكومات القيام بواجبها تجاه حماية الناس من هذا الوباء، ولا يعد هذا اعتداء على حرية الإنسان في التنقل، والعلم والسياحة، لأن هذا الأمر إن حدث ففيه حماية للإنسان خاصة، وللناس عامة.
والله أعلم
قرار المجلس الأوروبي للإفتاء بشأن إلغاء الحج والعمرة العنوان
ما موقف فقهاء الشريعة من الدعوة لإلغاء الحج هذا العام بسبب وباء انفلونزا الخنازير؟ السؤال
07/07/2009 التاريخ
المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث المفتي
الحل
دبسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
إن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث المنعقد في دورته التاسعة عشرة للمجلس بمدينة استانبول بتركيا في الفترة من الثامن حتى الثاني عشر من شهر رجب سنة 1430هـ، الموافق للثلاثين من شهر حزيران (يونيو) حتى الرابع من شهر تموز (يوليو) سنة 2009م، برئاسة سماحة الشيخ الدكتور العلاّمة يوسف القرضاوي رئيس المجلس وبحضور أغلبية أعضائه، قد ناقش مسألة تأجيل العمرة وإلغاء الحج بسبب انفلونزا الخنازير، وإليك نص قرار المجلس الأوروبي بهذا الشأن.
قرار 4/19
بشأن السفر لأداء الحج أو العمرة في ظروف انتشار مرض انفلونزا الخنازير (N1H1)(1/20)
تلقى المجلس استفتاء بخصوص السفر لأداء مناسك الحج أو العمرة في هذا العام في ضوء ما حدث أخيراً من انتشار أنفلونزا الخنازير (N1H1) في الكثير من بلدان العالم، ورفع درجة التحذير من الوباء إلى الدرجة السادسة، وقد قام المجلس بالاتصال بالمسئولين في منظمة الصحة العالمية فأفادوا أن هذه الدرجات المشار إليها هي درجات للانتشار الجغرافي، ولا علاقة لها على الإطلاق بدرجة الخطورة، وقد أعلنت الدرجة السادسة لأن عدة حالات من المرض قد ظهرت في جميع قارات العالم، وقد أوضحت المديرة العامة للمنظمة - وهي المفوضة الوحيدة من قبل دول العالم بتطبيق وتفسير اللوائح الصحية الدولية – أن شدة المرض معتدلة، ولا تزيد عن شدة الأنفلونزا الموسمية المعهودة.
ولم يحدث أبداً من قبل أن أوبئة الأنفلونزا الموسمية قد دفعت إلى منع أو تحديد الحج أو العمرة، علماً بأن حكومة المملكة العربية السعودية قد تعهدت في بيانها الصادر عن مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة بتاريخ الثاني والعشرين من شهر جمادى الآخرة لهذا العام 1430هـ، الموافق للخامس عشر من حزيران (يوليو) 2009م، بتنفيذ الخطة المتكاملة لمكافحة الوباء، وباتخاذ الاستعدادات لمنع وقوع المزيد من الحالات. وقد أصدرت وزارة الصحة في المملكة الاشتراطات الصحية لأداء الحج والعمرة لهذا العام، واحتفظت بحقها باتخاذ أي إجراءات احترازية إضافية.
وبناء على ما تقدم، لا يرى المجلس مسوغاً لأية فتوى يكون مفادها تثبيط همم من يعقد العزم على أداء الحج أو العمرة هذا العام.(1/21)
على أنه من الضروري على كل حال اتخاذ التدابير الواقية من هذا المرض ومن غيره من الأوبئة، وتتلخص هذه التدابير بالدرجة الأولى في الامتناع عن العناق والقبلات والتقليل من المصافحة ما أمكن، وغسل اليدين بعد كل ملامسة لمريض، أو عقب تلوثهما، وستر الأنف والفم في حال العطاس والسعال بمنديل ورقي، والأفضل في أثناء التجمعات استعمال الأقنعة والكمامات، مع الانتباه إلى تبديل هذه الأقنعة أو الكمامات مراراً، والتخلص منها بطريقة صحية.
ومن وسائل الوقاية أيضاً الالتزام بالتوصيات الصادرة عن السلطات الصحية في السعودية أو في البلدان التي ينتمي إليها الحجاج والمعتمرون، حول أخذ اللقاحات أو اصطحاب الأدوية اللازمة، علماً بأن هذه التوصيات قد يتم تخفيفها أو تشديدها بما يلائم الوضع الصحي السائد.
كما يوصي المجلس بتأجيل القيام بأداء هذه المناسك للمسنين والمصابين بأمراض موهنة، أو المتعاطين لأدوية تخفف من المناعة، كما يوصي بذلك أولئك الذين حجوا أو اعتمروا من قبل تخفيفاً للزحام.
والله أعلم .
بركات - الأردن الاسم
الحج بين القدرة المالية والصحية العنوان
فقهية الموضوع
لو كان الرجل أو المرأة عاجزين عن الحج بأنفسهما للمرض ونحوه ولكنهما يستطيعان التوكيل بالمال فهل يجب عليهما أن يوكلا ؟
السؤال
14/07/2008 التاريخ
الشيخ الدكتور محمدبن المختار الشنقيطي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فمن كان عاجزاً عن الحج وعنده مال يستطيع أن يحجج به الغير فلا يخلو من حالتين :
الحالة الأولى : أن يكون عجزه مؤقتاً،والحالة الثانية : أن يكون عجزه مستديماً .
الأولى : العجز المؤقت كالمرض الذي يتأقت بالشهور ويرجى زواله أو بالسنوات ويرجى زواله فهذا ينتظر إلى أن يكتب الله له الشفاء والعافية ، ويسقط عنه الحج حال العجز ويجب عليه بعد القدرة ثم يحج بعد شفائه وقوته وقدرته .(1/22)
والحالة الثانية : إذا كان عجزه مستديماً كإنسان عاجز لكبر أو معه مرض لا يمكن معه أن يقوم بالحج ولا أن يؤدي أركانه فإنه في هذه الحالة يُنتَقَل إلى القدرة بالمال فإذا قدر على أن يستأجر من يحج عنه وجب عليه أن يحجج عن نفسه سواء كان رجلاً أو كانت امرأة .انتهى
مع العلم أنه لا يشترط في الوكيل أن يكون مشابها لموكله جنساً فيحج الذكر عن الذكر أو الأنثى عن الأنثى فالكل يجزيء ويعتبر فيجوز حج الرجال عن النساء وحج النساء عن الرجال ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفتى المرأة الخثعمية بذلك وحينئذ لا حرج في حج ذكر عن أنثى والعكس والإجماع قائم على ذلك .
والله أعلم.
عبد الله - سوريا الاسم
الفوات بين الحج والعمرة وشركات الطيران العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله: أسمع وأقرأ كثيراً عن عبارة الفوات في الحج فهل لو تأخرت عن ميعاد سفري في العمرة بسبب حجز الطيران يعتبر هذا من الفوات وماذا يجب علي ؟؟ جزاكم الله خيراً
السؤال
03/08/2008 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالفوات معناه : عدم فعل الشيء في وقته والمراد به هنا فوات الحج بفوات الوقوف بعرفة.
أما العمرة فلا تفوت بالإجماع لأنها غير مؤقتة بوقت خاص بها .
فمن فاته الحج بفوات الوقوف بعرفة لعذر أو لغير عذر لزمه التحلل من إحرامه بعمل عمرة بلا إحرام جديد ، ثم يحلق أو يقصر عند الأحناف ومالك والشافعي والصحيح عند أحمد وإذا تحلل لزمه الحج من قابل ، ويجب عليه دم عند غير الأحناف .(1/23)
والأصل في هذا أن أبا أيوب الأنصاري خرج حاجا حتى إذا كان بالبادية من طريق مكة أضل رواحله ، ثم قدم على عمر يوم النحر فذكر له ذلك ، فقال له عمر : (اصنع كما يصنع المعتمر ثم قد حللت ، فإذا أدركك الحج قابلا فاحجج وأهد ما تيسر من الهدي.. )أخرجه مالك والبيهقي بأسانيد صحيحة ، وروي مثل ذلك عن ابن عمر ، وقال : (فإن لم يجد هديا فليصم عنه ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ).
والله أعلم .
__________
** نقلاً عن كتاب فقه العبادات لابن عثيمين رحمه الله .
أم أحمد - الكويت الاسم
أقوال العلماء فيمن أحصر ولم يسق هديا العنوان
المزدلفة ورمي الجمرات الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: إذا أحصر أحدهم ولم يكن معه هدي هل يذهب ويحضر هديا ويذبحه؟ جزاكم الله خيراً السؤال
26/08/2008 التاريخ
دكتور عبد الله الفقيه مشرف مركز الفتوى بالشبكة الإسلامية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فمن أحرم بحج أو عمرة فأحصر فليس له التحلل قبل أن يذبح هدياً، ويجزئه أدنى الهدي وهو شاة أو سبع بدنة، لقوله سبحانه:فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي [البقرة:196] وله ذبحه في موضع الحصر من حلٍّ أو حرم، فإن كان لم يسق هدياً أو لم يجد هدياً يشتريه أو وجده عند من لا يبيعه أو لم يكن واجداً للثمن أو واجداً له وهو محتاج إليه لمؤنة سفر.
ذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنه لا بدل للهدي، فيتحلل وليس عليه شيء.
وذهب الشافعي في الأصح إلى أنه ينتقل إلى الإطعام، والأصح في الإطعام عنده أن تقوَّم الشاة فيخرج قيمتها طعاماً، فإن عجز عن الإطعام صام عن كل مد يوماً.
وذهب أحمد وهو قول ثان للشافعي إلى أنه ينتقل إلى الصيام، فيصوم عشرة أيام ثم يتحلل..قياساً على هدي التمتع.
ولعل هذا القول الأخير هو أقرب الأقوال إلى الصواب، لأن حال المحصر شبيه بحال المتمتع.
والله أعلم .
رضوى الاسم(1/24)
حكم الاشتراط في الإحرام العنوان
فقهية الموضوع
عزمت على العمرة وأحرمت وفي أثناء الطريق عرض لي عارض يحول دون إتمام الإحرام، فهل يلزمني الاستمرار على الرغم من ذلك، أو يجوز لي التحلل من الإحرام؟ السؤال
17/02/2008 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول فضيلة الشيخ عطية صقر-رحمه الله-رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف سابقاً :
جاءت في كتب الفقه صورة من الإحرام تفيد في مثل العوارض التي تعترض الحاج أو المعتمر ولا تمكنه من إتمام حجه أو عمرته، وهي الإحرام مع الشرط .
بمعنى أن يقول:أحرمت لله بالحج أو العمرة وإذا مرضت تحللت منه، أو إذا فقدت النفقة أو حدث حادث معين، فهنا يجوز له التحلل من الإحرام عند وجود هذا الشرط، وإذا لم يشترط في التحلل أن يكون بهدي فلا يلزمه الهدي .
وهذا التحلل يجوز قبل الوقوف بعرفة وبعده، ويكون التحلل بحلق شعره أو تقصيره مع نية التحلل .
والدليل على ذلك ما رواه الشيخان عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ضُباعة بنت الزَّبير -بضم الضاد وفتح الزاي- وهي بنت عمه فقال لها: "أردت الحج"؟ فقالت: والله ما أجدني إلا وجعة، فقال "حجي واشترطي وقولي:اللهم محلي حيث حبستني" والمرض حبس عن إتمام النسك .
والله أعلم .
أحمد - مصر الاسم
تحديد أعداد الحجاج وضوابطه العنوان
فقهية الموضوع
ما قولكم في تحديد أعداد الحجاج واتباع القرعة في اختيار من سيحجون ؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
12/06/2008 التاريخ
الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة أستاذ الفقه وأصوله -جامعة القدس- فلسطين :(1/25)
تحديد عدد الحجاج من قبل الجهات المختصة أمر جائز شرعاً نظراً لعدم استيعاب المشاعر المقدسة لأعداد الحجاج الهائلة حيث إنه من المعلوم أن المشاعر ( مكة ومنى ومزدلفة وعرفة ) قدرتها محدودة في استيعاب أعداد الحجاج كما أنهم بحاجة لخدمات صحية وأغذية ومواصلات وسكن وقد يصعب توفيرها للعدد الكبير منهم وخاصة أن عددهم قد يكون بالملايين لذافإن المصلحة الشرعية تقتضي تحديد الحجاج بأعداد معينة موزعة على حسب كل بلد من بلدان المسلمين ولكن يجب مراعاة عدة أمور في هذا التحديد :
1. أن يكون التوزيع عادلاً بين جميع أقطار المسلمين .
2. أن يشمل التحديد الحجاج القادمين من داخل السعودية حيث إن ما بين نصف أو ثلث عدد الحجاج في كل عام يكونون من داخل السعودية .
وأما بالنسبة للقرعة فمع أن القرعة إحدى الطرق المعتبرة شرعاً في القسمة ونحوها فإني أرى عدم استعمالها في الحج وإنما أن تكون الأولوية حسب التسجيل أي أن يكون هناك سجل عام يسجل فيه كل من يرغب بالحج ويعطى الحجاج أرقام متسلسلة وفي كل عام يؤخذ العدد من هؤلاء المسجلين حسب دورهم وهكذا . ففي هذه الطريقة يعرف كل من سجل أن الدور سيصله إن لم يكن في هذا العام ففي العام التالي وهكذا فهذه الطريقة أفضل من القرعة برأيي ، بشرط أن ينفذ ذلك على الجميع وبدون أية استثناءات .
والله أعلم .
عماد - الجزائر الاسم
تحديد أعداد الحجاج بين الشرع والمصلحة العنوان
عامة الموضوع
هل يجوز شرعاً للحاكم تحديد أعداد الحجيج في كل سنةأم لا ؟
السؤال
02/05/2009 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الدكتور يوسف القرضاوي :(1/26)
يجوز إذا كان من وراء ذلك مصلحة وإذا كان فتح الباب على مصراعيه يؤدي إلى مفسدة، نحن نعلم أنه في بعض السنين كان فيه حوالي 3 مليون حاج وحدث في عدة سنوات الناس تزاحموا في مرمى الجمار وقتل الناس بالمئات فمن المصالح المرسلة ومن سد الذرائع إلى الفساد أن يحدَّد الأعداد، هذا أمر اتفق عليه حكماء المسلمين.
فالمملكة العربية السعودية اتفقت مع المسلمين أن كل بلد يكون لها حد على قدر عددها، وليس من المعقول أن يسمح بأعداد من قطر مثل مصر، أوبأعداد من باكستان مثل تونس، فكل بلد على قدر النسبة التي تعيش فيه بحيث يكون العدد في أداء تلك الشعيرة معقولاً حتى لا يضار الناس بعضهم بعضاً.
والذي أعلمه أن السعودية بدأت تجعل بعض الضوابط على أهل السعودية نفسها والمقيمين وذلك بالحج مرة كل خمس سنين.
هذا كله لمصلحة المسلمين، فليس هذا تعنتاً ولا تحكّماً، لنكن منصفين، هذا من مصلحة الحجاج أنفسهم حتى يستطيعوا أن يؤدوا الحج براحة وبدون مضايقة، لأن الإنسان حينما يؤدي هذه العبادة وهذا يضربه من هنا وهذا يزاحمه من هنا، لا يكون مستريح النفس كما لايشعر بحلاوة العبادة .
والله أعلم .
سلمان - العراق الاسم
وقف مناسك الحج خشية انتشار أنفلونزا الطيور العنوان
شبهات وردود الموضوع
يحذر خبراء الصحة من انتقال عدوى أنفلونزا الطيور عبر ملايين الحجاج، وقال خبير في منظمة الصحة العالمية إن ذلك سيكون مثيرا للقلق لأن تجمعا كبيرا بهذا الحجم يزيد من مخاوف العدوى، وفي موقف غريب من نوعه دعا السعودية إلى وقف مناسك الحج في حال اكتشاف حالات متفرقة للفيروس، فهل يجوز فعلا إلغاء الحج هذا العام خشية انتشار المرض ؟ السؤال
05/05/2009 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/27)
فلا يصح إلغاء الحج خشية انتشار مرض انفلونزا الطيور، إذ إنه في حكم المظنون، ولا يمنع الواجب لظن، ولكن من الواجب منع المصابين من الحج واتخاذ الاحتياطات الواجبة لمنع انتشاره، ولا يتعارض ذلك مع حكم الدخول في أماكن الأوبئة، ومحل ذلك إنما هو في الأماكن التي قد حصل بها فعلاً وليس مجرد التوقع والتخوف.
يقول فضيلة الدكتور خالد الشمراني رئيس قسم القضاء بكلية الشريعة بجامعة أم القرى:
لم يذكر في التاريخ الإسلامي أن أوقف الحج في مرة من المرات بسبب وباء أو مرض ولكنه ثبت في السنة أنه إذا وجد الطاعون في بلد من البلاد فلا يدخل إليها ولا منها.
ولكن مرض أنفلونزا الطيور هو مرض وباء عالمي ولا يمكن في هذه الحالة إن توقف شعيرة بسببه.. و إيقاف الحج لمرض وبائي عام هو إيقاف لمصلحة كبرى تأتي على قمة المصالح الإسلامية فهي ركن من أركان الإسلام.
وإن الظن بإصابة الحجيج بأي مرض وبائي غير مقبول في مسألة مثل هذه لاسيما أنه غير موجود في مكة المكرمة، فالحجاج يقدمون لأداء الحج من جميع بلاد العالم والمرض يعم جميع بلاد العالم لذا لا يجوز إيقاف هذه الشعيرة. والواجب على ولاة الأمر اتخاذ التدابر لحماية الحجاج ثم التوكل على الله سبحانه وتعالى".
ويقول الشيخ عبد الله الفقيه مشرف الفتوى بالشبكة الإسلامية:
فلا يجوز للمسلم تأخير حجة الفرض إذا كان مستطيعاً بحجة الخوف من العدوى من أمراض يتوقع حصولها، وليس مقطوعاً بذلك، وعلى فرض القطع به فيمكنه أن يحتاط بأخذ التطعيم المضاد لها، ولا يتعارض ذلك مع كلام أهل العلم في حكم الدخول في أماكن الأوبئة أو الخروج منها، ولكن محل ذلك إنما هو في الأماكن التي قد حصل بها فعلاً وفشى فيها وليس مجرد التوقع والتخوف، فلا يجوز لك تأجيل الحج لهذا السبب لما بيناه.
ويقول الأستاذ مسعود صبري الباحث بكلية دار العلوم جامعة القاهرة:(1/28)
الحج فريضة من فرائض الله تعالى على عباده المؤمنين، أوجبها على القادر، فمتى توفرت القدرة ؛ وجب الحج، لقوله تعالى :" ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا "، وهي صيغة إيجاب وإلزام ، وذلك دليل الفرضية ، بل يؤكد القرآن الفرضية بقول الله تعالى :" ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " ، فجعل الكفر مقابل الفرض ، فدل على أن ترك الحج ليس من شأن المسلمين ، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أدائه ، وجعل التعجل فيه أولى من التأخير ، فعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له } رواه أحمد ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتعرض الحاجة " رواه أحمد وابن ماجه.
والدعوة إلى إلغاء الحج هذا العام خشية انتشار أنفلونزا الطيور لا سند لها من الشرع ، فمنع الحج في موسم من المواسم لم يقل به فقيه واحد، ولم يتم على مر العصور التاريخية مع كثرة الأحداث التي مرت بها الأمة الإسلامية، وانتشار الأوبئة المتعددة ، ولهذا ، فإن الدعوة تعد تعطيلا لشعيرة من شعائر الله ، وهو أمر منهي عنه شرعا من حيث الأصل ، استنادا إلى وجوب الحج ، وإجماع الأمة على عدم إيقافه في أي عام ، وليس في ذلك نكير من أحد .(1/29)
وإن كان الواجب على المسلمين أداء شعيرة الحج ، فواجب عليهم أيضا أن يدفعوا عنهم أذى هذا المرض " أنفلونزا الطيور" ، من خلال اتخاذ التدابير الوقائية لمنع انتشار هذا المرض بين الناس ، بناء على قول النبي صلى الله عليه وسلم :"لا عدوى ولا طيرة " ، وقد يكون هذا من خلال عمل اختبار تحاليل للحجاج خاصة من الدول التي عرف عنها انتشار هذا المرض ، فلا تعطى تأشيرة الحج من السفارات السعودية بالبلاد إلا بعد عمل تحاليل للمتقدمين للحج ، بل يمكن أن يصل الأمر إلى منع حجاج البلد الأصلي المنتشر فيه المرض من باب الوقاية ، بناء على قوله صلى الله عليه وسلم :" لا ضرر ولا ضرار" .
كما أنه من الواجب الشرعي على كل من أصيب بهذا المرض أن يتداوى منه أولا ، ولا يجوز له الذهاب إلى الحج هذا العام ، بناء على ما ذهب إليه بعض الفقهاء كالشافعي ومحمد بن الحسن من الأحناف ، من أن الحج واجب على التراخي ، فيمكن تأجيل الشخص المصاب بالمرض للحج لحين التعافي منه ، حتى على رأي من قال بأن الحج واجب على الفور، كالإمام أبي حنيفة ومالك وأحمد وأبي يوسف ، فإنه لا يجوز أن يحج المصاب بمرض أنفلونزا الطيور إن أدى هذا إلى إصابة غيره بهذا المرض، لأنه عذر منع أداء واجب ، وقد فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة عام ثمان من الهجرة ولم يحج إلا في العام العاشر ، فدل على جواز التأخير لموجب معتبر .
وقد جعل الفقهاء الاستطاعة من شروط الحج ، ومن تلك الاستطاعة صحة البدن ، غير أن بعض الفقهاء لم يجعل صحة البدن سببا للوجوب ،ولكن سببا للزوم الأداء ، وإليه ذهب الشافعية والحنابلة والصاحبان من الحنفية وقالوا :"إن صحة البدن ليست شرطا للوجوب ، بل هي شرط للزوم الأداء بالنفس , فمن كان هذا حاله يجب عليه الحج ، بإرسال من ينوب عنه . وقال الإمامان أبو حنيفة ومالك : إنها شرط للوجوب .(1/30)
ويحرم عليه استخراج بطاقة مزورة تدعي أنه معافى منه وهو مصاب به حتى يحج ، لما في ذلك من إيذاء المسلمين ، وهو محرم بنص القرآن كما قال تعالى:" والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتلموا بهتانا وإثما مبينا " .
وقد أجاز الفقهاء أن من كان مريضا مرضا لا يرجى الشفاء منه أن له أن ينيب عنه غيره في الحج ، ولا يجب عليه مرة أخرى إن شفي منه على المختار من الفتوى، قياسا على الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الحج ، وإن كان يرجى شفاؤه ، فله أن يؤخر الأداء حتى الشفاء، كما ذهب إليه الشافعية والحنابلة ، بل إن مات مع نية أداء الحج ، حج عنه وليه أو من ينيبه وليه من الابن أو غيره ، وله أن ينيب عنه غيره في حال حياته إن خشي أن يفوته الحج مع الاستطاعة ، وهو ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة وغيره .
والخلاصة:أنه لا يجوز إلغاء الحج في أي عام ، مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة في منع انتشار المرض عن طريق العدوى من خلال منع المصابين من الحج ، رفعا للضرر.
والله أعلم.
_______________
* نشرت هذه الفتوى على الموقع بتاريخ 8-12-2005
خالد - السودان الاسم
الحج على الفور أم على التراخي؟ العنوان
حكم الحج وفضله الموضوع
هل الحج يجب على الفور أم على التراخي؟ السؤال
13/05/2009 التاريخ
الشيخ سلمان بن فهد العودة المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد..
في هذه المسألة قولان للعلماء : الأول أن الحج على التراخي، وهو مذهب الإمام مالك أو تحصيل مذهبه كما قال القرطبي وبه قال الشافعي ومحمد بن الحسن وجماعة ولعله مذهب الجمهور وهو الأقرب عندي والأقوى، والله أعلم. إذن: القول الأول هو أن الحج على التراخي وليس على الفور.
واستدلوا بأدلة منها:(1/31)
أن الحج كأنه فرض موسع طول العمر، ولم يرد فيه تحديد بعام معيّن ولا بسن معين ولا ما يدل على ذلك، ومنها بل من أقوى أدلتهم على عدم وجوب الحج على الفور أن الحج فُرِض، ثم تأخَّر الرسول – صلى الله عليه وسلم – عن الحج.
فمتى فرض الحج؟
قال بعضهم فرض الحج في السنة الخامسة من الهجرة، وقيل : في السنة السادسة، وقيل في السابعة، وقيل : في التاسعة، ورجح ابن القيم وابن تيمية وجماعة أنه فُرِض في السنة التاسعة، ولكن هذا فيه بعض النظر لأن الآيات منها ما هو متقدم وفيها الأمر بالحج، كما في قوله تعالى: "وأتموا الحج والعمرة لله" [البقرة:196] وهذا متقدم دون شك، وإن كان ليس نصاً صريحاً في وجوب الحج، لأنه يحتمل معنى إتمام الحج لمن بدأ به كما ذكرنا.
لكن عندنا أيضاً حديث أنس بن مالك –رضي الله عنه- في قصة الأعرابي الذي جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال: يا محمد أتانا رسولك، وقال: كذا وقال: كذا وقال: كذا، وطفق الرجل يسأل الرسول – صلى الله عليه وسلم – أنه أمرنا بالإيمان، وأمرنا بالصلاة وأمرنا بالزكاة، وأمرنا بالصوم، وأمرنا بحج بيت الله الحرام، والحديث في صحيح مسلم (12) وكان قدومه في السنة الخامسة من الهجرة، فهذا يدل على أن الحج فرض متقدماً، وعلى القول بأنه فُرِض في السنة التاسعة فإن الرسول – صلى الله عليه وسلم – إنما حج في السنة العاشرة انظر ما رواه مسلم (1218) من حديث جابر –رضي الله عنه-.
وقد بحث العلماء عن العلل والأسباب في تأخر النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذلك العام،
فقال بعضهم: لأنه انشغل بغيره.
وقال بعضهم: لأنه كان هناك مشركون، وكان هناك كثير من الأشياء التي تحتاج إلى إزالة فبعث إليها أبا بكر –رضي الله عنه- انظر ما رواه البخاري (4363) ومسلم (1347) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.(1/32)
وقال بعضهم: لأنه لم يكن الحج صادف أيامه المعلومات، لأن العرب كانوا يستخدمون النسيء. فكان الحج في تلك السنة في غير أوان الحج، ثم كانت حجة الوداع وصادف الحج فيها الأيام التي هي عند الله – تعالى- أيام الحج، كما في قوله – تعالى- : " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً" [التوبة:36] إلى آخر الآيات الموجودة في سورة التوبة " إنما النسيء زيادة في الكفر" [آية:37] وذكر الرسول – صلى الله عليه وسلم –هذا في خطبته في حجة الوداع:" إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض" رواه البخاري (3197) ومسلم (1679) من حديث أبي بكرة –رضي الله عنه- فأخذوا من هذا أن من المعاني أن الحج صادف أيام الحج الشرعية الحقيقية عند الله – تعالى- في عام حج النبي – صلى الله عليه وسلم - . هذا –أيضاً- فيه نظر لأن الحج يوم يحج الناس، فلو أن الناس أخطئوا كلهم ووقفوا بعرفة، أو جعلوا يوم العيد غير اليوم الذي هو فيه على الحقيقة لكان هذا يكفيهم وهو حجهم، ولا يطالبون بأكثر منه.
ولكن نقول: إن حج الرسول – صلى الله عليه وسلم – في السنة العاشرة هو من باب التخفيف على الناس ورفع المشقة عنهم ولعل فيه دلالة ظاهرة – والله أعلم – على أن الحج لا يجب على الفور وإنما يجب على التراخي إلا لمن كان ظاهر حاله يدل على أنه قد لا يدرك الحج غير هذا العام. فمثل هذا قد يتعين عليه أن يحج كالمريض مرضاً مخوفا، فيخاف ألا يدركه في العام الذي يليه، أو من كَبُر سنه.
ولذلك قال بعضهم : من بلغ الستين ولم يحج فهو آثم. قالوا هناك فسحة للإنسان أن يؤجل الحج إلى الستين، وهذا ليس عليه دليل، وتحديد الأيام والسنين مما لا يمكن الأخذ به بتقدير بشر إلا الحجة والدليل الشرعي، ولكن المقصود أن من وُجِد لديه سبب يجعل الحج متعيناً عليه في عام معين، وجب عليه أداؤه.(1/33)
أما أن يُوجَب على الناس كلهم بمجرد بلوغهم فهذا فيه بعض الإشكال كما ذكرت، بالإضافة إلى أن كثيراً من الناس أول ما يبلغون لا يكون عندهم من النضج ولا من العقل ولا من الفهم ولا من العلم ما يجعله يحج حجاً مضبوطاً صحيحاً.
ولذلك تجد كثيراً منهم يسألون فيما بعد يقول: حججت وأنا سفيه شاب لا أتقن شيئاً ولا أحسن شيئاً، ووقع مني كذا، وحصل مني كذا، بل بعضهم يحج فإذا رأى الزحام أطلق لرجليه العنان وترك الحج ورفضه، وارتكب محظورات عظيمة.
وهذا لا يقلل من أهمية حث الشباب على المبادرة للحج فقد ورد في ذلك أحاديث منها:"من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة" رواه أبو داود (1732) وابن ماجة (2883) واللفظ له عن ابن عباس –رضي الله عنهما-.
ولا شك أن المبادرة في الحج أفضل وأولى، وهي الحزم ومن وجد عنده سبب يدعوه إلى التأخير، وقال : الحج في العام القادم أفضل أو مع رفقة أحسن، أو يكون قد تعلم أحكام الحج، أو كان يعول أبوين شيخين كبيرين، أو اشتغل ببعض أمور خير، وأجل الحج لعارض، فهذا – إن شاء الله – لا تثريب عليه ولا تأثيم – إن شاء الله تعالى-.
والله أعلم.
صادق - مصر الاسم
تأجيل الحج والعمرة بسبب أنفلونزا الخنازير العنوان
شبهات وردود الموضوع
اجتاح العالم في الآونة الأخيرة مرض انفلونزا الخنازير، ودعت بعض الجهات الصحية والبيئية إلى تأجيل أداء العمرة والحج خوفا من العدوى، فما حكم الشرع في هذه الإجراءات الصحية التي نالت العبادات والشعائر الدينية؟ السؤال
14/05/2009 التاريخ
مجموعة من المفتين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/34)
فالإسلام يدعو إلى دفع الضرر واتخاذ الوسائل التي تمنعه عن الناس، ويجب على المختصين أولا في مجالات الصحة والبيئة على مستوى العالم الإسلامي أن يتيقنوا من استحالة الوقاية من مرض انفلونزا الخنازير إلا بتأجيل الحج والعمرة، فإذا تأكد الضرر كان على أهل العلم واجب البيان في مسألة تأجيل الحج والعمرة خشية تحول مرض انفلونزا الخنازير إلى وباء يهلك الحرث والنسل، وإليك تفصيل ذلك في بعض أقوال أهل العلم..
يقول د.عبد الله الفقيه مشرف الفتوى بالشبكة الإسلامية والخبير الشرعي بوزارة الأوقاف القطرية:
الذي يظهر والعلم عند الله تعالى هو أن الخوف من هذا الداء لا ينبغي أن يحول دون ما هو مطلوب من العبادات على وجه الاجتماع، وذلك ما لم يتطور الأمر إلى أن يكون وباءً، فإن تطور إلى أن يكون وباء، أو خشي ذلك خشية مستندة إلى أسباب موضوعية، ونصحت بذلك جهات الاختصاص في البلد ممن يوثق فيهم في جانب الشرع وفي جانب الطب، فالقول للأخذ بالاحتياط قولٌ له حظ كبير من النظر والعلم عند الله تعالى..
ويقول الشيخ على أبو الحسن مستشار شيخ الأزهر لشئون الفتوى:
لا مانع شرعاً من تأجيل أداء مناسك الحج والعمرة إذا حدث ما يضر المسلمين، استناداً إلى القاعدة الفقهية (درء المفاسد مقدم على جلب المنافع) . ولقول الرسول-صلى الله عليه وسلم-: "إذا نزل الطاعون في أرض وأنتم خارجها فلا تدخلوها، وإذا نزل وأنتم داخلها فلا تخرجوا منها"، وعلى الرغم من أن أداء الحج فريضة، فإنه فريضة على التوسع أو التراخي، ومن ثم يمكن تأجيل الفريضة إلى العام المقبل لحين زوال الخطر.(1/35)
ومن المعروف شرعاً أن للحج والعمرة مواقيت مكانية لا يتجاوزها الإنسان إلا محرماً، إلا أن فريضة الحج تنفرد بأن لها مواقيت زمانية لقول المولى عز وجل (الحج أشهر معلومات) أما العمرة فليس لها ميقات زماني لأنها تجوز في أي وقت من العام، ومن الخطأ أن نقول عمرة رجب أو شعبان أو رمضان، لأن أداء العمرة يجوز في أي وقت في العام.
وإن الحكم بجواز تأجيل العمرة جاء نتيجة التيقن من خطورة المرض، وتوفر بيئة خصبة في الحج للانتشار، والعمرة ليست فرضًا، والأفضل عدم الذهاب، وإذا استمر الوباء في الانتشار يفضل عدم الذهاب إلي الحج.
ويقول الشيخ نوح سليمان مفتي المملكة الأردنية :
إن قرار تأجيل أو منع العمرة إلى الديار المقدسة بسبب تفشى مرض انفلونزا الخنازير شأن يتعلق بالمملكة العربية السعودية وعلمائها وأطبائها، ومنع السفر للعمرة يكون بأحد أمرين:
الأول:قرار من أطباء السعودية إذا فرض الحجر الصحي خوفا على صحة الناس.
والثاني:إذا حظر بلد من البلدان على مواطنيه السفر خوفا من نقل المرض، فيكون من جملة المحظور عليهم السفر (المعتمرون) أما أن يخص المعتمرون بهذا الحظر فهذا صد عن سبيل الله.
إضافة إلى أن السعودية فيها من الحماية الربانية والاحتياطات الصحية ما يجعل نقل العدوى فيها قليلا . كما أن المسلمين لا يأكلون الخنزير ولا يتعاطون معه في التربية والاتصال البدني، فهم أبعد الناس عن هذا الوباء التزاما منهم بالشريعة الإسلامية.
ويقول الدكتور علي جمعة مفتي مصر:(1/36)
أدعو إلى ضرورة الاجتهاد الجماعى بين كل المجامع الفقهية المعترف بها على مستوى العالم الإسلامى، للخروج بفتوى موحدة توضح موقف الشريعة الإسلامية حول مدى جواز تأجيل أداء الحج والعمرة، بسبب انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير، لأن الفتوى بتأجيل أداء الحج والعمرة لا ينبغي أن تصدر بصورة فردية، وإنما يجب أن تتم في صورة جماعية بحضور فقهاء الأمة الإسلامية، والتنسيق مع المجامع الفقهية المعتمدة في العالم الإسلامي.
وتأجيل أداء الحج والعمرة في حالة انتشار الفيروس بصورة كبيرة له جانب فني تحدده الجهات المعنية مثل وزارات الصحة والبيئة والزراعة ثم تأتى بعد ذلك، وبناء على تقارير هذه الوزارات، اجتهادات علماء الأمة الإسلامية لتحديد موقف موحد من هذا الخطر؛ لأن حفظ حياة الإنسان ووقايته من الأمراض من مقاصد الشريعة الإسلامية. انتهى
والله أعلم.
إبراهيم - مصر الاسم
تأثير الأمراض المعدية على القيام بالحج العنوان
الاستعداد للحج الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا أُعاني من مرض مُعد ، فهل يجوز لي تأدية الحج أو العمرة رغم أني قد أتسبب في العدوى لكثير من الحجاج أو المعتمرين ؟ بارك الله فيكم
السؤال
08/06/2009 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الشيخ عطية صقر-رحمه الله-رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقاً :
من المعلوم الآن أن الدول تعمل احتياطات لمنع العدوى في السفر، وذلك بالتطعيم أو بوسائل أخرى، ومن عنده مرض مُعدٍ ستحول السلطات دون سفره، وإذا لم تكن هناك سلطات تقوم بالإجراءات الصحية فهل يجوز له السفر لأداء الفريضة مع احتمال أن يصيب غيره بالعدوى؟(1/37)
إن كانت العدوى مُحققة أو يغلب على الظن حصولها كان هذا المرض مُسقطًا لوجوب الحج عن المريض حتى يبرأ من مرضه؛ لأن القاعدة الفقهية تقول: درءُ المفاسد مُقدم على جلْب المصالح. وبخاصة أن المصلحة في الحج تعود على الشخص نفسه أكثر مما تعود على غيره، أما المفسدة فتصيب كثيرين غيره، ومع سقوط الحج عنه أرى أن مخاطرته بالسفر على الرغم من الظن الغالب للعدوى ممنوعة، إما على سبيل الكراهة أو التحريم تبعًا لدرجة احتمال العدوى، والأحاديث تُحذِّر من التعرض للعدوى والتسبب فيه. روى مسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لرجل مجذوم جاء يبايعه "ارجع فقد بايعناك" وقال ـ كما رواه البخاري "فِر من المجذوم فرارك من الأسد".
ومن أجل النهي عن الضرر والضِرار حرَّم الإسلام على حامل ميكروب المرض أن يخالط الأصحاء، أو يتسبب في الإصابة بالمرض بطريق مباشر أو غير مباشر، ولذلك حرَّم البصاق في الطريق والأماكن العامة، وحرَّم التبول والتبرز في موارد المياه ومواقع الظل وكل ما يرتاده الناس، وأمر بإبادة الحشرات والهوام وكل ما يؤذي حتى لو كان أثناء الإحرام.
ومما يؤثر فيما يتصل بالسؤال ما رواه مالك أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ رأي امرأة مجذومة تطوف بالبيت فقال لها: يا أمة الله لا تؤذي الناس، لو جلست في بيتك! ففعلت، ولم تشأ أن تخرج بعد موت عمر وقالت: ما كنت لأطيعه حيًّا وأعصيه ميتًا.
والله أعلم .
إبراهيم - السودان الاسم
الحج والأمراض الوبائية..دراسة شرعية العنوان
شبهات وردود الموضوع
نسمع في هذه الأيام بعض الدعوات بتعليق شعيرتي الحج والعمرة، نطلب من سيادتكم إلقاء الضوء على هذا حتى نستطيع أن نسير في ضوء ما ترشدونا إليه، وجزاكم الله خيرا. السؤال
11/06/2009 التاريخ
الأستاذ محمد سعدي المفتي
الحل
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:(1/38)
فإن علماء الأزهر في مطلع القرن العشرين قد اجتمعوا وناقشوا هذه المسألة وانتهوا إلى رفض أن يكون الوباء في مكان الحج مانعا من أداء الفريضة، وخصصوا الحديث المانع من الانتقال إلى أرض العدوى بأنَّ أداء فريضة الحج أقوى من المنع من الانتقال إلى أرض العدوى.
وعلى السلطات المنظمة للحج أن تتخذ قرارا بعزل أي منطقة أو منع أي حاج من دخول الأراضي المقدسة في حال وجود وباء يهدد سلامة الحجاج ويتسبب في نقله إلى بلدان العالم المختلفة؛ لأن تنظيم حركة الحجيج تقع كاملة على السلطات المنظمة للحج ، كما أن من الواجبات التي تقع عليها : ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين سلامة الحج والحجيج، وأما الدعوى إلى إلغاء فريضة الحج بالكلية نظرا لظنون متوهمة فإنه أمر لا يقبل، وعلى السلطات في كل دولة أن تراقب موانيها وأن تفرض الحجر الصحي على من ظهر عليه أعراض المرض .
يقول الدكتور محمد سعدي ـ الباحث الشرعي بشبكة إسلام أون لاين، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ـ في بحث مقدم لندوة تطور العلوم الفقهية بسلطنة عمان:
الحج من المواسم الدينية التي تشهد اجتماعا كثيفا للناس حيث أوجب الله سبحانه وتعالى الحج على المستطيع قال تعالى: "وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً " آل عمران:97.
والمصاب بالمرض المعدي إن كانت العدوى محققة، وستنتقل للغير، وستتسبب في ضرر بالآخرين، فالقاعدة الفقهية: لا ضرر ولا ضرار، وعلى هذا فإن المصاب بالمرض المعدي يسقط عنه الحج؛ لأنَّ تحقيق مصلحة المجتمع في السلامة من المرض مقدمة على مصلحته في أداء فريضة الحج، وقد سقط وجوب الحج عنه حتى يشفى، فإن شفاه الله بادر بالحج، فإن كان مرضه هذا مرضا مزمنا ولا شفاء منه فله أن ينيب عنه غيره سواء أكانت الحجة حج الفريضة أو حج التطوع.(1/39)
وعلى ولي الأمر أن يسن من القوانين المانعة من تأدية الحج لمثل هذا المصاب، حتى لا يتسبب المصاب بالمرض المعدي من إصابة الناس.
يقول الشيخ عطية صقر ـ رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقاً ـ رحمه الله:
من المعلوم الآن أنَّ الدول تعمل احتياطات لمنع العدوى في السفر، وذلك بالتطعيم أو بوسائل أخرى، ومن عنده مرض مُعدٍ ستحول السلطات دون سفره، وإذا لم تكن هناك سلطات تقوم بالإجراءات الصحية، فهل يجوز له السفر لأداء الفريضة مع احتمال أن يصيب غيره بالعدوى؟
إن كانت العدوى مُحققة أو يغلب على الظن حصولها كان هذا المرض مُسقطًا لوجوب الحج عن المريض حتى يبرأ من مرضه؛ لأن القاعدة الفقهية تقول: درءُ المفاسد مُقدم على جلْب المصالح.
وبخاصة أن المصلحة في الحج تعود على الشخص نفسه أكثر مما تعود على غيره، أما المفسدة فتصيب كثيرين غيره، ومع سقوط الحج عنه أرى أن مخاطرته بالسفر على الرغم من الظن الغالب للعدوى ممنوعة، إما على سبيل الكراهة أو التحريم تبعًا لدرجة احتمال العدوى، والأحاديث تُحذِّر من التعرض للعدوى والتسبب فيه. روى مسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لرجل مجذوم جاء يبايعه " إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ " وقال ـ كما رواه البخاري " فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ ".
ومن أجل النهي عن الضرر والضِرار حرَّم الإسلام على حامل ميكروب المرض أن يخالط الأصحاء، أو يتسبب في الإصابة بالمرض بطريق مباشر أو غير مباشر، ولذلك حرَّم البصاق في الطريق والأماكن العامة، وحرَّم التبول والتبرز في موارد المياه ومواقع الظل وكل ما يرتاده الناس، وأمر بإبادة الحشرات والهوام وكل ما يؤذي حتى لو كان أثناء الإحرام.(1/40)
ومما يؤثر فيما يتصل بالسؤال ما رواه مالك أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ رأي امرأة مجذومة تطوف بالبيت فقال لها: يَا أَمَةَ اللَّهِ لَا تُؤْذِي النَّاسَ لَوْ جَلَسْتِ فِي بَيْتِكِ! فَجَلَسَتْ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ الَّذِي كَانَ قَدْ نَهَاكِ قَدْ مَاتَ فَاخْرُجِي، فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لِأُطِيعَهُ حَيًّا وَأَعْصِيَهُ مَيِّتًا.([1]) أهـ
وقد راعت السلطات السعودية هذا فمنعت في عام 2001 مواطني دولة أوغندا من دخول الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج نتيجة انتشار مرض إيبولا القاتل في البلاد، كما ألزمت عددا من الدول الموبوءة وفقا لآخر نشرات منظمة الصحة العالمية، بتقديم شهادة تطعيم ضد الحمى الصفراء سارية المفعول، وشهادة أخرى تفيد بإبادة الحشرات والبعوض على الطائرات القادمة من هذه الدول، وتقديم شهادة تطعيم ضد الحمى الشوكية (بلقاح A/C) بمدة لا تقل عن عشرة أيام ولا تزيد عن ثلاث سنوات، كما يمنع حجاج هذه الدول من جلب أي مواد غذائية معهم.([2])
على أننا إذا افترضنا أنه بإمكان السلطات المنظمة لفريضة الحج من أخذ الإجراءات والاحتياطات التي تمنع من نقل العدوى من المصابين بها لغيرهم من الأصحاء كأن تعزلهم في مكان خاص بهم في عرفة مثلا، وتوفر لهم طوافا وسعيا آمنا كأن تحدد لهم وقتا خاصا بهم أو مكانا خاصا بهم، وفي الرمي ينيبون عنهم من يرمي لهم، فإذا كانت الحال هكذا فإن فريضة الحج لا تسقط عن المصاب بالمرض المعدي.
الإحصار بالمرض المعدي:(1/41)
إذا أحرم الحاج بالحج أو قصد العمرة ثم أصابه مرض من الأمراض المعدية وكان قد اشترط عندما نوى أنه إذا منعه مانع أو حبسه حابس فمحله حيث حبسه الله، فإنه يحل من هذا الإحرام بلا فدية، وذلك لحديث ضباعة بنت الزبير المتفق عليه، حين دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها" لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أَجِدُنِي إِلَّا وَجِعَةً. فَقَالَ لَهَا: حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي"
أما إذا لم يشترط هذا الشرط فله أن له يتحلل من إحرامه، وعليه الهدي، لقوله تعالى: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) [البقرة:196] على رأي جمهور الفقهاء.
أمَّا السادة المالكية فقالوا: لا يجب عليه الهدي، يقول الشيخ السيد سابق رحمه الله في كتابه "فقه السنة":
قال الله تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)، فالآية صريحة في أن على المحصر أن يذبح ما استيسر من الهدي.وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد أُحصر فحلق، وجامع نساءه، ونحر هديه، حتى اعتمر عامًا قابلاً.رواه البخاري.
وقد استدل بهذا الجمهور من العلماء عل أن المحصر يجب عليه ذبح شاة أو بقرة أو نحر بدنة.
وقال مالك:لا يجب، فإنه لم يكن مع كل المحصرين من الصحابة هدي، وهذا الهدي الذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ساقه من المدينة متنفلاً به، وهو الذي أراده الله تعالى بقوله (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ)، والآية لا تدل على الإيجاب.
الحج والوباء:(1/42)
إذا أصاب ـ لا قدر الله ـ أرض الحجاز مرض من الأمراض المعدية فهل يمنع الحج حتى لا ينتقل الوباء منها إلى غيرها من البلاد، علماء الأزهر في مطلع القرن العشرين قد اجتمعوا وناقشوا هذه المسألة وانتهوا إلى رفض أن يكون الوباء في مكان الحج مانعا من أداء الفريضة، وخصصوا الحديث المانع من الانتقال إلى أرض العدوى بأنَّ أداء فريضة الحج أقوى من المنع من الانتقال إلى أرض العدوى.
جاء في مجلة المنار للأستاذ محمد رشيد رضا:
اجتمع مجلس النظار اجتماعًا خصوصيًّا للمذاكرة في أمر منع الحج الذي يراه مجلس الصحة البحرية ضروريًّا لمنع انتقال الوباء من بلاد الحجاز إلى مصر، ولما كان المنع من الحج منعًا من ركن ديني أساسي لم يكن للنظار أن يبرموا فيه أمرًا إلا بعد الاستفتاء من العلماء؛ ولهذا طلب عطوفتلو رئيس مجلس النظار لحضور الاجتماع صاحب السماحة قاضي مصر وأصحاب الفضيلة شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية والشيخ عبد الرحمن النواوي مفتي الحقانية والشيخ عبد القادر الرافعي رئيس المجلس العلمي سابقًا، فحضروا وتذاكروا مع النظار وبعد أن انفضوا من المجلس اجتمعوا، وأجمعوا على كتابة هذه الفتوى، وإرسالها إلى مجلس النظار، وهي بحروفها:
" الحمد لله وحده.. لم يذكر أحد من الأئمة من شرائط وجوب أداء الحج عدم وجود المرض العام في البلاد الحجازية؛ فوجود شيء منها فيها لا يمنع وجوب أدائه على المستطيع. وعلى ذلك لا يجوز المنع لمن أراد الخروج للحج مع وجود هذا المرض متى كان مستطيعًا.(1/43)
وأمَّا النهي عن الإقدام على الأرض الموبوءة الواردة في الحديث، فمحمول على ما إذا لم يعارضه أقوى؛ كأداء الفريضة، كما يستفاد ذلك من كلام علمائنا. وأيضًا فإنَّ النهي عن الدخول أو الخروج تابع لاعتقاد الشخص الذي يريد الدخول أو الخروج كما يفيده ما في تنوير الأبصار متن الدر المختار؛ حيث قال: ( وإذا خرج من بلدة بها الطاعون وهو الوباء العام- فإن عَلِمَ أن كل شيء بقدر الله تعالى فلا بأس بأن يخرج ويدخل، وإن كان عنده أنه لو خرج نجا ولو دخل ابتُلي به كُره له ذلك، فلا يدخل ولا يخرج ) اهـ. وأيده شارحه السندي.والله أعلم. في 2 ذي القعدة سنة 1316 ".([3])
على أننا بإمكاننا أن نطبق في هذه الحالة ما قلناه في الإحصار بالحج من أن الحاج إذا نوى عند بدء حجه أنه إذا منعه مانع أو حبسه حابس، فمحله حيث حبسه الله، فإنَّه يحل من هذا الإحرام بلا فدية، أمَّا إذا لم يشترط فعليه أن يتحلل وأن يقدم الفدية على رأي الجمهور.
هذا إذا نظرنا للمسئولية الفردية لمن أراد الحج، على أننا لا نجد مانعا يمنع من أن تصدر السلطات المنظمة للحج في المملكة العربية السعودية قرارا بعزل أي منطقة أو منع أي حاج من الحج في حال وجود مرض معد خطير من شأنه أن يهدد سلامة الحجاج وسيتسبب في نقل الوباء إلى بلدان العالم الإسلامي وغيرها من بلاد العالم المختلفة، وذلك لأن تنظيم حركة الحجيج داخل الأراضي المقدسة تقع كاملة على السلطات المنظمة للحج في المملكة كما أن من الواجبات التي تقع عليها ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين سلامة الحج والحجيج.
وأما الدعوى إلى إلغاء فريضة الحج بالكلية نظرا لظنون متوهمة فإنه أمر لا يقبل، على أن سلطات كل دولة عليها أن تراقب موانيها وأن تفرض الحجر الصحي على من ظهر عليه أعراض المرض.
والحاج إذا خشي من إصابته بمرض من الأمراض المعدية التي تنتقل في الهواء، وأراد أن يلبس كمامة لهذه الحاجة فلا حرج عليه.(1/44)
أما المرأة فلها أن تلبسها لهذه الحاجة المعتبرة شرعا، ولكن عليها أن تخرج فدية، وذلك لأن المحرم إذا احتاج إلى فعل محظور من محظورات الإحرام فعله وافتدى فدية أذى كما قال الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196] .
والفدية هي: شاة تذبح بمكة وتوزع على المساكين هناك، أو صوم ثلاثة أيام، أو التصدق بثلاثة صاعات من طعام، على ستة مساكين ويكون ذلك في مكة أيضاً.
والله أعلم.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) فتوى منشورة على موقع إسلام أون لاين.
([2]) ينظر جريدة الشرق الأوسط العدد 8462 ـ الاثنين 15 ذو القعدة 1422 هـ 28 يناير 2002.
([3]) مجلة المنار المجلد الثاني (2/30)
رأي الفقهاء في منع الحج بسبب الوباء العنوان
شبهات وردود الموضوع
ما هو موقف الفقهاء من الدعوة لإلغاء الحج هذا العام بسبب انفلونزا الخنازير؟ السؤال
12/06/2009 التاريخ
مجموعة من المفتين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فقد رفض بعض الفقهاء[1] أن يتخذ مرض انفلونزا الخنازير ذريعة لتأجيل موسم الحج والعمرة هذا العام، واعتبروا أن انتشار الوباء وخطورته ليست بالقدر الذي يجوز معه تعطيل ركن من أركان الإسلام، كما أن المناداة المتعجلة بوقف الحج دون وضع ضوابط وقيود أمر ليس بسديد، وللسلطات المنظمة حق اتخاذ التدابير الملائمة التي تتفق مع قدسية أداء هذه الفريضة بتأمين حجاج بيت الله الحرام -ومن ذلك منع المناطق الموبوءة من الحج هذا العام-، والرجوع إلى المجامع الفقية للوصول إلى الإجراء الحكيم.
يقول العلامة الموريتاني الشيخ محمد الحسن ولد الددو عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين:(1/45)
مكة وما حولها لا يوجد بها هذا المرض، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى فقط عن القدوم على أرض الطاعون أو الفرار منها، وكل ذلك غير متحقق في حالة إنفلونزا الخنازير اليوم، فهي لا توجد بمكة ولا بالمنطقة عموما، وحتى لو ظهرت إنفلونزا الخنازير بمكة المكرمة، ما كان لأحد أن يطالب بتعطيل ركن من أركان الإسلام.
ويقول الدكتور أحمد الريسوني أستاذ مقاصد الشريعة والخبير في مجمع الفقه الإسلامي:
إن المسارعة والمناداة المتعجلة بوقف الحج أو العمرة هكذا دون وضع ضوابط وقيود أمر ليس سديدا، كما أن الفتوى ها هنا هي فتوى الأطباء أكثر منها فتوى الفقهاء، فالآن ونحن في حالة تنذر بتطورات يجب تقديرها في ضوء ما وقع بالعالم الإسلامي وما أصابه وما يمكن أن يصيبه، فآنذاك إذا ظهر أن الخطر حقيقي ومؤكد يمكن توقيف كل التنقلات والتجمعات، سواء كانت حجا وعمرة أو صلوات أو جمعة أو صلاة عيدين، ولكن هذا كله افتراض.
وإذا قدّر الأطباء الثقات أن هناك دولا سالمة تماما من هذا الوباء مثل بعض الدول الإسلامية أو معظمها، فيسمح للحجاج والمعتمرين أن يتنقلوا من هذه البلاد، وما يصيب بلد إسلامي أو غير إسلامي لا يجب تعميمه على الجميع، والقاعدة والمظلة الكبرى لهذا الاجتهاد هي المقاصد الشرعية، وكون حفظ النفوس واحد من الضروريات الخمس، فمن حيث المبدأ لا شك أن كل خطر يتهدد الناس وصحتهم وسلامتهم يقتضي ويجوز شرعا اتخاذ ما يمنع ذلك وما يحفظ حياة الناس.(1/46)
غير أن السنة النبوية صريحة ومباشرة في الموضوع حيث جاء في الحديث: "إذا كان الطاعون في أرض فلا تدخلوها وإذا كنتم فيها فلا تخرجوا منها"، مشيرا إلى أن "هذا تدبير وتوجيه نبوي لمثل هذه الحالات التي نتحدث عنها"، والخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوقف مسيرة الجيش وعمله العسكري حتى انقشع الوباء الذي كان بالشام، وهذه الأمور تجعل من حيث المبدأ إمكانية وقف التجمعات والتنقلات بين الناس أمرا واجبا وليس فقط جائزا.
ويقول الشيخ عبد الرزاق المؤنس من علماء سوريا :
هذا الأمر لا يعالج بفتوى ولا يحق لأي فتوى أن تطوق النص القرآني في فريضة الحج كما هو معروف، وإنما يمكن أن تتعاون جميع الجهود لاتخاذ الاحتياطات المناسبة للتحصن من وباء إنفلونزا الخنازير، وإن هذا التعاون يجب أن يكون عن طريق المصحات وتعاون الدول التي ترسل الحجاج لأداء المناسك بوجود شهادة صحية صحيحة تثبت سلامة الإنسان الذي يريد الحج من هذا الوباء.
وللسلطات السعودية المختصة حق اتخاذ التدابير الملائمة التي تتفق وسلامة وقدسية أداء هذه الفريضة بتأمين ما يلزم لسلامة حجاج بيت الله الحرام بصورة تامة، ومن المهم في هذا الشأن: الرجوع إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي في جدة للوصول إلى الإجراء الحكيم.
والله أعلم.
عادل - مصر الاسم
الشك في القدرة على إتمام الحج والعمرة العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله : من كان مريضاً وأراد أن يحرم بالحج أوالعمرة وهو شاك في قدرته على إتمام الشعائر لظروف خاصة عنده فماذا يفعل ؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً السؤال
12/08/2009 التاريخ
الدكتور محمد المختار الشنقيطي ـ من كبار علماء موريتانيا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/47)
فللذي يشك في قدرته على إتمام الحج أو العمرة أن يشترط ؛ لأن ضباعة -رضي الله عنها- اشتكت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية ! فقال -صلى الله عليه وسلم- : (أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني).
قال العلماء : في هذا دليل على أنه يشرع للذي يشك في قدرته على الحج أو العمرة أن يشترط عند خوفه عن العجز عن إتمام الحج أو العمرة، وهذا مما دلت عليه السنة النبوية المطهرة.
وكان الشافعي -رحمه الله- يقول : إن صح حديث ضباعة فأنا أقول به. و قال أصحابه وقد صح الحديث بالفعل فهو مذهبه.
والله أعلم .
عبد الوهاب - فلسطين الاسم
الحج عن طريق جمعية تكافلية العنوان
فقهية الموضوع
هل يجوز الاشتراك في جمعية تكافلية للحج تستخدم القرعة في الاختيار ؟ السؤال
29/04/2008 التاريخ
دار الإفتاء بالأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فالذي يظهر من السنة ومن عمل الصحابة ومما جرى عليه الإمام أحمد وجمهور الفقهاء في مسائل القرعة جواز هذا العمل شرعا لأن حاصله إيداع كل عضو من أعضاء الجمعية المبلغ المذكور شهريا مع إذنها بأن تقرضه لمن يحج به فهو تعاون على البر على أن تكون القرعة وسيلة لاختيار من يحج تطييبا لنفوس أعضاء الجمعية .
وقد ورد العمل بالقرعة في مثل هذا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعن بعض الصحابة رضوان اللّه عليهم وقاس عليه الإمام أحمد رحمه اللّه نظائر له .
ومن أراد الوقوف على هذه النصوص التي اعتمدنا عليها فليرجع إلى مبحث القرعة من كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن القيم وإلى ما قاله أيضا في كتابه بدائع الفوائد من الجزء الثالث ص 261 وما بعدها .
واللّه أعلم .
عبد الوهاب - فلسطين الاسم
الحج عن طريق جمعية تكافلية العنوان
فقهية الموضوع
هل يجوز الاشتراك في جمعية تكافلية للحج تستخدم القرعة في الاختيار ؟ السؤال(1/48)
29/04/2008 التاريخ
دار الإفتاء بالأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فالذي يظهر من السنة ومن عمل الصحابة ومما جرى عليه الإمام أحمد وجمهور الفقهاء في مسائل القرعة جواز هذا العمل شرعا لأن حاصله إيداع كل عضو من أعضاء الجمعية المبلغ المذكور شهريا مع إذنها بأن تقرضه لمن يحج به فهو تعاون على البر على أن تكون القرعة وسيلة لاختيار من يحج تطييبا لنفوس أعضاء الجمعية .
وقد ورد العمل بالقرعة في مثل هذا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعن بعض الصحابة رضوان اللّه عليهم وقاس عليه الإمام أحمد رحمه اللّه نظائر له .
ومن أراد الوقوف على هذه النصوص التي اعتمدنا عليها فليرجع إلى مبحث القرعة من كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن القيم وإلى ما قاله أيضا في كتابه بدائع الفوائد من الجزء الثالث ص 261 وما بعدها .
واللّه أعلم .
فهد - البحرين الاسم
الحج بين تركة الأب ومال الابن العنوان
أحكام النيابة الموضوع
والدي توفي ولم يحج فريضة الإسلام، وخلف قطعة أرض، وأرغب تأدية الفريضة عن والدي إلا أنني أسأل: هل يكون من تركة والدي أم من مالي؟
السؤال
10/02/2008 التاريخ
اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء / السعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فالأصل أن يكون الحج من تركة الأب إن كان الأب مستطيعاً للحج قبل وفاته، لكن يجوز لك الحج عن والدك إن كان مستطيعاً أو غير مستطيع.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية :
إذا كان والدك توفي وهو مستطيع الحج بنفسه وماله ولم يحج أخرج عنه مما خلفه أجرة حجة يحج عنه بها؛ لوجوبها عليه؛ لقوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) .(1/49)
ولما في الصحيحين واللفظ للبخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة من خثعم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت :يارسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم»، وذلك في حجة الوداع.
وفي صحيح البخاري أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: «نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء» ففي الحديثين دليل على أن ما وجب على العبد لا يسقط بموته، وأنه دين عليه لا تبرأ ذمته إلا بأدائه، لكن لو حج عنه ابنه من ماله أجزأ ذلك إذا كان قد حج عن نفسه.
أما إن كان الأب غير مستطيع الحج حتى مات فهو غير واجب عليه، وإن حج عنه ابنه بشرط أن يكون حج عن نفسه فحسن وإلا فلا شيء عليه.
وحيث ذكر السائل أن والده لا يملك غير قطعة أرض توفي فخلفها فإذا كان يرجو بهذه الأرض سكناً أو زراعة فلا يعتبر بتملكه إياها مستطيعاً للحج إذا لم يكن عنده غيرها، فلا يلزمه الحج.
وإن كان معدها للتجارة وفي قيمتها كفاية لنفقته في الحج ونفقة من يعول حتى يرجع من الحج فيلزم أن يحج عنه من ثمنها، لقوله تعالى: (وأتموا الحج والعمرة لله) .
ولقوله صلى الله عليه وسلم لأبي رزين العقيلي حينما ذكر له شأن أبيه من أنه شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، فقال له : «حج عن أبيك واعتمر» رواه الخمسة وصححه الترمذي .
والله أعلم .
أحمد - مصر الاسم
أداء الحج من هبة الغير العنوان
فقهية الموضوع
هل يجب على الابن(المعسر) الحج إذا منحه والده مالا، أو إذا تكفل الوالد بمصاريفه أم لا ؟ ؟
السؤال
29/05/2008 التاريخ
اللجنة الدائمة للإفتاء المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/50)
فإذا قبل الولد ما أعطاه له أبوه من المال وصار به مستطيعاً وجب عليه الحج ، ويستوي في ذلك أن يكون الباذل الوالد أو غيره في حال القبول ، لكن لا يجب عليه قبول المنحة إذا رأى في ذلك عليه من المنّة ، وعندها لا يجب عليه الحج .
أمّا إذا كان الباذل هو الولد لأبيه فإنه يجب على الوالد قبول هذه المنحة في مذهب الشافعي ، لكن سوّى غير الشافعية الولد بغيره ، وهو ما نختاره ، وعليه فلا يلزم أحداً قبول المنحة للحج أو غيره .
واللّه أعلم .
أحمد - البحرين الاسم
الوصية من الثلث للإنفاق على حج الغير العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : هل يجوز الإنفاق من الثلث لبعض الأشخاص لأداء مناسك الحج؟أفيدونا جزاكم الله خيراَ
السؤال
20/03/2007 التاريخ
اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء / السعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فقد ورد عن اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بالمملكة العربية السعودية مانصه :
الوصية بالثلث تكون للإنفاق في وجوه الخيرات والمبرات وعمل الإحسان وكل فعل خيري ، وخاصة مساعدة المعوقين ، ومساعدةُ من يريد الحج ولا يجد نفقته هي من الخيرات والمبرات .
وعليه فيجوز للوصي على هذا الثلث أن يدفع منه للفقراء الذين يريدون حج الفرض أو النفل ولا يجدون نفقته ، إعانة لهم على نفقة الحج .
لكن ينبغي للوصي عند إنفاق الوصية أن يقدم الأحوج والأفقر والأقرب والأتقى ، وأن يقدم الصدقة على الفقراء لمساعدتهم على تأمين الغذاء والكساء لهم ولمن يعولون على مساعدتهم على الحج ، وإذا قدم الوصية لمن يحتاج إلى الحج فيبدى من يريد حج الفرض على من يريد حج النفل .
والله أعلم .
صلاح - البحرين الاسم
الحج بمال فيه شبهة العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته(1/51)
شخص يعمل في أحد البنوك الربوية وهو مضطر لذلك ؛ويريد أن يحج فهل يمكن أن يحج بماله وهو يعمل في بنك ربوي ؟
السؤال
11/02/2008 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الدكتور العلامة يوسف القرضاوي حفظه الله :
أقترح على الأخ السائل أن يحج بنفقة طيبة تمامًاً ؛ لأن من شروط الحج المبرور أن تكون النفقة طيبة ولا شبهة فيها .
ولاشك أن المال المكتسب من العمل في بنك ربوي فيه شبهات مهما قلنا؛ فلكي يطمئن الأخ تماماً إن شاء الله لا بد أن يتحرى السائل الراغب في الحج أن يوفر المال الحلال الذي لا شبهة فيه، والله يتقبل منا ومنه إن شاء الله.
والله أعلم .
كريمة - موريتانيا الاسم
العمرة وحج التطوع أم الإنفاق والصدقة؟ العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله : يحرص بعض المسلمين على أن يحجوا كل عام ، ربما حرصوا - مع ذلك - أن يعتمروا أيضًا في كل رمضان ، مع ما في الحج في هذه السنين من زحام شديد ، يسقط معه بعض الناس صرعى ، من كثافة التزاحم - وخاصة عند الطواف والسعي ورمي الجمار. أليس أولى بهؤلاء أن يبذلوا ما ينفقونه في حج النافلة ، وعمرة التطوع، في مساعدة الفقراء والمساكين، أو في إعانة المشروعات الخيرية ، والمؤسسات الإسلامية ، التي كثيرًا ما يتوقف نشاطها ، لعجز مواردها، وضيق ذات يدها ؟ أم تعتبر النفقة في تكرار الحج والعمرة أفضل من الصدقة والإنفاق في سبيل الله ونصرة الإسلام ؟ أرجو توضيح ذلك في ضوء الأدلة الشرعية .. وشكرًا. السؤال
06/01/2009 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/52)
فالأولي للحرصين على تكرار شعيرتى الحج والعمرة أن يكتفوا بما سبق لهم من ذلك ، وأن يتوجهوا بأموالهم إلى أبواب أخرى للخير من صدقة على الفقراء وذوى الحاجات وبخاصة الأقارب ، والإنفاق على الجمعيات الخيرية والمراكز الإسلامية والمدارس القرآنية والمؤسسات الإجتماعية والثقافية التى تقوم على أساس الإسلام، وإن كان ولابد من التكرار فليكن كل خمس سنوات ، حتى يتسع المكان لمن لم يحج حجة الإسلام المفروضة عليه ، وأن يؤديها في يسر ، ولا شك أن ترك التطوع بالحج بنية التوسعة لمن لم يحج وتخفيف الزحام على الحجاج بصفة عامة لا ي شك عالم بالدين أنه قربة إلى الله تعالي .
يقول الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله:
ينبغي أن يعلم المسلم أن أداء الفرائض الدينية أول ما يطالب به المكلف، وبخاصة ما كان من أركان الدين، كما أن التطوع بالنوافل مما يحبه الله تعالى، ويقرب إلى رضوانه.
وفي الحديث القدسي الذي رواه البخاري: " ما تقرب إلى عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به.. " الحديث.
ولكن ينبغي أن نضع أمام أعيننا القواعد الشرعية التالية :
أولاً: أن الله تعالى لا يقبل النافلة حتى تؤدي الفريضة . وبناء عليه، نرى أن كل من يتطوع بالحج أو العمرة وهو - مع هذا - يبخل بإخراج الزكاة المفروضة عليه كلها أو بعضها، فحجه وعمرته مردودان عليه، وأولى من إنفاق المال في الحج والعمرة أن يطهره أولاً بالزكاة.
ومثل ذلك من كان مشغول الذمة بديون العباد من التجار وغيرهم، ممن باع له سلعة بثمن مؤجل فلم يدفعه في أوانه، أو أقرضه قرضًا حسنًا، فلم يوفه دينه، فهذا لا يجوز له التنقل بالحج أو العمرة قبل قضاء ديونه.
ثانياً: أن الله لا يقبل النافلة إذا كانت تؤدي إلى فعل محرم، لأن السلامة من إثم الحرام مقدمة على اكتساب مثوبة النافلة.(1/53)
فإذا كان يترتب على كثرة الحجاج المتطوعين إيذاء لكثير من المسلمين، من شدة الزحام مما يسبب غلبة المشقة، وانتشار الأمراض، وسقوط بعض الناس هلكى، حتى تدوسهم أقدام الحجيج وهم لا يشعرون، أو يشعرون ولا يستطيعون أن يقدموا أو يؤخروا - كان الواجب هو تقليل الزحام ما وجد إلى ذلك سبيل.
وأولى الخطوات في ذلك أن يمتنع الذين حجوا عدة مرات عن الحج ليفسحوا المجال لغيرهم، ممن لم يحج حجة الفريضة.
وقد ذكر الإمام الغزالي من الآداب التي يجب أن يراعيها الحاج: ألا يعاون أعداء الله سبحانه بتسليم المكس (وهو ضريبة تؤخذ ظلمًا) وهم الصادون عن المسجد الحرام من أمراء مكة، والأعراب المترصدين في الطريق . فإن تسليم المال إليهم، إعانة على الظلم وتيسير لأسبابه عليهم، فهو كالإعانة بالنفس، فليتلطف في حيلة للخلاص . فإن لم يقدر فقد قال بعض العلماء - ولا بأس بما قاله - إن ترك التنفل بالحج والرجوع عن الطريق أفضل من إعانة الظلمة.
ولا معنى لقول القائل: إن ذلك يؤخذ مني وأنا مضطر . فإنه لو قعد في البيت، أو رجع من الطريق لم يؤخذ منه شيء، فهو الذي ساق نفسه إلى حالة الاضطرار. (انظر: الإحياء ج 1 ص 236ط . الحلبي . وانظر أيضًا كتابنا: " العبادة في الإسلام " ص 324 وما بعدها، ط ثانية أو ثالثة).
وشاهدنا من هذا النفل: أن التنفل بالحج إذا كان من ورائه ارتكاب محرم، أو مجرد معاونة عليه، ولو غير مباشرة، غير محمود ولا مشروع، وتركه أولى بالمسلم الذي يسعى لإرضاء ربه . وهذا هو الفقه النير.(1/54)
ثالثاً: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وخصوصًا إذا كانت المفاسد عامة، والمصالح خاصة،فإذا كانت مصلحة بعض الأفراد أن يتنفل بالحج مرات ومرات . وكان من وراء ذلك مفسدة عامة للألوف ومئات الألوف من الحجيج مما يلحقهم من الأذى والضرر في أنفسهم وأبدانهم حتى هؤلاء المتنفلون أيضًا يتأذون من ذلك - كان الواجب منع هذه المفسدة بمنع ما يؤدي إليها وهو كثرة الزحام.
رابعاً: إن أبواب التطوع بالخيرات واسعة وكثيرة، ولم يضيق الله على عباده فيها، والمؤمن البصير هو الذي يتخير منها ما يراه أليق بحاله، وأوفق بزمانه وبيئته.
فإذا كان في التطوع بالحج أذى أو ضرر يلحق بعض المسلمين - فقد فسح الله للمسلم مجالات أخر، يتقرب بها إلى ربه دون أن تؤذي أحدًا.
فهناك الصدقة على ذوي الحاجة والمسكنة، ولا سيما على الأقارب وذوي الأرحام فقد جاء في الحديث: " الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة " (رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم عن سلمان بن عامر الصيفي بإسناد صحيح) وقد تكون نفقتهم عليه واجبة، إذا كان من أهل اليسار وهم من أهل الإعسار.
وكذلك على الفقراء من الجيران، لما لهم من حق الجوار بعد حق الإسلام، وقد ترتفع المساعدة المطلوبة لهم إلى درجة الوجوب، الذي يأثم من يفرط فيه.
ولهذا جاء في الحديث: " ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع ". (رواه الطبراني وأبو يعلي عن ابن عباس ورواه الحاكم عن عائشة والطبراني والبزار عن أنس مع اختلاف في اللفظ).(1/55)
وهناك الإنفاق على الجمعيات الدينية، والمراكز الإسلامية، والمدارس القرآنية، والمؤسسات الاجتماعية والثقافية التي تقوم على أساس الإسلام، ولكنها تتعثر وتتخبط، لعدم وجود من يمولها ويعينها . على حين تجد المؤسسات التبشيرية مئات الملايين من الدولارات أو الجنيهات أو غيرها من العملات، ترصد لها، ولإنجاحها في سبيل التشويش على الإسلام، وتمزيق وحدة المسلمين، ومحاولة إخراج المسلم عن إسلامه، إن لم يكن إدخاله في النصرانية . المهم زعزعة إسلامه وإن بقي بغير دين.
وإخفاق كثير من المشروعات الإسلامية ليس لقلة مال المسلمين، فمن الأقطار الإسلامية اليوم ما يعد أغنى بلاد العالم، ولا لقلة أهل الخير والبذل فيهم، فلا زال في المسلمين الخيرون الطيبون، ولكن كثيرًا من البذل والإنفاق يوضع في غير موضعه.
ولو أن مئات الألوف الذين يتطوعون سنويا بالحج والعمرة رصدوا ما ينفقون في حجهم وعمرتهم لإقامة مشروعات إسلامية، أو لإعانة الموجود منها، ونظم ذلك تنظيمًا حسنًا، لعاد ذلك على المسلمين عامة بالخير وصلاح الحال والمآل، وأمكن للعاملين المخلصين للدعوة إلى الإسلام أن يجدوا بعض العون للصمود في وجه التيارات التبشيرية والشيوعية والعلمانية وغيرها من التيارات العميلة للغرب أو الشرق، التي تختلف فيما بينها، وتتفق على مقاومة الاتجاه الإسلامي الصحيح، وعرقلة تقدمه، وتمزيق الأمة الإسلامية بكل سبيل.
هذا ما أنصح به الإخوة المتدينين المخلصين الحريصين على تكرار شعيرتي الحج والعمرة أن يكتفوا بما سبق لهم من ذلك، وإن كان ولابد من التكرار، فليكن كل خمس سنوات، وبذلك يستفيدون فائدتين كبيرتين لهم أجرهما :
الأولى: توجيه الأموال الموفرة من ذلك لأعمال الخير والدعوة إلى الإسلام، ومعاونة المسلمين في كل مكان من عالمنا الإسلامي، أو خارجه حيث الأقليات المسحوقة.(1/56)
الثانية: توسيع مكان لغيرهم من المسلمين الوافدين من أقطار الأرض، ممن لم يحج حجة الإسلام المفروضة عليه . فهذا أولى بالتوسعة والتيسير منهم بلا ريب . وترك التطوع بالحج بنية التوسعة لهؤلاء، وتخفيف الزحام عن الحجاج بصفة عامة، لا يشك عالم بالدين أنه قربة إلى الله تعالى، لها مثوبتها وأجرها " وإنما لكل امرئ ما نوى ".
ومما يذكر هنا: أن جنس أعمال الجهاد أفضل من جنس أعمال الحج، وهذا ثابت بنص القرآن، يقول تعالى: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيله ؟ لا يستوون عند الله، والله لا يهدي القوم الظالمين . الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله، وأولئك هم الفائزون) (سورة التوبة: 19، 20).
والله أعلم .
عبد الله - اليمن الاسم
حكم الحج مع الدين المقسط العنوان
فقهية الموضوع
هل يجوز الحج مع وجود دين عليّ لجهتين مختلفتين أسددهما بالتقسيط المريح وأنا ملتزم بالسداد ؟ السؤال
13/01/2008 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
المفروض أن المسلم إذا كان عليه دين فلا يجوز له أن يحج حتى يوفي دينه لأن الحج حق الله والديون حق العباد؛ وحقوق العباد مبنية على المشاحة وحقوق الله مبنية على المسامحة، الله يسامح في حقه ولكن العباد لا يسامحون في حقهم، ولذلك لا يجب على الإنسان أن يحج إذا كان عليه دين حتى يقضي دينه ويسدده لأصحابه.
فإذا كان أصحاب الدين متسامحين وقالوا له نحن مسامحين أن تذهب إلى الحج وتنازلوا عن حقهم و قالوا له لو مت فنحن مسامحين في المال فجزاهم الله خيرًاً؛ إنما إذا لم يفعلوا ذلك فلا يجوز له.(1/57)
وإذا كان على الإنسان دين ومشتاق جداً إلى الحج يذهب ويستأذن أصحاب الدين، فإذا سمحوا له جاز له أن يحج بشرط أن يكون واثقاً من نفسه بالقدرة على تسديد الدين، إنما إذا كان يعرف أنه إذا حج فلن يستطيع أن يسدد الدين فلا يجوز له أن يحج لأن تسديد الديون أولى حتى ولو كان ديناً مؤجلاً.
أما إذا كان ديناً مؤجلاً مثل ديون الحكومة، فبعض البلاد تعطي قرض طويل الأجل ويعطوا بيت أو أرض أو شيء من هذا على 30 سنة، فهذا معروف أنه يأخذوا من راتبه حتى ينتهي من سداد الدين فمثل هذا لا يمنع، إنما إذا كان دين عليه أن يسدده خلال سنتين أو ثلاثة وقد يؤدي حجه إلى تعطيل أداء الدين في وقته فليس عليه أن يحج، إلا إذا استسمح أصحاب الدين وسامحوه وكان واثقاً من نفسه بالقدرة على الوفاء بهذا الدين.
والله أعلم .
شوكت - الأردن الاسم
حكم الحج بمال اللقطة العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :السؤال هو أنني وجدت في أثناء سيري في أحد المدن الصناعية مبلغًا كبيرًا من المال ويكفيني لتأدية فريضة الحج فهل يجوز أن أحج بهذا المال أم لا ؟ افيدونا جزاكم الله خيراً
السؤال
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فيقول الدكتور ـ أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر في رده على سؤال مماثل :
الواجب على المسلم إذا وجد مثل هذا المبلغ أن يقوم بالتبليغ عنه، وتعريفه ونشر ذلك التعريف في المكان الذي التقط فيه، وما حوله من الأماكن وأن يبذل الإنسان جهده في هذا التعريف، حتى يتأكد أن صاحبه غير موجود، أو يغلب على ظنه أن هذا المال لن يظهر له صاحب.
وقال الفقهاء: إنه يصبر على هذا التعريف لمدة عام كامل، مع عدم تقصيره في اتباع أي وسيلة مُؤدية إلى معرفة صاحب المال ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.(1/58)
وإذا عجز هذا الرجل من العثور على صاحب المال بعد استنفاد كل الوسائل في ذلك جاز له أن يؤدي به فريضة الحج؛ لأنه أصبح مالًا له.
على أن بعض الفقهاء قال إذا ظَهَرَ صاحب المال بعد ذلك، وأقام الدليل الصحيح على ملكيته له كان على الرجل المُلْتقط أن يَرُدَّ المَال إلى صاحبه إذا قَدَرَ عليه، أو يكون في ذمته، وإما أن يسامحه صاحب المال الأصلي .
والله أعلم .
رفيدة - البحرين الاسم
الحج من المال الموهوب العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : هل يجوز للمسلم أن يؤديَ الحج من المال الموهوب له ( مال هدية ) بقصد المساعدة على الحج أو من الجوائز المالية التي تُعطى له ولو بهذا القصد ؟؟
السؤال
26/05/2008 التاريخ
فضيلة الشيخ حسنين مخلوف رحمه الله (مفتي الديار المصرية سابقا) المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول فضيلة الشيخ حسنين مخلوف رحمه الله (مفتي الديار المصرية سابقا) ردا على سؤال مماثل:
نعم، يجوز للإنسان أن يؤديَ الحج فرضًا أو نفلًا من المال الذي يوهَب له( يُهدى له ) ومن الجوائز المالية التي تُمنح له، ولو كان المقصود من إعطائها إياه المساعدة على أداء الحج؛ لأنه قد ثبت له مِلك هذه الأموال بمجرد قبضها ملكًا صحيحًا، فكان له حق التصرف فيها بسائر أنواع التصرف .
يدل عليه حديث بَريرة، فقد تُصدِّق عليها بلحم فأحضرته إلى بيت مولاتها أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، فطبخته ولم تقدمه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في طعامه لظنها أنه صدقة يحرُم عليه الأكل منها، فسأل عنه ليأكل منه وقال: "هو لك صدقة ولنا هدية".(1/59)
وعليه فتَملُّك بريرة للطعام مع كونه صدقة أجاز لها التصرف فيه بالإهداء، ولذلك حل للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأكل منه مع أن الأصل حُرمة أكله للصدقة ، وهذا يدل على أن الإنسان يجوز له التصرف في المال الموهوب ، وله أن يحج ويعتمر به لأنه قد ثبت له مِلك هذا المال بمجرد قبضه.
ويقول الأستاذ محمود أحمد إسماعيل محرر استشارات الحج والعمرة :
لا خلاف في جواز الحج أو العمرة من المال الموهوب من الغير ، لكن إذا بَرِئ هذا المال من الشُبَهة، فلا يكون المال الموهوب من حرام ، أو يكون وراء هذا الإهداء غرض خبيث أو غير مشروع . فإذا كان الله ـ سبحانه ـ لا يُوجِب الحج على غير المُستطيع، فإن من سعة رحمة الله عُذْرًا لمَن لم يجد المال الحلال .
والله أعلم .
مروان - سوريا الاسم
الحج عن طريق صندوق التكافل العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : تقوم الشركة التي أعمل فيها بتنظيم رحلاتٍ للحج والعمرة، يَدفع المُعتمر جزءًا مِن التكاليف وتتحمَّل عنه الشركة الباقيَ، وقد دار جدال بيني وبين زميلٍ، خُلاصةُ هذا النقاش أنِّي أرَى أن ذلكَ لا شيء فيه وأجْرُ الحاج أو المُعتمر عند الله كاملٌ لا نَقْصَ فيه، وهو يرى عكس ذلك فما الحكم ؟
السؤال
07/05/2008 التاريخ
الأستاذ الدكتور عبد الرزاق محمد فضل الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فعَن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "تابِعوا بين الحج والعُمرة؛ فإنهما يَنفيانِ الفقر والذُّنوب كما يَنفي الكِيرُ خَبَثَ الحديدِ والذهب والفضة، وليس للحَجِّة المَبرورة ثوابٌ إلا الجنة".
وروى الإمام البخاريّ ومسلم بسَنده عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العُمرة إلى العمرة كفَّارة لمَا بينهما، والحج المَبرور ليس له جزاء إلا الجنة".(1/60)
ومِن المعلوم أن للحج شروطًا، مِنها الاستطاعة، سواء أكانتْ استطاعةً بَدَنِيَّةً أم أمْنية أم مالية.
وإذا كانت شركتك تُدبِّر لك أمر الاستطاعة المَالية بعضَه، وكان ذلك يتمُّ بواسطة صندوق للتكافُل، تُمول الشركة بعضه، ويُمول العاملون مِن رواتبهم بعضه الآخر، ولم يكن في ذلك غَبْنٌ لرأس مال الشركة، ولم يكن نتيجةَ تقاريرَ وهميةٍ أو خادعةٍ، وكان جميع المُشتركين في الصندوق سَواسية عند اختيار مَن يحج أو يعتمر ـ فالأمر والحالة هذه جائزٌ لا شُبهة فيه.
والحاج الذي حج بهذه الطريقة أدَّى حجةَ الإسلام وأجْزأه حجُّه عن الحجة التي افترضها الله عليه، فالله ـ عز وجل ـ قال: (وللهِ علَى الناسِ حِجُّ البَيْتِ مَن استَطاعَ إليهِ سَبِيلًا) وقد هيَّأ الله الاستطاعة كلها أو بعضها لك عن طريق شركتك، فحجك طريقه صحيح، وعليك أنت أن تعمل بما يُوجبه الحج مِن حُسن تعامُلٍ بينك وبين جميع مَخلوقات الله عز وجل. إنتهى كلام الدكتور عبد الرزاق محمد فضل
إذا وافق المشتركون على نظام هذا الصندوق فإن هذا يعتبر موافقة ضمنية من المشتركين على السماح لمن جاء عليه الدور في الحج أن يحج بجزء من مال المشتركين ، وجاز ذلك قياساً على جواز الحج بموافقة صاحب الدين للمدين ، وعليه أرى أنه لابد من موافقة حميع المشتركين على هذا النظام ، ولو موافقة ضمنية أو خطية أو حتى على العرف القائم بين المشتركين حتى لايكون هناك أدنى شبهة تتعلق بحقوق العباد .
أما مسألة زيادة الأجر ونقصانه بسبب الحج عن طريق الصندوق أو غيره فهذه مرجعها إلى الله وحده ثم على درجة إخلاص العبد لله وحده ، ودرجة التزامه بأوامر الله عزوجل ، وأداء حسن الشعائر .
والله أعلم .
فاطمة الاسم
الحج أم قضاء دين الزوج ؟ العنوان
فقهية الموضوع
على زوجي دين، وأنا معي مال، وكنت أتمنى أن أحج به، وهو لم يفاتحني في أن أدفع له المال.. فهل أدفع عنه الدين أم أحج به؟ السؤال
30/04/2008 التاريخ(1/61)
أ.د سعاد إبراهيم صالح المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فتقول الأستاذة الدكتورة سعاد صالح أستاذة الفقه بجامعة الأزهر :
أنت في هذه الحالة مخيرة بين الوقوف بجانب زوجك لسداد دينه الذي في ذمته، بحيث يكون دينًا عليه لك، وإما أن تؤدي فريضة الحج .
ونظرًًا لأن الأصل في بناء الأسرة في الإسلام هو السكن والمودة والرحمة، فإنه تحقيقًا لهذه المعاني الإنسانية لك أو عليك أن تبادري بالوقوف بجانب زوجك؛ لأن حقوق الله سبحانه وتعالى مبنية على المسامحة، بينما حقوق العباد مبنية على المشاحة، فتُقدّم حقوق العباد على حقوق الله سبحانه وتعالى.
والله أعلم.
مروان - سوريا الاسم
حج المدين برضى الدائن العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : موظف عليه بعض الديون لكنها ليست كبيرة ويرغب بالحج هذا العام ، وفد سمح له الدائن ؟ فهل يجوز له الحج أم لا ؟ جزاكم الله عنا خيراً السؤال
26/07/2007 التاريخ
اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء / السعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإذا أمهل الدائن مدينه إلى أجل، وظن المدين أنه سيقدر على وفاء الدين في نهاية مدة الإمهال، وكان لديه مال يكفي لحجه فلا بأس أن يحج بهذا المال الذي معه حجة الفرض .
أما إذا لم يمهله الدائن أو كان الدين حالا، فعليه وفاء دينه أولاً ، ثم بعدها إن زاد عنده من المال ما يكفي للحج ونفقة عياله مدة غيبته حج به، وإلا أخر الحج إلى أن يملك ما يكفيه للحج، لأنه يشترط لوجوب الحج عليه توفر مال لديه يكفي لحجته فاضل عن حاجاته، ووفاء الدين الحال من الحاجات الضرورية التي تتعلق بحقوق العباد ، ويرفع وجوب الحج به .
والله أعلم .
أكرم - العراق الاسم
الحج من مال الشقق المفروشة !؟ العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع(1/62)
السلام عليكم : أمتلِك منزلًا وأؤجِّره مفروشًا إلى بعض الطلبة والموظَّفين. وقد لاحظتُ أن بعض السُّكّان يُحضرون في مساكنهم بعض النساء. فهل الإيجار الذي أتسلّمه منهم حلال أم حرام لأنني أدَّخِر جزءًا منه لأداء فريضة الحج ؟؟ شكراً لكم
السؤال
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فيقول الدكتور محمد البهي الأستاذ بجامعة الأزهر " رحمه الله" في رده على سؤال مماثل :
إذا كان السائل يعلَم مقدَّمًا عند توقيع عقد الإيجار أن المستأجر سيستغِلُّ السَّكَن لاستقدام بعض النساء عنده في سكنه، فهو مُعين له على ارتكاب المنكَر. ومال الإيجار الذي يأخذه منه مال حرام، لا يجوز أداء فريضة الحجِّ منه.
وإن علِم بعد توقيع العقد، أن بعضًا ممّن استأجروا هذه المساكن المفروشة من الطلاب أو الموظَّفين، يباشر ارتكاب الموبِقات فيما تخصَّص به من مسكن ، فإن للسائل عندئذٍ أن يفسخ العقد ويخلِي المسكن من هذا البعض. فإن المساكن المفروشة يجوز إخلاؤها بحكم القانون بناء على طلب المؤجِّر. وما أخذه من إيجار في غَيبة علمه بارتكاب المنكَر لا وِزْرَ فيه عليه ويجوز أداء الحج منه.
ولا يكتفي للسائل ـ وهو صاحب الملك المفروش ـ أن يُنكِر هذا المنكَر بلسانه أو بقلبه، كأن ينبّه على الساكن مثلاً بعدم إحضار أحد من النساء عنده ويحذّره، أو أن يسكت غاضًّا النظر، في غضب نفسيٍّ من هذا التصرُّف؛ لأنه يملِك أن ينكِره بيده فينذِره بالإخلاء.
قال صلى الله عليه وسلم : "مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإنْ لم يستطع فبلسانِه، فإنْ لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".(1/63)
والمنكَر الذي يُمارسه بعض الطلَّاب أو الموظَّفين الشباب على نحو ما يذكُر السائل، لا ينبغي له أن ينتشر في مجتمعاتنا فيُصبح مرضًا اجتماعيًّا فيها يُهَدِّد كل نشاط جِدِّيٍّ وكلَّ موقف يتطلب التضحية، بخطر "اللامبالاة" وعدم الشعور بالمسؤوليّة أمامه.
إن مجتمعاتنا مجتمعات ناهضة. أي أنَّها كانت ضعيفة فأخذت تسعى نحو القوة. وهي قوة العزيمة والإرادة، قبل قوة البدن والعضلات والإنتاج. فإذا أصيبَتْ بهذا المرض الوَبائيّ وهو مرض التحلُّل من القِيَم العليا.. مرض انتشار جريمة الفحشاء وتناول المنكر، يكون خروجها من الضعف الماضي أمرًا مشكوكًا فيه، بل يزداد ضعفها ووهَنُها.
ومَن يساعد الشباب من الطلاّب أو الموظَّفين على الاستمرار في الضعف لا يجني فحسْب على المجموعة منهم التي تباشِر المنكَر بالطريقة التي يتحدث عنها السائل، وإنَّما يجني على الأمة ككُلٍّ.
وما يتعلَّل به بعض الاجتماعيّين مما يسمَّى "بالكبْت الجنسي بين الشباب" فليس إلا تعلُّقًا بما بَقِيَ مِن تفكير "فرويد" العالم اليهوديّ النمساوِيّ. وهو تفكير لا يردِّده إلا الملتزِمون من الماديّين بتفكير القرن التاسع عشر.
والشباب في مجتمعاتنا أمام مهمّات ورسالات معينة، لا تدَع له وقتًا لمُجاراتِه شبابَ المجتمعات الأخرى في فلسفتها ومفاسدها.
والله أعلم .
مختار أمين - أخرى الاسم
حج من عليه أقساط العنوان
فقهية الموضوع(1/64)
29/09/01 فضيلة الشيخ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته نويت بأذن الله تعالى الحج هذا العام ، و لقد أعددت المبلغ اللازم لذلك من بيع قطعة ارض ورثتها عن والدي رحمة الله عليه ، و هناك مسألة تشغل بالى كثيرا و هي أنى قد اشتريت سيارة خاصة بنظام التقسيط و بحمد الله تعالى تمكنت من سداد الجزء الأكبر من الأقساط المستحقة و بقى جزء يسير بأذن الله سوف اسدده قبل نهاية العام الحالي و قبل موسم الحج ، و السؤال هو إنني اشك فى مصدر بعض الأقساط و أنا لم أتمكن من حصر ما اشك فيه من ناحية و من الناحية الأخرى ليس معي نقود لسداد ما اشك فيه حاليا و فى نفس الوقت لدى شهادة استثمار تغطى قيمتها ما اشك فيه بكثير و لكن بقى لها مدة سنتين حتى أتمكن من صرفها و قد عاهدت الله على السداد في حين ذلك ، بل و قد حررت وصية بذلك و تعهد بالسداد إذا توفني الله ، من ناحية أخرى صحتي و سني لا تتحملان الانتظار عام آخر للحج بل اشعر بشدة إنني قد أتوفى إذا لم أتمكن من الحج هذا العام و سوف أوصى أخوتي بالعمل بوصيتي و اشهد الله على ذلك خاصا و انا اعمل في شركة ولى مستحقاتى فى حالة الوفاة و هى اكبر بكثير من المبلغ الذي اشك بمصدرة . أفتوني أثابكم الله و خاصة و أنا أعلام بأنة يجوز الاقتراض للحج بشرط نية السداد . و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،، م ك القاهرة
السؤال
02/09/2007 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإذا كنت تقصد من سؤالك أن عليك دين ( أقساط ) وتريد الحج فالاصل أن تؤدي الدين الذي عليك ثم تحج ، لكن يجوز لك الحج وعليك دين إذا غلب على ظنك أداء الدين الذي عليك بعد رجوعك ، او كان عندك مال يكفي لسداد هذا الدين ، ولم تؤثر نفقات الحج على سداد الدين بعد رجوعك .
وإليك تفصيل ذلك في فتوى الدكتور القرضاوي حفظه الله :(1/65)
المفروض أن المسلم إذا كان عليه دين فلا يجوز له أن يحج حتى يوفي دينه لأن الحج حق الله والديون حق العباد؛ وحقوق العباد مبنية على المشاحة وحقوق الله مبنية على المسامحة، الله يسامح في حقه ولكن العباد لا يسامحون في حقهم، ولذلك لا يجب على الإنسان أن يحج إذا كان عليه دين حتى يقضي دينه ويسدده لأصحابه.
فإذا كان أصحاب الدين متسامحين وقالوا له نحن مسامحين أن تذهب إلى الحج وتنازلوا عن حقهم و قالوا له لو مت فنحن مسامحين في المال فجزاهم الله خيرًاً؛ إنما إذا لم يفعلوا ذلك فلا يجوز له.
وإذا كان على الإنسان دين ومشتاق جداً إلى الحج يذهب ويستأذن أصحاب الدين، فإذا سمحوا له جاز له أن يحج بشرط أن يكون واثقاً من نفسه بالقدرة على تسديد الدين، إنما إذا كان يعرف أنه إذا حج فلن يستطيع أن يسدد الدين فلا يجوز له أن يحج لأن تسديد الديون أولى حتى ولو كان ديناً مؤجلاً، إلا إذا كان ديناً مؤجلاً مثل ديون الحكومة، فبعض البلاد تعطي قرض طويل الأجل ويعطوا بيت أو أرض أو شيء من هذا على 30 سنة، فهذا معروف أنه يأخذوا من راتبه حتى ينتهي من سداد الدين فمثل هذا لا يمنع، إنما إذا كان دين عليه أن يسدده خلال سنتين أو ثلاثة وقد يؤدي حجه إلى تعطيل أداء الدين في وقته فليس عليه أن يحج، إلا إذا استسمح أصحاب الدين وسامحوه وكان واثقاً من نفسه بالقدرة على الوفاء بهذا الدين .
ملاحظة : إذا سافرت للحج بعد توافر الشروط التي ذكرتها لك فينبغي عليك أن توصي بالمال الذي عليك قبل سفرك، تقبل الله منك ووفقك ورعاك .
والله أعلم .
حسين - الأردن الاسم
حكم من نوى الحج ثم مات العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :ما حكم من عقد العزم على الحج، فحالت بعض الظروف دون تحقيق ذلك، بأن لم يجد مكانًا خاليًا في طائرة، أو لم يحصل على " تأشيرة " لدخول الأراضي المقدسة، ثم مات، فهل يسقط عنه الحج ؟
السؤال
18/01/2009 التاريخ(1/66)
الدكتور ـ أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الدكتور أحمد الشرباصي-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر :
الحجّ فريضة من فرائض الإسلام، ويكون فرضًا مرّة واحدة في العمر كله مهما طال. وذلك لقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " يا أيُّها الناس قد فُرض عليكم الحجَّ فحُجُّوا ". فقال رجل: أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت ـ صلوات الله وسلامه ـ عليه حتى قالها الرجل ثلاث مرات، فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "لو قلت نَعم، لوجبت، ولما استطعتم".
ويُشترط لوجوب الحجّ القدرة والاستطاعة، وذلك لقول الله ـ تبارك وتعالى ـ في سورة آل عمران:( وللهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) ( آل عمران:97).
والاستطاعة هي إمكان الوصول إلى مكة ومواضع النسك إمكانًا عاديًّا، سواء أكان ماشيًا أم راكبًا، وسواء أكان ما يركبه مملوكًا أو مستأجرًا، ويُشترط ألا تلحقه مشقّة عظيمة بالسفر، فمن قدر على الوصول مع المشقّة الفادحة لا يكون مستطيعًا، ولا يجب عليه الحج، ولكن لو تكلّفه وتجشَّم المشقة أجزأه ووقع فرضًا. كما أن مَن قَدَر على الحج بأمر غير معتاد، كالطيران ونحوه، لا يُعد مستطيعًا، ولكن لو فعله أجزأه.
ويعتبر أيضًا في الاستطاعة الأمن على نفسه وماله، فمن لم يأمن على نفسه لا يجب عليه الحج، وكذا مَن لم يأمَن على ماله مِن ظالِم لا يجب عليه.(1/67)
وفي السؤال نرى أن الشخص المسئول عنه قد نَوَى الحج وعزم عليه، وشرع فيه، ولكن بعض الظروف حالت بينه وبين ما يريد، حيث لم يجد مكانًا خاليًا في أي طائرة، ثم مات بعد ذلك ـ عليه رحمة الله ـ ومثل هذا الشخص يكون قد سقطت عنه فريضة الحج، بل المأمول في فضل الله وكرمه أن يعطيه ثواب من أدى الحج فعلاً؛ لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: " إنَّما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ".
والله ـ تبارك وتعالى ـ يقول في سورة النساء: ( ومنْ يهاجِرْ في سَبيل اللهِ يَجِدْ في الأرضِ مراغمًا كثيرًا وسَعة ومَن يخرجْ مِن بَيتِه مهاجرًا إلى اللهِ ورسولِه ثم يُدركْه الموتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وكَانَ اللهُ غَفورًا رَحيمًا ) ( الآية :100).
والله أعلم .
منال - مصر الاسم
الاقتراض بالربا من أجل الحج العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع
أريد أن أحج ولكنى لا أملك ما يكفيني لغلو ثمن الحج ؛ فهل يمكن أن أقترض من البنك على أن أرد القرض بعد رجوعى على أقساط متساوية مع الفائدة؟ السؤال
01/03/2009 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالاقتراض بالربا حرام شرعا، كما أنه لا يجب الاقتراض للحج أصلا، بل الحج واجِب على القادر:"ولا تكلف نفس إلا وسعها ".
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر-رحمه الله-رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف سابقاً :(1/68)
معلوم أن الحج يجب على المستطيع، ومن الاستطاعة القدرة المالية، فإذا وجد المسلم المال الذي يكفي لنفقات الحج زائدًًا على النفقات الواجبة عليه لمن يعولهم وجب الحج عليه، وقد رأى بعض العلماء أن يكون هذا المال زائدًا على نفقته ونفقة من يعولهم مدة العمر الغالب، وليس مدة الغياب في الحج، فلو كان له مورد رزق ثابت يدر عليه سنويًّا أو شهريًّا ما يكفيه هو وأسرته ولو باع شيئًا منه ليحج أثر ذلك على حياته وحياة أسرته تأثيرًا شديد يلجئه إلى الاستدانة أو السؤال فلا يجب عليه الحج عن طريق الاستغناء عن بعض ممتلكاته، لكنه لو فعل ذلك وحج صح حجه وأغناه عن حجه الإسلام وإن كان لا ينجو من المؤاخذة على ما ألجأ نفسه وأسرته إليه مما لا يرضاه الإسلام.
وبالمثل يقال فيما إذا لم يجد ما يزيد على نفقته ونفقة أسرته فهل يقترض ليحج؟
لا يجب عليه الاقتراض لذلك، لإن الاقتراض للحج منهيً عنه بدليل الحديث الذي رواه البيهقي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل لم يحج، هل يستقرض للحج؟ فقال: "لا"، والنهي الذي تضمنه النفي قيل للتحريم وقيل: للكراهة.
لكن يجوز له أن يقترض ويحج إذا اطمأن إلى أنه سيرد القرض دون تأثير كبير على دخله وعلى أسرته؛ ومن صور الاقتراض تكوين جمعية أو إنشاء صندوق باشتراكات من الأعضاء، يأخذ حصيلتها شهريًّا أو سنويًّا بعض الأعضاء الذين يمكنهم الحج بهذه الحصيلة مع مداومة الاشتراك ليؤدي ما عليه ؛ وهذه الصورة من التكافل جائزة.
ويقول فضيلة الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر :(1/69)
الحج فريضة على القادر عليه لقوله تعالى :" ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا .." (آل عمران 97 ) ـ وإذا كانت أمك قادرة على الحج ومستطيعة له وجب عليها الحج وإن لم تكن قادرة فلا حج عليها ، والاقتراض بفائدة حرام شرعا إلا عند الضرورة ، وأمك ليست فى ضرورة لتقترض من البنك بفائدة للحج ، فإذا وجدت من يقرضها بدون فائدة وتأكدت من قدرتها على سداد هذا الدين مستقبلا فلا بأس من الاقتراض بدون فائدة من أجل الحج ، وإلا فحكمها حكم غير القادر على الحج.
والله أعلم.
غازي الاسم
حج الفريضة أم تزويج الأولاد العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله...
يوجد يريد الحج لأول مرة وله ابن غير قادر على تكاليف الزواج، فهل يؤدي الفريضة أم يساعد ابنه على زواجه؟ وجزاكم الله خيراً
السؤال
04/03/2009 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا يجوز تأخير أداء الحج مع القدرة والاستطاعة ، لأن الحج واجب على الفور عند جمهور الفقهاء ، ويأثم المسلم بتأخيره إذا قدر عليه ، ولو كان سبب التأخير مساعدة الأبن على الزواج بنفقات الحج ، لأنه لا يجب على الوالد أن يزوج ولده أو يساعده في زواجه فذلك مندوب . أما الحج للقادر عليه أول مرة مواجب ، إذا تعارض الواجب والمندوب قدم الواجب.
يقول الشيخ عطية صقر-رحمه الله-رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا :
أولاً: لا يجب على الوالد أن يزوج ولده أو يساعده في زواجه، فذلك مندوب فقط، والحج للقادر عليه لأول مرة واجب، وإذا تعارض واجب ومندوب قدم الواجب، فعلى الرجل أن يؤدي فريضة الحج أولاً، لأنه مستطيع، وفي الحديث تهديد لمن قدر على الحج ولم يحج، وبخاصة أن جمهور الفقهاء قالوا: إن وجوب الحج على الفور وليس على التراخي، فالتأجيل فيه إثم عندهم.(1/70)
ثانياً: على الولد أن يصبر حتى يغنيه الله ويستطيع الزواج، كما قال تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله} [سورة النور: 33] وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" أي قاطع، رواه مسلم. والباءة هي تكاليف الزواج.
ثالثاً: إذا كان الولد محتاجًا إلى الزواج ليعف نفسه فعليه أن يتزوج من وسط يتناسب مع قدرته ومستواه المادي، وفي النساء كثيرات يوافقن على ذلك بدون مغالاة في المهور والجهاز.
ومثل ذلك يقال في تجهيز الوالد لبنته، فهو سنة غير واجب، أما الحج فهو واجب يقدم على السنة.
رابعاً: إذا كان الشاب مستطيعًا بمال يكفيه أحد الأمرين، الحج المفروض لأول مرة، أو الزواج فإذا كان مستقيمًا يستطيع أن يبتعد عن الفاحشة كان زواجه سنة وحجه واجبًا فيقدم الواجب، أما إذا كان ضعيفًا أمام شهوته -إن لم يتزوج بسرعة وقع في الفاحشة- كان زواجه واجبًا ولا يجب عليه الحج لأنه غير مستطيع، فالاستطاعة تكون بعد كفاية الضروريات، والزواج ضروري له في هذه الحالة، والزواج فيه درء للمفاسد فيقدم على الحج الذي فيه جلب للمصلحة كما تقتضيه قواعد التشريع، أما إذا كان الحج مندوبًا أي للمرة الثانية فله الخيار بين الحج والزواج، أو مساعدة الابن أو البنت .
والله أعلم .
salma الاسم
الحج بأموال الربا العنوان
فقهية الموضوع
حججت مع أبي ،ولكن أبي يضع أمواله في بنك ربوي ،فهل حجي مقبول؟ السؤال
17/04/2008 التاريخ
دار الإفتاء بالأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإن الحج فرضه الله على القادر الذي ملك الزاد والراحلة،بشرط أن يكون المال حلالاً،فإن الله تعالى طيب لايقبل إلا طيبًا،فلا يقبل الحج ممن أداه بمال حرام .
يقول الشيخ أحمد هريدي مفتي مصر الأسبق رحمه الله :(1/71)
المقرر شرعًا أن الحج فرض على كل مسلم حر بالغ عاقل صحيح إذا قدر على الزاد والراحلة فاضلاً عن المسكن وما لا بد له منه وعن نفقة عياله إلى حين عودته، وأنه يكره الحج لمديون إن لم يكن له مال يقضى به إلا أن يأذن الغريم له، ويشترط أن تكون النفقة من حلال فلا يقبل الحج بالنفقة الحرام مع أنه يسقط الفرض معها وإن كانت مغصوبة، ولا تنافى بين سقوط فريضة الحج وعدم قبوله، فلا يثاب لعدم القبول ولا يعاقب فى الآخرة عقاب تارك الحج .انتهى
والخلاصة : أن القدرة شرط من شروط الحج،فمن قدر على الحج وملك الزاد والراحلة ،فالحج في حقه واجب،ولا يجوز الحج من المال الحرام،والفوائد الربوية التي تمنحها البنوك ربا محرم فلم يجز أن يحج الإنسان بها،ولما كنت غير مستطيعة للحج لعدم توافر ما تحجين به، فالحج في حقك غير واجب،ولكن لما حججت بمال أبيك ،فقد قال بعض العلماء :إن الحج بالمال الحرام يسقط الفرض ،ولكن يأثم فاعله ، مع كونه غير مقبول،وعليه فإن الحج قد سقط عنك ،ولكن تأثمين لحجك بمال حرام.
والله أعلم.
بركات - الأردن الاسم
الحج بين القدرة المالية والصحية العنوان
فقهية الموضوع
لو كان الرجل أو المرأة عاجزين عن الحج بأنفسهما للمرض ونحوه ولكنهما يستطيعان التوكيل بالمال فهل يجب عليهما أن يوكلا ؟
السؤال
14/07/2008 التاريخ
الشيخ الدكتور محمدبن المختار الشنقيطي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فمن كان عاجزاً عن الحج وعنده مال يستطيع أن يحجج به الغير فلا يخلو من حالتين :
الحالة الأولى : أن يكون عجزه مؤقتاً،والحالة الثانية : أن يكون عجزه مستديماً .
الأولى : العجز المؤقت كالمرض الذي يتأقت بالشهور ويرجى زواله أو بالسنوات ويرجى زواله فهذا ينتظر إلى أن يكتب الله له الشفاء والعافية ، ويسقط عنه الحج حال العجز ويجب عليه بعد القدرة ثم يحج بعد شفائه وقوته وقدرته .(1/72)
والحالة الثانية : إذا كان عجزه مستديماً كإنسان عاجز لكبر أو معه مرض لا يمكن معه أن يقوم بالحج ولا أن يؤدي أركانه فإنه في هذه الحالة يُنتَقَل إلى القدرة بالمال فإذا قدر على أن يستأجر من يحج عنه وجب عليه أن يحجج عن نفسه سواء كان رجلاً أو كانت امرأة .انتهى
مع العلم أنه لا يشترط في الوكيل أن يكون مشابها لموكله جنساً فيحج الذكر عن الذكر أو الأنثى عن الأنثى فالكل يجزيء ويعتبر فيجوز حج الرجال عن النساء وحج النساء عن الرجال ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفتى المرأة الخثعمية بذلك وحينئذ لا حرج في حج ذكر عن أنثى والعكس والإجماع قائم على ذلك .
والله أعلم.
حسان - الكويت الاسم
ضوابط السفر أثناء حج التمتع العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع
لو فيه واحد ذهب من الكويت للحج، ونوى عند الميقات حج التمتع، ولما وصل إلى مكة وأدى مناسك العمرة، وأحل من إحرامه ذهب إلى زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، ثم خرج من المدينة راجعاً إلى مكة، وأحرم من أبيار علي، ونوى التمتع، ودخل مكة، وأدى العمرة ثم حج، هل فعله هذا صحيح؟ وهل خروجه من مكة يبطل تمتعه الأول؟
السؤال
19/12/2005 التاريخ
الدكتور عجيل النشمي المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فيقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي عميد كلية الشريعة بالكويت سابقاً:
من شروط حج التمتع أن يظل الحاج داخل المواقيت حتى اليوم الثامن فيحرم بالحج، فإذا خرج ذاهباً إلى المدينة أو إلى بلده، فالفقهاء مختلفون في أن خروجه هل يقطع التمتع، ويبطله، أو لا يبطله، ولهم تفصيل في قدر المسافة التي خرج إليها المتمتع.
فالحنفية قالوا: إن أدى العمرة ثم عاد إلى بلده فإما أن يكون قد ساق الهدي أو لا، فإن ساق الهدي لم يبطل تمتعه لبقاء إحرامه، وإن لم يسق الهدي بطل تمتعه، لأنه ألمَّ بأهله إلماماً صحيحاً فانقطع حكم السفر الأول.(1/73)
وقالوا أيضاً: لو رجع إلى أهله قبل إتمام الطواف ثم عاد وحج، فإن كان أكثر الطواف في السفر الأول لم يكن متمتعاً، وإن كان أكثره في الثاني كان متمتعاً.
والشافعية اشترطوا ألا يعود إلى الميقات، فإن رجع إلى الميقات فأحرم بالحج لا يكون متمتعاً، ولا يلزمه دم.
والحنابلة اشترطوا ألا يسافر بين العمرة والحج سفراً بعيداً تقصر فيه الصلاة والمالكية اشترطوا ألا يسافر إلى بلده أو مثلها في البعد، فإن رجع إلى مسافة أقل من بلده، ثم حج في عامه فإنه يكون متمتعاً، لكن إن رجع إلى بلده أو مثلها في البعد فإنه يكون قد قطع تمتعه.
ومن أقوال الفقهاء يتبين أن من ذهب إلى المدينة وهو من غير أهلها بعد أن أدى العمرة كاملة يكون قد قطع التمتع، ولا يكون حجه حج تمتع عند جمهور الفقهاء، لكن ما ذهب إليه المالكية فإنه مازال متمتعاً لم ينقطع تمتعه بخروجه من مكة لأنه لم يرجع إلى بلده أو مثلها في البعد، وإنما اختلف الفقهاء في ذلك لعدم ورود نص، فيكون محل اجتهاد.
وقد ورد عن عمر بن الخطاب شيء في هذا قال: "إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع، فإن خرج ورجع فليس بمتمتع".
ولعل قول المالكية وسط وله وجاهة باعتبار أنه مازال مسافراً لم يرجع إلى بلده، وقد رجع في العام ذاته لإكمال تمتعه.
وعلى كل حال، فإن السائل مادام قد نوى التمتع من جديد، فيحج حج التمتع، وما أداه من عمرة، له أجرها إن شاء الله.
والله أعلم.
عبدالخالق - إندونيسيا الاسم
أيهما أولى الحج أم تزويج الأولاد ؟ العنوان
فقهية الموضوع(1/74)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :أعيش حالة مِن القلق والتوتُّر مُضنية، فأنا قريبًا سأُحال إلى التقاعد لبُلوغي سِنَّ الستين، وأُمنيتي أن أحج أنا وزوجتي بمُكافأة نهاية الخدمة، حتى أتنفس الصعداء بعد مُعاناة استغرقت العمر الماضيَ كلَّه؛ إذ إن لي مِن الأبناء تسعةً، أربعَ بنات وخمسةَ ذكور، زَوَّجتُ منهم ثلاث بنات وولدًا واحدًا، وبقيَ أربعة ذكور وبنت واحدة لمَّا يتزوجوا بعدُ، يُعارضون حجِّي أنا وأمّهم مُعارضة شديدة مُدَّعِينَ أن تَزْوِيجهم مَسئولية عِبْؤها يَلزمني، وأن النهوض بتَزويجهم مُقدَّم على أدائي حجة الإسلام، وهذا هو سبب قَلقي وتوتُّري، فما الحُكم؟ جزاكم الله خير الجزاء
السؤال
19/09/2007 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالحج رُكن مِن أركان الإسلام فرَضه الله ـ عز وجل ـ على القادر المُستطيع، قال تعالى: (وللهِ علَى الناسِ حِجُّ البيتِ مَن استطاعَ إليهِ سبيلًا ومَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ) ومِن حديثه صلى الله عليه وسلم: "تابِعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما يَنفيانِ الفقرَ والذنوبَ كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديدِ والذهبِ والفِضَّة". والاستطاعة التي هي شرط الحج تَعني أن يملك الفرد نفقات الزاد والراحلة فائضةً عن حَوائجه الأصلية وحاجات مَن تَلزمه نَفقتُه، وأن يكون طريقه وصحته في دائرة الأمان. ومَن مَلَكَ الزاد والراحلة ولم يَحجَّ فهو مُهدَّدٌ تَهديدًا مُزَلزِلًا، يقول الرسول الكريم: "من ملك زادًا وراحلةً تبلِّغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديًّا أو نصرانيًّا".(1/75)
وبناء على ما تقدم يُمكننا أن نقول: لقد كانت حياتك ولا تزال أيها السائل قبل الإحالة إلى التقاعُد وافيةً بحاجياتك وحاجيات مَن تَعُول، بدليل أنك وصَّلت أبناءك جميعًا إلى المرحلة السِّنِّيَّة التي يكونون فيها قادرين على أن يَعتمدوا على أنفسهم، وبدليل أنك استطعتَ أن تُزوج خمسةً منهم وقت أن لم تكن معك مُكافأة، وهذا يدل على أن مُكافأة نهاية الخدمة فائضةٌ عن الحوائج الأصلية، خاصَّةً أن ما يُصرف مِن المعاش شهريًّا يُضاهي أو يزيد ما كان يُصرف مِن مرتب.
والفقهاء أيها الأخ المسلم يُفتي مُعظمهم بوُجوب الحج على الفور لمَن استطاعه، فمتى تحققت الاستطاعة وَجَبَ الحج، وهذا ما ينبغي أن يُلتزم؛ لأن مَن ملَك المال وقال في نفسه: احفَظْه لتُواجهَ به ما يستجدُّ مِن مَطالب. لن يحج؛ إذْ مَطالب الحياة مُتجددة نامية، قال الشاعر :
تموتُ مع المرءِ حاجاتُهُ وحاجةُ مَن حيَّ لا تَنْقَضِي
وفي حالتك أيها السائل أقول لك: الذي وفَّقك إلى تزويج خمسةٍ مِن أبنائك مِن غير أن تكون هناك مُكافأة سيُوفقك بفَضله إلى تزويج الأربعة الباقين، فسِرْ على بركة الله إلى الحج، وليكنْ ولدُك عونًا لك على طاعة الله، ولا يكونوا سببًا في تلقِّي كتابِك بشِمالك يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنون، ولْيَجِدُّوا في إسعادك بتَشجيعك على الحج فستكون سببًا في إسعادهم مِن حيث لا يدرون.
والله أعلم .
حسن - مصر الاسم
الحج أولى أم الزواج ؟ العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : هل يجوز لي الحج وأنا لم أتزوج بعد؟ وهل يجوز لي الحج عن أبويَّ؟ وهل يجوز لي السفر إلى السعودية للعمل لا للحج؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
19/02/2009 التاريخ
الدكتور ـ أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر :(1/76)
الحج إحدى قواعد الإسلام الخمس، وقد فَرَضَهُ الله عَلَى القادر المستطيع فقال في محكم آياته : (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسِتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (آل عمران: 97). فإذا توافر للإنسان القدرة والاستطاعة والنفقة وأمن الطريق كان الحج مفروضًا عليه، سواء أكان على الفور كما يقول بعض الفقهاء، أم كان على التراخي كما يقول بعض آخر.
وإن كنا نستحسن أنه ما دام قد توافرت الأسباب والوسائل، ولم يُوجد مانع من الموانع، أن يُبادر الإنسان إلى أداء الحج. فإن المستقبل محجوب غير معلوم، (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) (لقمان: 34).
وليس هناك ارتباط أو تلازم بين الحج والزواج، فمِن الممكن للإنسان أن يحج وإن كان غير متزوج، إلا أنه ينبغي لنا أن نتذكر أن الزواج قد يكون مفروضًا على الإنسان إذا تيقن أنه سيقع في الفاحشة إذا لم يتزوج، وفي هذه الحالة يجب عليه المُبَادَرَة إلى وقاية نفسه وتحصينها بالزواج، وفي هذه الحالة يبدأ بالزواج. وإذا تيسَّر له الحج عقب ذلك قام بأدائه.
وقد شَرَعَ الإسلام جواز أن يحج الإنسان عن والده أو والدته إذا ماتا وفاتهما الحج؛ وذلك لأن هذا الفرض يُعْتَبَرُ دَيْنًا للهِ في ذِمة الإنسان، ودين الله أحق بالوفاء، كما أشار إلى ذلك سيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بعض أحاديثه فلا مانع إطلاقًا في أن يحج السائل عن أبويه ما دام قادرًا على ذلك.
وليس هناك تعارض بين السفر للعمل وأداء الحج، ولكن موضع التساؤل هنا هو أن السائل مسافر إلى السعودية، ومعنى ذلك أنه سيكون في مَنْزِلِ الوحي، وسيكون على مقربة من مشاعر الحج، فكيف تُطَوِّع له نَفْسُهُ أن يكون بجوار بيت الله الحرام، ويمر عليه موسم الحج، ثم لا يقوم به، فيستطيع أن يُسافر للعمل، ويؤدي الحج، وفي ذلك جمع بين الحُسْنيين .
والله أعلم .
زياد - تونس الاسم(1/77)
أيهما يقدم الحج أم شراء سيارة ؟ العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : ماحكم من امتلك تكاليف الحج، ولكن كانت من ضرورياته شراء سيارة فأيهما يقدم؟ وجزااكم الله خيراً
السؤال
05/03/2009 التاريخ
الشيخ محمد عبد الله الخطيب من علماء الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الشيخ محمد عبد الله الخطيب من علماء الأزهر الشريف :
ينبغي على المسلم وضع فريضة الحج وهى من أركان الإسلام في مكانها اللائق بها من حيث الأهمية؛ بحيث إذا كان المسلم مستطيعاً، فالواجب عليه أن يسارع إلى الأداء لقول الله عز وجل: (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (سورة آل عمران:97) .
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يقول : إن عبداً أصححت له بدنه وأوسعت عليه في الرزق لم يغد إلي في كل أربعة أعوام لمحروم". رواه الطبراني في الأوسط وأبو يعلى إلا أنه قال: "خمسة أعوام". ورجال الجميع رجال الصحيح.
والسيارة مهما كانت الحاجة إليها لا تعتبر من الضرورة حتى يؤجل الذهاب إلى الحج بسببها، فالضرورة الشرعية هي التي لا يمكن استمرار الحياة وهى قائمة، ومن يقدم فرائض الإسلام ويحرص عليها سيرزقه الله بالسيارة وغيرها بإذن الله تعالى.
فليسارع السائل إلى الحج، فإن الصحيح قد يمرض، والغني قد يفقد قدرته واستطاعته، فتقديم هذه الفريضة على غيرها هو المطلوب .
والله أعلم .
طلحة - سوريا الاسم
الاستدانة من أجل الحج العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : بعض الناس لا يجدون قُدرة عَلَى الحجِّ لعدم وجُودِ مَالٍ عندهم فيستدينون ليحجُّوا. فهل هذا جائز شرعًا؟ جزاكم الله خيرالجزاء
السؤال
04/01/2009 التاريخ(1/78)
الدكتور ـ أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فليست هناكَ ضرورة تدعو إلى الاستدانة للقيام بفريضة الحج، وإليك تفصيل ذلك في فتوى الدكتور أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر في رده على سؤال مماثل:
الحجُّ لا يجب على الإنسان إلا إذا كان مُتمكنًا من أدائه بتوافر النفقة والزاد ووسيلة الانتقال وأَمْن الطريق، وما إلى ذلك، والله ـ تبارك وتعالى ـ يقول: (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (آل عمران: 97)، وعلى هذا فليس هناك ما يُلزِم الشخص الذي لا يجد مالاً للحجِّ، بأن يستدين من الغير ليحجَّ، وقد قال الله تعالى في سورة التوبة: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا ِللهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ) الآيتان: 91-92.
ونفهم من هاتين الآيتين أنَّ الجهاد لا يجب على مَن لا يجد نفقته، ويُقاس الحج على الجهاد كما قال الفقهاء، فلا يجب الحج إلا على من يجد النفقة.
ولقد روى البيهقي عن عبد الله بن أبي أوْفى قال: سألت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الرجل لم يحج؛ أيستقرضُ للحجِّ؟ قال: لا.(1/79)
وجاء في كتاب "المُهَذَّب":أنَّ الإنسان إذا كان معه مال يستطيع أن يحجّ به، ولكنه يحتاج إلى هذا المال؛ ليدفعَه في دَيْنٍ عليه، لم يجب عليه الحج سواء أكان هذا الدَّيْن حالًّا أو مُؤجلًا؛ لأن الدَّيْن الحالَّ يحتاج إلى تأديته على الفور، والحج واجب على التراخي، فيُقدَّم أداء الدَّيْنَ على أداء الحجِّ؛ وإذا كان الدَّيْن مُؤَجلًا، فإنه سيَحلّ عند مَوْعده، فلو أَنْفَقَ المَدين ما مَعه علَى الحجّ فلن يجد ما يَقضي به الدَّيْن.
وإذا احتاج الإنسان إلى المال الذي عنده لبضاعة يُتاجر فيها حتى يَحصل منها على ما يَحْتَاج إليه مِن نَفَقَته، فإنه لا يلزمه الحج؛ لأنه مُحتاج إلى هذا المال، وكذلك إذا احتاج إلى المال الذي عنده لمِسْكَن يلزمه، أَوْ خَادم يَحتاج إلى خِدْمَته، لا يلزمه الحجّ، وكذلك إذا كانَ عِنده مال ولكنه مُحتاج إلى الزواج؛ ليصون به نفسه لم يلزمه الحجّ.
وجاء في مذهب الشافعية ما يُفيد أنه لو قدَّم شخص إلى آخر مُساعدة من غير عِوض لها؛ ليقوم بالحجّ، فإن الشخص الذي قُدِّمت إليه هذه المساعدة لا يلزمه قبولها ليحجّ منها؛ لأن عليه في قبول هذه المساعدة مِنَّة، وفي تحمُّل المنة مَشقة، اللهمَّ إلا إذا كان مُقَدِّم المُسَاعَدَة هو وَلَدُ مَن يُريد الحجَّ؛ لأنه لا مِنّة بين الولد ووالده.
وهذه النصوص كلها تُؤَكِّد أنَّه ليستَ هناكَ ضرورة تدعو إلى الاستدانة للقيام بفريضة الحج.
والله أعلم.
النيابة في الحج عن الأب العاجز
الدكتور أحمد الشرباصي رحمه الله**(1/80)
اشترط الإسلام لوجوب الحج أن يكون الإنسان مُستطيعًا قادرًا، بدليل قول الله -تبارك وتعالى-: (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (آل عمران: 97). والاستطاعة هنا تتعلَّق بالصِّحة والبدن، وبتَوَافُر النَّفَقة، وبالأمن في الطريق، وبالقُدرة على السفر وأداء المناسك. فإذا تحققتْ هذه الاستطاعة لَزِم الحَجُّ، ووجب على الإنسان أن يُؤَدِّيَ فريضة الحج بنفسه. ولا يجوز توكيل غيره في أداء الحج المفروض عليه.
ولكن إذا عجز الإنسان عن أداء الحجِّ المفروض لمرض أو عجْز أو مانع لا حيلة له فيه، فإنه يجوز له أن يُوكِّل غيره في أداء الحج عنه، ويجوز للغير -كالابن مثلاً- أن ينوب عن أبيه في أداء هذه الحِجَّة المفروضة. وإذا أَدَّى الوكيل الحج بنِيَّة النيابة عن غيره سقطتْ الحجة المفروضة عن المُوكِّل. وقد استدلَّ الفقهاء على هذا بأن امرأة سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله في الحج أدركتْ أبي شيخًا كبيرًا؛ لا يستطيع أن يَثْبُتَ على الراحلة أَفَأَحُجُّ عنه؟ فقال -صلوات الله وسلامه عليه-: أرأيت لو كان على أبيك دَيْنٌ أكنت قاضيته؟ فقالت: نعم. فقال -صلى الله عليه وسلم-: فدَيْنُ الله أحق أن يُقضَى.
ولكن الفقهاء اشترطوا هنا أن يَستمر العجز عند الموكِّل حتى آخر حياته، فلو زال العجز عنه بعد قليل أو طويل من الزمان، وأصبح مُستطيعًا قادرًا على الحج، لَزِمَه أن يحُجَّ بنفسه، واشترطوا كذلك أن تكون نفقة الحج من مال الموكِّل، وأن ينوي الوكيل أداء الحجة نيابة عن مُوكِّله.
--------------------------------------------------------------------------------
** الأستاذ بجامعة الأزهر.
الحج من أرباح الأسهم في البورصة
الدكتور أحمد يوسف**(1/81)
الأسهم: جمع سهم، وهو صك بملكية جزء من رأس مال أية شركة مساهمة، وعائد السهم ربح حلال، ويرتفع ثمنه ويتحقق حسب إقبال الجمهور على مشتريات منتجات هذه الشركة أو خدماتها. والبورصة سوق واسعة لها أنشطة اقتصادية مختلفة من بينها بيع وشراء هذه الأسهم، والتجارة في هذه الأسهم لا تختلف عن التعامل في عروض التجارة الأخرى، فإذا كانت هذه العروض من المباحات كانت التجارة فيها مباحة، وإذا كانت من المحرمات كانت التجارة فيها محرمة. وكذلك الأسهم، فإن كانت أسهمًا في شركات تتعامل في المباح فأسهمها وأرباحها حلال، وإذا كانت تتعامل في الحرام فأسهمها وأرباحها حرام، لكن الأصل في التجارة أنها حلال بما في ذلك التجارة في الأسهم، قال الله تعالى: "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ" (سورة الجمعة: 10) وهي التجارة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة تاجرًا. وعلى المسلم أن يتحرى الحلال في كل شيء، خصوصًا فيما يتقرب به إلى الله؛ لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا. وعلى من أراد الحج أن يحج من مال حلال خالص لا شبهة فيه.
فإذا كان المسلم يتاجر في البورصة في أسهم الشركات التي تتعامل فيما أحله الله من السيارات والمنسوجات والأغذية الطيبة والأدوية النافعة ونحوها، فماله حلال؛ لأنه ربح من عمل حلال، أما إذا كان يتاجر في أسهم لشركات تتعامل في الحلال أحيانًا وفي الحرام أحيانًا، أو بعضها يتعامل في الحلال وبعضها يتعامل في الحرام، ففي ماله شبهات من الحرام؛ فلا يجوز الحج منه. قال صلى الله عليه وسلم: "الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات؛ فمن اتقي المشتبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام".(1/82)
وعلى المسلم في هذه الحالة أن يتحرى الحلال فلا يتاجر إلا في أسهم الشركات التي تتعامل في المباح من الحلال البين، فإذا اجتمع لديه من الربح الحلال ما يكفي نفقات الحج، وكان زائدًا عن حاجاته وحاجات مَن يعول، فيعزم على الحج. فإن الحج لا يجب إلا على المستطيع بالإجماع. وهو واجب على التراخي، على الأصح من أقوال أهل العلم.
--------------------------------------------------------------------------------
** أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم - جامعة القاهرة.
حكم الحج من المال الموهوب
الشيخ حسنين مخلوف -رحمه الله-**
يجوز للإنسان أن يؤديَ الحج فرضًا أو نفلاً من المال الذي يوهَب له (يُهدى له) ومن الجوائز المالية التي تُمنح له، ولو كان المقصود من إعطائها إياه المساعدة على أداء الحج؛ لأنه قد ثبت له مِلك هذه الأموال بمجرد قبضها ملكًا صحيحًا، فكان له حق التصرف فيها بسائر أنواع التصرف.
يدل عليه حديث بَريرة، فقد تُصدِّق عليها بلحم فأحضرته إلى بيت مولاتها أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فطبخته، ولم تقدمه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في طعامه لظنها أنه صدقة يحرُم عليه الأكل منها، فسأل عنه ليأكل منه وقال: "هو لك صدقة ولنا هدية".
وعليه فتَملُّك بريرة للطعام مع كونه صدقة أجاز لها التصرف فيه بالإهداء، ولذلك حل للرسول -صلى الله عليه وسلم- الأكل منه مع أن الأصل حُرمة أكله للصدقة، وهذا يدل على أن الإنسان يجوز له التصرف في المال الموهوب، وله أن يحج ويعتمر به؛ لأنه قد ثبت له مِلك هذا المال بمجرد قبضه. انتهى كلام الشيخ حسنين مخلوف -رحمه الله-.
ويقول محمود أحمد إسماعيل محرر استشارات الحج والعمرة في الموقع:(1/83)
لا خلاف في جواز الحج أو العمرة من المال الموهوب من الغير، لكن إذا بَرِئ هذا المال من الشُبَهة، فلا يكون المال المهدى من حرام أو يكون وراء هذا الإهداء غرض خبيث أو غير مشروع، فإذا كان الله –سبحانه- لا يُوجِب الحج على غير المُستطيع، فإن من سعة رحمة الله عُذْرًا لمَن لم يجد المال الحلال.
--------------------------------------------------------------------------------
** مفتي الديار المصرية سابقا.
تأثير الأمراض المعدية على القيام بالحج
الشيخ عطية صقر**
إن كانت العدوى مُحققة أو يغلب على الظن حصولها كان هذا المرض مُسقطًا لوجوب الحج عن المريض حتى يبرأ من مرضه؛ لأن القاعدة الفقهية تقول: درءُ المفاسد مُقدم على جلْب المصالح. وبخاصة أن المصلحة في الحج تعود على الشخص نفسه أكثر مما تعود على غيره، أما المفسدة فتصيب كثيرين غيره، ومع سقوط الحج عنه أرى أن مخاطرته بالسفر على الرغم من الظن الغالب للعدوى ممنوعة، إما على سبيل الكراهة أو التحريم تبعًا لدرجة احتمال العدوى، والأحاديث تُحذِّر من التعرض للعدوى والتسبب فيه. روى مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل مجذوم جاء يبايعه: "ارجع فقد بايعناك"، وقال كما رواه البخاري: "فِر من المجذوم فرارك من الأسد".
ومن أجل النهي عن الضرر والضِرار حرَّم الإسلام على حامل ميكروب المرض أن يخالط الأصحاء، أو يتسبب في الإصابة بالمرض بطريق مباشر أو غير مباشر؛ ولذلك حرَّم البصاق في الطريق والأماكن العامة، وحرَّم التبول والتبرز في موارد المياه ومواقع الظل وكل ما يرتاده الناس، وأمر بإبادة الحشرات والهوام وكل ما يؤذي حتى لو كان أثناء الإحرام.
ومما يؤثر ما رواه مالك أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رأى امرأة مجذومة تطوف بالبيت فقال لها: يا أمة الله لا تؤذي الناس، لو جلست في بيتك! ففعلت، ولم تشأ أن تخرج بعد موت عمر وقالت: ما كنت لأطيعه حيًّا وأعصيه ميتًا.(1/84)
--------------------------------------------------------------------------------
** رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقًا.
حكم تحديد أعداد الحجاج
الدكتور يوسف القرضاوي
يجوز تحديد أعداد الحجاج إذا كان من وراء ذلك مصلحة، وإذا كان فتح الباب على مصراعيه يؤدي إلى مفسدة، نحن نعلم أنه في بعض السنين كان فيه حوالي 3 ملايين حاج وحدث في عدة سنوات أن الناس تزاحموا في مرمى الجمار، وقتل الناس بالمئات، فمن المصالح المرسلة ومن سد الذرائع إلى الفساد أن يحدِّد الأعداد، هذا أمر اتفق عليه حكماء المسلمين.
فالمملكة العربية السعودية اتفقت مع المسلمين أن كل بلد يكون لها حد على قدر عددها، وليس من المعقول أن يسمح بأعداد من قطر مثل مصر، أو بأعداد من باكستان مثل تونس، فكل بلد على قدر النسبة التي تعيش فيه بحيث يكون العدد في أداء تلك الشعيرة معقولاً حتى لا يضار الناس بعضهم بعضًا.
والذي أعلمه أن السعودية بدأت تجعل بعض الضوابط على أهل السعودية نفسها والمقيمين وذلك بالحج مرة كل خمس سنين.
هذا كله لمصلحة المسلمين، فليس هذا تعنتًا ولا تحكّمًا، لنكن منصفين، هذا من مصلحة الحجاج أنفسهم حتى يستطيعوا أن يؤدوا الحج براحة وبدون مضايقة؛ لأن الإنسان حينما يؤدي هذه العبادة وهذا يضربه من هنا وهذا يزاحمه من هنا، لا يكون مستريح النفس كما لا يشعر بحلاوة العبادة.
سداد الدين وأداء الحج
دكتور عبد الله الفقيه**
أوجب الله تعالى الحج على المستطيع فقال: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران: 97]، والاستطاعة المالية أن يجد الإنسان وسيلة صالحة لمثله، تبلغه الحج بعد قضاء الواجبات، والنفقات الشرعية، والحوائج الأصلية. ويدخل في قضاء الواجبات سداد ما على الإنسان من ديون، مثل فواتير شركة الاتصال، وإيجار البيت، وغير ذلك. ولا يجوز تأخير قضاء الدين لمن وجد ما يقضي به.(1/85)
فمن كان عنده مال إن قضى به الدين، لم يتمكن من الحج، وإن حج لم يقض دينه فهذا ليس بقادر.
وإن أراد الحج -مع ذلك- لزمه إعلام الدائنين واستئذانهم، فإن لم يفعل صح حجه مع إثمه في تأخير سداد دينه.
وإن كان ما عنده من المال يفي بقضاء الدين ونفقة الحج فالحج واجب عليه، وسداد الدين واجب كذلك.
هذا في الديون الحالة، أما الديون المؤجلة التي لم يحن وقتها فقضاؤها ليس واجباً قبل ذلك، ولا حرج في الحج مع وجودها، ويجوز للإنسان أن يقترض ليحج، ويرجى له الإعانة من الله تعالى.
--------------------------------------------------------------------------------
** مشرف مركز الفتوى بالشبكة الإسلامية.
حكم الحج بمال اللوتو
الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة**
إن اليانصيب أو اللوتو شكل من أشكال القمار المحرم بنص كتاب الله تعالى، حيث قال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [سورة المائدة الآيات: 90 - 91].
والمال الذي يحصل عليه الشخص من اللوتو مال حرام؛ لأنه مكتسب بطريق محرم وهو القمار أو الميسر، حيث إن اللوتو أو اليانصيب يعتمد على الحظ، وقد ورد عن محمد بن سيرين ومجاهد وعطاء أنهم قالوا: [الميسر كل شيء فيه حظ].(1/86)
وينبغي على المسلم أن يتخلص من هذا المال الحرام بصرفه كله إلى الفقراء والمساكين أو صرفه في مصالح المسلمين العامة كبناء مدرسة أو مستشفى أو إصلاح طريق أو المرافق العامة ونحو ذلك، ولا يحل له أن ينتفع به هو وأهله وعياله، ولا يحل له أن يحتفظ بهذا المال؛ لأنه اكتسبه من طريق غير مشروع.
وقد نص كثير من أهل العلم على أن التخلص من المال الحرام يكون بالتصدق به، فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: [عن رجل مرابٍ خلَّف مالاً وولداً وهو يعلم بحاله فهل يكون المال حلالاً للولد بالميراث؟ أم لا؟ فأجاب: أما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن وإلا تصدق به. والباقي لا يحرم عليه...] مجموع الفتاوى 29/307.
وسئل شيخ الإسلام أيضا: [عن امرأة كانت مغنية واكتسبت في جهلها مالاً كثيرًا وقد تابت... فهل هذا المال الذي اكتسبته... إذا أكلت وتصدقت منه تؤجر عليه؟ فأجاب بأن هذا المال لا يحل للمغنية التائبة ولكن يصرف في مصالح المسلمين... إلخ) انظر مجموع الفتاوى 29/308 - 309.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية أيضًا: [عن الرجل يختلط ماله الحلال بالحرام؟ فأجاب بأنه يخرج قدر المال الحرام فيرده إلى صاحبه وإن تعذر عليه ذلك تصدق به] مجموع الفتاوى 29/308.(1/87)
وقال الإمام القرطبي عند تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ) سورة البقرة: 297. ما نصه: [قال علماؤنا إن سبيل التوبة مما بيده من الأموال الحرام إن كانت ربًا فليردها على من أربى عليه ويطلبه إن لم يكن حاضرًا فإن أيس من وجوده فليتصدق بذلك. وإن أخذ بظلم فليفعل كذلك في أمر من ظلمه، فإن التبس عليه الأمر ولم يدرِ كم الحرام من الحلال مما بيده فإنه يتحرى قدر ما بيده مما يجب رده حتى لا يشك أن ما يبقى قد خلص له فيرده من ذلك الذي أزال عن يده إلى من عُرف ممن ظلمه أو أربى عليه، فإن أيس من وجوده تصدق به عنه، فإن أحاطت المظالم بذمته وعلم أنه وجب عليه من ذلك ما لا يطيق أداءه أبدًا لكثرته فتوبته أن يزيل ما بيده أجمع إما إلى المساكين وإما إلى ما فيه صلاح المسلمين...] تفسير القرطبي 3/366.
ومما يدل على ذلك ما رواه أبو داود بإسناده عن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر أوسع من قبل رجليه أوسع من قبل رأسه. فلما رجع استقبله داعي امرأة فجاء وجيء بطعام فوضع يده ثم وضع القوم فأكلوا، فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه ثم قال: أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها. فأرسلت المرأة فقالت: يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة فلم أجد فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل إليَّ بها بثمنها فلم يوجد فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إليَّ بها. فقال: أطعميه الأسارى]. فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتصدق بالشاة المطبوخة التي قدمت له ولأصحابه لما علم أن الشاة أخذت بغير إذن صاحبها.
قال العلامة علي القاري: [فظهر أن شراءها غير صحيح؛ لأن إذن جارها ورضاه غير صحيح] مرقاة المفاتيح 10/ 297.(1/88)
وقد قاس بعض أهل العلم التخلص من المال بالتصدق به قاسوه على اللقطة إن تعذر ردها إلى مالكها فإن الملتقط يتصدق بها.
وينبغي أن يعلم أن إخراج المال الحرام والتحلل منه ودفعه إلى الفقراء والمساكين يسمى هذا الدفع صدقة بالنظر إلى الفقير لا بالنظر إلى المعطي ذلك أن التائب من المال الحرام بإخراجه إلى الفقراء والمساكين لأجل أن تقبل توبته لا لأجل الأجر والثواب فهذا الإخراج من مكملات التوبة وشروطها ولا أجر لهذا الشخص في تخلصه من المال الحرام.
ولا ينبغي للمسلم أن يحج من هذا المال الحرام فالحج من أعظم الطاعات فينبغي أن يكون المال الذي ينفق فيه من أطيب المال وأحله. يقول الله تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) سورة البقرة الآية 117.
ويقول الله تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) سورة المائدة الآية 27.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله تبارك وتعالى يقبل الصدقات ولا يقبل منها إلا الطيب) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح
وفي حديث آخر قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما تصدق أحد من صدقة من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه... الحديث) متفق عليه.
--------------------------------------------------------------------------------
** أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - فلسطين.
حكم الحجُّ من مِنْحة البنك للعاملين به
فضيلة الشيخ الدكتور نصر فريد واصل**
يقول الله تعالى: (وللهِ علَى الناسِ حِجُّ البيتِ مَنِ استطاعَ إليهِ سَبيلاً) (آل عمران: 97) من هذه الآية يَتَّضِحُ أن مِن شروط وُجوب الحجِّ الاستطاعة، وهي تشمل الاستطاعة البدنية والاستطاعة المالية، فمن ملَك زادًا وراحلة وتوافرت فيه باقي شُروط وُجوب الحج وَجَبَ عليه أن يَحجَّ لتحقيق الاستطاعة، ومَن لم يَجد زادًا ولا راحلةً فلا حجَّ عليه.(1/89)
وقد اتفق فقهاء الإسلام على أنه إذا لم يكن للمُكلَّف مال لم يلزمه الحج، وإن وهَب له أجنبيٌّ مالاً ليَحجَّ به لم يَلزمه قبوله إجماعًا، وإن قبِله وحجَّ به صحَّ حجُّه وسقطتْ عنه الفريضة.
إن الحجَّ جائز دائمًا إذا كان المالُ حلالاً، سواء أكان ذلك المال من مال الشخص نفسه أم كان من مال الغير المُتبرّع به عن طيب نفس.
وقد كان بعض الصالحين الأثرياء من سلَفنا الصالح يَحجُّ ويأخذ معه مجموعة من الفقراء الذين لم يُؤدُّوا فريضةَ الحج فيُنفق عليهم.
فقد كان الإمام: عبد الله بن المُبارك يحجُّ على نفقته كل عام عشرات ممَّن لم يَحجُّوا من قبلُ، وهي سُنة جميلة لها ثوابها الجزيل. ولذلك فإن المال المُهدَى مِن الغير يَجوز الحجُّ به إذا بَرِئ من الشبهات.
وبناء على ما ذُكر فإنه إذا كان المال الذي سيُساهم به البنك في جزء من تكاليفِ نفقات حجِّ العاملين به مَملوكًا ملكيةً خالصةً للبنك، أو مِن أرباحه المُخصَّصة له، خاليًا من مَظِنَّة الشُّبهة، وليس من أصل أموال المُودِعِين أو المُؤسسِين أو أرباحهم، فإنه لا مانعَ شرعًا من مُساعدة العاملين بالبنك المُحتاجين بجزء من هذه الأموال إذا ما قبِلُوه لهذا الغرَض، ولا يَنقُص أو يُخلُّ بسلامة أداء مناسك الحج للعاملين به.
--------------------------------------------------------------------------------
** مفتي جمهورية مصر العربية الأسبق.
مشروعية التجارة في الحج والعمرة
الدكتور أحمد الشرباصي**
يقول الله سبحانه في حكمة الحج: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) (سورة الحج: 27، 28) ويقول سبحانه: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضلاً مِنْ رَبِّكُمْ) (سورة البقرة: 198).(1/90)
إن المنافع التي يشهدها الحُجاج كثيرة متنوعة، منافع دينية ومنافع دنيوية، ومن المنافع الدنيوية رزق أهل مكة استجابة لدعوة إبراهيم -عليه السلام- حينما وضع ولده إسماعيل وأمه هاجر في هذا الوادي الذي ليس فيه زرع. والرزق قد يكون بدون مقابل كالهدي والفِداء أو بمقابل كالبيع والشراء للهدي ولغير الهدي، ففيه نشاط تجاري دنيوي، كما أن فيه نشاطًا دينيًّا.
وابتغاء الفضل من الله في موسم الحج بالتجارة والكسب الحلال ليس فيه حرج، وقد جاء في سبب نزول هذه الآية ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: إن الناس في أول الحج -أي في الإسلام- كانوا يتبايعون بمنى وعرفة وذي المجاز -موضع بجوار عرفة- ومواسم الحج وهم حرم. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وما رواه أبو داود عن ابن عباس أيضًا أن الناس كانوا لا يتجرون بمنى، فأمروا أن يتجروا إذا أفاضوا من عرفات.
فالتكسب الحلال في أثناء الموسم لا حرج فيه، بمعنى أنه لا يفسد الحج، ولا يضيع ثوابه، روى أبو داود وسعد بن منصور أن رجلاً قال لابن عمر رضي الله عنهما: إني رجل أكري -أؤجر الرواحل للركوب- في هذا الوجه، وإن أناسًا يقولون لي: إنه ليس لك حج فقال ابن عمر: أليس تُحْرِم وتُلبي وتطوف بالبيت وتفيض من عرفات وترمي الجمار؟ قال: بلى، قال: فإن لك حجًّا، جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن مثل ما سألتني، فسكت عنه حتى نزلت هذه الآية: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضلاً مِنْ رَبِّكُمْ) (البقرة: 198) فأرسل إليه وقرأ عليه هذه الآية، وقال: "لك حج" وما رواه البيهقي والدراقطني أن رجلاً سأل ابن عباس: أؤجر نفسي من هؤلاء القوم فأنسك معهم المناسك، ألي أجر؟ فقال له: نعم (أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (سورة البقرة: 202).(1/91)
تبين هذه المأثورات أن الذين يحجون ويزاولون أعمالاً تجارية حجهم صحيح غير فاسد لا تجب عليهم إعادته، وتسقط عنهم الفريضة، أما الثواب فظاهر هذه الآثار أن الله لا يحرمهم منه، ولكن يجب مع ذلك مراعاة الحديث الصحيح "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، وإذا تعددت النوايا في عمل صالح يمكن أن يرتبط الثواب بما غلب من هذه النوايا، والأمر كله لله من قبل ومن بعد، وهو سبحانه عليم بذات الصدور.
--------------------------------------------------------------------------------
رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف سابقًا
الاقتراض من أجل الحج
فضيلة الشيخ عطية صقر**
معلوم أن الحج يجب على المستطيع، ومن الاستطاعة القدرة المالية، فإذا وجد المسلم المال الذي يكفي لنفقات الحج زائدًا على النفقات الواجبة عليه لمن يعولهم وجب الحج عليه، وقد رأى بعض العلماء أن يكون هذا المال زائدًا على نفقته ونفقة من يعولهم مدة العمر الغالب، وليس مدة الغياب في الحج، فلو كان له مورد رزق ثابتًا يدر عليه سنويًّا أو شهريًّا ما يكفيه هو وأسرته ولو باع شيئًا منه ليحج أثر ذلك على حياته وحياة أسرته تأثيرًا شديدًا يلجئه إلى الاستدانة أو السؤال فلا يجب عليه الحج عن طريق الاستغناء عن بعض ممتلكاته، لكنه لو فعل ذلك وحج صح حجه وأغناه عن حجه الإسلام، وإن كان لا ينجو من المؤاخذة على ما ألجأ نفسه وأسرته إليه مما لا يرضاه الإسلام.
وبالمثل يقال فيما إذا لم يجد ما يزيد على نفقته ونفقة أسرته فهل يقترض ليحج؟
لا يجب عليه الاقتراض لذلك؛ لأن الاقتراض للحج منهي عنه بدليل الحديث الذي رواه البيهقي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل لم يحج، هل يستقرض للحج؟ فقال: "لا"، والنهي الذي تضمنه النفي قيل للتحريم وقيل: للكراهة.(1/92)
لكن يجوز له أن يقترض ويحج إذا اطمأن إلى أنه سيرد القرض دون تأثير كبير على دخله وعلى أسرته، ومن صور الاقتراض تكوين جمعية أو إنشاء صندوق باشتراكات من الأعضاء، يأخذ حصيلتها شهريًّا أو سنويًّا بعض الأعضاء الذين يمكنهم الحج بهذه الحصيلة مع مداومة الاشتراك ليؤدي ما عليه؛ وهذه الصورة من التكافل جائزة.
--------------------------------------------------------------------------------
رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف سابقًا
رضوى الاسم
حكم الاشتراط في الإحرام العنوان
فقهية الموضوع
عزمت على العمرة وأحرمت وفي أثناء الطريق عرض لي عارض يحول دون إتمام الإحرام، فهل يلزمني الاستمرار على الرغم من ذلك، أو يجوز لي التحلل من الإحرام؟ السؤال
17/02/2008 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول فضيلة الشيخ عطية صقر-رحمه الله-رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف سابقاً :
جاءت في كتب الفقه صورة من الإحرام تفيد في مثل العوارض التي تعترض الحاج أو المعتمر ولا تمكنه من إتمام حجه أو عمرته، وهي الإحرام مع الشرط .
بمعنى أن يقول:أحرمت لله بالحج أو العمرة وإذا مرضت تحللت منه، أو إذا فقدت النفقة أو حدث حادث معين، فهنا يجوز له التحلل من الإحرام عند وجود هذا الشرط، وإذا لم يشترط في التحلل أن يكون بهدي فلا يلزمه الهدي .
وهذا التحلل يجوز قبل الوقوف بعرفة وبعده، ويكون التحلل بحلق شعره أو تقصيره مع نية التحلل .
والدليل على ذلك ما رواه الشيخان عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ضُباعة بنت الزَّبير -بضم الضاد وفتح الزاي- وهي بنت عمه فقال لها: "أردت الحج"؟ فقالت: والله ما أجدني إلا وجعة، فقال "حجي واشترطي وقولي:اللهم محلي حيث حبستني" والمرض حبس عن إتمام النسك .
والله أعلم .
سالم الاسم(1/93)
طيب المحرم واغتساله العنوان
فقهية الموضوع
هل صحيح أن الحاج ممنوع من الاستحمام والتطيب ولو تغيرت رائحته بالعرق ونحو ذلك، مع أن الإسلام دين النظافة؟ السؤال
21/02/2008 التاريخ
أ.د عبد الفتاح إدريس المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه بجامعة الأزهر :
لا شك أن من محظورات الإحرام مس الطيب في حال الإحرام لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلبسوا القمصاء ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحدًا لا يجد نعلين فيلبس خفين وليقطعهما أسفل الكعبين، ولا يلبس من الثياب ما مسه زغفران."
والمقصود بهذا أن المحرم بعد إحرامه بالحج أو العمرة لا يقرب الطيب ولا يمسه بدنه أو ثوبه للنهي عن ذلك صراحة في هذا الحديث.
ولكن إذا اغتسل قبل الإحرام بالحج أو العمرة وطيب ثوبه أو بدنه فإن ذلك جائز عند جمهور الفقهاء؛ لحديث السيدة عائشة رضي الله عنها: (كنت أطيب رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت).
وقد أنكر عبد الله بن عمر قولها هذا فبلغها ذلك فقالت يرحم الله أبا عبد الرحمن لقد طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف على نسائه ثم أصبح محرمًا.
ولكن يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الطيب قبل الإحرام في الثوب أو البدن؛ لما روى أن رجلاً سأله فقال: ما ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعدما تضمخ بطيب؟ فنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أفاق قال:( أين السائل عن العمرة آنفاً فأوتي به فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاثًا، وأما الجبة فانزعها ثم اصنع ما شئت في عمرتك كما تصنع في حجك.)(1/94)
وهذا دليل على أن إمساس المحرم بدنه أو ثوبه بالطيب ممنوع، وأما حديث عائشة فقد تأوله بعض الفقهاء على أن رسول الله بعدما طيبته السيدة عائشة قبل إحرامه زال عنه هذا الطيب بالاغتسال عند الإحرام فصار عند إحرامه ولا طيب عليه لا في بدنه ولا في ثوبه.
وإذا علمنا أن الحكمة من شرعية الحج أن يتجرد المسلم من شواغل الدنيا، وأن يظهر المسلمون في صعيد عرفة ومنى وغير ذلك من المناسك شعثًا غبرا للتذكير بموقفهم عند الحشر.
ويمنع المحرم من الاغتسال لأنه ربما أزال بعض شعر رأسه أو بدنه وهذا منهي عنه بقصد أو بغير قصد لقول الحق سبحانه وتعالى: " ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله" وهذا يقتضي منع الاغتسال إلا بعد التحلل من الإحرام خشية إسقاط بعض شعرات عند الاغتسال ، وهذا لا ينافي أن الإسلام دين النظافة وذلك لأن مدة الإحرام مدة قليلة لا تتجاوز ثلاثة أيام.
والله أعلم .
عمرو الحكيم - مصر الاسم
إحرام المتمتع من مكة العنوان
فقهية الموضوع
هل الاحرام بالحج بالنسبة للمتمتع يكون من محل اقامته فى مكة أم لابد له من الخروج الى الميقات أولاً والإحرام من هناك؟
وجزاكم الله خيرًا على هذه الخدمة العظيمة السؤال
14/02/2001 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يحرم الحاج المتمتع الماكث في مكة من منزله كما أحرم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من منازلهم في الأبطح في حجة الوداع بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
وهكذا من كان في داخل مكة يحرم من منزله لحديث ابن عباس ( وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( ومن كان دون ذلك - أي دون المواقيت - فمهّّله من أهله حتى أهل مكة يهّلون من مكة) متفق على صحته.
والله أعلم
مرام - البحرين الاسم
وقت وزمن الإحرام بالحج العنوان
فقهية الموضوع
هل علي الذي ينوي الحج أن يحرم من بداية العشر أومن وقت إحرامه؟ ومتى يبدأ الإحرام؟ السؤال(1/95)
30/10/2007 التاريخ
أ.د عبد الكريم زيدان المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالإحرام من وقت الإحرام كان ذلك في بداية العشر أو شهور الحج التي سنبينهالك. أما بداية الإحرام الفعلية فتبدأ عند النية بالإحرام وليس عند الغسل، لأن الغسل من سنن الإحرام وليس من شروطه .
بالنسبة للجزء الأول من السؤال والخاص بوقت الإحرام .. فيري الشافعية، ومن وافقهم أن زمان الإحرام أشهر الحج، ولا يجوز الإحرام للحج قبل هذه الأشهر، واحتجوا بقوله تعالى (الحج أشهر معلومات)، وإن أحرم بالحج في غير أشهره انعقد إحرامه للعمرة لا الحج.
وقال الحنابلة: لا ينبغي أن يحرم بالحج قبل أشهره وهو الأولى، أما الإحرام بالحج قبل أشهره فمكروه ،فإن أحرم به قبل أشهره صح، وإذا بقي على إحرامه إلى وقت الحج؛ جاز نص عليه أحمد والنخعي، ومالك، والثوري، وأشهر الحج هي (شوال وذي القعدة وبقية أيام من ذي الحجة) فيصبح الإحرام بالحج فيها باتفاق العلماء.
أما عن بداية وقت الإحرام.. فإنه لا خلاف في أنه إذا نوى وقرن النية بقول أو فعل أو دلالة بأن كان ناويا الحج كأن يقول :"اللهم إني أريد الحج أو العمرة أويقول :اللهم إني أريد الحج والعمرة، فإنه قد بدأ الإحرام ،وكذلك إن لم ينطق بشيء ،واقتصر على مجرد النية وقصد الحج أو العمرة كفاه .
والله أعلم .
مها - مصر الاسم
تغيير النية بعد الإحرام العنوان
أسكن مدينة جدة ؛ ونويت الحج وأحرمت من المنزل وذهبت للحرم لكن لظروف خارجة عن إرادتي لم أستطع أداء الحج ولم أبدأ الطواف ثم رجعت إلى منزلى بجدة دون تأدية المناسك فهل علي شئ؟
السؤال
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الشيخ عطية صقر-رحمه الله-رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا :(1/96)
اتفق العلماء على أنه إذا لم يجاوز المحرم الميقات فيجوز له تغيير النية حيث لم يشرع في شيء عملي من أعمال الحج أوالعمرة.
أما بعد تجاوز الميقات فقال بعض العلماء: لا يجوز تغيير النية وأجاز بعضهم التغيير للنية حتى بعد تجاوز الميقات.
واستدلوا على ذلك بما حدث للنبي -صلى الله عليه سلم- ومن معه في حجة الوداع، على الخلاف في أنه كان مفردًا أو قارنًا أو متمتعًا كما جاء في عبارة جابر في رواية مسلم أنهم أهلوا مع رسول الله وقال: لسنا نرى إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، ولكن بعد انتهاء الرسول من الطواف والسعي قال "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة" فقام سراقة بن مالك بن جعشم وقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم لأبد؟ فقال" بل لأبد أبد"، وهذا ما يظهر ترجيحه لوجود النص على ذلك ولو مع عدم قطعية الدلالة
وعليه فيجوز تغيير نية الإحرام ولو جاوز المحرم الميقات ؛ وليس عليه شيء على الراجح .
والله أعلم .
أسامة - البحرين الاسم
حكمة عدم لبس المخيط عند الإحرام العنوان
فقهية الموضوع
هل هناك سر معين لعدم لبس المخيط للحاج والمعتمر؟ أم هي كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم دون حكمة معينة. وشكراً
السؤال
29/03/2009 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فبرغم أن عدم لبس المخيط للحاج أوالمعتمر من الأمور التوقيفية ، لكن لا يعني هذا أنه يخلو من حكمة عظيمة القدر، بل لا يوجد فعل من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم دون حكمة، سواء علمنا هذه الحكمة أم لا .
وإليك بعض أسرارعدم لبس المخيط للحاج أو المعتمر :(1/97)
إن الشارع الحكيم أمرنا بعدم لبس المخيط وعدم تغطية الرأس عند الإحرام؛ ليكون الإنسان في أعلى درجات الخضوع والتذلل لله- تعالى- كأنه يقول في هذه الحالة: يا رب إني لا أملك لنفسي من الأمر شيئًا، وإنَّ كل ما في هذا الوجود لا أملك فيه فتيلاً، وإنك أنت المالك لكل كائن ويكون، وها أنا واقف بين يديك كيوم ولدتني أمي، ليس عليَّ من عرض الدنيا إلا ما أستر به العورة.
وفي عدم لبس المخيط إشارة إلى أنه أشبه بالطفل المولود الملفوف في شيء غير مخيط، أي أنه لا يملك لنفسه شيئًا من حطام الدنيا؛ إذ الملك لله وحده، ولا يخفى أن هذه الحالة هي أكبر درجات الخضوع وأسمى منازل الخشوع، والغاية القصوى في التذلل للخالق -جل شأنه.
وهناك حكمة أخرى، وهي أن الحاج أو المعتمر بهذه الحالة يتذكر أهل المحشر وهم واقفون بغير لباس على بدنهم، والذكرى تنفع المؤمنين .
والله أعلم .
أبو جهاد - البحرين الاسم
حكم من أحرم وحدث له عارض العنوان
فقهية الموضوع
ماحكم من تجاوز الميقات ملبياً بحج أو عمرة ولم يشترط وحصل له عارض ؟
السؤال
19/02/2007 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإن أحرم الحاج أو المعتمر ، ولبى ، ولم يشترط ، ثم حدث له مايمنعه عن الحج أو العمرة ، فإنه يذبح ذبيحة في الحرم أو في الحل ، ويعطيها الفقراء ، ثم يحلق أو يقصر ثم يتحلل بعدها، فإن لم يستطع الهدي صام عشرة أيام ثم حل أو قصر وتحلل.
وإليك تفصيل ذلك فيما ذكره فضيلة العلامة عبد العزيز بن باز "رحمه الله" :
هذا يكون محصرا، إذا كان لم يشترط ثم حصل عليه حادث يمنعه من التمام إن أمكنه الصبر لعله يزول أثر الحادث ثم يكمل صبر، وإن لم يتمكن من ذلك فهو محصر على الصحيح والله قال في لمحصر: "فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ".(1/98)
والصواب أن الإحصار يكون بالعدو ويكون بغير العدو فيهدي ويحلق ويقصر ويتحلل هذا هو حكم المحصر يذبح ذبيحة في محله الذي أحصر فيه. سواء كان في الحرم أو في الحل ويعطيها الفقراء في محله ولو كان خارج الحرم.
فإن لم يتيسر حوله أحد نقلت إلى فقراء الحرم أو إلى من حوله من الفقراء أو إلى فقراء بعض القرى ثم يحلق أو يقصر ويتحلل، فإن لم يستطع الهدي صام عشرة أيام ثم حل أو قصر وتحلل.انتهى كلام الشيخ بن باز "رحمه الله "
للمسلم أن يشترط في إحرامه إذا كان يخشى أن يعيقه أي ظرف طارئ عن إتمام عمرته وحجه . كالمرض أو الخوف أو غير ذلك ، فيقول بعد إحرامه : ( إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) وفائدة هذا الاشتراط أنه لو عاقه شيء فإنه يحل من إحرامه بلا فدية ، والفدية التي ذكرنا على رأي الجمهور، في حين يرى المالكية الفدية على المحصر إن كان قادراً عليها ، وإلا فلا فدية عليه.
والله أعلم.
خالد - السعودية الاسم
تغيير النية بعد الإحرام بالحج والعمرة العنوان
أسكن مدينة جدة ؛ ولقد نويت للعمرة وأحرمت من المنزل وذهبت للحرم المكى الشريف ودخلت فيه لكن لظروف خارجة عن إرادتى لم أستطع أداء العمرة ولم أبدأ حتى بالطواف ورجعت آخر الليل إلى منزلى بجدة من غير استكمال لمناسك العمرة فما هو حكم ذلك ؟ وهل على من شىء؟ شكرا
السؤال
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فيقول الشيخ عطية صقر من كبار علماء الأزهر الشريف :
اتفق العلماء على أنه إذا لم يجاوز المحرم الميقات فيجوز له تغيير النية حيث لم يشرع في شيء عملي من أعمال الحج أوالعمرة.
أما بعد تجاوز الميقات فقال بعض العلماء: لا يجوز تغيير النية وأجاز بعض العلماء تغيير النية حتى بعد تجاوز الميقات.(1/99)
واستدلوا على ذلك بما حدث للنبي -صلى الله عليه سلم- ومن معه في حجة الوداع، على الخلاف في أنه كان مفردًا أو قارنًا أو متمتعًا كما جاء في عبارة جابر في رواية مسلم أنهم أهلوا مع رسول الله وقال: لسنا نرى إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، ولكن بعد انتهاء الرسول من الطواف والسعي قال "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة" فقام سراقة بن مالك بن جعشم وقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم لأبد؟ فقال" بل لأبد أبد"، وهذا ما يظهر ترجيحه لوجود النص على ذلك ولو مع عدم قطعية الدلالة.
وعليه فيجوز تغيير نية الإحرام ولو جاوز المحرم الميقات ؛ وليس عليه شيء على الراجح.
والله أعلم.
سعيد - المغرب الاسم
إحرام القادم بالطائرة العنوان
فقهية الموضوع
من أين يحرم القادم بالطائرة ؟ أفيدونا مشكورين السؤال
20/11/2008 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فللقادم بالطائرة للحج أو العمرة أن يُحرم بعد هبوط الطائرة، فإذا نزل في موقع الميقات أو قبله أحرم منه، أما إذا الميقات وهو في الطائرة أحرم من المكان الذي نزل فيه، كما يمكنه أن يلبس الإحرام من بيته قبل سفره ثم ينوي الإحرام وهو في الطائرة قبل الميقات .
وإليك نص فتوى الشيخ عطية صقر-رحمه الله-رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا :(1/100)
منذ أكثر من أربعين عامًا، والناس تتساءل، وتسأل أهل العلم من فقهاء الشريعة عن مكان الإحرام، الذي لا يجوز لقاصد البيت العتيق أن يتجاوزه إلا مُحْرِمًا ملبيًا، هاجرًا ملذَّاته ورفاهيته التي كان يعيشها، ومُتَجَرِدًا من ملابسه المَخيطة، ومُكتفيًا من متعة هذه الحياة الدنيا وزينتها بالإزار والرداء، ذلك الرمز العظيم الذي يذكره بصورة فعلية (لا قوليّةٍ فقط) بذلك اليوم الرّهيب الذي سيُقبل فيه على ربه بعد أن ينتزعه الموت المحتَّم من قلب كل مُتعة أو زينة، أو لذة، أو نعمة، أو سلطة، أو وَجاهة، أو أموال كان يتمتّع، وينعَم بها في دنياه.
هذا الإحرام الجليل المعنى الذي أوجبَه الإسلام على قاصد الحجِّ أو العمرة، أي مكان هو ميقاته لمن يأتي جوًّا بالطائرة؟ تلك الوسيلة الحديثة التي لم تكن معروفة، ولا تخطُر في البال حين حدَّد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ حدود المواقيتِ المكانيّة للقادمين إلى الحج أو العُمرة من مختلف البِقاع والجهات الأرضيّة، فلا يجوز لأحد أن يتجاوزَها إلا مُحرِمًا؛ تعظيمًا لشأن البيتِ العَتيق قبل الوصول إليه.
فأقول مستعينًا بالله، راجيًا أن يهديَني إلى الصواب الحقِّ من أقرب مَحَجَّة، وأوضح حُجَّة، إنه هو ولي التوفيق.
ممّا لا خِلاف فيه بين أئمة السلف من مُحدِّثين وفقهاء: أن المواقيت المكانيّة للإحرام قد حدَّدها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ للقادمين من جهاتٍ أربع كما يلي:
1 – ذو الحليفة لأهل المدينةِ، من أراد منهم الحج أو العمرة. وهذه أبعد المواقيت مَسافة عن مكّة، وتسمَّى اليوم (آبار علي).
2 – الجُحْفة لأهل الشام.
3 – قرن المنازل لأهل نجد القادمين من الشرق.
4 – يَلَمْلَم لأهل اليمن القادمين من الجنوب.(1/101)
وقد أعلن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين حدّدها أنّ هذه الحدود هي مواقيت لأهل تلك الجِهات، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممّن أراد الحجّ أو العمرة، ومن كان دون ذلك (أي: من كان مقامه في موضع يقع بين أحد هذه المواقيت وبين مكة)، فإنه يُحْرِم من مقامِه ذاك، حتى إن أهل مكّة يُهِلُّون من مكّة. (أخرجه البخاري في باب: مهلّ أهل مكة عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، وأخرجه مسلم في مواقيت الحج والعمرة، وأبو داود، والنسائي، في ميقات أهل اليمن، كما نقله غيرهم من أئمة الحديث).
وواضح أن حديث المواقيت هذا لا يشمل بالنّص إلا أهل تلك المواقيت، ومن مرّ بها فقط، فليس فيه شيء عمّن لا يمرُّ فعلًا بأحدها، ولكنه حاذَى من قريب بعض تلك المواقيت، فإلحاق المُحاذاة بالمرور إنما تقرَّر بالاجتهاد، فقد روى أئمة الحديث أن عمر ـ رضي الله عنه ـ هو الذي حدّد ذات عِرْق ميقاتًا لأهل العراق، لمُحاذاتها قرنَ المنازل، اجتهادًا منه، وذلك بعد فتح العراق.
فقد روى البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: لما فُتِح هذان المِصران ـ الكوفة والبصرة ـ أتَوْا عمر بن الخطّاب فقالوا: يا أمير المؤمنين! إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حُدَّ لأهل نجد قرنًا، وإنّه عن طريقنا، وإن أردنا أن نأتيَ قرنًا شقَّ علينا! قال: فانظروا حذوَها من طريقكم. قال: فحدّ لهم ذاتَ عِرق.
وروى الإمام الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ في "الأم" عن ابن جُريج عن ابن طاووس عن أبيه، قال: "لم يوقِّت رسولُ الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ ذات عِرق، ولم يكن حينئذٍ أهل مَشرِق، فوقَّت النّاس ذات عِرق". وروى الشافعي مثل ذلك عن أبي الشّعثاء (ر: الأم 2/118).(1/102)
وهناك من الأئمة من يرى: أن تحديد ذات عِرق مهلًّا لأهل المَشرق وارد عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وليس اجتهادًا من عمر ـ رضي الله عنه ـ ويُوردون أحاديث في ذلك. ولكنّ جمهور أهل الحديث يقرّرون: أن الأحاديث التي ورد فيها النص على أن ذات عِرق ميقات لإحرام أهل المشرِق ـ كلّها ضعيفة لا تنهَض حجّة، فالصحيح عندهم أن هذا التحديدَ لأهل العراق والمشرِق إنّما هو اجتهاد من عمر، أخذًا بالمُحاذة السَّمْتيّة لأقرب مِيقات إلى جِهتهم. (ر:المجموع 7/191، ونيل الأوطار 4/332).
مما تقدَّم يتضح أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ لم يحدِّد مواقيت مكانيّة إلا للقادمين بَرًّا من أطراف شبه الجزيرة العربية الثلاثة وهي: الشّمال، والشّرق، والجنوب؛ لأن هذه الجهات الثلاث هي التي يمكن ـ إذ ذاك ـ أن يأتي منها المسلمون حُجَّاجًا أو معتمِرين، وقد حَدّد للقادمين من الشمال مِيقاتَين: واحدًا لأهل المدينة (ذو الحُليفة)، وآخر لأهل الشّام (الجُحْفَة) لأنّ الشام كان فيه لأهل الحجاز رحلة الصّيف التّجاريّة، فقد يعودون من الشّام قاصدين حَجًّا أو عمرة، فهؤلاء عندئذٍ إما أن يأتُوا من طريق يثرب، فيتبعون ميقات أهلها، وإما أن يأتُوا من طريق أخرى لا تمرُّ بيثرب، فجعل الجُحفة عندئذٍ ميقاتًا لهم، وهي قريب من مكّة.
أما جهة الغرب فلم يحدِّد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها ميقاتًا مكانيًّا؛ لأن الجهة الغربيّة بحرٌ، وفي الغرب منه أفريقيّة التي لم يصل إليها الإسلام إذ ذاك، ولا يعلم ما سيكون من أمرها إلا الله. وقد حدّد الفقهاء فيما بعد لأهل مصر والمغرب إذا جاؤوا بطريق البَرِّ ميقات أهل الشام، وهو الجُحفة؛ لأنه طريقهم الطبيعيّ ـ إذ ذاك ـ قبل شقِّ قناة السويس في عصرنا هذا.(1/103)
وقد كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما هو معروف ـ لا يرغَب أن يقرِّر أحكامًا مسَّبقة، لأمور غير واقعيّة، حتى إنه لم يكن يرغب أن يُسأل عمّا سكتَ عنه، بل كان يترك ذلك للاجتهاد في ضوء سنّته الشريفة، ومقاصد الشّريعة المُستفادة من كتاب الله تعالى الحكيم، وخاصّة منها رفع الحرج، كما نَوَّه به القرآن العظيم.
ومعروفة قصة الصّحابي الذي سأل عن الحجِّ حين أوجبه الله على من استطاع إليه سبيلًا: أفي كلِّ عام يا رسول الله؟ فقال له: "لو قلت نعم لوجب عليكم ولَمَا استطعتم"(2)، وكذلك قوله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ في صحيح أحاديثه: "إن الله فرضَ فرائض فلا تضيِّعوها، وحَدَّ حدودًا فلا تعتدوها، وسكتَ عن أشياءَ رحمةً بكم فلا تسألوا عنها"(3) أي: لا تسألوا عنها قبل وقوعها، فإذا وقعت فاجتهدوا برأيكم وعلمكم، أو اسألوا عندئذٍ أهل الذِّكر والعلم، وليس المراد عدم السؤال عنها أبدًا؛ إذ لو وقعت في مستقبل الزمن، واحْتِيج إلى معرفة حكم الشرع فيها، لابد حينئذٍ من السؤال عنها، والبحث فيها لمعرفة ما يجب بشأنها في ضوء أدلة الشريعة.
وفى ضوء ما تقدّم يتبيَّن أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يحدّد أيضًا ميقاتًا بحريًّا؛ لأن المجيء للحجّ والعمرة ـ إذ ذاك ـ في حياة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن بالسّفنِ من جهة البحر الأحمر (بحر القلزم)، فيبقى حكمه في المستقبل للاجتهاد، إذا قدَّر الله للإسلام أن يمتدّ غربًا إلى أفريقيّة، كما حصل فيما بعد، والحمد لله.(1/104)
هذا؛ وقد قرّر الفقهاء أن من لم يمُرّ بأحد هذا المواقيت، بل سلك طريقًا بين مِيقاتين، فإنّه يتَحَرَّى ما يحاذي أحدهما من طريقه بغلبة الظّنِّ فيُحْرِم منه، فإن لم يَتبيّن له قال الحنفيّة: يُهِلُّ عندئذٍ بالإحرام على بعد مرحلتَيْن من مكّة؛ لأن هذه المسافة هي أدني تلك المواقيت إلى مكة (ر: الدر المختار 2/154 ـ البولاقية الأولى ـ والمُقنع من كتب الحنابلة 1/394 والمغني مع الشرح الكبير / "ط أولى 3/214 والإنصاف للمِرْداوي 3/427).
في ضوء ما تقدم من عرض الواقع في عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من تحديد ما حَدّد بالنص الصريح من مواقيت الإحرام، وما سكت عنه، وتركه للاجتهاد من علماء الأمة، وما حدث بعده من اعتماد المُحاذاة باجتهاد عمر ـ رضي الله عنه ـ، أقول: إن مُعالجة قضايا الساعة لا يصحُّ منا أن نعالِجَها، ونقرّر لها حلولًا شرعيّة مُنطلقين من خلفيّة مذهبيّة، أو فكرة مسبَقة ننظر من زاويتِها إلى القضية المستجِدّة، ونجرِّدها من مُلابساتها وظروفها الخاصّة لنجرَّها جَرًّا إلى المقعد الذي هيّأناه سلفًا إلحاقًا وتعميمًا، سواء أكان ملائِمًا لطبيعتها وظروفها وملابساتها، أو غير ملائم، ولو كان هذا الإلحاق والتعميم سيزجُّ بالمكلَّفين في مشقّة وحرج، نفَتْهما النُّصوص القطعيّة في الكتاب والسنة عن هذه الشريعة السّمحة الخالدة.(1/105)
فقضايا الساعة (ومن أكبرها أهمية وحاجة للحلول الشرعية المناسبة اليوم موضوعنا هذا، وهو: من أين يجب أن يُحْرِم القادم جَوًّا بالطائرة للحج أو العمرة) يجب أن تعالَج بفكر فقهي حرٍّ، كأنّما يريد أن يرى النصوص والأدلّة المتعلِّقة بها لأول مرّة مجرَّدًا عن الخلفيّات المذهبيّة، والآراء المسبَقة؛ التي تتحكَّم في توجيه فكره دون أن يشعُر، وعليه أن يُنعم النظر في النصوص، وأن يتفهّمها وفقًا للغة وأساليب البيان المعهود في وقت ورود النص الشرعي، وما يُوحي به للسامع من فهم بحسب القواعد والدّلالات العرفية.
هذا إلى جانب الأساس المُهِمّ الآخر، وهو مقاصِد الشّريعة التي دلت عليها النصوص القطعية العامّة، والتي لا يمكن عزلها، وقطع عَلاقتها بالنّصوص الخاصّة إذا أردنا أن نفهمها فهمًا سديدًا، لا نبغي فيه سوى معرفة حكم الشارع، والحلّ الصّحيح في القضية المستجِدة، سواء وافَق تصوراتِنا السابقة فيها، أو خالَفها، فإن التّعصُّب لرأي، أو تصوُّر سابق يحجُب عن البصيرة الرّؤية السليمة، والإحاطة بالمسألة من جميع جوانبها وظروفها، فبناء على هذا المنطلَق أقول:
إنّ حديثَ المواقيت المكانيّة الذي روته كتب السنة الصحيحة، وهو النّص الأصلي الوحيد في الموضوع، لا يمكن أن يعتبر شاملًا للطريق الجويِّ اليوم، ولو مرّت الطائرة القادمة بقاصِدي الحج أو العمرة من فوق أحد المواقيت الأرضيّة، وبالتالي: لا يمكن فيه تطبيق حكم المُحاذاة لأحد المواقيت تلك؛ المُحاذاة التي ألحقها سيِّدنا ـ عمر رضي الله عنه ـ بالمرور بالمِيقات، وذلك لما يلي:(1/106)
إن حديث المواقيت محمول على الطرق المعروفة المألوفة في ذلك الوقت، وهي الطرق البَرِّيّة، التي يُمكن أن يسلُكها القادِمون لحجٍّ أو عمرة من أطراف الجزيرة العربيّة؛ التي مدّ عليها الإسلام رواقَه، وهو في الوقت نفسه لم يحدِّد ميقاتًا، من جهة الغرب، كما سبق أن أوضحته نصًّا وصراحة بمن يمرُّ بها فعلًا، وذلك حين قال ـ عليه الصلاة والسلام: "هُنَّ لهنَّ ولمَن أتى عليهنّ من غير أهلهِنّ"(4) وهذا الإتيان لا يمكن أن يتصوّره أي سامِع، إلا أنّه المرور في الأرض. وإذا كان أهل الميقات المقيمون حوله قد وجب عليهم الإحرام منه، فمن أتى على هذا الميقات من خارجه، وكان طريقًا له، أصبح هو وأهل ذلك الميقات سواء؛ لأنه قد أصبح بينهم كواحد منهم، فلا يعقل أن يجب عليهم الإحرام منه ولا يجب عليه. وهذا المعنى لا يتحقق إلا فيمن مر بالميقات نفسه أرضًا؛ لأنّ المرور فوق الميقات جوًّا كما تمرُّ الطيور، لم يكن في بال أحد من الصحابة أهل اللسان الذين خُوطِبوا به، ولا في حسبانه، ولا يمكن أن يتصوره، حتى يفهَم: أنه داخل في هذا التحديد.
بل أستطيع القول: إن الطّيران بالطائرات التي نُسافر بها اليوم لو كان موجودًا في عصر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين حدّد هذه المواقيت الأرضيّة لأجل الإحرام، لما كان المرور جوًّا بالطائرة فوق بقعة الميقات مشمولًا بهذا الحديث؛ لأن المرور بالميقات الذي يجعل المارَّ به كأهل الميقات، لا يفهم منه في أسلوب البيان إلا المرور الأرضي فعلًا، فهذا ما يفهمه أهل اللسان الذين خوطِبوا به، وهذا ـ أي: ما يفهمه أهل اللسان في اللغة التي جاء بها النصّ ـ هو أساس في فهم النّصّ عظيم الأهميّة لا يمكن تجاهله، وتجاوزه.(1/107)
إن الإمام أبا إسحاق الشاطبيّ ـ رحمه الله ـ في كتابه الإبداعي "الموافقات في أصول الشريعة" قد بسط القول في قسم المقاصد من كتابه هذا تحت عنوان (قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام) حول أساسين في فهم قصد الشارع، لا تجوز الغفلة عنهما، وهما:
أولاً: أن هذه "الشريعة المبارَكة عربيّة، وأن القُرآن الحكيم عربي".
ثانيًا: أنّ هذه "الشريعة المبارَكة أميَّة، لأنّ أهلَها كذلك".
أما الأول فلقوله تعالى: (إنَّا أَنْزَلْناه قُرْآنًا عَرَبيًّا) (يوسف: 2) وقد تكرّر هذا الإعلان في آيات أخرى. وأما الثاني فلقوله تعالى: (هو الذي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسولًا مِنْهُمْ) (الجمعة: 2) وقد تكرّر أيضًا هذا في آيات أخرى.
وجاء أيضًا في صِحاح الأحاديث قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: " إنّا أمّة أُمّيّة لا نحسب ولا نكتُب، الشهر هكذا وهكذا.."(5) وقد فسَّر الشاطبي الأمِّي بأنه "منسوب إلى الأم"، وهو الباقِي على أصل وِلادة الأم لم يتعلّم كتابًا ولا غيره، فهو على أصل خِلْقَته التي ولد عليها". وفسّر الأمّة الأميّة بأنهم: "ليس لهم معرفة بعلوم الأقْدمينَ"، وقد يبدو لأول وهلة أن كون القرآن عربِيًّا، والحديث النبوي عربيًّا هو من البَدَهِيّات التي لا تحتاج إلى بسط وإيضاح وشواهد وأمثلة وتنبيهات في فصول من كتاب، كما فعل الشاطبي ـ رحمه الله ـ في موافقاته.
ولكن الذي يرى النتائج التي بيّنها الشاطبي ـ رحمه الله ـ بناء على هذين الأصلين الأساسيين في فهم الشريعة، وتنزيل نصوصها في الكتاب والسنة النبوية على منازلها الصّحيحة، يدرك عندئذٍ أن قضية هذين الأساسين ليست من البَساطة والبَداهة كما يتراءى لأول وهلة. (ر: الموافقات 2/64 ـ 107).(1/108)
وأول هذه النتائج وأهمّها يتلخّص في أن المقصود هنا من بيان الأساس الأول هو أن القرآن قد نزل بلسان العرب، وأساليبهم البيانيّة، فطلب فهمه إنما يكون بالطريق التي يفهمه مَن خوطِبوا به حين أُلْقِي إليهم، وهم أهل هذا اللسان خاصّة، على أميتهم وجهلهم بالعلوم والفلسفات التي وُجِدَت لدى غيرهم من الأمم، وجهلهم بالاصطلاحاتِ والمَفاهيم الطارئة حين أُسِّسَت العلوم، ووضعت فيها الاصطلاحات، وحُدِّدت لها المفاهيم العلميّة في اللغة العربيّة بعد ذلك.
هذا يستلزم أنّ مَن يكون أكبر فقيه، وأرسخ عالم في العصور العلميّة اللاحقة، يجب أن يفهم النصَّ القرآني، أو الحديث النبوي كما يفهمه صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكما يفهمه البدويُّ الأُمِّيُّ من العرب إذ ذاك؛ لأنّهم هم أهل اللسان الذي خوطِبوا به، ففهم أي عالم لمدلول النَّصِّ بعد ذلك، مهما علا كعبه في العلوم، وطال باعُه، يجب أن يكون تَبْعًا لفَهم ذلك العربيّ الأول ابن اللسان الذي جاء به ذلك النَّصّ، وخوطِب به.
قال الإمام الشاطبي ـ رحمه الله ـ في هذا المقام:(1/109)
"فإن قلنا إن القرآن نزل بلسان العرب، وإنه عربيّ لا عُجْمَة فيه، فبمعنى أنّه أنزل على لسان معهود العرب في ألفاظها الخاصّة، وأساليب مَعانيها، وأنّها فيما فُطِرَت عليه من لسانِها تُخاطَب بالعام يُراد به ظاهرُه، وبالعامّ يُراد به العامُّ في وجه، والخاصُّ في وجه، وبالعام يُراد به الخاصُّ، وبالظاهر يُراد به غيرُ الظاهر، وكلُّ ذلك يُعرف من أول الكلام أو وسطه أو آخره، وأنها تتكلّم بالكلام يُنْبئ أوله عن آخره، أو آخره عن أوله، وتتكلّم بالشيء يُعرف بالمعنى، كما يُعرف بالإشارة... وكلُّ هذا معروف عندها، لا تَرتاب في شيء منه هي، ولا من تعلق بعلم كلامها، فإذا كان كذلك، فالقرآن في معانيه وأساليبه على هذا الترتيب...والذي نبَّه على هذا المأخذ في المسألة هو الشافعي الإمام في رسالته الموضوعة في أصول الفقه، وإن كثيرًا ممّن أتى بعده لم يأخذها هذا المأخذَ، فيجب التّنبُّه لذلك، وبالله التوفيق (الموافقات 2/66).
أقول: ومن الواضح أنّ مثلَ هذا الاعتبارِ يجب أن يُراعَى في فَهم كلام الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتنزيل أحاديثه الشريفة ـ وهي من جوامع الكَلِمِ العربي ـ على هذا الترتيب نفسه في فَهم نصوص القرآن.
ثم أفاضَ الشاطبي في شرح "أن الشريعة المباركة أمية لأن أهلها كذلك، إذ لم يكن لهم معرفة بعلوم الأقدَمين"، وأن تنزيلَها على مقتضى حال الذين نزلت عليهم من أميّتهم هو الأوفق والأحرى مع رعاية المصالح التي يقصدها الشارع الحكيم.
وقد أوضح العلامة الشيخ عبد الله دراز في تعليقاته:
أنه وَفقًا لهذا الاعتبار، ربطت الشريعة مواقيت الصلاة بالدلائل الحسِّية المشهودة من الزّوال والغروب والشّفق، ممّا لا يحتاج إلى علوم كونيّة، وآلات وتقاوِيم فلكيّة...(1/110)
أقول: وواضح أن الشّريعة السمحة الخالدة إذا صلحت للأميِّين حتى يسهُل تطبيقها عليهم، صلُحت لغيرهم من أهل العلوم وللناس أجمعين، ولا عكس. وهذا من أسرار آخريّتها وصُلوحها للخلود ما دام لبني الإنسان وجود، فجلَّت حكمة الله فيما شرع لعباده.
ثم قال الشاطبي بصدَد ما تفرّع عن أُمّيّة الشريعة:
"إنّه لابد في فهم الشّريعة من اتباع معهود الأمِّيِّين، وهم العرب الذين نزل القرآن بلسانِهم، فإن كان للعرب في لسانهم عُرف مستمرّ، فلا يصحُّ العدول عنه في فَهم الشّريعة، وإن لم يكن ثَمَّ عُرف، فلا يصحُّ أن يجريَ في فهمِها على ما لا تعرِفُه، وهذا جارٍ في المعانِي والأساليبِ".
بعد هذه المقتطفات من كلام الإمام الشاطبي عن أن الشّريعة أميّة، وأنّها ودستورَها ـ وهو القرآن ـ عربيّان بالمعنى المشروح، (وكذلك بَيان رسولها نبي الهدي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ ) نعود إلى موضوعنا حول ميقات الإحرام الواجب للقادم جوًّا بالطائرة لحجٍّ أو لعُمرة، في ضوء ما نقلنا عن الشاطبي رحمه الله، فأقول:
إن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد حدَّد تلك المواقيت المكانيّة لأهلها، ولمن أتى عليها، ومرّ بها من غير أهلها، وهذا منه بيان وتحديد لقوم أمّيِّين، وبلسان عربي مبين، هم أهله الأصليُّون، وأن علينا وعلى جميع الأجيال المُسلمة التي تتلوهم من علماءَ في الشريعة، وفي الطبيعة، وفي مختلف العلوم من عرب وأعاجم، أن لا نفهَم من نصوص القرآن وكلام الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا ما يفهَمُه ـ إذ ذاك ـ أولئك الأمِّيُّون أهل العربيّة المخاطَبون بها بحسب مألوفِهم، ومعهودِهم، وعُرْفِهم، كما يقول الإمام الشاطبيّ.(1/111)
وإذ كان كذلك، فمن الذي يستطيع أن يزعُمَ أنهم يمكن أن يفهموا من تحديد الرسول لهم تلك المواقيت المكانيّة أنها شاملة للقادم جَوًّا بطائرة في مستقبل الدّهر إذا اخترع البشر آلة تطير بهمْ، ومرتْ بأحد ركابها فوق ميقات أرضي وهو في السماء، أو حاذَى سَمْته؟! مع العلم أننا أوضحنا قبلًا أن الحديث النبوي المذكور لا يشمل المُحاذاة من قريب أو بعيد، بل هو مقصور على أهل تلك المواقيت ومَن مَرَّ بأحدها، وأن إلحاق المُحاذاة لأحد المواقيت بالمرور به فعلًا هو اجتهادُ عمر رضي الله عنه.
ونحن نضع اجتهادَه هذا فوق الرأس والعينين، وهو معقول في ذاته؛ لأنّ ما تَقتضيه حرمةُ البيت المعظَّم مِن أن يتهيّأ مَن يقصده لحج أو لعمرة بالإحرام قبل الوصول إليه، هو ممّا ينبغي أن يستويَ فيه كل قاصد، سواء مرّ بالميقات الذي حدّده رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو جاء من طريق أخرى لا تمرُّ به، فجعل المحاذاة لأحد المواقيت هي الحدُّ لغير مَنْ يمرُّ بالميقات، وهو قياس معقول مبنيٌّ على علّة متَّحِدة.
ولكن هذا القياس السليم لا يجوز أن يَخرج عن أرضيّة المسألة، وهي أن تلك المَواقيت التي حدّدها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يفهَم منها أهل اللسان الذين خوطِبوا به، إلا أنها لأهلها، ولن يمرَّ بها المرور المُعتاد الذي لا يعرفون سواه، وهو المرور بها في موقعها على سطح الأرض؛ لأن هذا هو ما تدلُّ عليه لغتهم التي خوطِبوا بها حين قال لهم الرسول عن هذه المواقيت: "هنّ لهُنّ ولمَن أتى عليهن من غير أهلِهن"، ولا يمكن أن يتصوَّر أحدُهم ـ إذ ذاك ـ مرورَ أحد من فوق الميقات، وهو طائر في الجوِّ.
وقد رأينا آنفًا قول الشاطبي: "إنّه لابد في فهم الشريعة من اتباع معهود الأمِّيِّين، وهم العرب الذين نزل القرآن بلسانهم، وأنه لا يصحُّ أن يجريَ في فهمِها على ما لا يَعرفونه، وأنّ هذا جارٍ في المعاني والألفاظ والأساليب..".(1/112)
فاجتهاد عمر ـ رضي الله عنه ـ في إلحاق المحاذاة لا يمكن أن يتجاوز الأصل، فكما أن النصَّ الأصلي ـ وهو حديث المواقيت ـ معناه المرور بالميقات فعلًا على سطح الأرض، فإن المُحاذاة التي ألحقها به عمر معناها المُحاذاة ممَّن يمرُّ فعلاً حذوَ الميقات المرور المعتاد على سطح الأرض؛ ذلك لأن المَقيس لا يمكن أن يُعطَى أكثر من حكم المَقيس عليه. فإذا كان نصُّ الحديث النبوي لا يتناول القدوم جَوًّا، ممّا لم يكن في حسبان أهل اللسان، ولا مَعهودهم، فكذلك المحاذاة الملحقة بطريق القياس والاجتهاد لا تطبّق على طريق الجوِّ؛ الذي لم يكن يتصوّره عمرُ نفسُه صاحب هذا الاجتهاد القياسي.
القدوم جَوًّا لا نصَّ فيه :
إنني أخلُص من جميع ما تقدّم بيانُه: أنّ القادمين اليوم بطريق الجوِّ في الطائرات لحجٍّ أو عمرة، لا يشملُهم تحديد المواقيت الأرضيّة التي حدّدها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهم في الجوّ، فهي حالة قد سكت عنها النصّ؛ لأنّها لم تكن في التصوّر أصلًا، كما سكت عن القادمين من الجهة الغربيّة إذ لم يكن إذ ذاك مُسلمون يقدُمون من إفريقيّة من وراء البحر، ولا من مصر. أما الشّام فإنه ـ وإن لم يكن فيه مُسلمون إذ ذاك ـ فقد كانت تِجارة قريش وعَرب الحجاز قائمة مع الشام في رحلة الصيف، فقد يعودون منه قاصدين حَجًّا أو عمرة، فلذا حدّد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ للقادمين من الشام الجُحفة ميقاتًا لهم، كما أسلفنا بيانَه.
وإذا كان القدوم جَوًّا ليس مشمولًا بتحديد المواقيت المكانيّة لما قد بيّنا، فهو إذا خاضع للاجتهاد في تحديد ميقات مكاني للقادمين منه بالوسائِط الجديدة المبتكرة في عصرنا هذا، كسائر قضايا الساعة التي ليس عليها نصٌّ، فيجب أن يقرِّر الاجتهاد لها الحكم المناسب في ضوء أصول الشريعة ومقاصدها، وفي طليعتها رفعُ الحرج.(1/113)
وفي نظري أن الحكم المناسب في هذا الموضوع، والذي لا يترتب عليه حرج ولا إخلال: هو أنّ القادمين بالطائرات اليوم لا يَجب عليهم الإحرام إلا من بعد أن تهبِط الطائرة بهم في البلد الذي سيسلُكون بعده الطريق الأرضي، فإذا هبطت الطائرة بهم في بلد يقع خارج المواقيت، يكون عندئذٍ ميقاتُهم للإحرام هو الميقاتَ الذي سيمرُّون به، أو من الموقع الذي يحاذِي أحد المواقيت المحدّدة لمختلف الجهات، إذا كانوا لا يمرّون بأحد تلك المواقيت.
أما إذا كان المكان الذي تهبط فيه الطائرة بلدًا يقع بعد أحد المواقيت المذكورة، أي: بينه وبين الحَرَم، فإن ميقاته للإحرام هو ذلك البلد نفسه، فيصبح حينئذٍ كأهله، فلا يجوز له أن يجاوزَه إلا مُحْرِمًا.
وبما أن المطار الدوليّ اليوم الذي يهبط فيه الحُجّاج والمعتمِرون هو في مدينة جدّة، وهي واقعة ضمن بعض المواقيت، فإن القادمين بطريق الجو إلى جدة لحج أو لعمرة، يكون مِيقاتُهم للإحرام مدينة جدّة، فلا يجوز أن يتجاوزوها إلا مُحرِمين؛ لأنهم يُصبحون عندئذٍ كأهل جدة، فيُحرِمون من حيث يُحرِم أهلها.
فلو أن المطار الذي يهبط فيه الحجاج أو المعتمِرون نُقِلَ فيما بعد إلى مكّة؛ لأصبح القادمون جوًّا كأهل مكّة، فيُحرِمون من حيث يُحرم المكِّيُّون.
أي: أن القادم بالطائرة بوجه عام، من أي جهة كان قدومه، متى هبطت طائرته في مكان آخرَ لكي يتابِعَ بعده السير بالطريق البريِّ، يأخذ عندئذٍ حكمَ أهل ذلك المكان بشأن الإحرم.(1/114)
أما القول بأن عليه أن يُحرِم وهو في الطائرة في الجو متّى مرّت الطائرة بأحد المواقيت، أو حاذته، فهذا لا أرى دليلًا شرعيًّا يوجبه، وهو مبني على تصوُّر أن القدوم جوًّا بالطائرة مشمول بالحديث النبوي الذي حدَّد المواقيت الأرضيّة. وهذا في نظري رأي غير سليم في فهم النصوص فهمًا فقهيًّا كما سبق إيضاحه، علاوة على ما فيه من حَرج شديد وصعوبة، قد تصلُ إلى حد التعذُّر بالنظر إلى حال الطّائرات العاّمة، ولا سيِّما الدرجة السياحيّة فيها (وهي التي تأخذها الجماهير)، وضيق مقاعِدها لاعتبارات تِجاريّة، حتى إن الراكب ينزل في مقعَده كما ينزل الإسفينُ في الخشب، ويعسُر عليه التحرُّك في تناول وجبة الطّعام، فضلًا عن أن يخلع ملابِسه المَخيطة ويرتدي الرِّداء والإزار..وأين في الطائرة مغتسَل ومصلًّى ليقيم سُنَّة الإحرام؟
وأغرب من ذلك قول من يقول: إن هذا الحرج يمكن رفعُه، بأن يُحرِم بملابسه في الطائرة، ثم يخلعُها بعد الهبوط ويَفْدي بدم جزاء..فمتى كانت هذه الشريعة الحكيمة السمحة تُكَلِّف أحدًا ما يُشبه المستحيلَ لتعسُّره أو تعذُّره، على أن يخالِفه المُكَلَّف، ويتحمَّل بدلًا منه جزاءً مكلّفًا؟ إن الشريعة الحكيمة بَراء من مثل هذا التكليف.
وأشد غَرابة من هذا رأي من يقول ـ وكل هذا قد سمعناه ـ أن الحلّ لهذه المشكلة هو أن يُحْرِم من يريد القدوم بالطائرة من بيتِه قبل ركوبِها! فماذا يقول هؤلاء إذا كان قاصد الحج، أو العمرة من أهل موسكو أو سيبريا قادِمًا في الشتاء، حيث درجة الحرارة خَمسون تحت الصِّفر بمقياس سنتيغراد؟!(1/115)
هذا ما يبدو لي أنّه الوجه الصحيح في هذه القضية، واستنباط الحلِّ والحكم الشرعيّ الذي يُناسبها، بعد إعمال الفكر منذ سنوات في مُلابساتها، وإنعام النظر في الأدلة، والاستئناس بالدلائل، فقد كثُر السؤال عنها، وكلّما تقدّم الزمن سنة، ألحَّت الحاجة إلى البيان الشافي فيها بصورة مدروسة بصيرة، لا تَسَرُّع فيها ولا ابتسار، ينظر فيها إلى هذه القضية من مختلف الزوايا لا من زاوية واحدة، وما يَدرينا لعلّ سنواتٍ قادمةً غير بعيدة تصبح فيها الطائرة من الوسائل العتيقة البطيئة، ويحلُّ محلَّها الصاروخ الذي يطوي المسافات الزمانيّة والمكانيّة الطويلة والبعيدة، فيختزلها في دقائقَ معدوداتٍ، كما يتنبّأ به كثير من رجال العلم والفكر. وإن ما شهدناه في هذا العصر من عجيب الإنجازات، التي كلما تحقَّق منها شيء لم يكن ليصدُق لو رُؤِيَ في المنام، فتح تحقُّقُه طريقًا لما هو أعجب منه.
وهذا الحلُّ الذي ارتأيته بالدليل الذي رأيته، وأرجو أن يكون صوابًا، هو صالح لأن يتمشّى مع مختلف الوسائل المُبتكرة في النّقل والأسفار مهما تطوّرت، فإن كان صوابًا فمن فضل الله تعالى، وإن كان خطأ فمن قصور فكري وعلمي، والله سبحانه أعلم، وهو الهادي إلى سواء السبيل(6).
والله أعلم .
_______________
هوامش
(1) من كتاب "العقل والفقه في فهم الحديث النبوي" للأستاذ الزرقا من 99-118 باختصار.
(2) رواه مسلم (1337) في الحج، والنسائي (2619) في الحج)
(3) رواه الدارقطني 4/183ـ 184، والطبراني في الكبير 22 / (589)، والبيهقي 10/12 من حديث أبي ثعلبة الخَشْني ـ رضي الله عنه ـ، وقد حسّنه النووي في أربعينه، وكذلك حسنه قبله الحافظ أبو بكر السمعاني في "أماليه".
(4) رواه البخاري (1524)، ومسلم (1181) كلاهما في كتاب الحجّ.
(5) رواه البخاري (1913)، ومسلم (1080) كلاهما في الصوم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
((1/116)
6) لقد بُحث هذا الموضع في مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنيّة الهاشميّة من 8-13 صفر 1407، وقرَّر: أن المواقيتَ المكانيّة التي حدَّدتْها السنة النبويّة يجب الإحرام منها لِمُريد الحج أو العمرة، للمارّ عليها أو للمحاذي لها أرضًا أو جوًّا أو بحرًا لعموم الأمر بالإحرام منها في الأحاديث النبوية "قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي" .انتهى كلام الشيخ عطية صقر
خالد - الأردن الاسم
إتمام النسك عن الذي مات محرما العنوان
فقهية الموضوع
إذا مات المحرم بالحج أو العمرة أثناء الحج والعمرة فهل يلزمنا أن نقضي الحج والعمرة عنه ؟ وشكراً لكم
السؤال
22/01/2009 التاريخ
الدكتور محمد المختار الشنقيطي ـ من كبار علماء موريتانيا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلو مات الحاج أو المعتمر أثناء حجه وعمرته لا يلزمنا إتمام ما شرع فيه ولا يقضى عنه ذلك الحج ولا تلك العمرة .
وهذا هو المذهب الصحيح على ظاهر حديث عبد الله بن عباس أن النبي-صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع ووقف معه الصحابة فوقف رجل فوقصته دابته فمات فقال-صلى الله عليه وسلم- : ( اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا وجهه ولا تغطوا رأسه ولا تمسوه بطيب فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً ) ولم يقل النبي-صلى الله عليه وسلم- اقضوا حجه أو أتموا حجه .
وهذا يدل على أن الواجب هو ما ذكر وأن ما زاد على ذلك فليس بواجب ولأنه قد قام بفرضه فأدى ما أوجب الله عليه وانتهت حياته عند هذا القدر .
وعلى ذلك لا يجب أن يتم عنه ولا أن يحج عنه وإن حج عنه احتياطاً فلا حرج.
والله أعلم .
عبد الله - الكويت الاسم
لبس النعلين والشراب للمحرم العنوان
فقهية الموضوع(1/117)
السلام عليكم : إذا لبس المحرم أو المحرمة نعلين أو شراباً سواء كان جاهلاً أو عالماً فهل يبطل إحرامه بشيء من ذلك أم لا ؟ وجزاكم الله عنا خيراً
السؤال
19/03/2007 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الشيخ عبدالعزيز بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية "رحمه الله " :
السنة أن يحرم الذكر في نعلين ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين ) ، فالأفضل أن يحرم في نعلين حتى يتوقى الشوك والرمضاء والأخطار ، فإن لم يحرم في نعلين فلا حرج عليه ، وإن لم يجد نعلين جاز له أن يحرم في خفين ، وهل يقطعهما أم لا ؟ على خلاف بين أهل العلم .
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ) ، وجاء عنه في خطبته في حجة الوداع في عرفات (أنه أمر من لم يجد نعلين أن يلبس الخفين يأمر بقطعهما) .
وعليه فقد اختلف العلماء في ذلك :
فقال بعضهم : أن الأمر الأول منسوخ فله أن يلبس من دون قطع .
وقال آخرون : ليس بمنسوخ ولكنه للندب لا للوجوب ؛ بدليل سكوته عنه في عرفات .
والأرجح إن شاء الله أن القطع منسوخ ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس في عرفات وقد حضر خطبته الجمع الغفير من الناس في عرفات من الحاضرة والبادية ممن لم يحضر خطبته في المدينة التي أمر فيها بالقطع ، فلو كان القطع واجباًُ أو مشروعاً لبينه للأمة ، فلما سكت عن ذلك في عرفات دل على أنه منسوخ ، وأن الله جل وعلا عفا وسامح العباد عن القطع لما فيه من إفساد الخف .(1/118)
أما المرأة فلا حرج عليها إذا لبست الخفين أو الشراب ؛ لأنها عورة ، ولكن تمنع من شيئين : من النقاب ومن القفازين ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك قال : (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين ). والنقاب هو الشيء الذي يوضع للوجه كالبرقع فلا تلبسه وهي محرمة .
والله أعلم.
رفعت - مصر الاسم
من نسي ووضع العطر أثناء الإحرام العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أثناء أدائي لمناسك العمرة الأسبوع الماضي نسيت فوضعت العطر على ملابسي، فماذا أفعل ؟ حفظكم الله
السؤال
24/05/2009 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فوضعك للعطر ناسيًا أثناء الإحرام لاشيء فيه إن كنت قد أزلته فور تذكره ، أما إن تركت العطر كما هو بعد تذكره فينبغي عليك الفدية بالتخيير.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى الدكتور محمد سيد المسير:
أجمع العلماء على أن الطِّيب كله يحرُم على المُحرِم بالحج أو العمرة في حال إحرامه، وذلك أن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ سئل: ما يَلبَس المحرم من الثياب؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تَلبَسوا القُمُصَ ولا العمائمَ ولا السراويلاتِ ولا البرانسَ ولا الخفافَ، إلا أحد لا يجد النعلَين فَلْيَلْبَس الخفَّين وَلْيَقْطَعْهما أسفلَ من الكعبَين، ولا تَلبَسوا من الثياب شيئًا مسَّه الزعفرانُ ولا الوَرْسُ". فقد حصر هذا الحديث محظورات الإحرام، فنبَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالقميص والسراويل على ما في معناهما وهو كل مَخيط معمول على قدر البدن أو قدر عضو منه. ونبَّه بالعمائم والبرانس على كل ساتر للرأس بالنسبة للرجل، ونبَّه بالورس والزعفران على كل أنواع الطيب.(1/119)
فوضعُ الطِّيب على جسم المُحرِم أو ثوبه أثناء أدائه للنسك حرامٌ شرعًا، وتجب إزالته بالغسل أو خلع الثوب؛ لأنه يتنافى مع التجرد المطلوب في هذا الموقف العظيم المذكِّر بالحشر وسَوْق الناس إلى الحساب يوم الدين.
ويبقى التساؤل: هل يلزمك فدية أم لا؟
باعتبار أن السائل الكريم وضع العطر ناسيًا، فقد قال عطاء والثوريّ والشافعيّ وغيرهم بأن من أصاب في إحرامه طيبًا ناسيًا أو جاهلًا فلا كفارة عليه ولا فدية، وإنما يجب عليه المبادرة إلى إزالتِه متى عَلِمَ، لقوله تعالى: (وليس عليكم جناحٌ فيما أخطأتم به ولكن ما تعمَّدَت قلوبُكم) ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "رُفع عن أمتي الخطأُ والنسيانُ".
وفي مذهب الإمام مالك أن الفدية لا تجب إلا إذا طال استعماله للطيب وظلَّ أثره عليه مدة طويلة، لكن إذا تدارك في الحال فلا شيء عليه.
وأيًّا ما كان فإن الفدية عند القائلين بها هي على التخيير بين ذبح شاة أو صوم ثلاثة أيام ولو متفرِّقات أو التصدق على ستة مساكين، لكل مسكين قدحٌ من غالب قوت البلد، أو قيمة ذلك، يَفعل من هذه الأشياء ما يراه مناسبًا.
والله أعلم .
مراد الاسم
نسيان نية الإحرام عند الميقات العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ... لقد تجاوزت الميقات بدون أن أقف وأعقد النية نية الإحرام على الرغم أني كنت لابسا لملابس الإحرام ومغتسلا ومصليا ركعتين الإحرام ، ولكني أخرت النية حتى أصل للميقات ، ولكني وأنا في الميقات نسيت ، وما تذكرت حتى جاوزت الميقات بحوالي عشرة كيلومتر، وكنت في عمرة ... ماذا يجب علي في هذه الحالة ؟؟
وجزاكم الله خيراً السؤال
18/05/2009 التاريخ
مجموعة من المفتين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/120)
فالأصل ألا يتجاوز المحرم الميقات إن أراد العمرة أو الحج إلا محرمًا. والإحرام هو نية الحج أو العمرة أو نيتهما معا. ولا تتم النية إلا بالتلبية.
وفي هذا السؤال إن كان الرجل لبى مع الملبين في الميقات فإحرامه صحيح وإن كان قد لبى وحده وقت لبسه الإحرام قبل الميقات فإحرامه صحيح أيضا، أما إن نسي التلبية حتى تجاوز الميقات لا يخلو أمره من حالين : أن يكون في العمرة فعليه أن يعود للميقات ، و يحرم منه ، وأما إن رحل إلى بلاده فيلزمه دم إن كان مستطيعاً بأن يرسل ثمنه لمن يؤديه عنه هناك ، أو إن كتب الله له الذهاب مرة أخرى يذبح عن نفسه ، أو يصوم إن كان غير مستطيع.
يقول فضيلة الشيخ عطية صقرأحد علماء الأزهر الشريف:
فالذي يريد النُّسُك لا يجوز له أن يُجاوِز الميقات المعروف للقادمِين لحج أو عمرة إلا بالإحرام، ودليل ذلك أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقَّت المواقيت ، وقال فيما قال: "هُنَّ لِهُنَّ ولمَن أتَى عليهنَّ من غيرهنَّ لمن أراد الحج أو العمرة" رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس. فإن جاوَز الميقات دون إحرام وَجَب عليه أن يَرجِع إليه ويُحْرِم منه، فإن لم يَرجِع وأَحرَم مِن مَكانه يَلزمُه دَمٌ، أيْ ذبْح شاة. أ.هـ
جاء في فتاوى الأزهر:
ومن تركه ـ أي الإحرام ـ بغير عذر لزمه دم، وإن كان بعذر ففيه الفدية وهى: صيام عشرة أيام ، أو التصدق على ستة مساكين، كل مسكين. بنصف صاع من قمح ونحوه، أو ذبح هدى كهدى التمتع.
والله أعلم.
هادية الخير الاسم
سقوط شعر المحرم العنوان
فقهية الموضوع
ماذا تفعل المرأة المحرمة إذا سقطت من رأسها شعرة رغمًا عنها؟ السؤال
20/02/2008 التاريخ
الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإذا سقط من رأس المحرم ـ ذكرًًا كان أم أنثى ـ شعرات عند مسحه في الوضوء، أو عند غسله، لم يضره ذلك .(1/121)
وكذا لو سقط من لحية الرجل أو من شاربه أو من أظافره شيء لا يضره إذا لم يتعمده؛ وإنما المحظور أن يتعمد قطع شيء من شعره أو أظافره وهو محرم، وكذا المرأة لا تتعمد قطع شيء .
أما شيء يسقط بغير تعمد فهذه شعرات ميتة تسقط عند الحركة؛ فلا يضر سقوطها.
والله أعلم .
- المغرب الاسم
التفضيل بين أنواع الإحرام الثلاثة العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع
هناك من يقول بأن حج التمتع هو أفضل المناسك بنص الحديث الصحيح وأن غيره من الأنواع مرفوض وقد قرأت في بعض المذاهب غيرذلك فأرجو التوضيح؟ جزاكم الله خيراً السؤال
03/11/2009 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فأنواع الإحرام الثلاثة جائزة ومشروعة .
فالقران مقبول وهو الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يقول "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لايرضى إلا أفضل الأحوال وفيه النسكان معاً والاستمرار في الإحرام كالإفراد.
والإفراد قال بأفضليته بعض المذاهب وفيه استمرارالإحرام ويظل فيه المحرم مدة طويلة محروماً من الاستمتاع بما يحل للآخرين، ولذلك يظل شعثاً تفلاً، لذا يقال الحاج هو الشعث التفل.
والتمتع هو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أمرهم أن يتحللوا من القران ويتمتعوا ولأن هذا هو الأسهل والأيسر اختاره النبي عليه الصلاة والسلام، وكان عليه الصلاة والسلام ما خُير بين أمرين إلا اختار أيسرهما. وقال صلى الله عليه وسلم "لولا أني سقت الهَدي لحللت معكم" وسأله بعضهم أهذا لنا خاصة أم لأبد قال "لأبد الأبد، دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة".(1/122)
ومن هنا ذهب الحنابلة ومن وافقهم إلى أن أفضل الأنساك هو التمتع لأنه هو الذي تمناه النبي عليه الصلاة والسلام وهو لا يتمنى إلا الأفضل وأمر به أصحابة وهو الأيسر لأن فيه التحلل من العمرة، ويظل الإنسان حراً مستمتعاً بالحياة فهذا فضل من الله وتيسير على عباده.
ولكن أي هذه الأنساك فعلها الإنسان فهي مقبولة. بعض المتعصبين يقول أن الرسول أمر بالتمتع فلا يجوز غيره، هذا أمر مرفوض تماماً لأن الإفراد والتمتع قال بهما أئمة محترمون وأجمعوا على أن كل الأنساك مشروعة وجائزة.
والله أعلم .
أبو محمد - العراق الاسم
هل أحرم رسول الله من المدينة ؟ العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :هل الرسول صلى الله عليه وسلم أحرم واغتسل من المدينة المنورة؟جزاكم الله خيراً
السؤال
29/04/2007 التاريخ
اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء / السعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فقد جاء عن اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية ما نصه:
أحرم النبي صلى الله عليه وسلم من ذا الحليفة، أي: أهل بالنسك ولبى به منها لا من المدينة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت المكانية لنسك الحج والعمرة، فجعل ذا الحليفة ميقاتاً لأهل المدينة، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بشيء ويخالفه.
كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة) رواه البخاري ومسلم.
وثبت عن سالم بن عبدالله بن عمر رضي الله عنهم أنه سمع أباه يقول: (ما أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد، يعني: مسجد ذي الحليفة) رواه البخاري ومسلم.(1/123)
وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قد اغتسل بذي الحليفة أيضاً؛ لما روي عن خارجة بن زيد ابن ثابت عن أبيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل) رواه الترمذي وحسنه .
والله أعلم .
بسام - أمريكا الاسم
محظورات الإحرام العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :ما الأشياء التي يمتنع عنها الحاج أو المعتمر ؟ وماذا يحدث لو أتى شيئًا منها؟ بارك الله فيكم
السؤال
24/02/2008 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإذا أحرَم المسلم بالحجّ أو العمرة فهناك أشياء يَمتنع إتيانُها، وهي لُبسُ المَخِيط المعمول على قدر البدن أو قدر عضو منه، مثل الملابس الداخلية وأغطية الرأس بأنواعها والقفَّازَين والأحذية التي تغطي الكعبَين.
ويمتنع المُحرِم من الطِّيب وإزالة الشعر وتقليم الأظفار، ولا يباح له مأكول أو مشروب وُضع فيه الطِّيب ولم تذهب رائحته، أما رائحة الفواكه والنباتات الطيبة الرائحة فلا شيء فيها.
وقد سأل رجل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: ما يَلبَس المحرم من الثياب؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تَلبَسوا القُمُصَ ولا العمائمَ ولا السراويلاتِ ولا البرانسَ ولا الخفافَ، إلا أحد لا يجد النعلَين فَلْيَلْبَس الخفَّين وَلْيَقْطَعْهما أسفلَ من الكعبَين، ولا تَلبَسوا من الثياب شيئًا مسَّه الزعفرانُ ولا الوَرْسُ".
ويمتنع المُحرِم من صيد البر الوحشيّ، وقطع شجر الحرم وحشيشه الرَّطب بقصد الإتلاف.
ويمتنع المُحرِم من عقد النكاح لنفسه أو لغيره، ولا يعاشر النساء ولا يفعل كل ما يتصل بالشهوة، ولنتذكر قول الله تعالى: (الحجُّ أشهرٌ معلوماتٌ فمن فرَض فيهنَّ الحجَّ فلا رَفَثَ ولا فسوقَ ولا جدالَ في الحجِّ) (البقرة: 197).(1/124)
ولا تأثيرَ للحرم ولا للإحرام في ذبح الحيوان الإنسيّ ولا في قتل الفواسق الخمس التي أباح الشرع قَتْلَها في الحلّ والحَرَم، وهي الحِدَأَة والغراب والفأرة والعقرب والكلب العَقُور، وفي معناها كلُّ ما فيه أذًى من سباع البهائم وجوارح الطير والحشرات المؤذية كالبَقّ والبعوض والبراغيث، فالتعرض لمثل هذه الأشياء ليس محظورًا.
وإذا فعل الحاج أو المعتمر شيئًا من محظورات الإحرام لَزِمَته الفدية، إلا الجماعَ فإنه يُفسد الحجَّ أو العمرة، وعلى الحاجِّ أن يُتمَّ أعمال الحج، وتَلزَمه بَدَنة، ويجب عليه القضاء في العام القابل.
وفديةُ فعلِ المحظورِ هي صيامُ ثلاثة أيام أو إطعامُ ستة مساكين أو ذبحُ شاة. وفي قتل الصيد جزاءٌ هو مثلُ ما قتَل من النَّعَم، فمن قتل نعامة مثلًا وجب عليه ذبحُ بَدَنة. وإذا كان الصيد مما لا مِثْلَ له أخرَج القيمة يَشتري بها طعامًا ويتصدق به، أو يصوم يومًا عن كل ما يُجزئ لطعام مسكين. وفي الشجرة بقرةٌأو شاة أو يشتري بقيمة ذلك طعامًا يتصدق به أو يصوم يومًا عن كل ما يجزئ لطعام مسكين.
والله أعلم .
فهد - السعودية الاسم
إحرام أهل مكة بالحج والعمرة العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
لي سؤال وفقكم الله : من أين يحرم أهل مكة بالعمرة أوالحج ؟ شاكرين لكم
السؤال
14/01/2009 التاريخ
الدكتور محمد المختار الشنقيطي ـ من كبار علماء موريتانيا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فأهل مكة يحرمون بالحج من ديارهم، وهذا هو الصحيح لأن ديار أهليهم هي التي تعتبر ميقاتاً لهم .(1/125)
أما في العمرة فيلزمهم الخروج إلى التنعيم ، وذلك لحديث أم المؤمنين عائشة وهذا الحديث وهو مذهب جماهير العلماء والسلف والخلف أن العمرة للمكي أن يخرج إلى الحل ، ولذلك قالت عائشة : والله ما ذكر التنعيم ولا غيره أي أنه أمرها أن تخرج إلى الحل فاجتهدت فخرجت إلى التنعيم وكان أرفق بها-رضي الله عنها- كما في الرواية الصحيحة عنها .
أما الدليل على أنه يحرم من أدنى الحل : فلأن عائشة مكية أي أنها أخذت حكم أهل مكة إذ لو كانت غير مكية للزمها أن تحرم من ميقات المدينة والدليل على أنها مكية أنها أنشأت عمرتها بعد الحج ولما أنشأت عمرتها بعد الحج فقد أنشأتها وهي في مكة وهذا نص واضح جداً ويقول به جمهور العلماء من السلف الصالح والأئمة الأربعة على أن ميقات المكي هو خارج الحل .
وهناك قول ضعيف أن ميقات المكي للحج والعمرة من بيته وظاهر السنة أنه يحرم من أدنى الحل . انتهى كلام الدكتور الشنقيطي
أخي الكريم : التنعيم هو أقرب الحل إلى مكة ، وهو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تحرم منه لعمرتها .
والتنعيم هو حد الحرم من جهة المدينة. ويقع في الجهة الشمالية الغربية من مكة، وتقدر المسافة بينه وبين باب الحرم المكي بـ (6148) متراً .
والله أعلم .
سقوط الشعر بعد الإحرام العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : شعر رأسي من النوع الذي يتساقط بكثرة شديدة وأخشى أن يتساقط شعري بعد الإحرام لأدنى سبب فهل علي شيء إن حدث هذا ؟ أم ماذا ؟
السؤال
25/10/2009 التاريخ
اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء / السعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإذا سقط من رأس المحرم ذكراً كان أو أنثى شعرات بعد الإحرام عند مسحه لرأسه في الوضوء أو عند غسله لم يضره ذلك .(1/126)
وهكذا لو سقط من لحية الرجل أو من شاربه أو من أظفاره شيء إذا لم يتعمد فعله فلا شيء عليه ، إنما المحظور أن يتعمد قطع شيء من شعره وأظافره وهو محرم وهكذا إن فعلت المرأة .
وعليه فإن أي شعر يسقط دون تعمد فهذه شعرات ميتة تسقط بصورة طبيعية عند الحركة ، وغيرها ، فلا يضر سقوطها، ولايؤثر ذلك على إحرام الرجل أو المرأة .
والله أعلم .
خيري - مصر الاسم
متى وكيف يكون الإحرام؟ العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : متى وكيف يبدأ الإحرامُ بالنسبة للرجل، وبالنسبة للمرأة؟ أفيدونا بارك الله فيكم
السؤال
25/06/2008 التاريخ
الدكتور ـ أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الدكتور أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر :
الحجُّ أحدُ أركان الإسلام، وهو خاتمة قواعد الإسلام الخمس التي ذكرها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قوله: " بُنِي الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؛ وإقامِ الصلاة، وإيتاءِ الزكاة، وصومِ رمضان، وحجِّ البيت من استطاع إليه سبيلًا ".
والحج مفروض على المرأة، كما هو مفروض على الرجل؛ لأن الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول في سورة آل عمران: (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (الآية: 97). وكلمة "الناس" في هذه الآية الكريمة تشمل الذَّكَر والأنثى.(1/127)
والإحرام على المرأة، كما على الرجل، والإحرام هو نيّة الإنسان على أن يقوم بالحج؛ لأن الأعمال بالنيات كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. فإذا أرادت المرأة أن تُحْرِم قامت بتنظيف جسمها بالاستحمام، أو على الأقل بالوضوء، حتى ولو كانت حَائِضًا، وقد رُوي عن السيدة عائشة أن أسماء بنت عميس نَفِست وولدت محمد بن أبي بكر، عند شجرة في مكان يُسمى "ذا الحليفة"، وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُحْرِمُ من عند هذه الشجرة، فأمر النبي أبا بكرٍ بأن يأمرها بأن تغتسل وتُهِل، أي تُردد كلمات التلبية، وهي: "لَبّيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك". والفرق بين المرأة والرجل في هذه التلبية أن الرجل يرفع بها صوته، وأما المرأة فإنها تُسمِع نفسَها فقط.
ويُسنّ للمُحْرِم الرجل أن يَلبس إِزارًا في وَسَطِهِ، وَرِداءً عَلَى كَتفيه، وأما المرأة فتلبس ملابسها العادية، وتكشف وجهها وكفّيها، ويُسَنُّ التطيُّب قبل الإحرام للرجل والمرأة، ولا يضر بقاء لون الطيب بعد الإحرام، فقد قالت السيدة عائشة، رضي الله عنها: كنا نخرج مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى مكة، فنضمِّدُ (أي نمسح) جباهنا بالسُّد المطيِّب عند الإحرام، فإذا عَرِقَت إحدانا سال على وجهها، فيراه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا ينهانا (والسُّد ـ بضم السين ـ نوع من الطيب(
ويُسْتحب للرجل والمرأة أن يُصليا ركعتين بنيّة سُنة الإحرام، يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة (يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ) وفي الثانية سورة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَد).
والإحرام يجب أن يكون عند الميقات؛ لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لا تجاوزوا الميقات إلا بإحرام".
والمواقيت هي أماكن حدَّدها الدين للإحرام عندها، وهي خمسة أماكن:(1/128)
الأول : ذو الحُلَيْفة*وهو موضع في الجنوب الغربي للمدينة، بينه وبين مسجد المدينة ثمانيةَ عَشَرَ كيلومترًا، وهذا مِيقات أهل المدينة وكلُّ مَن يمرُّ به.
الثاني: ذات عِرْق وهو موضِع في الشمال الشرقي لمكة، على بُعْد أربعة وتسعين كيلومترًا منها، وهذا مِيقات أهل العراق وكل من يمرُّ به.
الثالث: "الجُحْفة وهي قرية في الشمال الغربي لمكة على بُعْد سبعة وثمانين ومائة كيلومتر منها، وكانت على ساحل البحر الأحمر الشرقي، ولكنها اندرست الآن وذهبت معالمها، وهي ميقات لأهل مصر والشام ومَن يَمرُّ عليها، والناس يُحْرِمُونَ الآن من "مدينة رابغ" في شمالها احتياطًا.
الرابع: قَرْن المنازل** وهو جبل شرقيَّ مكة على بُعْد أربعة وتسعين كيلو مترًا منها، وهو ميقات أهل نَجْد وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقهم.
الخامس : يَلَمْلَم وهو جبل جنوب مكة، على بُعْد أَرْبَعَة وتسعين كيلو مترًا منها، وهو لأهل اليمن ومن يسلك طريقهم. وقد حَدَّد النبي هذه المواقيت فيلزم التقيُّد بها. ويجوز أن يُحْرِمَ الرجل والمرأة قبل بلوغ الميقات.
والله أعلم .
ــــــــــــــــــ
* ذو الحليفة ميقات أهل المدينة هو المسمى عند الناس اليوم أبيار علي.
** قرن المنازل ميقات أهل نجد هو المسمى اليوم السيل .
هاني - الأردن الاسم
الإحرام من التنعيم دون الميقات المحدد العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :قمت بعمل عمرة هذا العام لكنني وبدون علم مني أحرمت من مسجد التنعيم في مكة بدلاً من الميقات المحدد فماالحكم ؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
15/07/2003 التاريخ
الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد .. </<B>(1/129)
فإذا جاوز المحرم الميقات ولم يحرم حتّى وصل إلى مكّة وهو لا يعرف الحكم الشّرعي في ذلك ثمّ خرج إلى مسجد التّنعيم فأحرم من هناك يجب عليه دم أي ذبح شاة لأنّه من أهل الآفاق وجاء إلى مكّة فإذا جاوز الميقات لحجّ أو عمرة فعليه ذبح شاة.
أمّا الإحرام من التّنعيم فهو مشروع بحقّ المكّي فقط إذا أراد أن يعتمر يلزمه أن يخرج إلى الحلّ (كمسجد التّنعيم مثلاً) ثمّ يحرم منه ليجمع بين الحلّ والحرم.
والله أعلم .
حسين - العراق الاسم
حكمة الحج في مكة وشهر ذي الحجة العنوان
عامة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :ما هي أسباب الاختيار الإلهي لأداء الحج في مكة وفي شهر ذي الحجة؟ مع الشكر
السؤال
31/10/2007 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيجب أن يتنبه السائل الكريم إلى أن الاختيار الإلهي لشيء ما لا يعلل إلا بالمشيئة الإلهية، قال تعالى: (وربكَ يخلقُ ما يشاءُ ويختارُ وما كانَ لهمُ الخِيَرةُ سبحانَ اللهِ وتعالَى عمَّا يشركون) . "القصص :68"
وقال تعالى : (ومَا كانَ لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضَى اللهُ ورسولُهُ أمرًا أنْ يكونَ لهمُ الخيرةُ مِن أمرِهمْ ومَن يَعصِ اللهَ ورسولَه فقدْ ضلَّ ضلالاً مبينًا)." الأحزاب "
ويمكن لنا نحن البشر أن نتلمَّس حُكمًا لهذا الاختيار الإلهي لكننا لا نحيط بالحكم كلها.
فالله تعالى اختار مكة مقصدًا للحج لكونها أمَّ القرى قال تعالى: (وكذلك أوحينا إليك قرآنًا عربيًّا لتنذر أمَّ القرى ومَن حولها) (الشورى: 7)
قال الإمام الرازيّ في تفسيره: وأم القرى أصل القرى، وهي مكة، وسُميت بهذا الاسم إجلالاً لها؛ لأن فيها البيتَ ومقام إبراهيم، والعرب تسمي أصل كل شيء أمَّه، حتى يقال هذه القصيدة من أمهات قصائد فلان.(1/130)
هذا وقد رفع إبراهيم وإسماعيل ـ عليهما السلام ـ قواعد البيت الحرام في هذه البقعة المباركة بإذن الله ليكون مثابة للناس وأمْنًا، أي يعتادون الذَّهاب إليه والرجوع منه مرات عديدة على مدى حياتهم كلها في أمن وأمان ، والكعبة المشرفة هي أول بيت بُني لعبادة الله وحده قال تعالى: (إنَّ أولَ بيتٍ وُضعَ للناسِ للذي بِبَكَّةَ مباركًا وهدًى للعالمينَ. فيهِ آياتٌ بيناتٌ مقامُ إبراهيمَ ومَنْ دخلَهُ كانَ آمنًا وللهِ على الناسِ حِجُّ البيتِ مَنِ استطاعَ إليهِ سبيلاً ومَنْ كفرَ فإنَّ اللهَ غنيٌّ عنِ العالمينَ) آل عمران: 96 ـ 97.
واختار الله تعالى للحج زمانًا هو ما يُسمى بالميقات الزماني، وهو شوال وذو العقدة وعشر من ذي الحجة، قال تعالى: (الحجُّ أشهرٌ معلوماتٌ) (البقرة: 197) أي أن المسلم لا يستطيع أن ينوي الحج إلا في هذا الوقت بالذات على أن يقف يوم التاسع من ذي الحجة بجبل عرفات، فالحج عرفة ومَن فاته الوقوفُ بعرفة فاته الحج.
ومن المعلوم شرعًا أن ذا القعدة وذا الحجة من الأشهر الحرم التي عظَّمها الله تعالى فقال: (إنَّ عدةَ الشهورِ عندَ اللهِ اثنَا عشرَ شهرًا في كتابِ اللهِ يومَ خلقَ السمواتِ والأرضَ منها أربعةٌ حُرُمٌ ذلكَ الدينُ القَيِّمُ..) التوبة: 36
والله أعلم .
فهد - السعودية الاسم
إحرام أهل مكة بالحج والعمرة العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
لي سؤال وفقكم الله : من أين يحرم أهل مكة بالعمرة أوالحج ؟ شاكرين لكم
السؤال
14/01/2009 التاريخ
الدكتور محمد المختار الشنقيطي ـ من كبار علماء موريتانيا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فأهل مكة يحرمون بالحج من ديارهم، وهذا هو الصحيح لأن ديار أهليهم هي التي تعتبر ميقاتاً لهم .(1/131)
أما في العمرة فيلزمهم الخروج إلى التنعيم ، وذلك لحديث أم المؤمنين عائشة وهذا الحديث وهو مذهب جماهير العلماء والسلف والخلف أن العمرة للمكي أن يخرج إلى الحل ، ولذلك قالت عائشة : والله ما ذكر التنعيم ولا غيره أي أنه أمرها أن تخرج إلى الحل فاجتهدت فخرجت إلى التنعيم وكان أرفق بها-رضي الله عنها- كما في الرواية الصحيحة عنها .
أما الدليل على أنه يحرم من أدنى الحل : فلأن عائشة مكية أي أنها أخذت حكم أهل مكة إذ لو كانت غير مكية للزمها أن تحرم من ميقات المدينة والدليل على أنها مكية أنها أنشأت عمرتها بعد الحج ولما أنشأت عمرتها بعد الحج فقد أنشأتها وهي في مكة وهذا نص واضح جداً ويقول به جمهور العلماء من السلف الصالح والأئمة الأربعة على أن ميقات المكي هو خارج الحل .
وهناك قول ضعيف أن ميقات المكي للحج والعمرة من بيته وظاهر السنة أنه يحرم من أدنى الحل . انتهى كلام الدكتور الشنقيطي
أخي الكريم : التنعيم هو أقرب الحل إلى مكة ، وهو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تحرم منه لعمرتها .
والتنعيم هو حد الحرم من جهة المدينة. ويقع في الجهة الشمالية الغربية من مكة، وتقدر المسافة بينه وبين باب الحرم المكي بـ (6148) متراً .
والله أعلم .
حسان - البحرين الاسم
مضاعفة الثواب في مساجد مكة العنوان
أحكام الحرمين الموضوع
هل الثواب في كل مساجد مكة المكرمة ، مثل الثواب في الحرم ؛ لأن كثيرا من الناس يصلون في مساجد مكة وفي حدود الحرم ويقولون إن الأجر سواء ؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
22/04/2008 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/132)
فالفضل يعم المسجد الحرام ، وما حوله من المساجد، وإن تميز المسجد الحرام بكثرة الجماعة، وإجماع العلماء على مضاعفة الثواب فيه دون خلاف يذكر ، وللقرب من الكعبة، والنظر إليها ، لكن هذا لا يمنع فضل الصلاة ومضاعفة الثواب في مساجد مكة كلها، وأي فضل لمساجد مكة هو في الأصل فضل للمسجد الحرام ولمكة وما حولها .
وإليك تفصيل ذلك في فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي المملكة العربية السعودية سابقا "رحمه الله ":
هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، منهم من رأى أن المضاعفة تختص بما حول الكعبة " المسجد الحرام " الذي حول الكعبة ، وأن مضاعفة المائة ألف صلاة إنما يكون ذلك لمن صلى في المسجد المحيط بالكعبة .
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن المسجد الحرام يعم جميع الحرم ، وإن كان للصلاة فيما حول الكعبة ميزة وفضل لكثرة الجماعة وعدم الخلاف في ذلك ، ولكن الصواب هو القول الثاني . وهو أن الفضل يعم ، وأن المساجد في مكة يحصل لمن صلى فيها التضعيف الوارد في الحديث .
وإن كان ذلك قد يكون دون من صلى في المسجد الحرام الذي حول الكعبة؛ لكثرة الجمع وقربه من الكعبة ، ومشاهدته إياها ، وخروجه من الخلاف في ذلك . ولكن ذلك لا يمنع من كون جميع بقاع مكة كلها تسمى المسجد الحرام ، وكلها يحصل فيها المضاعفة إن شاء الله .
والله أعلم .
مروان - الإمارات العربية المتحدة الاسم
تأجيرشقق وفنادق مكة بين الجواز والمنع العنوان
أحكام الحرمين الموضوع
قرأت في كتب الفقه إن دور مكة لا تؤجَّر، في الوقت الذي تنتشر فيه الفنادق في مكة وحتى البيوت يتم تأجيرها للحجاج أرجو الردبالتفصيل لأنني أفكرفي عمل دراسة حول هذا الموضوع جزاكم الله خيرالجزاء على هذا الموقع المتميز
السؤال
25/08/2005 التاريخ
الدكتور عطية فياض المفتي
الحل
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:(1/133)
فالراجح فقهًا ودليلاً: جواز بيع أرض مكة وإجارتها وسائر أنواع التصرفات فيها وإليك تفصيل ذلك:
يقول الدكتور عطية فياض أستاذ الفقه بكلية الشريعة جامعة الأزهر:
اختلف العلماء في بيع أرض الحرم وإجارتها ورهنها على مذهبين:
الأول :جوازه، وبه قال عمر بن الخطاب وجماعات من الصحابة ومن بعدهم ومذهب الشافعية وأبي يوسف من الحنفية ورواية عند الحنابلة. وناصَرَ ابن قدامة الحنبلي هذا الرأي.
الثاني :لا يجوز شيء من ذلك، وبه قال الأوزاعي والثوري ومالك وأبو حنيفة ورواية عند الحنابلة، والخلاف في المسألة مبني على أن مكة فتحت صلحا أم عنوة؟ فالمذهب الأول على أنها فتحت صلحا، فتبقى على ملك أصحابها فتورث وتباع وتكرى وترهن. والمذهب الثاني على أنها فتحت عنوة، فتكون وقفا ولا يجوز فيها شيء من هذه التصرفات.
واستدل أصحاب المذهب الأول بما يلي:
(1) قوله تعالى: (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ) فأضاف الله الدار للمهاجرين، والإضافة تقتضي التمليك.
(2) ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أسامة بن زيد أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة: أين تنزل من دارك في مكة؟ فقال: هل ترك لنا عقيل من دار؟
وكان عقيل وطالب ورثا أبا طالب وكانا على الشرك، ولم يرثه جعفر ولا علي، لأنهما كانا مسلمين، فدل هذا الحديث على أن دور مكة تورث ويجوز التصرف فيها.
(3) ما رواه مسلم عن أبي هريرة في قصة فتح مكة قال: فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول، أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن.
فدل هذا الحديث على صحة تملك أبي سفيان لداره، ومن ثم يجوز التصرف فيها.
((1/134)
4) جاء في سنن البيهقي وغيره أن نافع بن عبد الحارث اشترى من صفوان بن أمية دار السجن لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بأربعمائة، وفى رواية بأربعة آلاف.
(5) مارواه الزبير بن بكار وغيره أن حكيم بن حزام باع دار الندوة بمكة من معاوية بن أبي سفيان بمائة ألف فقال له عبد الله بن الزبير: يا أبا خالد، بعت مأثرة قريش وكريمتها؟ فقال: هيهات، ذهبت المكارم فلا مكرمة اليوم إلا الإسلام، فقال: اشهدوا أنها في سبيل الله تعالى يعني الدراهم.
(6)القياس :أنها أرض ليست موقوفة فجاز بيعها كغيرها.
أما أدلة من ذهب إلى عدم الجواز فما يلي:
(1) قوله تعالى (وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ )
قالوا: إن المراد بالمسجد جميع الحرم.
(2) وقوله تعالى (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا )
قالوا: والمحرم لا يجوز بيعه.
ورد على هذا الاستدلال:
بأن المراد بالمسجد الحرام هو المسجد فقط لا أرض الحرم كلها، ولو كان الأمر كذلك لما جاز لأحد أن ينشد ضالة في دور مكة ولا ينحر فيها البدن ولا يلقى فيها الأرواث ولا يبيع فيها ولا يشتري.
كما أن المراد بالحرمة: تحريم الصيد والشجر والقتال فيها وليس النهي عن بيعها.
(3) واستدلوا بما رواه البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "مكة مباح لا تباع رباعها ولا تؤجر بيوتها "
ورد على حديث البيهقي بأن في إسناده إسماعيل بن إبراهيم، وهو ضعيف باتفاق المحدثين. أما حديث عائشة فمحمول على الموات من الحرم وهو ظاهر الحديث.
(4) قالوا: إنها بقعة من الحرم، فلا يجوز بيعها وإجارتها كنفس المسجد الحرام. ولكن هذا القياس مردود، لأن المساجد لا تلحق بها سائر المنازل المسكونة.انتهى
ويقول الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي في هذا الموضوع:(1/135)
هناك من قال إن دور مكة لا تؤجَّر ولكن كثيرا من الفقهاء أجازوا استئجار البيوت في مكة وهذا جرى عليه العمل من قديم، من قرون والناس يؤجرون البيوت في مكة والآن أصبح هناك بيوت وهناك شقق وهناك أجنحة وهناك فنادق وكل هذا أصبح مُجازاً من علماء الأمة بغير نكير، فقد أصبح هذا إجماع من الأمة على جواز ذلك، إنما المهم ألا يستغل الناس فترة الحج ويبالغوا مبالغات لا معنى لها في أسعار الشقق والبيوت هذا هو الذي لا يجوز.انتهى
والله أعلم .
أكرم - قطر الاسم
مضاعفة الحسنات والسيئات بمكة العنوان
أحكام الحرمين الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أقيم بمكة المكرمة وذلك بعد انتهاء مناسك الحج فهل بالفعل أن الحسنات والسيئات تضاعف بمكة أم لا ؟ أفيدوني وفقكم الله
السؤال
28/05/2009 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالأصل أن الحسنات والسيئات تضاعف بمكة لما لمكة من حرمة ومنزلة وإليك تفاصيل ذلك :
اتفق الفقهاء على أن الصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد , لما ورد فيها من أحاديث : منها قوله صلى الله عليه وسلم : { صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام } والمعنى أن الصلاة فيه تفضل على مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم بألف صلاة , كل صلاة بعشر حسنات , فتكون الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم بعشرة آلاف حسنة , وتكون في المسجد الحرام بألف ألف حسنة.
ويَتَأَكَّدُ وُجُوبُ تَرْكِ الْمَعَاصِي فِي مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ وَحَرَمِهَا ; لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ أَشَدُّ فِيهَا مِنْ غَيْرِهَا لقوله تعالى { : وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } قَالَ مُجَاهِدٌ : تُضَاعَفُ السَّيِّئَاتُ بِمَكَّةَ كَمَا تُضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ .(1/136)
وَيَجِبُ تَنْزِيهُهَا عَنْ الْقِتَالِ فِيهَا وَيَجِبُ تَنْزِيهُهَا عَنْ حَمْلِ السِّلَاحِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم { لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ بِمَكَّةَ السِّلَاحَ } . وَيَجِبُ تَنْزِيهُهَا عَنْ دُخُولِ الْكُفَّارِ . قَالَ تَعَالَى : { إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا }.
قال ابن مسعود: لو أن رجلا هم بخطيئة لم تكتب عليه ما لم يعملها , ولو أن رجلا هم بقتل مؤمن عند البيت وهو بعدن أبين أذاقه الله عز وجل في الدنيا من عذاب أليم .
وقال الضحاك : إن الرجل يهم بالخطيئة بمكة وهو بأرض أخرى فتكتب عليه , وإن لم يعملها . وقال مجاهد تضاعف السيئات بمكة كما تضاعف الحسنات . وسئل أحمد رضي الله عنه هل تكتب السيئة أكثر من واحدة ؟ فقال : لا إلا بمكة لتعظيم البلد , وأحمد على هذا يرى فضيلة المجاورة بها . ( والثاني ) أن معنى { ومن يرد } من يعمل وقال أبو سليمان الدمشقي : هذا قول سائر من حفظنا عنه انتهى كلام ابن الجوزي .
وكره بعض العلماء الجوار بمكة لأنه لما كانت الذنوب بها تتضاعف عقوبتها آثروا السلامة في ترك الجوار بها مخافة مواقعة الذنوب التي تتضاعف عقوبتها.
وقال أبو بكر بن العربي في (كتابه أحكام القرآن): في قوله تعالى : { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم }المعنى : ومن يهم فيه بميل يكون ذلك الميل ظلما ; لأن الإلحاد هو الميل في اللغة , إلا أنه قد صار في عرف الشريعة ميلا مذموما , فرفع الله الإشكال , وبين أن الميل بالظلم هو المراد هاهنا , والظلم في الحقيقة لغة وشرعا وضع الشيء في غير موضعه , وذلك يكون بالذنوب المطلقة بين العبد ونفسه , وبالذنوب المتعدية إلى الخلق , وهو أعظم .(1/137)
ولذلك كان ابن عمر له فسطاطان : أحدهما في الحل , والآخر في الحرم ; فكان إذا أراد الصلاة دخل فسطاط الحرم , وإذا أراد الأمر لبعض شأنه دخل فسطاط الحل , صيانة للحرم عن قولهم : كلا والله , وبلى والله , حين عظم الله الذنب فيه , وبين أن الجنايات تعظم على قدر عظم الزمان , كالأشهر الحرم , وعلى قدر عظم المكان , كالبلد الحرام , فتكون المعصية معصيتين : إحداهما بنفس المخالفة , والثانية بإسقاط حرمة الشهر الحرام , أو البلد الحرام فإن أشرك فيه أحد فقد أعظم الذنب , ومن استحله متعمدا فقد أعظم الذنب , ومن استحله متأولا فقد أعظم الذنب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن مكة حرمها الله يوم خلق السموات والأرض , فهي حرام بحرمة الله لم تحل لأحد قبلي , ولا تحل لأحد بعدي , فإن أحد ترخص فيها بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا : إن الله أذن لرسوله , ولم يأذن لكم } .
والله أعلم .
عمرو الحكيم - مصر الاسم
إحرام المتمتع من مكة العنوان
فقهية الموضوع
هل الاحرام بالحج بالنسبة للمتمتع يكون من محل اقامته فى مكة أم لابد له من الخروج الى الميقات أولاً والإحرام من هناك؟
وجزاكم الله خيرًا على هذه الخدمة العظيمة السؤال
14/02/2001 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يحرم الحاج المتمتع الماكث في مكة من منزله كما أحرم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من منازلهم في الأبطح في حجة الوداع بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
وهكذا من كان في داخل مكة يحرم من منزله لحديث ابن عباس ( وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( ومن كان دون ذلك - أي دون المواقيت - فمهّّله من أهله حتى أهل مكة يهّلون من مكة) متفق على صحته.
والله أعلم
الحسيني - الأردن الاسم
حكم دخول مكة دون إحرام العنوان
فقهية الموضوع
هل يجوز دخول مكة دون إحرام ؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً
السؤال
22/04/2009 التاريخ(1/138)
لجنةكبار العلماء بوزارة الأوقاف ـ ا لكويت المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا يجوز لقاصد الحج أو العمرة دخول مكة دون إحرام، أما دخولها بغير إحرام لغير النسك من غير أهلها فيجوز على رأي الإمام الشافعي خلافاً لجمهور الفقهاء، أما دخولها من أهلها بغير إحرام ودون نسك فيجوز باتفاق.
وإليك تفصيل ذلك فيما ذكرته لجنة كبار العلماء بالكويت :
دخول مكة بقصد الحج أو العمرة لا يجوز بغير إحرام بالاتفاق، أما دخولها لغير النسك، كالتجارة، وزيارة الأصدقاء، وما إلى ذلك، فإن كان الداخل إليها من الآفاق فلا يجوز له مجاوزة الميقات بغير إحرام لدى جمهور الفقهاء، وذهب الشافعية في المشهور إلى أن له الدخول إليها بغير إحرام إن شاء، وإن كان الدخول إليها من منطقة الحل، فالاتفاق منعقد على جوازه من غير إحرام مادام الداخل لا يريد النسك.
أما الحاج المتمتع إذا دخل مكة وأدى أفعال العمرة وتحلل، وكذلك المعتمر، ثم خرج منها إلى جدة أو غيرها مما هو في منطقة الحل، لشراء شيء أو غيره، ثم أراد العودة إلى مكة لغير النسك فإن له أن يدخلها بغير إحرام بالاتفاق مثله مثل سكان منطقة الحل، وإن أراد دخولها لنسك أحرم من المكان الذي هو فيه سواء كان في مكة أو خارجها مادام في الحل.
والله أعلم .
محمد - مصر الاسم
دخول مكة دون إحرام بسبب ظروف العمل العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : إذا حدث أن موظفاً مسافراً من تبوك إلى مكة المكرمة لعمل رسمي ولطبيعة العمل اضطر لدخول مكة بدون أن يحرم ورجع إلى جدة لفترة قصيرة وأحرم من جدة ورجع إلى مكة لأداء العمرة ، فما رأي فضيلتكم هل تكتب له عمرة أم لا ؟
السؤال
26/03/2008 التاريخ
اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء / السعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/139)
فقد جاء عن اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بالمملكة العربية السعودية ما نصه :
(1) من مر على أي واحد من المواقيت التي ثبتت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو حاذاه جواً أو بحراً وهو يريد الحج أو العمرة وجب عليه الإحرام .
(2) وإذاكان لا يريد حجاً ولا عمرة فلا يجب عليه أن يحرم .
(3) وإذا جاوزها بدون نية الحج أو العمرة ثم أنشأ الحج والعمرة من مكة أو جدة فإنه يحرم بالحج من حيث أنشأ من مكة أو جدة .
(4) أما العمرة فإن أنشأها خارج الحرم أحرم من حيث أنشأ وإن أنشأها من داخل الحرم فعليه أن يخرج إلى أدنى الحل ويحرم منه للعمرة هذا هو الأصل في هذا الباب .
وهذا الشخص السائل إذا كان قد أنشأ العمرة من جدة وهو لم يردها عند مروره الميقات فعمرته صحيحة ولا شيء عليه ، وهو ظاهر سؤاله .
والأصل والدليل في هذا حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: ( وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم ، قال هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها ) متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ) نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: ( أخرج بأختك من الحرم فتهل بعمرة ثم لتطف بالبيت فإني أنتظركما هاهنا ) قالت: فخرجنا فأهللت ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله في جوف الليل فقال: ( هل فرغت؟ ) قلت: نعم ، فأذن في أصحابه بالرحيل فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة ( متفق عليه).
والله أعلم .
هاشم الاسم
هل المعاصي بعد الحج تبطله؟ العنوان
ذكر ودعاء الموضوع
هل المعاصي بعد الحج تبطله وتؤثر عليه أم لا ؟
السؤال
23/01/2008 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل(1/140)
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإذا فعل الحاج منكرًًا أو معصية بعد أداء فريضة الحج، فإن ذلك المنكر أو هذه المعصية لا يبطل الحجة لأن فعل الحسنات لا يبطله ارتكاب السيئات، وإن كانت تنقص من ثمرتها وتقلل من ثوابها، ذلك ؛ لأن الله عز وجل يحاسب الناس على كل صغيرة وكبيرة، من طاعة أو معصية، والميزان يوم القيامة هو الحكم، حيث توضع الحسنات في كفة والسيئات في كفة، ويتبين أيهما أثقل، فيكون إما محسنًا أو مسيئًا.
وعلى ذلك يترتب الثواب والعقاب (فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره) (الزلزلة: 7، 8)، (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة، فلا تظلم نفس شيئًا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين). (الأنبياء: 47).
والمطلوب من المسلم أن تكون حجته صادقة مبرورة، وأن يظهر أثرها في نفسه وسلوكه بعد الحج.، فيتوب، وينيب إلى الله، ويعمل الصالحات ولا يعود إلى سيرته الأولى إن كان ممن ظلموا أنفسهم، وارتكبوا شيئًا من الموبقات، بل يجعل صفحته بيضاء، وصلته بالله وثيقة، وتلك هي ثمرة الحج المبرور الذي ليس له جزاء إلا الجنة.
والله أعلم.
إبراهيم - السودان الاسم
لقطة الحرم بين الواجب وحسن التصرف العنوان
أحكام الحرمين الموضوع
ما حكم لقطة الحرم ؟ وهل يجوز أن يعطيها للفقراء ؟ أو ينفقها في بناء مسجد مثلا ؟
السؤال
27/10/2009 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي المملكة سابقاً " رحمه الله " في رده على سؤال مماثل :(1/141)
فالواجب على من وجد لقطة في الحرم أن لا يتبرع بها لمسجد ، ولا يعطيها الفقراء ولا غيرهم ، بل يعرفها دائما في الحرم في مجامع الناس قائلا : من له الدراهم من له الذهب ، من له كذا ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا تحل ساقطتها إلا لمعرف وفي رواية إلا لمنشد وهو الذي ينادي عليها ، وكذلك حرم المدينة ، وإن تركها في مكانها فلا بأس وإن سلمها للجنة الرسمية التي قد وكلت لها الدولة حفظ اللقطة برئت ذمته . انتهى كلام الشيخ بن باز رحمه الله
المحرر: يوجد بالحرم المكي والحرم المدني مركزاً للأمانات مُعد خصيصاً لهذا الغرض، ومن باب أولى في مثل هذه الحالات التعامل معه مباشرة، وليس من المناسب لمن وجد لُقطة داخل الحرم أن يمر على كل من بالحرم ليعرفهم بها خاصة مع تعدد الأجناس واللغات، ومساحة الحرم الشاسعة.
أضف إلى ذلك أن كثيراً من الأشياء التي يعثر عليها تكون صفاتها متشابهة فتعطى لغير أهلها الأصليين، أو تكون مطمعاً لبعض ضعاف النفوس.
والله أعلم .
إبراهيم - مصر الاسم
أخطاء داخل الحرم المكي الشريف العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :أقضي هذه الأيام أفضل أيام حياتي في الحرم المكي الشريف لا حرمنا الله منه ، لكن من المحزن أنني أرى سلوكيات لاتتفق مع ديننا الحنيف ومن ذلك التزاحم دون سبب ، والتدافع بالأيدي وحجز الأماكن بالحرم فهل يقبل كل هذا من حاج أو معتمر؟ ليتكم تبصروا الناس بالأخطاء التي تحدث في الحرم.وجزاكم الله خيراً
السؤال
22/03/2007 التاريخ
الكاتبة ناهد الخراشي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/142)
فالحرم المكي قُرة عين لأي مسلم يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً، ومن المحزن حقاً أن نرى صوراً كالتي ذكرتها أو غيرها من الصور السلبية التي لابد من التوقف عنها إجلالاً، وتكريماً، وتشريقاً للحرمين الشريفين ، وهذه الأخطاء بالطبع غير مقبولة شرعاً وعقلاً ، وينبغي على كل مسلم أن ينزه نفسه عن هذه الأخطاء .
وإليك ماذكرته الأستاذة ناهد الخراشي الكاتبة والمؤلفة الإسلامية / مصر :
الحج عبادة وليس نزهة، ولا بد من احترام المناسك التي تؤدى، واتباع السلوكيات التي تتفق مع ديننا الحنيف نابعة من الأخلاق القرآنية ، والآداب الإسلامية، والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة لنا في كل زمان ومكان.
ومن المؤسف أننا نلاحظ بعض السلوكيات أثناء الحج أو العمرة تحدث بين بعض الحجاج والمعتمرين والتي لا تتوافق مع ديننا الحنيف ، وأي زائر للمسجد الحرام كثيراً ما يقع نظره على أشياء لا يتمنى في الأصل رؤيتها ومنها :
(1) المزاحمة الشديدة والتدافع بالأيدي.
(2) شغل مساحة كبيرة من المكان لفرد واحد, وعدم ترك مكان للغير.
(3) عدم التعاون والتراحم والتعاطف خاصة أثناء الزحام.
وهناك ظاهرة حجز الأماكن في المسجد الحرام والمنتشرة بشكل لافت حيث يحجز بعض المصلين من أهل مكة أو غيرها أماكن في الصفوف الأولى ، وهذه الأماكن ليست من حقهم لأن الصف الأول لمن دخل المسجد أولاً ، والمفترض أن يجلس كل واحد بجانب أو خلف من سبقه في الدخول فإذا امتلأ الصف الأول يأتي الصف الثاني ثم الثالث ثم الرابع وهكذا .
وظاهرة حجز الأماكن في المسجد الحرام محاولة خاطئة للتميز في مقام الحضرة الإلهية التي يتساوى فيها الجميع .
كما أن بعض الناس يتزاحمون عند دخول المسجد في الوقت الذي يتزاحم فيه آخرون على الخروج ، وهؤلاء يُصرون على الدخول ، وهؤلاء يُصرون على الدخول، فيصطدمون ببعضهم البعض وعندها ترى من يموت تحت الأقدام!!(1/143)
والزحام في الحرم أمر بديهي لوجود أعداد كبيرة في وقت واحد ، لكن المشكلة ليست في الزحام لكن في عدم الاستعداد للنظام واحترام قدسية الحرم، والشعائر التي تؤدى فيه، إضافة لبعض الأخطاء في المفاهيم .
فمثلاً نرى البعض يُصرون على الصلاة داخل الحرم مع عدم وجود مكان بداخله ، والسبب أنهم يعتقدون أن الصلاة داخل جدران المسجد مضاعفة للثواب أما خارجه فلا. علماً بأنه في حالة ضيق المسجد بالمصلين وصلى الحاج أو المعتمرخارج المسجد فإن له نفس الثواب مادامت الصفوف متصلة .
والمعروف كذلك أن في نهاية الطواف يصلي المسلم ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم عليه السلام لقوله تعالى:{ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} (البقرة:125)
لكن يصر البعض على الصلاة خلف المقام حتى مع عدم وجود مكان ،فيزدحم المكان بشكل كبير حتى يصل الأمر في النهاية إلى إعاقة حركة الطواف ، مع أنه لو صلى في أي مكان خلف المقام أو في أي مكان في المسجد لأجزأه ذلك.
والواجب عليناجميعاًأن نعيد للحرم قدسيته وألا نفعل أي عمل من شأنه التقليل أو الاستهانة بقدسية الحرم، وأن يتراحم المسلم مع إخوانه ويخفض جناحه لهم ، ويدفع بالتي هي أحسن ، ويتأدب بأدب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع أن هذه الأداب عظيمة القدر حتى في غير الحرم لكنها من باب أولى أن تكون في الحرم تقديراًً لهذه الأداب واحتراماً لقدسية الحرم كذلك . انتهى
واستكمالاً لما ذكرته الأستاذة ناهد الخراشي جزاها الله خيراً، هناك بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض المسلمبن داخل الحرم نوجزهاهنا للتذكير بها ومن هذه الأخطاء :
(1) اعتقاد وجوب الدخول من باب معين فنرى الزحام الشديد حول باب معين، وهذا غير صحيح، والصواب جواز الدخول من أي باب للحرم.
(2) تطويل الوقوف عند الحجر للإشارة، فيظل الواحد يشير عدة مرات، فيعطل السير ويشتد الزحام.
((1/144)
3) قيام بعض الرجال بخلع الرداء والاكتفاء بالإزار فقط: وقد ينزل إزاره تحت السرة فيكشف جزءًا من عورته، وهذا لاينبغي ،وخصوصًا في وجود النساء حوله.
(4) اجتماع مجموعات في الطواف يدفعون الناس بقوة، وقد يطيحون بالضعفاء أو يصيح بعض من يحملون الضعفاء، فيفزعون الناس ويخيفونهم.
(5) إطالة الدعاء أوالركعتين خلف المقام أثناء اشتداد الزحام لما فيه من إعاقة الطائفين والمصلين.
(6) الإسراع بشدة أثناء الطواف فيعرض حياة الناس للخطر خاصة الضعفاء والنساء والأطفال.
(7) المزاحمة الشديدة لتقبيل الحجر الأسود وأحيانًا المضاربة والمشاتمة وذلك حرام لما فيه من الأذى للمسلمين، ولأن الشتم والضرب لا يجوز من المسلم لأخيه بغير الحق، مع أن الإشارة تكفي عند محاذاة الحجر.
(8) إصرار بعض النساء على تقبيل الحجر رغم الزحام: مما يعرضهن لمزاحمة الرجال، وكذلك عدم مبالاة المرأة بالتصاق الرجل بها.
(9) التمسح بالحجر الأسود التماسًا للبركة منه: وهذا لا أصل له في الشرع، والسنة استلامه وتقبيله فقط إن تيسر ذلك، وإلاَّ استلمه، أو أشار إليه.
(10) رفع الصوت في الطواف من بعض الطائفين أو المطوفين، رفعًا يحصل به التشويش على الطائفين.
(11) التزاحم للصلاة عند مقام إبراهيم: وهذا خلاف للسنة؛ لما فيه من الأذى للطائفين، ويكفيه أن يصلى في أي مكان بالمسجد إن تعذر عليه الصلاة خلف المقام.
(12) رفع اليدين عند استلام الحجر الأسود كما يرفع للصلاة، ووقوف الناس على الخط الأسود المؤدي للحجر مما يترتب عليه إزدحاماً شديداً على هذا الخط فيعوق حركة الطواف إلى حد كبير.
(13) مسابقة بعض المصلين للإمام بالتسليم حتى يسرع إلى تقبيل الحجر الأسود واستلامه قبل الناس .
(14) التمسح بالعروة الوثقى، وهو موضع عال من جدار البيت المقابل لباب البيت، تزعم العامة أن من ناله بيده؛ فقد استمسك بالعروة الوثقى.
((1/145)
15) قصد الطواف تحت المطر بزعم أن مَن فعل ذلك غُفِرَ له ما سلف من ذنبه.
(16) الاستنجاء داخل الأماكن المخصصة للشرب من ماء زمزم.!!
والله أعلم .
فاضل - الجزائر الاسم
الجدال في الحج العنوان
عامة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أريد أن أعرف من فضيلتكم ما المقصود بالجدال في قوله تعالى :( ولاَ جِدالَ فِي الحَجِّ ) ؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
يقول الله تعالى في سورة البقرة:( الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعلومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ ولاَ فُسوقَ ولا جِدالَ فِي الحَجِّ، ومَا تَفْعلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ، وتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوَى واتَّقُونِي يَا أُولِي الأَلْبابِ ) (الآية: 197).
والجدال هو المحاورة التي تكون على سبيل المنازعة والمباراة، وقيل إن الأصل في الجدال هو الصِّراع وإسقاط الإنسان صاحبَه على الجَدَالة وهي الأرض الصُّلْبة. كما قيل إنّ الجدال هو مقابلة الحُجّة على وجه المفاخرة والرغبة في المغالبة، والمجادلة هي المخاصمة والمناظرة؛ وينبغي أن نفهم أن المراد بالجدل المنهيّ عنه في الحج هو الجدال على الباطل، طلبًا للتغلب فيه، وأما الجدل الهادئ المخلص، المراد منه طلب الحق أو إظهار الحقيقة، فإنه محمود مستحبٌّ، وقد يكون واجبًا إذا لزم؛ ولذلك يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ لرسوله صلى الله عليه وسلم:( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وجَادِلْهُمْ بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ ) (النحل: 125).(1/146)
وقد جاء في القرآن الكريم ما يفيد التعريض بكثرة الجدال، وأنها ليست من صفات الإنسان الفاضل الكريم، فجاء في سورة الكهف قوله سبحانه:( وكَانَ الإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيءٍ جَدَلاً ) (الكهف: 54)، وجاء في سورة الحج:( ومِنَ النّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، ويَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ) (الحج: 3) أي متجبر متجرد للفساد، وجاء في سورة لقمان: ( ومِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ولاَ هُدًى ولاَ كِتابٍ مُنِيرٍ) (لقمان: 20).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" مَا أُوتَيَ قومٌ الجَدَلَ إلا ضلوا " . وفي رواية أخرى يقول عليه الصلاة والسلام:" ما ضلَّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدلَ ". وليس هذا نهيًا عن البحث في العلم، أو التنقيب عن المعارف، أو التتبع لحقائق الأمور، وإنما هو يقصد ـ والله أعلم بمراد رسوله ـ أن ينهى عن الجدال العقيم في الباطل أو في توافِهِ الأشياء والأمور، مما لا يحقِّق خيرًا ولا يمنع شرًّا، وينهى عن الجدال الذي يراد منه إظهار التغلُّب على الخصم بأي طريق كان، وليس هذا الجِدال من شأن الحاجّ في قليل أو كثير، بل ليس من خلق المسلم في شيء.
ويقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه:" من ترك الكذب ـ وهو باطل ـ بُنِيَ له رَبَضِ في الجنة ( أي دار )، ومَن ترك المراء ( أي الجدل ) وهو محق بُنِيَ له في وسطها، ومن حسن خلقه بُني له في أعلاها ". ويقول أيضًا:" كفى بكَ إثمًا ألا تزال مخاصِمًا".(1/147)
ويذكر بعض المفسرين أن الحكمة في النهي عن الرفث ـ وهو ما يتعلق بالمباشرة الجنسيّة ـ والفسوق ـ وهو العصيان ـ والجدال، في أثناء الحج هو تعظيم شأن الحرم، وتغليظ أمر الإثم فيه؛ إذ الأعمال تختلف باختلاف الزمان والمكان، فللاجتماع مع الناس آداب غير آداب الخلوة مع الأهل، ويجب أن يكون الإنسان في أوقات العبادة والحضور مع الله ـ تبارك وتعالى ـ على أكمل الآداب وأفضل الأحوال، وناهيك بالطاعة في البيت الذي نسبه الله إلى نفسه وهو المسجد الحرام والبيت الحرام.
وعلى الحاجّ أن يتذكّر دائمًا أنه بزيارته لبيت الله سبحانه، مقبل على الله جل جلاله، قاصد له، متشرف بضيافته، فعليه أن يجرد نفسه مما قد تكون ألفته من عادات لا تليق بهذا المكان الطهور، وما أجدر الحاجَّ بأن يكون كريم الأخلاق لطيف العادات، لا يتكلم فيما لا يَعنيه، ولا يحاور فيما لا ينفعه ولا يفيده، حتى يتحقق له قول رسول الله عليه الصلاة والسلام: "من حجَّ
فلم يرفث ولم يفسق رجع كيومَ ولدتْه أمُّه".
والله أعلم.
أحمد - مصر الاسم
ما ينبغي أن يكون عليه المسلم بعد الحج العنوان
عامة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ماالذي ينبغي فعله لمن وفقه الله تعالى لإتمام مناسك الحج والعمرة؟ وما الذي ينبغي له بعد ذلك؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
15/12/2008 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالذي ينبغي له ولغيره ممن منَّ الله عليه بعبادة أن يشكر الله سبحانه وتعالى على توفيقه لهذه العبادة، وأن يسأل الله تعالى قبولها، ويعلم أن توفيق الله تعالى إياه لهذه العبادة نعمة يستحق سبحانه وتعالى الشكر عليها، فإذا شكر الله وسأل الله القبول فإنه حريٌّ بأن يقبل، لأن الإنسان إذا وُفِّق للدعاء فهو حريٌّ بالإجابة، وإذا وفق للعبادة فهو حري بالقبول.(1/148)
وليحرص غاية الحرص أن يكون بعيدا عن الأعمال السيئة بعد أن مَنَّ الله عليه بمحوها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ويقول صلى الله عليه وسلم: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارة لما بينهن، ما اجتنبت الكبائر"، وقال صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما"، وهذه وظيفة كل إنسان يمنُّ الله تعالى عليه بفعل عبادة، أن يشكر الله على ذلك وأن يسأله القبول.
ونصيحتي له أن يتقي الله عز وجل في أداء ما ألزمه الله به من العبادات الأخرى؛ كالصلاة، والزكاة، والصوم، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى المخلوقات والتأدب بآداب الإسلام والتحلي بأخلاق القرآن وغير ذلك مما ينبغي أن يكون عليه المسلم.
وينبغي لمن حج إلى الله أن يعلم أن الحج بقدر ما هو تشريف ونعمة من الله بقدر ما هو تكليف وأمانة يحاسب عليها إن فرط فيها بعد عودته، قال تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون).
والله أعلم.
عمر الفاروق الاسم
طواف الوداع للمعتمر العنوان
فقهية الموضوع
بالنسبة لطواف الوداع ؛ هل هو واجب على المعتمر أيضاً؟ السؤال
21/04/2008 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/149)
فليس على المعتمر طواف وداع إذا أراد الخروج خارج الحرم في ضواحي مكة وهكذا الحاج لكن متى أراد السفر إلى أهله أو غير أهله شرع له الوداع ولا يجب عليه لعدم الدليل وقد خرج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم الذين حلوا من عمرتهم إلى منى وعرفات ولم يؤمروا بطواف الوداع أما الحاج فيلزمه طواف الوداع عند مغادرته مكة مسافراً إلى أهله أو غير أهله لقول ابن عباس رضي الله عنهما "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" متفق عليه .
وقوله أمر الناس يعني بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم ولهذا جاء في الرواية الأخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت " رواه مسلم ..
ومن هذا يعلم أن المعتمر يستحب له طواف الوداع إذا أراد الخروج خارج الحرم ولا يجب .
والله أعلم .
محمد - الجزائر الاسم
تأخير طواف الإفاضة بعد أيام التشريق العنوان
الطواف الموضوع
قمت بأداء طواف الإفاضة بعد أيام التشريق مباشرة فهل يصح هذا مني ؟ ولكم جزيل الشكر السؤال
11/01/2007 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فقد اتفقت المذاهب الأربعة على أن طواف الإفاضة يجزىء فى أى وقت منذ فجر يوم النحر إلى آخر أيام ذى الحجة، وزاد الشافعية والحنابلة أنه يبدأ من نصف ليلة النحر .
وعند الشافعية والحنابلة لا حد لنهايته وله أن يؤخره ويطوف أى وقت شاء ولا يلزمه شىء.
وعند الحنفية:إن فاته ذو الحجة طاف فى أشهر الحج فى سنة أخرى . وعند المالكية: إن فاته ذو الحجة لزمه دم وصح حجه.
وعلى هذا : فإنه يجوز للأخ السائل تأخير طواف الإفاضة على المذاهب الأربعة ولا يلزمه شىء ؛ كما يجوز الجمع بين طواف الوداع وطواف الإفاضة على الأرحج.
والله أعلم .
________________________(1/150)
نقلاً عن كتاب : الفقه على المذاهب الأربعة للشيخ الجزيري
أنور - نيجيريا الاسم
التحدث بالهاتف المحمول أثناء الطواف العنوان
الطواف الموضوع
هل يجوز التحدث بالتليفون الجوال(المحمول)أثناء السعي أو الطواف ؟ السؤال
03/09/2008 التاريخ
الدكتور عجيل النشمي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيكره التحدث أو استخدام التليفون المحمول إلا عند الضرورة، وينبغي أن يمنع ذلك سداً لذريعة الاستهانة بالطواف أو السعي ، وفقدان الشعيرة مكانتها، والتشويش على الطائفين لما يحتاجه من رفع الصوت.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى الدكتور عجيل النشمي (عميد كلية الشريعة السابق بالكويت):
ذهب الفقهاء إلى جواز الكلام في الطواف إذا كان لحاجة، وبعضهم كرهه لغير حاجة، وقالوا: يستحب أن يدع الحديث والكلام في الطواف إلا ذكر الله تعالى، أو قراءة القرآن أو أمراً بمعروف، أو نهياً عن منكر، أو ما لابد منه من الكلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بالخير" (أخرجه الترمذي 3- 284).
وبناء عليه نرى أن الكلام لغير حاجة مكروه، وإذا كان الكلام عبر هاتف نقال فهو ـ لا ريب ـ داخل في الكلام، وهو محادثة قد يصاحبها تبسيط كبير، خاصة أن المخاطب على الطرف الآخر لا يستشعر الموقف، وما فيه من عبادة وازدحام، وما يقتضيه من خشوع.
وفي هذه المحادثة أيضاً نوع من تقليل أهمية ومكانة هذه العبادة، فالكراهة أشد في الكلام في بيت الله وحول الكعبة عبر هذا الجهاز.
وينبغي أن يمنع ذلك سداً لذريعة الاستهانة، وفقدان الشعيرة مكانتها، والتشويش على الطائفين لما يحتاجه من رفع الصوت غالباً وسط التهليل، والتكبير، والقراءة، والدعاء .
والله أعلم.
محمد أشرف - سوريا الاسم
نسيان طواف الوداع العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته(1/151)
أنا مقيم بجدة وقمت بالحج هذه السنة بحمد الله ولم أقم بطواف الوداع ماذا أفعل الآن ؟ هل أستطيع أن أذهب الآن إلى مكة وأقوم به وهل يجب أن أذبح؟
السؤال
20/03/2001 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
المذاهب مختلفة في هذا ولكن من المتفق عليه أن طواف الوداع ليس من أركان الحج، ركن الحج هو طواف الإفاضة وطواف القدوم بالنسبة للعمرة إذا كان الحاج متمتعاً فهذا ركن من أركان العمرة، لأن العمرة هي الطواف والسعي والحلق أوالتقصير، طواف القدوم بالنسبة للعمرة ركن، طواف الإفاضة يوم النحر أو ما بعده وهو الطواف بالبيت العتيق ركن، إنما طواف الوداع إما واجب وإما سنة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال للمرأة الحائض أن تسافر دون طواف الوداع لأنه ليس أمراً أساسياً، فإن شاء الله الحج صحيح وهو مقبول إن شاء الله؛ وإن كان من الأولى الرجوع لعمل الطواف طالما السائل من مقيمي جدة .
والله أعلم
رحاب - المغرب الاسم
حكم تأخير طواف الإفاضة العنوان
هل يجوز للمقيمين بمكة تأخير طواف الإفاضة بعد سفر الحجيج ولكن قبل انتهاء شهر الحج؟
السؤال
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
يجوز تأخير طواف الإفاضة لأهل مكة ولغير أهل مكة لأن طواف الإفاضة يمكن تأخيره إلى آخر أيام التشريق أو إلى ما بعدها طالما هو موجود ولكن لا يسقط ذلك طواف الإفاضة عن الحاج.
لكن تبقى مسألة أن التحلل النهائي لم يتم بعد، يعني لا يحل للحاج أن يجامع زوجته أو نحو ذلك ، لأن التحلل النهائي لا يتم إلا بطواف الإفاضة.
والله أعلم.
خليفة - سوريا الاسم
ختم الطواف بالتكبير عند الحجر الأسود العنوان
فقهية الموضوع(1/152)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سأقوم بعمرة قريباًإن شاء الله وعلمت منكم أن التكبير سنةفي كل شوط عند محاذاة الحجر الأسود إن لم أتمكن من تقبيله لكن سؤالي هل يختم الطواف بالتكبير عند الحجر الأسود كما بدأ به أولاً؟أم ماذاأفعل؟
السؤال
14/03/2007 التاريخ
اللجنة الدائمة للإفتاء المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيسن التكبير في كل شوط من الطواف عند محاذاة الحجر الأسود ، كذلك في نهاية الشوط السابع لانتهاء الطواف عنده .
وإليك تفصيل ذلك في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث واللإفتاء بالمملكة العربية السعودية :
الطواف بالكعبة من العبادات المحضة، والأصل في العبادات التوقيف، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر في طوافه كلما حاذى الحجرالأسود .
ولاشك أن الطائف يحاذيه في الشوط السابع ، فيسن له أن يكبر كما سن له التكبير في بدء كل شوط عند محاذاته اياه؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، مع استلام الحجر وتقبيله في كل شوط إن أمكنه ذلك.
والله أعلم .
ahmad - الجزائر الاسم
حكم الطواف أثناء الصلاة العنوان
فقهية الموضوع
إذا أقيمت الصلاة وأنا في الطواف هل أصلي أم أطوف ؟ وإذاانتهت الصلاة فمن أي الأشواط أبدأ؟ أفيدونا وفقكم الله
السؤال
25/02/2007 التاريخ
د/علي سيد أحمد مدرس التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف فيُقطع الطواف للدخول في صلاة الجماعة حتى لاتفوت الجماعة ، ولأن الطواف سيدرك بعد الصلاة، وبعد الصلاة يبدأ من الشوط الذي توقف أثنائه ثم يستكمل بقية الأشواط.
وإليك تفصيل ذلك فيما ذكره الدكتور علي سيد أحمدـ أستاذ التفسير بجامعة الأزهر:(1/153)
إذا أقيمت الصلاة تقطع الطواف وتدخل مع الجماعة ؛ لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال : (( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة )) وقد سمى الطواف بالبيت صلاة فتدخل مع جماعة المسلمين وتصلي .
ثم بعد ذلك هل تبدأ من المكان الذي وقفت فيه أو تبدأ بالشوط الذي وقفت في أثنائه ؟ الأقوى والأولى أن تبدأ من بداية الشوط الذي وقفت في أثنائه .
والله أعلم.
إبراهيم - مصر الاسم
أدعية الطواف وتخصيص كل شوط بدعاء العنوان
الطواف الموضوع
بالنسبة إلى الطواف حول الكعبة هناك بعض الناس تقرأ من كتاب وتردد أدعية، دعاء الشوط الأول، دعاء الشوط الثاني، هل وردت هذه الأدعية؟ وما الحكم؟ وما هو توجيهكم؟
السؤال
29/06/2009 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالدعاء المأثور الذي ورد في أدعية الطواف هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
وورد عن الإمام الشافعي أنه كان يقول: "اللهم اجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً"، هذا ورد عن بعض الصحابة أو نحو ذلك.
إنما هذه الأدعية التي يرددها الناس، بعضها أدعية مأثورة في غير الحج والعمرة مثل دعاء: "اللهم اقسم لي من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك" أو "اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي"، وهناك أدعية كثيرة وردت في القرآن وفي السنة لا بأس بها في الطواف .
لكن ليس هناك دعاء اسمه دعاء الشوط الأول، ولا دعاء الشوط الثاني، فلم يرد شيء من هذاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاأصحابه رضي الله عنهم.(1/154)
وبعض الناس تسير وراء المطوف، والمطوف يردد الدعاء كلمة بكلمة والناس تردد من خلفه كلمة بكلمة دون فهم للدعاء، وأنا أقول بدلاً من أن يردد المسلم هذه الأدعية وهو لايفهمها، فالاولى له الدعاء بما يفيض الله عليه وماينطق به لسانه، لأن كل واحد مناله حاجات عند الله، يريد الرزق فيقول: يا رب ارزقني رزقاً واسعاً، يريد المغفرة فيقول: يا رب اغفر لي ذنوبي، يريد الدعاء للأولاد فيقول: اللهم ارزقني أولاد صالحين، يريد أن يتزوج فيقول: يا رب ارزقني الزوجة الصالحة، فكل واحد يعرف ماذا يريد من ربه، الأفضل أن يطلب المسلم بلسانه ، ولايجعل أحد يلقنه كلمات لايعلم عنها ، ولايتفاعل معها.
وعلى الحاج أو المعتمرأن يردد الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم إن وجد وإلا فيدعو بما فتح الله عليه من الدعاء ، وهذا ما ينبغي فعله .
والله أعلم .
سلمى - مصر الاسم
تقديم السعي على الطواف العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجوز تقديم السعي على الطواف في الحج أو في العمرة ؟ شكراً جزيلاً
السؤال
21/03/2007 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فيقول الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-مفتي السعودية :
السُنة أن يكون الطواف أولا، ثم السعي بعده، فإن سعي قبل الطواف جهلا منه فلا حرج في ذلك .
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل فقال : سعيت قبل أن أطوف ، قال : " لا حرج " ، فدل ذلك على أنه إن قدم السعي أجزأه .
لكن السنة أن يطوف ثم يسعى ، هذا هو السنة في العمرة والحج جميعا .
والله أعلم .
عمار - لبنان الاسم
انتقاض الوضوء أثناء الطواف العنوان
فقهية الموضوع
رجل شرع في الطواف فخرج منه ريح ، هل يلزمه قطع طوافه أم يستمر؟ السؤال
26/02/2009 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل(1/155)
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإذا أحدث الإنسان في الطواف بريح أو بول أو مني ، أو مس فرج أو ما أشبه ذلك انقطع طوافه كالصلاة ، فليذهب ويتطهر ثم يستأنف الطواف ، هذا هو الصحيح .
والمسألة فيها خلاف ، لكن هذا هو الصواب في الطواف والصلاة جميعا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف وليتوضأ وليعد الصلاة ) رواه أبو داود ، وصححه ابن خزيمة .
والطواف من جنس الصلاة في الجملة ، لكن لو قطعه لحاجة مثلاً ، كمن طاف ثلاثة أشواط ثم أقيمت الصلاة فإنه يصلي ثم يرجع فيبدأ من مكانه ولا يلزمه الرجوع إلى الحجر الأسود ، بل يبدأ من مكانه ويكمل ، خلافًا لما قال بعض أهل العلم : إنه يبدأ من الحجر الأسود ، والصواب : لا يلزمه ذلك ، كما قال جماعة من أهل العلم .
وكذا لو حضر جنازة وصلى عليها ، أو أوقفه أحد يكلمه ، أو زحام ، أو ما أشبه ذلك ، فإنه يكمل طوافه ، ولا حرج عليه في ذلك .
والله أعلم .
كريم - مصر الاسم
الجمع بين طواف الإفاضة والوداع العنوان
فقهية الموضوع
قمت بأداء فريضة الحج واضطررت للجمع بين طواف الإفاضة وطواف الوداع في طواف واحد لظروف السفرفماالحكم؟
السؤال
02/01/2008 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الشيخ عبد العزيز بن باز "رحمه الله" مفتي السعودية سابقا ردا على سؤال مماثل :
لا حرج في ذلك, لو أن إنسانا أخر طواف الإفاضة وعندما عزم على السفر طاف عند سفره بعد رمى الجمار وانتهى من كل شيء، فإن طواف الإفاضة يجزئه عن طواف الوداع، وإن طافهما (طواف الإفاضة وطواف الوداع) فهذا خير إلى خير.
ولكن متى اكتفى بواحد ونوى طواف الحج أجزأه ذلك، وليس عليه بعد ذلك طواف وداع .
والله أعلم .
عمار - لبنان الاسم
الطهارة في الطواف العنوان
فقهية الموضوع(1/156)
ما حكم من انتقض وضوؤه أثناء الطواف وتابع الطواف ؟ السؤال
27/03/2008 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
يقول الأستاذ مسعود صبري الباحث بالمركز العالمي للوسطية :
ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى : أن الطهارة من الأحداث ومن الأنجاس شرط لصحة الطواف ، فإذا طاف فاقدًا أحدها فطوافه باطل لا يعتد به .
وقال الحنفية : الطهارة من الحدث ومن الخبث واجب للطواف ، وهو رواية عن أحمد . وإن كان أكثر الحنفية على أن الطهارة من النجاسة الحقيقية سنة مؤكدة .
استدل الجمهور بحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الطواف بالبيت صلاة فأقلوا من الكلام } .
وإذا كان صلاة والصلاة لا تجوز بدون الطهارة من الأحداث ، فكذلك الطواف لا بد فيه من الطهارة .
واستدل الحنفية بقوله تعالى : { وليطوفوا بالبيت العتيق } .
ووجه الاستدلال بها أن الأمر بالطواف مطلق لم يقيده الشارع بشرط الطهارة ، وهذا نص قطعي ، والحديث خبر آحاد ويفيد غلبة الظن فلا يقيد نص القرآن ، لأنه دون رتبته ، فحملنا الحديث على الوجوب وعملنا به .
وعلى ذلك : فمن طاف محدثًا فطوافه باطل عند الجمهور ، وعليه العود لأدائه إن كان طوافًا واجبًا ، ولا تحل له النساء إن كان طواف إفاضة حتى يؤديه . أما عند الحنفية فهو صحيح لكن تجب إعادته ما دام بمكة ، وإلا وجب عليه الفداء .
ومن أحدث في أثناء الطواف يذهب فيتوضأ ويتمم الأشواط ولا يعيدها عند الحنفية والشافعية ، وهو رواية عن مالك .
والمشهور عن مالك : أنه يعيد الطواف من أوله ، ولا يبني على الأشواط السابقة ، وذلك لأن الموالاة في أشواط الطواف شرط في صحة الطواف .(1/157)
وذهب الحنابلة إلى أنه إن أحدث عمدًا فإنه يبتدئ الطواف ، لأن الطهارة شرط له ، وإن سبقه الحدث ففيه روايتان : إحداهما : يبتدئ أيضًا ، والرواية الثانية : يتوضأ ويبني ، قال حنبل عن أحمد فيمن طاف ثلاثة أشواط أو أكثر ، يتوضأ فإن شاء بنى ، وإن شاء استأنف ، قال أبو عبد الله : يبني إذا لم يحدث حدثًا إلا الوضوء ، فإن عمل عملاً غير ذلك استقبل الطواف ، وذلك لأن الموالاة تسقط عند العذر في إحدى الروايتين ، وهذا معذور ، فجاز البناء ، وإن اشتغل بغير الوضوء فقد ترك الموالاة لغير عذر فلزمه الابتداء إذا كان الطواف فرضًا ، فأما المسنون فلا تجب إعادته كالصلاة المسنونة إذا بطلت . انتهى
والخلاصة أن من نقض الوضوء في الطواف الواجب يتوضأ ويبني على مافاته من الطواف،والأولى أن يعيد الطواف من أوله وخاصة إذا كان هو الذي تسبب في نقض الطهارة،وقد أجاز البعض ألا قضاء في طواف النافلة.
والله أعلم .
أم خالد - سوريا الاسم
هل يجوز للمرأة أن تطوف وهي حائض؟ العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : هل يجوز للمرأة أن تطوف حول الكعبة وهي حائض حيث أنني أستعد لأداء العمرة ؟ أفيدوني بسرعة ولكم الشكر
السؤال
21/04/2009 التاريخ
اللجنة الدائمة للإفتاء المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالأصل أنه لايجوز للمرأة الحائض أن تطوف بالبيت حتى تطهر، لأن الطهارة شرط لصحة الطواف.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية:
الطواف بالبيت العتيق كالصلاة؛ يشترط له ما يشترط لها، إلا أنه أبيح في الطواف الكلام، فالطهارة شرط لصحة الطواف، فلا يصح من الحائض الطواف حتى تطهر، ثم تغتسل.(1/158)
والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين: أن عائشة رضي الله عنها قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج، حتى جئنا سَرِف فطمِثت، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: «مالك؟ لعلك نفست»، فقلت: نعم، قال: «هذا شيء كتبه الله عز وجل على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري»، وفي رواية لمسلم: «فاقضي ما يقضي الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي». إنتهت فتوى اللجنة الدائمة.
مع العلم بأن المرأة تعفى من طواف الوداع إذا كانت حائضاً وقت خروجها من مكة المكرمة، ومثلها النفساء؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) متفق على صحته.
والله أعلم.
هند - الكويت الاسم
الحائض المضطرة لدخول الحرم والطواف العنوان
أحكام المرأة في الحج والعمرة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : قدمت مكة وأنا محرمة بالعمرة وبعد وصولي إلى مكة نزل علي دم الحيض فانتظرت حتى أطهر فلم يتيسر لي ذلك ، وزوجي مضطر للسفر فوراً وليس لي أحد بمكة فماذا أفعل ؟
السؤال
28/02/2008 التاريخ
اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء / السعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإذا كان الأمر كذلك وقد حاضت المرأة قبل الطواف وهي محرمة وزوجها مضطر للسفر فورا وليس لها محرم بمكة سقط عنها شرط الطهارة من الحيض لدخول المسجد وللطواف للضرورة فتطهر وتتحفظ لنفسها من الدم ، وتطوف وتسعى لعمرتها ، إلا إن تيسر لها أن تسافر وتعود مع زوج أو محرم لقرب المسافة ويسر المؤنة فتسافر وتعود فور انقطاع حيضها لتطوف طواف عمرتها وهي متطهرة.
يقول الله تعالى : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) ، وقال تعالى : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)(1/159)
وقال تعالى : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، وقال تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم..." الحديث . إلى غير ذلك من نصوص التيسير ورفع الحرج .
وقد أفتى بما ذكرنا جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما .
والله أعلم .
رفيدة - الإمارات العربية المتحدة الاسم
حكم خروج الدم أثناء الطواف العنوان
الطواف الموضوع
أثناء أداء للعمرة وعند طوافي حدث لي جرح خرج منه دم بسيط فهل يؤثر ذلك على صحة طوافي ؟ أفيدوني هل علي شيء ؟ جزاكم الله خيراً
السؤال
02/04/2006 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فالأرجح أنه لا يؤثر على عمرتك أو طوافك إن شاء الله تعالى ، وطوافك صحيح، لأن الجرح فيه اختلاف هل ينقض الوضوء أم لا ؟ وليس هناك دليل واضح على نقضه الوضوء، ولا سيما إذا كان الدم قليلا فإنه لا يضر .
وعلى كل حال فالصواب في هذه المسألة هو صحة الطواف، إذ الأصل صحة الطواف، وبطلانه مشكوك فيه .
ولأن نقض الوضوء بهذا الجرح مشكوك فيه، والخلاف فيه معروف، فالأصل هو سلامة الطواف وصحته، وليس عليك شيء، وهذا هو الأرجح .
محمود - سوريا الاسم
حكم طواف الوداع في العمرة العنوان
فقهية الموضوع
هل طواف الوداع واجب في العمرة ؟ وهل يجوز شراء شيء من مكة بعد طواف الوداع سواء كان حجا أو عمرة؟
السؤال
18/03/2007 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-مفتي السعودية سابقا :(1/160)
طواف الوداع ليس بواجب في العمرة، ولكن فعله أفضل ، فلو خرج ولم يودع فلا حرج ، أما في الحج فهو واجب ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت" ، وهذا كان خطابا للحجاج .
وله أن يشتري ما يحتاج إليه بعد الوداع من جميع الحاجات ، حتى ولو اشترى شيئا للتجارة ، ما دامت المدة قصيرة لم تطل ، أما إن طالت المدة فإنه يعيد الطواف ، فإن لم تطل عرفا فلا إعادة عليه مطلقا .
والله أعلم .
أحمد - السودان الاسم
حكم الإنابة في الطواف العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : هل يجوز أن ينيب الحاج من يطوف عنه طواف الإفاضة وذلك مثل رمي الجمرات ؟ أم لايجوز ذلك ؟
وماالحل إن عجز الحاج عن القيام بطواف الإفاضة مع قدرته على أداء بقية الشعائر؟ أفيدونا ولكم الشكر السؤال
05/02/2008 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الشيخ عطية صقر-رحمه الله-رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً ردا على سؤال مماثل :
طواف الإفاضة الذي يكون بعد الوقوف بعرفة هو ركن أساسي لا يصح الحج بدونه، ولا يجزئ عنه دم ولا غيره، ووقته ممتد فيمكن للإنسان أن يأتي به حتى لو انتهى شهر ذي الحجة، ولا يلزم بتأخيره دم ولا غيره كما قال بعض الفقهاء .
وجعل الله أداءه ميسورًا حتى على ذوي الأعذار غير القادرين على المشي، فيجوز الطواف من ركوب، كما يشاهد الآن فيمن يطاف بهم راكبين على "محفات" وعلى هذا فلا يجوز للمريض أن ينيب عنه غيره ليطوف ما دام يستطيع أن يطاف به محمولاً .
ودليله أن أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- لما قدمت مكة مرضت، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لها -كما رواه الجماعة إلا الترمذي: "طوفي من وراء الناس وأنت راكبة".(1/161)
وورد في البخاري ومسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طاف في حجة الوداع على بعير، يستلم الركن بمحجن -عود معقوف الرأس .
ولم أجد نصًا صريحًا يجيز للمريض أن ينيب عنه غيره للطواف، مثل ذلك مثل الوقوف بعرفة، لا يوجد عذر يبيح الإنابة فيه، فهو مستطاع على أية حال، كالصلاة تؤدى من قيام أو قعود أو اضطجاع أو إيماء، لا ينوب فيها أحد عن أحد.
ولا يصح أن يقاس الطواف على رمي الجمار؛ لأن هذا واجب يجبر بدم ولو ترك فالحج صحيح، فالنيابة فيه جائزة، لوجود نص في ذلك وهو حديث جابر: "حججنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم" رواه أحمد وابن ماجه.
هذا وهناك قول لعطاء بن أبي رباح يجيز النيابة في الطواف قياسًا على الإنابة في الحج كله، فالإنابة في بعض أركانه وواجباته جائزة من باب أولى.
لكن القياس مردود ما دام هناك نص لا يجيز الإنابة، حيث كانت أم سلمة محتاجة إليها لكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يبحها لها وأمرها أن تطوف راكبة، والنيابة في الحج كله هي للعاجز عنه لمرض يمنعه من السفر، أما من حضر فلا بد من طوافه ولو محمولاً .
والله أعلم .
علي حسيب - البرازيل الاسم
النظر للكعبة بدلاً من طواف الإفاضة !!؟ العنوان
أحكام الحرمين الموضوع(1/162)
أمِّي ـ يَحفظها الله ـ تُعاني مِن متاعبَ أليمةٍ في العَمود الفقريّ تكاد تجعلها مُقْعدةً، وقد اصطحبتُها لنُؤديَ معًا فريضة الحج، ووفقني الله إلى أن أَطُوفَ بها وأسعى؛ تجلس هي على كرسيٍّ مُتحرك وأقوم أنا بدَفعه وتسييره، إلى أن كان طواف الإفاضة فلم أستطع ألبتَّة الطواف بها، فما كان مني إلا أن أجلستها في مكانٍ تظهر فيه الكعبة ظهورًا بَيِّنًا وقلتُ لها: أمامك الكعبة مَلِّي مِنها نظرك، واذكري الله، وادعي بما تشاءينَ، فلعلَّ هذا يُغني عن الطواف طواف الإفاضة. فهل أصبتُ أم أخطأتُ؟ وإذا كنت مُخطئًا فما الحُكم؟ علمًا بأني لم أكن أملك ما أستأجر به المَحَفَّةَ التي تُحمل عليها فوق رءوس المُطوِّفين.. أسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم ولكم جزيل الشكر .
السؤال
27/02/2005 التاريخ
الأستاذ الدكتور عبد الرزاق محمد فضل الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ... </<B>
فالحج ركن مِن أركان الإسلام فرَضه الله ـ عز وجل ـ على المسلم المُستطيع القادر، ومِن الاستطاعة القُدْرةُ على أداء المناسك قُدرة بدنيَّة، فمَن كان مريضًا مرضًا يجعل أداء المناسك مُتعذِّرًا عليه أو مُجهِدًا إجهادًا بالغًا فليس واجبًا عليه السفر للحج، وأمامه بدائلُ، منها أن يجعل غيره يحج عنه ويتحمل هو نَفَقةَ سفرِهِ وإقامته في مكة وتنقُّلاته لأداء المناسك وخلاف ذلك، بشرط أن يكون ذاك الغير قد حجَّ عن نفسه حَجة الإسلام.
وأنت أيها السائل تعلم أن أمَّك ـ عافاها الله ـ تُعاني آلامًا في الظهر تُقعدها عن الحركة إلا قليلًا، فكان الواجب يَقتضيك ألا تُكلِّفَها عناءَ رحلةٍ هي غير قادرة عليها، وأن تبحث عمَّن يَصلُح ليَحُجَّ عنها مِن مالها، أو مِن مالك أنت إذا كنت أنت المُتحمِّل عنها النَّفقات.(1/163)
وعلى كلٍّ فأنا أعلم أن التوجُّه النفسيَّ والاستبشار القلبيَّ والتفاؤل المُؤمَّل يدفع بكثير مِن الناس إلى طرْدِ هواجس العجز عن نفوسهم والثقة في عوْن الله وتوفيقه.
وقد بحثتُ في كُتب الفقه عن مَخرج لك ولأُمِّك يَسير بحَجَّتِها إلى الصحة والكمال فوَجدت في فقه الحنابلة طريقًا إلى تصحيح خَطئك أنت وصحة حَجَّتها إن شاء الله، ذلك أن طواف الإفاضة عندهم يبدأ مِن نِصف ليلة عيد الأضحى لمَن وَقف بعرفة ولا نهاية لوقته، فيُطالَب به مَن وَقَفَ بعرفة مادام حيًّا.
وعليه فيُمكنك أن تُسافر أو يُسافر غيرك مِن الأهل مع أمِّك للعمرة في أيام لا يكون فيها ازدحام، كأيام شهر صفر مثلًا، وهناك تطوف أمك على كرسيٍّ متحرك طوافَ الإفاضة الذي لم تُؤَدِّهِ أيامَ كانت في رحلة الحج.
واحْذَرْ أن تُفْتيَ بغير عِلْمٍ، فإن العباداتِ تُؤدَّى وَفْقَ أداء رسول الله ولا مجال فيها لاجتهادِ المُجتهدين.
والله أعلم .
سميرة - الأردن الاسم
كيف يطوف الحاج أو المعتمر؟ العنوان
فقهية الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : أود أن أعرف منكم ماالفرق بين طواف القدوم وطواف الإفاضة؟ وكيف يؤدي المسلم الطواف بشكل عام ؟ جزاكم الله خيراً
السؤال
19/03/2009 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(1/164)
فطواف القدوم هو من أدب الدخول لمكة المكرمة، وهو سنة للحاجّ والمعتمر وغيرهما، فتحية المسجد الحرام هو الطواف، أما طواف الإفاضة، وقد يسمَّى طوافَ الركن أو طوافَ الزيارة، فهو ركن من أركان الحج، ويؤدَّى بعد الوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة، وأول وقته عند الشافعية من نصف ليلة النحر، وأفضلُه بعد رمي جمرة العقبة وذبح الهدي والحلق أو التقصير، ويكون ذلك ضُحَى يوم النحر. ويجوز الطواف طوال يوم النحر بلا كراهة، ولا آخر لوقته، فلا بد من الإتيان به مهما طال الزمن.
أحكام الطواف للحاج والمعتمر :
(1) يبتدئ الحاج أو المعتمر الطواف من الحجر الأسود، ويكون البيت الحرام عن يساره، ويطوف سبعة أشواط ، ويرمل في جميع الثلاثة الأول من طواف القدوم سواء كان في الحج أو العمرة ويمشي مشية عادية في الأربعة الباقية، و يبتدئ كل شوط بالحجر الأسود ويختم به ، والرمل هو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى .
(2) من السنة تقبيلُ الحجر الأسود عند التمكن، ومن لا يستطيع أشار إليه بيده على بُعدٍ قائلًا: بسم الله، الله أكبر، الله إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
(3) يستحب للحاج أو المعتمر أن يضطبع خاصة في طواف القدوم ، والاضطباع أن يجعل وسط الرداء تحت منكبه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر .
(4) حجر إسماعيل جزء من الكعبة لا يصح الطواف داخله بل يجب أن يكون الطواف خارج حجر إسماعيل.
(5) يشترط لصحة الطوافِ الطهارةُ من الحدث والنجس وسترُ العورة؛ فالطواف كالصلاة إلا أنه أُبِيحَ لنا الكلام فيه.
(6) إذا شك الحاج أو المعتمر في عدد الأشواط بنَى على اليقين وهو الأقل.
(7) إذا أقيمت الصلاة المكتوبة تَوقَّفَ الحاج أو المعتمر عن الطواف وصلَّى وعقب الصلاة يطوف مستكملًا الأشواطَ الباقيةَ له ويَبني على ما سبق.
((1/165)
8) عقب الانتهاء من الأشواط السبعة يؤدي الحاج ركعتين، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون وفي الثانية سورة الإخلاص، ويكون ذلك خلف مقام إبراهيم إن تَيسَّرَ، وإلا ففي أيّ موضع خالٍ بالمسجد، قال الله تعالى: (وإذ جعلنا البيتَ مَثَابةً للناس وأمنًا واتَّخِذوا من مقام إبراهيم مُصَلًّى وعَهِدنَا إلى إبراهيمَ وإسماعيلَ أن طَهِّرَا بيتيَ للطائفين والعاكفين والرُّكَّع السجود) (البقرة: 125).
والله أعلم .
rima الاسم
حساسية جلدية..ما الحل؟ العنوان
صحية الموضوع
أعاني من إكزيما في يدي منذ ثلاث سنوات ؛ ولقد استخدمت كثيرا من المراهم المحتوية على الكورتيزون ؛ ولا فائدة ؛ وهذه الأيام تفاقمت الحالة منذ بدأ البرد ، فهل إذا ذهبت إلى الحج تزيد الحالة ؟ السؤال
01/01/2001 التاريخ
مركزحمد الدولي للتدريب الطبي - قطر المفتي
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الأخت الفاضلة
أظن أنك تعانين من حالة حادة من التهاب احتكاكي جلدي ؛ وأنا شخصياً لا أعرف علاجاً عشبياً لها ؛ وما نصفه عادة لمثل هذه الحالة هو أحد المراهم المحتوية على الكورتيزون كما ذكرت ؛ ولكنك تستطيعين أن تضيفي إلى ذلك كريما مضادا للهستامين( أي مضاد للحساسية )
وأيضاً وبناءً على وصفك للحالة فمن الأولى إضافة كريم مضاد للبكتريا لمنع الالتهابات في جلدك المتشقق ؛
وننصح بتجنب اللمس المباشر لأي مواد منظفة كالصابون والمواد المنظفة المنزلية ؛ مع الاحتفاظ بيديك نظيفتين ودافئتين دائماً ؛ ويفضل استشارة أحد الإخصائيين في الأمراض الجلدية من أجل المتابعة.
وإذا كنت ستسافرين للحج ؛ فعليك بالاحتياط بالكريمات التي وضحتها لك سابقاً؛ وعليك بالبعد عن التلوث والازدحام قدر الإمكان ؛ مع مداومة التنظيف والتدفئة والإكثار من غسلها بماء زمزم .
والله هو الشافي0
fahiim raddy الاسم
الوقاية من ضربة الشمس والإنهاك الحراري العنوان
صحية الموضوع(1/166)
نويت الحج هذا العام وأنا أعرف أن الحج سيأتي في شهر ليس بالحار ؛ ولكنني أخشى من ضربات الشمس ؛ فهل من نصائح عملية لتجنب هذا ؛ وإذا حدثت ما العلاج ؟
السؤال
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أفادنا مركز حمد الدولي للتدريب الطبي - قطر- بالإجابة التالية :ـ
كما تفضلت أخي الحاج يأتي الحج في شهر ليس بالحار هذه السنة و تقل بذلك فرص حدوث ضربات الشمس الحادة و لكن ذلك لا يمنع من حدوثها كلية.
و لكن هنالك فرصة أكبر لحدوث ما يسمى بالإنهاك أو الإجهاد الحراري, و كلاهما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة قد تصل إلى حد الوفاة لا قدر الله.
وفيما يلي نبذة مبسطة عن كلتا الحالتين و كيفية الوقاية منهما:
1- الإجهاد الحراري: يحدث نتيجة لتعرض الجسم لدرجة حرارة عالية مع وجود رطوبة مرتفعة في الجو, مما يؤدي لإفراز الجسم لكميات كبيرة من الماء و الملح.
أعراضه:
- ضعف عام , دوار و صداع و شعور بالعجز عن القيام بأي مجهود.
-الشعور بالغثيان و فقدان الشهية.
- برودة الجلد مع شحوب في اللون.
- يقل عدد مرات التبول و كمية البول.
2- تحدث ضربة الشمس نتيجة لتعرض الجسم البشري لدرجات حرارة عالية جدا ناتجة عن التعرض لحرارة الشمس المباشرة خاصة إذا صاحب ذلك بذل مجهود جسدي كبير
أعراضه:
- إرتفاع درجة حرارة الجسم لأكثر من 40 درجة مئوية.
- تتوقف عملية العرق مع حدوث جفاف بالجلد و إحمرار و سخونة.
- يصبح المريض عصبيا و يثور لأتفه الأسباب.
-الصداع الشديد و قد يتعرض المصاب للغيبوبة و فقدان الوعي.
أما عن كيفية الوقاية من الإصابة بالإنهاك الحراري و ضربة الشمس فالأفضل :
- عدم التعرض لأشعة الشمس المباشرة واستخدام الشمسيات فاتحة اللون.
- تجنب حرارة الجو الشديدة و البقاء في الظل.
- تناول كميات وافرة من السوائل.
- الزيادة من تناول ملح الطعام في الأيام شديدة الحرارة.(1/167)
- التزود بأكياس الملح لمقاومة الجفاف و الموجودة في البعثات الطبية المختلفة.
- الإقلال من النشاطات البدنية كالمشي لمسافات طويلة خاصة عند إشتداد درجة الحرارة.
- الإقامة في غرف مكيفة و متجددة الهواء.
- مراجعة أقرب مركز صحي عند الشعور بأحد الأعراض أعلاه.
هذا ويتم علاج المرضى بوضعهم في مكان مبرد بعيدا عن الشمس و إعلام الجهة الصحية بالحالة وأثناء الانتظار لحين وصول الإسعاف يمكن خفض درجة حرارة المريض باستخدام مروحة يدوية أو كهربائية مع بخ رذاذ الماء عليه وتجنب استعمال الثلج .
والله الموفق.
Mina - المغرب الاسم
الهدي للمتمتع العنوان
فقهية الموضوع
هل إذا حج الرجل مع زوجته يجب على كل واحد منهما هدي أم هدي واحد يجزئ عنهما في حالة التمتع؟ السؤال
10/08/2006 التاريخ
أ.د عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر المفتي
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
اتفق الفقهاء على أن من تمتع بالعمرة إلى الحج وكان من غير أهل مكة أنه يجب عليه أن يقدم هديًًا؛ لقول الحق سبحانه وتعالى : "فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن يكن أهله حاضري المسجد الحرام" فالهدي لا يجب على المتمتع إذا كان يقيم بمكة أو بالحرم لنص هذه الآية الكريمة، وأما من سواه من حجاج الآفاق فمن تمتع منهم وجب عليه الهدي باتفاق الفقهاء ؛ وهذا لكل فرد ولو للزوج أو زوجته أو أولاده .
والله أعلم
محمد - السعودية الاسم
الإنابة في ذبح الهدي العنوان
فقهية الموضوع
في حج هذا العام أنبت أحد الزملاء في ذبح الهدي فهل تجوز الإنابة في الهدي أم يشترط أن يذبح الحاج عن نفسه ؟ أرجو الإفادة لأني قلق بخصوص هذا الموضوع وجزاكم الله خيراً
السؤال
17/05/2009 التاريخ
أ.د وهبة الزحيلي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/168)
فالأصل أن يقوم الحاج بذبح الهدي بنفسه لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ،ولكنه يجوز الإنابة في الهدي ويستحب أن يشهد الحاج الهدي ، ولكن ذلك ليس بلازم .
يقول الدكتور وهبة الزحيلي أستاذ الشريعة بجامعات سوريا:
الأفضل عند الجمهور في البدن: النحر، وفي البقر والغنم :الذبح، والأولى بالاتفاق أن يتولى الإنسان ذبح الهدي بنفسه إن كان يحسن ذلك؛ لأنه قربة، والعمل بنفسه في القربات أولى لما فيه من زيادة الخشوع، إلا أنه يقف عند الذبح إذا لم يذبح بنفسه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه بيده.
وإن ذبح الهدي غير صاحبه أجزأه، والمستحب أن يشهد ذبحه، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: "احضري أضحيتك يغفر لك بأول قطرة من دمها ".
والأفضل أن يتولى تفريق اللحم بنفسه؛ لأنه أحوط وأقل للضرر على المساكين، وإن خلى بينه وبين المساكين جاز، لقوله عليه السلام: "من شاء اقتطع ".
ويباح للفقراء الأخذ من الهدي إذا لم يدفع إليهم، إما بالإذن الصريح لفظاً لحديث "من شاء اقتطع" أو بالإذن دلالة كالتخلية بينهم وبينه.
والله أعلم.
إبراهيم - الكويت الاسم
السعي بين الصفا والمروة عند الزيادة العنوان
السعي بين الصفا والمروة الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : ذهبتُ إلى أداء الحج وعند السعي بين الصفا والمروة سعيت من ناحية سبعة أشواط ، ومن الناحية الأخرى ستّة أشواط فماذا أفعل ؟ مع العلم بأنني أديت جميع المناسك كاملة .. جزاكم الله خيراً
السؤال
06/02/2008 التاريخ
الدكتور ـ رفعت فوزي رئيس قسم الشريعة الأسبق بكلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/169)
فيبدو أن السائل سعى بين الصفا والمَروة سبعة أشواط ، وستّة أشواط بين المروة والصفا، وهذا زائدٌ عن واجب السَّعي بين الصَّفا والمروة؛ إذ الواجب هو سبعة أشواط بينهما في حجٍّ أو عمرة. يبتدئ الحاج أو المعتمر بِالصَّفا فإذا انتهى إلى المروة حُسِب له شوط من السبعة الواجبة. ثم يسعى من المروة فإذا وصل إلى الصفا حسِب له شوط آخر من السبعة.
فإذا ابتدأ من الصفا وانتهى إليها ثلاث مرات كان قد أكمل ستة أشواط، ويبقى عليه شوط آخر من الصفا إلى المروة وهو الشوط السابع. هكذا فعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدأ سعيه من الصَّفا، وانتهى سعيه بالمَروة على النحو الذي ذكرنا.
وعليه : فالسعي صحيح ، والحج صحيح ، ولاشيء على السائل إن شاء الله تعالى .
والله أعلم .
فارس - سلطنة عمان الاسم
أحكام الهدي للحاج والمعتمر العنوان
الذبح والهدي الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : أريد منكم معرفة ماهي أنواع الهدي ؟ ما حكم ذبح كل نوع بالنسبة للحاج أو المعتمر ؟ ومتى يذبح الهدي ؟ أفيدوني مع الشكر الجزيل لكم
السؤال
03/06/2008 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالهدي المرتبط بمناسك الحج أو العمرة أنواع، منها:(1/170)
1. هديٌ يجب بسبب نُسُكٍ كهدي التمتع والقران ؛ وذلك أن المتمتع أدَّى عمرة في أشهر الحج ومكَث في مكة حتى قرُب موعد يوم عرفة فأحرَم بالحج من مكة، وهذا المتمتع يجب عليه ذبحُ شاة أو يشترك مع ستة آخرين في ذبح بقرة أو بدنة، فإن لم يجد صام عشرة أيام بدلًا من ذبح الهدي، ثلاثة منها بعد الإحرام بالحج وسبعة إذا عاد إلى أهله ووطنه، قال الله تعالى: (فمن تَمتَّعَ بالعمرةِ إلى الحجِّ فما استيسرَ من الهدي فمن لم يجدْ فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ في الحجِّ وسبعةٍ إذا رجعتُم تلك عشَرَةٌ كاملةٌ ذلك لمن لم يكنْ أهلُه حاضري المسجدِ الحرامِ) (البقرة: 197).
2. هديٌ يتعلق بمحظورات الإحرام، كإزالة الشعر أو لُبسِ المَخيط أو استعمال الطيب، والحاجّ أو المعتمر مخيَّر حينئذٍ بين ثلاثة أشياء: ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، قال تعالى: (فمَن كان منكم مريضًا أو به أذًى من رأسه ففديةٌ من صيامٍ أو صدقةٍ أو نُسُكٍ) (المائدة: 95).
3. هديٌ يتعلق بالإحصار، بأن نوى المسلم حجًّا أو عمرةً ثم حبَسَه حابس ومنَعَه مانع قهريٌّ من الذهاب إلى مكة وضاق الوقت، وفيه يتحلل الحاج أو المعتمر حيث كان ويذبح شاة، فإن عجز عنها لعدم وجودها أطعَمَ بقيمة الشاة، وإن عجز عنها لفقره صام أيامًا بعدد من كان يُطعم من الشاة، قال تعالى: (فإن أُحْصِرْتُم فما استيسرَ من الهدي) (البقرة: 196) .
4. هديٌ يتعلق بقتل الصيد.
وفيه يقول تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تقتُلُوا الصيدَ وأنتُم حُرُمٌ ومن قتلَهُ منكم متعمدًا فجزاءٌ مثلُ ما قتَل من النَّعَمِ يحكمُ بِهِ ذَوَا عدلٍ منكم هديًا بالِغَ الكعبةِ أو كفارةٌ طعامُ مساكينَ أو عدلُ ذلك صيامًا ليذوقَ وبالَ أمرِهِ عفَا اللهُ عما سلَف ومن عادَ فينتقمُ اللهُ منه واللهُ عزيزٌ ذو انتقامٍ) (المائدة: 95).(1/171)
5. هديٌ يتعلق بالمعاشرة الزوجية أثناء الإحرام، فمن عاشر زوجته أثناء الإحرام فسد حجه أو فسدت عمرته، وعليه أن يستمر في أداء بقية المناسك حتى نهايتها، ويجب ذبحُ بدنة أو بقرة أو سبع شياهٍ، فإن لم يجد اشترَى بقيمتها طعامًا وتصدَّق به على فقراء الحرم، فإن لم يستطع صام أيامًا بقدر عدد المساكين الذين يُمكن أن توزَّع عليهم اللحوم. وعلى الحاج أن يأتيَ في العام القادم ليؤديَ الحج من جديد. وإن كان في عمرة قد فسدت بالنكاح فبعد إتمامها يأتي بعمرة أخرى جديدة.
والله أعلم .
مصطفى - السودان الاسم
من لم يجد هدي التمتع بعد الحج العنوان
الذبح والهدي الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : بحمد الله قمت بأداء فريضة الحج هذا العام ، وكذلك أداء العمرة مُتَمَتِّعًا، وليس معي ثمن هدْي التمتُّع لأنني صرفت كل ما معي والحالة المادية عندي بصدق بالكاد ، فماذا أفعل ؟ شكراً لكم
السؤال
15/01/2007 التاريخ
الدكتور ـ رفعت فوزي رئيس قسم الشريعة الأسبق بكلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فمن لم يجد الهدي، أي لا يستطيع شراءه ليذبَحَه بعد أداء النُّسُكين يصوم عشرة أيّام، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع، أما وقد فاتك صيام هذه الأيام الثلاثة في الحج على ما يبدو من سؤالك، فلك أن تصوم العشرة كاملة، وأنت بين أهلك الآن متتابعة أم متفرقة.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى الدكتور رفعت فوزي رئيس قسم الشريعة الإسلامية الأسبق بكلية دار العلوم جامعة القاهرة:(1/172)
قال الله تعالى: (وأَتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرةَ للهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ من الهَدْي ولاَ تَحْلِقوا رُؤوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فِفِدْيةٌ مِنْ صِيامٍ أو صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ) البقرة: 196.
والمتمتِّع هو الذي يؤدِّي العمرة والحج معًا في أشهر الحج بإحرامين، إحرام للعمرة فإذا أدَّاها تحلَّل من إحرامه، ثم يُحرِم مرة ثانية للحج، ومَن يتمتَّع يجبْ عليه الهديُ شكرًا لله ـ عَزَّ وجَلَّ ـ أن وفَّقه ويسَّر له أداء النُّسُكَيْن، الحَجِّ والعمرة معًا.
وتُبَيِّن الآية الكريمة أنَّ مَن لم يجد الهدي، أي لا يستطيع شراءه ليذبَحَه بعد أداء النُّسُكين يصوم عشرة أيّام، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع والأولَى أن يصومَ الأيام الثلاثة في العشر من ذي الحجة قبل يوم عرفة ويرى ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن يصوم قبل الترويةِ ويوم التروية "يوم الثامن من ذي الحجة ويوم عرفة ".
فلو لم يصُمها أو يصُمْ بعضَها قبل العيد، فله أن يصومَها في أيام التشريق لقول عائشة وابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: لم يرخِّص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمَن لم يجد الهدي. رواه البخاري. "وأيام التشريق ثلاثة أيام بعد العيد "، وإذا فاته صيام الأيام الثلاثة في الحجِّ لزمه قضاؤها ".(1/173)
وأما السبعة أيام فقيل: يصومها إذا رجع إلى وطنه، وقيل: إذا بدأ في الرجوع إلى وطنه، وعلى هذا يصحُّ صومها في الطريق، وهو مذهب مجاهِد وعطاء، ولا يجب التتابع، لا في الأيام الثلاثة، ولا في الأيام السبعة.
والله أعلم .
محمد - ألبانيا الاسم
حكم ذبح الهدي ومتى يذبح ؟ العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :ما حكم ذبح الهدي بالنسبة للحاج؟ ومتى يذبح؟ أفيدونا حفظكم الله
السؤال
14/02/2007 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالهديُ المرتبط بمناسك الحج أنواع منها:
(1) هدي يجب بسبب تركِ نُسُكٍ كهدي التمتع؛ وذلك أن المتمتع أدَّى عمرة في أشهر الحج ومكَث في مكة حتى قرُب موعد يوم عرفة فأحرَم بالحج من مكة، وهذا المتمتع يجب عليه ذبحُ شاة أو يشترك مع ستة آخرين في ذبح بقرة أو بدنة، فإن لم يجد صام عشرة أيام بدلًا من ذبح الهدي، ثلاثة منها بعد الإحرام بالحج وسبعة إذا عاد إلى أهله ووطنه، قال الله تعالى: (فمن تَمتَّعَ بالعمرةِ إلى الحجِّ فما استيسرَ من الهدي فمن لم يجدْ فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ في الحجِّ وسبعةٍ إذا رجعتُم تلك عشَرَةٌ كاملةٌ ذلك لمن لم يكنْ أهلُه حاضري المسجدِ الحرامِ) (البقرة: 197).
(2) هديٌ يتعلق بمحظورات الإحرام، كإزالة الشعر أو لُبسِ المَخيط أو استعمال الطيب، فالحاجّ أو المعتمر مخيَّر حينئذٍ بين ثلاثة أشياء: ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، قال تعالى: (فمَن كان منكم مريضًا أو به أذًى من رأسه ففديةٌ من صيامٍ أو صدقةٍ أو نُسُكٍ) (المائدة: 95).
((1/174)
3) هديٌ يتعلق بالإحصار، بأن نوى المسلم حجًّا أو عمرةً ثم حبَسَه حابس ومنَعَه مانع قهريٌّ من الذهاب إلى مكة وضاق الوقت، فيَتحلّلُ حيث كان ويذبح شاة، فإن عجز عنها لعدم وجودها أطعَمَ بقيمة الشاة، وإن عجز عنها لفقره صام أيامًا بعدد من كان يُطعم من الشاة، قال تعالى: (فإن أُحْصِرْتُم فما استيسرَ من الهدي) (البقرة: 196)
(4) هديٌ يتعلق بقتل الصيد، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقتُلُوا الصيدَ وأنتُم حُرُمٌ ومن قتلَهُ منكم متعمدًا فجزاءٌ مثلُ ما قتَل من النَّعَمِ يحكمُ بِهِ ذَوَا عدلٍ منكم هديًا بالِغَ الكعبةِ أو كفارةٌ طعامُ مساكينَ أو عدلُ ذلك صيامًا ليذوقَ وبالَ أمرِهِ عفَا اللهُ عما سلَف ومن عادَ فينتقمُ اللهُ منه واللهُ عزيزٌ ذو انتقامٍ) (المائدة: 95).
(5) هديٌ يتعلق بالمعاشرة الزوجية أثناء الإحرام، فمن عاشر زوجته أثناء الإحرام فسد حجه أو فسدت عمرته، وعليه أن يستمر في أداء بقية المناسك حتى نهايتها، ويجب على الرجل ذبحُ بدنة أو بقرة أو سبع شياهٍ، فإن لم يجد اشترَى بقيمتها طعامًا وتصدَّق به على فقراء الحرم، فإن لم يستطع صام أيامًا بقدر عدد المساكين الذين يُمكن أن توزَّع عليهم اللحوم. وعلى الحاج أن يأتيَ في العام القادم ليؤديَ الحج من جديد. وإن كان في عمرة قد فسدت بالنكاح فبعد إتمامها يأتي بعمرة أخرى جديدة.
والله أعلم .
ياسر الاسم
نسيان الحلق والتقصير في الحج أو العمرة العنوان
فقهية الموضوع(1/175)
أديت العمرة في مكة المكرمة والحمد لله، وعدت إلى الفندق في جدة حيث كنت أقيم، وعند عودتي استقبلني بعض الأصدقاء فأخذوني إلى المطعم لتناول العشاء، وأنا بلباس الإحرام، وبعد العشاء، ذهبت إلى غرفتي، وخلعت ملابس الإحرام، ولبست ملابسي العادية، ونسيت أن أقص أو آخذ شيئا من شعري، وضاع هذا من ذهني تماما ، ولم أتذكر ذلك إلا بعد أن عدت إلى بلدتي بأيام، وذهبت إلى الحلاق .. وفي هذا الوقت تذكرت أني لم أحلق ولم أقصر بعد العمرة. فما الحل في هذه الحالة، وأعتقد أني عاشرت زوجتي في تلك المدة، فماذا علي أن أفعل في هذه الحالة؟ وهل عمرتي صحيحة؟ أو على فدية؟ أفيدوني أفادكم الله السؤال
الحل
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
يقول الدكتور عبد الرازق فضل الأستاذ بجامعة الأزهر :
اختلف العلماء في الحلق والتقصير بعد العمرة أو بعد الحج: أهو نسك أم لا؟ وبعبارة أخرى: أهو نسك أم خروج من النسك؟ أي استباحة محظور.
القول المشهور الذي عليه جماهير العلماء: أنه نسك، لأن الله تعالى ذكره في كتابه بقوله: (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون) الفتح:
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاث مرات: أن يغفر الله لهم، ودعا للمقصرين مرة واحدة.
وفي قول للشافعي: إنه ليس بنسك، لأنه أمر محظور في الإحرام كالطيب والصيد ولبس المخيط، فهو معتبر من (المرفهات) أو (المُجَمِّلات) للإنسان، فحظر على المحرم في حالة الإحرام ، ليظل أشعث أغبر من آثار الإحرام، فإذا شرع له الحلق فقد شرع له إباحة ما كان محظورا عليه بالإحرام كالطيب والملابس.
وفي ظني ـ والله أعلم ـ أنهم كانوا يعتبرون الحلق أبلغ في الخروج من النسك، وفي نظافة الرأس من التقصير. وكأن بعضهم كانوا يتحرزون منه، فلذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثا، ترغيبا لهم في الحلق.(1/176)
وذكر الإمام النووي رحمه الله في (المجموع) مذاهب العلماء في الحلق: هل هو نسك أولا؟ قال: ذكرنا أن الصحيح في مذهبنا أنه نسك، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وجمهور العلماء. وظاهر كلام ابن المنذر والأصحاب: أنه لم يقل بأنه ليس بنسك أحد غير الشافعي في أحد قوليه. ولكن حكاه القاضي عياض عن عطاء، وأبي ثور، وأبي يوسف أيضا .
وأضيف إلى ما ذكره النووي عن القاضي عياض: أنه رواية أيضا عن الإمام أحمد، ذكرها الإمام ابن قدامة في (المغني) فبعد أن ذكر أنه نسك في ظاهر المذهب، قال: وعن أحمد: أنه ليس بنسك، وإنما هو إطلاق من محظور
ومن هذا يتبين لنا: أن القول بأن الحلق ليس بنسك وإنما هو إطلاق من محظور، قول معتبر، قال به من ذكرنا من الأئمة، وهو قول في مذهب الشافعي، ورواية عن الإمام أحمد. فيسع المسلم أن يأخذ بهذا القول، ولا حرج عليه، وخصوصا أنه فعل ما فعل ناسيا، وقد علم الله تعالى المؤمنين أن يدعوا فيقولوا: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) البقرة:286 وجاء في الصحيح أن الله تعالى استجاب هذا الدعاء، كما جاء في الحديث الآخر: (أن الله وضع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه.)
وعلى السائل أن يستغفر الله تعالى، فإنه غفور رحيم.
والله أعلم .
خالد - مصر الاسم
نسيان الحلق أو التقصير بعد أداء العمرة العنوان
الحلق والتقصير الموضوع(1/177)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : وفقني الله لأداء العُمرة، وابتهجتُ بأدائها ابتهاجًا لا نظير له، فنَذرتُ أن أُؤدِّيَها عن والديَّ ـ يرحمهما الله ـ ووفَّيتُ بنذري، وسافرت خصيصًا إلى الحرم المكيّ ناويًا العمرةَ عن أمي، وبعد سنتينِ سافرتُ مرة أخرى إلى الحرم ناويًا العمرة عن أبي، وفي العمرة الأخيرة هذه كنت مُرهقًا مِن السفر والمرض وكِبَرِ السِّنِّ، فلمَّا دخلتُ مكةَ لم أذهب إلى الحرم وإنما ذهبت إلى الفندق، واسترحتُ ساعاتٍ، ثم ذهبتُ إلى الحرم ودخلت في الطواف وأكملتُه، وسعيت بين الصفا والمروة وأكملتُ السعْيَ، ثم رجعت إلى الفندق ناسيًا تقصيرَ شعْرِ رأسي، بالطبع تحلَّلتُ وخَلعتُ ملابس الإحرام، ولم أتذكر أنِّي لم أحْلِقْ ولم أقصِّر إلا بعد يومينِ. فما حُكم هذه العمرة؟
السؤال
15/06/2008 التاريخ
الأستاذ الدكتور عبد الرزاق محمد فضل الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإن جمهور الفقهاء على أن الحلق في الحج والعمرة نسك ، يجبر بالدم إن تركه الأنسان ، وذهب بعض الفقهاء إلى أنه ليس بنسك ، وإنه إطلاق من محظور ، وبناء على هذا الرأى لا شئ على تارك الحلق ، ويحصل التحللل بدونه .
أشكر لك أيها الأخ الكريم ابتهاجك بفِعل الطاعة فهو مِن إمارات الإيمان، ففي الأثر: "إذا سَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ وسَاءَتْكَ مَعْصِيَتُكَ فأنت مؤمنٌ" .
كما أشكر لك بِرَّكَ بأبويك، الذي جعلك تذكرهما لحظةَ تَذَوُّقِكَ حلاوة إتمام نُسُكِ العُمرة، فنذرت الاعتمارَ عنهما، وهذا مِن فضل الله عليك.
وما فعلتَه في عُمرتك الأخيرة، والتي جعلتها عمرة عن أبيك، لا يُخرجها عن حَيِّزِ القبول ـ إن شاء الله ـ فذَهابك إلى الفندق للاستراحة من متاعب السفر والمرض وكِبَرِ السِّنِّ قبل الدخول في العمرة لا تثريب عليك فيه.(1/178)
وأمَّا عدم تقصير شعرك بعد فراغك مِن الطواف والسعْي بين الصفا والمروة وتَحلُّك مِن الإحرام دون أن تفعله، ففيه ترْكٌ لواجبٍ مِن واجبات العمرة يلزم بتركه دمٌ.
ووُجوب الحلْق أو التقصير ثابت بالكتاب والسُّنَّة، أما الكتاب فقوله تعالى: (لقد صَدَقَ اللهُ رسولَهُ الرُّؤيَا بالحقِّ لَتَدْخُلُنَّ المسجدَ الحرامَ إن شاءَ اللهُ آمنينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكمْ ومُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ).
وأما السُّنَّةُ فقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: "اللهمَّ اغْفِرْ للمُحَلِّقِينَ" قالوا: يا رسول الله وللمُقصِّرين. قال: "اللهم اغفرْ للمُحلِّقين" قالوا: يا رسول الله وللمُقصِّرين. قال: "وللمُقصِّرين". متفق عليه.
لكن عُذرك أنك نَسيتَ، والنسيان عُذر مُعتبَر، ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "عُفِيَ لأُمَّتِي عن الخطأ والنِّسيانِ وما استُكْرِهُوا عليه".
لكن لم تُبيِّن أيها السائل الكريم ماذا صنعتَ بعد أن تذكرتَ أنك لم تَحلق ولم تُقصِّر ناسيًا، عموماً إن كنت قد قصَّرت بعد تذكرك فلا شيء عليك ، وإنْ كنت لم تُقصِّر حتى عُدتَ فيَلْزَمُكَ فديةٌ.
والله أعلم .
رانيا - البحرين الاسم
حلق المرأة رأسها بعد الإحرام العنوان
أحكام المرأة في الحج والعمرة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : هل يُطلب من المرأة الحاجة أو المعتمرة أن تحلق رأسها عند انتهاء المناسك؟ بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً
السؤال
08/08/2007 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فمن مناسك الحج والعمرة الحلقُ أو التقصيرُ، وهو ركن فيهما على مذهب الإمام الشافعيّ وواجب عند باقي الأئمة، ويتوقف التحلل من الحج والعمرة على الحلق أو التقصير.(1/179)
والأفضل في الحلق أو التقصير أن يكون بعد رمي جمرة العقبة وبعد ذبح الهدي إن كان معه، وقبل طواف الإفاضة، سواء كان قارنًا أو مُفرِدًا.
أما في العمرة فيأتي بالحلق أو التقصير في ختام مناسكها بعد الإحرام والطواف والسعي.
وقد أشار القرآن العظيم إلى هذا النسك فقال: (لقد صدَق اللهُ رسولَه الرؤيا بالحقِّ لَتَدْخُلُنَّ المسجدَ الحرامَ إن شاء اللهُ آمِنِين مُحلِّقِين رءوسَكم ومُقصِّرِين لا تخافون) (الفتح: 27).
وهذا النُّسُكُ مختصّ بالرأس، فلا يُجزئ عنه حلق أو تقصير في سائر الجسد.
والأفضل للرجال هو الحلق لفعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقوله وقد حلق: "اللهم اغفر للمُحلِّقِين" قالوا: يا رسول الله، وللمُقصِّرِين. قال: "اللهم اغفر للمُحلِّقِين" قالوا: يا رسول الله، وللمُقصِّرِين. قال: "اللهم اغفر للمُحلِّقِين" قالوا: يا رسول الله، وللمُقصِّرِين. قال: "وللمُقصِّرِين". وذلك أن الحلق أبلغ في العبادة وأدَلُّ على صدق النية في التذلل لله تعالى، فشأن الحاج أن يكون أشعَثَ أغبَرَ.
أما المشروع في حق النساء فهو التقصير فقط ويُكرَهُ لهنَّ الحلق، وقد أخرج أبو داود والبيهقيّ في سننه عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس على النساء حلق وإنما على النساء التقصير". ولهذا لا تؤمر المرأة بالحلق بل تقصر .
وروى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المرأة أن تحلق رأسها.
ولم يُعهد في النساء امرأةٌ بغير شعر رأسها إلا مرضًا، والإسلام حريص على الطبائع السليمة والفطر النقية، والوصف الملازم للمرأة هو التنشئة في الحلية، قال تعالى: (أوَ مَن يُنَشَّأُ في الحليةِ وهو في الخِصامِ غيرُ مبينٍ) (الزخرف: 18).
والله أعلم .
عبد المالك - المغرب الاسم
وقت رمي الجمرات أيام التشريق العنوان
المزدلفة ورمي الجمرات الموضوع(1/180)
هل يجوز للحاج أن يرمي جمرات اليوم الثالث من أيام التشريق قبل الزوال وذلك لسفره في مساء هذا اليوم؟ السؤال
22/01/2005 التاريخ
أ.د مصطفى الزرقا المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
فيقول الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا رحمه الله (أستاذ الفقه بجامعات سوريا) في رده على سؤال مماثل :
لا شك أن من باب التيسير والتخفيف عن الحجيج يومي النفير ؛ أن يبدأ الحاج في رمي الجمرات من بعد صلاة الفجر ؛ وإن كان بعض الفقهاء قد شمل بالتيسير بقية الأيام على تفصيل في المذاهب كما جاء في فتاوى الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا- رحمه الله - :ـ
رمي الجمرات الثلاث بعد اليوم الأول، يبدأ وقته من زوال كل يوم إلى فجر اليوم التالي في معظم المذاهب.
إلا أنه عند الشافعية يَبدَأ وقت الرَّمي في كل يوم بزوال الشمس فيه، ويستمر وقته إلى الغروب من آخر أيام التشريق، ولكنْ لا يصحُّ الرمي عن يوم إلا بعد الرمي عما قبله.
وعند أبي حنيفة أن اليوم الرابع من أيّام العيد، وهو يوم النفر الأخير يبدأ وقت الرّمي فيه من الفجر حتى غروب الشمس، فيستطيع المتعجِّل أن يرميَ قبل الزوال وينفرَ.
وقال إسحاق: إن يوم النَّفر الأول (وهو الثالث) هو كالرابع يبدأ الوقت فيه لأجل الرمي من الفجر أيضًا، تسهيلًا لمَن يُريد النّفر فيه (كما في نيل الأوطار للشوكاني).
أما اليوم الثاني من أيّام العيد، فالجمهور على أن وقت الرمي فيه يبدأ من الزوال، فلا يصحُّ الرمي فيه قبل الزوال، لأنه لا نفرَ فيه.
ولكن خالَف في ذلك الإمام الباقر محمد بن علي من آل البيت (كما في بداية المجتهد)، وكذا الإمام الناصر من الزّيديّة (كما في البحر الزخار) وكذا من التابعين عطاء وطاووس (كما في نيل الأوطار) فقال هؤلاء جميعًا: إن الوقت في اليوم الثاني أيضًا يبدأ من الفجر، فيرمي قبل الزوال مُطلقًا.(1/181)
وفي قول آخر عند الحنفيّة أيضًا غير القول المشهور: أنّ اليومين الثاني والثالث أيضًا يجوز الرّمي فيهما قبل الزّوال.
وعليه: يكون في الأيّام الأربعة كلّها مجال للرّمي من الصّباح قبل الزوال في مختلف الاجتهادات، ولو في غير يوم النّفر للمستعجِل وغيره؛ لأن في الرمي قبل الزوال تيسيرًا كبيرًا على الناس حتى على غير المستعجِل لأجل النفر، فإن الماكِث أيضًا قد يحتاج إلى التبكير في الرمي اجتنابًا للزِّحام الشّديد في الحَرّ الشديد، ولا يخفَى أن المكلَّف عليه أن يتبع أحد المذاهب المُعتبرة أيًّا كان منها، ويتقبّل الله تعالى منه، فإن الدين يُسر بنصِّ الحديث الثابت.
والله أعلم .
بسام - الكويت الاسم
مواقيت الرمي والرخص المنوطة بها العنوان
فقهية الموضوع
أود أن أعرف مواقيت رمي الجمرات؟ وهل لي الأخذ ببعض الرخص خاصة في الزحام الشديد؟
السؤال
14/01/2008 التاريخ
أ.د مصطفى الزرقا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلقد تعددت الاجتهادات واختلفت في أوقات رمي الجمرات في الحجّ، وما ينبغي ترجيحه في هذا الزمان هو كل ما يؤدي إلى التيسيرعلى حُجّاج بيت الله الحرام، وتخفيف للمشقّة الشديدة التي تَلحقُهم بسبب الزِّحام الشديد عند الرمي، وصدق الله العظيم (وما جَعَلَ عَلَيْكم في الدِّين مَنْ حَرَجٍ) (الحج78) .
يقول الشيخ مصطفى أحمد الزرقا-رحمه الله-خبير الموسوعة الفقيه الكويتية :
1. وقت رمي جمرة العَقبة :
رمي جمرة العقبة يبدأ من فجر اليوم الأول، أي: يوم الأضحى بالإجماع، سوى أنّه عند الشّافعية يبدأ من منتصَف ليلة العيد، ويستمرُّ إلى غروب شمس آخر أيام التشريق، وهو اليوم الرابع، فيرميها الحاج ليلًا أو نَهارًا، ويكون كلُّ ذلك أداءً عندهم.(1/182)
وعند الحنفيّة يستمرُّ وقته من فجر اليوم الأول إلى فجر اليوم الثاني، والأفضل عدم تأخيره عن وقت الزّوال من اليوم الأول، ويُباح تأخيره إلى الغروب، ويُكرَه بعده.
2. رمْي الجمرات الثلاث :
رمي الجمرات الثلاث بعد اليوم الأول، يبدأ وقته من زوال كل يوم إلى فجر اليوم التالي في معظم المذاهب .
إلا أنه عند الشافعية يَبدَأ وقت الرَّمي في كل يوم بزوال الشمس فيه، ويستمر وقته إلى الغروب من آخر أيام التشريق، ولكنْ لا يصحُّ الرمي عن يوم إلا بعد الرمي عما قبله.
وعند أبي حنيفة أن اليوم الرابع من أيّام العيد، وهو يوم النفر الأخير يبدأ وقت الرّمي فيه من الفجر حتى غروب الشمس، فيستطيع المتعجِّل أن يرميَ قبل الزوال وينفرَ .
وقال إسحاق: إن يوم النَّفر الأول (وهو الثالث) هو كالرابع يبدأ الوقت فيه لأجل الرمي من الفجر أيضًا، تسهيلًا لمَن يُريد النّفر فيه (كما في نيل الأوطار للشوكاني) .
أما اليوم الثاني من أيّام العيد، فالجمهور على أن وقت الرمي فيه يبدأ من الزوال، فلا يصحُّ الرمي فيه قبل الزوال، لأنه لا نفرَ فيه.
ولكن خالَف في ذلك الإمام الباقر محمد بن علي من آل البيت (كما في بداية المجتهد)، وكذا الإمام الناصر من الزّيديّة (كما في البحر الزخار) وكذا من التابعين عطاء وطاووس (نيل الأوطار) فقال هؤلاء جميعًا: إن الوقت في اليوم الثاني أيضًا يبدأ من الفجر، فيرمي قبل الزوال مُطلقًا .
وفي قول آخر عند الحنفيّة أيضًا غير القول المشهور: أنّ اليومين الثاني والثالث أيضًا يجوز الرّمي فيهما قبل الزّوال .(1/183)
وعليه يكون في الأيّام الأربعة كلّها مجال للرّمي من الصّباح قبل الزوال في مختلف الاجتهادات، ولو في غير يوم النّفر للمستعجِل وغيره؛ لأن في الرمي قبل الزوال تيسيرًا كبيرًا على الناس حتى على غير المستعجِل لأجل النفر، فإن الماكِث أيضًا قد يحتاج إلى التبكير في الرمي اجتنابًا للزِّحام الشّديد في الحَرّولايخفى أن المكلَّف عليه أن يتبع أحد المذاهب المُعتبرة أيًّا كان منها.
والله أعلم.
مريم - مصر الاسم
الإنابة في الرمي العنوان
فقهية الموضوع
هل يجوزأن أنيب من يرمي عني الجمرات؟
السؤال
04/03/2001 التاريخ
أ.د سعاد إبراهيم صالح المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
رمي الجمارفي منى من الواجبات في الحج، إن تركت كان الحج صحيحًا ولكن يجب تقديم الهدى، ويجوز للإنسان أن ينيب عنه غيره محرما كان أو غير محرم ليرمي الجمرات إن كان عنده عذر يمنعه من ذلك كمرض أو شدة الزحام وبخاصة بالنسبة للنساء
ويدل عليه حديث رواه ابن ماجه عن جابر رضي الله عنه قال: حججنا مع رسول الله ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم.انتهى
وعليه فيجوز للمرأة أن تنيب من يرمي عنها وإن تيسر لها الرمي رمت عن نفسها. والله أعلم
المهتدي بالله - موريتانيا الاسم
نسيان التسمية والتكبير عند رمي الجمرات العنوان
فقهية الموضوع
تركت التكبير والتسمية عند رمي الجمرات ناسياًفهل صار حجي ناقصاً؟ مع العلم أنني أديت جميع المناسك كاملةفماالحكم؟
السؤال
15/03/2001 التاريخ
الشيخ سيد سابق المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
المحرر: من خلال كلام الشيخين نرى أن التكبير والتسمية معا مندوبان أثناء الرمى وإن كانت الأحاديث صريحة فى ذكر التكبير، وعليه فلا شيء على السائل لأنه لاشيء في الأصل عندترك المندوب وبالتالي لاينقص نسيان التكبير أو التسميةعند رمي الجمرات من حجك. وإليك التفصيل:(1/184)
يقول فضيلة الشيخ سيد سابق
يستحب التكبير والدعاء مع كل حصاة وأن يضعها الحاج بين أصابعه
عن عبد الله بن مسعود، وابن عمر رضي الله عنهما: أنهما كانا يقولان –عند رمي جمرة العقبة- اللهم اجعله حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً.
وعن إبراهيم أنه قال: كانوا يحبون للرجل –إذا رمى جمرة العقبة- أن يقول: اللهم اجعله حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً.
فقيل له: تقول ذلك عند كل جمرة؟ قال: نعم.
وعن عطاء قال: إذا رميت فكبر، وأتبع الرمي التكبيرة. روي ذلك سعيد بن منصور.
وفي حديث جابر رضي الله عنه عند مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر مع كل حصاة.
قال في الفتح: واجمعوا على أن من لم يكبر لا شيء عليه.
وعن سلمان بن الأحوص عن أمه: قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند جمرة العقبة راكباً، ورأيت بين أصابعه حجراً فرمى، ورمى الناس معه. رواه أبو داود.
ويقول فضيلة الشيخ جادالحق على جادالحق رحمه الله
بعد المبيت وصلاة الفجر فى منى اقصد إلى جمرة العقبة وارمها بالحصيات السبع، واحدة بعد الأخرى على التوالى وارم بقوة وقل - بسم الله والله أكبر رغما للشيطان وحزبه، اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا .
نسأل الله أن يتقبل منك
والله أعلم
حسان - لبنان الاسم
ترك رمي الجمار متعمداً العنوان
فقهية الموضوع
ما حكم من ترك رمي الجمار متعمداً؟ هل يبطل حجه؟
السؤال
17/02/2009 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا يبطل حجه لكنه أساء في هذا وعليه دم، ولو رأى أن الزحام شديد ينيب غيره، أعني المرأة الحامل أو المرأة العجوز أو الشيخ الكبير أو الإنسان الضعيف الذي لا يستطيع أن يزاحم الناس، مثل هؤلاء ينيبون عنهم ،لأنه يجوز الإنابة في الرمي.(1/185)
وهناك أشياء لا يجوز الإنابة فيها، لا يجوز أن تنيب إنساناً أن يطوف عنك ولا يجوز أن تنيب إنساناً أن يسعى عنك، ممكن تسعى بالعربة وممكن تطوف محمولاً .
إنما في الرمي يمكن أن تنيب من يرمي عنك، يأخذ الواحد وعشرين حصاة ويرمي عن نفسه ثم يرمي عنك ويقول: "اللهم إني أرمي عن فلان بن فلان" ويرمي فهذا أمر جائز.
والله أعلم .
رفيدة - الأردن الاسم
مواقيت الرمي بين الزمن ومساحة المكان العنوان
فقهية الموضوع
هل هناك فتوى أجمع عليها العلماء بجواز رمي الجمرات طوال اليوم؟
السؤال
24/02/2002 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
أفتى بهذا في الحقيقة ثلاثة من أئمة التابعين المشاهير أفتى بذلك عطاء بن رباح وهو كان يسمى فقيه المناسك لأنه فقيه مكة وأفتى بذلك طاووس أيضاً فقيه اليمن وهؤلاء من أصحاب ابن عباس، وأفتى بذلك أبو جعفر الباقر من أئمة آل البيت وأفتى بذلك عدد من فقهاء المذاهب منهم الإمام الرافعي في مذهب الشافعية وغيرهم فهذا أمر ليس جديداً والشيخ عبد الله بن زيد المحمود ألَّف رسالته الشهيرة "يسر الإسلام" مما يقارب 45 سنة وذكر فيها من الأدلة العقلية والنقلية والشرعية والأصولية ما يجعل هذا أمراً جائزاً.
لكن كون أن نصل إلى إجماع في هذا، لا .. هيهات أن نصل إلى إجماع، إنما بحسبنا أن يوجد من العلماء المعتبرين من أمثال الشيخ ابن محمود ومن أمثال الشيخ مصطفى الزرقا وغيرهما من أفتى بهذا، فللمسلم أن يأخذ بهذا ولا حرج عليه.
والناس الآن يبدءون من بعد صلاة الفجر وطول النهار ولا ينتهي الوقت ولو أخذناها من الناحية الحسابية الرياضية لو حسبت مليونين على هذه المساحة المكانية وهذا الزمن لا يمكن إلا أنك توسع ما استطعت من الزمن حتى تسع هذا العدد الهائل من البشر.
والله أعلم
الدكتور خطاب - الإمارات العربية المتحدة الاسم
مراتب شهداء رمي الجمار العنوان
فقهية الموضوع(1/186)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : لي بعض الاسئلة الخاصة بحوادث رمْي الجمرات بمَواسم الحج وأعتذر لكم على كثرتها وهي كالتالي : 1 ـ هل كل ضحايَا الحادث شُهداء؟ 2 ـ هل هم في أوَّلِ مَرتبة للشهداء الشهيد في سبيل الله الذي لا يُكفَّن؟ 3 ـ ما موقف مَن زَجَّ بنفسه في الزحام، ولم يُحاول تَجنُّبَه ولا تَجنِيبَ غيرِه الخطرَ، طلَبًا للشهادة، وماتَ في الحادث ؟ 4 ـ ما معنى الشهيد ؟ 5 ـ ما نوعيات الشهداء؟ 6 ـ ما مَراتبهم ومَنازلهم عند الله؟ 7 ـ هل إيرادُ نوعيَّات الشهداء للتحديد أم للقياس عليها؟ 8 ـ هل مَن قُتل في خلافٍ دنيويٍّ يُعتبَر شهيدًا؟ 9 ـ ما معنى أنهم أحياء عند رَبهم يُرزقون؟ 10 ـ هل للشهيد دِيةٌ؟ وما مِقدارها؟ ومَن الذي يُؤدِّيها؟ وما الفارق بينها وبين دية القتيل؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
17/01/2006 التاريخ
د.نصر فريد واصل مفتي مصر سابقا المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
1. فصِفة الشهيد تُتاحُ لأصناف عِدَّة بيَّنها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما قال: "الشهداءُ خمسةٌ: الشهيدُ في سبيل الله أي المُقاتل في سبيل الله والمَطعون والمَبْطون والغَريق وصاحبِ الهدْم" (رواه مسلم) ويدخل في صفة الشهيد أيضًا المَسمومُ، ومَن قُتل دون ماله، ومَن قتل دون عِرْضه، ويُقاس عليهم مَن قُتل أثناء رمْي الجمرات في الحج.
2 ـ أعلى مَراتب الشهادة هي القتْل في سبيل إعلاءِ كلمة لا إله إلا الله.
3 ـ مَن زجَّ بنفسه في الزحام قاصِدًا بذلك أن يَنالَ أجر الشهيد، وكان بإمكانه تَجنُّب الزحام، يُعامل بنَقيض قصْده ولا يُعتبر بهذا شهيدًا.
4 ـ إذا كان قصْدُه إتْمامَ مناسك الحجِّ ورمْيَ الجمرات، ولكن زُجَّ به في الزحام وخرَّ صريعًا، فيُعدُّ من الشهداء وينال أجر الشهيد بحسب درجات الشهادة.(1/187)
5 ـ نصَّ الفقهاء على أن الشهيد الكامل هو شهيد الدنيا والآخرة، وهو المسلم الذي قتَله أهل الحرب أو البغْي ولم تَجب بقَتله الدِّية، وهذه هي أعلَى مراتب الشهادة.
وهناك شهيد الآخرة فقط، وهو الغريق والحريق ومَن مات في سبيل طلَب العلم ومَن مات في الزحام أثناء رمْي الجِمار.
وهناك شهيد الدنيا فقط وهو مَن كان غير قاصِدٍ الحربَ، ولم يَكن مِن الجنود على خطّ النار، ولكنه قُتل، فهو شهيد الدنيا فقط.
وإليك ذلك وغيره بالتفصيل في فتوى فضيلة الدكتور ـ نصر فريد واصل مفتي جمهورية مصر العربية سابقاً :
مما لا شك فيه أن مَن تَوفَّاهم الله ـ تعالى ـ في حادِث رمْي الجمرات في مواسم الحج لهم ثَوابهم الجزيل عند ربِّهم؛ لأنهم ماتوا بعد أن وَقفوا بعَرفات وتَطهّروا مِن الذنوب والآثام، وأدَّوا فريضةَ الحج، وانعقدتْ نِيَّاتُهم على تنفيذ الأوامر الإلهية إليهم بإتمام أعمال الحج فاختارهم الله إلى جِواره وهمْ يُلبُّونَ ويُهلِّلونَ ويُكبِّرونَ، فما أعظمَ ثوابَهم وأجزلَ عطاءَهم، وسيُبعثون يومَ القيامة مُلبِّينَ على الحالة التي ماتوا عليها؛ حيث إن أحد الصحابة مات في حَجة الوداع في عرفات فأمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يُدفن في مَلابسه قائلًا: "إنه يُبعث يومَ القيامةِ مُلبِّيًا ".
والسؤال: هل يُعتبَرُ هؤلاءِ شهداء؟
والشهيد شرعًا: مَن قتَله أهلُ الحرب أو البغْي أو قُطاع الطريق، أو وُجد في المعركة وبه أثَرٌ، أو قُتِلَ ظُلمًا، ولم تَجب بقَتله دِيةٌ.
ولذلك قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما سُئلَ: يا رسول الله، الرجلُ يُقاتل من أجل الذكْر، ويُقاتل مِن أجل المَغْنَم، ويُقاتل من أجل إعلاء كلمة "لا إله إلا الله" فمَن في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "مَن قاتَلَ لتَكونَ كلمةُ اللهِ هيَ العُليَا فهو في سبيلِ اللهِ ".(1/188)
وصفة الشهيد تُتاحُ لأصنافٍ عدَّةٍ بيَّنها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما قال: "الشهداءُ خمسة: الشهيد في سبيل الله أي المُقاتل في سبيل الله والمَطعون والمَبْطون والغَريق وصاحبِ الهدْمِ" (رواه مسلم( ويدخل في صفة الشهيد أيضًا المَسمومُ، ومَن قُتل دُون مالهُ، ومَن قُتل دون عِرْضه، ويُقاس عليهم مَن قُتل أثناء رمْي الجمرات في الحج.
ولكن أعلى مَراتب الشهادة وهي القتْل في سبيل إعلاء كلمة "لا إله إلا الله" وهم الذين عنَاهم الله تعالى بقوله: (ولا تَحْسَبَنَّ الذينَ قُتِلُوا في سَبيلِ اللهِ أمْواتًا بل أحياءٌ عندَ ربِّهمْ يُرزَقُونَ) آل عمران: 169.
أما باقي أصناف الشهداء، ومنهم الذينَ ماتوا في حادثةِ رمْي الجمَرات، فهم وإنْ كانُوا شهداء إلا أنهم لا يَصلونَ إلى مَرتبة شهداء المَعارك في سبيل الله، وأجْرُهم لا يُماثل أجرَ شهداء المعركة.
أما بالنسبة لمَن زَجَّ بنفسه في الزحام قاصدًا بذلك أن يَنالَ أجرَ الشهيد، وكان بإمْكانِه تَجنُّب الزحام، فالأعمال بنِيَّاتِ أصحابها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّمَا الأعمال بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نَوَى ".
فما دامَ أنه قصَد بزَجِّ نفسِه في الزحام الحُصولَ على أن يكون شهيدًا مُخالفًا قوله تعالى: (ولا تُلْقُوا بأيدِيكمْ إلى التَّهْلُكةِ) وقوله تعالى: (ولا تَقْتُلُوا أنفسَكمْ إنَّ اللهَ كانَ بكمْ رَحِيمًا) فيعامَل بنَقيضِ قصْده ولا يُعتَبر بهذا شهيدًا.
أما إذا كان قصْدُه إتمامَ مناسِك الحجِّ ورَمْي الجمرات، ولكن زُجَّ به في الزحام وخَرَّ صريعًا، فيُعدُّ من الشهداء ويَنال أجر الشهداء بحسب درجات الشهادة.(1/189)
وأما عن نوعيات الشهداء ومَراتبهم ومنازلهم عند الله تعالى، فقد نصَّ الفقهاء على أن الشهيد الكامل هو شهيد الدنيا والآخرة، وهو المسلم المُكلَّف الطاهر الذي قتَله أهل الحرب أو البغْي، ولم تَجب بقَتله الدية، وكان موْتُه فورَ إصابته، ومن أجل إعلاء كلمة الله، وهذه هي أعلَى مراتب الشهادة.
وهناك شهيدُ الآخرة فقط، وهو الغريق والحريق والغريب ومَن مات في سبيل طلَب العلْم، وكذلك مَن مات في الزحام أثناء رمْي الجمرات ولم يكن قاصدًا الزجَّ بنفسه في الزحام للحصول على درجة الشهادة.
وهناك شهداء الدنيا فقط، وهو مَن كان غير قاصدٍ الحربَ، ولم يكن من الجنود الواقفين على خطِّ النار للدفاع عن الوطن ولا لإعلاء كلمة الله، ولكن قُتل، فهو شهيد الدنيا . فتاوى الإمام عبد الحليم محمود 2 / 108 والفتاوى الإسلامية لدار الإفتاء المصرية المجلد السابع 2629 ونوعيات الشهداء ذُكرت تحديدًا، ولكن يُقاس عليها حيثُ إن القياس مصدر من مصادر التشريع الإسلاميِّ، تأسيسًا على ذلك فإن الحرب قد تغيَّرت صورتُها في هذه الأيام عن حرب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته، لقد كانت الحرب فيما مضَى تَستلزم تصادم المُحاربِينَ وجهًا لوجهٍ وتَصادمهم بالسلاح، ولذلك كان الشهيد عبارةً عن جنديٍّ قُتل في ميدان القتال أو في الطريق إلى ميدان القتال.
أما الآن فقد تحوَّلتِ الحروب إلى حُروب شاملة تَشمل بنِيرانها وآثارها المُدمرة الجنديَّ وغير الجندي، فاتَّسع بذلك مجال الشهادة وتَنوَّعت أصناف الشهداء.
ومِن هنا فإن كل مَن يُصيبه سلاح الأعداء مُباشرةً أو بالواسطة، كهَدْم البيت عليه ونحو ذلك، فهو في نظَر الإسلام شهيدٌ، شريطةَ أن يُقابِلَ الموتَ بنفسٍ مُطمئنة قويَّ الإيمان ثابتَ القلب.
أما إذا أصابه الهلَع والجزَع والسخَط فإن ذلك يَبعُد بصاحبه عن درجة الشهيد الكامل.(1/190)
وأما بالنسبة لمَن قُتل في خلاف دُنيويٍّ، فإن كان مَقتولًا ظلمًا وعُدوانًا ولم يكن حريصًا على قتْلِ صاحبه، أو كان مُدافعًا عن نفسه أو ماله أو عِرْضه أو أهله، فهو شهيد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَن قُتلَ دون نفسِه فهو شهيدٌ، ومَن قُتل دونَ أهلِه فهو شهيدٌ، ومَن قُتل دون ماله فهو شهيد ".
أما إذا كان المَقتول مُستعدًّا لقتْل صاحبه وحريصًا على قتْله فهو كالقاتل في الإثْمِ، ولا يُعدُّ شهيدًا لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا الْتَقَى المُسلمانِ بسَيْفَيهِما فالقاتلُ والمَقتولُ في النار" قالوا: يا رسول الله هذا القاتلُ، فما بال المقتول؟ قال: "لأنه كانَ حريصًا على قتْل صاحِبه" (فتاوى الإمام عبد الحليم محمود 3 / 108 )
وأما عن معنى قوله تعالى: (أحياءٌ عندَ ربِّهمْ يُرزَقُونَ( فقد قال القرطبيُّ في تفسير هذه الآية ما نصُّه:
"أخبر الله ـ تعالى ـ في هذه الآية عن الشهداء أنهم أحياء في الجنة يُرزقون، ولا مَحالةَ أنهم ماتوا، وأنَّ أجسادَهم في التراب، وأرواحهم حيَّة كأرواح سائر المُؤمنينَ، وفُضِّلوا بالرِّزق في الجنة مِن وقت القتْلِ، حتى كأن حياة الدنيا دائمةٌ لهم. ثم قال:
وقد اختلفَ العلماء في هذا المعنى، والذي عليه المعظم أن حياة الشهداء محققة، فمن العلماء مَن يَقول: تُردُّ إليهم الأرواح في قبورهم فيُنعَّمون كما يَحيا الكفار في قبورهم فيُعذَّبون. وقال مجاهد: يُرزَقونَ مِن ثمر الجنة. أيْ يَجدونَ رِيحَها وليسوا فيها. وصار قومٌ إلى أن هذا مجاز والمعنى أنهم في حُكم الله مُستحقُّونَ للنعيم في الجنة، وأنهم يُرزقون الثناء الجميل. وقال آخرون: أرواحهم في أجوافِ طَيرٍ خُضْرٍ وأنهم يُرزقون في الجنة ويأكلون ويَتنعَّمون. وهذا هو الصحيح .تفسير القرطبيِّ 2/ 1613.(1/191)
وأما عن دية الشهيد، فالذي عليه أهل العلم أن شهيد الدنيا والآخرة، وهو الذي قُتل في ميدان المعركة، لا دية له؛ حيثُ إنه قُتل في سبيل الله دفاعًا عن دِينه ووَطنه.
وإن كان شهيدَ آخرةٍ فقط، بأن قُتلَ غريقًا أو حريقًا، فإمَّا أن يُعلم قاتلُه أوْ لا، فإنْ عُلم قاتلُه وكان قاصدًا وعامدًا قتْلَه ففيه القِصاص إلا عند العَفْوِ عن القِصاص، وتَجِبُ الدِّية في مال القاتل. وإنْ كان قاتله مُخطئًا، بأن قتَله خطأً، ففيه الدية، ومقدارها 4250 جرامًا من الذهب أو قيمتها بسِعرها وقت الأداء أو الاقتضاء، يَتحمَّلها القاتل أو عاقلتُه، أيْ عائلته.
أما إذا قُتل ولم يَحصل على صِفة الشهيد، ولم يُعلم قاتلُه، وكان مَجهولًا، فدِيتُه على أهل البلد الذي قُتل فيه، يَتحمَّلها جميعُ أفراده حتى لا يَضيع دمُه هدرًا، على ما ذهب إليه بعض العلماء.
وفي هذه الحالة لا يكون هناك فرق بين دِية الشهيد المَقتول المعروفِ قاتلُه ومَن يُقتل خطأ؛ لأن صفة الشهيد لا تَأثيرَ لها في دفْع الدية نَظير القتْل الخطأ.
والذي تجدر الإشارة إليه في هذه الحالة أن حياةَ الشهداء حياةُ أرواح فقط إلا أنها أرقَى من حياة غيرها، بدليل قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أرواحُ الشهداء في حَواصِلِ طيْرٍ خُضرٍ في رياض الجنة، ثم تَأوي إلى قناديلَ مُعلَّقةٍ تحت العرْش". وللشهداء خاصية أخرى بالنسبة لأجسادهم، فإنها تَبقى بحالها حتى تُبعث أرواحُ أصحابها فتَتَّصل بها، تلك الخاصية ليست لأحد سواهم إلا الأنبياء والصدِّيقِينَ والعلماء العاملين حتى وُجدَتْ بعض أجساد المشهود لهم بالصلاح والتُّقَى باقيةً في قُبورها بحالها لم يُصبْها شيءٌ مِن البِلَى.
والله أعلم .
مروة - قطر الاسم
حكم السعي بين الصفا والمروة العنوان
السعي بين الصفا والمروة الموضوع(1/192)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أستعد لعمل عمرة بعد أسبوع إن شاء الله ، وأداء فريضة الحج هذا العام إن شاء الله وعندما قرات في كتب الفقه وجدت خلافأً كثيراً حول حول حكم السعي بين الصفا والمروة وهل هو سنة أو لازم في الحج والعمرة لكن المهم عندي وفقكم الله ماالحكم لو ترك الحاج أو المعتمر السعي بين الصفا والمروة ؟ وأي رأي نأخذ به إذا حدث هذا ؟ وشكراً جزيلاً لكم
السؤال
12/02/2007 التاريخ
أ.د عبد الكريم زيدان المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فاختلف الفقهاء في حكم السعي بين الصفا والمروة فمنهم من قال: إنه ركن، ومنهم من قال: إنه واجب، ومنهم من قال: إنه سنة، والراجح أن السعي بين الصفا والمروة واجب وليس بركن لأن دليل من أوجبه على أنه ركن يدل على مطلق الوجوب، لا على كونه ركنًا لا يتم الحج إلا به، والذي يترتب على هذا الخلاف لمن ترك السعي في الحج أو العمرة أنه يجب عليه دم، وذلك على اعتبار الرأي الراجح .
وإليك تفصيل هذه الآراء ، والراجح منها ، وأسبابه في ما ذكره الأستاذ الدكتور عبد الكريم زيدان أستاذ ورئيس قسم الشريعة بكلية الحقوق جامعة بغداد سابقاً :
القول الأول: أنه ركن(1/193)
السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج لا يصحّ ولا يتمّ بدونه، لما رواه الإمام أحمد عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَانةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالنَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ وَرَاءهُمْ وَهُوَ يَسْعَى حَتَّى أَرَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ وَهُوَ يَقُولُ:" اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ". وروى الإمام أحمد عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَنَّ امْرَأَةً أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَقُولُ: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيُ فَاسْعَوْا". قال الشوكاني بعد أن ذكر هذين الحديثين: استدل به من قال: إن السعي فرض وهم الجمهور. ومنهم المالكية، والشافعية، وأبو ثور، وإسحاق، ورواية عن أحمد، وهي التي اختارها فقهاء الحنابلة المتأخرون.
ويستدل لهذا القول أيضًا بما روي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ امْرِئٍ وَلا عُمْرَتَهُ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَة.
القول الثاني: أنه واجب
السعي بين الصفا والمروة ليس فرضًا، وبالتالي ليس ركنًا من أركان الحج، وإنما هو واجب، وهذا قول أبي حنيفة، والثوري، والزيدية، والقاضي أبي يعلى الحنبلي. يجب في تركه دم.(1/194)
واحتجَّ الحنفية لقولهم: إنه واجب بأن ركن الحج هو زيارة البيت، والوقوف بعرفة كما ذكرناه عنهم فيما سبق، ولا دليل على أن السعي فرض حتى يعتبر ركنًا من أركان الحج، وحديث عائشة الذي أخرجه مسلم وفيه: "مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ امْرِئٍ ... الخ" فيه إشارة إلى أنه واجب وليس بركن؛ لأنها وصفت الحج بدونه بالنقصان لا بالبطلان، وفوت الواجب هو الذي يوجب النقصان، بينما فوت الفرض -الركن- يوجب الفساد أو البطلان. وأما قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد: "كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ" فمعناه حكم الله -تعالى-، وحكمه -تعالى- هو ما شرعه من الإيجاب، أو الندب، أو الإباحة، أو التحريم، فلا يكون لهم حجة على الفرضية، ولا يكون ركنًا، أو نحمله على الوجوب توفيقًا بين الأدلة صيانة لها عن التناقض. وهذا ما نقول به فهو واجب وليس بفرض، فلا يكون ركنًا؛ لأن الفرض ما ثبتت فرضيته بدليل مقطوع لصمته دلالة وسندًا.
القول الثالث: أنه سنة
السعي بين الصفا والمروة سنة، ليس بركن ولا واجب، ولا يجب بتركه دم، وهذا قول عطاء، ورواية عن أحمد، فلا يجب بتركه دم، وروي هذا القول عن ابن عباس وأنس وابن الزبير وابن سيرين لقول الله تعالى: (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا)، ونفي الحرج عن فاعله دليل على عدم وجوبه، فإن هذا رتبة المباح، وإنما ثبتت سنيّة السعي بين الصفا والمروة بقوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا)، لأن شعائر الله هي أعمال الحج، وكل ما جعل علمًا لطاعة الله.(1/195)
ولكن يردّ على هذا القول ودليله ما ردّت به عائشة -رضي الله عنها- على عروة، ورواه عنها الإمام مسلم في "صحيحه" عن هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قًالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ مَا أَرَى عَلَيَّ جُنَاحًا أَنْ لا أَتَطَوَّفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. قَالَتْ: لِمَ؟ قُلْتُ: لأَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَقُولُ: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) الآيَةَ فَقَالَتْ: لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، إِنَّمَا أُنْزِلَ هَذَا فِي أُنَاسٍ مِنَ الأَنْصَارِ كَانُوا إِذَا أَهَلُّوا أَهَلُّوا لِمَنَاةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَطَّوَّفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا قَدِمُوا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْحَجِّ ذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ، فَلَعَمْرِي مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ".(1/196)
قال الإمام النووي في تعليقه على هذا الخبر: "قال العلماء: هذا من دقيق علمها وفهمها الثاقب، وكبير معرفتها بدقائق الألفاظ؛ لأن الآية الكريمة إنما دل لفظها على رفع الجناح عمن يطَّوَّف بهما، وليس فيه دلالة على عدم وجوب السعي ولا على وجوبه، فأخبرته عائشة -رضي الله عنها- أن الآية ليست في دلالة الوجوب ولا لعدمه، وبيَّنت السبب في نزولها، والحكمة في نظمها، وأنها نزلت في الأنصار حين تحرَّجوا من السعي بين الصفا والمروة في الإسلام، وأنها -أي الآية- لو كانت كما يقول عروة لكانت: "فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما". وقد يكون الفعل واجبًا، ويعتقد إنسان أنه يمنع إيقاعه على صفة مخصوصة، وذلك كمن عليه صلاة الظهر، وظن أنه لا يجوز فعلها عند غروب الشمس فسأل عن ذلك، فيقال في جوابه: لا جناح عليك إن صليتها في هذا الوقت، فيكون وجوبًا صحيحًا، ولا يقتضي نفي وجوب صلاة الظهر.
القول الراجح:
والراجح أن السعي بين الصفا والمروة واجب وليس بركن، فيجب بتركه دم؛ لأن دليل من أوجبه على أنه ركن دل هذا الدليل على مطلق الوجوب، لا على كونه ركنًا لا يتم الحج إلا به. وما جاء في بعض الأحاديث الشريفة قوله -صلى الله عليه وسلم-: "كَتَبَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ". فهذا يدل على أنه مكتوب، وهو الواجب. وأما الآية الكريمة: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا)، فإنها نزلت لما تحرَّج ناس من السعي في الإسلام لما كانوا يطوفون بينهما في الجاهلية لأجل صنمين كانا على الصفا والمروة كما روي عن عائشة -رضي الله عنها-.
والله أعلم .
أكرم - قطر الاسم
مضاعفة الحسنات والسيئات بمكة العنوان
أحكام الحرمين الموضوع(1/197)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أقيم بمكة المكرمة وذلك بعد انتهاء مناسك الحج فهل بالفعل أن الحسنات والسيئات تضاعف بمكة أم لا ؟ أفيدوني وفقكم الله
السؤال
28/05/2009 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالأصل أن الحسنات والسيئات تضاعف بمكة لما لمكة من حرمة ومنزلة وإليك تفاصيل ذلك :
اتفق الفقهاء على أن الصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد , لما ورد فيها من أحاديث : منها قوله صلى الله عليه وسلم : { صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام } والمعنى أن الصلاة فيه تفضل على مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم بألف صلاة , كل صلاة بعشر حسنات , فتكون الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم بعشرة آلاف حسنة , وتكون في المسجد الحرام بألف ألف حسنة.
ويَتَأَكَّدُ وُجُوبُ تَرْكِ الْمَعَاصِي فِي مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ وَحَرَمِهَا ; لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ أَشَدُّ فِيهَا مِنْ غَيْرِهَا لقوله تعالى { : وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } قَالَ مُجَاهِدٌ : تُضَاعَفُ السَّيِّئَاتُ بِمَكَّةَ كَمَا تُضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ .
وَيَجِبُ تَنْزِيهُهَا عَنْ الْقِتَالِ فِيهَا وَيَجِبُ تَنْزِيهُهَا عَنْ حَمْلِ السِّلَاحِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم { لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ بِمَكَّةَ السِّلَاحَ } . وَيَجِبُ تَنْزِيهُهَا عَنْ دُخُولِ الْكُفَّارِ . قَالَ تَعَالَى : { إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا }.(1/198)
قال ابن مسعود: لو أن رجلا هم بخطيئة لم تكتب عليه ما لم يعملها , ولو أن رجلا هم بقتل مؤمن عند البيت وهو بعدن أبين أذاقه الله عز وجل في الدنيا من عذاب أليم .
وقال الضحاك : إن الرجل يهم بالخطيئة بمكة وهو بأرض أخرى فتكتب عليه , وإن لم يعملها . وقال مجاهد تضاعف السيئات بمكة كما تضاعف الحسنات . وسئل أحمد رضي الله عنه هل تكتب السيئة أكثر من واحدة ؟ فقال : لا إلا بمكة لتعظيم البلد , وأحمد على هذا يرى فضيلة المجاورة بها . ( والثاني ) أن معنى { ومن يرد } من يعمل وقال أبو سليمان الدمشقي : هذا قول سائر من حفظنا عنه انتهى كلام ابن الجوزي .
وكره بعض العلماء الجوار بمكة لأنه لما كانت الذنوب بها تتضاعف عقوبتها آثروا السلامة في ترك الجوار بها مخافة مواقعة الذنوب التي تتضاعف عقوبتها.
وقال أبو بكر بن العربي في (كتابه أحكام القرآن): في قوله تعالى : { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم }المعنى : ومن يهم فيه بميل يكون ذلك الميل ظلما ; لأن الإلحاد هو الميل في اللغة , إلا أنه قد صار في عرف الشريعة ميلا مذموما , فرفع الله الإشكال , وبين أن الميل بالظلم هو المراد هاهنا , والظلم في الحقيقة لغة وشرعا وضع الشيء في غير موضعه , وذلك يكون بالذنوب المطلقة بين العبد ونفسه , وبالذنوب المتعدية إلى الخلق , وهو أعظم .(1/199)
ولذلك كان ابن عمر له فسطاطان : أحدهما في الحل , والآخر في الحرم ; فكان إذا أراد الصلاة دخل فسطاط الحرم , وإذا أراد الأمر لبعض شأنه دخل فسطاط الحل , صيانة للحرم عن قولهم : كلا والله , وبلى والله , حين عظم الله الذنب فيه , وبين أن الجنايات تعظم على قدر عظم الزمان , كالأشهر الحرم , وعلى قدر عظم المكان , كالبلد الحرام , فتكون المعصية معصيتين : إحداهما بنفس المخالفة , والثانية بإسقاط حرمة الشهر الحرام , أو البلد الحرام فإن أشرك فيه أحد فقد أعظم الذنب , ومن استحله متعمدا فقد أعظم الذنب , ومن استحله متأولا فقد أعظم الذنب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن مكة حرمها الله يوم خلق السموات والأرض , فهي حرام بحرمة الله لم تحل لأحد قبلي , ولا تحل لأحد بعدي , فإن أحد ترخص فيها بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا : إن الله أذن لرسوله , ولم يأذن لكم } .
والله أعلم .
شريف محمود الاسم
هل صيام عرفة مسنون للحاج وغيره ؟ العنوان
فقهية الموضوع
هل صيام يوم عرفة مسنون للحاج وغير الحاج ؟
السؤال
14/02/2001 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يجيب عن هذا السؤال الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً :ـ(1/200)
روى مسلم وأصحاب السُّنَن أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سُئِل عن صوم يوم عرفة فقال:" يكفِّر السنة الماضية والباقية" هذا أصحُّ ما ورد في فضل الصوم يوم عرفة، وجاءت روايات أخرى إسنادها حسن أي أقل من درجة هذا الحديث تفيد أن صوم يوم عرفة يعدل صيام سنة كما رواه النسائي أو صيام سنتين كما رواه الطبراني، أو صيام ألف يوم، كما رُوي أن بعضهم كان يرشُّ عليه الماء وهو صائم، لما يعاني من شدة الحرِّ، حرصًا على ثوابه. لكن ذلك لغير الحاجِّ الواقف بعرفة، فقد روى أبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه والطبراني أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن صومه، وإن كان هذا النهي ليس للتحريم، بل للكراهة، ولذلك اختلف الفقهاء، فقال الشافعي: يُسَنُّ الفطر فيه ليقوي الحاج على الدعاء، وقال أحمد: إن قَدَر الحاجّ على الصوم صام، وإن أفطر فذلك يوم يحتاج فيه إلى القوّة.
ومهما يكن من شيء فإن الأولى الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلّم فقد ثبت أنه لم يصُم هذا اليوم في حجة الوداع. روى البخاري ومسلم عن أم الفضل أنّهم شكُّوا في صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فأرسلت إليه بلبن فشرِبَ وهو يخطب الناس بعرفة، وثبت أنه قال:" إن يوم عرفة ويوم النّحر وأيام التشريق عيدُنا ـ أهلَ الإسلام ـ وهى أيام أكل وشرب" رواه أحمد وأصحاب السنن وابن ماجه.
نعم، إن الواقفين بعرفة في ضيافة الله، حيث يُباهى بهم ملائكته، ويشهدهم أنه غفر لهم، وذلك عيد عظيم من لوازمه البهجة والسرور كما نلاحظ أن في الوقوف والإفاضة جهدًا كبيرًا يحتاج إلى قوة يساعد عليها الفطر، وذلك تخفيف من الله ورحمة.
والله أعلم
حسن العمار - ليبيا الاسم
فضل يوم عرفة العنوان
فقهية الموضوع
هل ليوم عرفة فضل خاص وماحكم الدعاء فيه؟
السؤال
22/02/2001 التاريخ
أ.د رفعت فوزي المفتي
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله،وبعد.(1/201)
ليوم عرفة فضل عظيم والدعاء فيه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإليك تفصيل ذلك
:
يوم عرفة يوم من أيام الله عزَّ وجلَّ، يتجلَّى فيه على عباده، ويُفيض عليهم من رحمته ومغفرته وبركاته، إنّه يوم يجتمع فيه خيار عباد الله المخلصين وخواصِّه المقرَّبين، وهو أعظم مجامع الدنيا.
والوقوف بعرفة هو أهمُّ أركان الحج، فعن عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال: أتيتُ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو بعرفة، فجاء ناسٌ أو نفرٌ من أهل نجد، فأمروا رجلاً فنادى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجلاً فنادَى: الحجُّ يوم عرفة أي أهم أركان الحج الوقوف بعرفة.
وفيه يدنو الله تعالى من الخلق ويُباهِي بأهل عرفة الملائكةَ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يباهِي بأهل عرفات أهلَ السماءِ، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شُعثًا غُبرًا من كل فَجٍّ، أُشهدكم أني قد غفرتُ لهم.
وواجب على الحاجِّ أن يجتهد فيه بذكر الله ـ عزَّ وجَلَّ ـ ودعائه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال خير الدُّعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنَّبِيُّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير ، وينبغي للحاج أن يكثر من التضرُّع في هذا اليوم والخشوع، وإظهار الضَّعف والافتقار والذِّلّة، وهو يتوجّه إلى الله تعالى بالذكر والدعاء.
فعن ابن عباس قال: رأيتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدعو بعرفة ويداه إلى صدره كاستطعام المِسكين.(1/202)
ويُستَحَبُّ للحاج أن يكثر من التلبية رافعًا بها صوته، ومن الصلاة والتسليم على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما يُستَحَبُّ أن يأتي بأنواع من الذِّكر والدُّعاء، فتارة يدعو، وتارة يهلِّل، وتارة يُكَبِّر، وتارة يلبِّي، وتارة يستغفر، ويدعو منفردًا ومع جماعة، وليدْعُ لنفسه ولولديه، ولأقاربه وشيوخه وأحبابِه وأصحابه، وسائر من أحسن إليه. وسائر المسلمين وينبغي أن يكون حاضر القلب فارغًا من الأمور التي تشغلُه عن الدُّعاء والذِّكْر والعبادة.
وبالله التوفيق.
حسان - البحرين الاسم
الحائض ووقفة عرفات العنوان
فقهية الموضوع
بسم الله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين :ما رأي الدِّين إذا حَلَّت وَقْفَة عَرَفَات بالنسبة إلى النِّساء إذا كُنَّ غير طاهرات لوجود طَمث أو نفَاس أو ولادَة؟ وماذا يفعلن في تلك الحالة بالنسبة لوقوفهن فوق عَرَفَات؟ وماذا يَقلْن حينئذٍ؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
25/10/2001 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
يقول الدكتور أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر :
الوقوف على عَرَفَة في اليوم التاسع من شهر ذِي الحِجة هو أهم ركنٌ في أعمال الحجِّ؛ ولذلك قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "الحَجُّ عَرَفَة". وعَرَفَة جَبَلٌ في وَسَطه وادٍ يقع بين المُزْدَلِفَة والطائِف على مسافة من مكة المُكرمة، ويتحقق الوقوف بعَرَفَة إذَا وُجِد الإنسان في أيِّ جُزء من أجزاء هذا الوادي: مُحْرِمًا، واقفًا أو رَاكِبًا أو قَاعِدًا أو مُضطجعًا، وإذا لم يقف الحاجُّ بَعَرَفة أو لَمْ يُوجَد فيه، فإنه يكون قَدْ فاَته الحجُّ، ويجب عليه أن يُعيده في موسم لاحق.(1/203)
ويُسَنُّ للوقوف عَلَى عَرَفَة الاغتسال ـ وهو الاستحمام ـ ولكنَّ المرأة تستطيع إذا كانت في حالة الحيْض أو النفاس أو الولادة أن تقف على عَرَفَات بلا أدنى حرج ؛ لأن الطهارة من الحَدَث لَيْسَتْ شَرْطًا للوقوف على عَرَفَات، ويمكن للحائض أو النفساء أن تُؤَدِّي كُلَّ أَعْمَالِ الحَجِّ، إِلَّا الطواف حول الكعبة، ثم تطوف بعد أن تنتهي حالتها وتتطهر.
ويمكن للمرأة الحاجّة ـ وهي في حالتها الخاصة هذه ـ أن تدعو وهي فوق عَرَفات باي دعاء ماثور أو أي دعاء لله عزوجل .
ولقد أجمع العلماء على جواز الوقوف على عَرَفَات لِغَيْرِ الطاهر كالجُنُب، وهو المُحْدِث حَدَثًا أَكْبَرَ، أي عليه جَنَابَة، والحائض والنفساء وحديثة الولادة.
ويسن للمرأة ولكل من حضر بعرفة أن يقف في المكان الذي وقف فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند الصخرات الكبار التي في أسفل جبل الرحمة إن كان ذلك مُتيسرًا له وسهلًا عليه، وأن يستقبل الْقِبْلَة، ويُكْثِر من الدعاء والاستغفار والتَّضرُّع إِلَى اللهِ، وأن يتجرَّد لربِّهِ عزَّ وجلَّ.
ومن هذه السُّنن أيضًا أن يكون مُتطهِّرًا من الْحَدَث والخبَث. ولكن المرأة لا حيلةَ لها فيما يَعرض لها من حالتها الشهرية الخاصة بها؛ ولذلك لا تُؤَاخَذُ علَيها إذا وقفت على عرفات وهي حائض أو نَفْساء، والسُّنة لها في هذا الوقوف أن تجلس في أي مكان من عَرَفَة، وأن تتجنَّبَ مُزَاحَمَة الرِّجَال.
والله أعلم .
أشرف - مصر الاسم
حكم من حج ولم يستطع صعود جبل عرفة العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : حجَّ أحد أقاربي، ولكِبَرِ سِنِّه لم يستطع الصعود إلى جبلِ عرفةَ، فظلَّ واقفًا مع الكثير من الحجاج بجواز عرفة، فما حُكم حجِّه؟ جزاكم الله خيرالجزاء
السؤال
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...(1/204)
فيقول الأستاذ الدكتور عبد الرازق فضل الأستاذ بجامعة الأزهر :
إن الحجَّ ركنٌ مِن أركان الإسلام لقوله تعالى: (وأتِمُّوا الحجَّ والعُمرةَ للهِ) ولقوله تعالى : (وللهِ على الناسِ حجُّ البيتِ مَنِ استطاعَ إليهِ سَبيلًا) .
وعن أبي هريرة قال : " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا " . رواه مسلم .
وعن ابن عباس رضي الله عنها قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة " .
وحيث انتقل الحاج إلى عرفة، ووقَفَ بها جزءًا من الزمن الذي يبدأ بظُهر يومِ التاسِع من ذي الحجَّة، سواء كان وقوفه فوق جبل الرحمة أو بجانبه أو في أيِّ موضعٍ من عرَفة، والموضِع هو المكان الذي تُنصب فيه الخيام هذه الأيام عدا وادي عرنة ، فحجُّه كاملٌ لا نقْصَ فيه من هذه الناحية، وعلى الله القبول ومنه الإثابة.
والله أعلم .
أنور - نيجيريا الاسم
التحدث بالهاتف المحمول أثناء الطواف العنوان
الطواف الموضوع
هل يجوز التحدث بالتليفون الجوال(المحمول)أثناء السعي أو الطواف ؟ السؤال
03/09/2008 التاريخ
الدكتور عجيل النشمي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيكره التحدث أو استخدام التليفون المحمول إلا عند الضرورة، وينبغي أن يمنع ذلك سداً لذريعة الاستهانة بالطواف أو السعي ، وفقدان الشعيرة مكانتها، والتشويش على الطائفين لما يحتاجه من رفع الصوت.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى الدكتور عجيل النشمي (عميد كلية الشريعة السابق بالكويت):(1/205)
ذهب الفقهاء إلى جواز الكلام في الطواف إذا كان لحاجة، وبعضهم كرهه لغير حاجة، وقالوا: يستحب أن يدع الحديث والكلام في الطواف إلا ذكر الله تعالى، أو قراءة القرآن أو أمراً بمعروف، أو نهياً عن منكر، أو ما لابد منه من الكلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بالخير" (أخرجه الترمذي 3- 284).
وبناء عليه نرى أن الكلام لغير حاجة مكروه، وإذا كان الكلام عبر هاتف نقال فهو ـ لا ريب ـ داخل في الكلام، وهو محادثة قد يصاحبها تبسيط كبير، خاصة أن المخاطب على الطرف الآخر لا يستشعر الموقف، وما فيه من عبادة وازدحام، وما يقتضيه من خشوع.
وفي هذه المحادثة أيضاً نوع من تقليل أهمية ومكانة هذه العبادة، فالكراهة أشد في الكلام في بيت الله وحول الكعبة عبر هذا الجهاز.
وينبغي أن يمنع ذلك سداً لذريعة الاستهانة، وفقدان الشعيرة مكانتها، والتشويش على الطائفين لما يحتاجه من رفع الصوت غالباً وسط التهليل، والتكبير، والقراءة، والدعاء .
والله أعلم.
أميمة - مصر الاسم
جلوس المرأة الحائض في المسعى العنوان
السعي بين الصفا والمروة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : فوجئت بنزول الدورة الشهرية بعد الطواف والشرب من ماء زمزم واضطررت لانتظار زوجي والأولاد في المسعى دون طهارة فهل يجوز لي ذلك ؟جزاكم الله خيراً
السؤال
08/07/2007 التاريخ
مجموعة من المفتين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فالانتظار في المسعى للحائض ليس بحرام ،لأن المسعى ليس من المسجد الحرام .
يقول فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين عضو إفتاء باللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية :(1/206)
يجوز للمرأة الحائض أن تجلس في المسعى ، لأن المسعى لا يعتبر من المسجد الحرام ، ولذلك لو أن المرأة حاضت بعد الطواف وقبل السعي فإنها تسعى ؛ لأن السعي ليس طوافاً ، ولا تشترط له الطهارة . وعلى هذا فنقول : إن المرأة الحائض لو جلست في المسعى تنتظر أهلها فلا حرج عليها في ذلك ، ويمكن لها السعي بين الصفا والمروة دون طهارة.
ويقول الشيخ ابن عثيمين "رحمه الله" في رد على سؤال مماثل :
الذي يظهر أن المسعى ليس من المسجد، ولذلك جعلوا جداراً فاصلاً بينهما ولكنه قصير، ولا شك أن هذا خير للناس ؛ لأنه لو أدخل في المسجد وجعل منه لكانت المرأة إذا حاضت بين الطواف والسعي امتنع عليها أن تسعى ، والذي أفتي به أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل السعي فإنها تسعى ، لأن المسعى لا يعتبر من المسجد .
والله أعلم .
سلمى - مصر الاسم
تقديم السعي على الطواف العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجوز تقديم السعي على الطواف في الحج أو في العمرة ؟ شكراً جزيلاً
السؤال
21/03/2007 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فيقول الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-مفتي السعودية :
السُنة أن يكون الطواف أولا، ثم السعي بعده، فإن سعي قبل الطواف جهلا منه فلا حرج في ذلك .
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل فقال : سعيت قبل أن أطوف ، قال : " لا حرج " ، فدل ذلك على أنه إن قدم السعي أجزأه .
لكن السنة أن يطوف ثم يسعى ، هذا هو السنة في العمرة والحج جميعا .
والله أعلم .
طارق - الأردن الاسم
كيفية التكبير عند الصفا والمروة العنوان
السعي بين الصفا والمروة الموضوع(1/207)
أستعد أنا ومجموعة من الأصدقاء لعمل عمرة في الأسبوع القادم إن شاء الله ولكن بقيت جزئية أريد سؤالكم عنهاوهي عن كيفية التكبير على الصفا والمروة؟ فهل أكبر كما أكبر للصلاة : الله أكبر أم ماذا ؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء
السؤال
24/07/2008 التاريخ
الشيخ عبد الله بن جبرين عضو إفتاء باللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالأصل أن ترقى على الصفا إن تيسر لك، أو تقف عنده وتقرأ قول الله سبحانه: {إن الصفا والمروة من شعائر الله..}، وتقول: أبدأ بما بدأ الله به.
ويستحب أن تستقبل القبلة، وتحمد الله، وتكبره، وتقول: (لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده).
ثم تدعو رافعاً يديك بما تيسر من الدعاء، وتكرر هذا الذكر والدعاء ثلاث مرات، وتفعل على المروة كذلك، عدا قراءة الآية مرة أخرى .
والله أعلم .
رانيا - البحرين الاسم
حلق المرأة رأسها بعد الإحرام العنوان
أحكام المرأة في الحج والعمرة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : هل يُطلب من المرأة الحاجة أو المعتمرة أن تحلق رأسها عند انتهاء المناسك؟ بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً
السؤال
08/08/2007 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فمن مناسك الحج والعمرة الحلقُ أو التقصيرُ، وهو ركن فيهما على مذهب الإمام الشافعيّ وواجب عند باقي الأئمة، ويتوقف التحلل من الحج والعمرة على الحلق أو التقصير.
والأفضل في الحلق أو التقصير أن يكون بعد رمي جمرة العقبة وبعد ذبح الهدي إن كان معه، وقبل طواف الإفاضة، سواء كان قارنًا أو مُفرِدًا.(1/208)
أما في العمرة فيأتي بالحلق أو التقصير في ختام مناسكها بعد الإحرام والطواف والسعي.
وقد أشار القرآن العظيم إلى هذا النسك فقال: (لقد صدَق اللهُ رسولَه الرؤيا بالحقِّ لَتَدْخُلُنَّ المسجدَ الحرامَ إن شاء اللهُ آمِنِين مُحلِّقِين رءوسَكم ومُقصِّرِين لا تخافون) (الفتح: 27).
وهذا النُّسُكُ مختصّ بالرأس، فلا يُجزئ عنه حلق أو تقصير في سائر الجسد.
والأفضل للرجال هو الحلق لفعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقوله وقد حلق: "اللهم اغفر للمُحلِّقِين" قالوا: يا رسول الله، وللمُقصِّرِين. قال: "اللهم اغفر للمُحلِّقِين" قالوا: يا رسول الله، وللمُقصِّرِين. قال: "اللهم اغفر للمُحلِّقِين" قالوا: يا رسول الله، وللمُقصِّرِين. قال: "وللمُقصِّرِين". وذلك أن الحلق أبلغ في العبادة وأدَلُّ على صدق النية في التذلل لله تعالى، فشأن الحاج أن يكون أشعَثَ أغبَرَ.
أما المشروع في حق النساء فهو التقصير فقط ويُكرَهُ لهنَّ الحلق، وقد أخرج أبو داود والبيهقيّ في سننه عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس على النساء حلق وإنما على النساء التقصير". ولهذا لا تؤمر المرأة بالحلق بل تقصر .
وروى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المرأة أن تحلق رأسها.
ولم يُعهد في النساء امرأةٌ بغير شعر رأسها إلا مرضًا، والإسلام حريص على الطبائع السليمة والفطر النقية، والوصف الملازم للمرأة هو التنشئة في الحلية، قال تعالى: (أوَ مَن يُنَشَّأُ في الحليةِ وهو في الخِصامِ غيرُ مبينٍ) (الزخرف: 18).
والله أعلم .
محمد - العراق الاسم
حكم منع الزوجة من حج الفريضة العنوان
أحكام المرأة في الحج والعمرة الموضوع(1/209)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أنا وأخي نريد أداء فريضةَ الحج والعُمرة هذا العام، وطلبنا من الوالد الإذن بأن تكون الوالدة معنا لأداء الفريضة، ولكن الوالد رفَضَ رفضًا قطعيًّا، على الرغم من أنه مُتزوِّجٌ بأخرَى، لذا نسأل فضيلتكم : هل مِن حقِّ الوالد أن يَمنع الوالدة من السفَر معنا أم لا ؟ مع العلم بان هذه أول مرة تحج فيها ، كما أنها فرصة للوالدة كي لا تحتاج إلى محرم في الأعوام القادمة هذا إن سمح لها الوالد بالسفر فيما بعد !! ولكم جزيل الشكر
السؤال
25/03/2008 التاريخ
د.نصر فريد واصل مفتي مصر سابقا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فليس من حقِّ الزوج منْع زوجتِه مِن أداء ركن مِن أركان الإسلام مثل الحجِّ إذا كان معَها مَحرم، ولا طاعة لمَخلوق في معصية الخالِق، ولا شك أن منْعه لها مِن أداء فريضةَ الحج يُعتبر معصيةً من المعاصي التي يَجب الابتعادُ عنها.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى أ.د. نصر فريد واصل مفتي مصر سابقاً :
إن الشريعةَ الإسلاميَّةَ قد رَتَّبَتْ لكلٍّ مِن الزوجَينِ حُقوقًا على الآخر، فجعلت للزوج على الزوجة من الحقوق أن تُقيم معه في منزل الزوجية حتى يَتحقَّق الغرَض من الزواج من سكَنٍ ومودة وإنجاب للأولاد والعِناية بهم وتوفير وسائل الراحة في البيت ليَنعم أفراد الأسرة جميعًا، ومن حقِّه عليها ألا تَخرج من منزل الزوجية إلا بإذْنه، وله أن يَمنعها من الخروج إلا لحاجةٍ تقضي بها الشريعة أو العُرف العَفُّ النَّزِيهُ.
وقد دلَّ على ذلك قول الله تعالى: (وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهلِيةِ الأُولَى (الأحزاب: 33.(1/210)
وقد جاء في السُّنة المُطهَّرة عن أنس: جاءت النساء إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقُلن: يا رسول الله ذهب الرجالُ بالفضل والجهاد، فهل يكون لنا من عملٍ نُدرك به المُجاهدين؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "مَن قعَدَتْ مِنكنَّ في بَيتِها فإنَّها تُدركُ عملَ المُجاهدينَ في سبيلِ اللهِ ".
ومن حقِّ الزوج منْعُ زوجته من السفر وَحدها أو مع غير مَحرم لها حرصاً عليها ولو كان هذا السفر لغرَض دِينيٍّ كأداء فريضة الحج، ودليل ذلك عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لامرأةٍ تُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ أنْ تُسافرَ مَسيرةَ يومٍ وليلةٍ إلا مع ذِي رَحِمٍ مَحرم لهَا". متفق عليه.
وفي واقعة السؤال، وبناء على ما تقدم أن السائل وأخاه يُريدانِ أخْذَ والدتهما معهما لأداء فريضة الحج والعمرة، فليس من حقِّ والدهما زوجِها أن يَمنعها مِن السفَر معهما؛ لأنهما مَحرَم لها، خاصَّةً أنها ستقوم بأداء رُكنٍ من أركان الإسلام وهو فريضةُ الحج والعُمرة؛ لأنه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.
ولاشك في أن مَنْعَه لها من أداء فريضة الحج يُعتبر معصيةً من المعاصي التي يجب الابتعادُ عنها، لا سيما أن والد السائل له زوجة أخرى تَعُولُه فيصبح لا حق له ولا عذر.
والله أعلم.
حسان - البحرين الاسم
الحائض ووقفة عرفات العنوان
فقهية الموضوع
بسم الله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين :ما رأي الدِّين إذا حَلَّت وَقْفَة عَرَفَات بالنسبة إلى النِّساء إذا كُنَّ غير طاهرات لوجود طَمث أو نفَاس أو ولادَة؟ وماذا يفعلن في تلك الحالة بالنسبة لوقوفهن فوق عَرَفَات؟ وماذا يَقلْن حينئذٍ؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
25/10/2001 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
يقول الدكتور أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر :(1/211)
الوقوف على عَرَفَة في اليوم التاسع من شهر ذِي الحِجة هو أهم ركنٌ في أعمال الحجِّ؛ ولذلك قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "الحَجُّ عَرَفَة". وعَرَفَة جَبَلٌ في وَسَطه وادٍ يقع بين المُزْدَلِفَة والطائِف على مسافة من مكة المُكرمة، ويتحقق الوقوف بعَرَفَة إذَا وُجِد الإنسان في أيِّ جُزء من أجزاء هذا الوادي: مُحْرِمًا، واقفًا أو رَاكِبًا أو قَاعِدًا أو مُضطجعًا، وإذا لم يقف الحاجُّ بَعَرَفة أو لَمْ يُوجَد فيه، فإنه يكون قَدْ فاَته الحجُّ، ويجب عليه أن يُعيده في موسم لاحق.
ويُسَنُّ للوقوف عَلَى عَرَفَة الاغتسال ـ وهو الاستحمام ـ ولكنَّ المرأة تستطيع إذا كانت في حالة الحيْض أو النفاس أو الولادة أن تقف على عَرَفَات بلا أدنى حرج ؛ لأن الطهارة من الحَدَث لَيْسَتْ شَرْطًا للوقوف على عَرَفَات، ويمكن للحائض أو النفساء أن تُؤَدِّي كُلَّ أَعْمَالِ الحَجِّ، إِلَّا الطواف حول الكعبة، ثم تطوف بعد أن تنتهي حالتها وتتطهر.
ويمكن للمرأة الحاجّة ـ وهي في حالتها الخاصة هذه ـ أن تدعو وهي فوق عَرَفات باي دعاء ماثور أو أي دعاء لله عزوجل .
ولقد أجمع العلماء على جواز الوقوف على عَرَفَات لِغَيْرِ الطاهر كالجُنُب، وهو المُحْدِث حَدَثًا أَكْبَرَ، أي عليه جَنَابَة، والحائض والنفساء وحديثة الولادة.
ويسن للمرأة ولكل من حضر بعرفة أن يقف في المكان الذي وقف فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند الصخرات الكبار التي في أسفل جبل الرحمة إن كان ذلك مُتيسرًا له وسهلًا عليه، وأن يستقبل الْقِبْلَة، ويُكْثِر من الدعاء والاستغفار والتَّضرُّع إِلَى اللهِ، وأن يتجرَّد لربِّهِ عزَّ وجلَّ.(1/212)
ومن هذه السُّنن أيضًا أن يكون مُتطهِّرًا من الْحَدَث والخبَث. ولكن المرأة لا حيلةَ لها فيما يَعرض لها من حالتها الشهرية الخاصة بها؛ ولذلك لا تُؤَاخَذُ علَيها إذا وقفت على عرفات وهي حائض أو نَفْساء، والسُّنة لها في هذا الوقوف أن تجلس في أي مكان من عَرَفَة، وأن تتجنَّبَ مُزَاحَمَة الرِّجَال.
والله أعلم .
sanaa - مصر الاسم
الحائض والحج العنوان
فقهية الموضوع
ماذا تفعل المرأة التي تنوي الحج وتعرف أن فترة حيضتها تأتي أثناء المناسك ؟ السؤال
13/07/2009 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فيقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف سابقاً :
ثبت في الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وهي تبكي، فقال: "أنفست"؟ يعني: هل جاءتك الحيضة؟ فقالت: نعم، قال: "إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي" رواه البخاري ومسلم.
هذا تصريح من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن كل أعمال الحج يجوز أن تقوم بها المرأة وهي حائض، ما عدا الطواف؛ لأنه أولاً كالصلاة يشترط لكل منهما الطهارة من الجنابة بالذات، وثانيًا كونه في المسجد، وممنوع عليها المكث فيه.
فلها أن تقف بعرفة وترمي الجمرات، بل لها أن تسعى بين الصفا والمروة إن فاجأها بعد الانتهاء من الطواف، والذي تمنع منه صاحبة العذر الشهري هو الصلاة والطواف وقراءة القرآن والمكث في المسجد ومس المصحف وحمله، أما الذكر والدعاء ومنه التلبية والتكبير فلا يحرم شيء منه عليها.(1/213)
وجمهور العلماء على أن الطهارة من الحدث شرط لصحة الطواف، وقال أبو حنيفة: إنها ليست شرطًا، فلو طاف الإنسان وعليه نجاسة أو كان محدثًا ولو حدثًا أكبر صح طوافه وإن حرم عليه دخوله المسجد، واختلف أصحابه في كون الطهارة واجبة مع اتفاقهم على أنها ليست بشرط، فمنهم من أوجبها وقالوا : إن طاف محدثا لزمه شاة وإن طاف جنبًا لزمه بدنة، وقالوا: ويعيد ما دام في مكة، وعن أحمد بن حنبل روايتان: إحداهما كمذهب الشافعي ومالك، والثانية: إن أقام بمكة أعاده، وإن عاد إلى بلدة جُبر بدم.
واحتج أبو حنيفة وموافقوه في عدم اشتراط الطهارة بقوله تعالى (وليطوفوا بالبيت العتيق) وهذا يتناول الطواف بلا طهارة قياسًا على السابق، وبأن قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "لتأخذوا عني مناسككم" بيان للطواف المجمل في القرآن، وقد منع عائشة من الطواف حتى تغتسل وجاء في نيل الأوطار للشوكاني "ج5 ص120 طبعة بيروت" روى عن عطاء: إذا طافت المرأة ثلاثة أطواف فصاعدًا ثم حاضت أجزأ عنها، وهو مذكور في فتاوى ابن تيمية "ج26 ص208" الذي ناقش هذا الموضوع بتوسع وقال: إن الطهارة شرط في صحة الطواف على رأي الشافعي ومالك ورواية لأحمد، وليست شرطًا في الرواية الأخرى وعند أبي حنيفة، وقال: إن هذا قول أكثر السلف وهو الصواب "ج26 ص211".
ومما قال "ج26 ص221" : تنازع العلماء في الطهارة هل هي شرط في صحة الطواف كالصلاة أم هي واجبة إذا تركها جبر بدم كترك الإحرام من الميقات؟ على قولين مشهورين، هما روايتان عن أحمد، أشهرهما وهي مذهب مالك والشافعي أن الطهارة شرط فيها، فإذا طاف جنبًا أو محدثًا، أو حائضًا ناسيًا أو جاهلاً ثم علم - أعاد الطواف - والثاني أنه واجب، فإذا فعل ذلك جبره بدم، لكن عند أبي حنيفة: الجنب والحاض عليه بدنة، والمحدث عليه شاة، وأما أحمد فأوجب دمًا ولم يعين.(1/214)
وأرى أن العذر الشهري لو فاجأ المرأة أو كان واقعًا لها أن تغتسل ثم تحرم وتلبي، وتلتزم بكل واجبات الإحرام حتى ينتهي العذر فتغتسل ثم تطوف، وإن انتهت من أعمال الحج وبقي عليها الطواف وأرادت أن تسافر فإن أمكن تأجيل السفر حتى تتطهر وتغتسل فالأولى الانتظار حتى تتطهر وتطوف، وإن انتهت من أعمال الحج وبقي عليها الطواف وأرادت أن تسافر فإن أمكن تأجيل السفر حتى تتطهر وتغتسل فالأولى الانتظار حتى تتطهر وتطوف، أما إذا ضاق الوقت وتقرر موعد السفر وكانت هناك مشقة في التخلف، فلها أن تتطهر - على الرغم من وجود العذر- وتطوف، وعليها ذبح بدنة أي جمل، أو ذبح شاة.
وفي الفتاوى الإسلامية "المجلد 8 ص 2927" أجاز بعض الحنابلة والشافعية دخولها المسجد بعد إحكام العصب والغسل، وتطوف دون فدية، لعلة الاضطرار للسفر، وهو عذر شرعي، وهذا كله في الطواف المفروض، وهو طواف الإفاضة أو الزيارة الذي يكون بعد الوقوف بعرفة، أما طواف القدوم فهو سنة، وكذلك طواف الوداع الأخير غير مفروض على الحائض والنفساء، فقد قال ابن عباس -رضي الله عنهما- كما رواه البخاري: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.
هذا ولا مانع من تعاطي أدوية تمنع الدم حتى يتم لها نسكها وهي طاهرة فقد روى سعيد بن منصور عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سئل عن ذلك فلم ير به بأسًا، ووصف لهن ماء الأراك، وقال محب الدين الطبري: إذا اعتُدّ بارتفاع الدم في هذه الصورة اعتد بارتفاعه في انقضاء العدة وسائر الصور، وكذلك في شرب دواء يجلب الحيض إلحاقًا به .
والله أعلم .
محمد - السعودية الاسم
نقاب المرأة في الحج العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما حكم غطاء الوجه للمرأة المحرمة بالحج أو العمرة؟ مع الأدلة من الكتاب أو السنة ؟
السؤال
05/05/2008 التاريخ
الشيخ سيد سابق المفتي
الحل(1/215)
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالرجل في الحج لا يلبس المخيط المحيط، أما المرأة فهي تلبس ملابسها المعتادة، ولكنها لا تنتقب ولا تلبس القفازين على رأي جمهور العلماء، فإن اقترب منها الرجال، وخشيت الفتنة أو لم تخشها فلها أن تسدل شيئًا على وجهها، ولا شيء عليها .
يقول الشيخ سيد سابق-رحمه الله- في كتابه (فقه السنة) :
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يلبس المحرم القميص، ولا العمامة، ولا البرنس ولا السراويل، ولا ثوبًا مسه ورس، ولا زعفران، ولا الخفين، إلا ألا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين" رواه البخاري، ومسلم، وقد أجمع العلماء على أن هذا مختص بالرجل.
أما المرأة فلا تلحق به، ولها أن تلبس جميع ذلك، ولا يحرم عليها إلا الثوب الذي مسه الطيب والنقاب والقفازان. لقول ابن عمر رضي الله عنهما: "نهى النبي صلى اله عليه وسلم النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب، وما مس الورس، والزعفران من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب، من معصفر أو خز أو حلي، أو سراويل أو قميص، أو خف" رواه أبو داود والبيهقي والحاكم ورجاله رجال الصحيح.
قال البخاري: ولبست عائشة الثياب المعصفرة وهي محرمة وقالت: لا تلثم، ولا تتبرقع ولا تلبس ثوبًا بورس ولا زعفران، وقال جابر: لا أرى المعصفر طيبًا، ولم تر عائشة بأسًا بالحلي، والثوب الأسود، والمورد، والخف للمرأة.
وعند البخاري، وأحمد عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين".
وفي هذا دليل على أن إحرام المرأة في وجهها وكفيها قال العلماء: فإن سترت وجهها بشيء فلا بأس، ويجوز ستره عن الرجل بمظلة ونحوها. ويجب ستره إذا خيفت الفتنة من النظر.(1/216)
قالت عائشة: "كان الركبان يمرون بنا، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذ حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزا بنا كشفناه" رواه أبوداود، وابن ماجه.
وممن قالوا بجواز سدل الثوب: عطاء، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق .
والله أعلم .
محمد - العراق الاسم
حكم منع الزوجة من حج الفريضة العنوان
أحكام المرأة في الحج والعمرة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أنا وأخي نريد أداء فريضةَ الحج والعُمرة هذا العام، وطلبنا من الوالد الإذن بأن تكون الوالدة معنا لأداء الفريضة، ولكن الوالد رفَضَ رفضًا قطعيًّا، على الرغم من أنه مُتزوِّجٌ بأخرَى، لذا نسأل فضيلتكم : هل مِن حقِّ الوالد أن يَمنع الوالدة من السفَر معنا أم لا ؟ مع العلم بان هذه أول مرة تحج فيها ، كما أنها فرصة للوالدة كي لا تحتاج إلى محرم في الأعوام القادمة هذا إن سمح لها الوالد بالسفر فيما بعد !! ولكم جزيل الشكر
السؤال
25/03/2008 التاريخ
د.نصر فريد واصل مفتي مصر سابقا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فليس من حقِّ الزوج منْع زوجتِه مِن أداء ركن مِن أركان الإسلام مثل الحجِّ إذا كان معَها مَحرم، ولا طاعة لمَخلوق في معصية الخالِق، ولا شك أن منْعه لها مِن أداء فريضةَ الحج يُعتبر معصيةً من المعاصي التي يَجب الابتعادُ عنها.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى أ.د. نصر فريد واصل مفتي مصر سابقاً :(1/217)
إن الشريعةَ الإسلاميَّةَ قد رَتَّبَتْ لكلٍّ مِن الزوجَينِ حُقوقًا على الآخر، فجعلت للزوج على الزوجة من الحقوق أن تُقيم معه في منزل الزوجية حتى يَتحقَّق الغرَض من الزواج من سكَنٍ ومودة وإنجاب للأولاد والعِناية بهم وتوفير وسائل الراحة في البيت ليَنعم أفراد الأسرة جميعًا، ومن حقِّه عليها ألا تَخرج من منزل الزوجية إلا بإذْنه، وله أن يَمنعها من الخروج إلا لحاجةٍ تقضي بها الشريعة أو العُرف العَفُّ النَّزِيهُ.
وقد دلَّ على ذلك قول الله تعالى: (وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهلِيةِ الأُولَى (الأحزاب: 33.
وقد جاء في السُّنة المُطهَّرة عن أنس: جاءت النساء إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقُلن: يا رسول الله ذهب الرجالُ بالفضل والجهاد، فهل يكون لنا من عملٍ نُدرك به المُجاهدين؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "مَن قعَدَتْ مِنكنَّ في بَيتِها فإنَّها تُدركُ عملَ المُجاهدينَ في سبيلِ اللهِ ".
ومن حقِّ الزوج منْعُ زوجته من السفر وَحدها أو مع غير مَحرم لها حرصاً عليها ولو كان هذا السفر لغرَض دِينيٍّ كأداء فريضة الحج، ودليل ذلك عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لامرأةٍ تُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ أنْ تُسافرَ مَسيرةَ يومٍ وليلةٍ إلا مع ذِي رَحِمٍ مَحرم لهَا". متفق عليه.
وفي واقعة السؤال، وبناء على ما تقدم أن السائل وأخاه يُريدانِ أخْذَ والدتهما معهما لأداء فريضة الحج والعمرة، فليس من حقِّ والدهما زوجِها أن يَمنعها مِن السفَر معهما؛ لأنهما مَحرَم لها، خاصَّةً أنها ستقوم بأداء رُكنٍ من أركان الإسلام وهو فريضةُ الحج والعُمرة؛ لأنه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.(1/218)
ولاشك في أن مَنْعَه لها من أداء فريضة الحج يُعتبر معصيةً من المعاصي التي يجب الابتعادُ عنها، لا سيما أن والد السائل له زوجة أخرى تَعُولُه فيصبح لا حق له ولا عذر.
والله أعلم.
علي محمد - الأردن الاسم
ارتداء الملابس في الحج والعمرة العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
دعواتي لله أن يبارك فيكم وأن يوفقكم ويرعاكم وسؤالي هو :ما رأيُ الدين فيمن يحُجّ أو يعتمر وهو يرتدي ملابسه كاملةً لمرض في بدنه يريد أن يُخفيَه عن أعيُن الناس؟ مع الشكر الجزيل
السؤال
11/03/2008 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلو أدَّى المسلم المناسك بملابسه العادية لعذر أو غير عذر صَحَّ الحج وسقَطَت عنه الفريضة، وشرَع الله جبرًا لذلك فديةً هي على التخيير بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة.
يقول الدكتور محمد سيد أحمد المسير أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر:
الحج على ثلاثة أنواع ، قران وتمتع، وإفراد، وتتغير الصيغة بتغير النسك وتكون كالتالي :
1. إن حج قارناً قال عند إحرامه لبيك عمرة وحجاً ، لبيك عمرة وحجاً.
2. وإن كان متمتعاً قال: لبيك عمرة متمتعا بها إلى الحج، وفي يوم التروية يقول : لبيك اللهم حجاً.
3. وإن كان مفرداً قال عند إحرامه لبيك اللهم حجاً.
4. وأما المعتمر فقط فيقول : لبيك اللهم عمرة.
والإحرام معناه نية الحج مقرونة بالتلبية والنية هنا هي عزم القلب على فعل النسك خالصاً لله تعالى، والتلفظ بها جهراً مستحب وليس واجباً، فلا تبطل العبادة بدونه ومكانها المواقيت.(1/219)
ويُسَنّ قَرنُ الإحرام بالتلبية قائلًا: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك". ومنذ هذه اللحظة يحرُم على الرجل لُبسُ المَخيط. والمَخيطُ هو المعمول على قدر البدن أو قدر عضو منه ويحرُم عليه تغطية رأسه.
في صحيح مسلم أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يَلبَس المُحرِم من الثياب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَلبَسوا القُمُصَ ولا العمائمَ ولا السراويلاتِ ولا البرانسَ ولا الخفافَ، إلا أحد لا يجد النعلَين فَلْيَلْبَس الخفَّين وَلْيَقْطَعْهما أسفلَ من الكعبَين، ولا تَلبَسوا من الثياب شيئًا مسَّه الزعفرانُ ولا الوَرْسُ".
ومحظورات الإحرام لا يتوقف صحة الحج عليها، فلو أدَّى المسلم المناسك بملابسه العادية لعذر أو غير عذر صَحَّ الحج وسقَطَت عنه الفريضة، وشرَع الله جبرًا لذلك فديةً هي على التخيير بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة، قال الله تعالى: (فمن كان منكم مريضًا أو به أذًى من رأسه ففديةٌ من صيامٍ أو صدقةٍ أو نُسُكٍ) (البقرة: 196) ولا يُجزئ الهديُ ولا الإطعامُ إلا بالحرم، مع التفرقة على فقرائه ومساكينه. ويجوز أن يصوم حيث شاء.
وليَكُنْ معلومًا أن المرأة تختلف عن الرجل عند الإحرام، فهي تَلبَس ملابسها الإسلامية العادية الساترة لجميع بدنها ما عدا وجهَهَا وكفَّيها.
والله أعلم .
مروة - الجزائر الاسم
وفاة الزوج بعد سفر الزوجة للحج والعمرة العنوان
فقهية الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : إمرأة توفي زوجها وهي تؤدي العمرة مع ابنها وتنتظر لأداء الحج، وقد عرف ابنها وأخفى عنها الخبر حتى الآن فهل يخبرها حتى تعتد أم يتركها حتى تؤدي مناسك الحج؟ وإذا أخبرها فماذا عليها أن تفعل؟ مع الشكر
السؤال
11/07/2009 التاريخ
الدكتورة : سعاد إبراهيم صالح عميدة كلية الدارسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر فرع البنات(سابقًا) المفتي(1/220)
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فمن الشروط الواجبة على المرأة في الحج ألا تكون معتدة بمعنى ألا تخرج من بيتها أثناء العدة لأداء فريضة الحج أو العمرة.
لكن إذا خرجت المرأة بإذن زوجها وكان معها محرم ثم توفي زوجها وهى في الحج أو العمرة فإن لها أن تكمل الفريضة، وتبدأ في عدتها وهي في مكانها.
أما إن توفي الزوج وهي في الطريق إلى مكة وكانت المسافة من بلدها إلى مكة أكبر فإن عند بعض الفقهاء يرى أنه يجب عليها أن ترجع وتكون كالمحصرة، أي تذبح الهدي وتتحلل من مناسك الحج أو العمرة.
أما في حالة هذا السؤال فإنه يجب على ابنها أن يخبرها، وعدتها تبدأ منذ وفاة زوجها، ولها أن تكمل مناسك الحج طالما معها محرم وهو الابن.
والله أعلم .
إبراهيم - ألمانيا الاسم
الفرق بين حج الرجل والمرأة العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
الأفاضل في إسلام أون لاين لي سؤال وهو : أستعد للحج هذا العام ومعي زوجتي فهل هناك اختلاف في طريقة أداء فريضة الحج بالنسبة للمرأة عن الرجل أم لا ؟ ولكم تحياتي وشكري
السؤال
25/03/2009 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
(1) الحج فريضة كتبها الله تعالى على المستطيع من الرجال والنساء، قال الله تعالى: (ولِلهِ على الناسِ حجُّ البيتِ من استطاعَ إليه سبيلًا ومن كفَر فإنَّ اللهَ غنيٌّ عنِ العالمين) (آل عمران: 97 ).
إلا أن الاستطاعة بالنسبة للمرأة تزيد اشتراطَ مَحرَم معها يَصحَبها في سفرها، ويقوم مقام المَحرَم النسوةُ الثقات، فالمرأة الحاجة تَصحَب زوجَها أو أباها أو أخاها أو ابنَها أو عمَّها أو خالَها، فإذا لم يوجد هؤلاء وتوافر مجموعة من النساء الصالحات العفيفات فإنهنَّ يَقُمنَ مقام المَحرَم.
((1/221)
2) عند الإحرام بالحج من الميقات فإن الرجل يَلبَس ثوبَين أبيَضَين نظيفَين، إزارًا ورداءً، ويتجرد عن المَخيط.
أما المرأة فإحرامها في وجهها وكفَّيها فقط، فيحرُم تغطيتُهما، وتَلبَس المرأة ملابسها المحتشمة. وعلى الجميع أن يتذكر قول الله تعالى: (الحجُّ أشهرٌ معلوماتٌ فمن فرَض فيهنَّ الحجَّ فلا رَفَثَ ولا فسوقَ ولا جدالَ في الحجِّ) (البقرة: 197 ).
(3) عند الطواف حول الكعبة فإن الرجل يُسرع المَشيَ، وعند السعي بين الصفا والمروة فإنه يسرع بين العلَمَين الأخضَرَين.
أما المرأة فتمشي أثناء الطواف والسعي المشية المعتدلة العادية.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنه لا رَمَل على النساء حول البيت ولا بين الصفا والمروة وليس عليهن اضطباع. وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجَلَد ولا يُقصد ذلك في حق النساء، ولأن النساء يُقصد فيهن الستر وفي الرَّمَل والاضطباع تعرُّض للكشف. انتهى.
(4) عند التحلل من الإحرام فإن الرجل مخيَّر بين الحلق والتقصير، والحلق أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر للمُحلِّقِين" قالوا: يا رسول الله، وللمُقصِّرِين. قال: "اللهم اغفر للمُحلِّقِين" قالوا: يا رسول الله، وللمُقصِّرِين. قال: "اللهم اغفر للمُحلِّقِين" قالوا: يا رسول الله، وللمُقصِّرِين. قال: "وللمُقصِّرِين ".
أما المرأة فإنها تقصِّر شعرها فقط ولا يجوز لها حلق شعرهافتقصر من رأسها قدر أُنملة ، والأُنملة رأس الأصبع من المفصل الأعلى.
عن علي رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها. رواه الترمذي.
(5) وإذا أصاب المرأةَ الدورةُ الشهرية فإنها تُرجِئ الطوافَ والسعيَ حتى تَطهُرَ؛ لأن الطواف كالصلاة يُشترط له الطهارة، والسعيُ لابد أن يقع عقب طواف ، أما الوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة فلا يُشترط فيه الطهارة فيَصحُّ للمرأة أن تقف بعرفة حائضًا ونُفَسَاءَ. انتهى كلام الدكتور المسير(1/222)
المحرر: إضافة لما ذكره الدكتور المسير : فإنه يسن للمرأة أن تلبي بعد الإحرام ، لكن بقدر ما تُسمع نفسها فقط بخلاف الرجل الذي يرفع صوته، وأجمع العلماء على أن السنة أن لا ترفع المرأة صوتها في التلبية ، وإنما عليها أن تُسمع نفسها وإنما يكره لها رفع الصوت مخافة الفتنة بها.
كما أن المرأة إذا حاضت بعد طواف الإفاضة، فإنها تسافر متى أرادت ويسقط عنها طواف الوداع عن ابن عباس: (أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت طوافاً إلا أنه خُفِّف عن المرأة الحائض) متفق عليه.
والله أعلم .
محمود الاسم
مصاريف حج الزوجة العنوان
فقهية الموضوع
هل من الواجب على الزوج القادر أن يدفع تكاليف الحج لزوجته أم له الحرية وفعله ذلك إنما يكون من سبيل الصدقة ؟ السؤال
17/12/2008 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
فليس من الواجب شرعا أن يدفع الرجل لزوجته مصاريف الحج، ولكن هذا من مكارم الأخلاق، والواجب على الزوج النفقة والسكنى والعلاج وغيرها من الواجبات التي يقدر عليها .
يقول الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله تعالى :
المقرَّر في الشريعة الإسلامية أنَّ عقد الزواج سبب وجوب النفقة للزوجة على زوجها، وشرطُ وجوبها احتباسُها لحقِّه وقَصْر نفسِها عليه انتفاعًا بثمرات هذه الزواج، ووجوب نفقة الزوجة بشروطها على زوجها ثابت بأدِلّة منها قول الله تعالى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ولاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) "من الآية رقم 6 من سورة الطلاق" فإذا وجبَت النفقة بهذه الآية للمطلَّقة، ومنها السُّكْنى على مطلِّقها مدّة عِدّتها، فوجوب هذه النَّفقة للزوجة حال الزوجيّة بطريق الأولى.(1/223)
ويؤكِّد هذا ما رواه أبو داود والنسائى عن معاوية القشيري ـ رضي الله عنه ـ قلت: يا رسول الله، ما حقُّ زوجة أحدِنا عليه؟ قال: "تُطعمها إذا طَعِمْتَ، وتَكْسُوها إذا اكتَسَيْتَ، ولا تَضرِب الوجهَ ولا تُقَبِّح، ولا تهجُر إِلاّ في البيت" ، ولقد انعقد إجماع الأُمّة الإسلاميّة على وجوب نفقة الزَّوجة بشروطها، لم يمارِ في هذا أحد .
ولأنَّ من القواعد المقرَّرة في فقه الشريعة الإسلامية أن (مَن حُبِسَ لحقٍّ مقصودٍ لِغَيْره كانت نفقتُه واجِبةً عليه) كالقاضِي والوالي وكُلّ صاحب وظيفة تفرَّغَ لها تجب نفقتُه على الدولة. وإذ كان الشأن في الزوجة الاحتباسَ لحقِّ الزوج وطاعته كانت نفقتها واجبة عليه.
فإذا سلَّمَت الزوجة نفسَها للزوج تسليمًا حقيقيًّا بالانتقال إلى بيته، أو تسليمًا حُكْمِيًّا باستعدادها للانتقال إلى بيته من غير مُمانَعة، وجبتْ لها النَّفقة والكِسوة والسُّكْنَى وسائر الأنواع في نطاق قُدرتِه. فمدار وجوب نفقه الزوجة احتباسُها في منزل الزوجيّة بالفعل أو بالقوّة، حقيقة أو حكمًا، أما إذا فات الاحتباس بسبَب من جهة الزوجة أو من أجنبيٍّ فلا تستحقُّ الزوجة نفقة على الزوج.انتهى
ولم يرد في كتاب الله ،ولا سنةرسوله صلى الله عليه وسلم ،ولم ينقل عن أحد من العلماء أنه قال بوجوب نفقة حج المرأة على زوجها ،بل ذلك من مكارم الأخلاق إن شاء .
والله أعلم .
ابتسام - سلطنة عمان الاسم
ثياب المرأة في العمرة العنوان
فقهية الموضوع
هل هناك لبس معين للمرأة أثناء العمرة؟ جزاكم الله عن الإسلام خيراً
السؤال
30/09/2007 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا يوجد لبس معين للمرأة في الحج أو العمرة، الرجل هو الذي له لبس معين لأنه يلبس الرداء والإزار ولا يغطي رأسه ولا يلبس حذاء يغطي كعبيه يلبس نعل أو نحو هذا ولا يلبس قفازات.(1/224)
أما المرأة فتلبس الملابس العادية السابغة، ملابس محتشمة وساترة وكل ما يُطلب منها أنها لا تلبس النقاب ولا القفازين لما صحَّ في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المرأة المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين" ولذلك قال العلماء: إحرام المرأة في وجهها فقط .
عندما تذهب المرأة للحج أو العمرة تلبس المرأة ثياب سوداء في بلاد الخليج، وفي بعض البلاد تلبس ثياب خضراء, وفي مصر وفي بعض بلاد شمال إفريقيا تلبس ثياب بيضاء، كل هذا لم يلزمها الشرع بشيء إلا بالثياب السابغة والساترة .
والله أعلم .
سهيلة - سوريا الاسم
حج المرأة دون إذن زوجها العنوان
فقهية الموضوع
هل يجوز للمرأة الحج دون إذن الزوج؟ السؤال
24/03/2008 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالمرأة يلزمها أن تستأذن زوجها، ولكن إذا رفض الزوج وكانت هذه هي الحجة الأولى، حجة الإسلام، حجة الفريضة، فمن حقها أن تخرج ولو لم يأذن لها زوجها، لأن هذه الحجة فريضة لازمة عليها، وهي حق الله سبحانه وتعالى، وحق الله أحق أن يقضى، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لأن طاعة الزوج فرض وأداء الحج فرض، وهنا الزوج ليس له حق أن يمنعها من أداء الفرائض، كما لو منعها أن تصلي، لا يجوز له هذا، كما لو منعها أن تحج نفس الشيء (الحجة الأولى)، إنما إن كانت قد حجت الحجة الأولى وتريدأن تحج تطوعاً فليس لها أن تحج إلا بإذنه.
وإذا حجت لابد أن يتوافر لها محرم، فلابد أن يكون معها ابنها أو أخوها، وبعض العلماء قالوا هنا يكفي أن يكون هناك نسوة ثقات، حتى بعضهم قال يكفي أن يكون معها امرأة ثقة، بل البعض قال يكفي أن يكون الطريق آمناً.(1/225)
وطبعا في الزمن الماضي كان يخاف على المرأة، لأن الأسفار كانت في الصحارى والقفار، فيخشى على المرأة أن تهلك كما يخشى على سمعتها، فمن أجل هذا لابد من محرم أو نسوة ثقة أو امرأة واحدة ثقة أو الأمن وهذا ما أخذه به ابن حزم رغم ظاهريته وحرفيته، وإنما وجد في الحديث الصحيح الذي رواه علي بن حاتم، ورواه البخاري ومسلم أن الإسلام سترتفع رايته ويعلو مناره في العالم إلى أن يصل الأمن إلى حد أن ترتحل الضعيفة من الحيرة حتى تطوف بالبيت لا تخاف إلا الله، فأخذ بهذا ابن حزم أنه يجوز للمرأة أن تخرج وحدها.
والله أعلم.
سهيلة - البحرين الاسم
تقبيل المرأة للحجر الأسود في الزحام العنوان
فقهية الموضوع
هل يصح للمرأة تقبيل الحجر الأسود في الزحام والرجال حولها من كل جانب ؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً
السؤال
24/05/2007 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فتقبيل الحجر الأسود في الطواف سنة مؤكدة من سنن الطواف إن تيسر فعلها بدون مزاحمة أو إيذاء لأحد فعلت اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .
وإن لم يتيسر إلا بمزاحمة وإيذاء تعين الترك والاكتفاء بالإشارة باليد ولا سيما المرأة لأنها عورة ، وإذا كانت المزاحمة في حق الرجال لا تجوز فهي في حق النساء أولى.
والله أعلم .
أميمة - مصر الاسم
جلوس المرأة الحائض في المسعى العنوان
السعي بين الصفا والمروة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : فوجئت بنزول الدورة الشهرية بعد الطواف والشرب من ماء زمزم واضطررت لانتظار زوجي والأولاد في المسعى دون طهارة فهل يجوز لي ذلك ؟جزاكم الله خيراً
السؤال
08/07/2007 التاريخ
مجموعة من المفتين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فالانتظار في المسعى للحائض ليس بحرام ،لأن المسعى ليس من المسجد الحرام .(1/226)
يقول فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين عضو إفتاء باللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية :
يجوز للمرأة الحائض أن تجلس في المسعى ، لأن المسعى لا يعتبر من المسجد الحرام ، ولذلك لو أن المرأة حاضت بعد الطواف وقبل السعي فإنها تسعى ؛ لأن السعي ليس طوافاً ، ولا تشترط له الطهارة . وعلى هذا فنقول : إن المرأة الحائض لو جلست في المسعى تنتظر أهلها فلا حرج عليها في ذلك ، ويمكن لها السعي بين الصفا والمروة دون طهارة.
ويقول الشيخ ابن عثيمين "رحمه الله" في رد على سؤال مماثل :
الذي يظهر أن المسعى ليس من المسجد، ولذلك جعلوا جداراً فاصلاً بينهما ولكنه قصير، ولا شك أن هذا خير للناس ؛ لأنه لو أدخل في المسجد وجعل منه لكانت المرأة إذا حاضت بين الطواف والسعي امتنع عليها أن تسعى ، والذي أفتي به أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل السعي فإنها تسعى ، لأن المسعى لا يعتبر من المسجد .
والله أعلم .
رحاب - مصر الاسم
نصائح هامة لكل امرأة نوت الحج العنوان
عامة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن شاء الله أنوى الحج هذا العام، فبماذا تنصحوننى ؟ ولكم جزيل الشكر على هذا الجهد المتميز لأنه بفضل الله ثم موقعكم عرفت كل شيء عن فريضة الحج وبأسلوب جميل ومفهوم ، لكنني قلت ربما تنصحوني ببعض النصائح الهامة قبيل سفري الأسبوع القادم إن شاء الله خاصة أن عندكم خبرة متميزة بخصوص هذا الأمر السؤال
11/03/2009 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فبداية أدعو الله تبارك وتعالى أن يتقبل من كل مسلم ومسلمة ، وأن يجعلنا عند حسن ظنكم بنا ، وإليك وإلى كل من أرادت الحج أو العمرة بعض النصائح الهامة :ـ َ(1/227)
1- أن تكون النية صالحة، أي بإخلاصها لله وتنقيتها من شوائب الرياء أو الرغبة في تحصيل المنزلة العالية عند الناس، وتذكري دائمًا أن إخلاص العبادة لله واجب مؤكد؛ فاحرصي عليه كحرصكِ على أغلى شيءٍ في حياتك وزيادة.
2- استخيري الله، ومع أنه لا استخارة في شأن الحج؛ فالاستخارة في شأن الرحلة والرفقة ووسيلة النقل، فصلي ركعتين من غير الفريضة، ثم ادعي دعاء الاستخارة، وسمي حاجتكِ عند الله.
3- استشيري مَن تثقين بدينه وعقله في توقيت السفر، وشأن الرحلة، والوسيلة المناسبة للسفر والرفقة.
4- أبرئي ذمتكِ من حقوق الناس (مظالم الناس ـ ديون ـ أمور أخرى).
5- استئذان الوالدين، وطلب الدعاء منهما؛ فإن ذلك من أسباب جلب البركة، واحرصي على اصطحاب المحرم إلاَّ لضرورة فتقدر بقدرها فقط.
6- تعلمي مناسك الحج والعمرة ما دمتِ قد شرعتِ في التجهيز للحج، فانتقي المفيد من الكتب وأشرطة التسجيل؛ واحضري مجالس العلم والعلماء كلما سنحت الفرصة .
7- الحرص على ملازمة السُّنَّة في المناسك؛ فلا تفعلي ما يفعله بعض الناس من المبتدعين، ولكن أدّي شعائر الله في حدود كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
8- التوبة إلى الله توبة نصوحا من كل المعاصي، وإن كانت التوبة واجبة في كل الأمور إلا أنها أولى كذلك في الحج.
9- تخيَّري الرفقة الصالحة التي تعينكِ على أمر الدين، وتذكرُكِ إذا نسيتِ، وتكون عونًا لكِ على العبادة.
10- الحذر من رفقاء ورفيقات السوء، فقد يشقون عليكِ، ويفسدون عليكِ عبادتكِ.
11- تستري واحتجبي، ولا تزاحمي الرجال، وتذكري كذلك قول الله تعالى (واغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ).
12- الالتزام بذِكْرِ الله في كل موضع فيما وردت به السُّنَّة، والانشغال بقراءة القرآن والذِّكْرِ وطيب الكلام والدعاء.
13- التراحم مع أخواتك المسافرات، والتواصي معهن بالحق والصبر، ووتذكري أن أفضل الخلق في هذا السفر بالذات (الحلم ـ الصفح ـ التسامح).(1/228)
14- حفظ الجوارح عما حرم الله، وبالتالي التنزه عن (السب ـ الكذب ـ الغيبة ـ فضول الكلام ـ النظر إلى ما حرم الله).
15- تجنبي الرفث والفسوق والجدال في الحج، قال تعالى: "فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ" "وَتَزَوَّدُي بالتقوى فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى..".
16- . الإكثار من التفكر والتدبر؛ حتى تكوني بعيدة عن المعاصي وأقرب لقَبول العمل.
17- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلما كانت الظروف ملاءمة للنصح والنصيحة، قال الله تعالى: "والمؤمنونَ والمؤمناتُ بَعضُهُمْ أولياءُ بعضٍ يَأمُرونَ بالمعروفِ وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله".
18- القيام على خدمة الرفقة على قدر الإمكان؛ لأن هذا من مكارم الأخلاق ومن حسن طباع المسلم، وهذا دأب كثير من السلف في السفر خصوصًا في الحج، قال مجاهد (صحبت ابن عمر في الحج لأخدمه فكان يخدمني)، وكان بعض السلف يشترط على أصحابه أن يخدمهم في السفر للحج رغبة في نيل الأجر من .
19- ملازمة التقوى لله، بالخشوع والانكسار بين يديه، واستحضار مراقبة الله تعالى الدائمة، وملازمة الطاعة له.
20- لا تخرجي من بيتكِ متعطرة أو متزينة؛ فإن هذا حرام ولا يليق بالسفر الذي خرجت من أجله في هذه الرحلة الربانية العظيمة.
21- ليس ضرورياً أن تلبسي ثياب إحرام بيضاء كما تفعل بعض النساء عند الخروج للحج والعمرة، ويكفيك ثوب تتوافر فيه الشروط الشرعية؛ فاجتنبي الثياب الشفافة التي قد تظهر شيئًا من جسدك أو تصفه، واحذري ما تفعله بعض النسوة من كشف صدرها أمام الأجانب بحجة إرضاع الطفل أو غير ذلك.
22- احفظي لسانك طوال الحج أو العمرة مما تقع فيه أكثر النساء من كثرة اللغو والغيبة والنميمة، وملاحظة النساء والرجال من حولها وما يتبع ذلك من إطلاق اللسان فيما حرم الله تعالى.(1/229)
23- احذري دائما الاختلاط بالرجال الأجانب في الخيام أو عند الحمامات وغيرها بالشكل الذي يخدش حياءك، أو يوقعك فيما حرم الله تعالى؛ فبعض أفواج الحجاج تضع النساء مع الرجال الأجانب عنهن في خيمة واحدة.
24- احذري من الرَّمَل، وهو الإسراع في المشي عند الطواف والسعي؛ فإنه لا يجوز للنساء؛ بل هو خاص بالرجال فقط، وقد يتسبب في انكشاف عورتكِ وفتنة غيركِ.
25- احذري قص شعرك أمام الناس عند المروة وقت التحلل، إذا كان هذا لا يتم إلا بكشف الشعر؛ لأنه لا يجوز كشف الشعر أمام أحد من الأجانب.
26- احذري ما يقع فيه بعض النسوة من افتراش الطرقات والأرصفة والنوم عليها؛ فإن هذا لا يليق بالمرأة المسلمة، وكذلك فإنه انكشاف للعورات وخصوصًا أثناء النوم، وهذه المخالفة من أقبح المخالفات التي تحدث في الحج.
27- التعجيل بالعودة بعد الفراغ من النسك؛ لحديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إذا قضى أحدكم نهمته فليعجل إلى أهله) إلا إذا دعت الحاجة أو الضرورة.
28- إحضار بعض الهدايا للأهل (في حدود الطاقة) ودون إسراف؛ لأن ذلك يشيع جوًّا من البهجة والسرور والمودة، وفيه أيضًا تخفيف عن الأهل والأولاد بسبب السفر وطول الغياب.
30- وأخيرًا تذكري أن العودة الحقيقة من الحج ليست برجوع الإنسان منا بجسده، سالمًا إلى أهله فقط؛ بل بعودة الإنسان إلى خالقه؛ فاحرصي على عودتكِ إلى الله كحرصكِ على عودتكِ إلى أهلكِ..حفظكِ الله وزادكِ حرصًا؛ وتقبل منا ومنك.
والله أعلم .
رحاب - مصر الاسم
نصائح هامة لكل امرأة نوت الحج العنوان
عامة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته(1/230)
إن شاء الله أنوى الحج هذا العام، فبماذا تنصحوننى ؟ ولكم جزيل الشكر على هذا الجهد المتميز لأنه بفضل الله ثم موقعكم عرفت كل شيء عن فريضة الحج وبأسلوب جميل ومفهوم ، لكنني قلت ربما تنصحوني ببعض النصائح الهامة قبيل سفري الأسبوع القادم إن شاء الله خاصة أن عندكم خبرة متميزة بخصوص هذا الأمر السؤال
11/03/2009 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فبداية أدعو الله تبارك وتعالى أن يتقبل من كل مسلم ومسلمة ، وأن يجعلنا عند حسن ظنكم بنا ، وإليك وإلى كل من أرادت الحج أو العمرة بعض النصائح الهامة :ـ َ
1- أن تكون النية صالحة، أي بإخلاصها لله وتنقيتها من شوائب الرياء أو الرغبة في تحصيل المنزلة العالية عند الناس، وتذكري دائمًا أن إخلاص العبادة لله واجب مؤكد؛ فاحرصي عليه كحرصكِ على أغلى شيءٍ في حياتك وزيادة.
2- استخيري الله، ومع أنه لا استخارة في شأن الحج؛ فالاستخارة في شأن الرحلة والرفقة ووسيلة النقل، فصلي ركعتين من غير الفريضة، ثم ادعي دعاء الاستخارة، وسمي حاجتكِ عند الله.
3- استشيري مَن تثقين بدينه وعقله في توقيت السفر، وشأن الرحلة، والوسيلة المناسبة للسفر والرفقة.
4- أبرئي ذمتكِ من حقوق الناس (مظالم الناس ـ ديون ـ أمور أخرى).
5- استئذان الوالدين، وطلب الدعاء منهما؛ فإن ذلك من أسباب جلب البركة، واحرصي على اصطحاب المحرم إلاَّ لضرورة فتقدر بقدرها فقط.
6- تعلمي مناسك الحج والعمرة ما دمتِ قد شرعتِ في التجهيز للحج، فانتقي المفيد من الكتب وأشرطة التسجيل؛ واحضري مجالس العلم والعلماء كلما سنحت الفرصة .
7- الحرص على ملازمة السُّنَّة في المناسك؛ فلا تفعلي ما يفعله بعض الناس من المبتدعين، ولكن أدّي شعائر الله في حدود كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.(1/231)
8- التوبة إلى الله توبة نصوحا من كل المعاصي، وإن كانت التوبة واجبة في كل الأمور إلا أنها أولى كذلك في الحج.
9- تخيَّري الرفقة الصالحة التي تعينكِ على أمر الدين، وتذكرُكِ إذا نسيتِ، وتكون عونًا لكِ على العبادة.
10- الحذر من رفقاء ورفيقات السوء، فقد يشقون عليكِ، ويفسدون عليكِ عبادتكِ.
11- تستري واحتجبي، ولا تزاحمي الرجال، وتذكري كذلك قول الله تعالى (واغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ).
12- الالتزام بذِكْرِ الله في كل موضع فيما وردت به السُّنَّة، والانشغال بقراءة القرآن والذِّكْرِ وطيب الكلام والدعاء.
13- التراحم مع أخواتك المسافرات، والتواصي معهن بالحق والصبر، ووتذكري أن أفضل الخلق في هذا السفر بالذات (الحلم ـ الصفح ـ التسامح).
14- حفظ الجوارح عما حرم الله، وبالتالي التنزه عن (السب ـ الكذب ـ الغيبة ـ فضول الكلام ـ النظر إلى ما حرم الله).
15- تجنبي الرفث والفسوق والجدال في الحج، قال تعالى: "فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ" "وَتَزَوَّدُي بالتقوى فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى..".
16- . الإكثار من التفكر والتدبر؛ حتى تكوني بعيدة عن المعاصي وأقرب لقَبول العمل.
17- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلما كانت الظروف ملاءمة للنصح والنصيحة، قال الله تعالى: "والمؤمنونَ والمؤمناتُ بَعضُهُمْ أولياءُ بعضٍ يَأمُرونَ بالمعروفِ وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله".
18- القيام على خدمة الرفقة على قدر الإمكان؛ لأن هذا من مكارم الأخلاق ومن حسن طباع المسلم، وهذا دأب كثير من السلف في السفر خصوصًا في الحج، قال مجاهد (صحبت ابن عمر في الحج لأخدمه فكان يخدمني)، وكان بعض السلف يشترط على أصحابه أن يخدمهم في السفر للحج رغبة في نيل الأجر من .
19- ملازمة التقوى لله، بالخشوع والانكسار بين يديه، واستحضار مراقبة الله تعالى الدائمة، وملازمة الطاعة له.(1/232)
20- لا تخرجي من بيتكِ متعطرة أو متزينة؛ فإن هذا حرام ولا يليق بالسفر الذي خرجت من أجله في هذه الرحلة الربانية العظيمة.
21- ليس ضرورياً أن تلبسي ثياب إحرام بيضاء كما تفعل بعض النساء عند الخروج للحج والعمرة، ويكفيك ثوب تتوافر فيه الشروط الشرعية؛ فاجتنبي الثياب الشفافة التي قد تظهر شيئًا من جسدك أو تصفه، واحذري ما تفعله بعض النسوة من كشف صدرها أمام الأجانب بحجة إرضاع الطفل أو غير ذلك.
22- احفظي لسانك طوال الحج أو العمرة مما تقع فيه أكثر النساء من كثرة اللغو والغيبة والنميمة، وملاحظة النساء والرجال من حولها وما يتبع ذلك من إطلاق اللسان فيما حرم الله تعالى.
23- احذري دائما الاختلاط بالرجال الأجانب في الخيام أو عند الحمامات وغيرها بالشكل الذي يخدش حياءك، أو يوقعك فيما حرم الله تعالى؛ فبعض أفواج الحجاج تضع النساء مع الرجال الأجانب عنهن في خيمة واحدة.
24- احذري من الرَّمَل، وهو الإسراع في المشي عند الطواف والسعي؛ فإنه لا يجوز للنساء؛ بل هو خاص بالرجال فقط، وقد يتسبب في انكشاف عورتكِ وفتنة غيركِ.
25- احذري قص شعرك أمام الناس عند المروة وقت التحلل، إذا كان هذا لا يتم إلا بكشف الشعر؛ لأنه لا يجوز كشف الشعر أمام أحد من الأجانب.
26- احذري ما يقع فيه بعض النسوة من افتراش الطرقات والأرصفة والنوم عليها؛ فإن هذا لا يليق بالمرأة المسلمة، وكذلك فإنه انكشاف للعورات وخصوصًا أثناء النوم، وهذه المخالفة من أقبح المخالفات التي تحدث في الحج.
27- التعجيل بالعودة بعد الفراغ من النسك؛ لحديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إذا قضى أحدكم نهمته فليعجل إلى أهله) إلا إذا دعت الحاجة أو الضرورة.
28- إحضار بعض الهدايا للأهل (في حدود الطاقة) ودون إسراف؛ لأن ذلك يشيع جوًّا من البهجة والسرور والمودة، وفيه أيضًا تخفيف عن الأهل والأولاد بسبب السفر وطول الغياب.(1/233)
30- وأخيرًا تذكري أن العودة الحقيقة من الحج ليست برجوع الإنسان منا بجسده، سالمًا إلى أهله فقط؛ بل بعودة الإنسان إلى خالقه؛ فاحرصي على عودتكِ إلى الله كحرصكِ على عودتكِ إلى أهلكِ..حفظكِ الله وزادكِ حرصًا؛ وتقبل منا ومنك.
والله أعلم .
أم خالد - سوريا الاسم
هل يجوز للمرأة أن تطوف وهي حائض؟ العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : هل يجوز للمرأة أن تطوف حول الكعبة وهي حائض حيث أنني أستعد لأداء العمرة ؟ أفيدوني بسرعة ولكم الشكر
السؤال
21/04/2009 التاريخ
اللجنة الدائمة للإفتاء المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالأصل أنه لايجوز للمرأة الحائض أن تطوف بالبيت حتى تطهر، لأن الطهارة شرط لصحة الطواف.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية:
الطواف بالبيت العتيق كالصلاة؛ يشترط له ما يشترط لها، إلا أنه أبيح في الطواف الكلام، فالطهارة شرط لصحة الطواف، فلا يصح من الحائض الطواف حتى تطهر، ثم تغتسل.
والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين: أن عائشة رضي الله عنها قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج، حتى جئنا سَرِف فطمِثت، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: «مالك؟ لعلك نفست»، فقلت: نعم، قال: «هذا شيء كتبه الله عز وجل على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري»، وفي رواية لمسلم: «فاقضي ما يقضي الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي». إنتهت فتوى اللجنة الدائمة.
مع العلم بأن المرأة تعفى من طواف الوداع إذا كانت حائضاً وقت خروجها من مكة المكرمة، ومثلها النفساء؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) متفق على صحته.
والله أعلم.
مصطفى - مصر الاسم
نفقة حج الزوجة العنوان(1/234)
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله
هل يلزم الزوج نفقة حج زوجته التي لا تملك مالا يكفي للحج ؟ السؤال
18/03/2008 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا يلزم الزوج ذلك ؛ فليست نفقة الحج من النفقة الواجبة على الزوج لزوجته أو على الأب لابنه ؛إنما النفقة الواجبة عليه أن يطعمها و يوفر لها السكن والدواء وكل ما يلزمها ولكن ليس من اللازم أن يحججها.
إنما لو فعل ذلك فهو من باب مكارم الأخلاق ومن باب البر والإكرام ومن باب حسن المعاشرة مع الزوجة، فإذا كان الزوج قادراً فمن حسن العشرة ومن الوفاء بالحياة الزوجية أن يأخذ زوجته معه والزوج لو عرض على زوجته أن تحج من ماله فعليها أن تقبل هذا بلا حرج..وتقبل الله من الجميع.
والله أعلم .
هند - الكويت الاسم
الحائض المضطرة لدخول الحرم والطواف العنوان
أحكام المرأة في الحج والعمرة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : قدمت مكة وأنا محرمة بالعمرة وبعد وصولي إلى مكة نزل علي دم الحيض فانتظرت حتى أطهر فلم يتيسر لي ذلك ، وزوجي مضطر للسفر فوراً وليس لي أحد بمكة فماذا أفعل ؟
السؤال
28/02/2008 التاريخ
اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء / السعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإذا كان الأمر كذلك وقد حاضت المرأة قبل الطواف وهي محرمة وزوجها مضطر للسفر فورا وليس لها محرم بمكة سقط عنها شرط الطهارة من الحيض لدخول المسجد وللطواف للضرورة فتطهر وتتحفظ لنفسها من الدم ، وتطوف وتسعى لعمرتها ، إلا إن تيسر لها أن تسافر وتعود مع زوج أو محرم لقرب المسافة ويسر المؤنة فتسافر وتعود فور انقطاع حيضها لتطوف طواف عمرتها وهي متطهرة.(1/235)
يقول الله تعالى : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) ، وقال تعالى : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)
وقال تعالى : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، وقال تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم..." الحديث . إلى غير ذلك من نصوص التيسير ورفع الحرج .
وقد أفتى بما ذكرنا جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما .
والله أعلم .
إبراهيم - ألمانيا الاسم
الفرق بين حج الرجل والمرأة العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
الأفاضل في إسلام أون لاين لي سؤال وهو : أستعد للحج هذا العام ومعي زوجتي فهل هناك اختلاف في طريقة أداء فريضة الحج بالنسبة للمرأة عن الرجل أم لا ؟ ولكم تحياتي وشكري
السؤال
25/03/2009 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
(1) الحج فريضة كتبها الله تعالى على المستطيع من الرجال والنساء، قال الله تعالى: (ولِلهِ على الناسِ حجُّ البيتِ من استطاعَ إليه سبيلًا ومن كفَر فإنَّ اللهَ غنيٌّ عنِ العالمين) (آل عمران: 97 ).
إلا أن الاستطاعة بالنسبة للمرأة تزيد اشتراطَ مَحرَم معها يَصحَبها في سفرها، ويقوم مقام المَحرَم النسوةُ الثقات، فالمرأة الحاجة تَصحَب زوجَها أو أباها أو أخاها أو ابنَها أو عمَّها أو خالَها، فإذا لم يوجد هؤلاء وتوافر مجموعة من النساء الصالحات العفيفات فإنهنَّ يَقُمنَ مقام المَحرَم.
(2) عند الإحرام بالحج من الميقات فإن الرجل يَلبَس ثوبَين أبيَضَين نظيفَين، إزارًا ورداءً، ويتجرد عن المَخيط.(1/236)
أما المرأة فإحرامها في وجهها وكفَّيها فقط، فيحرُم تغطيتُهما، وتَلبَس المرأة ملابسها المحتشمة. وعلى الجميع أن يتذكر قول الله تعالى: (الحجُّ أشهرٌ معلوماتٌ فمن فرَض فيهنَّ الحجَّ فلا رَفَثَ ولا فسوقَ ولا جدالَ في الحجِّ) (البقرة: 197 ).
(3) عند الطواف حول الكعبة فإن الرجل يُسرع المَشيَ، وعند السعي بين الصفا والمروة فإنه يسرع بين العلَمَين الأخضَرَين.
أما المرأة فتمشي أثناء الطواف والسعي المشية المعتدلة العادية.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنه لا رَمَل على النساء حول البيت ولا بين الصفا والمروة وليس عليهن اضطباع. وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجَلَد ولا يُقصد ذلك في حق النساء، ولأن النساء يُقصد فيهن الستر وفي الرَّمَل والاضطباع تعرُّض للكشف. انتهى.
(4) عند التحلل من الإحرام فإن الرجل مخيَّر بين الحلق والتقصير، والحلق أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر للمُحلِّقِين" قالوا: يا رسول الله، وللمُقصِّرِين. قال: "اللهم اغفر للمُحلِّقِين" قالوا: يا رسول الله، وللمُقصِّرِين. قال: "اللهم اغفر للمُحلِّقِين" قالوا: يا رسول الله، وللمُقصِّرِين. قال: "وللمُقصِّرِين ".
أما المرأة فإنها تقصِّر شعرها فقط ولا يجوز لها حلق شعرهافتقصر من رأسها قدر أُنملة ، والأُنملة رأس الأصبع من المفصل الأعلى.
عن علي رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها. رواه الترمذي.
(5) وإذا أصاب المرأةَ الدورةُ الشهرية فإنها تُرجِئ الطوافَ والسعيَ حتى تَطهُرَ؛ لأن الطواف كالصلاة يُشترط له الطهارة، والسعيُ لابد أن يقع عقب طواف ، أما الوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة فلا يُشترط فيه الطهارة فيَصحُّ للمرأة أن تقف بعرفة حائضًا ونُفَسَاءَ. انتهى كلام الدكتور المسير(1/237)
المحرر: إضافة لما ذكره الدكتور المسير : فإنه يسن للمرأة أن تلبي بعد الإحرام ، لكن بقدر ما تُسمع نفسها فقط بخلاف الرجل الذي يرفع صوته، وأجمع العلماء على أن السنة أن لا ترفع المرأة صوتها في التلبية ، وإنما عليها أن تُسمع نفسها وإنما يكره لها رفع الصوت مخافة الفتنة بها.
كما أن المرأة إذا حاضت بعد طواف الإفاضة، فإنها تسافر متى أرادت ويسقط عنها طواف الوداع عن ابن عباس: (أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت طوافاً إلا أنه خُفِّف عن المرأة الحائض) متفق عليه.
والله أعلم .
علي - ليبيا الاسم
سفر المعتدة للحج العنوان
فقهية الموضوع
ماحكم إمرأةنوت أداءفريضة الحج برفقة زوجها لكن توفى الزوج قبل سفرهما واضطرت للسفربمفردهافي فترة العدة لأنها رأت أنها فرصة قد لاتتكرر لأن اختيارهاتم عن طريق القرعة؟ السؤال
05/07/2009 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالكلام هنا في نقطتين: الأولى في شرط المحرم، والثانية في حق الزوج
أما شرط المحرم مع المرأة :
فنقول إذا كان الحج لأول مرة يمكن أن يكون معها زوج أو محرم أو رفقة مأمونة كما ذهب الشافعية.
وأما حق الزوج :
فإن التي توفي عنها زوجها يجب عليها أن تعتد، فإن انتهت عدتها بوضع الحمل أو بأربعة أشهر وعشرة أيام كان لها السفر دون حرج، أما إن تقرر سفرها قبل انتهاء العدة فقد تعلق بها واجبان: واجب الحج وواجب العدة، والآراء في حل هذه المشكلة مختلفة، فالأئمة الأربعة قالوا: لا تخرج من عدتها ولا تسافر، فهي تعتبر غير مستطيعة، ولا يجب الحج على غير المستطيع، ويمكنها أن تحج في عام آخر.(1/238)
وقال بعضهم: لو سافرت بالفعل ثم جاءها خبر وفاة زوجها عادت من سفرها إن لم تصل إلى الميقات، بدليل الحديث الذي رواه أصحاب السنن عن الفريعة بنت مالك أن أخت أبي سعيد الخدري سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تترك بيت زوجها الذي مات في سفر لتذهب إلى بيت أهلها فلم يأذن لها، وهو حديث صحيح قضى به عمر وعثمان والأكثرون.
وأجاز داود الظاهري سفرها وهي في العدة، وذلك لحديث عائشة -رضي الله عنها- أنها خرجت بأختها أم كلثوم لما قتل زوجها طلحة، خرجت بها إلى مكة لعمل عمرة، وقال داود: المأمورة به هو الاعتداد، وليس المكث في البيت، وسار عليه بعض التابعين.
وعليه فيمكن الأخذ برأي السيدة عائشة الذى ذكرناه وذلك في الحج الواجب لأول مرة؛ وذلك لعدم تكرار الفرصة عند تعقد الأمور وتنظيم سفر الحجاج وتقييده، أما الحج المندوب – وهو ما كان غير المرة الأولى- فلا تخرج ما دامت في العدة.
والله أعلم .
مسلمة - مصر الاسم
الحائض والحج العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : نويت الحج هذا العام وغالباً سيتفق وقت وصولي مكة أثناء الحجِّ وقت نزول الطَّمْث ومن أعمال الحجِّ طواف الوصول، فهل يجوز أن أطوف وأنا غير مُتطَهِّرة؟ شكراً لكم
السؤال
10/03/2008 التاريخ
د.نصر فريد واصل مفتي مصر سابقا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/239)
بداية فإن طوَافَ الوصول الذي تقصده السائلة هو طواف القدوم، ويُسَمَّى طوَاف التحية، أو طواف اللِّقاء، وهو الطواف الذي يقوم به الحاجُّ عَقب دخوله مَكة المُكرمة مُباشرة وهو مُحْرِم، وهذا الطواف سُنة عند جمهور الفقهاء، فقد ذهب إلى ذلك الأئمة الثلاثة الشافعي وأحمد وأبو حنيفة رضوان الله عليهم أجمعين؛ وذلك لأنه تحية للكعبة، فهو كتحية المسجد، وتحية المسجد ـ غير مسجد الكعبة ـ ركعتان، وهما سُنة، وقد روت السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن أوَّل شيءٍ بدأ به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قَدِمَ مَكة أن تَوضأ ثم طَافَ بالبيت.
وهذا الحديث المروي عن عائشة يدُلنا عَلَى أنَّ تحية المسجد الحرام هي الطواف، ويُقاس هذا الطواف على تحية المسجد فيكون سُنَّة، فلو تَرَكَ الإنسان هذا الطواف لا يأثَم ولا يُعَاقَب، ويصح حَجُّه، وخُصُوصًا إذا تَرَكَهُ لِعُذْرٍ.
وذهب الإمام مالك إلى أنَّ طواف القدوم ـ وهو طواف الوصول ـ واجب على من قَدِمَ مَكة مُحْرِمًا بالحجِّ من خارج الحَرَم، ولَوْ كَانَ مُقيمًا بمكة ثم خَرَجَ إِلَيْه. وأما من أحْرَمَ بعُمرة، أو أحْرَمَ بالحجِّ من الحَرَم، فليس عليه طواف قدوم، كما لا يجب على ناسٍ ولا حائض ولا نُفساء ولا مغمًى عليه ولا مجنون، حيث بقي عُذرهم بحيث لا يمكنهم الإتيان بطواف القدوم، كما أن هذا الطواف لا يجب على من زاحمه الوقت وضاق عليه بحيث يخشى فوات الحج إذا تشاغل بطواف القدوم.
ومن هنا يمكن للسائلة ألا تخاف ولا تخشى شيئًا؛ لأنها تستطيع أن تترك الطواف عند دخولها مكة، ويمكنها أن تنتظر حتى تنتهي حالتها الخاصة وهي حالة "الطَّمث" ثم تغتسل وتتطهر، ثم يُباح لها الطواف بعد ذلك.(1/240)
ولقد روى الإمام أحمد والترمذي وأبو داود عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "إن النُّفساء والحائض تغتسل وتُحْرِم، وتقضي المناسك كلها (أي كل أعمال الحج) غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تَطهُر". ومن هذا الحديث الشريف فَهِمَ الفقهاء بالإجماع أنه يجب في الطواف حول الكعبة أن يكون الطائف طاهرًا من الحَدَث والنَّجس، فيَحْرُم طواف المُحدث حَدَثًا أصغر، وهو غير المُتوضيء، كما يَحْرُمُ طواف المُحْدِث حدثًا أكبر، وهو الجُنُب والحائض والنفساء. ولقد قال الحديث السابق عن المرأة: "حتى تطهُر"، والمقصود بالتطهر هنا انتهاء حالة الحَيْض والاغتسال منه بعد انتهائه، وقد روت السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: دخل عليَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنا أبكي (وكان ذلك في أثناء حجّها مع النبي) فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَنَفسْتِ؟ (يعني الحيْضة) قالت: نعم. قال: إنَّ هذا شيء كَتَبَه الله على بَنَاتِ آدَمَ، فاقضي ما يَقضي الحاجُّ، غير ألاّ تطوفي بالبيت (يعني الكعبة) حتى تغتسلي.
وهذا الحديث صريح في إفادته أنَّ المرأة في حالة الحيْض أو النفاس لا يجوز لها أن تطوف حول الكعبة حتى ينقطع الدم وتغتسل، فإذا جاءتها هذه الحالة في أوَّل أيام الحجِّ، فإنها تعمل كلَّ أعمال الحج ما عدا الطواف حول الكعبة، وسيكون أمامها ـ في العادة ـ مُتَّسع حتى تنتهي حالتها الطارئة، وتتمكن من أداءِ الطواف، وخُصوصًا الطواف الذي هو ركن من أركان الحجّ، وهو الذي يُسمى "طواف الإفاضة"، ويُسمى طواف الزيارة ـ يعني زيارة مكة ـ وهو الذي يكون بعد الوقوف بعَرَفَة، ويبدأ وقته عند طلوع فجر يوم النَّحْر، وهو اليوم العاشر من شهر ذِي الحِجَّة.(1/241)
وإذا جَاءَت حَالة الحيْض للمَرْأة فِي أواخر أيام الحجِّ، فعليها أن تنتظر حتى تنتهي ثم تطوف طواف الإفاضة؛ ليتمَّ حجها. ويجوز لها أن تستخدم دواءً ليمتنع حيْضها حتى تستطيع الطواف. وقد سُئِلَ ابن عمر عن المرأة تشتري الدواء؛ ليرتفع حيْضها لتنفر، فلم يرَ به بأسًا، ووصف لهنَّ ماءَ الأراك.
والله أعلم .
مروة - الجزائر الاسم
وفاة الزوج بعد سفر الزوجة للحج والعمرة العنوان
فقهية الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : إمرأة توفي زوجها وهي تؤدي العمرة مع ابنها وتنتظر لأداء الحج، وقد عرف ابنها وأخفى عنها الخبر حتى الآن فهل يخبرها حتى تعتد أم يتركها حتى تؤدي مناسك الحج؟ وإذا أخبرها فماذا عليها أن تفعل؟ مع الشكر
السؤال
11/07/2009 التاريخ
الدكتورة : سعاد إبراهيم صالح عميدة كلية الدارسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر فرع البنات(سابقًا) المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فمن الشروط الواجبة على المرأة في الحج ألا تكون معتدة بمعنى ألا تخرج من بيتها أثناء العدة لأداء فريضة الحج أو العمرة.
لكن إذا خرجت المرأة بإذن زوجها وكان معها محرم ثم توفي زوجها وهى في الحج أو العمرة فإن لها أن تكمل الفريضة، وتبدأ في عدتها وهي في مكانها.
أما إن توفي الزوج وهي في الطريق إلى مكة وكانت المسافة من بلدها إلى مكة أكبر فإن عند بعض الفقهاء يرى أنه يجب عليها أن ترجع وتكون كالمحصرة، أي تذبح الهدي وتتحلل من مناسك الحج أو العمرة.
أما في حالة هذا السؤال فإنه يجب على ابنها أن يخبرها، وعدتها تبدأ منذ وفاة زوجها، ولها أن تكمل مناسك الحج طالما معها محرم وهو الابن.
والله أعلم .
ماجدة - السعودية الاسم
النيابة في الحج بين الإخلاص والمتاجرة العنوان
أحكام النيابة الموضوع(1/242)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : طَلَب مني أحد أقاربي أن أحج عن والدته المتوفاة، و أعطاني ثلاثة آلاف ريال كنفقة، واستطعت أن أُكمل الحج بأقل من تلك النفقة، فماذا أفعل بالباقي؟ جزاكم الله خيراً
السؤال
17/01/2008 التاريخ
الشيخ عبد الله بن جبرين عضو إفتاء باللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فهذه مسألة الاستنابة في الحج، أو الحج عن الغير بأُجرة، و قد كثر البحث فيها، و كثر التساهل من الذين يحجون بأُجرة.
والعلماء لم يرخصوا للإنسان أن يحج بأجرة، إلا إذا كان عاجزاً عن الحج من مال نفسه، و ذلك لأن هذا عمل صالح و الأعمال الصالحة لا تباع، و لا تؤخذ عليها مصالح دنيوية، فالحج: طواف، و سعي، و إحرام، و صلاة، و رمي، و وقوف، و هذه كلها أعمال صالحة لا يؤخذ عليها أُجرة، كما أن الإنسان لا يأخذ أجراً على الصلاة، و لا الصيام و لا على الصدقة، و نحو ذلك، فلا يبيعها لقول النبي صلى الله عليه و سلم في الأذان: "اتخذوا مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً" فدلَّ على أن الأعمال الصالحة لا يجوز بيعها.
ولكن هناك بعض الحالات الخاصة ، فمثلاً أن إنساناً عاجز عن الحج بماله و هو قد أدى حجة الفريضة، فيجوز له أن يستعين بمال يتمكن به منه أداء الحج، فيأخذ هذا المال حتى يمكنه الحج فينفق منه بقدر حاجته و يرد باقيه على من أنابه إذا أنفق سواء أنفق على أهله كأن يترك لأهله نفقته، و أنفق أجرة ركوبه و أجرة أكله و شربه، و قيمة فديته و غير ذلك، فالباقي يرده على أهله إلا إذا سمحوا و عفوا عن ذلك و قالوا: قد وهبنا لك ما بقي.(1/243)
أما كونه يتخذ الحج حرفة و يجعله كسباً، و يزايد فيه، و يقول: هذا قليل أعطني خمسة أو ستة آلاف ريال، فينفق منها ألفاً أو ألفين، و الباقي يتاجر به فهذا بيع للعمل الصالح، و يعتبر عمل لأجل الدنيا كما في قول الله تعالى: "من كان يريد الحياة الدنيا و زينتها نوف إليهم أعمالهم فيها و هم فيها يبخسون" هود:15
والله أعلم .
تغطية الرأس للحاج والمعتمر العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
ما حكم تغطية الرأس للمعتمر والحاج ؟ وماحكم من استظل بثوب أو استظل بشمسية؟ ولكم جزيل الشكر السؤال
15/10/2009 التاريخ
دار الإفتاء المصرية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإن تغطية الرأس بالنسبة للمحرم بحج أو عمرة من محظورات الإحرام أى محرمات بسبب الإحرام، فمن غطى رأسه من الرجال بغطاء ملاصق كالعمامة لزمته الفدية .
قال تعالى: { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } البقرة 196.
هذا النص الكريم وان كان خاصا بالحلق إلا أن الفقهاء قد اتفقوا على إلحاق تغطية الرأس وتقليم الأظافر والطيب ولبس المخيط به وأوجبوا فيها الفداء .
والفدية فى هذه المحظورات واجبة، على التخيير فمن ارتكب محظورًا منها لزمته الفدية وكان مخيرا فيها إما بذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قمح أو صاع من تمر أو شعير أو زبيب وذلك عند أبى حنيفة وهو ما نميل للأخذ به فى هذا ويجوز إخراج قيمة ما وجب وتوزيعها على فقراء الحرم إذا تيسر ذلك.(1/244)
أما إن استظل بثوب أو استظل بشمسية فلا بأس بذلك ؛ ولا حرمة فيه لما روت أم الحصين قالت حججت مع النبى صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت بلالا وأسامة أحدهما مع النبى صلى الله عليه وسلم آخذا بخطام ناقته والآخر رافعا ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة . رواه مسلم وأبو داود والنسائى .
وعلى ذلك فللمعتمر أو الحاج اتقاء الحر الشديد الذى لا يطيقه بمظلة بنحو شمسية أو ثوب يستظل به ولا يغطيه؛ فإن كان لابد من غطاء رأسه بطاقية أو بعمامة لزمته الفدية وهى كما سبق على التخيير إما أن يذبح شاة أو يصوم ثلاثة أيام أو يتصدق بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ،وهذه الفدية التى أوجبها الله على التخيير تيسيرًا على عباده حتى يتيسر له أداء واحدة منها فإن عجز حتى مات فأمره مفوض إلى الله .
والله أعلم .
فهد - السعودية الاسم
إحرام أهل مكة بالحج والعمرة العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
لي سؤال وفقكم الله : من أين يحرم أهل مكة بالعمرة أوالحج ؟ شاكرين لكم
السؤال
14/01/2009 التاريخ
الدكتور محمد المختار الشنقيطي ـ من كبار علماء موريتانيا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فأهل مكة يحرمون بالحج من ديارهم، وهذا هو الصحيح لأن ديار أهليهم هي التي تعتبر ميقاتاً لهم .
أما في العمرة فيلزمهم الخروج إلى التنعيم ، وذلك لحديث أم المؤمنين عائشة وهذا الحديث وهو مذهب جماهير العلماء والسلف والخلف أن العمرة للمكي أن يخرج إلى الحل ، ولذلك قالت عائشة : والله ما ذكر التنعيم ولا غيره أي أنه أمرها أن تخرج إلى الحل فاجتهدت فخرجت إلى التنعيم وكان أرفق بها-رضي الله عنها- كما في الرواية الصحيحة عنها .(1/245)
أما الدليل على أنه يحرم من أدنى الحل : فلأن عائشة مكية أي أنها أخذت حكم أهل مكة إذ لو كانت غير مكية للزمها أن تحرم من ميقات المدينة والدليل على أنها مكية أنها أنشأت عمرتها بعد الحج ولما أنشأت عمرتها بعد الحج فقد أنشأتها وهي في مكة وهذا نص واضح جداً ويقول به جمهور العلماء من السلف الصالح والأئمة الأربعة على أن ميقات المكي هو خارج الحل .
وهناك قول ضعيف أن ميقات المكي للحج والعمرة من بيته وظاهر السنة أنه يحرم من أدنى الحل . انتهى كلام الدكتور الشنقيطي
أخي الكريم : التنعيم هو أقرب الحل إلى مكة ، وهو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تحرم منه لعمرتها .
والتنعيم هو حد الحرم من جهة المدينة. ويقع في الجهة الشمالية الغربية من مكة، وتقدر المسافة بينه وبين باب الحرم المكي بـ (6148) متراً .
والله أعلم .
باهر العنزي الاسم
الاعتمار بمال حرام العنوان
فقهية الموضوع
من أربعة أشهر عاد أحد المسلمين من العمرة وقبل العمرة كانت ميزانية العمرة 20 دينار كويتي، ولكن أصحاب العمرة طلبوامنه أن يتعجل في دفع المال قبيل الرحلة ولكن المال الذي كان معه مال مصدره حرام، وكان سوف يحصل على المال الحلال قبل أسبوع من المغادرة فنصحه بعض الاصدقاء بأخذ المال الحرام على نية أنه مال حلال لأنه سوف يقبض المال الحلال في يوم كذا،وفعل هذا فهل ما فعله صحيح مع أنه كانت لديه الفرصة في قبض المال الحلال .
السؤال
28/03/2007 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فالمفروض أن يؤدى المسلم الحج والعمرة بمال حلال خالص ؛ لأنه إذا أداهما بمال حرام فإن العاقبة وخيمة ، فالله طيب لا يقبل إلا طيبا ، ولكن الأمر يعود إلى الله سبحانه وتعالى .
وقد قال جمهور الفقهاء :( إن العمرة أو الحج الذي أدي بمال حرام صحيح ، ولكن صاحبه آثم ) .(1/246)
فيجب عليك بعد العودة من العمرة أن تتخلص من المال الحرام ، وأن ترد الحقوق إلى أصحابها ، فإذا فعلت ذلك فنرجو أن يتقبل الله عمرتك .
والله أعلم .
سارة - سلطنة عمان الاسم
الحج والعمرة بغرض الراحة النفسية العنوان
حكم الحج وفضله الموضوع
السلام عليكم : هل يمكن للمسلم أن يطلب الحج أو العمرة بغرض الراحة النفسية، خاصة إذا كان الإنسان يشعر بضغوط نفسيه، ومعاناة معينة "أفيدونا مع الشكر
السؤال
25/07/2009 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيجوز ذلك لكن بشرط نية الامتثال لله سبحانه وتعالى فالمفروض أن الحج هجرة في سبيل الله تعالى، فالإنسان يستجيب لأمر الله تعالى، ونداء إبراهيم، والله عزوجل يقول (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم) فهذه الراحة النفسية من ضمن المنافع.
فالمنافع ليست مقصورة على المنافع المادية أو التجارية، بل هذه تعتبر من المنافع النفسية، انشراح الصدر وطمأنينة القلب عندما يذهب الإنسان للبيت الحرام، عندما يرى المسلمين من كل أنحاء العالم، عندما يرى هذا الموسم العظيم.
وعليه فلامانع أن يقصد المسلم الراحة النفسية والمتعة الروحية في الحج أو العمرة ، لكن بشرط أن يكون الأساس هو الامتثال لله تعالى وأمره ، ثم لاحرج عليه بعد ذلك أن يطلب الراحة النفسية، أو المتعة النفسية من سفره إلى بيت الله .
والله أعلم .
بلال - الإمارات العربية المتحدة الاسم
العمرة من المسابقات الدينية وحكم تكرارها العنوان
العمرة: فضلها وأحكامها الموضوع
عن طريق الفوز في المسابقات الدينية أديتُ العمرة، وبعد إتمام مناسك العمرة ذهبتُ إلى التَّنعيمِ وأحْرَمْتُ بعمرة عن أبي المتوفَّى، وبعد فراغِي منها ذهبتُ إلى التنعيمِ وأحرمتُ بعمرة أخرى عن أخي المتوفَّى، فهل في فِعْلِي هذا خطأ؟
السؤال
الحل(1/247)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فلا خطأ فيما فعلتَ أيُّها الأخ الكريم، فالعمرة طاعة يتحقَّق من أدائِها للمسلم خيرٌ كثيرٌ.
فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "تابِعوا بين الحج والعمرة؛ فإنَّهما يَنْفِيَانِ الفَقْرَ والذُّنُوبَ كمَا ينفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ والذَّهَبِ والفِضَّةِ".
ولستُ أدري فيم خطَّأكَ المخطِّئُون؟ أخَطَّؤوكَ في كَوْنِ عمرتِك جائزةً فزتَ بها في مسابقةٍ دينية! إنَّ الفَضْل فضلُ الله، والمالُ الذي تكسِبُه هو أيضًا من فضل الله. فالأصل ملك الزَّاد والرَّاحِلَة، وقد هيَّأهُمَا لكَ ربُّك بسبب الفوز في المسابقة، فلا ضَيْرَ ولا خَلَل.
أم خطَّؤوك في الاعتمار عن أبيك وأخيك المتوَفَّيَبن؟
أقول: لا حرج في ذلك بإذن الله؛ فالحج والعمرة من العبادات التي تجوز فيه النيابة لدى كثيرِ من أهل العلم، بل إنِّي أرى في أدائك العُمْرَة عن أبيك المتوفَّى برًّا له موصولًا يدل على صِدْقٍ في الحُبِّ والإحسانِ إلى الوالد، وفي أدائك العمرة عن أخيك المتوفَّى وفاءً يُحْسَب لكَ لا عليك.
أم خطَّؤوك في تَكْرَار العُمْرَة مرَّةً بعد مَرَّةٍ وأنتَ في مكَّة؟
أقول: تكرار العمرة أثناء إقامة الإنسان في مكة جائِزَةٌ عند بعض أهل العلم، خصوصًا أنك لم تعتمر الثانية والثالثة لنفسِكَ بل أدَّيْتَها عن أبيكَ وأخيكَ، جزاك الله خيرًا.
ولا يفوتني في هذا المقامِ أن أذكِّر كل مسلم أن العمرة مهما تكرَّر إتيانها لا تقوم مقام الحجِّ ولا تُسْقِط الحجَّ عن المسلم المستطيع القادر؛ لأن الحجَّ فرْضٌ على المستطِيع ولايسقط بتكرار العمرة.
والله أعلم .
ثابت - قطر الاسم
تكرار العمرة كل عام العنوان
فقهية الموضوع(1/248)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : تعودت بفضل الله أن أذهب للعمرة كل عام مرة أو أكثر حتى أصبحت العمرة بالنسبة لي أمل جميل لا يمكن التخلي عنه لكن قال لي أحد الأصدقاء أن تكرار العمرة غير مستحب وأنا بدوري أسأل : هل يجوز لي تكرار العمرة أم لا ؟ جزاكم الله خيراً
السؤال
05/11/2007 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد...
فقد قال الله تعالى: (وأتِمُّوا الحجَّ والعمرةَ لله) فالحج أحد أركان الإسلام، والعمرة واجبة عند جمهور العلماء. والفرق بين الحج والعمرة أن الحج خاصّ بميقات زمانيّ هو شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، قال تعالى: (الحجُّ أشهرٌ معلومات) .
أما العمرة فهي جائزة في جميع السنة. وتُكرَهُ عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى في خمسة أيام، هي يوم عرفة والنحر وأيام التشريق.
كما يَختص الحج بالوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة وبرمي الجمار، ولا شيء من ذلك في العمرة. ويلتقي الحج مع العمرة في الإحرام والطواف والسعي والحلق والتقصير واجتناب محرَّمات الإحرام، من لُبس المَخيط وقتل الصيد وعقد النكاح وغير ذلك مما هو معروف .
وفي فضل الحج والعمرة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما، والحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة". وقد احتج الشافعيّ والجمهور بهذا الحديث على استحباب تكرار العمرة في السنة الواحدة مرارًا، فهي طاعة يُتقرب بها إلى الله تعالى، وهي ارتيادٌ لمواضع الخير وبقاع الطُّهر، ولم يَرِدْ نص يَمنع من ذلك. والحديث المذكور دليل على التفريق بين الحج والعمرة في التكرار؛ إذ لو كانت العمرة كالحج لا تُفعل في السنة إلا مرة لسوَّى بينهما في الجزاء.(1/249)
وقد اعتمَرَت عائشة ـ رضي الله عنها ـ مرتَين في شهر. ويذكر أن أنسًا رضي الله عنه كان إذا حُمَّ رأسُه خرَج فاعتمَرَ. وأن عليا رضي الله عنه كان يعتمر في السنة مرارًا .
وللعمرة في رمضان شأنٌ خاصّ، فقد أوصى بها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ امرأةً تخلفت عن الحج معه لعذر، فقال: "إذا جاء رمضان فاعتمري فإن عمرة فيه تَعدِل حجّةً ".
والله أعلم.
خالد الولي - الكويت الاسم
كيف يؤدي المسلم مناسك العمرة ؟ العنوان
العمرة: فضلها وأحكامها الموضوع
نويت أداء العمرة خلال هذا الأسبوع إن شاء الله تعالى فأرجو منكم وصف مبسط لمناسك العمرة وأسأل الله أن يكرمكم بفضله الواسع ويجزكم خير الجزاء على هذا الموقع
السؤال
12/03/2009 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فنحمد الله عزوجل الذي وفقنا وهدانا إلى خدمة دينه، ونسأل الله القبول وجزاك الله خير الجزاء على هذا الدعاء الطيب المبارك، وإليك وصف ميسر للعمرة إن شاء الله ، سواء كانت هذه العمرة في شعبان أو رمضان ، أو في بقية أيام العام.
** إذا أراد المسلم أن يُحرم بالعمرة فالمشروع بداية أن يحرم من الميقات المحدد له، ثم يتجرد من ثيابه ويغتسل كما يغتسل من الجنابة، والاغتسال عند الإحرام سُنة في حق الرجال والنساء حتى الحائض والنفساء.
ثم بعد الاغتسال يلبس ثياب الإحرام ويلف رداءه على كتفه، ولا يُخرج الكتف الأيمن إلا في طواف القدوم، ثم يُصلي (غير الحائض والنفساء) الفريضة إن كان وقت فريضة، وإلا صلى ركعتين ينوي بهما سُنة الوضوء، وإن لم يُصل فلا حرج.(1/250)
**إذا فرغ من الصلاة أحرم وقال: لبيك عُمرة،يحظر عليه بعد الإحرام، الطيب، والنساء،ولبس المخيط ،والأخذ من شعر الجسم، ثم يقول لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والمُلك، لا شريك لك يرفع الرجل صوته بذلك، والمرأة تقوله بقدر ما يسمع من بجوارها فقط.
وينبغي للمُحرم بالعمرة أن يُكثر من التلبية ( خصوصاً عند تغير الأحوال والأزمان، مثل أن يعلو مرتفعاً، أو ينزل منخفضاً، أو يُقبل الليل أو النهار، وأن يسأل الله بعدها رضوانه والجنة، ويستعيذ برحمته من النار ) إلى أن يبتدئ بالطواف.
**إذا دخل المسجد الحرام، قدم رجله اليمنى وقال: (بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم.(
**ثم يتقدم إلى الحجر الأسود ليبتدئ الطواف، فيستلم الحجر بيده اليمنى ويقبله، فإن لم يتيسر استلامه بيده فإنه يستقبل الحجر، ويُشير إليه بيده اليمنى إشارة ولا يُقبل يده.
والأفضل ألا يزاحم فيؤذي الناس أويتأذى بهم. ويقول عند استلام الحجر: (بسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسُنة نبيك محمد صلى الله عليه و سلم.(
**ثم ليجعل البيت عن يساره، فإذا بلغ الرُكن اليماني استلمه من غير تقبيل، فإن لم يتيسر فلا يُزاحم عليه ولا يُشير إليه، ويقول بينه وبين الحجر الأسود (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).وكلما مر بالحجر الأسود كبّر.
ويقول في بقية طوافه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة قرآن فإنما جُعل الطواف بالبيت والصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله.
وفي هذا الطواف ينبغي للرجل أن يفعل شيئين:
((1/251)
1) الاضطباع من ابتداء الطواف إلى انتهائه، والاضطباع( أن يجعل وسط ردائه داخل إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر)فإذا فرغ من الطواف أعاد رداءه إلى حالته قبل الطواف، لأن الاضطباع محله الطواف فقط.
(2) الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط: والرمل هو إسراع المشي مع مقاربة الخطوات، وأما الأشواط الأربعة الباقية فليس فيها رمل، وإنما يمشي كعادته.
** فإذا أتم الطواف سبعة أشواط، تقدم إلى مقام إبراهيم وقرأ قوله تعالى: (واتخِذوا من مقام إبراهيم مصلى) ثم صلى خلفه ركعتين خفيفتين، يقرأ في الأولى: (قل يا أيها الكافرون) وفي الثانية (قل هو الله أحد(، وذلك بعد الفاتحة.
**فإذا فرغ من صلاة الركعتين، رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه إن تيسر له، وإلا فليُشر إليه.
** بعدها يسن الشرب من ماء زمزم وينوي عند شربه الشفاء ويسأل الله من خير الدنيا والآخرة، ويستقبل القبلة، ويتضلع منه أي (يشبع) لحديث النبي صلى الله عليه وسلم (خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم،فيه طعام الطعم ،وشفاء السقم)
** ثم يخرج إلى المسعى، فإذا دنا من الصفا قرأ: (إن الصفا والمروة من شعائر الله)
** ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها، ويرفع يديه كرفعهما في الدعاء، فيحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم هنا: (لا إله إلا الله، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) يكرر ذلك ثلاث مرات ويدعو بين ذلك.
** ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشياً، فإذا بلغ العلم الأخضر أسرع الرجل قليلاً ولا يؤذي أحداً، فإذا بلغ العلم الأخضر الثاني مشى كعادته، إلى أن يصل إلى المروة فيرقى عليها ويستقبل القبلة، ويرفع يديه كرفعهما في الدعاء، ويقول ما قاله على الصفا.
**ثم ينزل من المروة إلى الصفا، فيمشي في موضع مشيه، ويسرع في بين العلمين الأخضرين.(1/252)
**فإذا وصل الصفا، فعل كما فعل أول مرة، وهكذا المروة حتى يُكمل سبعة أشواط، ذهابُهُ من الصفا إلى المروة شوط، ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر. ويقول في سعيه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة قرآن.
** إذا أتم سعيه سبعة أشواط، حلق رأسه أو قصر إن كان رجلاً، وإن كانت امرأة فإنها تقصر من أطراف شعرها قدر أنملة.
وبالنسبة إلى الرجال ينبغي أن يكون الحلق شاملاً لجميع الرأس، وكذلك التقصير يعم به جميع جهات الرأس. والحلق أفضل من التقصير، وبهذه الأعمال تمت العمرة.
ثم بعد ذلك يُحل من إحرامه إحلالاً كاملاً، ويفعل كما يفعله المُحلّون من اللباس والطيب والنكاح وغير ذلك.
والله أعلم .
جاسم - الكويت الاسم
من سافر للعمل وأدى العمرة العنوان
فقهية الموضوع
ذهبت إلى العمل في السعودية لمدة أسبوعين فاغتنمت الفرصة لأداء العمرة فهل تُقبل عمرتي أم لا رغم أنني جئت أساساً بنِية العمل؟
السؤال
03/02/2009 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فتقبل العمرة إن شاء الله لقول الله تعالى : "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره"، وقول الله تعالى : "إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً".
لكن من أدى العمرة وهو قادم من دولته بنية العمل لن يكون له نفس أجر من أدى العمرة وجاء خصيصاً من أجل هذا الغرض ،إنما سيكون له أجر العمرة من المملكة نفسها.
لكن تسقط عنه العمرة عند من يرى من العلماء أن العمرة واجبة، ويثاب عليها إن شاء الله.
والله أعلم.
الشريف - سلطنة عمان الاسم
التمتع بالعمرة إلى الحج ومسافة السفر العنوان
العمرة: فضلها وأحكامها الموضوع
ذهبت للعمل في موسم الحج فأديت عمرة ثم خرجت إلى المدينة المنورة فأقمت بها حتى حان موعد الحج فأحرمت بالحج، فهل أكون متمتعًا ويَلزَمني هديٌ أم لا ؟ السؤال
30/10/2008 التاريخ(1/253)
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا تعتبر متمتعاً، وليس عليك هدي لانتفاء شرط الموالاة بين العمرة والحج ، ولأنك سافرت مسافة تزيد كثيراً عن مسافة القصر، وذلك على رأي جمهور الفقهاء.
يقول الدكتور محمد سيد أحمد المسير الأستاذ بجامعة الأزهر:
التمتع هو أن يُحرِم الإنسان بالعمرة في أشهر الحج من الميقات ثم يَصل إلى الكعبة المشرفة فيطوف لعمرته ويسعى بين الصفا والمروة ويَحلق أو يُقصّر ثم يُحِلّ بمكة المكرمة ويظل مقيمًا بها حتى تقرُب أيام الحج فيَنويَ الحجَّ في عامه هذا، وهو المقصود بقوله تعالى: (فمَن تَمتَّعَ بالعمرة إلى الحجِّ فما استَيسَرَ من الهَدْي) البقرة: 196 .
والجمهور من العلماء على أن التمتع بالعمرة إلى الحج يَقتضي الموالاةَ بينهما، وعلى هذا فمن خرج من مكة بعد العمرة وسافر سفرًا تُقصَرُ فيه الصلاةُ فليس بمتمتع، وحيث إن السائل ذهب إلى المدينة المنورة بعد عمرته ومكث بها فترة زمنية، ومعلوم أن المسافة طويلة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وتزيد على مسافة القصر بمراحل، إذ هي تقرُب من خمسمائة كيلو متر ـ فيُعتبر هذا السائل غيرَ متمتع وليس عليه هديُ التمتع.انتهى كلام الدكتور المسير.
ويقول محمود إسماعيل محرر استشارات الحج بالموقع:
ما ذكره الدكتور المسير هو رأي جمهور الفقهاء ، لكن يرى المالكية بأن الخروج من مكة لا يقطع التمتع ، لأن المتمتع لم يرجع إلى بلده أو مثلها في البعد، وإنما اختلف الفقهاء في ذلك لعدم ورود نص، فيكون محل اجتهاد، وللسائل أن يأخذ برأي المالكية إن أراد ذلك أو رغب في أن يصير متمتعاً،وإن كنت أرجح له رأي المالكية إن تيسر له الهدي ،وإلا فله الأخذ برأي جمهور الفقهاء .
والله أعلم .
الشريف - سلطنة عمان الاسم
التمتع بالعمرة إلى الحج ومسافة السفر العنوان(1/254)
العمرة: فضلها وأحكامها الموضوع
ذهبت للعمل في موسم الحج فأديت عمرة ثم خرجت إلى المدينة المنورة فأقمت بها حتى حان موعد الحج فأحرمت بالحج، فهل أكون متمتعًا ويَلزَمني هديٌ أم لا ؟ السؤال
30/10/2008 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا تعتبر متمتعاً، وليس عليك هدي لانتفاء شرط الموالاة بين العمرة والحج ، ولأنك سافرت مسافة تزيد كثيراً عن مسافة القصر، وذلك على رأي جمهور الفقهاء.
يقول الدكتور محمد سيد أحمد المسير الأستاذ بجامعة الأزهر:
التمتع هو أن يُحرِم الإنسان بالعمرة في أشهر الحج من الميقات ثم يَصل إلى الكعبة المشرفة فيطوف لعمرته ويسعى بين الصفا والمروة ويَحلق أو يُقصّر ثم يُحِلّ بمكة المكرمة ويظل مقيمًا بها حتى تقرُب أيام الحج فيَنويَ الحجَّ في عامه هذا، وهو المقصود بقوله تعالى: (فمَن تَمتَّعَ بالعمرة إلى الحجِّ فما استَيسَرَ من الهَدْي) البقرة: 196 .
والجمهور من العلماء على أن التمتع بالعمرة إلى الحج يَقتضي الموالاةَ بينهما، وعلى هذا فمن خرج من مكة بعد العمرة وسافر سفرًا تُقصَرُ فيه الصلاةُ فليس بمتمتع، وحيث إن السائل ذهب إلى المدينة المنورة بعد عمرته ومكث بها فترة زمنية، ومعلوم أن المسافة طويلة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وتزيد على مسافة القصر بمراحل، إذ هي تقرُب من خمسمائة كيلو متر ـ فيُعتبر هذا السائل غيرَ متمتع وليس عليه هديُ التمتع.انتهى كلام الدكتور المسير.
ويقول محمود إسماعيل محرر استشارات الحج بالموقع:(1/255)
ما ذكره الدكتور المسير هو رأي جمهور الفقهاء ، لكن يرى المالكية بأن الخروج من مكة لا يقطع التمتع ، لأن المتمتع لم يرجع إلى بلده أو مثلها في البعد، وإنما اختلف الفقهاء في ذلك لعدم ورود نص، فيكون محل اجتهاد، وللسائل أن يأخذ برأي المالكية إن أراد ذلك أو رغب في أن يصير متمتعاً،وإن كنت أرجح له رأي المالكية إن تيسر له الهدي ،وإلا فله الأخذ برأي جمهور الفقهاء .
والله أعلم .
الشريف - سلطنة عمان الاسم
التمتع بالعمرة إلى الحج ومسافة السفر العنوان
العمرة: فضلها وأحكامها الموضوع
ذهبت للعمل في موسم الحج فأديت عمرة ثم خرجت إلى المدينة المنورة فأقمت بها حتى حان موعد الحج فأحرمت بالحج، فهل أكون متمتعًا ويَلزَمني هديٌ أم لا ؟ السؤال
30/10/2008 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا تعتبر متمتعاً، وليس عليك هدي لانتفاء شرط الموالاة بين العمرة والحج ، ولأنك سافرت مسافة تزيد كثيراً عن مسافة القصر، وذلك على رأي جمهور الفقهاء.
يقول الدكتور محمد سيد أحمد المسير الأستاذ بجامعة الأزهر:
التمتع هو أن يُحرِم الإنسان بالعمرة في أشهر الحج من الميقات ثم يَصل إلى الكعبة المشرفة فيطوف لعمرته ويسعى بين الصفا والمروة ويَحلق أو يُقصّر ثم يُحِلّ بمكة المكرمة ويظل مقيمًا بها حتى تقرُب أيام الحج فيَنويَ الحجَّ في عامه هذا، وهو المقصود بقوله تعالى: (فمَن تَمتَّعَ بالعمرة إلى الحجِّ فما استَيسَرَ من الهَدْي) البقرة: 196 .(1/256)
والجمهور من العلماء على أن التمتع بالعمرة إلى الحج يَقتضي الموالاةَ بينهما، وعلى هذا فمن خرج من مكة بعد العمرة وسافر سفرًا تُقصَرُ فيه الصلاةُ فليس بمتمتع، وحيث إن السائل ذهب إلى المدينة المنورة بعد عمرته ومكث بها فترة زمنية، ومعلوم أن المسافة طويلة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وتزيد على مسافة القصر بمراحل، إذ هي تقرُب من خمسمائة كيلو متر ـ فيُعتبر هذا السائل غيرَ متمتع وليس عليه هديُ التمتع.انتهى كلام الدكتور المسير.
ويقول محمود إسماعيل محرر استشارات الحج بالموقع:
ما ذكره الدكتور المسير هو رأي جمهور الفقهاء ، لكن يرى المالكية بأن الخروج من مكة لا يقطع التمتع ، لأن المتمتع لم يرجع إلى بلده أو مثلها في البعد، وإنما اختلف الفقهاء في ذلك لعدم ورود نص، فيكون محل اجتهاد، وللسائل أن يأخذ برأي المالكية إن أراد ذلك أو رغب في أن يصير متمتعاً،وإن كنت أرجح له رأي المالكية إن تيسر له الهدي ،وإلا فله الأخذ برأي جمهور الفقهاء .
والله أعلم .
حنان - البحرين الاسم
هل أدى رسول الله عمرة رمضان؟ العنوان
العمرة: فضلها وأحكامها الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أريد أن أستفسر منكم هل أدَّى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عمرةَ رمضان أم لا؟ وجزاكم الله خيراً
السؤال
27/07/2009 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول د.محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله- الأستاذ بجامعة الأزهر:(1/257)
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من حجة الوداع قال لامرأة من الأنصار اسمها أم سنان: "ما منعك أن تحجي معنا؟ " قالت: أبو فلان- زوجها- له ناضحان: حج على أحدهما، والآخر نسقي عليه، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : "فإذا جاء رمضان فاعتمري فإن عمرة فيه تعدل حجة" أو قال: "حجة معي " .
لكن لم يثبت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أدَّى عمرةً في رمضانَ، مع أنه قد حث عليها لكثرة ثوابها، لأن النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ اعتمر أربعَ عُمَرٍ كُلُّهُنَّ في ذي القعدة إلا التي مع حجة الوداع، فقد نَواهَا في ذي القعدة وأداها في ذي الحجة.
ولعل السبب في ذلك ـ كما يقول ابن القيم ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يشتغل في رمضانَ من العبادات بما هو أهمُّ من العمرة، ولم يكن يمكنه الجمع بين تلك العبادات وبين العمرة، وأخَّر العمرة إلى أشهر الحج، ووفَّر نفسه على تلك العبادات في رمضانَ.
وترك الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ العمرة في رمضان يُعد من الرحمة بأمته والرأفة بهم، فإنه لو اعتمر في رمضان؛ لبادَرَتِ الأمةُ إلى ذلك، وكان يشقُّ عليهم الجمع بين العمرة والصوم، وربما لا تسمح أكثرُ النفوسِ بالفطر في هذه العبادة؛ حرصًا على تحصيل العمرة وصوم رمضان، فتحصل المشقة؛ فأخرَّها إلى أشهر الحج.
وقد كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يترك كثيرًا من العمل وهو يحب أن يعمله خشية المشقة على أمته.
والله أعلم.
حمزة - قطر الاسم
كم مرة اعتمر رسول الله؟ العنوان
عامة الموضوع
أرجو أن تذكروا لنا بالتفصيل كم مرة اعتمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ؟ وبارك الله فيكم
السؤال
05/06/2008 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/258)
ففي صحيح مسلم أن أنسًا- رضي الله عنه- أخبر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عُمَر، كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته:
1.عمرة من الحديبية أو زمن الحديبية في ذي القعدة.
2.وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة.
3.وعمرة من جعرانة، حيث قسَّم غنائم حنين في ذي القعدة.
4.وعمرة مع حجته.
من هذه الرواية عن أنس يتبين أنه عدّ عمرات النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعًا :
على أساس أن عمرة الحديبية التي صده المشركون عنها قد حُسِبت؛ فالنبي والمسلون قد نَوَوها، ثم حُوصِروا؛ فتحللوا منها، ونية المؤمن أبلغ من عمله.
والعمرة الثانية:
يُسمِّيها العلماء عمرة القضاء أو عمرة القصاص؛ فالتسمية الأولى باعتبارها قضاء عن عمرة الحديبية، والتسمية الثانية باعتبارها قصاصًا عن صد المشركين للنبي- صلى الله عليه وسلم- وصحبه- رضوان الله عليهم- وفيها نزل قوله تعالى: "الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاص ... " البقرة 194
وكان موقفًا مشهودًا حين دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون مكة بعد سبع سنين طوال، وتجمع الرجال والنساء والصبيان في مكة وتزاحموا؛ ليروا هذا النبي القائد يحيط به المهاجرون والأنصار، وأثار هذا التجمع الحسد والبغض والغيظ لدى بعض أئمة الكفر، فخرجوا إلى الجبال حتى لا يروا هذا الموقف العظيم، وتناقل بعض المغرضين أخبارًا كاذبة عن أحوال المسلمين، وزعموا أن حُمّى يثرب وهنتهم، وأنهم أصابهم الهزال والضعف.
فلما دخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسجد اضطبع بردائه وأخرج عضده اليمنى، ثم قال: رحم الله امرءًا أراهم اليوم من نفسه قوة.
ثم استلم الحجر الأسود وخرج يهرول ويهرول معه أصحابه، حتى إذا واراه البيت من المشركين المحدقين به واستلم الركن اليماني مشى حتى الحجر الأسود.
العمرة الثالثة:(1/259)
هي عمرة الجعرانة في ذي القعدة من العام الثامن، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما فتح مكة في رمضان حدث أن جمعت قبيلة هوزان جيشا كبيرًا لمطاردة المسلمين وملاحقة النصر المؤزر الذي توج جهاد المسلمين.
وعرف هذا اليوم في تاريخ السيرة بيوم حنين، وقصته مشهورة في القرآن والسنة.
قال الله تعالى: لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا، وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين، ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، وأنزل جنودًا لم تروها وعذب الذين كفروا، وذلك جزاء الكافرين. التوبة 25-26.
وشاهت وجوه الكفار، وغنم المسلمون غنائم كثيرة، ولما انهزم المشركون أتوا الطائف وعسكر بعضهم بأوطاس، فسار إليهم الرسول بنفسه، وحاصرهم، ثم واصل مسيرته الطاهرة المطهرة إلى الطائف، وقاتل بنفسه، وكان أول من رمي في الإسلام بالمنجنيق، رمي به أهل الطائف، وخلال عودته عسكر بالجعرانة ومعه السبي والغنائم وحصلت عنذئذ عملية التقسيم بين المجاهدين، وخرج الرسول صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ليلاً معتمرًا، فدخل مكة وقضى عمرته ثم أصبح بين أصحابه بالجعرانة، ولذا خفيت هذه العمرة على كثير من الناس حتى أنكرها ابن عمر.
العمرة الرابعة:
هي التي أداها الرسول مع حجة الوداع.
والملاحظة على هذه العمرات للنبي صلى الله عليه وسلم :-
أنها وقعت في ذي القعدة، حتى العمرة التي كانت مع حجة الوداع، نواها في ذي القعدة وأداها في ذي الحجة، أي أنها كلها وقعت في أشهر الحج، وفي ذلك مخالفة لأهل الجاهلية الذين يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور.
وهناك رواية عن ابن عمر يذهب فيها إلى أن النبي صلي الله عليه وسلم اعتمر واحدة في رجب، وقد أنكرها العلماء .(1/260)
كما ردتها السيدة عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم عن عروة بن الزبير قال: (كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة، وإنا لنسمع ضربها بالسواك تستن، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم ـ في رجب؟ قال : نعم ، فقلت لعائشة: أي أمتاه ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: وما يقول؟ قلت: يقول اعتمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم في رجب ، فقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، لعمري ما اعتمر في رجب، وما اعتمر من عمرة إلا وأنا معه . قال: وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم، سكت).
والله أعلم.
خالد - الأردن الاسم
إتمام النسك عن الذي مات محرما العنوان
فقهية الموضوع
إذا مات المحرم بالحج أو العمرة أثناء الحج والعمرة فهل يلزمنا أن نقضي الحج والعمرة عنه ؟ وشكراً لكم
السؤال
22/01/2009 التاريخ
الدكتور محمد المختار الشنقيطي ـ من كبار علماء موريتانيا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلو مات الحاج أو المعتمر أثناء حجه وعمرته لا يلزمنا إتمام ما شرع فيه ولا يقضى عنه ذلك الحج ولا تلك العمرة .
وهذا هو المذهب الصحيح على ظاهر حديث عبد الله بن عباس أن النبي-صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع ووقف معه الصحابة فوقف رجل فوقصته دابته فمات فقال-صلى الله عليه وسلم- : ( اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا وجهه ولا تغطوا رأسه ولا تمسوه بطيب فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً ) ولم يقل النبي-صلى الله عليه وسلم- اقضوا حجه أو أتموا حجه .
وهذا يدل على أن الواجب هو ما ذكر وأن ما زاد على ذلك فليس بواجب ولأنه قد قام بفرضه فأدى ما أوجب الله عليه وانتهت حياته عند هذا القدر .
وعلى ذلك لا يجب أن يتم عنه ولا أن يحج عنه وإن حج عنه احتياطاً فلا حرج.
والله أعلم .
خالد - الأردن الاسم
إحرام من نوى العمرة بعد الميقات العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع(1/261)
حضرت من الأردن بالطائرة إلى جدة قاصداً مدينة بيشة وليس بنيتي أداء العمرة ولا حتى الذهاب إلى مكة ولكن تأخرت الطائرة إلى بيشة فجلست في جدة يومين وعند ذلك قمت بالإحرام من جدة وتوجهت إلى مكة لأداء العمرة فهل هذه العمرة صحيحة أم لا ؟ أسأل الله أن يبارك فيكم وفي موقعكم هذا ولكم جزيل شكري
السؤال
04/03/2008 التاريخ
اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء / السعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فهذا الإحرام صحيح ؛ لأنك أنشأته من جدة ولم تنو العمرة قبل ذلك، ولا دم عليك إن شاء الله.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء / السعودية:
روى الإمام البخاري في "صحيحه" حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم قال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن كان يريد الحج والعمرة فمن كان دونهن فمهلّه من أهل، وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها". ) متفق عليه.
ما دل عليه عموم هذا الحديث من أن من أراد الإحرام بالعمرة فإنه يحرم من مكة ليس على ظاهره ، فقد جاء ما يدل على أن من أراد الإحرام بالعمرة وهو بمكة فإنه يحرم من الحل – فعن عائشة رضي الله عنها قالت : ) نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب فدعاء عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : ( أخرج بأختك من الحرم فتهل بعمرة ثم لتطف بالبيت فإني أنتظركما هنا ). قالت : فخرجنا فأهللت ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله في جوف الليل فقال ( هل فرغت ؟ ) قلت: نعم ، فأذن في أصحابه بالرحيل فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة ( متفق عليه ).إنتهى ماذكرته اللجنة الدائمة(1/262)
المحرر:من جاوز الميقات وهو لا يريد حجًّا ولا عمرة، ولا يريد دخول الحرم وإنما يريد قضاء حاجته فيما سواه، فهذا لا يلزمه الإحرام بغير خلاف، ولا شيء عليه في ترك الإحرام.
وإذا بدا له أن يحرم لطروء فكرة الحج أو العمرة له، ثم عزم على تنفيذ هذه الفكرة، فإنه يحرم من موضعه وإن كان دون الميقات ولا شيء عليه، وهذا ظاهر كلام الإمام الخرقي الحنبلي، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وصاحبا أبي حنفية، وقال ابن قدامة الحنبلي: وهذا القول هو الأصح - أي يحرم الحاج أو المعتمر من موضعه.
والله أعلم .
بشير - السودان الاسم
تكرار العمرة وحكم أدائها عن الغير العنوان
العمرة: فضلها وأحكامها الموضوع
بسم الله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين : لي سؤال ضروري أرجو الرد عليه بسرعة وهو كالتالي : أديت العمرة عن طريق الفوز في مسابقة لتحفيظ القرآن الكريم ، وبعد إتمام مناسك العمرة ذهبتُ إلى التَّنعيمِ وأحْرَمْتُ بعمرة عن أبي المتوفَّى، وبعد فراغِي منها ذهبتُ إلى التنعيمِ وأحرمتُ بعمرة أخرى عن أخي المتوفَّى، فهل في فِعْلِي هذا خطأخاصة أن بعض الناس قال لي إن مافعلته خطأ؟؟ شاكرين لكم
السؤال
10/09/2007 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فلا خطأ فيما فعلتَ أيُّها الأخ الكريم، فالعمرة طاعة يتحقَّق من أدائِها للمسلم خيرٌ كثيرٌ.
والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "تابِعوا بين الحج والعمرة؛ فإنَّهما يَنْفِيَانِ الفَقْرَ والذُّنُوبَ كمَا ينفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ والذَّهَبِ والفِضَّةِ".
ولستُ أدري فيم خطَّأكَ المخطِّئُون؟ أخَطَّؤوكَ في كَوْنِ عمرتِك جائزةً فزتَ بها في مسابقةٍ دينية!(1/263)
إنَّ الفَضْل فضلُ الله، والمالُ الذي تكسِبُه هو أيضًا من فضل الله. فالأصل ملك الزَّاد والرَّاحِلَة، وقد هيَّأهُمَا لكَ ربُّك بسبب الفوز في المسابقة، فلا ضَيْرَ ولا خَلَل.
أم خطَّؤوك في الاعتمار عن أبيك وأخيك المتوَفَّيَبن؟
أقول: لا حرج في ذلك بإذن الله؛ فالحج والعمرة من العبادات التي تجوز فيه النيابة لدى كثيرِ من أهل العلم، بل إنِّي أرى في أدائك العُمْرَة عن أبيك المتوفَّى برًّا له موصولًا يدل على صِدْقٍ في الحُبِّ والإحسانِ إلى الوالد، وفي أدائك العمرة عن أخيك المتوفَّى وفاءً يُحْسَب لكَ لا عليك.
أم خطَّؤوك في تَكْرَار العُمْرَة مرَّةً بعد مَرَّةٍ وأنتَ في مكَّة؟
أقول: تكرار العمرة أثناء إقامة الإنسان في مكة جائِزَةٌ عند بعض أهل العلم، خصوصًا أنك لم تعتمر الثانية والثالثة لنفسِكَ بل أدَّيْتَها عن أبيكَ وأخيكَ، جزاك الله خيرًا.
ولا يفوتني أن أذكِّر أن العمرة مهما تكرَّر إتيانها لا تقوم مقام الحج ، ولا تُسْقِط الحجَّ عن المسلم المستطيع القادر؛ لأن الحجَّ فرْضٌ على المستطِيع لايسقط بأداء العمرة مهما تكررت . إنتهى كلام الدكتور عبد الرازق فضل(1/264)
يرى بعض العلماء : أنه لايستحب الإكثار من العمرة والموالاة بينها في سفرة واحدة، بأن يخرج المعتمر من مكة إلى التنعيم مثلاً، فيأتي بعمرة ثم يكرر ذلك مرارًا، ودليلهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لم ينقل عنهم الموالاة بينها، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد اعتمر أربع عمر في أربع سنوات لم تزد في كل سفرة على عمرة واحدة ، غير أنه لايمكننا تعميم هذا الحكم بعدم الاستحباب على كل الحالات ، وأعني أنه إذا كانت العمرة مسببة فلا مانع من تكرارها في سفرة واحدة أي للمسلم : أن يؤدي العمرة عن نفسه ثم عن أبيه ثم عن أمه في سفرة واحدة لكن لا أرى تكرارها كلها عن نفسه فقط ، وإن حدث ذلك فلا يعدو أن يكون من قبيل عدم الاستحباب فقط ، وذلك على رأي بعض العلماء .
وعليه فمافعله السائل الكريم صحيح لاغبار عليه خاصة أنه أدى العمرة عن نفسه تم كررها عن الآخرين .
والله أعلم .
خالد - مصر الاسم
نسيان الحلق أو التقصير بعد أداء العمرة العنوان
الحلق والتقصير الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : وفقني الله لأداء العُمرة، وابتهجتُ بأدائها ابتهاجًا لا نظير له، فنَذرتُ أن أُؤدِّيَها عن والديَّ ـ يرحمهما الله ـ ووفَّيتُ بنذري، وسافرت خصيصًا إلى الحرم المكيّ ناويًا العمرةَ عن أمي، وبعد سنتينِ سافرتُ مرة أخرى إلى الحرم ناويًا العمرة عن أبي، وفي العمرة الأخيرة هذه كنت مُرهقًا مِن السفر والمرض وكِبَرِ السِّنِّ، فلمَّا دخلتُ مكةَ لم أذهب إلى الحرم وإنما ذهبت إلى الفندق، واسترحتُ ساعاتٍ، ثم ذهبتُ إلى الحرم ودخلت في الطواف وأكملتُه، وسعيت بين الصفا والمروة وأكملتُ السعْيَ، ثم رجعت إلى الفندق ناسيًا تقصيرَ شعْرِ رأسي، بالطبع تحلَّلتُ وخَلعتُ ملابس الإحرام، ولم أتذكر أنِّي لم أحْلِقْ ولم أقصِّر إلا بعد يومينِ. فما حُكم هذه العمرة؟
السؤال
15/06/2008 التاريخ(1/265)
الأستاذ الدكتور عبد الرزاق محمد فضل الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإن جمهور الفقهاء على أن الحلق في الحج والعمرة نسك ، يجبر بالدم إن تركه الأنسان ، وذهب بعض الفقهاء إلى أنه ليس بنسك ، وإنه إطلاق من محظور ، وبناء على هذا الرأى لا شئ على تارك الحلق ، ويحصل التحللل بدونه .
أشكر لك أيها الأخ الكريم ابتهاجك بفِعل الطاعة فهو مِن إمارات الإيمان، ففي الأثر: "إذا سَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ وسَاءَتْكَ مَعْصِيَتُكَ فأنت مؤمنٌ" .
كما أشكر لك بِرَّكَ بأبويك، الذي جعلك تذكرهما لحظةَ تَذَوُّقِكَ حلاوة إتمام نُسُكِ العُمرة، فنذرت الاعتمارَ عنهما، وهذا مِن فضل الله عليك.
وما فعلتَه في عُمرتك الأخيرة، والتي جعلتها عمرة عن أبيك، لا يُخرجها عن حَيِّزِ القبول ـ إن شاء الله ـ فذَهابك إلى الفندق للاستراحة من متاعب السفر والمرض وكِبَرِ السِّنِّ قبل الدخول في العمرة لا تثريب عليك فيه.
وأمَّا عدم تقصير شعرك بعد فراغك مِن الطواف والسعْي بين الصفا والمروة وتَحلُّك مِن الإحرام دون أن تفعله، ففيه ترْكٌ لواجبٍ مِن واجبات العمرة يلزم بتركه دمٌ.
ووُجوب الحلْق أو التقصير ثابت بالكتاب والسُّنَّة، أما الكتاب فقوله تعالى: (لقد صَدَقَ اللهُ رسولَهُ الرُّؤيَا بالحقِّ لَتَدْخُلُنَّ المسجدَ الحرامَ إن شاءَ اللهُ آمنينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكمْ ومُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ).
وأما السُّنَّةُ فقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: "اللهمَّ اغْفِرْ للمُحَلِّقِينَ" قالوا: يا رسول الله وللمُقصِّرين. قال: "اللهم اغفرْ للمُحلِّقين" قالوا: يا رسول الله وللمُقصِّرين. قال: "وللمُقصِّرين". متفق عليه.(1/266)
لكن عُذرك أنك نَسيتَ، والنسيان عُذر مُعتبَر، ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "عُفِيَ لأُمَّتِي عن الخطأ والنِّسيانِ وما استُكْرِهُوا عليه".
لكن لم تُبيِّن أيها السائل الكريم ماذا صنعتَ بعد أن تذكرتَ أنك لم تَحلق ولم تُقصِّر ناسيًا، عموماً إن كنت قد قصَّرت بعد تذكرك فلا شيء عليك ، وإنْ كنت لم تُقصِّر حتى عُدتَ فيَلْزَمُكَ فديةٌ.
والله أعلم .
سميرة - المغرب الاسم
نية الإحرام في الحج والعمرة العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : ماهي الصيغة الواردة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في الإحرام بالعمرة أو الحج، ثم ما الحكم الشرعي الذي يترتب على من فاته التلفظ بالنية وهو في الجوّ بسبب جهل أو نحوه. كما أنه أليس من الواجب على شركة الطيران أن ينبهوا على ذلك. أفتونا مأجورين. *
السؤال
31/01/2008 التاريخ
اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء / السعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فقد عرف الفقهاء أحكام الحج من السنة المطهرة، وانتهوا إلى أن الحج على ثلاثة أنواع ، قران وتمتع، وإفراد.
وتتغير الصيغة بتغير النسك كالتالي :
(1) من حج قارنا قال عند إحرامه " لبيك عمرة وحجاً لبيك عمرة وحجاً" ،وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حج قارنا وقال عند إحرامه: " لبيك عمرة وحجاً لبيك عمرة وحجاً " .
(2) وإن كان متمتعاً قال: "لبيك عمرة متمتعا بها إلى الحج"، وفي يوم التروية يقول :" لبيك اللهم حجاً ".
(3) أما المفرد فيقول عند إحرامه" لبيك اللهم حجاً" .
(4) أما المعتمر فقط فيقول" لبيك اللهم عمرة".
والإحرام معناه : نية الحج مقرونة بالتلبية والنية هنا هي عزم القلب على فعل النسك خالصاً لله تعالى، والتلفظ بها جهراً مستحب وليس واجباً، فلا تبطل العبادة بدونه ومكان النية المواقيت، فلا يجوز تخطي الميقات بدون إحرام.(1/267)
فمن تخطى الميقات مع النية دون تلفظ بها فنسكه صحيح فإن تخطي الميقات بغير نية أصلاً، فإن عليه أن يعود إلى الميقات ليحرم فيه من جديد إن استطاع أو يحرم من مكانه ويذبح شاة فداء لتأخر الإحرام عن موضعه.
وينبغي على شركة الطيران أن تنبه الحجاج قبيل الوصول إلى الميقات بوقت كاف إلى ضرورة الإحرام.
وإذا خشي المسلم أن يتجاوز الميقات بغير إحرام، فإن له أن يحرم من مطار بلده عند ركوب الطائرة أو بُعَيْد إقلاعها احتياطاً .
والله أعلم .
سلمى - مصر الاسم
تقديم السعي على الطواف العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجوز تقديم السعي على الطواف في الحج أو في العمرة ؟ شكراً جزيلاً
السؤال
21/03/2007 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فيقول الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-مفتي السعودية :
السُنة أن يكون الطواف أولا، ثم السعي بعده، فإن سعي قبل الطواف جهلا منه فلا حرج في ذلك .
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل فقال : سعيت قبل أن أطوف ، قال : " لا حرج " ، فدل ذلك على أنه إن قدم السعي أجزأه .
لكن السنة أن يطوف ثم يسعى ، هذا هو السنة في العمرة والحج جميعا .
والله أعلم .
عمر الفاروق الاسم
طواف الوداع للمعتمر العنوان
فقهية الموضوع
بالنسبة لطواف الوداع ؛ هل هو واجب على المعتمر أيضاً؟ السؤال
21/04/2008 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/268)
فليس على المعتمر طواف وداع إذا أراد الخروج خارج الحرم في ضواحي مكة وهكذا الحاج لكن متى أراد السفر إلى أهله أو غير أهله شرع له الوداع ولا يجب عليه لعدم الدليل وقد خرج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم الذين حلوا من عمرتهم إلى منى وعرفات ولم يؤمروا بطواف الوداع أما الحاج فيلزمه طواف الوداع عند مغادرته مكة مسافراً إلى أهله أو غير أهله لقول ابن عباس رضي الله عنهما "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" متفق عليه .
وقوله أمر الناس يعني بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم ولهذا جاء في الرواية الأخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت " رواه مسلم ..
ومن هذا يعلم أن المعتمر يستحب له طواف الوداع إذا أراد الخروج خارج الحرم ولا يجب .
والله أعلم .
محمود - سوريا الاسم
حكم طواف الوداع في العمرة العنوان
فقهية الموضوع
هل طواف الوداع واجب في العمرة ؟ وهل يجوز شراء شيء من مكة بعد طواف الوداع سواء كان حجا أو عمرة؟
السؤال
18/03/2007 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-مفتي السعودية سابقا :
طواف الوداع ليس بواجب في العمرة، ولكن فعله أفضل ، فلو خرج ولم يودع فلا حرج ، أما في الحج فهو واجب ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت" ، وهذا كان خطابا للحجاج .
وله أن يشتري ما يحتاج إليه بعد الوداع من جميع الحاجات ، حتى ولو اشترى شيئا للتجارة ، ما دامت المدة قصيرة لم تطل ، أما إن طالت المدة فإنه يعيد الطواف ، فإن لم تطل عرفا فلا إعادة عليه مطلقا .
والله أعلم .
ابتسام - سلطنة عمان الاسم
ثياب المرأة في العمرة العنوان
فقهية الموضوع(1/269)
هل هناك لبس معين للمرأة أثناء العمرة؟ جزاكم الله عن الإسلام خيراً
السؤال
30/09/2007 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا يوجد لبس معين للمرأة في الحج أو العمرة، الرجل هو الذي له لبس معين لأنه يلبس الرداء والإزار ولا يغطي رأسه ولا يلبس حذاء يغطي كعبيه يلبس نعل أو نحو هذا ولا يلبس قفازات.
أما المرأة فتلبس الملابس العادية السابغة، ملابس محتشمة وساترة وكل ما يُطلب منها أنها لا تلبس النقاب ولا القفازين لما صحَّ في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المرأة المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين" ولذلك قال العلماء: إحرام المرأة في وجهها فقط .
عندما تذهب المرأة للحج أو العمرة تلبس المرأة ثياب سوداء في بلاد الخليج، وفي بعض البلاد تلبس ثياب خضراء, وفي مصر وفي بعض بلاد شمال إفريقيا تلبس ثياب بيضاء، كل هذا لم يلزمها الشرع بشيء إلا بالثياب السابغة والساترة .
والله أعلم .
محمد الاسم
تغيير نية الإحرام قبل وبعد الميقات العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
أسكن مدينة جدة ؛ ولقد نويت للعمرة وأحرمت من المنزل وذهبت للحرم المكى الشريف ودخلت فيه لكن لظروف خارجة عن إرادتى لم أستطع أداء العمرة ولم أبدأ حتى بالطواف ورجعت آخر الليل إلى منزلى بجدة من غير استكمال لمناسك العمرة
فما هو حكم ذلك ؟ وهل على من شىء؟ شكراً السؤال
25/12/2008 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول فضيلة الشيخ عطية صقر-رحمه الله-رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقًا :
اتفق العلماء على أنه إذا لم يجاوز المحرم الميقات فيجوز له تغيير النية حيث لم يشرع في شيء عملي من أعمال الحج أوالعمرة.(1/270)
أما بعد تجاوز الميقات فقال بعض العلماء: لا يجوز تغيير النية وأجاز بعضهم التغيير للنية حتى بعد تجاوز الميقات، واستدلوا على ذلك بما حصل للنبي -صلى الله عليه سلم- ومن معه في حجة الوداع، على الخلاف في أنه كان مفردًا أو قارنًا أو متمتعًا كما جاء في عبارة جابر في رواية مسلم أنهم أهلوا مع رسول الله وقال: لسنا نرى إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، ولكن بعد انتهاء الرسول من الطواف والسعي قال "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة" فقام سراقة بن مالك بن جعشم وقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم لأبد؟ فقال" بل لأبد أبد ".
وهذا ما يظهر ترجيحه لوجود النص على ذلك ولو مع عدم قطعية الدلالة، وعليه فيجوز تغيير نية الإحرام ولو جاوز المحرم الميقات ؛ وليس عليه شيء على الراجح .
والله أعلم .
فؤاد - سوريا الاسم
المعتمر في أشهر الحج العنوان
فقهية الموضوع
رجل يسكن في مدينة جدة وينوي الحج فإذا أدى عمرة في شهر ذي القعدة فهل عليه ذبح ؟
السؤال
29/10/2008 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله :
إذا نوى المعتمر الحج بعد أن اعتمر في أشهر الحج فعليه هدي؛ لأنه يعتبر متمتعًا في بعض المذاهب .
أما إذا كانت العمرة مقصورة لنفسها وغير مرتبطة بأداء الحج، ثم ارتأى المعتمر الحج بعد ذلك، وكان حجه منفرداً وليس قارناً ولا متمتعا، فليس عليه هدي؛ لأنه لا يدخل في زمرة المتمتعين .
والله أعلم .
سميرة - الأردن الاسم
كيف يطوف الحاج أو المعتمر؟ العنوان
فقهية الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : أود أن أعرف منكم ماالفرق بين طواف القدوم وطواف الإفاضة؟ وكيف يؤدي المسلم الطواف بشكل عام ؟ جزاكم الله خيراً
السؤال
19/03/2009 التاريخ(1/271)
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فطواف القدوم هو من أدب الدخول لمكة المكرمة، وهو سنة للحاجّ والمعتمر وغيرهما، فتحية المسجد الحرام هو الطواف، أما طواف الإفاضة، وقد يسمَّى طوافَ الركن أو طوافَ الزيارة، فهو ركن من أركان الحج، ويؤدَّى بعد الوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة، وأول وقته عند الشافعية من نصف ليلة النحر، وأفضلُه بعد رمي جمرة العقبة وذبح الهدي والحلق أو التقصير، ويكون ذلك ضُحَى يوم النحر. ويجوز الطواف طوال يوم النحر بلا كراهة، ولا آخر لوقته، فلا بد من الإتيان به مهما طال الزمن.
أحكام الطواف للحاج والمعتمر :
(1) يبتدئ الحاج أو المعتمر الطواف من الحجر الأسود، ويكون البيت الحرام عن يساره، ويطوف سبعة أشواط ، ويرمل في جميع الثلاثة الأول من طواف القدوم سواء كان في الحج أو العمرة ويمشي مشية عادية في الأربعة الباقية، و يبتدئ كل شوط بالحجر الأسود ويختم به ، والرمل هو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى .
(2) من السنة تقبيلُ الحجر الأسود عند التمكن، ومن لا يستطيع أشار إليه بيده على بُعدٍ قائلًا: بسم الله، الله أكبر، الله إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
(3) يستحب للحاج أو المعتمر أن يضطبع خاصة في طواف القدوم ، والاضطباع أن يجعل وسط الرداء تحت منكبه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر .
(4) حجر إسماعيل جزء من الكعبة لا يصح الطواف داخله بل يجب أن يكون الطواف خارج حجر إسماعيل.
(5) يشترط لصحة الطوافِ الطهارةُ من الحدث والنجس وسترُ العورة؛ فالطواف كالصلاة إلا أنه أُبِيحَ لنا الكلام فيه.
(6) إذا شك الحاج أو المعتمر في عدد الأشواط بنَى على اليقين وهو الأقل.
((1/272)
7) إذا أقيمت الصلاة المكتوبة تَوقَّفَ الحاج أو المعتمر عن الطواف وصلَّى وعقب الصلاة يطوف مستكملًا الأشواطَ الباقيةَ له ويَبني على ما سبق.
(8) عقب الانتهاء من الأشواط السبعة يؤدي الحاج ركعتين، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون وفي الثانية سورة الإخلاص، ويكون ذلك خلف مقام إبراهيم إن تَيسَّرَ، وإلا ففي أيّ موضع خالٍ بالمسجد، قال الله تعالى: (وإذ جعلنا البيتَ مَثَابةً للناس وأمنًا واتَّخِذوا من مقام إبراهيم مُصَلًّى وعَهِدنَا إلى إبراهيمَ وإسماعيلَ أن طَهِّرَا بيتيَ للطائفين والعاكفين والرُّكَّع السجود) (البقرة: 125).
والله أعلم .
فارس - سلطنة عمان الاسم
أحكام الهدي للحاج والمعتمر العنوان
الذبح والهدي الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : أريد منكم معرفة ماهي أنواع الهدي ؟ ما حكم ذبح كل نوع بالنسبة للحاج أو المعتمر ؟ ومتى يذبح الهدي ؟ أفيدوني مع الشكر الجزيل لكم
السؤال
03/06/2008 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالهدي المرتبط بمناسك الحج أو العمرة أنواع، منها:
1. هديٌ يجب بسبب نُسُكٍ كهدي التمتع والقران ؛ وذلك أن المتمتع أدَّى عمرة في أشهر الحج ومكَث في مكة حتى قرُب موعد يوم عرفة فأحرَم بالحج من مكة، وهذا المتمتع يجب عليه ذبحُ شاة أو يشترك مع ستة آخرين في ذبح بقرة أو بدنة، فإن لم يجد صام عشرة أيام بدلًا من ذبح الهدي، ثلاثة منها بعد الإحرام بالحج وسبعة إذا عاد إلى أهله ووطنه، قال الله تعالى: (فمن تَمتَّعَ بالعمرةِ إلى الحجِّ فما استيسرَ من الهدي فمن لم يجدْ فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ في الحجِّ وسبعةٍ إذا رجعتُم تلك عشَرَةٌ كاملةٌ ذلك لمن لم يكنْ أهلُه حاضري المسجدِ الحرامِ) (البقرة: 197).(1/273)
2. هديٌ يتعلق بمحظورات الإحرام، كإزالة الشعر أو لُبسِ المَخيط أو استعمال الطيب، والحاجّ أو المعتمر مخيَّر حينئذٍ بين ثلاثة أشياء: ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، قال تعالى: (فمَن كان منكم مريضًا أو به أذًى من رأسه ففديةٌ من صيامٍ أو صدقةٍ أو نُسُكٍ) (المائدة: 95).
3. هديٌ يتعلق بالإحصار، بأن نوى المسلم حجًّا أو عمرةً ثم حبَسَه حابس ومنَعَه مانع قهريٌّ من الذهاب إلى مكة وضاق الوقت، وفيه يتحلل الحاج أو المعتمر حيث كان ويذبح شاة، فإن عجز عنها لعدم وجودها أطعَمَ بقيمة الشاة، وإن عجز عنها لفقره صام أيامًا بعدد من كان يُطعم من الشاة، قال تعالى: (فإن أُحْصِرْتُم فما استيسرَ من الهدي) (البقرة: 196) .
4. هديٌ يتعلق بقتل الصيد.
وفيه يقول تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تقتُلُوا الصيدَ وأنتُم حُرُمٌ ومن قتلَهُ منكم متعمدًا فجزاءٌ مثلُ ما قتَل من النَّعَمِ يحكمُ بِهِ ذَوَا عدلٍ منكم هديًا بالِغَ الكعبةِ أو كفارةٌ طعامُ مساكينَ أو عدلُ ذلك صيامًا ليذوقَ وبالَ أمرِهِ عفَا اللهُ عما سلَف ومن عادَ فينتقمُ اللهُ منه واللهُ عزيزٌ ذو انتقامٍ) (المائدة: 95).
5. هديٌ يتعلق بالمعاشرة الزوجية أثناء الإحرام، فمن عاشر زوجته أثناء الإحرام فسد حجه أو فسدت عمرته، وعليه أن يستمر في أداء بقية المناسك حتى نهايتها، ويجب ذبحُ بدنة أو بقرة أو سبع شياهٍ، فإن لم يجد اشترَى بقيمتها طعامًا وتصدَّق به على فقراء الحرم، فإن لم يستطع صام أيامًا بقدر عدد المساكين الذين يُمكن أن توزَّع عليهم اللحوم. وعلى الحاج أن يأتيَ في العام القادم ليؤديَ الحج من جديد. وإن كان في عمرة قد فسدت بالنكاح فبعد إتمامها يأتي بعمرة أخرى جديدة.
والله أعلم .
حامد - إندونيسيا الاسم
حكم العمرة وتكرارها العنوان
فقهية الموضوع(1/274)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : ما معنى العمرة ؟ وما حكمها؟ وهل يجوز تَكرارها؟ وما الفرق بينها وبين الحج؟ جزاكم الله خيراً
السؤال
16/07/2008 التاريخ
الدكتور ـ أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الدكتور أحمد الشرباصي "رحمه الله" الأستاذ بجامعة الأزهر ردا على سؤال مماثل :
العمرة معناها في الأصل هو الزيارة، ومعناها في الشريعة هو زيارة الكعبة المشرفة على وجه مخصوص حدَّده الدين ، وبينته كتب الفقه الإسلامي .
وقد ثبت تشريع العمرة بالقرآن الكريم والسنة النبوية، فقال الله تعالى:( وأَتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ للهِ) (البقرة: 196). وقال الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "عمرة في رمضان تعدِل حجّة".
وتتم العمرة بعدة أعمال، هي أن يزور المسلم الكعبة، ويطوف حولها سبع مرات، ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ثم يحلِق شعره أو يقصره، ويكون الإنسان في أثناء ذلك في حالة الإحرام، ويُشترط أن يأتي الإنسان بهذه الأعمال على الترتيب السابق.
وأكثر العلماء على أن العمرة سنة مؤكّدة، وقد سئل النبي عنها: أهي واجبة ؟ فقال: لا، وأن يعتمر أفضل. وقال عليه الصلاة والسلام: " العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ". وقال صلى الله عليه وسلم : (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة) (أحمد والترمذي).(1/275)
وإذا كان الحجّ له وقت معين بمقتضى قول الله تعالى:( الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعلوماتٌ) (البقرة: 197). وهذه الأشهر المعلومات هي شوال وذو القعدة وذو الحجة ، فإن العمرة ليس لها وقت محدد، فيجوز أداؤها في أي شهر من شهور السنة، وفي أي يوم من أيامها، ولكن بعض الأئمة يرى كراهية القيام بها في يوم الوقوف بعرفة وأيام التشريق .
ويجوز أن تتكرر العمرة من الإنسان في العام الواحد، بل إن جمهور العلماء يرى أن ذلك سنة. وأفضل وقت لأداء العمرة هو شهر رمضان، لقول النبي، صلى الله عليه وسلم:" عمرة في رمضان تعدِل حجّة "، وهو يقصد حجة التطوع لا حجة الفرض.
وهناك عدة فروق بين الحج والعمرة، منها:
أولاً: العمرة سنّة على الصحيح، ولكن الحج فرض في المرة الأولى.
ثانيًا : العمرة يجوز القيام بها في أي وقت، ولكن الحجّ له شهور معينة.
ثالثًا : ليس في العمرة وقوف بعرفة أو مزدلفة، والحج فيه هذا الوقوف.
رابعًا: العمرة ليس فيها رمي للجمرات، والحج فيه رمي للجمرات.
وعمرة الرجل كعمرة المرأة في الشروط والأركان، إلا أن المرأة لا تكشف رأسها، ولا ترفع صوتها بالتلبية، ولا تعرض نفسها للزحام عند الطواف بالرجال، وفيما عدا ذلك فالمرأة والرجل في أداء العمرة سواء.
خامساً: الحج المفروض واجب لازم الأداء، وأما العمرة فالصحيح أنها سنّة مؤكّدة؛ ولذلكَ لا تغني العمرة عن الحج، فلو فرضنا أن شخصًا قام بأداء العمرة، وكان هذا الشخص لم يؤدّ فريضة الحج، فإن فريضة الحج لا تسقط عنه، بل يجب عليه أن يؤدّيَها بعد ذلك ما دام قادرًا مستطيعًا.
وإذا قيل إن الرسول قد قال:" عمرة في رمضان تعدل حجة "، فالجواب ـ كما قال الفقهاء ـ إن العمرة تعدل حجة من حجات التطوع، وليس المقصود حجة الفرض.(1/276)
وفيما عدا الأشياء التي تختص بها العمرة، والتي أشرنا إليها فيما سبق، تتفق العمرة مع الحج، وممّا يتفقان فيه الإحرام، فإنّ المعتمر يُحرم من الموضع المعين الذي يحرم منه الحاج، ويلبس ملابس الإحرام، ويمتنع عن الأعمال التي تفسد هذا الإحرام.
وكذلك يلبي المعتمر، فيردِّد قوله: لبيك اللهم لبيكَ، لبيكَ لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
والله أعلم .
ياسر الاسم
نسيان الحلق والتقصير في الحج أو العمرة العنوان
فقهية الموضوع
أديت العمرة في مكة المكرمة والحمد لله، وعدت إلى الفندق في جدة حيث كنت أقيم، وعند عودتي استقبلني بعض الأصدقاء فأخذوني إلى المطعم لتناول العشاء، وأنا بلباس الإحرام، وبعد العشاء، ذهبت إلى غرفتي، وخلعت ملابس الإحرام، ولبست ملابسي العادية، ونسيت أن أقص أو آخذ شيئا من شعري، وضاع هذا من ذهني تماما ، ولم أتذكر ذلك إلا بعد أن عدت إلى بلدتي بأيام، وذهبت إلى الحلاق .. وفي هذا الوقت تذكرت أني لم أحلق ولم أقصر بعد العمرة. فما الحل في هذه الحالة، وأعتقد أني عاشرت زوجتي في تلك المدة، فماذا علي أن أفعل في هذه الحالة؟ وهل عمرتي صحيحة؟ أو على فدية؟ أفيدوني أفادكم الله السؤال
الحل
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
يقول الدكتور عبد الرازق فضل الأستاذ بجامعة الأزهر :
اختلف العلماء في الحلق والتقصير بعد العمرة أو بعد الحج: أهو نسك أم لا؟ وبعبارة أخرى: أهو نسك أم خروج من النسك؟ أي استباحة محظور.
القول المشهور الذي عليه جماهير العلماء: أنه نسك، لأن الله تعالى ذكره في كتابه بقوله: (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون) الفتح:
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاث مرات: أن يغفر الله لهم، ودعا للمقصرين مرة واحدة.(1/277)
وفي قول للشافعي: إنه ليس بنسك، لأنه أمر محظور في الإحرام كالطيب والصيد ولبس المخيط، فهو معتبر من (المرفهات) أو (المُجَمِّلات) للإنسان، فحظر على المحرم في حالة الإحرام ، ليظل أشعث أغبر من آثار الإحرام، فإذا شرع له الحلق فقد شرع له إباحة ما كان محظورا عليه بالإحرام كالطيب والملابس.
وفي ظني ـ والله أعلم ـ أنهم كانوا يعتبرون الحلق أبلغ في الخروج من النسك، وفي نظافة الرأس من التقصير. وكأن بعضهم كانوا يتحرزون منه، فلذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثا، ترغيبا لهم في الحلق.
وذكر الإمام النووي رحمه الله في (المجموع) مذاهب العلماء في الحلق: هل هو نسك أولا؟ قال: ذكرنا أن الصحيح في مذهبنا أنه نسك، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وجمهور العلماء. وظاهر كلام ابن المنذر والأصحاب: أنه لم يقل بأنه ليس بنسك أحد غير الشافعي في أحد قوليه. ولكن حكاه القاضي عياض عن عطاء، وأبي ثور، وأبي يوسف أيضا .
وأضيف إلى ما ذكره النووي عن القاضي عياض: أنه رواية أيضا عن الإمام أحمد، ذكرها الإمام ابن قدامة في (المغني) فبعد أن ذكر أنه نسك في ظاهر المذهب، قال: وعن أحمد: أنه ليس بنسك، وإنما هو إطلاق من محظور
ومن هذا يتبين لنا: أن القول بأن الحلق ليس بنسك وإنما هو إطلاق من محظور، قول معتبر، قال به من ذكرنا من الأئمة، وهو قول في مذهب الشافعي، ورواية عن الإمام أحمد. فيسع المسلم أن يأخذ بهذا القول، ولا حرج عليه، وخصوصا أنه فعل ما فعل ناسيا، وقد علم الله تعالى المؤمنين أن يدعوا فيقولوا: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) البقرة:286 وجاء في الصحيح أن الله تعالى استجاب هذا الدعاء، كما جاء في الحديث الآخر: (أن الله وضع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه.)
وعلى السائل أن يستغفر الله تعالى، فإنه غفور رحيم.
والله أعلم .
عادل - مصر الاسم
الشك في القدرة على إتمام الحج والعمرة العنوان
فقهية الموضوع(1/278)
السلام عليكم ورحمة الله : من كان مريضاً وأراد أن يحرم بالحج أوالعمرة وهو شاك في قدرته على إتمام الشعائر لظروف خاصة عنده فماذا يفعل ؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً السؤال
12/08/2009 التاريخ
الدكتور محمد المختار الشنقيطي ـ من كبار علماء موريتانيا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فللذي يشك في قدرته على إتمام الحج أو العمرة أن يشترط ؛ لأن ضباعة -رضي الله عنها- اشتكت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية ! فقال -صلى الله عليه وسلم- : (أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني).
قال العلماء : في هذا دليل على أنه يشرع للذي يشك في قدرته على الحج أو العمرة أن يشترط عند خوفه عن العجز عن إتمام الحج أو العمرة، وهذا مما دلت عليه السنة النبوية المطهرة.
وكان الشافعي -رحمه الله- يقول : إن صح حديث ضباعة فأنا أقول به. و قال أصحابه وقد صح الحديث بالفعل فهو مذهبه.
والله أعلم .
مروة - الجزائر الاسم
وفاة الزوج بعد سفر الزوجة للحج والعمرة العنوان
فقهية الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : إمرأة توفي زوجها وهي تؤدي العمرة مع ابنها وتنتظر لأداء الحج، وقد عرف ابنها وأخفى عنها الخبر حتى الآن فهل يخبرها حتى تعتد أم يتركها حتى تؤدي مناسك الحج؟ وإذا أخبرها فماذا عليها أن تفعل؟ مع الشكر
السؤال
11/07/2009 التاريخ
الدكتورة : سعاد إبراهيم صالح عميدة كلية الدارسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر فرع البنات(سابقًا) المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فمن الشروط الواجبة على المرأة في الحج ألا تكون معتدة بمعنى ألا تخرج من بيتها أثناء العدة لأداء فريضة الحج أو العمرة.
لكن إذا خرجت المرأة بإذن زوجها وكان معها محرم ثم توفي زوجها وهى في الحج أو العمرة فإن لها أن تكمل الفريضة، وتبدأ في عدتها وهي في مكانها.(1/279)
أما إن توفي الزوج وهي في الطريق إلى مكة وكانت المسافة من بلدها إلى مكة أكبر فإن عند بعض الفقهاء يرى أنه يجب عليها أن ترجع وتكون كالمحصرة، أي تذبح الهدي وتتحلل من مناسك الحج أو العمرة.
أما في حالة هذا السؤال فإنه يجب على ابنها أن يخبرها، وعدتها تبدأ منذ وفاة زوجها، ولها أن تكمل مناسك الحج طالما معها محرم وهو الابن.
والله أعلم .
باسم - السعودية الاسم
ضوابط صحة الحج عن الغير العنوان
أحكام النيابة الموضوع
ابدأ سؤالي بالسلام على من شهد أن لاإله الا الله وشهدأن سيدنا محمدا عبده ورسوله واليكم مافي نفسي انا شخص عصى الله كثيرا واسألوا لي الله ان يغفر لي ولكل اخواننا المسلمين وحدث ان أصابني مصاب جلل في وفاة اختي الصغرى عن عمر يناهز 17 فاصبحت كمن افاق من غيبوبة طويلة استمرت 23 عاما ولله الحمد على كل حال وهاأنذا افكر بالقيام عنها وعن والدي رحمه الله بأداء فريضة الحج حيث انهما لم يقومان بعملها رحمهما الله وسائر المسلمين لكن هناك سؤال بسيط وهو انني لم احج فريضتي بعد فهل يجوز علما بانني ولله الحمد من سكان مكة المكرمة واعمل في احد مكاتب الطوافة اي انني سأكون مرتبطا بعمل قد يكون شاقا والله المستعان هذا وجزاكم الله عني خير الجزاء واعذروني على الاطالة
السؤال
17/03/2009 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فحجك عن أختك مقبول إن شاء الله تعالى ولكن بشرط أن تكون قد حججت عن نفسك أولا لأنه لايصح الحج عنها حتى تحج عن نفسك وبعدها في عام آخر تحج عن أختك أو والديك ونسأل الله لك القبول
يقول فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي :(1/280)
الأصل في العبادات وبخاصة العبادات البدنية أن يؤديها الإنسان بنفسه إن أمكن، وإلا يؤديها أولاده من بعده، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " إن أولادكم من كسبكم " ولد الإنسان جزء منه، وهو جزء من عمله، يعتبر امتدادًا له بعد وفاته، كما جاء في الحديث: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ". (رواه مسلم، والبخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة ).
فالولد الصالح هو امتداد لحياة أبيه وامتداد لوجوده .ومن هنا يجوز للأولاد أن يؤدوا الحج عن آبائهم . فإذا لم يؤدوا أمكنهم أن يوكلوا من يؤدي عنهم، وقد سألت امرأة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أباها أدركته فريضة الله في الحج شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يستقل على الراحلة، ومات، أفتحج عنه ؟ قال: " نعم. حجي عنه " . وامرأة أخرى - كما ورد في حديث ابن عباس - سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتحج عن أمها وقد نذرت أن تحج لله وماتت ؟ فقال: " حجي عنها، أرأيت لو كان عليها دين، أكنت قاضيته ؟ " قالت: نعم . قال: " فاقضوا . فالله أحق بالوفاء ". وفي رواية: " فدين الله أحق أن يقضى ".
فكما أن للولد أن يقضي دين أبيه في الشئون المالية، كذلك في هذه الشئون الروحية، وشئون العبادة، فتستطيع البنت، ويستطيع الولد أن يحج عن أبيه، أو على الأقل يوكل من يحج عنه، على أن يحج عنه من بلده، من البلد الذي كان عليه أن يحج منه، إذا كان من قطر مثلا، فإذا وكل أحدًا، فليحج من قطر لا من سواها، وإذا كان من الشام يحج من الشام، وهكذا ... إلا إذا عجزت مالية المتوفى - إذا كان سيحج من ماله- فمن حيث أمكن تحقيق هذا...
فإذا كان الولد هو الذي سيوكل من يحج من ماله الخاص، فعلى حسب ما يمكن من ماله.
ومن حج عن الغير، فيشترط أن يكون قد حج عن نفسه أولاً.
والله أعلم.
إبراهيم - مصر الاسم
حكم الحج عن الوالدين العنوان
فقهية الموضوع(1/281)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :أريد أن أحج عن والديّ اللذين ماتا ولم يؤديا فريضة الحج لفقرهما وأريد الحج عنهما فهل يجوز لي ذلك ؟ وشكراً
السؤال
07/03/2007 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيجوز لك أن تحج عن والديك بنفسك أو تنيب من يحج عنهما إذا كنت حججت عن نفسك أو كان الشخص الذي يحج عنهما قد حج عن نفسه.
روى أبو داود في سننه عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة قال : ((من شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي قال: حججت عن نفسك؟ قال : لا، قال : (حج عن نفسك ، ثم حج عن شبرمة)، وأخرجه ابن ماجه، قال البيهقي هذا إسناد صحيح ليس في الباب أصح منه. إنتهى كلام الشيخ ابن باز"رحمه الله "
أخي السائل الكريم : مع العلم بأنه لايجوز للشخص أن يحج مرة واحدة ويجعلها لشخصين , فالحج مرة واحدة لا يجزئ إلا عن واحد، لكن لو حج عن شخص واعتمر عن آخر في سنة واحدة أجزأه .
والله أعلم.
محمد - اليونان الاسم
الحج عن الميت ووصول الثواب إليه العنوان
أحكام النيابة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :هل ينتفع الميت بحج غيره عنه بعد مماته أم لا ؟ بارك الله فيكم السؤال
25/02/2008 التاريخ
فضيلة الشيخ حسنين مخلوف رحمه الله (مفتي الديار المصرية سابقا) المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الشيخ حسنين مخلوف " رحمه الله " في رده على سؤال مماثل:
فيصل ثواب حج الغير عن الميت إلى الميت، ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت: إن أمي قد نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها ؟ قال: "حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنتِ قاضيته؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء ".(1/282)
وانعقد الإجماع على أن قضاء الدين عن الميت يُبرِّئ ذمته منه ويسقطه عنه ولو كان من غير تركته ومن غير ورثته.
وفي شرح العقيدة الطحاوية في وصول ثواب الحج إلى الميت ما نصه: فعن محمد بن الحسن (صاحب الإمام الأعظم أبي حنيفة) أنه إنما يصل إلى الميت ثواب النفقة، والحج للحاج. وعند عامة العلماء ثواب الحج للمحجوج عنه وهو الصحيح اهـ.
ومما ينبغي أن يُعلم أن ثواب الدعاء يصل إلى الميت من أي داعٍ بالإجماع، ولذا شُرع الدعاء في صلاة الجنازة وبعد الدفن، وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدعو للموتى عند زيارة قبورهم كما في صحيح مسلم. وأصل ذلك قوله تعالى : (والذين جاءوا من بعدِهم يقولون ربَّنا اغفرْ لنا ولإخوانِنا الذين سبقونا بالإيمان) فأثنى الله تعالى عليهم باستغفارهم لمن سبقهم من المؤمنين، فدلَّ على انتفاعهم باستغفار الأحياء.
وكذلك يصل ثواب الصدقات إلى الموتى بالإجماع كما في الصحيحين، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله إن أمي تُوفيت وأنا غائب عنها، فهل ينفعها إن تصدقت عنها ؟ قال: "نعم" قال: فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عنها. يريد بستانه.
ومن هنا نشأت الأوقاف الخيرية التي تُخصَّص فيها صدقات على الواقفين بعد موتهم وعلى آبائهم وذريتهم ابتغاء وصول ثوابها إليهم، وهي أوقاف صحيحة شرعًا مشروعة في عهد الرسول والصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى عصرنا هذا، ويجب على من يَليها أن ينفِّذ شروطها كما أراد الواقفون ولا يعدل عنها، ويأثم ويستحق العزل إذا أخل بها. وما هي إلا خير وبر وإحسان ومعونة للمحتاجين، والنصوص الشرعية صريحة في الندب إليها والحث عليها وانتفاع الواقفين بها. وكذلك من قصدوا وصول الثواب إليهم من المسلمين. وفي الحديث: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم يُنتفَع به " .
والله أعلم .(1/283)
إسلام - إندونيسيا الاسم
الحج عن الميت االذي لم يوص بالحج العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :مات أبي دون أن يَحُجَّ، وقد ترك أملاكًا زراعية، وتريد والدتي وقد أدَّت فريضة الحج أن تَحُجَّ عنه، فهل يجوز ذلك علمًا بأنه لم يوصِ بذلك؟
السؤال
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
نعم أيها السائل الكريم، يجوز أن تَحُجَّ أمُّك التي أدَّت الحج عن نفسها عن أبيك الذي مات دون أن يَحُجَّ، حتى ولو كان لم يوصِ بذلك؛ لأن الحج دَيْن لله على الذي لم يَحُجَّ.
ودليل ذلك قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه البخاريّ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت: إن أمي نذرت أن تَحُجَّ ولم تحج حتى ماتت، أفأحُجُّ عنها؟ قال: "نعم حُجِّي عنها، أرأيتِ لو كان على أمك دَيْن أكنتِ قاضيَتِه؟ اقضُوا اللهَ، فالله أحق بالوفاء".
والله اعلم .
أكرم - الأردن الاسم
الحج عن الغير العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم :تُوفي والدي منذ سنوات ولم يحجّ، ولي ابن عمٍّ يُريد أن يحجَّ عن والدي، وابن عمي قد حجَّ عن نفسه قبل ذلك، ولكنه غير مُتزوج، فهل يصح أن يحج عن والدي؟ بارك الله فيكم
السؤال
20/10/2001 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
يقول الدكتور أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر :(1/284)
يقول تعالى : (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران97)؛ ومن هذا النص الإلهي الكريم نفهم أن الحجَّ فريضة على كلِّ قادر مُسْتَطيع، فإذَا مَاتَ الإنسانُ بعد أن وَجَبَتْ عليه فريضة بشروطها، فلا مانع شرعًا من أن يقوم غيرُه بالحجِّ عنه، ما دام هذا النائب قادرًا مُسْتطيعًا، وما دام قد حجَّ عن نفسه قبل ذلك، سواء أكان الذي يحجّ عن الغير قريبًا للميت الذي يحجّ عنه، أو كان غير قريب، وسواء أكان وارثًا أو غير وارث لمَن يحجُّ عنه.
وعلى هذا يجوز لابن عم السائل أن يحُج عن عمه الميت (والد السائل) ما دام قد حجَّ عن نفسه من قبل، ولا يمنع من ذلك أنه لم يتزوج، ما دام قد استوفى شروط الحجِّ.
وقد رُوي أن امرأة قالت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: يا رسول الله، إنَّ أمي نَذَرَتْ
أن تحجَّ فلم تحجّ حتى ماتت؛ أفأحجّ عنها؟ فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: نعم
حُجِّي عنها، أرأيتِ لو كان على أمك دَيْنٌ أكنتِ قاضِيته؟ قالت: نعم، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: اقضوا اللهَ، فاللهُ أحقُّ بالوفاء".
ويُرْوى أيضًا أن رجلًا جَاءَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال له: "يا رسول الله، إن أبي مات وعليه حِجَّة الإسلام (أي الحجة المفروضة) أفأحج عنه؟ فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أرأيت لو أن أباك ترك دَيْنًا (أي عليه) أقَضَيته عنه؟ قال الرجل: نعم. فقال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: فاحجج عن أبيك".(1/285)
وإنما قلنا إنه يُشترط أن يكون الحاجُّ عن الغير الميت قد أدَّى حِجَّة الفرْض عن نفسه؛ لأنه ورد أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ سَمِعَ رجلًا يقول وقد أَحْرَمَ بالحجِّ: لبيك عن شُبْرُمَة. فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ومَن شُبْرُمَة؟. فقال: أخ لي أو قريب لي، فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: حَجَجْتَ عن نَفْسِكَ؟. قَالَ: لا، فَقَالَ النَّبي: حُجَّ عن نفسك، ثُم حُجَّ عن شُبْرُمَة.
ويلزم الحاجَّ عن الغيْر أن ينوي بحَجِّه الحَجَّ عن المُتوفَّى الذي ينوب عنه.
والله أعلم.
عماد - البحرين الاسم
النيابة في الحج عن االأب العاجز العنوان
أحكام الحرمين الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : وَالِدِي يعجز عن أداء فريضة الحج، وطلب مني أن أَحج عنه؛ لأنه لا يستطيع السَّفر ولا أداء أعمال الحج لمرضه وعجزه صحيًّا، فهل يجوز أن أحج نيابة عنه؟.
السؤال
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يقول الدكتور أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر : في رده على سؤال مماثل :
اشترط الإسلام لوجوب الحج أن يكون الإنسان مُستطيعًا قادرًا، بدليل قول الله ـ تبارك وتعالى ـ: (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (آل عمران: 97). والاستطاعة هنا تتعلَّق بالصِّحة والبدن، وبتَوَافُرالنَّفَقة، وبالأمن في الطريق، وبالقُدرة على السفر وأداء المناسك. فإذا تحققتْ هذه الاستطاعة لَزِم الحَجُّ، ووجب على الإنسان أن يُؤَدِّيَ فريضة الحج بنفسه. ولا يجوز توكيل غيره في أداء الحج المفروض عليه.(1/286)
ولكن إذا عجز الإنسان عن أداء الحجِّ المفروض لمرض أو عجْز أو مانع لا حيلة له فيه، فإنه يَجوز له أن يُوكِّل غيره؛ في أداء الحج عنه، ويجوز للغير – كالابن مثلاً ـ أن ينوب عن أبيه في أداء هذه الحِجَّة المفروضة. وإذا أَدَّى الوكيل الحج بنِيَّة النيابة عن غيره سقطتْ الحجة المفروضة عن المُوكِّل. وقد استدلَّ الفقهاء على هذا بأن امرأة سألت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله في الحج أدركتْ أبي شيخًا كبيرًا؛ لا يستطيع أن يَثْبُتَ على الراحلة أَفَأَحُجُّ عنه؟. فقال ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ: أرأيت لو كان على أبيك دَيْنٌ أكنت قاضيته؟ فقالت: نعم. فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: فدَيْنُ الله أحق أن يُقضَى.
ولكن الفقهاء اشترطوا هنا أن يَستمر العجز عند الموكِّل حتى آخر حياته، فلو زال العجز عنه بعد قليل أو طويل من الزمان، وأصبح مُستطيعًا قادرًا على الحج، لَزِمَه أن يحُجَّ بنفسه، واشترطوا كذلك أن تكون نفقة الحج من مال الموكِّل، وأن ينوي الوكيل أداء الحجة نيابة عن مُوكِّله.
والله أعلم .
farouk - الجزائر الاسم
الحج عن المريض العنوان
فقهية الموضوع
ما حكم الحج عن المريض ؟ السؤال
20/04/2008 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فمن عجز عن أداء الحج بنفسه لمرض أو شيخوخة أو غيرهما، وعنده القدرة المالية يجب عليه أن ينيب غيره ليحج عنه، بدليل الحديث الذي رواه الترمذي بسند صحيح عن الفضل بن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال "نعم".(1/287)
وكذلك إذا مات من استطاع أن يحج ولم يحج يجب أن يحج عنه غيره حتى لو لم يوص بذلك على ما رآه جمهور الفقهاء، وتخرج النفقات من التركة وتقدم على الميراث؛ لأنها دين. روى البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال "نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا فالله أحق بالوفاء".
هذا عن الحج عن الغير، أو الحج الواجب، أما الحج للغير وهو الحج المندوب الذي يريد الحاج أن يهدي ثوابه لأحد أقاربه أو لغيره ممن ماتوا ولم يكن الحج واجبًا عليهم فيجوز أيضًا، ويستوي في ذلك أن تكون نفقات الحج من الشخص نفسه أو من شخص آخر أو جهة أخرى، وإن كان للمتبرع بهذه النفقات ثواب أيضًا.
ويشترط في كلا الأمرين -الحج عن الغير والحج للغير- أن يكون القائم به سبق له الحج عن نفسه وسقطت عنه الفريضة، فإن لم يكن قد أداها حسبت الحجة له هو، على ما رآه جمهور الفقهاء وليس للغير فيها نصيب من سقوط الحج عنه أو وصول الثواب إليه، والدليل على ذلك ما رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي وصححه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، فقال له: "من شبرمة"؟ قال: أخ أو قريب لي، قال "أحججت عن نفسك"؟ قال: لا، قال: "فحج عن نفسك ثم حج عن شبرمة".(1/288)
هذا، والحج الواجب عن الغير إن كان ميتًا لا يشترط فيه أن يكون قد أوصى به؛ لأن الدين يجب قضاؤه مطلقًا، وكذلك سائر الحقوق المالية من كفارة أو زكاة أو نذر فالظاهر أن دين الحج مقدم على دين الآدمي، إذا كانت التركة لا تتسع للحج والدين، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث الجهينة السابق "فالله أحق بالوفاء" والإمام مالك لا يوجب الحج عن الغير من تركته إلا إذا أوصى، أما إذا لم يوص فلا يحج عنه، وحجته أن الحج عبادة غلب فيها جانب البدنية فلا يقبل النيابة كالصلاة وإذا أوصى كان الحج من الثلث.
ومما سبق يعلم جواز الحج عن المريض بالشروط التي اتفق عليها الفقهاء من سقوط الحج الفرض عن الحاج عن غيره ؛ وعدم قدرة المريض على الحج مع الاستطاعة المالية .
والله أعلم .
أميرة - الكويت الاسم
حج الرجل عن المرأة والعكس العنوان
أحكام النيابة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : لي سؤال : إذا أراد الإنسان أن يحج أو يعتمر عن ميت أو عن شخص عاجز عن الحج فهل يشترط أن يكون مثله ذكورة وأنوثة أو لا ؟ ولكم وافر الشكر
السؤال
27/07/2008 التاريخ
الدكتور محمد المختار الشنقيطي ـ من كبار علماء موريتانيا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا يشترط في الوكيل أن يكون مشابهاً لموكله جنساً فيجوز حج الذكر عن الأنثى أو الأنثى عن الذكر فالكل يجزيء ويعتبر فيجوز حج الرجال عن النساء وحج النساء عن الرجال.
والدليل على ذلك أن امرأة غثعمية قالت للنبي-صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : « نعم » . وذلك في حجة الوداع . متفق عليه.
وعليه فلا حرج في حج ذكر عن أنثى والعكس ، والإجماع قائم على ذلك دون خلاف رأيناه . انتهى كلام الشيخ
ويقول الأستاذ محمود إسماعيل محرر استشارات الحج في الموقع :(1/289)
مادام أنه يجوز حج المرأة عن الرجل ، والرجل عن المرأة كما هو قول الأئمة الأربعة فإنه يجوز كذلك حج الرجل عن الرجل أو المرأة عن المرأة ، لأنه من باب أولى.
ودليل ذلك : أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج ، فلم تحج حتى ماتت ، أفأحج عنها ؟ قال : « نعم ، حجي عنها ، أرأيت لو كان على أمك دين ، أكنت قاضيته ؟ اقضوا الله ، فالله أحق بالوفاء » . رواه البخاري
مع العلم بأن الأحاديث التي ذكرناها عامة، وهو مقيدة عند أهل العلم فيما لو حج المرء عن نفسه ، لأنه لا يشرع للمسلم أن يحج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : لبيك عن شبرمة ، قال: « من شبرمة ؟ » قال : أخ لي ، أو قريب لي ، فقال : «حججت عن نفسك ؟ » ، قال: لا ، قال : « حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة » .رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه ابن خزيمة وابن حبان .
والله أعلم .
محمد - المغرب الاسم
حكم اشتراط الحج عن الميت من ماله العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله : تُوفِّي رجل، وقبْل وفاته أوصى بمبلغ يُحَج به عنه، ولكنه لم يُعيِّن مَن يحُج عنه، ثم بلَغ خبرُ الوفاة صِهْرَه (أخا زوجته) فقام بالحج عنه تطوعًا لوجه الله تعالى، فهل سقطت بذلك عن المتوفَّى فريضة الحج؟ ولمن يدفع المبلغ الموصَى به لهذه الحجة؟ولكم جزيل الشكر
السؤال
الحل
الحمد لله، والصلاةوالسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فيقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر " رحمه الله" في رده على سؤال مماثل:(1/290)
يرى فريق من الفقهاء أن المسلم إذا مات ولم يحُج حجة الإسلام، وهي الحجة المفروضة عليه، فإنه يجب على من يتولى أمر تَرِكَتِه وشؤونه أن يحُج عنه من ماله، وكذلك إذا كان الميت قد نذَر أن يحُج، ووجب عليه النذر؛ وذلك لأن الحَجَّ حينئذ يكون كالدَّين المستحَق في ذمة الإنسان، ودَين الله ـ تبارك وتعالى ـ أولى بالأداء.
ولقد ثبت أن امرأة قالت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إن أمِّي قد نذرت أن تحج، ولم تحُج حتى ماتت، أفأحج عنها؟. فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: نعم، حُجِّي عنها، أرأيتَ لو كان على أمِّك دَين أكنتِ قاضيته؟. قالت: نعم. قال: فالله أحقُّ بالوفاء. كما روي أن رجلاُ قال للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إن أبي مات وعليه حجة الإسلام، أفأحج عنه؟. قال: أرأيت لو أن أباك ترك دينًا عليه، أقضيتَه عنه؟. قال: نعم. قال. فاحْجُجْ عن أبيك.
ويجب ـ عند هؤلاء الفقهاء ـ أداءُ هذا الحج عن هذا الميت من ماله، سواءٌ أوْصى الحج عنه أو لم يُوصِ. وعن الإمام مالك أنه يجب الحج عنه إذا أوصى، فإذا أوصى فإن الحج يكون من ثلث التَّركة التي ترَكها.
ويُشترط فيمن يحُج عن الغير أن يكون قد أدَّى حجة الإسلام التي لزِمَتْه هو ـ وهي الحجة المفروضة ـ قبل أن ينوب عن غيره في أداء الحج، ولقد روي أن رجلاً أراد أن يحُج عن آخرَ اسمُه "شُبْرُمَه". فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أَحَجَجْتَ عن نفسك ؟. قال الرجل: لا. فقال النبي: حُجّ عن نفسك، ثم حج عن "شُبْرُمة ".
ومما سبق نفهم أنه يلزم أن تكون نفقة الحجّ عن الغير في مالِ مَنْ أوصى بأن يُحَجَّ عنه. وهناك مَن يرى أنه إذا جاء قريب للميت ـ سواء أكان وارثًا منه أو غير وارث ـ وحَجَّ عن هذا الميت، فإن فريضة الحَجِّ تَسقط عن هذا الميت، ويُسْتَنْبَط من هذا أنه لا ضرورة لإعادة الحج عنه، ويمكن التصدُّق بالمال المُخصّص لذلك، إلا إذا طالب به الوَرَثة وتقاضَوْه.(1/291)
والله أعلم.
هدى - أمريكا الاسم
ثواب الحج عن الغير العنوان
عامة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : اريد أن أسأل عن من حج عن غيره بأجرة هل يكتب له أجر حجة أم لا ؟ جزاكم الله خيراً
السؤال
19/01/2009 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز" رحمه الله " مفتي المملكة العربية السعودية سابقاً في رده على سؤال مماثل :
إذا كان أخذ الأجرة في الحج من أجل رغبته في الدنيا فهو على خطر عظيم من ذلك ويخشى ألا يقبل حجه لأنه آثر بذلك الدنيا على الآخرة.
أما إن كان أخذ الأجرة رغبة فيما عند الله سبحانه ولينفع أخاه المسلم بأداء الحجة عنه وليشارك المسلمين في مشاعر الحج وفيما يحصل له من أجر الطواف والصلوات في المسجد الحرام وحضور حلقات العلم فهو على خير عظيم ويرجى له أن يحصل له من الأجر مثل أجر من حج عنه .انتهى
قال ابن عابدين الفقيه الحنفي في كتابه المدخل:
بأن وقوع الحج عن الآمر لا يخلو المأمور من الثواب وأن حج الإنسان عن غيره أفضل من حجه على نفسه بعد أن أدى فرض الحج لأن نفعه متعدٍإلى غيره وهو أفضل من القاصرعلى نفسه. انتهى
وعليه فإن المأمور بالحج لايُحرم من ثواب الحج الذي قام به دون أن ينتقص من أجر الآمر لكن يتوقف قدر الثواب الذي يتحقق للمأمور على نيته في حجه وعلى درجةإخلاصه لله عزوجل في أداء العبادةحتى ولو كانت عن الغير،وهولاريب من قبيل التعاون على البر والتقوىالذي يثاب الإنسان على فعله.
والله أعلم .
سيد - أسبانيا الاسم
النيابة في الحج العنوان
فقهية الموضوع(1/292)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : في العام اشتد المرض بوالدتي وقرر الأطباء سفرها للعلاج بالخارج، وأن حالتها ميئوس من شفائها؛ ولهذا وكَّلنا أحد أقاربنا في الحج عن والدتنا، وسافرت والدتي للعلاج ولكن صحتها تحسنت والحمد لله، فهل يجب عليها أن تحج بنفسها هذا العام مرة أخرى أو أن الحج سقط عنها؟ وجزاكم الله خيراً
السؤال
24/12/2001 التاريخ
أ.د صبري عبد الرؤوف المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
يقول الدكتور صبري عبد الرؤوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر :
الحج ركن من أركان الإسلام، وأوجبه الله عز وجل على المستطيع، قال جل شأنه: (وللهِ على الناسِ حِجُّ البيتِ من استطاع إليه سبيلاً) وقد اتفق الفقهاء على أن سلامة البدن من الأمراض والعاهات التي لا تَعُوقُ عن أداء فريضة الحج شرطٌ لوجوب الحج، فمن كان عاجزًا عن أداء فريضة الحج لأن المرض قد اشتد به ومنعه الأطباء من السفر إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج لعجزه البدني عن السفر ـ فإن الواجب عليه أن يُنيبَ من يحج عنه بشرط وجود نفقة من ينوب عنه.
واستدل الفقهاء على ما ذهبوا إليه بما رُويَ عن سيدنا عبد الله بن عباس ـ رضي الله
عنهما ـ أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن فريضة الحج على عباده قد أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: "نعم" وهو يؤكد لنا مشروعية الحج عن الغير ما دام الإنسان مستطيعًا لأداء فريضة الحج بالمال لكنه لا يقدر على أداء الحج بالنفس. فإذا شفاه الله عز وجل وأنعم عليه بالصحة والعافية فإن الحنفية قد أكدوا عدم وجوب الحج عليه؛ لأنه أتى بما أُمر به فخرَج من العهدة كما لو لم يبرأ، ولأنه أدى حجة الإسلام بأمر الشرع فلا يلزمه حجٌّ ثانٍ كما لو حج بنفسه، وبالتالي فإن والدتك لا يجب عليها الحج مرة أخرى لسقوط الفريضة عنها بأداء غيرها عنها بطريق الوكالة أو الإنابة.
والله أعلم .(1/293)
محمد العمري - الكويت الاسم
الحل العاجل للحجاج في رمي الجمرات العنوان
المزدلفة ورمي الجمرات الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله:
أرسل لكم سؤالي العاجل بسبب تساقط المطر الشديد في منطقة منى ومكة المكرمة مما جعل البعض منا يعجل الرمي في يومين، والبعض الآخر عجز عن الرمي في بعض الأيام.. فهل يجوز تعجيل الرمي؟ وهل يجوز للبعض منا تأخير أو تأجيل الرمي؟ وهل يجب علينا البيات في منى هذه الأيام برغم صعوبة ذلك جدا على البعض منا؟ أريد منكم حلا شرعيا عاجلا لما نحن فيه حاليا، بارك الله فيكم.
السؤال
23/01/2005 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
فيقول محمود إسماعيل محرر الصفحات الشرعية المتخصصة ومحرر استشارات الحج والعمرة على موقع "إسلام أون لاين نت":
نسأل الله عز وجل أن يحفظ جميع حجاج بيت الله الحرام من كل ضر وسوء، وأن يكتب لهم السلامة في كل أمر، كما نسأل الله لهم المغفرة والرحمة والحج المبرور إن شاء الله.
أما بخصوص ما سأل عنه الأخ الكريم من مستجدات في منطقة منى ومكة المكرمة بسبب المطر الشديد فيمكن وضع بعض الحلول الشرعية العاجلة لبعض الحجاج على هذا النحو:
الحل الأول:
تعجيل الرمي في يومين بدلا من ثلاثة، وهذا لا خلاف فيه؛ لأن النفر بعد الرمي (أي النزول من منى إلى مكة) نوعان: نوع يكون بعد رمي الجمار يوم الثاني عشر من ذي الحجة، ويسمى "النفر الأصغر"، ويجب أن يكون قبل غروب شمس ذلك اليوم عند الجمهور. وقال أبو حنيفة: يجوز له البقاء إلى ما قبل فجر اليوم الثالث عشر؛ لأنه لا يبدأ هذا اليوم إلا بطلوع فجره؛ فإن نفر قبل الفجر فلا شيء عليه إلا الكراهة لأنه تأخر عن الغروب.(1/294)
والنفر الثاني هو الذي يحدث يوم الثالث عشر من ذي الحجة وهو أفضل من الأول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نفر في اليوم الثالث من أيام التشريق، قال تعالى: "فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُون".
الحل الثاني:
جواز الرمي قبل الزوال في الأيام كلها حتى فجر اليوم الثاني دون تحديد لمدة معينة حتى يكون الحجاج في سعة من أمرهم؛ نظرا لعذر المطر الشديد وتبعاته، وقد أجاز الرمي قبل الزوال في الأيام كلها ثلاثة من كبار الأئمة وهم: عطاء فقيه مكة، وفقيه المناسك، وأحد فقهاء التابعين.. وطاووس فقيه اليمن، وأحد فقهاء التابعين، وهو وعطاء من تلاميذ حَبْر الأمة عبد الله بن عباس، وكذلك هو رأي أبي جعفر الباقر من أئمة أهل البيت وفقهاء الأمة المعتبرين. بل قال هذا بعض المتأخرين من فقهاء المذاهب من الشافعية والمالكية والحنابلة، وهو رواية عن الإمام أحمد.
الحل الثالث:
اللجوء إلى النيابة أو التوكيل عند العذر بأن توكل كل مجموعة واحدا من الحجاج ليرمي عنها خاصة في مثل هذا العذر الذي سأل عنه السائل، كما تجوز الإنابة كذلك لكل من عجز عن الرمي بنفسه؛ لمرض أو كبر سن، أو حمل بالنسبة للمرأة. ويصح كذلك لكل مريض بعلة لا يرجى زوالها قبل انتهاء وقت الرمي، كما يجوز التوكيل عن عدة أشخاص، على أن يرمي الوكيل عن نفسه أولا.
الحل الرابع:
تأخير الرمي كله إلى اليوم الأخير، وإلى هذا ذهب الفقهاء من الحنابلة والشافعية؛ حيث قالوا: إنه لو جمع الجمار كلها حتى جمرة العقبة يوم العيد فرماها في اليوم الثالث من أيام التشريق أجزأت أداء؛ لاعتبار أن أيام منى كلها كالوقت الواحد.
الحل الأخير:(1/295)
بالنسبة للمبيت في منى ليالي التشريق فالجمهور على أنه واجب يجب دم بتركه، وذهب الأحناف وابن حزم إلى أنه سنة، وقد ذهب البعض إلى سقوط المبيت بمنى لمن كان عنده عذر؛ كمن يخاف على نفسه أو ماله أو كان مريضاً أو عنده عذر معين، أو نحو ذلك من الأعذار. ويمكن الأخذ بعدم المبيت في منى أيام التشريق لأصحاب الأعذار الواردة في مثل هذا السؤال.
والله أعلم .
حامد - المغرب الاسم
الحج وبقايا الجاهلية!!؟ العنوان
شبهات وردود الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :يزْعُم بعضُ المستشرقين أن الحجَّ من بقايا الجاهليةِ فهل هذا صحيح ؟؟أفيدونا حفظكم الله
السؤال
17/12/2006 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فهناك أمور يجب أن تَعِيها تمامًا ـ في مجال العقيدة ـ وهي أن الإنسانيةَ بدأت مؤمنةً موحدةً، تلتزم منهج اللهِ الذي أتَى على لسانِ آدمَ أبي البَشَرِ، ثمَّ توالتِ الرسالاتُ الإلهيةُ توضح الحقَ وطرائقَ الخيرِ، كلَّما تباعَدَ الناسُ وتشاغلُوا بمُتَعِ الحياةِ الرخيصةِ، قال الله تعالى: (إنَّا أرْسَلْنَاكَ بالحقِّ بشيرًا ونذيرًا وإنْ مِنْ أُمّةٍ إلاَّ خلاَ فيها نذيرٌ) (فاطر: 24).
ومن المقطوعِ به أن المنطقةَ العربية ومكَّة ـ على وجه الخصوص ـ قد عرفت شريعةَ إبراهيمَ وشريعةَ إسماعيلَ، وأن الحَجَّ هُوَ مِلَّةُ إبراهيمَ الذي بنَى الكعبةَ ورفعَ قَواعِدَها مع ولده إسماعيلَ، عليهما السلام. قال الله تعالى: (وعهِدْنَا إلَى إبراهيمَ وإسماعيلَ أنْ طهِّرَا بيْتِيَ للطائِفِينَ والعاكفينَ والرُّكَّعِ السُّجُودِ) (البقرة: 125).(1/296)
مع تطاول الزمن وتباعد العهد بدأ الناس يبتدِعون في دين الله وأَغْوَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فحَرَّفُوا وبَدَّلُوا فوَضَعَ العربُ الأصنامَ فِي جَوْفِ الكَعْبة، وطاف البعضُ منهم وهم عراة، وحرَّمُوا على أنفسهم مآكلَ ومطاعمَ قَدِمُوا بِهَا من خارجِ الحَرَمِ ومنعوا المحرم أن يدخلَ دارَه من بابها المعتاد.. وغير ذلك كثير، فلما جاء الإسلامُ محَا آثارَ الجاهليةِ فحطَّمَ الأصنامَ وأصبحَ المبدأُ الإسلامي لا يطوفُ بالبيتِ عُريان، وقال الله تعالى: (وليسَ البرُّ بأنْ تأتُوا البيوتَ منْ ظهورِها ولكن البرَّ منِ اتَّقَى وأْتُوا البيوتَ منْ أبوابِها واتقوا اللهَ لعلكم تُفلحونَ) (البقرة: 189).
والحج تشريعٌ إلهيٌّ على لسانِ رسلِ الِله، وليس بدعةً اخترعها الوهمُ العربيُّ في جاهليته.
وللحج حكمةٌ بالغةٌ تعْجَزُ عنها أقلامُ الباحثينَ، ويكفي فيها على المستوى الفردي التَّجردُ من حُطَامِ الدنيا والإخلاصُ لله وحده، وصفاءُ القلبِ واستشعارُ الملأ الأعلى، وعلى المستوى العام التعارفُ الإسلامي والتقاءُ كافةِ المسلمينَ وأهلُ الفِكْر على كلمةٍ سواء؛ هي لبيك اللهم لبيك.
والله أعلم .
حسن - مصر الاسم
الزواج أيام العيد العنوان
شبهات وردود الموضوع
هل يكره الزواج فى العشرة أيام التي تسبق عيد الأضحى أو فى أيام التشريق ؟
السؤال
01/01/2001 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
هذا الاعتقاد لا أساس له من الدين، والذي في دين الإسلام أن الشهور والأيام كلها -في نظر الإسلام- ترحب بالزواج لأنه شعيرة من شعائر الدين وسنة من سنن رسوله الكريم ومن تزوج فقد أحرز شطر دينه وطوبى لمن أحرز شطر الدين.
والله أعلم
سهيلة - الإمارات العربية المتحدة الاسم
تكبيرات العيد العنوان
عامة الموضوع
متى يبدأ التكبير فى العيد؟ ومتى ينتهي؟وماالصيغةالشرعية الواردة؟
السؤال
01/01/2001 التاريخ(1/297)
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله والصلاة على رسول الله
وبعد
التكبير في عيد الأضحى نوعان: هناك تكبير مطلق، وتكبير مقيد.
التكبير المطلق يجوز من أول ذي الحجة إلى أيام العيد .. له أن يكبر في الطرقات وفي الأسواق، وفي منى، ويلقي بعضهم بعضًا فيكبر الله. والتكبير المقيد هو الذي يكون عقب الصلوات، وخاصة صلوات الجماعة، والتكبير المطلق يكون في المجامع والأسواق والشوارع .
هذا التكبير من شعائر أيام العيد - عيد الأضحى وقد كان الصحابة وهم في منى يكبرون، إذا خرجوا إلى السوق أو لاقوا الناس، كبر ابن عمر وكبر الناس حوله، حتى يرتج المكان بالتكبير.
وكذلك التكبير في مصلي العيد، إذا خرج الناس إلى صلاة العيد في المصلي، وهذه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما نعلم، فإن النبي عليه الصلاة والسلام لم يثبت أنه صلى العيد في ا لمسجد، وأن مسجده من أفضل المساجد التي تشد إليها الرحال، ومع هذا كان يخرج ليصلي في الصعيد في العراء، في مصلي معين، ويخرج الناس وراءه، حيث يصلي الناس كلهم، إظهارًا للشعيرة ولقوة الإسلام والمسلمين، لم يثبت أن النبي صلى العيد في المسجد إلا ما رُوي أنه صلى في المسجد في يوم ماطر .. من أجل المطر، وهذا عذر .. فالمسلم، وهو ذاهب إلى المصلى، أو هو جالس ينتظر فيه، يكبر، وهذا ما ينبغي أن يفعله الناس اليوم، بخلاف ما نراه منهم، حيث يجلسون ساكنين ساكتين، ويذهبون إلى المصلى، صامتين، فأين إظهار شعائر الإسلام ؟!
والتكبير يبدأ من أول فجر يوم عرفة - كما ذكرت - وينتهي في عصر آخر أيام التشريق، أي يوم الثالث عشر، فيكبر المرء يوم عرفة، وأول أيام العيد وثانيها، وثالثها، ورابعها .. إلى انتهاء صلاة العصر .. فيكبر عقب ثلاث وعشرين صلاة مفروضة.(1/298)
وصيغة التكبير، لم يرد فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء معلوم، وإنما ورد عن الصحابة، فقد صح عن سلمان الفارسي، أنه قال: كبروا الله، قولوا: الله أكبر الله أكبر كبيرًا .
وورد عن عمرو بن مسعود رضي الله عنهم جميعًا قال مثل هذه الصيغة: الله أكبر . الله أكبر لا إله إلا الله. والله أكبر . الله أكبر ولله الحمد . فبأي هذه الصيغ كبر المسلم، فقد أدى السنة وأقام الشعيرة
نضال - لبنان الاسم
التهنئة بالعيد العنوان
عامة الموضوع
هل التهنئةبالعيدواجبةوماهى صيغة التهنئة التي يهنئ بها المسلم أخاه؟ السؤال
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
المسلم يهنئ أخاه بهذه المناسبة الطيبة وكان الصحابة والسلف يهنئ بعضهم بعضاً وكانوا يقولون: تقبَّل الله منا ومنكم
أنت تعرف خصوصاً عيد الفطر يأتي بعد الصيام فكأنه يدعو الله له بقبول صيامه وقيامه وحتى يكون ممن غُفِر ذنبه "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه".
أيضاً في عيد الأضحى الإنسان يكون قبل عيد الأضحى يوم الوقفة يصومه، وحتى التسعة أيام الحجة يُشرَع فيها الصيام ويُشرَع فيها التهليل والتكبير والتحميد والتسبيح في هذه الأيام التي هي الأفضل عند الله والعمل الصالح فيها أحب إلى الله من العمل الصالح فيما سواهن من الأيام وأفضلها اليوم التاسع الذي يعتبر أفضل أيام السنة على الإطلاق، يوم عرفة
فعندما يأتي المسلم في عيد الأضحى أيضاً يقول له "تقبل الله منا ومنك" فهذا ما ورد عن السلف ولكن لم ترد صيغة معينة يُلزِم بها الشرع الإنسان، فيقول له: عيدك مبارك، عساكم من عواده، كل عام وأنتم بخير، كل سنة وأنت طيب، المهم بأي صيغة يوصل هذه التهنئة إلى إخوانه المسلمين.
والله أعلم
أحمد - المغرب الاسم
حكم صلاة العيد في البيوت العنوان
عامة الموضوع
هل يجوز لبعض الأخوة أن يجتمعوا في بيت من البيوت ليصلوا صلاة العيد ؟
السؤال
الحل(1/299)
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
صلاة العيد على الصحيح من أقوال العلماء أنها واجبة علىالمسلم،وقيل إنها سنة مؤكدة والأصل فيها الاجتماع كذلك كالجمعة، ولا تصلى على انفراد، والمعلوم أن السنة هو أن يخرج الناس خارج البلدة للصلاة، ويجتمع فيها الرجال والنساء، هذه هي السنة التي عليها هذا الدين.
وما سأل عنه الأخ من صلاة بعض الناس في البيوت فهذا مخالف للهدي النبوي وسيرة أهل الرشد من الصحابة والتابعين.
لكن هذا الأمر لا يفعل إلا لضرورة كالخوف أو العجز عن إقامة السنة في الاجتماع، فإذا وجدت الضرورة الشرعية فلا بأس من هذا الفعل.
والله أعلم
تيسير - الأردن الاسم
شروط الأضحية العنوان
فقهية الموضوع
ما حكم الاضحية لغير الحاج؟ وهل هناك شروط خاصة يجب اتباعها وذلك عند نية الاضحية ؟ مثال: هل يجب الاحرام وشكرا
السؤال
01/01/2001 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
الأضحية سنة مؤكدة عن النبي صلى اللهعليه وسلم ولاعلاقةأبدا بين الاضحية والإحرام بالنسبة لغير الحاج .والنية هي أن تنوي الأضحية لله عزوجل عن نفسك وأهل بيتك ولمزيد من التفاصيل إليك كلام الكتور القرضاوي
الأضحية سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ضحى عليه الصلاة والسلام عن نفسه بكبشين أملحين أقرنين، عنه وعن آل بيته، قال: اللهم هذا عن محمد وآله وضحى عمن لم يضح من أمته صلى الله عليه وسلم . ويقول الإمام أبو حنيفة: إن الأضحية واجب، والواجب عنده فوق السنة ودون الفرض، فيرى أنها واجب على ذوي اليسار، والسعة، الحديث " من كان عنده سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا " فأخذ من هذا أنها واجبة . فإن لم يثبت وجوبها فهي سنة مؤكدة وفيها فضل عظيم.(1/300)
ووقتها يبدأ من بعد صلاة العيد، أسبق صلاة عيد في البلد، بعدها تشرع الأضحية، وقبل ذلك لا تكون أضحية، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من ذبح قبل صلاة العيد أن يعتبر شاته شاة لحم، ليست شاة نسك، وليست شاة عبادة قربة .. حتى لو تصدق بها كلها، فإنه يكتب له ثواب الصدقة ولا يكتب له ثواب الضحية، لأن التضحية عبادة، والعبادات إذا حد الشارع لها حدًا، ووقت لها ميقاتًا، لا ينبغي أن نتجاوزه أو نتقدم عليه، كالصلاة، هل يجوز أن تصلي الظهر قبل وقتها ؟ لا يجوز .. كذلك الأضحية لها وقت معين . هناك بعض الناس في بعض البلاد يذبحون في ليلة العيد، وهذا خطأ . وتضييع للسنة وتضييع لثواب الأضحية . وإذا عرف عليه أن يعيد الأضحية، خاصة إذا كان عليه نذر فيجب عليه وجوبًا أن يعيد ..فيبدأ من بعد صلاة العيد . ويجوز أن يذبح في يوم العيد نفسه، وفي ثاني يوم وفي ثالث يوم العيد .. بل هناك قول بالجواز في رابع أيام العيد .. أخر أيام التشريق . والأولى أن يذبح إلى الزوال، فإذا جاء وقت الظهر ولم يذبح، يؤخر لليوم الثاني، وبعض الأئمة يقولون: حتى بعد ذلك يصح الذبح ليلا ونهارًا ولهذا أرى أنه ليس من الضروري أن يذبح الناس كلهم في أول يوم العيد، حيث يكون هناك زحمة على الذبح، فيمكن أن يؤخر بعض الناس الذبح إلى اليوم الثاني أو الثالث، فيكون بعض الناس بحاجة إلى اللحم، فيستطيع أن يوزع في اليوم الثاني أو الثالث على أناس لعلهم يكونون أحوج إلى اللحم من أول أيام العيد.
هذا هو وقت الأضحية.
وما يجزئ في الأضحية هو: الإبل والبقر والغنم.. لأنها هي الأنعام .. فيصح أن يذبح أيًا من هذه الأصناف. والشاة عن الواحد .. والمقصود بالواحد: الرجل وأهل بيته . كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: هذا عن محمد وآله.
وقال أبو أيوب: كنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يذبح الرجل عن نفسه وأهله شاة واحدة، حتى تباهي القوم فصاروا إلى ما ترى.
فهذه هي السنة.(1/301)
وبالنسبة للبقر والإبل، فيكفي سبع البقرة أو سبع الناقة عن الواحد، فيستطيع أن يشترك سبعة أشخاص في البقرة، أو في الناقة، بشرط ألا تقل البقرة عن سنتين والناقة عن خمس سنوات، والماعز عن سنة، والضأن عن ستة أشهر . الضأن الجذع أباح النبي عليه الصلاة والسلام ذبحه ولو كان عمره ستة أشهر . واشترط أبو حنيفة أن يكون سمينًا، وإلا أتم السنة.
هذا ما يجزئ في الأضحية.
وكلما كانت أسمن وأحسن كان ذلك أفضل، لأنها هدية إلى الله عز وجل .. فينبغي على المسلم أن يقدم إلى الله أفضل شيء، أما أن يجعل لله ما يكره.. فلا، ولهذا لا يجوز أن يضحي بشاة عجفاء هزيلة شديدة الهزال، أو عوراء بين عورها، أو عرجاء بين عرجها، أو ذهب أكثر قرنها، أو كانت أذنها مشوهة، أو ذات عاهة أيًا كانت هذه العاهة .. لا ! إنما ينبغي على المسلم أن يقدم الشيء النظيف لأنه - كما قلت - هدية إلى الله سبحانه وتعالى .. فليتخير العبد ما يهديه إلى ربه ..و ذلك من الذوق السليم والله سبحانه لن يناله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم.
هل يتصدق بثمن الضحية ؟.
أما أيهما أولى: الصدقة بثمن الضحية أم الذبح؟(1/302)
أما بالنسبة للحي، فإن الذبح أولى، لأن الذبح شعيرة وقربة إلى الله عز وجل (فصل لربك وانحر) فنحن ننحر اقتداء بسنة أبينا إبراهيم، وتذكيرًا بذلك الحدث الجليل، حدث التضحية . إبراهيم حين جاءه الوحي في الرؤيا، بأن يذبح ولده إسماعيل واستجاب لهذا الوحي، وذهب إلى ابنه وفلذة كبده، إسماعيل بكره الوحيد الذي جاءه على الكبر، وعلى شوق وفي غربة، فبعد هذا كله، وبعد أن رزقه الله، وبشره بغلام حليم، وبلغ معه السعي، وأصبح يرجى منه، جاءه الوحي عن طريق الرؤيا الصادقة ليذبحه إنه امتحان .. وامتحان عسير .. على أب في مثل هذه السن، وفي مثل هذه الحال، وفي ولد ذكر نجيب حليم، وبعد أن بلغ معه السعي، في سن أصبح يرجى منه، كل هذا ويأتيه الأمر الإلهي: اذبحه ! يريد الله أن يختبر .. قلب خليله إبراهيم ؟؟ أما زال خالصًا لله عز وجل ؟ أم أ صبح متعلقًا مشغولاً بهذا الولد؟ هذا هو البلاء المبين .. والامتحان الدقيق العسير، ولكن إبراهيم نجح في الامتحان، ذهب إلى ابنه، ولم يرد أن يأخذه على غرة، ولا على غفلة، ولكن بصره بالأمر وقال له: يابني إني أرى في المنام إني أذبحك، فانظر ماذا ترى) (الصافات: 102) ولم يكن في روعة موقف الوالد إلا موقف الولد فإنه لم يتمرد، ولم يتردد، بل قال في ثقة المؤمن وإيمان الواثق (يا أبت افعل ما تؤمر ) نفذ ما لديك من أوامر (ستجدني إن شاء الله من الصابرين) (الصافات: 103) كلام يشيع منه الإيمان والقوة والتواضع والتوكل على الله .(1/303)
لم يجعلها بطولة أو ادعاء للشجاعة، بل علق ذلك على المشيئة (ستجدني - إن شاء الله - من الصابرين ) رد الأمر إلى الله، ووكله إليه سبحانه وتعالى، فهو الذي يهب الإنسان اليقين، يمنحه الصبر، ويهبه قوة الأعصاب، (فلما أسلما) (الصافات: 103) أسلم الوالد ولده، وأسلم الولد عنقه، (وتله للجبين) صرعه إلى جبينه، وأراد أن ينفذ ما أمر به، جاءته البشرى، (أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا هو البلاء المبين . وفديناه بذبح عظيم) (الصافات: 104 -107) جاءه جبريل بالكبش وقال له: اذبح هذا بدلاً عن ابنك . فأصبحت سنة في هذا اليوم. نضحي تذكيرًا بهذا الحدث.
الأمم دائمًا تحاول أن تخلد أحداثها، وتجسد ذكرياتها العظيمة وتحتفل بأيام مجدها .. يوم الاستقلال يوم الجلاء .. يوم النصر. -الخ فكذلك هذا اليوم من أيام الله، من أيام الإنسانية، من أيام الإيمان هذا يوم بطولة خالدة، خلده الله بشعيرة الأضحية .. فالمسلم يضحي بهذا اليوم، وذلك سنة وهو أفضل من التصدق بثمنها، لأنه لو تصدق كل الناس بثمن أضاحيهم، فمعنى ذلك أن هذه الشعيرة تموت، والإسلام يريد أن يحيها، فلاشك أن الذبح أفضل . ولكن هذا في حق الحي .. وهو من يضحي عن نفسه وعن أولاده.
ولكن إذا كان للإنسان ميت، ويريد أن يهدي إليه في قبره ثوابًا، فماذا يصنع ؟ هل يذبح ؟ أم يتصدق بالثمن؟
القول الذي أرجحه وأرتاح إليه، أنه في البلد الذي تكثر فيه الذبائح ويكون الناس في غني عن اللحم، يكون في هذه الحالة التصدق بثمن الأضحية عن الميت أفضل .. لأن الناس كلهم عندهم لحوم، وكلهم مستغنون يوم العيد وفي اليومين التاليين له، ولكن لعل أكثرهم بحاجة إلى دراهم يشتري بها ثوبًا لابنته، أو لعبة لابنه، أو حلوى لأطفاله أو غير ذلك، فهم في حاجة إلى من يوسع عليهم في هذه الأيام المباركة أيام العيد وأيام التشريق، فلهذا تكون الصدقة عن الميت أفضل من الضحية في مثل هذه البلاد.(1/304)
أما في البلاد التي يقل فيها اللحم، ويكون الناس في حاجة إلى اللحوم، ففي هذه الحالة، إذا ضحى الإنسان عن الميت ووزع لحم الأضحية عن ميته يكون أفضل.
هذا هو الذي أختاره في هذه الناحية.
ثم هناك أمر آخر، وهو أن الميت تشرع الصدقة عنه بإجماع المسلمين، لم يخالف فيها أحد . فهنا أمران لم يخالف فيهما مذهب: الصدقة عن الميت، والدعاء والاستغفار له . أما ما بعد ذلك مثل: أن تقرأ عنه القرآن، أو تذبح عنه، أو غير ذلك، وكل هذه الأمور فيها خلاف.
ولذا فالالمتفق عليه خير من المختلف يه
ولهذا أقول :
بالنسبة للحي، الأفضل أن يذبح عن نفسه وأهله.
وبالنسبة للميت، إذا كان البلد في حاجة إلى اللحم يذبح عن الميت ويضحي عنه . وإذا كان البلد في غير حاجة إلى اللحم، فالأولى أن يتصدق بالثمن.
وطبعًا، من حيث توزيع الأضحية، معلوم أن الأولى توزيعها أثلاثًا، ثلث يأكله الإنسان، هو وأهل بيته (فكلوا منها ) وثلث لجيرانه من حوله، وخاصة إذا كانوا من أهل الإعسار أو ليسوا من أهل السعة، وثلث للفقراء .. ولو فرض أنه تصدق بها كلها، لكان أفضل وأولى، على شرط أن يأخذ منها قليلاً للسنة والتبرك، كأن يأكل من الكبد أو من سواها، ليصدق عليه أنه أكل منها، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وكما كان يفعل أصحابه.والله أعلم.
عبد الخالق - مصر الاسم
أخذ المضحي من شعره وأظفاره العنوان
فقهية الموضوع
هل يجوز للمضحي أن يأخذ من شعره وأظفاره في العشر من ذي الحجة؟
السؤال
01/01/2001 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
هذا الحكم لايشمل جميع أفراد الأسرة ولكن يقتصر على المضحي فقط. ولايشمل كذلك أي ذبح في أي يوم غير أيام ذي الحجة وإليك التفاصيل :(1/305)
لا يجوزللمضحي أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا، فمن أراد أن يضحي في شهر ذي الحجة، فبمجرد أن يرى هلال هذا الشهر فعليه أن يمتنع عن قص شعره أو حلقه وعن تقليم أظافره، فإن هذا نوع من التشبه بالمحرمين في مناسك الحج ..
فالإنسان الذي لم يتح له أن يذهب إلى الأرض المقدسة ليحرم ويحج ويعتمر، يتشبه بالحجاج والمعتمرين وهو في أرضه وفي بيته وفي بلده .. يتشبه بالامتناع عن قص شعر الرأس واللحية والأظافر فقط، وليس هناك شيء محرم أكثر من هذا.. فلا يظن البعض أنه يمتنع عن زوجته وعن الطيب .. لا .. لم يرد هذا .. الامتناع فقط عن قص الشعر والأظافر .. وليس مطلوبًا من المسلم غير الحاج الإحرام .. وهذا مكروه فقط .. وهو الأرجح .
فمن فعل ذلك فليس عليه فدية وليس عليه شيء، فلو خالف أحد، وقص شعره أو أظفاره، فليس عليه فدية، وإنما عليه أن يستغفر الله، وليس أكثر من ذلك.. ومادام الأمر مكروهًا فالكراهة - كما قال العلماء -تزول بأدنى حاجة .. فمثلًا إذا كان البعض يضايقه كثيرًا ترك الشعر أو الأظافر فقص شعره أو قلم أظافره، فلا شيء عليه .
هذا فيما يتعلق بترك الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي والله أعلم.
قاسم - مصر الاسم
أربعون صلاة في المسجد النبوي العنوان
عامة الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبعد ..
هل يوجد حديث بشأن ثواب من يصلى أربعين فرضاً بمسجد الرسول عليه الصلاة والسلام ؟
مع خالص الشكر والدعاء لخدماتكم ورسالتكم الجليلة . السؤال
04/10/2006 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/306)
فلا شك أن المسجد النبوي أحد المساجد الثلاثة التي نوَّه القرآن الكريم بذكرها، إذ قال تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ"، فإن في لفظ الأقصى إشارة واضحة إلى المسجد النبوي؛ إذ الأقصى اسم تفضيل على القاصي، ومَن كان بمكة المكرمة كان المسجد القاصي منه هو المسجد النبوي، والمسجد الأقصى هو بيت المقدس؛ فذكر المسجد النبوي بالإشارة ضمن المسجدين، إذ لم يكن أيام نزول الآية الكريمة قد وجد بعد، وقال- صلى الله عليه وسلم- في بيان فضله: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلاَّ المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه" مسلم إلى قوله إلاَّ المسجد الحرام وروى الجملة الأخيرة أحمد وابن حبان في صحيحه.
وجعله ثاني المساجد الثلاثة التي لا تُشَدُّ الرحال إلاَّ إليها، فقال: "لا تُشَدُّ الرِّحَال إلاَّ إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى". وخص هذا المسجد بمزية لم تكن لغيره من المساجد، وهي الروضة الشريفة التي قال فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة" متفق عليه . ورُوِيَ عنه - صلى الله عليه وسلم- : "مَن صلَّى في مسجدي هذا أربعين صلاة لا تفوته صلاة كُتِبَ له براءة من النار، وبراءة من العذاب، وبراءة من النفاق" أحمد وقال المنذري رواه رواة الصحيح ورواه الطبراني والترمذي بلفظ آخر.
ولهذا كانت زيارة هذا المسجد للصلاة فيه من القُرَب التي يَتوَسَّل بها المسلم إلى ربه في قضاء حاجاته، والفوز بمرضاته - تعالى.(1/307)
ولما كانت زيارة المسجد النبوي عبادة كانت مفتقرة إلى نية كسائر العبادات؛ إذ الأعمال بالنيات. فلينوِ المسلم بزيارته للمسجد النبوي للصلاة فيه التقرب إلى الله – تعالى، والتزلف إليه طاعة ومحبة، فإذا وصل المسجد متطهرًا قدم رجله اليمنى، كما هي السنة في دخول المساجد، وقال: "بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك" ثم أتى الروضة الشريفة – إن وجد له متسعًا فيها – وإلاَّ ففي أي ناحية من نواحي المسجد، فصلى ركعتين أو ما فتح الله له من الصلاة، ثم يقصد الحجرة الشريفة فيسلم على النبي- صلى الله عليه وسلم- فيقف مستقبل المواجهة الشريفة فيسلم على الرسول – صلى الله عليه وسلم – قائلاً: "السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خيرة خَلق الله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك عبد الله ورسوله، قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده، صلى الله عليك وعلى آلك وأزواجك وذرياتك وسلم تسلمًا كثيرًا. ثم يتنحى قليلاً إلى اليمين؛ فيسلم على أبي بكر الصديق قائلاً: السلام عليك أبا بكر الصديق صفي رسول الله ، وصاحبه في الغار، جزاك الله عن أمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرًا.
ثم يتنحى نحو اليمين قليلاً ويسلم على عمر - رضي الله عنه - قائلاً: السلام عليك يا عمر الفاروق ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - خيرًا: ثم ينصرف، فإذا أراد التوسل إلى الله – تعالى - بهذه الزيارة فليبتعد قليلاً من المواجهة الشريفة ويستقبل القبلة، ويدعو الله ما شاء، ويسأله من فضله ما أراد.(1/308)
وبذلك تكون قد تمت زيارة المسلم للمسجد النبوي الشريف، فإن شاء سافر، وإن شاء أقام، غير أن الإقامة بالمدينة للصلاة في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أفضل ولاسيما وقد ورد الترغيب في صلاة أربعين صلاة في المسجد النبوي الشريف.
فقد جاء في مجمع الزوائد- للحافظ الهيثمي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا تفوته صلاة كتب له براءة من النار وبراءة من العذاب وبراءة من النفاق".
قلت: روى الترمذي بعضه، ورواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.
والله أعلم .
أحمد - قطر الاسم
حكم التبرك والتمسح بالحجرة النبوية العنوان
عامة الموضوع
هل يجوز للمسلم أن يتمسح بالحجرة النبوية الشريفة من أجل التبرك بها ؟ وشكراً لكم
السؤال
07/06/2006 التاريخ
الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فيقول فضيلة الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- من علماء السعودية:
بعض العامة يتمسحون بالشباك الذي على الحجرة ويمسحون بأيديهم وجوههم وصدورهم ، اعتقادا منهم أن في هذا بركة ، وكل هذه الأمور لم يأتي الشرع بها .
لكن إن كان صاحبه جاهلاً ، ولم يطرأ على باله أنه من البدع ، فيرجى أن يعفى عنه إن شاء الله .
وإن كان عالماً أو متهاوناً غير سائل عن أمور دينه ، فإنه يكون آثما.
وعليه فالناس في هذه الأمور التي يفعلونها :
1. إما جاهل جهل مطبق لا يطرأ بباله أن هذا محرم ، فهذا يرجى أن لا يكون عليه شيء .
2. وإما عالم متعمد أن يضل الناس ، فهذا آثم بلا شك وعليه إثم من اتبعه واقتدى به .
3. وإما رجل جاهل ومتهاون في سؤال أهل العلم ، فيخشى أن يكون آثما بتفريطه وعدم سؤاله.
والله أعلم
أشرف - مصر الاسم
زيارة المسجد النبوي والسلام على الرسول العنوان
فقهية الموضوع(1/309)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أنوي أداء العمرة بعد أسبوعين إن شاء الله وقد يسر الله لي أن أتعلم معظم المناسك من خلال موقعكم المتميز لكن أرجو منكم أن تذكروا لي كيفية زيارة المسجد النبوي الشريف وهل هناك أداب معينة ينبغي أن أقوم بها أم لا ؟ جزاكم الله خيرالجزاء
السؤال
18/02/2007 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالحديث عن أدب الزيارة النبوية تَتَداعَى إليه أمور تُثِير الحس المُؤمِن، وتجعله يشدو بقلبه ولسانه: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد.
إن زيارة الرسول الكريم تَعنِي التواجُد في المدينة المنوَّرة والصلاة في المسجد النبوي تشريف، والتشرُّف بالسلام على سيد الأولين والآخرين.
أما المدينة ففضلها عظيم ومكانتها كبيرة ومنزلَتُها في الدِّين رفيعة، فهي مُلتَقَى المهاجرين والأنصار، وفيها تأسَّست الدولة الإسلامية، ومنها خرجت جيوش الرحمن وكتائب الإسلام تنشُر نور الله في كل مكان.
وقد أخبر الصادق المصدوق ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه لا يدخلها الطاعون ولا الدجَّال، وأن الإيمان يأرِزُ إلى المدينة كما تَأرِز الحيةُ إلى جُحرها، وأنها تنفي الناس كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديد، وأن المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.
وعن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن بلغه أن عمر بن عبد العزيز حين خرج من المدينة التفت إليها فبكى ثم قال لمَن معه: يا مزاحمُ، أتخشى أن تكون ممن نفتِ المدينة؟!(1/310)
ومسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو خير مسجد بعد المسجد الحرام، وأحد المساجد الثلاثة التي تُضاعَف فيها الصلاة، ويُسعَى إليها من آفاق الأرض، قال ـ عليه الصلاة السلام: "لا تُشَدُّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام ومسجد الأقصى".
وقال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام". وبالمسجد النبوي الروضة الشريفة، وفي فضلها ورد الحديث الشريف: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة".
أما القبر الذي يضم الجسد الشريف فهو في الأصل حجرة السيدة عائشة؛ لأن الأنبياء يُدفَنُون حيث يموتون، وقد انتقل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الرفيق الأعلى وهو في حجرة أم المؤمنين عائشة مستندًا إلى صدرها، وقد أصغت إليه يقول: اللهمَّ اغفرْ لي، وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى.
وفي موطأ الإمام مالك عن يحيى بن سيعد أن عائشة زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قالت: رأيتُ ثلاثةَ أقمار سقطتْ في حجرتي فقصصتُ رؤياي على أبي بكر الصدِّيق، قالت: فلما توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودُفِن في بيتها قال لها أبو بكر: هذا أحد أقمارِك وهو خيرُها".
والأدب في الزيارة والتشرُّف بالسلام على المصطفى الأمين أن يبدأ المسلم بصلاة تحية المسجد في الروضة الشريفة أو في أي مكان خالٍ من المسجد، ثم يتقدم إلى القبر الشريف من ناحية القِبْلة بأدب وسكينة وخشوع، ويقف تلقاء القبر بوجهه ويقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ولا حرج أن يتوسع بذكر بعض أوصافه وأحواله ـ صلى الله عليه وسلم.
ثم يتقدم إلى جهة يمينه قَدْر ذراع ليواجه الصدِّيق ـ رضي الله عنه ـ فيسلم عليه، ثم يتقدم قَدْر ذراع أخرى ليواجه الفاروق عمر ـ رضي الله عنه ـ فيسلم عليه، وإذا أراد الزائر أن يدعو لنفسه بعد ذلك فليستقبل القبلة ولا يستقبل القبر.(1/311)
وجاء في بعض الروايات أنه كان أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا خلا المسجد جلسوا برمانة المنبر التي تلقاء القبر بميامنهم ثم استقبلوا القبلة يدعون" وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يجيء إلى القبر فيقول: السلام على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ السلام على أبي بكر، السلام على أبي" ثم ينصرف.
وفرق بعض العلماء بين أهل المدينة والقادمين عليها من الآفاق:
فقال الإمام مالك: وليس يلزم مَن دخل المسجد من أهل المدينة الوُقوف بالقبر، وإنما ذلك للغُرَباء.
وقال أيضًا، كما نقل ذلك الإمام ابن تيمية في الفتاوى:
ولا بأس لمَن قَدِم من سفر أو خرج إلى سفر أن يقف على قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيصلى عليه ويدعو له، ولأبي بكر وعمر.
قال ابن القاسم: ورأيتُ أهل المدينة إذا خرجوا منها أو دخلوا أتَوا القبر فسلَّموا، ذلك كله تحيةً للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتشرفًا بالسلام عليه.
وهذا التفريق بين أهل المدينة والقادمين يتبعه تفريق آخر في حكم التنفل في مسجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم. فالمعلوم فقهًا أن صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة، لكن الإمام مالكًا قال: "والتنفل فيه للغرباء أحب إليَّ من التنفل في البيوت".
ومما يجب التنبيه إليه أن نتذكر حديث الرسول الأمين: "اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبَد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدَ". نحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صورته المِثالية، والالتزام الكامل بسنته وهَدْيه.
وروى سعيد بن منصور أن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي رأي رجلاً يُكثِر الاختلاف إلى قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال له: "يا هذا، إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: لا تتخذوا قبري عيدًا، وصلوا عليَّ حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني، فما أنت ورجل بالأندلس منه إلا سواء".
والله أعلم .
حسين الاسم
حكمة جعل الكعبة على يسار الطائفين العنوان(1/312)
أحكام الحرمين الموضوع
لماذا نجعل الكعبة على الجهة اليسرى حين البدء بالطواف ؟!
السؤال
27/02/2008 التاريخ
الشيخ محمد صالح المنجد المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الشيخ محمد صالح المنجد من علماء السعودية :
السبب الأساس لجعل الكعبة عن يسار الطائف والدوران حولها هو اتباع النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : ( وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ) ، وقال عزّ وجلّ : ( قل إن كنتم تحبّون الله فاتبّعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن أعمال الحجّ والعمرة : " خذوا عني مناسككم " رواه النسائي عن جابر رضي الله عنه وهو في صحيح الجامع 7882
ويكفي هذا سببا للمسلم ليطوف في هذا الاتجّاه المعيّن ولسنا بحاجة إلى أسباب أخرى كربط ذلك بحركة الأفلاك أو النجوم أو دوران الكواكب وغير ذلك لأنّ من طبيعة المسلم الإيمان والتسليم والتنفيذ لكلّ ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإذا عرف سببا أو حكمة فالحمد لله وإلاّ فهو مستسلم لأمر الله ورسوله مأجور على الاتّباع والتنفيذ، وهذا الدوران خاصّ بالكعبة ولا يُفعل في غيرها تعبدًّا .
والله أعلم .
سهيلة الأنصاري - قطر الاسم
شبهة عبادة الحجر الأسود العنوان
شبهات وردود الموضوع
قرأت في بعض الكتب لأحد المستشرقين من فرنسا أن المسلمين يعبدون الحجر الأسودومع أنه خطأ فادح من الكاتب إلا أنني أود أن تعرفواالناس بهذا الموضوع وشكرًا لكم
السؤال
23/06/2008 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(1/313)
فمما لا ريب فيه أن هذا من باب التشكيك في الإسلام، وأن المنصف من غير المسلمين ليعلم أن المسلمين لا يعبدون الحجر الأسود، وما تقبيله إلا من باب الطاعة، وحينما حج عمر -رضي الله عنه- ووقف أمام الحجر الأسود قال قولته الشهيرة: (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك) هكذا بهذه الكلمات أبطل عمر زعم الزاعمين، وشبهات المستشرقين، وليس في الحج وثنية على الإطلاق، فالطواف لا يقصد لذاته، ولا السعي بين الصفا والمروة، ولا الوقوف بعرفة، إن المقصود من شعائر الحج هو الامتثال لأمر الله تعالى، وإظهار الطاعة له .
يقول الدكتور يوسف القرضاوي عن شبهة الوثنية في الحج:
الحج هو من ملة إبراهيم عليه السلام، فقد بدأ الحج إلى بيت الله الحرام منذ أمر الله إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيامٍ معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) .
فإبراهيم هو الذي بدأ الحج ولا يمكن أن يتهم إبراهيم بعبادة الأصنام، وهو محطم الأصنام، إبراهيم الذي حطم الأصنام وجعلها جذاذاً إلا كبيراً لهم لعلهم إليه يرجعون وهو صاحب الملة الحنيفية ملة التوحيد (أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين)(1/314)
بعض الناس يقولون: إن الطواف بالكعبة وتقبيل الحجر الأسود هو من بقايا الوثنية، لا.. الحقيقة أن الحجر الأسود هو بداية الطواف، يعني نحن نبدأ الطواف من عند هذا الحجر، والتقبيل عمل رمزي فالحج يتميز بأن فيه اللغة الرمزية، فرمي الجمار مثلاً رمز لمقاومة الشر الذي يتمثل في الشيطان؛ والمسلم يقتدي في هذا بإبراهيم عليه السلام حينما رمى إبليس حينما تعرض له ليثنيه عن ذبح ولده فرماه بالجمار فلذلك نحن حينما نرمي الجمار نتمثل الشر والناس حتى العوام يكادون يتمثلون إبليس "أي كأنهم يرونه" ويقولون هذا إبليس الكبير وإبليس المتوسط وإبليس الصغير، فهذه عملية رمزية، وكذلك تقبيل الحجر الأسود فهو ليس عملاً أساسياً أو عبادة وكما قال الشاعر قديماً:
أمر على الديار ديار ليلى أُقبِّل ذا الجدار وذا الجدارَ
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارَ
الإنسان عندما تأتيه رسالة من عزيز عليه أو من حبيب إليه يقبِّلها فهو لا يقصد الرسالة بحد ذاتها ولكن لأنها تحمل كلام الحبيب.
سيدنا عمر وقف أمام الحجر الأسود وقال له: أيها الحجر إني أقبلك وأنا أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك.
بعض المستشرقين يقول: إن المسلمين يعبدون الحجر الأسود، لا، المسلم يقول: اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاءً بعهدك، وليس بالحجر.(1/315)
هذا في حين أدخل أهل الجاهلية على الحج بعض الطقوس الوثنية وبعض الأشياء غير المقبولة فكانوا يطوفون عرايا، فجاء الإسلام وقال لا يطوف بالبيت عُريان بعد هذا العام، وهو العام التاسع حينما ذهب سيدنا أبو بكر ورآه سيدنا علي أعلن أبو بكر "لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان" كانوا يقولون "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك" يقصدون بهذا الشريك الأصنام، فجاء الإسلام ومحى هذا وقال "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" النبي عليه الصلاة والسلام يقول: "أفضل الدعاء دعاء عرفة، وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، فهذا يدلنا على أن الإسلام أراد بالحج تثبيت التوحيد لا إدخال طقوس الشرك. فالحمد لله الحج -كما شرعه الإسلام وكما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وكما طبقه- محرر من الشرك تماماً والحمد لله رب العالمين.
والله أعلم .
أحمد - مصر الاسم
شبهة التبرك بغير الحجر الأسود العنوان
شبهات وردود الموضوع
في مقام السيد البدوي بطنطا في مصر، وفي ركن من أركانه، يوجد حجر معلق مثبت بالجدار، به أثر قدم غائر، يتمسح الناس به ويتبركون، ويطلبون عنده البركات وقضاء الحاجات، حيث يقال: إن هذا الأثر أثر قدم النبي صلى الله عليه وسلم ... فهل هذا الحجر ثابت حقيقة؟ وهل هذا التبرك جائز شرعامثل التبرك بالحجر الأسود؟؟ وجزاكم الله خيراً
السؤال
05/03/2007 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فما أضاع المسلمين إلا الإفراط والتفريط، فبعضهم يسرف في الاعتقاد حتى يؤمن بالخرافة، ويتبرك بالأحجار والآثار التي لم يشرعها دين، ولم يأذن بها الله.(1/316)
وآخر يقتر في الاعتقاد حتى يثير الشبهات حول الحجر الأسود نفسه، غير أن الحق بين الاثنين، فالإسلام قد أبطل التبرك بالأحجار كلها، لم يستثن من ذلك إلا الحجر الأسود .
والحجر الموجود في طنطا كالأحجار، ليس هناك تاريخ يثبت أن هذا الحجر من عهد رسول الله، ولا أن أثر القدم هو أثر قدمه عليه السلام، وليس عند أحد سند بهذا أبدا، هذه واحدة .
والثانية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته بالتمسح والتبرك بمواضع أقدامه، وتعظيمها إلى درجة التقديس، وإنما كان يحذر من كل ما يشم منه رائحة الغلو في التعظيم، ويوصد كل باب يخشى منه دخول الفتنة، لهذا قال عليه السلام: "لا تتخذوا قبري عيدا"، "لا تتخذوا قبري وثنا يعبد". "لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
وكان أصحابه على هديه كذلك..أسرع عمر بقطع شجرة الرضوان التي بايع المؤمنون رسول الله تحتها في الحديبية، وجاء ذكرها في القرآن، قطعها رضي الله عنه حين رأى بعض الناس يذهبون إليها متبركين.
إن تقبيل الحجر الأسود أمر "تعبدي" والأمور التعبدية امتثال محض لله يوقف عندها ولا يقاس عليها غيرها. وما أحسن قول عمر: "لولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك".
وأما استناد بعضهم إلى حديث: "لو اعتقد أحدكم في حجر لنفعه" فإنه استناد إلى باطل صراح، والحديث قال فيه ابن حجر: لا أصل له، وقال ابن تيمية: إنه موضوع.
والله أعلم.
حسين - العراق الاسم
حكمة الحج في مكة وشهر ذي الحجة العنوان
عامة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :ما هي أسباب الاختيار الإلهي لأداء الحج في مكة وفي شهر ذي الحجة؟ مع الشكر
السؤال
31/10/2007 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/317)
فيجب أن يتنبه السائل الكريم إلى أن الاختيار الإلهي لشيء ما لا يعلل إلا بالمشيئة الإلهية، قال تعالى: (وربكَ يخلقُ ما يشاءُ ويختارُ وما كانَ لهمُ الخِيَرةُ سبحانَ اللهِ وتعالَى عمَّا يشركون) . "القصص :68"
وقال تعالى : (ومَا كانَ لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضَى اللهُ ورسولُهُ أمرًا أنْ يكونَ لهمُ الخيرةُ مِن أمرِهمْ ومَن يَعصِ اللهَ ورسولَه فقدْ ضلَّ ضلالاً مبينًا)." الأحزاب "
ويمكن لنا نحن البشر أن نتلمَّس حُكمًا لهذا الاختيار الإلهي لكننا لا نحيط بالحكم كلها.
فالله تعالى اختار مكة مقصدًا للحج لكونها أمَّ القرى قال تعالى: (وكذلك أوحينا إليك قرآنًا عربيًّا لتنذر أمَّ القرى ومَن حولها) (الشورى: 7)
قال الإمام الرازيّ في تفسيره: وأم القرى أصل القرى، وهي مكة، وسُميت بهذا الاسم إجلالاً لها؛ لأن فيها البيتَ ومقام إبراهيم، والعرب تسمي أصل كل شيء أمَّه، حتى يقال هذه القصيدة من أمهات قصائد فلان.
هذا وقد رفع إبراهيم وإسماعيل ـ عليهما السلام ـ قواعد البيت الحرام في هذه البقعة المباركة بإذن الله ليكون مثابة للناس وأمْنًا، أي يعتادون الذَّهاب إليه والرجوع منه مرات عديدة على مدى حياتهم كلها في أمن وأمان ، والكعبة المشرفة هي أول بيت بُني لعبادة الله وحده قال تعالى: (إنَّ أولَ بيتٍ وُضعَ للناسِ للذي بِبَكَّةَ مباركًا وهدًى للعالمينَ. فيهِ آياتٌ بيناتٌ مقامُ إبراهيمَ ومَنْ دخلَهُ كانَ آمنًا وللهِ على الناسِ حِجُّ البيتِ مَنِ استطاعَ إليهِ سبيلاً ومَنْ كفرَ فإنَّ اللهَ غنيٌّ عنِ العالمينَ) آل عمران: 96 ـ 97.(1/318)
واختار الله تعالى للحج زمانًا هو ما يُسمى بالميقات الزماني، وهو شوال وذو العقدة وعشر من ذي الحجة، قال تعالى: (الحجُّ أشهرٌ معلوماتٌ) (البقرة: 197) أي أن المسلم لا يستطيع أن ينوي الحج إلا في هذا الوقت بالذات على أن يقف يوم التاسع من ذي الحجة بجبل عرفات، فالحج عرفة ومَن فاته الوقوفُ بعرفة فاته الحج.
ومن المعلوم شرعًا أن ذا القعدة وذا الحجة من الأشهر الحرم التي عظَّمها الله تعالى فقال: (إنَّ عدةَ الشهورِ عندَ اللهِ اثنَا عشرَ شهرًا في كتابِ اللهِ يومَ خلقَ السمواتِ والأرضَ منها أربعةٌ حُرُمٌ ذلكَ الدينُ القَيِّمُ..) التوبة: 36
والله أعلم .
حامد - مصر الاسم
الاجتهاد في مناسك الحج العنوان
شبهات وردود الموضوع(1/319)
بسم الله الرحمن الرحيم نشر في مجلة دورية مقالًا تحت عنوان "الحج أشهر معلومات" فجاء بهذا المقال أن مناسك الحج عبارة عن مَرويَّاتٍ منسوبة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن رُقعة الأرض التي تَضيق اليوم بثلاثة ملايين حاجٍّ لن تتسع في المستقبل لأربعة ملايين حاجٍّ أو أكثر يَحتشدون في وقت مُحدَّدٍ وفي أشهر مُحددة هي شوال وذو القعدة وذو الحجة. وانتهى المقال إلى أن العادة جَرت منذ عصر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أن حجَّ المسلمين في التوقيتات التي حجَّ فيها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن الحالَ استمر على ذلك حتى أيامنا هذه، وأن الزمن تَحرَّك والظرْف تغير والزحام اشتدَّ، وأنه آنَ الأوانُ أن ننظر في الأمر ونَتدبَّره ونلتمس له الحلَّ، وعليه فأنا أسال الأسئلة الآتية: 1 ـ هل يجوز أن تكون مَواقيت الحج وأماكنه مَحلًّا للاجتهاد بما في ذلك الوقوف بعرفة؟ 2 ـ هل كان حج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذه المَواقيت نتيجة اجتهاد شخصيٍّ منه وبالصدْفة البحْتة أم أنه وحيٌ يُوحَى؟ 3 ـ هل تَحديد وقْفة عرفات في اليوم التاسع مِن ذي الحجة هو نُسُكٌ مَقصودٌ لذاته في هذا اليوم أم يجوز الوُقوف بعرفة في أشهر الحجِّ كلها وكذا رمْي الجمرات؟ وهل يَجوز أن يكون في أيام التشريق أم يَجوز أن يكون قبلها أو بعدها؟ جزاكم الله خيراً
السؤال
02/07/2009 التاريخ
د.نصر فريد واصل مفتي مصر سابقا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/320)
فجميع السنة وقتٌ للإحرام بالعُمرة، أمَّا الحج فيَقع في السَّنة مرةً واحدةً، ولا يكون في غير أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة كله وقال ابن عباس: وعشْر من ذي الحِجَّة، ولم يُسَمِّ اللهُ ـ تعالى ـ أشهرَ الحج في كتابه؛ لأنها كانت معلومة عندهم، كما أن الوقوف بعَرفة منصوص عليه في القرآن والسُّنة، فمِن القرآن قوله تعالى: (فإذَا أَفَضْتُمْ مِن عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عندَ المَشْعَرِ الحَرامِ) (البقرة: 198) ومن السُّنة ما فعَله النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعرفات ، أما بالنسبة لأيامِ النَّحْرِ وأيام الرمْي فقد بيَّنها القرآن في قوله تعالى: (ويَذْكُرُوا اسمَ اللهِ في أيامٍ مَعْدوداتٍ) (الحج: 28) ، وأما مواقيت الحج الزمانيَّة وأماكنها مَنصوصٌ عليها في القرآن والسُّنة، وعلى ذلك فلا اجتهاد مع النصِّ، وهذه الأوقات والأماكن مُحددة لذاتها؛ لأن الذي حدَّدها هو ربُّ العالَمِينَ ورسوله الأمين، وعلى ذلك فلا يصحُّ الجدال والمُناقشة في مناسك الحج مهما كانت الدواعي والأسباب.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر "سابقا" :
الحج هو: قَصْدُ مكةَ لأداء عبادة الطواف والسعْي والوقوف بعرفةَ وسائر المناسك، استجابةً لأمر الله وابتغاء مَرضاته، وهو أحد أركان الإسلام الخمس وفرْضٌ من الفرائض التي عُلمت من الدين بالضرورة.
قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وللهِ علَى الناسِ حِجُّ البيتِ مَنِ استطاعَ إليهِ سَبيلًا) (آل عمران: 97).
ومِنَ السُّنة عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: سُئل رسول الله صلى الله علي وسلم: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: "إيمانٌ باللهِ ورَسولِهِ" قيل: ثُم ماذا؟ قال: "ثُم جهادٌ في سبيل الله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "حجٌّ مَبرور". والحج المبرور هو الذي لا يُخالطه إثْم.(1/321)
وإن للحج مواقيتَ زمانيةً ومواقيتَ مكانيةً، فالمواقيت الزمانية هي الأوقات التي لا يَصحُّ شيءٌ من أعمال الحج إلا فيها، وقد بيَّنها الله تعالى في قوله تعالى: (الحجُّ أشهرٌ مَعلوماتٌ) (البقرة: 197) فهذه الآية الكريمة تُبيِّنُ أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ لمَّا ذكَر الحج والعمرة في قوله تعالى: (وأتِمُّوا الحجَّ والعُمْرَةَ للهِ) بيَّن اختلافَها في الوقت، فجميع السَّنة وقتٌ للإحرام بالعُمرة ووقت لها.
وأما الحج فيَقع في السَّنة مرةً واحدةً، فلا يكون في غير هذه الأشهر.
واختُلف في الأشهر المَعلومات، فقال ابن مسعود وابن عمر وعطاء والربيع ومجاهد والزهريُّ: أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة كلُّه. وقال ابن عباس والسُّدِّيُّ والشعبيُّ والنخعيُّ: أشهر الحج هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. ورُوي عن ابن مسعود وقاله ابن الزبير، والقولانِ يُروَيَان عن مالك.
وفائدة الفرق بين الرأيَينِ هو تَعلُّقُ الدم، فمَن قال: إن ذا الحجة كله من أشهر الحج. لم يَرَ دمًا فيما يَقَعُ من الأعمال بعد يومِ النحْرِ؛ لأنها في أشهر الحج.
وعلى القول الأخير يَنتقض الحج بيوم النحْر ويلزم الدم فيما عُمل بعد ذلك لتأخيره عن وقته.
ولم يُسمِّ الله ـ تعالى ـ أشهرَ الحج في كتابه لأنها كانت معلومةً عندهم، ولفظ الأشهر قد يقع على شهرينِ وبعض الثالث؛ لأن بعض الشهر يَنزل مَنزلةَ كُلِّهِ، كما يُقال رأيتُك سنةَ كذا، ولعلَّه إنما رآه في ساعةٍ منها، فالوقت يُذْكرُ بعضُه بكُلِّهِ، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أيام مِنَى ثلاثةٌ" وإنما هي يومانِ وبعض الثالث، ولمَّا كان الاثنانِ وما فوقهما جمعًا قال "أشهرُ" (تفسير القرطبيُّ 1 / 887).(1/322)
وقد جاءت السُّنة النبوية المُطهَّرة مُوضحةً أن المواقيتَ الزمانية للحج هي شوال وذو القعدة وعشرٌ من ذي الحجة، قال البخاريُّ: وقال ابن عمر رضي الله عنه: أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.
أما بالنسبة للوقوف بعرفةَ فإن هذا منصوصٌ عليه في القرآن والسُّنة.
فمِن القرآن قوله تعالى: (فإذَا أفَضْتُمْ مِن عَرفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عندَ المَشْعَرِ الحَرامِ) (البقرة: 198).
ومِن السُّنة: رَوى ابن المبارك عن سفيان الثوريِّ عن الزبير بن عليّ عن أنس بن مالك رضي الله عنه: وقف النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعرفاتٍ وقد كادت الشمس أن تَثُوبَ فقال: "يا بلالُ أَنْصِتْ ليَ الناسَ" فقال بلالٌ: أنْصِتُوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فأنصتَ الناسُ، فقال صلى الله عليه وسلم: "معشرَ الناس، أتاني جبريلُ آنفًا فأقرَأَني مِن ربيَ السلامَ وقال: إن الله ـ عز وجل ـ غفَرَ لأهل عرفاتٍ وأهل المَشعر الحرام وضمِن عنهمُ التَّبِعَاتِ".
وقد أجمع العلماء على أن الوُقوف بعرفةَ هو رُكنُ الحج الأعْظم، وأنه في اليوم التاسع من ذِي الحِجَّة إلى طُلوع فجْر يومِ العاشِر وهو يَوم النحْر.
ورَوى عبد الرحمن بن يَعمُرَ الديلميُّ قال: شهدتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعرفة وأتاه ناسٌ من أهل نجدٍ فسألوه عن الحج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحجُّ عرفةُ، ومن أدرَكها قبل أن يَطلُعَ الفجرُ من ليلةِ جَمْعٍ فقد تَمَّ حجُّه" (رواه النسائيّ).
أما بالنسبة لأيام النحْر وأيام الرمْي فقد بيَّنها القرآن الكريم في قوله تعالى: (ويَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ في أيامٍ مَعلوماتٍ علَى مَا رَزَقَهُمْ مِن بَهِيمَةِ الأنْعامِ) (الحج: 28).
ولا خلاف في أن المراد بها أيام النحْر، وكان النحر هو يوم الأضحى وأيام التشريق .(1/323)
أمَّا بالنسبة لأيام الرمْي فقد ذكَر الله ـ سبحانه وتعالى ـ في كتابه: (واذْكُرُوا اللهَ في أيامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تعجَّلَ في يَومَينِ فَلا إثْمَ عليهِ ومَن تَأخَّرَ فلا إثْمَ عليهِ لِمَنِ اتَّقَى واتَّقُوا اللهَ واعْلَمُوا أنَّكُمْ إليهِ تُحْشَرُونَ) (البقرة: 203).
وأيام الرمي معدودات، وأيام النحر مَعلومات، ورَوى نافع عن ابن عمر أن الأيام المعدودات والأيام المعلومات يَجمعها أربعةُ أيامٍ: يومَ النحْرِ وثلاثةٌ أيام بعده.
وقد بيَّن النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: "أيام مِنَى ثلاثةٌ". ولمَا رواه أحمد ومسلم والنسائيُّ عن جابر رضي الله عنه قال: رأيتُ النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَرمي الجمرةَ على راحلته يوم النحْرِ ويقول: "لِتَأْخُذوا عنِّي مَناسِكَكمْ؛ فإنِّي لا أدري لعلِّي لا أحجُّ بعد حجِّتي هذه".
فالسُّنة هي ما صدَر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مِن قوْلٍ أو فِعْل أو تقريرٍ، وما دام النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَعَلَ مناسكَ الحج في العشر من ذي الحجة وأيام النحْر وأيام التشريق الثلاثة فلا بدَّ من أن نتَّبع فِعْله، لقوله صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا عنِّي مَناسِكَكم".
والذي تَجدرُ الإشارة إليه أن مَواقيت الحج الزمانيَّة وأماكنها مَنصوص عليها في القرآن والسُّنة، وعلى ذلك فلا اجتهادَ مع النصِّ، وتكون هذه الأوقات وهذه الأماكن مُحدَّدة لذاتها؛ لأن الذي حدَّدها هو الله رب العالمين ورسوله صلَّى الله عليه وسلم.
وعلى ذلك لا يصحُّ الجِدال والمناقشة في مناسك الحج مهما كانت الدواعي والأسباب، ولا يَصحُّ لأيِّ حاجٍّ أن يُؤديَ المناسك في الوقت الذي يُعجبه بعيدًا عن الزِّحامِ، بما في ذلك الوُقوف بعرفةَ، ولا حجَّ لمَن فعَل ذلك، ولا يجوز لأحد أن يَجتهد في تغيير هذه المواقيت الزمانية.(1/324)
وحجُّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذه المواقيت لم يكن نتيجةَ اجتهادٍ شخصيٍّ منه، ولكنه كان بإيحاءٍ مِن الله لرسوله، حيثُ نزَلَ جبريلُ على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأخَذَ بيدِهِ وعلَّمه مناسكَ الحجِّ ثم علَّمها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأصحابه قائلًا لهم في حجة الوداع: "خُذُوا عني مَناسِكَكم فإني لا أدري لعلِّي لا أحجُّ بعد حجتي هذه".
أما بالنسبة للوُقوف بعرفةَ في اليوم التاسع من ذي الحجة فقد نصَّ عليها بفِعْله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حَجة الوداع حينما وَقف بعرفات في اليوم التاسع وقال: "الحجُّ عرفةُ" وقال: "خُذُوا عني مَناسِكَكم".
وسُنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سواء كانت قوليَّةً أو فعليَّةً أو تقريريَّةً فإنها المُذكِّرةُ التفسيريَّةُ لمَا أجمَله القرآن الكريم من أحكامٍ، ولذلك وَجَبَ علينا اتباعُها والعملُ بها تنفيذًا لقوله تعالى: (ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُمْ عنهُ فَانْتَهُوا) (الحشر: 7).
ومِن هذا يَتبيَّنُ أن مناسك الحج وأعمالها ليست للاجتهاد ولا محلَّ نظرٍ، وليس هناك ما يدعو إلى الأخْذِ بالرأي فيما وَرَدَت به النصوص الشرعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .(1/325)
وفي قول البعض بأن مناسك الحج لم تَتغيَّر من عصر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى الآن، فهذا يدلُّ على أن مناسك الحج ليست محلًّا للاجتهاد ولا محلَّ نظرٍ لتغيير أيِّ شيء فيها، ولأن أعمال الحج كلها أمورٌ تَوقيفية ثبتتْ بفِعْلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا يَقدح في ذلك تَغيّر الظروف وتحرُّك الزمان؛ لأن ذلك يُمكن التغلُّب عليه بالوسائل التنظيمية والعلمية الحديثة، كبناء مبانٍ مِن عدَّة طوابقَ أو تَوْسِعة المكان وإزالة ما حوله من صُعوبات على مرِّ الزمان وتحديد الأعداد وتَقييدها بضوابطَ شرعيةٍ، وعلى المسؤولين عن هذه الأماكن أن يَعملوا قدْرَ طاقاتهم على راحة الحُجاج، وأعتقد أنهم غير مُقصِّرينَ في ذلك، وما يقع في مواسم الحج من حوادثَ ليست سبيلًا أو طريقًا إلى أن يُعليَ كلُّ إنسان صوته إلى التفكير في تغيير المناسك وأوقاتها المُحدَّدة شرعًا .
والله أعلم .
يارا - الكويت الاسم
حكمة الحج بين الزمان والمكان العنوان
حكم الحج وفضله الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :ما هي أسباب الاختيار الإلهي لأداء الحج في مكة وفي شهر ذي الحجة؟أفيدونا جزاكم الله خيراً السؤال
04/11/2007 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيجب أن يتنبه السائل الكريم إلى أن الاختيار الإلهي لشيء ما لا يعلل إلا بالمشيئة الإلهية، قال تعالى: (وربكَ يخلقُ ما يشاءُ ويختارُ ما كانَ لهمُ الخِيَرةُ سبحانَ اللهِ وتعالَى عمَّا يشركونَ).
وقال تعالى : (ومَا كانَ لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضَى اللهُ ورسولُهُ أمرًا أنْ يكونَ لهمُ الخيرةُ مِن أمرِهمْ ومَن يَعصِ اللهَ ورسولَه فقدْ ضلَّ ضلالاً مبينًا).الأحزاب:36
ويمكن لنا نحن البشر أن نتلمَّس حُكمًا لهذا الاختيار الإلهي لكننا لا نحيط بالحكم كلها.(1/326)
فالله تعالى اختار مكة مقصدًا للحج لكونها أمَّ القرى قال تعالى: (وكذلك أوحينا إليك قرآنًا عربيًّا لتنذر أمَّ القرى ومَن حولها) (الشورى: 7) قال الإمام الرازيّ في تفسيره: وأم القرى أصل القرى، وهي مكة، وسُميت بهذا الاسم إجلالاً لها؛ لأن فيها البيتَ ومقام إبراهيم، والعرب تسمي أصل كل شيء أمَّه، حتى يقال هذه القصيدة من أمهات قصائد فلان.
هذا وقد رفع إبراهيم وإسماعيل ـ عليهما السلام ـ قواعد البيت الحرام في هذه البقعة المباركة بإذن الله ليكون مثابة للناس وأمْنًا، أي يعتادون الذَّهاب إليه والرجوع منه مرات عديدة على مدى حياتهم كلها في أمن وأمان.
والكعبة المشرفة هي أول بيت بُني لعبادة الله وحده قال تعالى: (إنَّ أولَ بيتٍ وُضعَ للناسِ للذي بِبَكَّةَ مباركًا وهدًى للعالمينَ. فيهِ آياتٌ بيناتٌ مقامُ إبراهيمَ ومَنْ دخلَهُ كانَ آمنًا وللهِ على الناسِ حِجُّ البيتِ مَنِ استطاعَ إليهِ سبيلاً ومَنْ كفرَ فإنَّ اللهَ غنيٌّ عنِ العالمينَ) (آل عمران: 96 ـ 97).
واختار الله تعالى للحج زمانًا هو ما يُسمى بالميقات الزماني، وهو شوال وذو العقدة وعشر من ذي الحجة، قال تعالى: (الحجُّ أشهرٌ معلوماتٌ) (البقرة: 197) أي أن المسلم لا يستطيع أن ينوي الحج إلا في هذا الوقت بالذات على أن يقف يوم التاسع من ذي الحجة بجبل عرفات، فالحج عرفة ومَن فاته الوقوفُ بعرفة فاته الحج.
ومن المعلوم شرعًا أن ذا القعدة وذا الحجة من الأشهر الحرم التي عظَّمها الله تعالى فقال: (إنَّ عدةَ الشهورِ عندَ اللهِ اثنَا عشرَ شهرًا في كتابِ اللهِ يومَ خلقَ السمواتِ والأرضَ منها أربعةٌ حُرُمٌ ذلكَ الدينُ القَيِّمُ..) (التوبة: 36).
والله أعلم .
عبد القادر - البحرين الاسم
حقيقة الحجر الأسود وحكمة تقبيله العنوان
عامة الموضوع
سمعنا أن الحجر الأسود من الجنة فما مدى صحة هذا القول؟ وما حكم تقبيله؟ جزاكم الله عنا خيراً
السؤال
08/03/2007 التاريخ(1/327)
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالأحاديث التي دلت على أن الحجر الأسود من الجنة مترددة بين الصحة والحسن، وهي على كل حال لم تبلغ درجة التواتر، فهي أحاديث آحاد ، وما دام لا يوجد ما يمنع تصديق هذه الأحاديث فلنصدقها، ومع ذلك فإن من لم يصدقها لا يخل ذلك بعقيدته، ولا يخرجه من الإيمان إلى الكفر، وسواء أكان الحجر من السماء أم لم يكن فإن الثابت أنه حجر مبارك قبله النبي -صلى الله عليه وسلم، وله منزلة خاصة في قلوب كل المسلمين .
وإليك تفصيل ذلك فيما ذكره الشيخ عطية صقر-رحمه الله-رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف سابقاً:
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضًا من اللبن، فسودته خطايا بني آدم" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، ورواه ابن خزيمة في صحيحه، إلا أنه قال "أشد بياضًا من الثلج" وروى الطبراني في معجمه الأوسط ومعجمه الكبير مثله بإسناد حسن وكذلك البيهقي.
وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: نزل الركن الأسود من السماء فوضع على أبي قبيس "جبل" كأنه مهاة بيضاء -أي بلورة- فمكث أربعين سنة ثم وضع على قواعد إبراهيم. رواه الطبراني في معجمه الكبير موقوفًا على عبد الله بن عمرو بإسناد صحيح، أي ليس مرفوعًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم.
وجاء في الروايات التاريخية أن إبراهيم -عليه السلام- طلب حجرًا مميزًا يضعه في البيت فجاءه به جبريل عليه السلام.
نأخذ من مجموع هذه الروايات أن الحجر الأسود من الجنة، وأنه كان أبيض فسودته خطايا بني آدم، لكن درجة الأحاديث مترددة بين الصحة والحسن، وهي على كل حال لم تبلغ درجة التواتر، فهي أحاديث آحاد. ولو كانت صحيحة فإن هناك خلافًا بين العلماء في إفادة حديث الآحاد الصحيح القطع والعلم اليقين.(1/328)
وما دام لا يوجد ما يمنع تصديق هذه الأحاديث فلنصدقها، ومع ذلك فإن من لم يصدقها لا يخل ذلك بعقيدته، ولا يخرجه من الإيمان إلى الكفر.
هذا، وقد نشر في "الأهرام" الصادر في يوم الجمعة بتاريخ 8/10/1982م بقلم محمد عبده الحجاجي مدير إدارة بالمكتبة المركزية بجامعة القاهرة أن الحجر الأسود من السماء وسقوط الأحجار من السماء ظاهرة كونية معروفة ومؤكدة، وقد قام العالم البريطاني "ريتشار ديبرتون" برحلة إلى الحجاز متخفيًا في زي مغربي، مدعيًا أنه مسلم وكان يجيد اللغة العربية، واندس بين الحجاج واستطاع أن يحصل على قطعة من الحجر، وحملها معه إلى لندن، وبدأت تجاربه عليها في المعامل الجيولوجية، فتأكد أنه ليس حجرًا أرضيًا، بل هو من السماء، وسجل هذا في كتاب له بعنوان "الحج إلى مكة والمدينة" الذي صدر بالإنجليزية في لندن سنة 1856م.
وسواء أكان الحجر من السماء أم لم يكن فإن الثابت أنه حجر مبارك قبله النبي -صلى الله عليه وسلم- وثبت في البخاري ومسلم أن عمر -رضي الله عنه- قبله اقتداء بالرسول مقسمًا أنه لا يضر ولا ينفع، ورويت أحاديث غير قاطعة تدل على أن استلامه بمثابة عهد مع الله على الطاعة.
أما تقبيل الحجر الأسود فقد روى الحاكم وصححه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الحجر الأسود وبكى طويلا، ورآه عمر فبكى لما بكى، وقال "يا عمر هنا نسكب العبرات" وثبت أن عمر -رضي الله عنه- قال وهو يقبله: والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك". رواه البخاري ومسلم.
والتقبيل سنة عند الاستطاعة وبدون إضرار بالناس، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر "يا أبا حفص، إنك رجل قوي فلا تزاحم على الركن، فإنك تؤذي الضعيف، ولكن إذا وجدت خلوة فاستلم، وإلا فكبر وامض" رواه الشافعي في سنته.
وما هو السر في اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- بتقبيله والبكاء عنده؟(1/329)
قد يقال: إن ذلك من باب التشبه بتقبيل يد السادة والكبراء، والحجر -كما في بعض الروايات- يمين الله في الأرض يصافح بها عباده، فالتقبيل إعظام وإجلال لله -سبحانه- أو تعاهد معه على الطاعة والالتزام كما يحدث بين الناس في المبايعة والموالاة.
وقد يقال: إن الحجر هو الجزء الباقي بيقين من أحجار الكعبة التي بناها أبوه إبراهيم -عليه السلام- فالرسول يكرم هذا الأثر، ويتذكر به أصوله الأولى وما قاموا به من أمجاد وتضحيات هيأت لولادته وبعثته حول هذا الأثر الباقي وهو الكعبة.
وقد يقال: إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقبله متذكرًا إكرام الله له وتهيئته من الصغر ليكون رسول هذه الأمة، حيث فصل في نزاع خطير بين القبائل من أجل نيل الشرف بوضع الحجر الأسود في مكانه عند تجديد بناء الكعبة قبل البعثة حيث ارتضوه -وهو الأمين- حكمًا في هذا النزاع، فأشركهم في حمله بثوب، ثم أخذه بيده ووضعه في مكانه، إنه شرف جدير بالاعتزاز به، يتذكره الرسول بعد سنوات طويلة ترك فيها مكة وحرمه أهلها من زيارة البيت، حتى مكنه الله منه بعد أن انتصر وعز، ورفع الله ذكره.
كل ذلك يمكن أن يكون حيثيات للاهتمام الزائد من النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الحجر، مع العلم بأن تقبيل الحجر ليس عبادة له أبدًا، فالعبادة لله وحده، كما أن الطواف بالبيت ليس عبادة للبيت، بل لله -سبحانه- الذي أمر به في قوله {وليطوفوا بالبيت العتيق} [الحج: 29] وقال في امتنانه على قريش {فليعبدوا رب هذا البيت} [قريش: 3] فتقبيل الحجر ليس عبادة له، ولو كان فيه خطأ لم يقر الله رسوله عليه أبدًا، والله لا يقر أحدًا على شرك في عبادته.(1/330)
وشعور عمر عند تقبيل الحجر هو شعور الموحد لله -سبحانه- والمقتدي بالرسول -صلى الله عليه وسلم- فإن الاقتداء به مطلوب، وشعور الرسول بتقبيله هو أيضًا شعور الموحد لله -سبحانه- المعترف الشاكر لنعمه عليه وعلى أبيه إبراهيم -عليه السلام- وشعور المشتاق للجنة، فقد قيل: إن الحجر من الجنة وكان أبيض فسودته خطايا بني آدم، وإن لم يكن الخبر قطعي الثبوت كما قدمنا.
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- بكل هذه المشاعر والأحاسيس يقبل الحجر الأسود، وهو في قمة التوحيد لله وإخلاص العبادة له سبحانه وتعالى .
والله أعلم.
أشرف - لبنان الاسم
الحج وتكفير الذنوب العنوان
شبهات وردود الموضوع
حكم من يرتكب المعاصي ويهمل الطاعات ويقول أن الحج يغفر كل الذنوب؟
السؤال
03/07/2008 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
يقول الشيخ عطية صقر-رحمه الله-رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف سابقا:
قال اللّه تعالى { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} النساء: 48، وقال صلى الله عليه وسلم "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه" رواه البخاري ومسلم . وقال "والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " رواه البخاري ومسلم.(1/331)
ويقول العلماء : إن الذنوب منها كبائر ومنها صغائر، كما قال تعالى { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} النساء: 31، وقال تعالى { الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} النجم : 32، والصغائر مكفراتها كثيرة، فإلى جانب التوبة والاستغفار يكفرها اللّه بأي عمل صالح، قال تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات} هود: 114، وقد نزلت في رجل ارتكب معصية وقال له النبي صلى الله عليه وسلم " أشهدت معنا الصلاة"؟ قال : نعم ، فقال له "اذهب فإنها كفارة لما فعلت " وقال صلى الله عليه وسلم " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر" رواه مسلم ، وقال "وأتبع السيئة الحسنة تمحها" رواه الترمذى بسند حسن .
أما الكبائر فتكفرها التوبة النصوح كما قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى اللَّه توبة نصوحًا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم } التحريم : 8، وكما قال بعد ذكر صفات عباد الرحمن وأن من يفعل الكبائر يضاعف له العذاب { إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا فأولئك يبدل اللَّه سيئاتهم حسنات وكان اللَّه غفورًا رحيمًا} الفرقان : 70، .
أما الأعمال الصالحة غير التوبة فلا تكفر الكبائر، لأن هذه الأعمال الصالحة لا تؤثر فى تكفير الذنوب الصغيرة إلا إذا اجتنيت الكبائر كما تقدم في حديث مسلم .
وعلى هذا قالوا : إن النصوص العامة التي فيها تكفير الأعمال الصالحة لكل الذنوب - كحديث الحج المتقدم - مخصوصة بالذنوب الصغيرة ، أما الكبيرة فلا يكفرها إلا التوبة .
وليكن معلومًا أن التوبة لا تكفر الذنوب التي فيها حقوق العباد لأن من شروطها أو أركانها أن تبرأ الذمة منها ، إما بردها لأصحابها وإما بتنازلهم عنها .(1/332)
وبالتالي فالحج أو غيره من الطاعات لا يكفر الذنب الذي فيه حق للعباد حتى تبرأ الذمة منه ويؤيد ذلك أن الشهادة في سبيل اللَّه ، وهى في قمة الأعمال الصالحة ، لا تكفِّر حقوق العباد، كما ورد في حديث مسلم " يغفر اللَّه للشهيد كل شيء إلا الديْن " .
أما الذنوب التي هي حق للَّه فهي قسمان ، قسم فيه بدل وعوض ، وقسم ليس فيه ذلك ، فالأول كمن أذنب بترك الصلاة أو الصيام فلا يكفر إلا بقضاء ما فاته من صلاة وصيام كما وردت بذلك النصوص الصحيحة ، والثاني كمن أذنب بشرب الخمر مثلاً، فإن مجرد تركه والتوبة منه يكفره اللّه تعالى ، والتوبة تكون بإقامة الحد عليه إن كانت الحدود تقام ، وإلا فهي الإقلاع عن الذنب والندم عليه والعزم على عدم العود .
وقد وردت نصوص تدل على أن التبعات والمظالم يكفرها اللَّه بالحج ، لكن هذه النصوص غير قوية فلا تعارض ما هو أقوى منها ، فالتوبة لا تكفر التبعات والمظالم إلا ببراءة الذمة، وكذلك الحج لا يكفرها إلا بذلك .
وكل ما تقدم محله إذا لم تتدخل مشيئة اللّه، فإن تدخلت غفر اللّه كل شيء من الذنوب يقع من العبد ما عدا الإِشراك باللّه كَما قال سبحانه { إن اللَّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} النساء :116
وعليه فالإنسان الذي يفعل المعاصي اعتمادًا على أن الحج يكفرها - لا يجوز له أن يرتكن على الحديث المذكور ، ولا أن يرتكن على مشيئة اللّه الذي يغفر الذنوب جميعًا ، فربما لا يغفر الله له نسأل الله العفو والعافية .
والله أعلم .
فاطمة - الكويت الاسم
أداء المناسك دون زيارة المدينة العنوان
عامة الموضوع
أكرمني الله بالحج هذا العام غير أنني حزنت بشدة لعدم زيارتي للمدينة المنورة بسبب المرض ومواعيد السفر وأخبرني البعض بأن حجي صار ناقصًاأفيدوني ؟
السؤال
07/02/2008 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/333)
الزيارة للمسجد النبوي سنة وليست واجبة وليس لها تعلق بالحج بل السنة أن يزار المسجد النبوي في جميع السنة ولا يختص ذلك بوقت الحج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى " متفق عليه
وقال صلى الله عليه وسلم "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" متفق عليه .
وإذا زار المرء المسجد النبوي شرع له أن يصلي في الروضة ركعتين، ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر رضى الله عنهما ، كما يشرع له زيارة البقيع والشهداء للسلام على المدفونين هناك من الصحابة وغيرهم والدعاء لهم والترحم عليهم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورهم ،وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا :السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ،وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ،نسأل الله لنا ولكم العافية .
في رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا زار البقيع :"يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ،اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ".
ويشرع أيضاً لمن زار المسجد النبوي أن يزور مسجد قباء ويصلي فيه ركعتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزوره كل سبت ويصلي فيه ركعتين .
وقال عليه الصلاة والسلام " من تطهر في بيته فأحسن الطهور ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان كعمرة ".
وعليه : فلا تثريب عليك فحجك صحيح وغير منقوص إن شاء الله، وإن كانت زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم أمنية من أعظم الأماني إلا أن الله أعلم بنفسك منك، ونسأل الله ألا تحرمي من زيارته صلى الله عليه وسلم عما قريب.
والله أعلم .
عماد الدين - الجزائر الاسم
تكرار الحج وفقه الأولويات العنوان
فقهية الموضوع(1/334)
قريب لنا من العائلة يستعد هذا العام لأداء فريضة الحج للمرة الخامسة مع أنه يوجد في مدينتنا فقراء و معدمين ، حاولت إقناعه دون جدوى بأن هناك أولويات في ديننا فهل من رسالة توجهونها إليه؟ وجزاكم الله خيراً على ماتقدموه.
السؤال
28/01/2009 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا يشك عالم يعرف أولويات الإسلام ويعرف ما حقُّه التقديم وما حقُّه التأخير، في الأولويات التي يجب مراعاتها، وهذا الذي أنادي به منذ سنوات وهو ماأسميه "فقه الأولويات".
يجب أن نعلم أن الإسلام في تكاليفه ليس على مستوى واحد، هناك مراتب للأعمال، النبي صلى الله عليه وسلم يقول "الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" إذن هناك أدنى وهناك أعلى وهناك في الوسط شيء، والله تعالى يقول (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله).
فالأشياء ليست متساوية، نريد أن نفقِّه المسلمين هذا الفقه، أنا رأيت من قديم أناساً يظلمون العُمَّال الذين يعملون عندهم، يظلمون المستأجرين الذين يستأجرون أرضهم أو عقاراتهم ورأيت أناساً من قديم في قريتي فلاحين، يعملوا عند فلان المالك أو مستأجرين الأرض، والأرض تأكلها الدودة وهو لا يسامحهم في فلس واحد، ثم يأتي ليحج للمرة الثالثة أو العاشرة ، ولو أعطى هؤلاء حقوقهم كان أفضل من أن يكرر الحج .
العلماء قالوا: إن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة، ومن شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور، فنحن في حاجةإلى هذا .(1/335)
جاء عن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله أنه قال: "في آخر الزمان يكثر الناس من الحج بلا سبب، يهون عليهم السفر ويبسط لهم في الرزق فيهوي بأحدهم بعيره بين الرمال والقفار، يضرب في الأرض للحج وجاره إلى جنبه مأسور لا يواسيه. فهو يقول لك أنه يذهب ليحج ويضرب في الرمال والقفار وجاره تاركه يأسره الجوع أو الفقر أو الحاجة لا يواسيه، وهذا ما يحدث حالياً.
جاء رجل إلى بشر بن الحارث الشهير عند المتصوفة والزُهَّاد وكان من زُهَّاد الأمة وربانيِّيها جاءه رجل وقال له يا أبا نصر إني أردت الحج وجئتك استوصيك فهل توصيني بشيء؟ قال له: كم أعددت من النفقة للحج؟ قال: ألفي درهم، وألف درهم في ذلك الوقت مبلغ طائل فالدرهم قوة شرائية ضخمة، فقال له: هل تريد الحج تزهُّداً أو اشتياقاً إلى البيت أم ابتغاء مرضاة الله؟ قال: والله ابتغاء مرضاة الله، قال: هل أدلُّك على ما تحقِّق به مرضاة الله وأنت في بلدك ومنزلك؟ إذا دللتك على شيء من هذا تفعل؟ قال: أفعل، قال: تذهب تعطي هذا المبلغ عشرة أنفس، فقير ترمِّم فقره، ويتيم تقضي حاجته ومدين تقضي عنه دَينه، ومُعيل تخفِّف عنه أعباء عياله، ... وعدَّ له عشرة من الناس وقال: ولو أعطيتها واحد تسدُّ بها حاجته فهو أفضل، أي تكفيه وتحل مشكلته بالألفي درهم هذه، فقال له: يا أبا نصر السفر في قلبي أقوى، فقال له: إن المال إذا جُمِع من وسخ التجارات والشبهات أبت النفس إلا أن تقضيه في شهوتها، يعني الناس تشتهي أن تروح للحج فيما هو أفضل وفيما هو أنفع للمسلمين.
وأنا أرى أن تكرار الحج دون سبب ، وترك الأولويات هذا من عدم الفقه، وأولى أن يفهم المسلم أنه حين يطعم جائعاً أو يداوي مريضاً أو يؤوي مشرَّداً أو يكفل يتيماً أو يقضي حاجة أرملة أو يبني مدرسة لمجموعة إسلامية في آسيا أو أفريقيا أو مسجداً أو يساهم في مشروع ذي بال بأن هذا أفضل عند الله.(1/336)
والمفروض أن يشعر المسلم بالنشوة واللذة الروحية لكل هذه الأعمال الجليلة القدر أكثر مما يكرر الحج ويذهب ويطوف بالبيت ويقول "لبيك اللهم لبيك" فهذا قطعاً للأسف دليل على قصور الفقه، وفقه الأولويات عنده.
فلو أن المسلمين فهموا هذا لاستطعنا أن نستفيد من المليارات كل عام، وهذه المليارات لو وجدت جهة تنظمها وتقوم على صندوق اسمه صندوق بدائل الحج، لمن يريد ثواباً أكثر من حج التطوع ، فيأتي الإخوة الذين قرروا ألا يكرروا الحج ، والأخوة الذين يحجون حج خمس نجوم بـ 20 ألف وبـ 30 ألف ، ويدفعوا نفقة الحج لصندوق بدائل الحج لمصالح المسلمين في العالم ، فإن هذه المبالغ كلها لو دُفعت لسدَّت مسدَّاً، وسدت ثُغرة في حياة المسلمين وفي حاجات المسلمين ، لذلك أقول ليت هذا الوعي يحدث في الأمة.
والله أعلم.
خالد - مصر الاسم
حجة الوداع العنوان
فقهية الموضوع
نريد وصفا موجزًا لحجة الرسول صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع وجزاكم الله خيرأ السؤال
29/01/2001 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
فُرض الحج على المسلمين في العام السادس من الهجرة، وكان المسلمون يحجون مع المشركين إلى أن نزل قوله تعالى في العام التاسع: "يَا أَيُّهَا الَّذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم".
وفي يوم مشهود من أيام الله خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في العام العاشر من الهجرة ومعه مائة ألف أو يزيدون يؤدون مناسك الحج، بعد أن أصبحت مكة في حمى المسلمين وبعد أن طهرت الكعبة من الأصنام، وبعد أن محيت آثار الجاهلية كلها.
وقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: "خذوا عني مناسككم".
وخطبهم خطبة جامعة حددت ملامح المجتمع الإسلامي، وتوصف هذه الحجة وتلك الخطبة بأوصاف البلاغ والإسلام والوداع.(1/337)
أما أنها حجة البلاغ؛ فلأن الرسول- صلى الله عليه وسلم- كان يقول عقب كل أمر أو نهي في خطبته: "ألا هل بلغت؟!" فيقول الجمع الحاشد: بلى. فيقول الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم-: "اللهم فاشهد".
وأما أنها حجة الإسلام؛ فلأنها الحجة الوحيدة التي أداها الرسول_ صلى الله عليه وسلم- في الإسلام بعد فرضية الحج. وفي صحيح البخاري: سئل أنس رضي الله عنه : كم حج النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : واحدة.
ولا يمنع من ذلك أن يكون الرسول حج قبل البعثة أو حج قبل الهجرة؛ فإنه- عليه الصلاة والسلام- كان يلقى الناس في مواسم الحج يعرض عليهم الإسلام.
وأما أنها حجة الوداع، فلأن الرسول- صلى الله عليه وسلم- ودع أمته قائلا: "أيها الناس، اسمعوا قولى فإني لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا".وقد انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى بعد عودته إلى المدينة بقليل.
ولكى نقف على وصف تقريبي لتلك الرحلة المباركة فهناك حديث شريف رواه جابر رضي الله عنه، وانفرد به مسلم، واعتبره العلماء حديثاً عظيماً اشتمل على فوائد ونفائس، وتكلموا على ما فيه من فقه، وصنفوا فيه صحائف طويلة.
وها نحن نسوقه مع مقتطفات من شرح النووى عليه.
((1/338)
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج، ثم أُذِّنَ في الناس في العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج؛ فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله- صلى الله عليه وسلم –ويعمل مثل عمله. فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في المسجد ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصرى بين يديه من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شئ عملنا به، فأهل بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شيئا منهن، ولزم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تلبيته.(1/339)
قال جابر رضي الله عنه: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" ، فجعل المقام بينه وبين البيت. كان يقرأ في الركعتين: "قل هو الله أحد" و"قل يا أيها الكافرون". ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: "إن الصفا والمروة من شعائر الله" أبدأ بما بدأ الله به. فبدأ الصفا، فرقى عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحد الله وكبره وقال: "لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال: لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة. فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله، ألِعَامِنا هذا أم لأَبَد؟ فشبك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: دخلت العمرة في الحج مرتين، لا بل لأبد أبد. فحل الناس كلهم وقصروا، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي. فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج، وركب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضُربت له بنمرة.(1/340)
حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقصواء فرُحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا،ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، إن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعا في بني سعد فقتلتْه هذيل،وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا: ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات . ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئا. ثم ركب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفراء قليلا حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقد شنق للقصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس، السكينة السكينة. كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء، بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئا. ثم اضطجع رسول- صلى الله عليه وسلم- حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة. ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا، فدفع قبل أن تطلع الشمس.(1/341)
وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما، فلما دفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرت به ظُعُنٌ يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن؛ فوضع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يده على وجه الفضل؛ فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يده من الشق الآخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر. حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات يكبّر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي.
ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده.ثم أعطى عليا فنحر ما غبر(بقي) وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطُبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها.
ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال: انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلوا، فشرب منه صلى الله عليه وسلم.
سعد - البحرين الاسم
الحج على نفقة الغير العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع
تبرع لي زميل بمبلغ مالي بمثابة نفقات الحج كاملة فهل يصح هذا الحج من هذا المال أم لا ؟
السؤال
22/07/2009 التاريخ
فضيلة الدكتور محمود عبد الله العكازي -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول فضيلة الدكتور محمود عبد الله العكازي -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
الحج عبادة معروفة تنتظم من الإنسان قلبه وبدنه وماله، وليس ذلك لغيرها من العبادات يقوم بها المستطيع من المسلمين في زمن معلوم، وأمكنة معلومة امتثالاً لأمر الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً}.(1/342)
والحج فريضة فرضها الله على كل مسلم عاقل بالغ قادر على أعباء الحج من الذكور والإناث، وقد بين الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك حيث جعل الحج عند تحقق شروطه أحد الأركان التي بني الإسلام عليها.
وما دام قد هيأ الله سبحانه للعبد سبيل أداء الحج بطريق مشروع، وبمال حلال، وصحة تمكنه من القيام بأفعاله، فإنه يتعين عليه الأداء، ولا يقبل منه اعتذار عن عدم أدائه، وعدم القيام به؛ لأن الحج تجارة رابحة جزاؤه الجنة مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
والحجاج والعمار وفد الله وضيوفه إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم، وسيباهي بهم ملائكته الأطهار فيقول: (انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا غبرًا أشهدكم أني غفرت لهم ذنوبهم وإن كانت عدد قطر السماء ).
وأقول للأخ السائل: إن تبرع غيرك بحجك لا مانع منه، ويُقبل إن شاء الله ما دام المال الذي أنفقه عليك حلالاً لم يدنسه أي شبهة تحريم، ولم يكن يتعلق هذا الحج بشيء يغضب الله تعالى، ولم تكن أنت قد طلبته منه بإلحاح وإراقة ماء الوجه، وفوق هذا كله إخلاص النية لله منك ومنه مصداقًا لقوله سبحانه: {وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين}. والله تعالى سيتقبل منكما، وسيجزي هذا المتبرع خيرًا على عمله هذا، ويقبل منك هذا الحج. إنه نعم المولى ونعم النصير.
والله أعلم.
أحمد - المغرب الاسم
حكم صلاة العيد في البيوت العنوان
عامة الموضوع
هل يجوز لبعض الأخوة أن يجتمعوا في بيت من البيوت ليصلوا صلاة العيد ؟
السؤال
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
صلاة العيد على الصحيح من أقوال العلماء أنها واجبة علىالمسلم،وقيل إنها سنة مؤكدة والأصل فيها الاجتماع كذلك كالجمعة، ولا تصلى على انفراد، والمعلوم أن السنة هو أن يخرج الناس خارج البلدة للصلاة، ويجتمع فيها الرجال والنساء، هذه هي السنة التي عليها هذا الدين.(1/343)
وما سأل عنه الأخ من صلاة بعض الناس في البيوت فهذا مخالف للهدي النبوي وسيرة أهل الرشد من الصحابة والتابعين.
لكن هذا الأمر لا يفعل إلا لضرورة كالخوف أو العجز عن إقامة السنة في الاجتماع، فإذا وجدت الضرورة الشرعية فلا بأس من هذا الفعل.
والله أعلم
جميل البيطار الاسم
مناسك الحج ..خطوة بخطوة العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله
أود تعلم مناسك الحج من أولها إلى آخرها.
وجزاكم الله خيرًا.
السؤال
16/06/2008 التاريخ
دار الإفتاء المصرية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
كيفية الحج كما ذكرها أ.د.عبد الله شحاته أستاذ التفسير بجامعة القاهرة في سطور:
1-بعد أن يحرم مريد الحج يسنُّ له أن يُكثر من التلبية عقب الصلوات، وعند تغيير الأحوال من صعود وهبوط حتى يصل إلى مكة.
2-إذا وصل إلى مكة هلل وكبر عند رؤية البيت الحرام، ثم يطوف طواف التحية سبعة أشواط، مبتدئًا من الحجر الأسود مستلمًا له كلما استطاع، ويدعو الله، ويصلي ركعتين في مقام إبراهيم، ثم يشرب من ماء زمام.
3-ثم يخرج إلى الصفا، ويصعد عليه متجهًا نحو الكعبة، ويدعو بما يشاء، ثم يهبط نحو المروة، مهرولاً بين الميلين الأخضرين سبعة أشواط، ويبقى بمكة محرمًا (يمكن أن يتحلل الحاج من إحرامه بعد الطواف والسعي، ويبقى بمكة حلالاً حتى يوم التروية، فيحرم بالحج من جديد ويسمى متمتعًا. قال تعالى: "فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة") حتى اليوم الثامن من ذي الحجة.
4-ويخرج من مكة بعد طلوع الشمس اليوم الثامن، ويذهب للمبيت في منى (ليلة التاسع).
5-وبعد طلوع شمس اليوم التاسع، يذهب إلى عرفة فيمكث بها إلى الزوال، وبعد الزوال يذهب إلى مسجد نمرة، فيسمع من الإمام خطبة في المناسبة، ثم يصلي مع الإمام الظهر والعصر جامعًا بينهما جمع تقديم.(1/344)
ثم يذهب إلى الموقف للوقوف على جبل عرفات، فيقف به إلى ما بعد الغروب.
6-وبعد الانتهاء من الوقوف بعرفة، يذهب إلى مزدلفة فيجمع بين المغرب والعشاء جمع تأخير في وقت العشاء، ويبيت تلك الليلة بها، فإذا أصبح صلّى الفجر ثم يأتي المشعر الحرام وهو جبل يُسمى "قزح" فيذكر الله عنده حتى قرب طلوع الشمس.
7-ثم يذهب بعد ذلك إلى مِنى في صبيحة اليوم العاشر من ذي الحجة (وهو يوم العيد الأكبر) فيرمي جمرة العقبة بسبع حصيات، ثم يذبح شاة، ثم يحلق رأسه أو يقصره.
8-ثم يتوجه إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة، ويُسمى طواف الزيارة وطواف الركن؛ لأنه من أركان الحج، وبعد طواف الإفاضة يحل له كل شيء من محظورات الإحرام.
9-يعود الحاج بعد طواف الإفاضة إلى (منى) ظهر يوم العيد فيبيت بها، وبعد ظهر يوم الحادي عشر من ذي الحجة (ثاني أيام العيد) يرمي الجمرات الثلاث، يبدأ بالصغرى، ثم الوسطى، ثم العقبة.
ويكرر رمي الجمار الثلاث بعد ظهر اليوم التالي (ثالث أيام العيد)، وإن شاء رحل إلى مكة أو تأخر ليرمي الجمار في رابع أيام العيد، ثم يعود إلى مكة.
وعلى الحاج أن يكثر من ذكر الله عند رمي الجمار.
10-إذا أراد الحاج العودة إلى وطنه فعليه أن يطوف بالبيت الحرام طواف الوداع، وهو سبعة أشواط، ويستحب له الوقوف في الملتزم بعد طواف الوداع، ويلتزم ما بين الركن والباب، ويكثر من السؤال والدعاء والتضرع والحنين والبكاء، ويدعو الله ألا يكون آخر عهده بالبيت الحرام.
والله أعلم .
خيري - تونس الاسم
ما أيام التشريق ؟ العنوان
عامة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : اقرأ كثيراً في كتب الفقه عن أيام التشريق فما أيام التشريق؟ ولماذا سميت بذلك الاسم؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
يقول الدكتور أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر في رده على سؤال مماثل :(1/345)
أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي تلِي اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، أي التي تلي عيد النَّحْر، وهو عيد الأضحية، الذي يكون في موسم الحج عقب الوقوف بعرفة، وهذه الأيام هي اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، واليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة.
وقد سُميت هذه الأيام بأيام التشريق من تشريق اللَّحم، وهو تَقْدِيدُهُ وتجفيفه ببسطه في الشمس ليجفَّ، لأن لحوم الأضاحي كانت تُشَرَّقُ فيها ـ أي تُجَفَّفُ ـ وكانوا يُجففونها في مِنًى.
وقيل سُميت هذه الأيام بأيام التشريق لأن الهَدْي والضحايا لا تُنْحَرُ حتى تُشرق الشمس، أي تطلع، وقيل سميت بهذا الاسم لأن العرب كانوا قديمًا يقولون: "أشرق ثَبِيرٌ، كيما نُغير". وثبير جبلٌ بِمِنًى، وهو الجبل المعروف عند مكة : أي ادخل أيها الجبل في الشروق، وهو ضوء الشمس، يقال: شرقت الشمس، إذا طلعت، وأشرقت إذا أضاءت، وكيما نُغير: أي لكي ندفع للنَّحْر، وقد ذكر هذا الإمام ابن الأثير في كتابه " النهاية في غريب الحديث والأثر ".
وهذه الأيام هي الأيام التي تُلقى فيها الجمَرات ،ويكون فيها التكبير عقب الصلوات، وهي الأيام المُشار إليها بقول الله ـ تبارك وتعالى ـ في سورة البقرة: ( واذْكُرُوا اللهَ فِي أيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ في يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ومَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عليهِ لِمَنِ اتَّقَى واتَّقُوا اللهَ واعْلَمُوا أنَّكُمْ إِلِيهِ تُحْشَرُونَ ) ( الآية:203).(1/346)
وهذه الأيام أيام فَرَحٍ وسرور بتوفيق الله واستمتاعٍ بطيبات الله، وقد ذكرت السُّنَّةُ أنه يُسَنُّ الوقوف والدعاء بعد رمْيِ الجمَرات في أيام التشريق، فقد جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا رمى الجمرة الأولى التي تلي المسجد رماها بسبعِ حصَياتٍ، يُكَبِّرُ مع كل حصاة، ثم ينصرف ذات اليسار إلى بطن الوادي، فيقف ويستقبل القبلة رافعًا يديه، ثم يمضي حتى يأتي الجمْرة التي عند العقبة، فيرميها بسبع حصيات، يُكبِّر عند كل حصاة ثم ينصرف ولا يقف.
والله أعلم.
الحج ووجوبه بين الفور والتراخي العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أريد أن أسأل فضيلتكم هل فريضة الحج واجبة فور الاستطاعة أم يمكن تأخيرها لظروف أنسب لكن هذه الظروف ليست مؤثرة بدرجة كبيرة تجعلني أؤجل فريضة الحج ؟ وجزاكم الله عنا خيراً
السؤال
20/10/2009 التاريخ
أ.د عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإن جمهور الفقهاء يرون أن الحج واجب على الفور إذا تمكن المكلف من أدائه بنفسه أو بالاستنابة عليه ، في حين يرى فقهاء الشافعية أن الحج لا يجب على الفور، وإنما يجب على التراخي . وهذا يعنى أن المسلم لا يأثم إذا أخر أداء الحج مع الاستطاعة، والأرجح أن الحج واجب على الفور كما قال جمهور الفقهاء، وهذا يقتضي أن تأخيره بعد استطاعة أدائه يجامعه الأثم.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
لا خلاف بين الفقهاء على فرضية الحج على المستطيع لقول الحق سبحانه وتعالى : " وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ" سورة آل عمران : 97.(1/347)
وروي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال : من استطاع أن يحج ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا ".
وروي عنه أيضا : من أراد الحج فليعجل فإنه قد يمرض المريض ، وتضل الراحلة وتعرض الحاجة ".
هذه الأدلة تؤكد على وجوب الحج الذي ينبغي الإتيان به لأن المكلف قد يعرض له ما يمنعه من الإتيان بهذه الفريضة؛ فإذا استطاع أداء هذه الفريضة بنفسه وماله ولكنه لم يؤديها فإنه يأثم لتأخير أداء هذه الفريضة بدون سبب ، وهذا هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء الذين يرون أن الحج واجب على الفور إذا تمكن المكلف من أدائه بنفسه أو بالاستنابة عليه للأدلة السابقة.
ويرى فقهاء الشافعية أن الحج لا يجب على الفور، وإنما يجب على التراخي ومقتضى وجوبه على المكلف على التراخي ، أنه لا يآثم إذا أخر أداءه بعد استطاعته الإتيان به ، وقد استدل الشافعية على هذا بما روي أن رسول الله لم يخرج لأداء حجة الفريضة سنة 9 من الهجرة ، وتخلف بالمدينة بدون عذر من مرض أو حرب، وتخلف معه أكثر الناس ولم يحج إلا في العام التالي له وهو سنة 10 من الهجرة ، وكان قد بعث في سنة 9 من الهجرة بعثة لحج المسلمين من المدينة وأمَّر عليها أبا بكر الصديق رضي الله عنه؛ فلو كان الحج واجبًا على الفور لما تخلف رسول الله عن الإتيان به بعد أن تمكن من أدائه .
إلا أن جمهور الفقهاء قد أولوا تخلف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أداء الحج سنة 9 من الهجرة وأدائه في سنة 10 من الهجرة أنه ربما قام به عذر من مرض أو مال أو نحوهما يمنعه من أداء الحج سنة 9 من الهجرة . ولكن الحج واجب على الفور كما قال جمهور الفقهاء وهذا يقتضي أن تأخيره بعد استطاعة أدائه يجامعه الإثم.
والله أعلم.
إبراهيم - مصر الاسم
حكم الحج عن الوالدين العنوان
فقهية الموضوع(1/348)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :أريد أن أحج عن والديّ اللذين ماتا ولم يؤديا فريضة الحج لفقرهما وأريد الحج عنهما فهل يجوز لي ذلك ؟ وشكراً
السؤال
07/03/2007 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيجوز لك أن تحج عن والديك بنفسك أو تنيب من يحج عنهما إذا كنت حججت عن نفسك أو كان الشخص الذي يحج عنهما قد حج عن نفسه.
روى أبو داود في سننه عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة قال : ((من شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي قال: حججت عن نفسك؟ قال : لا، قال : (حج عن نفسك ، ثم حج عن شبرمة)، وأخرجه ابن ماجه، قال البيهقي هذا إسناد صحيح ليس في الباب أصح منه. إنتهى كلام الشيخ ابن باز"رحمه الله "
أخي السائل الكريم : مع العلم بأنه لايجوز للشخص أن يحج مرة واحدة ويجعلها لشخصين , فالحج مرة واحدة لا يجزئ إلا عن واحد، لكن لو حج عن شخص واعتمر عن آخر في سنة واحدة أجزأه .
والله أعلم.
الدكتور خطاب - الأردن الاسم
حكم بيع أرض الحرم وإجارتها العنوان
عامة الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :لم يُجز ابن تيمية بيع أراضي الحرم أو إجارتها لكونها فتحت عنوة، وقال: وبيوت مكة أحسن ما فيها أنها لا تجوز إجارتها بل يجب بذلها للمحتاج بغير عوض، فهذا الذي يدل عليه الكتاب والسنة والآثار والقياس. فما الحكم الحقيقي لديار الحرم وأراضيه؟ جزاكم الله خيراً
السؤال
31/05/2006 التاريخ
الدكتور عطية فياض المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فإن الراجح فقهًا ودليلاً: جواز بيع أرض مكة وإجارتها وسائر أنواع التصرفات فيها.
يقول الدكتور عطية فياض مدرس الفقه المقارن بكلية الشريعة جامعة الأزهر :
اختلف العلماء في بيع أرض الحرم وإجارتها ورهنها على مذهبين :(1/349)
الأول: : جوازه، وبه قال عمر بن الخطاب وجماعات من الصحابة ومن بعدهم ومذهب الشافعية وأبي يوسف من الحنفية ورواية عند الحنابلة. وناصَرَ ابن قدامة الحنبلي هذا الرأي.
الثاني : لا يجوز شيء من ذلك، وبه قال الأوزاعي والثوري ومالك وأبو حنيفة ورواية عند الحنابلة، والخلاف في المسألة مبني على أن مكة فتحت صلحا أم عنوة؟ فالمذهب الأول على أنها فتحت صلحا، فتبقى على ملك أصحابها فتورث وتباع وتكرى وترهن. والمذهب الثاني على أنها فتحت عنوة، فتكون وقفا ولا يجوز فيها شيء من هذه التصرفات.
واستدل أصحاب المذهب الأول بما يلي :
1. قوله تعالى: (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ) فأضاف الله الدار للمهاجرين، والإضافة تقتضي التمليك.
2. ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أسامة بن زيد أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة: أين تنزل من دارك في مكة؟ فقال: هل ترك لنا عقيل من دار؟
وكان عقيل وطالب ورثا أبا طالب وكانا على الشرك، ولم يرثه جعفر ولا علي، لأنهما كانا مسلمين، فدل هذا الحديث على أن دور مكة تورث ويجوز التصرف فيها.
3. ما رواه مسلم عن أبي هريرة في قصة فتح مكة قال: فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول، أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن.
فدل هذا الحديث على صحة تملك أبي سفيان لداره، ومن ثم يجوز التصرف فيها.
4. ما جاء في سنن البيهقي وغيره أن نافع بن عبد الحارث اشترى من صفوان بن أمية دار السجن لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بأربعمائة، وفى رواية بأربعة آلاف.(1/350)
5. وروي الزبير بن بكار وغيره أن حكيم بن حزام باع دار الندوة بمكة من معاوية بن أبي سفيان بمائة ألف فقال له عبد الله بن الزبير: يا أبا خالد، بعت مأثرة قريش وكريمتها؟ فقال: هيهات، ذهبت المكارم فلا مكرمة اليوم إلا الإسلام، فقال: اشهدوا أنها في سبيل الله تعالى يعني الدراهم.
ومن القياس: أنها أرض ليست موقوفة فجاز بيعها كغيرها.
أما أدلة من ذهب إلى عدم الجواز فما يلي :
1. قوله تعالى (وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) قالوا: إن المراد بالمسجد جميع الحرم
2. وقوله تعالى (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا) قالوا: والمحرم لا يجوز بيعه
الرد على هذا الاستدلال:
** بأن المراد بالمسجد الحرام هو المسجد فقط لا أرض الحرم كلها، ولو كان الأمر كذلك لما جاز لأحد أن ينشد ضالة في دور مكة ولا ينحر فيها البدن ولا يلقى فيها الأرواث ولا يبيع فيها ولا يشتري. كما أن المراد بالحرمة: تحريم الصيد والشجر والقتال فيها وليس النهي عن بيعها.
** واستدلوا بما رواه البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "مكة مباح لا تباع رباعها ولا تؤجر بيوتها"
ورد على حديث البيهقي بأن في إسناده إسماعيل بن إبراهيم، وهو ضعيف باتفاق المحدثين. أما حديث عائشة فمحمول على الموات من الحرم وهو ظاهر الحديث.
قالوا: إنها بقعة من الحرم، فلا يجوز بيعها وإجارتها كنفس المسجد الحرام. ولكن هذا القياس مردود، لأن المساجد لا تلحق بها سائر المنازل المسكونة.
والله أعلم
عادل - مصر الاسم
الشك في القدرة على إتمام الحج والعمرة العنوان
فقهية الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله : من كان مريضاً وأراد أن يحرم بالحج أوالعمرة وهو شاك في قدرته على إتمام الشعائر لظروف خاصة عنده فماذا يفعل ؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً السؤال(1/351)
12/08/2009 التاريخ
الدكتور محمد المختار الشنقيطي ـ من كبار علماء موريتانيا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فللذي يشك في قدرته على إتمام الحج أو العمرة أن يشترط ؛ لأن ضباعة -رضي الله عنها- اشتكت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية ! فقال -صلى الله عليه وسلم- : (أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني).
قال العلماء : في هذا دليل على أنه يشرع للذي يشك في قدرته على الحج أو العمرة أن يشترط عند خوفه عن العجز عن إتمام الحج أو العمرة، وهذا مما دلت عليه السنة النبوية المطهرة.
وكان الشافعي -رحمه الله- يقول : إن صح حديث ضباعة فأنا أقول به. و قال أصحابه وقد صح الحديث بالفعل فهو مذهبه.
والله أعلم .
سليمان - الأردن الاسم
حكم الصلاة خلف المقام عند الزحام العنوان
زمزم والمقام والحجر الموضوع
ماالحكم عندما لم أتمكن من أداء ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم هل أنتظر حتى يخف الزحام أو أصليها في أي مكان من المسجد ؟ وهل يجوز أن أصلى ركعتي الطواف خارج المسجد ؟ السؤال
20/11/2007 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فمن السنة صلاة ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم ـ عليه السلام ـ لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك وظاهر التنزيل يدل عليه لقوله تعالى: ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى )
والأصل أن تجعل مقام إبراهيم بينك وبين البيت فإن عجزت عن ذلك صليت في أي مكان خلف المقام ، فإن لم يتيسر لك صليت في أي ناحية من البيت.(1/352)
ولو شئت أن تصلي خارج المسجد فذلك خلاف السنة ولكنه يجزئ . فإن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- فعل ذلك فقد طاف بعد صلاة الصبح كما روى مالك في موطئه وأخر ركعتي الطواف إلى ما بعد طلوع الشمس فصلاها بذي طوى ، وذي طِوى هو وادي المثلث المعروف الآن ويسمى بـ( الزاهر ) وهو ليس من المسجد لكنه داخل حدود الحرم الشريف.
والله أعلم .
الطاهر - السودان الاسم
حج التمتع العنوان
فقهية الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : ما هو المقصود بجمع التمتُّع؟ جزاكم الله خيراً
السؤال
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
يقول الدكتور أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر :
التمتُّع في الشريعة هو الانتفاع بأداء الحج والعمرة في أشهر الحج في عام واحد بلا رجوع الحاج إلى بلده.
والمتمتِّع قسمان:
الأول متمتع لم يَسُقِ الهدي ، فيحرم بالعمرة من المقيات أو قبله. ويطوف لها في أشهر الحج ويسعى بين الصفا والمروة، ويبقى على إحرامه إن شاء، أو يتحلل من العمرة بالحلق أو التقصير، ثم يُحْرِم بالحج يوم التروية، وهو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، ويأتي بأعمال الحج ويَذْبَح الهَدي بعد رمي جَمْرَةِ الْعَقَبَة وجوبًا شكرًا لنعمة التمتُّع.
والثاني متمتِّع ساق الهدي، وهذا يُحْرِم بالعُمْرَة لم يَسُقِ الهدي، ثم يُؤدِّي أعمال العُمرة، ولا يتحلَّل منها بالحلق أو التقصير، بل يُحْرِم بالحج ويُؤدي أعماله، فإذا حلق يوم النَّحر حل من الحج والعمرة.
والله أعلم.
عماد - قطر الاسم
حج الأخ الأصغر قبل إخوته الكبار العنوان
الاستعداد للحج الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله : هل يجوز للأخ الصغير أن يحج إلى بيت الله الحرام، مع أن إخوته الكبار لم يحجوا؟بارك الله فيكم
السؤال
31/08/2008 التاريخ
الدكتور ـ أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/353)
فيقول الدكتور أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر:
الحج فريضة أوجبها الله على كل قادر مُستطيع، ولذلك يقول الله تعالى في سورة آل عمران: (وللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) .
ونفهم من السؤال أن هناك إخوة، وأحدهم أقلهم عُمرًا، ولكنه بَالِغٌ مُكَلَّف، وكأنه يتحرج وهو صغير أن يحج قبل أن يحج إخوته الكبار، ولكن الإنسان بصير على نفسه ، والقرآن يقول: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى . ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى) (النجم : 39 ـ 41).
وعليه : إذا توافرت شروط وجوب الحج عند هذا الأخ الأصغر، فإنه يجوز له أن يقوم بالحج ما دام قادرًا مُستطيعًا، وعنده مال يملكه يستطيع أن يحج به، وإذا لم يكن عنده ما يحج به، فله أن ينتظر حتى يُغْنِيَهُ الله من فضله.
وإذا كان المال المشترك بين هؤلاء الإخوة لا يكفيهم إلا لمطالب حياتهم وضرورات معيشتهم، لم يكن التعجيل بالحجِّ واجبًا في حقهم، وهو ليس بواجب في حق الأخ الأصغر من باب أولى.
والله أعلم .
حسين - الأردن الاسم
حكم من نوى الحج ثم مات العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :ما حكم من عقد العزم على الحج، فحالت بعض الظروف دون تحقيق ذلك، بأن لم يجد مكانًا خاليًا في طائرة، أو لم يحصل على " تأشيرة " لدخول الأراضي المقدسة، ثم مات، فهل يسقط عنه الحج ؟
السؤال
18/01/2009 التاريخ
الدكتور ـ أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الدكتور أحمد الشرباصي-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر :(1/354)
الحجّ فريضة من فرائض الإسلام، ويكون فرضًا مرّة واحدة في العمر كله مهما طال. وذلك لقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " يا أيُّها الناس قد فُرض عليكم الحجَّ فحُجُّوا ". فقال رجل: أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت ـ صلوات الله وسلامه ـ عليه حتى قالها الرجل ثلاث مرات، فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "لو قلت نَعم، لوجبت، ولما استطعتم".
ويُشترط لوجوب الحجّ القدرة والاستطاعة، وذلك لقول الله ـ تبارك وتعالى ـ في سورة آل عمران:( وللهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) ( آل عمران:97).
والاستطاعة هي إمكان الوصول إلى مكة ومواضع النسك إمكانًا عاديًّا، سواء أكان ماشيًا أم راكبًا، وسواء أكان ما يركبه مملوكًا أو مستأجرًا، ويُشترط ألا تلحقه مشقّة عظيمة بالسفر، فمن قدر على الوصول مع المشقّة الفادحة لا يكون مستطيعًا، ولا يجب عليه الحج، ولكن لو تكلّفه وتجشَّم المشقة أجزأه ووقع فرضًا. كما أن مَن قَدَر على الحج بأمر غير معتاد، كالطيران ونحوه، لا يُعد مستطيعًا، ولكن لو فعله أجزأه.
ويعتبر أيضًا في الاستطاعة الأمن على نفسه وماله، فمن لم يأمن على نفسه لا يجب عليه الحج، وكذا مَن لم يأمَن على ماله مِن ظالِم لا يجب عليه.
وفي السؤال نرى أن الشخص المسئول عنه قد نَوَى الحج وعزم عليه، وشرع فيه، ولكن بعض الظروف حالت بينه وبين ما يريد، حيث لم يجد مكانًا خاليًا في أي طائرة، ثم مات بعد ذلك ـ عليه رحمة الله ـ ومثل هذا الشخص يكون قد سقطت عنه فريضة الحج، بل المأمول في فضل الله وكرمه أن يعطيه ثواب من أدى الحج فعلاً؛ لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: " إنَّما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ".(1/355)
والله ـ تبارك وتعالى ـ يقول في سورة النساء: ( ومنْ يهاجِرْ في سَبيل اللهِ يَجِدْ في الأرضِ مراغمًا كثيرًا وسَعة ومَن يخرجْ مِن بَيتِه مهاجرًا إلى اللهِ ورسولِه ثم يُدركْه الموتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وكَانَ اللهُ غَفورًا رَحيمًا ) ( الآية :100).
والله أعلم .
محمد - البحرين الاسم
أسرار مناسك الحج العنوان
عامة الموضوع
ماهي أسرار مناسك الحج؟
السؤال
16/02/2009 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإذا فهمنا اللغة الرمزية ـ وهي لغة تتميز بعالميتها وسعتها ـ سهل علينا أن نفهم كثيرًا من أسرار مناسك الحج وأعماله. "فما الإحرام في حقيقته، وهو أول المناسك ـ إلا التجرد من شهوات النفس والهوى، وحبسها عن كل ما سوى الله، وعلى التفكير في جلاله.
وما التلبية إلا شهادة على النفس بهذا التجرد، وبالتزام الطاعة والامتثال. وما الطواف بعد التجرد إلا دوران القلب حول قدسية الله، صنع المحب الهائم مع المحبوب المنعم، الذي ترى نعمه، ولا تدرك ذاته. وما السعي بعد هذا الطواف إلا التردد بين علمي الرحمة التماسًا للمغفرة والرضوان.
وما الوقوف بعد السعي إلا بذل المهج في الضراعة بقلوب مملوءة بالخشية، وأيد مرفوعة بالرجاء، وألسنة مشغولة بالدعاء، وآمال صادقة في أرحم الراحمين.
وما الرمي بعد هذه الخطوات التي تشرق بها على القلوب أنوار ربها، إلا رمز مقت واحتقار لعوامل الشر، ونزغات النفس، وإلا رمز مادي لصدق العزيمة في طرد الهوى المفسد للأفراد والجماعات.
وما الذبح ـ وهو الخاتمة في درج الترقي إلى مكانة الطهر والصفاء ـ إلا إراقة دم الرذيلة بيدٍ اشتد ساعدها في بناء الفضيلة، ورمز للتضحية والفداء على مشهدٍ من جند الله الأطهار الأبرار".
والله أعلم .
أحمد - البحرين الاسم
مسجد القبلتين بين الأمس واليوم العنوان
زيارة المدينة الموضوع(1/356)
أعجبت للغاية بما تقدموه على هذه الصفحة من معلومات طيبة خاصة المقدسات الإسلامية التي طبعتها ووزعتها على بعض الزملاء
وسؤالي أن تعطوني شرح ولو مبسط عن مسجد القبلتين وهل هو في مكة أم في المدينة السؤال
20/11/2006 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول محمود أحمد إسماعيل محرر استشارات الحج على الموقع:
نشكرك شكراً كثيراً على هذا الثناء، الذي نسأل الله أن نكون أهلاً له، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم.وأن يجعلنا دائماً عند حسن ظنكم بنا.
أما مسجد القبلتين فيقع بالمدينة المنورة وهو من المساجد التاريخية الهامة وإليك ذلك بالتفصيل:
قصة التسمية:
روي أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ كان بعد كل صلاة ينتظر أمر ربه في القبلة.
فأنزل الله تعالى : (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ) إلى أن نزل الأمر الإلهي يأمره بأن يتوجه نحو الكعبة. (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)، فقال اليهود: (مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.( وكان الأمر بالتحول على ما روي في شهر رجب بعد صلاة الظهر.
وروي أن القبلة صرفت ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ قد صلى بأصحابه ركعتين من صلاة الظهر، فتحول في الصلاة، واستقبل الميزاب وحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال. طبعاً كان التحويل (180) درجة أي نصف دائرة تقريباً. وسمي هذا المسحد بعدها بمسجد القبلتين.(1/357)
وبعد التحويل بدأ التشويش الإعلامي ضد النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ من قبل اليهود من جهة والمشركين من جهة وضعفاء الإيمان من جهة ثالثة. أما حديث اليهود فكان ما ولاهم عن قبلتهم؟ وحديث المنافقين كان: حنَّ محمد إلى أرضه وقومه، وحديث المشركين كان: أراد محمد أن يجعلنا له قبلةً، وأن يجعلنا له وسيلة، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أم لا؟ فأنزل الله تعالى في ذلك: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ)، أي اليهود إلى قوله: (إنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ).
وكانت عملية تحويل القبلة إلى مكة في شعبان، وقيل في رجب من العام الثاني من الهجرة.
موقعه ومراحل تطوره:
يقع مسجد القبلتين على هضاب حرة الوبرة في الطريق الشمالي الغربي للمدينة.
قام عمر بن عبد العزيز بتجديده وتعميره عندما ولي المدينة.
وفي سنة 893 هـ قام الشجاعي شاهين الجمالي شيخ الخدم بالمسجد النبوي بتعميره وتجديد سقفه.
وفي سنة 950 هـ قام السلطان سليمان بتجديده وتعميره.
كتب على الحائط الشمالي آية 144 من سورة البقرة بخط جميل جداً، وهو جهة القبلة إلى بيت المقدس.
مساحة المسجد: 3920 م2، وتعلوه قبّتان بقطر 8 / 7 م، وارتفاع 8 /18متر لكلٍّ منهما.
والله أعلم .
تغطية الرأس للحاج والمعتمر العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
ما حكم تغطية الرأس للمعتمر والحاج ؟ وماحكم من استظل بثوب أو استظل بشمسية؟ ولكم جزيل الشكر السؤال
15/10/2009 التاريخ
دار الإفتاء المصرية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإن تغطية الرأس بالنسبة للمحرم بحج أو عمرة من محظورات الإحرام أى محرمات بسبب الإحرام، فمن غطى رأسه من الرجال بغطاء ملاصق كالعمامة لزمته الفدية .(1/358)
قال تعالى: { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } البقرة 196.
هذا النص الكريم وان كان خاصا بالحلق إلا أن الفقهاء قد اتفقوا على إلحاق تغطية الرأس وتقليم الأظافر والطيب ولبس المخيط به وأوجبوا فيها الفداء .
والفدية فى هذه المحظورات واجبة، على التخيير فمن ارتكب محظورًا منها لزمته الفدية وكان مخيرا فيها إما بذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قمح أو صاع من تمر أو شعير أو زبيب وذلك عند أبى حنيفة وهو ما نميل للأخذ به فى هذا ويجوز إخراج قيمة ما وجب وتوزيعها على فقراء الحرم إذا تيسر ذلك.
أما إن استظل بثوب أو استظل بشمسية فلا بأس بذلك ؛ ولا حرمة فيه لما روت أم الحصين قالت حججت مع النبى صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت بلالا وأسامة أحدهما مع النبى صلى الله عليه وسلم آخذا بخطام ناقته والآخر رافعا ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة . رواه مسلم وأبو داود والنسائى .
وعلى ذلك فللمعتمر أو الحاج اتقاء الحر الشديد الذى لا يطيقه بمظلة بنحو شمسية أو ثوب يستظل به ولا يغطيه؛ فإن كان لابد من غطاء رأسه بطاقية أو بعمامة لزمته الفدية وهى كما سبق على التخيير إما أن يذبح شاة أو يصوم ثلاثة أيام أو يتصدق بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ،وهذه الفدية التى أوجبها الله على التخيير تيسيرًا على عباده حتى يتيسر له أداء واحدة منها فإن عجز حتى مات فأمره مفوض إلى الله .
والله أعلم .
الطاهر - السودان الاسم
أركان وواجبات وسنن الحج العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :أريد ان أعرف منكم بارك الله فيكم مافرائض الحج؟ وماسننه؟حتى يمكنني التفريق بينهما. ولكم جزيل الشكر
السؤال
11/09/2008 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل(1/359)
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فهناك في الحج أركان وواجبات وسنن، فالركن لابد أن يُؤتَى به ولا يتمّ الحج بدونه، والواجب قد يُجبَر بدم عند تركه، والسنة من الخير فعلها لمزيد الثواب ولا يلزم بتركها شيء.
أركان الحج :
(1) الإحرامُ مع النية، بأن يقول المسلم عند الميقات: اللهم إني نويت الحاج فتقبَّلْه منِّي ويسِّره لي. قال صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات".
(2) الطوافُ والسعيُ، قال الله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بالبيت العتيق) (الحج: 78) وقال جل شأنه: (إن الصفَا والمروةَ من شعائر الله).
(3) الوقوفُ بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة لقوله صلى الله عليه وسلم: "الحجُّ عرفة".
أما الواجبات، فمنها:
(1) الإحرام من الميقات، فلكل بلد مكانٌ خاص لا يتجاوزه الحاجُّ إلا مُحرِمًا ناويًا لما أراد من حج أو عمرة.
(2) رميُ الجمار يوم العيد وأيام التشريق.
(3) المَبِيتُ بمنًى أيام الرمي.
فمثل هذه الواجبات يجب فعلها، ومن ترك منها شيئًا ولم يأته فيُمكن جبرُ ذلك بذبح الهَدي.
أما السنن التي يَحرص الحاجُّ عليها رجاءَ ثوابها فهي :
(1) الإكثارُ من التلبية، ويرفع الرجل بها صوته، وتتأكد بتغير الأحوال؛ كركوب وصعود وهبوط واختلاط رفقة وإقبال ليل أو نهار. وليس في السعي أو الطواف تلبيةٌ وإنما هناك ذكرٌ ودعاءٌ. كذلك لا يلبّي عند رمي الجمار وإنما يكبّر.
(2) الدعاء عند رؤية الكعبة المشرفة لأول مرة بأن يرفع يديه قائلًا: "اللهم زِدْ هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابةً، وزِدْ من شرَّفه وكرَّمه ممَّن حجَّه أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًّا، اللهم أنت السلام ومنك السلام فحَيِّنَا ربنا بالسلام".
(3) طوافُ القُدوم لمن دخل مكة قبل الوقوف بعرفة.
(4) ركعَتَا الطواف خلف المقام، فإن لم يتيسر ففي الحجر، فإن لم يتيسر ففي المسجد، وإلا في أيّ مكان من الحرم بمكة.(1/360)
هذا، وتفصيل الأركان والواجبات والسنن موجود في كتب الفقه. وقد يُعِدُّ بعض العلماء مَنسَكًا في الأركان ويُعِدُّه آخرون واجبًا، وقد نجد مَنسَكًا مختلَفًا في أنه واجب أو سنة، واجتهاد المذاهب الفقهية رحمة بالأمة، وعلى المسلم أن يلتزم بكل ما ورد عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقدر ظروفه وأحواله، وذلك لقوله تعالى: (وما جعَل عليكم في الدين من حَرَج) (الحج: 78)
والله أعلم .
أم عمر - سوريا الاسم
حكم المبيت بمزدلفة العنوان
فقهية الموضوع
ما هو حكم المبيت بمزدلفة؟هل هو واجب أو مستحب ؟ السؤال
06/02/2001 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما المبيت بالمزدلفة، فقد اختلف فيه الفقهاء، هل يجب أن يبيت الحاج فيها كما بات النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسفار من الصبح، أم أنها مجرد منزل يصلي فيها المغرب والعشاء جمعًا كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام ويبقى مدة قدرها بعضهم إلى نصف الليل كما هو مذهب الحنابلة ؛وبعضهم كالمالكية، قالوا إنها مجرد منزل، ليس عليه أن يبقى فيها إلا بمقدار ما يصلي العشاء مع المغرب جمعًا، وبمقدار ما يأكل بعض الطعام، ثم لا بأس أن يتابع سيره.
وأعتقد أن مذهب المالكية في هذا مذهب ميسر، وأنا أميل إلى التيسير في أمور الحج في هذه السنين، نظرًا لكثرة الحجاج والأعداد الهائلة الكبيرة التي تفد سنوياُ لأداء هذه الفريضة .
وإذا لم نأخذ بهذه الأقوال الميسرة شققنا على الناس مشقة شديدة، فمثلا لا يمكن أن نقول لجميع الناس: ابقوا في مزدلفة إلى الصباح، وهم يتضاعفون سنة بعد سنة .(1/361)
فإذا لم يرتحل الناس أفواجًا يتلو بعضها بعضًا منذ أول الليل إلى آخره، يكون في الأمر حرج شديد، نتيجة لهذا الإزدحام ولو أن الأئمة الأولين شاهدوا ما نشاهد من الازدحام الشديد هذه الأيام، لقالوا مثلما نقول، فإن دين الله يسر لا عسر فيه . والنبي عليه الصلاة والسلام ما سئل عن أمر من أمور الحج قدم أو أخر إلا قال: افعل ولا حرج . تيسيرًا على الناس، مع أن العدد الذي كان معه لم يكن كما في يومنا هذا من الكثرة والازدحام.
ولهذا أرى رأي المالكية في أن الحاج ليس عليه أن يبقى في المزدلفة إلا بمقدار ما يصلي المغرب والعشاء جمعًا، ويتناول طعامه . وخصوصًا إذا كان معه نساء أو أولاد صغار .
والله أعلم
راغب - مصر الاسم
ما معنى القانع والمعتر ؟ العنوان
ذكر ودعاء الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
مامعنى قوله تعالى {فكلوا منها وأطعموا القانع والمُعْتَرَّ}؟
فمن هوالقانع والمعتر ؟
السؤال
04/08/2001 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
معنى الآية الكريمة : أن الله تعالى أعطانا الإبل والبقر والغنم وسخرها لنا، وجعل لنا فيها كثيراً من الخير والمنافع.
وشرع لنا أن نتقرب إليه منها بنحر الهدي في الحج والعمرة، وذبحها أضحية في عيد الأضحى، وأن نأكل منها ونطعم السائل والفقير المتعفف؛ مواساةً لهم، ورجاء الأجر والمثوبة، وشكراً لله على نعمه العظيمة التي أولانا إياها بفضله وجوده وكرمه.
والمقصود بالقانع أي : السائل الذي يطلب العطاء.
والمُعْتَرُّ هو: الذي يتعرض للناس دون سؤال ليعطوه.
وقيل القانع: الراضي بما عنده وبما يعطى من غير سؤال.
والمعتر هو: المتعرض للناس مع سؤالهم العطاء.
والله أعلم.
راغب - مصر الاسم
ما معنى القانع والمعتر ؟ العنوان
ذكر ودعاء الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
مامعنى قوله تعالى {فكلوا منها وأطعموا القانع والمُعْتَرَّ}؟(1/362)
فمن هوالقانع والمعتر ؟
السؤال
04/08/2001 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
معنى الآية الكريمة : أن الله تعالى أعطانا الإبل والبقر والغنم وسخرها لنا، وجعل لنا فيها كثيراً من الخير والمنافع.
وشرع لنا أن نتقرب إليه منها بنحر الهدي في الحج والعمرة، وذبحها أضحية في عيد الأضحى، وأن نأكل منها ونطعم السائل والفقير المتعفف؛ مواساةً لهم، ورجاء الأجر والمثوبة، وشكراً لله على نعمه العظيمة التي أولانا إياها بفضله وجوده وكرمه.
والمقصود بالقانع أي : السائل الذي يطلب العطاء.
والمُعْتَرُّ هو: الذي يتعرض للناس دون سؤال ليعطوه.
وقيل القانع: الراضي بما عنده وبما يعطى من غير سؤال.
والمعتر هو: المتعرض للناس مع سؤالهم العطاء.
والله أعلم.
خيرت - البحرين الاسم
معنى الحج المبرور العنوان
حكم الحج وفضله الموضوع
يقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم:" العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة "، فما هو الحج المبرور ؟ بارك الله فيكم
السؤال
24/06/2008 التاريخ
الدكتور مصطفى الزرقا رحمه الله أستاذ الفقه بجامعات سوريا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الدكتور مصطفى الزرقا "رحمه الله" أستاذ الشريعة بجامعات سوريا:
فالحج فريضة من فرائض الدين، وقاعدة من قواعد الإسلام، والأساس في أداء هذه الفرائض هو الإخلاص، حتى تكون مقبولة عند الله تبارك وتعالى، مَرْضِيّة لديه، جديرة بثوابها الجزيل العميم، و "الحج المبرور" معناه: الحجّ المقبول الذي يقابله الله سبحانه بالبرّ وهو الثواب، وإنما يكون الحج كذلك إذا لم يخالطه شيء من المآثم.(1/363)
ولكي يكون الحج مبرورًا يجب أن يخلص الإنسان حجه لوجه ربه؛ لأن الله ـ تعالى ـ حينما فرض الحج على الناس، في كتابه، أشار إلى أن هذه الفريضة له دون سواه، فقال: ( وللهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً، ومَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ ) (آل عمران: 97).
ولذلك على من يريد أن يجعل حجَّه مبرورًا أن يخرج إليه بنية الطاعة إلى الله تعالى، والتقرب منه، لا بنية أمر آخر من أمور الدنيا أو شهوة من شهوات النفس، وهذا هو الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ يقول:" ما من خارج يخرج من بيته، إلا ببابه رايتان، راية بيد ملك، وراية بيد شيطان، فإن خرج لما يحب الله عز وجل، اتبعه الملك برايته، فلم يزل تحت راية الملك، حتى يرجع إلى بيته؛ وإن خرج لما يسخط الله اتبعه الشيطان برايته، فلم يزل تحت راية الشيطان ".
ولكي يكون الحج مبرورًا ينبغي للحاج أن يتوجه إلى ربّه صادقًا مخلصًا بالدعاء والرجاء، والتوبة والاستغفار، فيرد مثل هذا الدعاء: اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من سوء الرفقة في السفر، والكآبة في المنقلَب، اللهم اطوِ لنا الأرض، وهوّن علينا السفر.
ويكثر من أمثال هذه الدعوات في مختلف الأماكن والمناسبات؛ لأن الدعاء الطاهر الصادق المخلص هو مخّ العبادة كما ورد عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
ولكي يكون الحج مبرورًا يجب على القائم به أن يحج من مال حلال طيب ليس بحرام ولا خبيث؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:" إن الله طيّب لا يقبل إلا طيِّبًا ".(1/364)
ويقول صلى الله عليه وسلم: " إذا خرج الحاج حاجًا بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز ( الركاب ) فنادَى: لبيك اللهم لبيك، ناداه منادٍ من السماء : لبيك وسعدَيك ( أي أجاب الله حجك إجابة بعد إجابة )، زادك حلال، وراحتك ( مركبك ) حلال، وحجُّك مبرور غير مأزور. وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز، فنادى: لبيك، ناداه مناد من السماء، لا لبيكَ ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مأجور".
ومن مقتضيات الحجّ المبرور ألاّ يفرِّطَ صاحبه في واجب من واجباته، وألاّ يهملَ آدابه وسننه، وأن يكثر فيه من الطاعة والتعبُّد والإنفاق، وأن يكون مثلاً طيِّبًا لمكارم الأخلاق، وأن يطعم فيه الطعام قدر استطاعته، وأن يتحدث بلين الكلام، وأن يتحمل ما قد يقع من غيره من هفوات، وأن يعفو ويصفح، وأن يعود من الحجِّ زاهدًا في شهوات الدنيا، راغبًا في طاعات الآخرة، عاقدًا النية على دوام الإنابة والاستقامة، فالله جل جلاله يقول:( الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعلومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ ولاَ فُسوقَ ولاَ جِدالَ فِي الحَجِّ، ومَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ، وتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوَى واتَّقُونِي يَا أُولِي الأَلْبابِ ) (البقرة: 197) والرسول صلّى الله عليه وسلم يقول:" مَنْ حَجَّ فَلم يَرفثْ ولم يفسُق رجَع كيومَ ولدتْه أمُّه".
والله أعلم .
خيرت - البحرين الاسم
معنى الحج المبرور العنوان
حكم الحج وفضله الموضوع
يقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم:" العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة "، فما هو الحج المبرور ؟ بارك الله فيكم
السؤال
24/06/2008 التاريخ
الدكتور مصطفى الزرقا رحمه الله أستاذ الفقه بجامعات سوريا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/365)
فيقول الدكتور مصطفى الزرقا "رحمه الله" أستاذ الشريعة بجامعات سوريا:
فالحج فريضة من فرائض الدين، وقاعدة من قواعد الإسلام، والأساس في أداء هذه الفرائض هو الإخلاص، حتى تكون مقبولة عند الله تبارك وتعالى، مَرْضِيّة لديه، جديرة بثوابها الجزيل العميم، و "الحج المبرور" معناه: الحجّ المقبول الذي يقابله الله سبحانه بالبرّ وهو الثواب، وإنما يكون الحج كذلك إذا لم يخالطه شيء من المآثم.
ولكي يكون الحج مبرورًا يجب أن يخلص الإنسان حجه لوجه ربه؛ لأن الله ـ تعالى ـ حينما فرض الحج على الناس، في كتابه، أشار إلى أن هذه الفريضة له دون سواه، فقال: ( وللهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً، ومَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ ) (آل عمران: 97).
ولذلك على من يريد أن يجعل حجَّه مبرورًا أن يخرج إليه بنية الطاعة إلى الله تعالى، والتقرب منه، لا بنية أمر آخر من أمور الدنيا أو شهوة من شهوات النفس، وهذا هو الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ يقول:" ما من خارج يخرج من بيته، إلا ببابه رايتان، راية بيد ملك، وراية بيد شيطان، فإن خرج لما يحب الله عز وجل، اتبعه الملك برايته، فلم يزل تحت راية الملك، حتى يرجع إلى بيته؛ وإن خرج لما يسخط الله اتبعه الشيطان برايته، فلم يزل تحت راية الشيطان ".
ولكي يكون الحج مبرورًا ينبغي للحاج أن يتوجه إلى ربّه صادقًا مخلصًا بالدعاء والرجاء، والتوبة والاستغفار، فيرد مثل هذا الدعاء: اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من سوء الرفقة في السفر، والكآبة في المنقلَب، اللهم اطوِ لنا الأرض، وهوّن علينا السفر.
ويكثر من أمثال هذه الدعوات في مختلف الأماكن والمناسبات؛ لأن الدعاء الطاهر الصادق المخلص هو مخّ العبادة كما ورد عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.(1/366)
ولكي يكون الحج مبرورًا يجب على القائم به أن يحج من مال حلال طيب ليس بحرام ولا خبيث؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:" إن الله طيّب لا يقبل إلا طيِّبًا ".
ويقول صلى الله عليه وسلم: " إذا خرج الحاج حاجًا بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز ( الركاب ) فنادَى: لبيك اللهم لبيك، ناداه منادٍ من السماء : لبيك وسعدَيك ( أي أجاب الله حجك إجابة بعد إجابة )، زادك حلال، وراحتك ( مركبك ) حلال، وحجُّك مبرور غير مأزور. وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز، فنادى: لبيك، ناداه مناد من السماء، لا لبيكَ ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مأجور".
ومن مقتضيات الحجّ المبرور ألاّ يفرِّطَ صاحبه في واجب من واجباته، وألاّ يهملَ آدابه وسننه، وأن يكثر فيه من الطاعة والتعبُّد والإنفاق، وأن يكون مثلاً طيِّبًا لمكارم الأخلاق، وأن يطعم فيه الطعام قدر استطاعته، وأن يتحدث بلين الكلام، وأن يتحمل ما قد يقع من غيره من هفوات، وأن يعفو ويصفح، وأن يعود من الحجِّ زاهدًا في شهوات الدنيا، راغبًا في طاعات الآخرة، عاقدًا النية على دوام الإنابة والاستقامة، فالله جل جلاله يقول:( الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعلومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ ولاَ فُسوقَ ولاَ جِدالَ فِي الحَجِّ، ومَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ، وتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوَى واتَّقُونِي يَا أُولِي الأَلْبابِ ) (البقرة: 197) والرسول صلّى الله عليه وسلم يقول:" مَنْ حَجَّ فَلم يَرفثْ ولم يفسُق رجَع كيومَ ولدتْه أمُّه".
والله أعلم .
سارة - سلطنة عمان الاسم
الحج والعمرة بغرض الراحة النفسية العنوان
حكم الحج وفضله الموضوع
السلام عليكم : هل يمكن للمسلم أن يطلب الحج أو العمرة بغرض الراحة النفسية، خاصة إذا كان الإنسان يشعر بضغوط نفسيه، ومعاناة معينة "أفيدونا مع الشكر
السؤال
25/07/2009 التاريخ(1/367)
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيجوز ذلك لكن بشرط نية الامتثال لله سبحانه وتعالى فالمفروض أن الحج هجرة في سبيل الله تعالى، فالإنسان يستجيب لأمر الله تعالى، ونداء إبراهيم، والله عزوجل يقول (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم) فهذه الراحة النفسية من ضمن المنافع.
فالمنافع ليست مقصورة على المنافع المادية أو التجارية، بل هذه تعتبر من المنافع النفسية، انشراح الصدر وطمأنينة القلب عندما يذهب الإنسان للبيت الحرام، عندما يرى المسلمين من كل أنحاء العالم، عندما يرى هذا الموسم العظيم.
وعليه فلامانع أن يقصد المسلم الراحة النفسية والمتعة الروحية في الحج أو العمرة ، لكن بشرط أن يكون الأساس هو الامتثال لله تعالى وأمره ، ثم لاحرج عليه بعد ذلك أن يطلب الراحة النفسية، أو المتعة النفسية من سفره إلى بيت الله .
والله أعلم .
أحمد - قطر الاسم
حكم التبرك والتمسح بالحجرة النبوية العنوان
عامة الموضوع
هل يجوز للمسلم أن يتمسح بالحجرة النبوية الشريفة من أجل التبرك بها ؟ وشكراً لكم
السؤال
07/06/2006 التاريخ
الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فيقول فضيلة الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- من علماء السعودية:
بعض العامة يتمسحون بالشباك الذي على الحجرة ويمسحون بأيديهم وجوههم وصدورهم ، اعتقادا منهم أن في هذا بركة ، وكل هذه الأمور لم يأتي الشرع بها .
لكن إن كان صاحبه جاهلاً ، ولم يطرأ على باله أنه من البدع ، فيرجى أن يعفى عنه إن شاء الله .
وإن كان عالماً أو متهاوناً غير سائل عن أمور دينه ، فإنه يكون آثما.
وعليه فالناس في هذه الأمور التي يفعلونها :(1/368)
1. إما جاهل جهل مطبق لا يطرأ بباله أن هذا محرم ، فهذا يرجى أن لا يكون عليه شيء .
2. وإما عالم متعمد أن يضل الناس ، فهذا آثم بلا شك وعليه إثم من اتبعه واقتدى به .
3. وإما رجل جاهل ومتهاون في سؤال أهل العلم ، فيخشى أن يكون آثما بتفريطه وعدم سؤاله.
والله أعلم
ناصر - مصر الاسم
نقل ماء زمزم من مكانه العنوان
فقهية الموضوع
قمت بأداء فريضة الحج والحمد لله رب العالمين وقد أوصاني أحد أقاربي بأن أحضر له ماء زمزم فهل يجوز نقل ماء زمزم أم لا ؟ ولكم جزيل الشكر السؤال
21/08/2008 التاريخ
الموسوعة الفقهية الكويتية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيجوز لك نقل ماء زمزم إلى أي مكان وإليك تفصيل ذلك:
روى الطبراني عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم , فيه طعام من الطعم وشفاء من السقم } أي أن شرب مائها يغني عن الطعام ويشفي من السقام , لكن مع الصدق , كما وقع لأبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه .
ففي الصحيح أنه أقام شهرا بمكة لا قوت له إلا ماء زمزم , وروى الأزرقي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه قال : تنافس الناس في زمزم في زمن الجاهلية حتى أن كان أهل العيال يفدون بعيالهم فيشربون فيكون صبوحًا لهم , وقد كنا نعدها عونًا على العيال , قال العباس : وكانت زمزم تسمى في الجاهلية شباعة . وهو لما شرب له , وجعله الله تعالى لإسماعيل وأمه هاجر طعامًا وشرابًا .
وحكى الدينوري عن الحميدي قال : كنا عند سفيان بن عيينة فحدثنا بحديث { ماء زمزم لما شرب له } ، فقام رجل من المجلس ثم عاد فقال : يا أبا محمد , أليس الحديث الذي حدثتنا في ماء زمزم صحيحًا ؟ قال : نعم , قال الرجل : فإني شربت الآن دلوًا من زمزم على أنك تحدثني بمائة حديث , فقال له سفيان : اقعد , فقعد فحدثه بمائة حديث .(1/369)
ودخل ابن المبارك زمزم فقال : اللهم إن ابن المؤمل حدثني عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ماء زمزم لما شرب له } اللهم فإني أشربه لعطش يوم القيامة.
وماء زمزم شراب الأبرار , عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : صلوا في مصلى الأخيار واشربوا من شراب الأبرار , قيل : ما مصلى الأخيار ؟ قال : تحت الميزاب , قيل : وما شراب الأبرار ؟ قال : ماء زمزم وأكرم به من شراب .
وقال الحافظ العراقي : إن حكمة غسل صدر النبي صلى الله عليه وسلم بماء زمزم ليقوى به صلى الله عليه وسلم على رؤية ملكوت السماوات والأرض والجنة والنار ; لأنه من خواص ماء زمزم أنه يقوي القلب ويسكن الروع .
روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : كان أبو ذر رضي الله تعالى عنه يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { فرج سقفي وأنا بمكة , فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري , ثم غسله بماء زمزم , ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا , فأفرغها في صدري , ثم أطبقه , ثم أخذ بيدي فبرح بي إلى السماء الدنيا } .(1/370)
أما نقل ماء زمزم : فقد اتفق الفقهاء على أنه يجوز التزود من ماء زمزم ونقله ; لأنه يستخلف , فهو كالثمرة , وليس بشيء يزول فلا يعود . وذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه يستحب التزود من ماء زمزم وحمله إلى البلاد فإنه شفاء لمن استشفى , وقد روى الترمذي عن { عائشة رضي الله تعالى عنها أنها كانت تحمل من ماء زمزم , وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمله } , وروى غير الترمذي { أنه صلى الله عليه وسلم كان حمله وكان يصبه على المرضى ويسقيهم } , { وأنه حنك به الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما } , وروى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استهدى سهيل بن عمرو من ماء زمزم } , وفي تاريخ الأزرقي " أن النبي صلى الله عليه وسلم استعجل سهيلاً في إرسال ذلك إليه , وأنه بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم براويتين " انتهى
والله أعلم .
صالح - المغرب الاسم
متى فرض الحج ؟ العنوان
فقهية الموضوع
أود معرفة العام الذي فرض فيه الحج ؟ ولكم جزيل الشكر.. السؤال
17/03/2008 التاريخ
اللجنة الدائمة للإفتاء المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
اختلف العلماء في السنة التي فرض فيها الحج، فقيل في سنة خمس، وقيل في سنة ست، وقيل في سنة تسع، وقيل في سنة عشر .
وأقربها إلى الصواب القولان الأخيران، وهو أنه فرض في سنة تسع وسنة عشر .
والله أعلم.
طارق - الإمارات العربية المتحدة الاسم
الأشهر الحرم وسر تعظيمها العنوان
حكم الحج وفضله الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : ما هي الأشهر الحُرُم؟ وما هو وجه تعظيمها ؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
18/08/2005 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...(1/371)
فالأشهر الحُرُم هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وسُمِّي الأول بذلك؛ لقعودهم عن القتال والترحال؛ استعدادا لموسم الحج والثاني؛ لوقوع الحج فيه والثالث؛ تأكيدا لحرمته والرابع من الترجيب وهو التعظيم. وقد سجلها القرآن العظيم فقال: "(إنَّ عدةَ الشهورِ عندَ اللهِ اثنَا عشرَ شهرًا في كتابِ اللهِ يومَ خلقَ السماواتِ والأرضَ منها أربعةٌ حُرُمٌ ذلكَ الدينُ القَيِّمُ فلا تظلموا فيهنَّ أنفسَكُمْ" (التوبة: 36).
وقد بيَّنَها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: "إلا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم؛ ثلاثة متواليات ذو العقدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مُضَر الذي بين جمادى وشعبان".
وإنما قال عليه الصلاة والسلام "رجب مُضَر" ليبين صحة قول هذه القبيلة في رجب أنه الشهر الذي بين جمادى وشعبان، لا كما تظن قبيلة ربيعة مِنْ أنَّ رجبَ المُحَرَّم هو الشهر الذي بين شعبان وشوال وهو رمضانُ اليوم.
وقد كان من عادة العرب في جاهليتهم تغْيير أحكامِ اللهِ بأهوائهم الباردة، فأحيانا يُحِلّون المُحرّم ويُؤخِرون حُرمته إلى صفر، فلا يُقاتلون فيه وهو النسيءُ، قال الله تعالى: (إنَّمَا النَّسِيءُ زيادةٌ في الكفرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذين كفروا يُحِلُّونَهُ عامًا ويحرمونَهُ عامًا) (التوبة: 37).
وهذه الأشهر الحُرُم يوضع فيها القتال ـ إلا ردًّا للعدوان ـ وتُضاعف فيه الحسنةُ كما تُضاعف السيئةُ. وذهب الشافعي وكثير من العلماء إلى تغليظِ دِيةِ القتيلِ في الأشهر الحُرُم.(1/372)
وجاء في كتب التفسير عند قوله تعالى: (فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أنْفُسَكُمْ) (التوبة: 36) قال قتادة: إن الظلم في الأشهر الحُرُم أعظم خطيئةٍ ووِزْرًا من الظلم فيما سواها وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء. وقال: "إن الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رُسلا ومن الناس رُسلا، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجدَ، واصطفى من الشهور رمضانَ والأشهرَ الحرمَ، واصطفى من الأيام يومَ الجمعةِ، واصطفى من الليالي ليلةَ القدرِ فعَظِّموا ما عظَّم الله.
والله أعلم .
خالد - الأردن الاسم
إتمام النسك عن الذي مات محرما العنوان
فقهية الموضوع
إذا مات المحرم بالحج أو العمرة أثناء الحج والعمرة فهل يلزمنا أن نقضي الحج والعمرة عنه ؟ وشكراً لكم
السؤال
22/01/2009 التاريخ
الدكتور محمد المختار الشنقيطي ـ من كبار علماء موريتانيا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلو مات الحاج أو المعتمر أثناء حجه وعمرته لا يلزمنا إتمام ما شرع فيه ولا يقضى عنه ذلك الحج ولا تلك العمرة .
وهذا هو المذهب الصحيح على ظاهر حديث عبد الله بن عباس أن النبي-صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع ووقف معه الصحابة فوقف رجل فوقصته دابته فمات فقال-صلى الله عليه وسلم- : ( اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا وجهه ولا تغطوا رأسه ولا تمسوه بطيب فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً ) ولم يقل النبي-صلى الله عليه وسلم- اقضوا حجه أو أتموا حجه .
وهذا يدل على أن الواجب هو ما ذكر وأن ما زاد على ذلك فليس بواجب ولأنه قد قام بفرضه فأدى ما أوجب الله عليه وانتهت حياته عند هذا القدر .
وعلى ذلك لا يجب أن يتم عنه ولا أن يحج عنه وإن حج عنه احتياطاً فلا حرج.
والله أعلم .
أسامة - مالطا الاسم
حج الصبي برفقة والديه العنوان
فقهية الموضوع(1/373)
السلام عليكم : إذا أردت أن يحج معي صغيري هذا العام وهو لم يبلغ الحلم، هل ألبسه ملابس الإحرام وأقوم نيابة عنه بجميع المناسك كأن أطوف عنه..إلخ، أم ألبسه ملابسه العادية ولا أقوم عنه بشيء طالما أنه صغير ولا حج عليه؟ ماذا أفعل وفقكم الله السؤال
19/06/2008 التاريخ
اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء / السعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالصبي المميز الذي لم يبلغ الحلم إذا أراد وليه أن يحج به فإنه يعلمه بأن يلبس ملابس الإحرام، ويفعل بنفسه جميع مناسك الحج ابتداءً من الإحرام من الميقات إلى آخر أعمال الحج.
ويمكن له أن يرمي عنه إن لم يستطع الرمي بنفسه، ويأمره بأن يجتنب المحظورات في الإحرام.
وإن لم يكن الصبي مميزاً فإن وليه ينوي عنه الإحرام بعمرة أو حج، ويطوف ويسعى به ويحضره معه في بقية المناسك ويرمي عنه إن لم يتمكن من الرمي عن نفسه .إنتهى
مع العلم بأن العمرة أو الحج من غير البالغ تعتبر تطوعاً، ولا تكفي عن حجة الإسلام وعمرته عند من يرى وجوب العمرة.
والله أعلم .
صفاء - مصر الاسم
أبو بكر أمير الحجيج المحبوب العنوان
حكم الحج وفضله الموضوع
أنا كثيرة القراءة عن الصحابة وخاصة سيدنا أبي بكر الصديق الذي أحبه كثيراً، وقد ورد في بعض الكتب أنه حج بالمسلمين فهل هذا صحيح ؟
هل لي أن أعرف هذه القصة إن كانت صحيحة؟
ولماذا لم يتول الرسول إمارة الحجيج هذا العام؟ ثم هل يجوز لي باعتباري مسلمة أن أحب سيدنا أبا بكر أكثر من أي صحابي ؟ ولكم جزيل الشكر ..
السؤال
03/01/2001 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فبداية أحمد الله عزوجل ؛ لأنه جعل في هذه الأمة أمثالك يحبون من هم أولى بالحب ، وأسأل الله عزوجل أن يجعلكِ مع من أحببتِ ويبارك فيكِ وفي أمثالك من المسلمين والمسلمات.(1/374)
أما عن حجة سيدنا أبو بكر بالمسلمين فصحيح ذلك، وكانت في عام 9هجرية، وإليك تفصيل ذلك: </<B>
وسط زحام من الأحداث الكبيرة التي حفلت بها سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم- تأتي حجة أبي بكر الصديق بالناس في السنة التاسعة للهجرة؛ فقد شهد العام الثامن قبلها فتح مكة، وغزوة حنين، وغزوة الطائف وغيرها، وشهد العام التاسع ـ قبلها أيضًا ـ إسلام ثقيف وقدوم بعض وفود العرب على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعد حجة أبي بكر هذه، شهد العام العاشر تزايد الوفود العربية القادمة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثل: الأزر، وعبد القيس، وبني حنيفة، وكندة، كما شهد حجة الوداع ...
وسط هذه الأحداث المهمة جاءت حجة الصديق ـ رضي الله عنه ـ بالمسلمين، ولها موقع تشريعي مهم في الإسلام؛ فقد استقرت فيها أحكام قاطعة تبقى ما بقي الدين.
أبو بكر أمير الحجيج:
</<B>
في السنة التاسعة من الهجرة ـ وبعد العودة من غزوة تبوك ـ أمَّرَ رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبا بكر على ثلاثمائة من المسلمين؛ ليؤدي بهم مناسك الحج؛ فسار أبو بكر بمن معه إلى مكة، ومعه وصية رسول الله أن يعلن في الناس ألاَّ يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.
ونزل الوحي على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بآيات من سورة براءة، فبعث بها علي بن أبي طالب خلف أبي بكر؛ ليقرأها عليٌّ على الناس في الموسم. روى البخاري عن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: بعثني أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ في تلك الحجة في المُؤذنين (أي المُعلنين)، بعثهم يوم النحر يُؤذنون بمِنى ألاَّ يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، قال حميد: ثم أردف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعليٍّ بن أبي طالب؛ فأمره أن يؤذن ببراءة (أي يعلن بقراءتها)، قال أبو هريرة: فأذن معنا عليٌّ في أهل مِني يوم النحر ببراءة، وألاَّ يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. (صحيح البخاري ـ كتاب الحج).(1/375)
ويروي كُتَّاب السيرة أن عليًّا حين خرج ليلحق بأبي بكر ركب ناقة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما رآه أبو بكر سأله: أميرٌ أم مأمورٌ؟ قال: بل مأمور، وأخبره بما كلَّفه به رسول الله؛ فمضوا إلى مكة، حتى إذا كان يوم النحر (العاشر من ذي الحجة) قام عليٌّ وتلا على الناس ما نزل من آيات سورة براءة.
كما تروي كتب السنة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين اختار لقراءة سورة براءة علي بن أبي طالب دون غيره من كبار الصحابة ـ قال: "لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلاَّ رجل من أهلي" (رواه أحمد والترمذي وحسنه)، وعلة ذلك أنه كان من "سيرة العرب أنه لا يحل العقد إلا الذي عقده، أو رجل من بيته ... " فبعث إليهم رسول الله بابن عمه وزوج ابنته.
وراح المؤذنون يقومون بدورهم، ويطوفون على الناس يبلغونهم رسالة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وعلي بن أبي طالب يقصد الناس في مجامعهم الكبيرة من المناسك، يتلو عليهم آيات سورة براءة، وقد تضمن ما أعلنه المؤذنون وما أعلنه علي ـ رضي الله عنه ـ ما يلي:
(1) </<B>تحريم الحج على المشركين، وهو ما نادى به المؤذنون، وتضمنته سورة براءة في قول الله تعالي: (يا أيُّهَا الذينَ آمَنوا إنَّمَا المشركون نَجَسٌ فلا يَقربُوا المسجدَ الحرامَ بعدَ عامِهِمْ هَذَا..) (سورة التوبة: 28)، وكانت قريش قبل ذلك لا تصد عن البيت أحدًا، فقد ارتبطت بالبيت الحرام مصالحهم الاقتصادية.
(2) </<B>منع الناس من الحج عرايا، وكان من عادات الجاهلية أنه إما أن يحج القادم إلى مكة (رجلاً كان أو امرأة) في ثياب قريش وأصهارها، وإما أن يحج عاريًا؛ فحرم الإسلام ذلك.
(3) إمهال المشركين الذين ليست بينهم وبين المسلمين عهود أربعة أشهر، ومن كانت له مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عهود فهو مُؤجَّل حتى ينتهي وقت عهده، وهذا هو المعنى الرئيسي الذي جاء علي بن أبي طالب يبلغه من خلال سورة براءة.(1/376)
وهؤلاء المشركون الذين أمهلهم الإسلام هم أنفسهم الذين عاندوه من قبل أشد العناد وحاربوه، وقتلوا أهله، وفي الوقت نفسه بقوا على شركهم، برغم انتصار المسلمين وانتشار الإسلام في أنحاء الجزيرة.. فلم يبادرهم المسلمون بالحرب، وإنما أمهلومهم حتى يتدبروا أمرهم، فإما أسلموا أحرارًا، أو نزحوا عن أماكن إقامتهم إلى خارج الجزيرة العربية التي صَفَت للإسلام بعد عداوتهم المستحكمة.
ترتيب إلهي:
فلِمَ، إذن، لم يحج رسول الله بالناس في العام التاسع بنفسه؟!
لقد سارت الأحداث هكذا: أبو بكر يحج بالناس في العام التاسع في عدد قليل من المسلمين، ثم يحشد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في العام التالي أكثر من مائة ألف من المسلمين ويحج بهم، وهذا سير طبيعي للأحداث لما يلي:
(أ) قبل حجة الوداع لم يكن حال المسلمين قد استقر تمامًا، فكانت ما تزال هناك قبائل قريبة منهم باقية على شركها، مثل هوازن وثقيف وطيئ، كما هدد الروم المسلمين من الشمال؛ فقدمت الوفود، ووقعت غزوات في العامين الثامن والتاسع حلت تلك الإشكالية، وصار في الإمكان قيام المسلمين مع نبيهم- صلى الله عليه وسلم- بحجة جامعة دون خوف.
(ب) أدت حجة أبي بكر دورين هامين في التمهيد لحجة الوداع؛ فقد حددت قراءة سورة براءة على الوفود العربية القادمة من أنحاء الجزيرة موقف المسلمين من بقايا مشركي العرب؛ فدفعهم ذلك إلى مراجعة أنفسهم وتقرير ما سيفعلونه، ولم يكن هنالك تجمع في بلاد العرب يمكن أن ينتشر من خلاله هذا الإعلان مثل موسم الحج.
وأما الدور الثاني لحجة أبي بكر في التمهيد لحجة الوداع الجامعة؛ فقد زالت بها بقية أعمال الجاهلية التي ألصقوها بالحج، ولم يعد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجة الوداع في حاجة للانشغال بغير بيان المناسك في صورتها النقية التي أخذها الناس عنه، وتابعه المؤمنون في كل عصر عليها.(1/377)
أما الجزء الخاص بسؤالك والذي يعنى بتفضيل أو حب سيدنا أبي بكر أكثر من الصحابة فأقول لك:
أن أهل العلم على أفضلية سيدنا أبي بكر على سائر الصحابة لكن بشرط حب وتوقير جميع الصحابةرضوان الله عليهم أجمعين .
وفقك الله وجعلكِ مع من أحببت .
والله أعلم .
عبد المنعم - مصر الاسم
الحج من منحة البنك للعاملين العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : أنا مدير بنك غير ربوي والبنك الذي أتولى مسئوليته في سبيله إلى إقرار نِظامٍ يَمنح بمُقتضاه العاملين به مبالغَ ماليةً على سبيل الهِبَة لأداء فريضة الحج، كمُساعدةٍ لتَحمُّل جزءٍ من تكاليف الحجِّ الذي تَتزايد عامًا بعد آخر، وانطلاقًا من حرصِ البنك على أن تَكون قراراتُه تَتماشى مع الشريعة وتعاليم الدين الإسلاميِّ وأن المِنَحَ التي ستُمنح للعاملِينَ ستكون مِن ضمن مَصروفات البنك. لذا أرجو الإفادة عمَّا إذا كان هذا الإجراء يَنتقِص أو يُخلُّ بسلامة أداء مناسك الحج للعاملِين به. ولكم الشكر والتحية
السؤال
18/06/2009 التاريخ
د.نصر فريد واصل مفتي مصر سابقا المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول فضيلة الشيخ الدكتور نصر فريد واصل مفتي حمهورية مصر العربية السابق:
يقول الله تعالى: (وللهِ علَى الناسِ حِجُّ البيتِ مَنِ استطاعَ إليهِ سَبيلًا) (آل عمران: 97) من هذه الآية يَتَّضِحُ أن مِن شروط وُجوب الحجِّ الاستطاعةَ، وهي تَشمل الاستطاعة البدنية والاستطاعة المالية، فمِن ملَك زادًا وراحلةً وتوافرت فيه باقي شُروط وُجوب الحج وَجَبَ عليه أن يَحجَّ لتحقيق الاستطاعة، ومَن لم يَجد زادًا ولا راحلةً فلا حجَّ عليه.
وقد اتَّفق فقهاء الإسلام على أنه إذا لم يكن للمُكلَّف مالٌ لم يَلزمه الحج، وإن وهَب له أجنبيٌّ مالًا ليَحجَّ به لم يَلزمه قبوله إجماعًا، وإن قبِله وحجَّ به صحَّ حجُّه وسقطتْ عنه الفريضَة.(1/378)
إن الحجَّ جائز دائمًا إذا كان المالُ حلالًا، سواء أكان ذلك المال مِن مال الشخص نفسه أم كان مِن مال الغير المُتبرّع به عن طيب نفسٍ.
وقد كان بعض الصالِحينَ الأثرياء مِن سلَفنا الصالِح يَحجُّ ويأخذ معه مَجموعة من الفقراء الذين لم يُؤدُّوا فريضةَ الحج فيُنفق عليهم.
فقد كان الإمام : عبد الله بن المُبارك يحجُّ على نفَقته كل عام عشراتٌ ممَّن لم يَحجُّوا من قبلُ، وهي سُنة جميلة لها ثوابها الجزيل. ولذلك فإن المال المُهدَى مِن الغير يَجوز الحجُّ به إذا بَرِئ من الشبهات.
وفي واقعة السؤال وبناء على ما ذُكر فإنه إذا كان المال الذي سيُساهم به البنك في جزء من تكاليفِ نفقات حجِّ العاملين به مَملوكًا ملكيةً خالصةً للبنك، أو مِن أرباحه المُخصَّصة له، خاليًا من مَظِنَّة الشُّبهة، وليس من أصل أموال المُودِعِينَ أو المُؤسسِينَ أو أرباحهم، فإنه لا مانعَ شرعًا من مُساعدة العاملين بالبنك المُحتاجين بجزء من هذه الأموال إذا ما قبِلُوه لهذا الغرَض، ولا يَنقُص أو يُخلُّ بسلامة أداء مناسك الحج للعاملين به.
والله أعلم .
أميرة - الأردن الاسم
مسجد قباء درة المساجد العنوان
عامة الموضوع
أكرمني الله بالحج العام الماضي ثم بالعمرة هذا العام وكانت بالفعل رحلة العمر التي لاتنسى ومن بين المساجدالجميلة التي زرتهامسجد قباء لكن للأسف لم يتوافر لدي أي معلومات عنه ففكرت أن أرسل إليكم عبر موقعكم المتميز عسى أن تساعدوني في التعرف على هذا المسجد ولكم جزيل الشكر الوافر
السؤال
09/06/2001 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
بدايةأسال الله أن يكرمك في الآخرة كما أكرمك في الدنيا,وماأجمل قولك على العمرة أنهارحلة العمر بل هي أجمل مافي العمر.
وكلامك هذا أبلغ رد على الذين يتخيلون أننا غير سعداء بهذا الدين العظيم الذي أسال الله ألا يحرمنا منه .(1/379)
وهذا الموقع ماتميز إلا بتوفيق الله ثم بكم وبصالح دعواتكم
وعليه فإليك ماطلبت عن مسجد قباء:
مسجد قباء هو أول مسجد أسس على التقوى ، قال الله تعالى في سورة التوبة : {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إنْ أَرَدْنَا إلاَّ الْحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ $ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالُ يُحِبُّونَ أنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
هذه الآيات تشهد لهذا المسجد العظيم بالعظمة، والخير والبركات، والتفوق على غيره من المساجد.
موقعه
يقع هذا المسجد في الجنوب الغربي للمدينة المنورة ويبعد عن المسجد النبوي حوالي 5 / 3 كيلومتر وله محراب ومنارة ، ومنبر رخامي، وفيه بئر ينسب لأبي أيوب الأنصاري، وفيه مصلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم، وكان فيه مبرك الناقة.
تاريخ إنشاء المسجد
لما سمع المسلمون بالمدينة المنورة بخروج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ من مكة المكرمة، كانوا يخرجون كل يوم إلى الحرة أول النهار، فينتظرونه فما يردهم إلا حر الشمس. ولما وصل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ قرية قباء في شهر ربيع الأول نزل في بني عمرو بن عوف بقباء على كلثوم بن الهدم وكان له مربد (2) ، فأخذه منه رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وأسس مسجد قباء، وهو أول مسجد أسس على التقوى، وكان ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ينقل بنفسه الحجر والصخر والتراب مع صحابته.(1/380)
وفي قبال هذا المسجد قام المنافقين ببناء مسجد آخر، ودعوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ ليصلي فيه، فنزل جبرائيل ـ عليه السلام ـ يحذر النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ منهم ومن كيدهم، ويقرأ عليه هذه الآيات: {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى...} الخ. وعبر القرآن عنه بأنه مسجد ضرار فأمر النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بهدمه وإحراقه.
جدد مسجد قباء مرات عديدة، وسقطت منارته سنة 877 هـ، فجددها السلطان قايتباي سنة 881 هـ مع عمارة المسجد النبوي.
وذُكر أن السلطان محمود خان العثماني جدده سنة 1240 هـ، كما لحقه التجديد والزخرفة في العهد السعودي وفتح له باب آخر.
منبر المسجد
كان السلطان قايتباي قد أرسل منبراً رخاماً أبيضاً للمسجد النبوي سنة 888 هـ، ومكث مدة فيه، ثم أرسل السلطان مراد العثماني المنبر الموجود حالياً في مسجد رسول الله سنة 998 هـ، وهو من روائع الفن، فأقيم في المسجد النبوي، ونقل منبر قايتباي إلى مسجد قباء، وهو الموجود فيه الآن.
وقد جرت عادة القادمين للمدينة، من حجاج وغيرهم، أن يزوروا هذا المسجد، لأنه يثير في نفوسهم ذكريات الهجرة النبوية، وذكريات كفاح النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ وصبره وصلابته وجهاده في سبيل الله، ويذكّرهم بجهاد الأنصار، وبذلهم ووقوفهم إلى جانب صاحب الرسالة، حتى انتصر الحق على الباطل. فانطلاقة الإسلام الأولى في المدينة كانت من هذا المسجد ، وهذه القرية التي استقبل فيها ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ بالحفاوة والترحيب والبذل والعطاء.
ولهذا المسجد فضل كبير وأجر عظيم، وقد ورد في فضله روايات كثيرة منها ما رواه البخاري والنسائي: (إن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ كان يأتي مسجد قباء كل سبت راكباً وماشياً).(1/381)
وللترمذي عن أسيد بن خضير الأنصاري، عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ قال: ((الصلاة في مسجد قباء كعمرة)).
ويقول عبد الله بن عباس رضي الله عنه:(قباء مسجد يحبه رسول الله ).
فاللهم لاتحرمنا حب قباء ولاحب رسول الله .
والله أعلم.
مروان - الإمارات العربية المتحدة الاسم
تأجيرشقق وفنادق مكة بين الجواز والمنع العنوان
أحكام الحرمين الموضوع
قرأت في كتب الفقه إن دور مكة لا تؤجَّر، في الوقت الذي تنتشر فيه الفنادق في مكة وحتى البيوت يتم تأجيرها للحجاج أرجو الردبالتفصيل لأنني أفكرفي عمل دراسة حول هذا الموضوع جزاكم الله خيرالجزاء على هذا الموقع المتميز
السؤال
25/08/2005 التاريخ
الدكتور عطية فياض المفتي
الحل
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالراجح فقهًا ودليلاً: جواز بيع أرض مكة وإجارتها وسائر أنواع التصرفات فيها وإليك تفصيل ذلك:
يقول الدكتور عطية فياض أستاذ الفقه بكلية الشريعة جامعة الأزهر:
اختلف العلماء في بيع أرض الحرم وإجارتها ورهنها على مذهبين:
الأول :جوازه، وبه قال عمر بن الخطاب وجماعات من الصحابة ومن بعدهم ومذهب الشافعية وأبي يوسف من الحنفية ورواية عند الحنابلة. وناصَرَ ابن قدامة الحنبلي هذا الرأي.
الثاني :لا يجوز شيء من ذلك، وبه قال الأوزاعي والثوري ومالك وأبو حنيفة ورواية عند الحنابلة، والخلاف في المسألة مبني على أن مكة فتحت صلحا أم عنوة؟ فالمذهب الأول على أنها فتحت صلحا، فتبقى على ملك أصحابها فتورث وتباع وتكرى وترهن. والمذهب الثاني على أنها فتحت عنوة، فتكون وقفا ولا يجوز فيها شيء من هذه التصرفات.
واستدل أصحاب المذهب الأول بما يلي:
(1) قوله تعالى: (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ) فأضاف الله الدار للمهاجرين، والإضافة تقتضي التمليك.
((1/382)
2) ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أسامة بن زيد أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة: أين تنزل من دارك في مكة؟ فقال: هل ترك لنا عقيل من دار؟
وكان عقيل وطالب ورثا أبا طالب وكانا على الشرك، ولم يرثه جعفر ولا علي، لأنهما كانا مسلمين، فدل هذا الحديث على أن دور مكة تورث ويجوز التصرف فيها.
(3) ما رواه مسلم عن أبي هريرة في قصة فتح مكة قال: فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول، أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن.
فدل هذا الحديث على صحة تملك أبي سفيان لداره، ومن ثم يجوز التصرف فيها.
(4) جاء في سنن البيهقي وغيره أن نافع بن عبد الحارث اشترى من صفوان بن أمية دار السجن لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بأربعمائة، وفى رواية بأربعة آلاف.
(5) مارواه الزبير بن بكار وغيره أن حكيم بن حزام باع دار الندوة بمكة من معاوية بن أبي سفيان بمائة ألف فقال له عبد الله بن الزبير: يا أبا خالد، بعت مأثرة قريش وكريمتها؟ فقال: هيهات، ذهبت المكارم فلا مكرمة اليوم إلا الإسلام، فقال: اشهدوا أنها في سبيل الله تعالى يعني الدراهم.
(6)القياس :أنها أرض ليست موقوفة فجاز بيعها كغيرها.
أما أدلة من ذهب إلى عدم الجواز فما يلي:
(1) قوله تعالى (وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ )
قالوا: إن المراد بالمسجد جميع الحرم.
(2) وقوله تعالى (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا )
قالوا: والمحرم لا يجوز بيعه.
ورد على هذا الاستدلال:(1/383)
بأن المراد بالمسجد الحرام هو المسجد فقط لا أرض الحرم كلها، ولو كان الأمر كذلك لما جاز لأحد أن ينشد ضالة في دور مكة ولا ينحر فيها البدن ولا يلقى فيها الأرواث ولا يبيع فيها ولا يشتري.
كما أن المراد بالحرمة: تحريم الصيد والشجر والقتال فيها وليس النهي عن بيعها.
(3) واستدلوا بما رواه البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "مكة مباح لا تباع رباعها ولا تؤجر بيوتها "
ورد على حديث البيهقي بأن في إسناده إسماعيل بن إبراهيم، وهو ضعيف باتفاق المحدثين. أما حديث عائشة فمحمول على الموات من الحرم وهو ظاهر الحديث.
(4) قالوا: إنها بقعة من الحرم، فلا يجوز بيعها وإجارتها كنفس المسجد الحرام. ولكن هذا القياس مردود، لأن المساجد لا تلحق بها سائر المنازل المسكونة.انتهى
ويقول الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي في هذا الموضوع:
هناك من قال إن دور مكة لا تؤجَّر ولكن كثيرا من الفقهاء أجازوا استئجار البيوت في مكة وهذا جرى عليه العمل من قديم، من قرون والناس يؤجرون البيوت في مكة والآن أصبح هناك بيوت وهناك شقق وهناك أجنحة وهناك فنادق وكل هذا أصبح مُجازاً من علماء الأمة بغير نكير، فقد أصبح هذا إجماع من الأمة على جواز ذلك، إنما المهم ألا يستغل الناس فترة الحج ويبالغوا مبالغات لا معنى لها في أسعار الشقق والبيوت هذا هو الذي لا يجوز.انتهى
والله أعلم .
محمد الاسم
البيع والمتاجرة في الحج والعمرة العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله: هل يجوز للحاج أو المعتمر أثناء السفر للحج والعمرة أن يقوم بشراء أمتعة ليتاجر فيهاأو أن يقوم بالبيع والشراء ؟ بارك الله فيكم السؤال
14/02/2008 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/384)
فيقول فضيلة الشيخ عطية صقر-رحمه الله-رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف سابقاً:
يقول الله -سبحانه- في حكمة الحج الذي أذن به إبراهيم: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. ليشهدوا منافع لهم} [سورة الحج: 27، 28] ويقول سبحانه: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم} [سورة الحج: 198
إن المنافع التي يشهدها الحجاج كثيرة متنوعة: منافع دينية ومنافع دنيوية، ومن المنافع الدنيوية رزق أهل مكة استجابة لدعوة إبراهيم -عليه السلام- حينما وضع ولده إسماعيل وأمه هاجر في هذا الوادي الذي ليس فيه زرع، والرزق قد يكون بدون مقابل كالهدي والفداء أو بمقابل كالبيع والشراء للهدي ولغير الهدي، ففيه نشاط تجاري دنيوي كما أن فيه نشاطًا دينيًّا.
وابتغاء الفضل من الله في موسم الحج بالتجارة والكسب الحلال ليس فيه حرج، وقد جاء في سبب نزول هذه الآية ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: إن الناس في أول الحج -أي في الإسلام- كانوا يتبايعون بمنى وعرفة وذي المجاز -موضع بجوار عرفة- ومواسم الحج وهم حرم، فأنزل الله -تعالى- هذه الآية.(1/385)
وما رواه أبو داود عن ابن عباس أيضًا أن الناس كانوا لا يتجرون بمنى، فأمروا أن يتجروا إذا أفاضوا من عرفات. فالتكسب الحلال في أثناء الموسم لا حرج فيه، بمعنى أنه لا يفسد الحج، ولا يضيع ثوابه، روى أبو داود وسعد بن منصور أن رجلاً قال لابن عمر -رضي الله عنهما: إني رجل أكري -أؤجر الرواحل للركوب- في هذا الوجه وإن أناسًا يقولون لي: إنه ليس لك حج، فقال ابن عمر: أليس تحرم وتلبي وتطوف بالبيت وتفيض من عرفات وترمي الجمار؟ قال: بلى، قال: فإن لك حجًا، جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن مثل ما سألتني، فسكت عنه حتى نزلت هذه الآية: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم} [البقرة: 198] فأرسل إليه وقرأ عليه هذه الآية وقال "لك حج" وما رواه البيهقي والدارقطني أن رجلاً سأل ابن عباس: أؤجر نفسي من هؤلاء القوم فأنسك معهم المناسك، إلي أجر؟ فقال له: نعم {أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب [سورة البقرة: 202.
تبين هذه المأثورات أن الذين يحجون ويزاولون أعمالاً تجارية حجهم صحيح غير فاسد لا تجب عليهم إعادته، وتسقط عنهم الفريضة.
أما الثواب فظاهر هذه الآثار أن الله لا يحرمهم منه، ولكن يجب مع ذلك مراعاة الحديث الصحيح "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" وإذا تعددت النوايا في عمل صالح يمكن أن يرتبط الثواب بما غلب من هذه النوايا، والأمر كله لله من قبل ومن بعد، وهو سبحانه عليم بذات الصدور.
والله أعلم .
نصير - الكويت الاسم
علاقة الصلاة داخل الكعبة بالمناسك العنوان
أحكام الحرمين الموضوع
ماحكم الصلاة داخل الكعبة؟وهل تركها يؤثر على الحج أو العمرة ؟ولكم جزيل الشكر السؤال
18/07/2007 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..(1/386)
فالصلاة داخل الكعبة سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفعلها مستحب إن تيسر ذلك خاصة في أيامنا هذه ؛ وتركها لا يؤثر على صحة الحج أو العمرة ؛ لأنها ليست من الأركان أوالواجبات .
جاء عن الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي السعودية سابقاً-رحمه الله- في رده على سؤال مماثل :
الصلاة داخل الكعبة مستحبة إذا تيسرت دون كلفة ولا مشقة ولا إيذاء، فقد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم وصلى فيها كما ثبت هذا في الصحيحين .
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج كئيبًا، وقال إنني أخشى أن أكون قد شققت على أمتي.
ولما سألته عائشة عن الصلاة في الكعبة قال : صلي في الحجر فإنه من البيت .
وهذا يدل على أن الصلاة في البيت مستحبة وقربة وطاعة وفيها فضل , ولكن لا ينبغي المزاحمة فيها ولا إيذاء الغير ولا فعل ما يشق عليه وعلى الناس , ويكفيه أن يصلي في الحجر فإنه من البيت.
والسنة إذا دخلها المسلم أن يصلي فيها ركعتين ويكبر في نواحيها ويدعو الله جل وعلا بما تيسر من الدعاء ولا سيما جوامع الدعاء فقد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم وصلى فيها وكبر في نواحيها ودعا , كل ذلك ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
أحمد - السعودية الاسم
أبواب الحرم المكي عبر العصور العنوان
فقهية الموضوع
أرجو أن تفيدوني مشكورين عن أسماء أبواب المسجد الحرام لأنني أجمع بعض المعلومات عنها لدراستها ولكم جزيل الشكر
السؤال
29/03/2006 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فللمسجد الحرام أبواب كثيرة تغير اسم بعضها على مر العصور وبقيت بعض الأسماء كما هي دون تغيير.
وإليك أسماء هذه الأبواب :
أولاً :الجهة الشرقية
1 ـ باب السلام:
ويعرف قديماً بـ (باب بني شيبة)، وكان يقال له باب بني عبد شمس.
2 ـ باب مدرسة السلطان قايتباي:
وهذا الباب نافذ من المسجد الحرام إلى شارع المسعى.(1/387)
3 ـ باب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ:
سمي بذلك كما عن الأزرقي لأن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان يخرج ويدخل منه أو من جهته إلى دار زوجته أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها)، وكان في الموضع المعروف بمولد فاطمة الزهراء ـ عليها السلام ـ في زقاق الصوع، ولهذا الباب أسماء أخرى منها (باب الجنائز)، ومنها (باب الحريريين) لأن الحرير كان يباع إلى جواره.
4 ـ باب العباس بن عبد المطلب (رضي الله عنه):
سمي بذلك لأنه يقابل دار العباس بن عبد المطلب بالمسعى المشهورة باسمه إلى الآن، ويعرف أيضاً بـ (باب الجنائز).
5 ـ باب علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ:
عرفه الازرقي بـ (باب بني هاشم) وبـ (باب البطحاء).
ثانياً:الجهة الجنوبية
1 ـ باب بازان:
سماه بذلك التقي الفاسي، حيث كان أمامه بازان عين حنين، وعرفه الازرقي بـ (باب بني عائد)، ويسمى الآن (باب النعوش).
2 ـ باب البغلة:
عرفه الفاسي بذلك، وعرفه الازرقي بـ (باب بني سفيان).
3 ـ باب الصفا:
سمي بذلك لأنه يلي الصفا، ويعرف أيضاً بـ (باب بني مخزوم) لأنهم كانوا يسكنون في تلك الجهة.
4 ـ باب أجياد الصغير:
ويعرف أيضاً بـ (باب الخلفيين).
5 ـ باب المجاهدية:
ويقال له (باب الرحمة)، ويسمى الآن بـ (باب أجياد) لأنه يقع في قبال شارع أجياد.
6 ـ باب مدرسة الشريف عجلان:
وعرفه الازرقي بـ (باب بني تيم).
7 ـ باب أم هاني:
بنت أبي طالب أخت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ، وسمي بذلك لوقوعه عند دار أم هاني.
ثالثاً:الجهة الغربية
1 ـ باب الحزورة:
الحزورة اسم لسوق في الجاهلية كانت في هذا المكان ودخلت في المسجد الحرام عند توتسعته، ويسمى أيضاً بـ (باب البقالية) (باب بني حكيم) و(باب بني الزبير بن العوام) و(باب الحزامية)، ويعرف الآن بـ (باب الوداع).
2 ـ باب ابراهيم:
نسبة إلى رجل أسمه إبراهيم الخياط كان يزاول عمله عند هذا الباب.(1/388)
3 ـ باب بجوار رباط الخوزي.
4 ـ باب مدرسة الشريف غالب.
5 ـ باب مدرسة الداوودية.
6 ـ باب العمرة:
سمي بذلك لأن المعتمرين من التنعيم اعتادوا الدخول والخروج منه غالباُ.
رابعاً:الجهة الشمالية
1 ـ باب السدة:
ويسمى الآن (باب العتيق) لكونه قريباً من دار أبن عتيق، وكان من الأعيان.
2 ـ باب مدرسة الزمامية.
3 ـ باب الباسطية:
ويسمى الآن (باب العجلة).
4 ـ باب القطبي:
ويقع بجوار مدرسة قطب الدين الحنفي، ويسمى قديماً (باب زيادة دار الندوة).
5 ـ باب المحكمة:
سمي بذلك لكونه ممراً للمحكمة الشرعية.
7 ـ باب السليمانية:
نسبة إلى السلطان سليمان خان.
8 ـ باب الدريبة.
هذه بعض الأبواب المطلة على الشوارع العمومية من الجهات الأربعة، وتوجد أبواب رئيسية معروفة في الجهات الأخرى منها: باب الملك عبد العزيز، يقع في الجنوب الشرقي.
وإليك بعض المراجع الهامة والتي تفيدك بمشيئة الله في نوعية دراستك :
(1) أخبار مكة: للأزرقي
(2) بدائع الزهور في وقائع الدهور
(3) أعلام الأعلام ببناء المسجد الحرام للقطبي
(4) مرآة الحرمين: إبراهيم رفعت
(5) شئون الحرمين الشريفين في العهد العثماني: عبد اللطيف هريدي
(6) تاريخ الرسل والملوك للطبري.
والله أعلم .
فتحي الاسم
فضائل الحج وثواب النفقة فيه العنوان
حكم الحج وفضله الموضوع
نود أن نعرف فضل الحج وفوائده كما جاءت في القرآن الكريم والسنة المطهرة. وهل النفقة في الحج لها ثواب أكبر من النفقة في أمور الحياة العادية أم لا ؟ جزاكم الله خير الجزاء السؤال
07/04/2009 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فللحج فضل كبير ، وثواب عظيم ، وفوائد كثيرة، والنفقة فيه ثوابها مضاعف كالنفقة في سبيل الله.
يقول الشيخ عطية صقر-رحمه الله-رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:(1/389)
فضل الحج كبير يظهر في بيان حكمة المشروعية التي قال الله فيها:(وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيامٍ معلوماتٍ على ما رزقهم من بهيمة الأنعام).
والمنافع كثيرة: منافع دينية ، ومنافع دنيوية تستفيد منها مكة وأهلها استجابة لدعاء إبراهيم ـ عليه السلام: { ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون }. ويستفيد من المنافع الحجاج والمسلمون بوجه عام.
ومن هذه الفوائد: تقوية صلة العبد بربه بمثل: التلبية وذكر الله في المشاعر، والطواف حول البيت، وتقبيل الحجر الذي هو يمين الله يصافح بها خلقه ، كما رواه أحمد.
وفيه التواضع الذي جاءت فيه رواية أحمد أن الله يباهي بأهل عرفات الملائكة فيقول: "انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً ضاحين من كل فجٍ عميقٍ أشهدكم أني قد غفرت لهم ".
وفيه ارتباط بمهد النبوة، وتذكر لحوادثَ ماضيةٍ قيِّمة، كما أن فيه عاملاً من عوامل الوحدة بين المسلمين، ومن أجل ذلك جاء في بيان فضله ما يأتي:
أولا:أنه أفضل الأعمال أو من أفضل الأعمال، كما جاء في حديث أبي هريرة حينما سُئِلَ الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أي الأعمال أفضل؟ قال: "إيمانٌ بالله ورسوله، ثم الجهاد في سبيل الله، ثم الحج المبرور" والحج جهاد، وفضل الجهاد عظيم، وهو ذروة سنام الإسلام.
وفى حديث الطبراني في شأن الرجل الضعيف الذي لا يستطيع أن يجاهد: "هلم إلى جهادٍ لا شوكة فيه: الحج "، وفى رواية النسائي: "جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحج ".
وفى رواية البخاري ومسلم أن عائشة قالت للرسول ( صلى الله عليه وسلم ): "نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: لَكُنَّ أفضل الجهاد: حجٌ مبرور ".(1/390)
ثانياً: في الحج أيضا مغفرة الذنوب، لحديث البخاري ومسلم: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ".
وفى رواية لمسلم،عندما أسلم عمرو بن العاص: " أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله وأن الهجرة تهدم ما قبلها، وأن الحج يهدم ما قبله؟ ".
وفى حديث النسائي والترمذي وصححه: " تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، ليس للحجة المبرور ثواب إلا الجنة، الحجاج والعمار وفد الله إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم ". كما في حديثٍ رواه ابن ماجة والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما.
أما النفقة فيه فقد جاء فيها حديث رواه أحمد، وغيره بإسناد حسن: " النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله، الدرهم بسبعمائة ضعف ".
والله أعلم.
عماد - الجزائر الاسم
تحديد أعداد الحجاج بين الشرع والمصلحة العنوان
عامة الموضوع
هل يجوز شرعاً للحاكم تحديد أعداد الحجيج في كل سنةأم لا ؟
السؤال
02/05/2009 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الدكتور يوسف القرضاوي :
يجوز إذا كان من وراء ذلك مصلحة وإذا كان فتح الباب على مصراعيه يؤدي إلى مفسدة، نحن نعلم أنه في بعض السنين كان فيه حوالي 3 مليون حاج وحدث في عدة سنوات الناس تزاحموا في مرمى الجمار وقتل الناس بالمئات فمن المصالح المرسلة ومن سد الذرائع إلى الفساد أن يحدَّد الأعداد، هذا أمر اتفق عليه حكماء المسلمين.
فالمملكة العربية السعودية اتفقت مع المسلمين أن كل بلد يكون لها حد على قدر عددها، وليس من المعقول أن يسمح بأعداد من قطر مثل مصر، أوبأعداد من باكستان مثل تونس، فكل بلد على قدر النسبة التي تعيش فيه بحيث يكون العدد في أداء تلك الشعيرة معقولاً حتى لا يضار الناس بعضهم بعضاً.(1/391)
والذي أعلمه أن السعودية بدأت تجعل بعض الضوابط على أهل السعودية نفسها والمقيمين وذلك بالحج مرة كل خمس سنين.
هذا كله لمصلحة المسلمين، فليس هذا تعنتاً ولا تحكّماً، لنكن منصفين، هذا من مصلحة الحجاج أنفسهم حتى يستطيعوا أن يؤدوا الحج براحة وبدون مضايقة، لأن الإنسان حينما يؤدي هذه العبادة وهذا يضربه من هنا وهذا يزاحمه من هنا، لا يكون مستريح النفس كما لايشعر بحلاوة العبادة .
والله أعلم .
غريب الاسم
مضاعفة الحسنات والسيئات في الحرم العنوان
ذكر ودعاء الموضوع
سمعت أن الحسنات في الحرم المكي تتضاعف ؛ فهل تتضاعف السيئات أيضاً ؟
السؤال
30/06/2008 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فقد ورد في فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- ما يلي :
الأدلة الشرعية تشير إلى أن الحسنات تضاعف في الزمان الفاضل والمكان الفاضل مثل رمضان وعشر ذي الحجة ، والمكان الفاضل كالحرمين ؛ فإن الحسنات تضاعف في مكة والمدينة مضاعفة كبيرة وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في ما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا " رواه أحمد وابن حبان بإسناد صحيح .
فدل ذلك على أن الصلاة بالمسجد الحرام تضاعف بمائة ألف صلاة في سوى المسجد النبوي ، وتضاعف بمائة صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وبقية الأعمال الصالحة تضاعف ، ولكن لم يرد فيها حد محدود إنما جاء الحد والبيان في الصلاة ، أما بقية الأعمال كالصوم والأذكار وقراءة القرآن والصدقات فلا أعلم فيها نصًا ثابتًا يدل على تضعيف محدد ، وإنما فيها في الجملة ما يدل على مضاعفة الأجر وليس فيها حد محدود .
والحديث الذي فيه : " من صام في مكة كتب الله له مائة ألف رمضان " حديث ضعيف عند أهل العلم .(1/392)
والحاصل أن المضاعفة في الحرم الشريف بمكة المكرمة لا شك فيها - أعني مضاعفة الحسنات - لكن ليس في النص فيما نعلم حد محدود ما عدا الصلاة فإن فيها نصًا يدل على أنها مضاعفة بمائة ألف صلاة كما سبق .
أما السيئات فالذي عليه المحققون من أهل العلم أنها لا تضاعف من جهة العدد ولكن تضاعف من جهة الكيفية ، أما العدد فلا ، لأن الله سبحانه وتعالى يقول : "مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا "
فالسيئات لا تضاعف من جهة العدد لا في رمضان ولا في الحرم ولا في غيرها ، بل السيئة بواحدة دائمًا وهذا من فضله سبحانه وتعالى وإحسانه . ولكن سيئة الحرم ، وسيئة رمضان ، وسيئة عشر ذي الحجة أعظم إثمًا من السيئة فيما سوى ذلك ، فسيئة في مكة أعظم وأكبر وأشد إثمًا من سيئة في جدة والطائف مثلاً ، وسيئة في رمضان ، وسيئة في عشر ذي الحجة أشد وأعظم من سيئة في رجب ، أو شعبان ونحو ذلك .
فهي تضاعف من جهة الكيفية لا من جهة العدد ، أما الحسنات فهي تضاعف كيفية وعددًا بفضل الله سبحانه وتعالى ، ومما يدل على شدة الوعيد في سيئات الحرم وأن سيئة الحرم عظيمة وشديدة ، قول الله تعالى : وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ "
فهذا يدل على أن السيئة في الحرم عظيمة حتى إن في الهم بالسيئة فيه هذا الوعيد . وإذا كان من هم بالإلحاد في الحرم متوعدًا بالعذاب الأليم فكيف بحال من فعل في الحرم الإلحاد بالسيئات والمنكرات فإن إثمه يكون أكبر من مجرد الهمّ وهذا كله يدلنا على أن السيئة في الحرم لها شأن خطير . وكلمة إلحاد تعم كل ميل إلى باطل سواء كان في العقيدة أو غيرها؛ لأن الله تعالى قال : "وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ"(1/393)
فنكر الجميع ، فإذا ألحد أحد أي إلحاد فإنه متوعد بهذا الوعيد . وقد يكون الميل عن العقيدة إلى الكفر بالله فيكفر بذلك فيكون ذنبه أعظم وإلحاده أكبر .
وقد يكون الميل إلى سيئة من السيئات كشرب الخمر والزنا وعقوق الوالدين أو أحدهما فتكون عقوبته أخف وأقل من عقوبة الكافر .
وإذا كان الإلحاد بظلم العباد بالقتل أو الضرب أو أخذ الأموال أو السب أو غير ذلك فهذا نوع آخر ، وكله يسمى إلحادًا ، وكله يسمى ظلمًا ، وصاحبه على خطر عظيم ، لكن الإلحاد الذي هو الكفر بالله والخروج عن دائرة الإسلام أشد من سائر المعاصي وأعظم منها ، كما قال الله سبحانه وتعالى : " إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ".
والله أعلم .
محمد - مصر الاسم
الحج بين الاستطاعة وسمو المنزلة العنوان
فقهية الموضوع
لماذا الحج هو الفريضة الوحيدة التي اشترط لها الاستطاعة دون العبادات الأخرى ؟ السؤال
16/03/2008 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا شك أن الحج فريضة من أعظم فرائض الإسلام، وإحدى شعائره الكبرى، وقد ثبتت فرضيته بالقرآن والسنة والإجماع.
أما القرآن ففي قول الله تبارك وتعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين)، (من كفر) أي من لم يحج أو من أعرض عن الحج وقصد تركه، هنا وضع كلمة الكفر للتهديد والتخويف.
وأما الأحاديث فكثيرة منها حديث "بني الإسلام على خمسٍ؛ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان". (رواه البخاري ومسلم)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم "يا أيها الناس، إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا" قالوا: يا رسول الله أفي كل عام؟ فقال: "لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم".
واجتمعت الأمة كلها على اختلاف مذاهبها ومدارسها وفرقها أن الحج فريضة على من استطاع إليه سبيلا.(1/394)
وعليه فقد فرض الله الحج بالقرآن والسنة والإجماع، لكن من رحمة الله أنه لم يفرض علينا الحج إلا مرة واحدة في العمر، ولذلك كان السلف يسمون الصلاة أو الصلوات الخمس هي ميزان اليوم، ويسمون صلاة الجمعة ميزان الأسبوع، ويسمون صيام شهر رمضان ميزان السنة، والحج هو ميزان العمر.
إذاً لماذا كانت الاستطاعة في الحج دون غيره من العبادات ؟
من المعلوم أن العلماء يقسمون العبادات إلى:
1. عبادات بدنية، أي التي يقوم به الإنسان مستعملاً بدنه فيكون فيها حركة أو مشقة بدنية مثل الصلاة، التي يغالب فيها الإنسان الكسل والنوم، فهي عبادة بدنية، فالصلاة أقوال وأفعال مبتدأة بالتكبير مختتمة بالتسليم.
والصوم كذلك عبادة بدنية فيها مشقة، لكنها عبادة تَركية، فالصلاة فعل والصوم ترك لشهوتي البطن والفرج عن الطعام والشراب ومباشرة النساء، إذاً كلتاهما عبادة بدنية الصلاة والصيام.
2. عبادات مالية كالزكاة فهي عبادة مالية، لأن الإنسان يبذل فيها المال.
3. عبادات بدنية ، ومالية كالحج وفيه يفارق المسلم وطنه، وأهله ، ويسافر ويركب المشقات ، ينام في خيمة أو على الأرض، فهو يتحمل المشقة ومن ناحية أخرى يبذل المال لينتقل من بلده إلى البلد الحرام، حيث المناسك هناك، فيحتاج أيضاً إلى إنفاق مالي، لذلك جاء في بعض الأحاديث في تفسير الاستطاعة أو السبيل أنها الزاد والراحلة أي يكون عنده مقدرة على أن يهيئ زاداً يكفيه لمدة، والراحلة التي يركب عليها والزاد والراحلة بلغتنا العصرية هو نفقات السفر، والإقامة، والتنقل، ولابد أن يملك الإنسان النفقات لسفره بما يلائم حاله، وظروفه فكلٌ حسب استطاعته ، ويدخل في هذا ما يدفع للمطوف أو للمتعهد، كما يدخل في الاستطاعة القدرة الصحية إضافة لنفقات السفر والإقامة.(1/395)
كذلك لابد للحاج أن يترك لأهله ما يكفي نفقتهم حتى يعود، فلا يترك أهله بلا زاد فهذا غير مقبول، وكل ما ذكرناه في حدود معنى الاستطاعة المطلوبة في الحج، وبذلك يصير الحج هجرة إلى الله ، وارتحال، ومشقة ، وتكلفة، وزاد، الأمر الذي يتطلب أن يكون الحج شرطه الاستطاعة دون باقي العبادات الأخرى.
والله أعلم .
محمد - مصر الاسم
الحج بين الاستطاعة وسمو المنزلة العنوان
فقهية الموضوع
لماذا الحج هو الفريضة الوحيدة التي اشترط لها الاستطاعة دون العبادات الأخرى ؟ السؤال
16/03/2008 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا شك أن الحج فريضة من أعظم فرائض الإسلام، وإحدى شعائره الكبرى، وقد ثبتت فرضيته بالقرآن والسنة والإجماع.
أما القرآن ففي قول الله تبارك وتعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين)، (من كفر) أي من لم يحج أو من أعرض عن الحج وقصد تركه، هنا وضع كلمة الكفر للتهديد والتخويف.
وأما الأحاديث فكثيرة منها حديث "بني الإسلام على خمسٍ؛ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان". (رواه البخاري ومسلم)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم "يا أيها الناس، إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا" قالوا: يا رسول الله أفي كل عام؟ فقال: "لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم".
واجتمعت الأمة كلها على اختلاف مذاهبها ومدارسها وفرقها أن الحج فريضة على من استطاع إليه سبيلا.
وعليه فقد فرض الله الحج بالقرآن والسنة والإجماع، لكن من رحمة الله أنه لم يفرض علينا الحج إلا مرة واحدة في العمر، ولذلك كان السلف يسمون الصلاة أو الصلوات الخمس هي ميزان اليوم، ويسمون صلاة الجمعة ميزان الأسبوع، ويسمون صيام شهر رمضان ميزان السنة، والحج هو ميزان العمر.(1/396)
إذاً لماذا كانت الاستطاعة في الحج دون غيره من العبادات ؟
من المعلوم أن العلماء يقسمون العبادات إلى:
1. عبادات بدنية، أي التي يقوم به الإنسان مستعملاً بدنه فيكون فيها حركة أو مشقة بدنية مثل الصلاة، التي يغالب فيها الإنسان الكسل والنوم، فهي عبادة بدنية، فالصلاة أقوال وأفعال مبتدأة بالتكبير مختتمة بالتسليم.
والصوم كذلك عبادة بدنية فيها مشقة، لكنها عبادة تَركية، فالصلاة فعل والصوم ترك لشهوتي البطن والفرج عن الطعام والشراب ومباشرة النساء، إذاً كلتاهما عبادة بدنية الصلاة والصيام.
2. عبادات مالية كالزكاة فهي عبادة مالية، لأن الإنسان يبذل فيها المال.
3. عبادات بدنية ، ومالية كالحج وفيه يفارق المسلم وطنه، وأهله ، ويسافر ويركب المشقات ، ينام في خيمة أو على الأرض، فهو يتحمل المشقة ومن ناحية أخرى يبذل المال لينتقل من بلده إلى البلد الحرام، حيث المناسك هناك، فيحتاج أيضاً إلى إنفاق مالي، لذلك جاء في بعض الأحاديث في تفسير الاستطاعة أو السبيل أنها الزاد والراحلة أي يكون عنده مقدرة على أن يهيئ زاداً يكفيه لمدة، والراحلة التي يركب عليها والزاد والراحلة بلغتنا العصرية هو نفقات السفر، والإقامة، والتنقل، ولابد أن يملك الإنسان النفقات لسفره بما يلائم حاله، وظروفه فكلٌ حسب استطاعته ، ويدخل في هذا ما يدفع للمطوف أو للمتعهد، كما يدخل في الاستطاعة القدرة الصحية إضافة لنفقات السفر والإقامة.
كذلك لابد للحاج أن يترك لأهله ما يكفي نفقتهم حتى يعود، فلا يترك أهله بلا زاد فهذا غير مقبول، وكل ما ذكرناه في حدود معنى الاستطاعة المطلوبة في الحج، وبذلك يصير الحج هجرة إلى الله ، وارتحال، ومشقة ، وتكلفة، وزاد، الأمر الذي يتطلب أن يكون الحج شرطه الاستطاعة دون باقي العبادات الأخرى.
والله أعلم .
الشريف - سلطنة عمان الاسم
التمتع بالعمرة إلى الحج ومسافة السفر العنوان
العمرة: فضلها وأحكامها الموضوع(1/397)
ذهبت للعمل في موسم الحج فأديت عمرة ثم خرجت إلى المدينة المنورة فأقمت بها حتى حان موعد الحج فأحرمت بالحج، فهل أكون متمتعًا ويَلزَمني هديٌ أم لا ؟ السؤال
30/10/2008 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا تعتبر متمتعاً، وليس عليك هدي لانتفاء شرط الموالاة بين العمرة والحج ، ولأنك سافرت مسافة تزيد كثيراً عن مسافة القصر، وذلك على رأي جمهور الفقهاء.
يقول الدكتور محمد سيد أحمد المسير الأستاذ بجامعة الأزهر:
التمتع هو أن يُحرِم الإنسان بالعمرة في أشهر الحج من الميقات ثم يَصل إلى الكعبة المشرفة فيطوف لعمرته ويسعى بين الصفا والمروة ويَحلق أو يُقصّر ثم يُحِلّ بمكة المكرمة ويظل مقيمًا بها حتى تقرُب أيام الحج فيَنويَ الحجَّ في عامه هذا، وهو المقصود بقوله تعالى: (فمَن تَمتَّعَ بالعمرة إلى الحجِّ فما استَيسَرَ من الهَدْي) البقرة: 196 .
والجمهور من العلماء على أن التمتع بالعمرة إلى الحج يَقتضي الموالاةَ بينهما، وعلى هذا فمن خرج من مكة بعد العمرة وسافر سفرًا تُقصَرُ فيه الصلاةُ فليس بمتمتع، وحيث إن السائل ذهب إلى المدينة المنورة بعد عمرته ومكث بها فترة زمنية، ومعلوم أن المسافة طويلة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وتزيد على مسافة القصر بمراحل، إذ هي تقرُب من خمسمائة كيلو متر ـ فيُعتبر هذا السائل غيرَ متمتع وليس عليه هديُ التمتع.انتهى كلام الدكتور المسير.
ويقول محمود إسماعيل محرر استشارات الحج بالموقع:(1/398)
ما ذكره الدكتور المسير هو رأي جمهور الفقهاء ، لكن يرى المالكية بأن الخروج من مكة لا يقطع التمتع ، لأن المتمتع لم يرجع إلى بلده أو مثلها في البعد، وإنما اختلف الفقهاء في ذلك لعدم ورود نص، فيكون محل اجتهاد، وللسائل أن يأخذ برأي المالكية إن أراد ذلك أو رغب في أن يصير متمتعاً،وإن كنت أرجح له رأي المالكية إن تيسر له الهدي ،وإلا فله الأخذ برأي جمهور الفقهاء .
والله أعلم .
مرفت - مصر الاسم
كم مرة حج الرسول صلى الله عليه وسلم ؟؟ العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أريد أن أعرف كم مرة حج الرسول صلى الله عليه وسلم. ولكم وافر الشكر
السؤال
20/12/2005 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فقد حج الرسول صلى الله عليه وسلم مرة واحدة في العام العاشر من الهجرة ومعه مائةُ ألفٍ أو يَزيدون. وإليك ذلك بالتفصيل في فتوى الدكتور محمد سيد أحمد المسير:ـ
فُرِض الحجُّ على المسلمين في العام السادس من الهجرة، وكان المسلمون يحجون مع المشركين، إلى أن نزل قوله ـ تعالى ـ في العام التاسع من الهجرة (يَا أيُّها الذينَ آمنُوا إنَّمَا المشركونَ نَجَسٌ فلا يقربُوا المسجدَ الحرامَ بعدَ عامِهِمْ هذَا وإنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فسوفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ منْ فضلِهِ إنْ شاءَ إنَّ اللهَ عليمٌ حكيمٌ) (التوبة: 28).(1/399)
وفي يوم مشهودٍ من أيامِ الله خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في العام العاشر من الهجرة ومعه مائةُ ألفٍ أو يَزيدون؛ يُؤَدُّون مناسكَ الحجِّ بعد أن أصبحت مكةُ في حِمَى المسلمين، وبعد أن طُهِّرَتِ الكعبة من الأصنام وبعد أن مُحِيَت آثار الجاهلية كلها. وقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه "خُذُوا عنِّي مَناسِكَكُمْ" وخَطَبَهُم خطبةً جامعةً حدَّدت ملامحَ المجتمع الإسلامي، وتُوصَفُ هذه الحجة وهذه الخُطبة بأوصافٍ؛ البلاغ والإسلام والوداع.
وسميت حِجَّة البلاغ؛ لأن رسول الله كان يقولُ عَقِبَ كلِ أمرٍ أو نَهْيٍ في خطبته أَلا هلْ بَلَّغْت؟ فيقول الجمع الحاشد: نعم، فيقول عليه الصلاة والسلام: اللهم فاشهد.
وسميت حِجّة الإسلام؛ لأنها الحجة الوحيدة التي أدَّاها الرسولُ الكريمُ في الإسلام بعد فرضيته ونزل فيها قوله تعالى: (اليومَ أكملتُ لكمْ دينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عليكُمْ نِعمتِي ورَضِيتُ لكُمْ الإسلامَ دينًا) (المائدة: 3).
وسميت حجة الوداع؛ لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودَّع أُمَّته قائلا: "أيها الناس اسْمعُوا قولي فإني لا أدري لعلي لا أَلْقاكُم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا" فقد انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى بعد عودته إلى المدينة بقليل. وفي صحيح البخاري سُئِل أنسُ ـ رضي الله عنه ـ كم حَجَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: واحدة.انتهى كلام الدكتور المسير.
سميت هذه الحجة العظيمةأسماء عديدة فظن البعض أن النبي صلى الله عليه وسلم حج أكثر من مرة ، لكنها أسماء عديدة لحجة واحدة.
ومن المعلوم أن الحج فرض في العام السادس من الهجرة وحج الرسول صلى الله عليه وسلم في العام العاشر من الهجرة الأمر الذي جعل بعض العلماء يرون أن الحج على التراخي ويرى آخرون أن الحج على الفور وهو اختلاف له دلالته يمكنك تتبعه في الفتوى التالية:
هل الحج على الفور أم التراخي
والله أعلم.
أحمد الغامدي - العراق الاسم(1/400)
حكم الإشارة والتمسح بالركن اليماني العنوان
زمزم والمقام والحجر الموضوع
سأقوم بأداء العمرة قريباً إن شاء الله فما حكم المسح أو الإشارة إلى الركن الجنوبي الغربي للكعبة المشرفة أثناء الطواف ، وكم عدد التكبيرات التي تقال عنده ؟
جزاكم الله خير الجزاء
السؤال
04/02/2008 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيشرع للحاج أو المعتمر استلام الركن اليماني للكعبة المشرفة، إن تيسر له ذلك ، ويكبر مرة واحدة عند استلامه.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز "رحمه الله" :
بالنسبة إلىالركن اليماني لم يرد فيما نعلم ما يدل على الإشارة إليه وإنما يستلمه إذا استطاع من دون مشقة ولا يقبله ، ويقول : بسم الله والله أكبر أو الله أكبر .
أما مع المشقة فلا يشرع له استلامه ويمضي في طوافه من دون إشارة أو تكبير لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضى الله عنهم .
أما التكبير فيكون مرة واحدة ولا أعلم ما يدل على التكرار.
ويقول في طوافه كله ما تيسر من الدعوات والأذكار الشرعية ويختم كل شوط بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يختم به كل شوط وهو الدعاء المشهور "ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" .وجميع الأذكار والدعوات في الطواف والسعي سنة وليست واجبة .انتهى كلام الشيخ .
المحرر: من المعلوم أن أركان الكعبة المشرفة أربعة : ترتيبها عند بداية الطواف كالتالي:
1.الركن الأسود .
2.الركن العراقي .
3.الركن الشامي ويقال له الركن المغربي أيضا.
4.الركن اليماني .
وإذا أطلقت كلمة الركن فيقصد بها ركن الحجر الأسود، وإذا أطلقت كلمة الركنين فيراد بها ركن الحجر الأسود والركن اليماني .
وسمي الركن يمانياً لأنه ناحية اليمن، فيقال الركن اليماني ، ويقال الركن الجنوبي الغربي.
والله أعلم .(1/401)
ذكري - البحرين الاسم
مسجد الجمعة ..درة الوادي العنوان
زيارة المدينة الموضوع
أكرمني الله بالعمرة هذا العام وبعد أداء العمرة قمت بزيارة مجموعة من المقدسات الإسلامية ومنها مسجد في المدينة المنورة يسمى مسجد الجمعة فهل هذه التسمية صحيحة؟ ولماذا سمي بهذه التسمية؟ أرجو أن تذكروا لي بعض المعلومات عنه لأني زرته ولا أعلم أي شيء عنه وجزاكم الله خيراً
السؤال
04/01/2001 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ... </<B>
فتسميته بمسجد الجمعة تسمية صحيحة ، وهذاالمسجد الرائع يقع في وسط بساتين وحدائق في منطقة مسجدقباء الذي يبعد عنه مسافة 500 متر تقريباً.
وكان هذا المسجد يسمّى بـ(مسجد عاتكة) فترة من الزمن، وكذلك أطلق عليه سابقاً مسجد الوادي؛ لأنّه يقع في بطن وادي رانوناء.
وسبب</<B> تسميته بمسجد الجمعة هو أن النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ لما خرج من قباء متجهاً إلى المدينة المنورة أدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاّها في بطن الوادي، فكانت أول جمعة في الإسلام، وفي المدينة المنورة، والتي أوجبها الله تعالى بقوله: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوا إلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)( الجمعة9).
يقع</<B> مسجد الجمعة على مسيل وادي رانوناء شمالي مسجد قباء، ويبعد عنه مسافة 900 متر تقريباً.
جدد في عهد عمر بن عبد العزيز مرة ثانية، وفي العصر العباسي ما بين 155 ـ 159هـ
في القرن التاسع الهجري بناه السلطان أبايزيد العثماني بناءً عظيماً، وبعد ذلك قام السيد حسن الشربتلي بترخيمه وإصلاحه وترميمه، وفي سنة 1395 هـ قامت الحكومة السعودية بتعميره وإصلاحه وتشييده.(1/402)
طول المسجد تسعة أمتار وستة وثمانين سنتيمتراً ، وعرضه سبعة أمتار وتسعة وثمانين سنتيمتراً تقريباً.
والله أعلم.</<B>
محمد - السعودية الاسم
هل يشترط الوضوء لزيارة البقيع ؟ العنوان
فقهية الموضوع
ما رأيكم في إنسان زار المسجد النبوي وهو على وضوء وخرج إلى البقيع وإلى المزارات الأخرى على غير وضوء، هل عليه شيء في ذلك؟
السؤال
02/01/2001 التاريخ
اللجنة الدائمة للإفتاء المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
لا شيء عليه؛ لأن زيارة البقيع أو شهداء أحد لا يطلب لها أن يكون الزائر على وضوء، وهكذا زيارة جميع القبور تستحب ولا تشترط لها الطهارة؛ لعموم قول النبي : «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة» أخرجه مسلم في صحيحه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
والله أعلم.
سميرة - المغرب الاسم
نية الإحرام في الحج والعمرة العنوان
الإحرام والمواقيت الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : ماهي الصيغة الواردة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في الإحرام بالعمرة أو الحج، ثم ما الحكم الشرعي الذي يترتب على من فاته التلفظ بالنية وهو في الجوّ بسبب جهل أو نحوه. كما أنه أليس من الواجب على شركة الطيران أن ينبهوا على ذلك. أفتونا مأجورين. *
السؤال
31/01/2008 التاريخ
اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء / السعودية المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فقد عرف الفقهاء أحكام الحج من السنة المطهرة، وانتهوا إلى أن الحج على ثلاثة أنواع ، قران وتمتع، وإفراد.
وتتغير الصيغة بتغير النسك كالتالي :
(1) من حج قارنا قال عند إحرامه " لبيك عمرة وحجاً لبيك عمرة وحجاً" ،وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حج قارنا وقال عند إحرامه: " لبيك عمرة وحجاً لبيك عمرة وحجاً " .
((1/403)
2) وإن كان متمتعاً قال: "لبيك عمرة متمتعا بها إلى الحج"، وفي يوم التروية يقول :" لبيك اللهم حجاً ".
(3) أما المفرد فيقول عند إحرامه" لبيك اللهم حجاً" .
(4) أما المعتمر فقط فيقول" لبيك اللهم عمرة".
والإحرام معناه : نية الحج مقرونة بالتلبية والنية هنا هي عزم القلب على فعل النسك خالصاً لله تعالى، والتلفظ بها جهراً مستحب وليس واجباً، فلا تبطل العبادة بدونه ومكان النية المواقيت، فلا يجوز تخطي الميقات بدون إحرام.
فمن تخطى الميقات مع النية دون تلفظ بها فنسكه صحيح فإن تخطي الميقات بغير نية أصلاً، فإن عليه أن يعود إلى الميقات ليحرم فيه من جديد إن استطاع أو يحرم من مكانه ويذبح شاة فداء لتأخر الإحرام عن موضعه.
وينبغي على شركة الطيران أن تنبه الحجاج قبيل الوصول إلى الميقات بوقت كاف إلى ضرورة الإحرام.
وإذا خشي المسلم أن يتجاوز الميقات بغير إحرام، فإن له أن يحرم من مطار بلده عند ركوب الطائرة أو بُعَيْد إقلاعها احتياطاً .
والله أعلم .
أم فهد - السعودية الاسم
بطلان الحج بالسرقة العنوان
فقهية الموضوع
حكم من ذهبت للحج ثم سرقت هل يبطل حجهاأم لا؟
السؤال
15/03/2001 التاريخ
الشيخ عبدالحليم محمود المفتي
الحل
بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
الحج تربية روحية والأولى أن يترفع المسلم في طريقه إلى الله تعالى عن الصغائر فضلا عن الكبائر قال فضيلة الدكتور الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق -رحمه الله تعالى-:
إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قال في كتابه العزيز: (الحجُّ أشهرٌ معلوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فيهنَّ الحجَّ فلا رفَثَ ولا فُسوقَ ولا جِدالَ في الحجِّ وما تفعلوا من خيرٍ يعلمْهُ الله وتَزَوَّدُوا فإنَّ خيرَ الزادِ التقوى واتَّقُونِ يا أولي الألبابِ).(1/404)
وبمُقْتَضى هذه الآية الكريمة، واستنادًا إلى الجوِّ الإسلامي كلِّه في موضع الحج نرى أن جريمة السرقة أو أي جريمة من الجرائم الكبرى بعد الإحرام بالحج تكون مُبْطِلَة له.
وقد يُغْتَفَر في الحج بعد الإحرام بعض توافِه الأمور أو بعض صغائر الذنوب. أما الجرائم الكبرى بعد الإحرام فإنها مُبطِلَة له كما ذكرنا.
أما إذا كانت جريمة السرقة قبل الإحرام بالحج أي في أثناء الذهاب، ولكن قبل الوُصول إلى الميقات الذي يُحرِم منه الإنسان فإن ذلك لا يُبطِل الحج، وتكون السرقة مَعْصِيَة يُقَام على السارقة الحدُّ فإن لم يُقَم عليها الحد فإن التوبة الخالِصة الصادِقة النَّصوح كفيلة بمَحْوِها فتُحْرِم بعد التوبة، وهي على طهارة ونقاء، ولا يَبْطُل حجُّها بالسرقة قبل الإحرام.
بيد أنه يجب أن يكون معلومًا أن من صدق التوبة ردَّ ما سرقت.
انتهى
والخلاصة أن السرقة إن كانت قبل الإحرام والوصول للميقات ،لا تبطل الحج ،أما إن كانت بعد الإحرام تبطل
السرقة محرمة إذا بلغت النصاب أو لم تبلغ النصاب لكن كونها تبطل الحج فلا بد أن تتوافر فيها شروط السرقةكي يصح إطلاق لفظ سرقة عليهاوهي:أخذالعاقل،البالغ نصاباًمحرزاً(في مكان محفوظ)،أو ماقيمته نصاباً،ملكاًللغير ،مستتراًمن عير أن يؤتمن عليه،وكان السارق غير مكره،سواء أكان مسلماً،أم ذمياً،ذكراً أو أنثى.
المحرر
والله أعلم
مريم - المغرب الاسم
الصلاة داخل الكعبة وتأثيره على الحج والعمرة العنوان
فقهية الموضوع
قمت بأداء فريضة الحج مع العمرة والحمد لله غير أنني لم أستطع دخول الكعبة للصلاة فيها وإن كنت أتمنى ذلك فهل ترك الصلاة داخل الكعبة يؤثر على الحج أو العمرة ؟ ولكم جزيل الشكر السؤال
26/02/2006 التاريخ
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...(1/405)
فالصلاة داخل الكعبة سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ،وفعلها مستحب إن تيسر ذلك خاصة في أيامنا هذه ، وتركها لايؤثر على صحة الحج لأنها ليست من الأركان أوالواجبات ، وإليك تفصيل ذلك كما جاء عن الشيخ عبد العزيز بن باز " رحمه الله" في رده على سؤال مماثل:
الصلاة داخل الكعبة مستحبة إذا تيسرت من دون كلفة ولا مشقة ولا إيذاء فقد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم وصلى فيها كما ثبت هذا في الصحيحين
ويروى عنه عليه السلام أنه خرج كئيبا وقال إنني أخشى أن أكون قد شققت على أمتي.
ولما سألته عائشة عن الصلاة في الكعبة قال : صلي في الحجر فإنه من البيت .
وهذا يدل على أن الصلاة في البيت مستحبة وقربة وطاعة وفيها فضل , ولكن لا ينبغي المزاحمة فيها ولا الإيذاء ولا تعاطي ما يشق عليه وعلى الناس ، ويكفيه أن يصلي في الحجر فإنه من البيت.
والسنة إذا دخلها أن يصلي فيها ركعتين ويكبر في نواحيها ويدعو الله جل وعلا بما تيسر من الدعاء ولا سيما جوامع الدعاء فقد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم وصلى فيها وكبر في نواحيها ودعا ، كل ذلك ثابت عنه عليه الصلاة والسلام . انتهى كلام الشيخ
دخول الكعبة والصلاة فيها نعمة كبيرة تتمناها النفس ، لكن ذلك لا يتيسر لكل مسلم ، لذا فمن عجز عن الصلاة داخل الكعبة أن يصلي داخل حجر إسماعيل عليه السلام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للسيدة عائشة رضي الله عنها : صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت؛ فإنما هو قطعة من البيت، ولكن قومك استقصروه حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت.
وعن عائشة قالت: كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأدخلني الحجر.
والله أعلم
هادي - الجزائر الاسم
الاكتساب في الحج العنوان
فقهية الموضوع
قمت بالحج نيابة عن أحد المسلمين وبماله الخاص لأنه مريض وتيسر لي عمل بأجر في هذه الفترة فهل يجوز لي ذلك؟ السؤال
الحل(1/406)
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
الأصل أن الاكتساب في الحج مباح لقوله سبحانه : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ).
ولافرق في إباحة الاكتساب أثناء تأدية مناسك الحج لمن حج عن
نفسه أو حج عن غيره بأجر وذلك بشرطين:
1-إذا كان ذلك لا يصده عن تأدية الحج على الوجه المطلوب.
2-وألا يشغله هذا العمل عن شرط شرطه عليه دافع الأجرة في حدودالشرع . انتهى
وعليه فيجوز لك العمل والكسب بالشروط التي سبقت مع الأخذ في الاعتبارألايترتب على هذا العمل ضرر يعود عليك إذاخالفت قوانين الدولةالتي تعمل بها فيقدر هذا الضرربقدره وينظر إلى مايترتب عليه .
ويشترط أن تحج عن نفسك قبل حجك عن غيرك, والأصل في ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة قال أحججت عن نفسك ؟ قال لا قال حج عن نفسك ثم عن شبرمة .
والله أعلم
أبوالعز - البرازيل الاسم
أنواع الحج الثلاثة العنوان
فقهية الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : يُقال بأن الحج ينقسم إلى ثلاث مراحل: إفراد ، وتمتع، وقران، فما هي هذه المراحل ؟؟ أرجو توضيحها بصورة مبسطة وجزاكم الله خيراً
السؤال
20/08/2007 التاريخ
الدكتور ـ أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر " رحمه الله " :
الصواب أن يُقال إن الحج ثلاثة أنواع، بمعنى أن الإحرام يكون واحدًا من ثلاثة أنواع، الأول يُسَمَّى الإفراد، والثاني يُسَمَّى القران، والثالث يُسَمَّى التَّمَتُّع.
والإفراد : هو أن ينويَ الذي يُريد الحج من ميقاته المعروف بالحج وحده، ويقول في تلبيته لبيك اللهم بحج. ويبقى المُفْرِد مُحْرِمًا حتى ينتهي من أعمال الحج .(1/407)
وأما القران : فهو أن يُحرم الذي يريد الحج من عند الميقات بالحج والعُمرة معًا، ومثل هذا يقول في تلبيته: لبيك اللهم بحج وعمرة. وهذا يلزمه أن يبقى مُحْرِمًا إلى أن ينتهي من أعمال الحج والعمرة معًا، ويكفيه في هذه الحالة طواف واحد وسعي واحد للحج والعمرة، مثل المُفرِد.
وأما التمتع : فإنه يُسَمَّى تمتعًا للانتفاع بأداء الحج والعمرة في أشهر الحج، والتمتع بالتَّحَلُّل من الإحرام بعد أداء العمرة، والانتظار بالثياب العادية حتى يشرع في أعمال الحج. وهذا يقول في تلبيته : لبيك اللهم بعمرة.
فإذا جاء اليوم الثامن من شهر ذي الحجة أحرم مرة أخرى للحج، وتكون عليه ذبيحة في مقابل هذا التمتع. إنتهى كلام الدكتور الشرباصي " رحمه الله "
*قال ابن قدامة رحمه الله: (أجمع أهل العلم على جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة شاء)؛ لقول عائشة رضي الله عنها: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا من أَهَلَّ بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بالحج ).
* أما من وصل الميقات في أشهر الحج وهو لا يريد حجاً وإنما يريد العمرة فلا يقال له: متمتع وإنما هو معتمر، وكذا من وصل إلى الميقات في غير أشهر الحج كرمضان وشعبان فهو معتمر فقط.
والله أعلم .
خيري - أستراليا الاسم
لماذا فرض الحج مرة في العمر؟ العنوان
فقهية الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : ما الحِكْمةُ في أن الحجَّ قد فرضه الله على الإنسان واحدة في العمر؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
18/02/2009 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/408)
فالحج فَرْضٌ من فروض الإسلام، أوجبه الله على عباده بقوله تعالى تعالى في سورة آل عمران: (وللهِ على النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليهِ سَبِيلاً). ( آل عمران: 97 ). ومعنى الآية أن الله ـ جل وعلا ـ فرض على عباده أن يَحُجُّوا إلى بيته، وهو الكعبة الحرام، إذا قدِروا على ذلك، واستطاعوا القيام به.
وقد فُرِض الحج سنةَ تِسْعٍ من الهجرة؛ ويجب على المسلم أن يحجَّ مرة واحدة في عمره، فإذا حج بعد ذلك مرة أو مرات كان ذلك تَطوُّعًا منه، وإنما أوجب الله على عباده الحج مرة واحدة لكَيْلاَ يَشُقَّ عليهم أو يُرهقهم؛ لأن الحج فيه سفرٌ ورحلة، ويحتاج إلى زادٍ ومتاع، ووقتٍ ومجهود، والناس لا يَتيسَّرُ لهم كل هذا في كل عام، فكان من رحمة الله أنْ جعل الحج في العمر مرة ومَن وجد في نفسه قُدرة وسَعَةً، وتَيَسَّرَ له أن ُيكرِّر الحج، فإنه يستطيع أن يفعل ذلك، ويكون هذا تَطوُّعًا منه، وتَقرُّبًا إلى الله تعالى.
ولقد روى الإمام مسلم في صحيحه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "يا أيُّها الناسُ، قد فُرض عليكم الحجُّ فحُجُّوا". فقال رجل من الصحابة: أيجب الحج علينا كل عام مرة يا رسول الله ؟ فسكت النبي، فأعاد الرجل سؤاله مرتين، فقال النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ : " لو قلتُ نعمْ لوجبتْ، وما استطعتم ". ومن هذا الحديث نفهم أن الحكمة في جعل الحج مرة واحدة هو تيسير الله على عباده، وعدم المشقة عليهم: "إن الله بالناس لرؤوف رحيم".
والله أعلم .
خيري - أستراليا الاسم
لماذا فرض الحج مرة في العمر؟ العنوان
فقهية الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : ما الحِكْمةُ في أن الحجَّ قد فرضه الله على الإنسان واحدة في العمر؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
18/02/2009 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..(1/409)
فالحج فَرْضٌ من فروض الإسلام، أوجبه الله على عباده بقوله تعالى تعالى في سورة آل عمران: (وللهِ على النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليهِ سَبِيلاً). ( آل عمران: 97 ). ومعنى الآية أن الله ـ جل وعلا ـ فرض على عباده أن يَحُجُّوا إلى بيته، وهو الكعبة الحرام، إذا قدِروا على ذلك، واستطاعوا القيام به.
وقد فُرِض الحج سنةَ تِسْعٍ من الهجرة؛ ويجب على المسلم أن يحجَّ مرة واحدة في عمره، فإذا حج بعد ذلك مرة أو مرات كان ذلك تَطوُّعًا منه، وإنما أوجب الله على عباده الحج مرة واحدة لكَيْلاَ يَشُقَّ عليهم أو يُرهقهم؛ لأن الحج فيه سفرٌ ورحلة، ويحتاج إلى زادٍ ومتاع، ووقتٍ ومجهود، والناس لا يَتيسَّرُ لهم كل هذا في كل عام، فكان من رحمة الله أنْ جعل الحج في العمر مرة ومَن وجد في نفسه قُدرة وسَعَةً، وتَيَسَّرَ له أن ُيكرِّر الحج، فإنه يستطيع أن يفعل ذلك، ويكون هذا تَطوُّعًا منه، وتَقرُّبًا إلى الله تعالى.
ولقد روى الإمام مسلم في صحيحه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "يا أيُّها الناسُ، قد فُرض عليكم الحجُّ فحُجُّوا". فقال رجل من الصحابة: أيجب الحج علينا كل عام مرة يا رسول الله ؟ فسكت النبي، فأعاد الرجل سؤاله مرتين، فقال النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ : " لو قلتُ نعمْ لوجبتْ، وما استطعتم ". ومن هذا الحديث نفهم أن الحكمة في جعل الحج مرة واحدة هو تيسير الله على عباده، وعدم المشقة عليهم: "إن الله بالناس لرؤوف رحيم".
والله أعلم .
مروان - الإمارات العربية المتحدة الاسم
تأجيرشقق وفنادق مكة بين الجواز والمنع العنوان
أحكام الحرمين الموضوع
قرأت في كتب الفقه إن دور مكة لا تؤجَّر، في الوقت الذي تنتشر فيه الفنادق في مكة وحتى البيوت يتم تأجيرها للحجاج أرجو الردبالتفصيل لأنني أفكرفي عمل دراسة حول هذا الموضوع جزاكم الله خيرالجزاء على هذا الموقع المتميز
السؤال
25/08/2005 التاريخ(1/410)
الدكتور عطية فياض المفتي
الحل
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالراجح فقهًا ودليلاً: جواز بيع أرض مكة وإجارتها وسائر أنواع التصرفات فيها وإليك تفصيل ذلك:
يقول الدكتور عطية فياض أستاذ الفقه بكلية الشريعة جامعة الأزهر:
اختلف العلماء في بيع أرض الحرم وإجارتها ورهنها على مذهبين:
الأول :جوازه، وبه قال عمر بن الخطاب وجماعات من الصحابة ومن بعدهم ومذهب الشافعية وأبي يوسف من الحنفية ورواية عند الحنابلة. وناصَرَ ابن قدامة الحنبلي هذا الرأي.
الثاني :لا يجوز شيء من ذلك، وبه قال الأوزاعي والثوري ومالك وأبو حنيفة ورواية عند الحنابلة، والخلاف في المسألة مبني على أن مكة فتحت صلحا أم عنوة؟ فالمذهب الأول على أنها فتحت صلحا، فتبقى على ملك أصحابها فتورث وتباع وتكرى وترهن. والمذهب الثاني على أنها فتحت عنوة، فتكون وقفا ولا يجوز فيها شيء من هذه التصرفات.
واستدل أصحاب المذهب الأول بما يلي:
(1) قوله تعالى: (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ) فأضاف الله الدار للمهاجرين، والإضافة تقتضي التمليك.
(2) ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أسامة بن زيد أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة: أين تنزل من دارك في مكة؟ فقال: هل ترك لنا عقيل من دار؟
وكان عقيل وطالب ورثا أبا طالب وكانا على الشرك، ولم يرثه جعفر ولا علي، لأنهما كانا مسلمين، فدل هذا الحديث على أن دور مكة تورث ويجوز التصرف فيها.
(3) ما رواه مسلم عن أبي هريرة في قصة فتح مكة قال: فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول، أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن.
فدل هذا الحديث على صحة تملك أبي سفيان لداره، ومن ثم يجوز التصرف فيها.
((1/411)
4) جاء في سنن البيهقي وغيره أن نافع بن عبد الحارث اشترى من صفوان بن أمية دار السجن لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بأربعمائة، وفى رواية بأربعة آلاف.
(5) مارواه الزبير بن بكار وغيره أن حكيم بن حزام باع دار الندوة بمكة من معاوية بن أبي سفيان بمائة ألف فقال له عبد الله بن الزبير: يا أبا خالد، بعت مأثرة قريش وكريمتها؟ فقال: هيهات، ذهبت المكارم فلا مكرمة اليوم إلا الإسلام، فقال: اشهدوا أنها في سبيل الله تعالى يعني الدراهم.
(6)القياس :أنها أرض ليست موقوفة فجاز بيعها كغيرها.
أما أدلة من ذهب إلى عدم الجواز فما يلي:
(1) قوله تعالى (وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ )
قالوا: إن المراد بالمسجد جميع الحرم.
(2) وقوله تعالى (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا )
قالوا: والمحرم لا يجوز بيعه.
ورد على هذا الاستدلال:
بأن المراد بالمسجد الحرام هو المسجد فقط لا أرض الحرم كلها، ولو كان الأمر كذلك لما جاز لأحد أن ينشد ضالة في دور مكة ولا ينحر فيها البدن ولا يلقى فيها الأرواث ولا يبيع فيها ولا يشتري.
كما أن المراد بالحرمة: تحريم الصيد والشجر والقتال فيها وليس النهي عن بيعها.
(3) واستدلوا بما رواه البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "مكة مباح لا تباع رباعها ولا تؤجر بيوتها "
ورد على حديث البيهقي بأن في إسناده إسماعيل بن إبراهيم، وهو ضعيف باتفاق المحدثين. أما حديث عائشة فمحمول على الموات من الحرم وهو ظاهر الحديث.
(4) قالوا: إنها بقعة من الحرم، فلا يجوز بيعها وإجارتها كنفس المسجد الحرام. ولكن هذا القياس مردود، لأن المساجد لا تلحق بها سائر المنازل المسكونة.انتهى
ويقول الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي في هذا الموضوع:(1/412)
هناك من قال إن دور مكة لا تؤجَّر ولكن كثيرا من الفقهاء أجازوا استئجار البيوت في مكة وهذا جرى عليه العمل من قديم، من قرون والناس يؤجرون البيوت في مكة والآن أصبح هناك بيوت وهناك شقق وهناك أجنحة وهناك فنادق وكل هذا أصبح مُجازاً من علماء الأمة بغير نكير، فقد أصبح هذا إجماع من الأمة على جواز ذلك، إنما المهم ألا يستغل الناس فترة الحج ويبالغوا مبالغات لا معنى لها في أسعار الشقق والبيوت هذا هو الذي لا يجوز.انتهى
والله أعلم .
محمد - مصر الاسم
الحج على حساب الدولة العنوان
الاستعداد للحج الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم : وقع الاختيار على موظف بالشرطة ليشارك في خدمة حجاج بيت الله الحرام، فهل أداؤه للفريضة حينئذ يجعله ينال ثوابها؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
15/05/2008 التاريخ
الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالحج فريضة محكَمة على المسلم المستطيع مالًا وبدنًا، لقوله تعالى: (وللهِ على الناسِ حِجُّ البيتِ مَن استطاع إليه سبيلًا ومَن كفَر فإن الله غنيٌّ عن العالَمين) (آل عمران: 97) فمَن استطاع ببدنه وكان صحيحًا مُعافًى ولكنه ليس يَملِك ما يَكفي الزادَ والراحلة ونفقة من يَعُول خلال مدة السفر فلا يجب عليه الحج وجوبًا عينيًّا.
فإن تيسَّر لمثل هذا الإنسان سبيلُ الوصول إلى الأرض المقدسة، وهيّأ الله له أسباب السفر وأداء المناسك عن طريق هبة أو منحة من إنسان آخر، أو عن طريق التواجد هناك للعمل، أو عن طريق بعثة موفَدة من قِبَلِ جهة خاصة أو عامة ـ فذلك فضلٌ من الله ونعمةٌ ساقها الله لهذا المسلم عليه أن يشكر الله عليها ويجتهد لينال التوفيق في أداء المناسك.(1/413)
وهناك فرق بين الوجوب والصحة، ولا ارتباط بينهما، فقد يجب العمل على شخص ولا يصحُّ منه، فالكافر مطالَب بفروع الشريعة ـ على القول الراجح ـ ولا تصحُّ منه إلا بالدخول في الإسلام، والصبيُّ لا تجب عليه الصلاة ولكنها تصحُّ منه، والمرأة والمسافر لا جمعة عليهما ولكن تصحُّ منهما.
والحج كذلك لا يجب على غير المستطيع ولكن يصحُّ منه، فمن وقع عليه الاختيارُ لخدمة حجاج بيت الله الحرام وأدَّى مناسك الحج بما يُرضي الله ـ عز وجل ـ فحجُّه صحيح وله الثواب بقدر إخلاصه.
وقد سئل ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن العمل واكتساب الرزق في موسم الحج فقال: ألستم تُحرِمون وتَطوفون بالبيت وتَقضُون المناسك؟ فأنتم حجاج. وعندما تأثَّمَ الناس أن يتَّجِروا في موسم الحج نزل قول الله تعالى: (ليس عليكم جناحٌ أن تَبتغوا فضلًا من ربكم) البقرة: 198.
والله أعلم.
سيد - أمريكا الاسم
الحج وأهدافه الاجتماعية العنوان
فقهية الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم: لماذا شرع الله الحجَّ؟ وما هي فلسفته الاجتماعيّة؟؟ جزاكم الله خيراً
السؤال
10/08/2008 التاريخ
الدكتور ـ أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الدكتور أحمد الشرباصي "رحمه الله" الأستاذ بجامعة الأزهر ردا على سؤال مماثل:
قال الله تعالى "وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً، وعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَميقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ، ويَذْكُروا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعلومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعامِ، فَكُلوا مِنْهَا وأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ" (الحج: 27، 28).(1/414)
جعل الله لعباده في أيامه أعيادًا ومواسم، يتذكرون فيها نَعماءه، ويشكرون آلاءه، ويحمدونه أثناءه على توفيقه لهم في ميادين الطاعة والعمل الصالح، والصفة الغالبة على هذه الأعياد والمواسم، هي أن الحقَّ ـ تبارك وتعالى ـ قد جعلها مناسبات لتجميع الأمة، وتأليف قلوبها، وتوحيدها في وجهتها وطريقتها، وحركاتها وسكناتها، وآلامها وآمالها، والتسامي نحو الوحدة التي يريد الله لعباده وأوليائه أن تكون متحققة فيهم على الدوام،( وإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (المؤمنون: 52)، كما يريدون سبحانه لهذه الأمة أن تكون متكافلة متضامنة، تبدو كتلة واحدة إذا تحركت بأجمعها؛ لأن كل جزء منها ملتئم مع بقية الأجزاء ومرتبط بها، ومن هنا صَوَّرَ الرسول ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ الأمة بهذه الصورة الرائعة فقال:" مثل المؤمنين في توادِّهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحُمَّى والسَّهَر "، كما قال:" المؤمن للمؤمن كالبُنيان يشدُّ بعضُه بعضًا".
وأكبر عيد تبدو فيه الأمة المؤمنة مجتمعة متلاقية هو عيد الحج الأكبر، الذي يمثل المؤتمر الإسلامي الأعظم، حيث تخرج الألوف بعد الألوف، من مشارق الأرض ومغاربها، ساعين إلى ربّهم، متحمّلين وَعثاء السفر ومشقّات الرحلة، ليتلاقَوا فيتعارَفُوا ويتآلَفًوا، ويتدارَسُوا ويتباحثوا، ويطلبوا الحلول لمشكلاتهم المختلفة.(1/415)
وقد شرع الله الحجّ ليكون رحلة خالصة مخلصة لوجهه وفي سبيله، تتوافر فيها رياضة الحسّ والوجدان، وحمل النفس على التجرُّد من زينة الحياة، والإقبال بها على طاعة الرحمن؛ ولذلك كان في الحج انتقال وارتحال، وإعداد للزاد، واحتمال لمشاقِّ السفر وتغير الأجواء، وتجرد من متاع الحياة، حتى في الثياب المألوفة والملابس المعروفة، وإقبال على الله بالحسّ والنفس، والعمل والقول، والذكر والفكر، فشعار المسلم منذ إحرامه هو نداؤه ودعاؤه:" لَبّيكَ اللهمّ لَبيْكَ، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
ولذلك كان من أول ما يلزم للحجِّ هو النيّة الطاهرة الصادقة، التي يعزم فيها المسلم على الرحيل إلى ربه بنفس مؤمنة، وذات تائبة، وهمّة معرضة عن الشهوات والملذات، مقبلة على الطاعات والقربات؛ لأنه سيحل ضيفًا على ربه عزّ وجلّ، حول بيته الذي جعله الله مباركًا وهدى للعالمين.
كما شرع الله الحجَّ ليعلم عباده كيف يترفَّعون عن الأحقاد والأضغان، ويتناسَون الشحناء والبغضاء، ويزهقون رُوح الخصومة والمعاداة؛ ولذلك جعل الله موسم الحج فرصة للإخاء والصفاء، والتنزه عن الخلاف والاعتساف، حتى في الكلام والحوار، والتطهر من كل أسباب التمرد والانحراف؛ ولذلك يقول أصدق القائلين سبحانه:( الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعلوماتٌ، فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ ولاَ فُسوقَ ولاَ جِدالَ فِي الحَجِّ، ومَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْه اللهُ، وتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوَى، واتَّقونِي يا أُولِي الألْبابِ) (البقرة: 197).
وموسم الحجّ موسم أمانٌ وسلام، يأمن فيه كل فرد على نفسه ومتاعَه، وكلّما تطلَّع المسلم إلى بيت الله الكريم قال، كما كان يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، فحينا ربَّنا بالسلام".(1/416)
بل إن الحمام نفسه - وهو طائر رقيق ضعيف - يأمن على نفسه، فهو يطير هنا وهناك، وينتقل من مكان إلى مكان، لا يخشى عند الحرم أذى أو عدوانًا، وكيف يخشى ذلك وهو في الحرم، وحول البيت الحرام، وفي البلد الحرام، وفي الموسم الحرام، حيث لا يكون اعتداء أو انتقام ؟.
وهذا رسول الله ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ يقول عن مكة يوم الفتح:" إن هذا البلد حرمه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، لا يُعضد شوكه( أي لا يقطع)، ولا ينفَّر صيده، ولا تلتقط لُقَطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها ( أي لا يقطع نباتها الرطب الرقيق ما دام رطبًا ).
وضيوف الله حول بيته، كأنهم في صلاة ممتدة الأجل طويلة الأمد، فهم يتحركون ويذهبون ويجيئون، وذكر الله هو الشغل الشاغل لهم، وتصفية قلوبهم هو الأمر المسيطر عليهم، وتطهير نفوسهم هو المقصد الأسمى من رحلتهم، حتى يتحقق فيهم ومنهم الحج المبرور الذي يجعل المرء وكأنه قد ولد من جديد، مصداقًا لقول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه:" ليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة ". ولعل هذا لا يبعد عن مجال الحكمة في أن يطوف المسلم حول الكعبة طاهرًا متوضِّئًا كأنه في الصلاة.
وقد جاء في الحديث" الطواف بالبيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير".
ألا ما أجملها من رحلة، وما أكرمها من ضيافة، وما أعظمها من نعمة وما أجلَّه من فوز مبين.(1/417)
يذهب المسلم الصادق إلى الحج، فإذا وفقه مولاه جل علاه لتأدية الفريضة على الوجه الأكمل، فقد وصل إلى جملة أغراض وعدة مقاصد: إنه يسهم أولا بشخصه مع إخوانه في الله، في تطبيق الوحدة على أوسع نطاق مستطاع، وهو يزور الأماكن الطيّبة المقدسة صاحبة الذكريات الدينية المجيدة، والنفحات الإلهية العديدة، فيكون له من هذه الذكريات نور وضياء، ومن هذه النفحات غذاء ودواء، ومن التدبر والتفكر وإيقاظ وإحياء، والذكرى تنفع المؤمنين.
وهو يرى المشاعر الحرام فيزداد لدين الله إجلالاً، وعلى ربه إقبالاً، وهو يرى بعينه كيف انبعث دين الإسلام الهادي من جوف الصحراء، ومن واد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم، ومع ذلك عمر هذا الإسلام دنيا الناس بالخيرات والبركات، وزانها بالطيّبات الصالحات، وأخرج من رمال الفيافي ومن جوف الخيام رجالاً صاروا فرسان النهار ورُهبان الليل، فعلموا الدنيا كيف تكون القيادة الرشيدة، والعبادة المجيدة، والجهاد من أجل الحق والخير والعدالة والإخاء.
إن الحج فريضة توجِد في الإنسان إذا أدّاها بصدق وإخلاص كثيرًا من مقومات الشخصية الاجتماعية المنشودة للمجتمع الحي الدؤوب، فهي تأخذه أولاً بالتوبة، والتطهر من المآثم والمظالم، وتعلمه الرحلة في سبيل العقيدة، والتعب في سبيل المبدأ، وهي تعلمه أيضًا كيف يلتئم وينسجم مع إخوانه في مؤتمر عام ضخم، وهي تعوده كيف تنبسط يده بالبرِّ والإحسان، وتعوده على التضحية والبذل، وحبَّذا لو فقهت ملايين المسلمين هذه الفريضة الجليلة على هذا الوضع، حتى تتضاعف الثمرات من أداء الحج في كل عام.
والله أعلم.
أحمد - الإمارات العربية المتحدة الاسم
مسجد القبلتين بين الأمس واليوم العنوان
أعجبت للغاية بما تقدموه على هذه الصفحة من معلومات طيبة خاصة المقدسات الإسلامية التي طبعتها ووزعتها على بعض الزملاء.(1/418)
وسؤالي بمناسبة شهر شعبان أود أن تعطوني شرحاً ولو مبسطاً عن مسجد القبلتين وهل هو في مكة أم في المدينة.جزاكم الله خيراً
السؤال
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فنشكرك شكراً كثيراً على هذا الثناء ، الذي نسأل الله أن نكون أهلاً له، وأن يحعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم.وأن يجعلنا دائماً عند حسن ظنكم بنا.
أما مسجد القبلتين فيقع بالمدينة المنورة وهو من المساجد التاريخية الهامة وإليك ذلك بالتفصيل :
سبب هذا الاسم:
قال الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}.
روي أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ كان بعد كل صلاة ينتظر أمر ربه في القبلة.
فأنزل الله تعالى : {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}إلى أن نزل الأمر الإلهي يأمره بأن يتوجه نحو الكعبة. {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، فقال اليهود: {مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
وكان الأمر بالتحول على ما روي في شهر رجب بعد صلاة الظهر.
وروي أن القبلة صرفت ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ قد صلى بأصحابه ركعتين من صلاة الظهر، فتحول في الصلاة، واستقبل الميزاب وحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال. طبعاً كان التحويل (180) درجة أي نصف دائرة تقريباً. وسمي هذا المسحد بعدها بمسجد القبلتين.(1/419)
وبعد التحويل بدأ التشويش الإعلامي ضد النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ من قبل اليهود من جهة والمشركين من جهة وضعفاء الإيمان من جهة ثالثة. أما حديث اليهود فكان ما ولاهم عن قبلتهم؟ وحديث المنافقين كان: حنَّ محمد إلى أرضه وقومه، وحديث المشركين كان: أراد محمد أن يجعلنا له قبلةً، وأن يجعلنا له وسيلة، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أم لا؟ فأنزل الله تعالى في ذلك: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ}، أي اليهود إلى قوله: {إنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ}.
وكانت عملية تحويل القبلة إلى مكة في شعبان، وقيل في رجب من العام الثاني من الهجرة.
موقع المسجد:
يقع المسجد في الجنوب الغربي من بئر رومة قرب وادي العقيق وفوق رابية مرتفعة قليلاً، ويبعد عن المسجد النبوي خمسة كيلو مترات بالاتجاه الشمالي الغربي.
مراحل تجديده وتعميره:
يقع مسجد القبلتين على هضاب حرة الوبرة في الطريق الشمالي الغربي للمدينة.
قام عمر بن عبد العزيز بتجديده وتعميره عندما ولي المدينة.
وفي سنة 893 هـ قام الشجاعي شاهين الجمالي شيخ الخدم بالمسجد النبوي بتعميره وتجديد سقفه.
وفي سنة 950 هـ قام السلطان سليمان بتجديده وتعميره.
كتب على الحائط الشمالي آية 144 من سورة البقرة بخط جميل جداً، وهو جهة القبلة إلى بيت المقدس.
مساحة المسجد: 3920 م2، وتعلوه قبّتان بقطر 8 / 7 م، وارتفاع 8 /18متر لكلٍّ منهما.
والله أعلم .
-------------------------------
المصدر: كتاب المدينة المنورة وتطورها العمراني للأستاذ: صالح لمعي مصطفى .
حسان - البحرين الاسم
مضاعفة الثواب في مساجد مكة العنوان
أحكام الحرمين الموضوع
هل الثواب في كل مساجد مكة المكرمة ، مثل الثواب في الحرم ؛ لأن كثيرا من الناس يصلون في مساجد مكة وفي حدود الحرم ويقولون إن الأجر سواء ؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
22/04/2008 التاريخ(1/420)
العلامة عبد العزيز بن باز المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالفضل يعم المسجد الحرام ، وما حوله من المساجد، وإن تميز المسجد الحرام بكثرة الجماعة، وإجماع العلماء على مضاعفة الثواب فيه دون خلاف يذكر ، وللقرب من الكعبة، والنظر إليها ، لكن هذا لا يمنع فضل الصلاة ومضاعفة الثواب في مساجد مكة كلها، وأي فضل لمساجد مكة هو في الأصل فضل للمسجد الحرام ولمكة وما حولها .
وإليك تفصيل ذلك في فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي المملكة العربية السعودية سابقا "رحمه الله ":
هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، منهم من رأى أن المضاعفة تختص بما حول الكعبة " المسجد الحرام " الذي حول الكعبة ، وأن مضاعفة المائة ألف صلاة إنما يكون ذلك لمن صلى في المسجد المحيط بالكعبة .
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن المسجد الحرام يعم جميع الحرم ، وإن كان للصلاة فيما حول الكعبة ميزة وفضل لكثرة الجماعة وعدم الخلاف في ذلك ، ولكن الصواب هو القول الثاني . وهو أن الفضل يعم ، وأن المساجد في مكة يحصل لمن صلى فيها التضعيف الوارد في الحديث .
وإن كان ذلك قد يكون دون من صلى في المسجد الحرام الذي حول الكعبة؛ لكثرة الجمع وقربه من الكعبة ، ومشاهدته إياها ، وخروجه من الخلاف في ذلك . ولكن ذلك لا يمنع من كون جميع بقاع مكة كلها تسمى المسجد الحرام ، وكلها يحصل فيها المضاعفة إن شاء الله .
والله أعلم .
سامر - العراق الاسم
فدية الإحصار بين الوجوب والندب العنوان
فقهية الموضوع
هل فدية الإحصار وعدم تمام العمرة أو الحج واجبة حتى مع عدم الاستطاعة ؟
السؤال
03/04/2007 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد..(1/421)
فقد اختلف الفقهاء في فدية الإحصار ، فالجمهور على وجوب الذبح في الإحصار ، والمالكية قالوا : لا شيء عليه ، فإن كان معه هدي نحر، وإذا لم يكن معه شيء ولم يكن مستطيعًا لم يجب عليه الهدي في إحصاره .
يقول الشيخ سيد سابق رحمه الله في كتابه "فقه السنة" :
قال الله تعالى :(فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) ، فالآية صريحة في أن على المحصر أن يذبح ما استيسر من الهدي .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ،أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أُحصر فحلق ،وجامع نساءه ،ونحر هديه،حتى اعتمر عامًا قابلاً.رواه البخاري .
وقد استدل بهذا الجمهور من العلماء عل أن المحصر يجب عليه ذبح شاة أو بقرة أو نحر بدنة .
وقال مالك :لا يجب ، فإنه لم يكن مع كل المحصرين من الصحابة هدي ، وهذا الهدي الذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ساقه من المدينة متنفلاً به ، وهو الذي أراده الله تعالى بقوله (والهدي معكوفًا أن يبلغ محله) ، والآية لا تدل على الإيجاب .
والله أعلم .
حسن - مصر الاسم
حج المرافق لبعثة الحج العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : نقوم على جمعية لتَيسيرَ رحلات الحج والعمرة لأعضائها ويَقوم مُرافقونَ مع بعثة الحج أو العُمرة على تنظيم البعثة وراحتها قبل السفر أو بعده وتتحمَّل الجمعية حجَّ نفَقات هؤلاء المُرافقين فردًا كان أو أكثرَ. كما تُقدم الجمعية للحاج دعمًا ماليًّا قدرُه 500جنيه خَمسُمائةِ جنيهٍ وللمُعتمر 250 جنيهًا، ونطلب من فضيلتكم بيان حُكم الآتي: أولًا: هل حجُّ أو عُمرةُ المرافق المُكلَّف من الجمعية بخدمة أعضائها أثناء الحج والعمرة من نفَقات الجمعية جائز شرعًا؟ ثانيًا: هل يجوز للجمعية أن تتحمل نفَقات المرافقينَ جميعًا دون مُخالفةٍ شرعيَّة؟ ثالثًا: هل الدعم الذي تُقدمه الجمعيةُ لأعضائها جائزٌ شرعًا؟ ولكم جزيل الشكر
السؤال
26/04/2006 التاريخ
د.نصر فريد واصل مفتي مصر سابقا المفتي(1/422)
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فإذا تَطوَّعتِ الجمعيةُ بنَفقات الحج أو العمرة للمُرافقين مع البعْثة نَظيرَ عمَلِهم فيها فلا بأسَ بذلك، وحجُّهم مَقبول إن شاء الله. وتكون هذه النفَقات التي تتحمَّلها الجمعية عن الحاج أو المعتمر نظيرَ عملٍ أو هِبَةً منها، ولا مانعَ من ذلك شرعًا.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى الدكتور نصر فريد واصل " مفتي مصر سابقاً" :
أولاً: فإن الشريعة الإسلامية تَحضُّ على كل عملٍ مِن شأنه أن يُقرِّبَ العبدَ إلى ربه ويتعاون على الخير مع أخيه المسلم لقوله تعالى: (وتَعاوَنُوا علَى البِرِّ والتَّقْوَى ولا تَعَاوَنُوا علَى الإثْمِ والعُدوانِ).
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "واللهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العبدُ في عَونِ أخِيهِ".
وبناء عليه فإذا تطوَّعت الجمعية المذكورة بنفقات الحج أو العمرة للمرافقينَ مع البعثة التي تنظمها لأداء الفَريضة، أو كانت هذه النفَقات للمُرافقين نظيرَ عملهم فيها، فلا بأس بذلك، ويكون حجُّ المرافق وعُمرتُه صحيحةً متى قام بأداء مناسك الحج أو العمرة، وتكون هذه النفَقات التي تتحمَّلها الجمعية عنه نظيرَ عملٍ أو هِبةً منها، ولا مانعَ من ذلك شرعًا.
ثانياً: إن ما تقوم به الجمعية المذكورة من تيسير الحج وعملها نفَقات المكلَّفين عن طريقها بخدمة الأعضاء أمر محمود وليس به ما يعارض أحكام الشريعة الإسلامية.
ثالثاً قيام الجمعية بتيسير الحج لأعضائها وتحمُّل نفقات الحج عنهم أمر محمودٌ شرعًا ما دام تمَّ بطريقةٍ تتوافر فيها العدالة والمُساواة بين الأعضاء.
والله أعلم .
طالب علم - ليبيا الاسم
الحج الأكبر ويوم الحج الأكبر العنوان
فقهية الموضوع
ما معنى: يوم الحج الأكبر والحج الأكبر؟ وهل هما في معنى واحد، أو يختلف أحدهما عن الآخر؟ وهل كل منهما موجود في القرآن الكريم والسنة الصحيحة؟ السؤال
18/10/2006 التاريخ(1/423)
اللجنة الدائمة للإفتاء المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيوم الحج الأكبر :
هو يوم النحر، أخرج أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر في الحجة التي حج فيها فقال: «أي يوم هذا؟» فقالوا: يوم النحر، فقال: «هذا يوم الحج الأكبر».
وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعثني أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيمن يؤذن يوم النحر بمنى: (لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان).
وسمي يوم النحر: يوم الحج الأكبر؛ لما في ليلته من الوقوف بعرفة، والمبيت بالمشعر الحرام، والرمي في نهاره، والنحر، والحلق، والطواف، والسعي من أعمال الحج، ويوم الحج الأكبرهو الزمن.
وأما الحج الأكبر :
فهو العمل فيه، وقد ورد ذكر يوم الحج الأكبر في القرآن قال تعالى: {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر).
فيوم الحج الأكبر هو يوم النحر ؛ والحج الأكبر المقصود به الأعمال في هذا اليوم .
والله أعلم .
أم عبود - سلطنة عمان الاسم
المبيت بمنى يوم التروية العنوان
فقهية الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم من ذهبت إلى الحج وأدت جميع مناسك الحج غير شئ واحد وهو الذهاب إلى منى يوم التروية يوم الثامن وذلك لسببين :
1-عدم تيسير الذهاب الى منى.
2-قرات في إحدى الكتب لمراجع سنية أن الذهاب إلى منى يوم التروية سنة وليس واجب .
السؤال
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الذهاب إلى منى والمبيت بها سنة اتفاقاً ؛ لكن للفقهاء في مسألة المبيت بمنى ليلة عرفة رأيين؛ فمنهم من يرى أنه سنة ومنهم من يرى أنه واجب .
فالأحناف قالوا أن المبيت بمنى سنة سواء ليلة التاسع أو الحادى عشر والثاني عشر ؛فمن أتى به فقد أدى السنة ومن تعذر عليه فلا شيء عليه ؛ ولكنه أخطأ السنة .(1/424)
أما رأي الجمهور أن المبيت بمنى ليلتي التشريق واجب ؛فمن تركهوهو قادر عليه فعليه فدية عند المالكية والشافعية ؛ مع الرخصة لذوي الأعذار؛ وعند الحنابلة ترك المبيت بمنى يوم التروية لا شيء عليه ؛ أما ترك المبيت بها ايام التشريق يجبر بذبح شاة أو ما يعادلها .
وبناء على ما سبق ؛ وبناء على الأعذار المقدمة في السؤال ؛ فلا شيء على من ترك الذهاب والمبيت بمنى يوم التروية لأنه سنة عند بعض الأئمة ومرخص لمن له عذر أن يترك المبيت .
والله أعلم
رجاء - مصر الاسم
الحج مدى الحياة العنوان
عامة الموضوع
وفقني الله لأداء مناسك الحج والحمد لله فكيف لي أن أحافظ على هذا الحج مدى الحياة ؟أرجو النصيحة ولكم جزيل الشكر.. السؤال
18/12/2008 التاريخ
الكاتبة ناهد الخراشي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإذا أراد المسلم أن يحافظ على حجه أوعمرته فأقصر الطرق أن يجعلهما دائمين لله طوال حياته، وأن لا تنتهي صلته بمعاني الحج بمجرد خلع ملابس الإحرام، بل يعيش معاني الحج وأخلاقه بعد عودته، وهذا هو الحج الأبدي الخالد الذي يخرج المسلم من إحرام المظهر الي إحرام الجوهر.
وإليك ما ذكرته الأستاذة ناهد عبد العال الخراشي عضو المجمع العلمي لبحوث القرآن والسنة:
لا شك أن شعائر ومناسك الحج محدودة ومعروفة لكثير من الحجاج وهي محببة إلى النفس لدرجة أن كل حاج يحرص على أدائها في أكمل صورة ممكنة حتى لا يشوبها شيء ما طمعاً في مرضاة الله ومغفرته ورحمته.
ورحلة الحج بطبيعتها لا تستغرق سوى أيام معدودة ليعود بعدها الحاج إلى أعمال الدنيا ليواجه التحدي الأكبر بعد العودة من الحج.
لذا ينبغي على كل حاج كان حريصاً على أداء المناسك في أحسن صورها أن يعد نفسه بصدق لفترة ما بعد الحج، وأن يقبل هذا التحدي المنشود حتى يمتد أثر الحج الذي قام به إلى ميادين الحياة التي هي بلا شك أصعب بكثير من أداء مناسك فريضة الحج.(1/425)
إن حكمة هذا التحدي تكمن في كون الإسلام لا يريد مسلمين تنتهي صلتهم بمعاني الحج بمجرد أن خلعوا ملابس الإحرام!!
بل يريد مسلمين يعيشون معاني الحج وأخلاقه بقية عمرهم، وهذا هو الحج الأبدي الخالد الذي يخرج المسلم من إحرام المظهر إلى إحرام الجوهر، وهذا هو المطلوب لا غيره.
إن الحاج بمجرد أن لبس ملابس الإحرام امتنع عن الكثير من المظاهر الدنيوية السائدة فأصبح حريصاً على سلوكياته، امتنع عن النظرة المختلسة، امتنع عن الغيبة والنميمة، استطاع أن يسيطر على شهواته ورغباته وعاداته، وأصبح شخصاً آخر يجتهد بحق في أن ينأى بنفسه عن شر نفسه، وعن كل آفات القلب الدنيوي التي تعيقه نحو الأفضل.
وهنا السؤال الصعب!!!
هل حافظ الحاج على كل هذا بعد خلعه ملابس الإحرام؟
وهل صار محرِماً في سلوكياته وأخلاقه؟
وهل عاش محرِماً في قلبه ولسانه؟
فإن كان كذلك فمن المؤكد أنه على الطريق الصحيح؛ لأنه انتقل بالفعل من حج المظهر إلى حج الجوهر، وصار بالفعل حاجًّا مدى الحياة، وإن كان غير ذلك فيرجى منه فوراً إعادة النظر حتى تؤتي الرحلة العظيمة ثمارها، وكي يعيد للفريضة هيبتها.
ولكي يجيب الحاج على هذا السؤال بشكل حقيقي فينبغي عليه:
1 - أن يستحضر الله في قلبه بما في ذلك أعماله الدنيوية حتى يصبح كل عمله لله؛ لأن من استحضر ربه أثناء الإحرام ينبغي عليه أن يظل كذلك بعد الحج.
2 - أن يداوم على شكر الله، ويستمد منه العون حتى يقوى على تطوير نفسه والاستمرار في علاقته بالله سبحانه وتعالى.
3 - أن يستشعر مراقبة الله في كل وقت وحين، وكأنه ما يزال في ملابس الإحرام، فالذي لا يرضى أن يفعله وهو يرتدي ملابس الإحرام وحول الكعبة وبين يدي الله لا يرضى أن يفعله في غير ذلك؛ لأن المسلم القريب من ربه لا ينظر أبداً إلى حجم المعصية، ولكن ينظر إلى من يعصاه.(1/426)
4 - أن يتقي الله بعد عودته من الحج فيحسن إلى أهله ومن يعول، وأن يغرس فيهم المودة والرحمة والألفة وتحمل المسئولية؛ لأن الله سائله عما استرعى على أن يبدأ بنفسه.
5 - أن يتقن عمله بعد عودته إلى ميدان الحياة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه).
6 - أن يحسن إلى جيرانه وزملائه وأصدقائه ومن يعرف حتى يستشعر الجميع أن أدائه لفريضة الحج قد دعمت أخلاقياته وسلوكياته ومواقفه لا العكس.
7 - أن يحسن إلى والديه عملاً بقول الله تعالى: (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما). وأن يدعو لهما لقوله تعالى: (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) [الإسراء:24].
8 - الحفاظ على حق الطريق وآدابه والتحلي بالقيم الحضارية المعاصرة التي من روح الإسلام.
9 - التحلي بمكارم الأخلاق وسعة الصدر والرفق واللين مع الغير لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم). رواه الإمام أحمد.
أخي الحاج : لقد ذهبت للحج أو العمرة وأنت حريص على مراقبة الله في كل تصرفاتك، فلا تحرم نفسك من توقير الله بقية حياتك.
واعلم أنه لو نجحت في العمل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك). فقد استكملت الإيمان، وأصبح حجك مكرراً طوال الحياة مع كل طاعة تتقرب بها إلى الله وصرت بمشيئة الله حاجًّا مدى الحياة.
والله أعلم .
علي - السعودية الاسم
المبيت بمنى في هذا الزمان العنوان
فقهية الموضوع(1/427)
سمعت عن فتوى للحاج الذي يقيم في مزدلفة في خيام قد أقامتها الدولة بعد منى مباشرة تقول : إذا اتصلت الخيام فالموقف كله منى والدولة لم تبن هذه الخيام إلا بناء على فتوى من العلماء . فهل لو قمت بالحج أنا و من معي في هذه الخيام يلزمنى الذهاب إلى منى والمبيت فيها على الرغم من قرب الخيام من منى ؟
وجزاكم الله خيرًاً
السؤال
04/02/2001 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
المبيت في منى واجب عند أكثر العلماء، ومستحب عند بعضهم، ويكفي أن يبقى في منى إلى منتصف الليل ثم ينزل إلى مكة، وفي هذه السنين التي تزدحم فيها أعداد الحجيج ازدحاما هائلا؛ لا بد أن ييسر على الناس ونأخذ بمذهب أن المبيت سنة، وليس واجبا، فيمكن للناس أن يذهبوا إلى الرمي ثم يعودوا إلى مكة، أو جدة، وقد رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- للعباس ألا يبيت بمنى لانشغاله بسقاية الحجيج، كما رخص لرعاة الإبل وكل من له عمل يشغله في خدمة الحجيج كرجال الأمن يمكن أن يرخص له في عدم المبيت بمنى، ومثل ذلك من يتعسر عليه المبيت في منى لعدم وجود أماكن ونحو ذلك، فيرخص لهؤلاء في ترك المبيت، والاكتفاء بالذهاب إلى منى لرمي الجمرات؛ والرجوع إلى أي مكان آخر سواء مكة أو الخيام التي بنتها الدولة بجوار منى .
والله يتقبل من الجميع
سليم الاسم
هل يجزئ حج ابن أربعة عشر عاماً؟ العنوان
فقهية الموضوع
هل يجزئ حج ابن أربعة عشر عاماً؟ السؤال
10/07/2008 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فالحج في سن الرابعة عشرة -إذا لم يكن الشخص قد بلغ بالاحتلام- فهذه الحجة لا تغني عن حجة الإسلام المفروضة، فإن الحجة التي هي فرض، لا بد أن تتحقق بعد البلوغ، والبلوغ إما بالسن، وهو يكون في الخامسة عشرة ... وإما بالاحتلام فإذا لم يكن كذلك، فلا بد من أن يحج مرة أخرى.(1/428)
فإذا كان صاحب السؤال قد حج قبل البلوغ والاحتلام، فعليه أن يحج مرة أخرى لأداء الفريضة، والله يتقبل منه إن شاء الله، وأدعو له بالتوفيق.
والله أعلم .
كريم - الإمارات العربية المتحدة الاسم
جبل أبي قبيس بين قدسية الزمان والمكان العنوان
عامة الموضوع
قرأت في بعض الكتب أن جبل أبي قبيس جبل مقدس هل هذا صحيح ؟ ليتكم تذكروا لنا معلومات عنه وأسال الله أن يجزي القائمين على هذا الموقع خيراً..
السؤال
23/08/2005 التاريخ
لجنة تحرير الفتوى المفتي
الحل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فبداية جزاكم الله خير الجزاء على هذا الدعاء وأسأل الله القبول، وأقول لك: ما قرأته عن جبل أبي قبيس صحيح، وهو بالفعل جبل مقدس بكل معاني الكلمة، ويكفي فيه الحديث الذي رواه البيهقي الذي سياتي بعد، وإليك بعض المعلومات الهامة عن هذا الجبل المقدس:
جبل أبي قبيس من الجبال المهمة، ويقع في الجهة الشرقية للمسجد الحرام.
ويبلغ ارتفاعه (420) متراًتقريباً.
روى البيهقي في ـ شُعب الإيمان ـ عن ابن عباس: "إن أول جبل وضعه الله تعالى على وجه الأرض أبو قبيس، ثم مدت منه الجبال" .
وقيل: إنما سمي بذلك لأن رجلاً يقال له: أبو قبيس، أول من قام بالبناء عليه.
ويمتاز هذا الجبل المقدس عن بقية الجبال بما يلي:
1 ـ أول جبل وضع على وجه الأرض.
2 ـ استودعه الله تعالى الحجر الأسود زمن طوفان نوح عليه السلام.
3 ـ يشرف على الكعبة المعظمة، بل تتصل الربوة التي بنيت عليها الكعبة بأصله.
4 ـ وقوع الدار التي انتشر منها الإسلام في أسفله وتسمى بـ (دار الأرقم)، فقد كان النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يختبئ فيها هو ومن آمن معه، ويصلّون بها سراً.
5 ـ وقوع أصل الصفا الذي يبدأ السعي منه في أسفله.
6 ـ حدوث معجزة انشقاق القمر لرسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عليه.(1/429)
7 ـ وجود قبر حواء، وشيث بن آدم ـ عليه السلام ـ فيه على إحدى الروايات.
8 ـ وقيل: إن الحجر اقتبس منه، وكان يسمى في الجاهلية الأمين لأن الحجر الأسود استودعه الله فيه من الطوفان، فلما بنى الخليل الكعبة نادى أبو قبيس: الركن مني بمكان كذا وكذا.
إذا أردت تفاصيل أكثر فيمكنك الرجوع إلى هذه المراجع:
(1) أخبار مكة للأزرقي.
(2)شفاء الغرام لقاضي مكة.
والله أعلم .
حسان الغالي - مصر الاسم
المبيت بمنى العنوان
فقهية الموضوع
ماحكم المبيت بمنى؟
السؤال
28/02/2001 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
المبيت في منى واجب عند أكثر العلماء، ومستحب عند بعضهم، ويكفي أن يبقى في منى إلى منتصف الليل ثم ينزل إلى مكة، وفي هذه السنين التي تزدحم فيها أعداد الحجيج ازدحاما هائلا.. لا بد أن ييسر على الناس ونأخذ بمذهب أن المبيت سنة، وليس واجبا، فيمكن للناس أن يذهبوا إلى الرمي ثم يعودوا إلى مكة، أو جدة.
وقد رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- للعباس ألا يبيت بمنى لانشغاله بسقاية الحجيج، كما رخص لرعاة الإبل وكل من له عمل يشغله في خدمة الحجيج كرجال الأمن يمكن أن يرخص له في عدم المبيت بمنى، ومثل ذلك من يتعسر عليه المبيت في منى لعدم وجود أماكن ونحو ذلك، فيرخص لهؤلاء في ترك المبيت، والاكتفاء بالذهاب إلى منى لرمي الجمرات.
أحمد الاسم
الحج على نفقة الدولة العنوان
أموال الحج ونفقاته الموضوع
هل يجوز الحج على نفقة الدولة ؟ فالبعض يزعم أن أموال الدولة مصدرها حرام وبالتالي لا يجوز للفرد أن يحج على نفقتها، أو من خلال الفوز في المسابقات الدينية التي تنظمها الهيئات الحكومية، فما مدى صحة هذا الكلام؟
السؤال
21/07/2008 التاريخ
الشيخ عطية صقر-رحمه الله المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيقول الشيخ عطية صقر - رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً :(1/430)
ليست أموال الدولة كلها من مصدر حرام، وإذا اختلط الحلال بالحرام واستحال فصل أحدهما عن الآخر فلا مانع من الأخذ منه، ولعل ما أخذ يكون من الحلال، وقد أخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- الجزية من اليهود وكانت أموالهم مشوبة بالحرام من الربا والاتجار في المحرمات.
وعليه فيجوز الحج على نفقة الدولة، وتسقط الفريضة، وكذلك يجوز الحج من خلال الفوز في المسابقات الدينية التي تنظمها الهيئات الحكومية، والأمر على ذلك منذ مئات السنين، وعلماء الدين لا يعترضون على ذلك، بل يقبلونه وينالون منه.
ولماذا نتشكك في أموال الدولة هنا ونقبلها في أجورنا ومرتباتنا، وننتفع بها في المساجد والمرافق العامة التي تقيمها وتتولى رعايتها وفي غير ذلك من كل ما تقوم به الدولة من الخزانة العامة التي تصب فيها الضرائب والتبرعات والقروض والبيع والتصدير وغير ذلك؟
والله أعلم .
علي - السعودية الاسم
المبيت بمنى في هذا الزمان العنوان
فقهية الموضوع
سمعت عن فتوى للحاج الذي يقيم في مزدلفة في خيام قد أقامتها الدولة بعد منى مباشرة تقول : إذا اتصلت الخيام فالموقف كله منى والدولة لم تبن هذه الخيام إلا بناء على فتوى من العلماء . فهل لو قمت بالحج أنا و من معي في هذه الخيام يلزمنى الذهاب إلى منى والمبيت فيها على الرغم من قرب الخيام من منى ؟
وجزاكم الله خيرًاً
السؤال
04/02/2001 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله(1/431)
المبيت في منى واجب عند أكثر العلماء، ومستحب عند بعضهم، ويكفي أن يبقى في منى إلى منتصف الليل ثم ينزل إلى مكة، وفي هذه السنين التي تزدحم فيها أعداد الحجيج ازدحاما هائلا؛ لا بد أن ييسر على الناس ونأخذ بمذهب أن المبيت سنة، وليس واجبا، فيمكن للناس أن يذهبوا إلى الرمي ثم يعودوا إلى مكة، أو جدة، وقد رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- للعباس ألا يبيت بمنى لانشغاله بسقاية الحجيج، كما رخص لرعاة الإبل وكل من له عمل يشغله في خدمة الحجيج كرجال الأمن يمكن أن يرخص له في عدم المبيت بمنى، ومثل ذلك من يتعسر عليه المبيت في منى لعدم وجود أماكن ونحو ذلك، فيرخص لهؤلاء في ترك المبيت، والاكتفاء بالذهاب إلى منى لرمي الجمرات؛ والرجوع إلى أي مكان آخر سواء مكة أو الخيام التي بنتها الدولة بجوار منى .
والله يتقبل من الجميع
طارق خليل الاسم
أسرار مناسك الحج العنوان
ما هي أسرار مناسك الحج؟ السؤال
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد..
إذا فهمنا اللغة الرمزية ـ وهي لغة تتميز بعالميتها وسعتها ـ سهل علينا أن نفهم كثيرًًا من أسرار مناسك الحج وأعماله.
"فما الإحرام في حقيقته، وهو أول المناسك ـ إلا التجرد من شهوات النفس والهوى، وحبسها عن كل ما سوى الله، وعلى التفكير في جلاله.
وما التلبية إلا شهادة على النفس بهذا التجرد، وبالتزام الطاعة والامتثال.
وما الطواف بعد التجرد إلا دوران القلب حول قدسية الله، صنع المحب الهائم مع المحبوب المنعم، الذي ترى نعمه، ولا تدرك ذاته.
وما السعي بعد هذا الطواف إلا التردد بين علمي الرحمة التماسًا للمغفرة والرضوان.
وما الوقوف بعد السعي إلا بذل المهج في الضراعة بقلوب مملوءة بالخشية، وأيد مرفوعة بالرجاء، وألسنة مشغولة بالدعاء، وآمال صادقة في أرحم الراحمين.(1/432)
وما الرمي بعد هذه الخطوات التي تشرق بها على القلوب أنوار ربها، إلا رمز مقت واحتقار لعوامل الشر، ونزغات النفس، وإلا رمز مادي لصدق العزيمة في طرد الهوى المفسد للأفراد والجماعات.
وما الذبح ـ وهو الخاتمة في درج الترقي إلى مكانة الطهر والصفاء ـ إلا إراقة دم الرذيلة بيدٍ اشتد ساعدها في بناء الفضيلة، ورمز للتضحية والفداء على مشهدٍ من جند الله الأطهار الأبرار".
والله أعلم .
نادر - فلسطين الاسم
أداء المناسك جنبًا العنوان
الطواف الموضوع
إذا صار المحرم جنبًا بسبب الاحتلام ،أو لخروج المني بسبب البرد هل يجوز له الغسل أم يبقى جنبًا ويؤدي المناسك وهوجنب؟
السؤال
16/03/2009 التاريخ
أ.د عبد الكريم زيدان المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فإذا صار المحرم جنبًا بسبب الاحتلام، أو خروج المني لسبب البرد، فيجوز له أن يؤدي مناسك الحج دون غسل إلا الطواف والسعي بين الصفا والمروة. ففيها خلاف .
يقول الدكتور عبد الكريم زيدان أستاذ ورئيس قسم الشريعة بجامعة بغداد سابقاً:
لا يشترط الطهارة من الحدث الأصغر ومن الجنابة والحيض والنفاس لجواز أداء المناسك وهذا مذهب الحنابلة أو المالكية والشافعية والحنفية وغيرهم ،والحجة لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حيث حاضت "اقض ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي" ولكن الطهارة من الحدث والأصغر مستحبة.
أما السعي بين الصفا والمروة فيرى الحنفية أنه يجوز للجنب والحائض إذا كان طوافهما بالبيت قد حصل وهما على طهارة من الجنابة والحيض؛ لأن السعي مرتب على الطواف ومن توابعه.
أما الطواف فيشترط فيه الطهارة عند الإمام أحمد ومالك والشافعي أما عند الحنفية فالطهارة من الحدث ومن الجنابة ليست شرطًا لجواز الطواف بل هي واجبة وعندهم الطواف صحيح لكن تجب إعادته ما دام بمكة وإلا وجب عليه الفداء.انتهى كلام الشيخ(1/433)
المحرر: يجوز أن تؤدي الشعائر دون طهارة عدا الطواف فيشترط فيه الطهارة، غير أنه ينبغي على السائل المسارعة إلى الاغتسال تماشياً مع المناسك وروحانيتها ، ولأداء الصلوات في وقتها ، وهذا هو الأصل إلا إذا وجدت ضرورة تمنع ذلك، والضرورة تقدر بقدرها. أما خلاف العلماء الذي ذكرناه فظاهره التيسير على الناس لا التكاسل عن الغسل .
والله أعلم.
مصطفى باين - المغرب الاسم
فضل العشر من ذي الحجة العنوان
عامة الموضوع
هل للأيام العشر من ذي الحجة فضل خاص عن سائر الأيام أم لا ؟ جزاكم الله خيراً السؤال
02/01/2001 التاريخ
الشيخ محمد صالح المنجد المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
من مواسم الطّاعة العظيمة العشر الأول من ذي الحجة التي فضّلها الله تعالى على سائر أيام العام فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء " أخرجه البخاري 2/457 .
وعنه أيضاً رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى " قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : " ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء " رواه الدارمي 1/357 وإسناده حسن كما في الإرواء 3/398 .
فهذه النصوص وغيرها تدلّ على أنّ هذه العشر أفضل من سائر أيام السنة من غير استثناء شيء منها ، حتى العشر الأواخر من رمضان . ولكنّ ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل لاشتمالها على ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر ، وبهذا يجتمع شمل الأدلة . أنظر تفسير ابن كثير 5/412
وفضيلة هذه العشر جاءت من أمور كثيرة منها :(1/434)
1- أن الله تعالى أقسم بها : والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه ، قال تعالى : ( والفجر وليال عشر ) قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف : إنها عشر ذي الحجة . قال ابن كثير : " وهو الصحيح " تفسير ابن كثير8/413
2- أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد بأنها أفضل أيام الدنيا كما تقدّم في الحديث الصحيح .
3- أنه حث فيها على العمل الصالح : لشرف الزمان بالنسبة لأهل الأمصار ، وشرف المكان - أيضاً - وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام .
4- أنه أمر فيها بكثرة التسبيح والتحميد والتكبير كما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد " . أخرجه احمد 7/224 وصحّح إسناده أحمد شاكر .
5- أن فيها يوم عرفة وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدّين وصيامه يكفّر آثام سنتين ، وفي العشر أيضا يوم النحر الذي هو أعظم أيام السنّة على الإطلاق وهو يوم الحجّ الأكبر الذي يجتمع فيه من الطّاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره .
6- أن فيها الأضحية والحج .
في وظائف عشر ذي الحجة : إن إدراك هذا العشر نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على العبد ، يقدّرها حق قدرها الصالحون المشمّرون . وواجب المسلم استشعار هذه النعمة ، واغتنام هذه الفرصة ، وذلك بأن يخص هذا العشر بمزيد من العناية ، وأن يجاهد نفسه بالطاعة . وإن من فضل الله تعالى على عباده كثرة طرق الخيرات ، وتنوع سبل الطاعات ليدوم نشاط المسلم ويبقى ملازماً لعبادة مولاه .
فمن الأعمال الفاضلة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها في عشر ذي الحجة :
1- الصيام(1/435)
فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة . لأن النبي e حث على العمل الصالح في أيام العشر ، والصيام من أفضل الأعمال . وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي : " قال الله : كل عمل بني آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به " أخرجه البخاري 1805
وقد كان النبي e يصوم تسع ذي الحجة . فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر . أول اثنين من الشهر وخميسين " أخرجه النسائي 4/205 وأبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود 2/462 .
2- التكبير :
فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر . والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة ، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى .
ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة
قال الله تعالى : ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) الحج : 28 . والجمهور على أن الأيام المعلومات هي أيام العشر لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( الأيام المعلومات : أيام العشر ) ، وصفة التكبير : الله أكبر ، الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد ، وهناك صفات أخرى .
والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ولا سيما في أول العشر فلا تكاد تسمعه إلا من القليل ، فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيراً للغافلين ، وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ، والمراد أن الناس يتذكرون التكبير فيكبر كل واحد بمفرده وليس المراد التكبير الجماعي بصوت واحد فإن هذا غير مشروع .(1/436)
إن إحياء ما اندثر من السنن أو كاد فيه ثواب عظيم دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ) أخرجه الترمذي 7/443 وهو حديث حسن لشواهده .
3- أداء الحج والعمرة : إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرم ، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج : ( المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).
4- الإكثار من الأعمال الصالحة عموما : لأن العمل الصالح محبوب إلى الله تعالى وهذا يستلزم عِظَم ثوابه عند الله تعالى . فمن لم يمكنه الحجّ فعليه أن يعمر هذه الأوقات الفاضلة بطاعة الله تعالى من الصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والصدقة وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من طرق الخير وسبل الطاعة
5- الأضحية :
ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي واستسمانها واستحسانها وبذل المال في سبيل الله تعالى .
6- التوبة النصوح :
ومما يتأكد في هذا العشر التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب . والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى وترك ما يكرهه الله ظاهراً وباطناً ندماً على ما مضى ، وتركا في الحال ، وعزماً على ألا يعود والاستقامة على الحقّ بفعل ما يحبّه الله تعالى .
والواجب على المسلم إذا تلبس بمعصية أن يبادر إلى التوبة حالاً بدون تمهل لأنه
أولاً : لا يدري في أي لحظة يموت
ثانياً : لأنّ السيئات تجر أخواتها .(1/437)
وللتوبة في الأزمنة الفاضلة شأن عظيم لأن الغالب إقبال النفوس على الطاعات ورغبتها في الخير فيحصل الاعتراف بالذنب والندم على ما مضى . وإلا فالتوبة واجبة في جميع الأزمان ، فإذا اجتمع للمسلم توبة نصوح مع أعمال فاضلة في أزمنة فاضلة فهذا عنوان الفلاح إن شاء الله . قال تعالى : ( فأما من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين ) القصص : 67 .
فليحرص المسلم على مواسم الخير فإنها سريعة الانقضاء ، وليقدم لنفسه عملا صالحاً يجد ثوابه أحوج ما يكون إليه : [ فإن الثواب قليل ، والرحيل قريب ، والطريق مُخْوِف ، والاغترار غالب ، والخطر عظيم ، والله تعالى بالمرصاد وإليه المرجع والمآب ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) .
الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة ، فما منها عِوَضٌ ولا تُقدَّر بقيمة ، المبادرةَ المبادرةَ بالعمل ، والعجل العجل قبل هجوم الأجل ، وقبل أن يندم المفرّط على ما فعل ، وقبل أن يسأل الرّجعة فلا يُجاب إلى ما سأل ، قبل أن يحول الموت بين المؤمِّل وبلوغ الأمل ، قبل أن يصير المرء محبوسا في حفرته بما قدَّم من عمل .
والله أعلم.
على الطاهر - مصر الاسم
الحج السريع العنوان
فقهية الموضوع
حكم مايسمى بالحج السريع؟
السؤال
25/02/2001 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول(1/438)
الحج يحتاج من الإنسان إلى أربعة أيام، من يوم التروية وهو يوم الثامن من ذي الحجة، يذهب ويبيت في منى ويصلي الخمس صلوات فيها ويذهب في اليوم التاسع إلى عرفات ويقف هذا الموقف العظيم داعياً ذاكراً مهللاً مكبراً مصلياً حتى الغروب، ثم يعود إلى مزدلفة ورمي جمرة العقبة، فالطواف بالبيت يوم النحر يوم الحج الأكبر، ثم رمي الجمرات في اليوم الأول واليوم الثاني، واليوم الثالث، "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه" ففي ثالث يوم العيد من الممكن ـ كما يقول الإمام أبو حنيفة ـ الرمي من الصباح في يوم النفر فيرمي ويسافر عائداً إلى بلاده وبذلك انتهى الحج ولا حرج عليه بعد ذلك.
وعليه فهذه المدة المقررة للحج ؛ وما عدا ذلك ففضل وتوقيت سفر.
والله أعلم
مها - السعودية الاسم
نسيان تقبيل الحجر الأسود العنوان
فقهية الموضوع
أديت بفضل الله مناسك الحج كاملةغير أني نسيت تقبيل الحجر الأسود فماالحكم؟
السؤال
15/03/2007 التاريخ
أ.د يوسف القرضاوي المفتي
الحل
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد..
فيقول فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي :
تقبيل الحجر مستحب وليس من الفرائض ولا من الواجبات ، وهو مستحب لمن يقدر عليه ، ومن الصعوبة بمكان في المواسم الحالية أن الإنسان يقدر على تقبيل الحجر إلا بمشقة ومعاناة ومزاحمة ، فلو تركه ساهياً أو حتى عامداً فحجه صحيح وسليم .
فإما أن يقبِّله إن استطاع التقبيل ، أو يلمسه ويقبِّل يده ، أو يشير إليه من بعيد ، وهذا ما نفعله عادة في هذه الأزمنة .
والله أعلم .(1/439)