ولا تستر، كل هذا منكر، وكله من وسائل الشرك، كل هذا من وسائل الشرك، الواجب الحذر من ذلك، وكل مسجد فيه قبر لا يصلى فيه، لكن إن كان القبر هو الجديد ينبش ويوضع في المقابر، ويصلى في المسجد، فإن كانت القبور هي القديمة وبني عليها المسجد فالمسجد يهدم ولا يصلى فيه. أما هذا السلك المحيط بالقبر فإنه يقطع إذا كان مقصودا به تعظيم الميت، أو إشارة إلى قبره، أو ما أشبه ذلك؛ يزال، المقصود فلا حاجة ولا سبب لوجود السلك، يجب إزالة السلك الذي يعتقدون فيه.(11/392)
س: هذا السائل يقول: مسجد فيه قبر وحضرت الفريضة فهل أصلي فيه؟ مع العلم بأنه لا يوجد أي مسجد آخر ليس فيه قبر في المنطقة التي أعمل بها، أين أصلي (1) ؟
ج: لا يجوز لك الصلاة في المسجد الذي فيه قبور، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) »
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (406) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/392)
ونهى عن الصلاة إلى القبور، فدل ذلك على أنه لا يجوز الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، فإذا بني المسجد على قبر أو على قبرين أو أكثر فلا يصلى فيه، بل يصلى في المساجد الخالية من ذلك التي ليس فيها قبور، وإذا لم يجد شيئا صلى في بيته، أو مع إخوانه في بيوتهم، أو إن وجدوا مسجدا ليس فيه قبور صلوا فيه، ولا يجوز بقاء القبور في المساجد، بل يجب نبشها وإبعادها عن المساجد؛ إذا كانت بعد بناء المسجد دفن في المسجد فإنه ينبش وتنقل رفاته إلى المقابر العامة، وتبقى المساجد سليمة من ذلك، أما إن كان المسجد هو الأخير بني على القبور فهذا المسجد أسس على غير التقوى، أسس على باطل فيجب هدمه، يجب على ولاة الأمور أن يهدموه ويزيلوه؛ لأنه بني على قبر، والرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى على اتخاذهم القبور مساجد، الواجب على ولاة الأمور أن يعنوا بهذا الأمر في أي مكان في أي دولة إسلامية، الواجب على ولاة الأمور أن ينزهوا المساجد من القبور، فإن كان القبر هو الأخير نبش ونقل إلى المقبرة العامة، وإن كان القبر هو القديم وبني عليه المسجد هدم المسجد وأزيل طاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وعلى المسلمين أن ينتبهوا لهذا، وأن يحذروا الصلاة في المساجد التي فيها القبور؛ لأن الصلاة فيها وسيلة للشرك، وسيلة للشرك بأهل القبور ودعائهم من دون(11/393)
الله، كما قد وقع ذلك في بلدان كثيرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.(11/394)
س: نصلي مع جماعة من القبوريين؛ يعتقدون في الأموات بأن لهم صلاحية الضر والنفع والبركة، والمكان الذي نصلي فيه توجد به قباب مدفون فيها كثير من الناس من هؤلاء الذين يسمونهم بالصالحين والأولياء، ومكان المصلى لا يبعد كثيرا عن المكان الذي نصلي فيه، فهل الصلاة في هذا المكان جائزة؟ وهل هذا المكان من حرم المقابر لوجود هذه القبور داخل القباب بالقرب منه، أو لصيقة بالمكان، والمسجد أيضا في نفس المكان؟ وهل يعتبر من حرم المقابر؟ وهل الصلاة فيه جائزة؟ ولا يوجد مسجد آخر في القرية إلا هذا المسجد، أفيدونا أفادكم الله (1)
ج: هذا المكان لا يصلى فيه والعياذ بالله، هذه مقابر, الصلاة فيها باطلة، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (2) » وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » خرجه مسلم في الصحيح.
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (324) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/394)
وقال عليه الصلاة والسلام: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » متفق على صحته. فلا يجوز أن تأتي إلى هذا المكان من القبور، ولا بناء المسجد فيها، ولا بينها، بل يجب أن تكون المساجد في محلات بعيدة عن القبور، لا تكون في ظل المقبرة، بل بعيدة عن المقبرة؛ أمامها أو خلفها وعن يمينها وشمالها، وأن تستر عنها المقبرة، ولا يجوز الصلاة في المقبرة، ولا بناء المسجد فيها، كل هذا منكر وباطل - نسأل الله العافية - ومن الشرك، ودعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر، والنذر لهم من الشرك الأكبر عند جميع أهل العلم.
فيجب على المسلم أن يحذر هذا، يجب على من يأتي القبور لهذا الأمر أن يتوب إلى الله؛ لأنه من الشرك الأكبر ومن عمل الجاهلية، دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم والذبح لهم هذا من عمل المشركين؛ لقول الله سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) ، وقال أيضا سبحانه: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (3) ؛ لشركهم وكفرهم. نسأل الله العافية. فالواجب على جميع المسلمين في كل
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) سورة الأنعام الآية 88
(3) سورة الفرقان الآية 23(11/395)
مكان أن تكون مساجدهم بعيدة عن القبور، وألا يصلوا في القبور، وألا يجلسوا عليها، ولا يبنوا عليها. بل تكون مكشوفة ليس عليها بناء، ولا يصلى حولها، ولا يبنى عندها مسجد، كل هذا منكر أنكره النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه، فيجب هدمه وإزالته، وأن تقام المساجد في محلات بعيدة عن القبور، وليس لها صلة بالقبور، وعلى المسلمين أن يصلوا في محل بعيد عن المقابر، ولو ما بني، في أرض طاهرة يصلون فيها، ولو في خيام حتى يعينهم الله على البناء، وإذا جعلوا فوقها خيمة أو شيئا من الجريد أو من سعف النخل، وهذا هو الواجب، وهو أفضل من مسجد فيه قبور، المسجد الذي فيه قبور هذا باطل منكر لا يجوز.(11/396)
س: جميع مساجد قريتنا فيها قبور، كما أنها تسمى بأسماء هؤلاء الموتى، ولا يفصل بين المكان الذي تقام فيه الصلاة والقبور سوى جدار واحد فقط، فهل تجوز الصلاة في هذه المساجد؟ علما بأن أئمتها يؤمنون بأن أصحاب القبور هم أولياء صالحون، ويشركونهم في دعائهم (1)
ج: المساجد التي فيها قبور لا يصلى فيها، إذا كان القبر داخل سور المسجد فلا يصلى فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (212) .(11/396)
والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » متفق على صحته؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، والصلاة عندها، إذا بني عليها للصلاة فلا يجوز الصلاة عندها، ولا يجوز أيضا اتخاذها مساجد بالبناء؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3) »
أما إذا كان القبر خارج المسجد عن يمين المسجد أو شماله أو أمامه؛ مفصول بالجدران فلا حرج، أما في داخل المسجد فلا يجوز. وإذا كان القبر هو الذي جعل في المسجد فالواجب نبشه، ينقل الرفات إلى المقابر العامة ويصلى في المسجد، أما إن كان القبر هو القديم والمسجد مبني عليه تعظيما له فالمسجد هو الذي يهدم، ولا يصلى فيه وتبقى القبور على حالها بدون مساجد، ولا يصلى فيها ولا عندها؛ لأن الرسول لعن من فعل هذا عليه الصلاة والسلام، وحذر من ذلك، والحكمة في ذلك أن الصلاة عندها واتخاذها مساجد من وسائل الشرك بأهلها، ودعائهم من دون الله، واتخاذهم آلهة
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .(11/397)
من دون الله، فلهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك سدا لذريعة الشرك، وحسما لوسائله، ولا يجوز أن يصلى خلف الأئمة الذي يدعون أصحاب القبور، ويستغيثون بهم ويعظمونهم، هؤلاء مشركون، إذا كانوا يدعون أصحاب القبور ويستغيثون بهم، وينذرون لهم هؤلاء يكونون مشركين، لا يصلى خلفهم، وإنما يصلون خلف الأئمة المستقيمين على دين الله، المعروفين بالتوحيد والإيمان لا بالشرك، نسأل الله للجميع الهداية.(11/398)
س: عندنا مسجد في السودان، وهو المسجد الوحيد بالقرية، وبداخله خمسة من القبور، فقد سألت بعض العلماء, فمنهم من قال: لا تجوز الصلاة فيه. ومنهم من أجازها، نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (1)
ج: جميع المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك، فقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » فنهاهم عن اتخاذ القبور مساجد، واتخاذها مساجد
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (205) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/398)
للصلاة فيها؛ لأنه إذا صلى في الأرض فقد اتخذها مسجدا، يقول عليه الصلاة والسلام: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (1) » فليس للمسلم أن يصلي في مسجد فيه قبور ولو قبرا واحدا، ولا يجوز للمسلمين أن يفعلوا ذلك، بل يجب عليهم أن تكون قبورهم خارج المساجد في مقابر مستقلة، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، ما كان يقبر في المساجد، المقبرة معروفة وحدها في البقيع، وهكذا المسلمون في كل مكان، المقابر وحدها مستقلة؛ لأنه لا يجوز الدفن في المساجد، ولا يجوز بناء المساجد على القبور أيضا؛ لا هذا ولا هذا، لا يبنى مسجد على قبر، ولا يدفن الميت بعد بناء المسجد، لا هذا ولا هذا، الواجب أن تكون القبور خارج المساجد، ولا تكون في المساجد، وكل مسجد فيه قبور لا يصلى فيه، ولا تصح الصلاة فيه؛ لأن هذا فيه مشابهة اليهود والنصارى في أعمالهم القبيحة؛ ولهذا لعن الرسول عليه الصلاة والسلام من فعل هذا، وهذا يدل على بطلان الصلاة، لما ذمهم النبي وعابهم على هذا الفعل دل على بطلانها، نسأل الله السلامة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا. . .) الآية، برقم (335) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (523) .(11/399)
249 - نصيحة في تحريم دفن الموتى داخل المساجد
س: من المستمع أ. س. غ من عدن رسالة وضمنها قضية يقول: مسجدنا جامع كبير إلا أنه مبني على قبر، والناس يصلون في هذا المسجد، وقد أجريت(11/399)
توسعة لهذا المسجد لكن القبر لا زال داخل المسجد، كيف تنصحوننا وتنصحون الناس لدينا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب ألا يدفن في المسجد قبور، والواجب أن تكون القبور خارج المساجد في مقابر خاصة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفعلون في البقيع وغير البقيع، أما الصلاة في المساجد التي فيها القبور فهذه لا تجوز ولا تصح، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » والرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن تتخذ مساجد، واتخاذ المساجد للصلاة فيها والاعتكاف فيها، فلا يجوز هذا الأمر لهذا العمل، بل يجب أن ينبش الموتى الذين في المساجد، ويدفنوا في خارج المساجد في المقابر العامة، إذا كان القبر حدث أخيرا بعد بناء المسجد وجب أن ينبش، وينقل الرفات إلى مقبرة عامة، في حفرة مستقلة، يساوى ظاهرها في القبور؛ حتى يسلم المسجد حتى يصلى فيه، ولا يجوز
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (250) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/400)
التساهل في هذا الأمر؛ لأن الرسول لعن من فعل ذلك، وهو من سنة اليهود والنصارى، فلا يجوز التشبه بهم في هذا الأمر، والصلاة باطلة في المسجد الذي فيه قبور، تكون صلاته باطلة سواء كان في عدن، أو غير عدن، وإذا كان المسجد هو الأخير، أو بني على القبور وجب هدمه، وألا يبقى؛ لأنه أسس على الباطل، فالأول منهما يبقى؛ إن كان الأول القبر يبقى القبر ويهدم المسجد، وإذا كان أوله مسجدا وقبره الحالي ينبش القبر ويزال، ولا يجوز للمسلم أن يصلي في المساجد التي فيها قبور، والصلاة فيها غير صحيحة؛ لأن الأحاديث الصحيحة جاءت بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما ذكرت له أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما كنيسة رأتاها بأرض الحبشة، وما فيها من الصور قال: «أولئك إذا مات منهم رجل صالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور (1) » . ثم قال صلى الله عليه وسلم: «أولئك شرار الخلق عند الله (2) » سماهم شرار الخلق؛ بسبب عملهم السيئ؛ وهو البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وتصوير الصور عليها. فالواجب الحذر، والواجب على المسلمين في أي مكان الحذر من هذا العمل السيئ، يجب على المسؤولين في مصر والشام واليمن وغيرها، يجب عليهم أن يزيلوا القبور إذا كانت وجدت المساجد هي الأخيرة، أما إن كانت المساجد
__________
(1) صحيح البخاري الصلاة (434) ، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (528) ، سنن النسائي المساجد (704) ، مسند أحمد (6/51) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528) .(11/401)
بنيت عليها هي الأصل وهي الأساس، ولكن بنيت عليها المساجد يجب أن يهدم المسجد، ولا يبقى مسجد على القبور؛ لأن هذا من سنة اليهود والنصارى، فلا يجوز التشبه بهم، وهو من وسائل الشرك؛ فإن البناء على القبر واتخاذ المسجد على القبر، ووضع الصور في المساجد من أسباب الشرك، من أسباب الغلو فيه، والدعاء من دون الله، والاستغاثة به، والنذر له والذبح له، هذا من الشرك الأكبر؛ أن ينذر الإنسان له ويسأله قضاء الحاجة، أو شفاء المريض، أو النصر على الأعداء، أو ينذر له أو يقول: الغوث الغوث، أو النصر النصر. أو ما أشبه ذلك، كل هذا شرك أكبر، وعبادة لغير الله سبحانه وتعالى، فالواجب على أهل الإسلام التواصي بإزالة هذا المنكر، والواجب على أمراء المسلمين إنكار هذا المنكر، والواجب على العلماء أن يوجهوا الناس، وأن يعلموا الأمراء والناس؛ حتى يزيلوا هذه المنكرات من هذه المساجد؛ وحتى يبعدوا الناس عن الشرك بالله عز وجل. نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.(11/402)
250 - حكم الصلاة في المسجد إذا كان حوله قبور
س: عندنا مسجد في القرية، وحوله من ناحية الشمال خمسة قبور، وكلما مات أحد من مشايخهم دفن داخل السور، وعندما أكون موجودا في القرية لا أذهب للصلاة معهم حتى صلاة الجمعة؛(11/402)
نسبة للاعتقاد الذي يعتقدونه في المشايخ. فهل ما أقوم به من ناحية الصلاة، وأيضا صلاة الجمعة صحيح أو غير ذلك؟ أرجو من سماحتكم التوجيه جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كانت القبور في المسجد فلا يجوز الصلاة فيه؛ لا الجمعة ولا غيرها، وأنت محسن لعدم الصلاة معهم، أما إذا كانت القبور خارج المسجد؛ تحت سور المسجد وليس في المسجد، أو خارج المسجد فإنه واجب عليك أن تصلي معهم الجمعة وغيرها. المقصود أنه لا يجوز البناء على القبور، ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا يجوز دفن أحد في المسجد، فإذا كان المسجد فيه قبور فلا يجوز الصلاة فيه؛ لا الجمعة ولا غيرها، وليس لك أن تصلي معهم أيضا، أما إذا كانت القبور خارجة: شرق المسجد أو جنوبه أو غير ذلك؛ يعني: ليست داخل المسجد فإنك تصلي معهم، ويلزمك ذلك الجمعة وغيرها، وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (295) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .(11/403)
وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1) » وقد نهى عن اتخاذ القبور مساجد، لا يصلى عند قبور، ولا يدفن في المسجد أحد.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/404)
س: مسجد تصلى فيه الصلوات والجمع والأعياد، وحوله عدد من القبور، ما هو توجيهكم حول هذا المسجد؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: كونها حوله لا يضر؛ سواء كانت أمامه أو يمينه أو عن شماله لا يضر، أما المنهي عنه أن تكون في داخله، أما إذا كانت خارجه فلا يضره ذلك ولا يضر المسلمين، إذا كان بينهم وبين القبور حاجز من جدار يحجزهم، أو طريق أو واد أو نحو ذلك مما يدل على بعدها، وأنها غير مقصودة، القبور غير مقصودة بالمسجد الموجود، المقصود أن وجودها قرب المسجد لا يضر المسجد، ولا يضر المصلين.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (291) .(11/404)
251 - حكم الصلاة في مسجد بني على قبر
س: هل تجوز الصلاة في مسجد بني على قبر أحد الصالحين؛ حيث إن الناس يأتون بالذبائح، ويذبحونها عند هذا القبر الذي هو بجانب(11/404)
المسجد مباشرة؟
ج: لا يصلى فيه؛ مسجد بني على القبور، إذا كان مسجد في وسطه قبر، بني على قبر لا يصلى فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد لعن اليهود والنصارى لاتخاذهم القبور مساجد. وقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد - يعني: مصلى - ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا وحذر منه، فإذا كان في المسجد قبر أو أكثر فإنه لا يصلى فيه، فإذا كان يذبح عنده هذا الشرك الأكبر، أعوذ بالله. الحاصل أنه لا يصلى في المساجد التي فيها قبور سواء ذبح لأهلها، أو ما ذبح لأهلها، ولكن إن كان يذبح لهم للتعوذ من شرهم فهذا الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. فالواجب حينئذ هدم المسجد، يجب على ولاة أمر المسلمين أن يهدموا المسجد وجميع القبور، وأن تكون مكشوفة ليس عليها بناء ولا يصلى عندها، ولو ما كان عندها بنيان لا يصلى عندها، ولا تتخذ مصلى حتى ولو
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/405)
كانت بغير بناء.(11/406)
س: يقول هذا السائل؛ مصري مقيم في المملكة: ما حكم الصلاة في المسجد الذي ليس فيه قبر، لكنه بني على قبر؟ هل تصح الصلاة، أم أن ذلك باطل؟
ج: كل المساجد التي تبنى على القبور لا يصلى فيها، الصلاة فيها باطلة، إذا كان القبر موجودا في المسجد سواء المسجد كان هو الأول، أو القبر هو الأول، لكن إذا كان المسجد هو الأول ينبش القبر وينقل إلى القبور، أما إذا كان المسجد هو الأخير؛ بني على القبر يهدم المسجد ولا يبنى على القبور. يقول صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » ونهى صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور، أو أن يقعد عليها، وأن يبنى عليها.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/406)
س: السائل: م. يقول: يوجد في قريتنا مسجد، وهذا المسجد بداخله قبر، فهل نقوم بإلغاء المسجد، أو بإلغاء القبر من المسجد؟ وهل(11/406)
الصلاة في مسجد يوجد فيه قبر صحيحة (1)
ج: الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تجوز ولا تصلح، ولا يجوز البناء على القبور، وبناء المساجد على القبور لا يجوز، ولا يجوز اتخاذ القباب عليها ولا الستور، كل هذا لا يجوز، بل هو من أسباب الشرك، فالمسجد الذي فيه قبر لا يصلى فيه، والصلاة فيه غير صحيحة، لكن إذا كان المسجد قديما وقبر فيه قبور تنبش، تنقل إلى مقبرة، ويصلى في المسجد لا بأس، إذا كانت القبور هي القديمة، ثم بني عليها يهدم ولا يجوز بقاؤه، بل يهدم، وبكل حال فالمسلم لا يصلي في المساجد التي فيها قبور، بل صلاته غير صحيحة؛ لأن بناء المساجد على القبور والصلاة عند القبور وسيلة للشرك؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (3) » وقال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (4) » فالمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (360) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/407)
المساجد على القبور، وعن الصلاة عند القبور، وعن الجلوس عليها، فلا يجوز للمسلم أن يطأ عليها، ولا يجلس عليها، ولا يصلي إليها، ولا يبني عليها بناء ولا مسجدا ولا قبة، ولا تجصص؛ نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن تجصيصها، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها عليه الصلاة والسلام، كل هذا من عمل أهل الشرك.(11/408)
س: السائل: هـ، م من الهند يسأل ويقول: مسجد في أحد أركانه الخلفية أربعة قبور، هل تجوز الصلاة فيه؟ وهل يفوت الإنسان الجمعة والجماعة ولا يصلي في هذا المسجد؟ أم ماذا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: كل مسجد فيه قبور سواء في أمام، أو يمين أو شمال أو خلف لا يصلى فيه، ولا تصح الصلاة فيه؛ لأن وجود القبور فيه من وسائل الشرك، وتعمه الأحاديث الصحيحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (3) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (268) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .(11/408)
عن ذلك (1) » فالمسجد الذي يتخذ على القبر قد يكون القبر في المقدمة، وقد يكون في اليمين، أو في الشمال أو في الخلف، فالواجب نبش هذه القبور، ونقلها إلى المقابر العامة إذا كانت القبور متأخرة، أما إذا كان المسجد بني عليها لتعظيمها والتبرك بها فهو يهدم، فالمسجد يهدم وتبقى القبور على حالها، والمسجد يهدم ويزال ويكون محله المقبرة، أما إذا كانت القبور جديدة والمسجد قديما فالقبور يجب نبشها وإزالتها وإبعادها إلى المقابر العامة، ويصلى فيه.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/409)
س: الأخ: م. ح. ع، من الدمام، يقول: أنا من جمهورية مصر العربية، ويوجد بالبلدة التي أعيش فيها مسجد به قبر في غرفة بطرف المسجد، يفصل بينهما باب، أصلي بهذا المسجد أحيانا، أنكر علي بعض الأشخاص، وقال: لا تصل في هذا المسجد؛ لأن فيه قبرا. أستشيركم في هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان القبر خارج أسوار المسجد فلا يضرك الصلاة في المسجد، ولكن ينبغي مع هذا إبعاده عن المسجد إلى المقبرة؛ حتى لا يحصل تشويش على الناس. أما إذا كان في داخل المسجد فإنك لا
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (171) .(11/409)
تصل في المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » متفق على صحته. ولقوله أيضا عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » أخرجه مسلم في صحيحه. والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ القبور مساجد، فليس لنا أن نتخذها مساجد، سواء كانت القبور للأنبياء أو للصالحين، أو لغيرهم ممن لا يعرف، فالواجب أن تكون القبور على حدة في محلات خاصة، وأن تكون المساجد سليمة من ذلك، لا يكون فيها قبور، ثم الحكم فيه تفصيل: فإن كان القبر هو الأول أو القبور، ثم بني المسجد فإن المسجد يهدم، ولا يجوز بقاؤه على القبور؛ لأنه بني على غير شريعة الله، فوجب هدمه، أما إن كانت القبور متأخرة والمسجد هو السابق فإن الواجب نبشها ونقل رفاتها إلى المقبرة العامة، كل رفات قبر توضع في حفرة خاصة، ويساوى ظاهرها كسائر القبور حتى لا تمتهن، وتكون من تبع المقبرة التي دفن فيها الرفات؛ حتى يسلم المسلمون من الفتنة بالقبور، والرسول صلى الله عليه وسلم حين نهى عن اتخاذ القبور مساجد
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/410)
مقصوده عليه الصلاة والسلام سد الذريعة التي توصل إلى الشرك؛ لأن القبور إذا وضعت في المساجد يغلو فيها العامة، ويظنون أنها وضعت لأنها تنفع، ولأنها تقبل النذور، ولأنها تدعى ويستغاث بأهلها؛ فيقع الشرك. والواجب الحذر من ذلك، وأن تكون القبور بعيدة عن المساجد بأن تكون في محلات خاصة، وتكون المساجد سليمة من ذلك.(11/411)
252 - حكم الصلاة في مسجد بجانبه قبر
س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ، يوجد ولي بجانب المسجد، ولا يزال بعض الناس يزورون هذا الولي، هل تجوز الصلاة في هذا المسجد (1) ؟
ج: إذا كان خارج المسجد لا يضر، يسلم عليه ويدعى له إذا كان من المسلمين، لكن إبعاده إلى المقبرة أولى وأبعد عن الشبهة، ينقل إلى المقبرة حتى لا تقع الفتنة، أما إذا كان في داخل المسجد فلا يصلى في المسجد، ويجب أن يهدم المسجد؛ لأن المسجد بني عليه، أما إن كان هو الذي الجديد والمسجد قديم ينبش وينقل إلى المقبرة.
__________
(1) السؤال الثامن والخمسون من الشريط رقم (433) .(11/411)
253 - حكم الصلاة في المسجد الذي أقيم على أنقاض مقبرة
س: في قريتنا يوجد مكان لمقبرة قديمة، وقد أزيلت هذه المقبرة منذ(11/411)
خمسة وعشرين أو ثلاثين عاما، وبني على أرضها مسجد كبير، ما صحة صلاتنا في هذا المسجد (1) ؟
ج: إذا كان قد أزيلت بوجه شرعي وفتوى شرعية، أو أزيلت القبور نبشت وحولت إلى مكان آخر فلا بأس إذا كان عن وجه شرعي، فقد كان موضع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فيه قبور، فلما أراد أن يبني المسجد أمر بالقبور، فنبشت من قبور المشركين وأزيلت، وكان فيها حفر وخرائب فسويت، وكان في محله نخيل فقطعت، ثم بنى مسجده عليه الصلاة والسلام، فإذا كانت المقبرة في محل غير مناسب، ورأى ولي الأمر من العلماء نبشها، ونقل القبور إلى محل مناسب فلا بأس أن يبنى عليها مسجد، أو بيوت للمصلحة الشرعية.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (195) .(11/412)
254 - الفرق بين صلاة الفرض والنافلة في المسجد الذي فيه قبر
س: هل هناك فرق بين صلاة النافلة وصلاة الفرض إذا صليت في المسجد الذي فيه قبر (1) ؟
ج: لا فرق في ذلك، لا يجوز ولا تصح سواء كانت نافلة أو فريضة.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (223) .(11/412)
255 - حكم الصلاة في المساجد التي فيها بدع
س: الأخ: ط. م. ص، من السودان، يسأل ويقول: عندنا في السودان قل أن تجد مسجدا لا توجد فيه بدعة، وأحيانا تجد بنيانا مزعوما لولي، أو قبورا في فناء المسجد، فماذا أفعل حيال هذه المنكرات؟ أأصلي في مثل هذه المساجد (1) ؟
ج: نعم، إذا كنت في مسجد فيه بعض البدع صل مع الناس، وأنكر البدعة، إذا كان فيه بدعة أنكرها، قل: يا إخواني، هذا ما يجوز هداكم الله. وتعاون مع العلماء والأخيار في إزالتها، ومع المسؤولين من الأمراء وغيرهم، تعاونوا على البر والتقوى. أما المسجد الذي فيه قبور فلا تصل فيه، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى، قال: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » فالمسجد الذي فيه قبر لا تصل فيه، التمس مسجدا ليس فيه قبر. وأما إذا كان فيه بدعة، وأنت تجد مساجد ما فيها بدعة فصل في المساجد التي ما فيها بدعة، وإذا لم تجد أو استطعت أن تنكر البدعة فصل معهم، وأنكر البدعة، وعلمهم ووجههم حتى تكون هاديا مهديا، وحتى تنقذهم من هذه البدعة، فإن لم
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (204) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .(11/413)
يستجيبوا لك، ووجدت مسجدا ليس فيه بدعة فاعتزلهم، وصل في المسجد الآخر، وإلا فصل معهم، واستقم على إنكار البدعة وتعليمهم ولا تيأس، والله يعينك ويوفقك لهذا الخير.(11/414)
س: أرجو أن توجهوا المسلمين لكي يخلو مساجدهم من البدع، لأنني قرأت أن كثيرا من المساجد لا تخلو من البدع، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب على المسلمين أن يطهروا مساجدهم من كل ما حرم الله من البدع، أو المعاصي، ومن البدع بناء المساجد على القبور، ودفن الميت في قلب المساجد، والتلفظ بالنية: نويت أن أصلي كذا وكذا. هذه من البدع التي يجب تنزيه المساجد عنها، ولا يجوز أن يصلى في المقبرة ولا في مسجد بني على قبر، بل يجب هدمه؛ لأنه منكر وبدعة، ومن وسائل الشرك.
__________
(1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (295) .(11/414)
256 - نصيحة لمن توجد في مساجدهم قبور
س: يوجد عندنا مسجد جامع، ولكن هناك غرفة ملاصقة لصحن المسجد، وبداخلها قبران، ويقدمون لها النذور العينية والمالية، ويعتقدون أن المقبورين من سلالة النبي صلى الله عليه وسلم، ما حكم الصلاة في هذا المسجد؟ وأيضا داخل السور توجد أمكنة كمصلى للأوقات، ما حكم الصلاة أيضا في ذلك المكان؟ علما بأنني أريد أن أدعو هؤلاء إلى الله عز(11/414)
وجل، ولكن لوجود القبرين توقفت عن الدعوة في هذا المسجد، ماذا أفعل؟ أرجوكم وجهوني، جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان القبران خارجين عن سور المسجد فلا بأس أن يصلى في المسجد، وينبغي السعي لجماعة المسجد والمسؤولين في نقل رفاتهما إلى المقبرة العامة؛ حتى يسلم المسجد من الشبهة التي يحصل بها توقف بعض الناس عن الصلاة فيه. وإنما الممنوع إذا كانا في المسجد، بني عليهما المسجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » فإذا كان القبران خارجين عن المسجد يمينا أو شمالا أو غربا أو شرقا، ليسا في داخله فلا بأس بالصلاة فيه، أما إذا كانا في داخل المسجد، وفي داخل سور المسجد فلا يجوز الصلاة فيه، إذا كان المسجد بني عليهما لتعظيمهما. أما إذا وجدا بعد البناء فإنهما ينبشان، وهكذا لو كان أكثر فإنها تنبش وتنقل إلى المقبرة، ولا تبقى في المسجد، ويصلى في المسجد، أما إذا بني على القبور فهو الذي يهدم وتبقى القبور ضاحية شامسة، ليس فيها مسجد ولا يصلى حولها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (191) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .(11/415)
ذلك وقال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (1) » وقال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » وقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3) » فالواجب على أهل الإيمان الحذر من ذلك، وألا يبنى على المساجد، لا يتخذ عليها قبور، ولا يدفن الأموات في المساجد، بل يجب أن يكون الأموات مع إخوانهم في المقابر، ويجب أن تكون المساجد خالية من ذلك، بعيدة عن الشبهة، هذا هو الواجب على المسلمين، ولكن الصلاة صحيحة إذا كان القبر خارج المسجد خارج سور المسجد، أما إن كان في داخل المسجد فلا يصلى فيه ولا تصح الصلاة، والدعوة في هذا المسجد، إذا جاء يدعوهم إلى الله لا بأس ما دام القبران خارج المسجد، أما إذا كانا في داخل المسجد فإنه يدعوهم إلى ترك الصلاة في المسجد، يدعوهم إذا كان بني على القبر، يدعوهم إلى هدمه والاتصال بالمسؤولين حتى يزال، أما إذا كان القبران محدثين في المسجد وهو السابق المسجد
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .(11/416)
فإنهما ينقلان، وهكذا لو كان أكثر من قبرين تنبش وتنقل إلى المقبرة العامة، ويصلى في المسجد بعد ذلك ولا حرج؛ لأنها حادثة في المسجد، هي فلا حكم لها بل تنبش.(11/417)
257 – حكم الصلاة في المسجد الذي يفصل بينه وبين القبر حائط
س: عندنا مسجد وحيد في القرية التي أسكنها، ولكن بجواره من جهة القبلة ضريح، ويفصل بينهما حائط، ولا يوجد باب بين الضريح والمسجد، فهل الصلاة في هذا المسجد جائزة أو لا (1)
ج: لو كان المسجد ليس في المقبرة، ولم يبن على المقبرة، وعلى قبور فالصلاة فيه صحيحة إذا كان مفصولا عن القبور محجوزا بينهما بالجدار. أما إذا كانت القبور أمام المصلي فلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (2) » فالواجب أن يكون مفصولا بينهما بالجدار؛ حتى لا يصلى إليها، وإذا كان مبنيا على طرف منها لتعظيم القبور وجب هدمه، وأما إذا كان مبنيا في أرض سليمة ليس فيها قبور، أو كانت القبور حادثة قدامه فلا يضر، ولكن
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (141) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .(11/417)
ينبغي للمؤمن أن يبتعد عن أسباب الفتنة مهما أمكن، فإذا كان يخشى أن يظن ظان أن هذا المسجد من أجل القبور، فيجعله في محل آخر بعيدا عن أسباب الفتنة؛ لأن بعض الناس عنده جهل كثير، وربما ظن أن المسجد بني من أجل القبور التي حوله، فينبغي في هذا للمؤمن وأهل الخير أن يحتاطوا، وأن تكون المساجد بعيدة عن القبور؛ حتى لا يظن ظان أنها بنيت من أجل القبور.(11/418)
س: رسالة وصلت من السودان ط. م، يقول: لنا مسجد جوار المقابر بحوالي خمسين مترا، فأحد المصلين امتنع عن الصلاة في هذا المسجد نسبة للحديث الذي يقول: لا تجعلوا مساجدكم مقابر. نرجو منكم الإفادة (1)
ج: إذا كان المسجد في أرض ليس فيها قبور، وبينها وبين القبور فاصل؛ طريق أو جدار فلا بأس الحمد لله، المقابر لا تتخذ مساجد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (375) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .(11/418)
تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (1) » فإذا كان خارجا عن المقبرة وليست قبلته، بل بينه وبينها جدار أو طريق فلا حرج في ذلك.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .(11/419)
س: الأخ: ب. ع. أ، من السودان، مديرية النيل، يسأل ويقول: ما حكم الصلاة خلف المقابر إذا كانت المقابر أمام المصلين مقدار ثلاثين مترا تقريبا؟ هل يجوز ذلك (1)
ج: إذا كان المسجد خاليا منها، المسجد لم يبن عليها، بل خال منها، وهي خارج عن المسجد فلا بأس، تصح الصلاة في المسجد، وأما إذا كان المسجد بني على القبور فلا يصلى في المساجد التي فيها القبور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » فإذا كان المسجد قد بني على القبور، أو جعلت فيه القبور فلا يصلى فيه، أما إذا كانت خارج المسجد يمينا أو شمالا أو قدامه، لكن ليست فيه ولا مبنيا
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (169) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/419)
عليها فلا حرج في ذلك، وأما وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده فهذا ليس في المسجد، بل في بيت عائشة، دفن في بيت عائشة هو وصاحباه؛ أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، لكن لما وسع المسجد، وسعه الوليد بن عبد الملك بن مروان أدخل الحجرة في المسجد، وصار شبهة لبعض الناس الذين لا يفهمون، وهذا غلط، غلط من الوليد، ولا ينبغي أن يحتج به في ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم ليس في المسجد، بل مدفون في بيته، ولكن أدخلت الحجرة في المسجد، فلا يحتج بذلك على الدفن في المساجد، ولا يحتج بذلك على البناء على القبور واتخاذها مساجد، كل هذا مخالف لشرع الله.(11/420)
س: المستمع: ع. يسأل ويقول: إذا كان المسجد ملحقا به قبر، والقبر خارج المسجد، وليس بداخله، فهل تجوز الصلاة فيه؟ وهل إذا دعت الحاجة إلى الصلاة فيه فهل أصلي أم لا (1)
ج: إذا كان القبر خارج المسجد فلا مانع أن يصلى فيه، وينبغي نقل القبر إلى المقبرة العامة إبعادا للشبهة؛ ولئلا يغلى فيه لا سيما إذا كان منسوبا للصلاح، وينبغي للمسؤولين أن ينقلوا رفاته إلى المقبرة العامة، وإذا كان يخشى من الفتنة يخفى بدفنه في الليل، ويخفى ولا يعرفه أحد إلا الخواص الذين دفنوه، كما فعل عمر في قبر دانيال لما خاف الفتنة؛
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (223) .(11/420)
حفر له ثلاثة عشر قبرا بالليل ودفنه في واحد منها، وسواها كلها حتى يخفي أمره، فالمقصود أن القبر الذي حول المسجد ينبغي نقله إلى المقبرة العامة؛ حتى لا يفتن به الناس إذا تيسر ذلك، وهذا يتعلق بالمسؤولين من العلماء والأمراء، فإذا تيسر نقله من دون فتنة نقل، وإلا بقي، ولكن لا يجوز أن يدعى من دون الله، ولا أن يطاف به ولا يستغاث به، ولا أن يتمسح به، ولا يمنع من الصلاة في المسجد إذا كان خارج المسجد، لا يمنع من الصلاة في المسجد، أما إذا كان في داخل المسجد فإنه ينبش ويبعد عن المسجد إلى المقبرة العامة، أما إذا كان قديما والمسجد بني عليه فالمسجد هو الذي يهدم؛ لأنه أسس على غير هدى، إذا بني على القبر وصار هو جديدا فإنه يهدم؛ لأنه أسس على غير تقوى.(11/421)
س: المستمع: أ. م، يسأل ويقول: ما رأي الشرع في الصلاة في مسجد تحيط به المقابر من كل الجهات (1)
ج: إذا كان المسجد ليس فيه قبور فلا حرج، لكن إذا كان بعيدا عنها، يمينها وشمالها أو أمامها يكون أبعد عن الشبهة، أما إذا حدثت القبور بعد ذلك فلا يضر، لكن إذا تيسر أن يكون بعيدا عنها، أمامها أو عن يمينها أو عن شمالها؛ حتى لا يتوهم أحد أن الصلاة لها هذا يكون
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (356) .(11/421)
أطيب وأبعد عن الشبهة.(11/422)
س: يوجد بقريتنا مسجد جامع، وهذا المسجد يقع وسط المقابر التي تحيط به من الشمال والجنوب، والمسافة بينه وبين الجهة الشمالية متران، وكذلك الجنوبية متران، وإن تلك المقابر في طريقها للتوسع، كما أن بعض المصلين - هداهم الله - يجعلون تلك المقابر مواقف لسياراتهم. أخبرونا جزاكم الله عنا كل خير في الحكم في مثل ذلك، ولكم جزيل الشكر والتقدير (1)
ج: الظاهر أنه لا يضر ذلك شيئا؛ لأن هذا عادة جارية في كثير من البلدان، يدفنون حول المساجد، فلا يضر ذلك شيئا، المقصود أن من عادة بعض الناس في بعض البلدان يدفنون حول المساجد؛ لأنه أسهل عليهم إذا خرجوا من المسجد يدفنون موتاهم حول المسجد، فلا يضر ذلك شيئا، ولا يؤثر في صلاة المصلين، لكن إذا كان في قبلة المسجد شيء من القبور فالأحوط أن يكون بين المسجد وبين المقبرة جدار آخر غير جدار المسجد، هذا هو الأحوط والأولى؛ ليكون ذلك أبعد عن استقبالهم للقبور، أما إن كان عن يمين المسجد وعن شماله، عن يمين المصلين وعن شمالهم فلا أرى في ذلك شيئا؛ لأنهم لا يستقبلونها، أما
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (9) .(11/422)
إذا كان في القبلة فلا بد أن يكون هناك جدار آخر غير جدار المسجد إذا تيسر ذلك؛ لأن هذا أبعد عن استقبالها وعن شبهة الاستقبال.
أما إيقاف السيارات فلا يجوز إيقافها على القبور، بل تكون بعيدة عن القبور، تكون في الأراضي السليمة التي ليس فيها قبور، أما كونهم يمتهنون القبور ويوقفون السيارات على القبور فهذا أمر منكر لا يجوز، بل الواجب أن يبعدوها عن القبور، وأن تكون في محلات سليمة ليس فيها قبور.(11/423)
س: يوجد عندنا مسجد وبخارجه قبور، وهو المسجد الوحيد في القرية، وقد توقفت عن الصلاة في هذا المسجد من أجل هذه الأضرحة التي بخارجه، أفيدوني هل أنا على صواب (1)
ج: إذا كانت في خارج المسجد فلا حرج من الصلاة فيه، إذا كانت القبور خارجة عن المسجد. ولست على صواب، بل صل في المسجد، أما إذا كان القبر في داخله فلا يصلى فيه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » فالرسول حذر من اتخاذ القبور مساجد، لا يصلى عندها،
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (303) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .(11/423)
وكل مسجد فيه قبور لا يصلى فيه، ويجب نبش القبور، إذا كانت موضوعة فيه، وهو المسجد السابق فإن القبور تنبش وتنقل لمكان المقبرة، أما إذا كان بني عليها وهي السابقة، ولكن بني عليها المسجد فإنه يهدم ولا يجوز بقاؤها؛ لأن الرسول لعن من فعل ذلك عليه الصلاة والسلام.(11/424)
س: في قريتنا مسجد وخلفه قبر لأحد الصالحين وبينهما جدار، ولكن هناك باب مفتوح في المسجد من هذا الضريح، فما حكم الصلاة في ذلكم المسجد (1)
ج: الصلاة صحيحة؛ لأن المسجد لم يبن عليه، ما دام أنه خارج المسجد فالصلاة صحيحة، لكن ينبغي إبعاد هذا القبر إلى المقابر؛ حتى لا يكون فتنة للناس ولا يغلى فيه، الواجب إبعاده وأن ينقل إلى المقبرة العامة، وأما المسجد إذا كان ليس القبر في داخله، بل هو خارجه فالصلاة صحيحة.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (341) .(11/424)
س: مسجد في قرية كان به قبر من ناحية القبلة، ولكن أهل القرية عندما علموا أن هذا لا يجوز أخرجوا القبر خارج المسجد؛ وذلك(11/424)
بتحويل الحائط الذي على القبلة إلى الداخل؛ بحيث يكون القبر خارج المسجد، ولكن في جهة القبلة، فهل هذا يكفي (1)
ج: نعم يكفي، لكن لو نقلوه إلى المقبرة العامة كان هذا أحسن وأكمل، وإلا فإذا أخرجوه من المسجد عن يمين المسجد، أو شماله أو قدامه أو خلفه كفى؛ لأنه حينئذ يكون المسجد سليما من القبر.
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (226) .(11/425)
س: يسأل المستمع وهو يمني، مقيم في الرياض، ويقول: يوجد عندنا مسجد صغير وهو قديم، وهو مبني على كتلة صغيرة، وفي مكان مهم بالنسبة للقرية، وبعد المسجد مباشرة وباتجاه القبلة توجد مقبرة مسورة، بطول ثمانية أمتار وعرض أربعة أمتار، هل الصلاة - سماحة الشيخ - في هذا المسجد جائزة، أو من الأفضل أن نغير هذا المكان (1)
ج: لا حرج في الصلاة فيه، ما دام المقبرة خارج المسجد وبينها وبينه حاجز سور، المسجد له سور خارج المقبرة فلا حرج، المقصود المسجد الذي أمامه المقبرة محجوزة ومسورة لا يضر والحمد لله، الذي لا يجوز أن تكون القبور في المسجد، هذا هو المنكر، أما كونها مقبرة
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (404) .(11/425)
خارجية والمسجد محجوز عنها فلا يضر ذلك.(11/426)
س: يوجد عندنا مسجد في الأردن بجواره قبر، وقد سمي هذا المسجد باسم صاحب هذا القبر، ويقوم إمام المسجد ونفر من الناس بالذهاب إلى هذا القبر، وإقامة أدعية لا تفهم، ويقومون بقرع الدف، فما حكم الصلاة في هذا المسجد مأجورين (1)
ج: إذا كان القبر خارج المسجد، والمسجد سليم منه فلا بأس، أما كونه يقف عند القبر ويأتون بأدعية مجهولة، ويضربون الدف هذا بدعة، هذا من خرافات الصوفية بدعة، لا يجوز، إنما يسلم على القبور بالسلام الشرعي بصوت معروف، يزور القبور ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية. كان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (2) » هذا الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، أما كونه يسلم عليهم بصوت مجهول هذا يتهم صاحبه، ولا يجوز
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (418) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (974) .(11/426)
هذا، وكذلك ضرب الدف عند السلام هذا بدعة لا أصل له.(11/427)
258 - حكم الوصية بالدفن في المسجد الذي بناه
س: يوجد في بلدنا مسجد، هذا المسجد بناه أحد سكان القرية، وأوصى عند موته بأن يدفن فيه، والآن هو مدفون في المسجد، فما حكم ذلك؟ وهل تجوز لنا الصلاة في هذا المسجد؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: هذا لا يجوز، هذا جهل منه، الواجب نبشه وإبعاده إلى المقابر، الواجب أن ينبش ويدفن في المقابر مع الناس، ويصلى في المسجد كأنما دفن في فلاة، ولا يصلى في المسجد حتى ينبش ويبعد وينقل إلى المقبرة العامة؛ لأنه لا يجوز الدفن في المساجد، إذا دفن أحد في المسجد فينبش وينقل، أما إذا كان قديما ثم بني المسجد عليه فالمسجد هو الذي يزال، يهدم ويزال، أما ما دام بنى المسجد وعمره هو ثم دفن فيه فإنه ينقل، ينبش وينقل إلى المقبرة العامة والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (335) .(11/427)
259 - بيان الأفضلية في الصلاة بالمسجد القريب أو المسجد البعيد
س: يوجد عندنا مسجدان في القرية، أحدهما: قريب للمنزل، والآخر: بعيد بعض الشيء علما بأن المسجد الأول لا يجتمع فيه الناس(11/427)
المجاورون له، ولا يخرجون للصلاة فيه جماعة، والمسجد الآخر يجتمع فيه عدد لا بأس به من الناس، وأنا أقوم بالصلاة في المسجد القريب أنا وأحد الإخوة وبصفة دائمة، فبماذا تنصحوننا؟ هل نصلي في هذا المسجد القريب أنا وأخي في الله القائم على هذا المسجد، أم أتركه وأذهب إلى المسجد البعيد، حيث يجتمع عدد كبير من الناس، ويبقى المسجد الأول لا يصلي فيه إلا شخص واحد؟ أفيدونا مأجورين. وبماذا تنصحون إخواننا المجاورين للمسجد والذين لا يؤدون الصلاة فيه جماعة (1)
ج: الصلاة في المسجد البعيد الذي فيه جماعة كثيرة أفضل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم فأبعدهم ممشى (3) » والمسجد القريب لا بد له من علة، لم يتركوه إلا لعلة، فلا بد أن يسألوا عن علة الترك له، إما لأنه صغير أو لأنه ليس فيه خدمات متوفرة، أو
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (377) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (554) ، والنسائي في كتاب الإمامة باب الجماعة إذا كانوا اثنين برقم (843) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم (651) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم (662) .(11/428)
لأسباب أخرى لا بد أن تعرف، وإذا كان المسجد القريب قد توافرت فيه الشروط فلماذا يتركه جيرانه؟ لا بد أن توضح الأسباب للعالم الذي عندكم أو للمحكمة، فالحاصل أن المسجد البعيد والأكثر جماعة هو الأفضل.(11/429)
س: أنا في جوار مسجد صغير يجتمع الناس فيه على فريضة العصر والمغرب، وبعد ذلك لا يجتمع فيه سوى اثنين أو ثلاثة، هل يجوز لي أن أذهب إلى مسجد آخر توجد به جماعات كبيرة وترك الأذان والإقامة في هذا المسجد الصغير (1)
ج: الأقرب - والله أعلم - أنك تبقى في المسجد؛ لأن هذا من أسباب جمع الناس والصلاة في المسجد وعدم إهماله، إذا كنت أنت المؤذن فتؤذن فيه، وتقيم فيه لمن حضر مع الإمام والحمد لله، إلا إذا كان هناك مساجد والتي فيها تتجمع جماعة كثيرة، ولا حاجة لهذا المسجد فلا مانع من إغلاقه، والمساجد التي حوله التي فيها جماعة كثيرة، فإن إيجاد هذا المسجد لا محل له، فعليك أن تراجع الأوقاف وأهل العلم في بلدك حتى ينظروا في الأمر.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (326) .(11/429)
س: بجوار بيتنا مسجد لا يصلي فيه إلا نحن أو من يزورنا، فهل تلزمنا(11/429)
الصلاة فيه دائما (1)
ج: نعم تلزمكم الصلاة في المسجد المعد للصلاة، تصلون فيه ومن يزوركم، أو من يمر عليكم.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (246) .(11/430)
260 - حكم الذهاب إلى مسجد بعيد لحسن قراءة إمامه
س: هل يجوز التخير في المساجد؟ فالحي الذي أنا فيه يوجد به مسجد، ولكنني أذهب للحي الثاني للصلاة بمسجد آخر؛ لحسن قراءة إمامه، وارتياحي معه في الصلاة، فهل يصح أم لا؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا حرج في ذلك أن يلتمس مسجدا يكون أكثر جماعة، أو يكون إمامه أحسن قراءة أو أتقى لله، أو فيه حلقات العلم، أو ما أشبه ذلك من المصالح الإسلامية، لا حرج وإن كان بعيدا عنه.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (167) .(11/430)
261 - حكم الصلاة في مسجد مهجور
س: هذا السائل يقول: هل تجوز الصلاة في مسجد يهجر أكثر من أربعة أشهر؟ وماذا علينا لو كانت صلاتنا غير صحيحة؟ وهل نعيد(11/430)
صلاة الجمعة؟ أم ماذا نفعل (1)
ج: على أهل الحي أن يصلوا في المسجد المناسب لهم، إذا كان مسجد مهجور وهو مناسب لهم وقريب منهم، وليس فيه محذور يصلون فيه، الحمد لله، المقصود أن سكان الحي المعين عليهم أن يقيموا مسجدا لهم، يعمروا مسجدا لهم إن استطاعوا، وإن لم يستطيعوا صلوا في محل معين اتخذوه مصلى لهم، يصلون فيه ويجمعون فيه؛ لأن الصلاة في الجماعة أمر لازم، أوجب الله الصلاة في الجماعة، وأوجبها رسوله عليه الصلاة والسلام، والله سبحانه يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2) ، وفي صلاة الخوف قال: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} (3) ، فأمر بالجماعة حتى في صلاة الخوف، لكن إذا كان عندهم مسجد مهجور وصالح فإنهم يصلون فيه والحمد لله، يجتمعون فيه ولا يهجرونه، وإذا كان بعيدا عنهم وتيسر لهم مسجد أقرب منه يعمرونه، ويجمعون فيه فذلك طيب وحسن. المقصود أنهم يعملون الشيء الذي
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (389) .
(2) سورة البقرة الآية 43
(3) سورة النساء الآية 102(11/431)
يجمعهم ويعينهم على أداء الصلاة جماعة؛ سواء كان مسجدا مهجورا أو غير مهجور، إذا كان بعيدا عليهم ويشق عليهم عمروا مسجدا بينهم متوسطا بينهم؛ حتى يجتمعوا فيه ويصلوا فيه جميعا.(11/432)
262 - حكم الصلاة في مسجد لا يصلي فيه إلا المارة
س: تقول السائلة: نعيش في بلدة نائية بها مسجد لا يصلي به أحد إلا المارة، ليس لهذا المسجد مؤذن؛ لأنه مسجد خاص بناه أحد الناس، لا تصلى فيه التراويح في رمضان، ويذهب أحيانا زوجي يؤذن ويقيم ويصلي وحده، وقد نصحنا بعض الإخوان بالصلاة فيه، ولكن دون فائدة، هل يستمر زوجي في الصلاة فيه وحده؟ أم ماذا علينا؟ وهل يجب أن يصلي في المنزل بمفرده (1)
ج: هذا الذي عمله زوج السائلة عمل طيب، وهو مشكور عليه، ونوصيه بالاستمرار بأن يذهب إلى المسجد ويؤذن؛ لعل الله يأتي بمن يصلي معه من المارة، أو من السكان، فإن لم يأت أحد صلى لوحده والحمد لله، نوصيه بأن يستمر وألا يصلي في البيت؛ لأن المساجد عمرت لهذا، وعلى المؤمن أن يذهب إلى المسجد، فإن وجد أحدا وإلا صلى وحده والحمد لله، لا يجوز الصلاة في البيت والمساجد موجودة،
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (408) .(11/432)
وكونه قد لا يصلي معه أحد لا يضره ذلك، يكون له الأجر العظيم أن يؤذن، وله فضل الأذان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة (1) » فضل عظيم، ثم هو بهذا يدعو الناس إلى إقامة صلاة الجماعة، يكون له مثل أجورهم؛ لأنه دعاهم إلى الخير، فيكون له مثل أجور من صلى معه، «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (2) » فنوصي زوجك بالاستمرار والعمل الطيب، والذهاب إلى المسجد، وأن هذا هو الواجب عليه، وإن تخلف عنه الجيران أو غيرهم.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، برقم (609) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893) .(11/433)
263 – بيان شروط من يؤم جماعة المصلين
س: السائل: م. أ. يقول: يوجد بجوار بيتنا مسجد بلا إمام معين، ويؤم الصلاة أي واحد من المصلين إذا كان موجودا، إلا أن الأغلبية العظمى منهم لا يجيدون القراءة الصحيحة للقرآن، وطلبوا مني الإمامة، لكنني رفضت مع أنني طالب علم لعدم تواجدي بصفة مستمرة، هل علي إثم في ذلك (1)
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (367) .(11/433)
ج: إذا كنت أقرأهم فالمشروع لك أن تجيب؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا بالسنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا (1) » . . احتسب وقت حضورك وتقدم، وإذا غبت فأنت معذور، وانصح لهم فيما ترى أنه أولى أن يتقدم، تجتهد في أن يتقدم للإمامة من هو من أهل السنة والجماعة، وإذا كنت حاضرا فتقدم وأحسن وأبشر بالخير.
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .(11/434)
264 – حكم اتخاذ مصلى آخر بخلاف مسجد القرية
س: السائل من السودان يقول: إذا كان الناس بقرية يغلب عليهم الجهل بالدين هل يجوز أن يتخذوا مصلى آخر خلاف مسجد القرية؟ وإذا كانت مداومة الصلاة فيه تؤدي إلى الفتنة عند مناصحتهم ما حكم ذلك (1)
ج: الواجب على أهل القرية أن يصلوا جميعا في مسجد واحد، وأن يتعاونوا على البر والتقوى؛ لأن صلاتهم في المسجد تعينهم على الخير والتعارف والتواصي بالحق والنصيحة، والذي يريد نصيحتهم يتيسر له
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (396) .(11/434)
أن ينصحهم جميعا، أما إذا كانت القرية كبيرة، تباعدت أطرافها وجعلوا مسجدين للتباعد فلا بأس، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (1) . إذا كان في ذلك مشقة يجعل في جانبها مسجد والآخر مسجد، أو في شرقها مسجد وغربها مسجد، إذا كانت متباعدة يشق عليهم الاجتماع في مسجد واحد فلا حرج، والواجب عليهم التعاون على البر والتقوى والتواصي والتناصح، والحذر من أسباب الشحناء والله المستعان.
__________
(1) سورة البقرة الآية 286(11/435)
265 – حكم الصلاة مع جماعة يجمعون الظهر والعصر بدون عذر
س: الأخ: م. إ. ف. م، من السودان، ومقيم في المملكة، يقول: هناك مكان نعمل فيه، ويوجد به عدد من الناس يقيمون صلاة الجماعة، لكني لا أكون معهم للأسباب الآتية: أولا: أنهم يجمعون صلاة الظهر والعصر دائما فهل تصح الصلاة معهم؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: ليس للمسلم أن يجمع بين الصلاتين في الحضر من دون علة؛ كالمرض أو الاستحاضة للمرأة، بل يجب أن تصلى كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (165) .(11/435)
في وقتها، ولا يجوز الجمع بين الصلاتين من دون علة شرعية، وما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في المدينة ثمانيا جميعا وسبعا جميعا، يعني: الظهر والعصر والمغرب والعشاء هذا عند أهل العلم لعلة، قال بعضهم: إنه كان هناك وباء؛ مرض فشق على المسلمين، وجمع بينهم عليه الصلاة والسلام، ولم يحفظ إلا مرة واحدة عليه الصلاة والسلام، لم يحفظ أنه فعل إلا مرة واحدة، لم يحفظ أنه كان يفعل هذا في أوقات متعددة أو دائما، إنما جاء هذا مرة واحدة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام. وقال آخرون: إن الجمع صوري، وليس بحقيقي، وإنما صلى الظهر في وقتها في آخره، والعصر في أوله، والمغرب في آخره، والعشاء في أوله. وهذا رواه النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثمانيا جميعا وسبعا جميعا أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء (1) » فسمي جمعا، والحقيقة أنه صلى كل صلاة في وقتها، وهذا جمع منصوص في الرواية من الصحيح عن ابن عباس، فيتعين القول به، وأنه جمع صوري، فلا ينبغي لأحد أن يحتج بذلك على الجمع بغير عذر.
__________
(1) أخرجه النسائي في كتاب المواقيت باب الوقت الذي يجمع فيه المقيم، برقم (589) .(11/436)
أما أنت أيها السائل فلك أن تصلي معهم الظهر والمغرب في وقتها، أما العشاء فلا تجمعها مع المغرب، ولا تصل معهم العصر ولا العشاء، هذا إذا كانوا من أهل السنة، أما إن كانوا من غير أهل السنة فلا تصل معهم حتى تعلم أنهم ليسوا يتعاطون شيئا من الشرك، كالذي يدعو البدوي، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم من الناس هذا يعتبر من الشرك الأكبر: يا سيدي المدد المدد!! اشف مريضي!! انصرني، أغثني. هذا من الشرك الأكبر، فهؤلاء لا يصلى خلفهم، ولا يصلى معهم، بل ينصحون ويوجهون ويعلمون، فالحاصل أن الواجب على المسلم أن يتحرى في صلاته، وألا يصلي خلف من يظن به الشرك أو البدعة المكفرة، وأن يتحرى الأئمة الطيبين المعروفين بالاستقامة، والسير على مذهب أهل السنة والجماعة من أهل التوحيد والإيمان؛ حتى يحتاط لدينه ويحتاط لصلاته، ولا يصلي خلف القبوريين الذين يعرفون بالغلو في القبور ودعاء أهلها، كالذين يغلون في البدوي أو غير البدوي، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم من الناس، ويطلبونهم المدد، يطلبون منهم الغوث، هذا كفر أكبر لا يصلى خلف صاحبه نسأل الله السلامة، لكن يدعى إلى الله، ويعلم وينصح ويوجه إلى الخير؛ لأن: «الدين النصيحة» (1) والله يقول سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (2) .
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55) .
(2) سورة النحل الآية 125(11/437)
ويقول سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (1) . ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (2) » ويقول عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (3) » هؤلاء يدعون إلى الله، ويعلمون ولا يصلى خلفهم؛ حتى يتوبوا إلى الله من الشرك، وحتى يدعوا ما عندهم من البدع المكفرة، نسأل الله للجميع الهداية.
__________
(1) سورة فصلت الآية 33
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام. . . برقم (2942) ، ومسلم كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (2406) .(11/438)
266 – حكم الصلاة في مسجد يوجد فيه بدع وأمور محدثة
س: يقول السائل: يوجد بالقرب من بيتنا مسجد، وأنا مواظب - والحمد لله - على الصلاة وصلاة الجماعة، ولكن هذا المسجد(11/438)
يوجد فيه الكثير من البدع والأمور المحدثة، فما حكم صلاتي فيه؟ هل أتجنبه، أم أصلي في بيتي؟ وكذلك صلاة الجمعة هل تجوز معهم، أم أبحث عن مسجد آخر بعيدا جدا عن منزلي؟ وجهوني لذلك (1)
ج: نعم، عليك أن تصلي معهم، وتنكر حسب طاقتك، تنكر البدع حسب طاقتك، إذا كانت البدعة غير مكفرة فعليك أن تنكر حسب طاقتك، وتنصح الناس، وتصلي معهم الجمعة والجماعة والحمد لله، فإن أجابوا فهذا هو الواجب، وإن لم يجيبوا فلك أن تنتقل إلى مسجد آخر ليست فيه بدعة، لكن صلاتك مع هؤلاء فيها مصالح بالإنكار عليهم، ودعوتهم إلى الخير، وإنكار البدعة عليهم على الإمام والمأمومين، على الذي يفعل البدعة بالأسلوب الحسن، بالأسلوب الذي يرجى فيه القبول، فإن لم يستجيبوا وأمكنك الانتقال إلى مسجد آخر فهذا حسن.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (367) .(11/439)
267 - حكم الصلاة في مسجد قد نبشت القبور التي فيه
س: لقد سمعت من بعض الأشخاص أن الصلاة في مسجد العباس الموجود في مدينة الطائف لا تجوز؛ بحكم أن تحته قبور وأمامه(11/439)
قبور، فهل هذا صحيح أم لا؟ أفتونا في ذلك (1)
ج: ليس هذا بصحيح؛ لأن مسجد العباس قد نبشت القبور التي فيه، وهيئ للصلاة، وقام بهذا ولاة الأمور، وأمرهم عليه العلماء، فلا حرج في ذلك، فالصلاة فيه لا حرج فيها والحمد لله.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (67) .(11/440)
268 - حكم الصلاة في مسجد بني من مال حرام
س: الأخ: س. ع. ف. ش، من الرياض، يسأل ويقول: ما حكم الصلاة في مسجد بناه رجل بمال أكثره من الحرام؟ هل يشمله حكم الصلاة في الأرض المغصوبة؟ فإن لم يكن يشمله فلماذا؟ نرجو أن تتفضلوا بمعالجة هذه القضية، جزاكم الله خيرا (1)
ج: المساجد التي تبنى بمال حرام، أو بمال فيه حرام لا بأس بالصلاة فيها، ولا يكون حكمها حكم الأرض المغصوبة؛ لأن الأموال التي فيها حرام، أو كلها من حرام تصرف في المصاريف الشرعية، ولا تترك ولا تحرق، بل يجب أن تصرف في المصاريف الشرعية؛ كالصدقة على الفقراء وبناء المساجد وبناء دورات المياه، ومساعدة المجاهدين وبناء القناطر وغير هذا من مصالح المسلمين، ولا يكون لها حكم
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (235) .(11/440)
الغصب؛ لأن الغصب مأخوذ بالقوة والظلم، أما هؤلاء دخلت عليهم الأموال من طرق غير شرعية، فالواجب عليهم صرفها في وجوه شرعية مع التوبة إلى الله من ذلك سبحانه وتعالى، والمال الذي صرف في هذه الجهات الشرعية يكون قد سلم صاحبه من أذاه مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ويكون نفع به المسلمين بدلا من إتلافه وإحراقه.(11/441)
269 – الصفات الواجب توفرها في الإمام
س: سماحة الشيخ، إني أحبك في الله، وأسأل الله أن يحشرني وإياك ومن أحب في جنات النعيم. سماحة الشيخ، ما الصفات التي يجب أن تتوفر فيمن أراد أن يصير إماما في مسجد يؤم المصلين (1)
ج: أولا: أحبك الله الذي أحببتنا له، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قال الله عز وجل: وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتباذلين في (2) » وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي (3) »
أما الصفات التي ينبغي أن تكون في الإمام فقد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (323) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه برقم (21525) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الحب في الله برقم (2566) .(11/441)
بقوله: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا (1) » وفي رواية: «أقدمهم إسلاما (2) »
فعليك يا أخي أن تجتهد في إتقانك للقرآن والعناية به، وحفظ ما تيسر منه، والتفقه في الدين، والتعلم حتى تعرف أحكام صلاتك، وأحكام سجود السهو، ونحو ذلك مما يعرض للإمام مع تقوى الله، والاستقامة على دينه والحذر من معصيته سبحانه وتعالى، فإذا اجتهدت في ذلك فأنت صالح للإمامة، وأهم شيء للإمامة التفقه في الدين والعناية بالقرآن الكريم، وحفظ ما تيسر منه مع الاستقامة على طاعة الله، والحذر من معاصيه سبحانه وتعالى.
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .(11/442)
270 - حكم صلاة الإمام إذا جهر في الصلاة السرية
س: إمام صلى بنا صلاة سرية، ولكنه قد جهر فيها، فما هو توجيهكم (1)
ج: لا شيء عليه، بل يسجد للسهو، ولكن لا يلزمه شيء؛ لأن الجهر والإسرار سنتان، ولو جهر بالسر، أو أسر بالجهر فلا شيء عليه والحمد لله.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (323) .(11/442)
271 – حكم وضع شروط لا أصل لها من الشرع لإمامة المسجد
س: بعض القرى عندنا تشترط شروطا غاية في الغرابة في الإمامة؛ إذ في هذه القرى لا بد من معرفة أصل الإمام، وأنه من سكان القرية الأصليين؛ بصرف النظر عن حفظه للقرآن وأهليته للإمامة، فهل هذان الشرطان لازمان للإمامة، أم إنهما بدعة؟ نرجو النصح والتوجيه جزاكم الله خيرا (1)
ج: هذان الشرطان لا أصل لهما، المهم أن يكون معروفا بعدالته واستقامته وإجادته للقراءة، أما كونه من أهل البلد، أو من غير أهل البلد ليس بلازم، ولو كان غريبا إذا عرف صلاحه واستقامته فالحمد لله، المهم أن يكون صالحا للإمامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة (2) » الحديث. ويقول صلى الله عليه وسلم: «ليؤمكم قراؤكم (3) » فالإمام يكون من خيرة الناس، سواء كان من أهل البلد الذين هم مستوطنون في البلد، مولودون فيها، أو ممن ورد إليها ونزل بها واستقر فيها، وإن كان ليس من أهلها إذا كان صالحا للإمامة.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (212) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (590) وابن ماجه في كتاب الأذان والسنة فيه، باب فضل الأذان وثواب المؤذنين برقم (726) .(11/443)
272 – حكم الصلاة خلف إمام غير عربي
س: أفيد سماحتكم بأننا في أحد الأعمال الواقعة في شرق مناطق أرامكو بالمنطقة الشرقية، ويوجد عندنا عدة مساجد، وأحدها مسجد جمعة، وأكثر من يؤدي الصلاة فيه جماعة من العجم؛ نظرا لقلة العرب، ولكن هؤلاء العجم يكتفون بالدعاء بعد الصلاة ولا يسبحون، ومع ذلك يسلمون مع الإمام مباشرة، وهل يجوز لنا نحن العرب أن نصلي معهم، وأكثر الأئمة منهم وخاصة إمام مسجد الجمعة، ولم يوجد إمام عربي يقوم بأداء الصلاة وخاصة الجمعة؟ أرجو إفادتنا، جزاكم الله عنا خير الجزاء (1)
ج: ليس شرط الإمامة أن يكون الإمام عربيا، المهم أن يكون الإمام سليم العقيدة موحدا صاحب عقيدة طيبة، فإذا كان الإمام صاحب عقيدة طيبة، سواء كان عربيا أو عجميا لكن ينطق بالعربية، إذا كان صاحب عقيدة حسنة فإنه يجعل إماما ويقتدى به، وإذا صليت مع قوم إمامهم الذي يصلي بهم، وأنت لا تعرف حاله فصل معهم، ولا تترك الصلاة، صل معهم الجمعة والجماعة؛ لأن المسلمين شيء واحد، والواجب أن تقام هذه الشعائر، وأن يؤيد من قام بها، وإذا ظهر لك بعد
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (12) .(11/444)
ذلك أنه لا يحسن أن يكون إماما فينبغي لك أن تسعى في إبداله بغيره من أهل العقيدة الطيبة، وأن تتشاور مع أعيان المسجد، ومع أعيان الجماعة حتى يوجد من هو خير منه وأفضل منه في العقيدة والعلم، وتلتمس من توافرت فيه الشروط؛ شروط الإمامة من أي جنس كان من المسلمين فإنه يكون إماما، ويصلى خلفه، وأما ما ذكرت من جهة أنهم لا يذكرون الله، بل يدعون بعد السلام هذا خلاف السنة، السنة بعد السلام أن يقول: أستغفر الله. ثلاث مرات، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يقوله الإمام والمنفرد والمأموم بعد صلاة الفريضة، ثم ينصرف الإمام للمأمومين بعد ما يقول هذا، وهو مستقبل القبلة بعد هذا ينصرف إلى المأمومين، ويستقبلهم كما جاء في حديث عائشة عند مسلم، وجاء معنى ذلك في حديث ثوبان «أن النبي عليه السلام كان إذا سلم استغفر ثلاثا، وقال: " اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (1) » رواه مسلم في الصحيح. وذكرت عائشة رضي الله عنها «أن النبي كان يمكث مستقبل القبلة قدر ما يقول: " اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591) .(11/445)
الجلال والإكرام " ثم ينصرف إلى الناس (1) » رواه مسلم أيضا. ثم بعد ذلك يشتغل بذكر الله، فقد كان النبي يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (2) » «اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (3) » وإن دعا بعد ذلك فلا بأس بينه وبين نفسه، والأفضل أن يقول بعد هذا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، هكذا جاءت السنة، ويختم المائة بقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير (4) » كل هذا صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، من قوله وتوجيهه عليه الصلاة والسلام، وكذلك جاء عنه صلى الله عليه وسلم شرعية أن يقول: «سبحان
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (592) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (594) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته رقم (597) .(11/446)
الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمسا وعشرين مرة (1) » فالذكر بعد الصلاة أنواع منها: أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. خمسا وعشرين مرة، الجميع مائة. ومنها: أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة فقط، ولا يزيد عليها، تصير تسعا وتسعين، كما علمها النبي فقراء المهاجرين. ومنها أن يقول: سبحان الله، والحمد لله. ستا وستين، والله أكبر. أربعا وثلاثين، الجميع مائة، ومنها: أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة تصير تسعا وتسعين، ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. كل هذا جاء في الحديث الصحيح. فينبغي للمؤمن أن يستعمل ذلك، وأن يلازم ذلك، وإذا أتى بهذا تارة وهذا تارة كله حسن.
وأما كونه يسلم مع الإمام فالأفضل خلافه، السنة أن يكون بعد الإمام، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه برقم (21090) والترمذي في كتاب، الدعوات، باب منه برقم (3413) والنسائي في كتاب السهو باب نوع آخر من عدد التسبيح برقم (1351) .(11/447)
بالانصراف (1) » فالسنة أن يسلم الإمام أولا، ثم يتبعه المأموم، إذا سلم الإمام سلم المأموم بعد التسليمتين، يسلم الإمام تسليمتين أولا، ثم يتبعه المأموم فيسلم، وإن سلم بعد الأولى سلم الأولى بعد الأولى، وسلم الثانية بعد الثانية فلا حرج، لكن الأفضل أن يقف، وألا يسلم حتى يفرغ الإمام من التسليمتين، فإذا فرغ الإمام من التسليمتين سلم المأموم، هذا هو الأفضل، وهذا هو الموافق لظاهر السنة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما، برقم (426) .(11/448)
273 - بيان معنى حديث (أفتان أنت يا معاذ)
س: سائل يقول: ذكر ابن القيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر على معاذ لقراءته سورة البقرة، فقال: «يا معاذ أفتان أنت؟ (1) » فتعلق الناقرون بهذه الكلمة، ولم يلتفتوا إلى ما قبلها ولا إلى ما بعدها. ما المقصود بقوله: ما قبلها وما بعدها؟ ومن هم الناقرون؟ جزاكم الله خيرا (2)
ج: النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الأئمة إلى أن يرفقوا بالناس،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (705) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465) .
(2) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (363) .(11/448)
فقال صلى الله عليه وسلم: «إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف المريض (1) » فالواجب على الإمام أن ينظر في الأمر، وألا يشق على الناس، وقدوتنا الرسول، وأن يأخذوا القدوة من الرسول - عليه الصلاة والسلام - في أفعاله كلها؛ لقوله سبحانه وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2) . فالنبي عليه الصلاة والسلام يصلي صلاة وسطا ليس فيها إطالة تشق على الناس، فالواجب على الأئمة أن يتأسوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يقتدوا به في الصلوات الخمس كلها؛ حتى لا ينفروا الناس، وحتى لا يشجعوهم على ترك الصلاة جماعة، فإذا صلى صلاة وسطا ليس فيها مشقة على الناس سمع الناس، وصلوا جماعة ورغبوا في الصلاة، وتواصوا بأدائها في المساجد؛ ولهذا قال عليه والسلام: «يا أيها الناس، إن منكم منفرين - يعني: منفرين في صلاة الجماعة - فمن أم الناس فليخفف (3) » ولهذا قال لمعاذ: «أفتان يا معاذ؟ (4) » . فقال بعدها: «هلا قرأت " و: و:
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذ صلى لنفسه فليطول ما شاء، برقم (703) ومسلم في كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام برقم (467) واللفظ له.
(2) سورة الأحزاب الآية 21
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (704) .
(4) صحيح البخاري كتاب الأذان (705) ، صحيح مسلم الصلاة (465) ، سنن النسائي الإمامة (835) ، سنن أبو داود الصلاة (790) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (986) ، مسند أحمد بن حنبل (3/308) ، سنن الدارمي الصلاة (1296) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465) .
(6) سورة الأعلى الآية 1 (5) {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}
(7) سورة الليل الآية 1 (6) {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}(11/449)
و (2) » هذا من بعده، اللهم صل عليه وسلم، قبلها: «أيكم أم الناس فليخفف (3) » . ثم أردف: «هلا قرأت " و:،. (8) » يعني: في أوسط الأمور، فقد كان عليه الصلاة والسلام يقرأ بها في العشاء والظهر والعصر، أما في الفجر فكان يقرأ أكثر من ذلك؛ فيقرأ في الفجر بـ: {وَالطُّورِ} (9) {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} (10) و: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} (11) و: {الْوَاقِعَةُ} (12) وما أشبهها عليه الصلاة والسلام، فالفجر يطول فيها بعض الطول، وفي الظهر والعصر والمغرب والعشاء يقرأ بأوسط السور، والمغرب في بعض الأحيان بالقصار ويطول فيها بعض الأحيان، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لكن الأغلب القصار.
__________
(1) سورة الشمس الآية 1 (7) {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}
(2) سورة العلق الآية 1 (1) {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}
(3) صحيح البخاري الأذان (703) ، صحيح مسلم الصلاة (467) ، سنن الترمذي الصلاة (236) ، سنن النسائي الإمامة (823) ، سنن أبي داود الصلاة (795) ، مسند أحمد (2/537) ، موطأ مالك النداء للصلاة (303) .
(4) صحيح البخاري الأذان (705) ، صحيح مسلم الصلاة (465) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (836) .
(5) سورة الأعلى الآية 1 (4) {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}
(6) سورة الانشقاق الآية 1 (5) {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}
(7) سورة الشمس الآية 1 (6) {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}
(8) سورة الشمس الآية 2 (7) {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا}
(9) سورة الطور الآية 1
(10) سورة الطور الآية 2
(11) سورة القمر الآية 1
(12) سورة الواقعة الآية 1(11/450)
274 - بيان كيفية التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة
س: يسأل أخونا عن عبارات ابن القيم عليه رحمة الله، فيقول: قال ابن القيم: التخفيف أمر نسبي يرجع فيه إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لا إلى شهوات المأمومين. ما المقصود بالأمر النسبي؟ وما المقصود بشهوات المأمومين (1)
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (363) .(11/450)
ج: ما تقدم إذا تأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في التخفيف، فيقرأ كما كان يقرأ النبي، ويركع كما ركع، ويسجد كما سجد، يكون متوسطا لا مطيلا ولا ناقرا، بين النقر وبين الإطالة التي تشق على الناس، هذا هو التأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولا يتأس بالنقارين الذين يسرعون في الصلاة؛ حتى لا يتمكن الناس من أداء المشروع، ولا يتأس بالمطولين المنفرين، ولكن بين ذلك، والأسوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1) » وقال الرب جل وعلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2) . والتأسي بالنبي هذا هو التوسط.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631) .
(2) سورة الأحزاب الآية 21(11/451)
275 – توجيه بشأن إطالة الإمام للصلاة
س: سائل يقول: حصل خلاف بيني وبين صديق لي في العمل، صلى ذات مرة خلفي ويقول: إنك أطلت الصلاة. علما بأن صحته جيدة، ولا يشكو من أي شيء، فما هو توجيهكم لي ولأمثالي؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليك أن تراعي المأمومين، السنة للمؤمن إذا كان إماما أن يراعي المأمومين؛ حتى لا يشق عليهم، فيصلي صلاة متوسطة ليس فيها طول
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (263) .(11/451)
يشق على الناس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض (1) » فالمشروع للإمام أن يراعي المأمومين؛ لأنه يكون فيهم المريض وكبير السن وصاحب الحاجة، فلا يعجل فيخل بالصلاة، ولا يطول فيشق عليهم، ولكن بين ذلك صلاة معتدلة، يقرأ الفاتحة وما تيسر معها في الأولى والثانية، ويقرأ في الأخيرتين الفاتحة، ويطمئن في الركوع والسجود، وبين السجدتين أيضا ويطمئن ولا يعجل، وهكذا عند قيامه في الركوع والوقوف وبعد الركوع، لا يعجل يطمئن ويعتدل هكذا، لكن لا يطيل إطالة تشق على الناس.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (704) .(11/452)
276 - حكم إطالة الصلاة على المأمومين
س: ما حكم الإسلام في الإمام الذي يطيل في الصلاة زيادة عن اللازم؟ نصحناه إلا أنه رفض النصح، وعندما نشير إلى إطالته يقول: بإمكانكم الصلاة في مساجد أخرى (1)
ج: هذا ينصح، يبين له ما جاءت به السنة، يعطى كتاب الصلاة لابن القيم، كذلك ما يوجد في الكتب التي تبين صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لعله يقنع إن شاء الله، المقصود أنه ينصح ويوجه من أهل
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (356) .(11/452)
العلم، من الأخيار الذين يقدرهم ويعرف فضلهم وعلمهم، يشار عليهم أن ينصحوه إذا كان يطيل وينفر الناس، أما النصيحة من العامة ما تفيده، لكن يشار على أهل العلم، ويطلب منهم أن ينصحوه إذا كان عمله منفرا وفيه طول كثير؛ حتى يستفيد إن شاء الله من إخوانه.(11/453)
277 - حكم الصلاة خلف الصبي المميز
س: السائل: ع. م. من الجبيل: في الفقه المالكي، وفي كتاب فتح الباري على صحيح البخاري: لا تجوز صلاة الصبي إلا لمثله في الإمامة، وكذلك لا تجوز الصلاة خلف متنفل أو مسبوق. فما هو الحكم في ذلك؟ وما هو توجيهكم حيال ما ورد (1)
ج: لقد صحت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ بأن الصبيان مأمورون بالصلاة إذا بلغوا سبعا، ويضربون عليها إذا بلغوا عشرا. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلى بالناس عليه الصلاة والسلام صلاة الخوف ركعتين فرضه وفرض الجميع فرض من خلفه، وصلى بطائفة أخرى ركعتين نافلة له، وهي لهم فريضة، فدل ذلك على أنه لا حرج أن يصلي المفترض خلف المتنفل. وثبت عن معاذ رضي الله عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (325) .(11/453)
فرضه، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فهي له نافلة، ولهم فرض. وفي صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة الجرمي رضي الله عنه أنه كان يؤم جماعته وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أكثرهم قرآنا، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا (1) » وكان عمرو أكثرهم قرآنا، فكان يصلي بهم، فدل ذلك أنه لا حرج أن يؤم الصبي الكبار إذا كان ابن سبع سنين فأكثر، وكان يعقل الصلاة، وكان أكثرهم حفظا للقرآن؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاما (2) » وفي لفظ: " فأكبرهم سنا " (3) وفي حديث عمرو بن سلمة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا (4) »
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(3) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302) .(11/454)
فالمقصود أن الصبي إذا كان أكثر من غيره قرآنا، وكان يعقل الصلاة، ويؤديها كما ينبغي فلا حرج أن يؤم الكبار؛ لما جاء في هذا الحديث الصحيح في قصة عمرو بن سلمة، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1) » الحديث.
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .(11/455)
س: يقول السائل: هل تجوز إمامة الصبي الذي عمره ثلاث عشرة سنة؟
وهل يجوز أن يخطب يوم الجمعة (1)
ج: لا حرج في إمامة الصبي إذا كان جيد القراءة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (2) » وهذا يعم الصبي ويعم غيره. وقد ثبت في الصحيح من حديث عمرو بن سلمة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا (3) » قال: فقدموني وأنا ابن سبع سنين؛ لأني كنت أكثرهم قرآنا. هذا من الأدلة أنه إذا كان الصبي يقرأ القرآن ويجيد القراءة فإنه يقدم؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (4) » إذا
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (288) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302) .
(4) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .(11/455)
كان يعقل الصلاة من سبع فما فوق.(11/456)
س: إذا دخلت المسجد وقد فاتتني الصلاة، ووجدت أولادا صغارا يصلون في جماعة، وإمامهم عمره عشر سنوات تقريبا، هل أصلي معهم (1)
ج: نعم صل معهم، يجوز أن يكون الإمام ابن عشر سنين أو أقل أو أكثر، فقد ثبت أن عمرو بن سلمة الصحابي الجليل صلى بأصحابه وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أكثرهم قرآنا، فلا بأس أن يكون الإمام دون البلوغ كابن عشر، وابن ثمان وابن إحدى عشرة ونحو ذلك، وليس من شرط الإمامة التكليف، المهم أن يكون يحسن الصلاة ويحسن القراءة، فإذا وجدت إماما دون التكليف يصلي بالناس صل معهم، ولا تقل: هذا صغير. فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه؛ أنه ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا (2) » قال: فنظروا - نظر قومه - فلم يجدوا أحدا أكثر مني قرآنا، فقدموني وأنا ابن ست أو سبع سنين. والرواية تحمل على أنه كان ابن سبع؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر (3) » فأقل
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (106) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.(11/456)
شيء يكون فيه الإمام ويؤمر به في الصلاة بوضوء هو السبع، وهذا الحديث حجة في ذلك.(11/457)
س: يسأل ويقول: أنا تلميذ في الصف الثالث الإعدادي، وأبلغ من العمر الخامسة عشرة، وأحيانا أصلي بوالدي وبعض الأصدقاء إماما، فهل في هذا شيء؟ علما بأنهم غير متعلمين ولا يعرفون القراءة (1)
ج: لا حرج في ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (2) » فإذا صليت بهم النافلة أو بالليل أو الفجر، إذا فاتتك مع المسجد فلا حرج أن تؤمهم، كان عمرو بن سلمة يؤم جماعته وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أقرأهم، فالمقصود أنك إذا كنت أقرأهم فأنت أولى بالإمامة، لكن ليس لك أن تصلي في البيت، بل يجب أن تصلي مع المسلمين في المسجد، وعلى أبيك وعلى أهل البيت من الرجال يجب عليهم أن يصلوا في المساجد، لكن صلاة النافلة وصلاة الليل وصلاة الضحى إذا صليت بهم أحيانا، وإذا قدر أن الصلاة فاتتك في المسجد وصليت بهم فلا بأس.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (443) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .(11/457)
س: هل يجوز لي أن أصلي بالناس ووالدي موجود (1) ؟
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (364) .(11/457)
ج: نعم إذا كنت أقرأهم تصلي بالناس، ولو كان أبوك موجودا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (1) » يعنى: إسلاما. وفي اللفظ الآخر: «فأكبرهم سنا (2) » فإذا كنت أعلم من أبيك فأنت تؤمهم.
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .(11/458)
278 - حكم اشتراط الزواج لمن يؤم المصلين
س: هل يجوز أن أصلي أنا وأخي جماعة؟ علما بأنه غير متزوج؛ إذ إنه في بلدنا يقولون: يجب أن يكون الإمام متزوجا، فهل هذا صحيح (1) ؟
ج: لا أصل لهذا الشرط، فيجوز أن يكون الإمام متزوجا أو غير متزوج، ولا حرج في ذلك، هذا قول باطل، الإمام ليس من شرطه أن يكون متزوجا، وإذا صليت مع أخيك صلي خلفه لا تصفي معه، المرأة لا تصف مع الرجال، إذا صليت معه في الليل مثلا في تهجد الليل تقفين خلفه، وهو لا يصلي في البيت الفرائض، بل يلزمه أن يصلي مع الناس في الفريضة ولا يصلي في البيت، وإذا صلى في البيت بأن فاتته الصلاة؛ بنوم أو نحوه أو صلاة النافلة بالليل، وصليت معه فلا بأس،
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (328) .(11/458)
لكن لا تقفي عن يمينه ولكن خلفه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر النساء أن يكن خلف الرجال، وصلت معه أم سليم مع ابنها أنس، فصف أنس معه صلى الله عليه وسلم وصفت خلفهم. وفي الحديث الآخر: صف أنس واليتيم خلف النبي، وهي من ورائهم.(11/459)
279 - حكم الجهر بالبسملة
س: لدينا بعض الأئمة يجهرون في صلاة الفرض بالبسملة، فما حكم ذلك؟ وهل هو مكروه؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجهر بها كما يقال، ولم ينبه عنها، وهل يأثم من اقتدى بالإمام؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: الجهر بالبسملة خلاف السنة، السنة أن يسر بالبسملة، هذا هو المحفوظ عن النبي عليه الصلاة والسلام، كما رواه أنس وغيره عن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن إذا جهر بها بعض الأحيان للتعليم والفائدة؛ حتى يعلم الناس أنها تقرأ فلا حرج في ذلك، أما استمراره عليها ومداومته على الجهر فهو خلاف السنة، وأقل أحواله الكراهة، فينبغي أن ينصح من فعل ذلك ويوجه إلى الخير.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (67) .(11/459)
280 - حكم الصلاة خلف من يجهر بالبسملة
س: ما حكم الصلاة وراء من يبسمل قبل الفاتحة عند الصلوات(11/459)
الجهرية؟ هل تجوز الصلاة وراءه (1) ؟
ج: لا بأس بذلك؛ لأن بعض أهل العلم يرى شرعية الجهر بها، فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل الإسرار بها، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر بها في الجهرية عليه الصلاة والسلام، وروي عن بعض الصحابة الجهر بها، فإذا جهر بها بعض الناس يصلى خلفه؛ لأنه قول معروف لبعض أهل العلم.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (185) .(11/460)
281 - بيان كيفية الحذر من الوساوس في الصلاة
س: الأخ: س. ع. م سوداني، يعمل في اليمن، يقول: هل يؤثر الوسواس في صلاة المؤتم (1)
ج: المشروع للمؤمن سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا أن يعتني بصلاته، وأن يقبل عليها بقلبه وقالبه، وأن يخشع فيها، وأن يحذر الوساوس التي تشغله عنها، كما قال الله سبحانه بوصف لأهل الإيمان: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3) . فالمؤمن يقبل على صلاته، وينظر إلى موضع سجوده، ويشتغل بها في أداء ما أوجب الله فيها وما شرع من القراءة والأذكار الشرعية في الركوع والسجود،
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (193) .
(2) سورة المؤمنون الآية 1
(3) سورة المؤمنون الآية 2(11/460)
وفي حال الاعتدال، وفي حال الجلوس بين السجدتين، يعني: يشتغل فيها بما شرع الله، ويقبل عليها بقلبه، ويجمع قلبه عليها؛ حتى لا يشغل بغيرها. هكذا ينبغي للمؤمن والمؤمنة الإقبال على الصلاة والعناية بها وإحضار القلب فيها، والخشوع فيها والسكون وعدم العبث، وأن يعنى بجميع ما شرع الله فيها، وأن يستحضر أنه بين يدي الله، وأن الله جل وعلا يشاهده، وأنه بين يدي ربه سبحانه وتعالى، فليستحضر ذلك، وأنه كأنه يشاهد الله، كما في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك (1) » فالمؤمن يستحضر كأنه يشاهد الله؛ حتى يجمع قلبه على الصلاة، وحتى يخشع، فيها فإن لم يتم له ذلك فليعلم أن الله يشاهده، وأن الله يراه وأن الله يقبل على عبده المصلي ما دام المصلي يقبل عليه سبحانه؛ حتى لا يشغل عنها بالوساوس، لكن لو عرض له وسواس ما يضر صلاته ما يبطلها، لكن ينقص أجرها، كلما زادت الوسوسة نقص الأجر.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي عليه السلام، برقم (50) ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (9) .(11/461)
282 - بيان كيفية الخشوع في الصلاة
س: ما هو السبيل في عدم الشعور بالصلاة والخشوع فيها، حيث إنني أكون إماما لأهل الحي في الصلوات الخمس ولله الحمد، ولكن كل(11/461)
محاولاتي لحفظ القرآن وتجويد القراءة أثناء الصلاة أشعر بأنني أرائي الناس فيها، خاصة الصلوات الجهرية، حيث إنني أحسن من الصوت وإطالة القراءة؛ حتى يخيل إلي أني أفعل ذلك من أجل إشعار الناس بأنني أهل للإمامة، ما حكم ذلك؟ ثم إذا كان هذا دأبي فهل تصح صلاتي؟ وهل بإمكاني التخلي عن إمامة الناس في الصلاة؟ مع أنني أكثر من التعوذ من الرياء في السجود، وأدعو الله كثيرا في سجودي أن يجعل عملي وصلاتي خالصة لوجه الله تعالى، ماذا تنصحونني سماحة الشيخ؟ جزاكم الله خيرا وبارك فيكم (1)
ج: عليك يا أخي أن تستمر في عملك هذا من سؤال الله التوفيق والإخلاص، والحرص بالتعوذ بالله من الرياء، وأبشر بالخير، ودع عنك الوساوس التي يمليها الشيطان بأنك تقصد الرياء وتحسين صوتك لأجل مدح الناس، أو ليقولوا: إنك أهل للإمامة. دع عنك هذه الوساوس وأبشر بالخير، وأنت مأمور بتحسين الصوت في القراءة؛ حتى ينتفع بك المأمومون، ولا عليك شيء مما يخطر من هذه الوساوس، بل حاربها بالتعوذ بالله من الشيطان، وسؤال الله التوفيق والهداية والإعانة على الخير، وأنت على خير عظيم، واستمر
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (163) .(11/462)
في الإمامة، وأحسن إلى إخوانك واجتهد في تحسين الصوت، فقد جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن يجهر به (1) » يعني: يحسن صوته بالقراءة؛ لأن تحسين الصوت بالقراءة من أعظم الأسباب للتدبر والتعقل والفهم للمعنى، والتلذذ بسماع القرآن. وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به (2) » يعني: ما استمع سبحانه لشيء كاستماعه لنبي، والاستماع الذي يليق بالله لا يشابه صفة المخلوقين، فإن صفات الله عز وجل تليق به سبحانه، لا يشابهه فيها خلقه جل وعلا، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3) ، ولكن يدلنا هذا على أنه سبحانه وتعالى يحب تحسين الصوت بالقراءة، ويحب أن القراء يجتهدون في تحسين أصواتهم؛ حتى ينتفعوا وحتى ينتفع من يستمع لقراءتهم. وما يخطر ببالك من الرياء فهو من الشيطان، فلا تلتفت إلى ذلك، وحارب عدو الله
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) برقم (7527) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع الكرام البررة ... ، برقم (7544) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن برقم (792) .
(3) سورة الشورى الآية 11(11/463)
بالاستعاذة بالله منه والاستمرار في تحسين صوتك، والإحسان في قراءتك مع الخشوع في ركوعك وسجودك وسائر أحوال الصلاة، وأنت على خير إن شاء الله، ونسأل الله لك التوفيق والثبات على الحق.(11/464)
283 - حكم الصلاة خلف من لا يحسن قراءة القرآن
س: ما حكم الصلاة خلف من لا يحسن قراءة القرآن، ويلحن في سورة الفاتحة (1)
ج: إن كان لحنه يحيل المعنى لم تصح الصلاة خلفه إلا بمثله، يعني: يحيل المعنى أمي، أما إن كان لا يحيل المعنى مثل أن يقول: الحمد لله. ينصب الدال، أو: الحمد لله. يجر الدال، أو يقول: الرحمن الرحيم. أو: الرحمن الرحيم. هذا ما يضر، أو: إياك نعبد. أو: نعبد. على لغة بعض البادية ما يضر هذا. لكن إذا قال: إياك. هذا يضر، أو قال: أنعمت. أو: أنعمت. هذا يضر؛ لأنه يحيل المعنى، يعلم فإن لم ينفع التعليم لا يصلي خلفه إلا واحد مثله، ما فيه حيلة، يعجز عامي مثله أمي هذا يصح أن يصلي بمثله، أما أن يصلي بواحد يعرف فلا يجوز، وهو إن كان يستطيع الإصلاح ما يجوز، يلزمه أن يغير لسانه، يلزمه أن يتعلم، حرام عليه أن يتكلم بما يحيل المعنى، والغالب أن الإنسان ما يمكن أن
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (232) ؟(11/464)
يقول: إياك نعبد. أو: أنعمت. إلا غلطانا، ثم إذا نبه تنبه؛ لأن معناها واضح، ما يكلفه أن يقول: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (1) . يخاطب ربه، أما كونه يقول: أنعمت. يخاطب المرأة. أو: أنعمت. يعني نفسه هذا لحن فاحش، كل إنسان يستطيع أن يغير لسانه ويتعلم. أو: إياك. يخاطب المرأة ما يصلح، كل إنسان يستطيع أن يغير لسانه، إذا علم يتعلم أما كونه لحنا لا يحيل المعنى، ولا يغير المعنى مثل ما يقرأ بعض الناس: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم , ما يضر، هذا لحن ما يخل بالمعنى.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 7(11/465)
284 - حكم الصلاة خلف الإمام الذي يلحن في قراءة الفاتحة
س: مستمع يسأل عن حكم الصلاة خلف الإمام الذي يلحن في قراءة الفاتحة لحنا جليا، مثل أن يقرأ: {نَسْتَعِينُ} (1) بالضم، يقرؤها: نستعين. بالكسر أو الفتح، ومثل أن يقرأ {الْمَغْضُوبِ} (2) وهي بالكسر، فيقرؤها: المغضوب. بالفتح وهكذا، هل تبطل صلاته وصلاة من خلفه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (3)
ج: هذا اللحن لا يغير المعنى، فالصلاة صحيحة، صلاته وصلاة من
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 5
(2) سورة الفاتحة الآية 7
(3) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (297) .(11/465)
خلفه بمثل هذا اللحن من الإعراب لا يغير المعنى، وقل أن يسلم منه العامة وغير العامة، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين. أو: الحمد لله رب العالمين. أو قال: إياك نعبد وإياك نستعين. أو ما أشبه ذلك. أو غير المغضوب عليهم. كل هذا لا يضر ليس بمخل للمعنى، ولا يغير المعنى، الذي يغير المعنى لو قال: صراط الذين أنعمت عليهم. أو: أنعمت عليهم. هذا الذي يغير المعنى. أو قال: إياك نعبد وإياك نستعين. يعني الخطاب للمرأة، هذا يغير المعنى. أما الضم والفتح والكسر إذا كانت لا تغير المعنى مثل ما تقدم فإنه لا يبطل الصلاة، لكن يعلم ويوجه، يعلمه إخوانه ويرشدونه بعد الصلاة.(11/466)
285 - حكم الصلاة خلف الإمام الذي لا يجيد قراءة القرآن
س: هل تصح الصلاة جماعة مع إمام راتب وهو لا يجيد القراءة، ومن المأمومين من يجيد القراءة أحسن منه (1)
ج: لا مانع من أن يصلى معه وإن كان لا يجيد القراءة إجادة كاملة، إذا كان يؤدي قراءة مجزئة في الفاتحة وفي غير الفاتحة لا بأس، وإن كان غيره أجود منه، إذا كانت قراءته ليس فيها لحن من حيث المعنى فلا بأس أن يصلى معه. وإذا تيسر من هو خير منه، وتيسر أن يعين بدلا منه فهذا أحسن من دون تشويش، أما إذا كان بتشويش أو فتن فلا، أما إذا كان لا يجيد القراءة؛ كأن يلحن لحنا يحيل المعنى فهذا لا يجوز
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (176) ؟(11/466)
تنصيبه، ولا الصلاة خلفه إلا بأجناسه وأمثاله من الأميين الذين لا يحسنون القراءة، بل يجب أن يعزل ويلتمس من يقوم مقامه، فالذي – مثلا - يقول {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (1) أهدنا. من الإهداء هذا لحن يحيل المعنى، أو يقول إياك نعبد وإياك نستعين. أو يقول: أنعمت. أو: أنعمت. هذه كلها لحن من حيث المعنى، نسأل الله السلامة، فمثل هذا ما يترك إماما، ويعلم حتى يعرف كيف يقرأ، ولو كان مأموما يعلم حتى يعرف القراءة الشرعية، لكن لا يجوز أن يكون إماما في مثل هذا، بل يجب أن يفصل ويلتمس من يؤم الناس من هو أصلح منه.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 6(11/467)
س: سائل يسأل ويقول: نحن في قرية في مصر، وقريب من بيتنا مسجد صغير، لكن إمام المسجد لا يقرأ القرآن على الطريقة الصحيحة، كثيرا ما نبهناه إلى ذلك، ولكن لا فائدة، هل يجوز أن نصلي في منازلنا طالما أنه يخطئ في قراءة القرآن الكريم (1) ؟
ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان اللحن لا يغير المعنى فالواجب عليكم أن تصلوا معه، تؤدوا الجماعة، أما إن كان يغير المعنى فالواجب تنبيهه حتى يستقيم، أو يعزل، يجتمع الجماعة على عزله والتماس من هو خير منه، فإذا كان لحنه في مثل: الحمد لله رب العالمين. أو: الحمد لله رب
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (254) .(11/467)
العالمين. ما يضر، المعنى صحيح، وله وجه من العربية. أو: الرحمن الرحيم. أو: الرحمن الرحيم. أو ما أشبه ذلك من اللحن الذي لا يغير المعنى فلا بأس، لا يضر هذا. أو قال: اهدنا الصراط المستقيم. أو: الصراط المستقيم. ما يغير المعنى، لكن لو غير المعنى وجب تنبيهه حتى يستقيم مثل: إياك. هذا يغير المعنى. أو: صراط الذين أنعمت عليهم. هذا للمتكلم، لا يصلح. أو: أنعمت. هذا خطاب للمرأة ما يصلح يغير المعنى، هذا يجب أن ينبه عليه حتى يغير الإمامة حتى يستقيم لسانه؛ لأن هذا لحن يغير المعنى، لا تستقيم معه القراءة، لا بد أن يعيد القراءة بالوجه الشرعي، فيعيد: {أَنْعَمْتَ} (1) ، ويعيد {إِيَّاكَ} (2) بالفتح؛ حتى تستقيم القراءة، وإذا لم يستطع يبدل يعزل، وهكذا في الآيات الأخرى خارج الفاتحة يراعى فيها المعنى، فإن كان اللحن لا يغير المعنى فالأمر في هذا واسع، وغيره أفضل منه ممن يقيم الألفاظ، أما إذا كان يغير المعنى فإن الواجب عزله وإبداله بمن يصلح للإمامة، ولا يجوز لكم الجلوس في البيت والصلاة في البيت، بل يجب أن تصلوا في المسجد، وأن تعملوا ما يلزم من إصلاح وضعه أو إبداله بغيره.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 7
(2) سورة الفاتحة الآية 5(11/468)
286 - حكم الصلاة خلف من يقع في اللحن الجلي
س: سائل يصف بعض الأئمة بقوله: يقع أكثرهم في اللحن الجلي؛ كإبدال حرف مكان حرف، أو حركة مكان حركة، أو ترك المد الطبيعي، أو المد الواجب، وعدم الإظهار في موضع الإظهار، وكذلك عدم الإدغام في موضعه. وقد قرأنا لأهل العلم أن من يقع في اللحن الجلي لا تنبغي الصلاة خلفه. أفتونا رحمكم الله، هل نصلي خلف هؤلاء، أم يكون ذلك عذرا يبيح لنا الصلاة في بيوتنا، حتى لو أديناها فرادى؟ وقد نصحنا لهم كثيرا، ولكن لا سامع منهم ولا مجيب (1)
ج: اللحن قسمان أيها السائل، وأيها المستمع: لحن يحيل المعنى فهذا ينبه عليه الإمام حتى يعتدل في القراءة، مثل أن يقرأ: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (2) أنعمت بضم التاء، أو أنعمت بكسر التاء، هذا غلط عظيم ينبه حتى يعدل القراءة. أو يقرأ: {إِيَّاكَ} (3) بكسر الكاف، يخاطب المرأة، يعدل ينبه حتى يعدل القراءة.
أما اللحن الذي لا يحيل المعنى مثل: إظهار في محل إخفاء أو في محل إدغام، أو إدغام في محل إظهار هذا ما يضر، ما يحيل المعنى، ولا يستوجب التخلف عن الصلاة، بل هذا من باب تحسين القراءة،
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (248) .
(2) سورة الفاتحة الآية 7
(3) سورة الفاتحة الآية 5(11/469)
كذلك المد المتصل والمد اللازم، إن مد فهو أكمل للقراءة، وإلا ما يضر ولا يخل بالمعنى، وينبغي لك أيها السائل ألا تتشدد في الأمور، وألا تغلو، فالتجويد في هذه المسائل من باب تحسين القراءة، وليس من باب الإلزام، ولكن من باب التحسين للقراءة، وتجويدها وتقويتها، وإذا قرأ قراءة عربية ليس فيها ما يغير المعنى فلا بأس، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين. ما يضر، رب العالمين له معنى في الإعراب، يعني: هو رب العالمين مقطوع. أو قرأ: (الحمد لله رب العالمين) . له معنى في العربية، معناها: أعني رب العالمين. منصوب بتقدير فعل محذوف، وإن كانت القراءة المتبعة {رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) نعت لما قبلها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ} (2) ، هذه هي القراءة المعلومة، والذي ينبغي للقارئ أن يلاحظها، لكن لو رفع أو نصب ما يضر، ما يخل بالمعنى، أو قال في قراءته: اهدنا الصراط المستقيم. أو: الصراط المستقيم. ما يضر بالمعنى. أو أظهر في محل الإدغام، أو أدغم في محل الإظهار، أو أظهر في محل الإخفاء لا يضر ذلك في المعنى، ولا يخل بالمعنى، فلا ينبغي للمؤمن أن يتشدد في هذه المسائل، بل يجتهد في توصية أخيه بأن يحسن القراءة، يجودها حتى تكون قراءة حسنة جيدة ماشية على الطرق المتبعة والقواعد المعمول بها.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 2
(2) سورة الفاتحة الآية 2(11/470)
287 - حكم الصلاة خلف إمام يقع في أخطاء كثيرة عند قراءته للقرآن
س: الأخ: خ. ع. د. من الأحساء، يقول: أسأل عن حكم الصلاة خلف إمام عليه أخطاء كثيرة في قراءته لسورة الفاتحة، وسور أخرى من القرآن الكريم، مع أن هناك أناسا يحفظون أكثر منه. وجهونا في ضوء ذلك (1)
ج: الأفضل أن يتقدم بالناس أقرؤهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (2) » يعني: أجودهم قراءة، هذا هو السنة، هذا هو المشروع، لكن إذا كان لحنه خفيفا صحت صلاته، إذا كان لحنه لا يغير المعنى صحت صلاته، مثل إذا قرأ: الحمد لله رب العالمين. أو: الحمد لله رب العالمين. أو: الرحمن الرحيم. أو: مالك يوم الدين. ما يضر هذا، ما يغير المعنى، أما إذا كان يغير المعنى مثل: إياك نعبد. أو: صراط الذين أنعمت. أو: أنعمت عليهم. هذا لا يجوز، لا يؤم الناس. أما إذا كان لحنا خفيفا ما يغير المعنى مثل الحمد لله رب العالمين و: الحمد لله رب العالمين. أو: الرحمن الرحيم أو: (الرحمن الرحيم) . هذا لا يضر، لكن الأفضل أن يختاروا من هو أجود، أهل المسجد
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (423) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .(11/471)
يقدمون من هو أجود في القراءة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1) » وهكذا المسؤول عن الإمامة يقدم في الإمامة من هو أقرأ.
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .(11/472)
288 - حكم الصلاة خلف إمام لا يجيد قراءة الفاتحة
س: هل يجوز أن يتقدم إمام بمأمومين وهو لا يجيد قراءة الفاتحة وبعض السور الصغار جيدا، ويوجد من هو أحسن منه في القراءة (1)
ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا بالسنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (2) » أي: إسلاما. وفي رواية أخرى: «أكبرهم سنا (3) » فالسنة في مثل هذا أن يتقدم من هو أفضل وأقرأ على من دونه، فإذا تقدم المفضول صحت الصلاة، أما إذا كان يقيم الفاتحة يقيم الصلاة فلا بأس، لكنه خالف السنة، الأفضل والأولى أن يقدم من هو أفضل منه،
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (27) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(3) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .(11/472)
من هو أقرأ منه، إذا تفاوت تفاوتا بينا فالسنة أن يقدم الأقرأ ثم من يأتي بعده، هذا هو السنة، ولا يقدم المفضول مع وجود الأفضل، هذا هو الأفضل إلا أن يكون إمام الحي، الإمام الراتب فلا بأس أو السلطان، فالحاصل أنه إذا كان يقيم الفاتحة؛ يعني: يجيدها ولا يلحن لحنا يحيل المعنى فإن صلاته صحيحة، إذا كان يقيم الصلاة ولا ينقرها نقرا، ولا يأتي بما يبطلها فلا بأس، ولكن كونه يقدم في الصلاة من هو أولى منه حسب ما قاله صلى الله عليه وسلم، هذا هو الذي ينبغي للمسلمين؛ أن يقدموا من قدمه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يؤخروا من أخره عليه الصلاة والسلام، هذا هو الذي ينبغي في هذه المسائل.(11/473)
س: يوجد في أكثر من مسجد في قرى الباحة وغيرها أئمة مساجد لا يجيدون القراءة، ويقعون في أخطاء كثيرة وخاصة في التشكيل وطريقة القراءة والإلقاء، مع العلم بأنه يوجد من هو أحسن منهم علما وفقها وإلقاء، وخاصة أن الإمام هو القدوة للمصلين في كل شيء. فنرجو إيضاح ذلك، وهل يجوز لمن ذكرنا أنهم أحسن علما وفقها وإلقاء ترك هذه المساجد أم لا (1) ؟
ج: الرجل الذي يحصل منه بعض الأغلاط في القراءة له أحوال،
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (41) .(11/473)
تارة غلطه يكون لا يؤثر في المعنى، لا يحيل المعنى، هذا أمره أوسع، وتارة غلطه يحيل المعنى، وتارة يكثر وتارة يقل، فالسنة في هذا أن يتولى الإمامة الأقرأ والأجود، هذا هو السنة كما قال صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1) » السنة أن يؤمهم أقرؤهم، أجودهم قراءة وأكثرهم قرآنا، وهذا يأتي لولاة الأمور الذين لهم الحل والعقد في المساجد، والأئمة عليهم أن يولوا الأفضل فالأفضل في قراءته وعلمه ودينه وعدالته، وإذا وجد أهل المسجد أن إمامهم يلحن كثيرا ففي إمكانهم أن ينصحوه، أن يستقيل أو يعلموه لعله يستفيد ويزول لحنه ويستقيم، أو يتكلموا مع المسؤولين في الأوقاف حتى يزيلوه ويعينوا غيره، وبكل حال على أهل المسجد أن يعنوا بالموضوع، وألا يتساهلوا، وإذا أمكن تفقيه الرجل وإرشاده وتعليمه من أهل العلم حتى يفقه القراءة الطيبة، وحتى يزول ما به من خطأ فالحمد لله، وإذا أصر على لحنه وغلطه فإن كان غلطه يحيل المعنى وجب عزله، ولا تصح صلاته، إذا كان في الفاتحة إذا كان يقرأ: صراط الذين أنعمت عليهم. هذا لحن فاحش. أو يقرأ: أنعمت عليهم. لحن فاحش تبطل معه الصلاة إذا تعمده. لكن إذا كان يغلط جهلا يعلم ويوجه ولو في الصلاة، فإذا اعتدل وقرأها {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (2) . واستقام صحت. أو إذا قال:
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .
(2) سورة الفاتحة الآية 7(11/474)
(إياك) . وعلموه وقالوا: {إِيَّاكَ} (1) ، فقرأ كما قالوا واعتدل فلا بأس. أما إذا كان ما يعرف إلا: أنعمت. أو: أنعمت. هذا يعزل ولا تصح قراءته، ولا تصح صلاته بهم، أو هو في نفسه. فإن عجز ثبت، ولكن عليه أن يتعلم وأن يجتهد؛ حتى يؤدي الرسالة، وحتى يستقيم في قراءته، أما اللحن الخفيف مثل لو قال: (الحمد لله رب) . أو قال: (الحمد لله رب العالمين) . هذا ما يضر. أو قال: (الحمد لله رب العالمين) . أو (الرحمن الرحيم) . هذا لا يضر المعنى، لكن يعلم ويوجه، فإن استقام الحمد لله، وإلا أمكن أن يقولوا للمسؤولين يغيروه، أو يصطلح الجماعة إذا كان المسجد ما يتبع الأوقاف، يصطلحون على إنسان أفضل منه، وإذا احتيج الإنسان الأفضل ما ينبغي له أن يأبى، وينبغي له الموافقة، وقد تجب عليه الموافقة إذا احتيج إليه.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 5(11/475)
289 - حكم صلاة الإمام إذا تجاوز آية من القرآن سهوا
س: يقول السائل: ما الحكم في حالة انتابتني، وكنت أصلي بمجموعة من الزملاء، فأخطأت وتجاوزت آية من القرآن، ولم يفتح علي أحد فتذكرت بعد انتهاء الصلاة (1)
ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، إذا كانت الفاتحة أديتها كما يجب
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (288) .(11/475)
فالقراءة الزائدة عن الفاتحة مستحبة، إذا سقط منها آية أو نسيتها فلا حرج.(11/476)
س: إنني والحمد لله مستقيم، وأحفظ بعض سور القرآن الكريم، وأتقدم أصلي بالناس في أكثر الأحيان، إلا أنني أخطئ ولا أجد من يفتح علي، فما هو توجيهكم (1)
ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، إذا كانت الفاتحة قد أتقنتها وأديتها فالغلط في بعض السور الأخرى أو الآيات الأخرى لا يضر، ولا يضركم عدم وجود من يفتح عليك.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (294) .(11/476)
290 - حكم الصلاة خلف إمام لا يفرق بين الصاد والسين
س: السائل: ص. س. من أبها، يقول: يوجد عندنا إمام نصلي وراءه، وعندما يقرأ سورة الفاتحة نجده لا يفرق في النطق بين الصاد والسين في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (1) ، فينطق الصاد سينا، فهل علينا حرج (2)
ج: لا حرج في ذلك، ليس فيه حر ج: السراط المستقيم. ولو ما أفصح كثيرا؛ لأن السين تنوب عن الصاد، فالأفضل أن يعتني بهذا، وإذا صار فيها شيء من الخفاء واشتبهت الصاد بالسين فلا يضر.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 6
(2) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (404) .(11/476)
291 - حكم الصلاة خلف إمام لا يحفظ من القرآن إلا الفاتحة
س: يقول السائل: هل يجوز لرجل لا يحفظ إلا الفاتحة أن يكون إماما (1)
ج: يجوز أن يكون إماما، لكن غيره أفضل منه، الذي يحفظ زيادة وعنده علم وعنده سور أخرى أفضل وأولى، وإلا فالفاتحة هي الركن، تجزئ وتصح الصلاة معه من الإمام والمنفرد والجماعة، لكن وجود إمام يحفظ زيادة على الفاتحة ويصلي بإخوانه أفضل وأولى إذا كان مستقيما عدلا. أما إذا لم يوجد من هو مستقيم إلا من يحفظ الفاتحة فقط صلى بجماعته، ولكن بحمد الله الأمر ميسر له أن يقرأ زيادة ويحفظ زيادة من السور القصيرة والآيات، إذا اجتهد يسر الله أمره، وإذا لم يقرأ إلا الفاتحة أجزأه ذلك والحمد لله، لكن يلتمسون من يكون له حفظ زيادة على الفاتحة من أهل الخير؛ لأن ذلك أولى حتى يسمعهم ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وبعلماء المسلمين بعد ذلك، هكذا السنة.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (245) .(11/477)
292 - حكم الصلاة خلف إمام لا يحفظ إلا عددا قليلا من السور
س: إذا كان الإنسان لا يحفظ إلا شيئا يسيرا من القرآن؛ كالفاتحة والمعوذات هل يجوز له أن يكون إماما (1) ؟
__________
(1) السؤال لخامس والعشرون من الشريط رقم (250) .(11/477)
ج: يجوز أن يكون إماما ويقرأ بها، لكن إذا تيسر من هو أقرأ منه يكون أفضل، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1) » لكن إذا ما تيسر في الجماعة إلا هو فالحمد لله يؤمهم، وإذا وجدوا من هو خير منه وأقرأ منه قدموه والله المستعان.
__________
(1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .(11/478)
س: السائل من اليمن يقول: هل الصلاة خلف من لا يحسن القراءة - أي: قراءة الفاتحة - هل هو مكروه (1) ؟
ج: إذا لم يتيسر غيره لا حرج صل معه، إذا كان لحنه ما يحيل المعنى، إذا كان لحنا خفيفا لا يغير المعنى فلا بأس أن تصلي معه، أما إذا كان يحيل المعنى فلا بد وأن يزال، لا بد وأن يعزل عن المسجد، إذا لم يفهم ولم يتعلم يزال عن المسجد، يرفع أمره إلى الجهات المسؤولة حتى يبدل بإنسان يحسن القراءة.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (385) .(11/478)
س: أحيانا يغيب الإمام ويتقدم بنا رجال لا يعرفون القراءة، وإنما هم يحفظون بعض السور، وأنا متأكد أنني أقرؤهم حيث إنني أحفظ عددا من الأجزاء يقارب ستة، ولكنني أخجل من التقدم وأرتعش، فهل على المصلين أو علي ذنب إذا تقدم بنا رجل، وفي المأمومين(11/478)
من هو أقرأ منه (1) ؟
ج: لا حرج إن شاء الله، لكن ينبغي للمأمومين إذا عرفوا واحدا أقرأهم يقدمونه، أما لو تقدم واحد وصلى بهم، وكانت قراءته مستقيمة في الفاتحة فلا يضر ذلك، لكن من حيث السنة ينظرون ويتأملون، فإذا عرفوا أن واحدا موجودا هو أقرؤهم قدموه، إذا كان عدلا طيبا مستور الحال، وأما إذا تقدم من لا يحسن الفاتحة، ولا يجيد قراءتها، ويلحنها لحنا يحيل المعنى فإنه يعلم حتى يعتدل، وإلا يعزل عن الصلاة، ويتقدم من يجيد القراءة حتى يصلي بالناس، وأما كونك تحرج فلا حرج عليك بذلك، ولا سيما تصيبك رعشة فلا تتقدم، بل يتقدم غيرك من الذين عندهم الثبات وعندهم الاعتدال.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (29) .(11/479)
293 – بيان كيفية الطريقة الصحيحة في الفتح على الإمام
س: أنا أحفظ القرآن وأصلي كثيرا خلف أئمة يخطئون في القراءة كثيرا، وأخاف أن أرد عليهم إذا لم يفتح عليهم أحد، فأريد من سماحتكم أن تبينوا لي الطريقة الصحيحة في ذلك. جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليك أن تفتح على من غلط، تفتح عليه وأنت في الصلاة، تقرأ الآية التي غلط فيها أو وقف عندها؛ حتى يتنبه والحمد لله.
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (334) .(11/479)
294 – حكم الصلاة خلف إمام كثير اللحن
س: أصلي خلف إمام لكنه كثير اللحن، ولا يتقن التجويد، فهل تجوز الصلاة خلفه (1) ؟
ج: نعم تجوز الصلاة خلفه، وإن كان ما أتقن التجويد، أو يقرأ بلحن غير مخل بالمعنى فصلاة هذا جائزة، أما إذا كان لحنه يخل بالمعنى يقرأ قراءة فيها خلل بالمعنى فلا ينبغي، وأيضا فلا داعي أن يجعل إماما، بل يستبدل ولا يصلى خلفه.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (336) .(11/480)
س: من المملكة الأردنية الهاشمية باعثها يقول: أنا أصلي بمجموعة من الناس إماما في أحد المساجد، لكنى أعترف أنني لا أجيد قراءة القرآن بشكل جيد، فهل أكون آثما؟ علما بأنه لا يوجد غيري إماما لهؤلاء الناس، وجهوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كنت تقيم القراءة ولو كنت غير مجود فالتجويد ليس بواجب، بل مستحب، إذا كنت تقيم القراءة، تقيم الحروف، تخرجها فلا بأس بذلك ولو كنت لم تقرأ التجويد، ما دمت تقرأ الآيات باللغة العربية قراءة واضحة، والحروف واضحة فلا بأس عليك والحمد لله.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (308) .(11/480)
س: ع. ب، من بادية الزهرة، يقول: إنني أعمل بالبادية مع كفيلي، ولكنه أمي وحافظ عددا من قصار السور، ولكنه لا يتقن قراءتها. وسؤالي: أنه يصر على أن يكون إماما، بينما أشعر أنني في القراءة أحسن منه، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا حرج إذا كان يتقن الفاتحة، وإذا كان لا يتقن الفاتحة فانصحوه حتى يقدم من هو أقرأ منه، انصحه أنت ومن معك من الإخوان، تنصحونه، أما إذا كان يتقن الفاتحة فالحمد لله، ولو حصل منه بعض الغلط في السور الأخرى.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (325) .(11/481)
295 – حكم الصلاة خلف إمام يكبر راكعا إذا نسي آية ولا يمهل من خلفه للفتح عليه
س: إمامنا في المسجد يقرأ سورة بعد الفاتحة، ولكن إذا نسي آية يكبر راكعا؛ حيث لا يعطي المأمومين فرصة لتذكيره، وكذلك يقف أحيانا في وسط الآية ويكبر، وفي إحدى المرات قرأ آية طويلة ولم يكملها، فهل عمله هذا صحيح (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، وإن وقف حتى يذكر فلا بأس، لا حرج في ذلك، ولا سيما إذا كان الذي اعتاد عليه في أول القراءة فإن
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (312) .(11/481)
السنة أن يأتي بقراءة مناسبة بعد الفاتحة، كل صلاة على حسب ما يناسبها في الشرع؛ الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، إذا لم يركع واستفاد من المأمومين بأن يذكروه فهذا حسن، أما إذا كان قد قرأ قراءة كافية فالحمد لله.(11/482)
انتهى بحمد الله تعالى الجزء الحادي عشر
ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء الثاني عشر
القسم السابع من الصلاة
وأوله تكملة باب أحكام الإمامة(11/483)
بسم الله الرحمن الرحيم(12/3)
صفحة فارغة(12/4)
بقية باب أحكام الإمامة(12/5)
صفحة فارغة(12/6)
بقية باب أحكام الإمامة
1 - حكم صلاة الإمام إذا نسي آية بعد الفاتحة
س: إمام لم أصل معه قبل ذلك، فصليت معه فريضة الجمعة، والإمام المذكور بعد الفاتحة قرأ السورة الثانية ونسي فيها آية، ولم ينبهه الذين كانوا بالقرب منه، فهل على المأموم شيء؟ وما هو الحكم (1) ؟
ج: نسيان الآية لا يضر، والصلاة صحيحة ولا يضر، المهم الفاتحة، إذا كان قد كمل الفاتحة الحمد لله قراءة السورة مندوبة، وإذا ترك منها شيئا فلا حرج.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (23) .(12/7)
س: إذا أخطأ الإمام في الصلاة في قراءة سورة ما، ولم يرد عليه أحد من المأمومين فماذا يفعل (1) ?
ج: لا شيء عليه، إذا كانت الفاتحة سليمة وقرأها سليمة فالباقي لا يضر.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (182) .(12/7)
2 - حكم الصلاة خلف إمام يسقط بعض الحروف أثناء القراءة
س: بالنسبة للإمام إذا كان يسقط بعض الأحرف لتعب في لسانه، ما رأيكم في هذا (1) ?
ج: إذا كانت الفاتحة سليمة، ولا يضيع منها شيء فلا بأس؛ لأن قراءة غيرها ليس بواجب، بل مستحب، وإنما الواجب قراءة الفاتحة وهي الركن، فإذا كانت الفاتحة سليمة يؤديها كما ينبغي، فصلاته صحيحة ولا بأس بإمامته، وإن كان لا يستطيع ذلك فلا يكون إماما، بل يصلي مع الناس مأموما.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (75) .(12/8)
3 - حكم الصلاة خلف إمام يحيل الآيات القرآنية إلى غير معانيها
س: في بيت من بيوت الله عز وجل صليت وراء شخص وكان يرتل الآيات، لكنه يغير بعض الكلمات، مثلا في سورة النور: {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} (1) . يقول كلمة دري ينطقها: دريع.
وبعد الفراغ من الصلاة سألت بعض المصلين عن سبب قراءة هذا الإمام، فقال: إن هذه لهجته. فمن كانت لهجته على هذا النحو هل
__________
(1) سورة النور الآية 35(12/8)
تجوز الصلاة خلفه (1) ?
ج: يعلم والصلاة صحيحة، ما دام في خارج الفاتحة الصلاة صحيحة؛ لأنه جاهل، تكلم بكلمة يجهلها فيعلم، وإذا علم وفهم ثم تكلم بكلمة غير الكلمة القرآنية عامدا ذاكرا بطلت الصلاة؛ لأنه تكلم في الصلاة عمدا، أما إذا كان جاهلا أو ناسيا وتكلم بكلمة غير الكلمة القرآنية فإنها لا تضر الصلاة إذا كان في غير الفاتحة.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (184) .(12/9)
4 - حكم قراءة الإمام في الصلاة بغير ترتيب المصحف
س: كنت أؤم المصلين في صلاة المغرب، وفي الركعة الأولى قرأت الفاتحة وسورة الماعون، وفي الركعة الثانية قرأت الفاتحة وسورة الضحى، وبعد الانتهاء من الصلاة قال لي أحد المصلين: لا تقدم سورة الماعون على الضحى. علما بأنني في وقت صلاة وليس في وقت قراءة قرآن، وجهوني جزاكم الله خيرا (1) ?
ج: الأصل مثل ما قال لك أخوك، أن ترتب القراءة مثل ما في المصحف، تقرأ الضحى في الأولى ثم الماعون في الثانية، لا تعكس،
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (309) .(12/9)
لكن لا حرج، فعلك هذا لا حرج فيه إن شاء الله، كونك قرأت الماعون ثم الضحى لا حرج، لكنك تركت الأفضل والأولى؛ لأن الصحابة رتبوا القرآن كما نزل في اللحظات الأخيرة على النبي عليه الصلاة والسلام، فاقرأ القرآن أنت وغيرك كما في المصحف، تبدأ من الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران ثم النساء ثم المائدة، وهكذا إلى آخره، فلا تعكس، فإذا قرأت الماعون فاقرأ بعدها: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (1) ، أو غيرها مما بعدها، ولا تقرأ التي قبلها: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} (2) ، أو: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ} (3) ، أو: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (4) ، أو: {وَالضُّحَى} (5) ، هذا هو الأفضل، لكن لا حرج والحمد لله.
__________
(1) سورة الكوثر الآية 1
(2) سورة قريش الآية 1
(3) سورة الفيل الآية 1
(4) سورة الهمزة الآية 1
(5) سورة الضحى الآية 1(12/10)
س: أخبرنا شيوخنا أن السنة أثناء تلاوة القرآن في الصلاة السرية والجهرية هي قراءة سور القرآن بترتيب المصحف، فلا يجوز تنكيس القرآن، وذلك مثلا: يقرأ سورة الكافرون في الركعة الأولى، وسورة الزلزلة في الركعة الثانية، لكن - للأسف - كثيرا من الإخوة الذين يتقدمون للإمامة في حالة غياب الإمام المؤهل لا يلتزمون بهذه النقطة، فما هو الصواب في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (364) .(12/10)
ج: الأفضل للقارئ في الصلاة وغيرها أن يلتزم بالمصحف، وأن يرتب قراءته على ما في المصحف، هذا هو الأفضل، وهذا هو المشروع؛ حتى لا يقع الاختلاف، كما رتبه الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، لكن لو قرأ سورة قبل سورة لا حرج في ذلك، إنما الأفضل والأولى أن يرتب على ما في المصحف، يقرأ البقرة ثم آل عمران ثم النساء إلى آخره، هذا هو الأفضل، لكن لو قرأ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (1) في الأولى، ثم قرأ في الثانية {وَالضُّحَى} (2) أو {وَالتِّينِ} (3) أو ما أشبهه فلا حرج في ذلك؛ فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في بعض الليالي البقرة ثم النساء ثم آل عمران، قدم النساء على آل عمران.
وثبت عن عمر أنه قرأ في إحدى الركعتين النحل، وقرأ في الثانية سورة يوسف، فالحاصل أن هذا لا حرج فيه، لكن الأفضل أن يتقيد بترتيب الصحابة، هذا هو الأفضل؛ حتى لا يقع اختلاف في ترتيبه في القراءة كما رتب في المصحف.
__________
(1) سورة الكافرون الآية 1
(2) سورة الضحى الآية 1
(3) سورة التين الآية 1(12/11)
5 - حكم الصلاة خلف إمام يكرر سور القرآن في الصلاة
س: إذا كان الإمام يكرر السور في الصلاة فهل لي الصلاة في مسجد آخر في نفس الحي أحيانا؛ لأنني أحب تدبر ما يقوله الإمام من(12/11)
القرآن؟
ج: لا حرج في تكرار السور، يكرر في بعض الصلوات السورة، يقرأ مثلا في المغرب سورة، ويعيدها في العشاء، أو يعيدها في الفجر لا حرج في ذلك الحمد لله، وأنت مخير؛ إن صليت في هذا المسجد، أو في هذا المسجد , انظر ما هو أصلح لقلبك، وما هو أنفع لك فافعله، إلا إذا كان ذهابك عن هذا المسجد الذي حولك قد يسبب تهمتك، وأنك لا تحضر الجماعة، فينبغي لك ألا تذهب حماية لعرضك وظن السوء بك، وصل مع الناس الذين حولك حتى يعرفوا أنك تصلي في الجماعة، وحتى تصون عرضك عن هتك الناس له، وعن تهمتك بالسوء، أما إذا كان لا يترتب على صلاتك في المسجد الآخر محذور، وأنت ترى أن صلاتك مع الإمام الثاني أنفع لك، وأخشع لقلبك فلا حرج في ذلك.(12/12)
س: يقول السائل: إذا قرأ الإمام في الركعة الأولى سورة بعد الفاتحة، ثم قرأ نفس السورة في الركعة الثانية، وقال أحد المصلين: سبحان الله.(12/12)
فماذا على الإمام أن يفعله؟ وهل يسجد للسهو (1) ؟
ج: لا ما يسجد للسهو، لو كررها فلا بأس والحمد لله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كرر السورة في ركعتين لا بأس، إذا قرأها في الأولى والثانية ولو ساهيا ما عليه سجود السهو؛ لأن هذا أمر مشروع.
__________
(1) السؤال الخامس والستون من الشريط رقم (431) .(12/13)
س: يقول هذا السائل: إذا قرأ الإمام في الركعة الأولى سورة بعد الفاتحة، ثم قرأ نفس السورة في الركعة الثانية، فقال له أحد المصلين: سبحان الله. ماذا على الإمام أن يفعل؟ وهل يسجد للسهو؟
ج: لا حرج أن يكررها في الركعتين، قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كرر سورة: {إِذَا زُلْزِلَتِ} (1) في الركعتين، فلا حرج أن يقرأ سورة ويكررها في الركعتين أو آيات.
__________
(1) سورة الزلزلة الآية 1(12/13)
6 - حكم الصلاة خلف المسبل إزاره وحالق لحيته
س: هل يجوز أن أصلي وراء إنسان حالق اللحية والشارب وإزاره(12/13)
طويل، وحافظا للقرآن الكريم؟ هل تجوز الصلاة وراءه أم لا (1) ؟
ج: حلق اللحى معصية، وقصها معصية، وهكذا الإسبال معصية، والإسبال هو إرخاء الملابس تحت الكعب في حق الرجل، كل هذا معصية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى (2) » متفق على صحته. ويقول صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى (3) » أخرجه البخاري في الصحيح. ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس (4) » معنى أعفوا، معنى أرخوا، معنى وفروا، يعني: اتركوها على حالها وافرة معفاة مرخاة، هكذا يكون المسلم طاعة لله جل وعلا، وطاعة لرسوله عليه الصلاة والسلام، وابتعادا عن مشابهة المشركين من المجوس وغيرهم، ولو وفروها ما نقصها نحن، نوفرها ولو وفروها، لكن الغالب عليهم قصها وحلقها، لكن لو قدر أن المسيحيين وفروها ما نخالفهم بالقص، لا
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (349) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر، برقم (5892) ، ومسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (259) واللفظ له.
(3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر، برقم (5892) ، ومسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (259) واللفظ له.
(4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (260) .(12/14)
بل نبقيها وافرة، إذا شابهونا لا بأس، نحب منهم أن يدخلوا الإسلام أيضا ويصلون معنا ويصومون معنا، والحاصل أن علينا أن نخالفهم ولا نخالف ديننا من أجلهم، بل نبقى على ديننا، وإن وافقونا في إرخائها نرخيها ونوفرها، وهكذا لا نقصها قصا، بل نعفيها لا نقص ولا نحلق، وهكذا الإسبال لا نرخي الإزار ولا السراويل ولا القمص ولا الجبة ولا البشت ولا العباءة ولا غير ذلك، يجب أن تكون كلها لحد الكعب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار (1) » فما جاوز الكعب هو الإسبال مطلقا، وإذا كان معه نية التكبر صار أعظم في الإثم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (2) » لكن إذا كان من دون خيلاء يكون الذنب أخف مع أنه محرم مطلقا، هذا هو الصواب، محرم وإن لم يقصد التكبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار (3) » رواه البخاري في الصحيح. ولم يشترط
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا، برقم (3665) ، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء، برقم (2085) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787) .(12/15)
أن يكون عن تكبر. ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «إياك والإسبال؛ فإنه من المخيلة (1) » جعل الإسبال من المخيلة من التكبر؛ لأنه وسيلة إلى التكبر وإن لم يقصد ذلك. وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله، يوم القيامة، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار - قال أبو ذر رضي الله عنه: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب (2) » رواه مسلم في الصحيح. هذا وعيد عظيم يدل على أن الإسبال كبيرة من كبائر الذنوب، ذكر الإزار هنا لأن غالب العرب يلبسون الأزر، وإلا فالمقصود إسبال الثياب مطلقا، إزار أو قميص أو سراويل أو بشت أو غير ذلك. وأما المنان فيما أعطى فهو الذي يمن بالعطية، يعطي ويمن يقول: أعطيتك. يمن عليه. والمنفق سلعته بالحلف الكاذب معناه: لترويج السلع، يمشيها بين الناس بأيمانه الكاذبة والعياذ بالله حتى يشتروها، يقول: والله إني صادق. وهو يكذب، والله إنها علي بكذا. حتى تشترى منه بأكثر
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب ما جاء في إسبال الإزار، برقم (4084) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية، برقم (106) .(12/16)
من الثمن نسأل الله العافية.(12/17)
7 - حكم الصلاة خلف إمام يشرب الدخان
س: السائل يقول: ما حكم الصلاة خلف إمام يحلق لحيته، أو خلف إمام يشرب الدخان؟ أفيدونا أفادكم الله (1)
ج: إذا تيسر لك لا تصل خلف هذا ولا خلف هذا فهو أولى، لا تصل خلف المدخن ولا خلف الحليق إذا تيسر لك إمام آخر في مسجد آخر؛ لأن هذا أسلم لصلاتك وأسلم لدينك، ولكن الحليق إثمه أظهر؛ لأنها معصية ظاهرة، والمدخن قد تختفي معصيته، قد يكون هناك أسباب تخفيها من التنظف والتطيب؛ حتى لا يظهر ريح الدخان، أما اللحية فهي معصية ظاهرة ومجاهرة بما حرم الله عز وجل، فإثمه أظهر وأكبر وشره أعظم، وإن كان كلاهما محرما هذا وهذا، التدخين محرم وفيه مضار كثيرة، ولكن صاحبه قد يختفي به، أما حلق اللحية فلا حيلة في الاختفاء فيها؛ لأنها معصية ظاهرة وتشبه بالمشركين وبالنساء، فيجب الحذر من هذا، ومن هذا جميعا، والواجب على المسؤولين عن المساجد ألا يولوا من كان بهذه الصفة، وأن يختاروا للإمامة أهل
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (63) .(12/17)
الاستقامة الذين لا يتظاهرون بالمعصية، وذلك بإعفاء اللحية وبالبعد عن التدخين، وهكذا غير هذا من المعاصي الظاهرة، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.(12/18)
8 - بيان أن العقيدة الصحيحة شرط في تولي إمامة الصلاة
س: السائل يقول: كثير من إخواننا أصبحوا يشتكون من أئمة مساجد كانوا معروفين بأنهم من القبوريين، وآخرون يشتكون من أئمة يعرفون أنهم ينتسبون لفرقة كذا؛ كالأشاعرة مثلا، وهلم جرا، يشتكون كثيرا من هذه الأمور نريد كلمة حول هذا لو تكرمتم (1) .
ج: الواجب على وزارة الحج والأوقاف والمسؤولين فيها أن يخافوا الله عز وجل، وأن يحذروا التساهل في هذا الأمر، وأن يبذلوا قصارى جهدهم في اختيار الأئمة، وألا يولى إلا المعروف بالعقيدة الصحيحة السلفية، وألا يولى إلا من هو بالمظهر الشرعي، قد أعفى لحيته وترك الإسبال؛ حتى يكون إبراء للذمة، هذا هو الواجب عليهم، يجب على ولاة الأمور ومنهم وزارة الحج والأوقاف والمسؤولين، الواجب عليهم أن يتحروا الأئمة، وهكذا المؤذنين، لكن الإمام
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (63) .(12/18)
أعظم فيجب أن يتحروا فيه، ألا يولوا إلا من هو صالح للإمامة في عقيدته، وفي مظهره الشرعي، والعقيدة أهم وأعظم، الواجب على المسؤولين في الأوقاف أن يعنوا بهذا الأمر، وأن يتقوا الله وأن يتعاونوا مع المحاكم، ومع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، ومع الهيئة ومع كل من يظنون فيه الخير أن يختار لهم الإمام، وأن يعينهم وأن يدلهم ويرشدهم على الأئمة، والواجب على أهل العلم من المدرسين والقضاة أن يستجيبوا للإمامة؛ حتى يسدوا هذا الفراغ العظيم الذي أحوج الأوقاف إلى أن تستورد من لا يرضى في دينه، ولا في خلقه، الواجب على القضاة وعلى العلماء أن يشاركوا في الإمامة، وأن يحتسبوا الأجر، وأن يصبروا حتى يسدوا فراغا عظيما في هذه المسألة، وهنا عزم من الدولة في إيجاد معاهد للأئمة والخطباء، هذا متى تحقق إن شاء الله سد هذه الثغرة، وسد هذا الفراغ، وقد تمت الموافقة على افتتاح معهد للأئمة والخطباء في الرياض، ونرجو أن يفتتح مثله في المدينة ومكة، وهكذا في المدن الأخرى؛ كالقصيم وحائل وأبها ونحو ذلك؛ حتى يسد هذا الفراغ، للضرورة الداعية إلى هذا الأمر، فنسأل الله أن يوفق الدولة للبدار لهذا الأمر، وهذا المعهد سيكون عن طريق جامعة الإمام محمد بن(12/19)
سعود، وهي أهل لهذا الأمر، فنسأل الله أن يسهل افتتاحه في هذا العام، وقد تمت الإجراءات فيما بلغني ولم يبق إلا الشيء اليسير، ونرجو أن يتم هذه الأيام حتى يفتح، ثم يفتح بعده إن شاء الله معاهد أخرى في مكة المكرمة، وفي المدينة المنورة وغيرهما من المدن التي ينبغي أن يفتح فيها هذا الشيء؛ لأن الحاجة ماسة بل لضرورة لهذا الأمر، وهذا لا يعفي العلماء من المدرسين وغيرهم، ولا يعفي القضاة من الاستجابة، بل عليهم فيما أعتقد أن يستجيبوا، وأن يؤموا المساجد المحتاجة، وأن يحتسبوا الأجر؛ حتى يوجد من يقوم مقامهم ويسد عنهم هذا الفراغ، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.(12/20)
9 - حكم الصلاة خلف من يضرب بالدف عند القبور ويطوف بها
س: هل تجوز الصلاة خلف من يحلق لحيته ويضرب بالدف عند قبور الأولياء، ويطوف حولهم ويدعو الناس لهذا العمل؟ وهل صلاة من صلى خلفه صحيحة أم لا؟
ج: هذا فيه تفصيل؛ العاصي لا بأس بالصلاة خلفه، وهي صحيحة خلفه، الذي يحلق لحيته ولكنه مسلم ما يدعو القبور، ولا يستغيث بالقبور(12/20)
مسلم، لكنه يحلق لحيته، أو يسبل ثيابه، أو يطول شواربه، هذا الصلاة خلفه صحيحة؛ لأنها معصية، والصواب أن الصلاة خلف العاصي تصح، وصلى بعض الصحابة خلف الأمراء المجرمين كالحجاج، كان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي خلفه، وهو من أشد الناس فسقا قتال سفاك للدماء، المقصود الصلاة خلف الفاسق صحيحة، والذي يحلق لحيته من جنس الفاسقين، إذا أصر وهو يعلم أن الله حرم هذا عليه، يعلم ذلك ويتساهل يكون فاسقا، كذلك الذي يسبل ثيابه وهو يعلم، وقد أخبره العلماء أن هذا ما يجوز، ثم أسبل ثيابه، ولا يبالي يكون فاسقا، والصلاة خلفه صحيحة، ولكن ما ينبغي أن يتخذ إماما، فينبغي أن يزال عن الإمامة، إذا أصر على هذا ينبغي لولاة الأمور أن يزيلوه عن الإمامة، لكن الصلاة صحيحة.
أما الذي يدف على القبور، يدعو القبور، يدعو الأموات يطوف بالأموات هذا مشرك، ما يصلى خلفه، إذا كان يتقرب إليهم بالطواف، أو يدعوهم من دون الله، أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يذبح لهم هذا كافر لا يصلى خلفه.
أما الذي يضرب بالدف يحسب أن الدف جائز، لا يدعوهم ولا يستغيث بهم،(12/21)
لكنه مر على المقبرة ودف عند المقبرة، وإلا فإنه لا يدعوهم ولا يستغيث بهم، مجرد أن يضرب بالدف فقط هذا معصية، والصلاة خلفه صحيحة، والذي يطوف حول القبور يحسبه مشروعا، يحسبه مثل الكعبة، يطوف حولها يطوف لله ليس لهم هذا بدعة منكر، أما الذي يطوف لهم ويتقرب إليهم هذا شرك أكبر، نسأل الله العافية.(12/22)
10 - حكم الصلاة خلف إمام يرتدي البنطلون وخلف من يأخذ أجرا على الوعظ والإمامة
س: السائل: ع. إ. س. من جمهورية مصر العربية: هل تجوز الصلاة خلف إمام حالق للحيته ومسبل، وكذلك خلف إمام يرتدي البنطلون والقميص؟ وهل تجوز الصلاة خلف إمام يأخذ أجرا على الوعظ، وعلى الإمامة وعلى إرشاد الناس إذا لم يجد موردا غير هذا الرزق؟ وجزاكم الله خيرا (1)
ج: الصلاة خلف هؤلاء صحيحة، إذا كان كل واحد منهم مسلما، ولكن عنده هذه المعصية، فإذا كان يحلق لحيته، أو يسبل ثيابه هذه معصية، والمعصية لا تمنع صحة الصلاة، فصلاته صحيحة وصلاة من
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (263) .(12/22)
خلفه صحيحة، لكن يشرع للمسؤولين أن يبدلوه، وألا يجعلوا في الإمامة، إلا من هو معروف بالخير والاستقامة الظاهرة؛ لأنه قدوة، أما الصلاة فهي صحيحة خلف من يحلق لحيته، أو يسبل ثيابه، أو يتعاطى أجرة على قيامه بالإمامة من الأوقاف، أو من أهل البلد مثل أن يساعدوه على حاجاته وأمور بيته فلا بأس بهذا، فصلاته صحيحة ولا حرج عليه في أخذ المساعدة من بيت المال، أو من إخوانه المسلمين؛ حتى يقوم بالصلاة فيهم والقيام على مسجدهم؛ لأن هذا يعين على طاعة الله، لكن إذا تيسر له الاستغناء عن ذلك؛ لأنه مليء فالحمد لله، والأخذ من بيت المال حق للمسلمين، وإذا قاموا بالأعمال صار ذلك عونا لهم على أعمالهم من الإمامة، أو الأذان أو القضاء أو غير ذلك، وهكذا من يرتدي البنطلون إذا كان ساترا للعورة فإن صلاته صحيحة، وإذا كان البنطلون فيه مشابهة للكفار، وهو من زيهم فلا يجوز له لبسه، لكن الصلاة صحيحة، لكن إذا كان لباسا مشتركا بين المسلمين وغيرهم فلا حرج عليه في ذلك، فقد صلى ابن عمر رضي الله عنهما خلف الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو من أظلم الناس ومن أشدهم معصية، والقاعدة أن العاصي تصح صلاته بنفسه، وتصلح إمامته، وأما الكافر فلا، إذا كان كافرا لا تصح إمامته ولا الصلاة خلفه، إذا عرفت أنه كافر، أما العاصي فلا حرج في ذلك، ولكن ينبغي إبداله؛ لأنه يشرع للمسؤولين عن الإمامة ألا يولوا في الإمامة(12/23)
إلا من هو معروف بالخير وظاهره الاستقامة؛ لأنه يقتدى به، ولا يولى من ظاهره المعصية؛ كحلق اللحى أو الإسبال ونحو ذلك، والواجب نصيحة من فعل ذلك، فالواجب على إخوانه أن ينصحوه، وأن يوجهوه إلى الخير حتى يستقيم، سواء كان إماما أو ليس بإمام.(12/24)
11 - حكم الصلاة خلف إمام يحلق لحيته ويسبل إزاره وهو حافظ للقرآن
س: مستمع يسأل ويقول: هل تجوز الصلاة خلف إنسان مسبل
وحالق للحيته؟ وضحوا لنا هذا الأمر جزاكم الله خيرا (1)
ج: مثل هذا لا يصلى وراءه، ينبغي ألا تصلي وراءه إلا إذا دعت الحاجة، ولم يتيسر للإنسان من يصلي وراءه، فلا يصلي وحده، يصلي مع الجماعة، لكن إذا تيسر للمسؤولين أن يزيلوه ويعينوا مكانه من أهل الخير كان هذا هو الواجب، وفيما ذكرت عنه من حلق اللحية والشارب، المقصود أن الواجب على المسؤولين عن المسجد أن يقدموا من هو مرض لله ومن هو الأقرأ، المتصف بصفات الخير والمظهر الإسلامي؛ من الذي قد أعفى لحيته ولم يسبل ملابسه، المقصود يتحرون لهذا المسجد الإمام الصالح المستقيم على شريعة الله , ويزال، لكن إذا بليتم أنتم وغيركم بالإمام الحليق أو المسبل، ولم يتيسر عزله فلا تصلوا وحدكم، صلوا مع الجماعة،
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (280) .(12/24)
وانصحوا له بالكلام الطيب والتوجيه الحسن، لعل الله يهديه بأسبابكم.(12/25)
12 - بيان كيفية النصيحة
س: سماحة الشيخ، هل تكون النصيحة خفية أو معلنة (1) ؟
ج: إذا كان قد أعلن هذا الأمر تكون معلنة، وإذا نصحه بينه وبينه لعل ذلك ينفع فهذا طيب، أو نصحوه جماعة في المسجد، قالوا: يا عبد الله، اتق الله، ارفع ثيابك. يعبرون بلسان واحد، وإذا نصحه واحد فلا بأس، وإن رأوا بعضهم نصيحته سرا يزورونه في البيت، أو يقوم له واحد في محل الإمام بينه وبينه ينصحه كل هذا طيب، يفعلون ما هو الأصلح.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (349) .(12/25)
13 - مسألة في حكم الصلاة خلف إمام مسبل وحالق لحيته
س: هل يجوز لي أن أصلي خلف إمام لا يقصر ثوبه، ولا يطلق لحيته، وكذلك تخرج زوجته وبناته كاشفات الوجوه والشعور والساقين والأيدي؟
ج: الصلاة صحيحة خلفه إذا كان مسلما، لكن إذا تيسر الصلاة خلف غيره ممن هو خير منه وأفضل فهو أولى وأكمل؛ لأن هذا عاص،(12/25)
والصلاة خلف العاصي صحيحة في أصح قولي العلماء إذا كان مسلما، وينصح ويوجه حتى يوفر لحيته، حتى يرفع ثيابه، وعلى إخوانه وأصحابه أن ينصحوه ويوجهوه، ويلحوا عليه حتى يستقيم، وكذلك من جهة أهل بيته ينصحونه من جهتهم، فالمسلم أخو المسلم، والله يقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (1) . الواجب التناصح والتواصي بالحق في كل شيء، والإمام الذي يؤم الناس ينبغي أن يكون قدوة في كل خير، وإذا قصر فيجب على ولاة الأمور أن يختاروا خيرا منه، يبدلوه حتى يستجيب للنصيحة، عليهم أن يلتمسوا من هو خير منه؛ حتى يكون قدوة في الخير، وحتى ينتفع به المسلمون المصلون خلفه، وإذا تناصح المسلمون وتواصوا بالحق كثر الخير، وقل الشر، وإذا تساكتوا يكثر الشر ويقل الخير، نسأل الله السلامة.
__________
(1) سورة التوبة الآية 71(12/26)
س: ما حكم الإمام الذي يدخن ويسبل الثياب ويحلق لحيته، أو يقص اللحية إلا قليلا منها كعلامة تدل على اللحية؟ ما حكم إمامته للناس؟ أرجو الإفادة له ولنا ولكل أمثالنا (1)
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (323) .(12/26)
ج: هذه المسائل معاص، حلق اللحية معصية وقصها كذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «قصوا الشوارب وأعفوا اللحى (1) » «خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى (2) » «خالفوا المجوس (3) » وهكذا التدخين لا يجوز؛ لما فيه من مضار عظيمة، وهكذا الإسبال تحت الكعب لا يجوز للرجل، كل هذه معاص يجب الحذر منها، ولا يجوز للإمام ولا لغير الإمام تعاطيها، وإذا كان يتعاطاها كان حقا على المسؤولين عن المسجد أن يلتمسوا غيره إذا لم يتب، والصلاة صحيحة، الصلاة خلفه صحيحة، لكن ينبغي للمسؤولين عن المسجد أن يلتمسوا من هو أصلح منه، والواجب عليه التوبة إلى الله من شرب الدخان، ومن حلق اللحية، من الإسبال. النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار (4) » فالإسبال خطره عظيم ومنكر كبير، ويقول صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله، يوم القيامة، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم فقرأها رسول
__________
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (7092) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر، برقم (5892) ، ومسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (259) واللفظ له.
(3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (260) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787) .(12/27)
الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار قال أبو ذر رضي الله: عنه خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب (1) » رواه مسلم في صحيحه. ويقول صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (2) » إذا كان خيلاء كان أعظم في الإثم، وإن جره وما قصد خيلاء كان محرما ومن وسائل الكبر، ولكن إثمه أخف من إثم المتكبر، وكله محرم كله منكر، وهذا هو الصواب، ولو ما قصد الخيلاء لا يجوز له أن يسبل ثيابه، وهذا من وسائل الخيلاء، ومن الإسراف، ومن تعريض الثياب للنجاسات فلا يجوز. والتدخين شره عظيم، فالواجب تركه والحذر منه. وفق الله الجميع.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية، برقم (106) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا، برقم (3665) ، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء، برقم (2085) .(12/28)
س: هل تصح الصلاة خلف شارب الدخان إذا لم يوجد من يقرأ القرآن إلا هو؟ وكثيرا ما نرى بعض الناس يتدافعون ويقولون: صل أنت، لا صل أنت. وأنا أشرب الدخان. نرجو الإفادة وفقكم الله؟
ج: ينبغي أن يقدم في الإمامة أصلح الموجودين وأقرؤهم؛ لقول النبي(12/28)
صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (1) » وفي رواية: «فأكبرهم سنا (2) » الواجب أن يعنى بهذا الأمر، ويقدم الأفضل فالأفضل، فإن تقدم بعض العصاة كشارب الدخان أو العاق لوالديه أو من يتهم بغير ذلك صحت الصلاة، الصلاة تصح خلف الفاسق وخلف العاصي على الصحيح من أقوال العلماء، ولا تصح خلف الكافر، من عرف كفره لا تصح الصلاة خلفه، أما العاصي فتصح الصلاة خلفه، سواء كان شاربا للدخان أو عاصيا بشيء آخر؛ كالعاق لوالديه وقاطع الرحم، ومن يتعاطى الربا ولا يستحله إلى غير ذلك، العصاة في أصح أقوال العلماء تصح الصلاة خلفهم، فقد صلى ابن عمر رضي الله عنهما خلف الحجاج بن يوسف وكان من أفسق الناس ومن السفاكين للدماء، وصلى كثير من الصحابة خلف بعض الأمراء الفسقة، فدل ذلك على أن الصلاة صحيحة خلف
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673) .(12/29)
الفاسق، ولكن إذا تيسر المستقيم العدل فهو الأولى، وهو الذي يجب أن يقدم، وعلى المسؤولين عن الإمامة أن يقدموا الأفضل فالأفضل، وألا يقدموا الفسقة حسب الإمكان وحسب القدرة، وإذا اجتمع قوم في مكان وقت الصلاة قدموا أفضلهم، قدموا أحسنهم واجتهدوا في ذلك، هذا الذي ينبغي لهم عملا بالسنة وتعظيما لها.(12/30)
س: السائل: ح. أ. ر. سوداني مقيم في محافظة الأحساء، يقول: عندي في قريتي جامع وإنني إنسان متعلم، ولكنني أشرب الدخان وآكل التنباك، هل يجوز لي أن أكون إماما في هذا المسجد؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا ينبغي لك أن تؤمهم وأنت بهذه الصفة؛ لأن الإمام يقتدى به، فإذا كنت تتعاطى التنباك والتدخين فلا ينبغي أن تؤمهم، بل ينبغي أن يلتمسوا من هو خير منك، ومن هو لا يتعاطى شيئا من المعاصي الظاهرة، والواجب عليك يا أخي التوبة إلى الله من ذلك، والحذر من الاستمرار في هذه المعصية، وأن تترك التنباك والتدخين وسائر المعاصي، وأن تستعين بالله على ذلك، وأن تصحب الأخيار؛ لأن صحبة الأخيار تعينك على الخير،
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (282) .(12/30)
والتوبة تجب ما قبلها، لكن لو صليت بهم فالصلاة صحيحة؛ لأن الصحيح من أقوال أهل العلم أن إمامة العاصي صحيحة، والصلاة صحيحة، ولكن لا ينبغي أن يتخذ إماما من عرف بمعصية ظاهرة، والواجب على المسؤولين أن يلتمسوا للمساجد أئمة صالحين مستورين، لا يظهر منهم شيء من المعاصي؛ لأنهم قدوة وهم أئمة الناس في هذه العبادة العظيمة، وهي الصلاة عمود الإسلام. نسأل الله لنا ولك الهداية.(12/31)
14 - حكم الصلاة خلف إمام يبيع القات
س: رأيت شخصا كنت أعتقد أنه له منزلة أكبر من المنزلة التي رأيته عليها؛ وهي بيعه للقات، وذلكم الرجل إمام لمسجد، فأسأل عن الحكم وعن الصلاة خلف ذلكم الرجل؟
ج: ينبغي تنبيهه ونصيحته؛ لأن القات كثير من علماء اليمن يبيحونه ويتعاطونه، فهذا الإمام قد يكون له شبهة، يكون ممن يرى إباحته، أو يقلد من يرى إباحته من علماء اليمن، فالذي نرى نصيحته والمشورة عليه بتركه، وألا يبيعه وألا يشربه، والصلاة خلفه صحيحة والحمد لله؛ لأن الصحيح من أقوال العلماء أن الصلاة خلف الفاسق صحيحة، وإنما(12/31)
تبطل إذا كانت خلف الكافر، أما العاصي فالصلاة خلفه صحيحة، لكن يشرع لك يا أخي نصيحة هذا أو التماس من ينصحه ممن هو فوقك؛ حتى يقدره ويقبل منه، وأنت في هذا على أجر، وصلاتك صحيحة والحمد لله.(12/32)
15 - حكم الصلاة خلف إمام يأكل القات
س: الأخ: م. ع. م. مدرس مصري يعمل في اليمن، يسأل ويقول: ما حكم الدين في القات، وفي متناوله، وصلاة المأمومين خلف إمام يأكل القات (1) ؟
ج: القات ثبت عندنا بشهادة الثقات العارفين به من علماء اليمن وغيرهم أنه مضر، وأن فيه أضرارا كثيرة، وبذلك يكون حراما لا يجوز تعاطيه. ونوصي من يتعاطاه بأن يتركه ويحذره؛ حفظا لصحته وحفظا لماله، وسلامة من أضراره. وبعض إخواننا في اليمن يتوقفون بذلك، وبعضهم يتساهل في ذلك، ولكن الذي ثبت عندي بشهادة الثقات العارفين به أنه مضر ضررا كثيرا، وأن الواجب تركه. فنسأل الله أن يهدي إخواننا في اليمن، وفي غيره إلى تركه، والسلامة من شره. ونوصيك أيها السائل بالحذر منه. أما الإمام
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (172) .(12/32)
الذي يأكل القات فلا بأس بالصلاة خلفه؛ لأنه معصية، وقد يكون متأولا يظن أنه جائز، فالصلاة خلفه جائزة، إذا كان الإمام يتعاطى القات فالصلاة خلفه صحيحة، ولكن ينصح في تركه لعله يستجيب، وإذا تيسر أن يكون الإمام غير من يتعاطى القات فهو أولى وأحوط.
وحكمه أنه لا يجوز؛ لأنه معصية، لكن من تعاطاه واستعمله باعتقاد أنه جائز، أو أفتاه من العلماء من يراه جائزا لا يكون فاسقا، ولا يكون عاصيا لاعتقاده؛ لأنه يعتقد أنه جائز له، لكن من علم خبثه، ومن علم تحريمه إذا تعاطاه وأصر عليه يكون عاصيا، كالذي يشرب الدخان ويصر عليه وهو يعلم تحريمه يكون عاصيا، فالتدخين وتعاطي القات وكل ذلك مما يجب تركه؛ لأنه مضر جدا، وفي تعاطيه خسارة في المال وضرر على الأبدان، وتعاط لما حرم الله عز وجل. فالله يهدينا جميعا وسائر إخواننا من ترك ما حرم الله سبحانه وتعالى.(12/33)
16 - حكم الصلاة خلف إمام يتعامل بالربا
س: يقول: صلينا مدة كبيرة وراء رجل يرابي، وبعدها تاب إلى الله تعالى، لكنه لم يرد المال الذي اكتسبه زيادة على أصحابه، ما هو(12/33)
توجيهكم في صلاتنا السابقة والآن؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصلاة صحيحة والحمد لله، والتوبة صحيحة، من تاب تاب الله عليه، إذا تاب توبة صادقة وإذا كان حين رابى جاهلا فله ما سلف، أما إن كان يعلم ويتساهل فيتصدق بما دخله من الربا، يعطيه الفقراء والمساكين؛ لأن الله يقول جل وعلا: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} (2) . فإذا كان حين جاءته موعظة حين علم التحريم تاب إلى الله فله ما سلف، ولا يرد المعاملات السابقة، أما إذا كان قد علم ولكن تساهل واستمر فإن ما دخل عليه من الربا لا يجوز له، بل يجب عليه أن يصرفه في وجوه البر والخير؛ بالصدقة على الفقراء والمساكين والمشاريع الخيرية، ولا يبقيه لنفسه.
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (361) .
(2) سورة البقرة الآية 275(12/34)
17 - حكم الصلاة خلف إمام مكشوف الرأس
س: الأخ: إ. م. س. ع من اليمن، يقول: هل يجوز الصلاة جماعة بإمام بدون عمامة؟ وهل العمامة من السنة في الصلاة؟(12/34)
ج: يجوز أن يصلي الإمام من دون عمامة، ليست شرطا في الصلاة، ولا سنة في الصلاة، لكن الأفضل أن يصلي الإنسان بالزينة المعتادة؛ لأن الله قال: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (1) . أي عند كل صلاة، فإذا صلى بعادته المعتادة فهو أحسن وأولى؛ لأنه إذا تركها قد يستنكر ذلك، وقد يقدح في عقله أو في اتزانه أو في أخلاقه، فالحاصل أنه إذا كان من عادة أهل بلده أنهم يصلون في العمامة لا يدع العمامة، يصلي في العمامة؛ حتى لا يظن به السوء، وحتى لا يقدح فيه أنه متساهل، وأنه لا يبالي بالزي المناسب، أو ما أشبه ذلك، وإلا فليست شرطا. النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء (2) » ولم يقل: ليس على رأسه. بل قال: «ليس على عاتقيه منه شيء (3) » . فالمشروع أن يصلي في إزار ورداء، أما الرأس لو صلى وهو مكشوف فلا بأس، فالسنة أن يصلي في قميص أو إزار ورداء، وإذا كانت عادة البلد أن الرأس عليه عمامة أو غترة أو طاقية أو قلنسوة فيصلي كما كانوا يصلون؛ حتى لا يظن به خلاف ما
__________
(1) سورة الأعراف الآية 31
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، برقم (359) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، برقم (516) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، برقم (359) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، برقم (516) .(12/35)
ينبغي، ولو تركها لأنهم يتركونها ولا يحصل بذلك بأس فلا حرج، ولو تركها عمدا فصلاته صحيحة، لكنه ينصح بأن يفعلها؛ حتى لا يظن به خلاف الأولى.(12/36)
س: ما حكم من يؤذن ويصلي بالناس ورأسه مكشوف، وهو يحفظ من القرآن الكريم الشيء الكثير؟ أفيدونا أفادكم الله (1)
ج: لا حرج في ذلك، من يصلي ورأسه مكشوف لا بأس في ذلك؛ لأن الواجب ستر العورة وأن يكون على عاتقه شيء، إذا ستر العاتقين كان ذلك أكمل، أما الرأس فليس من الشرط ستره، والمحرم مدة إحرامه يصلي ورأسه مكشوف، لكن إذا صلى في صفته المعتادة كان هذا حسنا، ولا سيما عند الناس؛ لقول الله سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2) . فإذا صلى على العادة المعروفة بملابسه المعتادة كان هذا حسنا، وإلا فلا يضره كشف الرأس.
__________
(1) ورد هذا السؤال بالشريط رقم (324) .
(2) سورة الأعراف الآية 31(12/36)
س: الأخ: ح. م. م، من اليمن، يقول: هل يجوز للرجل أن يؤم الناس وهو مكشوف الرأس أم لا؟ نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (208) .(12/36)
ج: نعم لا حرج في ذلك، لا بأس أن يصلي وهو مكشوف الرأس؛ لأن الحديث إنما جاء في العاتق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحد منكم في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء (1) » فالمقصود ستر العاتقين، أما الرأس فلا يجب ستره؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لا يصلي أحدكم في ثوب واحد ليس على عاتقه (2) » وفي اللفظ الآخر: «عاتقيه منه شيء (3) » والعاتق الكتف. ولم يقل: على رأسه. وكان صلى الله عليه وسلم في إحرامه يصلي بالناس في الرداء والإزار، وهكذا الصحابة يصلون في الرداء والإزار، وكانت عادة العرب يلبسون الأزر والأردية، والرأس ليس بشرط، قد توضع عليه العمامة، وقد لا توضع عليه العمامة، فإن وضع العمامة عليه كان أحسن؛ لأنها من الزينة، وإن لم يضعها فلا حرج في ذلك والحمد لله.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (27243) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (27243) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، برقم (359) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، برقم (516) .(12/37)
س: ما حكم من صلى بالناس إماما وليس على رأسه غطاء؟
ج: لا حرج في ذلك؛ لأن الرأس ليس من العورة، إنما السنة أن يصلى بالإزار والرداء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي(12/37)
أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء (1) » فإذا صلى مكشوف الرأس فلا حرج في ذلك، لكن إذا أخذ زينته واستكمل زينته يكون أفضل؛ لقول الله سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2) ، فإذا استكمل الزينة التي اعتادها في بلاده مع جماعته، وكان من عادتهم أنهم يسترون الرؤوس فهذا أفضل، أما إذا كان في بلاده ليس من عادتهم هذا، بل من عادتهم كشف الرؤوس فلا بأس أن يصلي بهم مكشوف الرأس.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (27243) .
(2) سورة الأعراف الآية 31(12/38)
18 - حكم الصلاة خلف الجزار وثيابه ملوثة بالدم
س: هل تجوز الصلاة مع أخينا الجزار وثيابه ملوثة بالدم وهو إمام؟
ج: ليس له أن يصلي بثيابه الملوثة بالدم، ولا يكون إماما، الجزار عليه أن يتخذ للصلاة ثيابا طاهرة، أو يغسل ما أصابه من الدم قبل أن يصلي، سواء كان إماما أو منفردا أو مأموما، ليس له أن يصلي بالناس، ولا أن يصلي وحده في النجاسة، وليس لك أن تصلي خلفه، بل يجب أن تنكر عليه، وأن تعلمه حتى يطهر ثيابه، أو يتخذ للصلاة ثيابا نظيفة، أما ما دامت ثيابه نجسة فإنها لا تصح صلاته، بل يجب عليه أن(12/38)
يطهرها، أو يتخذ ثيابا نظيفة للصلاة، هذا هو الواجب عليه، وعلى كل من أصابته النجاسة، إلا إذا وقع في وقت ليس له القدرة على غسلها، في الصحراء مثلا ما عنده ماء، ويخشى فوات وقت الصلاة فإنه يصلي على حسب حاله، ولو في الثوب النجس وصلاته صحيحة، حتى يجد ماء يغسل هذا الثوب، أو يجد ثوبا بدله حتى يزيله، ما دام مضطرا ليس عنده إلا هذا الثوب الواحد، وهو في البرية أو سجين، ما تيسر له أن يعطيه أحد ثوبا طاهرا، ولم يستطع غسله، والله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) يصلي حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا، فإذا قدر على إبداله أو تغسيله وجب عليه ذلك.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(12/39)
19 - حكم صلاة المأموم خلف إمام يكرهه بحق
س: ما حكم إذا صليت وراء إمام مكروه عندي؟
ج: إذا كنت لا تعلم فيه مكفرا فصلاتك صحيحة، ولو كرهته , الصلاة صحيحة؛ لأنك قد تكرهه بغير حق، وقد تكرهه بشيء لا يوجب كراهته، وإن كان عنده بعض المعاصي فلا يمنع ذلك صحة الصلاة، فقد(12/39)
صلى بعض الصحابة خلف الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو من أظلم الناس، فالمعصية لا تمنع صحة الصلاة خلف الإمام إذا كان مسلما وليس بكافر؛ لأن المعاصي قل من يسلم منها لا حول ولا قوة إلا بالله. المقصود أن صلاتك خلف من تكره إذا كان مسلما صحيحة؛ لأنك أنت غير معصوم، قد تكرهه بغير حق، وقد تكرهه لشيء صحيح، لكن لا يمنع صحة الصلاة.(12/40)
س: يسأل السائل ويقول: هل تبطل صلاة المأموم الذي يصلي خلف إمام وهو كاره له؟
ج: لا، لا تبطل صلاته، لكن إذا كان كارها له بحق وجب أن يصلي خلف غيره، فلا بأس، وإلا فالأمر واسع، إذا صلى خلف إمام وإن كان بينه وبينه شيء صلاته صحيحة، أو يكرهه؛ لأنه يتعاطى بعض المعاصي صلاته صحيحة والحمد لله.(12/40)
20 - حكم التأخر في تكبيرة الإحرام
س: ص. أ، يقول: نسأل عن أولئك الناس عندما يتوجهون إلى الصلاة، نرى أحدهم في هذا التوجه ينتظر حوالي خمس دقائق حتى يكبر(12/40)
تكبيرة الإحرام، فهل هذا صحيح؟ وهل عندما يتوجه يكبر تكبيرة الإحرام حالا، أم يبدأ يقرأ التوجيه ثم يكبر تكبيرة الإحرام؟ نرجو منكم التوجيه (1)
ج: المشروع للإمام أنه يعمد الصفوف بالاستواء، يأمرهم يلتفت إليهم يمينا وشمالا، يقول لهم: استووا، تراصوا، أقيموا الصفوف؛ حتى يعتدلوا، فإذا اعتدلوا واستقاموا كبر، هذا هو السنة، وليس أمام التكبير ذكر مشروع بعد الإقامة، ولكن يلاحظ المصلين، يأمرهم بالاستواء وإقامة الصفوف وعدم تقدم بعضهم على بعض، تكميل الصف الأول فالأول، ثم يكبر كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (370) .(12/41)
21 - حكم إمامة المعذور للمأموم الصحيح
س: ما حكم إمامة المعذور للصحيح مع العلم أن الصحيح لا يجيد قراءة القرآن؟
ج: هذا فيه تفصيل: المعذور عذره لا يمنع شيئا من واجبات الصلاة، ولا من أركانها، فلا بأس أن يؤم مثل إنسان مقطوع اليد، أو مقطوع بعض(12/41)
الأصابع أو نحو ذلك لا بأس أن يؤم الناس، أما كون عذره يمنعه من القيام يجلس فلا يؤمهم وهو جالس، يقدمون من يؤمهم غيره، إلا إذا كان هو إمام الحي، هو الإمام الراتب فلا بأس أن يؤمهم وهو جالس، كما أم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وهو جالس لما مرض عليه الصلاة والسلام، وقال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قاعدا صلوا قعودا (1) » فإذا كان إمامهم الراتب وصلى قاعدا صلوا خلفه قعودا، وإن صلوا قياما فلا حرج أجزأهم، كما فعله النبي في آخر حياته، فإنه صلى قاعدا وصلوا خلفه قياما، ولم يأمرهم بالجلوس، فدل على الجواز، أما إذا كان ليس إمام الحي فإنه لا يؤمهم وهو جالس، بل يلتمسون من يؤمهم من غير المعذورين الذين يستطيعون أن يؤموهم قياما.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم (689) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411) .(12/42)
22 - حكم صلاة الإمام المعاق
س: يسأل أخونا ويقول: هل تجوز إمامة الشخص المعوق؟
ج: التعويق فيه تفصيل: إن كان التعويق يمنعه من الركوع والسجود(12/42)
فلا، فلا تجوز إمامته، يستعمل شخص صالح سليم، أما لو كان إماما راتبا فأصابه عارض مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يصلي جالسا، ولا حرج في ذلك إذا كان هو الإمام الراتب وإمام الحي، أما إنسان ليس بالإمام الراتب فلا يقدم يصلي وهو معوق، يصلي قاعدا أو لا يركع أو لا يسجد، بل يلتمس إنسان صالح يستطيع الركوع والسجود ونحو ذلك. أما إذا كان المعوق لا يمنعه ذلك فيه عوق مرض في رجله في يده، لكن لا يمنعه من الصلاة قائما وراكعا وساجدا فلا بأس، لا يضر هذا ولا حرج في ذلك.(12/43)
س: يسأل ويقول: يوجد لدينا رجل عاجز لا يستطيع القيام من الأرض، ويمشي على يديه ورجليه، ولكنه هو أفضل واحد فينا قراءة للقرآن الكريم؛ لأنه جلس في الحرم الشريف أكثر من عشر سنوات يحفظ القرآن الكريم، هل تجوز إمامته في الصلاة؟ نرجو الإفادة أفادكم الله.
ج: مثل هذا لا يكون إماما؛ لأنه عاجز عن القيام، فالواجب أن يولى الإمامة من يستطيع القيام، لكن لو كان إمام حي راتبا، ثم أصابه علة وجلس فلا بأس أن يصلوا خلفه قياما أو جلوسا، أما أن يعين وينصب وهو عاجز فلا ينصب وهو عاجز عن القيام، ولكن يلتمس من يستطيع القيام.(12/43)
23 - حكم الصلاة خلف إمام مصاب بسلس البول
س: السائل: ع. ب. ت. يقول: هل تجوز إمامة المعذور، كمن به سلس البول للقوم الجهال، مع العلم بأنه لا يوجد في القوم من يقوم بأداء الواجب للصلاة أحسن من المعذور؛ حيث إنه أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأعلمهم بالأمور الشرعية؟
ج: الأحوط ألا يصلي بهم، ما دام معه سلس دائم الأحوط ألا يصلي بهم؛ لأن جمعا من أهل العلم يرون أنه لا تصح إمامته، فالأحوط ألا يصلي بهم، يصلي بهم غيره ولو كان أقل منه قراءة، يصلي من هو صالح للإمامة وإن كان أقل منه علما وأقل قراءة. والذي به سلس البول له أن يصلي العشاء، ثم يصلي التراويح بدون إعادة للوضوء إذا توضأ للوقت وقت العشاء، وكذا يجوز له القيام قيام الليل؛ لأنه وقت واحد.(12/44)
س: يقول السائل: هل يجوز لمن به سلس بول أن يقوم بتلاوة القرآن الكريم من المصحف بعد أداء صلاة الفريضة مباشرة بدون إعادة الوضوء؟(12/44)
ج: نعم، إذا توضأ للوقت يصلي ويمس المصحف؛ حتى ينتهي الوقت يتنفل، فإذا توضأ للظهر يصلي الظهر ويصلي بعد الظهر ما شاء، وإذا توضأ للمغرب يصلي بين المغرب والعشاء ما شاء، وإذا توضأ للعشاء يصلي ما شاء إلى نصف الليل إلى انتهاء الوقت.(12/45)
س: هل يجوز لمن به عذر كسلس البول أو غيره أن يصلي بالناس إماما؟ أي هل تجوز إمامة ذلك في الصلاة؟
ج: فيها خلاف بين أهل العلم، والأولى ألا يؤم الناس ما دام معه سلس؛ لأن طهارته ناقصة، فالأولى والأحوط ألا يؤمهم، يؤمهم غيره، وإن أمهم صحت الصلاة إن شاء الله، لكن ترك ذلك أحوط؛ خروجا من خلاف العلماء.(12/45)
س: سائل يقول: أنا مصاب بمرض سلس البول، هل يجوز أن أؤم الناس في الصلاة؟
ج: ينبغي ألا تؤم الناس؛ لأن جملة من أهل العلم نبهوا على هذا؛ لأن حدثه دائم، فالأولى بك ألا تؤم الناس، أن تصلي مأموما وتتوضأ(12/45)
لكل صلاة مثل المستحاضة، وتصلي في الوقت، وتمس المصحف حتى ينتهي الوقت؛ لأن هذه الطهارة ضرورة، فأنت تصلي مع الإمام، ولا تصل إماما هذا هو الأحوط، وفيه الأخذ بما قاله أهل العلم.(12/46)
س: يسأل: ما حكم صلاة من به سلس البول إماما؟
ج: الأحوط له ألا يصلي بالناس إذا كان إماما وبه سلس، الأحوط له أن يعتذر، وإن صلى بهم صحت صلاته إن شاء الله، يتوضأ لكل صلاة، ولكن الأحوط أنه يعتذر؛ لأن بعض أهل العلم قالوا: لا تصح صلاته إماما.(12/46)
س: السائل: أ. ع. ز، من الأردن، يقول: هل يجوز للمعذور؛ من به سلس بول أو رياح غليظة في بطنه هل يجوز له الوضوء قبل دخول وقت الصلاة المفروضة؛ لكي يستطيع التبكير إلى المسجد، وإدراك تكبيرة الإحرام والركعة الأولى، وكذلك لكي يستطيع السنة القبلية للفرض إذا كان المسجد بعيدا؟ وجهونا في ضوء ذلك (1)
ج: الواجب على من به الحدث الدائم ألا يتوضأ إلا بعد دخول الوقت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة: «ثم توضئي
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (423) .(12/46)
لكل صلاة (1) » فإذا كان فيه سلس البول أو الريح فالوضوء يكون بعد دخول الوقت بعد الزوال في الظهر، وبعد أن يصير ظل كل شيء مثله بعد الزوال، في العصر إذا أذن المؤذن للعصر، بعد غروب الشمس في المغرب، بعد غروب الشفق في العشاء، بعد طلوع الفجر في الفجر، لا يتعجل ويمديه إن شاء الله، يمديه يصلي ولو فاتته تكبيرة الإحرام، ولو فاته الركعة الأولى لا يضر، والحمد لله إذا كان المسجد بعيدا.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228) .(12/47)
س: السائل: يقول: من به سلس بول هل يجوز أن يكون إماما في الصلاة؟
ج: فيه خلاف بين العلماء، والأحوط له ألا يكون إماما؛ خروجا من الخلاف، الأحوط أن يكون مأموما؛ خروجا من خلاف من منع عن ذلك.(12/47)
24 - حكم من صلى بالناس وفيه جرح
س: ما حكم من صلى بالناس جماعة وفيه جرح؟
ج: إذا كان الجرح عليه شيء من الجبائر يمسح عليه، أو تيمم عنه؛ لأنه لا جبيرة عليه، وتوضأ وضوءه الشرعي، ثم تيمم عن محل الجرح فصلاته صحيحة والحمد لله، ولا يضر ذلك. النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه وقد أصابه ما أصابه يوم أحد عليه الصلاة والسلام؛ من الجراحات وهو إمامهم عليه الصلاة والسلام، عالجها وصلى بهم عليه الصلاة والسلام. وهكذا جحش شقه في المدينة، وسقط عن دابته، وجلس في بيته مدة وهو يصلي بأصحابه عليه الصلاة والسلام، فلا حرج في ذلك.(12/48)
س: السائل يقول: ما حكم الصلاة خلف إمام به جرح وعليه ضماد؟
ج: إذا كان هناك ضماد يمسح عليه، وإن كان مكشوفا لا يستطاع لا ضماد عليه ولا جبيرة فإنه يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يتيمم بالنية عن محل الجرح، وإذا كان ينزف يعالج حتى يمسك، والأولى ألا يؤم الناس إذا كان ما وجد حيلة لا جبيرة ولا شيئا يمسك الدم، هو(12/48)
مثل صاحب السلس، الأحوط له ألا يؤم الناس، أما إذا كان واقفا وعليه جبيرة، أو عليه ضماد، أو ليس عليه شيء لكنه واقف فإنه يتيمم عنه إذا كان ما عليه شيء، وإذا كان عليه جبيرة مسح عليه وكفى عن التيمم.(12/49)
س: السائل يقول: من جرح وصلى بالناس وجرحه ينزف، وليس عليه جبيرة فما حكم صلاته؟
ج: صلاتهم على الراجح صحيحة، ولا يلزمهم الإعادة والحمد لله، لا الإمام ولا المأموم. {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) .
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(12/49)
25 - حكم الصلاة خلف إمام متيمم بمتوضئين
س: هل يجوز للمتيمم أن يؤم الجماعة المتوضئين؟
ج: نعم، لا بأس أن يؤم المتيمم الناس المتوضئين، إذا كان له عذر شرعي أجاز له التيمم فإنه يصلي بالناس المتوضئين، ولا حرج في ذلك والحمد لله؛ لأن التيمم طهارة شرعية، فإذا كان مريضا لا يستطيع استعمال الماء، وتيمم فإنه يصلي بهم وإن كانوا متوضئين، أو في السفر خرجوا(12/49)
متوضئين، ثم قدر أنه أحدث وليس عندهم ماء فتيمم فإنه يصلي بهم.(12/50)
س: هل يجوز للمتيمم أن يصلي إماما لعدم من يصلي بالناس إماما غيره؟
ج: يجوز أن يصلي المتيمم بالمتوضئين إذا تيمم لعذر شرعي عن الحدث الأصغر أو الأكبر، جاز أن يؤم الذين تطهروا بالماء ولا حرج في ذلك ولا بأس، ولو وجد من يصلح للإمامة إذا كان صالحا للإمامة وأمهم فلا بأس بذلك.(12/50)
26 - حكم مداومة الإمام على قراءة سورة الإخلاص في كل صلاة
س: السائل يقول: ألاحظ أن الأئمة يقرؤون سورة الإخلاص في الركعة الثانية بشكل دائم، فهل ذلك مشروع؟
ج: الأمر في هذا واسع، والسنة تحري صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يقرأ الإمام كما كان النبي يقرأ عليه الصلاة والسلام، يطول في الفجر وفي الظهر، ويخفف في العصر وفي المغرب تارة وتارة، تارة يطول وتارة يخفف في القراءة، والعشاء يتوسط فيها كالظهر والعصر، إلا أن الظهر أطول وهي أقرب إلى الفجر، هكذا جاءت السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن يتحرى قراءته صلى الله عليه وسلم، فيقرأ في الفجر بمثل(12/50)
{ق} (1) ، و {وَالذَّارِيَاتِ} (2) ، و {وَالطُّورِ} (3) وأشباهها من طوال المفصل، وفي الظهر أقل من ذلك، وفي العصر أقل من الظهر، وفي المغرب تارة وتارة، قرأ فيها النبي صلى الله عليه وسلم بـ: {وَالطُّورِ} (4) وقرأ فيها {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} (5) ، والغالب أنه يقرأ فيها بقصار المفصل عليه الصلاة والسلام، مثل: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (6) ، و {وَالضُّحَى} (7) ، و {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (8) ، و {إِذَا زُلْزِلَتِ} (9) ، و {الْقَارِعَةُ} (10) ، وإذا طول بعض الأحيان كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا من السنة، والعشاء بأوساط المفصل مثل: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (11) ، و {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} (12) ، و {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} (13) ، و {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} (14) وأشباه ذلك، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا بذلك عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) سورة ق الآية 1
(2) سورة الذاريات الآية 1
(3) سورة الطور الآية 1
(4) سورة الطور الآية 1
(5) سورة المرسلات الآية 1
(6) سورة الشمس الآية 1
(7) سورة الضحى الآية 1
(8) سورة الليل الآية 1
(9) سورة الزلزلة الآية 1
(10) سورة القارعة الآية 1
(11) سورة الغاشية الآية 1
(12) سورة البروج الآية 1
(13) سورة الطارق الآية 1
(14) سورة الانفطار الآية 1(12/51)
27 - حكم قراءة بعض السورة في الصلاة
س: السائل يقول: الذين يقرؤون بعض السورة في الصلاة هل في هذا شيء؟
ج: لا حرج في ذلك؛ لأن الله يقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (1) ، فإذا
__________
(1) سورة المزمل الآية 20(12/51)
قرأ بعض سورة أو آخر سورة فلا حرج في ذلك، وإذا قرأ بعض الأحيان في الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) ، أو قرأها مع غيرها فلا بأس، فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن بعض أئمة الأنصار يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) مع قراءته الأخرى. فسأله النبي عن ذلك، فقال: إني أقرأ بها؛ لأني أحبها؛ لأنها صفة الرحمن، وأنا أحبها. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «حبك إياها أدخلك الجنة (3) » وفي لفظ قال: «أخبروه أن الله يحبه (4) » يعني: كما أحبها. فإذا قرأها مع غيرها فلا بأس، أو قرأها وحدها بعد الفاتحة فلا بأس، ولكن تحري سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والسير على منهجه في القراءة أولى وأولى.
__________
(1) سورة الإخلاص الآية 1
(2) سورة الإخلاص الآية 1
(3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه برقم (12024) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، برقم (7375) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل (قل هو الله أحد) برقم (813) .(12/52)
س: السائل يقول: ألاحظ أنهم يقيمون الصلاة بعد الأذان مباشرة في صلاة المغرب دون صلاة ركعتين، فهل هذا صحيح؟
ج: الأفضل عدم العجلة قليلا، كان النبي صلى الله عليه وسلم يبكر(12/52)
في المغرب أكثر من غيره عليه الصلاة والسلام، وكان لا يجلس بعد الأذان إلا قليلا بقدر ما يصلون ركعتين، فالسنة أن يصلي ركعتين بعد الأذان، ثم يقيم الإمام بعد ذلك، لا يعجل، يتأنى شيئا حتى يدرك الذي في الطريق الصلاة، والذي يتوضأ يدرك الصلاة، ولكن لا يكون مثل الظهر والعصر والعشاء والفجر، لا بل يتقدم بها أكثر، يعني يسرع بها أكثر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يتأخر فيها إلا قليلا، وكان الناس يصلون ركعتين ثم يقيم عليه الصلاة والسلام.(12/53)
28 - حكم الصلاة خلف من يلزم الناس بالصلاة خلفه
س: عندنا رجل يؤمنا في الصلاة، ويفرض نفسه علينا دون أن يشاور أحدا في الأمر، رغم أن خلفه من هو أقرأ للقرآن منه وأعلم بالسنة منه، فما حكم الصلاة خلف هذا الرجل؟
ج: الواجب على هذا الرجل ألا يفرض نفسه على الناس، بل يشاورهم، إن أرادوه تقدم بهم، وإن لم يريدوه ترك، والواجب أيضا أن يقدر من خلفه، فإذا كان من خلفه أقرأ منه وأعلم منه فالواجب أن يكونوا مقدمين عليه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «يؤم(12/53)
الناس أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا (1) » وفي رواية: «سلما (2) » فلا يجوز له أن يفرض نفسه عليهم، بل يجب عليه أن يدع هذا، الأمر شورى بينهم، فإذا رأى أعيان الجماعة وخواصهم تقديمه تقدم، وإن رأوا تقديم غيره ممن هو أفقه منه أو أقرأ منه فذلك هو الأولى والأفضل، وليس له أن يفرض نفسه على الناس، وإذا كان المسجد له مسؤول من الأوقاف، أو غير الأوقاف فالمسؤول هو الذي بيده الأمر، الأوقاف تنظر أو المسؤول نفسه الذي هو الوكيل عليه والقائم عليه؛ لكونه هو الذي بناه وعمره، المقصود إذا كان له مسؤول فالمسؤول ينظر في الأمر، وإذا كان ليس له مسؤول فالجماعة ينظرون في الأمر، ويختارون من هو أفضل في دينه وتقواه وأفضل في علمه وقراءته، ولا يقبلون لأحد أن يفرض عليهم نفسه، والصلاة صحيحة إذا صلى بهم، لكنه على خطر؛ لأنه جاء الوعيد في حق من أم قوما وهم له كارهون، فلا ينبغي له
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673) .(12/54)
أن يؤم قوما يكرهونه، وهو على خطر والصلاة صحيحة، لكن قد خاطر بنفسه، فينبغي له الحذر والبعد عن مثل هذا الأمر إلا برضا الجماعة وتقديمهم له.(12/55)
29 - حكم إمامة الناس بدون الاستئذان منهم
س: السائل: هـ. هـ. و. س، من منطقة الكامل، يقول: إنه يؤم أناسا دون أن يستأذن منهم، فهل عمله هذا صحيح؟
ج: إذا قدموه وصلى بهم فليس من اللازم أن يستأذن الجميع، إذا قدمه أعيانهم أو قدمه ولاة الأمر في هذا المسجد فلا حرج. أما إذا كانوا يكرهونه من أجل خصومة بينه وبينهم وشحناء، أو من أجل بدعته، أو من أجل أنه عنده معاص ظاهرة فلا ينبغي له أن يؤمهم، وجاء في بعض الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة (1) » وذكر منهم: «من تقدم قوما وهم له كارهون (2) » قال العلماء: يعني: إذا أمهم بغير حق، إذا كرهوه بحق فإنه لا يؤمهم، يكرهونه لبدعته أو لشحناء بينه وبينهم لا يؤمهم، أما إذا كان هو مستقيما ومن أهل السنة وليس به بأس، ولكن كرهوه؛
__________
(1) سنن أبي داود الصلاة (593) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (970) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون، برقم (593) .(12/55)
لأنه يدعوهم إلى الله، لأنه يعلمهم، لأنه يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فلا، هذا لا يعتبر بكراهتهم، يؤمهم ولا يعتبر بكراهتهم، لكن إن كرهوه بحق؛ لأنه صاحب خصومة بينه وبينهم وكذلك شحناء، أو لأنه صاحب بدعة، أو يرون منه معاصي ظاهرة كالإسبال وحلق اللحية فلا يؤمهم؛ لأنه هو أخذ بهذا، فالذي يحلق لحيته أو يقصها أو يسبل ثيابه لهم الاعتراض عليه، إما أن يستقيم، وإما أن يعتزلهم، وهكذا لو كان معروفا ببدعة؛ ممن يدعو إلى الموالد ويحتفل بالموالد، أو يدعو للاحتفال بليلة السابع والعشرين ليلة الإسراء والمعراج، أو ممن يتهم بأشياء أخرى تعرف منه أماراتها ودلائلها مما هو بدعة أو معصية ظاهرة، فالحاصل إذا كان عليه أمر واضح، يكرهونه بحق لبدعته أو لدعوته إلى الباطل أو إظهاره المنكر أو ما أشبه ذلك مما هو عذر لهم في كراهتهم له فإنه لا يؤمهم.(12/56)
30 - نصيحة للأئمة الذين يتأخرون عن صلاتي الفجر والعصر
س: يلحظ بعض الإخوة على بعض الأئمة أنهم يتأخرون عن صلاتي الفجر والعصر، وإذا ما نصح بعضهم قال: إن هذا من الابتلاء والامتحان. فما هو توجيه سماحتكم لكل من الأئمة والمأمومين؟(12/56)
جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب على الإمام أن يحضر للصلوات الخمس كلها، على الإمام وعلى كل مسلم أن يحافظ على الصلاة في وقتها، وعلى الإمام أن يحافظ حتى لا يعطل الناس، لا يعجل ولا يتأخر، بل يتحرى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويتحرى ما عين من إدارة الأوقاف من أوقات، وما يقابلها حتى لا يؤذي المصلين لا بالعجلة ولا بالتأخير، يتحرى الأوقات التي عينت له ووضحت له، يتحرى فيها صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا المأموم يسابق إلى الصلاة كلها، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر كلها ولا يتأخر، الفجر والعصر كذلك، يجب أن يعتني بهما كبقية الأوقات، لا يجوز التساهل في ذلك لا للإمام ولا للمأموم، يجب على الجميع العناية بالأوقات والحرص على أن يصليها في جماعة.
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (306) .(12/57)
31 - بيان واجب الإمام تجاه جماعة المسجد
س: ما هو واجب إمام المسجد في حيه وتجاه جماعته في المسجد؟
ج: الواجب عليه تفقدهم وملاحظتهم ونصيحتهم، وألا يشق عليهم(12/57)
بالتأخير ولا بالتبكير، تكون صلاته وسطا حسب التوجيهات التي إليه من المسؤولين عن الصلاة، يصلي حسب التوجيه، يحذر من التأخير الذي يضرهم أو التقديم الذي يضرهم، يكون مراعيا للأوقات التي حددت له، والتقدم اليسير أو التأخر خمس دقائق أو كذا لا يضر، المهم أنه لا يتأخر شيئا يضرهم، أو يتقدم شيئا يخالف التعليمات، بل يكون متحريا للتعليمات، وإذا تأخر قليلا عن التعليمات خمس دقائق أو نحوه كل هذا لا حرج فيه، يراعي المصلحة في ذلك.(12/58)
32 - بيان أن الواجب على الأئمة أن يصلوا كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم
س: بعض الأئمة لهم الصفات التالية: إذا قرأ أحدهم في الصلاة الجهرية فهو يطيل قراءته ويعطيها حقها فيما يجهر فيه من الصلاة، وأما باقي الصلاة - أعني: الجزء الذي يسر فيه، وكذلك جميع الصلوات السرية - فإذا أردت أن تعطي القراءة حقها، كما وردت صفة القراءة في صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام فلا تستطيع أن تكمل الفاتحة، وخاصة في الركعتين الأخيرتين؟(12/58)
ج: الواجب على الأئمة أن يصلوا كما صلى النبي عليه الصلاة والسلام، فيقول عليه الصلاة والسلام: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1) » فعليهم الطمأنينة والعناية بالقراءة وإيضاح القراءة، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته، فقال له لما رآه لم يتم صلاته قال له: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة وكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (2) » فالواجب على الأئمة أن يعتنوا بالصلاة، وأن يكملوها ويوضحوا القراءة؛ أن تكون القراءة واضحة ليس فيها نقص وليس فيها إسقاط حروف، بل يقرأ قراءة واضحة ينتفع بها من خلفه، فالجهرية الأولى والثانية في المغرب والعشاء، وفي صلاة الفجر وصلاة الجمعة يجهر جهرا ينفع المصلين ولا يعجل، والأفضل الترتيل، الأفضل أن يرتل، وأن يقف على رؤوس الآي، كما كان النبي عليه الصلاة والسلام
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة برقم (631) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، برقم (6251) .(12/59)
يفعل حتى ينتفع المصلون بقراءته، والمأموم يستمع وينصت إلا أنه يقرأ الفاتحة، المأموم يقرأ الفاتحة، ولو كان إمامه يقرأ لم يسكت يقرؤها ثم ينصت؛ لأنه مأمور بذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1) » وهذا عام في الجهرية والسرية، لا بد أن يقرأ المأموم، لكن لو جاء المأموم والإمام راكع أجزأه الركوع، وسقطت عنه القراءة، أو نسي فلم يقرأ أو كان جاهلا، ما يعرف الحكم الشرعي، يحسب أن المأموم ليس عليه قراءة فصلاته صحيحة، بخلاف الإمام والمنفرد فإن عليهما قراءة الفاتحة ركنا لا بد منه، لا يسقط لا جهلا ولا سهوا، بل عليهما أن يقرآ الفاتحة، أما المأموم فأمره أوسع، يلزمه أن يقرأ، فإن تركها جاهلا أو ناسيا أو ما أدرك إلا الركوع أجزأته الركعة والحمد لله، وعلى الإمام أيضا في الثالثة والرابعة من العشاء وفي الظهر والعصر، والثالثة من المغرب عليه أن يطمئن أيضا ولا يعجل؛ حتى يقرأ المأموم الفاتحة، لا يعجل، عليه أن يقرأ قراءة مرتلة متأنية؛ حتى يتمكن من خلفه من القراءة؛ لأن الناس أقسام، يختلفون في سرعة القراءة وعدم سرعتها، فالإمام يراعي المأمومين ويرفق بهم ولا يعجل، وعلى المأموم أن يعتني أيضا بالقراءة؛
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/60)
حتى يقرأ قراءة تامة متصلة حتى لا تفوته الفاتحة، بعض الناس قد يقرأ قراءة مقطعة، يقف ويسكت سكتات طويلة، هذا لا وجه له، وعليه أن يقرأ قراءة متصلة حتى يتمكن من القراءة قبل أن يركع الإمام.(12/61)
33 - بيان كيفية دعاء الإمام في سجوده
س: يقول: إذا كان الإنسان إماما فهل يجوز له الدعاء في سجوده، مثل: رب اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله أوله وآخره. وغير ذلك. كذلك الدعاء بعد التشهد الأخير، مثل قوله: " أعوذ بالله من عذاب جهنم، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال "؟ وهل يستحب للإمام وغيره في الصلاة المفروضة الدعاء في السجود وبعد التشهد الأخير، والزيادة في التسبيح في الركوع والسجود، أم أنه يقتصر على أدنى الكمال؟
ج: المشروع للجميع الإمام والمنفرد والمأموم، يشرع للجميع الدعاء في السجود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (1) »
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) .(12/61)
أي: حري أن يستجاب لكم. رواه مسلم في الصحيح. ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (1) » أخرجه مسلم في الصحيح أيضا. فالسنة للجميع الإمام والمنفرد والمأموم والرجل والمرأة الإكثار من الدعاء في السجود، ومن دعائه صلى الله عليه وسلم في السجود: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (2) » رواه مسلم في الصحيح من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام. ومن الدعاء الحسن في السجود: اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. ويقول: اللهم أصلح قلبي وعملي، وارزقني الفقه في ديني. ويقول: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (3) » ومن التسبيح: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (4) » «سبوح قدوس رب الملائكة والروح (5) » ويكرر
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم (2140) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع برقم (794) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (484) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (487) .(12/62)
ذلك ما تيسر، ويقول في السجود أيضا: «سبحان ربي الأعلى (1) » لا يقتصر على الواجب مرة، بل يزيد ثلاثا أو خمسا أو سبعا، هذا أفضل، وهكذا في الركوع: «سبحان ربي العظيم (2) » أدنى الكمال ثلاث، وإن زاد فهو أفضل، خمسا وسبعا وعشرا هو أفضل، لكن يتحرى الإمام ألا يشق على الناس، تكون صلاته وسطا، ليس فيها تطويل يشق على الناس، ولا تخفيف يخل بالواجب، ولكن بين ذلك، ويكثر من قوله في الركوع والسجود: " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي " " سبوح قدوس رب الملائكة والروح ". تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (3) » متفق على صحته. ويقول صلى الله عليه وسلم في السجود والركوع: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح (4) » .
ويدعو في التشهد الأخير بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم،
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (772) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (772) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع برقم (794) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (484) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (487) .(12/63)
يدعو: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (1) » «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (2) » «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت (3) »
ومن الدعاء المشروع: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (4) » هذا دعاء عظيم مشروع في السجود، وفي التشهد
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستفاد منه في الصلاة، برقم (588) .
(2) أخرجه أحمد في مسند من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه برقم (21621) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834) ، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب استحباب خفض الصوب بالذكر، برقم (2705) .(12/64)
قبل السلام. ومن الدعاء المشروع قبل السلام: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ومن عذاب القبر (1) » وإن دعا بغير هذا من الدعوات الطيبة فكله حسن قبل أن يسلم، لكن إذا كان إماما لا يطول تطويلا كثيرا على الناس؛ حتى لا يشق عليهم، فأما المأموم فتبع إمامه، يدعو حتى يسلم إمامه، والمنفرد له أن يطول ما يشاء؛ لأنه ليس خلفه من يشق عليه، فله أن يصلي كيف يشاء مع مراعاة الأمر الشرعي في كل شيء.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (6365) .(12/65)
34 - حكم استئجار الإمام لشخص ينوب عنه في إمامة المصلين
س: هل يجوز للإمام أن يستأجر شخصا آخر ليقوم بالإمامة نيابة عنه (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء، إذا كان المستأجر صالحا لذلك، ووافقت عليه الجهة المسؤولة؛ كالأوقاف مثلا أو صاحب المسجد الذي عينه فيه إماما، لكن إذا ترك الاستئجار، وقال له: تنوب عني وأنا إن شاء الله أساعدك. يكون أحسن من لفظ الاستئجار؛ لأن كثيرا من أهل العلم يكره هذا اللفظ، ويكره هذا
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (116) .(12/65)
الاستعمال لحديث: «اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا (1) » وسئل أحمد رحمه الله عن رجل يقول: أصلي بكم رمضان بكذا وكذا. قال: أعوذ بالله، ومن يصلي خلف هذا. أو كما قال رحمه الله. فالحاصل مثل هذه العبارات فيها شيء من النقص، فهو كونه يقول له: أنت تنوب عني، وأنا إن شاء الله لا أقصر في مساعدتك. أو: إن شاء أعطيك ما يعينك على حاجتك. أو ما أشبه ذلك أحسن من كونه يتعاقد معه إجارة.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه برقم (15836) .(12/66)
35 - حكم الإمام الذي يتقاضى راتبا على إمامته وهو لا يصلي بجماعة المسجد
س: مستمع يقول: ما رأي سماحتكم في الإمام الذي يهمل عمله، ويضع حمل العمل على الحارس، من أذان وإقامة وصلاة بالناس والقيام بشؤون المسجد؟ وهل المرتب الذي يتقاضاه حلال؟
ج: هذا من الخيانة، لا يجوز له أن يعمل هذا العمل، والواجب رفع أمره(12/66)
إلى الجهة المسؤولة حتى يستقيم، أو يبدل بخير منه، هذا على الجماعة والمسؤولين أن يرفعوا أمره، نسأل الله لنا وله الهداية.(12/67)
36 - حكم ذهاب الإمام إلى مكة في رمضان دون أن ينيب عنه أحدا
س: يقول السائل: ما حكم من يذهب إلى العمرة في رمضان، وهو يعمل إمام مسجد ويترك الجماعة بدون إمام؟
ج: الواجب عليه أن يعين من يقوم مقامه، أو يبلغ الجهة المختصة حتى تعين من يقوم مقامه، وإذا أذنت له فلا بأس، أما أن يتساهل فلا يجوز، بل إما يعين من يقوم مقامه بمن هو مثله أو خير منه، أو يبلغ الجهة المختصة حتى تعين من يقوم مقامه إذا سمحت له، ولا يجوز له إهمالهم؛ لأن هذه أمانة، ولا يجوز الإخلال بالأمانة، يقول الله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (1) . ويقول سبحانه في وصف المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (2) . فالواجب على الإمام إذا عرض له عارض؛ كعمرة أو حاجة أخرى أن يستنيب من
__________
(1) سورة النساء الآية 58
(2) سورة المؤمنون الآية 8(12/67)
يقوم مقامه ولا يتساهل، فإن كانت هناك حاجة إلى الاستئذان استأذن الجهة المختصة، أما إن كانت الحاجة خفيفة فإنه يستنيب من يقوم مقامه بمن هو مثله أو خير منه والحمد لله.(12/68)
37 - حكم إمامة من لا يعرف معاني آيات القرآن الكريم
س: سائل يقول: أحفظ كثيرا من كتاب الله، وأجيد قراءته قراءة جيدة، وأؤم المصلين في كثير من الأحيان، إلا أنني لا أعرف كثيرا من معاني الآيات، فهل تجوز الإمامة والحال ما ذكر (1) ؟
ج: نعم، لا حرج في ذلك وإن كنت تجهل بعض المعاني، ما دمت بحمد الله تجيد القراءة فالحمد لله.
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (272) .(12/68)
38 - حكم الصلاة خلف من عليه دين
س: هل تصح الصلاة خلف من عليه دين، مع أنه فقير وحافظ للقرآن، ولم يأذنوا له أن يصلي بهم، يقولون له: بأنك عليك دين؟ هل تجوز الصلاة خلف هذا (1) ؟
ج: نعم، تجوز الصلاة خلفه ولو عليه دين، كان النبي صلى الله عليه
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (377) .(12/68)
وسلم أولا إذا أتي بصاحب دين قال: «صلوا على صاحبكم (1) » ثم ترك ذلك، وكان يصلي عليهم وعليهم دين عليه الصلاة والسلام، ويقضي عمن عليه دين إذا كان ما عنده وفاء، هذا من كرم أخلاقه عليه الصلاة والسلام، ومن جوده أنه إذا مات إنسان عليه دين، وليس عنده شيء لقضاء دينه لا يصلي عليه، ونسخ هذا الأمر الذي فيه ترك الصلاة، فالذي عليه دين يصلي عليه ويسعى في قضاء دينه بعد ذلك من ماله، أو غير ماله، المقصود أن ترك الصلاة كان أولا ثم نسخ، وكان يصلي صلى الله عليه وسلم على من عليه دين قبل الوفاء، اللهم صل عليه وسلم.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الحوالات، باب من تكفل عن ميت دينا فليس له أن يرجع، برقم (2297) ، ومسلم في كتاب الفرائض، باب من ترك مالا فلورثته، برقم (1619) .(12/69)
39 - حكم الصلاة خلف إمام مبتدع
س: ما حكم الصلاة خلف إمام مبتدع، سواء كانت البدعة بمجال العبادات أو العقائد (1) ؟
ج: لا يجوز اتخاذ المبتدع إماما؛ لأنها رفع لشأنه، فلا يجوز أن يتخذ إماما،
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (356) .(12/69)
بل يتحرى في الإمامة أهل الصلاح والاستقامة، والسالمون من البدع، هذا هو الواجب على المسؤولين، أن يتحروا للإمامة الرجل الصالح صاحب العلم والفضل، البعيد عن البدع، لكن إذا وجد في المسجد إمام مبتدع بدعته غير مكفرة فالصلاة خلفه صحيحة، والواجب إزالته وإبداله بغيره، أما إن كان بدعته مكفرة كعبدة القبور، الذي يعبد القبور ويستغيث بالأموات هذا لا تصح الصلاة خلفه، لا تصح الصلاة لنفسه لكفره، فلا تصح الصلاة خلفه. أما إذا كان مبتدعا بدعة لا تخرجه من الإسلام، بدعة تجعله عاصيا فقط فالصلاة خلفه صحيحة، كالصلاة خلف غيره من الفساق الذين هم مسلمون، لكن عندهم بعض المعاصي كالغيبة والنميمة، وشرب المسكر وحلق اللحى، فالصلاة صحيحة، لكن لا ينبغي أن يتخذوا أئمة، ينبغي لولاة الأمور ألا يجعلوا إماما يتظاهر بالمعصية. قد صلى بعض الصحابة خلف الحجاج بن يوسف، وكان من أفسق الناس , سفاكا للدماء؛ لأنه مسلم. ومن البدع التي لا تخرج من الإسلام منها بدعة المولد إذا لم يكن فيها شرك، بل مجرد احتفال بالمولد، وقراءة دروس وقصائد ليس فيها شرك، هذه بدعة منكرة. أما إذا كان فيها شرك، فيها دعاء للنبي صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به صار ذلك شركا أكبر. ومثل بدعة ليلة المعراج ليلة الإسراء والمعراج والاحتفال بها، هذه بدعة لا تكفر إلا إذا كان فيها دعوة لغير الله(12/70)
واستغاثة بغير الله، يكون فاعل ذلك كافرا باستغاثته بغير الله ودعائه الأموات والغائبين. ومثل: نويت أن أصلي كذا وكذا. هذه بدعة لفظية لا تكفر، معصية نقص على المؤمن، والصلاة خلف صاحبها صحيحة، لو قال: نويت أن أصلي الظهر، نويت أن أصلي كذا. هذا لا يجوز، لكن الصلاة صحيحة.(12/71)
س: هل يجوز أن نصلي وراء إمام مبتدع، ويدعو إلى بدعته (1) ؟
ج: الإمام المبتدع يجب الرفع عنه للجهات المسؤولة؛ حتى يزال، حتى يبعد عن الإمامة، حتى لا ينشر بدعته. أما الصلاة فلنا فيها تفصيل: إن كانت بدعته تكفره؛ يعني كافرا، من البدع الشركية فلا يصلى خلفه، ويجب عزله. وإن كانت بدعته مفسقة ليست مكفرة؛ يعني لا يكفر صاحبها فالصلاة خلفه صحيحة، لكن ينبغي السعي في إبعاده من ولاة الأمور؛ حتى يولى غيره صاحب سنة، والصلاة خلف الفاسق العاصي وخلف المبتدع الذي لا يكفر صحيحة، لكنه ما ينبغي أن يولى الفاسق، ولا ينبغي أن يولى المبتدع، بل ينبغي العدل مع الإمامة. أما إذا كان كافرا فإنه لا تصح إمامته، ولا الصلاة خلفه؛
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (298) .(12/71)
كأن يعبد الأوثان، أو يستغيث بالأولياء، الحسين، أو بالبدوي، وبالشيخ عبد القادر، أو بغيره من الأموات، هذا كافر كفرا أكبر، وهكذا الذي يعرف بسب الدين، أو الاستهزاء بالدين الإسلامي، كافر لا يصلى خلفه، ولا يجوز أن يكون إماما. أما إذا كان بدعته أقل من ذلك ما تكفره؛ مثل الذي يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا. هذه بدعة، لكن لا تكفره، لا تمنع الصلاة خلفه، لكن ينصح ويعلم؛ لأن التلفظ بالنية بدعة، النية محلها القلب. كذلك الإنسان الذي يعرف بأنه يحضر الموالد، الاحتفال بالموالد، لكن ليس عنده شرك، بل يحضرها من دون أن يكون معروفا بدعوة الأموات، أو الاستغاثة بالأولياء، حضور الموالد بدعة، لكن ليست مكفرة، ينبغي إذا كان يدعو الأموات، ويستغيث بهم، وينذر لهم، ويذبح لهم، هذا يكون كافرا بهذا العمل السيئ، نسأل الله العافية، ولا يصلى خلفه.(12/72)
س: يقول السائل: هل تجوز الصلاة خلف إمام مبتدع؛ يتوسل في دعائه بجاه الأنبياء والصالحين، ويقوم بأعمال شركية (1) ؟
ج: هذا لا يصلح إماما، هذا يرفع أمره إلى الجهات المسؤولة؛
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (288) .(12/72)
حتى يزال من الإمامة، لا يؤم الناس إلا رجل عدل معروف بالخير، ولا يجوز أن يؤمهم مبتدع مشرك بجاه فلان، هذا بدعة من وسائل الشرك، لكن إذا كان عنده أمور أخرى شركية؛ كونه يدعو الأنبياء يستغيث بالنبي، يستغيث بأهل البيت، يستغيث بالأولياء، يسألهم الشفاعة، هذا شرك أكبر، لا تصح صلاته، ولا يجعل إماما، المقصود أن الواجب على جماعة المسجد أن يرفعوا أمر هذا الإمام إلى الجهات المسؤولة، ويطلبوا تغييره بإنسان معروف بالإيمان والعدالة والاستقامة، حتى ولو كان غير مشرك، ما دام مبتدعا معروفا بالبدعة يزال ويسعى في إزاحته، لكن إن كان مسلما صحت الصلاة، إذا كانت بدعته لم تخرجه من الإسلام صحت الصلاة، أما إن كانت بدعته تخرجه من الإسلام؛ كالذي يدعو أهل البيت ويستغيث بهم، ويعتقد فيهم أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم معصومون، أو يسب الصحابة هذا ما يتخذ إماما، ولا يصلى خلفه.(12/73)
س: سماحة الشيخ، الصلاة خلف المبتدع ما حكمها (1) ؟
ج: الصلاة فيها تفصيل خلف المبتدع: إذا كان المبتدع ابتدع بدعة
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (396) .(12/73)
تكفر كالجهمي هذا لا يصلى خلفه، والمعتزلة في صفات الله، والخوارج لا يصلى خلفهم. أما إذا كانت بدعة خفيفة؛ مثل أن يقول: نويت أن أصلي. أو عنده بدعة أخرى غير هذا من البدع الخفيفة؛ التي لا تفضي إلى الشرك فالأمر في هذا سهل، يصلى خلفه، ولكن إذا تيسر إزالته والتماس إمام من أهل السنة فهذا هو الواجب، ولكن إذا دعت الضرورة إلى أن يصلى خلفه، إذا كانت بدعته لا تكفره كالعاصي، كالذي يعرف بالمعاصي يصلى خلفه ما دام مسلما.(12/74)
س: يقول هذا السائل من كينيا: س. أ: هل تصح الصلاة خلف إمام مبتدع؛ يشتغل بأعمال الشعوذة والسحر؟ وما حكم الصلاة خلف هذا إذا كنا صلينا خلف هذا الإمام عدة صلوات (1) ؟
ج: إن كانت بدعته تخرجه من الدين لم تصح الصلاة خلفه، أما إن كان بدعته ما تخرجه من الدين، بدعة منكرة لكن لا يكون بها كافرا؛ مثل بدعة المولد، ومثل بدعة النطق بالنية في الصلاة فهذا لا حرج، لكن ينبغي استخلاف غيره من أهل السنة، والصلاة خلفه صحيحة إذا كان لم يحكم بكفره، أما إذا كانت بدعة تكفره؛ كدعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله، والنذر
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (425) .(12/74)
لغير الله، والذبح لغير الله هذا لا يصلى خلفه، هذا مشرك.(12/75)
س: هل تجوز الصلاة خلف إمام مبتدع (1) ؟
ج: هذا يختلف: إن كانت البدعة مكفرة؛ مثل المبتدع الذي يدعو إلى الشرك، ويجيز الشرك بالله، هذا لا يصلى خلفه. أما إذا كان المبتدع يؤول بعض الصفات، أو يتعاطى الموالد، ولكن ما عنده شرك فهذا يصلى خلفه إذا دعت الحاجة إلى ذلك كالجمعة، وإذا تيسر غيره فينبغي أن يصلى خلف غيره. أما إذا كانت بدعته مكفرة؛ كعبادة القبور والاستغاثة بالأموات هذا لا يصلى خلفه، نسأل الله العافية.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (182) .(12/75)
س: يسأل سماحتكم: ما حكم الصلاة وراء إمام مبتدع؟ هل الصلاة وراءه جائزة؟ وما العمل إذا لم يكن بالإمكان إبعاد هذا الإمام عن إمامة المسجد (1) ؟
ج: إذا كانت بدعته لا توجب كفره فالصلاة صحيحة، مثل قوله: نويت أن أصلي كذا وكذا. وما أشبهه من البدع، إذا كانت البدعة لا تكفره فإن الصلاة خلفه صحيحة، ولكن يلتمس من هو أولى منه وأفضل منه مع المسؤولين؛ حتى يعين من هو سليم من البدعة. أما إذا كانت البدعة تكفره
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (321) .(12/75)
فلا يصلى خلفه؛ كالمبتدعة الذين يقولون: إن القرآن مخلوق. أو يرون دعاء الأموات والاستعانة بالأموات، فهو كفر أكبر.(12/76)
40 - حكم الصلاة خلف إمام صوفي
س: في حينا مسجد، بناه جماعة من الصوفية بعد أن أردنا نحن - أهل السنة - بناءه، ولكنهم أصروا على بنائه وفعلوا، وهو الآن تحت إدارتهم وتصرفهم، ويقومون فيه بأشعار ومدائح، فهل يجوز لنا نحن أن نصلي فيه معهم وخلف إمامهم المبتدع، أم ماذا نفعل (1) ؟
ج: إذا كان إمامهم ليس بكافر، وإنما عنده بعض البدع التي لا تخرجه من الإسلام فلا مانع من الصلاة معهم، ونصيحتهم وتوجيههم وإرشادهم والدعوة إلى الله بعد الصلوات، وفي حلقات العلم في المسجد؛ حتى يستفيدوا وينتفعوا، ويدعوا ما عندهم من البدع إن شاء الله؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب التناصح. أما إن كان إمامهم يتعاطى ما يوجب كفره؛ كالذي يستغيث بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو يدعوه من دون الله، أو يستغيث بالأموات وينذر لهم ويذبح لهم، هذا كفر وضلال، هذه أمور كفرية لا يصلى خلفه؛ لأن هذه الأمور من أمور الكفر بالله والشرك بالله عز وجل. وهكذا إذا كان إمامهم يعتقد اعتقادات كفرية؛ كأن يعتقد أن غير الله
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (43) .(12/76)
يتصرف في الكون من الأولياء، وأنهم يدبرون هذا العالم كما تفعل بعض الفرق الصوفية، أو يعتقد ما يعتقده أصحاب أهل وحدة الوجود بأن الخالق والمخلوق واحد، وأن الخالق هو المخلوق، والعبد هو المعبود، ونحو ذلك من المقالات الخبيثة الملحدة، فهذا كافر ولا يصلى خلفه. أما إذا كان الذي لديه بدع دون الكفر فإن هذا يصلى خلفه، مثل بدعة المولد وليس فيها كفر، ومثل بعض البدع الأخرى التي يفعلها الصوفية وليست بكفر، بل دون الكفر، فلا تمنع من الصلاة خلفه.
وأما الأشعار التي يأتي بها ينظر فيها، فإذا كانت أشعارا كفرية، مثل أشعار صاحب البردة في قوله:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
إن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم
هذه أشعار كفرية، هذا اعتقاد ضال، فإذا كان أصحاب المسجد يعتقدون مثل هذه الأمور فلا يصلى خلف إمامهم؛ لأن الاعتقاد بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، أو أنه يملك الدنيا والآخرة هذا كفر وضلال، والعياذ بالله، وعلم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. وهكذا اعتقاد بعض الصوفية، وبعض الوثنية أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو(12/77)
الذي ينقذ الناس يوم القيامة، وينقذ من دعاه يوم القيامة، ويخرجه من النار، هذا كله كفر وضلال، إنما الأمور بيد الله سبحانه وتعالى، هو الذي ينجي من النار، وهو الذي يعلم الغيب، وهو المالك لكل شيء، وهو مدبر الأمور سبحانه وتعالى، والرسول صلى الله عليه وسلم ليس بيده إخراج الناس من النار، بل يشفع ويحد الله له حدا يوم القيامة في الشفاعة عليه الصلاة والسلام، ولا يشفع إلا لأهل التوحيد والإيمان، كما قد سأله أبو هريرة رضي الله عنه، قال: «يا رسول الله، من أحق الناس بشفاعتك؟ قال: " من قال: لا إله إلا الله. خالصا من قلبه "، أو قال: " خالصا من نفسه (1) » وقال عليه الصلاة والسلام: «إني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة - إن شاء الله - من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا (2) » فشفاعته لأهل التوحيد والإيمان، لا لأهل الكفر بالله عز وجل.
فالحاصل أن الإمام إذا كان عنده شيء من الكفر هذا لا يصلى خلفه، أما إذا كانت بدعته دون الكفر فلا مانع من الصلاة خلفه، ولكن إذا وجد مسجد آخر فيه أهل السنة فالصلاة خلفهم أولى
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الحرص على الحديث، برقم (99) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته، برقم (199) .(12/78)
وأحسن وأبعد عن الشر، ولكن مع ذلك ينبغي لأهل السنة أن يتصلوا بأهل البدعة بالنصيحة والتوجيه والتعليم والتفقيه، والتعاون على البر والتقوى؛ لأن بعض أهل البدع قد يكون جاهلا، ما عنده بصيرة، فلو علم الحق لأخذ به وترك بدعته، فينبغي لأهل السنة ألا يدعوا أهل البدع، بل عليهم أن يتصلوا بهم وينصحوهم ويوجهوهم ويعلموهم السنة، ويحذروهم من البدعة؛ لأن هذا هو الواجب على أهل العلم والإيمان، كما قال الله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1) ، وقال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (2) ، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
__________
(1) سورة النحل الآية 125
(2) سورة فصلت الآية 33(12/79)
س: يقول السائل: إذا حضرت بقرية، وكان إمامها من الصوفية، ولا يقبض يديه في الصلاة، ولا يدلي بركبتيه قبل يديه إلى السجود، فهل تجوز صلاتي خلفه أم لا (1) ؟
ج: إذا كان موحدا معروفا بالتوحيد ليس مشركا، وإنما عنده شيء من
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (69) .(12/79)
الجهل أو التصوف، ولكنه موحد مسلم يعبد الله وحده، ولا يعبد المشايخ ويدعوهم من دون الله، كالشيخ عبد القادر أو غيره، بل يعبد الله وحده فمجرد كونه لا يضم يديه لا يمنع، هذا أمر مسنون، ضم اليدين وجعل اليمنى على اليسرى على الصدر هذا مستحب، فمن أرخاهما وأرسلهما فلا حرج عليه وصلاته صحيحة، وبهذا قال جماعة من أهل العلم، وهو المعروف من مذهب مالك رحمه الله عند أصحابه، لكن الصواب والمشروع أنه يضم، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، يضم اليمنى إلى اليسرى ويجعلهما على صدره، ويجعل اليمنى فوق كف اليسرى أو الرسغ والساعد، هذا هو الأفضل، وهذا هو المحفوظ عن الرسول عليه السلام، رواه أبو داود والنسائي وآخرون عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل بن حجر (1) وهكذا جاء له شاهد عند أحمد رحمه الله في مسنده من حديث قبيصة بن هلب، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يضع يديه على صدره (2) » المقصود أن هذا هو الأفضل، لكن من أرسل فلا حرج، وصلاته صحيحة، وهكذا إذا قدم ركبتيه قبل يديه هذا هو الأفضل، وقال آخرون: يقدم يديه قبل ركبتيه؛ لما ورد في ذلك من
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد التكبير، برقم (401) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث هلب الطائي رضي الله عنه، برقم (21460) .(12/80)
حديث أبي هريرة (1) والأمر في هذا واسع، فلا يضر الصلاة إن قدم ركبتيه أو قدم يديه، الأمر كله واسع، والصلاة صحيحة، ولكن الأفضل أن يقدم ركبتيه ثم يديه، هذا هو الأفضل، وهذا هو المعتمد، يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، هذا هو الأفضل وهو المعتمد من حيث الدليل، وإن قدم يديه ثم ركبتيه فلا حرج في ذلك وصلاته صحيحة والحمد لله، ولا مانع من الصلاة خلف من يفعل ذلك.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8732) .(12/81)
41 - حكم الاقتداء بالإمام في عدم قبض اليدين أثناء الصلاة
س: إذا كان الإمام لا يضع يده اليمنى على اليسرى بل يسبلهما هل يقتدي المأموم به، أم يخالفه ويضع يده اليمنى على اليسرى (1) ؟
ج: إذا أرسل يديه الإمام فقد خالف السنة، فلا يقتدى به، بل المأموم يضع يده اليمنى على اليسرى حتى يفعل السنة، ولا يقتدى بالإمام في خلاف السنة، وهكذا إذا كان لا يرفع عند الركوع أو عند الرفع منه، أو عند القيام إلى الثالثة فإن المأموم يرفع؛ لأن الرسول كان يرفع عليه الصلاة والسلام عند الإحرام، ويرفع عند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام إلى الثالثة، فالرسول هو المقتدى به، هو الإمام الأعظم عليه الصلاة
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (27) .(12/81)
والسلام، فإذا قصر إمامك في صلاته ولم يأت بالسنة فأنت لا تقتدي به في خلاف السنة، بل تأتي بالسنة، وإن خالفت الإمام فقد وافقت الإمام الأعظم رسول الله عليه الصلاة والسلام.(12/82)
42 - حكم الصلاة خلف من يقر البدع
س: من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره، هل ولو كان يقر البدع (1) ؟
ج: نعم، إذا كانت بدعة لا تكفره، البدعة لا تكفره، البدعة تعتبر معصية، لا تعتبر كفرا أكبر، فيصلى خلفه، أما إذا كانت بدعته تكفره، كالذي يعبد الأموات ويستغيث بالأموات هذا يسمى بدعة، وهو شرك أكبر، فهذا لا يصلى خلفه، وهكذا إذا كانت بدعته تتضمن كفرا، مثل بدعة أهل وحدة الوجود؛ الذين يقولون: ليس هناك عابد ومعبود. بل يرون عين الإله المعبود هو عين المخلوق، وهذا كفر أكبر نعوذ بالله، فالحاصل: أن البدع التي لا تكفر، يصلى خلف صاحبها، وإذا هجر حتى يتوب فحسن، يهجر ويصلى خلف غيره حتى يتوب لعله يتوب، هذا طيب، لكن لو أن أحدا صلى خلفه، وهو ليس بكافر فإن الصلاة صحيحة، كما يصلى خلف العاصي، هذا في أصح قولي العلماء رحمة الله عليهم، وصلى بعض الصحابة كابن عمر رضي الله عنهما خلف الحجاج بن
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (100) .(12/82)
يوسف الثقفي الظالم، وهو من أظلم الناس وأفسقهم، وصلى خلفه جم غفير من السلف الصالح في الحج، فلا بأس.(12/83)
43 - حكم الصلاة خلف من ينكر صفة الاستواء لله تعالى
س: يسأل ط. م: من تشاد، ويقول: هناك إمام يؤمنا بالصلاة، وهو يقول: إن الله لا فوق ولا تحت، وإنه في كل مكان. فهل يجوز أن نصلي خلف هذا الإمام (1) ؟
ج: هذا مبتدع ضال، لا يصلى خلفه، من قال: إن الله لا فوق ولا تحت. فهو كافر، الله فوق، يقول جل وعلا: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (2) ، ويقول سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (3) ، ويقول: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (4) ، {هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (5) {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (6) ، وقال سبحانه:
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (344) .
(2) سورة طه الآية 5
(3) سورة الأعراف الآية 54
(4) سورة البقرة الآية 255
(5) سورة الحج الآية 62
(6) سورة غافر الآية 12(12/83)
{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (1) ، وقال: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (2) في آيات كثيرة، ومن زعم أن الله ليس فوق، وأنه في كل مكان فهو ضال مضل كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وعلى ولي الأمر أن يستتيبه لدى المحكمة، إن تاب وإلا قتل، نسأل الله العافية.
__________
(1) سورة فاطر الآية 10
(2) سورة المعارج الآية 4(12/84)
44 - حكم الصلاة خلف إمام يتلفظ بالنية في الصلاة
س: يوجد إمام عندما يدخل في الصلاة يتلفظ بالنية قبل تكبيرة الإحرام بصوت مرتفع، يقول مثلا: أصلي فرض المغرب ثلاث ركعات مستقبل القبلة. ثم يكبر تكبيرة الإحرام، ويقول: هذا التلفظ سنة. فنرجو منكم توجيهنا جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: الصواب أن التلفظ ليس بسنة، بل بدعة، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلفظ بالنية ولا أصحابه، بل يقوم بنية الصلاة في قلبه ثم يكبر، وهكذا فعل الصحابة، فالتلفظ بالنية: نويت أن أصلي كذا وكذا. عند الإحرام هذا شيء محدث، وإن قاله بعض الفقهاء، لكنه قول ليس عليه
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (226) .(12/84)
دليل، وأقوال الفقهاء إذا تنازعوا تعرض على الكتاب والسنة، فإن وافقت دليلا وجب الأخذ به، وما خالفهما ترك، قال الله جل وعلا: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (1) ، وقال سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (2) ، وليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يدل على التلفظ بالنية، ولكن المؤمن إذا قام إلى الصلاة ينوي بقلبه أنه يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وهكذا المؤمنة من دون حاجة إلى التلفظ، فينبغي تعليم هذا ونصيحته حتى يعمل بالسنة، وحتى يدع البدعة، نسأل الله للجميع الهداية.
__________
(1) سورة النساء الآية 59
(2) سورة الشورى الآية 10(12/85)
45 - حكم ترك الذهاب إلى مسجد عرف أهله بالبدع
س: لدينا بستان يبعد عنا حوالي عشرين إلى ثلاثين كيلو مترا، أذهب إليه بعد صلاة العصر مع أخي، ونصلي المغرب في البستان، وأكون أنا إمامه، وبعض الأوقات نكون جماعة إذا حضر بعض إخواني والأصدقاء، ولا أستطيع الذهاب إلى المسجد؛ لأن المساجد التي بقربنا لفئة معينة من أهل البدع ويصلون متأخرين، ولا يمكن(12/85)
الرجوع إلى منطقتنا، وكذلك لضيق الوقت وخطر الشارع الذي يكون مزدحما بالأطفال والسيارات، ولو خرجت إلى الصلاة قبل نصف ساعة لأدركت الصلاة في المسجد، ولكن هذا يضيع علي مراقبة العمال، وهم من السيخ ليس لهم ذمة، فهل الصلاة صحيحة؟ وما حكم العمال الذين على غير دين الإسلام (1) ؟
ج: إذا كان الواقع هو ما ذكرتم فلا حرج عليكم في الصلاة في البستان مع أخيك، ومع من حضر معكم، وأما الصلاة مع من ذكرتم من أهل البدع فلا تصلوا معهم؛ لأنهم ليسوا أهلا لأن يؤموكم، ولا يمكنكم أن تؤموهم، أما لو تيسر أن تؤموهم وتصلوا بهم فلا بأس، لكن كون الإمام يكون من أهل البدع فلا يصلح أن يكون إماما لأهل السنة، ولكن لا حرج عليكم في الصلاة في البستان أنت ومن حضر معك المغرب والعشاء؛ لبعدكم عن مساجد أهل السنة، وأما وجود السيخ عندكم عمالا فالواجب عليكم أن تستعملوا المسلمين؛ لأن بلادكم من جملة الجزيرة العربية، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بإخراج الكفار منها، فالذي أنصحكم به أن تستقدموا المسلمين، وأن تبعدوا
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (63) .(12/86)
الكفار من العمال من السيخ، أو من النصارى، أو من الهندوس، أو من غيرهم، الواجب إبعاد الكفار وتقريب المسلمين واستقدامهم للعمل في بلاد المسلمين، ولا سيما في الجزيرة العربية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإبعاد الكفار منها، وأوصى عند موته بإخراج الكفار من هذه الجزيرة، فالواجب عليكم أيها الإخوة في كل مكان أن تستعملوا المسلمين دون الكفار، وهذه ليست خاصة بكم، بل وصيتي هذه لجميع أهل الجزيرة: في البحرين، وفي المملكة العربية السعودية، وفي قطر، وفي الكويت، وفي دولة الإمارات، وفي اليمن، وفي كل مكان من الجزيرة، الواجب إبعاد الكفار، وأن يستقدم المسلمون للحاجة في الأعمال، وهم أولى بمنفعتكم والأولى بأموالكم من الكفار، لكن من هداه الله من الكفار وأسلم على أيديكم فلا بأس ببقائه إذا أسلم، نسأل الله للجميع الهداية.(12/87)
46 - حكم إطالة الإمام للسجدة الأخيرة في الصلاة
س: سائل يقول: بعض الناس يطيل آخر سجدة في آخر ركعة، ويخصها بالدعاء دون غيرها، وقد يكون إماما، فنلاحظ نحن المأمومين أنه يطيل أكثر من غيرها، فما حكم ذلك جزاكم الله خيرا (1) ؟
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (325) .(12/87)
ج: لا نعلم دليلا يدل على شرعية إطالة السجود الأخير، لكن السنة أن يطيل في بعض السجدات، ولا يطيل على الناس في السجود، أن تكون سجداته معتدلة متقاربة، وهكذا الرسول عليه الصلاة والسلام كان قيامه يطيل في الأولى والثانية، ويعتدل في السجود، ولا يطول على الناس قدر الاستطاعة، وهكذا في الثالثة والرابعة من الظهر والعصر والعشاء يقرأ الفاتحة، ويركع ركوعا معتدلا ليس فيه طول كثير، ويعتدل بعد الركوع ليس فيه طول يشق على الناس، وهكذا السجود كله سواء، يكون فيه طمأنينة واعتدال وعدم عجلة، لكن لا يخص السجدة الأخيرة بالطول الذي لا يوجد دليل عليه، إنما هو مأمور بالطمأنينة وعدم العجلة، في قيامه يخشع في القراءة ولا يعجل، وفي الركوع يخشع ولا يعجل، واعتداله بعد الركوع لا يعجل فيه، وهكذا في السجود، وهكذا بين السجدتين فتكون صلاته متقاربة، هكذا علمنا النبي صلى الله عليه وسلم.(12/88)
47 - حكم قيام الإمام بالدعاء له وللمصلين عقب كل صلاة
س: هل يجوز للإمام أن يقوم بالدعاء له وللمصلين عقب كل صلاة،(12/88)
أم يدعو في سره (1) ؟
ج: السنة أن يدعو في سجوده في آخر التحيات لنفسه وللمسلمين، أما إذا سلم يرفع يده ويدعو هو وإياهم ليس له أصل، هذا ليس له أصل.
__________
(1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (365) .(12/89)
48 - حكم قراءة الإمام لسورة الإخلاص بعد كل أربع ركعات من التراويح
س: يقول السائل: في قيام رمضان بعد كل أربع ركعات يجلس الإمام، ويقرأ سورة الإخلاص حتى ينتهي منها، فيقرؤها المصلون بصوت واحد، وذلك ثلاث مرات، ما حكم هذا العمل (1) ؟
ج: هذا من البدع لا أصل له، نسأل الله العافية.
__________
(1) السؤال الثاني والستون من الشريط رقم (431) .(12/89)
49 - حكم قراءة الإمام عدة أحاديث بعد الصلاة كل يوم
س: هذا السائل ع. ع. يقول: في بعض المساجد وخاصة بعد صلاة العصر يقرأ الإمام، أو أحد الإخوة عدة أحاديث من رياض(12/89)
الصالحين في كل يوم، فهل هذا العمل من البدعة (1) ؟
ج: ليس هذا بدعة، هذا من التذكير والتعليم؛ لأن هذا من باب تعليم الجماعة وإرشادهم لما ينبغي لهم في المسجد بعد العصر أو بعد العشاء، أو في أي وقت لتعليم الجماعة لتعليم الحاضرين، هذا كله مطلوب؛ لأنه من باب التعليم.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (430) .(12/90)
50 - حكم الصلاة خلف شخص معتنق الطريقة التيجانية
س: إذا كان شخص ما على الطريقة التيجانية فهل يجوز أن يصلي بالناس إماما (1) ؟
ج: الطريقة التيجانية طريقة خبيثة رديئة، لا يجوز اعتناقها ولا البقاء عليها، ولا يجوز لأهلها أن يتخذوا أئمة في المساجد، ولا يصلى خلفهم، فالواجب تركها والحذر منها، وقد كتبنا في ذلك ما تيسر، وذلك المكتوب يوزع لمعرفة حقيقتها، فنصيحتي لأهلها أن يتركوها، وأن يستقيموا على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في خلواتهم خاصة وفي سائر أعمالهم، يقول الله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2) ،
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (215) .
(2) سورة الأحزاب الآية 21(12/90)
فالأسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم، لا بأحمد التيجاني ولا غيره، فالواجب على أهل الإسلام أن يتأسوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في أقوالهم وأعمالهم وسيرتهم، وأن يستقيموا على دينه وطريقه عليه الصلاة والسلام، وأن ينفذوا ما أمر الله به ورسوله، وأن ينتهوا عما نهى الله عنه ورسوله، أما العقيدة التيجانية فهي طريقة محدثة وبدعة منكرة، ولا يجوز أن يؤخذ منها إلا ما وافق الكتاب والسنة، منها ومن غيرها؛ لأن الاعتبار بموافقة الكتاب والسنة، وما خالف ذلك وجب طرحه وتركه.(12/91)
51 - تعريف البدع وبيان حكمها
س: سائل من ليبيا له سؤال طويل عن البدع؛ البدع الحسنة وغير الحسنة، يقول فيه: هل توجد بدع حسنة وبدع سيئة؟ مع أن بعض البدع لا بأس به، ولا تمس جوهر الدين في شيء. وهل لأصحاب المذاهب آراء في ظهور البدع؟ وهل منهم من أجاز البعض منها؟ لأننا عندما نتحدث إلى شخص، ونحاول إقناعه بأن بعض الذي يعمله بدعة، وكل بدعة ضلالة، فيقول: هذه لا بأس بها؛ لأنها لا تضر بالدين. مع العلم أن هناك من يرى الدعاء بعد الصلاة بالمصلين وهو(12/91)
إمام، وكاد بعض المصلين أن يؤذيه؛ لأنه ترك الدعاء بهم، هذا إلى جانب تفشي كثير من البدع، أرجو توضيح هذه المسألة جزاكم الله خيرا، ووفقكم لأداء رسالتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (1)
ج: البدع ليس فيها حسنة، كلها ضلالة، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «وكل بدعة ضلالة (2) » هذا كلام عظيم وقاعدة كلية عظيمة، قالها النبي صلى الله عليه وسلم، والبدع هي التي يحدثها الناس في الدين، عبادات ما شرعها الله يقال لها: بدعة. مثل: إحداث شيء ما شرعه الله في الصلاة؛ من رفع اليدين بين السجدتين، أو في آخر الصلاة، أو بعد السلام من الفريضة. هذه بدعة ما شرعها الله جل وعلا. مثل: إحداث الاحتفالات بالموالد، هذه بدعة ما أنزل الله بها من سلطان. مثل: إحداث البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، هذه من البدع أيضا، وما أشبه ذلك مما أحدثه الناس. والقاعدة أن كل ما أحدثه الناس في الدين، وسموه طاعة وقربة، وليس له أصل في الشرع يسمى بدعة. أما ما يظن بعض الناس أنه بدعة حسنة، وليس كذلك فهذا ليس من البدع، مثل: بناء المساجد بالأسمنت، هذا شيء جديد ولا يسمى
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (176) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867) .(12/92)
بدعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد، سواء كانت بالطين أو باللبن أو بالحجر أو بالخشب أو بالأسمنت، كله ما يسمى بدعة، مثل: المدارس المبنية والربط هذه ما تسمى بدعة ضلالة، وإن سماها الناس بدعة من جهة اللغة، من جهة أنها لم تكن - سابقة غير موجودة - لكن الرسول أمر بما ينفع الناس، أمر بالتعليم وأمر بتعمير المساجد، فإذا عمر الناس مسجدا بالأسمنت، أو عمر الناس مدرسة أو رباطا للفقراء أو للمهاجرين أو للغرباء فلا بأس، كل هذا ما يسمى بدعة سيئة، هذه من الأمور الشرعية؛ لأن نفع المسلمين والإحسان إليهم امتثال لأمر الله عز وجل؛ في الأمر بنفع المسلمين والإحسان إلى الفقراء وتعليم الجاهل، سواء كان يعلم في المسجد، أو يعلم في مدرسة، ليس هذا من البدع التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وإن سميت بدعة من حيث اللغة، كما قال عمر رضي الله عنه في التراويح: " نعمت البدعة هذه "، يعني من حيث اللغة؛ لأنه رتبهم على إمام واحد في كل ليلة، فسماها بدعة من حيث اللغة؛ لأنهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون أوزاعا، كل جماعة وحدهم، صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال ثم تركهم،(12/93)
وقال: «إني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل (1) » أو قال: إني أخاف أن تفرض صلاة الليل. فترك ذلك خوفا على الأمة من أن يفرض عليهم صلاة الليل، فلما كان في زمن عمر جمع الناس على إمام واحد يصلي بهم التراويح، وقال: نعم البدعة (2) يعني من حيث اللغة، وإلا فهي سنة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ورغب فيها عليه الصلاة والسلام. فهكذا الربط والمدارس التي يفعلها الناس للتعليم، وهكذا ما يسمى بالمعاهد، وهكذا ما يسمى بالمجامع للناس لتحفيظهم القرآن، أو ما أشبه ذلك على اختلاف الأسماء، أو خلوات على حسب اختلاف الناس في الأسماء، كل ذلك مما ينفع الناس وليس من البدع، بل هو من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب الحرص على تعليم الناس الخير، وجمعهم في أماكن تحفظهم وتحفظ أدوات التعليم، وليس هذا من باب البدع. أما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة، برقم (729) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان، برقم (761) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان، برقم (2010) .(12/94)
وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء (1) » فهذا معناه إظهار السنن، يعني إظهار العبادة التي خفيت وجهلها الناس، فالذي يظهرها للناس ويسنها للناس له أجر عظيم؛ لأنه أحيا السنن، وليس معناه أنه يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله؛ لأن الله ذم من فعل ذلك، فقال: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (2) ، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3) » فالإحداث منكر، ولكن إحياء السنن وإظهارها بين الناس عند خفائها، وعند جهل الناس بها هذه هي السنة في الإسلام، وهو معنى: «من سن في الإسلام (4) » ويدل على هذا أن الحديث سببه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حرض على الصدقة، وحث الناس على الصدقة جاء إنسان بصرة في يده كادت كفه تعجز عنها فقدمها، فلما رأوه الناس
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة، وأنها حجاب من النار برقم (1017) .
(2) سورة الشورى الآية 21
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697) ، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور برقم (1718) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة، وأنها حجاب من النار برقم (1017) .(12/95)
تتابعوا وجاءوا بالصدقات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: «من سن في الإسلام سنة حسنة (1) » ، يعني أظهر الصدقة وجاء بالمال، فتتابع الناس واقتدوا به في ذلك.
__________
(1) صحيح مسلم العلم (1017) ، سنن الترمذي العلم (2675) ، سنن النسائي الزكاة (2554) ، سنن ابن ماجه المقدمة (203) ، مسند أحمد (4/359) ، سنن الدارمي المقدمة (512، 514) .(12/96)
52 - حكم الصلاة خلف من يتهاون بالصلاة
س: ما حكم الصلاة خلف إنسان يصلي بعض الفرائض، ويترك بعضها تهاونا (1) ؟
ج: هذا لا يصلى خلفه؛ لأنه قد أتى منكرا عظيما بإجماع المسلمين، وهو ترك الصلاة تهاونا، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه كافر بتركها تهاونا ولو بعضها، فإذا ترك الظهر تهاونا أو العصر تهاونا واستمر على ذلك، أو تارة يصلي وتارة لا يصلي يكون كافرا، فلا يصلى خلفه، بل يستتاب من جهة ولاة الأمور. وعلى ولي الأمر إذا ثبت لديه ذلك أن يستتيبه، فإن تاب وإلا قتل، ولا يصلى خلفه ولا كرامة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (2) »
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (233) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82) .(12/96)
وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » نسأل الله العافية والسلامة.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22428) .(12/97)
53 - حكم الصلاة خلف إمام يدعو للتبرك بقبور الصالحين
س: الأخ: ص. ي. من جيبوتي يقول: كنا نصلي في مسجد، فإذا بإمامه يأمر الناس بفعل ما حرم الله في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فمثلا في خطبة الجمعة أمرنا بأن نتبرك بقبور الصالحين، سواء كانوا أمواتا أم أحياء، كما أمرنا في حالة السؤال أن نقول: بجاه فلان. هل يجوز أن نصلي خلف هذا الإمام أم لا (1) ؟
ج: لا يجوز الصلاة خلف هذا الذي يأمر بالتبرك بالصالحين وبقبورهم، هذا جاهل بالحكم الشرعي، وجاهل بالتوحيد، أما كلمة: بجاه فلان. فهذه الكلمة بدعة لا تكون كفرا، بجاه فلان أو بحق فلان لا تجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذا ولا أصحابه، وليست من التوسل الشرعي، بل الواجب ترك ذلك، فلا يجوز للمسلم أن يقول في دعائه: بجاه محمد. أو: بجاه فلان. أو:
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (202) .(12/97)
بجاه الأنبياء. أو: بحق الأنبياء؛ لأن هذا لم يشرع، ولم يرد في أدعية النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أدعية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. أما كونه يأمر بالتبرك بقبور الصالحين فهذا كلام مجمل، التبرك بقبور الصالحين يقتضي أنه يسألهم أو يتبرك بهم، أو يتبرك بسؤالهم أو الاستغاثة بهم، وهذا كلام شديد خطير، مثل هذا يدل على جهله، ينبغي أن يعزل ولا يكون إماما، ينبغي أن يسعى لدى المسؤولين في إبداله بغيره، ولا يصلى خلفه إلا إذا علم وبين له الحق، وتاب من ذلك فلا حرج إن شاء الله إذا استقام وتاب، فالتوبة تجب ما قبلها.(12/98)
54 - حكم الصلاة خلف من يعتقد في التمائم من القرآن
س: يسأل هذا المستمع ويقول: هل الصلاة وراء من اعتقد في التمائم التي تكتب من القرآن وتعلق، هل تجوز الصلاة خلف مثل هؤلاء؟ جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: الصلاة خلفهم صحيحة؛ لأنها مسألة خلافية، التمائم التي من القرآن بعض أهل العلم يجيزها، والصواب أنها لا تجوز؛ لأنها وسيلة لتعليق التمائم الأخرى، ولأن الأحاديث عامة في النهي عن التمائم،
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (396) .(12/98)
مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له (1) » هذا عام، فينبغي ترك التمائم كلها من القرآن وغير القرآن، فلا يعلق تميمة على ولده ولا على بنته ولا على دابته، لا من القرآن ولا من غير القرآن، بل يتوكل على الله، يسأله العافية والشفاء ويترك تعليق التمائم، سواء كانت من حديد أو من خرق، أو من آيات قرآنية أو من أحاديث أو من غير ذلك، الأحاديث عامة، والرسول يقول صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له (2) » ، «من علق تميمة فقد أشرك (3) » لكن الصلاة خلفه صحيحة؛ لأن المسألة خلافية بين أهل العلم، والذي ننصح به الإمام أن يدع هذا الأمر.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم (16951) .
(2) مسند أحمد (4/154) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم (16969) .(12/99)
55 - حكم الصلاة خلف من يحلف بغير الله
س: هل يجوز أن يصلى خلف إمام يحلف بغير الله، وإذا نصح لا يسمع النصيحة (1) ؟
ج: الواجب أن يعزل هذا عن الإمامة؛ لأن الحلف بغير الله شرك، لكنه
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (262) .(12/99)
شرك أصغر، والواجب أن يعزل عن الإمامة، ويرفع بأمره إلى الجهات المختصة، والصلاة صحيحة؛ لأنه مسلم، فالأصل أنه لا يخرج عن الإسلام، والصلاة صحيحة كما لو صلى خلف أهل المعاصي، لكن إذا تيسر عزله فالواجب إبعاده، إلا أن يتوب ويقلع ويدع هذا الشرك، كالحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم أو الأمانة أو بشرف فلان أو بالكعبة، كل هذا لا يجوز، وهو من الشرك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (1) » وهو عند أهل العلم من الشرك الأصغر، إلا أن يكون في قلبه ما يجعله في تعظيم الله أو يعتقد فيه السر، وأنه يتصرف في الكون أو ما أشبه ذلك، فيكون شركا أكبر، نسأل الله السلامة، فالأصل في الحلف بغير الله أنه من الشرك الأصغر، وكان الصحابة يحلفون بآبائهم في أول الإسلام، ثم نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (2) » فإذا كان الإمام يحلف بغير الله ونصح ولم يقبل فإن الواجب عزله، وأن يولى من هو أسلم منه توحيدا وأقل شرا، وليرفع أمره إلى الجهات المسؤولة؛ لأن هذا أمره خطير، قد يكون عنده ما
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه برقم (331) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم، برقم (6646) ، ومسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، برقم (1646) .(12/100)
يجعل الفتن أكبر، فالواجب لهذا العناية في الجماعة بالموضوع، وأن يرفعوا أمره إلى الجهات المختصة، وأن يجدوا في الأمر حتى يعزل.(12/101)
56 - حكم الصلاة خلف من يستغيث بغير الله
س: ما حكم الصلاة وراء رجل يستغيث بغير الله ويتوسل بالصالحين (1) ؟
ج: الصلاة خلف مشرك لا تجوز، ولا يجوز أن يقتدى به؛ لأن من استغاث بغير الله يعتبر مشركا، فلا يصلى خلفه، سواء استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بالبدوي، أو بالحسين رضي الله عنه، أو بالشيخ عبد القادر، أو بغيرهم من الناس، فالذي يستغيث بالأموات ويسألهم الحاجات والمدد يعتبر مشركا، عليه أن يتوب إلى الله وأن يبادر بذلك، ومن تاب صادقا تاب الله عليه، لكن لا يتخذ إماما ولا مؤذنا، بل يجب أن يكون المؤذن من أهل التوحيد وهكذا الإمام، وإذا وجد في المسجد إمام مشرك يجب أن يزال، يجب على ولاة الأمور أن يزيلوه وأن يعينوا مكانه عالما موحدا بعيدا عن الشرك؛ لأن ذلك هو الواجب على أئمة الإسلام وعلى حكام المسلمين؛ ألا يقدموا في المساجد من هو مشرك بالله، فإن إمامته باطلة، وهكذا المؤذنون يجب أن يكونوا مسلمين؛ لأنهم يخبرون الناس بالأوقات
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (171) .(12/101)
ويعتمد عليهم، فلا بد أن يكون المؤذن أمينا مسلما موحدا، نسأل الله للجميع الهداية.(12/102)
57 - حكم الصلاة خلف من عرف بدعاء غير الله
س: هل تصح الصلاة خلف من عرف بدعاء غير الله؟ ما حكم من يصلي خلفه (1) ؟
ج: من صلى خلف من يشرك بالله لا تصح صلاته، ما دام يدعو غير الله، يستغيث بغير الله، أو ينذر لغير الله، لا يصلى خلفه عند أهل العلم، لا يصلى خلف الكافر، ولا تصح الصلاة خلف الكافر، إنما الخلاف في الفاسق، أما الكافر فلا.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (283) .(12/102)
س: أحد الإخوة المستمعين الأخ: أ. س. أ: يسأل ويقول: هل تصح الصلاة وراء الكاهن؟ علما بأنه هو الإمام، وكيف حكم صلاتنا خلفه (1) ؟
ج: الكاهن هو الذي يدعي علم المغيبات، ويصدق الشياطين والجن فيما يقولون، فلا يتخذ إماما، ولا يصلى خلفه، فإن كنت أردت السؤال
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (34) .(12/102)
عن شخص آخر بينه في سؤال آخر، أما الكهنة فهم الذين لهم أصحاب من الجن، يصدقونهم في علوم الغيب، ويدعون علم الغيب بأسبابه، ويأتيهم الناس يسألونهم عن حاجاتهم، هؤلاء لا يجعلون أئمة، ولا يصدقون ولا يسألون أيضا، لا يسألون ولا يصدقون ولا يجعلون أئمة، ولا يصلى خلفهم، نسأل الله العافية.(12/103)
58 - حكم الصلاة خلف من يعتقد أنه يوجد في البشر من يعلم الغيب
س: هل تجوز الصلاة خلف إنسان يعتقد بأنه يوجد في البشر من يعلم الغيب؟ وهل يؤكل ذبحه (1) ؟
ج: من يعتقد أنه يوجد في الدنيا من يعلم الغيب هذا كافر، لا تؤكل ذبيحته ولا يصلى خلفه، ولا يجوز أن يكون إماما، ليس في الدنيا من يعلم الغيب، لا يعلم الغيب إلا الله، قال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (2) ، فعلم الغيب إليه سبحانه وتعالى، فلا يعلمه الأنبياء ولا غيرهم، فالذي يعتقد أنه يوجد في الدنيا من يعلم الغيب من جن أو إنس فهو كاذب وكافر، فعليه أن يتوب إلى الله جل وعلا.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (321) .
(2) سورة النمل الآية 65(12/103)
59 - حكم الصلاة خلف من يعتقد في القبور
س: الأخ: ع. من السودان يسأل ويقول: هل تجوز الصلاة خلف من يعتقد في القبور؟
ج: هذا السؤال فيه إجمال، فإن الاعتقاد في القبور أنواع: فإذا كان يعتقد فيها أنها تصلح أن تعبد من دون الله، وأن يستغاث بأهلها، وينذر لهم ويذبح لهم ويطاف بقبورهم هذا الشرك الأكبر، فلا يصلى خلفه؛ لأنه مشرك، والصلاة لا تصح إلا خلف المسلم، فإذا كان يعتقد أن أصحاب القبور يدعون من دون الله ويستغاث بهم وينذر لهم ويذبح لهم ونحو ذلك، كما يفعل بعض الجهلة عند قبر البدوي، أو الحسين، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم هذا من الشرك الأكبر. فالذين يعتقدون هذه الاعتقادات في أصحاب القبور ليسوا مسلمين، بل هم كفار، فعلهم فعل كفار قريش وأشباههم من جهلة مشركي العرب؛ لأن العرب كانت تعبد أصحاب القبور كاللات والعزى، ويعبدون الأصنام والأشجار والأحجار، ويستغيثون بهم وينذرون لهم ويذبحون لهم، فحكم الله عليهم بالشرك، قال جل وعلا في كتابه العظيم: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} (1) ، ويقول
__________
(1) سورة يونس الآية 18(12/104)
سبحانه جل وعلا: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} (1) ، فالذي يعبد الأصنام أو الأشجار أو الأحجار أو أصحاب القبور يعتبر مشركا في حكم الإسلام، ولا يصلى خلفه، أما إن كان يعتقد في أصحاب القبور أنه يستحب زيارتهم والدعاء لهم، كما شرع الله ذلك هذا أمر مشروع، أصحاب القبور من المسلمين يستحب أن تزار قبورهم، وأن يدعى لهم بالرحمة والمغفرة، هذا لا حرج فيه. وهناك نوع ثالث يعتقد في أصحاب القبور أنه يصلى عند قبورهم، يقرأ عندها وأن هذا فيه بركة، لكن لا يعبدون ولا يدعون ولا يصلى لهم ولا يطاف لهم، لكن يرى أنه يصلى عند قبورهم للبركة؛ لأنها بقعة مباركة، أو يرى أنه يقرأ عندها أو يتحرى عندها الدعاء؛ دعاء الله لا دعاءهم، هذا من البدع ولا يكون مشركا بذلك، لكن من البدع، ينكر عليه ويبين له أن هذا غلط، وأن الله ما شرع لنا أن نصلي عند القبور، ولا أن نقرأ عندها، ولا أن ندعو الله عندها، يقول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) »
__________
(1) سورة التوبة الآية 17
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529) .(12/105)
فالمساجد هي التي يصلى فيها ويدعى فيها ويقرأ فيها، أما القبور لا، تزار للدعاء لهم، تزار القبور إذا كانت قبور المسلمين، يدعى لهم بالرحمة والمغفرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (1) » وكان يعلم أصحابه عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم، يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (2) » وفي حديث عائشة رضي الله عنها في مسلم كان يقول: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (3) » «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (4) » . وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم زار القبور، قبور المدينة، فقال: «السلام عليكم يا
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (974) .
(4) صحيح مسلم الجنائز (974) ، سنن النسائي الجنائز (2039) ، مسند أحمد بن حنبل (6/111) .(12/106)
أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (1) » هذه الزيارة الشرعية، المسلم يزور قبور المسلمين في بلده من غير شد رحال، ويسلم عليهم ويدعو لهم بالرحمة والمغفرة والعافية، هذه الزيارة فيها خير كثير، تنفع الميت والحي، الحي يتذكر الآخرة ويستعد للآخرة، ويدعو لإخوانه الميتين، والأموات ينتفعون بهذا الدعاء.
أما إن كان الميت ليس بمسلم فإنما يزار للعبرة فقط، ولا يدعى له، كما زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، وسأل ربه أن يستغفر لها فلم يؤذن له، فزارها للعبرة. فإذا زار قبور الكفار للعبرة والتذكر، تذكر الآخرة فلا بأس، لكن لا يدعو لهم؛ لأن الكافر لا يستغفر له ولا يدعى له، وهكذا من مات على حال الجاهلية على كفر الجاهلية، كأم النبي صلى الله عليه وسلم، ماتت على دين الجاهلية، فنهي أن يستغفر لها عليه الصلاة والسلام. فالحاصل أن زيارة القبور على هذا التفصيل، والاعتقاد في القبور على هذا التفصيل؛ من يعتقد فيها أنها تدعى من دون الله، وأنها يصلح أن تتخذ آلهة تعبد من دون الله، وتدعى من دون الله، ويستغاث بها، ويطاف بها كما يطاف بالكعبة للتقرب إلى
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053) .(12/107)
أصحاب القبور، يذبح لأهلها فهذا شرك أكبر، وهذا عمل الجاهلية، ودين الجاهلية من قريش وغيرهم، فلا يصلى خلف صاحبه، ولا تؤكل ذبيحته؛ لأنه ليس بمسلم.
النوع الثاني: أن يعتقد في أهل القبور أنهم يزارون، وأنه يدعى لهم ويترحم عليهم من دون شد رحال، هذه زيارة شرعية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة (1) » والأموات في حاجة إلى هذه الزيارة، يدعى لهم ويستغفر لهم، ويترحم عليهم، هذا أمر مشروع فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به.
النوع الثالث: أن يعتقد في القبور أن الصلاة عندها قربة ومفيدة، أو القراءة عندها، أو الدعاء عندها، هذا لا أصل له، هذا بدعة، لا تزار لأجل أن يدعى عندها، أو يصلى عندها، أو يقرأ عندها لا، هذا لا أصل له، بل هذا يكون في المساجد وفي البيوت، يصلي في المسجد، يقرأ في المسجد أو في بيته، يدعو في البيت أو في المسجد، هذا ليس من شأن القبور، القبور لا تزار لأجل هذا، لا تزار لأجل أن يجلس عندها للدعاء أو الصلاة عندها أو القراءة عندها، هذا ليس
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569) .(12/108)
بمشروع، بل هو من البدع، ومن وسائل الشرك، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.(12/109)
60 - حكم الصلاة خلف من يعتقد في الصالحين أنهم ينفعون أو يضرون
س: هل يجوز أن نصلي خلف من يعتقد في الأولياء والصالحين، ويعتقد نفعهم ويلتجئ إليهم ويناديهم؟ جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: الذي يعتقد في الأنبياء والصالحين، ويلتجئ إليهم، ويسألهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب هذا مشرك شركا أكبر، هذا شرك الجاهلية، شرك أبي جهل وأشباهه، قال الله تعالى: {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (2) ، سماه كفرا. وقال في المشركين: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (3) ، يعني اليهود والنصارى، عبدوهم مع الله ودعوهم واستغاثوا بهم، وبنوا على قبورهم المساجد، فكفروا بذلك. وهكذا وقع لقوم نوح لما توفي ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وهم
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (80) .
(2) سورة آل عمران الآية 80
(3) سورة التوبة الآية 31(12/109)
رجال صالحون في قوم نوح، لما ماتوا في زمن متقارب حزن عليهم قومهم، ودس عليهم الشيطان أن يصوروا صورهم، وأن يرسموها في مجالسهم كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، ففعلوا؛ صوروهم ونصبوا الصور في مجالسهم، فلما طال الأمد على الناس عبدوهم من دون الله، استغاثوا بهم ونذروا لهم وذبحوا لهم، فوقعوا في الشرك، فبعث الله إليهم نوحا عليه الصلاة والسلام، ودعاهم إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما، يدعوهم إلى الله إلى توحيد الله والإخلاص له، فلما استمروا في العناد أهلكهم الله بالغرق جميعا، ولم ينج منهم إلا من كان مع نوح في السفينة، كما قال تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} (1) ، فالذي يدعو الأولياء، أو يدعو الأنبياء أو الملائكة أو الجن يستغيث بهم، ينذر لهم، يسألهم الشفاعة، يسألهم شفاء المريض، النصر على الأعداء، كل هذا كفر بالله عز وجل، ردة عن الإسلام، كما يفعله بعض الناس مع الحسين - رضي الله عنه - أو مع بدوي، أو مع ابن عربي في الشام، أو مع الشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق، أو غيرهم، أو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، أو مع الصديق أو مع
__________
(1) سورة العنكبوت الآية 15(12/110)
عمر، أو مع البقيع فهذا كفر لا يجوز دعاء الأموات والاستغاثة بهم، ولا دعاء الملائكة، ولا دعاء الجن، ولا النذر لهم ولا الذبح لهم، ولا أن يتقرب إليهم، يرجو نفعهم ودفع الضر منهم، كل هذا شرك أكبر، وكل هذا عمل الجاهلية، وإذا اعتقد أنهم ينفعون ويضرون من دون الله صار شرك الربوبية أكبر وأعظم، أعظم من شرك الجاهلية الأولى، إذا اعتقد فيهم أنهم ينفعون من دون الله ويضرون، وأن الله أعطاهم هذا يتصرفون في الكون صار هذا شركا في الربوبية، أعظم من شرك أبي جهل وعباد الأوثان من قريش وغيرهم، وهكذا إذا اعتقد في شجرة أو صنم، واستغاث به أو نذر له أو اعتقد أنه ينفع ويضر، كل هذا كفر أكبر، نسأل الله العافية، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك وأن يتوب إلى الله مما قد وقع منه، هذا الواجب على جميع من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، بل على جميع أهل الأرض كلهم، يجب عليهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يشهدوا أنه لا إله إلا الله، وأنه لا معبود بحق سواه، ويشهدوا أن محمدا عبد الله ورسوله، ويعبدوا الله وحده دون كل ما سواه، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويصوموا رمضان، ويحجوا البيت، وعليهم أن يمتثلوا أوامر الله كلها، وينتهوا عن نواهيه سبحانه وتعالى، هذا واجب على جميع أهل الأرض من جن وإنس، اليهود(12/111)
والنصارى، أو الشيوعيين أو الوثنيين أو غيرهم، يجب عليهم جميعا أن يعبدوا الله وأن يشهدوا له بالوحدانية سبحانه، ولنبيه محمد بالرسالة، وأن يصدقوا الله ورسوله في كل شيء، وأن يصدقوا الرسل الماضين، وأنهم جاءوا بالحق، وأن يصدقوا بما أخبر الله به ورسوله عن الجنة والنار والآخرة، وعما يكون في آخر الزمان، إلى غير ذلك، يجب على كل إنسان أن يعبد الله وأن يدخل في الإسلام، وإذا كان مسلما فعليه أن يستقيم على الإسلام، وعليه أن يحفظ إسلامه، وأن يصونه عن أسباب الردة، وأن يجتهد في ترك ما نهى الله عنه، وفي فعل ما أمر الله به، يرجو ثوابه ويخشى عقابه، وفق الله الجميع.(12/112)
س: إذا كان الإمام الذي يؤم المصلين ممن يعتقدون في الأولياء والصالحين، ويجوزون الاستغاثة بهم فهل نصلي خلفه (1) ؟
ج: هذا لا يصلى خلفه، هذا كافر، إذا كان يجوز الاستغاثة بغير الله ودعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات أو الطواف بالقبور فهذا لا يصلى خلفه ولا كرامة؛ لأنه كافر، والكافر لا يصلى خلفه، نسأل الله العافية، ولكن ينصح ويعلم، ولا ييأس منه؛ لعل الله يهديه ويمن عليه بالتوبة.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون الشريط رقم (204) .(12/112)
س: بعض المسلمين يعتقدون أن للأولياء تصرفات تضر وتنفع، وتجذب المنافع، وتدفع البلاء، بينما هم ينتمون إلى الإسلام، ويؤدون شعائر الإسلام كالصلاة وغيرها، فهل تصح الصلاة خلف إمامهم؟ وهل يجوز الاستغفار لهم بعد موتهم؟ أفيدونا مشكورين (1) ؟
ج: هذا قول من أقبح الأقوال، وهذا من الكفر والشرك بالله عز وجل؛ لأن الأولياء لا ينفعون ولا يضرون، ولا يجيئون بمنافع، ولا يدفعون مضار إذا كانوا أمواتا وصح أن يسموا أولياء؛ لأنهم معروفون بالعبادة والصلاح، فإنهم لا ينفعون ولا يضرون، بل النافع الضار هو الله وحده، هو الذي يجلب النفع للعباد، ويدفع عنهم الضرر، كما قال الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} (2) ، فهو سبحانه النافع الضار جل وعلا، قال سبحانه وتعالى في المشركين: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (3) ، فالله جل وعلا هو النافع الضار، وجميع الخلق لا ينفعون ولا يضرون، أما الأموات فظاهر؛ لأنهم قد انقطعت
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (9) .
(2) سورة الأعراف الآية 188
(3) سورة يونس الآية 18(12/113)
حركاتهم وذهبت حياتهم، فلا ينفعون أنفسهم ولا غيرهم، ولا يضرون؛ لأنهم قد فقدوا الحياة، وفقدوا القدرة على التصرف، وهكذا في الحياة لا ينفعون ولا يضرون إلا بإذن الله، هم بزعمهم أنهم يستقلون بالنفع والضر وهم أحياء كفر أيضا، بل النافع الضار هو الله وحده سبحانه وتعالى، ولهذا لا تجوز عبادتهم ولا دعاؤهم ولا الاستغاثة بهم ولا النذر لهم ولا طلبهم المدد، ومن هذا يعلم كل ذي بصيرة أن ما يفعله الناس عند قبر البدوي، أو عند قبر الحسين، أو عند قبر الكاظم، أو عند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو ما أشبه ذلك من طلب المدد والغوث أنه يكفر بالله، بل يشرك بالله سبحانه وتعالى، فيجب الحذر من ذلك والتوبة من ذلك والتواصي بترك ذلك، ولا يصلى خلف هؤلاء؛ لأنهم مشركون بعملهم هذا شركا أكبر، فلا يصلى خلفهم، ولا يصلى على ميتهم؛ لأنهم عملوا الشرك الأكبر الذي كانت عليه الجاهلية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان عليه أبو جهل وأشباهه من كفار مكة، وعليه كفار العرب وهو دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والأشجار والأحجار، هذا عين الشرك بالله عز وجل، والله يقول سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1) .
والواجب على أهل العلم أن يبينوا لهم، وأن يوضحوا لهم الحق، وأن يرشدوهم إلى الصواب، ويحذروهم من هذا الشرك بالله عز وجل. يجب
__________
(1) سورة الأنعام الآية 88(12/114)
على العلماء في كل مكان؛ في مصر والشام والعراق ومكة والمدينة وسائر البلاد أن يرشدوا الناس ولا سيما عند وجود الحجاج، يجب أن يرشدوا ويبينوا لهم هذا الأمر العظيم والخطر الكبير؛ لأن بعض الناس قد وقع فيه في بلاده عن جهل أو تقليد، فيجب أن يبين لهم توحيد الله، ومعنى: لا إله إلا الله. وأن معناها: لا معبود بحق إلا الله. فهي تنفي الشرك وتنفي العبادة عن غير الله، وتثبت العبادة لله وحده، وهذا معنى قوله سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1) ، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (2) ، وهذا هو معنى قوله جل وعلا: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (3) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (4) ، وقوله سبحانه: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (5) ، فالواجب توجيه العباد إلى الخير وإرشادهم إلى توحيد الله، وأن الواجب على كل إنسان أن يعبد الله وحده، ويخصه بالعبادة وبالدعاء والخوف والرجاء وبالتوكل وطلب الغوث والصلاة والصوم وغير ذلك كله لله وحده، لا يجوز أبدا أن يعبد شيء من ذلك من دون الله سبحانه، سواء كان نبيا أو وليا أو غير ذلك، فالنبي لا يملك لنفسه
__________
(1) سورة الإسراء الآية 23
(2) سورة البينة الآية 5
(3) سورة الزمر الآية 2
(4) سورة الزمر الآية 3
(5) سورة غافر الآية 14(12/115)
ضرا ولا نفعا، لكن يتبع ويطاع في الحق، يطاع ويتبع ويحب المحبة الصادقة له، ونبينا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء وأشرفهم، ومع هذا لا يدعى من دون الله ولا يستغاث به ولا يسجد له، ولا يصلى له، ولا يطلب المدد منه، ولكن يتبع ويصلى عليه ويسلم عليه، ويجب أن يكون أحب إلينا من أنفسنا وأموالنا وأولادنا وآبائنا وغير ذلك، هذا هو الواجب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين (1) » لكن هذه المحبة لا تجوز لنا أن نشرك به، لا تسوغ لنا أن ندعوه من دون الله، أو نستغيث به أو نسأله المدد أو الشفاء، بل نحبه المحبة الصادقة؛ لأنه رسول الله إلينا، ولأنه أفضل الخلق، ولأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة، نحبه لله محبة صادقة فوق محبة الناس والمال والولد، ولكن لا نعبده مع الله، وهكذا الأولياء نحبهم في الله، ونترحم عليهم من العلماء والعباد، ولكن لا ندعوهم مع الله، ولا نبني على قبورهم ولا نستغيث بهم، ولا نطوف بقبورهم، ولا نطلبهم المدد، كل هذا شرك بالله، ولا يجوز الطواف بالكعبة إلا لله وحده، فالذي يطوف بالقبر لأجل
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان، رقم (15) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين وإطلاق عدم الإيمان على من لم يحبه هذه المحبة، برقم (44) .(12/116)
طلب الفائدة من الميت، أو طلب المدد أو طلب الشفاء، أو طلب النصر على الأعداء كل هذا من الشرك بالله عز وجل، فالواجب الحذر منه غاية الحذر.(12/117)
س: يقول السائل: هل الصلاة صحيحة خلف من يقول بعذر عباد القبور؟ فإنني وكثير من إخواني لا نصلي خلفهم لعدم تكفيرهم القبوريين، وإذا صليت خلفهم ارتبت في صلاتي، وصليتها من جديد (1) ؟
ج: لا يصلى خلف القبوريين الذين بين المسلمين، لا يصلى خلفهم؛ لأن الصلاة لا تصح خلف المشرك، فالذي يعبد القبور لا يصلى خلفه؛ كعباد الحسين وعباد البدوي وعباد أمثالهم، وعباد الشيخ عبد القادر الجيلاني، وعباد الأصنام وغير هذا، كل من كان يعبد غير الله يدعوه أو يستغيث به، أو يطوف أو يسأله قضاء الحاجة أو يصلي له أو يذبح له، أو ما أشبه ذلك هؤلاء لا يصلى خلفهم؛ لأن ظاهرهم الكفر، فلا يصلى خلفهم، وهكذا من يدعو إلى ذلك ويجيز ذلك ويحبذه لا يصلى خلفه، وإذا صلى خلف القبوري يعيد صلاته.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (152) .(12/117)
61 - حكم الصلاة خلف من يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
س: يسأل أخونا ويقول: ما رأيكم في الصلاة خلف إمام يتوسل بالنبي؛ كأن يدعو في آخر الدعاء بقوله: بحرمة النبي أحمد؟ هل تجوز الصلاة خلفه أم لا؟ وهل علينا إعادة الصلاة التي صليناها خلفه؟ وقد سألت عالما عندنا، فأفتى بأنه جائز التوسل بالنبي؛ لأن النبي كان يتوسل بحمزة، وعمر بن الخطاب توسل بعم النبي العباس، أفتونا في هذا بارك الله فيكم (1) ؟
ج: التوسل بحرمة النبي صلى الله عليه وسلم، أو بجاه النبي أو بحق النبي صلى الله عليه وسلم، أو بحق الأنبياء أو بجاه الأنبياء هذا بدعة عند أهل العلم، عند جمهور أهل العلم بدعة لا يجوز؛ لأن الله ما شرعه لنا، والتوسل عبادة، فلا يجوز أن يفعل إلا ما شرعه الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز أن يقال: أسألك بحق فلان، أو بجاه فلان، أو بذات فلان، لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره. وإنما يتوسل العبد بأسماء الله وصفاته،
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (147) .(12/118)
كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (1) . وكما في الحديث: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت (2) » الحديث. وكما توسل أصحاب الغار بأعمالهم الصالحة، الذين دخلوا غارا بسبب مطر والمبيت، فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، ولم يستطيعوا إزالتها، فقالوا فيما بينهم: لا ينجيكم من هذا إلا أن تسألوا الله بصالح أعمالكم. فسألوا الله بصالح أعمالهم، فأزاحها عنهم سبحانه وتعالى، وهذا ثابت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام، أحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بأدائه الأمانة، والثالث توسل بعفته عن الزنى، فأزاح الله عنهم الصخرة بأسباب أعمالهم الطيبة التي توسلوا بها إلى الله عز وجل؟
أما التوسل بجاه فلان وحق فلان فهذا ليس بمشروع، ولكن تصح
__________
(1) سورة الأعراف الآية 180
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22456) .(12/119)
الصلاة خلف من فعل ذلك؛ لأنه ليس بكافر، إنما هو عاص مخطئ في هذا الأمر، أتى بدعة لا تخرجه من الإسلام، فإذا صلى الناس خلفه فلا حرج في ذلك، الصلاة صحيحة، لكن وجود غيره أولى منه، وجود إنسان لا يتوسل بهذه البدعة يكون أفضل وأولى من إمامته، وينبغي أن ينصح ويعلم ويوجه. أما قول العالم الذي سألتم أنه يجوز فهذا قول خطأ، وإن كان قد قال به بعض أهل العلم، لكنه خطأ على الصحيح عند العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1) » وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2) » والتوسل بالجاه وبالحق محدث، فلا يجوز فعله، ثم هو وسيلة إلى الغلو والشرك، فينبغي تركه، والنبي صلى الله عليه وسلم ما توسل بحمزة، ولا عمر توسل بالعباس، إنما توسل بدعائه، فهم إذا استسقوا يستسقون بالنبي صلى الله عليه وسلم ليدعو لهم، يقول: يا رسول الله، قد أجدبنا، هلكت الأموال، هلكت الأنفس، فادع الله لنا. فيستغيث لهم، وهذا توسل بدعائه عليه الصلاة والسلام في حياته، وقد فعلوا ذلك في خطبة الجمعة، فاستغاث لهم وأغاثهم الله، وقد طلبوا منه
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم (1718) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697) ، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور برقم (1718) .(12/120)
الاستغاثة، فخرج إلى الصحراء وصلى بهم ركعتين، واستغاث لهم فأغاثهم الله. وهكذا فعل عمر لما أجدبوا في عهد عمر، قال: «اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا بنبينا فتسقينا (1) » توسلنا بنبينا يعني بدعائه ما هو بذاته، بدعائه عليه الصلاة والسلام، يدعو لهم، يتوسلون بدعائه، يعني أنه يدعو لهم، فيستغيث لهم، يرفع يديه ويدعو فيغيثهم الله، ثم إنهم توسلوا بالعباس ما هو بذاته، ما قالوا: إنا نسأل بجاه العباس، لا، إنما قالوا للعباس: ادع الله ونؤمن. فالعباس قام ودعا وأمنوا على دعائه، هذا استسقاؤهم به، فلا ينبغي أن يلتبس على المؤمن هذا الأمر، التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالعباس إنما هو بالدعاء، طلبوا من النبي أن يدعو لهم فدعا لهم عليه الصلاة والسلام، وهكذا عمر طلب من العباس أن يدعو ويستغيث، ففعل العباس ودعا وأمن المسلمون فأغاثهم الله، وفق الله الجميع.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا برقم (1010) .(12/121)
62 - حكم الصلاة خلف المشعوذ ومن يدعي علم الغيب
س: ما حكم الصلاة خلف المشعوذين ومن يدعي علم الغيب ويعمل(12/121)
البخور، ومن هذا عمله (1) ؟
ج: إذا كان ممن يدعي علم الغيب، أو يعرف بعبادة الجن هذا لا يصلى خلفه؛ لأنه كافر، ويجب على أهل الإيمان هجره والتحذير منه ورفع أمره إلى ولاة الأمور، إذا كان في بلاد يمكن أن يحكم عليه ويمنع، وعليهم أن يجتهدوا في القضاء عليه من طريق ولاة الأمور، ويحذر الناس منه ولا يصلى خلفه، أما إذا كان دواؤه بالدواء المعتاد، العلاج المعتاد بين الناس الذي ليس فيه عبادة الجن، وليس فيه دعوى علم الغيب، ولا يشتمل على نجاسة، وإنما هي أمور معروفة ومعتادة بين الناس، يستعملونها في علاج المرضى، فينفع الله به هذا لا حرج عليه، وإذا كان أهلا للإمامة صلي خلفه.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (185) .(12/122)
س: هل تجوز الصلاة خلف إمام مشعوذ ودجال، علما بأن منهم من يجيد قراءة القرآن؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: إذا كان الإمام مشعوذا يدعي علم الغيب، ويقوم بخرافات من المنكرات ما ينبغي أن يتخذ إماما، ولا يصلى خلفه؛ لأنه من ادعى علم الغيب، يكون كافرا، نسأل الله العافية، يقول جل وعلا:
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (167) .(12/122)
{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (1) ، وإذا كان عنده شيء من المعاصي وليس عنده دعوى علم الغيب، ولكن عنده شيء من المعاصي فينبغي التماس غيره، وإن صحت الصلاة خلفه؛ لأن الصحيح أن الصلاة تصح خلف العاصي إذا كان ما هو بكافر، تصح الصلاة خلفه، لكن ينبغي التماس من هو أحسن منه، وأن يوظف للمسلمين الأخيار والطيبون؛ حتى يكونوا أئمة لهم، أما العصاة فلا ينبغي أن يتخذوا أئمة، لكن لو وجدوا وصاروا أئمة صحت الصلاة خلفهم؛ لأن هذا قد يبتلى به الناس، أما إذا كان كافرا يدعي علم الغيب، أو يدعو غير الله ويستنجد بالموتى، ويستغيث بهم ويطلبهم المدد فهذا لا يصلى خلفه، أو ساحر يسحر الناس، ويتعلم السحر ويعلمه الناس لا يصلى خلفه، نسأل الله العافية.
__________
(1) سورة النمل الآية 65(12/123)
س: يقول السائل: لديهم إمام مسجد يعمل في أعمال الدجل والسحر وفك الأعمال، فهل تجوز الصلاة خلفه (1) ؟
ج: هذا فيه تفصيل: إن كان يتعاطى أمورا كفرية من السحر أو دعاء الجن، أو الاستغاثة بالجن فهذا كفر أكبر لا يصلى خلفه، أما إن كان
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (341) .(12/123)
عنده أمور أخرى غير الشرك الأكبر، فالصلاة خلفه صحيحة، كما يتعاطى بعض الناس التمائم من القرآن يعلقها، فهذه فيها شبهة وإن كانت لا تجوز، لكن لا تمنع عن صحة الصلاة خلفه، أما إذا كان يتهم بالشرك ويتهم بالكفر واستغاثة بالجن، ويكتب التمائم الشركية التي فيها دعوة غير الله من الشرك بالله، أو فيها تعلق بالسحر أو تصديق السحرة، أو أنهم يعلمون الغيب أو خدمة السحرة بدعاء الجن والاستغاثة بالجن ونحو ذلك، المقصود أنه إذا كان يتعاطى السحر أو الاستغاثة بالجن ونحو ذلك فذلك من الكفر الأكبر، نسأل الله العافية.(12/124)
س: السائل: ع. د. م. يسأل ويقول: يوجد رجل يؤمنا في الصلاة، إلا أنه يعمل بعض الأعمال، فمثلا يصنع الحجاب للناس ويكتب بعض الأوردة السحرية، ويكتب ما يسمى بالمحو، وهي عبارة عن آيات يكتبها ثم يغسلها في إناء ثم يعطيها للناس يشربونها؛ زعما أن ذلك ينفعهم، ما حكم الدين في هذا الرجل؟ وهل تجوز إمامته (1) ؟
ج: إذا كان الرجل معروفا بما ذكرته أنه يكتب الأحجبة، التمائم التي تعلق على الناس هذا لا يجوز، ما ينبغي أن يكون إماما؛ لأن تعليق
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (272) .(12/124)
التمائم من الشرك، من الشرك الأصغر، ولا يجوز للمسلم فعلها ولا تشجيع الناس عليها، بل يجب تركها، وهكذا إن كان يتعاطى السحر فهو أعظم، كذلك إذا ثبت عليه أنه يتعاطى السحر فالسحر شرك أكبر لا تجوز إمامة صاحبه، بل إمامته منكرة باطلة، أما كتابة الآيات في الصحون والأوراق يسمونها المحو، إذا كان معروفا بالخير، يكتب بعض الآيات والأدعية بالزعفران فلا حرج في هذا عند أهل العلم، لكن كونه يكتب الأحجبة، التمائم التي تعلق على الناس على الأولاد والمرضى هذا منكر عظيم، ومثل هذا لا ينبغي أن يكون إماما، بل يرفع الأمر إلى المسؤولين حتى يفصل ولا يكون إماما، أما إن كان يتعاطى السحر أو يتعاطى عبادة القبور، ويستغيث بالأموات هذا لا يجوز أن يكون إماما، هذا الكفر الأكبر والعياذ بالله، بل يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، يجب على ولي الأمر والمحاكم الشرعية أن تستتيبه، فإن تاب وإلا قتل، نسأل الله العافية.(12/125)
63 - حكم الصلاة خلف المشعوذ بعد إعلانه التوبة
س: يقول السائل: يوجد لدينا إمام مسجد بالقرية التي نسكنها، وهذا الإمام يقوم بمعالجة الناس مستخدما التعامل مع الجن، وإنه طبيب(12/125)
شعبي، ويقول هذا الإمام إنه تاب من ذلك التعامل، وبدأ ينهج نهجا صحيحا. برأيكم هل نستمر بالصلاة خلف هذا الإمام (1) ؟
ج: هذا يحتاج إلى سؤال أهل الخبرة به من الصلحاء والأخيار والثقات، فإذا علمت توبته فالحمد لله، لا مانع من بقائه في المسجد والصلاة خلفه، أما إذا كان متهما ببقائه على عمله السيئ، واستخدام الجن فلا يصلى خلفه، بل يجب الإنكار عليه ورفع أمره إلى الجهة المسؤولة، إلى الهيئة أو إلى المحكمة؛ حتى يمنع من هذا العمل السيئ ويؤدب بما يستحق، لكن متى ثبتت توبته ورجوعه إلى الله وترك هذا العمل السيئ من طريق الثقات الأثبات، أو من طريق المحكمة فلا بأس بالصلاة خلفه.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (238) .(12/126)
س: يقول السائل: عندنا إمام لمسجدنا ومدرس للمواد الدينية، يأتي إليه المرضى فيعمل لهم حرزا أو بيضة دجاجة يكسرها في بيت المريض في محافظتنا، هل تصح الصلاة وراءه حفظكم الله (1) ؟
ج: هذا خطير ومنكر عظيم، لا يجوز أن يفعل هذا الفعل، فإن اتخاذ الحروز منكر، وهي التمائم وتسمى الحجب، ويسميها بعض الناس
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (120) .(12/126)
الجوامع، لا تجوز، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (1) » والتميمة هي الحرز وهي الجامعة، وهي الحجاب كما يسميها بعض الناس، وهي شيء يعلق على الأولاد أو على المرضى، أو على الكبار عن العين أو عن الجن، يكتبون فيها كتابات في رقاع، أو يضعون ودعا أو خرزا، أو يضعون طلاسم حروفا مقطعة لا يدرى ما معناها، يكتبونها ويجعلونها في رقع، ويربطونها على الصبيان، أو على المرضى أو على الكبار، ويزعمون أنها تدفع العين أو تدفع الجن، كل هذا باطل، كل هذا غلط ومنكر؛ لأن الرسول أنكر هذا عليه الصلاة والسلام، فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وأن لا يفعل ذلك، وهذا من الشرك، وهو من الشرك الأصغر، لكن إذا كان صاحبه يعتقد أنها تنفع وتضر من دون الله هذا يكون شركا أكبر، نعوذ بالله، فالحاصل أنه لا يجوز تعاطي هذا الشيء، وهكذا كسر البيضة في بيت المريض، أو في البيت الذي يعتقد أنها تنفعه هذه خرافة لا أساس لها، بل هو من الدجل والكذب والخداع، ومثل هذا لا ينبغي أن يتخذ إماما، ولا يؤمن أن
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم (16951) .(12/127)
يكون عنده عقائد خبيثة أكثر من هذا، وينبغي ألا يصلى خلفه، وأن يبعد عن الإمامة ويسعى في ذلك، إلا أن يتوب توبة صادقة ظاهرة بارزة واضحة، والتوبة تجب ما قبلها، والله المستعان.(12/128)
64 - حكم الصلاة خلف مستور الحال
س: هل تصح الصلاة خلف مستور الحال في المجتمع الذي أعيش فيه أم لا؟ والمجتمع الذي يعيش فيه السائل مجتمع فيه بدع، تكثر فيها المعتقدات الباطلة؛ من قبوريين واعتقاد في الموتى وغير ذلك من المعتقدات الفاسدة (1) ؟
ج: نعم إذا كان مستور الحال، ولا تعرف عنه شيئا من الشرك وهو مسلم يتظاهر بالإسلام تصح الصلاة خلفه والحمد لله، حتى تعلم ما يوجب منع ذلك؛ من ظهور الكفر والشرك، أما ما دام مستورا مع المسلمين لا يظهر منه ما يوجب ردته فإنك تصلي خلفه والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (106) .(12/128)
س: هل تصح الصلاة خلف من لم نعرف حاله (1) ؟
ج: نعم من كان ظاهره الإسلام ويؤم المسلمين فإنه تصح الصلاة
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (155) .(12/128)
خلفه، حتى يتبين منه ما يدل على أنه كافر لا تصح الصلاة خلفه، ولو بان أنه فاسق فإن الصلاة خلف الفاسق صحيحة في أصح قولي العلماء، لكن متى بان أنه كافر عند ذلك لا يصلى خلفه، ويمنع من الإمامة، ولا تصح الصلاة خلفه، كالذي يظهر أنه منافق يسب الدين ويستهزئ بالدين، أو يسب الرسول عليه الصلاة والسلام، أو ما أشبه ذلك مما يوجب ردته عن الإسلام، أو يظهر منه أيضا أنه يعبد أصحاب القبور، ويستغيث بهم وينذر لهم وما أشبه ذلك مما يدل على ردته وكفره، نسأل الله السلامة.(12/129)
65 - حكم الصلاة خلف إمام يميل عن جهة القبلة قليلا لضعف بصره
س: يقول هذا السائل: يوجد بالحي الذي أقيم فيه إمام كبير في السن، وهو إمام للمسجد ومؤذن في نفس الوقت، يأتي في بعض الأحيان للأذان في وقت متأخر؛ أي بعد الأذان بخمس دقائق أو عشر دقائق تقريبا أو أكثر، وثانيا عندما يصلي يكون اتجاهه في الركعة الثانية قد بدأ يميل خارجا عن القبلة، إما شمالا أو يمينا، ولعلمكم نظره بسيط، وقد سألناه مرة من أجل الميول، فقال: يا إخوان بأن القبلة واسعة وعريضة ولا بأس في ذلك. فهل إجابته هذه تكفي؟ أم بماذا تنصحوننا(12/129)
وتنصحونه سماحة الشيخ؟
ج: فإننا ننصح المذكور بأن يعتني بالأذان في وقته، وأن يؤذن مع الناس؛ حتى لا يسبب تأخر جماعة مسجده عن الحضور عن الوقت الذي ينبغي، وحتى لا يلبس على الناس، فالواجب عليه المحافظة على الوقت والعناية بالوقت، هذا هو الواجب عليه لأنها أمانة، والله يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (1) ، أما القبلة فأمرها واسع كما قال صلى الله عليه وسلم: «ما بين المشرق والمغرب قبلة (2) » بالنسبة للشمال والجنوب ما بين المشرق والمغرب قبلة، وبالنسبة للمشرق والمغرب ما بين الشمال والجنوب قبلة، لكن يشرع التحري الكامل للقبلة، هذا هو الأفضل، وإلا فلا يضر الميل اليسير بالنسبة لليمين والشمال، ما يضر والحمد لله.
__________
(1) سورة النساء الآية 58
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة، برقم (342) .(12/130)
66 - نصيحة عامة لأئمة المساجد
س: نصلي مع إمام ضيق الصدر ومصاب بكثير من الأمراض، ويؤخر إقامة الصلاة، ونحن على خلاف دائم معه؛ مما اضطر(12/130)
بعض المصلين إلى أن يصلوا في مساجد أخرى غير ذلك المسجد، نرجو من سماحتكم نصح هذا الإمام ونصح الأئمة حتى يكونوا على وفاق مع جماعتهم، جزاكم الله خيرا (1) .
ج: الواجب على الأئمة جميعا أن يتقوا الله، وأن يتحروا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاتهم وفي كل شؤونهم، والواجب على الجماعة أن يتقوا الله أيضا، وأن يكونوا عونا للأئمة على فعل السنة، الإمام يتحرى السنة في صلاته، في قراءته وركوعه وسجوده حتى لا يشق على الناس، ويتحرى السنة أيضا بألا يتأخر عنهم ويحبسهم في المسجد، يأتي في أوقات محددة ويراعي الأوقات المحددة؛ حتى لا يشق على الناس ويرفق بهم، والجماعة عليهم أن يراعوا ذلك أيضا ولا يشقوا عليه، ويلجئوه إلى أن يخالف السنة، أو يلجئوه إلى أن يوكل حتى تكون الصلاة لكثير من الناس، بل يتعاونوا مع أخيهم الإمام، والجماعة يتعاونون على البر والتقوى، وعلى العناية بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ حتى يكون أداؤهم للصلاة على وجه مرضي، وإذا كان الإمام يعاندهم ولا
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (212) .(12/131)
يعتني بالسنة يرفع أمره إلى الأوقاف، وإذا كانت الأوقاف لم تلب الدعوة، ولم تبال يرفع إلى المحكمة؛ حتى تنظر المحكمة في الموضوع، أو إلى الهيئة من باب التعاون على البر والتقوى، وإن استقام الأمر فالحمد لله، والواجب على الإمام ألا يلجئهم إلى المحكمة أو إلى القاضي، بل يتحرى السنة ويعلمهم السنة؛ حتى يعلموها، وحتى يقتنعوا بها وبأن عمله طيب، وإذا لم يقتنعوا فالمحكمة أو الهيئة ترشد الجميع، إذا كانت الأوقاف لم تقم بالواجب، نسأل الله للجميع الهداية.(12/132)
67 - حكم الاعتذار عن إمامة المصلين وتعليم الناس الخير بسبب الخجل
س: إنني كثير الخجل، ولا أستطيع أن أؤم الناس، رغم أني في بعض الحالات أكون الأقرأ لكتاب الله، وإذا وجه إلي سؤال أرتعش من الخجل، ما هو الحل لقضيتي (1) ؟
ج: الواجب على المؤمن وعلى طالب العلم أن تكون عنده همة عالية؛ من القوة والنشاط في إبلاغ الخير والدعوة إلى الخير، وتعليم
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (146) .(12/132)
الجاهل وإرشاد الضال، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير (1) » لكن المؤمن القوي الذي يعلم الناس ويصلي بهم إذا احتاجوا، ويقرأ عليهم العلم ويرشدهم، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر أفضل من المؤمن الضعيف العاجز الذي لا يستطيع تعليمهم ما ينفعهم. ووصيتي لهذا السائل أن يتقي الله، وأن تكون همته عالية، وأن يؤم الناس إذا كان أفضل الموجودين، وأن يبادر بذلك، وأن يظهر علمه إن كان عنده علم، وأن يفتي السائل بما عنده من العلم عن الله وعن رسوله، وألا يخجل، فليس هذا محل خجل، الخجل للجاهل والفاعل للمعصية، أما من يعلم الناس الخير ويفتيهم بالعلم الشرعي ويسعى في مصالحهم فلا يليق به أن يخجل، ولا ينبغي له أن يجبن، ولا يليق به أن يتأخر، بل ينبغي له أن يتقدم وأن يكون في المقدمة في كل شيء؛ حتى ينفع الناس ويرشدهم ويكون إماما في الخير.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز، والاستعانة بالله، وتفويض المقادير لله، برقم (2664) .(12/133)
س: ما حكم الإمام الذي لا يصلي تحية المسجد (1) ؟
ج: الإمام تكفيه الفريضة، إذا جاء وشرع في الفريضة كفته، كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي ويبدأ بالفريضة، ما يصلي تحية المسجد، ينصى محل الإمامة فيصلي عليه الصلاة والسلام، فالإمام إذا قصد الصلاة ولم يجلس في المسجد إنما جاء ليؤدي الفريضة بدأ بها وكفت، وهكذا الذي جاء والإمام قد دخل في الصلاة وقد أقيمت الصلاة تكفيه الفريضة عن تحية المسجد.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (153) .(12/134)
68 - حكم جلوس الإمام في بيته بعد الأذان حتى إقامة الصلاة
س: إذا كان إمام المسجد ينتظر في بيته ولا يحضر إلى المسجد إلا عند الإقامة، ولا ينشغل في البيت بصلاة نافلة أو قراءة قرآن فهل الأفضل له التبكير إلى المسجد قبل الإقامة (1) ؟
ج: هذا لا نعلم فيه حدا محدودا ولا سنة واضحة، بل الأمر يرجع إلى الإمام، فإن رأى أن حضوره للمسجد أصلح لقلبه وأنفع للناس ليصلي ما تيسر ويقرأ، وربما كان عالما فيفتي الناس بما يسألونه عنه ونحو ذلك كان هذا أفضل، وإن رأى أن بقاءه في البيت أصلح له، يقرأ
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (146) .(12/134)
في بيته ويصلي الرواتب في بيته، ثم يأتي عند إقامة الصلاة كما هو الغالب من فعل النبي عليه الصلاة والسلام، والمعروف من فعله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبقى في البيت، فإذا جاء وقت الإقامة خرج إلى الناس عليه الصلاة والسلام هذا هو الأصل؛ أن يبقى في بيته، ويشتغل بما يسر الله له من قراءة أو علم أو صلاة نافلة أو نحو ذلك، ويحرص على الرواتب التي شرعها الله من أربع قبل الظهر وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، الرواتب التي حافظ عليها النبي عليه الصلاة والسلام، فإن فعلها الإمام في البيت، وفعل ما يسر الله له من الخير؛ كقراءة القرآن أو قراءة علم، أو يحفظ شيئا ينفعه من العلم أو القرآن فكل هذا طيب، فالأصل أن الإمام يبقى في البيت اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، ثم يأتي وقت الإقامة فيقيم الصلاة، فإذا رأى في حالة من الحالات أو في قرية من القرى أو بلد من البلدان أن مجيئه إلى المسجد قبل الصلاة، ينتظرها مع الناس في المسجد، ويصلي ما كتب الله له مما شرع الله، ويقرأ القرآن أو يسبح ويهلل في محل من المسجد، حتى يحضر وقت الإقامة كل هذا لا بأس به، والخلاصة أن الأصل والأفضل أن يكون في البيت حتى يأتي وقت الإقامة اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، فإذا حصل له أمر آخر(12/135)
يقتضي أنه يحضر في المسجد، وأن في ذلك لمصلحة راجحة على البقاء في البيت فلا أعلم في هذا بأسا، بل ينبغي له أن يتحرى ما هو أقرب إلى المصلحة والنفع للمسلمين.(12/136)
س: إذا كنت إماما في مسجد، وتخلفت في بعض الفروض في الشهر مرة أو مرتين لأعذار معينة فهل من حرج علي (1) ؟
ج: ليس عليك حرج، لكن توصيهم بألا يتعطلوا، أو تعين من يؤمهم، أو توصيهم بأن لو تأخرت عن الوقت المعتاد يقدمون من يصلي بهم، وعليك أن تجتهد بالاستقامة بالأشياء العارضة والقليلة.
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون الشريط رقم (355) .(12/136)
69 - بيان ما يفعله الإمام إذا تذكر أثناء الصلاة أنه على غير طهارة
س: الأخ: ع. س. غ. من الباحة، يسأل ويقول: إذا تذكر الإمام أثناء الصلاة أنه على غير طهارة فماذا يفعل (1) ؟
ج: يستنيب من يكمل بهم، يقدم واحدا ممن حوله يكمل بهم الصلاة والحمد لله، هذا هو الصواب، يستنيب من يكمل بهم الصلاة ممن حوله من الطيبين، مثل ما فعل عمر رضي الله عنه لما طعن، قدم عبد الرحمن بن
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (253) .(12/136)
عوف وصلى بهم، كمل بهم الصلاة، وإن استأنفوها من أولها قدموا غيره واستأنفوها من أولها فلا حرج، وإن انتظروه؛ جلسوا ينتظرونه حتى يتوضأ ثم يعود ويصلي بهم من أول الصلاة فلا بأس، ولكن الأفضل أن يستنيب حتى لا يشق عليهم، أن يستنيب من يكمل بهم والحمد لله، أما هو يعيد، يتوضأ ويعيد الصلاة.(12/137)
70 - بيان ما يفعله المصلي إذا دخل المسجد ووجد الصف متكاملا
س: إذا قدم المسلم يريد الدخول في الصلاة، ولكنه وجد الصف مكتملا هل يسحب أحد المصلين ويصلي معه، أم إنه يصلي منفردا متابعا للإمام (1) ؟
ج: المشروع له أن يلتمس فرجة لعله يجد، فإن لم يجد وقف عن يمين الإمام، فإن لم يتيسر ذلك انتظر ولا يسحب أحدا؛ لأن سحبه ظلم وتعد عليه وفتح فرجة في الصف، ولكن ينتظر، وإن قضيت الصلاة ولم يأت أحد صلى وحده والحمد لله معذور.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (253) .(12/137)
س: إذا صلى الركعة الأولى منفردا مع الإمام، ثم دخل معه مصل آخر في الركعة الثانية، وبعد الانتهاء من الفرض هل يسلم مع الإمام، أم إنه يقوم فيأتي بالركعة الأخيرة (1) ؟
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (253) ؟(12/137)
ج: إذا صلى ركعة واحدة بطلت صلاته، فعليه أن يستأنف من الجديد مع الشخص الذي جاء، يستأنف معه من أول الصلاة، وإذا استمر ولم يستأنف يعيدها؛ لأن صلاته باطلة؛ لأنه صلى ركعة وحده خلف الصف، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1) » هكذا صح عنه صلى الله عليه وسلم، وصح عنه أنه أمر من صلى وحده خلف الصف أن يعيد الصلاة (2) لكن لو صلى ما ركع وحده ثم دخل في الصف، أو وقف معه آخر في السجود صحت وأجزأت والحمد لله، كما فعل أبو بكرة رضي الله عنه.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539) .(12/138)
71 - حكم استخلاف الإمام غيره إذا أحدث
س: إذا أحدث الإمام في الصلاة كيف يكون خروجه، حتى يحل محله إمام آخر، أم يكمل الصلاة أم يعيد؟ ثم إذا لم يكن هناك أهل لمن يخلفه فكيف يكون التوجيه (1) ؟
__________
(1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (347) .(12/138)
ج: إذا أحدث الإمام في الصلاة يقطعها، ويقول لهم: انتظروني. ويذهب ويتوضأ، ثم يستأنف الصلاة من أولها. أما إذا كان هناك من يقوم مقامه فيقول: تقدم يا فلان، أو يأخذ بيده فيقدمه، حتى يكمل بهم الصلاة، ولما طعن عمر رضي الله عنه أخذ بيد عبد الرحمن وقدمه وصلى بالناس رضي الله عنه، المقصود أنه إذا أحدث في الصلاة يقطعها ولا يكملها، ويقدم من يصلي بالناس ويكمل بهم إن تيسر، وإلا فإنهم ينتظرونه ثم يعود ويستأنف بهم الصلاة.(12/139)
س: إذا كان الإمام في الصلاة في حالة الركوع أو السجود، وخرج منه شيء أبطل صلاته فماذا عليه؟ هل يتم الصلاة أو يقدم من الذين خلفه واحدا (1) ؟
ج: إذا أحدث الإمام في الصلاة في ركوعه أو سجوده أو في غيرهما لا يستمر، ينفتل ويقدم من يصلي بالناس، لما طعن عمر رضي الله عنه قدم عبد الرحمن بن عوف، فصلى بالناس. فإذا خرج منه ريح أو بول فإنه ينفتل عن الصلاة وينصرف، ويستخلف من يصلي بالناس ممن وراءه، قدمه ليكمل بالناس.
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (425) .(12/139)
س: إذا صلى الإمام ثم طرأ عليه ما يبطل صلاته كيف يعمل في هذه(12/139)
الحالة (1) ؟
ج: ينصرف وينبه الناس إذا طرأ عليه ريح خرجت منه أو بول يقطع الصلاة، ويقدم من يصلي بهم بقية الصلاة، يعني يستخلف من يصلي بهم بقية الصلاة، فإن انصرف ولم يستخلف يقدموا واحدا منهم حتى يصلي بالناس حتى يكمل بالناس، والحمد لله.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (356) .(12/140)
س: إذا أصيب الإمام برعاف، وكان باب المسجد خلف المصلين فهل يقطع صفوفهم لكي يخرج من المصلى، أو ينتظر حتى يتموا صلاتهم (1) ؟
ج: إذا أصابه رعاف أو انتقض وضوؤه فإنه يستنيب على الراجح، يستخلف من يكمل للناس الصلاة، ويخرج إذا استطاع الخروج ولو يشق الصفوف؛ لأنه معذور، فإذا لم يستطع جلس حتى يسهل له الخروج، ويتحفظ حتى لا يقطر الدم في المسجد، ولا بأس عليه والحمد لله، لكن الصواب أنه يستخلف حتى لا يعطلهم كما فعل عمر رضي الله عنه، فإنه لما طعن استخلف عبد الرحمن بن عوف وصلى بهم، كمل بالناس الصلاة، هذا هو الصواب.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (155) .(12/140)
س: ما حكم صلاة الإمام الذي نسي أن يتوضأ ولم يتذكر إلا وهو في الركعة الأولى؟ وما حكم صلاة المأمومين (1) ؟
ج: الصواب أن الإمام إذا دخل في الصلاة، ثم تذكر أنه على غير وضوء أنه يستخلف؛ لأن عمر رضي الله عنه لما طعن استخلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فدل ذلك على أن الصواب أنه يستخلف، هذا هو الأصح، وبعض أهل العلم يقول: إنه لا يستخلف، بل يبتدئون صلاتهم وينتظرونه حتى يتوضأ ثم يرجع، أو يستخلف من يصلي بهم، ويبتدئ الصلاة من أولها، أو هم يستخلفون. ولكن الصواب أنه يستخلف ويصلي بهم بقية الصلاة، أو هم يستخلفون من يصلي بهم بقية الصلاة؛ لأن صلاتهم لم يتعرض لها شيء، هم صلوا بوضوء وطهارة، وهو دخل بغير طهارة ناسيا، فلو استمر فيها حتى سلم بهم صلاتهم صحيحة، وإنما يعيد هو، فكما أنه يعيد إذا صلى بهم وصلاتهم صحيحة فهكذا إذا تذكر أثناء الصلاة يستخلف من يصلي بهم وصلاتهم صحيحة، أو هم يقدمون من يصلي بهم إذا لم يستخلف والحمد لله، هذا هو الصواب.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (128) .(12/141)
72 - حكم استخلاف الإمام في صلاته للمأموم المسبوق
س: أنا رجل مسبوق في صلاة الجماعة بركعة، وحصل للإمام حدث، ثم خلفته لكي أكمل الصلاة، ماذا أفعل وأنا مسبوق؟ سألت أحد الناس فقال: أنت تشير للناس بأن يبقوا في هيئتهم لتأتي بما سبقت به ثم تسلمون جميعا. هل ما قاله صحيح (1) ؟
ج: لا يتابعون في زيادة وتشير إليهم، إذا كنت تخشى أن يقوموا تشير إليهم أن يبقوا حتى تكمل ما عليك، ثم تسلم ويسلمون معك والحمد لله، الواجب عليك إذا كنت قد صرت الخليفة بعده أن تكمل صلاتك وهم ينتظرونك، فإذا كملت صلاتك سلمت وسلموا معك، وإذا خشيت أن يقوموا أشر لهم بيدك حتى يبقوا، لا يقوموا معك.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (294) .(12/142)
73 - بيان الواجب على المصلين إذا خرج الإمام من صلاته لضر أصابه
س: كنا خلف إمام تقدم بنا ليصلي، إلا أنه ارتبك في قراءة القرآن، فخرج من أمامنا، هل يتقدم منا أحد، أم نقطع الصلاة ونبدؤها من جديد وبإمام جديد (1) ؟
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (9) .(12/142)
ج: الصواب في هذا أن لهم الخيار، إذا انفتل الإمام أو أصابه الحدث يعني سبقه الحدث فهم بالخيار، إن شاؤوا قدموا واحدا منهم إن كان الإمام ما قدم أحدا، وإن شاؤوا قدموا واحدا وصلى بهم وبنى على الصلاة، وإن شاؤوا بدؤوها من أولها، واستأنفوها من أولها هم بالخيار، لكن الأولى والأفضل أن يقدموا واحدا يكمل بهم، القريب من الإمام يقدم ويكمل بهم الصلاة والحمد لله، هذا هو الأرجح، ولا حرج في ذلك إن شاء الله، وقد طعن عمر رضي الله عنه فاستخلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وصلى بهم بقية الصلاة.(12/143)
س: ذهبت إلى المسجد لصلاة العشاء، فوجدت الجماعة قد سبقوني بركعتين، وبعد أن كبرت للدخول في الصلاة حصل للإمام عذر جعله يقطع الصلاة، ويجعلني إماما مكانه، فماذا أفعل في هذه الحالة وأنا مسبوق بركعتين (1) ؟
ج: يصلي الركعتين اللتين أدركهما مع الإمام، ويجلس للتشهد، وإذا تشهد التشهد الأول، والأفضل يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقوم ويشير لهم أن يجلسوا حتى يفرغ ويسلم بهم جميعا، يشير لهم حتى
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (47) .(12/143)
يجلسوا ولا يتابعوه، فإذا قضى الركعتين اللتين عليه سلم بهم جميعا؛ لأنه معذور في هذه الحالة، فهو يقوم حتى يكمل صلاته، وهم ينتظرونه لأنه قام لعذر، فيسلم بهم جميعا، هذا هو المشروع، ولو أن الإمام استخلف إنسانا لم يفته شيء لكان أولى، لكن ما دام استخلفه فإن الصلاة صحيحة والحمد لله، فهو يصلي بهم ركعتين، ويتشهد بهم ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على الأصح بعد الشهادتين، ثم ينهض مكبرا إلى الثالثة حتى يكمل لنفسه، فإذا كمل لنفسه سلم بهم جميعا، أما هم فلا ينهضون معه، ينتظرون حتى يسلم بهم جميعا، ولو قام معه جاهلا فصلاته صحيحة، لكن هو يشير لهم حتى يجلسوا وينبههم بعد الصلاة أن هذا هو المشروع، إذا حصل مثل هذا يجلسون وينتظرون.(12/144)
74 - حكم صلاة الجماعة خلف إمام صلى بهم على غير طهارة
س: من المستمع: ي. أ. مقيم في المملكة يقول: ذات يوم أممت الناس بالصلاة، وفي أثناء الصلاة تذكرت بأني لست على طهارة، ولم أدر ماذا أصنع، وارتبكت فأكملت الصلاة بهم وقد أعدت الصلاة بالنسبة لي، أما بالنسبة للمأمومين فلم أخبرهم بشيء، وذلك لأنني خجلت،(12/144)
أفتوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: صلاتهم صحيحة؛ لأنهم لم يعلموا، فإذا صلى الإنسان ثم تذكر في الصلاة أنه محدث، وأتم الصلاة فصلاة المأمومين صحيحة، أما هو فعليه أن يعيد، والواجب عليه أن يتقي الله، وأن يقطع الصلاة ولا يتم إذا أحدث، أو ذكر أنه محدث فإنه يقطع الصلاة ويستخلف بأن يقول: تقدم يا فلان. لمن خلفه واحد منهم، يتقدم حتى يكمل بهم، وهذا هو الاستخلاف، يقول: تقدم يا فلان. فإن لم يستخلف وخرج قدموا واحدا وصلى بهم وكمل بهم؛ لأن عمر رضي الله عنه لما طعن قدم عبد الرحمن وأتم بالناس الصلاة، هذا هو الأفضل، وإن تركهم وقدموا إنسانا وصلى بهم فلا بأس، وإن أعادوها من أولها فلا بأس، الأمر واسع، الحمد لله.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (339) .(12/145)
س: صليت بجماعة، واكتشفت بعد الصلاة أنني كنت على غير طهارة، فكيف أتصرف والحال ما ذكر؟ جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: إذا لم تعلم وتذكر إلا بعد الصلاة فلا شيء عليك، صلاتهم صحيحة، وأنت عليك الإعادة، عليك أن تتوضأ وتعيد، أما هم فصلاتهم
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (297) .(12/145)
صحيحة، أما إن تذكرت وأنت في الصلاة فإنك تكتفي تستخلف من يتم بهم، تقول لمن وراءك: تقدم تم بهم. وإن استأنفوا وصلوا من أول الصلاة، أو انتظروك حتى ترجع وصليت بهم من أول الصلاة فلا بأس، لكن الأسهل عليهم والأرفق بهم أن تقدم من يتم بهم الصلاة، وأنت تذهب وتتوضأ وتعيد الصلاة، هذا هو الصواب في هذه المسألة.(12/146)
س: بعدما صليت الفجر في جماعة اكتشفت بأنني جنب، فقمت بالاغتسال، ثم صليت الفجر بعد الاغتسال، فهل صلاتي قبل الاغتسال كانت صحيحة؛ لأنني لم أعرف بأنني جنب (1) ؟
ج: الصلاة غير صحيحة، ما دام علمت بأنك جنب، أو على غير طهارة الصلاة غير صحيحة، لكن صلاة الذين صلوا معك وأنت لا تعلم وهم لا يعلمون صلاتهم صحيحة، أما أنت فصلاتك غير صحيحة تعيدها؛ لأنك علمت أنك على حدث، فعليك أن تعيد الصلاة كما لو صليت وأنت محدث حدثا أصغر، ثم علمت بعد الصلاة، عليك أن تعيد الصلاة، فالجنب والمحدث حدثا أصغر عليهما الإعادة إذا صليا على غير طهارة، ثم علما عليهما الإعادة، أما لو كانا إمامين ولم يعلما إلا بعد الصلاة
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (383) .(12/146)
فإن صلاة من خلفهم صحيحة، أما هما فعليهما الإعادة، ولو تنبه وهو في الصلاة انفصل منها واستخلف من يصلي بهم ويكمل بهم، يقدم واحدا يصلي بهم، والحمد لله.(12/147)
س: الأخ: س. خ. د. يسأل ويقول: إذا صليت خلف إمام، وأثناء الصلاة لاحظت أن بإحدى رجليه بقعة لم يصلها الماء، فنبهته بعد الصلاة فلم يبال، فأعدت الصلاة فما حكم ما فعلت (1) ؟
ج: إذا صلى الإمام بالناس، ثم بان أنه محدث أو أن طهارته غير صحيحة فصلاة المأمومين صحيحة، هذا هو الصواب، صلاتهم صحيحة، وعليه هو الإعادة إذا علم أنه محدث، أو أن طهارته فيها خلل يبطلها عليه أن يعيده، وليس على الجماعة الإعادة، صلاتهم صحيحة، والواجب عليه هو أن يعيد، والمأموم إذا أعاد اعتقادا منه أن فعله صحيح فلا حرج عليه، إذا أعاد اجتهادا منه لا حرج عليه، لكن ينبغي أن يعلم الحكم الشرعي، وأنه لا إعادة عليه، فمن أعاد يظن أن عليه إعادة فهو مأجور إن شاء الله لاجتهاده.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (156) .(12/147)
س: إذا دخل الرجل المسجد وهو يعتقد أنه على طهارة وصلى مع(12/147)
الناس، وحينئذ اتضح له أنه على غير طهارة بم تنصحونه (1) ؟
ج: إن كان بعد ما فرغ من الصلاة فعليه الإعادة، ولا شيء عليه، فإن ذكر في الصلاة وجب عليه الانفتال وقطعها والخروج منها، ولا يصل معهم وهو على غير وضوء، لا يكمل الصلاة.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (184) .(12/148)
75 - حكم صلاة المفترض خلف المتنفل
س: ما حكم صلاة المفترض خلف المتنفل (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك، صلاته صحيحة، فلو أن إنسانا وهو متنفل أم الناس وهم مفترضون صحت صلاتهم، وقد ثبت في الصحيحين أن معاذا رضي الله عنه كان يصلي مع النبي عليه الصلاة والسلام العشاء، ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فهو متنفل وهم مفترضون، ولم ينكر عليه النبي ذلك عليه الصلاة والسلام ومثل هذا لا يخفى عليه، عليه الصلاة والسلام، كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (205) .(12/148)
أنه صلى صلاة الخوف بطائفة ركعتين (1) ثم سلم ثم صلى بآخرين ركعتين، فكانت الأولى فرضه والثانية نفلا له، وهي فرض للصحابة رضي الله عنهم، وبهذا يعلم أنه لا حرج في ذلك أن يكون الإمام متنفلا والمأموم مفترضا.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843) .(12/149)
س: هل يجوز لي أن أصلي مع المتنفل بنية الفرض إذا دخلت المسجد والصلاة قد انتهت، أم لا يجوز؟ وماذا أفعل إذا كنت أصلي النافلة، ودخل المسجد أحد المصلين، وصلى معي ظنا منه أنني أصلي الفرض؟ هل يجوز أن أكون له إماما، أم أدفعه بعيدا أم أبتعد عنه؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا حرج في أن تصلي مع المتنفل وأنت ناو الفرض؛ لأن الجماعة مطلوبة، ولا حرج أيضا أن تصلي بمن دخل معك وهو قد فاته الفرض؛ أن تصلي به وتنوي الإمامة؛ لأن الجماعة مطلوبة، هذا هو الصواب، وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا لا يصلح إلا في النافلة، والصواب أنه يجوز في الفرض والنفل، والدليل على هذا أن معاذا رضي الله عنه كان يصلي مع النبي العشاء عليه الصلاة والسلام فرضا، ثم يذهب إلى قومه ويصلي بهم
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (170) .(12/149)
فرضهم وهو يصلي نفلا؛ لأنه قد صلى الفرض مع النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي بهم فرضهم فدل ذلك على أنه يجوز للمفترض أن يصلي خلف المتنفل. ومن ذلك ما صح عنه صلى الله عليه وسلم في بعض أنواع صلاة الخوف أنه صلى بطائفة ركعتين ثم سلم، ثم صلى بآخرين ركعتين (1) فكانت الأولى له فرضا وكانت الثانية له نفلا عليه الصلاة والسلام، فهذا هو الدليل على أنه لا حرج أن يكون المتنفل إماما للمفترض.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843) .(12/150)
76 - حكم من فاتته صلاة العشاء ووجد الإمام يصلي التراويح
س: كثيرا ما يحدث في رمضان أن تدخل جماعة أخرى وتصلي العشاء جماعة، ونحن في وقتها نصلي التراويح، فهل يجب عليهم أن يدخلوا معنا في التراويح أم يصلوا منفردين؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا صلوا منفردين فلا بأس، ولعله أولى خروجا من الخلاف، وإذا صلوا معكم التراويح وإذا سلم الإمام قاموا وكملوا فلا بأس على الصحيح، لكن إذا صلوا وحدهم فهذا أصح عند الجميع، وإذا صلوا خلف من يتنفل
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (329) .(12/150)
ثم قاموا وكملوا أجزأ على الصحيح وصح.(12/151)
س: يقول السائل: في وقت رمضان وجدت الإمام انتهى من صلاة العشاء، وفي الركعة الأولى من صلاة التراويح إذا الأمر كذلك هل أصلي معه ركعتي التراويح، وبعد ما يسلم الإمام أقوم وآتي بركعتين وأسلم وأعتبرها صلاة عشاء، أم كيف أتصرف (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك، إذا أتى المسلم إلى المسجد وقد صلى الناس في رمضان صلاة العشاء، وشرعوا في التراويح ودخل معهم ناويا العشاء، ثم أتم صلاته بعد ما يسلم الإمام فلا بأس عليه، والحمد لله، ويرجى له فضل الجماعة، وهذا هو الأفضل، وإن صلى وحده أجزأه ذلك، لكن الأفضل أن يصلي معهم حتى تحصل له الجماعة بنية العشاء، إذا سلم الإمام قام وكمل صلاته والحمد لله.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (332) .(12/151)
س: أتيت إلى المسجد لأصلي العشاء في رمضان، ووجدت المصلين يصلون التراويح، وقد انتهوا من صلاة العشاء، فهل يجوز أن أنضم إليهم بنية الفرض، على أن أكمل ركعتين بعد سلامهم ولي أجر الجماعة، أم أصلي منفردا العشاء (1) ؟
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (42) .(12/151)
ج: إن صليت وحدك فلا بأس، وإن صليت معهم لأجل الجماعة فهو أفضل، صل معهم، ثم إذا سلم الإمام تقوم وتأتي بالركعتين الباقيتين من العشاء ولك أجر الجماعة إن شاء الله، وقد ثبت في الصحيحين عن معاذ رضي الله عنه «أنه كان يصلي مع النبي عليه الصلاة والسلام العشاء فرضه، ثم يذهب معاذ فيصلي بجماعته صلاة العشاء نافلة له، وهي فرضهم، وقد أقره النبي على ذلك عليه الصلاة والسلام (1) » والحاصل أنه يجوز أن يصلي المفترض خلف المتنفل، كما أقره النبي صلى الله عليه وسلم من فعل معاذ، وثبت أيضا أنه صلى الله عليه وسلم في بعض صلاة الخوف صلى بجماعة ركعتين؛ هي فرضه وفرضهم، ثم صلى بجماعة آخرين ركعتين، فصارت فرضا لهم وكانت نافلة له عليه الصلاة والسلام (2) هذا كله يدل على أنه لا بأس أن يصلي المفترض خلف المتنفل، كالذي جاء في التراويح في رمضان، وقد صلى الناس العشاء فإنه يصلي معهم بنية العشاء، ثم إذا سلم الإمام من إحدى تسليمات التراويح يقوم ويصلي بقية العشاء.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا برقم (6106) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843) .(12/152)
س: يقول السائل: فاتتني صلاة العشاء مع الجماعة في رمضان، ودخلت(12/152)
المسجد والإمام يصلي التراويح، فدخلت معه على نية صلاة العشاء، ولما سلم الإمام وقفت للركعة الثالثة، وقد وقف الإمام للصلاة فأكملت معه الركعتين التاليتين من صلاة التراويح، فأصبحت في حقي أربع ركعات، هل يجوز ذلك؟ وهل تعتبر حينئذ صلاتي صحيحة (1) ؟
ج: كان الذي ينبغي لك لما سلم تقوم وتكمل صلاتك، إذا سلم من الثنتين تقوم أنت وتكمل صلاتك وحدك، كالذي يصلي مع إنسان فاته بعضها، فيقوم بعد سلام إمامه ويكمل، والصواب أن الصلاة صحيحة، وأن صلاة المفترض خلف المتنفل صحيحة، هذا هو الأرجح من قولي العلماء؛ أنه يجوز للمفترض أن يصلي خلف المتنفل، كما «كان معاذ رضي الله عنه يصلي بأصحابه العشاء وهو قد صلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي بهم متنفلا وهم مفترضون (2) » أما هذه الحالة التي سلم إمامك ثم قمت تابعته الركعتين الأخريين حتى كملت أربعا في صحتها نظر، والأقرب - والله أعلم - أنها صحيحة ليس عليك إعادة، هذا هو الأقرب إن شاء الله، ولكن في المستقبل إذا كان مثل هذا فالأحوط لك أنه إذا سلم أن تقضي وحدك ما بقي عليك.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (245) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا برقم (6106) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465) .(12/153)
77 - حكم تقديم صلاة التراويح قبل صلاة العشاء
س: حضرت لصلاة العشاء ووجدت الناس يصلون ودخلت معهم، ثم تبين أنهم يصلون التراويح فأكملت معهم، ثم صليت العشاء، هل تجوز العشاء بعد التراويح؟ وهل تجوز التراويح قبل العشاء (1) ؟
ج: على كل حال السنة التراويح بعد العشاء، قيام رمضان بعد العشاء، لكن هذا نافلة، صلاتك معهم قبل صلاة العشاء تعتبر صلاة نافلة في حقك بين العشاءين، والصلاة بين العشاءين جائزة، لكن ليست هي القيام المعروف قيام رمضان، قيام رمضان يكون بعد العشاء، فتعتبر هذه نافلة لك بين العشاءين وصلاتك بعد ذلك صحيحة، صلاة العشاء صلاة صحيحة، وإنما الأفضل والأولى أنك تبدأ بالفريضة، تبدأ بها ثم صل معهم التراويح، هذا الذي ينبغي حتى يجتمع لك فعل السنة مع أداء الفريضة، ولو أنه صلى معهم بنية الفريضة لما سلم من التراويح قام وتمم الفريضة أجزأه ذلك، لو صلى معهم الثنتين الأولى مع الإمام بنية التراويح وهو يصلي الفريضة، ثم إذا سلم قام وأتم صلاته أجزأه ذلك، فالحاصل أن هذا لا حرج فيه إن شاء الله، صلاته صحيحة وصلاته في
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (2) .(12/154)
التراويح صحيحة، وتعتبر نافلة ليست هي التراويح، وليست هي قيام رمضان المشهور، إنما قيام رمضان يكون بعد العشاء، وهذا صلاها قبل العشاء، فتكون من النوافل التي تستحب بين المغرب والعشاء.(12/155)
س: إذا وجد شخص أناسا يصلون صلاة العشاء، فأحرم معهم بالصلاة، فتبين أنهم في التراويح، فما حكم صلاته هذه (1) ؟
ج: إذا أحرم الإنسان مع الناس في ليالي رمضان يظنهم في الفريضة، وظهر أنهم في التراويح فإنه يصلي معهم يستمر، فإذا سلم الإمام في التراويح يقوم ويكمل صلاته ولا بأس؛ لأنه على الصحيح يجوز أن يصلي المفترض خلف المتنفل، «وقد صلى معاذ رضي الله عنه بأصحابه العشاء وهو متنفل وهم مفترضون؛ فيصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء فرضه، ثم يأتي ويصلي بأصحابه العشاء وهو متنفل وهم مفترضون (2) » والنبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الخوف الصلاة الأولى فرضا، وصلاة الطائفة الثانية وهو متنفل عليه الصلاة والسلام وهم مفترضون (3) فلا حرج، فإذا وجدهم يصلون التراويح
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (30) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا برقم (6106) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843) .(12/155)
صلى معهم بنية فرضه، ثم إذا سلم الإمام قام وكمل صلاته والحمد لله، هذا هو الصواب.(12/156)
78 - حكم اختلاف الإمام والمأموم في النية في الصلاة
س: يقول السائل: إذا اختلفت نية المأموم والإمام فهل الصلاة صحيحة (1) ؟
ج: الصواب أنها صحيحة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى في الخوف ببعض المسلمين ركعتين صلاة الخوف، ثم صلى بطائفة أخرى ركعتين فصارت الأولى له فريضة والثانية له نافلة، وهم لهم فريضة (2) وكان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء صلاة الفريضة، ثم يرجع فيصلي بقومه صلاة العشاء نافلة له وهي لهم فرض (3) فدل ذلك على أن لا حرج في اختلاف النية، وهكذا لو أن إنسانا جاء إلى مسجد يصلون العصر، وهو لم يصل الظهر فإنه يصلي معهم العصر بنية الظهر ولا حرج عليه في أصح قولي العلماء،
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (249) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843) .(12/156)
ثم يصلي العصر بعد ذلك.(12/157)
س: يقول السائل: إذا اختلفت نية الإمام والمأموم فهل الصلاة صحيحة (1) ؟
ج: الصواب أنها صحيحة، إذا كان الإمام مثلا يصلي العصر، وجاء إنسان ما صلى الظهر وصلى خلفه بنية الظهر صحت على الصحيح، أو كان الإمام قد أدى الفريضة وصلى بالناس الآخرين نافلة وهي لهم فريضة كذلك، كما فعل معاذ كان يصلي مع النبي عليه الصلاة والسلام فريضته، ثم يأتي لقومه فيصلي بهم فريضتهم وهو متنفل، أو كان الإمام مفترضا والمأمومون متنفلين لا حرج في ذلك.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (249) .(12/157)
79 - حكم صلاة من صلى خلف متنفل يظنه مفترضا
س: إذا دخل رجل وأنا في صلاة نفل، واعتقد ذلك الرجل أنني أصلي الفرض، فاتخذني إماما ليصلي معي الفرض، فما الحكم في هذا؟ هل أدفعه قبل البدء معي؟ مع العلم أنه قيل لي: إنه يجب أن نفرق بين الفرض والنفل؛ بأن ترفع صوتك في التكبيرات بالنسبة(12/157)
للفرض بخلاف النفل، فما رأي سماحتكم في ذلك (1) ؟
ج: قد دلت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنه لا حرج في أن يكون المأموم مفترضا والإمام متنفلا، فإذا كنت أيها السائل تصلي نفلا فجاء رجل وصف معك ليصلي فريضته فلا بأس، ولا حرج على الصحيح، وإن كان بعض أهل العلم يرى أنه لا يصلي المتنفل بالإمام المفترض، لكنه قول ضعيف، قول مرجوح بالدليل، والصواب أنه لا حرج في ذلك، فإذا دخل معك فلا بأس أن تؤمه، وهو يصلي فرضا وأنت تصلي نفلا، لا حرج في ذلك، وليس لما قلته أصل بأنه يرفع صوته في التكبير في الفرض ويخفض في النفل، هذا لا أصل له فيما أعلم، بل التكبير فيهما سواء يكبر في صلاته الفريضة والنافلة سواء، لا نعلم في هذا شيئا إلا الإمام فإنه يكبر يرفع صوته؛ لأنه ينبه الناس ويبلغ الناس، أما المأموم والمنفرد فصوته في الفريضة والنافلة سواء، لا نعلم في هذا سنة تفرق بينهما.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (13) .(12/158)
س: يقول: كنت أصلي السنة، فدخل أحد الأشخاص، ورآني أصلي فظن أني أصلي الفرض فائتم بي، هل ما فعل هذا الشخص صحيح (1) ؟
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (311) .(12/158)
ج: لا حرج في ذلك.(12/159)
80 - حكم نية الإمامة في الصلاة
س: هذا السائل أ. أ. أ. من المنطقة الشرقية يقول: هل يشترط في الإمامة نية الإمامة في الصلاة (1) ؟
ج: نعم، لا بد من نية الإمامة.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (357) .(12/159)
81 - حكم الدخول في الصلاة مع من يصلي منفردا
س: كنت أصلي منفردا، فجاء رجل فصلى معي بقصد صلاة الجماعة، وأنا كنت أصلي منفردا بدون قصد جماعة، فهل صلاته صحيحة أم أن الجماعة لها نية من البداية، والمنفرد له نية؟ هل هذه الصلاة تصح جماعة أم لا (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك، إذا جاء المؤمن وأخوه يصلي وحده، ثم وقف عن يمينه وجعله إماما له وصلى به أخوه لا بأس، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في الليل وحده، فجاء ابن عباس فصف عن يساره، فأداره النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه وصلى به النبي
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (203) .(12/159)
صلى الله عليه وسلم افتتح الصلاة وحده ليس بإمام ولم ينو الجماعة، ولكن لما جاء ابن عباس وصف عن يساره جعله عن يمينه وصلى به فإذا كان الإنسان يصلي فاتته الصلاة، وجاء أخوه وصف عن يمينه وصليا جماعة لا بأس بذلك، يبتدئ النية من أثناء الصلاة؛ نية الجماعة، نية الإمامة من أثناء ما وقف معه أخوه.(12/160)
س: هل يشرع الدخول مع شخص قد شرع في الصلاة لتكون جماعة (1) ؟
ج: حسن إن شاء الله، هذا هو الأحسن؛ لأن الجماعة مطلوبة، إذا شرع يصلي وحده وجاء آخر وصلى معه فحسن إن شاء الله.
__________
(1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (350) .(12/160)
س: ما الحكم فيمن يصلي منفردا، ثم يأتي شخص آخر يصلي خلفه؟ فهل تحسب لهما صلاة الجماعة أم لا (1) ؟
ج: الصواب لا حرج في ذلك؛ في كونه يأتم بهذا المنفرد لا بأس، ويحصل لهما فضل الجماعة؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «كان يصلي
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (341) .(12/160)
وحده، فجاء ابن عباس وصف عن يساره في صلاة الليل، فأداره النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه (1) » فصلى به النبي صلى الله عليه وسلم وقد أحرم وحده، ثم جاء ابن عباس فدخل معه فأقره النبي صلى الله عليه وسلم وصلى به وجعله عن يمينه. وثبت عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه رأى رجلا دخل بعد الصلاة قد فاتته الصلاة، فقال: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (2) » فالمقصود أن يكون المنفرد الذي يقضي يكون إماما، أو جاء وقد فاتته الصلاة فكبر يصلي وحده، ثم جاء إنسان فصف عن يمينه، أو جاء جماعة وقدموه لا حرج في ذلك، الصواب لا حرج في ذلك، ومن هذا «أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي وحده، فجاء جابر وجبار من الأنصار فصفا عن يمينه وشماله، فجعلهما خلفه وصلى بهما (3) » وكان قد أحرم وحده عليه الصلاة والسلام، فدل هذا على أن النبي أحرم وحده، ثم جاء من صف عن يمينه فلا بأس، ومن صف عن يساره فأداره عن يمينه، وإن كانوا اثنين فأكثر، فجعلهم خلفه
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014) .(12/161)
هذا هو السنة.(12/162)
س: في كثير من الأحيان أكون في أي صلاة من أي فرض من الفروض وأصلي منفردا، ويأتي بجانبي مصل آخر وينوي الصلاة جماعة، وإذا أتى مصل آخر أتقدم للأمام خطوة ويتابعونني في صلاتي، في حين أنني نويت في الأول أن أصلي هذا الفرض منفردا، فما حكم صلاتي أنا؟ وما حكم صلاة المأمومين الذين ائتموا بي؟ أفيدوني بارك الله فيكم (1)
ج: الواجب على المؤمن أن يسارع حتى يحضر الجماعة، وحتى يشارك في الجماعة في بيوت الله عز وجل، ولا يجوز له التأخير من غير عذر شرعي، بل تجب المبادرة حتى يشارك مع إخوانه المسلمين، ويحضر الجماعة مع إمام المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » وقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (86) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .(12/162)
فقال له عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء للصلاة؟ "، قال: نعم، قال: " فأجب (1) » خرجه مسلم في صحيحه؛ ولأن الجماعة فضلها عظيم فلا ينبغي لمسلم أن يحرم نفسه هذا الخير العظيم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة (2) » متفق على صحته، لكن لو قدر أن الإنسان تأخر وفاتته الجماعة وصلى وحده، فجاء بعض الناس فصلى عن يمينه وصارا جماعة فلا بأس، ولو كان عند الإحرام وحده لم ينو الإمامة، فإنه إذا جاء معه ثان فإنه ينوي الإمامة، فإن جاء معه ثالث أخرهما وتقدم كما فعلت، وقد ثبت «أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي وحده في الليل، فجاء ابن عباس رضي الله عنهما، فصف عن يساره، فأخذه بيمينه وجعله عن يمينه وصلى به عليه الصلاة
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (645) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف، برقم (650) .(12/163)
والسلام (1) » وهو لم ينو الإمامة أولا، كان يصلي وحده. متفق على صحته، وهكذا وقع في قصة أخرى لأنس «لما زار النبي صلى الله عليه وسلم بيت جدته، فصلى عندهم الضحى قام أنس عن يمينه، وصلى به عليه الصلاة والسلام وهو عن يمينه والمرأة خلفهما (2) » وثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه كان يصلي وحده، فجاء جابر وجبار فصفا عن يمينه وشماله، فأخرهما خلفه فصلى بهما (3) » رواه مسلم في صحيحه، هذا هو الأمر المشروع، والله أعلم.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير، برقم (660) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014) .(12/164)
س: إذا دخلت المسجد أو أي محل، ووجدت شخصا واحدا يصلي فهل يجوز لي الدخول مع الإمام، وهو لم ينو أن يأتم بأحد، بل نيته أن يصلي منفردا؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا حرج في ذلك إذا دخلت وأنت لم تصل، ووجدت إنسانا يصلي أن يكون إماما لك، وأن تصلي معه حتى يحصل لكما فضل
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (348) .(12/164)
الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا دخل بعد انتهاء الصلاة: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (1) » المطلوب فضل الجماعة، «ولأنه صلى الله عليه وسلم قام يصلي من الليل، فقام ابن عباس وصف عن يساره، فأداره عن يمينه فصلى به (2) » فدل ذلك على أن التماس الجماعة في النافلة والفريضة أمر مطلوب، تصلي الفريضة التي لك وقد فاتتك الجماعة ووجدت إنسانا يصلي أو جماعة تصلي معهم، ويكون عن يمين الإمام إذا كان واحدا تكون عن يمينه.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763) .(12/165)
س: إذا دخلت في صلاة الفرض أو صلاة النفل، وبعد تكبيرة الإحرام دخل رجل بجواري هل تكون صلاتي معه جماعة؟ وإذا كانت صلاتي نفلا فما الحكم أيضا جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: نعم يكون جماعة في النفل أو الفرض، إذا دخل معك واحد يكون عن يمينك وأنت الإمام يكون لك فضل الجماعة في الفرض والنفل.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (322) .(12/165)
82 - اختلاف النية في الصلاة بين الإمام والمأمومين
س: رجل صلى بجماعة بنية صلاة غير الصلاة الحاضرة فهل تبطل صلاتهم (1) ؟
ج: لا، لا بأس بذلك، إذا صلى رجل بجماعة العصر، وصلى معه أناس الظهر فلا حرج، صلاتهم صحيحة على الصحيح، وقد «كان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي العشاء عليه الصلاة والسلام، ثم يرجع فيصلي بجماعته العشاء نفلا له وفرضا لهم (2) » فلا بأس أن يصلي من عليه الظهر خلف من يصلي العصر، ثم يصلي العصر بعد ذلك.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (165) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا برقم (6106) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465) .(12/166)
83 - حكم من صلى في جماعة ثم صلى بأهله تلك الصلاة في بيته
س: أصلي العشاء جماعة في المسجد، ثم أعود إلى البيت فأصلي بزوجتي العشاء محتسبا إياها نافلة لي وهي بالنسبة للزوجة فريضة، هل في ذلك شيء (1)
ج: ليس في ذلك حرج، إذا كان المقصود تعليمها وتوجيهها إلى الصلاة الشرعية، فقد كان معاذ بن جبل رضي الله عنه يصلي مع النبي
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (119) .(12/166)
صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فتكون له نافلة ولجماعته فريضة، فلا حرج في ذلك، وفي هذا فائدة من جهة التعليم والتوجيه، ولا أعلم بهذا بأسا إن شاء الله.(12/167)
س: السائل ع. س. س: هل يجوز أن يصلي المفترض وراء المتنفل (1) ؟
ج: نعم لا حرج في ذلك، لو أن إنسانا لم يصل فريضته، وجاء إلى إنسان يصلي نافلة فصلى معه صحت، كان معاذ رضي الله عنه يصلي بأصحابه العشاء نفلا - لأنه قد صلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم - وهم مفترضون، ولأنه صلى الله عليه وسلم في بعض أنواع صلاة الخوف صلى بطائفة ركعتين فرضهم، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين نفلا له ولهم فرض، فلا حرج.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (268) .(12/167)
84 - حكم صلاة المأموم ظهرا خلف من يصلي العصر
س: كنت مسافرا ووجبت صلاة العصر، ولم أكن قد صليت الظهر بعد، عندما قابلني مسجد بالطريق توضأت وصليت الظهر ونويت لها وصليت الركعة الأولى وكنت بمفردي، وفي حالة القيام للركعة(12/167)
الثانية حضر رجلان ودخلا معي الصلاة بنية العصر، وأنا أصلي الظهر، فهل صلاتهما خلفي صحيحة (1) ؟
ج: نعم صلاتهم صحيحة، لهم نيتهم وأنت لك نيتك، هذا هو الصحيح وهو الصواب، أنت لك نية الظهر، وهم لهم نيتهم العصر، والحمد لله.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (336) .(12/168)
س: الأخ: أ. س. ح. يسأل ويقول: إذا دخلت المسجد والجماعة يصلون العصر، وأنا لم أصل الظهر بعد، فهل أدخل مع الجماعة بنية الظهر، أم أصلي الظهر منفردا ثم ألحق الجماعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: الأرجح أن تصلي معهم بنية الظهر، هذا هو الصواب، ثم تصلي العصر بعد ذلك، ولا يضر بالنية، فتدخل معهم وتصلي معهم الظهر بنية الظهر، وإذا فرغت تصلي العصر وحدك أو مع من تيسر من الجماعة الأخرى، هذا هو الصواب.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (258) .(12/168)
85 - حكم صلاة المصلي عشاء خلف من يصلي التراويح
س: في رمضان إذا دخلت المسجد والجماعة يصلون التراويح، وأنا لم أصل العشاء هل أنضم معهم أو أصلي منفردا (1) ؟
ج: إن صليت منفردا فلا بأس، وإن صليت معهم بنية الفريضة، وإذا سلم تممت صلاتك فلا بأس كله طيب.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (258) .(12/169)
س: اختلفت مع زميل لي في كيفية صلاة الجماعة لشخصين مثلا وفي وقت صلاة العصر، إذا علمنا أن أحدهم قد نسي ولم يصل الظهر، ولكنه استدرك في وقت العصر. والسؤال: هل يدخل في صلاة الجماعة مع زميله لصلاة العصر على أن ينوي هو بصلاة الظهر، ثم بعد الفراغ منها يصلي العصر أم لا؟
ثانيا: أيهما يؤم الثاني، إذا هما للجماعة وكل منهما ينوي صلاة معينة؛ كأن نوى الأول لصلاة الظهر والثاني لصلاة العصر، علما أن كلا منهما مستوف لشروط الإمامة (1) ؟
ج: نعم إذا كانا هكذا فلا مانع من أن يصليا جماعة، وأيهما أم صاحبه فلا بأس، فإن أم من يريد العصر صلى خلفه من عليه الظهر بنية الظهر، فإذا
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (58) .(12/169)
فرغا صلى العصر بعد ذلك حسب الترتيب الشرعي، وإذا أم من عليه الظهر لكونه أقرأ، أو أسن أو نحو ذلك صلى خلفه من عليه العصر في وقت العصر، صلاها بنية العصر، هكذا يجب.(12/170)
86 - حكم صلاة المأموم عصرا خلف إمام يصلي المغرب
س: إذا كان أحدنا لم يصل العصر، ودخل وقت صلاة المغرب، وحضرت الجماعة في صلاة المغرب هل يصلي العصر أم يصلي مع الجماعة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا أمكنه أن يصلي العصر أولا بدأ بها ثم صلى معهم المغرب، فإن خشي أن تفوته معهم صلى معهم المغرب بنية العصر، فإذا سلموا من المغرب قام وأتى بالرابعة من العصر، ثم يصلي المغرب بعد ذلك، أما إذا أمكنه أن يصلي العصر وحده في المسجد قبل أن يصلي المغرب فإنه يصليها ثم يدخل معهم في المغرب، فإن لم يتيسر ذلك صلى معهم على الصحيح بنية العصر، فإذا سلموا قام وأتى بالرابعة، ثم يصلي المغرب بعد ذلك.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (351) .(12/170)
87 - بيان كيفية صلاة المغرب خلف من يصلي صلاة العشاء
س: رجل دخل المسجد ليصلي المغرب، ووجد رجلا يصلي فالتحق به، فإذا به يصلي العشاء، فماذا يفعل الرجل الذي يصلي المغرب؟ هل يكمل معهم، أم ينفصل عنه في الركعة الثالثة؟
ج: إذا دخل المسلم مع إنسان يصلي صلاة رباعية وهو قصده المغرب؛ بأن دخل معه يظنه يصلي المغرب فصار يصلي العشاء، كما قد يقع ذلك في الأسفار وفي فترة الأمطار فإنه إذا قام الإمام إلى الرابعة يجلس هو في الثالثة، ويقرأ التشهد ويدعو حتى يسلم إمامه ثم يسلم معه وتجزئه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «إنما الأعمال بالنيات (1) » هذا له نيته، وهذا له نيته، «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (2) » هكذا قال عليه الصلاة والسلام، وهكذا لو صلى معه العشاء وهو ناو المغرب، وهو مسافر فسلم من ثنتين فإنه يقوم ويصلي الثالثة، وصلاته صحيحة له نيته وذاك له نيته، هذا نوى المغرب وهي ثلاث، وهذا نوى العشاء مقصورة لأنه مسافر، وسلم من ثنتين، فإذا سلم قام وأتى بالثالثة الذي يصلي المغرب، وهكذا لو
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنية، وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، برقم (1907) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنية، وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، برقم (1907) .(12/171)
صلى الظهر واقتدى به من يصلي العصر، جاء وهم يصلون في وقت الجمع في السفر مثلا، فظن أنهم يصلون الظهر، فصاروا يصلون العصر وهو يصلي الظهر، فإن صلاته صحيحة وله نيته ولهم نيتهم، هذا هو الصواب، الأعمال بالنيات.(12/172)
88 - بيان كيفية صلاة من أدرك الجماعة في صلاة العشاء ولم يصل المغرب
س: رسالة وصلت من أحد الإخوة المستمعين، رمز في نهايتها لاسمه، وهو: أبو عبد العزيز ح. ب. ر. أخونا يقول: رجل تأخر ولم يصل المغرب حتى دخل وقت العشاء، فلما أتى إلى المسجد رأى الإمام يصلي بالجماعة صلاة العشاء وهو في الركعة الثانية، فدخل معهم وصلى العشاء، ثم قام بعدها وصلى المغرب، فقلت له: كان الأولى بك أن تدخل مع الإمام ونيتك صلاة المغرب، ثم تقوم بعدها وتصلي العشاء منفردا أو مع جماعة أخرى. فقال: كيف أصلي معه بنية المغرب وهو في الركعة الثانية؟ هل أسلم مع الإمام أم أقوم وآتي بالركعة التي فاتت خوفا من إنكار الذي يصلي بجواري؟ فسوف يقول لي: قم وأت بركعة، فاحترت ثم بعثت بسؤالي(12/172)
إليكم، أفتونا بارك الله في أعماركم وأعمالكم وعلمكم (1)
ج: المشروع لك وأمثالك إذا جئت والإمام في الصلاة؛ صلاة العشاء، وأنت لم تصل المغرب أن تدخل معهم بنية المغرب، ولا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء، فإذا كان قد صلى واحدة نويت المغرب وصليت معهم الثلاث، وتكفيك عن المغرب وتسلم معهم، وإن كنت في أول الصلاة جئتهم وهم في أول الصلاة دخلت معهم، فإذا فرغت من الركعة الثالثة جلست تنتظر الإمام حتى يسلم ثم تسلم معه، وتكفيك عن المغرب، ثم تصلي العشاء بعد ذلك وحدك إن لم يتيسر جماعة أخرى، هذا هو المشروع لك ولأمثالك، ولا حرج في اختلاف النية، أنت نويت المغرب وهم ينوون العشاء، لا حرج في ذلك؛ لأن الترتيب واجب، ترتيب بين الصلوات واجب، فالمغرب تؤدى قبل العشاء، وهكذا الظهر قبل العصر، وهكذا إذا جاء الإنسان وهم يصلون العصر وعليه الظهر يصلي معهم العصر بنية الظهر، وإذا فرغ من الصلاة معهم العصر وهي له الظهر صلى العصر بعد ذلك وحده، أو مع جماعة إن تيسر هذا، وهو الصواب في هذه المسألة، والله ولي التوفيق.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (312) .(12/173)
س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم من صلى المغرب بعد إمام يصلي العشاء قصرا في نفس الوقت (1) ؟
ج: ذا فعل مجمل، إذا قدم العشاء على المغرب لا يجوز، لا بد أن يقدم المغرب على العشاء، فعليه أن يصلي المغرب أولا، ثم يصلي العشاء بالترتيب، وليس له أن يصلي العشاء ثم يصلي المغرب، لكن إذا صلى معهم العشاء بنية المغرب إن كانوا يقصرون مسافرين، صلى معهم العشاء بنية المغرب، ثم قام بعد السلام وأتى بالركعة الثالثة أجزأ، أو كانوا مقيمين صلى معهم العشاء بنية المغرب، وجلس في الثالثة حتى سلموا ثم سلم، ثم صلى العشاء لا بأس على الصحيح.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (384) .(12/174)
س: أفيد سماحتكم أنني وأحد الزملاء كنا راجعين من سفر مسافة قصر، فلما حان وقت صلاة المغرب ونحن نسير طلبت من زميلي أن نؤخر صلاة المغرب، ونجمعها مع صلاة العشاء، فلما وصلنا إلى الرياض سمعنا أذان العشاء، وأثناء سيرنا إلى المنزل طلب مني زميلي أن نتوقف ونصلي العشاء في المسجد، ومن ثم نصلي المغرب، إما في البيت أو في المسجد بعد صلاة العشاء، فرفضت ذلك وقلت: بل نصلي المغرب في المسجد(12/174)
أولا، ثم نلحق بالجماعة في صلاة العشاء. وفعلا صليت المغرب ومن ثم لحقت بالجماعة بصلاة العشاء، أما هو فقد أصر على رأيه وصلى العشاء أولا، فلما انتهت الصلاة صلى المغرب، أينا الذي على صواب (1) ؟
ج: الصواب معك؛ لأن الله أوجب الترتيب، فالواجب أن تبدأ بالمغرب ثم بعد ذلك تدخل معهم في صلاة العشاء، فقد أصبت وهو عليه القضاء، عليه أن يعيد العشاء، فإنه صلاها قبل المغرب، والله أوجب أن تصلى العشاء بعد المغرب، فعليه أن يعيد العشاء؛ لأنه صلاها في غير وقتها، وقتها بعد المغرب، وأما أنت فقد أصبت، ونسأل الله للجميع التوفيق.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (205) .(12/175)
89 - بيان كيفية صلاة من أتى المسجد والجماعة يصلون المغرب والعشاء جمعا
س: أتيت المسجد فوجدت الجماعة يصلون المغرب والعشاء جمعا لسبب ما، وقد انتهى الإمام بالجماعة من أداء فريضة المغرب، وقاموا ليصلوا فريضة العشاء عقب المغرب مباشرة، وأنا لم أصل(12/175)
المغرب، فهل أصلي العشاء معهم جماعة، ثم أصلي المغرب بعد ذلك؟ أم ماذا أفعل (1) ؟
ج: إذا كان الواقع مثل ما ذكره السائل فإنه يصلي معهم العشاء بنية المغرب، هذا هو الأرجح، فإذا قام الإمام إلى الرابعة جلس هو ينتظر؛ يتشهد يقرأ التحيات ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو حتى يسلم الإمام، ثم يسلم معه، ثم يصلي العشاء بعد ذلك، فله نيته والإمام له نيته، واختلاف النية في هذا لا يضر على الصحيح من أقوال العلماء، فيدخل معهم في العشاء إذا كانوا مقيمين ويصلي معهم ثلاثا، ثم يجلس والإمام يقوم للرابعة، فإذا سلم الإمام سلم معه، ثم صلى العشاء بعد ذلك، أما إن كان في سفر فإنه يصلي معهم بنية المغرب، فإذا سلم الإمام من ثنتين؛ لأن المسافر يقصر العشاء ثنتين، فإذا سلم الإمام من الثنتين قام وأتى بواحدة تمام المغرب، ثم صلى العشاء بعد ذلك، هذا هو الواجب، وإن صلى معهم العشاء نافلة، ثم صلى المغرب والعشاء وحده الفريضة فلا بأس، ولكن الأولى هو الأول حتى يحصل له فضل الجماعة في صلاة المغرب، فيصلي معهم بنية المغرب
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (43) .(12/176)
ويجلس في الثالثة إذا كانت رباعية، إذا كانوا يصلون في الحضر في إقامة، فإذا سلم الإمام سلم معه، ثم صلى العشاء بعد ذلك، وإن كانوا في السفر صلى معهم أيضا بنية المغرب، فإذا سلموا من العشاء من ثنتين قام هو وأتى بالثالثة.(12/177)
س: إذا كان هناك إنسان أتى من مكان بعيد ولم يستطع أن يصلي مثلا صلاة المغرب، وعندما وصل إلى البيت فإذا بصلاة العشاء تقام هل يصلي العشاء أولا، أو يصلي المغرب (1) ؟
ج: يصلي معهم العشاء بنية المغرب، لا يضيع الجماعة، يصلي معهم العشاء بنية المغرب، ويجلس في الثالثة ويسلم معهم بعد ذلك، ثم يصلي العشاء حتى تحصل له الجماعة، هذا هو المختار، وهذا هو الأرجح.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (323) .(12/177)
90 - حكم دخول المصلي مأموما مع مصل منفرد لفضل الجماعة
س: شخص دخل لصلاة العصر بعد انتهاء صلاة الجماعة، وقام يصلي منفردا، وأثناء صلاته دخل شخص آخر، هل يدخل معه في الصلاة؟ هل تعتبر صلاتهما صلاة جماعة، أو لا يصح إلا مع الإمام الراتب (1) ؟
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (72) .(12/177)
ج: نعم هذا هو الأفضل، إذا قام يصلي وجاء آخر فالأفضل أن يصف معه عن يمينه، فإن كان الداخل اثنين صفا خلفه حتى تحصل لهم فضيلة الجماعة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلا بعد الصلاة قد دخل وفاتته الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (1) » فالسنة أن يقوم بعض الإخوان، بعض الحاضرين فيصلي مع الداخل حتى تكون له جماعة، لكن إن كان واحدا فعن يمينه، وإن كانوا أكثر من واحد صاروا خلفه، هذا هو السنة، وهذا هو المشروع، وفي هذا فضل عظيم؛ لأن الرجل يحصل له فضل الجماعة بقيام إخوانه معه ولو واحدا.
أما من يرى أن ذلك لا يصح إلا مع الإمام الراتب فهو قول غير صحيح، وليس له أصل، لكن الواجب البدار بصلاة الجماعة والصلاة مع الإمام وعدم التأخر، لكن متى قدر أنه تأخر لعلة من العلل، ثم صادف من يصلي معه يرجى له أجر الجماعة لعموم الأدلة.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016) .(12/178)
س: صليت المغرب جماعة، وبعد الانتهاء جاء رجل للمسجد يريد الصلاة، فهل يجوز أن أصلي معه جماعة؟ ومن يكون الإمام (1) ؟
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (298) .(12/178)
ج: لا بأس أن يصلي معه جماعة، وإن كان أقرأ منك فهو الإمام، وإن كنت أقرأ منه فأنت الإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا دخل المسجد بعدما فرغ الناس من الصلاة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (1) » فقام بعض الصحابة وصلى معه. فإذا صار صلى إماما وأنت المأموم، أو إن كنت أقرأ منه وقدمك إماما صلى معك مأموما، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016) .(12/179)
س: دخلت المسجد فوجدت واحدا يصلي، لكني لا أعلم هل هو يصلي السنة أم الفرض، ماذا أفعل (1) ؟
ج: إذا كان الجماعة لم يحضروا فانتظر، تصلي سنة التحية، وإن كانت لها راتبة قبلها كالظهر صليت الراتبة، وتنتظر الجماعة حتى يحضروا فتصلي معهم، أما إذا كانوا قد صلوا تصلي معه حتى تكون جماعة، تكون مأموما وهو إمام حتى يحصل لك فضل الجماعة، ولو كانت نافلة يحصل لك فضل الجماعة، أو تسأله تقول: هل صلى الناس؟ إذا كان المسألة فيها إشكال، تقول: هل صلى الناس؟ إن كان ما صلوا تنتظر، وإن كان قد صلى الناس تصلي معه حتى يحصل لك فضل الجماعة.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (294) .(12/179)
91 - حكم إمامة المسبوق
س: يقول السائل: هل يصح إذا دخل رجلان إلى المسجد، وقد فرغ الإمام من الركوع الأخير أن يقول أحدهما للآخر: أنت تؤم بالصلاة إذا سلم الإمام, ومن ثم يدخلان مع الجماعة الأولى ويتمان بقية الركعة، ثم يقومان لأداء الصلاة يؤم أحدهما الآخر (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك، وإن صلى كل واحد لنفسه فهو أفضل، كل واحد يكمل لنفسه والحمد لله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم «لما أم عبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم ذهب في حاجته، وتأخر عن الناس، فقدموا عبد الرحمن وصلى بالناس في غزوة تبوك، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ومعه المغيرة بن شعبة، فوجد الناس قد قدموا عبد الرحمن وقد صلوا ركعة، فلما رآه عبد الرحمن أراد أن يتأخر، فأومأ إليه الرسول عليه الصلاة والسلام فصلى بهم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم والمغيرة مع عبد الرحمن ما بقي من الصلاة، فلما سلم عبد الرحمن قضى كل واحد ما فاته، النبي
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (393) .(12/180)
صلى الله عليه وسلم قضى ركعته والمغيرة قضى ركعته (1) » ما أمه النبي صلى الله عليه وسلم، ودل على أنهم إذا صلوا مع الإمام وقد فاتهم بعض الشيء كل واحد يكمل لنفسه، هذا هو الأفضل، ولا يحتاج يؤم أحدهما الآخر، ولو أن أحدهما أم الآخر صحت الصلاة، لكن كون كل واحد يقضي لنفسه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم والمغيرة هذا هو الأولى، كل واحد يكمل لنفسه بعد سلام الإمام.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة باب المسح على الناصية والعمامة، برقم (274) .(12/181)
س: السائل يقول: دخلت جماعة المسجد والإمام جالس في التشهد الأخير، ثم اشترك هؤلاء الجماعة في هذه الفريضة، وعندما سلم الإمام قام هؤلاء الجماعة وتقدم واحد منهم وأم هؤلاء وصلى بهم، نرجو منكم التوضيح هل ما فعلوه صحيح (1) ؟
ج: صلاتهم صحيحة ولا بأس بذلك، لكن الأولى ترك ذلك، الأولى أن يقضي كل واحد لنفسه، هذا هو الذي ينبغي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء، وعبد الرحمن بن عوف قد صلى بالناس ركعة في غزوة تبوك صلى هو مع عبد الرحمن الركعة التي بقيت والمغيرة، فلما سلم عبد الرحمن قام النبي صلى الله عليه وسلم وقام المغيرة، وقضى
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (219) .(12/181)
كل واحد لنفسه الركعة التي فاتتهما، فهذا هو الأفضل؛ أن كل واحد يقضي لنفسه، ولا يحتاج أن يتقدمهم واحد منهم ويصلي بهم، لكن صلاتهم صحيحة، لا نعلم مانعا من صحتها.(12/182)
س: هل يجوز للمسبوق أن يكون إماما (1) ؟
ج: إذا ائتم به بعض الناس فلا حرج إن شاء الله على الصحيح، لو فاته مثلا ركعة أو أكثر ودخل إنسان وجعله إماما فلا حرج إن شاء الله.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (353) .(12/182)
س: دخلنا المسجد مسبوقين، وبعد سلام الإمام قمنا بتكملة صلاتنا، وائتم بنا الشخص الذي دخل معي، هل فعله هذا صحيح (1) ؟
ج: لا حرج عمله صحيح إن شاء الله، لكن لو أن كل واحد قضى بنفسه يكون أحسن ولا حاجة للإمامة، لو أن كل واحد قضى لنفسه كفى؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى الصحابة في إمامة عبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك، لما تأخر النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأيام في صلاة الفجر قدم الصحابة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وصلى بهم صلاة الفجر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن في الثانية، فأراد أن يتأخر فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبقى، فكمل عبد
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (311) .(12/182)
الرحمن بهم، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعة الثانية هو والمغيرة بن شعبة رضي الله عنه، فلما سلم عبد الرحمن قام النبي وقضى، والمغيرة قضى، كل واحد قضى لنفسه، ما ائتم المغيرة بالنبي صلى الله عليه وسلم، فكل واحد قضى لنفسه، فهذا هو الأفضل تأسيا بفعله عليه الصلاة والسلام، لكن لو أن أحد المسبوقين ائتم بصاحبه، أو جماعة ائتموا بواحد منهم فلا حرج إن شاء الله.(12/183)
س: هل يجوز للمأموم أن يصلي بمن جاء من ورائه، مثلا: رجل لم يلحق بالمغرب إلا بركعة واحدة، ثم قام ليكمل ما بقي، وجاء رجل آخر فهل يقتدي به أم لا؟ وما صحة ذلك مأجورين (1) ؟
ج: إن اقتدى به فلا بأس، وإن صلى وحده فهو أفضل، وإن اقتدى بالمسبوق وجعله إماما له جاز، فإذا سلم المسبوق كمل ما عليه فلا حرج إن شاء الله على الصحيح.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (382) .(12/183)
س: دخلت المسجد وقد انتهى الإمام من الصلاة، فهل يجوز لي أن أصلي خلف مأموم من الجماعة (1) ؟
ج: إن صليت خلف الذي يقضي وصار إماما لك فلا بأس، وإن
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (326) .(12/183)
صليت وحدك فلا بأس، الأمر واسع والحمد لله.(12/184)
س: الأخ م. ك. ي. من صبيا يسأل ويقول: إذا صلى إنسان مع آخر قد لحق بعض الركعات مع جماعة سابقة فما حكم ذلك (1) ؟
ج: لا مانع أن يتخذه إماما، وإن كان مأموما سابقا لا مانع أن يتخذه الأخير إماما، فيصلي معه، وإذا سلم قضى ما عليه، وإن صلى كل واحد على حدة فالحمد لله.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (329) .(12/184)
س: إذا دخل رجل فوجد رجلا يصلي فهل يأتم به؟ وهل يشرع الائتمام بالمسبوق (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك، وإن صلى وحده فلا بأس، وإن ائتم بالمسبوق وجعله إماما له ليحصل فضل الجماعة هذا حسن.
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (357) .(12/184)
92 - بيان كيفية صلاة من دخل مع الإمام بنية العشاء وتذكر أنه لم يصل المغرب
س: لو أنني دخلت في صلاة العشاء مثلا وأصلي منفردا، ثم تذكرت أني لم أصل المغرب، فهل يجوز لي أن أحول نية صلاة العشاء إلى صلاة المغرب، علما بأنني لم أركع الركعة الأولى؟ وإذا كنت في(12/184)
جماعة فهل أقطع صلاتي وأصلي المغرب أولا قبل العشاء، وبهذا تفوتني فضيلة الجماعة, أرجو بيان الكيفية؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا تذكرت أنك لم تصل المغرب تقطع صلاة العشاء، تنوي قطعها ثم تبتدئ بتكبيرة الإحرام ناويا المغرب، سواء كنت وحدك أو مع الجماعة، ولا بأس أن تخالف نيتك نية الجماعة، لا حرج أن تصلي خلف من يصلي العشاء وأنت ناو المغرب؛ لأنك ما صليتها، اقطع النية نية العشاء بالنية، ثم كبر تكبيرة الإحرام ناويا المغرب سواء كنت وحدك أو مع الإمام، ثم بعد الفراغ تصلي العشاء بعد ذلك، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (312) .(12/185)
93 - حكم من أحرم لصلاة منفردا ثم رأى جماعة تصلي أمامه
س: كنت أصلي الظهر بمفردي، وفي أثناء الركعة الثانية وجدت صلاة جماعة تصلي أمامي، هل أنوي مع صلاة الجماعة وأنا واقف مكاني، أو أكمل الصلاة بمفردي (1) ؟
ج: تقطعها وتدخل معهم من أول الصلاة، وإذا سلموا تقضي ما
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (224) .(12/185)
فاتك؛ لأن صلاة الجماعة مطلوبة، وإن كملت فلا حرج، وإن دخلت معهم فإنك معذور لأجل فضل الجماعة.(12/186)
94 - حكم قطع المسبوق صلاته بعد التسليم والدخول مع جماعة ثانية
س: يقول السائل: دخلت المسجد ووجدت الإمام في جلوس التشهد الأخير، وبعد قيامي لإكمال الصلاة رأيت جماعة جديدة، فهل يجوز قطع هذا القيام، والانضمام إلى الجماعة الجديدة للصلاة (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك؛ لأن هذا قطع لما هو أفضل، وهو الصلاة معهم، وإن أتممت فلا حرج، وإن قطعتها وذهبت مع الجماعة فذلك أفضل؛ لما في ذلك من أدائها جماعة.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (388) .(12/186)
95 - حكم إمامة المسافر بالمقيم أو العكس
س: ما حكم ائتمام من يقصر بمن يتم صلاته أو العكس؟ وكيف يفعلان (1) ؟
ج: إذا أم من يقصر الصلاة بمن يتمها فإنه إذا سلم من صلاته ثنتين
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (46) .(12/186)
يقوم المقيم ويتم أربعا، إذا كان الإمام هو المسافر يصلي ثنتين، ثم إذا سلم يقوم من وراءه فيصلون أربعا إذا كانوا مقيمين غير مسافرين، والمسافرون يسلمون معه، هذا إذا كان الإمام هو المسافر، أما إذا كان الإمام هو المقيم والمسافرون خلفه فإنهم يتمون معه، وليس لهم القصر، بل يتمون معه أربعا، وليس لهم القصر خلف من يتم أربعا؛ لما ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «أنه سئل عن من يصلي خلف الإمام؛ قالوا له: يا ابن عباس، ما لنا إذا صلينا خلف الإمام صلينا أربعا، وإذا صلينا في رحالنا صلينا ثنتين؟ قال: هكذا السنة (1) » وهكذا رواه أحمد في مسنده بإسناد جيد، وفي صحيح مسلم، هذا يدل على أن الصلاة مع الإمام لا بد أن تكمل أربعا، صلاة المسافر مع الإمام في المسجد مع أهل البلد، أما إذا صلى خلف المسافرين فإنه من جنس المسافرين يصلي ثنتين، لكن متى صلى المسافر خلف من يصلي أربعا من المقيمين فإنه يتم أربعا، ولا يقصر خلفه وهو مقيم، هكذا السنة أن المسافر يتم خلف المقيم، أما المقيم خلف المسافر فإنه يتم صلاته إذا سلم المسافر.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها برقم (688) .(12/187)
96 - حكم صلاة المسافر إذا صلى مع جماعة من المقيمين
س: رجل جاء ومجموعة يصلون في المسجد، وهو مسافر وهم في الركعتين الأخيرتين، وهذا المسجد في الطريق بين مكة والمدينة، ولكنه لا يعلم هل هذه الصلاة قصر أو تامة؟ فهل يكمل الصلاة، أم يسلم معهم وينوي الصلاة قصرا أم تامة؟ وما هو الأفضل له في هذه الحالة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليه أن يصلي أربعا؛ لأن أهل المسجد يصلون أربعا، فالواجب عليه أن يصلي أربعا، وإذا أدرك ثنتين يقوم ويأتي بثنتين بعد السلام؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن المسافر إذا صلى مع المقيمين يصلي أربعا ولا يصلي ثنتين (2) » بل يصلي أربعا، أما إذا علم أنهم مسافرون وصلى معهم ثنتين فلا بأس، أو كان عليهم علامات السفر فاعتقدهم مسافرين، وأصاب في اعتقاده فإن صلاته صحيحة، أما إذا لم يعلم ذلك فإن الأصل في أهل المساجد أنهم مقيمون، فيصلي معهم أربعا لا ثنتين، فإذا أدرك ثنتين وسلموا قام فأتى
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (262) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها برقم (688) .(12/188)
بالثنتين الأخيرتين.(12/189)
س: كنت على سفر وأنا أقصر الصلاة، فأدركت جماعة تصلي العصر، فصليت معهم ركعة واحدة وسلم الإمام، ولا أدري هل كان قاصرا أم صلى تامة؟ فكيف تنصحونني لو تكرر الحال؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان الذين صليت معهم مسافرين فتأتي بركعة؛ لأن الظاهر أنهم مسافرون صلوا ركعتين، أما إذا صليت مع المقيمين فإنك تصلي أربعا، فإذا سلموا تقوم وتأتي بثلاث إذا كنت أدركت واحدة، وإن كنت أدركت ثنتين تقوم وتأتي بالثنتين؛ لأن الظاهر من أهل المقيمين الأربع أنهم يصلون أربعا، فالمشروع والواجب على المسافر إذا صلى مع المقيمين أن يصلي أربعا، أما إذا كنت مع مسافرين فإنك إذا أدركت واحدة تقوم وتأتي بالثانية؛ لأن الظاهر من حالهم أنهم صلوا ثنتين وأنهم مسافرون.
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (263) .(12/189)
س: ما حكم من صلى قصرا مع إمام يتم؛ أي إنه صلى ركعتين معه، ثم سلم وترك الإمام في صلاته (1) ؟
ج: القصر سنة مؤكدة ثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام في حق
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (17) .(12/189)
المسافر، لكن إذا صلى المسافر خلف المقيم فإن الواجب عليه هو التمام، هذا هو الحق والصواب الذي عليه جمع من أهل العلم، وليس له أن يقصر مع الإمام المقيم، بل يتابعه ويصلي معه أربعا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ما يدل على ذلك، فإن ابن عباس رضي الله عنهما سئل قيل له: «ما لنا نصلي مع الإمام أربعا، وإذا صلينا في رحالنا صلينا ركعتين؟ قال: هكذا السنة (1) » خرجه الإمام أحمد والإمام مسلم رحمه الله. وهذا يدل على أن السنة أن المسافر يصلي أربعا مع الإمام، وإذا صلى مع أصحابه المسافرين صلى ركعتين، والذي يصلي مع الإمام المتم وهو مسافر يصلي معه ركعتين يلزمه أن يعيد إذا سلم من ذلك، ولم يتابع إمامه، فقد غلط وقد أخطأ، وعليه أن يقضي هذه الصلاة التي صلاها مع الإمام وقصرها، عليه أن يقضيها ويصليها أربعا عملا بهذه السنة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها برقم (688) .(12/190)
س: صليت العصر مع الإمام في مدينة الرياض وأنا مسافر، فأدركت معه ركعة فقط، ثم صليت واحدة وسلمت لأنني أقصر، فلما سلمت سألني بعض الإخوان: لماذا صليت ثنتين وسلمت؟ فقلت له: لأنني(12/190)
مسافر، وقد صليت الظهر لوحدي ركعتين، وأدركت مع الإمام ركعة فصليت الثانية وسلمت. فقال لي: لا يجوز؛ لأنك إذا أدركت الإمام مع الجماعة فدخلت في الجماعة لا يجوز لك القصر، ويجب عليك أن تتابع الجماعة متى وجدتها. وقد امتثلت لفتواه، لكن ما الذي أصنعه في الأمور السابقة لهذه الفتوى إن كانت صحيحة (1) ؟
ج: نعم هذه الفتوى صحيحة، المسافر إذا صلى وحده صلى ثنتين، أو صلى مع الجماعة المسافرين صلى معهم ثنتين، أما إذا صلى مع المقيم الذي يصلي أربعا فإنه يصلي معه أربعا ولا يقصر، وإذا أدرك معه الصلاة أدرك معه ركعة في صلاة الظهر، أو العصر أو العشاء فإنه يأتي بثلاث حتى يكمل أربعا، وإذا أدرك معه ركعة من المغرب أتى بثنتين حتى يكمل المغرب ثلاثا، وإذا أدركه بركعة في الجمعة أو الفجر أتى بركعة ثانية حتى يكملها، وهذا قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن المسافر يصلي مع الإمام، قال: يصلي أربعا، فإذا صلى مع المسافرين صلى ثنتين. فقال له السائل في ذلك، فقال: هكذا السنة. والسائل قال: «ما بالنا إذا صلينا مع الإمام صلينا أربعا، وإذا صلينا في رحالنا صلينا ثنتين؟ فقال ابن عباس: هكذا
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (21) .(12/191)
السنة (1) » خرجه مسلم في صحيحه، وخرجه أحمد رحمه الله بإسناد جيد، وهذا هو الصواب؛ أن المسافر لا يقصر إلا إذا كان وحده أو مع المسافرين، أما إذا صلى مع المقيمين الذين يصلون أربعا فإنه يصلي معهم أربعا، سواء كان من أولها أو في أثنائها، إذا جاء في أثنائها ثم سلم الإمام يكمل الأربع، هذا هو الواجب، أما الصلوات التي صليتها سابقا صليتها ثنتين وأنت مع الإمام، فهذه إن كانت قليلة فالأحوط أن تقضيها، أما إن كان لها دهر طويل فلعله يعفى عنك إن شاء الله لأجل أنك صليت بجهل، والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى المسيء في صلاته، أمره أن يعيد الصلاة الحاضرة، ولم يأمره بقضاء الصلاة الفائتة لأجل الجهل، فأنت كذلك، إذا كانت الصلوات قليلة وأعدتها فهو حسن، وإلا فلا شيء عليك؛ لأن المطلوب أن تفعل ما بلغك من العلم الشرعي، فلما بلغك العلم الشرعي وامتثلت فالحمد لله، والباقي أرجو أن يعفو الله عنك سبحانه وتعالى، والأقرب - والله أعلم - أنه ليس عليك شيء فيما مضى؛ لأنك فعلته ظنا منك أنك على الصواب والحق، ومعك شبهة ما هو المعروف في حق المسافرين من الصلاة ثنتين، فأنت لك شبهة، والله يعفو عن الجميع، وليس عليك قضاء ما فات إن شاء الله، ولكن في المستقبل إذا وافقت الأئمة المقيمين تصلي معهم
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها برقم (688) .(12/192)
أربعا، وإن فاتك شيء فإنك تكمل أربعا.(12/193)
س: رسالة من المستمع من القصيم يقول: نأمل من سماحتكم إفتاءنا فيما يأتي: قوم سافروا سفر قصر، وفي أثناء سفرهم هذا مروا ببلد وقت صلاة العشاء وهم لم يصلوا المغرب، فدخلوا مع جماعة المسجد على حالات ثلاث؛ الأولى: جماعة دخلوا مع الإمام بنية صلاة العشاء، وبعد السلام صلوا المغرب. الحالة الثانية: جماعة دخلوا مع الإمام بنية صلاة المغرب، فلما قام الإمام لركعته الرابعة جلسوا حتى سلم الإمام فسلموا معه وصلوا العشاء بعد ذلك. الحالة الثالثة: جماعة دخلوا مع الإمام بنية صلاة المغرب أيضا، فلما قام الإمام لركعته الرابعة جلسوا فتشهدوا وسلموا، ولحقوا بالإمام في الركعة الرابعة له بنية صلاة العشاء لهم، وأكملوا بعد ذلك ثلاث ركعات. ولكي تتم صلاة العشاء فأي هذه الحالات وافقت الصواب؟ وهل على أحد منهم إعادة؟ أفتونا مأجورين جزاكم الله خيرا (1)
ج: الطائفة الأولى الذين صلوا العشاء معه، ثم صلوا المغرب عليهم
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (307) .(12/193)
أن يعيدوا العشاء؛ لأنهم غيروا الترتيب، الواجب عليهم الترتيب؛ يصلون المغرب ثم العشاء، وليست الجماعة عذرا في ترك الترتيب، فعليهم أن يعيدوا صلاة العشاء؛ لأنهم صلوها قبل المغرب.
أما الذين صلوا مع الإمام بنية المغرب وجلسوا في الثالثة، وانتظروا حتى سلموا معه فإنهم قد أصابوا ولا شيء عليهم، والحمد لله.
والثالثة جلسوا بعد الثالثة وتشهدوا وسلموا كملوا المغرب، ثم قاموا وصلوا معه الركعة الرابعة بنية العشاء، هؤلاء الأقرب والأحرى - إن شاء الله - أنها تجزئهم وأنها صحيحة، لكن الذين جلسوا حتى سلموا معه أولى وأقرب.(12/194)
97 - حكم ترك المسافر للجماعة ليصلي وحده قصرا
س: المسافر إذا وصل إلى المدينة، وأراد أن يصلي لوحده قصرا هل يجوز له ذلك؛ علما بأنه يسمع الأذان وقريب من المسجد ويدرك الجماعة (1) ؟
ج: لا يجوز له إذا كان وحده، لا يجوز له بل يصلي مع الناس؛ لأن الجماعة واجبة، أما إذا كانوا عدد اثنين فأكثر فهم مخيرون، إن شاؤوا
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (21) .(12/194)
صلوا وحدهم قصرا، وإن شاؤوا صلوا مع الأئمة في المساجد وأتموا أربعا.(12/195)
س: السائل: س. س. ع. يمني مقيم بالمملكة: إذا حضر المسافر صلاة جماعة أيهما أفضل في حقه: أن يصلي مع تلك الجماعة صلاة تامة، أو ينفرد ويصلي صلاة مسافر (1) ؟
ج: إذا كان مفردا ليس معه أحد فالواجب عليه أنه يصلي مع الجماعة، يصلي أربعا ولا يصلي وحده؛ لأن الجماعة واجبة والقصر سنة، ولا يترك الواجب من أجل السنة، بل يصلي مع الجماعة ويتمها أربعا، أما إن كانوا عددا اثنين فأكثر فهم بالخيار؛ إن شاؤوا صلوا وحدهم قصرا، وإن شاؤوا صلوا مع الجماعة أربعا.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (275) .(12/195)
98 - مسألة في إمامة المسافر للمقيمين
س: صلاة المسافر الذي يقصر ويجمع بالمقيمين هل تجوز أم لا (1) ؟
ج: نعم صلاة المسافر بالمقيمين صحيحة، وإذا سلم يتمون إذا كان مسافرا وهم مقيمون، كأن صلى معهم الظهر ثنتين والعصر ثنتين أو
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (303) .(12/195)
العشاء اثنتين، فإذا سلم يتم المقيمون أربعا، أما هو المسافر إذا صلى خلف المقيم فإنه يتم، هذا هو الأفضل، يصلي أربعا إذا كان المسافر مأموما والإمام مقيم، فإن المسافر يتم يصلي أربعا، هذا هو السنة.(12/196)
س: رسالة من المملكة الأردنية الهاشمية من المرسل: س. يسأل ويقول: شخص يقصر في صلاته، هل يجوز أن يكون إماما للمقيمين؟ جزاكم الله خيرا. وإذا حصل هذا فهل له أن يقول: أتموا صلاتكم فإني أقصر الصلاة (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك، إذا صلى بهم وهو مسافر يصلي ثنتين، ويقول لهم عند الإحرام: أتموا. أو إذا سلم يقول: أتموا. كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك في عام الفتح (2) وإن أتم بهم فلا حرج؛ بأن يصلي بهم أربعا، ولو كان مسافرا فلا حرج، فقد أتم عثمان بالناس في آخر خلافته في حجاته الأخيرة رضي الله عنه وأرضاه، فالمقصود أنه إن أتم بهم فلا بأس، وإن صلى بهم ثنتين وقال: أتموا. فكله طيب وكله حسن.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (338) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب متى يتم المسافر برقم (1229) .(12/196)
99 - حكم إقامة جماعتين في مسجد مع اختلاف الفريضة
س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم إقامة جماعتين في مسجد واحد في وقت واحد، ولكنهم مختلفون في الفريضة (1) ؟
ج: الواجب أن يصلوا جميعا، إذا كانوا في وقت واحد عليهم أن يصلوا جميعا، وليس لهم أن ينقسموا، عليهم أن يصلوا جميعا، أما إذا صلت الجماعة الأولى ثم جاءت جماعة أخرى صلوا وحدهم ولا حرج، لكن ما داموا جميعا وقت الصلاة الأولى عليهم أن يصلوا جميعا الوقت الحاضر، وليس لهم أن يتفرقوا، بل يجب أن يصلوا جميعا بإمام واحد.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (384) .(12/197)
100 - حكم المرور بين صفوف المصلين
س: ما حكم المرور بين صفوف المصلين حتى يجد المار مكانا يصلي فيه (1) ؟
ج: لا حرج أن يمر المسلم بين المصلين، والإمام يصلي يلتمس مكانا إذا لم يجد طريقا سوى ذلك، أما إذا وجد طريقا بحيث يذهب
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (75) .(12/197)
معه؛ حتى يتصل بآخر الصفوف فالأولى به أن يذهب مع الطريق؛ حتى لا يشوش على أحد، أما لو احتاج إلى ذلك فلا بأس؛ لأن المأموم لا يضره من مر بين يديه؛ لأنه مربوط بصلاة الإمام، فلا يضره من مر بين يديه، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «أتيت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في منى وأنا على أتان، فنزلت عنها وتركت الأتان ترتع ودخلت في الصف (1) » فلم يضر ذلك صلاتهم؛ لأنهم محكومون بحكم الإمام، سترة الإمام سترة لهم، فلا يضرهم مرور الأتان، يعني أنثى الحمار، أو مرور إنسان آخر، لكن إذا تيسر أن يكون مرور الإنسان أو دابته من جهة أخرى؛ حتى لا تشوش على الصفوف فهذا هو الأولى، ولعل السبب في مرور أتان ابن عباس عدم تيسر طريق لها ذاك الوقت حتى مرت من بين بعض الصفوف.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب متى يصح سماع الصغير برقم (76) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب سترة المصلي برقم (504) .(12/198)
101 - حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد
س: ما حكم المرور أمام المصلي في المساجد؟ وهل هناك مسافة(12/198)
يسمح فيها (1) ؟
ج: المرور بين يدي المأمومين لا بأس به ولا حرج فيه، أما المرور بين يدي الإمام أو الذي يصلي وحده فهذا لا يجوز، الرسول صلى الله عليه وسلم حذر منه، وأخبر أنه «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (2) » فلا يجوز المرور بين يدي المصلي قريبا منه ثلاثة أذرع فأقل، أو بينه وبين السترة، أما إذا كان بعيدا أكثر من ثلاثة أذرع فهذا لا حرج فيه؛ لأن رده يشق لبعده، ولأنه لا يعد بين يديه في الحقيقة، والأصل في هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى في الكعبة جعل بينه وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع، هذا يدل أن محل السترة بهذه المثابة فأقل، والأولى أن يبعد أكثر من المصلي خروجا من الخلاف، أما إذا كان له سترة فلا يمر بينهما، ولكن يمر من ورائها، هذا أيضا يشمل المرأة والحمار والكلب؛ إذا مروا بعيدا منه لا يضر ثلاثة أذرع فأكثر أو من وراء السترة.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (38) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507) .(12/199)
102 - حكم المرور بين يدي المصلي في الحرم
س: هل للمسجد الحرام والمسجد النبوي خاصية بمرور النساء والرجال أمام المصلي؛ اضطرارا ودفعا للحرج (1) ؟
ج: الصواب في المسجد الحرام أنه لا تقطع فيه الصلاة، وأن من مر بين يدي أخيه لا يضره، فلا يمنع المار ولا يقطع المار الصلاة في المسجد الحرام؛ لأنه مظنة الزحمة ومشقة الدفع، والحاجة ماسة إلى المرور بين يدي المصلين في المطاف وغير المطاف، فالصواب في ذلك أن المصلي في المسجد الحرام لا يمنع المار، ولو مر بين يديه امرأة لم تقطع صلاته؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه في هذا شيء؛ أنه يمنع المار أو أنه تقطع الصلاة فيه، بل جاء عنه في بعض الأحاديث وإن كان فيها ضعف؛ «أنه ما كان يمنع المار في المسجد الحرام، وأنه كان يصلي والناس يمرون بين يديه (2) » لكن فيه ضعف. وثبت عن بعض الصحابة كابن الزبير أنه كان يصلي والناس يمرون بين يديه، ولأن المسجد الحرام مظنة الزحام، ولا سيما في أيام
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (137) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث مطلب بن أبي وداعة رضي الله عنه، برقم (26699) ، وأبو داود في كتاب المناسك، باب في مكة، برقم (2016) .(12/200)
الحج وأيام العمرة في رمضان، فقد يصعب رد المار والتحرز من المار، وتلحق بقية أيامه بذلك، أما المسجد النبوي فلم يرد فيه ما ورد في المسجد الحرام، بل ثبت عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه كان يصلي في المسجد النبوي، فأراد أحد أن يمر بين يديه فمنعه، فاشتكاه المار إلى مروان، فدعا أبا سعيد فسأله، فأخبره أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (1) » فأبو سعيد رأى أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مثل غيره، ويمنع المار فيه، وهذا والله أعلم عند إمكان ذلك، أما إذا كانت الزحمة الشديدة فإنه في هذه الحال يلحق بالمسجد الحرام، وهكذا في أي مكان يكون فيه الزحمة الشديدة؛ لا يمنع المار في هذا للضرورة في أي مكان، فإذا ازدحم الناس في أي مكان واحتاج المصلي إلى أن يصلي فريضته، أو الراتبة فإن المار لا يقطع في هذه الحالة، ولا يمنع لعدم إمكان منع المار والتحرز منه، بل قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (2) ،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه برقم (509) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505) .
(2) سورة الأنعام الآية 119(12/201)
فالضرورات لها أحكامها وهذا منها، والله أعلم.(12/202)
103 - بيان حكم حديث «يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب (1) »
س: يشيع عند عامة الناس أن الذي يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود، وإذا مر أحد هذه الثلاثة بين يدي المصلي فإن صلاة المصلي تعتبر باطلة، هل هذا الاعتقاد صحيح (2)
ج: هذا فيه تفصيل: إن كان المار امرأة أو حمارا أو كلبا أسود قطع، كما ثبت في الحديث الصحيح من حديث أبي ذر (3) وحديث أبي هريرة (4) وابن عباس (5) أما إن كان المار غير هذه الثلاث فإنه لا يقطع لكن ينقص، إذا أمكن رده وجب رده، أما إذا ما أمكن رده بل غلب المار المصلي فالإثم عليه لا على المصلي، وهذا في غير المسجد الحرام كما تقدم، وفي غير مواضع الزحمة التي لا حيلة فيها.
__________
(1) صحيح مسلم الصلاة (511) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (950) ، مسند أحمد (2/425) .
(2) السؤال السادس من الشريط رقم (137) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (511) .
(5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقطع الصلاة، برقم (703) .(12/202)
104 - حكم المرور أمام المصلين فيما سوى الحرم من المساجد
س: هل المرور أمام أوجه المصلين حرام في جميع المساجد، وأيضا في المسجد الحرام يحدث كثيرا؟ نرجو التوجيه وفقكم الله (1)
ج: ليس للمسلم أن يمر بين المصلين أو أمامهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (2) » فليس للمسلم أن يمر بين يدي إخوانه المصلين إذا كان الإمام لم يقم الصلاة، وهم يصلون النوافل، بل عليه أن ينتظر حتى ينتهوا من الصلاة، وليس له أن يمر بها بين أيديهم وهم يصلون، بل يسلك مسلكا آخر حيث أمكن، بل يلتمس موقفا مع المصلين على طريقه، لا يمر بين يدي مصل قريب منه، إذا كان بعيدا منه ولا يضر ذلك، أو أمام السترة، بين المصلي وبينه السترة فلا بأس بذلك، وهكذا إذا كان الناس في الصلاة وقد أقيمت الصلاة فلا بأس أن يمر بين يدي المصلين وهم في الصلاة؛ لأنهم مستورون بالإمام، ولكن لا يمر بين يدي مصل فردا، ولا بين يدي الإمام، ولا يمر بينه وبين السترة أيضا، بل يكون بعيدا عن ذلك، وأن يمر وراء السترة ولا بأس للحديث السابق.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (3) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507) .(12/203)
105 - حكم من سبق إلى مكان في المسجد
س: حضرت إلى المسجد في يوم الجمعة، ووقفت في الصف الأمامي، وقبل بداية الصلاة أمرني الإمام بالرجوع إلى الصف الخلفي لكي يقف مكاني شخص آخر أكبر مني سنا، ما هو نظر الشرع في مثل هذه المسألة جزاكم الله خيرا (1)
ج: من سبق إلى مكان فهو أحق به، إذا سبقت إلى مكان في الصف الأول فأنت أحق به ممن هو أفضل منك وأعلم منك، أنت السابق للصف الأول أو الثاني أو الثالث، من سبق إلى مكان في الصف فهو أحق به، إلا إذا سمح وآثر غيره فلا بأس، إذا سمح وآثر أباه أو شيخه أو شيخا كبيرا أكبر منه أو عالما فهذا لا بأس به ولا حرج عليه، وإلا فليس لأحد أن يؤخره ويجلس مكانه، فالسابق أحق، جاء في الحديث الصحيح: «من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به (2) » المقصود أن السابقين هم المقدمون في الصف الأول والثاني، وهكذا وفي حلقات العلم.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (299) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب إذا قام من مجلسه ثم عاد فهو أحق به، برقم (2179) .(12/204)
106 - حكم حجز المكان في المسجد بسجادة أو نحوها
س: هل يجوز لمن حضر إلى المسجد متأخرا أن يصلي تحية المسجد أمام وجه مصل آخر؟ ويضايق المصلين في الصف؟ حتى إن بعض المصلين يخرج من الصف ويترك المكان له، وهذا كثير ما يحدث، والبعض يضع سجادة أو إحرامه ويذهب للطواف ليحجز المكان من المسجد الحرام، نرجو الإفادة عن هاتين النقطتين (1)
ج: ليس للمؤمن أن يضايق أخاه في الصف، بل يصلي حيث انتهى ويقف، ويصف مع الناس حيث انتهى الصف، وليس له أن يفرق بين اثنين كما جاءت به النصوص، لكن إذا وجد فرجة تسع له فإنه لا بأس أن يدخل فيها ويسدها؛ لأن المسلمين مأمورون بسد الفرج عند تراص الصفوف، فله أن يصلي - إذا كان أمامه أحد - تحية المسجد أو الراتبة، وإن كان أمامه شخص جالس؛ الإمام ونحو ذلك فلا بأس ولا حرج عليه في ذلك، وإنما يجب أن يلاحظ عدم الإيذاء لإخوانه المسلمين؛ لأجل أن يصفوا مع الناس حيث انتهت الصفوف، ولا يؤذي الناس بمضايقة المسلمين ما لم يكن فرجة تسع له فلا بأس أن يسدها كما هو مأمور بذلك.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (3) .(12/205)
كذلك حجز المكان، ليس له حجز المكان، ليس لأحد أن يحجز المكان يوم الجمعة ولا غيره، بل ينبغي له أن يأتي الصلاة على نية الإقامة في المسجد حتى يصلي مع الناس، أما أن يأتي ليجعل في المكان سجادة أو شيئا آخر حتى يرجع ويذهب إلى بيته أو الطواف أو إلى شيء آخر، ثم يرجع ليس له ذلك؛ لأن هذا يمنع منه المتقدمين إلى الصلاة، فالواجب على المؤمن أن يدع هذه الأمور، وأن يقصد الصلاة، يقيم في المسجد لا ليضع عمامة أو عباءة أو سجادة أو غير ذلك، ثم يخرج لحاجات أخرى.(12/206)
107 - حكم المكث في المسجد لغير الصلاة
س: هل يجوز دخول المسجد والجلوس فيه لغير الصلاة حتى يؤذن؟ أرجو إفادتي جزاكم الله خير الجزاء (1)
ج: لا بأس أن يدخل المسجد ويجلس فيه للراحة أو للنوم القيلولة أو ما أشبه ذلك، لا بأس بذلك، وقد كان بعض الصحابة ينامون في المسجد في عهده عليه الصلاة والسلام، ولكن لا ينبغي له الجلوس إلا بعد التحية إذا كان على طهارة، إذا كان على وضوء يصلي ركعتين ثم يجلس، أما إذا كان
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (3) .(12/206)
على غير طهارة فلا حرج عليه، يجلس والحمد لله.(12/207)
108 - حكم أداء تحية المسجد في أوقات النهي
س: يقول السائل من اليمن: دخل شخص المسجد قبل أذان المغرب بحوالي ربع ساعة أو عشر دقائق، فهل على هذا الشخص أن يصلي ركعتين تحية للمسجد، أم يظل واقفا حتى يؤذن للمغرب (1)
ج: السنة أن يصلي ركعتين متى دخل المسجد ولو قبل الغروب؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2) » وهاتان الركعتان من ذوات الأسباب، ليس لهما وقت نهي كسجود التلاوة وكصلاة الكسوف، فإن الشمس متى كسفت صلى الناس للكسوف ولو بعد العصر، فهكذا ركعتا التحية حكمهما حكم ذوات الأسباب ليس لهما وقت نهي.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (387) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين، وكراهة الجلوس قبل صلاتهما، وأنها مشروعة في جميع الأوقات، برقم (714) .(12/207)
109 - بيان كيفية وقوف المصلي إذا وجد إماما يؤم رجلا عن يمينه
س: يقول السائل: الأخ: إ. م. س. ع. من اليمن يسأل ويقول: إذا صلى اثنان جماعة فيكون المأموم من جهة يمين الإمام، فإذا جاء رجل آخر وهم في الركوع هل يحرم بجانب المأموم، فإذا أحرم فلا يستطيع أن يركع؟ لكن وجهونا ماذا يعمل جزاكم الله خيرا (1)
ج: قد دلت سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الرجلين إذا صليا جميعا فإن الإمام يجعل المأموم عن يمينه ويصلي به، فإذا جاء آخر فإنهما يتأخران ويكونان خلفه، هذا هو السنة، ولا يقف لا عن يمين المأموم ولا عن يسار الإمام، بل يتأخران، وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان يصلي لوحده، فجاء جابر وجبار الأنصاريان فصفا عن يمينه وشماله، فأخذ بأيديهما وجعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام (2) » وصلى ذات يوم بابن عباس في الليل فجعله عن يمينه، وصلى بأنس فجعله عن يمينه، هذا هو السنة، إذا جاء الرجل
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (167) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014) .(12/208)
والإمام يصلي ومعه واحد عن يمينه فإنه يجره خلفه بالرفق والحكمة، ويصفان خلف الإمام، فإن خشي أن تفوت صف عن يمين المأموم أو عن يسار الإمام وركع معه، ثم تأخرا جميعا، تأخرا جميعا خلف الإمام حتى يدرك الركعة.(12/209)
110 - حكم تقدم الإمام أو تأخر المأموم إذا دخل معهما ثالث أو أكثر
س: إذا كان اثنان يصليان صلاة الجماعة، أحدهما على اليمين، ودخل عليهما الثالث يريد الصلاة جماعة هل يجوز للإمام أن يتقدم أمام الصلاة ويقرأ (1)
ج: لا حرج في ذلك، يتقدم أو يؤخرهما خلفه ويبقى في مكانه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه كان يصلي، فجاء جابر فصف معه عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فصف عن يساره، فأخذهما وجعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام (2) » وبقي في مكانه عليه الصلاة والسلام، فالإمام حينئذ ينظر ما هو أنسب، فإن كان الأنسب أن يتقدم؛ لأن ما خلفه لا يتسع لهما تقدم، وإن كان ما خلفه يتسع لهما أخرهما وبقي في
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (232) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014) .(12/209)
مكانه وصلى بهما.(12/210)
س: إذا كان شخصان يصليان في الجماعة، ثم أردت الانضمام إليهما فهل أكبر قبل أن أقدم الإمام، أم أقدم الإمام ثم أكبر؟ وهل الأفضل تقديم الإمام، أم تأخير المأموم (1)
ج: الأمر في هذا واسع؛ إن كانت السعة قدام تقدم الإمام، وإن كان السعة خلف تأخر المأمومان ويكبر سواء بعد تقديم الإمام أو تأخيره كله واحد، يكبر ويصف مع أخيه خلف الإمام، أما بالنسبة للتكبير فسواء كبر قبل تقديمه أو بعد التقديم، المهم أن يكون تكبيره بعد الإمام، لا يكبر إلا بعد تكبير الإمام، يعني كون الإمام كبر قبل أن يتقدم لا يضر، أو قبل أن يتأخر إن كان سوف يتأخر.
__________
(1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (350) .(12/210)
س: إذا دخلت مع أحد المصلين في جماعة، ودخل آخر معنا، نرجو من سماحة الشيخ الإفادة الصحيحة لما يفعله الإمام والمصلون في هذه الحالة، جزاكم الله خيرا، وكيف يتقدم (1)
ج: إذا كان المصلي يصلي وحده، ثم جاء إنسان وصف معه يجعله عن يمينه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن عباس وغيره، فإن
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (344) .(12/210)
جاء ثان يصير ثالثا لهم أخرهم خلفه، صاروا خلفه، وهكذا لو جاء ثالث كلهم يصيرون خلفه، ولهذا «لما جاء ابن عباس للنبي صلى الله عليه وسلم في الليل، وصف عن يساره جعله النبي عن يمينه (1) » وهكذا ثبت من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم زارهم وصلى في البيت وأقام أنس عن يمينه وثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه كان يصلي وحده، فجاء جابر وجبار من الأنصار فصفا معه، فجعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام (2) » هذا هو السنة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014) .(12/211)
س: يقول السائل: إذا كان مع الإمام واحد أول الصلاة، ثم جاء ثالث، وكان يريد إدراك الركعة والإمام راكع هل يقف على يمين ذلك المأموم، أم يجذب المأموم الأول لديه ويبقى في الصف الثاني (1)
ج: يركع مع الأول عن يمينه أو عن يسار الإمام؛ حتى لا تفوته
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (273) .(12/211)
الركعة، ثم يتأخران جميعا خلف الإمام، إذا جاء والإمام راكع ومع واحد فهو مخير؛ إن شاء صف مع الذي عن يمينه، وإن شاء صف عن يسار الإمام؛ لأن يمينه مشغولة، ثم بعد الرفع السنة أن يتأخرا خلف الإمام، هذا هو السنة.(12/212)
111 - حكم إجزاء مصافة الصبي في الصلاة مع رجل خلف الإمام
س: إذا وجبت الصلاة ونحن جماعة ثلاثة، الثالث منا صبي عمره اثنتا عشرة سنة تقريبا، ولم يبلغ الحلم فهل نصلي بجنب الإمام، أو يصطف أحدنا والصبي خلف أحدنا؛ لكون أحدنا إماما؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كانوا ثلاثة يقف الإمام أمامهم، ثم يصف الثاني مع الصبي الذي بلغ اثنتي عشرة سنة خلف الإمام، هذا هو السنة، حتى ولو كان أقل من اثنتي عشرة سنة، ابن سبع أو ثمان يصف مع الكبير، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى مع أنس ومعه اليتيم جعلهم خلفه صفا فالمقصود أنه إذا كان مع الإمام رجلان أو صبيان أو رجل وصبي فإنهم يصفون خلفه،
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (277) .(12/212)
أما المرأة إذا كان معهم نساء يكن خلف الرجال، ولو امرأة واحدة، لا تصف مع الرجال، هذا هو المشروع، ولو صلوا عن يمينه وشماله صح، لكن السنة أن يكونوا خلفه، لما «صف معه صلى الله عليه وسلم جابر وجبار جعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام (1) » ولما «صلى في بيت أنس بأنس وأخيه جعلهما خلفه (2) » وكان أخوه أصغر منه.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658) .(12/213)
112 - حكم قطع الصلاة لإرشاد الأولاد وتأديبهم
س: ما حكم قطع الصلاة؟ وذلك لأن بعض الأولاد في الصف الثاني يسببون صخبا شديدا، ويتكلمون وينتظرون ركوع الإمام، فهل لي أن ألتفت إليهم وأقوم بإرشادهم وتأديبهم على ذلك الفعل (1)
ج: لا، يكفي الإشارة، لا تقطع صلاتك استمر، تكفي الإشارة لتعاملهم بالهدوء، ولا تقطع الصلاة، استمر في صلاتك، وبعد السلام تنصحهم وتوجههم ولا تقطع الصلاة، يلزمك إذا دخلت فيها فأتمها، ولكن بالإشارة لا بأس أن تشير إليهم بيدك حتى يهدؤوا.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (383) .(12/213)
113 - حكم دخول الأطفال في الصفوف الأول
س: عندما نقيم للصلاة نجد هناك أطفالا يقفون مع الرجال في الصفوف الأول، هل نمنعهم ونقيم الصلاة ونجعلهم في آخر الصفوف؟ أم كيف تنصحوننا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كانوا من أهل الصلاة فاتركوهم، وهو ابن سبع فأكثر، هؤلاء أمرهم النبي بالصلاة، وأمر آباءهم بأمرهم بالصلاة، قال عليه الصلاة والسلام: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر (2) » فإذا كانوا بهذا السن فيتركون مع الناس يصلون، إلا أن يعبثوا فيزالوا عن محل العبث، أو يفرقوا في الصف حتى لا يعبثوا، أما إذا كانوا دون ذلك فليسوا من أهل الصلاة، ولكن إذا دعت الحاجة كأن يكون جنب أبيه لئلا يضيع فلا حرج في ذلك، ولا يضر الصف، كما لو كان بين الشخصين عمود أو كرسي أو ما أشبه ذلك، فالمقصود إذا كان دون السبع فالأولى لأبيه ألا يأتي به، يبقى في البيت حتى لا يشوش على الناس ولا يعبث، أو يكون خلف الصفوف ينتظر أباه حتى ينتهي،
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (263) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، برقم (6717) .(12/214)
فإن خاف عليه وجعله مما يليه فلا حرج في ذلك إن شاء الله، إذا كان لا يعبث ولا يؤذي أحدا.(12/215)
114 - حكم إمامة الرجل للصبيان، وبيان كيفية وقوفهم معه
س: عندي أولادي أعمارهم من إحدى عشرة سنة إلى سبع سنوات، هل الأفضل أن يصفوا خلفي في الصلاة أو إلى جانبي؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: السنة أن يصفوا خلفك ولو كانوا صغارا، إذا كانوا أبناء سبع فأكثر، فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت بعض الصحابة لما زارهم الضحى، فصلى بهم صلاة الضحى، وصف أنس واليتيم خلفه عليه الصلاة والسلام، فالسنة أن يصفوا خلفك ولو كانوا صغارا، إذا كانوا أبناء سبع فأكثر، ولكن ليس لك أن تصلي في البيت صلاة الفريضة، بل يجب عليك أن تصلي في المسجد مع الناس، وتأمرهم أيضا أن يصلوا مع الناس، إذا كانوا أبناء سبع أو ثمان يؤمرون، أما إذا بلغوا عشرا فيؤمرون ويضربون إذا تخلفوا؛ حتى يصلوا مع الناس ويعتادوا الصلاة، لكن إذا صليتها في البيت في الليل، تهجدت في الليل أو صلاة
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (295) .(12/215)
الضحى فلا بأس يصلون خلفك، أما إذا كنت في البادية فإنهم يصلون معك في جماعة في مسجدكم مسجد بادية، أنت وجيرانك إذا كان لديك جيران، لا تصل في محلك، صل مع إخوانك في مصلاكم أنت والجيران، أما إذا كان وحده فيصلي مع أولاده، ويصلون خلفه.(12/216)
س: إذا أم إمام صبيين أو ثلاثة دون العاشرة هل يكون عن يسارهم أم أمامهم (1)
ج: السنة أن يكون أمامهم، لا بأس أن يصف الصبيان خلفه، فإن لهم صفوفا إذا كانوا ابن سبع سنين فأكثر ممن يعقل الصلاة، فإنهم يصفون خلفه كالرجال، وإذا كان معهم رجال كذلك، فهم يتمون الصفوف، ويصفون خلف الإمام ولا حرج، هذا هو الصواب، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه أم أنس بن مالك ويتيما عندهم يقال له: حسن بن ضميرة. صاروا خلف النبي صلى الله عليه وسلم، اليتيم وأنس (2) » «وصلى بابن عباس، صار عن يساره فأداره عن يمينه عليه الصلاة والسلام (3) » فالحاصل أن الصبيان يكونون خلف الإمام كالرجال إذا
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (19) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763) .(12/216)
كانوا اثنين فأكثر، أما الواحد فيكون عن يمين الإمام كالرجل، هذا هو المشروع حتى في الفريضة، الفريضة والنافلة، هذا هو الصواب، بعض أهل العلم يرى أن هذا في النافلة خاصة، والصواب أنه جائز في النافلة والفريضة جميعا؛ لأن ما جاز في النافلة جاز في الفريضة؛ حتى يرد مسوغ يخص هذه دون هذه.(12/217)
س: إذا فاتتني صلاة الجماعة وأنا رجل بالغ، وأردت أن أصلي، فأتى أولاد في سن العاشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة، أي من عشر إلى خمس عشرة سنة، فهل أتقدمهم، أم يكون الجميع في صف واحد معي على اليمين؟ فقد قال لي أحد الرجال: إنه لا يتقدم إذا كان كل من معك في هذا العمر أو أقل؛ لأنهم لا يضبطون صلاتهم. أفتوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان الواقع ما ذكره السائل فإنه يتقدم بهم ويصلي بهم، ويكونون خلفه صفا أو أكثر إذا كانوا أبناء سبع فأكثر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع (2) » فابن السبع مأمور بالصلاة ويميز، فإذا كانوا أبناء سبع فأكثر وهم اثنان فأكثر فإنهم يصفون خلف
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (199) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، برقم (6717) .(12/217)
الإمام، وقد «صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأنس واليتيم، فصارا خلفه عليه الصلاة والسلام (1) » أما إذا كان الصبي واحدا فقط فإنه يصلي عن يمين الإمام، كالرجل الكبير يصلي عن يمينه، كما «صلى ابن عباس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل (2) » وكما «صلى أنس عن يمينه لما زار صلى الله عليه وسلم جدة أنس (3) » فالمقصود أنه إذا كان واحدا ولو كبيرا يكون عن يمين الإمام، أما إذا كان المأمومون اثنين فأكثر، ولو لم يبلغوا الحلم فإنهم يصفون خلف الإمام، إذا كانوا من أهل الصلاة وهم أبناء سبع فأكثر.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658) .(12/218)
115 - حكم صلاة الرجل بين طفلين دون سن التمييز في الصف
س: يقول السائل: هل وجود المأموم بين مجموعة من الأطفال دون سن التمييز عن يمينه وشماله في الصف يؤثر، أو يخل بصلاته (1)
ج: نعم، إذا كانوا دون السبع يعتبر فردا، إذا كان ما يوجد غيرهم، ما صف معهم غيرهم يعتبر فردا ولا يصح، عليه أن يعيد الصلاة؛ لقول
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (255) .(12/218)
النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1) » وهو حكمه حكم المنفرد إذا كانوا دون السبع.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .(12/219)
116 - حكم وقوف الصبي دون السابعة في صف الرجال
س: هذا سائل للبرنامج أرسل بهذا السؤال، ولم يذكر الاسم في هذه الرسالة، يقول: هل الصبي يقطع صف الصلاة؟ حيث إن بعض الأشخاص يحضرون معهم أبناءهم الصغار جدا، ويقف الابن بجانبه، ثم يقف المصلي الآخر بجانب الطفل (1)
ج: الأولى لأولياء الأطفال ألا يأتوا بهم إلى الصلاة إذا كانوا أقل من سبع، الأولى أن يبقوا في بيوتهم عند أهلهم، أما إذا كان ابن سبع فأكثر فإنه لا يقطع الصف، بل يصف مع الرجال ويعتبر، لكن إذا كان دون السبع تركه مع أهل البيت أولى وأفضل؛ حتى لا يتأذى به الناس، فلو وجد مع أبيه لا يقطع الصف ولا حرج إن شاء الله، كاللبنة بين الصفين أو العمود بين الصفين لا يضر، المقصود أنه إذا كان وجد ودعت الحاجة إليه؛ لأن أباه قد يأتي به لأنه يضر أهله لو بقي عند أهله، كما يروى «أن الحسن قد يأتي
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (395) .(12/219)
والنبي يصلي بالناس، قد يرتحله وهو ساجد (1) » وكما صلى النبي بأمامة بنت بنته للحاجة والتعليم، يعلم الناس أن مثل هذا لا يضر، فإن دعت الحاجة إلى مثل هذا وكان أبوه لا يستطيع بقاءه عند أهل البيت، أو ما عنده في البيت أحد فيكون معذورا، ويكون مثل حجر بين الصفين، أو كرسي بين الصفين أو ما أشبه ذلك، وقد تأتي الحاجة إلى هذا الشيء، فلا يضر إن شاء الله.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث شداد بن الهاد رضي الله عنه، برقم (27100) .(12/220)
117 - حكم الصلاة بين أعمدة المسجد
س: لدينا مسجد في الحارة التي نسكن فيها، والمسجد صغير الحجم خاصة في صلاة العصر والمغرب والعشاء، وفي وسط المسجد توجد أعمدة يصلي الناس بجانبها، ويتسع حينئذ المسجد، ولكن الإمام أفتى الناس أن الصلاة بجانب الأعمدة غير مقبولة، وأخذ الناس بكلام الإمام، ولم يصلوا بجانب الأعمدة، فأصبح المسجد(12/220)
حينئذ ضيقا، ما رأيكم في هذا (1)
ج: لا حرج في الصلاة بين الأعمدة عند الحاجة إلى ذلك، إنما تكره عند عدم الحاجة لقطعها الصفوف، فأما إذا كانت هناك حاجة فإنهم يصلون بين الأعمدة، ولا حرج في ذلك وتزول الكراهة، كما دلت على ذلك السنة، وعمل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (184) .(12/221)
س: سائل يقول: في بعض المساجد توجد أعمدة في بعض الصفوف تؤدي إلى قطعها وتجزئتها إلى أكثر من صف، فهل الأفضل في مثل هذه الحالة أن يصلي الإنسان بجانب العمود، ومن ثم يكون الصف منقطعا، أم الأفضل أن يكمل الصف بأن يجعل العمود من خلفه؟ مع العلم بأن الصف بهذه الحالة يكون مكتملا، ولكن مائلا لخروج المصلي قليلا عن الصف، أفتونا في ذلك مأجورين (1)
ج: السنة أن تستقيم الصفوف متصلة والأعمدة خلفهم، ولا تقطع الصفوف إلا عند الضرورة، إذا ازدحم المسجد وضاق المسجد صف أناس بين السواري فلا حرج للحاجة، ولهذا كان الناس يتقون ذلك عند عدم الحاجة إلى ذلك، فالسنة أن يتقدم المأمومون
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (401) .(12/221)
وتكون الأعمدة خلفهم، ولا يضر لو تقدم قليلا من جهة العمود ليكون خلفهم العمود، لكن ينبغي للذين بين العمودين أن يتقدموا قليلا حتى يستقيم الصف، ولا يتقدم أحد على أحد.(12/222)
118 - حكم صلاة الرجل بزوجته أو غيرها من النساء
س: هل يمكن للرجل أن يصلي مع زوجته في البيت؟ وفي هذه الحالة أين تقف الزوجة؟ هل تقف عن يمينه أو شماله أو خلفه؟ نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (1)
ج: أما الفريضة فيلزمه أن يصلي مع المسلمين في المسجد، وليس له أن يصلي في بيته، لا مع أهله ولا مع غيرهم، يجب على المؤمن أن يصلي مع الناس في بيوت الله عز وجل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » ولأنه عليه الصلاة والسلام سأله رجل أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " هل
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (205) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .(12/222)
تسمع النداء بالصلاة؟ "، قال: نعم، قال: " فأجب (1) » فلم يرخص له أن يصلي في البيت مع أنه أعمى، وليس له قائد يلائمه، فالواجب على المسلمين من الرجال الصلاة في المساجد في بيوت الله مع إخوانهم، ولا يجوز التخلف عنها، لكن لو صلى الإنسان مع امرأته نافلة كالتهجد بالليل أو صلاة الضحى فلا بأس، وتكون خلفه، أما الرجل الواحد يكون عن يمينه، أما المرأة تكون خلفه ولو أنها زوجته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «لما صلى في بيت أنس صلاة الضحى جعل أنسا عن يمينه، وجعل أم أنس خلفهم، وفي لفظ آخر: صلى بأنس واليتيم، وجعلهما خلفه وجعل المرأة خلفهما (2) » وهي جدة أنس، فالمقصود أن المرأة وإن كانت زوجة أو أما أو أختا لا تصف مع الرجل، ولكن تكون خلفه، سواء كان إماما أو مأموما، إن كان إماما فهي خلفه، وإن كانت صفوف صلت خلف الصفوف، هذا في النافلة، أما الفريضة فالواجب على الرجل أن يصلي مع الناس، لكن لو كان مريضا أو فاتته الصلاة في المسجد، وصلى في البيت وصلت خلفه فلا بأس صلاة الفريضة؛ لأنه بهذه الحال معذور؛ لأنه مريض، أو لأنه قد فاتته الفريضة مع الرجال.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658) .(12/223)
س: من مكة المكرمة رسالة، بعث بها المستمع: إ. ص. م. يقول: إذا قام الرجل يصلي هو وزوجته فهل تقف الزوجة على يمينه، أم خلفه؟ وما هو الترتيب للرجل وزوجته والأطفال الذين لم يبلغوا الرشد، بل دون التاسعة وما حولها؟ هل يكونون خلف الإمام، أم خلف النساء؟ أم كيف توجهوننا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إن صلى وحده وصلت وحدها فلا بأس، كان النبي يصلي وحده، ثم يدير عائشة لليسار، ولم يحفظ عنه فيما نحفظ أنه صلى بها عليه الصلاة والسلام ولا غيرها من النساء، وإن صلى بامرأته تكون خلفه، إذا صلى إنسان بزوجته أو بغيرها من النساء يكن خلفه، لا يقفن عن يمينه ولا عن شماله، بل تكون المرأة خلف الرجل، سواء كانت زوجته أو أمه أو غير ذلك، أما الصبيان فإن كانوا قد بلغوا سبعا يصفون خلفه سبعا فأكثر، وهكذا البنات سبعا فأكثر، كلهن خلفه، لا يصففن مع الرجال، يكن خلفه، لكن الصبيان يكونون خلفه، أما إن كان واحدا فإنه يصف عن يمينه كالرجل، كما صلى ابن عباس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وهو من هو، المقصود أن الصبيان لهم حالتان: إن كانوا اثنين فأكثر فالسنة خلف الإمام، وإن كان الصبي واحدا فإنه يصف عن يمينه كالرجل عن يمين الإمام. أما
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (347) .(12/224)
النساء سواء كن كثيرات أو قليلات يكن خلف الإمام، وهكذا الواحدة تكون خلف الإمام، ولو كان زوجها لا تكون معه، وإذا كان الأطفال صبيانا وصبايا من السابعة حتى العاشرة تكون صفوفهم خلف الإمام، يتمون الصف الأول ثم الصف الثاني، ولو أنهم صبيان اثنان فأكثر والبنات خلفهم يصففن خلف الصبيان، والذي يلي الإمام الكبار فهم مقدمون على الصغار، فإذا صفوا جميعا فلا بأس، لكن إذا جاء الكبار وصفوا فالبنات خلفهم، وإذا اختلطوا في الصف فلا بأس، لكن النساء خلف الصبيان وإن كن كبيرات.(12/225)
س: إذا صلى رجل وأمه، أو أحد محارمه في غرفة واحدة منفردين، وليسوا جماعة فهل يجب أن يتقدم الرجل وتتأخر المرأة، علما بأنهما منفردان؟ نريد الإجابة مصحوبة بالدليل إذا أمكن، وفقكم الله (1)
ج: إذا أراد أن يصلي بالمرأة فإنها تكون خلفه، لا تكون معه في الصف، ولو كانا زوجا وزوجة، أو مع أمه أو أخته أو بنته، المشروع أنها تقف خلفه، ولهذا لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأم سليم كانت أم سليم خلفه، صلى بأنس عن يمينه وأم سليم خلفه - أم أنس - وهكذا لما صلى بأنس والحسن صارا خلفه صفا، وصارت أم سليم خلفهما ولم
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (5) .(12/225)
تصف معهما، ولا مع النبي صلى الله عليه وسلم، والسنة في موقف النساء خلف الرجال، ولو كانت أم الإمام أو زوجة الإمام لا تصف معه، بل تكون خلفه هذه السنة، ولا يلزم ذلك أن يصلي جماعة، لو صلى وحده وهي وحدها فلا بأس، لكن إذا أراد أن تصلي معه في التهجد في الليل، أو في الفريضة مثلا: مريض لا يستطيع أن يصلي في المسجد، أو فاتته الفريضة في المسجد، فصلت معه الفريضة فلا بأس، أو التهجد فلا بأس أن يصلي بها، لكن تكون خلفه لا معه.(12/226)
س: كيف يقوم رجل وامرأة بتأدية صلاة الجماعة (1)
ج: هذا له أحوال: تارة يمكن أن يصليا جميعا في النوافل، يصلي هو وامرأته وأهل بيته بصلاة الضحى نافلة، أو التهجد بالليل أو صلاة الوتر، فيقوم هو وحده وتصف النساء خلفه، حتى ولو كانت زوجته تصف خلفه لا تصف معه، لا بأس بهذا، وهكذا في التراويح، لو صلى مع الإمام يصلين خلفه، أو صلى بهن صاحب البيت صلين خلفه، سواء واحدة أو عدد يصلين خلفه، وكذلك في الفرائض، لو جاء النساء ليصلين مع الناس في المساجد فإنهن يصلين خلف الأئمة وخلف
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (45) .(12/226)
المأمومين، ولا تصف امرأة مع رجل، لا مع زوجها ولا مع أبيها ولا مع غيرهم، موقفهن خلف الرجال، سواء في الفريضة أو في النافلة في الليل أو في النهار، المقصود أن هذه الأنواع طريقها واحد، المرأة فيها تكون خلف الإمام أو خلف المأمومين إذا كان هناك مأمومون، ولا تقف مع الإمام ولا مع المأمومين. وإن كن نساء فقط تقف الإمامة وسطهن، لا تتقدمهن لا تتشبه بالرجال.(12/227)
س: أين تقف الزوجة إذا صلت مع زوجها ? (1)
ج: إذا صلت مع زوجها تقف خلفه، وإن كان معها نساء يقفن معها، ولا تقف مع الرجل لا مع زوجها ولا مع غيره، هكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم النساء، كان يصلي في بعض الأيام ببعض النساء لما زارهم، وكانت المرأة خلفهم، فالمرأة تصلي خلف الرجال ولو أنها واحدة، ولو أنه زوجها تصلي خلفه.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (382) .(12/227)
س: السائل: أ. م. سوداني مقيم بحائل، يقول: كنت أنا وزوجتي نصلي في جماعة وهي في صف معي في صف واحد، وقد سمعت من بعض الإخوة بأنه لا يجوز للمرأة أن تصلي مع الرجل في صف واحد،(12/227)
وأصبحت أفكر كثيرا في الأيام التي كانت تصليها معي زوجتي في صف واحد، هل أعيد الصلاة ? (1)
ج: ليس عليك إعادة، لكن في المستقبل تكون خلفك، النبي صلى الله عليه وسلم أمرهن أن يكن خلف الرجال، وصلى مرة في بيت أم أنس، فقام أنس عن يمينه والمرأة خلفهم؛ جدة أنس، فالمقصود أن موقف النساء يكون خلف الرجال، وحتى ولو هي زوجته تكون خلفه لا تصف معه.
__________
(1) السؤال الثامن والأربعون من الشريط رقم (403) .(12/228)
119 - حكم إمامة الرجل للنساء
س: هل يجوز أن يؤم رجل النساء ? (1)
ج: نعم يجوز أن يؤم النساء في الصلاة في التراويح، النبي صلى الله عليه وسلم زار أنس بن مالك، وصلى خلفه أنس بن مالك ويتيم عندهم، صفا خلفه وصفت أم سليم خلفهم. وكان النساء يصلين خلف الإمام في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، فلا بأس أن يصلي النساء خلف الإمام ولو كان وحده الإمام وكلهن نساء؛ لأن الخلوة بالثنتين فأكثر لا
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (242) .(12/228)
تحرم، إنما تحرم الخلوة إذا كانت بواحدة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما (1) » فإذا كان معها نساء أو معها رجال ما تسمى خلوة، وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم مع أنس واليتيم وأم سليم جميعا، وصلى بهم عليه الصلاة والسلام، وهكذا في رمضان لو صلى بالنساء في التراويح في البيت صلى بهم رجل كفيف فلا حرج، أو بصير لكن يتغطين عنه، ويحتجبن إذا سلم لا يكشفن، بل يتحجبن عنه عند إقباله عليهن وسلامه هذا لا حرج فيه؛ لأن المقصود هو عدم الخلوة وعدم النظر إلى العورات، فإذا كن مستورات عن البصير، أو كان الإمام أعمى وليس هناك خلوة فلا حرج في ذلك، ولكن إذا كان أعمى يكون أسلم وأبعد عن الفتنة.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم (115) .(12/229)
120 - حكم تسوية الصفوف في الصلاة وسد الفرج
س: السائل: أ. أ. أ: ما هي الأحاديث الواردة في تسوية الصفوف ? (1)
ج: الأحاديث كثيرة في ذلك، منها فعله صلى الله عليه وسلم، فقد كان إذا وقف يصلي بالناس التفت يمينا وشمالا وحرضهم: «رصوا صفوفكم،
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (389) .(12/229)
وقاربوا بينها حاذوا بالأعناق (1) » «من وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله (2) » هكذا يحرضهم على تسوية الصفوف، ويقول: «سدوا الفرج، فإن الشياطين تدخل بين المسلمين في الفرج كأولاد الغنم (3) » وكان صلى الله عليه وسلم يحثهم على إقامة الصفوف وسد الفرج التي بينهم، وأن يستقيموا، ويقول: «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ " قالوا: يا رسول الله، كيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: " يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف (4) » هكذا قال، يعني يتمون الصف الأول فالأول، ويتراصون فيها ثم يعتنون بذلك غاية العناية، هذا ما يجب على المؤمنين أن يتراصوا في الصفوف، وأن يكملوا الصف الأول فالأول؛ عملا بأمره صلى الله عليه وسلم وتوجيهه، ويقول: «رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق (5) » وهذا يتكرر منه عليه الصلاة والسلام في كل صلاة؛ حتى ينتبه الناس، وحتى يتواصوا بهذا الأمر ويتناصحوا،
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (667) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (13324) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه برقم (21760) ولفظه '' وسدوا الخلل فإن الشيطان يدخل بينكم بمنزلة الحذف يعني أولاد الضأن الصغار ''.
(4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة برقم (430) .
(5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (667) .(12/230)
وحتى يبلغ بعضهم بعضا. وفي بعض الأوقات أراد أن يكبر، فرأى رجلا باديا صدره، فقال: «عباد الله، لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم (1) »
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها برقم (717) .(12/231)
س: بخصوص تسوية الصفوف في المسجد ما حكمها؟ وهل يجب على المأموم إذا كان هناك صف متأخر أن يعدله، خاصة وأن بعض الصفوف فيها بعض الفراغات الكبيرة، أم أن هذا مختص بالإمام ? (1)
ج: الواجب تعديل الصفوف وسد الخلل على الإمام والمأموم، الإمام ينبههم، وعلى المأمومين أن يفعلوا ذلك، وإذا جاء إنسان ورأى خللا سد الخلل وقارب بين الصف حتى يسد الخلل؛ لأن الرسول أمر بهذا عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (409) .(12/231)
س: السائل: ع. من الرياض يقول: سمعت أنه يجب على المصلين في الصف الواحد أن تكون قدم كل واحد منهم ملامسة للآخر، ومن يصلي بجانبهم في الصف، فهل ورد في ذلك شيء سماحة الشيخ (1)
__________
(1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (386) .(12/231)
ج: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر برص الصفوف، أمر الصحابة أن يتراصوا في الصف، وأن يسدوا الفرج، وكان بعض الصحابة يلزق قدمه بقدم صاحبه؛ حتى لا تقع فرجة، لكن ما فيه محاكة ولا إيذاء، يكون قريبا منه حتى لا تكون فرجة، والسنة أن يكون الصف متراصا ليس فيه فرج، هذه السنة، أما كونه يحاك قدم أخيه فليس بلازم، المهم أن يسد الفرجة؛ لأن بعض الناس ما يتحمل أن يلمس الإنسان رجله، فتكون حولها من دون محاكة، ومن دون أذى لكن ما فيه فرجة.(12/232)
س: ما هي كيفية وضع القدمين في الصلاة بالنسبة للمأمومين؟ هل يقوم بإلزاق رجله اليمنى برجل من على يمينه، ورجله اليسرى برجل من على يساره في حالة السجود ? (1)
ج: يسد الخلل ولا حاجة إلى المحارشة، والمعنى سد الخلل، مثل ما أمر به صلى الله عليه وسلم، سد الخلل ما يكون بينهما فرجة، وكان الصحابة رضي الله عنهم يلصق أحدهما قدمه بقدم صاحبه لسد الخلة، فالسنة أن يسد الخلل بإلصاق قدمه بقدم أخيه من دون أذى لأخيه.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (425) .(12/232)
س: هل من تسوية الصفوف في الصلاة أن يلصق المصلي قدمه في قدم(12/232)
من في جواره ? (1)
ج: نعم لا بد من سد الخلل، قال الصحابة: «يكاد أحدنا أن يلزق قدمه في قدم صاحبه (2) » فالسنة إلصاق القدم في القدم؛ حتى لا تبقى فرجة، لكن من دون إيذاء، لا يؤذ جاره، لكن يلصق قدمه بقدمه حتى لا يكون بينهما فرج.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (434) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف برقم (725) .(12/233)
121 - حكم التفريج بين القدمين في الصلاة
س: يقول: ح. أ. أ: قال لي أحد الإخوة: إذا وقفت في الصلاة لا تفرق بين قدميك، وخل بينهما شبرا أو أقل من ذلك. فهل كلامه صحيح ? (1)
ج: هذا كلام متناقض، يقول: لا تفرق. ثم يقول: اجعل بينهما شبرا. السنة أنه يفرق بين رجليه، ولا يضمهما حسب التيسير، يكون بين رجليه فجوة وهو قائم، هذا هو السنة، أما التحديد فلا حاجة للتحديد.
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (393) .(12/233)
س: الأخ: م. أ. ع. من جدة، يسأل ويقول: إنه يشاهد بعض المصلين(12/233)
يتكلف في المباعدة بين القدمين أثناء الصلاة، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه (1)
ج: السنة للمؤمن في هذا أن يقارب بين قدميه، ولا يؤذي جيرانه، وهكذا الآخر والآخر، كلهم يتقاربون ويسدون الخلل بينهم والفرج، ولا يؤذي بعضهم بعضا، فيكون قدماه في مكانهما المناسب؛ بحيث لا يؤذي من عن يمينه وشماله، وهكذا الآخر والآخر، كل واحد يلصق قدمه بقدم صاحبه؛ حتى لا يكون بينهما فرج ومن غير أذى ولا محاكة، هكذا، أما أن يفشج حتى يؤذي من حوله فلا يجوز هذا، الواجب أنه يجر صاحبه إليه، والآخر يجر صاحبه إليه حتى يسدوا الفرج، ويتقاربوا من دون أن يؤذي بعضهم بعضا، تكون مقاربة يسد بها الخلل، ولكن ليس فيها إيذاء ولا مضايقة للمصلي، كل واحد يلاحظ أخاه، ولا يضايقه ولا يؤذيه، ولكن مع هذا يسدون الخلل، يتقاربون من غير حاجة إلى أن يفشج هذا ويفشج هذا، بل يتقاربون حتى يسدوا الخلل بينهما، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (106) .(12/234)
س: يلحظ على المصلين أن الواحد يبعد عن الثاني بما يعادل طول قدمه، ويرجو التوجيه والنصيحة جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (105) .(12/234)
ج: الواجب على المسلمين في الصفوف التراص والتقارب، ولا يجوز ترك الفرج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تراصوا (1) » كان يأمرهم عند الدخول في الصلاة أن يتراصوا وأن يسدوا الفرج، فوجب على المسلمين الامتثال وأن يسدوا الفرج وأن يتراصوا، فيلزق قدمه بقدم جاره، ويتقاربوا جميعا، حتى لا يكون بينهم فرج، وبعض الناس قد يؤذي جيرانه بأن يفشج يتوسع، ويلصق أقدامه بأقدام إخوانه، لكن يحصل بذلك بعض الأذى، فالسنة أن يستقيم في وقوفه، وأن يجذب أخاه إليه من هنا ومن هنا حتى يتراصوا، وحتى لا يؤذيهم بشيء، يستقيم ويجر أخاه إليه من هنا ومن هنا حتى يسد الفرجة، ولا يفشج ويمد رجليه من هنا ومن هنا من أجل رص قدمه بقدمهم لا، بل يعلمهم السنة بأن يستقيم في وقفته، ويجر هذا الذي على يمينه وعن شماله حتى يسد الفرجة برفق وحكمة، وحتى لا يكون هناك شقاق ونزاع، وحتى تحصل السنة التي دعا إليها النبي عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، برقم (12983) .(12/235)
122 - مسألة في حكم المبالغة في التفريج بين القدمين
س: نلاحظ أن بعض الناس يبالغ في الفتحة ما بين القدمين حتى إنه(12/235)
يؤذي من بجانبه (1)
ج: ينبغي لكل مصل ألا يؤذي جاره، وأن يحرص على سد الخلل من دون إيذاء، كل واحد يطلب من أخيه أن يقرب حتى يلزق قدمه بقدمه بدون محاكة ولا إيذاء، المقصود سد الخلل، فلا يفشج ويباعد بين رجليه ويؤذي جيرانه، ولا يمتنع الجيران من القرب منه، بل كل واحد يقرب من أخيه ويسد الخلل، كما أمر بهذا النبي عليه الصلاة والسلام، فإنه قال: سدوا الفرج، وقال أنس رضي الله عنه: «كان أحدنا يلصق قدمه بقدم صاحبه (2) » فينبغي لك يا عبد الله أن تلاحظ سد الخلل وسد الفرج من دون أن تؤذي جيرانك بالفشج، وهو كذلك جارك يحرص على أن يستقيم في وقفته وفي موضع قدميه؛ حتى يأخذ سد الخلل من دون الإيذاء من كل واحد لجاره.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (212) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف برقم (725) .(12/236)
س: إذا جلس المصلي في صلاة الجماعة للتشهد هل يجب عليه أن يصف نفسه، ويقدمها بحيث يجعل ركبتيه بجانب ركبتي اللذين بجانبه، أم المهم أن يكون المظهر موازيا لزميله الذي(12/236)
يصلي بجانبه؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: على كل حال نرى أنه يصلي المأموم حيال الإمام، ويلاحظ أن يكون محاذيا لقدميه، وأن تكون الأكعب متحاذية، ويكفي ولو كان ظهره أطول، المقصود أنه إذا صار قدمه حيال قدمه كفى، هذا هو السنة أن يكونا متحاذيين بالأقدام والأكعب والحمد لله، ولو كان المأموم مع الإمام وحده لا يتأخر ولا يتقدم، يكون محاذيا له، المهم بداية الصف تكون من الوسط، والمحاذاة تكون بالأقدام لا سواء مع الإمام إذا كان واحدا، أو المأمومين أنفسهم يتحاذون بالأقدام.
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (302) .(12/237)
123 - حكم قول الإمام صفوا الأقدام في طاعة الديان
س: يقول هذا السائل: هل يجوز قول: صفوا الأقدام في طاعة الرحمن، صفوا الأقدام في طاعة الديان. وذلك قبل إقامة الصلوات (1)
ج: لا أعلم له أصلا، ليس له أصل بهذا الكلام، ولكن يقول: استووا استقيموا، حاذوا بين الأقدام، حاذوا بين المناكب. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو السنة بهذه الألفاظ: استووا تراصوا اعتدلوا ساووا بين المناكب، ساووا بين الأقدام. لا بأس على ألفاظ
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (377) .(12/237)
النبي عليه الصلاة والسلام.(12/238)
124 - حكم قول الإمام استووا، تراصوا، تقاربوا
س: أرجو أن توجهوا لنا نصيحة من الكتاب والسنة بالنسبة للمصلين، الإمام يقول: تراصوا واعتدلوا. إلى آخره، ولكن للأسف الشديد لا شيء يحصل من ذلك، فأرجو أن توجهونا جميعا (1)
ج: الواجب على المصلين أن يتقوا الله، وأن يرصوا الصفوف ويتقاربوا ولو ما قال الإمام شيئا، لكن الإمام يقول لهم يذكرهم، يقول: استووا، تراصوا، تقاربوا، أكمل الأول فالأول. فالواجب عليهم أن يفعلوا ذلك حتى ولو سكت الإمام، يجب عليهم أن يكملوا الصف الأول فالأول، وأن يتراصوا فيما بينهم لا يكون فرج، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تذروا فرجا للشيطان، سدوا الخلل (2) » فيتقاربوا حتى يكون قدم كل واحد يلي قدم الآخر، يلصق قدمه بقدمه من غير أذى حتى يسد الخلل، ويكونوا مستوين لا يتقدم أحد على أحد، يكون صدره مساويا صدر أخيه لا يتقدم عليه، وهكذا
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (369) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (666) .(12/238)
كل ما تم صف كملوا الصف الثاني والثالث وهكذا، هذا الواجب على الجميع، كما أمر النبي بهذا عليه الصلاة والسلام، قال: «رصوا صفوفكم وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق (1) » وقال: «من وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله (2) » وقال: «سدوا الخلل، لا تذروا فرجات للشيطان (3) » فالواجب على الجماعة في المسجد أن يتراصوا فيما بينهم، وأن يسدوا الخلل، وأن يكملوا الصف الأول فالأول، هكذا الواجب على الجميع.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (667) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (13324) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (666) .(12/239)
س: هل من السنة عندما يقول الإمام للمأمومين في تسوية الصفوف في الصلاة: استووا اعتدلوا يرحمني ويرحمكم الله (1)
ج: ما نعلم في هذا بأسا إذا دعا لهم؛ لأنه كان يأمرهم بالاستواء، يأمرهم بتعديل الصفوف، يأمرهم بسد الخلل، وإذا دعا ما أعلم في هذا بأسا، لو قال: غفر الله لنا ولكم. أو: رحمنا الله وإياكم. لا أعلم في هذا بأسا إن شاء الله.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (185) .(12/239)
125 - حكم مساعدة المأمومين للإمام في تسوية الصفوف
س: م. ع. غ الرياض: بعض المأمومين يذهبون في مساعدة الإمام في تسوية الصفوف في الصلاة، كأن يقول: تقدم يا فلان وتأخر يا فلان. وفي رص الصفوف، فما حكم تسوية الصفوف من قبل المأمومين أثابكم الله.
ج: لا حرج في ذلك، هذا من باب التعاون على البر والتقوى، الرسول صلى الله عليه وسلم أمر برص الصفوف وتسويتها، وقال: «فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة (1) » ، إذا ساعد بعض المأمومين الإمام فيما حولهم، يلاحظونهم ويأمرونهم بالاستواء والتراص هذا كله خير، هذا من باب التعاون على البر والتقوى، ولا نعلم به بأسا.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إقامة الصف من تمام الصلاة، برقم (723) .(12/240)
126 - حكم زيادة الصف من جهة اليمين
س: رسالة من حائل باعثها مستمع رمز لاسمه بالحروف: س. ك. ج. أخونا يقول: هناك أمر قد أشكل علينا كثيرا؛ وهو استواء الصف من(12/240)
جهة اليمين والشمال، فإذا كان من جهة اليمين أكثر مما هو في جهة الشمال فهل للإمام نقل من كان أكثر إلى الجهة الأخرى حتى يعتدل الصف، أو يبقيه على ما هو عليه؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: ليس للإمام أن ينقل ما زاد في جهة اليمين إلى جهة اليسار، بل يترك الأمر على حاله؛ لأن اليمين أفضل، اليمين في كل صف أفضل، فإذا زاد اليمين فلا بأس ولو كان اليسار أقل، ولا حرج في ذلك، والإمام في الوسط في محله، ولا حرج أيضا إذا كانت الزيادة في اليسار، لكن لو نبههم كأن يقول لهم: إن الأفضل من جهة اليمين. من باب الوعظ والتذكير والترغيب.
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (327) .(12/241)
127 - بيان أن الصف يبدأ من الوسط خلف الإمام
س: يمتلئ الصف الأول في المسجد، فنريد أن نكون الصف الثاني، فهل نبدأ به من خلف الإمام مباشرة بموازنة، أم من اليمين أم من اليسار؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (302) .(12/241)
ج: الواجب البدء من وسط الصف مما يلي الإمام، يعني ما يقابل الإمام، يبدأ الصف من هذا، ثم يصفون على اليمين والشمال، البداءة من وسط الصف كالأول.(12/242)
128 - بيان فضل الصف الأول
س: هل الصلاة في الصف الأول في المسجد لها شيء من الفضل عن باقي الصفوف، أو عن الصف الخلفي؟ أرشدوني أفادكم الله (1)
ج: نعم الصف الأول أفضل، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا (2) » يعني لاقترعوا، فله فضل عظيم، جاء في بعض الأحاديث أنه يكون له مثل أجور من خلفه من الصفوف، يكون له أجره مقدما على غيره، ويكون له مثل أجور من خلفه؛ لأنه كالقائد لهم وكالإمام لهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من دل على خير
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (123) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الاستهام على الأذان، برقم (615) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول، برقم (437) .(12/242)
فله مثل أجر فاعله (1) » فالصف الأول له مثل أجور من خلفه مع أجره الذي كتبه الله له سبحانه وتعالى، هذا فضل عظيم، ولما فيه من المسابقة إلى الخيرات والمسارعة إلى الطاعات والقرب من الإمام؛ حتى يشاهد حركاته، لو انقطع الصوت أو ضعف الصوت يشاهد ويرى الإمام ويقرب منه، فالحاصل أن الصف الأول له فضل عظيم؛ لما في التوجه إليه من المسابقة إلى الخيرات والمسارعة إلى الطاعات، وتحريض الناس على ذلك وتشجيعهم على ذلك.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره وخلافته في أهله بخير، برقم (1893) .(12/243)
129 - حكم تخطي رقاب الناس للوصول إلى الصف الأول
س: يقول السائل: رجل يأتي متأخرا في الصلاة، ويريد أن يدخل في الصف الأول، ويفرق بين الجالسين في الصف الأول ليفسحوا له فرجة، هل يجوز له هذا (1)
ج: المشروع أن ينتهي حيث انتهت الصفوف لا يزاحم الناس، إذا كان الصف الأول انتهى يصف في الصف الثاني، وإذا انتهى الصف
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (375) .(12/243)
الثاني فالثالث وهكذا، إلا إذا وجد فرجة ما سدوها فهم الذين أخلوا يذهب إليها، أما إذا كان ما فيه فرجة إنما يزاحمهم ويقول: تفسحوا. لا، يصف في منتهى الصف الذي وجده اثنين أو ثلاثة على حسب الحال، ولا يزاحم الناس ولا يقطع الصفوف ولا يتخطى رقاب الناس، إلا إذا كان الصف الأول ما تم وصفوا في الصف الثاني يروح للصف الأول ويكمله، أو تركوا فرجا وذهب إلى فرجة يسدها لا بأس؛ لأنهم هم الذين قصروا.(12/244)
130 - حكم وقوف الإمام وسط الصف لضيق المكان
س: هل يجوز أن يكون الإمام داخل الصف إذا لم يسع المكان بغير صف واحد، أو أنهم يصلون كل جماعة على حدة بالتفريق (1)
ج: يصلون جميعا ويقف الإمام في وسطهم، يقف الإمام وسطهم، إذا كان المكان ضيقا، لا يمكن أن يتقدم فيه الإمام صلوا جميعا وهو في وسطهم والحمد لله.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (256) .(12/244)
131 - حكم وجود دواليب المصاحف خلف المصلين واستدبارها
س: بعض المساجد نشاهد فيها الدواليب التي توضع فيها المصاحف(12/244)
مفتوحة من الأمام والخلف؛ مما يسبب عند إقامة الصلاة أن تكون المصاحف خلف بعض الصفوف، هل يجوز ذلك، أم لا بد من سدها مع إحدى الجهات، وهي التي تكون في ظهور المصلين (1)
ج: الأمر في هذا واسع؛ لأنهم ما قصدوا استدبارها، وإنما وضعت لينتفع بها المسلمون، فالأمر في هذا واسع، لكن لو جعل أمام المسجد قدام المصلين لكان أولى وأحسن وأبعد عن هذا الأمر، وأبعد عن مشابهة المستدبرين المحتقرين أو المستهينين، فبكل حال وجودها في مقدمة المسجد أو في جوانب المسجد يمينا وشمالا يكون أصلح وأولى، وأبعد عن هذا الشيء الذي يتوهمه السائل، فالمصلون ما قصدوا احتقارها ولا الاستهانة بها، ولكن هكذا كان وضعها في بعض المساجد، فينبغي في المسجد التي توضع فيه هكذا أن توضع في الأمام، أو على جنب المصلي عن يمينه أو شماله في جوانب المسجد، والاستهانة غير مقصودة، وإنما المقصود التسهيل للناس حتى لا يتخطوا الصفوف، والأمر في هذا واسع إن شاء الله، ولو جعلت الدواليب مفتوحة من هنا ومن هنا للتسهيل على القراء، الذي من هنا يأخذ والذي
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (41) .(12/245)
من هنا يأخذ؛ حتى يكون أخذ المصحف متيسرا من هنا أو من هنا، وجعل الحائل ما يمنع الاستدبار، ولو سد أحد الجانبين فالاستدبار حاصل.(12/246)
132 - حكم وجود صناديق الأحذية بين الصفوف
س: توجد في بعض المساجد صناديق تحتوي على الأحذية تتخلل الصفوف، فما الحكم في الصلاة إلى هذه الصناديق (1)
ج: لا حرج في ذلك، الصناديق التي أمام الصف لا حرج فيها، إذا كان فيها نعال أو فيها غير ذلك من مصاحف أو كتب، حتى ولو فرض أن في بعضها نجاسة فلا يضر؛ لأنها في مكانها ما هي تحت المصلي، في مكان خاص، كونه أمامهم أو خلفهم لا يضر.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (46) .(12/246)
133 - حكم صلاة المنفرد خلف الصف
س: يقول السائل: ما حكم رجل صلى منفردا خلف صفوف المأمومين؟ وما الذي يترتب عليه (1)
ج: إذا صلى الإنسان منفردا خلف الصف، أو امرأة خلف صف النساء
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (242) .(12/246)
منفردة وجبت الإعادة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1) » ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة، وهذا يدل على أن من صلى خلف الصف وحده يعيد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2) » ، لكن المرأة إذا ما كان معها نساء صلاتها صحيحة خلف الصف مستثناة، أما إذا كان معها نساء وتركت النساء وصلت خلفهن وحدها فإنها كالرجل في هذا تعيد الصلاة، أما إذا كانت خلف الرجال وليس معها أحد فإنه يجزئها ذلك؛ لأن أم سليم صلت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وحدها خلف الرجال، أما الرجل فلا، إذا صلى خلف الصفوف فإنه يقضي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (3) » «وفي حديث وابصة بن معبد أنه رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة (4) »
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539) .(12/247)
س: ما حكم صلاة المنفرد خلف الصف (1)
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (228) .(12/247)
ج: لا تصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1) » ، «ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة (2) » عليه الصلاة والسلام، ولم يسأله، ما قال: هل وجدت فرجة؟ أو: ما وجدت فرجة؟ أمره أن يعيد سدا للباب، فليس لأحد أن يصف خلف الصف، بل ينتظر إن لم يجد فرجة، أو يتقدم مع الإمام إن تيسر يصلي عن يمينه، أو يصبر حتى يجد فرجة، أو يجيء أحد يصلي معه، فإذا انتهت الصلاة صلى وحده.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539) .(12/248)
س: ما حكم من صلى منفردا خلف الصف (1)
ج: لا تصح صلاته، من صلى خلف الصف وهو منفرد لا صلاة له، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمنفرد خلف الصف (2) » ، «ورأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد عليه الصلاة والسلام (3) » فالواجب على المؤمن أن يلتمس فرجة حتى يقف في الصف، فإن عجز صلى مع الإمام عن يمين الإمام إذا تيسر ذلك، فإن
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (352) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539) .(12/248)
لم يتيسر انتظر حتى يأتي من يصف معه.(12/249)
س: الأخوان: ع. أ. د. (و) ص. ع. م: من سوريا، يسألان عن صلاة المنفرد خلف الصف: إذا دخل الإنسان ووجد الصف قد امتلأ فهل يشرع في الصلاة؟ أم كيف يكون حاله؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: المشروع له أنه يبقى حتى يجد فرجة، يعني يلتمس فرجة في الصف حتى يدخل فيها، أو مع الإمام عن يمينه إذا تيسر ذلك، وإلا فليبق لا يصل وحده، لعله يجد أحدا من الجماعة الداخلين من جديد يصلون معه، ولا يصل وحده، إن صلى وحده ما صحت صلاته، لا بد إما أن يجد فرجة، يتأنى ويصبر حتى يجد فرجة، لا يعجل، أو يقف مع الإمام عن يمينه، فإن لم يجد مع الاجتهاد انتظر لعله يأتي أحد فيصف معه، فإن صلوا ما أتى أحد، يصل وحده، النبي عليه السلام قال: «فلا صلاة لرجل منفرد خلف الصف (2) » «ولما رأى رجلا وحده خلف الصف أمره أن يعيد الصلاة (3) » ولما ركع أبو بكرة دون الصف نهاه، وقال: «زادك الله حرصا ولا تعد (4) » فلا يركع دون الصف ثم يمشي في
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (231) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/249)
الصف، ولا يصلي وحده خلف الصف ولكن عن يمين الإمام، أو يلتمس فرجة لعله يجد حتى يدخل في الصف، فإن تعذر عليه ذلك بعد الاجتهاد انتظر ولا يجذب أحدا أيضا؛ ولا ينبغي أن يجذب أحدا ليصلي معه؛ لأن الجذب تصرف فيه وتعد عليه وفتح فرجة في الصف أيضا لأجل مصلحته، والصف يجب سد خلله، والإنسان يفرح بالصف الذي قبله قبل مكانه، يعني يكون صاحب صف يحب أن يبقى في صفه، فالحاصل أنه لا يجذب، أما حديث: «ألا دخلت معهم أو اجتذبت رجلا (1) » فهذا ضعيف، الصواب أنه لا يجذب أحدا، ولكن يلتمس فرجة، فإن وجد فرجة وإلا فليصف عن يمين الإمام، فإن لم يتيسر انتظر ولا حرج عليه والحمد لله.
__________
(1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18) ، وفي الأوسط برقم (8416) .(12/250)
س: حدثونا عن الوقوف منفردا خلف الإمام عند الصلاة، كيف يكون ذلك؟ فهل هو جائز؟ وهل تصح الصلاة (1)
ج: الوقوف خلف الإمام وأنت وحدك ليس بجائز، ولا تصح معه الصلاة، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «فلا صلاة لرجل فرد خلف
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (328) .(12/250)
الصف (1) » «ورأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره عليه الصلاة والسلام أن يعيد الصلاة (2) » فليس للفرد أن يصلي خلف الإمام وحده، ولكن ينتظر حتى يجد فرجة، أو يحصل من يصف معه، أو يتقدم فيصف مع الإمام عن يمينه، أما أن يصلي لوحده لا، ولكن ينتظر أو يأتي في فرجة في الصف.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539) .(12/251)
س: السائل: ع. س. ج: ما حكم صلاة المنفرد خلف الصف (1)
ج: حكمها عدم الصحة البطلان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2) » .
«ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة (3) »
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (268) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539) .(12/251)
س: السائل: أ. م. من الرياض يقول: ما الصحيح في أقوال العلماء في صلاة المنفرد خلف الصف؟ وهل صلاة من صلى ركعة واحدة(12/251)
خلف الصف منفردا، ثم اكتمل الصف بعد ذلك، هل صلاته صحيحة، أم يجب عليه الإعادة (1)
ج: من صلى خلف الصف وجبت عليه الإعادة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2) » «ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة (3) » ولم يستفصله، فدل ذلك على أن من صلى خلف الصف وحده يؤمر بالإعادة، لكن لو جاء والإمام راكع فركع وحده، ثم دخل معه آخر قبل السجود صحت الصلاة، أما من صلى ركعة وحده فإن الصلاة لا تصح، إلا إذا استأنفها بعد الركعة، استأنف التكبير بالنسبة إلى الباقي، يعني استأنف دخوله مع إمام بعد الركعة التي انفرد فيها، اعتقد بطلانها وأتى بتكبيرة الإحرام ليصلي الركعات الباقية صحت ويقضي ما فاته، المقصود أن صلاة المنفرد خلف الصف وحده لا تصح مطلقا، سواء وجد من يصف معه أو لم يجد لا يصلي خلف الصف، بل ينتظر حتى يأتي من يصف أو يلتمس فرجة أو يصف مع الإمام عن يمينه إذا تيسر ذلك، هذا هو الواجب،
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (420) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539) .(12/252)
لكن مجرد أنه كبر وحده أو ركع وحده، ثم جاء من صف معه هذا صحيح.(12/253)
س: بالنسبة لصلاة المنفرد خلف الصف علما بأنه وجد الصف أمامه قد امتلأ تماما، ماذا يلزمه في مثل هذه الحالة (1)
ج: يكون اثنين فأكثر، لا يصل وحده، يلتمس فرجة أو يقف مع الإمام عن يمينه إلا إذا وجد معه آخر لا بأس، يصير اثنان أو أكثر لا بأس خلف الصف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2) » «ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة (3) »
__________
(1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (386) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539) .(12/253)
س: الذي يأتي والصفوف ملأى وصلى منفردا، ماذا تقولون له (1)
ج: يؤمر بالإعادة، كما أمره النبي بالإعادة عليه الصلاة والسلام؛ لأن بعضنا قد يستعجل، ولو تأنى لوجد فرجة أو وقف مع الإمام عن يمينه، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2) » ورأى رجلا يصلي خلف الصف لوحده، فأمره أن يعيد ولم
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (202) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .(12/253)
يستفصله، ولم يقل له: هل وجدت فرجة؟ أو: ما وجدت فرجة؟ هل حصلت أحدا؟ أو: ما حصلت أحدا؟ ولأن في هذا سدا لباب التساهل، وعلى المرء أن ينتظر حتى يأتي أحد أو يجد فرجة، إما أن يجد فرجة وإلا ينتظر حتى يجد أحدا، أو يقف مع الإمام عن يمينه، ولا يجذب أحدا؛ لأنه تصرفه في إيجاد فرجة في الصف تصرف بغير إذن شرعي، أما حديث: هلا أدخلت معهم رجلا فهو حديث ضعيف، لا تقوم به الحجة.(12/254)
س: يقول هذا السائل: ما حكم الصلاة خلف الصف منفردا؟ نرجو من سماحتكم القول الراجح في ذلك (1)
ج: الصلاة خلف الصف منفردا لا تصح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2) » فالذي يصلي وحده خلف الصف صلاته باطلة، بل عليه أن يجتهد حتى يجد فرجة، أو يقف عن يمين الإمام، أو ينتظر حتى يأتي أحد.
__________
(1) السؤال الخامس والستون من الشريط رقم (434) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .(12/254)
س: يقول هذا السائل: دخلت المسجد فلم أجد لي مكانا في الصف، وانتظرت مدة فلم يحضر أحد، هل أصلي منفردا خلف الصف (1)
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (435) .(12/254)
ج: لا تصل منفردا، بل تقدم صل مع الإمام عن يمينه، وإلا قارب بين الصف حتى تجد فرجة، فإن لم تجد فاصبر حتى يسلم الإمام، ثم تصلي وحدك.(12/255)
س: السائل: أ. م. من سوريا يقول: رجل صلى ركعة منفردا خلف الصف، فلما سلم الإمام أتى بخامسة (1)
ج: الذي يظهر أنه لا تصح الصلاة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2) » فإذا صلى ركعة فأكثر فلا صلاة له، أما لو صلى بعض الشيء؛ مثل: قام خلف الصف ثم جاء معه آخر، أو دخل في الصف، أو ركع ثم دخل في الصف، أو جاء مع آخر لا بأس، أما إذا كمل الركعة فإنها لا تصح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (3) » ، وأقر أبا بكرة لما ركع دون الصف، ثم دخل في الصف ولم يأمره بالقضاء، فدل على أنه إذا كان الانفراد في الركوع أو في القيام قبل الركوع هذا يجزئ، ثم دخل في الصف أو صف معه آخر، أما إذا سجد وليس معه أحد، أو أتى بأكثر من ذلك فإن الصلاة غير صحيحة، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة،
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (404) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .(12/255)
وقال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1) » .
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .(12/256)
س: هذا سائل آخر يستفسر ويقول: رجل دخل المسجد والإمام في الركعة الثانية من الظهر، ولم يجد فرجة في الصف فصلى منفردا، وفي الركعة التالية جاء البعض من الناس وأتموا الصف، فهل الركعة التي صلاها هذا الرجل منفردا صحيحة، أم عليه أن يعيد هذه الركعة فقط؟ أفيدونا مأجورين (1)
ج: صلاته غير صحيحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2) » فهو صلى ركعة أو أكثر، صلاته غير صحيحة، إلا إذا كان أبطلها واعتقد، وابتدأ وكبر تكبيرة الإحرام لما جاء معه أحد فهو صحيح ما أدرك بعد ذلك؛ يعني إذا جاء معه في الركعة الأخيرة، وقطع الصلاة وابتدأ كبر تكبيرة الإحرام ناويا الصلاة مع الإمام لما جاء معه شخص آخر يكون أدرك ركعة حسب ما وقع له، أما إذا كان بنى على صلاته التي هي فيها منفردا فصلاته غير صحيحة؛
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (400) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .(12/256)
لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1) » «ورأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيدها عليه الصلاة والسلام (2) » المقصود أن الصلاة خلف الصف باطلة، وعلى صاحبها الإعادة إذا كانت فريضة.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539) .(12/257)
س: السائل: أ. ع. من القصيم بريدة، يقول: رجل دخل المسجد والإمام في الركعة الأخيرة من الصلاة، والصف قد اكتمل في الصلاة، هل أصلي خلف الصف منفردا؟ وهل صلاتي صحيحة (1)
ج: ليس لك ذلك، انتظر لعل الله يأتي بأحد يصلي معك، لا تصل وحدك خلف الصف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2) » «ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة (3) » فأنت تلتمس فرجة أو تنتظر لعل الله يأتي بأحد، فإن لم يتيسر صل وحدك والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (398) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539) .(12/257)
134 - حكم اجتذاب أحد المصلين من الصف الأمامي ليصف معه
س: يقول السائل: سمعنا من أناس كثيرين أنه إذا جاء المسلم إلى المسجد للصلاة، ووجد أن الصف مزدحم من جميع الجهات فعليه أن يسحب أحد المصلين ليصلي معه. وسمعنا أناسا آخرين قالوا: لا يجوز ذلك، بل يصلي وحده من غير أن يسحب أحدا. نرجو من سماحتكم البيان في ذلك جزاكم الله خيرا (1)
ج: هذه المسألة كما ذكر السائل: بعض أهل العلم يرى أنه إذا كان الصف قد كمل، وليس فيه فرجة فلا مانع من أن يسحب أحدهم ويصف معه في الصف الذي بعده، وجاء في حديث ضعيف: «ألا دخلت معهم، أو اجتذبت رجلا (2) » ولكنه حديث ضعيف لا يعول عليه، والصواب القول الثاني: أنه لا يسحب أحدا؛ لأن ذلك يفتح فرجة في الصف، والرسول أمر بسد الخلل وسد الفرج والتراص في الصفوف، ولأنه تصرف فيمن سبقه إلى حرمانه من هذا الفضل، فلا ينبغي له ولا يجوز له أن يتصرف فيه، ولكن يلتمس فرجة، أو يقف مع الإمام إذا تيسر عن يمين الإمام، فإن لم يتيسر ذلك انتظر حتى يأتي من يصف معه، فإن انتهت الصلاة ولم يأت أحد صلى وحده؛ لقول النبي
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (154) .
(2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18) ، وفي الأوسط برقم (8416) .(12/258)
صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (1) » ، ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة ولما صف أبو بكرة رضي الله عنه خلف الصف حين الركوع أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ألا يعود إلى ذلك، قال: «زادك الله حرصا ولا تعد (2) » فلا يجوز أن يصف وحده، بل يصبر حتى يأتي من يصف معه، أو يجد فرجة في الصف، أو يقف عن يمين الإمام إذا تيسر ذلك، فإن فاتت الصلاة ولم يتيسر له أحد فإنه يصلي وحده وهو معذور، وله أجر الجماعة؛ لأنه ترك الدخول معهم لعذر شرعي، فيكون له أجر الجماعة كالمريض ونحوه الذي لم يتيسر له الصلاة في الجماعة.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/259)
س: إذا دخل المصلي المسجد، ووجد الصف الأول قد امتلأ، ويريد أن يدرك الركعة فماذا يفعل؟ هل يقف وحده، أم يجذب أحد المصلين من الصف الأول؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليه أن يلتمس فرجة، فإذا لم يجد لا يجذب أحدا، بل ينتظر حتى
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (261) .(12/259)
يأتي أحد ولو فاتته الركعة، وإن تيسر له أن يتقدم مع الإمام ويقف عن يمينه هذا طيب، وإلا فلينتظر حتى يأتي أحد، ولا يصل وحده، ولا يجذب الناس، أما الحديث الذي تضمن جذب من يصف معه، وهو: «ألا دخلت معهم، أو اجتذبت رجلا (1) » فهذا فيه نظر؛ لأن جذب الرجل يفتح فرجة في الصف، وتصرف فيه بغير حق، والحاصل لا يجر رجلا ولا يصل وحده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2) » ولكن ينتظر حتى يأتي من يصف معه، فإن لم يأت أحد صلى بعد ذلك إذا سلم الإمام، صلى وحده وهو معذور، ونرجو له أجر الجماعة؛ لأنه معذور شرعا.
__________
(1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18) ، وفي الأوسط برقم (8416) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .(12/260)
135 - حكم امتناع المصلي إذا جذبه مصل آخر ليصف معه خلف الصف
س: هل يجوز السحب من الصف الأول وهو ما كمل بعد؟ وهل علي إثم إذا سحبني أحد ولم أنسحب؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا (1) » ، نرجو تبيين الخلاف في ذلك، وإعطاءنا
__________
(1) صحيح البخاري الشهادات (2689) ، صحيح مسلم الصلاة (437) ، سنن الترمذي الصلاة (225) ، سنن النسائي الأذان (671) ، مسند أحمد (2/375) ، موطأ مالك النداء للصلاة (295) .(12/260)
الرأي الراجح، وشكرا لكم (1)
ج: لا ينبغي السحب من الصف الأول ولا غيره، بل الذي يأتي يلتمس فرجة فيدخل فيها، فإن لم يجد صبر حتى يأتي أحد فيصف معه، وإن تقدم مع الإمام صلى عن يمين الإمام فلا بأس، أما أنه يسحب من الصف الأول أو من الثاني فلا، أما حديث: «ألا دخلت معهم أو اجتذبت رجلا (2) » فهو حديث ضعيف لا يلزم التعويل عليه، ولأن السحب تصرف في الناس بغير حق، فالحاصل أنه لا ينبغي السحب، ولا يلزم المسحوب أن ينسحب، بل إذا أحب أن يبقى في صفه يبقى في صفه، وليس لأحد أن يسحبه من صفه، ثم السحب من الصف يسبب خللا في الصف وفرجة في الصف، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بسد الخلل ورص الصفوف، فالذي يدخل لا ينبغي له أن يسحب أحدا، بل يلتمس إن وجد فرجة دخل فيها وسد الصف، فإن لم يجد تقدم مع الإمام وصف عن يمين الإمام، فإن لم يتيسر ذلك فالمشروع له الصبر حتى يأتي أحد فيصفا جميعا، فإن فرغت الصلاة ولم يأت أحد صلى وحده بعد ذلك والحمد لله ولا حرج عليه؛ لأن النبي عليه السلام قال: «فلا
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (10) .
(2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18) ، وفي الأوسط برقم (8416) .(12/261)
صلاة لرجل فرد خلف الصف (1) » فلا يجوز له أن يصلي وحده خلف الصف، ولكن يصبر حتى يجد من يدخل معه، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا ما وجد أحدا يسوغ له أن يصلي وحده، ولكنه قول ضعيف مخالف لظاهر الأحاديث الصحيحة، فلا وجه للتعويل عليه، لكن المؤمن يصبر لعله يجد أحدا يصف معه، فإن وجد فرجة دخل فيها، وإن تيسر له الوقوف مع الإمام وقف مع الإمام عن يمينه، هذا هو المشروع فيما نعلم.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .(12/262)
136 - حكم الوقوف عن يمين الإمام لمن دخل بعد اكتمال الصفوف
س: إذا حضر المصلي ووجد الصف الأول كاملا وليس معه أحد - ومن المعلوم أنه يأخذ معه واحدا من الصف الذي أمامه - فهل يأخذ من خلف الإمام أو من نهاية الصف؟ وكما أشاهد الكثير إذا كان الصف كاملا، وحضر قليل أشاهدهم يصفون؛ إما على يمين الإمام أو على يساره من بعد الصف، فما الحكم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان الصف كاملا فليس لك أن تأخذ أحدا، هذا هو الصواب، والحديث الوارد في ذلك ضعيف: «ألا دخلت معهم، أو اجتذبت
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (217) .(12/262)
رجلا (1) » هذا ضعيف، لكن تنتظر لعله يأتي أحد يصف معك، أو تتقدم وتصلي مع الإمام عن يمينه، كل هذا لا حرج فيه، وليس لك أن تأخذ أحدا من الصف؛ لأنك تفتح فرجة في الصف، والرسول أمر بسد الخلل في الصفوف، فعليك أن تلتمس فرجة لعلك تجد، ولا تعجل فإن لم تجد فاصبر حتى يأتي أحد معك ولو فاتت الركعة، أو تتقدم وتصف مع الإمام عن يمين الإمام.
__________
(1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18) ، وفي الأوسط برقم (8416) .(12/263)
137 - حكم الوقوف خلف الصف لانتظار من يصف معه
س: يقول السائل: صلاة الفذ لا تجوز، ولكن إذا دخل المصلي ووجد الإمام راكعا هل يجر من وسط الصف أو من يمينه، أو يركع وحده على احتمال دخول آخر معه ولو بعد الركعة (1)
ج: هذا، الذي ينبغي له ألا يعجل، إذا جاء والإمام راكع يلتمس المكان المناسب، فرجة يدخل فيها في طرف الصف حتى يكمل الصف، ولا يعجل ولو فاتته الركعة، النبي عليه الصلاة والسلام قال: «فما أدركتم فصلوا،
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (19) .(12/263)
وما فاتكم فأتموا (1) » ونهى عن العجلة، فالداخل لا يعجل ولا يصف وحده، بل يلتمس الفرجة أو يصف في طرف الصف، فإن لم يجد تقدم وصف عن يمين الإمام، ولا يصل وحده، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2) » «ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة (3) » فالحاصل أنه لا يجذب أحدا؛ لأنه تصرف في الناس بغير حق، ولأن هذا يفتح فرجة في الصف، إذا جره فتح فرجة في الصف، والمطلوب سد الخلل وسد الفرج وعدم إيجاد الفرج في الصفوف، لكن ينتظر لعله يأتيه أحد، إذا كان الصف قد كمل وليس هناك محل مع الإمام ينتظر، وإلا فليتقدم فيصل مع الإمام عن يمينه، أو يقارب بين أفراد الصف حتى يجد فرجة فيدخل فيها، ولا يصل وحده.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539) .(12/264)
س: من المستمع: م. ن. يقول: إذا دخل المسجد للصلاة مع الجماعة،(12/264)
والصف كامل هل له الصلاة خلفهم في صف ثان، أو يسحب من الصف الأول واحدا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليه أن يلتمس فرجة حتى يدخل فيها، ولا يصلي وحده، يلتمس فرجة أو يصف عن يمين الإمام ولا يجذب أحدا؛ لأنه إذا جذب أحدا فتح فرجة في الصف، والرسول أمر بسد الخلل وعدم الفرج في الصلاة، لكن ينتظر لعله يأتي أحد ويصف معه، فإن سلموا صلى وحده وهو معذور والحمد لله، أما أن يصلي وحده خلف الصف فلا؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (2) » «ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة (3) » ولم يسأله ليقول: هل أنت وجدت؟ أم: ما وجدت؟ بل أمره أن يعيد الصلاة لما رآه يصلي خلف الصف وحده، أمره أن يعيد الصلاة، وقال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (4) » ، فليس لأحد أن يصلي خلف الصف وحده، ولكن ينتظر أو يلتمس فرجة أو يقف عن يمين الإمام، هذا هو الواجب عليه.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (320) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539) .
(4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862) .(12/265)
138 - حكم من جاء في الركعة الأخيرة والصف مكتمل والإمام في الركعة الأخيرة
س: أدركت الإمام في آخر ركعة، وكان الصف قد اكتمل ولم يتسع لي، ولم أتمكن من سحب شخص من الصف الأول، فهل يجوز أن أقف منفردا في الصف (1)
ج: ليس لك ذلك، تصلي عن يمين الإمام، تلتمس فرجة، وإلا تصل عن يمين الإمام، ولا تصل وحدك، فإن لم تجد أحدا تصبر، فإذا سلم الإمام تصلي وحدك إن لم يأت أحد.
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (432) .(12/266)
139 - حكم صلاة من أدرك ركعة وهو منفرد خلف الصف
س: دخلت إلى المسجد ووجدت أحد المأمومين يقف منفردا خلف الصفوف، ووقفت معه ودخلت في الصلاة، ثم زاد الصف طولا وانتهت الصلاة، فقلت له: يا أخي، الوقوف منفردا خلف الصف لا تصح صلاة من فعل ذلك على ما سمعت من هذا البرنامج. قال لي بأنه حاول أن يسحب أحدا من الصف الذي أمامه، لكن لم يستجب له أحد. الآن ما صحة صلاته هو؟ وما صحة ما فعلت أنا؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (171) .(12/266)
ج: إذا كان الشخص الذي سبقك وقف في الصف، ثم جئت قبل الركوع أو بعد الركوع صحت صلاتكما جميعا، أما إذا كان مجيئك بعدما صلى ركعة أو أكثر فإن صلاتك صحيحة؛ لأنك تعتقد سلامة صلاته وصلاته غير صحيحة، عليه أن يعيدها، أما إن كنت تعلم أن صلاته باطلة حين وقفت معه فعليك أن تعيد أيضا، لكن إذا كنت لا تعتقد ذلك، وتجهل الحكم الشرعي فصلاتك صحيحة، أو كان وقوفه قبل الركوع أو بعد الركوع، لكن جئت معه قبل أن يسجد في الركعة الأولى فإن صلاتكما صحيحة أيضا؛ لقصة أبي بكرة؛ لأن أبا بكرة الثقفي رضي الله عنه جاء والنبي راكع عليه الصلاة والسلام، فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «زادك الله حرصا، ولا تعد (1) » ولم يأمره بالإعادة، فدل على أن من وقف دون الصف في الركوع أو فيما بعد الركوع، لكنه أدرك السجود في الصف أو صف معه غيره فإن صلاته صحيحة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/267)
140 - حكم وضع ساتر بين الرجال والنساء في المسجد
س: يوجد عندنا مسجد وبه جزء للنساء يفصله عن مسجد الرجال حائط، وعند النساء سماعة من المكرفون لسماع الإمام والمدرس، فقام رجل وأراد هدم الحائط لترك النساء أمام الرجال ودليله في ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «تصف الرجال ثم الصبيان ثم(12/267)
النساء (1) » وحدث في ذلك خلاف شديد، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (2)
ج: كل ذلك لا حرج فيه، كان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلين مع الرجال، خلف الرجال من دون حائط من دون شيء، يتسترن ويتحجبن، ويصلين مع الرجال في المؤخرة، كما في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها (3) » ؛ لأن أولها قد يقرب من الرجال، فإذا صلين في أسفل المسجد خلف الرجال وتسترن فلا حرج، ولا حاجة إلى الجدار ولا لغيره، وإن جعل جدار أو ستار غير الجدار حتى يأخذن راحتهن ويكشفن وجوههن ويسترحن فلا بأس بذلك، حتى يسترحن في مصلاهن ويسمعن عن طريق المكبر، أو من طريق الإمام إذا كان يسمعنه بدون مكبر، لا حرج في ذلك الأمر في هذا
__________
(1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير معجم الحارث أبي مالك الأشعري، شهر بن حوشب عن أبي مالك الأشعري جـ 3 (291) ، برقم (3436) .
(2) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (256) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها، والازدحام على الصف الأول والمسابقة إليها، وتقديم أولي الفضل وتقريبهم من الإمام، برقم (440) .(12/268)
واسع والحمد لله، وإن جعل شبك يرى منه الإمام والمأمومون، ويسمعن الصوت فلا بأس أيضا، الأمر كله واسع لا ينبغي في هذا التشديد، الجدار أو الشبك أو الستارة أو بدون ذلك كله طيب كله جائز، والحمد لله، وقد كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ليس هناك جدار ولا غيره، يتسترن ويصلين مع الناس خلف الرجال والحمد لله، فإذا جعل جدار أو شبك يسترهن، أو ستارة حتى يسترحن يضعن عبيهن، ويكشفن وجوههن ويسترحن ولا يراهن الرجال كان في هذا مصلحة لهن، وراحة لهن فقط، ولا حرج في ذلك والحمد لله.(12/269)
س: يقول السائل: يرى الناس أن الزمان ليس كالزمان في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنه لا بد من وضع ساتر وحاجز حتى لا يرى الرجال النساء في المسجد (1)
ج: لا بد من هذا، إذا كن لا يتسترن لا بد من هذا، إذا كن من طبيعتهن في بعض البلدان لا يتسترن لا بد من وضع جدار أو ستارة، أما إذا كن يعتنين مثل ما كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يعتنين بالحجاب ويتسترن فلا حرج، ولا حاجة للحجاب، يصلين
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (256) .(12/269)
خلف الرجال صفوفهن خلف الرجال، وخير صفوفهن آخرها، وشرها أولها، لكن إذا كن لهن عادة في التساهل وكشف الوجوه فوجود حجاب يسترهن هذا هو الواجب؛ حتى لا يفتن ولا يفتن.(12/270)
141 - حكم صلاة المرأة بين صفوف الرجال
س: في أحد أيام الجمعة وفي صلاة الجمعة ذهبت للصلاة مع الجماعة، وقد رأيت المسجد الجامع قد امتلأ بالمصلين، فاضطررت للصلاة مع الجماعة خارج المسجد، ولكن أثناء إقامة الصلاة كان هناك نساء فقيرات جالسات، وبعد إقامة الصلاة تقدمت إحدى النساء فصلت في أحد صفوف المصلين وهي جالسة. السؤال: هل تجوز الصلاة مع النساء، علما بأن المرأة كانت في الوسط ويوجد رجال أمامها وخلفها؟ ماذا أفعل يا سماحة الشيخ؟
ج: الصلاة صحيحة والحمد لله، وهذا يقع كثيرا في المسجد الحرام والمسجد النبوي، وعند زحمة الناس وقت الحج يختلط الرجال بالنساء، فالصلاة صحيحة، ولكن يجب على النساء أن يتأخرن عن الرجال، وليس لهن أن يتقدمن بين الرجال أو أمام الرجال، لكن إذا وقع(12/270)
ذلك بسبب الزحام فالصلاة صحيحة، ولا يضر ذلك والحمد لله، أما في حال الاختيار فإنها تؤخر، يقال لها: تأخري خلف الرجال. وتؤمر بذلك، أما صلاتها جالسة غير صحيحة إن كانت تقدر، إن كانت تقدر على الصلاة قائمة لم تصح صلاتها الفريضة وهي جالسة، لا الجمعة مع الناس ولا غيرها، أما إذا كانت عاجزة لا تقدر تقف فلا بأس كالرجل.(12/271)
142 - حكم صلاة الرجال خلف النساء
س: م. ع. من المدينة المنورة: ما حكم صلاة الرجال خلف النساء، أو بجانبهن في الجهة الأخرى (1)
ج: المشروع أن يكون الرجال أمام النساء، وأن يكون النساء خلف الرجال في المساجد إذا صلوا هذا هو المشروع، هذا هو الواجب، لكن لو دعا ضرورة في موسم الحج في المسجد النبوي والمسجد الحرام، وقد يقع النساء على يمين المصلين أو يسارهم أو أمامهم فلا يضر صلاة الرجال، صلاة الرجال صحيحة، أو كان النساء على يمينهم أو شمالهم أو غير ذلك، أما السنة والمشروع والواجب أن يكن خلف المصلين، هذا هو السنة.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (3) .(12/271)
143 - حكم إمامة المرأة للنساء
س: تقول السائلة: ما حكم إمامة المرأة في الشريعة الإسلامية؟ وما دليل ذلك من القرآن أو السنة، أو من اجتهاد الأئمة الأربعة (1)
ج: إمامة المرأة للنساء لا بأس بها، ولا حرج فيها وهي جائزة، بل تستحب عند الحاجة إلى ذلك؛ للتعليم والتوجيه، ويعمهن قوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة (2) » الحديث. وقد ثبت عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أنهما أمتا بعض النساء فإذا تيسر للمرأة القارئة الفقيهة أن تؤم نساء أهل دارها، أو إذا اجتمع عندها بعض أخواتها فتؤمهن هذا كله حسن وفيه مصالح، وقد روي عن أم ورقة أنها كانت تؤم أهل دارها (3) الحاصل أن إمامة المرأة
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (121) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة؟ برقم (673) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارية، برقم (26739) .(12/272)
للنساء لا بأس بها، ولا حرج فيها، بل هي مستحبة إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وصارت الإمامة عندها علم وعندها فقه حتى تعلم أخواتها وتفقههن، وحتى يتأسين بصلاتها وبقراءتها وسجودها وركوعها، وجلستها بين السجدتين واعتدالها بعد ركوعها، هذا كله ينفع النساء كما ينفع الرجال، يستفيدونه من إمامهم.(12/273)
144 - موقف المرأة من الصف إذا أمت النساء
س: إذا صليت بالجماعة مع النساء صلاة جماعة، وكنت في وسطهن وأقمت الصلاة بنفسي، وبعد الصلاة دعوت بلسان الجميع بصوت يسمع هل يكون في ذلك حرج؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصلاة بهن مناسبة للتعليم، وليستفدن من عملك، ولكن لا يشرع لك الإقامة، صلاة بلا أذان ولا إقامة، الأذان يكفي الذي يصدر من الرجال، وليس عليكن إقامة، ولكن إذا قمت وسطهن كبرت تكبيرة الإحرام، ثم يكبرن معك وهكذا يتابعنك، والدعاء الجماعي لا أصل له، ولكن إذا سلمت تأتين بالأذكار الشرعية؛ أول شيء: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله. بصوت مرتفع يسمعنه: اللهم أنت السلام ومنك السلام،
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (183) .(12/273)
تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم تقولين: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. وكل واحدة تقول مثلك يتعلمن من غير حاجة إلى أن يكون صوت جماعي؛ لأن الرسول كان يفعل هذا عليه الصلاة والسلام، ثبت هذا الذي ذكرته لك، ثبت عنه من حديث المغيرة بن شعبة ومن حديث ابن الزبير ومن أحاديث أخرى، فعليك أن تعلميهن ذلك بصوتك، وهن يسمعن ويتعلمن منك، ثم بعد هذا يشرع للجميع أن تقول كل واحدة: سبحان الله والحمد لله والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، تعقدها بالأصابع، ثم تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله(12/274)
الحمد وهو على كل شيء قدير. لأن الرسول حرض على هذا، وأخبر أن هذا من أسباب المغفرة، ويستحب أيضا مع هذا قراءة آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1) ، وقراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (3) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (4) بعد كل فريضة، هذا هو الأفضل، لكن بعد المغرب وبعد الفجر تكرر السور الثلاث ثلاث مرات، هذا هو الأفضل، وفقك الله وأخواتك ونفع بكن جميعا.
__________
(1) سورة البقرة الآية 255
(2) سورة الإخلاص الآية 1
(3) سورة الفلق الآية 1
(4) سورة الناس الآية 1(12/275)
س: إذا توفر في المرأة شروط الإمامة فهل ينبغي لها أن تصلي بالنساء في جماعة أم لا (1)
ج: إن صلت بهن فهو أفضل في بيتها، ولكن لا يجب؛ لأن الجماعة غير واجبة في حق النساء، لكن لو صلت بهن جماعة للتعليم والتوجيه فهذا طيب، وقد روي عن أم سلمة وعن عائشة أنهما صلتا ببعض النساء جماعة هذا من باب التعليم والتوجيه إلى الخير، ولكن لا يجب، وتصلي بهن في وسطهن.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (23) .(12/275)
145 - حكم إقامة صلاة الجماعة بين النساء
س: ما حكم صلاة الجماعة للمرأة في المدارس أو غيرها؟ آمل التوجيه (1)
ج: صلاة الجماعة على النساء غير واجبة، لكنها إذا تيسرت أفضل حتى يتعلم بعضهن من بعض، وحتى يستفيد بعضهن من بعض، وقد جاء عن أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما أنهما أمتا بعض النساء فذلك يدل على أن هذا أمر معلوم عندهن في العهد الأول والقرن الأول، ومعلوم ما في هذا من الفضائل والمصالح، فإن وجود امرأة ذات علم وبصيرة تؤم النساء يستفيد منها النساء كثيرا يتعلمن كيف يصلين، كيف يركعن، كيف يسجدن، إلى غير ذلك، فصلاتهن جماعة خلف إمامة صالحة ذات بصيرة وعلم هذا لا شك فيه أنه ينفع الجميع، وهي تقف وسطهن وتجهر في الجهرية كالمغرب والعشاء والفجر، فالحاصل أنه مستحب إذا تيسر، وليس بواجب إنما تجب الجماعة على الرجال في بيوت الله عز وجل، حيث قد شرع لنا ذلك، وأما النساء فصلاتهن مفردات جائزة، وإذا تيسرت الجماعة لهن فيما بينهن فهو حسن، ولا
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (72) .(12/276)
سيما إذا وجدت امرأة لديها علم وبصيرة؛ حتى تصلي بهن وتعلمهن الصلاة الشرعية التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «وصلوا كما رأيتموني أصلي (1) » وهذا يعم النساء والرجال جميعا، فعلى المسلمين أن يصلوا كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمرأة الفاهمة العالمة تعلم أخواتها في الله وبناتها وغيرهن الصلاة الشرعية، وإذا صلت بهن كان ذلك أكمل في التعليم.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة برقم (631) .(12/277)
س: هل فضل صلاة جماعة النساء مثل فضل جماعة الرجال (1)
ج: لا أعلم ذلك، الله أعلم؛ لأن الجماعة شرعت للرجال، أما النساء فقصارى ما يقال فيهن أنه يجوز لهن أن يصلين جماعة، ويقال: إنه يجوز لهن أن يصلين جماعة. وأما هن فلسن مأمورات بالجماعة، مأمورات أن يصلين في بيوتهن، ولسن مأمورات بالجماعة، ولكن لو صلين جماعة فلا بأس، ونرجو لهن الخير في ذلك إذا كان المقصود من الجماعة الاستفادة حتى يتعلم بعضهن من بعض، ويستفيد بعضهن من بعض، فهذا طيب. وقد روي عن أم
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (151) .(12/277)
سلمة وعائشة أنهما صلتا ببعض من النساء جماعة للتعليم والتوجيه، فلا بأس بهذا ولا حرج، أما كونها يحصل لها فضل الجماعة التي وعد الله بها الرجال فلا أعلم ذلك.(12/278)
س: إذا توفر مجموعة من النساء في مكان واحد فهل تجب عليهن صلاة الجماعة؟ وهل هناك إثم إذا صلت كل واحدة بمفردها ولم يصلين جماعة (1)
ج: لا حرج في ذلك، ولا تجب عليهن جماعة، الجماعة من اختصاص الرجال، وجوبها في حق الرجال، أما المرأة فليس عليها جماعة، لكن لو صلين جماعة وصلت بهن إحداهن، ولا سيما من لها بصيرة وعلم حتى تعلمهن وحتى ترشدهن فهذا طيب، هذا مستحب، فقد روي عن أم سلمة وعائشة أنهما صلتا ببعض النساء فالحاصل أنه إذا وجد فيهن امرأة قارئة معلمة تفيدهن، وصلت بهن فهذا طيب ومشروع بالتعليم، تخبرهن كيف تصلي المرأة، كيف تركع، كيف تطمئن، كيف تخشع في صلاتها، وتكون إمامتهن بينهن في وسطهن كما
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (58) .(12/278)
تقدم، وتجهر بالقراءة في المغرب والعشاء والفجر كالرجل حتى يستفدن منها، وإذا رأت منهن شيئا من الخلل علمتهن، وتعظهن وتذكرهن إذا كان عندها علم، هذا شيء مطلوب، لكن لو لم يصلين جماعة فلا حرج ولو كن موجودات في البيت الواحد، إذا صلت كل واحدة لوحدها فلا حرج.(12/279)
س: هل إذا اجتمع النساء في وقت الصلاة في مسجد، أو في مكان طاهر يجب عليهن أن يصلين جماعة، أم تصلي كل واحدة منهن لوحدها؟ وإذا صلين جماعة فما هي صفة الإمامة لهن؟ وهل تقرأ جهرا أم سرا؟ وهل تكون صلاة الجماعة في هذه الحالة واجبة عليهن، أم مستحبة لهن (1)
ج: إذا اجتمع النساء في أي مكان لم تجب عليهن الجماعة، كل واحدة لها أن تصلي وحدها ولا حرج؛ لأن الجماعة من شأن الرجال، أما النساء فليس عليهن جماعة، لكن لو صلين جماعة وأمتهن إحداهن فلا بأس، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها وأم سلمة أنهما أمتا في بعض الأحيان بعض النساء، فإذا صلت المرأة بجماعة من النساء في بيتها، أو في أي مكان فلا حرج، وإذا صلت بالنساء تقف وسطهن تكون
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (364) .(12/279)
في وسطهن، لا تقدم مثل الرجل، تكون في وسط الصف الأول وترفع صوتها بالتكبير، وإذا كانت الصلاة جهرية كالمغرب والعشاء والفجر تجهر بالقراءة حتى تسمعهن وتفيدهن، وإذا كانت سرية كالرجل تسر بالقراءة، لكن ترفع صوتها بالتكبير وبقول: سمع الله لمن حمده. مثل الرجل حتى تسمع النساء وحتى يقتدين بها، وعليها الخشوع والطمأنينة وعدم العجلة حتى يتأسين بها.(12/280)
س: يقول السائل: هل صلاة النساء في جماعة أفضل من الانفراد، وذلك في أمكنة يجتمع فيها النساء كمدارس البنات والمستشفيات مثلا (1)
ج: نعم إذا تيسر أن يصلين جماعة فهو خير؛ لأنه يتعلم بعضهن من بعض، ويستفيد بعضهن من بعض، وقد روي عن عائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهما أنهما كانتا تصليان جماعة بالنساء، فالحاصل أن وجود ذلك أمر طيب، وفيه فوائد تتعلم كل واحدة من أخواتها، والإمامة التي تصلي بهن إذا كانت طالبة علم تنصحهن وتعلمهن وتقف بينهن، لا أمامهن وهن عن يمينها وعن شمالها وخلفها، وتصلي بهن ترفع صوتها بالقراءة في المغرب والعشاء والفجر، يعني في الأولى
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (245) .(12/280)
والثانية من المغرب والعشاء، أما في السرية فتسر الظهر والعصر، والثالثة والرابعة من العشاء، والثالثة من المغرب تسر كالرجل.(12/281)
س: تسأل الأخت فتقول: هل من الأفضل أن تصلي المرأة وحدها، أو تصلي في جماعة النساء (1)
ج: كل ذلك جائز، إن صلت وحدها فلا بأس، وإن صلت مع النساء فلا بأس، الأمر واسع في ذلك، وكان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلين وحدهن، كل واحدة تصلي وحدها، فإذا تيسر الجماعة من النساء، وصلين جميعا في البيت وأمتهن خيرهن فذلك حسن، وقد روي عن أم سلمة وعن عائشة أنهما أمتا بعض النساء في بعض الأحيان فالحاصل أنه لا بأس بأن تصلي في جماعة من النساء، وتكون الإمامة وسطهن عن يمينها بعضهن، وعن يسارها بعضهن، ترفع صوتها في التكبير والقراءة في أوقات الجهر كالمغرب والعشاء والفجر، وتعمل كما يعمل الرجل، تكبر وترفع يديها إلى حذاء منكبيها أو أذنيها، وتقول بعد التكبير: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. أو تأتي بنوع من أنواع الاستفتاح الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (158) .(12/281)
تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ثم تسمي، ثم تقرأ الفاتحة، ثم تقرأ سورة معها، وهكذا في الثانية في المغرب والعشاء، أما في الثالثة فتقرأ الفاتحة فقط، وهكذا في الثالثة والرابعة في العشاء الفاتحة فقط، وفي الفجر تقرأ الفاتحة وما تيسر معها، لكن أطول من العشاء والمغرب، وهكذا في الظهر والعصر تصلي بهن سرا ليس فيها جهر بالقراءة، فالحاصل أنها مثل ما يصلي الرجل، لكنها تكون وسطهن لا تتقدم، وتركد في صلاتها وتطمئن، وتحرص أن تعلمهن السنة إذا كانت تعرف السنة؛ حتى يقتدين بها ويستفدن منها، وفي هذا لها أجر كبير لما فيه من التعليم، فإذا كانت المرأة فقيهة في دينها، وأمت من تيسر من النساء في بيتها حتى تعلمهن هذا خير عظيم، وفيه فضل كبير، ولكن ليس بواجب، بل متى صلت وحدها فلا بأس.(12/282)
س: رسالة من الطائف باعثها المستمع: م. ع. يقول فيها: هل يجوز أن تصلي المرأة بالنساء؟ وإذا كان الجواب: نعم. فهل لهن أجر الجماعة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا بأس أن تصلي المرأة بالنساء، فقد ورد ذلك في فعل عائشة وأم
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (320) .(12/282)
سلمة رضي الله عنهما ونرجو لهن في ذلك فضل الجماعة وأجر الجماعة، وفيه مصالح؛ لأن إمامتها للنساء فيها فوائد من التعليم والتوجيه، فكل واحدة تتعلم من أخواتها ما تحتاج إليه في صلاتها، ولا سيما إذا كانت الإمامة متعلمة، وقد يكون فيهن أيضا متعلمات فيستفدن جميعا، فصلاتهن جماعة فيها مصالح كثيرة.(12/283)
س: السائلة: م. ع. من الجنوب تقول: سماحة الشيخ، أنا معلمة وأقوم بإمامة الطالبات في الصلاة، ونصلي في ساحة المدرسة، علما بأنها تكون متسخة غير نظيفة؛ وذلك من إفطار الطالبات، ويصلون على بعض البسط، ولكنها تكون أيضا غير نظيفة بالتراب، وقد أخبرنا المدرسة في ذلك، ولكن لم يتم التغيير نظرا لعدم وجود إمكانية في ذلك، فما حكم صلاتنا؟ وما حكم ذلك لصلاة الطالبات مأجورين (1)
ج: لا حرج في ذلك، كونها تؤمهن حتى يتعلمن ويستفدن من صلاتها لا بأس بذلك، ولا بأس بالصلاة على الفرش وإن كانت غير نظيفة ما دام ما فيها نجاسة، ووجود التراب عليها أو بعض الأوراق ما
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (425) .(12/283)
يضر إذا كانت الأرض طاهرة والبسط، ولو كانت فيها بعض الأوساخ يصلى عليها، والطالبات يستفدن من المعلمة إذا صلت بهن، وتكون الإمامة في وسطهن.(12/284)
س: السائلة الأخت: أم أ. ع. تسأل: سماحة الشيخ، أنا فتاة أصلي بأمي في المنزل جماعة، هل يجوز لها ذلك؟ وهل يجوز لي أن أرفع صوتي بالتلاوة حتى تسمع أمي القراءة؟ وهل رفع صوتي بالقراءة في جميع الركعات يجوز لي ذلك (1)
ج: لا بأس أن تصلي بأمها، أو ببناتها جماعة حتى يتعلمن ويستفدن، كل هذا طيب، إن كانت واحدة عن يمينها، وإن كن جماعة السنة أن تكون بينهن، وتصلي بهن حتى يتعلمن ويستفدن، ويرجى لهن فضل الجماعة فلا بأس بهذا، وترفع صوتها بالقراءة في المغرب والعشاء والفجر؛ حتى تسمع أمها ومن معها كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (397) .(12/284)
س: كيف يمكن للنساء أن يصلين في البيت جماعة إذا جاز ذلك (1)
ج: إذا تيسر لهن ذلك فهو أفضل، وقد جاء عن أم سلمة وعائشة
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (348) .(12/284)
أنهما كانتا تصليان بالنساء جماعة فإذا تيسر لصاحبة البيت أن تصلي بأخواتها أو ببناتها أو خادماتها هذا طيب، تكون وسطهن، يصففن عن يمينها وعن شمالها وهي وسطهن، ترفع صوتها بالقراءة والتكبير حتى يتعلمن؛ الجميع ويستفيد الجميع. ونوصي أم البنات إذا كان عندها علم بذلك، وإن كان من البنات من أعلم منها أن يتقدم العالم منهن، أو الأخوات، المقصود يؤمهن أقرؤهن وأعلمهن، وهذا مستحب لما فيه من الفائدة العظيمة والأجر العظيم. والصواب أنه لا بأس به؛ لعموم الأدلة ولفعل عائشة وأم سلمة(12/285)
146 - بيان أفضلية صلاة المرأة إذا دخلت في المسجد تصلي مع الإمام
س: مررت أنا وزوجتي ونحن في السيارة بأحد المساجد، والإمام مقيم للصلاة، فدخلت زوجتي في مصلى النساء، وأنا دخلت مع الرجال، فما هو الأفضل لزوجتي: أن تصلي مع الإمام أي تأتم به، أم تصلي لوحدها (1)
ج: السنة أن تصلي مع الإمام مع النساء الموجودات، تصلي معهم ما
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (365) .(12/285)
أدركت من صلاة الإمام، وما فاتها تقضي، تصلي ما أدركت، وما فات عليها القضاء كالرجل. وإذا كان لم يوجد نساء فهي معذورة تصلي وحدها ما أدركت، ثم تقضي ما فاتها، إذا أدركت مع الإمام ركعتين إذا سلم الإمام تقوم وتقضي ركعتين، إذا كانت الظهر مثلا والعشاء والعصر، وفي المغرب إذا أدركت مع الإمام ركعتين تقوم وتصلي واحدة التي فاتتها من المغرب كالرجل.(12/286)
147 - بيان أن الأفضل للمرأة الصلاة في بيتها
س: تقول هذه السائلة من الأردن: سماحة الشيخ، ما هو الأفضل للمرأة: أن تصلي في البيت، أم في المسجد (1)
ج: أفضل لها في البيت، صلاة المرأة في بيتها أفضل مع الطمأنينة والخشوع، والعناية بالوقت والطهارة، الصلاة في البيت أفضل، وإن صلت مع الرجال متسترة محتشمة لطلب الفائدة وسماع المواعظ وسماع الأحاديث فلا بأس، الرسول نهى أن يمنعن من المساجد، لكن يخرجن وهن متسترات.
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (425) .(12/286)
س: يقول هذا السائل: أيهما أفضل للمرأة: الصلاة في بيتها، أو في المسجد (1)
ج: الصلاة في بيتها أفضل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وبيوتهن
__________
(1) السؤال الحادي والستون من الشريط رقم (425) .(12/286)
خير لهن (1) » وأستر لهن وأبعد عن الفتنة، فالبيت أفضل.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5445) .(12/287)
س: هل فضل صلاة المرأة في بيتها يعدل فضل صلاة الرجل في المسجد (1)
ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة المرأة في بيتها أفضل (2) » لها فضل عظيم، قد يكون مثل المسجد، وقد يكون أفضل، وقد يكون أقل، المقصود أن أفضل صلاتها في البيت، فإذا كان فضلها في البيت أفضل من المسجد معناه: أنه يحصل لها مثل أجر المسجد أو أكثر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة المرأة في بيتها أفضل (3) » فدل على أن الأجر الذي يحصل للرجل في المسجد يحصل لها، أو ما هو أكثر منه؛ لطاعتها الله ورسوله، وقربها لأمر الله ورسوله، فهي على خير عظيم، ولأن بيتها أصون لها وأبعد عن الفتنة، فإذا أطاعت الرسول صلى الله عليه وسلم، وصلت في البيت يرجى لها مثل أجر المصلين في المسجد أو أكثر.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (377) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء للمساجد، باب التشديد في ذلك، برقم (570) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء للمساجد، باب التشديد في ذلك، برقم (570) .(12/287)
س: سائلة تقول: أنا أحب المساجد؛ لأنها بيوت الله، ولكن لا أذهب إليها؛ لأنني امرأة، والمرأة غير مستحب لها ذهابها إلى المساجد، فهل أكون مع السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (1)
ج: يرجى لك ذلك؛ لأنك ذكرت شرعا بأن بيتك أفضل لك، فأنت لولا أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للنساء البيوت لسارعت إلى المساجد لحبك المساجد، فالمعذور كالمريض والمقعد ونحو ذلك إذا كانت نيته الصلاة في المساجد، ويحب الصلاة في المساجد - لولا العذر - فيكون هو مع المصلين في الأجر. وهكذا النساء اللاتي يحببن الصلاة في المساجد، لولا أن الله شرع لهن الصلاة في البيوت فهي مع المحافظين على الصلاة في المسجد في الأجر، وفي كونهن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله؛ لأنهن يفترضن فيه لولا أن الله شرع لهن الصلاة في البيت، ومن أدلة ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل مقيما صحيحا (2) » فأعطاه الله أجر الصائمين وهو لم يصم؛ لأنه منعه المرض والسفر، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (286) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996) .(12/288)
في غزوة تبوك: «إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم» ، قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟ ! قال: «وهم في المدينة، حبسهم العذر (1) » وفي اللفظ الآخر: «المرض (2) » وفي لفظ «إلا شاركوكم في الأجر (3) » وهذا يدل على أن المعذور شرعا من فعل الشيء، وهو يحب أن يفعله - لولا العذر - أنه مع العاملين، وله أجر العاملين.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911) .(12/289)
س: المرأة التي تتخذ سجادة للصلاة في بيتها، هل في ذلك بأس يا شيخ (1)
ج: لا حرج أن تتخذ سجادة أو حصيرا، لا حرج في ذلك، كان النبي له حصير يصلي عليه، عليه الصلاة والسلام، لا بأس.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (399) .(12/289)
148 - حكم قراءة الفاتحة للمأموم
س: حدثونا لو تكرمتم بقول واضح عن حكم قراءة الفاتحة بالنسبة(12/289)
للمأموم (1)
ج: الصواب أن المأموم تلزمه قراءة الفاتحة، ولكنها في حقه دون وجوبها على الإمام والمنفرد، ولهذا ذهب الجمهور إلى أنها لا تجب على المأموم، ولكن تستحب في السرية وفي سكتات الإمام، ولكن الصحيح أنها تلزمه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2) » فهو عام، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف الإمام» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لا يقرأ بها (3) » هذا صريح في أن على المأموم أن يقرأ، وأنه لا صلاة إلا بذلك، لكن لو تركها ناسيا أو جاهلا بالحكم الشرعي فإن صلاته صحيحة؛ لأن وجوبها في حقه ليس كوجوبها في حق الإمام والمنفرد، والدليل على هذا أن الذي أدرك الإمام راكعا تجزئه الصلاة، كما في الحديث عن أبي بكرة الثقفي عند البخاري رحمه الله تعالى (4) فإنه جاء والنبي راكع، فركع دون الصف ثم دخل الصف، ولم يأمره
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (172) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/290)
النبي بالإعادة، فدل على أنها أجزأته الركعة؛ لأنه لم يدرك الوقوف، ولا قراءة الفاتحة فعفي عنه، فالذي نسيها أو جهل الحكم الشرعي، وقلد من لا يوجبها من باب أولى أن يسقط عنه ذلك، كما سقطت الفاتحة عمن أدرك الإمام راكعا؛ لأنه لم يدرك الوقوف، أما من أدرك الوقوف وتمكن من قراءة الفاتحة، وهو يعلم الحكم الشرعي فإنه يلزمه أن يقرأها؛ عملا بالأدلة الشرعية وخروجا من خلاف العلماء رحمهم الله.(12/291)
س: يقول هذا السائل: ما حكم قراءة الفاتحة على المأموم؟ وإذا كانت واجبة فكيف الجمع بينها وبين الإنصات للقرآن؟ لأنني سمعت بعض الإخوة يقول بأنه لا يجوز للإمام السكوت بعد قراءة الفاتحة، بل يواصل القراءة (1)
ج: حكم القراءة للمأموم أنها واجبة، يجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة هذا الصحيح، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنها لا تجب عليه اكتفاء بالإمام، ولكن الصواب أنها تجب عليه في السرية والجهرية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (395) .(12/291)
بها (1) » وهو حديث صحيح رواه أحمد وغيره، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2) » لكنها في حق المأموم واجبة، إذا تركها جاهلا أو ناسيا، أو لم يأت إلا عند ركوع الإمام فركع معه سقطت عنه، كما جاء في حديث أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه؛ أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف ثم دخل في الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم بعد السلام، فقال صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3) » ولم يأمره بقضاء الركعة. أما الإمام والمنفرد فهي ركن في حقهما لا بد منها، فلو تركها الإمام أو المنفرد قراءة الفاتحة بطلت صلاته إذا تعمد ذلك، وإن نسيها في ركعة أتى بركعة بدل التي نسيها منها ويسجد للسهو. أما المأموم فهي واجبة في حقه، لو تركها ناسيا أو جاهلا صحت صلاته؛ لأنه تابع للإمام، والجمع بينها وبين النصوص التي فيها الإنصات أنها خاصة، والنصوص عامة، فيخص منها قراءة الفاتحة.
وأما الإمام فإن سكت بعد الفاتحة فلا بأس، وإن واصل القراءة فلا بأس، لم
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/292)
يثبت في هذا النص، جاء في بعض الأحاديث أنه لا يسكت بعد قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} (1) ، وجاء في بعضها أنه يسكت بعد نهاية القراءة، فإن سكت بعد الفاتحة فلا بأس، وإن واصل القراءة فلا بأس، فالأمر واسع إن شاء الله.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 7(12/293)
س: الأخ: ع. ع. ع. يسأل عن حكم قراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم، حيث يقول: إنه سمع حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) » فعند انتهاء الإمام من قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية هل نقرأ الفاتحة؟ وهل إذا قرأنا الفاتحة، وبدأ في السورة هل نكمل قراءة الفاتحة؟ أم كيف نتصرف؟ جزاكم الله خيرا (2)
ج: عليك أن تقرأ الفاتحة وتجتهد؛ لأن الصحيح أنها تجب على المأموم، وإذا شرع الإمام في القراءة تكمل ولو شرع ثم تنصت لقراءة الإمام، وفي السرية تقرأ الفاتحة وما تيسر معها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف الإمام؟ قلنا: نعم.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(2) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (175) .(12/293)
قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1) » فتجمع بين الأمرين؛ تنصت لقراءة إمامك، وتقرأ الفاتحة ولو كان يقرأ إذا كان لم يسكت سكوتا يكفي.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/294)
149 - حكم قراءة المأموم للفاتحة أثناء قراءة الإمام
س: ما حكم قراءة المأموم الفاتحة أثناء قراءة الإمام؟ وماذا يعمل إذا شرع الإمام في قراءة السورة التي بعد الفاتحة؟ هل تجب عليه قراءة الفاتحة أثناء قراءة الإمام، أم ينصت للإمام، ويكفي قراءة الإمام للفاتحة عن قراءته هو (1)
ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم على أقوال ثلاثة: فمن أهل العلم من قال: إن الإمام يتحمل الفاتحة ولا يلزم المأموم القراءة مطلقا، لا في السرية ولا في الجهرية. والقول الثاني: أن على المأموم أن يقرأ مطلقا في السرية والجهرية. والقول الثالث: أنه يقرأ في السرية دون الجهرية. والأرجح من الأقوال الثلاثة أنه يقرأ مطلقا فيها جميعا؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (42) .(12/294)
الكتاب (1) » ولأنه صلى الله عليه وسلم قال: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » هذا يدلنا على أن المأموم يقرأ في الجهرية والسرية جميعا، وإذا شرع الإمام في القراءة وهو لم يقرأ فإنه يقرأ سرا، ثم ينصت ولو كان الإمام يقرأ، أو قرأ بعض الفاتحة، ثم شرع إمامه في السورة فإنه يكمل قراءة الفاتحة، ثم ينصت لإمامه، والحاصل أن المأموم يقرأ الفاتحة مع إمامه، أو قبله أو بعده، لكن إذا كان الإمام له سكتة فإن المأموم يقرؤها في السكتة؛ حتى ينتهزها فرصة لذلك ليستمع لقراءة إمامه ولا يدع القراءة، بل يقرأ ولا بد، ثم ينصت لبقية القراءة، وهذا مستثنى من قوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا قرأ فأنصتوا (3) » ومن عموم قوله جل وعلا: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (4) ، هذا مستثنى منه الفاتحة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404) .
(4) سورة الأعراف الآية 204(12/295)
س: ما حكم قراءة الفاتحة في صلاة الجماعة في الركعة الثالثة والرابعة بالنسبة للمأموم إذا لم يعط الإمام للمأموم وقتا لتكملة الفاتحة (1)
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (157) .(12/295)
ج: الواجب على المأموم أن يبادر من حين يقف يقرأ الفاتحة في الثالثة والرابعة، كما يقرؤها في الأولى والثانية، ولا يتساهل يقرؤها قراءة متصلة حتى لا تفوته، وعليه أن يبادر فإذا كبر الإمام ولم يكملها كملها إذا كان الباقي قليلا، كالآية والآيتين كملها، ثم ركع فإن خاف أن يفوته الركوع ركع وسقط عنه بقية الفاتحة؛ لأنه مأموم، مثل: لو جاء والإمام راكع ركع معه وسقطت عنه الفاتحة، كما في حديث أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف وكمل الصلاة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (1) » ولم يأمره بقضاء الركعة، فالمأموم أسهل من الإمام والمنفرد، إذا أدرك الفاتحة قرأها، وإن فاتته لكونه لم يأت إلا والإمام راكع، أو عند الركوع، أو كان الإمام سريع القراءة، فركع قبل أن يتمها، ولم يتيسر له تمامها أجزأه ذلك والحمد لله، هذا هو الصواب.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/296)
س: في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) » ، فهل تبطل صلاة المأموم إذا لم
__________
(1) صحيح البخاري الأذان (756) ، صحيح مسلم الصلاة (394) ، سنن النسائي الافتتاح (911) ، سنن أبي داود الصلاة (822) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837) ، مسند أحمد (5/314) .(12/296)
يقرأ الفاتحة، وخاصة في صلاة الفجر (1)
ج: الواجب على الجميع قراءة الفاتحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2) » لكن المأموم إذا فاته القيام جاء والإمام راكع أجزأته الركعة والحمد لله، أو نسي القراءة، أو جهل الحكم فصلاته صحيحة للعذر الشرعي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكرة لما جاء والإمام راكع، فركع من دون الصف ثم دخل في الصف، ولم يأمره بقضاء الركعة، بل قال: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3) » أي: لا تعد إلى الركوع دون الصف، بل اصبر حتى تدخل في الصف. ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل على أن من جاء والإمام راكع أو عند الركوع معذور إذا لم يقرأ الفاتحة؛ لأنه لم يبق له وقت، وهكذا لو جهل الحكم الشرعي، أو نسي قراءتها فإن صلاته صحيحة. أما الإمام فلا بد من قراءتها، فلا تسقط عنه، وكذلك المنفرد لا بد من قراءتها، وإذا نسيها في أي ركعة أتى بركعة بدلا من الركعة التي نسي فيها الفاتحة وسجد للسهو.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (320) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/297)
س: يقول السائل: إذا كنت مأموما في صلاة جهرية فمتى أقرأ الفاتحة وما يتيسر من القرآن؟ هل أقرأ والإمام يقرأ؟ أم ماذا أعمل (1)
ج: إذا كان له سكوت تقرأ في حال السكوت، وإن كان ما له سكوت تقرأ ولو يقرأ، تقرأ الفاتحة ثم تنصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «2 لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » هذا الحديث الصحيح يدل على أن المأموم يقرأ الفاتحة، وينصت بعدها في الجهرية، وإذا كان للإمام سكتة بعد الفاتحة قرأت في حال السكوت، أما إن كان ما له سكتة تقرأ، وإن كان يقرأ تقرأ الفاتحة ثم تنصت، وإذا كان في السرية كالظهر والعصر تقرأ زيادة مع الفاتحة في الأولى والثانية؛ تقرأ ما تيسر.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (412) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/298)
150 - حكم قراءة الفاتحة في كل ركعة
س: السائل: ي. ق. يقول: بالنسبة لقراءة الفاتحة في كل ركعة هل هي واجبة؟ وهل يغني عنها شيء؟ وإذا لم يترك الإمام فرصة لقراءتها هل يتحمل ذلك مأجورين (1)
الواجب أن تقرأ في كل ركعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (420) .(12/298)
صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) » «لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن (2) » «لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب (3) » ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها في كل ركعة، ويقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (4) » والمأموم يقرؤها ولو لم يسكت إمامه، يقرؤها في كل ركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (5) » يقرؤها المأموم، وإن كان إمامه لا يسكت يقرأها، يقرؤها بينه وبين نفسه ثم يسكت ثم ينصت.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث رجل من أهل البادية رضي الله عنه، برقم (20217) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة برقم (631) .
(5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/299)
151 - حكم سكتة الإمام بعد الفاتحة
س: يقول السائل: ما حكم السكتة اللطيفة من بعض الأئمة بعد الفاتحة حتى يعطي فرصة لقراءة الفاتحة (1)
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (413) .(12/299)
ج: لا بأس، الأمر واسع، إن سكت فلا بأس، وإن لم يسكت فلا بأس، يقرؤها سواء سكت الإمام أو ما سكت الإمام، والإمام مخير إن سكت فحسن، وإن لم يسكت فلا حرج؛ لأن الأحاديث التي في السكتة ليست واضحة، وليس هناك حديث صحيح يدل على السكتة، والمقصود بالسكتة يعني بعد الفاتحة، أما السكوت بعد تكبيرة الإحرام هذا سنة، يسكت حتى يأتي بالاستفتاح، كان النبي يأتي بالاستفتاح بعد التكبيرة؛ التكبيرة الأولى تكبيرة الإحرام، ثم بعد هذا يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويسمي بينه وبين نفسه، ثم يقرأ الفاتحة في الجهرية جهرا وسرا في السرية، والمأموم كذلك يستفتح أيضا بعد تكبيرة الإحرام قبل أن يشرع إمامه في القراءة.(12/300)
س: عند صلاة الجماعة الإمام يقرأ سورة الفاتحة، ويدع لنا فرصة لكي نقرأها نحن أيضا، ولكنه بعد قليل يبدأ في السورة الصغيرة ولم نكمل بعد. سؤالي هنا: هل نكمل الفاتحة بسرعة، أم نسكت ولا نكمل لكي نستمع إليه؟ جزاكم الله خيرا. وهل يكون جائزا ألا نقرأها من بعده ولو جعل لنا فرصة؛ لأنه هو قد قرأها عنا (1)
ج: الواجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة في السرية والجهرية في
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (282) .(12/300)
أصح أقوال العلماء، قال بعض أهل العلم: إنه لا يقرأ في الجهرية ويقرأ في السرية. وقال بعضهم: لا قراءة عليه لا في السرية ولا في الجهرية، بل يتحملها الإمام. وكلا القولين ضعيف، والصواب أنه يقرأ في السرية والجهرية، في السرية يقرأ الفاتحة ويقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر، وفي الجهرية كالعشاء والمغرب والفجر والجمعة، يقرأ فقط بالفاتحة ثم ينصت لإمامه، فإن كان الإمام في السكوت قرأ في سكتة إمامه، وإن بدأ الإمام القراءة ولم يكمل كملها ثم أنصت، ولو كان الإمام لا يسكت فإنه يقرؤها بينه وبين نفسه ثم ينصت لإمامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1) » هذا صريح في أن المأموم يقرأ الفاتحة خلف الإمام في جميع الصلوات، لكن لو سبق بأن جاء والإمام في الركوع أجزأته الركعة وسقطت عنه الفاتحة؛ لأنه لم يدرك القيام، وهكذا لو نسي أو كان جاهلا بالحكم صلاته صحيحة؛ لأن الفاتحة في حق المأموم واجبة، تسقط بالسهو والجهل بخلاف الإمام والمنفرد فإنها ركن في حقهما، لا بد منها ولا تسقط لا بالسهو
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/301)
ولا بالجهل، لا بد منها، أما المأموم تسقط عنه بالسهو وبالجهل، وهكذا لو لم يدرك القيام جاء والإمام راكع سقطت عنه عند جمهور أهل العلم، وأجزأته الركعة.(12/302)
س: إذا كنا في صلاة جهرية، وقرأ الإمام في الركعة الأولى الفاتحة، وبعد أن انتهى من قراءة الفاتحة لم يسكت بعد الفاتحة، بل واصل فهل في حق المأموم أن يقرأ الفاتحة، أم ينصت إلى الإمام؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: يقرأ إذا كان ما قرأها يقرؤها، ولو كان الإمام يقرأ فعليه أن يقرأ الفاتحة ثم ينصت؛ لأن الفاتحة واجبة عليه على الصحيح. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » ومن هنا أخذ الوجوب، فيقرأ الفاتحة، ولكن إذا كان هناك سكوت للإمام طويل يقرأ في السكوت، أما إذا كان الإمام لا يسكت، أو سكوت قليل فإنه يقرأ الفاتحة ويكمل، ولو مع قراءة إمامه ثم ينصت.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (278) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/302)
س: الأخ: ع. س. يسأل ويقول: إذا قرأ الإمام سورة الفاتحة جهرا وانتهى منها، وبدأ في قراءة سورة بعدها فهل يجوز للمأموم أن(12/302)
يقرأ سورة الفاتحة (1)
ج: نعم الواجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن القراءة لا تجب على المأموم، ولكن الصواب أنها تجب عليه، والواجب عليه أن يأتي بها فقط، ولو كان الإمام يقرأ ما سكت يقرؤها ثم ينصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2) » متفق على صحته. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (3) » هذا هو الصواب، إلا إذا لم يدرك الإمام عند القيام أدركه في الركوع أو عند الركوع، ما تمكن من القراءة فإن الصواب أنه يعفى عنه في هذه الحالة، وتجزئه الركعة.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (139) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/303)
س: هل تجوز قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟ علما بأن الإمام لا يترك فرصة للمأمومين بقراءتها، بل يبدأ بقراءة القرآن بعد انتهاء المؤتمين من قول: آمين. مباشرة، فما الحكم (1)
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (79) .(12/303)
ج: نعم يقرأ المأموم الفاتحة وإن كان الإمام يقرأ لأنه مأمور بذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) » متفق عليه. ويقول صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » فعلى المأموم أن يقرأ بها، إن كان الإمام سكت فيقرؤها في حال سكوته، وإن قرأ يقرأها وإن كان يقرأ الإمام ثم ينصت؛ عملا بالأحاديث كلها، فينصت بعد قراءتها ولا حرج عليه في ذلك، وهذا هو الصواب. قال بعض أهل العلم: إنها تسقط عنه. واحتجوا بحديث ضعيف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كان له إمام فقراءته له قراءة (3) » لكنه حديث ضعيف عند أهل العلم. والصواب: أنه يقرأ المأموم في حال سكتات الإمام إن سكت، وإلا فليقرأ وإن كان يقرأ الإمام ثم ينصت. هذا هو المختار وهذا هو الصواب.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، برقم (14233) .(12/304)
س: يقول السائل: إذا كنت مأموما في الصلاة الجهرية، وكان الإمام لا(12/304)
يتوقف بين قراءة الفاتحة والسورة التي بعدها فهل أقرأ الفاتحة أثناء قراءة الإمام، أم أنصت له (1)
ج: عليك أن تقرأ الفاتحة ولو ما سكت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: «لعلكم تقرؤون خلف الإمام» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » فالواجب على المأموم أن يقرأها، وإن استمر إمامه بالقراءة يقرأ الفاتحة ثم ينصت، فإن كان جاهلا أو ناسيا صحت صلاته؛ المأموم خاصة، أما الإمام والمنفرد فلا بد من الفاتحة، ولا تصح صلاته بدون ذلك لا ناسيا ولا جاهلا، أما المأموم فهو أسهل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما دخل أبو بكرة والنبي راكع ركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3) » ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل على أن المأموم إذا جاء والإمام راكع تجزئه الركعة قد فاتته القراءة، وهكذا لو جهل أو نسي ولم يقرأ مع الإمام كفته قراءة الإمام، لكن لا يتعمد تركها.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (418) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/305)
152 - بيان أقوال العلماء في قراءة الفاتحة للمأموم
س: إذا قرأ الإمام في الصلاة الجهرية بالفاتحة، ثم أتبعها بسورة، ولم يترك بينهما وقتا فهل أقرأ أنا الفاتحة، أم أسكت؟ وإذا فصل بين الفاتحة والسورة وقرأت أنا، ولكن المدة لم تكف، وقرأ هو السورة وأنا ما زلت في الفاتحة فهل أكمل الفاتحة، أم أسكت (1)
ج: الواجب قراءة الفاتحة مطلقا سواء سكت الإمام أم لم يسكت الإمام، إن سكت شرع للمأموم أن يقرأها في سكتته حتى يجمع بين القراءة وبين الإنصات، ولو قرأت ثم بدأ يقرأ وأنت لم تكمل كملتها، فإن لم يسكت تقرأ وإن كان يقرأ، ثم تنصت بعد ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » هذا نص صريح في أمر المأموم بقراءتها مطلقا في الجهرية والسرية، وهكذا لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (3) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاة لم يقرأ
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (223) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .(12/306)
فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، فهي خداج (1) » يعني غير تمام. فالواجب على المأموم في أصح أقوال أهل العلم أن يقرأ في السرية والجهرية، والعلماء لهم أقوال ثلاثة: أحدها: أنه لا يقرأ مطلقا لا في السرية ولا في الجهرية، بل تسقط عنه بقراءة الإمام. والقول الثاني: يقرأ في السرية دون الجهرية؛ لعموم قوله جل وعلا: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (2) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا قرأ فأنصتوا (3) » والقول الثالث: أنه يقرأ في السرية والجهرية؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (4) » ولقوله أيضا عليه الصلاة والسلام: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (5) » فهذا حديث صحيح يدل على أن المأموم يقرأ في السرية والجهرية الفاتحة خاصة، ثم ينصت، إذا كان في جهرية ينصت لإمامه، أما
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (395) .
(2) سورة الأعراف الآية 204
(3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/307)
السرية فيقرأ زيادة ولا حرج؛ لأنه ليس هناك قراءة ينصت لها، أما قوله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (1) فهذا من العام المخصوص، والسنة تخصص القرآن، هذه آية مخصوصة بغير الفاتحة، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا قرأ فأنصتوا (2) » هذا عام مخصوص بالفاتحة، والقاعدة الكلية أن السنة تخصص الكتاب، وأن الأحاديث يخصص بعضها بعضا، هذه قاعدة معلومة عند أهل الأصول، وعند أهل المصطلح، فإذا تعارضت النصوص وجب تخصيص العام بالخاص، ووجب تقييد المطلق بالمقيد، وهذا أمر معلوم عند أهل العلم، والله ولي التوفيق.
__________
(1) سورة الأعراف الآية 204
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404) .(12/308)
س: هل إذا شرع الإمام في قراءة السورة التي بعد الفاتحة، هل يجوز لي أن أقرأ الفاتحة وهو يقرأ ما تيسر من القرآن (1)
ج: نعم لك أن تقرأ الفاتحة، فإذا تيسر أن تقرأها في حال السكوت فهو أولى، فإذا كان لا يسكت، أو لم يتيسر لك أن تقرأها فاقرأها ولو كان يقرأ، ثم تنصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (335) .(12/308)
تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1) » فإذا تمكنت من قراءتها في حال السكوت فافعل، وإلا فاقرأها ثم أنصت، لكن من نسيها من المأمومين، أو جهل حكمها، أو جاء والإمام راكع تجزئ الركعة والحمد لله؛ لأنها من حق المأموم التي تسقط عنه بخلاف الإمام والمنفرد، فإنها ركن في حقهما، أما في حق المأموم فهي سنة عند بعض العلماء، والصحيح أنها واجبة في حق المأموم، لكن إذا نسي أو جهل سقطت عنه، أو جاء والإمام راكع ما أمكنه قراءتها أجزأته الركعة؛ لحديث أبي بكرة الذي جاء والنبي عليه الصلاة والسلام راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (2) »
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/309)
153 - حكم صلاة الإمام الذي لا يطمئن في صلاته
س: ما حكم صلاة الإمام الذي يسرع في صلاته؛ بحيث لا يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة؟ فهل صلاته صحيحة أم لا (1)
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (18) .(12/309)
ج: الواجب على الإمام وعلى المنفرد وعلى المأموم الطمأنينة، فالطمأنينة من أركان الصلاة العظيمة، فلا يجوز للمؤمن أن يتساهل في صلاته سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا؛ لما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للمسيء صلاته: «اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (1) » وكان عليه الصلاة والسلام إذا ركع اطمأن حتى يعود كل فقار مكانه، وإذا رفع اعتدل؛ استوى حتى يعود كل فقار مكانه، وإذا سجد استوى واعتدل حتى يعود كل فقار مكانه، وإذا رفع وجلس بين السجدتين اعتدل حتى يعود كل فقار مكانه، هذا هو الواجب، فالإمام الذي يسرع في الصلاة ولا يطمئن لا تصح صلاته، بل تكون باطلة، فالواجب أن ينبه، فإن استقام وإلا يجب عزله ولا يصلى خلفه، لا بد أن يطمئن، ويجب أيضا أن يأتي في الركوع بالتسبيح، يقول في الركوع: سبحان ربي العظيم. والواجب مرة، والأفضل أن يكررهن ثلاثا أو أكثر، خمسا أو ستا أو سبعا، هذا هو الأفضل، وأقل الكمال ثلاث
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، برقم (6251) .(12/310)
مرات، يأتي بها في الطمأنينة: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. فإذا زاد جعلها خمسا أو سبعا كان أفضل، والواجب مرة وهكذا في السجود: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. أقل الكمال ثلاث، والواجب مرة، وإذا زاد وجعلها خمسا أو سبعا أو عشرا كان أفضل، ويستحب أن يدعو في السجود أيضا، ويجتهد في الدعاء كما جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام. أما الإسراع والنقر فهذا لا يجوز مطلقا، بل هو يبطل الصلاة. نسأل الله العافية.(12/311)
154 - حكم قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية
س: هل قراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم في الصلاة الجهرية جائزة أم لا؟ وهل إذا سكت الإمام بعد قراءة الفاتحة يقرأ المأمومون؟ وإذا لم يسكت هل عليه الاستماع أم القراءة؟ وعلى حسب علمي أن السكتة بعد الفاتحة قصيرة جدا، لا تسع أن يقرأ المأمومون فيها الفاتحة، فهل إذا أطالها الإمام لكي يقرؤوا تعتبر هذه بدعة أم لا؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (178) .(12/311)
ج: القراءة في حق المأموم، يعني قراءة الفاتحة تنازع العلماء فيها، فأكثر أهل العلم يقولون: إنها سنة في حق المأموم، لا واجبة. وقال آخرون من أهل العلم: إنها واجبة. كالشافعي رحمه الله والبخاري وجماعة، وهذا القول هو الصواب لظاهر الأدلة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) » متفق عليه. ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » خرجه الإمام أحمد وجماعة بإسناد جيد. فهذا الحديث صريح بأنها تجب على المأموم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (3) » هذا صريح في أنها تجب على المأموم، لكن وجوبها عليه أخف من الإمام والمنفرد، ولهذا لو أدرك الإمام في الركوع أجزأه الركوع وأجزأته الركعة، وسقطت عنه الفاتحة لفوات القيام، ومثل ذلك لو سها عنها أو تركها تقليدا أو اجتهادا فإنها تسقط عنه من أجل شبهة الاجتهاد والتقليد، أو النسيان، كما تسقط
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/312)
عنه إذا لم يدرك القيام، وإنما أدرك الركوع في أصح قولي العلماء، كما قاله الجمهور رحمهم الله.(12/313)
س: يقول السائل: هل أقرأ الفاتحة خلف الإمام أم لا (1)
ج: الواجب أن تقرأها خلف الإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » هذا يدلنا على أنه يقرأ خلف الإمام الفاتحة ثم ينصت، ولا يقرأ زيادة عليها إلا في السرية كالظهر والعصر، يقرأ زيادة في الأولى والثانية على الفاتحة؛ لأنه لا يسمع شيئا، أما في المغرب والعشاء والفجر فإنه يكتفي بالفاتحة، ولا يزد عليها، بل يستمع لقراءة إمامه، فإن جاء متأخرا ولم يدرك إلا الركوع أجزأه ذلك - والحمد لله - على الصحيح عند جمهور أهل العلم، وهكذا لو ترك الفاتحة جهلا منه وهو مع الإمام، أو ناسيا أجزأته الركعة، كالذي جاء والإمام راكع، ويجزئه ذلك للعذر الشرعي، فهي في حقك واجبة بخلاف الإمام والمنفرد، فهي ركن بحقهما، أما في حق المأموم فوجوبها أسهل؛ ولهذا لم يأمر النبي صلى الله
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (255) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/313)
عليه وسلم من أدرك الإمام راكعا أن يقضي الركعة، بل قال: «زادك الله حرصا، ولا تعد (1) » لما ركع دون الصف، ثم دخل في الصف خوفا أن تفوته الركعة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/314)
155 - ذكر اختلاف العلماء في قراءة الفاتحة خلف الإمام
س: السائل: ط. أ. من غانا غرب أفريقيا يقول: اختلف العلماء في بلادنا عند قراءة الفاتحة خلف الإمام، فإن منهم من قال بأنها تجوز، ويستدلون بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) » . وهي أم القرآن؛ أم الكتاب. وقال بعضهم: لا يجوز. ويستدلون بقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (2) . ما هو الأصح من الأدلة في ذلك (3)
ج: المسألة فيها خلاف بين العلماء؛ بعض أهل العلم يقولون: قراءة الإمام قراءة للمأموم ويكفي، ولا تلزمه القراءة لا الفاتحة ولا غيرها، ويكفيه قراءة الإمام. والقول الثاني: أنه لا بد من الفاتحة. وهذا هو الصواب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف
__________
(1) صحيح البخاري الأذان (756) ، صحيح مسلم الصلاة (394) ، سنن النسائي الافتتاح (911) ، سنن أبي داود الصلاة (822) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837) ، مسند أحمد (5/314) .
(2) سورة الأعراف الآية 204
(3) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم (420) .(12/314)
إمامكم» ، قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1) » فنص النبي على أن المأموم يقرأ الفاتحة ثم ينصت، وفي السرية يقرؤها وما تيسر معها، وفي الجهرية يقرؤها ثم ينصت، هذا هو القول الصواب.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/315)
156 - حكم صلاة من ترك قراءة الفاتحة خلف الإمام جهلا
س: السائل: م. م. مقيم بجدة، يقول: عندما كنت في صلاة الجمعة قال الإمام: يجب على المأموم إذا قرأ الإمام أن ينصت لقراءته، وحتى وإن لم يقرأ الفاتحة. وبالفعل صليت عدة صلوات ليست بالكثيرة، وذلك بدون قراءة الفاتحة، وبالذات عندما لا يعطي الإمام فرصة ويقرأ مباشرة بعد الفاتحة، فأنصت له، فسألت في الأمر فعرفت أنه يجب علي أن أقرأ الفاتحة، فهل علي شيء في الصلوات الفائتة التي لم أقرأ فيها الفاتحة (1)
ج: اختلف العلماء في هذا، فجمهور أهل العلم يرون أن الفاتحة لا تجب على المأموم، وأن الإمام يقوم بذلك عنه ويكفي. والقول الثاني: أنه
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (413) .(12/315)
لا بد من قراءة الفاتحة. وهو الصواب، الصواب أنه لا بد أن يقرأ المأموم الفاتحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» ، قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » فالواجب على المأموم أن يقرأها ولو ما سكت الإمام، يقرؤها ثم ينصت هذا هو الواجب، لكن من تركها جاهلا؛ لأنه أفتوه بعض أهل العلم بأنه يتركها، أو تركها ناسيا فصلاته صحيحة، وليس عليه قضاء، ليس عليك قضاء؛ لأنك تركتها من أجل ما سمعت من بعض أهل العلم. وهكذا لو تركها المأموم ناسيا ليس عليه قضاء، وهكذا لو جاء المأموم والإمام راكع، وعند الركوع فإنه يركع معه، وتسقط عنه الفاتحة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/316)
س: هل أقرأ سورة الفاتحة إذا كنت مأموما، أم لا؟ لأن بعض العلماء يقولون: يجب الاستماع والإنصات للقرآن الكريم والفاتحة أولى؛ لأن الفاتحة أم القرآن، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1) .
__________
(1) سورة الأعراف الآية 204(12/316)
فوجب الاستماع والإنصات، سواء في الصلاة أو في غير الصلاة؛ لأن الذي يقول: آمين. كأنه يدعو، مثل قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} (1) ، وهارون عليه السلام كان يقول: آمين. فقط. وبعض العلماء يقولون: يجب قراءة الفاتحة للإمام وللمأموم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2) » . ما هو التطبيق بين القرآن والحديث؟ أفيدونا بأدلة كاملة، جزاكم الله خيرا؛ لأن الأولين يقولون: حديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (3) » للإمام والمنفرد فقط، لا للمأموم (4)
ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم رحمهم الله، فمنهم من قال: إن المأموم ليس عليه قراءة الفاتحة. كما أخبرك هؤلاء الذين أخبروك، وقالوا: إن عليه أن ينصت في حال الجهرية، وأنه يتحمل عنه الإمام القراءة، حتى في حال السرية. وبعض آخر من أهل العلم قالوا: إنه يقرأ في حال السر، ولا يقرأ في حال الجهر، بل يستمع وينصت
__________
(1) سورة يونس الآية 89
(2) صحيح البخاري الأذان (756) ، صحيح مسلم الصلاة (394) ، سنن النسائي الافتتاح (911) ، سنن أبي داود الصلاة (822) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837) ، مسند أحمد (5/314) .
(3) صحيح البخاري الأذان (756) ، صحيح مسلم الصلاة (394) ، سنن النسائي الافتتاح (911) ، سنن أبي داود الصلاة (822) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837) ، مسند أحمد (5/314) .
(4) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (205) .(12/317)
للآية الكريمة التي تلوت؛ وهي قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1) ، ولحديث: «إذا قرأ فأنصتوا (2) » والقول الثالث: أنه يلزمه أن يقرأ بالفاتحة في السرية والجهرية جميعا للحديث الذي ذكرت؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (3) » ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (4) » خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وجماعة بإسناد جيد وله شواهد. وهذا القول أصح الأقوال الثلاثة؛ وهو أن المأموم يقرأ بالفاتحة في السرية والجهرية مع إمامه، ثم ينصت، ويكون هذا الحديث وما جاء في معناه مخصصا للآية الكريمة: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (5) ، هي عامة والحديث
__________
(1) سورة الأعراف الآية 204
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .
(5) سورة الأعراف الآية 204(12/318)
يخصها، والقاعدة الشرعية: أن الخاص يقضي على العام ويخصه، وبهذا تعلم أنه لا معارضة بين الحديث والآية، الآية عامة والحديث بقراءة الفاتحة للمأموم خاص، والخاص يحكم به على العام، ويقضى به على العام، فنصيحتي لك ولكل مسلم أن يقرأ خلف الإمام الفاتحة مطلقا في الجهرية والسرية، ثم ينصت بعد قراءة الفاتحة لإمامه، وإذا كان للإمام سكوت قرأ في حال السكوت، وإن كان ما له سكوت قرأ ولو كان إمامه يقرأ، وإذا فرغ من الفاتحة أنصت لإمامه، وفق الله الجميع.(12/319)
157 - حكم قراءة السورة بعد الفاتحة للمأموم في الصلاة السرية
س: نظرا للسرعة المفرطة التي يؤدي بها بعض الأئمة الصلاة، غالبا ما يضطر الإنسان معهم إلى عدم قراءة السورة بعد الفاتحة في الصلاة السرية، فهل أعيد الصلاة بعد مثل هؤلاء، والصلاة معهم ينقصها الخشوع والاطمئنان (1)
ج: الواجب على الأئمة أن يتقوا الله، وأن يطمئنوا في صلاتهم في ركوعهم وسجودهم، وأن يرتلوا القراءة، ويطمئنوا في القراءة،
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (46) .(12/319)
حتى يؤدوا كلام الرب في عبارة واضحة، وألفاظ واضحة، هذا الواجب على الأئمة؛ أن يجتهدوا في الطمأنينة والخشوع في الصلاة؛ حتى يستفيدوا ويستفيد من خلفهم، وحتى يؤديها كما شرع الله، وقد قال الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته أن يطمئن، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا (3) » الحديث. فالواجب على الأئمة أن يعنوا بهذا الأمر، وأن يطمئنوا في ركوعهم وسجودهم، وبعد الركوع وبين السجدتين، وأن يعنوا بالقراءة، أن يقرؤوا قراءة واضحة بينة، ليس فيها خفي ولا إسقاط شيء من الحروف، وأن يمكنوا من وراءهم من قراءة سورة بعد الفاتحة، وإن كانت غير واجبة، لكن أفضل في السرية، يقرأ المأموم الفاتحة وما تيسر معها مع إمامه، والإمام كذلك يقرأ سورة مع الفاتحة، أو آيات في السرية وفي الجهرية، لكن في السرية يقرأ المأموم زيادة على الفاتحة، وفي الجهرية تكفي الفاتحة،
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 1
(2) سورة المؤمنون الآية 2
(3) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، برقم (6251) .(12/320)
وينصت لإمامه في الجهرية، تكفيه الفاتحة لكنه في السرية يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، فإذا لم يتمكن المأموم أن يقرأ مع الفاتحة شيئا؛ لأن الإمام استعجل فلا يضره، ذلك لأن الواجب الفاتحة، وما زاد عليها ليس بواجب، فلا يضر هذا بالصلاة ولا يبطلها، ولكن يجب أن يعتني بالركوع والسجود؛ من جهة الطمأنينة وبين السجدتين وبعد الركوع كذلك، هذه أمور عظيمة وفريضة لا بد فيها من الطمأنينة والاعتدال الكافي، أما القراءة الزائدة على الفاتحة فليس بواجب، وإنما هو سنة، فإن تيسر فهو الأفضل للإمام والمأموم، وإن لم يتيسر صار نقصا لا يضر الصلاة، ولا يبطلها.(12/321)
158 - بيان ما يفعله المأموم إذا ركع إمامه قبل أن يكمل الفاتحة
س: إذا جاء إنسان والإمام والمأمومون ما زالوا قائمين في الصلاة، وكبر تكبيرة الإحرام، وعندما قرأ ثلاث آيات من سورة الفاتحة ركع الإمام فهل يركع أم يكمل السورة؟ علما بأنه إذا أكملها سوف يتأخر عن الإمام والمصلين في الركوع والسجود (1)
ج: الواجب على المأموم متى وصل إلى الإمام وهو في الصلاة
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (188) .(12/321)
الدخول معه في الصلاة، فإذا دخل معه في الصلاة وهو قائم قرأ، ويستحب له أن يستفتح ثم يتعوذ ثم يسمي ثم يقرأ الفاتحة، فإن أمكنه إكمالها فالحمد لله، وإن لم يمكنه ركع مع إمامه ولم يكملها، وإمامه يقوم مقامه في هذه الحالة، ولا يلزمه الإكمال كما لو جاء والإمام راكع، فإنه يركع معه، وتجزئه الركعة على الصحيح، ويسقط عنه واجب القراءة لما فاته القيام، هذا هو الذي عليه جمهور الأئمة من الأئمة الأربعة وغيرهم؛ لحديث أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه؛ أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بعدما سلم:
«زادك الله حرصا، ولا تعد (1) » المعنى: لا تعد إلى الركوع دون الصف. ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل ذلك على سقوط القراءة عنه؛ لأنه فاته محلها، وهكذا الذي جاء والإمام واقف قبل أن يركع، لكن لم يمكنه أن يكمل الفاتحة فإنه يركع معه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا ركع فاركعوا (2) » فهو مأمور بمتابعة إمامه، أما إذا ما بقي منها إلا آية،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412) .(12/322)
أو آيتان فيمكنه أن يقرأهما فليقرأهما، الحاصل أنه إذا أمكنه أن يكملها كملها وإلا ركع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا ركع فاركعوا (1) » ، ويسقط عنه ما بقي من الفاتحة؛ لأنه مأمور بالمتابعة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412) .(12/323)
س: يقول السائل: م. ع. يقول: هل المأموم يقرأ القرآن عند الصلاة (1)
ج: المأموم يقرأ الفاتحة في الجهرية، أما في السرية يقرأ الفاتحة وما تيسر معها في الظهر والعصر، ويقرأ في الثالثة من المغرب الفاتحة، وفي الثالثة والرابعة من الظهر والعصر يقرأ الفاتحة.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (393) .(12/323)
س: الذين يقولون: إن قراءة الإمام الفاتحة قراءة للمأموم. ما رأيك فيما يقولون سماحة الشيخ (1)
ج: هذا يقوله الأكثرون، لكنه ضعيف، يقول الأكثرون إن قراءة الإمام تكفي، وإنه يكفي عن المأموم، ولكنه قول ضعيف، يحتج بحديث رواه بعض الأئمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كان له إمام فقراءته له قراءة (2) » لكنه ضعيف عند أهل العلم، والصواب أنه يقرأ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (252) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، برقم (14233) .(12/323)
بفاتحة الكتاب (1) » ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » فالمأموم يقرأ بها، لكن لو فاتته بأن نسي ولم يقرأ، أو جهل يحسب أنه لا قراءة عليه صلاته صحيحة، أو ما جاء إلا والإمام راكع أجزأته الركعة على الصحيح؛ لأنها في حق المأموم أسهل، ولكنها في حق الإمام والمنفرد ركن لا بد منه، أما المأموم فالأمر فيه أسهل، ولهذا الأكثرون يرونها غير واجبة على المأموم الفاتحة، لكن الأصح أنها تجب عليه مع العلم ومع الذكر، فلو نسي أو جهل سقطت، أو جاء والإمام راكع، ما أمكنه أن يقرأها قبل الركوع فإنه يجزئه ذلك؛ لأنه ثبت في حديث أبي بكرة رضي الله عنه (3) أنه أتى والإمام راكع، فركع معه ولم يأمره بقضاء الركعة عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/324)
159 - حكم قراءة المأمومين الفاتحة أثناء قراءة الإمام
س: سماحة الشيخ، أكثر ما يسأل الناس عن قراءة الفاتحة إذا شرع(12/324)
الإمام في القراءة، وهم لم يتمكنوا بعد من قراءة الفاتحة، هل يقرؤون ولو كان الإمام يقرأ (1)
ج: نعم، يقرؤون سرا ثم ينصتون، إلا إذا كان له سكتة طويلة يعرفون أنه يسكت يؤجلون القراءة حتى يسكت، ثم يقرؤون في السكتة. أما إذا كان الإمام ما له سكتة فإنهم يقرؤون ولو كان يقرأ ثم ينصتون؛ عملا بالأدلة الشرعية.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (252) .(12/325)
160 - حكم ترك التأمين بعد قراءة الإمام " ولا الضالين "
س: هل صحيح أن المأموم في الصلاة الجهرية لا يقرأ الفاتحة خلف إمامه، ولا يؤمن بعد إتمام الإمام الفاتحة حسب المذهب الحنفي؟ إذا كان الأمر كذلك فماذا عليه أن يفعل (1)
ج: المذهب الحنفي هنا مرجوح، والصواب مع الجمهور؛ أن المأموم يؤمن مع إمامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمن الإمام فأمنوا (2) » وفي لفظ آخر: «إذا قال الإمام:
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (53) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب جهر الإمام بالتأمين، برقم (780) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التسبيح والتحميد والتأمين برقم (410) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب جهر المأموم بالتأمين، برقم (782) .(12/325)
فقولوا: آمين. فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه (1) » وهذا هو الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم خلافا لمذهب الأحناف، المذهب الحنفي هنا مرجوح، وكذلك يقرأ على الصحيح في الجهرية الفاتحة فقط، ثم ينصت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » فاستثنى الفاتحة عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أنه يقرأ الفاتحة فيما أسر إمامه، إذا أسر وإن كان الإمام ما أسر؛ يعني قرأ الفاتحة ثم شرع بعدها، ولم يكن له سكتة قرأها ولو في حالة قراءة إمامه جهرا، يقرؤها سرا في نفسه، ثم ينصت لإمامه عملا بالأحاديث الكثيرة الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما في السرية كالظهر والعصر والثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء فيقرأ فيها على كل حال، يلزمه أن يقرأ الفاتحة عند الأكثر؛ لقول النبي صلى الله عليه
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 7 (3) {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/326)
وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) » وللحديث السابق:
«لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب (2) » هذا في الجهرية، أما في السرية فإنه يقرأ الفاتحة ويقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر، ويقرأ الفاتحة في الثالثة والرابعة من الظهر والعصر، والثالثة من المغرب.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/327)
161 - حكم قراءة المأموم سورة بعد الفاتحة في الصلاة الجهرية
س: سمعت من بعض الإخوة بأنهم يقولون: إن الفاتحة واجبة في الجهرية. وسمعت من آخرين يقولون بأنها ليست واجبة في الجهرية؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1) (2)
ج: نعم القراءة واجبة في السرية والجهرية على الصحيح على المأموم، في الجهرية يقرأ ثم ينصت، وفي السرية يقرؤها. ويقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر، والمغرب والعشاء والفجر،
__________
(1) سورة الأعراف الآية 204
(2) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (383) .(12/327)
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » فدل ذلك على وجوب القراءة على المأموم في الجهرية والسرية، لكن لو فاتته القراءة جهلا أو نسيانا سقطت عنه؛ لأنها واجبة لا ركن في حق المأموم، وهكذا لو جاء والإمام راكع سقطت عنه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر أبا بكرة لما جاء والإمام راكع، ولم يأمره بقضاء الركعة، بل قال: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3) » لما ركع دون الصف قال: «زادك الله حرصا، ولا تعد (4) » ولم يقل له: اقض الركعة. التي لم يقرأ فيها الفاتحة. أما حديث: «من كان له إمام فقراءته له قراءة (5) » فهو حديث ضعيف، والصواب أن المأموم يقرأ في الجهرية والسرية، بالفاتحة فقط في الجهرية، أما في السرية يقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .
(5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، برقم (14233) .(12/328)
162 - مسألة في قراءة الفاتحة في الصلاة السرية والجهرية
س: هل تختلف الصلاة الجهرية عن السرية في وجوب قراءة الفاتحة على المأموم (1)
ج: لا، فقد أطلق الحكم سواء في الجهرية أو السرية، والحجة في هذا ما رواه البخاري في الصحيح من حديث أبي بكرة الثقفي؛ أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع معه ولم يقرأ الفاتحة، بل فاته القيام فركع دون الصف، ثم مشى دون الصف فدخل في الصف والإمام راكع، المقصود أنه جاء والإمام راكع فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف ودخل فيه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
«زادك الله حرصا، ولا تعد (2) » ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل ذلك على أن من أدرك الإمام راكعا أجزأته الركعة، وسقطت عنه قراءة الفاتحة؛ لأنه معذور بفوات القيام، وهكذا من جهل الحكم الشرعي، أو أنسي الفاتحة وهو مع الإمام فيتحملها عنه الإمام.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (39) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/329)
163 - حكم صلاة المأموم الذي لا يقرأ الفاتحة في صلاته
س: ما حكم من يصلي خلف الإمام، ولا يقوم بقراءة أي شيء حتى الفاتحة لا يقرؤها، ولا يقول: آمين. عند الانتهاء من الفاتحة (1)
ج: الأكثر من أهل العلم على أن صلاته صحيحة، وأن الإمام يتحمل عنه قراءة الفاتحة، ولكن ترك المشروع؛ لأن المشروع له أن يأتي بالفاتحة في السرية، أو يقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر، أما في الجهرية يقرأ الفاتحة فقط، يكتفي بها هذا هو المشروع، وإذا كان للإمام سكتة قرأها في السكتة. وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، وأن الواجب عليه أن يقرأها إذا قدر، وهذا هو الصواب أن عليه أن يقرأها إذا تمكن من ذلك؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (3) » وهو حديث صحيح رواه أحمد والترمذي والجماعة
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (341) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/330)
بسند صحيح. لكن لو فاته القيام مع الإمام ولم يدرك إلا الركوع أجزأه على الصحيح؛ لما ثبت في صحيح البخاري رحمه الله؛ أن أبا بكرة الثقفي رضي الله عنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فركع قبل الصف ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (1) » فلم يؤمر بقضاء الركعة؛ فدل على إجزائها؛ لأنه معذور بسبب غيابه وقت القراءة؛ وقت وقوف الإمام، وهكذا من جهل الحكم الشرعي، أو نسي فالصواب أنها تسقط عنه بالجهل والنسيان؛ لأنها في هذه الحالة واجبة في حقه، لا ركن؛ في حق المأموم؛ بدليل أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا بكرة لما فاته القيام أن يقضي الركعة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/331)
164 - حكم الإنصات بعد قراءة الإمام الفاتحة
س: عندما يقرأ الإمام الفاتحة، وبعدها يقرأ سورة طويلة، في تلك اللحظات هل أسأل الله سبحانه وتعالى بعض الدعاء، أم أقرأ، أم أنصت (1)
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (92) .(12/331)
ج: الواجب الإنصات؛ لقول الله سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (1) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قرأ فأنصتوا (2) » إلا الفاتحة فإنه يقرؤها، سواء سكت الإمام، أو ما سكت، إن كان يسكت يقرأها في السكتات، فإن كان لا يتابع القراءة قرأها ثم أنصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (3) » ولقوله صلى الله عليه وسلم: «فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (4) » فيقرأ بها سرا، ثم ينصت لإمامه.
__________
(1) سورة الأعراف الآية 204
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/332)
165 - حكم تكرار المأموم السورة بعد الفاتحة مرارا حتى يركع الإمام
س: أنا لا أحفظ سوى بعض السور القصار، وعندما يكبر الإمام تكبيرة الإحرام أقرأ الفاتحة وسورة قصيرة، وعندما تنتهي السورة بسرعة أقع في حيرة: هل أستمر في قراءة السور القصار، أم أظل صامتا حتى يكبر الإمام تكبيرة الركوع؟ أرجو إيضاح ما يجب علي أن(12/332)
أفعله، جزاكم الله خير الجزاء (1)
ج: السنة أن تقرأ ما تيسر معك حتى يركع الإمام، ولو كررت السورة التي تحفظها مع الفاتحة، أو كررت سورا أخرى فالحمد لله، تقرأ ما تيسر من الآيات، أو سورا قصيرة حتى يركع الإمام، ولا تسكت لما في القراءة من الفضل العظيم، حتى ولو الفاتحة إذا كنت ما عندك إلا الفاتحة، ترددها بينك وبين نفسك حتى يركع الإمام، كل حرف به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (177) .(12/333)
س: في الركعة الثالثة أو الرابعة أكون قد انتهيت من قراءة الفاتحة والإمام لم يركع بعد، هل أعيد قراءة الفاتحة، أم أقرأ سورة أخرى (1)
ج: تقرأ ما تيسر أو تسكت ولا تعيد الفاتحة، تقرأ ما تيسر آية أو آيتين، أو تسكت حتى يكبر.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (183) .(12/333)
س: إذا صليت الظهر أو العصر وراء إمام، وأطال القراءة، وقد قرأت سورة قصيرة فهل أشرع في قراءة سورة ثانية حتى يركع، أم أبقى(12/333)
منتظرا صامتا حتى يركع (1)
ج: ينبغي لك أن تقرأ زيادة سورة أو آيات حتى يركع إمامك؛ لأن المأموم لا يسكت؛ إما أن يقرأ وإما أن ينصت، فإذا كان الإمام في صلاة سرية فإنك تقرأ زيادة حتى يركع إمامك.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (170) .(12/334)
س: إذا جاء المصلي والإمام يقرأ سورة بعد الفاتحة هل يقرأ المصلي الفاتحة، أم يستمع لقراءة الإمام (1)
ج: يقرأ الفاتحة ثم ينصت؛ لأنه مأمور بالفاتحة، قد أمره النبي بقراءتها عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (182) .(12/334)
166 - حكم صلاة المأموم إذا شك في قراءة الفاتحة
س: يقول السائل: إذا شك المصلي هل قرأ الفاتحة في الركعة الأولى، وهذا الشك حصل في الركعة الثانية ماذا يعمل (1)
ج: إذا كان مأموما لا يضره ذلك والحمد لله، يتحملها الإمام، إذا تركها جاهلا أو ناسيا، أو شك في الأمر لا يضره، لكن لا يجوز له تعمد تركها، بل يلزمه أن يقرأها مع الإمام، هذا هو الصواب.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (409) .(12/334)
167 - حكم جهر المأموم بالقراءة خلف الإمام
س: ما هي المواضع التي يجهر فيها المأموم بالقراءة خلف الإمام (1)
ج: المأموم لا يجهر خلف الإمام، وإنما يقرأ سرا، وإنما الإمام هو الذي يجهر في المغرب والعشاء، والفجر والجمعة والعيد، يجهر في الأولى والثانية من العشاء والمغرب، ويجهر في الفجر أيضا، ويجهر في الجمعة، ويجهر في صلاة العيد وصلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء، والمأموم يقرأ سرا بينه وبين نفسه، ولا يجهر هذا هو المشروع.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (103) .(12/335)
168 - حكم قراءة المأموم سورة بعد الفاتحة في الصلاة السرية
س: هل يكتفي المأموم بقراءة الفاتحة خلف الإمام، أم يقرأ مع الفاتحة سورة قصيرة (1)
ج: في الجهرية تكفي الفاتحة، أما السرية مثل الظهر والعصر لا بأس أن يقرأ زيادة في الأولى والثانية على الفاتحة؛ لأنه ليس هناك قراءة يستمعها وينصت لها.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (224) .(12/335)
169 - حكم قراءة المأموم الفاتحة في سكتات الإمام
س: السائل: ع. ح. م. المدينة المنورة، يقول: متى يقرأ المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية خلف الإمام (1)
ج: يقرؤها إذا سكت الإمام، يقرأ الفاتحة الإمام فإذا سكت يقرؤها وقت سكوت الإمام، فإن كان الإمام لا يسكت يقرأها في أي وقت ولا حرج، يقرؤها المأموم، وإن كان إمامه يقرأ يقرأها، ثم ينصت سواء قبل الفاتحة أو بعد الفاتحة، لكن إن كان الإمام له عادة يسكت يقرأها المأموم في حال السكوت؛ جمعا بين المصلحتين بين قراءتها وبين الاستماع للإمام وقت القراءة.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (360) .(12/336)
س: ما هو حكم المصلي خلف الإمام في الصلوات الجهرية؟ هل يستمع فقط، أم يصلي الصلاة كما وجبت عليه إذا صلى منفردا؟ إذ إنني أسمع بعض المصلين يعيدون الفاتحة بعد الإمام بسرعة حيث لا يتدبرون معناها (1)
ج: ليس فيها خلاف عند العلماء، والصواب أنه يقرأ في الجهرية والسرية جميعا، وإن سكت إمامه يقرأ في السكوت، وإن لم يقرأ إمامه
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (363) .(12/336)
قرأها ثم أنصت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) » وقال: «لعلكم تقرؤون خلف الإمام قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » في الجهرية والسرية، لكن يقرؤها سرا ثم ينصت.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/337)
170 - مسألة في سكوت الإمام بعد الفاتحة
س: هل يلزم الإمام السكوت بعد الفاتحة؟ وما مقدار السكتة (1)
ج: ليس على ذلك دليل، ولا يلزمه السكوت، ومن فعل فلا بأس، ومن ترك فلا بأس، ولأن الحديث في هذا الباب ليس بثابت، واختلف العلماء في ذلك، فمنهم من رأى هذه السكتة بعد الفاتحة؛ حتى يقرأ المأمومون الفاتحة، ومنهم من لم ير ذلك، فالأمر في هذا واسع لا تلزم السكتة، إذا شرع بعد الفاتحة وقرأ فلا حرج، والمأموم يقرأ وإن قرأ إمامه، يقرأ الفاتحة بينه وبين نفسه، ثم ينصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا
__________
(1) السؤال الخمسون من الشريط رقم (358) .(12/337)
بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1) » فالمأموم يقرأ بها في السر والجهر، فإن كان هناك سكتة فتقرأ في السكتة، وإن كان الإمام لم يسكت قرأها المأموم، وإن كان الإمام يقرأ يقرأها سرا ثم ينصت لإمامه، هذا إذا كانت جهرية، أما إذا كان في مثل الظهر والعصر فيقرأ الفاتحة وما تيسر معها؛ لأنها سرية.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/338)
171 - حكم دعاء الاستفتاح لمن دخل بعد قراءة الإمام الفاتحة
س: يقول السائل: أبو عابد من الرياض: إذا صلى شخص هل صحيح بأنه إذا دخل المأموم والإمام يقرأ أي سورة بعدما قرأ الفاتحة، والمأموم لم يقرأ دعاء الاستفتاح فهل في ذلك شيء؟ وهل تبطل الصلاة بمثل هذه الحالة (1)
ج: إذا دخل المأموم والإمام يقرأ بعد الفاتحة فإنه يقرأ الفاتحة فقط، ولا يقرأ دعاء الاستفتاح؛ لأن دعاء الاستفتاح نافلة، والمأموم مأمور بالإنصات، لكن قراءة الفاتحة لازمة، فيقرأ الفاتحة ثم ينصت لإمامه، أما دعاء الاستفتاح فلا حاجة إلى قراءته.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (386) .(12/338)
172 - حكم صلاة من لم يكمل قراءة الفاتحة قبل ركوع الإمام
س: إذا ركع الإمام وأنا أقرأ الفاتحة، ولم أكملها بعد فهل أركع معه، أم أكمل الفاتحة؟ ومتى تسقط الفاتحة عن المأموم في الصلاة (1)
ج: إذا كان لم يبق إلا شيء يسير كالآية أو الآيتين يكمل، وإذا كنت تخشى أن يرفع فاركع، ويسقط عنك ما بقي، كما لو جئت والإمام قد ركع تركع، وتسقط عنك الفاتحة، مثل: جاء المأموم والإمام راكع فركع معه أجزأته الركعة، كما في صحيح البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (2) » ولم يأمره بقضاء الركعة، وهذا قول الأئمة الأربعة جميعا: أنه إذا أدرك الإمام راكعا أجزأته الركعة، وسقطت عنه الفاتحة، فهكذا إذا قرأ أولها ثم خاف أن تفوت الركعة يركع ولا يضره ذلك، وهكذا لو نسي المأموم، أو كان جاهلا سقطت عنه وأجزأته صلاته مع الإمام، بخلاف المنفرد فإنها لا تجزئه لو سها عنها أو جهلها، لا بد من قراءتها؛ لأنها ركن صلاته، أما المأموم فهي في حقه
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (223) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/339)
واجبة مع الذكر ومع العلم؛ بدليل أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا بكرة الثقفي بالإعادة لما جاء والإمام راكع.(12/340)
173 - حكم متابعة الإمام إذا ركع ولو لم يكمل المأموم قراءة الفاتحة
س: يقول السائل: أعاني من ثقل في القراءة؛ حيث يركع الإمام في الركعتين الأخيرتين، أو للثالثة في المغرب قبل أن أتمكن من إتمام الفاتحة، فإذا أتممت الفاتحة رفع، أو ربما يرفع الإمام من الركوع قبل أن أركع، لاسيما إذا صليت خلف إمام يخفف الصلاة، والسؤال هنا: هل أمضي وأتمم الفاتحة حتى ولو رفع الإمام من الركوع، أم يتعين علي متابعة الإمام حتى ولو لم أتمكن من إتمام الفاتحة في الصلاة كلها؟ حيث إنني سمعت بعض طلبة العلم يقولون: إن متابعة الإمام هي أهم وأوجب من إتمام الفاتحة في كل الركعات. فهل هذا هو الصحيح؟
ج: الواجب عليك متابعة الإمام وإن لم تكمل الفاتحة؛ لقول النبي(12/340)
صلى الله عليه وسلم: «فإذا ركع فاركعوا (1) » فعليك أن تركع معه، إذا ركع تركع بعده وإن لم تكمل الفاتحة، لكن عليك أن تعتني بقراءة الفاتحة من حين التكبير، ومن حين ينهض من السجود وتستقيم واقفا، عليك أن تعتني بالقراءة ولا تتباطأ، تقرأ قراءة خفيفة حتى تدرك إكمال الفاتحة قبل الركوع، وعليك بالحذر من الوساوس، اقرأ قراءة جيدة والحمد لله ولو كنت أسرعت فيها بعض الإسراع، بعض الناس يقرأ قراءة مقطعة يتأخر، لا، عليك أن تقرأ قراءة متصلة واضحة من حين تكبر تكبيرة الإحرام بعد الاستفتاح، وهكذا في الركعات الأخرى من حين تقف تبادر بالقراءة وأنت بهمة عالية، لا بالتباطؤ ولا بالتكاسل، لكن لو فرضنا أنه ركع وأنت عليك بعض الآيات اركع معه، إلا إن كانت بقيت آية أو آيتان تكملها ثم تركع؛ لأنه يمكنك أن تكملها وتركع، أما إذا خشيت أن يرفع فاركع، ولا حرج عليك والحمد لله، كما لو جئت والإمام راكع ركعت معه وسقطت عنك الفاتحة، إذا جاء المسبوق والإمام راكع، وركع معه أجزأه وسقطت الفاتحة، كما صح ذلك من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، فإنه أتى النبي صلى الله عليه
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412) .(12/341)
وسلم وهو راكع فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (1) » وهكذا لو أن المأموم يجهل الحكم ما قرأ الفاتحة، أو نسيها أجزأه؛ لأن القراءة في حق المأموم واجبة، تسقط بالسهو والجهل، وبعدم إدراك الإمام وهو واقف، كل هذا من أسباب سقوطها، إذا جهل الحكم أو سها عنها أو نسيها، أو جاء والإمام راكع، أو قرب الركوع ما أمكنه أن يقرأها سقطت عنه والحمد لله. هذا هو الصواب. وقال الجمهور: إنها غير واجبة على المأموم. قال أكثر أهل العلم: إنها غير واجبة على المأموم. والصواب أنها واجبة على المأموم، لكنه إذا سها عنها أو جهل الحكم، أو جاء متأخرا والإمام راكع أو عند الركوع سقطت عنه كالواجبات الأخرى، كما لو سها عن: سبحان ربي العظيم. أو: سبحان ربي الأعلى. أو: ربنا ولك الحمد. أو نحو ذلك، أجزأ وسقطت عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (2) » هذا يدل على أن المأموم يقرأ خلف إمامه، وأن هذا هو الواجب عليه، لكن متى
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/342)
سها عن ذلك، أو جهل الحكم الشرعي سقط عنه ذلك: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) ، والأصل في هذا حديث أبي بكرة (2) لما جاء والنبي راكع عليه الصلاة والسلام ركع معه، ولم يأمره بإعادة الركعة مع أنه لم يقرأ الفاتحة؛ لأنه معذور بسبب عدم حضوره حال قيام الإمام.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/343)
174 - حكم قراءة الفاتحة للإمام والمنفرد
س: إذا ترك المأموم الركن الثاني من أركان الصلاة - وأقصد الفاتحة - فهل تبطل صلاته؟ حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، إن الصلاة التي لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب هي خداج خداج خداج. وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) » (2)
ج: أما الإمام والمنفرد فإن صلاتهما تبطل إذا لم يقرآ بفاتحة الكتاب؛ للحديثين المذكورين، وأما المأموم ففيه خلاف، فإن تعمد تركها عن علم مما جاء في السنة، ومع اعتقاده أن معناهما لا معارض
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (39) .(12/343)
له فإن صلاته تبطل في أصح أقوال أهل العلم، أما إن ترك قراءتها؛ لأنه اجتهد، ورأى أنها في المنفرد وفي الإمام، أو جهلا منه بالحكم الشرعي فإن صلاته تكون صحيحة؛ لأنه لم يتعمد فعل ما حرم الله، ولا ترك ما أوجب الله، بل تركها إما اجتهادا، وإما جهلا بالحكم الشرعي، فهذا صلاته صحيحة. أما الذي يعرف الحكم الشرعي، ويعتقد أنها تجب عليه، ثم تركها عمدا فهذا تبطل صلاته؛ لأنه خالف اعتقاده، وخالف ما يعلم أنه حق. ولا شك أن قراءتها مهمة جدا، واختلف العلماء في وجوبها، والأرجح أنها تجب على المأموم؛ لعموم الأحاديث في ذلك، فلا ينبغي له تركها، بل الواجب عليه أن يقرأها، لكن لو تركها نسيانا أو جهلا، أو لم يدرك القيام، بل جاء والإمام راكع فإن صلاته صحيحة، والركعة تجزئه ولا يلزمه قضاء الركعة التي أدرك الإمام في ركوعها، هذا هو الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم.(12/344)
175 - حكم قضاء الركعة للمأموم إذا نسي قراءة الفاتحة خلف الإمام
س: السائل يقول: لقد صليت صلاة الفجر في جماعة، ولكن في الركعة(12/344)
الأولى نسيت قراءة الفاتحة، وبعد تسليم الإمام قمت للركعة الأولى التي نسيت فيها الفاتحة؛ لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) » أكملت صلاة الركعة الأولى، وبعد السلام ذكرت علي سجود السهو ففعلتها. المرجو من سماحتكم إفادتي في عملي، هل هو على الطريقة الصحيحة (2)
ج: لا حرج في ذلك إن شاء الله، والصواب أنه ليس عليك قضاء، أما الذي فعلته فهو جار على رأي بعض العلماء، وأن من تركها يقضي. ولكن الصواب أن المأموم إذا نسيها، أو جهل الحكم الشرعي، أو حضر والإمام راكع أجزأه الركوع، وليس عليه قضاء؛ لأنها في حقه واجبة تسقط مع النسيان والجهل، ويسقط أيضا مع فوات القيام، إذا جاء والإمام راكع أجزأه أن يصلي مع الإمام، وتجزئه الركعة التي أدرك ركوعها؛ لما ثبت في صحيح البخاري رحمه الله عن أبي بكرة رضي الله عنه؛ أنه جاء والنبي راكع عليه الصلاة والسلام، فركع معه؛ ركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3) » ولم يأمره بقضاء الركعة؛ لأنه معذور بفوات القيام،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .
(2) السؤال السادس من الشريط رقم (257) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/345)
فهكذا من نسي القراءة مع الإمام، أو جهل الحكم الشرعي، أو جاء والإمام راكع فإنها تجزئه الركعة والحمد لله، هذا هو الصواب بخلاف الإمام، لا بد من قراءة الفاتحة في حقه، وإذا نسيها في الركعة الأولى تقوم الركعتان مقامها ويأتي بركعة زائدة، وهكذا المنفرد؛ لأنها في حقهما ركن لا بد منه، أما المأموم فأمره أوضح وأسهل، ولهذا ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن المأموم ليس عليه قراءة واجبة، يتحملها الإمام، ولكن الصواب أن عليه الفاتحة إذا ذكر وعلم؛ لظاهر الأحاديث وعمومها، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1) » فهذا يدل على وجوبها على المأموم، لكن إذا نسيها أو جهلها سقطت، كما لو نسي التسبيح في الركوع أو السجود سقط عنه الوجوب، وهكذا إذا لم يدرك الإمام قائما، وإنما أدركه راكعا أو عند الركوع سقطت عنه؛ لحديث أبي بكرة، والأحاديث يفسر بعضها بعضا.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .(12/346)
176 - حكم ترك المأموم قراءة الفاتحة خلف الإمام عمدا أو سهوا
س: إذا كان المأموم خلف الإمام، وترك قراءة الفاتحة عمدا أو سهوا، سواء(12/346)
كانت الصلاة سرية أو جهرية هل في ذلك شيء (1)
ج: الواجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة، هذا هو المختار من أقوال أهل العلم، وقد ذهب بعض أهل العلم - وهم الأكثرون - إلى أنها لا تجب قراءتها على المأموم، وأن الإمام يتحملها عنه، ولكن الأرجح في هذه المسألة أنه لا يتحملها الإمام، بل عليه أن يقرأها؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2) » وما جاء في معنى ذلك، لكن لو نسيها أو تركها جهلا، أو اعتقادا أن الإمام يتحملها فصلاته صحيحة، أما تعمد تركها فلا ينبغي، بل عليه أن يقرأها لما يراه جمع من العلماء، وإذا تعمد تركها الأحوط له أن يقضي الصلاة التي ترك فيها الفاتحة عمدا؛ من دون اجتهاد ولا تقليد منه لغيره من أهل العلم، ولا قصدا لتركها؛ لكونه يرى أنه لا تجب؛ لكونه طالب علم قد درس الموضوع، وتأمل الأدلة، فإن هذا معذور، أما الذي لا يعرف الحكم، ويعلم أنه ملزم بالقراءة في الصلاة، ثم يتعمد تركها، وقد علم أنه مأمور بقراءتها، وأن قراءتها لازمة فإنه يعيدها للخروج من خلاف العلماء، بخلاف
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (38) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .(12/347)
الذي تركها ساهيا أو جاهلا، أو عن اجتهاد أنها لا تجب، أو تابعا لمن قال: لا تجب. تقليدا له، وظنا أنه هو المصيب، فهذا ليس عليه إعادة؛ لكونه عمل باجتهاده أو تقليده لمن يرى أنها لا تجب، أو لأنه جهل الحكم الشرعي أو نسيه، فهذا ليس عليه إعادة. أما كونه يعرف الحكم الشرعي، ويدري أنه مأمور بقراءتها، وتجب عليه قراءتها، ثم يتساهل ويدعها عمدا فهذا ينبغي له القضاء، بل يجب عليه القضاء؛ لكونه خالف ما يعتقد.(12/348)
177 - حكم صلاة المأموم إذا ترك ركنا، أو واجبا خلف الإمام
س: إذا نسيت ركنا أو واجبا مع الإمام ماذا أفعل؛ أعيد الصلاة، أو يلزمني سجود السهو (1)
ج: إذا نسي المصلي - وهو مأموم - واجبا من واجبات الصلاة سقط عنه؛ مثلا: نسي أن يقول: سبحان ربي الأعلى. في السجود، أو نسي أن يقول: سبحان ربي العظيم. في الركوع، أو نسي التكبير عند الركوع أو السجود، أو عند الرفع من السجود، فإن هذا يسقط عنه، ولا شيء عليه؛ لكونه تابعا للإمام، وهكذا لو نسي التشهد الأول، شغل ولم يأت به
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (35) .(12/348)
وقام مع الإمام، ولم يأت به ناسيا، فلا شيء عليه، يتحمله الإمام. أما الأركان وهي الفرائض العظيمة فلا بد منها، فإذا نسيها يأتي بها، ثم يلحق إمامه، فلو سها عن الركوع وكبر الإمام راكعا، ثم رفع الإمام فانتبه فإنه يركع ثم يرفع، ويتابع الإمام. وهكذا لو نسي السجدة الأولى وسجد الإمام، ثم رفع فانتبه المأموم، والإمام قد رفع من السجدة الأولى فإنه يسجد ثم يرفع، ثم يلحق الإمام في السجدة الثانية. فالمقصود أن الأركان وهي الفرائض المؤكدة لا تسقط بالسهو عن المأموم، بل يأتي بها ثم يتابع إمامه.(12/349)
178 - بيان ما يتحمله الإمام عن المأموم في صلاته
س: تقول السائلة: إذا صليت مع الجماعة، وأخطأت خطا يستوجب مني سجود السهو فما الحكم (1)
ج: إذا صليت مع الجماعة من أول الصلاة، ونسيت مثلا: سبحان ربي الأعلى. أو نسيت: سبحان ربي العظيم. في الركوع، أو: رب اغفر لي. بين السجدتين فإنه ليس عليك سجود سهو، يتحمله الإمام والحمد لله، أو نسيت الفاتحة يتحمل الإمام والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (293) .(12/349)
س: هذه السائلة تقول: سماحة الشيخ، قمت بقراءة الفاتحة بدلا من التشهد الأخير في صلاة الظهر مع الجماعة، ولكنني أدركت بأنني أخطأت، وقرأت التشهد مرة أخرى، فهل أسجد سجدتين للسهو بعد أن ينتهي الإمام من صلاة الجماعة؟ أم ماذا أفعل (1)
ج: يكفي إذا قرأت التشهد والحمد لله، وليس عليك شيء، المأموم تبع الإمام ليس عليه سهو. والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (425) .(12/350)
179 - حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء ذكره أثناء قراءة الإمام في الصلاة
س: إذا كنت أصلي صلاة جهرية مع الجماعة، وفي أثناء قراءة الإمام ورد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ كمثل قوله سبحانه: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (1) الآية. هل يجوز لي أن أقول: صلى الله عليه وسلم. إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (2)
ج: الأفضل الإنصات، إذا كان الإمام يقرأ في صلاة المغرب والعشاء والفجر، أو الجمعة، الأفضل الإنصات، فلا تسبح عند التسبيح والتهليل،
__________
(1) سورة الفتح الآية 29
(2) السؤال التاسع من الشريط رقم (228) .(12/350)
ولا تصل عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (1) ، فالأفضل الإنصات، ولو صلى على النبي، أو قال: سبحان الله. عند ذكر أسماء الله فلا حرج، لكن ترك هذا أفضل؛ لأن المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأ في الجهرية لا يقف عند آية الرحمة، ولا عند آية الوعيد، ولا عند آية الأسماء والصفات بل يستمر، فالأفضل لك أن تستمع ولا تقف، ولا تقل شيئا عند مرور الآيات من الإمام وهو يقرأ، ولا منك وأنت تقرأ في الفرض، أما النافلة فالأمر واسع كالتهجد بالليل ونحوه، إذا قرأت تقف عند آية الرحمة تسأل، وعند آية الوعيد تتعوذ، وعند أسماء الله تسبح الله، وعند ذكر النبي تصلي عليه، عليه الصلاة والسلام، وهكذا إذا كنت خلف الإمام في مثل التراويح، أو القيام في رمضان وسكت يدعو دعوت أنت، أو إذا سكت يصلي عليه صليت عليه أنت، وإذا استمر تنصت؛ لأنك مأمور بالإنصات.
__________
(1) سورة الأعراف الآية 204(12/351)
180 - بيان ما تدرك به الركعة
س: إذا أدركت الإمام راكعا وركعت فهل تكتب لي ركعة، أم(12/351)
أعيدها؟ علما بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (1)
ج: هذه المسألة تنازع فيها أهل العلم، فمنهم من قال: تجزئه الركعة. وهذا قول الأكثرين، وهو قول الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، قالوا: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سأله أبو بكرة الثقفي عن هذه القضية، «فإن أبا بكرة جاء والإمام راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من الذي فعل هذا؟ " قال أبو بكرة: أنا يا رسول الله. فقال: " زادك الله حرصا، ولا تعد (2) » ولم يأمره بقضاء الركعة، بل نهاه أن يعود للركوع دون الصف، فالداخل ليس له أن يركع دون الصف، بل يصبر حتى يتصل الصف، ويصف في الصف، وليس له أن يركع دونه، ولم يأمره بقضاء الركعة، ولأنه معذور ما أدرك القراءة، فكان معذورا، فيكون هذا الحديث مخصصا للحديث الذي ذكره السائل، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:
«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (3) » فهذا عام يستثنى منه الذي
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (131) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .(12/352)
دخل والإمام راكع، أو دخل مع الإمام ونسي قراءتها، أو يعتقد أنها لا تجب عليه، كما يقول الجمهور أنها لا تجب على المأموم، فهو مستثنى عند الجمهور، والصواب أنها تجب على المأموم، لكن إذا تركها ناسيا أو تقليدا لغيره لم يعرف الحكم الشرعي، أو لم يدرك إلا الركوع؛ بأن جاء عند الركوع، أو والإمام راكع فهذا معذور، والصواب أنها تجزئه، هذا هو الصواب الذي عليه عامة أهل العلم وأكثر أهل العلم. وذهب بعضهم إلى أنها لا تجزئه، وبه قال البخاري رحمه الله وجماعة لهذا الحديث؛ حديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1) » ولكنهم محجوجون بحديث أبي بكرة، فهو معذور لعدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بالقضاء، فلو كان من فاتته القراءة يقضي ولا تجزئه لأمره عليه الصلاة والسلام بذلك، فإنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فهذا وقت البيان، فلما سكت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمره بقضاء الركعة دل على أنه لا قضاء عليه، وأن هذا مستثنى.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394) .(12/353)
181 - حكم صلاة المأموم إذا دعا أو سبح أثناء قراءة الإمام في الصلاة
س: يقول السائل سمعت شخصا وهو يصلي صلاة المغرب مع المصلين خلف الإمام، حين كان الإمام يقرأ إحدى السور، يقول: اللهم ارحمني وجميع المسلمين. جهرا، فما حكم ذلك وفقكم الله (1)
ج: الواجب على المأموم أن ينصت لإمامه إذا قرأ، وألا يتكلم بشيء، بل ينصت ويتدبر ويتعقل؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (2) ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «إذا قرأ يعني الإمام فأنصتوا (3) » هذا هو الواجب، ولا يتكلم بشيء، لكن لو سكت الإمام بعض السكتات، فقالها فيما بينه وبين نفسه، قال شيئا يتعلق بالقراءة لا حرج؛ كذكر الجنة أو النار، فقال في الجنة: اللهم اجعلني من أهلها. وفي النار: أعوذ بالله منها. فالسكتة التي بعد القراءة لا حرج في ذلك إن شاء الله، وأما وقت القراءة فالواجب أن يراعي الإنصات وألا يتكلم بشيء، إلا في الفاتحة يقرؤها المأموم، ولو قرأ
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (11) .
(2) سورة الأعراف الآية 204
(3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404) .(12/354)
الإمام بذلك إذا تيسر سكتة، فإذا كان الإمام لا يسكت فإن المأموم يقرأ الفاتحة مع إمامه، ثم ينصت لبقية القراءة، وأقصد به في الصلاة الجهرية على الصحيح من أقوال العلماء.(12/355)
182 - حكم قول آمين للمأموم والإمام والمنفرد
س: هل قراءة الفاتحة في الصلاة تكون بنية القراءة، أم بنية الدعاء؟ ولماذا تؤمن على الدعاء فيها (1)
ج: تكون بنية القراءة وفيها الدعاء؛ لأن الفاتحة فيها دعاء، ونؤمن على القراءة في آخر الفاتحة بقول: آمين. للإمام والمأموم والمنفرد، لأن القارئ يدعو بقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (2) ، فهو يؤمن ويؤمن أيضا المأمومون على قراءة الإمام، بأن يدعو الله أن يهديه إلى الطريق المستقيم؛ وهو الإسلام، وأن يباعده عن طريق المغضوب عليهم وهم اليهود، والضالين وهم النصارى.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (331) .
(2) سورة الفاتحة الآية 6(12/355)
183 - حكم التبليغ وراء الإمام للحاجة
س: ما حكم التبليغ وراء الإمام؟ وهل هو يلزم في كل صلاة، أم يكون(12/355)
عندما لا يسمع الإمام جميع من يؤمهم؟ وأطلب عدد المرات التي بلغ فيها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (1)
ج: التبليغ مشروع عند الحاجة إليه؛ حتى يتمكن المأمومون من الاقتداء بالإمام، أما إذا لم يحتج إليه لكون الإمام يسمعهم فلا حاجة إلى التبليغ، وهكذا لما يسر الله مكبرات الصوت استغنى الناس عن التبليغ بسبب المكبرات، إلا إذا كان المسجد كبيرا، وله نواح كثيرة يخشى ألا يسمعوا الإمام فلا مانع من التبليغ كما في المسجد الحرام والمسجد النبوي؛ لأنهم قد يخفى عليهم صوت الإمام في بعض الجهات، فالحاصل أن التبليغ مشروع عند الحاجة إليه، وإذا انتفت الحاجة لم يشرع سواء انتفت الحاجة بوجود المكبر، أو لأن الجماعة قليلون يسمعون فلا حاجة إلى التبليغ.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في مرضه الأخير قاعدا، وصلى أبو بكر عن يمينه قائما، وصلى الناس خلفهما قياما (2) وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يصلي بالناس، وأبو بكر يبلغ عنه؛
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (232) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب المرضى، باب إذا عاد مريضا فحضرت الصلاة فصلى بهم جماعة، برقم (5658) .(12/356)
لأن صوته بسبب المرض لا يسمعهم، فكان أبو بكر يبلغ عنه فهذه الحادثة المحفوظة، الذي بلغ فيها عنه صلى الله عليه وسلم فيما نعلم، والحكم يعم كل حادثة بعده، متى وجدت الحاجة فإن التبليغ يشرع، ومتى انتفت الحاجة لم يشرع التبليغ.(12/357)
س: ما حكم التبليغ للإمام بالتكبير في الصلاة خلفه بصوت عال، مع العلم أن الجميع يسمعون الصوت؛ تكبيره وتحميده (1)
ج: إذا كان الجماعة يسمعون صوت الإمام، ولا يخفى عليهم فلا حاجة إلى التبليغ، أما إذا كان قد يخفى على بعضهم كالصفوف المؤخرة فإنه يستحب التبليغ، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم في مرضه عليه الصلاة والسلام، وكان صوته ضعيفا، وكان الصديق يبلغ عنه عليه الصلاة والسلام، فهذا لا بأس به، إذا احتيج إلى التبليغ من سعة المسجد وكثرة الجماعة، أو لضعف صوت الإمام؛ لمرض أو غيره فإنه يقوم بعض الجماعة بالتبليغ. أما إذا كان الصوت واضحا يسمعه الجميع، ولا يخفى على أحد في الأطراف، بل معلوم أنه يسمع الجميع فليس هناك حاجة إلى التبليغ، ولا يشرع التبليغ.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (45) .(12/357)
س: هل يجب على الإمام إذا انقطع صوته لأي سبب أن يتأخر ويتقدم(12/357)
أحد مكانه، أم يقتدى به بالحركات، ويرفع من خلفه بالصوت يسمع المأمومين (1)
ج: هذا هو الأقرب، إذا حصل العارض حتى انخفض صوته أن يكون له منبه يبلغ الناس تكبيره في ركوعه وسجوده، يكون منبه يبلغ الناس والحمد لله.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (365) .(12/358)
184 - حكم الاقتداء بالإمام والإنصات لقراءته
س: يقول السائل: ما هي الأحكام التي يجب أن يقتدي بها المصلون خلف الإمام في صلاة الفجر والمغرب والعشاء؟ وهل يقرؤون الفاتحة وسورة قصيرة عندما يقرأ الإمام، أم يكتفون بقراءة الإمام (1)
ج: المأموم تابع لإمامه في جميع الصلوات؛ لأن الإمام جعل ليؤتم به، فلا يختلف عليه المأموم، ولكن بعده: إذا كبر كبر، وإن ركع ركع، وإذا رفع رفع، وهكذا وينصت لقراءته في الفجر والمغرب والعشاء، ينصت إذا قرأ الإمام، وعليه أن يقرأ الفاتحة فقط في الجهرية، يقرؤها سرا وينصت بعد ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (249) .(12/358)
تقرؤون خلف الإمام قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1) » وفي الأخيرتين من العشاء يقرأ الفاتحة فقط، وفي الأخيرة من المغرب الفاتحة فقط، أما في الظهر والعصر فيقرأ في الأولى والثانية الفاتحة وما تيسر معها؛ لأنها سرية، يقرأ فيها وفي الأخيرة يقرأ الفاتحة فقط، الثالثة والرابعة من الظهر والعصر يقرأ الفاتحة، وإن قرأ مع الفاتحة زيادة في الثالثة والرابعة مع الظهر فلا بأس، قد ورد في حديث أبي سعيد عند مسلم ما يدل على ذلك، فإنه رضي الله عنه أخبر أنهم حصروا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر قدر ثلاثين آية. قالوا: الأخريين من الظهر والعصر. قال: النصف (2) هذا يقتضي أنه كان يقرأ في الظهر زيادة في الثالثة والرابعة، لكن لعل هذا بعض الأحيان؛ لأن أبا قتادة في الصحيحين أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقرأ في الثالثة إلا بفاتحة الكتاب، والرابعة كذلك في الظهر والعصر.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، برقم (452) .(12/359)
185 - حكم موافقة الإمام ومسابقته والتأخر عنه أثناء الصلاة
س: أشاهد في بعض الأحيان أن المصلين لا يركعون ولا يسجدون ولا يسلمون في وقت واحد، بل بعضهم يتأخر عن الآخر، أو يتقدم عليهم، هل هذا يؤثر على صلاتهم (1)
ج: الواجب على المأموم متابعة الإمام متصلا، فإذا انقطع صوت الإمام بادر المأموم بالمتابعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد. وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد (2) » فقوله: إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا. إلى آخره، معناه المتابعة باتصال؛ لأن الفاء في قوله: فكبروا. عند أهل العلم معناها المتابعة بالاتصال من غير تأخر، لكن لا يركع حتى ينقطع صوت الإمام مكبرا، ولا يرفع كذلك، ولا يسجد كذلك إلا بعد انتهاء الإمام بعد انقطاع صوته، ثم يتابع، هكذا
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (188) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8297) .(12/360)
المأموم مع الإمام لا يعجل، ولا يسابق إمامه ولا يوافقه، ولكن بعد الاتصال، فإذا تأخر يسيرا عن إمامه، كما يقع لبعض المأمومين؛ لثقله أو كبر سنه، أو لمرضه أو نحو ذلك ما يضر، المهم أنه يتحرى المتابعة وعدم التأخر، فإذا تأخر قليلا لا يضره ما دام تابعه، ركع معه وسجد معه لا يضره ذلك، وهكذا لو تأخر في التسليم قليلا ما يضره ذلك، إنما السنة أن يبادر، إذا ركع ركع، وإذا سلم سلم، وإذا كبر كبر، يكون بالاتصال من دون موافقة ولا مسابقة، لكن بعدها متصلا.(12/361)
س: سبق أن تفضلتم وقلتم سماحة الشيخ: إن التأخير اليسير لا يضر. مع توصيتكم بالحرص على المتابعة، لكن إذا تقدم المأموم إمامه قبل أن ينقطع صوته فما الحكم (1)
ج: هذا يسمى موافقة، مكروهة، بعض أهل العلم حرمها؛ لظاهر الأحاديث، والصلاة صحيحة؛ لأنه بين آثم وبين غير آثم، لكنه قد فعل مكروها، فالواجب ألا يعجل حتى ينقطع صوت الإمام، أما المسابقة فمحرمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أما يخشى أحدكم أو لا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (188) .(12/361)
يجعل الله صورته صورة حمار (1) » وهي مبطلة للصلاة، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا بالانصراف (2) » فالواجب ألا يسابق، السنة أن يتابع ولا يوافق، فلا يوافقه ويكون معه، ولا يسابقه ولكن بعده، فالمسابقة تبطل الصلاة، والموافقة مكروهة في الصلاة، والسنة أن يكون بعد إمامه، إذا انقطع صوت الإمام تابعه.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام، برقم (691) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما، برقم (427) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما، برقم (426) .(12/362)
س: يقول السائل: ما حكم الصلاة التي رفعت فيها رأسي من السجود قبل الإمام (1)
ج: إذا كنت رفعت رأسك قبل الإمام فعليك أن ترجع فتسجد ثم ترفع بعده، فإن لم تفعل جاهلا فلا شيء عليك والصلاة صحيحة، أما إن كنت تعلم الحكم الشرعي وتعمدت هذا، لم ترجع للسجود فصلاتك باطلة، تعيدها، أما إن كنت جاهلا فصلاتك صحيحة، ولا تعد
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (281) .(12/362)
إلى ذلك، فإذا رفعت رأسك تحسب الإمام رفع، ثم علمت أنه لم يرفع ارجع واسجد، ثم ارفع بعده.(12/363)
س: حكم صلاة الذين لا يتابعون الإمام بدقة كافية وهم يتأخرون عنه، أو قد يسبقونه، أو قد يوافقونه (1)
ج: الواجب متابعته، لا يسبقونه ولا يوافقونه، الواجب بعده، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع (2) » الحديث. فالواجب عليهم أن يكونوا بعده، لكن متصلين، لا يتأخروا ولا يسابقوه ولا يوافقوه، بل يكونوا بعده متصلين به، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (352) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412) .(12/363)
186 - حكم تأخر المأموم عن إمامه في الركوع حتى يرفع لانشغاله بقراءة الفاتحة
س: البعض من الناس يطيلون في قراءة الفاتحة، فيركع الإمام وما زال المأموم واقفا، يقرأ الفاتحة وعندما يرفع الإمام من الركوع يبدأ(12/363)
المأموم في الركوع، وقد فاتته الركعة مع الإمام، ما حكم صلاة مثل هؤلاء (1)
ج: لا يجوز هذا، الواجب على المأموم إذا ركع إمامه أن يركع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا لك الحمد. وإذا سجد فاسجدوا (2) » فإذا ركع إمامه ركع وسقط عنه باقي الفاتحة، كما لو جاء والإمام راكع فإنه يركع معه وتسقط عنه الفاتحة؛ لحديث أبي بكرة في صحيح البخاري رحمه الله؛ أن أبا بكرة رضي الله عنه جاء والإمام راكع -النبي راكع عليه الصلاة والسلام- فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3) » ولم يأمره بقضاء الصلاة، فدل ذلك على صحتها؛ لأنه معذور، لما فاته القيام سقطت عنه الفاتحة، وهكذا المأموم إذا ركع إمامه قبل أن يكملها ركع مع إمامه وسقط عنه باقيها، وينبغي له أن يلاحظ ذلك حال قيامه حتى يقرأها قبل ركوع إمامه، يبدأ بقراءتها في أول
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (191) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(12/364)
الركعة حتى يقرأها قبل إمامه قبل أن يركع، ولا يتساهل.(12/365)
187 - حكم صلاة من أصابه نعاس حتى فاتته ركعة من الصلاة مع الإمام
س: المصلي إذا جلس مع الإمام في الجلوس الأوسط، وعندما قام الإمام للركعة الثالثة لم يقم المصلي معه؛ لأنه كان نعسان، ونام نوما خفيفا أثناء قراءة التشهد، وظل نائما حتى أتم الإمام الركعة الثالثة وهي سرية طبعا، وعندما كبر الإمام للركوع انتبه المصلي وقام واقفا، فوجد الإمام قد رفع من الركوع، كيف يكمل هذا المصلي صلاته (1)
ج: إذا نعس وبقي في جلوسه حتى ركع الإمام يقوم ويركع مع الإمام، فإن سبقه الإمام يركع ثم يلحق الإمام، يسجد معه يركع ثم يرفع ثم يعتدل، ثم يلحق الإمام، ويجزئه إذا كان نعاسه خفيفا ما أزال الشعور، عنده بعض اليقظة؛ بعض الانتباه، لكن لم ينتبه للتكبير، ولم يستغرق في النوم. أما إذا كان قد استغرق في النوم فإن صلاته تبطل، يعني يستأنفها من أولها؛ لأن النوم ينقض الوضوء إذا استغرق فيه، أما
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (311) .(12/365)
إذا كان نعاسا فقط؛ يعني نوما خفيفا، ما استغرق فإنه يتابع مع الإمام، وتسقط عنه الفاتحة؛ لأنه في هذه الحالة لم يتعمد تركها، بل أخذه النوم.(12/366)
188 - حكم صلاة من أطال السجود حتى قضى إمامه ركعة أخرى
س: ماذا يجب على الفرد إذا كان في صلاة جماعة وأطال السجود، وقام الإمام ونزل للأخرى وهو ما زال في سجدته (1)
ج: هذا لا يجوز، إذا تعمد ذلك بطلت صلاته، أما إذا كان ينعس، أو ما سمع صوت الإمام فإنه يقوم ويتبع الإمام ولا يضره، أما إذا تعمد حتى فاته القيام بطلت صلاته، نسأل الله العافية، لكن إذا كان ما سمع صوت الإمام، أو ينعس فهذا يتابع الإمام، وصلاته صحيحة.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (352) .(12/366)
189 - حكم مسابقة الإمام في تكبيرة الإحرام
س: يقول السائل: صليت إماما برجلين، سمعت أحدهما كبر للإحرام أثناء تكبيري للإحرام، وقد مضيت في الصلاة مع اعتقادي بطلان صلاة الرجل المذكور، فما الحكم حفظكم الله (1)
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (255) .(12/366)
ج: الأظهر أن صلاتك صحيحة، وصلاة الرجل الثاني صحيحة، أما هو فيؤمر بالإعادة؛ لأنه كبر مع الإمام، والواجب أن يكبر بعد الإمام، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا كبر فكبروا (1) » فتأمره بعد السلام بأن يعيد الصلاة، أما أنت فأنت معذور؛ لأنك سمعته وأنت في الصلاة، والمأموم معذور حين تأخر مع صاحبه، يظن أن صلاته صحيحة وهو له شبهة، وأنت لك شبهة في عدم الإنكار عليه وقد كبرت، فالأظهر في هذا الصحة إن شاء الله، لشبهة صحة صلاته؛ بسبب أنه وقف مع المأموم الثاني، وأنت لا تستطيع الإنكار عليه في الصلاة.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8297) .(12/367)
190 - حكم الصلاة خلف إمام يعجل في صلاته
س: إذا كان الإمام سريعا في الصلاة، فهو لا يمكن المأمومين من فعل بعض المسنونات في الصلاة، هل يجوز أن يسرع المأمومون في قراءة الفاتحة والتشهد وغيرها من الأدعية (1)
ج: نعم يصلون مع إمامهم حتى لا تفوتهم، وينصحونه حتى يطمئن ولا يعجل، وإلا فإنها تكفي تسبيحة واحدة، تسبيحتان في الركوع والسجود، مرة أو مرتين، لا بأس، لكن ينصح ويوجه حتى يطمئن، وحتى لا يعجل حتى
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (182) .(12/367)
يتمكن الجماعة من فعل السنن هذا هو الذي ينبغي.(12/368)
191 - حكم قيام المسبوق قبل تسليم إمامه التسليمة الثانية
س: إذا جاء رجل في أثناء الصلاة متأخرا عن بعضها، وبعدما سلم الإمام بانتهاء الصلاة وقف المتأخر لإكمال الباقي عليه، ولكنه قام متعجلا وقبل انتهاء الإمام من التسليمة الثانية، بل قام بعد التسليمة الأولى، وهذا يتكرر من بعض الناس - هداهم الله - فما الحكم في ذلك (1)
ج: إذا قام يقضي قبل تسليم الإمام من التسليمة الثانية فقد أخطأ؛ لأن الصواب أن التسليمة الثانية لا بد منها. وذهب جمهور أهل العلم أن التسليمة الأولى تكفي، ولكن الأحاديث الصحيحة تدل على أنه لا بد من التسليمة الثانية، فإذا قام قبل أن يسلم الإمام التسليمة الثانية فقد ترك أمرا مفترضا؛ وهو الجلوس حتى يسلم إمامه، والذي ينبغي أن يعيد الصلاة خروجا من الخلاف، واحتياطا لدينه؛ لأنه لما قام بطلت صلاته؛ لأنه قام قبل أن يتمم الإمام الصلاة، والمسبوق ليس له أن يقوم حتى يسلم الإمام، مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، لما سلم عبد
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (346) .(12/368)
الرحمن بن عوف حين صلى معه في غزوة تبوك، لما سلم عبد الرحمن قام يقضي عليه الصلاة والسلام، فالقضاء يكون بعد سلام الإمام، وهذا من باب الاحتياط.(12/369)
192 - حكم صلاة من ركع عند سجود إمامه للتلاوة
س: رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى المستمعات من مكة، تقول: أنا فتاة صليت صلاة الفجر في جماعة في المسجد، وأثناء قراءة الإمام السورة التي عقب الفاتحة كبر وسجد سجود التلاوة، وأنا لم أكن أعلم أنه سجد لسجود التلاوة، فركعت حتى النساء اللاتي بجواري ركعن، ثم كبر الإمام وبدأ يكمل السورة، ثم ركع فركعت معه مرة ثانية، وبعض النساء سجدن. فما حكم تلك الصلاة بالنسبة لي، وبالنسبة للنساء أمثالي (1)
ج: الحكم في هذا أن النساء اللاتي ركعن معه بعدما ركع صلاتهن صحيحة، فركوعهن الأول صدر عن جهل فلا يضر، وصلاتهن صحيحة، وركوعهن الأول الذي ركعنه وهو للتلاوة لا يضر من أجل الجهل، أما اللاتي لم يركعن، بل سجدن ثم استمررن
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (321) .(12/369)
في الصلاة، ولم يركعن معه ولم يأتين بركعة بعد السلام فعليهن قضاء تلك الصلاة، عليهن قضاؤها الآن بالنية عن تلك الصلاة؛ لأنهن أخللن بركعة من الصلاة، وطال الفصل فعليهن أن يأتين بالصلاة كاملة، يقضينها كاملة، والله ولي التوفيق.(12/370)
193 - بيان كيفية صلاة المأمومين إذا نسي الإمام أن يجلس للتشهد الأول
س: في صلاة العصر نسي الإمام أن يجلس للتشهد الأول، فذكره المأمومون، غير أنه أصر على القيام للركعة الثالثة دون قراءة التشهد، فتبعه الناس عدا رجلين، جلسا وقرآ التشهد، وبقيا جالسين حتى سجد الإمام سجدتي الركعة الثالثة، وقام للرابعة فقاما معه، وعليه فأصبحت للإمام ومن تبعه الرابعة، غير أنها بدون تشهد أول، وللرجلين الثالثة، وبعد التشهد الأخير سجد الإمام سجدتي السهو وسلم، وسجد جميع الناس للسهو مع الإمام بما فيهم الاثنان، غير أنهما لم يسلما معه، ولكن قاما فأتيا بالرابعة، فقال من تبع الإمام: كان عليكما -أي الرجلين - أن تتبعا الإمام وتقتديا به. وقال الرجلان: بل نتبعه إذا كنا على يقين بأننا(12/370)
مخطئون والإمام مصيب، أو إن كنا في شك، ولكن إن كنا على يقين بأننا المصيبون وهو المخطئ فلا يجب أن نتبعه؛ لأنه يجب البناء على اليقين، ونحن على يقين بأنه مخطئ، والإمام نفسه كان على شك من نفسه، أو قد أيقن أنه مخطئ بدليل أنه سجد للسهو. فأي الفريقين مصيب؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: هؤلاء الذين قاموا مع الإمام هم المصيبون، والشخصان اللذان بقيا هما المخطئان، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قام عن التشهد الأول، فقام الناس معه ولم يجلسوا، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم ثم سلم، عليه الصلاة والسلام، وهاتان السجدتان بدلا من ترك التشهد الأول، والتشهد الأول واجب عند بعض أهل العلم، وسنة مؤكدة عند آخرين، فتركها ينجبر بسجدتي السهو، والصواب أنه واجب لكن ليس من جنس الأركان، فإذا قام الإمام ولم يجلس فإن المأمومين يقومون معه، ينبهونه قبل أن يستتم، فإن نبهوه قبل أن يستتم وجب عليه أن يرجع، فإن لم يرجع قاموا معه؛ لأنه قد يكون جهل الحكم الشرعي، وقد يكون ما سمعهم، فالواجب على كل حال
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (221) .(12/371)
أن يقوموا معه، ويكملوا معه، ويسجدوا معه ولا يجلس أحد منهم، هذا هو الواجب كما فعل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل لهم: من كان كذا فليفعل كذا. بل أقرهم، فالشخصان اللذان جلسا قد أخطآ. أما في غير هذه المسألة لو قام إلى ثالثة في الفجر، وهناك من يعلم أنه خطأ لا يقومون معه، يعني زيادة في الصلاة. أو قام إلى خامسة في الظهر لا يقومون معه، ينتظرون حتى يسلم ويسلمون معه مع التنبيه، وهكذا لو جلس عن نقص في الثالثة في الظهر، أو العصر، أو العشاء ينبهونه، فإن تنبه وإلا قاموا وكملوا صلاتهم.(12/372)
194 - بيان كيفية صلاة المأمومين مع الإمام إذا قام إلى ركعة زائدة
س: أ. ع. من السودان، يسأل ويقول: إذا كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية، ونحن كنا مأمومين، ولقد تمت الصلاة، لكن الإمام سها، فقلنا: سبحان الله. ولم يرجع، ثم قلنا: الحمد لله تمت الصلاة. ولم يرجع فماذا نعمل (1)
ج: الواجب على الإمام إذا نبهه المأمومون عن زيادة أن يرجع، وعن نقص أن يقوم إذا كان المنبهون اثنين فأكثر، إلا إذا كان يعتقد أنه
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (210) .(12/372)
هو المصيب وأنهم مخطئون فإنه يعمل بما يعتقد، ويستمر فيما رأى، أما المأمومون فعليهم أن يعملوا بما يعتقدون، فإذا كانوا يعتقدون أنه مصيب تبعوه، وإذا اعتقدوا أنه مخطئ في الزيادة؛ بأن قام إلى رابعة في المغرب، أو خامسة في الظهر أو العصر أو العشاء، أو قام إلى ثالثة في الفجر أو الجمعة، إذا اعتقدوا أنه مخطئ فإنهم لا يتابعونه، يجلسون وينتظرون حتى يسلم ثم يسلمون معه، أما من لا يعلم ذلك، بل عنده شك فإنه يتابع إمامه في الزيادة، يقوم معه، وهكذا من جهل الحكم، الذي لا يعرف الأحكام الشرعية وقام معه لا يضره. أما الواجب من جهة الحكم الشرعي فإن من علم أنه زائد لا يقوم معه، يجلس ولا يتابعه في الزيادة، إذا سلم سلم معه، وهكذا في النقص إذا جلس في الثالثة في الرباعية، أو في الثانية في الثلاثية، أو بعد الأولى في الثنائية فإنهم ينبهونه: سبحان الله، سبحان الله. لا يقول: تمت الصلاة. ولا: نقصت الصلاة. ينبهونه بالتسبيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فليسبح الرجال، وليصفح النساء (1) » وقال: «من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله (2) » هذا هو المشروع؛ أن يقول: سبحان الله، سبحان الله. فإذا
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب الإمام يأتي قوما فيصلح بينهم، برقم (7190) ، ومعنى (ليصفح أي ليصفق) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به، برقم (1218) .(12/373)
لم يستجب وبقي جالسا فإن المأموم إذا كان يعتقد أنه ناقص يقوم، يقوم إذا كملت صلاته، يتمم صلاته والحمد لله، أما الإمام فإن كان يعتقد أنه مصيب فصلاته صحيحة، وإن كان يعتقد أنه غير مصيب فالواجب عليه متابعة المنبهين، وألا يبقى على الشك، فإذا نبهوه أنه ناقص يقوم يكمل، وإذا نبهوه أنه زائد يرجع إذا كان المنبهون اثنين فأكثر، أما إذا كان المنبه واحدا فإنه لا يلزمه الرجوع إليه، بل يعمل بما يعتقد؛ فإن كان يعتقد أنه ناقص قام وكمل، وإن كان يعتقد أنه زائد يرجع، وإن كان شاكا فليبن على اليقين، إذا كان شك في رابعة أو خامسة يجعلها رابعة ويجلس، شك في ثالثة أو رابعة يجعلها ثالثة ويكمل، فعند الشك يبني على اليقين، وإذا كان متيقنا صواب نفسه عمل بصواب نفسه، وإذا كان عنده تردد وليس عنده يقين يتابع المنبهين إذا كانوا اثنين فأكثر. هذا هو المشروع للإمام والمأمومين، أما المأموم فقد عرفت أنه إن كان يعتقد أن الإمام مصيب يتابعه، أو كان ليس عنده يقين، بل عنده شك فإنه يتابع الإمام أيضا في النقص والزيادة. أما المأموم الذي يعلم أن الإمام مخطئ فإنه لا يتابعه؛ لا في النقص ولا في الزيادة.(12/374)
س: إذا قام الإمام بعد إتمام الصلاة وقبل السلام، وهم بأن يأتي بركعة زيادة عن الصلاة، واستدرك المأمومون ذلك، وأرادوا التنبيه عن(12/374)
سهوه بقول: سبحان الله. ولكنه مع ذلك أصر على الوقوف في الزيادة فما حكم ذلك؟ وماذا يعمل المأمومون بعده؟ أفيدونا أفادكم الله (1)
ج: الواجب على المأمومين التنبيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء (2) » والواجب على الإمام إذا نبهوه أن يرجع، إلا إذا كان يعتقد أنه مصيب وأنهم مخطئون فإنه يعمل بصواب نفسه باعتقاده، ويستمر حتى يكمل الصلاة على اعتقاده، والذين نبهوا إن كانوا متيقنين أنه غلطان وأنه مخطئ لا يقوموا معه، بل يجلسوا يقرءون التحيات، ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعون وينتظرونه حتى يسلموا معه؛ لأنه معذور وهم معذورون، هم معذورون باعتقادهم أنه مخطئ، وهو معذور باعتقاده أنه مصيب وأنهم مخطئون، فكل منهم معذور باجتهاده وتيقنه بزعمه صواب نفسه، فإذا سلم سلموا معه، أما
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (58) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول، برقم (684) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، برقم (421) .(12/375)
إن كان ما عنده يقين فالواجب عليه أن يرجع إذا كان من نبهه اثنان فأكثر، عليه أن يرجع إذا كان ليس عنده يقين، إنما ظن فإنه يرجع كما رجع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقول ذي اليدين، لما نبهه وسأل الناس وصوبوا ذا اليدين رجع النبي صلى الله عليه وسلم، وأتم صلاته ولم يعمل بقول ذي اليدين؛ لأنه واحد، فالواحد لا يلزم الرجوع إليه، إلا إذا اعتقد الإمام أنه مصيب رجع، أما إذا كان المنبه اثنين فإنه يرجع لقولهما، ويبني على قولهما ويدع ظنه، هكذا الواجب، وأما المأمومون فإنهم لا يتابعونه في الخطأ، لا في زيادة ولا في نقص، إن كان في زيادة فيجلسون حتى يسلم ويسلموا معه، وإن كان في نقص ولم يمتثل، وجلس في الثانية من الظهر مثلا أو العشاء أو العصر، أو جلس في الثانية من الفجر أو الجمعة ولم يطعهم فإنهم يقومون يكملون صلاتهم، ويتمونها ويخالفونه؛ لأنه أخطأ في اعتقادهم.(12/376)
س: يقول هذا السائل: إذا قام الإمام إلى ركعة خامسة في العشاء، وعندما قام قال له المصلون: سبحان الله. ولكنه لم يقعد وأكمل الركعة، وقام المصلون من خلفه فما حكم هذه الركعة؟ وما حكم(12/376)
عمل هذا الإمام (1)
ج: الواجب تنبيهه بالتسبيح، فإذا لم يرجع انتظروه؛ لأنه قد يعتقد صواب نفسه، فينتظرونه حتى يسلم ويسلموا معه، والذي لا يعلم أنه مخطئ يقوم معه الذي لا يعلم الحال، يقوم معه يتابع إمامه، والذي يعلم أن الإمام مخطئ يجلس حتى يسلم مع الإمام، بعدما يسلم الإمام، ومن اعتقد أنه قد أخطأ فليس له القيام بل يصبر، وأما الإنسان الذي ما عنده خبر: هل الإمام مصيب أو ما هو بمصيب؟ فإنه يتابعه؛ لأن الأصل متابعة الإمام حتى يسلم معه.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (400) .(12/377)
س: في حال سهو الإمام وقيامه للركعة الخامسة ماذا نقول؟ هل نقول: الحمد لله. أم: سبحان الله؟ نرجو أن توجهونا (1)
ج: السنة أن يقول المأموم (مما سوى الإمام) سبحان الله، سبحان الله. حتى ينتبه الإمام، وإذا كان هناك حاجة إلى آية يتلوها؛ كأن يقول إذا لم يسجد: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} (2) ، أو الركوع: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا} (3)
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (351) .
(2) سورة العلق الآية 19
(3) سورة الحج الآية 77(12/377)
فلا بأس، المقصود أن الأصل التسبيح: سبحان الله، سبحان الله، وإذا تلا آية من الآيات التي ترشد الإمام فلا بأس.(12/378)
س: إذا كان الإمام في الركعة الثالثة، والمأموم مسبوق بركعة؛ أي إنه في الثانية هل يجلس للتشهد، أم يقف مع الإمام؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: يتابع الإمام ويسقط عنه التشهد، إذا أدرك ركعة مع الإمام يجلس معه للتشهد عند جلوس الإمام الثانية للإمام، وهي واحدة للمأموم لا بأس، يجلس مع المتابعة ولا يجلس بعد الثالثة بحق الإمام، التي هي الثانية بحق المأموم؛ لأن عليه حينئذ المتابعة.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (329) .(12/378)
195 - حكم صلاة المأموم إذا قام مع الإمام لركعة وهو يعلم أنها زائدة
س: يقول السائل: هل يقوم المأموم مع الإمام إذا زاد الإمام ركعة بالصلاة سهوا إذا علم المأموم أن الصلاة تامة؟ وإذا قام المأموم مع الإمام في الركعة الزائدة، والمأموم يعلم أنها زائدة هل تصح(12/378)
صلاته أم لا (1)
ج: إذا علم المأموم أن الإمام قد زاد ركعة لا يقوم معه ويجلس وينبهه: سبحان الله، سبحان الله. وعلى الإمام أن يرجع إذا سبحوا به اثنان فأكثر، عليه أن يرجع ويجلس ويقرأ التحيات ويسجد للسهو ثم يسلم، فإن أبى ولم يرجع لا يتابعونه، يجلسون ينتظرونه، حتى المسبوق الذي سبق لا يتابعه، يجلس لأنه خطأ، وعلموا أنه خطأ فلا يتابعونه، فإن تابعوه جهلا بالحكم الشرعي فصلاتهم صحيحة، ولو عرفوا أنها زائدة إذا جهلوا الحكم الشرعي؛ يحسبون أنه يلزمهم المتابعة فالصلاة صحيحة. أما إن كانوا يعلمون الحكم الشرعي لا يجوز لهم، ثم تابعوا تبطل صلاتهم؛ لأنهم تعمدوا الزيادة بالصلاة، أما إذا كانوا جهالا ولو علموا أنها زائدة يظنون أنها تلزمهم المتابعة فإن قيامهم معه لا يضرهم، وصلاتهم صحيحة لأنهم جهال. أما من عرف أنها زائدة وعرف الحكم الشرعي؛ أنه لا يجوز متابعته لا يقوم ولا يتابع، وإذا تابع بطلت صلاته، وهكذا في النقص؛ لو جلس في الثالثة في الظهر والعصر والعشاء، ونبهوه ولم يقم يقومون ويتركونه ويكملون
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (234) .(12/379)
لأنفسهم، وهو إن كان في اعتقاده مصيبا صلاته صحيحة، وإن كان ما عنده اعتقاد ولم يقم بطلت صلاته؛ لأن الواجب عليه المتابعة لمن نبهه إذا كانا اثنين فأكثر، فإذا جلس ولم يكمل ونبهوه؛ سلم ولم يكمل فتكون صلاته باطلة؛ لأنه تعمد النقص إلا أنه يعتقد الصواب لنفسه، إذا كان يعتقد أنه مصيب هو وأنهم مخطئون فصلاته صحيحة، وهم على اعتقادهم، فله اعتقاده ولهم اعتقادهم، فصلاتهم صحيحة إذا اعتقدوا أنهم مصيبون، وصلاته صحيحة إذا اعتقد أنه مصيب، وعليهم جميعا في مثل هذه المسائل أن ينتبهوا حتى لا يقعوا في الباطل، المسلم إذا دخل في الصلاة يقبل عليها بقلبه، ينتبه يخشع فيها حتى لا يقع سهو، وإذا وقع السهو عمل بشرع الله، إن كان إماما نبهوه: سبحان الله، سبحان الله. إن كان بزيادة لم يتابعوه بزيادة، وإن كان في النقص لم يتابعوه بالنقص، إذا علموا أنه زاد أو نقص إذا علموا بالزيادة يجلسون ينتظرونه، وإذا علموا بالنقص يقومون ويكملون، وعليه هو سجود السهو إذا زاد أو نقص، يتابعونه بالسجود، إن كان بالزيادة كمل الصلاة وسجد للسهو، وإن كان عن نقص قام وأتى بالنقص وسجد للسهو وسجدوا معه.(12/380)
196 - حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول
س: إذا أطال الإمام في التشهد الأول هل نصلي على النبي بعد التشهد، أو نقرأ التشهد ونصمت حتى يقوم الإمام (1)
ج: السنة أن يقرأ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا تيسر، سواء كان إماما أو منفردا أو مأموما؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ذلك بين لهم كيفية الصلاة، ولم يقل: هذا التشهد الأخير فقط. فأطلق فدل ذلك على أنه يشرع في التشهد الأول والأخير جميعا، فإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وآل محمد. إلى آخره، في التشهد الأول والأخير جميعا، هذا هو الأفضل وهذا هو الأرجح، وإن قام الإمام ولم يكمل قوله يقم مع الإمام، ويكفي قوله: وأن محمدا عبده ورسوله. لكن إذا تمكن يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أو كان إماما أو منفردا يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، هذا الأفضل وهو ظاهر الأحاديث الصحيحة.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (29) .(12/381)
197 - حكم صلاة الإمام إذا قام إلى ركعة زائدة جهلا منه
س: صليت المغرب مع جدي، وقد سبقني بركعة واحدة، وبدلا من أن يجلس للتشهد الأخير بعد الثالثة نهض ليأتي بركعة زائدة فأمسكته بيدي، وقلت: سبحان الله. ولكنه أصر على ذلك، وعندما جاء بهذه الركعة لم أسلم أنا ونهضت لأكمل صلاتي بركعة، هي في العدد رابعة، ولم أحتسب الركعة الرابعة له الثالثة لي، وبعدما انتهت الصلاة قلت له: لم زدت ركعة؟ قال: لكي تكمل صلاتك معي! جهلا منه. فما حكم هذه الزيادة في غير سهو، وجهل منه بحكم ذلك؟ وماذا عليه فعله الآن؟ وما حكم صلاتي أنا حيث زدت ركعة رابعة؛ إذ لم أحتسب زيادته، وأيضا سجدت للسهو جبرا للزيادة المعلومة (1)
ج: أما عملك أنت فقد أصبت حين نبهته، قلت: سبحان الله. وأمسكته ليجلس؛ لأن هذا هو الواجب عليه أن يجلس إذا نبه ولا يأتي بزيادة، وأنت الواجب عليك أن تجلس وتنتظر، فإذا جلس وسلم قمت وأتيت بالركعة التي فاتتك، ولا تتابعه في الزيادة، هذا هو المشروع، إذا قام الإمام إلى رابعة في المغرب، أو إلى ثالثة في الفجر، أو إلى خامسة
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (47) .(12/382)
في الرباعية كالظهر فإن المأموم ينبهه، يقول: سبحان الله، سبحان الله. والمرأة تصفق، ويلزمه الرجوع، يلزم الإمام الرجوع إلا إذا كان عنده يقين أنه لم يخطئ وأنهم هم المخطئون، وإلا فعليه الرجوع والجلوس حتى يكمل صلاته ثم يسلم، وعليه أن يسجد للسهو قبل أن يسلم سجدتين للسهو، فإن كان عنده يقين أنهم مخطئون وأنه مصيب كمل صلاته وتممها، أما المأمومون فهم يعملون بيقينهم، فإن كان عندهم يقين أنه زائد جلسوا وانتظروه حتى يسلموا معه، وإن كان ما عندهم يقين تابعوه وكملوا معه؛ لأنه إمامهم وعليهم متابعته، وليس لهم مخالفته إلا إذا كان عندهم يقين أنه مخطئ فهم يجلسون ولا يتابعونه في الزيادة. وهذا الذي قام لخامسة أتى بركعة زائدة جهلا منه؛ من أجل أن تكمل معه الصلاة هذا صلاته صحيحة؛ لأجل الجهل، مثل الذي قام لخامسة في الرباعية، أو ثالثة في الثنائية، أو رابعة في الثلاثية جهلا منه؛ يحسب أنه لا يرجع إذا قام واستوى قائما، بعض الناس يظن أنه إذا استوى قائما لا يرجع بل يكمل، وهذا غلط وجهل، صلاته صحيحة لجهله، ولكن ينبغي له أن يتعلم صلاته، ويتفقه في صلاته؛ حتى لا يعود لمثل هذا الجهل، والمقصود أنه إذا أتى بالخامسة، أو بالرابعة في الثلاثية، أو بالثالثة في الثنائية جهلا أو نسيانا فصلاته صحيحة، ولكن يسجد للسهو إذا كان(12/383)
عن نسيان، أما لو تعمد الخامسة في الرباعية، أو الثالثة في الثنائية، أو الرابعة في الثلاثية؛ المغرب وهو يعلم الحكم الشرعي، وتعمد القيام هذا متلاعب وصلاته باطلة، لكن الغالب أن هذا لا يقع تعمدا، إنما يقع من أجل الجهل أو النسيان، وتكون الصلاة صحيحة وعليه سجود السهو للنسيان، والمأموم عليه ألا يتابعه في الخطأ، إذا عرف أنه مخطئ لا يتابعه، بل ينبهه ولا يتابعه لا في الزيادة ولا في النقص، بل المأموم يعمل بيقينه، فإن كان الإمام زائدا جلس، وإن كان الإمام ناقصا قام المأموم يكمل ما عليه إذا لم يطاوعه الإمام، هذا هو الواجب على المأموم، وهذا هو الواجب على الإمام كما سمعت.(12/384)
198 - بيان وجه الاختلاف بين تحريم متابعة الإمام في الركعة الزائدة وبين حديث: «إنما جعل الإمام ليؤتم به (1) »
س: لماذا التزم الفقهاء عدم متابعة الإمام في الركعة الزائدة، بينما الحديث المرفوع يثبت متابعة الإمام وعدم الاختلاف عليه في السهو؟ ومن بين ذلك ما رواه الإمامان في الصحيحين، عن أبي هريرة ما يثبت متابعة الإمام في السهو حتى في الركعة الزائدة؛ وذلك عند قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم
__________
(1) صحيح البخاري الجمعة (1236) ، سنن الترمذي الصلاة (361) ، سنن أبي داود الصلاة (605) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1239) ، مسند أحمد (6/194) ، موطأ مالك النداء للصلاة (307) .(12/384)
به، فإذا كبر فكبروا (1) » إلى آخره، والحديث الثاني: لا تختلفوا عليه
ج: قد تقرر بالنص والإجماع أن الصلوات معروفة العدد ليس فيها زيادة ولا نقص، الظهر أربع في حق المقيم غير المسافر، والعصر كذلك والعشاء كذلك، والمغرب ثلاث والفجر اثنتان والجمعة اثنتان، فهي صلوات معروفة العدد، فإذا زاد الإمام ركعة فهو إما ساه وإما عامد، ولا يتصور أن إنسانا يزيدها عمدا إلا إنسانا لا يعرف الأحكام، ولا يدري عما هو فيه، وإنما الواقع أن يكون سهوا، فإذا زاد ركعة سهوا نبه، فإن انتبه ورجع وجلس فالحمد لله، وإن لم ينتبه وأصر على الزيادة فإن الواجب على من علم الزيادة ألا يتابعه؛ لأن هذه متابعة خطأ، ونحن مأمورون ألا نتابع الأئمة في الخطأ، إنما الطاعة في المعروف، الإمام نقتدي به لكن في المعروف لا في الخطأ، فالزيادة التي يزيدها الإمام سهوا تعتبر خطا وزيادة في الصلاة الشرعية، فمن عرفها وعلم أنها خطأ
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8297) .(12/385)
لا يتابعه، بل يجلس ولا يتابعه خامسة في الظهر والعصر والعشاء، ولا في الرابعة في المغرب، ولا في الثالثة في الفجر والجمعة، بل يجلس، أما من لم يعرف أنها زائدة فإنه يتابعه عملا بالحديث الذي ذكره السائل: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا ركع فاركعوا (1) » الحديث، هذا يتابعه، الجاهل الذي ما درى عن الزيادة، يتابعه لأن الأصل وجوب المتابعة، أما الذي عرف أنها زيادة فقد عرف أنها خطأ، فلا يتابعه في الخطأ، بل يجلس ولا يتابعه في الخطأ، ولا أعلم في هذا خلافا بين أهل العلم، وإن من عرف أن الإمام زاد ركعة فإنه ينبهه بقول: سبحان الله، سبحان الله. فإن أجاب الإمام ورجع إلى الصواب وإلا وجب على من علم أنها زائدة أن ينتظر الإمام، يجلس ولا يتابعه في الخطأ، هذا هو المعروف عند أهل العلم، وهو الموافق للأدلة الشرعية، إنما الطاعة في المعروف، وليس هناك أحد يطاع في المعاصي أبدا، ولا في الأخطاء، إذا عرفت أنه أخطأ لا تتابعه في الخطأ، أما الإمام الذي أصر ولم يرجع هو بين أمرين؛ إن كان يعتقد صحة ما فعل وأنه المصيب، وأن الذين نبهوا أخطئوا فقد أصاب وأحسن ولا
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412) .(12/386)
بأس عليه، إذا كان يعتقد أنه مصيب يكمل صلاته على نيته وعلى اعتقاده وصلاته صحيحة، والذين اعتقدوا أنه زائد صلاتهم صحيحة أيضا، ولا حرج على الجميع، كل تراجع باعتقاده وما علم أنه الصحيح بنفسه، أما إن كان هو ليس عنده ضبط، ولكنه أصر من دون ضبط فقد غلط، ولا يجوز له ذلك؛ لأنه أصر على الخطأ، فيكون هذه الزيادة، وهو قد نبهه اثنان فأكثر من المأمومين على أنها خطأ، وليس عنده ضبط يكون عمله غير صحيح، وتكون الزيادة هذه مبطلة لصلاته؛ لأنه تعمد زيادة ركعة غير مشروعة، فيكون زاد في الصلاة عمدا ما ليس منها فتبطل الصلاة بذلك، وأما الذين انفردوا عنه وجلسوا لاعتقادهم أنها زائدة فصلاتهم صحيحة، يكملون صلاتهم ويقرؤون التحيات ويسلمون، أما هو إذا كان ما عنده بصيرة، ولكن أصر على الخطأ، ولم يطاوع من نبهه من الجماعة إذا كانوا اثنين وأكثر فإن صلاته غير صحيحة، وعليه أن يعيدها من أولها؛ لكونه استمر في الباطل والخطأ على غير هدى، وأما إذا كان يعتقد أنه مصيب، وأن الذين نبهوا أخطؤوا، هذا مثل ما تقدم صلاته صحيحة، وهو مسؤول عن اعتقاده ولا حرج عليه، وإذا استمر ولم يرجع فالأفضل لهم أن ينتظروه، وإن سلموا أجزأت صحت؛ لأنهم معذورون بالانفراد، لكن إذا انتظروه يكون(12/387)
أحسن؛ لأنه قد يكون معذورا، قد يكون يعتقد هو بنفسه فيكون معذورا، فإذا انتظروه وسلموا معه يكون أحسن.(12/388)
199 - حكم إمامة من لا يصلي الفجر في جماعة
س: هل تارك صلاة الفجر، وحالق اللحية يقدم للإمامة بالمسلمين في الصلوات (1) ؟
ج: الذي لا يصلي الفجر في جماعة عاص، والذي يحلق لحيته عاص، وهكذا المدخن وشارب السكر كلهم عصاة، فلا ينبغي أن يكونوا أئمة للمسلمين، ينبغي لولاة الأمور ألا يجعلوهم أئمة، لكن لو بلي بهم الإنسان وصلى خلفهم صحت صلاته، كما صلى ابن عمر وغيره من الصحابة خلف الحجاج بن يوسف وهو من أظلم الناس سفاك للدماء؛ لأنه مسلم، وإنما الذي به معاص، الحاصل أن المعصية لا تمنع الإمامة، ولكن يكون صاحبها ناقصا الإمامة، يحسن الصلاة خلف غيره ويجب إبداله، إذا كانت معصيته ظاهرة، على ولاة الأمور الذين الشأن في الإمامة والنصب والعزل بأيديهم، عليهم أن يعزلوه ويلتمسوا الشخص السليم من هذه المعاصي حسب الإمكان، لكن إن
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (2) .(12/388)
كان يترك الفجر بالكلية لا يصلي بالكلية هذا كافر، لا يكون إماما لهم نعوذ بالله، إذا كان لا يصليها بالكلية هذا كافر، لكن الظاهر من مراد السائل: لا يصليها في الجماعة يتكاسل عنها. فهذا عاص، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: «لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق (1) » يعني في الجماعة، الحاصل أن من ترك الجماعة سواء الفجر أو الظهر أو العصر هذه معصية، إذا تركها من دون عذر هذه معصية، ومن كان معروفا بهذا الشيء لا ينبغي أن يكون إماما، بل ينبغي أن يعزل، وأن يتخذ إمام أصلح منه وأنفع للمسلمين وأبعد عن فعل المحرمات، لكن مثل ما تقدم إذا بلي الإنسان بمثل هذه الأمور فإن صلاته صحيحة، ولا يصلي وحده، بل يصلي مع الناس، تجوز الصلاة مع إمام يحلق، مع إمام يدخن، مع إمام قد يتكاسل عن بعض الصلوات في الجماعة، فإنه يصلي خلفه، والصلاة مع الجماعة مطلوبة، وهذا العاصي مضرته على نفسه، وعلى الناصحين أن يوجهوه ويرشدوه ويحذروه من مغبة هذا العمل السيئ، والله جل وعلا لطيف بعباده سبحانه وتعالى، وقد يوفق بما نصح للتوبة، يعني بسبب نصيحة إخوانه
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654) .(12/389)
قد يرجع للصواب بسبب هذه النصيحة والتوجيه.(12/390)
200 - حكم قضاء صلاة الراتبة بعد صلاة الفرض
س: يقول هذا السائل: عندما أذهب إلى المسجد لصلاتي الفجر والعصر أجد المؤذن يقيم الصلاة، أو أجد المصلين قد دخلوا في الصلاة، فهل أصلي السنة بعد الفجر والعصر في هذه الحالة؟ وماذا عن تحية المسجد (1) ؟
ج: إذا جئت والإمام في الصلاة، أو المؤذن يقيم فادخل معهم في الصلاة، ولا تصل تحية المسجد ولا الراتبة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2) » رواه مسلم في الصحيح. فإذا جئت والمؤذن يقيم فصف معهم وكبر معهم في الصلاة، ولا تصل النافلة؛ لا سنة الفجر ولا التحية، وهكذا إذا جاء - من باب أولى - وهم في الصلاة يدخل في الصلاة، ولا يصلي تحية ولا راتبة، وإذا فرغت من الصلاة: الظهر تصلي الراتبة القبلية ثم البعدية، والفجر كذلك؛ إذا فرغت من صلاة الفجر تصلي السنة الراتبة، ثنتين بعدها أو
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (298) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710) .(12/390)
بعد طلوع الشمس، أما سنة المغرب فهي بعدها، والعشاء بعدها والحمد لله.(12/391)
201 - حكم قطع صلاة النافلة إذا أقيمت الصلاة المفروضة
س: إذا أقيمت الصلاة وأنا قد شرعت في صلاة السنة هل أقطعها وكيف يتم ذلك؟ أم أن علي أن أكمل حتى لو فاتتني ركعة من صلاة الفريضة (1) ؟
ج: الصحيح أنك تقطعها بالنية ويكفي، ما يحتاج سلام، تقطعها بالنية، وتشتغل بالفريضة تقف مع الإمام وتستعد لتكبيرة الإحرام؛ لأن الفريضة مقدمة، والأصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2) » رواه مسلم في الصحيح. فالفريضة أهم، تقطع النافلة وتشتغل بالإعداد للفريضة، وقال بعض أهل العلم: إنه يتمها خفيفة. ولكنه قول مرجوح مخالف للحديث الصحيح، لكن لو أقيمت وأنت في الركعة الأخيرة في السجود أو في التحيات تكمل؛ لأن هذا شيء بسيط لا يمنعك من القيام للفريضة، إذا كنت قد
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (177) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710) .(12/391)
ركعت الركعة الثانية تكمل؛ لأنه ما بقي إلا أقل من الركعة، أما إذا أقيمت وأنت في الأولى، أو في الثانية قبل الركوع فإنك تقطع، هذه السنة.(12/392)
س: إذا شرع الإنسان في صلاة النافلة، وأقيمت الصلاة المكتوبة وأثناء تأديته للنافلة هل يتم صلاته، أم يقطعها بالدخول في الفريضة؟ وإذا قلتم بقطع النافلة فهل تصير دينا عليه أن يؤديها بعد الفريضة أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لقد شرع الله جل وعلا على المسلم إذا سمع الإقامة أن يقطع الصلاة التي هو فيها، ويشتغل بالفريضة، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2) » خرجه مسلم في صحيحه. فإذا أقيمت الصلاة والمؤمن يصلي فإنه يقطعها سواء كانت تحية المسجد، أو راتبة يقطعها ويشتغل بالفريضة، وليس عليه قضاؤها بعد ذلك؛ لأنها نافلة لا يجب عليه قضاؤها.
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (248) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710) .(12/392)
س: إذا أقيمت الصلاة وأنا في النافلة هل أقطعها لأدرك التكبيرة مع(12/392)
الإمام (1) ؟
ج: هذا هو الأفضل قطعها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2) » تقطعها وتشتغل بالصلاة مع الإمام، إلا إذا كنت في آخرها بعد الركوع في الثانية تكمل، ما بقي من الصلاة إلا قليل، وأقل الصلاة ركعة، فإذا كنت قد صليت ركعتين ركعت الركوع الثاني، ما بقي إلا السجود أو التحيات فالأظهر - والله أعلم - أنه لا حرج عليك تكملها؛ لأنه ما بقي إلا جزء من ركعة.
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (228) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710) .(12/393)
س: أثناء صلاة الراتبة تقام صلاة الفريضة، فهل أترك صلاة الراتبة وأذهب لصلاة الفريضة، أم أكمل صلاة الراتبة؟ كيف أخرج من صلاة الراتبة (1) ؟
ج: ما دمت صليت الفريضة يكفيك هذا، وإذا شرعت في صلاة النافلة كملها، وليس هناك حاجة لقطعها للصلاة مع الناس الآخرين، وإن صليت معهم قبل أن تشرع في النافلة، صليت مع الجماعة الجديدة فلا بأس، لكن هم ليسوا في حاجة إليك، وإن صليت معهم فلا بأس، فإن كان واحد صل معه حتى تكون أنت وإياه جماعة؛ لقوله صلى الله
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (356) .(12/393)
عليه وسلم لما دخل رجل وقد صلى الناس، قال عليه الصلاة والسلام: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (1) » إذا كان واحدا قد فاتته الصلاة، وقمت وصليت معه حتى تكونا جميعا جماعة هذا حسن، أما إن كانوا جماعة فأنت مخير؛ إن صليت معهم فلك أجر، وإن اشتغلت بالنافلة فلا بأس، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر أنه يأتي في آخر الزمان قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل، فإنها لك نافلة (2) »
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية تأخير الصلاة عن وقتها المختار، برقم (648) .(12/394)
س: يقول السائل: إذا أقيمت الصلاة وأنا في نافلة، ثم صار هناك فراغ بيني وبين الصف هل علي حرج أن أمشي حتى أصل إلى نهاية الصف (1) ؟
ج: عليك أن تقطع النافلة، يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت
__________
(1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (409) .(12/394)
الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (1) » فعليك أن تقطعها وتدخل في الفريضة، تتقدم إلى الفرجة وتسدها، إلا إذا كنت في آخرها قد ركعت الركوع الثاني، في السجود، في التحيات تكملها، ثم تقوم وتدخل في الصف مع الإمام، أما إذا كان بقي عليك ركعة أو أكثر تقطعها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2) » أخرجه مسلم في الصحيح.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710) .(12/395)
202 - حكم من صلى منفردا ثم أقيمت جماعة أخرى
س: ما حكم من صلى الفرض منفردا ثم أقيمت جماعة؟ هل يعيد الصلاة مع الجماعة؟ وإذا أعاد الصلاة مع الجماعة هل ينويها قضاء أو نفلا، أو يعيد الفرض نفسه الذي صلاه قبل الجماعة (1) ؟
ج: يشرع لمن صلى فردا ثم جاءت جماعة أن يصلي معهم؛ اغتناما لفضل الجماعة، وتكون صلاته معهم نافلة والأولى هي فرضه، هذا هو الصواب، ومما يدل على هذا قوله عليه الصلاة والسلام لأبي ذر لما ذكر الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، قال: «صل الصلاة
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (5) .(12/395)
لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل، فإنها لك نافلة (1) » ولما دخل رجل وقد صلى الناس قال عليه الصلاة والسلام: «ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه (2) » فالحاصل أنه إذا صلى الفرض فرد، ثم جاءت جماعة شرع له أن يصلي معهم حتى يدرك فضل الجماعة، وإن كان صلى قبل الناس يحسب أنهم قد صلوا، ثم جاء الناس وجاء الإمام فيشرع له أن يصلي معهم، وتكون فرضه الأولى، والثانية نافلة سواء كان منفردا أو في جماعة، إذا صلى الأولى فرضه منفردا أو في جماعة، ثم حضر جماعة أخرى فصلاته معهم نفل لا فرض، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم لما قيل له في منى في حجة الوداع، عن شخصين إنهما لم يصليا، دعاهما فقال: «ما منعكما أن تصليا معنا؟ "، قالا: قد صلينا في رحالنا. قال عليه الصلاة والسلام: " فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكم، ثم أدركتم الإمام لم يصل فصليا معه، فهي لكم نافلة (3) »
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية تأخير الصلاة عن وقتها المختار، برقم (648) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11219) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث يزيد بن الأسود العامري رضي الله عنه، برقم (17025) .(12/396)
فأمرهما أن يصليا مع الإمام إذا حضرا وهو في الصلاة، وأخبر أنها نافلة لهما، وأن صلاة الفريضة هي التي تقدمت.(12/397)
203 - حكم إقامة الإمام للصلاة مبكرا ولم تحضر الجماعة بعد
س: إذا كان الإنسان قد أتى المسجد وهو إمام، ولم يأت أحد ليصلي، ثم صلى فحضر أناس بعدما صلى هل يصلي معهم أو بهم، أو تكفيه صلاته؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: المشروع للإمام إذا جاء للمسجد ألا يعجل، وأن ينتظر المأمومين، يتأخر عن العادة قليلا؛ لأن الناس قد يشغلون بأشغال تمنعهم التبكير، فإذا تأخروا تأخرا خلاف العادة وصلى، ثم جاءوا فإنه يشرع أن يصلي بهم فتكون له نافلة، كما كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم يرجع ويصلي بأصحابه وتكون له نافلة ولهم فريضة، فإذا صلى بهم فجزاه الله خيرا، وإن أمهم غيره ولم يصل بهم فلا حرج عليه.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (291) .(12/397)
204 - حكم تعدد جماعات المصلين في المسجد لوقت واحد
س: هل يجوز الانتقال من جماعة في المسجد إلى جماعة أخرى؟ وأي(12/397)
الصلاة تكون هي الصلاة الواجبة؟ وأيها تكون السنة (1) ؟
ج: إذا صلى مع جماعة فلا وجه لانتقاله إلى جماعة أخرى، إذا أحرم مع جماعة ثم جاءت جماعة أخرى فيكمل مع الجماعة التي أحرم معها، ولا نرى وجها لانتقاله لجماعة أخرى، ما دام أحرم مع جماعة يصلي معهم، ثم جاءت جماعة أخرى تصلي فإنه لا ينتقل إليها، بل عليه أن يصلي مع الناس، فإذا جاءت جماعة أخيرة تصلي مع الجماعة الأولى ولا تنفرد؛ لأن هذا اختلاف لا وجه له، وبدعة في الشرع، كونه يصلي جماعتان في المسجد أو ثلاث فلا وجه له، بل الواجب أنهم إذا جاءوا والإمام الأول لم يصل صلوا معه إذا لم يكن به مانع، أما إذا كان الإمام الأول فيه مانع؛ ككونه - مثلا - كافرا لا تصح الصلاة خلفه هذا له وجه شرعي، لكن إذا كان الإمام ممن تصح الصلاة خلفه فإنه لا تتعدد الجماعة، بل يصلون جميعا، ولا يتعدد في المسجد جماعات في وقت واحد، لكن إذا صلى الجماعة الأولى، وجاء ناس ما صلوا فإنهم يصلون جماعات، وقول بعض السلف: إنهم يصلون فرادى قول ضعيف ليس بصواب، والصواب أنهم إذا جاءوا وقد صلى الناس يصلون
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (5) .(12/398)
جماعة لا غبار عليه؛ حرصا على فضل الجماعة وعملا بالأحاديث العامة، ومن ذلك ما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده؛ وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل؛ وما كان أكثر فهو أحب إلى الله (1) » فالجماعة مطلوبة، فإذا فاتته الصلاة مع الجماعة الرسمية التي هي الجماعة الأساسية في المسجد، ثم أدرك جماعة يصلون صلى معهم جماعة، ولا يصلي وحده.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في فضل صلاة الجماعة، برقم (554) ، والنسائي في المجتبى، كتاب الإمامة، باب الجماعة إذا كانوا اثنين، برقم (843) .(12/399)
205 - حكم صلاة من سلم قبل أن يسلم الإمام التسليمة الثانية
س: الأخ: أ. ع. ن. م. ص. من الجمهورية العربية اليمنية، يسأل ويقول: صليت في بعض المساجد فوجدت لهم طريقة عجيبة في التسليم، حيث يسلم الإمام التسليمة الأولى، ويسلم المصلون خلفه، ثم يسلم الثانية ويسلمون، فهل ذلك صحيح (1) ؟
ج: السنة أن يسلم الإمام التسليمتين جميعا، ثم يسلم المأمومون بعده، هذا هو السنة، ولكن هذا الذي فعله هؤلاء صحيح، صلاتهم
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (106) .(12/399)
صحيحة، إذا سلموا الأولى بعد الأولى والثانية بعد الثانية فلا حرج في ذلك، إلا أنه خلاف السنة، خلاف الأفضل، بل السنة أن ينتظروا حتى يسلم إمامهم التسليمتين، ثم يسلموا بعده، هذا هو السنة وهذا هو المعروف من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة فيما بلغنا، لكن إذا كان سلموا بعد التسليمة الأولى، ثم سلموا بعد التسليمة الثانية صحت الصلاة، ولا شيء عليهم لأنهم لم يسابقوه، ما سبقوه بشيء.(12/400)
س: السائل: أبو معاذ، من الرياض، يقول: يقوم بعض الناس بالتسليم مع الإمام، والبعض الآخر يسلم بعد التسليمة الأولى للإمام، فهل صلاتهم صحيحة؟ وما الحكم في هذه الحالة (1) ؟
ج: الواجب التسليم بعد الإمام، النبي صلى الله عليه وسلم أمر ألا يسلم إلا بعد سلام الإمام، فلا يجوز للمأموم أن يسلم إلا بعد سلام إمامه، وإذا سلم عامدا قبل سلام إمامه، أو قبل التسليمة الثانية بطلت صلاته، عليه أن يعيدها إذا كانت فريضة، أما إذا كان ساهيا لا، إذا كان ساهيا يعود ينوي الصلاة، ثم يسلم بعد إمامه، ولا يضر إذا كان ساهيا.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (420) .(12/400)
س: يقول السائل: عندما يسلم الإمام من الصلاة هل يسلم المأمومون(12/400)
بعد التسليمة الثانية، أو الأولى مباشرة (1) ؟
ج: بعد الثانية، لا يسلمون حتى يسلم الثانية.
__________
(1) السؤال الثالث والستون من الشريط رقم (431) .(12/401)
206 - حكم صلاة من سلم قبل إمامه سهوا
س: ما حكم السلام قبل الإمام في حالة السهو؟ هل صلاته صحيحة أم لا (1) ؟
ج: إذا سلم المأموم قبل الإمام سهوا فإنه يرجع إلى نية الصلاة، ثم يسلم بعد إمامه ولا شيء عليه، صلاته صحيحة إلا أن يكون مسبوقا، فإن كان مسبوقا بركعة أو أكثر فإنه يسجد للسهو بعد أن يقضي ما عليه، فإذا قضى ما عليه من الركعات سجد للسهو عن سلامه سهوا قبل إمامه.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (36) .(12/401)
207 - حكم صلاة الإمام إذا كان يسلم تسليمة واحدة
س: هذا السائل: ف. ص. يقول: لنا في قريتنا مسجد يصلون فيه صلاة الجماعة، ولكن الإمام بعد الانتهاء من الصلاة يسلم على جهة يده اليمنى فقط؛ أي تسليمة واحدة. هل يجوز ذلك (1) ؟
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (406) .(12/401)
ج: الصواب لا يجوز، يعلم والذي مضى مضى، ولكن يعلم بأن يسلم ثنتين؛ لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم تسليمتين، عليه الصلاة والسلام، فيعلم هذا الإمام، وما مضى يعفو الله عنه إن شاء الله، لكن لأجل جهله واعتقاده أن هذا هو المجزئ، لكن المستقبل يجاهد نفسه، ويعلم يوضح له أن الواجب عليه أن يسلم تسليمتين.(12/402)
208 - حكم خروج المأموم من المسجد قبل انصراف الإمام
س: بعض الناس بعد انصراف الإمام للمأمومين يقول: لا يجوز للمأموم أن يفارق المسجد ما لم ينصرف الإمام إليه. هل هذا صحيح أم لا (1) ؟
ج: محتمل، والأقرب أنه غير صحيح، لكن والأولى له ألا ينصرف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف (2) » والمشهور في الانصراف هنا أنه السلام، الانصراف إليهم مثل ما قال ثوبان: كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا. إذا انصرف يعني: سلم. أما انصرافه إليهم فالأولى أن يصبروا حتى ينصرف إليهم، هذا هو الأولى، ولكن لو قاموا قبل ذلك فالظاهر أنه لا
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (15) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما، برقم (426) .(12/402)
حرج، إنما الانصراف في الحديث المراد به السلام، هذا هو الظاهر من الأحاديث.(12/403)
209 - حكم صلاة المسبوق ووجه الإمام مقابل له بعد الانصراف من الصلاة
س: نعلم أنه من السنة أن يلتفت الإمام بعد السلام، ولكن هناك بعض الناس يكمل صلاته، ويكون وجه الإمام مقابلا له، فماذا يفعل الإمام (1) ؟
ج: لا يضره، بل يصلي ويقضي ما عليه، ولو كان أمامه الإمام.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (262) .(12/403)
210 - حكم الاقتداء بالتليفزيون أو الراديو في الصلاة
س: إذا كنت أشاهد الناس يصلون في التليفزيون، أو أسمعهم في الراديو فهل لي أن أقتدي وأصلي (1) ؟
ج: لا ليس لك ذلك، تصلي وحدك إلا أن تستطيع الخروج إلى الجماعة، وإلا فعليك أن تصلي في المساجد، أما إذا كنت مريضا تصلي وحدك، إن كان معك أحد في البيت يصلي معك فليصل معك؛ كأهلك،
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (221) .(12/403)
وإلا صل وحدك والحمد لله، أما إذا كنت تستطيع فالواجب عليك أن تصلي مع الجماعة في مساجد الله، وعليك أن تحذر مشابهة أهل النفاق، أما الصلاة عن طريق الراديو أو من طريق التلفاز، تقتدي بالإمام بصوت المكبر فهذا لا يجوز.(12/404)
س: تقول السائلة: هل لي أن أصلي مقتدية بما أسمع في الراديو (1) ؟
ج: ليس لك ذلك، صلي وحدك، ولا تقتدي بما في الراديو.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (292) .(12/404)
س: من يسمع صوت المصلين هل يقتدي بالإمام وهو في الراديو مثلا (1) ؟
ج: هذا فيه تفصيل: إن كان مقصوده أنه يصلي بموجب الراديو، والذي ينقل صوت الإمام من مسجد آخر فهذا لا يجوز أن يصلي به. أما إذا كان قصده: أنه قد يشوش عليهم الراديو إذا تحدث الراديو بكلام، أو مفتوح هذا ينبغي إغلاقه؛ حتى لا يشوش عليهم وهم يصلون. أما إذا كان المقصود أن يأتم بالراديو، ويصلي خلف الراديو الذي ينقل مثل صلاة الحرم وصلاة المدينة، أو صلاة أي مسجد فهذا لا يجوز؛ لأنه قد ينقطع فتختل العبادة، ولأنه ليس مع الصفوف في المسجد،
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (151) .(12/404)
وهو بعيد عنهم، فليس له أن يقتدي بالراديو، بل يصلون صلاة مستقلة، ليس فيها تعلق بالراديو، وهذا هو الواجب.(12/405)
211 - حكم متابعة المرأة للإمام وهي في بيتها المجاور للمسجد
س: الأخ: ب. م. ع: يقول: زوجتي تصلي صلاة المغرب، وهي تتابع الإمام، تصلي في البيت، فهل ما تفعل صحيح أم لا (1) ؟
ج: إذا كانت ترى الإمام، أو ترى المأمومين فلا بأس، وإن كانت لا تراهم فليس بصحيح، فالواجب أن تصلي وحدها، ولكن لا قضاء عليها إن شاء الله، وقيل: إن بعض أهل العلم قال بجواز ذلك، لكن في المستقبل لا تصل مع الإمام إلا إذا كانت تراه، أو ترى بعض المأمومين، أو معهم في المسجد.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (272) .(12/405)
212 - حكم صلاة النساء في مصلى محاذ لصفوف الرجال
س: في حضرموت توجد مساجد للنساء ملاصقة تماما لمساجد الرجال، حيث تصلي فيها النساء الفرائض. والسؤال هو: هل للنساء مساجد؟ حيث وضع هذه المساجد التي في حضرموت أنها ملاصقة وموازية للرجال وليس خلفهم، ومفتوح لها باب(12/405)
بالجانب إذا أقيمت الصلاة، وتكون النساء مصافات للرجال، ولكن خلف الإمام (1)
ج: لا نعلم لهذا أصلا؛ أنهن يوجد لهن مساجد، وإنما المعروف أنهن يصلين خلف الرجال في مؤخرة المسجد، هذا هو الأولى، أن يكون في المؤخرة خلف الرجال، هذه السنة أن يكن خلف الرجال في مؤخرة المسجد، لكن هؤلاء إذا جعلوا عن يمين الرجال، أو عن شمال الرجال فلا بأس، يصح لأنهن لسن مخالطات للرجال، فصح أن يكن معهم في هذا، إذا كانت صفوفهن توازي صفوف الرجال عن اليمين أو الشمال، فإن الصلاة صحيحة حينئذ، ولا حرج في ذلك، لكن الأفضل والأولى أن تكون مصلياتهن خلف الرجال في مؤخرة المساجد، ويكون بينهن وبين الرجال شيء من الستر، فيكون حسنا حتى يتمكن من الصلاة من غير تعب ولا مشقة، إذا كان بينهن وبين الرجال ستر لا يمنع من رؤيتهن المأمومين، ولا يمنع من سماع صوت الإمام هذا هو الأفضل، لكن وجودهن عن يمين الصفوف، أو عن شمال الصفوف، مثل ما ذكر هنا لا حرج فيه إن شاء الله؛ لأنهن يستفدن من الصلاة مع
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (21) .(12/406)
الإمام، ومن الخطبة ومما قد يقع من المواعظ، هذا كله لا بأس به، والنبي عليه السلام قال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله (1) » لكن عليهن أن يخرجن في غير تبرج ولا طيب ولا تكشف؛ حتى لا يفتن الرجال.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء، برقم (900) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيبة، برقم (442) .(12/407)
213 - حكم متابعة جماعة من المصلين خارج المسجد للإمام في صلاته
س: يوجد في الحي الذي نسكن فيه مسجد، ويوجد خلفه مكان يصلي فيه النساء صلاة التراويح في رمضان، وهذا المكان منفصل عن المسجد بجدار، ويمر أمامه بعض الرجال الخارجين من المسجد، ولا نرى الإمام. هل تجوز الصلاة والحال ما ذكر؟ جزاكم الله خيرا، علما بأنا قد صلينا عدة أعوام في ذلكم المكان، جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كنتم ترون المأمومين، أو بعض المأمومين فلا بأس، وإن
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (274) .(12/407)
كنتم لا ترون لا الإمام ولا المأمومين فلا تصلوا في هذا المكان، صلوا في بيوتكم، أو يفتح نوافذ في الجدار الذي عندكم حتى تروا المأمومين، وإلا فصلوا في بيوتكم، والماضي يعفو الله عما سلف، لا حرج في الماضي؛ لأن بعض أهل العلم يرى أنه لا بأس بهذا، لكن الصواب إذا كان المكان خارج المسجد فلا يصلي فيه أحد، إلا إذا كان يرى الإمام أو المأمومين، ولا يكتفى بالصوت سماع الصوت. أما إذا كان البناء ملحقا بالمسجد فإنه لا بأس، كالخلوة ونحوها.(12/408)
214 - حكم صلاة النساء في مصلى منفصل عن المسجد
س: يوجد في بعض الأسواق مصلى للنساء، وهو يلتصق بالمسجد في ذلك السوق، فهل يجب على النساء اللاتي يصلين فيه أن يلتزمن بصلاة إمام المسجد، أم يصلين لوحدهن مع العلم أنهن يسمعن صوت الإمام (1) ؟
ج: إن هؤلاء النسوة يصلين لوحدهن، ولا يقتدين بالإمام، وإذا كن لا يرين الإمام ولا يرين المأمومين، وإنما يسمعن الصوت، الصوت لا يكفي ما دمن خارج المسجد، ما دمن خارج المسجد يصلين وحدهن،
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (364) .(12/408)
كل واحدة تصلي وحدها، أما إذا كن يرين الإمام أو المأمومين، أو كن في داخل المسجد فلا بأس، يكفي أن يقتدين بالإمام في هذه الحالة، أما إذا كن خارج المسجد فإنهن يصلين وحدهن إذا كن لا يرين الإمام، ولا يرين المأمومين.(12/409)
215 - حكم صلاة المرأة وراء الإمام وهي في غرفتها فوق المسجد
س: السائلة: ن. ع. من المدينة المنورة، تقول السائلة: امرأة تسكن مع زوجها في الطابق الأعلى من المسجد، وهي تقوم بالصلاة وراء الإمام، وهي في غرفتها فوق المسجد، فهل صلاتها جائزة، أم لا؟ مع العلم أنها تقوم بمتابعة الإمام في الصلاة منذ سنتين تقريبا، فهل الصلاة جائزة وصحيحة، أم لا؟ وإذا كانت غير جائزة هل تقوم بقضائها (1) ؟
ج: إذا كانت لا ترى الإمام ولا المأمومين فلا ينبغي لها أن تقتدي بالإمام، بل تصلي وحدها، وما مضى لا إعادة عليها فيه؛ لأن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، منهم من رأى جواز ذلك، فنرجو ألا يكون عليها إعادة، ولكن في المستقبل ننصحها أن تصلي وحدها، لا تتابع
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (273) .(12/409)
الإمام إلا إذا كانت ترى الإمام، أو ترى من خلفه، وإلا فإنها تصلي وحدها؛ لأن محلها ليس تابعا للمسجد، المسجد مستقل، وسطح المسجد على ما ذكرته السائلة مستقل؛ لأن الذي بنى المسجد إنما أراد الطابق الأسفل، أما الطابق الأعلى فجعله مسكنا، ليس من المسجد، ولهذا سكنه هو وأهله، فالحاصل إذا كان سطح المسجد ليس تابعا للمسجد فإن أهله ينامون فيه، ويجامع زوجته، ويقضي حاجته؛ لأنه ليس تابعا للمسجد، إنما بني المسجد الذي تحت السقف. أما إذا كان المسجد بني للعبادة، وسقفه تبع له، ناويه تبعا للمسجد فهذا لا يسكن فيه فوق للمرأة وأهلها يجامعها فيه وتحيض فيه وتقضي حاجتها؛ لأنه من المسجد، بل يصلى فيه ويحفظ ويصان؛ لأنه تابع للمسجد. أما إذا كان المسجد إنما هو الأسفل، والذي بنى المسجد ما نوى السطح تبعا للمسجد، بل نواه سكنا له أو للتأجير فهذا مستقل، ولا يكون له حكم المسجد، والساكن فيه لا يصلي فيه تبعا لإمامة المسجد، إلا إذا كان يرى الإمام أو يرى من خلفه، أو بعضا من المأمومين، وإلا فإن المرأة فيه تصلي وحدها، أو المريض الذي فيه يصلي وحده، لا يصلي مع الناس، ما دام لا يرى الإمام ولا يرى بعض من خلفه، لكن إذا كان السقف تابعا للمسجد فإنه لا يتخذ سكنا؛ بحيث يجامع الرجل فيه(12/410)
امرأته، وبحيث يقضي حاجته من بول أو غيره، أو تجلس فيه الحائض؛ لأنه تابع المسجد، أما إذا كان ليس تابعا للمسجد فما تحته فهو مملوك لأهله. أما إذا كان المسجد يتكون من دورين لا يشترط على الذين في الدور العلوي أن يروا الإمام أو بعض من خلفه؛ لأنه تابع للمسجد، مثل الخلوة في المسجد، بشرط أن يسمعوا الصوت.(12/411)
216 - حكم الصلاة فوق سطح المسجد
س: ما الحكم في الصلاة فوق سطح المسجد، علما أن السطح ينفصل عن المأمومين الذين يقعون خلف الإمام، وربما تقدمت الصفوف التي في السطح على الإمام (1) ؟
ج: الصلاة في السطوح صحيحة، سطح المسجد أو سطح الخلوة، ما داموا يستطيعون متابعة الإمام بالرؤية، أو بسماع التكبير صارت صلاتهم صحيحة؛ لأنهم في المسجد ومع الإمام، لكن لا يتقدموا على الإمام، يكونون خلف الإمام أو عن يمينه وشماله، ولا يتقدموا عليه، لا يجوز التقدم عليه، بل الواجب أن يكونوا خلفه، وعند الحاجة عن يمينه وشماله، وإلا فليكونوا خلفه، مثل الصفوف التي وراءه بالأسفل،
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (41) .(12/411)
وصلاتهم صحيحة إذا تمكنوا من المتابعة؛ برؤية الإمام أو رؤية من وراءه، أو سماع الصوت.(12/412)
217 - حكم الصلاة في توسعة المسجد الحرام
س: هذه رسالة وصلت من مستمعة للبرنامج تقول: هل تجوز الصلاة في المكان الواسع؛ أي أمام باب السلام في مكة؛ أي خارج الحرم؟ علما بأنه يوجد أماكن واسعة داخل الحرم في صلاة الجماعة. وكذلك هل تصح الصلاة في بئر زمزم (1) ؟
ج: الواجب الدخول إلى المسجد والصلاة مع الجماعة في المسجد، فإذا كان هناك صفوف في الخارج فلا حرج أن يصلي معهم، أما أن يصلي وحده في الخارج فلا، يدخل ويصف مع الناس، ولو فرضنا أن هناك صفوفا في الخارج وصفوفا في الداخل، وأمكنه الدخول فإن المشروع له والأفضل أن يدخل حتى يكمل الصفوف الأولى. ولا حرج في الصلاة في زمزم، وعلى ظهر زمزم لا بأس.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (357) .(12/412)
218 - بيان الأعذار التي تجيز التخلف عن صلاة الجماعة
س: يقول السائل: ما هي الأعذار التي تجيز للمسلم التخلف عن(12/412)
حضور صلاة الجماعة في المسجد (1) ؟
ج: الأعذار ذكر العلماء منها عدة: منها المرض؛ مثل المريض الذي يشق عليه الخروج. ومنها: الخوف لو خرج يخشى على نفسه. ومنها: حضور أحد الخبثين: البول والغائط، كونه يتخلف لقضاء حاجته نزل به هذا، ولم يتيسر له الخروج لقضاء الحاجة، وفاتته الجماعة فهو معذور، لكن ينبغي له أن يتحرى قبل ذلك؛ ليتفرغ للجماعة، لكن لو حدث أراد الخروج فحدث به حادث البول، أو الغائط فإنه مأمور للتخلص منهما؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان (2) » ومنها: إذا حضر الطعام بين يديه يبدأ به، لا يتخذه عادة يقدم الطعام حتى يتخلف عن الصلاة، لكن لو قدم بين يديه في بيته، أو عند بعض من استضافهم فإنه يبدأ بالطعام ولو فاتته الجماعة، هذه الأعذار. ومنها: لو كان بعيدا لا يسمع النداء، المساجد بعيدة عنه لا يسمع النداء فهذا عذر أيضا، أما إذا كان يسمع النداء فيلزمه أن يجيب، من طريق الصوت العادي، أما من طريق المكبرات فقد يسمع
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (247) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (560) .(12/413)
من بعيد ولا يلزمه، لكن إذا كان بالصوت العادي بدون مكبر يسمع عليه أن يجيب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1) » أو كان في البلد يجيب؛ لأن البلد لو هدأت الأصوات لسمع، عليه أن يجيب ويصلي مع الناس ولا يتأخر.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .(12/414)
219 - حكم التخلف عن صلاة الجماعة لعذر
س: أعيش في منزل ليس فيه سوى والدي وزوجتي وطفلين صغيرين، وفي إحدى المرات أمرني والدي أن أصلي الفجر في المسجد، لكن زوجتي استحلفتني بالله ألا أخرج من البيت إلا بعد مجيء والدي من المسجد؛ خوفا من بقائها وحدها، وعندما عاد والدي وسألني عن عدم ذهابي إلى المسجد أخبرته، فاستحلفني بالله ألا أذهب إلى المسجد، وأن أصلي في البيت، فأخبرته أن صلاة المسجد أفضل من صلاة المنزل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» . ومع هذا أصر علي أن أصلي في البيت، وأنني إذا خرجت فسوف لن(12/414)
يسمح لي بدخوله مرة أخرى، فأطعته امتثالا لأمره. أفتوني في هذا جزاكم الله خيرا، ولا سيما أن الزوجة تشكو دائما من بقائها وحدها في المنزل (1)
ج: إذا كان على زوجتك خطر وهي غير آمنة؛ لأن حولها من يخشى منه فلك عذر أن تصلي في البيت خوفا على زوجتك. أما إذا كان المحل آمنا، ولا شبهة فيما ذكرته الزوجة، وإنما هو تساهل منها فصل في المسجد، وأطع الله قبل والدك، عليك أن تصلي في المسجد مع المسلمين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » وفي حديث آخر: قد سأله رجل أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة إن صليت في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء للصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (3) » رواه مسلم في الصحيح. والرسول أمر أعمى ليس له قائد يلائمه أن يصلي في المسجد ولم يعذره، فأنت أولى وأولى. ولا تلزم طاعة الوالد في خلاف الشرع؛ لأن الرسول
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (164) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653) .(12/415)
يقول عليه الصلاة والسلام: «إنما الطاعة في المعروف (1) » ويقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل (2) »
لكن إذا كانت الزوجة غير آمنة، والمحل غير آمن، والخطر موجودا فلا بأس، هذا عذر شرعي. أما حديث: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد (3) » فهذا حديث ضعيف. ليس محفوظا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه مشهور عن علي رضي الله عنه، ولكن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يغني عن ذلك؛ وهما الحديثان السابقان: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (4) » وحديث أبي هريرة في قصة الأعمى الذي تقدم ذكره، قال للأعمى: «أجب (5) » هذان الحديثان الصحيحان يغنيان عن حديث: «لا صلاة لجار المسجد إلا
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، برقم (1840) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (1098) .
(3) أخرجه الدارقطني في سننه، باب الحث لجار المسجد على الصلاة فيه إلا من عذر (ج1 419) .
(4) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653) .(12/416)
في المسجد (1) » . المقصود أن الواجب على المسلمين من الرجال أن يصلوا في المساجد، وأن يكثروا سواد المسلمين، وأن يخرجوا إلى المسجد، وألا يتشبهوا بالمنافقين، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: «لقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني في البيت - إلا منافق معلوم النفاق (2) » وقد هم النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرق على من تخلف بيته. فالواجب عليك وعلى كل مسلم قادر أن يصلي في بيته إلا من عذر شرعي؛ كالمرض والخوف. رزق الله الجميع الهداية والتوفيق.
__________
(1) أخرجه الدارقطني في سننه، باب الحث لجار المسجد على الصلاة فيه إلا من عذر (ج1 419) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654) .(12/417)
220 - حكم صلاة العامل في محل عمله لعذر
س: الأخت: خ. أ. ع. من الرياض، تقول: سماحة الشيخ، هل يجوز لمن يمنعه عمله من الصلاة مع الجماعة أن يصلي وحده إذا كان ليس معه أحد يصلي في العمل، أم يجب عليه ترك العمل (1) ؟
ج: هذا فيه تفصيل: إن كان عمله يمنعه من الجماعة؛ لأنه عمل خطير، لو ذهب عنه لوقع الخطر كالحارس هذا له العذر، يصلي في محل حراسته، أما إذا كان يستطيع أن يذهب ويرجع؛ لأنه لا خطر في ذلك فإنه
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (148) .(12/417)
يذهب ويرجع لعمله كسائر الموظفين، إذا أذن الظهر خرجوا للصلاة ثم رجعوا إلى عملهم، ليس في هذا شيء، ولا يجوز له أن يصلي وحده، بل يجب عليه أن يصلي مع المسلمين في مساجدهم، ثم يرجع إلى عمله، أما إن كان عمله يقتضي أن يلازم المحل، وألا يتعدى المحل، كالحارس مثلا ونحوه، ممن أعمالهم توجب لزومهم المكان الذي عينوا فيه؛ لأن فراقه يحصل به خلل من حراسة ونحوها فهؤلاء يصلون في محلهم، ويكون عذرا لهم هذا العمل الذي وكل إليهم.(12/418)
221 - حكم تأخير أداء الصلاة مع الجماعة لعذر العمل
س: يسأل المستمع ويقول: أنا أعمل في مدرسة كمشرف، والدوام يستمر حتى انتهاء صلاة الظهر، ولا أستطيع الخروج من المدرسة لأداء الصلاة في الجماعة الأولى، فهل يجوز لي تأخير الصلاة إلى ما بعد انتهاء الدوام (1) ؟
ج: الواجب عليك أن تصلي مع الجماعة في المسجد أو في محلكم، إن كان أمكنك الخروج إلى المسجد وجب عليكم جميعا أن تصلوا في المسجد إذا كان المسجد قريبا تسمعون الأذان، فإن كان
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (384) .(12/418)
المسجد بعيدا وجب أن تصلوا جماعة في محل العمل، وليس لأحد منكم أن يصلي لوحده؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالجماعة، وقال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1) » وقال له رجل أعمى: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (2) » فالواجب على المؤمن أن يصلي مع الجماعة، إن أمكن صلى في المسجد، وإن كان المسجد بعيدا صلوا جماعة في محلهم؛ محل عملهم، وليس لأحد أن يتخلف.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653) .(12/419)
222 - حكم صلاة المسافر في مقر سكنه مع قرب المسجد
س: كان لدي ضيوف، فحان وقت صلاة العشاء، فقلت لهم: حان وقت الصلاة في المسجد. فلم يستجيبوا لي، فكررتها عليهم عدة مرات، لكنهم ظلوا في البيت، فهل قمت بواجبي نحو أمرهم بالمعروف (1) ؟
ج: إذا كانوا مسافرين فلهم أن يصلوا في البيت قصرا، إذا كانوا
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (335) .(12/419)
مسافرين، مروا بك مسافرين، ليسوا مقيمين في البلد مدة تزيد على أربعة أيام فإن كانوا في السفر، ومروا ضيوفا وهم اثنان فأكثر فلهم أن يصلوا قصرا في البيت، وإن صلوا مع الناس صلوا أربعا. أما إذا كانوا ضيوفا من أهل البلد، أو ناوين الإقامة أكثر من أربعة أيام فعليهم الصلاة في المسجد مع الناس، والواجب عليهم السمع والطاعة، وألا يخالفوك، بل يجب عليهم أن يخرجوا إلى المسجد، ويصلوا مع الناس، وإذا أبوا أديت ما عليك، وعليك أن تصلي مع الناس، ثم ترجع إليهم، تخرج وتصلي مع الجماعة ثم ترجع.(12/420)
223 - حكم صلاة الحارس في مقر عمله
س: أنا أقيم حاليا في الرياض، وأعمل في مزرعة بجوار المسجد، وحصلت عندنا سرقة غنم نهارا، وصاحب المزرعة منعني أن أصلي في المسجد، وأمرني أن أصلي في المزرعة كل الأوقات الخمسة؛ حتى أكون حارسا على المزرعة وما فيها، وحتى لا تتكرر السرقة. هل صلاتي والحال ما ذكر جائزة، أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (221) .(12/420)
ج: الحراسة عذر شرعي في التخلف عن الجماعة، ولا حرج عليك في ذلك، فالحارس في المزرعة أو على دكان أو على بيت، أو نحو ذلك معذور عن حضور الجماعة؛ لمسيس الحاجة إلى الحراسة، ولا حرج في ذلك إن شاء الله.(12/421)
س: أعمل حارسا في عمارة، ولا أتمكن من الصلاة في المسجد سوى يوم الجمعة وصلاة الفجر فقط؛ وذلك لظروف معينة، فهل يلزمني حينئذ شيء؟ وهل أكون آثما (1) ؟
ج: إذا كنت حارسا، ولا يسمح لك بترك الحراسة وقت الصلاة فلا حرج عليك أن تصلي في مكان الحراسة؛ لأنك معذور في طلب الرزق، وفي حفظ مال من استأجرك، فكون الإنسان حارسا على بيت أو دكان، أو أشياء أخرى له العذر أن يصلي في مكانه، وتسقط عنه الجماعة.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (337) .(12/421)
224 - حكم صلاة الراعي في الصحراء وحده
س: أنا مقيم وأعمل بالمملكة العربية السعودية راعيا للإبل، وليس بجواري مدينة أو قرية، وأنا رجل مسلم أحب الصلاة، فماذا(12/421)
أفعل في هذا الأمر حيث لا أجد جماعة من المصلين أصلي معهم؛ لأنني في الصحراء أرعى الإبل؟
ج: الحمد لله، يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) ، تصلي في مكانك مع إبلك، تصلي في مكانك الذي أنت فيه، ولا يلزمك أن تذهب إلى المساجد، ما عندك مساجد، ما عندك إلا الصحراء، تصلي في الأرض التي أنت فيها والحمد لله، ولا حرج عليك، فإذا قدمت البلد تصلي مع الناس في المساجد، وما دمت في البر ترعى الإبل، أو الغنم أو البقر تصلي في مكانك والحمد لله.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(12/422)
225 - حكم صلاة المزارع في المزرعة لبعد المسجد
س: أنا مقيم في مزرعة تبعد عن المسجد أكثر من ستة ونصف كيلو، هل يجوز لي أن أصلي في المزرعة (1) ؟
ج: نعم لأنك بعيد، حتى وأنت ومن معك من العمال في المزرعة، ولك أن تهيئ مسجدا تصلي فيه أنت ومن يحضر معك، وإن تكلفت وذهبت إلى المسجد فأنت على خير عظيم.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (325) .(12/422)
226 - حكم صلاة حارس المستودع وحده لظروف العمل
س: السائل: ق. م. س. من جمهورية مصر ويعمل في الرياض طريق الخرج، يقول: أعمل حارسا في مستودع في إحدى الشركات، وظروف العمل تضطرني للتواجد أربعا وعشرين ساعة؛ حيث لا يوجد بديل غيري، والمستودع الذي أعمل فيه لا يوجد فيه أحد غيري، وأضطر للصلاة بمفردي حيث لا يوجد مسجد قريب مني، فهل تعتبر صلاتي صحيحة وحالي ما ذكرت؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: نعم لا بأس، صلاتك صحيحة والحمد لله، وأنت معذور حتى ولو كان قربك مسجد، إذا كان ذهابك فيه خطر على المستودع تصلي وحدك؛ لأنك معذور، أما إذا كان لا خطر، وبقربك مسجد، وتسمع الأذان وجب عليك أن تصلي في المسجد، أما إذا كان الذين جعلوك لا يرضون بهذا، ويخشون على مستودعهم فالحارس معذور إذا صلى في محله.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (327) .(12/423)
227 - بيان أن المتخلف عن صلاة الجماعة لعذر يرجى له أجر الجماعة
س: نحن في الأمن الصناعي، دوامنا ورديات، وبالطبع تمر علينا الصلوات، وأحيانا نضطر ليصلي كل واحد منا بمفرده. سؤالنا: هل تكتب لنا صلاة الجماعة وأجرها، علما بأننا نصلي أحيانا فرادى (1) ؟
ج: إذا اضطر الإنسان للصلاة مفردا، وهو معذور لمرض أو حراسة يرجى له أجر الجماعة؛ لأنه معذور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيما صحيحا (2) » وفي قوله صلى الله عليه وسلم لمن تخلفوا عن غزوة تبوك في المدينة، قال عليه الصلاة والسلام: «إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم " قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال: " وهم في المدينة، حبسهم العذر (3) » وفي لفظ آخر: «حبسهم المرض (4) »
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (323) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911) .(12/424)
فالمعذور له أجر العاملين إذا كان تخلف من أجل العذر الشرعي.(12/425)
228 - بيان من تسقط عليهم الجمعة والجماعة
س: م. م. د: هل الجندي أثناء عمله ليس عليه جمعة ولا جماعة (1) ؟
ج: هذا فيه تفصيل: الجندي إذا كان حارسا على شيء للدولة؛ كأن يكون حارسا على سجن أو حارسا على مال يخشى عليه، أو على محل من المحلات يخشى أن تنتهك هذا ليس عليه جماعة ولا جمعة، بل يصلي فردا. أما جنس الجندي إذا لم يكن حارسا على شيء، ولا مريضا فإن عليه ما على الناس المصلين؛ الجمعة والجماعة، هذا الإطلاق ليس له وجه، الجندي مثل غيره إلا إذا كان هناك عذر شرعي؛ مرض أو خوف لو خرج إلى الجماعة أو الجمعة، أو كان حارسا على شيء يخشى عليه؛ كالحارس على باب السجن أو على أموال يخشى عليها، أو ما أشبه ذلك هذا عذر.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (3) .(12/425)
229 - حكم من حضر صلاة الجماعة وفيه رائحة كريهة تؤذي المصلين
س: الرسالة وصلت إلى البرنامج من الخرطوم، يقول فيها: إنني - والحمد لله - من المواظبين على حضور الجماعة في المسجد، إلا(12/425)
أنه اعتراني منذ سنوات مرض أصاب حلقي، فنتج عن هذا انبعاث رائحة كريهة يتضايق منها من يقف بجانبي، وهذا يسبب لي حرجا شديدا، ويجعلني غير خاشع في صلاتي. فأرشدوني وفقكم الله ماذا أفعل؟ هل هذا من الأعذار المبيحة لترك الجماعة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أن يشهد الصلاة مع المسلمين؛ لأن ذلك يؤذي المسلمين ويؤذي الملائكة، فإذا كان هذا الذي يخرج منك له رائحة كريهة تؤذي المسلمين، وأنت لا تستطيع علاجها فلا حرج عليك في التخلف عن الجماعة، بل هذا هو المشروع لك، المشروع أن تتخلف عن الجماعة ولا تؤذي الناس، وتصلي في بيتك، إلا إذا وجدت حيلة وعلاجا لهذا الأمر الذي حصل لك فإنه يلزمك حينئذ أن تعالج لإزالة هذه الرائحة بالدواء المباح؛ لعلك تسلم من شره، وتحضر الجماعة مع إخوانك. المقصود أن المشروع لك أن تعالج هذا الداء؛ حتى تزول هذه الرائحة الكريهة، فإن لم يتيسر ذلك، أو عالجت ولم يحصل فائدة، وأنت تعلم أنه يؤذي من حولك فأنت معذور.
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (308) .(12/426)
230 - بيان العذر الشرعي للمتخلف عن جماعة المسجد
س: أسكن في منطقة تكاد تكون بعيدة عن أقرب المساجد؛ مما لا يمكنني من تأدية صلاة الفجر، وأقوم بتأديتها في وقتها في المنزل، هل أنا آثم (1) ؟
ج: إذا كان المسجد بعيدا لا تسمع النداء فإنك معذور، أما إذا كنت تسمع النداء لو كانت الأرض متهيئة، وما فيها أصوات تمنع ولا فيها أشياء تمنع فإنك تذهب إلى المسجد. فالمقصود صوت المؤذن بدون المكبر إذا كنت تسمع الصوت المعتاد عند هدوء الأصوات، تسمعه فعليك السعي إليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: وما العذر قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » وجاء الرسول عليه الصلاة والسلام الأعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال عليه الصلاة والسلام:
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (328) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) .(12/427)
" هل تسمع النداء للصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (1) » هذا رجل أعمى، فأمره النبي أن يجيب، وليس له قائد يقوده، فكيف بحال البصير القادر! المقصود أن عليك الإجابة إذا كنت في محل تسمع فيه النداء، فأنت عليك الإجابة، أما إذا كنت بعيدا لا تسمع فيه النداء فلا يلزمك، وإن تجشمت المشقة وصبرت بالسيارة، أو على قدميك فأنت على خير عظيم.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653) .(12/428)
س: إذا كان لرجل بيت على رأس جبل، وليس بجانبه بيوت فهل له أن يصلي بأسرته جماعة؟ وكيف يكون حالهم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كانت المساجد بعيدة لا يسمع النداء صلى وحده، وإن صلى بأهله فلا بأس، أو صلى بنسائه يكن معه فلا بأس، أما إن كان عنده أولاد فليصل وإياهم، أو عنده إخوة أو خدم يصل كما يصلي الناس، يكون هو الإمام ويصلون خلفه، وإذا صلى نساؤهم معهم خلفهم يكون هذا لا بأس به، أما إن كان بقربهم مساجد، يسمعون النداء فالواجب عليهم السعي إلى المسجد؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (327) .(12/428)
سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1) » إذا كان المسجد قريبا، يسمع نداءه بدون مكبر لقربه فيلزمه الذهاب إليه، أما إن كان بعيدا لا يسمعه إلا بالمكبر لبعده فهذا لا يلزمه، وإن ذهب إليه يطلب الأجر فهذا خير وأفضل.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .(12/429)
س: هناك مجموعة من الرجال يسكنون في منزل بعيد عن الناس، فهو بعيد قليلا، وأقرب مسجد لهذا المنزل يبعد أكثر من الكيلو بقليل، وهم يسمعون النداء من مساجد تبعد أكثر من كيلوين؛ بسبب عوامل منها قوة مكبرات الصوت، ومن هؤلاء الرجال من يجيد القراءة، وقد جعلوه إماما، وجعلوا لهم مكانا مخصصا للصلاة، وهم يصلون الصلوات كلها جماعة، ويقيمون الصلاة، فهل يجوز لهؤلاء الصلاة في مسجدهم الخاص هنا، حتى ولو كانوا ثلاثة أو أربعة، مع أن وسائل النقل موجودة، وهي تصعب في بعض الأوقات؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كانوا يسمعون النداء بدون المكبر، إذا استمعوا له في الأوقات الهادئة، يسمعون النداء فيلزمهم الذهاب إلى المسجد على
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (320) .(12/429)
أقدامهم أو بواسطة وسائل النقل، أما إذا كانوا بعيدين بحيث لا يسمعون النداء إلا بالمكبر فإنه لا يلزمهم، وإذا صلوا جماعة في مكانهم كفى ذلك، وإذا صبروا وذهبوا إلى المساجد، ولو ما سمعوا النداء إلا بالمكبر، ذهبوا على الأقدام أو بواسطة وسائل النقل هذا خير لهم وأفضل وأبعد عن الشبهة، وعن التساهل بهذا الأمر العظيم، فنصيحتي لهؤلاء الصبر على بعض التعب والذهاب إلى المساجد؛ لأن الشيطان قد يزين لهم التساهل، ويقول لهم: إنكم لا تسمعون النداء. هم يسمعون النداء لو استمعوا، لكن ينبغي للمؤمن أن يتحرى الخير وأن يسارع إليه، وأن يبتعد عن الشبهة؛ حتى لا يتهم بالتساهل في أمر الله. والذهاب على الأقدام كله خير؛ لأن كل خطوة يرفعه الله بها درجة ويحط بها عنه خطيئة، ويكتب الله بها حسنة، هذا خير عظيم، وهكذا في السيارات كذلك، فنصيحتي للجميع العناية بالصلاة في الجماعة، والذهاب إلى المساجد ولو فيها بعض التعب اليسير، فالحمد لله لكن الرخصة لهم رخصة إذا كانوا لا يسمعون النداء إلا بالمكبرات، لا يسمعون النداء لبعد المسجد عنهم فلا حرج عليهم.(12/430)
231 - حكم أداء الصلاة بحضرة الطعام
س: إذا أذن المؤذن للصلاة, وأنا أتعشى فهل يصح لي ترك الطعام للذهاب إلى المسجد، وهل هذا ينطبق إذا لم أبدأ بالأكل بعد؟ أرجو الإيضاح جزاكم الله خيرا (1)
ج: نعم إذا أحضر العشاء عند صلاة المغرب أو العشاء أو العصر قدم الأكل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدؤوا بالعشاء (2) » في اللفظ الآخر: «إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا المغرب (3) » في اللفظ الآخر: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان (4) » المؤمن إذا حضر طعامه يبدأ بالطعام؛ لأنه إذا ذهب إلى الصلاة، والطعام قد حضر ذهب وقلبه مشغول فلا يؤديها كما ينبغي، فيبدأ بالطعام ثم يصلي الصلاة بقلب
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (175) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة، باب إذا حضر العشاء فلا يعجل عن عشائه، برقم (5465) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (557) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، برقم (672) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (560) .(12/431)
مقبل فارغ، يخشع في الصلاة ويقبل عليها، لكن لا ينبغي له أن يجعل ذلك عادة له، ويأمرهم بإحضار الطعام وقت الصلاة، لا، بل يجب عليه أن يبدأ بالصلاة ويعتني بالصلاة ولا يقوم بإحضار الطعام، لكن لو صادف أنه أحضر الطعام فإنه يبدأ به، لكن لا يجوز أن يتخذه عادة ويحتج به لإضاعة الصلاة في الجماعة، نعوذ بالله من ذلك.(12/432)
232 - حكم صلاة الرجل في البيت لمشقة الطريق إلى المسجد
س: رسالة من المستمع: م. ع. ح. من مكة المكرمة، له سؤال طويل يقول فيه: لقد أصبت بمرض منذ ثماني سنوات، فجعلني حبيس المنزل، وهذا المرض اكتئاب شديد، ثم إني استقلت من العمل نتيجة لذلك المرض، ولا أستطيع الخروج من المنزل أو الذهاب إلى المسجد؛ لأن المسجد في مكان مرتفع، وكما تعلمون أن معظم منازل مكة مرتفعة، ولا أستطيع الصعود إليه؛ لأنه كما سبق وذكرت أنني مريض، رغم أني أصلي صلاة الجمعة في المسجد، أما باقي الصلوات فإنني أصليها في المنزل، فهل علي إثم في هذا رغم أنني - ولله الحمد - أصلي النوافل، وأسبح الله كثيرا ولله(12/432)
الحمد؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: نسأل الله أن يمنحك الشفاء والعافية، وأن يثبتنا وإياك على الهدى، والله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (3) » فإذا كنت لا تستطيع الوصول إلى المسجد في الصلوات الخمس فإنه لا بأس عليك أن تصلي في البيت. أما إن كنت تستطيع فالواجب عليك أن تصلي في المسجد مع إخوانك، وأن تحذر الكسل وطاعة الشيطان، وأن تحذر أيضا التشبه بالمنافقين المتخلفين عن الصلاة في الجماعة، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (4) ، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (5) .
فنوصيك بالجد والنشاط والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وسؤال الله
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (320) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288) ، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337) .
(4) سورة الطلاق الآية 2
(5) سورة الطلاق الآية 4(12/433)
العافية والشفاء وأنت في السجود، وفي آخر الصلاة، وفي صلاة الليل، وبين الأذان والإقامة، اسأل ربك واضرع إليه بصدق أن يعافيك، وأن يمنحك الشفاء، وأن يعينك على كل عمل يرضيه. وأبشر بالخير إذا صدقت، والله جل وعلا سوف يعينك على أداء ما فرضه عليك على الوجه الذي يرضيه سبحانه وتعالى.(12/434)
233 - حكم صلاة من يدافعه الأخبثان
س: إذا كان الإنسان مصابا بمرض، كثير التبول، إذا دخل الخلاء وقضى حاجته ثم توضأ وذهب إلى المسجد، وبعد حوالي عشر دقائق جاء البول فهل يصلي؟ أو هل يترك الصلاة ويذهب يتبول؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خيرا (1)
ج: إذا حضرت الصلاة وحضر ما يشوش عليه صلاته؛ من بول أو غيره فإنه ينفتل ينصرف من المسجد ليتوضأ؛ لأن النبي عليه السلام قال: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان (2) » والأخبثان هما البول والغائط، إذا كانا يدافعانه ويشقان عليه فإنه لا
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (34) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (560) .(12/434)
يصلي، بل يرجع إلى البيت حتى يتخلص منهما، ثم يصلي ولو في بيته، إذا كان لا يلحق على الجماعة يصلي في بيته؛ فصلاته في بيته مع الخشوع والسلامة من المدافعة أولى، وأفضل من صلاته مع الإمام وهو يدافع الأخبثين، والرسول صلى الله عليه وسلم أراد بهذا العناية بالصلاة وتعظيم شأنها؛ حتى تؤدى على خير وجه، فالمشغول بالبول أو بالغائط قد لا يؤدي الصلاة على الكمال، قد ينشغل بهذين الأخبثين فلا يؤديها كما ينبغي، لكن لو كان التأثر بهما قليلا ضعيفا، ما يشوش عليه صلاته فإنه يصلي ثم يخرج ولا يذهب إلى البيت، إذا كانت المسألة خفيفة المدافعة لا تؤثر على صلاته، ولا تخل بخشوعه؛ لأنه إنما أحس بشيء قليل لا يشق عليه فإنه يصلي. أما إذا كانت المدافعة شديدة وقوية فإنه يخرج من المسجد، بل ويقطع الصلاة حتى يتفرغ منهما. وفي مثل حالة السائل لإصابته بمرض سرعة التبول فإن الأولى ألا يعجل بحضوره للمسجد بالوضوء؛ حتى يكون مجيئه قرب إقامة الصلاة؛ حتى يتمكن من أدائها مع الجماعة، ثم يرجع سليما، هذا ما ينبغي أن يلاحظه الذي أصيب بسلس البول أو الريح أو ما أشبه ذلك، ينبغي له أن يتحرى قرب الإقامة حتى يتمكن من الأمرين: صلاة الجماعة وسلامة الطهارة.(12/435)
234 - حكم التخلف عن صلاة الجماعة بسبب النوم
س: هل النوم يعد عذرا للتخلف عن صلاة الجماعة أو تأخيرها بحيث لا يخرج وقتها، خاصة إذا كان الإنسان مجهدا في عمل معين، وذلك لحديث: «من نسى صلاة أو نام عنها (1) » وحديث: «رفع القلم عن ثلاثة (2) » وذكر منهم النائم، أرجو من سماحتكم التوضيح (3)
ج: إذا كان النائم معذورا؛ يعني فعل الأسباب واجتهد وغلبه النوم فلا بأس، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (4) » فقد وقع للنبي صلى الله عليه وسلم مرات في السفر، ناموا عن الصلاة، فلما استيقظوا قضوا، ولكن مع الحيطة بحيث يجعل ساعة يركدها على وقت الصلاة، أو بعض أهله يوقظونه، ولا يسهر بل يبكر بالنوم، وعليه أن يتعاطى الأسباب التي
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (959) .
(3) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (307) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) واللفظ له.(12/436)
تعينه على ذلك القيام، فإذا غلب ولم تنفع الأسباب فهو معذور، أما إذا تساهل ويسهر الليل، ثم يقول: أقوم. هذا هو الذي يتعاطى أسباب عدم القيام، فهو آثم حتى يفعل الأسباب الشرعية من عدم السهر، كأن يجعل الساعة لتعينه على ذلك، أو بعض أهله يوقظونه، المقصود لا بد من تعاطي الأسباب، فإذا تعاطى الأسباب الشرعية واجتهد ثم عاوده النوم فهو معذور.(12/437)
235 - حكم تخلف حارس الممتلكات عن الجمعة والجماعة
س: أنا حارس على شيء مهم من ممتلكات الدولة، وحولي مسجد جمعة، ولكن أخشى بعد ذهابي على ما كلفت بحراسته، فهل يجوز لي تركه والذهاب للصلاة (1) ؟
ج: لا تذهب؛ لأن الحراسة عذر، الحارس على شيء مهم يخشى عليه ليس له أن يدعه ويذهب إلى صلاة الجمعة والجماعة، عليه أن يصلي في محله، ويسقط عنه حضور الجمعة والجماعة في هذه الحال، إلا إذا وجد من ينوب عنه ممن لا جمعة عليه؛ كالمملوك والنساء وأشباه ذلك.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (33) .(12/437)
236 - حكم صلاة الرجل في محله إذا لم يسمع الأذان لبعد المسافة
س: الأخ: ع. ط. يقول: عملي يتطلب وجودي به طول الوقت، والمسجد بعيد عني بحيث لا أسمع الأذان، فهل تصح الصلاة لوحدي (1) ؟
ج: إذا كنت لا تسمع الأذان مع هدوء الأصوات، ومع كون الوقت ليس فيه ما يمنع سماع الصوت فإنك لا يلزمك الحضور، أما إذا كان عدم سماع الأذان من أجل وجود أصوات، أو رياح تمنع الصوت عن جهتك، أو ما أشبه ذلك - وإلا لو كانت الأصوات هادئة والجو هادئا لسمعت - فإنه يلزمك؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » وإذا اجتهدت في ذلك وتحريت الصلاة مع المسلمين - ولو كنت بعيدا - فهو خير لك وأفضل لك، وأبعد لك عن الشبهة مع الأجر العظيم في أداء الصلاة في الجماعة، لكن لا يلزمك إلا إذا كنت تسمع النداء في الوقت الذي يسمع فيه النداء، ليس هناك موانع تمنع من صوت المؤذن.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (202) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .(12/438)
س: الأخ: م. ر. ع. مصري مقيم في الأردن يقول: أنا رجل أعمل في(12/438)
مزرعة وأسكن فيها، وهذه المزرعة تبعد عن المسجد حوالي أربعة كيلو أمتار، لا أملك ما أركبه، فهل يجوز لي أن أصلي مع زوجتي؟ وهل يصح معها الصلاة لو كان يصلي معي شخص آخر؟ وما هي شروط ذلك (1) ؟
ج: إذا كان الأمر كما قلت فإنك تصلي وحدك، ولا حاجة إلى أن تصلي معك زوجتك، وإن صلت معك خلفك فلا بأس، لا تصلي إلى جنبك، لكن تصلي خلفك، المرأة لا تصف مع الرجال، أما أن يصلي معكما شخص آخر أجنبي فلا، أما إذا كان أخاها أو عمها أو أباها يكون عن يمينك وهي خلفكما، أما إذا كان أجنبيا فلا تصلي معكما، إلا إذا صلت وهي مستورة متحجبة، لا يرى منها شيء فلا بأس والحمد لله، كما كان النساء يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا تصلي مكشوفة أو متساهلة، بل تصلي وحدها في محل آخر إذا كان معك أجنبي من العمال أو غيرهم، وإذا صلت خلفكم مستورة فلا حرج في ذلك والحمد لله.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (257) .(12/439)
س: يسأل المستمع ويقول: إنني أعمل مزارعا، والمزرعة تبعد عن(12/439)
المسجد، ولا أستطيع صلاة الجماعة، فبماذا توجهونني؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كنت بعيدا لا تسمع النداء فصل في المزرعة والحمد لله، وأما إذا كنت قريبا تسمع النداء العادي إذا أذن وجب عليك أن تصلي مع الجماعة، أما صوت المكبر فهذا لا يتعلق بالحكم؛ لأنه يسمع من بعيد، لكن إذا كنت تسمع النداء بغير مكبر عند هدوء الأصوات وعدم الموانع فالواجب عليك البدار، وتصلي مع الناس، إذا كنت لا تخشى على المحل الخطر بادر وصل مع الجماعة، ولا حرج عليك بترك الصلاة مع الجماعة إذا كنت لا تسمع النداء، فصل في محلك، وهكذا لو كنت في محل تخشى عليه إذا ذهبت فإنك تصلي فيه؛ حفاظا عليه وحذرا من الخطر إذا لم يكن فيه من يصونه، أما إذا كنت تستطيع إغلاق الأبواب، أو وجود من يحرسه، والمقصود أنه إذا كان لا خطر فالواجب عليك أن تصلي مع الجماعة إذا سمعت النداء؛ إذا كنت تسمع النداء في الأوقات التي ليس فيها ما يمنع صوت النداء، أما صوت المكبر فهذا قد يسمع من بعيد، ولا يتعلق بالحكم، فالحكم في الصوت العادي عند هدوء الأصوات وعدم وجود الموانع، فالواجب عليك السعي وأن تؤدي
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (346) .(12/440)
الصلاة مع المسلمين.(12/441)
س: السائل رجل يقول: أعمل في المزرعة في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، وأعمل في المزرعة طوال الوقت وأصلي الفروض داخل المزرعة، وأما يوم الجمعة فإن صاحب المزرعة لا يسمح لي بالذهاب لصلاة الجمعة , فكيف تنصحونني؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كنت قريبا من المسجد تسمع النداء فعليك أن تذهب إلى المسجد، أما إذا كنت بعيدا لا تسمع النداء فلا حرج أن تصلي في المزرعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: ما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » ولأنه صلى الله عليه وسلم جاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء للصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (3) » هذا أعمى وليس له قائد، ومع هذا أمره النبي أن يجيب عند سماع المؤذن، وأن يحضر مع الجماعة هكذا، وفي غير ذلك يلزمه أن يصلي مع الجماعة في المساجد
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (363) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653) .(12/441)
إذا كانوا قريبين يسمعون النداء، وإلا صلوا في محلهم جماعة.(12/442)
س: السائل يقول: إذا كان المسجد بعيدا عن المصلى وهو لا يملك سيارة تقوم بنقله, فهل يستأجر سيارة أو أنه لا يلزمه الذهاب إلى المسجد (1) ؟
ج: ما دام لا يسمع صوت المؤذن، لو كان من دون مكبر ما يلزمه، إذا كان الصوت العادي للمؤذن العادي المعروف، لو أذن ما سمعوه في محلهم لبعدهم فلا حرج عليهم من الصلاة في البيت، لكن إذا كان في السير إليها مشقة، وصبروا وتحملوا فهذا خير لهم وأفضل.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (270) .(12/442)
237 - مسألة في صلاة الجماعة في البيت لبعد المسجد
س: سائل يقول: منزلي يبعد عن المسجد، ولكني أسمع الأذان من مكبر الصوت، ونحن مع ذلك نصلي في البيت، هل نكون آثمين حينئذ؟ وهل صلاتنا صحيحة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان المسجد بعيدا عنكم، لا تسمعون الأذان بالصوت المعتاد عند هدوء الأصوات فإنه لا يلزمكم الجماعة في المسجد، لكن لو
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (265) .(12/442)
ذهبتم إليه ولو بالركوب، أو تحمل بعض المشقة يكون أفضل؛ لما فيه من الفضل العظيم، ومضاعفة الأجر، والاجتماع بالمصلين، والتعارف والتعاون على الخير. أما صوت المكبر فلا يثبت، ولا يلزم به الحضور؛ لأنه يسمع من بعيد، لكن من أجاب على صوت المكبر، وذهب للجماعة وصبر على المشقة فله أجر عظيم.(12/443)
س: سائل من المملكة المغربية يقول: المسجد بعيد عن البيت، حوالي كيلو متر واحد، ولا يسمع الأذان إلا بواسطة مكبر الصوت، فيقوم والدي ويؤذن للصلاة، ثم يقيم ويؤم جميع أفراد البيت ويصلي بهم، فهل يجوز ذلك (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك، إذا كان بعيدا منكم المسجد لا تسمعون الأذان إلا بمكبر فلا بأس، لكن سعيكم للمسجد والصبر على ذلك على الأقدام أو السيارة أفضل وأعظم أجرا؛ لما فيه من الخير العظيم، والحضور مع المسلمين، والخطوات التي يمشيها المؤمن كل خطوة يرفع الله له بها درجة، ويحط بها عنه خطيئة، ويكتب له بها حسنة، هذا فضل عظيم، فسعيكم إلى المساجد - وإن بعدت - بالأقدام، أو بالسيارة أفضل وأعظم أجرا، وإن صليتم في البيت بأذان وإقامة فلا بأس
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (256) .(12/443)
بذلك، عند بعد المسجد وعدم سماع الأذان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1) » فإذا كان المسجد بعيدا لا يسمع الأذان إلا من طريق المكبرات فهذا عذر شرعي.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .(12/444)
س: يقول السائل: إذا كنت أبعد عن المسجد مسافة ربع ساعة، إلا أنني أسمع النداء بواسطة مكبرات الصوت فهل علي إثم إن صليت في البيت جماعة مع إخوتي (1) ؟
ج: ينبغي لك أن تسارع إلى الصلاة في المسجد، وأن تستعين بالله بالأقدام أو بالسيارة، وأبشر بالخير العظيم؛ لأن ربع الساعة ليست بكثير بالنسبة لأصحاب السيارات وأصحاب القوة. أما إذا كنت يشق عليك ذلك؛ لكبر السن ونحو ذلك فلا بأس، والاعتبار ليس بصوت المكبر، ولكن بصوت المؤذن العادي، إذا كان صوت المؤذن العادي يسمع في مكانكم عند هدوء الأصوات، وعدم وجود مشوشات وجب عليكم السعي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر قالوا: ما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (270) .(12/444)
الصلاة التي صلى (1) » وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، يقول: «يا رسول الله، هل لي بالرخصة أن أصلي في بيتي؛ لأنه ليس لي قائد يقودني للمسجد؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء للصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (2) » فالواجب عليكم أن تجيبوا وأن تحضروا المساجد إذا استطعتم ذلك، أما إذا لم تستطيعوا ذلك؛ لبعد المكان كما ذكرتم، أو لمرض أو لخوف فأنتم معذورون للصلاة في البيت. نسأل الله التوفيق للجميع.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653) .(12/445)
238 - بيان فضل تحمل المشقة في الذهاب إلى المسجد
س: أستيقظ لأداء صلاة الفجر والحمد لله، ولكن ليس بجانبي مسجد قريب، فالمساجد بعيدة، ولكني أسمع الأذان في المساجد، وأصلي في البيت في وقت صلاة الفجر، فهل صلاتي صحيحة (1) ؟
ج: إذا كانت المساجد بعيدة، إنما تسمع بواسطة مكبرات الصوت فلا حرج عليك، وإن تجشمت مشقة في السيارة أو على قدميك،
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (373) .(12/445)
وذهبت إلى المسجد فهذا أفضل لك. أما إذا كنت تسمع الأذان بغير مكبر لقرب المسجد فإنه يلزمك أن تذهب وتصلي مع الناس، أما إذا كانت المسافة بعيدة، لا تسمع إلا بواسطة المكبر فلا حرج عليك إذا صليت في البيت، وإن ذهبت وصبرت على المشقة فهذا خير لك وأفضل.(12/446)
س: يقول السائل: بيتي بعيد عن المسجد ولا أسمع الأذان، وأصلي بدون أن أسمع الأذان، هل ما أفعله صحيح (1) ؟
ج: لا بد من التأكد من دخول الوقت بسماع الأذان، أو بالساعات، أو بطرق أخرى تعرف بها الوقت إذا كان المسجد بعيدا عنك لا تسمع الأذان. أما إن كان المسجد قريبا تسمع الأذان فيجب عليك الصلاة في المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر قالوا: ما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » فالواجب على المؤمن أن يتحرى الأوقات، وأن يصلي في المساجد مع المسلمين، إلا إذا بعدت عنه؛ بحيث لا يسمع النداء من الصوت المعتاد فإنه يجوز له أن يصلي في مكانه، وإن تجشم
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (216) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) .(12/446)
المشقة وصبر وصلى في المساجد كان أفضل وأعظم أجرا، والاعتبار بالصوت المعتاد بدون مكبر؛ لأن المكبر يبلغ مداه طويلا، ولكن من لا يعلم الوقت؛ بألا يسمع الأذان لا بد من التحري وعدم العجلة؛ حتى يغلب على ظنه دخول الوقت بأي طريق يتأكد بها ذلك، أو غلب على ظنه ذلك.(12/447)
باب صلاة أهل الأعذار
239 - بيان كيفية صلاة المريض، وطهارته
س: الأخ ف. ع. من الجمهورية العراقية، أخونا رسالته مطولة يشكو من حالة هو فيها، ذلكم أنه وقع له حادث سيارة، وأفقده السيطرة على نفسه نتيجة إصابته بالشلل النصفي، وهو في الحالة هذه يسأل سماحة الشيخ عن الوضوء وعن الصلاة وعن قراءة القرآن، كيف يكون حاله؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: يعمل بقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (3) » فإذا كان أصابه الشلل وأفقده القيام فإنه يصلي على حسب حاله، يصلي
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (141) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288) ، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337) .(12/448)
قاعدا، ويركع ويسجد إذا استطاع ذلك وهو قاعد، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (1) » أخرجه البخاري رحمه الله في الصحيح، وأخرجه النسائي بزيادة: «فإن لم تستطع فمستلقيا» هذا هو الواجب، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) وإذا عجز عن الماء تعفر بالتراب، تيمم، إذا كان معه مرض يضره الماء تعفر بالتراب، يحضر له التراب، ويضرب التراب بيديه، ويمسح به وجهه وكفيه عند الحاجة، وله الجمع إذا شق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها، فله الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء كسائر المرضى.
أما ما يتعلق بالحاجة بالدبر والقبل فهذا يكفيه مسحها بالمناديل ونحوها، ولا حاجة إلى الماء، فإن استعمل الماء وقدر على الماء فلا بأس، الماء أكمل وأفضل، فإذا لم يتيسر له ذلك فإنه يستعمل الاستجمار بالمناديل، أو بالحجارة، أو باللبن، والمناديل أرفق به، فيستعمل المناديل الخشنة الطاهرة، يمسح بها الدبر والذكر عن البول وعن الغائط ثلاث مرات، فإن لم تكف زاد رابعة وخامسة إلى
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .
(2) سورة التغابن الآية 16(12/449)
آخره، والأفضل أن يقطع على وتر، إذا زاد رابعة وكفت يستحب أن يزيدها خامسة حتى يكون استجماره على وتر، وإذا لم تكف الخامسة زاد سادسة، وإذا كفت السادسة يستحب أن يزيد سابعة حتى يقطع على وتر، والمهم أنه يستعمل من المناديل ونحوها ما يزيل الأذى بشرط أن يكون ثلاثا فأكثر، لا ينقص عن ثلاث؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يستجمر بأقل من ثلاث، فإن كفت الثلاث في إزالة الأذى عن الدبر والقبل فالحمد لله، وإن لم تكف زاد حتى يزول الأذى، والأفضل أن يقطع على وتر خمسا أو سبعا وهكذا، ولا حاجة إلى الماء، حتى ولو قدر على الماء الاستجمار يكفيه، لكن الماء أفضل، فإن جمع بينهما - يعني استطاع أن يجمع بينهما - فزال الأذى بالمنديل أو بالحجر ثم استنجى بالماء هذا خير إلى خير، هذا أكمل وأفضل، ولكن كل واحد منهما يكفي، الماء وحده يكفي، والاستجمار وحده يكفي حتى من الصحيح، يعني الذي لا مرض معه.
أما كونه لا يستطيع البقاء على وضوء وليس لديه الوقت الكافي لأداء الصلاة، فإن عليه أن يتقي الله ما استطاع، يتوضأ لكل صلاة، فإذا كان معه سلس لما أصابه الشلل، انطلق الدبر، أو انطلق الذكر، وصار لا يستطيع إمساكه فإنه يصلي على حسب حاله، لكن يتوضأ لوقت كل صلاة، إذا(12/450)
دخل وقت الظهر يستنجي ويتوضأ وضوء الصلاة أو يتيمم على حسب طاقته، ثم يجمع بين الصلاتين، وهكذا المغرب والعشاء.
إذا شق عليه من أجل المرض وإن كان ما شق عليه فإنه يصلي كل صلاة في وقتها مثل المستحاضة وصاحب السلس، الحال واحد، العاجز عن الجماعة، حضور الجماعة مثله يصلي جمعا إذا شق عليه كل صلاة في وقتها، وهو أرفق به، وإن صلى كل صلاة في وقتها فلا بأس، أما الرجل الذي لا يصلي مع الجماعة إذا كان يستطيع فلا بد أن يصلي مع الجماعة، ويتوضأ لوقت كل صلاة.
بالنسبة لقراءة القرآن فإنه إذا توضأ يقرأ القرآن من المصحف إلى الوقت الآخر، ما بين الوقتين يقرأ القرآن، وإن انتقض الوضوء، إذا كان صاحب سلس مستمر، إذا توضأ للظهر يقرأ إلى العصر، إذا توضأ للمغرب يقرأ إلى العشاء، كما يصلي لو تطوع بين الظهر والعصر، وتطوع بين المغرب والعشاء ولو خرج معه البول؛ لأنه عاجز، فهو مثل المستحاضة سواء بسواء، يصلي ويقرأ ما بين الوقتين، وهذا يسر من الله سبحانه بعباده، يقول جل وعلا في كتابه العظيم: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} (1)
__________
(1) سورة البقرة الآية 185(12/451)
ويقول عز وجل: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (1) فمن رحمة الله سبحانه وتعالى أن صاحب السلس - وهو البول الدائم - أو الريح الدائمة، وهكذا المستحاضة التي معها الدم الدائم ما يقف عنها وهو غير دم الحيض، الدم الدائم يقال له: الاستحاضة، هؤلاء وأشباههم لهم الجمع بين الصلاتين، ويكفيهم الوضوء لوقت كل صلاة، وهذا من تيسير الله، وإذا دخل وقت الظهر يتوضأ لوقت الظهر، ويتوضأ لوقت العصر وهكذا المغرب والعشاء، يعني كل صلاة يتوضأ لوقتها؛ لأن حدثه دائم، سلس أو ريح أو استحاضة أو نحو ذلك، وما بين الوقتين يصلي فيه ما شاء، ويقرأ القرآن ويطوف إذا نزل مكة، ولا حرج في ذلك لأنه معذور وصار في حكم الطاهرين والطاهرات ما بين الوقتين؛ لأن الرسول أمر المستحاضة بذلك في قصة حمنة وغيرها. وكذلك ما يتعلق بالصوم يفطر ويقضي بعد ذلك، المريض إذا عجز عن الصوم وشق عليه المرض، هذا من يسر الشريعة، وهكذا المسافر يفطر في السفر ويقضي بعد ذلك، كل هذا من لطف الله، وهكذا المرضع إذا شق عليها الصيام والحامل إذا شق عليها الصيام أفطرتا وقضتا بعد
__________
(1) سورة الحج الآية 78(12/452)
ذلك.(12/453)
س: سائل يطلب أن توجهوه سماحتكم - جزاكم الله خيرا - إلى مشروعية الصلاة الخاصة بالمريض، هل ورد في ذلك شيء؟
ج: لا أعلم شيئا يخص المريض، المريض يتقي الله ما استطاع، والله جل وعلا يكتب له أجره، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل مقيما صحيحا (1) » والحمد لله، يعني أعماله التي يعملها في الصحة تكتب له، من صلاة الضحى، من صيام وغير ذلك، إذا منعه المرض تكتب له أجورها؛ لأنه حبسه عذر شرعي، يقول صلى الله عليه وسلم لما كان في غزوة تبوك: «إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا وهم معكم " وفي اللفظ الآخر: " إلا شركوكم في الأجر (2) » «قالوا: يا رسول الله، وهم في المدينة؟ قال: " وهم في المدينة، حبسهم العذر (3) » حبسهم المرض. فالمريض له أجور الأعمال التي كان يعملها في حال الصحة، وعليه أن يصلي الفريضة حسب طاقته، وإذا صلى النافلة حسب
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423) .(12/453)
طاقته فهذا خير وأفضل.(12/454)
س: هل يجوز للمريض المقعد أن يصلي وهو جالس (1) ؟
ج: المريض له الصلاة وهو جالس، إذا شق عليه القيام يصلي وهو جالس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لعمران بن الحصين لما اشتكى قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2) » وهذا من تسهيل الله والحمد لله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) .
فالمريض من الرجال أو من النساء الذي يعجز أو يشق عليه القيام يصلي قاعدا، فإن عجز عن القعود لشدة المرض صلى على جنبه الأيمن أفضل، أو الأيسر حسب التيسير، والأيمن أفضل، فإن شق عليه ذلك صلى مستلقيا، وتكون الجهة إلى القبلة، ويصلي مستقبلها بوجهه أو وهو على ظهره، وهكذا المقعد الذي لا يستطيع القيام لشلل به يصلي قاعدا ووجهه إلى القبلة - والحمد لله - ويسجد في الأرض، ويركع في الهواء، ويسجد في الأرض، يضع وجهه على الأرض في
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (162) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .
(3) سورة التغابن الآية 16(12/454)
السجود، أما الركوع ففي الهواء إلا إذا عجز عن السجود لمرض به يشق عليه السجود ويمنعه من السجود، فإنه يسجد في الهواء كالركوع، ويكون سجودا أخفض من الركوع، يركع في الهواء ويسجد في الهواء ولكن يكون السجود أخفض من الركوع إذا عجز عن السجود على الأرض؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، ويقول عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) .
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(12/455)
س: هذه رسالة وصلت من مستمع للبرنامج رمز لاسمه بـ. أ. أ. أيقول: قال الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاة المريض: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (1) » كيف يصلي المريض على جنبه وكيف يركع ويسجد مأجورين (2) ؟
ج: هذا من رحمة الله جل وعلا: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3) ، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (4) . إذا عجز الإنسان عن الصلاة قائما صلى
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .
(2) السؤال السادس من الشريط رقم (357) .
(3) سورة البقرة الآية 286
(4) سورة التغابن الآية 16(12/455)
قاعدا سواء قعوده متربعا أو محتبيا لا فرق في ذلك، أي قعود كان يجزيه، لكن الأفضل أن يكون متربعا، النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى جالسا صلى متربعا (1) فإن عجز عن القعود صلى على جنبه، والأفضل جنبه الأيمن إذا تيسر، وإلا على جنبه الأيسر، فإن عجز صلى مستلقيا على ظهره ورجلاه إلى الكعبة إلى القبلة، وإذا صلى على جنبه أو مستلقيا يكبر يقول: الله أكبر. بنية الصلاة تكبيرة الإحرام، ثم يقرأ الفاتحة، ثم ما تيسر معها، ثم يكبر ناويا الركوع ويقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ناويا الركوع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده. إذا كان إماما أو منفردا: سمع الله لمن حمده. ناويا الرفع من الركوع: ربنا ولك الحمد. إلى آخره. ثم يكبر ساجدا ويقول: سبحان ربي الأعلى. بالنية، ثم يكبر رافعا، ويبقى بعض الشيء في محل جلسته بين السجدتين: ربي اغفر لي، ربي اغفر لي. بعد رفعه من السجدة الأولى يقول: ربي اغفر لي. وهو على جنبه، ثم يكبر للسجدة الثانية ناويا السجدة الثانية ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. وهكذا تكمل الصلاة.
__________
(1) أخرجه النسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة القاعد، برقم (1661) .(12/456)
س: يقول السائل: أنا رجل مريض، عندي كسر في العمود الفقري، ومصاب باسترسال الحدث، كيف تكون صلاتي (1) ؟
ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) صل على حسب حالك، إذا كان الحدث مستمرا صل على حسب حالك، إذا دخل الوقت تستنجي ولو بالمناديل حتى ينظف بثلاث مرات أو أكثر، ثم تتوضأ وضوء الصلاة، وتصلي على حسب حالك ولو خرج الماء، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) مثل المستحاضة التي تصلي على حسب حالها ولو خرج الدم، ما دام الدم مستمرا معها، تصلي في غير أوقات الحيض، وتدع الصلاة وقت الحيض، وتتوضأ لكل صلاة، وهكذا صاحب السلس الذي أصابه مرض أو كسر في الظهر أو ما أشبه ذلك واستمر معه البول أو الغائط يصلي على حسب حاله، لكن إذا دخل الوقت يستنجي بالخرق والمناديل أو بالماء، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يصلي ولو خرج الحدث، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (4) .
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (218) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) سورة التغابن الآية 16
(4) سورة التغابن الآية 16(12/457)
س: يقول السائل: إذا كنت أصلي قاعدا لأنني كبير في السن وعندي آلام في الركب فهل في ذلك شيء يا سماحة الشيخ (1) ؟
ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) والنبي يقول صلى الله عليه وسلم: «وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (3) » إذا عجز عن القيام صلى جالسا، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (431) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288) ، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337) .(12/458)
س: السائل ح. ع. من المدينة المنورة يقول: مريض الكلى كيف يصلي وكيف يصوم؟ وهل خروج الدم ينقض الوضوء؟ وهل يجوز له أن يجمع الصلوات أثناء الغسيل (1) ؟
ج: الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ويقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3) فمريض الكلى مثل غيره يصلي حسب طاقته، إن استطاع يصلي قائما يصلي قائما، وإن استطاع أن يصلي قاعدا صلى قاعدا، وإن شق عليه جمع بين الصلاتين، كل ذلك لا بأس به،
__________
(1) السؤال الثالث والستون من الشريط رقم (430) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) سورة البقرة الآية 286(12/458)
وإذا كان يخرج منه شيء كالدماء المستمرة جمع بين الصلاتين، ويتوضأ لكل صلاة كالمستحاضة، أما إذا كان ما يخرج منه شيء ولكن تشق عليه الصلاة في كل وقت جمع بينهما كسائر المرضى، وإذا كان يغسل الكلية فاليوم الذي يغسل فيه يقضيه؛ لأنه يخرج دم ويدخل دم، (ويتوضأ لكل صلاة) ويتوضأ للصلاة بعد الغسيل.(12/459)
س: تقول السائلة: هل للمرأة أن تصلي وهي جالسة (بدون صوت) وبدون أي حركة إن كانت مريضة (1) ؟
ج: نعم مثل الرجل، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا» تستطع فقاعدا إذا عجزت لمرض أو كبر سن صلت قاعدة - والحمد لله - كالرجل.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (431) .(12/459)
س: تسأل مستمعة وتقول: هل يجوز لي جمع الصلاة: الظهر والعصر والمغرب والعشاء مع بعض (1) ؟
ج: إذا كانت مريضة جاز لها، أو كانت عندها استحاضة - الدماء التي تمشي بين حيضتين - أو مستحاضة فيشق عليها جاز لها الجمع لكن
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (431) .(12/459)
الأفضل أن يكون جمعا بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما جمع تقديم أو جمع تأخير، أي تؤخر الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها، وكذا المغرب في آخر وقتها والعشاء في أول وقتها، وإن صلت كل صلاة في وقتها فهو أفضل، لكن إذا دعت الحاجة إلى الجمع فلا حرج كما أفتى النبي صلى الله عليه وسلم حمنة رضي الله عنها (1)
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة، برقم (287) .(12/460)
س: يقول السائل: والدتي لا تقدر على القيام والركوع والسجود وإنما تصلي جالسة، وتعمل تلك الأركان بالإشارة بيدها، ما صحة صلاتها (1) ؟
ج: الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ويقول سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3) فإذا كانت أمك لا تستطيع القيام صلت قاعدة، وإذا كانت لا تستطيع قاعدة صلت على جنبها، وإذا كانت لا تستطيع على جنبها صلت مستلقية ورجلاها إلى القبلة، هكذا جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام لما سأله بعض
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (174) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) سورة البقرة الآية 286(12/460)
الصحابة وكان مريضا عن الصلاة، قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1) » هكذا السنة، وهكذا إذا عجز عن الركوع والسجود فحسب ما يستطيع، يخفض رأسه عند الركوع قليلا وعند السجود كذلك أخفض من الركوع إن استطاع، فإن لم يستطع بالكلية نوى الركوع ونوى السجود ولا حاجة إلى الخفض {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) إذا قرأ نوى الركوع وقال: الله أكبر، سبحان ربي العظيم. وهو على حاله قاعدا أو قائما إذا كان لا يستطيع أن يحني رأسه ولا ظهره شيئا يأتي بذكر الركوع: سبحان ربي العظيم. وهو على حاله: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ثم يقول: سمع الله لمن حمده. إذا كان منفردا، وإن كان مأموما يقول: ربنا ولك الحمد. عندما يرفع إمامه وهو على حاله جالسا أو قائما على حسب طاقته، وهكذا في السجود ينوي السجود وهو على جلسته إذا كان لا يستطيع السجود، ينوي السجود ويخفض رأسه إن استطاع، وظهره إن استطاع، قدر ما يستطيع، فإن لم يستطع خفضا كبر على حاله قال: الله أكبر، سبحان ربي الأعلى. وهو ناو السجود: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. يدعو في السجود بما تيسر من الدعوات،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .
(2) سورة التغابن الآية 16(12/461)
ثم يرفع قائلا: الله أكبر. بنية الرفع وهو على حاله ناويا الرفع من السجود، ثم يقول: رب اغفر لي - بين السجدتين - اللهم اغفر لي وارحمني. ثم يكبر وهو ناو السجدة الثانية: سبحان ربي الأعلى. ثم يكبر ناويا الرفع من السجود في صلاته كلها، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) .
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(12/462)
س: يصاب رأسي بصداع أحيانا، ويستمر فلا أستطيع أن أصلي إلا صلاة بالإيماء، فلا أسجد بسبب هذا الصداع الذي لا أستطيع أن أسجد وأنا مصاب به، فما الحكم، جزاكم الله خير الجزاء (1) ؟
ج: الله سبحانه وتعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ويقول عز وجل: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3) فمن أصيب في رأسه بمرض يشق عليه معه السجود في الأرض ويضره لا حرج عليه يومئ إيماء، ويكون إيماؤه في السجود أخفض من الركوع، ولا حرج عليه يركع ويسجد بالإيماء، ولكن يكون سجوده أخفض من الركوع، يركع في الهواء ويسجد في الهواء، ولكن يكون سجوده أخفض من ركوعه إذا كان يشق عليه مس الأرض للسجود والسجود على الأرض لمرض
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (36) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) سورة البقرة الآية 286(12/462)
في رأسه أو غير ذلك من الأمراض التي تمنعه من السجود.(12/463)
س: مستمع رمز لاسمه ب. ج يسأل ويقول: إنني أشكو من وجع في الظهر ويمنعني من الركوع في الصلاة، ولكني بحمد الله أؤدي جميع أركان الصلاة، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) إذا كنت لا تستطيع الركوع تركع حسب طاقتك، تحني رأسك وظهرك قليلا حسب طاقتك، ولا بأس ولا حرج، فإن لم تستطع تكبر وتنوي الركوع مع الإمام وفي النوافل وأنت واقف، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) وهكذا السجود، من عجز عنه سجد في الهواء، خفض رأسه قليلا حسب طاقته، ويقول: سبحان ربي الأعلى. {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (4) . ثم يرفع رأسه، المقصود أن يفعل ما يفعله المصلي لكن بغير سجود ولا ركوع حسب طاقته، فإن عجز عن الركوع كبر للركوع وقال: سبحان ربي العظيم. ثم يقول: سمع الله لمن حمده. إذا كان منفردا، وإن كان مع
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (315) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) سورة التغابن الآية 16
(4) سورة التغابن الآية 16(12/463)
الإمام إذا رفع الإمام يرفع ويقول: ربنا ولك الحمد. وهكذا في السجود إذا عجز يكبر ساجدا بنية السجود، ويخفض رأسه حسب طاقته ويقول: سبحان ربي الأعلى. ويدعو ربه ثم يرفع ويكبر إن كان وحده، وإن كان مع الإمام إذا رفع الإمام وكبر رفع وكبر، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) . والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (2) » هذا عام، وهكذا الصيام، الذي لا يستطيع الصيام لكونه كبير السن، أو لمرض لا يرجى برؤه يفطر، ويطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع، كيلو ونصف عن كل يوم إذا كان كبير السن، أو عجوزا كبيرة لا تستطيع الصيام، أو مريضا مرضا لا يرجى برؤه حسب تقرير طبيب مختص، فهذا لا يلزمه الصوم، وليس عليه صوم، يطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع، مقداره كيلو ونصف تقريبا، يعطيه بعض الفقراء ولو فقيرا واحدا، أما من يستطيع القضاء إذا مرض يفطر، ثم يقضي بعد ذلك، وهكذا المسافر إذا سافر وأفطر يقضي بعد ذلك؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (3) . يعني
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288) ، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337) .
(3) سورة البقرة الآية 185(12/464)
مريضا يستطيع القضاء، ومن كان لا يستطيع القضاء لكبر سنه أو عجوزا لا تستطيع القضاء لكبر سنها، لا تستطيع الصيام فإنها تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينا، تجمعها وتعطيها بعض الفقراء، والرجل كذلك يعطيه بعض الفقراء، وإن وجد فقيرا مسكينا يفطر معه كل يوم؛ لأنه لا يستطيع الصوم حصل به المقصود، أو يتعشى عنده كل يوم لا بأس، لكن إذا أعطاه كفى والحمد لله.(12/465)
240 - بيان كيفية صلاة العاجز عن القيام لمرض أو كبر
س: السائلة ع. ع. د من جازان تقول: والدي شيخ كبير في السن لا يستطيع الوقوف طويلا في الصلاة، ولا يقوى على الركوع أو السجود؛ وذلك لأنه يشتكي من آلام شديدة في مفاصله، فلا يصلي إلا وهو جالس على مقعد، وإذا أراد الركوع أو السجود لا تصل أعضاؤه إلى الأرض، وجميع الصلوات يصليها في المنزل علما بأننا إذا نصحناه أن يصلي في المسجد يجيبنا بقوله: إن الله يعلم بعجزي وضعفي يا أولادي. والسؤال: هل يعذر الوالد في صلاته بالمنزل، وهل تصح الصلاة دون أن تصل الأعضاء إلى الأرض (1) ؟
__________
(1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (428) .(12/465)
ج: نعم إذا كان عاجزا تصح، يصلي في الهواء يركع في الهواء، ويسجد في الهواء، ويصلي وهو قاعد، هو أعلم بنفسه، والله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) . والنبي يقول صلى الله عليه وسلم لعمران بن الحصين لما كان مريضا: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2) » فالمؤمن يصلي حسب حاله، والله جل وعلا يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) . ويقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (4) . والنبي يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (5) » فإذا كان عاجزا عن السجود في الأرض وعن الركوع فإنه يفعل المستطاع، يركع للمستطاع، ويسجد للمستطاع، ويكون سجوده أخفض من الركوع.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .
(3) سورة التغابن الآية 16
(4) سورة البقرة الآية 286
(5) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288) ، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337) .(12/466)
س: بعض كبار السن يقرأ أول سورة الفاتحة وهو جالس، ثم يواصل بعد قيامه في القراءة، ما حكم هذا العمل (1) ؟
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (382) .(12/466)
ج: إذا كان عاجزا ما يستطيع القيام الكلي وإنما يستطيع بعض القيام هذا لا بأس به أن يقرأ أولها، يخاف أن يفوته، إن أخرها، أما إذا كان يتمكن من قراءتها وهو قائم فيؤجلها حتى يقرأها وهو قائم، أما إذا كان لا يستطيع وإن أجلها قد تفوته قد يركع الإمام قرأ بعضها في حال الجلوس ثم يكمل وهو قائم إذا كان عاجزا، أما إن كان عن كسل وتساهل فلا يجوز، يجب أن يبادر بالقيام ولا يحل له الجلوس، فإذا جلس بطلت صلاته، لكن إذا كان عاجزا لعذر شرعي يشق عليه القيام حالا هذا عذر له شرعي، وإذا قرأ بعض الفاتحة لأنه لا يتمكن من قراءتها وهو قائم يركع الإمام قبله فلا بأس، هذا عذر شرعي؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن عجز عن الصلاة قائما: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2) » المقصود أنه يراعي قوته وقدرته.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .(12/467)
س: يقول السائل: إنني رجل كبير في السن ولدي آلام في فقرات(12/467)
الظهر، وبعض الأحيان أؤدي الصلاة وأنا جالس، فما حكم ذلك (1) ؟
ج: الله سبحانه يقول في كتابه العظيم: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) . فإذا كنت لا تستطيع الصلاة وأنت قائم فلا حرج، مثل مرض الظهر لا حرج عليك إذا كان فيه مشقة كبيرة، صل جالسا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين لما اشتكى قال له صلى الله عليه وسلم: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (3) » والله سبحانه يقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (4) ، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (250) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .
(4) سورة البقرة الآية 286(12/468)
س: يقول السائل: يوجد رجل كبير في السن، ومصاب بالشلل النصفي، وهو يحرص على الصلاة في المسجد مع الجماعة، ويجلس على كرسي ويضع أمامه بعض الأشياء المرتفعة عن سطح الأرض ليتمكن وجهه من ملامسته أثناء السجود، فهل هذا صحيح أم أنه يكتفي بأن يكون السجود أخفض من الركوع مع(12/468)
عدم وجوب ملامسة الوجه (1) ؟
ج: لا يحتاج إلى ذلك، يومئ إيماء مثل ما جاء في الحديث، وهو حديث مرفوع وموقوف «أن جابرا رأى رجلا يصلي على وسادة فأمره بإبعاد الوسادة وأن يومئ بركوعه وسجوده (2) » ولا حاجة إلى وسادة يرفعها، بل يركع في الهواء ويسجد في الهواء، ويخفض سجوده عن الركوع، ويكفي والحمد لله، لكن لو سجد على شيء يرفع ويسجد عليه لا يضر، ولا حرج، لكن من الأفضل أن يكون بالإيماء إذا شق عليه السجود يسجد في الهواء بالخفض، يخفضها عن الركوع، هذا هو السنة لمن عجز عن السجود في الأرض، ولا حاجة إلى الوسادة أو الكرسي، ولا يسجد على شيء.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (375) .
(2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى في كتاب الصلاة، باب الإيحاء بالركوع والسجود إذا عجز عنهما، (2\306) .(12/469)
س: تقول السائلة: هل يجوز للمصاب بالفشل الكلوي أن يصلي جالسا؟ لأنه يتعب إذا صلى واقفا، جزاكم الله خيرا (1)
ج: هو أعلم بنفسه، إذا عجز عن القيام صلى قاعدا، إذا كان يشق
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (292) .(12/469)
عليه شقا كبيرا صلى قاعدا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين وكان مريضا بالبواسير: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1) » والله جل وعلا يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) . والحمد لله.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .
(2) سورة التغابن الآية 16(12/470)
241 - كيفية صلاة الحامل إذا عجزت عن القيام
س: زوجتي في شهرها الأخير حين كتبت الرسالة، ولا تستطيع الوقوف للصلاة حيث إن وضع الركوع والسجود يسبب لها آلاما كبيرة، ولا تستطيع أيضا الصلاة جالسة، فهل يجوز لها الصلاة على هيئة أخرى (1) ؟
ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال لعمران بن حصين لما اشتكى: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2) » الله يقول سبحانه:
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (88) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .(12/470)
{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) . فجميع بني آدم في هذا سواء الرجل والمرأة، إذا عجز الرجل أو المرأة عن الصلاة قائما أو قاعدا صلى على حسب حاله، على جنبه الأيمن، أو جنبه الأيسر أو مستلقيا حسب قدرته، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2) . ويعمل الأعمال بالنية إذا كان على جنبه أو مستلقيا، يعمل بالنية نية القيام، فيستفتح الصلاة ويتعوذ بالله من الشيطان، ويسمي ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم ينوي الركوع ويكبر، فيقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ثم ينوي الرفع فيقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. إلى آخره. ثم ينوي السجود فيكبر ويسجد، فهكذا.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) سورة البقرة الآية 286(12/471)
س: تقول السائلة ف، م. من فيفاء: إذا كانت المرأة حاملا وفي الأشهر الأخيرة ولم تستطع الصلاة واقفة فكيف تصلي (1) ؟
ج: تصلي حسب حالها، الله يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) . فإذا عجزت عن القيام تصلي قاعدة متربعة، أو تفترش يسراها وتنصب
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (275) .
(2) سورة التغابن الآية 16(12/471)
يمناها، أو محتبية على مقعدتها وترفع فخذيها ورجليها على أي قعدة، فتفعل ما هو أيسر عليها، سواء كانت متربعة أو مثل جلوسها بين السجدتين، أو محتبية ترفع فخذيها وساقيها وتقعد على مقعدتها، كل ذلك واسع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران لما كان مريضا: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1) » فقوله: " فقاعدا " يعم أنواع القعود، هذا من الله توسعة سبحانه وتعالى، إذا عجزت الحامل عن القيام فإنها تصلي قاعدة على أي حال كانت من القعود ما هو أرفق بها، تفعل ما هو الأرفق بها، القعود الذي يناسبها تفعله، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .(12/472)
س: تقول السائلة: امرأة أجريت لها عملية جراحية فلا تستطيع الوضوء ولا التيمم، وكذلك لا تستطيع الصلاة وهي قائمة أو جالسة، فكيف تكون الصلاة حينئذ (1) ؟
ج: تصلي بالتيمم، إذا لم تستطع الماء تصلي بالتيمم، ييممها أخوها أو أمها أو زوجها أو بعض محارمها بالتراب، تكون ناوية وهو يمسح وجهها وكفيها بالتراب التراب الخفيف، ليس من الشرط أن تفعله بيديها
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (209) .(12/472)
هي، إذا كانت عاجزة تيممها أمها أو أخوها أو أبوها أو زوجها أو غيرهم من محارمها، يضرب التراب، ثم يمسح وجهها وكفيها بيديه بنية الوضوء، وهي تأمرهم بذلك وتنوي ذلك، ويكفيها ذلك والحمد لله، ولا تصلي إلا بالتيمم إذا كانت عاجزة عن الماء، أما ما يتعلق بالخارج من القبل والدبر فهذا يكفيه الاستجمار باللبن أو بالحجارة أو المناديل، الخارج من الدبر والقبل من البول والغائط، المريض يتمسح بالمناديل حتى يزيل الأذى من دبره وقبله ذكرا كان أو أنثى بشرط أن يكون ثلاث مسحات فأكثر حتى يزيل الأذى، وإذا كان عاجزا فالذي يمرضه يقوم بذلك، الممرضة للمرأة والممرض للرجل، أو أمه أو أخته أو زوجته يقوم بذلك، يزيل الأذى بالمناديل، وهذه حالة ضرورة، يجوز للممرض مع المريض والممرضة مع المريضة، الرجل يتولاه الرجل، والمرأة تتولاها المرأة.(12/473)
242 - حكم النيابة في الصلاة عن العاجز عنها
س: أفيدكم أن والدتي عاجزة عن الصلاة بعض الأوقات، هل أنوب عنها بالصلاة أم لا (1) ؟
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (33) .(12/473)
ج: الصلاة لا ينوب فيها أحد عن أحد، فإن كانت عاجزة عن الصلاة قائمة صلت قاعدة إذا كان عقلها معها، فإذا عجزت عن القعود تصلي على جنبها، فإذا عجزت عن الجنب تصلي مستلقية ورجلاها إلى القبلة، هذا هو الواجب عليها، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) . أما إن كانت عاجزة قد تغير عقلها بسبب الخرف - يعني صارت كبيرة في السن لا تعي - فلا صلاة عليها، ولا تصل عنها، وهكذا لو كانت معتوهة مجنونة ليس عليها صلاة. أما العاقل فعليه الصلاة على حسب حالة العقل، المكلف يصلي على حسب حاله قائما أو قاعدا أو على جنبه أو مستلقيا، هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) .
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) سورة التغابن الآية 16(12/474)
243 - حكم ترك الصلاة بسبب المرض
س: يقول السائل: إن بعض المرضى لا يؤدون الصلاة المفروضة أثناء المرض إما لعدم المقدرة لها وإما أنه يعطي نفسه الأمل بأن يقضيها بعد الشفاء، هل تصح صلاة المريض الذي لا يستطيع(12/474)
القيام من فراشه بدون وضوء وأينما كان، فكيف يولي وجهه وهو على فراشه؟ نرجو الإفادة، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصلاة واجبة على المريض: صلاة الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء على حسب طاقته، ويجب التقوي لمن يجب أن يصليها على حسب حاله، النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله: «صل قائما، فإذا لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (2) » أخرجه البخاري في صحيحه. هذا هو الواجب على المريض، يصلي قائما إن استطاع، فإن عجز صلى قاعدا، يركع ويسجد، فإن لم يستطع صلى على جنبه، يقرأ ويأتي بالألفاظ القولية، ويأتي بالأفعال الفعلية بالنية، الركوع بالنية، والسجود بالنية، والرفع من الركوع بالنية، والرفع من السجود بالنية، مع الأذكار الشرعية، فإذا عجز صلى مستلقيا على ظهره ورجلاه إلى القبلة، يكبر ويقرأ، ثم يكبر ويركع بالنية، ثم يقول: سمع الله لمن حمده. بالنية، رافعا من الركوع، ثم يكبر ناويا للسجود ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ثم يكبر ناويا رافعا من السجود، يجلس بين السجدتين بالنية ويقول: ربي
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (363) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .(12/475)
اغفر لي، ربي اغفر لي. ثم يكبر ناويا للسجدة الثانية، وهكذا؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) . وهذه استطاعته، ليس له ترك الصلاة، فإذا عجز عن الماء تيمم بالتراب - الصعيد: التراب - يمسح وجهه وكفيه، إن لم يستطع استعمال الماء أو ليس عنده من يوضئه.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(12/476)
س: السائل: خ. ش. م. يقول: إنني كنت أصلي وأصوم - والحمد لله - وأقرأ القرآن، ولكن الآن تركت الصلاة منذ ثلاثة أعوام، والسبب أنني أصبت بإصابتي - شلل الأطراف السفلى - ونسبة العجز مائة في المائة، ولا أستطيع أن أصلي، وليس هناك من يعينني، فبماذا توجهونني - جزاكم الله خيرا - علما بأنني أشرب في كل ساعتين نصف لتر من الماء حسب توجيه الطبيب، جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: عليك أن تصلي حسب طاقتك؛ يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، ويقول سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3) . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صل قائما، فإن
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (276) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) سورة البقرة الآية 286(12/476)
لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1) » وعليك بالوضوء بواسطة من يعينك على ذلك إذا تيسر ذلك، فإن عجزت عن الماء فالتيمم، فإذا كانت يداك لا تستطيع بهما التيمم فعليك أن تستعين بغيرك من زوجة أو غيرها حتى توضئك بالماء إن تيسر، وإلا فالتيمم بالتراب، تمسح وجهك وكفيك بالتراب، بالنية عنك، تأمرها بذلك أنت تنوي وهي تفعل، أو خادم أو ولد أو أخ، تستعين بمن يتيسر من الناس حتى يقربك من الماء إن استطعت الماء، فإن لم تستطع فالتيمم، أما الخارج من السبيلين فيزال بالاستجمار، إن تيسر بالماء تزيله بالماء، فإن لم يتيسر فبالاستجمار بالحجارة أو اللبن أو بالمناديل، تزيل الأذى من الدبر أو من الذكر بالمنديل أو بالحجر أو نحوهما ثلاث مرات، تكرر ثلاث مرات أو أكثر حتى يزول أثر الغائط وأثر البول.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .(12/477)
س: والدي أجرى عملية بالمستشفى، وجلس في المستشفى أكثر من خمسة عشر يوما، ولم يصل أربعا وأربعين فرضا كانت قبل العملية، وقد اشتد عليه الوجع ولم يصل تلك الأربعة، أما(12/477)
أربعون فرضا فهو كان في حالة بنج ولا يتمكن من الطهارة الكاملة التي تمكنه من أداء الصلاة؛ لذا أرجو إرشاده عن القضاء والكفارة، وفقكم الله (1)
ج: إذا مات الميت وعليه صلوات لا تقضى عنه، ما شرع الله القضاء لكن ينبغي لأهل المريض أن يلاحظوا تنبيهه على الصلاة، لكي يصلي على حسب حاله قاعدا أو قائما أو على جنبه أو مستلقيا مثل ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمران بن حصين قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2) » فينبغي لأهل المريض أن يلاحظوا هذا ويشجعوا المريض ويوجهوه، ويعلموه حتى يصلي على حسب حاله في المرض، ولو كانت ملابسه نجسة إن تيسر غسلها أو إبدالها بغيرها فالحمد لله، وإلا صلى على حسب حاله؛ لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) .
وهكذا الفراش يصلى عليه وإن كان نجسا, {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (4) ، ولكن إذا تيسر تغيير الفراش، وتغيير الملابس بشيء طاهر فهذا هو
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (28) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .
(3) سورة التغابن الآية 16
(4) سورة التغابن الآية 16(12/478)
الواجب، فإذا ما تيسر صلى على حسب حاله ولو ما توضأ، ولو كانت الثياب فيها نجاسة، وهكذا الفراش، وإن قدر على الوضوء أو التيمم وجب عليه ذلك، فإن قدر على الوضوء يحضر له الماء ويتوضأ، وإن لم يقدر على استعمال الماء أحضر عنده بعض التراب حتى يتيمم، يتعفر على وجهه وكفيه كما هو معروف، وإذا عجز عن هذا وعن هذا ولم يتيسر صلى على حسب حاله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) . ولكن كثيرا من الناس لا يبالون بهذه المسائل، يتركون المريض ربما يتأول أنه قد اشتد به المرض وأنه سوف يفعل إذا خف عنه المرض، وقد يأتيه الموت ولا يفعل، فلا ينبغي هذا، بل يجب أن المريض يصلي على حسب حاله بالماء أو بالتيمم قائما أو قاعدا أو على جنبه أو مستلقيا حسب حاله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، هذا هو الواجب.
أما إذا كان شعوره قد تغير - يعني أصابه ما يغير عقله - فلا صلاة عليه، إذا تغير العقل فلا صلاة عليه، لكن ما دام عقله معه فعليه الصلاة، وإذا أخذ البنج وتأخر صحوه من البنج يوما أو يومين فهذا مثل النائم إذا استيقظ يصلي ما ترك، أما إذا كان أصابه خلل في عقله بأن اختل عقله
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) سورة التغابن الآية 16(12/479)
بسبب المرض ومضى عليه مدة طويلة فهذا لا شيء عليه، لا قضاء عليه لو صحا بعد ذلك، وإن قضى احتياطا فحسن، لكن لا قضاء عليه على الصحيح إذا طالت المدة، أما إذا كانت المدة يوما أو يومين أو ثلاثة فيقضي بعد أن يصحو من غشيته وذهاب عقله، وهو على كل تقدير لا تقضى عنه الصلاة سواء تعمد ذلك لجهله أو لعلة من العلل، فلا تقضى الصلاة عنه، إنما يقضى الصوم، إذا مات وعليه صيام قد فرط في قضائه يقضى عنه أما إذا مات وهو عليه صيام، مات ما كمل قضاءه في مرضه، ومات ما تمكن من قضاء الصوم فلا صوم عليه، لكن بعض الناس قد يشفى ثم يتأخر فلا يقضي ما عليه من صيام رمضان، فهذا يقضي عنه أولياؤه ورثته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (1) » وسئل عدة أسئلة عليه الصلاة والسلام، قال بعض السائلين: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صيام شهر. وآخر يقول: إن أبي مات وعليه كذا. فيأمرهم بالصوم ويقول لهم: أرأيت لو كان على أبيك، لو كان على أمك، لو كان على أختك دين، أكنت قاضيه؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء. فيشبه ما عليه من الصوم بالدين،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم، برقم (1952) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت، برقم (1147) .(12/480)
ويأمر أولياءهم بالقضاء، أما الصلاة فلم يأمر أحدا بقضائها عليه الصلاة والسلام.
وعن الصيام هل هو خاص برمضان أو بكل صيام، فإن الصواب أنه عام، بعض أهل العلم يخص الصوم بالنذر، ويقول: هذا في النذر خاصة. لكنه قول ضعيف، والأحاديث عامة في رمضان وفي غيره، صوم رمضان، وصوم الكفارة يقضيه عنه أولياؤه.(12/481)
244 - حكم قضاء الصلاة للمريض بعد شفائه
س: كنت مريضة لمدة ثلاث سنوات، ولم أصل في هذه الفترة إلا بعض الأوقات، أما الأوقات الأخرى فإني لم أستطع أن أصليها لأنني كنت في غيبوبة، وأيضا أسأل عن الصيام، فقد مضت سنتان لم أصم شهر رمضان فيهما من شدة المرض، وإلى الآن لم أستطع الصوم، أرجو إفادتي عن: ماذا يجب علي فعله نحو الصيام والصلاة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: أما الصيام فعليك قضاء الصيام، إذا كان تركه من شدة المرض فعليك قضاء الصيام إذا شفاك الله عز وجل؛ لأن الله قال سبحانه
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (48) .(12/481)
وتعالى: ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر.
أما إذا كان تركه عن زوال عقل، أصابك المرض الذي أزال العقل وصادف رمضان وأنت غير عاقلة، قد زال العقل منك فلا صيام عليك إذا كانت المدة التي في رمضان والعقل مفقود، فلا صيام لأن التكليف مربوط بالعقل، فإذا زال العقل زال التكليف، أما إذا كان لشدة المرض فقط فعليك القضاء، وهكذا الصلاة إن كان تركك الصلاة من أجل زوال العقل، بسبب ما أصابك من الإغماء الذي فقدت معه العقل، حتى مضى عليك سنة أو سنتان وأنت غير عاقلة، قد ذهب عقلك فلا قضاء؛ لأن من ذهب عقله فهو شبه المجنون والمعتوه لا قضاء عليهما، أما إن كان من أجل المرض مع شدة المرض وتساهلت ولم تصلي تحسبين أنه يجوز لك ذلك فعليك أن تقضي ما تركت من الصلوات التي غلب على ظنك أنك تركتها بسبب شدة المرض، تقضينها حسب الطاقة، تسردين ما ظننت أنك تركته في كل وقت، تجمعين جملة من الصلوات وتقضينها لأنك تركتها عن جهل منك، وعن غلط منك بسبب المرض، والمريض يصلي على حسب حاله، يصلي قاعدا، فإن عجز صلى على جنبه، فإن عجز صلى مستلقيا، لا يتساهل، والنبي صلى الله عليه وسلم(12/482)
قال للمريض: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1) » هكذا يجب على المؤمن إذا مرض إن استطاع القيام صلى قائما، فإن عجز صلى وهو قاعد، ويركع ويسجد في الأرض، فإن عجز عن القعود صلى على جنبه، والأفضل على جنبه الأيمن، يقرأ ويكبر ويتعاطى ما شرع الله بالكلام، وينوي الأفعال بالنية، ينوي الركوع بالنية، ينوي السجود، ينوي الجلوس بين السجدتين بالنية، ينوي الجلوس للتحيات بالنية، ويأتي بالأقوال المشروعة من القراءة وغيرها، فإن عجز صلى مستلقيا، يستلقي ويجعل رجليه للقبلة، ويصلي وهو مستلق، يكبر ويقرأ، يكبر ويركع بالنية، يقول: سمع الله لمن حمده. بالنية ويرفع بالنية ويقول: ربنا ولك الحمد. ثم يكبر ناويا السجود، وهكذا من الرقود على جنبه، ومن المستلقي، أما إذا كنت قد فقدت الشعور، فقد فقدت عقلك فالمدة التي فقدت فيها عقلك، المدة الطويلة هذه لا قضاء فيها، أما إذا كانت المدة قليلة، اليوم واليومين التي فقدت فيها عقلك والباقي صاحية فاليوم واليومان والثلاثة تقضى، كالنائم يقضي، لكن إذا طالت المدة أكثر من ثلاثة أيام، طالت المدة بسبب فقد العقل والإغماء فلا قضاء على الصحيح، المقصود أن عليك قضاء المدة التي تركت فيها الصلاة من أجل شدة
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .(12/483)
المرض لا من أجل زوال العقل، فإذا كان من أجل شدة المرض هذا يعد تساهلا منك، وعليك القضاء مرتبا: ظهر، عصر، مغرب، عشاء، فجر. وهكذا يرتب ولو في أيام قلائل، كل وقت تصلين فيه عدة صلوات حسب ظنك وعلى غلبة ظنك تجتهدين وتصلينها إن شاء الله، هذا هو الأحوط لك والأفضل لك. والصيام كذلك، ما ترك من أجل شدة المرض تقضينه، وما كان عند زوال العقل - يعني بعد ذهاب عقلها ولم يكن معها عقل - فلا قضاء، مثل المعتوه، ولا يلزمها شيء إلا الصيام؛ لأنها معذورة.
أما إذا كان تركك أيتها السائلة للصلاة عن عمد، قلة مبالاة، ما هو عن شبهة، وتظنين أن المرض عذر، قد تركتها قلة مبالاة وتساهلا بها هذا كفر وضلال، فلا تقضى بعدئذ، التوبة تكفي فقط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن ترك الصلاة كفر، قال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » فإذا كنت تركتها عمدا لا عن شبهة ولا عن ظن أنه يجوز لك تأخيرها من أجل المرض فهذا منكر عظيم وكفر صريح، فالتوبة تكفي ولا قضاء عليك لما مضى؛ لأن تركها من غير عذر كفر وضلال وردة عن الإسلام في أصح قولي العلماء، فإذا تاب العبد من ذلك كفته التوبة فقط، نسأل الله السلامة.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22428) .(12/484)
245 - بيان كيفية قضاء الصلاة للمريض لفترة طويلة
س: يقول السائل: أنا كنت مريضا في المستشفى، حوالي أسبوع، واشتد علي المرض، لم أستطع أن أصلي، لكن بعد ما طلعت من المستشفى صليت كل الأوقات التي فاتتني في عصر، وصليتها قصرا كل وقت ركعتين ركعتين، هل صلاتي هذه صحيحة أم لا (1)
ج: أولا الواجب عليك أن تصلي في حال المرض ولو أنك جالس أو مضطجع، تصلي على حسب حالك؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) والنبي صلى الله عليه وسلم قال للمريض: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (3) » هكذا أمره النبي عليه الصلاة والسلام.
فالمريض يفعل ما يستطيع، إن استطاع قائما صلى قائما، وإن عجز صلى قاعدا، وإن عجز صلى على جنبه الأيمن أو الأيسر، والأيمن أفضل، فإن عجز صلى مستلقيا ورجلاه إلى القبلة، هذا هو المشروع، فإذا لم يفعل وجب عليه القضاء؛ لأنه لم يفعل - بزعمه - يصلي بعد حين، أكمل، أو أنه يشق عليه حال وجود المرض، كل هذا غلط، ولكن
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (61) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .(12/485)
عليه القضاء؛ لأنه تركها بشبهة، فعليه القضاء والمبادرة بالقضاء إذا استطاع ذلك، ويصلي أربعا ما يصلي ثنتين، ثنتان هذه للمسافر، أما المريض فيصلي أربعا ولا يصلي ثنتين، إنما قصر الصلاة للمسافرين خاصة، أما المرضى فإنهم يجمعون فقط؛ لأن لهم الجمع بين الصلاتين: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. أما القصر فكون المريض يصلي ثنتين فلا يجوز، لكن يغتر بعض الناس بما يسمع من بعض العامة يقول: المريض له أن يقصر، وقصدهم بالقصر الجمع، يسمي الجمع قصرا، وهذا غلط في اللغة؛ لأن جمع الظهر والعصر، وجمع المغرب والعشاء ما يسمى قصرا، يسمى جمعا لأنه جمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، فيسمى جمعا لا قصرا، أما القصر فهو كونه يصلي الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، هذا القصر، لكن بعض العامة يسمي الجمع قصرا، فنتج عن هذا أن بعض الناس قصر في المرض لما يسمع من بعض العامة أن المريض يقصر، ومراده أنه يقصر يعني يجمع، هذه لغة العامة، يسمون الجمع قصرا وهو غلط في اللغة العربية، فالجمع ما يسمى قصرا، يسمى جمعا إذا صلى الظهر والعصر جميعا في وقت الظهر أو وقت العصر، هذا يسمى جمعا ما يسمى قصرا، وهكذا إذا صلى المغرب والعشاء جمعا في وقت المغرب أو وقت العشاء، هذا يسمى جمعا لا قصرا. أما القصر فكونه يصلي العشاء(12/486)
ثنتين، الظهر ثنتين، والعصر ثنتين هذا القصر، وهذا خاص بالمسافرين، المسافر هو الذي يصلي ركعتين، أما المريض فعليه أن يصلي أربعا، لكن له أن يجمع بين الظهر والعصر، وله أن يجمع بين المغرب والعشاء من أجل المرض.(12/487)
246 - حكم ترك المريض صلاته لعدم الطهارة
س: يقول السائل: جدتي كبيرة في السن وهي تحب الصلاة حبا شديدا، والصيام أيضا، والتقرب إلى الله، ولكن لم تكن تستطيع في الشهور الأخيرة من عمرها أداء الصلاة؛ وذلك لعدم طهارتها وعدم استطاعتها أن تقرأ أو أن تفعل شيئا من أفعال الصلاة رغم أنها تملك عقلها كاملا، فهل عليها إثم في ذلك؟ وعندما نقول لها: حاولي أن تؤدي الصلاة، كانت تقول: إنني أشعر بقناعة تامة عن الصلاة، وكانت تلهث بشدة عند أي حركة تؤديها وكأن روحها ستخرج، ما هو الحكم في مثلها (1) ؟
ج: الواجب عليها أن تصلي قائمة أو قاعدة أو على جنبها أو مستلقية، بالماء أو بالتيمم، هذا هو الواجب عليها، ولا يجوز لها ترك
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (213) .(12/487)
الصلاة؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) . والنبي صلى الله عليه وسلم قال لعمران لما كان مريضا، قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2) » فالمؤمن والمؤمنة هكذا يقومون بالواجب حسب الطاقة، ولا يجوز ترك الصلاة من أجل الضعف أو كبر السن، بل على المريض وكبير السن أن يصلي على حسب حاله، حتى ولو على جنبه، حتى ولو مستلقيا إذا عجز عن الجنب، يقرأ ويكبر، يقول: الله أكبر. ناويا الصلاة، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يكبر ناويا الركوع، يقول: سبحان ربي العظيم. ثم يقول: سمع الله لمن حمده. ناويا الرفع: ربنا ولك الحمد. إلى آخره، ثم يكبر ناويا السجود، يقول: سبحان ربي الأعلى. ثم يكبر ناويا الجلسة بين السجدتين ويقول: رب اغفر لي. ثم يكبر ناويا السجدة الثانية، وهكذا بالقول إذا عجز عن الفعل، وأما هذه التي تأخرت عن الصلاة وهي تعقل فقد أثمت، وهي على خطر عظيم، ويخشى عليها أن تكون كافرة بذلك لأنها تركت الصلاة مع القدرة ومع العقل، فالحاصل أن هذا العمل عمل سيئ ومنكر، والواجب عليها أن تصلي على حسب
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .(12/488)
حالها، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) إذا كان عقلها موجودا، أما ماذا عليكم أن تفعلوا بعد وفاتها فليس عليكم شيء، أمرها إلى الله، وظاهر حالها الكفر، نسأل الله العافية؛ لأنها ضيعت الصلوات من أجل جهلها، الله جل وعلا يتولى أمرها سبحانه وتعالى، ما دام تركت الصلاة وهي عاقلة فلا تدعوا لها ولا تتصدقوا عنها؛ لأنها تركت الصلاة وهي عاقلة كما ذكرتم، وترك الصلاة مع العقل والتكليف كفر أكبر على أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » نسأل الله العافية.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22428) .(12/489)
س: يقول السائل: مرضت أمي مرضا أقعدها في المنزل، ولم تستطع أن تصلي، وماتت وهي على ذلك الحال، فبماذا تنصحوننا تجاهها، جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: إن كان ذهب عقلها فلا شيء عليها، وإلا فالواجب أن تصلي ولو على جنب إذا لم تستطع الصلاة قائمة ولا قاعدة، يقول النبي صلى الله
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (221) .(12/489)
عليه وسلم: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1) » هكذا يجب على المريض، إن استطاع أن يصلي قائما فإذا صلى قائما، ركع وسجد، وإن عجز صلى قاعدا وأومأ بالركوع، وسجد في الأرض إن استطاع، وإلا أومأ بالركوع والسجود، وجعل السجود أخفض من الركوع، فإن عجز صلى على جنب، والأفضل على جنبه الأيمن، يصلي باللفظ والنية، يكبر ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يكبر وينوي الركوع ويقول: سبحان ربي العظيم. ثم يقول: سمع الله لمن حمده. وهو على جنبه ناويا الرفع من الركوع ويقول: ربنا لك الحمد. إلى آخره. ثم يكبر ناويا السجود ويقول: سبحان ربي الأعلى. ويدعو ربه، ثم يكبر ناويا الرفع من السجود والجلسة بين السجدتين ويقول: رب اغفر لي. ثم يكبر ناويا السجدة الثانية، وهكذا حتى يكمل صلاته وهو على جنبه أو مستلقيا، وإذا كان مستلقيا يجعل رجليه إلى القبلة، ويرفع رأسه قليلا حتى يصلي إلى القبلة مثل ما فعل الذي على جنبه، يصلي بالنية والقول، ويرفع يديه إذا كان يستطيع عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام للتشهد الأول، إذا كان يستطيع يرفع يديه وهو على جنبه أو مستلقيا أو قاعدا.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117) .(12/490)
بسم الله الرحمن الرحيم(13/3)
صفحة فارغة(13/4)
تكملة باب صلاة أهل الأعذار(13/5)
صفحة فارغة(13/6)
بقية باب صلاة أهل الأعذار
1 - حكم قضاء الصلاة عن فاقد الشعور لمرض أو كبر سن
س: السائلة: ر، ف، ي، ل، من العراق تقول: كانت والدتي تصوم وتصلي، وقد مرضت مرضا شديدا منذ سنتين توفيت على أثره، ولم تكن تصوم ولا تصلي في وقت مرضها لعدم الاستطاعة، فهل يلزمني دفع كفارة عنها أو الصيام والصلاة عنها؟ أفيدوني بارك الله فيكم (1)
ج: ما دامت ماتت وهي مريضة ما استطاعت الصيام فليس عليك صيام عنها، إذا كانت ماتت وهي في مرضها لم تستطع الصيام في المدة الطويلة فإنك لا تقضين عنها شيئا، وليس عليك إطعام أيضا، والحمد لله، أما الصلاة فقد غلطت في ترك الصلاة، كان الواجب عليها أن تصلي ولو كانت مريضة، ولا تترك الصلاة.
الواجب على المريض أن يصلي على حسب حاله، إن استطاع القيام صلى قائما، وإن عجز صلى قاعدا، فإن لم يستطع القعود صلى
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (50) .(13/7)
على جنبه الأيمن أفضل أو الأيسر على حسب طاقته، فإن لم يستطع الصلاة على جنبه صلى مستلقيا، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم لما شكا إليه بعض الصحابة رضي الله عنهم المرض قال له: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1) » هذا هو الواجب على المريض ذكرا كان أو أنثى، يصلي قاعدا إذا عجز عن القيام سواء مستوفزا أو متربعا أو كجلسته بين السجدتين، كل ذلك جائز، فإن عجز عن القعود صلى على جنبه الأيمن أو الأيسر، والأيمن أفضل، إذا استطاع ينوي أركان الصلاة وواجباتها، ويتكلم بما يستطيع، يكبر، يقرأ الفاتحة أول شيء، يقرأ ما تيسر، ثم يكبر وينوي الركوع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ويقول إذا نوى الرفع: ربنا ولك الحمد، إلى آخره، ثم يكبر ناويا السجود، يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ثم يرفع مكبرا ناويا الجلوس بين السجدتين ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي. يكررها ثلاثا، ثم يكبر ناويا السجدة الثانية، وهكذا بالنية والكلام حسب طاقته، ولا تقضي الصلاة، وإنما عليك الدعاء لها، والتراحم عليها والاستغفار لها إذا كانت مسلمة موحدة، أما إذا كانت تدعو الأموات، وتستغيث
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) بدون ذكر '' فإن لم تستطع فمستلقيا ''.(13/8)
بالأموات والقبور، تدعو غير الله، هذه لا يدعى لها؛ لأن هذا شرك أكبر، فإذا كانت في حياتها تدعو الأموات، وتستغيث بالأموات أو بأصحاب القبور أو تسأل البدوي أو عبد القادر أو غير عبد القادر الجيلاني، هذا من الشرك الأكبر، لأن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، كأن يقول: يا سيدي عبد القادر، اشف مريضي أو انصرني أو عافني، أو: يا سيدي فلان – من الأموات - افعل بي كذا، أو: يا رسول الله، افعل بي كذا: أو: يا سيدي البدوي، افعل كذا، أو: يا فلان افعل كذا، من الأموات، كل هذا من الشرك الأكبر، والذي يموت على هذه الحالة لا يدعى له، لأنه مات على ظاهر الشرك، نسأل الله السلامة.
أما إن كانت موحدة بحمد الله لا تدعو إلا الله، بل تعبد الله وحده فيدعى لها ويستغفر لها، ولا يصلى عنها، لأن الصلاة لا تقضى.(13/9)
س: عندنا مريض كبير في السن لا يصلي ولا يصوم ولا يشعر بنفسه دائما، فهل نصلي عنه أم لا، وهل تصوم عنه زوجته أم لا (1) ؟
ج: ليس عليه شيء، ما دام لا يشعر فقد سقط عنه التكليف والحمد لله، مثل المعتوه والمجنون والهرم، الهرم الذي زال شعوره ليس عليه صلاة ولا صوم، ولا يصلي عنه أحد ولا يصوم عنه أحد، لا زوجته ولا غيرها لأنه سقط عنه التكليف، نسأل الله للجميع حسن الختام.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (198) .(13/9)
2 - بيان ما يجب على من به سلس البول
س: أنا مصاب بسلس البول، كيف تنصحونني سماحة الشيخ كي أؤدي صلاتي على الوجه الأكمل (1) ؟
ج: صاحب السلس مثل المرأة صاحبة الاستحاضة، الواجب عليه كما بين أهل العلم، أنه يتوضأ لكل صلاة، إذا دخل الوقت يتوضأ ويصلي مع الناس والحمد لله، يتحفظ بشيء من القطن أو غيره على ذكره حتى لا يتأذى بالبول في ثيابه وبدنه، كما لو استحاضت المرأة تتنظف وتتحفظ بشيء، وتصلي الصلوات في أوقاتها، وتتوضأ إذا دخل الوقت، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام للمستحاضة: «توضئي لوقت كل صلاة (2) » فصاحب السلس ومثله صاحب الريح الذي يخرج منه الريح دائما، لا يستطيع البقاء إلى وقت يؤدي فيه الصلاة، فإنه يصلي على حسب حاله، يتوضأ إذا دخل الوقت، ويصلي مع الناس، ولو خرج منه الريح أو خرج منه البول كما تصلي المستحاضة ولو خرج منها الدم، لكن يتوضأ بعد دخول الوقت ما دام الحدث دائما، وننصحهم – صاحب السلس والمستحاضة - بالتحفظ دائما، وذلك أسلم للبدن والثياب.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (201) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228) .(13/10)
س: أنا في السابعة عشر من عمري، مصاب بسلس البول، ولا أستطيع(13/10)
أن أحافظ على صحة وضوئي حتى أتمكن من إتمام الصلاة، كيف تنصحونني؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: المصاب بالسلس يتوضأ إذا دخل الوقت كالمصابة بالاستحاضة، الدم الدائم، إذا دخل الوقت استنجى وتوضأ وضوء الصلاة وصلى ولو خرج منه شيء، كما تصلى المستحاضة التي معها الدم الدائم، تتوضأ إذا دخل الوقت – يعني تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة - وتتحفظ بشيء وتصلي جميع الوقت، إذا توضأت للظهر تصلي الظهر وتصلي النوافل، تقرأ القرآن من المصحف ولو خرج شيء حتى يأتي الوقت الآخر، وهكذا كلما جاء وقت تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة إذا خرج شيء، وهكذا صاحب السلس إذا دخل الوقت، إذا استنجى وتحفظ بشيء توضأ وضوء الصلاة، ثم يصلي ما بدا له من وقت مع النوافل حتى يأتي الوقت الآخر، فإذا جاء الوقت الآخر وقد خرج منه شيء يعيد الوضوء، يستنجي ويعيد الوضوء، أما لو سلمه الله ولم يخرج شيء فلا إعادة عليه، ووضوؤه صحيح، ويصلي به الوقت الآخر ولا حرج. المقصود أنه كالمستحاضة بهذا العمل، يتوضأ لكل صلاة، هكذا صاحب السلس إذا كان معه البول الدائم، وهكذا المرأة التي معها الماء الدائم من فرجها تتوضأ لوقت كل صلاة كالمستحاضة، إذا دخل وقت الفجر وطلع الفجر توضأ للفجر،
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (191) .(13/11)
استنجى وتوضأ للفجر، وإذا دخل وقت الظهر وزالت الشمس كذلك يستنجي، ثم يتوضأ وضوء الصلاة للظهر ويصلي النوافل إلى العصر، ويقرأ من المصحف كذلك، ثم إذا دخل وقت العصر أعاد الوضوء، إذا كان قد خرج منه شيء، يستنجي ويعيد الوضوء، وهكذا المغرب، وهكذا العشاء.(13/12)
س: سائل يقول: هناك رجل مصاب بمرض سلس البول، وهو شيخ كبير وأكثر الأحيان وفي أغلب الأوقات يكون فراشه غير نظيف، ولا يستطيع السيطرة على نفسه، وأيضا لا يستطيع القيام من فراشه بسهولة، فهل تجوز له الصلاة على حالته هذه؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: يقول الله سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، فعليه أن يتوضأ لكل صلاة، يتحفظ بخرقة أو نحوها على فرجه ويغسل ما أصاب بدنه وثيابه، أو يغسله له زوجته أو أولاده، ويجزئه ذلك. كل صلاة تتوضأ، ولو خرج منه بعد ذلك في الوقت فيتوضأ للظهر ويصلي، ويقرأ القرآن من المصحف لا بأس حتى يأتي وقت العصر، فإذا جاء وقت العصر يعيد الوضوء مرة أخرى إذا خرج منه شيء، وهكذا المغرب وهكذا العشاء،
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (235) .
(2) سورة التغابن الآية 16(13/12)
وهكذا الفجر، والفراش يطهر له، يضع عليه رداء طاهرا يصلي عليه كل صلاة، إذا كان الرداء أصابه بول يؤخر، يؤتى ببدله أو يغسل ما أصابه في كل وقت.
وإذا نزل به شيء وهو يصلي ما يضره، مثل المستحاضة التي ينزل بها الدم {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) ، لكن في الوقت، إذا خرج الوقت يعيد الوضوء ويغسل ما أصاب ثوبه أو يبدله، وهكذا.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(13/13)
س: إذا أصيب الإنسان بالسلس لكبر أو لمرض هل يصلي أم أن الصلاة تسقط عنه (1) ؟
ج: الصلاة لا تسقط ما دام العقل موجودا، عليه أن يصلي ولكن يتوضأ لكل صلاة، إذا أصابه السلس – وهو البول المستمر - يتوضأ لكل صلاة ويصلي كل صلاة في وقتها، مثل المستحاضة التي معها الدم الدائم تتوضأ لكل صلاة وتصلي، ولا تسقط عنها ولا عن صاحب السلس الصلاة، ولهما الجمع إذا شق عليهما الأمر، لكن الرجل ينبغي عليه ألا يجمع حتى يصلي مع الجماعة، أما المرأة إذا جمعت لحاجة فلا بأس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رخص لحمنة رضي الله عنها أن تجمع، الحاصل أن صاحب السلس يتوضأ لكل صلاة ويصلي مع الجماعة،
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (216) .(13/13)
ويتحفظ بشيء، بخرقة يربطها على ذكره حتى لا ينتشر البول إلى الملابس، ويتوضأ لكل صلاة، والحمد لله.
وإذا خرج شيء أثناء الصلاة لا يضر لا المرأة ولا الرجل، لا المستحاضة ولا صاحب السلس، لا يضرهما ما خرج في الوقت ولو في الصلاة.(13/14)
3 - بيان كيفية طهارة من به حدث دائم
س: رسالة من المستمع: م. ك. ر. صدرها بقوله: أشهد الله ثم إني أشهدكم بأني أحبكم في الله، أصبت ببلاء، وأصبحت لا أتحكم في نفسي ولا في بطني إلا بصعوبة، وقد ينتقض وضوئي في مرات كثيرة في الصلاة أو أثناء الذهاب للمسجد، وقد لا ينتقض في بعض الأوقات، وهي قليلة، أصبحت لا أعلم متى ينتقض وضوئي ومتى لا ينتقض، هل أنا بهذه الحالة من أصحاب الأعذار؟ وإذا كنت كذلك فهل لي أن أتوضأ قبل دخول الوقت لكي أدرك الجماعة؟ لأنني قرأت فتوى لابن تيمية يقول: يتوضأ صاحب العذر لكل صلاة، أو لوقت كل صلاة، فهل لي أن أتوضأ قبل دخول الوقت لإدراك صلاة الجماعة مع العلم بأنني إذا توضأت بعد دخول الوقت فإنني قد لا أدرك صلاة الجماعة؟ وهل لي أن أجمع بين صلاتين بوضوء واحد مع إمام يجمع في مطر أو في سفر؟ هل لي أن(13/14)
أمسح على الجوارب وأنا بهذه الحالة؟ وهل لي أن أصلي إماما إذا لم يحضر إمام المسجد وكنت أقرأ الموجودين وأعلمهم بالسنة؟ وهل إذا صليت بهم إماما أكون آثما؟ وجهوني حول هذه الأمور جزاكم الله خيرا (1)
ج: أسأل الله أن يمنحنا وإياك الشفاء والعافية من كل سوء، وأما ما يتعلق بمحبتي في الله فإن المحبة في الله من أفضل القربات، فنقول: أحبك الله الذي أحببتنا له، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أحب أحدكم أخا فليعلمه أنه يحبه (2) » وإذا أعلمه أخوه فليقل: أحبك الذي أحببتنا له، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (3) » ذكر منهم رجلين تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، وصح عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه قال: يقول الله يوم القيامة: «أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (307) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث المقدام بن معدي كرب الكندي أبي كريمة، برقم (16719) ، وأبو داود في كتاب الأدب، باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه، برقم (5124) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد، برقم (660) ، ومسلم في كتاب الزكاة باب فضل إخفاء الصدقة برقم (1031) .(13/15)
إلا ظلي (1) »
أما ما ذكرت من جهة استمرار الحدث فإنك تتوضأ لوقت كل صلاة، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة التي حدثها دائم، قال لها: «توضئي لوقت كل صلاة (2) » رواه البخاري.
فأنت تتوضأ في وقت كل صلاة، ولو خرج منك شيء في الطريق أو في المسجد أو في الصلاة لا يضرك والحمد لله، إن أنت توضأت بعد دخول الوقت فإن الحدث الذي يخرج منك في الطريق أو في المسجد أو في الصلاة أو بعد الصلاة لا ينقض وضوءك، بل لك أن تصلي في الوقت ما دمت على هذه الحال حتى يأتي الوقت الآخر، لك أن تصلي وتقرأ من المصحف وتطوف في مكة، إذا كنت في مكة تطوف، وإذا توضأت للعصر تطوف بوضوء العصر بعد العصر، إذا توضأت للظهر تطوف بوضوء الظهر، أو تصلي به، وإذا كان جمعا كفى وضوء واحد والحمد لله، توضأ وصل الصلاتين بوضوء واحد. وأبشر بالخير، ونسأل الله لك العافية والتوفيق.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب في فضل الحب في الله، برقم (2566) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228) .(13/16)
4 - بيان ما يفعله من أصيب باستمرار خروج الريح
س: إنني لا أستطيع الصلاة حيث إنني مريض في المعدة من الهواء، إنني أتوضأ في كل صلاة وأكثر الأحيان إنني أصلي وأنقض الوضوء من نصف الصلاة فأكمل الصلاة، هل الصلاة صحيحة أم لا (1) ؟
ج: ما دام الحدث مستمرا فأنت في حكم صاحب السلس، فصلاتك صحيحة ولو خرج منك الريح مثل صاحب السلس، الريح والماء، والمستحاضة يخرج منها الدم دائما، فتتوضأ في الوقت أيها السائل، ثم تصلي على حسب حالك ما دام هذا شيئا مستمرا معك، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولو خرج في الصلاة ولو خرج في الوقت ما دمت توضأت في الوقت، ثم صليت كما أمر الله، فخروج هذه الريح منك وأنت تصلي أو قبل الصلاة أو بعد الصلاة لا يضر ما دام مستمرا، في حكم المستمر مثل خروج الدم من المستحاضة التي يستمر معها الدم في غير وقت الحيض، ومثل خروج البول من صاحب السلس إذا استمر معه وليس له حيلة هذا معذور، يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) .
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (24) .
(2) سورة التغابن الآية 16(13/17)
5 - كيفية قضاء المغمى عليه للصلوات
س: أنا رجل مريض بداء السكري، وآخذ عنه علاجا، وأحيانا ينزل السكر تحت المعدل ثم أصاب بإغماء في النوم، وإذا قمت ما أدري هل أنا في اليوم الذي نمت فيه أو بعده بيوم، فأسأل عشيرتي ويخبرونني بنفس اليوم الصحيح، فأصلي مجتهدا، ولكن لا أضبط صلاتي من حيث عدد الركعات، فهل هذه الصلوات صحيحة أو أعيدها إذا صحيت جدا؟ وشكرا (1)
ج: الواجب على من يصاب بالإغماء أنه إذا انتبه واستيقظ من الإغماء أن يتوضأ ويقضي إذا كان مدة الإغماء قليلة، إذا كان يوما أو يومين أو ثلاثة، فقد جاء عن بعض الصحابة أنهم أغمي عليهم كعمار وغيرهم، فقضوا الصلوات، فهو إذا انتبه وزال إغماؤه يقضي ما مضى لكن لا يعجل حتى يؤول إليه عقله، وحتى يثبت عقله، لا يعجل وهو ما بعد ثبت عقله حتى لا يميز بين الركعات، لهذا لا يعجل حتى يستقيم عقله، حتى يستطيع أن يؤدي الصلوات مضبوطة، أما إذا أداها وعقله حتى الآن ما يميز بين الركعتين والثلاث فهو حتى الآن ما بعد استقام عقله، ولا تصح صلاته إنما عليه التأني والتثبت، فإذا تم حضور عقله واستقام أمره قضى الأيام التي أخبره إخوته الذين عرفوا حاله أنه ضيعها.
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (15) .(13/18)
أما بالنسبة لصلواته التي صلاها وهو ما بعد صحا من الإغماء فإن عليه أن يعيدها، يعيد الصلوات التي صلاها بغير شعور ما ضبطها، وإذا كان لا يعلم هل هي الظهر أو العصر فإنه يتحرى، والحمد لله.(13/19)
6 - بيان المدة التي يقصر فيها المسافر
س: يقول السائل: ح. من المدينة: المسافر كم المدة التي يقصر فيها؟ وكم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقصر في سفره إلى مكة، هل صحيح بأنه جلس عشرة أيام يقصر في السفر (1) ؟
ج: في حجة الوداع عشرة أيام، قدمها صبيحة رابعة من شهر ذي الحجة، وسافر صبيحة أربعة عشر وهو يقصر، لكن استنبط العلماء من ذلك أنه يقصر في أربعة أيام، لأنه جلس من الرابع إلى يوم الثامن، ثم انتقل إلى أعمال الحج، فإذا عزم المسافر على إقامة أكثر من أربعة أيام أو أكثر فإنه يتم، أما إذا كانت أربعة أيام فأقل فإنه يقصر، أو إذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فالإتمام أحوط وأفضل، لأن الإقامات الأخرى التي أقامها ليس فيها دلالة على أنه جزء من الإقامة، كما أقام في تبوك عشرين يوما يتحرى العدو، هذا ليس فيه جزم أنه نوى الإقامة، قد يكون ما نوى الإقامة إنما جلس لأسباب ينظر فيها أمر العدو. المقصود أن أكثر أهل
__________
(1) السؤال السابع والستون من الشريط رقم (430) .(13/19)
العلم يقول: إذا عزم الإقامة أكثر من أربعة أيام في بلد أو في منزل أتم، إما إن كانت الإقامة أربعة أيام فأقل فلا بأس أن يقصر، هذا قول الأكثر ولا حرج، وإن كانت إقامته أكثر وهو مسافر وقصر فلا حرج، لكن تخير قول الجمهور أحوط وأولى.(13/20)
7 - بيان أحكام القصر للمسافر
س: يرجو السائل من سماحتكم الحديث عن صلاة المسافر (1)
ج: المسافر يشرع له أن يصلي ركعتين الرباعية الظهر والعصر والعشاء، هذه السنة، إذا غادر بلده وفارق بناءها صلى ركعتين حتى يرجع، فإذا أقام في أثناء السفر إقامة طويلة أكثر من أربعة أيام أتم عند جمهور أهل العلم، وإن كانت الإقامة قصيرة يومين، ثلاثة، أو مثلا ما عنده علم هل تطول أو ما تطول فهذا يقصر، لأنه لا يدري هل تكون أربعة أو عشرة، ينتظر حاجته فهذا له القصر ولو طالت المدة، أما إذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فهو يتم عند جمهور أهل العلم، ومثله الصيام، له أن يفطر في السفر، إذا سافر في رمضان وليس قصده التحيل إنما سافر لحاجه فإنه يشرع له الفطر حتى يرجع، فإذا أقام في أثناء السفر إقامة طويلة أكثر من أربعة أيام فإنه يصوم.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (347) .(13/20)
8 - حكم جمع الصلوات للمسافر
س: سماحة الشيخ، متى يجوز للمسافر أن يجمع (1) ؟
ج: إذا جاز له القصر جاز له الجمع، لكن الأفضل إذا كان مقيما مستريحا أن يصلي كل صلاة في وقتها، مثلا نزل في محل يقيم فيه يومين أو ثلاثة لحاجة فالأفضل عدم الجمع، وإن جمع فلا حرج، والدليل على هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما نزل في منى لم يجمع، وجمع في تبوك وهو نازل، والأمر واسع إن شاء الله، لكن إذا كان نازلا ولا مشقة عليه فالأفضل عدم الجمع، إذا كان نازلا يومين أو ثلاثة أو أربعة الأفضل عدم الجمع، وإن جمع فلا حرج، المقصود أن الجمع تابع للقصر متى جاز القصر جاز الجمع.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (347) .(13/21)
9 - حكم الجمع والقصر للمسافر إذا مر ببلده
س: إذا كنت مسافرا وأقمت يوما أو يومين في قريتي، هل يشرع لي حينئذ القصر والجمع أم أصلي مع الجماعة (1) ؟
ج: إذا كنت وحدك يلزمك أن تصلي مع الجماعة، ولا تصل وحدك، عليك أن تصلي مع الجماعة تماما، أما إذا كنتم اثنين فأكثر فأنتم مخيرون
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (347) .(13/21)
إن صليتم وحدكم قصرتم، وإن صليتم مع الناس أتممتم أربعا، الأمر في هذا واسع.(13/22)
10 - بيان مدة السفر الذي يترخص فيه بقصر الصلاة وجمعها
س: ما هو القصر والجمع، ومتى يكون؟ وما هو الفرسخ وما يعادله من الكيلومترات؟ وما هي مسافة السفر التي يقصر فيها الصلاة، ويفطر فيها الصائم (1) ؟
ج: القصر أن يصلي الرباعية ثنتين، هذا يسمى القصر، قصر الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين بسبب السفر، لا تقصر الصلاة إلا في السفر خاصة، المريض لا يقصر، المريض له أن يجمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، لكن لا يصلي الظهر ثنتين بل يصلي أربعا وإنما القصر في السفر خاصة، والجمع معناه ضم الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، هذا هو الجمع، يجوز للمسافر والمريض، وأم مسافة أهل القصر فهي عند جمهور أهل العلم يومان، مسافة سبعين كيلو، ثمانين كيلو، هذا يسمى سفرا، والفرسخ ربع بريد، والبريد نصف يوم، والمسافة أربعة برد، والبريد أربعة فراسخ، والفرسخ ربع بريد وثمن اليوم، فما كان يعادل يومين للمطايا فهو يعادل الآن سبعين كيلو،
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (38) .(13/22)
ثمانين كيلو، وما يقاربها.(13/23)
11 - بيان الوقت الذي يبدأ فيه المسافر الجمع، والقصر للصلاة
س: السائل: س. ي. من اليمن يسأل في أحكام السفر: متى يبدأ وقت الجمع والقصر (1) ؟
ج: إذا غادر بلده وفارق بنيانها له قصر الصلاة وله الجمع، لكن إذا كان نازلا مستريحا فالأفضل عدم الجمع، أما إذا كان على ظهر سير يجمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا سافر من صنعاء إلى مكة، ومن صنعاء إلى المدينة، من صنعاء إلى غيره مسافة طويلة، ثمانين كيلو أو أكثر فله رخص السفر يقصر ويجمع إذا شاء، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (403) .(13/23)
س: متى يجوز للمسافر أن يقصر الصلاة، هل إذا خرج من المدينة أم يجوز له أن يقصر الصلاة قبل خروجه من المدينة (1) ؟
ج: إذا خرج من المدينة، إذا غادر البلد، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقصر إلا إذا غادر المدينة وصار في ذي الحليفة، إذا غادر بلده وانتقل وخرج عن دائرة البناء قصر، وهكذا إذا رجع يقصر حتى يدخل البلد ما
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (413) .(13/23)
دام خارج البلد يقصر، وإذا كان المطار خارج البلد يقصر في المطار.(13/24)
س: إذا نوى الشخص السفر وهو لم يسافر، ما زال داخل البلد فهل له أن يجمع ويقصر أم لا بد أن يخرج من البلد، ثم يحق له حينئذ الجمع والقصر؟ نرجو الإجابة، جزاكم الله خيرا (1)
ج: ما دام في البلد يصلي صلاة أهل البلد أربعا، لا يقصر ولا يجمع حتى يسافر.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (351) .(13/24)
س: نرجو الإفادة عن صلاة المسافر، ومتى يباح له القصر والجمع (1) ؟
ج: المسافر يشرع له في سفره القصر، وهو أن يصلي الرباعية ركعتين الظهر والعصر والعشاء، فالمسافر يصلي هذه الصلوات الثلاث ركعتين تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، فإنه كان إذا سافر عليه الصلاة والسلام صلى ركعتين حتى يرجع، أم المغرب فإنها ثلاث لا تقصر في السفر والحضر، وهكذا الفجر ركعتان لا قصر فيها، وإنما القصر في الرباعية، فإذا فارق البلد، خرج عن عمران البلد إلى المطار الذي هو بعيد عن البلد، أو على سيارته خارج البلد صلى ركعتين، أما ما دام في البلد فيصلي أربعا.
فإذا غادر البلد وخرج عن بنيانها وعمارتها فإنه يصلي ركعتين في
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (157) .(13/24)
طريقه إلى جهته التي يريد، وهكذا في البلد الذي يمر بها يصلي ركعتين، وهكذا في الرجوع يصلي ركعتين، لكن إذا صلى مع المقيمين وهذا أولى، إذا صلى خلف إمام مقيم صلى معه أربعا، هكذا السنة، «سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن صلاة المسافر مع المقيم أربعا قال: هكذا السنة» ، إذا صلى المسافر مع المقيمين في المسجد الحرام أو في المسجد النبوي أو في أي مكان فإنه يصلي أربعا يقتدي بإمامه، وهكذا إذا أقام إقامة طويلة في البلد أكثر من أربعة أيام قد عزم عليها فإنه يصلي أربعا إذا نوى هذه الإقامة ونوى عليها وعزم عند جمهور أهل العلم، أما إذا كانت الإقامة أقل من ذلك ثلاثا أو أربعا أو يومين فإنه يصلي ثنتين إذا كان معه أحد أما إذا كان وحده فإنه يصلي مع الناس أربعا ولا يصلي وحده، بل يصلي مع الجماعة ويتم معهم أربعا، لكن إذا كان وحده في السفر صلى ثنتين لا بأس، أو معه جماعه ولو في الحضر صلى ثنتين؛ لأنهم مسافرون، لكن إذا كانت الإقامة قد عزموا عليها وهي أكثر من أربعة أيام فإنهم يصلون أربعا؛ لأن الرسول الله صلى الله عليه وسلم أقام في حجة الوداع أربعا في مكة لما نزلها في رابع ذي الحجة، أقام حتى يخرج في يوم الثامن من ذي الحجة إلى منى، هذه أربعة أيام قد عزم عليها وقصر فيها، فدل ذلك على أن المسافر إذا عزم على الإقامة أربعة أيام أو أقل فإنه يقصر، لكن إذا كان واحدا كما تقدم يصلي مع الجماعة ويتم، ولا يصلي وحده إلا إذا كان ما عنده أحد أو فاتته الجماعة يصلي ثنتين؛ لأنه(13/25)
مسافر، ومثل ذلك لو كانت الإقامة غير مجزومة لا يدري هل يقيم يومين أو خمسة أو عشرة، عنده تردد فهذا يصلي ثنتين يقصر ما دام لم يجزم على مدة معلومة، فإنه يصلي ثنتين، ولو طالت المدة كالذي يطلب إنسانا ولم يجده أو له حاجة يلتمسها ولم يجدها ولا يعرف مدة إقامته فإنه يصلي ثنتين؛ لأنه في حكم المسافر.(13/26)
12 - حكم جمع الصلاة وقصرها للمسافر المقيم في غير بلده
س: هل يجوز للمسافر القصر والجمع جميعا وهو في طريقه، وهل من فعل ذلك عليه إعادة صلاته، وإذا كان لا يعلم عدد الصلوات فما الحكم (1) ؟
ج: المسافر يقصر ويجمع ولا حرج عليه بل سنة، والقصر أن يصلي الأربع ثنتين، الظهر والعصر والعشاء، هذا القصر، وأما ضم العصر إلى الظهر، وضم المغرب إلى العشاء هذا يقال له: جمع، وبعض العامة يغلط في هذا ويسمي الجمع قصرا، والصواب أن الجمع ضم الظهر إلى العصر، وضم المغرب إلى العشاء، وهذا يسمى جمعا.
والقصر معناه أن يصلي الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، هذا يسمى قصرا، فالمسافر يشرع له أن يقصر ما دام في السفر
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (188) .(13/26)
ولو صلاها في الوقت ولم يجمعها، هذا السنة، لكن إذا دعت الحاجة إلى الجمع جمع، كأن يعزم على الرحيل بعد زوال الشمس، فالأفضل له أن يضم العصر إلى الظهر، ويصلي جمع تقديم ثم يمشي، وكذلك لو ارتحل بعد غروب الشمس من مكانه إلى مكان آخر وهو في السفر فإن الأفضل له أن يضم العشاء إلى المغرب جمع تقديم، وهكذا بالعكس لو ارتحل قبل الزوال فإن السنة له أن يؤخر الظهر مع العصر فيكون جمع تأخير، أو ارتحل قبل غروب الشمس فإن الأفضل له أن يؤخر المغرب إلى العشاء ويصليهما جمع تأخير، هكذا كان يفعل عليه الصلاة والسلام، أما إذا كان مقيما مستريحا فإنه يصلي كل صلاة في وقتها، هذا هو الأفضل، ولهذا لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في منى في حجة الوداع صلى الصلوات في أوقاتها، ما جمع.
فالحاصل أن المقيم المستريح الأفضل له ألا يجمع وإن كان مسافرا، وإن كان في أثناء السفر في البر الأفضل له عدم الجمع، لكن إذا دعت الحاجة إلى الجمع فلا حرج في ذلك.(13/27)
13 - حكم الجمع والقصر في الطائرة
س: متى يجوز قصر الصلاة في السفر؟ أي بعد كم من الكيلومترات يتم ذلك؟ وهل هو الحال واحد سواء كان السفر في السيارة أو في(13/27)
الطائرة أو في البحر؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: نعم، المسافر يقصر سواء من طريق البر أو من طريق الجو أو من طريق البحر، ومتى غادر البلد شرع في القصر، أي تجاوز البناء صلى ثنتين، خارج البلد سواء كان في المطار أو غيره، إذا كان المطار خارج البلد أو خرج في سيارته خارج البلد، أو انتقل من البلد إلى السفينة أو الباخرة يصلي ثنتين ما دام في السفر، فإذا أقام إقامة طويلة تزيد على أربعة أيام أتم أربعا عند أكثر العلماء، أما إن كانت الإقامة أربعا فأقل فإنه يصلي ثنتين، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (220) .(13/28)
14 - مسألة في بيان مسافة السفر التي تقصر فيه الصلاة
س: ما هي المسافة التي يجوز لي فيها أن أقصر الصلاة، وما هي صفة القصر (1) ؟
ج: المسافة ما تعد سفرا وهو يوم وليلة للمطية، يقدر بثمانين كيلو وما يقاربها حدا تقريبا، والقصر أن تصلي الرباعية ركعتين، تصلي الظهر ركعتين، العصر ركعتين، العشاء ركعتين، هذا هو القصر، أما الجمع فهو الجمع بين الظهر والعصر في السفر أو في المرض، والجمع بين
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (320) .(13/28)
العشاء والمغرب في السفر أو في المرض، وهذا يسمى جمعا، إذا صليت المغرب مع العشاء يسمى جمعا، وإذا صليت الظهر مع العصر يسمى جمعا، أما إذا صليت الظهر ثنتين والعشاء ثنتين أو العصر ثنتين فهذا يسمى قصرا، وفق الله الجميع.(13/29)
15 - مسألة في بيان مسافة القصر ومدته
س: هل هناك مسافة معينة ومدة معينة لقصر الصلاة (1) ؟
ج: نعم، يوم وليلة للماشي والمطية، وأما بالكيلو فثمانون كيلو تقريبا إذا كانت المسافة بين البلد ثمانين كيلو، أو بين الجهة التي قصدها وبلده ثمانين كيلو فهذا سفر شرعي، ويقصر ويجمع فيه.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (425) .(13/29)
16 - حكم الجمع والقصر في السفر للنزهة
س: نحن من سكان مكة المكرمة، خرجنا في رحلة ترفيهية تبعد عن مكة بمقدار مائة كيلو، وحان موعد الصلاة، فهل يجوز لنا أن نقصر ونجمع أم نقصر فقط؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: المشروع لكم إذا كان الواقع ما ذكرتم المشروع القصر؛ لأن هذا سفر، السنة صلاة القصر ثنتان، أما الجمع فأنتم بالخيار، إن جمعتم فلا
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (295) .(13/29)
بأس، وإن تركتم الجمع فهو أفضل إذا كنتم مستقرين لا مشقة عليكم في ترك الجمع فهو أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم في منى في حجة الوداع لم يجمع لكونه نازلا في منى، فلم يجمع عليه الصلاة والسلام لكن إذا جمع المسافر فلا حرج، إلا أن الترك أفضل إذا كان مستريحا مستقرا.(13/30)
س: سائل يقول: عندنا استراحة تبعد عن الرياض حوالي تسعين كيلو مترا، ونحن نخرج لها كل نهاية أسبوع، فهل نحن تنطبق علينا أحكام السفر في ذهابنا إليها (1) ؟
ج: نعم عليكم أحكام السفر إذا ذهبتم إليها والإقامة مدة يوم، يومين، أنتم مسافرون، والمدة طويلة، تسعون كيلو مدة طويلة، أما إذا كانت أقل، إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل هم مسافرون، أما إذا عزموا على الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنهم مقيمون على قول الجمهور، يصلون أربعا، أما إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل أو الخميس والجمعة ثم يرجع هو مسافر، وإن صلى أربعا فلا حرج إذا كانت المسافة ثمانين كيلو فأكثر، يوم وليلة، يعني للمطية.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (377) .(13/30)
17 - بيان تحديد مسافة القصر بالكيلومترات
س: هل مسافة خمسة وثمانين كيلو تعتبر سفرا، وهل يجوز الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء؟ وهل تترك فيها الرواتب والنوافل (1) ؟
ج: مسافة ثمانين كيلو تعتبر سفرا، مسافة يومين قاصدين يعني يوما وليلة، فإذا كانت المسافة تبلغ ثمانين كيلو تقريبا فهي سفر فأكثر؛ لأنه جاء عن جماعة من الصحابة ما يدل على هذا المعنى، فما كان بهذه المسافة يسمى سفرا، تقصر فيه الصلاة، الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، ويجوز فيه الجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم أو جمع تأخير، وهكذا بين المغرب والعشاء جمع تقديم في وقت المغرب، أو جمع تأخير في وقت العشاء، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع في السفر وقصر في السفر عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (365) .(13/31)
18 - مسألة في حكم الجمع والقصر للمسافر إذا كان مقيما في غير بلده
س: هل يجوز إذا كنت على سفر بعيد أن أجمع صلاة الظهر والعصر؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (228) .(13/31)
ج: المسافر له الجمع، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، كان النبي يجمع في السفر عليه الصلاة والسلام، وإذا كان مقيما قصر ولم يجمع، فإذا كان على ظهر سير جمع عليه الصلاة والسلام، كان إذا ارتحل قبل غروب الشمس أخر المغرب مع العشاء وصلى جمع تأخير، وإذا ارتحل بعد غروب الشمس قدم العشاء مع المغرب وجمع جمع تقديم، وإذا ارتحل قبل الزوال أخر الظهر مع العصر جمع تأخير، وإذا ارتحل بعد الزوال قدم العصر مع الظهر وجمع جمع تقديم، أما إذا كان نازلا مستريحا فالأفضل عدم الجمع، ولهذا في منى في حجة الوداع أيام منى قصر ولم يجمع عليه الصلاة والسلام، لأن المستريح يصلي الظهر وحدها، والعصر وحدها، والمغرب وحدها، والعشاء وحدها، هذا هو الأفضل، وفي بعض الأيام وهو في تبوك وهو نازل جمع، فدل على الجواز فلو جمع في السفر وهو نازل لا بأس لا سيما عند الحاجة، كقلة الماء أو في شدة البرد أو نحو ذلك، وإن صلى كل واحدة في وقتها فهو أفضل إذا كان نازلا، أما إذا كان على ظهر سير فالأفضل الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، تأسيا بالمصطفى عليه الصلاة والسلام.(13/32)
19 - بيان أقوال العلماء في تحديد مدة القصر
س: تسأل المستمعة وتقول: ما الدليل على عدد أيام القصر خمسة أيام علما بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يقصر في كل سفر(13/32)
سواء كان خمسة أيام أو أكثر كما قرأت؟ وهل القصر سنة أم واجب (1) ؟
ج: الأكثرون قالوا: الأصل في حق المقيم الإتمام، هذا هو الأصل، فلما أقام النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أربعة أيام في اليوم الرابع مشى إلى منى في اليوم الثامن قالوا: هذه الأربعة قد عزم عليها وقصر، فنقصر، وما زاد عليها إذا كنا مقيمين نتم.
وقال آخرون من أهل العلم: يشرع له القصر وإن زادت الأيام ما دام في نية السفر، وعلى حال السفر، فإذا أقام عشرا أو أقل أو أكثر وهو مسافر فإنه يقصر، لأنه ما زال مسافرا.
وقال ابن عباس وجماعة: تحدد المدة تسعة عشر يوما؛ لأن الرسول أقام في مكة تسعة عشر يوما عام الفتح، وما زاد عليها يتم المسافر.
وقال بعضهم، عشرة أيام، لأن الرسول أقام في حجة الوداع عشرة، قدم في اليوم الرابع وسافر إلى المدينة في اليوم الرابع عشر، صارت عشرة أيام كما قال أنس وغيره، فمن أقام عشرا وعزم عليها قصر، ومن زاد فأتم، إلا أن الأحوط للمؤمن من قول الأكثرين، إن كان أربعة أيام أو إحدى وعشرين صلاة هذا يقصر، فإذا نوى أكثر من واحد وعشرين صلاة - يعني عزم على الإقامة - فالأحوط له الإتمام؛ لأن
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (408) .(13/33)
الأصل في حق المقيم الإتمام، هذا من باب الاحتياط، هذا قول الجمهور من باب الاحتياط.(13/34)
س: متى يقصر المسلم في صلاته، وما المدة التي يجوز فيها القصر (1) ؟
ج: إذا سافر المؤمن سفر قصر شرع له القصر، لأن الله جل وعلا قال: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (2) كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر قصر، يعني صلى ثنتين الظهر والعصر والعشاء، هذا محل القصر، أما الفجر فلا قصر فيه، والمغرب لا قصر فيها، إنما القصر في الظهر والعصر والعشاء – يعني في الرباعية - فإذا سافر ما يعد سفرا من سبعين كيلو، ثمانين كيلو أو أكثر من ذلك، وهما في العهد الأول مرحلتان للإبل يعني يومين قاصدين، فلما ذهبت الإبل وصارت السيارات، الآن سبعين كيلو، ثمانين كيلو وما يقاربها تعد سفرا، هذا هو الأحوط للمؤمن إذا كان في هذه المسافة قصر، وإذا كان في أقل منها كالخمسين والأربعين فالأحوط ألا يقصر؛ لأنها تشبه الضواحي للبلد، وتقرب من البلد بالنسبة إلى سرعة السيارات، وقد ذهب أهل العلم إلى أن السفر، كل ما يعد سفرا فإذا احتاج إلى زاد ومزاد فهذا يعد سفرا، وإن لم يبلغ سبعين كيلو ولم يبلغ يوما وليلة إذا كان
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (15) .
(2) سورة النساء الآية 101(13/34)
يحتاج إلى زاد وإلى مزاد، إلى ماء، يعني أن ما يعد سفرا هو الذي يقصر فيه، وهو الذي يحتاج إلى الزاد - يعني الطعام - والمزاد - يعني الماء - كخمسين كيلو، أربعين كيلو، ونحو ذلك في المطية والمشي على الأقدام، أما السيارة فإن حالها غير حال الأقدام، وغير حال المطية كما هو معلوم بسبب السرعة، فلهذا إذا احتيط لهذا وصار السفر ما يعد سبعين كيلو تقريبا أو ثمانين كيلو أقرب وأحوط، وموافق لما قرره العلماء سابقا بيومين قاصدين، فإذا ذهب إلى نحو هذه المسافة قصر، صلى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، وإن كانت أقل من ذلك فإنها تشبه ضواحي البلاد، فالأحوط له أن يتم أربعا ولا يقصر.(13/35)
س: ما المدة التي يجوز فيها القصر؟ ويعني بذلك المدة التي يقيم فيها الإنسان في سفره (1) ؟
ج: المدة التي يقيمها الإنسان في سفره تنقسم قسمين: مدة هو يحددها، ومدة لا يحددها، فأما المدة التي يحددها فهي أن يكون له حاجه في البلد لا يدري متى تنقضي، مثل طلب الإنسان، فإذا التمس إنسانا لعله يجده، مثل حق له على إنسان يطلبه منه، مثل خصومة يريد إنجازها، وما أشبه ذلك، ليس لها مدة معلومة بل مهمتها مثل هذه الحاجة، ولو في يوم واحد أو يومين، هذا يقصر مدة بقائه ومدة إقامته، لأنه ليس له أمد
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (15) .(13/35)
محدود، هذا لا يزال يقصر حتى ينتهي.
أما الحالة الثانية فهي حالة الإنسان إذا علم أن الأيام معلومة قد حددها، قال: أقيم عشرة أيام، عشرين يوما، أربعين يوما، أربعة أيام، خمسة أيام، هذه اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من قال: تحدد بثلاثة أيام أو محددة بأربعة أيام، أو محددة بخمسة عشر يوما، وقيل: بعشرين يوما. والأحوط في هذا أربعة أيام، إذا نوى أكثر من أربعة أيام أتم، والحجة في هذا إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع؛ لأنه أقام أربعة أيام، لأنه صبح مكة اليوم الرابع صباحا، وأقام اليوم الرابع والخامس والسادس والسابع، ثم توجه إلى منى وعرفات اليوم الثامن، قال العلماء: هذه أربعة أيام قد عزم على إقامتها، فيقصر فيها الصلاة كما قصر النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا نوى أكثر من ذلك أتم، لأن الأصل هو الإتمام، الواجب هو إتمام الصلاة.
فقد شرع الله القصر في السفر، فهذه إقامة ليست سفرا، فيتم فيها بخلاف الأربعة أيام فأقل فإنها في حكم السفر كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، ولعل هذا أحوط إن شاء الله وأقرب.(13/36)
20 - بيان ذكر المذاهب الأربعة في تحديد مدة القصر
س: هل صحيح أن المسافر يقصر الصلاة مهما طالت مدة السفر ولو بلغت سنتين أم أن هناك زمنا محددا ينتهي فيه القصر؟ وما حكم(13/36)
السفر فيمن يسافر للدراسة أو العمل خارج بلده هل الصحيح أنه يقصر حتى يرجع من الدراسة أو العمل (1) ؟
ج: أما السفر فإن المسافر يقصر فيه، السنة له القصر ما دام في الرحلة، ما دام على ظهر سفر، فإذا سافر مثلا من السعودية إلى أمريكا قصر ما دام في الطريق، أو سافر من مكة إلى مصر أو من مصر إلى مكة قصر ما دام في الطريق، وهكذا إذا نزل في البلد فإنه يقصر ما دام في البلد إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، إذا عزم على إقامة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر كما قصر النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل في مكة في حجة الوداع، فإنه نزل في مكة صبيحة أربع ذي الحجة، ولم يزل يقصر حتى خرج إلى منى، وكذلك إذا كان عازما على الإقامة لكنها إقامة لا يحددها بل يقول: متى حصل لي كذا سافرت، فهو لا يدري متى تنتهي، يقول: اليوم أخرج، غدا أخرج، فهو مقيم حتى تأتي حاجته، وحاجته لا يدري متى تنتهي، كالذي يلتمس شخصا عليه دين أو له به حاجة، أو يلتمس سلعة ليشتريها ما يدري متى يجدها، أو خصومة لا يدري متى تنتهي، أو ما أشبه ذلك فإنه يقصر ما دام مقيما، لأن إقامته غير محددة، فهو لا يدري متى تنتهي هذه الإقامة، فله القصر، ويعتبر مسافرا، يقصر ويفطر في رمضان ولو مضى على هذا سنوات.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (164) .(13/37)
أما من أقام إقامة طويلة للدراسة أو لغيرها من الشؤون وهو يعزم على الإقامة مدة طويلة فهذا الواجب عليه الإتمام، هذا هو الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم الأئمة الأربعة وغيرهم أنه يتم، فإذا أقام أكثر من عشرين ليلة، عزم على الإقامة أكثر من عشرين ليلة وجب عليه الإتمام للدراسة وغيرها، واختلف العلماء فيما إذا كانت الإقامة تسعة عشر يوما أو خمسة عشر يوما، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقصر إذا كانت الإقامة تسعة عشر يوما، جاء ذلك عن جماعة من أهل العلم، ولكن المعتمد في هذا كله هو أن الإقامة تكون أربعة أيام فأقل، هذا هو الذي عليه الأكثرون، وفيه احتياط للدين وبعد عن الخطر في هذه العبادة العظيمة التي هي عمود الإسلام، فنصيحتي لإخواني المسافرين للدراسة وغيرها أن يتموا الصلاة، وألا يقصروا وأن يصوموا رمضان، وألا يفطروا إلا إذا كانت الإقامة قصيرة أربعة أيام فأقل، أو كانت الإقامة غير محددة لا يدري متى تنتهي لأن له حاجة يطلبها لا يدري متى تنتهي كما تقدم، فإن هذا بحكم المسافر، هذا هو أحسن ما قيل في هذا المقام، وهو الذي عليه أكثر أهل العلم، وهو الذي ينبغي فيه الاحتياط للدين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (1) »
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (27819) .(13/38)
ويقول: «فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه (1) » وإقامته صلى الله عليه وسلم في مكة تسعة عشر يوما عام الفتح محمولة على أنه لم يجمع عليها، ولكنه إنما قام لإصلاح أمور الدين، وتأسيس توحيد الله في مكة، وتوجيه المسلمين إلى ما يجب عليهم، فلا يلزم من ذلك أن يكون عزم على هذه الإقامة، فقد يحمل على أنه أقامها إقامة لم يعزم عليها، وإنما مضت به الأيام في النظر في شؤون المسلمين، وإصلاح ما يحتاج إلى إصلاح، وإقامة شعائر الدين في مكة المكرمة، وليس هناك ما يدل على أنه عزم عليها حتى يحتج بذلك على أن المدة تسعة عشر يوما كما جاء ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهكذا إقامته في تبوك عشرون يوما ليس هناك ما يدل على أنه عازم عليها عليه الصلاة والسلام، بل الظاهر أنه أقام يتحرى ما يتعلق بحرب الروم، وينظر في الأمر، فليس عنده إقامة جازمة لذلك، لأن الأصل عدم الجزم، بالإقامة إلا بدليل وهو مسافر للجهاد والحرب مع الروم، وتريث في تبوك هذه المدة للنظر في أمر الجهاد، وهل يستمر في الجهاد ويتقدم إلى الروم أم يرجع، ثم اختار الله له سبحانه أن يرجع إلى المدينة، وصار الجهاد بعد ذلك على يد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، برقم (52) ، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم (1599) .(13/39)
المقصود أنه ليس هناك ما يدل على الجزم على أنه نوى الإقامة تسعة عشر يوما في مكة، ولا أنه نوى الإقامة الجازمة في تبوك عشرين يوما حتى يقال: إن هذه أقل مدة، إنها أقصر مدة للإقامة، بل ذلك محتمل كما قاله الجمهور في تحديد الإقامة بأربعة أيام فأقل، إذا نوى أكثر منها أتم، وفيه احتياط للدين، واحتجاج بإقامته صلى الله عليه وسلم في مكة عام حجة الوداع؛ فإنه أقام أربعة أيام لا شك أنه عازم على الإقامة فيها من أجل الحج من اليوم الرابع إلى أن خرج إلى منى.
وقال جماعة من أهل العلم: إنها تحدد الإقامة بعشرة أيام؛ لأنه أقام عشرة أيام في مكة لحجة الوداع. وأدخلوا بذلك إقامته في منى وفي عرفة، وقالوا: إنها إقامة تكون المدة عشرة أيام المعزوم عليها، وهذا قول له قوته وله وجاهته، لكن الجمهور جعلوا توجهه من مكة على منى شروعا في السفر لأنه توجه إلى منى ليؤدي مناسك الحج، ثم يسافر إلى المدينة، وبكل حال فالمقام مقام خلاف بين أهل العلم، وفيه عدة أقوال لأهل العلم، ولكن أحسن ما قيل في هذا وأحوط ما قيل هو ما تقدم من قول الجمهور، وهو أنه إذا نوى الإقامة في بلد أكثر من أربعة أيام أتم، وإن نوى أقل قصر، وإذا كان ليس له نية محدودة، يقول: أسافر غدا، أسافر بعد غد، لأن له حاجة يطلبها لا يدري متى تنتهي فإن هذا في حكم السفر، والله ولي التوفيق.(13/40)
والمسافر للدراسة أو في دورة تدريبية مثل ما تقدم ننصحه بالإتمام، يتم الصلاة ولا يقصر، ولا يفطر، وهكذا السفراء في أي بلاد؛ لأن حكمهم حكم المقيمين إلا أن تأمرهم الدولة بالرجوع، فهم حكمهم حكم المقيمين يتمون ويصومون، وهكذا المسافر للدراسة أو لدورات يعلم أنها تطول مدتها فإنه في حكم المقيم.(13/41)
21 - بيان القول الراجح في مدة القصر
س: اختلف العلماء في المدة التي يجوز للمسافر القصر فيها فمنهم من قال: أربعة أيام فأقل، ومنهم من قال: لم يحدد الرسول صلى الله عليه وسلم مدة معينة، فما الأصح الذي عليه الدليل (1) ؟
ج: هذه المسألة مثل ما قال السائل فيها خلاف بين أهل العلم، والذي عليه الفتوى وهو الأقرب التحديد بأربعة أيام، فإذا كانت النية أربعة أيام فأقل فله القصر كما أقام النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أيام في مكة قبل ذهابه إلى منى وهو يقصر في حجة الوداع، قال العلماء: وهذه إقامة متيقنة، قصر فيها عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن المسافر إذا عزم على الإقامة أربعة أيام أو أقل فإنه يقصر، يصلي ثنتين الظهر والعصر والعشاء، أما إذا كانت المدة أكثر فإن الواجب أن يتم، لأن الأصل هو
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (188) .(13/41)
الإتمام، هذا هو الأصل في صلاة المقيم، فالواجب أن يتمسك بالأصل فيصلي أربعا، وهذا هو الذي قاله الجمهور، وهو الذي نفتي به لما فيه من الحيطة.(13/42)
س: نرجو توضيح مسألة صلاة القصر في السفر، هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتم الصلاة في السفر؟ وهل تخضع صلاة السفر للمسافة والمدة؟ نرجو توضيح هذه المسألة مع الأدلة من الكتاب والسنة، جزاكم الله خيرا (1)
ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر يصلي الرباعية ركعتين: الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين حتى يرجع من سفره، هذا هو المحفوظ عنه عليه الصلاة والسلام.
وروي عنه أنه كان يقصر في الصلاة ويتم، ولكنه ليس بمحفوظ، والمحفوظ عنه في الأحاديث الصحيحة أنه كان في السفر يقصر حتى يرجع، أما المغرب فإنه يصليها على حالها ثلاثا سفرا أو حضرا، وهكذا الفجر كان يصليها ثنتين سفرا أو حضرا، ويصلي مع الفجر سنتها القبلية ركعتين خفيفتين، أما سنة الظهر وسنة المغرب وسنة العشاء فكان يتركها في السفر عليه الصلاة والسلام، فينبغي للمؤمن أن يفعل ما كان يفعله عليه الصلاة والسلام في السفر. والسفر عند أهل العلم هو ما بلغ من
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (149) .(13/42)
المسافة يوما وليلة – يعني مرحلتين - هذا الذي عليه جمهور أهل العلم، ويقدر ذلك بنحو ثمانين كيلو تقريبا لمن يسير في السيارة، وهكذا الطائرات، وفي السفن والبواخر، هذه المسافة وما يقاربها تسمى سفرا، وتعتبر سفرا في العرف السائد بين المسلمين، فإذا سافر الإنسان على الإبل أو على قدميه أو في السيارات أو في الطائرات أو في المراكب البحرية هذه المسافة أو أكثر منها فهو مسافر.
وقال بعض أهل العلم: إنه يحد بالعرف ولا يحد بالمسافة المقدرة بالكيلومترات، بل ما يعد سفرا في العرف يسمى سفرا ويقصر فيه، وما لا فلا، والصواب ما قرره أهل العلم أنه يحدد بالمسافة، هذا هو الذي عليه أهل العلم، فينبغي الالتزام بذلك، وهو الذي جاء عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وهم أعلم الناس بدين الله، وهم أعلم الناس بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام.(13/43)
س: السائل: ش. ع يقول: كنت أقصر الصلاة في السفر بعدة المدة التي قضيتها في المنطقة التي ذهبت إليها وهي ما يقارب من شهرين أو ثلاثة على حد علمي بمدة القصر، فما حكم صلاتي التي صليتها قصرا في سفري وما يجب علي (1) ؟
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (431) .(13/43)
ج: صلاتك صحيحة، وليس عليك إعادة، لأنه ذهب جمع من أهل العلم إلى أن المسافر يقصر ولو طالت مدته لظاهر بعض الأحاديث، وهو قول قوي، ولكن الأحوط للمؤمن إذا كان واثقا إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام في بلدة من البلدان أو قرية أو في البر أن يتم إذا عزم على إقامة أكثر من أربعة أيام هذا هو الأحوط الذي عليه الجمهور، ولكن لو قصر أخذ بالقول الثاني فلا إعادة عليه ولا حرج عليه. لكن السنة أن يتحرى ما هو الأحوط له، فإذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام في منزله في البر أو في قرية أو بلد من البلدان فالأفضل له أن يصلي أربعا. هذا هو الأحوط له، فينبغي تحري ذلك، ولا يصلي وحده بل يجب أن يصلي مع الناس أربعا في المساجد، لا يصلي وحده، إذا كان في بلد وجب عليه أن يصلي مع الناس أربعا.(13/44)
س: المسافر أكثر من أربعة أيام وهو يعرف ذلك هل يقصر الصلاة من أول يوم أو بعد انتهاء اليوم الأول أم يقصر أربعة أيام متوالية (1) ؟
ج: إذا أقام المسافر إقامة يعزم عليها أكثر من أربعة أيام فإنه يصلي أربعا إذا عزم عزما جازما على أنه يقيم في بلدة معينة: مكة، المدينة، أو غير ذلك أكثر من أربعة أيام فإنه يتم، هذا عند جمهور أهل العلم أما إذا ما كان عنده جزم يحسب بعد يومين بعد ثلاثة، بعد أربعة بعد خمسة، عنده
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (330) .(13/44)
تردد فهذا يقصر الصلاة، وله الجمع حتى يجزم على أكثر من أربعة أيام، إذا جزم أمسك من حين يجزم يصلي أربعا صلاة الجمع إذا كان معه أحد، أما إذا كان وحده فيصلي مع الجماعة لا يصلي وحده، يصلي مع الجماعة؛ لأن الجماعة واجبة، والقصر سنة، فهو لا يترك الواجب من أجل السنة، يعني يلزمه أن يصلي مع الناس ويتم، لكن لا بأس أن يصلي قصرا ويجمع في مكان إقامته أربعة أيام فأقل، وهكذا في أثناء السفر.(13/45)
س: متى يحق للمسافر القصر والجمع وكم المدة؟ وإذا نوى الشخص السفر وجمع وصلى الظهر والعصر جمعا، ثم وصل إلى البلد الذي يريده هل يحق له الجمع والقصر على الرغم من أن مدة بقائه في هذا البلد لا تزيد عن أربعة أيام؟ وهل إذا زادت عن الأربعة أيام يجوز له القصر والجمع أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: السفر بينه العلماء والصحابة رضي الله عنهم أنه مسافة يوم وليلة للمطية، فإذا سافر إلى كل من بلد أو قرية هذه المسافة يوم وليلة، أي مطية مدة أربع وعشرين ساعة هذا سفر يقصر فيه الصلاة، وله الجمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، وإذا نزل في بلد ويريد القرار بها يوما أو يومين أو ثلاثة أو أربعة فله القصر وله الجمع إلا أن يكون واحدا فيصلي مع الناس أربعا ولا يقصر، لأن الجماعة واجبة، فعليه أن يصلي.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (325) .(13/45)
مع الناس جماعة ويكون معهم، لأن المسافر إذا صلى مع المقيم يجب عليه الإتمام، أما إذا كانا اثنين أو أكثر فله أن يصلي وحده جمعا أو قصرا، وله أن يصلي مع الناس ما دامت المدة أربعة فأقل، فإن كانت أكثر من ذلك نوى الإقامة أكثر من ذلك فإنه يصلي أربعا.(13/46)
22 - حكم الأذان والإقامة في الجمع بين الصلاتين.
س: من أسئلة هذا المستمع يقول: سماحة الشيخ، ما الصواب في هاتين المسألتين: الجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، الجمع بينهما بأذانين وإقامتين (1) ؟
ج: السنة بأذان واحد وإقامتين، هذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الحج، وفي أسفاره، يؤذن للمغرب والعشاء أذانا واحدا، وللظهر والعصر أذانا واحدا، ويقيم لكل واحدة، هذا هو السنة إذا صلى المغرب والعشاء جمعيا، أو الظهر والعصر جميعا في السفر، وهكذا في الحج أذان واحد وإقامتان كما ثبت ذلك من حديث جابر رضي الله عنه ومن أحاديث أخرى.
__________
(1) السؤال التاسع والخمسون من الشريط رقم (430) .(13/46)
23 - مسألة في الجمع والقصر
س: الأخ: س. م. م. ع. مصري مقيم في العراق، يسأل ويقول: هل يجوز لإنسان أن يصلي قصرا لمدة ثلاثة أيام أم هل هناك مدة محددة بالنسبة لصلاة القصر (1) ؟
ج: المسافر يقصر أربعة أيام على الصحيح، الذي قاله جمهور أهل العلم، إذا كان أراد الإقامة أربعة أيام فأقل، يعني أراد الإقامة جازما بها أربعة أيام فأقل في أي محل، في سفره، مثلا قد سافر إلى العراق لحاجة وعزم أن يقيم في العراق، في بغداد أو في البصرة أو نحوهما أربعة أيام أو أقل، له أن يقصر، يصلي الرباعية ثنتين: الظهر ثنتين، العصر ثنتين، العشاء ثنتين.
أما إن كانت النية أكثر من ذلك، قد عزم أن يقيم خمسة أيام أو عشرة أيام هذا يصلي أربعا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقام في حجة الوداع أربعة أيام يقصر في حجة الوداع في مكة، قدمها في الرابع من ذي الحجة، وتوجه إلى منى في الثامن، فصارت إقامته أربعة أيام وهو يقصر عليه الصلاة والسلام، فإذا كانت إقامته مثل ما أقام النبي صلى الله عليه وسلم في مكة فإنه يقصر، أما إذا أقام إقامة طويلة خمسة أيام فأكثر - يعني أكثر من أربعة أيام - فهذا إذا عزم عليها يصلي أربعا، وهكذا ما يكون في
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (176) .(13/47)
الإقامات العارضة في الطريق وهو مسافر، يقصر يوما، يومين، ثلاثة في الطريق، كلما أقام يقصر، يصلي ثنتين. أما الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فالأفضل تركه إذا كان مقيما، أما إذا كان في حاجة إلى الجمع يجمع، والحمد لله، أو كانت الإقامة يسيرة نزل في محل إقامته يسيرة، ثم ارتحل بعد زوال الشمس يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم، أو ارتحل قبل غروب الشمس فإنه يؤخر المغرب مع العشاء جمع تأخير، أو ارتحل قبل الزوال يؤخر الظهر مع العصر جمع تأخير، لأنه أرفق به فلا بأس بذاك.(13/48)
24 - مسألة في تحديد مدة السفر لجمع الصلاة وقصرها
س: إذا كانت الإقامة في السفر أكثر من أربعة أيام يا سماحة الشيخ (1) ؟
ج: إذا كانت الإقامة، إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام يتم، وبعض أهل العلم يقولون: ما دام في نية السفر له القصر ولو طالت المدة. لما جاء في الأحاديث من إطلاق، ولأنه قصر والمدة أكثر من أربعة أيام أقام في مكة تسعة عشر يوما وهو يقصر، وأقام في تبوك وهو يقصر عليه الصلاة والسلام، قالوا: هذا يدل على أن المسافر ما لم ينو الإقامة المطلقة، فإنه يقصر، واحتجوا بهذا، والجمهور يقولون: إنه صلى الله
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (411) .(13/48)
عليه وسلم أقام في مكة وفي تبوك إقامة لم ينوها، لا يدري متى يتيسر له السفر هذا يقصر، فإذا الإنسان نزل منزلا ولا يدري متى يرتحل، ينتظر جماعة يفدون إليه، أو ينتظر شيئا آخر ولا يدري متى يرتحل فهذا يقصر ولو أقام شهورا، لأنه لا يدري متى يرتحل، وهذا هو الذي حمل عليه الجمهور إقامة النبي في تبوك وفي مكة، لأنه أقام لإزالة أثر السيل في مكة، وأقام في تبوك على نية غزو الروم، ثم اختار الله الرجوع ولم يمض، فحمله الجمهور على أن هذه الإقامة لم يعزم عليها بل هو متردد وينتظر شيئا.(13/49)
25 - حكم جمع وقصر الصلاة للمسافر إذا نوى الإقامة شهرا
س: يسأل المستمع: ص. ع. من الأردن ويقول: أسافر إلى بلد أجنبي، والمدة من شهرين إلى أربعة أشهر، وأنا لا أحدد المكوث هناك، فمثلا أسافر يا سماحة الشيخ إلى هذه البلدان في إحدى المرات وبنية أن أمكث شهرا واحدا لظروف قاهرة فأمكث ثلاثة أشهر فبالنسبة للصلاة الجمع والقصر كيف تكون في مثل هذه الحالة (1) ؟
ج: إذا أجمعت الإقامة أكثر من أربعة أيام فالذي عليه جمهور أهل العلم أنك تتم، مكثت شهرا أو شهرين أو عشرة أيام فجمهور أهل العلم على
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (392) .(13/49)
أنك تصلي أربعا، أما إذا كانت الإقامة التي أجمعتها أربعة أيام فأقل فلا مانع أن تصلي ركعتين قصرا إلا أن تكون وحدك فعليك أن تصلي مع الجماعة أربعا، لا تصلي وحدك، لأن الجماعة واجبة، فعليك أن تصلي مع الجماعة وتتم أربعا، أما إذا كان معك أصحاب تصلون جميعا قصرا فلا بأس ثنتين إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، أما إذا عزم المسلم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فالأكثرون من أهل العلم على أنه يتمها أربعا ولا يجمع، واحتجوا في هذا بقصة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فإنه صلى الله عليه وسلم أقام أربعا يقصر الصلاة حين قدم مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة، وقصر الصلاة حتى توجه إلى منى اليوم الثامن، وهذه الأيام قد أقامها ومع هذا قصر فيها، فإذا أقام المسافر أربعة أيام فله أن يقصر، وإذا أقام أكثر، نوى إقامة أكثر فإنه يتم، هذا هو الأصل، الأصل في المقيمين الإتمام، فإذا نوى أكثر من أربعة أيام أتم ولم يقصر ولم يجمع، أما إن كانت إقامته ما هي محددة، لا يدري هل يقيم ثلاثة أو خمسة أو شهرا، لحاجة لا يدري متى تنقضي، فهذا له حكم السفر، له أن يقصر وله أن يجمع، له حكم المسافر؛ لأنه لم يجمع الإقامة إذا كان معه أصحاب، أما إذا كان وحده فإنه يصلي مع الناس ولا يقصر، يصلي مع الناس في الجماعة في المساجد، يصلي أربعا؛ لأن الجماعة واجبة.(13/50)
س: نقوم بالسفر من المحافظة التي نوجد بها إلى المحافظة الأخرى التي تبعد مسافة سبع ساعات بالقطار السريع، حوالي ثلاثمائة وخمسين كيلو مترا، وفي هذا السفر نجلس بالشهر الكامل لكي نحضر المحاضرات بالجامعة، وفي هذه المدة نقصر الصلاة ونجمع في الصلاة، فهل هذا صحيح يا سماحة الشيخ (1) ؟
ج: إذا كنتم تجلسون مقيمين ناوين الإقامة شهرا فالذي عليه الجمهور أنكم تتمون لا تقصرون، لأنكم قد أقمتم إقامة طويلة أكثر من أربعة أيام، جمهور أهل العلم أن الإقامة إذا زادت عن أربعة أيام ونوى أكثر من أربعة أيام فإنه يتم، لأن الأصل في حق المقيم أن يتم، هذا هو الأصل، وإنما السفر عارض، فإذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نوى الإقامة إقامة أربعة أيام في مكة في حجة الوداع، لما قدم صبيحة رابعة ذي الحجة نوى أربعة أيام، ثم خرج إلى منى وعرفات في اليوم الثامن والأصل في حق المقيم أنه يتم الصلاة، هذا هو الأصل في حق المقيم وذهب بعض أهل العلم إلى أن المسافر يقصر ما دام في السفر ولو طالت إقامته حتى يرجع إلى بلاده، هو قول قوي، ولكن الأحوط في حق المؤمن في مثل هذا أن يتم، إذا نوى أكثر من أربعة أيام يتم أخذا بالحيطة وأخذا بالقول الأكثر من أهل العلم.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (359) .(13/51)
26 - مسألة في جمع وقصر الصلاة في بلد غير مسلم
س: يسأل م. ح. فيقول: كنت في صحة جيدة، وكنت دائما أسافر لطلب الرزق في بلاد غير إسلامية، وكان الظهر يؤذن ولا أستطيع الصلاة لعدم وجود أماكن للوضوء فكنت أصل إلى الفندق وأتوضأ وأصلي الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، والفجر أصليه حاضرا، فهل علي شيء فيما كنت أفعل (1) ؟
ج: أولا ننصح الأخ بعدم السفر إلى بلاد الكفرة، وأن تكون التجارة في بلاد إسلامية لا يظهر فيها الشرك والشر، جاهد نفسك في ذلك، واحذر لعلك تسلم، لعلك تنجو، وإذا كنت مسافرا لأي بلد فلك أن تجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير ما دمت في حال السفر، إذا كان السفر لا تتخلله الإقامة الطويلة، أما إذا وجدت إقامة طويلة فإنك لا تجمع بل تصلي أربعا، وتصلي الصلاة في وقتها إذا كانت الإقامة التي عزمت عليها في البلد تزيد على أربعة أيام قد عزمت عليها، فالذي عليه أكثر أهل العلم أنك تصلي أربعا ولا تجمع، أما إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، أو كنت مترددا لا تدري هل تقيم أربعة أو أكثر أو أقل فإنه لا حرج عليك أن تصلي قصرا، وتجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (329) .(13/52)
والقصر معناه أن تصلي الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، يعني هذا القصر.
والجمع معناه: تضم المغرب إلى العشاء، والظهر إلى العصر، هذا هو الجمع.
وإذا كان حولك مسلمون فصل معهم جماعة في الحجرة التي أنت فيها، في الفندق، في أي مكان، أحرص على الجماعة إذا تيسرت، وإذا كان هناك مسجد فصل معهم، لا تصل وحدك، صل معهم وأتم أربعا، لأن الجماعة لازمة، أما إن كنتم اثنين أو ثلاثة فلا بأس أن تصلوا وحدكم قصرا في حال السفر، وإن صليتم مع الجماعة فصلوا أربعا، وفق الله الجميع.(13/53)
27 - حكم الترخص برخص السفر للطلاب المبتعثين أثناء إقامتهم للدراسة.
س: هذا الطالب: إ. أ. يقول في هذا السؤال الذي بعثه من أمريكا يقول فيه: الذاهبون للدراسة من الطلاب يا سماحة الشيخ هل يأخذون حكم المسافر في قصر الصلاة وفي الإفطار في رمضان وغيرها حتى ولو امتدت مدة الدراسة إلى زمن طويل (1) ؟
ج: قد تنازع العلماء في هذه المسألة كطالب العلم المسافر لطلب العلم، أو السفير الذي يقيم مدة في البلد ثم يرجع، أو التاجر يذهب بتجارة ثم
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (391) .(13/53)
يرجع على قولين للعلماء:
أحدهما: أن من سافر فله القصر مطلقا حتى يرجع وإن طالت المدة سنة أو سنتين أو أكثر ما دام لم يرد الإقامة إنما أقام لحاجة من تجارة أو طلب أو سفارة أو ما أشبه ذلك.
والقول الثاني: الذي عليه الجمهور أنه إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام يتم ولا يجمع، وهذا هو الذي عليه العمل ونفتي به، لأنه الأحوط والأقرب لقواعد الشرع، فمن أقام مدة تزيد على أربعة أيام ناويا لها فإنه يتم الصلاة أربعا سواء كان طالبا أو تاجرا أو سفيرا أو غير ذلك، ولا يجمع بين الصلاتين، له حكم المقيمين؛ لأن الأصل وجوب الإتمام، والأصل في حق المقيم أن يتم، هذا هو الأصل، صار في هذا في إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، أقام أربعة أيام لانتظار القيام بأعمال الحج، وهي الرابع والخامس والسادس والسابع، ثم خرج يوم الثامن إلى منى، ثم بعدها عرفة، فصارت الإقامة التي يجزم بها أربعة أيام، ثم خرج إلى أداء المناسك، وهذا الخروج بدء للسفر عند الجمهور لأنه بإنهاء أعمال الحج سافر صباح يوم الرابع عشر، وقال قوم: عشرة أيام؛ لأن الرسول أقام عشرة أيام في حجة الوداع، وهي الأربعة أيام التي قبل الحج وأيام الحج، الجميع عشرة من الرابع إلى الرابع عشر. وقال قوم: تسعة عشر يوما. قاله ابن عباس رضي الله عنهما؛(13/54)
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقام في مكة تسعة عشر يوما. قال: فإذا أقمنا تسعة عشر يوما قصرنا، وإذا زدنا أتممنا. ولكن القول الراجح والأقرب والأحوط أنه متى أقام أكثر من مدة أربعة أيام فإنه يتم ولا يجمع احتياطا للدين وعملا بالسنة كلها.(13/55)
س: السائل يقول: إنه في منطقة القصيم، وجاء إلى الرياض للدراسة لمدة ثلاث سنوات، هل يجوز أن أقصر الصلاة هذه المدة، وهل يجب علي أن أفعل السنن الرواتب (1) ؟
ج: الواجب أن يصلي مع الناس، يصلي مع الناس أربعا في المساجد ما دام نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام عند جمهور أهل العلم، يجب عليه أن يصلي مع الناس أربعا، ويسن له أن يصلي الرواتب قبل الظهر أربعا تسليمتين، وبعدها ركعتين، وإن صلى بعدها أربعا كان أفضل، يصلي أربعا قبل العصر هذا أفضل، ليست راتبة لكنه أفضل، يصلي أربعا قبل العصر تسليمتين للحديث الصحيح: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2) » بعد المغرب تسليمة ركعتان، بعد العشاء تسليمة ركعتان، قبل
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (366) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5944) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر برقم (430) .(13/55)
الفجر تسليمة ركعتان، كل هذه رواتب، السنة أن يصليها ولا يقصر بل يتم مع الناس، لأن هذه المدة طويلة.(13/56)
28 - مسألة في حكم صلاة الطلاب الذين تبعد عنهم المدرسة مسافة قصر
س: أنا طالب جامعي أدرس في جامعة تبعد عن مدينتي مائة وخمسين كيلو مترا، وأرجع إلى مدينتي كل أسبوع أو أسبوعين، وأثناء الدراسة أسكن في المدينة الجامعية، فهل أعتبر نفسي مسافرا وأقصر الصلاة، وأحرص فقط على ركعتي الفجر والوتر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحرص عليهما في السفر؟ أفيدوني عن ذلك (1)
ج: الواجب عليك أن تصلي صلاة المقيم لأنك مقيم، فعليك أن تصلي صلاة مقيم أربع ركعات، ولست بمسافر، وعليك أن تصوم مع الناس رمضان، لأن المسافر هو الذي يقيم إقامة محدودة أربعة أيام فأقل، فإذا كانت الإقامة أكثر من ذلك عند جمهور أهل العلم فإنه يلزمه الإتمام ويلزمه الصوم، ولا يكون له حكم المسافر، وهذا القول فيه احتياط للدين وبعد عن التساهل، والأخذ بالرخص التي يسعى لها بدون دليل واضح فنوصيك بأن تصلي مع الناس أربعا، وتحافظ على صلاة الجماعة، وتصوم
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (201) .(13/56)
مع الناس رمضان، وألا تعتبر نفسك مسافرا، لأنك مقيم إقامة طويلة لأجل الدراسة وهكذا عند زيارته لأهله ما دام نيته الإقامة عند أهله إذا فرغ من الدراسة، إنما أقام من أجل الدراسة، هذا بلد له ووطن له، أما إذا نوى الانتقال إلى بلد الجامعة وترك وطنه فإذا جاء إلى أهله زيارة فله القصر إذا كانت المدة أربعة أيام فأقل، ولا يصلي وحده، لأن الجماعة متعينة، فيصلي مع الناس أربعا، لكن لو فاتته الجماعة صلى ثنتين، هذا إذا كانت الإقامة محدودة، أربعة أيام فأقل، إذا كان ما عنده نية الإقامة مع أهله إذا انتهى من الجامعة، أما إذا كان إنما أقام من أجل الدراسة ولكن نيته العودة إلى وطنه والبقاء في وطنه فهذا لا يزال وطنيا في وطن أهله.
ومن الأدلة على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم انتقل من مكة إلى المدينة وكان مستوطنا بالمدينة، ولما رجع إلى مكة صلى ثنتين، لأنه مسافر قد انتقل من مكة واعتبرها غير وطن له، واعتبر المدينة هي الوطن، فلما رجع إلى مكة في حجة الوداع لم يتم بل قصر.(13/57)
29 - حكم صلاة من أقام في مجتمع غير مسلم
س: أنا طالب أحضر الدراسات العليا في الهندسة في مجتمع غير مسلم في أيرلندا، هل يجوز لي الجمع والقصر في الصلاة (1) ؟
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (177) .(13/57)
ج: إذا كنت مقيما في الدولة هذه إقامة معينة فليس لك القصر وليس لك الجمع بل تصلي أربعا، وتصلي كل صلاة في وقتها ما دمت قد نويت الإقامة أكثر من أربعة أيام، تصلي الظهر أربعا، والعصر أربعا، والعشاء أربعا، كل واحدة في وقتها والمغرب في وقتها والفجر في وقتها.
هذا هو الواجب عليك، أما لو كنت مقيما إقامة لا تدري متى تنتهي هل هي يومان أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر – يعني إقامة ما تعلم مداها - فهذه لا تمنع من القصر، ولا تمنع من الجمع، لك أن تقصر ولك أن تجمع، وهكذا لو كانت الإقامة محدودة بأربعة أيام أو أقل فإنك تقصر فيها إذا شئت وتجمع ولا حرج في ذلك، أما إذا عزم الإنسان على أكثر من أربعة أيام للدراسة أو غير الدراسة أو لحاجة من الحاجات فإنه يكمل أربعا ولا يجمع. أما إذا كانت الدراسة مثلا سبع سنوات فلا يجمع ولا يقصر، ولا يفطر أيضا بل يصوم مع الناس.(13/58)
30 - حكم جمع وقصر الصلاة لمن أقام في غير بلده للوظيفة
س: أنا مدرس أردني في سلطنة عمان، أسافر لأهلي هناك للتدريس وأبقى سنة أو اثنتين، وأعود إلى وطني في الأردن، فهل في هذه المدة يحق لي قصر الصلاة الرباعية أم أصليها تامة أربع ركعات في هذه المدة رغم أنني لم أتخذ من عمان وطنا لي للإقامة طوال حياتي (1) ؟
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (256) .(13/58)
ج: الواجب عليك وعلى أمثالك أن تصلي أربعا ما دمت عزمت الإقامة مدة التدريس، فعليك أن تصلي أربعا، تصلي مع الجماعة، ولا تجمع بين الصلاتين بل تصلي في كل وقت وتصلي أربعا، وهكذا كل إنسان يقدم بلدا لحاجة ويعزم على الإقامة فيها أكثر من أربعة أيام فإنه يصلي أربعا ويصلي مع الجماعة أربعا، ولا يصلي وحده إذا كان ليس معه إخوة بل يصلي مع الجماعة ويتم معهم أربعا ما دام نوى الإقامة أربعة أيام، أما إذا كانت الإقامة يسيرة يومين ثلاثة، أربعة أو ما عنده جزم ما يدري متى يسافر إنما قدم لحاجة يطلب غنيمة أو يلتمس سلعة يشتريها ليس عنده إقامة معلومة، فهذا له القصر مدة إقامته ما لم يجمع الإقامة أربعة أيام فله القصر لأنه حينئذ مسافر ليس له نية معلومة، لكن يصلي مع الناس أربعا إذا كان وحده وهناك جماعة يصلي مع الجماعة أربعا، ولا يصلي وحده، لأن الجماعة واجبة.(13/59)
31 - مسألة في حكم صلاة المسافر
س: سمعت عن صلاة المسافر وأن عليه القصر في الصلاة، ونحن مسافرون ونقيم، لكن زوجاتنا في بلداننا الأصلية حدثوني عن صلاة السفر تلك، لأني لم أسمع بها من قبل؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (209) .(13/59)
ج: صلاة السفر ركعتان في الظهر والعصر والعشاء كما قال الله جل وعلا: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (1) . والضرب: السفر، وقوله سبحانه: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (2) . هذا عند أهل العلم منسوخ، وليس بشرط لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قصر وهو آمن، فدل ذلك على أنه ليس بشرط إنما هو وصف الأغلب أو منسوخ كما قال جماعة من أهل العلم وليس بواجب، القصر مستحب، فلو صلى أربعا وهو مسافر فصلاته صحيحة كما صلى عثمان الخليفة الراشد بالمسلمين في آخر حياته في حجاته، صلى تماما، فلا حرج في ذلك لكن القصر أفضل، فإذا كان مسافرا فإنه يصلي ثنتين حال سفره، وهكذا لو مر ببلاد وأقام بها يوما أو يومين أو ثلاثة أو أربعة قصر أيضا. فإن عزم على إقامة في البلد أكثر من أربعة أيام فإنه يتم عند جمهور أهل العلم وأكثرهم، أما إذا أقام إقامة لا يعرف متى تنتهي، مر بالبلد وله حاجة، يلتمس إنسانا، أو له خصومة لا يدري متى تنتهي، أو له ضالة ينشدها أو لقطة ينشدها لا يدري متى يجدها فإنه يقصر ولو طالت مدته ما دام لا يدري متى ينتهي، أما إذا عزم على إقامة معلومة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر، فإن عزم على إقامة معلومة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم عند أكثر أهل العلم.
__________
(1) سورة النساء الآية 101
(2) سورة النساء الآية 101(13/60)
32 - حكم جمع وقصر الصلاة لمن سفره دائم
س: إذا كنت أعمل في سيارة كبيرة ودائما طول السنة في السفر، وأقل مسافة بين مكة وجدة حوالي خمسة وسبعين كيلو مترا، هل يجوز لي الصوم وعدم تقصير الصلاة وأداء السنن الراتبة، وما هي أقل مسافة بالكيلو مترات التي تقصر فيها الصلاة ويفطر فيها الصائم، وإذا أتى على مسجد فهل يصلي معهم (1) ؟
ج: السنة في السفر القصر والفطر، ومن أتم في السفر أو صام في السفر فلا حرج عليه، إذا أتم وإذا صام لا حرج عليه ولكن الأفضل أنه في السفر يفطر ويقصر، ويصلي الرباعية ركعتين، هذا هو السنة التي كان النبي يفعلها عليه الصلاة والسلام وأصحابه، وكان يصوم في السفر وربما أفطر عليه الصلاة والسلام في السفر، وهكذا كان أصحابه يسافرون ومنهم الصائم ومنهم المفطر، وقد دلت السنة على أن الإفطار أفضل ولا سيما مع شدة الحر، فالفطر أفضل والقصر أفضل بكل حال إذا سافر يقصر ركعتين، والسفر الذي تقصر فيه الصلاة هو ما يعد سفرا عرفا هذا هو السفر هو الذي يحتاج إلى الزاد والمزاد، يحتاج إلى الماء، يحتاج إلى الطعام، إذا سافر الإنسان في الطريق الذي ما فيه قهاوي ولا فيه شيء يحتاج فيه إلى الزاد والمزاد هذا هو السفر، وحده الأكثرون
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (16) .(13/61)
بمسافة يومين قاصدين نحو سبعين كيلو، ثمانين كيلو، هذا سفر، إذا كانت المسافة سبعين كيلو، ثمانين كيلو وما يقارب ذلك هذا يعد سفرا، ويحتاج إلى الزاد والمزاد إذا كان في جهة ليس فيها قهاوي في الطريق، فإن العاقل لا يسافر إليه إلا باحتياط، معه ماء، معه طعام لئلا يتعطل في الطريق، أما الطرق التي فيها القهاوي وفيها المطاعم فالناس لا يحتاجون فيها إلى زاد ومزاد، بوجود ما يكفيهم في الطرقات فلا تعتبر هذه، فالحاصل أن ما كان مسافته من الطريق ما يساوي ثمانين كيلو، سبعين كيلو مثل ما بين الطائف ومكة، وجدة ومكة، كل هذا يعتبر سفرا، وهكذا ما أشبه ذلك يعتبر سفرا لكن لا ينبغي للمؤمن أن يصلي وحده بل يصلي مع الناس إذا وجد مسجدا يصلي معهم، إذا كان جماعة موجودين يصلي معهم أربعا إذا كانوا مقيمين، لا يصلي وحده ثنتين؛ لأن الجماعة واجبة، فالمسافر إذا صادف جماعة مقيمين صلى معهم أربعا، ولا يصلي وحده فإن لم يجد صلى وحده ثنتين لأنها السنة، أو كان معه جماعة مسافرون يصلي هو وإياهم جميعا ثنتين الظهر والعصر والعشاء، أما المغرب فتصلى ثلاثا دائما لا تقصر، والفجر على حالها ثنتان لا تقصر، إنما القصر في الظهر والعصر والعشاء، هذه الصلوات الثلاث هي محل القصر، والله سبحانه وتعالى أعلم.(13/62)
س: يقول السائل: أنا أسمع برنامجكم كثيرا ولدي بعض الأسئلة التي(13/62)
تحيرني، أرجو أن تتفضلوا بالإجابة عليها، أنا سائق شاحنة وعلى سفر دائم، وسؤالي هو: صلاتي هل أصليها قصرا أم أصليها في وقتها (1) ؟
ج: المشروع لك أن تصليها قصرا، كل واحدة لوحدها إذا كنت نازلا في السفر، الظهر ثنتين والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، أما المغرب فتصلى على حالها ثلاثا ما تقصر، وهكذا الفجر تصلى على حالها ثنتين لا تقصر، فإذا كنت نازلا في السفر للراحة فصل في منزلك كل صلاة في وقتها، وإن شق عليك ذلك جمعت بين الثنتين: بين المغرب والعشاء، وبين الظهر والعصر، أما إذا كنت على ظهر سير وأنت في السفر وارتحلت بعد زوال الشمس فالأفضل أن تصلي الظهر والعصر جميعا جمع تقديم، وهكذا المغرب إذا ارتحلت بعد غروب الشمس من منزلك في السفر تجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم، تقدم العشاء مع المغرب.
أما إن كنت ارتحلت من منزلك قبل الظهر فإن الأفضل أن تؤجل الظهر مع العصر جمع تأخير حتى تستمر في السير، وإذا ارتحلت من منزلك في السفر قبل الغروب تؤجل المغرب مع العشاء جمع تأخير، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام كما رواه ابن عباس رضي الله عنهما وغيره، أما إذا كنت نازلا، نزلت الضحى ولن ترحل إلا في الليل
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (255) .(13/63)
فالأفضل أن تصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، وهكذا إذا كنت مقيما في الليل تصلي المغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، وإن جمعت بينهما فلا حرج، إن جمعت بين الظهر والعصر وأنت نازل بين المغرب والعشاء وأنت نازل في وقت إحداهما فلا بأس، قد جمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو نازل في تبوك عليه الصلاة والسلام، وفي منى في حجة الوداع لم يجمع في أيام منى، صلى كل صلاة في وقتها وهو نازل في منى عليه الصلاة والسلام.
أما إذا كنت في بلدك التي أنت مقيم فيها فلا تصل قصرا ولا تجمع، صل مع الناس أربعا إذا كنت في البلد التي أنت اتخذتها مقاما لك، أنت مثلا في جدة، في المدينة، في دمشق، في بغداد، في أي مكان، المدينة التي أنت مقيم فيها تصلي أربعا ولا تجمع، صل مع الناس في المساجد، فإذا ارتحلت من المدينة مسافرا في سيارتك، وجاوزت البنيان فحينئذ تبدأ في القصر والجمع بعدما جاوزت البنيان من محل إقامتك، خرجت من المدينة وجاوزت بناء المدينة تقصر وتجمع إذا شئت، إذا خرجت من الرياض وجاوزت بناء الرياض تقصر وتجمع إذا شئت، خرجت من القاهرة من دمشق وجاوزت البنيان تقصر وتجمع، وهكذا من بغداد، وهكذا من لاهور، وهكذا من أي بلاد إذا فارقت بنيانها، وصلت إلى البرية الصحراء تعمل برخصة السفر من القصر والجمع، والفطر في رمضان، والمسح(13/64)
ثلاثة أيام بلياليها على الخفين، أحكام السفر، أما ما دمت في البلد التي أنت مقيم فيها أو هي بلدك وطنك فهذه لا تجمع فيها ولا تقصر، بل صل أربعا مع الناس، وكل صلاة في وقتها مع الناس، وامسح يوما وليلة على الخفين، ولا تجمع، ولا تفطر في رمضان وأنت مقيم في البلد إلا إذا كنت مارا بها غير مقيم فيها، وأنت مسافر تقيم فيها يوما أو يومين أو ثلاثة وأنت مسافر، أو أربعة لك أن تفطر وتقصر إذا كنتم جماعة، أما إذا كنت وحدك لا تقصر، صل مع الناس أربعا، فإن عزمت في البلد أن تقيم أكثر من أربعة أيام فصل أربعا مع الناس، ولا تفطر في رمضان، لأنك الآن صرت في حكم المقيمين بهذه النية عند جمهور أهل العلم.(13/65)
س: ماذا عن الرجل المسافر على الدوام كأن يكون سائقا بين المدن، هل الأفضل له القصر أم الإتمام، وعلى هيئتها بقية الرخص في السفر (1) ؟
ج: المسافر الذي من شأنه السفر مثل سائق التكس أو الجمال، إن كان يسافر على الإبل مثل ما مضى من الزمان له القصر مدة السفر، وله الجمع مدة السفر، فإذا وصل إلى بلده لم يقصر ولم يجمع، وإذا وصل إلى بلد يريد أن يقيم فيها أكثر من أربعة أيام لم يقصر ولم يجمع، أما ما دام في السفر أو في حكم السفر ولو أن طبيعته السفر، ولو أنه دائم الأسفار،
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (256) .(13/65)
فالحاجة تعمه بنص القرآن والسنة، كلاهما يعمه ويعم غيره، فالإنسان الذي من عادته السفر لأنه جمال، لأنه صاحب تكس، له أن يقصر في سفره، وفي مدة إقامته في البلد التي يمر بها إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، إلا أنه لا يصلي وحده إذا لم يكن معه ركاب وعنده جماعة يصلي مع الجماعة، ويتم معهم إذا كانوا متمين كما تقدم في السؤال السابق.(13/66)
33 - حكم جمع وقصر الصلاة والإفطار لمن يجتاز مسافة القصر يوميا من أجل عمله
س: السائل يقول: الذي يخرج كل يوم إلى عمله بالمدينة التي يقيم فيها إلى مدينة أخرى تبعد عنها أكثر من مائة كيلو متر ويرجع في نفس اليوم، هل يجوز له القصر والجمع في الصلاة والإفطار في رمضان؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: هذا يجوز له القصر في طريقه وفي محل العمل لأنه مسافر، إذا كان لا يقيم يرجع فهو مسافر لكن لا يصلي وحده، يلزمه أن يصلي مع الجماعة ويتم، أما إذا كانوا جماعة وصلوا قصرا فلا بأس، أما إذا كان واحدا فلا يصلي إلا مع الجماعة ويتم، ولا يجوز له القصر لا في الطريق ولا في البلد التي يعمل فيها إذا كان وجد معه شخص آخر فأكثر فإنهم
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (368) .(13/66)
يصلون جماعة، فإن كان الإمام مسافرا قصر معه، وإن كان مؤتما أتم معه، والواحد لا يصلي وحده إذا كان عنده جماعة آخرون يتمون وجب أن يصلي معهم ويتم، فإن صلى خلف إمام يقصر في الطريق أو في البلد التي يعمل فيها قصر ولا بأس، المسافر مشروع له القصر.(13/67)
34 - حكم قصر الصلاة لمن ذهب إلى أطراف البلد
س: يسأل السائل ويقول: ذهبنا لتوصيل أحد الإخوان إلى مطار الملك خالد في الرياض فأخبرنا أحد الإخوة بأنه يجوز لنا القصر مع أننا لسنا بمسافرين، فصلينا العشاء قصرا وصلى معنا المسافر أيضا قصرا، فهل عملنا صحيح، وهل علينا إعادة علما بأن المطار يبعد عن منزلنا حوالي ستين كيلو مترا (1)
ج: الذهاب إلى المطار مطار الرياض أو مطار جدة أو ما أشبههما ما يسمى سفرا، هذا من باب التنقل في البلد وأطراف البلد، لا يسمى سفرا، المسافر الذي يرتحل له أن يقصر في المطار قبل أن يركب الطائرة، أما الذي يشيعه المشيعون سيرجعون إلى البلد هؤلاء ليسوا مسافرين في مطار جدة أو مطار الرياض أو ما أشبههما، هذه أشياء تبع البلد ما يسمى صاحبها مسافرا، من ذهب إليها لا يسمى مسافرا، وليس له القصر ولا الجمع.
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (421) .(13/67)
35 - حكم من قصر الصلاة في أقل من مسافة قصر
س: السائل: س. ي. من اليمن يقول: أعمل في مدينة صنعاء، وأحيانا أقوم بزيارة أقاربي في مدينة تبعد حوالي خمس وأربعين إلى خمسين كيلو، وأنا أنوي أن أعود في نفس اليوم فهل أجمع الظهر مع العصر وأقصر الرباعية؟ وهل يكون الجمع جمع تقديم أو جمع تأخير جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: الصواب في هذا أنه ليس بمسافر، إذا خرج من صنعاء إلى بلد تقل عن ثمانين كيلو فهو ليس بمسافر، لأن السفر يوم وليلة بالمطية، كما كان في السلف الصالح، ثم جاءت السيارات، فإذا كانت المسافة ثمانين كيلو وما يقاربها فهذا سفر، وإن كان أقل من ذلك فإنه يعتبر نفسه غير مسافر، إذا ذهب إلى القرى التي تبعد عن صنعاء أو غيرها خمسين، أربعين، ستين وما أشبه ذلك هذا ليس بسفر، هذا هو الأرجح عند الأكثر، فلا يقصر ولا يجمع.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (403) .(13/68)
س: يسأل السائل ويقول: هل يحوز للإنسان أن يجمع الصلوات إذا كان يمشي مسافة من عشرين إلى خمسة وعشرين كيلو وهو على دابة (1) ؟
ج: ليس له الجمع بل يجب أن يصلي كل صلاة في وقتها إلا إذا كان
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (423) .(13/68)
مسافرا، هذا ليس بسفر، إذا كان مسافرا له أن يجمع، أما مسافة عشرين كيلو، خمسة وعشرين كيلو ليس هذا سفرا، السفر ثمانون كيلو فأكثر، هذا هو المعتمد، ثمانون كيلو فأكثر، يوم وليلة للمسافر، يعني يوما وليلة للمطية، فمقدارها ثمانون كيلو تقريبا، فإذا كان بهذه المسافة أو أكثر يقصر ويجمع، أما إذا خرج لنزهة أو لأسباب أخرى عشرين كيلو، ثلاثين كيلو، أربعين كيلو، خمسين كيلو، هذا لا يقصر ولا يجمع، يصلي كل صلاة في وقتها، ويصليها أربعا.(13/69)
36 - حكم صلاة من سار مسافة قصر ولم يقصر الصلاة
س: من السائل: ع. ع. ج. من معهد البريد بالرياض يقول: ذهبنا إجابة لدعوة أخ لنا في مدينة تبعد عن الرياض حوالي مائة وثلاثين كيلو مترا، وفي أثناء الطريق توقفنا لأداء صلاة الظهر، فاختلفنا هل نصليها قصرا أم كاملة علما بأننا لم نكن ننوي أن نصلي معها العصر لأننا سنصلي مع الشخص الذي دعانا صلاة العصر، ماذا يجب علينا؟ أفتونا مأجورين (1)
ج: هذا سفر، ولكم أن تصلوا في الطريق جمعا وقصرا، لأن السفر ثمانون كيلو فأكثر سفر قصر، فإذا قصر المسافر في الطريق أو جمع فلا حرج في ذلك، والحمد لله.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (372) .(13/69)
37 - حكم قصر المرأة للصلاة في بيت والدها إذا كان يبعد عن بيت زوجها مسافة قصر
س: هل يجوز للمرأة قصر الصلاة إذا أرادت زيارة بيت والدها الذي يبعد عن بيت زوجها مسافة قصر أم لا؟ وفقكم الله (1)
ج: نعم، إذا أرادت السفر لزيارة بيت أبيها أو غيره في مسافة قصر فإنها تقصر الصلاة سواء عند أبيها أو عند غير أبيها ما دامت ساكنة في محل آخر عند غير زوجها، فإذا رجعت إلى أبيها تزوره أو إلى أمها أو أخواتها فإنها تقصر، إذا كانت المسافة مسافة قصر وهي يوم وليلة في المشي على الأقدام، على الإبل ونحوها، أما اليوم فهي بمقدار ثمانين كيلو.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (230) .(13/70)
38 - حكم الترخص برخص السفر في سفر النزهة
س: الأخ: ع. م. أ. س، من جدة يسأل ويقول: إذا ارتحل الإنسان للنزهة في مكان ما أو بلد معين وأقام الصلوات منفردا طوال إقامته في ذلك البلد لتعذر إيجاد الجماعة، فهل عليه إثم في ترك الجماعة في هذه الحالة؟ وهل صحيح أنه لا يأخذ برخص القصر والجمع لأنه مسافر من أجل النزهة (1)
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (187) .(13/70)
ج: السفر من أجل النزهة لا يمنع الأخذ بالرخص على الصحيح، فإذا سافر للنزهة في الصحراء لأجل الراحة أو التمتع بالأعشاب والنعمة التي تكون من آثار المطر هذا كله يسمى سفر نزهة، ولا بأس أن يترخص برخص السفر إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، يصلي ركعتين، ويجمع بين الصلاتين لا بأس.
أما إن كانت الإقامة أكثر من أربعة أيام بل عزم عليها فالذي عليه جمهور أهل العلم أنه يتم، يصلي أربعا، والواجب عليه إذا كان واحدا أن يصلي مع الجماعة، وليس له الترخص بل يجب عليه أن يصلي مع الجماعة ويصلي معهم أربعا، أما إذا كان معه آخر أو كانوا جماعة أكثر فيصلون قصرا وجمعا، ولا حرج عليهم إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل قد عزموا عليها، أما إن كانت الإقامة أكثر من ذلك قد عزموا عليها فإنهم يصلون أربعا ويصلون مع الناس في الجماعة.
أما إنسان ما يدري عن الإقامة، ليس عنده عزم فهذا يصلي أبدا قصرا، لأنه لا يعلم مدة الإقامة فهو في سفر، فإذا كان لا يدري يمشي اليوم يمشي غدا بعد غد، ما عنده شيء يوجب عزما على مدة معلومة، مثلا إنسان يطلب رجلا في البلد لعله يدركه، أو له خصومة ما يدري متى تنتهي، أو له حاجة لا يدري متى تنتهي، فهذا له حكم السفر ما دام بهذه الحالة ولو طالت المدة، فإذا صلى وحده صلى ثنتين، وإذا صلى مع(13/71)
المسافرين صلى ثنتين، وإذا صلى مع المقيمين صلى أربعا لأنه في حكم السفر إلا إذا صلى مع المقيمين أو تغيرت النية بأن عزم بعد ذلك على الإقامة أكثر من أربعة أيام، فإنه بتغير النية وبحصول هذا العزم يصلي أربعا، ولو كانت معه زوجته وأطفاله لا يتغير الحكم، الحكم معلق بنيته هو وعزمه هو؛ لأنهم تبع له. وبالنسبة لصلاة الجماعة إذا صلى بهم جماعة يكون قد أدى الواجب.
ولا يكون له عذر بأن يصلي بهم جماعة. فالحريم يصلون وحدهم لكن هو يصلي مع الرجال. ولا يكون عذره أن يصلي بهم بل يصلي مع الرجال في مساجد الله، يصلي معهم أربعا، لكن ولو فاتته ولم يدركها مع الجماعة صلى ثنتين إذا كان على ما ذكرنا، إما ليس له مدة معلومة بل لا يدري متى يرتحل، أو له مدة معلومة لكنها أربعة أيام فأقل، وإذا لم يجد جماعة ما عليه شيء: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) . المهم إذا وجدت جماعة يصلي فيها.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(13/72)
س: رسالة من الأخ: ي. ع. ي. من المنطقة الشرقية يقول: أسأل فضيلتكم عن الموضوع: كثيرا ما نشد مع البدو الرحل من منطقة الربع الخالي متجهين شمالا ونحن في السيارات وكل يوم نمشي مسافة عشرين كيلو وما فوقها قليلا، وأحيانا ننزل قبل منتصف النهار،(13/72)
فهل يجوز لنا القصر مع العلم أن الرحلة سوف تستغرق شهرا؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كانت الرحلة إلى مكان بعيد ثمانين كيلو مترا فأكثر فإن هذا سفر، ولو نزلتم في أثنائه بعض المنازل إذا كان النزول لا يستغرق أكثر من أربعة أيام فإن الجميع مسافرون، فإذا كانت الرحلة فيها نزول في موضع الرعي، مواضع الخير لكن تكون الإقامة أربعة أيام فأقل، ثم ترتحلون وهكذا، وهذا كله سفر ما دام النهاية ثمانين كيلو فأكثر، إذا يجوز لهم القصر والحال ما ذكر.
نعم في منازلهم إذا كان المنزل لا يستغرق أكثر من أربعة أيام، يومين، ثلاثة، أربعة، ثم يرتحلون، يعني أن نزولهم لا يزيد على أربعة أيام ثم يرتحلون إلى المحل الثاني، وهكذا.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (347) .(13/73)
39 - حكم صلاة العيدين بالنسبة للبدو الرحل
س: سائل يقول: نحن في حالتنا هذه يأتينا أي من العيدين ونؤدي صلاته كصلاة المقيمين، فهل عملنا هذا صواب (1) ؟
ج: صلاة العيد والجمعة في حق المقيمين، ليس على الرحل عيد، أنتم
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (347) .(13/73)
البدو الرحل والمسافرون ليس عليهم عيد ولا جمعة بل يصلون صلاة المسافرين، وليس عليهم عيد.(13/74)
40 - بيان الإقامة التي تقطع حكم السفر
س: إذا خرجت من سلطنة عمان إلى دولة الإمارات، وتبعد دولة الإمارات عن سلطنة عمان أربعمائة وخمسين كيلو مترا، هل يجوز أن أصلي صلاة حضر أم سفر، وأنا أخرج لمدة ستة أشهر أو سنة؟ أجيبوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كنت في الطريق تصلي صلاة مسافر ركعتين، الظهر والعصر والعشاء، وإذا نزلت في الإمارات أو غيرها وأنت تقصد الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنك تصلي أربعا ما دمت مقيما في الإمارات أو غيرها. أما إذا كنت مقيما في الإمارات إقامة غير معينة لا تدري متى ترجع لك حاجات، لا تدري متى تنتهي ولم تعزم على البقاء أربع ليال ولا أكثر ولا أقل فإنك تصلي ثنتين إذا صليت وحدك، وإن صليت مع المقيمين صليت أربعا. وإذا كنت وحدك فالواجب عليك أن تصلي مع الناس في المساجد ولا تصلي وحدك، تصلي معهم أربعا. فإن صليت وحدك صليت ثنتين إذا كنت لم تقصد الإقامة إلا أربعة أيام فأقل، أو كنت لا تقصد إقامة معينة لا
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (181) .(13/74)
تدري ما عندك يقين هل تقيم ثلاثة أو عشرة أو أكثر أو أقل، إذا كان ليس عندك نية معلومة فإنك تصلي ثنتين إلا مع الحضر المقيمين فإنك تصلي أربعا، وعرفت أنه يجب عليك أن تصلي معهم إذا كنت واحدا؛ لأن الجماعة واجبة، فالواجب عليك أن تصلي معهم وتكمل أربعا؛ لأن المأموم يتبع الإمام في ذلك، هكذا جاءت السنة، إذا صلى المسافر مع المقيمين فإنه يصلي معهم أربعا كما ثبت هذا في صحيح مسلم ومسند أحمد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه سئل عن هذا فقال: هذا هو السنة.(13/75)
س: رجل يعمل في جدة، وأهله بمن فيهم زوجته يسكنون في أبها، أي إن له في جدة بيتا وفي أبها بيت آخر، هل يجوز له القصر فيما إذا سافر من جدة إلى أهله في أبها؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا، ليس له القصر لأنه متأهل في جدة وفي أبها، فإذا كان في جدة لا يقصر، وإذا كان في أبها كذلك ما دام مقيما في جدة للعمل مثلا أو لديه زوجة في جدة فهو مقيم، يصلي صلاة المقيمين، وإذا رجع إلى أهله في بلده أبها أو في بلده الخميس، أو في جيزان أو غيرها فإنه لا يقصر أيضا لأنه في بلده، بل يصلي أربعا.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (179) .(13/75)
أما في الطريق فلا بأس، ما دام في الطريق فهو مسافر، لا بأس أن يصلي ثنتين وأن يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء لأنه في الطريق بينهما مسافر.(13/76)
41 - حكم جمع وقصر الصلاة لركاب السفينة
س: أنا رجل أعمل في القوات البحرية في جدة، أسأل وأقول: نحن بحارة نطلع في السفينة من الميناء إلى البحر لمدة ثلاثة أيام أو أربعة، فهل يجوز لنا قصر الصلوات وجمعها علما بأن طلوعنا لا يبعد عن المدينة كثيرا بل لبعض الأعمال؟ أرجو أن تفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: راكب السفينة أو راكب الأنواع الأخرى من المراكب البحرية مثل راكب السيارة بالبر والقطار في البر، إن كانت المسافة مسافة سفر قصر وجمع، وإلا فلا إذا كانت السفينة حول الميناء حول الساحل ما تذهب بعيدا عشرة كيلو عشرين كيلو أو نحو ذلك هذا لا يقصر، وليس له حكم السفر، أما إذا كانت تذهب بعيدا مما يسمى سفرا كسبعين كيلو، ثمانين كيلو، مائة كيلو أكثر، هذا سفر، لأهلها القصر ولأهلها الفطر والجمع بين الصلاتين؛ لأنهم مسافرون، كالذي خرج إلى البرية لمسافة نحو
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (83) .(13/76)
ثمانين كيلو، سبعين كيلو، تسعين كيلو، مائة كيلو، سبعين كيلو، تقريبا يوم وليلة للمطية سابقا.(13/77)
42 - حكم جمع وقصر الصلاة لركاب الطائرة في المطار قبل الركوب
س: الأخ من القصيم: أ. أ، يقول: بالنسبة للصلاة في الطائرة إذا كانت ستقلع قبل الظهر، ما هي أحكام قصر الصلاة في مثل هذه الحالة؟ هل أصلي الظهر والعصر وأنا في المطار أم أنتظر حتى أصل (1) ؟
ج: إذا كنت في المطار خارج البلد لا بأس أن تصلي الظهر والعصر جمع تقديم إذا صار الوقت قد دخل، مثل مطار الرياض ومطار جدة خارج البلد تصلي في المطار، تجمع بين الصلاتين ولا بأس - والحمد لله - إذا كان قد دخل وقت الظهر أو وقت المغرب.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (429) .(13/77)
43 - حكم الصلاة في الطائرة
س: يقول السائل: هل تجوز الصلاة في الطائرة (1) ؟
ج: إذا دعت الحاجة إليها أو نافلة، أما الفريضة إذا تيسر أنه يصلي قبل أو بعد فهو الأحوط حتى يصلي قائما. أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك بأن صار السفر طويلا يصلي على حسب حاله ولو الفريضة، لكن يصلي إلى
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (427) .(13/77)
القبلة، يدور مع القبلة حيث دارت ولو صلى جالسا: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) . لكن إذا تيسر له في الطائرة أن يصلي قائما ويركع ويسجد وجب عليه ذلك، ويدور مع الطائرة في الفريضة خاصة، أما النافلة فلا بأس أن يصلي قاعدا، ويصلي بجهة سيره كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل على ناقته، يصلي إلى جهة سيره في النافلة.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(13/78)
44 - كيفية أداء الصلاة في الطائرة
س: كيفية الصلاة بالطائرة أو القطار ذلكم أن الراكب يتعرض لأشياء كثيرة من الاهتزاز والانحراف يمينا وشمالا عن القبلة، وجهوا الناس حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان السفر قصيرا صلى الإنسان في البلد الذي قصده، إن كان سفره قبل دخول الوقت، وإن كان سفره بعد دخول الوقت صلى قبل أن يسافر في المطار أو غيره، أما إن كان السفر طويلا فإنه يصلي في الطائرة، أو في القطار - والحمد لله - ولا يترك الصلاة حتى يخرج الوقت يصليها على حسب طاقته إلى القبلة، ويدور مع القطار، ويدور مع الطائرة حيث دارت، ويصلي قائما إن استطاع، فإن لم يستطع صلى
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (168) .(13/78)
جالسا، يدور مع القبلة مثل صاحب السفينة، صاحب الباخرة، كل منهم مأمور بطاقته، فالله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) . فإذا استطاع أن يقوم في وسط الطائرة، وفي وسط الباخرة، وفي وسط القطار أو في أي مكان منه قام وصلى قائما، وركع وسجد، وكمل صلاته مستقبل القبلة، فإذا كانت الطائرة أو القطار أو الباخرة تدور دار معها إلى القبلة في الفريضة، وهكذا في النافلة في القطار أو الطائرة، لأنه يشق أن يدور معها في النافلة، ولأنه صلى الله عليه وسلم في النافلة كان يصلي على راحلته حيث كان وجهه في النافلة، وكان إذا أراد الإحرام كبر إلى القبلة، ثم صلى إلى جهة سيره على الراحلة، لكن ذكر بعض أهل العلم أن الدوران مع القبلة على الراحلة يصعب لأن وجهه إلى جهة سيره يدبر الدابة، فيصعب عليه أن يلتفت إلى القبلة عليه أن يلتفت إلى القبلة، لكن في القطار وفي الطائرة وفي السيارة الأمر بيد غيره، ليس هو الذي يصرف القطار أو الطائرة، فبإمكانه يدور مع الطائرة ولو في النافلة، فليس مثل راكب البعير أو البغل أو الفرس أو الحمار في السفر، بل هو أقدر على الدوران مع القبلة حتى في النافلة، فإذا دار في النافلة لأنه يستطيع ذلك فعل ذلك كما يفعله في الفريضة، أما إن لم يستطع ذلك الدوران ويخاف أن تفوته النافلة التي يجب أن يصليها كصلاة الضحى والتهجد بالليل في
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(13/79)
الطائرة ونحو ذلك فلعل في الأمر سعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى جهة سيره في النافلة، وقد يشق ملاحقة القبلة في الطائرة في حالة التهجد بالليل ونحو ذلك، قد يشق عليه ذلك، فلعله إذا صلى إلى جهة سيره في النافلة خاصة لعله يعفى عنه إن شاء الله إلحاقا للطائرة بالبعير ونحوه الذي كان يصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهة سيره، لكن إن أمكنه أن يستقبل ويدور في النافلة فعل ذلك خروجا من الخلاف وعملا بما قاله بعض أهل العلم في هذا الباب، أما الفريضة فلا بد من الدوران فيها، إذا لم يتيسر له أن يصليها في الأرض قبل السفر أو بعد السفر بأن كانت الرحلة طويلة، ولا يتمكن من صلاتها في الأرض فإنه يصليها في القطار أو في الطائرة، لكن يدور مع القبلة في الفريضة، وإن قدر قائما صلى قائما، وإن لم يستطع صلى جالسا {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) .
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(13/80)
س: أرجو أن تعطوني فكرة عن الصلاة في الطائرة، وأيهم أفضل الصلاة في الطائرة أم تأجيل الصلاة إلى حين الوصول إذ نصلي جمع تقديم أو جمع تأخير حسب الأحوال (1) ؟
ج: تجوز الصلاة في الطائرة أو في الباخرة أو في السفينة أو في القطار أو
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (336) .(13/80)
في السيارة إذا دعت الحاجة إلى ذلك. ويصلي إلى القبلة في الفريضة، يدور في الطائرة وفي الباخرة مع القبلة، يسأل عن اتجاهها ولا يصلي إلى غير القبلة ويدور إليها حتى يصلي إلى القبلة وهو في مكانه، أما النافلة فيصلي إلى جهة سيره، والأفضل أن يحرم إلى القبلة عند الإحرام ثم يصلي إلى جهة سيره في الباخرة، في السفينة، في الطائرة، لكن إذا كان في الطائرة، إذا كانت مدتها قليلة بحيث يمكن أن يصلي في الوقت أجل الصلاة إلى وقت النزول، إذا كان مثلا يمكن أن تصل الطائرة قبل خروج وقت العصر – أي قبل أن تصفر الشمس - فإنه يؤجلها حتى يصلي في المطار صلاة كاملة، هذا أفضل له، وهكذا إذا كانت صلاة المغرب يمكن أن تنزل الطائرة قبل غروب الشفق – آخر وقت المغرب - لا بأس، وهكذا في العشاء يمكن أن يؤخر المغرب والعشاء حتى تنزل الطائرة قبل نصف الليل، فتأخيرها أفضل ويصليهما جمعا.
أما الطيران الطويل لمدة طويلة فإنه يصلي في الطائرة على حسب حاله، كالمتوجه إلى أمريكا وإلى بلاد بعيدة فإنه يصلي في الوقت حسب طاقته، وإذا كان يستطيع القيام يقوم، إن كان لا يستطيع يصلي وهو جالس –والحمد لله - لكن يتابع القبلة، هذا في الفريضة، أما النافلة يصلي جهة سيره والحمد لله، إلا إذا تيسرت القبلة صلى إلى القبلة.(13/81)
س: السائل أبو عبد الله يقول: إذا كان الإنسان مسافرا لجدة، وأقلعت(13/81)
الطائرة قبل أذان العصر بربع ساعة، فهل يصلي بالطائرة أم يصلي عندما يصل إلى جدة مع العلم بأن المسافر قد يصل بعد غروب الشمس (1) ؟
ج: الواجب عليه أن يصلي في الطائرة، ولا يؤخر الصلاة عن وقتها، فإن استطاع أن يقف صلى واقفا قائما، وإن لم يستطع صلى جالسا إلى القبلة، القبلة أمامه ما دام متوجها إلى جدة، القبلة أمامه فيصلي إلى القبلة، ويصلي قاعدا إذا لم يستطع قائما، صلى قاعدا، وإن استطاع القيام وجب عليه القيام، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد الوقت إلى أن تصفر الشمس.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (421) .(13/82)
45 - حكم قصر الصلاة للمسافر في المطار
س: كنا في رحلة طلابية، وقبل أن تقلع الطائرة صليت العصر قصرا، وعند العودة صليت العشاء قصرا قبل دخول وقت العشاء فما حكم عملنا هذا، وهل صلاتنا صحيحة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان المطار خارج البلد خارج البنيان وقد عزمتم على السفر فالصلاة في المطار قصرا في الرباعية لا بأس به؛ لأنكم باشرتم السفر،
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (251) .(13/82)
وقد قصر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي الحليفة وهو في طريق المدينة بعدما غادر المدينة عليه الصلاة والسلام، فإذا كان المطار مثل المطار الجديد هنا في الرياض خارج البلد فلا بأس أن يقصر المسافر فيه الصلاة عند القدوم، والمسافر القادم ما بعد وصل للبلد فله أن يصلي في المطار العشاء أو الظهر أو العصر قصرا، والذي سافر وخرج من البلد وانتظر الإقلاع وصلى الظهر قبل أن يقلع أو العصر أو العشاء قبل أن يقلع قصرا ركعتين لا بأس بذلك، أو جمع بين المغرب والعشاء كذلك لا حرج، لأنه باشر السفر بوصوله إلى المطار الذي هو خارج البلد.(13/83)
س: رسالة بعث بها أحد الإخوة المستمعين يسأل سماحتكم عن حكم من سافر إلى مكة وفي أثناء الطريق وافق صلاة العصر والمغرب ثم العشاء علما بأنه في الطائرة، وفي بعض الأوقات كان في المطار وكان مشغولا بأمور هامة ولم يستطع تأديتها لوجود النساء معه، فهل يأثم على تأخيرها أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: أما العصر فيصليها في المطار قبل السفر، أما المغرب والعشاء فلا مانع من تأجيلهما، إذا سافر قبل الغروب يؤجل المغرب مع العشاء جمع تأخير، أما إذا كان في المطار فيصلي والحمد لله، يصلي العصر في وقتها، والمغرب في وقتها والحمد لله، فإن ارتحل قبل الغروب جمع جمع تأخير.
__________
(1) السؤال الخمسون من الشريط رقم (338) .(13/83)
46 - حكم جمع وقصر الصلاة للمسافر
س: يقول السائل: نحن نسافر في نزهة في بعض الأيام، هل لنا يا سماحة الشيخ أن نقصر ونجمع مع أننا في نزهة برية نجتمع وليس لنا شغل؟ هل نقصر فقط الصلاة ونصلي كل فريضة في وقتها أم نقصر ونجمع (1) ؟
ج: الأفضل عدم الجمع، تصلون كل صلاة في وقتها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لما نزل في منى صار يقصر ولا يجمع؛ لأنه مقيم مستريح، فالإنسان إذا كان مستريحا فالأفضل له عدم الجمع وهو مسافر، يصلي كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء، هذا هو الأفضل، وإن جمع فلا حرج؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع في تبوك وهو نازل عليه الصلاة والسلام، لكن في السفر الذي فيه راحة كونه لا يجمع وهو مستريح، تصلي كل صلاة في وقتها هذا أفضل وأولى، وإن جمع فلا حرج، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (421) .(13/84)
47 - بيان أحكام السفر
س: يقول السائل: حدثونا عن أحكام السفر سماحة الشيخ، جزاكم(13/84)
الله خيرا (1)
ج: السفر له أحكام منها الفطر في رمضان، ومنها قصر الصلاة في السفر، والجمع بين الصلاتين في السفر، كل هذا من أحكام السفر، والمسح على الخفين ثلاثة أيام بدل يوم وليلة في الإقامة، هذا كله في السفر، يمسح المقيم يوما وليلة، والمسافر ثلاثة أيام بلياليهن على خفيه، وعلى عمامته المحنكة، إذا سترت رأسه ولبسها على طهارة، يصلي قصرا ثنتين، الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، ويجوز له الجمع وهو نازل، كل هذا من أحكام السفر، وله أن يفطر في رمضان.
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (421) .(13/85)
48 - حكم اقتران جمع وقصر الصلاة في جميع أحوال السفر
س: رجل سافر ولم يكن يعلم كم سيبقى في البلدة التي سافر إليها، فجمع وقصر صلواته حتى ارتحل إلى منطقة أخرى ليست أيضا محل إقامته، والسؤال: هل الجمع والقصر مقترنان على الدوام؟ وهل يستمر الرجل في القصر والجمع معا أم يكتفي بالقصر دون الجمع؟ أفيدونا رعاكم الله، وأرجو أن يكون ذلك مفصلا (1)
ج: القصر سنة من سنن السفر، سنة مؤكدة، وهو أن يصلي ركعتين، الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، هذا يسمى القصر،
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (186) .(13/85)
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقصر يصلي ركعتين عليه الصلاة والسلام حتى يرجع، فالذي قصد قرية ولا يعلم ماذا يقيم فيها هل يقيم فيها يومين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر هذا السنة أن يقصر اثنتين للرباعية، الظهر والعصر والعشاء إذا كان وحده؛ أما إذا كان هناك جماعة فإنه يصلي مع الناس أربعا، ولا يصلي وحده؛ لأن الجماعة واجبة، أما إذا كان معه أصحاب فإنه يصلي ثنتين، وإن صلوا مع الجماعة صلوا أربعا ما داموا لا يعلمون مدة إقامتهم، أما الجمع فهو رخصة ليس مثل القصر، إن احتاج إليه فعله وإلا تركه، فإذا كان على ظهر سير مسافر جمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، أما إذا كان مستريحا نازلا فالأفضل أن يصلي الظهر وحدها، والعصر وحدها، والمغرب وحده، والعشاء وحدها، كل صلاة في وقتها، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي كل صلاة في وقتها كما فعل في منى في حجة الوداع، كان يصلي كل صلاة في وقتها، وهكذا في غالب أسفاره إذا أقام يصلي كل صلاة في وقتها، أما إذا دعت الحاجة إلى الجمع لكونه على ظهر سير أو لأجل المشقة في عدم الجمع فإنه يصلي الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، إذا دعت الحاجة إلى ذلك لبرد أو قلة ماء أو ما أشبه ذلك من الأسباب.(13/86)
49 - حكم جمع الصلوات الخمس في السفر
س: هل يجوز للمسلم إذا كان مسافرا سفر طويلا أن يجمع الصلوات(13/86)
الخمس في آخر اليوم (1) ؟
ج: هذا منكر عظيم لا يقوله أحد من أهل العلم، يجمع الصلوات الخمس؟ لا، ليس له ذلك وإنما يجمع بين الظهر والعصر فقط في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، أما الفجر فلا تجمع إلى غيرها، تصلى في وقتها دائما في السفر والحضر قبل طلوع الشمس، أما الظهر والعصر فلا مانع من جمعهما قبل أن تصفر الشمس، يصلي الظهر مع العصر بعد دخول وقت العصر، لكن قبل أن تصفر الشمس لا يؤخر أو يقدم العصر معها في السفر جمع تقديم، وهكذا المغرب والعشاء، أما أن يقدم العشاء مع المغرب فيصليهما بعد دخول الوقت، أو يؤخر المغرب ويصليها مع العشاء بعد غروب الشفق وقبل نصف الليل هذا هو المشروع للمسلمين، أما جمع الجميع في آخر النهار فهذا لا يجوز.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (76) .(13/87)
س: هل يجوز جمع الصلوات الخمس وأنا مسافر ولا يوجد عندي ماء للوضوء (1) ؟
ج: جمع الصلوات الخمس لا يجوز بإجماع المسلمين، كل صلاة في وقتها، يجب أن يصلي كل صلاة في وقتها في الحضر والسفر إلا المغرب
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (256) .(13/87)
والعشاء، والظهر والعصر له جمعهما، أما الفجر فتصلى في وقتها، ولا يؤخر العصر إلى الليل، ولا الظهر إلى الليل، ولا تؤخر المغرب والعشاء إلى نصف الليل، المقصود أن على المؤمن المسافر وغير المسافر أن يصلي الصلوات كما شرع الله، كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، لكن يجوز للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وهكذا المريض يجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وهكذا في المطر الذي يشق على الناس الخروج فيه إلى المساجد يجمع المغرب والعشاء من أجل المطر والدحض، وهكذا بين الظهر والعصر إذا كان مشقة بسبب المطر والدحض على الأصح من أقوال العلماء، أما جمع الخمس في وقت واحد فهذا لا يقوله أحد من أهل العلم، بل هو باطل، والذي يجمع الخمس في وقت واحد هذا منكر عظيم لا يجوز عند أحد من أهل العلم، وإنما يجوز ما ذكرنا من التفصيل.
والتيمم هذا عند عدم الماء، إذا لم يجد الماء في السفر أو كان في حضر محبوس عن الماء ممنوع من الماء فليتيمم، يقول الله سبحانه: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (1) . إذا كان ما حوله ماء ولا عنده
__________
(1) سورة النساء الآية 43(13/88)
ماء يتيمم، والحمد لله.(13/89)
50 - حكم جمع وقصر الصلاة في السفر الطويل
س: نحن قناص بالصقور، ويأتي علينا وقت نمشي فيه طويلا، ووقت آخر نمكث عدة أيام، فهل يجوز لنا القصر أو الجمع مع العلم بأننا نقصر وقت المكوث لعدة أيام، وأصدقائي يجمعون، فما هو توجيهكم (1) ؟
ج: إذا كنتم مسافرين سفرا طويلا، ثمانين كيلو أو حولها من بلدكم أو ما يقارب ذلك فأنتم مسافرون، لكم القصر والجمع إلا إذا عزمتم على الإقامة أربعا، ولا تجمعون إلا إذا عزمتم على الإقامة أكثر من أربعة أيام في محل معين من أجل الصيد، أما إذا كنتم لا تجزمون – يعني لا تدرون هل تقيمون يومين أو ثلاثة أو أربعة على حسب الصيد ما عندكم جزم – ولو أتممتم مدة طويلة ما عندكم جزم فالسنة لكم القصر والجمع، أنتم بالخيار، إن شئتم جمعتم وإن شئتم تركتم الجمع، وتركه أفضل إذا كنتم مقيمين بالغين، وترك الجمع أفضل، وكل صلاة في وقتها أفضل، وإن جمعتم فلا حرج ما دامت الإقامة أربعة أيام فأقل، أو غير مجزومة، ما جزمتم عليها ولا طالت فلكم القصر والجمع جميعا.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (322) .(13/89)
51 - حكم قصر صلاة من سافر مسافة قصر إلى مزرعته للنزهة
س: لي مزرعة تبعد عن الرياض ثمانين كيلو مترا، وكنت أذهب إليها مع محارمي وأولادي، وأقصر الصلاة بينها وبين الرياض وأجمع، وإذا كنت فيها أقصر الصلاة إلا أنه من مدة يسيرة جاءني زوار ورأوني أقصر في مزرعتي، فقالوا: إنها مزرعتك ولا يجوز أن تقصر فيها؟ أرشدوني وفقكم الله (1)
ج: لا ريب أن هذا سفر، وأنه إذا ذهب إليها له أن يقصر، وله أن يجمع في الطريق هو ومحارمه، أما إذا نزل بها فإن كانت إقامته يومين أو ثلاثة أو أربعة فله القصر والجمع، فإن كانت إقامته أكثر من أربعة أيام ففي المسألة خلاف مشهور بين العلماء، والأحوط ألا يقصر ولا يجمع إذا كانت نيته الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم أربعا ولا يجمع، هذا هو الأحوط له والخروج من الخلاف، أما إذا كانت إقامته في المزرعة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر ويجمع إذا شاء ولا حرج عليه، والقصر أفضل، وهكذا في الطريق قبل أن يصل إليها، إذا صلى في الطريق قصر الصلاة ثنتين، وإن أحب أن يجمع بين الظهر والعصر في الطريق، وبين المغرب والعشاء فلا بأس بلا شك ولا ريب كما دلت عليه السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (19) .(13/90)
52 - مسألة في حكم جمع وقصر صلاة من تكرر سفره لمسافة قصر من أجل عمله
س: م. ع. ك. يقول: أنا موظف حكومي، عملي بعيد عن أهلي علما أني أقوم بزيارة أهلي بعد كل أسبوعين، وذلك بعد انتهاء دوام يوم الأربعاء وإن هذه المسافة تستغرق أربع ساعات ونصفا تقريبا، وأرجع إلى مقر عملي يوم الجمعة، المطلوب: هل يصح لي قصر الصلاة وجمعها مثل الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، أم القصر فقط، أم الجمع بدون قصر، أم أصلي كل صلاة على وقتها ولا تشملني رخصة المسافر، وذلك لكثرة تكراري السفر لقصد عملي الأصلي ومكان أهلي علما أنني أمتلك سيارة في حال ذهابي وإيابي وتحت تصرفي الخاص؟ أفيدوني وفقكم الله (1)
ج: المسافر إذا سافر إلى أهله أو لحاجة يقصر ويجمع ولا حرج عليه ولو تكرر هذا منه، ولو يذهب كل أسبوع أو كل أسبوعين إلى أهله في محل بعيد، إذا كان السفر في محل يعد سفر فلا بأس أن يقصر، يصلي ركعتين الظهر والعصر والعشاء، ولا بأس أن يفطر في رمضان في الطريق إذا كان السفر طويلا، لا بأس عليه في ذلك ولا حرج، فله الجمع وله القصر، وله الإفطار في السفر، إذا كانت المسافة تعد سفرا كالذي يعمل في
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (3) .(13/91)
الرياض ويسافر إلى القصيم أو يسافر إلى حائل، أو إلى الوشم، إلى شقراء إلى كذا وكذا، هذا كله سفر، ما دام في سفر فله الإفطار إلا إذا تعمد السفر من أجل الفطر، إذا قصد من أجل الفطر فلا يجوز هذا لأن هذا تحايل، أما إذا كان السفر لحاجته لزيارة أهل أو لأجل حاجاته فلا حرج في ذلك، وله أن يصلي الظهر ركعتين إذا كان في سفره، الظهر في سفره، والعصر في سفره، وله أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، لا بأس بذلك لكن إذا سافر أول النهار مفطرا ثم وصل إلى أهله في النهار فإنه يمسك، لأنه وصل إلى وطنه، يمسك ويقضي هذا اليوم الذي أفطر فيه، وإن صام في الطريق حتى لا يقضي ولم يفطر فلا حرج، الصوم جائز، والفطر جائز والحمد لله، المقصود كل ما يسمى سفرا فله القصر وله الفطر، لكن إذا كان يصل في أثناء النهار لبلده فإن صام حتى لا يتكلف القضاء فالصوم أحسن له وأولى له من تكلف القضاء، وإن أفطر وأمسك في بلاده إذا وصل فهذا هو الواجب عليه، ويقضي اليوم الذي أفطر فيه، وهكذا الصلوات يقصر الظهر والعصر والعشاء ثنتين، وله الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، يفعل ذلك في كل ما يعد سفرا، ثمانين كيلو، سبعين كيلو، وما يقاربها، كل هذا يسمى سفرا.(13/92)
53 - حكم الجمع بين الصلاتين في الحضر من غير سبب
س: هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع من غير(13/92)
مرض أو مطر (1) ؟
ج: نعم، «ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه جمع من غير خوف ولا سفر ومن غير مطر (2) » قال بعض أهل العلم: جمع لعلة أوجبت ذلك إما مرض أو غيره من العلل التي توجب الجمع. وقال بعضهم: إن هذا منسوخ، كان في أول الإسلام ثم نسخ، والمقصود أنه لا يجوز الجمع إلا لعلة. أما الحديث المذكور صحيح لكنه محمول على أنه جمع لعذر أو كان جائزا في الأصل ثم نسخ.
قال الترمذي رحمه الله: إن العلماء أجمعوا على عدم العمل به، هذا الحديث، يعني مع عدم العذر، لا يجوز الجمع إلا لعذر كالمرض، كالمطر، كالدحض في الأسواق، الزلق في الأسواق بسبب المطر، يجمع بينهما، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، أو كان مسافرا، إذا كان في السفر.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (421) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705) .(13/93)
س: سائل يقول: في بعض المساجد يجمعون بين صلاتي الظهر والعصر في وقت الظهر، ويزعمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بينهما أربعين يوما في المدينة تخفيفا على أمته، نرجو التوجيه في(13/93)
ذلك، جزاكم الله خيرا (1)
ج: نعم صح عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه صلى الظهر والعصر جميعا في المدينة، والمغرب والعشاء جميعا في المدينة من غير خوف ولا مطر ولا سفر (2) » لكن لم يحفظ هذا عنه إلا مرة واحدة عليه الصلاة والسلام لا أربعين.
فالقول بأنه فعلها أربعين هذا باطل لا أساس له من الصحة، وإنما المحفوظ أنه فعل هذا مرة واحدة، قال بعض أهل العلم: لعله كان لوجود دحض في الأسواق من آثار المطر، أو لوجود مرض عام ووباء عام، أو لأسباب أخرى. قال ابن العباس: لئلا يحرج أمته ويحملها المشقة عنهم. فإذا حصل ما يشق عليهم من مرض، أو دحض - هو آثار المطر في الأسواق - أو ما أشبه ذلك مما فيه مشقة جاز هذا الجمع، أما من غير عذر فالواجب ألا يفعل، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت في المدينة للناس، ووقتها له جبريل في مكة عليه الصلاة والسلام. وقال صلى الله عليه وسلم: «الصلاة فيما بين هذين الوقتين (3) »
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (106) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (10856) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، برقم (393) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، على النبي صلى الله عليه وسلم برقم (149) .(13/94)
وكان يصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، هذا هو المحفوظ عنه في المدينة عليه الصلاة والسلام، فالواجب على المسلمين أن يصلوا كل صلاة في وقتها، وألا يجمعوا إلا من عذر شرعي، وهذه المرة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم محمولة على أنها كانت لعذر شرعي أراد به دفع الحرج عن أمته عليه الصلاة والسلام بسبب ذلك العذر الذي لم يذكر في الحديث، والواجب على الأمة أن تأخذ بالأمور المحكمة الواضحة، وأن تدع المشتبهات، يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} (1) . فلا يجوز للمؤمن أن يأخذ بالمتشابه الذي ليس فيه وضوح، ويدع المحكم الواضح البين الذي هو صلاته، كل صلاة صلاها في وقتها في حياته صلى الله عليه وسلم في المدينة مدة عشر سنين عليه الصلاة والسلام، وقد وضح للأمة ذلك، وقال: «الصلاة بين هذين الوقتين (2) » وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (3) » فلا يجوز أن نأخذ بشيء لم يتضح سببه يخالف الأحاديث الصحيحة والعمل المستمر في حياته صلى الله عليه
__________
(1) سورة آل عمران الآية 7
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (10856) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، برقم (393) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، على النبي صلى الله عليه وسلم برقم (149) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631) .(13/95)
وسلم، بل هذا من اتباع المتشابه الذي لا يجوز لأهل الإيمان، فإذا وجدت علة تسوغ الجمع فلا بأس كالمرض والمطر والسفر ونحو ذلك، فلا بأس بذلك كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام في أسفاره، ورخص للمستحاضة أن تجمع لعذرها، والمريض كذلك معذور، فلا بأس بذلك للعذر الشرعي.(13/96)
س: يقول هذا السائل: سماحة الشيخ، هل يجوز الجمع بين صلاة الظهر والعصر بدون سفر لأي سبب آخر (1) ؟
ج: لا يجوز، فقد كان يجوز في الأول، ثم شرع الله الأوقات، فوجب أن تفعل الصلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها إلا لعلة كالسفر يجوز الجمع، أو مرض، أو مطر والدحض يجوز الجمع كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (401) .(13/96)
54 - حكم جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة
س: يسأل السائل: م. ح، ويقول: سماحة الشيخ، يقولون بأنه لا يجوز أن نجمع صلاة العصر مع أي صلاة، وبعضهم يقول: الأفضل ألا نجمعها مع الصلوات الأخرى. فما رأي سماحتكم في ذلك (1) ؟
__________
(1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (413) .(13/96)
ج: العصر تجمع مع الظهر في حق المريض والمسافر جمع تقديم وجمع تأخير، لكن لا تجمع العصر مع الجمعة يوم الجمعة، إذا صلى مع الناس الجمعة لا يصلي معها العصر، يصلي العصر في وقتها. إذا صلى الجمعة مع الناس خارج البلد وصلى معهم الجمعة وهو مسافر يصلي العصر في وقتها. وأما في غير الجمعة يجمع العصر مع الظهر لا بأس إذا كان مريضا يشق عليه عدم الجمع، أو مسافرا لا بأس.(13/97)
55 - حكم الكلام بين الصلاتين أثناء الجمع
س: السائلة أم خالد تقول: بالنسبة لصلاة الظهر والعصر إذا كان الإنسان مسافرا وصلى صلاة الظهر ركعتين، هل يجوز له مثلا أثناء الفصل بين صلاة الظهر والعصر إذا تكلم هل يجوز له، أو عمل شيئا فصل بين الصلاتين (1) ؟
ج: ما يضر لو تكلم أو قام لحاجة أو شرب أو أكل ما يضر شيئا.
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (420) .(13/97)
56 - مسألة في جمع وقصر الصلاة في السفر
س: السائل: ح. س. ع. من سوريا: هل يجوز لي إذا كنت على سفر بعيد ما يقارب أربعمائة كيلو متر هل يجوز أن أجمع صلاة(13/97)
الظهر والعصر (1) ؟
ج: المسافر يشرع له القصر، يصلي ركعتين، الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، هذا هو الأفضل، هذا هو السنة إذا سافر وله الجمع، يجوز له الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء لكن تركه أفضل إذا كان نازلا ليس عليه مشقة، تركه أفضل، أما إذا كان فيه مشقة وهو نازل يجمع، النبي صلى الله عليه وسلم جمع في أسفاره وترك، تارة يجمع وتارة يترك عليه الصلاة والسلام، في حجة الوداع لم يجمع وهو نازل في منى صلى كل صلاة في وقتها وهو في منى، فإذا كان الإنسان نازلا يومين ثلاثة في السفر فالأفضل عدم الجمع إلا إذا كان عليه مشقة، وهو مع أصحابه فلا بأس من الجمع.
أما القصر فسنة ولو نازلا يصلي ركعتين إذا كان نزوله أربعة أيام فأقل فإذا عزم على أكثر، عزم على أكثر من أربعة أيام فإنه يصلي أربعا عند جمهور أهل العلم. أما إذا كان لا يدري متى يسافر، ما عنده جزم، قد يقيم يومين أو ثلاثة أو أكثر، ما عنده جزم فهذا يقصر.
ولو طالت المدة، يصلي ركعتين، وله الجمع ولو طالت المدة ما دام ما عنده يقين متى يسافر، لأن له حاجه ينتظرها، ما يدري متى يدركها، فهذا حكمه حكم السفر، والسفر يقدر بثمانين كيلو، إذا كانت المسافة ثمانين
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (275) .(13/98)
كيلو وما يقاربها فهذا سفر، وليس السفر أربعمائة كيلو، ولو ثمانين كيلو أو ما يقاربها هذا سفر، إذا كان خارجا عن بلده ثمانين كيلو وما يقاربها، مثل سفر أهل الرياض إلى الخرج، إلى الحوطة، إلى شبه ذلك، كل هذا سفر.(13/99)
57 - مسألة في الجمع والقصر
س: إذا سافرت لمسافة تزيد عن مائة وخمسين كيلو مترا وأدركني وقت الظهر، ولظروف ما أخرته إلى وقت العصر، فهل يجوز لي الجمع والقصر في وقت العصر، أم لا يصح ذلك، وإنما الجائز الجمع فقط دون قصر؟ أرجو توضيح ذلك ولكم الشكر (1)
ج: المسافر يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، ويقصر الظهر والعصر والعشاء، هذا من سنة السفر أن يقصر، يصلي الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، أما المغرب فيصليها ثلاثا تماما، والفجر كذلك ثنتين، وله أن يجمع بين الظهر والعصر ما دام في السفر ويصليهما في وقت الأولى وهي الظهر، أو في وقت الثانية وهي العصر، أو بينهما، وله أن يجمع بين المغرب والعشاء، فيصليهما في وقت المغرب جمع تقديم، أو في وقت العشاء جمع تأخير، أو بين الوقت في
__________
(1) السؤال الثالث والستون من الشريط رقم (63) .(13/99)
آخر الوقت الأول وأول الوقت الثاني، كل هذا لا بأس به والحمد لله، الأمر واسع.(13/100)
58 - حكم قضاء صلاة السفر في الحضر
س: يسال المستمع ويقول: لقد سافرت مسافة تقدر بتسعين كيلو مترا، وحضرت صلاة الظهر أثناء الرحلة فأخرتها إلى العصر، ولكن صلاة العصر صليتها في بيتي فنسيت الظهر ولم أذكر ذلك إلا عند النوم، فقمت وصليت الظهر والعصر جمعا وقصرا، هل عملي هذا صحيح (1) ؟
ج: لا، ليس بصحيح، عليك أن تصلي أربعا لما ذكرت في البلد بعدما عدت عليك أن تصلي الظهر التي نسيتها، تصليها أربعا، أما العصر إذا كنت صليتها في الطريق قصرا ما تعيدها لأنك ناس، قدمتها على الظهر ناسيا فلا عليك شيء، أما الظهر فإنك تصليها أربعا لما ذكرتها، وإذا كنت صليت العصر في البيت ثنتين فعليك أن تعيدها، أما إذا كنت صليتها في الطريق طريق العودة ثنتين ناسيا الظهر فالصلاة صحيحة، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (424) .(13/100)
59 - حكم سفر الشخص وحده دون جماعة
س: مستمع يسأل ويقول: أردت الخروج من مكة قبل صلاة العصر وبعد(13/100)
صلاة الظهر مع الجماعة في الحرم، صليت وحدي العصر ثم سافرت، فهل فعلي هذا صحيح (1) ؟
ج: الواجب عليك أن تصلي مع الجماعة، إذا أدركت الجماعة العصر وأنت موجود تصلي معهم. أما إذا سافرت قبل العصر وصليت وحدك في سفرك فلا حرج إذا كان معك أحد، لكن يكره السفر وحدك أو اثنين، السنة أن يكون السفر ثلاثة فأكثر، أن يكون المسافرون ثلاثة فأكثر لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «الراكب الشيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب (2) » إذا تيسر أن يكون معك رفيقان هذا هو الواجب، أما إذا كان ضرورة فلا حرج.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (391) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه برقم (6709) ، وأبو داود في كتاب الجهاد، باب في الرجل يسافر وحده، برقم (2607) ، والترمذي في كتاب الجهاد، باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده، برقم (1674) ، ومالك في كتاب الجامع، باب ما جاء في الوحدة في السفر، للرجال والنساء برقم (1831) .(13/101)
60 - مسألة في حكم جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة
س: ذهبنا إلى مكة لأداء العمرة وكنا عازمين – إن شاء الله - بعد صلاة الجمعة أن نسافر إلى بلدنا، فأشار علينا أحد الإخوة أن نصلي(13/101)
العصر قصرا بعد صلاة الجمعة مباشرة حيث إننا مسافرون مع أننا لم نجلس في مكة سواء ثلاثة أيام، فهل عملنا هذا صحيح؟ وإذا كان غير ذلك ماذا يجب علينا أن نعمل (1) ؟
ج: جمع العصر بعد الجمعة لا نعلم له أصلا، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وقد نص العلماء على أنه لا يجوز، فالواجب أن يقضي العصر الذي جمعه مع الجمعة، الواجب عليه قضاؤها إذا نبه قبل العصر يقضيها بعد العصر، وإذا نبه بعد ذلك يقضيها لأنه جمعها في غير وقتها، قدمها على وقتها، ولا نعلم لهذا أصلا، قال بعض الشافعية وبعض الناس: إنه لا بأس، لكن لا دليل على ذلك، والصواب أن العصر لا تجمع مع الجمعة، وأن من جمعها مع الجمعة فعليه الإعادة، وإن تأخر فيقضيها متى علم أنها تقضى.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (380) .(13/102)
61 - حكم تقديم صلاة العشاء مع المغرب للمسافر إذا كان قد صلى المغرب خلف مقيم
س: مسافر صلى مع الجماعة المغرب، فهل يقوم حال التسليم ليصلي العشاء جمعا (1) ؟
__________
(1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم (350) .(13/102)
ج: إذا كان مسافرا تلك الساعة صلى العشاء وإلا أخر وصلى مع الناس أفضل له أربعا، لا يصلي وحده، يصلي مع الناس، يجب أن يصلي مع الناس، أما إن سافر الآن، وليس جالسا إلى العشاء يصلي العشاء ثنتين بعد المغرب، والحمد لله.(13/103)
62 - حكم صلاة الجماعة للمسافرين
س: هل يجوز للمسافر ترك الجماعة إن تيسرت، كأن يكون في مدينة أقام فيها فترة وجيزة (1) ؟
ج: ليس للمسافر أن يترك الجماعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » فالواجب عليه أن يصلي مع الجماعة ويتم أربعا إذا كانوا مقيمين، أما إن كان مسافرا معه غيره اثنين فأكثر فلهم أن يقصروا؛ لأنهم مسافرون ولهم القصر، وليس عليهم أن يصلوا مع المقيمين إذا كانوا جماعة، والاثنان جماعة فأكثر، أما الواحد فليس له أن يقصر وحده، بل عليه أن يصلي مع الناس ويتم أربعا، لكن لو فاتته مع المقيمين صلى ثنتين لأنه مسافر.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (256) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(13/103)
س: بالنسبة إلى الشخص إذا كان في مكان تقام فيه الصلاة لكن لديه مثلا أناس مسافرون مثله، هل يذهب للمسجد أو يقيم صلاته مكانه (1) ؟
ج: هم مخيرون، إن صلوا وحدهم صلوا ثنتين، وإن صلوا مع الناس صلوا أربعا، هذه السنة، المسافر إن صلى مع المقيم صلى أربعا، وإن صلى وحده مع أصحابه المسافرين صلوا ثنتين، وهم مخيرون، والقصر أفضل لهم.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (16) .(13/104)
س: هل يمكن للجماعة المسافرة أن تصلي الظهر مثلا قصرا وهم في جماعة (1) ؟
ج: إذا كانوا مسافرين السنة أن يصلوا الظهر ثنتين، فإن صلوا مع الناس مع المقيمين صلوا معهم، دخلوا معهم في الصلاة، وجب عليهم الإتمام، يصلون أربعا، لكن المسافر إذا صلى خلف المقيم يلزمه أن يصلي أربعا. هكذا جاء في السنة، أما إذا صلوا وحدهم وهم مسافرون الظهر أو العصر أو العشاء فإنهم يصلون ثنتين، هذا هو الأفضل لهم، وإن صلوا أربعا فلا حرج.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (298) .(13/104)
س: السائل: ش. ع. ب، يقول: بالنسبة للمسافر إذا قصر وجمع وأتى المسجد في وقت الصلاة ووجد من كان قبله قد أقاموا الصلاة(13/104)
وصلوا وهم مقيمون، ماذا يفعل، هل يصلي معهم أم ينتظر جماعة أخرى (1) ؟
ج: عليك أن تصلي معهم وتتم، تصلي معهم وتكمل الصلاة أربعا إذا كان ظهرا أو عصرا أو عشاء، ولا تنتظر، صل مع الجماعة، والحمد لله.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (412) .(13/105)
س: سائلة تقول: سافر رجل من بلد إلى بلد، ووصل إلى البلد قبل صلاة الظهر، ولما أذن للصلاة لم يصل بقصد الجمع بين الظهر والعصر، وجلس في البلد، ولما أذن العصر جمع بين الصلاتين وهو في البلد، وبعد الصلاة ذهب إلى بلده، فهل صلاته صحيحة (1) ؟
ج: الصلاة صحيحة إن شاء الله، لكنه قد أخطأ وأساء حين صلى وحده، فالواجب عليه أن يصلي مع الناس، لأنه حضر في البلد، ولا يصلي وحده لأن الجماعة فرض، والواجب على من قدم البلد وهو وحده فرد أن يصلي مع الناس ويتم أربعا إذا كان جاء من بلدة بعيدة تعتبر سفرا فإنه يصلي مع الناس أربعا، وليس له أن يصلي وحده، لكن لو فاتته الصلاة مع الناس صلى وحده ثنتين إذا كان جاء من بلاد بعيدة يعتبر سفره منها سفرا شرعيا، أما كونه يصلي وحده فلا يجوز، بل الواجب عليه أن يصلي مع الجماعة ويتم أربعا، لكن لو كان معه صاحب أو أكثر فصلوا ثنتين
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (22) .(13/105)
وجمعوا فلا حرج في ذلك.(13/106)
س: ما حكم الجمع لمن مر بمدينة ولبث فيها يوما أو يومين (1) ؟
ج: المسافر إذا مر بمدينة أو قرية ونيته الإقامة فيها يوما أو يومين أو ثلاثة لا حرج أن يقصر ويجمع؛ لأنه مسافر، وهكذا لو نوى أربعا كذلك إلا إذا نوى أكثر من أربع وعزم على الإقامة في البلد التي مر بها أكثر من أربعة أيام فإنه لا يقصر ولا يجمع عند جمهور أهل العلم. ولكن لا يصلي وحده، الواجب عليه أن يصلي مع الجماعة، يصلي أربعا إذا صلى مع الجماعة، لأن الواجب على الفرد أن يصلي مع الجماعة، لا يصلي وحده، وهكذا الواجب على المسافر إذا صلى مع المقيمين أن يصلي أربعا، هكذا السنة، لكن لو كانوا جماعة وصلوا جميعا وقصروا فلا بأس بذلك، وجمعوا لا بأس ما داموا مسافرين ولم يريدوا الإقامة مدة تزيد على أربعة أيام بل يومين، ثلاث لا بأس بذلك أن يقصروا ويجمعوا، أما الواحد فالواجب عليه أن يصلي مع الناس، ويصلي معهم أربعا إذا كانوا مقيمين، ولا يقصرها وحده، ولا يصلي وحده.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (256) .(13/106)
63 - حكم المسافر إذا صلى جمعا وقصرا ثم وصل البلد
س: إذا كنت مسافرة وجمعت صلاة المغرب والعشاء، ولكن بعد ذلك(13/106)
توقفت في بلدة ما، وحان فيها وقت صلاة العشاء، فهل أعيدها أم يكفيني ما صليت قصرا (1) ؟
ج: ليس عليك الإعادة ولا على الرجل إذا صلى جمعا في المغرب والعشاء، ثم قدم البلد والناس لم يصلوا العشاء فليس عليه أن يصلي معهم، فإن صلى معهم فهي نافلة، وهكذا المرأة إذا صلت جمعا في السفر، ثم قدمت البلد التي هي بلدها أو بلد أخرى فلا يلزمها أن تصلي مع الناس؛ لأنها أدت الفريضة، والحمد لله.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (202) .(13/107)
س: إذا جمع المسافر والمغرب والعشاء، ثم وصل بلد الإقامة فهل إذا سمع النداء للعشاء هل عليه جماعة (1) ؟
ج: لا، إن صلى معهم فهو نافلة، وإلا فقد أدي الفريضة، وهكذا لو جمع الظهر والعصر ثم جاء البلد مثل العصر لا يلزمه حضور الظهر والعصر، قد صلاها، لكن إن حضرها مع الناس فهي نافلة.
__________
(1) السؤال الثامن والخمسون من الشريط رقم (355) .(13/107)
س: إذا كان الشخص في سفره وهو قد جمع العصر مع الظهر وقصر أو العكس، أو جمع العشاء مع المغرب أو العكس، فهل له إذا ركب الراحلة أن يقول الذكر المشروع بعد الصلاة مثل أن يستغفر الله ثلاث مرات إلى آخره، ويسبح ويحمد ويكبر الله كلا ثلاثا(13/107)
وثلاثين، ويختم بالمائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ويقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين وهو على راحلته، أو يكتب له الأجر بدون ذكرها؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا صلى الجمع وهو في سفره، ثم ركب الدابة أو السيارة يأتي بالأذكار الشرعية، إذا أتى بها في الأرض فالحمد لله، وإن ركب لأن الحاجة ماسة إلى السرعة فإنه يأتي بها وهو في السيارة أو على الراحلة، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (351) .(13/108)
64 - حكم أذكار الصباح والمساء للمسافر
س: إذا حضر وقت صلاة المغرب هل يجوز أن يقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين وهو قد نوى أن يجمع المغرب مع العشاء، وهل يكتب له أجر أذكار الصباح والمساء وهو لم يذكرها أم لا بد من ذكرها؟ نرجو الإجابة مفصلة، جزاكم الله خيرا (1)
ج: السنة أن يأتي بالأذكار الشرعية والدعوات الشرعية الصباح والمساء سواء جمع المغرب مع العشاء أو لم يجمع، السنة أن يأتي بالأذكار
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (351) .(13/108)
الشرعية قبل الصلوات أو بعد الصلوات، يأتي بها في العصر، يأتي بها في الليل، أو بعد صلاة الجمع، الأمر واسع بحمد الله.
إذا صلى المغرب جمع معها العشاء، إذا كان في حاجة إلى الجمع لأنه على جناح سير، أما إذا كان مقيما نازلا فالأفضل عدم الجمع، يصلي المغرب، يأتي بالأذكار بعدها الشرعية، يصلي العشاء في وقتها، ويأتي بالأذكار الشرعية، وهكذا الظهر والعصر، أما إذا دعت الحاجة إلى الجمع فإنه يجمع، ثم يأتي بالأذكار الشرعية بعد الثانية، أذكارها، وتسقط أذكار المساء ويأتي بالأذكار الشرعية بعد الثانية، وهكذا، ما يتعلق بالورد، أذكار المساء يأتي به إما قبل الجمع وإلا بعد الجمع، وهكذا في الصباح يأتي بالأذكار الشرعية بعد صلاة الفجر أو بعد طلوع الشمس.(13/109)
65 - حكم السنن والرواتب للمسافر
س: السائل: أ. ع. يقول: أيهما أفضل بالنسبة للمسافر، أن يؤدي السنن الرواتب أو يتركها، وكذلك النوافل (1) ؟
ج: المسافر السنة له أن يدع الرواتب، لا يأتي بها كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، فإنه كان عليه الصلاة والسلام إذا سافر يترك سنة الظهر وسنة المغرب وسنة العشاء، أما سنة الفجر فكان يأتي بها عليه
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (388) .(13/109)
الصلاة والسلام، كان يصلي الفجر ويصلي راتبتها سفرا وحضرا، أما سنة الظهر والمغرب والعشاء فكان يترك ذلك عليه الصلاة والسلام في السفر، أما العصر فليس لها راتبة، لكن كان يصلي قبلها أربعا بعض الأحيان، وربما صلى قبلها ثنتين بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، ويقول صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » فالأفضل في السفر تركها؛ لأنها تشبه الراتبة، أما النوافل الأخرى فالأفضل فعلها مثل سنة الضحى، التهجد بالليل، الوتر، هذا سنة في السفر والحضر، سنة الوضوء، إذا توضأ، هذه نوافل مشروعة في السفر والحضر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي سنة الضحى في السفر، وصلاها عام الفتح ثمان ركعات عليه الصلاة والسلام، وكان يتهجد بالليل في السفر ويصلي على بعيره بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام النافلة في السفر، ويوتر على بعيره أيضا عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5944) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر برقم (430) .(13/110)
66 - حكم صلاة النافلة للمسافر بعد الجمعة
س: أ. ع. من الرياض يقول: إذا صلى المسافر الجمعة هل تسقط عنه الراتبة، وإذا وصل هذا المسافر إلى بلد آخر هل تسقط عنه الرواتب (1) ؟
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (360) .(13/110)
ج: إذا صلى المسافر الجمعة يصلي معها أربعا، السنة أربع ركعات تسليمتين، وإذا صلى قصرا فليس لها راتبة، يصلي ثنتين فقط الظهر قصرا، كان صلى الله عليه وسلم لا يصلي راتبة الظهر ولا المغرب ولا العشاء في السفر، الفجر فقط، أما إذا صلى الجمعة وباقي الأوقات مع الناس صلى الرواتب معهم، وبالنسبة إذا وصل المسافر إلى بلد آخر على حسب الحال، إذا بقي فيها أربعة أيام فأقل يصلي ثنتين إلا إذا كان واحدا يصلي مع الناس أربعا، لا يصلي وحده، الجماعة واجبة، لكن إذا كانوا جماعة اثنين أو أكثر وصلوا قصرا سقطت عنهم الرواتب إلا سنة الفجر والتهجد في الليل والوتر، أما إذا كان واحدا يصلي مع الناس، لا يصلي وحده ولو أنه مسافر، إذا كان عنده جماعة يصلي جماعة، يصلي أربعا، لكن إذا كانوا جماعة مسافرين إن صلوا قصرا سقطت عنهم الرواتب، الأفضل تركها إلا سنة الفجر، وإلا التهجد بالليل، فإن صلوا مع الناس جماعة مع المقيمين صلوا أربعا، وصلوا الرواتب.(13/111)
67 - حكم الجمع بين الصلاتين للمقيم لأجل العمل
س: ما حكم من يجمع بين الصلاتين من أجل العمل؟ وهل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين (1) ؟
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (384) .(13/111)
ج: ليس له الجمع من أجل العمل، بل كل صلاة في وقتها، وإنما جمع النبي صلى الله عليه وسلم لأسباب، إما السفر وإما المرض، أو الدحض والزلق والمرض، أما الجمع بدون سبب ما كان يجمع عليه الصلاة والسلام، وما ورد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما «أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر (1) » فهذا محمول على عذر آخر كالدحض والزلق أو المرض، قد استقرت الشريعة على أنه لا يجوز إلا لعذر شرعي.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705) .(13/112)
س: الأخ: م. ص. ن، من مكتبة المستمع بالخبر يسأل ويقول: ما رأيكم في النساء اللائي يجمعن بين الصلوات نظرا لانشغالهن بأمور البيت (1) ؟
ج: لا يجوز هذا، ليس لهن الجمع، والواجب عليهن أن يصلين كل صلاة في وقتها مثل الناس، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والعشاء في وقتها، والمغرب في وقتها، وهكذا شرع الله سبحانه لعباده.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (142) .(13/112)
68 - مسألة في صلاة أهل الأعذار
س: هل يجوز للمرأة أن تجمع بين صلاة العصر والظهر أو أنه لا يجوز؟ وهل يجب عليها أن تؤدي السنة قبل الصلاة (1) ؟
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (168) .(13/112)
ج: الرجل والمرأة في هذا الباب سواء، على كل منهما أن يصلي الصلاة لوقتها، فالظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، على الرجل والمرأة جميعا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت مواقيت، وقال عليه الصلاة والسلام: «الصلاة فيما بين هذين الوقتين (1) » فعلى المرأة أن تصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، ولا تجمع بينهما، وهكذا المغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، ولا تجمع بينهما كالرجل، وهكذا الفجر في وقتها إلا بعذر شرعي كالمسافر لا بأس أن يجمع بين الصلاتين، والمريض من الرجال والنساء لا بأس أن يجمع بين الصلاتين، وهكذا في المطر الذي يتأذى به المسلم لا بأس أن يجمع المصلون في المساجد عند وجود الأمطار والدحض في الطرق ما يحصل به الأذى، يشرع لهم الجمع بين المغرب والعشاء، وهكذا بين الظهر والعصر في أصح قولي العلماء تيسيرا من الله عز وجل لعباده، ورحمة لعباده، وهو سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته، وهكذا المرأة إذا كانت مستحاضة كما في حديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لها في تأخير الظهر وتعجيل العصر والجمع بينهما، تأخير المغرب وتعجيل العشاء والجمع بينهما من أجل
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (10856) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، برقم (393) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، على النبي صلى الله عليه وسلم برقم (149) .(13/113)
استحاضتها، من أجل استمرار الدم معها. فهذا عذر أيضا، أما امرأة سليمة معافاة ليست مسافرة فليس لها أن تجمع، وهكذا الرجل ليس له أن يجمع إلا بعذر شرعي. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.(13/114)
69 - حكم الجمع بين الصلاتين للسائق
س: السائل: أ. أ. م. من جمهورية مصر العربية، يقول السائل: عملي سائق، وفي بعض الأوقات أجمع الصلاتين الظهر والعصر، وهذا لكوني مجبرا بذلك، لأني أعمل ثماني ساعات أو عشرا يوميا، فهل يجوز ذلك (1) ؟
ج: ليس لك الجمع وأنت مقيم، بل عليك أن تصلي مع الناس كل صلاة في وقتها، أما إذا كنت مسافرا في طريق إلى بلد من البلدان فلك الجمع مثل غيرك من المسافرين، أما ما دمت في البلد بين بيتك وبين محل العمل فليس لك أن تجمع بل عليك أن تصلي مع الناس، وليس لك أن تطيع غيرك في معصية الله، بل تصلي مع الناس الظهر في جماعة، والعصر في جماعة ولا تجمع، وهكذا المغرب والعشاء، إذا كان العمل في الليل تصلي مع الناس، وهكذا أصحابك عليهم أن يصلوا في الجماعة، ولا يجوز أن يصلوا جمعا.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (273) .(13/114)
70 - حكم جمع وقصر الصلاة للمريض
س: هل يجوز للمريض أن يقصر الصلاة ويجمعها (1) ؟
ج: المريض ليس له قصر الصلاة، إنما هو في حق المسافر خاصة، أما المريض فلا يقصر لكن له أن يجمع الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، يصلي الظهر أربعا، والعصر أربعا جمعا، يصلي المغرب ثلاثا والعشاء أربعا جمعا، وليس له القصر، القصر من خصائص السفر.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (386) .(13/115)
س: من بريدة يقول السائل: هل للمريض أن يجمع في الصلاة، وإن كان كذلك فهل الذي انكسرت رجله وجبست له أن يجمع في الصلاة؟ أفتونا مأجورين (1)
ج: نعم، المريض له أن يجمع بين الصلاتين، والمجبس مريض له أن يجمع - ولا حرج - بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وإن لم يشق عليه صلى كل واحدة لوحدها، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (367) .(13/115)
س: عندي والد كبير السن، ويجمع صلاة المغرب وصلاة العشاء، يصلي المغرب ثم العشاء، وإذا نصحته قال: إنه لا يستطيع أن يبقى على الوضوء، ولا يستطيع أن يقوم في وقت العشاء، فما رأيكم؟(13/115)
جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان والدك عاجزا عن الصلاة في وقتها فلا بأس أن يجمع بين الصلاتين، كالمريض وكالشيخ الكبير العاجز الذي حكمه حكم المريض إذا احتاج إلى الجمع فلا بأس، أما إن كان يستطيع أن يقوم العشاء في وقتها والمغرب في وقتها من دون مشقة كبيرة فإنه لا يجمع، وإذا استطاع أن يصلي مع الناس في المساجد وجب عليه أن يصلي مع الناس في المساجد، أما إن كان عاجزا لا يستطيع الصلاة في المسجد ولا يستطيع الصلاة في الوقت الثاني - يعني العشاء - فإن يجمع ولا حرج في ذلك كما يجمع المريض والمسافر.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (132) .(13/116)
س: طلب مني والدي أن أبعث إليكم بهذا السؤال ذلك بأنه يجمع الصلوات، فمثلا يصلي المغرب والعشاء في وقت واحد، فهو يصعب عليه أن يصليها في وقتها، لأنه ضخم الجسم حيث يبلغ وزنه مائتين وعشرين كيلو، وهو يقول: عندما أقف على أقدامي فهي تؤلمني كثيرا، فبماذا تنصحونه؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: يقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) . ويقول النبي صلى الله
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (118) .
(2) سورة التغابن الآية 16(13/116)
عليه وسلم لما اشتكى إليه بعض المرضى: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (1) » فإذا كان لا يستطيع القيام يصلي قاعدا، ويصلي كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها والعشاء في وقتها، ومجرد كونه عاجزا عن القيام لا يجعله يجمع بين الصلاتين، أما إذا كان معه مرض يشق عليه تفريق الصلاتين وصلاة كل واحدة في وقتها لمرضه وآلامه هذا شيء آخر، المريض له أن يجمع إذا كان مريضا يتألم بقيام كل واحدة لوجود أمراض معه من حمى أو غيرها من الأمراض التي يحصل بها مشقة عليه بإفراد كل صلاة في وقتها فلا بأس، قد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة أن تجمع لأن معها نوع مرض، فالمرض الذي معه آلام حمى أو غيرها له أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، أما الفجر فتصلى في وقتها، ولا تجمع إلى غيرها لا قبلها ولا بعدها، وعليه مع ذلك أن يلاحظ قيامه في الصلاة ولو خفيفا، يقرأ الفاتحة وما تيسر معها ولو قليلا وهو قائم، لأنه مأمور بالقيام فإن عجز وشق عليه ذلك صلى قاعدا، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) بدون ذكر '' فإن لم تستطع فمستلقيا ''.(13/117)
س: السائل س. امرأة كبيرة في السن لا تضبط نفسها من حيث الطهارة، هل لها الجمع بين الصلوات (1) ؟
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (268) .(13/117)
ج: نعم، لا بأس أن تجمع كالمريض لأنها مريضة، فلا بأس أن تجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، والمغرب والعشاء في وقت إحداهما.(13/118)
71 - حكم الصلاة في البيوت حال المطر
س: م. د. ع. ي، يسأل سماحتكم عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلوا في رحالكم (1) » متى يصلي الإنسان في رحاله؟ وهل هذا القول منسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم (2) ؟
ج: نعم، هذا صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم في أوقات المطر والدحض، يقول المؤذن: صلوا في رحالكم. عند قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح. يقول: صلوا في رحالكم، صلوا في بيوتكم، أو بعد الأذان: صلوا في بيوتكم. إذا هناك مشقة على الناس من جهة المطر أو الزلق في الأسواق، هكذا فعله ابن عباس رضي الله عنهما في الطائف، أمر المنادي أن ينادي، وأخبر أن النبي فعل ذلك عليه الصلاة والسلام، هذا من باب الرحمة بالمسلمين والشفقة عليهم.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (632) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الصلاة في الرحال في المطر، برقم (697) .
(2) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (306) .(13/118)
72 - حكم الجمع بين الصلاتين في المطر
س: رسالة من المستمع س. ف. غ، من الأحساء من العيون: أخونا يناقش في قضية فيقول فيها: سماحة الشيخ، أرجو إجابتي على هذا السؤال: هل يجوز الجمع بين الظهر والعصر في أوقات نزول الأمطار أو اشتداد البرد القارص الذي يؤثر على كبار السن؟ لاحظنا في الشتاء وفي بعض المساجد أنها تجمع بين الظهر والعصر، وبعضها لا يجمع إلا بين المغرب والعشاء، وهل هذا ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أما ما بين الظهر والعصر فالبعض يقول: فيه رخصة. والبعض الآخر يقول بعدم الجمع أولى. نريد الإجابة الشافية في هذا الموضوع. جزاكم الله خيرا (1)
ج: يجوز الجمع في الصحيح من قولي العلماء بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في السفر أو في المرض أو في المطر، كل هذا جائز، وفي الحديث الصحيح «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر (2) » وفي لفظ آخر: «من غير خوف ولا مطر (3) » فدل ذلك على أن الجمع من المطر أمر
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (326) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705) .(13/119)
معلوم ولا حرج فيه، وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم ترك الجمع لغير عذر كان يصلي كل صلاة في وقتها، فاستقرت الشريعة على أن الصلاة في وقتها، وأنه لا جمع إلا من عذر، ولهذا علمهم الرسول صلى الله عليه وسلم الأوقات حتى يصلوا الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، لكن إذا عرض عارض الإنسان من مطر يشق عليه الذهاب إلى المسجد فيجمع الإمام بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في الأصح، وبعض أهل العلم أجازه بين المغرب والعشاء، ولم يجزه بين الظهر والعصر، والصواب جوازه فيهما جميعا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، للمرض أو للسفر أو للمطر، إذا نزل مطر واشتد على الناس يشق عليهم، أو دخلوا في الأسواق يشق عليهم السير فيها. والصواب أنه لا حرج في الجمع.(13/120)
س: في مساء أحد الأيام كنت في مجلس عند رجل، وقد اجتمع ما يزيد على خمسة عشر رجلا لوجود عرس عنده، وكل واحد منا ينوي يسهر يتعلل في هذا المكان، كانت السماء تمطر مطرا متقطعا ليس مستمرا أو وسطا، لا هو بالشديد الغزير ولا هو بالخفيف، وحالة الطقس متوسطة البرودة، وعندما جاءت صلاة المغرب صليناها جماعة في نفس المكان، فقال بعضهم: يجب أن نجمع صلاة العشاء مع المغرب؛ لأن السماء تمطر والطقس بارد علما أننا سنمكث إلى ما بعد صلاة(13/120)
العشاء، فهل يجوز الجمع والناس في أماكنهم أم لا؟ وفقكم الله (1)
ج: إذا كان الواقع كما ذكر فلا مانع من الجمع لأنه عذر، وإن صلوا المغرب وحدها وتركوا العشاء لوحدها فلا بأس، المقصود ما دامت السماء تمطر والطقس كما قال شديد البرودة، فبكل حال فالمطر عذر مطلقا ما دام متصلا وليس بخفيف، بل يبل الثياب ويؤذي من يخرج من بيته إلى الطرقات، فهذا عذر شرعي بالجمع بين الصلاتين حتى ولو كانوا في مكانهم؛ لأن الرخصة تعمهم. وإن أجلوا العشاء في وقتها فحسن.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (38) .(13/121)
س: ما حكم جمع صلاة الظهر والعصر في حال المطر (1) ؟
ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، هل يجمع بين الظهر والعصر في حال المطر والدحض أم لا؟ على قولين. والصواب أنه لا بأس كالمغرب والعشاء، فلا بأس أن يجمع الإمام بالناس في الظهر والعصر من أجل المطر الذي يؤذيهم أو الدحض في الأسواق والزلق في الأسواق؛ لأن الله جل وعلا يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} (2) . ويقول سبحانه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (3) . «والنبي صلى الله عليه
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (227) .
(2) سورة البقرة الآية 185
(3) سورة الحج الآية 78(13/121)
وسلم جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر (1) » وفي رواية: «من غير خوف ولا سفر (2) » فدل ذلك على أن المطر مما يسوغ الجمع، وهكذا آثاره من الدحض في الأسواق والطين في الأسواق مما يتأذى به المصلون، هو عذر شرعي أيضا.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705) .(13/122)
73 - حكم جمع الظهر والعصر من أجل العمل
س: أنا عندي عمل مجبرة عليه، أذهب في الثانية والنصف بعد الظهر حتى الساعة الخامسة والنصف أو أكثر، والمسافة التي تقطعها السيارة حوالي اثني عشر كيلو ونصف تقريبا، وفي هذا الوقت تضيع مني صلاة العصر، فأضطر إلى جمعها مع الظهر، وذلك بأن أؤخر صلاة الظهر إلى زوال الشمس ثم أجمعها جمع تقديم بدون قصر، فهل علي إثم في هذا أم أن عملي صحيح؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا يجوز الجمع في هذه الحالة بل تصلي الصلاة في وقتها، العصر في وقتها، والظهر في وقتها، لأن هذا ليس بسفر، عليك أن تصلي العصر في وقتها، والظهر في وقتها؛ فإذا تقدمت للعمل قبل العصر فصلي في الطريق؛ انزلوا وصلوا في الطريق صلاة العصر، وإلا فتأخروا في الرحيل
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (338) .(13/122)
إلى أن تصلوا صلاة العصر، الفريضة مقدمة على الأعمال، لا بد من التحري لما أوجب الله، فإما أن تنزلوا، تصلوا العصر، وإما أن تصلوا قبل السفر، ويكون السفر بعد دخول وقت العصر ليس بسفر الذهاب نعني بذلك.(13/123)
74 - بيان الضابط في الجمع والقصر عند نزول المطر
س: ما هو الضابط في جمع الصلوات عند نزول الأمطار؟ وجهونا بذلك سماحة الشيخ (1)
ج: الجمع رخصة عند نزول المطر وعند السفر كذلك، والله جل وعلا يحب أن تؤتى رخصه، فإذا نزل بالمسلمين مطر يشق عليهم معه أداء الصلوات في وقتها، العشاء مع المغرب، أو العصر مع الظهر فلا بأس أن يجمع كما يجمع في السفر، المسافر يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فهكذا المسلمون في القرى والأمصار إذا نزلت بهم الأمطار فصارت الأسواق فيها الدحض والزلق والسيول فإنهم يجمعون بين المغرب والعشاء جمع تقديم لئلا يشق عليهم الخروج للعشاء مع وجود المطر المتتابع، أو الزلق في الأسواق، والدحض والطين في الأسواق، والظهر والعصر في الجمع بينهما خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا حرج في الجمع بينهما عند وجود العذر الشرعي، جاز
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (379) .(13/123)
الجمع كما جمع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر وفي الخوف والمرض، يجوز الجمع ولا بأس، والنبي صلى الله عليه وسلم حث الأمة على ما فيه الرفق وما فيه الخير لها، وقال: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته (1) » قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر (2) » وفي رواية: «من غير خوف ولا سفر (3) » قيل لابن عباس: ما أراد؟ قال لئلا يحرج أمته؟ (4) يعني لئلا تقع أمته في الحرج، فإذا كان هناك مطر أو خوف أو مرض جاء الحرج فلا بأس أن يجمعوا، والحديث هذا قال جماعة من أهل العلم: إنه منسوخ. ولكن الصواب أنه غير منسوخ لكنه محمول على أنه جمع لعذر شرعي. لأنه غير الخوف وغير المطر وغير السفر كالدحض، فإن الدحض عذر شرعي أيضا. إذا كانت الأسواق فيها زلق وطين حول المسجد ويؤذي بعض الجماعة فإن هذا عذر. لو أن بعض الجماعة ما عليهم مشقة لكن بقية الجماعة عليهم مشقة من الطين ومناقع الماء هذا عذر شرعي، وإذا ترك الجمع بين الظهر والعصر خروجا من الخلاف، وصبروا على بعض
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، برقم (5832) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705) .(13/124)
المشقة فهذا حسن إن شاء الله، لكن الدليل يقتضي الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء عند الحاجة والمشقة.(13/125)
س: ما حكم جمع الصلوات جمع تقديم في المطر، وما الضابط في ذلك؟ مأجورين (1)
ج: إذا كان المطر يشق على الناس ويكون فيه زلق وطين - دحض - يجمع جمع تقديم المغرب والعشاء، وهكذا الظهر والعصر على الصحيح، لو كانت الطرقات فيها مضرة على المصلين من شدة المطر فإنه يجمع أيضا على الصحيح جمع تقديم؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (2) . وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجمع في الحضر من غير خوف ولا مطر ولا سفر، ثم ترك ذلك عليه الصلاة والسلام فصار الجمع إنما هو للعذر، وجمع الصحابة لعذر رضي الله عنهم وأرضاهم في الدحض والمطر.
__________
(1) السؤال الثاني والستون من الشريط رقم (418) .
(2) سورة الحج الآية 78(13/125)
س: أحد الإخوة المستمعين بعث رسالة يسأل فيها، فهو يقول فيها: عند هطول المطر وخاصة في المساء يؤذن لصلاة المغرب، وبعد تأدية الصلاة تقام صلاة العشاء جمعا، وذلك رأفة بالمصلين من أجل المطر، هل يجوز ذلك مع أن الوقت تغير عن الماضي وأصبح كل(13/125)
شيء مجهزا لدى البعض مثل المواصلات وما أشبه ذلك (1) ؟
ج: الجمع رخصة من الله، فإذا كان وقت المطر لا بأس بالجمع رخصة، يستحب الجمع من أجل الرحمة بالناس والتيسير عليهم، وعدم إلجائهم إلى التأذي بالخروج، ولو لم يجمعوا جاز للإنسان أن يصلي في بيته، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالصلاة في البيوت عند وجود المطر، قال: «صلوا في رحالكم (2) » فالحاصل أنه إذا صار في وقت مطر أو دحض في الأسواق أو زلق أو طين فإن السنة الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، ومن لم يجمع أو شق عليه الخروج فله الصلاة في بيته، وهو عذر لترك الجماعة.
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (299) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (632) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الصلاة في الرحال في المطر، برقم (697) .(13/126)
س: في إحدى المرات كنا عند بعض الجماعة فنزل المطر، وكان ذلك وقت صلاة المغرب، وبعد أن صلينا المغرب قال: أحدهم أقيموا صلاة العشاء. فجمعنا العشاء مع المغرب، ولم أكن أعرف شيئا عن ذلك، ولما سألته قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا نزل خير فاجمعوا. ولم أذكر بالضبط نص الحديث فهل صلاتنا صحيحة؟ وهل ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (171) .(13/126)
ج: الجمع في المطر وفي المرض مشروع، وهو من الرخص التي جاء بها الإسلام. وأما الحديث الذي ذكره لك الشخص: إذا نزل خير فاجمعوا. فهذا لا نعلم له أصلا. ولا يعرف في السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنه من عمل السلف الصالح الجمع في المطر، وهكذا دل الحديث على ذلك حيث قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إن النبي جمع صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء، والظهر والعصر في غير خوف ولا مطر ولا سفر (1) » فدل ذلك على أن الجمع للمطر أمر معلوم كما أن الجمع للسفر أمر معلوم، فإذا كان هناك مطر يشق على الناس أو دحض في الأسواق وزلق في الأسواق يشق على الناس شرع الجمع من باب التيسير على المسلمين والتسهيل عليهم. وقبول رخص الله سبحانه وتعالى، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته (2) » وهكذا المريض يجمع إذا وجدت المشقة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، برقم (5832) .(13/127)
س: الأخ: ق. يقول: في وقت المطر في الليل متى تجمع صلاة العشاء والمغرب علما أن السكن في حي به إزفلت وإنارة (1) ؟
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (169) .(13/127)
ج: تجمع الصلاة في وقت المطر إذا كان هناك مشقة على الجماعة في الطرقات، ولو فيه إزفلت إذا كان فيه مشقة، لأن المطر يمطر، والطرق فيها الماء يؤذي المشاة، فإنه لا بأس بالجمع، بل يشرع لهم الجمع لما فيه من التيسير على الجماعة وعدم إخراجهم في وقت العشاء في وقت الأذان من الدحض والمطر، فأما إذا كان ما هناك مشقة تصلى المغرب وحدها، ولا يجمع العشاء معها، المعول على المشقة، فإذا كان هناك مشقة فالله جل وعلا دفع المشقة بجواز الجمع، أما إن كان المحل لا مشقة فيه ولا شيء عليهم لأن المطر هادئ واقف، والماء ذهب في الطرقات، وليس فيها شيء للمصلين فلا وجه للجمع، لكن ما دام المطر يمطر وهم في الصلاة فلا حرج أن يضم العشاء إلى المغرب دفعا للمشقة عن المصلين في الحارة.
س: أخونا يذكر إنارة الشوارع وزفلتتها، لا أدري ما تعليقكم على هذا سماحة الشيخ؟
ج: النور والزفلتة لا يدفع المشقة إذا كان المطر موجودا، فإن الماء الذي يجري في الأسواق يشق على المصلين، والمطر الذي ينزل يشق على المصلين لخروجهم ورجوعهم.(13/128)
75 - حكم قول المؤذن في المطر: صلوا في رحالكم
س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم الصلاة عند المطر، هل يقول المؤذن: صلوا في رحالكم، وهل يجمعون (1) ؟
ج: إذا كان فيه مشقة وقال: صلوا في رحالكم. فلا بأس، وإن جمعوا فلا بأس في الظهر والعصر، والمغرب والعشاء إذا كان في المطر وفيه مشقة أو دحض في الأسواق، مشقة في الأسواق، كل هذا جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) السؤال الرابع والخمسون من الشريط رقم (431) .(13/129)
76 - حكم إعادة صلاة العشاء لمن جمعها مع صلاة المغرب جمع تقديم من أجل المطر
س: يقول هذا السائل: نحن نتعلم في المسجد في كل ليلة بين صلاة المغرب والعشاء، وأحيانا نجمع بين الصلاتين لأجل المطر، فإذا بقينا للدراسة بعد الجمع وقد أدركنا وقت صلاة العشاء هل نعيد الصلاة أم يكفينا ما صلينا مع الإمام (1) ؟
ج: لا تعاد الصلاة، يكفيكم ما صليتم مع الإمام، وإذا جلستم للمذاكرة والتعلم ودراسة القرآن والعلم كله طيب، والصلاة مضت والحمد لله، صليتم مع الناس، لا تعيدوا شيئا، صلاتكم مع الناس كافية، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الستون من الشريط رقم (430) .(13/129)
77 - حكم من صلى المغرب ثم انتقل إلى مسجد آخر ليجمع العشاء مع المغرب من أجل المطر
س: إذا كان فيه مطر كثير، وصليت في مسجد لم يجمع، ولما خرجت سمعت الإقامة لصلاة العشاء، هل يجوز أن أجمع معهم (1) ؟
ج: ينبغي ألا تجمع؛ لأنك فرقت بينهما تفريقا كثيرا بين المغرب والعشاء، صار الفصل طويلا، فينبغي أن تدع ذلك خروجا من خلاف العلماء، تصلي مع أصحابك العشاء إن شاء الله، ولا تصلي مع هؤلاء لأنك فرقت بينهما فرقا طويلا.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (382) .(13/130)
78 - بيان كيفية صلاة الخوف
س: أرجو أن توضحوا لي وتفيدوني عن صلاة الحرب الخاصة بالعسكريين المتواجدين في ساحة المعركة، هل أن العسكري يصلي دائما صلاة القصر، أو إذا استقر بعض الشيء عن ساحة المعركة يصلي صلاة الحضر مع بقية النوافل والسنن؟ وإذا كانت له الرغبة في ذلك فأيهما أفضل؟ وفقكم الله (1) ؟
ج: صلاة الحرب مختلفة، إن كان مسافرا ليس في بلده فإنه يصلي صلاة
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (22) .(13/130)
قصر، يصلي ثنتين، الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين كسائر المسافرين، والسنة لهم أن يصلوها كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم، يصلونها جماعة، والواجب أن يصلوها جماعة مع القدرة بإمام، فيصلي بهم ركعتين، وإذا كان العدو في القبلة يصلي بهم جميعا ويركع بهم جميعا، ثم يسجد بالصف الأول، ويبقى الصف الثاني يراقب لئلا يهجم العدو، فإذا قام الصف الأول من السجود سجد الصف الثاني كما فعله الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك يتقدم الصف الأول ويتأخر الصف الثاني، ويصلي بهم جميعا ويركع بهم جميعا، ثم يسجد بالصف الأول الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى، ويقف الصف الثاني الذي هو مقدم في الأولى، يقف ينتظر وينظر ويحرس، فإذا قام الصف الأول من سجوده سجد الصف الثاني، ثم سلم بهم جميعا. هذا نوع من صلاة الخوف، وهناك أنواع أخرى في صلاة الخوف ينبغي أن يراعيها الإمام الذي يصلي بهم. ومنها أنه يصلي بهم، يصلي بطائفة ركعة، ثم تصلي لنفسها الركعة الثانية، وتسلم وتذهب للحراسة، وتأتي الطائفة الأخرى فتصلي معه الركعة الثانية، فإذا فرغ من السجود قامت وقضت ما عليها من الركعة، ثم سلم بها. هذا نوع آخر فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك أنواع أخرى تعرف في كتب أهل الحديث، مثل بلوغ المرام، ومثل منتقى الأخبار، ومثل صحيح البخاري، ومثل صحيح مسلم، ومثل السنن الأربع موضحة فيها أنواع صلاة الخوف، ويجوز أن(13/131)
يصلي ركعة واحدة، هذا على قول المختار أيضا، ويجوز أن تصلي كل طائفة ركعة واحدة، أو يصلي بهم جميعا ركعة واحده فلا بأس، الحاصل أن صلاة الخوف أنواع معروفة، فينبغي للإمام أن يصلي بهم ما تيسر من الأنواع، التي يستطيعها، فإذا لم يستطيعوا صارت الحرب شديدة، والاختلاط بين العدو وخصمه، فإنهم يصلون رجالا وركبانا ولو بالإيماء، كل يصلي لنفسه مستقبل القبلة، وغير مستقبلها عند الضرورة كما قال الله جل وعلا: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} (1) . وأما إن كان الحرب في الحضر في بلد الإقامة فإنه يصلي أربعا كسائر المقيمين، ولا يصلي ثنتين، إنما هذا في السفر خاصة أما الذي يحارب في البلد فيصلي أربعا، ولا يصلي ثنتين، في السفر يصلي صلاة السفر ثنتين ثنتين، في الظهر والعصر والعشاء، لا يصلي أربعا، الأفضل أن يقصر الصلاة ثنتين ثنتين، هذا هو الأفضل في السفر، وهذا هو السنة، وفي السفر الأفضل ترك الرواتب، يصلي ثنتين فقط، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثنتين فقط، ولا معها الرواتب لا قبلها ولا بعدها في السفر، يعني إلا سنة الفجر، إذا استطاع صلاها في السفر، وهكذا الوتر إذا استطاع يوتر بركعة أو ثلاث ركعات أو أكثر من ذلك وترا في الليل بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا محل الوتر إذا صلى، إذا كان عنده فرصة في صلاة
__________
(1) سورة البقرة الآية 239(13/132)
الضحى، وإذا تهجد في الليل كله طيب، المعنى لا يتركه، يصلي التهجد بالليل إذا كان عنده فرصة، الضحى يصلى لا بأس ولو في السفر.
س: في الحرب إذا كان في المعركة وهو على دبابته أو ما شابه ذلك على أي حال يصلي (1) ؟
ج: يصلي على حاله بالإيماء إذا لم يقدر على غيره، وإن قدر أن يركع أو يسجد في محله الذي يصلي فيه فعل، وإلا صلى بالإيماء، وإن استقبل القبلة فالحمد لله، وإلا إلى أي جهة عند الضرورة.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (22) .(13/133)
باب صلاة الجمعة
79 - بيان أول جمعة في الإسلام
س: يسأل ويقول: أين أقيمت أول جمعة في الإسلام؟ ومن الذي خطب الخطبة فيها وصلى بالناس (1) ؟
ج: أول جمعة في المدينة، وصلى بهم أسعد بن زرارة رضي الله عنه، وكان ذلك قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جمع الناس وصلى بهم في الخاضمات - موضع معروف في المدينة - وأول جمعة في غير المدينة بجواثى - قرية في مجمع البحرين - وهذا هو المعروف في السير وكتب الحديث، ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وصار يقيمها في مسجده عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (200) .(13/134)
80 - حكم ترك الجمعة لعدم وجود جامع بجواره
س: يقول السائل: في قريتنا لا يوجد جامع، وفي إحدى القرى المجاورة لها جامع، وأهل قريتنا لا يذهبون ليصلوا صلاة الجمعة، ما حكمهم (1) ؟
ج: يجب عليهم أن يصلوا مع إخوانهم في الجامع الثاني، وإن كان بعيدا عليهم وجب عليهم أن يصلوا في محلهم، أما تركها فلا يجوز، هذا منكر عظيم، نعوذ بالله من ذلك، بل تقدم ما يدل على أنه ردة ترك الصلاة بغير عذر شرعي، يقول صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين (2) » وقال عليه الصلاة والسلام: «من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا بها طبع على قلبه (3) » فالحاصل أن الواجب على المسلم أن يصلي الجمعة، وأن يحافظ عليها إذا كان مقيما غير مسافر، وإذا كانت قريته ليس فيها جمعة لصغرها
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (234) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، برقم (865) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي جعد الضمري رضي الله تعالى عنه، برقم (15072) ، وأبو داود في كتاب الجمعة، باب التشديد في ترك الجمعة، برقم (1052) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر، برقم (500) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الجمعة من غير عذر، برقم (1125) .(13/136)
وبجانبها قرية فيها جمعة صلى مع إخوانه في القرية الثانية، وإن كان فيه مشقة أقام الجمعة في محله في القريتين، هذه فيها جمعة، وهذه فيها جمعة، لكن إذا كانتا متقاربتين جدا كالقرية الواحدة صلوا جمعيا في مسجد واحد إذا كان المسجد يسعهم وإلا صلوا في مسجدين كما لو تباعدت القرى يصلي كل واحد في مسجده، ولا يصح لأهل القرية أن يهملوها، إما أن يصلوا وحدهم إذا كانوا بعيدين، وإما أن يصلوا مع إخوانهم الذين تقام عندهم الجمعة، ولا يجوز التساهل في هذا التهاون، بل يجب البدار بالصلاة مع إخوانهم الذين يصلون الجمعة، أو يجمعون جمعة عندهم، يسألون المحكمة عندهم أو المفتي إذا كان في بلادهم مفت حتى يوجههم للحكم الشرعي، وحتى يبين لهم ما يجب عليهم، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، وإن كان السائل في السعودية فلا مانع أن يكتب لنا حتى ننظر في الموضوع، حتى إذا كانتا القريتان متقاربتين وأمكن صلاتهم جميعا الحمد لله، وإلا كل قرية تقيم جمعة لوحدها.(13/137)
81 - حكم التخلف عن الجمعة بسبب صعوبة ظروف العمل
س: الأخ يسأل ويقول: نحن نعمل بمنطقة جبلية، وليس بها مساجد، والمساجد القريبة منا يصعب الوصول إليها لظروف عملنا، ونحن جماعة قليلون، فكم عدد المصلين التي تصح بهم صلاة الجمعة (1) ؟
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (161) .(13/137)
ج: الواجب عليكم السعي للجمعة إذا كنتم تسمعون النداء وتستطيعون الإجابة على الأقدام أو بالسيارة؛ لأن الجمعة جامعة، تجمع أهل القرية، تجمع أهل المحل، فالواجب عليكم السعي إليها، والصلاة مع المسلمين في القرية التي أنتم فيها، وليس لكم الترخص، وأن تقيموا الجمعة وحدكم إلا إذا كانت المسافة بعيدة، فعليكم أن تستفتوا وتقدموا إلى دار الإفتاء إذا كنتم في المملكة، ودار الإفتاء تنظر الأمر وتكتب إلى المحكمة في طلبكم حتى تعرف الحقيقة، ثم تصدر الفتوى بذلك، لكن مهما أمكن المؤمن أن يسعى إلى الجمعة ويشارك إخوانه في الجمعة فهذا هو الخير العظيم، وله في خطواته أجر كبير، وحط السيئات، فينبغي لهم أن يشاركوا في الخير، وأن يحرصوا على الجمة ولو بعدت لكثرة الأجر، ولاجتماعهم بإخوانهم، وتكثير سوادهم، واطلاعهم على أحوالهم، وتعرفهم عليهم حتى يتعاون الجميع على البر والتقوى، ويتساعد الجميع على ما فيه الخير، فإذا كان هناك مشقة بينة فلا مانع من إرسال استفتاء إلى دار الإفتاء وهي تنظر في الأمر إن شاء الله.(13/138)
82 - حكم الذهاب إلى الجمعة مع بعد المسافة وصعوبة الطريق
س: نحن نسكن بقرية لا يوجد فيها مسجد، فهل يجب علينا الذهاب إلى مسجد في قرية تبعد عنها مسافة اثنين كيلو متر لصلاة الجمعة؟ وهل تجب على من يجد صعوبة في الوصول إلى المسجد الموجود في(13/138)
تلك القرية حيث إن الطريق جبل وعرة، فما حكم من يصليها ظهرا في منزله (1) ؟
ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان المسجد بعيدا لا يسمعون النداء كما ذكره السائل ويشق عليهم الذهاب إلى المسجد لم يلزمهم ذلك، وعليهم أن يصلوا ظهرا في محلهم إن لم يتيسر لهم إقامة الجمعة، فإن تيسر لهم إقامة الجمعة أقاموها في قريتهم ولا حاجة إلى ذهابهم إلى القرية الأخرى، إذا كانوا ثلاثة أو أكثر وجب عليهم في أصح أقوال أهل العلم أن يقيموا الجمعة، وليس من شرطها أربعون على الصحيح، هذا القول ضعيف، فإذا وجد في القرية ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو عشرة أقاموا الجمعة، وخطب بهم أحدهم وصلى بهم. وخطب بما تيسر مما فيه عظة وذكرى للحاضرين والحمد لله. يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويتشهد الشهادتين، ويعظ إخوانه ويذكرهم لما تيسر، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب الثانية ويذكر إخوانه مثل ما فعل في الأولى، ثم يصلي بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة كما هو معلوم، ولا يلزمهم الذهاب إلى المسجد البعيد، فإن الكيلوين فيهما بعد ومشقة ولا سيما إذا كانت الأرض فيها وعورة، فالمقصود أنهم يقيمون الجمعة في محلهم ويكفي، أما إذا تيسر لهم أن يذهبوا مع إخوانهم ويكثروا جمعهم ولا
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (72) .(13/139)
مشقة عليهم فذهابهم مع إخوانهم هناك وصلاتهم معهم أفضل، كلما كان هناك وكلما تجمع المسلمون كان خيرا لهم وأفضل، ولكن ما يلزمهم والحال ما ذكر، فلهم أن يقيموا جمعة في محلهم، وأن يصلوا في محلهم، والحمد لله.(13/140)
83 - حكم صلاة الجمعة خارج المدن والقرى
س: ما هو قولكم في صلاة الجمعة خارج القرية أو المدينة علما بأن الذين صلوا الجمعة خارج القرية أو المدينة كانوا قد خرجوا للنزهة أو ذهبوا إلى رحلة كما يقال، وقد جاؤوا بأدلة تثبت صلاة الجمعة خارج القرية، ونحن نعلم أن لصلاة الجمعة شروطا، فما هو قولكم (1) ؟
ج: الواجب أن تصلي الجمعة مع المسلمين في المدن والقرى، أما صلاتها خارج البلد في أسفار النزه فلا، يصلون ظهرا لا جمعة، وإنما تصلى الجمعة في المدن والقرى خاصة، هكذا جاءت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. ولم يأمر البوادي التي حول المدينة ولا المسافرين أن يصلوا جمعة، وقد وافقت حجته صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة في يوم عرفة ولم يصلها جمعة، صلى ظهرا عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (221) .(13/140)
84 - حكم صلاة الجمعة في مسجد لا يقام فيه غيرها من الصلوات
س: ما هو رأيكم في مسجد لا تقام فيه من الصلوات إلا صلاة الجمعة (1) ؟
ج: إذا كانت الحاجة ماسة لذلك فلا حرج في ذلك، أما إن كان هناك مساجد تغني عنه تقام فيها الجمعة فلا حاجة إلى إقامتها فيه، أما إذا كانت بعيدة وجيران المسجد يحتاجون إلى إقامة الجمعة فيه فلا حرج في ذلك، وهذا يراجع قاضي محكمة البلد حتى ينظر في الأمر؛ لأن هذا مقام يحتاج له عناية، لماذا لا يصلي فيه إلا جمعة؟ فعلى السائل أن يراجع المحكمة في البلد أو يكتب إلينا في الموضوع حتى نكتب للمحكمة بذلك.
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (337) .(13/141)
85 - حكم تكلف الذهاب للجمعة من مسافة بعيدة
س: نحن في قرية بعيدة عن القرية الكبيرة بما يقرب من عشرين كيلو مترا، وأهل القرية لا يؤدون صلاة الجمعة، ولا نملك وسيلة نقل إلى القرية المجاورة لنا حتى إننا لا نستطيع إحضار ماء الشرب إلا بالكلفة، نرجو أن تفتونا في موضوعنا؟ جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: عليكم أن تصلوا ظهرا. لأن المسافة طويلة، فلا يلزمكم الذهاب إلى
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (83) .(13/141)
هناك والتكلف، ولكن ينبغي لأهل القرية التي أنتم فيها أن يقيموا صلاة الجمعة في قريتهم، ولو كانوا أقل من أربعين فليس شرط أربعين شرطا معتبرا على الصحيح، فعليهم أن يقيموا صلاة الجمعة، وأن يطلبوا من الجهة الدينية ومن جهة المحكمة تعيين الإمام الذي يصلي بهم، وفي إمكانهم الاتصال بإدارة الأوقاف حتى تؤمن لهم الإمام، فالحاصل أن الواجب على أهل القرية أن يصلوا جمعة ولو كانوا عشرة، ولو كانوا عشرين، حتى ولو كانوا ثلاثة على الأقل، أقل عدد تجب عليه الجمعة ثلاثة في أصح أقوال أهل العلم، فإذا كانوا في قرية مستوطنين وجبت عليهم الجمعة، ولا يجوز لهم أن يصلوا ظهرا والإمام بالإمكان تحصيله بواسطة الأوقاف الجهة المسؤولة، أو بواسطة المحكمة، أو بواسطة الأخيار الطيبين الذي يعرفون حالهم، فيمكن أن يتوجه إليهم بعض طلبة العلم حتى يصلي بهم، فالمقصود أن هذا واجب عليهم ليس لهم التساهل فيه، وأنت أيها السائل من جملتهم، إذا أقاموا الجمعة صليت معهم.(13/142)
86 - حكم ترك المسجد القريب إلى مسجد آخر يوم الجمعة
س: سماحة الشيخ، نفيدكم بأننا نذهب أنا وبعض الأشخاص يوم الجمعة لأداء صلاة الجمعة في مسجد جامع في قرى مجاورة بالرغم من وجود مسجد جامع لدينا وبه خطيب، فهل يجب أن يصلي الشخص في الجامع الموجود في قريته أم أنه يصلي الجمعة(13/142)
في أي جامع آخر؟ والسلام عليكم (1)
ج: لا حرج على المسلم أن يصلي في أي جامع لا سيما إذا كان الجامع الذي يقصده خطبة صاحبه أحسن وأنفع، أو صلاته أركد، أو جماعته أكثر، لا بأس إذا ترك المسجد الذي حوله لمصلحة شرعية، وإن صلاها في مسجد قربه فلا بأس - الحمد لله - لكن إذا ترك المسجد الأقرب لمصلحة شرعية من أجل كثرة الخطا أو من أجل أن خطيب ذاك المسجد أكثر فائدة أو صلاته أكمل أو لأسباب أخرى فلا بأس.
أما إذا ترك المسجد القريب على وجه يشق على أهله تركه لهم أو يوجب أنهم يتهمونه بأنه غير راض عن الإمام، أو يتهم الإمام، ينبغي أن يدفع عن نفسه الشيء الذي يخشى منه، ينبغي أن يصلي مع هذا تارة ومع هذا تارة حتى لا تكون هناك شكوك وأوهام، إذا كان إمام المسجد الذي حوله طيب ولا شبهة فيه يصلي معهم بعض الأحيان حتى لا يظنوا به أنه ظن به السوء، أو أنه لا يصلح، المقصود إذا كانت صلاته في المسجد البعيد لا يترتب عليها شيء من المضار فلا بأس ولا سيما إذا كان تجاوز هذا المسجد قد يسبب ظنا بإمامه، وأنه ليس أهلا للإمامة فينبغي أن يصلي فيه بعض الأحيان حتى تزول هذه الشكوك.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (378) .(13/143)
87 - حكم الجمعة لمن ابتعد عن المدن والقرى
س: الأخ: س. ع. مصري، يقول: نحن اثنان نعمل في مزرعة، وتبعد كثيرا عن المدينة، وليست لدينا سيارة، ولذلك فقد تأخرنا عن صلاة الجمعة لمدة أربعة أشهر، ما حكم ما فعلنا؟ (1)
ج: ليس عليكم جمعة ما دمتم بعيدين عن المدن، ليس عليكم إلا الظهر، لأنكم في حكم المسافرين، أو في حكم غير المقيمين، فالحاصل أن الإنسان الذي يقيم في مزرعة بعيدة وليس مستوطنا فيها ليس عليه جمعة، لأنه عامل ليس بمستوطن، أما إذا أقام أهلها فيها مستوطنين فإنهم يقيمون الجمعة فيها، يصلون صلاة الجمعة فيها، أما العمال الذي يقيمون فيها للعمل ثم ينتقلون عنها فهؤلاء ليس عليهم جمعة، وإنما عليهم الظهر.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (187) .(13/144)
88 - حكم صلاة المنفرد لوحده ظهرا يوم الجمعة لبعد الجامع عنه مسافة طويلة
س: أنا أعمل في مزرعة، والمسافة بين المزرعة والمسجد ثمانية كيلو مترات، وعندما أذهب إلى صلاة الجمعة أذهب ماشيا على الأقدام وأرجع ماشيا، ولكن المشوار يؤثر علي في العمل، ولم أكمل في هذا اليوم عملي، لأني أحس بالتعب والإرهاق، هل علي ذنب في(13/144)
هذا العمل أم أصلي في المزرعة خوفا من الله؛ لأني قصرت في عملي في هذا اليوم؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت فلا يلزمك الذهاب إلى المسجد الذي يبعد عن المزرعة هذه المسافة ثمانية كيلو، ولك أن تصلي في المزرعة ظهرا، وهكذا بقية الأوقات إذا كان ما حولك مسجد، وإذا كان جماعة صل مع الجماعة، ولا تصل وحدك، ولا تلزمك الصلاة في المسجد البعيد الذي ذكرت؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » وهذه المسافة لا يسمع معها النداء، أما سماعة بالمكبر فلا يترتب عليه الحكم، المقصود سماعه بالسمع المعتاد والصوت المعتاد والأذان المعتاد، أما المكبرات فقد تسمعها من بعيد فلا يتعلق الحكم بها.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (290) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(13/145)
89 - حكم تخلف العامل عن صلاة الجمعة والجماعة وهو يسمع النداء
س: مستمع رمز لاسمه بحروف: أ. ل. من جمهورية مصر العربية، يقول: أعمل في داخل المملكة في مزرعة، وأصلي كل أوقاتي في المزرعة، ولكن لا أصلي صلاة الجمعة في المسجد؛ لأني حينئذ(13/145)
في العمل، وصاحب المزرعة لا يسمح لي بالخروج من المزرعة، والمسجد يبعد عني قرابة كيلو ونصف، فما هو توجيهكم (1) ؟
ج: أما الجمعة فعليك أن تصلي صلاة الجمعة، ولا يجوز لصاحبك أن يمنعك من الجمعة إلا إذا كان هناك خطر على المال الذي أنت حارس له، فالحراسة عذر، أما إذا أمكن أن تصلي والعمل ليس هناك خطر على من تحت يديك فإنك يلزم أن تصلي جمعة، لأن المسافة المذكورة لا تمنع سماع النداء، وهكذا الصلوات الخمس، عليك أن تصلي مع الجماعة إلا إذا كنت حارسا على أموال تخاف عليها لو ذهبت، فأنت في حكم الحارس المعذور.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (348) .(13/146)
90 - حكم إقامة الجمعة في المزارع
س: يسأل السائل ويقول: نحن مجموعة عمال عددنا خمسة عشر عاملا، نعمل في الحراسة في المزارع أو الاستراحات، وليس حولنا جوامع تقيم الجمعة إلا بعيدا، ويوم الجمعة نعاني كثيرا حيث إن الجامع يبعد عنا مسافات طويلة يصعب علينا الذهاب إليه، فهل نقيم الجمعة في محلنا وعددنا كما ذكرت خمسة عشر؟ ويؤمنا ويخطب فينا أحد الإخوة ممن عندهم علم شرعي؟ (1)
__________
(1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (419) .(13/146)
ج: ليس لكم إقامة الجمعة بل تصلون ظهرا، وإن تيسر لكم الصلاة في الجوامع الموجودة فالحمد لله، وإلا صلوا ظهرا إذا كنتم إنما أقمتم للحراسة، لستم مستوطنين في محل سكن استيطان إنما إقامتكم مؤقتة للحراسة، فليس عليكم جمعة، عليكم أن تصلوا ظهرا إلا إذا تيسر لكم الذهاب إلى الجوامع، تصلون فيها ولو بعدت، صليتم معهم الجمعة، وإذا صبرتم وصليتم في الجوامع هذا خير لكم عظيم، نسأل الله لنا ولكم العون والتوفيق.(13/147)
س: نحن عشرة، ونعمل في مزرعة، ونبعد عن أقرب مسجد لنا حوالي أربعة كيلو مترات، فقام فرد فينا نحن العشرة وحضر خطبة الجمعة، وخطب فينا في نفس مكان العمل، هل ما فعلنا صحيح؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كنتم ساكنين في محل فلا بأس أن تقيموا صلاة الجمعة، لأنكم بعيدون عن الجوامع، أما إذا كنتم إنما تأتون للمزرعة لبعض الإصلاحات فليس لكم أن تصلوا الجمعة فيها، بل عليكم أن تسعوا إلى الجمع، فإن لم تسعوا صلوها ظهرا في محلكم، لأنكم بعيدون، وليس عليكم جمعة، وإن سعيتم وصليتم مع الناس فذلك أفضل لكم. وإن كنتم بعيدين فالسيارات - والحمد لله - توصلكم، المقصود أن المحل هذا إذا
__________
(1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (301) .(13/147)
كان فيه مستوطنون مقيمون شتاء وصيفا فإنه تقام بينهم الجمعة، وأنتم معهم تصلون الجمعة، أم إذا كان لا يقيم فيه أحد إنما فيه عمال غير مستوطنين، وأنتم تزورون المحل زيارة فقط فليس لكم أن تصلوا جمعة في المحل هذا، ولكن تصلون مع الناس الجمعة، وإن صادف يوم الجمعة وأنتم هناك وصليتم ظهرا فلا بأس للبعد.(13/148)
س: نعمل في مزرعة تبعد عن المدن بحوالي خمسة كيلو مترات، وعدد الرجال خمسة عشر رجلا، فهل يصلح لنا صلاة الجمعة أم لا؟ أنا أجيد الخطبة والحمد لله، وأجد معي من القرآن جزء عم وبعض الأحاديث الدينية وبعض الدعاء، نرجو إفادتنا هل نقيم جمعة أم لا (1) ؟
ج: إذا كانت المزرعة يستوطنها أهلها، ويقيمون فيها صيفا وشتاء، وهم ثلاثة فأكثر وجب عليهم أن يقيموا الجمعة، ومن حضر صلى معهم، أما إذا كانت عارضة يقيمون فيها أياما أو مدة للزراعة، ثم يذهبون للبلد، وليست محل استيطان وليست محل إقامة فهذه لا تقام فيها الجمعة، لأنها ليست وطنا وليست محل استيطان، وهم بعيدون عن مسجد تقام فيه الجمعة وهم بعيدون عن الجمعة لبعدهم، فيصلون ظهرا، أما إذا كانوا مستوطنين يقيمون فيها شتاء وصيفا قد عمروا فيها مساكن واستقروا فيها
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (33) .(13/148)
فيصلون الجمعة إذا كانوا ثلاثة فأكثر.(13/149)
91 - حكم صلاة حارس بوابة المزرعة للجمعة داخل غرفته
س: السائل: ع. ف. ر. مصري الجنسية، يقول: أعمل في مزرعة بمدينة الرياض حارسا على بوابة، وقد طلب مني ألا أترك البوابة يوم الجمعة ما دام صاحب المزرعة موجودا، وأنا أصلي صلاة الجمعة داخل غرفتي المجاورة للبوابة مع العلم بأن المزرعة بها مسجد، ولكن سيغضب هذا الشخص صاحب هذه المزرعة عندما أذهب إلى المسجد البعيد، فهل يجوز لي أن أصلي داخل الغرفة (1) ؟
ج: عليك أن تصلي ظهرا، لك عذر شرعي؛ لأن الحارس معذور، فيصلي ظهرا ولا يصلي جمعة، يصلي الظهر أربعا، ولا يصلي جمعة.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (379) .(13/149)
92 - بيان الحكم فيمن ترك الجمعة لبعده عن الجوامع بسبب الرعي
س: أنا راعي غنم، ولي سنة ونصف لم أصل الجمعة مع الجماعة لأنني في الصحراء وراعي غنم، وليس عندي ما يوصلني، ومقيم في رعاية الغنم، نرجو الإفادة (1)
ج: ليس عليك جمعة، إذا كنت بعيدا عن البلد لا تسمع النداء في غنمك
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (256) .(13/149)
في الصحراء فليس عليك جمعة، تصلي ظهرا، والحمد لله.(13/150)
93 - حكم صلاة الرعاة للجمعة
س: إذا كنت راعيا للغنم، فهل تسقط عني صلاة الجمعة (1) ؟
ج: إذا كنت بعيدا عن البلد لا تسمع الأذان بعيدا فإنك تصلي ظهرا، أما إذا كنت تسمع النداء قريبا من البلد فعليك أن تصلي الجمعة.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (316) .(13/150)
س: يقول السائل: أنا إنسان مشغول بالإبل والأغنام، وأكثر الأوقات لا أصلي الجمعة، فهل علي إثم مع العلم أن المسجد يبعد عني قرابة خمسة عشر كيلو مترا (1) ؟
ج: هذا بعيد، أنت معذور، هذا بعيد، لكن إذا كنت قريبا تسمع النداء عند هدوء الأصوات وعند هدوء الرياح، تسمع النداء يلزمك، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » أما البعيد مثل خمسة عشر كيلو أو عشرة كيلو أو أشبه ذلك هذا بعيد، صل مع من معك.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (362) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(13/150)
94 - حكم تخلف الراعي عن صلاة الجمعة وهو يسمع النداء
س: رسالة بعث بها أحد الإخوة يقول: أنا شاب عمري خمسة وعشرون عاما، أعمل راعيا للغنم، وبعيدا عن المدينة؛ ولذلك فإني لا أصلي صلاة الجمعة، فماذا يترتب علي؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كنت بعيدا لا تسمع الأذان لبعدك فإنه لا يلزمك الجمعة، وعليك صلاة الظهر فقط، أما إذا كنت قريبا تسمع النداء الأذان المعتاد فيلزمك إذا كان عند الغنم من يحفظها، أما إذا كنت تخشى عليها فلا يلزمك، وأنت معذور.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (443) .(13/151)
س: يقول هذا السائل: أنا أعمل راعيا في البر، ولم أصل الجمعة حتى أعود إلى بلدي وذلك لمدة سنتين، ولا يوجد مسجد عندنا فما الحكم في ذلك؟
ج: إذا كان بعيد عن المساجد ولا يسمع النداء ما عليه من جمعة، إذا كان بعيدا في البر مع الإبل أو مع البقر أو مع الغنم راعيا ليس عليه جمعة، يصليها ظهرا، أما إذا كان في البلد يصلي مع الناس جمعة.(13/151)
95 - حكم تخلف الابن عن صلاة الجمعة لانشغاله بالرعاية لوالديه الكبيرين
س: الأخ: أ. ع. ع. من اليمن يقول: أنا شاب أدرس في الثانوية، ولدي(13/151)
أب وأم، ويوجد لديهم غنم، يوم العطلة وهو يوم الجمعة أذهب لرعي الغنم، وذلك خارج إرادتي، فهل أرفض أمر أبي أمي وأذهب إلى صلاة الجمعة أم أبقى مع الغنم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان والداك في حاجة إليك، والغنم في حاجة إليك، لا يوجد من يرعاها فلا مانع من مساعدة والدك وبره، وأن تذهب للرعي، ويكون عذرا لك في صلاة الجمعة، تصلي ظهرا إذا لم يكن هناك أحد يكفيك الرعي حتى تصلي الجمعة إذا كنت قريبا من مساجد الجمعة، أما إن كنت بعيدا، الغنم بعيدة عن مساجد الجمعة ما تسمع النداء، بعيدة، فليس عليك إلا الظهر، هذا من بر والديك، أما إن تيسر من يكفيك رعيها في وقت الصلاة وأنت قريب من الجوامع تسمع الأذان وتصلي الجمعة وترجع إليها، إذا وجدت من يكفيك من نساء ثقات، أو إنسان آخر يقوم بمقامك ليس عليه الجمعة كالمريض ونحوه فلا بأس بذلك أو صبي صغير ليس عليه جمعة تثق به في رعايتها فلا بأس، يلزمك أن تصلي الجمعة إذا كنت قريبا تسمع النداء، أما إذا كنت بعيدا فلا جمعة عليك، تصلي ظهرا والحمد لله، وتبر والديك وتساعدهما.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (193) .(13/152)
96 - حكم طاعة العامل لصاحب العمل في التخلف عن الجمعة
س: السائل: أ. أ. م. من جمهورية مصر العربية، يقول السائل: منعني(13/152)
صاحب العمل من أداء صلاة الجمعة لكي أعمل وأواظب على الساعات الثمان، فماذا علي أن أفعل في ترك صلاة الجمعة (1) ؟
ج: إن كنت حارسا وقت صلاة الجمعة فالحارس معفو عنه، أما أن تدع الجمعة لقول صاحبك فلا يجوز طاعته في المعصية، إنما الطاعة في المعروف، فالعمال يصلون الجمعة مع الناس، ثم يرجعون للعمل كما يصلون الأوقات الأخرى الخمس، على العامل والموظف أن يصلي الصلاة مع الجماعة في وقتها، ثم يرجع إلى عمله، إلا إذا كان حارسا على شيء، إذا خرجوا يحرس لئلا يؤخذ أو لئلا يفسد ما أمر بحراسته، فهذا الحارس له عذر، الحارس يصلي في مكانه لأنه معذور، أما إنسان ليس بحارس فعليه أن يصلي مع الناس في الجماعة، العامل وغير العامل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل (3) »
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (273) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها، برقم (1840) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم (3879) .(13/153)
س: يقول السائل: أنا شاب في مكان عملي، وأثناء دوامي لا يسمح لي بالخروج من مكان العمل، وذهبت إلى صلاة الجمعة هل تصح (1) ؟
ج: الأقرب - والله أعلم - أنه تصح صلاة الجمعة، لكن لا يجوز لك حتى تخبرهم بأنك لا تستطيع أن تترك الجمعة، فإما أن يسمحوا لك وإما أن يضعوا بدلك، لا تفرط في عملك إلا بإذنهم، لأن الحراسة أمرها عظيم، والخطر في تركها كبير في بعض الأحيان، فالواجب عليك أن تستأذن أو تعتذر، تقول: لا أوافق على هذا الأمر. فإن أذنوا لك صليت الجمعة وإلا فالزم الحراسة وصل في مكانك ظهرا.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (244) .(13/154)
س: الأخ: ص. أ. ع. من اليمن، يسأل ويقول: أعمل في محطة بنزين تبعد عن المسجد ما يقرب من اثنين كيلو متر، ومنذ أن بدأت أعمل في هذه المحطة لم أصل صلاة الجمعة بل أبقى في المحطة خوفا عليها من الحريق أو من أي شيء آخر، ما رأيكم؟ هل أكون آثما في هذا العمل (1) ؟
ج: هذا فيه تفصيل، إن كنت حارسا عليها مأمورا بالحراسة لا يسمح لك فالمحاسب معذور كالحارس عند أبواب المكاتب وأبواب العمارات، والحارس في مواضع أخرى في مواضع يخشى عليها، الحارس معذور،
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (241) .(13/154)
أما إن كان من اجتهادك فلا يجوز لك، بل تغلق الباب وتحفظ الأشياء التي يجب حفظها، وتذهب إلى الجمعة وإلى صلاة الجماعة، وهذا هو الواجب عليك إذا كان ليس هناك خطر، أما إذا كان هناك خطر وأن الحراسة لا بد منها فلا حرج عليك كما تقدم.(13/155)
97 - حكم رفع اليدين عند التأمين على دعاء الخطيب يوم الجمعة
س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ، ما هو المشروع أثناء دعاء الخطيب في صلاة الجمعة، هل نؤمن على دعاء الإمام رافعين اليدين أم نؤمن على دعائه دون رفع اليدين (1) ؟
ج: لا يرفع يديه ولا ترفعون أيديكم، التأمين بينك وبين نفسك، وهو يدعو ولا حاجة لرفع اليدين إلا في الاستسقاء، إذا كان يستغيث يرفع يديه، ويرفعون أيديهم. أما الدعاء العادي في الخطبة فلا يرفع يديه، لا يرفع هو ولا يرفع المأموم، لأن النبي ما كان يرفع في الخطبة خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (430) .(13/155)
98 - حكم إصلاح مكبرات الصوت إذا تعطلت أثناء خطبة الجمعة
س: يقول السائل: إذا تعطلت المايكروفونات يوم الجمعة والإمام(13/155)
يخطب، فهل القيام بتصليحها يعتبر جائزا أم لا (1) ؟
ج: هذا طيب ومناسب لا يضر إن شاء الله، تصليحها لا يضر لأنه في مصلحة المسلمين.
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون الشريط رقم (432) .(13/156)
99 - حكم الاقتداء بالمذياع في صلاة الجمعة
س: هل يجوز أن أقتدي بما أسمع في المذياع عند نقل صلاة الجمعة (1) ؟
ج: يلزمك أن تصلي مع الناس، تذهب إلى المساجد وتصلي مع الناس، ولا تكتفي بسماع المذياع بل عليك أن تسعى إلى المساجد وتصلي مع الناس، ولا تصح صلاتك بالمذياع صلاة الجمعة، ولا يحصل لك فضل الجماعة بل تعتبر صليت وحدك ولم تؤد الجماعة، ثم أيضا تكون مفردا ولا تجوز صلاة المنفرد خلف الصفوف، فالواجب عليك أن تسعى حتى تصلي مع الناس، وحتى تدخل في الصفوف، لا تكن لوحدك.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (22) .(13/156)
100 - مسألة في اقتداء البعيد عن المسجد بالمذياع في صلاة الجمعة
س: إنني أقطن بمنطقة نائية تبعد كثيرا عن المسجد، وذلكم يمنعني من صلاة الجمعة، فهل لي أن أصلي صلاة الجمعة في بيتي أثناء نقلها(13/156)
مباشرة وسماعها من الراديو (1) ؟
ج: إذا استطعت أن تحضر فعليك أن تحضر، إذا كنت تسمع النداء عند هدوء الأصوات فعليك أن تحضر، أو كنت في طرف البلد عليك أن تحضر مطلقا، ولو بعدت المسافة عليك أن تحضر الجمعة، أما إذا كنت بعيد خارج البلد لا تسمع النداء ويشق عليك الحضور فلا حرج عليك، تصلي ظهرا لا تصلي جمعة، عليك أن تصلي ظهرا أربع ركعات؛ لأن الجمعة تجب الصلاة في جماعة، أما الإنسان في بيته فيصلي ظهرا لمرضه أو بعده. وهكذا النساء يصلين ظهرا أربع ركعات، لا يصلين جمعة، المرأة تصلي في بيتها أربع ركعات في كل مكان، وهكذا الرجل المريض الذي ما يحضر الجمعة يصلي ظهرا أربع ركعات. وهكذا البعيد عن المساجد الذي لا يستطيع الحضور لبعده عن المساجد ولا يسمع صوت المؤذن هذا يصلي ظهرا أربع ركعات، لكن إذا تيسر لك ولو بالسيارة تحضر الخير لتشهد الجمعة هذا خير عظيم. أما إذا بعدت المسافة عنك ولو بالسيارة فلا يلزم إذا كنت بعيدا لا تسمع النداء عند هدوء الأصوات، فعدم سماعه بدون مكبر فلا يوجب الحضور إذا كنت بعيدا، لكن إذا تجشمت المشقة وصبرت وجئت هذا خير لك عظيم. سواء على رجليك أو بالسيارة أو بالدراجة، أنت على خير عظيم، لكن
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (349) .(13/157)
لا يلزمك إذا كنت بعيدا، إنما يلزمك إذا كنت قريبا تسمع الصوت والنداء عند هدوء الأصوات، تسمعه إذا كانت الأصوات هادئة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1) » وفي الحديث الآخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله رجل أعمى قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، هل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (2) »
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(13/158)
101 - حكم انعقاد صلاة الجمعة بثلاثة أشخاص
س: هل تجوز الصلاة صلاة الجمعة لثلاثة أشخاص إذا كانوا في الصحراء أو متابعة ذلك على الراديو، وماذا يصلونها؟ مأجورين (1)
ج: يصلون ظهرا ما داموا في الصحراء، وليس عليكم جمعة، أنتم في حكم المسافرين، إن كنتم مسافرين أو في حكم المسافرين كالبادية ليس عليكم جمعة، ولو كنتم غير مسافرين؛ لأن البادية ليس عليهم جمعة، يصلون ظهرا، والمسافر ليس عليه جمعة يصلي ظهرا.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (372) .(13/158)
102 - حكم من يتجشم حضور الجمعة من مسافة بعيدة
س: هل يجب علينا أن نؤدي صلاة الجمعة ونحن نبعد عن المسجد خمسة وثلاثين كيلو ومعنا سيارة (1) ؟
ج: هذا مكان بعيد لا يلزمكم فيه، لكن إن تحملتم المشقة وذهبتم إلى الجمعة فأنتم مأجورون، وإلا هذا محل بعيد لا يسمع فيه النداء ولو كان بالمكبر، قد لا يسمعونه حتى بالمكبر، لكن العبرة بالصوت المعتاد لا بالمكبر، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » فإذا كان يسمع النداء في المكان بالأذان المعتاد بالصوت من دون المكبرات عند هدوء الأصوات وعدم الموانع يلزمه الذهاب إلى المسجد، أما إذا كان بعيدا لا يسمع النداء لو لم يكن هناك مكبرات فإنه لا يلزمه الحضور للبعد، لكن لو حضر وتجشم المشقة على دابة أو على السيارة كان أفضل.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (231) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(13/159)
103 - حكم من ترك الجمعة لوجود قبر في الجامع
س: لقد انتقلت من القرية من أجل العمل في مكان صحراوي لمدة أشهر، وكان قرب هذا المكان يوجد قرية وبها مسجد وفيه قبر،(13/159)
وفي بداية الأمر كنت أذهب لصلاة الجمعة إلى هذه القرية لأنها الوحيدة القريبة منا، ولكن عندما اتضح لي بأن المسجد به قبر تركت الصلاة، وطول مدة عملي في هذا المكان وأنا لا أصلي الجمعة علما بأن جميع الفروض أصليها كاملة، فهل علي ذنب لتركي الصلاة طول هذه المدة؟ وأعني صلاة الجمعة (1) ؟
ج: ليس عليك بأس لأن المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، وعليك أن تعيد ما صليت في المسجد هذا الذي فيه القبر، عليك أن تعيد صلواتك، تعيدها ظهرا، وتصلي في محلك، وإذا تيسر بقربك جيران يصلون معك تصلون جماعة، فاحرص أن تجتمع مع جيرانك وأن تصلوا جماعة في بيت أحدكم، أو في مسجد تقيمونه سليم من القبور، وعليكم أن تنصحوا أصحاب المسجد، تجتمع أنت وأصحابك الطيبون بالمسؤولين عن المسجد حتى يزال القبر من المسجد، وحتى ينقل إلى القبور، ينبش وينقل إلى القبور، وحتى يبقى المسجد سليما من القبور، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون الشريط رقم (220) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (529) .(13/160)
قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1) » فنهاهم عن اتخاذها مساجد، ورأى عمر أنسا أراد أن يصلي حول قبر، فقال له عمر رضي الله عنه: القبر القبر نبهه على أن هنا قبرا حتى لا يصلي حوله. المقصود أن الصلاة في المساجد التي فيها القبور، والصلاة بين القبور أو في المقبرة كلها باطلة، الواجب على المسلمين أن يحذروا ذلك، وأن تكون المساجد سليمة من القبور، الواجب على العلماء أن ينبهوا الناس، الواجب على العلماء في كل مكان وفي كل دولة أن ينبهوا الناس على ذلك حتى تسلم المساجد من وجود القبور، وكل مسجد فيه قبر يجب نبش القبر وإبعاده عن المسجد إلا إذا كان المسجد بني عليه والقبور سابقة، فإنه يهدم وتبقى القبور على حالها، هذا هو الواجب على الأمراء والعلماء أن يعنوا بهذا الأمر، وألا يتساهلوا فيه؛ لأن هذا من الشعائر الظاهرة التي يجب العناية بها. نسأل الله للجميع الهداية.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (532) .(13/161)
104 - حكم ترك الجمعة لفترة طويلة بسبب العمل
س: ما حكم الذي يترك الجمعة ثلاث مرات أو فترة كبيرة ولم يذهب علما بأني أشتغل حارسا في محل بعيد خارج عن المدينة، ولم يسمح لي صاحب العمل للذهاب من هذا المكان (1) ؟
ج: الصلوات الخمس فرض على المسلمين، وهي عمود الإسلام كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت (2) » وصلاة الجمعة إحدى الخمس في يوم الجمعة، وهي فرض عظيم، وهي فرض الوقت، وقد جاء فيها نصوص خاصة، فتركها أعظم من ترك سواها من الصلوات، فالواجب على من تركها المبادرة بالتوبة إلى الله، والرجوع إليه سبحانه وتعالى، والندم على ما مضى، والعزم ألا يعود، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات - يعني عن تركهم الجمعات - أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (15) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم (8) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم (16) .(13/162)
الغافلين (1) » وهذا وعيد عظيم لمن ترك الجمعة؛ لأنه من أسباب ختم القلب والطبع عليه، وأن يكون صاحبه من الغافلين، نعوذ بالله. وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من ترك صلاة الجمعة ثلاث مرات بغير عذر طبع على قلبه (2) » فالحاصل أن ترك الجمعة من أعظم أسباب الطبع على القلب والختم عليه. فيجب على المؤمن أن يبادر بالتوبة إذا ترك ذلك، والندم والإقلاع، والجمهور على أنه يقضي بدلها ظهرا، ولكن ذهب بعض أهل العلم إلى أن تركها كفر وردة عن الإسلام. وهكذا بقية الصلوات من تركها حتى خرج الوقت - والعياذ بالله - كفر بذلك؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » فالأمر عظيم وخطير. فالواجب عليه البدار بالتوبة، والحذر من العودة إلى مثل ذلك والاستكثار من العمل الصالح لعل الله يتوب عليه سبحانه وتعالى، قال عز وجل: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (4)
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، برقم (865) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي جعد الضمري رضي الله تعالى عنه، برقم (15072) ، وأبو داود في كتاب الجمعة، باب التشديد في ترك الجمعة، برقم (1052) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر، برقم (500) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الجمعة من غير عذر، برقم (1125) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2621) .
(4) سورة طه الآية 82(13/163)
وإذا قضى كما قال الجمهور قضاها ظهرا فلا بأس. ولكن لا يلزمه على الصحيح إذا كان كافرا أن يقضي، وإنما الواجب عليه التوبة، ومن ترك الصلاة عمدا كفر، فالواجب على من ترك ذلك أن يبادر بالتوبة، ولا يلزمه القضاء في أصح قولي العلماء.(13/164)
105 - حكم من تخلف عن ثلاث جمع لبعد الجامع
س: إني تخلفت عن الجمعة أكثر من ثلاث جمع، وذلك لبعد الجامع عن قريتنا فأنا سوف أذهب إلى القرية الفلانية وآتي بصلاة الجمعة (1)
ج: إذا صلى في إحدى القرى التي في الطريق أو حولهم فهذا طيب، إذا كان حولهم قرية يجب عليهم أن يصلوا فيها إذا كانت قريبه منهم، الأولى بكل حال أن يصلوا فيها. وهل يجوز؟ فيه نظر، لكن الأولى بكل حال أن يصلوا في القرية التي بقربهم. ويجوز للمسافر أن يؤخر الجمعة إلى صلاة العصر ويصليها ظهرا قصرا وجمعا مع العصر أو العكس، لأنه ما عليه جمعة، فإذا أخر صلاة الظهر مع العصر لا بأس؛ لأنه ليس عليه الجمعة في سفره ولو كان في يوم الجمعة، إن شاء جمع جمع تقديم، وإن شاء جمع جمع تأخير، لكن الأفضل للمسافر إذا ارتحل من مكانه في السفر
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (11) .(13/164)
قبل الظهر أنه يؤخر الظهر مع العصر جمع تأخير، إذا ارتحل بعد دخول الوقت الأول - يعني بعد دخول وقت الظهر - الأفضل أن يقدم العصر مع الظهر ويصليهما جمع تقديم كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، أما إذا كان نازلا مستريحا من الضحى مثلا ويبقى حتى تغيب الشمس أو يبيت في المحل - يعني ليس عنده العجلة - فهذا مخير، إن شاء صلى كل صلاة في وقتها، وهو أفضل إذا كان ما فيه مشقة، كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، هذا هو الأفضل، وإن جمع فلا بأس، إن جمع جمع تقديم أو جمع تأخير أو في وسط الوقت فلا باس؛ لأن المجموعتين وقتهما واحد.(13/165)
106 - حكم طاعة صاحب العمل في التخلف عن الجمعة
س: ما حكم من ترك صلاة الجمعة مرة أو مرتين متواصلة بالرغم أنه غير راض، ولكن ذلك مغصوب بموافقة الكفيل بحجة العمل رغم أن الكفيل موجود بالمزرعة ومعه سيارة (1) ؟
ج: ترك الجمعة لا يجوز، وصاحبها على خطر إذا تعمد تركها عند جمع من أهل العلم يراه كافرا إذا تعمد تركها، فالواجب الحذر، في الحديث الصحيح، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام عن ودعهم
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (355) .(13/165)
الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين (1) » هذا من ترك ثلاث جمع من غير عذر طبع الله على قلبه، الحاصل يجب عليه الحذر، وأن يتوب إلى الله إذا تركها، وأن يقضيها ظهرا، ولا يجوز طاعة أحد لا رئيس العمل ولا غيره، يجب تقديم طاعة الله ورسوله إذا كان قريبا من المسجد حيث يسمع النداء، أما إذا كان في محل بعيد في الصحراء بعيد عن البلد يصلي ظهرا. ما دام قريبا من البلد يسمع النداء، يجب أن يصلي مع الناس الجمعة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، برقم (865) .(13/166)
107 - حكم من بلغ سن التكليف ولم يصل الجمعة جهلا بوجوبها
س: أفيدكم أنني أصلي من يوم بلغت، وإلى حد الآن لم أعرف ولم أصل صلاة الجمعة لأنني لا أعرفها، فماذا يكون؟ أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (1)
ج: على السائل أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن ينيب إليه، وأن يبادر بصلاة الجمعة مع الناس، ونسأل الله أن يمن عليه بالعفو عما مضى، عليه البدار بالتوبة والإقلاع عما مضى من تركه للجمعة، وأن يحرص على حضورها كلما جاء وقتها مع المسلمين، ونسأل الله عز وجل أن يعفو عما سلف، وعليه التوبة الصادقة والندم على ما مضى منه، والعزم ألا يعود في ذلك.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (13) .(13/166)
108 - توجيه لمن يتخذ يوم الجمعة وقتا للتنزه والفسحة
س: سماحة الشيخ، الذين اتخذوا يوم الجمعة وقتا لتنزههم وفسحهم وتركهم هذا اليوم العظيم، هل من توجيه سماحة الشيخ (1) ؟
ج: نعم، السنة للمؤمن ألا يترك الجمعة، ويحرص على حضورها وسماع الخطبة، ولا يفرح بالذهاب إلى النزهة، لأن هذا يفوت عليه خيرا كثيرا، فالأفضل للمؤمن أن يتحرى ويحرص على أدائها مع الناس وسماع الخطبة لما في هذا من الخير العظيم والفائدة الكبيرة.
__________
(1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (386) .(13/167)
109 - حكم المسافر إذا صلى الجمعة مع المقيمين
س: صليت الجمعة وأنا مسافر، فهل ما فعلته صحيح، وإن لم يكن فماذا أفعل (1) ؟
ج: نعم إذا صلى المسافر مع المقيم صلاة الجمعة أجزأته عن الظهر، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (298) .(13/167)
110 - بيان كيفية صلاة المسافر للظهر يوم الجمعة
س: المسافر يوم الجمعة هل يصليها ظهرا أربع ركعات أو ركعتين (1) ؟
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون الشريط رقم (399) .(13/167)
ج: يصليها ظهرا، إذا سافر يصليها ظهرا ركعتين في السفر، إذا سافر قبل الزوال قبل الأذان الأخير يصليها في السفر ركعتين صلاة ظهر، النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع صلى يوم الجمعة ظهرا يوم عرفة، صلى الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، ما صلى الجمعة عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع.(13/168)
111 - بيان المدة التي إذا أقامها المسافر لزمته الجمعة
س: هل تسقط صلاة الجمعة عن المسافر؟ وهل هناك مدة محددة للسفر يكون المرء بعدها مقيما (1) ؟
ج: المسافر لا تلزمه الجمعة، لكن إذا حضرها أجزأته، إذا مر بالبلد وصلى معهم أجزأته وإلا فلا تلزمه، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم الجمعة صلاة الظهر يوم عرفة، ولم يصل جمعة لأنه مسافر، صلاها ظهرا، كان يصلي في أسفاره ظهرا ولا يصلي جمعة.
والمدة التي يمنع فيها الإنسان من القصر وتلزمه الجمعة أربعة أيام، فإذا نوى أكثر من أربعة أيام صلى جمعة وصلى تماما، فهذا الذي عليه جمهور أهل العلم. إذا دخل البلد ينوي الإقامة أكثر من أربعة أيام عازما عليها من أجل حاجة في البلد فإنه تلزمه الجمعة تبعا لغيره، ويلزمه أن
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (268) .(13/168)
يصلي أربعا، أما إذا كانت النية أربعة أيام فأقل فإنه يصلي ركعتين، لكن يلزمه أن يصلي مع جماعة إذا كان ما عنده أحد، إذا كان وحده لا يصلي وحده، يصلي مع الناس جماعة لأن الجماعة واجبة، فيصلي مع إخوانه جماعة، ويصلي أربعا، لأن المسافر إذا صلى مع المقيمين صلى معهم أربعا، أما إذا كانوا جماعة من اثنين فأكثر فهم مخيرون إن شاؤوا صلوا وحدهم قصرا، وإن شاؤوا مع الجماعة أربعا.
أما أولئك الذي يقولون: إن الشخص المسافر وإن أقام أكثر من أربعة أيام فإن قولهم مرجوح، وفيه خلاف بين العلماء، بعضهم يحدد بأحد عشر يوما، وبعض العلماء يحدد بتسعة عشر يوما، وبعضهم يحدد بأكثر من ذلك، وبعضهم لا يحدد.
والأقرب والأظهر ما قاله الجمهور رحمة الله عليهم. الأكثرون من التحديد إذا نوى أكثر من أربعة أيام لأن الأصل في حق المقيم أن يصلي أربعا، هذا هو الأصل، والأصل في حق المسافر أن يصلي ثنتين، ومن أقام أكثر غلب عليه حكم الإقامة، ولأنه صلى الله عليه وسلم لما أقام في حجة الوداع أربعة أيام صلى ثنتين، فدل على أن الأربع لا تزيل السفر، لأنه قدم يوم الرابع من ذي الحجة ولم يزل يصلي ثنتين حتى توجه إلى منى وعرفات عليه الصلاة والسلام.(13/169)
112 - حكم السفر قبل صلاة الجمعة بقليل
س: الأخ يسأل ويقول: لظروف عملي أسافر يوم الجمعة قبل أذان الظهر أو بعد الأذان، وأقوم بصلاة الظهر والعصر جمع تقديم وقصرا في نفس الوقت، هل هذا جائز؟ وهل يجوز لي التأخير علما بأن هذا يحدث في كل شهر مرة (1) ؟
ج: إذا كان السفر قبل الأذان - أي قبل زوال الشمس - فلا حرج إن شاء الله، والأفضل لك عدم السفر حتى تصلي الجمعة، هذا هو الأفضل لك، لكن إن سافرت قبل دخول الوقت فلا حرج عليك في ذلك. ولا حرج في الجمع ما دام السفر سفر قصر كالسفر إلى الخرج أو مكة أو الحوطة أو غير ذلك، والمقصود مسافة ثمانين كيلو تقريبا، يعني: يوم وليلة للمطية سابقا، وهي الآن بالكيلو ثمانون كيلو، وما يقارب هذه المسافة تعد سفرا، لكن ينبغي لك يا أخي أن تحرص على حضور الجمعة لما فيها من الخير العظيم والفائدة الكبيرة، ولئلا تتخذ هذا عادة فيقسو القلب، ويقل الاعتناء بهذا الأمر، فأنصحك أن تجاهد نفسك حتى تصلي الجمعة ثم تسافر، لكن لا يلزمك ذلك إذا كان السفر قبل وقت الجمعة؛ يعني قبل الزوال.
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (171) .(13/170)
113 - حكم السفر لأداء صلاة الجمعة
س: إني أعيش في البادية، وفي يوم الجمعة أسافر إلى أقرب قرية وأصلي الجمعة، وأعود إلى أهلي في آخر النهار، وفي أثناء الطريق يجيء وقت العصر، هل الأفضل أن أقصر العصر ركعتين أم أصلي أربعا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا يلزمك السفر إلى القرية حتى تصلي الجمعة، وإنما عليك أن تصليها في محلك أربعا، لكن إذا سافرت فلا بأس وصليت معهم الجمعة، أما كونك تصلي العصر في الطريق ركعتين هذا يحتاج إلى معرفة السفر، فإن كان ما بين محلك والقرية يعتبر مسافة قصر - يعني يعتبر مسافة يوم وليلة بالمطية - قدره ثمانون كيلو أو خمس وسبعون كيلو تقريبا فلا مانع أن تقصر، أما إذا كانت المسافة قريبة، ثلاثين كيلو، أربعين كيلو، عشرين كيلو تصلي أربعا، هذا ما يسمى سفرا.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (295) .(13/171)
114 - بيان كيفية صلاة من فاتته صلاة الجمعة
س: إذا كان الإنسان في سفر في يوم الجمعة، وفاتته صلاة الجمعة وهو في الطريق في سفره، هل يصليها قصرا ركعتين أم أربعا ظهرا (1) ؟
__________
(1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (386) .(13/171)
ج: يصليها ظهرا ركعتين إذا غادر البلد ضحى قبل الزوال، يصليها ركعتين ظهرا إذا كان مسافرا، لكن إذا زالت الشمس وهو موجود يصلي مع الناس الجمعة لا يخرج - يعني وجبت عليه - إلا إذا خاف فوات الرفقة فله عذر، المقصود أنه إذا حضرت الصلاة وزالت الشمس يصلي جمعة مع الناس ويسافر، أما لو خرج ضحى قبل الزوال فلا حرج عليه، ويصلي في الطريق ظهرا ركعتين.(13/172)
115 - حكم صلاة الجمعة للمسافر الذي لا يعرف مدة إقامته
س: إنني في غير بلدي، ولا أعرف مدة الإقامة في هذا البلد، فهل تعتبر صلاة الجمعة واجبة علي، وهل أعتبر مسافرا أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: قد بين أهل العلم مقتضى ما دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الرجل إذا أقام في بلد وليس له نية معروفة لا يدري هل يقيم يوما أو يومين أو أربعا أو أكثر فإنه في حكم السفر وله القصر وله الجمع ولا تلزمه الجمعة وله حكم المسافرين، لكن إذا كان فردا ليس معه أحد فالواجب عليه أن يصلي مع الجماعة لوجوب الجماعة في الأوقات الخمسة، ويصلي معهم الجمعة من أجل وجوب الجماعة، أما إن كان
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (142) .(13/172)
موجودا اثنان فأكثر فهم مخيرون، إن شاؤوا صلوا مع الجماعة وأتموا أربعا أو صلوا الجمعة وأجزأتهم، وإن شاؤوا صلوا ظهرا قصيرا، أما إذا أجمع الإقامة على مدة أكثر من أربعة أيام فإنه تلزمه الجمعة بغيره. ويتم الظهر والعصر والعشاء أربعا عند جمهور أهل العلم. وكذلك يصوم إذا صادف الصيام وليس له الفطر إذا كان أجمع الإقامة أكثر من أربعة أيام عند جمهور أهل العلم، وهو قول جيد، وفيه جمع بين الأقوال.(13/173)
116 - حكم البقاء في بلد أو عمل لا يستطيع معه إقامة الجمعة
س: الأخ: ز. ع. ز. م. من اليمن الشمالي، رداع، يقول: إن عملي في الاتحاد السوفيتي ونظام العمل لا يسمح بصلاة الجمعة لأني أعمل حتى الساعة الثانية عصرا ولا أستطيع الخروج من العمل للصلاة، فماذا أعمل؟ أفيدوني أفادكم الله (1)
ج: أولا الواجب عليك الخروج من هذه الدولة، لأن وجودك فيها خطير على دينك وأخلاقك، فالواجب عليك أن تغادرها وأن تذهب إلى بلاد المسلمين، إلى بلادك أو غيرها من بلاد المسلمين التي تستطيع فيها إظهار دينك وإقامة شعائر دينك، وأداء الصلاة في أوقاتها مع إخوانك، فالجلوس في بلاد الشيوعيين خطر عظيم، فالواجب عليك الحذر والبدار
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (129) .(13/173)
بالخروج إلى بلاد المسلمين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين (1) » فنصيحتي لكل مسلم بين المشركين في أي بلاد سواء كان في بلاد شيوعية أو يهودية أو نصرانية أو غير ذلك أن يبتعد عن الخلطة مع المشركين والإقامة بين أظهرهم، إلا أن يكون من أهل علم ممن يدعوا إلى الله ويعلم الناس الخير، وتكون إقامته فيها مصلحة للمسلمين، ودعوة لهم إلى الخير مع كونه لا يخشى على نفسه في ذلك، فهذا خير عظيم. وله فضله - أي فضل الدعوة - وإلا فليحذر ولينتقل إلى إخوانه المسلمين، وليكن مع المسلمين في بلدانهم وقراهم حتى يشاركهم في الخير ويعينهم عليه، وعلى ترك الشر، أما ما دمت في الحال الذي قلت، ما دمت في هذا العمل وأنت لا تستطيع فالله جل وعلا لا يكلف نفسا إلا وسعها، يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) فصل الظهر في محل عملك حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا، وتستطيع الخروج إلى الجمعة.
أما إن كان المانع نقص الدراهم أو لأنه يخصم عليك بعض الشيء
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، برقم (2645) ، والترمذي في كتاب السير، باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين، برقم (1604) ، والنسائي بمعناه في كتاب القسامة، باب القود بغير حديدة، برقم (4780) .
(2) سورة التغابن الآية 16(13/174)
هذا ليس بعذر، فعليك أن تخرج وتصلي الجمعة، ولو خصموا عليك بعض الدراهم، ولو خصموا عليك شيئا من الرواتب الأخرى، إذا كان لك رواتب أخرى غير المعاش فالحاصل أنه إذا كان المانع أنه يحصل لك نقص في المرتب أو في أمور دنياك فليس هذا بعذر، اخرج وصل صلاة الجمعة، وأبشر بالخير وبالخلف العظيم لما قد يحصل لك من النقص، ولا تتساهل في هذا الأمر من أجل المادة، أما إن كان عجزك من أجل القوة أنهم يمنعوك بالقوة فأنت معذور والحمد لله. وصل ظهرا واجتهد في الخروج من هذه البلدة إلى بلد تستطيع فيها إقامة دينك، والله المستعان.(13/175)
117 - بيان الأصح في العدد الكافي لإقامة الجمعة
س: هل هناك عدد محدد لصلاة الجمعة، أم أنه يكفي الصلاة مهما كان عدد المصلين (1) ؟
ج: في ذلك خلاف بين العلماء وأقوال، ولكن أصحها أنه يكفي الثلاثة فأكثر، إذا كان في البلد ثلاثة مستوطنين أحرار فأكثر صلوا الجمعة، فإن كانوا أقل صلوا الظهر، أما الواحد والاثنان فإنهم يصلون ظهرا، أما إذا كانوا ثلاثة أو أكثر مستوطنين فإنهم يصلون جمعة، ويعتبر الإمام واحدا والجماعة اثنين، وهكذا لو كانوا أربعة فأكثر، هذا هو المختار، وذهب
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (336) .(13/175)
جماعة إلى أنه لا بد من أربعة، وآخرون يقولون: عشرة، وآخرون يقولون: أربعين، والصواب أنه يكفي الثلاثة، وهم أقل الجمع - والحمد لله - خطيب وهو الإمام، واثنان جماعة، إذا كانوا مستوطنين في البلد وهم أحرار.(13/176)
س: هل تصح صلاة الجمعة بأقل من اثني عشر رجلا (1) ؟
ج: صلاة الجمعة في عددها خلاف كثير بين العلماء، وأرجح الأقوال ثلاثة، أقل الجماعة ثلاثة: الإمام، واثنان معه، إذا كانوا مستوطنين في قرية مقيمين بها تجب عليهم الجمعة فأكثر، أربعة، خمسة، عشرة، عشرين، أما القول بأنه لا بد من اثني عشر أو من أربعين فلا أصل له، ليس عليه دليل واضح، وأقل ما قيل في ذلك هو ثلاثة وأرجحها؛ لأنها أقل الجماعة بالنسبة إلى الجمعة.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون الشريط رقم (222) .(13/176)
118 - بيان صحة صلاة الجمعة باثني عشر أو أقل
س: الأخ: د. ع. ن. من سوريا بعث يقول: سمعت من أحد طلاب كلية الشريعة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم خطب الجمعة في اثني عشر رجلا، هل هذا صحيح أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله (1) ؟
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (183) .(13/176)
ج: نعم، كان يخطب فجاءت عير من الشام، فانفتل الناس إليها فلم يبق إلا اثنا عشر رجلا، وهذا دليل على أنه يصح أن يخطب الإمام وليس معه إلا اثنا عشر، ويصح أيضا أن يصلي ولو كان الجماعة اثني عشر أو أقل، والصواب أن الجماعة تنعقد بثلاثة فأكثر إذا كانوا مقيمين مستوطنين في البلد أحرار بالغين فإنها تقام بهم الجمعة، أما من شرط اثني عشر أو الأربعين أو غير هذا فلا دليل عليه، والصواب أنها تقام بثلاثة فأكثر من المكلفين الأحرار المقيمين المستوطنين في البلد، والحديث المذكور من الدلائل على أن الجمعة تقام باثني عشر، ولا حرج في ذلك.(13/177)
119 - مسألة إقامة القرية للجمعة إذا كانوا اثني عشر فقط
س: السائل: ي. س. ع. ج. من حضرموت، يسأل ويقول: يوجد في قريتنا مسجد يتسع لحوالي أربعين شخصا، وعدد سكان القرية لا يزيد عن اثني عشر شخصا؛ ولهذا نحن لا نصلي صلاة الجمعة في هذا المسجد وإنما نذهب إلى مسجد آخر يبعد عنا بضعة كيلو مترات، والسبب هو عدم توفر أربعين شخصا لقيام صلاة الجمعة، فهل يجوز قيام صلاة الجمعة بهذا العدد القليل وهو اثنا عشر شخصا؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (197) .(13/177)
ج: نعم يجوز في أصح أقوال العلماء، ينبغي لكم أن تقيموا الجمعة في محلكم إذا كان عندكم إمام يصلح لذلك والحمد لله، إذا كان المسجد الذي يجمع فيه بعيدا عنكم وفيه مشقة يبعد عنكم عدة كيلو مترات تقيمون في قريتكم الجمعة والحمد لله. ولو كانوا خمسة، ولو ستة، أقل ذلك ثلاثة، إذا كانوا ثلاثة مستوطنين أحرار مقيمين في القرية جاز لهم أن يجمعوا ولو أنهم ثلاثة أو أربعة، أما اشتراط أربعين فليس بصحيح، قول ضعيف ومرجوح عند أهل العلم. فلا بأس ولا حرج عليكم أن تجمعوا في قريتكم، وإن كنتم اثني عشر أو أقل من ذلك ما لم تنقصوا عن ثلاثة، هذا هو الصواب.(13/178)
120 - حكم صلاة الستة للجمعة في قرية بعيدة عن الجامع
س: نحن مجموعة من الأشخاص لا يزيد عددنا عن ستة، ويتعذر علينا حضور صلاة الجمعة، لأن أقرب جامع يبعد عنا خمسة وستين كيلو، فنضطر لصلاة الجمعة ظهرا، فهل علينا حرج في ذلك (1) ؟
ج: لا حرج عليكم في ذلك والحمد لله، ولكن لو صليتم جمعة صح ذلك في أصح قولي العلماء، لأن الجمعة تصح بثلاثة أو أكثر إذا كنتم مستوطنين مقيمين في قرية فإنكم من أهل الجمعة على الصحيح، ولو
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (209) .(13/178)
كنتم ثلاثة بدلا من ستة الصحيح أنها تنعقد فيكم الجمعة وتصح الجمعة، فينبغي أن تقيموها في محلكم هذا إذا كنتم مقيمين مستوطنين في المحل إقامة تامة في بناء في بيوت، فصلوا جمعة، هذا هو الأرجح والأولى بكم، أما الماضي فصلاتكم صحيحة والحمد لله.(13/179)
س: يسأل المستمع ويقول: نحن في مكان يبعد عن المسجد بمقدار أربعة كيلو متر، ولا نسمع الأذان على الرغم أن هناك خطيبا يعيش معنا، فما الحد الأدنى لعدد المصلين لإتمام صلاة الجمعة (1) ؟
ج: قد اختلف أهل العلم في العدد الذي تنعقد به الجمعة على أقوال، وأرجحها وأصوبها أن الثلاثة كافية، وأنهم تقام بهم الجمعة، وتلزم بهم الجمعة إذا كانوا مستوطنين أحرارا، فإذا كنتم ثلاثة أو عشرة أو أكثر أقيموا الجمعة لبعدكم عن مساجد الجمعة، المقصود أن الثلاثة فأكثر تقام بهم الجمعة إذا كانوا مستوطنين في المحل وكانوا أحرارا لا أرقاء فإنهم تقام بهم الجمعة، هذا هو أرجح ما قيل في ذلك لما في الجمعة من الخير العظيم، في إقامتها من الخير العظيم والمواعظ والتذكير.
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (417) .(13/179)
س: هل تجوز صلاة الجمعة بأقل من أربعين مصليا (1) ؟
ج: نعم، الصواب أنه لا يشترط أربعون لعدم الدليل، المشروط جماعة
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (297) .(13/179)
ثلاث فأكثر، الشرط أن يكون جماعة ثلاثة فأكثر، هذا هو الصحيح، إذا كانوا مستوطنين في قرية وكانوا أحرارا فإنهم يصلون جمعة ولو كانوا أقل من أربعين.(13/180)
121 - حكم التخلف عن الجمعة للذهاب إلى السوق
س: المستمع: ي، من اليمن يقول: أعيش في قرية صغيرة، ويوجد في هذه القرية جامع، وعدد سكان القرية قرابة العشرين رجلا إضافة إلى الأطفال، وعندنا سوق وموعده هو يوم الجمعة، ونضطر في هذا اليوم إلى الذهاب إلى السوق لشراء بعض الأغراض فلا يبقى في القرية إلا عشرة أشخاص أغلبهم صغار السن، فهل يجب على هذا العدد إقامة صلاة الجمعة علما أنه من الصعوبة أن نترك السوق لأنه وسيلة لشراء مستلزماتنا وبيع ما عندنا (1) ؟
ج: إذا كان في القرية ثلاثة مكلفون مستوطنون تقام بهم الجمعة والحمد لله، والباقي تبع، أما إذا كان كلهم ما فيهم ثلاثة أو ما فيهم إلا واحد كبير أو اثنان فإنهم يصلون ظهرا، أما إذا كان فيهم ثلاثة فأكثر مكلفون بالغون مستوطنون أحرار فإنهم يصلون جمعة، والباقي من الصغار تبع لهم في ذلك، وإذا تيسر تغيير يوم السوق من يوم الجمعة إلى يوم آخر فهذا طيب لأنه
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (346) .(13/180)
جمع بين مصلحتين، يتفرغون لهذا السوق ويصلون الجمعة كاملة جميعا، فإذا تيسر تغيير يوم السوق إلى يوم الخميس أو السبت فهذا أفضل.(13/181)
122 - حكم الجمعة للمقيمين في الثكنات العسكرية للتجنيد
س: نحن هنا في التجنيد العسكري هناك اختلافات حول جواز صلاة الجمعة في الثكنة علما بأننا نحن المصلين عددنا حوالي أربعة وثلاثين شخصا، ونبعد عن المدينة بخمسة وعشرين كيلو مترا، ومدة التجنيد سنتان، هل علينا صلاة جمعة أم لا (1) ؟
ج: نعم، إذا كنتم مواطنين مستقرين في محل فعليكم صلاة الجمعة في محلكم، تصلون الجمعة في محلكم، لأن المساجد عنكم بعيدة، فتصلون الجمعة، يكون عندكم خطيب وتصلون الجمعة جميعا، أما إذا كانت الإقامة سنتين وهم ليسوا مواطنين بل يرجعون إلى بلاد أخرى فهؤلاء يصلون ظهرا، لأنهم ليسوا مستقرين، يكون الحكم مثل حكم المسافر المقيم إقامة عارضة ما تجب عليهم الجمعة بأصلهم إلا إذا كان معهم مواطنون صلوا معهم الجمعة، أما إذا كانوا هم ليسوا مواطنين بل أقاموا في المحل هذا إقامة عارضة، ثم يرجعون إلى بلادهم فهؤلاء إذا أقيمت عندهم الجمعة صلوا مع المصلين الجمعة، وإن لم تقم عندهم الجمعة صلوا ظهرا.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (175) .(13/181)
123 - نصيحة للمقيمين في الثكنات العسكرية بشأن الجمعة
س: سماحة الشيخ، هل هناك أفضلية تنصحون بها بالنسبة لمن يقيم إقامة مؤقتة (1) ؟
ج: نعم ننصحهم بصلاة الجمعة إذا تيسرت مع المساجد التي تقيم الجمعة ولو بعدت، السيارات متيسرة والحمد لله، فإذا ذهبوا وصلوا الجمعة كان ذلك خيرا، كان ذلك خيرا لهم وأفضل وأبعد عن الريبة، أما الثكنة فلا يصلى فيها إلا ظهر. إلا إذا كان فيهم مواطنون ولو قليل ولو ثلاثة فأكثر صلوا الجمعة، أو كانوا هم ليسوا خارجين من البلد بل هم من أهل البلد، لكن لهم محل معين وإلا فهم من أهل البلد، فهم يعتبرون مواطنين، ولو كان محل سكنهم بعيدا عن الثكنة عشرة كيلو، خمسة كيلو، ستة كيلو، يجتمعون فيها من أجل العمل، فهذه الثكنة إذا أقاموا فيها صلاة الجمعة فقد أحسنوا، وإن سمح لهم بأن ينتقلوا إلى مسجد آخر يصلون فيه الجمعة فلا بأس.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (175) .(13/182)
124 - بيان الحكم فيمن يعمل بمكان ليس فيه من يقيم الجمعة
س: الأخ: ح. م. ع. مقيم في جزيرة قبرص، يسأل ويقول: إنني وحيد في جزيرة قبرص ولم أجد مسلمين أصلي معهم، ولا يوجد أي(13/182)
مسجد إلا أنني أسمع الأذان عن طريق إحدى الدول العربية بالراديو، وأصلي الجمعة خلف المذياع في إحدى الدول العربية، فهل صلاتي هذه تعتبر صلاة جماعة؟ وماذا أفعل إذا وأنا أتأخر في بعض أوقات الصلاة لأنه لا بد لي من الاغتسال خوفا أن يكون عملي الذي سبق وأن ذكرته لكم وهو في مصنع للحوم الخنازير، أخشى أن يكون في عملي هذا شيء من النجاسة فأغتسل قبل الصلاة، أرجو توجيهي حيال ما سألت، جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا شك أن صلاة الجمعة واجبة على المسلمين، ولكن ليس لك أن تصلي خلف المذياع، بل الواجب عليك أن تلتمس من المسلمين من يقيم صلاة الجمعة، وعليك أن تجتهد في ذلك، فإذا تيسر لك جماعة من المسلمين في أي مسجد من المساجد تصلي معهم الجمعة ولو اثنين، وتكون أنت الثالث؛ لأن الصحيح أن الجمعة تنعقد بثلاثة، فإذا كانوا مستوطنين مقيمين في بلد ليسوا مسافرين بل هم مقيمون مستوطنون فإنكم تصلون جميعا جمعة، وإذا كانوا أكثر من ثلاثة فأحسن وأحسن، وينبغي لك وأمثالك من الإخوان الطيبين أن يسعوا في هذا الأمر، وأن يجتهدوا في إقامة صلاة الجمعة وصلاة الجماعة في المساجد الموجودة، وأن تحرصوا على فتحها، لأنه بلغني أن هناك مساجد كثيرة مغلقة، فينبغي
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (170) .(13/183)
لك أنت وإخوانك أن تسعوا حثيثا في فتح ما تيسر منها، وأن تقيموا صلاة الجمعة فيما تيسر منها، ولا تصل خلف مذياع، لكن إذا لم يتيسر لك أحد فإنك تصلي ظهرا، تصلي أربعا ظهرا بعد زوال الشمس ودخول الوقت، ولا تصل الجمعة إلا إذا كان معك اثنان أو أكثر من الناس المستوطنين في البلد، هكذا بين أهل العلم. ونسأل الله أن يجعلك مباركا وأن يعينك على أسباب الخير، وأن يجعلك مفتاحا للخير، أما الغسل فهو سنة مؤكدة يوم الجمعة لمن يصلي الجمعة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبه، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من جاء منكم الجمعة فليغتسل (1) » وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم (2) » وأن يستاك ويتطيب، قال جمهور أهل العلم: معنى واجب يعني متأكدا، فيسن لك الغسل للجمعة إذا كنت تصلي الجمعة، أما صلاة الأوقات فلا يشرع لها الغسل، وإن كنت تعلم أن في ثوبك نجاسة أو بدنك نجاسة من لحم الخنزير ودم الخنزير أو من بول أو غير ذلك فاغسل المحل فقط، وليس عليك
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء، برقم (894) ، ومسلم في كتاب الجمعة، باب، برقم (844) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة وهل على الصبي شهود، برقم (879) ، ومسلم في كتاب الجمعة، باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال، برقم (846) .(13/184)
الغسل، عليك أن تغسل ما أصابه الدم أو النجاسة من الخنزير في يدك أو رجلك أو ثوبك، أما الغسل فلا يلزمك لكن يستحب لك الغسل للجمعة، ويجب عليك الغسل للجنابة، إذا جامعت زوجتك أو أنزلت منيا بشهوة فإنك تغتسل للجنابة، نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يمنحنا وإياك الفقه في الدين والثبات عليه، ونوصيك مرة أخرى بالحرص على جمع إخوانك والتعاون معهم وأن تصلوا جميعا الجمعة والجماعة، وأن تجتهدوا في فتح المساجد وتشجيع من حولها من المسلمين أن يصلوا فيها الجمعة والجماعة، كل مسجد حوله جماعة يصلون فيه جماعة، وإذا كانت الجمعة بعيدة عنهم صلوا جمعة أيضا، وإذا كانوا متقاربين اجتمعوا في واحد من المساجد وصلوا جمعة، ولا يتفرقون بل يصلون جميعا في مسجد واحد إلا إذا تباعدت المساجد والمحلات تباعدا كثيرا، فكل حي يصلون في حيهم جمعة إذا صار بعيدا عن الحي الآخر بما يشق معه الذهاب إلى الحي الآخر، والله المستعان. وقد أوصيناه بأنه يجب عليه ترك العمل في مصنع لحوم الخنزير، يقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (1) وليس له أن يعمل في مصنع للخنزير، وليس لأحد أن يساعد صناع ما حرم الله من صناعة الخمر أو بيع لحم الخنزير أو غير هذا مما حرم الله، ليس للمسلم أن يشاركهم في
__________
(1) سورة الطلاق الآية 2(13/185)
ذلك، ولا أن يعينهم في ذلك، لأن الله يقول: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (1) والنبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها، وساقيها، وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها، وآكل ثمنها، لماذا؟ لأنهم تساعدوا على الباطل ولأنهم أعانوا أهل الشر، فلهذا لعنوا، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة الحذر من الإعانة على ما حرم الله عملا بقوله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (2) فالذي يعين على بيع الخمر أو بيع الخنزير أو أكل لحم الخنزير أو شرب المسكر، أو يعين على أكل الربا أو يكتب الربا أو يشهد على الربا كلهم داخلون في اللعنة، نسأل الله العافية.
__________
(1) سورة المائدة الآية 2
(2) سورة المائدة الآية 2(13/186)
125 - حكم صلاة الجمعة قبل الوقت المحدد في تقويم أم القرى
س: هل يجوز أن يصعد الخطيب المنبر يوم الجمعة قبل وقت الظهر الموضح في تقويم أم القرى مثلا، ويؤذن المؤذن له عندما يصعد (1) ؟
ج: يجوز على الصحيح أن يصليها قبل الزوال الساعة الحادية عشرة - يعني قبيل الزوال - لا بأس، قد جاء في الأدلة ما يدل على جواز ذلك
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (184) .(13/186)
لكن الأفضل يكون بعد الزوال، لأن أكثر أهل العلم يمنعون من فعلها قبل الزوال، ولأنه الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصليها بعد الزوال، فينبغي للمؤمن أن يحتاط لدينه وأن يبتعد عن مسائل الخلاف التي فيها شبهة، فإذا صلى بعد الزوال كان أولى، وإن صلى قبل الزوال في الساعة الحادية عشرة - يعني في الساعة الأخيرة قبل الزوال - فلا حرج في ذلك على الصحيح.(13/187)
126 - حكم إقامة الجمعة في مسجد المدرسة
س: يقول الأخ: يوجد في إحدى القرى مدرسة داخلية للطلبة وبها مسجد تقام به الصلوات الخمس في فترات المدرسة، هل يجوز إقامة الجمعة في مثل هذا المسجد مع العلم بأن الدراسة سوف تتعطل في فترات الإجازات (1) ؟
ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان المسجد حوله مساجد أخرى تقام فيها الجمعة لا يجوز أن تقام فيه، بل على الطلبة وغيرهم أن يصلوا الجمعة مع الناس في الجوامع الموجودة، أما إذا كانت القرية ما فيها جامع قريب، الجوامع عنها بعيدة في القرى الأخرى فلهم أن يقيموها في هذا المسجد إذا كان حول المسجد أناس يقيمون، ولو أنهم ثلاثة فأكثر يكونون
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (190) .(13/187)
مقيمين مستوطنين فلهم أن يصلوا الجمعة، ومن حضر معهم من الناس من طلبة وغيرهم، إلا إذا كان هناك مسجد قريب يسمعون النداء لا يشق عليهم الذهاب إليه وجب عليهم أن يذهبوا إلى المسجد القريب ويكفي، لكن متى كانت المساجد بعيدة التي تقام فيها الجمعة ويشق عليهم الذهاب إليها ولا يسمعون النداء - يعني النداء بغير المكبرات - النداء العادي عند خلو الأصوات وعدم وجود ما يمنع السماع فإنهم في هذه الحالة لهم أن يصلوا الجمعة في مسجدهم إذا كان المسجد حوله ناس مستوطنون، ثلاثة أو أكثر في أصح قولي العلماء، ولا يشترط أن يكونوا أربعين ولا اثني عشر، ليس على هذا دليل، بل متى وجد ثلاثة أو أربعة أو خمسة مستقيمون مستوطنون في البلد فإنهم يصلون الجمعة إذا كان ما حولهم جوامع بعيدة عنهم.(13/188)
127 - حكم صلاة الجمعة في مسجد فيه قبور
س: الأخ: أ. ح. ع. من السودان يقول: يوجد بقريتنا مسجد واحد وعن شماله وخلفه قباب تشد إليها الرحال، ويطاف حولها ويستغاث بها، ما حكم الصلاة في هذا المسجد وخاصة صلاة الجمعة وهذا المسجد هو الوحيد في القرية؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (190) .(13/188)
ج: هذا المسجد إذا كان على ما ذكرت ليس في الصلاة فيه بأس، لا حرج أن يصلى فيه الجمعة وغير الجمعة، وكون قبور هناك شماله وخلفه لا يمنع من ذلك، ولكن الواجب على أهل العلم وعلى أخيار القرية أن ينكروا على الناس عملهم مع القبور من الشرك بالله والاستعانة بأهلها ودعائهم من دون الله والطواف بها، كل هذا من المحرمات العظيمة بل من الشرك الأكبر، سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر من عمل الجاهلية، من عمل أبي جهل وأشباهه، وهكذا الطواف بالقبور يتقرب إليهم بالطواف، هذا من الشرك الأكبر، أما إن كان يظن أن الطواف بالقبور عبادة لله لا يتقرب بها إلى القبر فهو بدعة ومنكر، ومن وسائل الشرك، لأن الطواف إنما يكون بالبيت العتيق بالكعبة، الطواف بالقبور إذا كان لقصد التقرب إلى أهلها كان شركا أكبر، وإن كان القصد التقرب إلى الله، يظن أنها قربة هنا فهذا كله بدعة ومنكر وباطل، لأن الطواف من خصائص البيت العتيق، يقول سبحانه: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (1) المقصود أنه لا يجوز الطواف بالقبور وإنما الطواف يكون بالبيت العتيق كما قال الله سبحانه: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (2) والواجب على أهل العلم أينما
__________
(1) سورة الحج الآية 29
(2) سورة الحج الآية 29(13/189)
كانوا أن يعلموا الناس ويرشدوهم ولا سيما في السودان وفي غيرها من البلاد التي فيها القبور التي تعبد من دون الله، يجب على أهل العلم أن يعلموهم وأن ينكروا عليهم هذا الشرك العظيم. وهكذا المساجد التي تبنى على القبور لا تجوز بل يجب هدمها وإزالتها، القبور يجب أن تكون ضاحية شامسة ليس فوقها بناء، لا قبور ولا غيرها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » ولما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما عن كنائس في الحبشة وما فيها من الصور قال عليه الصلاة والسلام: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (2) » فأخبر أنهم شرار الخلق لأنهم بنوا على القبور، واتخذوا عليها الصور، وهذا من وسائل العبادة، من وسائل عبادتها من دون الله والشرك بها، فلهذا بين عليه الصلاة والسلام أنهم شرار الخلق، وصح عن جابر رضي الله عنه «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها (3) » رواه مسلم في الصحيح.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (529) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (528) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (970) .(13/190)
فلا يجوز أن يبني على القبور لا مساجد ولا قباب ولا غيرها، ولا أن تجصص ولا أن تدعى من دون الله، ولا أن يستغاث بأهلها، بل يجب الحذر من ذلك، إنما تزار الزيارة الشرعية بالسلام على أهلها والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، فأما البناء عليها أو اتخاذ المساجد عليها أو القباب فهذا كله منكر ومن وسائل الشرك. وأما دعاءها والاستغاثة بأهلها وطلبهم المدد فهذا من الشرك الأكبر، إذا قال: يا فلان، يا سيدي فلان، المدد المدد، الغوث الغوث، هذا من الشرك الأكبر - نعوذ بالله - كما يفعل ذلك عند بعض القبور، كقبر البدوي والحسين في مصر، والشيخ عبد القادر في العراق وغيرها من القبور التي يعبدها الجهلة، فالواجب على أهل العلم أينما كانوا بيان هذا للناس وتحذيرهم من الشرك، والله أخذ على العلماء العهد والميثاق أن يبينوا للناس، وأن ينذروهم ويعلموهم، والواجب على العامة أن يسألوا وأن يتبصروا ويتفقهوا في الدين، ولا يغتروا بعادات الآباء والأجداد، الله سبحانه ذم المشركين لما احتجوا بآبائهم حيث قال الله عنهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (1) ذمهم على هذه الحال، والواجب على المسلم أن يتبصر في دينه ويتفقه في دينه، يتعلم، يتبصر، يسأل أهل العلم
__________
(1) سورة الزخرف الآية 23(13/191)
ولا يحتج بعادات الجاهلية، ولا بعادات الآباء والأجداد التي تخالف شرع الله سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية.(13/192)
128 - حكم من أدرك الركعة الأخيرة من صلاة الجمعة
س: م. م. من السودان يقول: سماحة الشيخ، إذا دخلت المسجد ووجدت الإمام قائما وأدركت معه الركعة الأخيرة من صلاة الجمعة فكيف أتم صلاتي (1) ؟
ج: تأتي بالركعة الثانية، إذا أدركت ركعة من الجمعة وسلم الإمام تقوم وتأتي بالركعة الثانية - والحمد لله - وقد أجزأتك، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (2) » والواجب على كل مسلم أن يبادر إلى الجمعة قبل الأذان الأخير، لأن الأذان الذي بعده الخطبة، فالواجب أن يبادر حتى يسمع الخطبة ويحضر الصلاة، والله جل وعلا بين لعباده أن الواجب إذا نودي لصلاة الجمعة أن نذر البيع ونترك المشاغل، فالواجب على المؤمن أن يتحرى الوقت المناسب يوم الجمعة ويفرغ نفسه حتى يبكر إليها، يصلي
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (414) .
(2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123) .(13/192)
ما تيسر، يقرأ من القرآن ما تيسر، حتى إذا جاء الخطيب فإذا هو قد فرغ من صلاته وقراءته التي أراد، المقصود أن المشروع للمؤمن أن يبكر ويبادر إلى الجمعة، والذي يأتي إليها في أول الوقت كمهدي بدنة، والذي يليه كمهدي بقرة، والذي يليه كمهدي كبش، والذي يليه كمهدي دجاجة، والخامس كالمهدي بيضة، فالمشروع للمؤمن أن يبادر ويسارع قبل الأذان الآخر، حتى إذا أذن الأذان الأخير فإذا هو حاضر قد استعد لسماع الخطبة.(13/193)
س: المستمع: ص. ق، بعث يسأل ويقول: ما حكم من دخل المسجد في الركعة الأخيرة في صلاة الجمعة ولم يدرك منها إلا الركوع، هل يتمها ظهرا أم جمعة؟ (1)
ج: من أدرك الإمام في صلاة الجمعة في الركوع الثاني أتمها جمعة، لما جاء في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (2) » ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3) » والصلاة
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (320) .
(2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (607) .(13/193)
تدرك بالركوع، فإذا جاء والإمام راكع ركع معه، وإذا سلم الإمام قام فأتى بالركعة الثانية، وتسقط عنه الفاتحة، لأنه فاته القيام، فصلاته صحيحة.(13/194)
129 - بيان ما تدرك به صلاة الجمعة
س: رجل تأخر عن صلاة الجمعة فأدرك التشهد، ورجل تأخر عن صلاة الجمعة فأدرك الركعة الثانية، ما العمل في كلتا الحالتين، هل نتم الصلاة أربع ركعات أم ركعتين (1) ؟
ج: الذي أدرك ركعة من الجمعة هذا قد أدركها، فليضف إليها أخرى بعد سلام الإمام، يأتي بركعة ثانية، ثم بعد التشهد والدعاء يسلم وقد تمت جمعته؛ لما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (2) » ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3) » أما الذي أدرك التشهد فقط فهذا يصلي الجمعة ظهرا، فقد فاتته الجمعة، فإذا كان قد زالت الشمس صلى ظهرا، وأما إذا كان ما زالت الشمس فإنه لا يصلي إلا بعد زوال الشمس، لأن بعض الناس قد يصلي الجمعة قبل زوال الشمس يبكر، والذي ينبغي للخطباء والأئمة أن يتأخروا حتى
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (215) .
(2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123) .
(3) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123) .(13/194)
تزول الشمس، لأن الجمهور من أهل العلم يرون أنها لا تجزئ إلا بعد الزوال كالظهر، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تجزئ قبل الزوال، لأدلة وردت في ذلك، لكن الأحوط للمؤمن أن يتأخر حتى يصليها بعد الزوال خروجا من الخلاف، فإذا جاء المتأخر وأدرك الإمام في التشهد وقد زالت الشمس فإنه يصلي أربعا، إذا سلم الإمام يقوم يصلي أربعا بنية الظهر، أما إذا كان ما زالت الشمس فإنه يصلي ركعتين نافلة، ويصلي الظهر بعد ذلك في بيته أو في المسجد أو في أي مكان.(13/195)
س: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يسأل ويقول: ماذا يفعل من دخل المسجد يوم الجمعة ووجد المصلين في التشهد، هل يدخل في الجماعة ويكمل في الصلاة ركعتين أم يصليها أربعا (1) ؟
ج: إذا دخل يوم الجمعة والناس في التشهد فإنه يصلي أربعا ظهرا، لأنه فاتته الجمعة لأنها لا تدرك إلا بركعة، فإذا كان الإمام قد ركع الركوع الثاني ولم يدركهم الداخل إلا في السجود أو في التشهد فإنه يصلي ظهرا أربعا إذا كانت الشمس قد زالت، إذا كان الإمام قد صلاها في الوقت بعد الزوال، أما إذا كان صلاها قبل الزوال فإنه يصلي الظهر بعد الزوال، يتأخر لا يعجل، فإن صلى ركعتين عند دخوله نواها تحية المسجد فلا
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (170) .(13/195)
بأس، يدخل معهم ويصلي ركعتين بنية تحية المسجد إذا كانت الصلاة التي أقامها الإمام قبل الزوال، لأن بعض الأئمة يبكر بالجمعة، والمشروع أن يكون بعد الزوال، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على جوازها قبل الزوال، ولهذا ذهب إليه بعض أهل العلم، لكن المشروع والأفضل والأحوط للمؤمن أن يصليها بعد الزوال كما قاله جمهور أهل العلم ليخرج من الخلاف، وليؤدي الجمعة بيقين، فإذا أدرك الإمام وهو في التشهد وهو بعد الزوال في وقت الظهر فإنه يصلي أربعا، يدخل معهم فإذا سلم الإمام قام وصلى أربعا بنية الظهر؛ لأن الجمعة لا تدرك إلا بركعة.(13/196)
س: إذا لحق المصلي التشهد في صلاة الجمعة هل تكون صلاته تامة - بمعنى أنه أدرك صلاة الجمعة - أم ينويها ظهرا ويصليها أربع ركعات؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: الجمعة لا تدرك إلا بركعة، فمن لمن يدرك ركعة منها صلى ظهرا، لما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (2) » ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3) » فإذا كان
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (168) .
(2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123) .
(3) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123) .(13/196)
مجيئه إلى الجمعة بعد الركوع الثاني بأن أدركه في السجود الأخير أو في التشهد فإنه يأتي بأربع، يصلي ظهرا، ينويها ظهرا، ولا تجزئه الجمعة.(13/197)
س: يقول السائل: إذا دخلت المسجد يوم الجمعة وأدركت التشهد فقط من صلاة الجمعة، فهل أصلي ركعتين أم أصليها ظهرا أربع ركعات؟ وإذا صلى خلفي رجل آخر لم يدرك التشهد هل يصلي الجمعة أم الظهر (1) ؟
ج: عليكم أن تصلوا ظهرا، لأن الجمعة ما تدرك إلا بركعة، فإذا جاء المسبوق وقد فاتته الركعتان يصليها ظهرا، ينويها ظهرا أربعا، والذي يقتدي به كذلك ظهرا، لأن الجمعة إنما تدرك بركعة واحدة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2) »
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (288) .
(2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123) .(13/197)
س: إذا جاء شخص يوم الجمعة إلى المسجد ووجد الصلاة قد قضيت، ووجد رجلا بقيت عليه ركعة، فهل يكملها ظهرا أم جمعة، ولو انضم إليه شخص آخر بعد أن قضى ركعة فهل يكملها ظهرا أم يكملها جمعة (1) ؟
ج: الواجب أن يكملها ظهرا، لأن الجمعة فاتت لمن لم يدرك منها
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (45) .(13/197)
شيئا، فاتت الجمعة، وإنما تدرك بركعة واحدة، إذا أدرك الركعة الثانية مع الإمام صلاها جمعة، أما إذا لم يأت إلا بعد السلام أو بعد الركعة الثانية في التشهد أو في حال السجود في الركعة الثانية فإنه لا يصليها جمعة، ولكن يصليها ظهرا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (1) » فمفهومه أنه إذا أدرك أقل من ركعة لا يكون مدركا للجمعة، هذا هو المشروع أن يصلي ظهرا، وإذا أدرك إنسانا يقضي يصلي معه ظهرا، ولا يصلي جمعة، وهذا يلاحظ فيه أن يكون بعد الزوال، أما إذا كانت الجمعة صلوها قبل الزوال فإنه لا يصلي الظهر إلا بعد الزوال، والجمعة يجوز أن تصلى قبل الزوال في الساعة السادسة قبل الزوال لا بأس على الصحيح، فلو كانت الجمعة صليت حين فاتته، صليت قبل الزوال فإنه لا يصلي الظهر إلا بعد الزوال.
__________
(1) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123) .(13/198)
130 - بيان كيفية صلاة النوافل قبل صلاة الجمعة وبعدها
س: الأخ: م، له سؤال يقول: في يوم الجمعة هل يصلي الإنسان الأربع الرواتب قبلها - أي الظهر والركعتين بعدها - أم يقتصر على ركعتين أو أربع بعد الجمعة ويترك راتبتي الظهر يوم الجمعة دون سائر الأيام (1) ؟
__________
(1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (431) .(13/198)
ج: يوم الجمعة يصلي قبلها ما تيسر، أربع وإلا ست وإلا ثمان وإلا عشر وإلا أكثر، النبي ما حدد شيئا، قال: «صلى ما قدر له (1) » أما بعدها فالسنة أن يصلي أربعا تسليمتين، النبي عليه السلام قال: «إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا (2) » يعني تسليمتين، أما قبلها فحسب عمله صلى الله عليه وسلم ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له، يصلي ما تيسر قبلها ثنتين أو أربعا تسليمتين، أو ثلاث تسليمات، أو أربع تسليمات، أو خمس تسليمات، أو أكثر، ما في ذلك شيء محدود، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .(13/199)
131 - بيان حكم الأذان الثاني يوم الجمعة
س: من أحد الإخوة المستمعين يقول في هذا السؤال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1) » وقال أيضا: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697) ، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718) .(13/199)
بعدي (1) » وقد كان في زمان الخليفة عثمان رضي الله عنه أذان واحد، ثم زاد الأذان الثاني بصلاة الجمعة، هل هذه الزيادة تعتبر من البدع أم من السنة؟ وما هي البدع وما هي أقسامها؟ مأجورين (2)
ج: هذه الأحاديث التي ذكرها السائل أحاديث صحيحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3) » حديث متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها، وفي لفظ يقول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (4) » أخرجه مسلم في صحيحه، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (5) » والبدعة هي التي يحدثها الناس في الإسلام مثل الطاعات والقربات، يقال لها: بدعة، ما
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144) ، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) ، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676) ، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42) ، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95) .
(2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (374) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697) ، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718) .
(5) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) .(13/200)
أحدثه الناس في التعبد يقال: بدعة، مثل الاحتفال بالمولد، مثل بدعة البناء على القبور، واتخاذ المساجد على القبور والقباب، وما أشبه ذلك مما يحدثه الناس، ومعنى الرد يعني: مردودا، لكن ما فعله عثمان من الأذان الثاني في خلافته ليس من البدع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي (1) » وهو من الخلفاء الراشدين، وقد أحدث الأذان الثاني - وهو الأول - من المصلحة، لمصلحة المسلمين حتى ينتبهوا للجمعة، ولهذا أقره الصحابة في زمانه وعمله المسلمون من بعده، لأنه داخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ (2) » وهكذا ما فعل في عهده من جمع المصحف، كان الناس يحفظون القرآن في صدورهم، وفي زمانهم خافوا على الناس أن يضيع منهم القرآن، فاجتمع رأي الصحابة أنه يكتب في المصاحف حتى يبقى بين أيدي المسلمين وحتى يحفظ، وكان هذا من الأعمال الطيبة التي وفق الله الصحابة لها. وهكذا ما فعله عمر رضي الله عنه من جمع الناس على إمام واحد في التراويح في رمضان، وكانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلون أوزاعا في المسجد، كل يصلي
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144) ، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) ، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676) ، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42) ، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144) ، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) ، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676) ، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42) ، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95) .(13/201)
لنفسه أو يصلي معه اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر، ثم جمعهم عمر على إمام واحد، لأنه رأى أن هذا أولى من تفرقهم، وتأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى بالناس في رمضان عدة ليال جماعة في رمضان، ثم قال: «خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل (1) » فأمرهم أن يصلوا في بيوتهم، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي، وأمن فرضها، فلهذا جمعهم عمر وصارت سنة عمرية، جمع الناس على إمام واحد في رمضان في التراويح والقيام.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد، برقم (924) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (761) .(13/202)
132 - بيان في تعريف البدعة
س: يقول السائل: كيف نعرف البدعة وأقسامها يا سماحة الشيخ (1) ؟
ج: البدعة ما أحدثه الناس في الشرع ويخالف الشرع، هذا يقال له: بدعة، ما أحدث في الدين يقال له: بدعة، مثل ما مثلنا، مثل بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وبدعة بناء المساجد على القبور واتخاذ القبب عليها، هذه بدعة، كلها بدعة منكرة، مثل بدعة الجهمية في الصفات والأسماء، وبدعة المعتزلة في الصفات،
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (374) .(13/202)
وقول المعتزلة: إن صاحب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، هذه البدع التي أحدثها المبتدعة.(13/203)
133 - حكم قول: السلام على النبي في التشهد
س: يقول السائل: ع. إ. ع، من جنوب أفريقيا في سؤاله في التشهد: هل يقال: السلام على النبي، أم: السلام عليك أيها النبي؟ وجهونا في ذلك (1)
ج: الأفضل أن يقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، هذا هو الذي علمه النبي أصحابه، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعملون ذلك، ولم يقل لهم: إذا مت فقولوا: السلام على النبي، على أنهم يقولون: السلام عليك أيها النبي. حيا وميتا، معنى: عليك أيها النبي. من باب الاستحضار في الذهن والقلب، والسلام عليك أيها النبي ليس دعاء ولكنه دعاء له، يدعو له بالسلام والرحمة والبركة، لا يطلب منه شيئا، وإنما يدعو له بالسلامة والرحمة والبركة، ويقول: سلام الله عليك أيها النبي. يعني: أعطاك الله السلام، وأعطاك الله الرحمة، وأعطاك الله البركة، هذا هو الأفضل.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (374) .(13/203)
134 - حكم تعدد الأذان يوم الجمعة
س: هل للجمعة أذان واحد أم أذانان، وهل بينهما سنة قبلية للجمعة (1) ؟
ج: الجمعة لها أذان واحد، هذا هو الأصل، وهذا هو المفترض عند دخول الخطيب، وهو الواقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا دخل الخطيب أذن بلال رضي الله عنه، ثم زاد عثمان أذانا ثانيا مستحبا لتنبيه الناس على أن اليوم يوم الجمعة قبل الأذان الأول - يعني قبل الأذان السابق الذي عند دخول الخطيب - يؤذن به قبل الوقت بنصف ساعة أو نحوها أو ساعة حتى يعلم الناس الجمعة، وحتى يستعدوا للمجيء، وقد درج السلف على هذا تأسيا بعثمان رضي الله عنه في عهد عثمان وفي عهد علي وعهد الصحابة بعد عثمان، ثم درج عليه السلف الصالح، فهذا مشروع من عمل الخلفاء الراشدين، والرسول عليه السلام قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي (2) » ومعلوم أن عثمان رضي الله عنه وعليا رضي الله عنه كلهم من الخلفاء الراشدين، فالسنة أن يؤتى بالأذان الأول للجمعة للتنبيه كما فعل عثمان ومن بعده رضي الله عنهم، أما الأذان الأول الذي عند دخول الخطيب فهذا هو الموجود على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو المفترض.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (365) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144) ، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) ، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676) ، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42) ، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95) .(13/204)
135 - حكم الاكتفاء بأذان واحد يوم الجمعة
س: عندنا أذان واحد يوم الجمعة، ثم الخطبة، هل هذا الصحيح؟ نرجو توضيح ذلك مأجورين (1)
ج: هذا هو الأصل، في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان أذانا واحدا بين يدي الخطيب عند دخول الخطيب ثم في عهد عثمان رضي الله عنه أمر بأذان قبل ذلك أولا يؤذن قبل دخول الخطيب، واستمر عليه العمل بعد عثمان رضي الله عنه، فإذا فعل فهو أحسن، وإلا ما يضر إذا اكتفي بأذان واحد، لا حرج في ذلك كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد الصديق وعهد عمر رضي الله عنهما، لكن إذا جعل أذان ثان للتنبيه على أنه يوم الجمعة حتى يستعد الناس ويتأهبوا للجمعة هذا لا بأس به، بل هو حسن وعليه العمل الآن لأن فيه فائدة كبيرة ينتبه الناس للجمعة ويستعدون.
__________
(1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (359) .(13/205)
136 - بيان سبب أخذ أهل السنة بالأذانين يوم الجمعة
س: لاحظت في بلدكم المملكة العربية السعودية أنه يوجد أذانان للجمعة، وهذا غير صحيح إذ إنه كان إذا صعد الإمام المنبر أذن بين يديه أذان واحد، وجميع كتب السنة تؤيد ذلك، فأرجو أن تحولوا(13/205)
هذا إلى الجهات المختصة كدار الإفتاء التي يرأسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، ليحق الله الحق ويبطل الباطل (1)
ج: نعم، هو كمال قال السائل، كان الأمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أذانا واحدا مع الإقامة، كان إذا دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخطبة والصلاة أذن المؤذن، ثم خطب النبي صلى الله عليه وسلم الخطبتين، ثم يقام للصلاة، هذا هو الأمر المعلوم وهو الذي جاءت به السنة كما قال السائل، وأمر معروف عند أهل العلم والإيمان، ثم إن الناس كثروا في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه في المدينة، فرأى أن يزاد الأذان الثالث - ويقال: الأذان الأول - لأجل تنبيه الناس على أن اليوم يوم الجمعة؛ حتى يستعدوا ويبادروا إلى الصلاة قبل الأذان المعتاد المعروف بعد الزوال، وتابعه في هذا الصحابة في عهده، وكان في عهده علي رضي الله عنه، وعبد الرحمن بن عوف أحد العشرة والزبير بن العوام أحد العشرة أيضا، وطلحة بن عبيد الله، وغيرهم من أعيان الصحابة وكبارهم، وهكذا سار المسلمون على هذا في غالب الأمصار والبلدان تبعا لما فعله الخليفة الراشد رضي الله عنه عثمان، وتابعه عليه الخليفة الراشد أيضا علي رضي الله عنه وأرضاه، وكذا بقية الصحابة، فالمقصود أن هذا حدث في خلافة عثمان وبعده
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (49) .(13/206)
واستمر عليه غالب المسلمين في الأمصار والأعصار إلى يومنا هذا، وذلك أخذا بهذه السنة التي فعلها عثمان رضي الله عنه، لاجتهاد وقع له ونصيحة للمسلمين، ولا حرج في ذلك، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ (1) » وهو من الخلفاء الراشدين رضي الله عنه، والمصلحة ظاهرة في ذلك، فلهذا أخذ بها أهل السنة والجماعة، ولم يروا بهذا بأسا لكونها من سنة الخلفاء الراشدين عثمان وعلي ومن حضر من الصحابة في ذلك الوقت رضي الله عنهم جميعا.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144) ، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) ، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676) ، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42) ، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95) .(13/207)
س: يقول السائل: عندنا خلاف حول الأذان الأول من يوم الجمعة، فمنهم من يقول بأنه ليس من السنة، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا فيجب تركه. ومنهم من يصر على الاستمرار في الأذان الأول، فما السنة يا سماحة الشيخ (1) ؟
ج: الأذان الأول من السنة، لأنه فعله عثمان رضي الله عنه وأقره عليه علي والصحابة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي (2) » وعثمان من الراشدين وعلي كذلك، وقد فعله عثمان وأقره علي والصحابة، وفيه مصالح: تنبيه الناس
__________
(1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (424) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144) ، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) ، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676) ، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42) ، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95) .(13/207)
على أن اليوم يوم الجمعة حتى يستعدوا للتبكير إليها، فلا حرج فيه وليس ببدعة بل هو سنة، لأنه من سنة الخلفاء الراشدين، وقد أوصى بذلك النبي عليه الصلاة والسلام.(13/208)
137 - بيان حكم الخطبة يوم الجمعة
س: هل خطبة الجمعة يا سماحة الشيخ، هل هي واجبة أم سنة أم فرض؟ وهل هي من إكمال الصلاة؟ أفيدونا مأجورين (1)
ج: خطبة الجمعة شرط من شروط الصلاة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حافظ عليها، كان يخطب في الجمعة ولم يتركها مرة واحدة، فهي شرط من شروط صحة صلاة الجمعة أن يخطب خطبتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2) » وكان يخطب خطبتين عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (358) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631) .(13/208)
138 - بيان الشروط المعتبرة في خطيب الجمعة
س: السائل: ط. من ليبيا يقول: ما هي الشروط الواجب توفرها في خطيب الجمعة، وكذلك للصلوات الخمس (1) ؟
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (423) .(13/208)
ج: كونه مسلما يجيد القراءة هذا هو المشروط فيه أما كونه أعلم الناس أو كونه عالما أو كونه سنه كذا لا يشترط، لكن إذا تيسر أنه ذو بصيرة، وأن قراءته حسنة، ويجيد الخطبة، هذا هو المطلوب، «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (1) » هذا هو الأفضل أن يكون أقرأ من غيره، له قراءة جيدة وذا علم وبصيرة يستطيع الخطبة، سواء كان كبير السن أو شابا لكن يكون قد بلغ الحلم خروجا من خلاف من قال: لا يؤم المتنفل المفترض. فإذا كان قد بلغ الحلم مكلفا كان أحوط خروجا من الخلاف، ويكون ممن يجيد القراءة، يجيد الصلاة، يحسن الصلاة، ويجيد الخطبة، إذا كان في الجمعة أو الأعياد، ولا يلحن في الفاتحة بل يجيد قراءة الفاتحة المقصود أن يكون ممن يجيد القراءة التي تصح معها الصلاة، وأن يكون يجيد الخطبة حتى يعظ الناس، حتى يذكرهم في الجمعة والأعياد، والأحوط أن يكون قد بلغ الحلم خروجا من خلاف من قال: لا تصح إمامة من كان متنفلا بمن كان مفترضا، والصحيح أنه تجوز إمامة المتنفل بالمفترض، قد كان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي العشاء ثم يرجع فيصلي بأصحابه فريضتهم وهو متنفل، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف فريضة بجماعة، ثم صلى صلاة
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673) .(13/209)
الخوف بآخرين جماعة، وهي له نافلة ولهم فرض، عليه الصلاة والسلام.(13/210)
س: ما هي الشروط اللازمة للخطيب، وهل تصح خطبة من هو أعزب إذا لم يوجد غيره في البلد (1) ؟
ج: شروط الخطيب أن يكون ذا علم وذا بصيرة، أو يخطب من كتاب مأمون قد وضعه أهل العلم والبصيرة، فيخطب منه للناس إذا كان صوته يسمع الناس، أو من طريق المكبر، وكان عدلا، أما إذا كان معروفا بالمعاصي فينبغي ألا يولى الخطابة، ينبغي أن يولى أهل العدل والخير والفضل، فالمقصود أن الخطيب إذا كان مسلما صحت صلاته، وصحت خطبته إذا حصل المقصود بها من وعظ الناس وتذكيرهم من جهة نفسه لكونه عالما. أو من كتاب يحصل به المقصود مما ألف في خطب الجمعة، فلا حرج في ذلك، وينبغي للمسؤولين ألا يولوا إلا أهل الفضل والعدالة والاستقامة، لكن لو قدر أنه ذو معصية وصلى بالناس صحت صلاتهم في الصحيح ما دام مسلما، فالمعصية لا تبطل صلاته، ولا صلاة من خلفه، لا جمعة ولا جماعة، لكن المسؤولون المشروع لهم والواجب عليهم أن يتحروا في ذلك، وأن يجتهدوا بتولية الأخيار، وألا يولوا على أمور المسلمين لا في الإمامة ولا في الأذان ولا في الخطابة
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (215) .(13/210)
إلا من عرف بالخير والاستقامة والأهلية للخطابة، لأنه ذو علم وبصيرة وكفؤ للإمامة، لأنه ذو فضل وبصيرة وأنه صالح للإمامة، وهكذا في الأذان، ذو أمانة وعدالة وصوت حسن، فالمسؤولون يختارون لهذه الوظائف من هو أهل لها، وإذا علموا أن هذا الرجل ليس صالحا لهذه الوظيفة أما لعي في لسانه فما يصلح أن يكون خطيبا، أو لأنه معروف بالمعاصي أو بالبدعة فلا يولى، وهكذا الإمام لا يولى إذا كان معروفا بالمعاصي، لا يولى على المسلمين إلا خيارهم وأفاضلهم ومن هو صالح للإمامة لحسن تلاوته وعدالته في نفسه، وكونه أهلا للصلاة في طمأنينته وأداء حق الصلاة، وهكذا الخطيب يكون أهلا لذلك، يحسن الخطابة، ولأنه ذو علم وفضل، أو لأنه يخطب من كتاب معروف معتمد من تأليف أهل العلم والبصيرة المعروفين بالاستقامة.(13/211)
س: يسأل عن الشروط التي لا بد أن تتوفر في خطيب الجمعة (1) ؟
ج: ينبغي أن يختار لخطبة الجمعة أهل العلم والبصيرة والتقوى، هكذا على المسؤولين في الأوقات وغيرها والمسؤولين عن تعيين الخطباء الواجب أن يتحرى فيهم العلم والفضل والتقوى والعدالة وحسن السمعة، حتى يوجهوا الناس إلى الخير، وحتى يكونوا قدوة صالحة في أخلاقهم وأعمالهم، هكذا يختار للخطبة الرجل المعروف بالعلم
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (342) .(13/211)
والفضل والسيرة الحميدة، والسمعة الحسنة والصوت الحسن، هذا ينفع الله به الناس في علمه وفي أخلاقه وفي سيرته، يكون قدوة في أخلاقه نافعا في علمه وتوجيهاته.(13/212)
س: المستمع: ع. أ، من اليمن يسأل عن الشروط التي لا بد أن تتوفر في خطيب الجمعة (1) ؟
ج: خطيب الجمعة يجب أن يكون ممن تتوفر فيه العدالة، ويفهم كيف يخطب الناس، وبعض أهل العلم يشترط فيه أن يكون مكلفا، ولكن لو صلى غير مكلف أجزأ، فإن إمامة غير المكلف مجزئة كما أم عمرو بن سلمة جماعته، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (2) » فإذا كان قارئا يجيد الخطبة فالحمد لله، والأولى أن يكون مكلفا معروفا بالخير معروفا بالعدالة الظاهرة حتى تطمئن قلوب الجماعة، ولكن ليس شرطا أن يكون مكلفا، وليس شرطا أن يكون عالما، بل متى ما أتقن الخطبة ولو لم يكن عالما ولو من صحيفة أجزأ ذلك، وإذا كان معروفا بالعدالة والاستقامة هذا هو الواجب.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (443) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673) .(13/212)
س: هل هناك شروط يجب توفرها في خطيب الجمعة (1) ؟
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (362) .(13/212)
ج: نعم، أن يكون ذا علم يستطيع أن يسمع الناس الخطبة، وأن يكون لها أثر في وعظهم وتذكيرهم، ينبغي أولا ولا بد من كونه مسلما، لأن الصلاة خلف غير مسلم ما تصح، وإذا كان عدلا فهو الأولى، وفي عدالته خلاف، لكن كونه عدلا معروفا بالخير هذا الذي ينبغي حتى تقبل موعظته، حتى تؤثر، ويكون من أهل العلم والبصيرة فيما أوكل إليه، وكل هذا مطلوب في الخطيب، أما كونه مسلما فهذا شرط أساسي، وجماعة من أهل العلم يقولون: لا بد أن يكون عدلا أيضا شرط، ولكن الصواب أنه ليس بشرط، لو خطب وهو عاص صحت الخطبة إذا كان مسلما ولكن إذا كان بالاختيار ينبغي لولاة الأمور والمسؤولين أن يختاروا الخطيب الرجل الطيب الصالح، الفقيه الصالح للخطبة في صوته ووعظه وتذكيره.(13/213)
139 - بيان المسنون لخطيب الجمعة
س: أنا خطيب جمعة في أحد المساجد في بلدتي، بماذا تنصحوني، وأي الكتب أقتنيها من أجل الخطبة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: ننصحك بأن تقتني الكتب التي ألفها العلماء الأخيار، وتستفيد منها في خطب الجمعة، وننصحك بعدم التطويل، وعليك الاختصار وعدم
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (289) .(13/213)
التطويل الذي يشق على الناس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة (1) » رواه مسلم في الصحيح من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، والكتب المؤلفة في هذا كثيرة، مؤلفة في خطب الجمعة، تقتني منها ما تيسر، وتستفيد منها وتنتفع منها، ومنها من المشايخ وأئمة الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وغيره من المشايخ، منها خطب لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، وفضيلة الشيخ عبد الله بن حسن بن القعود، وفضيلة الشيخ عبد الله خياط، وكتب أخرى تستفيد منها وتنتفع بها، ولكن مثل ما تقدم تحرص على عدم التطويل الذي يشق على الناس، وتتحرى الكلمات المناسبة الواضحة، وإيضاح الأحكام التي يحتاجها الناس، ولا سيما في الأوقات التي يناسب الإيضاح والأحكام التي تناسبها.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (869) .(13/214)
140 - حكم وضع الخطيب العمامة على رأسه أثناء الخطبة
س: رسالة وصلت إلى البرنامج من محافظ الفيوم من مصر، مستمع رمز لاسمه: ف. س، يسأل ويقول: هل يجب على الخطيب عندما يصعد على المنبر أن يضع شيئا على رأسه على سبيل المثال عمامة؟ وهل(13/214)
يجوز للشاب غير المتزوج أن يكون خطيبا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: السنة لكل مؤمن إذا قصد الصلاة أن يأخذ زينة، ويوم الجمعة بوجه أخص يستحب فيه أخذ الزينة، قال الله جل وعلا: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2) فالسنة للخطيب وغيره أخذ الزينة يوم الجمعة ويوم العيد، ولذا إذا كان غطاء الرأس في بلده معروفا ومن الزينة شرع له ذلك، وإذا كان أهل بلده لا يعتادون ذلك فلا حرج في تركه، ولكن غطاء الرأس بالزينة المعتادة أو العمامة المعتادة يكون أفضل، وليس شرطا لأنه ليس بعورة، والشاب له أن يكون خطيبا وإن لم يتزوج إذا كان أهلا لذلك، إذا كان عنده علم وعنده بصيرة ومعروفا بالخير فلا حرج أن يكون خطيبا، ليس من شرط الإمامة والخطابة أن يكون الإمام ذا زوجة.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (443) .
(2) سورة الأعراف الآية 31(13/215)
141 - بيان ما ينبغي مراعاته في خطبة الجمعة
س: يسأل حول خطبة الجمعة فيقولون: هل يجب أن تكون خطبة مأخوذة عن النبي صلى الله عليه وسلم أم تكون الخطبة مرتجلة، لمكافحة الخطايا التي تنشأ في المجتمع؟ بمعنى: هل يجب أن تكون الخطبة معاصرة أم كيف توجهون الناس؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (327) .(13/215)
ج: الخطبة ليست توقيفية، فالإنسان يخطب بما يسر الله له، وإن لم يكن خطب بخطبة النبي عليه الصلاة والسلام، المقصود أن خطب الجمع والأعياد والمواعظ ليست توقيفية، لا يخطب الإنسان إلا بالشيء المنقول عن النبي عليه الصلاة والسلام لا، بل يخطب بما دل عليه الكتاب والسنة ولو لم يحفظ أن هذا منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب بذلك، فيخطب يوم الجمعة بما يعظ الناس وينفعهم في كل زمان، وفي كل عصر بما يناسبه، ففي الأماكن التي يكثر فيها الخمر يعظ الناس عن الخمر، ويحذرهم من الخمر، ويبين لهم أنه من الكبائر العظيمة، وما فيه من المفاسد والأخطاء، وإذا كان في بلد كثر فيه الربا يحذرهم من الربا، ويبين لهم شدة تحريم الربا، وإذا كان في بلد تكثر فيه الغيبة والنميمة حذرهم من ذلك، وإذا كان في بلد يكثر فيه الزنى واللواط حذرهم من ذلك، وإذا كان في بلد كثر فيه الإعراض والغفلة والجهل حثهم على طلب العلم والتفقه في الدين، وأرشدهم إلى حلقات العلم وإلى العلماء حتى يتعلموا، فهو يخاطب كل قوم بما يناسبهم وبما هو أنسب لحالهم ولمعلوماتهم، المقصود أنه يتحرى ما هو الأنفع في كل زمان وفي كل مكان.(13/216)
142 - بيان ما يقوله الخطيب عند صعود المنبر
س: السائل ج. ح. يقول: ماذا يقول خطيب الجمعة عندما يصعد المنبر(13/216)
في خطبة الجمعة (1) ؟
ج: يسلم، يقول: السلام عليكم، ثم يجلس، فإذا فرغ المؤذن قام وخطب.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (406) .(13/217)
143 - حكم قول الخطيب: " فاذكروا الله. . . " في آخر الخطبة
س: هل قول: فاذكروا الله يذكركم آخر الخطبة سنة (1) ؟
ج: لا أعلم في هذا شيئا، استعمله الخطباء ولا أعلم أنه ورد فيه شيء، لكنه من عمل الأئمة والخطباء المعروفين من أهل السنة والجماعة، ولكن لا أعلم شيئا في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هذا معروف بين الخطباء من العلماء المعروفين من علماء السنة، ولا أعلم مانعا في قوله.
__________
(1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (350) .(13/217)
144 - حكم التزام الخطيب قراءة قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} (1) . . . في آخر الخطبة
س: ما حكم التزام الخطيب في الخطبة الثانية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (2) الآية (3) ؟
__________
(1) سورة النحل الآية 90
(2) سورة النحل الآية 90
(3) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (367) .(13/217)
ج: ما هو بلازم إن فعلها وإلا ما هو بلازم، وإلا غيرها من الآيات، المقصود أنه يقرأ بعض الآيات.(13/218)
145 - حكم إمامة غير الخطيب في الجمعة
س: قرأت في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة رأيا للمالكية في شروط صحة الجمعة التي من صحتها الإمام، وحتى الإمام من شروطه شرطان: أحدهما أن يكون هو الخطيب، وإذا كان من خطب غير من صلى فالصلاة باطلة إلا أن يكون هناك عذر منع الإمام، ولم أجد إشارة لهذا الشرط عند الشافعية، حيث إنني رأيت في صلاة الجمعة واحدا يخطب وآخر يصلي. فما هي الإجابة؟ هل صحيح أنه يجب على من يخطب أن يكون هو الذي يصلي؟ وإذا كنت مالكيا فكيف تكون صلاتي؟ هل هي باطلة كما ورد في رأي المالكية؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء، وفقكم الله لكل خير، ووفقنا لاتباع الرأي الصائب (1) ؟
ج: المسألة مسألة خلافية بين أهل العلم، والصواب أنه لا يشترط أن يكون الخطيب هو الإمام في الصلاة، لأن الخطبة منفصلة ليس لها اتصال بالصلاة، فالصلاة منفصلة، والخطبة منفصلة، فالأفضل والسنة
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (76) .(13/218)
أن يتولى الخطابة من يتولى الإمامة، فيكون الإمام هو الخطيب يوم الجمعة، وهكذا العيد، لكن لو قدر أن الخطيب لم يتيسر له ذلك بأن أصابه مانع أو حيل بينه وبين ذلك فالصلاة صحيحة، وهكذا لو صلى باختياره ولم يخطب بل استناب من يخطب عنه فلا بأس، الصحيح أنه لا حرج في ذلك، لأن هذا منفصل، هذه عبادة مستقلة، وهذه عبادة مستقلة، فالذين أجازوا أن يتولى الإمامة غير الخطيب لا حرج في ذلك ولا بأس بذلك قولهم صحيح، ولكن الأفضل والأولى أن يتولاهما واحد كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده، فالسنة أن يكون الإمام هو الخطيب، لكن لو عرض عارض أو منع مانع فصلى غير الخطيب فلا بأس.(13/219)
س: يوم الجمعة ألقى الخطيب الخطبة، وبعد الفراغ منها أقيمت الصلاة، فتقدم شخص غير الخطيب ليؤدي صلاة الجماعة، ما حكم ما فعلوا (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك أن يكون الخطيب شخصا والمصلي شخصا آخر، ولكن الأفضل أن يتولى الصلاة من تولى الخطبة، هذا هو الأفضل، فإذا تولى الصلاة غير من تولى الخطبة فلا حرج في هذا إن شاء الله.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (184) .(13/219)
146 - حكم توزع الأذان والخطبة والإمامة بين ثلاثة أشخاص
س: في يوم الجمعة أذن رجل الأذان الأول، وأذن آخر الأذان الثاني، وخطب خطبتي الجمعة رجل ثالث، وصلى بنا رجل آخر، ما حكم ذلك (1) ؟
ج: ليس في هذا حرج والحمد لله، يجوز أن يتولى الأذان الأول واحد، والثاني آخر، والخطبة شخص، والإمامة شخص، كل هذا لا حرج فيه والحمد لله، لكن الأفضل أن يتولى الخطبة من يتولى الصلاة إذا تيسر ذلك، والأفضل أن الإمام هو الخطيب كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وغيرهم، هذا هو الأفضل، لكن لو خطب إنسان وصلى آخر فلا حرج.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (149) .(13/220)
س: الأخ: س. ع، من خميس مشيط يقول: صليت إحدى الجمع في أحد المساجد في إحدى القرى، وعند انتهاء الخطيب من الخطبة ونزوله للشروع في الصلاة رأيته يقدم شخصا آخر بدلا عنه، وعند الانتهاء من الصلاة قام الشخص الآخر بإلقاء موعظة لمدة عشر دقائق، وعند خروجنا من المسجد قال لي أحد المصلين بأن هذا لا يجوز، خطبة على خطبة، لذا فإنه لم يجلس للاستماع إليها، فهل هذا صحيح (1) ؟
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (413) .(13/220)
ج: لا حرج أن يصلي الجمعة غير الخطيب إذا رأى الخطيب تقديم أحد يصلي الجمعة لا بأس، وإذا وعظ إنسان بعد الجمعة فلا حرج، والذي يقول: خطبة بعد خطبة، ليس عنده علم، فإذا وعظ واعظ بعد الجمعة وذكر مذكر بعد الجمعة فلا حرج، والحمد لله.(13/221)
س: سماحة الشيخ، الإفتاء بغير علم يتجرأ بعض الناس ويفتون بغير علم، هل من توجيه (1) ؟
ج: الإفتاء من غير علم من أعظم الكبائر والذنوب العظيمة، فيجب على المسلم أن يتقي الله، وأن يفتي إلا عن علم وعن بصيرة، يقول الله جل وعلا: {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (2) جعل القول على الله بغير علم في المرتبة العليا فوق الشرك لعظم خطره، وعظم فساده، قال تعالى في وصف الشيطان: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (3) فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وألا يقول على الله إلا عن علم.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (413) .
(2) سورة الأعراف الآية 33
(3) سورة البقرة الآية 169(13/221)
147 - حكم الاقتصار على خطبة واحدة للجمعة
س: حدث أن خطب الإمام يوم الجمعة خطبة واحدة، وهو رجل صلى بالنيابة عن الإمام لغياب الإمام، وهو كبير السن، وبعد نهاية خطبته الأولى قال للناس: قوموا للصلاة. فالناس قاموا وصلوا، ثم اختلف بعد ذلك كثير من الناس، هل الصلاة صحيحة أم لا؟ وأردنا من سماحتكم الإفادة (1) ؟
ج: الصلاة غير صحيحة، وعليه أن يرجع ويخطب الخطبة الثانية، ثم يعيد الصلاة فلا بد من خطبتين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهما شرط لصحة الصلاة، هذا هو الأصح، فعلى هذا الرجل أن يعيد الصلاة وأصحابه عليهم أن يعيدوا عليه وعلى أصحابه أن يعيدوا الصلاة ظهرا، وفي المستقبل لا بد من خطبتين قبل الصلاة.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (328) .(13/222)
148 - حكم ترجمة خطبة الجمعة إلى لغة غير العربية
س: يوجد بالشركة التي نعمل بها عمال ينطقون بأكثر من عشر لغات، ولا يعلمون اللغة العربية، فهل يجوز خلال خطبة الجمعة أن يوجد من يترجم الخطبة؟ يعني يخطب الخطيب لمدة عشرة دقائق ثم يليه المترجم وهكذا، أرجو أن توجهونا جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (134) .(13/222)
ج: لا ريب أن تفهم الناس مقاصد الخطبة بلغتهم التي يفهمونها أمر مهم، والحاجة إليه ماسة، وكتبنا في ذلك ما شاء الله مما نرجو أن ينفع الله به الأمة، والذي نرى في ذلك أنه ينبغي للخطيب إذا كان يجيد لغة الحاضرين أن يبين لهم بلغتهم معاني الخطبة ومقاصد الخطبة حتى تتم الفائدة، وإذا كان لا يجيد ذلك فلا مانع من وجود مترجم يترجم مقاصد الخطبة للحاضرين الذين لا يفهمون اللغة العربية سواء كان ذلك في أثناء الخطبة بعد كل جملة يتكلم بمعانيها بغلتهم، أو عند نهاية الخطبة يترجم لهم مقاصدها ومعانيها ليستفيدوا من ذلك وتحصل الفائدة لهم كما حصلت لغيرهم من إخوانهم الذين يفهمون لغة الخطيب.(13/223)
149 - حكم ترك المسجد المجاور إلى مسجد في قرية أخرى
س: من الأخ: ص. ع. ش، يقول: إنني وبعض الأشخاص نذهب يوم الجمعة لأداء صلاة الجمعة في مسجد جامع في قرى مجاورة بالرغم من وجود مسجد جامع لدينا وبه خطيب، فهل يجب علينا أن نصلي في ذلكم المسجد أم أنه لا مانع من أن يصلي الإنسان في الجامع البعيد منه؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: ليس هناك مانع من الانتقال من جامع إلى جامع ولو كان أبعد من
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (340) .(13/223)
الجامع الذي بقربه، لا حرج أن تذهب إلى جامع آخر لمصلحة شرعية، لأن خطيبه أعلم وأفقه، أو لأنك تتأثر بخطبته أكثر، أو لأسباب أخرى شرعية المقصود أنه لا حرج، وليس من اللازم أن تصلي في الجامع الذي حولك ما لم يترتب على تركك له مضرة، فأنت بالخيار تصلي في أي جامع ولا سيما الجامع الذي يحصل لك فيه تأثر وخشوع، وللانتفاع بالفائدة.(13/224)
س: يوجد في منطقتنا مسجدان: أحدهما قريب علينا، والآخر بعيد عنا، ولكننا غالبا ما نذهب إلى البعيد، وذلك لأن خطيبه يجيد الخطبة بدون استعمال ورقة مع بلاغته، أما المسجد القريب لنا فإن خطيبه يستعمل في خطبته الورقة مما جعل أغلب الناس يتجهون إلى ذلك المسجد البعيد ويتركون هذا المسجد، فهل هذا جائز؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: المؤمن يلتمس ما هو الأنفع له وما هو أكثر أثر في قلبه، فإذا كانت الصلاة مع البعيد تؤثر في القلب أكثر، وينتفع بها أكثر بحسن أسلوب خطابته، ولعنايته بالخطبة واهتمامه بها فهذا أولى سواء كان يخطب بالورقة أو عن ظهر قلب، ولا عيب على الخطيب بالورقة لأنها قد تكون أضبط لخطبته وأثبت له، فإذا كان يخطب بالورقة ولكنه يحسن الخطبة ويجيدها ويعتني بما يكتب في الورقة هذا طيب ولا لوم عليه، ولا عيب
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (143) .(13/224)
عليه في ذلك، وبعض الناس الذين يخطبون من دون ورقة قد يغلطون كثيرا وقد يرددون الكلام على غير فائدة، فأنت يا أخي عليك أن تستعمل ما هو أصح لقلبك وما هو أنفع لك، فالمسجد البعيد فيه زيادة الخطى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم فأبعدهم ممشى (1) » وإذا كانت خطبته أنفع لقلبه وأشد أثرا فيه فلا مانع من الذهاب إليه، أما كونها بالورقة أو من غير ورقة فهذا لا ينبغي أن يكون له أثر، بل الخطبة من الورق ومن غير ورقة كلها جائزة والحمد لله، والخطيب ينظر ما هو أصلح.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة برقم (651) .(13/225)
150 - حكم ترك المسجد المجاور إلى مسجد آخر لمصلحة شرعية
س: يوجد بجوارنا مسجد ولله الحمد، وتقام فيه الجمعة ولكن للأسف الشديد الخطيب لا يحسن الخطبة ويتحدث في مواضيع لا تفيد كثيرا، فهل يجوز لنا الذهاب لمسجد آخر أبعد منه طلبا للاستماع للخطبة الجيدة والمفيدة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: نعم، الإنسان يلتمس الخطب المؤثرة ولو بعدت، يلتمس الخطب المؤثرة ويذهب إلى المساجد التي فيها الخطيب الجيد المؤثر ولو
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (352) .(13/225)
بعدت، وهذا الخطيب الذي ليس عنده بصيرة تبلغ الجهات المختصة حتى تلتمس من يقوم مقامه ممن هو خير منه، الجهات المختصة تبلغ عن هذا الخطيب الذي لا يصلح حتى يلتمسوا من يقوم مقامه من أهل الخير.(13/226)
151 - حكم الخروج من المسجد يوم الجمعة بعد الأذان ودخول الخطيب
س: يقول: كنا جلوسا قبل صلاة الجمعة في المسجد لانتظار الخطيب فإذا بخطيب أعرف عنه سابقا أنه لا يجيد الخطبة، ولا تعجبني خطبته فهل لي أن أخرج إلى جامع آخر (1)
ج: لا ينبغي لك أن تخرج بعد الأذان، لا يخرج الإنسان، صل والحمد لله واستمع للفائدة، وإن رأيت خللا فانصحه بعد ذلك، وتوصيه بالخير.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (272) .(13/226)
152 - حكم النيابة عن الإمام في الخطبة وصلاة الجمعة
س: أنا أصلي بجماعة صلاة الجمعة حيث إنني تقدمت بالصلاة بهم وقراءة الخطبة، حيث إنه لا يوجد لدى الجماعة المذكورين في سؤالي هذا - وهم من أهالي القرية - من يستطيع أن يقوم بذلك، وإنني يا سماحة الشيخ لا أريد معاشا على ذلك، وإنما أسأل هل علي ذنب من تقدمي للصلاة بهم بحيث إنهم قدموني أخطب بهم(13/226)
وأصلي بهم؟ والله يحفظكم (1)
ج: لا حرج في هذا، أنت محسن، إذا تقدم الإنسان بإخوانه قدمه إخوانه يصلي بهم لأن إمامهم غير حاضر، أو لأن إمامهم توفي أو مستقيل، ولم يرسل إليهم إمام وخطيب، فقدموا أحدهم وصلى بهم فلا حرج في ذلك إذا كان أهلا للإمامة والخطبة فلا بأس، وهو مشكور ومأجور، وليس من شرط ذلك أن يعطى راتبا أو يعين من جهة الحكومة وإنما الراتب للمساعدة، ليس بشرط إنما تبذل الحكومة الرواتب للأئمة والخطباء لمساعدتهم وإعانتهم على هذا الأمر العظيم وعلى المشروع الجليل، فإذا احتسب بعض الجماعة وصلى بجماعته الجمعة أو الأوقات ابتغاء ما عند الله عز وجل فله أجره عند الله سبحانه وتعالى، ولا حرج عليه.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (12) .(13/227)
153 - توجيه لمن يرغب في الخطابة من الشباب
س: أنا شاب في الخامسة والعشرين، وبعد بلوغي هذا السن وفقني الله إلى حفظ أكثر من نصف القرآن، وأجد في نفسي الرغبة في إلقاء الخطبة يوم الجمعة، أرجو التوجيه من فضيلتكم وبأسماء المراجع التي أستعين بها؟ وجزاكم الله خيرا.
ج: إذا كان لديك القدرة وسمحت لك الجهات المختصة فلا بأس(13/227)
بذلك، لكن أنصحك أن تأخذ بعض الكتب التي ألفها العلماء وتستعين بها في ذلك، مثل الخطب للشيخ محمد بن صالح العثيمين، والخطب للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن الشيخ، وخطب أخرى للمشايخ لا بأس بها تستفيد منها، وإذا سمحت لك الجهة المختصة وعينتك خطيبا، أو سمحت لك أن تخطب في مسجد فلا بأس أن تستعين بالكتب المؤلفة في هذا الباب، وإن كان لديك قدرة وجمعت أحاديث في الباب، وكلمات طيبة تعرضها على بعض العلماء حتى يساعدوك في هذا الشيء وتستعين برأيهم، فهذا مناسب.(13/228)
154 - بيان في بعض ما يقرأ في آخر الخطبة من الآيات
س: هذه السائلة: د. م. م، من جمهورية مصر العربية تقول: قرأت حديثا بأن قول الإمام عند الانتهاء من خطبة الجمعة: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (1) إلى آخر الآية، هذا بدعة، فهل هذا صحيح، وإن كان كذلك فكيف يقع هذا من أئمة المساجد؟ جزاكم الله خيرا (2)
ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الخطبة، خطبة الجمعة، بعض الآيات عليه الصلاة والسلام، وهذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} (3)
__________
(1) سورة النحل الآية 90
(2) السؤال الأول من الشريط رقم (395) .
(3) سورة النحل الآية 90(13/228)
من أجمع الآيات، فلهذا كان الكثير من الخطباء يقرؤها في الخطبة، فقراءتها من أفضل القربات لأنها آية جامعة للأمر بالخير والنهي عن الشر: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (1) فهي آية عظيمة جامعة من جوامع الكلم، فلا بأس بقراءتها في الخطب.
__________
(1) سورة النحل الآية 90(13/229)
155 - حكم قول الخطيب: " أسمعونا الصلاة على النبي "
س: من الأخ: م. ز. س، من شمال سيناء يقول: بعض الأئمة في خطبة الجمعة وأثناء الخطبة يقول: سمعونا الصلاة على النبي، بين الفينة والأخرى، وأكثر من خمس أو ست مرات في الخطبة الواحدة، ويقول ذلك باللهجة العامية، فهل هذا جائز؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: هذا ليس بمشروع، لا يقول: سمعونا، بل الواجب عليهم الإنصات للخطيب حتى يستفيدوا من خطبته، وإذا صلى على النبي بينه وبين نفسه عند سماع ذكره صلى الله عليه وسلم فلا بأس، ولا يرفع صوته بل بينه وبين نفسه حتى لا يشوش على غيره، والواجب الإنصات على المأمومين
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (340) .(13/229)
لخطبة الخطيب يوم الجمعة، ولا يتكلمون بشيء يشوش عليهم أو على غيرهم، ولكن إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه عند مرور ذكره فهذا هو المشروع.(13/230)
156 - حكم التأمين والصلاة على النبي عند دعاء الخطيب
س: السائل من اليمن يقول: هل تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ وقول: آمين، عند دعاء الخطيب بالنسبة للمستمعين أم يعتبر ذلك من اللغو (1) ؟
ج: لا بأس بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من غير جهر يشوش على من حولك، إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم تصلي عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «رغم انف امرئ ذكرت عنده فلم يصل علي (2) » فإذا سمعت الصلاة على النبي تصلي عليه بينك وبين نفسك من غير جهر، وهكذا غيرك، للحديث المذكور وغيره من الأحاديث.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (385) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7402) ، والترمذي في كتاب الدعوات، باب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أنف رجل، برقم (3545) .(13/230)
157 - بيان ما يشرع فعله للخطيب والسامعين أثناء الخطبة
س: يقوم الخطيب بالدعاء رافعا يديه إلى السماء والناس يؤمنون على دعائه بقولهم: آمين، وقد سمعنا من خلال برامجكم أن هذا غير جائز، أي أن التأمين على دعاء الخطيب غير وارد، فالسؤال هنا: ماذا يفعل الجالسون إذا قام الخطيب بالدعاء بصوت مرتفع، هل يرفعون أيديهم معه أم ماذا يفعلون؟ وأرجو أن تفيدونا عن الأفضل للخطيب فعله في الخطبة، هل هو تطويلها أم اختصارها؟ وما هي المواضيع التي تفضلون للخطيب أن يتناولها، هل هي سرد القصص، أم بيان الأمور الفقيهة، أم فيما يخص العقيدة؟ أرشدونا إلى الصواب، وجزاكم الله عنا كل خير (1)
ج: المشروع للخطيب الاقتصاد في الخطبة وعدم التطويل، قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة (2) » أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، وهذا يدل على أن السنة والأفضل أن يطيل الصلاة، ويقصر الخطبة تقصيرا لا يخل بالمقصود، ويشرع له أن يتحرى ما يحرك القلوب ويقربها من الله،
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (163) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (869) .(13/231)
ويباعدها من أسباب غضبه، ويذكر في خطبته ما يحتاجه الناس من الأحكام الشرعية، بيان ما أوجب الله وما حرم الله، ويكون فيها تحريك القلوب بالوعظ والقصص المفيدة النافعة، والآيات القرآنية التي فيها الوعظ والتذكير، والترغيب والترهيب، ولا يرفع يديه في الخطبة إلا في الاستسقاء إذا كان يستغيث يطلب السقيا يطلب المطر يرفع يديه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما استسقى في خطبة الجمعة رفع يديه، أما الخطب العادية التي ليس فيها استسقاء فلا يشرع فيها رفع اليدين، بل يدعو من دون رفع اليدين، هكذا السنة، والمأموم إذا أمن بينه وبين نفسه على الدعاء لا حرج إن شاء الله بينه وبين نفسه كما تقدم، ولا يرفع يديه، المأموم كالإمام لا يرفع يديه إلا في الاستسقاء إذا استسقى - يعني إذا طلب الغوث من الله أو المطر - فإنه يرفع يديه كما رفع النبي يديه في الاستسقاء والمأمومون كذلك يرفعون أيديهم إذا رفع الإمام في الاستسقاء، أما خطب الجمعة العادية فإنه لا يرفع فيها، وهكذا خطب العيد لا يرفع فيها، الرفع في خطبة الاستسقاء خاصة كما ثبت ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.(13/232)
158 - حكم رفع اليدين للدعاء أو التأمين أثناء الخطبة
س: ما حكم رفع اليدين بالدعاء للمأمومين في يوم الجمعة ذلك بأنني(13/232)
أرى هذه الظاهرة منتشرة بكثرة؟ (1)
ج: أما حال الخطبة فلا يرفع الإمام ولا يرفع المأموم، ينصتون ولا يرفعون أيديهم، ولا يرفعون في الخطبة إلا في الاستسقاء، إذا استسقى طلب الغوث طلب المطر يرفع يديه، ويرفعون أيديهم معه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة لما استسقى عليه الصلاة والسلام، أما الخطبة العادية التي ليس فيها استسقاء فإن السنة أنه لا يرفع هو ولا يرفعون هم، ولو دعا يدعو لكن من دون رفع، وهكذا خطبة العيد ليس فيها رفع إلا إذا استسقى، إذا طلب السقيا طلب الغوث طلب المطر فإن السنة أنه يرفع يديه، والمأمومون يرفعون أيديهم في الجمعة وفي غيرها حتى لو كان جالسا بين أصحابه، إذا استسقى العالم بين أصحابه وهو جالس ورفع يديه يرفعون أيديهم في حلقة العلم، أو في أي مكان، وهم محتاجون للغيث، ورفع يديه وهم في حلقة قال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا. ورفعوا أيديهم، كله طيب لا حرج فيه، ولا حرج في ذلك أيضا إذا رفع الإنسان يدعو ربه يسأل ربه من فضله في بعض أوقاته، في بيته، في المسجد بعد صلاة النافلة، أو في أي مكان، إذا دعا ربه ورفع يديه، فرفع اليدين من أسباب الإجابة، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن ربكم حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (222) .(13/233)
صفرا (1) » يعني خاليتين، فرفع اليدين من أسباب الإجابة، لكن المواضع التي لم يرفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجدت في عهده لا نرفع فيها، يعني تركه حجة وفعله حجة عليه الصلاة والسلام، فخطبة الجمعة وخطبة العيد لم يرفع فيهما، فلا نرفع إلا إذا كان في الاستسقاء في طلب الغيث والمطر، وهكذا بعد الفريضة إذا سلم لا يرفع يديه فلا نرفع بعد الفريضة، وهكذا في دعاء آخر الصلاة قبل أن يسلم، كان يدعو قبل أن يسلم ولم يرفع يديه، وهكذا بين السجدتين كان يدعو ولا يرفع يديه، فالشيء الذي ما رفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم وهو موجود في عهده وقد فعله لا نرفع أيدينا فيه تأسيا به صلى الله عليه وسلم في الفعل والترك، والله المستعان.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488) ، والترمذي في كتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556) ، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء، برقم (2865) .(13/234)
س: ما حكم من يرفع يديه والخطيب يدعو للمسلمين في الخطبة الثانية مع الدليل؟ أثابكم الله وجزاكم خيرا (1)
ج: رفع اليدين غير مشروع في خطبة الجمعة، ولا في خطبة العيد لا للإمام ولا للمأمومين، وإنما الإنصات للخطيب والتأمين على دعائه بينه وبين نفسه من دون رفع صوت، وأما رفع اليدين فلا يشرع، ولم يكن
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (149) .(13/234)
النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في خطبة الجمعة ولا في خطبة الأعياد، ولما رأى الصحابة بعض الأمراء يرفع يديه في خطبة الجمعة أنكروا عليه ذلك، قالوا: ما كان النبي يرفعهما عليه الصلاة والسلام. نعم إذا كان في الاستسقاء يستغيث في خطبة الجمعة فإنه يرفع يديه في حال الاستغاثة، حال الاستسقاء طلب الغيث طلب المطر، كان النبي يرفع يديه في هذه الحالة إذا استسقى في خطبة الجمعة أو في خطبة العيد، كان يرفع يديه عليه الصلاة والسلام أما في الخطبة التي ليس فيها استسقاء فما كان يرفع عليه الصلاة والسلام.(13/235)
س: هل يجوز رفع الأيدي عندما يدعو الخطيب يوم الجمعة؟ لأنني سمعت أنه لا يجوز رفع الأيدي عند دعاء يوم الجمعة (1)
ج: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في خطبة الجمعة، ولما رأى بعض الصحابة بعض الأمراء يرفع يديه في خطبة الجمعة أنكر ذلك، والعبادة توقيفية ليس للرأي فيها مجال، فلا ينبغي للخطيب يوم الجمعة أن يرفع يديه بالدعاء، لأن هذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا إذا كان يستسقي، يعني يستغيث، يطلب من الله الغوث من الجدب والقحط فلا بأس أن يرفع يديه في خطبة الجمعة عند دعاء الاستغاثة كما فعل ذلك النبي الكريم عليه الصلاة والسلام؛ فإنه لما
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (143) .(13/235)
استغاث يوم الجمعة في خطبة الجمعة رفع يديه ودعا، ورفع الناس أيديهم، أما الخطب العادية التي ليس فيها استغاثة فإنه لا يرفع يديه، لماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يرفع يديه، وهو الذي يقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1) » والله يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2) فلما كان عليه الصلاة والسلام لا يرفع في خطبة الجمعة وهكذا خطبة العيد فإنه لا يشرع لنا أن نرفع فيهما إلا في الاستسقاء أو في الجمعة أو في العيد إذا استسقى الإمام يرفع يديه كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631) .
(2) سورة الأحزاب الآية 21(13/236)
س: كثر السؤال سماحة الشيخ عن رفع اليدين للدعاء في يوم الجمعة، وكذلك الإمام حين يدعو بالمأمومين ويجهر بصوته، وتأمين المأموم، هل هذا صحيح أم لا؟ (1)
ج: السنة للإمام يوم الجمعة في الخطبة ألا يرفع يديه، ما كان يرفع النبي يديه عليه الصلاة والسلام لا في الجمعة ولا في العيد، وهكذا الجماعة لا يرفعون أيديهم، ولكن إذا أمنوا بينهم وبين أنفسهم على دعائه، سمعوا الدعاء وأمنوا بينهم وبين أنفسهم فلا حرج في ذلك، وإنما الرفع يكون في
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (175) .(13/236)
خطبة الاستسقاء، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استسقى وطلب الغيث رفع يديه واستسقى، والسنة للجماعة أن يرفعوا أيديهم أيضا كما رفع الإمام، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رفع يديه ورفع الصحابة أيديهم في الاستسقاء - يعني في طلب الغيث طلب المطر - أما الجمعة والعيد فيدعو الإمام في الخطبة، ولكن لا يرفع يديه، وهكذا الجماعة لا يرفعون أيديهم، هذا هو السنة.(13/237)
س: بعض المساجد يوجد فيها شخص بعد صلاة الجمعة يرفع يده ويطلب الله عز وجل، والبعض من المصلين من حوله يقولون: آمين، هل هذا العمل جائز؟ (1)
ج: هذا لا أصل له، هذا بدعة ليس بجائز، كل يدعو بينه وبين ربه، كل واحد يدعو بينه وبين ربه.
س: هل يجوز رفع اليد عند دعاء الإمام في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة؟ (2)
ج: إذا كان يستسقي، أما غير الاستسقاء لا يرفع الإمام ولا هم، لكن إذا استسقى، طلب الغيث يرفع يديه، وسن لهم أن يرفعوا أيديهم في الدعاء عند طلب الغيث في جمعة أو في غير جمعة.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (359) .
(2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (359) .(13/237)
159 - حكم رفع اليدين بالدعاء عند جلوس الخطيب بين الخطبتين
س: سأل السائل ويقول: ما حكم الدعاء ورفع اليدين بعد استراحة الخطيب يوم الجمعة، وما هي أوقات الإجابة في ذلك اليوم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: رفع اليدين لا أعلم أنه ورد في هذا شيء، لكن الدعاء طيب بين الخطبتين، إذا دعا ترجى الإجابة، وهكذا في سجوده في صلاة الجمعة، وفي التحيات وبعد الشهادة، وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء ترجى إجابته في آخر صلاة الجمعة قبل أن يسلم، وفي السجود كل هذا محل دعاء، وكذلك بين السجدتين إذا دعا ترجى الإجابة، أما رفع اليدين ما أعلم أنه ورد في هذا شيء في هذا الوقت، ولعل عدم الرفع أولى لعدم وروده، والأصل جواز رفع اليدين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن رفع اليدين من أسباب الإجابة، فإذا رفع يديه في موضع لم يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع أو ترك فلا حرج، أما الموضع الذي يعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم ما رفع لا يرفع، مثل خطبة الجمعة لا يرفع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما رفع يديه في دعاء خطبة الجمعة، ولا في الدعاء بين السجدتين، ولا في الدعاء في التحيات، لا يرفع، ولا إذا سلم من الصلاة الفريضة لا يرفع؛
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (420) .(13/238)
لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما رفع في هذه المواضع، أما إذا رفع في دعوات، إذا دعا ربه بينه وبين ربه، أو بعد النافلة رفع بعض الأحيان بعد النافلة فلا حرج، أما في دعائه بين الخطبتين هذا هو محل النظر، لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع بين الخطبتين، ولا دعا بين الخطبتين، فالأفضل الترك في هذا، يدعو بينه وبين نفسه فقط.(13/239)
160 - مسألة في بيان ساعة الإجابة من يوم الجمعة
س: وما أرجى وقت لاستجابة الدعوة يوم الجمعة سماحة الشيخ؟ (1)
ج: إذا جلس الإمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة، وكذلك بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس هذا أرجى يوم الجمعة، من صعوده المنبر حتى تنتهي الصلاة وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس هذا أرجى وقت الدعوة في يوم الجمعة، ساعة الجمعة.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (420) .(13/239)
س: تقول السائلة: متى تكون ساعة الإجابة من يوم الجمعة، هل بين أذان الظهر الأول والثاني أم من صلاة العصر إلى أن يحين أذان المغرب؟ (1)
ج: الجمعة كل ساعاتها مظنة الإجابة، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (140) .(13/239)
أن فيها ساعة لا يرد فيها سائل، وهي ساعة قليلة، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة الإكثار من الدعاء يوم الجمعة من أوله إلى آخره، لكن أحرى الساعات وقتان، أحراها بالإجابة وقتان: أحدهما حين يجلس الإمام للخطبة يوم الجمعة على المنبر إلى أن تقضى الصلاة، جاء فيها حديث رواه مسلم في الصحيح أنها ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة، وقد أعله بعضهم بالوقف على أبي بردة، والصواب أنه متصل مرفوع، رواه مسلم في الصحيح، والوقت الثاني ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، جاء فيها حديث أيضا، هذان الوقتان هما أرجى الساعات وأحراها بساعة الإجابة، ولكن مع ذلك يستحب الدعاء في جميع أوقات الجمعة حرصا على هذه الساعة.(13/240)
س: ما هو أرجى وقت لساعة الإجابة في يوم الجمعة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: يوم الجمعة فيه ساعة لا يرد فيها سائل، من سأل الله وتضرع إليه وأخلص له وصدق في الدعاء كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام، ذكر أنه فيه ساعة لا يرد فيها سائل، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن أرجى وقت لهذه الساعة وقتان: أحدهما إذا جلس الإمام يوم الجمعة على المنبر للصلاة والخطبة؛ لأن فيه حديثا صحيحا
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (289) .(13/240)
رواه مسلم عن بريدة، أن هذه الساعة لا يرد فيها السؤال ما بين جلوس الإمام على المنبر إلى أن تقوم الصلاة يوم الجمعة. والوقت الثاني ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، جاء في ذلك أحاديث أيضا تدل على أن هذا الوقت ترجى فيه الإجابة من يوم الجمعة، ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، هذا الوقت الثاني، وجميع أوقات الجمعة كلها محل دعاء إذا دعاء بعد صلاة الجمعة والصبح، في جزء من يوم الجمعة، هو وقت ترجى فيه الإجابة، لكن هاتان الساعتان أرجى الساعات للإجابة، وهو ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقوم الصلاة، وما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس.(13/241)
161 - بيان تنقل ساعة الإجابة في يوم الجمعة
س: يقول هذا السائل من الكويت: أ. ف. قرأت في كتاب العبارات التالية، وأريد من سماحتكم بيان صحة ذلك، العبارة: واختلف في هذه الساعة - يعني ساعة الاستجابة في يوم الجمعة - ففي أفراد مسلم من حديث أبي موسى أنها ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تنقضي الصلاة، وفي حديث آخر: هي ما بين فراغ الإمام من الخطبة إلى أن تقضى الصلاة، وفي حديث جابر بأنها في آخر ساعة بعد العصر، وفي حديث أنس قال: التمسوها ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس. وقال أبو بكر الأثرم: لا تخلو هذه الأحاديث(13/241)
من وجهين: إما أن يكون بعضها أصح من بعض، وإما أن تكون هذه الساعة تنتقل في الأوقات كتنقل ليلة القدر في ليالي العشر، هل صحيح يا سماحة الشيخ أن هذه الساعة تنتقل في الأوقات، وكذلك ليلة القدر تنتقل في ليالي العشر؟ (1)
ج: نعم، ليلة القدر تنتقل في ليالي العشر، من الحادية والعشرين إلى الثلاثين، ترجى في الليالي كلها، لكنها في الأوتار آكد، وهكذا ساعة الجمعة ترجى ما بين جلوس الإمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة، وبعد العصر إلى غروب الشمس، كلها مظنة لهذه الساعة كما جاءت بها الأحاديث، فيستحب للمؤمن أن يتحراها في هذه الأوقات، يدعو الله في هذه الأوقات بين جلوس الإمام على المنبر يوم الجمعة إلى أن تقضى الصلاة، في سجوده أو بين الخطبتين وقبل الدخول في الصلاة، يدعو بما تيسر من الدعوات الطيبة، وفي آخر الصلاة قبل أن يسلم، وهكذا بعد العصر، يجلس في مصلاه ينتظر الصلاة، لأن من جلس ينتظر الصلاة فهو في صلاة، فإذا جلس في مصلاه ينتظر الصلاة في المغرب ودعا ربه آخر نهار الجمعة ترجى له الإجابة.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (429) .(13/242)
162 - حكم قراءة " سورة الكهف " يوم الجمعة
س: هل هناك نص نبوي شريف يحث على قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة؟ (1)
ج: جاء في أحاديث ضعيفة، ولكن ثبتت قراءتها يوم الجمعة من فعل بعض الصحابة، فإذا قرأها الإنسان فحسن إن شاء الله، لأن فعل الصحابة يدل على أن لها أصلا، فعل الصحابة ذلك يدل على أن لها أصلا.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (420) .(13/243)
163 - حكم الجلوس للدعاء في آخر ساعة من يوم الجمعة
س: تسأل المستمعة وتقول: قرأت في أحد الكتب بأن ساعة الإجابة يوم الجمعة في آخر ساعة بعد العصر، وأنا في هذا الوقت أقوم وأتوضأ، ثم أجلس متجهة نحو القبلة، وأدعو وأتضرع، ولكنني أخاف من هذا العمل أن يكون بدعة؟ (1)
ج: لا، هذا عمل طيب، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر: «أن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله عز وجل فيها شيئا إلا أعطاه إياه (2) » وأشار إلى أنها ساعة قليلة، وجاء في بعض الروايات أنها
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (435) .
(2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب ذكر الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة، برقم (1432) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الساعة التي ترجى في الجمعة، برقم (1127) .(13/243)
ما بين أن يجلس الإمام يوم الجمعة على المنبر إلى أن تقضى الصلاة، يعني ما بين جلوسه على المنبر إلى أن يفرغ من الصلاة، هذا محل الإجابة، إذا دعا فيه بين الخطبتين، أو في السجود في الصلاة الفريضة، أو في آخر الصلاة، كل هذا محل إجابة، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنها بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، فإذا جلس الإنسان بعد العصر على وضوء ينتظر المغرب ودعا فهو في حكم المصلي، المنتظر للصلاة كالمصلي، إن جلس ينتظرها فهو في صلاة، فينبغي الإكثار من الدعاء في هذه الحالة.(13/244)
164 - بيان بشأن الساعة الأولى من يوم الجمعة
س: يقول هذا السائل: سماحة الشيخ، أرجو منكم التوضيح عن الساعة الأولى في الجمعة، فأنا أريد أن أذهب في الساعات الأولى، وهل هي الساعة التاسعة أو العاشرة أو الثامنة؟ وماذا ورد في الأحاديث في التبكير في صلاة الجمعة يا سماحة الشيخ؟ (1)
ج: ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (426) .(13/244)
الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة (1) » هذا فيه فضل عظيم. ينبغي التبكير والمسارعة إلى الجمعة حتى يجتهد في القراءة والصلاة قبل أن يأتي الإمام، إذا جاء المسجد اجتهد في الصلاة، يصلي ما كتب الله له، ثم يجتهد في القراءة، يقرأ ما كتب الله له حتى يطلع الإمام للصلاة، هذا فضل عظيم، أما الساعة الأولى فالله أعلم بها، لكن الأقرب - والله أعلم - أنها بعد ارتفاع الشمس قيد رمح بعدما يصلي سنة الإشراق، سنة الضحى المبكرة، هذا هو الأقرب - والله أعلم - أن هذه الساعة الأولى، لأن السنة للمصلي أن يبقى في مصلاه حتى ترتفع الشمس، فيكون بعد هذا إذا راح في الساعة الأولى بعدما تطلع الشمس، بعدما يقضي حاجته في بيته يذهب إلى المسجد، هذه الساعة الأولى، هذا هو الأقرب، والله أعلم.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة، برقم (881) ، ومسلم في كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة، برقم (850) .(13/245)
165 - حكم التبكير إلى صلاة الجمعة
س: السائل أبو محمد من سوريا يقول: هل ورد أحاديث وآيات تدل على فضل التبكير لصلاة الجمعة؟ (1)
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (404) .(13/245)
ج: نعم، التبكير لها سنة، ومن هذا الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان في الصحيحين أنه قال صلى الله عليه وسلم: «الرائح إلى الجمعة في الساعة الأولى كالمقرب بدنة، وفي الساعة الثانية كالمقرب بقرة، وفي الساعة الثالثة كالمقرب كبشا، وفي الرابعة كالمهدي دجاجة، والخامسة كالمهدي بيضة (1) » هذا يدل على شرعية التبكير، ومتفاوتة للتفاوت في الأجر، وأن السنة للمؤمن أن يبكر للصلاة، لما في هذا من الخير العظيم، يصلي ما يسر الله من الركعات، يقرأ القرآن يشتغل بالتسبيح والتهليل والاستغفار، فيه فوائد جمة في التبكير، فالسنة التبكير إليها لما في ذلك من الخير العظيم والفوائد الجمة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة، برقم (881) ، ومسلم في كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة، برقم (850) .(13/246)
166 - حكم المداومة على الدعاء بعد الخطبة
س: ما حكم المداومة على الدعاء بعد نهاية خطبة الجمعة، هل هو بدعة أم أن ذلك حسن بالجواز؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في خطبته، فلا حرج إذا دعا الإمام في خطبته يوم الجمعة، فهو مشروع، أو العيد، والاستسقاء، كلها يدعا فيها.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (263) .(13/246)
167 - حكم الدعاء في الخطبة وكيفية تأمين السامع
س: هل الدعاء وارد في خطبة الجمعة، أي في نهايتها؟ وهل للمأموم أو المستمع أن يقول: آمين، سواء كان ذلك سرا أم بصوت مرتفع؟ (1)
ج: النبي كان يدعو في خطبه، فإذا دعا الإمام أمن المأموم بينه وبين نفسه، لا يجهر.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (412) .(13/247)
168 - حكم امتثال أمر الخطيب إذا قال: " قولوا لا إله إلا الله "
س: السائل م. ق. من الأردن يقول: أود أن أسأل عن خطبة الجمعة، إذا قال الخطيب: قولوا: لا إله إلا الله، فهل نفعل أم يكون هذا غير جائز؟ وهل نرفع الأيدي أثناء التأمين على دعاء الخطيب؟ لأن إمام المسجد ينكر على من يرفع يديه أثناء التأمين على الدعاء (1)
ج: إذا قال: قولوا: لا إله إلا الله، أو صلوا على رسول الله، نعم يذكر الله ويصلي على نبيه، لكن من دون جهر من دون أن يشغل من حوله بصوت منخفض، يصلي على الرسول، يذكر الله بصوت منخفض، ولكن لا يرفع الأيدي، لا الإمام ولا المأموم لا يرفعون أيديهم إنما هذا في الاستسقاء إذا استسقى طلب السقيا طلب المطر يرفع يديه، والمأمومون
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (424) .(13/247)
يرفعون أيديهم، أما الخطبة العادية يوم الجمعة إذا دعا فيها لا يرفع يديه ولا يرفعون أيديهم، المأمومون كلهم لا يرفعون، لأن الرسول ما كان يرفع عليه الصلاة والسلام إلا في الاستسقاء.(13/248)
169 - حكم دعوة الخطيب إلى وليمة على المنبر يوم الجمعة
س: السائل: أ. م. أ. يقول: هل يجوز للإمام في يوم الجمعة أن يدعو لوليمة زواج على المنبر قبل أسبوع من تاريخ الزواج؟ (1)
ج: الأظهر لي والأقرب عندي أنه لا يفعل ذلك، ليست المنابر محلا للدعوة للولائم، المنابر محل دعوة لطاعة الله، واتباع شريعته، وتعظيم أمره ونهيه، أما دعوة الولائم فتكون في وقت آخر، الذي يظهر لي أنه لا ينبغي للأئمة والخطباء أن يدعوا للولائم في خطبة الجمعة، ولا في خطبة العيد، دعوة الولائم تكون بالمكاتبة أو بالتليفون أو بإرسال رسول للمدعو، وما أشبه ذلك.
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (405) .(13/248)
170 - حكم التلفظ بالنية لصلاة الجمعة
س: ماذا يقول الإنسان عندما ينوي الصلاة؟ وأعني بالذات صلاة الجمعة (1)
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (352) .(13/248)
ج: ينوي بقلبه ويكفي، لا يقول شيئا إلا التكبير، ينوي بقلبه الصلاة مثل بقية الصلوات، ثم إذا كبر الإمام كبر، ويقول: الله أكبر، ناويا بقلبه صلاة الجمعة. مثلما يكبر ناويا صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وصلاة العيد إلى غير ذلك، أما ما يقول بعض الناس: نويت أن أصلي كذا، هذا لا أصل له بدعة، لا يتلفظ بالنية، النية محلها القلب، فالتلفظ بها بدعة سواء جهر أو سر، لا يجوز ولكن ينوي بقلبه إذا قام إلى الصلاة، قام بنية الصلاة، فإذا كبر الإمام كبر وقال: الله أكبر، ناويا بقلبه صلاة الجمعة، أو صلاة الظهر، أو صلاة الفجر، إلى غير ذلك.(13/249)
171 - حكم المداومة على قراءة " الأعلى " و " الغاشية " في الجمعة
س: الأخ: م. ف. ع. سوداني من الدويم، يسأل ويقول: عندنا إمام يصلي بنا ولكنه لا يقرأ في صلاة الجمعة إلا الغاشية والأعلى، فهل هذا العمل صحيح؟ وهل من نصيحة للأئمة حول ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: هذا العمل سنة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قرأ بـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (2) في الركعة الأولى من الجمعة، وقرأ بالغاشية، لكن المداومة عليها أمر لا ينبغي، بل ينبغي أن يقرأ بغيرهما بعض الأحيان، كالجمعة
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (135) .
(2) سورة الأعلى الآية 1(13/249)
والمنافقين، فإن النبي قرأ بهما في الجمعة أيضا عليه الصلاة والسلام، قرأ بالجمعة والمنافقين في الركعتين بعد الفاتحة، وقرأ بسبح والغاشية في الركعتين، وقرأ أيضا بالجمعة. و: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (1) فالمحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم ثلاث سور، يعني ثلاثة أنواع: النوع الأول: سبح في الأولى والغاشية في الثانية بعد الفاتحة، النوع الثاني: الجمعة في الأولى والمنافقون في الثانية، والنوع الثالث: الجمعة في الأولى والغاشية في الثانية.
__________
(1) سورة الغاشية الآية 1(13/250)
172 - بيان كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للظهر بعرفة يوم الجمعة
س: هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة أربعا في عرفة؟ (1)
ج: هذا غلط، هذا ليس صحيح، فالنبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر في عرفات ركعتين، ما صلى جمعة، كان في السفر لا يصلي الجمعة عليه الصلاة والسلام. وكان في حجة الوداع صادف يوم عرفة يوم الجمعة، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، سماها الراوي ظهرا، ثم صلى بعدها العصر ركعتين جمعا وقصرا، جمع تقديم يوم عرفة يوم الجمعة، ولم يجهر بالقراءة بل أسرها. ولو كان جمعة لجهر
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (11) .(13/250)
بالقراءة، ثم خطب الناس عليه الصلاة والسلام خطبة واحدة، وكان في الجمعة يخطب خطبتين، وهنا خطب الناس قبل الأذان، وكان في الجمعة يؤذن ثم يخطب، فلا يخفى أنه صلى ظهرا لا جمعة من وجوه كثيرة، من جهة أنه صلاها ركعتين سماها الراوي ظهرا، وصلى معها العصر قصرا وجمعا، ومنها أنه خطب خطبة واحدة قبل الأذان والجمعة خطبتان، ومنها أنه خطب قبل الأذان، والقاعدة في الجمعة أنه يخطب بعد الأذان، ومنها أنه لم يجهر بالقراءة، والجمعة يجهر فيها بالقراءة فعلم بذلك أن المسافر لا يصلي جمعة، وإنما يصلي ظهرا ركعتين، وهذا الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم في عرفات، وفعله معه المسلمون، أما الذين يذهبون للبرية دائما في رحلات نهاية الأسبوع فإنهم يصلون ظهرا، ولا يصلون جمعة، لأنهم في حكم السفر.(13/251)
173 - حكم الجمع بين صلاة الجمعة وصلاة الظهر احتياطا
س: هل تنوب صلاة الجمعة عن صلاة الظهر؟ أرجو توضيح ذلك على كافة المذاهب (1)
ج: نعم، إذا صليتم الجمعة كفت عن صلاة الظهر عند جميع أهل العلم، إذا صلى المسلم الجمعة على الوجه الشرعي الذي شرعه الله فإنها تجزئ
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (22) .(13/251)
عن صلاة الظهر، وفيه قول آخر لبعض العلماء، أنه إذا كان في البلد عدة جوامع فإنه يصلي الظهر بعد الجمعة احتياطا لأنه يخشى أن تكون بعض الجمعات لم تصح بسبب أنها صليت من دون عذر في التعدد، وهذا قول ليس بشيء ولا ينبغي أن يعول عليه متى تعددت الجمعة في البلد للحاجة إليها فإن كل جمعة مجزئة لمن صلى، فإذا كان في البلد أربعة جوامع خمسة جوامع كلها مجزئة عن صلاة الظهر والحمد لله، ولا ينبغي أن يصلي بعدها ظهرا كما يفعل بعض الناس في بعض البلدان، يصلي الظهر بعد الجمعة احتياطا، هذه بدعة لا وجه لها. ولا أصل لها، فمن صلى الجمعة كفته والحمد لله، فالله فرض علينا خمس صلوات وليست ستا، فمن صلى الظهر بعد الجمعة أتى بست صلوات، وهذا منكر، والله إنما فرض على العباد خمس صلوات في اليوم والليلة، خمس، والخامسة هي صلاة الجمعة في يوم الجمعة، فمن أتى بالظهر بعدها فقد أتى بسادسة، وهذا لا يجوز، وهذا بدعة فالجمعة كافية بحمد الله، إذا صلى الجمعة كفت، والحمد لله.(13/252)
174 - حكم إقامة جامعين في قرية قليلة السكان
س: الأخ: م. ع. ع. سوداني، يسأل ويقول: هل يجوز بناء جامعين في قرية واحدة قليلة السكان؟ وإذا كان ذلك يجوز فهل تجب الصلاة - أي صلاة الجمعة - في كلا الجامعين أم أن الجمعة لا(13/252)
تقام إلا في الجامع الأقدم؟ نرجو الإيضاح والتوجيه، جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا يجوز إقامة جامعين في قرية صغيرة لا تتحملهما، بل يكفي أن يصلوا في جامع واحد، وليس لهم أن يقيموا جامعا ثانيا ولا ثالثا إذا لم تكن هناك حاجة، بل هذا إسراف وغلط ومنكر، أما إذا كان هناك حاجة من أجل أن الجامع الأول لا يكفي لصغره، وأقاموا جامعا آخر، أو لأن البلد فيه قبيلتان أو جماعتان حصل بينهما وحشة وتهاجر وقطيعة، ويخشى لو اجتمعا في المسجد أن تقع بينهما كارثة فلا حرج للعذر الشرعي. وأما بدون عذر فالواجب أن يصلوا في الجامع الموجود، ولا يحتاج إلى جامع آخر، ولا يتفرقوا، ولو قدر حاجته إلى التوسعة وسعوه إذا أمكن فالحاصل أنه بدون حاجة لا يجوز جامع ثان، فإذا دعت الحاجة إلى جامع ثان لضيق الأول وعدم تيسر توسيعه، أو في توسيعه كلفة فإنهم يصلون في جامع ثان ولا حرج، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (183) .(13/253)
175 - حكم الانتقال بالجمعة من مسجد قديم إلى جديد أوسع منه
س: يوجد مسجد تقام فيه الجمعة والجماعة، وصار الآن ضيقا على المصلين وخاصة يوم الجمعة، وبني مسجد حديث أكبر من الأول، فإذا أقيمت صلاة الجمعة في المسجد الحديث هل هو(13/253)
جائز أم لا؟ مع العلم أن القرية صغيرة لا تقام فيها جماعتان يوم الجمعة (1)
ج: يقول السائل: إن القرية التي هو فيها بها مسجد صغير ضيق بالناس في الجمعة، وقد بني مسجد واسع فهل تنقل الصلاة إلى المسجد الواسع؟ هذا يرجع إلى أهل البلد، فتراجع أهل البلد وتراجع قاضي البلد وهو ينظر في الموضوع، فإن كان المسجد الأول لا يسع الناس انتقل إلى المسجد الثاني وصلي فيه، ولا يصلى جمعتان بدون مسوغ شرعي، ولكن بكل حال هذا يرجع لفضيلة قاضي البلد وأعيانها، وفيهم - إن شاء الله - الكفاية.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (31) .(13/254)
176 - حكم صلاة الظهر بعد الجمعة بسبب تعدد الجوامع
س: الأخ: ع. س، من العراق يقول: يوجد عندنا اختلاف في موضوع الجمعة، بعض العلماء يقولون: إذا تعددت المساجد في المدينة يجب إعادة فرض الظهر أربع ركعات جماعة في المسجد، وينسبون هذا القول إلى الإمام الشافعي رحمه الله، فهل هذا وارد؟ نرجو الإيضاح جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (210) .(13/254)
ج: ليس هذا بصحيح بل بدعة، بل صلاة الجمعة مجزئة، وإذا تعددت المساجد لعذر، لأن مسجدا واحدا لا يكفي، فالصلاة فيها جميعا جائزة وصحيحة والحمد لله، ولا نعلم ثبوت هذا عن الشافعي رحمه الله، ولو فرضنا أن الشافعي قاله عن اجتهاد فليس الشافعي ولا غيره من الناس معصومين، فالشافعي وغيره من أهل العلم قد يقول القول بغير حجة، بل عن اجتهاد فيكون قوله مرجوحا، وهذه المسألة: قول من قال بأنه يصلي صلاة الظهر بعد الجمعة قول مرجوح سواء قاله الشافعي أو غيره، الصواب أنه لا يعيد ولا يصلي ظهرا بل تكفيه الجمعة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا يأتون بصلاة الظهر بعد الجمعة، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم بعده، وهكذا سلف الأمة، والخير كله في اتباع سلف الأمة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1) » وإعادة الظهر بعد الجمعة عمل ليس عليه أمره، بل هو محدث، فيكون مردودا والجمعة كافية والحمد لله. نسأل الله للجميع التوفيق.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697) ، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718) .(13/255)
177 - حكم صلاة المرأة للجمعة في المسجد الحرام وغيره
س: تسأل المستمعة وتقول: هل للمرأة صلاة جمعة في المسجد الحرام؟ وهل تصلي مثل الرجال صلاة جمعة أم لا بد أن تصلي(13/255)
صلاة الظهر حتى ولو كانت في المسجد الحرام؟ (1)
ج: ليس على المرأة جمعة، بل عليها أن تصلي ظهرا في بيتها فإن صلت مع الناس الجمعة أجزأتها، إن صلت الجمعة مع الناس في المسجد أجزأتها عن الظهر وكفت، وإلا فإنها تصلي في بيتها ظهرا أربع ركعات، لكن لو حضرت الجمعة في المسجد الحرام أو غيره وصلت مع الناس الجمعة أجزأت وكفت عن الظهر، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (408) .(13/256)
س: تقول السائلة: أريد أن أعرف كيفية صلاة الجمعة بالنسبة للمرأة هل تصلي مثل الرجل أو تصلي الظهر كبقية الأيام؟ وهل يجوز أن تصلي قبل إقامة الصلاة؟ وهل يصح أن تصلي على أذان جامع آخر إذا سمعت الأذان قبل أذان الجامع الذي بجوار المنزل؟ (1)
ج: المرأة ليس عليها جمعة، الجمعة في شأن الرجال، تصلي ظهرا أربع ركعات إذا كانت مقيمة، وركعتين إذا كانت مسافرة، وليس عليها جمعة إنما الجمعة في حق الرجال فقط، لكن لو حضرت مع الرجال وصلت الجمعة أجزأتها، كان بعض النساء يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة وتجزئهن، إذا صلت المرأة مع المسلمين الجمعة أجزأتها عن الظهر، أما متى تصلي فتصلي إذا دخل الوقت، وليس لها تعلق
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (174) .(13/256)
بالرجال، إذا دخل الوقت وعلمت دخول الوقت بسماع الأذان المعروف المضبوط، أو بزوال الشمس، تعرف زوال الشمس لرؤية الشمس، إذا زالت صلت ولا عليها من الرجال ولو ما سمعت إقامة الرجال، تصلي قبلهم أو بعدهم لا شيء عليها في ذلك، هي مسؤولة عن نفسها، ليس لها تعلق بصلاة الرجال، لكن الواجب ألا تعجل حتى يجب الوقت، وحتى يتأكد الوقت، يمضي بعض الوقت، حتى تكون صلاتها على بصيرة فلا تعجل؛ لأن بعض المؤذنين قد يعجل، وقد يكون استعجل قبل الوقت، وقد تكون ساعته مقدمة ويعتمدها ويؤذن قبل الوقت، فلا تعجل حتى ينتهي الناس من الأذان، وحتى يمضي وقت ربع ساعة مثلا، حتى تطمئن أن الوقت دخل، دخل وقت الظهر، دخل وقت العصر، دخل وقت المغرب، إلى آخره، لا تعجل. وهكذا المريض الذي لا يخرج إلى المساجد لا يعجل عند سماع أول مؤذن، لا يعجل؛ لأن الصلاة قبل وقتها غير صحيحة، باطلة، وكونه يؤخرها بعض الشيء ما فيه خطر، فلا يعجل الإنسان، لا المريض ولا المرأة، لا تعجل حتى يطمئن كل منهما إلى أن الوقت دخل بفراغ المؤذنين، أو سماع أهل المساجد يصلون، يعني يتيقن أن الوقت قد دخل، ولكن ليس مربوطا بالمصلين لو صلت المرأة قبل الناس أو بعدهم، أو المريض قبل الناس أو بعدهم بعد دخول الوقت لا حرج في ذلك.(13/257)
178 - بيان حكم مساواة المرأة للرجل في المسائل المتعلقة بيوم الجمعة
س: الأخت أم أنس من حائل تقول: هل النساء كحكم الرجال في المسائل التالية: في أجر انتظار الصلاة في بيتها وعلى مصلاها، وفي البقاء بعد الصلاة في مصلاها، وفي غسل يوم الجمعة والتطيب قبل صلاة الظهر في ذلك اليوم يوم الجمعة، وفي سنة قراءة سورة السجدة والإنسان في فجر يوم الجمعة؟ (1)
ج: نعم، الأصل أن النساء والرجال سواء فيما شرع الله من الأحكام من صلاة وغيرها، هذا هو الأصل إلا ما دل الدليل على تخصيص المرأة أو الرجل به، وإلا فالأصل أنهما سواء، فالتبكير بالصلاة والخشوع فيها والإقبال عليها والاجتهاد فيها كل هذا مشروع للجميع، وإحضار القلب فيها والطمأنينة، كل هذا مشروع للجميع، أما غسل يوم الجمعة فهذا خاص بالرجل؛ لأنهم يتوجهون إلى المسجد ويجتمعون بالناس، فقد يحصل منهم رائحة تؤذي من حولهم من جيرانهم، وهكذا الطيب، فالظاهر - والله أعلم - أن هذا من خصائص الرجال، الطيب والغسل يوم الجمعة من خصائص الرجال؛ لأن المقصود عدم إيذاء من يصلي حوله، ومع كونه يأتي الصلاة بحالة فيها النشاط والقوة والرغبة في الخير، وهذا مفقود في حق النساء؛ لأنهن يصلين في البيوت وإذا صلت مع الرجال
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (435) .(13/258)
في الجمعة، صلى النساء مع الرجال واغتسلن فلا أعلم بأسا في ذلك، ولا حرجا في ذلك لوجود العلة، لكن الطيب لا؛ لأن المرأة عورة والطيب قد يفتن عند خروجها من بيتها إلى المسجد ورجوعها، ولكن الاغتسال لا بأس به، لو اغتسلت وصلت مع الناس يوم الجمعة فلا حرج في ذلك، لكن بيتها أفضل، بيتها خير لها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.(13/259)
179 - حكم تقديم المرأة الاستماع لخطبة الحرم على صلاة الظهر
س: أيهما أفضل: الاستماع لخطبتي الحرمين وتأخير الصلاة عن وقتها بالنسبة للمرأة تنقضي الخطبة أم الصلاة في وقتها وتفويت الخطبة؟ أرجو بذلك التوجيه مأجورين (1)
ج: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد، فلا شك أن استماع الخطبة والاستفادة منها أولى من تقديم الصلاة لأن الصلاة وقتها واسع والحمد لله، والخطبة تفوت والصلاة لا تفوت، فنوصي بالعناية بالخطب المفيدة كخطب الحرمين وغيرها؛ لأن هذا شيء يتعلق بطلب العلم والتفقه في الدين، وهذا أمر مطلوب؛ يقول النبي صلى الله عليه
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (365) .(13/259)
وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (1) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (2) » فنوصي جميع الإخوان والأخوات بالعناية باستماع الخطب المفيدة كخطبة الحرمين، وخطب المساجد الأخرى المفيدة كخطبة الجامع الكبير وغير ذلك من الخطب المفيدة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال، برقم (7312) ، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة برقم (1037) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على قراءة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699) .(13/260)
180 - حكم صلاة المرأة للظهر قبل بداية الخطبة يوم الجمعة
س: من مكة أ. ع. ت تسأل: بالنسبة للمرأة في يوم الجمعة هل يجوز لها أن تصلي الظهر قبل أن تقام الخطبة في المسجد؟ وهل تنصحونها بالتقيد بالتقويم؟ (1)
ج: المرأة عليها أن تصلي الظهر في الوقت بعد الزوال سواء كان الخطيب قد خطب أم لم يخطب، ليس لها تعلق بالجمعة، عليها أن تتحرى الوقت، فإذا زالت الشمس، ودخل وقت الظهر تصلي، سواء كان
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (333) .(13/260)
الخطيب خطب للجمعة أم لم يخطب، لكن عليها التثبت وعدم العجلة حتى تعلم أن الوقت دخل، وأن الشمس قد زالت، ثم تصلي الظهر بعد ذلك، وإن صلت مع الناس الجمعة أجزأت الجمعة عن صلاة الظهر، فالحمد لله تكفيها الجمعة، والتقويم ينفع ويعين على معرفة الوقت؛ لأن مراجعة التقويم يعين على ذلك، لكن لا تعجل، تصلي بعد التقويم بربع ساعة، بثلث ساعة حتى تحتاط لدينها.(13/261)
181 - حكم تأخير المرأة لصلاة الظهر حتى يخرج الرجال من المسجد يوم الجمعة
س: سمعت من بعض الناس أن المرأة في يوم الجمعة لا تصلي حتى يخرج الرجال من المسجد، فهل هذا صحيح؟ (1)
ج: ليس بصحيح، فعليها أن تصلي إذا دخل الوقت، إذا زالت الشمس تصلي ولو ما صلى الناس الجمعة، ولو قبل صلاة الجمعة، إذا زالت الشمس ودخل الوقت، لكن لا تعجل؛ لأن بعض الناس يصلي قبل دخول الوقت في الجمعة، يقدمونها على الزوال، فينبغي لها ألا تعجل حتى تجزم وتتحقق أن وقت الظهر قد دخل، فإذا دخل وقت الظهر تصلي.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (227) .(13/261)
س: سائل من اليمن يقول: إن بعض النساء يؤخرن صلاة الظهر يوم الجمعة إلى ما بعد صلاة الجمعة بوقت طويل، فما حكم ذلك؟ (1)
ج: ليس لها أصل، إنما هو جهل منهن، فإذا أذن المؤذن، إذا زالت الشمس، المرأة تصلي في بيتها الظهر أربع ركعات وليس لها شأن في الجمعة ولو صاحب الجمعة تأخر، ليس عليها أن تنتظر الجمعة لكن لو شهدت الجمعة مع الناس كفاها، صلت معهم ركعتين وكفاها عن الظهر.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (414) .(13/262)
182 - حكم صلاة المرأة للجمعة في بيتها
س: بالنسبة للجمعة والمرأة سماحة الشيخ إذا صلتها في بيتها (1)
ج: الجمعة ليست واجبة على المرأة، بل هي على الرجال، وهكذا الجماعة ليست واجبة على المرأة، بل هي على الرجال. والسنة للمرأة أن تصلي في بيتها الجمعة وغير الجمعة، بل هي في بيتها أفضل لها. لكن إن صلت مع الناس أجزأتها الجمعة عن الظهر. إذا كانت متسترة متحفظة متحجبة وتخرج من غير طيب، هذا لا بأس عليها؛ لسماع الفائدة، لسماع الخطبة، ولسماع المواعظ، لا بأس، لكن تكون حريصة على
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (65) .(13/262)
الحجاب والستر والبعد عن الفتنة، وتكون في طريقها غير متطيبة، تخرج بدون طيب متحجبة متسترة وتصلي مع الناس، كما كان بعض النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلين معه صلى الله عليه وسلم، لكنه قال: «وليخرجن تفلات (1) » يعني بدون رائحة طيبة؛ لئلا يفتن الناس، ويكن غير متجملات في الخروج، لئلا يفتن الناس أيضا، وقال صلى الله عليه وسلم: «وبيوتهن خير لهن (2) » فبيوتهن أفضل في الفرض والنفل وجميع الأحوال، لكن لو صلت مع الجماعة مع الستر والحجاب والعناية والبعد عن أسباب الشر وعن الرائحة الطيبة والطيب فلا بأس بذلك، وهكذا بقية الأوقات الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، لو صلت مع الناس بهذا الشرط بشرط العناية والستر والحجاب وعدم الطيب فلا بأس بذلك، ولكن مع هذا كله بيتها أفضل لها وأبعد لها عن الفتنة، والله ولي التوفيق.
__________
(1) سنن أبو داود الصلاة (565) ، مسند أحمد بن حنبل (2/438) ، سنن الدارمي الصلاة (1279) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، برقم (567) .(13/263)
س: إذن نفهم مما تفضلتم به أن المرأة لا جمعة عليها (1) ؟
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (65) .(13/263)
ج: ليس عليها جمعة، تصليها ظهرا في بيتها، لكن إذا صلتها مع الناس جمعة أجزأتها وكفتها، كالمريض ليس عليه جمعة ومع ذلك لو صلى مع الناس أجزأته الجمعة، وكالعبد المملوك ليس عليه جمعة، وإذا صلى مع الناس أجزأته، وهكذا المسافر لو صلى مع الناس الجمعة أجزأته عن الظهر؛ لأن المسافر ما عليه جمعة، فلو مر بلدا وهو مسافر وصلى معهم الجمعة أجزأته عن الظهر.(13/264)
س: هذه السائلة تقول في مقدمة رسالتها: حيث لم نجد أحدا يخبرنا ويهدينا إلى الصواب. وهذا يلفت النظر، بلد بأكمله لا يوجد فيه من يخبر أهله عن شيء من أمور دينهم، ما هو تعليق سماحتكم على هذا؟ (1)
ج: هذا حسب علمها، والذي نعتقده أنه يوجد في بغداد من الأخيار، ومن طلبة العلم من يعلم هذا، ويستطيع أن يوجه الناس إلى الصلاة الشرعية والأمور الشرعية وغير هذا، نعتقد أن في بغداد من الأخيار - إن شاء الله - من يقوم بهذا. لكن يمكن عندها وحولها في حارتها وحيها من يعلمها، هذا إذا بحثت هو المظنون بها، والمعتقد أنها تريد القريبين منها ومن يتصلون بها.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (65) .(13/264)
183 - حكم تنفل المرأة بأربع ركعات قبل صلاة الظهر يوم الجمعة
س: بالنسبة لصلاة الظهر يوم الجمعة للمرأة التي اعتادت أن تصلي أربع ركعات قبل الظهر، هل تصليها أيضا يوم الجمعة؟ (1)
ج: نعم تصلي ما شاءت، تصلي أربعا أو ثمانا أو أكثر من ذلك، ليس لها حد محدود لا في يوم الجمعة ولا في غيرها، والرجل كذلك يصلي ما قسم الله له ركعتين أو أربع ركعات أو ست ركعات أو ثمان ركعات أو أكثر، لكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين وهكذا الأنثى أن تسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل؛ لما روى الخمسة - وهم أهل السنن وأحمد رحمة الله عليهم - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2) » هذا هو الأفضل، وأقل شيء ركعتا الضحى، هذا هو الأفضل، أقل المشروع ركعتان يركعهما من الضحى؛ جمعة أو غيرها.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (192) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(13/265)
184 - حكم تأخير المرأة لصلاة الظهر يوم الجمعة
س: تقول السائلة: إذا حضرت الصلاة وهي تسمع خطبة أو تسمع القرآن، هل تؤخر الصلاة حتى نهاية الخطبة أو القرآن أم تصلي من حين دخول الوقت؟ (1)
ج: لا مانع من تأجيل الصلاة حتى تسمع الفائدة من الخطبة والموعظة، لا مانع من ذلك، ولكن بشرط ألا يفوت الوقت، أما تأخيرها عن أول الوقت نصف ساعة، ثلث ساعة، فلا بأس بذلك، الأمر واسع، لكن صلاتها في أول الوقت أفضل، وإذا أخرتها لمصلحة عظيمة، لسماع موعظة أو تعليم جاهل، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ما أشبه ذلك، الذي يدعو لتأخيرها بعض الوقت فلا بأس بذلك؛ لأن فيه مصلحة عظيمة، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (282) .(13/266)
185 - حكم صلاة المرأة الظهر يوم الجمعة قبل خروج الرجال من المسجد
س: تقول السائلة: هل صحيح أنه يجب على المرأة ألا تصلي الظهر يوم الجمعة إلا إذا خرج الرجال من المسجد؟ (1)
ج: ليس بصحيح، وقتها وقت الظهر، إذا زالت الشمس فإنها تصلي
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (128) .(13/266)
الظهر، ولو أن الرجال لم يصلوا الجمعة، المهم هو الوقت فإن الواجب في حق المرأة هو الظهر، وهكذا المريض الذي لا يحضر الجمعة في بيته فإنه يصلي ظهرا إذا زالت الشمس ولو لم يصل الرجال الجمعة، فإن بعض الخطباء قد يطول الخطبة، ويتأخر في صلاة الجمعة فلا يلزم أن يتأخر المريض أو المرأة في بيتها، ومتى دخل الوقت صلى المريض، وصلت المرأة في بيتها ولو لم يصلوا صلاة الجمعة.(13/267)
186 - حكم صلاة المرأة ركعتين يوم الجمعة في بيتها بدلا من الظهر
س: سائلة تقول: كنت أجهل أن المرأة تصلي صلاة الجمعة ظهرا أربع ركعات، بل كنت أصليها - كما يصليها الرجال - في البيت، فما الحكم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليك أن تقضي تلك الأيام ظهرا حسب ظنك واجتهادك إذا كنت لا تحصينها بالظن والاجتهاد وإن أحصيتها فالحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (272) .(13/267)
س: إذا كان ينبغي للمرأة الصلاة مع الجماعة فكيف لا تجب عليها صلاة الجمعة؟ (1)
ج: المرأة، الأفضل لها الصلاة في بيتها، لا يشرع لها الصلاة مع
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (23) .(13/267)
الجماعة، لكن إن صلت مع الجماعة فلا بأس، ولا يمنعها زوجها من الجماعة إذا خرجت متسترة من دون طيب ولا فتنة فلا بأس، ولكن بيتها خير لها في الجمعة وغيرها، بيت المرأة خير لها من صلاة الجمعة والجماعة جميعا، لكن لو صلت مع الناس أجزأها، ولكن بشرط أن تخرج تفلة غير متطيبة ولا متزينة، طيبا يشمه الناس، وزينة يطلع عليها الناس.(13/268)
187 - حكم اقتداء المرأة بالراديو في صلاة الجمعة وهي في بيتها
س: السائلة أم تركي تقول: إذا أذن الراديو وذلك الأذان الأول ليوم الجمعة أقوم وأتوضأ وأجلس لاستماع الخطبة وأنا في بيتي، وإذا أقيمت الصلاة في الراديو فأقوم وأصلي، فهل صلاتي صحيحة بمتابعتي الراديو أم أن علي الإعادة؟ (1)
ج: عليك الإعادة؛ لأن الصلاة صحيحة لو كنت معهم في المسجد، أما وأنت في بيتك على الراديو فلا، عليك أن تصلي ظهرا، وعليك أن تعيدي ما صليت.
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (393) .(13/268)
188 - بيان من تجب عليه الجمعة وكيفية التنفل قبلها
س: من المعروف أن صلاة الجمعة فرض على كل مسلم، فكم سنة الجمعة إذ إني رأيت بعض الناس يصلي قبل الصلاة - أي قبل(13/268)
الخطبة - أربع ركعات متواصلة دون جلوس بينهما، فما هي تلك الأربع ركعات إذ إني أعرف أن هناك ركعتين سنة تؤدى بعد الصلاة؟ وفقكم الله (1)
ج: الجمعة كما قال فرض على المسلمين المكلفين من الرجال، لا شك أنها فرض، والواجب على المؤمن أن يحافظ عليها وأن يعتني بها، ومن حضرها من النساء أجزأتها، ولكن بدون تبرج، بل بالعناية بالستر والحجاب والبعد عن المشاكل والفتنة، ولكن ليست فرضا على النساء، وإنما هي فرض على الرجال، وأما سنتها فليس لها راتبة قبلها، ولكن يشرع للمؤمن إذا وصل إلى المسجد أن يصلي ما تيسر، يصلي تحية المسجد ركعتين، ثم يصلي ما تيسر أربعا أو ستا أو ثمانا أو ما شاء الله، ليس فيه حد محدود، وكان الصحابة رضي الله عنهم يصلون يوم الجمعة كثيرا قبل الخطبة، فليس في هذا حد محدود، ومن صلى ركعتين تحية المسجد كفت، ومن صلى أربعا فقد زاد خيرا، ومن صلى ستا زاد خيرا وهكذا، لكن يسلم من كل ثنتين، لا يسردها سردا، بل الأفضل يسلم من كل ثنتين؛ لأن النبي عليه السلام قال: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2) » وزيادة النهار جيدة وثابتة في أصح أقوال أهل الحديث، وقوله: «صلاة الليل
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (36) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(13/269)
والنهار مثنى مثنى (1) » . يدل على أن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، وهكذا كان الحال من فعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثنتين ثنتين، يصلي الضحى ثنتين، وتحية المسجد ركعتين، وقبل الظهر ركعتان، وبعد الظهر ركعتان، وبعد المغرب ركعتان، وبعد العشاء ركعتان، وقبل الصبح ركعتان، هذا يدل على أن الركعتين أولى من سرد الأربع، فيسلم من كل ثنتين هذا هو الأفضل، وإذا صلى أربعا أو ثمانا أو ستا أو عشرا أو اثنتي عشرة أو ما هو أكثر من ذلك قبل الخطبة فلا بأس بهذا، والصلاة مرغب فيها في ضحى الجمعة، أما بعدها فيصلي ركعتين في البيت أو أربعا في المسجد، كل هذا جاء عنه صلى الله عليه وسلم، كان يصلي ركعتين في بيته، وكان يقول صلى الله عليه وسلم: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا (2) » فدل ذلك على أنه يصلي أربعا في المسجد بتسليمتين، وإن صلى في البيت صلى ثنتين فقط، وإن زاد فلا بأس، هذا هو المشروع وهذا هو الأفضل والظهر جاء فيها ركعتان قبلها وجاء فيها أربع، والأفضل أربع قبل الظهر، لقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا قبل الظهر (3) » هكذا جاء عنها في رواية للبخاري رحمة الله عليه: «كان النبي لا يدع أربعا قبل الظهر (4) » . عليه
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة بعد الجمعة برقم (1131) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182) .(13/270)
الصلاة والسلام، وابن عمر روى ركعتين قبل الظهر، ولا منافاة، فلعل الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الأيام يصلي ركعتين قبل الظهر، وفي بعض الأيام يصلي أربعا، فيكون الجميع اثنتي عشرة ركعة في الأوقات الخمسة، وهذه تسمى الرواتب: أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، هذه اثنتا عشرة ركعة تسمى الرواتب، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام ويقول: «من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة تطوعا بنى الله له بيتا في الجنة (1) » وهذا فضل عظيم يدل على أنه يشرع للمؤمن والمؤمنة صلاة هذه الرواتب، هذه الاثنتا عشرة ركعة، وهي سنة مؤكدة مع الصلوات الخمس، بل الأربع؛ لأن العصر ليس لها راتبة، ولكن الظهر والمغرب والعشاء والفجر لها رواتب، مقدارها اثنتا عشرة ركعة، وربما صلى عشرة عليه الصلاة والسلام، لكن الكمال أن يحافظ المؤمن والمؤمنة على ثنتي عشرة ركعة، يصلي أربعا قبل الظهر بتسليمتين، ويصلي ثنتين بعد الظهر، ويصلي ثنتين بعد صلاة المغرب، ويصلي ثنتين بعد صلاة العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، هذا هو الأفضل، والأفضل أن تكون في البيت لا في المسجد؛ لأن النبي عليه السلام حث على الصلاة في البيت، وقال:
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، برقم (728) بنحوه.(13/271)
«أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (1) » وقال: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا (2) » فالسنة أن يصلي هذه الرواتب وهذه النوافل في البيت، هذا هو الأفضل، وإن صلاها في المسجد فلا حرج، لكن في البيت أفضل، وسمعت أنه عليه الصلاة والسلام قال: «من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بنى الله له بيتا في الجنة (3) » وهذا فضل عظيم، ينبغي للمؤمن والمؤمنة ألا يفرطا في هذا الخير العظيم.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجماعة والإمامة. باب صلاة الليل، برقم (698) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته، برقم (781) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب كراهية الصلاة في المقابر، برقم (422) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (777) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، برقم (728) بنحوه.(13/272)
س: هل للجمعة سنة قبلية واردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو صحابته من بعده؟ حيث كنت أصليها مع أهل البلد يوم الجمعة، فلما علمت من بعض الكتب المقررة علينا في الدراسة أنها ليست سنة كما يظن البعض تركتها، فأنكر علي بعض الإخوة ذلك، أرجو أن توجهوني إلى الطريق الصحيح، جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (230) .(13/272)
ج: ليس لها راتبة معينة، ولكن يشرع قبلها الصلاة ما يتيسر ثنتان أو أربع أو كثر من ذلك، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت حينما يتكلم الإمام ولم يفرق بين اثنين، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام (1) » وصلى ما قدر له: يفيد أنه يصلي ما تيسر. وفي اللفظ الآخر: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام (2) » فصلى ما قدر له، يعني يصلي ما تيسر: ثنتين بتسليمتين، ثلاثا، أربعا، حتى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام جلس يستمع، وأقلها سنة التحية، أقل كل شيء ركعتان، تحية المسجد أول ما يدخل المسجد، فإذا صلى معها زيادة فهو مشروع، لكن ما تسمى راتبة، تطوع قبل الجمعة، أما بعدها فلها راتبة، ثنتان أقلها، وأربع أكثرها.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع (أنصت في الخطبة) ، برقم (857) .(13/273)
س: أحد الإخوة المستمعين من المملكة الأردنية الهاشمية يسأل عن السنة القبلية لصلاة الجمعة، هل لها سنة أم لا؟ (1)
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (175) .(13/273)
ج: تقدم أنه لا سنة لها قبلية، ولكن يصلي ما كتب الله له، يصلي ثنتين، أو تسليمتين، أو ثلاث تسليمات، من ركعتين ركعتين حسب ما يسر الله له، إذا وصل إلى المسجد يصلي ما قدر الله له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يجلس ينتظر خروج الإمام وسماع الخطبة والصلاة، فالحاصل أنه ليس لها سنة راتبة قبلية، ولكن يصلي ما يسر الله له، وإذا صلى ركعتين تحية المسجد كفى، وإذا صلى معهما ركعات أخرى كان أفضل وأكمل؛ لأنه يوم عظيم، ويوم فاضل، ويوم عيد، فإذا صلى قبلها ركعات يسلم في كل ثنتين كان ذلك أفضل، ثم يجلس ينتظر مسبحا ومهللا، أو قارئا أو مستغفرا أو ساكتا.(13/274)
189 - بيان في السنة القبلية والبعدية للجمعة
س: السائل ع. من المدينة يقول: صلاة الجمعة بينوا لنا النافلة القبلية والبعدية لها، وأين يصلي النافلة البعدية؟ وهل هو صحيح بأن من صلاها في المسجد تكون أربعا، ومن صلاها في البيت تكون ركعتين؟ (1)
ج: الجمعة يشرع قبلها أن يصلي المؤمن ما تيسر له قبلها: ثنتين أو أربعا، أو ستا، أو ثمانا، أو أكثر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (390) .(13/274)
يحدد في ذلك حدا، بل قال: «من اغتسل ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له (1) » ولم يحدد، وفي لفظ: «من توضأ في بيته ثم أتى المسجد وصلى ما قدر له (2) » فدل ذلك على أنه يصلي ما يسر الله له: ركعتين، أو أربع ركعات، أو ست ركعات، أو ثمان ركعات، أو أكثر من ذلك، يسلم من كل ثنتين، لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (3) » هذا هو الأفضل؛ يصلي ما كتب الله له، أما بعدها فالسنة أربع، سواء في البيت أو في المسجد، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا (4) » وفي اللفظ الآخر: «إذا صليتم الجمعة فصلوا أربعا (5) » أخرجه مسلم في الصحيح، هذا يدل على أن السنة بعدها أربع بتسليمتين، سواء صلاهما في المسجد أو في البيت، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في بتيه ركعتين بعد الجمعة، ولعل هذا كان قبل أن يقول للناس: «إذا صليتم بعدها فصلوا أربعا (6) » لعل هذا كان أولا، ثم بين لهم أن السنة أربع، ويحتمل أنه فعلها ركعتين في البيت لبيان أنه لا حرج في ذلك، إن صلى أربعا فهو الأفضل، وإن صلى
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .
(6) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .(13/275)
ثنتين فلا حرج، وأن الأمر ليس للوجوب، فالمقصود أن الأربع أفضل، كونه يصلي أربعا بتسليمتين في المسجد أو في البيت يكون هذا هو الأفضل بعد الجمعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا (1) » واللفظ الآخر: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا (2) » هذا يدل على أن السنة أربع - يعني تسليمتين - سواء فعلهما في البيت أو في المسجد، الأمر في هذا واسع، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .(13/276)
س: اثنان من الإخوة المستمعين، الأول هو المستمع ص. س. ح، والثاني الأخ ي. ك. ي يسألان عن السنة القبلية لصلاة الجمعة، الأخ ص. يقول: قرأت في بعض الكتب أن صلاة الجمعة ليس لها سنة قبلية، وعندما أذهب إلى المسجد أشاهد المؤذن بعد فراغه من الأذان الأول يقول بصوت مرتفع: قوموا إلى صلاة سنة الجمعة يرحمني ويرحمكم الله، فهل هذا وراد؟ (1)
ج: قد دلت سنة رسول الله - عليه الصلاة والسلام - على أنه ليس للجمعة سنة راتبة قبلها، ولكن المؤمن متى وصل إلى المسجد يصلي ما كتب الله
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (175) .(13/276)
له، يصلي ثنتين أو أكثر لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من اغتسل يوم الجمعة، ثم أتى المسجد فصلى ما قدر الله له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، كتب له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام (1) » أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فالحاصل أنه صلى الله عليه وسلم لم يحدد شيئا، وقال في الأحاديث: ما قدر له. فليصل الإنسان ما يسر الله له، من ركعتين، أو أكثر قبل صلاة الجمعة، ثم يجلس ينتظر قارئا، أو ساكتا، أو مسبحا ومهللا وذاكرا بينه وبين ربه حتى يخرج الإمام، وبعد ذلك يجيب المؤذن، ثم يسمع الخطبة، أما بعدها فلها سنة راتبة ركعتان أو أربع ركعات، كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة صلى في بيته ركعتين، وقال عليه الصلاة والسلام: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا (2) » فدل ذلك على أن الأفضل أربع، وإن صلى ركعتين بعد الجمعة كفى ذلك، والأفضل في البيت، وإن صلى أربعا في المسجد أو في البيت فهو أفضل بتسليمتين، هذا هو الأفضل، وأما قبلها فليس لها سنة راتبة، بل يصلي المؤمن متى وصل المسجد تحية المسجد ركعتين، وما تيسر معها، أربع، ست، ثمان، عشر، أكثر، ليس في ذلك حد محدود، ولكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، لقوله صلى الله عليه
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .(13/277)
وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1) » رواه أهل السنن والإمام أحمد بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما، أما ما ذكرت عن المؤذن أنه ينادي بعد الأذان الأول: قوموا يرحمكم الله للصلاة، فهذا بدعة لا أصل له، هذا لا أصل له، بل هو بدعة من هذا المؤذن، فالمؤمن إذا جاء المسجد يصلي ما يسر الله له، وليس هناك حاجة إلى أن يقول المؤذن هذا الكلام.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(13/278)
س: يقول السائل: هل هناك سنة قبلية لصلاة الجمعة أو بعدية؟ (1)
ج: الجمعة ليس لها سنة راتبة قبلها، يصلي ما يسر الله له، ثنتين، أو أربعا أو أكثر من ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من اغتسل يوم الجمعة، ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له، ثم أنصت إذا خرج الإمام " (2) ولم يقدر له شيئا، قال: صلى ما قدر له. دل ذلك أنه يصلي ما كتب الله له، يصلي تسليمة، تسليمتين، ثلاثا، أربعا، أكثر ... حتى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام ترك الصلاة بعد ذلك وانتظر الخطبة حتى ينصت لها، أما بعدها، فلها سنة راتبة، ثنتان، أو أربع، الأربع أكمل، والثنتان كافيتان، وإن صلى أربعا فهو أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا " (3) وفي لفظ آخر قال: " إذا صليتم
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (236) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .(13/278)
بعد الجمعة فصلوا أربعا " (1) وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة أتى بيته فصلى ثنتين (2) دل على أن الثنتين كافيتان، والأربع أفضل.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (882) .(13/279)
س: هل الجمعة لها سنة أم سنة الضحى تكفي؟ (1)
ج: يستحب قبل الجمعة الإكثار من الركعات - يعني يصلي ما تيسر - يصلي ما كتب الله له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثم يصلي ما كتب الله له (2) » يصلي أي شيء، فليس لها راتبة قبلها، بل يصلي الإنسان ما تيسر، ركعتين، أو أربعا، أو ستا، أو ثمانا، أو أكثر، يسلم من كل ثنتين، وإن صلى من حين يصلي إلى دخول الخطيب كله طيب، كله حسن، يسلم من كل ثنتين، ولها راتبة بعدها، وهي أربع؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا (3) » السنة أن يصلي أربعا بتسليمتين بعد الجمعة في المسجد أو في بيته، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي ثنتين في بيته، ولكنه أوصى من صلى أن يصلي أربعا قال: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (333) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدهن للجمعة، برقم (843) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .(13/279)
أربعا (1) » وقال: «إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا (2) » هذا هو السنة، الأربع أفضل من الثنتين، سواء صليتهما في البيت أو في المسجد، وفق الله الجميع.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .(13/280)
س: مستمع يسأل عن معرفة الحكم عن السنة القبلية ليوم الجمعة؟ (1)
ج: يوم الجمعة ليس لها سنة قبلية، بل يصلي الإنسان ما يسر الله له، إذا جاء المسجد صلى ما كتب الله له، ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم ركعات معدودة، بل قال: «يصلي ما قدر له (2) » ويكفي، هكذا قال صلى الله عليه وسلم، الإنسان متى جاء يوم الجمعة، ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى فرغ من خطبته، غفر له إلى الجمعة الأخرى وثلاثة أيام. ونص القول «فصلى ما قدر له (3) » ولم يحدد ركعات معلومة، فدل ذلك على أنه يستحب أن يصلي ما يسر الله له، ركعتين على الأقل، أو أربع ركعات، أو أكثر من ذلك، ولو صلى حتى يخرج الإمام فلا شيء عليه، كله طيب، يصلي ثمانيا أو عشرا أو أكثر، فإذا خرج الإمام للخطبة جلس ينتظر الخطبة.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (272) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدهن للجمعة، برقم (843) .
(3) صحيح مسلم الجمعة (857) ، سنن الترمذي الجمعة (498) ، سنن أبو داود الصلاة (1050) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1090) ، مسند أحمد بن حنبل (2/424) .(13/280)
س: هل هناك سنة للجمعة؛ لأن بعض المؤذنين هنا بعد الانتهاء من الأذان الأول يقول: سنة الجمعة يرحمكم الله؟ (1)
ج: هذا غلط، المؤذن الذي يقول هذا الكلام فعله غلط، وبدعة لا أصل لها، والجمعة ليس لها راتبة قبلها، بل يصلي ما يسر الله له، يصلي ثنتين، أو أربع ركعات تسليمتين، أو ست ركعات ثلاث تسليمات، أو أكثر، يصلي ما قدر له إذا وصل المسجد - والحمد لله - وليس هناك حد محدود قبل صلاة الجمعة، ولو صلى مائة ركعة قبل أن يدخل الإمام يسلم من كل ثنتين، أما بعدها فالأفضل أربع ركعات، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا (2) » وقال: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا (3) » فالسنة أن يصلي بعدها أربعا تسليمتين، سواء في المسجد أو في البيت، هذا هو الأفضل.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (268) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .(13/281)
190 - حكم صلاة الركعتين بعد الأذان الأول يوم الجمعة
س: السائل إ. ع. أمن الرياض يقول: البعض من الناس إذا أذن المؤذن يوم الجمعة في مكة أو المدينة الأذان الأول يقوم بعده(13/281)
ويصلي ركعتين، فما حكم ذلك؟ وهل هذا مشروع؟ (1)
ج: لا أعلم له أصلا؛ لأن الأذان هذا مما أحدثه عثمان رضي الله عنه في خلافته، ووافقه عليه الصحابة، والتزم به الناس؛ لأن يوم الجمعة يتقدم، وهذا الأذان غير داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (2) » المراد بالأذانين الأذان والإقامة، أما هذا فهو أذان للتنبيه على أنه يوم الجمعة، فالأظهر والأقرب ترك القيام بالصلاة بعد الأذان الأول، وبعض أهل العلم رأى أنه يدخل في العموم أنه لو قام وصلى فلا بأس، فالأمر في هذا فيه سعة - إن شاء الله - لكن ترك ذلك فيما أرى أفضل.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (379) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (828) .(13/282)
س: إني أرى بعض الناس في يوم الجمعة يصلون، يقومون بعد الأذان الأول، وهم يقولون: إنها سنة فهل ما قالوه صحيح؟ وأنا سمعت في برنامجكم هذا أنها بدعة، أرجو الجواب الكافي، جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (222) .(13/282)
ج: بعد الأذان الأول يوم الجمعة لا تشرع الصلاة بعد الأذان؛ لأنه شرع للتنبيه، وكان هذا بعد النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان رضي الله عنه للتنبيه على أنه يوم الجمعة، ومن صلى فلا حرج - إن شاء الله - لكن ترك ذلك أولى وبعض أهل العلم قالوا: يصلي؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (1) » وهذا أذان شرعي، أحدثه الخليفة الراشد عثمان للمصلحة الشرعية، ولكن تركه أولى؛ لأنه ليس داخلا في الحديث؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة (2) » مراده الأذان والإقامة، وهذا ليس بين الأذان والإقامة، بين أذانين، بين الأذان الأول والأذان الثاني، فالأولى ترك ذلك، أما وصفه بأنه بدعة فمحل نظر.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (828) .
(2) صحيح البخاري الأذان (627) ، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (838) ، سنن الترمذي الصلاة (185) ، سنن النسائي الأذان (681) ، سنن أبي داود الصلاة (1283) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1162) ، مسند أحمد (5/56) ، سنن الدارمي الصلاة (1440) .(13/283)
191 - حكم صلاة عشر ركعات قبل الجمعة وبعدها
س: هناك بعض الناس يصلون قبل صلاة الجمعة عشر ركعات، وبعد صلاة الجمعة عشر ركعات ويقولون: إنها لازمة، هل ما قالوه صحيح؟ (1)
ج: ليس بصحيح، لا يلزم قبلها شيء ولا بعدها شيء، لكن يستحب
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (219) .(13/283)
للمؤمن إذا جاء للمسجد يوم الجمعة أن يصلي ما كتب الله له قبل حضور الإمام، يصلي ثنتين، أربعا، ستا، ثمانا، أكثر، يسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة: «من اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلى ما قدر له، ثم أنصت إذا خطب الإمام (1) » إلى آخره. فلم يقدر صلاة، بل قال: ما قدر له. هو يصلي ما يسر الله له حين يصل المسجد، ثنتين تحية المسجد أو يزيد تسليمتين، ثلاث تسليمات، أربع تسليمات، أكثر، أقل، لا حرج في ذلك، أقل ذلك تسليمة واحدة تحية المسجد، أما أنه يلزمه شيء فلا يلزمه شيء، لا عشر ولا غيرها. وهكذا بعدها لا يلزمه عشر ولا غيرها، لكن يستحب له أن يصلي بعدها أربعا، هذا هو الأفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعا (2) » وفي لفظ آخر: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا (3) » هذا هو الأفضل، وليس بلازم، بل سنة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881) .(13/284)
192 - حكم صلاة ركعتين بعد الجمعة وإهداء ثوابها لروح الميت
س: يسأل السائل من الأردن ويقول: أنا في كل جمعة وبعد صلاة الفريضة أقول: نويت أن أصلي ركعتين طاعة لله عز وجل ولرسوله،(13/284)
وتبعث اللهم أجر هذه الصلاة إلى أرواح والدي ووالدتي (1)
ج: هذا غير مشروع، والتلفظ بالنية بدعة، لا يجوز التلفظ بالنية، النية محلها القلب، تنوي بقلبك الصلاة، صلاة نافلة أو فريضة، أو صوما بالنية، لا تلفظ بها، ولا تثوب القراءة والصلاة لوالديك ولا غيرهم، ولكن تدعو لوالديك، تستغفر لهم، ترحم عليهم، تتصدق عنهم، كل هذا طيب، تحج أو تعتمر، كل هذا طيب إذا كانا ميتين، أو كانا عاجزين، كبيري السن، عاجزين عن الحج والعمرة، لا بأس بالحج عنهما والعمرة لعجزهما أو لموتهما.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (419) .(13/285)
193 - حكم الاغتسال يوم الجمعة
س: هل الاغتسال في الجمعة واجب؟ لأنني قرأت حديثا يوجب الاغتسال يوم الجمعة؟ (1)
ج: ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الاغتسال يوم الجمعة، واحتجوا بالحديث الذي أشرت إليه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم (2) » وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه سنة
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (83) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة وهل على الصبي شهود، برقم (879) ، ومسلم في كتاب الجمعة، باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال، برقم (846) .(13/285)
وليس بواجب؛ لأحاديث جاءت في ذلك، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل (1) » ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ يوم الجمعة، ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام (2) » ولم يذكر الغسل، إنما ذكر الوضوء، فدل ذلك على أن الوضوء مجزئ. وأن الغسل ليس بواجب، لكنه سنة مؤكدة، وتأولوا قوله صلى الله عليه وسلم واجب، يعني متأكدا، كما تقول العرب: حقك علي واجب، هذا من باب التأكيد، فينبغي للمؤمن أن يعتني بهذا وأن يجتهد في الغسل يوم الجمعة خروجا من خلاف العلماء. وعملا بظاهر الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في الوضوء يوم الجمعة، برقم (497) ، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة، برقم (354) والنسائي في كتاب الجمعة، باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة، برقم (1380) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857) .(13/286)
194 - حكم من اغتسل للجمعة وصلى ناسيا بدون وضوء
س: السائل ع. أ. يقول: رجل اغتسل للجمعة ثم راح للمسجد(13/286)
للصلاة ثم بعدما صلى وقبل أن يخرج من المسجد أو بعد خروجه من المسجد ذكر بأنه لم يتوضأ، فما هو الجواب في هذه المسألة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الذي اغتسل للجمعة ولم يتوضأ ثم ذكر بعد الصلاة، عليه أن يعيد صلاة الجمعة ظهرا. يتوضأ ويصلي ظهرا؛ لأن صلاته غير صحيحة صلى بغير وضوء، والغسل لا يقوم مقام الوضوء، غسل الجمعة ما يكفي حتى يتوضأ قبله، أو بعده، فإذا صلى ولم يتوضأ فإنه يعيدها ظهرا.
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (387) .(13/287)
195 - بيان بداية يوم الجمعة والوقت الأفضل للاغتسال
س: يسأل السائل ويقول: متى يدخل يوم الجمعة؟ وهل يجوز أن يغتسل الإنسان بعد صلاة المغرب يوم الخميس عن غسل الجمعة، ومتى ينتهي هذا اليوم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: يوم الجمعة مثل غيره، يدخل بطلوع الفجر، فإذا اغتسل بعد طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس حصل له السنة، والأفضل أن يكون اغتساله عند التوجه إلى الصلاة، إذا أراد التوجه يغتسل، هذا هو الأفضل، وإن اغتسل بعد صلاة الفجر، أو بعد طلوع الشمس فلا بأس، المقصود أن يوم
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (409) .(13/287)
الجمعة مثل غيره، كل يوم يدخل بطلوع الفجر.(13/288)
196 - حكم الاغتسال يوم الجمعة بالنسبة للنساء
س: أيضا من المدينة المنورة رسالة بتوقيع إحدى الأخوات، تقول المرسلة: ما حكم غسل الجمعة للنساء اللائي لا يذهبن إلى المساجد، بل يصلين في بيوتهن، وإذا كان واجبا عليهن فمتى يكون، هل هو قبل الظهر؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: ليس على النساء غسل جمعة، الغسل على من راح إلى الجمعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل (2) » أما هن فالسنة لهن الصلاة في البيوت، وليس عليهن غسل، وإنما هو على الرجال.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (312) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة، برقم (882) ، ومسلم في كتاب الجمعة برقم (844) بنحوه.(13/288)
197 - بيان ساعات يوم الجمعة
س: ع. س. ع يسأل ويقول: ما هي ساعات الجمعة التي وردت في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه: من أتى في الساعة(13/288)
الأولى فكأنه قدم بدنة " إلى آخر الحديث؟ (1)
ج: هذا حديث صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين أنه قال عليه الصلاة والسلام: «من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الخامسة فكأنما قرب بيضة (2) » الحديث. وهو حديث عظيم شريف صحيح، يدل على شرعية التبكير عند الجمعة، وذلك أمر معروف عند أهل العلم، ودلت عليه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما المبدأ فقيل: يبدأ من بعد صلاة الفجر، وقيل: من طلوع الشمس، وهذا محتمل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما بين المبدأ قال: من راح، من بكر وابتكر، ولم يبين المبدأ، والأقرب - والله أعلم - أنه من طلوع الشمس؛ لأن الصفرة تابعة لما قبلها، وهي محل الجلوس في المساجد والتعبد والذكر والاستغفار وقراءة القرآن، أو الذهاب إلى البيت للحاجة، أو قضاء الحاجة من تعاطي أو الطعام الذي يستعين به على البقاء في المسجد للجمعة، إلى غير ذلك، فالأقرب - والله أعلم - والأحرى أنه يكون بعد
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (133) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة، برقم (881) ، ومسلم في كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة، برقم (850) .(13/289)
ارتفاع الشمس، حتى إذا ذهب إلى المسجد يكون محل الصلاة والتعبد، هذا هو الأقرب والأظهر، والله أعلم. يعني الساعات الأولى من بعد ارتفاع الشمس أحل للمسلم الصلاة في مسجده وبيته، هذا هو الأقرب والأحرى، وظاهر الأحاديث أن الليل اثنتا عشرة ساعة، والنهار اثنتا عشرة، مجزأ اثنتي عشرة ساعة، والنهار كذلك على اختلاف الأوقات.(13/290)
س: المقصود بالساعة الأولى والساعة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة من يوم الجمعة؟ هل هي الساعة المتعارف عليها أم زمن نسبي، ومتى تبدأ الساعة الأولى؟ (1)
ج: الأقرب والله أعلم أنها تبدأ بعد ارتفاع الشمس قيد رمح؛ لأن هذا شرع للمؤمن أن يجلس في مصلاه يذكر الله ويدعوه حتى ترتفع، الأقرب والله أعلم أنها تدخل من ارتفاع الشمس، ويكون النهار مجزأ ست ساعات ما بين خروجه من مسجده أو من بيته إلى دخول الخطيب، ست ساعات تختلف بطول النهار وقصر النهار، الساعة الأولى فيها بدنة، والذاهب في الساعة الثانية كأنما قرب بقرة، وفي الثالثة كأنما قرب كبشا أقرن، وفي الرابعة كأنما قرب دجاجة، وفي الخامسة كأنما قرب بيضة، يكون ما بين ارتفاع الشمس إلى غروبها اثنتي عشرة ساعة مجزأة حسب طول النهار وقصره.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون، الشريط رقم (369) .(13/290)
198 - بيان فضل قراءة " سورة الكهف " يوم الجمعة
س: سمعت أن من يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة يسلمه الله إلى الجمعة الثانية، ويبعده عن كل مكروه، لذلك فإنني أقرأ هذه السورة كل يوم جمعة، هل هذا صحيح؟ أرشدونا أثابكم الله (1)
ج: قراءة سورة الكهف يوم الجمعة جاءت فيها أحاديث كلها ضعيفة، لكن يشد بعضها بعضا، وثبت عن ابن عمر أنه كان يقرؤها رضي الله عنه كل جمعة، فإذا قرأها الإنسان يوم الجمعة فهو حسن، ويرجى لك فيها الثواب الذي جاء في الأحاديث، وليس ذلك بأمر مقطوع به؛ لأن الأحاديث فيها ضعف، إنما هو مستحب.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (100) .(13/291)
199 - وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
س: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين، يقول فيها: ما هو أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة لما ورد في فضل قراءتها يوم الجمعة؟ (1)
ج: كل يوم الجمعة وقت، تقرؤها في أول النهار، أو في وسط النهار، أو في آخر النهار، ورد فيها أحاديث فيها ضعف، لكنه ثابت عن بعض
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (333) .(13/291)
الصحابة، وعن أبي سعيد الخدري أنه كان يقرؤها، ويروى عن ابن عمر ذلك، فإذا قرأتها فهو حسن إن شاء الله، سواء في أول الوقت أول اليوم، أو في وسطه، أو في المسجد، إن كنت ذاهبا إلى الصلاة أو بعد ذلك، الأمر واسع والحمد لله.(13/292)
س: في أي وقت من يوم الجمعة تقرأ سورة الكهف، أهو في كل وقت أم وقت محدد؟ (1)
ج: في جميع اليوم، في أوله وفي آخره، جاء في هذا بعض الأحاديث الضعيفة، وثبت من فعل الصحابة عن أبي سعيد أنه كان يقرؤها كل جمعة، فإذا قرأها الإنسان فحسن، جزاكم الله خيرا.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (368) .(13/292)
س: هل صحيح أن من قرأ سورة الكهف له فضل يوم الجمعة؟ وما هو الحديث الذي يبين فضل هذه السورة العظيمة؟ (1)
ج: هذه السورة ينصح بقراءتها يوم الجمعة؛ لأن فيها أحاديث فيها ضعف، ولكن ثبت عن بعض الصحابة أنه كان يقرؤها، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ويروى عن ابن عمر، وهذا يدل على أن لها أصلا، فإن الصحابي لما واظب عليها دل على أنه عنده علم من ذلك فأفضل قراءتها يوم الجمعة.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (359) .(13/292)
200 - حكم قراءة القرآن بصوت مرتفع يوم الجمعة
س: هل يجوز قراءة القرآن يوم الجمعة قبل دخول الإمام حتى يستمع الحضور ويستفيدوا، وذلك بصوت مرتفع؟ (1)
ج: إذا كان العدد محدودا ورضوا به أن يقرأ وهم يستمعون فلا بأس، وإلا فليقرأ سرا ليس جهرا ليتمكن كل واحد من القراءة ولا يشوش على غيره، هذا يقرأ وهذا يقرأ بصوت ليس فيه تشويش، هذا هو المشروع، أما لو كانت الجماعة محدودة، في مسجد مثلا في قرية صغيرة جماعة محدودون، أربعون، خمسون، ورضوا بأن يقرأ ويستمعوا لحاجتهم إلى ذلك فلا بأس بذلك.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (351) .(13/293)
201 - بيان حكم حديث: " من صلى علي يوم الجمعة مائتي مرة غفر الله له ذنب مائتي عام "
س: قرأت في أحد الكتب الدينية حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه ما معناه أن من صلى علي يوم الجمعة مائتي مرة غفر الله له ذنب مائتي عام. فما درجة صحة هذا الحديث؟ وكيف تكون المغفرة مائتي عام مع أن الإنسان قد لا يعيش إلى هذا السن؟ (1)
ج: هذا الخبر لا نعلم له أصلا، بل هو فيما يظهر موضوع مكذوب عن
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (48) .(13/293)
النبي صلى الله عليه وسلم، لا أصل له، نعم صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث على الصلاة عليه، وقال: «من صلي علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا (1) » وجاء في بعض الروايات زيادة: «كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات (2) » والله عز وجل قال: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (3) وقبلها يقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (4) فهذا هو السنة، أما هذا الخبر فلا أصل له.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم (408) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري رضي الله عنه، برقم (16352) .
(3) سورة الأحزاب الآية 56
(4) سورة الأحزاب الآية 56(13/294)
202 - حكم دعاء الخطيب عند صعود المنبر
س: السائل ط. من ليبيا يقول: هل هناك دعاء معين يستحب لخطيب الجمعة أن يذكره عند صعوده للمنبر؟ وكيف يكون ذلك؟ (1)
ج: لا أعلم شيئا في هذا.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (423) .(13/294)
203 - حكم الاكتفاء بخطبة واحدة يوم الجمعة
س: يقول: شخص يخطب الجمعة خطبة واحدة، هل يكون قد خالف السنة بذلك؟ (1)
ج: نعم، لا بد من خطبتين، من شرط صحة الجمعة خطبتان، كما كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يخطب إلا خطبة لم تصح الجمعة، بل عليه أن يأتي بالخطبة الثانية ويعيد صلاة الجمعة.
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (423) .(13/295)
204 - بيان بعض البدع التي تفعل قبل صلاة الجمعة
س: الأخ ص. ح. ج. ر. اليماني من الطائف، أخونا يقول في أحد أسئلته: لدينا عادات وتقاليد مخالفة لشريعتنا الإسلامية الغراء، ومن هذه العادات ما يلي: يجتمع الناس يوم الجمعة قبل صلاة الجمعة فيصلون على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت مرتفع وجماعي، ثم إنهم يستغيثون بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأولياء الله الصالحين بهذه الألفاظ: شيء لله يا رسول الله، شيء لله يا أولياء الله الصالحين، شيء لله يا رجال الله المؤمنين، أغيثونا، أعينونا، مدونا بالرعاية، وكأمثال هذه الألفاظ، ويرجو التوجيه، جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (151) .(13/295)
ج: أما الاجتماع على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت جماعي أو بصوت مرتفع فهذا بدعة، والمشروع للمسلمين أن يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم من دون رفع الصوت المستغرب المستنكر، ومن دون أن يكون الذكر جماعيا، كل واحد يصلي بينه وبين نفسه، يقول: اللهم صل على رسول الله، اللهم صل وسلم على رسول الله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، إلى آخره. يصلي بينه وبين نفسه؛ لأن يوم الجمعة يشرع فيها الإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أمر بهذا عليه الصلاة والسلام قال: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي " قيل: يا رسول الله، تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ يعني بليت قال: " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء (1) » فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم شرع لنا أن نكثر من الصلاة عليه والسلام في يوم الجمعة، فيشرع لنا أن نكثر من ذلك في المسجد وفي غيره، لكن كل واحد يصلي على النبي بينه وبين نفسه بالصلوات المشروعة المعروفة من دون أن يكون ذلك بصوت مرتفع يشوش على من حوله، أو بصوت جماعي يتكلم الجماعة جميعا، كل هذا بدعة، ولكن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه، في مسجده وفي طريقه وفي بيته،
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب سجود القرآن باب في الاستغفار، برقم (1522) .(13/296)
وفي كل مكان، وهكذا في بقية الأوقات تشرع الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم حتى في غير الجمعة، في بقية الأوقات، والله يقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (1) اللهم صل عليه وسلم صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا (2) » فأنا وأنت والآخر والآخر، كل منا مشروع له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم من الرجال والنساء جميعا. لكن بالطريقة التي درج عليها المسلمون، ودرج عليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، كل واحد يصلي على النبي بينه وبين نفسه من غير حاجة إلى أن يرفع صوته حتى يشغل من حوله، ومن غير حاجة إلى أن يكون معه جماعة بصوت جماعي. أما الاستغاثة بالأنبياء أو بأهل الخير أو بالأولياء، هذا من الشرك الأكبر. هذا أعظم وأطم، لا يجوز هذا، فلا يقول: يا رجال الغيب، أشيء لله؟ أو: يا أولياء الله، أشيء لله؟ أو: يا رسول الله، أشيء لله؟ أو: أغيثونا، أو: أعينونا، أو: انصرونا، كل هذا منكر وشرك أكبر بالله عز وجل، يقول الله سبحانه في كتابه العظيم: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3)
__________
(1) سورة الأحزاب الآية 56
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم (408) .
(3) سورة المؤمنون الآية 117(13/297)
سماه كفرا، وقال عز وجل: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (1) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (2) سماه الله شركا. فالواجب الحذر من هذا، والله يقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3) ويقول جل وعلا: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (4) فالله هو الذي يدعى سبحانه وتعالى، وهو الذي يسأل، وهو الذي يكشف الضر، وهو الذي يجلب النفع سبحانه وتعالى، فتقول: يا رب اشفني، يا رب أعني، يا رب اهدني سواء السبيل، يا رب أصلح قلبي وعملي، يا رب توفني مسلما. تدعو ربك، يقول سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (5) ويقول سبحانه: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} (6) ويقول جل وعلا: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (7) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدعاء
__________
(1) سورة فاطر الآية 13
(2) سورة فاطر الآية 14
(3) سورة الجن الآية 18
(4) سورة غافر الآية 60
(5) سورة غافر الآية 60
(6) سورة النساء الآية 32
(7) سورة البقرة الآية 186(13/298)
هو العبادة (1) » والواجب على المسلمين رجالا ونساء الإكثار من الدعاء والحرص على دعاء الله جل وعلا. والضراعة إليه في جميع الحاجيات سبحانه وتعالى، أما دعاء الأنبياء أو الأولياء أو غيرهم من الناس عند قبورهم أو في أماكن بعيدة عنهم فكل هذا منكر. وكله شرك بالله عز وجل وكفر أكبر يجب الحذر منه، كهذا الذي ذكره السائل: يا عباد الله، يا أولياء الله، يا نبي الله، أعينونا، أغيثونا، انصرونا. هذا كله من الشرك الأكبر، قال الله جل وعلا: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (2) ويقول سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (3) ويقول جل وعلا يخاطب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (4) فالأمر عظيم، ويقول سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (5) فالواجب الحذر، الواجب على كل مسلم وكل من ينتسب للإسلام
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة - باب الدعاء، برقم (1479) ، والترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة المؤمن برقم (3247) ، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء برقم (3828) .
(2) سورة لقمان الآية 13
(3) سورة الأنعام الآية 88
(4) سورة الزمر الآية 65
(5) سورة الأنعام الآية 88(13/299)