هذا حديث عظيم، يدل على أن آخر الليل أفضل؛ لأنه وقت التنزل الإلهي، وهو نزول يليق بالله لا يشابهه خلقه سبحانه، مثل الاستواء والغضب والرضا والرحمة، كلها تليق بالله لا يشابهه خلقه سبحانه وتعالى، ينزل نزولا يليق بجلاله لا يشابهه نزول خلقه، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، وهكذا قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1) ، وقوله جل وعلا: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (2) ، وقوله: {غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} (3) ، وما أشبه ذلك، كلها صفات تليق بالله، لا يشابه خلقه في غضبهم، ولا في استوائهم ولا في نزولهم، ولا في رحمتهم، إلى غير ذلك من صفات الله، كلها تليق بالله، يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وإذا أراد أن يكون قيام الليل له عادة معلومة يستمر على العدد الذي يستطيعه؛ على ثلاث، على خمس، على سبع، وإذا زاد بعض الأحيان عند النشاط فلا بأس، لكن يعتاد عددا معلوما يداوم عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) سورة طه الآية 5
(2) سورة المائدة الآية 119
(3) سورة المجادلة الآية 14(10/20)
«أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل (1) » فالعمل الدائم أفضل، فإذا زاد في بعض الأحيان عند النشاط فهذا ينفعه، ولا يضره.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب الجلوس على الحصر ونحوه، برقم (5862) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب ألا يخلي شهرا عن صوم، برقم (1958) واللفظ له.(10/21)
8 - بيان كيفية صلاة التهجد وقيام الليل
س: الأخ: ح، من الرياض، يسأل ويقول: ما هي طريقة صلاة التهجد؟ وهل القراءة فيها جهرا أم سرا؟ وجهوني وبينوا لي، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الطريقة في صلاة الليل موسعة بحمد الله، إن شاء صلى قبل أن ينام ما يسر الله له، واحدة أو ثلاثا أو أكثر بعد سنة العشاء، وإن شاء أخر ذلك إلى آخر الليل، أو وسط الليل، فإذا قام صلى ركعتين خفيفتين، ثم صلى ما كتب الله له؛ أربعا، أو ستا، أو ثمانيا، أو عشرا، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، ربما أوتر بثلاث، وربما أوتر بخمس، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بعشر
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (210) .(10/21)
وزاد واحدة، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان عليه الصلاة والسلام يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة (1) » وجاء عنها وعن أم سلمة وعن غيرهما «أنه ربما أوتر بسبع يسردها جميعا، وربما جلس في السادسة ويتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ولا يسلم ويأتي بالسابعة (2) » «وربما سرد خمسا لا يجلس إلا في آخرها، وربما صلى ثماني ركعات يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بخمس يسردها جميعا، فيكون الجميع ثلاث عشرة (3) » ، «وربما أوتر بتسع سردها جميعا، ليجلس في الثامنة ويتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالتاسعة ويسلم (4) » كل هذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى (5) » يعني ثنتين ثنتين، هذا هو الأفضل، يسلم من كل ثنتين ثم يوتر
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب الضجع على الشق الأيمن، برقم (6310) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (736) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، برقم (1164) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (765) .
(4) سنن الترمذي الصلاة (457) ، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1708) .
(5) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/22)
بواحدة، هذا هو الأفضل والأكمل، وإذا فعل شيئا من الأنواع الأخرى فلا حرج؛ إذا أوتر بواحدة ولم يزد، أو بثلاث سلم من ثنتين ثم أوتر بواحدة، أو سرد الثلاث جميعا، ولم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، أو أوتر بخمس يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة فلا بأس، هذا أفضل، وإن سرد الخمس جميعا ولم يقعد إلا في الأخيرة فلا بأس، كل هذا بحمد الله من التوسعة، والواجب الخشوع في ذلك، يطمئن لا يعجل، لا ينقرها نقرا، بل يطمئن، الطمأنينة لا بد منها، كلما زاد في الخشوع فهو أفضل، وهكذا في الترتيل في القراءة، يرتل في القراءة، ويخشع فيها ولا يعجل في القراءة، ثم هو مخير؛ إن شاء خفض صوته، وإن شاء رفع صوته؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم ربما رفع، وربما خفض (1) هكذا قالت عائشة رضي الله عنها، «تارة يخفض صوته، تارة يرفع صوته (2) »
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، برقم (1328) .
(2) أخرجه أحمد في باقي مسند الأنصار، باب: باقي المسند السابق، برقم (24634) وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يؤخر الغسل، برقم (226) ، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف القراءة بالليل، برقم (1662) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القراءة في صلاة الليل، برقم (1354) .(10/23)
فهو مخير يعمل الأصلح، إذا رأى أن خفض صوته أخشع له، وأقرب إلى راحته فلا بأس، وهو أفضل له، وإن رأى أن رفع صوته أخشع له، وأنشط له رفع صوته، إذا كان لا يؤذي أحدا من الناس، لا يشوش على نائمين، ولا مصلين، ما عنده أحد يشوش عليهم، فإذا رأى أن صوته إذا رفعه أنشط له فإنه يرفع صوته، والخلاصة أنه يعمل الأفضل، ويعمل الأصلح، إن رأى أن الأصلح خفض الصوت خفض، وإن رأى أن الأصلح له والأخشع له رفع الصوت رفع، لكن لا يرفع إلا إذا كان لا يؤذي أحدا، أما إذا كان حوله مصلون، أو حوله نوام يؤذيهم، يخفض صوته، ويراعي حالهم، ففي رمضان يرفع صوته في المسجد، إذا كان في المسجد الإمام يرفع صوته حتى يسمع الناس، وحتى يستفيدوا.(10/24)
س: يقول السائل: أرجو أن تبينوا لي كيفية أداء صلاة وقيام الليل، وعن عدد الركعات، وماذا يقال في الركوع والسجود، وعن الآيات التي يستحب أن نقرأ في كل ركعة فيها (1) ؟
ج: قيام الليل مشروع وسنة، ومن أعمال الصالحين، ومن أعماله صلى الله عليه وسلم، قال الله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (2) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (3)
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (276) .
(2) سورة المزمل الآية 1
(3) سورة المزمل الآية 2(10/24)
يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الله جل وعلا: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (1) الآية، وقال سبحانه عن عباد الرحمن في سورة الفرقان: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (2) ، وقال تعالى في صفات عباد الله المؤمنين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (4) ، فقيام الليل سنة مؤكدة، سواء في أوله، أو في وسطه، أو في آخره، لكن آخره أفضل، الثلث الأخير أفضل، إلا إذا كان يشق عليه ذلك، فإنه يوتر في أول الليل، يوتر بواحدة، بثلاث، بخمس، بسبع، بأكثر، يسلم من كل ثنتين، يصلي ثنتين ثنتين، ويجتهد في ترتيل القراءة، ويوتر بواحدة، وليس هناك شيء محدود، يقرأ ما تيسر؛ من أول القرآن، من وسط القرآن، من آخره، أو ينظم ختمة، يبدأ من أول القرآن إلى أن يختم ثم يعود، كله طيب، ليس في هذا حد محدود، لكن السنة أن يرتل، كما قال الله جل وعلا: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (5) كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ قراءة واضحة يرتلها؛ حتى يستفيد من يسمعها،
__________
(1) سورة الإسراء الآية 79
(2) سورة الفرقان الآية 64
(3) سورة الذاريات الآية 17
(4) سورة الذاريات الآية 18
(5) سورة المزمل الآية 4(10/25)
ويستحب له السؤال عند آيات الرحمة، والتعوذ عند آيات الوعيد، والتسبيح عند آيات التسبيح في تهجده، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام والسنة أن يسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1) » يعني ثنتين ثنتين، «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (2) » يقرأ فيها (الحمد) {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) في الركعة الأخيرة، ويقنت فيها بعد الركوع بالقنوت الشرعي الذي علمه النبي الحسن، وهو المعروف عند أهل العلم، والسنة عدم العجلة، يطمئن في ركوعه وسجوده وقراءته، لا يعجل، يطمئن كما كان النبي يصلي بطمأنينة، وترتيل للقراءة، وخشوع في الركوع والسجود، هكذا المؤمن، لا يعجل، يطمئن في ركوعه وسجوده، يطمئن في قراءته ولا يعجل، يخشع فيها تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، وإذا أوتر بواحدة، أو بثلاث، أو بخمس، أو بأكثر فلا بأس، الأمر واسع، صلاة الليل ما فيها حد محدود، لكن أفضلها إحدى
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(3) سورة الإخلاص الآية 1(10/26)
عشرة، أو ثلاث عشرة؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، هذا هو أفضلها، وإن أوتر بأكثر من هذا فلا بأس.(10/27)
9 - بيان وقت صلاة التهجد
س: مستمعة تسأل سماحتكم وتقول: حدثوني عن كيفية صلاة التهجد؟ ومتى يبدأ بالساعة تقريبا؟ لأني لم أعرف وقتها بالضبط، وهو الثلث الأخير من الليل، وهل يجوز للمرأة أن تفعل ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: التهجد من الليل يبدأ إذا فرغ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا هو حال التهجد، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، في الحديث عن ابن حذافة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، وهي الوتر فجعلها الله لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر (2) » فإذا أوتر الإنسان
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (276) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر، برقم (1418) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل الوتر، برقم (452) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر، برقم (1168) .(10/27)
في أول الليل أو في وسطه، أو في آخره فقد فعل السنة، والأفضل في آخر الليل إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر أوتر في أوله قبل أن ينام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1) » وقالت عائشة رضي الله عنها: «من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوتر من أوله، ومن وسطه ومن آخره، ثم انتهى وتره إلى السحر عليه الصلاة والسلام (2) » يعني في آخر حياته استقر وتره في آخر الليل، وقال صلى الله عليه وسلم: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (3) » فإذا تهجد في السدس الرابع، أو السدس الخامس فهذا أفضل ما يكون، وإن جعل وتره وتهجده كله في الثلث الأخير فذلك
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ساعات الوتر، برقم (996) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي في الليل، برقم (745) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159) .(10/28)
أفضل كما في حديث جابر، حيث قال: قال صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1) » وإذا صار تهجده في السدس الرابع، أو الخامس صار ذلك أفضل؛ لأنه يوافق صلاة داود، فيجمع بين آخر الليل في السدس الخامس، والسدس الرابع في أول النصف الأخير، وكل ذلك بحمد الله فيه خير عظيم.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/29)
س: سمعت في برنامجكم عن صلاة التهجد، وأن أفضل أوقاتها الثلث الأخير من الليل، أريد معرفة المزيد عن صلاة التهجد - جزاكم الله خيرا - وعن عدد ركعاتها (1)
ج: الأفضل آخر الليل إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2) » رواه مسلم في الصحيح، ويقول صلى الله عليه وسلم في
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (248) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/29)
الحديث الصحيح: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (1) » هذا التنزل الإلهي فرصة عظيمة للدعاء والعبادة للمؤمن، يدعو ربه؛ لأنه يقول سبحانه: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2) » فإذا تيسر للمؤمن والمؤمنة أن يكون التهجد في آخر الليل، في الثلث الأخير كان أفضل، حتى يوافق هذا النزول الإلهي، وهذا الجود من الرب والتفضل منه سبحانه وتعالى، وإذا أوتر في أول الليل كفى ذلك، وهذا النزول يليق بالله، لا يشابه خلقه سبحانه وتعالى، هذا من أحاديث الصفات، فهو نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو، كما أن الاستواء يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (3) ، معناها ارتفع وعلا، وهو استواء يليق به سبحانه، لا يشابه الخلق في استوائهم، وهكذا النزول؛ نزول إلى سماء الدنيا، نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، ولا يشابهه الخلق في شيء من صفاته، لا في النزول ولا في الاستواء، ولا في
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .
(3) سورة طه الآية 5(10/30)
السمع والبصر، ولا في الكلام، ولا في غير ذلك، قال سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1) ، والتهجد أفضل ما يكون بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، هذا أفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يوتر بإحدى عشرة، أو بثلاث عشرة، وربما أوتر بسبع أو خمس أو ثلاث، وأقل شيء واحدة، ركعة واحدة بعد صلاة العشاء، وبعد الراتبة، وإن أوتر بثلاث كفى، أو بخمس كفى، أو بسبع كفى، ولكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، كان يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة مفردة، ويقول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2) » يعني ثنتين ثنتين، «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (3) » يعني يوتر بواحدة النهاية، ولو صلى أكثر صلى عشرين وأوتر بواحدة أو بثلاث، أو صلى أربعين وأوتر بواحدة أو بثلاث، أو صلى أكثر فلا بأس، كله واسع بحمد الله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما حدد عددا معلوما من الركعات؛ أطلق، قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (4) » ، ولم يحدد، فدل على التوسعة والحمد لله، ولكن أفضل ذلك
__________
(1) سورة الشورى الآية 11
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(3) صحيح البخاري الجمعة (991) ، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (749) ، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1694) ، سنن أبي داود الصلاة (1326) ، مسند أحمد (2/5) ، موطأ مالك النداء للصلاة (269) ، سنن الدارمي الصلاة (1459) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/31)
إحدى عشرة أو ثلاث عشرة؛ تأسيا به صلى الله عليه وسلم، واقتداء به عليه الصلاة والسلام في رمضان وغيره.(10/32)
س: السؤال عن صلاة التهجد متى تكون؟ وهل هي في أول الليل أو في آخره؟ وما الحكم إذا قرأ فيها الإنسان بسورة (يس) أو (تبارك) من المصحف الشريف؛ حتى لا يخطئ في القراءة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: التهجد يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل، كله تهجد، والأفضل آخر الليل لمن يتيسر له ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2) » رواه مسلم في الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (3) » قال: «هي أحب الصلاة» وقال عليه الصلاة والسلام: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (313) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159) .(10/32)
الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (1) » متفق على صحته، هذا يدل على مشروعية القيام آخر الليل، وأنه أفضل، وأنه مظنة الاستجابة، يقول الرب: «من يدعوني فأستجيب له؟ (2) » وهكذا، جوف الليل، صلاة داود، الثلث الرابع والخامس، كلها مظنة الإجابة، وكلها محل فضل بالصلاة والتهجد، وذلك أفضل من أول الليل، لكن من كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل فإنه يشرع له الإيتار في أول الليل، بعد صلاة العشاء قبل أن ينام، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة (3) » هذا نزول يليق بالله، لا يكيف، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، يوصف جل وعلا بالنزول، والاستواء على العرش والكلام والإرادة والمشيئة، والسمع والبصر، وغير هذا من الصفات الواردة في القرآن العظيم والسنة الصحيحة، فيجب وصفه بها سبحانه على الوجه اللائق به جل وعلا، من غير تشبيه له بخلقه، كما قال سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (4) وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (6) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (7) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (8) ،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .
(4) سورة الشورى الآية 11
(5) سورة الإخلاص الآية 1
(6) سورة الإخلاص الآية 2
(7) سورة الإخلاص الآية 3
(8) سورة الإخلاص الآية 4(10/33)
وقال سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (1) ، فالله جل وعلا لا مثيل له، ولا كفو له، ولا شيبه له، سبحانه وتعالى، وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو ينزل نزولا يليق بجلاله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، إلى السماء الدنيا آخر الليل في الثلث الأخير، يقول جل وعلا: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2) » فمن تيسر له القيام آخر الليل فهو أفضل، ومن لم يتيسر له ذلك فليوتر في أول الليل، وأقل ذلك ركعة واحدة، يوتر فيها في أول الليل، أو في آخره، فكلما زاد فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (3) » أي ثنتين ثنتين «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (4) » يعني المتهجد بالليل يصلي ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة يقرأ فيها (الحمد) و (قل هو الله أحد) هذا هو السنة، وأفضل ذلك إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة؛ لأن هذا هو
__________
(1) سورة النحل الآية 74
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/34)
وتر النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب، كان وتره في الغالب إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة عليه الصلاة والسلام، ومن شاء أوتر بأكثر من هذا فلا بأس، ليس له حد محدود، ولو أوتر بخمسين أو ستين أو مائة، يسلم من كل ثنتين فلا بأس، ويوتر بواحدة، لكن كونه يوتر بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة هذا هو الأفضل، وإن أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع كله طيب، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين، فإن سرد ثلاثا وأوتر بها، أو خمسا وأوتر فيها سردا لم يجلس فيها فلا بأس، قد ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا لو سرد سبعا لم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، وإن جلس في السادسة، وأتى بالتشهد الأول، ثم قام وأتى بالسابعة كذلك، ورد هذا وهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، سرد السبع في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان جلس في السادسة وتشهد، ثم قام قبل أن يسلم وأتى بالسابعة، وهكذا سرد تسعا جلس في الثامنة للتشهد الأول، ثم قام وأتى بالتاسعة، ولكن الأفضل هو ما كان يغلب عليه فعله، عليه الصلاة والسلام، وهو أن يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، وهو موافق لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1) » أي ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، وفق الله الجميع.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/35)
س: يسأل المستمع ويقول: إن العلماء قالوا بأن أفضل الأوقات لقيام الليل هو الثلث الأخير، ولكنني لا أعرف كيف يبدأ تقسيم هذا الليل؛ من وقت الغروب حتى شروقها، أم من وقت غروبها حتى وقت صلاة الفجر (1) ؟
ج: الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا الليل، وأفضل أوقاته الثلث الأخير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (2) » هذا الوقت هو الوقت العظيم، وقت التنزل الإلهي، وقت دعوة الرب للعباد أن يسألوه، وأن يتضرعوا إليه جل وعلا، فهذا هو أفضل الوقت، وبعده جوف الليل.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (403) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .(10/36)
س: رسالة وصلت من ليبيا، من م. م يقول: ما هو الوقت المناسب لصلاة الليل؟ وما هو وقت الدعاء المناسب؟ وماذا يقول الإنسان فيه؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (403) .(10/36)
ج: أفضل الأوقات الثلث الأخير إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1) » رواه مسلم في الصحيح؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول سبحانه: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (2) » متفق على صحته، هذا الحديث العظيم يدل على أن التهجد آخر الليل في الثلث الأخير أفضل لهذا الحديث العظيم، فينبغي للإنسان الدعاء، والسؤال والتوبة إلى الله عز وجل في هذا الوقت العظيم، وإن صلى في وسط الليل فهو وقت فاضل وعظيم، وإن صلى أول الليل بعد صلاة العشاء كله خير، ولكن إن كان يخشى ألا يقوم فالسنة أن يصلي قبل أن ينام، «وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء بالإيتار قبل النوم (3) » والسبب - والله أعلم - أنهما
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722) .(10/37)
كانا يدرسان الحديث، ويخشى ألا يقوما في آخر الليل، والخلاصة أنه من طمع أن يقوم آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أول الليل، والحمد لله، وأما قوله: «ينزل ربنا (1) » فهذا وصف يليق بالله عند أهل السنة والجماعة، يثبتون ما يليق بالله، وإنه نزول يليق بالله، لا يسأل الخلق عن كيفية نزوله، كما أنه لا يسأل المخلوقون عن صفاته كلها وكيفيتها، لا في الاستواء ولا في الرحمة، ولا في الغضب ولا في الرضا، ولا في غير ذلك من صفاته، بل يجب إثبات صفات الله لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، هكذا قال أهل السنة والجماعة كما نص على ذلك أهل العلم كمالك بن أنس، رحمه الله، والشافعي، وأحمد والثوري، وابن المبارك، والأوزاعي، وغيرهم، وقد جمع أبو العباس ابن تيمية رحمه الله أقوالهم في فتوى الحموية، وهو كتاب عظيم مفيد، وأهل السنة والجماعة يثبتون جميع الصفات لله، ما جاء في القرآن والسنة الصحيحة على الوجه اللائق بالله كالاستواء، والنزول، والغضب والرضا، والرحمة، والسمع، والبصر، والكلام، وغير ذلك، كلها يثبتونها لله سبحانه وتعالى
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .(10/38)
على الوجه اللائق بالله جل وعلا، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، كما قال الله سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (2) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (3) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4) ، وقال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (5) ، وقال سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (6) ، هذا هو الواجب على جميع المسلمين، إثبات صفات الله وأسمائه له سبحانه، كما جاءت في القرآن، وكما جاءت في السنة الصحيحة، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، بل يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، مع الإيمان بحقائقها، وأنها حق، وأنها لا تشابه صفات المخلوقين، بل هي ثابتة لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى من غير مشابهة بخلقه في شيء من صفاته جل وعلا، هذا هو قول أهل الحق، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة المنصورة، وهم الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، هم الطائفة المنصورة وهم الفرقة الناجية وهم أهل الحق، فالواجب السير على
__________
(1) سورة الإخلاص الآية 1
(2) سورة الإخلاص الآية 2
(3) سورة الإخلاص الآية 3
(4) سورة الإخلاص الآية 4
(5) سورة الشورى الآية 11
(6) سورة النحل الآية 74(10/39)
منهجهم، والاستقامة على طريقهم، وطاعة الله ورسوله، والإخلاص لله في العمل، واتباع الشريعة وعدم البدعة، هكذا درج أهل السنة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان في توحيد الله، والإخلاص له، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، والاستقامة على دين الله، وإثبات صفات الله وأسمائه على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، هكذا درج أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان وهم الفرقة الناجية المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: " ... «لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة؛ واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار، قيل: يا رسول الله، من هم؟ قال: الجماعة (1) » هذه الواحدة هم أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة المنصورة، التي قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس (2) » والعلماء هم رأس هذه الطائفة، وأهل
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، برقم (3992) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب سؤال المشركين أن يريهم آية، حديث رقم (3641) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم '' لا تزال طائفة ... ''، حديث رقم (1037) واللفظ له.(10/40)
الحديث هم رأس هذه الطائفة، وأئمة هذه الطائفة، وعلى رأسهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهم خير هذه الأمة، ثم العلماء من أهل السنة والجماعة بعدهم، وأهل الحديث هم أئمة هذه الطائفة، وهم من رؤسائهم وقادتهم، فالمعنى أن أهل الحديث هم خلاصتهم، وهم أئمتهم، وهكذا العلماء علماء الحق، كلهم من أهل السنة والجماعة، وكلهم من الطائفة المنصورة، وهكذا عامتهم هم من الطائفة المنصورة، عامتهم من الرجال والنساء الذين درجوا وساروا على أهل السنة والجماعة بالاستقامة على الحق والإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله، وتمسكوا بشرعه، هؤلاء كلهم أهل السنة والجماعة، وكلهم يدعون الفرقة الناجية، وكلهم يقال لهم: الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، نسأل الله أن يجعلنا وإياك والمستمعين من أهل السنة، نسأل الله أن يجعلنا منهم، نسأل الله أن يثبتنا على الحق وأن يعيذنا من مضلات الفتن.(10/41)
س: حدثونا عن نفل قيام الليل ومتى يكون نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا بالساعة تقريبا (1)
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (370) .(10/41)
ج: التهجد بالليل سنة وقربة، وأفضله آخر الليل، أفضله السدس الرابع والخامس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه (1) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2) » فالسنة للمؤمن أن يتحرى هذين الوقتين السدس الرابع، والسدس الخامس الذي هو صلاة داود ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، يعني السدس الرابع والسدس الخامس، وينام السدس الأخير؛ يتقوى على أعمال النهار، وإن تعبد في الثلث الأخير وقت التنزل، السدس الخامس والسادس فهذا كله طيب، والنصف يبدأ بالساعة، من مضي نصف الساعات التي يتكون منها الليل. الليل يختلف على كل حال على حسب ساعات الليل، فإذا كان الليل اثني عشر بدأ النصف في أول الساعة السابعة بعد غروب الشمس، وإذا كان الليل إحدى عشرة ساعة بدأ بعد مضي خمس ساعات ونصف من غروب الشمس بدأ النصف، وهكذا.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .(10/42)
س: كيف أقوم الليل؟ وفي أي ساعة بالتحديد، علما بأنني أنتهي من عملي الساعة العاشرة والنصف في الليل، ثم كم عدد الركعات التي أصليها لقيام الليل بالتفصيل؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: تقوم من الليل حسب التيسير، إذا يسر الله لك تقوم، والأفضل في آخر الليل في الثلث الأخير، وإلا صليت في وسط الليل، في أول الليل، كله طيب، وتصلي ثنتين ثنتين، ثم تختم بواحدة، تقرأ فيها الحمد وقل هو الله أحد، وليس في هذا حد محدود، صل ما تيسر لك من ثلاث وخمس أو سبع أو تسع أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا أكثر ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ثلاث عشرة، وإن صليت أكثر من ذلك، عشرين أو أكثر وتوتر بواحدة كله طيب، المقصود مثلما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «خذوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (344) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم شعبان، حديث رقم (1970) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، حديث رقم (782) .(10/43)
وإن قل (1) » كله طيب بعد صلاة العشاء، تصلي ركعة واحدة، وترا بعد الراتبة، أو تصلي ثلاثا تسلم من ثنتين، ثم تصلي واحدة وترا أو تصلي خمسا، وتسلم من كل ثنتين أو تسردها جميعا، كله لا بأس على حسب التيسير، لا تتكلف، فاتق الله ما استطعت، فهي نافلة ليست واجبة، والأفضل إذا تيسر لك أن تكون الصلاة في آخر الليل، في الثلث الأخير، فهذا الأفضل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى الثلث الآخر، فيقول سبحانه: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (2) » فإذا تيسر لك آخر الليل فهذا أفضل، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (3) » ويقول أبو هريرة رضي الله عنه: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث، صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب الجلوس على الحصر ونحوه، برقم (5862) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب ألا يخلي شهرا عن صوم، برقم (1958) واللفظ له.
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/44)
أوتر قبل أن أنام (1) » وهكذا أوصى أبا الدرداء، والسبب - والله أعلم - أنهما كانا يدرسان الحديث أول الليل فيخشيان ألا يقوما من آخر الليل، فأوصاهما بالقيام والوتر في أول الليل، أما الذي يطمع في آخر الليل، ويستطيع فهو أفضل كما تقدم، وفق الله الجميع.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، برقم (1981) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (721) .(10/45)
س: أرجو إرشادي عن صلاة التهجد؛ إذ إني أصليها في الحادية عشرة ليلا، وأتلو فيها القرآن جهرا، هل لها ميعاد غير ذلك (1) ؟
ج: الصلاة في جوف الليل وآخر الليل، أفضل وإن صلتيها قبل أن تنام فلا بأس، والصلاة في جوف الليل أفضل، وفي آخر الليل أفضل وأفضل، وإن صليتها بعد صلاة العشاء قبل أن تنام، خوفا ألا تقوم فلا بأس بذلك، وآخر الليل أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2) » رواه
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (264) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/45)
مسلم في الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (1) » وفي لفظ آخر يقول جل وعلا: «هل من سائل فيعطى سؤله، هل من مستغفر فيغفر له، هل من تائب فيتاب عليه (2) » هل من مستغفر، هذا في الثلث الأخير، هذا أفضل الأوقات للتهجد وللعبادة، وهذا النزول يليق بالله لا يشابهه نزول المخلوقين، هذا النزول ثابت في الأحاديث الصحيحة المتواترة، وهو نزول يليق بالله، مثل الاستواء ومثل الغضب والرضا، تليق بالله، لا يشابه خلقه في استوائه على عرشه، ولا يشابه خلقه في غضبه ورضاه، ولا يشابه خلقه في محبته وكلامه، ونحو ذلك، وهكذا النزول، نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، لكنه لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، لقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3) ، ولقوله سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (4) ،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .
(2) أخرجه أبو يعلى في مسنده من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما برقم (5936) ، (10/342) .
(3) سورة الشورى الآية 11
(4) سورة النحل الآية 74(10/46)
ولقوله عز وجل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (2) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (3) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4) ، سبحانه وتعالى هذه قاعدة عند أهل السنة والجماعة، قاعدة بأن جميع أسماء الرب وصفاته، كلها تليق به، وأسماؤه كلها نعوت، كلها في الصفات: الرحمن الرحيم العليم الحكيم، السميع البصير، هي أسماء، وهي نعوت وصفات كلها تليق بالله، يجب إثباتها لله إثباتا بريئا من التمثيل، ويجب أن ينزه الله سبحانه عن مشابهة خلقه، تنزيها بريئا من التعطيل، فأهل الحق من أهل السنة والجماعة يثبتون صفات الله وأسماءه، ويقرونها كما جاءت مع الإيمان بها، واعتقاد أنها حق على الوجه اللائق به سبحانه، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا، هذه أقوال أهل الحق، من أهل السنة والجماعة، من الصحابة وأتباعهم والتابعين، وأتباع التابعين، كمالك والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة، والثوري، وغيرهم من أئمة الإسلام، كلهم هذه عقيدتهم تابعين في ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم.
__________
(1) سورة الإخلاص الآية 1
(2) سورة الإخلاص الآية 2
(3) سورة الإخلاص الآية 3
(4) سورة الإخلاص الآية 4(10/47)
10 - بيان النوافل المشروعة في اليوم والليلة
س: تقول السائلة: هل توجد صلاة لكل يوم وليلة، أي نوافل، وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها (1) ؟
ج: النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة، يحافظ عليها مع الصلوات، اثنتي عشرة ركعة، أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين قبل صلاة الصبح، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، هذه اثنتا عشرة ركعة كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، في يومه وليلته، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة، بني له بهن بيت في الجنة (2) » ثم بينها؛ فقال: «أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح (3) » هذه اثنتا
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (35) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة لمن السنة ... برقم (414) ، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة ... ، برقم (1794) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة برقم (1140) .(10/48)
عشرة ركعة، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها في يومه وليلته، مع الصلوات الأربع الظهر والمغرب والعشاء والفجر، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم، أنه حث على أربع قبل العصر، قال: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » أما التي حافظ عليها صلى الله عليه وسلم، في الحضر والإقامة، فهي ثنتا عشرة ركعة، كما تقدم، وهي أربع قبل الظهر وثنتان بعدها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل الصبح، والأفضل فعلها في البيت، هذا هو الأفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة (2) » وشرع للناس عليه الصلاة والسلام التهجد والوتر كان يحافظ عليه، التهجد بالليل والوتر بالليل، كان يحافظ عليه حتى في السفر مع ركعتي الفجر، كان يحافظ على هذا، في السفر والحضر، الوتر في الليل وسنة الفجر ركعتين، قبل الفريضة كان يحافظ على ذلك سفرا وحضرا، أما سنة
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781) .(10/49)
الظهر وسنة المغرب، وسنة العشاء فكان يتركها في السفر، عليه الصلاة والسلام، ويأتي بها في الحضر، ومما شرعه عليه الصلاة والسلام للناس سنة الضحى، ركعتان فأكثر، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم، «أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بسنة الضحى وصيام ثلاثة أيام من كل شهر والإيتار قبل النوم (1) » كان من أسباب ذلك والله أعلم، أنهما كانا يشتغلان بالحديث أول الليل، فأوصاهما بالوتر أول الليل، أما من كان يطمع أن يقوم آخر الليل، فالوتر آخر الليل أفضل، كما كان فعله صلى الله عليه وسلم، وكما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2) » رواه مسلم، فالإيتار في آخر الليل أفضل، لمن طمع في ذلك وقدر عليه، أما من خاف ألا يقوم آخر الليل، فليوتر أول الليل، هذا هو الأفضل له، وهذه الأشياء التي كان يحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو إليها، بينتها في جواب السائلة، فينبغي للمسلم أن يحافظ على هذه الأشياء وأن يعتني بها كما اعتنى بها نبينا صلى الله عليه وسلم، وحافظ عليها وحث عليها الأمة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/50)
11 - بيان أن الإنسان يفعل الأصلح له من طول القيام وعدد الركعات
س: هل قيام الليل بعدد الركعات أم بطول القيام يا سماحة الشيخ (1) ؟
ج: على كل حال الإنسان ينظر ما هو أصلح إن كانت نفسه ترتاح للطول لأجل إكثار الدعاء ويكثر القراءة والتدبر فيفعل ذلك، فإن كانت نفسه ترتاح للتخفيف وكثرة الركعات وأن هذا أخشع له وأريح لنفسه يفعل ذلك، يفعل ما هو الأقرب إلى راحته وانشراح صدره وطيب نفسه بهذا العمل، فإذا كانت نفسه ترتاح للطول وكثرة الدعاء في السجود وكثرة القراءة فيفعل، وإذا كانت نفسه ترتاح للتخفيف والتيسير فيفعل ذلك.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (365)(10/51)
12 - مسألة في عدد ركعات صلاة الليل والجهر فيها
س: الأخ: ص. أ. ع. غ.، يقول: كم عدد ركعات صلاة الليل؟ وهل هي سرية أم جهرية؟ وهل تصح جماعة وما هو وقتها؟ علما بأنني أصليها بعد منتصف الليل، وأوقات أصليها قبل ذلك، وأصلي أربع ركعات ثم أوتر بركعة، أرجو التوضيح والتوجيه، جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (148)(10/51)
ج: صلاة الليل ليس لها عدد محصور، ولو صلى مائة ركعة أوتر بواحدة، أو أكثر من ذلك لا بأس بذلك، ليس لها عدد محصور، الله جل وعلا ندب إلى صلاة الليل، وحث عليها سبحانه وتعالى في كتابه العظيم، قال جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (1) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (2) {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} (3) {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (4) ، وقال سبحانه وتعالى في وصف عباده المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (5) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (6) ، وقال عن عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (7) ، لكن الأفضل أن يوتر بمثل ما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة هذا هو الأفضل، وإن أوتر بأكثر من ذلك، بعشرين أو بأربعين، أو بأكثر من ذلك، وختم بواحدة فلا بأس بذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة (8) » هذا يدل
__________
(1) سورة المزمل الآية 1
(2) سورة المزمل الآية 2
(3) سورة المزمل الآية 3
(4) سورة المزمل الآية 4
(5) سورة الذاريات الآية 17
(6) سورة الذاريات الآية 18
(7) سورة الفرقان الآية 64
(8) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/52)
على أن صلاة الليل ليس لها حد، ولهذا قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (1) » ولم يحد بحد، عشر أو أكثر أو أقل، قال: «فإذا خشي أحدكم الصبح فليصل ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2) » ، هذا هو المشروع في هذا الباب، ثم وقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، بعد صلاة العشاء، والسنة الراتبة إلى طلوع الفجر، كله محل التهجد بالليل، وأفضل ذلك آخر الليل، الثلث الأخير، هذا أفضل ذلك، وإن أوتر في أول الليل أو في وسطه فلا بأس، قد فعل النبي هذا كله، قد أوتر في أول الليل عليه الصلاة والسلام، وأوتر من وسطه، وأوتر من آخره كما قالت عائشة رضي الله عنها، ثم استقر وتره في السحر عليه الصلاة والسلام ولا مانع أن يصليها جماعة في بعض الأحيان، مع أهله أو مع زواره، من غير أن يتخذها عادة، لكن إذا صادف ذلك أنه زاره بعض إخوانه، فصلوا جماعة لا بأس فقد زار سلمان رضي الله عنه أبا الدرداء، في بعض الليالي وصليا جماعة في الليل (3) والنبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع، برقم (1968)(10/53)
زار محل أنس، وصلى الضحى بهم جماعة عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنه إذا صلى النافلة جماعة في بعض الأحيان بغير اتخاذ ذلك عادة راتبة، فلا بأس بذلك ولا حرج في ذلك، والوتر أقله واحدة، ولا حد لأكثره، لكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا هو الأفضل؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصلاة الليل القراءة فيها سرية، أو جهرية، يجوز أن يجهر، ويجوز أن يسر، تقول عائشة رضي الله عنها: كل ذلك قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ربما قد جهر بالقراءة، وربما أسر عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن يفعل ما هو أصلح لقلبه، وما هو أخشع له، فإذا كانت قراءته جهرة، أخشع لقلبه جهر، وإذا كانت السرية أخشع لقلبه وأرفق به، فعل ذلك سرية.(10/54)
س: يقول السائل: كم هي ركعات التهجد؟ (1) ؟
ج: أفضلها إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، هذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغالب، وإن صلى أكثر، عشرين أو
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (293) .(10/54)
أكثر، أو أقل، فلا بأس، ولو واحدة في كل ليلة، بعد العشاء أو في آخر الليل، لكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، وهذا هو فعله صلى الله عليه وسلم، في الغالب عليه الصلاة والسلام، وربما أوتر بثلاث وربما أوتر بخمس، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بتسع عليه الصلاة والسلام، لكن الأفضل والأغلب من فعله إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، ومن صلى عشرين وأوتر بثلاث، أو بواحدة أو بثلاثين، وصلى واحدة أو ثلاثا كله طيب، لا حرج، ليس له حد محدود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح، صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (1) » ولم يحدد حدا بذلك، عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/55)
س: كم عدد ركعات سنة قيام الليل وسنة التهجد؟ وفي أي وقت تصلى (1) ؟
ج: على كل حال هذا يرجع إلى قدرته، النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة ويسلم من كل ثنتين، يطيل في قراءته
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (366)(10/55)
وركوعه وسجوده عليه الصلاة والسلام ويستفتح بركعتين خفيفتين، هذا أفضل ما يكون، وإذا صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر فلا حرج، كل يصلي قدرته والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (1) » والله جل وعلا أثنى على عباده المؤمنين، فقال: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (2) ، وقال سبحانه: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (4) ، فليس فيه حد محدود إذا صلى ثنتين وأوتر بواحدة أو صلى تسليمتين وأوتر بالخامسة أو صلى ثلاث تسليمات وأوتر بالسابعة أو صلى أربع تسليمات وأوتر بالتاسعة، كل ذلك لا حرج فيه والحمد لله، وأفضل ذلك أن يصلي إحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين بالطمأنينة والقراءة المرتلة والتدبر والركود في صلاته وفي سجوده وركوعه ثم يوتر بواحدة، هذا هو أفضل، وإن زاد أو نقص فلا حرج.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(2) سورة الفرقان الآية 64
(3) سورة الذاريات الآية 17
(4) سورة الذاريات الآية 18(10/56)
س: أحد الإخوة المستمعين يسأل ويقول: كم عدد ركعات صلاة الليل؟ وهل تكفي الفاتحة في كل ركعة، أم لا بد من قراءة شيء من القرآن؟ وأيضا هل تصلى جماعة، أم يصلي الواحد بمفرده؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: ليس في صلاة الليل حد محدود، والحمد لله، أقلها ركعة ولو أوتر بواحدة بعد سنة العشاء كفته، والأفضل أن يصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين إذا تيسر له ذلك، وإن لم يتيسر أوتر بخمس أو ثلاث، وبأكثر من ذلك يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل وإن صلى واحدة، أو صلى جماعة مع أهل بيته، كله حسن، ولا حرج في ذلك، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (346)(10/57)
13 - حكم من يطيل السجود أثناء التهجد حتى يتعب بذلك
س: الأخت: ع. م. ع. ح. تقول: أنا أثناء صلاة التهجد أطيل في السجود، وأحس بتعب في الأيدي والصدر، هل يجوز لي أن أضع مخدة تحت الصدر وأكواع اليدين (1)
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (435)(10/57)
ج: ما أعرف لهذا أصلا، لكن المشروع عدم التكلف، لا تطيل في السجود حتى لا تتكلف، أما وضع هذه الأشياء فما أعرف لها أصلا، لكن السنة عدم التكلف، تسجد حسب طاقتها ولا تتكلف.(10/58)
14 - حكم الوضوء لصلاة التهجد
س: الأخ: ف. ح، يقول: هل يلزم الوضوء لصلاة التهجد في آخر الليل (1) ؟
ج: إذا كان ليس على وضوء، لزمه الوضوء، إذا كان بعد العشاء قد أحدث بعد العشاء ريحا أو بولا، أو غائطا، يلزمه، لا يصلي إلا بوضوء، أما إذا كان على طهارة العشاء وأراد أن يتهجد ولم يحدث بعد طهارته للعشاء لا بأس، لكن إذا كان نام أو أحدث، لا بد من وضوء للتهجد مثل بقية الصلوات لا بد يستنجي إن كان بال، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، وإن كان ما حصل منه إلا ريح يكفيه الوضوء، يغسل ويتمضمض، ويستنشق ويغسل وجه ويديه ويمسح رأسه وأذنيه ويغسل رجليه، أما إذا كان قد حصل بول أو غائط لا بد من الاستنجاء، يستنجي أولا ثم يتوضأ وضوء الصلاة.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (423)(10/58)
15 - حكم صلاة الليل جماعة
س: هل صلاة الليل جماعة مشروعة؟ وما حكم المداومة على ذلك؟ وفقكم الله (1)
ج: صلاة الليل جماعة لا بأس بها، لكن ليست مشروعة يداوم عليها إلا في التراويح من رمضان، أما بقية السنة، إذا صادف بعض الأحيان من غير اتخاذ ذلك عادة فلا بأس، كأن يصلي بأهله أو يزور قوما فيصلي معهم جماعة، هذا لا بأس، أما أن يتخذ ذلك عادة وسنة فلا أصل لذلك.
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (351)(10/59)
16 - بيان في قيام الليل ووقته وما يقرأ فيه
س: أعرفكم بأنني مداوم والحمد لله على صلاة الليل، لكني أرجو أن تعرفوني عن صلاة القيام في الوقت المحدد، وكم عدد ركعاتها؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: قيام الليل سنة مؤكدة، ومن عمل الصالحين، وهو دأب الصالحين،
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (302)(10/59)
وهو من فعله صلى الله عليه وسلم، ومما كان يداوم عليه، عليه الصلاة والسلام، والله يقول في مدح عباد الرحمن ويثني عليهم فيقول: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (1) ، ويقول في صفات المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (2) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (3) ، والله يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (4) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (5) {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} (6) {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (7) ، والسنة قيام الليل، وآخر الليل أفضل من أوله، وإذا رغبت أن تصلي آخر الليل وخفت عدم الاستيقاظ فأوتر في أول الليل، لأن الوتر سنة مؤكدة، أقله ركعة واحدة، ولو أوتر المصلي بثلاث أو بخمس أو بأكثر فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين، هذا هو السنة، وأفضله إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بإحدى عشرة ركعة، وأنه أوتر بثلاث عشرة ركعة عليه الصلاة والسلام، هذا هو أفضل الوتر، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، ولو أوتر بأكثر من عشرين فلا بأس، كله سنة.
__________
(1) سورة الفرقان الآية 64
(2) سورة الذاريات الآية 17
(3) سورة الذاريات الآية 18
(4) سورة المزمل الآية 1
(5) سورة المزمل الآية 2
(6) سورة المزمل الآية 3
(7) سورة المزمل الآية 4(10/60)
س: سائل له كلام كثير أيضا، يسأل عن صلاة التهجد؛ في أي وقت من الليل يقوم؟ وهل يقرأ بالسور الطوال، أو ما تيسر أو يقرأ السور القصار؟ وجهوه، جزاكم الله خيرا (1)
ج: التهجد من الليل سنة، قيام الليل سنة، قال الله في عباد الرحمن في وصفهم: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (2) ، وقال الله لنبيه عليه الصلاة والسلام: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (3) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (4) ، الآيات، المقصود أن قيام الليل سنة، والحديث الصحيح: «أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل (5) » يعني بعد الفريضة أفضلها قيام الليل، التهجد من الليل، وهو مخير؛ إن شاء صلى في أول الليل، وإن شاء صلى في وسطه، وإن شاء صلى في آخره، لكن الأفضل في آخر الليل، إذا تيسر إذا قدر، فإن خاف ألا يقوم من آخر الليل، فالسنة الوتر أول الليل، كما تقدم الجواب على السؤال السابق.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (332)
(2) سورة الفرقان الآية 64
(3) سورة المزمل الآية 1
(4) سورة المزمل الآية 2
(5) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب فضل صوم المحرم، برقم (1163) .(10/61)
س: متى تؤدى صلاة الليل (1) ؟
ج: صلاة الليل ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، كله صلاة الليل، إذا فرغ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، لكن الأفضل في آخر الليل، أو في جوف الليل، وإن صليته قبل أن تنام فذلك أيضا طيب وخير إذا كنت تخشى ألا تقوم من آخر الليل، فالأفضل أن تصلي في أول الليل، قبل أن تنام، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة بالإيتار قبل النوم، فكل إنسان أعلم بنفسه، فإذا كان يستطيع القيام في آخر الليل فهذا أفضل، وإلا صلى في أول الليل.
__________
(1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (301) .(10/62)
س: سماحة الشيخ، كيف يكون قيام الليل، أرجو بيان كيفية ذلك؟ وأين يكون موقع الدعاء والتسبيح، مفصلا (1) ؟
ج: قيام الليل سنة مؤكدة، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله الأخيار، كما قال الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (2) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (3) ، وقال سبحانه مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم:
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (303)
(2) سورة المزمل الآية 1
(3) سورة المزمل الآية 2(10/62)
{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (1) ، ثم مدح المؤمنين عباد الرحمن بذلك، فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (2) ، وقال أيضا عن المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (4) ، فقيام الليل سنة مؤكدة سواء في أوله، أو في أوسطه، أو في آخره حسب التيسير، فالوتر سنة وأقله ركعة واحدة، فإذا قام بالليل وقرأ ما تيسر من القرآن سواء صلى بثلاث أو بخمس أو بسبع أو بتسع أو بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة كله حسن، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بهذا، ثم أوصى بثلاث، ثم أوصى بسبع، ثم أوصى بخمس، ثم أوصى بتسع، ثم أوصى بإحدى عشرة، ثم أوصى بثلاث عشرة يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، وإن صلى ثلاثا جميعا بسلام واحد وجلسة واحدة في آخرها فلا بأس، فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، أو صلى بخمس جميعا بجلوس في آخرها فلا بأس، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، لكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، والأفضل وتره صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، هذا
__________
(1) سورة الإسراء الآية 79
(2) سورة الفرقان الآية 64
(3) سورة الذاريات الآية 17
(4) سورة الذاريات الآية 18(10/63)
هو الأفضل، ومن أوتر بعشرين أو أكثر أو زاد في الوتر فلا بأس أو بسبع وعشرين أو بإحدى وثلاثين، أو بأكثر كله لا بأس به، والنبي صلى الله عليه وسلم وسع في صلاة الليل، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (1) » فالسنة هكذا يصلي ثنتين، فإذا خشي الصبح أوتر بواحدة، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة (2) » يعني غالبا فيسلم من كل اثنتين، عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في الوتر، برقم (994) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (736) .(10/64)
17 - حكم الملازمة لصلاة الليل
س: هل يجب الملازمة لصلاة الليل أو لا يجب (1) ؟
ج: صلاة الليل سنة مؤكدة، ومن فعل النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله جل وعلا: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (2) ، وقال في وصف الصالحين من عباد الله:
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (349)
(2) سورة الإسراء الآية 79(10/64)
{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (1) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (2) ، وقال في وصف عباد الرحمن سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (3) ، فالتهجد بالليل سنة وقربة عظيمة، لكن حسب الطاقة يفعلها الإنسان حسب الطاقة، في أول الليل، في أثناء الليل، في آخر الليل حسب التيسير، وأقلها واحدة، ركعة واحدة، يوتر بها ويستحب له الزيادة، يصلي ثلاثا، خمسا، سبعا، تسعا، حسب التيسير، وإذا كان يشق عليه قيام الليل، آخر الليل يصليها قبل أن ينام، «كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما أن يوترا قبل النوم (4) » وإذا تيسر له أن يقوم في آخر الليل فهو أفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل (5) » والسنة ثنتين ثنتين، ثم يوتر بواحدة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، وإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد
__________
(1) سورة الذاريات الآية 17
(2) سورة الذاريات الآية 18
(3) سورة الفرقان الآية 64
(4) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/65)
صلى (1) » ولا يأثم في ترك صلاة الليل، فهي سنة، لو تركها لا شيء عليه، لكن سنة سن المحافظة عليها، الله لم يوجب علينا إلا الصلوات الخمس في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر والجمعة، هذه الفريضة ومن زاد عليها صلاة الضحى، والتهجد بالليل والرواتب والوتر كلها نافلة، لكن ينبغي للمؤمن ويشرع له أن يحافظ على الرواتب والفضائل، ويسارع إلى كل خير، ولا سيما التهجد بالليل والوتر والصلوات المتأكدة، وهكذا الرواتب، كسنة الظهر قبلها أربع بعدها ثنتين، وإن صلى بعدها أربعا كان أفضل، أيضا قبل العصر يستحب أن يصلي أربعا يسلم من كل ثنتين، كذلك بعد المغرب ثنتين، وبعد العشاء ثنتين، وقبل صلا الفجر ثنتين، كل هذه رواتب، وإذا صلى قبل العشاء ركعتين، وقبل المغرب ركعتين كان أفضل أيضا، وبين الأذانين كل هذه نوافل مستحبة، ينبغي للمؤمن المحافظة عليها، وأن يكون حريصا عليها، يرجو ثواب الله وفضله سبحانه وتعالى.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/66)
18 - حكم صلاة الليل في أوله لمن يخشى النوم عنها
س: السؤال يقول: أقدم صلاة الليل إلى ما بعد صلاة العشاء، أو(10/66)
أؤديها في الحادية عشرة على الأكثر خوفا أن يغلبني النوم، فهل تعتبر صلاتي صحيحة (1) ؟
ج: نعم، فالأفضل أن تؤديها في أول الليل إذا كنت تخشى ألا تقوم في آخر الليل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2) » «وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما، بالوتر أول الليل (3) » وذلك لأنهما لا يتيسر لهما القيام في آخر الليل، إما لمدارسة الحديث، وإما لأسباب أخرى، فالمقصود أنك إذا كنت تخشى ألا تقوم من آخر الليل فالوتر لك في أوله هو السنة، وهو الأفضل، أما إن طمعت أن تقوم في آخر الليل وتيسر لك ذلك فالتهجد في آخر الليل أفضل.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (327) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722) .(10/67)
س: أنا أختكم في الله: ر. من الأردن، تقول عن نفسها: أنا أحب صلاة قيام الليل، لكن أحيانا يأخذني النوم، وأحيانا أستيقظ لكني لا أقوم، إلا متثاقلة نتيجة للنعاس، فبماذا توجهونني حتى(10/67)
أقوم، وأنا في نشاط ورغبة للصلاة ولذكر الله (1) ؟
ج: نوصيك بالصلاة قبل النوم والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بعض أصحابه بالوتر قبل النوم، فإذا كان الإنسان يخاف ألا يقوم فالأفضل أن يصلي ما تيسر قبل النوم ثلاثا أو خمسا أو أكثر، يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة قبل النوم، أما إذا اطمأننت أنك تقومين آخر اللي فهو أفضل، ونوصيك بالنوم مبكرا، أن تنامي مبكرة حتى تقومي من آخر الليل، أما مع السهر، فإنه يعسر قيام الليل في آخر الليل، ولكن نوصيك بالتبكير بالنوم، ووضع الساعة على الوقت المناسب، حتى تقومي إن شاء الله، فإذا لم يتيسر ذلك، فصلي في أول الليل، صلى قبل النوم والحمد لله، وإذا فاتك في أول الليل بسبب النوم أو المرض فصلي من النهار، صلي الضحى ما تيسر يعني عدد الركعات التي تفعلينها في الليل، صليها من النهار، وزيديها ركعة اشفعيها إذا كانت العادة خمسا، فصلي ستا بثلاث تسليمات، وإذا كانت العادة سبعا، ولم يتيسر أن تصليها بالليل للنوم أو غيره تصلي في النهار ثمانيا بأربع تسليمات، وهكذا فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام، إذا شغله عن وتره من الليل نوم أو مرض،
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (333) .(10/68)
صلى في النهار وشفع عادته، كما قالت عائشة رضي الله عنها، وكان في الغالب يصلي في الليل إحدى عشرة ركعة، عليه الصلاة والسلام، فإذا شغله نوم أو مرض، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، بست تسليمات، هذا هو السنة وهذا هو المشروع، وفق الله الجميع.(10/69)
19 - بيان الثلث الأخير من الليل
س: السائل: ع. من الأردن، يقول: هل تعتبر الساعة التي تسبق أذان الفجر من الثلث الأخير من الليل (1) ؟
ج: نعم، ما كان قبل الفجر كله ثلث أخير، حتى يطلع الفجر، الثلث الأخير يبدأ من ذهاب الثلثين، يبدأ الثلث الأخير، ويستمر إلى طلوع الفجر.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (416) .(10/69)
20 - حكم تأخير صلاة الليل إلى قبيل الفجر
س: يسأل سماحتكم عن حكم تأخير النوافل قبيل الفجر بنصف ساعة (1) ؟
ج: لا مانع، لكن كونك تتقدم حتى يتسع الوقت، وحتى تصلي ما يسر الله لك بهدوء، وتصلي إحدى عشرة ركعة، كما كان يفعل عليه
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (314) .(10/69)
الصلاة والسلام، تسلم كل ثنتين، وتجتهد في القراءة، والركوع والسجود، هذا أفضل لأن الوقت الضيق قد لا تتمكن معه من المطلوب، مثل الصلاة المطلوبة، والدعوات المطلوبة، لكن لو أخرت إلى آخر الليل، وصليت ما يسر الله لك، فلا حرج والحمد لله.(10/70)
س: متى يبدأ الليل، هل من بعد أذان المغرب أم من بعد أذان العشاء، وهل يمتد إلى أذان الفجر؟ (1)
ج: الليل ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا هو الليل، ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر الصادق هذا هو الليل.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (350) .(10/70)
21 - بيان لبداية وقت التهجد ونهايته
س: ما هو وقت صلاة التهجد؟ متى يبدأ ومتى ينتهي؟ مأجورين (1)
ج: يبدأ من بعد العشاء وينتهي بطلوع الفجر، هذا التهجد إذا صلى الناس العشاء دخل وقت التهجد إلى طلوع الفجر، فإذا أوتر في أول الليل أو في أثناء الليل أو في آخر الليل كله حسن كما قال جل
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (358) .(10/70)
وعلا: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (1) ، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (2) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (3) الآية، فالسنة قيام الليل من الفراغ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ولو بركعة واحدة الوتر، لكن إذا صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر يسلم من كل ثنتين هذا هو السنة وهذا فعله صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) سورة الإسراء الآية 79
(2) سورة المزمل الآية 1
(3) سورة المزمل الآية 2(10/71)
22 - حكم من يوتر بعد صلاة العشاء مباشرة
س: سائلة تقول: إنني ولله الحمد أقوم الليل إلا أنني أوتر بعد سنة العشاء، وذلك خوفا من أن يقبض الله روحي، قبل أدائها وخوفا من أن يغلبني النوم، فلا أستطيع أداءها، فبماذا تنصحونني وهل ما أنا عليه صحيح؟ (1)
ج: قيام الليل من أفضل القربات، ومن صفات عباد الرحمن الأخيار، ومن صفات المتقين الأبرار: قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (2) {آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} (3) {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (4) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (5) ، وقال سبحانه في صفة
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (266) .
(2) سورة الذاريات الآية 15
(3) سورة الذاريات الآية 16
(4) سورة الذاريات الآية 17
(5) سورة الذاريات الآية 18(10/71)
عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (1) فأنت على خير، فنوصيك بالثبات، وسؤال الله القبول، وعليك بالاستقامة، ولكن الأفضل لك أن تجعلي الوتر آخر الليل، ما دمت تقومين آخر الليل، فاجعلي الوتر آخر الليل، وأحسني الظن بالله، وأبشري بالخير، ما دمت قد اعتدت هذا الخير، تقومين آخر الليل، فاجعلي وترك آخر الليل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2) » بين صلى الله عليه وسلم أن صلاة آخر الليل مشهودة، وأنها أفضل من أول الليل، وأنت بحمد الله تطمعين أن تقومي، قد اعتدت القيام، فأخري الوتر في آخر الليل، وإذا غلبك النوم صلي في النهار ما يقابل ذلك، شفعا دون وتر، كما كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم، «كان إذا غلبه النوم، أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، وكانت عادته صلى الله عليه وسلم، غالبا إحدى عشرة ركعة، فإذا شغله نوم أو مرض، زاد واحدة
__________
(1) سورة الفرقان الآية 64
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/72)
صلى ثنتي عشرة ركعة (1) » هكذا روت عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم، والمؤمن يجب أن يكون حسن الظن بالله سبحانه وتعالى، فعليك أن تحسني الظن بالله، والاجتهاد في الخير، وأن تكون صلاتك آخر الليل مع الوتر لهذا الحديث الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2) » هذا الحديث العظيم، متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على فضل آخر الليل، وأن العبادة فيه لها فضل عظيم، وأن دعاء العبد حري بالاستجابة، وهكذا توبته واستغفاره، وهذا النزول نزول يليق بالله جل وعلا، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، سبحانه وتعالى فهو في نزوله كسائر صفاته، كالاستواء والكلام والغصب، والرضا، وغير ذلك كلها صفات تليق بالله لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى، فكما قال السلف في الاستواء: إنه اللائق بالله، فهكذا النزول، وهكذا بقية الصفات، يقول جل وعلا:
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .(10/73)
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1) سئل مالك إمام دار الهجرة في زمانه، رحمه الله، قيل له: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (2) كيف استوى؟ قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب وهكذا روي عن أمة سلمة أم المؤمنين، وعن ربيعة شيخ مالك، أنهم قالوا هذا المعنى، الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، وهكذا النزول معروف، والكيف مجهول، ينزل كيف يشاء سبحانه وتعالى نزولا يليق بجلاله، ولا يشابه خلقه في صفاته سبحانه، وهكذا يتكلم إذا شاء كما يليق بجلاله، ويغضب إذا شاء على أهل المعصية والكفر به غضبا يليق بجلاله، لا يشابه غضب المخلوقين، وهكذا رضاه، وهكذا سائر صفاته، سبحانه وتعالى كلها يجب أن تمر كما جاءت، مع الإيمان بها، واعتقاد
__________
(1) سورة طه الآية 5
(2) سورة طه الآية 5(10/74)
أنها حق، وأنها تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه، ولا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى.(10/75)
23 - حكم من نوى قيام الليل ولم يقم
س: سماحة الشيخ، إذا نوى الشخص سواء المرأة، أو الرجل أن يقوم الليل ولم يقم فهل يكتب له أجر ما نوى؟ (1)
ج: نعم، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا (2) » كذلك إذا نام ما فرط له أجر قيام الليل، لكن يصلي من النهار ما فاته، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا منعه من ورده من الليل نوم أو مرض صلى من النهار مقابل ما يفعله بالليل، هذا هو السنة وإذا شغله المرض أو النوم، عن وتره بالليل أو حزبه من الليل من القراءة جعله في النهار قبل الظهر، هذا هو الأفضل ويكون أجره كاملا، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، في غزوة تبوك: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (371) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996) .(10/75)
واديا إلا وهم معكم (1) » وفي لفظ: «إلا شاركوكم في الأجر "، قالوا: يا رسول الله، وهم في المدينة؟ قال: " وهم في المدينة، حبسهم المرض (2) » وفي لفظ آخر: «حبسهم العذر» ، فالمقصود أن من حبسه العذر عن عمل صالح ينويه من عادته فعله يكون له أجره.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي الحجر، برقم (4423) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض، أو عذر آخر، برقم (1911) .(10/76)
س: بحمد الله تعالى وشكره أصبحت أصلي الليل، لكن الذي حدث ذات مرة أنني لم أفق في ليلة من الليالي، إلا على أذان الفجر فصليت الفجر، فهل علي قضاء ما كنت أصلي؟ (1)
ج: ليس عليك قضاء، لكن الأفضل أن تقضي، «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورد من الليل قضاه من النهار عليه الصلاة والسلام (2) » لكنه نافلة مستحب، فإذا كنت تصلين من الليل عشر ركعات، مع الوتر واحدة إحدى عشرة فالأفضل لك أن تصلي من النهار ثنتي عشرة ركعة، مثل ما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، تسلمين من كل ثنتين،
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (294) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .(10/76)
وإذا كان عادتك سبع ركعات تصلين من النهار ثمانيا أربع تسليمات، وهكذا لو كانت ثلاثا تصلين من النهار تسليمتين، أربع ركعات هذه السنة، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله عن صلاة في الليل مرض، أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (1) » وكان الغالب عليه الصلاة والسلام أنه يصلي إحدى عشرة، يسلم كل ثنتين ويوتر بواحدة، فإذا شغله مرض أو نوم صلاها من النهار وزاد ركعة صارت ثنتين عن ركعة، ويسلم من كل ثنتين، هذا هو السنة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .(10/77)
24 - حكم من صلى أربع ركعات بتسليمة واحدة
س: من صلى أربع ركعات بتسليمة واحدة هل هذا جائز؟ (1)
ج: في الليل لا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2) » وهذا معناه الأمر، معناه: صلوا ثنتين ثنتين، أما في النهار فقد اختلف فيه العلماء؛ منهم من قال: يجوز. ومنهم من قال: لا يجوز.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (228) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/77)
والأفضل أنه يصلي ثنتين حتى في النهار أيضا، ولو صلى أربعا صحت إن شاء الله، لكنه خلاف السنة، السنة أن يصلي ثنتين ثنتين حتى في النهار؛ لأنه في رواية أخرى عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1) » رواه الإمام أحمد وأهل السنن بسند صحيح، فينبغي للمؤمن ألا يصلي إلا ثنتين ثنتين حتى في النهار، لكن لو سرد خمسا يوتر بها، لا حرج، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو سرد سبعا وأوتر بها لا حرج؛ لأنه فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مستثنى من قوله: «صلاة الليل مثنى مثنى (2) » وكذا يجوز سرد تسع يوتر بها، لكن يجلس في الثامنة للتشهد الأول، يقوم ويأتي بالتاسعة، أما أن يصلي أربعا في الليل، أو ستا في الليل، أو ثمانيا في الليل فلا، هذا خلاف للسنة لا يجوز؛ لأنه صلى الله
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/78)
عليه وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (1) » ثابت في الصحيحين، ليس فيه نزاع، فلا يجوز له أن يجمع أربعا في تسليمة واحدة أو ثمانيا أو ستا بتسليمة واحدة، ولكن يصلي ثنتين ثنتين، وكذلك في النهار يصلي ثنتين ثنتين.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/79)
25 - بيان الوقت المفضل لقيام الليل
س: من الأردن أخوكم في الله: م. ر. ع. يقول: سماحة الشيخ، الصلاة بعد أذان الفجر الأول هل تعتبر صلاة قيام الليل؟ وهل هناك أذان أول وأذان ثان لصلاة الفجر؟ وهل قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى أذان الفجر، أو من منتصف الليل؟ أفيدونا مأجورين (1)
ج: قيام الليل يبدأ من نهاية صلاة العشاء، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا قيام الليل، وإذا كان في آخر الليل، النصف الأخير أو في الثلث الأخير يكون أفضل، مثل ما جاء في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الصيام صيام داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (391) .(10/79)
ويقوم ثلثه، وينام سدسه (1) » يعني يصلي السدس الرابع والسدس الخامس، فينام نصفه ويقوم ثلثه؛ السدس الرابع والسدس الخامس، وإذا قام في الثلث الأخير كان ذلك فيه فضل عظيم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2) » وهذا نزول يليق بالله لا يشابه خلقه في نزولهم، فهو نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى؛ كالاستواء على العرش والارتفاع فوق استواء يليق بجلال الله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، ولهذا يقول أهل العلم: استواء بلا كيف. فالمؤمن يؤمن بصفات الله وأسمائه على الوجه اللائق بالله عز وجل، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف، ولا تمثيل، ولهذا يقول مالك وغيره من السلف: الشافعي والإمام أحمد بن حنبل والثوري والأوزاعي وغيرهم، يقولون: نؤمن بأن ربنا فوق سماواته على عرشه، قد استوى عليه بلا كيف، سبحانه وتعالى، فالإنسان يقوم بما تيسر من الليل في أوله، أو في أوسطه، أو في آخره يتهجد يصلي
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .(10/80)
ما تيسر، يدعو ربه، يلجأ إليه يفزع إليه ويسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (1) » والأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل، إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة قبل طلوع الفجر، وإن صلى أكثر من ذلك لا بأس، أو أقل كمن صلى ثلاثا أو خمسا أو سبعا كل ذلك لا بأس، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، وإن سرد ثلاثا بسلام واحد، ولم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، أو سرد خمسا بسلام واحد، ولم يجلس إلا في آخرها لا بأس، لكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، سواء في أول الليل، أو في وسطه أو في آخره، وإذا كان له شغل في أول الليل؛ لدراسة العلم ونحو ذلك فإنه يوتر في أول الليل حتى لا ينام عن الوتر، كما كان أبو هريرة رضي الله عنه، فقد أوصاه النبي أن يوتر في أول الليل؛ لأنه كان يدرس العلم في أول الليل، المقصود الإنسان الذي يخشى ألا يقوم من آخر الليل يوتر في أول الليل؛ لقول النبي صلى الله
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/81)
عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1) » أخرجه مسلم في صحيحه، فالتهجد في أول الليل أو في وسطه أو في آخره كله طيب، ولكن الأفضل في آخر الليل إذا تيسر ذلك.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/82)
س: تقول هذه السائلة: يا سماحة الشيخ، ما هي بداية صلاة آخر الليل؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصلاة في الليل كلها مشروعة، من أوله إلى آخره، وأفضلها الثلث الأخير، وأفضلها السدس الرابع والخامس، صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم الثلث، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (2) » فإذا صلى الإنسان السدس الرابع والخامس هذا أفضل الوقت، والسدس السادس من بقية ثلث الليل، وكله طيب وقت التنزل الإلهي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (434) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159) .(10/82)
ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقي ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له؟ (1) » في النصف الأخير كله خير، وكله محل إجابة دعاء وفضل عظيم.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .(10/83)
26 - حكم صلاة الرجل بأهل بيته في النوافل
س: صلاة الرجل بأهل بيته في النوافل كيف يكون التوجيه بخصوصها شيخ عبد العزيز؟ (1)
ج: إن شاء فعل، وإن شاء ترك، النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وحده، ما كان يصلي بأهل بيته، كان يصلي وحده صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء الوتر أيقظ عائشة لتوتر، فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان فيما علمنا يصلي وحده عليه الصلاة والسلام في تهجده بالليل، فإذا تهجد الإنسان بالليل وحده فلا بأس، وإن صلى بأهله أو بجماعة زاروه فلا بأس.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (148) .(10/83)
27 - حكم من لم يصل قيام الليل وصلاة الضحى
س: السائلة من المستمعات تقول: إنني - ولله الحمد - مواظبة على أداء الصلوات في أوقاتها، ولكني لا أصلي صلاة الليل، ولا أصلي الضحى وأنا مستطيعة، فهل علي إثم؟ (1)
ج: هذه من نعم الله العظيمة المحافظة على الصلوات الخمس، هذه من نعم الله العظيمة، وذلك من أوجب الواجبات، لقول الله سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) ، وقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (3) ، وفي آيات كثيرات حث على المحافظة والخشوع والعناية بالصلاة، فاحمدي الله على ذلك، واسأليه الثبات، فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، والرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله، ولا يجوز له التساهل في أدائها في البيت، بل يجب على الرجل أن يصليها مع الجماعة في المساجد، وعلى المرأة أن تصليها في الوقت مع
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (263) .
(2) سورة البقرة الآية 238
(3) سورة البقرة الآية 43(10/84)
الخشوع والطمأنينة، وعدم العجلة؛ لقوله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) ، وقوله جل وعلا: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (3) ، فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة العناية بالصلاة، والمحافظة عليها بأوقاتها مع العناية بالخشوع والطمأنينة، وعدم العجلة، واستحضار القلب بين يدي الله عز وجل، ويزيد الرجل الحضور في الجماعة، وأن الواجب عليه أن يحضرها في الجماعة، ويصليها مع إخوانه في بيوت الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر - قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض - لم تقبل منه الصلاة التي صلى (4) » وفي الصحيح أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لابن أم مكتوم، وهو أعمى، لما سأله قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 1
(2) سورة المؤمنون الآية 2
(3) سورة العنكبوت الآية 45
(4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) ، وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(10/85)
النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (1) » هذا أعمى ليس له قائد يقوده، ومع ذلك يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: " أجب " يعني لأدائها مع الجماعة في بيوت الله.
أما صلاة الضحى والتهجد بالليل فهذا مستحب، من تيسر له التهجد بالليل فهو قربة عظيمة، وعبادة مؤكدة، ولو ركعة واحدة في الليل، أو ثلاث، وأقلها ركعة واحدة يوتر بها، وإن صلى ثلاثا أو أكثر فهو أفضل، والضحى سنة ولو ركعتين، والنبي أوصى بذلك لجماعة من الصحابة بركعتين؛ ركعتي الضحى، لكن ليست واجبة لا صلاة الليل ولا الضحى، إنما هي مستحبة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653) .(10/86)
28 - حكم الجهر في صلاة النوافل بالليل
س: ما حكم الجهر في صلاة النوافل بالليل؟ وإذا سها وجهر في ركعة فما الحكم؟ (1)
ج: السنة الجهر، صلاة الليل السنة الجهر فيها، في النافلة والفريضة،
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (11) .(10/86)
يجهر في المغرب في الأولى والثانية، وفي العشاء في الأولى والثانية، ويسر في الثالثة من المغرب، ويسر في الثالثة والرابعة من العشاء، أما النوافل السنة فيها الجهر، لكن جهرا لا يؤذي أحدا، ولا يشق على أحد، فإذا كان بقربه مصلون أو نوام أو قراء فإنه يجهر جهرا لا يؤذيهم، ولا يشوش عليهم، وقد خرج صلى الله عليه وسلم على قوم يصلون في المسجد يرفعون أصواتهم، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: «كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا (1) » المقصود أنه إذا جهر يتحرى الجهر الخفيف الذي لا يتأذى به مصل ولا نائم، وهكذا من كان في المساجد يقرأ في المساجد ينبغي له أن يلاحظ عدم التشويش على من حوله، فيقرأ قراءة خفيفة ليس فيها تشويش على من حوله من المصلين والقراء، بعض الناس في المساجد في الجمع وفي غير الجمع يجهر جهرا يشوش على من حوله، هذا لا ينبغي، أقل أحواله الكراهة، فينبغي لمثل هذا أن يراعي القارئ عدم التشويش على من حوله من المصلين والقراء، سواء كان في صلاة الليل في بيته أو في المساجد، هذه السنة.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه برقم (11486) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، برقم (1332) .(10/87)
س: هل يشترط في النوافل أن تكون سرية؟ مع العلم أنني أصلي النوافل الليلية جهرا، والنوافل النهارية سرا؟ (1)
ج: لا يشترط كونها سرية، يشرع للرجل أن يتنفل جهرا وسرا، وإذا كان سرا في بعض الأحيان كما كان أكمل في الإخلاص، ولكن ليس ممنوعا أن يصلي جهرا كما يصلي بعض الرواتب في المسجد، كسنة الظهر أو المغرب أو العشاء أو الفجر، لا بأس، ولا بأس أن يصلي الضحى في المسجد أيضا، ولا بأس أن يصلي في بيته وعنده من يراه من أهله أو ضيوفه، لا بأس، لكن إذا كان في محل خاص بينه وبين ربه في النوافل كان هذا أكمل في الإخلاص، ولا حرج أن يصلي جهرة عند الناس، لا حرج في ذلك، إذا كان قصده الإخلاص وليس قصده الرياء.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (176) .(10/88)
س: من خميس مشيط، هذا السائل يقول: كيف تكون القراءة في صلاة آخر الليل في البيت؟ هل تكون جهرا أم سرا؟ (1)
ج: افعل ما هو أصلح لقلبك، والأفضل السر، وإذا كان الأصلح الجهر تجهر، إذا كان أخشع لقلبك تجهر، وإذا كان أخشع لقلبه السر
__________
(1) السؤال السادس والسبعون من الشريط رقم (425) .(10/88)
يسر، يعمل ما هو الأصلح.(10/89)
س: هل تكون قراءة القرآن في صلاة التهجد سرا أم جهرا؟ (1)
ج: السنة الجهر، وإن أسر فلا حرج، لكن الأفضل الجهر جهرا لا يؤذي أحدا، لا يؤذي الإمام ولا المصلين، جهرا خفيفا لا يتأذى به أحد، وإن قرأ سرا فلا بأس، أخبرت عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل أسر وجهر، عليه الصلاة والسلام (2) »
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (345) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7774) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام، برقم (826) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام، برقم (312) ، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به، برقم (919)(10/89)
س: أيهما أفضل: أن تكون صلاة القيام جهرا، أم سرا؟ (1)
ج: في الليل جهرا هذا الأفضل، وإن أسر فلا حرج في ذلك، وهذا هو الأفضل، فقد كان النبي يجهر وربما أسر، كما قالت عائشة رضي الله عنها. وهذا في البيت أو في البر أو السفر، أو في المسجد يتهجد، أو
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (352) .(10/89)
في التراويح أو في قيام رمضان في العشر السنة الجهر. والحكم شامل النساء والرجال، في البيت والمسجد، لكن المرأة إذا كان عندها أجانب الأفضل السر؛ لأن صوتها قد يفتن بعض الناس، فالأفضل السر، وهكذا التلبية، إذا كان حولها أجانب الأفضل السر، وبالنسبة للصلوات المفروضة الجهرية تصلي في بيتها أفضل وتجهر، أما إذا كانت مع الإمام فتنصت.(10/90)
س: هل صلاة الليل والقراءة فيها سرية أم جهرية؟ (1)
ج: صلاة الليل جهرية، وإن أسر فلا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «أسر وجهر (2) » كما قالت عائشة، فإذا رأى المصلحة في السر أسر، وإذا رأى المصلحة في الجهرية جهر، والجهر أفضل إذا تيسر، وإذا كان السر أخشع لقلبه فلا بأس.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (355) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7774) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام، برقم (826) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام، برقم (312) ، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به، برقم (919)(10/90)
س: صلاة التطوع إذا اعتاد عليها الإنسان هل تكون واجبة؟ (1)
ج: لا، ما تكون واجبة، التطوع يكون دائما تطوعا، لا يكون واجبا أبدا، لكن نسك الحج والعمرة إذا أحرم بهما وجبا؛ لقول الله تعالى:
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (45) .(10/90)
{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (1) هذا شيء خاص بالحج والعمرة، متى أحرم بهما وجبا حتى يكملهما، أما ما سواهما كالصلاة والصوم والصدقة، ونحو ذلك هذه تطوعات تبقى على حالها تطوعا، فلو شرع في الصلاة جاز له قطعها، ولو شرع في الصوم نافلة جاز له قطعه، والأفضل أن يكمل، ولو أخرج مالا لأن يتصدق به جاز له أن يرجع حتى يسلم ذلك للفقير، المقصود أن جميع النوافل على حالها هي تطوع حتى ينتهي منها، إلا الحج والعمرة فإنها إذا شرع فيهما وجبا حتى يكملهما.
__________
(1) سورة البقرة الآية 196(10/91)
29 - حكم قراءة عدد من السور القصار في قيام الليل
س: إذا كان قائم الليل لا يحفظ من القرآن إلا سورا قليلة فهل يجوز له قراءة السور متتابعة في ركعة واحدة؟ (1)
ج: لا مانع من ذلك، يقرأ ما يسر الله له، وإن قرأ من المصحف فلا بأس.
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (144) .(10/91)
30 - حكم حمل المصحف في الصلاة لمن لم يحفظ من القرآن إلا القليل
س: هل حمل المصحف في الصلاة جائز، لمن لم يحفظ من القرآن إلا القليل؟ (1)
ج: لا مانع من أن يقرأ من المصحف، في التهجد بالليل أو في صلاة التراويح، أما الفريضة فيقرأ ما تيسر، ولا حاجة إلى المصحف، يقرأ ما تيسر والحمد لله مع الفاتحة، ويكفي والحمد لله، الفاتحة هي الأصل، والباقي سنة، يقرأ ما تيسر من السور القصيرة، أو الآيات والحمد لله يكفي.
__________
(1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (399) .(10/92)
س: هل تكفي فاتحة الكتاب في التهجد والسنن، أم لا بد من قراءة سورة أخرى معها؟ (1)
ج: تكفي الفاتحة؛ لأنها الركن، ولكن إذا قرأ معها فهو أفضل، السنة يقرأ معها زيادة، النبي كان يقرأ مع الفاتحة عليه الصلاة والسلام، لكنة قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2) » فالركن هو الفاتحة، وما
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (231) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394) .(10/92)
زاد فهو مستحب.(10/93)
س: إنني إذا صليت النوافل لا أقرأ إلا الفاتحة، لأنني لا أحفظ من القرآن إلا شيئا يسيرا فهل ما فعلته صحيح؟ (1)
ج: الفاتحة كافية في الفرض والنفل، لكن إذا زدت عليها ببعض الآيات أو السور القصيرة مثل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) ، أو: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (3) ، وأشباه ذلك فهذا أفضل، وإن اقتصرت على الفاتحة أجزأ ذلك والحمد لله، حتى في الفرض.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (301) .
(2) سورة الإخلاص الآية 1
(3) سورة الكوثر الآية 1(10/93)
س: بالنسبة لمسك المصحف للقراءة منه في صلاة القيام، هل هذا جائز؟ (1)
ج: لا جرح أن يقرأ من المصحف في صلاة القيام، التراويح في القيام، أو في غيرهما، لا بأس إذا احتاج إلى ذلك، كان مولى عائشة رضي الله عنها يصلي بها في رمضان من المصحف.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (410) .(10/93)
31 - حكم تخصيص السور التي فيها سجدة بالقراءة في النوافل
س: يسأل المستمع ويقول، هل من الأفضل أن نقرأ الآيات والسور التي بها سجدة في نوافل النهار أو الليل؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الأفضل أن تقرأ ما تيسر من غير تخصيص الآيات التي فيها سجدة، تقرأ ما تيسر كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، تقرأ في الظهر والعصر والمغرب والعشاء ما تيسر إن كنت إماما، وإن كنت مأموما تقرأ ما تيسر حسب حال إمامك، تقرأ الفاتحة وما تيسر معها، السرية الأولى والثانية من الظهر، والأولى والثانية من العصر، وفي الجهرية تقرأ الفاتحة فقط وتنصت لإمامك، وتقرأ في الثالثة والرابعة من العشاء وفي الثالثة والرابعة من الظهر والعصر الفاتحة، وفي الثالثة من المغرب الفاتحة، أما في النوافل فتقرأ ما تيسر، ما تخصص آيات السجود سجود التلاوة، تقرأ ما تيسر، وإذا رتبت قراءتك من أول القرآن إلى آخره فهذا هو الأفضل، كلما كملت القرآن رجعت من أوله، وتقرأ في صلواتك في الليل والنهار ما تيسر، وتقرأ ما تيسر في غير الصلاة أيضا، كلما ختمت القرآن رددت من أوله، هذا هو الأفضل.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (392) .(10/94)
32 - مسألة في فضل قيام الليل
س: رأيت والدي يصلي في منتصف الليل ثماني ركعات، فسألته عن فائدة الصلاة في الليل، فقال: إن الإنسان الذي يصلي في الليل لا تأكل الأرض جسده بعد وفاته. فهل هذا صحيح؟ وهل يبقى الإنسان في قبره إذا كان يصلي صلاة الليل والناس نيام؟ وهل الروح تبقى في الجسد بعد الوفاة، أم تصعد إلى خالقها؟ (1)
ج: صلاة الليل قربة عظيمة وسنة مؤكدة، قال الله جل وعلا في وصف عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (2) ، وقال سبحانه في وصف المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (4) ، وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (5) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (6) {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} (7) {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (8) الآية، وقال سبحانه: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (9) .
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (55) .
(2) سورة الفرقان الآية 64
(3) سورة الذاريات الآية 17
(4) سورة الذاريات الآية 18
(5) سورة المزمل الآية 1
(6) سورة المزمل الآية 2
(7) سورة المزمل الآية 3
(8) سورة المزمل الآية 4
(9) سورة السجدة الآية 16(10/95)
والآيات في هذا كثيرة، تدل على فضل قيام الليل، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتهجد بالليل كثيرا، عليه الصلاة والسلام، ويقول: «أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام (1) » فالتهجد بالليل من أفضل القربات، ومن أعظم الطاعات، وكان صلى الله عليه وسلم في الأغلب يصلي إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة عليه الصلاة والسلام وربما أوتر بأقل من هذا، وربما أوتر بتسع، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بخمس، ولكن الأغلب أنه كان يصلي إحدى عشرة، وربما صلى ثلاث عشرة، عليه الصلاة والسلام في الليل يطيل في قراءته وركوعه وسجوده عليه الصلاة والسلام، أما كونه لا تأكل الأرض جسمه، إذا كان يصلي من الليل هذا لا أعلم له أصلا، لا أعلم في الأدلة الشرعية ما يدل على ذلك، وأما الروح لا، روح المؤمن فإنها تعلق في شجر الجنة، تروح للجنة وتعلق في أشجارها
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة، والرقائق، والورع، باب منه، برقم (2485) ، وابن ماجه في كتاب الأطعمة، باب إطعام الطعام، برقم (1334) ، واللفظ له، والدارمي في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الليل، برقم (1460) .(10/96)
كالطائر، شبه طائر، تعلق في أشجار الجنة وثمارها، كما صح فيه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة (1) » وأما أرواح الشهداء فأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنها تكون في أجواف طير خضر، تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تعود إلى قناديل معلقة تحت العرش. فأرواح المؤمنين في الجنة مكرمة، لكن أرواح الشهداء لها شأن، ويعيد الله الأرواح إلى أجسادها إذا شاء، كما يعيدها عند السؤال حين يموت الإنسان ويوضع في قبره، يأتيه الملك فيسأله عن ربه، وعن دينه، وعن نبيه، ويعيد الله له روحه فيسمع سؤال الملكين به، ويجيب إن كان صالحا، ويتردد ولا يستطيع الإجابة إذا كان كافرا، أو منافقا، نسأل الله السلامة، أما أرواح الكفار ففي النار، نسأل الله العافية، وقد قال الله جل وعلا في آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (2) ، واختلف أهل العلم في مستقرها، فقيل في نفس النار.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه، برقم (15360) ، والنسائي في كتاب الجنائز، باب أرواح المؤمنين، برقم (2073) ، وابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر القبر والبلى، برقم (4271) .
(2) سورة غافر الآية 46(10/97)
وقيل: في قبور أصحابها. وقيل في غير ذلك، ولكنها بكل حال معذبة نعوذ بالله، وتعرض على النار، ومصيرها إلى النار، نسأل الله العافية.(10/98)
33 - مسألة في بيان فضل كثرة السجود
س: ما حكم صلاة السجود في الليل؟ نرجو الإفادة عن ذلك (1)
ج: هذا السؤال فيه إجمال، وهو ما حكم صلاة السجود في الليل؟ يحتمل أن مراده بذلك يعني: ما حكم الصلاة التي يكثر فيها السجود، ولا تطول فيها القراءة؟ ويحتمل أنه أراد معنى آخر لم أفهمه، فإن كان يسأل عن الأول فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على شرعية الإكثار من الصلوات، وأنها من أسباب دخول الجنة، وأن العبد ما سجد سجدة إلا رفعه الله بها درجة، وفي حديث ربيعة بن كعب الأسلمي قال: «قلت يا رسول الله، لما قال الرسول: " سل "، وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أسألك مرافقتك في الجنة. فقال: " أعني على نفسك بكثرة السجود (2) » يعني بكثرة الصلاة، فكثرة الصلاة
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (6) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه، برقم (489) .(10/98)
يلزم منها كثرة السجود، والسجود فيه خشوع لله، وتعظيم لله عز وجل، ومن أسباب رفع الدرجات وحط الخطيئات، ومن أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، ومن أسباب حصول الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه إذا كان موحدا مسلما، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (1) » يعني حريا أن يستجاب لكم، رواه مسلم في الصحيح، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء (2) » هذا يدل على أن السجود له شأن، وأن العبد أقرب ما يكون من ربه في حال السجود، ولأن السجود حالة خضوع، وحالة ذل لله، وانكسار بين يديه سبحانه وتعالى، يضع وجهه الذي هو أشرف أعضائه بظاهره يضعه في الأرض خاضعا لربه مطمئنا خاشعا يرجو ثوابه ويخشى عقابه، وفي هذه الحالة يظهر الذل والانكسار، وهو أقرب ما يكون من الله جل وعلا، ولهذا قال
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) .(10/99)
عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (1) » فدل ذلك على أن الدعاء في السجود مطلوب، وأن صاحبه حري بالإجابة، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ثوبان: «عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة (2) » فينبغي الإكثار من الصلوات في الليل وفي النهار، كالضحى والظهر، وفي الليل بين العشاءين، وبعد العشاء، وفي جوف الليل، وفي آخر الليل، كل هذه أوقات عظيمة، ينبغي فيها الإكثار من الصلاة، ولا سيما في الليل، فإن الليل الصلاة فيه أفضل من الصلاة في النهار، أقرب إلى الخشوع وهدوء القلب، كما يقول جل وعلا: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} (3) ، الصلاة في الليل لها شأن، والإنسان فيها أقرب ما يكون للخشوع، والذل بين يدي الله، ولا سيما في جوف الليل، وفي آخر الليل، فينبغي الإكثار من الصلوات في الليل وفي النهار، ويختمها في الليل بالوتر، إذا صلى ما كتب الله له من الصلوات ختمها بالوتر، وأفضل ما يكون إحدى عشرة ركعة، وثلاث
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه، برقم (488) .
(3) سورة المزمل الآية 6(10/100)
عشرة ركعة؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإن صلى أقل من ذلك خمسا أو سبعا فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنوع في صلاته، إما أوتر بخمس، وإما أوتر بسبع، وإما أوتر بتسع، وإما أوتر بإحدى عشرة وهو الأغلب، وإما أوتر بثلاث عشرة، فالأمر في هذا واسع، وإن صلى في الليل عشرين ركعة، أو ثلاثين ركعة، أو أربعين ركعة، أو مائة ركعة وختمها بالوتر كل هذا لا بأس به، النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صلاة الليل، فقال: «مثنى مثنى (1) » فلم يحدد حدا، عليه الصلاة والسلام، ما قال: عشرا ولا عشرين، بل أطلق، فالإنسان يصلي في الليل ما بدا له، ولو مائة ركعة، لكن من دون مشقة على نفسه، مع الرفق بنفسه، ومع الطمأنينة وعدم العجلة، ثم يختم بالوتر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (2) » فيصلي ما كتب الله له في الليل، ولا يسهر، بل ينام ويصلي هذه السنة حتى لا يتعب في النهار، وحتى يتفرغ لأعماله النهارية، وعباداته النهارية، ويصلي ما كتب الله له في الليل، في أول الليل، أو في جوفه، أو في آخره، وأخره أفضل
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/101)
إذا تيسر ثم يوتر بواحدة ركعة واحدة، هذا هو الأفضل.(10/102)
34 - حكم تحديد صلاة الليل بعدد معين
س: أنا في كل ليلة جمعة أصلي في الليل تسعا وأربعين ركعة، ثم في شهر رمضان أصلي تسعا وتسعين ركعة، أفيدوني عن صلاتي هذه ما حكمها؟ هل أستمر أم توجهوني إلي شيء آخر؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إن الصلاة في الليل لم يحددها الشارع عليه الصلاة والسلام، بل أطلقها للعباد، وما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم شرع محترم؛ لأنه ما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، كما قال الله عز وجل: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} (2) {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} (3) {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (4) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (5) والمراد به نبينا عليه الصلاة والسلام، وقد ثبت في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (6) »
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (184) .
(2) سورة النجم الآية 1
(3) سورة النجم الآية 2
(4) سورة النجم الآية 3
(5) سورة النجم الآية 4
(6) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/102)
فلم يحدد عددا معلوما، بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (1) » يعني ثنتين ثنتين، فله أن يصلي عشرا، وله أن يصلي مائة، وله أن يصلي أكثر وأقل، ثم يختم بركعة واحدة قبل الصبح، لكن الأفضل أن يقتصر على إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في غالب أوقاته يوتر بإحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك، عليه الصلاة والسلام، فإذا فعل المؤمن كما فعل عليه الصلاة والسلام، مع العناية بإطالة الركوع والسجود، والقراءة فهذا أفضل، وإن زاد وصلى عشرين، كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، في عهد عمر مع الإيتار بثلاث، الجميع ثلاث وعشرون، أو صلى تسعا وأربعين، أو ثلاثا وأربعين، أو إحدى وأربعين، أو أكثر أو أقل، أو تسعا وتسعين، أو مائة وواحدة أو أكثر من هذا، كل ذلك لا حرج فيه، فإنه يصلي ما يسر الله له، ومن زعم أن الصلاة محدودة فقد غلط، لا في رمضان ولا في غيره، وليس لأحد أن يحدد شيئا ما شرعه الله، فإن العبادات توقيفية، ليس لأحد أن يحدد شيئا في الليل أو النهار بغير حجة شرعية، قال الله جل وعلا لأهل
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/103)
الكتاب لما قالوا: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} (1) ، قال لهم سبحانه: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (2) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3) » متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (4) » أي مردود، فمن قال: إن الصلاة في الليل لا يزاد فيها على إحدى عشرة، أو على ثلاث عشرة، أو أقل أو أكثر فليس عنده دليل، بل هو غالط في ذلك، لا يجوز تقليده ولا اتباعه في هذا الغلط، ولكن للمؤمن أن يصلي ما يسر الله، يصلي ثلاثا، يصلى واحدة، يصلي خمسا، يصلى سبعا، يصلي تسعا، يصلي إحدى عشرة، يصلى ثلاث عشرة، يصلي غير ذلك، كما قال عليه الصلاة والسلام: «صلاة
__________
(1) سورة البقرة الآية 111
(2) سورة البقرة الآية 111
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697) ، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718) .(10/104)
الليل مثنى مثنى (1) » زاد أهل السنن: صلاة الليل والنهار، بإسناد جيد: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2) » وهكذا تعليم الصحابة رضي الله عنهم وهم أعلم الناس بعد الأنبياء، قد صلوا ثلاثا وعشرين، وصلوا أكثر من ذلك، والأمر في هذا واسع، ليس فيه تحديد، هذا هو الحق، وأنت أيها السائل الأفضل لك أن تصلي ثلاث عشرة أو إحدى عشرة بالركود والطمأنينة في الركوع والسجود، وإطالة القراءة والتدبر، هذا هو الأفضل، وإن صليت أكثر أو أقل فلا حرج في ذلك، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/105)
35 - حكم تخصيص ليلة أو يوم بعبادة خاصة
س: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تخصيص ليلة أو يوم بعبادة خاصة، ونحن الشباب نريد أن نجتمع ليلة الجمعة، أو ليلة من ليالي الأسبوع، فنحييها بقيام الليل، لا اعتقادا بسنية هذا العمل، بل لتشجيع الشباب على قيام الليل، فما حكم الشرع؟ (1)
ج: لا حرج بذلك، لكن لا تخصوا ليلة بذاتها، تارة ليلة الجمعة، وتارة ليلة الخميس، حسب التيسير متى تيسر ذلك، أما تخصيص ليلة
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (157) .(10/105)
بعينها فلا يجوز: لأنه بدعة وخصوصا ليلة الجمعة، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تخصيصها بقيام، كما نهى عن تخصيص نهارها بالصيام، ولكن إذا صادف أحدكم زيارة إخوانه، أو زاروه، وصلوا جميعا فلا بأس، مثلما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما زار عتبان - رضي الله عنه - وصلى بهم ركعتين، ولما زار أنسا - رضي الله عنه - صلى بهم ركعتين، وهكذا سلمان - رضي الله عنه - لما زار أبا الدرداء - رضي الله عنه - صلى معه في الليل. لا بأس، أما تخصيص ليلة تجتمعون بها للصلاة هذا لا أصل له، إنما لا مانع من الصلاة عند الاجتماع، إذا اجتمعتم من غير تحديد وقت معين يدوم فلا بأس، إذا زار أحدكم أخاه أو اجتمعتم في مجلس، بغير أن يكون ذلك معتادا ثم صلى أحدكم بالحاضرين للتعليم هذا كله لا بأس به.(10/106)
36 - بيان الدعاء الذي يقوله المصلي في الليل
س: ما هو الدعاء الذي يقوله المصلي في الليل؟ (1)
ج: يستحب للمصلي أي شيء من الدعوات الطيبة، ومن أحسن الدعاء: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني. قالت عائشة رضي الله
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (314) .(10/106)
عنها: «يا رسول الله، إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: " قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (1) » ومن الدعاء الطيب أن يسأل الله رضاه والجنة، وأن يتعوذ من غضبه، ومن النار. ومن الدعاء الطيب أن يقول: اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل. ويسأل ربه كل خير، فالباب مفتوح، والحمد لله، الرب يقول: «من يدعوني فأستجيب له؟ (2) » ويقول سبحانه في كتابه العظيم: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (3) فيتحرى المؤمن الدعوات الطيبة الجامعة في ليله ونهاره، وآخر الصلاة وفي السجود، وعند الإفطار وعند السحور، يدعو ربه من خير الدنيا والآخرة، ويتحرى الدعوات الواردة في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يتحراها وهي موجودة في كتب السنة وكتب الأذكار والدعوات، قد جمعنا في هذا كتابا موجودا مختصرا ذكرنا فيه جملة من الأذكار، والدعوات الطيبة، التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم، وسميناه (تحفة الأخيار
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3513) ، وابن ماجه في كتاب الدعاء باب الدعاء بالعفو والعافية، برقم (3850) واللفظ له.
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .
(3) سورة غافر الآية 60(10/107)
فيما يتعلق بالأدعية والأذكار) ، ويوزع في دار الإفتاء، نسأل الله أن ينفع به المسلمين.(10/108)
37 - حكم المداومة على القراءة مع المحافظة على النوافل
س: أم محمد تقول: أيهما أفضل: صلاة النوافل، أم تلاوة القرآن الكريم والمداومة على التلاوة يوميا، في كل يوم جزء؟ نرجو منكم الإفادة (1)
ج: النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين هذا وهذا، فالسنة أن يكثر المسلم من التلاوة، والمسلمة مع الصلاة مع صلاة النافلة صلاة الضحى والتهجد بالليل، صلاة الرواتب، ويقرأ ما تيسر جزءا أو أقل أو أكثر، الحمد لله، لا يقتصر على الصلاة وحدها، ولا على القراءة وحدها، بل يجمع بين الخيرين، ويجتهد في القراءة في الليل والنهار، جزءا أو أكثر أو أقل، ويصلي ما شرع الله من صلاة الضحى، الرواتب، التهجد بالليل حتى يجتمع بين الخيرين، وهكذا كان النبي يفعل، والصحابة يجتهدون في القراءة وفي الصلاة جميعا.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (370) .(10/108)
38 - حكم من يكتفي بحلقات العلم عن قيام الليل
س: أخونا يسأل ويقول: هل حلقات العلم بعد العشاء تعتبر قيام ليل؟ (1)
ج: الحلقات للعلم بعد العشاء قربة وطاعة، ولكنها لا تغني عن قيام الليل، ولكنها أفضل من قيام الليل، طلب العلم أفضل من قيام الليل، كونه يطلب العلم ولو فاته قيام الليل أفضل له من قيام الليل مع بقائه في الجهل، حلقات العلم أمرها عظيم، وفوائدها كبيرة لا تعادلها بقية التطوعات، لكن لو تيسر له الجمع بين الأمرين يحضر حلقات العلم أو ما تيسر منها، ويقوم من الليل ما تيسر ولو بثلاث ركعات أو خمس ركعات، لكان هذا أفضل جمعا بين المصلحتين، كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وفعل الصحابة رضي الله عنهم.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (179) .(10/109)
39 - مسألة في الترغيب في قيام الليل
س: شيخ عبد العزيز، المرغبات كثيرة في ديننا، حبذا لو تفضلتم بذكر بعض منها، ولا سيما فيما يخص صلاة الليل. (1)
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (148) .(10/109)
ج: صلاة الليل عبادة عظيمة، ومن سنة الأنبياء، ومن دأب الصالحين، وهي مثنى كما في الحديث، وتكفر السيئات وقربة إلى الله عز وجل، وهي من دأب الصالحين قبلنا، فينبغي للمؤمن أن يعتادها، وأن يفعلها تأسيا بالأنبياء والأخيار، كما قاله سبحانه في عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (1) ، وقال في المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (2) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (3) ، وقال سبحانه وتعالى في أهل الصلاح والخير: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (4) {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (5) ، والله جل وعلا في كتابه العظيم رغب فيها كثيرا، وهكذا نبيه عليه الصلاة والسلام، فينبغي للمؤمن أن يستكثر من ذلك، وأن يعتاد ذلك، وألا يخل بذلك لا سفرا ولا حضرا.
__________
(1) سورة الفرقان الآية 64
(2) سورة الذاريات الآية 17
(3) سورة الذاريات الآية 18
(4) سورة السجدة الآية 16
(5) سورة السجدة الآية 17(10/110)
40 - بيان بعض الأسباب المعينة على قيام الليل
س: ما هي الأسباب المعينة على قيام الليل؟ (1)
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (357) .(10/110)
ج: الأسباب التي تعين على قيام الليل كثيرة، منها تذكر الآخرة، وما للقيام من أجر عظيم، وأن الله أثنى عليهم سبحانه وتعالى في قوله جل وعلا عن الصالحين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (1) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (2) وذكر عن عباد الرحمن الذين هم أولياء الله، فقال: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (3) فإذا تذكر المؤمن والمؤمنة أعمال هؤلاء كان هذا من أسباب نشاطه في قيام الليل، وخشوعه في قيام الليل، مه تذكر ما له من احترام عند الله، والأجر العظيم ومضاعفة الحسنات.
__________
(1) سورة الذاريات الآية 17
(2) سورة الذاريات الآية 18
(3) سورة الفرقان الآية 64(10/111)
س: السائلة: س. ع، من السودان تقول: ما هي الأسباب التي تعين الإنسان على قيام الليل؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: الأسباب التي تعين الإنسان على قيام الليل كثيرة، منها الضراعة إلى الله، وسؤاله الإعانة والتوفيق والصدق في ذلك، ومنها عدم السهر، كونه ينام مبكرا لا يسهر، ومنها أن يجتهد في أسباب القيام، إما بمن يوقظه، أو بوجود الساعة التي يوقتها على وقت القيام، فإذا اتخذ
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (388) .(10/111)
الأسباب يسر الله أمره، وأهمها الصدق مع الله والإخلاص في هذا وعدم السهر، والعزم على قيام الليل.(10/112)
41 - بيان بعض الصوارف عن قيام الليل
س: كثرت الصوارف عن قيام الليل، هل من توجيه لو سمحتم؟ (1)
ج: السنة للمؤمن ألا يسهر، وأن ينام مبكرا، هذا هو السنة للمؤمن؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينام مبكرا، عليه الصلاة والسلام، وينهى عن السمر في الليل، قال أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها (2) » يعني صلاة العشاء. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «نهي عن السمر بالليل (3) »
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (95) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب ما يكره من النوم قبل العشاء، برقم (568) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التكبير بالصبح في أول وقتها، برقم (647) .
(3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم (3678) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة، باب النهي عن النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها، برقم (703) .(10/112)
فالسمر بالليل يفضي إلى النوم عن صلاة الليل، فإذا كان ممن تدعو الحاجة إلى سمره كالإمام، إمام المسلمين هو السلطان أمير البلد، قد عين الهيئات الذين يسهرون لمصالح المسلمين، فهؤلاء الأفضل لهم أن يوتروا في أول الليل، حتى لا تفوتهم الصلاة، وأما أن يسهر للقيل والقال والسواليف التي لا فائدة فيها، أو على ما حرم الله من الأغاني وآلات اللهو، أو على الغيبة والنميمة، كل هذا لا ينبغي، بل لا يجوز فيما يتعلق بالأغاني والملاهي وأشباه ذلك، وأعظم من هذا أن يسهر على الخمور ولعب الميسر ونحو ذلك، فالحاصل أنه يجب على المؤمن أن يحذر ما يشغله عن صلاة الفريضة، ويستحب له أن يعتاد التبكير؛ حتى يقوم من الليل، وحتى يتيسر له القيام من الليل لأداء العبادة التي هي النافلة، التهجد من الليل، ولا ينبغي له السمر مطلقا، إلا في مصالح المسلمين، أو في أمور ضرورية مع ضيف ونحوه، أو مع أهله، وكل سمر قد يفضي به إلى ترك الفريضة، إلى إضاعة صلاة الفجر فهو سمر ممنوع لا يجوز، حتى ولو كان في قراءة القرآن، ولو في صلاة التهجد، ليس له أن يسمر ويسهر على وجه يضيع عليه صلاة الفجر، بل ينام مبكرا ويصلي ما يتيسر في أول الليل، أو في آخره حتى يصلي صلاة الفجر، ويستعين على هذا بخير أهله يوقظونه، أو بالساعة المنبهة(10/113)
يوقتها على وقت مناسب قبل أذان الفجر بقليل، حتى يقوم أو في وقت تهجده، قبل الأذان بساعة أو أكثر على حسب حاله، حتى يقوم الليل لتهجده، فإن أوتر في أول الليل، ولم يقم إلا عند الفجر فلا بأس، ولا حرج في ذلك.(10/114)
س: للبرنامج بعض الأسئلة حول قيام الليل شيخ عبد العزيز، فما رأيكم في الصوارف عن قيام الليل؟ وما أكثرها في هذا الزمان. (1)
ج: المؤمن ينبغي له أن يبذل وسعه في قيام الليل، وإذا خشي ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر رضي الله عنه عند مسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2) » أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوتر من أول الليل، وأوتر من وسطه، وأوتر من آخره، فالأمر واسع، وقد أوصى عليه الصلاة والسلام أبا الدرداء وأبا هريرة رضي الله عنهما بالوتر أول
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (148) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/114)
الليل والسر في ذلك - والله أعلم - أنهما كانا يدرسان الحديث، فربما شق عليهما القيام في آخر الليل، فأوصاهما بالإيتار قبل النوم، فالمؤمن يجاهد نفسه في هذا، والحمد لله، ليس بفريضة، إنما هو سنة، سنة مؤكدة، وكان يفعله النبي في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، كان في السفر والحضر يوتر ويتهجد بالليل عليه الصلاة والسلام، فمن فعل هذا فقد أحسن، وله أجر عظيم، ومن ترك ذلك فلا حرج عليه، لكنه ترك أمرا عظيما وسنة كبيرة.(10/115)
س: بينوا لنا بعضا من الصوارف عن قيام الليل. (1)
ج: من الصوارف السهر، السهر في القيل والقال، والأحاديث التي لا فائدة فيها، أو في مشاغل الدنيا والصناعة والجشع، والحرص على المال، يعمل ليلا ونهارا في جمع المال، والحرص على المال، فإذا سقط في الفراش سقط سقوط الميت، لا يستطيع أن ينهض للعبادة، وربما ترك صلاة الفجر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فينبغي للمؤمن أن ينام مبكرا، ويجتهد في ذلك حتى يستطيع أن يقوم في آخر الليل، أو
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (148) .(10/115)
يصلي من الليل ما تيسر قبل أن ينام، ثم ينام مبكرا حتى يستطيع القيام لصلاة الفجر، ويصليها في الجماعة، فمن فعل ذلك فقد أحسن، ومن تساهل وقع في مثل ما وقع فيه المنافقون من فوات الخير، والحصول على الشر والندامة، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (1) ، فالمؤمن ينبغي له البعد عن التشبه بهم في جميع الأحوال.
__________
(1) سورة النساء الآية 142(10/116)
س: أريد قيام الليل، ولكني أخشى أن أنام ولا أستيقظ، لذلك فإنني لا أنام حتى أصلي، فأصلي صلاة الليل بعد العشاء مباشرة، ومنذ زمن طويل أصلي هذه الصلاة، هل تعتبر كقيام الليل؟ (1)
ج: نعم، هذا من قيام الليل، والحمد لله، وهذا من الحزم.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (335) .(10/116)
42 - حكم التساهل في السنن القولية والفعلية
س: هل يعتبر ترك السنن القولية والفعلية عقوبة يعاقب عليها الإنسان، خصوصا قيام الليل أو صلاة الوتر؟ فإنني في كثير من الأحيان(10/116)
أترك صلاة الليل والوتر، فهل علي شيء في ذلك؟ وما فوائد النوافل؟ (1)
ج: الصواب لا شيء عليك؛ لأنها نافلة، لكن ينبغي المداومة عليها وعدم التساهل. وكذلك بقية السنن القولية كلها نافلة، أما الفرائض فهي خمس: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر والجمعة في محل الظهر، أما سنة الضحى والتهجد بالليل والرواتب فكلها نافلة، والنوافل لها شأن عظيم، فيها أجر عظيم، ويكمل بها ما ينقص من الفرض، وهذه فائدة عظيمة، لصاحبها أجور عظيمة وحسنات، ومع ذلك يجبر بها ما قد يقع من النقص في الفرائض.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (187) .(10/117)
س: رسالة من سوريا من الأخ الذي لم يذكر اسمه، يقول: أصلى صلاة المغرب والعشاء في المسجد فرضا، ولا أصلي السنة بسبب دراستي، فهل يجوز هذا؟ (1)
ج: النافلة إن فعلها أحسن، وله أجر، ومن تركها فلا شيء عليه.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (443) .(10/117)
باب صلاة الوتر وأحكامها
43 - حكم صلاة الوتر وبيان أقله
س: يقول السائل: هل صلاة الوتر واجبة؟ وهل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أهل القرآن بأن يوتروا؟ (1)
ج: صلاة الوتر سنة عند أهل العلم، وهو الذي عليه جمهور أهل العلم أنها سنة وليست واجبة، ولهذا قال علي رضي الله عنه: «ليس الوتر حتما كالمكتوبة، ولكنه سنة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم (2) » ومن الأدلة على ذلك قوله لما سئل عما زاد عن الصلوات الخمس، قال
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (249) .
(2) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (654) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم، برقم (453) ، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الأمر بالوتر، برقم (1676) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر، برقم (1169) .(10/119)
له السائل: «هل علي غيرها؟ قال: " لا، إلا أن تطوع (1) » فالوتر سنة مؤكدة ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأقله ركعة واحدة، وإن زاد فهو أفضل: ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر من ذلك، وأفضله إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، وإن أوتر بأكثر من ذلك فلا حرج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أهل القرآن أوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر (2) » وهذا الأمر للتأكيد، ليس للوجوب، بل هو عند أهل العلم للتأكيد.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، برقم (46) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم (11) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر، برقم (1416) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في أن الوتر ليس بحتم، برقم (453) ، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الأمر بالوتر، برقم (1675) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر، برقم (1169) .(10/120)
س: الأخ: ع. ع. ت، من القصيم، بريدة، يسأل ويقول: في حكم الوتر، هل هو واجب أم مستحب؟ (1)
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (183) .(10/120)
ج: الوتر سنة، مستحب وليس بواجب عند جمهور أهل العلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل بعدما أخبر المسلمين بالصلوات الخمس، قال بعضهم: «هل علي غيرها؟ قال: " لا، إلا أن تطوع (1) » فالوتر والسنن الراتبة كلها مستحبة، وهكذا صلاة الضحى، كلها مستحبة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، برقم (46) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم (11) .(10/121)
س: تقول السائلة: أرجو أن تفيدوني عن صلاة الوتر، هل هي ركعة واحدة أم ثلاث؟ (1)
ج: صلاة الوتر أقلها ركعة واحدة بعد العشاء، أو في آخر الليل ركعة واحدة، هذا أقلها، وإن صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر فهو أفضل، لكن أقلها واحدة بعد سنة العشاء، أو في وسط الليل، وفي آخر الليل، والأفضل أن يزيد، يصلي ثلاثا أو خمسا، أو أكثر من ذلك ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، هذا هو السنة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2) » وكان صلى الله
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (242) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/121)
عليه وسلم يصلي إحدى عشرة في الغالب، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، وربما صلى سبعا، وربما صلى تسعا، وربما صلى خمسا، وربما صلى ثلاثا، عليه الصلاة والسلام، وربما صلى أكثر، صلى ثلاث عشرة، هكذا المسلم يصلي ما يسر الله له، من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، فإن لم يصل إلا واحدة فقط أجزأه ذلك، والحمد لله.(10/122)
44 - كيفية صلاة الوتر
س: الأخت: س. أ. ع، من الأردن، تقول: كيف نصلي صلاة الوتر؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: صلاة الوتر سنة، سنها الرسول صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، كان يوتر من الليل عليه الصلاة والسلام، وأرشد الناس إلى ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (2) » متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: «الوتر حق، فمن أحب أن يوتر بخمس ركعات فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (276) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/122)
بواحدة فليفعل (1) » وكان صلى الله عليه وسلم يوتر كل ليلة، والغالب أنه كان يوتر بإحدى عشرة، يسلم في كل ثنتين ويوتر بواحدة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بتسع، وربما أوتر بأقل من ذلك، فالسنة للمؤمن والمؤمنة التهجد بالليل والإيتار، في أول الليل أو في وسطه أو في آخره، والأفضل في آخر الليل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من أخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2) » رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (3) » متفق على صحته، وهذا النزول يليق بالله سبحانه وتعالى، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، كالاستواء والضحك والرضا والغضب،
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب كم الوتر؟ برقم (1422) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ذكر الاختلاف على الزهري في حديث أبي أيوب رضي الله عنه، برقم (1712) ، واللفظ له.
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .(10/123)
كلها صفات تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى، يجب أن تمر كما جاءت من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1) وقال عز وجل: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (2) فليس نزوله كنزولنا، وليس غضبة كغضبنا، وليس ضحكه كضحكنا، وليس سمعه كأسماعنا، وهكذا بقية الصفات، له الكمال المطلق سبحانه وتعالى في كل شيء، وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3) فالإيتار في آخر الليل أفضل، ولو بواحدة، لكن إذا أوتر بثلاث أو بخمس، أو بأكثر فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، وإن أوتر في أول الليل قبل أن ينام فلا بأس، إن كان يخشى ألا يقوم، أو في وسط الليل، كله حسن، لكن الأفضل من ذلك آخر الليل في الثلث الأخير، هذا هو الأفضل.
__________
(1) سورة الشورى الآية 11
(2) سورة الإخلاص الآية 4
(3) سورة الشورى الآية 11(10/124)
س: كيف هي صلاة الوتر؟ وكم تشهد فيه؟ وهل فيه قنوت؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا. (1)
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (142) .(10/124)
ج: الوتر سنة مؤكدة، وأقله واحدة بعد سنة العشاء، ومن زاد عليها فهو أفضل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر من الليل، وكان وتره متنوعا عليه الصلاة والسلام، ربما أوتر بثلاث، وربما أوتر بخمس، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بإحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وهذا أكثر ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام، ولكنه لم يحد بهذا حدا، فمن أحب أن يوتر بأكثر من ذلك فلا بأس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (1) » فلم يحد حدا، ولهذا ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه صلى عشرين ركعة بالوتر، وأمر أبيا رضي الله عنه أن يؤم الناس بذلك في بعض الرمضانات، وفي بعضها أمره أن يصلي بإحدى عشرة، الأمر في هذا واسع؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم صلوا هذا وهذا؛ صلوا ثلاثا وعشرين، وصلوا إحدى عشرة، كل ذلك حسن، وكله سنة وليس فيه تحديد، ولكنه إذا أوتر الإنسان بوتر النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة أو ثلاث عشرة كان هذا أفضل، وإن نقص فلا بأس، وإن زاد فلا بأس، والأفضل أن المؤمن وهكذا المؤمنة، إذا كثر العدد خفف من القراءة، والركوع والسجود حتى لا يشق على نفسه، وعلى
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/125)
الناس، وإذا قلل الركعات استحب له أن يطيل في القراءة، وفي الركوع وفي السجود، كفعله عليه الصلاة والسلام، والأمر في هذا واسع والحمد لله، وليس فيه تشديد، وإذا أوتر بثلاث بتسليمتين، وأتى بواحدة فهذا أقل الكمال وأدنى الكمال، وإن أتى بخمس أو بسبع أو بأكثر فذلك أفضل، يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، ثم يختم صلاته بواحدة، ويقنت فيها، هذا هو الأفضل، يقنت بعد الركوع، بما علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت (1) » إلى آخره، والأفضل رفع اليدين في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رفع يديه في القنوت، في قنوت النوازل، وقنوت الوتر مثل ذلك، ولأن رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة، ومن لم يرفع فلا بأس، ومن لم يقنت فلا بأس، كل هذا مستحب، إن قنت فهو أفضل، وإن رفع يديه فهو أفضل، ومن ترك
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178) .(10/126)
ذلك فلا حرج عليه، والوتر كله سنة، وليس بواجب، هذا هو الحق الذي عليه جمهور أهل العلم، وإذا تيسر أن يكون آخر الليل فهو أفضل؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1) » رواه مسلم في صحيحة، فدل ذلك على أن الوتر في آخر الليل أفضل لمن استطاع ذلك، أما من عجز فإنه يوتر في أول الليل، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة، وأبا الدرداء رضي الله عنهما بالإيتار أول الليل لأنهما كانا يدرسان الحديث، ويشق عليهما القيام في آخر الليل، فناسبا أن يوترا في أول الليل، والخلاصة أن من كان يستطيع آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف ألا يقوم من آخر الليل فإيتاره أول الليل أفضل، أما النبي فكان يوتر أول الليل، وأوتر أوسط الليل، ثم استقر وتره في آخر الليل، عليه الصلاة والسلام حتى لحق بربه.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/127)
س: ما هو عدد التشهد في الوتر والقنوت؟ (1)
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (142) .(10/127)
ج: مثل ما تقدم، السنة التشهد في كل ركعتين، هذا السنة وإن أوتر بثلاث جميعا، سردها جميعا ولم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، أو سرد خمسا جميعا، ولم يجلس إلى في آخرها فلا بأس، أما السبع فهو مخير، إن شاء سردها جميعا، وأوتر في السابعة، وإن شاء جلس في السادسة، وأتى بالتشهد الأول، ثم قام للسابعة، وهكذا التسع يجلس في الثامنة، ويأتي بالتشهد الأول، ثم يقوم للتاسعة، «وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سرد السبع في بعض الأحيان، وفي بعضها جلس للسادسة، وأتى بالتشهد الأول (1) » فإذا فعل ذلك فلا بأس، وهكذا التسع إذا جلس للتشهد الأول في الثامنة، ثم قام وأتى بالتاسعة هذا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إن صلى ثنتين ثنتين هذا هو الأكمل، وهو غالبا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، بأن يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .(10/128)
45 - حكم صلاة الوتر وبيان وقتها وعدد ركعاتها
س: ما هي صلاة الوتر؟ ومتى وقتها؟ وكم ركعة؟ وكيف أداؤها؟ (1)
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (16) .(10/128)
ج: صلاة الوتر سنة متأكدة، وقربة إلى الله، تبدأ بعد صلاة العشاء، وتنتهي بطلوع الفجر، هذه صلاة الوتر، وأقلها ركعة واحدة، هذا أقلها، وأفضلها إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإن زاد على ذلك، كأن أوتر بخمس عشرة، أو عشرين مع الوتر، أو ما أشبه ذلك لا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح، صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (1) » ولم يحد حدا، فدل ذلك على أنه إذا أوتر بخمس أو بسبع أو بتسع أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة أو خمس عشرة أو سبع عشرة أو تسع عشرة أو إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، كله طيب، أو أكثر من ذلك، أو أوتر بواحدة فقط أجزأه ذلك، وهذا واضح من السنة، عن النبي عليه الصلاة والسلام، والشفع تارة يكون منفصلا عنها، وهو أفضل، وتارة يكون متصلا، خمسا جميعا، سبعا جميعا، تسعا جميعا، لا بأس؛ فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إذا صلى سبعا جميعا يجلس في السادسة؛ يتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالسابعة، وإن صلى تسعا جميعا فالسنة أن يجلس في الثامنة، ويتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالتاسعة، والأفضل أن
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/129)
يسلم من كل ركعتين، هذا هو الأفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1) » وإذا سرد خمسا جميعا وأوتر بها، أو ثلاثا جميعا وأوتر بها سردها سردا من غير جلوس، أو ثلاثا جميعا من دون جلوس فيها، أو خمسا جميعا من دون جلوس فيها، كلها إلا في الأخيرة، هذا هو الأفضل، أما في السبع والتسع فيجلس في السادسة في السبع، والثامنة في التسع للتشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالسابعة، ويأتي بالتاسعة، ولكن الأفضل مثل ما تقدم، أن يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، سواء صلى سبعا أو خمسا أو ثلاثا، أو تسعا أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة أو أكثر من ذلك، والأمر في هذا واسع بحمد الله، ليس فيه حرج.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/130)
46 - بيان أفضل وقت لصلاة الوتر
س: ما هو أفضل وقت لصلاة الوتر؟ وبماذا تنصحونني، لكي أواظب عليها في منتصف الليل؛ لأنني أصبحت لا أؤديها إلا بعد صلاة العشاء؟ (1)
ج: الأفضل لمن قدر أن يكون ذلك آخر الليل، هذا هو الأفضل، أن
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (221) .(10/130)
يصلي صلاة الوتر والتهجد في آخر الليل في الثلث الأخير؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (1) » متفق على صحته، وهذا حديث عظيم، يدل على أنه جل وعلا ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة، حين يبقى الثلث الأخير في كل جهة من الجهات، على حسب أوقاتها، فيقول سبحانه وتعالى: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2) » ، فإذا استطاع المؤمن والمؤمنة أن يكون في هذا الوقت من المصلين، ومن الداعين فهذا هو الأفضل، ونزول الرب جل وعلا لا يشابه نزول المخلوقين، بل هو نزول يليق بالله سبحانه وتعالى، لا يعلم كيفيته إلا هو جل وعلا، ولا يلزم منه خلو العرش، هو فوق العرش سبحانه وتعالى، فوق جميع الخلق، وينزل نزولا يليق بجلاله، لا ينافي فوقيته وعلوه سبحانه وتعالى، فهو نزول يليق به جل وعلا، وهو الذي يعلم بكيفيته سبحانه وتعالى، فعلينا أن نؤمن بذلك، ونصدق بذلك، ونقول: لا يعلم كيفية هذا إلا هو سبحانه وتعالى. وهكذا بقية الصفات لا نعلمها،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .(10/131)
ونمرها كما جاءت، ولكن لا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى، كالاستواء على العرش والنزول، والمجيء يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، وكذلك رحمته وغضبه حيف يرحم؟ كيف يغضب؟ كيف سمعه؟ كيف بصره؟ كيف يده؟ كيف قدمه؟ كلها صفات لله، لا نعلم كيفيتها، بل لا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى، ولهذا لما سئل الإمام مالك بن أنس رحمه الله، إمام المدينة في زمانه في القرن الثاني سئل رحمه الله، قال له السائل: يا أبا عبد الله، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1) كيف استوى؟ فأطرق طويلا، وعلته الرحضاء تعظيما لهذا السؤال، لخطورته - والرحضاء: العرق - ثم قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا رجل سوء. ثم أمر به فأخرج فالمقصود أنه قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول. وهذا هو قول أهل السنة والجماعة جميعا، كما قال مالك رحمه الله، قاله الأئمة غيره، كأبي حنيفة والشافعي، والأوزاعي، والثوري، وابن عيينة، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم من أئمة الإسلام، وهو مروي عن أم سلمة رضي الله عنها أم المؤمنين،
__________
(1) سورة طه الآية 5(10/132)
وهو أيضا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن، شيخ مالك، فإنه قال معنى هذا الكلام، وهو قول الأئمة جميعا من أهل السنة والجماعة: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة، وهكذا القول في بقية الصفات، كالنزول، والرحمة، والغضب، والسمع والبصر، واليد والقدم والأصابع، وغير هذا، كلها يقال فيها: إنها معلومة من جهة المعنى، ومن جهة اللغة العربية، ولكن كيفيتها لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى.
وفي هذا الحديث الدلالة على شرعية التهجد في آخر الليل، والدعاء في آخر الليل، لكن من لم يستطع فإنه يوتر في أول الليل، أو في وسط الليل حسب طاقته؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1) » ففصل في هذا عليه الصلاة والسلام، فمن طمع أن يقوم من آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف أوتر في أول الليل، وقد فعل هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، قالت عائشة رضي الله عنها: «من كل
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/133)
الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أوله وأوسطه وآخره، ثم انتهى وتره إلى السحر (1) » ، يعني استقر وتره في الثلث الآخر عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) صحيح البخاري الجمعة (996) ، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (745) ، سنن الترمذي الصلاة (456) ، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1681) ، سنن أبو داود الصلاة (1435) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1185) ، مسند أحمد بن حنبل (6/129) ، سنن الدارمي الصلاة (1587) .(10/134)
س: أرجو بيان عدد ركعات الوتر بعد صلاة العشاء مباشرة، هل هو ركعة مع السنة، أم هو ثلاث ركعات من غير السنة؟ (1)
ج: الوتر أقله واحدة بعد الراتبة، بعد سنة العشاء، الوتر يبتدئ بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا محل الوتر، ما بين صلاة العشاء - ولو مجموع مع المغرب في حال سفر والمرض - إلى طلوع الفجر، وأقل الوتر ركعة واحدة، كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، وليس له حد في الأكثرية، ولو أوتر بإحدى وعشرين، أو بإحدى وثلاثين، أو بأكثر من ذلك لا حد لأكثره، ولكن الأفضل الإيتار بما أوتر به النبي صلى الله عليه وسلم، إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، هذا أكثر ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، ومن أوتر بأكثر من ذلك كثلاث وعشرين، أو ثلاث وأربعين أو ثلاث وخمسين، أو مائة وواحدة
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (198) .(10/134)
لا حرج في ذلك والحمد لله؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يحدد عددا معينا، عليه الصلاة والسلام، بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (1) » هكذا جاء في الصحيحين، ولم يقل: عشرا ولا عشرين، ولا أكثر ولا أقل. بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (2) » ، لما سئل عن صلاة الليل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (3) » فالمؤمن بالخيار، وهكذا المؤمنة، إن صلى ثلاثا أو خمسا أو سبعا، أو أكثر من ذلك كله حسن، وإن أوتر بواحدة فلا حرج في أول الليل، أو في آخره، أو في وسطه، ولكن الأفضل أن يزيد، يوتر بثلاث، بخمس، بسبع، بتسع، بإحدى عشرة، بثلاث عشرة، هذا هو الأفضل، وإن زاد فأوتر بخمس عشرة، أو بعشرين بزيادة واحدة، أو ثلاث كله طيب، المقصود أنه لا حد له في الأكثرية، ولكن إذا اقتصر على ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم من إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، فهذا أفضل ما يفعله المؤمن في التهجد بالليل؛ تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، ومن أحب أن يزيد فلا حرج عليه ولا بأس، وله أجره في ذلك، وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، والسلف
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/135)
الصالح متنوعين في تهجدهم بالليل، منهم من يصلي ثلاثا وعشرين، ومنهم من يصلي أكثر من ذلك، فالأمر في هذا واسع والحمد لله.(10/136)
47 - حكم صلاة الوتر ثلاث ركعات بتشهدين كالمغرب
س: مستمعة تسأل وتقول: صلاة الوتر ركعتان، أو أكثر ثم واحدة؟ هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه واصل الثلاث ركعات بتسليمة واحدة؟ وهل إذا كان هذا صحيحا عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجلس في كل ركعتين أم لا؟ وما هي صفتها؟ وكذلك الدعاء قبل السلام أو بعده، أو في السجود هل يجوز أن يأتي بدعاء من نفسه، أو بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ (1)
ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوتر بثلاث مفصولة، يسلم من الثنتين، وأوتر بواحدة، وهذا هو الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم، أنه يوتر بواحدة وحدها، ويفصل ما قبلها، وكان في الغالب يصلي إحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، وربما أوتر بثلاث سردهن، لم يجلس إلا في الأخيرة وهذا قليل، والغالب أنه
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (278) .(10/136)
يسلم من الثنتين، أما كونه يصليها كالمغرب فهذا مكروه، ولا ينبغي؛ لأنه تشبيه لها بالمغرب، وقد جاء في بعض الأحاديث النهي عن ذلك فلا تصلى كالمغرب، لكن يصليها بالتسليم من الثنتين ثم يوتر بواحدة، أو يسردها سردا ويصليها جميعا بدون جلوس إلا في الأخيرة، هذا هو المشروع، ولكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، وأن تكون الواحدة مفردة مستقلة، سواء صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك، أما الدعاء فالإنسان يدعو بما شاء، بما أحب من الدعوات الطيبة التي ليس فيها محذور، لكن الوارد أفضل، إذا تيسر له دعاء يحفظه فهو أفضل، وله أن يدعو بحاجاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك) ، قالوا: يا رسول الله، إذن نكثر؟ قال: (الله أكثر (1) » فلم يحدد الدعاء عليه الصلاة والسلام، بل
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، حديث رقم (22279) ، والترمذي في كتاب الدعوات، باب في انتظار الفرج وغير ذلك، برقم (3573) .(10/137)
بين أن كل دعاء ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم يرجى إجابته مطلقا، لكن إذا تيسر له دعاء معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا به يكون أفضل من غيره، مثل السجود يقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (1) » هذا كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا دعا بغير ذلك: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (2) » هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا دعا بقوله: اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. لا بأس، أو قال: اللهم أصلح قلبي وعملي. أو: اللهم ارزقني كسبا حلالا، أو زوجة صالحة، أو ذرية طيبة. أو ما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة لا حرج في السجود، وفي آخر الصلاة، وفي كل وقت من أوقات حياتك، لكن في السجود أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب القدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم (2140) ، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (3834) .(10/138)
وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (1) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (2) » يعني: حري أن يستجاب لكم، وكان صلى الله عليه وسلم لما علم أصحابه التحيات أرشدهم إلى الدعاء، قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (3) » وفي اللفظ الآخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (4) » فبين صلى الله عليه وسلم أنه يدعو بما أحب ولا يتقيد بوارد، بل يدعو بما يسر الله له، لكن يكون الدعاء دعاء طيبا، ليس فيه إثم، وليس فيه قطيعة رحم، بل من الدعوات الطيبة النافعة، ولو كانت ما وردت، ولو كان ما سمعها في الأحاديث، والحمد لله، وهكذا في بقية الأوقات، يدعو في غير الصلاة، يدعو الضحى وهو جالس، أو في الظهر، أو في الليل وهو جالس، أو واقف أو يمشي، أو يدعو في صلاة النافلة الضحى، أو في تهجده في الليل، المقصود أن الدعاء مطلوب في الصلاة وفي خارج الصلاة، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402) .(10/139)
48 - بيان معنى الشفع والوتر
س: تقول السائلة: ما هي صلاة الشفع والوتر؟ وكم عدد ركعات الوتر التي كان يصليها النبي صلى الله عليه وسلم؟
ج: الشفع معناه ركعتان، تسمى الركعتان بالشفع، والوتر واحدة، والسنة الإيتار بواحدة، أو ثلاث أو خمس أو سبع، أو تسع أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، أو أكثر من ذلك، لكن الأفضل إحدى عشرة، هذا هو الأفضل؛ لأن هذا في الغالب هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كان في الغالب يواظب على إحدى عشرة ركعة، عليه الصلاة والسلام، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بتسع أو بسبع، أو بأقل من ذلك، لكن كان غالب إيتاره صلى الله عليه وسلم أنه يوتر بإحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل، وإذا أوتر الإنسان بثلاث أو بخمس، أو بسبع أو بتسع، هذا كله طيب، والوتر نافلة، ليس بفرض على الصحيح، الذي عليه جمهور أهل العلم أنه سنة وليس بواجب، فتهجد الليل وأقله واحدة بركعة بعد العشاء بعد راتبة العشاء، هذا أقله، وإن أوتر بثلاث أفضل، وبخمس(10/140)
أفضل، وبسبع أفضل، وهكذا، ولكن إذا بلغ إحدى عشرة فهو أفضل، وإن زاد فأوتر بثلاث عشرة، أو بخمس عشرة أو بسبع عشرة فلا بأس، الأمر واسع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صلاة الليل، قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (1) » ولم يحدد عددا، ثم قال: «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2) » هذا يدلنا على أن الوتر يكون ركعة في آخر الصلاة، سواء كان في أول الليل أو وسط الليل أو آخر الليل، يوتر بواحدة، وليس له حد محدود، فإذا أوتر بعشرين ركعة مع الوتر، كما في التراويح المنقول عن عمر رضي الله عنه وأرضاه، أو أتى بثلاث عشرة، أو بإحدى عشرة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في إيتاره في صلاة الليل، أو أوتر بتسع أو بسبع أو بخمس أو ثلاث، كل هذا لا بأس به وأقله واحدة في أول الليل، أو آخره.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/141)
س: يقول السائل: إذا صليت الراتبة ثم صليت الشفع، وقمت ولم أجلس للتشهد، وأتيت بالوتر بعدها فهل ذلك جائز، أم لا؟ (1)
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (25) .(10/141)
ج: كأنه يريد أنه صلى الشفع والوتر جميعا، سرد الثلاث، إذا صلى الإنسان راتبة العشاء، ثم صلى ثلاثا جميعا، سردها سردا ولم يجلس فلا بأس، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك، بعض الأحيان أوتر بثلاث، لم يسلم إلا في آخرهن عليه الصلاة والسلام هذا نوع من السنة، ولا حرج في ذلك، لكن يكره أن يجلس في الثانية، ثم يتشهد ثم يقوم من دون سلام كالمغرب، هذا يكره بل إما أن يسلم بثنتين، وهذا أفضل، ثم يأتي بواحدة مفردة، هذا هو الأفضل، والأكثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن سردها من دون جلوس في الثانية سردها سردا، ثم سلم في الثالثة فلا بأس في ذلك، قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الأحاديث الصحيحة الكثيرة فيها أنه كان يسلم من الثنتين ثم يقوم ويأتي بركعة الوتر وحدها، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأغلب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان ناويا الجلوس في الثنتين، ثم سها وقام فليرجع ويجلس، ويكمل ويسجد للسهو، ثم يأتي بواحدة وحدها؛ لأن الرسول صلى الله عليه(10/142)
وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (1) » فإذا كان ما نوى سرد الثلاث فإنه إذا قام يجلس ويتشهد، ويكمل تشهده ويدعو دعاءه، ويسجد سجدتين للسهو، ثم يسلم ثم يقوم ويأتي بواحدة التي هي الوتر، أما إذا نوى الثلاث يسردها سردا فلا حرج عليه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه سرد ثلاثا جميعا، وسرد خمسا جميعا، لم يجلس إلا في آخرها، صلى الله عليه وسلم، وثبت عنه أنه سرد سبعا جميعا، وجلس في السادسة، وتشهد ثم قام ولم يسلم، ثم أتى بالسابعة وتشهد وسلم، وثبت أنه سرد تسعا جميعا وجلس في الثامنة وتشهد، ولم يسلم ثم قام وأتى بالتاسعة (2) » ، هذا كله ثابت من فعله صلى الله عليه وسلم) لكن الأفضل والأغلب والأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم هو أنه يسلم من كل ثنتين، كما قال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى (3) » ، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة عليه
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب من أوتر بثلاث موصولة به، برقم (1009) (3/31) ، والحاكم في المستدرك، في كتاب الوتر، برقم (1140) (1/447) .
(3) صحيح البخاري الجمعة (993) ، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (749) ، سنن الترمذي الجمعة (597) ، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1694) ، سنن أبي داود الصلاة (1326) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1322) ، مسند أحمد (2/155) ، موطأ مالك النداء للصلاة (269) ، سنن الدارمي الصلاة (1458) .(10/143)
الصلاة والسلام (1) » هذا هو الأفضل والأكثر من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن من سرد ثلاثا ولم يجلس إلا في الثالثة، أو خمسا ولم يجلس إلا في الخامسة فلا حرج عليه؛ لأن الرسول فعل هذا في بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، وهكذا لو سرد سبعا وجلس في السادسة، وتشهد ولم يسلم ثم قام للسابعة، أو سرد تسعا وجلس في الثامنة، وتشهد ولم يسلم، ثم قام للتاسعة، فهذا أيضا لا بأس به، كل هذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا حرج في ذلك.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في الوتر، برقم (994) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (736) .(10/144)
س: هل تجوز صلاة الشفع والوتر مع بعض بدون فرق بينهما، كصلاة المغرب مثلا؟ (1)
ج: يكره أن تصلى كصلاة المغرب؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث النهي عن ذلك ولكن يصلي ثنتين ثم يسلم، ثم يصلى الوتر واحدة، هذا هو الأفضل، بتسليمتين، يصلي ثنتين أو أكثر ثم يوتر بواحدة، وإن صلى ثلاثا جميعا سردها سردا، ولم يجلس إلا في آخرها فلا بأس
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (219) .(10/144)
بذلك، فعله النبي صلى الله عليه وسلم يسرد الثلاث سردا، لا يجلس في الثانية كالمغرب، لا، ولكن يسرد الثلاث سردا، ثم يجلس في الأخيرة ويقرأ التحيات، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو ما يسر الله، ثم يسلم، هذا لا بأس به، ولكن الأفضل أن يسلم من الثنتين، ثم يقوم ويأتي بواحدة وحدها، هذا هو الأفضل، وإن أوتر بخمس أو بسبع أو بأكثر من ذلك، يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة، هكذا كان النبي يفعل في الغالب، كان يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة، وكان في الغالب يصلي إحدى عشرة، وربما صلى ثلاث عشرة، عليه الصلاة والسلام، وربما صلى ثلاثا جميعا، سردها سردا حتى يجلس في آخرها، وربما صلى خمسا جميعا، يسردها حتى يجلس في آخرها، كل هذا لا بأس به.(10/145)
س: إذا صليت فريضة صلاة العشاء والسنة الراتبة هل أصلي الوتر قبل صلاة قيام الليل، أم بعد صلاة قيام الليل؟ (1)
ج: الوتر يكون هو الأخير بعد قيام الليل، والنبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (203) .(10/145)
قال: «اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا (1) » وقال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2) » فالسنة أن تكون صلاة الوتر هي الأخيرة، يتهجد، يصلي ما بدا له مثنى مثنى، ثم يختم بواحدة وهي الوتر، هذا هو السنة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/146)
49 - كيفية التسليم في الوتر
س: هل يشترط لصلاة الوتر تسليمتان، أم تسليمة واحدة تكفي؟ (1)
ج: بل تسليمتان مثل بقية الصلوات، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم بتسليمتين، في النافلة والفريضة عليه الصلاة والسلام، يصلي ركعتين ويسلم، ثم يأتي بواحدة، هذه السنة والأفضل، وإن سرد الثلاث فلا بأس، ويسلم بعد الثالثة تسليمتين.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (216) .(10/146)
50 - كيفية صلاة الوتر في النهار لمن نام عنها
س: كيف تكون صلاة الوتر في النهار، إذا نام الإنسان عنها؟ (1)
ج: إذا نام الإنسان عن صلاة الوتر أو نسيها، أو أصابه مرض شغله عنها يصلي من النهار ما تيسر، والأفضل أن يصلي بعددها، لكن لا يوتر، يل يشفع، فإذا كانت عادته خمسا صلى ست ركعات، يسلم من كل ثنتين، وإذا كانت عادته في الليل سبعا صلى بالنهار ثمانيا، يسلم من كل ثنتين، وهكذا تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله نوم، أو مرض عن الوتر صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (2) » وكانت عادته صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة من الليل، فإذا شغل عنها بنوم أو مرض زاد ركعة، وصلى ثنتي عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (216) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .(10/147)
س: أبو عمار يسأل ويقول: أنا أصلي من الليل إحدى عشرة ركعة؛ بعد العشاء ركعتين، وركعتين سنة الوضوء قبل صلاة الليل، وثلاث ركعات وترا، فهل صلاتي صحيحة؟ (1)
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (433) .(10/147)
ج: الوتر مشروع بما يتيسر، ولو واحدة في الليل بعد صلاة العشاء وسنتها كفى، فإذا أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع أو بتسع، أو بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة كله طيب، والأفضل إحدى عشرة إذا تيسر، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، وإن أوتر بثلاث سردا، أو سلم من كل ثنتين، أو أوتر بخمس سردا، والسنة أن يسرد الخمس، لا يجلس فيها إلا في الخامسة، وإلا يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، أو أوتر بسبع سردا، أو جلس في السادسة للتشهد الأول، ثم قام أو أوتر بالتسع، وجلس في الثامنة في التشهد الأول ثم قام، كله لا بأس به، لكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (1) »
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/148)
51 - حكم الصلاة في آخر الليل لمن أوتر في أوله
س: يقول هذا السائل: سماحة الشيخ، هل يصح أن أصلي الوتر في أول الليل، ثم أكمل هذا الوتر في آخر الليل؟ (1)
__________
(1) السؤال الواحد والستون من الشريط رقم (433) .(10/148)
ج: الأمر واسع، إذا أوترت في أول الليل تصلي في آخر الليل ما تيسر، لكن من دون وتر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (1) » تصلى ركعتين أو أربع ركعات، أو ست ركعات أو أكثر، تسلم من كل ثنتين، ويكفيك الوتر الأول، ولكن الأفضل أنك تؤخر الوتر وتجعله في آخر الليل، فإذا صليت ما يسر الله لك توتر بواحدة، هذا هو الأفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2) » هذا هو المشروع.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/149)
52 - مسألة في صلاة الوتر
س: هل صحيح أن المداومة على صلاة الشفع تؤدي إلي أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لمن يؤديها؟ (1)
ج: ما أعرف في هذا شيئا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (265) .(10/149)
المؤمن يصلي شفعا في النهار والليل، هذا هو السنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1) » ، وليست صلاة وتر إلا الوتر في الليل، ركعة واحدة يوتر بها، أو في صلاة الخوف، بعض أنواع صلاة الخوف يصلون ركعة، أما السنة فالصلاة ينتهون شفعا أبدا دائما، إلا المغرب فإنها وتر ثلاثا، أما الظهر والعصر والعشاء والفجر فكلها شفع، وهكذا النوافل كلها تسمى شفعا، ثنتين ثنتين، إلا الوتر فإنه يصلى واحدة، وهكذا في بعض أنواع صلاة الخوف، صلى واحدة عليه الصلاة والسلام عند لقاء الأعداء، أما حديث يشفع النبي صلى الله عليه وسلم لمن يفعل هذا فلا أعرف له أصلا.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/150)
53 - حكم صلاة قيام الليل بعد الوتر
س: غالبا ما أوتر قبل أن أنام ظنا مني أني لن أستطيع قيام الليل، ولكن يحدث كثيرا أن أقوم الليل، علما بأني قد أوتر قبل أن أنام، هل هذا جائز؟ وهل يمكن أن أوتر ثانية عند قيام الليل؟ وكم عدد ركعات قيام الليل؟ وهل يمكن أن أجهر بالقنوت؟ جزاكم الله خيرا. (1)
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (371) .(10/150)
ج: لا حرج أن يصلي ما تيسر، إذا قام آخر الليل يصلي ما تيسر ويكفيه ما أوتر أولا؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (1) » الوتر الأول يكفي، وإذا تيسر قيام تصلي ركعتين أو أربعا أو أكثر، تسلم من كل اثنتين، يقرأ طويلا ويجهر إذا أحب الجهر، ويدعو الله في السجود كثيرا، والحمد لله، هذا من فضل الله عز وجل.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679) .(10/151)
س: تقول السائلة: هل تجوز صلاة النوافل، ما بين صلاة العشاء والوتر وصلاة الفجر؟ لأنني أسمع من البعض يقولون: لا يجوز صلاة بعد الوتر حتى الفجر. والبعض يقولون: النوم يفصل بينها. وأحد الشيوخ في بلدنا قال: يمكن الصلاة قبل الفجر، ما بين الأذانين الأول والثاني للفجر. والبعض يقول: لا يجوز. وإنني غالبا ما أستيقظ قبل الفجر، وأريد أن أصلي، ولا أدري هل يجوز أم لا؟ (1)
ج: نعم، لا بأس بالصلاة بعد الوتر، إذا أوتر الإنسان أول الليل، أو في وسط الليل، ثم يسر الله له القيام آخر الليل فإنه يشرع له أن يصلي ما
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (121) .(10/151)
كتب الله له، ركعتين أو أكثر من ذلك، ويكفيه الوتر الأول، لا حاجة إلى وتر ثان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (1) » فإذا استيقظ المؤمن أو المؤمنة في آخر الليل، وقد أوتر في أول الليل فإنه يشرع له أن يصلي ما كتب الله له، ولا يعيد الوتر إذا صلى ركعتين، أو أربعا أو أكثر، كل هذا طيب، ولا بأس به، لكن يكون مثنى مثنى؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2) » يعني ثنتين ثنتين، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى ركعتين بعدما أوتر في آخر الليل؛ ليعلم الناس أن الصلاة بعد الوتر جائزة، وإنما الأفضل أن يكون الوتر آخر شيء، كما قال عليه الصلاة والسلام: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (3) » فالأفضل أن يكون الوتر هو آخر شيء، لكن
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751) .(10/152)
إذا كان هناك سعة وصلى بعد الوتر ركعتين أو أكثر فلا حرج في ذلك، والحمد لله.(10/153)
54 - حكم الوتر بثلاث ركعات بتسليمتين
س: يقول السائل: إن بعض الناس يقولون: عندما أصلي صلاة العشاء لا بد أن أصلي ثلاث ركعات، ركعتين، ثم أصلي ركعة، ويسمون الأولى الشفع، والأخيرة الوتر، هل ما قالوه صحيح؟ وكيف توجهونني؟ (1)
ج: هذا مستحب، وليس بواجب، ويسمى هذا الوتر، فيستحب للمؤمن والمؤمنة الإيتار كل ليلة بعد صلاة العشاء، ويستمر وقته إلى طلوع الفجر، فإذا صلى المسلم أو المسلمة سنة العشاء ركعتين، وأحب أن يوتر قبل النوم، أوتر بركعتين ثم ركعة، الشفع والوتر ركعتين ثم ركعة واحدة، وإن أوتر بركعة واحدة فقط أجزأته بعد سنة العشاء، وإن أوتر بخمس أو بسبع، أو أكثر فكله طيب، النبي صلى الله عليه وسلم كان في الغالب يوتر بإحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، يقرأ فيها (الحمد) ،
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (247) .(10/153)
و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2) » هذه سنة الوتر، وهي مستحبة وليست واجبة، وهي مستحبة لجميع المسلمين، ذكورهم وإناثهم من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فمن أحب أن يقوم آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف ألا يقوم آخر الليل أوتر بعد صلاة العشاء، وقبل أن ينام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (3) » يعني مشهودة، يعني يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، والله ولي التوفيق.
__________
(1) سورة الإخلاص الآية 1
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/154)
س: أرجو أن توجهوني إلى الفرق بين الشفع والوتر في صلاة الليل، وهل يجب لكل نية؟ (1)
ج: الشفع كونه يصلي ركعتين، والوتر كونه يصلي واحدة، أو ثلاثا، أو خمسا أو سبعا جميعها يقال لها: وتر. والشفع كونه يصلي ثنتين
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (345) .(10/154)
ثنتين، تسمى الأربع شفعا، والست شفعا، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين، ولا يجوز له أن يجمع الأربع والست والثماني في سلام واحد، لكن يسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1) » معناه: تصلى مثنى مثنى. لكن لو سرد ثلاثا وترا أو خمسا وترا فلا بأس، يستثنى عنه، وهكذا في النهار يصلي ثنتين ثنتين، وفي رواية أخرى: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2) »
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/155)
س: أصلي في الليل ركعتين، وأصلي ثلاثا وترا، هل هذا يجوز؟ (1)
ج: الوتر أقله ركعة، فمن أوتر بركعة أو بثلاث أو بأكثر فقد أصاب وأحسن، وأقله ركعة، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (301) .(10/155)
س: يقول: هل أصلي الوتر بعد الأذان الأول يا سماحة الشيخ؟ (1)
ج: الوتر في الليل كله من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، كل الليل محل وتر بعد الفراغ من صلاة العشاء، وسنتها الراتبة إلى قبل
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (343) .(10/155)
الفجر، كله محل وتر، وإذا تيسر في آخر الليل فهو أفضل، وإلا فالوتر قبل النوم إذا كنت تخشى ألا تقوم، الأفضل لك أن توتر قبل النوم.(10/156)
55 - مسائل في الوتر
س: السائل من الكويت يقول: بالنسبة للوتر مرة أو مرتين، فقد حدث وأنا أصلي الوتر أن أذن الفجر، وأحيانا بعد السلام يكون الأذان في بدايته، هل علي إعادة الوتر؟ (1)
ج: يكفي؛ لأن الأذان يكون على الظن، ظن الصبح، وإذا أذن والإنسان على وتر أكمله والحمد لله، ولا بأس، يكفي.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (306) .(10/156)
س: هل يجوز الوتر بواحدة، أم لا بد من الشفع؟ (1)
ج: تكفي واحدة، الوتر بواحدة لا بأس في أول الليل، أو في وسطه أو في آخره، ركعة واحدة، والأفضل يقرأ فيها (الفاتحة) و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) ، وإن قرأ (الفاتحة) وحدها أو معها {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) فلا بأس، لكن الأفضل أن يكون معها {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) ، وإن زاد على واحدة صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر فهو أفضل.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (127) .
(2) سورة الإخلاص الآية 1
(3) سورة الإخلاص الآية 1
(4) سورة الإخلاص الآية 1(10/156)
س: هل معنى أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى: أن الأربع ركعات القبلية قبل الظهر أصليها على ركعتين ركعتين؟ (1)
ج: نعم، تصلى ركعتين ركعتين في الليل والنهار، الرواتب وغير الرواتب، هذه السنة، لكن لو سرد الوتر في الليل سردا ثلاثا جميعا، أو خمسا جميعا، أو سبعا جميعا فلا بأس، لكن كونه يصلي ثنتين ثنتين هذا هو الأفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2) » ؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه أوتر بخمس جميعا (3) » ، «وبثلاث جميعا (4) » «وبسبع جميعا، سردها في بعض الأحيان (5) » ، فلا بأس بذلك، لكن الأفضل دائما ثنتان ثنتان، هذا هو الأفضل، ثم يوتر بواحدة.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (322) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، برقم (1164) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (765) .
(4) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب من أوتر بثلاث موصولة به، برقم (1009) (3/31) ، والحاكم في المستدرك، في كتاب الوتر، برقم (1140) (1/447) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .(10/157)
56 - حكم المداومة على إحدى عشرة ركعة كل ليلة
س: أصلي إحدى عشرة ركعة كل ليلة، وأجهر بالقراءة، وأدعو في(10/157)
الصلاة الأخيرة أي الوتر، وأبدأ فيها من الساعة العاشرة، فهل صلاتي هذه صحيحة أم لا؟ (1)
ج: هذا هو الأفضل، والوتر سنة إحدى عشرة ركعة، هذا أفضل ما يكون، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا تهجد حسن ووتر حسن، إذا فعلته هذا من السنة وأنت مأجور على هذا إن شاء الله، ولا حرج في ذلك، لكن ليس بلازم بل مستحب، ولو أوترت في بعض الليالي بخمس أو بسبع أو بثلاث فلا حرج عليك.
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (29) .(10/158)
57 - حكم قراءة المعوذتين بعد سورة الإخلاص في الوتر
س: إنني عندما أوتر أصلي ركعة واحدة، وأقرأ فيها سورة الإخلاص والفلق والناس، فهل عملي صحيح؟ (1)
ج: الأفضل الاقتصار على {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) هذا هو الأفضل في
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (265) .
(2) سورة الإخلاص الآية 1(10/158)
الركعة الأخيرة ركعة الوتر، هذا هو المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، يقرأ فيها بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) ، أما الزيادة في المعوذتين فالحديث فيها ضعيف.
__________
(1) سورة الإخلاص الآية 1(10/159)
س: أنا أصلي بعد صلاة العشاء إحدى عشرة ركعة وأوتر، وأعجز بعض الأيام؛ لأنني أشتغل كل اليوم، وأصليها في الثلث الأخير، وإذا غلب علي النوم صليتها في النهار، هل تصح؟ أفيدوني (1)
ج: هذا عمل طيب، هذا موافق للسنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في الغالب يوتر بإحدى عشرة ركعة، وربما أوتر في أول الليل، وربما أوتر في وسطه، وربما أوتر في آخره، ثم انتهى أخيرا في آخر الليل عليه الصلاة والسلام، وكان الغالب عليه أنه يصلي في آخر الليل عليه الصلاة والسلام، هذا الذي فعلته هو السنة، وإذا نمت عنها فلا حرج، إذا نمت عنها بعض الأحيان، أو ثقلت عنها، أو لم يتيسر لك
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (29) .(10/159)
أداؤها فافعلها في النهار، صل من النهار ما تيسر، لكن من غير إيتار، صلها شفعا، صل مثلا ثنتي عشرة ركعة، أي ست تسليمات بدل إحدى عشرة ركعة إذا تيسر ذلك، وإن صليت أقل من ذلك ثماني أو ست ركعات، أو أربع ركعات كله طيب، الأفضل أن تصلي بعدد ما كنت تفعله في الليل وتزيد ركعة؛ حتى لا توتر بواحدة في النهار، تصلي شفعا، «وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورده من الليل؛ من مرض أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (1) » كما قالته عائشة رضي الله عنها، هذا هو السنة، الذي يفوته ورده من الليل؛ من نوم أو مرض أو نحو ذلك فإنه يصلي من النهار، ولكن يكون شفعا لا وترا، وأنت بحمد الله قد وفقت للسنة، ولو أوتر الإنسان بأقل من ذلك أوتر بواحدة، أو بثلاث أو بخمس فكله سنة والحمد لله، أقله واحدة، إذا صلاها بعد العشاء أو صلاها في آخر الليل فقد فعل السنة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .(10/160)
58 - حكم تكرار الوتر في ليلة واحدة
س: إذا صليت الوتر بعد العشاء وقبل أن أنام؛ خوفا من عدم القيام آخر الليل، ثم قمت آخر الليل، وأردت أن أصلي من آخر الليل(10/160)
فهل يجوز ذلك، وأن أوتر في الأخير أم لا؟ (1)
ج: إذا أوتر الإنسان من أول الليل احتياطا هذا حق طيب، والنبي أوصى أبا الدرداء وأبا هريرة رضي الله عنهما بالإيتار أول الليل قال بعض أهل العلم: إنما أوصاهما بذلك؛ لأنهما يشتغلان بالعلم في أول الليل، ويصعب عليهما القيام في آخر الليل، فإذا أوتر الإنسان من أول الليل، ثم يسر الله له القيام من آخر الليل فإنه يصلي ما تيسر من الركعات من دون وتر، يكفي الوتر الأول؛ لأن النبي عليه السلام قال: «لا وتران في ليلة (2) » فيصلي ركعتين أو أربع ركعات، أو ست ركعات فأكثر من دون وتر في آخر الليل، ولا حرج في ذلك، ولا بأس بذلك، وإنما يؤمر بتأخير الوتر في آخر الليل إذا كان لا يوتر في أول الليل، وإذا تيسر القيام في آخر الليل، فهذا يوصى بأن يكون وتره في آخر الليل إذا تيسر له ذلك؛ لأن آخر الليل أفضل، فإذا يسر الله للعبد أن يوتر في آخر الليل فهذا أفضل، أما إذا خاف وخشي ألا يقوم من آخر الليل فليأخذ بالحزم، فيوتر في أول الليل، وإذا رزقه الله القيام في آخر الليل
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (28) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679) .(10/161)
صلى ما تيسر من دون وتر، كما جاءت به السنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد الوتر ركعتين (1) » ؛ يبين للناس أن الصلاة بعد الوتر جائزة، ولا حرج فيها.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أبي سلمة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، حديث رقم (25031) ، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، حديث رقم (1340) ، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، حديث رقم (471) ، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب وقت ركعتي الفجر والاختلاف على نافع، رقم (1781) .(10/162)
59 - حكم تأخير الوتر لمن علم من نفسه أنه يقوم آخر الليل
س: تقول السائلة: والدتي تصلي العشاء مع الوتر، ثم تنام وتصلي صلاة قبل صلاة الفجر، وكثير من الناس يقولون لها: لا يجوز أن تصلي الوتر ما دام لك صلاة قبل صلاة الفجر. فما رأي سماحتكم؟ (1)
ج: الأفضل أنها تؤخر الوتر إلى آخر الليل، ما دامت تقوم آخر الليل فالأفضل أن وترها يكون آخر الليل، بعدما تصلي الصلاة التي يكتب الله لها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا (2) » هذا هو الأفضل: أن الصلاة تكون في آخر الليل وتختم بوتر
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (25) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751) .(10/162)
إذا تيسر ذلك، أما إن كانت تخشى ألا تقوم آخر الليل، وتريد أن تعمل بالاحتياط فتوتر في أول الليل فلا بأس، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بالإيتار أول الليل قال بعض أهل العلم: لأنهما يدرسان الحديث، ويخشيان ألا يقوما آخر الليل؛ فلهذا أوصاهما بالوتر في أول الليل، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1) » خرجه مسلم في الصحيح، فإذا كانت المرأة تستطيع أن تقوم آخر الليل فالأفضل أن يكون وترها آخر الليل، بعدما تصلي ما كتب الله لها، ثم توتر قبل الفجر، هذا هو الأفضل، لكن إن كانت تخشى ألا تقوم، ولا تثق بذلك، فالأفضل لها أن توتر في أول الليل، وإذا قامت آخر الليل ويسر الله لها القيام تصلي ما تيسر؛ ركعتين أو أربع ركعات أو ست ركعات من دون وتر، الوتر الأول يكفي، ولا تعيد الوتر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا وتران في ليلة (2) » فإذا كان الإنسان قد
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679) .(10/163)
أوتر في أول الليل، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فإنه لا يعيد الوتر، بل يكفيه الوتر الأول، ويصلي من آخر الليل ما تيسر؛ ركعتين أو أربع ركعات، أو أكثر من ذلك بدون وتر.(10/164)
س: أديت صلاة العشاء وكذلك الوتر، ثم نمت وقمت بعد منتصف الليل، فهل تجوز الصلاة التي هي قيام الليل بعد الوتر؟ (1)
ج: السنة للمؤمن أن يتحرى الوقت الذي يستطيعه للتهجد بالليل، إن كان لا يستطيع القيام من آخر الليل قدم، وإن كان يستطيع القيام من آخر الليل أخر تهجده إلى آخر الليل؛ لأن هذا أفضل وقت، فيه التنزل الإلهي، الذي جاء فيه الحديث الصحيح المستفيض عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (2) » هذا الوقت وقت عظيم، فيه نزول الرب عز وجل، نزول يليق بجلاله سبحانه وتعالى، وفيه أنه يقول: «هل من داع فأستجيب له؟ هل من سائل فيعطى سؤله؟ هل من
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (10) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .(10/164)
مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ (1) » هذا فضل عظيم، ينبغي تحري هذا الوقت الذي هو آخر الليل الثلث الأخير؛ لهذا الحديث الصحيح في النزول، وهذا النزول وصف لربنا عز وجل كما يليق به سبحانه وتعالى، لا يكيف ولا يمثل، بل يقال في هذا: نزول يليق بجلاله لا يشابهه أحد من خلقه سبحانه وتعالى كسائر الصفات. كما نقول: استوى على العرش استواء يليق بجلاله، لا يشبه بخلقه سبحانه وتعالى، وكما نقول: إن علمه يليق بجلاله ورحمته. وهكذا وجهه، وهكذا يده، وهكذا سائر الصفات، كلها حق، وكلها ثابتة لله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق بالله جل وعلا، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (2) ، أثبت لنفسه السمع والبصر، ونفى عن نفسه المماثلة سبحانه وتعالى، وهذا هو الحق الذي درج عليه أهل السنة والجماعة، وهو إثبات جميع الصفات والأسماء الواردة في الكتاب العزيز، أو السنة الصحيحة المطهرة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، نثبتها إثباتا بلا تمثيل، وننزهها عن التعطيل، ونقول: إنه يجب إثبات صفات الرب وأسمائه من النزول والاستواء
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .
(2) سورة الشورى الآية 11(10/165)
والرحمة والغضب، والوجه واليد والأصابع وغير ذلك، نثبتها لله كما جاءت في النصوص إثباتا بلا تمثيل، وننزه صفاته عن مشابهة خلقه تنزيها بريئا من التعطيل، هكذا يقول أهل السنة والجماعة، فالنزول من ذلك الباب، نزول الرب في آخر الليل من هذا الباب، نثبته لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، مع العلم بعلوه فوق العرش جل وعلا، فإن صفاته لا تشابه صفات خلقه، فلا يتنافى النزول في حقه مع علوه فوق العرش سبحانه وتعالى، وهذا في حقه عز وجل، فإنه نزول لا يعلم كنهه وكيفيته إلا الله سبحانه وتعالى، فهو نزول يليق بالله، فيه هذا الخير العظيم، فيه أنه سبحانه وتعالى يقول: «هل من تائب فيتاب عليه؟ هل من سائل فيعطى سؤله؟ هل من مستغفر يغفر له؟ (1) » هذا فضل عظيم، ينبغي في هذا الوقت الإكثار من الدعاء في آخر الليل مع الصلاة، مع القراءة، هكذا أرشد النبي عليه الصلاة والسلام، أما إن كان لا يستطيع ذلك، ويخشى أن ينام فإنه يوتر في أول الليل، يصلي ما تيسر في أول الليل، يوتر بثلاث، بخمس، بسبع، بأكثر أو بواحدة على الأقل لا بأس، يكفي واحدة بعد سنة العشاء، إذا صلى العشاء وصلى الراتبة ثنتين، وأوتر بواحدة كفى، وإن أوتر بثلاث فهو أفضل، وإن أوتر بأكثر
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .(10/166)
فهو أفضل، ثم إذا قام من آخر الليل، أو في أثناء الليل، وأحب أن يتهجد فلا بأس، إذا قام من آخر الليل وأحب أن يصلي ركعتين أو أربع ركعات، أو أكثر بلا وتر فلا بأس، الوتر لا يعيده، النبي عليه السلام قال: «لا وتران في ليلة (1) » لكن يصلي ما تيسر في أثناء الليل، أو في آخر الليل شفعا؛ ثنتين، أربعا، ستا، ثمانيا من دون وتر، الوتر الأول يكفي، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أنه كان يصلي بعض الأحيان ركعتين بعد الوتر وهو جالس (2) » ؛ وهذا - والله أعلم - ليبين للناس أن الصلاة بعد الوتر جائزة غير محرمة، وإنما الأفضل أن يكون الوتر هو آخر الصلاة أن يختم صلاته بالوتر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (3) » فالأفضل أن يختم بالوتر، لكن لو قدر أنه أوتر ثم تيسر له نشاط، وقام في آخر الليل فلا بأس بذلك، يصلي ما تيسر ركعتين أو أربع ركعات، ولا حرج في ذلك، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679) .
(2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أبي سلمة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، حديث رقم (25031) ، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، حديث رقم (1340) ، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، حديث رقم (471) ، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب وقت ركعتي الفجر والاختلاف على نافع، رقم (1781) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751) .(10/167)
س: أنا أصلي ركعات الوتر وأنام، ثم أقوم في ثلث الليل وأصلي ركعتين نفلا، فهل يجوز مثل هذا العمل، أو تنصحونني بتأخير(10/167)
الوتر إلى آخر الليل؟ (1)
ج: هذا عمل طيب، إذا كنت يشق عليك قيام آخر الليل فقد فعلت أمرا حسنا، وهو الإيتار في أول الليل، ثم إذا قمت في آخر الليل صل ركعتين أو أكثر من ذلك، كله طيب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة الليل مشهودة، وذلك أفضل (2) » فالذي يستطيع الصلاة في آخر الليل يؤخر إلى آخر الليل، وهو أفضل؛ لأن صلاة آخر الليل مشهودة، يشهدها الله وملائكته، أما إن كان لا يستطيع فإنه يوتر أول الليل، وإذا يسر الله له القيام في آخر الليل صلى ما تيسر من دون وتر، كفى الوتر الأول، صلى ركعتين أو صلى أربع ركعات بتسليمتين، أو أكثر من ذلك، يسلم من كل ثنتين، ولكن لا يعيد الوتر، يكفيه الوتر الأول، والحمد لله.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (213) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/168)
س: أنا دائما أصلي الوتر أول الليل، ثم أقوم آخر الليل وأصلي ركعتين ركعتين بما أقدر عليه، دون أن أوتر بعدها، فهل فعلي(10/168)
هذا صحيح؟ وما حكم تكرار الوتر؟ (1)
ج: نعم، فعلك هذا صحيح، إذا أوتر الإنسان من أول الليل، ثم يسر الله له القيام من آخر الليل فإنه يصلي ما يسره الله له، ثنتين ثنتين، ويكفيه الوتر الأول، ويكره أن يوتر ثانيا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (2) » والنبي عليه الصلاة والسلام ربما صلى ركعتين بعد الوتر؛ ليعلم الناس أنه لا حرج في ذلك، لكن الأفضل أن تؤخر الوتر آخر الليل إذا تيسر لك ذلك، نقول: الوتر آخر الليل إذا تيسر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (3) » فإذا تيسر لك ذلك فهذا أفضل، وإلا تأخذ بالحزم، وأوتر من أول الليل، وإذا يسر الله لك القيام في آخر الليل فصل ما يسر الله لك من دون وتر؛ ثنتين ثنتين تسلم من كل ثنتين.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (256) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751) .(10/169)
س: ف. من بريدة: أصلي ركعتي السنة قبل صلاة الفرض، ثم أصلي أربع ركعات فريضة، ثم أصلي ركعتي السنة، ثم أصلي نفلا،(10/169)
وبعدها أصلي ثلاث ركعات الوتر، فهل ما أفعله صحيح؟ (1)
ج: السنة أن يصلي المؤمن ركعتين بين الأذان والإقامة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة لمن شاء (2) » فالركعتان بعد الأذان مستحبة، بعد أذان المغرب، بعد أذان العشاء، إذا صلى الفريضة صلى بعدها ركعتي الراتبة، ثم أوتر إذا أحب أن يوتر، ثلاثا أو خمسا أو أكثر، وإذا أخر الوتر إلى آخر الليل فهو أفضل إذا كان يطمئن إلى قيامه آخر الليل، ويغلب على ظنه ذلك، وإلا فالسنة الوتر في أول الليل بركعة أو ثلاث أو أكثر آخذا بالحزم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «من خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (3) » وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر أول الليل، ثم أوتر في وسط الليل، ثم استقر وتره في آخر الليل عليه
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (332) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/170)
الصلاة والسلام، فهذا هو الأفضل لمن قدر، أما من يخاف ألا يقوم فإنه يوتر أول الليل، أما الظهر فإنه يصلي قبلها أربعا، السنة أربع راتبة، يصلي قبلها تسليمتين أربعا، والعصر كذلك يستحب أن يصلي قبلها أربعا بتسليمتين، وبعد الظهر أربعا بتسليمتين؛ الراتبة وركعتان بعدها، ولكن إذا صلى أربعا بعدها فهو أفضل؛ لما روى أهل السنن عن أم حبيبة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حافظ على أربع قبل الظهر، وأربع بعدها حرمه الله على النار (1) » فهذا الحديث العظيم جيد صحيح، يدل على فضل الأربع قبلها وبعدها، أما الراتبة فهي أربع قبلها وثنتان بعدها، ولكن يستحب أن يزيد بعدها ثنتين حتى تصير أربعا بعد الظهر. وقبل العصر أربع بتسليمتين، أما المغرب والعشاء فيسن قبلهما ركعتان؛ لحديث: «بين كل أذانين صلاة (2) » وإن
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .(10/171)
صلى أكثر من ركعتين فلا بأس، وبعدهما ركعتان؛ الراتبة بعد المغرب ركعتان بتسليمة واحدة، وبعد العشاء ركعتان بتسليمة واحدة، فهذا الذي يحافظ عليه النبي عليه الصلاة والسلام، ثم الوتر بعد العشاء، وبعد الراتبة، ولو صلى العشاء مع المغرب مجموعتين جمع تقديم، كالمسافر فإنه يوتر بعد صلاة العشاء، ولو في وقت المغرب؛ لأنه إذا صلى العشاء مجموعة مع المغرب جمع تقديم فقد دخل وقت الوتر؛ كالمريض والمسافر.(10/172)
س: نحن نعلم بأن صلاة الوتر تختم صلوات اليوم، وقد كنت يوما بالمسجد، وصليت العشاء ثم الشفع والوتر، وعند خروجي قابلني أحد الأصدقاء، وأصر على أن أصلي معه حتى يكسب أجر الجماعة، فما رأي الإسلام في ذلك؟ (1)
ج: الوتر خاتم صلاة الليل، وليس خاتم صلاة النهار، المغرب هي التي تختم صلاة النهار، هي وتر النهار، وأما التهجد بالليل فيختم بالوتر ركعة واحدة، الركعة هي الختام لصلاة الليل، ولكن لا مانع أن يصلي بعدها إذا أوتر - مثلا - في أول الليل، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فلا بأس أن يصلي ما تيسر ركعتين، أو أربع ركعات أو أكثر مثنى
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (154) .(10/172)
مثنى، ولا يعيد الوتر، يكفيه الوتر الأول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (1) » وإذا صادف جماعة من إخوانه وصلى معهم، أو أخا من إخوانه وصلى معه فلا بأس بذلك ولا حرج؛ لأن هذه الصلاة جاءت لها الأسباب التي وقعت له، مثل أن طلب أخوه أن يصلي معه، مثل جماعة أحب أن يصلي معهم، ومثل سعة الوقت أحب أن يصلي ما تيسر هذا لا بأس به، المقصود أن كون الإنسان يصلي بعد الوتر في آخر الليل لا بأس بذلك، لكن لا يعيد الوتر، يكفيه الوتر الأول، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679) .(10/173)
س: هل صحيح بأنه لا صلاة بعد الوتر؟ (1)
ج: لا بأس بالصلاة، وليس بصحيح هذا القول، فله أن يصلي بعد الوتر، ليس بوقت نهي، لكن الأفضل أن يختم الليل بالوتر، أن يختم صلاته بالليل بالوتر، والنبي صلى الله عليه وسلم ربما صلى ركعتين بعد الوتر؛ ليعلم الناس أنه لا حرج في ذلك، فلو أوتر في الليل أو في وسط الليل، ثم قام في آخر الليل وصلى ما يسر الله له ركعتين، أو أربعا أو
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (396) .(10/173)
ستا فلا بأس، المقصود أن الصلاة بعد الوتر لا حرج فيها، لكن الأفضل لمن صلى آخر الليل أن يختم بالوتر، يختم بركعته الأخيرة الواحدة، تكون هي الخاتمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (1) » متفق على صحته.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751) .(10/174)
س: السائلة أم خالد من الباحة، تقول: أنا أوتر قبل النوم خوفا من أن أنام، وأنا أوتر اقتداء بقوله صلى الله عليه وسلم: «أوتروا يا أهل القرآن (1) » وإذا حصل ونهضت قبل الفجر فإني أصلي أربعا أو ستا، أو ما تيسر لي من الركعات، ولكنني لا أوتر؛ لأنني أوترت قبل النوم، فهل عملي هذا صحيح؟ (2)
ج: هذا العمل صحيح، الإنسان إذا خاف ألا يقوم من آخر الليل يوتر أول الليل، وإذا يسر الله القيام في آخر الليل يصلي ما تيسر ثنتين أو أربعا أو ستا، أو أكثر، يسلم من كل ثنتين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر، برقم (1416) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في أن الوتر ليس بحتم، برقم (453) ، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الأمر بالوتر، برقم (1675) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر، برقم (1169) .
(2) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (408) .(10/174)
يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1) » وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بالإيتار قبل النوم الإيتار قبل النوم من باب الحزم إذا كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل، أما من كانت عنده الثقة، أو يغلب على ظنه أنه يقوم آخر الليل فالوتر في آخر الليل أفضل، وإذا أوتر في أول الليل ثم يسر الله له القيام آخر الليل صلى ما تيسر ثنتين ثنتين، ولم يعد الوتر، الوتر الأول كاف.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/175)
س: هل يجوز للإنسان أن يصلي صلاة الليل إذا قام بعد أن صلى الوتر؛ وذلك لخوفه أن ينام فلا يصلي الوتر؟ (1)
ج: هذا من الحزم، كونه يوتر أول الليل، وإذا قام في آخر الليل صلى ما يسر الله له ركعتين أو أربع ركعات أو ست ركعات، أو أكثر كل هذا طيب، لكن يسلم من كل ثنتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2) » وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (354) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/175)
وأبا الدرداء رضي الله عنهما بالوتر قبل النوم وقال: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (1) » وجاء بين الأحاديث أن الأفضل لمن استطاع آخر الليل أن يؤخر إلى آخر الليل، ومن خاف ألا يقوم آخر الليل صلى في أول الليل أخذ بالحزم، ويدل على هذا حديث صحيح رواه مسلم في الصحيح عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2) » فهذا صريح في التفضيل، فصلاة أول الليل أفضل لمن خاف ألا يقوم من آخر الليل، أما من غلب على ظنه أنه يقوم، واعتاد ذلك فهذا هو الأفضل؛ أن يقوم في آخر الليل.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/176)
س: مستمعة تسأل وتقول: أحفظ معنى حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (1) » أنا أنوي صلاة القيام، ولكن أخشى أن يغلبني النعاس؛ لذلك أصلي الشفع
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751) .(10/176)
والوتر قبل أن أنام، فهل يجوز لي أن أصلي قيام الليل بعد الشفع والوتر، أم أؤجل الشفع والوتر مع صلاة القيام؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: إذا خشيت ألا تقومي آخر الليل فصلي في أول الليل، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة أن يصلوا أول الليل قبل النوم أن يوتروا، والسبب في ذلك أنهم يخشون ألا يقوموا آخر الليل، فالإنسان إذا كان يخشى ألا يقوم آخر الليل فالسنة له أن يوتر في أول الليل، وإذا قام آخر الليل يسر الله له القيام صلى ما يسر الله له ثنتين، أو أربعا أو أكثر، يسلم من كل ثنتين، ولا يحتاج إلى وتر، الأول كاف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (2) » إذا يسر الله له القيام في وسط الليل، أو في آخره صلى ما تيسر ثنتين ثنتين، وكفاه الوتر الأول، والحمد لله.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (299) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679) .(10/177)
س: هل من الممكن قيام الليل بعد الوتر إذا أوتر أول الليل؟ لأنني قرأت في إحدى الكتب الإسلامية أنه لا صلاة بعد الوتر،(10/177)
واجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا. (1)
ج: لا حرج في ذلك، السنة أن يختم تهجده بالوتر، إذا قام في آخر الليل وأوتر، ثم بان له أنه قد بقي ليل فلا بأس أن يصلي، فلا حرج والحمد لله، فليصل ما تيسر له بعد الوتر، فالليل كله محل عبادة، ومحل تقرب إلى الله عز وجل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد الوتر، ثبت عنه أنه صلى ركعتين بعد الوتر يبين للناس جواز ذلك، وأنه لا حرج في ذلك.
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (355) .(10/178)
س: صلاة الوتر هل هي بعد صلاة العشاء مباشرة، أم بعد منتصف الليل؟ ذلك لأنني أصلي الوتر الساعة الحادية عشرة بعد الانتهاء من عملي، فهل لي أن أصلي التهجد قبل طلوع الفجر؟ لأنني سمعت أناسا يقولون: لا صلاة بعد الوتر. وأنا أصلي الوتر الحادية عشرة كما قلت لكم من قبل، قبل النوم لأنني أكثر الأيام لم أستيقظ إلا وقت صلاة الفجر. أفيدوني جزاكم الله خيرا. (1)
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (289) .(10/178)
ج: وقت الوتر يبتدئ من حين صلاة العشاء، يدخل وقت الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا وقت الوتر، والتهجد ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وإذا أوترت في جوف الليل، أو في آخر الليل يكون أفضل، وآخر الليل أفضل؛ وقت نزول الله في الثلث الأخير، أو في الوقت الرابع أو الوقت الخامس من الليل، أي السدس وقت صلاة داود عليه الصلاة والسلام، يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة صلاة داود -يعني النبي عليه الصلاة والسلام- إنه كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (1) » أو ينام النصف الأول، ثم يقوم السدس الرابع والخامس يتهجد، يقوم من الثلث الأوسط نصفه، ومن الثلث الأخير نصفه، وإن تهجدت الثلث الأخير فهو وقت عظيم فاضل، فيه نصفه من الثلث الأخير، مما كان يصلي فيه داود، والنصف الثاني من الثلث الأخير الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، ويقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2) » الخلاصة أن أفضل ما يكون التهجد
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .(10/179)
من مبدأ النصف الأخير إلى نهاية الليل، يعني السدس الرابع والسدس الخامس والسادس، يعني النصف الأخير؛ النصف الثاني، وإذا أوترت في أول الليل قبل أن تنام، ويسر الله لك القيام في آخر الليل فصل ما يسر الله لك، ويكفي الوتر الأول، وتصلي ما يسر الله لك ركعتين أو أكثر، تسلم من كل ركعتين، ولا تعيد الوتر، يكفي الوتر الأول، «وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس (1) » ؛ ليعلم الناس أنه لا حرج في ذلك. الأفضل أن يكون الوتر آخر الليل، يختم به صلاة الليل، لكن إذا أوتر في أول الليل أو في وسطه، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فإنه يتهجد ما يسر الله له، ويسلم من كل ركعتين، ولا يعيد الوتر، يكفي الوتر الأول والحمد لله.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أبي سلمة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، حديث رقم (25031) ، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، حديث رقم (1340) ، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، حديث رقم (471) ، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب وقت ركعتي الفجر والاختلاف على نافع، رقم (1781) .(10/180)
س: بالنسبة لقيام الليل هل صحيح أنه لا يصح للمصلي أن يصلي بعد صلاة الوتر مباشرة، ويجب النوم، ومن ثم الصلاة بعد ذلك؟ (1)
ج: لا حرج في الصلاة بعد الوتر، إذا أوتر الإنسان في أول الليل أو في أوسط الليل، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فإنه يصلي ما كتب
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (289) .(10/180)
الله له، ويكفي الوتر الأول، لا يعيد الوتر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (1) » وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه صلى بعد الوتر ركعتين (2) » ؛ ليبين للناس أنه لا حرج في ذلك، فالحاصل أنه إذا أوتر في أول الليل أو في وسطه، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فإنه يشرع له أن يصلي ما يسره الله له، ولا يعيد الوتر، بل يكفيه الوتر الأول والحمد لله.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679) .
(2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أبي سلمة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، حديث رقم (25031) ، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، حديث رقم (1340) ، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، حديث رقم (471) ، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب وقت ركعتي الفجر والاختلاف على نافع، رقم (1781) .(10/181)
س: يسأل السائل من جمهورية مصر العربية، ويقول: أنا - والحمد لله - قبل ما أنام أصلي أربع ركعات قيام الليل، وبعدها أصلي ركعتي شفع وواحدة وترا، فهل في هذا شيء غير مشروع؟ وبالأخص بالنسبة لركعة الوتر؛ لأنه عندنا في بلدنا أكثر الناس يصلون صلاة الوتر ركعة واحدة، أفيدونا سماحة الشيخ. (1)
ج: الأمر في هذا واسع، إن صليت في أول الليل أو في وسط الليل أو في آخر الليل كله طيب، النبي فعل هذا كله صلى الله عليه وسلم،
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (413) .(10/181)
أوتر في أول الليل، وأوتر في وسطه، وأوتر في آخره، واستقر وتره في السحر، عليه الصلاة والسلام، ولك أن توتر بثلاث أو بواحدة أو بخمس أو بسبع أو بتسع، أو بإحدى عشرة أو بثلاث عشرة، لكن تسلم من كل ثنتين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1) » ، يعني ثنتين ثنيتين، فإذا أوترت بواحدة مفردة كان هذا هو الأفضل، وإن سردت ثلاثا جميعا ولم تجلس في الثانية فلا بأس، ولكن الوتر بواحدة أفضل، تصلي كل ثنتين على حدة، ثم توتر بواحدة، سواء في وسط الليل أو في آخره أو في أوله، وإن صليت بعض التهجد في أوله، وبعض تهجدك في آخره كله حسن، ولا بأس به والحمد لله.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/182)
س: هل الأفضل أن نصلي بعد صلاة العشاء ركعتين، ثم نوتر بواحدة، أو نصلي خمسا؟ (1)
ج: كلما زدت فهو أفضل، والأفضل في البيت، تصليها كلها في البيت، تصلي الراتبة ثنتين، وتصلي ما تيسر واحدة وترا أو ثلاثا أو خمسا أو أكثر بعد راتبة العشاء، وإن أخرت إلى آخر الليل كان أفضل إذا تيسر ذلك.
__________
(1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (413) .(10/182)
س: السائل: ي. د، يقول: قال لي أحد الإخوة بأن صلاة الوتر بعد العشاء سنة، وإن تركتها لا شيء علي، وأنا بدأت أفعل ذلك، أفتونا في عملي مأجورين. (1)
ج: نعم سنة إذا كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل؛ لأن الرسول «أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والوتر قبل النوم (2) » والظاهر - والله أعلم - أن أبا هريرة رضي الله عنه يشق عليه القيام في آخر الليل؛ لأنه كان يدرس العلم في أول الليل، يدرس الحديث، فأوصاه النبي بالوتر أول الليل، وهكذا أبو الدرداء رضي الله عنه. أما من طمع أن يقوم آخر الليل فهو أفضل؛ لما جاء في الحديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (3) » أخرجه مسلم، هذا يدل على أنه إذا تيسر له القيام في
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (412) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/183)
آخر الليل فهو أفضل، النبي صلى الله عليه وسلم أوتر من أوله، ومن وسطه، ومن آخره، كله جائز والحمد لله، لكن إذا تيسر من آخر الليل فهو الأفضل.(10/184)
س: السائل من اليمن يقول: هل تصح صلاة الوتر بتشهد واحد، أم لازم علي أن آتي بالتشهد بعد الركعتين الأوليين، ثم أكمل بعد الثالثة؟ (1)
ج: السنة في التهجد بالليل السلام من كل ثنتين، هذا هو السنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2) » رواه الشيخان: البخاري ومسلم في الصحيحين، فإذا أراد الوتر أوتر بواحدة مفردة قبل الفجر، يقرأ فيها (الفاتحة) و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) ، هذا هو السنة، وإن أوتر بثلاث سردها فهذا هو السنة، لا يجلس في الثانية، بل يسردها كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، «ونهى النبي عن تشبيهها بالمغرب (4) » لكن يسردها لا يجلس بعد الثانية، بل يسرد الثلاث، ويجلس في
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (389) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(3) سورة الإخلاص الآية 1
(4) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب من أوتر بثلاث موصول به، برقم (5010) (3/31) ، والحاكم في المستدرك، في كتاب الوتر، برقم (1140) (1/447) .(10/184)
الأخيرة، ويتشهد في الأخيرة إذا أوتر بثلاث، ولكن كونه يسلم من الثنتين ويوتر بواحدة مفردة يكون هذا هو الأفضل والأكمل؛ لأن هذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.(10/185)
س: السائل: إ. م، يقول: هل يوجد حديث ورد أن في الوتر صلاة تصلى مثل صلاة المغرب؟ (1) ج: لا، لم يرد، يكره، النبي «نهى عن تشبيهها بالمغرب (2) » لكن يصليها سردا ثلاثا مسرودة لا بأس، أو يوتر بواحدة وهو الأفضل، يسلم من الثنتين ثم يأتي بواحدة، هذا هو الأفضل، وإن سرد الثلاث سردا ولم يجلس إلا في الثالثة فلا بأس، أما أن يشبهها بالمغرب لا، يكره، ما ينبغي.
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (420) .
(2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب من أوتر بثلاث موصول به، برقم (5010) (3/31) ، والحاكم في المستدرك، في كتاب الوتر، برقم (1140) (1/447) .(10/185)
60 - حكم تخصيص سورة الأعلى، والكافرون والإخلاص في صلاة الوتر
س: هل ورد حديث في قراءة سورة (الأعلى) و (الكافرون) و (الإخلاص) في الشفع والوتر، وهذا في رمضان؟ وماذا يلزم الإمام في رمضان؟ هل يستمر في قراءة هذه السور يا شيخ؟ (1)
__________
(1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (404) .(10/185)
ج: هذا هو الأفضل، نعم، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «كان يقرأ في الثلاث الأخيرة بـ: (سبح) ، و (الكافرون) ، و: (2) » وإذا أوتر بثلاث؛ قرأ في الأولى بـ: (سبح) ، وفي الثانية بـ: (الكافرون) ، وفي الثالثة بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) ، هذا هو الأفضل، وإن قرأ بغيرها فلا حرج، الأمر واسع؛ لأن الله قال: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (4) ، وإذا سرد الركعات، سلم في كل ثنتين، ثم أوتر بواحدة فكل ذلك حسن، وإن لم يقرأ بـ: (سبح) ، المقصود أنه يصلي ثنتين ثنتين، ثم يوتر بواحدة، والأفضل في الواحدة أن يقرأ فيها بعد الفاتحة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5) ؛ تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولو قرأ بغير ذلك فلا حرج؛ لعموم قوله جل وعلا: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (6) ، وقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء: «ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن (7) » فالأمر في هذا واسع، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيما يقرأ به في الوتر، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيما يقرأ في الوتر، برقم (1173) .
(2) سورة الإخلاص الآية 1 (1) {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}
(3) سورة الإخلاص الآية 1
(4) سورة المزمل الآية 20
(5) سورة الإخلاص الآية 1
(6) سورة المزمل الآية 20
(7) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال: عليك السلام، برقم (6251) ، ومسلم كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في الركعة، حديث رقم (397) .(10/186)
س: تقول السائلة: سمعت أن الإنسان يقرأ في الشفع قبل الوتر سورة الأعلى في الركعة الأولى، ويقرأ في الثانية سورة الكافرون، فهل ما سمعت صحيح؟ (1)
ج: نعم، هذا هو الأفضل في الثلاث الأخيرة، يقرأ بـ: (سبح) في الأولى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (2) ، والثانية: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (3) ، والثالثة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) ، والأفضل يسلم من الثنتين، ثم يفرد واحدة، وإن جمع الثلاث سردها كلها سردا، ولم يجلس إلا في الأخيرة، وكل ذلك سنة، لكن الأفضل أن يسلم من الثنتين ثم يوتر بواحدة.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (291) .
(2) سورة الأعلى الآية 1
(3) سورة الكافرون الآية 1
(4) سورة الإخلاص الآية 1(10/187)
س: الأخ: م. ف. ف، من السودان يسأل ويقول: هل في صلاة الشفع والوتر يجب أن نقرأ سورا معينة بعد سورة الفاتحة، أم أنه يجب ما تيسر من القرآن فقط؟ (1)
ج: يشرع أن تقرأ ما تيسر، ولا يجب، الواجب الفاتحة فقط، أما ما زاد على الفاتحة فهو مستحب، تقرأ ما تيسر آيات أو سورا قصيرة أو طويلة، حسب ما تيسر لك في تهجدك في الليل، وفي النوافل في
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (165) .(10/187)
النهار، ليس في هذا شيء متعين، بل المتعين الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) ، أما ما زاد عليها فهو مستحب، وليس بمتعين والحمد لله، سواء كان سورة تقرؤها، أو تقرأ بعض الآيات.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 2(10/188)
س: الأخ: أ. أ، من حريملاء، سوداني يقول: هل يصح قراءة (المعوذتين) و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) في الوتر؟ وهل القراءة سرية أم جهرية؟ (2)
ج: إذا أوتر بالثلاث مستحب: (سبح) و: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (3) و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) ، يعني في ختام التهجد، إذا صلى الثلاث الأخيرة؛ الأولى بـ: (سبح) ، والثانية بـ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (5) ، والثالثة بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (6) ، هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، والسنة الجهر، لكن جهر لا يؤذي من حوله، إن كان حوله مصلون أو نيام أو قراء لا يؤذيهم جهرا خفيفا، أما إذا كان ما حوله أحد فلا بأس أن يجهر جهرا زائدا.
__________
(1) سورة الإخلاص الآية 1
(2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (423) .
(3) سورة الكافرون الآية 1
(4) سورة الإخلاص الآية 1
(5) سورة الكافرون الآية 1
(6) سورة الإخلاص الآية 1(10/188)
61 - حكم صلاة الوتر لمن جمع المغرب والعشاء جمع تقديم
س: عندما نصلي المغرب والعشاء جمعا هل نصلي الوتر مباشرة،(10/188)
أم لا؟ (1)
ج: نعم، إذا صلى المسلمون العشاء مع المغرب جمعا للمطر أو الوحل، أو صلى المسلم العشاء مع المغرب للمرض أو للسفر فإنه يصلي بعدها الوتر، يصلي سنة المغرب، ثم يصلي سنة العشاء، ثم يصلي الوتر ويتهجد، وإن كان في البلد يصلي التراويح، إذا جمعوا لأجل مشقة المطر، أو الوحل والطين، إذا صلوا العشاء مع المغرب مقدما صلوا بعدها التراويح والحمد لله.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (382) .(10/189)
س: السائل: ع. ع. يقول: كنت في سفر، وصليت المغرب والعشاء جمع تقديم، ثم صليت الوتر بعد ذلك، ولم يكن وقت صلاة العشاء قد حان، بين المغرب والعشاء، فهل صلاة الوتر في هذا الوقت صحيحة؟ (1)
ج: نعم، إذا صلى المسافر أو المريض المغرب والعشاء جمع تقديم دخل وقت الوتر بعد صلاة العشاء، ولو كان وقت المغرب باقيا، ما دام صلى المغرب والعشاء جمع تقديم في السفر، أو في المرض فإنه يوتر
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (435) .(10/189)
بعد ذلك ولو كان وقت المغرب باقيا.(10/190)
62 - حكم الإسرار والجهر في صلاة الوتر
س: هل صلاة الوتر القراءة فيها سرية أم جهرية؟ (1)
ج: جهرية، إلا إذا صلاها في النهار، إذا فاته الليل وصلى في النهار بدلا من صلاة الليل يسر؛ لأن صلاة النهار سرية إلا صلاة الفجر، فإنها جهرية وصلاة الجمعة جهرية، وصلاة الكسوف والاستسقاء جهرية، أما صلاة الوتر إذا قضاها فإنه يقضيها غير جهرية، كما يصلي صلاة الضحى غير جهرية، ومثلها راتبة الظهر غير جهرية، والسنة قبل العصر غير جهرية، لكن لا يصلي وترا، إذا فاته وتره من الليل، بل يصلي شفعا، هذه السنة مثل ما كان يصلي خمسا بالليل، وفاته بسبب النوم يصلي ستا في النهار بثلاث تسليمات، وإذا كان وتره سبعا صلى أربع تسليمات، والحكم واحد للرجال والنساء، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام عن وتره من الليل، أو شغله عنه مرض صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (2) » وكان وتره في الغالب إحدى عشرة.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (226) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .(10/190)
س: هل يصلح أن يجهر بسورة الفاتحة وسورة بعدها في صلاة الوتر؟ (1)
ج: السنة في صلاة الليل الجهر، في الوتر وغيره، ومن أسر فلا حرج، من جهر في الوتر وفي تهجده في الليل كان ذلك أفضل، كما يجهر في الأولى والثانية في العشاء، والأولى والثانية في المغرب، كل هذا مسنون مشروع، كان النبي يجهر عليه الصلاة والسلام وأصحابه يجهرون، فلا حرج في ذلك، لكن يكون جهرا لا يؤذي أحدا، إذا كان حوله مصلون أو حوله نيام لا يؤذيهم، بل يجهر جهرا لا يؤذي أحدا، وإذا كان سره أخشع لقلبه، وأقرب إلى تأثره بقراءته أسر، وإذا كان جهره أخشع لقلبه وأنفع له جهر، وبكل حال فالجهر مشروع والسر جائز، ولكن بشرط ألا يؤذي أحدا بالجهر.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (35) .(10/191)
63 - حكم صلاة الوتر جماعة في غير رمضان
س: مصري مقيم في حوطة بني تميم، يقول: ما حكم تأدية سنة الوتر بعد العشاء جماعة في غير رمضان؟ (1)
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (312)(10/191)
ج: لا حرج في ذلك، إذا أدى الجماعة صلاة الوتر في غير رمضان، لكن لا يتخذ ذلك عادة، إذا اتفقوا أو اجتمعوا في بيت أحد أو في أي مكان، وصلوا جماعة فلا بأس، أما اتخاذه عادة كل ليلة، يجتمعون لأداء الوتر هذا ليس بمشروع، إلا في رمضان، لكن إذا زار بعضهم بعضا، وصلوا في جماعة هذا حسن إن شاء الله، مثلما زار سلمان أبا الدرداء، وصلى معه جماعة في الليل رضي الله عنهما (1) ومثلما زار النبي صلى الله عليه وسلم جدة أنس، فصلى بأنس جماعة والمرأة خلفهم، كل هذا لا بأس به؛ لأنه ليس بمعتاد، أما عند الصدفة والزيارة يصلونها جماعة، لا بأس، أما اتخاذها عادة في كل شهر، أو في كل يوم، أو كل أسبوع فهذا غير مشروع.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع، برقم (1968)(10/192)
س: يقول: هل يجوز الوتر في جماعة؟ (1)
ج: إذا تيسر لا بأس، لكن من غير ترتيب إذا تيسر، زارهم وصلوا جماعة وترا، أو زاروه لا بأس، قد زار سلمان رضي الله عنه أبا الدرداء في بعض الليالي، وصلوا جماعة، وزار النبي صلى الله عليه وسلم أنس
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (384) .(10/192)
ابن مالك وجدة أنس بن مالك رضي الله عنهم، وصلوا جماعة، فإذا كان عند الزيارات لا بأس، أو اجتمعوا ورأوا أن يصلوا ركعتين فلا بأس، أما اتخاذ هذا راتبا فهذا غير مشروع إلا في رمضان في التراويح.(10/193)
64 - حكم شهادة من لا يصلي الوتر
س: يقول السائل: سمعت من إمام مسجد قريتنا أن من لم يصل الوتر لا تقبل له شهادة، هل هذا صحيح؟ (1)
ج: ليس بصحيح؛ لأن الوتر ليس بواجب، بل سنة، يروى عن أحمد رحمه الله، أنه قال في هذا المعنى: إن من لم يواظب على الوتر لا تقبل له شهادة. لكن في هذه الرواية نظر، ولو صحت عن أحمد لا يجوز العمل بها؛ لأن أحمد عالم يقول مثل ما يقول غيره، ويخطئ ويصيب وليس رسولا، بل هو عالم من العلماء، وإذا قال هو أو غيره من العلماء: إن فلانا لا تقبل شهادته. ينظر، فإن كان قوله صوابا أخذ به، وإلا فلا، والوتر ليس بواجب، فإذا كان الرجل معروفا بالاستقامة وليس من الفساق، ولكنه لا يوتر فلا يكون فاسقا بذلك؛ لأن الوتر ليس بواجب، بل هو سنة على الصحيح، فشهادته مقبولة، إذا كان معروفا
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (255) .(10/193)
بالعدالة والصدق فشهادته مقبولة، ولو كان يعرف بترك الوتر.(10/194)
65 – مسألة في الوتر
س: السائل يقول: أفيدونا عن صلاة القنوت وعدد ركعاتها. ولعله يقصد الوتر. (1)
ج: يقال عن صلاة الليل: صلاة الليل، صلاة التراويح. ما يقال: صلاة القنوت. القنوت دعاء يكون في الركعة الأخيرة يسمى قنوتا، الدعاء بعد الركوع في الركعة الأخيرة في الوتر يسمى قنوتا، ولا يقال له: صلاة القنوت. يقال: صلاة الليل، صلاة التراويح. المقصود صلاة الليل ليس لها حد محدود، إن أوتر بواحدة أو بثلاث أو بخمس أو بأكثر، لكن السنة أنه يسلم من كل ثنتين ثم يختم بواحدة، يوتر بواحدة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2) » يعني ثنتين ثنتين، «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (3) »
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (351) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/194)
س: تقول السائلة: ما كيفية قضاء الوتر في النهار إذا نام عنه صاحبه؟ لأنه بلغنا أن بعض العلماء يقول بقضاء الوتر. (1)
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (255) .(10/194)
ج: السنة أن يقضى الوتر، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله مرض أو نوم عن وتره من الليل صلى من النهار، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله عن وتره مرض أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (1) » وكان وتره في الغالب إحدى عشرة ركعة، فإذا شغله عنه شاغل صلى ثنتي عشرة، زاد واحدة، هذا هو السنة، أنه يقضي من النهار، ولكن شفعا لا وترا، يزيده ركعة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت عادته في الليل ثلاث ركعات تسليمة واحدة صلى من النهار أربع ركعات تسليمتين، وإذا كانت عادته خمس ركعات صلى من النهار ست ركعات ثلاث تسليمات، وإذا كانت عادته سبع ركعات من الليل صلى من النهار ثماني ركعات أربع تسليمات، وهكذا، وإذا كانت عادته إحدى عشرة ركعة، كفعل النبي صلى الله عليه وسلم من النهار ثنتي عشرة ركعة ست تسليمات، وإذا كانت عادته ثلاث عشرة صلى من النهار سبع تسليمات أربع عشرة، هذا هو الأفضل، وهو سنة نافلة ليس بواجب.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .(10/195)
س: نويت أن أستيقظ في منتصف الليل لأصلي الوتر، وعندما(10/195)
استيقظت مبكرا صليت قبل أن أصلي الوتر، لكن أخذني الوقت قبل أن أصلي الوتر فأذن الفجر، فهل أصلي الوتر بعد دخول صلاة الفجر، أو أصلي الفجر وأترك الوتر لما بعد الصلاة؟ (1)
ج: إذا أذن الفجر ولم يوتر الإنسان أخره إلى الضحى، إلى الضحى بعد ارتفاع الشمس، ثم يصلي ما تيسر، يصلي ثنتين وثنتين، فإذا كانت عادته ثلاثا ولم يصلها صلاها الضحى أربعا تسليمتين، وإذا كانت عادته خمسا فلم يتيسر له فعلها في الليل صلاها ستا في ثلاث تسليمات، هكذا كان عليه الصلاة والسلام في الغالب؛ يوتر بإحدى عشرة، فإذا شغله المرض أو نوم صلاها من النهار ثنتي عشرة ركعة، هكذا قالت عائشة رضي الله عنها، يعني صلاها ثنتي عشرة ركعة، يعني ست تسليمات، يسلم في كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشروع للأمة اقتداء به عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (158) .(10/196)
س: من فاته أن يصلي الوتر فهل يقضيه؟ ومتى يكون القضاء؟ وهل يقنت في القضاء؟ (1)
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (257) .(10/196)
ج: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله عن الوتر مرض أو نوم - كما قالت عائشة رضي الله عنها - صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة شفعا (1) » وليس فيه قنوت، فإذا نام عن الوتر، أو شغله شاغل سن له أن يقضي من النهار الضحى، هذا أفضل، وإن قضاه بعد الظهر فلا بأس، يصلي ركعتين ركعتين، ولا يوتر بل يشفع، فإذا كانت عادته خمسا صلى ست ركعات ثلاث تسليمات، وإذا كانت عادته سبعا صلى ثماني ركعات أربع تسليمات، وإذا كانت عادته إحدى عشرة ركعة، فعل النبي صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة ركعة كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الغالب من وتره إحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك بتسع وسبع - صلى الله عليه وسلم - وخمس وثلاث، لكن الأكثر والأغلب كان يوتر بإحدى عشرة، ويسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأغلب من فعله صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان إذا فاته من الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ست تسليمات، هذا هو الأفضل، وليس هناك قنوت، القنوت في الليل في الوتر، في الواحدة الأخيرة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .(10/197)
س: إذا أدركني وقت صلاة الفجر ولم أوتر بعد فمتى أصلي الوتر؟ (1)
ج: إذا أدرك المؤمن وقت الفجر ولم يوتر فإنه يصلي من النهار، فإذا صلى الضحى كان أحسن، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورده من الليل لمرض أو نوم صلى من النهار، تقول عائشة رضي الله عنها: «صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (2) » ؛ لأن ورده في الغالب إحدى عشرة ركعة، فإذا كان لم يفعل ذلك في الليل لمرض، أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، يعني جبره بواحدة، يعني زاد واحدة وصلى شفعا، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، وإذا كانت عادة الإنسان خمسا صلى ستا في النهار، في الضحى أو بعد الظهر، لكن إذا صلاه في الضحى قبل الظهر يكون أولى وأفضل؛ لحديث عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من نام عن حزبه أو شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل (3) » فإذا كان هذا حزبا من القرآن فإن حزبه من الصلاة، وعدده
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (241) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (747) .(10/198)
من الصلاة، إذا صلاها يكون قبل الظهر أفضل قياسا على حزبه من القرآن، وإن صلى ذلك بعد الظهر أدرك ذلك إن شاء الله.(10/199)
س: يسأل ويقول: إنسان تعود على أن يصلي الوتر في آخر الليل، ولكن في بعض الأيام لا يستيقظ إلا أذان الفجر، فهل يصليها بعد الأذان أو متى؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: يصليها في النهار والحمد لله، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله مرض أو نوم صلى من النهار، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان صلى الله عليه وسلم إذا شغله مرض، أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (2) » وكان وتره صلى الله عليه وسلم في الغالب إحدى عشرة ركعة، فإذا نام ولم يستيقظ، أو شغله مرض صلى من النهار ست تسليمات، ثنتي عشرة ركعة، والأفضل يكون في الضحى، هذا هو الأفضل، وإن صلاها بعد الظهر فلا بأس، وليس بواجب، هذا سنة مستحب.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (235) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .(10/199)
س: تقول السائلة: ما الحكم إذا تركت المرأة صلاة الوتر مع العشاء، على أمل أن تصليها عند قيام الليل، ولكنها أحيانا لا تقوم؟ فهل(10/199)
يصح أن تصليها مع صلاة الفجر؟ علما بأنها تقدم الوتر، ثم السنة، ثم الفريضة للفجر؟ فهل هذا العمل صحيح؟ (1)
ج: إذا فاتها قيام الليل وطلع الفجر تصلي من النهار بعد طلوع الشمس، تصلي الضحى ما فاتها من الورد من الليل، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورده من الليل لنوم، أو لمرض صلاه من النهار (2) » فالمرأة والرجل إذا ناما عن وردهما من الليل شرع لهما أن يصلياه من النهار قبل الظهر أفضل، وفي الحديث الصحيح: «من نام عن حزبه بالليل، ثم قضاه قبل الظهر فكأنما قرأه من الليل (3) » كما في حديث عمر رضي الله عنه، وهكذا إذا كان له ورد بالليل ثلاث ركعات، خمس ركعات، إحدى عشرة ركعة، ثم نام عنها أو مرض يصليها من النهار، وإذا تيسر أن يكون ذلك قبل الظهر كان أفضل وأكمل.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (403) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (747) .(10/200)
66 - حكم من نسي الوتر وتذكره في اليوم الثاني
س: إذا نسيت أن أصلي صلاة الوتر، وتذكرتها اليوم الثاني فهل(10/200)
أصليها، أم يجوز تركها؟ (1)
ج: سنة فات محلها، إن ذكرتها في الضحى، صلها الضحى، أو بعد الظهر، وإن مضى اليوم فهي سنة فات محلها، ولا قضاء؛ لأنه بعد ذهاب اليوم الذي بعد ليلته.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (167) .(10/201)
67 - حكم من نام عن الوتر ولم يستيقظ إلا بعد أذان الصبح
س: إذا قمت في يوم متأخرا بعد أذان الصبح، وأنا لم أصل الوتر هل أصلي السنة أم الوتر؟ (1)
ج: الوتر فات، تصلي من النهار ما يسر الله لك، فإذا كنت توتر بثلاث تصلي في النهار بتسليمتين، وإذا كانت عدد خمس ركعات تصلي في النهار ثلاث تسليمات ست ركعات، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته وتره من الليل لمرض أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة كما روي عن عائشة رضي الله عنها، وكان وتره في الغالب إحدى عشرة، فإذا فاته ذلك الوتر؛ إما لمرض أو نوم صلى من النهار
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (328) .(10/201)
ثنتي عشرة ركعة، أي زاد ركعة، ست تسليمات، هكذا السنة، إذا فاته ورده من الليل يصليه في النهار والحمد لله، وإذا قمت بعد طلوع الفجر، صل سنة الفجر، ثم الفجر والحمد لله.(10/202)
68 - حكم من نسي الوتر ولم يتذكر إلا بعد صلاة الظهر
س: هذه رسالة وصلت للبرنامج من مستمع يقول: من نام عن صلاة الوتر، ولم يذكر ذلك إلا بعد صلاة الظهر كيف يقضيها؟ (1)
ج: يقضيها شفعا، «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورد من الليل لمرض أو نوم قضاه من النهار شفعا (2) » كما قالت عائشة رضي الله عنها، يعني إذا كانت عادته من الليل ثلاثا يصلي من النهار أربعا تسليمتين، وإذا كانت عادته في الليل يوتر بخمس صلى من النهار ستا، يسلم من كل ثنتين، وإذا كان عادته إحدى عشر - كالنبي صلى الله عليه وسلم - صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة ست تسليمات، كما كان النبي يفعله عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل، وإذا لم يتيسر الضحى وصلاه بعد الظهر فلا بأس، لكن الأفضل يكون قبل الظهر.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (391) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .(10/202)
69 - الترغيب في المواظبة على الأعمال الصالحة
س: أقوم أشهرا طويلة بالمواظبة على صلاة الوتر، وأصلي بالليل، ولا أترك سماع القرآن وقراءته والاستماع إلى الأشرطة الدينية، وتأتيني فترات أترك ذلك كله، أو لا أداوم عليه، وأتراخى قليلا في ديني وذلك بعد الولادة وانقطاعي عن الصلاة وقراءة القرآن فترة النفاس، ثم أصحو من غفلتي وأعود للمواظبة، فماذا أفعل حتى لا أترك المواظبة على ديني؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: هذا لا حرج فيه، لأنها نوافل، هذه لا حرج فيها، لكن نوصيك بالجد والمواظبة وسؤال الله العون والتوفيق في جميع الأحوال؛ حتى لا يكون لك فترة، جاهدي وإلا فالإنسان محل النقص، ولكل شرة فترة، لكن الإنسان يجاهد، المؤمن يجاهد نفسه، والمؤمنة كذلك في لزوم الأعمال الصالحة والاجتهاد في أعمال الخير، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «إن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل (2) » فالمداومة على فعل الخير من الوتر في الليل، والإكثار من قراءة القرآن والنوافل والتسبيح
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (364) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب الجلوس على الحصر ونحوه، برقم (5862) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب ألا يخلي شهرا عن صوم، برقم (1958) واللفظ له.(10/203)
والتهليل والتحميد، كل هذا مطلوب، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة العناية بهذا الأمر والاستمرار فيه، والإكثار منه، وإذا عرض بعض الفترات بعض النقص فلا حرج في ذلك؛ لأنها كلها نوافل، والحمد لله.(10/204)
70 - بيان معنى القنوت
س: تقول السائلة: ما هو القنوت؟ أي: ما معنى القنوت؟ (1)
ج: القنوت له معان منها مواد الطاعة والخشوع، ومنها السكوت، لكن ورد في الوتر أن يأتي بدعوات بعد الوتر، علمها النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما إذا رفع من الركوع في الركعة الأخيرة التي يوتر بها، يقول بعد الركوع وبعد الذكر المشهور: ربنا ولك الحمد، إلى آخره. يقول: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت (2) » «اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (35) .
(2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178) .(10/204)
من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (1) » هذا المشروع في قنوت الوتر سواء أوتر في أول الليل أو أوسطه أو آخره، وهذا علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما، قال: «أعلمك كلمات تقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت (2) »
هذا نهاية خبر الحسن. وزاد في رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في وتره: «اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (3) » وإن زاد دعوات أخرى غير طويلة فلا بأس.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث رقم (486) .
(2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث رقم (486) .(10/205)
71 - حكم القنوت في الوتر
س: السائل: س. أ. يقول: ما حكم القنوت في صلاة الوتر، وهل(10/205)
يجب علي شيء إذا تركته؟ (1)
ج: مستحب وليس بواجب، من تركه فلا بأس، ومن فعله فهو مستحب.
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (387) .(10/206)
س: ما حكم قراءة دعاء القنوت في كل ليلة بعد الوتر؟ (1)
ج: لا حرج في ذلك، دعاء القنوت سنة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت، وقد علم الحسن القنوت وكلمات القنوت في الوتر، فهو سنة، فإذا قنت في ليلة فلا بأس، وإن تركت في بعض الأحيان حتى يعلم الناس أنه ليس بواجب فهذا لا بأس به، إذا ترك الإمام القنوت بعض الأحيان ليعلم الجماعة أنه ليس بواجب هذا لا بأس به، وإذا استمر فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم لما علم الحسن القنوت ما قال له: عه في بعض الأحيان؛ فدل ذلك على أنه إذا استمر فيه المسلم فلا حرج.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (29) .(10/206)
س: هل من لوازم صلاة الوتر القنوت؟ وهل ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى الوتر بدون قنوت؟ (1)
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (19) .(10/206)
ج: ليس من اللوازم القنوت، القنوت في الوتر مستحب، فالوتر مستحب والقنوت مستحب، وقد علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، فهو مستحب وليس بفرض، ولا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم داوم على القنوت، كما لا نعلم أنه تركه تارة وفعله تارة، لكن فعله الصحابة تارة وتركوه تارة، أبي بن كعب رضي الله عنه لما أم الناس في عهد عمر كان يتركه تارة ويفعله تارة، فلا حرج في تركه لأنه نافلة، إذا تركه بعض الأحيان فلا بأس.(10/207)
72 - حكم الزيادة على دعاء القنوت في رمضان
س: هل دعاء القنوت في رمضان محدد بدعاء معين أم تجوز الزيادة فيه؟ وما هو الأفضل في دعاء القنوت وخصوصا في رمضان؟ (1)
ج: دعاء القنوت على ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث الحسن رضي الله عنه: «اللهم اهدني فيمن هديت (2) » ويدخل فيه من الدعوات الطيبة ما يناسب كما كان عمر رضي الله عنه وأرضاه يقنت
__________
(1) السؤال السادس والخمسون من الشريط رقم (430) .
(2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178) .(10/207)
ويقول: «اللهم إنا نستعينك ونستهديك (1) » وكما كان يقنت في النوازل إذا دعا بدعوات مع: اللهم اهدنا فيمن هديت. كله حسن إن شاء الله، كما جرى للسلف رضي الله عنهم.
__________
(1) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، باب القنوت، حديث رقم (4978) (3/114) .(10/208)
س: تقول السائلة: ش. ع، من جدة: ما حكم دعاء القنوت في الوتر، هل هو واجب يوميا؟ (1)
ج: مستحب وليس بواجب، دعاء القنوت في النوازل وفي الوتر مستحب فقط، وإذا تركه بعض الأحيان فحسن.
__________
(1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (430) .(10/208)
73 - بيان محل القنوت
س: هل دعاء القنوت بعد الركعة الأخيرة أم قبلها؟ (1)
ج: السنة في الركعة الأخيرة بعد الركوع
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (217) .(10/208)
74 - بيان الحالات التي يشرع فيها القنوت، وحكم الزيادة فيه
س: ما هي الحالات التي يجوز فيها دعاء القنوت وما صيغته؟ وهل(10/208)
تجوز الزيادة عليه؟ (1)
ج: دعاء القنوت يشرع في الوتر كل ليلة، لقد جاء في حديث الحسن بن علي رضي الله عنه بيانه وهو: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني برحمتك شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت (2) » وفي حديث آخر لعلي رضي الله عنه زيادة: «اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (3) » وإذا دعا بزيادة فلا بأس، إذا دعا بدعوات طيبة بزيادة كله طيب، هذا قنوت الوتر، يسمى قنوت الوتر في الركعة الأخيرة الواحدة التي يوتر بها بعدما يرفع من الركوع، يرفع يديه ويقنت هذا القنوت، ويدعو بما يسر الله له من الدعاء، ويسمى قنوتا أيضا في النوازل كلها إذا نزل بالمسلمين نازلة، تعدى عليهم العدو، أو حصل عليهم شدائد فيدعون الله بتفريجها وإزالتها في الصلوات؛ الظهر
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (332) .
(2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث رقم (486) .(10/209)
والعصر والمغرب والعشاء والفجر، أو في بعضها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب إذا نزل به أمر قنت في الفجر، وربما قنت في الفجر والمغرب جميعا، وربما قنت في الصلوات الخمس كلها، وكان يقنت في المدينة، يدعو على كفار قريش لما أخرجوه وآذوه، ويدعو للمستضعفين من المسلمين في مكة أن الله يخلصهم من شر عدوهم وينجيهم، ولما تعدى بعض الأعراب على جماعة من أصحابه قنت يدعو عليهم شهرا عليه الصلاة والسلام.(10/210)
75 - بيان الدليل على مشروعية القنوت في الوتر
س: هل للقنوت في الوتر على الطريقة المعروفة أصل؟ وما هو الدليل؟ (1)
ج: نعم القنوت سنة في الوتر من الليل، وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنه، وتعليم النبي صلى الله عليه وسلم لشخص من الصحابة تعليم للأمة كلها - عليه الصلاة والسلام - فالقنوت سنة فينبغي للمؤمن إذا صلى الركعة الأخيرة الواحدة إذا رفع رأسه من الركوع أن يرفع يديه ويقنت، يدعو: اللهم اهدني فيمن هديت
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (165) .(10/210)
وما يتيسر معه من الدعاء، ثم يسجد، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وكما فعله الصحابة.(10/211)
س: سائل يقول: هل دعاء القنوت في الوتر واجب؟ (1)
ج: دعاء القنوت مستحب ليس بواجب، فلو أوتر ولم يقنت فلا بأس، لكن كونه يقنت مستحب.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (28) .(10/211)
76 - بيان حكم الإيتار بثلاث ركعات
س: أعرض عليكم عملي هذا، وأرجو أن توجهوني، إنني أصلي العشاء، ثم أصلي بعده ركعتين، ثم أصلي ركعتين بتسليمة واحدة، ثم أصلي ركعة وأرفع يدي وأدعو بصوت مرتفع قليلا، هل ما أفعله صحيح؟ (1)
ج: نعم، كله صحيح وطيب، لكن الصوت مثل ما تقدم إذا كان ما عندها رجا أجنبي فلا بأس، ارفعي الصوت بقدر ما ينشرح صدرك له ويحصل به النشاط وحركة القلب والخشوع، أما إذا كان عندك أجانب فخفضه أفضل.
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (227) .(10/211)
77 - بيان حكم الاستمرار على القنوت في الوتر كل ليلة
س: سمعت أن القنوت ليس ضروريا أداؤه باستمرار في صلاة الوتر إلا أنني أرتاح في أدائه؟ فهل يجوز ذلك أم لا؟ (1)
ج: القنوت ليس بواجب، بل هو مستحب، فإذا تركه المؤمن أو المؤمنة بعض الأحيان فلا بأس، ولكن استعماله دائما أولى وأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علم ابن بنته الحسن بن علي رضي الله عنهما ذلك، علمه أن يقول في الوتر ولم يقل له: في بعض الأحيان، بل علمه ما يدل على أنه يلزمه ويفعله في جميع الأوقات، وأن يقول: «اللهم اهدني فيمن هديت (2) » إلى آخره. يكون الإنسان يأتي بالقنوت في الوتر في السنة كلها، هذا طيب على أصح أقوال العلماء، ولا بأس، وإن ترك بعض الأحيان فلا حرج، المقصود أنه سنة ليس بواجب، والمحافظة عليه دائما أفضل وأولى في ظاهر حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما، والصحابة يفعلونه تارة ويتركونه تارة رضي الله عنهم، فالأمر واسع بحمد الله، لكن المحافظة عليه في ظاهر الحديث الصحيح أولى وأفضل.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (265) .
(2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178) .(10/212)
78 - بيان محل القنوت وحكم من تركه
س: أنا عندما أصلي الشفع وأوتر في بعض الأحيان لا أدعو بعد الركوع من الوتر، فقط أسجد ثم أسلم، هل صلاتي صحيحة أم أن هناك غير ذلك؟ وهل يجوز لي أن أدعو بعد التشهد من الوتر بدلا من كوني أدعو بعد الركوع؟ أفتوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: القنوت مستحب في الوتر وليس بواجب، لكن يستحب لمن حفظه أن يقنت في الوتر بعد الركوع في الركعة الأخيرة الواحدة التي يوتر بها في أول الليل أو في آخره، يقنت بقوله: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت ... (2) » إلخ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علمه ابن بنته الحسن رضي الله عنه، وتعليم النبي للواحد تعليم للجميع، فإذا تيسر ذلك فهو أفضل وإلا فلا حرج والحمد لله، هذا كله ليس بواجب، وإذا دعا الإنسان بعد التشهد قبل أن يسلم فهذا مستحب، الدعاء في آخر التحيات قبل أن يسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم علم الصحابة لما علمهم التشهد قال صلى الله عليه وسلم: «ثم يتخير من
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (303) .
(2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178) .(10/213)
الدعاء أعجبه إليه فيدعو (1) » وفي اللفظ الآخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (2) » وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في صلاته في آخر التحيات قبل أن يسلم بعد التشهد وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، ويستحب أنه يقرأ التحيات ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يتعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال ثم يدعو بما يسره الله من الدعوات الطيبة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (3) » «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (4) » هذا دعاء عظيم، كذلك الدعاء مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402) .
(3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21621) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522) والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء، برقم (1303) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834) ، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705) .(10/214)
فتنة الدنيا ومن عذاب القبر (1) » كل هذا قبل السلام، مستحب قبل أن يسلم، يجتهد في الدعاء، ومن أفضل ذلك ما تقدم: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. للرجل والمرأة: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بالله من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ومن عذاب القبر. ومن الدعاء أيضا في آخر الصلاة قبل السلام: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت. كل هذا حسن، دعوات في آخر الصلاة قبل السلام، وأما القنوت فهو مستحب في الوتر في الركعة الأخيرة بعد الركوع، وإن ترك ذلك فلا حرج عليه.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من فتنة الدنيا، برقم (6390) .(10/215)
79 - بيان معنى الاعتداء في الدعاء
س: يقول السائل: سماحة الشيخ حفظكم الله، ما معنى الاعتداء في(10/215)
الدعاء وما أمثلته (1) ؟
ج: الاعتداء أن يدعو بدعاء غير جائز، ومنه رفع الصوت الذي ليس بمشروع في غير القنوت، كونه يدعو بينه وبين نفسه هذا هو الأفضل، أما القنوت الذي يرفع صوته لأن وراءه المأمومين يسمعون، أما إذا كان وحده فالسنة خفض الصوت بالدعاء، والدعاء بالدعوات الطيبة، أما أن يدعو دعاء ما يجوز هذا من الاعتداء، مثل أن يقول: اللهم افعل بفلان، اللهم اقتل فلانا، اللهم أفقره، اللهم سلط عليه - بغير حق - هذا من الاعتداء.
__________
(1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم (430) .(10/216)
80 - مسألة في سنية القنوت في الوتر والنوازل
س: الأخ: ح. م. ع. د، من اليمن الشمالي، يسأل عن القنوت يقول: إن البعض يقنت لدينا في اليمن الشمالي، والبعض الآخر يقول: إنه بدعة، ما هو القول الراجح في هذا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: القنوت السنة أن يكون في الوتر، وهكذا في النوازل إذا نزل بالمسلمين نازلة، مثل نزول الكفار على إخواننا المسلمين هذا يقنت لهم بالدعاء أن الله يعينهم، وأن الله يمنحهم التوفيق، وأن الله يسدد
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (124) .(10/216)
سهامهم، وأنه ينصرهم على عدوهم، يدعى على الأعداء بأن الله يهزم جمعهم، ويشتت شملهم، هذا يقال له قنوت النوازل، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على قريش لما صدته عن البيت، ودعا على قبائل من الكفار قتلوا بعض المسلمين، هذا لا بأس به، أما قنوت الداعي في الصبح هذا الذي ينبغي تركه؛ لأن الأصل عدم شرعيته، وإنما القنوت في صلاة الوتر أو في النوازل، هذا هو المعروف، والحجة في ذلك ما ثبت عن سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي رحمه الله أنه قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون الفجر؟ فقال: أي بني محدث (1) » أخرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح. فأخبر طارق أنه محدث والمحدث بدعة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا بأس في ذلك، واحتجوا بآثار وردت في ذلك أن النبي
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/217)
صلى الله عليه وسلم قنت في الصبح، ولكنها آثار ضعيفة، ولو صحت لكانت محمولة على القنوت في النوازل لا دائما، وهذا هو الأرجح، لكن لو صليت مع إنسان يقنت فلا بأس لأنه متأول، واتبع جماعة من الأئمة رأوا ذلك، فإذا صليت معه فلا حرج في أن تقنت معه؛ لأنه له شبهة، ولأن له قولا من أقوال العلماء قد اتبعه وأخذ به فله شبهة، إذا قنت وصليت معه فلا حرج، ولكن ينصح هذا الإمام أنه لا يقنت إلا في النوازل.(10/218)
81 - حكم التأمين على دعاء القنوت المسجل أثناء صلاة الوتر
س: إذا قمت الليل ووصلت إلى الوتر، هل يجوز أن أستمع إلى القنوت المسجل على أحد الأشرطة لأحد الأئمة، وأؤمن عليه وأنا في أثناء تأدية الوتر؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: السنة لك أن تقنت أنت، لا تسمع الشريط، تقنت أنت إذا يسر الله بما تيسر من الدعوات ولو قليلة، يكفي والحمد لله، والقنوت ليس بلازم، لو أوترت من دون قنوت لا بأس وإن قنت بكلمات قليلة: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (344) .(10/218)
لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت. كفى، وإن زدت: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. أو زدت غير ذلك فلا بأس مما يقنت به إخوانك المسلمون، المقصود إذا دعوت بدعوات طيبة في القنوت مختصرة كفى، أما أن يعتمد الإنسان على شريط مسجل يستمع إليه فلا ينبغي هذا.(10/219)
82 - حكم مسح الوجه بعد دعاء القنوت
س: هل من السنة الدعاء بعد الصلاة والمسح على الوجه؟ لأنني أرى بعض الناس يفعلون ذلك، وما حكم هذا العمل بعد القنوت؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: ورد في مسح الوجه أحاديث فيها ضعف حسنها جماعة من أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر، قال: إن طرقها يشد بعضها بعضا، وإنها حسنة. فإن مسح فلا بأس، أما الأحاديث الصحيحة فليس فيها مسح، وقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة واستسقى ولم يمسح، وكذلك استسقى في صلاة الاستسقاء ولم يمسح، ولم ينقل أنه مسح
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (344) .(10/219)
عليه الصلاة والسلام، وإن ترك فهو أفضل، وإن مسح فلا حرج إن شاء الله؛ لأن الأحاديث مجموعها حسن كما قال الحافظ ابن حجر.(10/220)
83 - حكم قول: " اللهم إنا نسألك بعزك الذي لا يرام ... " في القنوت
س: السائل: ع. ع، يقول في سؤاله: كثيرا ما يردد في أدعية أئمة المساجد قولهم في دعاء القنوت: اللهم إنا نسألك بعزك الذي لا يرام، وبركنك الذي لا يضام، وبنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات. فهل هذا الدعاء جائز بهذه الصيغة (1) ؟
ج: لا بأس؛ فإن ركنه لا يضام، وعزه لا يرام، كل الناس عزهم دون عزه سبحانه وتعالى، كلهم ضعفاء لديه، وهو القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، ونور وجهه أشرقت له الظلمات، له نور السماوات والأرض، سبحانه وتعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (2) هو الذي نورهما، وأقام الشمس وأقام القمر نورا للعباد، وكل شيء من عنده جل وعلا، فهو منورهما، وهو مسخر الشمس والقمر ومسخر النجوم، هو الذي أعطانا مادة النور سبحانه وتعالى السراج الذي ننور به المادة التي
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (389) .
(2) سورة النور الآية 35(10/220)
تجعل في السراج حتى ينور، كل هذا من فضله سبحانه وتعالى، فهو الذي نور العباد، ويسر لهم الأرزاق، وهو الذي بيده تصريف الأمور جل وعلا، فلا يضام عزه ولا ملكه سبحانه وتعالى، وهو القاهر فوق عباده، وكلهم تحت قهره، وكلهم تحت قدرته، وكلهم تحت عزه سبحانه وتعالى، وكلهم في قبضته.(10/221)
84 - بيان معنى عبارة " ولا تجعل مصيبتنا في ديننا "
س: في دعاء القنوت يقول مثلا الإمام: ولا تجعل مصيبتنا في ديننا. كيف تكون المصيبة في الدين (1) ؟
ج: إذا نزل بالمسلمين ما يضرهم صارت مصيبة في الدين إذا نزل به ما يضره في دينه، لتسليط الأعداء عليه، أو ابتلائه بالمعاصي والشرور، أو بالردة عن الإسلام - نسأل الله العافية - هذه المصيبة في الدين، إما أن يبتلى بولاة سوء، أو بكفرة يصدونه عن دينه، أو بهوى وشهوة تصده عن دينه، أو بجلساء سوء يصدونه عن دينه، نسأل الله العافية.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (379) .(10/221)
85 - حكم رفع اليدين في دعاء القنوت
س: في أدائي لصلاة الوتر فإنني عند دعاء القنوت أرفع يدي، فهل هذا الرفع يجوز أم لا (1) ؟
ج: نعم، مستحب رفع اليدين في القنوت، مستحب فلا بأس به في حق الرجل والمرأة جميعا.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (265) .(10/222)
86 - حكم من نسي القنوت في الوتر
س: يقول السائل: في بعض الأحيان أنسى قراءة دعاء القنوت في صلاة الوتر، فهل أكمل الصلاة أم أصليها مرة أخرى (1) ؟
ج: ليس بلازم، دعاء القنوت مستحب، لو رفع رأسه من الركعة الأخيرة الوتر ثم سجد ولم يقنت فلا بأس، القنوت مستحب فقط، ليس بلازم، ولو فعله بعض الأحيان وتركه بعض الأحيان فلا بأس، القنوت مستحب وليس بواجب.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (416) .(10/222)
س: ما حكم من نسي القنوت في صلاة الوتر، وسجد قبل أن يدعو به، وهل يجبره سجوده السهو (1) ؟
ج: ليس عليه شيء، من نسي قنوت الوتر فلا شيء عليه، ولا يلزمه سجود السهو، وإن سجد فلا بأس، ولكن لا يلزمه؛ لأن قنوت الوتر مستحب وليس بواجب، وإذا تركه بعض الأحيان عمدا فلا بأس كما فعله الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فالأمر في هذا واسع والحمد لله.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (72) .(10/223)
87 - بيان مشروعية القنوت في الصلوات الخمس عند النوازل
س: هل القنوت بسبب النوازل يجوز في الظهر والعصر، وهل يكون جهرا (1) ؟
ج: نعم، القنوت في النوازل يجوز في جميع الأوقات الخمسة، قد قنت الرسول صلى الله عليه وسلم في الأوقات الخمسة في النوازل، والغالب أنه يقنت في الفجر والمغرب عليه الصلاة والسلام، فإذا قنت في الفجر كفى، أو في الفجر والمغرب كفى، وإن قنت في الجميع فلا بأس، والنوازل هي ما يصيب المسلمين من الحروب التي تضرهم، فقد
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (329) .(10/223)
قنت النبي صلى الله عليه وسلم على أحياء من العرب تعدوا على المسلمين، قنت عليهم شهرا يدعو عليهم ثم ترك، وقد كان يقنت قبل الفتح يدعو على أشخاص من أهل مكة، ويدعو للمستضعفين في مكة عليه الصلاة والسلام، فالقنوت في النوازل مشروع في جميع الأوقات، ولكن إذا خص من ذلك المغرب والفجر فهذا هو الغالب من فعله عليه الصلاة والسلام.(10/224)
88 - بيان حكم دعاء القنوت في صلاة الصبح والوتر
س: إن أناسا يدعون بدعاء القنوت في الركعة الثانية من الصبح، وأناس آخرون يدعون في الركعة الثالثة من الوتر؛ لأنهم يصلون الوتر ثلاثا، ولكنهم يقولونه بعد الرفع من الركوع، فمن هم الذين على الطريق الصحيح؟ نرجو إفادتنا (1)
ج: الوتر مشروع، ويشرع فيه القنوت، ومحله ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر - يعني جميع الليل من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر - هذا محل الوتر، فإذا صلى واحدة ورفع من الركوع شرع له أن
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (105) .(10/224)
يدعو بقنوت: اللهم اهدنا فيمن هديت ... إلخ. وإن صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك فإنه يصلي الركعة الأخيرة وحدها ويسلم في كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1) » فإذا خشي طلوع الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى، فيصلي ركعتين ركعتين ويسلم، ثم إذا أراد النهاية صلى واحدة قبل الصبح يقرأ فيها الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2) ويقرأ معها: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) هذا هو الأفضل، وإن قرأ بعد الفاتحة غير: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) فلا بأس، لكن الأفضل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5) ثم يركع، ثم يرفع بعد ذلك فيقول: سمع الله لمن حمده إذا كان إماما أو منفردا، ربنا ولك الحمد، ثم يقنت: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني ... إلخ. وإن كان إمام جماعة قال: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا ... إلخ.
أما الفجر فلا يشرع فيها القنوت إلا لعلة، لنازل من النوازل في الفجر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت فيها وفي غيرها من الفرائض
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(2) سورة الفاتحة الآية 2
(3) سورة الإخلاص الآية 1
(4) سورة الإخلاص الآية 1
(5) سورة الإخلاص الآية 1(10/225)
في النوازل إذا وقع عدوان من بعض الناس على المسلمين، أو حصروا بلاد المسلمين، كان النبي يقنت في الفرائض يدعو عليهم، والغالب أنه يقنت في الفجر في الركعة الأخيرة بعدما يرفع رأسه من الركوع، يقنت ويدعو على العدو، وقد فعل هذا كثيرا عليه الصلاة والسلام، وربما استمر شهرا، وربما استمر أربعين يوما، وربما كان ذلك أقل، ثم يمسك ولا يستمر، فإذا دعا الإنسان أو المسلمون في صلاة الفجر أو غيرها في الركعة الأخيرة بعد الركوع، إذا دعوا للمسلمين مثل المجاهدين دعوا لهم بالنصر وعلى عدوهم بالهزيمة فلا بأس، لكن لا يستمر تارة وتارة حتى يحصل النصر، أما ما يفعله بعض الناس من الاستمرار في القنوت في الفجر دائما دائما ولو من دون نزول نازلة فهذا مكروه ولا ينبغي، بل هو بدعة على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله بصفة مستمرة، وإنما كان يفعله للأسباب التي ذكرنا، وهي وجود نازلة تنزل بالمسلمين تضرهم، ويدل على هذا المعنى ما ثبت في الحديث الصحيح في رواية سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي رحمه الله عن أبيه رضي الله عنه أنه قال لأبيه طارق: «يا أبت، صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي رضي الله عنه. قال: أكانوا يقنتون(10/226)
الفجر؟ فقال له أبوه: أي بني، محدث (1) » أي بني: يعني يا بني، محدث: يعني القنوت محدث في الفجر، يعني من غير النوازل، قد رواه أحمد رحمه الله في مسنده والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم بإسناد صحيح عن سعد بن طارق الأشجعي.
فهذا الحديث الصحيح حجة ظاهرة على عدم شرعية القنوت في الفجر بصفة مستمرة، وإنما يشرع في الفجر وغيرها إذا وجد أمر نازل بالمسلمين فلا بأس أن يدعى، بل يشرع أن يدعى بين وقت وآخر، هذا هو المشروع، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يستحب في صلاة الفجر مطلقا، وهو قول له شبهة في قنوت النبي صلى الله عليه وسلم في النوازل فظنوا أنه يستحب دائما، وتعلقوا بأحاديث ضعيفة جاءت فيه، أنه لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا، ولكنها أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فظنها من ظن أنها صحيحة فعمل بها فينبغي ترك ذلك؛ لأن حديث سعد بن طارق عن أبيه صحيح صريح في ذلك، فينبغي للأمة في مثل هذا ألا يفعلوه إلا بصفة خاصة في النوازل.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/227)
89 - حكم المداومة على القنوت في الوتر
س: يقول هذا السائل في سؤاله: ما هو حكم دعاء القنوت، وهل يجب أن يواظب عليه في صلاة الوتر أم لا، وكذلك حكمه في صلاة الفجر (1) ؟
ج: القنوت مستحب في صلاة الوتر وليس بواجب، قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال للحسن بن علي أن يقنت في وتره، بقوله: «اللهم اهدنا فيمن هديت (2) » إلى آخره. فالقنوت مستحب وليس بواجب، فلو أوتر ولم يقنت فلا شيء عليه، أما قنوت الفجر فلا يستحب وليس بمشروع إلا إذا كان للنوازل؛ لما ثبت عن سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي أنه قال لأبيه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (3) » لكن ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قنت في النوازل في الفجر وفي غيرها، إذا نزل
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (397) .
(2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178) .
(3) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/228)
بالمسلم نازلة عدو قنت يدعو على العدو بعد الركوع في الركعة الأخيرة في الفجر وغيرها، يدعو على المشركين إذا آذوا المسلمين، قتلوهم أو قاتلوهم، فقد دعا على جماعة كثيرة من أهل الشرك، وقنت على قوم شهرا يدعو عليهم، فالقنوت في النوازل أمر مشروع ضد الكفار المعتدين، أما أن يقنت الفجر من دون حاجة ومن دون وجود نوازل لا، فلا يشرع هذا، هذا هو الصحيح، والنوازل هي ما ينزل بالمسلمين من العدو، لعدو حاصر بلد المسلمين، أو يقاتلهم، هذا يدعى عليهم في الصلوات بعد الركعة الأخيرة بعد الركوع، يدعو عليه ولي الأمر، يأمر عليهم أن يدعو عليه في المساجد والمأمومون يؤمنون: اللهم اقتلهم، اللهم اكفنا شرهم، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك. بالدعوات التي مضمونها الدعاء بالنصر للمسلمين والهزيمة للكافرين.(10/229)
90 - حكم القنوت في صلاة الفجر وحكم الصلاة خلف من يفعله
س: السائل يقول: ما حكم الإسلام في القنوت في صلاة الفجر؟ وهل تجوز الصلاة خلف الأئمة الذين يقنتون؟ وبم نرد على من يقول: إن ذلك هو مذهب الشافعي، حيث يتهموننا بأننا نبدع الشافعي (1) ؟
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (207) .(10/229)
ج: الخلاف مشهور في القنوت، بعض أهل العلم رأى أنه يستحب في صلاة الفجر دائما، وبعض أهل العلم قال: لا يستحب إلا في النوازل، إذا حدث حادث بأن قامت حرب ضد المسلمين يقنت المسلمون في الصلاة يدعون على العدو الذي حدث ضرره على المسلمين كما قنت النبي في النوازل؛ فإنه قنت صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على رعل وذكوان، فريق من العرب اعتدوا على بعض أصحابه عليه الصلاة والسلام، فالقنوت في النوازل سنة مشهورة معروفة.
أما القنوت في الفجر دائما فالأفضل تركه؛ لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصديق وعمر وعثمان وعلي أنهم كانوا لا يقنتون في الفجر. قال سعد بن طارق الأشجعي: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (1) » فهذا يدل على أن السنة تركه إلا من حادث، إذا حدث حادث من الحوادث فهذا يقنت في النوازل، أما الاستمرار فالأفضل تركه، والأولى تركه لهذا الحديث الصحيح، ومن قنت من الأئمة في الفجر كالشافعية وغيرهم ممن قنت في الفجر فقد احتجوا بأحاديث
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/230)
وردت في ذلك أنه قنت في الصبح عليه الصلاة والسلام، مثل حديث أنس وأنه داوم على ذلك، ولكنها أحاديث ضعيفة، التي فيها المداومة ضعيفة، وإنما قنت في النوازل في الفجر وغيره عليه الصلاة والسلام، وهذا هو المعتمد والأفضل ألا يقنت في الفجر إلا في النوازل، وهكذا في المغرب والعشاء في النوازل، وفي الظهر والعصر في النوازل.
أما الدوام على قنوت الفجر فالأولى تركه، الذي ينبغي تركه لحديث سعد بن طارق الذي سمعت، وإذا صليت مع أناس يقنتون فلا حرج لأنهم قد تبعوا بعض الأئمة، ولهم شبهات في بعض الأحاديث التي فيها ذكر القنوت، فالأمر في هذا واسع إن شاء الله، إلا أن تركه هو الأولى، وهو الذي ينبغي عملا بالحديث الصحيح الذي سمعت وهو أنه محدث، يعني الاستمرار، أما فعله للنوازل فلا بأس، ويعلمون أن هذا ليس تبديعا للشافعيين ولكن من باب تحري الأرجح من الأقوال؛ لأن من قال: إنه بدعة، احتج بحديث طارق بن أشيم الأشجعي. ومن زعم أنه سنة ومستحب احتج بأحاديث أخرى فيها ضعف، والأخذ بالشيء الثابت الصحيح أولى وأحق عند أهل العلم مع عدم التشنيع على من قنت، فإن هذه المسألة مسألة خفيفة لا ينبغي فيها التشنيع والنزاع، وإنما يتحرى فيها الإنسان ما هو الأفضل والأقرب للسنة.(10/231)
91 - بيان حكم القنوت في صلاة الفجر
س: يقول السائل: ما حكم القنوت في صلاة الفجر (1) ؟
ج: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء، والأحاديث التي يذكرها بعض العلماء بأنه كان يقنت في الفجر ضعيفة، وقد حملها ابن القيم لو صحت أن المراد بذلك طول الوقوف، يعني القنوت طول القيام، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل وقفته بعد الركوع بعض الشيء في الركعة الأخيرة من الفجر، ولكن الأحاديث ضعيفة وإنما كان يقنت في الوتر في قنوت الوتر.
وهكذا كان يقنت في النوازل إذا نزلت نازلة يقنت في الصبح وفي غيرها، إذا نزل مثلا حرب على المسلمين أو ناس تعدوا عليهم مثل قطاع الطريق أو غير ذلك شرع القنوت في الفجر وفي غيرها.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (288) .(10/232)
92 - حكم المداومة على القنوت في الفجر
س: يقول السائل: هل من السنة المداومة على القنوت في صلاة الفجر (1) ؟
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (247) .(10/232)
ج: السنة في صلاة الفجر عدم القنوت، لا ينبغي القنوت، لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم القنوت في صلاة الفجر، وإنما كان القنوت في الوتر خاصة في الليل، لكن يستحب القنوت في النوازل خاصة، إذا نزل بالمسلمين نازلة، فإن المسلمين إذا حدثت حادثة دعوا على المتسبب وقنتوا في مساجدهم في المغرب والفجر وغيرهما، وأجاب الله دعوتهم، وشتت شمل الأعداء، وأرغم أنوفهم بحمده وفضله، فنسأل الله أن يمن على المسلمين بشكر نعمته سبحانه وتعالى، وأن يوفق المسلمين بالقيام بحقه والثبات على دينه، والاستقامة على طاعته، وأن يشتت شمل الظالمين والقضاء على جيوشهم، وردع الظالم عن ظلمه وتبديد شمله، فهذا من نعم الله العظيمة التي يسرها للمسلمين، فالواجب شكرها والثبات على الحق، والتعاون على البر والتقوى، والواجب على جميع المسلمين في كل مكان أن يشكروا الله دائما على نعمه العظيمة، وأن يشكروه سبحانه على نعمة النصر للمظلومين على الظالمين، فإنها والله نعمة عظيمة يسرها الله جل وعلا على يد الجيوش حتى نفع الله بهم وهزم بهم الظالم وأرغم أنفه، وأخرجه مقهورا ذليلا، وفرق جمعه وشتت شمله والحمد لله على ذلك، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمن عليهم بالشكر وأن يوفق المسلمين لطاعته(10/233)
والاستقامة على دينه، وشكر الله على إنعامه بفعل ما أمر وترك ما نهى سبحانه وتعالى، وأن يوفق جميع حكام المسلمين بتحكيم شريعة الله والحكم بها بين المسلمين في جميع الشؤون كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (1) ، ويقول سبحانه في كتابه العظيم: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (2) ، ويقول جل وعلا: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (3) ، ويقول: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (4) ، ويقول: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (5) فالواجب الحكم بشريعة الله، وعلى جميع الحكومات الإسلامية الحكم بشريعة الله، وألا يتجاوزوها إلى غيرها، فلا يجوز الحكم بالأنظمة التي وضعها الرجال، بل يجب أن يحكم شرع الله في عباد الله، وفي ذلك السعادة والنجاة في الدنيا
__________
(1) سورة النساء الآية 65
(2) سورة المائدة الآية 50
(3) سورة المائدة الآية 44
(4) سورة المائدة الآية 45
(5) سورة المائدة الآية 47(10/234)
والآخرة، وفي ذلك المصلحة العظيمة والعاقبة الحميدة للحكام والشعوب جميعا، أما الأنظمة التي لا تخالف الشرع فلا بأس، الأنظمة والقوانين الموافقة لشرع الله فلا بأس يحكم بها لأنها وافقت شرع الله، أما النظام المخالف لشرع الله فلا يجوز الحكم به ولا التحاكم إليه، ويجب على المسلمين إقامة الحدود الشرعية على مستحقيها، وإلزام الناس بأمر الله وردعهم عن محارم الله، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، هذا يجب على ولاة الأمور أينما كانوا، يجب على ولاة أمر المسلمين أن يحكموا شرع الله، وأن يستقيموا عليه، وأن يحافظوا عليه، وأن يلزموا الشعوب به، وأن يأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر، وبذلك تحصل لهم السعادة في الدنيا والآخرة، والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، والفوز بالجنة والنجاة من النار، ولقد من الله على المسلمين في هذه الأيام القليلة بالنصر المؤزر، وتظهر بلاد المسلمين من رجس الظالم، وتحريرها بحمد الله، فهذه من نعم الله العظيمة، ومن شكر الله على هذه النعمة الاستقامة على طاعته والمحافظة على دينه، والتواصي بالحق والصبر عليه، والتعاون على البر والتقوى، ونسأل الله أن يجمع المسلمين على ذلك ويصلح قلوبهم وأعمالهم، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفقهم لما يرضيه ولما يقرب لديه، وأن يصلح(10/235)
قادتهم ويوفق حكامهم لكل خير، كما أسأله سبحانه أن يصلح بلدان المسلمين، وأن يولي عليهم خيارهم ومن يحكم فيهم بشرع الله.
نسأل الله سبحانه وتعالى، وأن يصلح البقية، ويهدي البقية لما يرضيه، وأن يجعل ما أصاب المسلمين منهم طهورا وتكفيرا، وأن يصلح من ليس بمسلم، ويهديه إلى الإسلام، ويرده إلى التوفيق والهدى، وأن يعيذنا وإياه وجميع المسلمين من كل ما يغضبه، ومن كل ما يخالف شرعه، وأن يمن على الجميع بالتوفيق والهداية وصلاح القلوب والأعمال، إنه جل وعلا جواد كريم وبالإجابة جدير سبحانه وتعالى.(10/236)
93 - بيان حكم القنوت ومواطن مشروعيته مع ذكر الدليل
س: هل يجوز القنوت في صلاة الفجر، مع الدليل من الحديث؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: يشرع القنوت في صلاة الفجر للدعاء للمجاهدين في سبيل الله لنصر دين الله عز وجل، والسلامة من شر مكائد الأعداء بصفة مؤقتة، لا مستمرة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان ربما قنت يدعو لقوم أو يدعو على قوم، وقد قنت يدعو على قبائل من العرب شهرا
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (164) .(10/236)
عليه الصلاة والسلام، فإذا قنت المسلم لنيل أمر كان قد أضر بالمسلمين يدعو الله أن يكشفه أو نحو ذلك، هذا أصله مشروع، لكن يكون مؤقتا كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أما ما يفعله بعض الناس من الاستمرار في القنوت في صلاة الفجر هذا غير مشروع على الصحيح؛ لما ثبت من حديث سعد بن طارق بن أشيم قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (1) » هكذا رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي بإسناد صحيح.
هذا يدل على أنه ليس من عادة النبي صلى الله عليه وسلم ولا من عادة الخلفاء الراشدين القنوت بصفة مستمرة في الفجر، وإنما يقنت لعارض حادث يضر المسلمين أو بالدعاء لقوم بالنصر على الأعداء، ونحو ذلك، فالدعاء لقوم بالنصر على الأعداء، والدعاء على الأعداء بالهزيمة ونحو ذلك، كل هذا لا بأس به بصفة مؤقتة كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/237)
س: الأخ: أ. س. من اليمن يقول: هل يجوز القنوت في صلاة الفجر أم لا؟ مع الدليل مأجورين (1)
ج: القنوت في صلاة الفجر غير مشروع، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم القنوت في الفجر إلا في أحوال خاصة في الدعاء على المشركين في النوازل، كان يدعو في الفجر وغيرها، أما القنوت المعتاد الدائم فهذا لا أصل له، والأحوط تركه، بعض أهل العلم يراه مستحبا دائما، ولكن لا دليل عليه، والحديث الوارد في ذلك ضعيف، والأرجح أنه لا يشرع، هذا هو الأرجح، لكن إذا كان نوازل مثل عدو نزل بالمسلمين، فإذا دعا عليه المسلمون في الفجر أو غيرها فلا بأس كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (424) .(10/238)
س: يقول السائل من اليمن: أعلم بأن القنوت في صلاة الفجر - أي المداومة على ذلك - ليس بمشروع، فنريد من سماحة الشيخ التفصيل في هذه المسألة، وما المقصود بالنوازل (1) ؟
ج: القنوت في الفجر غير مشروع ولا في غيره إلا في الوتر، إلا في
__________
(1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (431) .(10/238)
النوازل إذا نزل بالمسلمين عدو، نزل بهم لحربهم فإن ولي الأمر يقنت في الصلاة في الفجر وغيرها، يدعو عليهم بالهزيمة، ويدعو للمسلمين بالنصر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذه النوازل، الحوادث التي تحدث من الأعداء ضد المسلمين فالمسلمون يدعون ضد عدوهم، يدعون الله بالنصر للمسلمين والهزيمة للكافرين.(10/239)
س: هل يلزم في صلاة الفجر دعاء القنوت (1) ؟
ج: دعاء القنوت ليس بمشروع في صلاة الفجر ولا غيرها، إنما مشروع في الوتر فقط، وهو ما يصليه الإنسان في الليل بعد صلاة العشاء، أو في آخر الليل يقنت في الركعة الأخيرة إلا في النوازل إذا نزل بهم عدو فإن الإمام يقنت في الفجر، في غير الفجر بعد الركوع الأخير في الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن في النوازل إذا نزل بالمسلمين عدو أو بطرف من أطرافهم يقنتون ويدعون الله على هذا العدو بالهزيمة، ويدعون الله للمسلمين بالنصر، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا قنتوا فاقنت معهم، وبين لهم السنة، إذا كنت ذا علم؛ لقوله صلى الله عليه
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (346) .(10/239)
وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه (1) » ولهم شبهة لأنه قال به بعض أهل العلم، قال بالقنوت في صلاة الفجر دائما، فإذا قنتوا فاقنت معهم وعلمهم السنة إن كنت تعلم، لعلهم يستنيرون منك، وهو لا يوجب الخلاف بين المسلمين؛ لأنه قال به بعض أهل العلم، لكن تركه هو السنة والأفضل والأحوط؛ لقول سعد بن طارق: قلت لأبي: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر، وخلف عمر، وخلف عثمان، وخلف علي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال طارق رضي الله عنه: أي بني، محدث (2) » فدل على أنه ليس من سنتهم القنوت في الفجر، إنما هذا عند الحاجة، إذا نزل بالمسلمين عدو يقنتون في النوازل في الفجر وفي غيرها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إقامة الصف من تمام الصلاة، برقم (722) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (414) .
(2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/240)
س: يقول: هل هناك من دعاء ندعو به بعد القيام من الركوع في الركعة الثانية من صلاة الفجر؟ وما هو القنوت (1) ؟
ج: القنوت معروف هو قنوت الوتر وقنوت النوازل وقنوت الصلوات
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (231) .(10/240)
الخمس، فالسنة ألا يقنت إلا في الوتر، هذا السنة، وهو الركعة الأخيرة من الوتر في الليل، وفي النهار لا يوجد قنوت، إذا صلى يصلي شفعا، إذا فاته الليل صلى في النهار شفعا، إذا كانت عادته في الليل ثلاثا صلى في النهار أربعا تسليمتين، وإذا كانت عادته في الليل خمسا وفاته بالنوم أو بالمرض صلى من النهار ست ركعات ثلاث تسليمات، وهكذا ليس بالوتر. القنوت في الليل في الركعة الأخيرة، وقد علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما، وذهب بعض أهل العلم إلى أن يقنت في الصبح دائما، وهذا قول ضعيف.
الصواب أنه لا يقنت في الأوقات كلها إلا في النوازل، إذا حدثت نازلة للمسلمين مثل نازلة اجتياح الكويت من قبل حكومة العراق، هذه نازلة يقنت فيها المسلمون في الفجر وغيره، ويدعون الله على من ظلم، ويدعون الله للمظلومين بالنصر والتأييد، وأن يردهم إلى بلادهم، يدعون الله على من تعدى على المسلمين وآذاهم، هذا يسمى قنوت النوازل، فعله النبي صلى الله عليه وسلم فعله في الفجر وغيره، فإذا قنت الإمام في الفجر أو في المغرب أو في العشاء أو في الظهر أو في العصر، أو في الجميع يدعو على الظالم وعلى من ظلم المسلمين وتعدى عليهم فلا بأس بذلك، بل من مشروع.(10/241)
س: الأخ: ع. ص. من جدة يقول: هل هناك دعاء يقرأ في صلاة الفجر في الركعة الأخيرة بعد قراءة الفاتحة (1) ؟
ج: ليس هناك شيء، إنما بعد الفاتحة يقرأ ما تيسر من القرآن في جميع الصلوات، بعد الفاتحة يقرأ ما تيسر في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، الدعاء قبل يستفتح قبل قراءة الفاتحة إذا كبر تكبيرة الإحرام، يستفتح: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك. أو بالاستفتاح الثاني: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد. وهناك استفتاحات أخرى جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما بعد الفاتحة فلا، بعد الفاتحة يقرأ ما تيسر، وإذا سكت قليلا بعد الفاتحة حتى يقرأ المأموم الفاتحة فلا بأس إن شاء الله.
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (421) .(10/242)
س: هل هناك دعاء يقرأ في صلاة الفجر في الركعة الأخيرة بعد قراءة الفاتحة وسورة بعدها؟ ما حكم هذا الدعاء (1) ؟
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (421) .(10/242)
ج: ليس له أصل، إذا فرغ من القراءة يركع ليس هناك دعاء لا بعد الركوع ولا قبل الركوع والقنوت بعد الركوع في الفجر ضعيف، قال به بعض أهل العلم ولكنه قول ضعيف، والصواب تركه، الصواب ليس فيها قنوت إلا عند النوازل، إذا نزل نوازل على المسلمين قنت الإمام في الفجر وغيرها، كأن يحيط بهم العدو فيقنت الإمام بعد الركوع في الفجر أو في الظهر أو في غيرها على المشركين ويدعو الله بنصر المسلمين أما القنوت الذي يفعله بعض الناس دائما في الفجر فهذا الصواب تركه.(10/243)
94 - بيان عدم مشروعية القنوت في الفجر إلا في النوازل
س: عندنا يقولون دعاء القنوت في صلاة الصبح بصوت مرتفع، وأنا قرأت في كتاب فقه السنة للسيد سابق أن القنوت في صلاة الصبح غير مشروع إلا في وقت النوازل، يقنت فيه وفي سائر الصلوات الخمس، ما الحكم في ذلك (1) ؟
ج: الصواب مثل ما ذكرتم عن السيد سابق، السنة ألا يقنت في الفجر إلا عند النوازل، وهكذا بقية الصلوات في النوازل، إذا نزل بالمسلمين حالة حرب ونحوه يقنت الإمام والمأمومون، يسألون الله جل وعلا رفع
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (266) .(10/243)
ذلك عن المسلمين، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في النوازل، أما المداومة على القنوت وفي قنوت الصبح من غير سبب فهذا غير مشروع، وقد ثبت عن سعد بن طارق بن أشيم أنه قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (1) » رواه الترمذي والنسائي والإمام أحمد بإسناد جيد، المقصود أن هذا هو السنة، السنة ترك قنوت الفجر إلا في النوازل، إذا جاءت نازلة قنت في الفجر وفي غيرها كما فعل المسلمون في نازلة حرب الكويت لما احتلها حاكم العراق وحصل بسبب ذلك ما حصل من الفتنة قنت المسلمون في الصلوات حتى هزم الله العدو، وأذل أنفه ورد البلاد إلى أهلها، ونصر الحق وأهله، نسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/244)
س: هل دعاء القنوت في صلاة الفجر بدعة أم سنة (1) ؟
ج: الدعاء في صلاة الفجر دعاء القنوت ليس بمشروع إلا لأسباب،
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (250) .(10/244)
إذا كان هناك أسباب ما يسمى من أسباب النوازل؛ يعني إذا كان هناك نازلة في المسلمين مثل حرب أو أذى في المسلمين أو عدو هجم عليهم أو على بعض قراهم يدعى عليه، أو عدو قتل منهم بعضهم كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على من قتل القراء، ودعا على أهل مكة لما أمعنوا الكفر، هذا يقال له: قنوت النوازل، وهذا مشروع، أما قنوت الفجر دائما فالصواب أنه غير مشروع؛ لأن سعدا الأشجعي سأل أباه فقال: «يا أبت، صليت خلف رسول الله وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (1) » وهو سعد بن طارق الأشجعي. رواه الخمسة إلا أبا دواد بإسناد جيد، وهذا يدل على أن القنوت في الفجر غير مشروع إلا للنوازل خاصة كما تقدم.
وأما رواية أنه كان يقنت في الصبح حتى ما زال بها في حياته عليه الصلاة والسلام فهذا ليس بصحيح بل هو ضعيف، وفي رواية عن أنس أنه قال: «ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا (2) » عليه الصلاة والسلام، ولكنه لو صح لكان واضحا لكنه
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .
(2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246) .(10/245)
حديث ضعيف الإسناد، وقال بعضهم: لو صح معناه أنه كان يطيل الوقفة بعد الركوع لأن طول القيام بعد الركوع يسمى قنوتا وليس بمعنى القنوت المعروف، بل معناه أنه كان يطيل القيام بعد الركوع عليه الصلاة والسلام ويسمى قنوتا، ولكن الحديث مثل ما تقدم ليس إسناده بصحيح ولا يعتمد عليه، فالصواب أنه لا يشرع القنوت في الفجر بصفة دائمة، وإنما يشرع فيها إذا كان هناك نازلة على المسلمين أو في المغرب أو في العشاء لا بأس، أو في الظهر أو في العصر إذا كان هناك نازلة قنت فيما شاء من الصلوات الخمس، والأفضل في الفجر والمغرب.(10/246)
س: هل القنوت في صلاة الفجر هل هو صحيح أم لا (1) ؟
ج: الصواب أنه لا يشرع في صلاة الفجر، وأنه تبع للنوازل، إذا نزلت نازلة يقنت بعد الفجر بعد الركوع في الركعة الأخيرة من صلاة الفجر، مثل الدعاء على الكفار في بلاد أفغانستان، الدعاء على الكفار في فلسطين، على الكفار في الفلبين لأنهم ظلموا المسلمين وقتلوا المسلمين وأشباه ذلك، كان النبي يقنت في الفجر وفي غيرها عند النوازل، عندما يوجد من الكفار أذى للمسلمين أو قتال للمسلمين يدعو
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (218) .(10/246)
عليهم بعد الركوع، يقول: «اللهم قاتل الكفرة والمشركين (1) » اللهم زلزلهم، اللهم انصرنا عليهم. وما أشبه ذلك، أما ما يفعله بعض الناس من القنوت دائما في الفجر هذا غير مستحب بل ينبغي تركه، ثبت في السنن عن سعد بن طارق الأشجعي رضي الله عنه أنه قال لأبيه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي رضي الله عنهم، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (2) » هذا يدل على أنه محدث، وأن السنة تركه وإن ذهب إليه بعض العلماء، واستدلوا بأحاديث ضعيفة في ذلك، والصواب أنه لا يفعل، وأن السنة تركه، هذا هو الصواب، وهذا هو السنة، وهذا هو الراجح من أقوال العلماء.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث عبد الله الزرقي ويقال: عبيد بن رفاعة الزرقي رضي الله عنه، برقم (15066) ، والنسائي في السنن الكبرى، باب الاستغفار، برقم (10445) (6/156) .
(2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/247)
95 - بيان الأصح من الخلاف في مشروعية القنوت في الفجر
س: المستمع: ع. ع. يسأل ويقول: هل القنوت فرض علينا أثناء(10/247)
الركعة الثانية في صلاة الفجر أم لا؟ لأنني رأيت إمام مسجدنا يأتي به في كل صلاة فريضة (1) ؟
ج: فيه خلاف بين العلماء، بعض أهل العلم رآه مسنونا في الفجر كل يوم، والأصح أنه ليس بمستحب إلا عند النوازل مثل الحرب بين المسلمين وبين عدوهم، يقنت الإمام في الفجر وغيره من الصلوات يدعو على العدو، ويدعو للمسلمين بالنصر والتأييد يسمى قنوت النوازل، أما قنوت الصبح دائما فالصواب أنه غير مشروع، لكن بعض العلماء رآه مشروعا دائما، فإذا صليت مع الإمام الذي يقنت فلا بأس، تقنت معه والحمد لله. الأمر فيه شبهة قال فيه بعض أهل العلم فالأمر في هذا واسع لكن نصيحتي لكل إمام يقنت أن يدع ذلك؛ لأنه لا يشرع إلا عند النوازل لما ثبت في الحديث أن سعد بن طارق قال لأبيه طارق بن الأشيم رضي الله عنه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (2) » هذا الصحابي الجليل أخبر الناس بأن الخلفاء
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (272) .
(2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/248)
الراشدين ما كانوا يفعلونه، وما كان النبي يفعله صلى الله عليه وسلم.(10/249)
س: عند الإمام مالك القنوت في صلاة الصبح في الركعة الثانية، وعند الإمام أحمد بن حنبل القنوت في صلاة العشاء في الوتر، فما دليل كل واحد منهما؟ وشكرا (1)
ج: القنوت مشروع في الليل ليس في العشاء، بل بعد العشاء إلى آخر الليل، هذا مشروع عند الجميع، عند جميع أهل العلم سنة، الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ويشرع فيه القنوت من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: «علمني الرسول صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر (2) » هذا المشروع الوتر عند الجميع، أما القنوت فلست أدري عنه الآن هل هو محل إجماع أو محل خلاف، لكنه سنة بلا شك وإن لم يكن فيه إجماع، وسنة لحديث الحسن رضي الله عنه في قنوت الوتر في الليل، أما القنوت الذي يفعله بعض أهل العلم في الصباح كالشافعية والمالكية فهو على الصحيح غير مشروع إلا في النوازل، إذا حدث نازلة بالمسلمين مثل العدو حاصر البلد يقنتون في
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (33) .
(2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178) .(10/249)
الفجر وفي غير الفجر بالدعاء عليه، أما القنوت الدائم في الفجر فهذا غير مشروع على الصحيح، وقد احتج من قال بشرعيته بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أنس رضي الله عنه أنه قال: «أما في الصبح فما زال يقنت حتى فارق الدنيا (1) » لكنه حديث ضعيف.
وجاءت الأحاديث تفسره أنه يقنت - يعني في النوازل خاصة - وأن من قال: إنه لا يشرع في الصبح حجته أظهر، وهو ما رواه أحمد والنسائي وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم عن سعد بن طارق: قلت لأبي طارق بن أشيم: «يا أبتاه، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، هل كانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (2) » فهذا الحديث يدل على أنه محدث، وأنه لا ينبغي في الصبح إلا في النوازل أما كونه يفعل دائما فالصواب أنه محدث ولا يشرع، والذين قالوا بشرعيته لعله خفي عليهم هذا الحديث، ما بلغهم هذا الحديث حديث سعد بن طارق ولو بلغهم لقالوا به لكن لعله لم يبلغهم أو بلغهم وتأولوه على غير ظاهره،
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246) .
(2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/250)
فالحاصل أن الصواب والأرجح أن القنوت يكون في الوتر في الليل، وفي النوازل في الفجر وغيرها، أما الاستمرار بالقنوت في صلاة الفجر، فهذا الصواب تركه، وأنه ليس بمشروع؛ لحديث طارق بن أشيم هذا الذي سمعته، والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما قام عليه الدليل، ولكن لو صلى الإنسان خلف واحد من هؤلاء فلا بأس، يتابعه في ذلك؛ لأنه له شبهة في هذا الشيء فلا حرج إذا صلى مع واحد يقنت في الفجر وتابعه لا حرج في ذلك، لكن ينصح من يفعل ذلك بأن الأفضل والأولى والأرجح ترك ذلك؛ لأن طارقا ذكر أن هذا محدث ليس من عادة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عادة أصحابه خلفائه الراشدين، وما كان كذلك فالواجب تركه، إلا إذا وجد سبب لذلك مما تقدم من النوازل.(10/251)
س: كثر الجدال في أمور الدعاء في الركعة الثانية من صلاة الصبح بعد الوقوف من الركوع، فهل يصح جهرا، وهل يصح في جماعة؟ مع أني أسمع الدعاء جهرا عندما تنقل صلاة الفجر في بعض الإذاعات، ويختمون دعاءهم بقولهم: بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، وبسر الفاتحة. وضحوا ذلك لنا جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (136) .(10/251)
ج: هذا يسمى القنوت بعد الركوع في الركعة الثانية من الفجر اختلف فيه العلماء، فمنهم من قال: إنه يستحب هذا القنوت. ورأوه سنة مستمرة، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه سنة في حق المسلمين إذا وقعت نازلة، إذا نزل بالمسلمين نازلة كمحاصرة عدو للمسلمين أو نزول بلاء بالمسلمين فيدعو الإمام ويقنت ويؤمن عليه المأمومون. وقال بعضهم: هذا يختص بولي الأمر بالإمام الأكبر السلطان هو الذي يفعل ذلك، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في النوازل فإنه صلى الله عليه وسلم دعا على أحياء من العرب ثم ترك ذلك، وفعله مرات كثيرة عليه الصلاة والسلام في النوازل لا دائما، وهذا هو الصواب أنه يفعل في النوازل لا دائما؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت ودعا على أحياء من العرب من حديث ابن عمر، من حديث البراء بن عازب ومن حديث أبي هريرة وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم أخبروا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت يدعو على أحياء من العرب، ومنهم الذين قتلوا القراء السبعين، دعا عليهم شهرا عليه الصلاة والسلام، ودعا على جماعة من قريش قبل الفتح، فهذا جائز بل مستحب إذا وجدت أسبابه.
أما القنوت الدائم في صلاة الفجر بعد الركوع الثاني كما استحبه بعض أهل العلم فهذا ليس بجيد، والصواب أنه لا يستحب في الفجر(10/252)
ولا في غيرها بصفة دائمة، إنما يفعل للنوازل، إذا كان هناك نازلة تضر المسلمين قنت الإمام، أما اتخاذ القنوت في صلاة الفجر بعد الركوع الثاني سنة دائمة فهذا قول بعض أهل العلم من الشافعية رحمهم الله، وجماعة معهم، ولكنه قول مرجوح الصواب أنه لا يستحب لأنه ثبت من حديث سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (1) » فهذا يدل على أنه ليس معروفا في عهده صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد الخلفاء الراشدين في غير النوازل ولهذا قال هذا الصحابي الجليل: إنه محدث؛ يعني الاستمرار عليه والقنوت من دون أسباب، هذا هو الراجح وهو الأقوى دليلا، لكن لو صليت خلف إمام يقنت فلا حرج؛ لأن ذلك له قول وله شبهة قد جاء في بعض أحاديث ضعيفة فلو صليت خلفه فلا حرج عليك، ولو قنت معه وأمنت معه لا حرج لأنه قنوت له شبهة قال فيه بعض أهل العلم، فالأمر فيه واسع، لكن السنة والأفضل ترك ذلك.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/253)
س: وجهونا إلى القنوت في صلاة الفجر، وكيف يكون ومتى؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصواب أن القنوت غير مشروع في صلاة الفجر ولا في غيرها إلا بسبب، أما ما يفعله بعض الناس من القنوت الدائم في الفجر فهو قول بعض العلماء، ولكنه قول مرجوح لعدم الدليل عليه، وإنما يشرع القنوت إذا كان بسبب، يسمى قنوت النوازل، فإذا كان هناك سبب مثل تعدي بعض الكفار على بعض المسلمين، فيقنت بالدعوة للمسلمين بالنصر والتأييد والدعاء على الكافرين بالخذلان والهزيمة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم من دعوته على قريش ودعوته على الذين قتلوا القراء، والمقصود أن القنوت للنوازل أمر مشروع إذا اعتدي على المسلمين فيقنت المسلمون ضد العدو فيدعون للمسلمين بالنصر والتأييد والعاقبة الحميدة.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (291) .(10/254)
س: هذا السائل من محافظة حضرموت يقول: سماحة الشيخ، بالنسبة لدعاء القنوت في صلاة الفجر وهو الدعاء المعروف: اللهم اهدنا فيمن هديت ... إلى آخره. هل ورد عن النبي صلى الله(10/254)
عليه وسلم أنه قنت (1) ؟
ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في النوازل، إذا نزل بالمسلمين نازلة، عدو نزل بهم، وشدة وغيرها دعا لهم في الفجر، أما اعتياد بعض الناس القنوت في الفجر من دون سبب فلا، ليس بمشروع، في الحديث الصحيح عن سعد بن طارق الأشجعي قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (2) » يعني ما كان قنوت الفجر إلا إذا حدث حادث مثل عدو حاصر البلد أو غزا المسلمين، يدعى عليه في قنوت الفجر وفي غيرها، قنوت الفجر المغرب العشاء في الظهر العصر يرفع يديه الركعة الأخيرة بعد الركوع ويدعو على العدو كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه على المشركين.
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (400) .
(2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/255)
96 - بيان لمعنى بعض ألفاظ القنوت
س: من جمهورية مصر: هل ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم(10/255)
في صلاة الصبح في الركعة الأخيرة بعد الركوع كان يرفع يديه يقول: «اللهم اهدني فيمن هديت (1) » كل ليلة حتى فارق الدنيا، وما معنى دعاء القنوت: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت (2) ؟
ج: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقنت في الفجر لا بقوله: اللهم اهدنا فيمن هديت ولا بغيره، إنما كان يقنت عند النوازل إذا نزل بالمسلمين نازلة من تسليط عدو أو نحو ذلك قنت يدعو على العدو في الفجر وفي غير الفجر، أما ما اعتاده بعض الناس من القنوت الدائم في الفجر: اللهم اهدنا، هذا خلاف المشروع، والذي ينبغي تركه؛ لأن الأحاديث في هذا ضعيفة، وإنما المشروع القنوت عند النوازل عند وجود التعدي من الأعداء الكفار على المسلمين يقنت المسلمون يدعون عليهم في الفجر والمغرب والعشاء والظهر والعصر لكن الفجر كان قنوته فيها أكثر يدعو على المشركين أما دائما فليس له أصل والأحاديث في هذا ضعيفة، والذي ينبغي ترك ذلك، ومعنى:
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178) .
(2) السؤال السادس من الشريط رقم (370) .(10/256)
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، أن الله يمن عليك بالهداية ضمن من هدى، والعافية ضمن من عافى، هذا معناه: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت. يعني: اللهم اهدنا في جملة المهديين، وعافنا في جملة المعافين، وتولنا في جملة المتولين، يعني: اعف عنا معهم، اجعلنا معهم مهتدين معافين. نعم هذا المراد.(10/257)
س: يقول هذا السائل: بالنسبة لدعاء القنوت هل هو وارد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ وما معنى: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت (1) ؟
ج: نعم، كان يقنت في النوازل عليه الصلاة والسلام، إذا نزل بالمسلمين نازلة قنت بالدعاء على العدو، وعلم الحسن دعاء القنوت: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت (2) » يعني: اللهم اهدنا في عبادك المهتدين، وعافنا في عبادك الذين عافيتهم، يسأل ربه أن يهديه مع المهديين، وأن يعافيه مع المعافين، وأن يرزقه البركة فيما أعطاه، وأن يتولاه.
__________
(1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (425) .
(2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178) .(10/257)
97- بيان درجة الأحاديث الواردة بمشروعية القنوت في الفجر
س: رسالة من المستمع م. ف. من اليمن، يسأل عن القنوت في صلاة الفجر فيقول: حدثونا عن القنوت في صلاة الفجر وعن حكمه، وعن حكم تركه، وهل كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقنت في صلاة الفجر (1) ؟
ج: القنوت في صلاة الفجر لم يثبت فيه حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقد جاءت فيه أحاديث ضعيفة، والصحيح أنه كان يقنت في الحوادث، فإذا نزل بالمسلمين نازلة قنت في الفجر وفي المغرب وفي غيرهما، ويسمى قنوت النوازل، أما القنوت بصفة دائمة فلم يثبت عنه - عليه الصلاة والسلام، نعم جاء ذلك في بعض الأحاديث التي في إسنادها ضعف، وثبت عن سعد بن طارق بن أشيم أنه قال لأبيه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (2) » وهذا يدل على أنهم ما كانوا يقنتون في الفجر إلا
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (327) .
(2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/258)
في النوازل؛ أي عندما ينزل بالمسلمين أمر، فيقنتون عند النازلة، دعاء على العدو بالهزيمة، ودعاء للمسلمين بالنصر. إذا هجم العدو على بلاد المسلمين أو حصل بين المسلمين قتال مع عدوهم قنت المسلمون يدعون لمجاهديهم بالنصر، وللأعداء بالهزيمة، أما استمرار بعض الناس على القنوت في الفجر فهو قول ضعيف مرجوح، وإن كان قد قال به جماعة من أهل العلم، لكن الأفضل والأولى تركه لعدم الدليل الثابت عليه، إلا إذا نزل بالمسلمين نازلة، هذا هو الأرجح، وإذا صليت مع من يقنت فصل معه - والحمد لله - لأن فيه شبهة، قال به بعض أهل العلم، وفيه بعض الأحاديث التي فيها ضعف، لكن الأولى والذي ننصح به إخواننا الترك، إلا إذا وجد ما يوجب ذلك من النوازل مثل ما قنت المسلمون للمجاهدين للقتال مع عدوهم، وللمسلمين في البوسنة والهرسك وأشباه ذلك، هذا في كل النوازل، هذه وغيرها.(10/259)
98- حكم القنوت عند وجود النوازل
س: يسأل المستمع ويقول: الدعاء بعد الركوع في الركعة الثانية من صلاة الفجر، الدعاء بدعاء القنوت هل هو وارد (1) ؟
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (427) .(10/259)
ج: ورد في النوازل عند نزول النوازل، إذا نزل بالمسلمين عدو، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنت بعد الركوع الأخير في الفجر، وقنت في الصلوات الأخرى، يدعو على الكفار، أما القنوت الدائم في الفجر فلا، هذا ليس بصحيح، ليس بمشروع.(10/260)
99- بيان محل القنوت من الصلاة
س: بالنسبة للقنوت لصلاة الفجر، أين موقعه من الصلاة (1) ؟
ج: بعد الركوع، هذا هو الأفضل، بعد الركوع، وإن قنت قبل الركوع فلا بأس، لكن الأفضل والغالب لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يكون بعد الركوع، وهكذا قنوت الوتر بعد الركوع.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (291) .(10/260)
س: إذا قنتنا في رباعية، ففي أي وقت يكون وبعد أي ركوع (1) ؟
ج: في الركوع الأخير من كل صلاة، في الركوع الأخير بعد الركوع في الركعة الأخيرة.
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (320) .(10/260)
100- حكم مخالفة الجماعة بسبب مداومتهم على القنوت في الفجر
س: رسالة من المستمع م. ن. ع. يسأل ويقول: علمت أن القنوت في الصلاة لا يكون إلا في النوازل فقط، وآمنت بذلك وصدقت، ولكن إذا كانت الجماعة تقنت في صلاة الفجر بالمسجد الذي أصلي فيه، فهل لي أن أخالفهم ولا أقنت معهم أم أبقى معهم (1) ؟
ج: لا مانع أن تبقى معهم وتنصحهم؛ لأن بعض أهل العلم يرى قنوت الفجر، وورد في هذا بعض الأحاديث التي احتج بها بعض أهل العلم، ولكنها ضعيفة، وإنما القنوت في الفجر، حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في النوازل وفي المغرب وفي العشاء وفي بقية الصلوات، وفي النوازل عندما يقع حرب على المسلمين، أو شر عليهم، يدعو الله على من ظلم المسلمين وتعدى عليهم، ويدعو الله للمسلمين المستضعفين بالنجاة من شر أعدائهم، أما الاستمرار في قنوت الفجر فهذا خلاف الشرع، والصواب تركه، لكن إذا كنت مع قوم يقنتون وقد أفتاهم بعض أهل العلم بذلك، فاقنت معهم، وانصح الإمام أنت وإخوانك في ترك
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (320) .(10/261)
ذلك، هذا هو المشروع لك النصيحة أنت وإخوانك، وإرشاده إلى أهل العلم الذين يعلمونه أن قنوت الفجر غير مشروع إلا في النوازل.(10/262)
101- حكم رفع الأيدي والتأمين خلف الإمام في القنوت
س: إمامنا يدعو بالقنوت أحيانا في صلاة الفجر والمغرب والعشاء وذلك بعد الرفع من الركوع الأخير، لكن بعد القنوت يدعو أيضا بدعاء السنة ويرفع يديه، فهل هذا الدعاء بعد القنوت جائز؟ وهل نرفع أيدينا معه أم نكتفي بالتأمين (1) ؟
ج: القنوت مشروع في النوازل، في الدعاء للمجاهدين والدعاء على الكافرين، فإذا قنت من أجل النوازل في بعض الأحيان في حال المجاهدين في سبيل الله إذا قام الجهاد على الوجه الشرعي يدعو لهم بالنصر، ويدعو على الكفار بالخذلان، فهذا مشروع، ويرفع يديه، وأنتم ترفعون أيديكم وتؤمنون كما في الاستسقاء، يرفع يديه في الاستسقاء لطلب الغوث، ويرفعون الناس أيديهم ويؤمنون، أما القنوت لغير ذلك فلا يستحب إلا في الوتر، إذا أوتر في الليل قنت بعد الركوع في الركعة الأخيرة، أما ما يفعله بعض الناس من القنوت في الصبح دائما، فهذا لا
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (226) .(10/262)
ينبغي، بل الذي ينبغي تركه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما كان يفعل القنوت إلا في النوازل - يعني: إذا نزلت بالمسلمين نازلة - دعا للمسلمين، ودعا على الكافرين أوقاتا معينة، ثم يترك عليه الصلاة والسلام، فأما قنوت الصبح بصورة دائمة، فهذا الصحيح من أقوال العلماء أنه غير مشروع.(10/263)
102- حكم الصلاة خلف إمام يداوم على القنوت في الفجر
س: مسألة القنوت في الفجر ألاحظ أن الناس يداومون عليها، فهل تجوز الصلاة خلف من يقنت كل يوم في صلاة الفجر أم نصلي في المنزل؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا حرج في الصلاة معهم؛ لأن بعض أهل العلم قال ذلك، وله شبهة فلا حرج، بل الواجب أن تصلي معهم، ولا تصلي في البيت، يجب أن تصلي مع المسلمين الفجر ولو قنت الإمام، لكن الصواب ترك القنوت، الأفضل ترك القنوت؛ لأن الأدلة الشرعية تدل على تركه إلا في النوازل، إذا نزلت نازلة بالمسلمين قنتوا للدعاء على عدوهم، أما القنوت دائما فالسنة تركه، لكن لو كان إمامك يقنت - لأن بعض أهل
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (302) .(10/263)
العلم يقول ذلك - فلا بأس، صل معه.(10/264)
103- حكم رفع المأمومين أيديهم خلف من يقنت في الفجر
س: يسأل السائل ويقول: إمام المسجد الذي يصلي بنا يقنت في معظم الأحيان في صلات الصبح، ونادرا ما يتركه، علما بأننا نصلي خلفه، هل للمأموم أن يرفع يديه خلف هذا (1) ؟
ج: إذا قنت فلا بأس أن تقنت معه، لكن الأفضل أن يدع ذلك، السنة ألا يقنت للفجر إلا في الوتر فقط إلا في النوازل، إذا نزلت نازلة بالمسلمين؛ حرب، عدو، يدعو في صلاته بعد الركوع، يرفع يديه ويدعو، يقنت في النوازل كما كان النبي يفعل في الصبح وغيرها، أما اعتياد القنوت في الصبح دائما، فهذا خلاف السنة، والصواب تركه، لكن لو صليت مع إمام يقنت، فلا بأس أن تؤمن على دعائه، وأن ترفع يديك.
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (412) .(10/264)
104- حكم إطلاق لفظ المبتدع على من يلزم القنوت في الفجر
س: سماحة الشيخ، هذا السائل من حضرموت يقول: هل نطلق على الإمام الذي يلزم هذا القنوت نقول بأنه مبتدع؟ وأيضا سؤالنا: ما(10/264)
الرد على الذين يقولون بأنه سنة، ويستدلون بقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (1) الآية. وأيضا في قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2) وبالحديث بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - «قنت في الفجر إلى أن فارق الدنيا (3) » (4) ؟
ج: هذا يقال له بأن تركه أفضل، ما يقال بدعة، ما يقال مبتدع، لأن بعض أهل العلم يقول بذلك، بعض الأئمة كالشافعي والجماعة يرون القنوت في الفجر دائما، وهو قول ضعيف مرجوح، ولكن يعلم أن هذا هو الأفضل، أما حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه ما زال يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا (5) » فهو حديث ضعيف ليس بصحيح، وإنما قنت في الدعاء على المشركين، أما القنوت دائما في الفجر من غير حاجة فلا، ليس بمشروع، إنما يشرع عند النوازل، عند وجود العدو في الفجر وغيرها، ولكن من فعله استدلالا بالأحاديث الضعيفة، فهذا يعلم أن السنة الترك في ذلك، ويبين له بالكلام الطيب والأسلوب الحسن فقط.
__________
(1) سورة غافر الآية 60
(2) سورة البقرة الآية 238
(3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246) .
(4) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (400) .
(5) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246) .(10/265)
105- بيان ما يفعله الإمام إذا أصرت جماعته على القنوت في الفجر
س: أصلي بجماعة وهم يصرون على قراءتي دعاء القنوت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح إلا أن يقيني في هذا الدعاء وحسب علمي من بعض المصادر الصحيحة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقرؤه في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح عند الابتلاءات فقط، فهل أعمل برأيهم، وأخالف السنة أم أعمل برأيي فأصيب السنة، أم أتنازل عن الإمامة تفاديا للخلاف؟
أفيدونا أفادكم الله (1)
ج: عليك أن تعمل بالسنة، وأن تنبههم على هذا، ترشدهم إلى ذلك بالأسلوب الحسن، فإن القنوت دائما في الفجر ليس من المشروع بل هو محدث، ثبت في مسند أحمد رحمه الله وسنن الترمذي وسنن النسائي وابن ماجه عن سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي عن أبيه أبي سعد قال: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عن الجميع - أفكانوا
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (58) .(10/266)
يقنتون الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (1) » فبين طارق أن هذا محدث. وثبت من حديث أنس ومن حديث غير أنس كأبي هريرة وجماعة أن الرسول كان يقنت في النوازل في الصبح وغيرها، فإذا وقع ابتلاء من عدو وقع بالمسلمين، أو نزل بالمسلمين، أو سرية قتلت للمسلمين، أو ما أشبه ذلك، يدعو أئمة المساجد في الركعة الأخيرة من الفجر بعد الركوع بقدر النازلة أياما أو شهرا أو نحو ذلك، ثم يمسكون ولا يستمرون، هذا هو السنة وعند الحاجة والنازلة يدعى ويقنت، ولكن من غير استمرار، أما الاستمرار دائما فهذا خلاف السنة، فعليك أن تقنعهم، وأن توجههم إلى الخير، فإذا لم يقنعوا ولم يحصل الاتفاق بينك وبينهم، فلا مانع من الانتقال عنهم إلى مسجد آخر، وعدم مخالفة السنة.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/267)
106- حكم القنوت خلف إمام يقنت في الفجر
س: ع من اليمن: عندنا إمام مسجد يقنت في صلاة الفجر، وتحدثنا معه في ذلك، فعاند وأخذ برأي الشافعي رحمه الله، ونحن لم نقنت، هل نقنت معه أم نبقى على ذلك أم ننتقل إلى مسجد(10/267)
آخر؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا مانع أن تقنتوا معه وتصلوا معه؛ لأن له شبهة وقول بعض أهل العلم، وإن تيسر مسجد آخر فهو أفضل إن كان لا يقنت، وإلا هذا الذي يقنت تمسك بمذهب الشافعي ومالك لأنه جاهل، التقليد غلب على كثير من الناس، فإذا صليتم معه فلا حرج إن شاء الله، وإن تركه فهو أفضل له، كونه يترك القنوت، إلا إذا حدث حادث على المسلمين، عدو تسلط على المسلمين، يقنت في الفجر أو غيره يدعو عليه، أما القنوت العادي في الوتر. يقنت الفجر: اللهم اهدنا فيمن هديت. الصحيح أن المشروع تركه.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (371) .(10/268)
107- بيان ما ينبغي فعله في مسائل الخلاف
س: نحن جماعة من رعايا الدول العربية نعمل بالمملكة، ولنا مسجد في مقر عملنا، نؤدي به جميع الصلوات، ولكن إمامنا له عادة بعد الركعة الثانية من صلاة الفجر دائما يرفع يديه بالدعاء لمدة طويلة، ويرفع المأمومون أيديهم أيضا خلفه، وبعد الدعاء يسجد ليكمل الصلاة، ولما كان أكثر المصلين يتجادلون في هذا(10/268)
الموضوع، وأكثرهم يعتبره غير صحيح، ولا يجوز لأنهم لم يفعلوا ذلك في الحرمين، وهما مقياس وقدوة، وعندما أخبرنا الإمام بذلك أخبرنا بأن ذلك لا يعتبر دليلا، فنرجو توضيح الحقيقة، ولا زالت الشكوك بين المصلين حول هذا الموضوع، وإمامنا يقول لنا حينما قلنا له ذلك: قال: إن المذاهب متعددة، فهي تصل إلى ألف وستمائة مذهب في الإسلام، فما رأيكم في هذا الموضوع؟ أثابكم الله (1)
ج: لا ريب أن ما فعله الإمام قد قال به بعض أهل العلم، ويسمى القنوت، وهو الدعاء الذي يؤتى به بعد الركوع في الركعة الثانية من صلاة الفجر، فذهب إليه بعض أهل العلم كالشافعية رحمة الله عليهم، وهو قول معروف في الإسلام يحتجون ببعض الأحاديث الواردة في ذلك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه ما زال يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا (2) » ولكن الصواب في هذا أنه لا يشرع إلا للنوازل، إذا نزل بالمسلمين نازلة من عدو نزل بهم، فإنه لا بأس أن يقنتوا، بل يشرع لهم القنوت مدة معينة، ثم يتركون القنوت؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (49) .
(2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246) .(10/269)
يقنت في النوازل وقتا معينا، ثم يترك ذلك عليه الصلاة والسلام، قال أنس رضي الله عنه: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو على قوم، "وقنت شهرا يدعو على أحياء من بني سليم (1) »
أما الحديث «أنه كان يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا (2) » فهو ضعيف كما بين أهل العلم، وقد ثبت في حديث آخر من حديث سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي أنه قال لأبيه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي: أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال له أبوه: أي بني، محدث (3) » فبين طارق - رضي الله عنه - وهو صحابي جليل، أن قنوت الفجر محدث، وأنه لا ينبغي فعله، وهذا هو الأرجح، أرجح القولين، فينبغي للمؤمن أن يتحرى في صلواته وسائر أعماله ما يوافق السنة والكتاب العزيز وأقوال أهل العلم المعتبرين، وهذا القول هو الأرجح، بأنه لا ينبغي القنوت إلا إذا دعا
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحض على اتفاق أهل العلم ... ، برقم (7341) .
(2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246) .
(3) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402) ، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241) .(10/270)
لقوم أو على قوم في النوازل، مثل إذا قنت يدعو للمجاهدين وعلى أعدائهم بعض الوقت ثم يترك، أما أن يستمر بالقنوت بعد الركوع في الركعة الثانية من الفجر دائما، فهذا الصواب أنه غير مشروع، وإن قال به من قال به من الشافعية وغيرهم، فالصواب أنه غير مشروع، وقد قال الله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (1) وإذا رددنا هذا الأمر إلى السنة وجدنا فيها الدلالة على أن هذا غير مشروع، فينبغي للإمام ترك ذلك وعدم فعله عملا بالسنة الصحيحة، واتباعا لبقية أهل العلم في هذا الباب، ولا سيما في هذه البلاد، فإن هذه البلاد أئمتها لا يقنتون في الفجر أخذا بالسنة الصحيحة التي بينا لك أيها السائل، وأما قول الإمام إن في الإسلام ألفا وستمائة مذهب هذا الكلام فيه مجازفة وكلام لا ينبغي، فإنه ليس كل مذهب يوجد يعتبر في الإسلام، هناك مذاهب باطلة، وهذه مبالغة قبيحة لا ينبغي للإمام أن يقول مثل هذا، فليس كل مذهب يدعي صاحبه أنه مذهب إسلامي يقبل، فالمذاهب التي لا توافق الكتاب والسنة لا تعتبر، والمذاهب المشهورة أربعة: الشافعية، والحنفية،
__________
(1) سورة النساء الآية 59(10/271)
والمالكية، والحنبلية، وهم أئمة وعلماء كبار، اشتهرت مذاهبهم وانتسب إليهم علماء، فاشتهروا بذلك، ويلحق بهم أيضا مذهب الظاهرية معروف، هذه مذاهب معروفة، وما اختلفوا فيه من المسائل يعرض على الكتاب والسنة، كل واحد قد يخطئ وقد يغلط في بعض المسائل، فما اختلفوا فيه - رحمة الله عليهم - يعرض على الكتاب والسنة، فما وافق القرآن أو السنة الصحيحة وجب الأخذ به، وترك ما خالفه، سواء كان وافق مذهب مالك أو مذهب أبي حنيفة أو الشافعي أو أحمد أو الظاهرية، هذا هو الصواب، أما المذاهب الأخرى التي يشير إليها هذا الإمام، فهذه لا يعول عليها، ولا يلتفت إليها بل ينبغي للمؤمن ألا يلتفت إلى غير هذه المذاهب، وهذه المذاهب هي المذاهب المعروفة عند أهل السنة، والمعروفة بالاستقامة وتحري الحق، وعدم الزيغ والبدعة، أما المذاهب الأخرى فإن عند أهلها من البدع وعندهم من الانحراف ما يوجب الوقوف عن الأخذ بمذاهبهم، وعدم النظر فيها خوفا من شرها وبدعتها، ولكن هذه المذاهب الخمسة المعروفة الظاهرية والمذاهب الأربعة تعتني بالسنة والكتاب، وتعتني بأقوال الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وليس عندهم البدع التي عند غيرهم، فلهذا اقتنع بها أهل العلم، ورأوها مذاهب إسلامية معتبرة، ولكن ما اختلفوا فيه من(10/272)
ذلك يرجع فيه إلى الكتاب والسنة، ويعرض على كلام الله سبحانه وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فما وافقهما أو أحدهما وجب الأخذ به وترك ما خالفه، وإذا عرضنا القنوت في الفجر دائما على الكتاب والسنة لم نجد فيهما ما يدل على شرعيته، بل يدل فيها ما جاء في حديث طارق بن أشيم - رضي الله عنه - على أنه لا يشرع هذا القنوت بصفة دائمة، وإنما يشرع عند النوازل في الدعاء على أعداء الله وفي الدعاء للمجاهدين في سبيل الله بالنصر في وقت معين وقت الحاجة، ثم يوقف ويمسك ولا يستمر، رزق الله التوفيق والهداية.(10/273)
س: في صلاة الفجر وفي الركعة الأخيرة يقوم الإمام برفع يديه والدعاء، ومن وراءه يقولون: آمين. يؤمنون على ذلك، ما رأيكم في هذا (1) ؟
ج: السنة عدم القنوت في الفجر إلا في النوازل، إذا نزل نازلة مثل جدب واستغاثوا، أو الدعاء على عدو لا بأس، عدو نزل بالمسلمين، أما كونهم يتخذونه عادة في الفجر، فالصواب أنه لا يشرع، وما كان النبي يفعل ذلك إلا عند الحاجة، لكن لو صليت مع أناس يقنتون لا بأس أن
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (382) .(10/273)
تؤمن معهم، لأن لهم شبهة، المسألة فيها خلاف بين العلماء، فإذا صليت مع جماعة يقنتون في الفجر، فلا بأس أن تصلي معهم، ولا بأس أن تؤمن على الدعاء معهم، لأن لهم شبهة في ذلك، ولأن بعض أهل العلم يرى ذلك.(10/274)
باب السنن الرواتب
108- بيان عدد السنن الرواتب
س: أرجو أن توضحوا لي عدد النوافل بعد وقبل كل صلاة مفروضة (1) ؟
ج: النوافل التي حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الفرائض اثنتا عشرة ركعة، هذه يقال لها: الرواتب، ويقال لها: النوافل التي حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي أربعة قبل الظهر تسليمتات وركعتان بعد الظهر، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل صلاة الصبح، هذه الرواتب التي حافظ عليها المصطفى عليه الصلاة والسلام، والأفضل في البيت، وإن صلاها في المسجد فلا حرج، هذه يقال لها: الرواتب، وهي سنة مؤكدة في الحضر، أما في السفر فالأفضل تركها إلا سنة الفجر والوتر، فإن الوتر في السفر يصلى، وكذلك سنة الفجر، ويستحب قبل العصر أربعا، لكن ما هي براتبة، وقبل المغرب ثنتين، وقبل العشاء ثنتين، لكنها غير الرواتب، يقول النبي صلى الله
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (218) .(10/275)
عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » ويقول: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء (2) » وقال: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (3) » وهذا يشمل المغرب والعشاء، فيستحب أن يصلي قبل المغرب ركعتين بعد غروب الشمس، وقبل العشاء ركعتين بعد الأذان، يصلي قبل العصر أربعا، هذه مستحبة لكن ما هي براتبة، لم يداوم عليها النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنها مستحبة لأمره - صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .(10/276)
س: يقول السائل: ما هي النوافل التي على المرء أن يلازمها قبل وبعد الفرائض، وهل هناك عدد معين؟ ذلك أني أصلي خمس ركعات أحيانا قبل الظهر وأحيانا أربع ركعات، لذا أرجو التوجيه الرشيد، جزاكم الله خيرا (1)
ج: النوافل المشروعة مع الفرائض التي كان النبي صلى الله عليه
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (132) .(10/276)
وسلم يحافظ عليها - عليه السلام - ويلازمها اثنتا عشرة ركعة، هذه رواتب، وتسمى نوافل، كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحافظ عليها كما ثبت ذلك من حديث ابن عمر وعائشة وأم حبيبة وغيرهم - رضي الله عنهم، وهي أربع قبل الظهر تسليمتان، وثنتان بعد الظهر، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح، هذه يقال لها: الرواتب، ويقال لها: النوافل المؤكدة.
يقول ابن عمر رضي الله عنهما: «حفظت من الرسول - صلى الله عليه وسلم - عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح، وكانت ساعة لا يدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين (1) » «وثنتين بعد صلاة الجمعة في بيته (2) » قال: «فأما المغرب والعشاء والفجر ففي بيته (3) » وقالت عائشة - رضي الله عنها: «كان يصلي قبل
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1181) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها، برقم (937) ، ومسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (882) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التطوع بعد المكتوبة، برقم (1173) ، ومسلم في كتاب المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، برقم (729) .(10/277)
الظهر أربعا، كان لا يدع أربعا قبل الظهر (1) » هذا مما حفظته عائشة وحفظته أم سلمة أيضا، فدل ذلك على أن الأكمل أربع قبل الظهر، وإن اقتصر على ثنتين كما قال ابن عمر - رضي الله عنهما - كفى ذلك، ولكن الأفضل مثل ما دل عليه حديث عائشة، وأم حبيبة رضي الله عنهما أنه يصلي أربعا قبل الظهر تسليمتين، فيكون الجميع ثنتي عشرة ركعة، هذا هو الكمال، وهذا هو المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن زاد على هذا، فصلى بعد الظهر أربعا بزيادة ثنتين بعد الظهر فهذا أيضا مستحب، تقول أم حبيبة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من صلى أربعا قبل الظهر وأربعا بعدها؛ حرمه الله على النار (2) » وفي لفظ آخر: «من حافظ على أربع قبل الظهر، وأربع بعدها حرمه الله تعالى على النار (3) » يعني ثنتين ثنتين كما في الحديث: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (4) » وهكذا يستحب أن يصلي أربعا قبل العصر،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182) .
(2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .
(3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .
(4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/278)
وليست راتبة، ولكنها مستحبة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » وهكذا يصلي ثنتين قبل المغرب بعد الأذان، وثنتين قبل العشاء بعد الأذان، مستحبة أيضا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" ثم قال: "لمن شاء (2) » ليعلم الناس أن هذا ليس بواجب، ولكن مستحب، فهذه مستحبات وليست رواتب: ثنتين قبل المغرب، ثنتين قبل العشاء، أربع قبل العصر، كل هذه مستحبة وليست راتبة، ثنتين تكون زيادة على الراتبة بعد الظهر تكون أربعا، مستحبة كما تقدم في الأحاديث. كذلك سنة الضحى مستحبة دائما، ركعتان في الضحى هذه سنة مؤكدة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى بها جماعة من أصحابه سنة الضحى، وقال في حديث أبي ذر: «يصبح على كل سلامى من الناس صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (3) » رواه مسلم في
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720) .(10/279)
صحيحه. فدل ذلك على أهمية الركعتين، وأنها تقوم مقام الصدقات التي على مفاصل الإنسان، وقال أبو هريرة رضي الله عنه، وأبو الدرداء كل واحد منهما يقول: «أوصاني رسول الله بصلاة الضحى. وفي لفظ آخر: بركعتي الضحى (1) » قالت عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله (2) » فالحاصل أن سنة الضحى سنة مؤكدة، الرسول - صلى الله عليه وسلم - ربما فعلها، وربما تركها لئلا يشق على أمته، لكنه أوصى بها، ووصيته آكد من فعله، فدل ذلك على أنها متأكدة بجميع الأيام من ارتفاع الشمس إلى وقوف الشمس، وإذا اشتد الضحى، واشتدت الشمس يكون أفضل، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (3) » يعني حين يشتد الحر على أولاد الإبل، يعني: في علو الضحى وفي شدة
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1171) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748) .(10/280)
الضحى تكون أفضل، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس، فلا بأس.(10/281)
س: تقول السائلة: أرجو من سماحتكم بيان السنن الراتبة وغير الراتبة والنوافل، وتوضيح هذا الأمر؛ لأنه يلتبس علينا مع عدد هذه الصلوات، مأجورين (1)
ج: السنة الراتبة اثنتا عشرة: ثنتان قبل صلاة الصبح، وأربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء. اثنتا عشرة، وإن صلى بعد الظهر أربعا كما صلى قبله أربعا فهو أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2) » ويستحب له أن يصلي أربعا قبل العصر تسليمتين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (3) » ويستحب أن يصلي ركعتين بين الأذان والإقامة بعد أذان المغرب، وبعد أذان العشاء ركعتين قبل الإقامة، لقوله صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" ثم قال: "لمن
__________
(1) السؤال الحادي والسبعون من الشريط رقم (432) .
(2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .(10/281)
شاء (1) » وقال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء (2) » ويستحب صلاة الضحى ركعتين أو أكثر أو أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر، سنة صلاة الضحى، والتهجد بالليل يصلي ما تيسر من الليل: ثلاثا، أو خمسا، أو سبعا، أو أكثر، والأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (3) » وفق الله الجميع.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/282)
109- بيان وقت السنن الراتبة
س: يقول السائل: بالنسبة لصلاة الرواتب، ما هو عددها وما كيفية أدائها، وهل النافلة التي بعد الظهر يمتد وقتها إلى دخول أذان العصر أم لا؟ وهل بعد أذان العصر يمكن التنفل قبل الفريضة أم لا؟ كذلك بالنسبة للنافلة التي بعد صلاة المغرب هل يمتد وقتها إلى دخول أذان العشاء أم لا؟ وهل بعد أذان العشاء يمكن التنفل(10/282)
قبل صلاة الفريضة أم لا (1) ؟
ج: الرواتب التي شرعها الله - جل وعلا - مع الصلوات الخمس، وكان النبي يحافظ عليها - عليه الصلاة والسلام - في الحضر اثنتا عشرة ركعة: منها أربع قبل صلاة الظهر، بعد الزوال يسلم من كل ثنتين، وثنتان بعد الظهر تسليمة واحدة، هذه ست، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد صلاة العشاء، وثنتان قبل صلاة الفجر، هذه الرواتب التي كان يحافظ عليها - عليه الصلاة والسلام - في الحضر، أما في السفر، فكان يتركها - صلى الله عليه وسلم - إلا سنة الفجر، كان في السفر لا يصلي هذه الرواتب إلا سنة الفجر؛ لأنه كان يحافظ عليها سفرا وحضرا، ويشرع للمؤمن مع الصلوات الخمس سوى هذه الرواتب أن يصلي أربعا قبل العصر بعد دخول الوقت، أربع بتسليمتين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2) » وهذه ليست راتبة، «يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ربما صلى ثنتين قبل العصر، أو صلى أربعا قبل العصر (3) » لكن ليست راتبة، ولكنها مستحبة، إذا صلاها المؤمن أو
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (293) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (651) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب كيف كان تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهار، برقم (598) ، والنسائي في كتاب الإمامة، باب الصلاة قبل العصر وذكر اختلاف الناقلين، برقم (874) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة وفيها، باب ما جاء فيما يستحب من التطوع بالنهار، برقم (1161) .(10/283)
المؤمنة فهو أفضل، أربع قبل العصر تسليمتين، وثنتان قبل المغرب، هذه مستحبة بعد الأذان وقبل الإقامة ثنتان، كذلك بعد أذان العشاء يصلي ركعتين قبل صلاة العشاء، أفضل وليست من الرواتب، لكن يستحب إذا أذن المؤذن وهو جالس في المسجد أن يقوم ويصلي ركعتين قبل المغرب بعد أذان المغرب، وبعد أذان العشاء، وإن صلى أكثر فلا بأس، وكذلك يستحب له أن يتهجد في الليل بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل، يتهجد بما يسر الله له ولو بركعة واحدة يوتر بها، وما زاد فهو أفضل، لو أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع، أو بأكثر، يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، والأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة، وإن نقص أو زاد فلا بأس، يسلم من كل ثنتين تأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، ولا بأس أن يتأخر في أداء الراتبة بعد الظهر، يمتد وقتها إلى أذان العصر، يصليها قبل العصر ولو تأخر، لكن قبل العصر قبل دخول وقت العصر، وهكذا المغرب لو أخر الراتبة ولم يصلها إلا(10/284)
قبل غروب الشفق إلى قرب العشاء فلا بأس، لكن الأفضل أن يبادر بها قبل أن يعرض له عارض، هذه هو الأفضل وإلا فوقتها يمتد إلى أن يغيب الشفق الأحمر من جهة المغرب - يعني دخول وقت العشاء - كما أن وقت سنة الظهر البعدية يمتد إلى دخول وقت العصر، فإذا بادر بهذه وهذه قبل دخول وقت التي بعدها، فهذا هو الأولى له، حتى لا يعرض له عارض، والأفضل في بيته، إذا صلاها في بيته فهو أفضل، وإن صلاها في المسجد فلا بأس، لكن في البيت أفضل.(10/285)
110- عدد الرواتب والتنبيه على أهميتها
س: حدثونا عن النوافل الرواتب عن عددها وعن التنبيه إلى أهميتها، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الرواتب المحفوظة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يداوم عليها ويحافظ عليها اثنتا عشرة ركعة في الليل والنهار، هذه يقال لها: رواتب مع الفرائض: أربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد صلاة العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح، هكذا جاءت الأحاديث الدالة على ذلك من حديث عائشة وابن عمر وأم
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (326) .(10/285)
حبيبة رضي الله عنهم وغيرهم، أربع قبل الظهر تسليمتين، وركعتان بعد الظهر تسليمة واحدة، وإن صلى أربعا بعد الظهر فهو أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1) » خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد حسن عن أم حبيبة رضي الله عنها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح. ذكر ذلك ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين، متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وذكر ذلك غير ابن عمر رضي الله عنهما، كعائشة رضي الله عنها وغيرها، ويستحب أيضا أن يصلي أربعا قبل العصر، جاء في الحديث «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2) » و «روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فعل ذلك، وقد ثبت عنه أنه فعل ذلك في بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام (3) » فالمقصود أنه يستحب أن يصلي أربعا قبل العصر تسليمتين، وهي لا تسمى راتبة، وهكذا بين الأذانين - يعني أذان المغرب - ركعتين، وبعد أذان العشاء ركعتين، هذه مستحبة، إذا أذن وهو في المسجد قام وصلى ركعتين،
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (651) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب كيف كان تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهار، برقم (598) ، والنسائي في كتاب الإمامة، باب الصلاة قبل العصر وذكر اختلاف الناقلين، برقم (874) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة وفيها، باب ما جاء فيما يستحب من التطوع بالنهار، برقم (1161) .(10/286)
وهكذا بعد أذان العشاء، أو دخل المسجد بعد الأذان صلى ركعتين تحية المسجد، وإن زاد عليها فلا بأس قبل الصلاة، أما الفجر فالسنة ركعتان قبلها فقط لا زيادة، ركعتان قبل الفجر إن صلاهما في البيت فهو أفضل، وإن أتى المسجد صلى ركعتي التحية قبل الصلاة، إذا جاء والإمام لم يقم الصلاة صلى ركعتين تحية المسجد، وإن صلاهما في المسجد كفتاه عن تحية المسجد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر (1) » فإن فاتته صلاهما بعد الصلاة، إن فاتتا ولم يتيسر له أداؤهما قبل الفجر صلاهما بعد الفجر أو بعد طلوع الشمس.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5777) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، برقم (1278) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، برقم (419) .(10/287)
س: يقول السائل: أرجو ذكر الرواتب والسنن التي تصلى قبل كل صلاة وبعدها (1)
ج: الرواتب التي حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الصلوات الخمس اثنتا عشرة ركعة عليه الصلاة والسلام: أربع قبل الظهر
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (238) .(10/287)
تسليمتين، وثنتان بعد الظهر تسليمة واحدة، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح. هذه اثنتا عشرة، كان يحافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحضر، أما في السفر فكان يتركها، أما سنة الفجر كان يصليها عليه الصلاة والسلام في السفر والحضر، وكان يتهجد بالليل ويوتر بالليل في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، ويستحب أربع قبل العصر وليست من الرواتب، لكن قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » ويشرع أيضا لمن دخل المسجد أن يصلي تحية المسجد، وإذا وافقت الراتبة كفت الراتبة، مثلا من دخل بعد أذان الظهر وصلى أربع ركعات كفت عن الراتبة وعن تحية المسجد، وهكذا إذا دخل الفجر بعد الأذان وصلى سنة الفجر كفت عن تحية المسجد، وإذا نواهما جميعا فلا بأس، ويستحب أيضا بين كل أذانين صلاة، بين الأذان والإقامة، فلو كان صلى الراتبة بعد الزوال وتأخر الأذان ثم أذن شرع له أن يصلي ركعتين بين الأذانين زيادة على الراتبة التي صلاها بعد الزوال لكن قبل الأذان، وهكذا لو صلى راتبة الفجر في البيت، ثم جاء إلى المسجد شرع له أن
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .(10/288)
يصلي ركعتين تحية المسجد إذا كان وجد الإمام لم يدخل في الصلاة، وهكذا إذا أذن المؤذن وهو في المسجد بعد المغرب شرع له أن يصلي ركعتين قبل الصلاة، وهكذا إذا أذن المؤذن لصلاة العشاء، وهو في المسجد شرع له أن يصلي ركعتين قبل الصلاة، وإذا دخل بعد الأذان وصلى تحية المسجد كفت، وإن صلى زيادة فلا بأس.(10/289)
111- السنن الرواتب وكيفية أدائها
س: ما هي السنن الرواتب؟ وإذا كان هناك أربع ركعات مثلا قبل الظهر وقبل العصر، فهل أسلم من كل ركعتين أم كيف يكون الحال؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: السنن الرواتب اثنتا عشرة ركعة: منها أربع قبل الظهر تسليمتان، وثنتان بعدها تسليمة واحدة، وثنتان بعد المغرب تسليمة واحدة، وثنتان بعد العشاء تسليمة واحدة، وثنتان قبل صلاة الفجر تسليمة واحدة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في الحضر، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى ثنتي عشرة ركعة تطوعا في اليوم والليلة، بني له
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (319) .(10/289)
بهن بيت في الجنة (1) » وجاء في حديث من الأحاديث تفسرها اثنتا عشرة بهذه الركعات الرواتب، فمن حافظ عليها فهو على خير عظيم، وفي هذا الحديث أنه موعود بالجنة إذا صلاها في اليوم تطوعا بنى الله له بيتا في الجنة، وهي كما تقدم أربع قبل الظهر، يسلم من كل ثنتين، وثنتان بعد الظهر - يعني ركعتين - وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل صلاة الصبح. هذه يقال لها: الرواتب، فإن صلى بعد الظهر أربعا كان أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2) » لكنها ليست راتبة أربعا بعد الظهر، الراتبة ثنتان، فإذا زاد وصلى ثنتين عملا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هذا خيرا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين رضي الله عنها، أنها سمعت النبي يقول عليه الصلاة والسلام: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالى على النار (3) » ويستحب أيضا أن يصلي أربعا قبل العصر ليست راتبة، لكن يستحب أن يصليها تسليمتين لقوله صلى الله
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728) .
(2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .
(3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .(10/290)
عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » رواه أحمد والترمذي والجماعة بسند صحيح، عن ابن عمر رضي الله عنهما، ويستحب أيضا أن يصلي بين كل أذانين صلاة، بين أذان المغرب والإقامة، وأذان العشاء والإقامة ركعتين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" وقال في الثالثة: "لمن شاء (2) » وقال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" ثم قال: "لمن شاء (3) » وكان الصحابة رضي الله عنهم يصلون بعد المغرب ركعتين، وبعد أذان المغرب ركعتين قبل أن تقام الصلاة، هذه سنة ليست رواتب لكن سنة، أربعا بعد الظهر سنة وليست راتبة، الراتبة ثنتان، أربعا قبل العصر تسليمتين سنة، لكن ليست راتبة. يعني: ما كان النبي يحرص ويحث عليها، لكن إذا حافظ عليها المؤمن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (4) » كان هذا أفضل، الواحد إذا حافظ عليها قبل العصر، عملا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -،
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183) .
(4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .(10/291)
وهكذا إذا صلى بين أذان المغرب والإقامة ركعتين، وبين أذان العشاء والإقامة ركعتين كان هذا أفضل، وهكذا الضحى سنة بعد ارتفاع الشمس إلى وقوفها، يصلي ركعتين أو أربعا أو أكثر، كان النبي يفعلها - صلى الله عليه وسلم - بعض الأحيان، وأوصى بها جماعة من الصحابة، سنة الضحى، وهي مستحبة في السفر والحضر، وهكذا التهجد في الليل بعد صلاة العشاء، يصلى ما يسر الله له، ويوتر بواحدة، يصلي ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو تسعا أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، أو أكثر، يصلي ما تيسر له في أول الليل، أو في وسط الليل، أو في آخر الليل تأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان يتهجد بالليل عليه الصلاة والسلام، ويوتر بواحدة عليه الصلاة والسلام، وكان - صلى الله عليه وسلم - قد أوتر في أول الليل، وفي بعض الأحيان في وسط الليل، ثم استقر أخيرا اجتهاده وتهجده ووتره في آخر الليل عليه الصلاة والسلام، وهو الأفضل إذا تيسر، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1) » وأقل هذا ركعة
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .(10/292)
واحدة، أقل شيء ركعة واحدة يوتر بها بعد العشاء، بعد سنة العشاء، وإذا أوتر بثلاث فهو أفضل، وإذا أوتر بأكثر فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغالب يتهجد بإحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة في آخر الليل، وربما صلى ثلاث عشرة يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الأفضل، وإن سرد ثلاثا جميعا ولم يجلس إلا في آخرها أو خمسا جميعا ولم يجلس إلا في آخرها فلا حرج، فقد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو من السنة، وإن سرد سبعا كذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – فعل مثل هذا، سرد سبعا جميعا في بعض الليالي، وفي بعض الليالي يجلس في السادسة يقرأ التشهد الأول، ثم يقوم يأتي بالسابعة، وإن سرد تسعا جميعا كذلك لا بأس، لكن يجلس في الثامنة، كان يجلس في الثامنة يقرأ التشهد الأول، ثم يقوم يأتي بالتاسعة، لكن الأفضل مثل ما تقدم أنه يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي إحدى عشرة في الليل، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة (1) » وقال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى - يعني ثنتين ثنتين - فإذا خشي أحدكم
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، برقم (1164) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (765) .(10/293)
الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (1) » هذا هو الأفضل، وإذا خاف ألا يقوم من آخر الليل - مثل ما تقدم - يصلي أول الليل قبل أن ينام، يصلي ثلاثا أو خمسا أو أكثر، يسلم من كل ثنتين احتياطا خوفا ألا يقوم من باب الحزم، وفق الله الجميع.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/294)
112- بيان وقت راتبة الظهر والترغيب فيها
س: سمعت أن هناك صلاة نوافل راتبة، وهي ثنتا عشرة ركعة، ومنها قبل الظهر وبعده، وبعد المغرب، والسؤال: هل التي تكون قبل الظهر معنى ذلك أنه بعد أذان الظهر أم قبل أن أصلي أم قبل الأذان؟ أفتوني في وقتها بالذات، وعن هذه النوافل جزاكم الله خيرا (1)
ج: الرواتب مثل ما ذكر السائل الصواب أنها اثنتا عشرة ركعة: منها أربع قبل الظهر، وثنتان بعد الظهر، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح. هذه يقال لها: الرواتب، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، وصح عنه عليه
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (83) .(10/294)
الصلاة والسلام أنه قال: «من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة" وفي رواية: "تطوعا (1) » وزاد الترمذي رحمه الله: تفسير ذلك بهذه الرواتب. فالمشروع للمؤمن والمؤمنة الحفاظ على هذه الرواتب حتى يقتدي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، ويتأسى به في ذلك عليه الصلاة والسلام، أربع قبل الظهر - يعني بعد الزوال - ولو قبل الأذان ما دام زالت الشمس، إذا صلاها حصل المطلوب أو صلاها بعد الأذان المشروع أن تكون قبل الفريضة تسليمتين وتسليمة بعدها، ويصلي ثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، هذه الرواتب.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728) .(10/295)
س: صلاة سنة العشاء والعصر والظهر أربع ركعات، شاهدت بعض الناس في المسجد يصلون سنة العشاء والعصر والظهر أربع ركعات، أولا يصلون ركعتين، ثم يتمون ويسلمون ويمشون خطوة نحو اليمين أو اليسار أو الخلف ويصلون الركعتين الباقيتين، هل هذه الصلاة صحيحة، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفعلها أم لا (1) ؟
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (40) .(10/295)
ج: أما الظهر فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يدع أربعا قبل الظهر (1) » رواه البخاري في الصحيح. وجاء أيضا في حديث أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها عند الترمذي، أنه ذكر عليه الصلاة والسلام كان يحافظ على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة، وذكر منها أربعا قبل الظهر، فأربع قبل الظهر مستحبة، والأفضل أن تكون ركعتين ركعتين؛ للحديث الصحيح: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2) » أما التقدم والتأخر والأخذ من اليمين والشمال، فهذا جاء في بعض الأحاديث الضعيفة، ولا أعلم في الباب ما يدل على السنية، وإنما جاء في بعض الأحاديث الضعيفة يتقدم أو يتأخر، أو يأخذ يمينه أو شماله، قال بعض أهل العلم لأجل شهادة البقاع بهذه العبادة، ولكن لا أعلم في أنه ثبت في هذا شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذا صلى الراتبة في محل واحد فلا بأس في هذا، ولا أعلم دليلا على استحباب التحول من مكانه إلى الركعتين الأخيرتين لا عن يمين ولا عن شمال ولا عن خلف، فإن فعل فلا حرج، ولا أعلم
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/296)
بأسا في ذلك، لكن لا أعلم دليلا على أن هذا مستحب، وأنه قربة وهكذا الصلوات الأخرى، إذا صلى أربعا قبل العصر فهي سنة؛؛ لأنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » أخرجه أحمد والترمذي وجماعة، ولا بأس بإسناده، أما المغرب فالسنة بعدها ركعتان فقط؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بعدها ركعتين، وهكذا العشاء السنة بعدها ركعتين راتبة، ومن صلى زيادة فلا بأس، من صلى كثيرا بعد المغرب فهي محل صلاة، لو صلى عشرا أو عشرين لا حرج في ذلك، السنة الراتبة التي كان يحافظ عليها - صلى الله عليه وسلم - ركعتان فقط بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، هذا المحفوظ عنه عليه الصلاة والسلام، والتي كان يحافظ عليها، وهكذا الفجر ركعتان قبل الفجر كان يركعهما في بيته، ثم يخرج إلى الصلاة عليه الصلاة والسلام، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة تطوعا بنى الله له بيتا في الجنة (2) » رواه مسلم في الصحيح، ورواه الترمذي وزاد: «أربعا قبل
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728) .(10/297)
الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح (1) » وهذه تسمى الرواتب، رواه ابن عمر عشرا، وذكر قبل الظهر ركعتين، وذكرت عائشة وغيرها ما يدل على أنها ثنتا عشرة ركعة، وأن قبل الظهر أربعا، وبهذا تكون الرواتب ثنتي عشرة ركعة، ولعل وجه الجمع بين الحديثين أنه - صلى الله عليه وسلم - ربما صلى قبل الظهر ركعتين كما قال ابن عمر، وتكون الرواتب عشرا، وربما صلى قبلها أربعا كما قالت عائشة وغيرها، فلا منافاة بين الحديثين ولا خلاف في الحقيقة.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة لمن السنة ... برقم (414) ، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة ... ، برقم (1794) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة برقم (1140) .(10/298)
س: السائلة م. ع تقول: ورد في الأثر أن النبي صلى الله وسلم كان يصلي أربعا ركعات قبل الظهر، وأربع ركعات قبل العصر، فهل يكون ذلك قبل الأذان أم بعده (1) ؟
ج: هذا ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث صحيحة أنه كان يصلي أربعا قبل الظهر بعد الزوال - يعني بعد الأذان - تسمى راتبة تسليمتين، وبعدها ركعتين تسليمة، هذه راتبة، وإن صلى بعدها أربعا كان
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (421) .(10/298)
أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1) » يعني بعد الزوال. وهكذا قبل العصر يصلي أربعا، جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان يصلي أربعا (2) » وفي الحديث الصحيح أنه قال: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (3) » يعني تسليمتين.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (651) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب كيف كان تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهار، برقم (598) ، والنسائي في كتاب الإمامة، باب الصلاة قبل العصر وذكر اختلاف الناقلين، برقم (874) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة وفيها، باب ما جاء فيما يستحب من التطوع بالنهار، برقم (1161) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .(10/299)
113- حكم صلاة أربع ركعات متصلة قبل الظهر
س: بالنسبة لنافلة الظهر هل لها تشهد أوسط أم تكون أربع ركعات متصلة؟ أفيدونا أفادكم الله (1) ج: السنة ركعتان ركعتان، يصلي ركعتين ثم يسلم، ثم ركعتين ويسلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2) » فأربع قبل الظهر تسليمتين، وأربع بعدها بتسليمتين، وإن صلى بعدها ركعتين فقط الراتبة فلا بأس، وإن زاد وصلى أربعا بعدها فهو
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (373) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/299)
أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله عن النار (1) » وكان - صلى الله عليه وسلم - يصلي أربعا قبلها، واثنتين بعدها، هذه الراتبة، من زاد وصلى أربعا قبلها وأربعا بعدها صارت ثمانيا، قبلها أربع وبعدها أربع كان ذلك أفضل، وله هذا الخير، من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالى عن النار. فيكون ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، هذا هو السنة.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .(10/300)
114- بيان فضل راتبة الظهر وكيفية أدائها
س: المستمع يقول: أسأل عن الصلاة الرباعية التي قبل صلاة الظهر والرباعية التي بعدها، ما فضل هذه الراتبة، وإذا صليت قبل الصلاة أربعا بتسليمة واحدة هل ذلك جائز أم لا (1) ؟
ج: السنة قبل الظهر أربع ركعات راتبة، كان النبي يداوم عليها - صلى الله عليه وسلم -، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدع أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها (2) » فالسنة أن يصلي أربعا
__________
(1) السؤال من الشريط رقم (431) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182) .(10/300)
قبل الظهر بتسليمتين، وبعدها بتسليمة، وإن صلى بعدها أربعا فهو أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1) » هذا هو الأفضل: أربع قبلها وأربع بعدها بتسليمتين، وجمعهما في تسليمة واحدة مكروه، فالسنة أن يصلي الأربع بتسليمتين قبلها وبعدها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2) » هذا هو السنة، وهكذا قبل العصر يصلي أربعا بتسليمتين، هذا هو الأفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (3) » يعني ثنتين ثنتين. وهكذا يصلي بعد العشاء ثنتين، وبعد المغرب ثنتين؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم -، وقبل الفجر ثنتين، وإذا صلى بين العشاءين ركعات كثيرة أو في الليل فليس لها حد محدود؛ لأنه محل عبادة، محل تطوع، لكن الأفضل في الليل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة هذا هو الأفضل، وإن صلى أربعين أو خمسين أو مائة أو أكثر، وأوتر بواحدة فلا بأس لقوله
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .(10/301)
صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (1) » ولم يحدد، لكن الأفضل الاقتصار على ما فعله - صلى الله عليه وسلم -، وهو ثلاث عشرة أو إحدى عشرة - صلى الله عليه وسلم - في رمضان وفي غيره.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/302)
س: تستفسر هذه السائلة عن الصلاة بعد فريضة الظهر وقبلها، هل تجوز أربع ركعات (1) ؟
ج: السنة الراتبة أربع قبلها تسليمتين، وثنتين بعدها، هذه الراتبة التي كان يحافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن إذا صلى بعدها أربعا يكون أفضل إذا صلى بعدها بتسليمتين يكون أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2) » أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن أم حبيبة رضي الله عنها. أما الراتبة فأربع قبلها وثنتان بعدها، هذه الراتبة التي كان يواظب عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - تسليمتان قبلها وتسليمة واحدة بعدها، ولكن متى صلى تسليمتين بعدها كان أفضل
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (413) .
(2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .(10/302)
للحديث السابق.(10/303)
س: كيف تصلى الأربع ركعات قبل الظهر بسلام أم بسلامين (1) ؟
ج: السنة بسلامين في الظهر وغيرها، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثتنى (2) » فيصلي أربعا قبل الظهر بتسليمتين وأربعا قبل العصر بتسليمتين، هذا هو السنة، وأربعا بعد الظهر بتسليمتين، هذا هو الأفضل.
__________
(1) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم (424) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/303)
115- حكم أداء الراتبة بعد الإقامة
س: تسأل أختنا فتقول: هل السنن الرواتب لا تؤدى بين الصلاة والإقامة أم يجوز أن تؤدى بعد الإقامة كراتبة الظهر، هل يجوز أن تؤدى بعد الإقامة ثم بعد ذلك تؤدى الفريضة أم لا بد أن تؤدى الفريضة إذا تمت الإقامة؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (316) .(10/303)
ج: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (1) » يعني أن ما بعد الإقامة ما فيه نافلة، إذا أحرم قبل الإقامة ثم أقيمت يقطع الصلاة، فالمقصود أن ما بعد الإقامة لا نافلة فيه، يتهيأ للفريضة؛ ولهذا يقول - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2) » فإذا أقيمت الصلاة وهو في النافلة فإنه يقطعها ويتهيأ للفريضة إلا إذا كان في آخرها قد انتهى من الركوع الثاني، قد ركع الركوع الثاني، كملها لأنها انتهت حينئذ.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710) .(10/304)
116- حكم صلاة الراتبة قبل الأذان
س: تقول السائلة: هل يجوز أن أصلي سنة قبلية قبل الأذان بنصف ساعة أو بربع ساعة أو أكثر أو أقل؟ أرجو توجيهي - جزاكم الله خيرا - ولا سيما في صلاة المغرب (1)
ج: السنن القبلية تكون بعد دخول الوقت، سنة المغرب القبلية، والعصر القبلية، والظهر القبلية، والفجر والعشاء، كل هذا بعد دخول
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (134) .(10/304)
الوقت، أما الصلاة قبل دخول الوقت فهذه من باب التطوع، فلا بأس أن يصلي الإنسان في أوقات ليس فيها نهي، كما لو صلى الضحى قبل وقوف الشمس، أو صلى قبل العصر قبل دخول الوقت، هذا يكون تطوعا، أما الصلاة قبل المغرب فهذا وقت نهي، لا يصلي تطوعا إلا لأسباب مثل صلاة الكسوف، وصلاة الطواف لمن طاف بعد العصر، أو تحية المسجد، كذلك الصلاة قبل العشاء تطوع لا بأس بها،؛ لأنه ليس وقت نهي، وإنما تكون سنة العشاء إذا كان بعد دخول الوقت بعد غروب الشفق تكون سنة العشاء القبلية، ولا تكون راتبة السنة قبل العشاء، ليست راتبة ولكنها سنة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء (1) » وقال: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" قال في الثالثة: "لمن شاء (2) » فدل ذلك على استحباب الصلاة قبل العشاء وقبل المغرب لهذه الأحاديث.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .(10/305)
س: السائل الذي أرسل بهذه الرسالة والسائلة رمزت لاسمها بـ س. م. ش من مدينة تنومة تقول: هل يجوز لي أن أصلي السنن الرواتب قبل الأذان (1) ؟
ج: السنة الرتبة بعد الأذان، سنة الظهر قبلها أربع، وبعدها اثنتان أو أربع، والفجر بعد طلوع الفجر سنة الراتبة ركعتان، أما المغرب والعشاء فسنتهما بعدهما بعد المغرب ركعتان، وبعد العشاء ركعتان، وإذا صلى قبل العصر يصليها بعد دخول الوقت أربع ركعات والأفضل بتسليمتين، إذا أذن المؤذن، إذا دخل وقت العصر يصلي أربع ركعات بتسليمتين أفضل، أما صلاتها قبل الوقت فلا، ما تنفع، ما تصير راتبة إذا صلاها قبل الوقت، صلاها قبل العشاء، قبل أذان العشاء تكون تبع الصلاة بين المغرب والعشاء، أو صلى قبل الظهر قبل وقت الظهر، إذا كان قبل وقوف الشمس تبع صلاة الضحى، وإن كان عند وقوف الشمس هذا وقت نهي لا يصلى فيه الصلاة العادية إلا ذوات الأسباب.
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (395) .(10/306)
س: هل يجوز أن أصلي السنة القبلية أو البعدية قبل وبعد الصلاة بنصف ساعة أو ساعة (1) ؟
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (422) .(10/306)
ج: لا حرج ما دام دخل الوقت، السنة القبلية أو البعدية في الوقت لا بأس، ولو تأخرت عن الصلاة أو تقدمت إذا كان بعد الزوال سنة الظهر وبعد الظهر قبل العصر كله طيب.(10/307)
117- حكم صلاة السنن الرواتب جماعة
س: السائل ف م. بالرياض يقول: هل تجوز صلاة النافلة الراتبة جماعة مثل راتبة الظهر أو العصر (1) ؟
ج: المشروع أنها غير جماعية، الراتبة تصلى فردية، كل واحد يصلي عن نفسه، ما يصليها جماعة، لكن لو فعلها ناس جماعة فصحيحة، لكن السنة أن يصليها كل واحد عن نفسه، ما نحفظ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أنهم صلوها جماعة، فيصلي سنة الظهر وحده، وسنة الفجر وحده، وسنة المغرب كذلك، ما يحتاج إلى جماعة. أما صلاة الضحى فقد فعلها النبي عليه الصلاة والسلام جماعة بعض الأحيان لما زار بعض أصحابه، فلا بأس. أما السنة الراتبة: سنة الفجر، سنة المغرب، سنة العشاء، سنة الظهر، فلا أعلم أن الرسول فعلها جماعة، ولا أن بعض الصحابة فعلها جماعة، لا يحضرني في هذا
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (387) .(10/307)
شيء، والأفضل للمؤمن أن يصليها مستقلا فردا وحده.(10/308)
118- بيان فضل صلاة الراتبة في البيت
س: السائل ع من المدينة النبوية يقول: أنا من سكان المدينة النبوية والحمد لله على هذه النعمة إذا أديت صلاة الفريضة في المسجد النبوي، وسؤالي عن الراتبة البعدية، فأنا في حيرة بين الحديثين: الأول «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة (1) » الحديث.
والآخر: «صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة (2) » وجهونا سماحة الشيخ (3)
ج: السنة للمؤمن أن يصلي الراتبة في بيته، هذا هو الأفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (4) » هكذا علم أصحابه في المدينة في مسجده الشريف،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم (1190) ، ومسلم في كتاب الحج، باب الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، برقم (2394) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781) .
(3) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (389) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781) .(10/308)
وصلاتك في البيت أفضل من صلاتك في المسجد، لك أجر عظيم لأنك امتثلت أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأطعت توجيهه عليه الصلاة والسلام، فإذا صليت الفريضة في المسجد فالرواتب تكون في البيت أفضل إذا كانت في المسجد بألف صلاة ففي البيت أكثر؛ لأنك أطعت الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وامتثلت السنة، وهكذا في مكة، وهكذا في كل مكان، ويلحق بالمكتوبة ما شرعت له الجماعة مثل صلاة التراويح في المسجد أفضل، مثلا صلاة الكسوف، صلاة الجنازة في المساجد والمصليات أفضل من البيت.(10/309)
119 - حكم صلاة النافلة في المكتب
س: هل النافلة في المكتب الذي يعمل فيه الموظف لمدة سبع ساعات يوميا أفضل من المسجد ويعد كالبيت أم لا؟ (1)
ج: إذا كانت صلاته في المكتب لا تعطل عملا بل هو عنده فراغ فذلك مستحب، يتنفل بصلاة الضحى هذا أمر طيب، أما إن كانت صلاته قد تعطل عملا أو تنقص العمل فلا؛ يستمر في عمله ويكفي، وصلاته في مكتبه تشبه صلاته في البيت إذا كان ذلك لا يعطل عملا
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (290) .(10/309)
ولا يضر عملا ولا ينقص عملا بل عنده فراغ، فهذا عمل طيب، انتهاز الفرص في الخير والحرص على الخير أمر مطلوب في المكتب، وفي السفر وفي الحضر، وفي كل مكان، كون المؤمن ينتهز الفرص بالتسبيح والتهليل والتحميد، وقراءة القرآن، وصلاة النافلة، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى غير ذلك، هذا هو الشيء المطلوب أينما كان بشرط أن يكون ذلك لا يضر عملا لازما له ولا يعطله.(10/310)
120 - حكم ترك بعض السنن الراتبة
س: هذه السائلة س. ص من الرياض تقول: سماحة الشيخ، نحن في المدرسة مجموعة من المعلمات نصلي تباعا على سجادتين، وعندما أريد الصلاة يكون خلفي من ينتظر لانتهائي من الصلاة، فأقوم بترك بعض السنن خاصة صلاة الظهر، وقد لا أصلي السنن حتى تستطيع الزميلات الأخريات الصلاة بعدي، فكيف أقضي هذه السنن، وهل أكون آثمة في ذلك؟ (1)
ج: السنن نوافل: سنة الظهر، وسنة المغرب، والعشاء، والفجر، كلها نوافل ما فيها إثم، والحمد لله، لكن السنة المحافظة عليها، لو صليتها في
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (426) .(10/310)
محلك كان أحسن، ثم أختك في الله تصلي مثلك، لا تعجلي، صلي الفريضة والراتبة، ثم أختك في الله تفعل مثلك، لا تعجلي، صلي الفريضة والراتبة ولا تعجلي، والوقت بحمد الله واسع بعد الظهر، هذا فيه خير عظيم، ولا يشرع التساهل في هذا، بل السنة أن تصلي قبل الظهر أربع ركعات بتسليمتين، وبعد الظهر تسليمة واحدة، وإن صليت تسليمتين بعد الظهر كان أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1) » هذا فضل عظيم، فالأفضل أن تصلي تسليمتين قبل الظهر، وتسليمتين بعدها، الرجل والمرأة، وإذا صليت في مكانك، ثم بعد ذلك تصلي أختك في الله كله طيب، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .(10/311)
121 - حكم راتبة الظهر قبل صلاة الجمعة
س: سنة الظهر الراتبة القبلية أربع، فهل تكون هذه الركعات الأربع الراتبة قبل صلاة الجمعة أيضا أم هي راتبة للظهر فقط، ومتى يكون وقتها، وهل في ذلك خلاف؟ نرجو ذكر الراجح مع الدليل، جزاكم الله خيرا. (1)
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (210) .(10/311)
ج: هذه الأربع سنة الظهر، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدع أربعا قبل الظهر (1) » وهكذا جاء عن أم حبيبة رضي الله عنها. السنة للمؤمن والمؤمنة أن يصلي كل منهما أربعا قبل الظهر راتبة تسليمتين بعد الزوال، بعد أذان الظهر يسلم تسليمتين، هذا هو الأفضل، وبعدها تسليمة واحدة، وإن صلى بعدها أربعا بتسليمتين فهو أكمل وأفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «ومن حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2) » أما الرواتب التي حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي ست: أربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، لكن من زاد ركعتين وصلى أربعا بعد الظهر كان ذلك مزيد خير وفضل، وأما الجمعة فليس لها راتبة قبلها، لكن يصلي المؤمن ما تيسر أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له (3) » ولم يحدد - صلى الله عليه وسلم - دل ذلك على أنه ليس لهذا حد محدود
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182) .
(2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857) .(10/312)
بل يصلي ما قدر الله له: ركعتين، أو أربع ركعات، أو ست ركعات، أو ثماني ركعات، لكن السنة أن يسلم من كل اثنتين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1) » هكذا جاء في الرواية في السنن «صلاة الليل والنهار (2) » زيادة النهار وهي رواية جيدة لا بأس بها تدل على استحباب الصلاة النهارية ثنتين ثنتين كالليل.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/313)
122 - الترغيب في النوافل الرواتب وغيرها
س: الأخت أ. م. ع. من مكة المكرمة تقول: أفيدكم بأنني أصلي قبل العصر بحوالي عشر دقائق أربع ركعات، وقبل الظهر أيضا أصلي أربع ركعات، وبعده أصلي ركعتين، وأصلي قبل المغرب ركعتين سنة الوضوء، وآخر الليل أصلي الوتر الساعة الثانية عشرة إلى الواحدة، وقبل أذان الفجر أصلي ركعتين، والسؤال: ما حكم تلك الصلوات المذكورة؟ (1)
ج: كل هذا سنة، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل
__________
(1) السؤال الحادي والخمسون من الشريط رقم (428) .(10/313)
العصر أربعا (1) » وكان يصلي أربعا قبل الظهر عليه الصلاة والسلام، وثنتين بعدها، وإن صلى بعد الظهر أربعا فهو أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2) » فإذا صلى بعدها أربعا وقبلها أربعا - الظهر - فهذا أفضل.
أما الراتبة فثنتان تسليمة واحدة بعد الظهر، وقبلها تسليمتان، هذه الراتبة ست ركعات: قبلها أربع، وبعدها ثنتان، لكن لو صلى بعدها أربعا فهو أفضل، وبعد أذان المغرب ركعتين، وبعد أذان العشاء ركعتين، هذا أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، لمن شاء (3) » وفي اللفظ الآخر: «صلوا قبل المغرب " ثم قال: " لمن شاء (4) » دل على أنها مستحبة، وبعد العشاء ركعتين راتبة، وقبل الفجر ركعتين راتبة، يصلي قبل الفجر ركعتين بعد طلوع الفجر راتبتها.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183) .(10/314)
123 - بيان وقت الركعات الأربع التي قبل العصر
س: السائل ح. ز. من جدة يقول: الأربع ركعات التي قبل العصر التي قال - صلى الله عليه وسلم - فيها: «رحم الله رجلا صلى قبل العصر أربعا (1) » هل هي قبل دخول وقت صلاة العصر أم قبل الإقامة لصلاة العصر؟ (2)
ج: هذه الأربع بعد دخول الوقت وقبل الصلاة: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (3) » يعني قبل صلاة الفريضة، يصليها بعد دخول الوقت بعد دخول وقت العصر، يصليها قبل الإقامة أربعا، تسليمتان.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(2) السؤال الثالث من الشريط رقم (403) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .(10/315)
س: ثبت عن سيد المرسلين قوله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » وحرم الله النار على رجل صلى أربعا قبل الظهر وأربعا بعد الظهر. أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -، فهل هذه الثمان ركعات التي قبل الظهر وبعده هي الراتبة، وهل الأربع ركعات التي قبل العصر هي التي تصلى بعد سماع الأذان وقبل الفريضة أم تصلى قبل ذلك كله؟ أرجو
__________
(1) سنن الترمذي الصلاة (430) ، سنن أبي داود الصلاة (1271) ، مسند أحمد (2/117) .(10/315)
إفادتنا بذلك بارك الله فيكم. (1)
ج: الأربع ركعات التي قبل العصر تصلى بعد دخول الوقت؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2) » فظاهر الحديث أنها قبله، يعني بعد دخول الوقت، وهذه ليست راتبة ولكنها مشروعة؛ لأن الرسول ندب إليها عليه الصلاة والسلام، ودعا لصاحبها، وهي سنة وقربة وطاعة بعد دخول الوقت، وتصلى ثنتين ثنتين، هذا هو السنة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (3) » يعني ثنتين ثنتين، هذا هو السنة، أما أربع قبل الظهر وأربع بعدها فإنه يدخل فيها الراتبة، الراتبة المحفوظة عنه - صلى الله عليه وسلم - أربع قبل الظهر وثنتان بعدها، جاء ذلك من حديث عائشة رضي الله عنها ومن حديث أم حبيبة رضي الله عنها، ومن أحاديث أخرى، والمعنى: التسليمتان، وتسليمة واحدة بعدها. وجاء في حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالى عن
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (230) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/316)
النار (1) » فهذه الثماني تكون فيها الراتبة، الست التي فيها الراتبة داخلة فيها، فإذا صلى أربعا قبل الظهر وصلى أربعا بعدها حصل بذلك المقصود، الراتبة وزيادة ركعتين، كلها فيها فضل عظيم وخير كبير.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .(10/317)
124 - حكم المداومة على أربع ركعات قبل العصر
س: ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » هل تجب المداومة عليها للحصول على الرحمة أم لا؟ (2)
ج: هذا مستحب، يدل على الاستحباب، فهو حديث جيد لا بأس به، حديث صحيح يدل على شرعية الصلاة أربعا قبل العصر تسليمتين، هذا هو الأفضل، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(2) السؤال العشرون من الشريط رقم (310) .(10/317)
125 - حكم الصلاة بعد صلاة العصر
س: يقول السائل: هل هناك سنة بعد صلاة العصر، وهل تجوز(10/317)
الصلاة قبل الغروب؟ (1)
ج: ليس هناك سنة بعد العصر، فقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس إلا لمن عليه فوائت، هذا يقضيها ولو بعد العصر لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (2) » فلو تذكر بعد العصر أن عليه الظهر نسيها صلاها، أو عليه الفجر نسيها صلاها، أو غير ذلك، وهكذا لو أن إنسانا دخل المسجد أو طاف بعد العصر في مكة، صلى تحية المسجد وصلى ركعتي الطواف، وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر، هذه من ذوات الأسباب تصلى بعد العصر، أما سنة راتبة بعد العصر فلا، إلا خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد صلى بعد العصر ركعتين بسبب أنه شغل عنها بعد الظهر، ثم أثبتها، وسئل عنها: هل نقضيهما؟ قال: لا. وأخبرت عائشة أنه أثبتها، كان يصليها بعد العصر،
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (249) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر ولا يعيد إلا تلك الصلاة.....، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) .(10/318)
هذا شيء خاص به عليه الصلاة والسلام.
وقبل الغروب ليس فيه صلاة إلا مثل ما تقدم الشيء الذي يعرض من ذوات الأسباب، كالكسوف، والطواف بمكة، وتحية المسجد.(10/319)
126 - حكم الصلاة قبل العصر
س: إذا صليت سنة العصر أو أي فرض القبلية قبل الأذان، وعندما أذن العصر صليت أربع ركعات فرض العصر، فهل السنة القبلية تكتب لي قبلية العصر، أم يجب أن أصليها بعد الأذان؟ أرجو التوضيح. (1)
ج: السنة نافلة، ما هي بفرض، يستحب أربع قبل العصر، بعد دخول وقت العصر تسليمتين، وإذا صليت قبل الأذان بين الظهر والعصر صلوات ولو مائة ركعة لا بأس، الوقت - الحمد لله – وقت واسع، ولا فيه منع، لو صلى الإنسان بعد الظهر ركعات كثيرة عشر ركعات عشرين ركعة ثلاثين ركعة، ما فيه شيء – الحمد لله - يسلم من كل ثنتين، ويستحب له بعد أذان العصر بعد دخول وقت العصر، يصلي
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (383) .(10/319)
أربعا بتسليمتين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » مستحبة ما هي بواجبة، الواجب الصلوات الخمس: الظهر، العصر، المغرب، العشاء، الفجر. هذه الفرائض.
أما سنة الظهر والعصر والمغرب، والعشاء، والضحى، والوتر كلها نوافل غير واجبة، لو تركها ما عليه إثم، لكن له أجر في فعلها، له الأجر العظيم.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .(10/320)
127 - بيان وقت سنة المغرب
س: يسأل السائل ويقول: هل للمغرب سنة قبلية أم بعدية؟ (1)
ج: الراتبة بعد المغرب وبعد العشاء، أما ركعتان قبل المغرب هذه سنة ليست راتبة، لكن إذا كان في المسجد يستحب له بعد الأذان أن يصلي ركعتين بعد أذان المغرب، وهكذا بعد أذان العشاء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة " وقال في الثالثة: " لمن شاء (2) » فيستحب أن يصلي ركعتين بعد الأذان، أذان المغرب، وأذان العشاء، وحديث آخر: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (412) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .(10/320)
المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (1) » فدل ذلك على أنهما مستحبان وليستا واجبتين.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183) .(10/321)
128 - حكم صلاة النوافل بعد سنة المغرب
س: هناك أناس يصلون بعد سنة المغرب ست ركعات اثنتين اثنتين، ويقولون بأنها صلاة الأوابين، فما حكمها؟ (1)
ج: هذه ليس لها أصل، يسمونها مؤنسات أيضا، وهي ليس لها أصل، صلاة الأوابين صلاة الضحى، إذا اشتد الضحى سماها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الأوابين، أما الصلاة بعد المغرب إذا صلى ستا أو عشرا أو عشرين وسلم من كل ثنتين كله طيب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (2) » إذا كان أحد يصلي بعد سنة المغرب أربع ركعات بتسليمتين، أو ست ركعات بثلاث تسليمات، أو ثمانيا أربع تسليمات، أو أكثر ما فيه شيء، لكن تخصيص ست يرى أنها خاصة لا أصل لها، ويسميها بعضهم المؤنسات.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (418)
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/321)
س: السائل يقول: هناك أناس يصلون بعد سنة المغرب ست ركعات اثنتين اثنتين، يسلمون بعد كل اثنتين، ويقولون بأنها صلاة الأوابين، فما حكمها؟ (1)
ج: هذا ليس له أصل، صلاة الأوابين صلاة الضحى، إذا اشتد الضحى هذه صلاة الأوابين كما جاء في الحديث الصحيح، أما بين المغرب والعشاء فالإنسان يستحب له أن يصلي ما تيسر، لكن الست التي يظنها الناس ليس لها أصل، الراتبة ثنتان، السنة أن يصلي بعد المغرب ثنتين، والأفضل في البيت، هذه يقال لها: راتبة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، وهكذا بعد العشاء ركعتين، يصلي ركعتين بعد العشاء، أما كونه يصلي ستا بعد المغرب فلا بأس يصلي ستا، أو عشرا، أو عشرين أو مائة لا حرج، يسلم من كل ثنتين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (2) » ومن تطوع بين المغرب والعشاء وصلى ستا أو ثمانيا أو عشرا أو أكثر لا بأس، لكن اعتقاد أن هناك ستا خاصة ليس عليه دليل صحيح.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (421)
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/322)
129 - فضل صلاة سنة المغرب في البيت
س: أيهما أفضل سنة المغرب في المسجد أم في المنزل؟ (1)
ج: الأفضل في المنزل، سنة المغرب وسنة العشاء، وسنة الفجر إذ تأكد أداؤها في البيت، وكان النبي يفعلها في البيت عليه الصلاة والسلام، وهكذا الظهر الأفضل فعلها في البيت أيضا، وهكذا جميع التطوعات فعلها في البيت أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (2) » هكذا قال عليه الصلاة والسلام في الصحيحين.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (41) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781) .(10/323)
130 - حكم الصلاة قبل المغرب
س: في صلاة المغرب بعض المصلين يصلون ركعتين قبل فرض المغرب، ويقولون: إنها سنة قبلية، والبعض الآخر لا يصلي سنة قبلية ويقولون: ليس هناك سنة قبل صلاة المغرب. السؤال: هل توجد سنة أم لا، وما الحكم فيما قيل؟ (1)
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (209) .(10/323)
ج: ليس للمغرب سنة قبلية راتبة، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (1) » فدل على أنها مشروعة وليست واجبة، إذا كان الإنسان جالسا في المسجد ثم أذن المغرب يشرع له أن يقوم ويصلي ركعتين لهذا الحديث الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (2) » بين الأذان والإقامة، فإذا صلى ركعتين فقد امتثل وفعل، هذا المشروع، لكن لم تكن راتبة، ولم يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي مشروعة لمن كان في المسجد حين الأذان، يقوم ويصلي ركعتين، أو دخل بعد الأذان يصلي ركعتين تحية المسجد لهذين الحديثين المعروفين، وكان الصحابة يفعلونها أيضا، كانوا يصلون، إذا أذن المؤذن قاموا وصلوا ركعتين، والنبي يراهم صلى الله عليه وسلم ولم ينههم عن ذلك بل أمر بذلك، قال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (3) »
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183) .(10/324)
131 - حكم صلاة الركعتين بعد أذان المغرب
س: يسأل ع. أفيقول: كنت أصلي ركعتين قبل صلاة المغرب وبعد الأذان، وبعض الناس يقولون: إن هذا بدعة، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: صلاة الركعتين بعد الأذان مستحبة، أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (2) » وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم إذا أذن المؤذن قاموا وصلوا ركعتين، فهي سنة بعد الأذان، يسن لمن كان في المسجد أن يصلي ركعتين قبل الإقامة، ومن أنكر ذلك فقد جهل السنة.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (316) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183) .(10/325)
132 - حكم المداومة على ست ركعات بعد المغرب
س: أنا تعودت أن أصلي نفلا بعد المغرب ست ركعات، ولكني أصليها بسورة الفاتحة فقط، هل هذا العمل يجوز أم لا؟ (1)
ج: المشروع بعد المغرب ركعتان فقط الراتبة، فمن صلى بعدها
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (1) .(10/325)
زيادة ستا أو ثمانيا أو عشرا أو أكثر فلا حرج عليه، لكن بعض الناس قد يظن أن للست خصوصية، وهذا لا أصل له، ولم يكن فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على ذلك وإن اعتاده بعض الناس، فالست ليس لها خصوصية، وليس لها أصل يعتمد عليه في الأحاديث الصحيحة، ولكن من فعلها لمزيد الخير ولمزيد العبادة صلى ستا أو ثمانيا بعد المغرب أو عشرا فلا حرج عليه، ليس فيه حد محدود، فبين العشاءين محل صلاة ومحل عبادة، ولكن الراتبة فقط ركعتان، التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم ركعتان فقط، هذه الراتبة فإن زاد، إن صلى أكثر من ذلك فلا حرج عليه ولا بأس عليه، وتجزئ بسورة الفاتحة فقط، لكن الأفضل أن يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، آية أو آيتين أو سورة قصيرة هذا هو الأفضل.(10/326)
133 - بيان وقت صلاة الرواتب لمن جمع بين المغرب والعشاء
س: صلينا المغرب والعشاء جماعة في المسجد لوجود مطر وبرد، والسؤال: متى نصلي الرواتب إذا جمعنا؟ وكم يصبح عددها؟ وهل يصلى الشفع والوتر في نفس الوقت أم لا بد من تأخيره؟ (1)
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (171)(10/326)
ج: إذا صليت العشاء مع المغرب جمع تقديم فإنك تصلي سنة المغرب وسنة العشاء بعد ذلك، وتصلي الوتر بعد ذلك ولو في وقت المغرب؛ لأن العشاء متى قدمت دخل وقت الوتر وسنة العشاء ولو كانت مجموعة مع المغرب جمع تقديم، وهكذا الظهر والعصر إذا جمعا وأنت مقيم للمطر أو للمرض ليس في هذا صلاة؛ لأن صلاة العصر ليس بعدها صلاة لأنها وقت نهي، فإذا جمعت الظهر مع العصر فإنها تسقط حينئذ راتبة الظهر البعدية التي بعدها، لأن الأفضل أن تضم إليها العصر قبل أن تصلي الراتبة، فحيئذ تسقط الراتبة البعدية في الظهر عند الجمع في حال المرض والمطر ونحو ذلك، وتصلي الراتبة القبلية وهي أربع قبل الظهر، وتصلي العصر بعد الظهر متصلة من دون حاجز، ومن دون فصل براتبة الظهر البعدية، أما المغرب والعشاء فإنهما تقعان في غير وقت نهي، فلهذا إذا صليت العشاء تصلي سنة المغرب ركعتين، وتصلي بعدها سنة العشاء ركعتين، وإذا أردت الوتر أوترت أو أجلت ذلك إلى وسط الليل أو آخر الليل، الأمر في هذا واسع والحمد لله.(10/327)
134 - بيان راتبة العشاء
س: حدثوني عن راتبة العشاء جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (218) .(10/327)
ج: راتبة العشاء ركعتان، هكذا كان النبي يفعلها عليه الصلاة والسلام، وإن صلى أربعا أو ثمانيا أو أكثر فلا بأس، الليل كله محل صلاة، لكن الراتبة اثنتان، ثم يصلي ما يسر الله له في أول الليل أو في وسطه أو في آخره، ثم يختم بواحدة الوتر ركعة واحدة، يقرأ فيها الحمد، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) هذا هو السنة سواء في أول الليل أو في وسطه أو في آخره، يصلي ما كتب الله له ثنتين، ويوتر بواحدة، يصلي أربعا ويوتر بواحدة، يصلي أكثر ويوتر بواحدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يصلي عشرا ويوتر بواحدة الحادية عشرة، وربما صلى ثنتي عشرة وأوتر بواحدة الثالثة عشرة، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، ومن صلى أكثر صلى مائة ركعة وأوتر بواحدة أو خمسين ركعة وأوتر بواحدة فلا حرج في ذلك، لكن يسلم من كل ثنتين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى - هكذا قال صلى الله عليه وسلم - فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (2) » هذه السنة، يصلي ثنتين ثنتين في أول الليل أو
__________
(1) سورة الإخلاص الآية 1
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .(10/328)
في وسطه أو في آخره، ثم يختم بواحدة يقرأ فيها الحمد، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) وإذا أحب أن يقنت بعد الركوع قنت بما يسر الله له بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن رضي الله عنه: «اللهم اهدني فيمن هديت (2) » وإذا زاد معه بعض الدعوات الطيبة بعد الركوع هذا هو الأفضل.
__________
(1) سورة الإخلاص الآية 1
(2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425) ، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178) .(10/329)
135 - حكم السنن قبل صلاة العشاء
س: هل توجد سنة لصلاة العشاء، أي تؤدى قبل فرض العشاء ركعتين؟ (1)
ج: يشرع قبل كل صلاة ركعتان، قبل العشاء، قبل المغرب، قبل العصر، قبل الظهر، قبل صلاة الفجر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (2) » فدل على سنية الصلاة قبل المغرب ركعتين، وكان الصحابة
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (35)
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183) .(10/329)
يصلون ركعتين قبل المغرب، يعني بعد الأذان وقبل الإقامة ركعتين، هذا هو الأفضل، وكذلك العشاء، إذا أذن المؤذن يصلي ركعتين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (1) » بين الأذانين صلاة، بينها النبي صلى الله عليه وسلم، يدخل فيها العشاء، إذا أذن العشاء شرع للجالسين في المسجد أو الوافدين أن يصلوا ركعتين سنة قبل العشاء في حق الماكثين في المسجد، وسنة لمن دخل تحية المسجد، تجمع بين الصلاة بين الأذانين، وبين أنه أدى التحية، وهكذا الظهر إذا كان جالسا في المسجد وأذن يقوم فيصلي ركعتين أو أربعا وهو أفضل في الظهر؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا قبل الظهر (2) » يعني تسليمتين، وهكذا قبل العصر أربعا، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (3) » وإن صلى ركعتين قبل العصر فحسن للحديث السابق: «بين كل أذانين صلاة (4) » وإن جعلها أربعا فهو
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .(10/330)
أفضل للحديث السابق أيضا: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » فهذه سنن قبل هذه الصلوات، الظهر ثنتان أو أربع والأفضل أربع، وقبل العصر أربع، وإن صلى ركعتين كفى، وقبل المغرب ركعتان، وقبل العشاء ركعتان، كل هذه سنن، وقبل الفجر ركعتان أيضا سنة راتبة قبل الفجر.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .(10/331)
س: الأخ ر. ع. من الجمهورية العربية السورية من دور الزور يقول: كثير من الناس في قريتنا متجادلون على سنة العشاء القبلية، بعضهم يقول: مؤكدة، والآخر يقول: إنها غير مؤكدة، فأرجو من سماحة الشيخ توضيح هذا الأمر. (1) ج: غير مؤكدة والحمد لله، من شاء صلى ومن شاء ترك، وهي بين الأذان والإقامة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، لمن شاء (2) » فمن شاء صلاها ومن شاء تركها بين الأذان والإقامة في العشاء، وهكذا في المغرب، أما بين الأذان والإقامة في الظهر فهي مؤكدة، يصلي أربع ركعات تسليمتين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (144)
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .(10/331)
كان يصلي أربع ركعات قبل الظهر، يصلي ثنتين ثنتين عليه الصلاة والسلام، وهي من الرواتب، أربع ركعات قبل الظهر من الرواتب، أما العصر فهي مستحبة وليست مؤكدة، جاء في الحديث: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » والسنة أن يصلي ثنتين ثنتين لما في الحديث: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2) » قاله النبي عليه الصلاة والسلام، ولا ينبغي التجادل في هذا، هذه أمور مستحبة ونوافل لا ينبغي فيها التجادل، بل ينبغي المذاكرة والبحث بين الإخوان مع طلبة العلم حتى يستفيدوا، فالرسول عليه الصلاة والسلام قال: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (3) » فإذا صلى ركعتين بين أذان المغرب وصلاة المغرب، بين أذان العشاء وصلاة العشاء، بين أذان العصر وصلاة العصر، أو صلى أربعا، كل ذلك لا بأس به، أما الظهر فلها راتبة قبلها وهي أربع ركعات، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا قبل الظهر (4) » يعنى تسليمتين.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182) .(10/332)
وأما بعد الظهر فركعتان راتبة كان يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، ومن صلى أربعا فهو أفضل بعد الظهر أيضا، وهكذا بعد العشاء ركعتين وبعد المغرب ركعتين، وقبل صلاة الفجر ركعتين، يعني يصلي ركعتين قبل صلاة الفجر، هذه كلها رواتب كان الرسول يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، فالجميع اثنتا عشرة ركعة، هذه رواتب كان المصطفى عليه الصلاة والسلام يحافظ عليها، وهي أربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد صلاة العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح، والأفضل فعلها في البيت، وإن فعلها في المسجد فلا بأس.(10/333)
136 - حكم تأخير سنة العشاء مع الوتر إلى آخر الليل
س: الأخ أحمد من اليمن يقول في سؤاله: هل يصح تأخير سنة العشاء مع الوتر إلى ما قبل الفجر؟ (1)
ج: الأفضل أن يصليها قبل نصف الليل، وإن أخرها صح؛ لأنه وقت ضرورة لكن الأفضل أن يصليها قبل نصف الليل.
__________
(1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (432)(10/333)
س: الأخ أ. م. يقول: هل يصح تأخير سنة العشاء مع الوتر إلى ما(10/333)
قبل صلاة الفجر؟ (1)
ج: الأحوط البدار بها قبل نصف الليل سنة العشاء؛ لأن وقت العشاء إلى نصف الليل، فالأحوط البدار بها قبل نصف الليل، وإن صلاها بعد نصف الليل فلا بأس، لأنه وقت ضرورة، لكن الأفضل البدار بها قبل نصف الليل.
__________
(1) السؤال الرابع والستون من الشريط رقم (431)(10/334)
س: يقول هذا السائل: هل يجوز أن نؤخر سنة العشاء البعدية إلى ما بعد الصلاة بساعتين أو ثلاث؟ (1)
ج: لا بأس أن تؤخرها قبل نصف الليل، الأفضل أن تؤديها قبل نصف الليل؛ لأن وقت العشاء إلى نصف الليل.
__________
(1) السؤال الثاني والستون من الشريط رقم (433)(10/334)
س: ما رأي سماحتكم فيمن يتحرى قيام الليل قبل أذان الفجر بساعة إلا ربعا لكوني إذا صليت الساعة الواحدة أو الثانية بعد منتصف الليل أحيانا أنام عن صلاة الفجر مع الجماعة؟ (1)
ج: الأفضل أن توخر قيام الليل إلى آخر الليل حتى تصلي ما يسر الله
__________
(1) السؤال السادس والسبعون من الشريط رقم (433)(10/334)
لك، وتحضر صلاة الفجر، أما إذا صليت في وسط الليل ثم نمت هذا قد يخشى بسببه عليك أن تنام عن الفجر، فالواجب عليك الاحتياط، وأن تحرص على ألا تفوتك صلاة الفجر؛ لأن صلاتها في الجماعة أمر لازم، فعلى الرجل أن يصلي في الجماعة صلاة الفجر كبقية الصلوات، ليس له أن يصلي في البيت، فصل آخر الليل حتى تجمع بين الأمرين.(10/335)
137 - بيان وقت صلاة ركعتي الفجر وفضل صلاتهما في البيت
س: السائل س. ش يقول: كيف كان يصلي الرسول صلى الله عليه وسلم سنة الفجر، هل هو بعد سماع المؤذن؟ (1)
ج: كان إذا طلع الفجر وأذن المؤذن وتحقق طلوع الفجر صلاها بعد الأذان في بيته عليه الصلاة والسلام، ثم يأتي فتقام الصلاة عليه الصلاة والسلام، يصلي ركعتي الفجر ويضطجع بعدها على جنبه الأيمن بعض الشيء، ثم يتوجه للصلاة عليه الصلاة والسلام، ويقول: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم (2) »
__________
(1) السؤال الستون من الشريط رقم (433)
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان قبل الفجر، برقم (623) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، برقم (1092)(10/335)
138 - بيان وقت صلاة راتبة الفجر
س: هل راتبة الفجر قبل الأذان أم بعد الأذان، وإذا كان بعد الأذان فهل هي إذا دخلت المسجد والمؤذن يؤذن أو إذا انتهى من الأذان أن أصلي تحية المسجد والراتبة أم أصلي راتبة الفجر فقط؟ (1)
ج: سنة الفجر تكون بعد طلوع الفجر سواء كان أذن المؤذن أو ما أذن المؤذن، إذا صليتها بعد طلوع الفجر فقد حصل المقصود في بيتك أو في المسجد، وإذا صليتها بعد الأذان كذلك قد أديت السنة، المهم أن تكون بعد طلوع الفجر، لو أذن المؤذن قبل طلوع الفجر وصليتها بعد الأذان قبل طلوع الفجر ما تكون أديت السنة، لا بد أن تكون بعد طلوع الفجر أو بعد الأذان، إذا كان المؤذن يؤذن على طلوع الفجر، وإذا جئت المسجد وأنت لم تصل الراتبة فإنك تصلي ركعتين تنوي بهما الراتبة، وتكفي عن تحية المسجد، وإذا نويتهما جميعا الراتبة وتحية المسجد فلا حرج في ذلك، ولا حاجة لتكرار الصلاة، تكفي ركعتان فقط، ركعتان تنوي بهما سنة الفجر وسنة التحية، والحمد لله.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (289)(10/336)
139 - حكم القراءة في سنة الفجر
س: يقول السائل: نرجو أن تحدثونا عن صلاة الرغيبة - الفجر - هل نقرأ الفاتحة وسورة أخرى معها؟ (1)
ج: السنة تسمى راتبة الفجر، ومن سماها الرغيبة فهو اسم لا أعلم له أصلا المقصود سنة الفجر، وهي ركعتان تفعل في البيت أفضل، وإن فعلها في المسجد فلا بأس، يقرأ فيهما الفاتحة و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (2) وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) مع الفاتحة. أو يقرأ فيهما آية البقرة في الأولى مع الفاتحة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} (4) الآية، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة آية آل عمران: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} (5) كل هذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم، هذا وهذا وهي سنة مؤكدة، لكن يشرع فيها التخفيف، وفي البيت أفضل، وإن صلاها في المسجد فلا بأس
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (249)
(2) سورة الكافرون الآية 1
(3) سورة الإخلاص الآية 1
(4) سورة البقرة الآية 136
(5) سورة آل عمران الآية 64(10/337)
وهي مشروعة للرجل والمرأة جميعا، للمسافر والمقيم، للجميع.(10/338)
140 - حكم الصلاة قبل سنة الفجر بعد الأذان الثاني
س ما حكم الصلاة قبل سنة الفجر؟ أي بعد الأذان الثاني. (1)
ج: السنة أن يصلي سنة الفجر في بيته أو في المسجد، ولا يصلي سواها، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر (2) » إذا طلع الفجر يصلي سنة الفجر فقط سواء في بيته أو في المسجد، ثم الفريضة.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (422)
(2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5777) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، برقم (1278) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، برقم (419) .(10/338)
141 - بيان ما يقرأ في ركعتي الفجر
س: تقول المستمعة: سمعت أن الأفضل لمن صلى ركعتي الفجر أن يقرأ في الركعة الأولى بسورة الكافرون، والثانية بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) فهل ما سمعت صحيح؟ (2)
ج: نعم هذه هي السنة للرجل والمرأة أن يقرأ في سنة الفجر بهاتين
__________
(1) سورة الإخلاص الآية 1
(2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (291)(10/338)
السورتين بعد الفاتحة في الأولى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (1) بعد الفاتحة، وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) بعد الفاتحة، للرجل والمرأة، والسنة أن تؤدى في البيت للرجل، وإن أداها في المسجد فلا بأس، وإن قرأ فيهما أيضا آية البقرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} (3) الآية، بعد الفاتحة، وفي الثانية آية آل عمران: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (4) .
هذا هو السنة أيضا، والنبي فعل هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، تارة يقرأ السورتين، وهما: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (5) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (6) وتارة يقرأ الآيتين: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} (7) الآية في الأولى أي بعد الفاتحة. وفي الثانية: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} (8) بعد الفاتحة، كلها سنة، وإن قرأ غير ذلك فلا حرج والحمد لله، لكن كونه يقرأ هاتين الآيتين أو هاتين السورتين هذا هو الأفضل تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) سورة الكافرون الآية 1
(2) سورة الإخلاص الآية 1
(3) سورة البقرة الآية 136
(4) سورة آل عمران الآية 64
(5) سورة الكافرون الآية 1
(6) سورة الإخلاص الآية 1
(7) سورة البقرة الآية 136
(8) سورة آل عمران الآية 64(10/339)
142 - بيان القدر الكافي من القراءة في الصلاة
س: هل على من يصلي النوافل قراءة شيء من القرآن غير الفاتحة، وأنا أداوم في ركعتي الفجر خاصة على سورتي الإخلاص؟ (1)
ج: المشروع لمن كان يصلي النافلة في الليل أو النهار أن يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، هذا هو الأفضل أما الوجوب فلا يجب إلا الفاتحة، هي ركن الصلاة، فإذا قرأها المصلي كفت، ولكن إذا قرأ معها زيادة آيات أو سور أخرى كان أفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ الفاتحة ويقرأ معها زيادة، ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2) » فالأصل هو الفاتحة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (3) » فالسنة للمؤمن إذا قرأها أن يقرأ معها زيادة، هذا هو الأفضل، وفي سنة الفجر يقرأ معها سورتي: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (4) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5) في الأولى:
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (69)
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394) .
(4) سورة الكافرون الآية 1
(5) سورة الإخلاص الآية 1(10/340)
{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (1) وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) وإن قرأ مع الفاتحة آية البقرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (3) الآية، أو آية آل عمران: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (4) الآية. هذا أيضا سنة، فعل النبي هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، كان يقرأ تارة: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (5) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (6) وتارة يقرأ الآيتين المذكورتين آنفا.
وإن قرأ غير ذلك فلا بأس أيضا، ولكن الأفضل أن يقرأ ما قرأه النبي عليه الصلاة والسلام في سنة الفجر، وهكذا في سنة المغرب كان يقرأ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (7) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (8) بعد الفاتحة، وهكذا في سنة الطواف، إذا طاف بالكعبة الأفضل أن يقرأ بسورتي الإخلاص: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (9) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (10) بعد الفاتحة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
__________
(1) سورة الكافرون الآية 1
(2) سورة الإخلاص الآية 1
(3) سورة البقرة الآية 136
(4) سورة آل عمران الآية 64
(5) سورة الكافرون الآية 1
(6) سورة الإخلاص الآية 1
(7) سورة الكافرون الآية 1
(8) سورة الإخلاص الآية 1
(9) سورة الكافرون الآية 1
(10) سورة الإخلاص الآية 1(10/341)
س: يقول هذا السائل: هل تجزئ سورة الفاتحة في سنة الفجر أم الفاتحة وسورة أخرى؟ (1)
ج: الفاتحة مجزئة، لكن السنة أن يقرأ معها في الركعة الأولى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (2) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) في الثانية مع الفاتحة، أو يقرأ في الأولى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (4) من سورة البقرة، وفي الثانية: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (5) من سورة آل عمران.
__________
(1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (425)
(2) سورة الكافرون الآية 1
(3) سورة الإخلاص الآية 1
(4) سورة البقرة الآية 136
(5) سورة آل عمران الآية 64(10/342)
143 - حكم المداومة على سور مخصوصة في النوافل
س: ما حكم المداومة على سور مخصوصة في نوافل مخصوصة كسورتي المسد والكافرون في ركعتي الفجر مثلا؟ جزاكم الله خيرا. (1)
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (263)(10/342)
ج: لا حرج في مداومة القراءة على سور معينة إذا كان يعتقد أنه لا بأس بخلافها، لكن لكونها يحفظها أو لكونها أسهل عليه فلا بأس بذلك، أما إذا كان يعتقد أنه لا يجوز غيرها فلا يجوز، أما إذا كان يقرؤها لأنها أسهل عليه ولأنه يحفظها أو لأنها قصيرة فلا بأس بذلك ولا حرج، كان النبي صلى الله عليه وسلم في سنة المغرب، وفي سنة الفجر، وسنة الطواف يقرأ فيها: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (1) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) وهكذا كان يقرأ في سنة المغرب: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (3) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) وكان يقرأ في الوتر سبح والغاشية، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5) في الثالثة الأخيرة، يقرأ بسبح في الأولى في الثلاث الأخيرة، ثم الغاشية في الثانية، ثم {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (6) في الثالثة بعد الفاتحة، كل هذا لا حرج فيه، والحمد لله.
__________
(1) سورة الكافرون الآية 1
(2) سورة الإخلاص الآية 1
(3) سورة الكافرون الآية 1
(4) سورة الإخلاص الآية 1
(5) سورة الإخلاص الآية 1
(6) سورة الإخلاص الآية 1(10/343)
144 - بيان أن الراتبة تكفي عن تحية المسجد
س: أرى بعض المصلين يصلون أربع ركعات في صلاة الفجر، فهل هذا جائز؟ (1)
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (171)(10/343)
ج: السنة ركعتان تكفيه عن تحية المسجد وعن الراتبة، بعض الناس يظن أنه يجمع بين الأمرين، يصلي تحية المسجد ثم يصلي الراتبة، وهذا لا حاجة إليه؛ لأنه في الحديث «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر (1) » ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد طلوع الفجر إلا ركعتين وهي سنة الفجر، فالسنة لمن دخل المسجد وهو لم يصل الراتبة فإنه يصلي ركعتين بنية الراتبة، وإن نوى مع ذلك سنة التحية فكله حسن وتكفيه ركعتان، السنة الراتبة تقوم مقام تحية المسجد، وإذا نواهما جميعا نوى التحية مع الراتبة فلا حرج في ذلك.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5777) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، برقم (1278) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، برقم (419) .(10/344)
س: الأخ م. ح. من اليمن يقول: إذا دخلت المسجد بعد أذان الفجر وصليت أربع ركعات، فقال لي بعض الناس بأن ذلك لا يجوز إلا ركعتين، فهل هذا صحيح؟ (1)
ج: نعم إذا دخلت صل ركعتي السنة فقط، ويكفي، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر (2) » تصلي سنة الفجر ثنتين، ثم تجلس تنتظر الفريضة.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (431)
(2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5777) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، برقم (1278) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، برقم (419) .(10/344)
145 - حكم تحية المسجد لمن صلى سنة الفجر في البيت
س: يقول هذا السائل: أقوم قبل صلاة الفجر بنصف ساعة وأصلي في بيتي أربع تسليمات تسليمتين تسليمتين، وأذهب إلى المسجد وأصلي تسليمتين ركعتي الفجر، هل هذا جائز؟ (1)
ج: صل في الليل ما يسر الله لك مثنى مثنى، ثم توتر بواحدة، وتصلي الراتبة في البيت، أو في المسجد ثنتين، ثم الراتبة إن صليتها في المسجد كفت عن تحية المسجد، وإن صليتها في البيت إذا جئت المسجد تصلي تحية المسجد ثم تجلس.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (329)(10/345)
س: ما حكم من دخل المسجد بعد طلوع الفجر، هل يصلي سنة تحية المسجد أم يكتفي بسنة الفجر؟ وفقكم الله. (1)
ج: الأفضل أن يكتفي بسنة الفجر، وتقوم مقام التحية، كما أن الفريضة مقام التحية، لو جاء وأقيمت الصلاة صلى معهم، وصارت الفريضة قائمة مقام تحية المسجد، المشروع أنه لا يجلس إلا بعد صلاته، فإذا صلى تحية المسجد كفت، وإن جاء وتقام الصلاة كفت
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (38)(10/345)
الفريضة عن تحية المسجد، فإن صلاهما صلى التحية ثم صلى سنة الفجر فلا حرج، ولكن ترك هذا أولى، الأولى والأفضل أنه يصلي سنة الفجر لأنها راتبة، ويكتفي بها عن صلاة التحية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الفجر ركعتين فقط، ما كان يزيد على ركعتين بعد طلوع الفجر، وهي سنة الفجر، فالأفضل ألا يزيد على ركعتين، فإذا صلاهما بنية سنة الفجر كفتاه عن تحية المسجد، لكن لو صلى الراتبة في بيته ثم جاء إلى المسجد قبل أن تقام الصلاة فإنه يصلي تحية المسجد قبل أن يجلس لأنه حينئذ ليس عنده سنة الفجر، قد صلاها في بيته، فيصلي تحية المسجد ثم يجلس.(10/346)
146 - حكم من ترك ركعتي الفجر والوتر
س: يقول: هل يأثم من ترك ركعتين قبل الفجر وصلاة الوتر؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: جميع السنن لا يأثم فيها، سنة الفجر وسنة الظهر والمغرب والعشاء، سنة الجمعة، كلها نوافل، لكن ترك الأفضل، فوت أجرا كبيرا، لا إثم عليه في جميع النوافل الرواتب وغيرها.
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (384)(10/346)
147- حكم من صلى ركعتين بنية سنة الفجر وتحية المسجد
س: من صلى سنة الفجر في المسجد بنية سنة الفجر وتحية المسجد فما حكم ذلك؟ (1)
ج: إذا نوى تحية المسجد كفى، لا يصلي تسليمتين، يصلي بنية الراتبة ونية التحية، لا مانع، الحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (384)(10/347)
148 - حكم صلاة ركعتي الفجر لمن تأخر عن الصلاة
س: إذا تأخر الواحد عن صلاة الفجر مع الجماعة بسبب نوم أو غيره، فمتى تكون ركعتا السنة قبل أم بعد الفجر؟ (1)
ج: إذا تأخر الإنسان عن الجماعة في صلاة الفجر ولم يدرك الجماعة فإنه يبدأ بالسنة الراتبة، يصليها ثم يصلي الفريضة، النبي صلى الله عليه وسلم لما نام ذات ليلة عن صلاة الفجر في السفر ولم يوقظه إلا حر الشمس صلى السنة الراتبة، ثم صلى الفجر عليه الصلاة والسلام، وأمر بالأذان والإقامة كالعادة، فالإنسان إذا فاتته صلاة الفجر ولم يستيقظ إلا بعد ما صلى الناس، أو جاء للمسجد وقد صلى الناس
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (6)(10/347)
فإنه يصلي الراتبة ثنتين ركعتين ثم يصلي الفجر، هذا هو السنة، ولو أخرها وصلاها بعد الصلاة أو بعد طلوع الشمس فلا بأس، لكن الأولى والأفضل أن يبدأ بها كما بدأ بها النبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته الصلاة في بعض أسفاره، وإذا صلى مع الجماعة جاء وهو يصلون صلى معهم، وهو ما صلى الراتبة فإنه يصليها بعد الصلاة إن شاء، أو يصليها بعد ارتفاع الشمس وهو أفضل؛ لأنه جاء في هذا حديث، وفي هذا حديث، فهو مخير إن شاء صلاها بعد صلاة الفجر في المسجد أو في بيته، وإن شاء صلاها بعد ارتفاع الشمس، كل ذلك بحمد الله موسع، وكل جاء فيه حديث جيد عن النبي عليه الصلاة والسلام.(10/348)
س: ما حكم سنة الفجر إذا قام المسلم للصلاة بعد طلوع الفجر، هل يستحب أن يؤديها أم يجب عليه أن يقضي صلاة الفجر على الفور ثم يصلي سنتها؟ (1)
ج: السنة للمؤمن أن يقدم سنة الفجر فيصليها في البيت، ثم يخرج إلى المصلى إلى المسجد، فإذا جاء المسجد وهم في الصلاة دخل في الصلاة، فإن جاء لصلاة لم تقم صلى تحية المسجد ركعتين، هذا هو
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (85)(10/348)
السنة، فإن لم يصل في البيت بل جاء وصلى السنة في المسجد ركعتين كفتاه عن تحية المسجد والحمد لله، أما إن فاتته هذه السنة بأن نام مثلا ولم يستيقظ إلا بعد الشمس فهذا يبدأ بالسنة، وهكذا لو فاتته الجماعة وصلى وحده أو مع آخرين فالسنة أن يبدؤوا بسنة الفجر، ولو تأخروا يبدؤون بها، ثم يصلون الفريضة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1) » ولما نام النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره هو وأصحابه عن الصلاة فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس، قام عليه الصلاة والسلام وأمر بالأذان وصلى سنة الفجر، ثم صلوا الفجر، فلم يتركوا السنة، هذا هو المشروع للمؤمنين مثل ما فعل نبيهم عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر ولا يعيد إلا تلك الصلاة.....، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) .(10/349)
149 - حكم الراتبة القبلية لمن دخل المسجد مع إقامة الصلاة
س: سائل يقول: إذا ذهبت إلى المسجد وانتهى المؤذن من الأذان وصلوا السنة القبلية، ولم أدركها معهم، بل قاموا لأداء صلاة الفرض، فهل يجوز أن أصلي السنة القبلية بعد الفرض أم أصلي(10/349)
السنة البعدية وسقطت عني القبلية؟ (1)
ج: المشروع لك أن تصليهما جميعا القبلية والبعدية بعد الصلاة، إذا جئت في الظهر وقد أقيمت الصلاة فإنك تصلي مع المسلمين، ثم إذا فرغت من الصلاة والأذكار تصلي السنة القبلية أربع ركعات والبعدية ركعتين، هذا هو المشروع، وقد روى الترمذي بإسناد جيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك في بعض الأحيان لم يصل القبلية إلا بعد الصلاة عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (193)(10/350)
150 - حكم الفصل بين الفجر وسنتها والترتيب بينهما
س: هذا يسأل عن الفاصل الزمني بين فريضة الصبح وسنتها، وهل هناك أمر محذور فيما إذا قدم الفرض على النافلة؟ (1)
ج: السنة أن يقدم النافلة بعد طلوع الفجر ركعتين سنة الفجر، ولو طال الفصل بينها وبين الفريضة لا يضر سواء قربت من الفريضة أو
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (301)(10/350)
بعدت مادام بعد طلوع الفجر، فالسنة أن يصلي ركعتين ثم يصلي الفريضة، فلو أخرها صلاها بعد الفريضة أو بعد طلوع الشمس، لكن السنة أن يقدمها، السنة على المؤمن أن يقدمها، السنة على المؤمن أن يقدم سنة الفجر كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، ثم يصلي الفريضة.(10/351)
151 - حكم قضاء سنة الفجر إذا فاتت
س: صلاة سنة الفجر إذا فاتت متى يكون قضاؤها، وكذلك الوتر؟ (1)
ج: سنة الفجر إذا فاتت صلاها بعد الفجر في المسجد أو في البيت، وإن أجلها إلى طلوع الشمس وارتفاعها كان أفضل، كل هذا جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن صلاها بعد الصلاة في المسجد أو في البيت فلا بأس، وإن أخرها حتى تطلع الشمس في المسجد أو في البيت فلا بأس، كل هذا طيب جاءت به السنة.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (317)(10/351)
س: إذا فاتتني سنة الفجر فمتى أقضيها؟ (1)
ج: إذا فاتت سنة الفجر فالمسلم مخير، وهكذا المسلمة، إن شاء
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (78)(10/351)
صلاها بعد الصلاة، وإن شاء صلاها بعد ارتفاع الشمس وهو أفضل، وكل هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورد عنه أنه رأى من يصلي بعد الصلاة فأنكر عليه فقال: يا رسول الله، إنها سنة الفجر. فسكت عنه عليه الصلاة والسلام، وجاء عنه الأمر بقضائها عند ارتفاع الشمس، وكل هذا بحمد الله سائغ، فمن صلاها بعد الصلاة فلا بأس، ومن أخرها حتى ترتفع الشمس فهو أفضل.(10/352)
س: إذا لم يتمكن المصلي لضيق الوقت أن يصلي سنة صلاة الفجر فهل تجب صلاتها بعد الفرض؟ (1)
ج: إذا كان منفردا أو إماما أمكنه أن يصلي الراتبة، أن يصليها قبل الفريضة، أما إذا كان المأموم فاتته صلاة الفريضة أو جاء والإمام قد أقام الصلاة فإنه يدخل معهم في الصلاة ثم يصليها بعد الصلاة، يصلي الراتبة بعد الصلاة، إن شاء أخرها إلى ارتفاع الشمس، كل هذا جاءت به السنة، والأفضل تأخيرها إلى ارتفاع الشمس، لكن قد يخشى نسيانها، فإذا صلاها بعد الصلاة، سنة الفجر، فلا بأس، قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه رأى رجل يصلي بعد الفجر، فقال: «أتصلي الصبح
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (10)(10/352)
أربعا (1) » وفي لفظ: «أصلاة الصبح مرتين» ، فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما فصليتهما الآن، قال: فسكت عنه صلى الله عليه وسلم (2) » والحديث لا بأس به، وجاء عنه الأمر بتأخيرها إلى ما بعد ارتفاع الشمس، كل هذا سنة، إن صلاها بعد الصلاة فلا بأس لئلا ينساها، وإن أخرها وصلاها بعد ارتفاع الشمس، فلا بأس، كله طيب.
وهنا شيء بقيت إضافته، وهو أن الإنسان قد ينام ولا يستيقظ إلا قرب طلوع الشمس، فإنه في هذه الحالة يصلي الراتبة قبل ولو أنه متأخر مثل الإنسان غلبه النوم، ما سمع الساعة أو ما عنده من يوقظه، فقام وقد فاته الجماعة فإنه يصلي الراتبة، حتى ولو بعد طلوع الشمس،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، برقم (663) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (711)
(2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، من حديث قيس بن عمرو رضي الله عنه برقم (23248) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من فاتته متى يقضيها، برقم (1267) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر يصليهما بعد صلاة الفجر، برقم (422) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن فاتته الركعتان قبل صلاة الفجر متى يقضيهما، برقم (1154)(10/353)
لو ما قام إلا بعد طلوع الشمس يصلي السنة أولا ثم يصلي الفجر، وهكذا لما نام النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الفجر في بعض أسفاره ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس قام صلى الله عليه وسلم فأمر بلالا فأذن وصلى كما كان يصنع كل يوم عليه الصلاة والسلام، صلى الراتبة ثم صلى الفريضة بالناس، هكذا السنة، إذا استيقظ النائم وفاتته صلاة الجماعة أو استيقظ بعد طلوع الشمس فإنه يصلي على حاله، المشروع يصلي السنة أولا ثم يصلي الفريضة ولا يؤخر السنة.(10/354)
س: السائلة أم ع. من الرس تقول: بالنسبة لصلاة الفجر يا سماحة الشيخ، تفوتني حتى يخرج الناس من المسجد بسبب النوم، وأترك السنة وأصلي السنة مع صلاة الضحى، فهل يصح ذلك أم الأحسن أن أصلي السنة مع الفرض حتى لو تأخرت الصلاة؟ (1)
ج: نعم السنة أن تصلي ركعتين قبل الفرض ولو تأخرت، ولو صليت بعد الناس قبل طلوع الشمس، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها ولو نام عنها، في بعض أسفاره نام فلم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس، فلما استيقظوا أمر بالأذان، وأذن بلال وصلوا الركعتين سنة الفجر، ثم
__________
(1) السؤال الثامن والستون من الشريط رقم (433)(10/354)
صلى الفريضة، فإذا استيقظت وتوضأت صلي السنة ركعتين ثم صلي الفريضة قبل طلوع الشمس.(10/355)
س: هل تصلى ركعتا الفجر بعد طلوع الشمس؟ (1)
ج: مخير، من فاتته سنة الفجر مخير، إن شاء صلاها بعد الصلاة، وإن شاء صلاها بعد طلوع الشمس، جاءت السنة بهذا وهذا، فإن صلاها بعد الصلاة فلا بأس، وإن أخرها إلى طلوع الشمس فلا بأس.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (383)(10/355)
152 - بيان الرواتب التي يسن قضاؤها
س: ما هي الرواتب التي يسن قضاؤها إذا فاتت الإنسان؟ (1)
ج: الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم اثنتا عشرة في الحضر لا في السفر، اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر تسليمتان، ثنتان بعد الظهر - هذه ست - ثنتان بعد المغرب، ثنتان بعد العشاء - هذه عشر - وثنتان قبل صلاة الصبح، هذه اثنتا عشرة، كان يواظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر، وقال صلى الله
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (257)(10/355)
عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1) » فإذا صلى أربعا بعد الظهر، زاد ركعتين هذا أفضل، لكن ليست راتبة، الراتبة ثنتان، فإذا صلى أربعا بعد الظهر هذا فيه فضل وفيه خير عظيم.
وهكذا قبل العصر يستحب أن يصلي أربعا، لكن ليست راتبة، بل مستحبة لقوله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2) » وهكذا إذا صلى ثنتين قبل المغرب، وثنتين قبل العشاء بين الأذانين، مستحب ولكن ليست راتبة، بل يستحب بعد الأذان أن يصلي ركعتين بعد أذان المغرب، وبعد أذان العشاء يصلي ركعتين غير تحية المسجد، أما تحية المسجد فإذا دخل ولو قبل الأذان صلاها، وإن دخل بعد الأذان أذان المغرب أو أذان العشاء صلاها ركعتين التحية، وتكفي عن الركعتين بين الأذانين، أما في السفر فالمشروع أن يصلي سنة الفجر فقط، والوتر في السفر يوتر، يتهجد بالليل، ويصلي سنة الفجر فقط.
أما سنة الظهر والمغرب والعشاء فالأفضل تركها في السفر، لكن
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .(10/356)
سنة الفجر كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها في السفر والحضر، وإذا فاتت قضاها بعد الصلاة أو بعد طلوع الشمس، أما الرواتب الأخرى الظهر والعصر والمغرب والعشاء لا تقضى بعد الوقت، فلا يقضي سنة الظهر بعد العصر ولا سنة المغرب بعد العشاء، ولا سنة العشاء بعد الفجر، لا تقضى.
أما سنة الفجر فهي تقضى، إن فعلها بعد الصلاة فلا بأس، وإن فعلها بعد طلوع الشمس وارتفاعها فهو أفضل، وأما سنة الضحى والتهجد بالليل هذا مشروع في السفر والحضر، وهكذا سنة الوضوء، يتوضأ، تستحب في السفر والحضر، وهكذا لو دخل المسجد في السفر صلى ركعتين أيضا ولو في السفر.
تلخيص الإجابة: أولا الرواتب اثنتا عشرة ركعة في الحضر خاصة: أربع قبل الظهر، تسليمتان، وثنتان بعد الظهر تسليمة واحدة، وثنتان بعد المغرب تسليمة واحدة، وثنتان بعد العشاء تسليمة واحدة، وثنتان قبل صلاة الصبح بعد طلوع الفجر. هذه الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم. أما التي تقضى فهي سنة الفجر فقط، إذا فاتت تقضى بعد الفجر أو بعد ارتفاع الشمس. وهكذا سنة الظهر القبلية تقضى بعد الظهر، لو فاتته السنة القبلية الأربع صلاها بعد(10/357)
الظهر، ثم صلى ثنتين بعد الظهر، صلى ستا: أربعا الراتبة القبلية وثنتين فقط للبعدية.(10/358)
س: حكم من فاتته السنة القبلية، وهل توافونا بالسنن الراتبة؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: من فاتته السنة القبلية الظهر مثلا يشرع له أن يصليها بعد الصلاة، ثم يصلي السنة البعدية، والراتبة للظهر أربع قبلها تسليمتان، وثنتان بعدها كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، وإن صلى أربعا قبلها وأربعا بعدها فهو أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2) » والسنن الرواتب اثنتا عشرة ركعة: ثنتان قبل الفجر، سنة راتبة قبلها، وإذا فاتت تقضى بعدها، أو بعد طلوع الشمس، وأربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، هذه ثمان، وثنتان بعد المغرب، هذه عشر، وثنتان بعد العشاء، هذه اثنتا عشرة، يقال لها: الرواتب، وقد صح فيها حديث أم حبيبة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى ثنتي عشرة
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (314)
(2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .(10/358)
ركعة في يومه وليلته بنى الله له بيتا في الجنة» وفي رواية: «تطوعا (1) » رواه مسلم في الصحيح. في رواية أخرى للترمذي وجماعة تفسرها: «أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح (2) » هذه يقال لها: الرواتب، وهي سنة مؤكدة. ويسن للمؤمن أيضا صلاة الضحى ركعتان، وإن زاد فهو أفضل، بأن صلى أربعا أو أكثر فهو أفضل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله. روى ذلك مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها، صلاها يوم فتح مكة ثماني ركعات في الضحى عليه الصلاة والسلام، وقال: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (3) » يعني عند شدة الضحى، أي إذا صليت حين شدة الضحى، أي قبل الظهر بساعة أو ساعة ونصف أو نحو ذلك، كان هذا أفضل.
ومن ذلك التهجد بالليل، مثل النوافل التهجد بالليل، ومن جملة ذلك الوتر بركعة واحدة، سواء كان ذلك بعد العشاء قبل النوم أو في وسط الليل أو في آخر الليل، والأفضل في آخر الليل إذا تيسر ذلك،
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة لمن السنة ... برقم (414) ، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة ... ، برقم (1794) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة برقم (1140) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748) .(10/359)
فإن خاف ألا يقوم من آخر الليل صلى في أول الليل بعد العشاء ثلاث ركعات، أو خمس ركعات، أو سبع ركعات، أو تسع ركعات، أو إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، أو أكثر من ذلك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يصليها إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين ويوتر في واحدة، ومن أوتر بواحدة فقط سواء في آخر الليل أو أوله أجزأت، وإن أوتر بأكثر فهو أفضل، كلما زاد في الخير فهو خير له، وأفضل ذلك إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، ومن زاد وأوتر ثلاثا وعشرين في رمضان وغيره فكله لا حرج فيه، ولكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة لأن هذا أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، والأفضل في آخر الليل، وإن أوتر في أول الليل فلا بأس، وإن خاف ألا يقوم في آخر الليل، فالأفضل أن يوتر في أول الليل، ويسن في رمضان صلاة التراويح في أول الليل؛ لأن ذلك أنشط للناس، وخشية ألا يقوموا من آخر الليل، فإذا صلوا أول الليل فهو أفضل كما كان أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وكما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الليالي والصحابة ثم ترك ذلك مخافة أن يفرض عليهم، فإنه صلى بهم في ليلة إلى ثلث الليل، وفي ليلة إلى(10/360)
نصف الليل، وفي ليلة إلى آخر الليل، ثم ترك ذلك خشية أن يفرض عليهم عليه الصلاة والسلام. وقال عليه الصلاة والسلام: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة (1) » هذا فضل عظيم، ويستحب للمؤمن أن يقوم مع الإمام حتى ينصرف في التراويح، وفي العشر الأخيرة يحصل له هذا الفضل العظيم، والسنة للنساء التهجد في البيت لأن صلاتهن في بيوتهن أفضل، ومن خرجت وصلت مع الناس في المساجد فلا بأس، إذا خرجت متسترة متحجبة غير متطيبة فلا بأس، وبيتها خير لها، ولكن إذا خرجت لتجديد النشاط أو لسماع المواعظ كل هذا حسن مع التحفظ والتستر، والحذر من الفتنة، ومن الطيب الذي يسبب الفتنة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لا تمنعوا إماء الله
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375) ، والنسائي، كتاب السهو، باب ثواب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364) ، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان برقم (806) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (1327) .(10/361)
مساجد الله (1) » «وبيوتهن خير لهن (2) »
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء؟ برقم (900) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة ... ، برقم (442) .
(2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5445) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، برقم (567) .(10/362)
س: هل يجب أن نقضي الفوائت من الرواتب وذلك لأمور قد تعرض على المسلم فلا نصلي الراتبة قبل الصلاة أو بعدها؟ (1)
ج: لا يستحب قضاء الرواتب إذا فاتت، فات وقتها، وإذا فات وقتها فاتت إلا الفجر فإن سنتها إذا فاتته قبل الفجر، فالسنة أن يصليها بعد الفجر، أو بعد طلوع الشمس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى ذلك، وفعل ذلك لما نام عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، صلى الفجر مع سنتها، أما سنة الظهر إن فاتت ولم ينتبه إلا بعد خروج الوقت فإنها سنة فات محلها، لكن لو فاتته الراتبة الأولى قبل الظهر صلاها بعد الظهر والحمد لله، وهكذا سنة العشاء لو نسيها
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (327)(10/362)
حتى طلع الفجر سقطت، كذلك سنة المغرب لو نسيها وشغل عنها حتى غاب الشفق سقطت.(10/363)
س: هل يمكن قضاء السنة القبلية بعد الصلاة إن فاتتنا قبلها بسبب التأخر مثلا؟ (1)
ج: نعم، إذا فاتته سنة قبلية مثل سنة الظهر فالسنة أن يصليها بعد الظهر، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه فاتته سنة الظهر القبلية في بعض الأوقات وصلاها بعد الظهر عليه الصلاة والسلام (2) » صلاها ستا: أربعا السنة القبلية، وثنتين السنة البعدية، فالمقصود الذي فاتته، جاء والإمام قد أقام الصلاة إذا فرغ من الصلاة يصلي أربعا السنة القبلية، ثم يصلي ثنتين السنة البعدية، هذا هو الأفضل.
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (295)
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب منه، برقم (426) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب من فاتته الأربع قبل الظهر، برقم (1158)(10/363)
153 - مسألة في حكم من لم يؤد السنن الراتبة
س: السنة قبل وبعد الصلاة إذا لم يؤدها المصلي هل عليه إثم؟ (1)
ج: ليس عليه إثم، هي نافلة كالصلاة مع الفرائض: الظهر، والمغرب
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (286) .(10/363)
والعشاء والعصر، والفجر، كلها نافلة، الواجب خمس صلوات فقط هي الفرائض: الفجر ركعتان، الظهر أربع ركعات في حق المقيم، والعصر أربع ركعات في حق المقيم، والمغرب ثلاث في حق المقيم والمسافر، والعشاء أربع في حق المقيم، وركعتان في حق المسافر، والفجر ثنتان في حق المقيم والمسافر، أما ما معها من الصلوات فهي نافلة، فالظهر قبلها أربع، وبعدها ثنتان، وإن صلى أربعا بعدها فهو أفضل، وسنة العصر قبلها أربع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » في تسليمتين، وسنة المغرب بين الأذان والإقامة ركعتان، والراتبة بعدها ركعتان، وسنة العشاء بعدها ركعتان، وسنة الفجر قبلها ركعتان، وما بين الأذانين من النوافل يقال لها: سنة أيضا، هذه كلها نوافل، من فعلها فله أجر، ومن تركها فلا إثم عليه.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .(10/364)
154 - حكم التساهل في السنن
س: ما هو رأي سماحتكم في الشخص الذي لا يحافظ على السنن، ولا يصليها في كثير من الأحيان؟ (1)
__________
(1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (295)(10/364)
ج: إذا كان يؤدي الواجبات، ويدع المحرمات فالحمد لله، هو بر ومؤمن، وفاته فضل المسارعة إلى الخيرات والمندوبات، هذا فضل المسابقة، هو من الأبرار من أصحاب اليمين، وليس من السابقين حتى يكون عنده نشاط المندوبات والمسارعة إلى الخيرات.(10/365)
س: من الملاحظ عند انتهاء الصلاة خروج بعض المصلين دون أن يؤدوا ركعتين بعد الصلاة، ويعتبرونها غير مهمة أو غير جزء من الصلاة، فما الحكم في ذلك؟ (1)
ج: ليس كلا صلاة بعدها ركعتان، إنما هذا يشرع بعد الظهر وبعد المغرب وبعد العشاء، هذه الأوقات الثلاث يشرع فيها ركعتان؛ بعد الظهر ركعتان، وبعد المغرب ركعتان، وبعد العشاء، وإذا خرج من المسجد وصلاها في البيت فهو أفضل؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصليها في البيت، ويقول: «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (2) » فإذا خرج وصلاها في البيت هذا أفضل، أما إن تركها بالكلية فقد ترك سنة ليست واجبة فلا شيء عليه لكنه ترك المنافسة في
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (111)
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781) .(10/365)
الخير، وترك هذه السنة التي حافظ عليها النبي عليه الصلاة والسلام، فالمشروع للمؤمن أن يأتي بهذه السنة، إما في المسجد وإما في البيت، وفي البيت أفضل، أما أن يتركها بالكلية فهذا لا ينبغي من المؤمن، ولا يشرع له بل المشروع له والأفضل له أن يعتني بهذه النوافل المتأكدة، وأن يحافظ عليها كما حافظ عليها المصطفى عليه الصلاة والسلام، وإن صلى بعد الظهر أربعا فهو أفضل، أما المغرب فراتبتها اثنتان والعشاء كذلك، وكلها في البيت أفضل كما تقدم.(10/366)
155 - بيان ما يكفي من القراءة في صلاة السنة
س: الأخت: س. أ. أمن صنعاء تقول: أنا كنت أصلي ركعتين سنة بعد كل فرض، لكن قال لي بعض الأشخاص بأن صلاة السنة بعد كل فرض يجب أن نقرأ فيها آيات معينة، مثل سورة الكافرون وغير ذلك، فأرجو من سماحة الشيخ إفادتي بشروط صلاة السنة، وأيضا سنة الوتر إذ إني دائما أحب أن أحافظ على هذه السنة، جزاكم الله خيرا. (1)
ج: المشروع للمؤمن والمؤمنة بعد الصلوات الخمس اثنتا عشرة
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (267) .(10/366)
ركعة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام: أربع قبل الظهر تسليمتان، ثنتان بعد الظهر، ثنتان بعد المغرب، ثنتان بعد العشاء، ثنتان قبل صلاة الصبح، هذه الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم حال كونه مقيما في المدينة، ويشرع لكل مؤمن ومؤمنة المحافظة عليها: أربع قبل الظهر تسليمتان، تسليمة بعد الظهر، تسليمة بعد المغرب، تسليمة بعد العشاء، تسليمة قبل صلاة الصبح، والأفضل في البيت، وإن فعلها في المسجد فلا بأس، وإن صلى أربعا بعد الظهر كان أفضل لكن ليست راتبة، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1) » فإذا صلى أربعا بعد الظهر كان أفضل، وقبل العصر أربعا، تسليمتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2) » لكن ليست راتبة، ما كان النبي يحافظ عليها صلى الله عليه وسلم، لكنها مستحبة قبل العصر تسليمتين، ويقرأ فيها الفاتحة وما تيسر، ليس فيها قراءة معينة، الفاتحة تكفي، وتقرأ معها ما تيسر آيات أو سورا قصيرة، ما فيه بأس، ولا يتعين فيها سور معينة، ولا آيات معينة، يقرأ ما تيسر، والله
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .(10/367)
يقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (1) والواجب الفاتحة - الحمد - والزائد سنة. إذا قرأ آيات أو بعض السور بعد الفاتحة كله سنة، لكن بعد العصر ما يصلي بعدها، بعد الفجر لا يصلي بعده، وأنت أيتها السائلة لا تصلي بعد العصر ولا بعد الفجر، لأنه وقت نهي. وفي السفر تسقط هذه الرواتب، إن كان الإنسان مسافرا أو المرأة مسافرة الأفضل عدم صلاة الرواتب، هذه كلها إلا سنة الفجر، المسافر حال سفره الأفضل له ألا يصلي هذه الرواتب حال السفر إلا سنة الفجر فإنه يصليها، كان يصليها في السفر والحضر عيله الصلاة والسلام، سنة الفجر ركعتان قبلها، وهكذا الوتر السنة أن يصليه في السفر والحضر جميعا، كان النبي يحافظ عليه صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر، وأقله ركعة واحدة، وإن صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر كله طيب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يصلي إحدى عشرة يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، وربما صلى ثلاث عشرة في بعض الأحيان، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، ومن صلى أقل أو
__________
(1) سورة المزمل الآية 20(10/368)
أكثر فلا بأس. يسن أيضا صلاة الضحى في السفر والحضر، صلاة الضحى سنة ركعتان أو أكثر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها في بعض الأحيان وأوصى بها بعض أصحابه، فصلاة الضحى سنة دائما بعد ارتفاع الشمس إلى وقوفها قبل الزوال بقليل تترك، والأفضل عند شدة الضحى يعني بارتفاع الضحى - وهي صلاة الأوابين، وفق الله الجميع.(10/369)
156 - حكم الفصل بين الفريضة والنافلة
س: الأخت ف. ع من الأردن تسأل وتقول: أنا أصلي الصلاة المفروضة - أي الفرض - والسنة، وبعد الانتهاء من الصلاة المفروضة فإني أصلي أربع ركعات أو ما زاد عنها مثلا: في كل صلاة مباشرة، فهل تصلح صلاة النفل بعد الانتهاء مباشرة من الصلاة المفروضة؟ وقد ورد في كتاب فقه السنة استحباب الفصل بين الفريضة والنافلة بمقدار ختم الصلاة، نرجو توضيح ذلك مع الشكر (1)
ج: السنة فصل النافلة عن الفريضة، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم فلا يصل بصلاة حتى يتكلم أو يخرج (2) »
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (259)
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (883)(10/369)
فالأفضل للمسلم والمسلمة بعد الصلاة من الفريضة يقول: أستغفر الله - ثلاثا - اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم يأتي بالذكر الشرعي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذا مستحب بعد كل الصلوات الخمس: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، للرجل والمرأة جميعا.
ويستحب مع هذا أيضا أن يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة المغرب، هذه زيادة خاصة بهاتين الصلاتين، ويستحب له بعد ذلك في الخمس الصلوات كلها أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة. الجميع تسع وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
جاء في الحديث أن العبد إذا قالها غفرت خطاياه ولو كانت مثل(10/370)
زبد البحر، وهذا فضل عظيم، يشرع للمؤمن والمؤمنة المحافظة على ذلك. ويستحب بعد هذا أن يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (1)
هذه آية الكرسي، هذه آية واحدة، يستحب للمؤمن والمؤمنة أن يأتي بها بعد كل صلاة، ويستحب له أيضا أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين بعد كل صلاة؛ الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ويكررها ثلاثا بعد الفجر وبعد المغرب، ويكررها ثلاثا عند النوم بعد ما يضطجع على فراشه، يقرأ التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة، ويختم بـ: الله أكبر تمام المائة مرة، تمامها: الله أكبر، أربع وثلاثون تكبيرة، ثلاث وثلاثون تحميدة، وثلاث وثلاثون تسبيحة عند النوم، بدل: لا إله إلا الله في آخرها: الله أكبر، يكمل مائة بـ: الله أكبر، أما بعد الصلاة فيكملها بـ: لا إله إلا الله. أفضل، وإذا أحب أن يصلي بعد الذكر نافلة فلا بأس، لا يقوم مباشرة بعد أن يسلم، لا، بعد الذكر يأتي بالنافلة، والأفضل بعد
__________
(1) سورة البقرة الآية 255
(2) سورة الإخلاص الآية 1(10/371)
الظهر أربع، وإن صلى ثنتين راتبة كفت، وإن صلى أربعا بعد الظهر كذلك فيه فضل عظيم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (1) » وهذا فضل كبير، أما الراتبة فهي أربع قبل الظهر، بتسليمتين وثنتان بعدها، يعني تسليمتين قبلها وتسليمة واحدة بعدها، هذه يقال لها: الراتبة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في الحضر، وإن زاد وصلى أربعا بعد الظهر بتسليمتين بعد الظهر فذلك فيه فضل عظيم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2) » رواه أهل السنن بإسناد صحيح عن أم حبيبة رضي الله عنها. أما بعد العصر فليس بعدها صلاة، وبعد الفجر ليس بعدها صلاة، لا يصلي بعدها لا اثنتين ولا أربعا بعد صلاة العصر وبعد صلاة الفجر، ليس بعدها صلاة لأنه وقت نهي.
أما بعد المغرب يصلي ثنتين هذا الأفضل راتبة، وبعد العشاء ثنتين راتبة، وإن صلى أكثر فلا بأس، الراتبة ثنتان تسليمة واحدة بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء تسليمة واحدة، للرجل والمرأة جميعا. هذه راتبة كان
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .
(2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .(10/372)
يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وإن صلى أكثر بعد المغرب أو بعد العشاء فالأمر واسع والحمد لله، يصلي ما شاء. لكن الراتبة ثنتان بعد المغرب وثنتان بعد العشاء، وإذا أحب أن يصلي بين المغرب والعشاء ركعات كثيرة كله طيب، أو بعد العشاء يتهجد طويلا كله طيب، لكن الراتبة ثنتان بعد العشاء، وثنتان بعد المغرب، والصلاة المفروضة: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، الظهر أربع في حق المقيم، وثنتان في حق المسافر، والعصر أربع في حق المقيم، وثنتان في حق المسافر، والمغرب ثلاث في حق الجميع. والعشاء ثنتان في حق المسافر، وأربع في حق المقيم، والفجر ثنتان في حق الجميع - هذه الفرائض - والجمعة ثنتان كذلك في حق المقيمين. أما النوافل فلا حصر لها، لكن الرواتب التي يشرع أن يحافظ عليها المؤمن اثنتا عشرة كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في حال الحضر والإقامة: أربع قبل الظهر تسليمتان، وثنتان بعد الظهر، هذه ست، وثنتان بعد المغرب، هذه ثمان، وثنتان بعد العشاء، هذه عشر، وثنتان قبل صلاة الصبح، هذه اثنتا عشرة.
هذه الرواتب كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في الحضر، أما في السفر فكان يتركها إلا سنة الفجر، كان في السفر يترك(10/373)
سنة الظهر والمغرب والعشاء، ولكن يصلي سنة الفجر في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام. وأما صلاة أربع قبل العصر فهي مستحبة، ليست راتبة لكن مستحبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (1) » هذه مستحبة وليست براتبة، وإذا صلى قبل المغرب ثنتين أو العشاء ثنتين أيضا مستحبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (2) » إذا صلى بعد الأذان ركعتين، بعد المغرب، بعد العشاء ركعتين، أكثر، كله مستحب طيب، لكن ليس من الرواتب.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .(10/374)
157 - حكم قراءة التشهد في النافلة
س: يقول السائل: إذا صليت السنة هل أقرأ التشهد الأول والأخير أم يكفي التشهد الأول؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: تقرأ التشهد الأخير، تقرأ التحيات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتقرأ الدعاء، والواجب التشهد الأول مع الصلاة على النبي
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (260)(10/374)
صلى الله عليه وسلم، الدعاء سنة ولكن إذا كملت بالدعاء تكون أكمل، تقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. تسأل الله من خير الدنيا والآخرة، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. تكون أكمل كالفريضة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ذهب بعض أهل العلم إلى أنها ركن، وذهب بعضهم إلى أنها واجب، وبعضهم إلى أنها سنة، فينبغي لك أن تأتي بها أيضا في الفريضة والنافلة، التشهد الأخير في الفريضة، والتشهد في النوافل، وتأتي بها في التشهد الأول مع التحيات لعموم الأحاديث في الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام.(10/375)
158 - حكم الفصل بين الفريضة والسنن الراتبة
س: الأخت س. م. م من الرياض تسأل وتقول: ما رأيكم في الفصل بين صلاة الفريضة والنافلة لمدة قد تزيد عن النصف ساعة للذكر ولتلبية بعض أغراض الوالدين؟ (1)
ج: ليس في هذا بأس، كون الرجل أو المرأة يفصل بين الفريضة والنافلة، سواء كانت النافلة قبلها أو بعدها ليس من شرط ذلك أن
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (137) .(10/375)
تتصل، فإذا صلى مثلا الظهر وأخر الراتبة نصف ساعة أو ساعة فلا بأس ما دام الوقت موجودا، وهكذا لو صلى سنة الفجر بعد الأذان بعد طلوع الفجر، ثم تأخر بعض الوقت لحاجات، ثم صلى الفريضة إذا كان في البيت لمرض أو امرأة، أما الرجل فإنه لا بد يخرج إلى المسجد بعد أن يصلي النافلة ويعتني بالجماعة إذا كانت النافلة قبلها، لا يتأخر عن الجماعة، مثل راتبة الظهر لو صلاها في البيت فليس له أن يتأخر حتى يفوت الفريضة مع الجماعة، لو صلاها في البيت أو صلاها في المسجد فالأمر واسع، لكن ليس له أن يتأخر تأخرا يفوته الفريضة، وهكذا في البيت المرأة، وكذا المريض ليس له أن يؤخر الفريضة تأخرا يخرجها عن الوقت، أما إن كان التأخر لا يخرجها عن الوقت بل لحاجة فلا بأس بذلك.(10/376)
159 - حكم تغيير المصلي مكانه لصلاة النافلة
س: هل صح ما يعتمد عليه في أفضلية تغيير المكان عند كل صلاة نافلة؟ (1)
ج: لم يثبت في هذا شيء، جاء في حديث ضعيف يدل على فضل
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (256)(10/376)
الانتقال عن مكان يصلي فيه لكنه ضعيف عند أبي داود لكن فعله جماعة من السلف، وكان ابن عمر يفعله، كان إذا صلى في مكان صلى في مكان آخر، انتقل عنه إلى مكان آخر، وكان يأمر بذلك، فإذا فعله الإنسان فلا بأس، وإن صلى في مكانه فلا بأس، فالأمر واسع والحمد لله، من صلى في مكانه الراتبة فلا بأس، ومن تحول عنه إلى مكان آخر فلا بأس، كله طيب.(10/377)
س: هل صحيح أن من السنة أن يغير المصلي مكانه الذي صلى فيه ليصلي النافلة؟ (1)
ج: جاء في هذا حديث ضعيف، وجاء من فعل ابن عمر، فالأمر فيه واسع من فعله فلا بأس، ومن تركه فلا بأس، والأمر واسع والحمد لله.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (188)(10/377)
س: الأخت ف. أ. ي من الأردن، تسأل السائلة وتقول: يغير بعض الناس أماكنهم بعد الانتهاء من الصلاة لأداء السنة زعما منهم أن(10/377)
المكان سيشهد لهم يوم القيامة؟ (1)
ج: هذا أفضل إذا تيسر وإلا ليس بلازم، إن صلى في مكانة فلا بأس، الحمد لله، ليس فيه سنة ثابتة كونه يغير المكان، لكن إذا تحول عن مكانه فلا حرج في ذلك.
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (412)(10/378)
س: يسأل المستمع ويقول: هناك البعض من الناس بعد صلاة الفريضة في المساجد يتبادل المسلمون الأماكن حتى يصلوا السنة أو النافلة حيث يعتقد البعض أن هذا لأجل أن تشهد له الأرض، هل هذا وارد؟ (1)
ج: ليس له أصل صحيح يعتمد، فيه حديث ضعيف، لكن يصلي في محله والحمد لله، يصلي الراتبة في محله والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (432)(10/378)
160 - حكم صلاة النافلة جماعة
س: هل يجوز أن تؤدى صلاة النافلة جماعة؟ (1)
ج: نعم إذا فعلت بعض الأحيان فلا بأس، وقد زار النبي صلى الله
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (406)(10/378)
عليه وسلم بعض أصحابة وصلى بهم جماعة عليه الصلاة والسلام فإذا فعل إنسان، زار إنسان بعض إخوانه وصلى بهم جماعة الضحى مثلا فلا بأس، أما اتخاذه عادة جماعة مرتبة فلا.(10/379)
161 - حكم الإقامة لصلاة النافلة
س: يقول هذا السائل: هل صلوات السنة أو ركعات السنة هل لهن إقامة؟ (1)
ج: ليس لها إقامة، الإقامة للفرائض، أما النوافل ما لها إقامة، صلاة الكسوف ما لها إقامة، صلاة الاستسقاء ما لها إقامة، صلاة العيد ما لها إقامة، الإقامة للصلوات الخمس، لها أذان وإقامة.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (418)(10/379)
162 - بيان معنى اتخاذ العبادة عادة
س: قرأت في أحد الكتب عبارة وهي: لا تجعل من عبادة الله عادة، كيف يجعل المسلم من عبادة الله عبادة له سبحانه، وليست عادة اعتادها؟ جزاكم الله خيرا. (1)
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (324)(10/379)
ج: المعنى: لا تصلها كعادة، صلها قربة تتقرب بها إلى الله لا من أجل العادة، يعني إذا صليت الضحى صلها لأجل التقرب إلى الله، ليس لأنها عادة، وهكذا إذا صليت التهجد بالليل صلها لأنها قربة، لأنها طاعة، لا بمجرد العادة، أو لأنها فعلها أبوك أو أمك، لا بل صل تقربا إلى الله، تصليها لأنها عبادة وطاعة لله، صلاة الضحى، صلاة الليل، النوافل مع الصلوات.(10/380)
163 - حكم صلاة النافلة في السفر
س: هل بعد صلاة القصر سنة أم لا؟ (1)
ج: الأفضل ترك السنة إذا قصر الظهر أو العصر أو العشاء، الأفضل ألا يصلي الراتبة، ولكن يصلي سنة الفجر والوتر في السفر، كل هذا سنة، أما سنة الظهر والمغرب والعشاء فالأفضل تركها، والنبي عليه الصلاة والسلام كان لا يصلي الراتبة للظهر والمغرب والعشاء.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (23)(10/380)
س: هل تسقط السنن الرواتب في السفر من غير ركعتي الفجر والوتر حيث إنني أرغب المحافظة عليها في سفري، فإذا صليت السنن(10/380)
الرواتب وحافظت عليها في السفر هل في ذلك بأس (1) ؟
ج: الأولى تركها في السفر إلا سنة الفجر تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي سنة الفجر معها، أما سنة الظهر والمغرب والعشاء والعصر أفضل تركها لأن الله خفف على المسافر نصف الصلاة، فيترك التطوعات التي مع الفريضة، أما كونه يصلي صلاة الضحى أو سنة الوضوء أو التهجد بالليل، فهذا باق يفعله المسافر وغيره، كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد من الليل، يصلي الضحى وهو مسافر لكن سنة الظهر القبلية والبعدية، وسنة العصر قبلها، وسنة المغرب بعدها، وسنة العشاء بعدها الأفضل تركها في السفر، إذا كان محكوما بالسفر، إذا كان أذن له بالقصر، مسافة ثمانين كيلو فأكثر.
__________
(1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (371) .(10/381)
164- حكم السنة الراتبة للمسافر إذا صلى خلف المقيم
س: هل على المسافر سنة الراتبة إذا صلى مع الذين يتمون (1) ؟
ج: إذا صلى مع المتمين فالأفضل أن يأتي بالراتبة لأنه صار له حكم المقيمين فيصلي الراتبة، وإن ترك فلا بأس، لكن إذا أتم فالأفضل أن
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (16) .(10/381)
يأتي بالراتبة، وإن قصر فالأفضل ترك الراتبة للظهر والعشاء، أما الفجر فإن سنتها ثابتة في السفر والحضر، وهكذا الوتر المسافر يوتر ويصلي سنة الفجر، أما سنة المغرب وسنة الظهر وسنة العشاء فالأفضل تركها للمسافرين إذا قصروا.(10/382)
165- بيان معنى صلاة التطوع
س: ما هو الفرق بين طلاة التطوع وصلاة النفل وصلاة الراتبة (1) ؟
ج: كلها تطوع، النفل والراتبة والتطوع شيء واحد، الرواتب الصلوات المشروعة مع الفرائض كسنة الظهر، وسنة العصر، وسنة المغرب، وسنة العشاء، وسنة الفجر، والوتر، كلها رواتب وكلها تطوع، صلاة الضحى تطوع، صلاة الوضوء، إن توضأ صلى ركعتين تطوعا، كل هذا يقال له: نافلة، ما عدا الخمس المفروضة فتطوع، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم سأله بعض الناس لما أخبره عن الصلوات الخمس قال له السائل: «هل علي غيرها؟ قال: "لا إلا أن تطوع (2) » فالتطوع هو النافلة وهو ما زاد على الخمس: الظهر والعصر والمغرب
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (329) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، برقم (46) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم (11) .(10/382)
والعشاء والفجر، يقال له: تطوع، مثل صلاة الضحى، والرواتب مع الفرائض، وتحية المسجد، وصلاة الليل، الوتر، وصلاة الضحى كلها تطوع، ويلحق بالخمس صلاة العيد فهي فرض على الصحيح، أما صلاة الجمعة فهي إحدى الخمس فرض في يومها لأنها إحدى الصلوات الخمس، أما صلاة الاستسقاء فهي تطوع، صلاة الاستغاثة تطوع، تحية المسجد تطوع، صلاة الجنازة فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين، إذا قام بها ولو واحد مكلف سقطت عن الباقين صلاة الجنازة.(10/383)
166- بيان معنى السنة الراتبة
س: ما هو الفرق بين الألفاظ التالية: راتبة، نافلة، مؤكدة (1) ؟
ج: الراتبة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أو فعل ما يدل على أنها راتبة هي ما يداوم عليها صلى الله عليه وسلم، مثل سنة الظهر والمغرب والعشاء والفجر هذه يقال لها: رواتب، سنة الجمعة؛ لأن الرسول راتب عليها عليه الصلاة والسلام وواظب عليها، والنافلة هي التي غير الفريضة، تطلق على كل عبادة غير واجبة، الصوم والصلاة
__________
(1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (295) .(10/383)
والصدقات ونحو ذلك يقال لها: نافلة، كل عبادة غير واجبة يقال لها: نافلة، كسنة الضحى، والرواتب التي مع الصلوات، سنة الوتر، صوم الاثنين والخميس، صوم ستة من شوال هذه يقال لها: نوافل، الصدقة من المال غير الواجبة يقال لها: نافلة، أما المؤكدة فهي السنة المؤكدة التي ليست المطلقة، بل المؤكدة مثل الرواتب سنة مؤكدة، الوتر سنة مؤكدة، صلاة الضحى سنة مؤكدة.(10/384)
167- بيان الفرق بين صلاة الفرض وصلاة النافلة
س: هل هناك فوارق بين صلاة الفرض والنافلة (1) ؟
ج: نعم هناك فرق: النافلة مستحبة، والفرض واجب، والنافلة إذا تركها لا يأثم، لو ترك صلاة الضحى أو صلاة الوتر، أو راتبة الظهر أو الفجر أو المغرب أو العشاء لم يأثم، والفريضة يأثم إذا تركها، بل يكفر إذا ترك الفريضة وتعمد تركها، والنافلة الصلاة يجوز أن يصليها جالسا ولو كان صحيحا، والفريضة ليس له أن يصليها جالسا إلا عند العذر عند المرض والعجز، أما النافلة لو صلى جالسا فلا بأس، كما كان النبي يصلي جالسا في صلاة الليل، ويقول: «من صلى قائما فهو أفضل ومن
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (377) .(10/384)
صلى قاعدا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد (1) » صلى الله عليه وسلم، فإذا صلى في الليل أو في النهار جالسا في النافلة فلا حرج، أما الفريضة فلا بد أن يصلي قائما لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمران: «صل قائما (2) » يقول لعمران بن الحصين رضي الله عنه: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (3) » «فإن لم تستطع فمستلقيا (4) » هذا في حق الفريضة، أما النافلة فلا حرج أن يصلي جالسا، إذا تكاسل وجلس فلا حرج.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب صلاة القاعد، برقم (1116) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز النافلة قائما وقاعدا، وفعل بعض الركعة قائما وبعضها قاعدا، برقم (735) .
(2) صحيح البخاري الجمعة (1117) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) .
(4) قال الشيخ عبد العزيز بن قاسم - المعتني بإخراج حاشية سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله على بلوغ المرام -: (لم أجد هذه الزيادة من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه في سنن النسائي، ولا في غيرها من كتب الحديث المطبوعة بعد البحث والتقصي، ومن نسبها للنسائي لعله اعتمد على ما ذكره المجد في المنتقى (ص 238) والله أعلم) اهـ حاشية سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على بلوغ المرام (1/242) .(10/385)
168- مسألة في الفرق بين النافلة والسنة
س: يقول هذا السائل: ما الفرق بين السنة والنافلة فقد اختلط على كثير من الأشخاص معنى كل منهما عند كثير من المسلمين (1) ؟
ج: النافلة هي التي لم يفرضها الله، تسمى نافلة، مثل صلاة الضحى، والوتر والرواتب وسنة الوضوء هذه يقال لها: نافلة، أما صلاة الظهر الفريضة والعصر والمغرب فهذه يقال لها: فريضة والحج الأول يسمى فريضة، والحج الثاني للشخص يسمى نافلة، والصوم يوم الاثنين والخميس نافلة، وصوم رمضان فريضة، وهكذا، والسنة فيها تفصيل: تطلق السنة على كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريره، ويقال لها: سنة وتطلق على النافلة وتسمى صلاة الضحى سنة، وتسمى نافلة، فالسنة المرادفة للنافلة في بعض الأحيان، فتطلق على ما ليس بفرض، وهو مشروع مثل صلاة الضحى، والوتر يقال لها: سنة يعني ليس بواجب، وتطلق السنة على أفعال النبي وأقواله وسيرته عليه الصلاة والسلام، وتطلق السنة على ما يخالف البدعة يقال مثلا: صيام الاثنين والخميس سنة، تخصيص رجب بالصيام أو الجمعة بالصيام بدعة
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (401) .(10/386)
صيام السنة كلها بدعة، والرسول نهى عنه، ليس بقربة، قال: «لا صام من صام الأبد (1) » فإذا صام ثلاثة أيام من كل شهر، وصام يوم الاثنين والخميس هذا يقال لها: سنة هذه وجوه السنة، تطلق على النافلة، وعلى ما هو مشروع وليس بواجب، وعلى ما هو ضد البدعة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب حق الأهل في الصوم، برقم (1977) ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقا....، برقم (1159) .(10/387)
س: هل هناك فرق بين صلاة التطوع وصلاة النفل وصلاة الراتبة (1) ؟
ج: كلها تطوع، النفل والراتبة كلها تطوع، تسمى تطوعا ما عدا الخمس الصلوات تسمى تطوعا سواء كانت ضحى أو وترا أو رواتب، كلها تسمى تطوعا.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (362) .(10/387)
169- حكم صلاة الفريضة في جماعتين
س: إذا صليت فريضة معينة في جماعتين هل يجوز ذلك أم لا (1) ؟
ج: الأولى لك فريضة واحدة، والثانية نافلة، إذا صليت فريضة
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (322) .(10/387)
مع قوم ثم جاء آخرون فصليت معهم صارت الثانية نافلة والأولى هي الفريضة.(10/388)
170- حكم الشرب في صلاة النافلة
س: ع. ع. م الجوف: ما حكم شرب الماء اليسير في صلاة النافلة؟ ونرجو أن يكون ذلك مدعما بالدليل (1) ؟
ج: أما شرب الماء في صلاة الفريضة فممنوع، وهكذا الأكل؛ لأن الصلاة فيها شغل عن الأكل والشرب وكلام الناس، والواجب الطمأنينة فيها، والإقبال عليها، أما في النافلة فأجاز هذا بعض أهل العلم، ومنعه آخرون، وروي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان يشرب في صلاة النافلة؛ لأنه كان يطيل الصلاة والتهجد، ولا أعلم دليلا واضحا في إجازة الشرب أثناء الصلاة، والصلاة فيها شغل، فالذي يظهر لي - والله أعلم - أن ترك ذلك أولى وأحوط في النافلة كما يترك في الفريضة، والنافلة الحكم فيها كالفريضة إلا ما خصه الدليل، ولا أعلم دليلا واضحا من كتاب أو سنة يدل على جواز شرب الماء في النافلة، والذي أراه لإخواني ترك ذلك كما يترك بالفريضة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (7) .(10/388)
171- بيان ما يفعله المصلي إذا ناداه أحد أبويه
س: إذا دخلت في صلاة النافلة وناداني أبي أو أمي فهل أجيب أم أستمر في الصلاة (1) ؟
ج: عليك أن تقول: سبحان الله، سبحان الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه إنما التصفيق للنساء (2) » كان في شرع من قبلنا أن جريحا أمر أن يجيب أمه وعوقب لما أهملها ولم يجبها، أما في شرعنا فالله جل وعلا رخص لنا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول من نابه شيء في صلاته: سبحان الله، والمرأة تصفق. فقل ذلك حتى يعلم أبوك أو غيره أنك تصلي، فيعذرونك فإن كان حادث يوجب قطع الصلاة قطعتها إذا طلبوك لأمر، لإنقاذهم من حريق، أو من موت، أو من خطر، فاقطعها ولو فريضة، أنقذهم ثم عد للصلاة، أما إذا كان ما هناك خطر تقول: سبحان الله. والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (307) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول، برقم (684) ومسلم في كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، برقم (421) .(10/389)
172- حكم انتظار طلوع الشمس في موضع آخر من المسجد غير الذي صلى فيه
س: الحديث الذي معناه بأن الذي يصلي الفجر في جماعة ثم يجلس في مكانه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم يصلي ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة، هل معنى ذلك بأن الذي يغير المكان في المسجد في مكان أكثر راحة وهدوءا يحجب عن هذا الفضل (1) ؟
ج: الظاهر أنه لا يحجب؛ لأن المسجد كله مصلى، فإذا انتقل من مكان إلى مكان ليستند على عمود أو غيره أو لأنه أريح وأبعد عن هؤلاء القراء حتى لا يشوش عليهم كله لا بأس، يحصل له الفضل إن شاء الله.
__________
(1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم (433) .(10/390)
س: هذا الأخ ن. ع. أ. يقول: سماحة الشيخ، من صلى صلاة الفجر في المسجد في جماعة، وجلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين سنة بعد شروق الشمس هل تحسب له حجة وعمرة (1) ؟
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (43) .(10/390)
ج: نعم، جاء في الحديث ما يدل على هذا، الحديث له طرق جيدة، فإذا جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كان له حجة وعمرة تامة.(10/391)
173- حكم الاستمرار على قراءة سورة الكافرون في النوافل
س: السائل مصري ومقيم بالمملكة يقول: أنا أحب أن أقرا سورة الكافرون باستمرار وبالذات في صلاة السنة أو الضحى، ولكن ليس دائما، ولكن في أغلب الأوقات وذلك لأنني عند قراءتها أشعر بالإيمان والتبرؤ من الكفر، فهل هذا جائز أم لا (1) ؟
ج: لا حرج والحمد لله، تقرؤها متى شئت مع إحدى سورتي الإخلاص، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) في سنة الفجر، وسنة المغرب وفي سنة الطواف، كان يقرأ بهما عليه الصلاة والسلام، {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (3) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) في الثانية بعد الفاتحة، فهي سورة عظيمة، وإذا قرأت بها كثيرا فلا بأس.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (369) .
(2) سورة الإخلاص الآية 1
(3) سورة الكافرون الآية 1
(4) سورة الإخلاص الآية 1(10/391)
174- حكم صلاة الضحى
س: ما حكم صلاة الضحى؟ فقد سألت عنها شخصيا أكثر من طالب علم، فأجابوني بعدة إجابات مختلفة، فمنهم من قال: إن الأحاديث التي وردت فيها غير صحيحة، فتترك، ومنهم من قال: بل تصلى، ومنهم من قال: يصليها من شاء متى شاء، العدد الذي يريد. ومنهم من قال: تصلى يوما وتترك يوما. لذا لجأت إلى برنامج نور على الدرب أرجو أن ينير الله لنا الطريق، وأرجو أيضا ألا ألتمس الإجابة من غيره؟ وفقكم الله (1)
ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة وأقلها ركعتان، وأفضلها ثمان، فإن زاد فلا بأس، عشرا أو ثنتي عشرة، أو أكثر من ذلك فلا بأس، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه صلاها ثماني ركعات يوم الفتح (2) » وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أوصى بذلك أبا الدرداء، وأبا هريرة فقد جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوصى أبا هريرة وأبا
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (40) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، برقم (357) ومسلم في كتاب الحيض، باب تستر المغتسل بثوب ونحوه، برقم (336) .(10/392)
الدرداء بثلاث: صلاة الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والوتر قبل النوم وثبت في الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صدقة أهل الدثور - أهل الأموال - وأنهم سبقوا بالصدقة بأموالهم قال: «أوليس قد جعل الله ما تصدقون به؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة (1) » وفي رواية قال: «ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (2) » هذا يدل على أن ركعتين من الضحى تقوم مقام الصدقات التي يشرع للمؤمن أن يدفعها عن مفاصله وأعضائه، ودل ذلك على تأكدها وأنها صلاة عظيمة مؤكدة فيها خير عظيم، ويستحب فعلها كل يوم قال بعض السلف: إنها تفعل يوما بعد يوم، ولكن الصواب أنها تفعل كل يوم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بها وحث عليها، فدل ذلك على أنها سنة كل يوم إذا تيسر ذلك، ولكنها غير واجبة من تركها بعض
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب بيان اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف برقم (1006) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720) .(10/393)
الأحيان فلا بأس، ولو تركها دائما فلا بأس؛ لأنها سنة مؤكدة مثل الوتر، مثل رواتب الفريضة، مثل سنة الظهر والمغرب والعشاء والفجر، كلها سنن، كلها نوافل لو تركها العبد لا إثم عليه، لكن الأفضل والأولى أن يحافظ عليها، وأن يعتني بها لأن فيها أجرا عظيما، ولأنها تكمل بها الفرائض، وصلاة الضحى من ذلك فهي سنة مؤكدة في جميع الأوقات، أما كون النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يحافظ عليها فلعله فعل ذلك لئلا يشق على أمته، لأنه لو حافظ عليها لازداد تأكدها، وربما شق على بعض الناس ذلك، ولمشاغله الكثيرة عليه الصلاة والسلام، ولأن السنة لها وجوه ثلاثة تثبت بالقول وتثبت بالفعل، وتثبت بالتقرير، فالنبي صلى الله عليه وسلم فعلها وأقر عليها وأوصى بها عليه الصلاة والسلام كل هذا فعله عليه الصلاة والسلام، فعلها في يوم الفتح، وفعلها في أوقات أخرى، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله (1) » رواه مسلم. وفعلها الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فدل ذلك على أنها سنة مؤكدة، أقر عليها وأوصى بها وفعلها عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719) .(10/394)
س: ما حكم صلاة الضحى، هل هي سنة أم واجبة (1) ؟
ج: صلاة الضحى سنة وليست واجبة، الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الصلوات الخمس: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، قال السائل: «هل علي غيرها؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لا. إلا أن تطوع (2) » ليس عليه إلا الخمس في اليوم والليلة إلا أن يتطوع، فصلاة الضحى والرواتب التي مع الصلوات الخمس وصلاة الليل كلها مستحبة حتى الوتر مستحب على الصحيح فإنه سنة مؤكدة وليس بواجب عند جمهور أهل العلم.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (6) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، برقم (46) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم (11) .(10/395)
175- حكم المداومة على صلاة الضحى وبيان وقتها
س: هل صلاة الضحى تصلى كل يوم، وهل هي من السنن الرواتب أم لا (1) ؟
ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة، والنبي أوصى بها عليه الصلاة والسلام، أوصى بعض أصحابه، أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (30) .(10/395)
عنهما بصلاة الضحى، وكان يصليها بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، فهي سنة مؤكدة، أوصى بها عليه الصلاة والسلام، فإذا تيسر للمؤمن والمؤمنة فعلها فهذا خير عظيم ولكن غير لازمة، لو فعلها بعض الأحيان وتركها بعض الأحيان أو تركها بالكلية فلا حرج، لكنها سنة مؤكدة مثل سنة الفجر، ومثل سنة الظهر، وسنة المغرب، وسنة العشاء كلها سنن مؤكدة فيها خير عظيم ولكنها غير فريضة لو تركها الإنسان لا يأثم، والأفضل أن تكون بعد ارتفاع النهار، إذا اشتد النهار وارتفع النهار قبل زوال الشمس بنصف ساعة، المقصود أنه إذا ارتفع الضحى أفضل، وإن صلاها مبكرا بعد ارتفاع الشمس قيد رمح حصل المقصود وإن أخرها حتى يرتفع النهار فهو أفضل، ثنتين أو أربع ركعات أو ست ركعات أو ثماني ركعات ليس لها حد لكن أقلها ركعتان وإذا صلى أكثر فلا بأس.(10/396)
176- بيان تسمية صلاة الضحى بصلاة الأوابين
س: ما هي صلاة الأوابين، وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يداوم على صلاتها؟ وماذا كان يقرأ فيها (1) ؟
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (383) .(10/396)
ج: صلاة الأوابين صلاة الضحى، إذا اشتد الضحى هذه صلاة الأوابين، إذا اشتد الضحى سن لكل أحد أن يصلي صلاة الضحى، ركعتان، وإن زاد فلا بأس النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة رضي الله عنه ووصى أبا الدرداء رضي الله عنه بركعتي صلاة الضحى، وقال عليه الصلاة والسلام: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (1) » أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فجعل ركعتين تقومان مقام هذه الصدقات، وهذه التسبيحات والتكبيرات، وربما صلى الضحى صلى الله عليه وسلم أربعا وربما صلاها ثمانيا عليه الصلاة والسلام، صلاها يوم الفتح ثماني ركعات أربع تسليمات قالت عائشة: «كان يصليها أربعا ويزيد ما شاء الله (2) » يعني بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، وما كان يداوم عليها لئلا يشق على أمته، فقد يترك العمل وهو يحب أن يعمله مخافة المشقة على أمته، لكن دلت السنة القولية على أن المواظبة عليها والمحافظة عليها سنة مؤكدة، كونه
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719) .(10/397)
يحافظ على صلاة الضحى سنة مؤكدة من وصية النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه أوصى بها عليه الصلاة والسلام.(10/398)
177- بيان فضل صلاة الضحى وسنيتها
س: تسأل امرأة فتقول: قرأت في كتاب (زاد المعاد في هدي خير العباد) أن سنة الضحى مختلف عليها، هل هي سنة أم لا؟ وقال بعضهم: إنها بدعة، فما هو الأرجح؟ جزاكم الله خيرا، وهل الأفضل أن تصلى كل يوم أو يوما بعد يوم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة، وقد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما، وصلاها صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله (2) » رواه مسلم في الصحيح. وصلاها يوم الفتح، الضحى ثماني ركعات يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: «يصبح على كل سلامى من الناس صدقة» والسلامى المفصل «يصبح على كل
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (316) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719) .(10/398)
سلامى من الناس صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تهليلة صدقة، والأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (1) » هذا فضل عظيم، ركعتان من الضحى تؤديان هذه الصدقات، فصلاة الضحى سنة مؤكدة كل يوم، فمن قال: إنها بدعة، أو لا تصلى إلا بعض الأحيان فقد غلط، الصواب أنها سنة، تفعل في البيت أفضل، ركعتان أقلها ركعتان، وإن صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر فكله طيب، لكن أقلها ركعتان، وإن زاد فسلم من كل ثنتين فهذا خير، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلاها أربع ركعات، وصلاها ثماني ركعات، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة المحافظة على صلاة الضحى، هذا هو السنة، وأقل ذلك ركعتان، والأفضل عند شدة الضحى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال (2) » الأوابين: يعني الرجاعين إلى الله من أهل العبادة، صلاتهم عند شدة الضحى، عند ارتفاع الضحى، إذا اشتد حر الأرض على فصال الإبل - يعني أولاد
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748) .(10/399)
الإبل صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال؛ يعني قبل الظهر بساعتين، ساعة ونصف، ثلاث ساعات، هذا هو الأفضل، وأول وقتها عند ارتفاع الشمس، إذا صلاها بعد ارتفاع الشمس حصل المقصود، وإذا صلاها إذا رمضت الفصال فهذا أفضل، وإن صلى في الوقتين كله خير.(10/400)
178- بيان أول وقت صلاة الضحى وآخره
س: متى تبدأ وتنتهي صلاة الضحى، وصلاة قيام الليل؟ والوقت بالساعة تقريبا لو تكرمتم (1) ؟
ج: الضحى تبتدئ بارتفاع الشمس قيد رمح إلى اقتراب الزوال، ولكن الأفضل أن يصليها عند شدة الضحى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (2) » يعني حين تشتد الرمضاء على أولاد الإبل، هذا هو الأفضل، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس قيد رمح حصلت السنة، وإذا كان قرب الزوال وقف عن ذلك، لأنه حينئذ تقف الشمس، يسمى وقت الوقوف، وذكر النبي أنها تسجر فيها جهنم، فالحاصل أنه عند قرب الزوال لا يصلي، هذا من أوقات النهي، وهو
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (190) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748) .(10/400)
وقت قصير نحو ربع ساعة أو ثلث ساعة تقريبا قبل الزوال قبل أن تميل إلى جهة المغرب، يقال له: وقت الوقوف، فلا ينبغي له أن يتطوع في هذه الحالة بشيء من الصلاة، بل يمسك حتى تزول الشمس، يعني يمسك عن الصلاة التنفل حتى تزول الشمس عند قرب الزوال.(10/401)
س: يذكر ويطلب الوقت بالساعة تقريبا لو تكرمتم (1)
ج: هذا يختلف على كل حال، الليل يختلف والنهار يختلف، فإذا كان بعد طلوع الشمس ربع ساعة تقريبا ارتفعت الشمس ربع ساعة تقريبا، تكون الشمس مرتفعة، وإذا بقي على الظهر نحو نصف ساعة ينبغي التوقف احتياطا عن الصلاة حتى تزول الشمس، أما في الليل فإذا غاب الشفق دخل وقت العشاء، الشفق الأحمر للمغرب، الشفق الأحمر هذا يكون في جهة الغرب، فإذا غاب وانتهى دخل وقت العشاء وخرج وقت المغرب، وإذا صلى العشاء دخل وقت التهجد، إذا صلى العشاء ولو مبكرا ولو مجموعة مع المغرب كالمسافر والمريض، إذا صلاها جمعا في السفر والمرض دخل وقت التهجد إلى طلوع الفجر، كله وقت تهجد، وإذا صلاها في الوقت دخل وقت التهجد بعد صلاة
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (190)(10/401)
العشاء، وبعد السنة الراتبة يصلي سنتها ثنتين، وبذلك يدخل وقت التهجد في أول الليل وفي وسطه وفي آخره، لكن كونه يصلي في آخر الليل، في الثلث الأخير يكون أفضل حتى يوافق النزول الإلهي.(10/402)
س: وما هو آخر وقت التهجد (1) ؟
ج: طلوع الفجر، لكن من فاته ورده في الليل شرع له أن يصليه من النهار، الضحى من النهار شفعا لا وترا، إذا كان عادته ثلاثا يصليها أربعا تسليمتين، وإذا كان عادته خمسا صلاها ثلاث تسليمات ستا، يعني يشفع بواحدة لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (2) » وكانت عادته في الغالب إحدى عشرة ركعة في الليل، إذا صلى في النهار صلاها ثنتي عشرة ركعة، يعني زاد ركعة شفعها - اللهم صل عليه - لأن النهار ليس محل وتر.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (190) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746) .(10/402)
س: الأخت س. ص. من مصر تسأل وتقول: ما هي الفترة الزمنية(10/402)
التي يمكننا فيها صلاة الضحى (1) ؟
ج: الفترة التي شرع فيها صلاة الضحى هي ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوفها في وسط السماء، هذا هو وقت صلاة الضحى، والأفضل إذا اشتد الضحى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (2) » يعني حين تشتد الشمس وتجد الفصال وهي أولاد الإبل - حرارة الشمس، وإذا صلاها بعد ارتفاع الشمس مبكرا فقد أدرك صلاة الضحى، وله أن يصليها في جميع أجزاء وقت الضحى إلى وقوف الشمس قبل الزوال بنحو نصف ساعة أو قريبا من ذلك، هذا هو وقت وقوف الشمس في عين الناظر، وذلك إذا توسطت في كبد السماء قبل أن تميل إلى الغرب، هذا يسمى وقت الوقوف، ولا يجوز من المسلم أن يتطوع فيه بالصلاة من غير ذوات الأسباب، أما ذوات الأسباب كصلاة الكسوف وتحية المسجد وصلاة الطواف بمكة فهذه وأشباهها من ذوات الأسباب، الصواب فيها أنه لا حرج في فعلها في وقت النهي، هذا هو الأصح من قولي العلماء، فإذا طاف بعد العصر
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (156) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748) .(10/403)
الكعبة المشرفة أو بعد الصبح قبل الشمس فلا بأس أن يصلي ركعتين، وهكذا لو كسفت الشمس عصرا شرع للمسلمين صلاة الكسوف في أصح قولي العلماء، وهكذا إذا دخل المسجد بعد الفجر أو بعد العصر للجلوس فيه لطلب العلم أو غير ذلك، فإن السنة أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1) » ولم يستثن وقتا من وقت عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأرجح والله ولي التوفيق.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما....، برقم (714) .(10/404)
س: تسأل المستمعة ع من جازان وتقول: متى يكون وقت صلاة الضحى؟ ومتى ينتهي وقته (1) ؟
ج: صلاة الضحى من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوفها، كما بينه النبي في حديث عمرو بن عبسة: إذا ارتفعت الشمس قيد رمح يصلي ما بدا له حتى تقف الشمس، إلى وقوف الشمس، فإذا زالت دخل وقت العبادة إلى أن يصلي العصر.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (390) .(10/404)
س: نرجو أيضا من سماحتكم أن تحددوا وقت صلاة الضحى (1) ؟
ج: صلاة الضحى تبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح بعد طلوعها بربع ساعة تقريبا، تبدأ الصلاة وتنتهي عند وقوف الشمس، إذا كانت الشمس في وسط السماء لم تمل إلى الغروب توسطت السماء هذا الوقوف محل النهي عن الصلاة، وذلك الوقت تسجر فيه جهنم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فينهى عن الصلاة فيه، لكن الأفضل أن يصلي الضحى إذا رمضت الفصال، إذا اشتد الضحى، إذا ارتفع الضحى، هذا هو الأفضل، وإن كان جالسا في المسجد إلى طلوع الشمس فالأفضل أن يصلي ركعتين عند قيامه للخروج بعد ارتفاع الشمس أو في بيته إذا جلس في بيته بعد الفجر، إذا انتهى وطلعت الشمس يصلي ركعتين تكفي عن صلاة الضحى، وإن صلى بعد ذلك إذا اشتد الضحى فهذا مما يزيده خيرا وفضلا.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (319) .(10/405)
س: ما وقت صلاة الضحى؟ وهل هناك آيات بعينها كان يقرؤها في هذه الصلاة (1) ؟
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (371) .(10/405)
ج: صلاة الضحى ما بين أن ترتفع الشمس قيد رمح إلى أن تقف قرب الظهر كله ضحى، فإذا صلاها بعد ارتفاع الشمس بعد الشروق فقد صلاها صلاة الضحى مبكرا، والأفضل أن تكون عند شدة الضحى، الأفضل أن يصليها حيث يشتد الضحى قبل الظهر بساعتين أو ساعة ونصف ساعة أكثر لا بأس هو الأفضل قبل الظهر بساعة بساعتين أفضل شدة الضحى، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس وجلس في مسجد حتى ارتفاع الشمس حصل به صلاة الضحى مبكرا، وهكذا لو كان في البيت وصلاها بعد ارتفاع الشمس، كل ذلك حسن.(10/406)
179- بيان أفضل وقت لصلاة الضحى وعدد ركعاتها
س: تقول السائلة: ما هو وقت صلاة الضحى بالضبط، وما هو عدد ركعاتها، وهل لها دعاء خاص بها (1) ؟
ج: صلاة الضحى مستحبة، وتبتدئ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس، وأفضلها إذا اشتد الضحى لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (2) » فالأفضل عند شدة الضحى قبل
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (168) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748) .(10/406)
الظهر بساعة أو ساعتين، هذا هو الأفضل، وإذا صلاها المسلم أول الصباح بعد ارتفاع الشمس قيد رمح أو في بقية أجزاء الضحى كل ذلك حسن والحمد لله، وأقلها ركعتان ولا حد لأكثرها، وبعض أهل العلم قال: أكثرها ثمان، ولكن لا دليل على ذلك، إذا صلى ثمانيا أو أكثر أو أقل كل ذلك لا حرج فيه والحمد لله، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى يوم الفتح ثماني ركعات عليه الصلاة والسلام، وكان يصلي ركعتين إذا زار قباء يوم السبت ضحى عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أن أقلها ركعتان، ولا حد لأكثرها، وإذا صلاها ثمانيا يسلم من كل ثنتين، هذا حسن موافق لفعل النبي صلى الله عليه وسلم لما صلاها بمكة المكرمة حين الفتح، وإن صلى اثنتي عشرة أو صلى عشرين أو صلى أكثر فإنه يسلم من كل ركعتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1) » رواه أحمد وأهل السنن بإسناد حسن من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فالحاصل أن صلاة الضحى مشروعة وسنة، وقربة عظيمة، وقد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، وهي سنة مؤكدة، تبتدئ من ارتفاع
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/407)
الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس؛ يعني إلى ما قبل الزوال بنحو ثلث ساعة أو نصف ساعة تقريبا.(10/408)
180- بيان وقت الزوال
س: تقول السائلة أختكم أم عبد الرزاق: أسمع بوقت الزوال، فما هو هذا الوقت؟ وهل صحيح أن صلاة الضحى اثنتا عشرة ركعة، وأن وقت صلاة الضحى إلى ما قبل صلاة الظهر بربع ساعة (1) ؟
ج: الزوال ميل الشمس إلى جهة الغرب، الشمس تسير من المشرق إلى المغرب، فإذا زالت إلى جهة المغرب هذا هو الزوال، وإذا توسطت هذا هو الوقوف، وقت النهي، وصلاة الضحى أقلها ركعتان، وليس لأكثرها حد، ووقتها ما بين وقوف الشمس وارتفاعها كله ضحى، النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بركعتي الضحى، وصلى يوم الفتح صلاة الضحى ثماني ركعات عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الخامس والسبعون من الشريط رقم (433) .(10/408)
181- بيان صفة صلاة الضحى وعدد ركعاتها
س: سؤال عن صلاة الضحى وعن وقتها وعن عدد ركعاتها، جزاكم(10/408)
الله خيرا (1)
ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة، وقد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه، وقال عليه الصلاة والسلام: «فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (2) » فهذا يدل على تأكدها وهي ركعتان، وإن صلى أربعا أو أكثر فكله طيب، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى ثمانيا صلاة الضحى، لما دخل مكة صلى الضحى، صلاها ثماني ركعات، يسلم كل ثنتين، فالمقصود أن سنة الضحى مستحبة ومتأكدة دائما، وإن صلاها في بعض الأوقات وترك بعض الأوقات لا بأس، ولكن الأفضل أن يحافظ عليها دائما، وأقلها ركعتان، ومن صلى أكثر فأجره أكثر، ووقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس قبل الظهر بنصف الساعة، ثلث الساعة. وقوف الشمس يعني: لأن مدة الوقوف ليست طويلة عند توسط الشمس
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (332)
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720) .(10/409)
في كبد السماء، هذا هو الوقوف، والأفضل إذا اشتد الحر إذا ارتفع الضحى فهذا أفضل أوقاتها، وإن صلاها مبكرا بعد طلوع الشمس بعد ارتفاع الشمس كفى ذلك، ولكن الأفضل عند اشتداد الضحى، وذلك صلاة الأوابين؛ يعني الرجاعين إلى الله، كثيري العبادة صلاتهم عند اشتداد الضحى.(10/410)
س: ما هي صفة صلاة الضحى وكم عدد ركعاتها وما وقتها؟ وما هي أيضا صفة تحية المسجد (1) ؟
ج: صلاة الضحى ركعتان، هذا أقلها، وإن صلى أربعا أو أكثر فلا بأس، ليس لها حد محدود، وأكثر ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم ثمان ركعات عليه الصلاة والسلام، صلاها يوم الفتح، هذا هو الأفضل إذا صلى ثنتين أو صلى أربعا تسليمتين، وإلا ستا ثلاث تسليمات أو صلى ثمانيا بأربع تسليمات، أو صلى عشرا بخمس تسليمات فلا بأس كله طيب، وليس لها حد محدود، قال بعض أهل العلم: إن أكثرها ثمان، ولكن ليس عليه دليل، فيصلي الإنسان ما يسر الله له، يسلم من كل ثنتين، يخشع فيها ويطمئن، ويبدأ وقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (219) .(10/410)
إلى وقوفها قبل الزوال بنحو ربع ساعة، ثلث ساعة تقريبا، هذا وقت الضحى، والأفضل إذا اشتد الضحى قبل الظهر بساعة، ساعتين هذا هو الأفضل، وهي صلاة الأوابين حين ترمض الفصال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا صلاها قبل الظهر بساعة أو ساعتين، هذا أفضل وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس كفى ذلك، وليس لها عدد محصور، يصلي ما يسر الله له، أم تحية المسجد فهي ركعتان فقط إذا دخل المسجد في أي وقت يصلي ركعتين، حتى ولو كان الإمام يخطب يوم الجمعة لا يجلس حتى يصلي ركعتين وحتى في وقت النهي، هذا هو الصواب، إذا دخل بعد العصر يريد الجلوس في المسجد لصلاة المغرب، أو للدرس صلى ركعتين، أو بعد الفجر ليحضر الدرس أو يجلس في المسجد إلى طلوع الشمس صلى ركعتين، هذا هو الصواب.(10/411)
182- مسألة في عدد ركعات الضحى وبيان فضلها
س: أفتونا في صلاة الضحى في عدد ركعاتها، وعن القراءة فيها، والساعة التي تؤدى فيها، وهل لها تسبيح وتهليل؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (322) .(10/411)
ج: صلاة الضحى ركعتان، ومن زاد صلى أربعا أو أكثر كله طيب، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة بركعتي الضحى، وأوصى أبا الدرداء كذلك بصلاة الضحى، وقال صلى الله عليه وسلم: «يصبح على كل سلامى من الناس صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (1) » رواه مسلم في الصحيح. يعني يدل على عظم الفائدة في هاتين الركعتين، وإذا صلى تسليمتين أربع ركعات أو ثلاث تسليمات ست ركعات أو أربع تسليمات ثماني ركعات كله طيب، ولو صلى أكثر كأن صلى عشرا أو عشرين أو ثلاثين يسلم من كل ثنتين كله طيب، وقت الضحى كله محل صلاة حتى تقف الشمس، والنبي صلى الله عليه وسلم قد يصلي أربعا وقد يزيد، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما يشاء (2) » وفي يوم فتح مكة صلى ثماني ركعات، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، ولو صلى أكثر فلا بأس كله طيب، إلا إذا وقفت الشمس يمسك؛ يعني
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719) .(10/412)
قرب الظهر قبل الظهر بربع ساعة أو ثلث ساعة عند توسط الشمس، إذا توسطت في كبد السماء قبل أن تميل إلى الغروب هذا هو وقت المنع، وقت الوقوف ولا يصلي إلا ذوات الأسباب كدخول المسجد، إذا دخل قبل الظهر يصلي تحية المسجد، أو طاف قبل الظهر بمكة بالكعبة يصلي سنة الطواف، أو كسفت الشمس قبيل الظهر يصلي صلاة الكسوف، أو بعد العصر يصلي صلاة الكسوف لأنها من ذوات الأسباب، وليس لها قراءة مخصوصة، يقرأ ما تيسر، يقرأ فيها الفاتحة وما تيسر معها والحمد لله، يسبح في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى، أما بعدها فيه شيء مخصوص.(10/413)
183- بيان صلاة الشروق
س: يقول هذا السائل: كم عدد صلاة الضحى، وهل هناك فرق بين صلاة الضحى وبين صلاة الشروق (1) ؟
ج: صلاة الشروق هي صلاة الضحى، مبكرة والأفضل عند شدة الضحى، أن تصلى حين ترمض الفصال حين يشتد الضحى، وليس لها
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (433) .(10/413)
عدد محصور، أقلها ركعتان، وإن صلى أكثر فلا بأس، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعض الأحيان أربعا، وربما صلى ثمانيا عليه الصلاة والسلام، وإن صلى أكثر فلا بأس لكن يسلم من كل ثنتين مثنى مثنى.(10/414)
184- حكم القراءة في صلاة الضحى
س: أفيدونا عن صلاة الضحى، وعن وقتها، وعدد ركعاتها، وكيف تؤدى، وهل يجب على الإنسان أن يقرأ فيها سورا معينة أم أي شيء من القرآن (1) ؟
ج: صلاة الضحى سنة أوصى بها النبي بعض أصحابه / وفعلها في بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، وفعلها «يوم الفتح صلى ثماني ركعات الضحى يوم الفتح (2) » فهي سنة مؤكدة، ووقتها ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس، الضحى كله وقتها، ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس قبيل الظهر، فإذا صلاها في أول وقتها أو في أثنائه فقد أصاب السنة، لكن أفضلها عند اشتداد الضحى
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (351) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، برقم (357) ومسلم في كتاب الحيض، باب تستر المغتسل بثوب ونحوه، برقم (336) .(10/414)
إذا اشتد الحر ورمضت الفصال كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (1) » يعني حين يشتد حر الرمضاء على أولاد الإبل، فصلاتها في الضحى في ارتفاع الضحى أفضل، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس فقد حصلت السنة، ويقرأ فيها ما تيسر سورا أو آيات ليس فيها شيء مخصوص، يقرأ فيها ما تيسر من الآيات أو من السور، وأقلها ركعتان بتسليمة واحدة، وإن صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر يسلم من كل ثنتين، فكله حسن، والنبي صلاها يوم الفتح صلى ثماني ركعات يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748) .(10/415)
185- بيان وقت صلاة الضحى بالساعة
س: يسأل عن صلاتي الضحى وصلاة الليل فيقول: ما وقت صلاة الضحى بالساعات؟ وهل يجوز أن نصلي صلاة الليل في أول الليل بعد صلاة العشاء إذا لم نستطع صلاتها في آخر الليل (1) ؟
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (279) .(10/415)
ج: صلاة النهار في الضحى وقبل الظهر كله وقت صلاة بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، نحو ربع ساعة بعد طلوع الشمس إلى زوالها، إلى وقوف الشمس قبل الظهر بنحو ثلث ساعة أو ربع ساعة، لأن وقوف الشمس وقته قصير، وتوسطها كبد السماء قبل أن تميل إلى المغرب، هذا يقال له: وقت الوقوف، وقت نهي، والضحى كله وقت صلاة، والأفضل عند شدة الضحى، إذا اشتد الضحى يكون أفضل، قبل الظهر بساعة ونصف، ساعتين هذا أفضل ما يكون لصلاة الضحى وإذا صلى بعد العشاء إذا كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل كان هذا أفضل، النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأوصى أبا الدرداء بالإيتار قبل النوم والظاهر - والله أعلم - أنهما كانا يخشيان ألا يقوما من آخر الليل، لأنهما يدرسان الحديث في أول الليل، وإذا أوتر الإنسان أول الليل فهو أفضل إذا خاف ألا يقوم من آخر الليل، أما إذا طمع أن يقوم آخر الليل ووثق من نفسه أنه يقوم فالوتر في آخر الليل أفضل، كونه يؤخره إلى آخر الليل هذا هو الأفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر(10/416)
الليل فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل (1) » رواه مسلم في صحيحه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له (2) » وفي اللفظ الآخر يقول جل وعلا: «هل من تائب فيتاب عليه، هل من سائل فيعطى سؤله، هل من مستغفر فيغفر له، حتى ينفجر الفجر (3) » وهذا حديث عظيم متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو نزول الرب جل وعلا آخر الليل في الثلث الأخير، فينبغي لك يا عبد الله أن تكون ممن يعبد الله في هذا الوقت بالصلاة والاستغفار وقراءة القرآن والذكر، وقت عظيم، الثلث الأخير. وهكذا جوف الليل في السدس الرابع كان يقومه داود، يقوم نصف الليل، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، يقوم السدس الرابع، والسدس الخامس، وهذا وقت عظيم أيضا، جمع بين جوف الليل وبين أوله والثلث الأخير والله سبحانه رغب عباده في العبادة في هذا الوقت
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758) .(10/417)
والدعاء والضراعة إليه جل وعلا، فجدير بأهل الإيمان من الرجال والنساء أن يتحروا هذا الوقت، وأن يجتهدوا في قيام الليل ولا سيما في السدس الرابع والخامس، وفي جميع الثلث الأخير بالدعاء والضراعة، والصلاة والقراءة، والاستغفار، كما أرشد إليه سبحانه وتعالى، وهذا النزول يليق بجلال الله، ليس من جنس نزول المخلوقين، بل هو نزول يليق بالله لا يشابه خلقه في نزوله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1) وقال سبحانه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (2) وقال عز وجل: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (3) فنزوله يليق به، لا يشابه خلقه، وهكذا الاستواء على عرشه، وهكذا رحمته وغضبه وضحكه، كله يليق بالله، لا يشابه خلقه سبحانه وتعالى، وهكذا جميع الصفات كلها تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى عملا بقوله جل وعلا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (4) وهذا قول أهل السنة والجماعة وقول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، فالزمه يا عبد الله، الزم هذا القول الذي قال به
__________
(1) سورة الشورى الآية 11
(2) سورة الإخلاص الآية 4
(3) سورة النحل الآية 74
(4) سورة الشورى الآية 11(10/418)
الصحابة وعلماء السلف، واحذر أقوال المرجئة المحرفين لكتاب الله، أو المؤولين لصفات الله، أو المشبهين الله بخلقه، احذر أقوالهم، وكلها باطلة، والحق قول أهل السنة والجماعة، وهو قول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، وهو قول الأنبياء والرسل جميعا، وهو الإيمان بأسماء الله وصفاته الواردة في القرآن العظيم والسنة المطهرة الصحيحة، وإمرارها كما جاءت بغير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل ولا تشبيه ولا تمثيل، بل يجب أن نؤمن بها كما جاءت ونمرها كما جاءت مع الإيمان بها أنها حق، وأن نزوله سبحانه حق، وأن استواءه حق، وأن رحمته حق، وأن غضبه حق، وأن رضاه حق، وأن رأفته حق، وهكذا بقية الصفات، من يد وقدم وسمع وبصر، وعلمه وكذلك كلها حق كلها صفات تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى، فكلامه ليس من جنس كلام خلقه، وغضبه ليس من جنس غضبهم، وضحكه ليس من جنس ضحكهم، ورضاه ليس من جنس رضاهم وهكذا.
كل صفاته تليق به سبحانه وتعالى، لا بشابه فيها خلقه، لا يعرف كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى، قال بعض الناس لمالك بن أنس إمام دار الهجرة في زمانه، الإمام المشهور والعالم العظيم رحمه الله، قال له بعض(10/419)
الناس: «يا أبا عبد الله، يقول الله سبحانه: فكيف الاستواء. قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة (2) » فالسؤال عن الكيفية بدعة، الاستواء معلوم هو العلو، الاستواء هو العلو فوق العرش، العلو فوق العرش معلوم وكيف استوى؟ لا نعلم كيف استوى، لا نعلم كيف يرضى، ولا كيف يغضب ولا كيف ينزل، لا نعلم هذا، لكن نؤمن بأنه ينزل، ينزل في كل ليلة في الثلث الأخير، نعلم أنه استوى على العرش، نعلم أنه يضحك ويرضى ويغضب، لكن لا نعلم كيفية ذلك، ولا نعلم حقيقة ذلك، بل نقول كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3) فله الكمال في صفاته، ولا يعلم الناس كيفية صفاته، هذا هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة، نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير.
__________
(1) أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات، والاعتقاد في باب ما ذكر في الساق، برقم (867) (2/306) بلفظ: '' جاء رجل فقال يا أبا عبد الله: (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى؟ قال: فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أرك إلا مبتدعا، فأمر به أن يخرج. واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/398، الأثر رقم (664) .
(2) سورة طه الآية 5 (1) {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
(3) سورة الشورى الآية 11(10/420)
186- بيان بداية ونهاية وقت الضحى والدعاء فيها
س: هذا السائل ص. ن. من الإمارات العربية المتحدة يقول: متى يبدأ وقت صلاة الضحى ومتى ينتهي، وهل هناك أدعية معينة في هذه الصلوات (1) ؟
ج: وقت الضحى يبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوفها، كلها صلاة ضحى، والأقرب والأفضل أن يصلي عند اشتداد الضحى لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (2) » يعني حين يشتد الحر على أولاد الإبل، فالمقصود أن ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوفها هذا صلاة الضحى سواء صلاها في أول الوقت أو في آخره أو في وسطه قبل أن تميل الشمس، وليس فيها أدعية معينة، يدعو في سجوده بما يسر الله، وهكذا يدعو في التحيات قبل أن يسلم ما يسر الله، يتخير من الدعاء أعجبه إليه لقوله صلى الله عليه وسلم: «أما السجود فاجتهدوا في الدعاء (3) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (425) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) .(10/421)
يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (1) » ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (2) » هذا من الدعاء العظيم، ومن الدعاء الذي أرشد إليه عائشة رضي الله عنها: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (3) » ومن الدعاء الحسن: اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل. ويكون في السجود أو قبل السلام بعد التحيات لقوله صلى الله عليه وسلم لما علمهم التشهد قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (4) » وفي اللفظ الآخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (5) » قبل أن يسلم.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3513) ، وابن ماجه في كتاب الدعاء باب الدعاء بالعفو والعافية، برقم (3850) واللفظ له.
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402) .(10/422)
س: ما هو أول وقت لصلاة الضحى وما هو آخر وقت لها؟ علما بأنني أجهلها دائما، مأجورين (1)
ج: يبدأ وقتها إذا ارتفعت الشمس قيد رمح في رأي الرائي، فإنه يدخل وقت الضحى حتى تقف الشمس؛ يعني حتى تتوسط السماء، هذا الوقوف فتنتهي الصلاة حتى تزول وقد نبه النبي على هذا لعمرو بن عبسة (2) وغيره.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (425) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة، برقم (832) .(10/423)
س: متى تبدأ صلاة الضحى، وصلاة الليل، ومتى تنتهي؟ وجزاكم الله خيرا (1)
ج: صلاة الليل بين المغرب والعشاء، وبعد العشاء كلها صلاة ليل، والأفضل بعد العشاء في وسط الليل، في آخره، ثم تختم الصلاة بالوتر واحدة، يجتهد ويصلي ركعتين ركعتين مع الخشوع والطمأنينة والضراعة إلى الله والدعاء، ويختم بواحدة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (394) .(10/423)
الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلاه (1) » وإذا صلى بين العشاءين فهو محل صلاة أيضا إذا صلى فيها ما تيسر من الركعات، هذا طيب أيضا محل عبادة، وهكذا في النهار، يتعبد في النهار في الضحى، في الظهر، صلاة الضحى سنة بعد ارتفاع الشمس، والأفضل إذا اشتد الضحى يصلي ركعتين، يصلي أربعا يصلي أكثر من ذلك كله طيب، بعد الظهر يصلي أربعا، وقبل الظهر أربعا، هذا مستحب لقول النبي: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (2) » ولو صلى بين الظهر والعصر ركعات كثيرة كلها عبادة طيب، أو صلى في الضحى ركعات كثيرة كله طيب، لكن أقل شيء ركعتان في الضحى، وأقل شيء بعد الظهر أربع بعد الظهر تسليمتين.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749) .
(2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816) .(10/424)
187- حكم الزيادة في صلاة الضحى على ثماني ركعات
س: أؤدي صلاة الضحى ثماني ركعات ما بين السابعة والثامنة صباحا، فهل ما فعلته صحيح (1) ؟
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (327) .(10/424)
ج: نعم، قد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى يوم الفتح سبحة الضحى ثماني ركعات، ويروى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «دخل النبي صلى الله عليه وسلم بيتي الضحى، فصلى ثماني ركعات (1) » وصلاة الضحى موسع فيها: ثمان أو عشر أو أكثر وأقلها ركعتان وثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بركعتي الضحى، وكان يزور قباء في المدينة فيصلي ركعتين ضحى، فالمقصود أن صلاة الضحى سنة مؤكدة، وأقلها ركعتان، وإذا صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر فكل ذلك لا بأس به، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان الرسول يصلي الضحى أربعا أو يزيد ما شاء الله (2) » وقالت: أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها: «إني شهدت النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح سبحة الضحى ثماني ركعات (3) »
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، برقم (357) ومسلم في كتاب الحيض، باب تستر المغتسل بثوب ونحوه، برقم (336) .(10/425)
188- حكم صلاة الضحى في السفر والحضر
س: حدثوني عن ركعتي الضحى، وعن فضلها، وهل إذا رأيت الناس(10/425)
يصلونها أنضم معهم (1) ؟
ج: صلاة الضحى سنة، قد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة، كان يفعلها كثيرا عليه الصلاة والسلام، فهي سنة، أقلها ركعتان، وإن صلاها أربعا أو أكثر فلا بأس، وإن صلاها ثمانيا كما فعل عليه الصلاة والسلام صلاها ثماني ركعات كما فعل عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنها سنة في السفر والحضر، ومن تركها فلا حرج عليه، وإن واظب عليها فهو أفضل.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (328) .(10/426)
189- بيان صلاة الأوابين
س: هل صلاة الأوابين صحيحة وهي ست ركعات بعد صلاة المغرب (1) ؟
ج: هذا ليس بصحيح، وليس بثابت، لكن تستحب الصلاة بين المغرب والعشاء ولو أكثر من ست ركعات لكن ما تسمى صلاة الأوابين صلاة الأوابين صلاة الضحى، هذه صلاة الأوابين، إذا اشتد الضحى فالصلاة ذاك الوقت يقال لها: صلاة الأوابين، قال النبي عليه
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (229) .(10/426)
الصلاة والسلام: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (1) » يعني حين يشتد الحر ضحى، هذه صلاة الأوابين، صلاة الضحى عند شدة الحر، يعني عند علو النهار قبل الزوال بساعة أو ساعتين، يقال لها: صلاة الأوابين، أما ما بين المغرب والعشاء فالحديث فيها ضعيف (2) تسميتها صلاة الأوابين ضعيفة، ولكن يستحب للمؤمن أن يصلي فيها، والمؤمنة ما يسر الله له غير سنة المغرب، أما سنة المغرب فهي مؤكدة سنة ركعتان بعد المغرب، وإذا صلى زيادة أربع ركعات أو ست ركعات أو عشر ركعات كله طيب، ما بين المغرب والعشاء كله محل عبادة ولو صلى كثيرا، وهكذا بعد العشاء كله محل تطوع والحمد لله.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748) .
(2) أخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب مختصر قيام الليل عن محمد بن المنكدر مرسلا برقم (68) .(10/427)
190- حكم صلاة الضحى أكثر من ثماني ركعات
س: تقول السائلة ورد في الحديث أن سنة الضحى أقلها ركعتان وأكثرها ثمان ركعات، هل يجوز لي أن أزيد عن ثمان ركعات؟ وهل إذا صليت ركعتي طلوع الشمس أحسبها مع سنة الضحى(10/427)
لتكون ثماني ركعات أم أنها مستقلة (1) ؟
ج: ليست محددة بثمان ركعات، وإنما هذا من كلام بعض أهل العلم، يقولون: أكثرها ثمان ركعات، والصحيح لا حد لأكثرها، تصلي ثمانيا أو عشرا أو عشرين لا بأس، أو أكثر لكن أقلها ركعتان، وقد «أوصى النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة بركعتي الضحى (2) » فأقلها ركعتان، وإذا صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو عشرا أو أكثر يسلم من كل ثنتين كله طيب، كله مشروع والحمد لله.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (345) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722) .(10/428)
س: يقول السائل: إنني قرأت في أحد الكتب أنه من يصلي الضحى ثنتي عشرة ركعة يبنى له قصر في الجنة، فهل هذا الحديث صحيح، ومتى تكون صلاة الضحى (1) ؟
ج: صلاة الضحى سنة وقربة، من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قرب الزوال إلى وقوفها، وإذا اشتد الضحى يكون أفضل، وهي صلاة الأوابين كما في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (285) .(10/428)
«صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (1) » أي حين يشتد الضحى، وتحتر الشمس على أولاد الإبل، وهي ثنتان فأكثر، أقلها ركعتان، وإن صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر كله طيب، ليس فيها حد محدود.
وقد ورد في اثنتي عشرة ركعة حديث في سنده ضعف، أنه من صلاها بنى الله له قصرا في الجنة، لكن ليس لهذا حد محدود، من صلى عشرا أو اثنتي عشرة، أو أربع عشرة أو ست عشرة، كله طيب والحمد لله، ولو صلى مائة ليس فيها حد محدود - الحمد لله - لكن مثنى مثنى، الأفضل مثنى مثنى للحديث الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (2) »
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/429)
س: سؤال عن صلاة الضحى كم ركعة، وماذا يقول الإنسان عندما ينوي، هل يقول: نويت أصلي صلاة الضحى أم يقول قبل تكبيرة الإحرام أي شيء آخر؟ أرشدوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة، رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (338) .(10/429)
وحث عليها وأوصى بها جماعة من أصحابه رضي الله عنهم، وأقلها ركعتان بتسليمة واحدة، وإن صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر يسلم من كل ركعتين كله خير، لكن أقلها ركعتان، يسلم من كل ركعتين.(10/430)
س: هل صلاة الإشراق هي صلاة الضحى، وكم عدد ركعات صلاة الضحى بالتفصيل؟ مأجورين (1)
ج: نعم صلاة الإشراق هي صلاة الضحى، أولها صلاة الإشراق وآخرها قبيل وقوف الشمس ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى أن تقف، هذا كله صلاة الضحى، والأفضل أن تكون صلاة الضحى حين ترمض الفصال حين يشتد الضحى، هذا هو الأفضل، وإذا صلاها في أول الوقت عند ارتفاع الشمس قيد رمح في المسجد أو في البيت كل ذلك حسن، وإن كرر، صلى أربع ركعات، أو ست ركعات أو ثماني ركعات أو أكثر كله خير.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (365) .(10/430)
س: يقول: هل الركعتان التي تصلى وقت شروق الشمس تسمى بركعتي الشروق أم بصلاة الشروق (1) ؟
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (392) .(10/430)
ج: يسميها العامة صلاة الشروق، وهي صلاة الضحى، صلاة الضحى المبكرة، إذا ارتفعت الشمس تسمى صلاة الضحى لكنها مبكرة، وأفضلها عند اشتداد الضحى، هذا أفضل صلاة الضحى، وإذا صلاها بعد ارتفاع الشمس هي صلاة الضحى، ويسميها العامة صلاة الشروق.(10/431)
191 - حكم الجهر والإسرار في صلاة الضحى
س: السائلة س. م. ص. من الأردن، تقول السائلة: هل صلاة الضحى جهرية أم سرية، وهل الجهر في القراءة فقط أم في الركوع والسجود؟ (1)
ج: صلاة الضحى سرية، وهكذا الظهر والعصر كلها سرية، ولو جهرت المرأة أو الرجل في صلاة الضحى لم يضر ذلك لأن الجهر والإخفات سنة ليس محرما ولا واجبا، فالجهر سنة والإخفات سنة، فلو جهر في النهار أو أسر في الليل فصلاته صحيحة لكنه بخلاف السنة، والسنة أن يسر بالنهار صلاة الضحى والظهر والعصر، ويجهر بالليل في صلاة المغرب والعشاء في الركعتين الأوليين إلا الفجر فإنها جهرية، والجمعة جهرية ولو كانت نهارية، الجمعة جهرية، والعيدان جهرية،
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (273)(10/431)
وصلاة الفجر جهرية، وصلاة الاستسقاء جهرية ولو كانت في النهار، أما النوافل فهي سرية في النهار، وهكذا صلاة الظهر سرية في النهار، وهكذا العصر سرية، والمغرب والعشاء جهرية في الأولى والثانية، والفجر جهرية كما تقدم، وهكذا صلاة الجمعة جهرية، وصلاة العيد وصلاة الاستسقاء وصلاة الكسوف كلها جهرية؛ لأن الرسول جهر عليه الصلاة والسلام، لكن لو أسر الإنسان في الجهرية فصلاته صحيحة سواء عامدا أو ناسيا لكنه خلاف السنة، لا يتعمد، ليس له أن يتعمد في السر في الجهرية، وليس له أن يتعمد الجهر في السرية لأنه خلاف السنة، لكن لو جهر متعمدا لم تبطل صلاته، أو أسر في الجهرية لم تبطل صلاته لكنه خالف السنة.(10/432)
192 - حكم التعود على قراءة آيات معينة في صلاة الضحى
س: لقد تعودت أن أقرأ في ركعتي الضحى آيتي الشكر: الآية من سورة النمل: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} (1) الآية، وأيضا الآية من سورة الأحقاف: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} (2)
__________
(1) سورة النمل الآية 19
(2) سورة الأحقاف الآية 15(10/432)
الآية، هل عملي هذا يا سماحة الشيخ يعد مبتدعا أم إني مخير في أن أقرأ ما أريد من كتاب الله؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: لا حرج، عليك أن تقرأ ما تيسر ما لم تعتقد أن هذا السنة خاصة، هذا لا أصل له، ولكن مثل ما قال ربك جل وعلا: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (2) فإذا قرأت ما تيسر فلا حرج عليك، أما أن تتعمد آيتين مخصوصتين ترى أنهما سنة وحدهما فهذا لا أصل له؛ لأن البدعة ليست في الشرع، ولا أحد يقول هذا سنة وهذا بدعة إلا بدليل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3) » فإذا كنت إنما أردت أنهما آيتان عظيمتان، فأحببت قراءتهما فلا بأس بهما أو غيرهما من دون أن تعتقد أنه سنة من دون غيرها سنة خاصة.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (297)
(2) سورة المزمل الآية 20
(3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718) .(10/433)
193 - حكم تأخير صلاة الضحى إلى العاشرة صباحا
س: هل يجوز أن أؤخر صلاة الضحى إلى العاشرة صباحا مثلا؟ (1)
ج: كل الضحى محل صلاة من حين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قرب الزوال، كله محل صلاة وأفضلها عند شدة الضحى الساعة العاشرة هذه الأيام، أو العاشرة والنصف، أو الحادية عشرة، كلها محل صلاة، صلاة الضحى يقول عنها النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (2) » يعني حين يشتد الحر على أولاد الإبل، الحاصل أن صلاة الضحى وقتها واسع من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس قبل الظهر بنحو ربع ساعة أو ثلث ساعة، كل هذا محل صلاة ضحى، وإذا كان في وقت شدة الضحى يكون أفضل.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (227)
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748) .(10/434)
194 - حكم صلاة الضحى قبل الظهر بعشر دقائق
س: هذا السائل يقول: ما حكم صلاة الضحى إذا صليت قبل الظهر بعشر دقائق، هل هي جائزة، وكم عدد الركعات لصلاة الضحى،(10/434)
ومتى يبدأ وقتها؟ (1)
ج: السنة إذا اشتد الضحى قبل وقوف الشمس، هذا هو الأفضل، ودخول وقتها من حين ترتفع الشمس قيد رمح دخل وقتها إلى وقوف الشمس، فلا يصلي وقت الوقوف، والوقوف قبل الزوال بنحو ربع ساعة، ثلث ساعة، قبل أن تقف الشمس وتتوسط السماء، فيصليها عند شدة الضحى، هذا هو الأفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (2) » والفصال أولاد الإبل حين ترمض، حين تشتد عليها الرمضاء، هذا هو الأفضل، وهي سنة؛ لأن الرسول أوصى بها أبا الدرداء وأبا هريرة رضي الله عنه وفعلها عليه الصلاة والسلام، فهي سنة.
__________
(1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (429)
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748) .(10/435)
195 - حكم صلاة الضحى بعد الأذان لأول يوم الجمعة
س: تقول هذه السائلة: ما حكم تأدية صلاة الضحى بعد الأذان الأول من يوم الجمعة؟ (1)
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (396)(10/435)
ج: صلاة الضحى سنة في يوم الجمعة وغيره، وأداء ذلك بعد الأذان الأول لا بأس به لأن الشمس لم تقف، ويوم الجمعة الصواب أنه ليس فيها وقت نهي عند الزوال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للناس إذا دخلوا المسجد أن يصلوا ما قدر الله لهم، ولم يقل لهم: إلا إذا وقفت الشمس، فدل ذلك على أن يوم الجمعة الصلاة فيه مستمرة إلى دخول الخطيب، وليس فيه وقت نهي في وسط النهار، هذا هو الأرجح، فإذا صلى المسلم في المسجد ما يسر الله له من الركعات حتى يدخل الخطيب فلا بأس، وإذا صلت المرأة في بيتها الضحى ما يسر الله لها قبل الأذان أو بعده فلا بأس.(10/436)
196 - مسألة في جلوس المرأة في مصلاها بعد الفجر حتى تصلي الضحى
س: تقول السائلة: من أقوال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «من صلى الفجر جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة (1) » نعرف أن هذا الحديث يخص الرجال لأنهم يجتمعون في
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة، باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، برقم (586)(10/436)
المساجد، فماذا على النساء في هذا الحديث؟ (1)
ج: نرجو للنساء كذلك، إذا جلست بعد صلاتها في مصلاها تذكر الله، تقرأ القرآن، تدعو، ثم صلت ركعتين بعد ارتفاع الشمس يرجى لها هذا الخير العظيم، النساء كالرجال، ما ورد في حق الرجال يعم النساء، وما ورد في حق النساء يعم الرجال إلا بدليل يخص أحد الصنفين، وإلا فالأصل العموم؛ لأنهم كلهم مكلفون وكلهم مشتركون في الأوامر والنواهي، فما ثبت من تحريم أو تحليل أو وجوب أو فضل فهو يعم الجميع إلا ما خصه الدليل.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (242)(10/437)
س: ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه قال: «من صلى الصبح في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة (1) » تذكر بأنها امرأة تريد أن تحظى بهذا الأجر، فكيف يمكنها ذلك؟ (2)
ج: تبقى في مصلاها حتى تطلع الشمس، تفعل هذا وتستعين بذكر
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة، باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، برقم (586)
(2) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (406)(10/437)
الله أو بقراءة القرآن، أو التسبيح والتهليل، فإذا طلعت الشمس صلت ركعتين حتى يعمها الحديث والحمد لله، والحديث لا بأس به حسن.(10/438)
س: امرأة تجلس في انتظار دخول الوقت التالي تسبح وتهلل وتصلي ما شاء الله لها، هل ينقص أجرها إذا قامت من مكانها لغرض ما كفتح الباب أو رد على التليفون أو غير ذلك؟ (1)
ج: لا يضر إن شاء الله سواء تفتح الباب أو رد التليفون، هي على خير عظيم.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (414)(10/438)
197 - حكم صلاة الظهر بوضوء الضحى
س: إذا توضأت المرأة لصلاة الضحى فهل يجوز لها أن تصلي الظهر وهي على نفس الوضوء؟ (1)
ج: نعم، من توضأ الضحى لصلاة الضحى أو ليقرأ فله أن يصلي به الظهر، إذا جا وقت الظهر وهو على طهارة، ويصلي به العصر أيضا، لو توضأ الضحى لصلاة الضحى وبقي على طهارته صلى بها الظهر
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (378)(10/438)
والعصر والمغرب، لو بقي على طهارته صلى بها العشاء أيضا، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن صلى يوم الفتح الصلوات الخمس بوضوء واحد عليه الصلاة والسلام، وقال: «عمدا صنعته يا عمر (1) » ليعلم الناس عليه الصلاة والسلام أن الإنسان إذا كان على طهارة يصلي الأوقات الكثيرة، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد برقم (277)(10/439)
198 - حكم قضاء صلاة الضحى
س: إذا تأخر الإنسان عن صلاة الضحى ولم يصلها لظروف معينة فهل يلزمة القضاء أم لا؟ وأيضا هل لصلاة الضحى صورة معينة وأداء معين يجب الإتيان به، أم أنها عبارة عن صلاة عادية؟ (1)
ج: صلاة الضحى سنة، قربة، نافلة، من صلاها فله أجر ومن تركها فلا شيء عليه، وإذا فاتت فلا تقضى، إذا صلى ثنتين أو أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر كله طيب، وقد «أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بصلاة الضحى، وفي رواية: بركعتي
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (376)(10/439)
الضحى، وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وبالوتر قبل النوم (1) » فهذا سنة، كله سنة، كونه وتر كل ليلة، كونه يصلي الضحى، يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، كل هذا سنة، ومن ترك فلا حرج، وإذا استطاع أن يكون وتره في آخر الليل فهو أفضل لأحاديث أخرى دلت على ذلك.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722) .(10/440)
س: إنني أصلي سنة الضحى ولكن بعض الأيام أنسى فلا أصليها فهل علي ذنب حيث انشغالي بأمور البيت المنزلية تنسيني الصلاة في بعض الأيام؟ (1)
ج: سنة الضحى سنة وليست فريضة بل نافلة، يستحب للمؤمن أن يصلي سنة الضحى ركعتين أو أكثر من ذلك كما أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم، كما فعلها عليه الصلاة والسلام لكن لو تركها الإنسان عمدا أو شغل عنها فلا قضاء عليه ولا إثم عليه؛ لأنها نافلة بحمد الله، من صلاها فله أجر، ومن تركها فلا إثم عليه، ومن حافظ عليها فله أجر، ومن لم يحافظ عليها فليس عليه شيء، الأمر بهذا الحمد لله واسع.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (17)(10/440)
199- حكم صلاة النوافل في حالة الجلوس
س: الأخت أ. إ. م من الجمهورية العراقية تسأل وتقول: ما حكم أدائي لصلاة السنة وأنا جالسة؟ (1)
ج: يجوز للمسلم والمسلمة إداء النوافل وهم جلوس، لكن على النصف من أجر القائم كما جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام فيجوز أن يصلي التهجد بالليل، أو سنن الرواتب أو سنة الضحى عن جلوس وإن كان قادرا، لكن يكون له نصف الأجر.
أما الفرائض فلا بد أن يصليها قائما إذا كان يستطيع إلا إذا عجز لمرض فإنه لا بأس أن يصلي قاعدا، وإلا فالواجب أن يصلي قائما لقوله جل وعلا: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2) يعني صلوا قياما. ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح من حديث عمران بن حصين: «صل قائما، فإن لن تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (3) » «فإن
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (136)
(2) سورة البقرة الآية 238
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) .(10/441)
لم تستطع فمسلتقيا (1) » هذا هو الترتيب في حق القادر، يصلي قائما وإن عجز صلى قاعدا، وإن عجز صلى على جنبه، وإن عجز صلى مستلقيا، هذا في الفريضة، أما في النفل فله أن يصلي قاعدا مع القدرة لكن يكون له النصف.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) .(10/442)
س: هل يجوز أن أصلي السنة وأنا جالسة؟ (1)
ج: لا حرج في ذلك، النافلة كلها لا حرج أن يصليها الإنسان جالسا، إن صلاها قائما فهو أفضل، وإن صلاها جالسا من غير عذر فلا بأس، وهو على النصف من الأجر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في آخر حياته جميع النوافل جالسا عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (204)(10/442)
س: ما حكم من صلى النافلة وهو جالس مع العلم أنه يستطيع أن يصلي وهو قائم، مع الدليل إن أمكن؟ (1)
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (7)(10/442)
ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان يصلي في تهجده بالليل بعض الأحيان وهو قاعد، وفي بعض الأحيان وهو قائم عليه الصلاة والسلام، وهذا يدل على جواز أداء النافلة قاعدا؛ لأن الله يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (1) ولأن النافلة مرغب فيها، فيها أجر عظيم، ومن رحمة الله أن وسع فيها حتى يصلي الإنسان ما تيسر، وحتى يستكمل النوافل إن قاعدا أو قائما، أما الفريضة فلا يجوز فيها إلا من عذر؛ لأن الله قال: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2) قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين لما سأله عن ذلك: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لن تستطع فعلى جنب (3) » هذا في الفريضة، هذا رواه البخاري في الصحيح. وفي رواية النسائي: «فإن لم تستطع فمستلقيا (4) » هذا حكم الفريضة، الواجب على المسلمين أن يصلوها قياما مع القدرة رجالا ونساء، ومن عجز عن ذلك لمرض صلى قاعدا، أو لسبه مرض مثل مسجون في محل ضيق، أو في مكان سقفه
__________
(1) سورة الأحزاب الآية 21
(2) سورة البقرة الآية 238
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) .(10/443)
قصير لا يستطيع القيام فيه ولا يستطيع الخروج منه فإنه يصلي على حسب حاله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) فإن عجز عن القعود صلى على جنبه، والأفضل الأيمن، فإن عجز على جنبه صلى مستليقا يومئ إيماء، ويأتي بالأذكار الشرعية ويأتي بالأفعال بالنية، يكبر ويستفتح ويقرأ الفاتحة، ويستفتح ويتعوذ ويبسمل، ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يكبر ناويا الركوع وهو على حالته مستلقيا أو على جنبه ناويا الركوع، يقول: سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ثم يرفع إذا كان مفردا، ويقول: سمع الله لمن حمده ناويا الرفع من الركوع وهو على حاله مستلقيا أو على جنبه، ثم يأتي بالذكر المشروع، ثم يكبر ناويا السجود، ويقول: سبحان ربي الأعلى. إلى آخره، فيأتي بالأقوال، ويأتي بالأفعال بالنية، الأقوال بلفظها والأذكار كذلك، والدعوات ويأتي بالأفعال بالنية نية الركوع نية السجود نية الجلوس هكذا، أما النافلة فأمرها بحمد لله موسع، فإنه صلى قائما فهو أفضل، وإن قاعدا فهو على نصف من أجر القائم إذا كان قادرا وصلى جالسا في النافلة فصلاته صحيحة، ولكنه على النصف من صلاة القائم كما
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(10/444)
جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام.(10/445)
س: ما حكم صلاة التطوع للقادر جالسا، هل يجوز ذلك أم لا؟ (1)
ج: نعم يجوز لكن له نصف الأجر، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى قاعدا فله نصف أجر القائم (2) » يعني إذا صلى لغير عذر، أما إذا تطوع أو صلى فريضة جالسا بعذر، مريض لا يستطيع القيام فهذا معذور له الأجر كاملا، وهكذا في التطوع إذا صلى جالسا لا حرج عليه لكن يكون له النصف إذا كان قادرا.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (288)
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب صلاة القاعد، برقم (1116) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز النافلة قائما وقاعدا، وفعل بعض الركعة قائما وبعضها قاعدا، برقم (735) .(10/445)
س: هذه السائلة تقول: هل يجوز أن أقوم بصلاة السنة وأنا جالسة لأنني ربة بيت وعندي أطفال، وأشعر بالكسل في صلاة السنة من التعب؟ (1)
ج: لا حرج أن يصلي المسلم النافلة جالسا ولو أنه صحيح لا بأس أن يصلي وهو قاعد، أما في الفرض لا، إذا كان يستطيع يصلي قائما،
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (411)(10/445)
أما صلاة الليل، صلاة الضحى، الرواتب لا بأس أن يصليها وهو جالس ولو أنه صحيح إذا كان معه كسل أو ضعف صلاها جالسا لا بأس، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي في آخر حياته يصلي النافلة جالسا (1) » عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز النافلة قائما وقاعدا وفعل بعضها قاعدا، برقم (732)(10/446)
200 - حكم استقبال القبلة والطهارة لسجود التلاوة
س: حدثونا عن سجود التلاوة، وهل تشترط له الطهارة والقبلة؟ (1)
ج: سجود التلاوة سنة، قربة، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر بالسجدة سجد عليه الصلاة والسلام، وليس صلاة، فلا يشترط لها الطهارة ولا القبلة، ولكن أفضل كونه يسجد إلى القبلة، وكونه على طهارة أفضل، ولهذا ذهب الأكثرون إلى أنه لا بد من الطهارة ولا بد من القبلة، لكن الصحيح أنه لا يلزم، فالخضوع لله من جنس الذكر، من جنس الذكر: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، فالإنسان يذكر الله إلى جهة القبلة وإلى غيرها، ويخضع له سبحانه وتعالى في ذكره الله وفي دعائه، ولا يشترط له القبلة ولا الطهارة، لكن لو تطهر وسجد إلى القبلة كان
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (214)(10/446)
هذا أكمل وأولى، وفيه خروج من خلاف العلماء، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بين أصحابة، فإذا مر بالسجدة سجد وسجدوا معه (1)
ولم يكن يقول لهم: من ليس على طهارة لا يسجد، المجالس تجمع من هو على طهارة ومن هو على على غير طهارة، فلو كانت الطهارة شرطا لنبههم عليه الصلاة والسلام، والأصل عدم شرط الطهارة، هذا هو الأصل، ولأنها ليست صلاة، مجرد سجود، الطهارة إنما تجب للصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور (2) » وهذه ليست صلاة، ولكنها جزء من صلاة، وهكذا القراءة عن ظهر قلب ليست صلاة، ولا يشترط لها الطهارة، وهكذا: سبحان الله، والحمد لله، وسائر الذكر لا يشترط لها الطهارة، فسجود التلاوة من جنس ذلك، وهكذا سجود الشكر من جنسه، ولو بشر بالولد، أو فتح للمسلمين
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب سجود المسلمين مع المشركين، برقم (1071)
(2) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (1009) ، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، برقم (61) ، والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، برقم (3) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب مفتاح الصلاة الطهور، برقم (275)(10/447)
ونصرهم على عدوهم، وسجد شكرا لله فلا حرج عليه، وهو مأجور، ولو كان على غير طهارة، لكن الأفضل أن يكون إلى القبلة خروجا من الخلاف؛ ولأن القبلة أولى من غيرها فيسجد إلى القبلة، ويتحرى ما هو الأكمل والأفضل وإلا فليس بشرط.(10/448)
201 - بيان ما يقال في سجود التلاوة
س: يقول السائل من اليمن: أرجو من سماحة الشيخ أن يحدثنا عن سجود التلاوة وسجود السهو ما هو الدعاء الذي يقال في كلا السجودين؟ (1)
ج: سجود التلاوة وسجود الشكر يقال فيهما ما يقال في سجود الصلاة يقال فيها: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، اللهم اغفر لي. يدعو فيهما كما يدعو في سجود الصلاة، يدعو في سجود السهو وفي سجود الشكر وفي سجود التلاوة لأن الحكم واحد، الله جل وعلا قال {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} (2) والنبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في سجوده ويقول عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (387)
(2) سورة النجم الآية 62(10/448)
ساجد، فأكثروا الدعاء (1) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (2) » فهذا يعم جميع أنواع السجود، وكان يقول في سجوده: «سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى (3) » ويقول أيضا في الركوع والسجود: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي (4) » ويقول فيهما: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح (5) » فالمشروع في سجود التلاوة وسجود الشكر مثل المشروع في سجود الصلاة.
وفي سجود التلاوة والشكر لا يلزم الوضوء، أما سجود الصلاة والسهو فهو جزء من الصلاة لا بد من الطهارة، أما سجود التلاوة فهو
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (772) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التسبيح والدعاء في السجود، برقم (817) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (487) .(10/449)
سجود مستقل إذا كان خارج الصلاة جاز أن يسجد على غير طهارة على الصحيح، وهكذا سجود الشكر لأنهما يحدثان بأسباب قد تقع والإنسان على غير طهارة، قد تأتي نعمة يبشر بها وهو على غير طهارة، قد يقرأ القرآن وهو على غير طهارة من غير مصحف، فإذا مر بآية السجود أو جاءه ما يبشره بالخير وسجد لله شكرا كل هذا طيب، في الحديث: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه أمر يسره خر ساجدا لله (1) » ولما جاء إلى الصديق خبر قتل مسيلمة خر ساجدا لله.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب سجود الشكر، برقم (2774) ، والترمذي في كتاب السير، باب ما جاء في سجدة الشكر، برقم (1578) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الصلاة والسجدة عند الشكر، برقم (1394) .(10/450)
202 - حكم سجود التلاوة
س: يقول السائل: ما حكم سجدة التلاوة، هل المسلم يسجد حتى لو كان يعمل وهو يسمع القرآن، وفي أثناء الصلاة عند السجدة في أثناء الصلاة الجهرية وأنا أؤم المصلين؟ ثم أسألكم عن الطريق الصحيح لسجدة التلاوة وكيف أطبقها على الوجه(10/450)
الصحيح؟ (1)
ج: سجود التلاوة سنة، وهي سجدات معلومة في القرآن، خمس عشرة سجدة في القرآن، أولها في آخر الأعراف، وآخرها في سورة اقرأ في آخرها، إذا مر بها المؤمن في خارج الصلاة سجد ولو كان على غير طهارة على الصحيح، لا يشرط لها الطهارة، والأفضل أن يكبر في أولها تكبيرة فقط، ثم يسجد ويقول في السجود مثلما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، يدعو بما تيسر، وليس فيها تسليم ولا تكبير ثان، هذا هو المختار، هذا هو الأرجح، وإن كان في الصلاة شرع له السجود، الصلاة الجهرية كالمغرب والعشاء والفجر والجمعة شرع له السجود، والمصلون يسجدون خلفه، إذا كان إماما يسجدون معه إذا سجد.
أما في السرية وهو إمام فلا يشرع له السجود لأنه قد يشوش على الناس في السرية، إذا قرأها في القراءة السرية كالظهر والعصر والثالثة من المغرب والثالثة والرابعة من العشاء فالأفضل ألا يسجد لئلا يشوش على الناس إلا إذا كان يصلي وحده فلا بأس كالذي يصلي نافلة
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (288) .(10/451)
أو فاتته صلاة الفجر يصلي وحده لا بأس أن يسجد في السرية لعدم التشويش، وفي الصلاة يكبر، إذا سجد يكبر، وإذا رفع يكبر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل خفض ورفع، يدخل في ذلك سجود التلاوة في الصلاة، وهي سنة غير واجبة لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه «قرأ عليه زيد بن ثابت رضي الله عنه سورة النجم فلم يسجد فيها عليه الصلاة والسلام (1) » فدل ذلك على عدم الوجوب.
وقال عمر رضي الله عنه: «إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء (2) » فمن شاء سجد ومن شاء لم يسجد فهي سنة غير واجبة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من قرأ السجدة ولم يسجد، برقم (1073) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب سجود التلاوة، برقم (577) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من رأى أن الله عز وجل لم يوجب السجود، برقم (1077) .(10/452)
203 - حكم الدعاء في سجود التلاوة
س: تقول السائلة: ما هو الدعاء المستحب في سجود التلاوة؟ (1)
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (123) .(10/452)
ج: مثل الدعاء في سجود الصلاة، يستحب أن يدعو بما تيسر من الدعوات الطيبة، والدعاء المأثور أفضل: «اللهم أغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (1) » «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» ، «ويا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك (2) » الدعوات الطيبة المأثورة أولى من غيرها مثل: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (3) » يقولها لا على سبيل القراءة بل على سبيل الدعاء، وهكذا كونه يدعو لوالديه ولأقاربه المسلمين، يدعو لذريته، يسأل الله من فضله رزقا حلالا، أو زوجة صالحة، أو زوجا صالحا إذا كانت امرأة، وما أشبه ذلك، يدعو بما تيسر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (9139) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: '' ربنا آتنا في الدنيا حسنة ''، برقم (6389) ، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة، برقم (2690) .(10/453)
يستجاب لكم (1) » يعني: حري أن يستجاب لكم. رواه مسلم في صحيحه. وقال عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (2) » رواه مسلم. هذا يدل على شرعية الإكثار من الدعاء في السجود، ولا يتعين دعاء مخصوص بل يدعو المؤمن والمؤمنة بما يسر الله لهما من الدعاء فيما يحتاجان إليه من الدعوات التي ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، دعاء مباح.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) .(10/454)
س: عند قراءة القرآن يكون هناك سجدة، فكم مرة نسجد وماذا نقول، هل نقول فقط: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات، أم أن هناك أدعية أخرى؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: سجود السهو مثل سجود الصلاة سواء، يقول في سجود السهو وفي سجود التلاوة مثل ما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو فيه ويقول: «اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (282) .(10/454)
سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين (1) » كان يقول هذا في السجود عليه الصلاة والسلام، فهذا يقال في سجود التلاوة وسجود السهو وفي سجود الصلاة، مثل الدعاء: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره، اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار. وما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة، المقصود أن سجود السهو مثل سجود الصلاة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامة، برقم (771) .(10/455)
س: نسأل عما يقوله الساجد في سجود التلاوة (1)
ج: يقول مثل سجود الصلاة سواء بسواء؛ سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين، سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي. ويدعو في سجوده كما يفعل في سجود الصلاة سواء بسواء.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (103) .(10/455)
204 - بيان ما يفعله من مر بسجدة في القرآن
س: ما الذي يجب علينا عمله بالضبط عندما نقابل سجدة في القرآن؟ (1)
ج: السنة السجود، إذا مررت على السجدة في القرآن تكبر وتسجد وتقول: سبحان ربي الأعلى. مثل سجود الصلاة سواء، تدعو فيها، وإذا قلت: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين. هذا أيضا سنة، يقال في سجود الصلاة وفي سجود التلاوة، وهكذا: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، وامح عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود عليه السلام. هذه أيضا لا بأس، ورد في بعض الأحاديث أن النبي دعا بذلك فقال: «اللهم اكتب لي بها عندك أجرا: وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود (2) » عليه الصلاة والسلام، هذا لا
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (352) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة، باب ما يقول في سجود القرآن، برقم (579) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب سجود القرآن، برقم (1053) .(10/456)
بأس به، المقصود أنه يقول في سجوده للتلاوة مثل السجود في الصلاة، يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين. ثم يرفع مكبرا إذا كان في الصلاة، أما خارج الصلاة فيكفي التكبير الأول، وليس فيها تكبير ثان ولا سلام في خارج الصلاة، أما في الصلاة فيكبر عند السجود، ويكبر عند الرفع كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام.(10/457)
205 - حكم سجود التلاوة في صلاة الفرض
س: يقول هذا السائل من الإمارات: إذا صليت بالناس صلاة الفريضة، وقرأت بعد سورة الفاتحة سورة أخرى فيها سجدة كسورة النجم أو سورة العلق مثلا، فماذا أفعل، أأركع أم أسجد؟ أفيدوني بذلك (1)
ج: إذا كانت الصلاة جهرية كالعشاء والفجر والجمعة تسجد إذا
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (395) .(10/457)
مررت بآية السجدة كآخر النجم وآخر العلق تسجد، والنبي كان يسجد عليه الصلاة والسلام، تكبر وتسجد ويسجد الناس معك، أما إذا كانت سرية، قرأتها في الظهر أو في العصر فلا تسجد، لأنه يشوش على الناس، لا يدرون ما الذي أوجب لك ذلك، قد يظنون أنك ساه، فالمقصود في السرية لا تسجد إذا قرأت سجدة، أما في الجهرية فتسجد.(10/458)
206 - حكم التسليم والتكبير في سجود التلاوة
س: هل سجود التلاوة فيه تسليمتان أم تسليمة واحدة عن اليمين؟ (1)
ج: إذا كان خارج الصلاة ليس فيه تسليم ولا تكبير إلا التكبيرة الأولى عند السجود، يكبر فقط، هذا هو السنة إذا كان خارج الصلاة، ويقول في السجود: سبحان ربي الأعلى، اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحول الله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين. مثل سجود الصلاة، ويدعو فيه مثل ما يدعو في سجود الصلاة، لكن ليس فيه تكبير إلا التكبيرة الأولى عند السجود، هذا هو المشروع، أما إذا كان في داخل الصلاة
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (226) .(10/458)
فإنه يكبر عند الهوي، ويكبر عند الرفع، لأنه صلى الله عليه وسلم «كان إذا قام كبر، وإذا سجد كبر، كان يكبر عند كل خفض ورفع في الصلاة (1) » فسجود التلاوة في الصلاة مثل سجود الصلاة، يكبر في الخفض ويكبر في الرفع إذا كان في داخل الصلاة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إتمام التكبير في الركوع، برقم (784) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب إثبات التكبير في كل خفض ورفع في الصلاة، برقم (392) .(10/459)
207 - حكم سجود التلاوة في أوقات النهي
س: كنت أقرأ القرآن بعد صلاة الصبح، ثم وصلت إلى موضع سجود، هل أسجد رغم أن الوقت وقت نهي أم لا؟ (1)
ج: نعم سجود التلاوة ليس له وقت نهي، ليس بصلاة، إذا قرأت بعد العصر أو بعد الفجر تسجد لأنه خشوع لله، وذل وانكسار، هذا هو الصواب، فإذا قرأ الإنسان ومر بآية من آيات التلاوة آيات السجود سجد فإنه يسجد سواء بعد العصر أو بعد الفجر، ثم أيضا هي من ذوات الأسباب لو كانت صلاة، لكنها من ذوات الأسباب، سببها أنك قرأت
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (316) .(10/459)
الآية التي فيها السجدة فتسجد، هذا هو السنة.(10/460)
208 - حكم تكرار السجود للمتعلم مع تكرار آية السجود
س: أثناء حفظي للقرآن قد آمر بآية فيها سجدة، فهل كلما كررت الآية أكرر السجود أم يكفي مرة واحدة؟ (1)
ج: هذا الأفضل، كلما بدأ بالقراءة يتكرر السجود، وهذا الأفضل، وإن اكتفى القارئ بالسجدة الأولى فالحمد لله فلا بأس بالسجود، كله نافلة في التلاوة كله نافلة، لكن إذا كررت يكون أفضل، فإن اكتفى بالسجدة الأولى عند القراءة الأولى كفاه والحمد لله.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (321) .(10/460)
209 - حكم اشتراط الطهارة لسجود التلاوة والشكر
س: الأخ: ع. ع. س. ع. من جمهورية مصر العربية يسأل عن سجود التلاوة عل تشترط له الطهارة؟ (1)
ج: سجود التلاوة تشترط له الطهارة عند الأكثرين، عند أكثر أهل العلم، والأرجح أنها لا تشترط لعدم الدليل، قد كان النبي صلى الله عليه
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (252) .(10/460)
وسلم يقرأ القرآن فيمر بالسجدة فيسجد ويسجد معه الناس، ولم يقل لهم: من ليس على طهارة لا يسجد.
فمعلوم أن المجالس تضم من هو على وضوء ومن هو على غير وضوء، فلو كانت الطهارة شرطا لقال لهم: لا يسجد معنا أحد إلا وهو على طهارة. وكان ابن عمر رضي الله عنه يسجدها على غير طهارة، وهكذا الشعبي التابعي الجليل، الصواب أنه لا يشرط، لا بأس أن يسجد من كان على غير طهارة لعدم الدليل والسجود ليس صلاة لكنه جزء من الصلاة وهكذا سجود الشكر، إذا بشر بنعمة فسجد لله لا يشترط الطهارة في سجود الشكر كسجود التلاوة سواء، أما سجود الصلاة وسجود السهو هذا لا بد له من الطهارة.(10/461)
س: هل الطهارة واجبة في سجدة التلاوة وسجدة الشكر، وهل هناك سجدة بعد ختم القرآن حيث إننا بعد أن نختم القرآن نسجد سجدة شكرا لله عز وجل على ختم القرآن؟ والسائل من سوريا (1)
ج: الصواب أنه لا تشترط الطهارة لسجدة التلاوة والشكر؛ لأن الإنسان قد يتلو على غير طهارة، يسجد والحمد لله، قد يأتي خبر يسره
__________
(1) السؤال السادس عشر الشريط رقم (360) .(10/461)
يسجد للشكر، والنبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه خبر يسره كان يسجد لله شكرا، وكان يقرأ القرآن بين أصحابة فإذا مر بالسجدة سجد وسجدوا معه، ولم يقل لهم: لا يسجد أحد إلا إذا كان على طهارة. معلوم أن المجالس تضم المحدث وغير المحدث، فلو كانت الطهارة شرطا لقال لهم: الذي ليس على طهارة لا يسجد. فلما سكت دل على أن الطهارة غير شرط، أما السجود عند ختم القرآن فلا أصل له، تركه أولى، ترك السجود بعد ختم القرآن أولى لعدم الدليل عليه.(10/462)
210 - حكم سجود التلاوة للحائض
س: هل يجوز للمرأة الحائض أن تسجد سجود التلاوة؟ (1)
ج: الصواب لا حرج أن تقرأ القرآن حفظا وتسجد، هذا هو الصواب، وليس قراءة من المصحف، لكن عن ظهر قلب؛ لأنها ليست مثل الجنب، الجنابة مدتها قصيرة، تغتسل وتقرأ، لا يقرأ الجنب، ولكن الحائض والنفساء مدتهما طويلة، والصواب أن لهما أن تقرآ عن ظهر قلب، فإذا مرتا بالسجدة تسجدا؛ لأن السجدة ليست صلاة في التلاوة، ليست صلاة، وإنما هي خضوع لله مثل الذكر.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (321) .(10/462)
211 - بيان سجود الشكر
س: تقول السائلة: ما هو سجود الشكر، وهل يسجد في صلاة أم بدون صلاة، وهل حكمه حكم سجود الصلاة من حيث الطهارة وستر العورة وغيرها أم لا، وما هو الدعاء المستحب فيها؟ (1)
ج: سجود الشكر هو السجود من أجل نعمة عامة ساقها الله للمسلمين، أو نعمة خاصة ساقها الله للشخص، كوجود ولد له وكسلامته من حادث ونحو ذلك، ولما بلغ الصديق رضي الله عنه مقتل مسيلمة الكذاب خر ساجدا لله سبحانه وتعالى شكرا لله على نعمته بقتل الخبيث عدو الله مسيلمة الكذاب، فإذا بشر الإنسان بشيء يسره وسجد لله شكرا هذا يقال له: سجود الشكر، ويقال فيه ما يقال في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. يدعو فيه الإنسان مثل سجود الصلاة سواء، والصحيح لا تشترط له الطهارة بل هو مثل سجود التلاوة الصحيح أنهما لا تشترط لهما الطهارة بل لا مانع من السجود وإن كان على غير طهارة، فإذا صار يتلو القرآن وليس على طهارة، ومر بآيات السجدة فإنه
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (123) .(10/463)
يشرع له السجود وإن كان على غير طهارة، وهكذا سجود الشكر ليس له شرط الطهارة، فيسجد وإن كان على غير طهارة لأنه ليس من جنس الصلاة بل هو ذل لله واستكانة وعبادة له سبحانه من جنس الذكر ومن جنس التسبيح والتهليل، ومن جنس قراءة القرآن، فليس له شرط الطهارة، كما أن القارئ من غير المصحف لا يشترط له الطهارة، فهكذا الذاكر والمسبح والمهلل والمستغفر يجوز أن يفعل هذا وإن كان على غير طهارة، هذا هو الصواب، وبعض أهل العلم قال: لا بد من طهارة كالصلاة، ولكنه قول مرجوح ليس عليه دليل.(10/464)
212 - حكم صلاة الشكر
س: تقول السائلة: ما هي كيفية صلاة الشكر؟ (1)
ج: ما نعلم صلاة يقال لها: صلاة الشكر، يقال: سجود الشكر، لكن إذا صلى الإنسان ركعتين في الضحى أو في الليل أو الظهر وحمد الله وأثنى عليه وشكره على نعمه كله طيب، الصلاة مطلوبة، كلها خير في أوقات العبادة، الضحى كله صلاة إلى وقوف الشمس، والظهر كله صلاة إلا بعد صلاة العصر، الليل كله صلاة، الحمد لله. إذا صلى
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (238) .(10/464)
الإنسان ركعتين أو أكثر يشكر الله ويحمده فيها ويسأل ربه الخير، كله طيب، لكن ما نعلم في الشرع صلاة يقال لها صلاة الشكر، نعلم سجدة يقال لها: سجود الشكر، مثلا الإنسان بشر أن الله وهبه ولدا ذكرا أو أنثى فسجد لله شكرا على هذه النعمة، أو بشر أن الله عافى ولده، أو عافى أباه من مرض، أو أن الذين انقلبت بهم السيارة سلموا، أو تصادموا، بشر أنهم سلموا وسجد لله شكرا كل هذا طيب، أو جاء فتح إسلامي، إن الله فتح على المسلمين ونصرهم على عدوهم في حرب بين المسلمين وأعدائهم فبشر بأن المسلمين انتصروا سجد لله شكرا، كما جاء عن الصديق رضي الله عنه لما بشر بأن مسيلمة قتل في حرب اليمامة سجد لله شكرا، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه سجد لله شكرا لما بلغه قتل الأسود العنسي، المقصود أن السجود لله شكر معروف، وهو مثل سجود الصلاة سجدة واحدة يسجدها لله ويشكره على ما حصل من النعمة، يقول سبحان ربي الأعلى: سبحان ربي الأعلى. ويحمد ربه ويشكره، ويدعوه على ما حصل من النعمة التي له وللمسلمين.
والصواب أنها لا تشترط لها الطاهرة، والجمهور أنها تشترط لها الطهارة لكن الصواب أنها لا تشترط لعدم الدليل لأنها خضوع لله وذكر لله سبحانه وتعالى كأشباه التسبيح والتهليل، وأشباه القراءة عن ظهر(10/465)
قلب، لا تشترط لها الطهارة مطلقا، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يسجد وهو على غير طهارة، وكان الشعبي كذلك فيما صح عنهما. «والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن مع أصحابه في مجالسهم فإذا سجد سجدوا معه (1) » ولم يقل لهم: من كان على غير طهارة فلا يسجد. ومعلوم أن المجالس تشمل من هو على وضوء ومن هو على غير وضوء، فلو كانت الطهارة شرطا لقال لهم عند السجود: من كان على غير طهارة لا يسجد، فلما سجد سجدوا معه في مجالسهم دل على أن الطهارة ليست شرطا، إذ لو كانت شرطا لنبههم عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله بعثه مبلغا ومعلما، والبيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة، واجتماعهم معه في المجالس وسجودهم معه هو وقت الحاجة للبيان.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب سجود المسلمين مع المشركين، برقم (1071)(10/466)
213 - بيان صفة سجود الشكر
س: ما هي صفة سجود الشكر؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: سجود الشكر مثل سجود الصلاة، مثل سجود السهو، مثل سجود
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (289) .(10/466)
التلاوة، سجدة واحدة، فيقول فيها: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. يحمد الله ويثني عليه ويشكره على ما من به عليه من صحة أو ولد أو نصر للإسلام أو فتح للمسلمين، أو نحو ذلك مما يسره أو يسر المسلمين، «النبي صلى الله عليه وسلم سجد شكرا (1) » وهكذا الصديق رضي الله عنه لما جاءه فتح اليمامة ومقتل مسيلمة الكذاب سجد لله شكرا، والصحيح أنه يجوز ولو كان الساجد على غير طهارة، إذا جاءه الخبر السار سجد وإن كان على غير طهارة، وهكذا سجود التلاوة من جنس سجود الشكر سجدة واحدة عند تلاوة الآيات التي فيها السجود ولو كان على غير طهارة في أصح قولي العلماء، يقول فيه مثل ما يقول في سجود الصلاة، وسجود التلاوة وسجود الشكر وسجود السهو، كله يقال فيه ما يقال في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ويدعو فيه بما يسر الله من الدعوات الطيبة، ويشكر الله في سجود الشكر زيادة، يشكر الله على النعمة التي بلغته، ويقول في السجود أيضا: اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت،
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، من حديث عبد الرحمن بن عوف الزهري رضي الله عنه، برقم (1665) .(10/467)
سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين، يقال هذا في سجود الصلاة، سجود التلاوة، سجود الشكر، مع: سبحان ربي الأعلى، لا بد من: سبحان ربي الأعلى، لا بد من كلمة: سبحان ربي الأعلى ولو مرة، وإذا كررها ثلاثا أو خمسا كان أفضل وأولى في جميع أنواع السجود: سجود التلاوة، سجود الشكر، سجود الصلاة، سجود السهو.(10/468)
س: أم ف. تسأل عن سجود الشكر كيف يكون، وما هي مشروعيته؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: سجود الشكر مثل سجود الصلاة، سجدة واحدة يقول فيها ما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، يحمد الله ويثني عليه، فهو ولي النعمة التي حصلت، يدعوه جل وعلا، ويشكره هذا سجود الشكر، مثل إنسان بشر بأن الله جل وعلا رزقه ولدا، أو بشر بأن أمه شفيت من مرضها أو أباه، أو بشر بأن المسلمين فتح الله عليهم بالنصر على عدوهم فإنه يشرع له السجود شكرا لله ولو كان على غير طهارة، يقول في السجود مثل ما يقول في سجود الصلاة: سبحان
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (295) .(10/468)
ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويقول: اللهم اغفر لي، اللهم اغفر لي، اللهم ارزقني شكر نعمتك، والحمد لله على هذه النعمة. ونحو ذلك.(10/469)
س: تسأل عن صفة سجود الشكر (1)
ج: سجود الشكر مثل سجود الصلاة ومثل سجود التلاوة، إذا بشر بشيء يسره سجد لله شكرا، وقال فيه: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. وحمد ربه سبحانه وتعالى وأثنى عليه، ودعا ربه أن الله يبارك له فيما يسره الله له، ويجود عليه من فضله بما ينفعه في الدنيا والآخرة حتى ولو كان على غير وضوء، مثل سجود التلاوة لا يشترط له وضوء على الصحيح، فإذا بشر، قد يبشر وهو ليس على وضوء، وقد يقرأ وهو ليس على وضوء، يقرأ عن ظهر قلب، فإذا مر بالسجدة سجد وإن كان على غير وضوء على الصحيح، وهكذا إذا بشر بولد أو فتح للمسلمين ضد عدوهم، أو شفاء مريض وسجد لله شكرا فلا حرج عليه وإن كان على غير وضوء، ويقول في سجوده مثل سجوده في الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو ربه في سجوده، ويحمد ويثني عليه بما يسر الله له من النعمة العظيمة.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (269) .(10/469)
س: كيف يكون سجود الشكر؟ (1)
ج: سجود الشكر مثل سجود الصلاة، وهكذا سجود التلاوة مثل سجود الصلاة، كما تقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، وتدعوه سبحانه هكذا في سجود التلاوة، وسجود الشكر، تحمد الله في السجود بما من عليك، تقول: الحمد لله على ما أنعم به علي من نعمة كذا. أو الشكر لله تقول: سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. مثل ما تفعل في سجود الصلاة، ولكن مع هذا في سجود الشكر تزيد، وتحمد الله وتثني عليه وتشكره على ما أعطاك من النعم.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (311) .(10/470)
214 - حكم الإكثار من السجود
س: هل صحيح أن كثرة السجود لله بدعة علما بأنني كثيرا ما أتذكر نعمة الله علي فأسجد لله شكرا؟ (1)
ج: السجود المفرد لا يفعل إلا عند أسبابه، فسجود التلاوة إذا صلى وقرأ الإنسان آية السجدة أو صار يتلو القرآن ومر بآية سجدة فإنه
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (320) .(10/470)
يسجد، أو حدث نعمة جديدة فيسجد لله شكرا كأن رزقه الله ولدا، أو سمع فتحا للمسلمين ونصرهم الله على عدوهم يسجد لله شكرا، أما السجود من غير أسباب فلا أصل له بل هو بدعة، فكون الإنسان يصلي صلاة كاملة أو يصلي ركعتين أو أكثر يسلم من كل ثنتين فهذا مشروع وطيب، الصلاة كلها خير، لكن مثنى مثنى سواء في الليل أو النهار، أما السجود المفرد فإنه لا يفعل إلا لأسباب مثل التلاوة، إذا مر بآية السجدة سجد، أو للشكر مثلا إذا أراد الله به نعمة جديدة من ولد أو فتح للمسلمين أو عافية من حادث أو ما أشبه ذلك يسجد لله شكرا.(10/471)
215 - حكم صلاة تحية المسجد
س: يسأل السائل ويقول: صلاة تحية المسجد هل يصليها الإنسان كلما يدخل المسجد - أي بعد كل صلاة - أم مرة واحدة في اليوم؟ وهذه الصلاة هل تكفي عن السنة أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: السنة لمن دخل المسجد وهو على طهارة أن يصلي ركعتين تحية المسجد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (420) .(10/471)
فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1) » وفي اللفظ الآخر: «فليركع ركعتين قبل أن يجلس (2) » هذا السنة، في أي وقت، في الضحى، في الظهر، وفي العصر، وفي المغرب، في أي وقت، ليس لها وقت نهي على الصحيح حتى ولو بعد العصر إذا دخل ليجلس ينتظر المغرب يصلي ركعتين، أو دخل بعد الفجر لحضور حلقات العلم، أو ليجلس في المسجد يصلي ركعتين إذا كان على طهارة قبل أن يجلس، ليس لها وقت نهي، هذا هو المشروع للمسلم، وهي سنة مؤكدة، ولو دخل في المسجد مرات صلى كلما دخل لو دخل الضحى مرتين أو ثلاثا، أو الظهر أو العصر، أو الليل، كلما دخل وهو على طهارة يصلي ركعتين ولو دخل وصلى الراتبة راتبة الظهر سدت عن تحية المسجد، لو صلى راتبة الظهر ركعتين أو أربع ركعات الراتبة قبل الظهر السنة أربع بتسليمتين فإذا صلاهما سدت عن تحية المسجد، وهكذا إذا دخل الفجر وهو ما صلى الراتبة في بيته وصلى الراتبة في المسجد كفت عن تحية المسجد، ركعتا
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما....، برقم (714) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (444) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما. . .، برقم (714) .(10/472)
سنة الفجر تكفي عن تحية المسجد والحمد لله.(10/473)
س: السائلة ع. س. ن. تقول في سؤالها: هل يجب على الرجل أن يصلي تحية المسجد كلما ذهب إلى المسجد للصلوات المفروضة؟ أي يؤدي تحية المسجد في اليوم خمس مرات، جزاكم الله خيرا. (1)
ج: تحية المسجد سنة ليست بواجبة، فإذا وصل المسجد صلى ركعتين، إن كان الظهر يصلي الراتبة، وتكفي عن تحية المسجد، وراتبة الظهر أربع ركعات تسليمتان قبل الظهر، فإذا صلاهما كفتا عن تحية المسجد، وهكذا العصر يستحب قبله أربع بتسليمتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2) » تكفي عن تحية المسجد، سواء نواها تحية أو ما نواها تحية، وهكذا إذا جاء المسجد عند أذان المغرب أو قبل المغرب يصلي ركعتين تحية المسجد، وهكذا العشاء، إذا جاء إلى المسجد يصلي ركعتين تحية المسجد بعد الأذان أو قبل الأذان، وبين الأذانين يسن أن يصلي ركعتين لقوله صلى الله عليه
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (386) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .(10/473)
وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، لمن شاء (1) » فإذا جاء إلى المسجد بعد آذان العشاء أو بعد آذان المغرب أو قبل ذلك يصلي تحية المسجد، فإذا أذن يستحب له أن يقوم ويصلي ركعتين بين الأذانين في المغرب والعشاء، أما الفجر فراتبتها قبلها ركعتان، إذا صلاها في البيت أو في المسجد فالحمد لله، وإن صلاها في المسجد كفت عن تحية المسجد.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .(10/474)
216 - حكم تحية المسجد في أوقات النهي
س: السائل أبو محمد من سوريا يقول: هل تحية المسجد مشروعة في جميع الأوقات وفي أوقات النهي سماحة الشيخ؟ (1)
ج: نعم، تحية المسجد مشروعة في جميع الأوقات لأنها من ذوات الأسباب، فإذا دخل المسجد بعد العصر ليجلس حتى ينتظر المغرب أو للدروس أو لأسباب أخرى يصلي تحية المسجد، وهكذا لو جاء بعد الفجر يصلي تحية المسجد لأنها من ذوات الأسباب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (404) .(10/474)
ركعتين (1) » وفي اللفظ الآخر: «فليركع ركعتين قبل أن يجلس (2) » وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر صلي لها لأنها من ذوات الأسباب، وهكذا لو طاف في مكة طاف بالكعبة بعد العصر أو بعد الفجر فإنه يصلي ركعتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (3) »
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما....، برقم (714) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (444) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما. . .، برقم (714) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الطواف بعد العصر، حديث رقم (1894) ، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868) ، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254) .(10/475)
217 - حكم صلاة ركعتين بنية الراتبة وتحية المسجد
س: عند دخول المسجد للصلاة وأداء تحية المسجد بدون أن أنوي، هل هي تحية المسجد أم سنة الفريضة؟ مثلا أدخل المسجد لصلاة الفجر وأصلي ركعتين بدون أن أنوي، هل تدمج تحية(10/475)
المسجد مع سنة الفريضة أم أن الأفضل أن أؤدي كل واحدة على حدة؟ (1)
ج: إذا نويت سنة التحية وسنة الفجر كفى، وهكذا الظهر إذا نويت بالركعتين الأوليين سنة التحية وسنة الراتبة كفى، وهكذا العصر إذا صليت أربعا قبلها ركعتين ركعتين قامتا مقام التحية والحمد لله، فالنية تشمل الجميع، وإذا نوى عن سنة الفجر كفت عن التحية، وهكذا إذا صلى بنية راتبة الظهر القبلية كفت عن التحية.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (181) .(10/476)
218 - حكم صلاة أربع ركعات بتسليمة واحدة تحية للمسجد
س: رأيت بعض الناس إذا دخل المسجد يصلي أربع ركعات متواصلة بتسليمة واحدة تحية المسجد، فهل هذا صحيح أم تحية المسجد ركعتان فقط؟ (1)
ج: هذا خلاف السنة، السنة ركعتان فقط، أما أن يصلي أربعا جميعا فهذا خلاف السنة، والنبي عليه السلام قال: «صلاة الليل والنهار مثنى
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (177) .(10/476)
مثنى (1) » ، فالسنة إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين، ويسلم منهما، فإذا أحب أن يصلي زيادة فلا بأس، لكن يسلم من كل ركعتين، هذا هو الأفضل في النهار وفي الليل، يتأكد ذلك، ولا يجوز أن يجمع أربعا بسلام واحد، بل يسلم من كل ثنتين.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/477)
س: الأخ: ف. ح. ش، من الدمام المنطقة الشرقية يقول: رأيت بعض الناس يصلي أربع ركعات تحية المسجد متواصلة بتسليمة واحدة مع أن تحية المسجد ركعتان فقط، أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: السنة ركعتان فقط، تحية المسجد ركعتان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس (2) » فالسنة أن يصلي ركعتين، وإن صلى أربعا فلا بأس إذا كان الوقت ليس وقت نهي، إذا دخل الضحى صلى أربع ركعات، أو في الليل لا بأس، لكن الأفضل أن يسلم من كل ركعتين، السنة أن يصلي ركعتين لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (3) » فلا
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (167) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (444) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما. . .، برقم (714) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791) ، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295) ، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597) ، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322) .(10/477)
يجمع الأربع جميعا بل يسلم من كل ثنتين، هذا هو السنة، وفي الليل آكد وأشد، وليس له أن يصلي أكثر من ركعتين بسلام واحد، لا يصلي أربعا بسلام واحد، ولكن يسلم من كل ثنتين، وفي النهار قد أجاز ذلك بعض أهل العلم، ولكن الصواب حتى في النهار السنة أن يصلي ركعتين ركعتين، وإذا أحب أن يزيد عن ركعتين يصلي الأربع بتسليمتين، ست ركعات بثلاث تسليمات، ثمان ركعات بأربع تسليمات في أوقات غير أوقات النهي كالضحى والليل والظهر لا بأس.
أما وقت النهي فليس له أن يزيد على ركعتين إذا دخل بعد العصر أو بعد صلاة الفجر، فالصواب أنه يجوز له أن يصلي ركعتين، بل الأفضل أن يصلي ركعتين تحية المسجد قبل أن يجلس ولو كان وقت نهي؛ لأنها من ذوات الأسباب، فلا يزيد على ركعتين؛ لأن المقصود حصل بذلك.(10/478)
219 - حكم التلفظ بالنية في تحية المسجد
س: سائل يقول: إنني عندما أذهب إلى المسجد أصلي ركعتين، وأقول: أصلي ركعتين تحية المسجد، فهل يجوز؟ وهل كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يفعلون هذا؟ (1)
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (199) .(10/478)
ج: السنة للمؤمن إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1) » حتى ولو كان الخطيب يخطب يوم الجمعة، حتى ولو كان في وقت النهي على الصحيح كالعصر أو بعد الفجر، السنة له إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين، ولا حاجة إلى أن يقول: أصلي ركعتين، يتلفظ بالنية، لا حاجة، نية القلب تكفي، والتلفظ بالنية بدعة في أصح قولي العلماء، فلا يتلفظ بالنية عند الوضوء ولا عند الصلاة، ولكن بقلبه، يصلي ركعتي التحية وهو ناو بقلبه أن هذه ركعتا التحية، وهكذا ينوي في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويكفي، ولا حاجة إلى التلفظ.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما....، برقم (714) .(10/479)
220 - حكم تكرار تحية المسجد بتكرار دخول المسجد
س: يقول رجل مصري الجنسية: يوجد مسجد قريب من مسكني أصلي فيه المغرب والعشاء والفجر يوميا ولله الحمد، فهل في كل مرة تجب علي تحية المسجد؟ (1)
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (303) .(10/479)
ج: نعم، كلما دخلت المسجد فعليك التحية سواء الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء، وتحية المسجد سنة مؤكدة إذا دخلت المسجد وأنت على وضوء، لكن إذا صليت الراتبة راتبة الظهر مثلا تقوم مقام التحية سنة الظهر، وكذا سنة الفجر تجزئ عن التحية، والحمد لله.(10/480)
221 - حكم الخروج إلى مسجد آخر لصلاة تحية المسجد
س: هل يجوز أن يصلي المسلم ركعتين تحية المسجد، ثم يذهب إلى مسجد آخر ويصلي فيه ركعتين تحية كذلك؟ (1)
ج: إذا كان المقصود الذهاب للمسجد للتحية هذا غير مشروع، أما إذا كان قصد المسجد لحضور حلقات العلم ليجلس فيه للصلاة، ليجلس يقرأ القرآن يصلي تحية المسجد، أما أن يذهب للمساجد يصلي فيها ركعتين فقط فهذا غير مشروع.
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (295) .(10/480)
س: هذا السائل: أ. ر. س، يقول: يا سماحة الشيخ، إذا جاء الشخص إلى المسجد وقت إقامة الصلاة في الفجر مثلا فهل يصلي تحية المسجد ركعتين، ويصلي ركعتي سنة الفجر بعد صلاة الفجر؟ (1)
__________
(1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (429) .(10/480)
ج: نعم يصليها بعد صلاة الفجر أو بعد طلوع الشمس، هو مخير.(10/481)
222- بيان أن الراتبة تكفي عن تحية المسجد
س: رسالة من المستمع رمز إلى اسمه بالحروف: ح. ن. ش. ن. يسأل عن السنن الرواتب، فمثلا هل تجزئ السنة الراتبة عن تحية المسجد؟ (1)
ج: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد؛ فالسنن الرواتب المحفوظة في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام اثكنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر تسليمتان، ثنتان بعد الظهر، ثنتان بعد المغرب، ثنتان بعد العشاء، ثنتان قبل صلاة الصبح. هذه هي السنن الرواتب، وكان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، يصلي تسليمتين قبل الظهر، وتسليمة واحدة بعد الظهر، وتسليمة واحدة بعد المغرب، وتسليمة واحدة بعد العشاء، وتسليمة واحدة قبل صلاة الصبح، وقال عليه الصلاة والسلام: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (2) » فيستحب أن
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (311) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430) .(10/481)
يصلي قبلها أربعا في العصر، لكنها ليست راتبة، وكذلك يصلي بين الأذانين ركعتين أذان المغرب وأذان العشاء، وبين الأذان والإقامة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (1) » يعني الأذان والإقامة، فهذه مستحبة وليست راتبة، بعد أذان المغرب وبعد أذان العشاء تصلي ركعتين، ومن صلى تحية المسجد حصل بها المطلوب فإذا صلى ركعتين إذا دخل المسجد حصل بها المطلوب، وهكذا السنن الرواتب، إذا صلى سنة الظهر في المسجد حصل بها المطلوب، وهكذا سنة الفجر إذا صلاها في المسجد حصل بها المطلوب وكفت عن تحية المسجد.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .(10/482)
بقية باب صلاة التطوع(11/5)
صفحة فارغة(11/6)
بقية باب صلاة التطوع
1 - حكم صلاة سنة الوضوء
س: يقول السائل: بالنسبة لركعتي الوضوء، هل تؤدى لكل وضوء مثل وضوء القرآن أم وضوء الصلاة فقط؟
ج: إذا توضأ الإنسان يستحب له أن يصلي ركعتين سواء توضأ لقراءة القرآن أو للصلاة أو لغير ذلك، إذا توضأ يستحب له أن يصلي ركعتين في أي وقت، ولا هناك أوقات نهي؛ لأنها من ذوات الأسباب، فإذا توضأ بعد العصر أو بعد صلاة الفجر صلى ركعتين؛ لأنها من ذوات الأسباب.(11/7)
2 - جمع صلاة النوافل في ركعتين
س: السائل: م. ع. له هذا السؤال، يقول: هل يجوز جمع النوافل في ركعتين، مثل أن نقول: أنوي صلاة ركعتين قبل صلاة العشاء وتحية المسجد وسنة الوضوء (1)
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (403) .(11/7)
ج: نعم، إذا صلى ركعتين سنة تحية المسجد سدت عن الوضوء، إذا توضأ وصلى ركعتين تحية المسجد أو الراتبة حصل المطلوب والحمد لله، وكذلك الفجر لو توضأ لصلاة الفجر ثم صلى سنة الفجر سدت عن سنة الوضوء، وعن سنة الفجر.(11/8)
س: بالنسبة لجمع سنة الوضوء وسنة الفرض وسنة تحية المسجد في ركعتين هل يحصل على ثواب الست ركعات أم لا (1) ؟
ج: نرجو أن يحصل له هذا الخير، إذا صلى ركعتين بعدما توضأ ودخل المسجد وصلى ركعتين ناويا سنة الوضوء، وسنة التحية والراتبة راتبة الظهر مثلا نرجو أن يجمع الله هذا الخير كله؛ لأن الركعتين مشروعة لتحية المسجد، ومشروعة للوضوء، ومشروعة للراتبة قبل الظهر؛ لأن الراتبة قبل الظهر أربع ركعات يسلم من كل ركعتين، فإذا نواها راتبة وتحية للمسجد وسنة وضوء نرجو أن يجمع الله له ذلك كله، ولا أعلم مانعا من ذلك.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (383) .(11/8)
3 - بيان الأوقات التي تجوز فيها صلاة التطوع
س: ما هي الأوقات المستحبة لصلاة التطوع، وهل تجوز الصلاة قبل(11/8)
المغرب بساعة صلاة تطوع (1) ؟
ج: كل الليل والنهار محل تطوع، الله جل وعلا كما قال في كتاب--هـ العظيم: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} (2) لكن يستثنى من ذلك أوقات النهي ما بين صلاة الفجر إلى ارتفاع الشمس هذا وقت نهي عن الصلاة، وكذلك ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس محل نهي عن الصلاة، كذلك عند قيامها قرب الظهر إذا وقفت الشمس - يعني عند توسطها في كبد السماء - وهي مدة قليلة، هذا وقت نهي أيضا، أما بقية الأوقات مثل صلاة الضحى بعد ارتفاع الشمس إلى وقوف الشمس, بعد الظهر ما بين الظهر والعصر كله محل صلاة، الليل كله محل صلاة، فصلاة الضحى متأكدة، وسنة مؤكدة، هكذا التهجد بالليل، وبين العشاءين, كله محل عبادة فيه خير كثير وفضل كبير، لكن أوقات النهي لا يصلى فيها إلا لسبب كصلاة الطواف لمن طاف بعد العصر أو بعد الصبح يصلي صلاة الطواف، مثل سنة الوضوء لمن توضأ، يصلي ركعتين سنة الوضوء ولو بعد العصر والصبح، مثل لو كسفت الشمس بعد العصر يشرع أن يصلي لها في
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (77) .
(2) سورة الفرقان الآية 62(11/9)
أصح قولي العلماء، ومثل تحية المسجد، لو دخل المسجد لأجل الدرس بعد العصر أو أن يجلس فيه إلى الغروب، سن له أن يصلي تحية المسجد، هذا مستثنى، ويقال لها: ذوات الأسباب، هذا الصحيح أنها تستثنى، ولا بأس بها في أوقات النهي على الصحيح من أقوال العلماء.(11/10)
4 - بيان الأوقات التي تمنع فيها صلاة النافلة
س: تقول السائلة: ما هو الوقت الذي تمنع صلاة النافلة فيه (1)
ج: قد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم الأوقات التي تمنع فيها الصلاة، وهي خمسة على سبيل الإيضاح:
الأول: ما بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، هذا وقت نهي، لا يفعل فيه إلا صلاة الفجر، وسنة الفجر ركعتان قبلها، فإن فاتت قبلها صلاها بعدها وهذا هو الوقت الأول.
الوقت الثاني: من طلوع الشمس إلى ارتفاعها قيد رمح، وهذا وقت مضيق لا تجوز فيه الصلاة؛ لأنه وقت نهي، وحينئذ يسجد الكفار للشمس، عباد الشمس يسجدون لها عند طلوعها.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (128) .(11/10)
والوقت الثالث: عند قيام الشمس؛ يعني عند وقوفها قبل الزوال في وسط النهار، وهو وقت قصير، فإن الشمس سائرة ولكن عند توسطها في السماء يسمى وقوفا، وهذا الوقت وقت قصير لا يصلى فيه حتى تميل إلى الغرب، تميل إلى جهة الغرب.
الرابع: بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس.
الخامس: بعد اصفرارها إلى أن تغيب. هذه خمسة أوقات لا يصلى فيها. لكن يستثنى من ذلك على الصحيح ذوات الأسباب من الصلوات، فإنها تصلى في هذه الأوقات، وهي صلاة الطواف، لو طاف بعد العصر، أو طاف بعد الصبح، أو طاف بعد أذان الفجر فإنه يصلي سنة الطواف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (1) » هذا مستثنى من أوقات النهي, وأيضا تحية المسجد، لو دخل الإنسان المسجد يريد أن يجلس فيه عند الغروب، أو دخله بعد صلاة الصبح يريد أن يجلس فيه إلى طلوع الشمس فإن
__________
(1) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868) ، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254) .(11/11)
السنة أن يصلي ركعتين تحية المسجد؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1) » ولأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا دخل المسجد وهو يخطب الجمعة عليه الصلاة والسلام أمره أن يقوم فيصلي ركعتين، فلولا أنها متأكدة لما أمره أن يصلي في هذه الحالة بأن يقوم ويصلي ركعتين، وقال: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما (2) » ومنها صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر أو عند طلوع الشمس شرعت صلاة الكسوف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (3) » وفي اللفظ الآخر: «فافزعوا إلى الصلاة (4) » فهذا يعم
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1170) . ومسلم كتاب في الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044) ، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046) .(11/12)
أوقات النهي وغيرها. ومنها سنة الوضوء، إذا توضأ فإنه يشرع له أن يصلي ركعتين لصحة الأحاديث في ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه (1) » متفق على صحته. فهذه الصلوات التي لها أسباب لا مانع من فعلها في أوقات النهي، وهي مستثناة ومخصوصة من أدلة النهي، والله ولي التوفيق.
وكذلك قضاء الفوائت، مثلا لو نام عن الظهر والعصر فإنه يصليهما في وقت العصر ولو بعد الصلاة، وكذلك لو تذكر صلاة عليه بعد العصر صلاها بعد العصر، أو تذكرها بعد الصبح صلاها بعد الصبح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (2) » فهي مستثناة أيضا من أوقات النهي.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (160) ، ومسلم في كتاب الطهارة باب صفة الوضوء وكماله، برقم (226) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) واللفظ له.(11/13)
س: ما هي الأوقات التي نهي فيها عن الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الأوقات خمسة التي نهي فيها عن الصلاة: بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، وبعد اصفرارها إلى أن تغيب، هذان وقتان، والثالث عند وقوفها وسط النهار حتى تميل إلى المغرب، وهو وقت قصير، والرابع بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والخامس بعد طلوعها حتى ترتفع قيد رمح. هذه خمسة، ويجوز اختصارها إلى ثلاثة فيقال: ثلاثة: من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، هذان اثنان، والثالث عند وقوفها قبيل الظهر حتى تزول وهو وقت قليل عند توسطها السماء قبل أن تميل.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (344) .(11/14)
س: يسأل سماحتكم عن أوقات النهي، وماذا لو صلى أحدهم في هذه الأوقات ـ جزاكم الله خيرا ـ ولماذا نهينا أن نصلي فيها (1)
ج: أوقات النهي خمسة: أولها بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، لا يصلى فيه إلا سنة الفجر وفريضة الفجر، أو تحية المسجد، الثاني بعد طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح، الثالث عند وقوفها قبل الظهر بشيء قليل عندما تقف في كبد السماء يسمى وقت الوقوف في رأي الناظر حتى تزول
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (443) .(11/14)
إلى جهة الغرب، وهو وقت قصير ثلث ساعة أو ربع ساعة ليس بالطويل، الرابع بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، الخامس عند اصفرارها إلى أن تغيب. هذه أوقات النهي، لا يجوز للمسلم أن يصلي فيها إلا الفرائض التي تفوته فإنه يصليها في كل وقت، وهكذا فريضة الفجر يصليها مع سنتها بعد طلوع الفجر، وهكذا صلوات الأسباب مثل سنة تحية المسجد، مثل صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد صلاة العصر، مثل سنة الوضوء، فهذه يقال لها: ذوات الأسباب، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة أو بعد الفجر صلى ركعتي الطواف؛ لأنها من ذوات الأسباب.
أما لماذا نهينا أن نصلي في هذه الأوقات فربك حكيم عليم، له الحكمة البالغة فيما يأمر به وفيما ينهى عنه، وقد علل في بعض الأحاديث بأن فيه تشبيها بعباد الشمس الذين يصلون للشمس عند طلوعها وعند غروبها، فكان النهي عن الصلاة في ذلك الوقت سدا لذريعة التشبه بعباد الشمس، هذه الحكمة لكن إذا كانت الصلاة فريضة أو من ذوات الأسباب فلا حرج، وتكون هذه الصلاة مقدمة على سد الذريعة إذا كانت الصلاة مؤكدة كالفريضة، أو من ذوات الأسباب، فعلت ولم تمنع من أجل التشبه، أما كون الإنسان يبتدئ الصلاة بدون سبب فهذا(11/15)
الذي يظن فيه التشبه، ويخشى عليه التشبه لأنه بدأها بدون سبب شرعي.(11/16)
س: ما هي الأوقات التي تحرم فيها الصلاة (1)
ج: تحرم الصلاة في أوقات النهي - صلاة النافلة التي ليس لها أسباب - بعد طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس إلا سنة الفجر وفريضة الفجر يصليها، وتحية المسجد لأن لها أسبابا، وهكذا بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وهكذا عند وقوف الشمس قبيل الظهر، إذا وقفت، إذا صارت في كبد السماء حتى تزول، هذه أوقات النهي، ثلاثة بالاختصار، وخمسة بالبسط، خمسة: أولها طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. الثاني بعد طلوعها إلى أن ترتفع، الثالث عند قيامها وسط السماء حتى تزول، وهو وقت قصير، والرابع بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، والخامس إذا اصفرت حتى تغيب، كل هذه أوقات نهي لا يصلى فيها تطوعا إلا إذا كان له سبب مثل صلاة الكسوف، وتحية المسجد، وصلاة الطواف، فلا بأس على الصحيح.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (344) .(11/16)
س: متى يكون وقت صلاة النافلة، وهل لها زمن محدد (1)
ج: كل الليل والنهار صالح للنافلة إلا بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الفجر حتى ترتفع الشمس، وعند قيامها قبل الزوال بقليل حتى تزول. أوقات ثلاثة: بعد طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، هذا واحد. عند قيامها وسط النهار حتى تميل للغروب إلى جهة الغرب، وهو زمن قصير، وقوفها. الثالث: بعد صلاة العصر إلى غروبها، والباقي كله صلاة، الليل كله صلاة، والنهار كله صلاة ما عدا هذه الأوقات الثلاثة.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (353) .(11/17)
5 - حكم صلاة تحية المسجد
س: بعض الناس يقول: إن هناك وقتا موسعا ووقتا مضيقا في تحية المسجد مثلا فما رأيكم (1)
ج: لا شك أن الوقت الموسع هو الذي بعد صلاة العصر قبل أن تصفر الشمس، فإذا اصفرت جاء الوقت الضيق، والصواب أنه لا حرج في صلاة التحية مطلقا في المضيق والموسع، وهكذا صلاة الطواف،
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (24) .(11/17)
وهكذا صلاة الكسوف، هذا هو الصواب. ومن جلس ولم يصل ركعتين تحية المسجد فلا حرج كما تقدم؛ لقوة الخلاف، ولأنه لا ينبغي بين أهل العلم وبين أهل الإيمان التنازع في مثل هذه الأمور لأن كلا من الطائفتين معه حجة ومعه دليل.(11/18)
6 - حكم صلاة النافلة في وقت النهي
س: يسأل المستمع أبو أحمد ويقول: ما حكم التنفل في وقت النهي (1) ؟
ج: التنفل لا يجوز وقت النهي إلا إذا كان له سبب، مثل صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر، أو صلاة تحية المسجد، دخل المسجد بعد العصر ليجلس ينتظر المغرب يصلي تحية المسجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2) » ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (3) » هذا جاء في أوقات النهي وغير
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (392) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044) ، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901) .(11/18)
أوقات النهي، وهكذا الطواف، لو طاف بعد العصر، يصلي ركعتين ركعتي الطواف، أو بعد الفجر كذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (1) »
__________
(1) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868) ، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254) .(11/19)
س: هل يجوز للمرء أن يصلي تحية المسجد ولو كانت الشمس مستوية في كبد السماء (1) ؟
ج: نعم، متى دخل المسجد يصلي في وقت قيام الشمس، أو بعد العصر، أو بعد الصبح لأن هذه السنة متعلقة بدخول المسجد، ومن أسبابها دخول المسجد، فإذا دخل المسجد صلى ركعتين قبل أن يجلس مطلقا في أي وقت، هذا هو الصواب، وهكذا لو طاف بالكعبة في مكة صلى ركعتي الطواف ولو بعد العصر، ولو بعد الصبح؛ لأنه من ذوات الأسباب لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بالبيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (2) »
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (265) .
(2) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868) ، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254) .(11/19)
7 - حكم صلاة النافلة قبل الظهر بربع ساعة
س: الأخت: ح. م. أ. من الرياض تسأل وتقول: ما حكم من يصلي قبل الظهر بربع ساعة أو عشر دقائق؟ حيث إنني سمعت من إحدى الأخوات أن هذا الوقت من الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، نرجو التوضيح، جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا يجوز للمسلم أن يصلي قبل الظهر في وقت وقوف الشمس لأنه من أوقات النهي، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أنه قال: «ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب (2) »
فالمقصود أنه قبيل الظهر لا يصلى، وهذا الوقت ليس بالطويل بل هو وقت قصير عند توسط الشمس كبد السماء يسمى وقوف الشمس،
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (158) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، برقم (831) .(11/20)
يسمى وقت الوقوف، فلا يجوز التعبد بالصلاة ذاك الوقت حتى تزول الشمس، يعني حتى يؤذن الظهر، إذا زالت الشمس صلى الإنسان ما شاء. أما قبل الزوال فالواجب التوقف عن التطوع بالصلاة، والوقت ليس بالطويل يقارب ربع ساعة أو ثلث ساعة، وإذا احتاط الإنسان وتوقف عن الصلاة قبل الأذان بنصف ساعة تقريبا للاحتياط فحسن، فإذا زالت الشمس انتهى وقت النهي إلى أن يصلي العصر.(11/21)
8 - حكم صلاة تحية المسجد قرب غروب الشمس
س: لقد دخلت المسجد بعد صلاة العصر بل وقرب غروب الشمس، وأخذت في تحية المسجد، فثار علي بعض الحضور - جزاهم الله عني خيرا - حتى أوشكت أن أجلس وأقطع تحية المسجد، فما رأيكم في ذلك؟ وفقكم الله (1)
ج: إذا دخل المسلم المسجد بعد صلاة الفجر ليجلس فيه يقرأ أو يستريح، أو دخل المسجد بعد صلاة العصر، أو قرب المغرب لينتظر صلاة المغرب، فهو مخير على الصحيح من أقوال العلماء، إن شاء صلى التحية وهو أفضل، وإن شاء جلس، ولا ينبغي في هذا النزاع،
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (18) .(11/21)
والإنكار عليه، بل ينبغي لمن جهل أن يتعلم، وأحاديث تحية المسجد أحاديث صحيحة، وصلاة تحية المسجد من ذوات الأسباب، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1) » ولما رأى رجلا دخل يوم الجمعة جلس ولم يصلهما أمره أن يقوم ويصليهما، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فأمره أن يقوم فيصليهما، فدل ذلك على تأكدهما. وقد اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من أجاز ذلك في وقت النهي، ومنهم من كره ذلك. والصواب أنه لا حرج في ذلك، الصواب والأرجح من قولي العلماء أنه لا حرج في تحية المسجد، بل الأفضل أن يأتي بهما ركعتين، هذا هو الأفضل أن يصلي تحية المسجد ولو كان قبيل الغروب، ثم يجلس، هذا هو الأفضل، وإن جلس ولم يصلهما فلا حرج في ذلك، ولا ينبغي في هذا نزاع ولا تشديد، فالأمر واسع، الأكثرون قالوا: يجلس، وجماعة من العلماء قالوا: الأفضل أنه يصليهما للحديث الصحيح، بل للأحاديث الصحيحة في ذلك، وهذا هو الأرجح أنه يصليهما حرصا على أداء السنة، ولأنه بهذا لا يشابه الكفار، إنما صلاهما أخذا بالسنة بخلاف الذي جلس ويقوم يصلي، فلا يجوز أن
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .(11/22)
يصلي في وقت النهي، لكن هذا دخل المسجد، فيصليهما لأنهما تحية المسجد، فلا حرج عليه بل هو الأفضل، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة بالكعبة، أو طاف بعد الصبح قبل طلوع الشمس، أو عند طلوعها فإنه يصلي ركعتي الطواف لأنها من ذوات الأسباب، هذا هو الأرجح، وهكذا لو كسفت الشمس مع طلوعها أو كسفت بعد العصر، فالأفضل أنها تصلى صلاة الكسوف لأنها من ذوات الأسباب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم ذلك - يعني الكسوف - فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (1) » ولم يقل: إلا في وقت النهي، فدل ذلك على أن ذوات الأسباب مثل صلاة الطواف، مثل صلاة الكسوف، مثل تحية المسجد، هذه تصلى ولو في وقت النهي على الأرجح، نسأل الله للجميع التوفيق.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044) ، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901) .(11/23)
9 - حكم صلاة النافلة بعد العصر
س: هل يجوز للمصلي أن يصلي بعد صلاة العصر تنفلا (1)
ج: ليس له ذلك، ما بعد العصر وقت نهي، وهكذا ما بعد الفجر، إلا إذا كان تحية المسجد، دخل المسجد بعد العصر أو دخل المسجد بعد
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (88) .(11/23)
الفجر يريد الجلوس فيه للقراءة ولغير ذلك يصلي تحية المسجد ركعتين، ثم يجلس بعد ذلك، ليس له وقت نهي، وهكذا الطواف، لو طاف بعد العصر صلى ركعتي الطواف، أو طاف بعد الصبح صلى ركعتي الطواف، ليس لها وقت نهي.(11/24)
10 - حكم من صلى صلاة نذر في وقت النهي
س: من الأوقات المنهي عنها الصلاة بعد العصر، فأنا كان علي نذر، ثم إني صليت نذرا، وقرأت جزأين من القرآن الكريم، وصليت بعد العصر، فقالت لي أختي: إن ذلك من الأوقات المنهي عنها. فقلت لها: إن ذلك نذر، وليس قضاء صلاة مفروضة، فهل يجب علي الإعادة أو أن ما فعلته كان صحيحا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليك الإعادة؛ لأنه ليس محل صلاة، بعد العصر وبعد الفجر ليس محلا للصلاة إلا ذوات الأسباب، وهذا الصواب، كالكسوف بعد العصر، تحية المسجد، صلاة ركعتي الطواف، أما النذر فله أوقات أخرى بإمكانك أن تصلي في الليل، في الظهر، في الضحى، وإن كنت عينت الصلاة بعد العصر، إن قلت: أصلي بعد العصر، فهذا من النقص، فعليك كفارة يمين عن هذه الصلاة لأن النذر بالصلاة بعد
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (325) .(11/24)
العصر وبعد الصبح نذر معصية؛ لأنه ليس وقت صلاة، وقت نهي، فعليك كفارة يمين، كفارة لمثل هذا النذر.(11/25)
11 - حكم صلاة ركعتين قبل المغرب
س: هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي قبل المغرب ركعتين أم بعد الصلاة (1)
ج: المعروف عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بعد المغرب ركعتين راتبة، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى قبلها ركعتين ولكن المشهور عنه صلى الله عليه وسلم الصلاة بعد المغرب ركعتين، هذه ثابتة عنه بعد المغرب، وثبت عن الصحابة أنهم فعلوها بأمره صلى الله عليه وسلم وبإقراره، كان الصحابة يصلون ركعتين وهو ينظر إليهم، وقد أمرهم بقوله: «صلوا قبل صلاة المغرب، صلوا قبل صلاة المغرب (2) » ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (3) » فيفعلونها وهو ينظر عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على سنيتها بعد الأذان، فهي ثابتة من قوله وتقريره،
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (224) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183) .(11/25)
أما فعله فهو محل نظر، وإن صححه ابن حبان لكن محل نظر، لكنها ثابتة من قوله ومن تقريره للصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.(11/26)
12 - حكم تحية المسجد لمن دخله قبل أذان المغرب
س: يقول السائل من اليمن: دخل شخص المسجد قبل أذان المغرب بحوالي ربع ساعة أو عشر دقائق، فهل على هذا الشخص أن يصلي ركعتين تحية للمسجد أم يظل واقفا حتى يؤذن للمغرب (1) ؟ .
ج: السنة أن يصلي ركعتين متى دخل المسجد ولو قبيل الغروب؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2) » وهاتان الركعتان من ذوات الأسباب، ليس لهما وقت نهي، كسجود التلاوة، وكصلاة الكسوف، فإن الشمس متى كسفت صلى الناس للكسوف ولو بعد العصر، فهكذا ركعتا التحية حكمهما حكم ذوات الأسباب، ليس لها وقت نهي.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (387) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .(11/26)
س: هل يجوز لي أن أصلي ركعتين سنة المغرب قبل الأذان أم أنه يعتبر من الوقت المنهي عنه (1)
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (383) .(11/26)
ج: الصلاة بعد الأذان بعد غروب الشمس، أما قبل غروب الشمس فوقت نهي، أما إذا كان دخل المسجد قبل غروب الشمس ينتظر المغرب فلا بأس أن يصلي ركعتين تحية المسجد، أو دخل مكة وطاف بعد العصر يصلي صلاة الطواف، أما الإنسان يصلي قبل الغروب وهو في بيته أو جالس في المسجد فلا، هذا وقت نهي، لكن إذا جاء بعد صلاة العصر ينتظر المغرب يصلي ركعتين تحية المسجد ويجلس، أو طاف بعد العصر في مكة يصلي ركعتين للطواف؛ لأنها سنة لها سبب، فلا بأس.(11/27)
س: في صلاة المغرب عندما يأتي المصلي لصلاة المغرب ويدخل المسجد هل عليه أن يصلي تحية المسجد أم لا، وهل يصليها بعد الانتهاء من صلاة المغرب (1) ؟
ج: السنة لمن دخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية المسجد سواء المغرب أو غير المغرب حتى ولو في آخر النهار قبل الغروب، تصلي تحية المسجد لأنها من ذوات الأسباب، ليس لها وقت نهي، تصلي ركعتين، ثم تجلس، هذا يقال له: تحية المسجد، إذا دخل المسجد قبل
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (298) .(11/27)
الصلاة قبل الغروب قبل إقامة الصلاة يصلي هاتين الركعتين، أما سنة المغرب الراتبة فهي بعدها، ركعتان بعد المغرب، وهكذا العشاء ركعتان بعد العشاء، لكن تحية المسجد هي للمسجد، ليس لها تعلق بصلاة المغرب، إذا دخل المسجد في أي وقت وهو على وضوء صلى ركعتين عصرا أو ظهرا، ليلا أو نهارا، وهكذا صلاة الكسوف، إذا كسفت الشمس ظهرا أو ضحى أو عصرا، صليت صلاة الكسوف لأنها من ذوات الأسباب، وهكذا لو طاف بعد العصر أو بعد الفجر يصلي ركعتي الطواف، لأنها من ذوات الأسباب.(11/28)
س: سائل يقول: نحن في قريتنا ندخل المسجد قبل المغرب، لكني ألاحظ أن الناس لا يصلون تحية المسجد قبل المغرب، فهل هذا صحيح (1)
ج: الصواب شرعية الصلاة ولو كان في العصر، بعض أهل العلم يرى أن أوقات النهي لا تصلى فيها صلاة التحية، والصواب أنه لا حرج في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عمم، قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2) » وفي اللفظ الآخر:
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (233) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .(11/28)
«فليركع ركعتين قبل أن يجلس (1) » وهذا عام لأوقات النهي وغيرها، وهكذا صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر شرعت الصلاة؛ لأنها من ذوات الأسباب، وهكذا الطواف، لو طاف بعد العصر في مكة شرع له أن يصلي ركعتي الطواف؛ لأنها من ذوات الأسباب، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (2) » فالمقصود أن تحية المسجد من ذوات الأسباب، وصلاة الكسوف من ذوات الأسباب، وصلاة الطواف من ذوات الأسباب، فإذا دخل المسجد بعد العصر أو بعد الفجر ليسمع العلم أو ليجلس في المسجد ويستريح فإنه يصلي ركعتين إذا كان طاهرا قبل أن يجلس ولو كان في وقت النهي، هذا هو المعتمد لعموم الأحاديث وهي مخصصة لأحاديث النهي.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين، برقم (444) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتها، برقم (714) .
(2) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868) ، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254) .(11/29)
س: إذا دخلنا المسجد ونحن في انتظار أذان المغرب هل نصلي تحية المسجد قبل الأذان أم نجلس (1) ؟
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (265) .(11/29)
ج: الأفضل الصلاة، هذا هو الصحيح؛ لأنها من ذوات الأسباب، فالسنة لمن دخل المسجد ولو في وقت النهي أن يصلي ركعتين قبل المغرب وقبل طلوع الشمس، كل ذلك لا حرج فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1) » متفق على صحته، ولما دخل رجل المسجد والنبي يخطب عليه الصلاة والسلام وجلس قال: «قم فصل ركعتين (2) » مع أن النبي يخطب، فالحاصل أن السنة لمن دخل المسجد ولو في وقت النهي كالعصر أو قبل غروب الشمس السنة له أن يصلي ركعتين، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء لأنها من ذوات الأسباب بخلاف الجالس في المسجد لا يقوم يصلي بعد العصر، أو الجالس بعد الفجر لا يصلي حتى تطلع الشمس، أما إن دخل بعد صلاة العصر ليجلس فيه إلى المغرب أو يسمع الدرس، أو بعد صلاة الفجر ليسمع الدروس، هذا يصلي ركعتين قبل أن يجلس، هذا هو الصواب لعموم الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولأنه لم يقصد التشبه بالكفار، إنما صلى لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة الركعتين، هذا هو المعتمد، وهذا هو الصواب.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين، برقم (931) ومسلم في كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875) .(11/30)
وهكذا الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر صلى الناس ولو بعد العصر وقت النهي؛ لأن الكسوف من ذوات الأسباب، صلاة الكسوف من ذوات الأسباب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (1) » ثبت في الصحيح عند رؤيتها، وهذا يعم وقت النهي وغير وقت النهي، إذا كسفت الشمس بعد العصر صلوا الناس، هذا هو الصواب.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044) ، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901) .(11/31)
س: يقول السائل: ف. س. غ. ش: إذا دخل الرجل في المسجد قبل أذان المغرب بشيء قليل هل يجوز له أن يصلي ركعتين قبل الأذان أم يجلس حتى يؤذن المؤذن أم يقف واقفا حتى يؤذن المؤذن؟ فإن البعض من الناس يقولون: ما يجوز الركوع قبل أذان المغرب، والبعض من الناس يقول: لا يجوز الجلوس حتى تصلي ركعتين تحية المسجد. نرجو الإفادة وفقكم الله (1)
ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2) » ورأى رجلا جلس
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (7) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .(11/31)
يوم الجمعة ولم يصل، فأمره أن يقوم ليصلي ركعتين. هذا يدل على تأكد الركعتين في حق من دخل المسجد، واختلف العلماء فيمن دخل في أوقات النهي، مثل ما بعد العصر أو عند غروب الشمس، أو بعد صلاة الفجر، هل يصلي هاتين الركعتين أم يجلس؟ على قولين للعلماء، أصحهما وأرجحهما أنه يصليهما ولو في وقت النهي؛ لأنهما من ذوات الأسباب، ولهذا شرع النبي صلى الله عليه وسلم أداءهما عند دخول المسجد، فإذا دخل المسجد بعد العصر أو بعد الصبح أو عند غروب الشمس فالأفضل أن يصليهما ثم يجلس، هذا هو الأفضل، وإن جلس ولم يصلها فلا حرج لأنهما سنة نافلة وليست واجبة عند عامة أهل العلم، هي سنة وليست واجبة، فإن جلس فلا حرج، وإن صلاهما فهو أفضل عملا بهذا الحديث الصحيح، أما أحاديث النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الصبح فعامة يستثنى منها تحية المسجد، ويستثنى منها ذوات الأسباب، مثل صلاة الطواف بمكة، إذا طاف بعد العصر لا بأس أن يصلي صلاة الطواف، ومثل صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر السنة أن يصلي المسلم صلاة الكسوف بعد العصر؛ لأنها من ذوات الأسباب. هذا هو الراجح، وإن جلس فلا حرج، ولا ينبغي في هذا التنازع والمخالفة بل ينبغي في هذا التسامح، فمن صلى فقد أحسن، ومن جلس فلا حرج عليه خروجا من خلاف العلماء.(11/32)
س: بعض الناس يؤدي ركعتين قبل المغرب مستندا على حديث: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» ، والبعض الآخر لا يصلي بل يجلس مستندا على أن هذا وقت نهي لا تجوز الصلاة فيه، نرجو أن توضحوا لنا هذا الأمر بالتفصيل ـ جزاكم الله خيرا ـ وخاصة أن المسلمين في شك من هذا الأمر وفي اختلاف (1)
ج: لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2) » وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضا أنه «نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس (3) » فلهذا اختلف أهل العلم في هذه المسألة، هل يصلي تحية المسجد العصر والصبح أم لا، والصواب أنه يصليهما، وأنهما غير داخلتين في النهي، فالركعتان اللتان يأتي بهما داخل المسجد غير داخلتين في النهي، هذا هو الصواب،
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (24) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، برقم (581) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، برقم (825) .(11/33)
وهذا هو الأرجح؛ لأن أحاديث النهي عامة مخصوصة، فقد استثني منها صلاة الجماعة لمن فاتته الجماعة وصلى في بيته ظانا أن الجماعة قد فاتته، ثم جاء، فإنه يصلي مع الناس العصر والفجر ولو كان قد صلى، وهذا مستثنى بالنص، كذلك صلاة الطواف في وقت العصر وفي وقت الصبح، الصحيح أنها لا بأس بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (1) » مثل ذلك تحية المسجد، فإذا دخل المسجد بعد صلاة العصر أو قبل الغروب فالأفضل أنه يصلي ركعتين ثم يجلس، ومن جلس فلا حرج عليه لقوة الخلاف، ولكن لا ينبغي إنكار بعضهم على بعض، بل ينبغي في هذا التساهل والتسامح، فإن صلاهما إذا دخل قبل الغروب فهو أفضل لكونها من ذوات الأسباب، ومن لم يصل ركعتين وجلس فلا حرج عليه، وهكذا الطواف إذا طاف بعد العصر أو بعد صلاة الفجر وصلى فهو أفضل، وإن أخر ركعتي الطواف حتى ارتفعت الشمس أو حتى غربت الشمس فلا حرج، وهكذا صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر أو طلعت كاسفة فالصواب أنه يشرع لها الصلاة، يشرع له أن يصلي صلاة الكسوف بهذه الحال، هذا هو الصواب، وهذا هو الأرجح، وإن ترك ذلك فلا حرج عليه لقوة الخلاف في هذه
__________
(1) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868) ، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254) .(11/34)
المسألة، وبهذا يعلم المؤمن أن الأمر فيه سعة بحمد الله، وأنه لا ينبغي في مثل هذا التشديد والتنازع، فالأمر في هذا واسع بحمد الله، فإن صلاهما ركعتين تحية المسجد قبل غروب الشمس، أو إذا دخل بعد صلاة الفجر لا حرج عليه في ذلك، وهو أفضل لأنها من ذوات الأسباب، ولأنه في هذا الحال لا يقصد مشابهة المشركين، ومن جلس آخذا بالنهي ولم يصل ركعتين فلا حرج عليه إن شاء الله، والأمر في هذا واسع كما تقدم.(11/35)
س: دخلت المسجد قبل صلاة المغرب فهل أصلي تحية المسجد أم أجلس (1)
ج: السنة أن تصلي تحية المسجد إن كان قبل الغروب، فهذه من ذوات الأسباب، تصلي على الصحيح ثم تجلس، أما إن كان بعد الغروب تصلي تحية المسجد ثم تجلس لأنه زال وقت النهي، لكن الخلاف فيما إن دخلت قبل الغروب، هذا محل خلاف بين العلماء، هل تصلي أم لا، والصواب أنه يشرع للداخل أن يصلي ركعتين إذا دخل بعد العصر قبل غروب الشمس، ثم يجلس؛ لأن هذه الصلاة يقال لها: إنها من ذوات الأسباب، يعني لها سبب وهو الدخول، فيصليها ثم يجلس، وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر فإنها تصلى صلاة الكسوف لأنها من ذوات الأسباب، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة صلى ركعتي الطواف بعد العصر أو بعد الصبح؛ لأنها من ذوات الأسباب.
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (233) .(11/35)
س: السائل من مصر، محافظة الغربية، أ. ر. ز. يقول: إذا دخلت المسجد قبل أذان المغرب بقليل، فهل يجب علي صلاة ركعتين تحية للمسجد وسنة الوضوء أم الصلاة مكروهة في هذا الوقت (1)
ج: الصواب أنه يستحب أن يصلي تحية المسجد ولو كان دخوله قبل الغروب؛ لأن هذا وقت النهي للصلاة المجردة، أما ذوات الأسباب: تحية المسجد، صلاة الوضوء، صلاة الكسوف فلا بأس بها، فيصلي تحية المسجد.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (425) .(11/36)
س: أرى بعض المصلين إذا دخل المسجد قبل صلاة المغرب والشمس غاربة يصلي ركعتين، فإذا قلت: لا تجوز الصلاة في هذا الوقت لأن الشمس تكون في هذه الحالة غاربة بين قرني شيطان، قال لي: إنها تحية المسجد، فهل يجوز له أن يصليها أم لا (1) ؟
ج: إذا دخل المسلم المسجد العصر ليجلس حتى يأتي المغرب فالسنة له أن يصلي ركعتين، هذا هو الأفضل، وهذا هو الصحيح من أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2) » سنة تحية المسجد ولو في
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (43) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .(11/36)
وقت النهي، إذا دخل بعد الفجر ليجلس يقرأ أو يستريح في المسجد، أو دخل بعد العصر، فالسنة أن يصلي ركعتين، ثم يجلس، هذا هو الأفضل، وهذا هو الصواب، وإن جلس فلا حرج، لكن الأفضل أن يصلي ركعتين، وهو الصحيح من أقوال العلماء في ذلك، وهذا مستثنى، تحية المسجد، وكذلك صلاة الطواف، إذا طاف بعد العصر في مكة، أو بعد الصبح يصلي ركعتي الطواف، مستثنى، أو كسفت الشمس مثلا بعد العصر فإنه يصلي صلاة الكسوف؛ لأنها من ذوات الأسباب، ولا حرج في ذلك، أما كونك تتطوع من دون سبب وتصلي بعد العصر أو بعد الفجر من دون سبب فهذا ما يجوز، لكن من أجل بعض الأسباب مثل دخول المسجد وقت النهي، أو مثل الطواف في مكة بعد العصر، أو بعد الصبح، أو كسوف الشمس بعد العصر، هذه صلاة لها أسباب، فلا بأس بها بل هي مشروعة، وأنت إن كنت جالسا في المسجد وغابت الشمس شرع لك أن تقوم بعد الأذان وتصلي ركعتين في المسجد، إذا غابت الشمس وأنت في المسجد جالس سن لك أن تقوم فتصلي ركعتين قبل صلاة الفريضة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب " ثم قال في الثالثة: " لمن شاء (1) » وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون قبل المغرب ركعتين، والنبي صلى الله عليه وسلم يراهم ويقرهم، بل يأمرهم بهذا
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183) .(11/37)
عليه الصلاة والسلام، هذه السنة، إذا دخل المسلم في وقت النهي صلى ركعتين تحية المسجد، وإذا كان جالسا وأذن المؤذن للمغرب شرع له أن يقوم ويصلي ركعتين بين الأذان والإقامة، وهكذا في كل صلاة يسن أن يصلي ركعتين بين الأذان والإقامة، إلا الظهر، الأفضل أن يصلي قبلها أربعا راتبة، ودخوله إذا كان بعد الغروب سنة أن يصلي ركعتين - ما فيه خلاف - تحية المسجد، وبين الأذان والإقامة، لكن الخلاف إذا كان قبل الغروب، ما غربت الشمس بعد.(11/38)
س: سمعت في برنامج نور على الدرب بأن الصلاة قبل المغرب مكروهة، بينوا لنا المقصود بذلك، هل هي صلاة التطوع أم هي ركعتا الوضوء (1)
ج: الصلاة بعد العصر منهي عنها، وهكذا بعد طلوع الفجر إلى أن ترتفع الشمس، وهكذا بعد صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس، هذان الوقتان وقتا نهي عن الصلاة، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيهما، لكن إذا كانت الصلاة من ذوات الأسباب فلا بأس بها، كصلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر، أو تحية المسجد لمن دخل المسجد بعد العصر ليجلس فيه إلى غروب الشمس، أو يسمع حلقة العلم أو ما أشبه ذلك، يصلي تحية المسجد على الراجح، على الصحيح.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (332) .(11/38)
وهكذا سنة الوضوء، إذا توضأ الإنسان يستحب له أن يصلي ركعتين ولو بعد العصر أو بعد الصبح سنة الوضوء، أما النوافل التي ليس لها أسباب فمنهي عنها، ولا يجوز فعلها لا بعد الفجر ولا بعد العصر حتى تطلع الشمس في أول النهار وحتى تغيب الشمس في آخر النهار، أما الفريضة فيصليها في كل حال، الفجر يصليها في كل حال، والعصر يصليها في كل حال، لو نام عن صلاة الفجر ولم يستيقظ إلا عند طلوع الشمس صلاها، وهكذا لو نام عن العصر ولم يستيقظ إلا بعد العصر بعد أن اصفرت الشمس أو شغل عنها ونسيها، ثم ذكر، صلاها في أي حال، ليس لها وقت نهي؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1) » لكن لا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة عن وقتها عمدا لا الفجر ولا غيرها، بل يجب عليه أن يصلي في الوقت، الفجر في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، هذا واجب على المسلمين أن يؤدوا هذه الصلوات الخمس في أوقاتها، لكن لو شغل الإنسان عن ذلك حتى نسي صلاها متى ذكر، أو نام وغلبه النوم فلم يستيقظ إلا عند طلوع الشمس أو بعد طلوع الشمس صلاها، وهكذا العصر، إذا استيقظ بعد أن تصفر الشمس صلاها أيضا؛ لقوله
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) واللفظ له.(11/39)
عليه الصلاة والسلام: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1) » وفق الله الجميع.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) واللفظ له.(11/40)
13 - حكم الصلاة عند غروب الشمس وعند بزوغها
س: ما حكم الصلاة عند الغروب، وعند بزوغ الشمس صباحا ولا سيما عندما يكون نصفها ظاهرا والنصف الآخر قد اختفى، هل في هذه الأوقات الصلاة محرمة أو مكروهة، أو هل هناك شروط أخرى؟ أرجو التوضيح، جزاكم الله خيرا (1)
ج: أوقات النهي عن الصلاة خمسة بينها النبي عليه الصلاة والسلام: أولها من طلوع الفجر إلى أن تطلع الشمس، فلا يصلى في هذا الوقت إلا الفجر وسنتها في السفر والحضر، الثاني بعد طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح، وهذا وقت ضيق، والثالث بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، والرابع بعد اصفرارها إلى أن تغيب، والخامس عند قيام الشمس قبل الظهر، عند وقوف الشمس قبل الزوال، وهو وقت قصير إلى أن تزول. هذه أوقات النهي، لا يصلى فيها النوافل إلا ما له سبب في أصح قولي العلماء كصلاة الكسوف، أو صلاة
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (177) .(11/40)
الطواف، إذا طاف بعد العصر أو بعد الصبح، أو تحية المسجد، فهذه صلوات لها أسباب، الصحيح من قولي العلماء أنه لا بأس بذوات الأسباب، إذا دخل المسجد بعد صلاة العصر ليجلس فيه للتعلم، أو قراءة القرآن، أو لينتظر صلاة المغرب، فإن السنة أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس؛ لأنها ذات سبب، وكذلك لو دخل بعد الفجر يصلي ركعتين، وهكذا لو طاف بالكعبة بعد العصر أو بعد الصبح يصلي ركعتي الطواف، وهكذا لو كسفت الشمس عند طلوعها، أو كسفت بعد العصر يصلي صلاة الكسوف؛ لأنها من ذوات الأسباب، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة (1) » وفي اللفظ الآخر «فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (2) » ولم يقل: إلا في وقت النهي، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (3) » هذا يعم أوقات النهي وغيرها.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044) ، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .(11/41)
14 - مسألة في أداء الصلاة ذات السبب في وقت النهي
س: هل تحية المسجد لا تصلى في الفجر عندما يكون المؤذن قد نادى إلى الصلاة وقد صليت سنة الفجر في المنزل (1) ؟
ج: لقد اختلف العلماء في الصلاة ذات الأسباب هل تؤدى في أوقات النهي كتحية المسجد، وصلاة الكسوف، وصلاة الطواف أم لا، والصواب أنها تؤدى في أوقات النهي، وأنه لا نهي عنها في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها؛ لأنها تؤدى بأسباب للمصلي، فإذا وجد السبب شرع له أن يصلي، فإذا دخل المسجد بعد صلاة الفجر أو قبل الصلاة وقد أدى صلاة الفجر في البيت فإن السنة له أن يصلي تحية المسجد ركعتين قبل الصلاة، وهكذا لو دخل المسجد بعد صلاة الفجر أو بعد العصر ليجلس فيه للراحة، أو للقراءة، أو للدرس، فإنه يصلي تحية المسجد في أصح قولي العلماء؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2) » وهذا الحديث العظيم يعم أوقات النهي وغيرها، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم في الكسوف: «إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة (3) » فإنه يعم وقت العصر، لو كسفت الشمس
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (329) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046) .(11/42)
فتصلى صلاة الكسوف، وهكذا قوله عليه الصلاة والسلام: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (1) » والله ولي التوفيق.
__________
(1) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868) ، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254) .(11/43)
15 - بيان معنى حديث: «إنها تطلع بين قرني شيطان (1) » "
س: ما مدى صحة هذا القول: «إن الشمس تكون غاربة بين قرني شيطان (2) » ؟
ج: جاء في الحديث: «إنها تطلع بين قرني شيطان، وتغرب بين قرني شيطان (3) » وحينئذ يسجد لها الكفار ويعبدونها ويعظمونها عباد الشمس، نسأل الله العافية.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، حديث 3032، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، وأحمد في كتاب المكثرين من الصحابة، حديث 4383.
(2) السؤال السابع من الشريط رقم (43) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده برقم (3273) بلفظ (ولا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بين قرني شيطان أو الشيطان) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة رضي الله عنه، برقم (832) .(11/43)
16 - بيان علة النهي عن الصلاة في أوقات النهي
س: السائل: أ. أ، من الأردن يقول: الأوقات المكروهة في الصلاة(11/43)
ثلاثة، وسؤالي: لماذا كرهت هذه الأوقات (1) ؟
ج: لأنه يسجد لها الكفار عند غروب الشمس وعند طلوعها وعند وقوفها، فالرسول نهى عن ذلك لئلا يتشبه المسلم بالكفار، لكن إذا كان لها سبب كصلاة تحية المسجد، إذا دخل بعد العصر أو بعد الفجر بعد صلاة الفجر، فإن الصواب أنه يصليها، هذا الصحيح من أقوال العلماء إذا كانت الصلاة لها سبب، مثل تحية المسجد، مثل صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر فالسنة أن يصلي صلاة الكسوف، هذا هو الصواب، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة، طاف بالكعبة بعد الفجر أو بعد العصر فإنه يصلي ركعتي الطواف؛ لأنها من ذوات الأسباب، لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت ثم صلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (2) » ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (3) » ولقوله صلى الله عليه وسلم في الشمس والقمر إنهما
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (409) .
(2) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868) ، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .(11/44)
«آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة (1) » وفي اللفظ الآخر: «فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (2) » فهذا يعم أوقات النهي وغيرها، هذا هو الصواب أن ذوات الأسباب تفعل في وقت النهي، أما غيرها من التطوع فلا يفعل.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044) ، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901) .(11/45)
17 - حكم قضاء تحية المسجد بعد الصلاة
س: ما حكم من أتى بركعتين بعد صلاة الفجر، وهل تجب على من فاتته تحية دخول المسجد قبل الصلاة ومتى وقتها (1)
ج: تحية المسجد لا تقضى، إذا جاء وهم يصلون كفته الفريضة ولا حاجة إلى أن يقضي تحية المسجد، فصلاة الفريضة تقوم مقامها، وإذا لم يصل الراتبة سنة الفجر بأن جاء والإمام قد دخل في الصلاة فإنه مخير، إن شاء صلاها بعد الصلاة، وإن شاء صلاها بعد ارتفاع الشمس كما ثبت ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، يعني السنة الراتبة التي تشرع قبل صلاة الفجر وهي ركعتان، إذا فاتته بأن
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (70) .(11/45)
جاء من بيته إلى المسجد وقد دخل الناس في الصلاة ولم يصلها في البيت فإنه يصليها بعد الصلاة إذا شاء، فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم من فعلها بعد الصلاة، وإن شاء أخرها حتى يصليها بعد ارتفاع الشمس، الأمر في هذا واسع والحمد لله، أما التحية فلا تقضى.(11/46)
18 - حكم تحية المسجد أثناء الأذان
س: دخلت المسجد وكان المؤذن يؤذن فهل أقف أم أجلس (1)
ج: تقف تجيب المؤذن، ثم تصلي ركعتين، هذا هو السنة، تجمع بين السنتين، فإن شق عليك القيام تصلي ركعتين ولو يؤذن، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (223) .(11/46)
س: إذا دخل الشخص المسجد، وقبل أن يشرع في أداء تحية المسجد أذن المؤذن، فهل يجلس حتى ينتهي الأذان ثم يقوم فيصلي أم يظل واقفا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الأفضل أن يجمع بين السنتين، يجيب المؤذن وهو
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (306) .(11/46)
واقف، ثم يصلي ركعتين، فإن كان يشق عليه ذلك صلى ركعتين ولو كان المؤذن يؤذن، لكن إذا تيسر له الوقوف حتى يجيب المؤذن، ثم يصلي ركعتين جمع بين السنتين.(11/47)
19 - حكم قطع النافلة إذا أقيمت الصلاة
س: يسأل السائل ويقول: إذا أقيمت صلاة الفريضة وأنا أصلي التطوع، هل أقطع التطوع بسلام أم من غير سلام (1)
ج: لا يحتاج سلاما، تقطع فقط؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2) » رواه مسلم في الصحيح. فإذا أقيمت بطلت الصلاة التي أنت فيها، وعليك أن تدخل مع الإمام إلا إذا كنت في آخرها في السجود، أو التحيات تكملها؛ لأنها انتهت، أما إذا كان بقي عليك ركعة اقطعها بالنية، ويكفي.
__________
(1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (413) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710) .(11/47)
20 - حكم صلاة تحية المسجد في مصلى العيد
س: الأخت من مدينة حائل تسأل وتقول: هل يجوز أن نصلي ركعتين تحية المسجد ونحن نذهب لصلاة العيد في مسجد العيد، أم أنها لا(11/47)
تصلي الركعتين تحية المسجد في مصلى العيد (1)
ج: مصلى العيد ليس له تحية، ليس له حكم المساجد، ليس له تحية المسجد، بل يجلس الإنسان، ولأنه وقت نهي، فهذا مصلى وليس مسجدا، أما إذا كانت الصلاة في المسجد المعتاد، إذا صلوا العيد في المساجد شرعت تحية المسجد ولو في وقت النهي على الصحيح؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2) » ولما رأى رجلا جلس في بعض الأيام قال: «قم فصل ركعتين (3) » عليه الصلاة والسلام، أما مصلى العيد الذي في الصحراء فهذا ليس له حكم المسجد، فإذا أتى الإنسان والشمس لم ترتفع جلس، والنبي عليه الصلاة والسلام ما كان يصلي قبلها ولا بعدها صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (305) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين، برقم (931) ومسلم في كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875) .(11/48)
21 - بيان الأوقات التي تحرم فيها صلاة النافلة
س: لي والدة كبيرة في السن، وصاحبة طاعة ولله الحمد، تصلي الفروض في أوقاتها وتحمد الله على ذلك، ولكنها تتنفل طول الوقت، فما هي أوقات النهي التي لا يجوز لها أن تتنفل فيها(11/48)
وحبذا لو عرفنا ذلك بالساعات (1)
ج: كل الليل والنهار أوقات نافلة ما عدا أوقات النهي من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، وعند وقوفها في كبد السماء قبل أن تميل إلى الغرب، هذا يقال له: وقت الوقوف، ليس فيه صلاة، وبعد صلاة العصر إلى غروبها. هذه أوقات النهي إلا من ذوات الأسباب، إذا كان لديها أسباب مثل صلاة الخسوف بعد العصر، تصلي تحية المسجد، لو طاف بعد العصر يصلي صلاة الطواف في مكة، هذه يقال لها: ذوات الأسباب، لا حرج على الصحيح.
المقصود جميع الليل والنهار محل صلاة إلا وقتين: أحدهما من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، هذا وقت نهي لا يصلى فيه إلا صلاة الفجر وسنتها، أو تحية المسجد، والوقت الآخر الطويل ما بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وهناك وقت ثالث قصير وهو عند وقوفها، وهو وقت قصير، عند وقوفها في كبد السماء حتى تزول، حتى تميل إلى الغرب.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (358) .(11/49)
22 - حكم التذكير بتحية المسجد لمن نسيها
س: هل يشرع التذكير بتحية المسجد لمن جلس ولم يؤدها ناسيا في وقت نهي مثل ما بعد صلاة الفجر (1) ؟ ج: نعم، التذكير بذلك مناسب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا جلس فلم يصل أمره أن يقوم فيصلي، قال: «قم فصل ركعتين (2) » عليه الصلاة والسلام، فإذا جلس الإنسان ولم يصل تحية المسجد ولو في وقت النهي يرشد إلى الأفضل؛ لأن الصحيح أنها تشرع حتى في وقت النهي، هذا الصحيح من قولي العلماء، أما في غير وقت النهي فلا خلاف في شرعيتها، كالضحى، والظهر، والمغرب، وبعد العشاء، هذه الأوقات لا خلاف في أنها تشرع تحية المسجد، وإنما الخلاف إذا كان بعد العصر أو بعد الصبح قبل ارتفاع الشمس، والصواب أنها تشرع حتى بعد الصبح وبعد العصر، فإذا جلس يبين له أن الأفضل أن تقوم وتأتي بركعتين، هذا هو الأصح، وإذا كان طالب علم وقال: إنه يرى الجلوس، وأنه يرى قول العلماء الآخرين أولى فلا حرج، الأمر في هذا واسع في وقت النهي؛ لأن العلماء اختلفوا في
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (202) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين، برقم (931) ومسلم في كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875) .(11/50)
فعله، فالأكثرون على أنه يجلس في وقت النهي ولا يصلي لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس (1) » والقول قول قوي لعموم الأحاديث، فالذي أخذ به وعمل به لا حرج عليه إن شاء الله، ولكن عند التأمل والنظر في الأحاديث الواردة في ذلك يتضح أن استثناء ذوات الأسباب أصح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الطواف وصلاة الطواف: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (2) » فرخص لهم في الصلاة مع الطواف وإن كان في العصر أو الصبح؛ لأنها من ذوات الأسباب. وقال عليه الصلاة والسلام في الكسوف لما ذكر كسوف الشمس والقمر، قال: «إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة (3) » وهذا يعم العصر ويعم غيره، فدل ذلك على أنه لو كسفت الشمس بعد العصر فالحديث يعم ذلك لأنها سنة يفوت محلها، فإذا كسفت الشمس شرع للناس على الصحيح أن يصلوا في وقت النهي؛ لأنها صلاة لها أسباب، وليس المقصود التشبه بالكفرة في هذا؛ لأن السبب يبين أنه لم يصل للتشبه بالكفرة، وإنما صلى لأمر
__________
(1) صحيح البخاري مواقيت الصلاة (586) ، مسند أحمد (3/95) .
(2) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868) ، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046) .(11/51)
النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا تحية المسجد سواء بسواء، إذا دخل بعد العصر لينتظر المغرب، أو ليسمع حلقات العلم، أو بعد الصبح ليسمع حلقات العلم، أو ليجلس في المسجد حتى ارتفاع الشمس فإنه يصلي تحية المسجد.(11/52)
23 - حكم صلاة ذوات الأسباب في وقت النهي
س: هل يجوز للمسلم أن يصلي نافلة في بعض الأوقات المنهي عنها مثل تحية المسجد قبل صلاة المغرب بقليل (1)
ج: يجوز له إذا كانت الصلاة ذات أسباب كالدخول إلى المسجد قبل المغرب يصلي تحية المسجد لا بأس لأن ذوات الأسباب الصحيح أنه ليس لها وقت نهي، ومثل صلاة الكسوف لو كسفت الشمس بعد العصر، أما غير ذوات الأسباب فلا يجوز إذا كان جالسا في المسجد بعد صلاة العصر أو في بيته لا يصلي بعد العصر لأنه وقت نهي أو بعد صلاة الفجر وقت نهي لكن إذا كان أتى المسجد بعد العصر ليصلي المغرب جاء مبكرا يصلي تحية المسجد أو دخل المسجد بعد الفجر لأجل الدرس أو لأجل الراحة في المسجد أو لأسباب أخرى يصلي تحية المسجد.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (366) .(11/52)
24 - حكم تحية المسجد لمن صلى ركعتي الفجر في البيت
س: أكثر الأحيان أصلي ركعتي الفجر في البيت، ثم أذهب إلى المسجد لأصلي الفرض مع الجماعة، ولكنني أحيانا أصل إلى المسجد قبل أن تقام الصلاة، فهل في هذه الحالة أصلي ركعتين بنية تحية المسجد أم أجلس إلى أن تقام الصلاة (1)
ج: المشروع لك أن تصلي ركعتين، إذا صليت الراتبة في البيت ثم جئت المسجد والصلاة لم تقم صل ركعتين قبل أن تجلس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (2) » وهذا يعم الفجر وغيرها، فلا ينبغي لك الجلوس إلا بعد الركعتين.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (218) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714) .(11/53)
25 – حكم قيام صلاة الراتبة مقام سنة الوضوء
س: يسأل المستمع ويقول: هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة سنة الوضوء، وما عدد ركعاتها؟ وهل إذا صلى المصلي نافلة(11/53)
الظهر مثلا هل تسقط ركعتا الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى ركعتين، ثم قال: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه (2) » وهذا ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عثمان، ومن أحاديث أخرى، وعدد سنة الوضوء ركعتان، وثبت أيضا أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا أمامه في الجنة لما دخل الجنة، لما عرج به إلى السماء، فسأله صلى الله عليه وسلم بقوله: «يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة، قال: ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي (3) » رضي الله عنه، فصلاة الركعتين سنة وقربة بعد الوضوء، وإذا صلى تحية المسجد أو راتبة الظهر، أو راتبة الفجر قامت مقام سنة الوضوء وحصل بها المقصود، تكون عن هذا
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (280) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (160) ، ومسلم في كتاب الطهارة باب صفة الوضوء وكماله، برقم (226) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الطهور بالليل والنهار وفضل الصلاة بعد الوضوء بالليل والنهار، برقم (1149) ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل بلال رضي الله عنه، برقم (2458) .(11/54)
وعن هذا، توضأ ثم صلى ركعتين، سنة الفجر أو تحية المسجد أو سنة الضحى، حصل بها المقصود عن هذا وعن هذا، والحمد لله.(11/55)
س: هذه السائلة م. ف. ع، من القصيم تقول: ما هي سنة الوضوء يا سماحة الشيخ، وكيف يسجد الرجل لسجود السهو (1)
ج: الوضوء مشروع بأن يتوضأ الإنسان كما بين الله في كتابه، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (2) هكذا بين الرب للعباد، وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فالسنة في الوضوء إذا قام إليه الإنسان أن يسمي الله عند بدئه، ثم يغسل كفيه ثلاث مرات، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثا بثلاث غرفات، ثم يغسل وجهه ثلاثا، هذا هو الأكمل وإلا واحدة تكفي إذا عمم، لكن تكرارها ثلاثا أفضل، ثم يغسل ذراعيه ثلاثا مع المرفقين، هذا هو الكمال، وإن غسلهما مرتين أو واحدة كفى إذا عمم، ثم يمسح رأسه وأذنيه مرة واحدة بالماء، ويضع أصبعيه في أذنيه، ويمسح بإبهامه ظاهر أذنيه، ثم يغسل رجليه مع الكعبين ثلاث
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (434) .
(2) سورة المائدة الآية 6(11/55)
مرات، وإن غسلهما مرتين أو مرة كفى إذا عم الرجلين بالغسل؛ لأن تكراره ثلاثا أفضل، وهو الكمال، وهذا كله بعد الاستنجاء، إذا كان قد بال أو تغوط لا بد من الاستنجاء قبل ذلك، وإن كان ما خرج منه إلا ريح أو مس فرجا أو أكل لحم الإبل أو ما أشبه هذا يكفيه الوضوء، يبدأ بالمضمضة والاستنشاق، هذا هو المشروع، يقول: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين (1) » هذا هو المشروع بعد الوضوء، ويستحب أيضا أن يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك اللهم وأتوب إليك (2) » إذا توضأ يستحب له أن يصلي ركعتين تسمى سنة الوضوء؛ لحديث عثمان رضي الله عنه: يقول صلى الله عليه وسلم: «من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه (3) »
__________
(1) أخرجه الترمذي، في كتاب الطهارة، باب فيما يقال بعد الوضوء، برقم (55) .
(2) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، باب فضل الوضوء، برقم (2754) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (160) ، ومسلم في كتاب الطهارة باب صفة الوضوء وكماله، برقم (226) .(11/56)
26 - حكم التلفظ بالنية عند الجمع بين صلاة النافلة وسنة الوضوء
س: ما الحكم إذا نوى المصلي للصلاة قائلا: نويت أن أصلي سنة كذا، مع سنة الوضوء سواء، وسواء كانت النية قلبية أم جهرية فهل(11/56)
يكتب له الأجر مرتين؛ مرة للوضوء ومرة لسنة الفريضة مثلا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا يقول: نويت، هذا غير مشروع، لا يتلفظ بها، بدعة لا أصل لذلك، لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة رضي الله عنهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3) » وهذا هو البدعة، لكن ينوي بقلبه، فإذا توضأ الإنسان صلى ركعتين ينويهما سنة الوضوء, وإذا دخل المسجد بعد الوضوء صلى ركعتين ينويهما سنة التحية وسنة الوضوء، يحصل له الأجر، أجر سنة الوضوء وأجر تحية المسجد والحمد لله، فضل الله واسع. وإذا صلاها بنية راتبة الظهر، توضأ ودخل المسجد ونوى سنة الظهر وسنة الوضوء وتحية المسجد حصل له ذلك والحمد لله، والأمر واسع بحمد الله.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (276) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697) ، ومسلم في كتاب الأقضية، باب الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718) .(11/57)
27 - حكم أداء سنة الوضوء في وقت النهي
س: استنادا لحديث بلال رضي الله عنه: «ما توضأت إلا وصليت ركعتين بعد الوضوء» فأنا أتوضأ أحيانا في أوقات نهي، مثال ذلك بعد صلاة العصر، أو بعد صلاة الفجر، أو عند غروب الشمس، وعند طلوعها، فهل علي إثم إذا ما صليت ركعتي الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: المستحب الوضوء، والمستحب الصلاة، فإذا توضأ الإنسان يصلي ركعتين سنة الوضوء في أي وقت ولو وقت النهي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من توضأ مثل وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه (2) » فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ صلى ركعتين ورغب الناس في ذلك عليه الصلاة والسلام، ويقال لها: سنة الوضوء، فلا مانع أن تصلي في وقت النهي وغيره لأنها سنة مؤكدة.
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (335) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (160) ، ومسلم في كتاب الطهارة باب صفة الوضوء وكماله، برقم (226) .(11/58)
س: أم أحمد من العزيزية تسأل وتقول: إذا توضأت قبل صلاة المغرب(11/58)
بنصف ساعة أو ربع ساعة، وصليت ركعتين للوضوء وجلست لقراءة القرآن والاستغفار حتى يحين أذان المغرب، فهل عملي ذلك صحيح (1) ؟
ج: نعم عمل طيب؛ لأن الوضوء عبادة عظيمة، وقد شرع الله لمن توضأ أن يصلي ركعتين سنة الوضوء، فإذا توضأت ولو بعد العصر وصليت ركعتي السنة، سنة الوضوء، فهذا كله طيب، وإذا انتظرت صلاة المغرب بالتسبيح والتحميد والتكبير فهذا خير عظيم، يقول الله سبحانه: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} (2) والتسبيح في آخر النهار قربة عظيمة، وهكذا في أول النهار، فيبدأ النهار بالتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار، ويختم كذلك، وفق الله الجميع.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (332) .
(2) سورة ق الآية 39(11/59)
28 - بيان صلاة ذوات الأسباب في وقت النهي
س: إذا عرض للمرء عارض، وأراد أن يصلي وصادف وقت النهي، كأن يدخل مسجدا أو أن يطوف بالبيت (1) ؟
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (353) .(11/59)
ج: ذوات الأسباب لا بأس، مثل صلاة الطواف، إذا طاف بعد العصر، أو تحية المسجد إذا دخل مثلا المسجد قبل المغرب يصلي تحية المسجد ركعتين، أو صلاة الكسوف، إذا كسفت الشمس بعد صلاة العصر؛ لأنها من ذوات الأسباب.(11/60)
س: سائل من البحرين: هل يجوز لي أن أصلي في وقت النهي عندما أبادر للوضوء، لقراءة القرآن، أو للدعاء خصوصا في أيام الجمعة، وذلك بعد العصر علما بأنني لا أتوضأ عمدا بنية الصلاة إنما أتوضأ للدعاء كما ذكرت (1) ؟
ج: إذا توضأ الإنسان في وقت النهي يصلي سنة الوضوء، ليس لها وقت نهي، إذا توضأ بعد الفجر أو بعد العصر يشرع له أن يصلي ركعتين سنة الوضوء سواء كان رجلا أو امرأة، وهكذا لو دخل المسجد بعد العصر أو بعد الفجر شرع له أن يصلي تحية المسجد وليس لها وقت نهي.
وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر شرع للمسلمين أن يصلوا صلاة الكسوف بعد العصر، وليس لها وقت نهي؛ لأن هذه كلها من
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (360) .(11/60)
ذوات الأسباب، والصلاة التي لها أسباب تفعل في وقت النهي.(11/61)
29 - حكم تأخير سنة الوضوء
س: تقول السائلة: سنة الوضوء هل المشروع فيها أن تكون عقب الوضوء مباشرة أم يجوز تأخيرها بسبب بعض الأشغال مع بقاء النية على تأديتها بعد الفراغ من الشغل، وما هو الأفضل في هاتين الحالتين؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الأفضل البدار بالصلاة، الأفضل بعد الوضوء أن يبادر بصلاة ركعتين، وإن شغل عنها وصلاها بعد ذلك لا بأس، كله طيب، لكن الأفضل البدار.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (345) .(11/61)
30 - بيان صلاة الاستخارة
س: سائل يقول: أرجو التفضل من سماحة الشيخ بتوضيح صلاة الاستخارة، وهل عدم تغيير نية الإنسان وعدم تغيير الظروف المحيطة يعني أن هذا الموضوع فيه خير للإنسان (1) ؟
ج: الاستخارة تشرع عندما يهم الإنسان بشيء عنده فيه تردد، يهم
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (380) .(11/61)
بالزواج، يهم بالسفر، يهم بالتجارة في أشياء معينة ويتردد، فهذا يستخير الله، يصلي ركعتين كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو ربه، يرفع يديه ويقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه: اللهم إن كنت تعلم أن زواجي بفلانة بنت فلان، اللهم إن كنت تعلم أن سفري إلى البلدة الفلانية، وأشباه ذلك، يعين مطلوبه - خير لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري – أو قال: عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه - شر لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1) » هذا دعاء الاستخارة، وإذا كان ما يعرف هذا الدعاء يدعو بما عنده، يقول: اللهم إن كانت هذه الحاجة فيها خير لي، فيها مصلحة لي، فيسرها لي، وإن كان غير ذلك فاصرفه عني واصرفني عنه. المقصود يدعو بهذا المعنى بالدعاء الذي يعرف، والمعنى الذي يعرف ولا بأس، هذا مسنون
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/62)
مشروع بعدما يسلم من الركعتين، وإن دعا من دون صلاة أو دعا بعد صلاة النافلة المعتادة بعد سنة الظهر أو سنة المغرب أو سنة العشاء أو غير ذلك لا بأس، أو دعا وهو جالس دعاء عاديا يسأل ربه لا بأس.(11/63)
31 - حكم صلاة الاستخارة
س: يسأل السائل ويقول: ما حكم صلاة الاستخارة، وكيف يكون الدعاء فيها، هل هو في السجود الأخير، أم قبل السلام، أم يكون بعد نهاية الصلاة (1) ؟
ج: صلاة الاستخارة سنة ندب إليها النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هم الإنسان بشيء من الأمور التي أشكل عليه أمرها وحار فيها يصلي ركعتين، ثم يرفع يديه بعد الصلاة ويستخير الله حتى ينشرح صدره لأحد الأمرين أو الأمور، وهي ركعتان يقرأ فيها الفاتحة وما تيسر، ثم بعد السلام يرفع يديه ويستخير: اللهم إني أستخيرك بعلمك. إلى آخره. فإذا اطمأن قلبه إلى أحد الأمرين أو الأمور فعل ذلك، ويستحب له أن يستشير أهل الخير وأهل النصح بعد الصلاة، يستشيرهم حتى ينشرح صدره لأحد الأمرين، أو الأمور المشكلة.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (421) .(11/63)
32 - بيان كيفية صلاة الاستخارة
س: السائلة: ف. ع، من جازان تقول في سؤالها: ما كيفية صلاة الاستخارة، وما هو دعاؤها، وفي أي وقت تصلى (1) ؟
ج: صلاة الاستخارة ركعتان، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا هم أحدكم بأمر فليصل ركعتين، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه، يقول: هذا الأمر، زواجي بفلانة، أو سفري إلى محل كذا، أو شرائي كذا، أو ما أشبه ذلك. يعين حاجته: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (2) » هذه السنة، هذا دعاء الاستخارة، وإذا كان لا يعرف هذا الدعاء يدعو بما يتيسر، لو قال: اللهم قدر لي الخير، اللهم يسر لي الخير، اللهم اشرح صدري
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (396) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/64)
لهذا السفر إن كان خيرا، اللهم اشرح صدري لهذا الزواج إن كان خيرا. يدعو بما يفهم، بما يعرف بعد السلام، يرفع يديه ويدعو بعد صلاة الركعتين.(11/65)
س: وجهوني إلى الكيفية الصحيحة لصلاة الاستخارة (1)
ج: صلاة الاستخارة مثل بقية الصلوات، يستحب للمسلم إذا أراد أن يستخير يصلي ركعتين مثل بقية الصلوات، يقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر مع الفاتحة، ثم يركع. إلخ، مثل بقية الصلوات، ثم بعد الفراغ يرفع يديه ويسأل ربه أن يختار له ما هو الأفضل والأنفع له من كذا وكذا، يبين حاجته التي يريد، إن كان زواجا يقول: اللهم اشرح صدري للزواج من فلانة إن كان خيرا. وإن كان سفرا: اللهم اشرح صدري للسفر إلى بلد كذا إن كان خيرا لي. وإن كان يحفظ الدعاء الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقوله، النبي صلى الله عليه وسلم علم المستخير الدعاء، يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه: زواجا أو سفرا أو معاملة، يسميه باسمه " - خير لي في ديني
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (311) .(11/65)
ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1) » هذا هو الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم المحفوظ، إذا كنت تحفظه تقوله وإلا تدعو بما تيسر، تقول: اللهم اشرح صدري لهذا السفر، أو لهذا الزواج إن كان خيرا، اللهم اشرح صدري لمعاملة فلان أو زيارة فلان. إن كنت تشك في فائدتها أو مصلحتها وما أشبه ذلك تسمي حاجتك، تسأل ربك أن يشرح صدرك لما هو الأصلح والأحسن والأنفع.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/66)
س: هذا السائل الذي رمز لاسمه ب. س. ح. مصري مقيم بالمملكة العربية السعودية، يقول: ما هي كيفية صلاة الاستخارة؟ وما هو الدعاء المشروع، وهل يكون هذا الدعاء أثناء صلاة الركعتين أم بعد الانتهاء من الصلاة (1)
ج: صلاة الاستخارة بينها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أنه يصلي ركعتين إذا هم بأمر وأشكل عليه يصلي ركعتين، ثم بعد الصلاة
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (357) .(11/66)
يرفع يديه ويدعو بما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه لأمته: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويسميه باسمه: هذا السفر، هذا الزواج، وما أشبه ذلك، شيء بين خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1) » هذا هو الدعاء الشرعي للاستخارة. ثم يرفع يديه ويقول هذا الدعاء بعد الركعتين في الضحى، في الظهر، في الليل، أي وقت لا في أوقات النهي، وقت السحر واسع، يصلي ركعتين يطمئن فيهما، ثم يقول هذا الدعاء بعد السلام، يرفع يديه ويحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، هذه السنة، يحمد الله أولا ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا من أسباب الإجابة، ثم يقول دعاء الاستخارة: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه: سفري إلى
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/67)
كذا، وزواجي من بنت فلان، أو شراء الأرض الفلانية، الذي أشكل عليه، شرع الاستخارة، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به.(11/68)
س: ما كيفية صلاة الاستخارة، وما هو الدعاء المطلوب، وهل يكون الدعاء أثناء صلاة الركعتين أم بعد الانتهاء منهما؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: صلاة الاستخارة أن يصلي ركعتين، ثم يدعو بعدها ويستخير بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد السلام، يرفع يديه ويسأل يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر – ويسميه؛ يعني زواجي من فلانة، سفري إلى البلدة الفلانية، تجارتي بهذا الشيء، يسمي - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (358) .(11/68)
ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه - شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1) » هذه السنة في الاستخارة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/69)
33 - بيان دعاء الاستخارة ومحله وآدابه
س: السائلة: ف. ص من مكة المكرمة تقول في سؤالها: إن لاختيار الأمور دعاء، فما هو هذا الدعاء، وما هي آداب الدعاء في الاستخارة يا سماحة الشيخ (1)
ج: يدعو الله بما تيسر: اللهم يسر لي كذا، اللهم أعني على كذا، اللهم يسر لي زوجة صالحة. والمرأة تقول: اللهم يسر لي زوجا صالحا، وذرية طيبة، اللهم يسر لي مالا طيبا وكسبا حلالا، وما أشبه ذلك، على حاجاته، يدعو ويطلب الله على حاجاته، وإذا استخار في أمر فيه تردد هل يسافر، هل يشتري هذا الشيء، هذا البيت، هل يتزوج هذه المرأة، هل تتزوج هذا الرجل، إذا استخارت فالاستخارة مشروعة، أن
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (391) .(11/69)
يصلي ركعتين، ثم يرفع يديه ويقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الشيء - ويبينه باسمه: اللهم إن كنت تعلم أن سفري إلى كذا وكذا - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن سفري أو زواجي من فلانة، أو شراء هذا المال للتجارة شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به (1) » هذا هو المشروع، هذا حديث صحيح، إذا فعله الإنسان، هذا الدعاء في بعض الأمور المشكلة كالسفر للتجارة بمال كذا، أو الزواج بفلانة، أو شراء البيت الفلاني، أو ما أشبه ذلك يستخير إذا كان عنده تردد، والمرأة كذلك تستخير إذا ترددت في الزوج، أو في شراء شيء، فهذه الاستخارة مطلوبة.
__________
(1) صحيح البخاري التوحيد (7390) ، سنن الترمذي الصلاة (480) .(11/70)
س: صلاة الاستخارة متى يكون الدعاء فيها، هل هو مثل الوتر أو بعد نهايتها (1)
ج: إذا صلى ركعتين يدعو، إذا صلى وسلم من ركعتين يرفع يديه ويدعو؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يصلي ركعتين، ثم
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (165) .(11/70)
يدعو، ويكون هذا بعد السلام.(11/71)
س: دعاء الاستخارة متى يكون، هل يكون في السجود أم بعد السلام من صلاة الركعتين، وهل لا بد لذلك الدعاء أن يبدأ بالحمد والثناء على المصطفى صلى الله عليه وسلم (1)
ج: يكون بعد السلام، ويبدأ بالحمد والثناء على الله عز وجل، ثم بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدعو بعد بما شاء (2) » فالذي يستخير أولا يصلي ركعتين في وقت الصلاة ضحى وإلا في الليل، ثم إذا سلم يرفع يديه ويحمد الله، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (386) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه، برقم (23419) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481) والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3477) .(11/71)
هذا الأمر - ويسميه باسمه: مثلا أن هذا الزواج بفلانة، أو شراء العقار الفلاني، أو سفري إلى كذا، يعين - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه - شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1) » هكذا جاء في الحديث الصحيح حديث الاستخارة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/72)
س: هل يجوز أن نقرأ دعاء صلاة الاستخارة في التشهد الأخير وقبل السلام في السنن الرواتب (1)
ج: دعاء الاستخارة بعد الصلاة، النبي صلى الله عليه وسلم، أمر من أراد أن يستخير أن يصلي ركعتين، ثم يستخير، ولو قرأ دعاء الاستخارة في الدعاء قبل أن يسلم، أو قرأه من دون صلاة لا حرج، لكن كونه يصلي ركعتين ثم يأتي بها هذا أفضل كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (426) .(11/72)
س: متى يقرأ الشخص دعاء الاستخارة في صلاته، هل عندما ينتهي من(11/72)
التشهد قبل التسليم أم أن ذلك من الممكن أن يكون بعد التسليم (1)
ج: دعاء الاستخارة يكون بعد التسليم، يشرع له أن يصلي ركعتين، وبعد التسليم يرفع يديه ويدعو ويستخير.
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (413) .(11/73)
س: السائلة أم معاذ من المدينة المنورة تقول: دعاء الاستخارة قبل السلام أم بعد السلام من الصلاة سماحة الشيخ (1)
ج: السنة أن يكون بعد السلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا هم أحدكم بأمر فليصل ركعتين ثم ليقل (2) » فجعل الدعاء بعد الصلاة.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (399) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/73)
34 - حكم تكرار صلاة الاستخارة
س: هل تشرع صلاة الاستخارة مكررة أم تكفي مرة واحدة (1)
ج: تشرع مكررة حتى يطمئن قلبه، وينشرح صدره لما يريد، ويستشير إخوانه الثقات المعروفين الذين يعتقد منهم الخير وأنهم يحبون له الخير، يستشيرهم بعد الصلاة، يصلي ركعتين يستخير ربه بما جاء في حديث جابر رضي الله عنه، والحديث معروف موجود في رياض الصالحين وغيره، ثم يستشير بعد الدعاء، فإن انشرح صدره وإلا
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (105) .(11/73)
أعاد الصلاة وأعاد الاستشارة، وهكذا مرتين، ثلاثا، أربعا، أكثر، حتى يحصل الطمأنينة والانشراح في الزواج، أو في شراء بيت، أو في سفر إلى بلد، أو في إقامة شركة، أو ما أشبه ذلك من الأمور التي تشتبه عليه، فيستخير الله فيها، ويستشير إخوانه الطيبين، ثم يعمل ما يطمئن إليه قلبه، وينشرح له صدره بعد الاستخارة وبعد الاستشارة.(11/74)
35 - حكم رفع اليدين في دعاء الاستخارة
س: يسأل الأخ: م. أ. أمن ليبيا فيقول فيه: محل الدعاء في صلاة الاستخارة هل هو قبل السلام أم بعده، وهل يجوز رفع اليدين أثناء ذلكم الدعاء (1)
ج: دعاء الاستخارة يكون بعد الركعتين؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «فليصل ركعتين، ثم ليدع (2) » فالصلاة أولا، يصلي ركعتين، ثم يدعو بدعاء الاستخارة، وإذا رفع يديه فهو من أسباب الإجابة، رفع اليدين من أسباب الإجابة كما في الحديث الصحيح: «إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا (3) » فيستحب له أن يرفع يديه، ويدعو ويلح في
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (162) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه، برقم (23202) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488) ، والترمذي في كتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556) ، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء، برقم (3865) .(11/74)
الدعاء، ويرجو ربه الإجابة سبحانه، ويحسن ظنه بربه عز وجل.(11/75)
س: تقول السائلة: ما هي صلاة الاستخارة، وهل هي حقا إذا صليتها عرفت كيف أختار بين شيئين (1) ؟ .
ج: صلاة الاستخارة مشروعة لمن هم بأمر وأشكل عليه هل هو صالح أم لا، كأن يعزم على سفر إلى جهة من الجهات، أو على التزوج من بعض الأسر، أو نحو ذلك، ويكون عنده تردد في هل هذا السفر مناسب، أو هذا الزواج مناسب، يستخير الله، يشرع له أن يصلي ركعتين، ثم بعد صلاة الركعتين يدعو ربه بدعاء الاستخارة، وهو أن يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه، يعين: هذا الزواج من فلانة، أو هذا السفر إلى مكة، أو إلى المدينة، أو إلى كذا، أو إلى كذا - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (111) .(11/75)
الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1) » هكذا جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، هذا الدعاء يقوله الإنسان بعد صلاة الركعتين، إذا صلاها يدعو بهذا الدعاء، وإذا رفع يديه حسن؛ لأن رفع اليدين من أسباب الإجابة، فإذا انشرح صدره بعد ذلك لما عزم عليه فلينفذ، وإن تردد فليستشر من يرى أنه أهل للاستشارة من أحبابه وأصدقائه، فإن لم ينشرح صدره فلا مانع من أن يعيد الاستخارة مرة ثانية أو ثالثة حتى ينشرح صدره للفعل أو الترك، ويشرع له استشارة أهل الخير، وأهل الصدق وأهل المحبة له، ومن يعرفهم بالثقة والخبرة والصدق يستشيرهم، فإذا انشرح صدره للأمر بعد الاستخارة وبعد المشاورة نفذ ما انشرح صدره له، وإن لم ينشرح الصدر ترك ذلك ولا بأس، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/76)
36 - بيان علامة قبول صلاة الاستخارة
س: يسأل المستمع ويقول: ما هي علامة صلاة الاستخارة؟ فلقد صليت صلاة الاستخارة قبل خطبتي وبعد عام ونصف فسخت الخطبة، فهل ذلك يعني أن ما حدث لي هو خير لي، أم أصلي صلاة(11/76)
الاستخارة مرة ثانية (1)
ج: صلاة الاستخارة سنة أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، إذا هم الإنسان بأمر وأشكل عليه هل يقدم عليه أم لا لأسباب اقتضت ذلك، كالسفر، أو الزواج من بنت فلان، أو معاملة فلان، أو ما أشبه ذلك، فإنه يصلي ركعتين، يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن، ثم بعد السلام يرفع يديه ويستخير الله، فيقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه: هذا الأمر زواجي بفلانة، أو سفري إلى كذا، أو ما أشبه ذلك - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (2) » هذا دعاء الاستخارة، ثم بعد هذا إذا تيسر أن يستشير من يعلم أنه أهل نصح ومحبة له وأهل خبرة يستشيرهم بعد الاستخارة، فإذا مال قلبه إلى أحد الأمرين أخذ بذلك، وإن بقي التردد أعاد الاستخارة وأعاد المشاورة حتى يطمئن قلبه إلى أحد الأمرين.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (408) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/77)
37 - بيان أسباب صلاة الاستخارة
س: صلاة الاستخارة هل تصلى في حالة عزم الشخص على أمر معين أم في حالة أنه لم يستقر على أي الأمرين يفعل ويستخير؟ أرجو التوضيح (1)
ج: صلاة الاستخارة إذا احتار عنده أمر، تردد في أحد الأمرين أيهما أصلح، فهذا هو وقت الاستخارة، كأن يتردد هل يتزوج فلانة أو ما يتزوجها، وهل يسافر إلى كذا أو لا يسافر، وهل يتجر مع فلان أو يشارك فلانا أم لا، ونحو ذلك، فيصلي ركعتين ثم يدعو بعد ذلك ويسأل ربه أن يختار له ما هو أصلح بالدعاء المشهور والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه بعينه: أن هذا الأمر يعني أن هذه الزوجة فلانة، أن زواجي بها - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله -
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (136) .(11/78)
فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1) » هذا هو دعاء الاستخارة، فيقول هذا ثم يستخير، ثم يستشير من يرى أنه أهل للاستشارة في أحد الأمرين سواء كان زواجا أو سفرا أو اشتراكا أو غير ذلك من الأمور التي تهمه، ولا يجزم فيها بشيء بل يتردد، فهذا محل الاستخارة، وهي سنة، والسنة معه في ذلك بأن يستشير أيضا من يراه أهلا للاستشارة بعد ما يستخير، فإذا انشرح صدره إلى أحد الأمرين فعل ذلك، وإن لم يزل معه التردد أعاد الاستخارة مرة ثانية وثالثة، وهكذا حتى ينشرح صدره لأحد الأمرين.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/79)
38 - بيان الأمور التي تشرع لها الاستخارة
س: هذا السائل يقول: بخصوص صلاة الاستخارة كيف تكون علامات انشراح الصدر، وهل يجوز أن أستخير الله عز وجل في كل الأمور أو أمور معينة؟ وجهونا يا سماحة الشيخ (1)
ج: صلاة الاستخارة في الأمور التي يشتبه عليك أمرها هل من المصلحة فعلها أو تركها، هذا محل الاستخارة، أما الشيء المعروف أنه طيب ما فيه استخارة، هل تصلي أو لا تصلي ما فيه استخارة، الصلاة
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (371) .(11/79)
فريضة مطلوبة مشروعة، كذلك الزكاة، الصيام، الحج، صيام الاثنين، وصوم الخميس ما فيه استخارة هي من السنن المعروفة، لكن شيء مستجد مثل إذا أردت أن تتزوج بنت فلان وعندك تردد تستخير، أو السفر، تحب أن تسافر إلى محل معين وعندك تردد هل من المصلحة السفر أو لا؟ تستخير، عندك تردد هل تتجر في الملابس؟ وهل تتجر في العقار؟ عندك تردد تستخير، وهكذا الشيء الذي فيه تردد تستخير ربك، إذا صليت الاستخارة وسألت ربك فاعمل بما يميل إليه قلبك، ينشرح صدرك إلى أحد الأمرين افعل، ويستحب لك أن تستشير، يستحب لك أن تشاور الناس الطيبين الذين تثق بهم مع الاستخارة، وبعد الاستخارة تشاور إخوانك، وأصدقاءك ووالديك، تستشير من تثق به وترى أنه أهل للاستشارة حتى يساهم في هذا الشيء، وإذا انشرح صدرك فافعل.(11/80)
39 - مسألة في الرؤيا بعد الاستخارة
س: تسأل المستمعة وتقول: لقد سمعت أن من صلى صلاة الاستخارة لغرض معين فإنه يرى في منامه إذا كان خيرا له، هل ما قيل صحيح (1)
ج: لا أعرف لهذا صحة من جهة الرؤيا، ولكن صلاة الاستخارة
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (272) .(11/80)
سنة، إذا هم الإنسان بأمر أشكل عليه أمره أو عاقبته يستخير ربه، يصلي ركعتين، ثم يدعو ربه بعد الصلاة، ويرفع يديه ويدعو ربه، وليستخر بما جاء في دعاء الاستخارة، وهو: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كان هذا الأمر. ويسميه بعينه كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، مثل زواج، مثل سفر، مثل معاملة إنسان يشك الإنسان في معاملته، أو شبه ذلك من الأمور التي يحصل فيها بعض التوقف، ويقول في دعائه: اللهم إن كان هذا الأمر - يعني زواجي بفلان - للمرأة - أو الرجل يقول: زواجي بفلانة، أو سفري إلى كذا، أو معاملتي لفلان - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كان ذلك - يسميه باسمه - شرا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1) » هذا دعاء مشروع، ثم بعد ذلك يستشير من يرى من أهل الخير من أقربائه وأصدقائه، يستشيرهم، فإذا انشرح صدره لأحد الأمرين يمضيه، وإن استمر معه التردد أعاد الاستخارة ثانيا وثالثا وهكذا، حتى يطمئن قلبه وينشرح صدره لأحد الأمرين من الفعل أو الترك.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/81)
س: السائلة أم معاذ من المدينة المنورة تقول: هل يجوز رفع اليدين أثناء دعاء الاستخارة (1)
ج: نعم سنة، رفع اليدين من أسباب الإجابة.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (399) .(11/82)
40 - حكم صلاة الاستخارة كل يوم
س: هل صلاة الاستخارة واجبة في كل شيء أم تترك في بعض الأحيان، وما حكم من يصلي صلاة الاستخارة في كل يوم إذا عزم على أمر معين (1)
ج: صلاة الاستخارة مستحبة عند الحاجة إليها، إذا هم بأمر وأشكل عليه هل هو رشد أم لا؟ كزواج بفلانة، أو سفر إلى فلان استخار ربه، فلا يفعلها إلا عند الحاجة.
__________
(1) السؤال الثامن والستون من الشريط رقم (431) .(11/82)
س: هل المشروع أن أرفع يدي أثناء الاستخارة (1)
ج: نعم، إذا صلى ركعتين يرفع يديه ويدعو، هذا هو الأفضل؛ لأن رفع اليدين من أسباب الإجابة.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (417) .(11/82)
41 - حكم صلاة الاستخارة للغير
س: تسأل أختنا: هل يجوز أن أصلي صلاة الاستخارة لغيري، وأغير صيغة الدعاء بحيث يأتي على هذا النمط: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر هو خير لها أو له في دينه أو دنياها وهكذا (1)
ج: لا أعلم في هذا دليلا، إنما جاءت السنة لمن أراد الشيء، فالحديث: «إذا هم أحدكم بأمر فليصل ركعتين، ثم يقول: اللهم (2) » إلى آخر الدعاء، والسنة لمن هم بالأمر وأشكل عليه أن يستخير، أما فلان يستخير لفلان لا أعلم لهذا أصلا، لكن الرجل أو المرأة كل منهما يستخير لنفسه، يدعو بالدعاء الذي يفهم، الذي يعرف، إذا كان ما يعرف الدعاء الوارد في الحديث يسأل ربه يقول: اللهم يسر لي الأصلح، اللهم اشرح صدري للأصلح، الأحب إليك بما فيه نفعي وصلاحي. يدعو بالدعوات التي تناسبه، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (345) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/83)
42 - حكم صلاة الحاجة وما ورد فيها
س: يسأل عن حكم صلاة الحاجة، ويطلب التوجيه بخصوصها، وهل ما(11/83)
ورد فيها يعتبر من الصحيح (1)
ج: هذه معروفة، بها بعض الأحاديث التي جاءت في التوبة وصلاة الاستخارة، ويقال لها: صلاة الحاجة. صلاة التوبة هي تصلي ركعتين، ويرفع المصلي يديه ويدعو ربه تائبا نادما من ذنوبه، هذه من أسباب المغفرة. هكذا صلاة الاستخارة إذا هم بشيء وأشكل عليه هل المصلحة الإقدام عليه، فإنه يستحب له أن يصلي ركعتين، ثم يدعو بعدهما، ويستخير بعدهما، يرفع يديه ويستخير يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه، مثل: زواجي من فلانة، أو شراء السلعة الفلانية، أو السفر إلى البلدة الفلانية، يبينه: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر، ويسميه - خير لي في ديني، ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (2) » يأتي بهذا الدعاء أو بما يدل على معناه إذا كان لا يعرف
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (330) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/84)
هذا الدعاء، ويسأل ربه أن يشرح الله صدره لهذا الأمر إن كان خيرا، أو يصرفه عنه إن كان شرا، هذه يقال لها: صلاة الاستخارة، يصلي ركعتين، ثم يدعو ربه بعد السلام، يرفع يديه بالشيء الذي يشك هل يفعله أم لا؛ لأنه يشك في مصلحة شراء بيت، عنده إشكال فيه، شراء سيارة، عنده تردد فيها، زواج من فلانة، عنده تردد، سفر إلى بلاد معينة، عنده تردد، يستخير الله في ذلك.(11/85)
س: ما حكم صلاة الحاجة يا سماحة الشيخ (1)
ج: صلاة الحاجة ما ورد في هذا شيء، وإنما صلاة الاستخارة وصلاة التوبة الذي نعلم، إذا أراد أن يتوب من ذنب، وصلى ركعتين، ثم سأل ربه أن يتوب عليه وأن يغفر له، هذا لا بأس به، جاء في الحديث الصحيح عن الصديق أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين، فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له (2) » وليس
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (399) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم (57) وأبو داود، في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1521) والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الصلاة عند التوبة، برقم (406) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أن الصلاة كفارة، برقم (1395) .(11/85)
من شرط ذلك الصلاة، إذا تاب وندم وأقلع تاب الله عليه، إذا صدق في ذلك، وإذا صلى ركعتين وتاب بعدها هذا زيادة خير، من باب أسباب صحة التوبة وكمالها.(11/86)
س: ما حكم صلاة الحاجة؟ لأنني سمعت من بعض الإخوة بأنها سنة للحديث الوارد عنه صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأل معجلا أو مؤخرا (1) » (2)
ج: لا أعرف في هذا إلا صلاة التوبة، وصلاة الاستخارة، صلاة التوبة إذا أذنب ذنبا وتطهر وصلى ركعتين وسأل ربه أن يغفر له وعده الله بالمغفرة، وصلاة الاستخارة إذا هم بأمر وأشكل عليه يستخير ربه، يصلي ركعتين، ثم يستخير بعد السلام، يرفع يديه ويقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه: زواج، أو سفر، أو نحوه - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه،
__________
(1) مسند أحمد (6/443) .
(2) السؤال العاشر من الشريط رقم (409) .(11/86)
واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (1) » هذا هو المعروف في صلاة الاستخارة، أما في كل حاجة فلا أذكر في هذا شيئا ثابتا.
__________
(1) صحيح البخاري الجمعة (1166) ، سنن الترمذي الصلاة (480) ، سنن النسائي النكاح (3253) ، سنن أبو داود الصلاة (1538) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1383) ، مسند أحمد بن حنبل (3/344) .(11/87)
س: يسأل حامد من الأردن ويقول: هل هناك صلاة تسمى بصلاة الحاجة (1)
ج: لا أعلم إلا صلاة التوبة وصلاة الاستخارة، إذا كان الإنسان قد فعل ذنبا وجبت عليه التوبة، وإذا تطهر وصلى ركعتين وتاب كان أكمل وأقرب إلى النجاح، وهكذا صلاة الاستخارة، إذا هم بأمر وأشكل عليه، يصلي ركعتين، ثم يستخير الله.
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (392) .(11/87)
43 - حكم الصلاة لتفريج الهم
س: هل هناك صلاة لتفريج الهم، وتكون بركعتين ثم يدعو الإنسان بدعاء: اللهم فارج الهم، وكاشف الغم، أجب دعوتي. أو: أجب دعوة المضطر إذا دعاك (1)
ج: لا أعلم في هذا شيئا بصلاة خاصة، لكن مثل ما قال الله جل وعلا {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (2) فإذا استعان
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (380) .
(2) سورة البقرة الآية 45(11/87)
بالصلاة صلى وسأل ربه في سجوده، وفي جلسته للسلام بعد التحيات فهذا طيب، ومن أسباب الخير، الله جل وعلا أمر بالاستعانة بالصبر والصلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، فإذا صلى الإنسان ركعتين، الضحى، أو في الليل، ودعا ربه في سجوده وفيما قبل السلام، إذا فرغ من التحيات أو بعد الصلاة، ثم رفع يديه ودعا كله من أسباب الخير ومن أسباب التوفيق.(11/88)
س: السائلة: خ. من الجزائر تقول: سماحة الشيخ، هل من الأفضل لمن أراد تحقيق شيء معين أن يصلي ركعتين حتى يقضي الله حاجته، أو أن الدعاء وحده أفضل (1)
ج: من أراد حاجة يحمد ربه أولا، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو، يرفع يديه بعد الصلاة، أو يدعو في السجود، كل ذلك طيب، أو في خارج الصلاة، يرفع يديه ويدعو ويلح في الدعاء، هذا هو المشروع؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (2) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميده ربه والثناء عليه، ثم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدع بما شاء (3) » فيبدأ بالتحميد
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (426) .
(2) سورة غافر الآية 60
(3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه، برقم (23419) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481) والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3477) .(11/88)
والصلاة على النبي سواء كان في السجود أو خارج الصلاة، ثم يدعو ويرفع يديه، إذا كان خارج الصلاة يدعو لأن هذا من أسباب الإجابة، وليحذر الموانع، من أكل الحرام والغفلة عن الله وعدم المبالاة في حقه سبحانه، وهكذا الحذر من المعاصي، نسأل الله للجميع التوفيق.(11/89)
س: هل هناك من صلاة تسمى الأولى صلاة التوبة والأخرى تسمى صلاة الحاجة، وما حكمهما في الشرع؟ مأجورين (1)
ج: صلاة التوبة هي إذا عرف أنه أذنب وأراد أن يتوب فهو مخير، إن شاء تاب من دون صلاة خاصة، بل يتوب إلى الله ويندم ويكفي، وإن صلى صلاة قصد بها التوسل لقبول التوبة فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من أذنب ذنبا ثم تطهر وصلى ركعتين، ثم استغفر ربه غفر الله له، فصلاة الركعتين ثم يدعو ربه ويستغفره ويتوب إليه هذا من أسباب المغفرة، هذه يقال لها: صلاة التوبة، وصلاة الحاجة هي صلاة الاستخارة.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (358) .(11/89)
س: نرجو التحدث عن صلاة الحاجة هل هي مشروعة، وما كيفيتها، وهل وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا أعلم في صلاة الحاجة حديثا يعتمد عليه، وإنما جاء الحديث
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (303) .(11/89)
في صلاة التوبة، صلاة الاستخارة، إذا هم الإنسان أمر واشتبه عليه الأمر يستخير الله عليه، ويصلي ركعتين، ثم يسأل الله ويستخيره، يدعو الله ويستخيره بالدعاء المشروع: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك (1) » إلخ. الحديث , وهكذا صلاة التوبة، إذا كان عنده ذنوب فالواجب أن يتطهر ويصلي ركعتين، ثم يتوب إلى الله توبة صادقة، والتوبة ليس من شرطها الصلاة، لكن هذا مستحب، إذا تطهر وصلى ركعتين وتاب توبة صادقة فذلك أقرب إلى القبول، ولو تاب وهو يمشي أو في الطريق أو في البيت أو تاب وهو مضطجع، وعلى أي حال التوبة مقبولة إذا تمت شروطها، إذا ندم على الماضي، وأقلع عن السيئة، وعزم ألا يعود فيها فالله يقبلها منه سواء كان ماشيا أو واقفا، مضطجعا في البيت، أو في الطريق، أي مكان آخر، لكن إذا توضأ وأحسن الطهور، ثم صلى ركعتين، ثم أناب إلى ربه يسأله أن يمن عليه بالتوبة هذا أكمل وأحسن.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166) .(11/90)
44 - حكم صلاة التسابيح
س: ما حكم صلاة التسبيح حيث إننا قرأنا في مجلة مدرسية يقول كاتبها باختصار: أيها القارئ الكريم، ألق سمعك وأنت شاهد لما قال صلى الله عليه وسلم لعمه وابن عمه جعفر رضي الله عنهما عن(11/90)
عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب: «يا عماه، ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أفعل بك عشر خصال؟ إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته، عشر خصال: أن تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة فقل وأنت قائم سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمس عشرة مرة، اركع وقل وأنت راكع عشرا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقول عشرا، ثم تهوي ساجدا فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا، ثم تسجد فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في كل أربع ركعات، فإن استطعت أن تفعلها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة مرة، فإن لم تستطع ففي كل سنة مرة، فإن لم تستطع ففي عمرك مرة (1) » وقال الكاتب: رواه أبو داود وابن ماجه وابن خزيمة وإبراهيم بن الحكم والطبراني، وقال: تغفر ذنوبك وإن كانت مثل رمل عالج وعدد زبد البحر. ويقول الكاتب: إذا علمنا صحة هذا
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة التسبيح، برقم (1297) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة التسبيح، برقم (1387) .(11/91)
الحديث فعلينا عدم تركها بل علينا أن نفعل بها ولو مرة واحدة في العمر. ويقول أيضا الكاتب: وقد فعلت أنا هذه الصلاة عدة مرات ووجدت من الفرج ولذة المناجاة وطمأنينة النفس وانشراح الصدر ما لا أقدر ولا أتمكن من التعبير عنه، فجرب يا أخي تجد إن شاء الله ما وجدت، وما عند الله خير وأبقى.
نرجو توضيح هذه الصلاة وصحة حديثها وموقف المسلمين منها وقد ضاعت، علما بأنها بدأت تنتشر بين الأوساط في مجتمعنا في المملكة بفضل هذا الكاتب الذي أحياها وفقه الله، وشكرا لكم (1)
ج: فهذه الصلاة المنوه عنها في هذا السؤال قد اختلف أهل العلم في صحتها، في صحة حديثها على قولين، والأرجح في ذلك أنه غير صحيح، وأنه موضوع، وليس صحيحا عن النبي عليه الصلاة والسلام، هذا هو المعتمد في هذه الصلاة، وجميع الأحاديث الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في بيان صلاة التطوع والحث عليها والترغيب فيها كلها تخالف ما جاء في هذا الحديث، وتدل على أنه منكر وليس له صحة، هذا هو المعتمد عند المحققين من أهل العلم، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه ولا ليلة واحدة أنه فعلها عليه الصلاة والسلام، ولم تحفظ أيضا عن بقية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم،
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (40) .(11/92)
ولو كان النبي عليه الصلاة والسلام قال هذا لانتشرت هذه الصلاة بين الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولعرفها الصحابة ورووها، فالمقصود أن هذه الرواية عند المحققين من أهل العلم غير صحيحة، وحديثها موضوع كما نبه على ذلك جماعة من أهل العلم.(11/93)
س: هل صلاة التسابيح واردة في السنة النبوية، وما الحكم في قائل يقول: عليه الطلاق من دينه (1)
ج: هذا على كل حال كلام منكر، أما صلاة التسابيح فقد اختلف فيها العلماء، منهم من صحح حديثها، ومنهم من ضعف أحاديثها، والصواب أنها ضعيفة، وأنها لا تشرع ولا تستحب، هذا الصواب في صلاة التسبيح، وأما هذا الذي قال: عليه الطلاق من دينه ما يفعل كذا وكذا، معناه: عليه الخروج من دينه، وهذا كلام منكر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال (2) » المقصود أن هذا يجب عليه أن يتوب إلى الله ويحذر مثل هذا الكلام، لا يقول: عليه الطلاق من دينه، أو هو كافر، أو هو يهودي، أو
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (104) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قاتل النفس، برقم (1364) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه وأن من قتل نفسه عذب في النار، برقم (110) .(11/93)
نصراني ما يفعل كذا، أو سوف يفعل كذا، أو ما أشبه ذلك، لا، بل عليه أن يستعمل غير هذا، يقول: والله لأفعلن كذا، أو: والله ما أفعل كذا. يكفي هذا، أما أن يقول: هو يهودي أو نصراني، أو عليه الطلاق من دينه عندما يفعل كذا، كل هذا غلط ومنكر لا يجوز، وتعريض لدينه للذهاب والضياع والردة عن الإسلام - نعوذ بالله - يجب الحذر والتوبة من هذا، نسأل الله العافية.(11/94)
س: من عمان، من المملكة الأردنية الهاشمية، المرسل أ. س يسأل ويقول: ما هي صلاة التسابيح، وما عدد ركعاتها، وما هو حكمها، وكيف تؤدى، وما هو ثوابها؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: صلاة التسابيح غير ثابتة، جاءت من طرق كلها ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يشرع العمل بها، ولا الدعوة إليها، ومن صحح حديثها فقد غلط، الواجب على المسلم أن يتمسك بالسنة المعروفة والعبادة الثابتة، ويترك ما خالف ذلك، قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جميع ما فعله من الصلوات النافلة والفريضة فلم يصل صلاة التسابيح، ولم ينقل عنه أحد أنه صلى صلاة التسبيح لا في الضحى ولا في الليل، ولا في السفر ولا في الحضر، فالواجب الإعراض عنها وترك العمل بها.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (355) .(11/94)
س: الأخ هـ م ف من مكة المكرمة يقول في رسالته: أرجو من سماحتكم أن تبينوا لي حكم صلاة التسابيح، هل هي صحيحة أم غير ذلك؟ كما جاء في كتاب وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا كانت صحيحة أرجو من سماحتكم توضيح عدد الركعات وعدد السجدات، جزاكم الله خيرا (1)
ج: صلاة التسبيح قد تأملناها كثيرا، وتأملناها أيضا مع اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ورأينا جميعا عدم صحتها، إن صلاة التسبيح ليست صحيحة، وطرقها كلها ضعيفة، ومتنها منكر مخالف للأحاديث الصحيحة، ومخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في عباداته، فالواجب عدم التعلق بها وعدم فعلها؛ لأنها من البدع المحدثة في الدين، وصدرت الفتوى في بيان ذلك مني ومن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، المقصود أن صلاة التسبيح التي اشتهرت بين الناس لا أساس لها من الصحة.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (200) .(11/95)
س: مستمعة تسأل عن صلاة التسابيح تقول: أنا أصليها يوميا بعد صلاة العشاء وقبل الذهاب إلى النوم، فهل هذا الوقت مناسب (1)
ج: الصحيح أنها غير صحيحة، صلاة التسابيح الصحيح أنها غير
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (259) .(11/95)
صحيحة، صلي كما كان النبي يصلي عليه الصلاة والسلام، صلي الركعات على القاعدة الشرعية، تقرئين الفاتحة وما تيسر معها، ثم تركعين وتأتين بسبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح. ثم ترفعين: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. ثم تسجدين، وإن زدت بعد الركوع: أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. فذلك أفضل إذا تيسر ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله بعض الأحيان، المقصود أن صلاة التسبيح غير صحيحة، هذا هو الصواب فيها.(11/96)
س: ما هو قولكم - وفقكم الله - في صلاة التسابيح، هل نؤديها أم نكف عن أدائها (1)
ج: صلاة التسابيح جاء فيها أحاديث ضعيفة، والصواب أنها لا تشرع، وإنما يصلي الإنسان كالصلاة العادية التي يعرفها من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، أما صلاة التسابيح وما يسبح فيها ما يقارب خمس عشرة مرة يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (261) .(11/96)
أكبر. وإذا ركع سبح عشر مرات، وإذا رفع سبح عشر مرات، وإذا سجد كذلك -- إلى آخره - هذه غير مشروعة؛ لأنها غير ثابتة، الصواب أن طرقها كلها ضعيفة.(11/97)
45 - بيان أقوال العلماء في صلاة التسابيح
س: قرأت في كتاب تنزيه الشريعة المرفوعة: صلاة التسبيح وهي أربع ركعات، ويقرأ في كل ركعة الفاتحة وسورة صغيرة، ثم يسبح في الركعة الأولى خمسا وسبعين تسبيحة في القيام وفي الركوع والسجود، وفي الركعة الثانية هكذا، وفي الأربع الركعات ثلاثمائة تسبيحة، هل هذا حديث صحيح، وما رأيكم فيما أورده صاحب ذلك الكتاب (1)
ج: صلاة التسبيح مشهورة عند أهل العلم، وقد تنازع العلماء في صحتها، فمن أهل العلم من عمل بها وصححها لما في ذلك من الأجر العظيم الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وغفران السيئات، ومن أهل العلم من ضعف الرواية ولم يصححها، وذكر أنها رواية شاذة، وحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، وهذا القول الثاني هو الأصح بأن صلاة التسبيح حديثها شاذ غير صحيح، وأن المعتمد قول
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (118) .(11/97)
من قال: إنها غير صحيحة، وإنها موضوعة لا أساس لها من الصحة، وأسانيدها كلها معلولة، ومتنها شاذ منكر، مخالف للأدلة الشرعية الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإن الصلاة في الليل والنهار محفوظة عنه عليه الصلاة والسلام، وقد رواها الثقات والأثبات في الصحيحين وغيرهما، ولم يحفظ عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلى هذه الصلاة، فوجب على أهل الإيمان أن يردوا ما خالف الأدلة المعروفة إلى الأدلة المعروفة، فالأدلة المعروفة الثابتة دالة على صفة صلاته عليه الصلاة والسلام، وأن ليس فيها هذه التسبيحات المذكورة، بل هذه انفردت بها هذه الرواية، فالصواب أنها شاذة المتن ضعيفة الأسانيد، فلا ينبغي التعويل عليها ولا العمل بها وإن صححها بعض المتقدمين وبعض المتأخرين، لكن العمدة في هذا أن كل متن يخالف الأحاديث الصحيحة وإن صح سنده فإنه يعتبر شاذا، فكيف إذا كان السند معلولا قد قال الأئمة في مصطلح الحديث: إن الأحاديث المختلفة يرجع فيها أولا إلى الجمع إذا تيسر الجمع، فإذا أمكن الجمع جمع بينها وقبلت كلها، فإن لم يتيسر الجمع ولم تتوافر شروطه رجع إلى النسخ إذا علم النسخ، فإذا علم الأخير من المتقدم صار الأخير ناسخا للمتقدم عند تعذر الجمع، فإذا لم يعلم المتأخر من المتقدم، ولم تتوافر شروط النسخ، ولا شروط الجمع انتقل إلى أمر ثالث وهو(11/98)
الترجيح، وهذه الصلاة ليس فيها ما يدل على التاريخ، وأنها متأخرة عن غيرها، وليس فيها ما يدل على أنها سنة استعملها النبي صلى الله عليه وسلم سابقا ولاحقا، وليس فيها ما يقتضي الجمع بينها وبين غيرها، فتعين الأمر الثالث وهو أنها غير صحيحة، وأنها شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخالفة لسنته المعروفة عنه عليه الصلاة والسلام في ليله ونهاره مدة حياته عليه الصلاة والسلام، فلم يحفظ عنه أنه فعلها مرة واحدة عليه الصلاة والسلام، ولم يعرف عنه عليه الصلاة والسلام ما يدل على أنها سنة متبعة لأحاديث صحيحة، فعلم بذلك أنها شاذة وأنها مختلقة، وأنه لا أساس لها في الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومثلها صلاة الخامس عشر من شعبان مائة ركعة، ويقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب عشر مرات. إلى آخر ما ذكروا عنها، فهذه أيضا بدعة لا أساس لها من الصحة.(11/99)
46 - بيان حكم حديث صلاة التسابيح
س: ما رأيكم في صلاة التسابيح، هل الرسول صلى الله عليه وسلم صلاها، وكيف كان يصليها؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (218) .(11/99)
ج: صلاة التسابيح غير صحيحة عند أهل التحقيق، قد تأملنا طرق أحاديثها فهي ضعيفة غير صحيحة، ومخالفة للصلاة الشرعية، فالسنة للمؤمن أن يتطوع بالصلاة الشرعية التي يفعلها في نوافله في صلاة الضحى وفي الرواتب وفي الفريضة، يصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، يقرأ في القيام الفاتحة وما تيسر معها، ويركع ويسبح: سبحان ربي العظيم، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس. مثل بقية الصلوات، أما الصلاة الواردة في صلاة التسبيح التي يروى عنه أنه علمها عمه العباس فهذه لا صحة لها.(11/100)
س: الأخت ش. من جمهورية مصر العربية تقول: هل صلاة التسابيح لا تصلى؛ لأن حديث هذه الصلاة مرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أم يصح لنا أن نصليها؟ ولقد صليت ذلك، وأنا في المسجد الحرام، فهل أستمر في صلاتي أم أتوقف عن ذلك؟ مأجورين (1)
ج: صلاة التسابيح حديثها ضعيف، فلا ينبغي لك أن تفعليها، حديثها ضعيف لا يصح، وصلي كالصلاة العادية من غير زيادة بالفاتحة وما تيسر من الآيات والركوع والسجود كما تفعلين في الفرائض.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (432) .(11/100)
س: صلاة قضاء الحاجة هل تصلى بالدعاء المذكور أم هي بدعة؟ وما هو التناسب بين صلاة الحاجة وحديث الرسول صلى الله عليه(11/100)
وسلم بأنه إذا أخذه أمر لجأ إلى الصلاة؟ وهل تصلى قضاء للحاجة (1)
ج: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة (2) » كما قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (3) فإذا صلى الإنسان واستعان بربه في سجوده أو في آخر الصلاة على الحاجات التي تهمه كله طيب، ولا أعلم حديثا صحيحا باسم صلاة الحاجة، لكن هذا يظهر من قوله جل وعلا: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (4) ومن الحديث: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى (5) » {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (6) وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور، ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له (7) » فالمقصود أنه إذا استعان بالصلاة في طلب ربه
__________
(1) السؤال الثامن والستون من الشريط رقم (432) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (22788) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، برقم (1319) .
(3) سورة البقرة الآية 45
(4) سورة البقرة الآية 45
(5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (22788) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، برقم (1319) .
(6) سورة البقرة الآية 45
(7) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم (57) وأبو داود، في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1521) والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الصلاة عند التوبة، برقم (406) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أن الصلاة كفارة، برقم (1395) .(11/101)
الحاجة أو في التوبة إلى الله، كان هذا من أسباب المغفرة.(11/102)
س: هل هناك صلاة تسمى صلاة التسبيح، وإذا كان الجواب بنعم ما هي صفة هذه الصلاة حيث إنني قرأت أنها أربع ركعات، أهي ركعتان أم أكثر؟ هل هي متصلة مع بعضها أم لا؟ أفتونا مأجورين (1)
ج: صلاة التسبيح بدعة، حديثها غير صحيح، فلا يجوز الاشتغال بها، يصلي الإنسان على ما شرع الله كما هو معروف، إذا أحب التمتع بالصلاة المعروفة يقرأ بالفاتحة وما تيسر معها، ويركع ويسجد ويسلم من كل ركعتين في الليل والنهار، هذا هو المشروع، أما صلاة التسبيح فحديثها ضعيف لا يصح.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (406) .(11/102)
س: تسأل المستمعة أم معاذ من المدينة المنورة وتقول: ما حكم صلاة التسبيح، وهل هي واردة أم لا (1)
ج: صلاة التسبيح غير ثابتة، حديثها ضعيف، ولا يجوز استعمالها لأنها خلاف الصلاة المشروعة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فحديثها غير صحيح.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (399) .(11/102)
47 - بيان بدعية صلاة التسابيح
س: سمعت أن هناك صلاة تسمى صلاة التسبيح، والمؤدي لهذه السنة له أجر كبير ومغفرة للذنوب، وقرأت دليلا على ذلك مما ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن بعض الناس يقولون بأنها بدعة، فأرجو من سماحتكم بيان صحة القول، جزاكم الله خيرا (1)
ج: صلاة التسبيح الأصل فيها أنها غير جائزة وغير مشروعة، وأحاديثها ضعيفة من جميع الطرق، ولا ينبغي للمؤمن أن يستعملها، وإن بعض إخواننا من طلبة العلم قد صححها لكن الصحيح أنها ضعيفة وغير صحيحة، حديثها ضعيف وشاذ ومنكر، ومخالف للأدلة الشرعية، فلا يجوز استعمالها، ولا الدعوة إليها، ولا يعتقد أنها سنة، بل هي بدعة مخالفة للأحاديث الصحيحة، ومخالفة لما شرعه الله عز وجل.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (299) .(11/103)
48 - بيان الفرق بين صلاة التسابيح وصلاة الحاجة
س: ما الفرق بين صلاة التسابيح وصلاة الحاجة، وهل هما مشروعتان (1) ؟
ج: صلاة التسبيح غير صحيحة، ورد فيها أحاديث كثيرة غير
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (34) .(11/103)
صحيحة، أما صلاة الحاجة ففيها تفصيل: إن كان أراد بذلك صلاة الاستخارة فهي صحيحة، أو أراد بذلك صلاة التوبة، الذي يذنب ثم يتطهر ويصلي ركعتين ويتوب هذا صحيح، أما إن كان أراد شيئا آخر فعليه أن يبين مراده.(11/104)
س: السائل م ف س: في صلاة التسبيح هل هي صلاة رباعية، وهل لهذه الصلاة مواعيد معينة تصلى فيها أم يمكن أن تصلى في أي وقت، وهل بعد قراءة التشهد الأول أسلم أم آتي بالركعتين الأخيرتين وأسلم (1)
ج: صلاة التسبيح غير ثابتة وغير صحيحة وغير مشروعة، هذا هو الصواب، تصلي كما يصلي المسلمون، أما صلاة التسبيح فهي غير ثابتة وغير مشروعة.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (275) .(11/104)
س: الأخ: ع. يسأل عن صلاة التسابيح (1)
ج: صلاة التسابيح غير ثابتة، هي أربع ركعات يسبح فيها ثلاثمائة تسبيحة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لكنها غير ثابتة، حديثها غير صحيح.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (351) .(11/104)
س: الأخت أ. ع. تسأل عن صلاة التسبيح، وهل هي جائزة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: صلاة التسبيح غير صحيحة، وغير ثابتة بل هي موضوعة وكذب، هذا هو الصواب عند المحققين من أهل العلم أنه لا أساس لها من الصحة، وإنما يصلي الإنسان الصلاة المعروفة بقراءة الفاتحة وما تيسر معها - إلى آخره - بكل ركعة.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (342) .(11/105)
س: هل هناك صلاة تسبيح كما يقال (1)
ج: ورد حديث عن صلاة التسبيح ليس بصحيح بل هو موضوع ليس بصحيح على الصحيح الذي عليه المحققون من أهل العلم أنه حديث غير صحيح، والصلاة المشروعة هي الصلاة المعروفة التي كان النبي يفعلها عليه الصلاة والسلام، أما صلاة التسبيح التي فيها أنه يسبح في القيام خمس عشرة مرة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. وفي الركوع عشر مرات، وفي الرفع عشر مرات، وفي السجود عشر مرات، وما بينهما عشر مرات، والسجود عشر مرات، وهكذا في كل ركعة خمس وسبعون مرة، يصلي أربع ركعات إلى ثلاثمائة، هذا ليس بصحيح.
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (332) .(11/105)
س: هذه رسالة من السائل: ي. ح، سوداني يقيم بالمملكة يقول: يا سماحة الشيخ، موضوعي هو عن صلاة التسابيح، ما حكمها، وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤديها (1)
ج: صلاة التسابيح غير صحيحة، وغير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (425) .(11/106)
49 - بيان بدعية الصلاة التي تدعى بالنافلة
س: سائلة تقول: وجدت في كتاب تنبيه الغافلين صلاة تدعى بالنافلة وتصلى بعد العشاء، وهي أربع ركعات، تبدأ الصلاة بقراءة الإقامة، ثم سورة الفاتحة وسورة قصيرة، وبعد ذلك قول: سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله - ثلاث مرات - ثم تكبر خمس عشرة تكبيرة عند الركوع، وخمس عشرة تكبيرة عند التسبيح، وخمس عشرة عند السجود، وفي الركعات الأربع تستمر على ذلك الحال، وخمس عشرة تكبيرة عند التشهد الأخير، وبهذا تصير خمسا وسبعين تكبيرة، فهل هذه الصلاة كان يصليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل علينا ذنب لأنا قمنا بتطبيقها لمدة شهرين؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (284) .(11/106)
ج: هذه الصلاة بدعة لا أصل لها، فلا يجوز فعلها ولا الدعوة إليها، وعليك التوبة إلى الله مما سلف؛ لأن هذه الصلاة التي ذكرت ليس لها أصل في الشرع المطهر بل هي بدعة مخترعة لا أساس لها، فالواجب تركها.(11/107)
50 - حكم من نذر أن يصلي ركعتين قبل كل فريضة
س: هذه السائلة من الطائف: س. ع تقول: سماحة الشيخ، كنت فيما سبق نذرت لله عز وجل بالصلاة ركعتين شكرا لله تعالى قبل كل صلاة إذا قضى الله لي أمرا معينا، فلما قضي هذا الأمر بفضل من الله عز وجل بدأت في الوفاء في نذري، وبعد فترة أفتى لي البعض من الإخوة وهم ليسوا من أهل العلم بأنه لا يوجد ما يسمى بصلاة الشكر، ولكن يوجد فقط سجدة شكر، فبدأت في أدائها، فهل تكفي في الوفاء بنذري؟ وما حكم الفترة التي كنت أسجد فيها سجدة الشكر فقط (1)
ج: الواجب أن توفي بنذرك، وأن تصلي ركعتين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه (2) » وصلاة الركعتين طاعة لله، وسجود الشكر غير الصلاة المنذورة، الصلاة المنذورة يجب
__________
(1) السؤال الثامن والأربعون من الشريط رقم (425) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696) .(11/107)
الوفاء بها، وسجود الشكر شيء آخر، عليك أن توفي بنذرك بالصلاة، أن تصلي ركعتين قبل كل صلاة من أجل نذرك، وتعرفي الأيام التي تركت الصلاة فيها فتقضيها.(11/108)
باب صلاة الجماعة
51 - حكم اشتراط الجماعة لصحة الصلاة
س: هل الصلاة مع الجماعة شرط لصحة الصلاة أم لا؟ نرجو ذكر الدليل إن أمكن، وفقكم الله (1)
ج: اختلف العلماء في هذه المسألة، فقال قوم: إن أداء الصلاة في الجماعة شرط، وإن من صلى وحده بدون عذر بطلت صلاته. وقال آخرون: بل واجبة، تجب الصلاة في الجماعة، ويجب السعي إليها، وأن تؤدى في المساجد. وهذا أعدل الأقوال. وقال قوم: إنها فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي صار أداؤها في حق الباقين سنة. وقال آخرون: سنة. ولكن الصواب من هذه الأقوال وأعدلها وأصحها قول من قال: إنها واجبة. إن أداء الصلاة في الجماعة واجبة وفي المساجد بالذات، يجب أن تؤدى في المساجد مع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: وما
__________
(1) السؤال الثالث من الشرط رقم (8) .(11/109)
العذر؟ قال " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1) » خرجه ابن ماجه والحاكم وجماعة بإسناد جيد. قال الحافظ في (البلوغ) : على شرط مسلم. وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رجلا أعمى قال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم، قال: " فأجب (2) » فهذا أعمى ليس له قائد يلائمه، ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب، ولم يجد له رخصة. وفي رواية قال: «لا أجد لك رخصة (3) » فصرح النبي صلى الله عليه وسلم أن الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة في ترك
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792) .(11/110)
الصلاة في الجماعة في المساجد، وثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه هم أن يحرق على من تخلف عن صلاة الجماعة بيوتهم، قال: «ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم - وفي لفظ: إلى رجال - لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (1) » فلولا أنهم فعلوا منكرا لما هم بتحريق بيوتهم؛ لأنه لا يهم إلا بالحق عليه الصلاة والسلام، فلولا أنهم أتوا جريمة توجب هذه العقوبة لما هم بأن يتخلف عن الصلاة، ويستخلف من يصلي بالناس، ثم يذهب إليهم في وقت الصلاة؛ حتى لا يتعذروا ويقولوا: قد صلينا أو كذا أو كذا. يأتي إليهم وقت الصلاة؛ حتى تكون الحجة قائمة. ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (2) » فهذا كله يدل على وجوب أداء الصلاة في الجماعة، أما الشرط فلا، ليست بشرط على الصحيح؛ لأنها لو كانت شرطا لأمر الناس بالإعادة، وقال:
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الخصومات، باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة برقم (2420) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضل صلاة الجماعة برقم (651) واللفظ له.
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578) .(11/111)
من صلى في بيته فليعد، ومن صلى في غير جماعة فليعد. فلما لم يأمرهم النبي بالإعادة عليه الصلاة والسلام، وإنما توعدهم وأمرهم بالحضور دل على الوجوب؛ لأن الأصل في الأوامر الوجوب، والأصل في الوعيد الدلالة على وجوب ما توعد عليه، هذا هو الحق؛ أنها تجب الصلاة في الجماعة في المساجد، في بيوت الله لا في بيته، بل يصلي مع الجماعة في مساجد الله، هذا هو الواجب، وهذا هو الحق والله المستعان، ومن المصائب العظيمة تساهل كثير من الناس اليوم في الصلاة وهي عمود الإسلام، وهي أول شيء يحاسب عنه الإنسان يوم القيامة هذه الصلاة، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام،
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) والنسائي في كتاب الصلاة باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82) .(11/112)
وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (1) »
فالواجب على جميع المسلمين العناية بهذا الأمر على النساء والرجال، فيجب على النساء المحافظة عليها في الأوقات، وأن تؤدى بطمأنينة وإخلاص لله وإقبال عليها، مع الطمأنينة الكاملة في ركوعها وسجودها وقراءتها، وفي الجلسة بين السجدتين، وفي الوقفة بعد الركوع، كل هذا يجب أن يعتنى به، وأن يكون المصلي مطمئنا سواء رجل أو امرأة، هذا أمر عظيم، فيجب على النساء والرجال العناية بهذا الأمر، وعلى الرجال أداؤها في الجماعة في مساجد الله مع إخوانهم المسلمين، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما فعل أصحابه رضي الله عنهم؛ وتنفيذا لأمره عليه الصلاة والسلام، وطاعة له صلى الله عليه وسلم.
ومن المعلوم أن الصلاة في البيت فيه تشبه بالمنافقين، وفيه عصيان للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو وسيلة إلى تركها، متى تساهل بها وصلاها في البيت، فقد يغفل عنها وقد يؤخرها كثيرا، وقد يتركها
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21563) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) ، وابن ماجه في كتاب الفتن باب كف اللسان في الفتنة، برقم (3973) .(11/113)
بالكلية، إذ لو كانت لها أهمية لما صلاها في البيت، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق - يعني الصلاة في الجماعة - ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف (1) » من حرص الصحابة رضي الله عنهم على الصلاة في الجماعة كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين، يعضدون له حتى يقام في الصف، هذا من عناية الصحابة بالصلاة، وأنها تهمهم كثيرا، ومن المصائب أيضا تساهل كثير من الناس بصلاة الفجر خاصة، فإنها يتساهل بها أكثر من غيرها مع أنهم في بيوتهم، لكن بأسباب السهر الكثير يتخلفون عن صلاة الفجر في الجماعة في المساجد، وربما أخروها إلى ما بعد طلوع الشمس إلى أن يذهبوا إلى أعمالهم، وهذه من المصائب العظيمة، ومن المنكر العظيم، فيجب على المسلم أن يحذر ذلك، وألا يسهر سهرا يضره، ويسبب تخلفه عن الصلاة في الجماعة في المساجد، ولو كان سهره في أعمال مباحة، أو مستحبة كقراءة القرآن، أو التهجد بالليل، أو ما أشبه ذلك لا يجوز له أن يسهر سهرا يجعله يتخلف عن صلاة الفجر في الجماعة، ويتثاقل عنها، فكيف إذا كان سهره في معاصي الله؛ في سماع الأغاني وآلات الملاهي.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654) .(11/114)
52 - حكم صلاة الجماعة
س: هل صلاة الجماعة واجبة أم سنة؟ وما هو تفسير قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (1) وكثير من الناس يتساهلون في صلاة الجماعة وهم يسمعون النداء وقريبون من المسجد، ما الحكم في هذا؟ وهل تقبل صلاة من يسمع النداء ولم يذهب إلى المسجد (2)
ج: صلاة الجماعة فريضة، والواجب على من سمع النداء أن يجيب المؤذن، وليس له أن يصلي وحده، ولا في البيت ولو جماعة في البيت، ليس لهم ذلك، بل الواجب أن يصلوا مع المسلمين في مساجدهم، في بيوت الله عز وجل، كما قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (3) » وسأله عليه الصلاة والسلام رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة
__________
(1) سورة البقرة الآية 43
(2) السؤال السابع من الشريط رقم (102) .
(3) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/115)
والسلام: " فهل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم، قال: " فأجب (1) » أخرجه مسلم في صحيحه. وفي الرواية الأخرى: «لا أجد لك من رخصة (2) » وثبت في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام «أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم (3) » فدل ذلك على أن أداءها بالمساجد مع المسلمين أمر مفترض، وليس له أن يصلي وحده ولا في بيته، بل عليه أن يشارك إخوانه المسلمين، ويجيب المنادي، ومن ترك ذلك فقد أشبه المنافقين في هذا العمل. قد اختلف العلماء رحمة الله عليهم، في: هل تصح صلاته؟ على قولين: فالأكثرون على أنها تصح مع الإثم. وقال بعض أهل العلم: إنها لا تصح؛ لكونه يصلي وحده، ويدع الجماعة. فالواجب على المؤمن أن يحذر التخلف، وأن يصلي مع إخوانه المسلمين، وأن يبتعد عن مشابهة المنافقين. والله المستعان.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الخصومات، باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة برقم (2420) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضل صلاة الجماعة برقم (651) واللفظ له.(11/116)
53- حكم الصلاة مع الجماعة
س: هل الصلاة مع الجماعة واجبة، أم أنها سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها؟ فكثير من الرجال يحتجون بأن الصلاة مع الجماعة أفضل منها(11/116)
في البيت بسبع وعشرين درجة، ولكنهم لم يأثموا لو صلوها في البيت، فماذا ترون يا سماحة الشيخ (1) ؟
ج: الصلاة مع الجماعة واجبة مع الفضل المذكور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » وجاءه رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم. قال: " فأجب (3) » وقال صلى الله عليه وسلم: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (4) » ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (5) » فكون صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (430) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654) .(11/117)
لا يقتضي جواز الصلاة في البيت، هي أفضل ومع ذلك فهي واجبة في الجماعة، ولا يجوز فعلها إلا من عذر كالمرض.(11/118)
س: ما حكم صلاة الجماعة في المسجد، وعقاب من يتخلف عن الجماعة في المسجد (1)
ج: الجماعة في المسجد متعينة في أصح قولي العلماء، وليس للناس أن يصلوا في بيوتهم، بل يجب عليهم أن يصلوا في المساجد، وأن يجتمعوا على ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس في مسجده، ويقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2) » وهو مفسر لقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (3) ، ولأنه عليه الصلاة والسلام أمر بالإجابة للمؤذن، وقال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (4) » ولما استأذنه رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: " هل تسمع النداء
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (184) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631) .
(3) سورة البقرة الآية 43
(4) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/118)
بالصلاة "؟ قال: نعم، قال: " فأجب (1) » رواه مسلم في الصحيح. وفي رواية أخرى قال: «لا أجد لك رخصة (2) » فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة، فمن باب أولى أن يكون الصحيح السليم البصر ليس له رخصة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792) .(11/119)
54 – عقوبة من يتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد
س: ما عقاب من يتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد (1)
ج: يستحق أن يعزر ويؤدب من جهة ولي الأمر، أو من جهة الحسبة التي عنيت بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو من جهة المحكمة إذا كان تخلفه بدون عذر للتساهل؛ لأنه ترك واجبا تشبه بأهل النفاق، فالواجب أن يؤدب، وإذا رأى ولي الأمر أن يكتفي بتوبيخه في المرة الأولى حتى لا يعود، فإن عاد فهو يستحق التأديب بجلدات، أو سجن حتى لا يعود، وهذا العمل متوعد بما يتوعد به أهل المعاصي؛ لأنه متشبه بأهل النفاق، نسأل الله العافية والسلامة.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (184) .(11/119)
55 - بيان ما يشرع من الذكر عند الخروج إلى الصلاة
س: ماذا يقول المسلم إذا خرج من بيته للصلاة في المسجد (1)
ج: يشرع له أن يقول: «باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله (2) » «اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي (3) » هكذا جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويستحب للخارج إلى المسجد أو إلى غير المسجد , كالسوق أو غيره أن يقول هذا عند خروجه من بيته إلى السوق، أو إلى زيارة أحد إخوانه، أو إلى المسجد يقول: «باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي (4) » ، ويستحب أيضا أن يقول في قصده للمسجد مع هذا يقول: «اللهم
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (110) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته، برقم (5095) والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء ما يقول إذا خرج من بيته برقم (3426) ، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الضلال، برقم (5486) وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب ما يدعو به الرجل إذا خرج من بيته، برقم (3885) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - برقم (26076) وأبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته برقم (5094) واللفظ له، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3427) ، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الضلال، برقم (5486) ، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب ما يدعو به إذا خرج من بيته، برقم (3884) .
(4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - برقم (26076) وأبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته برقم (5094) واللفظ له، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3427) ، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الضلال، برقم (5486) ، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب ما يدعو به إذا خرج من بيته، برقم (3884) .(11/120)
اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، وفي لساني نورا، وفي شعري نورا، وفي بشري نورا، وفي عظمي نورا، وفي لحمي نورا، وفي دمي نورا، اللهم اجعل أمامي نورا، وخلفي نورا، وعن يميني نورا، وعن شمالي نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، اللهم أعطني نورا، وزدني نورا، وأعظم لي نورا (1) » كل هذا جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه، وهذا الدعاء الأخير رواه البخاري في الصحيح، وهو دعاء عظيم عند قصد العبد الصلاة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب الدعاء إذا انتبه بالليل برقم (6316) بلفظ '' اللهم اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا وعن يميني نورا وعن يساري نورا وفوقي نورا وتحتي نورا وأمامي نورا وخلفي نورا واجعل لي نورا، قال كريب وسبع في التابوت فلقيت رجلا من ولد العباس فحدثني بهن فذكر عصبي ولحمي ودمي وشعري وبشري وذكر خصلتين ''، وأخرجه مسلم كذلك مع اختلاف في الألفاظ في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامها برقم (763) .(11/121)
56 - حكم التهاون في أداء صلاة الجماعة
س: هل صحيح أن عدم ذهاب الرجل للصلاة مع الجماعة سبب في نزع البركة من حاله وماله؟ وما الدليل على ذلك (1)
ج: لا ريب أن الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الواجبات
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (77) .(11/121)
والفرائض بعد الشهادتين، وقد دل على ذلك آيات كثيرة وأحاديث صحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فمن ذلك قوله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (1) ، وقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2) ، وقوله سبحانه: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (3) ، وقوله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (4) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (5) إلى أن قال: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (6) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (7) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (8) ، وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (9) ، فجعلها قرينة التوحيد قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} (10)
__________
(1) سورة البقرة الآية 238
(2) سورة البقرة الآية 43
(3) سورة العنكبوت الآية 45
(4) سورة المؤمنون الآية 1
(5) سورة المؤمنون الآية 2
(6) سورة المؤمنون الآية 9
(7) سورة المؤمنون الآية 10
(8) سورة المؤمنون الآية 11
(9) سورة البينة الآية 5
(10) سورة البينة الآية 5(11/122)
هذا هو التوحيد، هذا هو معنى: (لا إله إلا الله) ، ثم قال بعده {وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} (1) وقال سبحانه: {فَإِنْ تَابُوا} (2) يعني: من الشرك {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (3) ، فدل على عظمتها وأنها قرينة التوحيد، قال سبحانه {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (4) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس؛ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله (5) » ومن أهم واجباتها وأعظم واجباتها أداؤها في الجماعة في حق الرجل، حتى أوجبها الرب سبحانه في حال الخوف، قال جل وعلا
__________
(1) سورة البينة الآية 5
(2) سورة التوبة الآية 5
(3) سورة التوبة الآية 5
(4) سورة التوبة الآية 11
(5) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) ، حديث رقم (25) ومسلم في كتاب الإيمان باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. .، برقم (22) .(11/123)
{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} (1) الآية.
فأوجب صلاة الجماعة في حال الخوف وفي حال مصافة المسلمين لعدوهم الكافر، فأمرهم أن يصلوا جماعة، وأن يحملوا السلاح لئلا يحمل عليهم العدو، وقال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » وأتاه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال المصطفى عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم، قال: " فأجب (3) » خرجه مسلم في صحيحه. فهذا رجل أعمى لم يأذن له النبي صلى الله عليه وسلم في التخلف عن الجماعة، وفي اللفظ الآخر: قال: «لا أجد لك رخصة (4) » فصرح أنه ليس له رخصة وهو أعمى،
__________
(1) سورة النساء الآية 102
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792) .(11/124)
ليس له قائد يلائمه، يعني: يحافظ على الذهاب معه. فإذا كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يعتني به ويحافظ عليه ليس له رخصة، بل عليه أن يذهب ويتحرى ويجتهد حتى يصل المسجد فكيف بحال القوي المعافى؟ فالأمر في حقه أعظم وأكبر، ثم التخلف عن صلاة الجماعة من أعظم الوسائل في التهاون بها، وتركها بعد ذلك؛ فإنه اليوم يتخلف وغدا يترك، ويضيع الوقت؛ لأن قلة اهتمامه بها جعلته يتخلف عن أدائها في الجماعة، وفي المساجد التي هي بيوت الله، التي قال عنها سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (1) ، وهي المساجد، وهذا أمر مجرب، فإن الذين يتخلفون عن الجماعة يسهل عليهم ترك الصلاة بأدنى عذر وبأقل سبب، ثم بعد ذلك يتركونها بالكلية؛ لقلة وقعها في صدورهم، ولقلة عظمتها في قلوبهم، فيتركونها بعد ذلك، فترك الصلاة في الجماعة وسيلة قريبة وذريعة معلومة إلى تركها بالكلية، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » خرجه الإمام أحمد في المسند، وأبو داود والترمذي والنسائي
__________
(1) سورة النور الآية 36
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) والنسائي في كتاب الصلاة باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(11/125)
وابن ماجه بإسناد صحيح، عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وخرج مسلم في الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » وهذا يدل على أنه كفر أكبر، هذا الكفر والشرك، فأتى بالكفر المعرف والشرك المعرف، وهذا الذي عليه أن المراد به كفر أكبر، ويمكن أن بعض أهل العلم رأى أنه كفر دون كفر إذا كان غير جاحد لوجوبها، بل يعلم أنها واجبة ولكن تساهل، وقد ذهب جمع كبير من أهل العلم وحكى بعضهم قول الأكثرين: إنه كفر دون كفر، وإنه لا يكفر كفرا أكبر. لكن الصحيح الذي قامت عليه الأدلة أنه كفر أكبر، وهو ظاهر إجماع الصحابة قبل من خالفهم بعد ذلك، وقد حكى عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل الثقة «عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة (2) » فعندهم الصلاة تركها كفر، ومرادهم كفر أكبر؛ لأن هناك أشياء عملها كفر، لكن ليس هو كفرا أكبر، مثل الطعن في الأنساب والنياحة على الأموات، سماها النبي كفرا، والصحابة يسمونها كفرا، لكنها كفرا أصغر، فلما أخبر عنهم أنه لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2622) .(11/126)
علم أنهم أرادوا بذلك الكفر الأكبر، كما جاء به الحديث.
وأما كون هذه المعصية تسبب محق البركة، وتسبب أيضا شرا كثيرا عليه في بدنه وفي تصرفاته هذا لا يستغرب، فإن المعاصي لها شؤم كثير، ولها عواقب وخيمة في نفس الإنسان، وفي قلبه، وفي تصرفاته، وفي رزقه، فلا يستغرب هذا، فقد دلت الأدلة على أن المعاصي لها عواقب وخيمة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن العبد ليحرم الرزق بذنب يصيبه (1) » ومعلوم أن المعاصي تسبب الجدب في الأرض، ومنع المطر، وحصول الشدة، وهذا كله من أسبابه المعاصي كما قال عز وجل {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (2) ، وقال سبحانه {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (3) ، هذا أمر معلوم بالنصوص وبالواقع، فجدير بالمؤمن أن يحذر مغبة المعاصي وشرها، وأن يتباعد عنها، وأن يحرص على أداء ما أوجب الله عليه، وعلى المسارعة إلى
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث ثوبان رضي الله عنه، برقم (21907) وابن ماجه في كتاب الفتن، باب العقوبات، برقم (4022) .
(2) سورة الشورى الآية 30
(3) سورة النساء الآية 79(11/127)
الطاعات، فهي خير في الدنيا والآخرة، والمعاصي شر في الدنيا والآخرة، رزق الله الجميع العافية والسلامة.(11/128)
57 - حكم من ترك الصلاة في المسجد لكراهة أحد المصلين
س: من يترك الصلاة في المسجد لكي لا يرى من لا يحب، ما رأيكم (1) ؟
ج: هذا ليس بعذر، بل يجب عليه أن يصلي في المساجد مع المسلمين وإن رأى من لا يحب، الأمر في هذا واسع وما يضره، عليه أن يجيب الله ورسوله، فيفعل ما أمر الله به ورسوله وإن رأى بعض الناس الذين لا يحبهم، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » خرجه ابن ماجه والدارقطني والحاكم وجماعة بإسناد جيد، وقال عليه الصلاة والسلام لما سأله ابن أم مكتوم رضي الله عنه، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم،
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (75) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/128)
قال: فأجب (1) » رواه مسلم في الصحيح، هذا أعمى ليس له قائد يلائمه، فقال له: أجب، وفي اللفظ الآخر يقول صلى الله عليه وسلم «لا أجد لك رخصة (2) » فإذا كان أعمى لا يجد له رخصة، ليس له قائد يلائمه فكيف بحال الرجل الصحيح السليم المعافى البصير.
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا يؤم الناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم (3) » هذا يدل على عظم الأمر. وفي مسند أحمد قال: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (4) »
فالحاصل أن الأدلة واضحة قائمة على وجوب الصلاة في الجماعة في المساجد، وليس لمن تأخر عنها؛ لئلا يرى بعض الناس الذين لا يحبهم، ليس لهم عذر في ذلك، بل عليه أن يتقي الله ويراقب
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578) .
(4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578) .(11/129)
الله، ويصلي مع المسلمين ولو رأى من لا يحب.(11/130)
58 - حكم الصلاة في مصلى العمل مع وجود مسجد بالجوار
س: في موقع العمل لدينا مكان خاص للصلاة، نصلي به صلاة الظهر، ويوجد بجوارنا مسجد، فهل تجوز لنا الصلاة في مسجد إدارتنا، أم لا بد أن نصلي في المسجد الذي بجوارنا (1)
ج: الواجب عليكم الصلاة في المسجد الذي بجواركم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » وقد جاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (3) » وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام «أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم (4) » ، يعني لتخلفهم عن صلاة الجماعة في المسجد، فالواجب على المؤمن، وعلى جميع المؤمنين الصلاة في المساجد إذا كانت قريبة منهم، أما إذا كانت بعيدة لا يسمعون صوت
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (335) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(4) صحيح البخاري الأذان (644) ، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (651) ، سنن الترمذي الصلاة (217) ، سنن النسائي الإمامة (848) .(11/130)
المنادي، صوت المؤذن في الأوقات المناسبة الهادئة فإنهم لا تلزمهم الصلاة في المسجد البعيد، يصلون في محلهم لا بأس، أما صوت المكبر فيسمع من بعيد، لكن إذا كان المسجد قريبا إذا أذن المؤذن في الأوقات المعتادة، وسمعوه فإنه يلزمهم أن يصلوا فيه، ويخرجوا إليه.(11/131)
59 - حكم اتخاذ مصلى بسبب بعد المسجد
س: إننا نبعد عن مسجد القرية، ولكننا نصلي جماعة في مكان اتخذناه مصلى لنا، فهل علينا شيء في عدم الذهاب إلى المسجد (1)
ج: إذا كنتم تسمعون النداء بالصوت المجرد من دون مكبر؛ لقربه منكم فإنه يلزمكم الذهاب والصلاة معهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (3) »
فالواجب عليكم أن تصلوا مع الجماعة في المسجد إذا كنتم تسمعون
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (149) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/131)
النداء، وتستطيعون الذهاب إليه، أما إذا كان بعيدا منكم، يشق عليكم الذهاب إليه لبعده، أو لأن أهل محلكم مرضى أو عاجزون لكبر السن ونحو ذلك: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) ، الحاصل أن الواجب عليكم الصلاة مع الجماعة، ما دام تسمعون النداء العادي عند هدوء الأصوات تسمعون النداء، فعليكم السعي، أما إذا كان بعيدا عنكم عرفا يشق عليكم السعي إليه، ولا تسمعون النداء فلا مانع أن تصلوا في محلكم، ولا حرج في ذلك.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(11/132)
60 - بيان حكم حديث: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد»
س: يحصل أحيانا أن نبتعد عن المسجد لبعض المناسبات، فهل لنا أن نؤذن ونقيم، ونصلي حيث نحن، أم لا بد من الصلاة في المسجد؟ حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد (1) » (2)
ج: الحديث هذا ضعيف، ولكن روي عنه أحاديث صحيحة، مثل
__________
(1) أخرجه الحاكم في المستدرك ج 1\373 في باب التأمين، برقم (898) والدارقطني في سننه، باب الحث لجار المسجد على الصلاة فيه إلا من عذر، برقم (41 ج- 1\499) والبيهقي في سننه موقوفا على علي رضي الله عنه، باب ما جاء من التشديد في ترك الجماعة، برقم (4721) .
(2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (294) .(11/132)
قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» ، قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1) » ومثل قوله صلى الله عليه وسلم للأعمى لما سأله، قال: «ليس لي قائد يقودني للمسجد؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة» ؟ قال: نعم، قال: «فأجب (2) » فالصلاة للجماعة في المساجد أمر واجب إلا من عذر شرعي، فإذا كنتم في محل تسمعون النداء وجب عليكم أن تصلوا مع الناس، فإذا كنتم بعيدين لا تسمعون النداء العادي بالصوت العادي غير المكبر فلا حرج عليكم أن تصلوا في محلكم جماعة لبعدكم؛ لأن صوت المكبر قد يسمع من بعيد، فإذا كان بالإمكان حضوركم، والصلاة مع الجماعة لقرب المسافة وجب عليكم أن تحضروا في المسجد، أما إن كانت المسافة بعيدة، قد تذهبون تفوتكم الصلاة لبعد المسافة، حيث لا تسمعون النداء لو كان النداء بغير مكبر لبعد المسافة فلا حرج عليكم أن تصلوا جماعة.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/133)
61 - حكم الصلاة في مسجد لا يؤذن فيه
س: مسجد يصلى فيه جميع الأوقات ولا يؤذن فيه، هل تجوز الصلاة فيه أم لا (1)
ج: نعم، تجوز الصلاة فيه، والواجب أن يؤذن أحدهم، يجب أن يعلموا حتى يؤذن أحدهم، والصلاة فيه جائزة إذا كان ما هناك مسجد آخر يغني عنه، إذا كانوا محتاجين الصلاة فيه، أما إن كان عندهم مسجد آخر كفاهم، لكن إذا كان فيه حاجة لهذا المسجد يصلى في هذا، ويؤذن فيه أحدهم.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (369) .(11/134)
62 - وجوب بناء المساجد لأداء صلاة الجماعة
س: في قريتنا لا يوجد مسجد لأداء الصلوات في الجماعة، ولكننا نقوم لأداء صلاة المغرب والعشاء في الجماعة بالقرب من مساكننا، فهل يجوز ذلك (1)
ج: نعم، هذا الواجب عليكم، تصلون جماعة في منزل أحدكم، أو في قرب منازلكم، حتى يتيسر مكان لكم للصلاة، والواجب عليكم أن تتعاونوا في إيجاد مسجد ولو بالشراء، شراء الأرض للتعمير، بناء المساجد واجب على المسلمين، فالواجب عليكم إذا كان ما عندكم مسجد قريب أن تعمروا مسجدا على حساب أنفسكم، أو بأيديكم في
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (220) .(11/134)
المكان المناسب المتوسط بينكم، وإذا استعنتم بالله ثم ببعض إخوانكم الأثرياء فلا حرج في ذلك، أما تساهلكم هذا فلا يجوز، لكن ما دام المسجد لم يقم تصلون جميعا في أي بقعة من الأرض تناسبكم، تجتمعون فيها أو في بيت أحدكم، إذا لم يتيسر مكان مناسب - والحمد لله - حتى يقام المسجد.(11/135)
63 - حكم الذهاب إلى المسجد قبل الأذان
س: رسالة من البحرين مرسلها: أ. ح. ر. يقول: هل الأفضل أن يؤذن المؤذن للصلاة وأنا في المسجد منتظرا للصلاة، أم أنتظر الأذان في بيتي لأصلي النوافل في بيتي وأذهب للمسجد بعد ذلك لأداء الصلاة جماعة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: كل ذلك خير، إن ذهبت للمسجد قبل الأذان فلا بأس، وإن جلست في بيتك حتى يؤذن المؤذن ثم تتوجه إلى المسجد كله طيب، لكن يجب عليك عندما يؤذن حين سمعت: (حي على الصلاة) المبادرة والإسراع إلى الصلاة، أما قبل ذلك فأنت مخير، إن رأيت مصلحة التوجه حذرا من العوائق التي تعوق عن الصلاة فهذا من الحيطة، ومن المشروع أيضا، وإن كان هناك أسباب تقتضي التأخر، وهي أصلح في حقك في أعمال تنفعك، أو في أعمال بيتك تنفعك، أو
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (314) .(11/135)
تنفع أهل بيتك فلا بأس، فإذا أذن المؤذن فبادر وسارع إلى المسجد، وأبشر بالخير العظيم، المقصود أن التقدم قبل الأذان هذا فيه تفصيل، إن كانت هناك مصلحة التقدم قبل الأذان فبادر بذلك لتحقيق المصلحة، كالخوف أن يمنعك أحد للتقدم للمسجد، أو يعوقك عائق للخروج بعد الأذان للمسجد، أو أسباب أخرى تخشى منها، أما إذا ما كان هناك أسباب فالمشروع لك أن تبادر إذا سمعت الأذان تبادر للصلاة، وفي بيتك تعمل ما ينفعك وينفع أهلك.
وإجابة النداء بالذهاب إلى المصلى والتبكير يدخل في الأفضلية أيضا، وهذا من باب المسارعة إلى الصلاة والمسابقة إليها، مثل ما في قول-هـ ج-ل وع-لا: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (1) ، وقوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} (2) ، هذا من باب المسارعة للخيرات والمسابقة إليها، لكن «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول (3) » هذا مقصوده في النداء، يسعى للنداء، أما الصف الأول، المسارعة إلى الصلاة؛ حتى يكون في الصف الأول، يعني يبكر حتى يفوز بالصف
__________
(1) سورة آل عمران الآية 133
(2) سورة البقرة الآية 148
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب الاستهام في الأذان برقم (615) ومسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول برقم (437) .(11/136)
الأول، وأما إذا تأخر قد لا يحصل له إلا الصف الثاني أو الثالث، إذا كان المسجد كبيرا فيه ناس كثير، لكن ما يتعلق بالأذان معناه أنهم يتنافسون فيه حتى إن كل واحد يقول: دعوني أنا الذي أؤذن. وقد يحتاجون للقرعة.(11/137)
64 - وجوب نصيحة تارك الصلاة.
س: هذا السائل يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ حفظكم الله، كثير في هذه الأيام من يقوم بترك الصلاة، فما دور الأئمة والمؤذنين في تنبيه أولئك ونصيحتهم، وأمرهم بالصلاة مع الجماعة (1)
ج: الواجب على الأئمة والمؤذنين وأعيان الجماعة النصيحة لمن يعرف بالتخلف عن الصلاة، ينصحه جيرانه، ينصحه الإمام والمؤذن وأعيان الجماعة، المسلمون إخوة، الله سبحانه يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2) ، ويقول سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (3) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (4) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (5) ويقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (6)
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (430) .
(2) سورة المائدة الآية 2
(3) سورة العصر الآية 1
(4) سورة العصر الآية 2
(5) سورة العصر الآية 3
(6) سورة التوبة الآية 71(11/137)
هذا هو الواجب، ولو زاروه في البيت كل هذا من الواجبات والمهمات العظيمة، ولا يجوز الغفلة أبدا، بل يجب التناصح والتعاون على البر والتقوى، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» ، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (1) » ويقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه الصحابي الجليل: [ «بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم (2) » ] متفق على صحته.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين.، برقم (57) ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (56) .(11/138)
65 - حكم صلاة الفريضة في البيت
س: السائل أحد المستمعين يقول: ما حكم الصلاة في البيت، ولا سيما إذا كان المسجد بعيدا، وليس له وسيلة مواصلات؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصلاة في البيت صلاة الفريضة لا تجوز إذا كان يقدر على الصلاة في المسجد، يجب عليه أن يصلي مع الناس؛ لقول النبي صلى
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (63) .(11/138)
الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر. قالوا: ما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1) » ولقوله صلى الله عليه وسلم للأعمى لما سأله: هل يصلي في بيته؟ قال صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة» ؟ قال: نعم، قال: «فأجب (2) » ولأنه صلى الله عليه وسلم توعد بالنار من تخلف عن الصلاة في الجماعة، فالواجب على المكلف أن يحضر الصلاة في الجماعة مع المسلمين في المساجد، إلا إذا كان بعيدا عن المسجد لا يسمع النداء، فلا حرج عليه إذا كان بعيدا عنه المسجد، لا يسمع النداء فلا حرج يصلي في البيت، وإن صلى في المسجد ولو مع المشقة كان أفضل وأكثر ثوابا، ولكن لا يلزمك إذا كان بعيدا لا تسمع النداء بالصوت المعتاد لا بالمكبر، أما المكبر فقد يسمع من بعيد، وليس كل أحد يستطيع المشي إلى ما يسمع، فالحاصل أنه لا يلزمك السعي إلى المسجد إذا كان بعيدا لا تسمع النداء بالصوت المعتاد عند عدم الأصوات، ولكن إذا سعيت وصبرت على المشقة كان أفضل.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/139)
66 - حكم الصلاة في البيت من غير عذر
س: ما حكم الصلاة في البيت من غير عذر، اللهم إلا خوفا من أن يقال: بأنه ذهب إلى المسجد ليعرف الناس أنه يصلي (1)
ج: الواجب على المسلم أن يصلي في المسجد مع إخوانه المسلمين؛ امتثالا لقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2) ، وقوله عز وجل: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (3) {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} (4) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» ، قالوا: ما العذر؟ قال «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (5) » وكون الإنسان يخاف أن يقال: إنه ذهب يصلي ليقال: إنه يصلي. هذا ليس بعذر والحمد لله، إذا مدحوه أنه يصلي هذا خير له ولا يضره ذلك، بل هو منقبة له أنه يصلي مع المسلمين، وخلق كريم،
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (211) .
(2) سورة البقرة الآية 43
(3) سورة النور الآية 36
(4) سورة النور الآية 37
(5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .(11/140)
فلا ينبغي أن يمنعه ذلك من الذهاب إلى المسجد، ولو اتهمه بعض الناس بالرياء لا يضره ذلك، إثمهم عليهم، عليه إخلاص النية لله، وأن يذهب إلى المساجد طاعة لله ولرسوله، ولا يضره قول الناس: إنه مراء، أو إنه أراد كذا وكذا، لا يضره، عليه أن يعامل ربه بالإخلاص، وأن يتابع رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يضره بعد ذلك ما يقول الناس من تهمته بالرياء أو غيره.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1) » هذا أعمى ليس له قائد يقوده إلى المسجد، ومع هذا يقال له: أجب، فكيف بحال البصير القادر، فالواجب عليه أعظم، فاتق الله وحافظ على الصلاة في الجماعة ولا تبال بقول الناس، وفقك الله للحق وإيانا والمسلمين.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/141)
67 - حكم الصلاة في البيت مع قرب المسجد
س: الأخ: ح. م. م. من العراق، يقول: هل تجوز الصلاة في البيت؟ علما بأن المسجد ليس ببعيد عن بيتي، ولكني أذهب لصلوات(11/141)
الجمعة وأصلي التراويح، وأذهب بعض الأوقات، فهل صلاتي صحيحة (1)
ج: لا يجوز للمسلم أن يصلي في البيت وهو قادر على المسجد ويسمع النداء، بل عليه أن يجيب ويصلي مع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي ولم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له المصطفى عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3) » وفي رواية: قال: «لا أجد لك رخصة (4) » فإذا كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة، فكيف بالصحيح البصير؟ المقصود أن الواجب على المسلمين من الرجال الصلاة في المساجد، وعدم الصلاة في البيوت. واختلف العلماء هل تصح أم لا تصح إذا صلى في البيت؟ فالأكثرون
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (193) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792) .(11/142)
على أنها تصح مع الإثم، وقال آخرون: لا تصح؛ لأن من شرطها أن تؤدى في الجماعة مع القدرة.
فالواجب عليك يا أخي أن تحرص على أدائها في الجماعة في بيوت الله عز وجل، وأن تحذر التساهل بذلك. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم (1) وما ذاك إلا لشدة الجريمة. فاحمد الله يا أخي على ما أعطاك من العافية، وبادر وسارع إلى أداء الصلاة في الجماعة ما دام المسجد قريبا تسمع النداء، لو كان النداء بالصوت العالي لا بالمكبر فإنه يلزمك الحضور، أما بالمكبر فإن المكبر يسمع من بعيد، إذا كان بعيدا عنك يشق عليك الحضور، وربما فاتت الصلاة إذا خرجت بعد الأذان، وربما فاتت الصلاة لبعده فلا يلزمك، بل تصلي أنت وجيرانك في محل آخر، حتى يبنى لكم مسجد، أما ما دمت تسمع النداء فالواجب عليك أن تذهب إليه، وإذا كان السماع بالمكبر واستطعت أن تذهب فهذا خير عظيم، وإن شق عليك ذلك جاز لك أن تصلي وحدك، حتى يتيسر لك جماعة أو مسجد قريب؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، والنبي
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578) .
(2) سورة التغابن الآية 16(11/143)
صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع النداء (1) » وأنت لا تسمع النداء لولا المكبر، أما إذا كنت تسمعه لو كان هناك نداء بدون مكبر، تسمعه لقربه فإنه يلزمك الصلاة مع إخوانك.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/144)
68 - وجوب صلاة الجماعة وفضلها
س: هل تصح الصلاة في المنزل إذا سمعت الأذان في المسجد ولم أذهب إلى المسجد، أم لا بد أن تكون الصلاة في المساجد (1)
ج: الواجب أن تؤدي الصلاة في المساجد مع إخوانك المسلمين؛ لأن الرسول قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3) » هذا أعمى ليس له قائد يلائمه، ومع هذا أمره النبي بالإجابة ولم يرخص له، فكيف بحال القادر البصير؟ فاتق الله أيها
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (220) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/144)
السائل، واحذر من التساهل ومشابهة أهل النفاق.
وقد اختلف العلماء هل تصح في البيت؟ على قولين: أحدها: أنها تصح مع الإثم. وهذا هو الصواب، تصح مع الإثم. والثاني: أنها لا تصح، وأن عليه أن يصلي في الجماعة، ولا تصح صلاة بدون جماعة. ولكن القول الأول أصح، أنها تصح، ولكن بإثم وعليه التوبة إلى الله، وأن يستقيم على أدائها في الجماعة، والله المستعان.(11/145)
69 - حكم ترك صلاة الجماعة
س: سائل يقول: لي أخ لا ينشط كثيرا لصلاة الجماعة، بل يصلي في البيت منفردا، بماذا تنصحوني تجاهه؟ وقد أديت له النصح أكثر من مرة (1)
ج: الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي في الجماعة؛ لأن الصلاة في الجماعة في بيوت الله أمر لازم، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم. وقد دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » وفي صحيح مسلم عن
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (210) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .(11/145)
النبي صلى الله عليه وسلم أنه استأذن رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1) » ولم يأذن له في ترك الصلاة في المسجد وهو أعمى، ليس له قائد يقوده، فكيف بحال البصير القوي القادر؟ أمره أشد وأخطر، فالواجب على كل مؤمن أن يصلي في الجماعة، وأن يتقي الله ويبادر، وعليك أيها السائل أن تنصحه دائما، وأن تجتهد في توجيهه إلى الخير وتحذيره من مشابهة المنافقين، لعل الله يهديه بأسبابك فيكون لك مثل أجره، ولا تمل ولا تيأس واستعن على ذلك بغيرك، كأبيك وإخوانك الآخرين، وبعض جيرانك حتى ينصحوه حتى يعينوك عليه. نسأل الله لنا ولكم وله الهداية.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/146)
70 - حكم من يصلون في البيت مع سماع الأذان
س: يوجد كثير من الناس يسمعون النداء للصلاة، فلا يصلون في المسجد ويصلون في بيوتهم، وليس لهم أي عذر شرعي، فهل صلاتهم صحيحة (1)
ج: هذا الذي يفعله بعض الناس من الصلاة في البيت، مع سماعهم
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (137) .(11/146)
النداء هذا منكر في أصح قولي العلماء، لا يجوز لهم الصلاة في البيت مع سماع النداء وقرب المسجد، بل الواجب على كل مسلم ذكر أن يصلي في المسجد إذا استطاع ذلك، ولم يمنعه مرض ولا خوف؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان هو وأصحابه رضي الله عنهم يصلون في المسجد ويقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1) » عليه الصلاة والسلام، ويقول: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » إذا كان مريضا لا يستطيع فهو معذور، أو يخاف؛ لأن البلد غير آمنة، أو لأنه يراقب لقتله أو ضربه فهو معذور، ويقول صلى الله عليه وسلم لعبد الله ابن أم مكتوم لما استأذن في الصلاة، وكان رجلا أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء للصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3) » أخرجه مسلم في صحيحه، فإذا كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له عذر فكيف بالمعافى البصير غير المعذور؟ والمقصود أن الواجب على الرجال أن يصلوا في المساجد مع الجماعة، وأن يحذروا طاعة الشيطان في الصلاة في البيت.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/147)
وقد دل القرآن العظيم والسنة المطهرة على أن هذا العمل من أعمال المنافقين؛ لأنهم ليس عندهم حسبة، وليس عندهم إيمان، فالمقصود أنه من عمل المنافقين؛ ولهذا يقول سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (1) ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها – يعني في المسجد - إلا منافق معلوم النفاق (2) » فالواجب على المؤمن أن يتقي الله، وأن يبادر بالصلاة في المسجد، وأن يحذر مشابهة المنافقين في ترك الصلاة في المساجد، وليس هذا خاصا بوقت دون وقت، بل في جميع الأوقات: الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء. يجب على الرجال جميعا أن يصلوا في المساجد، وأن يحذروا غضب الله وعقابه، وأن يبتعدوا عن مشابهة أهل النفاق. ومن المصائب العظيمة أن كثيرا من الناس الآن لا يبالي بهذا الأمر، وهذا وسيلة إلى ترك الصلاة بالكلية، فإنه متى تخلف عنها في الجماعة وصلى في البيت تمادى به الهوى والشر والكسل حتى يدعها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، كيف يرضى المؤمن لنفسه بأن يشابه
__________
(1) سورة النساء الآية 142
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654) .(11/148)
النساء؟ فيصلي في البيت، أو يتشبه بالمرضى العاجزين، والله قد عافاه وأنعم عليه، فالواجب البدار والمسارعة إلى الصلاة في المسجد، وأن يخاف الله ويراقبه سبحانه وتعالى، وألا يتشبه بالنساء والمرضى والمنافقين. نسأل الله السلامة.(11/149)
س: يقول السائل: أنا - والحمد لله - أحب أن أصلي الصلاة في وقتها، وإذا أذن المؤذن قد لا أتمكن من الذهاب إلى المسجد لأمر ما، فهل أصلي بعد فراغ المؤذن، أم أنتظر حتى تقام الصلاة (1)
ج: الواجب عليك الذهاب إلى المسجد إذا كنت سليما، أما إذا كان هناك علة لمرض، أو لأنك ممنوع من الخروج من بيتك كالسجين وما أشبه ذلك فإنك تصلي بعد الأذان، وليس لك تعلق بالإمامة والإقامة، تصلي إذا دخل الوقت سواء قبل الناس أو بعد الناس، لست مربوطا بإقامة الصلاة، بل تصلي قبله أو بعده إذا كنت عاجزا عن الذهاب للمسجد لمرض أو نحوه، أما إذا كنت قادرا فالواجب عليك أن تجيب المؤذن، أن تصلي مع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » ولأنه صلى الله عليه
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (244) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/149)
وسلم لما جاءه رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ أجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1) » رواه مسلم في صحيحه، وفي رواية أخرى لغير مسلم: «لا أجد لك رخصة (2) » فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة فكيف بغيره؟ فالواجب عليك يا أخي أن تحرص على الصلاة في الجماعة، وإذا كنت معذورا عذرا شرعيا فأنت بحمد الله تصلي قبلهم، أو بعدهم لا حرج عليك.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792) .(11/150)
71 - حكم تأخير صلاة العشاء
س: الأخ: إ. م. ح، من السودان، يقول: إنني أؤخر صلاة العشاء في أكثر الأوقات. ولكن أصليها قبل أن يخرج الوقت: فهل علي إثم؟ (1)
ج: الواجب عليك يا أخي أن تصلي مع الجماعة مع المسلمين، في بيوت الله في المساجد، وليس لك أن تصلي في البيت، بل الواجب عليك أن تخرج إلى المسجد كما فعل المسلمون مع نبيهم صلى الله
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (272) .(11/150)
عليه وسلم، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1) » وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (2) » فلم يرخص له وهو أعمى ليس له قائد يقوده، فكيف بالبصير القوي؟ فالأمر عليه أعظم، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (3) » هذا وعيد عظيم يدل على أن الحضور في المساجد والصلاة مع الناس أمر واجب. قال ابن مسعود رضي الله عنه في الحديث الصحيح: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق - يعني: الجماعة - ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف (4) »
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654) .(11/151)
لكن من فاتته مع الجماعة يصلي في الوقت، لا بد أن يصليها في الوقت، أو كنت مريضا عليك أن تصلي في الوقت، أو سجينا عليك أن تصلي في الوقت, العشاء أو غير العشاء، لا بد أن تصلي في الوقت، ليس لك أن تقدمها، وليس لك أن تؤخرها، بل يجب وجوبا أن تصليها في الوقت، وفي أوله أفضل.(11/152)
72 – حكم تأخير الصلاة بدون عذر
س: هل علي إثم في تأخير صلاة العشاء بدون عذر؟ (1)
ج: إذا كنت صحيحا فالواجب عليك أن تصلي مع الناس في المسجد، هذا هو الواجب عليك؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » فيجب عليك أن تصلي مع الناس، ولا يجوز لك التأخير ولا الصلاة في البيت مطلقا، أما إن كنت مريضا فلك أن تؤخر قبل نصف الليل، لا تؤخر بعد نصف الليل، صلها عندما ينتصف الليل أو ما يقارب هذا لا بأس، وهذا أفضل إذا كان ما فيه مشقة، ولكن ليس لك أن تؤخر بعد نصف الليل، هذا لو كنت مريضا معذورا، وأما إذا كنت قادرا فإنك تصلي مع الناس في المسجد، ولا يجوز لك التأخير.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (336) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/152)
73 - حكم الصلاة في البيت مع سماع النداء
س: هل يمكن أن أصلي في البيت؟ مع العلم أنني صحيح وقادر، ومع العلم أنني أسمع النداء وأسمع الإقامة، أفيدوني بذلك (1)
ج: لا يجوز لك أن تصلي في البيت، يجب أن تصلي مع الناس، من سمع النداء وجب عليه أن يصلي مع الجماعة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ - وهو أعمى - فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3) » أعمى ليس له قائد يقال له: أجب. ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (4) »
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (369) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654) .(11/153)
فالواجب على المسلم القادر أن يصلي مع الجماعة، ما دام يستطيع يسمع النداء في محله حيث يسمع النداء يلزمه، أما إذا كان بعيدا يشق عليه، ما يسمع النداء وهو بعيد فإنه يصلي في محله مع جماعته.(11/154)
74 - حكم من استيقظ من النوم ولم يدرك الصلاة في المسجد
س: هل واجب علي إذا سمعت أذان صلاة الفجر عندما أستيقظ من النوم، لم ألحق بالصلاة إلا نادرا فهل يجب علي عندما أعلم أنني لم ألحق بالجماعة، أن أصلي في البيت، أم ألحق بالمسجد كيفما كان الحال (1)
ج: الواجب عليك السعي إلى المسجد، والبدار بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3) »
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (266) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/154)
فأنت عليك أن تجيب وتبادر، وإذا كانوا يبكرون بادر، تأهب للصلاة قبل الأذان؛ حتى تدركها مع إخوانك، ما دام تسمع النداء والمسجد قريب فعليك أن تبادر وأن تصلي مع إخوانك، وتحذر الكسل.(11/155)
75 - حكم من لا يصلي في المسجد وهو جار المسجد
س: رجل لا يصلي في المسجد علما بأنه جار المسجد، وهو رجل متدين ويصلي في المنزل مع أولاده، وحجة هذا الرجل أن الناس الذين يصلون في المسجد قلوبهم فيها حسد وبغض أو غيظ، فما حكم ذلك؟ وفقكم الله (1)
ج: هذا الرجل قد أتى منكرا؛ إن الصلاة في البيت لا تجوز، والواجب على المؤمن أن يصلي مع الناس في المساجد في الجماعة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » هذا وعيد شديد. وقال عليه الصلاة والسلام لرجل أعمى سأله، قال: «يا رسول الله، هل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3) »
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (1) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/155)
أخرجه مسلم في الصحيح، فإذا كان أعمى ليس له قائد يلائمه ويقال له: أجب. ويمنع من الصلاة في البيت فكيف بالصحيح القادر. وقد هم عليه الصلاة والسلام أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، ويروى عنه عليه السلام أنه قال: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (1) » فالخلاصة أن هذا لا يجوز له أن يصلي في البيت، بل عليه أن يصلي مع الجماعة، ولو كان هناك في الجماعة من زعم أن فيهم حسدا أو كذا، لا يمنع هذا أن يحضر معهم ويصلي معهم، وإذا علم إنسانا أن فيه شرا ينصحه ويوجهه إلى الخير، أما أن يتخلف عن الجماعة فهذا لا يجوز، الواجب عليه أن يحضر الجماعة. وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه في الحديث الصحيح: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة- إلا منافق معلوم النفاق (2) » هذا نوع من النفاق، التخلف عن صلاة الجماعة من غير عذر نوع من النفاق، كما قال عبد الله بن مسعود، فينبغي أن ينصح هذا ويوجه إلى الخير، ويحذر من عمله السيئ، وهو تخلفه في البيت عن صلاة الجماعة، والله المستعان.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654) .(11/156)
76 - حكم الصلاة في البيت لمن أصيب بحالة نفسية
س: من مكة المكرمة رسالة بعث بها المستمع: س. ع. يقول: أنا أبلغ من العمر ثلاثين عاما، ومتمتع بصحة جيدة والحمد لله، توفي والدي منذ ست عشرة سنة، وبسبب وفاته أصابتني حالة نفسية سيئة، اعتزلت الناس على أثرها، ولم أعد أخرج من المنزل أبدا، وأنا دائم المحافظة على الصلاة في وقتها، لكني أصلي في المنزل. وسؤالي: هل يجوز لي الصلاة في البيت، وحالتي الصحية ما ذكرت؟ وهل علي ذنب إذا صليت في البيت؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: يلزمك الصلاة مع المسلمين في المساجد إلا بعذر شرعي؛ كالمرض الذي يمنعك من الصلاة، وإلا فتذكر موت فلان أو موت فلان: أبيك أو غيره فلا يمنع، الواجب عليك أن تصلي مع المسلمين في المساجد، وإذا صار لك الدعاء لأبيك بالمغفرة والرحمة فالحمد لله، وعليك التوبة مما فعلت، التوبة إلى الله والندم.
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (345) .(11/157)
77 - بيان أدلة وجوب صلاة الجماعة
س: رجل قارب من العمر الثلاثين عاما، ويصلي في المنزل غالبا، إلا أنه يحضر الجماعة في بعض الأوقات وفي الجمعة، ولكن لا يبدو عليه الحرص على ملازمة الجماعة، ووالدته تلح عليه في لزوم(11/157)
الجماعة، وهناك من اقترح عليها أن تظهر غضبها عليه، وألا تجالسه لعله يرجع، ولكنها تخاف عليه وتقول: أنصحه. أريد توجيها مفصلا لهذا الرجل حول أدلة وجوب الجماعة، وما ينبغي للمسلم من طاعة الله وشكره على ما أنعم على الإنسان من نعم صالحة، ونعمة الصحة والشباب والعافية وسعة الرزق ولله الحمد. وما هو الحكم الشرعي في مجالسته ومؤاكلته، والحالة هذه؟ ونصيحة أخرى نرجو أن تتفضلوا بتوجيهها للأم، وتوصيتها بأي أسلوب تستعمله مع هذا الشاب لعله أن يرجع (1)
ج: لا ريب أن الصلاة في الجماعة مع المسلمين في بيوت الله من أهم الفرائض، ومن شعائر الإسلام، فالواجب على كل مكلف أن يعتني بذلك، وأن يبادر ويسارع إلى إقامة الصلاة مع الجماعة مع المسلمين، وأن يتباعد عن مشابهة أهل النفاق. قال ابن مسعود رضي الله عنه: «من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم - صلى الله عليه وسلم - سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (146) .(11/158)
وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل - يعني: من الصحابة - يؤتى به يهادى بين الرجلين - يعني: مريض أو كبير السن - حتى يقام في الصف (1) » وفي رواية: «ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم (2) » من شدة حرصهم على أداء الصلاة مع الجماعة رضي الله عنهم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (3) » يعني: خوف إذا خرج من بيته أن يقتل أو يسجن أو يضرب؛ لأن البلاد غير آمنة، أو مرض يمنعه من ذلك. وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» ، قال: نعم. قال: «فأجب» (4) » رواه مسلم في صحيحه، وفي الرواية الأخرى لغير مسلم: «لا أجد لك رخصة (5) » فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا يجد رخصة لأعمى ليس له قائد يلائمه أن يصلي في بيته، بل
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجماعة، برقم (550) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792) .(11/159)
عليه أن يصلي في المسجد مع الناس، فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة فكيف بحال الصحيح المعافى البصير؟ الأمر أعظم، وقد هم صلى الله عليه وسلم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، كما في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة - يعني: في المساجد - فأحرق عليهم بيوتهم (1) » هكذا يقول عليه الصلاة والسلام، وفي رواية لأحمد: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (2) » المقصود أن الصلاة في الجماعة في بيوت الله أمر مفترض، أمر لازم ومن شعار المسلمين وشعار أهل الحق، والتخلف عن ذلك في البيوت من شعار المنافقين، فلا ينبغي للمسلم أن يرضى بمشابهة أهل النفاق الذين قال الله فيهم سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3) {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} (4) ، ذكرهم سبحانه
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578) .
(3) سورة النساء الآية 142
(4) سورة النساء الآية 143(11/160)
بخمس؛ صفات المنافقين:
إحداها: أنهم يخادعون الله والذين آمنوا، ما عندهم نصيحة ولا أمانة، عندهم المكر والخديعة والكذب في معاملاتهم.
والثانية: أنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، ما عندهم نشاط لعدم إيمانهم، إنما هو رياء.
الثالثة: أنهم لا يذكرون الله إلا قليلا، تغلب عليهم الغفلة.
الرابعة: أنهم أهل رياء يراؤون الناس بأعمالهم، ليس عندهم إخلاص، الغالب عليهم في أعمالهم الرياء والسمعة وطلب المحمدة، وليس عندهم إخلاص لله سبحانه وتعالى.
والخامسة: أنهم مذبذبون، ليس عندهم ثبات، وليس عندهم هدف مستقيم، بل هم تارة مع المؤمنين، وتارة مع الكافرين، ليس عندهم قاعدة ولا دين ثابت، ولا إيمان صادق، بل إن ظهر المؤمنون ونصروا صاروا مع المؤمنين، وإن ظهر الكفار على المسلمين صاروا مع الكفار. هذه حال المنافقين، فكيف يرضى المؤمن أن يتشبه بهم في التخلف عن الصلاة مع الجماعة؟
والوالدة التي نصحت ولدها بأن يصلي مع الجماعة قد أحسنت، وهذا هو الواجب عليها، الواجب عليها أن تستمر في ذلك، وأن تنصحه(11/161)
دائما وتهجره إذا امتنع ولم يمتثل، تستعين عليه بالله، ثم بمن ترى من أقاربه كأبيه وأخيه الكبير وعمه ونحو ذلك، إذا كان له أقارب صالحون تستعين بهم، والحاصل أن من يعرف بالتخلف عن الجماعة يستحق الهجر ويستحق التأديب من ولاة الأمور؛ حتى يستقيم وحتى يحافظ على الصلاة في الجماعة، ثم من أعظم المصائب أن التخلف عنها في الجماعة من أعظم الأسباب لتركها بالكلية، نعوذ بالله؛ لأن هذا المرض الذي في القلب الذي أوجب هذا التخلف سيجره في الغالب إلى الترك، وعدم المبالاة؛ فتارة يصلي، وتارة لا يصلي، هذا يحمله على الرياء، إن رأى من يستحي منه صلى، وإن خلا له الجو ترك، وهذه حال المنافقين نعوذ بالله، فالواجب الحذر، والواجب على الوالدة وعلى أقارب الرجل، وعلى أصدقائه أن ينصحوه، وأن يعينوا والدته عليه، وأن يهجروه إذا استمر في باطله وتخلفه، نسأل الله الهداية للجميع.(11/162)
78 - حكم مجالسة الابن الذي لا يصلي
س: تسأل هذه الوالدة عن مجالسة ولدها الذي لا يصلي، ما هو توجيه سماحتكم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: تعمل ما هو الأصلح، إن رأيت أن مؤاكلته ومجالسته مما
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (146) .(11/162)
يعينه على أدائه الواجب، والحفاظ على الصلاة فعلت ذلك واجتهدت، فإن لم ينفع ذلك ولم يؤثر فيه هجرته؛ فلم تجالسه، ولم تؤاكله، واستحق منها الغضب بأن تغضب عليه، وأن تستعين بمن ترى من أقاربه وأهل الخير في هدايته أو ردعه. نسأل الله السلامة، لا بد من الحضور للجميع والعناية بالجميع، أعني: الجمعة والجماعة.(11/163)
79 - حكم من لا يصلي في المسجد إلا الجمعة
س: رجل بلغ من العمر ستين عاما وهو لا يصلي الصلوات الخمس إلا في بيته، ما عدا الجمعة يصليها في المسجد، فهل تقبل صلاته علما أن المسجد بجوار البيت (1)
ج: هذا قد فعل منكرا عظيما، وخالف الشرع، فإن الشرع يلزمه بالحضور في جماعة المساجد؛ جماعة المسلمين، لكن الصلاة صحيحة في أصح قولي العلماء، الصلاة صحيحة ليس عليه الإعادة، ولكن عليه التوبة إلى الله من تأخره عن المسجد، وعن ترك الجماعة، وصلاته في البيت من غير عذر هذا لا يجوز، فعليه أن يتقي الله، وأن يصلي مع الناس، وأن يتوب إلى الله مما سلف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (301) .(11/163)
«من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1) » وسأله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (2) » هذا أعمى ليس له قائد، ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب، ليس لك رخصة. فالواجب على المؤمن الذي يستطيع الحضور للمسجد أن يحضر للمسجد، ويصلي مع الناس، وليس له التخلف والصلاة في بيته.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/164)
80 - حكم تقديم الأكل عند النداء للصلاة
س: يقول السائل: إن بعض أفراد عائلتي يصلون في البيت دون المساجد، وفي بعض الأوقات وأحيانا يكون هناك مناسبة غداء، فيحين وقت الصلاة متزامنا مع وقت الغداء، فماذا نفعل؟ أنقدم الأكل أم الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (363) .(11/164)
ج: الواجب تقديم الصلاة إذا كان الأكل ما قدم، تقدم على الصلاة، ثم ترجعون يعني صلاة العصر أو صلاة الظهر، أما إذا قدم الأكل بين أيديكم فابدؤوا به؛ لكن كونكم تتحرون الوقت هذا، ثم يقدم، لا، ابدؤوا بالصلاة، لكن لو كان قدم بين يديكم، ثم أذن مؤذن فابدؤوا به، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب (1) » وقال صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان (2) » فإذا قدم الطعام فالمشروع الابتداء به، أما إذا كان ما قدم فابدؤوا بالصلاة ثم اطلبوا الطعام بعد ذلك.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة.، برقم (672) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله، برقم (560) .(11/165)
81 - حكم ترك صلاة الجماعة بسبب شدة البرد
س: يبعد المسجد عني أنا وجاري بحوالي ستمائة متر، نذهب له في جميع أوقات الصلاة، ولكن في فصل الشتاء أعاني من شدة البرد، حيث الجو عندنا بارد جدا - كما تعلمون - هل يجوز أن نبني بالقرب منا مسجدا أنا وجاري، ونصلي فيه ولا سيما في فصل الشتاء؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (295) .(11/165)
ج: ننصحكم ألا تبنوا، وتصلوا مع إخوانكم في الشتاء والصيف، وأبشروا بالخير، اصبروا وصابروا، طريق الآخرة يحتاج إلى صبر، فالواجب على مثلكما الصبر والاحتساب؛ لأن صلاتكما مع الجماعة فيها خير عظيم، وستمائة متر ليست بكثيرة، وليست بالطويلة، فاصبروا وصابروا واحتسبوا.(11/166)
82 - حكم من صلى الفرض في بيته وهو يسمع نداء الصلاة في المسجد
س: رجل صلى العصر في منزله، وذهب إلى السوق، ووجد الناس يصلون العصر في الجامع، هل يصلي معهم مرة أخرى، أم تكفي الأولى؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليه أن يصلي مع الجماعة، وليس له أن يصلي في البيت، بل يجب أن يصلي مع الجماعة، ويحذر صفات المنافقين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (334) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .(11/166)
الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1) » هذا رجل أعمى ليس له قائد، ومع هذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب. فمن صلى في بيته، ثم جاء مسجدا يصلون شرع له أن يصلي معهم، وإلا صلاته مجزئة مع الإثم مع كونه آثما حين ترك الجماعة بدون دليل، بدون عذر، لكن إذا صلى معهم تكون نافلة، كما أقر بهذا النبي عليه الصلاة والسلام، فقد أمر من صلى صلاته، ثم حضر صلاة أخرى أن يصلي معهم، فإنها نافلة تكون له نافلة
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/167)
83 - حكم من صلى في بيته وله عذر
س: السائل أحد المستمعين: أنا سكني بجوار المسجد - والحمد لله وأواظب على أوقاتي الخمسة في المسجد، ولكن في بعض الأوقات يحصل لي بعض الأزمات، من الصعب جدا الذهاب للمسجد لأصلي صلاة الجماعة، فهل صلاتي مقبولة إذا صليتها في البيت؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (263) .(11/167)
ج: إذا كانت الأزمة عذرا شرعيا كالمرض المفاجئ فأنت معذور، إذا كان أمرا واضحا يشق عليك معه الحضور للجماعة كالمرض المفاجئ فأنت معذور، أما الأمور الأخرى كالتساهل من أجل الأولاد أو الزوجة فهذا ليس بعذر، فالواجب عليك أن تتقي الله، وأن تبادر إلى صلاة الجماعة لما سمعت من الأحاديث السابقة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «الخوف أو المرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1) » وهكذا السجن، المسجون الممنوع معذور، وهكذا المقعد؛ لأنه كالمريض؛ لأنه يشق عليه الذهاب إلى المسجد. وسمعت حديث الأعمى، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال للأعمى: «أجب» . ولم يرخص له الصلاة في البيت؛ لأنه أعمى ليس له قائد، قال: «أجب» ، وفي رواية: «لا أجد لك رخصة (2) »
فالواجب عليك يا عبد الله أن تصلي في الجماعة، وأن تحذر التساهل والأسباب التي لا وجه لها، بل بادر وسارع إلى الصلاة في الجماعة، واتق الله وراقب الله واحذر التشبه بالمنافقين المتخلفين، قال تعالى في حق المنافقين: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3) .
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792) .
(3) سورة النساء الآية 142(11/168)
احذر يا أخي التشبه بأعداء الله، وكن نشيطا في الصلاة حريصا عليها مؤديا لها في الجماعة في جميع الأوقات، وفق الله الجميع.(11/169)
84 - موقف الإسلام من المتخاذلين والمتكاسلين في الصلاة
س: ما موقف الإسلام من المتخاذلين والمتكاسلين عن الصلاة (1)
ج: موقف الإسلام أنهم متهمون بالنفاق في هذا، إذا عرفوا بالتساهل عن الصلوات فهذه علامة النفاق، موقف الإسلام منهم ذمهم وعيبهم على هذا، وأن الإنسان يذمهم إن تخلفوا عن الصلوات وتثاقلوا عنها، وصف الله بهذا المنافقين، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (2) فليفتش الإنسان عن عيوبه، وعليه أن يتوب إلى الله منها، فإن كان من عيوبه التكاسل عن الصلاة فليعلم أن هذا من صفات أهل النفاق، وأن يبادر بالتوبة إلى الله من ذلك، وليحذر من التخلق بأخلاقهم، وهكذا إن كان من عيوبه التدليس والغش للناس، فهذا من
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (304) .
(2) سورة النساء الآية 142(11/169)
أعمال المنافقين أيضا، {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (1) يقول عليه الصلاة والسلام: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان (2) » هذه من صفات المنافقين نعوذ بالله منهم وعملهم، ومن صفاتهم قلة ذكر الله، ومن صفاتهم الغفلة، قال تعالى: {وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3) ، ومن صفاتهم الرياء في أعمالهم فيرائي، يقرأ يرائي، يتكلم بالخير يرائي، فالواجب الحذر من صفاتهم، وأن نقوم بأعمال مخلصة لله، نبتغي وجهه الكريم، لا رياء ولا سمعة.
__________
(1) سورة النساء الآية 142
(2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، برقم (33) ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان خصال المنافق برقم (59) .
(3) سورة النساء الآية 142(11/170)
85 - بيان صفات من يؤم جماعة المصلين
س: ما حكم من يصلي في حجرته، وبجانبه عمارة فيها قاعة يصلي فيها الطلبة، اتخذوا منها مسجدا، وليس لهم إمام محدد، وعذرهم أن الإمام يؤمهم وقد يكون حالقا للحيته، كما أنهم يطولون الصلاة أكثر من اللازم (1)
ج: يلزم الجميع أن يصلوا في المساجد إذا كان قربهم مساجد،
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (349) .(11/170)
يسمعون الأذان، أما إذا كان ما في قربهم مساجد فإن هذا الرجل يصلي معهم، يصلي مع الجماعة الطلبة وغير الطلبة، ويقدمون أفضلهم وأقرأهم، ولا يقدم حالق اللحية ولو كان أستاذا، ولو كان مدرسا، يقدم من هو أقرؤهم ممن وفر اللحية، وعرف بالخير من المدرسين أو غيرهم، ويلزم من كان حولهم أن يصلي معهم في الجماعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (1) » والجماعة واجبة، وقد هم أن يحرق على أناس بيوتهم لما تخلفوا عن الجماعة.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/171)
86 - حكم مجالسة من يصلي الفروض في بيته
س: لي زميل ساكن معي وأعلم أنه يصلي، ولكن ليس في المسجد، وهو أعلم مني في أمور الدين، وأنا أصلي في المسجد، فهل علي شيء تجاه هذا، أو يلحقني شيء من إثم في بقائي معه (1)
ج: عليك أن تنصحه في الله، وأن تعلمه أن الصلاة في الجماعة واجبة، وأنها من أهم الفرائض الصلاة، وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (13) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/171)
قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1) » فهذا الرجل الأعمى ما رخص له النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته مع أنه أعمى وليس له قائد، وفي رواية أنه شاسع الدار؛ بعيد الدار، ومع هذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في الجماعة. فيجب على المسلمين جميعا من الرجال أن يصلوا في الجماعة، يصلوا في المساجد، كما فعل النبي وأصحابه، كانوا يصلون في المسجد عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم، وأمر بالصلاة في المساجد، وأخبر أن «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » ؛ كالمرض ونحوه. فعليك أن تنصح هذا، وأن تخوفه من الله عز وجل، وأن تقول له: يا أخي، اتق الله، صل في جماعة، ولا تدع صلاة الجماعة. فإن أصر على ترك الجماعة ولم يصل مع الناس فإنه يستحق الهجر، يستحق أن تهجره وتتباعد عن صحبته؛ لئلا يعديك
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/172)
فتتأخر عن الجماعة؛ لأن المعاصي مثل الجرب، أصحابها قد يعدون، يعدون الناس، قد يسببون مرضا؛ بانتقال مرضهم إلى غيرهم، فالذي يتظاهر بالمعصية، ولا تنفع فيه النصيحة يستحق أن يهجر، ولا يتخذ جليسا ولا صاحبا، ولا تجاب له دعوة إلى وليمة ونحوها؛ حتى يعلم بشاعة ما فعل، وأنه جدير بأن يهجره إخوانه المستقيمون إذا أظهر المعصية، ولم يبال بالناس، كالذي يتظاهر بترك الصلاة في الجماعة في المساجد، أو يتظاهر بشرب الخمر، أو يتظاهر بحلق اللحى، ولا يبالي ولا يقبل النصيحة، أو يتظاهر بعقوق والديه وعدم برهما، أو يتظاهر بإسبال الثياب وجرها ولا يقبل النصيحة، أو يتجاهر بالتدخين، والتدخين من أقبح الأمراض، وهو شر كبير، فالواجب على من يتعاطاه التوبة إلى الله منه، كما أن السكر حرام ومنكر وكبيرة، فالتدخين فيه من الشر العظيم والبلاء الكبير ما فيه، فيجب ترك هذه المعاصي والحذر منها، ولا مانع، بل يشرع هجر أهلها إذا لم يستقيموا ولم يدعوا ما هم عليه، إلا إذا كان الهجر قد يزيد في الشر، وقد يجرهم إلى شر فينبغي تركه، وأن يعتاض عنه بالنصيحة الدائمة والتوجيه الدائم لهؤلاء؛ حتى يهديهم الله هم وأشباههم.(11/173)
87 - حكم معاملة الوالد الذي يصلي الفروض في البيت
س: يسأل المستمع ويقول: والدي هداه الله لا يصلي في المسجد، وإنما يصلي في البيت، نصحته كثيرا، فهل علي إثم تجاه والدي؟(11/173)
وبماذا تنصحوني أن أفعل مأجورين (1)
ج: عليك أن تنصحه بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، ولا تقطع الزيارة؛ لأن حقه عظيم، قال الله في حق الولد مع الكافرين: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (2) ، حق الوالد عظيم، تزوره وتدعو له بالتوفيق والهداية، وتوصيه بالصلاة في المسجد، وأبشر بالخير ولا تفعل شيئا يؤذيه؛ من كلام سيئ أو وجه معبس، لا، انبسط إليه، وتكلم معه وانصحه وادع له بالهداية والتوفيق، ولا تقطع زيارته، الوالد والوالدة حقهما عظيم.
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (405) .
(2) سورة لقمان الآية 15(11/174)
88 - حكم معاملة الزوج الذي ينهى عن إيقاظه للصلاة
س: السائلة: أم سارة، من المدينة المنورة، تقول: زوجي أحيانا لا يؤدي بعض الصلوات في المسجد مع الجماعة، ولكنه يصليها في المنزل، وخاصة صلاتي الفجر والعصر، ويعلم الله بأنني حاولت معه كثيرا ولكن دون جدوى، فكنت دائما أحرص على إيقاظه لأداء الصلاة في المسجد، وكان يستجيب لذلك في أول الأمر، وبعد ذلك أصبح يرفض الاستيقاظ، وينبهنا على ذلك قبل نومه، ويقول: لا توقظوني،(11/174)
ولكنني أوقظه للصلاة رغبة في الأجر، وتحريا في الأجر، فأصبحنا على خلاف دائم بسبب ذلك الأمر، وتعبت تعبا نفسيا من كثرة الخلافات الزوجية والنقاش عند استيقاظه. وإذا طلبت من إحدى بناته أن توقظه فإنه يزجرهم وينهاهم عن ذلك؛ لذلك فإني في الأشهر الأخيرة تقريبا تركت إيقاظه تماما، فإذا استيقظ على الوقت صلى في المسجد، وإلا فإنه يصلي في المنزل. أرجو من سماحة الشيخ أن يبين لي هل علي إثم في عدم إيقاظه، وذلك لكثرة الخلافات الزوجية، وقد تسبب لي الإحراجات؟ وجهوني مأجورين، حيث تركت تأثيرا على صحتي وعلى نفسيتي.
ج: الواجب على كل مؤمن ومؤمنة إنكار المنكر على من فعله، سواء كان زوجا أو غير زوج؛ لقول الله سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (1) ، ولقوله عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (2) ، ولقوله سبحانه: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (3) {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (4) ،
__________
(1) سورة التوبة الآية 71
(2) سورة آل عمران الآية 110
(3) سورة المائدة الآية 78
(4) سورة المائدة الآية 79(11/175)
فلعنهم سبحانه على أعمالهم الخبيثة التي منها عدم التناهي عن المنكر.
الواجب عليك إيقاظه والصبر على ما يحصل من بعض الأذى، وأبشري بالخير والأجر العظيم، وإذا كان يؤخر الصلاة إلى طلوع الشمس ويتعمد ذلك، أو يؤخر العصر إلى غروب الشمس هذا كفر أكبر؛ لأن تأخير الصلاة عن وقتها عمدا كفر أكبر على الصحيح من أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » أما إذا كان يقوم، ويصلي في الوقت، لكن لا يصلي في الجماعة هذه معصية، والواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك. وعليك أن تنكري عليه المنكر، وأن تجتهدي في ذلك وتصبري، وعلى بناته وعلى أمه إن كانت موجودة، وعلى أبيه إن كان موجودا أن يساعدوا في هذا؛ لأن الواجب التعاون على البر والتقوى، كما قال الله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (3)
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) والنسائي في كتاب الصلاة باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) سورة المائدة الآية 2(11/176)
وعليك مع ذلك أن تسألي الله له الهداية، احتسبي الأجر، واسألي الله له الهداية في سجودك وفي آخر صلاتك وفي غير ذلك من الأوقات، تقولين: اللهم اهد فلانا، اللهم أصلح قلبه وعمله، اللهم من عليه بالتوبة النصوح. لعل الله يهديه بأسبابك، وأبشري بالخير والأجر العظيم.(11/177)
89 - حكم الزوج الذي يصلي بعض الفروض في البيت
س: الأخت السائلة: أم أحمد، من الزلفي تقول: زوجي - هداه الله - لا يصلي، وقد ناصحته كثيرا، فهو يترك بعض الأوقات، ويصلي بعض الأوقات في البيت، هل من توجيه من سماحتكم حفظكم الله (1)
ج: الواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وأن يراقب الله، وأن يصلي الصلوات الخمس كلها في الجماعة في المساجد، ولا يجوز له ترك شيء منها، ولا الصلاة في البيت هذا منكر، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » وجاءه
__________
(1) السؤال الحادي والستون من الشريط رقم (1429) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .(11/177)
رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1) » وقال صلى الله عليه وسلم: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (2) » هذا لا يجوز للمؤمن أن يصلي في البيت، بل يجب أن يصلي مع الناس، والذي يترك الصلاة كافر، نسأل الله العافية. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4) » فإذا كان لا يصلي بعض الأوقات اتركيه، اذهبي إلى بيت أهلك، لا تجلسي عنده؛ لأن ترك الصلاة كفر، نسأل الله العافية. فإذا كان هكذا ولم يسمع منك ولم يقبل النصيحة اتركيه، واذهبي إلى أهلك حتى يهديه الله أو يطلق.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) والنسائي في كتاب الصلاة باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82) .(11/178)
90 - حكم من يجمع الصلوات ويصليها في وقت واحد
س: زوج أختي يصلي في البيت، ولا يصلي الصلوات في وقتها، بل يقوم بجمعها ويصليها أثناء العودة من العمل (1)
ج: هذا منكر، لا يجوز هذا العمل، لا بد أن يصلي مع الجماعة، ويصلي الصلاة في وقتها، وليس له تأخيرها عن وقتها، بل يجب أن يصلي الصلاة في وقتها، ويجب أن يصليها في الجماعة أيضا مع إخوانه المسلمين؛ لأن الله وقت المواقيت، وقال جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (2) ، يعني: مفروضا في الأوقات. وقال سبحانه: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (3) الآية. لا بد أن تقام الصلاة في وقتها، وليس له أن يؤخرها عن وقتها، وعليه أن يؤديها في الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (4) » وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (361) .
(2) سورة النساء الآية 103
(3) سورة الإسراء الآية 78
(4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .(11/179)
المسجد، هل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1) » فأمره أن يجيب مع أنه أعمى ليس له قائد، فكيف بحال البصير؟ الوجوب عليه أشد وأعظم. وتأخير الصلاة عن وقتها كفر أكبر عند جمع من أهل العلم فإذا أخر الفجر حتى تطلع الشمس عمدا، أو أخر العصر حتى تغرب الشمس عمدا فهذا قد أخر الصلاة عن وقتها، فيكفر عند جمع من أهل العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » خرجه مسلم في صحيحه. فالواجب الحذر من التساهل بهذا الأمر. نسأل الله العافية والسلامة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82) .(11/180)
91 - حكم قبول الهدية من الذي يجمع الصلوات في وقت واحد
س: وتقول أيضا: هل يجوز لنا أن نأكل مما يهديه لنا هذا الرجل؛ من أكل وخضروات وغيرها أم لا (1)
ج: الهدية لها شأن آخر، إذا كان مكسبه طيبا لا بأس، الهدية تقبل حتى من الكافر إذا لم يكن هناك موجب لردها، الهدية أمرها أوسع،
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (361) .(11/180)
لكن إذا أراد ردها هجرا له وتعزيزا له من باب التنبيه على خطئه، إذا رد هديته وهجره حتى يتوب يكون أصلح من باب التأديب، ومن باب الحث على إقامة الصلاة وأدائها، فإذا لم يقبل هديته ولم يزره وهجره هذا مشروع إذا كان فيه مصلحة، أما إذا كان قبولها والمجيء إليه مقابل الصلاح، ولأجل أن يستفيد فلا بأس.(11/181)
92 - حكم من يصلي في البيت بسبب الخجل الشديد
س: السائل: خ. س، من مكة المكرمة، يقول: لي أخ شديد الخجل من الناس، إلى درجة أنه لا يصلي في المسجد، حيث إنه يصلي في المنزل بسبب هذا الخجل، فما حكم صلاته في مثل هذه الحالة (1)
ج: الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي مع الناس، علموه ووجهوه إلى الخير، هذا الخجل لا وجه له، هذا ضعف وعجز وكسل لا يجوز، بل يجب عليه أن يبادر ويصلي مع الناس، ولا يجوز له أن يصلي في البيت.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (417) .(11/181)
93 - الواجب على أفراد العائلة أن يصلوا جماعة إذا فاتتهم في المسجد
س: نصلي في البيت أحيانا الصلاة المكتوبة أنا وإخواني ووالدي،(11/181)
ولكننا نصليها كل واحد لوحده، ولا نصليها مع إمام واحد منا على شكل جماعة، هل علينا إثم في ذلك إذا تركنا الجماعة في نفس البيت (1)
ج: نعم، لا يجوز لكم ذلك، الواجب أن تصلوا جماعة، صلاة الجماعة واجبة، وأداؤها في المسجد واجب، كل هذا من الواجب، فالواجب عليكم أن تصلوا في جماعة، إذا لم يتيسر الصلاة في المسجد وجب أن تصلوا جماعة، يؤمكم أقرؤكم وأحسنكم يؤمكم، وإن استطعتم أن تذهبوا إلى المسجد وجب عليكم الذهاب إلى المسجد، إذا كنتم تسمعون النداء يجب الذهاب إلى المسجد، والصلاة مع المسلمين؛ لما تقدم من الحديث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (3) » فالواجب على المؤمن أن يصلي مع الجماعة، وأن يحرص ولا يصلي في البيت، إلا إذا بعد فلا يسمع النداء فلا بأس، ولكن يجتهد في أن يقيم هو وجيرانه مسجدا حولهم؛ حتى يصلوا
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (378) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654) .(11/182)
فيه، يلزمهم إذا قدروا أن يقيموا مسجدا حولهم ويصلوا فيه.(11/183)
94 - دعوة وإرشاد لتارك الصلاة مع الجماعة
س: أنا من أسرة تتكون من أكثر من عشرين فردا، وعندما أحثهم على الصلاة جماعة لا يستجيبون، فأصلي في بيتي وحدي، وجهوني ماذا أفعل معهم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليك أن تأمرهم بالمعروف، وأن تنهاهم عن المنكر، ومن المعروف أن يؤدوا الصلاة جماعة في المساجد مع المسلمين، ومن المنكر تركهم ذلك، فعليك أن تنكر عليهم ذلك، وأن تأمرهم بالمعروف، وأن تنصحهم دائما، وتخبرهم أن هذا منكر لا يجوز، وأن هذه مشابهة لأهل النفاق، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (2) . والله أوجب على الرجال أن يصلوا في الجماعة في المساجد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (3) » والعذر هو المرض والخوف الذي يمنع الخروج.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (322) .
(2) سورة النساء الآية 142
(3) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/183)
ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم لشخص استأذنه أن يصلي في بيته، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (1) » أعمى ليس له قائد يلائمه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم له: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (2) » فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يؤمر بالإجابة والتوجه إلى المسجد فالبصير القادر من باب أولى، وعليك أنت أن تصلي في الجماعة، لا تصل في بيتك، عليك أن تصلي في الجماعة، وأنت تنصحهم دائما الذين معك في البيت أن يصلوا في الجماعة؛ لأن هذا هو الواجب على الجميع.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/184)
95 - حكم من يلعب الورقة ويؤخر الصلاة
س: في بعض الأحيان أبي يلعب الورقة، ويؤخر الصلاة، فهل في ذلك إثم (1)
ج: نعم، يجب عليه أن يصلي مع المسلمين، ويحذر التساهل في ذلك، فإن الجماعة واجبة على المسلم، فإذا سمع النداء وجب عليه أن يجيب النداء، وأن يذهب ويصلي مع الناس، فإذا صلى وحده أثم،
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (213) .(11/184)
الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي مع المسلمين، وألا يتساهل في الجماعة، لا بلعب الورق ولا غيره، ولعب الورق منكر؛ لأنه من آلات الملاهي، والواجب ترك اللعب والقيام إلى الصلاة، هذا هو الواجب على أبيك وعلى غيره، وعليك أن تنصحه كثيرا، وتستمر في ذلك وتصبر على النصيحة، لعل الله يهديه بأسبابك.(11/185)
96 - حكم معاملة الجيران الذين لا يصلون في المسجد
س: لي جيران هداهم الله لا يصلون مع الجماعة في المسجد، مع أن بيتهم قريب جدا من المسجد، وقد نصحهم الإمام عدة مرات فلم يستجيبوا، ماذا نفعل حيالهم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليكم النصيحة لهم بالحكمة والكلام الطيب، ولا تيأسوا، كرروا النصيحة؛ لأن الصلاة في الجماعة واجبة، والنبي عليه السلام قال: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » وجاءه رجل أعمى يستأذنه صلى الله عليه وسلم في الجماعة، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في
__________
(1) السؤال الواحد والخمسون من الشريط رقم (350) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .(11/185)
بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «أجب (1) » فإذا كان هذا للأعمى وليس له قائد يقال له: أجب. كيف بالبصير الذي قد عافاه الله، وهو يسمع النداء؟ يجب أن يحضر الصلاة مع الجماعة، فإذا لم تنفع النصيحة وجب رفع أمره إلى الهيئة، أو إلى الإمارة والمحكمة حتى يؤدب.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/186)
97 - حكم السكنى مع من لا يصلي الفجر
س: إنني أسكن مع مجموعة من الناس، وعند أذان الفجر أنبههم بحلول وقت الصلاة، فلا يقومون لأدائها، فماذا علي في ذلك؟ جزاكم الله خيرا.
ج: الواجب عليك نصيحتهم وتحذيرهم من هذه المعصية، فإن استجابوا وإلا فاتركهم واهجرهم، واترك النوم معهم؛ لأن ترك الصلاة في الجماعة معصية، وتركها في الوقت أعظم وأكبر، فالواجب عليك نصيحتهم والإنكار عليهم، فإن استجابوا وقاموا لصلاة الفجر في وقتها وإلا عليك أن تهجرهم وتغادر المكان، لا تكن صاحبا لهم، ولا مجالسا لهم؛ لئلا يجروك إلى شرهم. نسأل الله العافية والسلامة.(11/186)
98 - حكم الاكتفاء بأذان المسجد المجاور إذا كانوا جماعة
س: إنسان في جماعة وسمع الأذان، هل يجب عليه أن يؤذن، أو يكفيه الأذان الذي سمع (1)
ج: الإنسان الذي في جماعة إذا سمع الأذان في أي مسجد فإن الواجب عليه، وعلى الجماعة أن يجيبوا الأذان، وأن يتوجهوا إلى المسجد، ولا يصلوا في محلهم، ولا حاجة إلى الأذان ولا غيره، بل يتوجهون إلى المسجد الذي سمعوا أذانه وهو قريب منهم، حيث يمكنهم الوصول إليه والصلاة معهم، إذا كان الأذان بالصوت الطبيعي فإن الغالب يكون المسجد قريبا، أما إذا كان بالمكبر قد يكون بعيدا، ووصلهم الصوت من بعد، فالحاصل أن الواجب عليهم التوجه إلى المسجد إذا أمكن، أما إن كان بعيدا لا يتيسر لهم الوصول إليه إلا بعد فوات الصلاة لبعده؛ ولأن الصوت سمعوه بواسطة المكبر؛ هو يأتي من بعيد فإنهم يكتفون بالأذان هذا، وتكفي الإقامة؛ لأن المقصود سماع الأذان ووجود ما يدعو الناس إلى الصلاة، ويعلمهم بالوقت وقد حصل المقصود. تكفيه الإقامة، إذا كان ما يتيسر له أن يصلي مع الناس لمرض، أو كونه حارسا، أو ما أشبه ذلك يكفيه الأذان ويقيم؛ يأتي بالإقامة فقط. أما إذا كان في محل قريب بحيث يستطيع الوصول إلى
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (1) .(11/187)
محل الأذان، ويصلي مع الناس فالواجب على هؤلاء السامعين للأذان أن يجيبوا للحديث: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1) » هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام. فالواجب على من سمع الأذان أن يجيب المؤذن ويتوجه للمسجد، أو محل المسجد محل إقامة الجماعة؛ حتى يكثروا السواد، وحتى يحصل الاجتماع على طاعة الله عز وجل، وحتى يحصل الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لحضور الجماعة، لكن إذا كان هناك مانع من مرض أو خوف أو كونه حارسا لمال عنده لا يستطيع التوجه، أو لأن المكان بعيد سمعوا الصوت من بعيد بسبب المكبر، ولا يستطيعون الوصول إليه إلا وقد فاتتهم الصلاة فيصلون في مكانهم، ويكتفون بالأذان، إن أذنوا أذانا ثانيا فلا حرج؛ لأنه خير بلا شك، لا سيما مع البعد، وإن اكتفوا بالأذان فإنه كاف والحمد لله، وعليهم أن يقيموا فقط. أما الذي يتخلف لمرض أو خوف أو ما أشبه ذلك فعليه أن يقيم الصلاة، ويكتفي بالأذان.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/188)
99 - حكم صلاة من سمع النداء بمكبرات الصوت لبعد بيته
س: هل علي إثم إذا لم أصل الصلاة المكتوبة في المسجد؟ علما بأنني لا أسمع النداء إلا بمكبرات الصوت، أي أن المسافة بيني وبين المسجد هي كيلو متر واحد تقريبا، وأنا أجد مشقة في المحافظة(11/188)
على حضور الصلوات الخمس في المسجد (1) ج: الواجب على من سمع النداء أن يجيب المؤذن، وأن يصلي مع الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (3) » هذا أعمى ليس له قائد، مع هذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يجيب إذا كان يسمع النداء بالصوت العادي بدون مكبرات، أما إذا كان لا يسمع النداء إلا بمكبر فهو معذور، إذا صلى في بيته، أو صلى مع جيرانه في بيت أحدهم، حتى يوجد عندهم مسجد، يكون صوت المؤذن يسمعونه بدون مكبر، أما إذا كان لا يسمع إلا بمكبر فهو بعيد إذا شق عليه الذهاب إليه، لكن إن تجشم المشقة وصبر بالذهاب بالسيارة، أو على رجليه هذا خير عظيم وفضل كبير، لكن لا يلزم إذا كان فيه مشقة، إذا كان بعيدا لا يسمع صوت المؤذن إلا بمكبر فهو لا
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (378) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/189)
يلزمه، لكن إذا تجشم المشقة وصبر وأحب المشاركة في الخير، هذا فيه خير عظيم. في الصحيح «أن رجلا كان أبعد الناس عن المسجد، وكان يأتي إلى المسجد ماشيا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له بعض الناس: لو اشتريت حمارا؛ فتركبه في الرمضاء، أو في الليلة الظلماء، فقال الرجل: إني أحب أن يكتب الله لي أثر خطاي ذاهبا وراجعا، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: «قد جمع الله لك ذلك كله (1) » جمع له أثر خطاه ذاهبا وراجعا وكان بعيدا، لكن صبر على التعب لحرصه على الأجر، لكن من كان لا يتحمل ويشق عليه ذلك لا بأس أن يصلي في بيته، أو مع جماعة له، إن كان عنده جماعة يصلي في بيت أحدهم، وإن استطاعوا أن يعمروا مسجدا وجب عليهم أن يعمروا مسجدا ويصلوا فيه فيما بينهم في حارتهم؛ لأن بناء المساجد أمر واجب على المسلمين مع القدرة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم (663) .(11/190)
100 - حكم أكل ذبيحة من لا يصلي في المسجد
س: السائل يقول: ما حكم الشرع في نظركم في رجل لا يصلي في المسجد إلا يوم الجمعة؟ ما حكم أكلنا لذبيحته (1)
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (393) .(11/190)
ج: يجب على المسلم أن يصلي جميع الصلوات في المسجد، والذي لا يصلي في المسجد ينكر عليه، ويعلم ويوجه إلى الخير، ولا يتشبه بالمنافقين، وإن عاند ولم يقبل استحق أن يهجر، ولا تقبل عزومته، ولا تأكل معه حتى يتوب، أما إذا أرشدتموه وقبل وصلى مع الناس فالحمد لله.(11/191)
101 - حكم التعامل مع الولد الذي لا يصلي إلا في البيت
س: تقول السائلة: إن ولدها لا يصلي إلا في البيت، إلا في يوم الجمعة، فما هو توجيه سماحتكم (1)
ج: هذا لا يجوز، والواجب على المكلف أن يصلي في المسجد مع المسلمين، ولا يجوز للمكلف أن يصلي في البيت، ولا لمن بلغ العشر، بل يصلي مع الناس، ويضرب على ذلك إذا تأخر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » ولما ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء للصلاة؟» قال: نعم.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (305) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .(11/191)
قال: «فأجب (1) » هذا أعمى ليس له قائد، ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب. وفي رواية أخرى: «لا أجد لك رخصة (2) » فالواجب على كل مسلم مكلف أن يتقي الله، وأن يصلي مع الجماعة في المساجد، ولا يجوز له أن يصلي في بيته، بل هذا مخالف للأمر، وتشبه بالمنافقين، فالواجب الحذر من ذلك.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792) .(11/192)
102 - حكم من يصلي في البيت بحجة أنه يحث النساء على الصلاة
س: ما حكم من يصلي الصلوات الخمس في بيته مع أولاده البنين والبنات؛ بحجة أن النساء يتساهلن في أداء الصلوات في غيابه، إذا ذهب إلى المسجد مع أنه يسمع النداء؟ وما حكم الأولاد الذكور الذين يمنعهم من الذهاب إلى المسجد، مع رغبتهم في صلاة الجماعة، ولكن يخافون من أبيهم (1)
ج: الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي في المسجد هو وأبناؤه، وأما النساء فيعلمهن أن يصلين قبله أو بعده قبل أن يذهب، أو بعد أن يعود من المسجد، الأمر واسع بحمد الله، بإمكانهن أن يصلين بعد
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (312) .(11/192)
مجيئه من صلاة الجماعة، الوقت واسع، أو في حال ذهابه إلى الجماعة، المقصود أن هذا ليس بعذر، النساء يعلمن، ويؤكد عليهن في أداء الصلاة، وهذا واجبهن، والصلاة عمود الإسلام في حق الجميع، وفي حق الرجال والنساء، من تركها كفر، نسأل الله العافية. والواجب عليه هو أن يصلي في المسجد وأولاده الذكور، هذا هو الواجب عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1) » وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد للمسجد يقودني، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (2) » وفي رواية: «لا أجد لك رخصة (3) » ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الأعمى: «لا أجد لك رخصة (4) » . ويقول: أجب. فكيف بالبصير المعافى؟ وقد ثبت في الصحيحين أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792) .
(4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792) .(11/193)
الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (1) » وهذا يدل على عظم الأمر، وأن التاركين لصلاة الجماعة جديرون بالعقوبة، ووصيتي لهذا الرجل وأبنائه أن يتقوا الله ويصلوا مع الجماعة، وأن يحذروا من عقاب الله وغضبه.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578) .(11/194)
103 - حكم من يصلي في بيته لمتابعة صلاة أبنائه
س: هنالك رجل يصلي بأبنائه في بيته، ونحن ننصحه كثيرا بأن يصلي في المسجد هو وأبناؤه، وهو يصلي في بيته، ويقول: للاطمئنان على أنهم صلوا. فهل عمل هذا الرجل صحيح، أم لا بد من صلاته في المسجد؛ بعد ذلك يأتي ويصلي بأولاده؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليه وعلى أولاده الصلاة في المسجد، عليهم جميعا الصلاة في المسجد مع الجماعة، وعليه أن يحاسبهم، وأن يستعين بالله عليهم حتى يصلوا معه في المسجد؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر (2) » فهو يجتهد في هذا، ويحرص حتى يذهبوا معه إلى
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (303) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.(11/194)
المسجد، ولا يجوز له أن يصلي في البيت، ومن تخلف منهم إن كان من عشر فأكثر أدبه، وإن كان من سبع فأكثر إلى العشر فلا تأديب عليه، لكن بالكلام الطيب، بالنصيحة والتوجيه، حتى إذا بلغ العشر استحق أن يضرب حتى يستقيم.(11/195)
104 - حكم من يحافظ على الصلاة في المسجد ولا يأمر أولاده بالصلاة
س: من أسئلة هذا السائل يقول: في كثير من البيوت أولاد بالغون، والآباء يذهبون إلى المسجد للصلوات، وهؤلاء الأولاد البالغون في البيوت إما نياما أو مشغولين، ولا يأمرونهم بالصلاة، فهل من كلمة لمثل هؤلاء يا سماحة الشيخ (1) ؟
ج: هذا لا يجوز، بل الواجب على آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم الكبار أن يأمروهم ويلزموهم بالصلاة ويضربوهم أيضا، حتى يصلوا مع الناس في المساجد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر (2) »
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (429) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.(11/195)
فإذا كان فوق العشر كان أشد وأشد، فالواجب على الآباء أن يأمروهم وأن يحرضوهم وأن يعاقبوهم أيضا، وهكذا إخوتهم الكبار.(11/196)
105 - واجب الآباء تجاه الأبناء في حثهم على أداء صلاة الجماعة
س: السائل من الكويت يقول: كيف تكون المعاملة الصحيحة مع الأبناء حتى يكونوا ملتزمين بأمور دينهم الحنيف؟ فهل علي أن أجبرهم على الذهاب إلى المسجد في كل فرض؟ علما بأنهم في كثير من الفروض يصلونها في المسجد، إلا أن النوم في بعض الأحيان يأخذهم، وأنهم في بعض الأوقات يؤخرون الصلاة عن وقتها، بعضهم وصل إلى سن البلوغ. وكيف أحببهم في الدين الإسلامي الصحيح وبالصحبة الصالحة (1)
ج: الواجب عليك أن تأمرهم بالصلاة، وأن تلزمهم بذلك حتى يصلوا مع الناس، ولا يصلوا في البيت، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (2) » فكيف إذا بلغ الحلم؟ الأمر أعظم. المقصود أن الواجب عليك أن تأمرهم، وأن تلزمهم بالصلاة في الجماعة، وأن تؤدب من تخلف، ولا تضعف في هذا،
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (406) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.(11/196)
وعليك أن تنصحهم وتعظهم وتذكرهم بالقرآن والحديث، وتحثهم على صحبة الأخيار والطيبين حتى يساعدوك بهذا، ولا تغفل عن هذا الشيء، ولا تتساهل فالأمر عظيم وهم في ذمتك.(11/197)
106 - واجب الأب تجاه أبنائه الذين لا يصلون
س: إن كثيرا من الآباء لا ينصحون أبناءهم لتأدية الصلاة، فهل يأثم الأب (1) ؟
ج: نعم، يأثم الأب الذي لا يأمر أولاده بالصلاة، وهكذا أخوهم، وهكذا عمهم وخالهم وأمهم كلهم يأثمون إذا تركوهم، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، فيجب عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو من واجب المؤمنين، والله سبحانه يقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (2) . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه (3) » فهم يقدرون على الإنكار بالكلام، فالأم تنكر، والأب والأخ الكبير والخال والعم
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (353) .
(2) سورة التوبة الآية 71
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49) .(11/197)
وغيرهم، هذا من باب التعاون على البر والتقوى، الله سبحانه وتعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) ، ويقول سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (2) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4) ، لا بد من التعاون على البر والتقوى، ولا شك أن الإنكار على من ترك الصلاة من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب الدعوة إلى الله عز وجل.
__________
(1) سورة المائدة الآية 2
(2) سورة العصر الآية 1
(3) سورة العصر الآية 2
(4) سورة العصر الآية 3(11/198)
107 - حكم الأبناء الذين لا يستجيبون لأداء الصلاة
س: سؤال من المذيع: سماحة الشيخ، إذا تعب الأب في هذا الموضوع، ولم يستجب الأبناء الاستجابة المرجوة، فهل يطردهم من البيت (1) ؟
ج: يطردهم أو يرفع أمرهم إلى ولاة الأمور حتى يتأدبوا، فإذا لم يتيسر ذلك يطردهم من بيته، يطردهم حتى تبرأ ذمته - نسأل الله العافية - إلا إذا استطاع تأديبهم من جهة ولاة الأمور.
المذيع: إذا خشي أن يقعوا في مصائب أخرى سماحة الشيخ؟
سماحته: ليس هناك ذنب أكبر من الكفر، هو أعظم الذنوب.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (353) .(11/198)
108 - حكم من يتساهل في حث أولاده على أداء الصلاة
س: هذا السائل: م. أ. أ. من الدمام، يقول في سؤاله: كثير من أولياء الأمور - هداهم الله - لا يحرصون على حث أولادهم على أداء الصلوات المفروضة، فهم يتساهلون كثيرا معهم في ذلك، هل من كلمة - سماحة الشيخ - حول هذا الموضوع؟ وهل يأثمون في ذلك (1) ؟
ج: نعم، الواجب على جميع المسلمين العناية بالصلاة وتوجيه أولادهم إليها، الواجب على الآباء والأمهات والإخوة العناية بهذا الأمر، فالأب يوجه أولاده، والأم كذلك، والأخ الكبير والعم، كلهم يتعاونون على البر والتقوى؛ لأن الله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2) ، ويقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (3) ، ويقول جل وعلا: {وَالْعَصْرِ} (4) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (5) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (6) . فإذا تساهلوا يأثمون، والله جل وعلا يقول: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} (7) ،
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (391) .
(2) سورة المائدة الآية 2
(3) سورة التوبة الآية 71
(4) سورة العصر الآية 1
(5) سورة العصر الآية 2
(6) سورة العصر الآية 3
(7) سورة طه الآية 132(11/199)
ويقول سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (1) ، ويقول سبحان: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (2) .
فالواجب على الآباء والأمهات والإخوة وغيرهم التعاون في هذا، وأن يستقيموا على الحق، وأن يلزموا أولادهم بالصلاة والمحافظة عليها، وأن يؤدبوا من تخلف.
__________
(1) سورة التحريم الآية 6
(2) سورة آل عمران الآية 110(11/200)
109 - وجوب تعليم الأطفال حرمة المسجد والصلاة
س: أنا لي إخوان متعلمون، ولكنهم عند الصلاة لا يهتمون بها، ويصلون وهم يلعبون بالصلاة، وعندما أفرغ من الصلاة آمرهم بإعادة الصلاة فيرفضون ويهربون، وعندما أضربهم على ذلك تغضب الوالدة، فبماذا أتخلص من هذه المشكلة؟ علما أن أصغرهم عمره 10 سنوات، وأكبرهم عمره 15 سنة (1)
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (334) .(11/200)
ج: الواجب عليك ما فعلت من تأديبهم والقيام عليهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين (1) » فإذا كان الوالد غير موجود فأنت في محل الوالد، فإن كان الوالد موجودا فيجب عليه أن يقوم بهذه المهمة، وعلى الوالدة أن تساعده في ذلك، وأن تعينك في هذا الأمر، وأن تتكلم عليهم وتزجرهم على ذلك، حتى تكون معك في هذا الأمر؛ لأن الله جل وعلا يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2) ، فلا بد من التعاون بينك وبين الوالدة على البر والتقوى، وعليك أن تشرح لها الأمر بالعبارة الحسنة والأسلوب الحسن، وأن هذا شيء واجب حتى تعلم الحق وتستجيب للحق إن شاء الله. وإذا تيسر اصطحابهم للمسجد فهذا طيب، وإلا فالواجب سوقهم للمسجد سواء معه أو قبله أو بعده، لا بد من حضورهم لصلاة الجماعة، يصلون مع الناس في المساجد ولو بالضرب، ولو بالرفع إلى الهيئة إذا دعت الحاجة للهيئة؛ حتى يساعدوه على ذلك؛ لأن هذا أمر لازم. أما صلاة البيت فلا يصلوا في البيت، بل يجب أن يصلوا مع الناس، ويجب عليه أن يقوم عليهم بما يستطيع من الضرب والتوبيخ وغير ذلك.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.
(2) سورة المائدة الآية 2(11/201)
110 - حكم إمامة المرأة للأطفال في الصلاة
س: إن والدي لا يهتم بإخوتي من حيث الصلاة، وأنا أصلي بهم من حيث تعويدهم، وأحيانا أصلي بهم وإن كنت معذورة شرعا؛ لئلا يتبين لهم عذر النساء، فما رأيكم (1)
ج: الواجب على أبيهم العناية بهم، إن كانوا ذكورا يلزمهم بالصلاة مع الجماعة في المساجد ولو بالضرب حتى يستقيموا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (2) » فالوالد مسؤول عن أولاده، وعليه أن يجتهد في إقامتهم الصلاة، وصلاتهم مع الناس في المساجد حتى يعتادوها ويستقيموا عليها، أما إن كان الأولاد بنات فإنه أيضا يقوم عليهن، ويلزمهن بالصلاة ويؤدبهن إذا تكاسلن عن الصلاة، أما أنت فلا مانع أن تصلي بهن، إذا كن بنات تعلمينهن وتقفين وسطهن وتعلمينهن الصلاة؛ لأنهن بنات، أما الأولاد الذكور يلزمهم الخروج إلى المسجد، وليس للمرأة أن تصلي بهم، المرأة ما تصلي بالرجال، ولكن تقومين عليهم وتوجهينهم إلى الصلاة في المسجد ولو بالتوبيخ إذا دعت الحاجة إلى ذلك، ولو بالضرب إذا كنت أنت الكبيرة
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (224) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.(11/202)
وهم الصغار إذا أهملهم أبوهم، ولا تصلي بهم أبدا إذا كانوا ذكورا، ولكن تأمرينهم وتجاهدينهم حتى يصلوا في الجماعة، وتشجعين الوالد على القيام عليهم، وتطلبين منه العناية بهم من باب التعاون على البر والتقوى، أما البنات فلا بأس أن تصلي بهن، وتعلميهن حتى يعتدن ذلك، والإمامة تكون وسط النساء لا قدامهن، أما أن تصلي بهم وأنت في الحيض لا يجوز هذا، هذا منكر، ليس لك أن تصلي بهن وأنت حائض أو نفساء ولو قصدت الخير، الحائض لا تصلي، ولا تستعمل أعمال الصلاة، ولا تصلي النفساء، ويحرم عليها هذا العمل، هذا شر عظيم ومنكر، نسأل الله السلامة.(11/203)
111 - كيفية تعليم الأولاد وتربيتهم على أداء الصلاة
س: سماحة الشيخ حفظكم الله، سائل يقول: كيف تكون تربية الأولاد؟ وكيف يتم تعليمهم عند الصلوات إذا كانوا قد نشؤوا نشأة غير صالحة (1)
ج: بالمجاهدة يجاهدهم والدهم أو أخوهم الأكبر حتى يستقيموا على طاعة الله، يجاهدهم بالكلام الطيب والتأديب حتى يستقيموا على الصلاة، وعلى الأخلاق الطيبة، يحتاجون إلى مجاهدة وصبر، يقول جل
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (430) .(11/203)
وعلا: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (1) ، ويقول جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} (2) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته (3) » فلا بد من الصبر.
__________
(1) سورة العنكبوت الآية 69
(2) سورة التحريم الآية 6
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، برقم (893) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، برقم (1829) .(11/204)
112 - حكم الصلاة في الدكاكين مع وجود المساجد
س: السائل: م. ع. من السودان، يقول: ما حكم الصلاة جماعة في الدكاكين، مع وجود المساجد؟ هل تصح أم لا (1)
ج: الواجب على المسلمين الصلاة في المساجد، الصلاة مع الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » ولأنه عليه الصلاة والسلام أمر الرجل
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (187) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/204)
الأعمى الذي سأله، قال: «ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (1) » فأمره أن يجيب مع أنه أعمى وليس له قائد يلائمه. فالواجب على المسلمين أن يصلوا في المساجد في الجماعة، لكن لو صلى في دكانه أو صلى في بيته صحت مع الإثم، يكون آثما وعليه التوبة إلى الله، وعليه البدار بصلاة الجماعة في المستقبل، والصلاة صحيحة عند جمهور أهل العلم، لكنه قد أثم وأخطأ، وهكذا من صلوا في دكاكينهم كل هذا خطأ، الواجب عليهم أن يصلوا مع الناس في المساجد، وليس لهم أن يصلوا في الدكاكين، بل عليهم أن يقفلوها ثم يصلوا مع الناس ثم يرجعوا، حق الله مقدم وأوقات البيع والشراء ممتدة وطويلة، لكن نعوذ بالله من طاعة الهوى والشيطان.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/205)
113 - حكم الصلاة في المتجر
س: السائل من الأردن، يقول: أنا أعمل في بقالة طول النهار، ويؤذن للصلاة ولا أتمكن من الذهاب إلى المسجد؛ لأنني أعمل وحدي، وأجد صعوبة في إغلاق البقالة، والمسجد يبعد عنا ما يقارب من نصف كيلو، أي إن الرجل لو نادى بأعلى صوته لا يسمع، فما(11/205)
حكم صلاتي في المحل أو بقالتي (1) ؟
ج: الواجب عليك الصلاة مع الجماعة وإغلاق البقالة، كلما جاء الوقت، ولا ينبغي التساهل في هذا الأمر؛ لأن الله أوجب عليك الصلاة في الجماعة، فالواجب عليك البدار بذلك طاعة لله ورسوله عليه الصلاة والسلام، والله يقول: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} (2) ، ويقول: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (3) ، ويقول صلى الله عليه وسلم لما جاءه رجل أعمى، وقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (4) » فالواجب عليكم وعلى أمثالكم البدار بالصلاة في الجماعة وإغلاق المحل التجاري، سواء دكان أو بقالة أو غير ذلك حتى تصلوا مع إخوانكم، وتؤدوا ما أوجب الله عليكم من أدائها في الجماعة، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (410) .
(2) سورة البقرة الآية 238
(3) سورة البقرة الآية 45
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/206)
114 - حكم الصلاة في محل العمل
س: أرى كثيرا من الناس يصلون في محل أشغالهم، ويقولون: إن هذا الشغل معهم يضطرون إلى العمل ثم يصلون فيه، ما حكم فعلهم هذا؟ جزاكم الله خيرا، إذ إني سمعت حديثا معناه: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له (1) »
ج: الواجب على الرجال في كل مكان أن يصلوا في الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر " قالوا: ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (3) » ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة،
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/207)
فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (1) » وهذا يدل على وجوب أداء الصلاة في الجماعة، فالواجب على جميع الرجال القادرين أن يصلوا في الجماعة في المسجد، لا في موضع العمل إذا كان المسجد قريبا يسمعون النداء، أما إذا كان بعيدا لا يسمعون النداء فإنه لا حرج يصلون في مكانهم جماعة، يعني: سماع النداء دون الصوت بالمكبر. أما المكبر فيسمع من بعيد.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578) .(11/208)
115 - حكم صلاة الطبيب والممرض داخل المستشفى
س: هناك مسجد بالمستشفى للصلاة، ولكبر المستشفى ووسعه فإنه في أوقات الصلاة تتجمع فيه فئة قليلة، ويكون من بينهم إمام للصلاة، ويتركون المسجد، وهناك كذلك فئة غير كثيرة تصلي بالمسجد، ونحن الأطباء كلنا نتجمع وراء طبيب مصري يصلي بنا في ممر من ممرات المستشفى، وبعد مدة اكتشف الأطباء أن هذا الإمام الطبيب رجل ينقل الفتنة، ويتكلم في حق الناس وينقل النميمة، فهل لي أن أستمر بالصلاة وراءه أو أذهب للمسجد؟ وبالفعل انتقلت إلى المسجد، وهل أنا ملزم بإعادة الصلاة التي صليتها وراءه؟ أرجو الإفادة (1)
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (9) .(11/208)
ج: الواجب على من في المستشفى ممن يستطيع الصلاة في المسجد أن يصلي في المسجد الذي بقرب المستشفى؛ سواء كان طبيبا أو ممرضا أو عائدا أو مريضا يستطيع الحضور في المسجد، الواجب عليهم أن يصلوا في المسجد؛ لأن الله جل وعلا شرع عمارة المساجد لتقام فيها الصلاة، كما قال سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (1) . فالحاصل أن الواجب على من في المستشفى؛ الذي يقدر على الوصول إلى المسجد أن يصلي في المسجد، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » خرجه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما بإسناد جيد، وكذلك سأله أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (3) » فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له: أجب. ولم يأذن له أن يصلي في بيته مع أنه كفيف، وليس له
__________
(1) سورة النور الآية 36
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/209)
قائد يلائمه، وفي رواية: «شاسع الدار (1) » فدل ذلك على وجوب أداء الصلوات في المساجد، ولا فرق بين أهل المستشفى وغيرهم، والذين يصلون في بعض المستشفى قد خالفوا السنة وتركوا الواجب.
أما الصلاة خلف الطبيب الذي ينقل النميمة ويحصل منه بعض الأذى، هذا الصلاة معه صحيحة، الصلاة خلف العاصي صحيحة، ولكن ينبغي ألا يؤم الناس إلا خيارهم، عليهم أن يلتمسوا الأمين والخير في الإمامة. فينبغي أن يختار للإمامة أفضل الناس؛ أقرؤهم ثم أعلمهم بالسنة إلى آخره، فقد ورد في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (2) » يعني: أقدمهم إسلاما. فالحاصل أنه يختار للإمامة الأحسن والأفضل فالأفضل، ولا يؤم الناس من هو معروف بالنميمة أو غيرها من الفسق، بل مثل هذا يجب على المسؤولين أن يبدلوه ولا يقروه، بل يلتمس غيره من هو أفضل منه إذا تيسر ذلك، ولو صلوا خلفه صحت الصلاة؛ لأنه من صحت صلاته
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو بن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (552) ، وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (792) .
(2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673) .(11/210)
لنفسه صحت الصلاة خلفه، لكن ينبغي ألا يقر في الإمامة إلا من هو معروف بالعدالة والاستقامة، وأما الكافر فلا تصح الصلاة خلفه، من حكم بكفره لا تصح الصلاة خلفه، وإنما هذا في شأن الفاسق العاصي الذي ليس بكافر، وإذا لم يتيسر له إمام أصلح منه صلى خلفه، ولو صلى خلفه أيضا لحاجة إلى ذلك، أو لبعد المساجد الأخرى، أو ما أشبهها فلا بأس.
المقصود أن الصلاة خلفه صحيحة، ولكن إن تيسر من هو أولى منه وأفضل منه فالصلاة خلفه أفضل وأحسن؛ خروجا من خلاف العلماء القائلين بعدم صحة الصلاة خلف الفاسق. وقد صلى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما خلف الحجاج في الحج، وكان الحجاج من أفسق الناس ومن أظلمهم.(11/211)
116 - حكم الصلاة في المزرعة رغم قرب المسجد
س: المستمع: ح. م. ع، بعث يقول: نحن جماعة في مزرعة، والمسجد يبعد عنا شيئا بسيطا، ونجتمع على فرش ونصلي، هل صلاتنا جائزة؟ ونحن نسمع النداء من المسجد، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليكم أن تصلوا مع الجماعة، إذا كنتم تسمعون
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (348) .(11/211)
النداء العادي بدون مكبرات، النداء العادي، تسمعون النداء بالصوت المعتاد في وقت الوجوب فعليكم أن تصلوا مع الناس، أما إذا كان بعيدا ما تسمعون النداء لبعده فلا يجب إلا إذا تيسر لكم الذهاب ولو بالسيارة، فهو أفضل لكم، كونكم تصلون مع الجماعة أفضل لكم، لكن ما يلزمكم إلا إذا كان قريبا منكم، تسمعون صوت النداء بغير مكبر في الأوقات الخالية من الأشياء التي تمنع الصوت.(11/212)
117 - حكم الصلاة في المزرعة جماعة لبعد المسجد
س: هذا سائل من جمهورية مصر العربية، يعمل في مزرعة، يقول: نحن مجموعة من المسلمين يبلغ عددنا سبعة أفراد، نصلي صلاة الجماعة في المزرعة؛ لأن بيننا وبين المسجد حوالي عشرة كيلو، ولأن السائق يكون في الرياض يوميا للذهاب بالخضار، ويوجد سيارة في المزرعة، ولا يوجد سائق بديل يوصلنا إلى المسجد، نرجو من سماحتكم الرد على سؤالنا (1)
ج: إذا كان الواقع كما ذكرتم من بعد المسجد وعدم تيسر السيارة فلا حرج أن تصلوا في المزرعة، إنما تجب الجماعة إذا كان الناس يسمعون النداء، ويستطيعون الوصول إلى محل المسجد، أما إذا كان
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (386) .(11/212)
بعيدا إنما يسمعونه بالمكبر، أو كان لهم عذر كالمرضى لا يستطيعون الوصول فلا حرج عليهم، والحمد لله.(11/213)
118 - حكم الصلاة في السكن جماعة مع قرب المسجد
س: إننا مجموعة من العمال نصلي في السكن، بينما المسجد يبعد عنا ما يقرب من كيلو متر فقط، هل صلاتنا صحيحة أم لا (1)
ج: الصلاة صحيحة، لكنكم قصرتم في ترك الجماعة، والواجب عليكم أداؤها في جماعة في بيوت الله عز وجل، كما قال الله سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (2) ، وقال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (3) » فالواجب عليكم أن تبادروا إلى أدائها في الجماعة في بيوت الله، أما ما مضى فالصلاة صحيحة، وعليكم التوبة والاستغفار إذا كنتم تسمعون النداء، إذا كانت الأصوات هادئة وسمعتم النداء العادي من المئذنة، ولكن بكل حال فينبغي لكم أن تسارعوا إلى أدائها في الجماعة، والحذر من
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (83) .
(2) سورة النور الآية 36
(3) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/213)
التساهل في أدائها في السكن، والغالب أن الكل يسمع النداء إذا كانت الأصوات هادئة، والمؤذن ذو صوت جيد، فالغالب أنه يسمع صوته من هذه المسافة، والله المستعان.(11/214)
119 - حكم فوات صلاة الظهر أو صلاة الجمعة بسبب العمل
س: السائلون في هذا السؤال يقولون: نحن مجموعة من الشباب من جمهورية مصر العربية، نقيم بالمملكة، ونعمل لمدة ما يقارب من اثنتي عشرة ساعة - فترة مسائية - من السابعة مساء وحتى السابعة صباحا، في بعض الأوقات تفوتنا صلاة الظهر خاصة يوم الجمعة، وهذا الدوام الليلي بصفة مستمرة، مما يترتب عليه النوم بالنهار لفترات طويلة، ماذا نعمل في ذلك؟ وهل نأثم بتركنا صلاة الجمعة وصلاة الظهر (1)
ج: نعم، عليكم أن تصلوا الجمعة وأن تصلوا الظهر مع الناس، ولا يجوز لكم الموافقة على عمل يمنعكم من ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف (2) »
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (410) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257) ، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840) .(11/214)
فالواجب عليكم أن تصلوا الجمعة، وأن تصلوا مع الناس، وعلى صاحبكم أن يسمح لكم بذلك، وأن تكون فترات الصلاة مستثناة، يجب عليكم وعلى صاحبكم، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، بل يجب أن تعتنوا بهذا الأمر، وأن تشترطوا عليه أن أوقات الصلاة مستثناة؛ لأنها فرض على الجميع، فالله يقول جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (1) ، ويقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (3) » وجاء رجل أعمى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: «ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (4) » أعمى ليس له قائد أمره أن يجيب، يلتمس من يقوده حتى يوصله إلى المسجد.
__________
(1) سورة البقرة الآية 238
(2) سورة البقرة الآية 43
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/215)
120 - حكم صلاة العامل إذا منع من الذهاب إلى المسجد
س: يسأل السائل ويقول: بالنسبة لصلاة الجماعة في المسجد، يقول هذا السائل: إذا كان الشخص يسمع النداء ولا يذهب للصلاة في المسجد؛ وذلك لأن أصحاب العمل لا يعطونه إذنا بالذهاب فهل عليه إثم؟ وهل يواصل معهم هذا العمل بالرغم من ذلك (1)
ج: ليس له أن يوافقهم، عليه أن يشترط ذهابه إلى الصلاة في المسجد، ولا يجوز له طاعتهم؛ لأن الرسول يقول: «إنما الطاعة في المعروف (2) » صلى الله عليه وسلم. فعليه أن يبين لهم أنه لا بد من الذهاب إلى المسجد والصلاة مع الجماعة، سواء كان العمل حكوميا أو غير ذلك، يعلم أن الصلاة لا بد منها في الجماعة.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (412) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257) ، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840) .(11/216)
121 - توجيه العناية بوجوب أداء صلاة الجماعة
س: يقول السائل: مع الأذان للصلاة أكلف بالعمل، وتعبت كثيرا من هذه التكاليف في وقت الأذان، وكثير من المرات خرجت عن صوابي وضاق خلقي؛ لأنهم لا يكلفون بالعمل إلا مع الأذان، أو وقت الصلاة، وكنت دائما أشكو لهم هذا، وأبين لهم أن الصلاة لها(11/216)
فضل كبير إذا كانت مع الجماعة، ولا يجوز تأخيرها لغرض من الأغراض التي يمكن تأخيرها؛ لم يستجيبوا لي. وجهوني ووجهوا أمثال هؤلاء جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم. والواقع أمامي رسالة أخرى سماحة الشيخ تعرض نفس الغرض، فما توجيهكم؟ وفقكم الله وجزاكم خيرا (1)
ج: لا شك أن الواجب على المسلمين العناية بالصلاة، وأن تؤدى في وقتها من الرجال والنساء جميعا؛ لأنها عمود الإسلام وأعظم الأركان بعد الشهادتين، ولأنها أول شيء يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت له الصلاة صلح له بقية عمله، وإن ردت عليه صلاته رد عليه باقي عمله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالواجب على أهل البيت وعلى الموظفين في أي دائرة أن يتقوا الله في ذلك، وأن يتعاونوا على أداء الصلاة في وقتها في الجماعة، وأن يجيبوا المؤذن، وألا يشغل بعضهم بعضا بأشياء تعوقهم عن الصلاة مع الجماعة، أو عن الصلاة في وقتها، هذا يعم الرجال والنساء، فالواجب على أهل البيت أن يجتهدوا في أداء الصلاة في وقتها، والحرص على ذلك، وعلى الرجال أن يصلوها في الجماعة، إذا سمعوا النداء بادروا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا:
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (291) .(11/217)
ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (1) » وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (2) » خرجه مسلم في الصحيح. فإذا كان أعمى ليس له قائد يقال له: أجب. هذا يصلي في الجماعة في المسجد فكيف بغيره من الناس؟ فالواجب على جميع الرجال المستطيعين أن يصلوا في المسجد ويجيبوا المؤذن، وأن يخرجوا من بيوتهم ومنازلهم ودوائرهم إلى المساجد، إلا من عذره الله كالمريض، فالمريض يصلي على حسب حاله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) . يقول ابن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (4) » ولا يجوز لمدير دائرة أو رئيس الدائرة، أو صاحب البيت أن يشغل أولاده أو الموظفين بأعمال تمنعهم عن صلاة الجماعة، تعوقهم عن صلاة الجماعة، بل يجب أن يكونوا
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(3) سورة التغابن الآية 16
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654) .(11/218)
متعاونين على المبادرة في أداء الصلاة في الجماعة، وعلى تأجيل الأشغال الأخرى التي قد تعوق إلى ما بعد الصلاة، أو تقديمها قبل الصلاة بوقت، أما أن يشغل الموظفون بها وقت الصلاة حتى يتخلفوا عن صلاة الجماعة فهذا منكر عظيم، فالواجب تركه والحذر منه، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.(11/219)
122 - حكم التكليف بالعمل وقت الصلاة
س: ما على العامل أو السائق أو الخادم إذا جوبه بمثل هذه القضية سماحة الشيخ (التكليف بالعمل وقت الصلاة) هل له ذلك، أو تنصحونه بأن ينتقل إلى جهة أخرى تمكنه من تأدية صلاة الجماعة (1)
ج: الواجب على السائق والعامل، وكل موظف أن يقدم حق الله، يصلي في جماعة، يوقف السيارة ويصلي في الجماعة والحمد لله، والعامل يوقف العمل يصلي مع المسلمين أوقات الصلاة مستثناة، ليست داخلة في العمل إلا إذا كان حارسا، يصلي في محل حراسته ولا يهمل محله، أو المريض فهو معذور، أو معه في السيارة ما يخشى عليه فلا بأس أن يؤديه إلى جهته، ويحرص مستقبلا على أن يحتاط لهذا
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (291) .(11/219)
الأمر في جميع الأوقات.(11/220)
123 - حكم العمل في جهة لا تمكن العاملين من الصلاة في وقتها
س: من كان عمله في الإمكان أن يؤجل إلى ما بعد الصلاة، كيف تنصحونه (1) ؟
ج: يجب عليه أن يؤجل، وإذا كانت الجهة المسؤولة لا تمكنه ينتقل إلى جهة أخرى، يستقيل ويطلب جهة أخرى، والله يسهل أمره، يقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (2) ، ويقول عز وجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (3) ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل (4) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «إنما الطاعة في المعروف (5) »
فالرئاسة التي تمنعه من صلاة الجماعة، أو الإدارة أو رئيس
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 491.
(2) سورة الطلاق الآية 2
(3) سورة الطلاق الآية 4
(4) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (1098) .
(5) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257) ، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840) .(11/220)
العمل أو ما أشبه ذلك لا يجوز أن يطيعه في ذلك، أو رئيس العائلة: «إنما الطاعة في المعروف (1) » ليس للمكلف أن يطيع أحدا في معصية الله عز وجل.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257) ، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840) .(11/221)
124 - حكم تأخير الصلاة عن وقتها بسبب منع صاحب العمل
س: يقول: أعمل سائقا لدى صاحب مصلحة، وصاحب العمل لا يسمح لنا بالصلاة في وقتها، ويهددنا بالفصل إذا تركنا العمل وذهبنا للصلاة، علما بأنه مواظب على أداء الصلوات في أوقاتها، فأفيدونا ماذا علينا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليكم الصلاة في الجماعة، والواجب عليه أن يسمح لكم بذلك، ولا يجوز له أن يمنعكم من ذلك، ليس له حق في ذلك، الواجب عليكم عدم طاعته في هذا: «إنما الطاعة في المعروف (2) » نسأل الله لنا ولكم وله الهداية.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (292) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257) ، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840) .(11/221)
125 - حكم صلاة الحارس في المتجر إذا خيف من السرقة
س: السائل هذا مصري، ومقيم في المملكة، يقول: أنا أعمل حارسا(11/221)
على معدات في شركة لوحدي في المحل، ويوجد جامع صلاة يبعد عن محلنا ثلاثة كيلو مترات، هل أترك المحل أو محل عملي وأذهب للصلاة في الجامع، أم أصلي في محلي ظهرا (1)
ج: إذا كنت مأمورا بالحراسة وتخشى على المحل لا تذهب، صل في المحل، أما إذا كان المحل ما عليه خطر، في محل يغلق تذهب وتصلي وتعود، تذهب وتصلي مع الناس، أما إذا كان المحل عليه خطر وأنت مأمور بالحراسة دائما حتى وقت الصلاة فأنت معذور، تصلي في محلك.
__________
(1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (421) .(11/222)
126 - حكم الصلاة في البيت لمن لا يسمع نداء الصلاة لبعد المسجد
س: يقول الأخ: إنه يبعد عن المسجد حوالي ثلث ساعة، ولا يسمع الأذان إلا في أوقات الهدوء، وذلك عبر مكبرات الصوت، هل صلاتي في البيت مقبولة؟ علما بأنه لا يوجد ما يخيفني (1)
ج: إذا بعد الإنسان عن المسجد حيث لا يسمع النداء المعتاد فإنه لا يلزمه، النبي عليه الصلاة والسلام قد قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (424) .(11/222)
صلاة له إلا من عذر (1) » وقال للأعمى: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (2) » فإذا كان في محل بعيد لا يسمع النداء المعتاد إلا بمكبرات الصوت فإنه لا يلزمه، لكن إذا احتسب الأجر وصبر وذهب إلى المسجد فهذا خير له، فيه فضل عظيم.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/223)
127 - مسألة في حكم الصلاة بالمزرعة لعدم سماع الأذان بالمسجد
س: أبو معاذ يقول في هذا السؤال: بأنه يعمل في مزرعة، ومتزوج ولا يوجد معه أولاد، ويبعد عن المسجد مسافة من اثنين إلى ثلاثة كيلو مترات، فهل تجوز الصلاة في المزرعة؟ علما بأن المزرعة منعزلة عن القرية التي بها المسجد (1) ؟
ج: لا بأس، إذا كان لا يسمع النداء كيلوين أو ثلاثة يصلي وحده، وإن صبر وذهب إلى المسجد فهذا خير عظيم وفضل كبير، وإن صلى وحده فلا بأس؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من سمع النداء (2) » فإذا كان يسمع النداء لو هدأت الأصوات، يسمع النداء بغير مكبر يلزمه، أما إذا كان في محل بعيد لا يسمع النداء فإنه لا يلزمه.
__________
(1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (414) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .(11/223)
128 - حكم صلاة من كان عمله في الصحراء
س: بحكم طبيعة عملي في الصحراء، وبعدي عن المدينة فإنني أصلي دائما في مكان عملي طوال الأسبوع، وقراءتي للقرآن ليست بالشكل الصحيح المضبوط، أفيدوني وفقكم الله (1)
ج: ليس عليك حرج، ما دمت بعيدا عن المدن لا تسمع النداء تصلي في مكانك، وعليك أن تجتهد في قراءة القرآن وإقامة الحروف ولو في المصحف، وأهم شيء الفاتحة، لا بد أن تقيمها؛ لأنها ركن الصلاة، وما سواها مستحب، لكن عليك أن تجتهد حتى تقيم الفاتحة، وتقرأها على من هو أعرف منك حتى تقيمها وتحفظها جيدا.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (354) .(11/224)
129 - حكم من حلف أنه لا يصلي خلف إمام معين
س: يقول السائل: حصل بيني وبين عمي نقاش، وقد كان يصلي بنا، وأنا حلفت بالله لا أصلي خلفه، وفي أيام رمضان أنا تقدمت إماما، وحينما بدأت أكبر قال لي: ارجع في الصف. وأنا رجعت وصليت وحدي قرب الصف؛ لأنني حلفت بالله، هل يجوز ما فعلت؟ جزاكم الله خيرا، وما الحكم إذا ما أردت الصلاة خلفه (1)
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (264) .(11/224)
ج: الواجب عليك أن تصلي في الجماعة، ولا تصلي وحدك، وعليك كفارة اليمين، عليك أن تكفر عن يمينك بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، أما أن تصلي وحدك فهذا لا يجوز، والجماعة واجبة عليك وعلى غيرك من المسلمين في مساجد الله مع إخوانك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (1) » وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له المصطفى عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (2) » إذا كان رجل أعمى يجب عليه أن يجيب كيف بغيره؟ وهو ليس عنده قائد أيضا، بل يحتاج إلى طلب الناس ليقودوه، فاتق الله واحذر وتب إلى الله مما فعلت، وكفر عن يمينك، وصل مع الناس، واقتد بالإمام، واستغفر ربك مما فعلت سابقا، وتب إليه، وعليك كفارة يمين؛ وهو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم كل واحد له نصف الصاع، تمر أو أرز من قوت بلدك، نصف صاع (كيلو ونصف) من قوت بلدك، أو كسوة تجزئه للصلاة كإزار ورداء أو قميص.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/225)
130 - حكم التخلف عن صلاة الجماعة إذا كان المسجد بدون إمام
س: بقربي مسجد، ولكنه بدون إمام، فهل يجب علي أن أصلي فيه؟ وإذا كان لهذا المسجد إمام فهل علي إثم إن صليت في بيتي (1)
ج: الواجب الصلاة في جماعة، وليس لك أن تصلي في بيتك، وإن كان المسجد ليس فيه إمام فإنهم يقدمون أحدهم، يقدمون أقرأهم وأفضلهم يصلي بهم، وليس لك أن تصلي في البيت، وإذا قدموك؛ لأنك أقرؤهم وأفضلهم فصل بهم، ولا يجوز لك ولا لغيرك الصلاة في البيت وترك الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » والعذر هو: المرض والخوف ونحوهما، مما يمنع الإنسان من الذهاب إلى المسجد، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاء رجل أعمى، «جاء إلى النبي رجل أعمى يستأذن: هل يصلي في بيته؟ وذكر له أنه ليس له قائد يقوده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ "، سأله النبي: هل تسمع النداء؟ يعني: الأذان. قال: نعم. قال: " فأجب (3) » فإذا كان
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (298) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/226)
الأعمى الذي ليس له قائد يؤمر بالإجابة فكيف بغيره ممن عافاهم الله؟(11/227)
131 - حكم بناء مسجد مع وجود جامع قريب منه يصلى فيه
س: عندنا قرية يوجد بها مسجد جامع يبعد عنا حوالي ثلاثمائة متر، ولكننا لا نصلي فيه رغم أننا نسمع الدعاء، ولا يصلي فيه أحد إلا أصحابه، ثم قام أبي طالبا الأجر والثواب ببناء مسجد إلى جوار بيتنا، وصرنا نصلي فيه جماعة كل فرض، أنا وأبي وإخوتي وأولادهم، ولكن بعض الناس قالوا: إن هذا المسجد لا تجوز فيه الصلاة؛ لأن الجامع قريب منا. والسؤال: هل نهجر هذا المسجد الصغير الذي بناه والدي ونذهب إلى الجامع - وليس في ذلك شيء - أم نصلي فيه كل فرض جماعة؟ مع العلم يا سماحة الشيخ أننا نصلي الجمعة في الجامع، أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليكم أن تصلوا في الجامع؛ لأنه قريب منكم، فإذا كان هناك أسباب أخرى بينكم وبينه؛ شارع يضركم، يعني: فيه خطر. فلا بأس، أما ما دامت الطريق سليمة، والمسافة التي بينكم مثل ما ذكرتم: ثلاثمائة متر، وليس هناك مانع فإن عليكم أن تصلوا في الجامع، وأن تهدموا هذا المسجد؛ لأنه في حكم الضرار، لا حاجة إليه، فالواجب
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (186) .(11/227)
عليكم أن تصلوا الجمعة والجماعة مع إخوانكم في هذا الجامع القريب منكم، إلا أن يكون هناك مانع يمنعكم، أو طريق كثير المرور يخشى عليكم منه فهذا لكم عذر في الفرائض خاصة دون الجمعة، أما ما دام الطريق سليما وليس بينكم أخطار، ولا ما يوجب عدم الصلاة معهم فالواجب عليكم أن تصلوا معهم، وأن تكثروا سوادهم؛ لأن المطلوب في الجماعة تكثير المسلمين، وتجميعهم في بيوت الله، والتعاون على البر والتقوى، والحرص على ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، لا ينبغي التفرق.(11/228)
132 - حكم الصلاة في المسجد البعيد طلبا للأجر
س: رجل يصلي في المسجد المجاور له، مراعيا في ذلك حق الجوار، ورجل يصلي في الجامع الكبير البعيد عن بيته تاركا هذا المسجد المجاور له؛ بقصد كثرة الثواب نظرا لكثرة الناس فيه، وأنه كلما كثرت الخطى كثر الأجر، فنسأل الآن من هو صاحب الأجر الأكثر (1) ؟
ج: لا شك أن الذي يطلب المسجد البعيد، ويصبر على التعب يكون له الأجر أكثر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى (2) » لكن إذا كانت الصلاة في
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (336) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم (651) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم (662) .(11/228)
المسجد القريب تجمع الناس، ويعظهم ويذكرهم ويحصل بذلك النفع لهم فصلاته معهم أولى، أما إذا كان لا يفقد ولا يتأثر المسجد به فالمسجد البعيد يزيد به أجر الخطوات، وهو على خير إن شاء الله بلفظ الحديث: «أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى (1) »
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم (651) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم (662) .(11/229)
133 - حكم السفر إلى بلاد غير إسلامية ولا يوجد بها مساجد
س: ما حكم من يسافر إلى بلد غير إسلامي للدراسة، أو للعمل لعدد من السنوات؟ هل يختلف الحكم إذا كانت المدينة التي يقيم فيها مدينة كبيرة؛ يوجد فيها مساجد ومراكز إسلامية وآلاف المسلمين، أو كانت مدينة صغيرة لا يوجد بها مساجد، وقد لا يوجد بها مسلمون؟ وهل يعذر من صلاة الجماعة في هذه الحالة؟ نرجو من سماحتكم الإجابة (1)
ج: ينبغي للمؤمن ألا يسافر إلى مثل هذه البلاد التي فيها كفر؛ لا للعمل ولا للدراسة إذا وجد فسحة حتى يتعلم في غيرها، أو يعمل في غيرها؛ لأنه على خطر من خلطتهم، ولكن إذا كانت البلدة فيها مراكز إسلامية ومسلمون يستطيع ينضم إليهم، ويتعاون معهم في الخير، هذا أسهل من البلاد التي ليس فيها أحد من المسلمين، أما إن كان عنده
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (358) .(11/229)
علم وعنده بصيرة، وسافر إلى الدعوة إلى الله والتعلم فلا بأس، أما الطالب الذي مازال ليس عنده علم يصونه من شبهاتهم فهو على خطر، ينبغي أن يتعلم في بلاده أو يلتمس بلادا سليمة حتى يتعلم فيها، ولا يذهب إلى بلاد الكفر، وهكذا للعمل لا يذهب للعمل في بلاد الكفر؛ لأنه على خطر أن يجروه إلى دينهم. في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين (1) » فإذا كان بينهم هو على خطر من شرهم ومكايدهم، إلا إذا كان عنده علم وأظهر دينه.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، برقم (2645) والترمذي في كتاب السير، باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين، برقم (10604) .(11/230)
باب أحكام الإمامة
134 - حكم قراءة الفاتحة لمن لم يدرك مع الإمام تكبيرة الإحرام
س: ماذا على المصلي إذا لم يدرك مع الإمام تكبيرة الإحرام؟ بل وجد الإمام يقرأ في السورة الثانية بعد الفاتحة مثلا، هل يبدأ بالاستفتاح أم بالفاتحة (1)
ج: يكبر ويقرأ الفاتحة إذا كان يخشى ركوع الإمام، أما إن كان يعرف من حال الإمام وقراءته أنه يمكنه يستفتح ويأتي بالفاتحة فلا بأس، لكن الأقرب - والله أعلم - أنه لا يستفتح خصوصا إذا كانت جهرية؛ لأنه مأمور بالإنصات، لكن الفاتحة مستثناة، يأتي بالفاتحة ولا يستفتح، أما إذا كانت سرية ويظن أنه يمكنه أن يقرأ، ويستفتح فإنه يستفتح ثم يقرأ الفاتحة.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (284) .(11/231)
135 - حكم قراءة دعاء الاستفتاح والإمام يقرأ
س: إذا جاء الرجل إلى المسجد والإمام يقرأ هل يكبر ويستمع، أم(11/231)
يقرأ دعاء الاستفتاح ثم الفاتحة ثم يستمع (1)
ج: إذا كبر يستمع، لكن يقرأ الفاتحة، أما الاستفتاح فيستحب، يسقط، لكن يقرأ الفاتحة ثم ينصت، إذا كان الإمام لا يسكت.
__________
(1) السؤال السادس والخمسون من الشريط رقم (431) .(11/232)
136 - حكم من أدرك الركوع ولم يقرأ الفاتحة
س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الركوع وقد أدرك الركوع، لكنه لم يقرأ الفاتحة (1)
ج: إذا أدرك الركوع أجزأته الركعة على الصحيح، وهو قول جمهور أهل العلم؛ لأنه ثبت من حديث أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه، «أنه أتى ذات يوم والنبي راكع - عليه الصلاة والسلام - فركع معه، ركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " زادك الله حرصا، ولا تعد (2) » ولم يؤمر بقضاء الركعة، خرجه الإمام البخاري في الصحيح، وهذا يدل على أن الإنسان إذا فاته القيام أجزأته الركعة قبل الرفع من ركوعها، وسقطت عنه الفاتحة؛ لأنه معذور لكونه لم يحضر القيام، هذا هو الصواب، وعليه الأئمة الأربعة
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (262) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(11/232)
رحمهم الله؛ لحديث أبي بكرة هذا. وقال جماعة من أهل العلم: إن القراءة على المأموم ليست واجبة، أعني قراءة الفاتحة. ونقل هذا عن الجمهور أن القراءة ليست واجبة على المأموم؛ قراءة الفاتحة، ولكن الأرجح أنها واجبة عليه؛ لعموم الأحاديث، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ " قلنا: نعم. قال: " لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (1) » فهو حديث جيد، لكن إذا فاته القيام وأدرك الركوع أجزأه الركوع؛ لحديث أبي بكرة الذي تقدم، وهكذا لو نسي الفاتحة أو جهل الحكم يحسب أنه لا حرج عليه، فإن ركعته تجزئه، فالقراءة في حق المأموم واجبة، تسقط بالنسيان والجهل، وعدم إدراك القيام، بخلاف قراءة الفاتحة بحق الإمام فإنها ركن لا بد منه وهكذا في حق المنفرد ركن، لا تصلح الصلاة بدونها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (2) » واتفق العلماء على صحته.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب برقم (823) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة. . .، برقم (394) .(11/233)
137 - بيان ما ينبغي من التكبيرات لمن أدرك الإمام راكعا
س: من أدرك الإمام راكعا فهل تلزمه تكبيرة أو تكبيرتان؛ تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع (1)
ج: نعم، إذا أدرك الإمام راكعا فإنه يكبر أولا وهو واقف تكبيرة الإحرام، ثم يكبر حين ينحني للركوع، هذا هو الذي ينبغي، وهذا هو الأصل، الأصل أن يكبر تكبيرتين؛ الأولى: وهي تكبيرة الإحرام، وهي فرض عند الجميع لا بد منها. والثانية: فرض عند بعض أهل العلم، وهي تكبيرة الركوع. وذهب الأكثرون أنها سنة، وذهب الإمام أحمد وجماعة من السلف والخلف إلى أنها فريضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كبر وأمر بالتكبير، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2) » في الركوع والسجود، فدل ذلك على وجوب التكبيرات، تكبيرات النقل تأسيا به صلى الله عليه وسلم، وتنفيذا لأمره، أما تكبيرة الإحرام وهي الأولى فهذه فريضة عند الجميع، لا يدخل الصلاة إلا بها، من دخل الصلاة بالنية ولم يكبر لم تنعقد صلاته، فلا بد من التكبير في أول الصلاة، وهي التكبيرة التي يقال لها: تكبيرة الإحرام. وهي المذكورة في
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (75) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631) .(11/234)
قوله - صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم (1) » يعني: التكبير الأول. لكن إذا جاء والإمام راكع فقد يضيق الوقت، فإن ترك تكبيرة الركوع صح عند جمع من أهل العلم لضيق الوقت، ولكن إذا أتى بهما فهو الأحوط، وفيه خروج من الخلاف، فينبغي له أن يأتي بها على الأصل، يكبر وهو واقف التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام، فيكبر الثانية عند انحنائه وانخفاضه للركوع متى تيسر ذلك، فهذا هو الأحوط والأولى، ومتى ترك الثانية للضيق أجزأته الركعة - والحمد لله - في أصح قولي أهل العلم.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (1009) وأبو داود في كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، برقم (61) والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، برقم (3) وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب مفتاح الصلاة الطهور، برقم (275) .(11/235)
138 - بيان عدد التكبيرات لمن أدرك الإمام في حال الركوع
س: كم تكبيرة يكبرها المأموم عندما يأتي والإمام في حال الركوع؟ أرجو التفصيل في هذه المسألة (1)
ج: يكبر تكبيرتين؛ إحداهما: وهو واقف، وهذه التكبيرة الأولى،
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (227) .(11/235)
وهي تكبيرة الإحرام، وهي ركن لا بد منه، ولا تنعقد الصلاة إلا بها. ثم ينحط مكبرا للركوع، فإن خاف أن تفوته الركعة اكتفى بالأولى، وكفت عن تكبيرة الركوع في أصح قولي العلماء؛ لأنهما عبادتان اجتمعتا في محل واحد، فاجتزئ بالعظمى منهما؛ وهي تكبيرة الإحرام، لكن شرط أن يؤديها وهو واقف قبل أن يركع بنية التكبيرة الأولى، وإذا أمكنه أن يأتي بالثانية وهو في هويه إلى الركوع كان هذا هو الأكمل، فإذا لم يتيسر ذلك لضيق الوقت كفته التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام.(11/236)
139 - بيان كيفية التكبير لمن أدرك الإمام في حال الركوع أو السجود
س: لو أتيت والجماعة في الركوع، أو السجود فهل تكفي تكبيرة الركوع أو السجود، أم لا بد من تكبيرة قبلها للإحرام، ثم تليها تكبيرة الركوع أو السجود (1)
ج: إذا جاء والناس ركوع فإن الواجب عليه أن يكبر تكبيرة الإحرام أولا، ثم إن تيسر له أن يكبر عند انحنائه للركوع فإنه يكبرها، وإن لم يتيسر ذلك أجزأته التحريمة؛ تكبيرة الإحرام تجزئه على الصحيح، ولكن إن أتى بهما جميعا فهذا هو الأفضل والأكمل؛ خروجا من خلاف
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (42) .(11/236)
العلماء، ثم يركع مع إمامه وتجزئه الركعة هذه، وليس عليه قضاء الركعة، بل تجزئه هذه الركعة التي أدرك الإمام فيها في حال الركوع، وأما إن جاء وهو في السجود فإنه يكبر تكبيرة الإحرام فقط وهو واقف، ثم ينحط ساجدا بدون تكبير، ولا تجزئه هذه الركعة؛ لأنه فاته ركوعها وقيامها.(11/237)
140 - حكم من أدخل تكبيرة الإحرام مع الركوع
س: ما حكم من وجد الإمام راكعا في الهوي، فكبر تكبيرة الإحرام ثم أدخل تكبيرة الركوع فيها؟ هل تصح صلاته أم لا (1) ؟
ج: من أدرك الإمام راكعا تجزئه التكبيرة الأولى في أصح قولي العلماء؛ لأنها هي الفريضة العظمى، وهي كالركن الأعظم، ولا تنعقد الصلاة إلا بها، أما تكبيرة الركوع فهي قيل بوجوبها وقيل بسنيتها، فهي أدنى من التكبيرة الأولى، فإذا ضاق الوقت أجزأت التكبيرة الأولى، وهي العظمى وهي الركن، عن التكبيرة الثانية؛ تكبيرة الركوع، وإن أتى بهما جميعا فذلك أفضل وأحوط، ثم يركع يكبر الأولى وهو قائم، ثم يكبر منحطا للركوع، وهذا هو الكمال، وإن لم يكبر الثانية واقتصر على الأولى أجزأه ذلك على الصحيح.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (39) .(11/237)
141 - حكم من أدرك الركوع ولم يقرأ بفاتحة الكتاب
س: من اليمن أ. ف، يقول: سماحة الشيخ، هل من أدرك الإمام راكعا فقد أدرك الركعة وإن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (1)
ج: نعم، إذا أدرك الإمام راكعا أدرك الركعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر له أبو بكرة أنه أدركه وهو راكع أمره ألا يعود؛ لأنه ركع دون الصف، ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل على إجزائه، قال: «زادك الله حرصا ولا تعد (2) » لما ركع دون الصف، خاف أن تفوته الركعة.
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (426) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(11/238)
س: إذا دخلت المسجد، ووجدت الإمام راكعا أو ساجدا هل لي أن أستفتح الصلاة في هذه الحالة، أم يكفيني استفتاح الإمام (1)
ج: إذا وجدته راكعا أو ساجدا فكبر وادخل معه، وليس هناك حاجة إلى الاستفتاح، كبر وادخل معه في الركوع، كبر وادخل معه في السجود، والحمد لله، وليس هناك حاجة إلا إذا كان قائما تكبر وأنت قائم ثم تستفتح، ثم تقرأ الفاتحة.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (164) .(11/238)
142 - بيان كيفية إدراك الركعة مع الإمام
س: رجل دخل المسجد والإمام راكع وكبر للركوع، وفي خلال نزوله للركوع كان الإمام يرفع من الركعة، هل يكون الرجل قد أدرك الركعة، أم لا؟ وإذا كان لم يدركها فمتى تتحقق الركعة (1)
ج: إن استوى راكعا قبل أن يرفع إمامه فقد أدرك الركعة، إذا وصل إلى حد الركوع قبل أن يرفع إمامه فقد أدرك الركوع، أما إن شرع الإمام رافعا قبل أن يصل حد الركوع فيعتبر غير مدرك، ويقضي هذه الركعة التي لم يدرك فيها الإمام في حالة الركوع، وهكذا لو شك، يقضي هذه الركعة؛ لأنه لم يتحقق أنه أدرك هذا الركن مع إمامه، أما إذا علم أنه أدرك الركوع؛ يعني وصل إلى حد الركوع مع إمامه فإنه يعتبرها، ولو كان تسبيحه وطمأنته بعد ذلك، ما دام وصل إلى حد الركوع والإمام لم يرفع.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (188) .(11/239)
143 - بيان وقت إدراك الركعة مع الإمام
س: يقول السائل: أنا دخلت والإمام راكع، ثم كبرت تكبيرة الإحرام والإمام راكع، فرفع قبل أن أركع معه، هل أدركت الصلاة أم لا (1) ؟
ج: إذا دخل الإنسان والإمام راكع، وكبر تكبيرة الإحرام، ثم رفع
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (25) .(11/239)
الإمام قبل أن يهوي بالركوع قبل أن يستوي راكعا فإنه قد فاتته الركعة، لا يدركها، وإنما يدركها إذا استوى راكعا قبل أن يرفع، إذا انحدر راكعا قبل أن يرفع إمامه أدركها ولو ما سبح إلا بعد ذلك، أما إذا كبر بالإحرام ثم رفع الإمام قبل أن يستوي راكعا فإنه يعتبر غير مدرك لهذه الركعة، وعليه أن يقضيها.(11/240)
144 - بيان كيفية إدراك الركوع مع الإمام
س: إذا دخل شخص والإمام قد ركع، ثم ركع على رفع الإمام (1)
ج: إذا أدرك الركوع قبل أن يرفع اعتد بها، وإن رفع الإمام قبل أن يستوي راكعا لا يعتد بها، يقضيها، أما إذا استوى راكعا قبل أن يرفع الإمام فإنه يعتد بها، ولا يضره رفع الإمام، أما إذا كان هذا قبل الهوي والإمام رافع لا يعتد بها، يقضيها.
__________
(1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (409) .(11/240)
145 - حكم المسبوق إذا وجد الإمام في السجود
س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الحالات التالية: في السجود مثلا، هل يسجد معهم مكبرا، أم ينتظر إلى أن يقوموا أو يجلسوا (1)
ج: السنة له أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف، ثم يسجد معهم؛ لما
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (262) .(11/240)
جاء في بعض الأحاديث: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئا (1) » ولما جاء في الحديث: أن السنة للمأموم إذا جاء والإمام على حال أن يصلي معه على حاله التي هو عليها؛ إن وجده راكعا ركع وإن وجده قائما وقف معه، وإن وجده ساجدا سجد، وإن وجده في التحيات جلس معه في التحيات. هذا هو الأفضل، ولو فاتته الركعات كلها ولو هو في التحيات؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » قوله: «فما أدركتم فصلوا (3) » يعم من أدرك الصلاة كلها أو بعض الركعات، أو أدرك الإمام وهو في التشهد يعمه الحديث.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع، برقم (893) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .(11/241)
146 - بيان كيفية إتمام من أدرك ثلاث ركعات في الصلاة الرباعية
س: إذا أدرك ثلاث ركعات في صلاة الظهر أو العصر فكيف يتم صلاته قولا وعملا (1)
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (262) .(11/241)
ج: عليه إذا سلم الإمام أن يقوم فيأتي بالركعة التي بقيت عليه، يقرأ فيها الفاتحة فقط، هذا هو الأفضل، أما جلوسه مع الإمام ولم يتم صلاته فمتابعة، يقرأ فيها التحيات، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع الإمام متابعة له أفضل، ثم يقوم ويأتي بالركعة الرابعة التي بقيت عليه، يقرأ فيها الفاتحة؛ لأنها الرابعة في حقه، ولو قرأ زيادة لا يضر، لكن الأفضل أن يقرأ الفاتحة فقط، هذا هو الأفضل؛ لأنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الثالثة والرابعة في صلاة الظهر والعصر بفاتحة الكتاب، وصلاة المغرب والعشاء بالفاتحة؛ يقرأ في الثالثة من المغرب الفاتحة، والثالثة والرابعة من العشاء الفاتحة، ثم يجلس بعد أن يصلي الركعة، يسجد سجدتين ثم يجلس، ويأتي بالتشهد كاملا مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومع الدعاء، ثم يسلم.(11/242)
147 - بيان كيفية إضافة الركعة الرابعة في الصلاة الرباعية
س: إذا وجدت جمعا في الفروض ذوات الأربع ركعات، وقد فاتتني الركعة الأولى، ثم لحقت معهم الركعة الثانية ثم التشهد، ثم الركعة الثالثة والرابعة، فأصبح ثلاث ركعات، كيف أضيف الركعة الرابعة (1)
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (2) .(11/242)
ج: إذا فات الإنسان ركعة من الرباعية؛ الظهر والعصر والعشاء فإنه إذا صلى مع الإمام ثلاث ركعات التي أدركها، وسلم الإمام من الركعة الأخيرة الرابعة فإنه يقوم هو ويأتي بركعة واحدة فقط تكميلا لصلاته، يقرأ فيها بالفاتحة فقط؛ لأنه ما أدرك هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها، فإذا سلم الإمام قام وقرأ الفاتحة، ثم ركع ثم رفع ثم سجد سجدتين، ثم قرأ التحيات بكمالها، ثم سلم هذا الواجب عليه، أما جلوسه مع الإمام وقراءته التحيات فذاك ليس بلازم قراءته التحيات، إنما جلس متابعة جلس مع الإمام في الركعة الأخيرة، جلس معه متابعة فقط، ولا يلزمه فيها قراءة التحيات، لكن إذا قرأها وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم لا يضره ذلك لا بأس به، أما التحيات اللازمة له فإنما تكون بعد قضائه الركعة الفائتة، فإذا قضاها قرأ التحيات وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا ثم سلم هذا هو المشروع له.(11/243)
148 - حكم قراءة التشهد الأول لمن لم يدرك الركعة الأولى مع الإمام
س: إذا حضر المأموم الصلاة مع الإمام بعد أن صلى ركعة من صلاة الظهر فهل يقرأ التشهد الأول عند جلوس الإمام، والمأموم لم يصل إلا ركعة واحدة (1)
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (14) .(11/243)
ج: لا يلزمه ذلك؛ لأن هذا ليس بتشهد، إذا أدرك ركعة واحدة مع الإمام الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر فإنه لا يلزمه قراءة التشهد، إذا جلس مع الإمام في الركعة الثانية هو محل تشهد لمن صلى مع الإمام من أول الصلاة، أما هذا فمحل تشهده يأتي في الركعة الثانية، فإن قرأه فلا حرج إن شاء الله، وفي هذه الحالة يسكت، أو يقرأ مثله، لكن لا يلزمه أن يقرأ؛ لأن هذا ليس محل قراءة، ولكن كونه يقرأ في التشهد الأول ويأتي به فهو خير له من السكوت؛ لأنه فضل، ولأنه ذكر، فإتيانه به خير.(11/244)
149 - بيان كيفية إكمال الصلاة الرباعية لمن أدرك الركعتين الأخيرتين
س: أسألكم عن شخص أدرك مع الإمام الركعتين الأخيرتين في صلاة العصر، ثم إنه بعد انتهاء التشهد الأوسط، وقيام الإمام للركعتين الأخيرتين، كيف يكمل صلاته؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا سلم إمامه يقوم يأتي بالركعتين، وتكون الركعتان الأخيرتان اللتان يقضيهما هما آخر صلاته، وأولها ما أدركه مع الإمام، الركعتان اللتان أدركهما مع الإمام هما أول صلاته، فإذا تيسر أن يقرأ مع الفاتحة
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (299) .(11/244)
زيادة، إذا كان الإمام أطال الوقوف فهو مشروع؛ لأنهما أول صلاته، والقاعدة أن ما أدركه مع الإمام هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخر صلاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1) » فالإسلام يوجب عليه القضاء، فالركعتان اللتان يقضيهما لمن فاتته الركعتان الأوليان تكونان هما آخر صلاته.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .(11/245)
150 - حكم من فاتته الركعتان الأوليان من صلاة العشاء
س: إذا فاتت المصلي الركعتان الأوليان من صلاة العشاء أو العصر أو الظهر، عندما يقوم لقضائها هل يصلي ركعة ثم يقرأ التشهد الأول ثم يصلي الركعة الأخرى، أم يصليهما بدون تشهد؟ وكذلك إذا فاتته ثلاث ركعات من الرباعية فما الحكم (1) ؟
ج: إذا فاته اثنتان من المغرب فإنه إذا قام يأتي بواحدة، ثم يجلس للتشهد الأول؛ لأن السنة في المغرب أن يجلس بعد الثنتين للتشهد الأول، فإذا قضى واحدة ضمت إلى ما أدرك مع الإمام، وصار الجميع ثنتين، فيجلس للتشهد الأول، ثم يقوم فيأتي بالثالثة منفردا، يسر فيها في القراءة في المغرب، أما في العشاء فإذا فاته اثنتان فإنه يأتي بالثنتين
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (188) .(11/245)
متتابعتين؛ لأنه لا جلوس فيهما إلا في الأخيرة منهما، وهو الجلوس الأخير كما هو معلوم.(11/246)
151 - حكم قراءة التشهد ثلاث مرات في المغرب للمسبوق
س: رجل يدرك الركعة الثانية مع الإمام في المغرب، وربما الثانية في الفجر، وعلى هذا سوف يكون صلى ثلاث مرات للتشهد في المغرب، ومرتين في الفجر، فماذا يفعل في الجلسة الزائدة؟ وكيف يكون تفصيلها؟ وما حكم من قرأ التشهد فيها (1) ؟
ج: هذه الجلسة متابعة للإمام، الجلسة التي يجلسها بعد الركعة الأولى التي أدركها؛ وهي الركعة الثانية في حق الإمام هذه الجلسة تابعة لمتابعة الإمام، يجلس متابعة لإمامه، وهكذا في المغرب، وهكذا إذا أدرك ركعة من الظهر أو العصر أو العشاء فإنه يجلس بعدما يصلي الركعة الأولى، التي يقضيها؛ يجلس للتشهد، ثم يقوم فيصلي الثنتين اللتين فاتته، الحاصل أن هذه الركعة التي أدركها مع الإمام في الفجر، وفي المغرب يجلس فيهما جلسة مع الإمام تبعا للإمام، وإذا قرأ فيها التحيات: التشهد الأول والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تبعا للإمام فلا حرج عليه، ولو لم يقرأ لا حرج عليه؛ لأن هذه ما هي
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (215) .(11/246)
الجلسة في حقه، ليست التشهد الأول، ولا التشهد الأخير، لكن إذا قرأ تبعا للإمام هذا حسن إن شاء الله ولا يضره، وإنما الواجب عليه في الجلسة الأخيرة التي بعد قضاء الركعة التي فاتته في الفجر، وبعد قضاء الركعتين في المغرب، عليه التشهد الأخير، والتشهد الأول بعدما يأتي بركعتين في المغرب، يتشهد الأول، وجلوسه مع الإمام إنما هو متابعة، وإنما الجلسة التي تلزمه بعدما يقضي ركعتين من المغرب يجلس للتشهد الأول، ثم يصلي الثالثة ويجلس للتشهد الأخير، وفي الفجر يقضي الركعة التي عليه، ويجلس للتشهد الذي يجب عليه، وهو التشهد الذي فيه السلام، هذا واجب عليه، أما جلسته مع الإمام هذه لا تلزمه إلا متابعة الإمام، يجلس متابعة للإمام، ولا يلزمه فيها قراءة التشهد، لكن إذا قرأه فلا حرج.(11/247)
152 - بيان كيفية إتمام صلاة من أدرك ركعة واحدة من صلاة المغرب
س: في حالة إدراك المأموم ركعة واحدة من صلاة المغرب، فكيف يتم صلاته (1)
ج: إذا سلم الإمام يقوم فيأتي بركعة، ثم يجلس للتشهد الأول،
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (262) .(11/247)
ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقوم ويأتي بالركعة الثالثة التي يقرأ فيها الفاتحة، وهذا هو المشروع؛ لأن المغرب فيها تشهد أول بعد الثنتين، والتشهد الأخير بعد الثالثة، وتشهده الذي مع الإمام ليس هو التشهد المطلوب منه، بل هو تابع، إنما جلس متابعة لإمامه بعد الأولى، وإلا الجلوس الذي في حقه هو بعد الثانية، فلهذا إذا أتى بالثانية يجلس ويقول التشهد الأول.(11/248)
س: السائل يقول: إذا أدركت الركعة الأخيرة من صلاة المغرب فهل يجوز أن أقرأ في الركعة الأخيرة سورة مع الفاتحة أو لا (1)
ج: إذا كنت تقضي تقرأ في الركعة التي تبدأ بها في القضاء الفاتحة وسورة معها أفضل، ثم الركعة الأخيرة الفاتحة فقط، وهي الثالثة في حقك، وإن قرأت معها زيادة فلا حرج، ثبت عن الصديق رضي الله عنه أنه كان يقرأ بعد الفاتحة في الثالثة في المغرب: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (2) (3) وثبت أن بعض أمراء الأنصار الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بأصحابه بعد الفاتحة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) الله في كل ركعة مع الزيادة عليها في الركعة الأولى والثانية.
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (254) .
(2) سورة آل عمران الآية 8
(3) والحديث أخرجه مالك في الموطأ برقم (174) .
(4) سورة الإخلاص الآية 1(11/248)
153 - حكم قراءة ما زاد عن الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة
س: إذا دخل المصلي صلاة الجماعة في الركعة الثالثة أو الرابعة فهل عليه أن يقرأ فيهما عدا سورة الفاتحة (1)
ج: الفاتحة تكفي، ولكن إذا تيسر له قراءة زيادة عليها فلا بأس؛ لأنها أول صلاته، المسبوق في أول صلاته وما يقضيه هو آخرها، فإذا كان الإمام تأخر بعد الفاتحة قرأتها هذا أفضل، فإن لم يتيسر كفت الفاتحة والحمد لله، ثم تقضي ما فاتك.
__________
(1) السؤال الستون من الشريط رقم (434) .(11/249)
154 - بيان كيفية إكمال صلاة المغرب لمن أدرك الركعة الأخيرة
س: يقول السائل: في صلاة المغرب حضرت الركعة الأخيرة مع الجماعة، كيف آتي بالباقيات؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا سلم إمامك تأتي بركعة تجهر فيها بالقراءة، تقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم تجلس وتأتي بالتشهد الأول، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تنهض وتأتي بالثالثة، هذا هو المشروع لك والواجب عليك.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (245) .(11/249)
155 - إذا أدرك المصلي مع الإمام ركعة فأكثر فهي أول صلاته
س: أرجو تفصيل هذه المسائل الهامة في نظري، كيف يفعل المسبوق(11/249)
بركعة أو ركعتين في العشاء أو المغرب؟ هل يقرأ سرا؟ أم كيف يعمل؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا سبق بركعة إذا سلم الإمام يقوم ويأتي بالركعة التي سبق فيها، ويقرأ فيها الفاتحة فقط، هذا هو الأفضل؛ لأن ما يقضيه هو آخر صلاته، وما أدركه مع الإمام هو أول صلاته، هذا هو الصحيح، والسنة أن يجهر بالقراءة في المغرب والعشاء، يقرأ الفاتحة فقط، وإن قرأ زيادة فلا حرج سرا، أما الفجر فيقرأ فيها جهرية في الركعة التي يقضيها الفاتحة وزيادة معها، كما كان يقرؤها، لكنه في حال قضائه ليس مع الإمام فيقضيها ويقرأ مع الفاتحة ما تيسر جهرا، لا يؤذي من حوله.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (286) .(11/250)
156 - ما أدرك المصلي مع الإمام فهو أول صلاته
س: يقول السائل: إذا أدرك المصلي الإمام في الركعة الثانية، أو الثالثة فأي الركعات يأتي بها بعد السلام (1)
ج: إذا أدرك الإمام في أثناء الصلاة فما أدركه يعتبر أولها على الراجح، وما لم يدرك فهو آخرها، الذي يقضي هو آخرها، والذي يدرك مع الإمام هو أولها، حتى لا تتنافى الصلاة وتختلف، فإذا أدرك الإمام
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (25) .(11/250)
وقد صلى ركعتين فالركعتان اللتان أدركهما أول صلاته، والركعتان اللتان يقضيهما من الظهر أو العصر أو العشاء هي آخر صلاته، وهكذا الفجر، وهكذا المغرب؛ ما أدركه مع الإمام هو أولها، يقرأ فيه الفاتحة وما تيسر معها، وما يقضيه هو آخرها وهو الأرجح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1) » وفي حديث آخر: «فاقضوا (2) » ومعنى (اقضوا) : أتموا. القضاء بمعنى التمام، هذا هو الحجة في هذا الباب؛ ولأن هذا هو الذي يليق بالصلاة ويتناسب معها؛ لأن ما أدركه هو أولها، وما يقضيه هو آخرها، وهذا في جميع الفرائض.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209) ، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861) ، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602) .(11/251)
س: إذا أدرك الإنسان عددا من الركعات في أي صلاة مع الجماعة وهو مسبوق هل الركعات التي يأتي بها تكون هي التي لم يدركها، أم هي التي أدركها ويكمل صلاته (1)
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (304) .(11/251)
ج: تقدم في بعض الأجوبة أن ما أدركه هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1) » وفي رواية: «فاقضوا (2) » ، فمعنى قضائه: الإتمام. فالذي يقضيه هو آخر صلاته، والذي يدركه مع الإمام هو أول صلاته؛ فإذا أدرك مع الإمام ركعتين فيقرأ الفاتحة، وإن تيسر أن يقرأ معها زيادة فليقرأ زيادة مع الفاتحة، ثم إذا قام يقضي يقرأ فاتحة ثانية فقط؛ لأنها آخر صلاته.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209) ، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861) ، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602) .(11/252)
س: عندما أكون مسبوقا، وأدرك الجماعة في أي صلاة هل الركعات التي أصليها بعد تسليم الإمام أعتبرها هي التي سبقتني، أم هي التي أدركتها مع الإمام وآتي بالتي سبقتني؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصواب أن ما أدركه المسبوق هو أول صلاته، ما أدركه مع الإمام هو أولها، يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، وما يقضيه هو آخرها، هذا هو الصواب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » فهو إتمام للصلاة.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (303) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .(11/252)
157 - حكم الجهر إذا فات المصلي الركعتان الأوليان من الصلاة الجهرية
س: إذا فات المصلي الركعتان الأوليان من الصلاة الجهرية، وقام بعد تسليم الإمام لقضائهما فهل يجهر فيهما بالقراءة أم لا؟ وهل صلاة من لم يجهر فيهما بالقراءة صحيحة (1) ؟
ج: الصواب أن ما يدركه مع الإمام هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخر صلاته، فإذا أدرك مع الإمام ركعتين فهما أول صلاته، يصليهما مع الإمام ساكتا؛ لأن الإمام ساكت غير جاهر، وإذا قام يقضي كذلك، يقضيهما على أنهما الركعتان الأخيرتان فلا يجهر فيهما، هذا هو الصواب؛ لأنهما آخر صلاته كمثل العشاء، وهكذا المغرب إذا فاتته واحدة فإنه يقضيها وتكون بالنسبة إليه هي الأخيرة، ولا يجهر فيها، هذا هو السنة حتى لا تتناقض الصلاة.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (188) .(11/253)
158 - بيان كيفية إتمام صلاة العشاء
س: رسالة من مكة المكرمة، مستشفى الملك عبد العزيز بالزاهر، وباعثها المستمع أخوكم في الله: ب. م. ع، يسأل ويقول: مصل دخل مع الإمام في صلاة العشاء في الركعة الرابعة، كيف يتم هذا المصلي صلاته؟ هل(11/253)
يقرأ سورة مع الفاتحة؟ وهل يقرؤها سرا أم جهرا (1)
ج: المسبوق ما أدرك مع الإمام هو أول صلاته في أصح قولي العلماء، وما يقضيه هو آخرها، فإذا أدرك ركعة واحدة من الظهر أو العصر، أو المغرب أو العشاء، أو الفجر يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم إذا قام يقضي يقرأ الفاتحة وما تيسر معها؛ لأن الثانية هي أول صلاته، ثم الثالثة والرابعة يقتصر على الفاتحة أفضل، تكفيه الفاتحة، وإذا أدرك مع الإمام ثنتين قرأ فيهما ما تيسر إن أمكن، ولو ركع الإمام ركع معه، تكفيه الفاتحة، وإذا قام يقضي يقضي بالفاتحة فقط للثنتين؛ لأن السنة في الثالثة والرابعة الاقتصار على الفاتحة، كما في حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان يقرأ في الثالثة والرابعة بفاتحة الكتاب (2) » عليه الصلاة والسلام، وذكر عنه في الثالثة والرابعة في الظهر بعض الأحيان بالزيادة على الفاتحة فحسن؛ لأنه جاء ما يدل على هذا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عند مسلم، لكن في الأغلب يكون بالفاتحة فقط في الثالثة والرابعة في الظهر وغيرها.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (311) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب، برقم (776) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، برقم (451) .(11/254)
س: حضرت مع الإمام في صلاة العشاء، وذلك في الركعتين الأخيرتين وهما سر، فماذا أفعل في الركعتين اللتين فاتتا؟ فهل أقرأ فيهما سرا أم جهرا (1)
ج: الصواب أن ما أدركه المأموم مع الإمام فهو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها، هذا هو الصواب، وهو الأصح من قولي العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » وفي اللفظ الآخر: «فاقضوا (3) » بمعنى: أتموا. فالقضاء هنا بمعنى التمام، جمعا بين الروايتين؛ ولأن رواية التمام أكثر ومعناها أظهر، وهذا معنى قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} (4) ، يعني: أتممتموها. ويقول سبحانه: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} (5) يعني: أتممتم. فإذا أدرك ركعتين من العشاء - مثلا - أو ركعتين من المغرب فإنه يقضي الباقي على حسب الحال، فإن كان المغرب قضى
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (69) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209) ، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861) ، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602) .
(4) سورة النساء الآية 103
(5) سورة البقرة الآية 200(11/255)
الثانية بجهر، والثالثة بغير جهر، وإن كان العشاء فإنه يقضيهما سرا من دون جهر، ويكتفي بالفاتحة فقط؛ لأنهما آخر صلاته.(11/256)
س: السائل: ع. م. ع. من السودان، يقول في هذا السؤال: إذا أدرك المصلي الركعتين الأخيرتين من صلاة العشاء – مثلا - فهل يقرأ ما فاته سرا، أم جهرا؟ وهل يكمل ما فاته بسورة الفاتحة فقط؟ أفيدونا بذلك (1)
ج: الصواب أن ما أدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم بالسكينة، فما أدركتم - أي: مع الإمام - فصلوا، وما فاتكم فأتموا (3) » وفي لفظ: «فاقضوا (4) » يعني: أتموا. معنى القضاء: التمام. وهذا يفيد أن ما أدركه الإنسان مع الإمام هو أول صلاته، فإذا أدرك مع الإمام ركعتين
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (368) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209) ، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861) ، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602) .(11/256)
من العشاء فإنها تكون أول صلاته، فإذا سلم الإمام يقوم ويأتي بالركعتين الأخيرتين؛ يقرأ فيهما الفاتحة سرا؛ لأنها آخر صلاته، وهكذا إذا أدرك واحدة من المغرب فإن الثنتين الأخيرتين هما آخر صلاته، فالأولى يقرأ فيها الفاتحة والسورة أو آيات، ويجهر بعض الشيء جهرا لا يشوش على من حوله، والأخيرة يقرؤها سرا، يسر يقرأ فيها الفاتحة سرا؛ لأنها هي المكملة لصلاته.(11/257)
159 - بيان الواجب على المأموم إذا علم أن الإمام زاد في الصلاة
س: رجل صلى مع جماعة فريضة، وهذا الرجل فاتته ركعة واحدة من الفريضة، فسها الإمام وصلى ركعة زيادة على المكتوبة، هل الرجل المتأخر يسلم مع الجماعة، أو يكمل الركعة التي فاتته (1) ؟
ج: هذا الرجل لا يقوم في الزيادة، إذا كان يعلم أنها زيادة لا يقوم ويجلس مع الناس، وهكذا الجماعة لا يقومون، ينبهون: سبحان الله، سبحان الله. ولا يقومون معه، فإن رجع فالحمد لله، وإن لم يرجع صبروا حتى يسلم؛ لأنه قد يعتقد أنه مصيب، فإذا سلم سلموا معه، إذا كانوا يعتقدون أنه مخطئ لا يقومون معه، وهكذا الذي فاتته ركعة لا يقوم معه، إذا كان يعلم أنها زائدة، فإذا سلم إمامه قام وقضى الركعة التي
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (206) .(11/257)
فاتته؛ لأن القضاء إنما يكون بعد سلام الإمام، وإذا قام معه جاهلا ما درى عنها أنها زيادة فإنها لا تجزئه على الصحيح، وإنما يقضي بعد ذلك، إذا سلم إمامه قضى، هذا هو الصواب.(11/258)
160 - حكم قول: إن الله مع الصابرين للإمام أثناء الركوع
س: اعتاد بعض الناس عندما يدخل المسجد ويجد الإمام راكعا أن يقول: إن الله مع الصابرين. يقصدون بذلك بقاء الإمام راكعا حتى يدركوا الركعة معه، وبعض الأئمة ينتظرونهم مع أن هذا فيه مشقة على بعض المصلين، فما حكم قولهم هذا؟ وما حكم انتظار الإمام لهم (1) ؟
ج: لا أعلم أصلا لقولهم: إن الله مع الصابرين. ولا نعلم في ذلك منكرا ولا محذورا، وأما الإمام فيستحب له أن يتأنى قليلا حتى يدرك من دخل على وجه لا يشق على المأمومين، وقد نص جمع من أهل العلم على ذلك، وقالوا: يستحب له انتظار الداخل ما لم يشق على المأموم، فإذا كان انتظاره يسيرا لا يشق على المأمومين فلا حرج في ذلك، بل يستحب له ذلك مراعاة للداخلين حتى يدركوا الركعة، وهم يستحب لهم عدم العجلة والخشوع، فإن أدركوا فالحمد لله، وإلا
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (168) .(11/258)
قضوها، ولا ينبغي لهم العجلة، أما كلمة: اصبروا، أو: إن الله مع الصابرين، فلا أعلم لها أصلا في الشرع، ولا أعلم ما يمنعها من باب التنبيه للإمام، لا نعلم في ذلك مانعا.(11/259)
س: أثناء الصلاة يجيء أحد المصلين، وحتى ينبه الإمام ليلحق الركعة فإنه يقول: إن الله مع الصابرين، أو يحدث أصواتا، فهل هذا جائز (1) ؟
ج: لا أعرف لهذا أصلا، بل يأتي، إن أمكنه ركع مع الإمام، وإلا قضى ما فاته والحمد لله، ولا حاجة إلى أصوات، ولا حاجة أن يقول: إن الله مع الصابرين، ليس عليه دليل، ولكن يمشي وعليه السكينة حتى يستقيم في الصف، فإذا أدرك الركوع فالحمد لله، وإلا سجد مع إمامه وقضى ما فاته.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (329) .(11/259)
س: أصلي إماما بالناس، وأسمع بعض القادمين للصلاة، فأطيل الركوع حتى يلحق المتأخر بالجماعة، هل هذا يصح أم لا (1) ؟
ج: هذا هو السنة، إذا سمعت أثرا للقادم ألا تعجل في الركوع، لكن بشرط ألا تطيل إطالة تشق على من معك، بل تكون إطالة خفيفة لا تشق على المأموم.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (110) .(11/259)
161 - حكم الاستعجال في المشي إذا كان الإمام راكعا
س: ما حكم الاستعجال في المشي إذا كان الإمام يقرأ للركوع الأول (1) ؟
ج: السنة أن يمشي على سكينة وتواضع ووقار، ولا يعجل ولو ركع الإمام الحمد لله، إذا فاتته الركعة يقضي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون (2) » وفي اللفظ الآخر: «وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (3) » فالامتثال لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، والتأدب بالآداب التي وجه إليها هذا هو المشروع للمؤمن أن يتأدب بالآداب الشرعية، وألا يعجل ولو فاتته الركعة والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (133) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .(11/260)
162 - حكم الركض إلى الصلاة
س: هل الركض إلى الصلاة جائز (1) ؟
ج: ما ينبغي ومكروه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (295) .(11/260)
سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1) » ولا ينبغي الركض ولا العجلة، بل يمشي وعليه السكينة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .(11/261)
163 - حكم من أدرك الصلاة مع الإمام في التشهد الأخير
س: إذا دخل المصلي المسجد لصلاة الفجر، ووجد الإمام في السجود بعد الركعة الثانية فدخل معه، وقضى ما عليه بعد سلام الإمام، ولما انتهى من صلاته وجد جماعة أخرى، فهل يدخل معهم، وتكون الركعتان اللتان صلاهما سنة، أم لا يجوز هذا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: صلاته أجزأته فريضة والحمد لله، وإذا صلى مع الناس الحاضرين صارت له نافلة كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه، يقول صلى الله عليه وسلم: «إنه يكون بعدي أمراء يميتون الصلاة، فصل الصلاة لوقتها، فإن صليت لوقتها كانت لك نافلة، وإلا كنت قد أحرزت صلاتك (2) » فهي تكون نافلة مع الآخرين، وهكذا «لما صلى في منى
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (203) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية تأخير الصلاة عن وقتها المختار، حديث رقم (648) .(11/261)
عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، وسلم رأى رجلين لم يصليا معه، فدعا بهما فجيء بهما إليه، فقال: " ما منعكما أن تصليا معنا؟ " قالا: قد صلينا في رحالنا - يعني: في مخيمنا - قال: " لا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم؛ فإنها لكما نافلة (1) » فالمؤمن إذا صلى في المسجد أو في محل آخر، ثم أدرك جماعة يصلون فصلى معهم كانت له نافلة.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث يزيد بن الأسود العامري رضي الله عنه برقم (17020) ، وأبو داود في كتاب الصلاة باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم، برقم (575) ، والترمذي في كتاب الصلاة باب ما جاء في الرجل يصلي وحده يدرك الجماعة، برقم (219) ، والنسائي في كتاب الإمامة، باب إعادة الفجر مع الجماعة لمن صلى وحده، برقم (858) .(11/262)
164 - حكم دخول المصلي مع الإمام بعد الرفع من الركعة الأخيرة
س: يقول السائل: إذا دخلت المسجد، وكان الإمام قد رفع من الركوع للركعة الأخيرة فهل أدخل مع الجماعة، أم أنتظر حتى يأتي رجل فأصلي معه جماعة أخرى بعد تسليم الإمام الراتب (1) ؟
ج: إذا دخلت مع الإمام فكمل، إذا سلم الإمام تقضي الصلاة كلها، إلا إذا أدركته في الركوع قبل أن يرفع فقد أدركت الركعة الأخيرة، أما
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (393) .(11/262)
إذا رفع قبل أن تدركه في الركوع فإنك ما أدركت شيئا، فعليك أن تقضي الصلاة كلها بعد سلامه.(11/263)
165 - حكم إقامة جماعة أخرى والإمام يوشك أن يسلم من الصلاة
س: إنني جئت لأداء الصلاة المكتوبة وقت صلاة العصر، فوجدت الإمام في التشهد الأخير على نهايته، وقدم معي بعض الرفاق يريدون ما أريد، وطلبت منهم أن نقيم جماعة جديدة حيث الإمام يوشك أن يسلم من الصلاة فوافقوني، وأقمنا الصلاة؛ جماعة أكثر من ثلاثة أو أربعة، ولكن الإمام وبعض الإخوة المصلين الرفاق بعد أداء الصلاة احتجوا علينا، وطلبوا منا أداء الصلاة معهم حتى ولو كان الإمام في التشهد الأخير، محتجين بالحديث الذي معناه: " ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا "، فأخبرتهم بأن معلوماتي في هذا الحديث هو أنه إذا جاء الرجل إلى المسجد فعليه بالسير بسكينة ووقار، والاقتداء بالإمام فيما أدرك وقضاء ما لم يدرك، ومن جهتي أخبرتهم أن الذي لا يدرك الركعة الأخيرة من الفرض المكتوب فإنه يكون حاصلا على ثواب الجماعة، وأما الصلاة فإنه لا يدركها، وأنه إذا أتمها فإنه يتمها منفردا، أما نحن فقد أدركنا - والحمد لله - فضل الفريضة جماعة، وفضل جماعة الصلاة. أرجو أن تبينوا لنا الأمر حسب أمر الله فيه ورسوله، والله نسأل لكم(11/263)
التوفيق والسداد، حفظكم الله (1)
ج: لا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام، يقول عليه الصلاة والسلام: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » ومقتضى هذا الحديث أن من جاء والإمام في التحيات أنه يدخل معه؛ لأنه أدركه في الصلاة، لكنه لا يدرك فضل الجماعة إلا بركعة؛ لأن في الحديث الآخر: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3) » أما كونه يدخل معه حيثما وجده فهو ظاهر الحديث ولو في التحيات، فدخول الداخل مع الإمام في الصلاة قبل أن يسلم هذا هو الأفضل والأقرب لظاهر العموم، لكن لو صلوا جماعة ولم يدخلوا معه فلا أعلم في هذا حرجا؛ لأن فضل الجماعة قد فاتهم، ولم يبق إلا جزء يسير من الصلاة، لكن تأدبا مع السنة، ومع ظاهر السنة احتياطا للدين الذي أراه وأفتي به أن الأولى بالمؤمن إذا جاء في مثل هذه الحال، والإمام في
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (131) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .(11/264)
التشهد أنه يدخل معه ولو كانوا عددا، يدخلون معه ويجلسون ويقرؤون ما تيسر من التحيات التي تمكنهم، ثم ينهضون بعد السلام ويقضون ما عليهم، هذا هو الأحوط والأظهر؛ للعمل بعموم الحديث، لكن من صلى جماعة ولم يدخل مع الإمام لا أرى التشديد عليه؛ لأن له شبهة؛ لأن الصلاة قد انتهت، ولم يبق منها إلا اليسير، فلا وجه للتشديد في هذا. والله المستعان.(11/265)
166 - حكم من أدرك الإمام في التشهد الأخير من الصلاة
س: الأخ: خ. ح، من فلسطين، غزة، يقول: إذا دخل مجموعة من المصلين، والإمام في التشهد الأخير ما هو التصرف الصحيح في ذلك (1) ؟
ج: الأمر في هذا واسع، إن صلوا وحدهم فلا بأس، وإن صلوا مع الإمام فلا بأس؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «فما أدركتم فصلوا (2) » هذا يعم إدراك التشهد، وإن صلوا وحدهم جماعة فلا حرج إن شاء الله، الأمر في هذا واسع إن شاء الله.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (427) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .(11/265)
167 - حكم من وجد الإمام جالسا للتشهد الأول
س: إذا جئت إلى المسجد، ووجدت الإمام جالسا للتشهد الأول فهل أكبر ثم أجلس، أم أنتظر حتى يقوم (1) ؟
ج: الأفضل أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف ثم يجلس؛ لما جاء في عدة أحاديث من الأمر بأن يفعل المسبوق ما يفعله إمامه، وأنه لا ينتظر، بل إذا أتى والإمام على حال فإنه يفعل كما يفعل الإمام، فإذا أتاه وهو ساجد سجد، وإذا أتاه وهو راكع ركع، وإذا أتاه وهو جالس جلس، هذا هو السنة، يكبر وهو واقف التكبيرة الأولى - تكبيرة الإحرام - ثم ينحط جالسا، وإذا جئت إلى المسجد ووجدت الإمام ساجدا، أو سيسجد فإنك تكبر مع الإمام التكبيرة الأولى، ثم تنحط ساجدا.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (5) .(11/266)
168 - بيان ما تدرك به صلاة الجماعة
س: بم تدرك صلاة الجماعة (1) ؟
ج: بركعة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2) » ومن فاتته الركعة الأخيرة فاتته صلاة
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (262) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .(11/266)
الجماعة، إلا أن يكون معذورا بأن حرص على أن يحضر، ولكن منعه مانع من مرض، أو حدث به حادث من الطريق منعه، أو حدث به حادث البول أو الغائط فيحتاج إلى قضاء حاجته فإن له فضل الجماعة؛ لأنه معذور، له فضل الجماعة وإن فاتته الجماعة، كما في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا (1) » رواه البخاري في الصحيح، يعني: بنيته الأعمال الصالحة لولا السفر والمرض. كذلك الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم "، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: " وهم بالمدينة، حبسهم العذر (2) »
وفي لفظ آخر «إلا شركوكم في الأجر (3) »
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911) .(11/267)
169 - حكم الدخول مع الإمام في التشهد الأخير
س: إذا دخل شخص والإمام في التحيات الأخيرة هل يجلس، أو ينتظر جماعة أخرى (1) ؟
ج: الأفضل أن يدخل معهم ولا ينتظر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » هذا عام يعم ما أدركه في الركعة الأخيرة أو في التشهد، يدخل معه والحمد لله.
__________
(1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (404) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .(11/268)
170 - حكم صلاة من جلس للتشهد ولم يكبر تكبيرة الإحرام
س: إذا دخلت المسجد ووجدت المصلين في التشهد الأخير، وجلست معهم حتى التسليم فهل يلزمني حينئذ أن أعود لأقيم الصلاة، علما بأني لم أكبر تكبيرة الإحرام؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كنت لم تكبر تكبيرة الإحرام، جلست من دون تكبير فلا صلاة لك، وعليك أن تكبر حين تبدأ الصلاة، لكن الأفضل لك إذا جئت وهم في التشهد الأخير أن تكبر - وأنت واقف - تكبيرة الإحرام،
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (322) .(11/268)
ثم تجلس معهم وتأتي بالتشهد، ومتابعة الإمام أفضل، ثم إذا سلم الإمام قمت تؤدي صلاتك كاملة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ثوب بالصلاة فلا يسع إليها أحدكم ولكن ليمش وعليه السكينة والوقار، صل ما أدركت واقض ما سبقك (1) » فالسنة لمن جاء والإمام جالس في التشهد الأخير أن يدخل معه في الصلاة، ويكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف ثم يجلس، وإن كبر حين الجلوس فهذا لا بأس به، فإذا تشهد ثم إذا سلم الإمام قام وصلى بقية صلاته.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602) .(11/269)
171 - بيان ما يدرك به فضل الجماعة
س: يقول السائل: إذا أدركت صلاة الجماعة وهم في التشهد الأخير فهل أكون بهذا قد أدركت فضل صلاة الجماعة، أم يجب علي انتظار بعض المصلين المتأخرين لنصلي جماعة، ليتم لنا فضل صلاة الجماعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (249) .(11/269)
فاتكم فأتموا (1) » فقوله: «فما أدركتم فصلوا (2) » يعم من أدركها، أو أدرك الإمام في التشهد. ولكن لا تدرك الجماعة إلا بركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3) » فهي تدرك بركعة الجماعة، ولكن إذا كان معذورا حين تأخر يكون له فضل الجماعة ولو ما أدركها بالكلية، إذا تأخر عن عذر شرعي لقضاء حاجة الإنسان؛ لما أراد الذهاب إلى المسجد نزل به حاجة الإنسان من بول أو من غائط فتأخر من أجل ذلك، أو غير ذلك من الأعذار الشرعية فله فضل الجماعة، ولكن لا تدرك الجماعة بغير عذر بإدراك التشهد، ولكن بركعة فأكثر، وإذا كانوا جماعة وصلوا وحدهم فلا بأس، وإن دخلوا مع الإمام في التشهد فلا بأس، الأمر واسع، إن دخلوا معهم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «فما أدركتم فصلوا (4) » فلا بأس، صلوا وحدهم؛ لأن الصلاة ما بقي منها إلا التشهد فلا حرج.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .(11/270)
172 - بيان ما يقوله المصلي إذا أدرك الإمام في التشهد الأخير
س: يقول السائل: بالنسبة للمصلي المسبوق في تشهده الأخير هل يذكر النصف الأول من التشهد، أم كله؟ وإذا كان نصف التشهد فماذا عن الوقت الذي يسكت فيه حتى يسلم الإمام (1) ؟
ج: يأتي بالتشهد وهو معه تبعا للإمام، ثم إذا سلم قام وقضى ما عليه، يأتي بالتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء، ثم يقوم بعد ما يسلم الإمام، يقول صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2) » «إنما جعل الإمام ليؤتم به (3) » فهو يقرؤه تبعا للإمام وإن كان لا يجزئه، لكن يقرؤه تبع الإمام، مثل: لو جاء وقد صلى ركعة يجلس معه في الركعة الثانية في التشهد الأول، وهو ليس في محل تشهده، هو ما صلى إلا ركعة، لكن يتابع الإمام، فالمقصود أن هذا متابعة الإمام والحمد لله.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (427) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم (689) ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411) .(11/271)
173 - حكم صلاة من يصعب عليه تلاوة القرآن بأحكام التجويد
س: يقول هذا السائل: في الصلاة السرية يصعب علي تلاوة القرآن بالأحكام، أي بأحكام التجويد كما في الصلاة الجهرية، ما الحل؟ وهل أنا ملزم في ذلك (1) ؟
ج: الأمر في هذا واسع، اتباع الأحكام التجويدية ليس بلازم، إنما هو مستحب، فلا بأس أن تقرأ بغير الأحكام التجويدية، إذا قرأته باللسان العربي الحمد لله.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (427) .(11/272)
174 - بيان ما يفعله المصلي إذا أدرك الإمام في التشهد الأخير
س: ما الحكم إذا دخل المأموم مع الإمام والإمام في التشهد الأخير، هل يتشهد مع الإمام، أم يلزم الصمت حتى يسلم الإمام ويقوم يتم صلاته (1) ؟
ج: إذا دخل المسبوق مع الإمام في التشهد فالأفضل له أن يأتي بالتشهد؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به،
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (38) .(11/272)
فلا تختلفوا عليه (1) » فالأفضل أن يأتي بهذا، ولا يظهر لي أنه لازم له؛ لأنه ليس في محله، والأظهر أنه غير لازم، لكن لو فعل ذلك وأتى به؛ لأنه ذكر، ولأنه خير، وأن فيه متابعة للإمام فهذا أفضل وأولى، لكن لا يلزمه لكونه ليس في محل تشهده؛ لأن التشهد يكون بعد ركعتين، أو بعد الأخيرة، وهذه الركعة ليست الأخيرة له، بل هي لا تعتبر له شيئا، يجلسها متابعة فقط، ثم إذا قام يأتي بركعتين، ثم يجلس للتشهد الأول، ثم يأتي بما بقي عليه: المغرب واحدة، والظهر والعصر والعشاء ركعتين، وإن كان الفجر صلى ركعتين، هذا يدل على أن هذا الجلوس ليس معتدا به بالنسبة إليه، فإذا قرأ التحيات؛ لأنها ذكر ومتابعة للإمام فهذا حسن، أما اللزوم فلا يظهر أنه يلزمه.
__________
(1) أخرجه الدارمي في كتاب الصلاة، باب فيمن يصلي خلف الإمام والإمام جالس برقم (1256) .(11/273)
س: يقول السائل: دخلت المسجد فوجدت المصلين في التشهد الأخير، هل أجلس معهم، أم أنتظر جماعة أخرى (1) ؟
ج: إذا دخلت فاجلس معهم، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » فإذا جئتهم وهم جالسون
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (435) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .(11/273)
للتشهد فاجلس معهم، وبعد السلام تقوم وتقضي الصلاة.(11/274)
175 - بيان كيفية الدخول في الصلاة إذا وجد المصلين في الجلوس
س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الجلوس؟ هل يجلس بدون تكبيرة الإحرام ويأتي بها بعد القيام معهم؟ أم ماذا (1) ؟
ج: يكبر أولا - وهو واقف - تكبيرة الإحرام، ثم يجلس، يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف ثم يجلس معهم.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (262) .(11/274)
176 - حكم الصلاة مع جماعة أخرى بعد الجماعة الأولى
س: هل تعتبر الصلاة بعد صلاة الجماعة الأولى مع عدة أشخاص يزيدون عن الثلاثة، هل تعتبر صلاة جماعة إذا صلينا بعد الجماعة الأولى (1) ؟
ج: إذا حصلت جماعة أخرى بعد الجماعة الأولى، وصليت معهم فأنت مأجور، وإذا كان واحدا صليت معه حتى يحصل له الجماعة فأنت مأجور والحمد لله.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (434) .(11/274)
177 - حكم صلاة الاثنين إذا لم يدركا مع الإمام سوى الجلسة الأخيرة
س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الجلوس الأخير ومعه آخر؟ هل يجلسان معهم أفضل، أم ينتظران ثم يصليان جماعة هما الاثنان (1) ؟
ج: الأمر واسع إن شاء الله، إن دخل معهم الصلاة فلا بأس لعموم: «فما أدركتم فصلوا (2) » وإن صليا جماعة وحدهما فلا حرج إن شاء الله.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (262) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .(11/275)
178 - حكم الانضمام إلى الإمام في الصلاة في الحالة التي يدرك عليها
س: أرى بعض المصلين حينما يدخلون المسجد والجماعة في التشهد لا يشرعون في دخول الصلاة؛ حتى يتأكدوا من التشهد هل هو الأول أو الثاني؟ فإن كان الأول دخلوا مع الجماعة، وإن كان الثاني صلوا منفردين. أرجو منكم الإجابة الواضحة، وهل يجب على من دخل المسجد ووجد الناس في الصلاة أن يدخل معهم في أي حال؟ وكم تكبيرة يكبر لو وجدهم في الركوع أو السجود؟ وهل(11/275)
يقرأ دعاء الاستفتاح قبل الركوع أو السجود (1) ؟
ج: السنة لمن دخل والإمام في الصلاة أن ينضم إليهم ويصلي معهم؛ لأنه قد جاءت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تدل على أن من جاء والإمام في حال فإنه يصنع ما يصنعه الإمام، فإن وجده قائما صف معه، وإن وجده راكعا ركع، وإن وجده ساجدا سجد، وإن وجده جالسا جلس. وقال في هذا عليه الصلاة والسلام: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » فيكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف، ثم يقرأ الفاتحة إن أمكنه، ثم ينصت لقراءة إمامه إن كانت جهرية حتى يركع فيركع معه، وإن كانت سرية كالظهر والعصر قرأ معه الفاتحة، وقرأ ما تيسر معها في الأولى والثانية؛ لأنها سرية، وإن جاء وهو راكع كبر وركع معه، كما فعل أبو بكرة رضي الله عنه، فإنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (3) » يعني: لا تعد إلى الركوع دون الصف. فدل ذلك على أن ركعته مجزئة،
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (170) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783) .(11/276)
وأن صلاته صحيحة، ولكنه لا ينبغي له أن يدخل في الصلاة منفردا، بل ينضم إلى الصف، إن أمكنه أن يركع معهم ركع، وإلا قضى ما فاته، والمشروع أن يكبر تكبيرتين؛ الأولى: تكبيرة الإحرام، هذه فرض لا بد منها، والثانية: تكبيرة الركوع، إذا أراد أن ينحط للركوع، وأمكنه فإنه يكبر الثانية؛ لأنها واجبة عند جمع من أهل العلم ومستحبة عند الجمهور، فينبغي الإتيان بها إذا أمكنه، فإن خشي فوات الركوع كفته التكبيرة الأولى؛ وهي تكبيرة الإحرام تكفيه عند جمع من أهل العلم والحمد لله؛ لأن العبادتين إذا اجتمعتا وإحداهما أكبر من الأخرى دخلت الصغرى في الكبرى، كهذه الحالة.
وأما بالنسبة لدعاء الاستفتاح في هذه الحالة فإنه يستحب دعاء الاستفتاح إذا جاء والإمام واقف، وفي سعة أن يستفتح: بـ: " سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ". أو بأي نوع من أنواع الاستفتاحات الصحيحة، ثم يقرأ الفاتحة، أما إن كان الوقت ضيقا ويخشى أن يركع فإنه يشتغل بالفاتحة ويسقط الاستفتاح؛ لأنه سنة، والفرض أهم، والفاتحة أهم فيبدأ بها حتى يركع الإمام.(11/277)
س: يسأل ويقول: إذا دخلت المسجد مع جماعة وكان الناس يصلون في التشهد الأخير، أيهما أفضل: أنصلي جماعة أخرى، أم نلحق(11/277)
معهم ما تبقى من الصلاة (1) ؟
ج: هذا أمر واسع إن شاء الله، لكن الأقرب - والله أعلم - الدخول مع الإمام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » ولم يستثن شيئا، هذا يدل على أنهم إذا أدركوا الركعة الأخيرة بعد الركوع، أو في السجود أو في التشهد دخلوا معه. وإن صلوا جماعة وحدهم فلا حرج في ذلك إن شاء الله، الأمر واسع؛ لأن الجماعة إنما تدرك بالركعة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (3) » فإذا جاؤوا في الركوع في الركعة الأخيرة فاتتهم الجماعة، فإن صلوا معه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا (4) » فهذا مناسب أخذا بالعموم، وإن صلى الداخل مع غيره جماعة جديدة فهذا إذا كان بعد السلام يكون أفضل، أما إذا كان قبل السلام فهم مخيرون؛ إن دخلوا معه فهو أقرب؛ لعموم الحديث: «فما أدركتم فصلوا (5) » وإن صلوا جماعة وحدهم فلا حرج إن شاء الله.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (239) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(5) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .(11/278)
179 - بيان كيفية الحصول على أجر صلاة الجماعة
س: شخص دخل في الصلاة والناس جلوس في التشهد الأخير، وجلس معهم، وبعد تسليم الإمام أكمل صلاته، هل يحصل على أجر الجماعة؟ وإذا لم يحصل على أجر الجماعة فما هو أجره على ذلك (1) ؟
ج: النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (2) » فالمشروع له إذا جاء وهم جلوس في التشهد الأخير أن يدخل معهم ويجلس معهم؛ يكبر وهو واقف تكبيرة الإحرام، ثم يجلس ويقرأ التحيات معهم، فإذا سلم الإمام قام وقضى صلاته كلها، أما يحصل له أجر الجماعة؟ فهذا فيه تفصيل: إن كان معذورا بأن تأخر لعذر شرعي كقضاء الحاجة التي نزلت به فذهب يتوضأ، أو شغله شاغل لا حيلة له فيه فله أجر الجماعة؛ لأن المشغول والمعذور بالعذر الشرعي حكمه حكم من حضر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا (3) »
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (86) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996) .(11/279)
ولقوله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: «إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا وهم معكم ". قالوا: يا رسول الله، وهم في المدينة؟ قال: " وهم في المدينة، حبسهم العذر (1) » وفي لفظ: «حبسهم المرض (2) » وفي لفظ آخر «إلا شركوكم في الأجر (3) » فدل ذلك على أن من حبسه عذر شرعي يكون له أجر من عمل العمل على الوجه الشرعي، أما إن كان تأخر عن تساهل فإنه لا يحصل له فضل الجماعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (4) » فإذا أدرك ركعة أدرك فضل الجماعة، وإن لم يدرك الركعة لم يدرك فضل الجماعة إذا كان عن تساهل وعدم عذر شرعي، والله المستعان.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض برقم (1911) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .(11/280)
180 - بيان ما تدرك به صلاة الجماعة
س: هل من كبر تكبيرة الإحرام قبل أن يسلم الإمام يدرك الجماعة أم لا (1) ؟
ج: قد دلت سنة النبي عليه الصلاة والسلام أن الصلاة في الجماعة إنما تدرك بالركعة، قال عليه الصلاة والسلام: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2) » ففضل الجماعة يدرك بإدراك الركعة فأكثر، لكن إذا كان له عذر بسببه فاتته الصلاة فإن أجر الجماعة يحصل له وإن لم يصل في الجماعة؛ كالمريض الذي حبسه المرض، ثم وجد نشاطا فرجا أن يدرك الجماعة فلم يدركها، وكإنسان توجه إلى الجماعة فحدث له حادث يمنعه من ذلك؛ كالغائط أو البول فذهب يتوضأ، أو ما أشبه من الأعذار الشرعية، فهذا يرجى له فضل الجماعة إذا لم يفرط، لكن من جاء والإمام في التشهد فإنه يدخل معه وله فضل في ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (3) » هذا عام يعم ما أدركه المأموم من صلاة الإمام ولو التشهد، فإنه يدخل معه، فإذا سلم قام وقضى ما فاته، ولكنه لا يدرك فضل الجماعة إلا
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (155) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .(11/281)
بإدراك الركعة كما تقدم، والواجب على المؤمن أن يسارع إلى الصلاة، وأن يبادر بعد سماع الأذان حتى يدرك الصلاة كاملة، وحتى يؤدي ما شرع الله قبلها من راتبة الظهر، أو ما يسر الله من الركعات قبل العصر أو المغرب أو العشاء، هكذا ينبغي للمؤمن أن يبادر ويسارع إلى هذه الفريضة العظيمة عند سماع الأذان، أو قبل الأذان عند قرب الأذان؛ حتى يتمكن من الوصول إلى المسجد بهدوء، وحتى يصلي ما يسر الله له قبل الصلاة، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، بل واجب عليه؛ حتى لا تفوته الجماعة، وهكذا صلاة الفجر. المقصود أنه يجب عليه أن يبادر ويسارع في الوقت الذي يظن إدراكه الصلاة من أولها، وإذا تيسر له فضل وقت حتى يصلي قبل الصلاة ما يسر الله من تحية المسجد، أو الراتبة فهذا خير عظيم.(11/282)
س: أنا أصلي في المسجد، وأحيانا لا أدرك الصلاة كاملة، فإذا أدركت التشهد الأخير فقط هل أعتبر قد أدركت صلاة الجماعة (1) ؟
ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2) » فالواجب
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (303) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .(11/282)
المسارعة إلى الصلاة في جماعة، والحرص على المبادرة بعد سماع الأذان؛ حتى لا يفوتك شيء من الصلاة، فإن قدر أنه فاتك شيء فإنك تقضي ما فاتك، ولا تكون مدركا للجماعة إلا إذا أدركت الركعة الأخيرة، أما إن جاء والإمام في التشهد الأخير فإنه يصلي معهم، لكن فاتته الجماعة، لكن يصلي معهم؛ يجلس ويصلي معهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (1) » فعمم عليه الصلاة والسلام: «أدركتم (2) » هذا يعم الركعة الأخيرة أو التشهد الأخير أو السجود، يعمه.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636) .(11/283)
س: هل إذا أدركت الإمام في التشهد الأخير أكون قد أدركت الجماعة (1) ؟
ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2) » فإذا لم تدرك إلا التشهد الأخير فقد فاتك فضل الجماعة، وعليك أن تبادر دائما - إن
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (322) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .(11/283)
شاء الله - إلى المسجد في أول الوقت؛ حتى لا تفوتك الجماعة.(11/284)
س: إذا لم يدرك المصلي مع الإمام صلاة الجماعة إلا التشهد الأخير فهل تحسب له صلاة الجماعة (1) ؟
ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (2) » لكن إذا كان معذورا حبسه مرض، حبسه عذر شرعي فله أجر الجماعة ولو لم يحضرها.
__________
(1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (337) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250) .(11/284)
181 - بيان ما يشرع لمن دخل المسجد بعد انقضاء الصلاة
س: أريد أن أعرف حكم الإسلام في إنسان أتى إلى المسجد لكي يصلي مع الجماعة، ولكنه حينما أتى وجد الجماعة قد انقضت، فما الحكم في ذلك؟ هل يصلي منفردا، أم يكون هو ومن يجده في المسجد جماعة أخرى؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا حضر الإنسان المسجد والناس قد صلوا، وتيسر له وجود ناس يصلي معهم؛ فإنه يصلي جماعة ثانية، هذا هو المشروع؛ يصلي
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (262) .(11/284)
جماعة ثانية، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل رجل بعدما صلى الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (1) » وفي الحديث الآخر: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده (2) » فالمشروع لمن دخل وقد صلى الناس أن يلتمس من يصلي معه، فإن وجد وإلا شرع لمن حضر أن يقوم بعضهم فيصلي معه؛ حتى تحصل له الجماعة للحديث السابق.
أما قول بعض العلماء: إنه يصلي وحده ويرجع إلى بيته. هذا قول ضعيف مرجوح. الصواب أنه يصلي جماعة مع من تيسر، ولو قام بعض الجماعة الذين قد صلوا وصلوا معه نافلة لهم فهذا أفضل، كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد إليه، وقال: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (3) » .
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الجمع في المسجد مرتين، برقم (574) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (554) ، والنسائي في كتاب الإمامة باب الجماعة إذا كانوا اثنين برقم (843) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الجمع في المسجد مرتين، برقم (574) .(11/285)
س: م. م. ش، يقول: تخلف رجل عن صلاة الجماعة، أي: حضر بعد سلام الإمام، فماذا يفعل؟ هل يلتحق بمن جاء متأخرا ويتم معه؟ أم ماذا يفعل (1) ؟
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (360) .(11/285)
ج: نعم، إذا فاتته الصلاة مع الجماعة؛ وجد أحدا صلى معه، وإلا صلى وحده والحمد لله، وإن وجد جماعة ولو واحدا صلى معه.(11/286)
182 - حكم من يصلي السنة وقد أقيمت الصلاة
س: إذا أقام المؤذن الصلاة، وأنا ما زلت في صلاة السنة فهل أسلم من الصلاة، أم أكمل الصلاة ثم ألحق بهم (1) ؟
ج: الأرجح من أقوال العلماء أنك تقطعها؛ تنوي قطعها وتلحق بالصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2) » رواه مسلم. ولما رأى صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي، وقد أقيمت الصلاة أنكر عليه، عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنه إذا أقيمت الصلاة وأنت تصلي فاقطعها، وادخل مع الإمام ولا تكملها؛ فالفريضة أهم. وقال بعض أهل العلم: إنه يتمها خفيفة. ولكن الصواب أنه لا يتمها، بل يقطعها، ولا تحتاج إلى سلام، بل يقطعها بالنية ويكفي. والحمد لله.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (223) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710) .(11/286)
183 - حكم قطع المصلي السنة ليدرك تكبيرة الإحرام
س: من أسئلة هذا المستمع يقول: ما رأي سماحتكم إذا قطع المصلي الركعة الأخيرة من السنة، وذلك إذا أقام المؤذن للصلاة ليدرك تكبيرة الإحرام (1) ؟
ج: هذا الواجب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (2) » إذا أقيمت وهو باق عليه ركعة يقطعها ويدخل مع الإمام، أما إذا أقيمت وقد انتهى ما بقي إلا السجود أو التحيات يكمل.
__________
(1) السؤال السابع والسبعون من الشريط رقم (433) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710) .(11/287)
184 - بيان فضل صلاة الجماعة
س: فضلت صلاة الجماعة عن صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، هل هذا الفضل يشمل صلاة الإمام والمأمومين، أم للمأمومين خاصة (1) ؟
ج: هذا فضل يشمل الجميع، هذا الفضل للإمام والمأمومين جميعا، صلاة الجماعة تفضل عن صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، هذا للإمام والمأمومين جميعا من فضل الله ورحمته سبحانه وتعالى.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (34) .(11/287)
185 - بيان فضل الصلاة في المسجد الحرام وداخل حدود الحرم
س: يسأل المستمع ويقول: أيهما أفضل: الصلاة في المسجد الحرام، أم الصلاة داخل حدود الحرم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصلاة في المسجد الحرام حول الكعبة أفضل، وهي بمائة ألف صلاة للحديث الصحيح، والصواب أنها تضاعف الصلاة أيضا في بقية الحرم على قول بعض أهل العلم، أما الصلاة في المسجد الحرام حول الكعبة فهذا أمر متفق عليه أنها تضاعف، فإذا تيسر للمسلم الصلاة في المسجد الحرام حول الكعبة فذلك أفضل وأكمل، وإن صلى في مسجد من مساجد مكة نرجو له هذا الفضل على الصحيح، وإن الحديث يعم الحرم كله حتى لو صلى في بيته النافلة يعم هذا الفضل؛ لأن صلاة النافلة في البيت أفضل فيعمه الفضل، وهكذا صلاة النساء في بيوتهن، ويعمهن هذا الفضل في مكة المكرمة، لكن الفريضة يجب أن تصلى في المساجد مع الجماعة، وإذا تيسر للمؤمن أن يصلي في المسجد الذي حول الكعبة كان ذلك أكمل وأفضل لأنه محل إجماع.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (267) .(11/288)
186 - بيان فضل مضاعفة الصلاة في المسجد النبوي
س: الأخ: م. ح. من المدينة المنورة، يسأل ويقول: هل صلاة النافلة في المسجد النبوي تعدل ألف صلاة، أم أن مضاعفة الصلاة مختصة بالفريضة فقط؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: المضاعفة عامة للفرض والنفل في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي المسجد الحرام، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يخص الفريضة، بل قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام (2) » وقال صلى الله عليه وسلم: «وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم (3) » يعني: بمائة ألف في المساجد الأخرى. وهذا يعم النفل والفرض، لكن النفل في البيت أفضل، ويكون الأجر أكثر، والمرأة في بيتها أفضل ولها أجر أكثر، وإذا صلى الرجل في مسجد النبي صلى الله
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (290) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم (1190) ومسلم في كتاب الحج، باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، برقم (1394) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما برقم (15685) .(11/289)
عليه وسلم فرضا، أو نفلا فله أجر المضاعفة، لكن - ومع هذا - المشروع له أن يصلي النافلة في البيت سنة الظهر وسنة المغرب وسنة العشاء وسنة الفجر في البيت أفضل، وتكون له المضاعفة أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للناس: «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (1) » يخاطبهم وهو في المدينة عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن صلاتهم في بيوتهم صلاة النافلة أفضل، وتكون مضاعفتها أكثر، وهكذا في المسجد الحرام.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل برقم (731) .(11/290)
187 - بيان وتوجيه حول الجلوس في الروضة الشريفة
س: الواقع - سماحة الشيخ - أن كثيرا من الناس يحرص على البقاء في الروضة هذه البقعة المباركة، ويجلس لقراءة القرآن الكريم لساعات، ما هو توجيه سماحة الشيخ (1) ؟
ج: ننصح إذا كان فيه أذية للمصلي يصلي ويمشي، يروح لجهات أخرى حتى يوسع للناس الذين يريدون أن يفعلوا مثل ما فعل؛ أن يصلوا فيه، وكذلك لا يصلي فيها وقت الفرائض، بل يذهب إلى الصف
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (355) .(11/290)
الأول يكمل الصفوف، ولا يترك الصف الأول أو الصف الثاني، بل عليه أن يكمل الصف الأول فالأول، ولو كان خارج الروضة لا يجلس فيها، بل عليه أن يعتني بالصف الأول فالأول، إن الذين يجلسون في الروضة الشريفة لقراءة القرآن الكريم في الروضة الشريفة لا ينبغي، إذا كان قد يمنع أحدا ويشق على أحد، بل ليجلسوا في مكان آخر.(11/291)
188 - فضل الصلاة في مسجد قباء
س: يقول عبد الرحمن من الرياض: الصلاة في مسجد قباء هل هو بأجر عمرة، أم يشترط الخروج من البيت متوضئا بنية الذهاب إلى قباء، وصلاة ركعتين للعمرة (1) ؟
ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور مسجد قباء، ويصلي فيه كل سبت، ويقول: «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه كان له كأجر عمرة (2) » وإذا خرج من بيته قاصدا قباء يكون هذا أجمل، يتطهر في
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (393) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه، برقم (15551) والنسائي في كتاب المساجد، باب فضل مسجد قباء والصلاة فيه، برقم (696) . وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الصلاة في مسجد قباء برقم (1412) .(11/291)
بيته ويقصد مسجد قباء ويصلي فيه، وإن مر عليه من أي جهة وصلى فيه قربة وطاعة، لكن إذا تطهر في بيته يكون أكمل، ثم أتى مسجد قباء وصلى فيه ركعتين يكون كعمرة، كما قال عليه الصلاة والسلام.(11/292)
س: هل من السنة أن يذهب من يسكن في المدينة المنورة كل أسبوع إلى مسجد قباء، أم أن هذه مقولة لا دليل عليها (1) ؟
ج: هذا هو الأفضل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ كان يزور قباء كل سبت، يعني: كل أسبوع، والأفضل لمن كان في المدينة أن يزور قباء في الأسبوع مرة، يعني: في يوم السبت أو غيره، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، ويصلي فيه ركعتين أو أكثر، ثم ينصرف اقتداء بالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (290) .(11/292)
189 - أحكام المصلى
س: يقول السائل: هل للمصلى تحية كتحية المسجد، أم أنها خاصة بالمسجد فقط؟ وهل يعتبر المصلى يأخذ حكم المسجد للبيع والشراء فيه، أم أنه ليس كذلك (1) ؟
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (387) .(11/292)
ج: ليس للمصلى حكم المساجد، فلا تشرع الركعتان لدخوله، ولا حرج في البيع والشراء فيه؛ لأنه موضع للصلاة عند الحاجة وليس مسجدا، وإنما المسجد ما يعد للصلاة وقفا تؤدى فيه الصلاة كسائر المساجد، أما المصلى المؤقت فتصلي فيه جماعة الدائرة، أو جماعة نزلوا لوقت معين ثم يرتحلون، فهذا لا يسمى مسجدا، فلا حرج أن يباع فيه ويشترى، وليس له تحية المسجد، وإنما التحية لما أعد مسجدا وقفا لله عز وجل لإقامة الصلاة فيه.(11/293)
س: لدينا - يا سماحة الشيخ - في الكلية مصلى ندخل فيه، ونجلس فيه متى ما نشاء ونفطر فيه أيضا، وقد ينام البعض فيه، وقد يدخل الطالب وهو على غير وضوء، ما رأيكم في هذا (1) ؟
ج: الواجب عليكم أن تصلوا في المساجد التي بقربكم، الذي تسمعون نداءه، فإذا لم يتيسر ذلك لبعد المساجد عنكم فإنكم تصلون في المصلى الذي تعينونه، وليس له حكم المسجد؛ إذا نام فيه أحد أو دخله ليس له حكم المساجد، فله أن ينام فيه - والمسجد ينام فيه لا بأس - وللحائض أن تدخله، وللجنب أن يدخله لا حرج؛ لأنه ليس بمسجد، المصلى ليس بمسجد.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (433) .(11/293)
س: السائلة من الرياض، تذكر في سؤالها وتقول: في مسجد الحي يوجد مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم خاصة بالنساء، وهي موجودة في الجزء الخلفي من المسجد، ومفصولة عنه بجدار بينهما باب مغلق، وهذه المدرسة تدرس فيها الطالبات حتى ولو كن حيضا بحكم انعزالها عن المسجد. والسؤال هو: أنه إذا مات أحد الأقارب قامت النساء بالصلاة على الجنازة؛ مقتديات بالإمام في صلاة الجنازة وصلاة الفرض معها في هذا المكان أي المدرسة، فما حكم هذا الفعل؟ وهل الصلاة تصح (1) ؟
ج: ما دمن يرين الإمام والمأمومين لا بأس، تصح الصلاة؛ لأنها ليست تبع المسجد، فلا حرج أن يحضرها النساء الحيض وغير ذلك ما دامت خارجة عن سور المسجد، وإذا صلى فيها النساء تتبع الإمام على جنازة، أو في الفريضة وهن يرين الإمام أو المأمومين، أو بعض الصف لا حرج، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (406) .(11/294)
190 - حكم دخول المرأة المصلى وعليها العذر
س: تسأل السائلة وتقول: أختي لها سؤال، فهي طالبة في الثانوية، وقد وضعت المدرسة - مشكورة - فصلا للتلميذات، تعقد فيه ندوات(11/294)
ومحاضرات بين آونة وأخرى، وتطلب المعلمة من الجميع الدخول للاستماع إلى تلك الندوات، فهل يجوز الدخول في هذا المكان لمن عليها العذر (1) ؟
ج: نعم، ليس هذا مسجدا، هذا مصلى وليس بمسجد، فلا مانع من أن يدخل في هذا المحل الحائض والنفساء، لا حرج في ذلك؛ لأن المصلى لا يسمى مسجدا؛ لأن المصلى محل عبادة مؤقت، والمساجد هي التي تبنى للعبادة، وتوقف للعبادة للصلوات الخمس، هذه هي التي لا تجلس فيها الحائض والنفساء ولا الجنب، أما المصليات التي في الدوائر فليس لها حكم المساجد، وهكذا المصلى الذي في المدرسة، وليس بمسجد كغرفة يصلون فيها، أو ممر أو فسحة يصلون فيه ليس له حكم المسجد.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (280) .(11/295)
191 - حكم دخول الحائض للمسجد للضرورة
س: تقول هذه السائلة: نزل أثناء وجودنا في المدرسة مطر غزير، فاستدعى الأمر أن ندخل في مسجد المدرسة وأنا حائض، هل علي شيء؟ وهل المسجد في المدرسة يأخذ حكم المصلى؟ وفقكم الله (1)
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (422) .(11/295)
ج: إذا دخلت المرأة الحائض أو النفساء في المسجد للضرورة فلا بأس؛ كأن تخشى على نفسها إذا كانت خارج المسجد، أو لأسباب أخرى للضرورة فلا حرج، أما مسجد المدرسة إذا كان مصلى ليس له حكم المساجد، لها أن تجلس فيه؛ لأنه ليس له حكم المساجد، فللحائض أو النفساء أن تجلس في المصلى لسماع الخطبة، أو سماع الدرس أو الفائدة.(11/296)
192 - حكم أخذ غرامة مالية بسبب تأخير إرجاع الكتب المعارة
س: يقول أ. م، في آخر أسئلته من الأردن: في بعض المساجد إعارة الكتب؛ بشرط أن من يتأخر في إرجاع هذه الكتب عن المدة المحددة يدفع عن كل يوم غرامة معينة من المال تنفق على المسجد، أو لمصلحة المسجد، هل يجوز هذا يا سماحة الشيخ (1) ؟
ج: نعم؛ لأن هذا من باب الإجارة، إذا تأخر فقد استمر بالأجر أجرة المثل يعني استمتاعه بالكتاب عن المدة المحددة، ولا أعلم في هذا بأسا لحث الناس على القيام بالشروط والوفاء بها، وعدم التساهل ببقائها عند المستعير، فإذا حجز خمسة أيام أو ستة أيام أو غيرها، وزاد فعليه كذا وكذا عن تأخير الكتاب، لا حرج إن شاء الله في هذا، والمصلحة كبيرة.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (368) .(11/296)
193 - حكم استعارة الكتب من المسجد
س: هل الاستعارة من المساجد جائزة أو لا (1) ؟
ج: ليس له أن يستعير، أما من المكتبات فلا بأس إذا سمح مدير المكتبة، والقائم عليها بالإعارة فلا بأس، أما ما وضع في المسجد من الكتب، أو من المصاحف فلا يستعار، بل يطالع وهو في المسجد.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (229) .(11/297)
194 - حكم أخذ الكتاب الموقوف على المسجد
س: هل يجوز أخذ أي كتاب سواء كان قرآنا، أو أي كتاب آخر كتب عليه: وقف، هل يجوز أخذه من المسجد (1) ؟
ج: لا يجوز أخذه من المسجد، بل يترك في المسجد، ينتفع به من كان في المسجد من قراء يطالعون فيه، يستفيدون منه؛ لأن الواضع الذي وضعه في المسجد، أو في مكتبة المسجد قصده نفع الناس، فلا تأخذ المصحف الذي في المسجد ولا الكتاب الذي في المسجد.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (228) .(11/297)
195 - حكم أخذ المصحف من المسجد واستبداله بآخر
س: يقول السائل: هل يجوز أخذ المصاحف والكتب من المسجد، واستبدالها بغيرها من المصاحف؛ كأن يأخذ الشخص مصحفا من(11/297)
المسجد ويضع غيره من طبعة أخرى ولون آخر (1) ؟
ج: لا يجوز لأي مسلم أن يأخذ من مصاحف المسجد، أو كتب المسجد شيئا؛ لأن الذي وضعها قصد أن ينتفع بها المسلمون في هذا المسجد، فليس لأحد أن يأخذها من المسجد، ولا من مكتبته، بل تبقى لأهل المسجد ومراجعي المكتبة، وإذا أحب أن يزيد ويضع كتبا أخرى ومصاحف أخرى فجزاه الله خيرا، أما أن يأخذ مصحفا؛ لأنه أنسب له لحسن طبعته أو لكبر حروفه، ويأتي بمصحف آخر أو كتاب آخر فلا. بل يترك ما بالمسجد للمسجد ولأهل المسجد وفي مكتبة المسجد، وإذا كان هناك فضل في المصاحف لا مانع من نقلها لمسجد آخر، إذا كان هناك فضل فيها وعدم حاجة لبعضها تنقل إلى مسجد آخر محتاج، وهكذا إذا كان في المكتبة كتب كثيرة، وهناك مكتبات تابعات لمساجد أخرى تحتاج إليها وتنقل بعضها إلى هناك فلا بأس، إلا أن يكون صاحب الكتاب نص على هذه المكتبة المعينة؛ ليبقى فيها فيبقى فيها.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (281) .(11/298)
س: يقول السائل: هل يجوز للإنسان أن يأخذ مصحفا من المسجد لنفسه، أو يستبدل مصحفا له (1) ؟
__________
(1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (431) .(11/298)
ج: ليس له ذلك، لا يجوز له أن يأخذ من المسجد شيئا لا لنفسه ولا يبدله، بل يجب ترك ما في المسجد للمسجد للمسلمين.(11/299)
س: هل يجوز أخذ المصاحف والكتب من المسجد، أو استبدالها بغيرها من المصاحف، كأن يأخذ الشخص مصحفا من المسجد ويضع غيره (1) ؟
ج: لا يجوز أخذ شيء من المساجد؛ لا من المصاحف ولا من الكتب، ولا من الفرش ولا من اللمبات ولا غير ذلك، هذه من الأوقاف، يجب تركها وعدم التعرض لها، فليس لأحد أن يأخذ المصاحف من المسجد، ولا من كتب المسجد، بل يقرأ فيها إذا كان في المسجد ثم يدعها في محلها، وليس له أن يأخذ شيئا منها، هذا ظلم لا يجوز، بل تبقى في المسجد لانتفاع المصلين والزوار للمسجد بالكتب والمصاحف.
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (271) .(11/299)
س: الأخ: م. ص. ع. يسأل ويقول: دخلت أحد المساجد ومعي مصحف، ورأيت في المسجد مصاحف ذات طباعة واضحة وقمت باستبدال مصحفي بواحد من تلك المصاحف الموجودة في(11/299)
المسجد، هل يحق لي ذلك، أم لا (1) ؟
ج: ليس لأحد أن يأخذ من أوقاف المسجد شيئا لا من المصاحف ولا من غيرها، إلا إذا كانت موضوعة للتوزيع، إذا كان وضعها الواضع للتوزيع فلا بأس بذلك. إذا قال له الإمام أو المؤذن: هذه للتوزيع. فلا بأس، أما إذا كانت وضعت لينتفع بها المصلون والقراء في المسجد فليس لأحد أن يأخذ منها شيئا، ولا أن يضع بدلها ما هو دونها؛ لأنها وقف على القراء في المسجد، ولأن وجود ما هو أصلح ينبغي أن يبقى للقارئ الذي أراده الموقف، فلا يأخذ الطيب ويدع ما هو دونه، بل يبق الطيب لأهل المسجد؛ حتى لا يخلو المسجد من المصاحف ذات الطباعة الجيدة. وهذا هو المطلوب.
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (187) .(11/300)
س: هناك بعض الناس يأتون بمصاحف قديمة، ويضعونها في المساجد ويستبدلونها بمصاحف جديدة من نفس المسجد، فهل هذا جائز (1) ؟
ج: ليس لأحد أن يأخذ من مصاحف المسجد شيئا، المصاحف التي في المسجد يجب أن تبقى بالمساجد، وليس لأحد أن يأخذ منها شيئا أو يبدلها، بل الواجب تركها في المساجد؛ لأن أهلها أرادوا أنها وقف ينتفع بها المسلمون في المسجد.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (229) .(11/300)
196 - حكم قبول المصحف المأخوذ من المسجد
س: يقول السائل: لقد أعطاني صديق لي مصحفا، وهذا المصحف أخذه من المسجد وقبلته منه، فهل هذا العمل جائز؟ وماذا علي إذا كان غير جائز؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليك أن ترده إلى المسجد؛ لأنه لا يجوز أن يأخذ من المسجد بنفسه ولا بغيره، بل مصاحف المسجد تبقى في المسجد للمصلين والقارئين، وليس لأحد أن يأخذ من المسجد المصاحف التي فيه ويعطيها الناس، أو يستعملها في بيته، لا تستعمل إلا في المسجد فقط، وعليك أنت أن ترد هذا المصحف للمسجد الذي أخذه منه، وتعلم صاحبك ألا يأخذ من المسجد.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (443) .(11/301)
197 - حكم أخذ المصحف إذا كان مكتوبا عليه هدية
س: لقد ذهبت أنا وإخوان معي إلى العمرة، وعند عودتنا مررنا بالمدينة، وأخذنا مصاحف كتب عليها: هدية إلى حجاج بيت الله الحرام، بموافقة أحد العاملين، وقال: لا بأس إذا لم يكتب عليها: وقف لله تعالى، وعند عودتنا إلى الكويت قيل لنا: ما كان يجب أن تأخذوها،(11/301)
فأصحابها قد تركوها لكي تقرأ ويكتب لهم الأجر، فما رأي سماحتكم؟ أنردها؟ أم ماذا ترى؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كانت المصاحف مكتوبا عليها: هدية، فلا بأس من أخذها، أما إذا كانت مكتوبا عليها: هدية للقراء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو في المسجد الحرام، أو في مسجد كذا، فلا تؤخذ، بل تبقى للقراء في المسجد، أما إذا كتب عليها: هدية للحجاج، ولم يذكر المسجد فلا حرج في ذلك، ولا حرج في أخذها، والله أعلم.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (198) .(11/302)
198 - حكم التبرع بالمصاحف في المساجد
س: يقول هذا السائل من الكويت: هل يجوز وضع المصاحف في المساجد؟ وهل يكون لمن وضعها أجر على كل حرف يقرأ من هذا المصحف؟ ووضع هذا المصحف بنية أن يكون أجر القارئ للمتوفى، فهل هذا مشروع (1) ؟
ج: وضع المصاحف في المساجد مشروع؛ لأنه يعين من جاء بنفسه للقراءة، وصاحبه له أجر، يرجى له أجر كبير؛ لأنه ممن أعان على الخير، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «والله في عون العبد ما
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (406) .(11/302)
كان العبد في عون أخيه (1) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (2) » وإذا سبل مصاحف لأموات، أو كتب علم فلهم أجر في ذلك، وإذا نوى هذا الوقف لأبيه أو أمه فله أجر في ذلك، وللموقوف له أجر في ذلك، أما إهداء المصحف فهو طيب من باب التعاون على البر والتقوى، إذا أهديته إليه فأنت مشكور ولا بأس.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه برقم (2442) ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2580) .(11/303)
199 - حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد
س: ما هو رأي سماحتكم في اصطحاب الأطفال إلى المسجد؟ وهل هذا حرام أو مكروه أو جائز؟ علما بأني أسمع على ألسنة كثير من الناس حديثا، يقولون: إنه مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم (1) » (2)
ج: يستحب، بل يشرع الذهاب بالأولاد إلى المساجد إذا بلغ الولد
__________
(1) أخرجه ابن ماجه، في كتاب المساجد والجماعات، باب ما يكره في المساجد، برقم (750) .
(2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (169) .(11/303)
سبعا فأعلى، ويضرب عليها إذا بلغ عشرا؛ لأنه بذلك يتأهل للصلاة ويعلم الصلاة، حتى إذا بلغ فإذا هو قد عرف الصلاة واعتادها مع إخوانه المسلمين.
أما الأطفال الذين دون السبع فالأولى ألا يذهب بهم؛ لأنهم قد يضايقون الجماعة، ويشوشون على الجماعة ويلعبون، فالأولى عدم الذهاب بهم إلى المسجد؛ لأنه لا تشرع لهم الصلاة. وأما حديث: «جنبوا مساجدكم صبيانكم (1) » فهو حديث ضعيف، لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل يؤمر الصبيان بالحضور للصلاة إذا بلغوا سبعا فأكثر حتى يعتادوا الصلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (2) » فهذا فيه تشريع للمؤمنين أن يحضروا أولادهم معهم حتى يعتادوا الصلاة، وحتى إذا كانوا بلغوا الحلم قد اعتادوا، حتى إذا بلغوا فإذا هم قد اعتادوها وحضورها مع المسلمين، فيكون ذلك أسهل وأقرب إلى محافظتهم عليها.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه، في كتاب المساجد والجماعات، باب ما يكره في المساجد، برقم (750) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.(11/304)
س: ما حكم اصطحاب الأطفال للمساجد؟ هل هو سنة كما يقول(11/304)
البعض، أم أنه غير جائز لما يسببه الأطفال من إزعاج للمصلين، كما يقول البعض الآخر (1) ؟
ج: استصحاب الأطفال فيه تفصيل: إذا كان الطفل قد أكمل السبع السنين فهو مأمور بالصلاة، فيستصحبه أبوه وأخوه؛ حتى يتمرن على الصلاة ويعتادها، أما إن كان أقل من السبع فلا حاجة إلى ذلك، ولا يشرع استصحابه؛ لأنه قد يؤذي المصلين، وقد يشوش عليهم بلعبه وكلامه، فالأولى عدم اصطحابهم لما في ذلك من الإيذاء للمصلين.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (168) .(11/305)
س: ما رأي سماحكتم في الذين يأتون بأطفالهم إلى المساجد لأداء الصلاة، علما بأن الأطفال لا يقرؤون، ولا يحفظون من القرآن حتى سورة الفاتحة؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: إذا تيسر بقاؤهم في البيت هذا طيب حتى لا يؤذوا أحدا، وإذا لم يتيسر؛ لأن الطفل أو الأب يحب أن يصلي مع الناس، أو يسمع الدرس أو الفائدة أو الخطبة فلا حرج ولو كان معهم صبية صغار؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر في الحديث الصحيح أنه يدخل الصلاة ويريد التطويل، ثم يسمع صياح الصبي ويخفف؛ لئلا يشق على أمه، فدل ذلك
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (229) .(11/305)
على أنهم يصلون ومعهم الصبيان، ولم ينههم عن إحضار الصبيان الصغار، وكذلك في الحديث الصحيح، لما تأخر في بعض الليالي عن صلاة العشاء قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، رقد النساء والصبيان (1) فدل على أن الصبيان يحضرون، الحاصل أن حضور الصبيان مع أمهاتهم، أو مع آبائهم أمر لا بأس به، وإذا كان ليس من أهل الصلاة وقد جاءت به، وأنها تريد أن تطمئن عليه حتى تصلي مع الناس، وحتى تسمع الخطبة والفائدة فلا بأس بذلك، وإن تيسر من يحفظه في بيتها حتى لا تتأذى، ولا تؤذي به أحدا فهذا أولى وأفضل إذا تيسر ذلك.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، برقم (7239) .(11/306)
س: الأخ: ف. ع. م، من حوطة بني تميم، يسأل عن الأطفال في المساجد وتشويشهم وبم توجهون الناس؟ ولا سيما أنهم يمتثلون للتوجيه، ثم يستمرون أياما ويعودون إلى حالهم السابق، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الأطفال قسمان: قسم بلغ سبعا فأكثر، فهذا يوجه إلى الصلاة والخشوع فيها، ويفرقون في الصفوف حتى لا يلعبوا إذا كان اجتماعهم قد يسبب اللعب، يفرقون بين الرجال الكبار, ويكون من يتعاهدهم
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (272) .(11/306)
المؤذن أو غير المؤذن، يتعاهدونهم حتى لا يشوشوا ولا يلعبوا، أما إن كان الأطفال دون السبع فمثل هؤلاء بقاؤهم في البيوت أولى، يبقون في البيوت عند أهليهم، ومن حضر بولده منهم فليحرص عليه حتى لا يشوش على الناس، وإلا فليبقه في البيت حتى لا يشوش على أحد، والإمام والمؤذن وأهل المسجد يتولون هذه الأمور، فينصحون الناس ويوجهونهم إلى الخير؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى.(11/307)
200 - حكم صلاة الصبي المميز في الصف الأول
س: ما رأيكم في صلاة الصبي المميز في الصف الأول؛ لأن الكثير من الناس - هداهم الله - يطردونهم إلى الصف الأخير، مما يسبب اجتماعهم وعبثهم في المسجد (1) ؟
ج: ينبغي أن يشجع الصبي على الصلاة، وألا ينفر منها، فإن تقدم للصف الأول يبق في الصف الأول، وهكذا إذا تقدم في الصف الثاني، ولا ينبغي تجميعهم في محل واحد؛ لأن هذا أولا ينفرهم من التقدم للصلاة، وثانيا: يسبب لعبهم وإشغالهم المصلين، فلا ينبغي لأهل المسجد أن يفعلوا ذلك، بل ينبغي لأهل المسجد أن يلاحظوا تفريقهم،
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (38) .(11/307)
وأن يكونوا في المواضع؛ يبعد بعضهم عن بعض حتى لا يعبثوا وحتى لا يؤذوا المصلين، ومن سبق منهم للصف الأول فإنه يقر؛ لأنه سبق إلى شيء ما سبق إليه أحد فهو أحق.(11/308)
201 - حكم صلاة الأطفال دون السابعة في الصفوف الأمامية
س: ما حكم صلاة الأطفال دون السابعة في الصفوف الأمامية ويزاحمون المصلين؟ وهذا مما يجعل دائما فرجة في الصفوف، وأن يحدثوا بعض الحركات في الصلاة (1) ؟
ج: الأطفال الذين هم دون السبع ليس لهم صلاة، ولا يؤمرون بالصلاة، والمشروع لآبائهم إبقاؤهم في البيوت؛ حتى لا يشوشوا على المصلين، هذا هو المشروع، لكن لو وجد أحدهم بين الصفوف لم يضر الصف، وعلى من حوله أن يرشده للهدوء؛ حتى لا يؤذي أحدا، أما آباؤهم فالمشروع لهم أن يحفظوهم في البيوت، وألا يحضروهم إلى المساجد؛ حتى لا يشوشوا على الناس، ولا يقطعوا الصفوف، ومتى وجد أحد منهم في الصف الأول ودعت الحاجة إلى إبقائه فإنه لا يضر الصف، ويكون بمثابة الكرسي أو العمود أو ما أشبه ذلك، إذا دعت الحاجة إلى وجوده في الصف.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (325) .(11/308)
س: كثير من الناس حينما يحضر إلى الصلاة في المسجد وهي مقامة يجدون أطفالا يصلون، بعضهم أقل من السابعة، وبعضهم أكثر من السابعة، فيقومون بإزاحتهم إلى طرف الصف، ويصفون في مكانهم، وإذا كانوا في طرف الصف يؤخرونهم إلى الصف الذي يليه؛ مما يؤدي إلى قطع صلاتهم، فهل في عملهم هذا شيء؟ وماذا يجب علينا حين نشاهد مثل ذلك؟ وهل يجوز تأخير الذين أعمارهم أقل من السابعة من صفهم إلى الصف الذي يليه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: أما من كان بلغ السابعة فالمشروع تركه، ولا يجوز تأخيره؛ لأنه سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم، فهو أولى بمكانه، وفيه تشجيع له على المحافظة والمسارعة إلى الخير، فلا يؤخر، أما من كان دون السبع فهذا محل نظر، إن يترك فلا بأس؛ لئلا يحصل عليه مضرة إذا أخر، ولئلا يعبث أو يذهب إلى محل آخر يضره، فتركه في مكانه أولى وأحوط؛ حتى لا يحصل عليه ضرر، أو يحصل منه عبث يضر أحدا من الناس بتأخيره بالتشويش عليه، والصغار لهم مراعاة؛ لئلا يقع شر عليهم إذا أخروا في الصلاة، فقد يذهبون إلى جهات تضرهم، وقد يعبثون عبثا
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (301) .(11/309)
يضرهم ويضر غيرهم، ثم أيضا في تركهم في الصف تمرين لهم على المجيء والحرص على الصلاة؛ حتى إذا كملوا السابعة إذا هم قد تمرنوا.(11/310)
202 - بيان كيفية توجيه الأطفال إذا لعبوا أثناء الصلاة
س: لو التفت الطفل وهو في الصف، أو تحرك حركة ربما تكون زائدة، ما هو توجيه سماحتكم (1) ؟
ج: يشيرون له بالهدوء؛ حتى يهدأ بالإشارة ما دام في الصلاة بالإشارة، والصغار يوجهون حتى يعتادوا الخير.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (301) .(11/310)
203 - حكم من يتخذ مكانا واحدا للصلاة في المسجد
س: ما حكم من يتخذ مكانا واحدا للصلاة في المسجد (1) ؟
ج: قد نص جمع من أهل العلم على كراهة اتخاذ مكان معين في المسجد لا يصلي إلا فيه، وجاء في بعض الأحاديث التي لا تخلو من مقال، فالذي ينبغي للمؤمن ألا يتخذ مكانا معينا في المسجد، بل متى جاء يحرص على القرب من الإمام، ولا يتخذ مكانا معينا، هذا هو الذي
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (76) .(11/310)
ينبغي، فينبغي أن يكون هناك مسابقة ومسارعة إلى الخير، فإذا أمكنه أن يكون خلف الإمام هذا هو الأفضل، وإذا لم يتيسر ذلك غالبا، أما أن يتخذ عمودا سارية يصلي عندها، أو جدارا أو محلا معينا هذا خلاف المشروع، فالمشروع له أن يسابق، وأن ينافس في الخير، وأن يتقدم، فإن أمكنه الصف الأول صار في الصف الأول، وإن أمكنه القرب من الإمام صار قريبا من الإمام، فإن عجز يكون في الصف الثاني وهكذا، أما أن يتخذ سارية يصلي عندها، أو محلا يصلي عنده لا يجاوزه ولو كان هناك ما هو أقرب منه إلى الإمام هذا غلط، خلاف السنة، وأقل أحواله الكراهة.(11/311)
س: هل الصلاة في المسجد في مكان واحد؛ الفرض والنافلة، يعد ذلك محذورا أو لا (1) ؟
ج: نعم، اعتياد ذلك لا ينبغي، كونه اعتاد مكانا معينا يكره له ذلك، بل السنة أن يسابق إلى الصلاة، ويحرص على الصف الأول والقرب من الإمام، أما أن يتخذ محلا معينا يجلس فيه ولو بكر ووجد ما هو أفضل منه فهذا خلاف المشروع، فالسنة في المؤمن أن يسابق ويسارع إلى الصلاة، وأن يحرص على الصف الأول، وعلى قربه من الإمام،
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (102) .(11/311)
وألا يتخذ له مكانا معينا يصلي فيه، ويترك ما هو أفضل منه، والله المستعان.(11/312)
س: الأخ: عبد الله من الرياض، يقول: قرأت حديثا ما معناه: بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نقر كنقر الغراب، وافتراش كافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير، السؤال يا سماحة الشيخ: عند دخول المسجد لأداء الصلاة أجلس دائما في مكان خاص ومعين في جميع الأوقات، فهل الحديث المذكور يشملني ويشمل تصرفي هذا (1) ؟
ج: نعم، الأفضل لك أن تنتهي حيث انتهى الصف، ولا تجعل لك مكانا معينا، إذا جئت والصف الأول تام تصف في الثاني، وإذا كان الصف الأول ما تم تصف في الصف الأول، ولا تبق في طرف الصف هكذا، ولا تنقر صلاتك؛ اطمئن، وعدم العجلة في الصلاة، ولا تفرش يديك مثل السبع، إذا سجدت ارفع ذراعك واعتمد على كفيك فقط، والذراعان مرفوعان، كان السبع يبسط ذراعيه والكلب كذلك، والسنة للمؤمن أن يرفع ذراعيه، بل ويعتمد على كفيه فقط في السجود.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (426) .(11/312)
204 - حكم أكل الثوم قبل الذهاب إلى المسجد
س: تقول هذه السائلة: ما حكم من يكثر من أكل الثوم لرغبته فيه وحبه له؟ هل يذهب إلى المسجد للصلاة فيه، أو يكفيه الصلاة في المنزل ويتعذر بذلك (1) ؟
ج: من يأكل الثوم أو البصل أو الكراث لا يجوز له الذهاب إلى المسجد؛ لأنه يؤذي الناس بذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا، أو قال وليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته (2) » وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بإخراج من تعاطى هذه الأمور من المسجد، وقال: «فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم (3) » فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى الكراث أو الثوم أو البصل، وأن يصلي مع المسلمين؛ لأنه يؤذيهم بذلك، وإذا كان ليس هناك حاجة لهذا فليترك ذلك حتى لا
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (397) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث، برقم (855) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها، برقم (564) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها، برقم (564) .(11/313)
يحرم الصلاة مع المسلمين، أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك لجوع أو مرض فلا حرج، أما أن يعتاد ذلك كشهوة فالذي ينبغي له ترك ذلك؛ حتى لا يحرم الصلاة مع المسلمين، وإذا قصد بذلك التخلف عن الجماعة؛ يتحيل بهذا لترك الجماعة فهذا منكر ولا يجوز، نسأل الله العافية.(11/314)
205 - حكم ذهاب شارب الدخان إلى المسجد
س: هذا سائل من الجبيل، يقول في هذا السؤال: علمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى من أكل منا ثوما أو بصلا عن قرب المصلين، أو المصلى في جماعة المسجد، وذلك حسب علمي حتى لا يؤذي الملائكة والمصلين، فما رأي سماحتكم فيمن امتلأت رئتاه برائحة الدخان، حتى ولو أنه لم يشربه قبيل قدومه للصلاة في المسجد، والمعروف أن رائحة الدخان كريهة، وأنا أقول: بأنها تزعجني في صلاتي بجانب صاحب هذه الرائحة، والنهي جاء في الحلال؛ الثوم والبصل، فما الحكم في الدخان؟ هل هو محرم؟ وهل ينطبق الحديث على شاربه (1) ؟
ج: نعم، الدخان محرم، ولا شك فيه أنه محرم؛ لما فيه من المضرة العظيمة، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك، ولا سيما إذا كان
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (374) .(11/314)
مجيئه إلى المسجد قرب شرب الدخان، فإن هذا يؤذي الناس وقد يكون أذاه أشد من الثوم والبصل لمن لم يعتده، فالواجب على المؤمن أن يحذره؛ لأنه محرم، وفيه مضار كثيرة، وفيه أيضا إيذاء للناس لمن شربه عند مجيئه للمسجد ولم يتحفظ فإنه يؤذي من حوله، والله المستعان.(11/315)
206 - حكم الذهاب إلى المسجد بملابس غير نظيفة
س: يقول السائل: هناك جماعة يشتغلون في ورشة لإصلاح السيارات، وإذا حان موعد الصلاة ذهبوا إلى المسجد بملابس الشغل، وتكون ملابسهم متسخة بطبيعة الحال بالزيوت والبويا والمعجون وما أشبه ذلك، فبماذا توجهونهم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصلاة صحيحة، فلا حرج عليهم، ولكن الأفضل أن يعدوا للصلاة لباسا حسنا؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (2) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال (3) » ولئلا يتأذى منه
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (253) .
(2) سورة الأعراف الآية 31
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، برقم (91) .(11/315)
إخوانه، ولئلا يؤذي من يجاوره بهذه الملابس، السنة لهم - والذي أنصحهم به - أن يلبسوا ملابس حسنة للصلاة يعدونها، إذا جاء وقت الصلاة خلعوا هذه الملابس ولبسوا ملابس حسنة، هذا هو الذي ننصحهم به.(11/316)
س: إنني أشتغل في ورشة، وأسمع الأذان وأنا في الورشة، وكنت في بعض الأيام أصلي في المسجد، ولكن خطب الخطيب في يوم الجمعة، وقال: لا يصح للعامل أن يأتي من عمله ليصلي في المسجد؛ لأنه يؤذي المصلين بالملابس المتسخة، وأصلي أنا وأخي وزميلي في الورشة جماعة، هل صلاتنا صحيحة في العمل القريب من المسجد (1) ؟
ج: هذا الذي قاله الخطيب غلط وجهل، بل يجب على العمال أن يحضروا الصلاة ويعتنوا بالصلاة مع الجماعة، ولا يغتروا بخطبة الجاهلين، بل يجب على العمال أن يصلوا مع الناس، ويحضروا مع الناس وإن كان في ثيابهم زيت أو غيره، لكن يحرصون على النظافة، وألا يكون عندهم روائح كريهة كالدخان والصنان (2) يحرصون على أن يتوضؤوا، وأن يتنظفوا مما يؤذي إخوانهم المصلين، ولا يجوز لهم
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (223) .
(2) رائحة العرق.(11/316)
التساهل في هذا الأمر، فإذا حضرت الصلاة ترك كل منهم الشغل وبادر إلى الصلاة، وتعاطى الأسباب التي تعينه على حضورها مع الجماعة، وعدم إيذائهم؛ لا بدخانه ولا بغيره من الأذى.(11/317)
س: أنا أعمل ميكانيكيا، ماذا أعمل إذا حضرتني الصلاة وأنا في العمل؟ هل لي أن أصلي بملابس العمل، وملابس العمل هذه فيها زيت وغاز؟ وبعض الناس يقولون: لا تجوز فيها الصلاة. ولا يتسع لي الوقت بتبديلها، ماذا أعمل وأنا أريد صلاة الجماعة؟ أفيدونا أفادكم الله (1)
ج: الواجب عليك أن تصلي مع إخوانك المسلمين في الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (2) » ؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام لما أتاه رجل أعمى يسأله ويقول: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم، قال: " فأجب (3) » هذا أعمى ليس له قائد، ومع هذا يأمره أن يجيب المؤذن ويحضر الصلاة، وعليك يا أخي أن
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (283) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(11/317)
تغير الملابس التي يتأذى منها إخوانك إذا كان فيها رائحة تؤذيهم، أما إذا كان لا تؤذيهم؛ لا فيها رائحة تؤذيهم فصل فيها والحمد لله؛ لأنها طاهرة، أما إن كان فيها روائح تؤذيهم، أو أوساخ تنتقل إليهم إلى من بجوارك؛ تنتقل إليه الأوساخ فبدلها، أعد ثيابا، إذا أذن المؤذن تلبسها وتذهب إلى الصلاة فيها، وعليك أن تتقي الله في ذلك، هذا أمر عظيم، هذه عمود الإسلام، الصلاة عمود الإسلام، فلا بد من العناية بها، أعظم واجب وأهم واجب بعد الشهادتين هذه الصلاة، يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (1) » ويقول فيها عليه الصلاة والسلام: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (2) » هذا وعيد عظيم له، يحشر من تركها مع هؤلاء الكفرة؛ لأنه من ضيعها من أجل الرئاسة والملك صار شبيها بفرعون والعياذ بالله؛ فيحشر معه في النار يوم القيامة، وإن ضيعها بسبب الوزارة والوظيفة صار شبيها بهامان وزير فرعون؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21563) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) ، وابن ماجه في كتاب الفتن باب كف اللسان في الفتنة، برقم (3973) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما برقم (6540) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب في المحافظة على الصلاة برقم (2721) .(11/318)
ضيعها بأسباب المال والشهوات صار شبيها بقارون؛ تاجر بني إسرائيل الذي حمله كفره وبغيه على ترك الحق؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ترك الصلاة من أجل التجارة والبيع والشراء صار شبيها بأبي بن خلف؛ تاجر أهل مكة الذي قتله النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد كافرا؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة.
فالواجب على العامل ميكانيكيا أو غيره، الواجب عليه أن يصلي مع المسلمين في الجماعة، وأن يلبس الملابس - التي لا تؤذي الناس - الطيبة السليمة، ويبتعد عن الروائح الكريهة، إذا كان يتعاطى الثوم أو البصل أو التدخين يحذر ذلك؛ حتى لا يكون فيه روائح كريهة وقت الصلاة، وحتى يأتي لها في ملابسه وهي نظيفة لا أوساخ تؤذي الناس، أما إن كان لا يؤذي الناس فلا بأس أن يصلي فيها إن كانت طاهرة، ولكن كونه يلبس ثيابا حسنة وجميلة للصلاة هذا هو الأفضل، يقول الله سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (1) ، يعني: عند كل صلاة، فالمشروع للمؤمن عند الصلاة أن يلبس ملابس حسنة، يتوجه للمسجد بملابس حسنة مع إخوانه، لا من يقوم بين يدي الله بما فيه أذى للمصلين، نسأل الله للجميع التوفيق.
__________
(1) سورة الأعراف الآية 31(11/319)
س: هل من كلمة - سماحة الشيخ - لأولئك الذين يصلون بثياب العمل المتسخة وغيرهم (1) ؟
ج: نعم، نوصي الجميع بتقوى الله، وأن يصلوا كما شرع الله، وأن يحذروا التساهل في ذلك؛ لا من جهة السترة، ولا من جهة البقعة، تكون البقعة نظيفة، وتكون الملابس نظيفة سليمة من النجاسات، والواجب عليهم أن يصلوا في الجماعة، يجب على أهل العمل أن يصلوا في الجماعة في المساجد، ثم يعودوا إلى أعمالهم، نسأل الله للجميع الهداية.
__________
(1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (392) .(11/320)
س: يسأل هذا المستمع: ح. من الأردن، ويقول: هل تجوز الصلاة في المسجد منفردا بلباس العمل؛ كالجزار مثلا: على ثوبه دم، والمهن الأخرى؟ حدثونا في ضوء هذا السؤال، ونرجو كلمة (1)
ج: الواجب على المؤمن ألا يصلي إلا في ملابس طاهرة، الجزار لا يصلي في ملابس فيها دم؛ لأن الدم نجس، وهكذا غيره، كل صاحب مهنة يجب أن تكون ثيابه طاهرة سليمة عند الصلاة، لا يصير فيها نجاسة؛ لأن من شرط الصلاة أن تكون ثياب المصلي طاهرة وبقعته
__________
(1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (392) .(11/320)
طاهرة، فليس للجزار ولا غيره أن يصلي في الملابس التي فيها الدماء، أو فيها البول أو غيره من النجاسات، بل يجب أن يصلي في ثياب طاهرة وبدن طاهر.(11/321)
207 - حكم أداء الصلاة في المسجد منفردا لعذر
س: إذا دخل الإنسان المسجد لأداء صلاة العشاء، ثم لاحظ في ثوبه شيئا من البقع، قال في نفسه: أصلي العشاء قبل أن يجتمع الناس. ثم صلى وخرج، هل هذا عذر مقبول؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا يجوز هذا ما دام في المسجد، ويصلي مع الناس ولو كان في ثوبه بقع، إلا إذا أمكن أن يذهب إلى حمام حول المسجد، وكان بيته قريبا إذا أمكن ويزيل البقعة فلا حرج في ذلك، هذا إذا كانت البقعة غير نجاسة، أما إذا كانت نجاسة فيلزمه أن يذهب ويزيل النجاسة ويبدل الثوب وإذا فاتته الجماعة يلزمه أن يذهب إلى بيته ويزيل النجاسة بالغسل، أو إبدال الثوب بثوب آخر. أما إذا كانت بقعا وسخا وليست نجاسة فيصلي فيه والحمد لله، ولو كان فيه جماعة يلزمه أن يصلي مع الجماعة، وفي إمكانه بعد ذلك أن يبدل الثوب أو يغسل الوسخ.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (325) .(11/321)
208 - حكم الصلاة بالبنطال
س: سماحة الشيخ: ما حكم لبس البنطلونات بالنسبة للعمال في المساجد (1)
ج: لا بد أن يكون اللباس ساترا ما بين السرة والركبة، والبنطلون إذا كان ما فيه تشبه بالكفرة، إذا كان من لباس المسلمين، وستر ما بين السرة والركبة أجزأ مع ستر المنكبين أو أحدهما بالرداء.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (395) .(11/322)
س: هل يجوز دخول المسجد بالحذاء وخصوصا الأطفال (1)
ج: نعم، إذا كانت الحذاء نظيفة لا بأس، وعلى صاحب الحذاء، أو ولي الطفل التأكد من ذلك، فإذا كانت الحذاء نظيفة لا حرج في ذلك.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (330) .(11/322)
س: كيف يكون رأي سماحة الشيخ بعد أن أصبحت المساجد مفروشة، وأصبح الدخول بالأحذية عليها مقززا للنفس؟ ما هو توجيه سماحتكم في هذا (1) ؟
ج: الأولى في مثل هذا أن يخلعها ويضعها عند باب المسجد، أو في
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (330) .(11/322)
مكان لا خطر فيه؛ حتى لا يغير الفرش على الناس؛ لأن الإنسان قد يتساهل عند دخول المسجد في تفقد ما عليه، وقد يؤذي من حوله، فالذي أراه في مثل هذا أن خلعها أولى؛ حرصا على مصلحة المسلمين، وعلى جمع الكلمة، وعدم الشحناء والفرقة.(11/323)
209 - حكم رفع الصوت في المساجد
س: علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن رفع الصوت في المساجد ولو بقراءة القرآن، وقد لاحظت أن معظم الإخوة المسلمين في بلدي يرفعون أصواتهم بقراءة القرآن، وخاصة في الأوقات بين الأذان والإقامة لدرجة تجعلني في كثير من الأحيان لا أحسن الوقوف بين يدي الرحمن، فما العمل؟ وأرجو الله إن كان في تصرف هؤلاء الإخوة ما لا يجوز أن ينبهوا على ذلك كثيرا؛ فإن الأمر عم جميع المساجد، حتى إنك إذا أخبرت أحدهم بما في هذا الأمر فإما أن يتعجب مما تقول، وإما أن يستمع إليك ثم لا يتوقف عن فعل ذلك العمل (1)
ج: لا شك أن هذا واقع في بعض المساجد، ولا شك أن الأفضل عدم الجهر بالصوت، وعدم رفع الصوت في الصفوف في المساجد،
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (146) .(11/323)
وأن من سيقرأ وهو خافض صوته؛ حتى لا يشوش على من حوله من القراء والمصلين هذا هو السنة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه خرج ذات يوم إلى الناس في المسجد وهم يقرؤون قد رفعوا أصواتهم، فقال: «إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (1) » أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن السنة جاءت بمراعاة من حوله من المصلين، وألا يجهر بقراءته؛ فيشوش عليهم، ولكن يقرأ قراءة منخفضة ليس فيها تشويش بينه وبين نفسه، أو يجهر قليلا لا يتعدى الضرر إلى غيره، لكنه رفع قليل. فالحاصل أنه ينبغي له أن يراعي شعور المصلين، فلا يجهر جهرا يشوش على المصلي، أو على قارئ. أما لو قدر أن من حوله يسمعون وينصتون له، وليس فيها أذى لأحد فلا بأس بالجهر الذي ينفع من حوله، ولكن في الأغلب أنه يكون حوله مصل، وحوله قارئ، فالذي ينبغي له أن يخفض صوته، وأن يكون بقدر لا يؤذي أحدا ممن حوله.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326) .(11/324)
210 - حكم قراءة القرآن في المسجد بصوت عال
س: ما حكم قراءة القرآن في المسجد بصوت عال قبل الصلاة،(11/324)
وبحضور كثير من المصلين كل يقرأ على حدة (1)
ج: السنة عدم الرفع، فلا ينبغي الرفع، يكره الرفع أو يحرم؛ لأنه يؤذي، فالذي في المسجد السنة له أن يخفض صوته؛ حتى لا يتأذى به مصل ولا قارئ؛ لأن الناس كل قد يحب أن يقرأ أو يصلي، فإذا كان من حوله يرفع صوته بالقراءة شوش عليه صلاته، وشوش عليه قراءته، فالسنة أنه يخفض صوته خفضا لا يضره ولا يشوش على من حوله؛ خفضا مناسبا، يقرأ بقراءة مناسبة ليس فيها تشويش على من حوله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج ذات يوم على الناس، وهم في مسجده وهم يصلون في الليل، وبعضهم يرفع صوته على بعض، فقال: «إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (2) » هذا معناه: اخفضوا أصواتكم، لا يؤذ بعضكم بعضا برفع الصوت، وهذا شيء مشاهد وشيء معقول، إذا كان يليك من يرفع صوته شوش عليك قراءتك وصلاتك، فإما أن تنصت له، وإما أن تشوش أنت في صلاتك وفي قراءتك؛ فلهذا الواجب على من يقرأ في الصفوف - أكرر هذا الواجب وأؤكد - ألا يجهر، بل
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (141) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326) .(11/325)
يخفض صوته ولا يجهر حال قراءته في الصف؛ حتى لا يتأذى به من حوله من المصلين والقارئين، أما إذا كان عنده جماعة محدودة يرضون بذلك ويستمعون فلا بأس، إذا كانوا جماعة قليلة في المسجد ينتظرون ما هناك من يصلي ويقرأ، ويحب أن يسمع صوته فلا بأس، أما إذا كان هناك من يصلي ومن يقرأ فلا يرفع صوته.(11/326)
س: ما حكم الذين يقرؤون بصوت مرتفع، ويحرمون الناس من قراءة القرآن في المسجد (1) ج: لا ينبغي هذا، في المسجد يقرأ قراءة منخفضة لا يؤذي بها المصلين ولا القراء، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة على الناس في المسجد، وهم يصلون جماعات يتهجدون يرفعون أصواتهم، فقال: «إن المصلي يناجي ربه عز وجل، فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (2) » فالسنة أن كل واحد يخفض صوته في الصف؛ حتى لا يؤذي غيره من المصلين ولا من القراء، وهذا في الجمعة وفي غيرها.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (176) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326) .(11/326)
س: أرجو التوجيه لبعض الناس الذين يقرؤون القرآن بصوت مرتفع،(11/326)
والناس من حولهم يصلون بعض السنن من الصلاة (1)
ج: نعم، ننصح القراء في المساجد ألا يرفعوا أصواتهم رفعا قد يشغل المصلين والقراء الذين حولهم، بل يقرؤون قراءة سرية لا تؤذي من حولهم من المصلين أو القراء، هذا هو السنة، فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إلى المسجد، والناس يصلون أوزاعا، ويرفعون أصواتهم، فقال عليه الصلاة والسلام: «فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (2) » أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فينبغي للمؤمن أن يتحرى عدم إيذاء أخيه المصلي أو القارئ، فيقرأ قراءة يخفض فيها الصوت خفضا لا ينبغي معه تشويش على مصل ولا قارئ.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (212) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326) .(11/327)
س: هل يجوز رفع الصوت بقراءة القرآن في المسجد، وهناك بعض المصلين يصلون في المسجد انتظارا لإقامة الصلاة؟ وجزاكم الله خيرا (1)
ج: لا يرفع الصوت حتى يشوش عليهم، يقرأ بصوت منخفض، ولا يشوش على القراء والمصلين حوله.
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (430) .(11/327)
211 - حكم تلاوة القرآن قبل الأذان عبر مكبر الصوت في المسجد
س: ما حكم تلاوة القرآن مسجلة قبل أوقات الصلاة بربع ساعة مثلا؟ هل تجوز في مكبر الصوت في المسجد (1) ؟
ج: في المسجد لا يفعل، كل يقرأ على حسب حاله في المسجد، ولكن إذا فعلوه في بيوتهم، أو في السفر، أو ما أشبه ذلك فلا بأس. أو اجتمعوا في المسجد بعض الأحيان، وسمعوا القرآن مسجلا لا بأس، أما أن يشغلوا الناس وقت انتظارهم للصلاة، ولا يدعون الناس الذي يقرأ والذي يصلي فيلهونهم؛ بكونه يشغل المكبر بقراءة القرآن فإن تركه أولى. ولا أعلم لهذا أصلا، وفيه أيضا مشغلة للناس، هذا قد يحب أن يقرأ، وهذا يصلي تحية المسجد، أو يصلي الراتبة.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (219) .(11/328)
س: م. ع. من الهند، بعث يسأل ويقول: هل يجوز سماع القرآن الكريم في أجهزة تسجيل في المسجد أو لا (1) ؟
ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس، إذا كان ما فيه تشويش؛ جماعة مجتمعون وحضروا التسجيل يسمعونه لا بأس، أما إذا كان فيه
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (353) .(11/328)
تشويش على المصلين أو القراء فلا، لكن إذا كانوا جماعة مجتمعين وحضروا التسجيل ليسمعوا القرآن فلا حرج في ذلك.(11/329)
212 - حكم قراءة القرآن بواسطة المذياع عبر مكبر الصوت بالمسجد قبل الأذان
س: الأخ: م. م. ز، من جمهورية مصر العربية، يقول: بجوار بيتنا مسجد، وأنا بفضل الله تعالى أقوم بفتح هذا المسجد في صلاة الفجر كل شهور السنة، ما عدا شهر رمضان يقوم شخص آخر يتولى فتح المسجد؛ نظرا لأنه هو المعين من قبل وزارة الأوقاف، وعندنا في مصر يقرأ القرآن في المساجد قبل صلاة الفجر وبصوت مرتفع في مكبرات الصوت؛ بحجة أن ذلك يوقظ الناس للصلاة، وأنا أعلم أن ذلك بدعة من البدع، وإذا لم أقم بتشغيل الراديو على القرآن في المكبر يقول الناس: إنك متشدد ومتزمت. وغير ذلك من الكلمات التي يطلقونها على المتمسكين بدينهم، أرجو توجيهي في هذا الموضوع جزاكم الله خيرا (1)
ج: أنت مصيب يا أخي، وأنت وافقت السنة والحمد لله، ولا يضر
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (144) .(11/329)
قول الناس، فإذا طلع الفجر فأذن والحمد لله، يكفي الأذان، وأما إعلان القراءة من المكبرات قبل الأذان في آخر الليل فهذا لا أصل له، وقد يؤذي الناس، وقد يشق على النوام ويزعجهم، فالحاصل أن هذا غير مشروع، ولم يكن يفعله المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ما كانوا يرفعون أصواتهم بالقرآن كالأذان؛ حتى يوقظوا الناس، إنما كان الأذان كافيا في عهده صلى الله عليه وسلم، وفي عهد أصحابه، إذا طلع الفجر فإن المؤذن أو نائب المؤذن يرفع الأذان في المكبر؛ حتى يوقظ الناس وحتى ينبه الناس، ويدعوهم إلى الصلاة في المسجد، والله المستعان.(11/330)
213 - حكم قراءة القرآن بصوت عال داخل المسجد من أجل الموعظة
س: رجل له صوت جميل، ويريد أن يقرأ القرآن الكريم للناس في المساجد أو في غيرها؛ من أجل أن يدخل الرقة في قلوبهم، هل هذا يعد من الرياء؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: ليس من الرياء، إذا قصد الخير وأراد أن يسمعهم القرآن لترق قلوبهم ويستفيدوا لا حرج، أما إذا قصد الرياء فلا يجوز.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (291) .(11/330)
س: إذا كان هناك مسجدان قريبان من بعضهما، والبعض يشوش على البعض الآخر، فما توجيه سماحة الشيخ في هذا الموضوع؟ إذ لا يبعد المسجد عن أخيه إلا بما يقرب من خمسين مترا (1)
ج: الواجب العناية بعدم التشويش، كل واحد يخفض الصوت؛ صوت المكبر حتى لا يشوش أحدهما على الآخر، حتى يسمعوا من الداخل، ولا يكون فيه سماعة من الخارج تشوش، يكون الصوت خفيفا من الخارج؛ حتى لا يشوش هذا على هذا، ولا هذا على هذا، وفي الحقيقة أن هذا قرب غريب، لماذا صار هذا القرب؟ الواجب أن تكون المساجد متباعدة بحسب الحاجة، لا تكون متقاربة، التقارب هذا لا وجه له، فلعل هذا التقارب له أسباب شرعية لا نعلمها.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (302) .(11/331)
214 - بيان الحكمة في بناء المساجد متباعدة
س: السائل: ف. ش. ك. من حوطة بني تميم، يقول: في حارتنا ثلاثة مساجد قريبة من بعضها البعض، يبعد الواحد منها عن الآخر تقريبا مائة وخمسين مترا، علما بأن الحارة يكفيها مسجد واحد(11/331)
لجمع المصلين، فما نصيحتكم؟ وما الواجب علينا في ذلك (1)
ج: عليكم مراجعة المحكمة تنظر في الأمر إن شاء الله، ولا ينبغي القرب في المساجد بعضها من بعض، بل ينبغي أن تكون كل حارة لها مسجد يخصها إذا كانت متباعدة، أما إذا كانوا متقاربين فالأفضل كثرتهم في المسجد وتعاونهم، وأن يكونوا كثيرين، لكن إذا كانت الحارات متباعدة كل حارة لها مسجد؛ حتى لا يشق على أهلها، أما إذا كانوا متقاربين ما بين كل مسجد ومسجد مائة متر، أو مائتين أو ما أشبه ذلك ينبغي ترك ذلك، لكن قد تكون هناك أسباب؛ إما شحناء أو أسباب أخرى ينظر فيها الحاكم، ينظر فيها ولي الأمر.
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (405) .(11/332)
215 – حكم قول: استعنا بالله بعد قراءة الإمام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1)
س: عندما يقول الإمام: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2) يقول المأموم: استعنا بالله. فما الحكم في هذا القول (3)
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 5
(2) سورة الفاتحة الآية 5
(3) السؤال التاسع من الشريط رقم (85) .(11/332)
ج: لا أعلم ما يدل على شرعيته، والأولى من المأموم أن ينصت، ولا يقول هذه الكلمة: استعنا بالله؛ لأنه لا دليل عليها، فالأولى والأفضل له أن يسكت عن ذلك، ولا يقول هذا الكلام، ولو قاله لم يضر صلاته، صلاته صحيحة، لكن ترك ذلك هو الأولى؛ لأنه لا دليل على شرعية ذلك من المأموم، وإنما المشروع له أن ينصت لإمامه، ويتدبر ما يقوله إمامه حتى يستفيد؛ لقول الله سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1) ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا قرأ فأنصتوا (2) »
__________
(1) سورة الأعراف الآية 204
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404) .(11/333)
216 - حكم قول اللهم اغفر لي ولوالدي بعد قراءة الإمام {وَلَا الضَّالِّينَ} (1)
س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ، نسمع البعض من المصلين في الصلاة الجهرية حين يقول الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} (2) عند ذلك يقول هذا المصلي داعيا: اللهم اغفر لي ولوالدي ولأموات المسلمين. ثم يقول مع الإمام: آمين. فهل هذا من السنة؟ خصوصا بأنه يرفع الصوت ويشوش على المصلين (3)
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 7
(2) سورة الفاتحة الآية 7
(3) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (434) .(11/333)
ج: هذا غير مشروع، المشروع بعد {وَلَا الضَّالِّينَ} (1) أن يقول: آمين. أما قول: اللهم اغفر لي ولوالدي. فليس بمشروع، هذا هو المشروع للمأموم.
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 7(11/334)
217 - حكم صلاة المأمومين على النبي عليه الصلاة والسلام عند ذكره في قراءة الإمام
يقول السائل: أسمع في بعض المساجد الكثير من المصلين يرفعون أصواتهم حين يقرأ الإمام: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (1) الآية. ويقولون: صلى الله عليه وسلم. وكذلك في آخر سورة التين يقولون بصوت مرتفع: بلى، ونحن على ذلك من الشاهدين. أفيدونا بهذا مأجورين (2)
ج: السنة الإنصات وعدم رفع الصوت؛ لا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ولا بـ: بلى. السنة للمأمومين الإنصات وعدم الصوت بشيء؛ لأن الله يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3) ، ولم ينقل عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم كانوا يرفعون أصواتهم معه صلى الله عليه وسلم، فالمشروع الإنصات والتدبر والتعقل وعدم رفع الصوت بقولهم عند قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (4)
__________
(1) سورة الفتح الآية 29
(2) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (366) .
(3) سورة الأعراف الآية 204
(4) سورة الفتح الآية 29(11/334)
صلى الله عليه وسلم؛ أما بينه وبين نفسه فالأمر أوسع، بينه وبين نفسه الأمر سهل، لو تركه كان الأفضل، وإن فعل فلا بأس، لكن لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم في الفريضة أنه كان يقف يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أو يدعو، إنما كان هذا في التهجد، كان يفعله بالتهجد بالليل. وهكذا قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (1) لا يقول: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين؛ لأن الحديث ضعيف (2) ولكن يقول: سبحانه وبحمده. أو: سبحانه وتعالى. بينه وبين نفسه لا بأس، كذلك الآية الكريمة آخر القيامة: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (3) ، هذا ورد فيه حديث صحيح، فإذا قال: بلى. فلا بأس؛ لأنه حديث صحيح (4) في آخر القيامة يقول ذلك، وأما آخر التين وآخر المرسلات فلم يثبت فيها حديث، ولكن ينصت ويستمع ويحضر قلبه ولا يتكلم، فهذا هو الأفضل؛ لأن الصحابة كانوا ينصتون، والله أمر بهذا بقوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (5) ، لكن لو سبح بينه وبين نفسه، أو دعا بينه وبين نفسه فالأمر في هذا إن
__________
(1) سورة التين الآية 8
(2) أخرجه الترمذي في كتاب التفسير، باب ومن سورة التين، برقم (3347) .
(3) سورة القيامة الآية 40
(4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الصلاة، برقم (884) .
(5) سورة الأعراف الآية 204(11/335)
شاء الله لا حرج فيه؛ لفعله له صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل.(11/336)
218 - حكم قول بلى بعد قراءة الإمام: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (1)
س: الأخ يسأل ويقول: عندما أصلي في المسجد يقرأ الإمام سورة التين، وعندما يصل إلى قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (2) أسمع الناس يرددون من خلفه: بلى، ونحن على ذلك من الشاهدين. فهل هذا مشروع (3)
ج: جاء في حديث ضعيف أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا قرأ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (4) قال: " نحن على ذلك من الشاهدين " وإذا قرأ: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} (5) من آخر المرسلات قال: " آمنا بالله ". وإذا قرأ آخر القيامة: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (6) قال: " سبحانك، بلى ". ولكنه ضعيف، إلا ما ورد في القيامة فهو ثابت، عند قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (7) يقال: بلى، سبحانك بلى. هذا مشروع، أما عند آخر سورة التين والمرسلات فهو ليس بمحفوظ.
__________
(1) سورة التين الآية 8
(2) سورة التين الآية 8
(3) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (253) .
(4) سورة التين الآية 8
(5) سورة المرسلات الآية 50
(6) سورة القيامة الآية 40
(7) سورة القيامة الآية 40(11/336)
219 - حكم قول: بلى بعد قراءة الإمام
{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (1)
س: بعض المصلين يقولون أثناء الصلاة، وعندما ينتهي الإمام من قراءة آية يبين فيها الله عز وجل قدرته العظيمة مثل قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (2) يقولون: بلى. فما الحكم في هذا (3) ؟
ج: هذا ورد في حديث خاص عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قال القارئ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (4) يقول: بلى سبحانك (5) فـ (بلى) هذا مشروع، ولا بأس يقوله الإمام والمأموم والمنفرد.
__________
(1) سورة القيامة الآية 40
(2) سورة القيامة الآية 40
(3) السؤال السابع من الشريط رقم (274) .
(4) سورة القيامة الآية 40
(5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الصلاة، برقم (884) .(11/337)
220 - حكم جهر المأموم بقول: ربنا ولك الحمد بعد قول الإمام سمع الله لمن حمده
س: ماذا يجب على المأمومين إذا قال الإمام: الله أكبر، وسمع الله لمن حمده. هل يردون بصوت ظاهر أو بسر، سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية (1)
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (414) .(11/337)
ج: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. يقول المأموم: ربنا ولك الحمد. ولا حاجة إلى الجهر بها، يقول كلاما يسمع به نفسه: ربنا ولك الحمد. لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد (1) » هكذا أمر صلى الله عليه وسلم، الإمام يقول: سمع الله لمن حمده. أما المأموم فيقول عند الرفع: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. أو: ربنا لك الحمد. كله واسع. الحمد لله.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة برقم (734) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411) .(11/338)
221 - حكم الأناشيد الدينية في المساجد
س: عندنا جماعة دينية لا داعي لذكر اسمها تبيح الأناشيد الدينية في المساجد وبصوت مرتفع، ما هو توجيهكم (1)
ج: الأشعار العربية والأناشيد العربية الإسلامية التي فيها فائدة في مقام العلم والتعليم لا بأس بها، إذا كان في المسجد حلقة علم، أو واعظ يعظ الناس ويذكر الناس، ويقرأ عليهم بعض الأشعار المفيدة والأناشيد الشرعية الطيبة المفيدة لا حرج في ذلك. فقد كان حسان رضي الله عنه ينشد الشعر
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (144) .(11/338)
في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام يهجو الكفرة في مسجده صلى الله عليه وسلم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اهجهم أو هاجهم وجبريل معك (1) » «فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل (2) » ويقول أيضا: «اللهم أيده بروح القدس (3) » فإنشاد الأشعار في المساجد؛ الأشعار الإسلامية المفيدة النافعة، والأناشيد الطيبة في حلقات العلم أو في المواعظ، كل هذا لا بأس به، أما الأغاني المنكرة، أو الأشعار المنكرة، أو الأناشيد المنكرة فلا تجوز لا في المساجد، ولا في غيرها.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة برقم (3213) ، ومسلم كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه، برقم (2486) .
(2) أخرجه النسائي في كتاب مناسك الحج، باب استقبال الحج، برقم (2893) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الشعر في المسجد برقم (453) ، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه، برقم (2485) .(11/339)
222 - حكم إنشاد الضالة داخل المسجد
س: هل يجوز النداء على الأشياء المفقودة داخل المسجد (1)
ج: لا يجوز ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (193) .(11/339)
رجلا ينشد ضالة في المسجد، فليقل: لا ردها الله عليك (1) » ينشد يعني: يطلب ضالة. يقول: من يعرف كذا، من يدل على كذا. لا يجوز هذا في المساجد، لم تبن لهذا، ولكن يقف عند المسجد عند باب المسجد في الخارج، وينادي لا بأس، المقصود إذا وقف عند الباب في الخارج ونادى كفى، أما من داخل المسجد فلا يجوز.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (568) .(11/340)
223 - شرح معنى حديث «لا رد الله عليك ضالتك (1) »
س: حين ذهب رجل يبحث عن شيء ضاع منه في المسجد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا ردها الله عليك (2) » لماذا؟ أرشدوني أفادكم الله (3)
ج: المساجد لم تبن لنشد الضوال وطلب الحاجات المفقودة، المساجد بنيت لما بنيت له من ذكر الله، وقراءة القرآن، وإقامة الصلاة، وحلقات العلم، والاعتكاف، ولم تبن للبيع والشراء، ولا لأن ينشد فيها الضوال واللقط التي تذهب من الناس؛ ولهذا حذر من هذا النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: «من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد
__________
(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (568) ، سنن الترمذي البيوع (1321) ، سنن أبي داود الصلاة (473) ، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (767) ، مسند أحمد (2/420) ، سنن الدارمي الصلاة (1401) .
(2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (568) ، سنن الترمذي البيوع (1321) ، سنن أبي داود الصلاة (473) ، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (767) ، مسند أحمد (2/420) ، سنن الدارمي الصلاة (1401) .
(3) السؤال الثامن من الشريط رقم (123) .(11/340)
فليقل: لا ردها الله عليك (1) » ولما سمع من يقول: من يدل على كذا؛ على جمل له ضاع، قال: «لا وجدته (2) » وهذا من باب التحذير، ومن باب الزجر؛ حتى لا يتساهل الناس بنشدان الضوال في المساجد، ويتخذوها محلا لنشدان الضوال، أو لبيعهم وشرائهم، ولهذا في الحديث الآخر: «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك (3) » والمقصود الزجر والتحذير، ليس المقصود العداء للشخص أو كراهة أن يجد راحلته، لا، المقصود بهذا التحذير والزجر؛ لئلا يعود الناس لهذه الأمور في المساجد، ولئلا يعتادوها، فأتى بهذه العبارة: «لا وجدت (4) » «لا ردها الله عليك (5) » للزجر والتحذير؛ حتى يبتعد الناس عن هذا الأمر، والله جل وعلا أباح لرسوله عليه الصلاة والسلام أن يزجر الناس عما يضرهم، وهكذا العلماء بعده خلفاء الرسل يحذرون الناس مما يضرهم ولو بالزجر، ولو بالدعاء في
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (568) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (569) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب البيوع، باب النهي عن البيع في المسجد، حديث رقم (1321) ، والدارمي في كتاب الصلاة، باب النهي عن استنشاد الضالة في المسجد، برقم (1401) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (569) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (568) .(11/341)
بعض الأحيان للزجر والتحذير.(11/342)
224 - حكم السلام على المصلين قبل أداء تحية المسجد
س: ما الحكم فيمن يلقي السلام على الموجودين في المسجد، وذلك قبل تأدية صلاة تحية المسجد (1) ؟
ج: هذا هو السنة، أنه إذا دخل والجماعة في المسجد يسلم عليهم ولو أنهم يصلون، يقول: السلام عليكم. وإن قال: ورحمة الله وبركاته. هذا طيب، فالذي في صلاته يردون بالإشارة، هكذا بيده إشارة له، والذين خارج الصلاة يردون: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ولا بأس بهذا، ولا يكره هذا، بل مشروع، كان الصحابة يسلمون على النبي وهو يصلي عليه الصلاة والسلام، ويرد عليهم بالإشارة عليه الصلاة والسلام، أما قول بعض العامة إنه لا يسلم على الذي يصلي فهذا غلط، خلاف السنة، بل يسلم عليهم، ويردون عليه ولو كانوا يقرؤون، يقول: السلام عليكم. وإذا سمعوا الصوت يقولون: وعليكم السلام. يردون مثل قوله أو أزيد؛ لأن الله سبحانه قال: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} (2) ، فإذا قال: السلام عليكم.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (41) .
(2) سورة النساء الآية 86(11/342)
قالوا: وعليكم السلام. وإن زاد: ورحمة الله. كان أفضل لهم، وإن زادوا: وبركاته. كان أفضل لهم. أما إذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فيلزمهم أن يقولوا مثل ذلك حتى يردوا عليه تحيته، ويقفوا عن القراءة ثم يشتغلوا بالقراءة، وإن كانوا في الصلاة ردوا بالإشارة، ولو كانوا يصلون الفرض، ومن حوله يردون بالإشارة.(11/343)
225 - بيان كيفية السلام على قوم في المسجد
س: ما حكم السلام في المسجد؟ وذلك أن يقول الإنسان للجالسين عند دخوله المسجد: السلام عليكم. ويردون عليه: وعليكم السلام. جزاكم الله خيرا (1)
ج: حكم السلام أنه سنة وقربة لمن دخل على قوم في المسجد، أو في أي مكان يسلم عليهم: السلام عليكم. وإن زاد: ورحمة الله وبركاته. هو أفضل، وهم يردون عليه مثل ما قال أو يزيدونه، قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (2) ، فالرد واجب مثل التحية، والزيادة مستحبة، فإذا قال: السلام عليكم. وجب عليهم أن يقولوا: وعليكم السلام. فإن زادوه: ورحمة الله. فهو أفضل، وإن زادوه:
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (283) .
(2) سورة النساء الآية 86(11/343)
وبركاته، كان أفضل، وإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله. وجب عليهم أن يقولوا: وعليكم السلام ورحمة الله. وإن زادوه: وبركاته. كان أفضل، فإن قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجب عليهم أن يقولوا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يعني: رده، هذا ردها، الله قال: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (1) ، وهذه هي النهاية في السلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فعليهم أن يردوها، فإذا زادوه بعد ذلك: كيف حالك؟ بارك الله فيك، كيف أولادك؟ كل هذا طيب، هذا من الزيادة الطيبة.
__________
(1) سورة النساء الآية 86(11/344)
س: إذا دخل الإنسان المسجد هل يسلم (1) ؟
ج: يسلم على من في المسجد، فإذا كان فيه أحد يسلم عليه قبل أن يشرع في الصلاة، يسلم ثم يشرع في تحية المسجد أو في الراتبة، كما في الظهر والفجر، فراتبتها قبلها وبعدها، والفجر راتبتها قبلها، فهو يبدأ بالسلام ثم يشرع في الصلاة أو في الفريضة. ولو كان من في المسجد مشغولين فيسلم عليهم، وإن كانوا يقرؤون، فالذي يقرأ يمسك عن القراءة، ويقول: وعليكم السلام. ثم يعود للقراءة.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (304) .(11/344)
226 - حكم السلام على من كان يصلي أو يقرأ القرآن داخل المسجد
س: إذا دخلت المسجد والناس كلهم مشغولون بقراءة القرآن فهل(11/344)
أسلم أو لا (1) ؟
ج: المشروع لمن دخل المسجد والناس يصلون، أو يقرؤون أن يسلم، فالمصلي يرد بالإشارة، والقراء يردون بالسلام، قد كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا في أصحابه، فرأى رجلا قد أساء صلاته، فلما سلم جاء الرجل وسلم عليه، ورد عليه النبي صلى الله عليه وسلم السلام وقال له: «ارجع فصل، فإنك لم تصل (2) » وكانوا يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فيرد عليهم بالإشارة عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (329) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (757) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397) .(11/345)
227 - حكم التحدث في أمور الدنيا داخل المسجد
س: ما حكم التحدث في المسجد - أي: السواليف -؟ مثل: أرى صديقا أو قريبا في المسجد قبل الصلاة، أو بعدها وأسلم عليه: كيف الحال؟ وكيف الصحة؟ وتفضل معنا. وغير ذلك من الكلام (1)
ج: التحدث في المساجد إذا كان في أمور الدنيا، والتحدث بين الإخوان والأصحاب في أمور دنياهم إذا كان قليلا لا حرج فيه إن شاء
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (27) .(11/345)
الله، أما إن كان كثيرا فيكره؛ لأنه يكره اتخاذ المساجد محل أحاديث الدنيا، فإنها بنيت لذكر الله وقراءة القرآن والصلوات الخمس وغير هذا من وجوه الخير؛ كالتنفل والاعتكاف وحلقات العلم، أما اتخاذها للسواليف في أمور الدنيا فيكره ذلك، لكن الشيء القليل الذي تبدو له الحاجة عند السلام على أخيه الذي اجتمع به، وسؤاله عن حاله وأولاده، أو أشياء تتعلق بهذا أو بمثله، لكن بصفة غير طويلة، بل بصفة قليلة فلا بأس بذلك.(11/346)
س: هل تجوز المحادثة بين الناس قبل الصلاة في المسجد، إذا كانت المحادثة في أمور الدنيا (1)
ج: المساجد بنيت لذكر الله وقراءة القرآن والصلاة والاعتكاف ودراسة العلم، ولم تبن لأحاديث الدنيا، فلا ينبغي لأهل الإيمان أن يتخذوا المساجد لأحاديث الدنيا، لكن إذا كان شيئا قليلا لا حرج، الشيء القليل لا حرج فيه، كأن يسأل عن حاجة دنيوية أو نحو ذلك لا تأخذ وقتا، أو متى يسافر؟ أو هل قدم فلان؟ أو ما قدم فلان؟ كيف أولادك؟ كيف حالك؟ كيف مزرعتك؟ لعلها سليمة. الشيء القليل الذي تدعو له الحاجة، كهذه الأشياء.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (362) .(11/346)
228 - حكم السوالف والضحك داخل المسجد
س: هناك أشخاص بما فيهم مؤذن المسجد يتحدثون في روضة المسجد في غير أمور الدين، وأحيانا يقهقهون بصوت مسموع يؤذي المصلين، وعند نصحي أخذوا يجاهرون، هل هذا جائز (1) ؟
ج: لا ريب أن المساجد لم تبن للقيل والقال، وأحاديث الدنيا والسوالف الباطلة والقهقهة ونحوها، إنما بنيت لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن وبيان العلم، فالذين يجلسون في المساجد سواء في الروضة، أو في غيرها الواجب عليهم أن يتأدبوا بالآداب الشرعية، وأن يتباعدوا عما خالف الذي بنيت له المساجد، لكن إذا كان التحدث بالقليل من أمور الدنيا فلا كراهة في القليل، أما إذا كثر فيكره، أقل أحواله الكراهة، وهكذا القهقهة، إذا كانت قليلا أو تبسما فلا بأس، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يتحدثون مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد في أمور الجاهلية، وربما ضحكوا وتبسم عليه الصلاة والسلام، فالضحك إذا كان لأمر شرعي أو لأمر يتعجب منه من أمور الجاهلية، أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي توجب الضحك في غير لعب وفي غير امتهان للمساجد، بل لأمر عارض للأحاديث التي تعرض بين الناس للتاريخ ونحوه هذا لا بأس به. أما أن يتخذ المسجد موضعا للقيل
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (30) .(11/347)
والقال، والسوالف والقهقهة، وإنما أقل أحواله الكراهة، أما الشيء العارض فلا بأس به، قهقهة عارضة لمرور شيء يتعجب منه في تاريخ أو غيره، أو تحدث بينهم فيما يدعو إلى الضحك هذا لا حرج فيه إذا كان قليلا. أما مجاهرتهم بعدما نصحتهم فإن هذا غلط، بل الواجب أن يشكروك ويدعوا لك، ويقولوا: أحسنت. ونحو ذلك، ولا يقابلونك بالإساءة، ولكن الجهل قد يوقع أهله في أشياء من الشر بسبب قلة بصيرتهم.(11/348)
229 - حكم تحدث النساء في أمور الدنيا داخل المسجد الحرام
س: ألاحظ أن النساء إذا اجتمعن في المساجد وخاصة في البيت الحرام فإنهن يتحدثن في أمور الدنيا، فما توجيهكم (1) ؟
ج: هذا مكروه، التحدث في المساجد يكره للرجال والنساء، يعني: التحدث في أمور الدنيا؛ لأن المساجد لم تبن لهذا، وإنما بنيت لعبادة الله وقراءة القرآن والذكر والصلاة، لكن إذا كان الحديث قليلا فلا بأس، إذا كان الحديث في أمور الدنيا ليس بكثير فيعفى عنه.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (330) .(11/348)
230 - توجيه حول ضجيج الأطفال في المساجد
س: أستمع دائما إلى نقل الأذان من المسجد الحرام، وبرغم بعد المسافة نسمع دائما عند صلاة المغرب والعشاء صريخ وضجيج أطفال في بيت الله الحرام، هل هذا يجوز في هذا المكان، أو في(11/348)
أي مسجد من المساجد (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك؛ لأن من طبيعة الطفل أن يحصل منه هذا الشيء، وكان الأطفال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسمعهم النبي، يسمع صراخهم، ولم يمنع أمهاتهم من الحضور، بل ذلك جائز، ومن طبيعة الطفل أن له بعض الصراخ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه يسمع ذلك ولم يمنع، بل قال: «إني لأقوم في الصلاة، أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه (2) » وهذا يدل على أنه أقرهن على ذلك، وراعاهن في الصلاة أيضا عليه الصلاة والسلام؛ ولأن منع الأطفال معناه وسيلة إلى منع الأمهات من الحضور، وقد يكون حضورهن فيه فائدة للتأسي بالإمام في الصلاة والطمأنينة فيها ومعرفتها كما ينبغي، أو تسمع فائدة من المكبر أو من الإمام أو من أهل العلم.
فالحاصل أن حضورها إلى المسجد مع التستر والتحجب والعناية وعدم الطيب فيه فوائد، فإن كانت لا تأتي إلا بالتبرج وإظهار محاسنها أو الطيب فلا يجوز لها ذلك، بل صلاتها في بيتها أولى، وبكل
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (1) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي، برقم (707) .(11/349)
حال الصلاة في البيت أولى وأفضل، إلا إذا كان خروجها تستفيد منه فائدة واضحة؛ كالنشاط في قيام رمضان، أو في سماع العلم والفائدة، أو للتأسي بالإمام في صلاته الراكدة والطمأنينة؛ لأنها تجهل كيفية الصلاة كما ينبغي، فتستفيد صفة الصلاة والطمأنينة فيها، تستفيد سماع المواعظ والذكر، هذا قد يجعل خروجها أولى لهذه المصلحة، وإلا فالأصل أن بيتها خير لها، الصلاة في البيت أولى لها، أما خروجها متبرجة بالملابس الحسنة الفاتنة، أو بإبراز بعض محاسنها، أو إظهار الطيب الذي قد يسبب الفتنة لمن تمر عليهم كل هذا لا يجوز، يجب عليها أن تبقى في بيتها، ولا تخرج بهذه الأحوال التي تفتن الناس وتضر الناس، أما الطفل فلا بأس بوجوده معها، لكن بعد التحفظ منه، تجعله في محل محفوظ؛ حتى لا يقذر المسجد، ولا يؤذي المصلين، وإذا دعت الحاجة إلى حمله عند الحاجة فلا بأس، فقد حمل الرسول صلى الله عليه وسلم أمامة بنت زينب رضي الله عنهما، حملها وهو يصلي بالناس عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أن وجود الأطفال في المسجد وحملهم حتى في الصلاة لا حرج فيه عند الحاجة، ولكن ينبغي أن يراعى في ذلك سلامة الطفل من النجاسات؛ حتى لا يدنس أمه.(11/350)
231 - حكم النوم في المسجد
س: يقول السائل: ما حكم النوم في المسجد (1)
ج: النوم في المسجد لا حرج فيه، ولا بأس به، هي بيوت الله أقيمت للعبادة، والنوم لا ينافي ذلك، فقد يكون النوم عبادة إذا أريد به التقوي على عبادة الله، وقد نام الصحابة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ونام علي رضي الله عنه في المسجد لما صار بينه وبين زوجته بعض الشيء، فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم فأيقظه، فقال له: «قم أبا تراب، قم أبا تراب (2) » لما رأى التراب عليه، وكان ابن عمر رضي الله عنه ينام في المسجد بعض الأحيان، فالحاصل أنه لا حرج في ذلك.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (25) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب نوم الرجال في المسجد، برقم (441) ، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (2409) .(11/351)
232 - حكم النوم في المسجد من أجل أداء صلاة الفجر
س: نحن مجموعة من الشباب محافظون على أداء الصلوات الخمس في المسجد، والحمد لله، وبعد صلاة العشاء نذهب إلى منازلنا، ثم نأتي لكي نبيت في المسجد، فمنا من يصلي في الليل ومنا من يقرأ القرآن، ثم نستيقظ قبل الفجر، ونؤذن أذان التنبيه للفجر،(11/351)
وسبب مبيتنا في المسجد لكي نضمن أداء صلاة الفجر خوفا من أننا إذا نمنا في منازلنا سوف تفوتنا صلاة الفجر، وبعض الناس يسخرون منا ويقولون لنا: لماذا تنامون في المسجد؟ أليس لكم بيوت أو أسرة تنامون عليها؟ ونحن نسأل: هل مبيتنا هذا جائز (1)
ج: إذا كان المبيت في المسجد لهذه العلة؛ وهو خوف النوم عن صلاة الفجر فلا بأس بذلك، لكن إذا تيسر لكم من يوقظكم في بيوتكم، أو وضع الساعة المنبهة عند رأس أحدكم، وكل يبيت في بيته ويتهجد في بيته آخر الليل كان هذا هو الأفضل، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، أما إذا لم يتيسر ذلك ونمتم في المسجد لأجل أن يوقظ بعضكم بعضا؛ حتى تصلوا الفجر مع المسلمين هذا خير عظيم، وقصد صالح، وأنتم لكم عذر في هذا، لكن لكل منكم أن يجتهد في الصلاة في بيته، وبيتوتته في بيته فهذا أفضل، والساعة بحمد الله تنفع في الغالب، إذا وقتها على وقت مناسب قرب موعد الفجر فإنها بحمد الله تنفع.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (226) .(11/352)
233 - حكم دخول غير المسلمين المساجد
س: هل يجوز لغير المسلمين وهم المشركون والشيوعيون دخول المساجد؟ فهناك من يقول: يجوز لهم دخول المساجد لعل الله(11/352)
يهديهم. وهناك من يقول: لا يجوز لهم (1) ؟
ج: أما المسجد الحرام فلا يجوز دخوله لجميع الكفرة؛ من اليهود والنصارى وعباد الأوثان والشيوعيين، جميع الكفرة لا يجوز لهم دخول المسجد الحرام؛ لأن الله سبحانه يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (2) الآية. فمنع سبحانه من دخولهم المسجد الحرام، والمشركون يدخل فيهم اليهود والنصارى عند الإطلاق، فلا يجوز دخول أي مشرك المسجد الحرام؛ لا يهودي ولا نصراني ولا شيوعي، بل هذا خاص بالمسلمين، وأما بقية المساجد فلا بأس بدخول المسجد للحاجة والمصلحة، ومن ذلك المدينة، وإن كانت المدينة لها خصوصية، لكن في هذه المسألة فهي مثل غيرها من المساجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ربط فيها ثمامة بن أثال وهو كافر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وأقر وفد ثقيف حين دخلوا المسجد قبل أن يسلموا، وهكذا وفد النصارى دخلوا مسجده عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أنه يجوز دخول المسجد النبوي للمشرك، وهكذا بقية المساجد إذا كان لحاجة؛ إما
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (9) .
(2) سورة التوبة الآية 28(11/353)
لسؤال أو لحاجة أخرى أو لسماع درس يستفيد منه، أو ليسلم ليعلن إسلامه أو ما أشبه ذلك، الحاصل أنه يجوز دخوله إذا كان هناك مصلحة، أما إذا كان ما هناك مصلحة فلا حاجة إلى دخول المسجد، أو يخشى من دخوله عبث في المسجد أو فساد في المسجد أو نجاسة فإنه يمنع.(11/354)
234 - حكم هز المأموم رأسه عند سماع خطأ من الإمام أثناء القراءة
س: إن بعض المأمومين يهز رأسه عندما يسمع خطأ من الإمام، فهل يجوز ذلك أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا أعلم لهذا أصلا، هز الرأس غلط، لا أعلم لهذا أصلا، فهو غلط، ولكن لا يبطل الصلاة، فهو عبث يسير لا يبطل الصلاة، لا ينبغي، بل يكره العبث اليسير إلا لحاجة، فإنه ينبغي لمثل هذا أن يفتح على الإمام بأن يقرأ الآية التي غلط فيها، أو ما بعدها أو ما قبلها حتى ينتبه للقراءة، ولا حاجة إلى هز الرأس، ولا حاجة إلى أشياء أخرى، ولا يأتي بشيء من الأفعال، بل مثل هذا الفتح تنبيه للقراءة؛ حتى ينتبه له الإمام فيما غلط فيه.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (7) .(11/354)
235 - حكم الدوران على المصلين
لجمع التبرعات لصالح المسجد في يوم الجمعة وغيره
س: لنا صندوق خيري لصالح المسجد، ويوجد رجل متخصص لهذا الصندوق، يدور به على صفوف المصلين قبل الصلاة وخاصة يوم الجمعة، فما حكم هذا العمل؟ علما بأن بعض المصلين يجد شيئا من الحرج (1) ؟
ج: هذا فيه نظر؛ لأن عمله هذا معناه سؤال للمصلين، وقد يحرجهم ويؤذيهم في ذلك، فسوف يطوف عليهم ليسألهم حتى يضعوا شيئا من المال في هذا الصندوق لمصالح المسجد، فإن ترك هذا فهو الأحسن، وإلا فالأمر فيه واسع، إذا قال الإمام: إن المسجد في حاجة إلى مساعدتكم وتعاونكم. فلا بأس؛ لأن هذا مشروع خيري، لكن كونه يطوف بالصندوق عليهم في صفوفهم قد يكون فيه بعض الأذى بعض الإحراج، فالذي أرى أن تركه أولى، ويكفي أن يعلموا بهذا أن الصندوق هذا لمصالح المسجد، فمن شاء وضع فيه ومن شاء تركه، ولا يطف به عليهم ولا يؤذهم بذلك، هذا هو الأحوط والأقرب إلى السلامة.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (262) .(11/355)
236 - حكم إخبار المصلين في المسجد عن إقامة حفل زواج
س: السائل: س. س. ع، يمني مقيم بالمملكة: يوجد في قريتنا مسجد يصلي فيه الناس، وكذلك يجتمع فيه الناس من القرى المجاورة لأداء صلاة الجمعة، ولكن هناك عادة اعتاد الناس عليها: وهي إذا نوى أحدهم إقامة زواج أخبر الناس بذلك في المسجد بعد صلاة الجمعة، فهل هذا جائز (1) ؟
ج: لا نعلم بأسا في ذلك، هذا ليس من نشدان الضالة، هذه دعوة إلى الوليمة، وقد وقع مثل هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل له بعض الصحابة يدعونه، فقال للحاضرين: توجهوا إلى فلان يدعوكم إلى وليمة، ولم ينكر ذلك على من دعاه، أرسل أبو طلحة أنسا في بعض الأيام يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى وليمة، فقال للحاضرين: «قوموا إلى دعوة أبي طلحة (2) » فالمقصود أن هذا لا بأس به، إذا قال شخص من الحاضرين: تفضلوا للعشاء أو للغداء. لا حرج في ذلك.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (275) .
(2) أصل الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم (3578) ومسلم في كتاب الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه، برقم (2040) .(11/356)
237 - حكم دعوة المصلين بعد الصلاة في المسجد لشرب القهوة
س: نحن في القرية نصلي بالمسجد الجامع بالقرية، وبعد أن نختم الصلاة بالتسبيح والتحميد والتكبير، وفي بعض الأوقات يدعو أحد المصلين لشرب القهوة في داره، وهذه الدعوة داخل المسجد، فهل تصح داخل المسجد، أم أنها مكروهة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك، لا حرج أن يدعو إلى قهوة أو إلى وليمة غداء أو عشاء، لا بأس بذلك، وليس هذا من جنس البيع والشراء، بل هو معروف وخير وإحسان.
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (110) .(11/357)
238 - حكم بناء المحراب في المسجد
س: هل المحراب بدعة في المسجد أم لا (1) ؟
ج: ليس المحراب بدعة، بل فعله السلف الصالح من آخر القرن الأول إلى يومنا هذا، وفيه فوائد منها: توضيح أن هذا مسجد يوضح القبلة يستفيد منه الناس في معرفة القبلة، وقد يحتاج إليه في زيادة صف إذا دخل فيه
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (11) .(11/357)
الإمام عند الحاجة، وعند الضيق فليس ببدعة، وفيه فوائد طيبة.(11/358)
239 - حكم بناء مساجد مدورة البناء
س: يقول الأخ: ع. غ: هناك مساجد مدورة البناء مثل الكرة، تجد الصف الأول خمسة من المصلين، والذي بعده أطول وهكذا حتى تعود الصفوف الأخيرة إلى مثل عدد الصفوف الأولى. ويسأل: هل هذا الطراز من البناء جائز بالنسبة للمساجد؟ أو كيف توجهون الناس لو تكرمتم (1) ؟
ج: لا أعلم لهذا البناء أصلا في المساجد، لا أعلم له أصلا، والمشروع أن تكون المساجد واسعة مستوية؛ حتى تكون الصفوف معتدلة، وحتى يكون ذلك أوسع للمصلين وأنفع لأهل البلد، فينبغي أن تكون المساجد مربعة أو مستوية، هذا هو الأولى والأفضل، أما كون هذا حراما أو غير جائز فهو محل نظر، لكنه خلاف الأولى، وخلاف المعتاد في بناء المساجد، لكن كونه حراما محل نظر، فإن المسجد قد يكون واسعا لا يضره هذا، قد يكون واسعا وتكون الصفوف الأولى قليلة والأخيرة قليلة والوسطى واسعة، فيحصل بها المقصود، لكن كون هذا هو الأفضل أو ليس بالأفضل؛ الذي يظهر لي هو أن الأفضل أن
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (80) .(11/358)
تكون الصفوف متساوية، ويكون المسجد مربعا؛ حتى تكون صفوفه الأولى والثانية والأخيرة كلها متقاربة، هذا هو الأفضل والأنفع للمسلمين، والله جل وعلا أعلم. أما إذا كان في ذلك شبه ينبغي تجنبه، إذا كان فيه تشبه بالكنائس فالواجب تجنبه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم (1) » فلا يجوز أن تبنى المساجد على هيئة كنائس، ولا يجوز للمؤمن أن يتشبه بأعداء الله في كنائسهم، ولا في غيرها.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب في لبس الشهرة، برقم (4031) .(11/359)
س: الذي يعرف - يا سماحة الشيخ - بالنسبة لطراز المساجد أن تبقى مربعة أو مستطيلة، فما حكم الأشكال الدائرية التي عرفت أيضا (1)
ج: المقصود ألا يكون هناك فيها شبه للكنائس والبيع التي لليهود والنصارى، بل تكون على طريقة المسلمين في مساجدهم؛ سواء كانت متساوية من جهة الطول، أو من جهة القصر، المقصود تكون بصفوفها متساوية متقاربة إلا لعلة عارضة؛ مثل: أن تكون الأرض ضيقة في أسفلها أو في مقدمها. أما إذا كان من أجل الطراز المعماري أو الفن الهندسي هذا هو محل البحث، ينبغي أن يراعى في ذلك الفن الذي سار عليه المسلمون في مساجدهم، والحذر من التشبه بأعداء الله في كنائسهم.
__________
(1) السؤال من الشريط رقم (8) .(11/359)
240 - حكم بناء المسجد على شكل رباعي أو سداسي
س: هل يجوز أن يكون المسجد على شكل رباعي أو سداسي (1)
ج: ما نعلم في هذا شيئا، المهم أن يكون على هيئة المساجد الواضحة بمحرابه، والشكل الذي يناسب الصفوف لا يكون فيها اعوجاج، ولا يكون فيها مضايقة، تكون الصفوف كاملة ومستقيمة، أما أشكال البناء فأمرها واسع، لا نعلم لشكل البناء شيئا خاصا، المهم أن تكون البناية واسعة للمصلين، والصفوف تكون منتظمة مستقيمة على سمت واحد؛ بحيث إذا رآه الناس أو دخله الناس عرفوا أنه مسجد، يعني واضحا، بناية مسجد واضحة يعرف في البلاد، وبطريقة البلاد التي فيها مساجد.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (19) .(11/360)
241 - حكم الصلاة في المسجد الموجه إلى غير القبلة
س: يسأل المستمع ويقول: يوجد لدينا مسجد، وهو موجه إلى غير القبلة، فهل يجوز أن نصلي فيه أم لا (1)
ج: يجب أن يعدل، إذا كان قويا كبيرا يجب أن يعدل، أما إن
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (431) .(11/360)
كان الميل يسيرا يعفى عنه، أما إذا كان ميله كبيرا فإنه يجب أن يعدل ولو بتعديل الصفوف؛ حتى يعمر مرة أخرى، أما إذا كان الميل يسيرا يعفى عنه.(11/361)
242 - حكم منع أحد المصلين توسعة المسجد لضرر يصيب بيته
س: الأخ: ع. م. ص. يسأل ويقول: رجل يصلي معنا وفي الصف الأول وهو جار للمسجد، ولكنه يقف ضد توسعة المسجد، ويدعي بأن ذلك ضرر عليه، وليس هنالك أي ضرر عليه، ولكن لا ندري لماذا؟ والسؤال: كيف نتعامل مع هذا الرجل؟ وكيف نتصرف معه؟ مع أنه يفعل هذا الشيء منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهو رجل قد بلغ الستين، أفتونا يا سماحة الشيخ (1)
ج: السؤال فيه إشكال، ليس بواضح، إن كان المقصود من هذا أنه يعارض في توسعة المسجد والمسجد ضيق، ويراد توسعته وهو يعارض فلا ينظر فيه، ينظر الإمام والجماعة، فإذا تيسر توسيعه من أحد الجوانب وسعوه، ولا يلتفت إلى قوله، أما إن كان المقصود أنه ما يصلى في التوسعة، المسجد واسع ولا يصلى في التوسعة هذا غلط منه، عليه أن يصلي في الصف الأول ولو كان فيه توسعة، التوسعة إنما
__________
(1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (427) .(11/361)
جاءت لتوسيع المسجد، فإذا كان المراد يعني أنه يتورع عن الصلاة في التوسعة، ويصلي في مسجد قديم هذا غلط، بل إذا صف الناس في التوسعة صف معهم؛ سواء كانت التوسعة في جنوب المسجد أو شماله أو غربه أو شرقه، المقصود التوسعة يصلى فيها، السؤال فيه إشكال ما هو بواضح.(11/362)
243 - حكم أخذ المال الذي خصص لمصلحة المسجد
س: السائل أ. م، مقيم في الإمارات، يقول في سؤاله: يذكر بأنه إمام لأحد المساجد، ومدرس في الصباح والمساء، يقول: أعمل بلا راتب، وجاء أحد المحسنين وأعطاني مبلغا باسم المسجد، فهل حرام علي أن أستعمل هذا المال لنفسي (1) ؟
ج: إذا كان أعطاك إياه لمصلحة المسجد في تعمير أو فراش أو للفقراء فلا تأخذ منه شيئا، أما لك، أعطاك إياه لك، قال: هذه مساعدة مني لك. فلا بأس، أما إذا أعطاك إياه لمصلحة المسجد من فراش أو تعمير أو سراج أو غيرها من مصالح المسجد فليس لك أن تأخذ منه شيئا، بل يصرف في مصالح المسجد، أما إذا أعطاك إياه قال: تصدق به، اصرفه فيما تراه من وجوه الخير. فاعمل به في وجوه الخير، لا تأخذ
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (395) .(11/362)
منه شيئا لك أنت، بل تصرفه في وجوه الخير التي أشار إليها؛ لأنك وكيل.(11/363)
244 - حكم الصلاة في مسجد فيه قبر
س: سؤال من مجموعة من الشباب: ما حكم الصلاة في مسجد به قبر؟ ولماذا أصبح قبر الرسول صلى الله عليه وسلم داخل مسجده؟ نرجو بهذا التوجيه مأجورين (1)
ج: الصلاة في المساجد التي فيها قبور لا تصح، ولا تجوز، ولا يجوز الدفن في المساجد، بل هذا من عمل اليهود والنصارى، والرسول صلى الله عليه وسلم لعنهم على هذا العمل، وقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) »
فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا مشابهتهم، وأن تكون قبورهم خارج مساجدهم في مقابر خاصة، أما المسجد فلا يجوز الدفن فيه، ولا يصلى في المسجد الذي فيه قبور؛ لأن وجود القبر في المسجد
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (356) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .(11/363)
وسيلة للشرك، وسيلة أن يدعى من دون الله ويستغاث به، فلا يجوز للمسلمين الدفن في المساجد، بل يجب على المسلمين أن يدفنوا موتاهم خارج المساجد في مقابر خاصة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، كانوا يدفنون في البقيع، ودفن الشهداء في محل قتلهم في أحد. أما قبره صلى الله عليه وسلم فهو في بيته، ليس في المسجد، دفنه الصحابة في بيت عائشة خوفا أن يغلى فيه إذا كان في البقيع بارزا، فدفنوه في بيته خشية أن يحصل فيه غلو، وأن يتخذ قبره مسجدا، فدفنوه في البيت، ثم لما وسع المسجد أدخل في المسجد البيت نفسه في الحجرة، لما وسعه الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين في زمانه على رأس المائة الأولى من الهجرة، وأدخل الحجر وحجر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد دخلت حجرة عائشة من ضمنها، وكان علماء وقته قد نصحوه بألا يدخله، لكنه رأى أن إدخاله لا يضر؛ لأنه معلوم أنه في بيته، والتوسعة تدعو إلى ذلك، وقد أساء في هذا يعفو الله عنا وعنه وعن كل مسلم. فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم دفن في بيته وليس في المسجد، وإنما البيت أدخل في المسجد، وهو الآن في بيته لا في المسجد، ولا يجوز أن يقتدى بذلك؛ أن نقول: ندفن في المسجد؛ لأن قبر النبي في المسجد، لا، قبر النبي صلى الله عليه وسلم في بيته صلى الله عليه وسلم، ولكن أدخلت الحجرة برمتها في المسجد من(11/364)
أجل التوسعة، فالواجب على المسلمين أن يحذروا الدفن في المساجد، وأن يمتثلوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » فالمساجد لا يدفن فيها، بل تكون القبور خارج المساجد، المساجد معدة للصلاة والعبادة والقراءة، فلا يكون فيها قبور.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .(11/365)
245 - حكم الصلاة في المساجد التي تحتها قبور
س: الأخوة: س. أ. د. ر. من ليبيا، يسألون ويقولون: ما حكم الصلاة في المساجد التي تحتها قبور، وإن كنت لا تنوي أن الصلاة لمن في القبر؟ نرجو أن تفيدونا، هل الصلاة مقبولة بسبب هذا الولي الفلاني أو لا (1) ؟
ج: الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تجوز، بل هي باطلة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » متفق على صحته، من حديث عائشة رضي الله عنها، قاله في مرض موته عليه الصلاة والسلام في آخر
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (171) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .(11/365)
حياته. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1) » أخرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، فلا يجوز للمسلم أن يقيم مسجدا على قبر، أو يدفن في المساجد، أو يصلي في المساجد التي فيها القبور. بل يجب التواصي بترك ذلك والتناصح، ويجب على ولاة الأمور في أي بلد إسلامي، يجب على ولاة الأمور أن يمنعوا ذلك، فلا يدفن في المساجد أموات، ولا تبن المساجد على القبور، لا هذا ولا هذا، يجب أن تكون المقابر على حدة، والمساجد على حدة، ولا يقبر فيها، لا من يسمى وليا ولا غيره، والولي هو المؤمن، ولي الله هو المؤمن، فلا يدفن فيها لا مسلم ولا غيره، بل تكون المساجد خالية من القبور، وهذا هو الواجب الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم، والعلة في ذلك والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم؛ أن وجود القبور في المساجد من وسائل عبادتها من دون الله، إذا بنيت المساجد على القبور كان هذا من وسائل الغلو في الميت، ودعائه من دون الله، والتبرك بقبره، وطلبه الشفاعة، وطلبه الغوث والمدد؛ فلهذا حرم الله بناء
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/366)
المساجد على القبور، وحرم الله الدفن في المساجد سدا لذريعة الشرك، وحسما لمادة الشرك، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بما يوجد في بعض الأمصار وبعض الدول الإسلامية؛ من وجود القبور في المساجد، لا ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك، هذا غلط، والغلط لا يقتدى به، والواجب على حكام المسلمين في كل مكان أن يزيلوا هذا الأمر؛ لا في الشام ولا في مصر ولا في العراق ولا في غيره، الواجب على حكام المسلمين أن ينزهوا المساجد من القبور، وأن تكون المساجد خالية من القبور، وإذا كان فيها قبر ينقل إلى المقبرة العامة، وإذا كان المسجد بني عليه والقبر هو السابق يهدم المسجد، وتبقى القبور خالية ليس فيها مساجد.
فالحاصل أنه إذا كان القبر هو الأول يهدم المسجد وتبقى الأرض للقبور، وإن كان المسجد هو الأول ودفن فيه ينبش القبر وينقل إلى المقبرة، ولا يصلى في المساجد التي فيها القبور، هذا بدعة ولا يجوز، والصلاة باطلة، أما إن كانت الصلاة للميت؛ أنه يصلي للميت، ويتقرب إليه بالصلاة، أو بالسجود كان شركا أكبر، كانت المصيبة أعظم، وهكذا لو طلبه المدد؛ كأن يقول: يا سيدي المدد المدد. أو: يا ولي الله المدد المدد. أو: يا سيدي البدوي المدد المدد. أو: يا حسين المدد المدد. أو: يا شيخ عبد القادر المدد المدد. أو: أغثني. أو: انصرني. كل هذا من الشرك(11/367)
الأكبر. قال الله عز وجل {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1) . وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2) . وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (4) . سبحانه وتعالى، فسمى دعاءهم لغير الله شركا. قال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (5) . فسمى دعوتهم للأموات واستغاثتهم بالأموات شركا به سبحانه وتعالى، وسماه في الآية الأخرى كفرا، قال: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (6) . الآية من سورة المؤمنون. وقال جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (7) ، وقال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (8) ، وقال عليه الصلاة
__________
(1) سورة الأنعام الآية 88
(2) سورة المؤمنون الآية 117
(3) سورة فاطر الآية 13
(4) سورة فاطر الآية 14
(5) سورة فاطر الآية 14
(6) سورة المؤمنون الآية 117
(7) سورة الجن الآية 18
(8) سورة يونس الآية 106(11/368)
والسلام: «الدعاء هو العبادة (1) » وقال لابن عباس: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله (2) » فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذا الشرك، والتحذير منه والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. والواجب على العلماء في كل مكان أن يبينوا للناس هذا الأمر، وأن يرشدوهم إلى توحيد الله والإخلاص له، وأن يعلموهم أنواع الشرك حتى يحذروها، والواجب على الحكام أن يزيلوا آثار الشرك، وأن يزيلوا القبور من المساجد التي فيها القبور إذا كانت القبور حادثة، فإن كانت المساجد بنيت على القبور فالواجب أن تزال المساجد وأن تهدم، وأن تبقى القبور على حالها مقبرة ليس عليها مساجد، وهنا أمر قد يغتر به بعض الناس، وهو وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه في المسجد النبوي، فيقولون: هذا قبر النبي في المسجد. وهذا غلط؛ لأن الرسول لم يدفن في المسجد، دفن في بيت عائشة رضي الله عنها، وهكذا صاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما دفنا معه في بيت عائشة رضي الله عنها، ولم يدفنوا في المسجد، ولكن الوليد بن عبد الملك لما وسع المسجد في
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، برقم (17888) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1479) والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3372) وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء، برقم (3828) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2758) والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب منه برقم (2516) .(11/369)
آخر المائة الأولى أدخل القبر في المسجد من أجل التوسعة، وهذا غلط منه، فلا ينبغي أن يغتر بذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم وصاحباه لم يدفنوا في المسجد، بل دفنوا في بيت عائشة، النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة على القبور، وقال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (1) » ولعن المتخذين المساجد على القبور، فالمعول على تشريعه وأمره ونهيه عليه الصلاة والسلام، أما عمل الناس إذا غلطوا؛ إذا غلط الوليد أو غير الوليد فلا يعول عليه، فينبغي التنبيه في هذا الأمر، وينبغي لأهل العلم أن ينبهوا من حولهم من الناس على هذا الأمر؛ حتى تعم الفائدة، وحتى يتبصر المسلم، وحتى يعلم الحقيقة، فلا يقع في الشرك وهو لا يشعر، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .(11/370)
س: هل تجوز الصلاة في الجامع الذي فيه قبر (1)
ج: الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تصح، كل جامع فيه قبر أو مسجد فيه قبر ولو كان ليس بجامع، المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، ولا تصح الصلاة فيها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) »
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (152) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .(11/370)
وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1) » رواه مسلم في صحيحه، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين، وأم سلمة أم المؤمنين أيضا ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة، وما فيها من الصور، فقال: «أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (2) » فجعلهم بهذا العمل من شرار الخلق عند الله، وهو بناؤهم المساجد على القبور وتصويرهم فيها، فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ذلك، وألا يبنوا على القبور، وأن لا يتخذوها مساجد، وألا يجعلوا عليها بناء ولا قبة، بل تكون ضاحية مكشوفة، ليس عليها بناء بالكلية، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب.
أما البناء عليها أو اتخاذ القباب عليها أو المساجد فكل هذا منكر، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528) .(11/371)
والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ المساجد على القبور، ولعن من فعل ذلك، فدل على أن هذا من الكبائر من كبائر الذنوب، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، فساد الصلاة عند القبور وفي المساجد المبنية عليها. وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (3) » وفي حديث جابر عند مسلم في صحيحه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (4) » فنهى عن هذا، ونهى عن التجصيص للقبور، وعن البناء عليها، وعن القعود عليها.
فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ما حرم الله، وما نهى عنه
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (970) .(11/372)
رسوله عليه الصلاة والسلام، وليس لهم أن يصلوا في المساجد التي اتخذت على القبور؛ لأن الرسول نهى عن ذلك، ولعن من فعله عليه الصلاة والسلام، والصلاة عندها اتخاذ لها مسجدا، ولو لم يبن المسجد الذي يصلي فيه عند القبور معناه أنه اتخذها مسجدا. ولا ريب أن الصلاة عندها والدعاء عندها، وتحري الدعاء عندها، وتحري القراءة عندها كل هذا من أسباب الشرك، ومن وسائله، فالواجب الحذر من ذلك، وإنما تزار؛ يزورها المسلم ويدعو للميتين ولنفسه معهم، يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، يغفر الله لنا ولكم. ونحو هذا الدعاء يدعو لهم ولنفسه معهم، نسأل الله لنا ولكم العافية، ثم ينصرف لا يجلس عندها للقراءة أو للدعاء عندها، ولا يطوف بها هذا منكر، والطواف عند القبور بقصد التقرب للميت هذا من الشرك الأكبر؛ مثل الدعاء كما لو قال: يا سيدي أغثني، المدد المدد، انصرني، اشفني. هذا من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر. وكثير من الدول الإسلامية يوجد فيها قبور قد اتخذ عليها مساجد، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب على ولاة الأمر أن يزيلوا ذلك، وأن تبقى القبور ضاحية مكشوفة ليس عليها أبنية، كما كان الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، وفي بقية مقابر المسلمين(11/373)
في البلاد الإسلامية، وإنما حدث هذا بعد ذلك في القرن الثاني وما بعده؛ بسبب الرافضة والغلاة الذين غلوا وتشبهوا بالرافضة في ذلك؛ حتى وقع ما وقع من اتخاذ المساجد على القبور، واتخاذ القباب، وحتى وقع الشرك في الموتى وسؤالهم والاستغاثة بهم والنذر لهم بسبب هذا الغلو. نسأل الله للجميع العافية والسلامة والهداية.(11/374)
246 - حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور
س: ما حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور؟ مع العلم أنني أعيش في بلد تكثر فيه هذه الظاهرة، أرجو توجيهي ولا سيما إذا لم يكن حولي وقريبا مني مسجد واحد خال من القبور (1)
ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » . قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » ونهى
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (97) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/374)
عن الصلاة إلى القبور، فدل ذلك على أنه لا يجوز الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، فإذا بني المسجد على قبر أو على قبرين أو أكثر فلا يصلى فيه، بل يصلى في المساجد الخالية من ذلك التي ليس فيها قبور، وإذا لم يجد شيئا صلى في بيته، أو مع إخوانه في بيوتهم، أو إن وجدوا مسجدا ليس فيه قبور صلوا فيه، ولا يجوز بقاء القبور في المساجد، بل يجب نبشها وإبعادها عن المساجد؛ إذا كانت بعد بناء المسجد دفن في المسجد فإنه ينبش وينقل رفاته إلى المقابر العامة، وتبقى المساجد سليمة من ذلك، أما إن كان المسجد هو الأخير بني على القبور فهذا المسجد أسس على غير التقوى، أسس على باطل فيجب هدمه، يجب على ولاة الأمور أن يهدموه ويزيلوه؛ لأنه بني على قبر، والرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى على اتخاذهم القبور مساجد، الواجب على ولاة الأمور أن يعنوا بهذا الأمر في أي مكان في أي دولة إسلامية، الواجب على ولاة الأمور أن ينزهوا المساجد من القبور، فإن كان القبر هو الأخير نبش ونقل إلى المقبرة العامة، وإن كان القبر هو القديم وبني عليه المسجد هدم المسجد وأزيل طاعة لله ولرسوله، عليه الصلاة والسلام، وعلى المسلمين أن ينتبهوا لهذا، وأن يحذروا الصلاة في المساجد التي فيها القبور؛ لأن الصلاة فيها وسيلة للشرك، وسيلة للشرك بأهل القبور ودعائهم من دون الله، كما قد وقع ذلك في بلدان كثيرة، ولا حول ولا قوة(11/375)
إلا بالله.(11/376)
س: ما حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور (1)
ج: المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » ولقوله عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان من قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » فحسب ما قال عليه الصلاة والسلام، فقد نهاهم عن اتخاذها مساجد، ويذم الماضين الذين فعلوا هذا الأمر، يقول عليه الصلاة والسلام: " ألا وإن من كان قبلكم "، يعني: من الناس من اليهود والنصارى وغيرهم، " كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ". يعني: يصلون عندها ويصلون حولها، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك "، فنهاهم عنها من وجوه ثلاثة؛ من جهة ذم الماضين على فعلها، ومن جهة قوله: " لا تتخذوا " ومن جهة قوله: " فإني أنهاكم عن ذلك " ثلاث جهات كلها محل نهي، تحذير فلا يجوز للمسلمين أن يبنوا على القبور قبة، ولا مسجدا،
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (318) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/376)
ولا يصلوا عند القبر لا فرضا ولا نفلا، إلا صلاة الجنازة إذا مات وأحضروه عند القبر أو بعد دفنه، وصلى عليه بعض الناس لا بأس، أو صلى عليه من لم يحضر فصلى على القبر لا بأس، قبل موعد شهر أو عند موعد شهر لا بأس، يعني: يصلي عليه خلال موعد شهر، وما حوله، فالحاصل أن الصلاة في المقبرة لا تجوز، والبناء على القبور لا يجوز، لا مسجد ولا غيره، وما وقع في بعض الأمصار وبعض الدول من البناء على القبور كله خطأ، والواجب على حكام المسلمين أن يزيلوا ذلك؛ أن يزيلوا البناء على القبور، وأن يمنعوا الناس من دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، هذا هو الشرك، كونه يأتي ويقول: يا سيدي، اشف مريضي، أو انصرني، أو اقض لي حاجتي، أو أخبرني عما مضى عن كذا وكذا. هذا من الشرك الأكبر؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله، الأموات لا يعلمون الغيب، ولا يقضون الحاجات، فهم مرتهنون بأعمالهم، فالذي يسألهم قضاء الحاجة وشفاء المريض، والنصر على الأعداء قد أتى منكرا عظيما وشركا أكبر، فالله سبحانه يقول: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1) ، ويقول سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (2) ،
__________
(1) سورة الجن الآية 18
(2) سورة فاطر الآية 13(11/377)
القطمير: اللفافة التي على النواة {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (1) ، سمى الله عملهم هذا شركا، {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (2) ، سبحانه وتعالى، فأخبرنا سبحانه أن الأموات لا يسمعون دعاءنا وهكذا الأصنام والأشجار والأحجار، ولو سمعوا ما استجابوا على سبيل الفرض، لو سمعوا ما استجابوا، ما عندهم قدرة، ويوم القيامة يكفرون بهذا الأمر، ينكرونه ويتبرؤون منه، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3) ، سماهم كفرة ويقول عز وجل: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (4) ، رد الله عليهم بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (5) ، سمى الله عملهم شركا، وقال عز وجل في أول سورة الزمر: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (6) ،
__________
(1) سورة فاطر الآية 14
(2) سورة فاطر الآية 14
(3) سورة المؤمنون الآية 117
(4) سورة يونس الآية 18
(5) سورة يونس الآية 18
(6) سورة الزمر الآية 3(11/378)
سماهم كذبة كفرة؛ لأن الأموات ما يقربون إلى الله زلفى، الأموات مرتهنون بأعمالهم، يقول سبحانه: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (1) ، لا يملكون شيئا مما عليهم، لا يقربون إلى الله من دعاهم، ولا ينصرونه ولا يشفون مريضه، قال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} (2) {وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} (3) ، فالأموات لا يملكون شيئا لداعيهم، ولا يستطيعون نصر داعيهم، ولا نصر أنفسهم، فكيف يدعون مع الله؟ كيف يستغاث بهم؟ والأصنام من الحجارة أو غيرها من باب أولى، لا تسمع ولا تملك شيئا؛ صم، بكم ما يسمعون، وهكذا الأشجار، وهكذا الأحجار، وهكذا الكواكب والنجوم، وهكذا الشمس والقمر، كلها لا تعبد من دون الله، من عبدها فقد أشرك بالله، وما يقع في بعض الأمصار من دعوة الأموات؛ كدعوة البدوي أو الحسين أو الشيخ عبد القادر، أو أبي حنيفة أو الشافعي رحمة الله عليهما أو غيرهم كل هذا باطل، الحسين رضي الله عنه يبرأ ممن عبده، وهكذا علي بريء ممن عبده، وهكذا بقية الأنبياء والصالحين برآء ممن
__________
(1) سورة الطور الآية 21
(2) سورة الأعراف الآية 191
(3) سورة الأعراف الآية 192(11/379)
عبدهم، نبينا محمد بريء ممن عبده، وهكذا الأنبياء كلهم برآء ممن عبدهم، وهكذا الصالحون مثل علي رضي الله عنه، ومثل الحسين ومثل الحسن ومثل نفيسة ومثل زينب، كلهم برآء ممن عبدهم من دون الله، لا يرضون بذلك، وعبادتهم شرك بالله عز وجل، وهكذا الشيخ عبد القادر الجيلاني والإمام أبو حنيفة هم برآء ممن عبدهم من دون الله، وعبادتهم شرك بالله فمن دعاهم أو استغاث بهم أو نذر لهم، أو سألهم شفاء المريض فقد أشرك بالله، وهكذا من دعا غيرهم من الأموات في أي بلد في الجزيرة العربية، أو في مصر أو في الشام أو في العراق، أو أفريقيا أو أمريكا أو في كل مكان، لا تجوز عبادة غير الله أبدا، العبادة حق لله وحده، يقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1) ، يعني: أمر وأوصى. ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا} (2) يعني الناس، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3) ، ويقول عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (4) ، ويقول جل وعلا: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (5) ،
__________
(1) سورة الإسراء الآية 23
(2) سورة البينة الآية 5
(3) سورة البينة الآية 5
(4) سورة البقرة الآية 21
(5) سورة النحل الآية 36(11/380)
ويقول سبحانه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (1) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (2) » ويقول جل وعلا في كتابه العظيم: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3) ، فالواجب على جميع المسلمين التواصي بالحق والتحذير من هذا الشرك، والواجب على العلماء أينما كانوا أن يتقوا الله، وأن يعلموا الناس دين الله وتوحيد الله، وأن يحذروهم من عبادة القبور وأهل القبور، أو عبادة الأصنام والأشجار والأحجار أو النجوم أو غير ذلك، هذا واجب العلماء في كل مصر، وفي كل بلد وفي كل دولة، يجب على العلماء أن يعلموا الناس، وأن يرشدوا الناس إلى توحيد الله، فالعبادة حق الله والدعاء لله: يا رب اغفر لي، يا رب انصرني يا رب اشف مريضي، يا الله يا رحمن يا رحيم، أنت سبحانك المالك لكل شيء، أنت القادر على كل شيء.
أما أن يقول: يا سيدي عبد القادر، أو يا سيدي الحسين، أو يا
__________
(1) سورة النساء الآية 36
(2) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله برقم (1978) .
(3) سورة الجن الآية 18(11/381)
سيدي البدوي، اشف مريضي. فهذا هو الشرك الأكبر، أو: يا فلان، أو يا سيدي عبد القادر، أو يا سيدي أبا حنيفة. هذا كله منكر كله شرك أكبر، ومن المصائب العظيمة وقوع شيء مثل هذا البلاء؛ هذه من المصائب العظيمة.
فالواجب على أهل العلم أن ينكروا هذا الشرك، وأن يعلموا الناس، وأن يرشدوهم، والواجب على ولاة الأمور والحكام من المسلمين أن ينبهوا عن هذا الأمر، وأن يزيلوا المساجد التي على القبور والبناء الذي على القبور، وأن يجعلوا القبور مكشوفة ظاهرة مثل القبور في البقيع مكشوفة، كما كانت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعهد الصحابة مكشوفة: لا بناء عليها ولا مسجد ولا غيره، هذا هو الواجب على المسلمين في كل مكان؛ في الدول الإسلامية وفي غيرها، الواجب أن تكون القبور مكشوفة ليس عليها بناء، ولا يجوز أن تعبد مع الله، ولا أن تدعى مع الله، ولا أن يستغاث بها، ولا يطاف بها، ولا يعكف عندها ولا يصلى عندها، ولكن تزار، يزار قبر المسلم، يسلم عليه، يدعى له لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «فزوروا القبور؛ فإنها تذكر الموت (1) » وكان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه إذا زاروا القبور
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، برقم (976) .(11/382)
أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (1) » وفي رواية «ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (2) » وإذا زار القبور التي في المدينة يقول: «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر (3) » هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه، يزور ويدعو للميت (الموتى) . ويقول صلى الله عليه وسلم السلام المأثور عنه (الذي ذكرنا) . أما إن كان الزائر لأموات كفار وزارهم فإنه لا يدعو لهم، بل للعبرة مثل ما زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، ولم يستغفر لها فقد نهاه الله أن يستغفر لها، لكن زارها للعبرة، فإذا كانت قبور كفار نصارى وغيرهم ومر عليهم ووقف للعبرة والتذكر للآخرة، تذكر الموت تذكر النار والجنة للعبرة لا بأس، يزورهم للعبرة لا يسلم ولا يدعو، أما قبور المسلمين فيسلم عليهم ويدعو لهم وفق الله الجميع وهدى المسلمين جميعا لما يرضيه، ووفقهم في الدين
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (975) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (974) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053) .(11/383)
ووفق علماء المسلمين لكل ما فيه صلاح المسلمين وبراءة الذمة.(11/384)
س: الأخ: ب. د، من كركوك بالعراق، يسأل ويقول: أسألكم عن الصلاة في المساجد التي فيها قبور، هل يجوز ذلك أو لا؟ وما هو السبب؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إن المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » فلعنهم على الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد، فدل ذلك على أن الصلاة عندها معصية كبيرة، والشيء الذي لعن الرسول فاعله لا يصح، يكون معصية، ما يصح، ولا يقبل، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والأول أخرجه الشيخان في الصحيحين.
فالرسول صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذها مساجد، ونهى
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (231) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/384)
عن اتخاذها مساجد والصلاة عندها، فعلم بذلك أن الصلاة غير صحيحة؛ لأن الرسول لعن من فعلها ونهى عن فعلها، والعلة في ذلك أن هذا وسيلة للشرك، اتخاذ المساجد على القبور والصلاة عند القبور وسيلة للشرك؛ وسيلة لعبادة أهلها من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم، فيقع الشرك الأكبر؛ فإنه إذا بنى عليه مسجدا غلا فيه العامة، وقالوا: هذا ما بني عليه مسجد إلا لأنه كيت وكيت، إلا لأنه ينفع المريض، ويقضي الحاجة، يشفع لنا عند ربنا في كذا، فيدعونه من دون الله، وهكذا الصلاة عند القبور ولو من غير بناء، الصلاة عندها أيضا من اتخاذها مساجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (1) »
فمن قصد أن يصلي عند القبر فقد اتخذه مسجدا، فالقبر يسلم عليه ويدعى لصاحبه، لكن لا يتخذ محلا للصلاة، ولا محلا للقراءة، ولكن يزور المؤمن أخاه المؤمن في المقبرة ويسلم عليه ويدعو له، لكن لا يصلي عند قبره، ولا يبني عليه مسجدا ولا قبة، كل هذا منكر، يقول عليه الصلاة والسلام لما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما بكنيسة رأتاها في ديار الحبشة، وما فيها من الصور، قال: «أولئك - يعني: النصارى - إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا. . .) الآية، برقم (335) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (523) .(11/385)
الخلق عند الله (1) » فأخبرنا أنهم شرار الخلق بأسباب بنائهم على القبور، واتخاذها مساجد والصلاة عندها، ثم قد يصورون الصور ويجعلونها فوقها زيادة في الفتنة، يصورون صورة صاحب القبر ويجعلونها على قبره وفي مسجده؛ حتى تكون فتنة أعظم، والصور قد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم من فعلها، في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ «أنه لعن صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور (2) » هكذا روى البخاري في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه لعن آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور (3) » . وقال عليه الصلاة والسلام: «أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون (4) » وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم (5) »
فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا البناء على القبور
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب من لعن المصور، برقم (5962) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب من لعن المصور، برقم (5962) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب عذاب المصورين يوم القيامة، برقم (5950) ، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير الحيوان. . . برقم (2109) .
(5) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون) ، برقم (7557) ، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان. . . برقم (2107) .(11/386)
واتخاذها مساجد، أو تجصيصها أو جعل القباب عليها، كل هذا منكر، تجعل ضاحية شامسة في المقبرة لا يبنى عليها شيء، ولا تجصص ولا يتخذ عليها ستور ولا قبة، بل ضاحية كما كانت قبور الصحابة في المدينة هكذا، وفي مكة هكذا، هذا هو الواجب، أما ما أحدثه الناس من البناء على القبور، واتخاذ القباب عليها هذه بدعة منكرة ومحرم، والواجب هدمها، الواجب على ولاة الأمور إذا كانوا منقادين للشرع أن يهدموها ويزيلوها، والواجب على كل مسلم أن يعبد الله وحده، وأن يخصه بالعبادة دون كل ما سواه جل وعلا.(11/387)
247 - حكم الصلاة في مسجد بني محرابه فوق قبر
س: هل تجوز الصلاة في مسجد بني محرابه فوق قبرين قديمين (1) ؟
ج: لا يجوز بناء المسجد على القبور، لا محرابه ولا غيره، يجب أن يفصل القبران عن المسجد ويكونا خارج المسجد، ويكون محل الإمام داخل المسجد، ولا يجوز الصلاة في هذا المحراب، بل يجب أن يهدم هذا المحراب ويزال، ويكون القبران خارجين عن المسجد؛ لأن الرسول لعن اليهود والنصارى، قال: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » قال عليه الصلاة
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (166) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .(11/387)
والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (1) » فهو صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ المساجد على القبور، ونهى أن يصلى عندها، فالصلاة عندها اتخاذ لها مساجد، فهذا المسجد مثلا إذا ثبت أن المحراب على القبرين يهدم المحراب، ويكون القبران خارج المسجد، أو ينبش القبران وتنقل رفاتهما إلى المقبرة، فإذا نبشا صار المحراب في محلهما فلا حرج في ذلك. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بنى مسجده في محل قبور وخراب ونخل، فأمر صلى الله عليه وسلم بالقبور من قبور المشركين أن تنبش، الخرب أن تسوى، وبالنخل أن يقطع، ثم بنى مسجده عليه الصلاة والسلام. فإذا دعت الحاجة إلى محل فيه قبور نبشت القبور، ونقل رفاتها إلى المقبرة العامة، أو إلى محل آخر، وبني المسجد عند الحاجة إلى نبش القبور، ولا سيما إذا كانت قبورا غير مسلمة، قبور مشركين تنبش، أما قبور المسلمين فلا تنبش، يلتمس مكان مناسب ليس فيه قبور ويبنى فيه مسجد، لكن لو دعت الحاجة إلى نبش بعض القبور لتوسعة المسجد؛ لأن مكانه مناسب، وليس هناك مكان أنسب منه، وفي حاجة إلى نبش بعض القبور فلا مانع أن تنبش، وتنقل رفاتها إلى المحل المناسب، إلى المقبرة العامة لتوسعة المسجد.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/388)
248 - حكم الصلاة في المساجد التي فيها أضرحة
س: ما حكم الصلاة في مسجد فيه ضريح؟ مع العلم بأن هذا الضريح خلف المصلين وليس أمامهم، وبين المصلين وهذا الضريح حاجز من لوح من الزجاج (1) ؟
ج: المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ سواء كان القبر قدام المصلين أو عن يمينهم أو عن شمالهم أو خلفهم، جميع المساجد التي تبنى على القبور لا يصلى فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (3) » فلا يجوز الصلاة فيها بالكلية، فالصلاة فيها باطلة، فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك في أي بلد كان كل مسجد بني على قبر لا يصلي فيه مطلقا، أما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبن على قبر، النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته، ليس في المسجد، لكن لما وسع الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين ذاك الوقت، في آخر المائة
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (352) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .(11/389)
الأولى أدخل الحجرة التي فيها القبر، أدخلها في المسجد، فهي ليست من المسجد، ولم يدفن في المسجد عليه الصلاة والسلام، وإنما دفن في بيته، فأدخلت الحجرة في المسجد بسبب التوسعة، ثم جعل عليها ما يميزها عن المسجد، ويخرجها عن المسجد، فلا يضر المصلين في المسجد وجودها في المسجد؛ لأنه في بيته مجاور للمسجد، وليس في المسجد، فالصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لا محذور فيها، ولا بأس بها، أما ما يوجد من القبور التي تدفن في المسجد عمدا، أو يقام عليها المسجد فهذه محل النهي ومحل التحذير، وهي التي لعن الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابها. نسأل الله العافية.(11/390)
س: مسجد فيه قبر صاحبه محاط بسلك، هل تجوز الصلاة فيه؟
وما حكم من تعمد ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: جميع المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، والصلاة فيها باطلة، وإذا كان المسجد هو القديم ثم دفن فيه صاحبه ينبش المدفون، ينبش وينقل رفاته إلى المقبرة العامة، ويصلى في المسجد، أما إن كان القبر هو القديم، وبني عليه المسجد فالمسجد يهدم ويزال؛ لأنه أسس على ضلالة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «قاتل الله اليهود؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » وفي لفظ آخر:
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (291) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (437) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. . . برقم (530) .(11/390)
«لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2) » فقالت له أم سلمة وأم حبيبة لما هاجرتا إلى الحبشة: إنهما رأتا كنيسة في الحبشة فيها تصاوير. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (3) » فأخبر أنهم شرار الخلق؛ بأسباب بنائهم على القبور واتخاذهم التصاوير عليها. نسأل الله العافية.
فالمقصود أن الواجب عدم البناء على القبور؛ لا قباب ولا مساجد ولا غير ذلك، يجب أن تكون مكشوفة ليس عليها بناء، كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، تكون مكشوفة ولا يزاد عليها غير ترابها، ثم ترفع قدر شبر تقريبا؛ حتى يعرف أنها قبور، ولا يصلى بينها ولا إليها، ولا يبنى عليها قباب ولا حجر ولا مساجد
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528) .(11/391)