206 - حكم الجمع بين الوضوء والتيمم للجنب
س: من سوريا، يسأل أ. ش، يقول: إذا توفر الماء، وهذا الماء يكفي للوضوء، ولا يكفي لرفع الجنابة فهل يجوز التيمم بالتراب لرفع الجنابة، والوضوء بالماء لكل صلاة (1) ؟
ج: نعم، إذا كان الماء قليلا، لم يستطع أن يكمل به الغسل،
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (401) .(5/306)
يتوضأ وضوء الصلاة ويتيمم للباقي، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (1) » وهذا معنى قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، إذا كان الماء قليلا توضأ به وتيمم، ومن هذا قصة عمرو بن العاص رضي الله عنه، لما اشتد عليه البرد، وخاف من ذلك توضأ ثم تيمم للجنابة، هذا إذا كان الماء قليلا، توضأ منه وتيمم للجنابة، وهكذا لو كان الماء عنده، لا يكفيه إلا لشربه وأكله يتيمم للجنابة وغيرها، فإنه يعمل ما يستطيع، إذا كان الماء قليلا لا يتمكن من الاغتسال به توضأ به، وإن كان الوضوء أيضا قد يشق عليه؛ لأن الماء قليل لا يتوضأ، يتركه لشربه ويتيمم، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288) .
(2) سورة التغابن الآية 16(5/307)
207 - كيفية غسل من عليه جبيرة
س: إذا احتاج الشخص لوضع جبيرة ثم أصابته جنابة فكيف يغتسل؟ هل يمسح على الجبيرة ويتيمم ويغسل باقي الأعضاء وجسمه؟ أم ماذا يفعل (1) ؟
ج: إذا وضع الجبيرة لحاجة يمر عليها الماء – والحمد لله – مثل
__________
(1) السؤال الثالث والخمسون من الشريط رقم (414) .(5/307)
بقية الأعضاء، إذا كان لحاجة يغسل عن الجنابة ويمر على الجبيرة الماء، ويكفي.(5/308)
208 - حكم من عليه جبيرة واغتسل للجنابة ثم نزعها
س: الأخ ع. م. يقول: شخص وضع على يده جبيرة، وأصابته جنابة واغتسل منها، ثم بعد ذلك نزع الجبيرة، فهل يجب عليه أن يغسل يده التي كانت عليها الجبيرة، أم يجب عليه إعادة الغسل للجنابة (1) ؟
ج: الجبيرة تقوم مقام غسل ما تحتها، طهارته طيبة، لأن المسح عليها ضروري، أما الخف فلا، لا يمسح على الخف وهو عليه جنابة، يخلع، أما الجبيرة يمسح عليها ولو في الجنابة، ولو في الحيض، إذا برئ ما تحتها لم يجب الغسل، بل يتوضأ كالعادة، ويغسل كالعادة في بقية أوقاته زال حكمها.
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (428) .(5/308)
209 - حكم من وجد لمعة من جسده لم يصبها الماء
س: يقول السائل: رجل وامرأة اغتسل واغتسلت المرأة غسلا واجبا، ولكنهما وجدا بعد ذلك لمعة في جسده لم يصلها الماء، فهل يجب عليهما إعادة الغسل (1) ؟
ج: أما إذا تأكد المغتسل عن وجود لمعة فتغسل اللمعة فقط.
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (428) .(5/309)
210 - حكم استماع الجنب للقرآن
س: هل يجوز للجنب الاستماع للقرآن الكريم، أو إلى الأناشيد الدينية؟ كما سماها (1)
ج: نعم، لا حرج على الجنب والحائض والنفساء، كلهم لا حرج عليهم أن يسمعوا القرآن والأذكار الشرعية، إنما المحرم قراءة القرآن للجنب، كونه يقرأ ولو من غير المصحف حتى يغتسل، أما الحائض والنفساء فالصواب أن لهما القراءة؛ لأنهما مدتهما تطول، لكن لهما أن تقرآ عن ظهر قلب، وتراجعا المصحف من طريق القفازين، من طريق الحاجب، يعني يكون هناك وقاية بينهما وبين المصحف إذا دعت الحاجة إلى المراجعة لآية أو آيات، أما الجنب فلا، ليس له أن يقرأ
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (352) .(5/309)
حتى يغتسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ القرآن إذا كان جنبا، قال علي رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجزه عن القرآن شيء إلا الجنابة (1) » ، وفي لفظ قال عليه الصلاة والسلام: «أما الجنب فلا، ولا آية (2) » يعني: لا يقرأ ولا آية.
__________
(1) سنن الترمذي الطهارة (146) ، سنن النسائي الطهارة (265) ، سنن أبو داود الطهارة (229) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594) ، مسند أحمد بن حنبل (1/124) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872) .(5/310)
211 - حكم التبول قبل الوضوء والغسل
س: هل يجب على الرجل أن يتبول بعد الجماع وقبل الوضوء والغسل؟ مع الدليل، وفقكم الله، وجزاكم عنا كل خير (1)
ج: النبي صلى الله عليه وسلم أمر الجنب أن يتوضأ قبل النوم إذا فرغ من الجماع في الليل، السنة له أن يتوضأ قبل أن ينام، ومعلوم أنه في وضوئه يستنجي، يعني يبول بعد الجماع ويستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ولا أعلم شيئا فيه النص على البول، وإنما هذا تابع، إذا فرغ من جماعه مشروع له أن يتوضأ، ومعلوم أن الذي يريد الوضوء لا بد أن يغسل فرجه عما أصابه، ويحصل البول حين يتبول ويستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة، أما شيء موصوف عن البول خاصة فلا أعلم له أصلا، ولكن المشروع له أن يستنجي، يعني يبول بعدما يفرغ من حاجته، إذا ذهب إلى الوضوء يبول ويستنجي ويغسل ما أصابه من الأذى، ثم
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (21) .(5/310)
يتوضأ وضوء الصلاة، كما أخبرت عائشة رضي الله عنها بقولها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ يغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم ينام ويغتسل في آخر الليل (1) »
في الغالب عليه الصلاة والسلام، وربما اغتسل في أول الليل، لكن الغالب أنه يغسل فرجه ويتوضأ وضوء الصلاة ثم ينام، وقد أمر بهذا عليه الصلاة والسلام، سأله عمر فأمر عليه الصلاة والسلام الجنب أن يتوضأ ثم ينام.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يؤخر الغسل، برقم (226) .(5/311)
212 - حكم نوم الجنب قبل الغسل
س: الذي ينام وهو جنب دون أن يغتسل ودون أن يتوضأ فما الحكم في ذلك (1) ؟
ج: مكروه، السنة أن يتوضأ، أقل شيء يتوضأ، السنة أن يتوضأ ثم ينام، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى أهله يغسل فرجه ويتوضأ ثم ينام عليه الصلاة والسلام، وربما اغتسل قبل ذلك، فإذا اغتسل فهو أكمل، وإن نام واغتسل آخر الليل فلا بأس، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أما أن ينام بدون وضوء ومن دون غسل هذا مكروه، وقد سأل عمر النبي عن ذلك، فقال: «توضأ ثم نم (2) » قال: «أينام أحدنا جنب، قال: إذا توضأ فليرقد (3) »
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (369) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب الجنب يتوضأ ثم ينام، برقم (290) ، مسلم في كتاب الحيض، باب جواز نوم الجنب، واستحباب الوضوء له، برقم (306) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب نوم الجنب، برقم (287) .(5/311)
وفي لفظ: «توضأ ثم ارقد (1) » والمقصود أنه يشرع للمؤمن إذا فرغ من حاجته أن يتوضأ، يغسل فرجه ويتوضأ وضوء الصلاة ثم ينام، وإن اغتسل كان ذلك أكمل، فالنبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا وهذا، ربما اغتسل قبل أن ينام، وربما توضأ ونام ثم اغتسل آخر الليل، عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمر برقم (5056) .(5/312)
213 - حكم صلاة الجنب إذا لم يجد ماء يكفي إلا للوضوء
س: إذا كان الإنسان عليه جنابة، وبحث فوجد ماء يكفي للوضوء فقط، ولا يكفي للغسل فهل يجوز الوضوء (1) ؟
ج: نعم، يلزمه الوضوء ويتيمم للباقي؛ لقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (3) » فإذا كان في السفر أو في محل مسجون فيه، لا يستطيع
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (262) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288) .(5/312)
الخروج منه للغسل وعنده ماء قدر الوضوء يتوضأ ويتيمم، وهكذا لو كان في برد شديد وليس عنده ما يدفئ الماء، ويخشى من الغسل فإنه يتوضأ إذا استطاع الوضوء، ويتيمم كما فعل عمرو بن العاص رضي الله عنه في بعض أسفاره لما اشتد بهم البرد، توضأ وتيمم خوفا من مضرة الماء، فالمقصود أن الإنسان إذا خاف من مضرة الماء لشدة البرد وليس عنده ما يدفئ به الماء، وليس عنده محل أيضا مناسب للغسل فإنه يتيمم ويتوضأ؛ لأنه يقدر على الوضوء، وهكذا الذي ما عنده إلا ماء قليل يستطيع أن يتوضأ منه، يتوضأ ويتيمم لبقية الغسل.(5/313)
س: إذا كان هناك إنسان في مكان، لا يوجد به ماء كاف للغسل من الجنابة، ووجد شيئا قليلا ما الحكم؟ أرجو إرشادي، جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (3) » فإذا كان الإنسان في مكان ليس فيه ماء إلا قليل لا يكفي للغسل فإنه يغسل ما
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (121) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288) .(5/313)
أمكن به من جسده، ثم يتيمم عن الباقي؛ لأنه معذور كالذي في البرية، أو في سجن لا يعطى ماء إلا لشربه، وليس عنده ماء يكفيه للغسل، ولا يعطى ماء للغسل، فإنه يغتسل بالذي عنده، فيغسل بعض بدنه؛ رأسه وصدره ونحو ذلك، ويستنجي منه، ويتيمم للباقي؛ يعني يضرب التراب بيديه بنية الطهارة، فيمسح بهما وجهه وكفيه عن بقية بدنه ناويا بذلك الطهارة من الجنابة، وإن نوى الطهارة من الجنابة وجميع الأحداث صح ذلك، وصارت طهارته كاملة عن الحدث الأصغر والأكبر جميعا، عملا بقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) ، فإذا كان الماء الذي عنده يحتاجه للشرب، ويخشى من العطش فإنه لا يغتسل منه، بل يتيمم عن الجميع، ويبقى الماء عنده لحاجته، عملا بقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، وعملا بقوله عز وجل: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (3) .
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) سورة البقرة الآية 195(5/314)
214 - حكم ترك الغسل والوضوء لمدة طويلة بسبب المرض
س: أصبت بمرض، بسببه أجري لي عملية في المستشفى، وعند طلوعي من المستشفى أفادني الطبيب المختص بأنه يجب علي عدم الغسل بالماء لمدة خمسة شهور بما فيها شهر رمضان المبارك، أرجو إفادتي، هل أبقى على ما قال الطبيب خمسة شهور، أم أغتسل وأصلي وأصوم رمضان؟ وما الحكم في الفروض التي أصليها بدون وضوء (1) ؟
ج: الظاهر أن لك عذرا في ذلك بعدم الغسل، تتيمم عن الجنابة، لكن من باب الاحتياط ينبغي سؤال غيره من الأطباء الذين لهم خبرة في هذا الأمر، يبنغي التأكد من سؤال طبيب ثان، ولا سيما الأطباء المسلمون الذين يوثق بهم، إذا أخذت الحيطة بسؤال ثان أو ثالث هذا طيب، أما إذا كان هذا الذي أخبرك هو الطبيب المختص وهو الذي تولى العلاج، وأنت مطمئن إلى خبره، لا يظهر لك منه ما يدل على التساهل بالإسلام أو كراهة للإسلام – الحمد لله، هذا من أمور الطب، ومما يخشى منه الخطر لو خالفته – فلا بأس أن تأخذ بقوله، ولا تغتسل حتى تمضي المدة احتياطا لصحتك ولسلامتك، ولكن من باب الاحتياط ومن باب التوثق ينبغي أن تسأل طبيبا آخر أو طبيبين إذا تيسر ذلك من باب الحيطة.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (32) .(5/315)
215 - كيفية الجمع بين غسل الجنابة والتيمم عن عضو مريض
س: إذا كان الإنسان عليه جنابة ويجب أن يغتسل، ولكن الطبيب منعه من الغسل بالماء؛ بأن يصيب رأسه بحسب أنه مريض فماذا يفعل (1) ؟
ج: إذا كان مريضا يضر الماء رأسه يغتسل في جميع بدنه، وإذا فرغ من ذلك يتيمم بالنية عن رأسه؛ يضرب التراب بيديه ويمسح وجهه وكفيه بالنية عن رأسه، وهكذا لو كان الطبيب منعه من غسل إحدى يديه أو إحدى رجليه يغسل السليم، ويتيمم بالنية عن الجزء الذي لم يغسل؛ لأن التيمم يقوم مقام الماء عند العجز عن الماء، فالله جعل الأرض طهورا ومسجدا سبحانه وتعالى، فالذي لا يستطيع غسل رأسه أو عضو من أعضائه يغسل الباقي، ثم يتيمم بضرب التراب بيديه ضربة واحدة، ويمسح بهما وجهه وكفيه بالنية عن العضو الذي لم يغسل، سواء رأس أو يد.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (36) .(5/316)
216 - حكم تأخير غسل الجنابة لغير عذر
س: السائل: ص. ص. ع. سوداني، مقيم في ساجر: ما حكم من يجلس أو يظل على الجنابة فترة من الزمن بعذر أو بدون عذر (1) ؟
ج: لا حرج، ما دام لم يحضر وقت الصلاة، فإذا حضر وقت الصلاة لزمه الغسل وأداء الصلاة، كالظهر أو العصر، أما في الضحى مثلا: تأخر حتى لم يغتسل إلا عند الظهر فقد ثبت في الصحيحين من حديث حذيفة، ومن حديث أبي هريرة: «أنهما لقيا النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انخنسا منه، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: ما شأنكما؟، قالا: كنا على جنابة، فكرهنا أن نجالسك ونحن على غير طهارة، فقال صلى الله عليه وسلم: إن المسلم لا ينجس (2) » ولم ينكر عليهما بقاءهما على غير طهارة.
والذي ننصح به أن المبادرة بالغسل طيب، إذا بادر فحسن، ولكن لا يلزمه، قد يعيقه عائق: يخرج للسوق لحاجة يشتريها أو كذا فلا حرج عليه، إنما يلزمه المبادرة إذا حضر ما يوجب ذلك.
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (268) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس، برقم (283) ، ومسلم في كتاب الحيض، باب الدليل على أن المسلم لا ينجس، برقم (372) .(5/317)
صفحة فارغة(5/318)
باب التيمم
217 - الأسباب الموجبة للتيمم ومدته
س: ما هي أسباب التيمم؟ وهل هناك مسافة محدودة إلى الماء (1) ؟
ج: أسباب التيمم هي أسباب الوضوء، فإذا وجب الوضوء على الشخص، ولم يجد الماء وجب عليه التيمم، وهكذا إذا عجز عن الماء لمرضه وجب عليه التيمم للصلاة، لمس المصحف، للطواف، والمقصود أن التيمم يقوم مقام الوضوء، فإذا وجد أسباب الوضوء ولم يوجد الماء فإنه يتيمم بالصعيد؛ يضرب التراب بيديه ضربة واحدة يمسح بهما وجهه وكفيه، وهكذا المريض الذي لا يستطيع؛ يضره الماء يفعل التيمم، والصحيح أنه يقوم مقام الطهارة، يرفع الحدث إلى وجود الماء، فإذا تيمم للظهر صلى به العصر إذا كان على طهارة، وهكذا لو تيمم للمغرب صلى به العشاء إذا كان على طهارة، أو تيمم لصلاة الضحى وبقي على طهارة حتى جاء الظهر وصلى بذلك، كما في
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (185) .(5/319)
الحديث: «الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين (1) » والله جل وعلا سمى التيمم طهارة، وقال جل وعلا: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (2) ، ويقول صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (3) » فجعل التيمم طهورا كما أن الماء طهور، هذا هو الصواب في هذه المسالة عند المحققين من أهل العلم: أن التيمم يقوم مقام الماء في رفع الحدث إلى وجود الماء، وأنه لا يبطل بدخول الوقت ولا بخروجه.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124) ، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الجنب يتيمم، برقم (332) ، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322) .
(2) سورة المائدة الآية 6
(3) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523) .(5/320)
218 - كيفية التيمم المشروع
س: الأخ: م. م. أ، من العراق، يسأل عن الطريقة الصحيحة للتيمم. جزاكم الله خيرا، ونفع بعلمكم (1) .
ج: الطريقة الصحيحة بينها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمار بن ياسر في الصحيحين، قال له: «إنما يكفيك أن تضرب بيديك هكذا (2) » ثم ضرب بهما الأرض، ضرب بيديه الأرض بكفيه ثم مسح بهما وجهه وكفيه.
وهذا مطابق لقوله سبحانه: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (3) ، فإذا كان في السفر وليس عنده ماء، أو مريضا لا يستطيع استعمال الماء ضرب بكفيه الأرض ضربة واحدة ضربة خفيفة، ثم مسح بهما وجهه وكفيه، وإذا علق بهما التراب نفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه، هكذا المشروع ويكفي، ضربة واحدة تكفي، هذا هو السنة، ولو ضرب ضربتين إحداهما لوجهه والثانية ليديه لا بأس، لكن الأفضل والسنة واحدة كما في حديث عمار، يضرب بهما الأرض، أو إذا كان عنده إناء فيه تراب أو كيس أو ما أشبه ذلك يضرب بيديه التراب، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، هذا هو التيمم
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (158) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، برقم (347) ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، برقم (368) .
(3) سورة المائدة الآية 6(5/321)
الشرعي بالنية؛ بنية الطهارة، ويسمي الله، يقول: بسم الله.
كما يسمي في الماء؛ الوضوء، وإذا ضرب بيديه التراب مسح بهما وجهه وكفيه، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من الطاهرين.
كما يفعل في الماء؛ لأن هذا يقوم مقام الماء، وفق الله الجميع.(5/322)
س: ما هي الطريقة الصحيحة للتيمم؟ وهل يجوز مسح اليد إلى المرفقين بالتيمم؟ هل هو جائز أم لا (1) ؟
ج: التيمم الشرعي المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ضربة واحدة، كما في الصحيحين من حديث عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما، قال لما علمه التيمم: قال: «أن تقول هكذا (2) » ثم ضرب يديه ضربة واحدة، فمسح بهما وجهه وكفيه، هكذا التيمم الشرعي، يبدأ بوجهه ثم كفيه، فيكفي ذلك، ولا حاجة إلى الذراعين، وجاء في بعض الروايات مسح الذراعين، وهكذا إلى الآباط، ولكن هذا كان من اجتهاد بعض الصحابة قبل أن يعلم الحكم الشرعي، فلما علم بالحكم الشرعي اكتفوا فيه؛ وهو مسح الوجه والكفين، وجاء عن ابن عمر أنه كان يضرب ضربتين ويمسح إلى المرفقين، ولكن الصواب ضربة واحدة كما
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (166) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، برقم (347) ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، برقم (368) .(5/322)
في حديث عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما، ويكفي هذا، وهو الذي نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمه أمته عليه الصلاة والسلام، وهو الأفضل، ضربة واحدة يمسح بذلك وجهه وكفيه، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته ذلك، من حديث عمار رضي الله تعالى عنهما.(5/323)
219 - بيان عدد مرات التيمم عند التطهر من الحدث الأصغر والأكبر
س: أصابتني جنابة في البرية وليس عندي ماء للغسل، فتيممت وصليت الفجر أنا وجماعة معي، فلما رجعت إلى الخيمة سألتني زوجتي: كم مرة تيممت؟ فقلت: مرة واحدة، فقالت: إنه يلزمك تيممان؛ أحدهما عن الجنابة، والثاني للصلاة. فهل ذلك صحيح (1) ؟
ج: لا، ليس بصحيح، الذي عليه جنابة يكفي تيمم واحد، النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمارا أن يتيمم تيمما واحدا للصلاة وهو عليه جنابة، فإذا ضرب التراب بيديه ومسح بهما وجهه وكفيه كفى ذلك عن الجنابة، وعن الحدث الأصغر؛ لأن الله قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} (2) ، فالتيمم للحدث الأصغر والأكبر
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (10) .
(2) سورة المائدة الآية 6(5/323)
تيمم واحد، وكذا المرأة التي أصابها الحيض والنفاس، ثم طهرت من حيضها أو نفاسها فإنه يكفيها تيمم واحد عن الحيض، وعن الحدث الأصغر، وبعدها تصلي، هذا هو الواجب، ولا يلزم تيممان؛ واحد عن الحدث الأصغر، والثاني عن الأكبر، لا يلزم هذا، النية تكفي عن الجميع، إذا نوى الجميع كفاه تيمم واحد، مثل إذا نوى الغسل للطهارتين كفاه، وإن كان أفضل الغسل أن يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يغتسل، أما التيمم فيكفي تيمم واحد؛ يضرب بالتراب بيديه ضربة واحدة، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه بنية الحدثين: الأكبر والأصغر جميعا، ويكفيه ذلك، والحمد لله.(5/324)
220 - شروط الصعيد الطيب للتيمم
س: يقول: السائل: أرجو من سماحة الشيخ بيان كيفية التيمم الصحيح، وهل يشترط في الصعيد الطاهر أن يكون ترابا، أم يكفي التيمم على الحجارة (1) ؟
ج: الواجب التراب إذا وجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «جعل التراب لي طهورا (2) » وقول الرب جل وعلا:
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (428) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (763) .(5/324)
{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (1) ، والصعيد: وجه الأرض، قوله منه يدل على أنه يكون له غبار يتصل باليد والوجه، قوله: منه، فإذا لم يتيسر ذلك تيمم من الأرض التي عنده، سواء كانت الأرض صفاء، أو رملا، أو طينية، أو سبخة، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (3) » فالأرض تعم الأرض السبخة والرمل وذات الحصى كله، وإذا ما تيسر التراب {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (4) ، لكن إذا وجد التراب فإنه يتيمم من التراب.
__________
(1) سورة المائدة الآية 6
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523) .
(4) سورة البقرة الآية 286(5/325)
221 - بيان عدد ضربات التيمم
س: التيمم للحاجة، هل هو ضربة في الأرض واحدة، أو أكثر؟ ذلك أن بعض الأشخاص قال: لا بد من ضربات ثلاث، وجهونا إلى الصواب، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصواب أن يكون التيمم ضربة واحدة، هذا هو الأفضل، ولو ضرب ضربتين فلا بأس، لكن الصواب والأفضل ضربة واحدة؛ لما في الصحيحين من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه: «أنه سأل النبي عن ذلك – عليه الصلاة والسلام – فبين له النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أن تقول هكذا (2) » ثم ضرب النبي بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح بهما وجهه وكفيه، فدل ذلك على أن هذا هو السنة؛ ضربة واحدة، ثم تمسح بالكفين وجهك والكفين إلى الرسغ، الذراع ما يمسح، ولكن الكف فقط من أطراف الأصابع إلى الرسغ، هذا هو السنة، ولو ضرب ضربتين: واحدة للوجه وواحدة لليدين فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل ضربة واحدة، هكذا جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (264) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، برقم (347) ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، برقم (368) .(5/326)
222 - حكم من تطهر بالتيمم وصلى به أكثر من فرض
س: هل التيمم يصلح للصلوات كلها، أم يتيمم المرء لكل صلاة (1) ؟
ج: التيمم فيه خلاف بين أهل العلم، هل يقوم مقام الماء في كل شيء، أم يكون مبيحا فقط في الوقت نفسه، لا رافعا للحدث؟ والصواب أنه يقوم مقام الماء، وأنه طهور، وأنه يرفع الحدث ما دام الماء غير موجود، أو كان المكلف غير قادر عليه من أجل مرض ونحوه.
فالحاصل أن التيمم يقوم مقام الماء، وهو طهور، تصلى به الصلوات الكثيرة، حتى يهتدي المرء إلى الماء أو يجد الماء إن كان مفقودا، أو يستطيع استعماله إن كان عاجزا قبل ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (2) » فسمى التراب طهورا، ويقول صلى الله عليه وسلم: «الصعيد وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين (3) »
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (271) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124) ، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322) .(5/327)
فالصواب أنه طهور، وأنه وضوء، وأنه يقوم مقام الماء في الجنابة وفي الحدث الأصغر، وأنه يصلى به الصلوات كلها حتى يجد الماء، أو يستطيع استعماله إن كان عاجزا عن استعماله؛ لمرض أو جراحات، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم.(5/328)
س: يقول السائل: هل التيمم يصلح للصلوات كلها، أم يتيمم المصلي لكل صلاة (1) ؟
ج: الصواب أنه كالماء، يكفي للصلوات كلها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (2) » سماها طهورا وفي اللفظ الآخر: «وجعلت تربتها لنا طهورا (3) » وفي اللفظ الثالث: «وجعل التراب لي طهورا (4) » كلها أحاديث صحيحة، وقال عليه الصلاة والسلام: «الصعيد وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين (5) » فإذا تيمم عند عدم الماء للمغرب مثلا، وبقي على طهارته حتى جاء العشاء يصلي به العشاء، والحمد لله، هذا هو الصواب، وهكذا لو تيمم للظهر وجاء العصر وهو على
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (281) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (522) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (522) .
(5) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124) ، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322) .(5/328)
طهارته، أو جاء العصر والمغرب وهو على طهارته صلى بذلك، والحمد لله، هذا هو الصواب؛ لأنه كالماء.(5/329)
س: هل التيمم يكفي لصلاة واحدة فقط، أم أكثر من ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: التيمم كالوضوء، هذا هو الأصح من أقوال أهل العلم، التيمم كالوضوء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصعيد وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين (2) » ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (3) » فسمى ترابها طهورا، فإذا تيمم للظهر وجاء العصر وهو على طهارة صلى بالتيمم العصر إذا كان معذورا لمرض يضره الماء، أو لعدم وجود الماء، المقصود أن التيمم يقوم مقام الماء، فإذا تيمم لصلاة الضحى وجاء الظهر صلى به، أو تيمم للظهر وجاء العصر وهو على طهارة صلى به، وهكذا كالماء، إلا إذا وجد ما يبطل التيمم؛ كوجود الماء، أو كونه مريضا يضره الماء ثم شفي يستعمل الماء.
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (316) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124) ، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523) .(5/329)
223 - حكم من تيمم للنافلة وصلى به الفريضة
س: من تيمم ليصلي نافلة هل له أن يصلي بذلكم التيمم فريضة، أو لا (1) ؟
ج: نعم، له أن يصلي الفريضة إذا كان ما وجد ماء، فالمرء عادم الماء له أن يتيمم، مثل التيمم لصلاة الضحى؛ لأن ما هناك ماء، أو لأنه مريض لا يستطيع استعمال الماء ثم جاء الظهر فلا بأس أن يصلي الظهر بالتيمم، إلا إذا برئ من المرض، أو إذا ما وجد ماء.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (326) .(5/330)
224 - حكم التحدث بعد التيمم
س: غالبا ما أسمع أن من يتيمم لا يجوز له أن يتحدث مع أحد حتى يدخل في الصلاة، فإن تحدث فسد تيممه، هل هذا صحيح (1) ؟
ج: هذا لا أصل له، وهو باطل، فله أن يتحدث ولو بعد التيمم مثل الوضوء، له أن يتحدث مع الناس، وله أن يقرأ القرآن، وله أن يصلي النافلة قبل الفريضة، لا بأس بهذا مثل الوضوء، نعم.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (371) .(5/330)
225 - بيان عدم وجوب اتصال التيمم بالصلاة
س: أحيانا أتيمم في مكان وأصلي في مكان آخر قريبا منه، هل تصح هذه الصلاة (1) ؟
ج: لا حرج أن تتيمم في مكان وتصلي في مكان آخر، لا بأس في ذلك، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (330) .(5/331)
226 - بيان كيفية التيمم عن الحدث الأكبر إذا عدم الماء أو كان البرد شديدا
س: يسأل عن كيفية التيمم من الجنابة إذا عدم الماء، أو كان موجودا ولكن البرد شديد (1)
ج: مثل التيمم عند عدم الماء، ومثل التيمم مع الوضوء، إذا فقد الماء يتيمم عن الجنابة والوضوء بضرب التراب بيديه، فيمسح بهما وجهه وكفيه ضربة واحدة عن الوضوء، وعن الغسل، وعن الحيض أيضا عند عدم الماء؛ يضرب التراب بيديه ضربة واحدة يمسح بهما وجهه وكفيه ناويا الوضوء، أو ناويا الغسل من الجنابة، أو نوت المرأة غسل الحيض أو النفاس عند عدم الماء، وهكذا عند وجود الماء، لكن
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (270) .(5/331)
مع المرض الذي يمنع من استعمال الماء، أو مع البرد الشديد وليس عنده ما يسخن به الماء فهذا معذور، فالتيمم عن الجنابة والحيض والحدث الأصغر كله واحد؛ ضربة واحدة، هذا هو الأفضل، يمسح بهما وجهه وكفيه، يمسح بأطراف أصابعه وجهه، وبيديه كفيه ظاهرهما وباطنهما، هذا هو التيمم الشرعي كما قال الله جل وعلا: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (1) ، فالذي يجد الماء يمسح، يضرب التراب بيديه، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه: ظاهرهما وباطنهما بنية الوضوء، أو بنية الجنابة، أو بنية الحيض والنفاس للمرأة، وإن ضرب ضربتين إحداهما لوجهه، والثانية لكفيه فلا بأس، لكن الأفضل ضربة واحدة، كما صح عن النبي في حديث عمار في الصحيحين: أنه علم عمارا، قال: «إنما يكفيك أن تضرب الأرض ضربة واحدة، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك (2) » لما سئل عن التيمم عن الجنابة، الضربة الواحدة هي الكافية وهي السنة، يمسح بأطراف أصابعه وجهه ويعمه، ثم يمسح بكلتا يديه الواحدة للأخرى ظاهرهما وباطنهما.
__________
(1) سورة المائدة الآية 6
(2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، برقم (347) ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، برقم (368) .(5/332)
227 - حكم إجزاء التيمم عن الغسل لحدث أكبر إذا وجد الماء
س: التيمم هل يسقط عن الجنب الاغتسال بتاتا؟ وكم صلاة يمكن أن أصلي به؟ وما هي نواقضه (1) ؟
ج: التيمم يقوم مقام الماء، الله جعل الأرض مسجدا وطهورا للمسلمين، فإذا فقد المسلم الماء أو عجز عنه لمرض قام التيمم مقامه، فلا يزال كافيا حتى يجد الماء، فإذا وجد الماء وجب عليه الغسل عن جنابته السابقة، وهكذا المريض إذا برئ وعافاه الله اغتسل عن جنابته السابقة التي طهرها بالتيمم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصعيد طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، ثم قال: فإذا وجدت الماء فمسه ببشرتك (2) »
فإذا وجد الجنب الماء أمسه ببشرته، اغتسل بعد ذلك عما مضى، وأما صلواته كلها فصحيحة بالتيمم عند عجزه عن الماء لعدم وجود الماء، أو عند عجزه بوجود المرض الذي يمنعه من الماء، حتى ينتهي المرض ويشفى منه، وحتى يجد الماء ولو طالت المدة.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (48) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124) ، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322) .(5/333)
228 - حكم من يستعمل الماء للغسل ويتيمم للصلاة
س: أخي يصلي ولكنه يتيمم بحجر، ولا يتوضأ بالماء مع أنه يستعمل الماء في الاغتسال، وعندما أقول له: لم تفعل ذلك؟ يقول: إن الطبيب منع علي استعمال الماء، فهل صلاته صحيحة بهذا التيمم (1) ؟
ج: إذا كان يستعمل الماء في الغسل ولا يضره الماء في الغسل فمن باب أولى أن لا يضره في الوضوء؛ لأن الوضوء أقل ماء وأقل كلفة، فالواجب عليه أن يصلي بالماء وأن يتوضأ، فإذا كان لا يضره الغسل فإنه لا يضره الوضوء، الواجب عليه أن يتوضأ وأن يعصي هذا الطبيب؛ لأنه جرب الماء ولم يضره، وليس له التيمم، ثم التيمم بالحجر لا ينفع، الواجب التيمم بالتراب في صعيد الأرض، لا بالحجر ما دام يجد التراب، فإنه يضرب وجه الأرض ويتيمم منها إذا عجز عن الماء؛ لمرض يضره معه الماء، أو لأنه في سفر لا يجد الماء، والواجب على المؤمن أن يترك الشبهات والوساوس التي لا وجه لها، وليس كل طبيب يطاع قوله، إنما يطاع قول الطبيب الأمين العارف الذي أرشدك لما ينفعك، وحذرك مما يضرك، فلا بأس، وما دمت أيها المريض استعملت الماء في الغسل، وهو لا يضرك فمن باب أولى أن لا يضرك الوضوء.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (181) .(5/334)
229 - حكم التيمم بضرب يده على فرشة المسجد مع وجود الماء
س: عندما دخلت المسجد رأيت رجلا يضرب بيديه على الأرض المفروشة حتى أخرجت الغبار، ثم مسح يديه ووجهه، ودخل في الصلاة.
السؤال: هل تجوز وتصح صلاة هذا على هذه الطريقة، مع أن المياه قريبة من المسجد، ولم أر عليه أي أثر يمنعه من الوضوء؟ وهل إذا كانت صلاته غير صحيحة يجب علي أن أخبره كي يعيدها (1) ؟
ج: نعم، ليس له التيمم إذا كان يستطيع الوضوء بالماء، فالماء موجود، والصلاة باطلة حتى يتوضأ؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (2) ، فواجد الماء لا يجوز له التيمم، إلا إذا كان عاجزا مريضا يضره الماء، فهذا الذي رأيته تنصحه وتقول له: لا يجزئك التيمم إذا كنت صحيحا سليما لا يضرك الماء.
أما لو كان يضره الماء أجزأه التيمم من الفرش التي فيها غبار، ولكن كونه يتيمم من التراب في رحبة المسجد، أو غيرها من المواضع التي فيها التراب الطاهر يكون أولى من غبار الفراش؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وجعلت تربتها لنا
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (199) .
(2) سورة المائدة الآية 6(5/335)
طهورا إذا لم نجد الماء (1) » فكونه يتيمم من التربة نفسها أولى من الغبار الذي في الفراش، والغبار يجزئ كما نص عليه أهل العلم؛ لأنه كونه يتيمم من التراب الموجود الطاهر يكون أكمل وأوفق للسنة، أما إذا كان الرجل عنده مانع من الوضوء؛ لأن به مرضا يمنعه من استعمال الماء، ويضره استعمال الماء فإن التيمم يجزئه، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (522) .(5/336)
230 - حكم التيمم بتراب مستعمل في التيمم
س: حديثه التالي يقول: سمعنا أنه لا يجوز التيمم بتراب قد استعمل، فما الحكم للمرضى الذين يتيممون بالتراب عدة مرات؟ وهل النهي للكراهة أم لا (1) ؟
ج: المراد: لا تيمم بالتراب المستعمل، أو بالماء المستعمل لا يتوضأ به.
مرادهم: التراب الذي يتساقط من يد الإنسان، أما التراب الذي في الإناء هذا ما يسمى مستعملا؛ لأن المستعمل التراب الذي أخذته اليدان، أما الباقي في الإناء من الماء فليس هو مستعملا، فلا ينبغي أن يشكل هذا، فالتراب الذي في الصحن أو في الكيسة لا يكون مستعملا، المستعمل هو التراب الذي أخذه المتيمم في يده ثم تساقط، هذا هو المستعمل الذي علق في يديه، مثل الماء الذي علق في اليدين
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (19) .(5/336)
وتقاطر في إناء آخر هذا هو المستعمل، والمشهور عند العلماء أنه لا يستعمل، وقال بعضهم: يجوز أن يستعمل أيضا حتى ولو أنه سقط من اليدين إذا كان نظيفا ما أصابته النجاسة فهو طهور، وقال قوم: إنه طاهر، وليس بطهور، فلا يستعمل.
وليس هناك حجة واضحة على منع استعماله، ولكن تركه من باب الحيطة حسن، أما التراب الذي يبقى في الإناء هذا ما هو مستعمل، وهكذا الماء الذي في الإناء بعدما توضأ منه الإنسان ما هو مستعمل.(5/337)
س: عندما أصلي بالتيمم هل أعمل الباقيات الصالحات؛ من تسبيح وتهليل وتكبير (1) ؟
ج: نعم، تعمل ما تعمله للوضوء، مثل ما تعمل للوضوء تعمل للتيمم: التهليل والتسبيح والتكبير، والصلاة الراتبة إذا كنت مقيما أكثر من أربعة أيام ولا تيمم: تصلي الرواتب، تصلي بالتيمم الضحى، وتسبح وتهلل، تأتي بكل مشروع، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (56) .(5/337)
س: الأخ: ع. م. ي. م. من السودان، يقول: إذا حضرت تشييع جنازة في منطقة يتعذر فيها وجود الماء فهل يجوز لي التيمم (1) ؟
ج: هذا فيه إجمال، إذا كنت في البرية ولا عندك ماء فلا بأس أن تصلي بالتيمم، أما إذا كنت في البلد ولكن المنطقة ليس فيها ماء فليس لك أن تتيمم، بل تذهب إلى المكان الآخر وتتوضأ، فإن أمكن أن تصلي على الجنازة فالحمد لله، وإلا فلا حرج عليك، وليس لك أن تتيمم من أجل عدم قرب الماء منك، بل لا بد من الماء؛ لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (2) ، وأنت واجد الماء في القرية وفي البلد، لكنك في محل ليس فيه ماء، مثلا قرب البلد، في محل قريب من البلد، أو في بيت ليس فيه ماء، ولكن لو ذهبت إلى الآبار القريبة وجدت الماء، أو إلى البيوت القريبة وجدت الماء، فليس لك أن تصلي بالتيمم إلا عند عدم الماء، كالذين في البرية، أو في مكان بعيد عن البلد، ويشق عليه الذهاب إلى محل الماء، فيتيمم ويصلي مثل المسافر الذي قدم من سفره، وصلى قرب البلد بالتيمم؛ لأنه ما عنده ماء، وجب أن يصلي الصلاة في وقتها، أو في أول وقتها لا بأس، أما أنت تصلي في البلد بالتيمم لا لمجرد عدم قرب الماء منك في وقت تشييع الجنازة.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (179) .
(2) سورة المائدة الآية 6(5/338)
231 - بيان المسافة التي تبيح التيمم
س: كم هي المسافة التي تقدرونها لكي يباح للإنسان التيمم (1) ؟
ج: ليس فيه مسافة معينة، إنما هو المشقة وعدم تيسر ذلك، في وقت قريب مثل فوات أول الوقت للفريضة، فلا حرج في ذلك، وإن صلاها في آخر الوقت بالماء فلا حرج أيضا، المقصود إذا كان يفوت أول الوقت، مثلا: بينه وبين البلد كيلوان أو ثلاثة، وهو ليس هو في السيارة، بل يمشي، وقد يفوته غالب الوقت أو معظم الوقت، يعني نصف الوقت، فكونه يصلي في أول الوقت بالتيمم أفضل مبادرة إلى الصلاة، أما إذا كان في السيارات فالأمر فيها واسع؛ لأنه لا يشق الأربعة الكيلو والخمسة الكيلو والعشرة الكيلو، في الإمكان إنهاؤها والوصول إلى الماء بسهولة، الحاصل إذا كان التأخير يفوت عليه أول الوقت، وله حكم السفر فلا بأس أن يصلي بالتيمم، أو خرج في نزهة وبعد عن البلد، وأنه لو رجع لفاته مثلا أول الوقت فيصلي بالتيمم كذلك؛ استدراكا واغتناما للوقت الذي هو وقت الفضيلة، وإن أخر – ولو فاته أول الوقت من أجل الماء – فلا بأس.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (179) .(5/339)
232 - حكم التيمم في الأماكن التي يندر فيها الماء
س: بعض الأماكن تكون نادرة المياه إلا ما يكفي للشرب، خاصة في المواقع العسكرية النائية، وقد يحتاج الأمر إلى الاغتسال أحيانا، فهل يكفي التيمم في هذه الحالة (1) ؟
ج: إذا كان في مكان ليس فيه ماء، كالمسافر والسجين الذي لا يعطى ماء فإنه يكفيه التيمم {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، يضرب التراب بيديه، ويمسح بهما وجهه وكفيه عن الجنابة، وعن الحدث الأصغر، أما إذا كان يستطيع الماء بالطلب، أو بالشراء المعتاد، أو بالذهاب إليه في الوقت فإنه يتوضأ ولا يتيمم، لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (3) ، والرسول صلى الله عليه وسلم قال في التيمم: «إذا لم يجد الماء (4) » فالمقصود أنه إذا وجد الماء في السفر، أو في الحضر وجب عليه الغسل والوضوء ولو بالشراء الذي ليس فيه إجحاف، أما إذا عجز عن ذلك فإنه يتيمم؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (5) ، ويقول جل وعلا: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (6) .
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (168) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) سورة المائدة الآية 6
(4) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124) ، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322) .
(5) سورة التغابن الآية 16
(6) سورة المائدة الآية 6(5/340)
س: الأخ: س. س. ش. يسأل ويقول: نحن عرب بادية، وفي بعض الأحيان نفقد الماء، ولا نجد ما نغتسل به، فكيف نصلي؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الله يقول سبحانه: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (2) ، فإذا كنتم في البادية أو في الأسفار ولم تحصلوا على الماء صلوا بالتيمم؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (3) ، وقال عليه الصلاة والسلام: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (4) » فالمسلم متى جاء وقت الصلاة وليس عنده ماء إلا ماء يسيرا لشرابه أو لطعامه، أو لشرابه وشراب بهائمه فإنه يصلي بالتيمم، والتيمم ضربة واحدة؛ يضرب بيديه الأرض، ثم يمسح بيديه وجهه وكفيه، هذا هو التيمم، ضربة واحدة يضرب بها الأرض، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، هذه الضربة تقوم مقام الماء، حتى يجد الماء.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (231) .
(2) سورة المائدة الآية 6
(3) سورة المائدة الآية 6
(4) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523) .(5/341)
233 - حكم التيمم مع وجود ماء للشرب فقط
س: السائل يقول: أنا راعي غنم، ومعظم وقتي أقضيه في الصحراء، حيث يندر المطر صيفا، ويشتد البرد شتاء، وقد أحتاج إلى الغسل، فهل يصح لي التيمم مع وجود الماء الذي هو للشرب فقط؟
ج: الله سبحانه يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (1) ، الآية فإذا كان الماء الذي لديك قليلا، لا يكفي إلا للشرب، وليس بقربك ماء تستطيع الذهاب إليه وتتوضأ منه فلا حرج في التيمم؛ لأن الماء القليل وجوده كالعدم؛ لأنك في حاجة إليه، أما إذا كان في الإمكان الذهاب إلى الماء لقربه منك فإنك تذهب إليه وتتوضأ، ولا تتيمم؛ لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (2) ، وإذا كنت تجد الماء حولك أو أنت حول قرية تستطيع الذهاب إليها، أو إلى ماء من ماء المطر، أو غير هذا من المياه التي تستطيع الحصول عليها قريبا منك فعليك أن تتوضأ، وأما إذا لم تستطع {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) ، لا حرج عليك في التيمم، بل يجب عليك التيمم وأن تصلي، لأنك فاقد للماء.
__________
(1) سورة المائدة الآية 6
(2) سورة المائدة الآية 6
(3) سورة التغابن الآية 16(5/342)
234 - حكم التيمم خوفا من البرد
الأخ: م. ع، من السودان، يقول: إذا كان الماء موجودا هل يجوز أن يتيمم الإنسان مع ذلك خوفا من البرد (1) ؟
ج: إذا كان الماء موجودا فليس للمسلم أن يتيمم، بل عليه أن يستعمل الماء؛ لقوله الله عز وجل: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (2) ، وفي الحديث الصحيح: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا إذا لم نجد الماء (3) » لكن إذا كان البرد شديدا يخشى على نفسه منه، وليس هناك ما يسخنه به فله عذر؛ لأن الله يقول: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (4) ، ويقول عز وجل: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (5) ، فإذا كان الماء باردا وليس هناك ما يدفئه به فإنه لا يلزمه الغسل بالماء؛ لما فيه من الخطر، وله التيمم حينئذ، وقد وقع هذا لعمرو بن العاص رضي الله عنه في بعض أسفاره، أصابته جنابة والبرد شديد، فلم يستطع أن يغتسل فتيمم، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (423) .
(2) سورة المائدة الآية 6
(3) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523) .
(4) سورة الأنعام الآية 119
(5) سورة البقرة الآية 195(5/343)
س: السائل من السودان، يذكر بأنه يعمل في البرية راعيا للأغنام، والبرد في الشتاء – وخاصة في الصحراء – قارص، يقول: هل يجوز لي أن أصلي النافلة، وأقرأ من المصحف بالتيمم رغم وجود الماء معي (1) ؟
ج: يلزمك أن تتوضأ بالماء، وإذا دعت الحاجة إلى تسخينه تسخنه بالنار، فإذا لم يوجد نار والماء شديد يضرك استعماله ولا تستطيع تتيمم، تصلي بالتيمم الفرض والنفل، واقرأ من المصحف، أما إذا كنت تستطيع تسخينه أو تستطيع استعماله لأن برودته لا تضرك فلا بد من استعمال الماء؛ إما بالتسخين، وإما بنفسه إذا كانت برودته لا تضرك.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (413) .(5/344)
س: أنا عندما أكون مع الغنم يكون معي ماء يكفي لشربي فقط، وأنا بعيد من مصدر الماء، هل أتركه للشرب أم أتوضأ به (1) ؟
ج: تتركه للشرب وتتيمم، والحمد لله، الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (2) ، والماء للشرب كالمعدوم؛ لأنك محتاج
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (256) .
(2) سورة النساء الآية 43(5/344)
له، فهو كالمعدوم؛ لأنه خاص بحاجتك وإنقاذ نفسك، فلا يلزمك الوضوء، ولكن تتيمم – والحمد لله – حتى تجد الماء.(5/345)
235 - حكم من صلى بالتيمم ثم وجد الماء
س: رجل لم يجد الماء فتيمم ثم صلى وأكمل الصلاة، وبعد ذلك وجد الماء، هل عليه إعادة (1) ؟
ج: ليس عليه إعادة، قد سئل النبي عن مثل هذا فأجاب بأن لا إعادة عليه.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (350) .(5/345)
236 - حكم التيمم لمن لم يجد الماء وهو في البلد
س: سائل يقول: إذا فقد المؤمن الماء، وذهب إلى المسجد فلم يجد به ماء، هل له أن يتيمم أم عليه أن يبحث عن الماء عند جيرانه، ويبحث عنه في حوالي كيلو متر مربع كما يقول بعض الخطباء (1) ؟
ج: ما دام في البلد فعليه أن يبحث عن الماء، وليس له التيمم، بل يبحث عن الماء ويشتريه، إن تيسر بغير شراء فالحمد لله، وإلا فليبحث عنه ويشتريه ويتوضأ ويشرب، أما في الصحراء وفي الأسفار فإنه إن
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (147) .(5/345)
كان في مظنة ماء التمس الماء، وإن كان ليس في مظنة ماء، لا حوله غدران ولا حوله آبار فإنه يتيمم، والحمد لله.
أما تحديد المسافة فليس لها حد محدود ولكن تحدد عرفا، إذا كانت المسافة عرفا؛ يعني ما يشق عليه الذهاب إلى الماء ذهب إلى الماء في السفر، أما في البلد فيلزمه الشراء، ولا يتحدد بشيء؛ لأن الماء موجود، لكن هذا في السفر إذا كان يعلمه قريبا؛ لو ذهب إليه لا يشق عليه ذهب إليه وتوضأ، وإلا صلى بالتيمم.(5/346)
237 - حكم من تيمم ثم وجد الماء قبل الصلاة
س: السائل: م، من السودان، يقول: تيممت للصلاة، ولما أقيمت الصلاة وجدنا الماء قبل تكبيرة الإحرام، فهل يجوز أن نواصل الصلاة أو نرجع للوضوء (1) ؟
ج: الواجب: الرجوع للوضوء؛ لأنك وجدت، والله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا} (2) ، وأنت وجدت، فالواجب الرجوع للوضوء، ويبطل التيمم.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (394) .
(2) سورة المائدة الآية 6(5/346)
238 - حكم من تيمم لإدراك الجماعة
س: السائل: أ. ع. ب. من الرياض، يقول: كنت أريد أن أصلي الظهر في مسجد على الطريق من مقر عملي، فلم أجد ماء في دورة مياه المسجد، وكان البيت بعيدا عن المسجد، فخشيت أن تفوتني صلاة الجماعة، فخرجت إلى جوار المسجد، ووجدت ترابا نظيفا، فتيممت وصليت جماعة مع المسلمين، فهل ما فعلته صحيح أم علي أن أعيد الصلاة (1) ؟
ج: ليس بصحيح، وعليك أن تعيد الصلاة؛ لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (2) ، وأنت واجد الماء، والحمد لله، بدل هذا المسجد تجد في مسجد آخر، اذهب إلى مسجد آخر أو إلى بيتك تتوضأ ثم تذهب إلى المسجد، وإن فاتت الصلاة صليت في بيتك، والحمد لله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) ، أما أن تتيمم لا والماء موجود، هذا لا يجوز، هذا باطل، نسأل الله العافية.
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (399) .
(2) سورة المائدة الآية 6
(3) سورة التغابن الآية 16(5/347)
239 - حكم تيمم المسافر مع وجود الماء
س: سائل يقول: سافر مجموعة من الناس ومعهم ماء كثير محمول فوق السيارات، وهو زائد عن حاجتهم تقريبا إلا أنهم تيمموا، فاختلفوا حينئذ: البعض قال بالجواز، والبعض الآخر يقول: لا يجوز، بل يجب أن نتوضأ من هذا الماء، ما هو رأي سماحتك (1) ؟
ج: الصواب أن عليهم الوضوء، إذا كان الماء فيه فضل الصواب أن عليهم وضوءا ولا يصلون بالتيمم، أما إذا كان الماء قليلا حد شرابهم وحاجاتهم فلا بأس أن يصلوا بالتيمم، أما إذا كان الماء – كما قال السائل – كثيرا، وفيه فضل عن حاجتهم فإن الواجب أن يصلوا بالوضوء، لا بالتيمم، ومن صلى بالتيمم يعيد.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (295) .(5/348)
240 - حكم من تيمم وصلى جاهلا بوجود الماء ثم علم بوجود الماء بعد الانتهاء من الصلاة
س: ما الحكم إذا تيمم الإنسان جاهلا بوجود الماء، ثم علم بوجود الماء بعد الانتهاء من الصلاة، هل يعيد صلاته أم لا (1) ؟
ج: إذا كان التمس الماء وطلبه حوله ولم يجد شيئا ثم صلى بالتيمم، ثم لما سار من مكانه وجد غديرا أو نحو ذلك فإنه لا إعادة عليه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أن رجلين أدركتهما الصلاة، فتيمما وصليا، ثم لما سارا حتى وجدا ماء بعد ذلك فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعد الآخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي لم يعد: أصبت السنة، وقال للآخر: لك الأجر مرتين (2) » فدل ذلك على أن الذي لم يعد هو الذي أصاب السنة؛ لأنه أدى ما عليه، وذاك احتاط فأعاد الصلاة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لك الأجر مرتين (3) » من أجل اجتهاده وحرصه، والذي أصاب السنة هو المقدم، فالحاصل أنه إذا كان اجتهد في طلب الماء، ولكن ما وجد حوله شيئا، ثم لما انتهى من صلاته وسار في طريقه وجد ماء ليس ببعيد فإنه لا شيء عليه.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (188) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المتيمم يجد الماء، برقم (338) .
(3) سنن أبي داود الطهارة (338) ، سنن الدارمي الطهارة (744) .(5/349)
241 - حكم التيمم مع وجود الماء لمسافة قريبة
س: إذا كنت في عمل أو سفر ثم حان وقت الصلاة، ولكن بيني وبين الصلاة مسافة عشر دقائق أو ربع ساعة فهل يجوز أن أتيمم في مكان طاهر، أو أنتظر حتى أصل الماء (1) ؟
ج: هذه المسافة تعتبر قريبة عرفا، فالواجب: الذهاب إلى الماء، والوضوء من الماء، والغسل إن كان هناك غسل، ولا يجوز التيمم في هذه الحال؛ لأن مسافة عشر دقائق، ربع ساعة تعتبر شيئا قريبا، وهو يعتبر في العرف ليس ببعيد، ولا عذر في ترك الوضوء، بل يلزمك سواء إن كنت في عمل، أو في سفر يلزمك أن تذهب، وأن تتوضأ الوضوء الشرعي، وإن كان عليك جنابة تغتسل وتصلي، وليس هذا يعد عذرا في التيمم؛ لأنه في العرف قريب.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (2) .(5/350)
س: هل يجوز لنا التيمم إذا كان البحر قريبا منا؟ علما بأن الماء الذي معنا مخصص للشرب والأكل (1) ؟
ج: ليس لكم التيمم، ما دام البحر قريبا توضؤوا من البحر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته (2) » البحر ماؤه طهور
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (322) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، برقم (69) ، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، برقم (83) ، والنسائي في كتاب المياه، الوضوء بماء البحر، برقم (332) .(5/350)
والحمد لله، ولو كان مالحا يلزمكم الوضوء والغسل للجنابة من ماء البحر.(5/351)
س: رأيت بعض الناس وهم يتيممون بوجود الماء، فهل لهم صلاة؟ ومتى يجوز التيمم الشرعي (1) ؟
ج: إذا كان المسلم يجد الماء ليس له التيمم لا في السفر، ولا في الحضر، ولا في البادية، يجب أن يتوضأ بالماء، ويغتسل بالماء من الجنابة، والمرأة كذلك من الحيض والنفاس، وإنما يجوز له التيمم عند فقد الماء، أو عند العجز عنه؛ بسبب المرض والقروح ونحو ذلك، كما قال الله عز وجل: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (2) ، فالمؤمن إنما يتيمم عند فقد الماء، أو عند العجز عنه؛ بسبب الأمراض والجراحات والقروح التي تمنع من استعمال الماء، وليس له أن يتيمم والماء موجود، فالذين يتيممون والماء موجود، وليس بهم علة صلاتهم غير صحيحة، ويجب تنبيههم أن هذا منكر ولا يجوز، وأن صلاتهم غير صحيحة، أما إن كان بهم علة؛ أمراض، قرر الأطباء أنها تمنع استعمال الماء فهم معذورون، والحمد لله.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (205) .
(2) سورة المائدة الآية 6(5/351)
س: تقول السائلة: ما حكم من كان عنده ماء وهو في الخلاء، ولكنه يتيمم؟ هل صلاته باطلة؟ وهل عليه كفارة (1) ؟
ج: إن كان ما عنده ماء يستطيع أن يتوضأ منه، ويزيد عن حاجة الشراب والأكل فإنه يلزمه الوضوء، ولا تصح صلاته، يلزمه القضاء ولا كفارة عليه، وعليه التوبة والاستغفار والندم، وعليه عدم العودة إلى مثل هذا، أما إذا كان الماء الذي عنده قليلا، فقط لحاجة الطعام والشراب فإنه لا يلزمه الوضوء، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) .
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (209) .
(2) سورة التغابن الآية 16(5/352)
242 - حكم من لا يستطيع مس الماء لشدة البرد وعليه حدث أكبر
س: من احتاج للغسل، ولكنه لم يستطع لشدة البرد، وعدم وجود وسيلة لتسخين الماء فهل يتيمم لصلاة الفجر؟ ومن فعل ذلك فما الحكم (1) ؟
ج: إذا كان في محل لا يستطيع فيه تدفئة الماء، وليس هناك مكان يستكن به للغسل بالماء الدافئ، وخاف على نفسه فإنه يصلي بالتيمم
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (79) .(5/352)
ولا حرج عليه؛ لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (2) » وقد ثبت «أن عمرو بن العاص رضي الله عنه كان في غزوة السلاسل أصابته جنابة، وكان في ليلة باردة شديدة البرد، فلم يغتسل، بل توضأ وتيمم وصلى بالناس، وسأل النبي بعد، لما قدم من الغزوة، فقال: يا رسول الله، إني خفت على نفسي وتأولت قول الله سبحانه:، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل له شيئا (4) » ، ولم يأمره بالإعادة، فدل ذلك على أنه عذر شرعي.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) أخرجه البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288) .
(3) سنن أبي داود الطهارة (334) ، مسند أحمد (4/204) .
(4) سورة النساء الآية 29 (3) {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}(5/353)
س: هل يجوز التيمم في وقت البرد (1) ؟
ج: إذا وقع البرد وأنت في مكان لا حيلة لك في ماء دافئ، كالذي في الصحراء وليس عنده ما يسخن به الماء، ويخشى المضرة عليه من استعمال الماء فإنه يتيمم، والحمد لله، مثل ما تيمم عمرو بن العاص في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لما اشتد البرد خاف على نفسه، تيمم، وأقره
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (218) .(5/353)
النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا تيسر للإنسان ما يسخن به الماء، أو محل فيه ركن يستطيع أن يغتسل فيه فإنه يتوضأ بالماء المسخن، ويغتسل به، أما إذا كان في مكان يخشى على نفسه من الخطر؛ لكونه في مكان بارد ظاهر للبرد، لا حيلة له في الركن ولا في الماء المسخن فالله جل وعلا يقول: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (1) ، ويقول سبحانه: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (2) ، ويقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) .
__________
(1) سورة البقرة الآية 195
(2) سورة النساء الآية 29
(3) سورة التغابن الآية 16(5/354)
س: غالبا ما يكون مني في وقت البرد أنني أتوضأ لصلاة الظهر والعصر، أما بقية الفروض فأتيمم تيمما خوفا من البرد هل علي إثم في ذلك أم لا (1) ؟
ج: لا يجوز هذا، الواجب أن تصلي بالوضوء، ولا تتيمم لأجل البرد، وعليك أن تسخن الماء وتصلي بالوضوء، ولا يجوز لك أن تتيمم والماء موجود والقدرة موجودة على تسخينه، نسأل الله السلامة.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (336) .(5/354)
س: يسأل هندي من دير الزور بسوريا، ويقول: أنا مصاب في يدي اليمنى، وعند الوضوء لصلاة الفجر أشعر بألم شديد من الماء البارد، فهل يجوز لي التيمم؟ أو كيف توجهونني؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليك أن تسخن الماء حتى يكون دافئا، تسخنه والحمد لله، أو تأمر من يسخنه لك حتى تستعمل ماء دافئا لا يؤذيك، ولا يجوز لك التيمم، بارك الله فيك، بل عليك أن تدفئ الماء وتستعمل الماء.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (344) .(5/355)
243 - حكم من أمره الطبيب بألا يمس الماء
س: أفيد فضيلتكم بأنني قد أصبت بمرض، وأجريت لي عملية بالمستشفى، وعند خروجي من المستشفى أفادني الدكتور المختص بأنه يجب علي عدم الغسل بالماء لمدة خمسة شهور بما فيها شهر رمضان، أرجو إفادتي، هل أبقى على ما قال الدكتور خمسة أشهر، أم أغتسل واصلي وأصوم رمضان؟ وما الحكم بالنسبة للفروض التي فاتت ولم أصلها (1) ؟
ج: الواجب هو الأخذ بهذا؛ لأن المرض الذي فيه عملية وجراحات قد يتأثر بالماء، فإذا أوصى الطبيب المختص بعدم استعمال
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (27) .(5/355)
الماء فلا بأس، هذه رخصة لك في ترك الماء واستعمال التيمم ويكفي، هذا التيمم كاف، فإذا جاء وقت الصلاة يتيمم الإنسان؛ تضربين التراب بيدك، ثم تمسحين وجهك وكفيك للصلاة، ويكفي هذا، ولا تغتسلين بالماء حتى تنتهي المدة التي قررها الطبيب، أما الصوم فإن كان نهاك عن الصوم؛ قال: إنه يضرك، فلا تصومي، وتقضين بعد ذلك، وإن كان ما قال لك عن الصوم شيئا فإنك تصومين رمضان مع الناس، فالحاصل أن الطبيب معتمد في هذه المسائل، إذا كان الطبيب ثقة، وهو مختص في المسائل معروف فإنه يعمل بقوله في هذه المسألة في ترك الماء، وفي ترك الصيام؛ لأن المريض قد يضره الصوم، وقد يضره الماء، والطبيب المختص هو الذي يعرف هذه الأشياء، فإذا قرر على المريض أنه لا يستعمل الماء، أو لا يصوم فلا مانع من العمل بذلك، يعمل بذلك حفاظا على صحته، وربنا عز وجل هو أرحم الراحمين، سبحانه وتعالى، وقد رحم عباده، وأذن لهم في ما ينفعهم، وترك ما يضرهم، فجعل المريض والمسافر مفطرين، حيث شرع للمريض والمسافر الفطر حفظا لصحة المريض، وتسهيلا على المسافر؛ لأنه قد يعتريه مشقة، فالله سبحانه وتعالى أرحم الراحمين، فالذي سامح المريض ورخص له في الإفطار؛ لئلا يضره الصوم كذلك هو من حيث أن يدع الماء؛ لئلا يضره الماء، والحكم في ذلك واحد، وهكذا إذا ضره الصوم بنص القرآن.(5/356)
أما الحكم في الفروض التي فاتت من المدة التي ذكرت فإن الواجب على السائلة أن تصلي دائما؛ لأن منع الماء لا يمنع الصلاة، فإذا كانت ضيعت بعض الفروض فعليها قضاؤها؛ لأن الماء إذا لم يتيسر يصلي المسلم بالتيمم؛ يضرب التراب ويمسح وجهه وكفيه بنية الطهارة من الأحداث الصغرى والكبرى ويصلي، وهو ليس له عذر في ترك الصلاة بسبب عدم الماء، الحمد لله، الماء له بدل، والبدل هو التيمم، كما قال جل وعلا: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (1) ، فالمسلم إذا عجز عن الماء يتيمم بالصعيد الطيب ويصلي، هذا هو الواجب على المريض، وفاقد الماء يكفيه التيمم، فيتيمم ويصلي ما أوجب الله عليه، فإذا كنت أيتها السائلة قد فرطت في شيء من الصلوات فعليك أن تصلي ما فرطت فيه جميع الأوقات التي تركت، فعليك أن تصليها جميعا؛ أن تقضيها.
__________
(1) سورة المائدة الآية 6(5/357)
244 - بيان الواجب على المريض العاجز عن استعمال الماء والتيمم
س: كان لي والد مريض، وكان عاجزا عن استعمال الماء وعن التيمم، ولم يصل فترة مرضه، وهي خمسة عشر يوما، ولما شفي من مرضه قضى الصلوات تلك؛ كل فرض مع ما يقابله من الفروض، فما هو رأيكم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: أولا: هو غلطان، الواجب عليه أن يفعل المستطاع، إن استطاع الماء توضأ، وإلا تيمم، وإن عجز يممه غيره: أخوه، أو زوجته، أو غير ذلك، يضرب التراب بيديه ويمسح به وجهه وكفيه بالنية عنه، يأمره وهو ينوي، المريض ينوي والوكيل يضرب التراب بيديه، ويمسح بهما وجهه وكفيه إذا كان عاجزا، أما أنه يصلي بدون تيمم، أو بدون وضوء هذا ما يجوز، وكونه يترك الصلاة لا يجوز أيضا، كل ذلك غلط منه، فإذا كان تركه لها لهذه العلة؛ يظن أنه معذور بعجزه عن التيمم هذا عليه القضاء، ويقضي حالا، ليس كل صلاة مع صلاة، يقضيها جميعا في وقت واحد، ولو في ضحوة واحدة يسردها، أما قول العامة: كل صلاة مع صلاة، هذا لا أصل له، الذي عليه الصلوات يسردها سردا، الضحى أو الظهر، الحمد لله، أو في الليل حسب طاقته، وليس لأحد أن يؤخر الصلاة لأجل أنه ما عنده ماء، ولا لمدة
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (232) .(5/358)
التيمم، بل يلزمه الوضوء، فإن لم يتيسر الماء تيمم، يحضر له التراب الطيب، ويضرب به يديه ويمسح وجهه وكفيه، فإن عجز؛ لم يستطع الحركة كالمريض فالخادم الذي عنده الثقة، أو أبوه، أو أمه ييممونه، يأمرهم بأن ييمموه وينوي هو بقلبه التيمم، ويضرب التراب ويمسح وجهه وكفيه بالنية بالنيابة عنه.(5/359)
س: أنا فتاة أصبت بحادث سيارة منذ أربع سنوات، تسبب لي هذا الحادث في شلل كامل، ما عدا الذراعين فهما سليمتان، والحمد لله، بعد إصابتي بهذا الحادث كنت أصلي بدون تيمم ولا وضوء، وسمعت من بعض الأخوات أنه يجب علي أن أتيمم وأستعين في ذلك بخادمة، أو أي أحد يقوم بالضرب على التراب مرة واحدة، ثم أمسح على وجهي وكفي، مع العلم أنه بعد التيمم لا أدري هل ظهر أثر التراب على مناطق التيمم أو لا؟ ثم إنه عندما أشرع في الصلاة في بعض الأوقات لا أضبط نفسي بحكم الشلل، وقد ينتقض وضوئي، أرجو من سماحتكم توجيهي، جزاكم الله خيرا، وكما أرجو من سماحتكم الدعوات الطيبة، لعل الله أن ينفع بها (1)
ج: نسأل الله لك الشفاء والعافية، نسأل الله أن يمنحك الشفاء
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (262) .(5/359)
والعافية، ويجمع لك بين الأجر والعافية، متى فعلت التيمم كفى ولو ما ظهرت آثار التراب عليك حين ضربت التراب بيديك، أو من ينوب عنك وضرب التراب بأمرك وبنيتك، ومسح على وجهك وعلى كفيك، كفى ذلك – والحمد لله – وإن لم تعلمي ظهور آثار التراب، المهم أن يضرب التراب النائب عنك أو أنت بنفسك، ثم تمسحين أنت أو النائب وجهك والكفين بنية الطهارة والحمد لله، وأما ما يتعلق بخروج الحدث في الصلاة فهذا فيه تفصيل؛ إن كان الحدث دائما معك في كل وقت فلا يضرك خروجه في الوقت ما بعد الطهارة، أما إن كان ليس بدائم فإنه متى خرج تبطل الصلاة، وعليك أن تعيدي التيمم.(5/360)
245 - حكم استماع القرآن على غير طهارة للمريض العاجز
س: تقول: بما أن هذا حالي فإنني لا أستطيع الحركة، وكذلك الخروج من البيت، وأقضي وقتي كاملا في المنزل، فبماذا تنصحونني والحال ما ذكر، هل أسمع القرآن الكريم وإن كنت على غير طهارة (1) ؟
ج: نعم، ننصحك بالإكثار من ذكر الله، وقراءة ما تحفظين من القرآن، وسماع القرآن من المذياع وإن كنت على غير طهارة؛ لأن
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (262) .(5/360)
الطهارة ليست شرطا في سماع الذكر والقرآن، وإنما هي شرط في لمس المصحف، والقراءة من المصحف، أما السماع فالإنسان يستمع للقرآن ولو كان جنبا ولو كانت المرأة حائضا، يستمع القرآن ويستفيد، لكن لا يمس المصحف إلا وهو على طهارة من الحدثين جميعا، أما كونه يقرأ على ظهر قلب فلا بأس أن يقرأ وإن كان على غير طهارة من جهة الحدث الأصغر، والحيض كذلك، الحائض والنفساء لهما قراءة عن ظهر قلب، لأن المدة ربما تطول، أما الجنب فلا، ليس له أن يقرأ حتى يغتسل، ولا يمس المصحف ولا يقرأ أيضا حتى يغتسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يمنعه شيء عن القرآن إلا الجنابة، وقال في قراءة الجنب: «أما الجنب فلا، ولا آية (1) » يعني حتى يغتسل، ونوصيك بالإكثار من ذكر لله؛ كالتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار، وقراءة ما تيسر معك من القرآن، ولو الفاتحة ترددينها مع ما تيسر معك، ولك بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، وهذا خير عظيم.
وتركزين على سماع القرآن الكريم، والله يقول – سبحانه – في كتابه العظيم: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (2) ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على أصحابه القرآن وهم ينصتون ويستمعون ويستفيدون، والمستمع شريك القارئ في الأجر إذا أراد ذلك وقصد ذلك، والقارئ
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872) .
(2) سورة الأعراف الآية 204(5/361)
له بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها كما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، والمستمع نرجو له ذلك.(5/362)
246 - حكم المريض الذي يتألم من استعمال الماء
س: منذ كان عمري اثني عشر عاما وأنا أصوم وأصلي الفروض الواجبة علي، وبعد خمس وعشرين سنة وقعت في المرض، والآن أشعركم بأنني أتألم كثيرا من الماء وأقوم بالتيمم، وحين ما يأتي إلي المرض أنقطع عن الصلاة، وجهوني تجاه هذه القضية، وجزاكم الله خيرا (1)
ج: شفاك الله وعافاك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية من كل سوء، وأن يصلح قلبك ودينك، وأن يعيذنا وإياك من كل سوء، وإذا كنت يضرك الماء لا مانع من التيمم، والله يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، والذي يضره الماء حكمه حكم من لم يجد الماء؛ يتيمم، والحمد لله، يضرب التراب بيديه ويمسح وجهه وكفيه بذلك، ويكتفي بهذا عن الماء، أما الصلاة فعليك أن تصلي على حسب طاقتك؛ إن استطعت قائمة صليت قائمة، وإن استطعت قاعدة صليت
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (224) .
(2) سورة التغابن الآية 16(5/362)
قاعدة بدلا من القيام إذا عجزت عن القيام، فإن لم تستطيعي القيام ولا القعود فعليك أن تصلي على جنب، والأفضل على الجنب الأيمن إذا تيسر ذلك، فإن عجزت فصلي مستلقية ورجلاك للقبلة، ولا يجوز ترك الصلاة أبدا، بل عليك أن تصلي على أحد هذه الصفات حسب الطاقة ما دام العقل موجودا، هكذا أجاب النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله بعض المرضى، قال له: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1) » هكذا رواه البخاري في الصحيح بدون ذكر الاستلقاء، وزاد النسائي بإسناد جيد ذكر الاستلقاء على الظهر، فالحاصل أن هذا هو الواجب على كل مريض؛ أن يصلي على حسب طاقته ما دام العقل موجودا، أما إذا زال العقل سقط التكليف؛ كالمجانين وأشباههم، نسأل الله لك الشفاء والعافية، وأن يمن عليك بالصحة التي تعينك على طاعة الله كما شرع سبحانه وتعالى.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب تقصير الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) .(5/363)
س: أنا: ع. ح. ر، المقيم بمنطقة حائل، أرجو الرد منك على سؤالي: أنا مصاب بكسر في أسفل الظهر، وعن هذا نتج العجز الكلي؛ لأنه مضى على الإصابة حتى الآن ثلاثون عاما، ومع كل سنة يزيد العجز، ومع هذا فأنا مصاب بأمراض نفسية، فإذا جلست مدة لا تتجاوز ربع ساعة يخدر الجزء الأسفل ككل، ومن ضمنها الأرجل، فلا أستطيع السير إلا بعكازين، وينتج مع هذا توتر في الأعصاب ونزول العرق بغزارة من الأرجل، مما يزيد حالتي النفسية تعبا، ومع هذا فأنا لا أستطيع الصلاة أداء مع الجماعة في المسجد، فأصلي في البيت، مع العلم بأنني ساكن في قرية، لا يوجد في البيت المقام به سخان كهربائي للماء، فهل يجوز لي أن أتيمم والحال كما ذكرت لكم؟ أرجو أن تتفضلوا بتوجيهي وإرشادي، جزاكم الله خيرا (1)
ج: نسأل الله للسائل الشفاء والعافية من كل سوء، وأن يكفر عنا وعنه السيئات، والحمد لله على كل حال، الله يقول: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (2) {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (3) {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (4) ،
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (147) .
(2) سورة البقرة الآية 155
(3) سورة البقرة الآية 156
(4) سورة البقرة الآية 157(5/364)
وأنت يا أخي عليك أن تتقي الله ما استطعت، كما قال الله عز وجل {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) ، عليك أن تصلي بالماء، وأن تصلي حسب طاقتك؛ قائما أو قاعدا، إن استطعت القيام ولو بعكازة صليت قائما، وإن لم تستطع ذلك صليت جالسا، وليس عليك الذهاب إلى المسجد إذا كنت تعجز عن ذلك، كما ذكرت في سؤالك.
أما ما يتعلق بالماء فالواجب الوضوء بالماء، فإذا عجزت عن ذلك لشدة البرد وعدم وجود ما تسخن به فهذا عذر شرعي لاستعمال التيمم، لكن من كان في قرية فهو لا يعجز في الحقيقة عن التسخين، ولو بغير الكهرباء يسخن بالحطب، بالفحم، بغير ذلك، فأنت ما دمت في قرية الواجب عليك أن تسخن الماء إذا شق عليك من جهة البرودة، يسخن بالطرق الأخرى؛ بالنار التي تستعمل في الحطب والفحم، وغير ذلك مما يوقد به النار، وليس لك عذر في التيمم مع وجود ما تسخن به الماء، أما لو كنت في صحراء في السفر ولم تستطع تسخين الماء فهذا عذر من عجز عن الماء لبرودته وشدة الشتاء، فإنه يتيمم، لكن أهل القرى والمدن في استطاعتهم تسخين الماء بأي وجه من الوجوه.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(5/365)
247 - بيان الواجب على المريض والمسن تجاه الطهارة والصلاة
س: تقول السائلة: لي جدة كبيرة في السن، لا تستطيع الوضوء بحجة الرطوبة في رجليها، وتترك الصلاة بحجة عدم الوضوء، رغم أننا بينا لها التيمم وكيفيته، أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب على المريض وعلى كبير السن مثل الواجب على غيرهما مع الاستطاعة، فعليهما الاستنجاء أو الاستجمار عما يخرج من السبيلين، وعليهما الوضوء الشرعي، وعليهما الغسل إذا حصل جنابة، كل هذا معروف في الشرع المطهر، ومن عجز عن الوضوء لمرض يمنعه من ذلك، أو عجز يمنعه من ذلك، وتيسر من يوضئه وجب ذلك، وإن تعسر هذا وهذا تيمم؛ بأن يقرب له التراب في إناء، يضرب التراب بيديه، ويمسح بهما وجهه وكفيه بنية الغسل من الجنابة، والحدث الأصغر، أما ما يتعلق بالسبيلين يكفي أن يمسحهما بالمناديل أو نحو ذلك حتى ينقيهما، ولا يلزم الماء، إن استنجى بالماء فالحمد لله، وإن لم يستنج بالماء كفاه أن يستنجي بالحجارة، باللبن، والخرق حتى ينقي المحل بمسحات ثلاث أو أكثر، لا بد من ثلاث مسحات أو أكثر، حتى ينقي المحل من الأذى ومن الغائط والبول، وإذا فعل ذلك يتوضأ للصلاة بعد ذلك، يتمضمض. . . . . . . . إلى آخره.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (145) .(5/366)
248 - بيان طهارة المريض الذي لا يتحكم في الخارج منه
س: أنا شاب أبلغ من العمر السادسة والعشرين، حصل لي حادث منذ ثلاث سنوات، ومن بعدها لم أستطع أن أتحكم بالخروج، مع ذلك حصل لي أيضا شلل نسبي، هل يجوز لي أن أقرأ القرآن وأصلي بالتيمم؟ وهل يصلح التيمم على جدار المنزل (1) ؟
ج: هذا سؤال مجمل، فإذا كان مراد السائل: أنه لا يستمسك البول فإنه يصلي على حسب حاله، فإذا صار لا يستمسك بوله بل إنه يخرج فإنه يستنجي إذا دخل الوقت، يتوضأ إذا دخل الوقت مثل المستحاضة، إذا دخل الوقت استنجى وتوضأ وضوء الصلاء، ثم صلى ولو خرج شيء، فإن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، لكن يتحفظ؛ بأن يعصب على ذكره شيئا حتى يخفف عنه النجاسة، كالمستحاضة تجعل قطنا على فرجها؛ شيئا يسد الدم في وقت الاستحاضة، وهو الدم الذي يجيء معها دائما غير دم الحيض، فهذا هو حكم المستحاضة وأشباهها، الواجب عليهم أنهم يستعملون ما يخفف الخارج من قطن ونحوه، ويتوضأ الواحد منهم إذا دخل الوقت،
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (100) .
(2) سورة التغابن الآية 16(5/367)
يستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يصلي على حسب حاله، وإذا كان معه ما يمنع الوضوء لأن معه مرضا يشق معه الماء فإنه يتيمم؛ يضرب التراب بيديه، أو الجدار الذي فيه تراب يضرب التراب، ويمسح به وجهه وكفيه إذا كان يوجد على الجدار لبن، إذا حكه وفيه غبار ضربه، وإلا ضرب الأرض، هذا إذا عجز عن الماء.(5/368)
باب إزالة النجاسة
249 - حكم النجاسة في الثوب التي لا يعرف مكانها
س: إذا سقط في ثوب إنسان نجاسة، وهو لا يدري مكان النجاسة فماذا يفعل (1) ؟
ج: إذا يمكن التحري تحرى، فإن كان لا يدري ولا يغلب على ظنه شيء فإنه يغسله كله، يلزمه غسله كله، أما إذا تحرى النجاسة في محل معين منه فإنه يغسل المحل المعين الذي تحراه؛ في طرفه الأسفل، في كمه، في أي محل يتحراه، ويكفي هذا.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (14) .(5/369)
250 - حكم وضع الثياب النجسة مع غيرها في الغسالة
س: السائلة: م. ط. ع. من المدينة المنورة، تقول: هل يجوز أن نضع الثياب التي يوجد بها نجاسة مع الثياب الأخرى التي لا يوجد بها نجاسة، وذلك في الغسالة معا (1) ؟
ج: إذا كان الغسل يحصل به المطلوب فلا بأس، إذا كان الغسل يحصل به المطلوب؛ وهو تنظيف الجميع فلا بأس؛ لأنه يطهر هذه وهذه، ويطهر النجاسة وينظف السليمة، والغسل يزيل ما فيها من النجاسة مع وجود التنظيف، فلا يضر ذلك، إذا كان غسلا تحصل به إزالة النجاسة، يعني: يعصر الثوب ثم يغسل ثم يعصر، حتى يغلب على الظن أن النجاسة زالت فلا بأس، وإذا غسلت هذه وحدها وهذه وحدها هذا أحسن وأسلم، تغسل النجسة وحدها والطاهرة وحدها أسلم، ولكن إذا غسلت جميعا وعمل ما يلزم من جهة غلبة الظن أن أثر النجاسة زال كفى، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (392) .(5/370)
س: كيف تنصحون من وقع على بعض ملابسه نجاسة، والبعض الآخر لم يقع عليه شيء؟ هل يغسلهما جميعا؟ أم يغسل كل جزء على حده (1) ؟
ج: يغسل موضع النجاسة، فقط، إذا أصاب ثوبه نجاسة غسل موضعها، مثل قطرة بول على طرف ثوبه غسل ما أصابه، أو قطرة دم أصاب المرأة من حيضها أو غيره تغسل محل القطرة، وباقي الثوب طاهر، المقصود أنه يغسل ما أصاب الثوب من بول أو غيره من النجاسة، وباقي الثوب طاهر ليس فيه شيء، ولو غسل النجس مع غير النجس فلا حرج، لكن لا يكون للوسواس، إذا كان من طريق الوسوسة لا، أما إذا كان من باب النظافة، يعني: وسخ، وأراد أن يغسله كله فلا بأس، أما التكلف والوساوس كما يفعل بعض الناس، فيغسل الثوب كله من أجل الوسوسة لا، ما ينبغي هذا، يغسل ما أصاب الثوب فقط.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (133) .(5/371)
251 - حكم الملابس المبلولة إذا لامست شيئا نجسا
س: إذا كانت ملابس الشخص مبللة بالماء – أو بدنه – ولامس ما هو نجس – أو يشك في نجاسته – هل يؤثر ذلك على طهارة البدن أو الملابس خاصة (1) ؟
ج: إذا لمس بيده وهي رطبة ما يشك في نجاسته ما عليه شيء، الأصل الطهارة، أما إن لمس شيئا رطبا نجسا، أو يده رطبة بها ماء ولمس النجس فإنه يغسل يده فقط، والباقي لا يضر، ولا يلمس باقي جسده بالنجاسة، فإن لمس شيئا من جسده بالنجاسة غسل ما أصابه؛ ما لمسه فقط من بدنه، ولا ينبغي له الوسوسة، ينبغي له أن يتقيد بما حصل له، النجاسة فقط في يده يغسلها، لمس طرف ثوبه يغسل أطراف ثوبه، لمس رجله برطوبة النجاسة يغسل طرف رجله، وهكذا.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (270) .(5/372)
252 - حكم نجاسة الثياب التي أصابها المني
س: إذا وضعت الملابس التي احتلمت فيها وفيها المني، ووضعتها في صحن كبير، أو في الغسالة للغسيل، وأثناء عملية الغسل تقع علي وعلى ثيابي بعض القطرات من هذا الماء فهل أتنجس أنا وثيابي؟ وهل غسله واحدة تكفي؟ وما مقدار القلتين (1) ؟
ج: اعلم يا أخي أن المني طاهر وليس بنجس، فإذا وضعت الثوب الذي فيه المني في صحن كبير أو في غيره، ونالك من غسله رشاش لا يضرك، وليس بنجس، المني هو أصل الإنسان، وهو طاهر، وكانت عائشة رضي الله عنها ربما حكته من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم من دون غسل، ولو كان نجسا لاحتاج إلى غسل، المقصود أن الصحيح أنه طاهر فقط وليس بنجس، فلا يضر ما يقع من رشاش في غسله، وكذلك الماء الذي لا تعرف نجاسته الأصل فيه الطهارة، هذا هو الأصل لجميع المياه؛ الطهارة، إلا ما عرفت نجاسته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء (2) »
والقلتان فسرت القلتان: بأنهما خمس قرب
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (16) .
(2) أخرجه الترمذي أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء، برقم (66) ، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب ما جاء في بئر بضاعة، برقم (67) ، والنسائي في المجتبى كتاب المياه، برقم (325) .(5/373)
تقريبا، وقيل: إن القلتين كل واحدة بقدر ما يقله الرجل المعتدل الخلقة، فهما قريب من خمس قرب تقريبا، هذا معنى ما قاله أهل العلم في القلتين، واختلف العلماء هل القلتان وما يقاربهما ينجسان بمجرد الملاقاة، أم لا بد من التغير؟ والصواب: أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، هذا الذي عليه المحققون من أهل العلم، لا ينجس الماء إلا بالتغير، إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه بالنجاسة يتنجس، وإلا فلا ينجس بمجرد الملاقاة للنجاسة القليلة التي لا تؤثر فيه شيئا ولو كان أقل من القلتين، اللهم إلا إذا ما كان قليلا عرفا، كالذي يقع في الأواني المعتادة، هذا ينبغي أن يراق إذا وقع فيه نجاسة ولو لم تغيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يراق ما ولغ فيه الكلب من الأواني، فهذا وأمثاله يدل على أن الإناء المعتاد إذا وقع فيه نجاسة قليلة لا تغير لونه ولا ريحه ولا طعمه، إنه يراق كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب؛ لأنه في الغالب يتأثر بما وقع فيه، وإن لم يظهر فيه أثر التغير بالريح أو اللون أو الطعم، لكن في الغالب أن الإناء الصغير يتغير، أما ما كان كبيرا كما يقارب القلتين أو قريب من ذلك هذا لا ينجس إلا بالتغير، لكن إذا ترك ذلك من باب الاحتياط إذا كان عنده مياه نقيه استغنى عن ذلك، وترك استعمال ما وقع فيه نجاسة لم تغيره وهو أقل من القلتين، هذا من باب الاحتياط ومن باب الورع، من باب: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. فالحاصل من هذا أن القلتين وهما خمس قرب تقريبا عند جمع من أهل العلم لا تنجس إلا بالتغير، وما كان أقل من(5/374)
القلتين ينجس بالملاقاة عند جمع من أهل العلم، والصواب أن الجميع لا ينجس إلا بالتغير؛ بالطعم أو اللون أو الريح، إذا لم يتغير فهو باق على طهوريته، اللهم إلا الشيء القليل الذي يكون في الأواني، فهذا إذا وقع فيه نجاسة وهي لم تغيره فالأولى إراقته؛ عملا بالحديث الصحيح الذي فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب، وقد خرجه مسلم في الصحيح (1)
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279) .(5/375)
253 - حكم من يصيبه رشاش من غسل الملابس النجسة
س: عندما أغسل بعض الثياب التي بها نجاسة في وعاء مليء بالماء أثناء الدعك تتناثر المياه على ثيابي، وليست أدري هل ذلك ينجسها أم لا (1) ؟
ج: إذا كانت المياه المتناثرة حال وجود النجاسة فإنها تغسل ثيابها منها، أما إذا كان تناثر هذه المياه بعد طهارة الثياب فلا يضره، أما إذا كان هذا التناثر من المياه على ثيابها وقت وجود النجاسة قبل أن تزول فإنها تغسل ما أصابها.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (337) .(5/375)
س: المستمعة: أم محمد تقول: امرأة بعد تغسيل أطفالها من النجاسة يأتيها رذاذ ماء، فهل يعتبر نجسا أم لا؟
ج: إذا كان فيه النجاسة قبل أن تطهر من النجاسة يكون نجسا، أما إذا كان قد زالت النجاسة من أبنائها يكون طاهرا، فعليها التحرز عند غسل الطفل أو ثيابه حتى لا يأتيها شيء من النجاسة.(5/376)
254 - بيان كيفية التطهر من بول الغلام
س: إذا بال طفل صغير على ملابس أبيه فهل يلزم الأب أن يغسل الثوب كله؟ أو يغسل الجزء المبتل فقط؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان الطفل يأكل الطعام، يتغذى بالطعام يغسل ما أصاب الثوب منه غسلا، ولا يغسل الثوب كله، ولكن يغسل ما أصابه البول، وهكذا بقية النجاسات يغسل محل النجاسة فقط؛ من البدن، ومن الثوب، ومن البقعة في الأرض، وما سوى ذلك طاهر، وأما إذا كان الصبي لا يأكل الطعام ولا يتغذى على الطعام، أي: يتغذى على الحليب أو اللبن أو يرضع من أمه فإنه لا يجب غسله، بل يرش مكان البول رشا، بل يمر عليه الماء فقط، ويكفي بمر الماء عليه من غير
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (328) .(5/376)
حاجة لفرك ولا غسل، فإذا مر عليه الماء كفى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بال على ثوبه طفل لا يأكل الطعام، فأتبعه الماء ولم يغسله عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: «بول الرضيع الذي لا يأكل الطعام ينضح، وبول الجارية يغسل (1) » فبول الغلام الذي لا يأكل الطعام إنما يرش وينضح محله، يتبع بالماء ويكفي.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم، برقم (527) .(5/377)
255 - حكم النجاسة إذا جفت قبل غسلها
س: السائلة: أم علي تقول: نجاسة الأطفال الصغار إذا نزلت على الأرض، ثم جفت دون غسلها فهل يطهر المكان بمجرد الجفاف؟ وهل تجوز الصلاة في هذا المكان الجاف من النجاسة (1) ؟
ج: لا يطهر حتى يراق عليه الماء، إذا عرف مكان النجاسة يراق عليها الماء، مثل ما أراق النبي صلى الله عليه وسلم على بول الأعرابي سجلا من ماء، فإذا عرف محل البول يراق عليه الماء من الصبي أو من غير الصبي، حتى يطهر المحل.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (389) .(5/377)
256 - بيان كيفية طهارة السجاد إذا أصابته النجاسة
س: كيف نقوم بتطهير البسط، وما يسمى بالموكيت عندما تصيبه نجاسة؟ هل يجب علينا غسله كله بأكمله، أو يكفي أن نغسل مكان النجاسة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: مثل الأراضي، يصب عليه الماء، ويكاثر بالماء ويكفي، والنبي صلى الله عليه وسلم لما بال الأعرابي في المسجد أمر أن يصب عليه دلو من ماء، وهكذا في الفرش، يصب عليها ماء أكثر من البول تكاثر ويكفي، والحمد لله، ولا داعي لغسل البساط أو الموكيت بأكمله، بل صب الماء يكفي على المحل.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (292) .(5/378)
257 - حكم استخدام المواد الكيماوية والماء الحار في غسل الحمام مع وجود الحشرات
س: السائلة: أم علي تقول: هل يجوز استخدام المواد الكيماوية والماء المغلي في الحمامات، وذلك لتنظيفها مع وجود الكائنات التي نتعوذ منها (1) ؟
ج: ما أعلم بأسا في غسل الحمامات بالماء الدافئ وفيه المواد
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (389) .(5/378)
التي تمنع الصراصير وغيرها، والأشياء المؤذية، لا مانع من ذلك، إذا كان المقصود من الأشياء المؤذية من عقارب وحيات وصراصير، أو شيء يؤذيهم لا بأس، لكن لا يكون بالنار، يكون بالمواد المزيلة، النار لا يعذب بها إلا الله، الماء الحار الذي يقتل لا، لكن يستعملون المواد التي تبيد الحشرات، لكنها ليست نارا.(5/379)
258 - حكم تأثير القيء على طهارة الملابس
س: هل القيء يؤثر على طهارة الملابس أم لا (1) ؟
ج: يعفى عن قليله، وأما الكثير فينبغي فيه الغسل؛ لأن كثيرا من أهل العلم ألحقوه بالبول، فينبغي أن ينظف منه الملابس، وما أصاب البدن، أما الشيء القليل فيعفى عنه كما يعفى عن يسير الدم، ويسير الصديد، ونحو ذلك، سواء كان من الكبار أو من الصغار، الحال واحد.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (216) .(5/379)
259 - بيان تطهير ما ولغ فيه الكلب
س: يقول السائل: بالنسبة للغسل بالسبع لما ولغ فيه الكلب ما قولكم في هذا (1) ؟
ج: هذا مثل ما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «يغسل سبعا إذا
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (244) .(5/379)
كان ولغ في الإناء، يغسل سبع مرات إحداها بالتراب (1) » وهي الأولى الأفضل، يعني أولاهن بالتراب، أما إذا ولغ في مياه كثيرة، أو أوان كبيرة فإنها طاهرة، ولا تتأثر بذلك، ولا يحتاج هذا الغسل، إنما هذا في الأواني المعتادة الصغيرة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279) .(5/380)
260 - حكم من لمس كلبا على رطوبة
س: يقول السائلة: إذا لمسنا الكلب، ثم أردنا أن نصلي فما الحكم (1) ؟
ج: إن كان الكلب يابسا واليد يابسة فلا شيء، ليس على من لمسه شيء، أما إن كان الكلب رطبا، أو اليد رطبة، فليغسلها سبع مرات، وإذا جعل في ذلك ترابا يكون أحسن، كالولوغ؛ لأن الرسول أمر بالتراب في الولوغ في إحدى الغسلات السبع، فإذا لمس الكلب أو لمس لعابه أو بوله يغسله سبع مرات، ويكون فيها تراب، وإن لم يتيسر فصابون أو أشنان يقوم مقام ذلك، والتراب أولى؛ لأنه جاء به النص، ولا ينبغ أن تربى الكلاب، ولا يبنغي أن تقتنى الكلاب إلا في ثلاث: للصيد، والمزارع، وللماشية (الغنم) ؛ لأنه يحميها بإذن الله من الذئاب، وينبه أهلها حتى يلاحظوها، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من اقتنى
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (145) .(5/380)
كلبا إلا كلب صيد، أو ماشية، أو زرع فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان (1) » كيف يرضى المسلم أن ينقص من أجره كل يوم قيراطان لاقتناء كلب لا حاجة إليه؛ لا لماشية، ولا صيد، ولا زرع، فإذا كنت تقتنين الكلاب فأبعديها ولا تقتنيها أبدا، إلا لأحد الثلاث: للصيد، أو للمزرعة، أو للغنم (الماشية) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد أو ماشية، برقم (5481) ، ومسلم في كتاب المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب، وبيان نسخه، برقم (1574) .(5/381)
261 - حكم نجاسة الكلب المشروع تربيته
س: سمعت من أناس أن الكلب – أكرمكم الله – الكلب السلاقي ليس بنجس، فهل هذا صحيح (1) ؟
ج: ليس بصحيح، كل الكلاب نجسة، كلاب الصيد وغيرها كلها نجسة، ولكن الله أباح صيدها فضلا منه وإحسانا، ولكن إذا ولغت في الإناء يغسل سبع مرات، وإذا أصابك شيء منها من بول، أو لعاب يغسل سبع مرات، وهكذا كلب الماشية وكلب الحرث وجميع الكلاب كلها نجسة، يقول الرسول: «طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات (2) » فدل على أنه نجس، ويغسل منه سبع مرات
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (256) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279) .(5/381)
من ولوغه، لكن أباح الله صيده، وأباح الله اقتناءه لأمور ثلاثة: للصيد، وللحرث، وللماشية، للصيد: يصاد به ويعلم ما يصاد به، وللحرث: يحمي المزارع عن السراق وغيرهم بنباحه حتى ينتبه صاحب المزرعة، وهكذا الماشية عند الغنم عن الذئب، يحميها إذا سمع صوته الذئب ابتعد عنها وانتبه أهله؛ أهل الماشية حتى يدافعوا عن ماشيتهم.(5/382)
262 - حكم اقتناء الكلاب والوعيد في ذلك
س: وجدت أناسا من إخواننا المسلمين يستخدمون الكلاب العادية غير المعلمة، وذلك في مأكلهم ومشربهم، وأيضا يركب الرجل في السيارة ويضع الكلب أمامه ويداعبه بيديه، فوقفت أمامهم وقلت لهم: إن هذا الكلب لا يجوز استخدامه لما فيه من النجاسة المغلظة.
فأجابوا قائلين: إنه يوم ولد هذا الكلب أخذوه وغسلوه بالصابون والماء بعدما كان نجسا، وقد أصبح اليوم طاهرا.
وقد استدلوا بأصحاب الكهف وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد، كما وصفهم الله بقوله: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} (1) ، فما هو الحكم في هؤلاء؟ وهل يطهر الكلب بعد نجاسته (2) ؟
ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من اقتنى
__________
(1) سورة الكهف الآية 18
(2) السؤال السابع من الشريط رقم (65) .(5/382)
كلبا إلا كلب صيد، أو ماشية، أو زرع فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان (1) » يعني من الأجر، وهذا يدل على أنه لا ينبغي اقتناء الكلب، ولا يشرع اقتناؤه، بل ظاهر الحديث منع ذلك ما دام ينقص الأجر قيراطين، هذا أمر خطير، هو يدل على كراهة ذلك أو تحريمه، ومعلوم أن المؤمن ينبغي له أن يبتعد عن كل ما ينقص أجره، فلا يقتني الكلب إلا لهذه الثلاث: إما لصيد، وإما لماشية، وإما لزرع، يكون مع الماشية يطرد عنها الذئاب، إذا سمعه أهل الماشية قاموا وطردوا الذئاب أيضا، والذئاب تهاب صوته إذا سمعته؛ لأنها تعلم أنه ينبه أهل الماشية، وهكذا الزرع؛ للتنبيه لما يرد عليها من سراق أو بهائم تعثو فيها، أو ما أشبه ذلك، وما زاد على ذلك لا يقتني الكلب فيه، هذا الذي اقتناه وصار يحمله في السيارة هذا قد غلط، وهو على خطر من نجاسته، وعلى خطر من نقص أجره الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ينقص كل يوم من أجره قيراطان، فلا ينبغي أبدا اقتناؤه لغير هذه الثلاث المصالح، التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام، وتغسيله لا يطهره، ولو غسله كل يوم، نجس بالذات، مثل لو غسل الخنزير فإنه لا يطهر، فالخنزير لا يطهر، والكلب لا يطهر، فهو نجس ولو غسل بالصابون كل يوم هو نجس، فلو ولغ في الإناء وجب أن يغسل الإناء منه سبع مرات؛ إحداها بالتراب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ولغ الكلب في إناء
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد أو ماشية، برقم (5481) ، ومسلم في كتاب المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب، وبيان نسخه، برقم (1574) .(5/383)
أحدكم فليغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب (1) » المقصود أن الكلب نجس، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «طهور إناء أحدكم أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب (2) » فجعلها طهورا، فدل ذلك على أنه نجس، وأن هذا الماء إذا غسل به سبع مرات يطهر الإناء، وكذلك ما يتعلق بكلب أهل الكهف، هذا لا يدل على جواز اقتناء الكلاب، فلعلهم اقتنوه لصيد، أو لماشية عندهم، والأغلب أنهم اقتنوه للصيد، يصيدون به ما يتقوتون به، فلا حرج في ذلك إذا حبسوا عندهم الكلب وربوه وعلموه، حتى يصيدوا به، أو حتى يحمي المزرعة، أو الماشية، لا بأس بهذا كما تقدم، ولا يحمل على أنهم اقتنوه للعب، أو لحاجات أخرى.
يحمل على محمل حسن؛ لأنهم أهل خير، وأهل استقامة، وأهل طاعة، ثم هذا شرع لمن قبلنا، ليس شرعا لنا؛ هؤلاء قبلنا؛ قبل بعث محمد عليه الصلاة والسلام، فلو قدر أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الكلاب لكان وجود كلبهم عندهم لا يكون شرعا لنا، لكن ما دام شرعنا أجاز الكلب للماشية والصيد والزراعة فنحمل كلبهم على أنه كان عندهم لواحدة من هذه الأشياء، والله ولي التوفيق.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279) .(5/384)
263 - حكم الغبار المنبعث من مكان نجس
س: تقول السائلة: الغبار المنبعث في مكان نجس هل يعتبر من النجاسة (1) ؟
ج: الغبار لا يضر، والدخان لا يضر، هذا مما يعفى عنه، ولا ينبغي الوسوسة في هذا.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (247) .(5/385)
264 - حكم سؤر البهائم
س: تقول السائلة: أسألكم عن سؤر البهائم، هل لنا أن نتوضأ منه أم لا (1) ؟
ج: البهائم مختلفة تتنوع، منها: سؤر الإبل، والغنم، والبقر، وغيرها مما يؤكل لحمه، هذا لا بأس به، سؤر الطاهر منها من الإبل، والبقر، والغنم، والظباء، والجواميس لا بأس بها؛ لأنها طاهرة، أما سؤر الكلب فلا، بل يجب إراقته، ولا يتوضأ منه؛ لأنه نجس، وقد أمرنا بغسل الإناء منه سبع مرات، إحداهن بالتراب وهي الأولى، وأما سؤر الحمار والبغل فالصواب أنه لا حرج فيه؛ لأنه تعم به البلوى، وإن كان محرما، ولكن تعم به البلوى، وهكذا الهرة (القط) سؤرها لا
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (157) .(5/385)
بأس به، وأما سؤر الحيوانات الأخرى كالأسود، والنمور، والذئاب فيما تمر عليه من الحيضان ومجامع الماء في البر فلا يضر ذلك، والحمد لله.(5/386)
265 - حكم طهارة أبوال وروث ما يؤكل لحمه
س: يقول السائل: نعرفكم بأننا نعمل في الصحراء رعاة للإبل، ونشك في طهرنا؛ لأننا بعض المرات نتوضأ بلا أحذية – أجلكم الله – وندوس على فضلات الإبل، وأحيانا نصلي عليها، وسمعنا من بعض الناس أن أي شيء تصل إليه الشمس فهو طاهر، فحدثونا عن الحكم الصحيح وفقكم الله (1)
ج: دوس أبوال الإبل وأرواث الإبل لا يضر؛ لأن أرواثها طاهرة، وبولها طاهر، وهكذا الغنم والبقر وبقية مأكولي اللحم، فلا يضركم ما يصيب أرجلكم من ذلك، ولا ينبغي لكم الشك بلا دليل، فالأصل الطهارة، فما أصاب الأرجل مما لا تعرفون الأصل فيه الطهارة حتى تعلموا النجاسة، فإذا علمتم النجاسة فاغسلوا الرجل عما أصابها، والحمد لله، وعليكم بالحذر من الوسوسة وسوء الظن، أما الشمس فلا
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (273) .(5/386)
تطهر الأرض، بل لا بد من صب الماء على البول، إن كان فيها بول يصب عليه الماء، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أن أعرابيا دخل المسجد – مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فبال فيه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب على بوله سجلا من ماء، ولما هم الصحابة بزجره قال عليه الصلاة والسلام: لا تزرموه، ثم لما فرغ دعاه وعلمه عليه الصلاة والسلام، قال: إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من هذا البول والقذر؛ لأنها بنيت لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن (1) » فعلمه صلى الله عليه وسلم حتى لا يعود لمثل هذا، وأمر الصحابة أن يكفوا عنه؛ لئلا ينجس نفسه، أو ينجس بقاعا كثيرة من المسجد، حتى يكمل بوله، ثم علمه صلى الله عليه وسلم وأرشده، ثم أمر بدلو من الماء أن يصب على بوله، ولم يقل: الشمس تطهره.
فالحاصل أن البول وغيره من النجاسات لا تكفي الشمس في التطهير، بل إن كان بولا يصب عليه الماء، وإن كان عذرة – غائط – أو بعرا نجسا، كبعر الحمير أو البغال ينقل بعيدا عن المسجد، وإن كان له رطوبة يصب عليه الماء، محل الرطوبة، وإن كان يابسا ينقل ولا يضر المسجد، أما إن كان رطبا: عذرة رطبة، أو روثا مثل روث الحمير، أو البغال رطبا ينقل ويبعد عن المسجد، ويصب على محله الرطب شيء من الماء يكاثر به يكون طهرة له.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول إذا حصلت في المسجد، برقم (285) .(5/387)
س: نسأل سماحتكم عن وسخ البهائم – أجلكم الله، وأجل السامعين – على الملابس، وعن (الدمن) كما يعبر عنه، وهل يؤثر ذلك على طهارة الملابس أو لا (1) ؟
ج: إذا كان البعر من الحيوانات المأكولة كالإبل والبقر والغنم لا يضر، لا حرج فيه ولو أصاب الثياب، أو البدن؛ لأنه طاهر، أما إذا كان من أرواث الحيوانات التي لا تؤكل كالحمار، أو البغل أو الكلب، أو القط هذه نجسة، لا بد أن يزيلها من الثياب، ويطهر الثياب منها والبدن كذلك.
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (301) .(5/388)
س: يقول السائل: ما حكم الماء الذي شرب منه الحيوان؟ هل يجوز الوضوء منه (1) ؟
ج: هذا يختلف إذا كان الحيوان من مأكول اللحم، كالإبل والبقر والغنم والطيور المباحة لا بأس، يستعمل ويشرب منه ولا حرج في ذلك، أما إذا كان الماء الذي ولغ فيه حيوان نجس كالكلب فإنه يراق إذا كان قليلا، أما إذا كان كثيرا فإنه لا يضر، وهكذا إذا كان الحيوان طاهرا في الحكم الشرعي كالهر والحمار والبغل الصحيح أنهما طاهران في الحياة؛ لأنهم من الطوافين علينا، الحمر والبغال والسنور فالصواب
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (244) .(5/388)
أن سؤره وما يشرب منه له حكم الطهارة، وكانت الحمر والبغال تستعمل في عهده صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يتركون أسآرها، بل يستعملون أسآرها، كان النبي يركبها، يكون الحمار عاريا، ومعلوم أنه يعرق، ولو كان نجسا ما فعل ذلك، فدل على أن عرقه وسؤره وما يصدر من فمه ليس بنجس، وهكذا الهر، قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها من الطوافين عليكم والطوافات (1) » أما السباع كالنمور والأسود والذئاب فإن كان قليلا أريق كالكلب، وإن كان كثيرا كالحيضان والأماكن التي فيها مياه كثيرة فإنه لا يضره شربه منه، بل يستعمله ولا يضره ذلك، أما الشيء القليل الذي في الأواني الصغيرة إذا ولغت فيه فإنه يراق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الإناء الذي ولغ فيه الكلب، قال: «أرقه (2) » هذا عند أهل العلم، في الأواني الصغيرة التي تتأثر بولوغ الكلاب ونحوها، أما الأواني الكبيرة التي فيها المياه الكثيرة والحيضان والبرك فهذه لا يضرها الكلاب، ولا يضرها غير الكلاب، تستعمل، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في سؤر الهرة، برقم (92) ، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة، برقم (75) ، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، سؤر الهرة، برقم (68) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279) .(5/389)
س: س. ع. من بريدة: هل يجوز الوضوء من ماء شربت منه الدابة مثل: الإبل والغنم والبقر؟ وما هي الدواب التي لا يجوز الوضوء من سؤرها؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا حرج في الشرب من الماء الذي تشرب منه الدواب من الإبل، أو البقر، أو الغنم؛ لأنها طيبة ومباحة، وهكذا الحمر والبغال لو شربت فإنها لا تضر الماء، فالماء طهور ولو شرب منه البغل والحمار، كانت تشرب من مياه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة.
والصواب أن سؤر البغل والحمار لا حرج فيه، أما إذا كانت الدواب غير المعتادة – كالكلب – لا يستعمل، بل يراق، وهكذا الأسود والنمور وأشباهه من السباع سؤرها يراق، وإذا كان ماء كثيرا من حياض وغدران لا يضرها، ولا يلتفت إليها ولو وردوه، لا يضر ذلك، أما إذا شربت في إناء يراق.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (355) .(5/390)
266 - حكم الوضوء من حوض الإبل والصلاة في معاطنها
س: السائل: م. ف. س،: هل يجوز الوضوء من حوض الإبل؟ وهل تجوز الصلاة في معاطنها (1) ؟
ج: لا مانع من الوضوء في حوض الإبل، والشرب من حوض
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (275) .(5/390)
الإبل، وحوض الغنم، وحوض البقر، لا بأس بذلك إذا لم يكن فيه نجاسة، أن يتغير بالنجاسة لكونها تشرب منه الإبل، أو البقر، أو الغنم، أو غيرها حتى السباع، إذا وجد سيلا تشرب منه الإبل أو الغنم أو السباع فله أن يتوضأ منه، ويغتسل منه، ويشرب منه، والحمد لله، لا حرج في ذلك، وكذلك مراح الغنم والبقر له أن يصلي فيه، أما الإبل فلا، معاطنها ما يصلي فيها، معاطنها التي تقيم فيها، تعطن فيها لا يصلي فيها، أما مناخ عارض فصل فيه، لكن إذا كان معطنا لها لا يصلي فيه، الرسول نهى عن الصلاة في معاطن الإبل – عليه الصلاة والسلام – وهي محلاتها التي تقيم فيها، وتعطن فيها عند المياه، أو المحلات التي تقوم فيها عن المراح وغيره؛ لأكلها وعلفها ونحو ذلك.(5/391)
صفحة فارغة(5/392)
باب الحيض والنفاس
267 - بيان عدد أيام الحيض للمرأة
س: كم هي عدد الأيام شرعا، وفي السنة المطهرة لتلك التي يأتيها؛ العذر الشرعي (1) ؟
ج: الصواب: لا حد لأقله ولا لأكثره، لكن الأغلب أن العادة تكون ستا أو سبعا، هذا هو الأغلب، وقد تصل إلى خمسة عشر، والذي عليه جمهور أهل العلم أنها لا تزيد على خمسة عشر، فإذا زادت فهي استحاضة؛ تصلي معها وتصوم وتحل لزوجها، أما خمسة عشر فأقل فإنها تكون عادة تستمر عليها، وإن نقصت تطهرت بعد ذلك، فعلى كل حال العادة تزيد وتنقص، قد تكون ستا أو سبعا، وقد تزيد يوما وتنقص يوما، فالمؤمنة تجلس فيما ترى من الدم ولو زادت العادة أو نقصت على الصحيح تجلس ولا تصلي، ولا تصوم، ولا تحل لزوجها، حتى تطهر وتغتسل، لكن متى استمرت معها إلى خمسة عشر هذه النهاية على الصحيح، وما زاد تعتبره استحاضة وتصلي، وتصوم، وتحل
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (226) .(5/393)
لزوجها، وترجع إلى عادتها المعروفة قبل هذه الزيادة، وتستمر عليها سواء كانت ستا أو سبعا أو ثمانيا أو عشرا؛ لأنها لما زادت على نصف الشهر اتضح أنها استحاضة، وأنها ليست العادة المعروفة، والعادة الشرعية لا تزيد على نصف الشهر، أقصاها ونهايتها نصف الشهر.(5/394)
268 - حكم من توقف عنها الدم قبل سبعة أيام
س: فتيات من ينبع يسألن ويقلن: هل صحيح بأن وقت العادة هو سبعة أيام لا تزيد ولا تنقص؟ وإذا طهرت قبل السبعة أيام هل تصلي سماحة الشيخ (1) ؟
ج: السبعة ليست حدا، الحيض يزيد وينقص، قد تكون سبعة، قد تكون ثمانية، وقد تكون خمسة، وقد تكون ثلاثة، العادة تختلف، لكن المرأة المبتدئة التي ليس لها عادة سابقة تحيض ستة أيام، أو سبعة أيام إذا استمر معها الدم ستة أو سبعة كعادة نسائها ثم تغتسل، أما المرأة التي لها عادة تمشي على عادتها، ست، خمس، سبع، ثمان، عشر، تبقى مع عادتها، ولا يتحدد بسبع، ولا بخمس، ولا بثمان، وحسب العادة مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم حبيب: «امكثي قدر ما كانت حيضتك، ثم اغتسلي (2) » فإذا كانت عادتها عشرا جلست عشرا، وإذا كانت
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (399) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها، برقم (334) .(5/394)
عادتها ثلاثا جلست ثلاثا، وهكذا، وإذا رأت دما في حال الطهر فهذا دم فساد، أو صفرة، أو كدرة، هذا دم فساد، تتوضأ لكل صلاة، وإنما تمشي على عادتها التي استقرت لها، خمس، ست، سبع، ثمان، عشر، أقل، أكثر إلى خمسة عشر، لا تزيد عن خمسة عشر، وهي العادة عند جمهور أهل العلم، فالحاصل أنها تقف مع عادتها، إذا كانت العادة خمسا تحيض خمسة أيام، إن كانت عادتها سبعا تحيض سبعا، وهكذا.(5/395)
269 - حكم المبتدأة وكم تجلس للعادة للشهرية
س: تقول الأخت، وتسأل: لقد قرأت في أحد الكتب الفقهية: أن البنت إذا بلغت لأول مرة تترك الصلاة لمدة يوم وليلة، ثم تغتسل وتصلي حتى لو كان الدم باقيا، وتستمر على هذه الحالة لمدة ثلاثة أشهر، حتى تستقر مدة حيضتها، فهل هذا صحيح (1) ؟
ج: هذا قول بعض أهل العلم، ولكنه ليس بصحيح، والصواب: أنها لا تصلي لمدة الأيام التي ترى فيها الدم، يومين، أو ثلاثا، أو أربعا، أو خمسا، أو ستا، أو سبعا إلى خمسة عشر لا بأس، وهكذا كلما جاءت الدورة تجلس، لا تصلي، ولا تصوم، ولا يقربها زوجها
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (325) .(5/395)
إن كانت ذات زوج حتى تنتهي المدة، وليس لها حد يوم أو يومين، لكن نهايتها وآخرها عند أكثر أهل العلم خمسة عشر يوما، فإذا زادت صارت استحاضة، تعتبر دما فاسدا، وهذه الحالة ترجع إلى عادة النساء، أما إذا كانت تنقطع لست، أو سبع، أو ثمان، أو عشر فالحمد لله، هي عادتها، ولا تصلي، ولا تصوم، ولا يقربها زوجها.(5/396)
270 - بيان ما تقضيه الحائض والنفساء
س: يقول السائل: هل تقضي الحائض والنفساء الصوم والصلاة (1) ؟
ج: الحائض والنفساء تقضيان الصوم فقط عند جميع العلماء، أما الصلاة فلا تقضي عند جميع أهل العلم، قالت عائشة رضي الله عنها: «كنا نؤمر بقضاء الصوم – يعني الحيض – ولا نؤمر بقضاء الصلاة (2) » ، وهذا من رحمة الله وتيسيره جل وعلا وإحسانه، فإنه أحسن إليهن بوضع الصلاة عنهن؛ لأن الصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، والحيض قد يبقى معها أسبوعا أو أكثر أو أقل، فيشق عليها القضاء، وهكذا النفساء، قد تبقى في النفاس أربعين يوما، ويشق عليها القضاء، فمن رحمة الله أن أسقط عن الحيض والنفساء الصلاة، فلا تقضي ولا تفعلها في حال الحيض والنفاس، ولا تقضي، أما الصوم فإنها لا تفعله
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (237) .
(2) صحيح مسلم الحيض (335) ، سنن النسائي الحيض والاستحاضة (382) ، سنن أبي داود الطهارة (262) ، سنن ابن ماجه الصيام (1670) ، مسند أحمد (6/32) .(5/396)
في حال الحيض والنفاس، ولكنها تقضي، لا يجزئها الصوم وهي حائض ونفساء، ولكن عليهن القضاء إذا طهرت صامت في رمضان وتقضي ما عليها في رمضان، تقضي ما أفطرت بسبب الحيض والنفاس، تقضي بعد رمضان ما بين رمضان ورمضان القادم تقضي بينهما، لها أن تؤخر إلى رجب وشعبان لا بأس، فإذا بادرت فهو أفضل حذرا من العوائق.(5/397)
271 - حكم من مضت عليها أعوام وهي تجهل أحكام الحيض
س: تقول السائلة: إذا كان هناك فتاة لم تعلم بأحكام الحيض، وما يجب على المرأة أن تفعله، إلا بعد سنوات، فكيف تنصحونها فيما مضى من حياتها (1) ؟
ج: إذا كانت لا تصلي لا تقضي الصلاة، وإذا كانت لا تصوم ولا تقضي الصوم فهذا الأحوط لها أن تصوم؛ لأنها مكلفة وتساهلت في الأمر، وهذا شيء لا يجهل، يعرفه المسلمون، فتساهلها لا يسقط عنها الصيام، فالذي نرى لها أن تصوم ولو طالت المدة، تقضي وإن لم يكن غير متتابع، تقضي ما أوجب الله عليها من رمضانات مضت، ولو
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (305) .(5/397)
مفرقة لا تتابع، لا حرج في ذلك، هذا هو الأطهر والأبين في الأدلة الشرعية، أما الصلاة فليس عليها صلاة، فالحائض لا صلاة عليها، فلو صلت وهي حائض صلاتها باطلة، ليس عليها في الصلاة قضاء، ولا شيء عليها إلا التوبة إلى الله، فصلاتها باطلة لا تصلي وهي حائض، عليها التوبة إلى الله، أما الصوم فعليها أن تقضي الصوم ولو كانت قد صامت أياما في الحيض، فصومها في أيام الحيض غير صحيح فعليها أن تقضيه.
والواجب على الأمهات تنبيه بناتهن، وكذا الأخوات الكبيرات تنبيه أخواتهن، وهكذا العمات والخالات التعاون على البر والتقوى، كل واحدة تنبه الصغيرة على ما يجب عليها من جهة الصوم في رمضان، من جهة عدم الصلاة في أيام الحيض، من جهة الطمأنينة في الصلاة، والخشوع فيها، من جميع الوجوه، كل واحدة تعلم أختها في الله وأختها وابنتها وبنت أخيها وبنت أختها وجيرانها وجليساتها، وتلاميذاتها في المدرسة، عليها أن تعلم وتوضح لهن ما قد يخفى عليهن من أمور الصلاة، وأمور الصيام، وأمور الزكاة، وأمور الحج، وأمور بر الوالدين. . . . إلى غير ذلك، على كل الأخوات والعمات والخالات والأمهات والمعلمات التوجيه للبنات الشابات، وإرشادهن إلى ما قد يخفى عليهن من أمور الدين.(5/398)
272 - بيان الواجب على الحائض
س: تقول السائلة: كثير من النساء عند بداية الدورة الشهرية تضطرب أفكارهن ولا يعرفن الأحكام، وترجو التوجيه لمثل هؤلاء، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليهن إذا بدأت الدورة ترك الصلاة والصيام، وكذلك مسك المصحف للقراءة؛ لأن الحائض ممنوعة من الصلاة والصوم، كما أنها ممنوعة من الجماع، ولا ينبغي في هذا التردد؛ لأن الله يقول – سبحانه وتعالى -: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (2) ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح (3) » في حق الحائض، وهكذا النفساء، فليس له أن يجامعها، لكن له أن ينام معها، وله أن يقبلها، وله أن يباشرها، لا بأس، ولكن ليس له الجماع في حق الحائض والنفساء، وعليهن؛ على الحيض والنفساء تقوى الله سبحانه وتعالى، بأن يجتنبن ما حرم الله عليهن من الصلاة أثناء الحيض والصوم والجماع، كل هذا ممنوع، وإذا طهرن صلين بعد ذلك، وقضين الصيام الذي عليهن من رمضان، الذي يسقط عنهن فعله، لكن ما يسقط وجوبه بل عليهن قضاؤه بعد
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (249) .
(2) سورة البقرة الآية 222
(3) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (302) .(5/399)
ذلك، قضاء الصوم خاصة، أما الصلاة فتسقط ولا تقضى، وإذا جاءت الدورة فعليها أن تمسك بالحال عن الصلاة والصوم، وإذا كانت صائمة بطل الصوم.(5/400)
273 - حكم من ينقطع عنها الدم ثم يعود
س: إذا كانت الدورة الشهرية تأتيني عدة ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع تأتي متقطعة، أي أنها تكون في الظهر قليلا ثم العصر أقل وهكذا، وأحيانا بعد الغسل ينزل دم ولكنه قليل، وليس مثل دم العادة في أول وقتها، هل أغتسل بعد اليوم الرابع أم الثالث (1) ؟
ج: ما دام يأتي دم في الضحى أو الظهر، أو في الظهر والعصر المعنى حتى الآن لم تطهر، فينبغي أن لا تعجل حتى ترى الطهر الكامل، لكن لو رأت طهرا واضحا فإنها تغتسل وتصلي، فإذا عاد الدم تجلس حتى ينقطع الدم بذهاب أيام العادة، ولو زادت الأيام فلا يضر؛ لأن العادة تزيد وتنقص فلا تعجل، لكن لو كان الحدث صفرة أو كدرة بعد الطهارة فإنه لا يعول عليها الصفرة والكدرة بعد الطهارة، لا يلتفت إليها، كالبول، تصلي وتصوم وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا تحسب حيضا، أما إن كان الدم لا يزال مثلا: رأت الطهر عند الضحى، ثم أتى الدم الظهر فهي لا تزال في حكم الحيض؛ لأن الدم يسيل تارة
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (138) .(5/400)
ويقف تارة، لا يستمر سائلا سائلا، فإذا عليها أن تنتطر حتى ترى القصة البيضاء، أو ترى طهرا كاملا باستعمال القطن ونحوه مما يتنظف به في الفرج، فإذا رأته نظيفا سليما اغتسلت، فإن عاد إليها دم جلست ولم تصل، ولم تصم حتى ينقطع ما دام في حدود العادة، وما يقاربها إلى خمسة عشر يوما، فإن زاد على خمسة عشر يوما ولو ملفقة صلت وصامت، ولم تلتفت إليه، وصارت بهذا مستحاضة، ترجع إلى عادتها الأولى، وتقضي ما تركت من الصلوات الزيادة التي زادتها، أما إذا انقطع لثمان، لتسع، لعشر، لاثني عشر، يعني زاد على العادة، لكنه انقطع فإن هذا يسمى حيضا على الصحيح؛ لأن العادة تزيد وتنقص، وقد تتصل وتفترق، مثلا: ترى يوما دما ويوما طهارة، يكون هذا ملفقا، تغتسل في يوم الطهارة، وتجلس في يوم الدم، وتكون عادتها ملفقة، فإذا بلغ الجميع خمسة عشر يوما، أربعة عشر يوما فأيام الدم حيض وأيام الطهارة طهر، فإذا زاد على خمسة عشر يوما تعتبر ذلك استحاضة، كما نص عليه جمهور أهل العلم رحمة الله عليهم، وهذا هو المعتمد، النهاية خمسة عشر يوما، فإذا زاد صار استحاضة، تصلي وتصوم وتتوضأ لوقت كل صلاة، وتقضي أيام الصلوات التي تركتها بعد العادة إلى خمسة عشر يوما، وإن كانت صامت في هذه الأيام فصومها صحيح ما زاد على العادة؛ لأنه بان أنها استحاضة ليست حيضا. أما إذا كان الحيض مضى واغتسلت بعده ثم جاءها صفرة أو كدرة هذا لا يضر، ولا يلتفت إليه، بل يعتبر طهارة كالبول.(5/401)
274 - حكم من رأت الطهر ثم عاد الدم إليها
س: هذه السائلة: ن. س. ب. من الرياض، تقول: سماحة الشيخ، عندما تأتيها الدورة الشهرية يستمر نزول الدم حوالي أربعة أيام، ثم ينقطع، وتأتي بعد ذلك كدرة وتستمر تقريبا ثلاثة أيام، ثم يعادوها الدم مرة أخرى، ولكنه دم مختلف عن الذي يأتيها في بداية الدورة، ويستمر تقريبا، ثم ينقطع، وتأتيها بعد ذلك كدرة ثم صفرة، وتستمر حوالي أربعة أيام، ويكون المجموع اثني عشر يوما، والسؤال هو: هل تدع الصلاة طوال اثني عشر يوما كلها؟ أم ماذا تفعل (1) ؟
ج: تدع الصلاة أيام الحيض أيام عادتها، فإذا انتهت ورأت الطهارة تصلي وتصوم، ولا تلتفت إلى هذه الدماء الأخرى: النقط أو الصفرة أو ما أشبه ذلك، كل هذا دم فساد، تحفظ بشيء من القطن وتتوضأ لكل صلاة حتى تأتي الدورة الأخرى، وهذه الأشياء التي تقطعت عليها هذا دم فاسد، لا يلتفت إليه، بل عليها أن تصوم وتصلي وتتوضأ لكل صلاة، قالت أم عطية رضي الله عنها: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا، ولما اشتكى بعض النساء إليه صلى الله عليه وسلم قال: «امكثي قدر ما كانت تأتيك حيضتك، ثم اغتسلي، وصلي (2) » ، المقصود
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (411) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (302) .(5/402)
أنها تمكث أيام العادة، وما بعدها تصلي وتصوم، وإذا كان معها دم أو قطرات أو صفرة أو شيء تحفظ وتتوضأ لكل صلاة، كلما دخل الوقت تتوضأ وتصلي.(5/403)
س: تسأل السائلة من سوريا وتقول: امرأة تأتيها الدورة الشهرية بعد ثمانية أيام فينقطع عنها الدم، وترى الطهر الأبيض ثم تغتسل وتصلي، بعد ذلك تراودها حالة لمدة خمسة أيام أو أكثر، ترى الطهر الأبيض في الصباح وفي نفس اليوم أثرا، وتتكرر مثل هذه الحالة في اليوم عدة مرات، ما حكم ذلك مأجورين (1) ؟
ج: إذا مضت العادة وتطهرت لا تلتفت إلى هذه النقاط التي تأتيها بعد ذلك، أو الصفرة أو غير ذلك، حتى تأتي العادة، والحمد لله، تقول أم عطية: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا. وأم عطية صحابية من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا استكملت العادة ورأت الطهارة تغتسل، وتبقى طاهرة إلى العادة الأخرى، وما يقع بينهما من رطوبات، أو صفرة، أو كدرة، أو قطرات دم هذه ما تعتبر، لكن تستنجي منها، تتحفظ منها بالقطن ونحوه، تتوضأ إذا حدث شيء في أوقات الصلاة، تتوضأ للصلاة، وإذا استمر معها يوما أو يومين تتوضأ لكل صلاة إذا دخل الوقت
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (410) .(5/403)
275 - حكم من زادت أيام عادتها عن الأيام المعروفة
س: امرأة استعملت حبوب منع الحمل فتغيرت مدة العادة الشهرية لديها، بدل خمسة أيام صارت عشرة أيام، هل يجوز لها ترك الصلاة في الأيام الخمسة الإضافية (1) ؟
ج: نعم، العادة تنتقل وتتغير من خمسة إلى ثمانية وإلى عشرة وإلى سبعة، لا بأس إذا انتقلت العادة إلى هذا المقدار، فلا تصلي ولا تصوم، فإن العادة تنتقل وتنقص أيضا، وقد تكون العادة سبعا فينقطع الدم لخمس، وقد تكون العادة سبعا فتستمر إلى عشر، فعليها أن تترك الصلاة وقت الدم إلى خمسة عشر، فإذا بلغت خمسة عشر فإن الجمهور يقولون: تكون استحاضة بعد ذلك.
ترجع إلى عادتها ستة أو سبع المعروفة، والباقي استحاضة تصلي فيه وتصوم، وتتوضأ لكل وقت للصلاة، وتستنجي بالماء، وتتحفظ القطن ونحوه، وتصلي حتى تأتي العادة المعتادة.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (65) .(5/404)
س: إذا جاءت العادة الشهرية وزادت مدتها على كل شهر كالنزيف فهل جائز للمرأة أن تصلي وتصوم أم لا (1) ؟
ج: إذا زادت العادة فالصواب أنها تبع العادة، إذا كانت عادتها
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (24) .(5/404)
خمسة أيام فصارت ستة أو سبعة أو ثمانية فإنها تجلس ما دام الدم مستمرا، وتحسبها من العادة، ولا تصلي ولا تصوم ولا يحل لزوجها أن يقربها في هذه الحالة؛ لأن عادة النساء تزيد وتنقص، فإذا زاد الدم جلست ولم تصل، ولا تصوم، وإذا نقص ورأت الطهارة اغتسلت، وحلت لزوجها، وصلت، وصامت، هذا هو الصواب في هذه المسألة، أما إذا طهرت واغتسلت من حيضها، ثم رأت صفرة أو كدرة فإن هذه الصفرة والكدرة لا تسمى حيضا، ولا تعد شيئا، بل تصلي معها، وتصوم كما قالت أم عطية رضي الله عنها: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا. فإذا اغتسلت بعد حيضها ثم رأت صفرة أو كدرة فإن هذا لا يضر عليها، ولا تمنعها من الصلاة، ولا من الصوم، ولا من زوجها، أما الدم الصافي؛ الدم الواضح فإنها تجلسه حتى لو انفصل إذا اتصل، أو انفصل فإنها تجلسه تبعا للعادة.(5/405)
س: الأخت: ع. ش. ش. من أبها، تقول: إن عذرها زادت أيامه من أربعة أيام إلى ثمانية أيام، مما جعلها تضطرب في أدائها للعمرة، وتسأل سماحة الشيخ: كيف تتصرف لو تكرر ذلكم الحال معها (1)
ج: العادة تزيد وتنقص، فإذا كانت العادة أربعة أيام أو خمسة،
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (124) .(5/405)
وزادت ستة، سبعة، ثمانية، تسعة فلا بأس، لا تصلي ولا تصومي، اجلسي ودعي الصلاة والصيام؛ لأن العادة تزيد وتنقص، وإذا كنت في حج أو عمرة لا تطوفي حتى تطهري؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي حتى تطهري (1) » فالحائض والنفساء تمتنعان من الطواف حتى تطهرا، وهكذا الصلاة؛ لأن العادة تزيد وتنقص، وأكثر مدة الحيض خمسة عشر يوما عند جمهور أهل العلم، فإذا استمر معك الحيض إلى خمسة عشر يوما فهذا حيض، فإن زاد على ذلك صار استحاضة؛ ترجعين إلى عادتك الأولى، وما زاد عليها تصلين فيه وتصومين وتحلين لزوجك؛ لأنه علم أنه استحاضة، وترجعين إلى العادة الأولى، التي هي أربع أو خمس أو نحو ذلك، إذا جاءت دعي الصلاة والصيام، وإذا ذهبت فاغتسلي، ويكون الدم الذي معك المستمر هذا دم استحاضة، يعني دم فساد، لا يمنع الصلاة، ولا يمنع الصوم، ولا يمنع الزوج، ولكنك تتوضئين لكل صلاة، تستنجين وتتوضئين لكل صلاة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305) ، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211) .(5/406)
276 - حكم من رأت الطهر واغتسلت ثم نزل معها دم
س: في أحد الأيام اغتسلت وتطهرت من الدورة وذهبت للصلاة وصليت الظهر، وبعد الصلاة لاحظت أن هناك أثرا من النجاسة لا زال موجودا، فماذا أفعل في الصلاة التي صليتها (1) ؟
ج: إذا كنت رأيت الطهارة واغتسلت فالصلاة صحيحة، وما رأيت من الدم بعد ذلك يكون دما تابعا للحيض، فلا تصلي حتى يزول، ما دام موجودا فأمسكي عن الصلاة، والزوج يمسك عن الجماع – إذا كان لك زوج – حتى تطهري، أما إن كان الذي رأيت صفرة أو كدرة فهذه لا عمل عليها، تعتبر كالبول، تتوضئين لكل صلاة ما دامت الكدرة معك والصفرة، وصلاتك صحيحة، وصيامك صحيح إذا صمت، وتحلين لزوجك، الصفرة لا تمنع، قالت أم عطية رضي الله عنها – الصحابية الجليلة: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا. إلا إذا كانت الصفرة تطلع في زمن العادة، أو زمن النفاس، فإنها تعتبر، أما إذا كانت بعد الأربعين هي النفاس، أو بعد الطهر من العادة فلا تعتبر، بل تعتبر شيئا لاغيا كالبول.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (214) .(5/407)
277 - حكم الصفرة والكدرة بعد الطهر
س: الأخت من ليبيا تسأل، وتقول: في اليوم السادس وبعد انقضاء مدة العذر الشرعي يخرج منها سائل أبيض مائل إلى الاحمرار فهل يجب الغسل منه أم لا (1) ؟
ج: إذا كان هذا بعد الطهر، لا يجب عليك، بل هذا مثل البول، عليها أن تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة؛ لقول أم عطية رضي الله عنها – وهي صحابية جليلة: - كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا. فإذا كان بعد الطهر ورأت سائلا فيه صفرة أو كدرة فلا عبرة به، بل هو كالبول، تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (243) .(5/408)
س: سائلة تقول: إذا اغتسلت من الحيض وبعد أن رأيت الطهر ينزل مني دم، وذلك يكون في يوم الغسل، أو بعد الغسل بيوم أو يومين، وأحيانا ثلاثة، وهذا وراثة بيننا، وأنا عند كل صلاة أغتسل لهذا الدم؛ لأنه ينزل مني بين الوقتين، هل إذا رأيت الطهر ثم ينزل مني هذا الدم أغتسل عندما أراه، أم يكفي الوضوء؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان النازل دما واضحا، فهو في تمام الحيض؛ لقول أم
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (282) .(5/408)
عطية رضي الله عنها – وهي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا (1) » .
هذا يدل على أن غير الكدرة والصفرة تعد من الحيض، وتمنع الصلاة والصيام والجماع من الزوج، أما إذا كان النازل ليس بدم صحيح، بل كدرة وصفرة؛ شيء ملتبس فهذا لا يلتفت إليه، ولا مانع من الصلاة، بل عليك أن تصلي وتصومي وتباشري زوجك، ولا حرج في ذلك مثل ما في الحديث المتقدم.
__________
(1) صحيح البخاري الحيض (326) ، سنن النسائي الحيض والاستحاضة (368) ، سنن أبو داود الطهارة (307) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (647) ، سنن الدارمي الطهارة (871) .(5/409)
278 - العلامات التي يعرف بها الطهر
س: هل الدم الذي يخرج من المرأة بعد غسلها من الحيض، وبعد أن ترى الطهر، وقد تراه بنفس يوم اغتسالها أو بعده بيوم أو يومين، هل يجزئ الوضوء فقط أم الاغتسال؟ مع العلم أنه في بعض الأحيان يكون في كل الأوقات، وإذا كان يوجب الغسل فما العمل في الصلوات التي في الماضي؟ مع العلم أن الدم قليل جدا، أفيدوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان الدم صفرة أو كدرة ليس بالدم الصريح فهذا مثل البول، يكفي فيه الوضوء والحمد لله. أما إذا طهرت وجاءها دم العادة، ليس بالصفرة ولا بالكدرة فهذا تجلس ولا تصلي حتى يزول ثم تغتسل؛
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (269) .(5/409)
لأن هذا تبع الحيض السابق، الحيضة تزيد وتنقص، هذا هو الصواب، إلا إذا طال معها وزاد أو استمر معها، هذا يسمى استحاضة، استمر معها ليس له حد، بل يستمر معها، هذا تجلس العادة ويكفي خمسا، ستا، سبعا عادتها في الحيض، وما زاد على ذلك ليس بشيء، تغتسل وتصلي وتصوم ويأتيها زوجها. أما إذا كان عادتها خمسا ثم اغتسلت، ثم جاءها الدم مثل الدم الأول دم صحيح هذا تدع الصلاة والصيام وتجلس حتى ينتهي، إلا إذا زاد عليها عن خمسة عشر يوما فأكثر، زاد على ذلك فهذا يكون استحاضة، أما إذا كان في حدود خمسة عشر يوما فأقل فإنه حيض؛ لأن الحيضة قد تبلغ خمسة عشر، وأربعة عشر وثلاثة عشر، لكن الغالب ستا سبعا ثمانيا أو نحو ذلك، لكن بعض النساء إذا كانت عادتها طويلة ثم رأت الطهر، ثم عاد الدم فإنه يكون حيضا، إلا إذا كان صفرة أو كدرة، هذا لا تلتفت إليه، فتصلي وتصوم وتتوضأ وضوء الصلاة، أما الدم الصحيح فإنها تجلس ولا تصلي ولا تصوم، إلا إذا كان قد استمر معها أكثر من خمسة عشر يوما، فإن طال عليها هذا يكون استحاضة، ترجع إلى عادتها المعروفة سبعا أو خمسا أو أكثر من ذلك، فلا تصلي فيها، وما زاد عليها يكون استحاضة.(5/410)
279 - العلامات التي يعرف بها الطهر
س: كيف تعرف المرأة بأنها طهرت (1) ؟
ج: إذا رأت الطهارة، أو إذا رأت القصة البيضاء، هذه علامة الطهارة، تغتسل وتصلي والحمد لله، ما دام معها صفرة أو كدرة لا تعجل حتى تكمل عادتها ثم تغتسل وتصلي، أما ما يحصل لها بعد الطهر من صفرة أو كدرة هذا يعتبر دم فساد، تتوضأ لكل صلاة وتصلي – والحمد لله – حتى تأتي العادة المعروفة.
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (412) .(5/411)
س: من المعروف أن علامة طهر المرأة القصة البيضاء، تقول السائلة: ولكنني لا أدري هل هذه العلامة؟ وبعد الاغتسال أرى لونا بنيا فاتحا جدا، هل يمكن اعتبار هذا اللون هو الطهر (1) ؟
ج: الطهر: زوال آثار الدم، فإذا تنظفت بقطنة أو شيء آخر، ولم يكن فيه أثر للدم تغتسل، ولو ما رأت القصة البيضاء، أما القصة البيضاء فهو ماء أبيض يعتري بعض النساء عند نهاية الحيض، تجد ماء أبيض علامة أن الحيض انتهى، وبعض النساء لا يجد هذا، فالعبرة
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (420) .(5/411)
بوجود النظافة، فإذا تنظفت بقطن أو غيره ورأت النظافة، ولم يبق صفرة ولا كدرة تغتسل، ولو ما رأت القصة البيضاء.(5/412)
280 - حكم الكدرة التي قد تسبق الحيض
س: الأخت: ف. ف. من أبها، تقول: إذا أتى موعد الحيض، وسبق ذلك آلام في البطن ثم كدرة، هذه الكدرة تبدأ مثلا من الفجر حتى الليل، ثم بعد ذلك ينزل الدم، هل تصلي فترة الكدرة، أم لا؟ علما بأنها لا تستعمل حبوب منع الحمل (1)
ج: هذه الكدرة تبع الحيض ما دام أنها عادة لها، تبدأ الكدرة ثم الحيض فهي من تبع الحيض، قبله أو بعده، لا تصلي ولا تصوم، ما خرج منها من الكدرة هذا حكمه حكم الحيض، وما بعد الحيض كذلك إذا كان متصلا به حكمه حكم الحيض، إذا كان عادته ذلك يكون من العادة، الكدرة في أوله، أو الكدرة في آخره تابعة له.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (435) .(5/412)
س: السائلة: أ. أ. أ. تقول: هل الصفرة والكدرة في بداية الدورة الشهرية من الحيض؟ حيث إن ذلك حصل لها في(5/412)
أيام الدورة المعتادة، وتركت الصلاة والصيام، ماذا عليها (1) ؟
ج: نعم تعتبر من العادة، الصفرة والكدرة المتصلة بالحيض قبله أو بعده من جملته تعتبر من الحيض، أما المنفصلة التي تأتي قبل وتنقطع هذه لا تعتبر، أو يأتيها بعد الطهر صفرة أو كدرة ما تعتبر، هذه تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة في الصفرة والكدرة التي قبل العادة أو بعدها غير متصلة، تصوم وتصلي وتتوضأ لكل صلاة، أما العادة تبدأ بصفرة وتنتهي بصفرة هذا من جملة الحيض.
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (409) .(5/413)
281 - حكم الكدرة التي تأتي في نهاية الدورة الشهرية
س: السائلة تقول: ما حكم الكدرة التي تنزل في نهاية الدورة الشهرية؟ حيث إن بعض الناس يرون أنها طاهرة (1)
ج: هذه تختلف إن كانت بعد رؤية الطهر، فهي تصلي وتصوم، ولا عمل عليها، تتوضأ لكل صلاة والكدرة ليست بحيض، إذا رأت كدرة بعد الطهر تصلي وتصوم وتحل لزوجها، وتتوضأ لكل صلاة
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (420) .(5/413)
كالبول، أما إن كانت كدرة في آخر الحيض فلا تعجل حتى تزول الكدرة، ثم تغتسل من الكدرة المتصلة بالحيض، فهي من الحيض حتى ترى القصة البيضاء أو الطهر النقي ثم تغتسل.(5/414)
س: قالت أم سلمة: كنا لا نعد الكدرة والصفرة من الحيض. هل هذا قول صحيح (1) ؟
ج: هذا قول أم عطية الأنصارية، ما هو بقول أم سلمة، وهي من الصحابة، تقول رضي الله عنها: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا. ومعنى ذلك أن المرأة إذا طهرت من عادتها ثم رأت كدرة أو صفرة فإنها لا تعدها، بل تصلي وتصوم، وتعتبر هذه الصفرة مثل البول، تستنجي منها وتتوضأ لوقت كل صلاة.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (277) .(5/414)
282 - حكم الوضوء للمرأة عندما تريد الغسل من الحيض
س: عندما تريد المرأة أن تغتسل للطهارة هل يلزمها الوضوء أو لا (1) ؟
ج: السنة: الوضوء إذا كان عن حيض أو جنابة، الوضوء أولا،
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (263) .(5/414)
تستنجي إن كان في غسل الحيض والجنابة، تستنجي ثم تتوضأ وضوء الصلاة؛ تتمضمض وتستنشق وتغسل وجهها وذراعيها مع المرفقين، ثم تمسح وجهها وأذنيها، ثم تغسل رجليها، هذا هو الأفضل، كان النبي يفعله في غسل الجنابة عليه الصلاة والسلام، وربما يترك القدمين إلى آخر الغسل، وربما غسل وجهه ويديه وشعر رأسه وأخر الرجلين، هذا جائز وهذا جائز، والمرأة الحائض كذلك، فإن بدأت بالغسل أو بدأ الجنب بالغسل، ثم توضأ بعد ذلك فلا بأس، لكن الأفضل أن يكون الوضوء هو الأول، يستنجي، وهكذا المرأة الحائض والجنب تستنجي ثم وضوء الصلاة ثم الغسل؛ بأن يحثو على رأسه ثلاثا وهي كذلك، ثم يفيض على جنبيه الأيمن ثم الأيسر، والرجل والمرأة كذلك، هذا هو السنة.(5/415)
283 - بيان الواجب على المرأة إذا طهرت وحكم ملابسها
س: هل المرأة إذا طهرت من الدورة الشهرية تغتسل وتغير ملابسها أم أنها لا تغير الملابس؟ أفيدونا بذلك (1)
ج: المرأة إذا طهرت من حيضها، أو نفاسها عليها أن تغتسل عند جميع أهل العلم، كما قال الله جل وعلا:
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (399) .(5/415)
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} (1) ، فلا بد من التطهر، لا تصلي ولا يقربها زوجها حتى تغتسل، أما الملابس إذا جاءها دم يغسل ما أصابه الدم فقط، والملابس طاهرة، وعرقها طاهر، لكن إذا أصاب ملابسها شيء من الدم يغسل محل الدم، كما أخبرت عائشة رضي الله عنها: أنهن كن يغسلن ما أصابه الدم في ذلك. الحاصل أن ملابس المرأة التي حاضت فيها، أو نفست فيها طاهرة، ولا يضرها كونها تعرق فيها أو تنام فيها، إلا إذا أصابها دم، فما أصابه الدم يغسل منها، أي بقعة أصابها الدم تغسل، وإذا غسلت الثوب كله فلا بأس، لكن لا ينجس إلا الذي أصابه الدم فقط، فإذا غسلت بقع الدم كفى، وإن غسلت الثوب كله فلا بأس.
__________
(1) سورة البقرة الآية 222(5/416)
284 - حكم الغسل من الحيض وكيفيته
س: تقول الأخت السائلة التي رمزت لأسمها: أ. س. م. طالبة في المدرسة الثانوية، تقول: سماحة الشيخ، ما هو الغسل؟ وما هي أحكامه وكيفيته؟ وهل إهماله أو بطلانه له تأثير بالنسبة لأداء الصلاة، أو الصيام؟
ج: الغسل، إفاضة الماء على البدن كله، هذا يسمى غسلا، وهو(5/416)
واجب من الجنابة، وهكذا من الحيض، إذا انتهت المرأة من الحيض ورأت الطهارة وجب عليها الغسل، وهكذا من النفاس إذا انقطع الدم ورأت الطهارة وجب الغسل من النفاس، هذه الأغسال الواجبة، أما غسل الجمعة مستحب أن الرجل يغتسل عند ذهابه إلى الجمعة، هذا مستحب، والغسل من الحجامة، والغسل من غسل الميت، هذه أغسال مستحبة.(5/417)
285 - بيان ما يشرع للحائض فعله من العبادات
س: بعض الفتيات يتوهمن أن المرأة الحائض أصبحت نجسة، فلا يجوز لها الذكر، ولا استماع القرآن، وإنما الاتجاه لسماع الغناء واللهو، نرجو تبيين هذا الحكم، وما الذي يجوز أيضا للحائض (1) ؟
ج: هذا توهم لا ينبغي، الحائض مشروع لها ما يشرع لغيرها: من ذكر الله عز وجل، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، وتكبيره، والاستغفار، والتوبة، وسماع القرآن ممن يتلوه، وسماع العلم، والمشاركة في حلقات العلم، وسماع ما يذاع من حلقات العلم
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (1) .(5/417)
وحلقات القرآن، والاستفادة من ذلك مثل غيرها.
والنبي صلى الله عليه وسلم قال للحائض: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي حتى تطهري (1) » أقر لها أن تفعل ما يفعله الحجاج؛ من التلبية والذكر وسائر الأمور الشرعية، ما عدا الطواف، فدل ذلك على أن الحائض مثل غيرها؛ ترمي الجمار، تلبي، تذكر الله بتسبيح، تحمد الله، تهلل، تستغفر، يعني: تفعل كل شيء ما عدا الطواف إذا كانت محرمة بالحج أو العمرة حتى تطهر، كذلك في بيتها تستعمل ما تستطيع من ذكر الله عز وجل، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، وتكبيره، والاستغفار، والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتجلس للعلم ومطالعة الأحاديث وغير ذلك، أما قراءة القرآن ففيه خلاف، بعض أهل العلم يرى أنها تمنع من قراءة القرآن، والقول الثاني أنها لا تمنع من قراءة القرآن عن ظهر قلب، وهذا هو الأقرب والأظهر؛ أنه لا يمنعها أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب من دون مس المصحف، كالمعلمة تعلم البنات القرآن عن ظهر قلب، وكالتلميذة التي تحتاج إلى قراءة القرآن من غير مس المصحف، كذلك الصحيح أنه لا حرج في قراءتها عن ظهر قلب؛ لأن مدة الحيض تطول، وهكذا النفاس بخلاف الجنب، فالجنب لا يقرأ القرآن لا في المصحف، ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل؛ لأن
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305) ، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211) .(5/418)
النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ القرآن وهو جنب، عليه الصلاة والسلام، ولأن الجنب يعني وقته قصير يستطيع في الحال أن يغتسل ويقرأ، ما هناك له موانع، لكن الحائض تحتاج إلى أيام وليال، ليس باختيارها، وهكذا النفساء أطول وأطول، فلهذا الصحيح أنه لا حرج عليها في قراءة القرآن عن ظهر قلب، من المصحف، وبهذا تعلم أن الحائض تشارك في كل شيء من الخير، ولا تمنع ما عدا مس المصحف وما عدا الصلاة؛ لأنها لا تصلي ولا تصوم حتى تنتهي من حيضها ونفاسها، ثم تقضي الصوم دون الصلاة، وليس عليها قضاء الصلاة؛ لأن الله سامحها، سامح الحائض والنفساء، فالصلاة لا تقضيها، ولا تجب عليها مدة الحيض والنفاس، لكن الصوم تقضيه بعد طهرها بعد رمضان، تقضي ما أفطرت من الأيام.
سئلت عائشة رضي الله عنها، قالت السائلة: يا أم المؤمنين، ما بالنا نقضي الصوم ولا نقضي الصلاة؟ فقالت عائشة رضي الله عنها: «كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (1) » . يعني من النبي صلى الله عليه وسلم، كان يأمرهن بقضاء الصوم، ولا يأمرهن بقضاء الصلاة، وبهذا علم أن الصوم يقضى والصلاة لا تقضى، وهذا محل إجماع عند المسلمين، فقد أجمع العلماء على أن الصلاة لا تقضى في حق الحائض والنفساء، ولكنهما تقضيان الصوم فقط؛ صوم رمضان، فالحاصل أن الحائض والنفساء يشرع لهما ذكر الله، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، وتكبيره، وحضور حلقات العلم، وسماع القرآن ممن يتلوه، والإنصات لذلك،
__________
(1) صحيح البخاري الحيض (321) ، صحيح مسلم الحيض (335) ، سنن الترمذي الطهارة (130) ، سنن النسائي الصيام (2318) ، سنن أبو داود الطهارة (262) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (631) ، مسند أحمد بن حنبل (6/232) ، سنن الدارمي الطهارة (986) .(5/419)
والمشاركة في كل خير ما عدا أنها لا تصلي حتى تطهر، ولا تصوم حتى تطهر، ولا تقرأ القرآن من المصحف، أما عن ظهر قلب فالصحيح أنه يجوز لها ذلك في أصح قولي العلماء، ولا سيما عند الحاجة.(5/420)
س: تقول السائلة: ما الذي يجوز للمرأة أن تعمله وهي جنب؟ كإعداد الطعام، وإرضاع الأطفال، وما شابه ذلك، هل هذا يؤثر أو لا تأثير له (1) ؟
ج: الحائض والجنب والنفساء تعد كل شيء، مثل غيرها من النساء الطاهرات، تعد كل شيء ما عدا مس المصحف، ما عدا قراءة القرآن في حق الجنب، تمنع من ذلك، وإلا فهي تطبخ وتقرب الطعام وتقرب القهوة والشاي، وتقدم الماء وتقدم اللبن، ما هي بنجسة، طاهرة، إنما هذا حدث، وحدث الجنابة يوجب الغسل فقط، وإلا عرقها طاهر، وبدنها طاهر، ويدها طاهرة، ورأسها طاهرة، وكذا الحائض والنفساء، كلتاهما طاهرة، وإنما النجاسة في الدم، فما أصاب بدنها من الدم، أو أصاب ثيابها غسلته، وأما يدها إذا لم يكن فيها شيء من الدم فهي طاهرة، عرقها طاهر، شعرها طاهر، ريقها طاهر، كل ذلك طاهر، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعرض لأعمال من عائشة وهي حائض، تأكل منه ويأكل منها – عليه الصلاة والسلام – ويأكل معها
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (174) .(5/420)
وتأكل معه وهي حائض، وتغسل رأسه – عليه الصلاة والسلام – وهي حائض، كل ذلك لا حرج فيه، والحمد لله.
المقصود أن المرأة الحائض والنفساء والجنب كلهم طاهرون بالنسبة للحكم الشرعي، عرقهم طاهر، وثيابهم طاهرة، وبدنهم طاهر، ولو مس بيده ماء لا ينجسه، ليس بنجس، وليست بنجسه الحائض والنفساء، إنما عليها الغسل؛ غسل الواجب، الجنب يغتسل رجلا كان أو امرأة، والحائض والنفساء كذلك تغتسلان إذا رأتا الطهارة في وقت الطهارة، وما أصاب الحائض من دم في ثيابها ويديها غسلته، وهكذا النفساء، وأما الجنب فعليه الغسل وعرقه طاهر، وبدنه كله طاهر، والحمد لله، وترضع طفلها وهي جنب لا بأس، كما ترضعه وهي حائض، لا حرج في ذلك.(5/421)
286 - حكم مس الحائض للرياحين والحناء
س: تقول السائلة: عندنا بعض النساء الكبيرات في السن يقلن: إذا حاضت المرأة فإنه يحرم عليها مس بعض أنواع الرياحين، ومس شجرة الحناء فهل هذا القول صحيح (1) ؟
ج: ليس بصحيح، هي مثل غيرها من النساء، لها مس الرياحين،
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (110) .(5/421)
ولها مس شجرة الحناء، ولها غير ذلك مما يباح للنساء ما عدا الصلاة، فإنها لا تصلي حتى تطهر، وما عدا الصوم فإنها لا تصوم حتى تطهر، وما عدا مس المصحف فإنها لا تمس المصحف حتى تطهر، أما قراءة القرآن عن ظهر قلب ففيها خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا حرج عليها أن تقرأ عن ظهر قلب، وليست مثل الجنب، الجنب مدته قصيرة يغتسل متى فرغ من حاجته، أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، فلا حرج عليهن بالقراءة عن ظهر قلب من دون مس المصحف في أصح قولي أهل العلم، وأما كون الحائض تمس الرياحين، أو تمس شجرة الحناء، أو تمس شيئا آخر مما يمسه الناس مما يباح كمس الحبوب، أو الفواكه، أو اللبن، أو غير ذلك فلا حرج في ذلك.(5/422)
287 - حكم إزالة الأظافر والشعر للحائض
س: سائلة تقول: هل يجوز قص أظافر المرأة أو شيء من شعرها وهي معذورة (1) ؟
ج: لا بأس أن تقص أظافرها، أو تنتف إبطها، أو تزيله بالأدوية، أو العانة كل ذلك لا بأس به، وإن كانت في الحيض أو النفاس، كالرجل له أن يزيل كل ذلك وإن كان على جنابة، المقصود أن هذه الأشياء لا يشترط لها الطهارة، للمرأة أن تقص أظافرها، وأن تزيل
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم (276) .(5/422)
العانة بالحلق أو بغيره، تزيل شعر الإبط بالنتف أو بغيره، سواء كانت طاهرة، أو في حيض، أو في نفاس، أو على جنابة، والرجل كذلك، له أن يزيل هذه الشعور وإن كان على جنابة؛ كنتف الإبط، وحلق العانة، وقص الشارب وقلم الظفر.(5/423)
س: بالنسبة لقص الأظافر وتمشيط الشعر أثناء الدورة الشهرية هل فيه شيء (1) ؟
ج: لا بأس من قص الأظافر، والمشط في أثناء الدورة، لا حرج فيه، وكذلك في النفاس، كل هذا لا حرج فيه، الحمد لله.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (414) .(5/423)
288 - حكم طلاء الأظافر والحناء للحائض
س: ما حكم طلاء المرأة لأظافرها وهي لا تصلي، أو عندها العذر الشهري؟ وبمجرد انتهاء أيام الدورة تزيل هذا الطلاء، هل تكون آثمة (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك إذا كان في وقت ما فيه صلاة، تجعل شيئا تحتاجه في مواضع الوضوء ثم يزال عند وقت الوضوء.
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (249) .(5/423)
س: تقول السائلة: هل يجوز للمرأة أن تستعمل الحناء وهي حائض، أو في النفاس (1) ؟
ج: لا حرج في استعمال الحناء في الحيض والنفاس.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (237) .(5/424)
289 - حكم دخول الحائض للمسجد
س: سائلة تقول: إننا ذهبنا إلى مكة المكرمة، وقد أتتني العادة الشهرية، وحيث إنه لا يوجد لدينا في مكة من أبقى عنده فقد دخلت في الحرم، وجلست فيه، فهل علي شيء أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب على من أصابها الحيض أن تبقى في محلها، في مخيمها، في منزلها، في الأبطح، أو في غيره، ولا تأتي إلى المسجد؛ لأن دخول الحائض المسجد لا يجوز إلا على سبيل المرور، أما الجلوس عمدا في المسجد الحرام أو غيره من المساجد فلا يجوز، لكن لو اضطرت أو جاءت وهي سليمة ليس فيها حيض ثم بليت بالحيض وهي في المسجد، ولا تعرف أحدا تذهب إليه فإن الأولى بها أن تخرج، وتجلس عند باب المسجد حتى يفرغ أصحابها، ولا تجلس في المسجد، بل تعدهم محل باب معروف تجلس فيه حتى يأتوا فتذهب
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (27) .(5/424)
معهم مهما استطاعت إلى ذلك سبيلا، ولا تجلس في المسجد وهي حائض؛ لأن الرسول نهى عن ذلك، عليه الصلاة والسلام، يقول: «لا يحل المسجد لا لحائض ولا جنب (1) » فالمسجد لا يجلس فيه لا تجلس فيه الحائض ولا الجنب، لكن عابر السبيل الذي يمر مرورا لا بأس بذلك، فهي تجتهد وتحرص على أن تنتظرهم خارج المسجد عند الأبواب.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد، برقم (232) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد، برقم (645) .(5/425)
290 - حكم زيارة الحائض للأماكن المقدسة
س: هل يجوز زيارة الأماكن المقدسة للفتاة الحائض (1) ؟
ج: إذا كان قصدها المساجد فلا يجوز؛ لأن الحائض لا تدخل المسجد، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب (2) » فلا تزورها لقراءة القرآن فيها أو الجلوس
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (39) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد، برقم (232) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد، برقم (645) .(5/425)
فيها، لكن لو مرت بالمسجد لحاجة عبورا؛ لتأخذ منه حاجة؛ مصلى أو كتابا، أو لتنبه أحدا في المسجد نائما تدعوه، أو ما أشبه هذا لا بأس؛ لأنه جاء في القرآن: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (1) ؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة وهي حائض أن تناوله الخمرة من المسجد، والخمرة: حصير في المسجد، أمرها أن تناوله إياه، قالت له عائشة: «يا رسول الله، إني حائض قال: إن حيضتك ليست بيدك (2) » فأمرها أن تأتي بالخمرة إلى المسجد وهي حائض؛ لأنه ممر، فلا حرج في ذلك إن شاء الله، أما إن كانت تقصد أماكن أخرى غير المساجد فلا بد من بيانها، ما هي الأماكن المقدسة؟ المقابر لا تزورها المرأة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، ولا يقال فيها مقدسة، ولا أعلم شيئا غير المساجد تمنع منه، إنما الممنوع المساجد، أما أي مكان تزوره المرأة لحاجة فلا بأس ولا يقال: فيه شيء مقدس إلا بدليل. فالمساجد مقدسة منزهة عن النجاسات، فيقال لها: مقدسة من هذا المعنى، أما بيوت الناس أو المقابر فلا يقال لها: مقدسة.
__________
(1) سورة النساء الآية 43
(2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (298) .(5/426)
291 - حكم ذكر اسم الله للحائض
س: تسأل الأخت، وتقول: أثناء العادة الشهرية هل يجوز أن أذكر اسم الله تعالى في القلب مثل أن أقول: بسم الله الرحمن الرحيم. أو أستغفر الله، أو أستمع إلى القرآن الكريم، أو أقول بعد كل أذان: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدت. أو أن أدعو الله في قلبي؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: الحائض والنفساء يشرع لهما ما يشرع للناس؛ من التسبيح، والتهليل، والتكبير، والذكر، والدعاء، والاستغفار بالقلب واللسان، لا بالقلب وحده، بل حتى باللسان، مشروع لها أن تذكر الله وتسبحه وتعظمه، وتجيب المؤذن والمقيم تجيبهما، وتقول مثل قولهما، وتقول عند: حي على الفلاح: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وتصلي على النبي بعد الأذان، عليه الصلاة والسلام، وتقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة. . . إلخ، كل هذا مشروع للجميع؛ الحائض والنفساء وغيرهما، وإنما الخلاف في القرآن: هل تقرأ أو ما تقرأ هذا؟ محل الخلاف، أما الأذكار والدعوات والاستغفار فليس فيها خلاف، وتلبي إذا كانت حاجة، تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (108) .(5/427)
شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. وتسمي عند الأكل وعند الشرب، تحمد الله وتستغفره وتذكره كثيرا، هذا لا شيء فيه عند جميع أهل العلم، وإنما اختلف العلماء رحمة الله عليهم فيما يتعلق بالقرآن: هل تقرأ أو ما تقرأ؟ فذهب جمع من أهل العلم وحكم بعضهم: القول الأكثر أنها لا تقرأ واحتجوا بحديث روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى أهل اليمن: «أن لا يمس القرآن إلا طاهر (1) » قالوا: والحائض تدخل في هذا، والجواب أن هذا إنما هو في المس، لا تمسه، وأما القرآن فإنها تقرؤه كما يقرأ المحدث الذي لم يتوضأ، وإنما النهي عن مسه، فهي لا تمسه، كما لا يمسه الجنب والمحدث، ولكن لا مانع من القراءة للمحدث حدثا أصغر غير الجنابة، يقرأ القرآن عن ظهر قلب، فهكذا الحائض تقرؤه عن ظهر قلب، لا بأس، واحتج المانعون أيضا لحديث رواه الترمذي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا تقرأ حائض ولا جنب شيئا من القرآن (2) » والجواب عن هذا أنه حديث ضعيف؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش رحمه الله عن الحجازيين، ورواياته عنهم ضعيفة
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب النداء للصلاة، باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن، برقم (468) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب الجنب والحائض لا يقرآن القرآن، برقم (131) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596) .(5/428)
عند أهل العلم، فالصواب أن الحائض والنفساء لهما القراءة عن ظهر قلب من غير مس المصحف، كالمحدث حدثا أصغر يقرأ ولكن لا يمس المصحف، أما الجنب فلا يقرأ لا عن ظهر قلب، ولا عن مس المصحف حتى يغتسل؛ لأن الجنب مدة قصيرة متى فرغ من حاجته اغتسل، فلهذا كان أمره خاصا، والحجة في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أصابته جنابة لا يقرأ القرآن، كما ثبت من حديث علي رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة (1) » . وفي رواية أنه لما خرج من قضاء الحاجة قرأ بعض القرآن، وقال: «هذا لمن ليس جنبا، أما الجنب فلا ولا آية (2) » فدل ذلك على أن الجنب لا يقرأ القرآن حتى يغتسل، والحائض والنفساء لا تقاسان عليه؛ لأن مدتهما تطول، ففي حرمانهما من القرآن مشقة عظيمة، فلهذا الصواب أنهما تقرآن، لكن من دون مس المصحف، ولا يجوز قياسهما على الجنب، فإن دعت الحاجة إلى القراءة من المصحف جازت من وراء حائل، كأن تمسه من وراء قفازين، أو يمسه لها غيرها، تمسكه عليها بنتها، أو أختها الطاهرة، وتقرأ بالنظر إليه من غير أن تمسه، لا بأس بهذا، ولكن مسها له لا يجوز حتى تطهر، كالمحدث وكالجنب أيضا حتى يغتسل، أما هي فإنها تقرؤه عن ظهر قلب كالمحدث حدثا أصغر، هذا
__________
(1) سنن الترمذي الطهارة (146) ، سنن النسائي الطهارة (265) ، سنن أبو داود الطهارة (229) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594) ، مسند أحمد بن حنبل (1/124) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872) .(5/429)
هو الصواب، وأما التسبيح والتهليل والأذكار والدعاء والاستغفار فهذه مشروعة للجميع؛ للجنب والحائض والنفساء والمحدثين، كلهم لا يمنعون من هذا، وإنما الخلاف في القرآن فقط، هذا محل الخلاف بين أهل العلم، وفق الله الجميع.(5/430)
292 - حكم قراءة القرآن للحائض
س: إننا طالبات ندرس في مدرسة بنات، وفي حصة القرآن الكريم يأمرنا الأستاذ بقراءة القرآن ونكون في حالة العذر، ونستحيي أن نخبر الأستاذ، فنقرأ مرغمات، هل يجوز لنا هذا؟ وإذا كان لا يجوز فكيف نعمل في أيام الامتحانات إذا صادفتنا ونحن في أيام الامتحان؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: اختلف العلماء رحمة الله عليهم في قراءة الحائض والنفساء للقرآن الكريم، فذهب بعض أهل العلم إلى تحريم ذلك وألحقوهما بالجنب، وقالوا: ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن الجنب لا يقرأ، لأن الجنابة حدث أكبر، والحيض مثل ذلك، والنفاس مثل ذلك، فقالوا: لا تقرأ الحائض ولا النفساء حتى تطهرا. واحتجوا أيضا بحديث رواه الترمذي عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (82) .(5/430)
القرآن (1) »
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يجوز للحائض أن تقرأ، والنفساء كذلك عن ظهر قلب؛ لأن مدتهما تطول، النفساء تأخذ أياما كثيرة، والحائض كذلك تأخذ أياما وإن كانت النفساء أكثر منها، فلا يصح أن يقاس على الجنب، الجنب مدته قصيرة إذا فرغ من حاجته، في إمكانه أن يغتسل ويقرأ، أما الحائض فليس في إمكانها ذلك حتى ينقطع الدم، وهكذا النفساء، فهما في حاجة إلى القراءة، قالوا: والحديث: «لا تقرأ الحائض ولا النفساء من القرآن شيئا (2) » حديث ضعيف، وعلل أهل العلم لكونه برواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وروايته عنهم ضعيفة، وهذا القول هو الصواب: أنه يجوز للحائض القراءة، وهكذا النفساء لما تقدم؛ لأن مدتهما تطول، ولأن القياس على الجنب لا يصح، ولأن الحديث الذي فيه النهي عن القراءة ضعيف، فعلى هذا لا بأس أن تقرأ الطالبة القرآن، وهكذا المدرسة في الامتحان وغير الامتحان عن ظهر قلب، لا من المصحف، بل عن ظهر قلب، أما إذا احتيج إلى المصحف فيكون من وراء حائل، تلبس قفازين تلمسه من وراء القفازين، أو من وراء ثيابها الأخرى الصفيقة، وتفتش عند الحاجة المصحف وتنظر الآية، أو يحفظ عليها بعض زميلاتها
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596) .
(2) أخرجه الدارقطني في كتاب الطهارة رقم 7، الجزء 1.(5/431)
حتى تقرأ إذا كانت لا تستطيع القراءة عن ظهر قلب، فالحاصل أنه لا بأس أن تقرأ عن ظهر قلب على الصحيح، وهكذا من المصحف من وراء حائل القفازين في اليدين، أو ثوب يجعل على اليدين تلمس به عند الحاجة، أو تمسك لها أختها الطاهرة حتى تطالع المصحف وهو في يد أختها الطاهرة، كل هذا لا حرج فيه إن شاء الله على الصحيح من أقوال أهل العلم.(5/432)
س: هل يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن الكريم في أيام عذرها؟ وهل لها أن تقرأ القرآن الكريم إذا آوت إلى النوم؟ وتقرأ آية الكرسي بدون أن تلمس المصحف (1) ؟
ج: سبق أن تكلمت في هذا الموضوع غير مرة في هذا البرنامج، وبينت أنه لا بأس ولا حرج أن تقرأ المرأة وهي حائض أو نفساء ما تيسر من القرآن عن ظهر قلب؛ لأن الأدلة الشرعية دلت على ذلك، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم في هذا، فمن أهل العلم من قال: إنها لا تقرأ كالجنب , واحتجوا بحديث ضعيف رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (2) » وهذا الحديث ضعيف عند أهل العلم؛
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (95) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596) .(5/432)
لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وروايته عنهم ضعيفة، وبعض أهل العلم قاسها على الجنب، قال: كما أن الجنب لا يقرأ فهي كذلك؛ لأن عليها حدثا أكبر يوجب الغسل، فهي مثل الجنب.
والجواب عن هذا: أن هذا قياس غير صحيح؛ لأن حالة الحائض والنفساء غير حالة الجنب، الحائض والنفساء مدتهما تطول، وربما شق عليهما ذلك، وربما نسيتا كثيرا من حفظهما من القرآن الكريم، أما الجنب فمدته يسيرة، متى فرغ من حاجته اغتسل وقرأ، فلا يجوز القياس، والحاصل أن الراجح والصواب من قولي العلماء: أنه لا حرج على الحائض والنفساء أن تقرأ ما تحفظان من القرآن، ولا حرج أن تقرأ الحائض والنفساء آية الكرسي عند النوم، ولا حرج أن تقرأ ما تيسر من القرآن في جميع الأوقات عن ظهر قلب، هذا هو الصواب وهذا هو الأصل، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم لما حاضت عائشة، قال: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت (1) » ولم يقل لها: غير أن لا تقرئي. قال: غير أن لا تطوفي، فمنعها من الطواف؛ لأن الطواف كالصلاة، فهي لا تصلي، وسكت عن القراءة، فدل ذلك على أنها غير ممنوعة من القراءة، ولو كانت القراءة ممنوعة لبينها
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305) ، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211) .(5/433)
لعائشة، ولغيرها من النساء في حجة الوداع، وفي غير حجة الوداع.
ومعلوم أن كل بيت في الغالب لا يخلو من الحائض والنفساء، فلو كانت لا تقرأ القرآن لبينه صلى الله عليه وسلم للناس بيانا عاما واضحا حتى لا يخفى على أحد، أما الجنب فإنه لا يقرأ القرآن بالنص، ومدته يسيرة، متى فرغ تطهر وقرأ، «كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه (1) » ، إلا إذا كان جنبا احتبس عن القرآن، حتى يغتسل عليه الصلاة والسلام، كما قال علي رضي الله عنه: «كان عليه الصلاة والسلام لا يحبسه شيء عن القرآن سوى الجنابة (2) » .
وجاء عنه عليه الصلاة والسلام: «أنه قرأ بعد محل الحاجة، قرأ وقال: هذا لمن ليس جنبا، أما الجنب فلا ولا آية (3) » فدل ذلك على أن الجنب لا يقرأ حتى يغتسل، لذا فلتقرأ الأخوات القرآن والكتب والبحوث التي تحتوي على آيات حتى ولو كانت حائضا أو نفساء.
__________
(1) صحيح مسلم الحيض (373) ، سنن الترمذي الدعوات (3384) ، سنن أبي داود الطهارة (18) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (302) ، مسند أحمد (6/70) .
(2) سنن الترمذي الطهارة (146) ، سنن النسائي الطهارة (265) ، سنن أبو داود الطهارة (229) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594) ، مسند أحمد بن حنبل (1/124) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872) .(5/434)
293 - حكم قراءة القرآن للحائض التي تحفظ القرآن
س: تسأل السائلة وتقول: إنني كما علمت من فتاوى العلماء – جزاهم الله خيرا -: أن قراءة القرآن للحائض والنفساء لا تجوز، إلا للضرورة مثل أن تكون طالبة تدعى للاختبار. لكن ماذا تفعل من تحفظ القرآن وهي كل يوم تحفظ وتراجع ما حفظت؟ ماذا تعمل وهي تجلس في الدورة أربعة عشر يوما؟ وهذا يؤدي إلى النسيان إن لم تقرأ وتذاكر، ثم إنها تتعطل عن الحفظ كثيرا، وإذا كان يجوز لها القراءة فهل يجوز مس المصحف بحائل؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1) .
ج: هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، من أهل العلم من أجاز لها القراءة؛ لأن مدتها تطول، وهكذا النفساء، قالوا: وليست مثل الجنب، الجنب يمكنه أن يغتسل في سرعة من غير بطء؛ لأنه متى فرغ من حاجته أمكنه أن يغتسل ويقرأ ويصلي، أما الحائض والنفساء فإن مدتهما تطول، فليستا مثل الجنب.
وهذا هو الصواب: أن لها القراءة عن ظهر قلب؛ لأنها تحتاج إلى ذلك، وقد تنسى ما حفظت، فلا مانع من القراءة في حق الحائض والنفساء عن ظهر قلب، وإذا دعت الحاجة إلى مراجعة المصحف من وراء حائل فلا بأس، هذا هو الصواب؛ لأن الفرق عظيم بين الجنابة وبين الحيض والنفاس، فلا يجوز القياس على
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (239) .(5/435)
الجنابة، وأما حديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (1) » فهو حديث ضعيف لا تقوم به الحجة.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596) .(5/436)
س: تقول هذه الأخت السائلة أ. م. ش، من المدينة المنورة: هل للحائض أو النفساء أن تقرأ شطر آية، مثل أن تقول: إنا لله وإنا إليه راجعوان، و {حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (1) بنية الذكر، أو إذا كانت تطلب العلم فتقرأ على شخص جهرا، أو مرت بآية فتقرأ هذه الآية سردا فهل يجوز لها ذلك؟ وهل يجوز لها أن تقرأ القرآن قراءة قلبية دون التلفظ باللسان؟
ج: إذا قرأ الإنسان بعض الآيات على سبيل الدعاء، مثل: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} (2) ، أو عند المصيبة: إنا الله وإنا إليه راجعوان، ولو كان جنبا، أو حائضا، أو نفساء لا حرج في ذلك لقصد المقام يناسب ذلك، لا لقصد القراءة، والحائض على
__________
(1) سورة التوبة الآية 129
(2) سورة البقرة الآية 201(5/436)
الصحيح لها أن تقرأ؛ لأن مدتها تطول، لها أن تقرأ من غير مس المصحف، بخلاف الجنب فإنه ليس له أن يقرأ حتى يغتسل؛ لأن مدته قصيرة يمكن أن يغتسل في الحال.(5/437)
294 - حكم قراءة الأذكار والأدعية للحائض
س: ما هي الأعمال التي تقوم بها الحائض والنفساء؛ من الذكر والدعاء وغير ذلك؟
ج: تعمل مثل غيرها؛ من الذكر والدعاء وغير ذلك النفساء والحائض، إلا القرآن فهو محل الخلاف بين العلماء، والصواب أنه لها أن تقرأ عن ظهر قلب؛ لأن مدتها تطول، لكن لا تمس المصحف، فإذا دعت الحاجة إلى مراجعة المصحف يكون من وراء حائل، من وراء القفازين مع الطهارة.(5/437)
295 - حكم قراءة الكتب الدينية للحائض
س: هل يباح للحائض أن تقرأ الكتب الدينية أو الصحف الإسلامية (1) ؟
ج: نعم، لا بأس عليها أن تقرأ الصحف الدينية والكتب
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (119) .(5/437)
الإسلامية، مثل كتب الحديث وكتب الفقه وكتب التفسير، حتى ولو فيها القرآن، لا بأس بذلك؛ لأن الكتاب كتاب تفسير ليس مصحفا، والصحيح أيضا أن لها أن تقرأ القرآن في حال الحيض والنفاس من دون مس المصحف؛ لأن حدثها يطول بخلاف الجنب، أما الجنب فلا يقرأ حتى يغتسل؛ لأن مدته لا تطول، متى فرغ من حاجته أمكنه الغسل، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام لا يقرأ القرآن حال كونه جنبا، ويقول: «أما الجنب فلا ولا آية (1) »
أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، وقد تنسى حفظها، ويشق عليها ترك القرآن في هذه المدة الطويلة، فلهذا كان الصحيح من قولي العلماء في هذا الجواز، وبعض أهل العلم منعها من هذا وقاسها على الجنب، والصواب أنها ليست مثل الجنب والقياس غير صحيح؛ لأن الجنب مدته قصيرة، وأما الحائض فمدتها طويلة، والنفاس أطول، فلا يقاس الطويل على القصير، ولا يقاس ما فيه مضرة كبيرة على ما لا مضرة فيه، أما ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (2) » فهو حديث ضعيف لا تقوم به الحجة عند أهل العلم؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، والرواية عنهم ضعيفة لا يحتج بها عند أهل العلم، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعائشة لما حاضت في حجة الوداع: «دعي العمرة وأحرمي بالحج واغتسلي، وافعلي ما يفعله الحجاج غير أن لا تطوفي
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596) .(5/438)
بالبيت حتى تطهري (1) » ولم يمنعها من القرآن، ولم يقل لها: لا تقرئي، وإنما منعها من الطواف والصلاة، فدل ذلك على أن القرآن لا حرج فيه للحائض والنفساء من دون مس المصحف.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305) ، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211) .(5/439)
296 - حكم جلوس الحائض في المسجد لسماع الذكر
س: تقول السائلة: أنا طالبة في مدرسة، ويوجد في المدرسة مسجد، وتقام فيه الصلاة، وتلقى فيه المحاضرات والدروس، فهل يجوز أن أجلس للاستماع وللاستفادة وأنا معذورة أم لا يجوز (1) ؟
ج: إذا كان هذا المصلى عاديا فلا بأس أن تجلس فيه الحائض والنفساء والجنب، أما إذا كان مصلى للصلوات الخمس، فهو مسجد بني للصلاة تقام فيه الخمس في الدائرة، تصلون فيه الصلوات الخمس هذا لا تجلس فيه الحائض ولا النفساء ولا الجنب، أما المصلى العادي غرفة تصلون فيها أو صالة يصلون فيها هذه ليس لها حكم المساجد، لا بأس أن تجلس فيها الحائض والنفساء والجنب، وليس لها تحية مسجد فيقال له: مصلى، إلا إذا كان معدا للصلوات الخمس،
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (316) .(5/439)
كالمسجد الذي يصلى فيه الصلوات الخمس؛ مبنى موقوف مسجد تصلى فيه جميع الفروض أو للظهر فقط وخصص ليكون مسجدا فهذا له حكم المساجد، أما إذا كان مصلى عاديا من الغرف أو صالة من الصالات فهذا يسمى مصلى، وليس له حكم المساجد.(5/440)
س: تقول السائلة: ما حكم الذهاب للمسجد لحضور الندوات والمحاضرات إذا كانت المرأة حائضا؛ وذلك للاستفادة من الدروس التي غالبا ما تكون قيمة (1) ؟
ج: إذا كان لها مكان قرب المسجد تسمع منه عند المحراب، أو بجانب المسجد، أو في آخر المسجد تسمع فلا بأس، أما في داخل المسجد فلا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب (2) » وقال في حق الجنب: «إلا في عابر سبيل» ، وقال لعائشة لما أمرها أن تأتي بالخميرة للمسجد، قالت: إني حائض، قال: «إن حيضتك ليست في يدك (3) » فأمرها أن تعبر وتأخذ الخميرة (يعني الحصير) من المسجد.
أما المرور للجنب والحائض فلا بأس، أما الجلوس فلا، لكن إذا وجد مكانا خارج المسجد تسمع منه الدروس هذا لا بأس به.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (236) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد، برقم (232) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد، برقم (645) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (298) .(5/440)
297 - حكم قراءة الحائض وردها اليومي من القرآن
س: تقول السائلة: سمعت من يقول في قراءة المرأة للقرآن وهي في عذرها: إنه يجوز للمرأة القراءة ووردها من القرآن وإن كانت معذورة، فما هو الورد (1) ؟
ج: نعم، يجوز لها أن تقرأ القرآن على الصحيح، لكن من دون مس المصحف، عن ظهر قلب، تقرأ آية الكرسي عند النوم، تقرأ المعوذتين عند النوم ثلاث مرات، كل هذا مشروع، تأتي بالأذكار الشرعية في الصباح والمساء، كل ذلك مشروع وإن كانت في نفاس أو في الحيض.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (191) .(5/441)
س: هل يجوز للحائض أن تقرأ الورد اليومي من القرآن الكريم (1) ؟
ج: الصواب أنه لا يحرج عليها أن تقرأ الآيات عن ظهر قلب، وليست كالجنب، الجنب مدة قصيرة، يغتسل في الحال وينتهي، لا يجوز أن يقرأ القرآن الجنب، أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، وقد اختلف العلماء في أمرهما: هل يلحقان بالجنب فيمنعان من قراءة القرآن عن ظهر قلب أم لا؟ والصواب: أنهما لا يلحقان الجنب؛
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (355) .(5/441)
لأنهما ليسا مثله، المدة تطول، وليس في منعهما حديث صحيح يمنعهما من القراءة، فلهما أن تقرآ من غير مصحف عن ظهر قلب، وتراجعا المصحف إذا دعت الحاجة من وراء حائل؛ كالقفازين ونحوهما عند الحاجة.(5/442)
298 - حكم قراءة القرآن للحائض خشية النسيان
س: هل يجوز للمرأة أن تسجد إذا مرت بآية فيها سجدة وهي في عذرها الشهري، أو من غير وضوء (1) ؟
ج: نعم، سجود التلاوة لا يجب له الوضوء، سجود التلاوة من جنس الذكر، يجوز أن يسجد الإنسان وهو على غير طهارة، هذا هو الصواب، فإذا قرأت الحائض القرآن سجدت للتلاوة إذا مرت بسجدة التلاوة، وهكذا المحدث إذا قرأ وهو على غير طهارة – ليس بجنب – فإنه إذا مر بالسجود يسجد، أما الجنب لا، لا يقرأ.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (355) .(5/442)
299 - حكم سجود التلاوة للحائض ولغير المتوضئ
س: هل يجوز استغلال فترة العذر الشرعي لمراجعة القرآن الكريم لمن تحفظه خوفا من النسيان (1) ؟
ج: الصواب أنه لا حرج في ذلك: أن تقرأ عن ظهر قلب في الحيض والنفاس؛ لأنها ليست مثل الجنب، الجنب بإمكانها أن تغتسل بسهولة، إذا فرغ من حاجة اغتسل وقرأ أو صلى، أما الحائض والنفساء فليس بإمكانهما؛ لأن مدته طويلة، فإذا قرأت عن ظهر قلب فلا بأس بذلك على الصحيح، فبعض أهل العلم ذهب إلى منعها من ذلك كالجنب، والصواب أنها لا تمنع من ذلك، لكن لا تمس المصحف، بل تقرؤه عن ظهر قلب، وإذا دعت الحاجة إلى مراجعة المصحف من وراء جلباب فتلبس قفازين أو نحوهما فلا حرج عند الحاجة، وهذا هو الصواب، أما حديث: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (2) » فهو حديث ضعيف، إنما الثابت في الجنب خاصة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج بأصحابه ذات يوم قرأ وهو على غير طهارة، قال: هذا لمن لم يكن جنبا، أما الجنب فلا ولا آية (3) » المقصود أن الجنب لا يقرأ حتى يغتسل، أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، والصحيح من قول
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (310) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872) .(5/443)
العلماء أنه لا بأس أن تقرأ الحائض والنفساء عن ظهر قلب؛ لأن المدة تطول، وفي ذلك مشقة وحرج وتفويت لمصالح كثيرة في حق الحائض والنفساء بدون دليل، والقياس لا يصلح؛ قياس الحائض على الجنب؛ لأن الجنب مدته لا تطول، وفي إمكانه الغسل متى فرغ من حاجته، والحائض ليس بإمكانها الغسل إلا بعد انتهاء المدة، وهكذا النفساء ليس في إمكانها الغسل حتى ينقطع الدم وتطهر، أو تبلغ الأربعين.(5/444)
س: مما حفظته منكم – يحفظكم الله – أن المسلمة لا تترك قراءة القرآن في فترة الحيض والنفاس، هل تذكرنا بهذا القول (1) ؟
ج: هذه مسألة خلاف بين أهل العلم: أن تقرأ الحائض والنفساء أم لا؟ والأرجح أنها تقرأ عن ظهر قلب؛ لأنها قد تنساه وتطول المدة، وقال بعض أهل العلم: ليس لها أن تقرأ إلا إذا خشيت النسيان، إذا خافت فلها أن تقرأ وإلا فلا، والأرجح والأقرب أن لها أن تقرأ عن ظهر قلب، ولها أن تراجع المصحف من وراء القفازين، من وراء ستر، يعني عند الحاجة، هذا هو الأرجح لعدم الدليل على المنع، أما حديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب القرآن (2) » فهو
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (364) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596) .(5/444)
حديث ضعيف في حق الحائض، أما الجنب فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه «كان لا يقرأ إذا كان جنبا، كان لا يمنعه من القرآن شيء إلا الجنابة (1) » ، عليه الصلاة والسلام، ولم يحفظ عنه فيها شيء من الأحاديث أنه منع الحائض من القراءة أو النفساء، وقياسه مع الجنب لا يصح؛ لأن الجنب مدة يسيرة يغتسل ويقرأ، أما الحائض مدته طويلة؛ أسبوع أو أكثر، والنفساء مدته طويلة أكثر وأكثر، هذا قد يسبب النسيان لما حفظت، وأيضا قد يسبب قسوة القلب، وكونها تقرأ وتتدبر القرآن عن ظهر قلب وتراجع المصحف عند الحاجة هذا خير لها في دينها ودنياها.
__________
(1) سنن الترمذي الطهارة (146) ، سنن النسائي الطهارة (265) ، سنن أبو داود الطهارة (229) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594) ، مسند أحمد بن حنبل (1/107) .(5/445)
س: إذا خافت المرأة على نفسها الفتور من الانقطاع من تلاوة القرآن فما هو توجيهكم، حفظكم الله (1) ؟
ج: تحدث هذه القراءة، وتجاهد نفسها على القراءة والذكر مهما أمكن، هذا من باب المجاهدة، والله يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (2) ، مع المجاهدة يعينها الله إذا مع خوف الفتور، هذا يعني: يبيح لها قراءة القرآن وإن كانت معذورة، أي نعم، لكن مثل ما تقدم التفصيل، الجنب لا يقرأ حتى يغتسل، وهي تقرأ، لها قراءة، وإذا كانت تخشى النسيان آكد وآكد.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (364) .
(2) سورة العنكبوت الآية 69(5/445)
300 - حكم قراءة كتب التفسير للحائض
س: إنني طالبة، وفي درس القرآن إذا كنت لست طاهرة لا أقرأ ولا ألمسه، ولكن في دروس التفسير والفقه والتوحيد وغيرهم من الدروس التي تكثر فيها الآيات القرآنية فأنا أقرأ وأكتب وأحل الأسئلة، فهل يجوز لي ذلك؟ وإذا كان لا يجوز فماذا أفعل إذا توقفت كل شهر عن المذاكرة وخاصة أيام الامتحان (1) ؟
ج: الصواب من أقوال العلماء أنه لا حرج في ذلك، أنه لا حرج على الحائض أن تقرأ، والنفساء كذلك، أما الجنب فلا، النبي صلى الله عليه وسلم «كان لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة (2) » ، ولم يثبت عنه النهي عن قراءة الحائض للقرآن، والفرق بينهما: أن الحائض مدتها تطول وهكذا النفساء، أما الجنب فمدته لا تطول، في إمكانه إذا فرغ من حاجته أن يغتسل ويقرأ ويصلي، أما الحائض فلها مدة لا تستطيع فيها الغسل حتى تنتهي الدورة، حتى ينقطع الدم ويظهر الطهر، فهي محتاجة إلى أن تقرأ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في حق الحائض في الحج: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت (3) »
فلم ينهها إلا عن الطواف، لا تطوف حتى تطهر، ولم يقل لها: لا تقرئي.
فدل ذلك على أنها لا بأس
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (36) .
(2) سنن الترمذي الطهارة (146) ، سنن النسائي الطهارة (265) ، سنن أبو داود الطهارة (229) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594) ، مسند أحمد بن حنبل (1/124) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305) ، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211) .(5/446)
أن تقرأ القرآن، ولا بأس أن تقرأ كتب التفسير والآيات في كتب التفسير، وهكذا الآيات التي في الكتب الأخرى من كتب الفقه وكتب الحديث، لا حرج في ذلك، لكن لا تمس المصحف حتى تطهر، وإذا احتاجت يكون من وراء حائل، أو يمسه غيرها لها حتى تراجع ما أشكل عليها من الآيات، وأما أن تقرأ عن ظهر قلب فلا حرج في ذلك على الصحيح من أقوال العلماء كما تقدم.(5/447)
301 - حكم حمل المصحف للحائض وأشرطة القرآن الكريم
س: هل يجوز حمل المصحف دون وضوء، أو الكتب الدينية أو التفسير؟ وكذلك في حالة الحيض هل يمكن قراءة الكتب الدينية أو التفسير؟ وما الحكم في حمل أشرطة القرآن الكريم (1) ؟
ج: حمل المصحف إذا كان في جراب لا بأس ولو كان على غير وضوء، في جراب أو غيره، أو في علاقة في طرف العلاقة مربوط فيه فلا بأس، ينقل من محل إلى محل، أما حمله باليد من دون معلاق، أو دون معلاقة فلا إلا على وضوء.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (269) .(5/447)
أما كتب التفسير وكتب الحديث فلا بأس، يحملها الجنب والحائض، ولا حرج في ذلك، تقرأ في ذلك، ويقرأ الجنب كتب التفسير، وكتب الحديث، وكتب الفقه، لا حرج في ذلك، والحائض أيضا لها أن تقرأ عن ظهر قلب القرآن؛ لأن مدتها تطول، والنفساء كذلك، ليستا مثل الجنب، الجنب لا يقرأ حتى يغتسل لا عن ظهر قلب، ولا من المصحف حتى يغتسل، أما الحائض فلا، ما هي مثل الجنب، لا تقرأ من المصحف، لكن تقرأ عن ظهر قلبها حفظا؛ لأن مدتها تطول، فالصواب أنه لها أن تقرأ، هذا هو الصواب، والنفساء كذلك.
والأشرطة ما لها حكم القرآن، له أن يحملها الحائض والنفساء والجنب وغيرهم.(5/448)
302 - حكم دخول الحائض المسجد إذا طهرت ولم تغتسل
س: تسأل السائلة، وتقول: هل يجوز للحائض دخول المسجد؟ وإذا كان الدم قد انقطع عنها ولكنها لم تغتسل بعد فما الحكم (1) ؟
ج: إذا كان الدخول لحاجة، تأخذ حاجة من المسجد، تأخذ
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (239) .(5/448)
سجادة من المسجد، تأخذ نعلين، تأخذ عصا، تأخذ حاجة من المسجد لا بأس، أما الجلوس فيه لا تجلس، النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: «ناوليني الخمرة – الحصير الذي يصلي عليه؛ السجادة – قالت: يا رسول الله، إني حائض. قال: إن حيضتك ليست في يدك (1) » فأمرها بالدخول وأخذ الخمرة وهي حائض، وقال الله جل وعلا في هذا المعنى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (2) ، والجنب كالحائض لا يدخل المسجد إلا عابر سبيل، لا يجلس، فأذن الله في عابر السبيل، الذي يمر مرورا، يأخذ الحاجة ويمر، سواء من الجنب، أو حائض، أو نفساء، أما الجلوس لا، جاء في الحديث: يقول صلى الله عليه وسلم: «إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب (3) » يعني الجلوس فيه، ولهذا قال سبحانه: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (4) ،
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (298) .
(2) سورة النساء الآية 43
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد، برقم (232) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد، برقم (645) .
(4) سورة النساء الآية 43(5/449)
303 - حكم اغتسال المستحاضة
س: الأخت: س. من الرياض، تسأل وتقول: هل تغتسل المرأة من الاستحاضة التي بعد الحيض؟ وإذا كان يجب الغسل فما الحكم إذا كانت جاهلة بهذا (1)
ج: الاغتسال من الاستحاضة مستحب وليس بواجب، الغسل واجب من الحيض، إذا انتهت مدته وأرادت الطهارة تغتسل وجوبا كالجنب، أما الاستحاضة؛ الدماء التي تأتيها بعد النزيف المستمر فهذا يستحب منه الغسل، لصلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء غسلة واحدة، والفجر غسلة واحدة، وإن تركت فلا حرج عليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بهذا فاطمة بنت أبي حبيش، أما الواجب فلا يجب عليها إلا غسل الحيض وغسل الجنابة، أما الاستحاضة فيها الوضوء، على المرأة أن تتوضأ لكل صلاة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش – وكانت مستحاضة -: «توضئي لوقت كل صلاة (2) » لكن إذا اغتسلت فهو أفضل، والأفضل أن تغتسل للظهر والعصر غسلة واحدة، وأن تغتسل للمغرب والعشاء غسلة واحدة، وللفجر غسلة واحدة، هذا أفضل؛ لأن الرسول أوصى به فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (241) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228) .(5/450)
304 - بيان مدة النفاس
س: تسأل عن مدة النفاس الشرعية (1) .
ج: مدة النفاس أربعون يوما، هذا أقصاه عند جمهور أهل العلم، حكاه غير واحد، حكاه الترمذي رحمه الله وصاحب المغني وغيرهما، وأكثر النفاس أربعون يوما، وقال بعض أهل العلم: خمسون. وقال بعضهم: ستون. لكنها أقوال ضعيفة، فهي مخالفة للدليل، فقد ثبت من حديث أم سلمة عن النفساء: أنها كانت تقعد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يوما. يعني: أقصى ما تقعد، أكثر ما تقعد. وهذا الذي عرفته الصحابة: أنها تقعد أربعين يوما، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، إن رأت الطهر في العشرين، أو في الثلاثين تغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، لكن إن استمر معها الدم فإنها تبقى أربعين يوما، فإذا تمت الأربعون تغتسل وتصلي ولو معها الدم، وتحل لزوجها إلا إذا وافقت دم حيض؛ عدة حيض تجلس لها، ولا تصوم ولا تصلي وقت الحيض، أما إذا لم يصادف إلا زيادة بعد الأربعين وقت الحيض فإنها تغتسل وتصلي وتصوم ولو معها الدم؛ لأنه دم فساد ليس بدم نفاس، هذا هو الصواب الذي عليه أكثر أهل العلم، هذا هو الذي عمله الصحابة، وأفتى به الصحابة، رضي الله عنهم وأرضاهم.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (305) .(5/451)
305 - حكم انقطاع دم النفاس قبل الأربعين
س: كم هي المدة التي تبقاها المرأة بدون صلاة بعد الولادة؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: المدة أربعون يوما إذا كان معها الدم، أما إذا انقطع الدم لأقل من أربعين فإنها تغتسل وتصلي، وإذا كانت حاملا فإن العدة تنتهي بوضع الحمل، أما النفاس فيكون أربعين يوما ما دام الدم موجودا سواء كانت صغيرة أو كبيرة، أو عربية أو أعجمية، لا فرق في ذلك، العدة أربعون يوما لجميع النساء مادام الدم موجودا، تبدأ هذه المدة من وضع الحمل، فإن انقطع الدم وهي في العشر الأول، في العشرين، أو الشهر تغتسل، وطهرت، ليس للنفاس أقل حد محدود، فإذا رأت الطهارة على رأس الشهر، أو على رأس العشرين يوما، أو أقل أو أكثر فإنها تغتسل وتصلي والحمد لله، وتحل لزوجها أيضا، أما إن استمر الدم معها، ولم ينقطع فإنها تغتسل بعد تمام الأربعين ولو كان معها الدم، بعد تمام الأربعين ينتهي حكم النفاس؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها، قالت: «كانت النفساء تقعد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يوما (2) » .
يعني هذه النهاية إذا كان معها الدم، أما إذا رأت الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي وتصوم وتطوف إن كانت في الحج وتحل لزوجها، والحمد لله، ولو ما مر عليها إلا عشرة أيام، أو خمسة أيام منذ ولدت وليس
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (220) .
(2) سنن الترمذي الطهارة (139) ، سنن أبو داود الطهارة (312) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (648) ، مسند أحمد بن حنبل (6/300) ، سنن الدارمي الطهارة (955) .(5/452)
معها دم اغتسلت وصلت وصامت، كما قد يقع لبعض النساء، أما الدم الذي بعد الأربعين فهو دم فساد كدم الاستحاضة، تصلي معه وتصوم، وتتحفظ بثوب ونحوه أو قطن، وتحل لزوجها ولو كان معها الدم بعد الأربعين مثل المستحاضة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها، وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي في الوقت، وتقرأ القرآن، وتطوف إن كانت في الحج أو العمرة، لها حكم الطاهرات، وتحل لزوجها حتى ينقطع عنها هذا الدم، فإذا جاء وقت العادة الشهرية جلست لم تصل ولم تصم، ولم تحل لزوجها حتى تنتهي العادة الشهرية، ثم تغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، ولا تلتفت للدم الزائد الذي هو دم الفساد، هذا ليس له حكم الحيض، ولا حكم النفاس.(5/453)
س: سمعت أن دم النفاس إن زاد عن أربعين يوما بعد الولادة فإنه لا يوجب الصلاة حتى تطهر، ويعتبر دم حيض إذا زاد عن مدته فما هو الصحيح في ذلك (1) ؟
ج: دم النفاس نهايته أربعون، فإذا زاد عن أربعين فهو دم فساد لا يعتبر، ولا يمنع الصلاة ولا الصوم، ولا يمنع الزوج من إتيان أهله؛ لأنه دم فاسد، والنفاس نهايته أربعون، لكن لو طهرت قبل الأربعين لعشرين أو ثلاثين فإنها تحل لزوجها إذا طهرت قبل الأربعين، ولها أن
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (44) .(5/453)
تصوم في هذه المدة، ولو عاد لها الدم قبل نهاية الأربعين فإن صومها صحيح في أيام الطهارة، أما ما زاد عن الأربعين فإنه دم فساد، تغتسل وتتحفظ بالقطن ونحوه، حتى لا يؤذيها الدم، وتصلي وتصوم، وتحل لزوجها؛ لأن الدم يعتبر دما فاسدا، لكن إن جاء الدم بعد الأربعين ووافق الحيض فإنه يسمى حيضا، ويعتبر حيضا، لا تصلي ولا تصوم من أجل الحيض، أما الدم المتصل بالنفاس بعد الأربعين فليس بحيض، يعتبر دما فاسدا، تصلي وتصوم وتتحفظ بالقطن ونحوه إلى أن ينقطع.(5/454)
306 - حكم صلاة وصيام من انقطع عنها دم النفاس قبل الأربعين
س: سمعنا في حلقة ماضية مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز لقاء، وقد قال في هذا اللقاء: إن المرأة إذا طهرت قبل الأربعين فلها أن تصلي وتصوم.
لكن لو عاد إليها الدم خلال الأربعين فهل يعتد بصومها الذي صامته؟ وهل يجوز لزوجها مباشرتها في الأربعين (1) ؟
ج: نعم، إذا طهرت المرأة في الأربعين – كما تقدم – تصلي وتصوم وتحل لزوجها ولو ما كملت الأربعين؛ لأن الحكم مناط بالطهارة، فإذا
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (14) .(5/454)
رأت الطهارة في يوم عشرين يوما في النفاس، أو ثلاثين يوما في النفاس فطهارتها صحيحة، وعليها أن تغتسل غسل النفاس، وتتوضأ وضوء الصلاة وتصلي وتصوم، وتحل لزوجها ولو أنها ما كملت الأربعين بسبب وجود الطهارة، فلو عاد الدم خلال الأربعين وهي طهرت مثلا في شهر، وبقيت ثلاثة أيام، أربعة أيام طاهرة، ثم عاد عليها الدم في الخامسة والثلاثين، في السادسة والثلاثين فالصحيح أن هذا الدم يعتبر نفاسا، لا تصلي فيه ولا تصوم ولا تحل لزوجها، لكن صومها الذي في أيام الطهارة وصلاتها صحيحة لا تعاد، ليس عليها أن تعيده بعد ذلك أو تقضيه، إلا صوم وقع في محله وصلاة وقعت في محلها، وكون زوجها باشرها في ذلك كذلك لا حرج عليه؛ لأنه باشرها في وقت الحل في الطهارة، أما بعد رجوع الدم في الأربعين فإن هذا الدم الذي رجع قال بعض أهل العلم: إنه مشكوك فيه.
فالصواب أنه ليس مشكوكا فيه، بل هو دم نفاس، يعتبر دم نفاس مثل الدم الذي يعود وقت الحيض، فلا تصلي ولا تصوم، فإذا مضت الأربعون ولم ينقطع قد تقدم أن الدم الزائد يعتبر فاسدا، بعد الأربعين تصلي وتصوم فيه وتعتبره دم استحاضة، عليها أن تتحفظ فيه بقطن ونحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة، وتصلي الصلوات في أوقاتها، أو تجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولا بأس، وتحل لزوجها كما تقدم، والجمع بين الصلاتين: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء أفضل للمستحاضات ومن في حكمهن، هو أفضل لهن، ومع ذلك(5/455)
يغتسلن للظهر والعصر غسلا واحدا، والمغرب والعشاء غسلا واحدا والفجر غسلا واحدا إذا تيسر ذلك، كما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض المستحاضات.(5/456)
س: إذا صامت عشرة أيام خلال الأربعين في رمضان، ثم عاد عليها الدم خلال الأربعين هل يعتد بصومها الذي صامته (1) ؟
ج: نعم، صومها صحيح، ولا تقضيه؛ لأنه وقع في وقت الطهارة، وصومها صحيح.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (14) .(5/456)
307 - حكم دم النفاس إذا استمر أكثر من أربعين يوما
س: إذا تأخرت المرأة؛ لم تطهر أثناء النفاس، وأنهت الأربعين يوما وهي لم تطهر هل تصلي أم تبقى دون صلاة (1) ؟
ج: إذا استمر الدم مع النفساء حتى كملت الأربعين فإن هذا الدم الذي زاد معها يعتبر دم فساد، فتغتسل وتصلي وتصوم ولا تلتفت إليه، يكون مثل دم المستحاضة، دم فاسد، تتوضأ لكل صلاة، تتحفظ بقطن ونحوه عن أذى الدم لها في ثيابها وبدنها، وتصلي على حسب حالها،
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (12) .(5/456)
ولا مانع من أن تصلي الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا كالمستحاضات، ولا يعتبر نفاسا، ومن حين تتم الأربعين لا يعتبر الدم الذي معها نفاسا، بل هو دم فساد، هذا هو المعتمد.(5/457)
308 - حكم دم الإجهاض ومدته
س: من المستمعة مها، بمكة المكرمة: إذا أجهضت المرأة فما حكم دم الإجهاض؟ هل حكمه كالنفاس أم كالحيض؟ وما هي أكثر مدته وأقلها (1) ؟
ج: إن كان الإجهاض بعدما تخلق الطفل، ووجد فيه علامة الإنسان؛ من رجل، أو رأس، أو يد ولو خفيا فإنه نفاس، حكمه حكم النفاس، عليها أن تبقى حتى تطهر ولو إلى أربعين يوما؛ لأن هذه نهاية النفاس أربعون يوما، هذه هي النهاية، فإن طهرت قبل ذلك؛ لعشرين، أو لشهر اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها، فإن استمر معها الدم تركت الصلاة والصوم ولم تحل لزوجها حتى تكمل أربعين، إذا كملت الأربعين اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها ولو كان معها الدم؛ لأنه دم فساد حينئذ، فإن النفاس نهايته وأكثره أربعون يوما، فما زاد عليه يعتبر دم فساد، تصلي وتصوم بعد الغسل، وتحل لزوجها، وتتحفظ بقطن ونحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة، كالمستحاضات
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (54) .(5/457)
وكصاحب السلس، أما لو طهرت لأقل من ذلك؛ لعشرين، أو لخمسة عشر، أو لثلاثين، أو نحو ذلك فإنها تغتسل وتصلي وتصوم ولو كانت في أثناء الأربعين، وتحل لزوجها أيضا.
أما إن كان هذا الإجهاض لم يتخلق، بل أجهضته دما أو لحمة ليس فيها خلق إنسان بين فإن هذا يعتبر دم فساد، تصلي وتصوم كصاحب السلس، وتتوضأ لوقت كل صلاة إذا دخل الوقت، وتعتبر نفسها كالمستحاضات، وكصاحب السلس، وكالمريض، إذا شق عليها ذلك تصلي الظهر والعصر جمعا، والمغرب والعشاء جمعا من أجل كثرة الدم، والمقصود أنها في هذه الحالة كالمستحاضة وكصاحب السلس، تصلي وتصوم وتحل لزوجها؛ لأن ليس بنفاس حتى ينقطع عنها ذلك، وتتوضأ لوقت كل صلاة كما تقدم.(5/458)
س: لدي زوجة أسقطت في الشهر الثالث، أي قبل أن يتمثل الجنين، وبقي الدم معها لما يقارب من ثلاثة أشهر، وخلال المدة المذكورة لم تستطع أن تؤدي الفرائض المطلوبة في الصلاة بسبب سيلان الدم؛ وذلك لأن الغسل لكل صلاة صعب جدا عليها، لدى سؤال بعض العلماء عن ذلك أفاد بأن المرأة التي تسقط في الثلاثة الشهور من الحمل، ونزل منها الجنين عبارة عن لحمة فإن عليها أن تؤدي الفرائض؛ من الصلاة، والفرائض الأخرى، حتى الزوج له حق في جماعها، والسؤال: هل هناك نص شرعي بذلك؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا أسقطت المرأة جنينها ففيه تفصيل: إذا كان إسقاطها للجنين قبل أن يتخلق؛ قبل أن يوجد فيه علامة الإنسان؛ من رأس، أو رجل، أو ما أشبه ذلك بل دم، أو دم متجمع لم يظهر فيه ولو خفيا، ما ظهر فيه خلق الإنسان هذا يعتبر دما فاسدا كالمستحاضة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها، كما أفتى السائل بعض العلماء بذلك، هذا مثل ما قال له المفتي الذي أفتاه من أهل العلم صحيح، إذا كان سقط دما ما فيه لحم الإنسان المتخلق، أو لحمة ما فيها خلق إنسان لا خفي ولا ظاهر هذا يعتبر دما فاسدا، وتعتبر المرأة في حكم المستحاضة التي عليها أن
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (13) .(5/459)
تصلي وتصوم، وتباح لزوجها، وعليها مع ذلك أن تعتني بالطهارة، تغتسل إذا تيسر لها ذلك لكل صلاة، أو الظهر والعصر جمعا في غسل واحد، والمغرب والعشاء غسلا واحدا، هذا يكون أكمل وليس بواجب، وإنما الواجب الوضوء، إذا دخل الوقت تتوضأ وضوء الصلاة؛ تستنجي بالماء في فرجها، تغسل ما أصابها من الدم، تستثفر بشيء من القطن ونحوه، وتتوضأ وضوء الصلاة بغسل وجهها ويديها، ومسح رأسها، وغسل رجليها، وضوء الصلاة المعروف بعد الاستنجاء، بعد غسل ما في الفرج من النجاسة، ثم تصلي كل وقت في وقته، وإن جمعت صلاة الظهر والعصر جميعا، وأخرت الأولى الظهر مثلا وعجلت العصر وصلتهما بغسل واحد هذا أفضل، وكذلك المغرب والعشاء؛ تؤخر المغرب عن وقتها بعض الشيء، وتعجل العشاء في وقتها، تكون صلاتها متقاربة، العشاء والمغرب جمعا يسمى صوريا، وليس بجمع حقيقة، هذا لا بأس به، وأفضل لها حتى يتيسر لها غسل واحد، هذا من باب الفضائل، هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم أنه من باب الفضائل، لم يكن بالوجوب، والواجب عليها غسل واحد للحيض فقط، ما دامت هذه المرأة قد أصابها النزيف، وليس عندها نفاس شرعي فإن هذا الدم يعتبر دما فاسدا؛ دم استحاضة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها، ولا حرج عليها في ذلك، إلا أنها تؤمر بأن تستنجي وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا بأس عليها أن تجمع – وهو أفضل – بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وتغتسل(5/460)
لهما غسلا واحدا لهاتين ولهاتين، والفجر وحده غسلا واحدا إذا تيسر ذلك، وإلآ فليس بلازم، هذا هو حكم هذه المسألة وأشباهها، هذه المسألة التي يبتلى بها كثير من النساء، تسقط في شهرين، أو ثلاثة وما فيه خلق إنسان؛ لا رأس، ولا رجل، ولا شيء من ذلك هذا دم فاسد، تتحفظ فيه وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، أما إن كان فيه خلق إنسان؛ فيه رأس بين، أو رجل، أو يد، أو ما أشبه ذلك مما يبين أنه إنسان هذا نفاس، تمكث لا تصلي ولا تصوم حتى تطهر، ولا تحل لزوجها أيضا، فإذا طهرت بعد إسقاط هذا الجنين، ولو بعد خمسة أيام، عشرة أيام، عشرين يوما متى طهرت تغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، ولو ما مضى عليها إلا عشرة أيام، أو عشرون يوما ما هو لازم أن تكمل أربعين يوما، فإن مضى معها الدم واستمر معها الدم حتى كملت أربعين فهو نفاس، ولكن لا يزيد على أربعين، لو استمر معها تغتسل وتصلي، تصوم ولو كان معها الدم، يعتبر دما فاسدا، ما زاد على الأربعين يعتبر دما فاسدا على الصحيح، تصلي فيه وتصوم وتحل لزوجها، تتوضأ لوقت كل صلاة، وتتنظف عند دخول الوقت بالاستنجاء، وتتحفظ بقطن ونحوه، هذا هو الواجب عليها بعد الأربعين ولو سال معها الدم، كالمستحاضة التي معها الدم من غير إسقاط.
بعض النساء قد يصيبها الدم وهي ما فيها حمل وتسمى مستحاضة، فإذا جاء وقت حيضها توقفت عن الصلاة والصوم، وحرمت على زوجها، تبقى هكذا في حكم الحيض، فإذا مضى وقت الحيض الذي تعرفه بعده تغتسل وتصلي(5/461)
وتصوم وتحل لزوجها مدة الطهارة الحكمية، حتى يأتي وقت الحيض المعتاد، وهكذا التي أنزلت دما وهي تعتبر نفسها حاملا، ثم أراد الله عليها إسقاط هذا الحمل بأسباب، فإن هذا الدم يكون دما فاسدا إلا إذا علمت القابلة الثقة التي قبلتها أنه خرج منها لحم فيه خلق إنسان؛ من رأس أو رجل أو ما أشبه ذلك فهذه تكون نفساء، تعتبر نفسها نفساء إذا كان فيه خلق الإنسان ولو خفيا فلا تصلي ولا تصوم حتى تطهر، والطهارة ليس لها حد محدود، ليس بلازم أن تكمل الأربعين، لا، لو طهرت وهي بنت عشرة أيام أو عشرين يوما أو شهر، الطهارة صحيحة وتصلي وتصوم في هذه الطهارة، فلو عاد الدم عليها في الأربعين تجلس أيضا، تعتبره نفاسا ولا تصلي في الأربعين إذا عاد عليها الدم فيها على الصحيح، فإذا استمر معها الدم إلى كمال الأربعين تعتبر هذا الدم الزائد دما فاسدا بعد الأربعين، تصلي فيه وتصوم، وتحل لزوجها وتتوضأ لوقت كل صلاة تتحفظ في فرجها بشيء من القطن ونحوه إذا استنجت، هذا هو الحكم في ذلك كالمستحاضة سواء، ولا تزال على هذا العمل حتى يخلصها الله من هذا النزيف، وإذا جمعت بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء فلا بأس كما تقدم وتغتسل لهما غسلا واحدا أفضل وتغسل الفرج غسلا واحدا إن تيسر ذلك وإلا فالغسل الواجب إنما هو غسل الحيض أو غسل النفاس، هذا الواجب أو الغسل من الجنابة كما هو معروف.(5/462)
309 - حكم الإجهاض الذي لم يتخلق فيه الجنين
س: تقول هذه السائلة: امرأة أسقطت أربع مرات وعمر الجنين أقل من شهرين، ولا تصلي حتى تطهر هل عليها قضاء؟
ج: إذا كان فيه علامة إنسان؛ رأس، أو يد، أو رجل فهو نفاس، تترك الصلاة أربعين ليلة إلا أن تطهر قبل الأربعين، أما إذا كان دم فقط، ما فيه رأس ولا رجل فالواجب عليها الصلاة وقضاء الصلاة التي تركت؛ لأنه ما هو بنفاس، نزول الدم ليس بنفاس إلا إذا كان فيه علامة إنسان؛ من يد، أو رجل، أو رأس، شيء يبين أنه طفل.
انتهى الجزء الخامس من كتاب الطهارة
ويليه بإذن الله الجزء السادس
وأوله كتاب الصلاة(5/463)
بسم الله الرحمن الرحيم(6/3)
صفحة فارغة(6/4)
باب شروط الصلاة(6/5)
صفحة فارغة(6/6)
باب شروط الصلاة
1- بيان سن التكليف بالعبادات
س: ما هي السن التي لا حساب فيها هل هي ما قبل الخامسة عشرة أو أقل أو أكثر (1) جزاكم الله خيرا؟
ج: سن التكليف خمس عشرة إذا أكمل الرجل أو المرأة خمس عشرة سنة فقد دخل في التكليف للصلوات الخمس وصوم رمضان، وحج البيت مع الاستطاعة وسائر التكاليف أما الزكاة فيلزمه الزكاة في ماله ولو كان صغيرا لأنها حق المال فيخرج الزكاة عنه وليه وإن كان صغيرا وهكذا النفقات اللازمة في المال فيخرجها الولي عن الصغير إذا كانا عاقلين، أما المجنون والمعتوه فليس عليه تكليف ولو بلغ مائة سنه إذا كان عقله زائلا سواء سمي جنونا أو عتها فلا تكليف عليه،
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم: 329.(6/7)
وهكذا كبير السن إذا زال عقله، إذا كبرت سن الإنسان حتى خرف وزال عقله ارتفع عنه التكليف سواء كان رجلا أو امرأة أصيب باختلال العقل لكبر السن، وفق الله الجميع.(6/8)
2- حكم صلاة وصوم الأولاد الذين لم يبلغوا الحلم
س: هل الصلاة والصوم وغيرهما من العبادات فرض على الأولاد الذين لم يبلغوا أم لا: وهل يعاقبون على ترك الصلاة مثلا (1) ؟ .
ج: من شرط الوجوب التكليف، أن يبلغ الحلم الرجل والمرأة، والحلم يكون بإكمال خمس عشرة سنة للذكر والأنثى أو إنبات الشعر الخشن حول الفرج الشعرة أو إنزال المني بالاحتلام أو بالنظر أو بغير هذا من أسباب إنزال المني، إذا نزل المني بأي سبب عن شهوة صار رجلا مكلفا، وصارت البنت مكلفة هذه أمور ثلاثة يحصل بها البلوغ للرجل والمرأة:
الأول: إكمال خمس عشرة سنة هجرية.
الثاني: إنبات الشعرة التي حول الفرج - يعني الشعر الذي حول
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم: 274.(6/8)
الفرج ويسمى: الشعرة والعانة - للرجل والمرأة.
الثالث: إنزال المني عن شهوة باحتلام أو بغيره.
وهناك رابع في حق المرأة وهو الحيض، إذا حاضت ولو بنت تسع أو عشر تكون امرأة مكلفة، تجب عليها الصلاة والصوم صوم رمضان والحج مع الاستطاعة وهكذا الرجل.
فالمقصود أن بهذه الأمور الثلاثة في حق الرجل والمرأة يجب عليهما الصلاة - الصلوات الخمس - وصوم رمضان وحج البيت مع الاستطاعة وعلى المرأة إذا حاضت كذلك يجب عليها الصلوات الخمس وصوم رمضان والحج مع الاستطاعة أما من قبل البلوغ فإنه لا يجب عليه لكن يشرع له إذا بلغ سبعا يؤمر بالصلاة ويؤمر بالصوم إذا أطاق ذلك، يأمره وليه بالصلاة والصوم وهكذا ابن عشر وما فوقه حتى يبلغ، حتى يعتاد الخير وحتى يعتاد الصلاة، وحتى يعتاد الصوم، يأمره وليه ويأمرها وليها بهذا وإذا بلغ الرجل عشرا والمرأة عشرا فللولي أن يضربهما إذا تخلفا؛ لأن النبي عليه السلام قال: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (1) » والأولاد يشمل
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) .(6/9)
الذكر والأنثى، «وفرقوا بينهم في المضاجع (1) »
إذا بلغ الذكر عشرا والأنثى عشرا فإنه مأمور بأن يضربهما وأن يؤدبهما إذا تخلفا عن الصلاة، وهكذا الصوم - صوم رمضان - حتى يتمرنا ويعتادا فعل هذا الواجب، فإذا بلغا فإذا هما قد اعتادا وصار من سجيتهما وخلقهما، وهكذا وليهما يزجرهما عن المعاصي، عن الغيبة والنميمة والسب والشتم، وغير ذلك من المعاصي التي نهى الله عنها ورسوله، الولي ينهاهما عنها قبل البلوغ وبعده.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) .(6/10)
3 - حكم أمر الأولاد الذين دون العاشرة بالصلاة
س: يقول السائل: بالنسبة إلى صلاة الأولاد دون العاشرة، هل على الوالدين إثم إذا لم يلتزموا بهذه الصلاة (1) ؟
ج: يأمرونهم بها فقط، ولا إثم عليهم فإذا بلغوا عشرا وجب أمرهم وتأديبهم حتى يصلوا أما دون العشر ما فوق السابعة ودون العشر فالمشروع الأمر فقط، إذا بلغ سبعا يؤمر ولا يضرب حتى إذا بلغ عشرا فأكثر يضرب عليها.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم: 435.(6/10)
س: الطالبات في الصف الأول والثاني والثالث وعدم تأديتهن الصلاة كما ينبغي فما الحكم يا سماحة الشيخ؟ .
ج: لا بد من التعليم، ولا بد من التوجيه للطالبات والطلبة جميعا، فعلى المعلم وعلى المعلمة التوجيه والإرشاد وليس المقصود التعليم فقط مع التعليم أمر آخر وهو التوجيه والإرشاد والتربية الصالحة، فالمعلم يعلم الأولاد الصلاة ويعلمهم الأخلاق الفاضلة ويحذرهم من الأخلاق الذميمة كالكذب والرياء والغيبة والنميمة والسب والشتم ونحو ذلك، وهكذا المعلمة تعلم الطالبات الأخلاق الفاضلة، تحثهن على الصلاة، وتحثهن على الأمانة، وعلى حفظ اللسان عما لا ينبغي هكذا ينبغي للمعلمة وهكذا ينبغي للمعلم أن يكون التعليم معه إرشاد ومعه توجيه قولي وعملي.(6/11)
4 - حكم ترك الفرائض لمختل الشعور
س: يقول السائل: هل الإنسان الذي هو غير مكلف والذي هو مختل الشعور هل يؤاخذ على تركه للفرائض والنوافل أم لا (1) ؟
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم: 285.(6/11)
ج: إذا كان مختل الشعور لا يؤاخذ بشيء يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ (1) »
فالنائم لو تكلم في نومه بالسب والشتم أو طلق لا يؤاخذ ولا يقع الطلاق لعدم العقل، هكذا المجنون والمعتوه الذي غير مضبوط العقل أو تكلم في حال جنونه والصرع، كل هذا لا يلتفت إليه، وهكذا إذا كان معتوها، ولو كان ما فيه جنون، معتوه العقل لكبر سنه، أو لأنه أصابه خلل في عقله لا يحسن التصرف فلا يؤاخذ بشيء؛ لأنه مرفوع عنه القلم وهكذا الصغير إلى أن يبلغ لا يؤاخذ، وإنما يؤاخذ بعد البلوغ، لكنه يعلم ويؤمر وينهى ويؤمر بالصلاة، ويؤمر بالصيام إذا استطاع الصيام، ويمنع عن الفحش والكلام السيئ، ويؤدب على ذلك، لكنه لا يؤاخذ بذلك من جهة الرب عز وجل، وإنما وليه يؤدبه ويعلمه حتى يعتاد الخير وحتى يتجنب الشر؛ لقول النبي صلى
__________
(1) أخرجه أبو داود، في كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، برقم (4399) ، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم (3432) ، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه'' والصغير والنائم، برقم (2041) ''.(6/12)
الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (1) »
حتى يعتادوا الخير ويتمرنوا عليه، وحتى يبتعدوا عن الشر.
ولما أخذ الحسن أو الحسين رضي الله عنهما تمرة من الصدقة قال النبي صلى الله عليه وسلم للحسن: «دعها كخ كخ أما علمت أنها لا تحل لنا الصدقة؟ (2) »
وهو صغير الحسن ابن سبع سنين وأشهر حينما أتى النبي صلى الله عليه وسلم، والحسين أقل من ذلك فالحاصل أن تعليم الصبيان الخير وتحذيرهم من الشر أمر مطلوب ولكن لا إثم عليهم لو ماتوا على ذلك.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب ما يذكر في الصدقة للنبي، برقم (1491) ، ومسلم في كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله وعلى آله، برقم (1069) .(6/13)
س: هل الإنسان الذي غير مكلف ومختل الشعور هل له صلاة إذا صلى وصام وإذا زكى وهل عليه حرج إن لم يفعل ذلك؟ جزاكم الله خيرا. (1)
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم: 284.(6/13)
ج: الذي ليس له شعور بل قد زال عقله لا يسمى مكلفا، المكلف هو البالغ العاقل، هذا الذي يسمى مكلفا سواء كان رجلا أو امرأة، أما من كان غير بالغ وقد كان قد بلغ الحلم ولكنه زائل العقل بجنون أو غيره من أسباب زوال العقل، فإنه لا يكون مكلفا، وليس عليه صلاة ولا صوم ولا غيرهما من الواجبات إلا الواجب المالي كالزكاة، يجب على وليه أن يخرجه، فإذا حال الحول على مال الصبي أو المجنون وجب على وليه أن يخرج زكاته وهكذا لو أتلف شيئا على الناس وجبت قيمة المتلف في ماله؛ لأن هذا لا تشترط له نية، فيستوي فيه المكلف وغير المكلف.(6/14)
5- حكم ترك الفرائض لضعيف العقل
س: هناك رجل ضعيف العقل ولكنه ليس مجنونا، إلا أنه لا يستطيع التمييز بين أشياء كثيرة، فهو لا يستطيع العد من الواحد إلى العشرة مثلا مهما حاولنا معه، هل يجب على مثل هذا الرجل الصيام والصلاة وضبطها عليه، حيث إنه يكلف ببعض الأعمال، مما يؤدي إلى عطشه كالرعي؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) .
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم: 270.(6/14)
ج: إذا كان يعقل أن الله أوجب عليه الصوم والصلاة، يفهم أنه خلق ليعبد الله ويميز فيما يتعلق بماله في ضبط ماله والتصرفات في ماله، فهذا من العقلاء يلزمه أن يؤدي ما أوجبه الله عليه من صلاة وغيرها، أما إن كان عقله قد اختل وتبين خلل عقله وأنه من جملة المعتوهين الذين ليس لهم عقل يميزون به بين الحق والباطل أو بين الخير والشر وبين ماله ومال غيره ونحو ذلك، فالعاقل بين إن كان عاقلا فعليه التكاليف، وان كان غير عاقل سقطت عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ (1) »
فالذي يشبه المجنون بعدم ضبطه للأمور وعدم حسن التصرف لأن عقله مفقود فلا تكليف عليه.
__________
(1) أخرجه أبو داود، في كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، برقم (4399) ، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم (3432) ، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه'' والصغير والنائم، برقم (2041) ''.(6/15)
6 - حكم ترك الصلاة والصوم لكبير السن ضعيف البدن
س: لي أب كبير في السن لا يستطيع الصلاة أو الصيام، بل لا يتقن الصلاة ولا يقوى على الصيام، هل أصوم عنه أو أطعم عنه كل يوم مسكينا؟ وهل يصح أن يصوم عنه أولاده منفردين أي(6/15)
متقاسمين الشهر؟ أفيدونا بارك الله فيكم (1)
ج: إن كان عقله قد اختل فليس عليه صلاة ولا صوم إن كان قد اختل العقل بسبب الكبر، صار لا يحفظ الأمور ولا يتقنها بل يظهر عليه التخريف ونقص العقل وعدم ضبطه للأمور فلا شيء عليه لا صلاة ولا صوم؛ لأن هذه الأمور مناطة بالعقل، فإذا اختل العقل سقط التكليف بالصوم والصلاة وغير ذلك سوى الحق المالي من الزكاة فيزكى من ماله إذا كان عنده مال، هذا الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم.
أما إن كان عقله باقيا ليس فيه خلل بل يعقل فإن الواجب عليه أن يصلي ولو على جنبه ولو مستلقيا يصلي بالكلام والنية، وهكذا يصوم إن كان يستطيع الصوم فإن كان لا يستطيع لكبر السن فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكين، ولا يصام عنه بل يطعم عنه عن كل يوم مسكين نصف الصاع من قوت البلد كيلو ونصف تقريبا من قوت البلد تمر أو أرز أو حنطة أو غير هذا مما يتقوته البلد.
وإذا اختل شعوره فلا شيء عليه، أما إذا كان لم يتقن من أجل المرض - يعني يضعف - فإنه يوجه ويرشد حتى يصلي على حسب
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم: 88.(6/16)
حاله، إذا كان ما يستطيع على جنبه يكون مستلقيا، فيكبر ناويا الصلاة ويقرأ الفاتحة مثلا ويكبر ناويا الركوع ويقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم.
ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ناويا الرفع وهو على حاله وهو مستلق أو على جنبه وهكذا يكبر ناويا السجود إلى آخره.(6/17)
س: يسأل المستمع من سلطنة عمان ويقول: معظم المسنين في مرحلة معينة تقدم بهم العمر لا يستطيعون التمييز بين أوقات الصلاة، فتجد البعض منهم في بعض الأحيان قائما يصلي صلاة العصر في حوالي الساعة الثانية ونصف ولم يدخل الوقت في مثل هذه الحالة، وأحيانا في الثالثة بالرغم من إقناعهم أن وقت الصلاة لم يحن بعد ولكنهم لا يقتنعون بسهولة، فهل يقبل منهم وهم على هذه الحالة، كبر السن والتقدم في العمر، وأحيانا يكونون على غير وضوء بسبب تقدمهم في السن (1) ؟ .
ج: يعلمون ويوجهون، إذا كانوا يعقلون يعلمون، لا تجوز لهم صلاة إلا بعد دخول الوقت إذا سمعوا الأذان يصلون، إذا كانوا ما يستطيعون الذهاب إلى المساجد يقال لهم: لا يجوز، الصلاة باطلة. إلا إذا كان
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم: 417.(6/17)
مريضا له أن يجمع إذا كان كبير السن عاجزا، يصلي الظهر والعصر لا بأس في وقت إحداهما تصح، أو المغرب والعشاء في وقت إحداهما تصح؛ لأنه عاجز عن صلاة كل صلاة في وقتها فإذا صلى الظهر في وقت العصر أو العصر في وقت الظهر وجمع بينهما فلا بأس أو المغرب والعشاء لكبر سنه وعجزه، أما إذا كان شعوره قد زال ولا يعقل، ذهب عنه العقل فلا شيء عليه ليس عليه صلاة، ولا يشتغل به إذا كان عقله قد تغير واختل.
أما إذا كان عقله مضبوطا فإنه يعلم، ويجب عليه أن يصلي الظهر والعصر في وقتها والمغرب والعشاء في وقتها ولا بأس بالجمع إذا كان يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها وإذا كان يستطيع الصلاة مع الناس يلزمه الخروج حتى يصلي مع الناس في المساجد والله المستعان.(6/18)
7 - بيان وجوب تعليم كبير السن لتأدية الصلاة
س: الأولاد والبنات إذا قاموا على والدهم الكبير في السن، هل لهم أجر إذا قاموا بتعليمه في تأدية الصلاة (1) ؟
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم: 417.(6/18)
ج: بل يجب عليهم إذا كان يجهل، يجب عليهم أن يعلموه لكن بالرفق بالكلام الطيب والرفق لا بالشدة حتى يقبل منهم، وهكذا مع غيره من كبار السن ومع غيرهم يتحرى المعلم الرفق؛ لأن هذا أقرب إلى القبول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله (1) » فالولد مع والده ومع أخيه الكبير ومع جده ومع أمه يرفق كثيرا على أنه يقبل منه وهكذا مع غيرهم فإن الشدة قد تسبب الحرمان وعدم الفائدة، لكن يرفق.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، برقم (2592) .(6/19)
8 - حكم صلاة كبير السن مختل العقل
س: السائل ن. م، الفرعة يقول: امرأة كبيرة في السن تصلي فروضا وتترك أخرى، وإذا صلت يكون عليها نجاسة وتفوت بعض الأشياء، هل يلحقها شيء، في ذلك (1)
ج: إذا كان عقلها قد اختل فليس عليها شيء، ما هي بمكلفة أما إذا كان عقلها ناقصا؟ يعني قد تنسى شيئا فإنه يبين لها إذا كانت عاقلة
__________
(1) السؤال الثاني الثلاثون من الشريط رقم: 400.(6/19)
وتفهمه، أما إذا كان قد اختل عقلها لكبر السن أو لمرض أو ما أشبه ذلك فالله جل وعلا رفع عنها القلم والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق (1) » ومن كان عقله مختلا فهو مثل المجنون سواء.
__________
(1) أخرجه أبو داود، في كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، برقم (4399) ، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم (3432) ، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه'' والصغير والنائم، برقم (2041) ''.(6/20)
س: هـ. من الدمام تقول: جدتي في الخامسة والثمانين من العمر، تصلي لكن بدون طهارة، وتزيد في الركعات وتنقص، وتصلي وهي جالسة حيث إنها اختلطت عليها الأمور وكانت قبل ذلك تصلي صلاة صحيحة ووضوءا صحيحا، فهل علينا حرج في ذلك. (1) .
ج: ليس عليكم شيء - والحمد لله - قد اختل شعورها ولا عليها شيء لا عليها صلاة ولا صيام، هذه المرأة بهذا العمل اتضح أنه اختل شعورها وسقط عنها التكليف والحمد لله.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم: 370.(6/20)
9- حكم صلاة كبير السن الذي لا يدرك أوقات الفرائض
س: والدي كبير في السن وهو الآن مريض جدا، ودائما يريد أن(6/20)
يجلس عنده أي فرد من الأسرة. ثم تستمر في وصف حاله إلى أن تقول: إنه كان يصلي وكان يقوم الليل، لكنه الآن لا يصلي نتيجة لعدم معرفته للأوقات لكونه لا يسمع ولا يرى فبماذا توجهوننا ولاسيما وخوفنا عليه شديد جدا (1) ؟ .
ج: إذا كان عقله معه، يعني لم يتغير عقله - يعلم بالكتابة أو بالإشارة التي يفهمها إذا دخل الوقت حتى يصلي وهكذا جميع الشؤون التي تحتاج إلى تعليم، يعلم إياها بالإشارة أو بالكتابة أو بأي طريقة يفهمها، إذا كان عقله معه، أما إذا كان قد اختل عقله فليس عليه شيء.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم: 333.(6/21)
10 – حكم صلاة المرأة ضعيفة العقل
س: تقول السائلة: إنني أنجبت بنتين معوقتين وهما أختان من الأب والأم، البنت الأولى عمرها ثلاث عشرة سنة وهي تسمع وترى لكنها لا تعرف أن تتكلم أو تنطق اسمها، ولا تعرف حتى الليل من النهار، ودرست ست سنوات في المعهد الفكري في جدة ولم تستفد شيئا ولا حتى حرفا واحدا من القرآن الكريم، فبماذا(6/21)
تنصحونني يا فضيلة الشيخ، ولاسيما في أمر الصلاة ذلك أنها لا تعرف شيئا عنها، وإنني احترت معها وأنا أعلمها، هل علي إثم إذا تركتها؟ أرجو إرشادي، جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كانت تعقل بالإشارة فعلموها بالإشارة كيف تصلي وكيف تتطهر وإن كانت لا عقل لها فالحرج منتف حينئذ، ولا تكليف عليها حينئذ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المعتوه حتى يفيق (2) » فهي الآن بين أمرين: إما أن تكون تعقل فعلموها ولو بالإشارة كيف تصلي، كيف تتوضأ، كيف تستنجي علموها، فإذا تعلمت كفى والحمد لله، وهي تصلي بقلبها ولو لم تنطق: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) وأحسنوا إليها وأبشروا بالخير، وارحموها يرحمكم الله أما إن كانت لا تعقل ولا تفهم الإشارة ولا تستفيد فليس عليكم شيء، والتكليف عنها مرفوع كالمجنون ونحوه.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم: 121.
(2) أخرجه أبو داود، في كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، برقم (4399) ، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم (3432) ، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه'' والصغير والنائم، برقم (2041) ''.
(3) سورة التغابن الآية 16(6/22)
س: عندي أخت من أمي مرضت عند ولادتها حيث إنها أصبحت لا تأكل مثل الناس ولا تتكلم مع أحد، ودائما تفكر في الدنيا مثل الناس وهي لا تصلي، فماذا علينا تجاهها، هل يسقط عنها التكليف (1) ؟
ج: تعلم وتنصح وتوجه لعلها تهتدي لعل هذا عارض، توجه إن ثبت أن عقلها معها تؤدب حتى تستقيم، أما إن ثبت أن عقلها قد ذهب رفع عنها القلم، صارت مثل المجانين المرفوع عنهم القلم، لكن يعالج موضوعها، تختبر حتى يتبين إن كانت عاقلة تؤدب وتضرب حتى تصلي، فإن كانت ليست عاقلة اتضح أن عقلها قد ذهب، حكمها حكم المجنون والمعتوه.
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم: 371.(6/23)
11- حكم صلاة شارب الخمر
س: يقول السائل: رجل يشرب الخمر بحجة أنها غذاء للدم كما يزعم، وهي لا تسكره، وهو يصلي فما حكم صلاته؟ وما حكم ما يفعل؟ جزاكم الله خيرا (1) .
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم: 237.(6/23)
ج: إذا كانت تسكر غيره، فيها مادة السكر فإنه يحرم عليه أن يشربها ولو كانت لا تسكره؛ لأن بعض الناس إذا اعتادها قد لا يسكر فهي محرمة سواء سكر أم لم يسكر إذا كانت في إمكانها الإسكار لغيره لأنها خمر فالواجب عليه تركها والحذر منها وهي ليست غذاء للدم ولا غيره، «فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له رجل: يا رسول الله، إني أشرب الخمر للدواء، قال عليه الصلاة والسلام: إنها ليست بدواء ولكنها داء (1) » خرجه مسلم في الصحيح.
ولكن هذه أوهام يتوهمون أنها تنفعهم، وهذا من تزيين الشيطان حتى ولو فرضنا أنه قال ذلك طبيب فقول النبي عليه الصلاة والسلام مقدم عليه، فلا يجوز شربها لا للدواء ولا لغير الدواء، ولو قال ألف طبيب إنها تنفع لا يجوز شربها لا للتداوي ولا لغيره، بل هي داء عضال ومنكر عظيم ومن كبائر الذنوب، وليس لأحد أن يشربها لا للتداوي ولا لغير التداوي أسكرته أم لم تسكره إذا كانت من شأنها أن تسكر غيره، ولكنه بسبب اعتياده لها قد لا تسكره بعض الأحيان، هذا لا يحلها له،
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الطب، باب ما جاء في كراهية التداوي بالمسكر، برقم (2046) .(6/24)
هي حرام عليه مطلقا ولو لم تسكره، وصلاته صحيحة إذا كان صلى وهو عاقل قد ذهب عنه السكر يتوضأ ويصلى، أما في حال السكر فصلاته غير صحيحة لأنه غير عاقل.(6/25)
12- حكم تارك الصلاة
س: يسأل السائل ويقول: ما حكم تارك الصلاة (1) ؟ .
ج: حكم تارك الصلاة فيه تفصيل عند أهل العلم: إن تركها جاحدا لوجوبها يقول: ما هي بواجبة، وهو عاقل؟ كفر بإجماع المسلمين لأنه مكذب لله ولرسوله والله سبحانه يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (2) ويقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (3) ويقول جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (4) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان،
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم: 235.
(2) سورة البقرة الآية 43
(3) سورة البقرة الآية 238
(4) سورة النساء الآية 103(6/25)
وحج البيت (1) » متفق عليه.
ولما سأله جبرائيل عن الإسلام قال عليه الصلاة والسلام: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا (2) » والصلاة عمود الإسلام، فمن جحد وجوبها كفر بإجماع المسلمين، فإن كان بعيدا عن الإسلام في محلات لا تعرف الإسلام بين له وأقيمت عليه الحجة وذكر له الآيات فإن أصر على جحده وجوبها كفر إجماعا، أما الذي بين المسلمين يسمع القرآن والسنة، هذا إذا جحدها كفر، أما من تركها وهو لا يجحد لكن تكاسل، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر أيضا إذا تركها ولو لم يجحد وجوبها لأنها عمود الإسلام، وقد صح فيها أحاديث تدل على كفر من تركها، وقد نقل ذلك عبد الله بن شقيق العقيلي عن الصحابة رضي الله عنهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم (8) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم (16) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (8) .(6/26)
الإسلام، وعموده الصلاة (1) » ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في صحيحه.
والكفر والشرك إذا عرف فالمراد به الكفر الأكبر والشرك الأكبر، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » وهذا هو الأرجح، وأصح القولين أنه يكفر كفرا أكبر - نعوذ بالله - ولو ما جحد وجوبها، سواء تركها كلها أو ترك الفجر أو الظهر أو العصر أو تارة يصلي وتارة لا يصلي يكفر بذلك وعليه أن يجدد توبة نصوحا.
وذهب الأكثرون من الأئمة الأربعة من المالكية والحنفية والشافعية إلى عدم كفره، وأنه كفر أصغر وشرك أصغر، وهو قول جماعة من الحنابلة أيضا، ولكن الصواب الأول، أنه كفر أكبر؛ لأن الأدلة الشرعية تدل على كفره؛ لأنها عمود الإسلام، فيجب الحذر من ذلك، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ترك الصلاة، وأن يحافظ عليها في جميع الأوقات، المغرب والعشاء والفجر والظهر والعصر، يجب أن
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/27)
يحافظ عليها جميعا، وأن يصليها في الجماعة أيضا إذا كان رجلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (1) » ولما سأله رجل أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال له صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (2) » أعمى ليس له قائد يقوده، ومع هذا يقال له: أجب، صل في الجماعة، فكيف بحال البصير؟ يكون الوجوب عليه أشد وأعظم؟ ولأن عدم الصلاة في الجماعة وسيلة إلى تركها بالكلية والتهاون بها، فالواجب على كل مكلف وكل مسلم الحذر من ذلك وأن يصليها في الجماعة ويحافظ عليها، ويحذر التأسي بأهل الباطل، يحذر صحبة الأشرار الذين يتركونها ويتهاونون بها ليحذرهم غاية الحذر والتهاون بها من صفات المنافقين فلا يجوز للمسلم أن يتأسى بهم، يقول الله سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3)
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653) .
(3) سورة النساء الآية 142(6/28)
فاحذر أن تشابه أعداء الله المنافقين، يقول الله في حقهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (1) فالواجب الحذر من صفات المنافقين، والواجب على الرجال والنساء جميعا المحافظة على الصلاة في أوقاتها والرجل يؤديها في الجماعة، والمرأة تؤديها في بيتها وتحافظ عليها في وقتها، تحذر الكسل والتهاون فهي عماد الإسلام، وهي الفارقة بين الكفر والإسلام، في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أول ما يحاسب عنه العبد من عمله صلاته - يعني يوم القيامة - فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر (2) » وهذا من الأدلة
__________
(1) سورة النساء الآية 145
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، برقم (413) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب قول النبي: «كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه» ، برقم (846) ، والنسائي في كتاب الصلاة، باب المحاسبة على الصلاة، برقم (465) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أول ما يحاسب به العبد الصلاة، برقم (1425) .(6/29)
على كفر تاركها. فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله وأن يحافظ على الصلاة في الجماعة، وهكذا كل مسلمة عليها أن تتقي الله وأن تراقب الله وأن تحافظ على الصلاة في وقتها، كل وقت، ولا يجوز تأخير الفجر حتى طلوع الشمس إلى أن يذهب إلى العمل، يجب أن يصليها في الوقت مع الجماعة في مساجد الله، فإن صلاها في البيت صحت مع الإثم لكن ليس له أن يؤخرها إلى طلوع الشمس، ولا يؤخر العصر إلى أن تصفر الشمس، ولا يؤخر المغرب إلى أن يغيب الشفق، يجب أن يصلي في الوقت ويجب أن يصلي في الجماعة إذا كان رجل يصليها في المساجد، فإذا أهملها وضيعها كفر - نسأل الله العافية - بنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » والحكم عام للرجل والمرأة، ولهذا في الحديث الآخر: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » فالأحكام مشتركة، ما ثبت في حق الرجل ثبت
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/30)
في حق المرأة، وما ثبت في حق المرأة ثبت في حق الرجل، إلا ما دل عليه الدليل بالخصوصية، فنصيحتي لكل مسلم ومسلمة تعظيم الصلاة والعناية بها والمحافظة عليها وعلى طهارتها وعلى جميع شؤونها وعلى الطهور فيها، الطهارة شرط لا بد منها والوقت كذلك، واستقبال القبلة كذلك، فالواجب على الجميع العناية بهذه الأمور، وأن يعتني بالطهارة والسترة، ويستر العورة، وأن يعتني باستقبال القبلة وأن يصليها في الوقت، والرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله مع إخوانه، «كان عمر رضي الله عنه يكتب إلى عماله - إلى أمرائه - ويقول: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع (1) » يعني متى ضيع الصلاة ضيع دينه - نسأل الله العافية - ولا تجد إنسانا يتهاون بالصلاة إلا وهو متهاون بالدين، فهي علامة التهاون وعلامة المحافظة من حافظ عليها حافظ على بقية الدين واستقام أمره،
__________
(1) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب وقوت الصلاة، باب وقوت الصلاة، برقم (6) .(6/31)
ومن ضيعها وتهاون بها، تهاون ببقية الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله وثبت في مسند أحمد رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوما لأصحابه: «من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (1) » نسأل الله العافية، وإنما يحشر مع هؤلاء الكفرة لأنه إن ضيعها من أجل الرئاسة لأنه ملك أو لأنه رئيس جمهورية، أو شيخ قبيلة فقد شابه فرعون، فيحشر مع فرعون إلى النار يوم القيامة، وإن ضيع الصلاة من أجل الوزارة شابه هامان وزير فرعون، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة - نسأل الله العافية - وإن ضيع الصلاة بأسباب الأموال والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به الأرض وبأهله فيكون معه يوم القيامة في النار - نسأل الله العافية - وإن ضيعها بأسباب المعاملات والتجارة شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة، أبي بن خلف كان من تجار أهل مكة، قتل يوم أحد، قتله النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة عليه الصلاة
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721) .(6/32)
والسلام كافرا، فمن ضيع الصلاة من أجل البيع والشراء والمعاملات شابه عدو الله أبي بن خلف فيحشر معه إلى النار يوم القيامة فيجب الحذر أيها الإخوة في الله يجب الحذر أيها المسلمون، أيها المسلمون نوصيكم بالصلاة احرصوا عليها، حافظوا عليها في أوقاتها بالخشوع والطمأنينة وعدم النقر وعدم العجلة، اتقوا الله في صلاتكم، حافظوا عليها، اركدوا فيها اخشعوا فيها لله لا تعجلوا، أدوها بالطمأنينة والخشوع في القراءة وفي الركوع وفي السجود وفي الرفع بعد الركوع وبين السجدتين، إذا ركع يقرأ: سبحان ربي العظيم - لا يعجل - سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي - لا يعجل يطمئن - وإذا رفع يقرأ: سمع الله لمن حمده. إن كان الإمام أو منفردا وإن كان مأموما يقول: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد.
يكون مطمئنا، يعتدل واقفا، ثم ينحط ساجدا، ويعتدل السجود على السبعة الأعضاء، على جبهته وعلى أنفه، ويديه وركبتيه، وأطراف قدميه يطمئن، يقول: سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي يدعو ربه في سجوده، ويخشع لله في السجود،(6/33)
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب؟ وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (1) » يعني: حري أن يستجاب لكم.
ويقول عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء (2) » وهكذا بين السجدتين يطمئن ولا يعجل، يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني لا يعجل، ثم يسجد الثانية ويطمئن ويدعو بما تيسر لا يعجل، هكذا المؤمن فالرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله ويسارع إليها إذا سمع الأذان حي على الصلاة، حي على الفلاح بادر سارع إلى هذه العبادة العظيمة، والمؤمنة كذلك في بيتها، تصليها في بيتها في وقتها بخشوع وطمأنينة وإقبال وإحضار قلب، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) .(6/34)
13- بيان أقوال العلماء في تارك الصلاة
س: الأخ. ع. يسأل ويقول: ما حكم تارك الصلاة؟ فنسمع البعض يقول بأنه كافر، والبعض يقول: غير كافر، ما دام ينطق بالشهادتين، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » يقول البعض من الأئمة في هذا الحديث: الكفار هنا هم الكفار في عهد الرسول الذين كانوا في الجاهلية، أما الآن فمن ينطق بالشهادتين فهو مسلم.
فوجهونا في ضوء ذلك سماحة الشيخ (2) .
ج: هذه المسألة التي سأل عنها السائل اختلف فيها العلماء رحمة الله عليهم على قولين: أحدهما أن من ترك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها فإنه يكون كافرا ولو صلاة واحدة إذا تركها حتى خرج وقتها يكون كافرا فلو تعمد ترك الفجر حتى طلعت الشمس أو تعمد ترك العصر حتى غابت الشمس، أو تعمد ترك المغرب حتى غاب الشفق يكفر
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) السؤال الأول من الشريط رقم: 385.(6/35)
بذلك؛ للحديث المذكور وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الخصيب رضي الله عنه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (3) » أخرجه البخاري في صحيحه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (4) » فالصلاة هي عمود الإسلام، فمن تركها كمن ترك الشهادتين، وهذا هو القول المختار وهو الأصح.
وذهب بعض أهل العلم وهم الأكثرون إلى أنه كفر دون كفر يكون كافرا لكن كفر دون كفر لا يخرج من الملة يكون عاصيا لكن معصيته أكبر من الزاني وأكبر من السارق، وأكبر من شارب الخمر، معصية
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553) .
(4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .(6/36)
عظيمة، لكن لا يكون كافرا كفرا أكبر إذا لم يجحد وجوبها، إذا كان يقر بأنها واجبة، ولكن حمله الكسل على تركها فهذا عند الأكثرين لا يكفر كفرا أكبر، ولكن كفر أصغر، والواجب استتابته، فإن تاب وإلا قتل، والصواب هو الأول، الصواب كفره كفر أكبر للأحاديث المذكورة، وليس عليه قضاء إذا هداه الله وتاب، ليس عليه قضاء، فسائر الكفرة إذا تابوا ليس عليهم شيء ليس عليهم قضاء ما تركوا، من صوم. ولا صلاة وإنما تكفي التوبة.(6/37)
14- مسألة في حكم تارك الصلاة
س: هل تارك الصلاة يكفر كفرا يخرجه من ملة الإسلام أم لا (1) ؟ .
ج: تارك الصلاة على حالين: إحداهما أن يترك الصلاة مع الجحد للوجوب، يرى أنها غير واجبة عليه، وهو مكلف هذا يكون كافرا - نعوذ بالله - لأن من جحد وجوبها كفر بالإجماع - بإجماع المسلمين - وهكذا من جحد وجوب الزكاة أو جحد وجوب صوم رمضان - وهم مكلفون - أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو جحد تحريم الزنا وقال: إنه
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم: 160.(6/37)
حلال، أو جحد تحريم الخمر وقال: إنه حلال أو جحد تحريم الربا وقال: إنه حلال، كل هؤلاء يكفرون - نعوذ بالله - بإجماع المسلمين.
أما من تركها تهاونا وكسلا وهو يعلم أنها واجبة فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من كفره كفرا أكبر وقال: إنه يخرج من الإسلام ويكون مرتدا كمن جحد وجوبها لا يغسل ولا يصلى عليه إذا مات، ولا يدفن مع المسلمين ولا يرثه المسلمون من أقاربه، لقوله صلى الله علمه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » رواه مسلم.
وهذا صريح منه صلى الله علمه وسلم في تكفيره يقول: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في صحيحه. والكفر والشرك إذا أطلق بالتعريف فهو الكفر الأكبر والشرك الأكبر. وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه مع أحاديث أخرى جاءت في الباب.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/38)
وقال آخرون من أهل العلم: إنه لا يكفر بذلك كفرا أكبر بل كفرا أصغر؛ لأنه موحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويؤمن بأنها فريضة عليه، وجعلوها كالزكاة والصيام والحج لا يكفر من تركها، وإنما هو عاص وأتى جريمة عظيمة ولكنه لا يكفر بذلك. والصواب القول الأول؛ لأن الصلاة لها شأن عظيم غير شأن الزكاة والصيام والحج، فهي أعظم من الزكاة، وأعظم من الصيام، وأعظم من الحج، وهي تلي الشهادتين، وهي عمود الإسلام كما قال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (1) » فلها شأن عظيم، ومن ذلك ما ثبت في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما في مسند أحمد بإسناد جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الصلاة يوما بين أصحابه، فقال: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (2) » قالوا: يدل على أن حشره مع هؤلاء يكون كفرا بالله؛ لأن
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721) .(6/39)
حشره مع هؤلاء الكفرة، مع رؤوس الكفرة، يدل على أنه كفر كفرا أكبر، نسأل الله السلامة والعافية.(6/40)
س: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز؟ نرجو من سماحتكم أن تقولوا لنا رأيكم في مسألة احترنا فيها بسبب تعدد الآراء، وهي: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (2) » فنرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا معنى كلمة الكفر، ومتى يعد المرء كافرا، وهل المقصود من الحديث أن تارك الصلاة يعتبر كافرا إذا تركها تكاسلا وخمولا أم إذا تركها جحودا وإنكارا؟ أم إذا تركها بأي حال من الأحوال: أفتونا في ذلك جزاكم الله خيرا؟ أخوكم في الله: ح. ك، الكويت (3)
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم: 127.(6/40)
ج: ترك الصلاة من أعظم الجرائم ومن أعظم الكبائر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، ولأنها أعظم الأركان بعد الشهادتين، فإن تركها جاحدا لوجوبها أو مستهزئا بها ساخرا بها، ولو فعلها فهذا يكون كافرا بإجماع المسلمين، ويكون مرتدا عن الإسلام إذا تركها جاحدا لوجوبها أو استهزأ بها وسخر منها فإن هذا يعتبر كافرا كفرا أكبر، ومرتدا عن الإسلام بإجماع المسلمين.
أما إذا تركها تكاسلا وتساهلا وهو يعلم أنها واجبة، وليس ساخرا بها ولا مستهزئا بها، ولكنه يحترمها ولكنه ربما تركها في بعض الأوقات تساهلا وتكاسلا كما يفعل بعض الناس في صلاه الفجر لا يصليها وربما ترك صلاة العصر أو صلاة العشاء ونحو ذلك، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، ومن أهل العلم من قال: إنه يكون كافرا كفرا أكبر ويحتج بالحديثين اللذين ذكرتهما أيها السائل، وهما حديثان صحيحان عن النبي عليه الصلاة والسلام، أحدهما قوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » خرجه الإمام أحمد بن حنبل في المسند بإسناد جيد وخرجه أيضا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وآخرون بإسناد صحيح
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/41)
عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1) » والحديث الثاني قوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام، قالوا: والكفر إذا عرف فهو الكفر الأكبر وهكذا الشرك إذا عرف هو الشرك الأكبر فالمعنى: بين الرجل وبين الوقوع في الكفر الأكبر والشرك الأكبر تركه الصلاة، وهذا يعم من تركها جاحدا ومن تركها متكاسلا وهذا القول هو الصواب وهو الأصح من قولي العلماء، أن من تركها تكاسلا يكون كافرا كفرا أكبر، ويدل على هذا أيضا الحديث الثالث وهو قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأمراء الذين يخلون بالدين بعده عليه الصلاة والسلام، قال: «إنه سيجيء عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون قالوا: يا رسول الله، أفلا نقاتلهم:؟ قال: لا
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/42)
إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (1) » هكذا جاء الحديث في الصحيحين.
وفي رواية قال: «ما أقاموا فيكم الصلاة (2) »
فدل على أن ترك الصلاة وعدم إقامتها يعتبر من الكفر البواح الذي يوجب القيام على الوالي إذا ترك ذلك ويعتبر بذلك كافرا كفرا بواحا يجب أن يقاوم من المسلمين حتى يولى غيره على المسلمين، فالمقصود أن ترك الصلاة على الأصح يعتبر كفرا بواحا.
وذهب آخرون من أهل العلم إلى تأويل هذين الحديثين وأن المراد كفر دون كفر وشرك دون شرك، وأنه لا يكفر بذلك إلا إذا جحد وجوبها أو استهزأ بها بل يكون عاصيا وقد أتى جريمة عظيمة وكبيرة عظيمة، ولكن لا يكون كافرا كفرا أكبر.
وأيضا هذا هو المعروف في مذهب الإمام مالك والشافعي وأبي حنيفة والجماعة، ولكن القول الأول أصح وأصوب وأقرب للدليل، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك وأن يستقيم على أداء الصلاة وأن لا تمنعه وظيفته أو شهواته من إقامة الصلاة في وقتها، بل يجب أن يحذر
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855) .(6/43)
ذلك، وكذلك لا يجوز له أن يطاوع جلساء السوء في ذلك، بل يجب أن يحذر ذلك، وأن يكون قويا على جلساء السوء يأمرهم بالصلاة ويعينهم عليها، وإذا تركوا فارقهم وخالفهم وأداها في وقتها، هذه نصيحتي لكل مسلم، فليتق الله كل مسلم وليحذر ترك الصلاة، فإن تركها من أعظم الجرائم بل تركها كفر أكبر في أصح قولي العلماء بل بسببه لا يجوز له أن تبقى معه زوجة مسلمة، بل عليها أن تفارقه وأن تمتنع منه حتى يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من ترك الصلاة، رزق الله الجميع العافية والهداية، لكن من تركها جاحدا هذا كافر بالإجماع، لقد أجمع المسلمون على أنه كافر كفرا أكبر لكن من تركها تكاسلا وهو يعلم أنها واجبة ويعترف أنها واجبة، ولكن يحمله الكسل والتهاون وقلة المبالاة على تركها، فهذا هو الذي فيه الخلاف، والصواب أنه يكون كافرا كفرا أكبر؛ للأحاديث التي سمعت في الجواب.(6/44)
س: يقول السائل: نأمل أن تتكرموا بإفادتنا عن تارك الصلاة يكفر أم لا يكفر؟ نريد منكم تفصيلا كاملا حول هذا، ونريد سرد الأدلة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة في ذلك جزاكم الله خيرا؛ لأن هذا الموضوع شغل بال(6/44)
الكثير من المسلمين، وفقكم الله. (1)
ج: هذه المسألة من المسائل العظيمة التي اختلف فيها العلماء، وهي مسألة ترك الصلاة متهاونا وكسلا لا عن جحد لوجوبها، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك، بأدلة كثيرة منها قوله جل وعلا: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (2) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (3) {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} (4) الآية، ومنها قوله جل وعلا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (5) فدل على أن من لم يصل ليس بأخ في الدين وإن لم يجحد الوجوب، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (6) » خرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن بإسناد صحيح.
وقوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (7) » خرجه مسلم في
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم: 244.
(2) سورة المدثر الآية 42
(3) سورة المدثر الآية 43
(4) سورة المدثر الآية 44
(5) سورة التوبة الآية 11
(6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(7) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/45)
صحيحه، وهذا كفر معرف بأل وشرك معرف بأل يدل على أنه كفر أكبر وشرك أكبر، وقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (1) » فشيء ترك عموده لا يبقى بل يسقط وقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأمراء الذين يحدثون في الدين ويغيرون، قالوا: أفنقاتلهم؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة (2) » وفي لفظ آخر قال: «لا حتى تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (3) » فجعل ترك الصلاة من الكفر البواح الذي يوجب كفر من فعله وقد ذكر عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة.
فحكي عن الصحابة جميعا أنهم يرون ترك الصلاة كفرا، ولم ينقل عنهم اشتراط جحد الوجوب، فدل ذلك على أن تركها من غير جحد الوجوب كفر، وإطلاق الكفر في هذا المقام يقتضي أنه كفر أكبر؛ لأن هناك أعمالا عند الصحابة تركها كفر وفعلها كفر، لكنه ليس كفرا أكبر مثل الطعن في النسب، والنياحة
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709) .(6/46)
على الميت، سماه النبي عليه الصلاة والسلام كفرا، ولكنه كفر أصغر، وهكذا البراءة من النسب سماه النبي كفرا، براءة الإنسان من أبيه، «وانتسب إلى غير أبيه (1) » وهو كفر أصغر، فدل على أن الكفر الذي حكاه عبد الله بن شقيق عن الصحابة أنه كفر أكبر. وقال عمر رضي الله عنه: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة (2) »
هذا القول هو أصح القولين وأرجح القولين من جهة الدليل، أما من جحد الوجوب فهو كافر عند الجميع من جحد وجوب الصلاة فهو كافر عند الجميع وإن صلى مع الناس؛ لأنه مكذب لله ولرسوله إذا جحد الوجوب، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يبادر وأن يسارع إلى الصلاة ويحافظ عليها في أوقاتها، وأن يتقي الله في ذلك، ويحذر أن يكون مع الكافرين ومن ضمن الكافرين وهو لا يدري فالصلاة عمود الإسلام وأعظم أركانه بعد الشهادتين فالواجب على المسلمين جميعا أن يحافظوا عليها وأن يعتنوا بها وأن يؤدوها في
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الحدود، باب من ادعى إلى غير أبيه، برقم (2609) .
(2) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب الطهارة، باب العمل فيمن غلبه الدم، برقم (84) .(6/47)
أوقاتها، وأن يصليها الرجل في جماعة في مساجد الله طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وحذرا مما وصف به من تركها من الكفر، ونسأل الله لجميع المسلمين التوفيق والهداية والعافية.(6/48)
س: صدرت عدة فتاوى من هذا البرنامج بتكفير تارك الصلاة سواء تركها جاحدا أم متهاونا فتتبعنا الأقوال والأدلة في ذلك فرجح لدينا هذا الحكم، لكن وقفت أمامنا مجموعة من الشبهات، نرجو من سماحتكم ردها وهي: أولا: مصير تارك الصلاة هل هو إلى الجنة أو إلى النار؟ وذلك لتعارض هذا الحكم مع عدة أحاديث منها حديث أبي ذر، وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة.
فسأل أبو ذر الرسول: وإن زنى وإن سرق؟ قال الرسول: وإن زنى وإن سرق (1) » فعل ذلك أبو ذر مرتين فأجابه الرسول نفس الإجابة وقال في الثانية: على رغم أنف أبي ذر. (2) الحديث، رواه البخاري.
__________
(1) صحيح البخاري اللباس (5827) ، صحيح مسلم الإيمان (94) ، مسند أحمد (5/166) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب اللباس البيض، برقم (5827) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار، برقم (94) .(6/48)
ثانيا: صدرت الفتوى بأن تارك الصلاة إن مات لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، وهذا يعارض الحديث الذي رواه الدارقطني والبيهقي، وهو قول الرسول: «صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله، وعلى من قال: لا إله إلا الله (1) »
ثالثا: تعارض هذه الفتوى مع حديث آخر لا يحضرني نصه، ولكن معناه أن من أدى الصلاة وحافظ عليها كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له عهد، إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، فجعل تارك الصلاة في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
هذه ثلاث شبهات نرجو ردها مع التفصيل، وبيان الأدلة على ذلك، جزاكم الله خير الجزاء (2)
ج: إن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة كلها قائمة على كفر تارك الصلاة، سواء كان جاحدا أو متساهلا، أما من كان جاحدا لوجوبها فهذا
__________
(1) أخرجه الدارقطني في السنن (2/401/1761) والبيهقي في السنن الكبرى، جماع أبواب الشهيد باب الصلاة على من قتل نفسه غير مستحل لقتلها، (4/19) بنحوه.
(2) السؤال الأول من الشريط رقم 101.(6/49)
كافر بإجماع المسلمين؛ لأنه مكذب لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، ومن كذب الله أو كذب رسوله كفر بإجماع المسلمين، أما من تركها تهاونا لا جحدا فهذا هو محل الخلاف بين أهل العلم، والسائل قد عرف ذلك، والصحيح كما عرفه السائل أن تاركها تهاونا يكفر كفرا أكبر وهذا قول جماعة من أهل العلم وقد حكاه التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي عن الصحابة رضي الله عنهم، أنهم ما كانوا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة، وقد دل على ذلك أحاديث منها قوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » أخرجه مسلم في صحيحه.
وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (3) » ومنها قوله صلى
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .(6/50)
الله عليه وسلم في الصلاة: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (1) » وهؤلاء من صناديد الكفرة وكبارهم، فحشر تارك الصلاة معهم يدل على كفره، نسأل الله العافية والسلامة.
وإن كان لم يتركها بالكلية، بل يترك بعضا ويؤدي بعضا وهناك أدلة أخرى دالة على ذلك، أما الشبهات الثلاث التي ذكرها السائل فجوابها بحمد الله ميسر، أما حديث أبي ذر فهو دليل على أن من مات على التوحيد لا يشرك بالله شيئا فإنه من أهل الجنة وإن زنى وإن سرق، وهكذا لو فعل معاصي أخرى كالعقوق والربا وشهادة الزور ونحو ذلك، فإن العاصي تحت مشيئة الله إن شاء ربنا غفر له، وإن شاء عذبه على قدر معاصيه إذا مات غير تائب، ولو دخل النار وعذب فيها فإنه لا يخلد، بل سوف يخرج منها إلى الجنة بعد التطهير والتمحيص، فمراد النبي صلى الله عليه وسلم أنه وإن زنى وإن سرق فمصيره إلى الجنة إذا مات على التوحيد، وإن جرى عليه قبل ذلك ما يجري على بعض العصاة من العقوبات، وهكذا الأحاديث
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721) .(6/51)
الأخرى الدالة على أن أهل التوحيد من أهل الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث عتبان: «إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله (1) » متفق عليه.
وفي حديث جابر عند مسلم يقول صلى الله عليه وسلم: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار (2) » والأحاديث كثيرة فهذا يدل على أن أهل التوحيد مصيرهم إلى الجنة وإن جرى منهم بعض المعاصي فإنهم تحت مشيئة الله فقد يعفى عنهم ويدخلون الجنة من أول وهلة لأعمال صالحة اكتسبوها رجحت بها موازينهم، وقد يدخلون النار ويعذبون فيها على قدر المعاصي ثم يخرجون منها، كما ثبتت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواترت، وأجمع على ذلك أهل السنة أن العصاة لا يخلدون في النار إذا ماتوا مسلمين على التوحيد والإيمان، فإنهم لا يخلدون في النار خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سلك
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، برقم (425) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، برقم (33) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار، برقم (93) .(6/52)
مسلكهم، فيكون من دخل النار من أهل التوحيد وهو عاص غير مخلد بخلاف الكفار، فإنهم يخلدون في النار أبد الآباد فحديث أبي ذر وما جاء في معناه إنما هو في حق العصاة الذين لم تصل معصيتهم إلى الكفر أما من وصلت معصيته إلى الكفر كتارك الصلاة، وسب الدين، والمستهزئ بالدين وأشباههم، هؤلاء نقضوا توحدهم ونقضوا إسلامهم، فلم يبق معهم إسلام ولم تنفعهم كلمة التوحيد إذا فعلوا ما ينقض الإسلام، فالذي ترك الصلاة ليس مثل الزاني والسارق، بل شأنه فوق ذلك وأعظم من ذلك فهو من جنس من سب الدين أو سب الله أو سب الرسول أو استهزأ بالدين أو نحو ذلك، هؤلاء كفار بإجماع المسلمين، ولو قالوا: لا إله إلا الله، ولو ماتوا غير مشركين؛ لأن سبهم للدين يدل على احتقارهم له وعدم مبالاتهم به، وهكذا استهزاؤهم به، قال الله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (1) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2) وهكذا لو جحد وجوب الصلاة كفر وإن كان موحدا، وإن كان يقول: لا إله إلا الله، وإن كان لا يشرك بالله شيئا عند جميع العلماء، إذا جحد وجوبها أو جحد وجوب الزكاة، أو جحد
__________
(1) سورة التوبة الآية 65
(2) سورة التوبة الآية 66(6/53)
وجوب صيام رمضان، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو جحد تحريم الزنى أو تحريم الخمر، كفر إجماعا ولو قال: لا إله إلا الله، ولو كان لا يشرك بالله شيئا؛ لأن فعله هذا يجعله كافرا في حكم المشركين، فيكون داخلا فيمن أشرك، وهكذا تركه للصلاة يجعله داخلا في الكفار، والرسول صلى الله عليه وسلم إنما حكم بالجنة لمن مات لا يشرك بالله شيئا، يعني من قال: لا إله إلا الله موحدا غير مشرك، ومن ترك الصلاة خرج من أهل التوحيد إلى أهل الكفر، وهكذا من سب الدين خرج من أهل التوحيد إلى أهل الكفر، وهكذا من استهزأ بالدين، هكذا من جحد وجوب الصلاة ومن جحد وجوب الزكاة ومن جحد وجوب صوم رمضان، ومن جحد تحريم الزنى ومن جحد تحريم المسكر، ومن جحد تحريم العقوق للوالدين ومن جحد تحريم دم المسلم بغير حق، ومن جحد هذه الأمور كفر إجماعا، ولم ينفعه قوله: لا إله إلا الله، ولم ينفعه كونه لا يشرك بالله شيئا من جهة الأصنام أو القبور أو غير ذلك؛ لأنه أتى بناقض من نواقض الإسلام، ومن أتى بناقض من نواقض الإسلام لن تنفعه بقية الأمور التي عنده، وهكذا لو استهان بالمصحف، كفر إجماعا ولو قال: لا إله إلا الله، ولو كان لا يشرك بالله شيئا فلو جلس عليه إهانة له أو بال عليه كفر إجماعا؛ لأنه استهان بكلام الله،(6/54)
واحتقر كلام الله فهو يدل على عدم احترامه لله وعدم احترامه لكلامه سبحانه وتعالى، وبهذا تعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم: «من مات لا يشرك بالله دخل الجنة (1) » «من قال: لا إله إلا الله صدقا من قلبه دخل الجنة (2) » إنما هذا في حق من قالها ولم يأت بناقض من نواقض الإسلام، أما إذا قالها وأتى بناقض كفر إجماعا ولم تنفعه هذه الكلمة كما أن من توضأ الوضوء الشرعي فقد أتى بالطهارة الشرعية له أن يصلي، لكن لو أتى بناقض، لو خرج منه الريح بعد ما توضأ أو بال بطل هذا الوضوء ولم تنفعه هذه الطهارة؛ لأنه أتى بناقض ينقضها، فهكذا من أتى بناقض من نواقض الإسلام لم ينفعه قوله: لا إله إلا الله أو شهادة أن لا إله إلا الله، أو كونه لا يشرك بالله؛ لأنه أتى بشي، ينقض دينه، وينقض إسلامه.
الشبهة الثانية: حديث عبادة في: «إن على الله عهدا لمن أتى يحافظ على الصلوات أن يدخل الجنة، ومن لم يأت يحافظ عليها ليس له عند
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب: المكثرون هم المقلون، برقم (6443) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار، برقم (94) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده مسند الكوفيين، حديت أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، برقم (19689) .(6/55)
الله عهد (1) » هذا حديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، هو من أحاديث الفضائل، ولو صح فهو محمول على من حافظ عليها، ولكن أتى بشيء من النقص لم يتركها إنما حصل فيها خلل من بعض الشؤون التي لا تجعله تاركا لها، ولا جاحدا لها، فهذا شأنه شأن من أتى بالمعاصي تحت مشيئة الله إذا كان يصلي ولكنه أخل بشيء مما يجب فيها من جهة نقره لها بعض الأحيان، أو أشياء أخل بها لا تجعله في حكم التاركين، فهذا الإنسان قد يحصل منه نقص في صلاته، فيكمل له عمله بتطوعاته، كما في الحديث الثاني حديث أبي هريرة أن العبد إذا أتى بالصلاة أمر الله أن ينظر فيها فإن كملت كتبت كاملة وإلا قال سبحانه: «انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل به فرضه (2) » فلو
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في المحافظة على وقت الصلاة، برقم (425) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها، برقم (1401) بمعناه.
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه، برقم (864) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، برقم (413) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب المحاسبة على الصلاة، برقم (465) مع اختلاف في اللفظ.(6/56)
صح حمل على أنه أتى بشيء من النقص فيكمل فرضه، ولا يكون حكمه حكم من ترك بخلاف من تركها دائما أو ترك بعضها كمن يصلي الظهر دون الفجر، أو يصلي العصر دون المغرب، والعشاء أو ما أشبه ذلك، فمن ترك بعضها له حكم من تركها كلها نسأل الله العافية.
وأما الشبهة الثالثة: حديث: «صلوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلوا خلف من قال: لا إله إلا الله (1) » فهذه أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو صحت لكان المعنى: صلوا على من قال: لا إله إلا الله، إذا قالها بحق واستقام عليها، وهكذا صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله، يعني إذا قالها والتزم معناها وأدى حقها، فأما من قالها ونقضها بالشرك أو نقضها بأنواع من الكفر لم تنفعه، فالمنافقون يقولون: لا إله إلا الله ويصلون مع الناس ويصومون ويحجون وهم كفار؛ لأنهم نقضوها بكفرهم الباطن، واعتقادهم الباطن، وتكذيبهم لله في الباطن، فهكذا من قالها كما تقدم وسب الدين أو
__________
(1) أخرجه الدارقطني في السنن برقم (1762) والبيهقي في السنن الكبرى بنحوه (4/ 19) .(6/57)
سب الرسول، أو سب الله، أو استهزأ بالدين، أو استهان بالمصحف، أو ما أشبه ذلك فإن قوله: لا إله إلا الله لا ينفعه؛ لأنه أتى بناقض ينقض هذا الكلام، ويدل على كفره، وأن قوله: لا إله إلا الله ليس بصادق، بل عنده من الاستهانة بالله، وبحقوق أحكامه وبشريعته ما يجعله معدوم الإيمان، باطل هذا القول لأنه قال قولا لا حقيقة له ولا يعضده إيمان وتصديق، ونسأل الله العافية.(6/58)
15 – مسألة في تارك الصلاة
س: سمعت في برنامج نور على الدرب أن تارك الصلاة تهاونا كافر كفرا مخرجا من الملة، ولكن الشافعية يقولون في كتاب النفحات الصمدية: إنه – أي تارك الصلاة – يستتاب ويقتل ويصلى عليه ويغسل ويدفن في مقابر المسلمين، فما رأي سماحتكم؟ وجزاكم الله خير الجزاء (1)
ج: قد علم أن ترك الصلاة تهاونا من أكبر الكبائر ومن أعظم الجرائم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام والركن الأعظم بعد الشهادتين،
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 79.(6/58)
فلهذا صار تركها من أقبح القبائح ومن أكبر الكبائر، واختلف العلماء رحمة الله عليهم في حكم تاركها هل يكون كافرا كفرا أكبر أو يكون حكمه حكم أهل الكبائر على قولين لأهل العلم، منهم من قال: إنه يكون كافرا كفرا أصغر، كما ذكره السائل عن الشافعية، وهكذا عن المالكية والحنفية وبعض الحنابلة، وقالوا: إن ما ورد في تكفيره يحمل على أنه كفر دون كفر، وتعلقوا بالأحاديث الدالة على أن من مات على التوحيد وترك الشرك فله الجنة، وهذا موحد مات على توحيد الله، فلا يكون كافرا كفرا أكبر، أما لو جحد وجوبها قال: إنها غير واجبة هذا قد أجمع العلماء على كفره كفرا أكبر عند الشافعية والحنبلية والمالكية والحنفية وغيرهم من أهل العلم، وإنما الخلاف فيما إذا تركها تهاونا فقط وهو يؤمن بوجوبها.
وقال بعض أهل العلم: إنه يكون كافرا كفرا أكبر، وهو المنقول عن الصحابة عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ثبت من حديث عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل قال: لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة ومعلوم أنهم يرون أن الطعن في الأنساب والنياحة على الميت نوع من الكفر، والبراءة من الأنساب نوع من الكفر، لكنه كفر أصغر، وعلم أن مراده بذلك أن ترك الصلاة كفر أكبر ليس من(6/59)
جنس ما ورد في النصوص تسميته كفرا وهو كفر أصغر، واحتجوا أيضا بما ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » واحتجوا أيضا بما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » وبقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأئمة الذين يتركون بعض ما أوجب الله ويتعاطون بعض ما حرم الله سأله السائل عن قتالهم، قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة (3) » وفي اللفظ الآخر: «إلا أن تروا كفرا بواحا (4) » فدل ذلك على أن ترك الصلاة كفر بواح، في أدلة أخرى، وهذا هو القول الصواب، وإن كان القائلون به أقل من القائلين بأنه كفر أصغر، لكن العبرة بالأدلة لا بكثرة الناس،
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709) .(6/60)
يقول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (1) ، ويقول سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (2) ، فالأدلة الشرعية قائمة على أن تركها كفر أكبر ولو كان تهاونا وغير جاحد للوجوب، وأما ما يتعلق بالموت على التوحيد فيقال: إن من ترك الصلاة ما يكون مات على التوحيد يكون مات على الكفر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها (3) » فالصلاة من حقها، ويدل على هذا قوله في الحديث الآخر في
__________
(1) سورة النساء الآية 59
(2) سورة الشورى الآية 10
(3) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، برقم (1400) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويؤمنوا بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأن من فعل ذلك عصم نفسه وماله إلا بحقها ووكلت سريرته إلى الله تعالى وقتال من منع الزكاة أو غيرها من حقوق الإسلام واهتمام الإمام بشعائر الإسلام، برقم (20) .(6/61)
الصحيحين، يقول صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله (1) » ويقول جل وعلا عن أهل النار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (2) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (3) {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} (4) {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} (5) ، {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} (6) ، فذكر من موجبات دخولهم النار تركهم الصلاة، - نسأل الله العافية - فالواجب على أهل الإسلام من الرجال والنساء الحذر من ترك الصلاة، تهاونا أو جحدا لوجوبها، فمن جحد وجوبها كفر إجماعا، ومن تركها تهاونا وتساهلا بها كفر في أصح قولي العلماء، فالواجب الحذر، نسأل الله للمسلمين العافية والسلامة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم، برقم (25) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويؤمنوا بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأن من فعل ذلك عصم نفسه وماله إلا بحقها ووكلت سريرته إلى الله تعالى وقتال من منع الزكاة أو غيرها من حقوق الإسلام واهتمام الإمام بشعائر الإسلام، برقم (22) .
(2) سورة المدثر الآية 42
(3) سورة المدثر الآية 43
(4) سورة المدثر الآية 44
(5) سورة المدثر الآية 45
(6) سورة المدثر الآية 46(6/62)
س: بالنسبة للمتأولين بعلم أو بغير علم كقولهم مثلا: الجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما. بعضهم مثلا نوقش في موضوع الصلاة، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما (1) » نرجو من سماحة الشيخ توجيه الناس لفهم النصوص وما يجب عليهم تجاه النصوص التي فيها مثل هذه القواعد؟ (2)
ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهما إذا اجتنب الكبائر (3) » كذا جاء الحديث: إذا اجتنب الكبائر. وترك الصلاة من أكبر الكبائر، حتى على القول بأنها ليس تركها كفرا أكبر، فتركها من أكبر الكبائر، وفي لفظ آخر قال: «ما لم تغش الكبائر (4) » فمن أتى الكبائر لم
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) السؤال الثاني من الشريط رقم 79.
(3) سبق تخريجه.
(4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم (233) .(6/63)
تكفر عنه الصلاة، ولا الصوم، ولا الزكاة، ولا الجمعة، ولا غير ذلك؛ ولهذا قال جمهور أهل العلم: إن أداء الفرائض وترك الكبائر يكفر السيئات الصغائر، أما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال جل وعلا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (1) يعني الصغائر، {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (2) فإذا سمعت النصوص التي فيها ذكر تكفير السيئات ببعض الأعمال الصالحة فاعرف أن هذا بشرط اجتناب الكبائر مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما (3) » ومثل: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه (4) » يعني إذا ترك المعاصي وترك
__________
(1) سورة النساء الآية 31
(2) سورة النساء الآية 31
(3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773) ، ومسلم في كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، برقم (1349) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب قول الله عز وجل ''ولا فسوق ولا جدال في الحج ''، برقم (1820) .(6/64)
الكبائر، ولهذا قال: «ولم يرفث ولم يفسق (1) » وهكذا قوله: «والحج المبرور ليس له جزاء الله الجنة (2) » المبرور ليس معه إصرار على الكبائر وهكذا بقية الأعمال التي يعلق فيها الرسول صلى الله عليه وسلم تكفير السيئات بالعمل الصالح، يعني عند اجتناب الكبائر، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن صوم يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والتي بعده (3) » يعني عند اجتناب الكبائر وهكذا قوله في صوم يوم عاشوراء «إنه يكفر السنة التي قبله (4) » يعني عند اجتناب الكبائر لقوله سبحانه وتعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (5) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس والجمعة إلى
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب قول الله عز وجل ''ولا فسوق ولا جدال في الحج''، برقم (1820) .
(2) سبق تخريجه.
(3) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، برقم (1162) .
(4) سبق تخريجه.
(5) سورة النساء الآية 31(6/65)
الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر (1) » إذا اجتنب الكبائر، ما اجتنبت الكبائر كلها ألفاظ جاءت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما ذكر وضوءه عليه الصلاة والسلام، وأن من توضأ مثل وضوئه صلى الله عليه وسلم غفر له، قال: «ما لم تصب المقتلة (2) » قال العلماء: المقتلة يعني الكبيرة، يعني: ما اجتنب الكبائر، نسأل الله السلامة والعافية.
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) أخرجه أحمد في مسنده، حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه، بلفظ: (ما اجتنبت المقتلة) ، برقم (23729) .(6/66)
16 – تعريف الكبيرة من المعاصي
س: الكبائر التي لا يكفرها إلا الإقلاع عنها حبذا لو تكرمتم بذكر بعض منها وأخطرها سماحة الشيخ (1)
ج: هذه المعاصي العظيمة الكبيرة هي التي جاء فيها الوعيد إما بغضب أو لعنة أو نار، أو جاء فيها حد في الدنيا كالسرقة، والزنا، وشرب المسكر، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، وأكل
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 79.(6/66)
أموال اليتامى، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات وقتل النفس بغير حق، وأشباه ذلك مما جاءت فيه النصوص بالوعيد، إما بغضب من الله على فاعله، أو لعنة أو وعيد بالنار، أو حد في الدنيا كحد السرقة والزنا ونحو ذلك، هذه الكبائر في أرجح أقوال أهل العلم، وقال بعض أهل العلم: يلحق بذلك المعاصي التي ينفى الإيمان عن صاحبها أو يتبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم، يعني تلحق بالكبائر، كقوله صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (1) » يعني عند المصيبة، والصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة عند موت أبيها أو أخيها، والحالقة التي تحلق شعرها أو تنتفه، والشاقة التي تشق ثوبها، وفي اللفظ الآخر: «ليس منا من شق الجيوب، أو ضرب الخدود، أو دعا بدعوى الجاهلية (2) » هذا يدل على أن هذه من الكبائر عند جمع من أهل العلم؛ لأجل هذا الوعيد: ليس منا. أنا بريء، مثل نفي الإيمان،
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، برقم (104) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ليس منا من ضرب الخدود، برقم (1297) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود، وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، برقم (103) .(6/67)
مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه (1) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه (2) » يعني ظلمه وعدوانه، وما أشبه ذلك من النصوص، هذا ما يقول به بعض أهل العلم أنها تلحق بالكبائر، إذا نفي الإيمان عن صاحبه، أو تبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم، أو قال فيه: ليس منا. فيلحق بالذنوب التي فيها اللعنة، أو الغضب، أو الوعيد بالنار، أو فيها الحد، كحد السرقة، وحد الزنا والقذف ونحو ذلك.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، برقم (13) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، برقم (45) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه، برقم (6016) .(6/68)
17 – حكم تارك الصلاة تهاونا أو جاحدا لوجوبها
س: أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يبين فيها أن تارك الصلاة كافر، فهل هذا الكفر يخرج عن الملة؟ جزاكم الله خيرا (1) .
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 313.(6/68)
ج: باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: فالصلاة عمود الإسلام، وأعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وتركها كفر أكبر عند جميع العلماء إذا جحد وجوبها وإن صلى، إذا جحد وجوبها كفر بإجماع المسلمين؛ لأنه مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، الله يقول سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (1) ويقول جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) .
ويقول جل وعلا: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (3) وإن تركها ولم يجحد وجوبها أو ترك بعضها كفر أيضا في أصح قولي العلماء سواء الخمس أو ترك الظهر وحدها أو العصر وحدها أو الفجر وحدها أو الجمعة وحدها يكفر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4) » رواه مسلم في الصحيح.
__________
(1) سورة البقرة الآية 43
(2) سورة البقرة الآية 238
(3) سورة العنكبوت الآية 45
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/69)
والكفر والشرك إذا أطلق المعرف يكون شركا أكبر، هذا هو الأصح من قولي العلماء في هذا، وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1) » أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمراء الذين لا يقيمون الصلاة في وقتها، الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها قالوا: أفنقاتلهم يا رسول الله؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة (2) » وفي لفظ: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (3) » فدل على أن الأمراء والملوك والخلفاء الذين لا يقيمون الصلاة كفرهم كفر بواح لا شبهة فيه، فالواجب على جميع المسلمين من الأمراء والملوك والوزراء وغيرهم رجالا ونساء، الواجب على الجميع العناية بالصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها، فمن تركها وأعرض عنها فقد كفر كفرا أكبر في أصح قولي العلماء وقال جماعة من أهل العلم: إنه كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، إذا كان يقر بوجوبها
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709) .(6/70)
ولا يجحده، ولكن هذا قول ضعيف، والصواب أنه كفر أكبر، فيجب الحذر من ذلك، ويجب التواصي بالمحافظة عليها وإقامتها بجماعة في أوقاتها، يجب على الرجال أن يقيموها في جماعة في بيوت الله جميع أوقاتها الخمسة: الفجر، الظهر، العصر، والمغرب، والعشاء، كثير من الناس قد يتساهل بالفجر فيصليها في البيت أو بعد طلوع الشمس، فهذا منكر عظيم يجب الحذر من ذلك، والتواصي بترك ذلك؛ لأن هذا من عمل المنافقين، وهكذا النساء يجب عليهن أن يصلينها في وقتها جميع الأوقات الخمسة مع المحافظة على الطمأنينة والخشوع فإن الصلاة عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (1) » خرجه الإمام أحمد رحمه الله بإسناد صحيح، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وهذا الحديث يبين أن تارك الصلاة قد أتى جريمة عظيمة، وأنه كافر يحشر
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721) .(6/71)
مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف، هؤلاء من صناديد الكفرة هم من رؤساء الكفرة، ووجه حشره معهم لأنه إن ضيعها من أجل الرئاسة والملك تركها مثل فرعون؛ لأنه شغله ملكه وكبره عن اتباع الحق، وإن شغله عن الصلاة الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون فيحشر معه يوم القيامة - نسأل الله العافية - وإن شغله عن الصلاة المال والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به وبداره الأرض بسبب كبره واشتغاله بالمال عن طاعة الله ورسوله، وإن شغلته التجارة والبيع والشراء عن الصلاة، شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة من الكفرة الذي قتل يوم أحد، قتله النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه.
فالواجب الحذر من التساهل بالصلاة، فقد أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم أن التكاسل عنها والتثاقل عنها من صفات أهل النفاق، قال تعالى في سورة النساء: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (1) هذه من صفاتهم الخبيثة، وقال جل وعلا في سورة التوبة: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} (2)
__________
(1) سورة النساء الآية 142
(2) سورة التوبة الآية 54(6/72)
فالواجب الحذر والعناية بالصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها من الرجال والنساء، ويجب الحذر بوجه خاص من تضييع صلاة الفجر في جماعة بسبب السهر، يجب الحذر من السهر الذي يحملك على ترك الصلاة في الوقت أو في الجماعة، وهذا عام للرجال وللنساء، يجب الحذر من ترك الصلاة كلها، والحذر من إضاعتها في الجماعة بحق الرجل، والحذر بوجه أخص من إضاعة صلاة الفجر للرجال والنساء جميعا؛ لأنه شبهه الله بأهل النفاق، ويجب التواصي بهذا لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَالْعَصْرِ} (1) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (2) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (3) ويقول سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (4) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة. قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (5) » ومن النصيحة لأهل بيتك
__________
(1) سورة العصر الآية 1
(2) سورة العصر الآية 2
(3) سورة العصر الآية 3
(4) سورة المائدة الآية 2
(5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55) ، مع اختلاف اللفظ، وأخرجه النسائي بلفظه في المجتبى في كتاب البيعة، باب النصيحة للإمام، برقم (4199) .(6/73)
ولإخوانك أن تحذرهم من السهر والعكوف على التلفاز أو الدش أو غير ذلك، أما السهر بطاعة الله والتهجد أو قراءة القرآن أو مطالعة العلم للدراسة فلا بأس إذا كان سهرا قليلا لا يحمل على ترك الصلاة في الجماعة، إذا سهر قليلا في العلم لطاعة الله ورسوله في مطالعة العلم في التهجد، هذا مطلوب وهو مأجور، لكن يحذر أن يكون هذا السهر يشغله عن الفريضة، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء أن يوترا في أول الليل لما كانا يتدارسان العلم، فيشق عليهما القيام في آخر الليل لكن من قوي أن يقوم في آخر الليل فلينم مبكرا حتى يقوم آخر الليل، ويصلي من الليل ما تيسر، ويصلي صلاة الفجر في الجماعة حتى يجمع بين الخير كله، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق والهداية وصلاح النية والعمل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.(6/74)
18 - بيان حكم حديث: " تارك الصلاة لا يقبل منه عمل "
س: أرجو إفادتي هل هذا الحديث صحيح؟ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: تارك الصلاة لا يقبل منه عمل، وإن مات لا(6/74)
يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين (1)
ج: ليس هذا بحديث، هذا من كلام بعض العلماء وليس حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا من كلام من يرى أن تارك الصلاة كافر كفرا أكبر، يقول: لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في الصحيح.
ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » هذا الكلام يقوله من قال بأن تارك الصلاة كافر، يقول: لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين، لكن يدفن في محل بعيد عن مقابر المسلمين في أرض يحفر فيها ويدفن كسائر الكفار مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب لما مات أبو طالب وجاء علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله،
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 319.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/75)
«إن عمك الشيخ الضال قد مات. قال: اذهب فواره، اذهب فواره (1) » أي فادفنه، ما قال: كفنه وصل عليه لا؛ لأنه مات على الكفر، مات أبو طالب على دين قومه، اجتهد النبي صلى الله عليه وسلم في إسلام أبي طالب، لكن لم يهتد، وأنزل الله في كتابه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (2) وقال سبحانه: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (3) المقصود أن الكافر من أقارب وغيرهم لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين.
__________
(1) أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب الغسل من مواراة المشرك، برقم (190) .
(2) سورة القصص الآية 56
(3) سورة البقرة الآية 272(6/76)
19 - بيان الفرق بين من يترك الصلاة عمدا أو تهاونا
س: هل هناك فرق بين من يترك الصلاة عمدا أو تهاونا أو تكاسلا (1) ؟
ج: الفرق بينهما أن من ترك الصلاة عمدا جاحدا لوجوبها أو مستهزئا بها، فهذا يكون كافرا عند جميع العلماء، مرتدا عن الإسلام يجب قتله لأنه بدل دينه، ولأنه كذب الله ورسوله باعتقاده عدم وجوبها
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 96.(6/76)
أو باستهزائه بها، والله سبحانه يقول: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (1) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2) أما الذي يتركها تهاونا، ويقول: أنا أؤمن بها أنا أعرف أنها واجبة وفريضة، يعترف بهذا ولكنه يتساهل فلا يصلي أو يصلي الجمعة دون غيرها، أو يصلي في رمضان دون غيره فهذا هو محل الخلاف، ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكون كافرا كفرا أصغر، وظلما أصغر وفسقا أصغر ما دام يقر بالوجوب فلا يكون كفره كفرا أكبر مثل ما جاء في الحديث الآخر: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (3) » ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم (4) » ولقوله صلى الله عليه وسلم: «اثنتان في الناس هما من الكفر: الطعن في النسب، والنياحة
__________
(1) سورة التوبة الآية 65
(2) سورة التوبة الآية 66
(3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الإنصات للعلماء، برقم (121) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، برقم (65) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت، برقم (6830) .(6/77)
على الميت (1) » قالوا: هذا كفر دون كفر فيكون قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حق التارك للصلاة: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2) » يعني كفرا أصغر وهكذا يقولون في الحديث الأخر: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3) » قالوا: يكون المراد بهذا الكفر والشرك، الكفر الأصغر والشرك الأصغر، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها؛ لأنها عمود الإسلام، ولأنها أعظم الأركان بعد الشهادتين ولأن من ضيعها أضاع دينه، فلهذا قالوا: إنه كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها.
قالوا: ولأن إطلاق النبي صلى الله عليه وسلم: «فقد كفر (4) » يدل على الكفر الأكبر، ولأن قوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (5) » يدل على الكفر الأكبر؛ لأنه كفر معرف بأل، وشرك معرف بأل، فهذا ينصرف إلى الكفر الأكبر، قالوا: ولأن أصحاب النبي
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/78)
صلى الله عليه وسلم اتفقوا على تكفير تارك الصلاة ولم يتفقوا على تكفير تارك الزكاة والصيام إذا لم يقاتل دون ذلك، ولم يستهزئ بذلك، وذلك لما رواه التابعي الجليل عبد الله العقيلي رضي الله عنه، قال: لم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة.
فذكر عن الصحابة جميعا أنهم يرون ترك الصلاة كفرا، يعني وإن لم يجحد الوجوب والله المستعان.(6/79)
20 - حكم ترك الصلاة تكاسلا حتى يخرج وقتها
س: ما حكم من ترك الصلاة تكاسلا حتى يخرج وقتها، هل عليه إثم في ذلك؟ وهل ينطبق عليه صفات المنافقين (1) ؟
ج: تأخير الصلاة جريمة عظيمة ومنكر عظيم، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من ترك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها أنه يكفر بذلك كفرا أكبر وردة عن الإسلام - نعوذ بالله - ويحتجون على هذا بما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في الصحيح، هذا ظاهره أنه يكفر
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 12.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/79)
بذلك إذا أخرها حتى خرج وقتها. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » وقال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (2) » فتأخيرها جريمة عظيمة ومنكر عظيم، فالذي مثلا يؤخر الفجر حتى يصليها الضحى، هذا منكر عظيم، يجب أن يصليها قبل طلوع الشمس، ويجب أن يهتم بذلك وهو مع كونه أتى جريمة قد تشبه بالمنافقين، وقد كفره جماعة من أهل العلم بذلك، فالواجب على المسلم أن يعتني بالصلاة، وأن يؤديها في الوقت مع المسلمين في الجماعة في المساجد، وليس له تأخيرها أبدا لا مع المسلمين ولا في البيت، بل يجب أن يبادر حتى يؤديها في الوقت مع المسلمين في مساجد الله والمرأة كذلك عليها أن تبادر بأن تصلي الصلاة في وقتها في بيتها، ولا يجوز لها التأخير، كما يفعل بعض الطالبات تؤخر الصلاة حتى تقوم بعد طلوع الشمس للمدرسة، ثم تصلي، هذا لا يجوز، هذا منكر عظيم، وهكذا بعض المدرسات تؤجل صلاة الفجر إلى أن تطلع الشمس، ثم تقوم
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .(6/80)
للتدريس وللصلاة، هذا منكر عظيم، يجب أن تصلي الصلاة في وقتها قبل طلوع الشمس، وإذا كانت يغلبها النوم يجب أن تتخذ ما يعين على اليقظة، مثل ساعة منبهة تركد على الوقت للصلاة، أو تستعين بأهل البيت يوقظونها حتى تصلي الصلاة في وقتها وهكذا العشاء لا تؤخر إلى ما بعد نصف الليل، وقت العشاء ينتهي نصف الليل، هذا وقتها الاختياري وكذلك المغرب لا تؤخر حتى يغيب الشفق، بل تصلى قبل الشفق، والشفق الحمرة التي في المغرب يجب أن تصلى المغرب قبل ذلك قبل أن يغيب الشفق، وهكذا الظهر لا تؤجل حتى يصير ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال، بل تصلى في أول الوقت بعد الزوال، والعصر لا تؤجل حتى تصفر الشمس، بل تؤدى في وقتها، النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤديها في الوقت، ولما سئل عن ذلك صلى الصلاة يوما في أول وقتها، ثم صلاها في آخر وقتها، يعني الصلوات الخمس، ثم قال: «الصلاة بين هذين الوقتين (1) » والله يقول سبحانه:
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، برقم (393) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، برقم (149) .(6/81)
{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (1) يعني مفروضا في الأوقات، الله يخبر أنها مفروضة في الأوقات، فلا يجوز لأهل الإسلام أن يؤخروها عن أوقاتها، بل يجب أن تؤدى في الوقت ويروى عن عمر رضي الله عنه ما يدل على الشدة في ذلك، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أيضا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه قال عليه الصلاة والسلام: «من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (2) » نسأل الله العافية، هؤلاء كبار الكفار وصناديدهم - نعوذ بالله - قال بعض أهل العلم: إنما يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء؛ لأنه إذا ضيعها من أجل الرئاسة حشر مع فرعون، وإن ضيعها من أجل الوزارة ونحوها حشر مع هامان وزير فرعون، وإن ضيعها في الشهوات والنعم والمال حشر مع قارون الذي أعطاه الله المال فبطر وتكبر وعصى نبي الله موسى، فخسف الله به وبداره الأرض، نسأل الله العافية، هذه عقوبة عاجلة مع النار، ومن ترك
__________
(1) سورة النساء الآية 103
(2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721) .(6/82)
الصلاة وضيعها بسبب أعمال التجارة والبيع والشراء حشر يوم القيامة مع أبي بن خلف تاجر أهل مكة، فالواجب على أهل الإسلام الحذر غاية الحذر من التساهل بالصلاة، والواجب أن تؤدى في أوقاتها، المرأة تؤديها في الوقت والرجل يؤديها في الجماعة في المساجد، ولا يجوز التشبه بالمنافقين في التساهل بالصلاة، وعرفت أن بعض أهل العلم يقول: إن من تركها تهاونا حتى خرج الوقت يكفر بذلك وهذا قول صحيح، ترك الصلاة تهاونا وتساهلا بها كفر أكبر - نسأل الله العافية - فإن السنة تؤيده، السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤيد هذا القول، فإن الباب فيه أحاديث صحيحة كما تقدم، فيجب على المسلم أن يحذر هذا الأمر الخطير، وأن يحافظ على الصلاة في وقتها، وأن يستعين على ذلك بكل ما يستطيع من ساعة وغيرها حتى يؤدي الصلاة في وقتها مع إخوانه المسلمين، وحتى تؤدي المرأة صلاتها في وقتها في بيتها قبل خروج الوقت، فهي عمود الإسلام، وهي أهم الفرائض بعد الشهادتين، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.(6/83)
21 - حكم تارك الصلاة متعمدا مع إقراره بالشهادتين
س: هل تارك الصلاة متعمدا مع شهادته بأن لا إله إلا الله وأن محمدا(6/83)
رسول الله يعد كافرا مخلدا في النار (1) ؟
ج: نعم، إذا ترك الصلاة تعمدا يعد كافرا، هذا هو الصحيح إلا أن بعض أهل العلم قال: يكون قد أتى كبيرة إذا لم يجحد وجوبها، ولكن ظاهر النصوص أنه يكفر بذلك إذا تركها ولو شهد أن لا إله إلا الله، ولو زكى ولو صام إذا ترك الصلاة يكفر بذلك تساهلا وكسلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في الصحيح.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (4) » والله يقول: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (5) فعاملهم معاملة الكافر، أما إذا جحد وجوبها قال: ما هي بواجبة الصلاة هذا يكفر عند الجميع، عند جميع المسلمين وعند
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 377.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553) .
(5) سورة الأنعام الآية 88(6/84)
جميع العلماء ولو صلى، إذا قال: ما هي بواجبة كفر عند الجميع لأنه مكذب لله ولرسوله، نسأل الله العافية.(6/85)
22 – مسألة في حكم تارك الصلاة تكاسلا
س: الأخ: ع. ح، يسأل ويقول: إذا كان الشخص يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، ومات وهو تارك للصلاة كسلا، هل هو مخلد في النار أم لا؟ نرجو الإجابة جزاكم الله خيرا (1)
ج: مر في سؤال سابق أن من ترك الصلاة تهاونا فقد اختلف فيه العلماء، هل هو كافر كفرا أكبر أم كفرا أصغر، وسبق أنه كافر كفرا أكبر في الصحيح من قولي العلماء، وإذا كان كفره أكبر فهو إذا مات على ذلك يكون حكمه حكم الكفار مخلدا في النار كسائر الكفرة، وقد قال الله عز وجل في كتابه العظيم لما سئل عن أهل النار عن أسباب دخولهم النار؟ أجابوا بأنهم لم يكونوا من المصلين، قال تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (2) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (3) ، ما قالوا: كنا من الجاحدين، قالوا: لم نك من
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 114.
(2) سورة المدثر الآية 42
(3) سورة المدثر الآية 43(6/85)
المصلين، فدل على أن عدم الصلاة من أسباب دخولهم النار، نعوذ بالله من ذلك، فيجب على المؤمن أن يحذر هذا العمل السيئ، وأن يصلي كما أمره الله، وأن يحذر هذا التساهل الذي يحصل لمن اعتقد بزعمه أنه كفر أصغر، حتى ولو كان كفرا أصغر الواجب الحذر من جميع ما حرم الله عز وجل، فكيف وقد سمي كفرا، فإن الواجب هو الحذر منه أكثر من غيره، وإذا كان تركها كفرا أكبر فالأمر أعظم وأعظم، وهذا هو الصواب أنه كفر أكبر لما تقدم في قوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » رواه مسلم في الصحيح.
وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وهناك أدلة أخرى على ذلك، وفي هذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (3) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (4) {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} (5) {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} (6) {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} (7) {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} (8) فجعل
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) سورة المدثر الآية 42
(4) سورة المدثر الآية 43
(5) سورة المدثر الآية 44
(6) سورة المدثر الآية 45
(7) سورة المدثر الآية 46
(8) سورة المدثر الآية 47(6/86)
تارك الصلاة مع هؤلاء، فدل ذلك على أنه كفر أكبر؛ لأن الشك في الدين والخوض فيه على سبيل الشك والريب، وهكذا التكذيب بيوم الدين - بيوم القيامة - كله كفر أكبر، نعوذ بالله، فيجب على المؤمن أن يحذر ترك الصلاة مطلقا، أما إن جحد وجوبها فالأمر أعظم، فإنه كافر بالإجماع، نسأل الله العافية.(6/87)
23 – بيان الراجح في اختلاف العلماء في تكفير تارك الصلاة
س: اختلف العلماء رحمهم الله في تكفير تارك الصلاة، فقال مالك والشافعي بأنه ليس بكافر، فما حكم من مات وهو لا يصلي تهاونا وكسلا، معتمدا على هذه الفتوى ومعتقدا بصحتها، وما هو مصيره عند الله بيوم القيامة، وهل هذا الاعتقاد في التمسك بهذه الفتوى أو تلك مصدره الحديث القائل: «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن» ؟ (1)
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، برقم (3600) .(6/87)
ج: المسألة كما قال السائل فيها خلاف بين العلماء إذا كان التارك للصلاة لم يجحد وجوبها، أما إن كان يجحد وجوبها فهو يكفر عند الجميع - والعياذ بالله - كسائر الكفرة، وهو كفر أكبر، أما إذا تركها تكاسلا نائما، أو في بعض الأحيان، فهذا هو محل الخلاف، والصواب أنه يكفر كفرا أكبر، هذا هو الصواب في قول الأكثر، والصواب قول من قال: إنه يكفر كفرا أكبر، وأنه لا يغسل ولا يصلى عليه، حكمه حكم الكفار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2) » ولقول عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل: لم يكن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة.
ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأئمة الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها أو يتعاطون بعض المعاصي أن يقاتلهم نهى عن قتالهم، قال: «إلا أن تروا
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/88)
كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (1) » وفي رواية: «ما أقاموا فيكم الصلاة (2) » فدل على أن ترك الصلاة من الكفر البواح فالواجب على كل مسلم أن يحذر ترك الصلاة، وهكذا كل مسلمة يجب عليها المحافظة على الصلاة في وقتها والحذر من تركها فإن تركها كفر، ومن هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (3) » فحبوط العمل يدل على الكفر الأكبر فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلاة في أوقاتها، والحذر من تركها لا جحدا ولا تهاونا نسأل الله للمسلمين الهداية والتوفيق.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553) .(6/89)
24 - حكم من مات وهو يجهل أن ترك الصلاة كفر
س: إذا كان هناك إنسان مات وهو لا يصلي ولم يكن يعلم أن تارك الصلاة كافر، فهل يغفر الله له بجهله؟ (1)
ج: ظاهر الأدلة الشرعية أنه لا يغفر له، فليس بشرط أن يعلم الحكم
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 305.(6/89)
فهو مأمور بالصلاة فعليه أن يصلي ومأمور بالزكاة فعليه أن يزكي وهكذا الحاصل أنه إذا ترك الصلاة عمدا فهو كافر على الصحيح من أقوال العلماء وإن لم يجحد وجوبها أما إن جحد الوجوب فهو كافر عند جميع العلماء، نسأل الله العافية.
لكن إذا تركها تكاسلا وتساهلا فالصحيح أنه يكفر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » أخرجه مسلم في صحيحه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2) » رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح ولأدلة أخرى، ولأن تركه لها يدل على قلة الإيمان أو عدم الإيمان - نسأل الله العافية - لأنها عمود الإسلام، نسأل الله العافية.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/90)
25 - حكم من قتل في الحرب وهو لا يصلي
س: الأخت أم هـ. من العراق تقول: قتل زوجها في الحرب في اليوم العاشر من شهر رمضان المبارك، وكان لا يصلي، ولكنه ينوي أن(6/90)
يصلي بعد انتهاء الحرب، ولكنه قتل قبل أن يصلي، فهل يجوز أن أصلي بدلا عنه؟ وإنني أنفق كثيرا بغية الثواب له، فهل تصله النفقات التي أنفقها من راتبي وليس من راتب ابنتي الوحيدة التي عمرها سنتان؟ بعض الناس يقولون: لا يجوز أن تنفقي لأن في عصمتك قاصرة، علما بأني غير محتاجة، وجهوني جزاكم الله خيرا. (1)
ج: الذي مات وهو لا يصلي لا يصلى له، الصلاة ما يفعلها أحد عن أحد، الصلاة لا تفعل عن أحد والذي مات وهو لا يصلي تقدم في الجواب السابق أنه كافر - نسأل الله العافية - ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح وإن لم يجحد الوجوب كونه يعزم أنه يصلي في المستقبل هذا ليس هو عذرا له، الواجب البدار بالصلاة، فلا تتصدقي عنه ولا تصلي له ولا تدعي له ما دام مات على ترك الصلاة - نعوذ بالله من ذلك - ولا تنفقي من مال اليتيمة لا له ولا لغيره، مال اليتيمة احفظيه لها وثمريه لها أو أعطيه إنسانا من التجار الطيبين يثمرونه لها تصدقي من مالك أنت، أما الزوج الذي توفي على هذه الحالة - وهي ترك الصلاة - لا تتصدقي عنه بشيء ولا تدعي له ولا تستغفري له؛ لأنه مات على كفر - نسأل الله
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 200.(6/91)
العافية - أما الصدقة من مالك في وجوه البر في الفقراء والمساكين ليس عن زوجك، بل لنفسك مصلحتك أنت تتصدقين على الفقراء والمساكين، في عمارة مسجد، في جهاد في سبيل الله، كل هذا لك أجره، أما هو فلا، ما دام مات وهو لا يصلي لا تتصدقي عنه.(6/92)
26 - حكم قضاء الصلوات عن الميت الذي كان لا يصلي قبل وفاته
س: سائلة تقول: كان لي ولد لا يصلي ولا يصوم وقد توفي وأراه في المنام يناقشني في موضوع صلاته، وترجو من سماحتكم التوجيه هل تقضي عنه ما لم يصل (1) ؟
ج: لا يقضى عنه ولا يدعى له ولا عليه يترك أمره إلى الله؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر فلا يدعى له ولا يدعى عليه ولا يتصدق عنه؛ لأن الصدقة والدعاء إنما تكون لأهل الإسلام، أما من مات على غير الإسلام فإنه لا يدعى له وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه استأذن ربه أن يستغفر لأمه وقد ماتت في الجاهلية فلم يؤذن له مع أنها ماتت في الجاهلية، فلا يجوز للمسلم أن يستغفر لمن مات على أعمال الكفر
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم 109.(6/92)
كترك الصلاة وعبادة أصحاب القبور، وسب الدين والاستهزاء بالدين ونحو ذلك، كل هؤلاء لا يصلى عليهم ولا يدعى لهم إذا ماتوا على هذه الحال ولم يتوبوا، نسأل الله السلامة.(6/93)
27 – حكم قبول سائر العبادات من تارك الصلاة
س: السائل أحمد من سوريا يقول: إذا كان بين الكافر والمؤمن ترك الصلاة، فهل هذا يعني بأن تارك الصلاة كافر لا يقبل منه أي عمل (1) ؟
ج: هذا هو الصواب، اختلف العلماء في هذا بعض أهل العلم يقولون: لا يكفر إلا بالجحد، إذا جحد وجوبها كالزكاة والصوم ونحو ذلك، والصواب أنه يكفر بذلك، هذا الراجح، وإن كان هذا قول الأقل إذا تركها حتى خرج وقتها عمدا فإنه يكفر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في الصحيح والكفر المعرف والشرك المعرف يطلق على الكفر الأكبر
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 413.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/93)
والشرك الأكبر وفي اللفظ الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1) » أخرجه الإمام أحمد في المسند وأهل السنن الأربعة أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يفرقون بين المسلم والكافر بترك الصلاة، إذا ترك الصلاة عرفوا أنه كافر، نسأل الله العافية.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/94)
28 – حكم القول بتخليد تارك الصلاة في النار
س: السائل ب. ع، من جمهورية مصر العربية يقول: التارك للصلاة هل يخلد في النار (1) ؟
ج: التارك للصلاة إذا كان قد جحد وجوبها كفر عند جميع أهل العلم ويخلد في النار إذا مات على ذلك أما إذا كان لا يعلم أنها واجبة ولكن يتساهل بتركها بعض الأحيان، فهذا قد أتى ذنبا عظيما وكبيرة عظيمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 419.(6/94)
وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (3) » ولأن الله يقول سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (4) ، فالتثاقل عنها والكسل من صفات المنافقين، لكن إذا تركها جحدا لوجوبها كفر عند الجميع وصار مخلدا في النار إذا مات على ذلك أما إذا تركها وهو يعلم أنها واجبة، ولكنه يتركها تكاسلا وتهاونا فهذا عند الأكثرين لا يكفر كفرا أكبر يكون كفرا أصغر، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر كفرا أكبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (5) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (6) » فالواجب الحذر من ذلك نسأل الله العافية والسلامة.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(4) سورة النساء الآية 142
(5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/95)
29 – حكم ذبح الأضحية عن الميت التارك للصلاة قبل وفاته
س: السائل هـ. م. ع، من العراق يقول: أنا وأخي قد آمنا بالله الواحد الأحد، فله الحمد أن هدانا، ونحن نعيش في قرية مملوءة بالكفر والشرك، خصوصا للعائلة التي نعيش فيها أنا وأخي، إني أطرح عليكم مشكلتي وهي: لقد توفي أبونا ونحن أطفال وكانت لنا أم لا تؤمن بالله تعالى وكثيرة الكفر، وعندما سألناها عن أبينا، هل هو مؤمن أم لا فقالت لنا: إنه كان يسرق الناس أشياءهم وليس مؤمنا بالله، بل يقول بلسانه: الله ربنا، محمد نبينا، لكن لا يقيم الصلاة، بصراحة إنه كما يقول الناس وخصوصا أمنا إنه لا يؤمن باليوم الآخر عندما مات ولم يترك لي ولأخي مالا ولا حلالا.
سؤالي هو: أولا: هل أقوم بذبح الأضاحي له أم يكون ذلك حرجا علي (1) ؟
ج: إذا كانت الوالدة ما هناك ما يكذبها فإن مثل هذا لا يضحى له، ولا يستغفر له؛ لأنه يترك الصلاة، وتارك الصلاة كافر في أصح قولي
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 7.(6/96)
العلماء أما إن وجد غيرها ممن يعرف فيسأل عنه، إذا وجد من يعرفه يسأل عنه: هل يصلي؟ هل هو مستقيم؟ فلا بأس أن يضحى له ولا بأس أن يدعى له ويستغفر له، ويتصدق عنه أما والدتك ما دامت كافرة فهي ليست ثقة ما دامت لا تؤمن بالله واليوم الآخر فليست ثقة في الخبر، لكن إذا وجد من يصدقها من الأقارب، أو شهادة بعض الناس فإنه لا يضحى له، ولا يتصدق عنه، أما إذا ما هناك إلا شهادة الوالدة ليس هناك من يؤيدها وقد عرف أنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن ظاهره الإسلام فينبغي الصدقة عنه والدعاء له.
ولو عرف أنه كان يتعاطى شيئا من الأمور التي تكفره وتخرجه عن الإسلام إما ترك الصلاة وإما الاستهزاء بالدين وإما سب الدين أو ما شابه ذلك من نواقض الإسلام هذا لا يدعى له ولا يتصدق عنه ولا يضحى عنه، أما الواحدة لا تكفي لأن شهادة الكافر لا تعتبر، لكن إذا وجد شهادة تؤيدها من قرائن أو شهادة آخرين بأنه لا يصلي فلا يضحى له ولا يتصدق عنه ولا يستغفر له.(6/97)
30 – عقوبة تارك الصلاة
س: الأخ ف. أ، من حائل يسأل ويقول: أرجو أن توضحوا عقوبة تارك الصلاة، وهو مؤمن بوجوبها، وأن توضحوا لنا - عافاكم الله -(6/97)
فضل صلاة الفجر، وعقوبة من لم يؤدها في وقتها جزاكم الله خيرا (1)
ج: من ترك الصلاة فعقوبته القتل يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، قال الله سبحانه: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (2) ، فدل على أن من لا يقيم الصلاة لا يخلى سبيله بل يقتل، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وقال عليه الصلاة والسلام: «إني نهيت عن قتل المصلين (3) » فالمصلي لا يقتل إذا استقام، أما من ترك الصلاة فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله مرتدا على أصح القولين، وعند جماعة من أهل العلم لا يكون مرتدا ولكن يكون قتله حدا إذا قلنا بأن تركها ليس بكفر أكبر إذا كان يقر بوجوبها ولا يجحده، والصواب أنه يقتل كفرا إذا كان تاركا لها، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كفرا لا حدا ويبعد جدا أن يكون يقر بوجوبها ثم يصر على عدم فعلها حتى يقتل، هذا بعيد جدا المقصود أنه يقتل كفرا مطلقا ما دام أبى أن يصلى واستتيب وأبى فإنه يقتل كفرا - نسأل الله العافية - لا يرثه
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 156.
(2) سورة التوبة الآية 5
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في الحكم في المخنثين، برقم (4928) .(6/98)
المسلمون سواء كانت الصلاة فجرا أو ظهرا أو عصرا أو مغربا أو عشاء، والفجر لها شأن خاص لأنه يتكاسل عنها المنافقون، وجاء فيها أحاديث كثيرة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (1) » وقال عليه الصلاة والسلام: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته فإنه من يطلبه بشيء من ذمته يدركه، ثم يكبه في النار (2) » فالصلاة لها شأن عظيم، سواء كانت صبحا أو ظهرا أو عصرا أو مغربا أو عشاء، ولكن للصبح خصائص لأنها تكون في آخر الليل عند حلاوة النوم في الصيف، وعند شدة البرد في الشتاء، وربما تثاقل عنها الكسالى، وتشبهوا بأهل النفاق، فجاء فيها تأكيد، يجب على المؤمن أن يعتني بها حتى يتباعد عن مشابهة المنافقين، ولا يجوز له تركها حتى تطلع الشمس كما يفعل بعض الناس يصليها إذا قام للعمل هذا منكر عظيم وشر
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (651) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة، برقم (657) .(6/99)
مستطير يجب على صاحبها أن يتقي الله، وأن يصليها في الوقت مع المسلمين في جماعة المسلمين في مساجد الله ومن علم بهذا وجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل؛ لأن تركها حتى يخرج وقتها منكر عظيم، بل كفر عند جمع من أهل العلم إذا تعمد ذلك، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة.(6/100)
31 - بيان الأدلة الدالة على كفر تارك الصلاة
س: ما هو ذنب تارك الصلاة (1) ؟
ج: ذنب تارك الصلاة عظيم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام وهي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، فمن تركها فقد كفر.
ومن جحد وجوبها فقد كفر ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 210.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/100)
الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وفي الباب أحاديث كثيرة تدل على كفر تارك الصلاة، وهذا هو القول الصحيح من أقوال أهل العلم أن تاركها يكفر وإن لم يجحد وجوبها، وقد نقله التابعي الجليل عبد الله العقيلي عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة.
نقل هذا عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
وقال نافع مولى عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: «كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عماله ويقول: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع (2) » وكان عليه الصلاة والسلام يوما بين أصحابه لما ذكر الصلاة قال: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون، وأبي بن خلف (3) »
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب وقوت الصلاة، باب وقوت الصلاة، برقم (6) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721) .(6/101)
وهؤلاء من صناديد الكفرة - نعوذ بالله - وذلك يدل على أن تاركها كافر يحشر مع هؤلاء - نعوذ بالله - لأنه إن شغله عنها الرئاسة والملك شابه فرعون فيحشر مع فرعون - نعوذ بالله - إلى النار، وإن شغله عنها الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة - نسأل الله العافية - وإن ترك الصلاة بأسباب أمواله وشهواته شابه قارون تاجر بني إسرائيل الذي حمله كبره وتعظيمه للمال وللدنيا، حمله ذلك على الامتناع من أتباع موسى والبقاء على كفره بالله - نعوذ بالله من ذلك - فخسف الله به وبداره الأرض - نعوذ بالله - وإن شغله عن الصلاة تجارته شابه أبي بن خلف، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وأبي هذا تاجر أهل مكة من الكفار، قتل يوم أحد، فالواجب الحذر من إضاعتها، والواجب المحافظة عليها والاستقامة عليها، فهي عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، نسأل الله للجميع الهداية.(6/102)
32 – بيان عدم صحة حديث
"من تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة"
س: ما حكم ما ينشر في بعض النشرات عن عقوبة تارك الصلاة؟ وفيها: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول: من(6/102)
تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة: ستة منها في الدنيا، وثلاثة عند الموت، وثلاثة في القبر، وثلاثة عند خروجه من القبر إلى نهاية هذه النشرة (1)
ج: هذا الحديث ليس بصحيح، هذا الحديث قد نبه أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر في اللسان والحافظ الذهبي في الميزان وغيرهما على أنه موضوع ولا صحة له، بل هو موضوع من الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد غلط الذهبي رحمه الله في ذكره في الكبائر والصواب أنه لا أصل له بل هو حديث موضوع مكذوب ليس له أصل، ومعلوم أن الصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، والله قال فيها سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2) ، وقال فيها سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (3) وقال فيها سبحانه: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} (4) {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} (5) .
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 20.
(2) سورة البقرة الآية 43
(3) سورة البقرة الآية 238
(4) سورة الماعون الآية 4
(5) سورة الماعون الآية 5(6/103)
وقال عز وجل في شأنها وتعظيمها: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (1) ، يعني خسارة ودمارا، فالصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، ومن ضيعها ضيع دينه، ومن حفظها حفظ دينه فالواجب على أهل الإسلام من الذكور والإناث أن يحافظوا عليها وأن يستقيموا عليها وأن يؤدوها في أوقاتها بالطمأنينة والطهارة والخشوع وغير ذلك من شؤونها، هذا هو الواجب على الذكور والإناث جميعا من المسلمين تعظيم هذه الصلاة والحفاظ عليها وأداؤها في أوقاتها والعناية بطهارتها وسائر ما شرع الله فيها؛ لأنها عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، والرجل يزيد في ذلك أنه يؤديها في جماعة، يلزمه أن يؤديها في جماعة في مساجد الله وليس له أن يؤديها في البيت كالمرأة، لا بل هذا من خصال أهل النفاق ومن التشبه بهم كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «لقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (2) » .
والله قال سبحانه في شأن المنافقين: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3)
__________
(1) سورة مريم الآية 59
(2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (654) ، سنن النسائي الإمامة (849) ، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (777) ، مسند أحمد (1/415) .
(3) سورة النساء الآية 142(6/104)
فالآيات تغني عما وضعه الوضاعون، وكذبه الكذابون، وهكذا ما جاء في السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام في شأن الصلاة كاف شاف، قال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1) » وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في الصحيح.
وقال أيضا عليه الصلاة والسلام فيما رواه أحمد ومسلم بإسناد جيد لما ذكر الصلاة فيما بينه وبين أصحابه قال: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور وبرهان ولا نجاة وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (3) » نسأل الله العافية، هؤلاء من كبار الكفرة ومن صناديدهم، فيجب الحذر من إضاعة الصلاة والتشبه بأعداء الله بالتخلف عنها قال بعض أهل العلم: إنما يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء الكفرة
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721) .(6/105)
لأنه من يضيعها من أجل الرئاسة والملك فيكون شبيها بفرعون، فيحشر معه يوم القيامة - نعوذ بالله - وأما من يضيعها بسبب الوزارة فيكون شبيها بهامان وزير فرعون فيحشر معه يوم القيامة، وأما من يضيعها بسبب المال والشهوات فيكون شبيها بقارون الذي خسف الله به وبداره الأرض لما تكبر وطغى وامتنع عن طاعة موسى عليه الصلاة والسلام في زمانه، وأما من يضيعها بسبب التجارات والمعاملات فيكون شبيها بأبي بن خلف تاجر أهل مكة فيحشر معه يوم القيامة، فالحاصل أن الحفاظ على الصلاة من أهم المهمات ومن أوجب الواجبات، والتخلف عنها وإضاعتها من خصال أهل النفاق ومن أعظم المنكرات، ومن أسباب دخول النار، بل تركها بالكلية من أنواع الكفر بالله من الكفر الأكبر في أصح قولي العلماء فيجب الحذر من ذلك، ويجب على الرجال والنساء جميعا المحافظة على الصلوات وأداؤها كما شرع الله، كما تجب العناية بالطمأنينة فيها وعدم العجلة وعدم النقر، وأن تؤدى في الوقت، وأن يعتني بالطهارة وتكميلها وأن يعتني بالخشوع، كما قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) حتى قال سبحانه بعد ذلك:
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 1
(2) سورة المؤمنون الآية 2(6/106)
{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (1) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (2) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (3) فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يوفقهم بالمحافظة على هذه الصلاة العظيمة، والعناية بها والحذر من التهاون بها وتركها.
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 9
(2) سورة المؤمنون الآية 10
(3) سورة المؤمنون الآية 11(6/107)
33 – حكم إطلاق كلمة الكفر على تارك الصلاة
س: ما الحكم إذا قال شخص عن جهل بأن حكم تارك الصلاة كافر دون أن يقصد شخصا بعينه هل يلزمه أن يتوب من ذلك ويأثم على قوله أم كيف توجهونه (1) ؟
ج: الذي يقول هذا الكلام مصيب، فقد قاله النبي عليه الصلاة والسلام سيد الخلق عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في الصحيح.
ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » خرجه الإمام أحمد، وأهل السنن أبو داود
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 333.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/107)
والترمذي والنسائي وابن ماجه بسند صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه فالواجب الحذر، والصلاة عمود الإسلام من تركها فقد كفر - نعوذ بالله من ذلك - فالواجب على الرجال والنساء الحذر من تركها والتهاون بها، والواجب المحافظة عليها في أوقاتها بالخشوع والطمأنينة كما قال الله سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (1) ، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (2) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (3) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (4) ، وقال في سورة المعارج: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} (5) {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (6) .
والواجب على جميع المسلمين العناية بالصلاة والحرص عليها والمحافظة عليها في أوقاتها بالخشوع والطمأنينة والعناية، وعلى الرجل أن يؤديها في جماعة في مساجد الله مع إخوانه، وليحذر كل الحذر من صفات المنافقين الذين يتكاسلون عنها، قال الله تعالى في حقهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (7) ،
__________
(1) سورة البقرة الآية 238
(2) سورة المؤمنون الآية 9
(3) سورة المؤمنون الآية 10
(4) سورة المؤمنون الآية 11
(5) سورة المعارج الآية 33
(6) سورة المعارج الآية 34
(7) سورة النساء الآية 142(6/108)
فالواجب عليك يا عبد الله، وعليك يا أمة الله الحذر من صفات المنافقين، والواجب العناية بالصلاة والمحافظة عليها غاية المحافظة بالطمأنينة في ركوعها وسجودها وفي كل أحوالها، وأداؤها في الوقت: الرجل يؤديها مع إخوانه في المساجد في الجماعة ولا يتشبه بأهل النفاق، والمرأة تؤديها في بيتها في الوقت ولا تؤخرها عنه، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.(6/109)
34 – حكم صيام من لا يصلي
س: يلاحظ بكل أسف سماحة الشيخ من بعض المسلمين أنهم يصومون لكنهم لا يصلون، كيف تقولون (1) ؟
ج: هذه مسألة عظيمة قد تنازع أهل العلم فيمن ترك الصلاة كسلا وتثاقلا لا عن جحد الوجوب، فقال جمع: إنه لا يكفر بذلك، وقد أتى منكرا عظيما أعظم من الزنى وأعظم من الربا وأعظم من سائر المعاصي.
قالوا: لكن لا يكفر كفرا أكبر بل يكون فيه كفر وفيه شرك، ولكن لا يكون
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 84.(6/109)
كفرا أكبر وهذا هو المشهور بمذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة والجماعة وقال آخرون من أهل العلم: يكفر بذلك إذا ترك الصلاة عمدا وإن لم يجحد وجوبها وهذا هو المعروف عن الصحابة والمنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة (1) » يعني كفرا أكبر؛ لأن هناك أعمالا فيها كفر لكن أصغر مثل الحلف بغير الله ومثل البراءة من الأنساب وما أشبه ذلك، لكن مراده رضي الله عنه أنهم يرونه كفرا أكبر هذا هو الظاهر من سياق كلام عبد الله بن شقيق العقيلي وأعظم من هذا ما ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » هذا صريح، والكفر معرف بالألف واللام، الكفر والشرك، ومتى عرف الكفر والشرك بالألف واللام فالمراد به الكفر الأكبر والشرك الأكبر وثبت في المسند والسنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
__________
(1) سنن الترمذي الإيمان (2622) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/110)
قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » وفي المسند وسنن الترمذي عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (2) » فبيت سقط عموده هل يبقى؟ ما يبقى البيت إذا سقط عموده.
وثبت أيضا في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قيل له لما ذكر الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها: «وتعرف منهم وتنكر قال الصحابة: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة (3) » وفي لفظ آخر: «حتى تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (4) » فجعل ترك الصلاة كفرا بواحا فيه البرهان فهذا هو القول الأرجح أنه متى تركها تكاسلا عامدا كفر كفرا أكبر لا يصح صومه ولا غيره من عباداته، فمن صام ولم يصل فلا صوم له - نسأل الله العافية - أما إذا
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709) .(6/111)
جحد وجوب ذلك وقال: ما علي صلاة، أو استهزأ بها، استهزأ بالصلاة واستهزأ بالمصلين فهذا كفره أكبر عند جميع العلماء إذا استهزأ بها ولو صلى أو جحد وجوبها كفر إجماعا عند جميع أهل العلم؛ لأنه مكذب لله ورسوله عليه الصلاة والسلام.(6/112)
35 – حكم صيام من لا يصلي إلا في شهر رمضان
س: شيخ عبد العزيز، ما حكم صيام ذلكم الذي لا يصلي إلا في رمضان، بل ربما صام ولم يصل (1) ؟ .
ج: كل من حكم بكفره بطلت أعماله، عندما نحكم بكفره تبطل أعماله، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) ، وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (3) ، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يكفر كفرا أكبر إذا كان يقر بالوجوب ولكنه يكون كفرا أصغر ويكون عمله هذا أقبح وأشنع من عمل الزاني والسارق ونحو ذلك، ومع هذا يصح صيامه وحجه عندهم وزكاته ونحو ذلك إذا
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 167.
(2) سورة الأنعام الآية 88
(3) سورة المائدة الآية 5(6/112)
أداها على الوجه الشرعي، ولكن تكون جريمته عدم المحافظة على الصلاة فهو على خطأ عظيم من وقوعه في الكفر الأكبر عند جمع من أهل العلم وحكاه بعضهم وهو قول الأكثرين أنه لا يكفر بذلك إذا كان لا يجحد الوجوب وإنما يتركها تكاسلا وتهاونا فإنه يكون بذلك قد أتى كفرا أصغر وجريمة عظيمة ومنكرا شنيعا أعظم من الزنى وأعظم من السرقة وأعظم من العقوق وأعظم من شرب الخمر نسأل الله العافية والسلامة، ولكن الصواب والصحيح من قولي العلماء في ذلك أنه يكفر كفرا أكبر - نسأل الله العافية - لما تقدم من الأدلة الشرعية.
المقصود أن من صام وهو لم يصل فلا صيام له ولا حج له، نسأل الله السلامة والهداية لنا ولجميع إخواننا المسلمين، ولا شك أن الأمر خطير وعظيم وجدير بالعناية من أهل العلم في كل مكان جدير من أهل العلم أن يوضحوا هذا دائما وأن يحذروا الناس من التكاسل عن الصلاة حتى ولو قلنا إنه كفر أصغر يجب الحذر من هذه الجريمة العظيمة التي تجره إلى الكفر الأكبر ولو أن الإنسان حاسب نفسه لرأى أن إقراره بوجوبها ضعيف؛ لأنه لو أقر بوجوبها على الكمال لما تركها، لكن هذا الإقرار بالوجوب قد اعتراه الضعف والنقص ما جعله يتساهل بتركها - نسأل الله العافية - وربما أفضى به ذلك إلى جحد الوجوب - نسأل الله العافية - فيكفر بإجماع المسلمين،(6/113)
نسأل الله العافية.(6/114)
36 – نصيحة لمن لا يصلي إلا في شهر رمضان
س: الأخ س. س، من العراق يقول: إنني ألاحظ أن كثيرا من الناس لا يصلون إلا في رمضان، وقد نصحتهم بنصائح كثيرة إلا أنني لم أجد الاستجابة منهم، نبهوا الناس حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا يا شيخ عبد العزيز (1)
ج: الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية بذلك والمحافظة عليها في أوقاتها، وعلى الرجال بصفة خاصة أن يؤدوها في الجماعة في بيوت الله عز وجل ولا يجوز لأحد التخلف عنها أو التساهل بها، بل ذلك من دلائل النفاق، وقد قال الله عز وجل في كتابه المبين: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2) ، وقال عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (3) ، وقال عز وجل: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (4) ،
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 167.
(2) سورة البقرة الآية 238
(3) سورة البقرة الآية 43
(4) سورة مريم الآية 59(6/114)
قال جماعة من أهل العلم معناه: يعني سوف يلقون خسارا ودمارا وعذابا، فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة العناية بالصلاة والمحافظة عليها والتواصي بذلك وأن تكون في أوقاتها، قال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق.
وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » وذكر الصلاة يوما عليه الصلاة والسلام بين أصحابه فقال: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (3) » وهذا وعيد عظيم يدل على كفره فمن ضيع الصلاة حشر مع هؤلاء الكفرة فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف.
قال بعض العلماء: إنما
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721) .(6/115)
يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء لأنه إن ضيعها من أجل الملك والرئاسة شابه فرعون فحشر معه يوم القيامة إلى النار وإن ضيعها بسبب الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون فيحشر معه يوم القيامة إلى النار وإن ضيعها بأسباب المال وما أعطاه الله من الدنيا شابه قارون الذي بغى وطغى وتكبر ولم يستجب للحق حتى خسف الله به الأرض، وإن ضيعها بسبب التجارة والبيع والشراء شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة من قريش - الذي قتل يوم أحد، قتله النبي عليه الصلاة والسلام - فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، نسأل الله العافية.
فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة العناية التامة بهذه الفريضة العظيمة، والمحافظة عليها في أوقاتها، والحذر من التخلف عنها أو التكاسل عنها في أي وقت، والذي لا يصليها إلا في الجمعة أو في رمضان يعتبر كافرا في الحقيقة عند جمع من أهل العلم - رحمة الله عليهم - ولو أقر بالوجوب، أما إذا جحد وجوبها كفر إجماعا، لكن إذا كان يعلم وجوبها عليه ويقر بذلك ولكنه يتكاسل فيدع بعض الأوقات أو لا يصلي إلا الجمعة أو لا يصلي إلا في رمضان هذا في أصح قولي العلماء يعتبر كافرا لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي(6/116)
بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » خرجه مسلم في صحيحه.
ولما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الأمراء الذين يغيرون، وقال له الصحابة: «يا رسول الله أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة (3) » وفي لفظ آخر قال: «لا إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (4) » هذا يدل على أن ترك الصلاة من الكفر البواح نسأل الله العافية.
فوصيتي ونصيحتي لكل مسلم ولكل مسلمة في أي مكان أن يتقي الله وأن يحافظ على هذه الصلوات الخمس وأن يهتم بها كثيرا ويعنى بها كثيرا في أوقاتها، وأن يحذر طاعة الشيطان وجلساء السوء، ويبتعد عنهم. هي عمود الإسلام وأهم الفرائض بعد الشهادتين، فليتق الله كل مسلم في ذلك، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709) .(6/117)
37- مسألة في حكم من لا يصلي إلا في شهر رمضان
س: ما حكم الإسلام في رجل يصلي في رمضان ويصوم ولكنه في بقية الأيام لا يصلي رغم إعداد النصح له (1) ؟
ج: من لا يصلي إلا في رمضان هو كافر، أو ما يصلي إلا الجمعة فقط كافر حتى يصلي الجميع؛ لأن الصلاة عمود الإسلام فرض على كل مسلم ومسلمة، فالذي يتركها إلا في رمضان أو إلا في الجمعة هذا كافر يجب على ولي الأمر أن يستتيبه - يعني الأمير أو المحكمة - فإن تاب وإلا قتل كافرا، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء، وقال بعضهم: إنما يكفر إذا جحد الوجوب أما إذا كان لا يجحد فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل حدا، لا كفرا، والصواب أنه يقتل كفرا، أما القتل فإنه يقتل على كل حال، إذا لم يتب يقتل على كل حال من جهة ولي الأمر، لكن الصحيح أنه يكفر أيضا، حتى ولو ما جحد الوجوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في الصحيح.
ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 218.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/118)
فقد كفر (1) » وهذا يعم من تركها جاحدا أو تركها متساهلا ويعم الرجال والنساء جميعا، فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلاة في وقتها، والحذر من تركها، فلو صلى المغرب والظهر والعصر والعشاء ولكن ترك الفجر كفر حتى يصلي الجميع، أو صلى الجميع وترك الجمعة كفر حتى يصلي الجميع، لا بد أن يصلي الجميع، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » وهذا يعم الواحدة والاثنتين والثلاث والأكثر، فالواجب التوبة إلى الله ممن ترك ذلك، وأن يقلع وأن يستقبل توبة صادقة نصوحا ولا يلزمه قضاء ما فات، بالتوبة يكفر الله ما فات، ويعفو الله عما فات إذا تاب توبة صادقة نصوحا؛ لقوله جل وعلا في كتابه العظيم: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (3) ، ولقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} (4) ، وقوله جل وعلا:
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) سورة الأنفال الآية 38
(4) سورة التحريم الآية 8(6/119)
{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1) ، وهذه مصيبة عظيمة - التهاون بالصلاة - وقع فيها كثير من الناس، من الرجال والنساء، فالواجب الحذر والواجب التوبة إلى الله من ذلك، وأن لا يغتر الإنسان بقول بعض الناس إنه لا يكفر. حتى ولو كان ما كفر فهي معصية عظيمة أعظم من الزنى، وأعظم من اللواط، وأعظم من الخمر حتى ولو كان ما كفر على قول الآخرين من أكبر الكبائر ترك الصلاة ما بعد الكفر بالله والشرك بالله إلا ترك الصلاة، والصحيح أنه من الكفر بالله أيضا، وأنه كفر أكبر - نسأل الله العافية - فهي عمود الإسلام يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حفظها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (2) » نسأل الله العافية.
وكان عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين يكتب إلى أمرائه ويقول: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع نسأل الله السلامة.
ويقول رضي الله عنه: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، (3) »
__________
(1) سورة النور الآية 31
(2) سبق تخريجه.
(3) سبق تخريجه.(6/120)
نسأل الله العافية.(6/121)
38 – حكم من يصلي أحيانا ويترك الصلاة أحيانا
س: الأخ ح. ع. ح، من الإقليم الشمالي في السودان يسأل ويقول: ما حكم من يصلي أحيانا ويترك الصلاة أحيانا؟ وجهونا ووجهوا الناس، جزاكم الله خيرا (1) .
ج: الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وقد نزل فيها من الآيات الكريمات الشيء الكثير كما قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2) ، وقوله: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (3) ، وقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (4) ، وقوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (5) ،
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 162.
(2) سورة البقرة الآية 43
(3) سورة البقرة الآية 238
(4) سورة النور الآية 56
(5) سورة العنكبوت الآية 45(6/121)
إلى غير ذلك مثل قوله سبحانه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (1) ، وفيها آيات كثيرة فمن تركها وتهاون بها فهو دليل على فساد دينه وفساد عقيدته، وأنه ليس من الإسلام في شيء ولو زعم أنه يقر بها وأنها واجبة ما دام لا يحافظ عليها بل يدعها تارة ويصليها أخرى، أو يدعها بالكلية هذا كافر في أصح قولي العلماء حتى يتوب إلى الله ويحافظ عليها والحجة في ذلك ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ولم يقل صلى الله عليه وسلم: إذا جحد وجوبها؛ فهو أفصح الناس عليه الصلاة والسلام وأنصح الناس لو كان جحد الوجوب شرطا لبينه، فهو المبلغ عن الله وهو الدال على الحق عليه الصلاة والسلام، ومع هذا يقول: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3) » والمرأة مثل الرجل سواء ولهذا في الحديث
__________
(1) سورة مريم الآية 59
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/122)
الثاني يقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وهذا عام يعم الرجال والنساء ويعم من جحد الوجوب أو أقر بالوجوب، وما له أي فائدة في الإقرار بالوجوب إذا كان لا يصلي، لا ينفع به هذا الإقرار إذا كان ضيعها وأهملها واتصف بصفات المعرضين عنها، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم فيما تقدم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة العناية بالصلاة والمحافظة عليها والاستقامة عليها في جميع الأوقات خوفا من الله، وتعظيما له وطلبا لمرضاته، وحذرا من عقابه سبحانه وتعالى وابتعادا عن مشابهة المشركين التاركين لها وعلى الرجل مع ذلك أن يحافظ عليها في المساجد في بيوت الله مع إخوانه المسلمين، لا يصلي في بيته، الصلاة في البيت فيه مشابهة لأهل النفاق يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/123)
لأتوهما ولو حبوا (1) » يعني لأتوهما في المساجد.
ويقول عليه الصلاة والسلام: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم (2) » وما ذلك إلا لعظم الخطر، وعظم الجريمة لتركهم الصلاة مع الجماعة في مساجد الله، وقال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (3) » هذا وعيد شديد، وقد جاءه رجل أعمى فقال: «يا رسول الله: ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (4) » رواه مسلم في صحيحه وفي رواية أخرى خارج مسلم يقول صلى الله عليه وسلم: «لا أجد لك رخصة (5) » فإذا كان رجل أعمى ليس له قائد يلائمه
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (651) .
(3) سبق تخريجه.
(4) سبق تخريجه.
(5) سبق تخريجه.(6/124)
ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب. ويقول: «لا أجد لك رخصة (1) » فكيف بحال الرجل البصير الصحيح؟ الأمر عظيم فالواجب على الرجال أن يتقوا الله، وأن يحضروا الصلاة مع المسلمين في مساجد الله، فهي شعيرة عظيمة يقيمها مع إخوانه في بيوت الله ويظهر هذا العلم العظيم من أعلام الإسلام، ويجتمع بإخوانه ويشاهدهم ويتعاون معهم على الخير، ويشجع الكسول، فإنه إذا صلى هذا في المسجد وهذا في المسجد وهكذا تشجع الناس وتعاونوا على الخير، وأدوا هذه الفريضة العظيمة في بيوت الله وإذا كسل هذا وكسل هذا تابعه غيره من أولاد وإخوة وخدم وغير ذلك، فيكون عليه مثل آثامهم لاقتدائهم به؛ لأنه قد دعاهم بالفعل إلى ترك هذه الفريضة في المساجد فالواجب على كل إنسان أن يتقي الله وأن يراقب الله وأن يصلي في المسجد مع المسلمين وإن كان كبيرا في نفسه، وإن كان تاجرا وإن كان أميرا فأمر الله فوق الجميع، الواجب على كل إنسان من المؤمنين أن يتقي الله وأن يراقب الله، وأن يؤدي هذه الصلاة في بيوت الله مع إخوانه، وأن يقوم على أولاده وخدمه حتى يصلوا معه في المساجد، هكذا المسلم يتقي الله ويوصي
__________
(1) سبق تخريجه.(6/125)
بتقوى الله ويلزم من تحت يده بتقوى الله، وهكذا المرأة تعتني بذلك تصلي الصلاة في وقتها وتعتني ببناتها وخادماتها وأخواتها، تقوم عليهن وتلزمهن بما أوجب الله عليهن من الصلاة في وقتها ولعظم شأنها ولكونها عمود الإسلام بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من تركها كفر، حتى ولو أقر بالوجوب هذا هو الصحيح الذي عليه أئمة الحديث المعروفون وقد ذكره التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي عن الصحابة قال: «كانوا لا يرون شيئا تركه كفر من الأعمال غير الصلاة (1) » يعني لعظم شأنها. نسأل الله لإخواننا المسلمين ولنا جميعا الهداية والتوفيق.
__________
(1) سنن الترمذي الإيمان (2622) .(6/126)
39 – حكم من يصلي وينقطع مرارا عنها
س: شخص يصلي وينقطع مرارا عنها، وهذا حاله، ما هي نصيحتكم له (1) ؟ .
ج: الواجب على كل مسلم ومسلمة تقوى الله في كل شيء، والصلاة عمود الإسلام وهي أعظم الفرائض، وأهم الفرائض بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة العناية بالصلاة والمحافظة
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 164.(6/126)
عليها كما قال الله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (1) ، وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2) ، وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3) ، والصلاة أعظم عمل وأهم عمل بعد الشهادتين، من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع والذي يفعلها تارة ويضيعها تارة كافر في أصح قولي العلماء - نسأل الله العافية - ولو لم يجحد وجوبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (4) » أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.
ولقوله عله الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (5) » خرجه مسلم في صحيحه.
ولأحاديث أخرى جاءت في الباب، فالواجب على المسلمين ذكورا وإناثا الحذر من التهاون بالصلاة والتساهل بها والواجب المحافظة عليها في الوقت والعناية بها
__________
(1) سورة البقرة الآية 238
(2) سورة البقرة الآية 43
(3) سورة النور الآية 56
(4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/127)
بطمأنينة وخشوع حتى تؤدى كما أمر الله، وعلى الرجل أن يحافظ عليها في الجماعة في مساجد الله مع إخوانه المسلمين، وليحذر من التشبه بالمنافقين الذين لا يؤدون الصلاة في الجماعة إلا رياء، وإذا غابوا عن الناس تساهلوا بها وتركوها، يقول الله سبحانه وتعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (1) {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ} (2) ، يعني: ليسوا مع المسلمين حقا ولا مع الكافرين حقا، بل هكذا وهكذا مترددون بشكهم وكفرهم وضلالهم، ويقول سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (3) لكفرهم ونفاقهم وشكهم وريبهم وإبطانهم الكفر، فالواجب الحذر من صفاتهم والحذر من أخلاقهم الذميمة.
__________
(1) سورة النساء الآية 142
(2) سورة النساء الآية 143
(3) سورة النساء الآية 145(6/128)
40 – حكم قضاء من يترك الصلاة أحيانا
س: أنا الآن أبلغ من العمر الثامنة والعشرين، ومنذ كان عمري سبع عشرة سنة وأنا أصلي وأصوم ولكن أحيانا أترك الصلاة مدة، ثم أعود إليها فماذا علي الآن؟ هل علي قضاء أم تكفي التوبة؟(6/128)
وكيف أعمل وأنا ربما أجهل عدد الأيام التي تركت الصلاة فيها وكذلك بالنسبة للصيام، فقد أفطرت بعض الأيام بدون عذر، وأفطرت خلال أربع سنوات بسبب مرض ولم يمنعني الأطباء من الصيام، ولكني أنا شعرت بضعف شديد وهبوط في صحتي فأفطرت، فماذا أفعل الآن؟ أرشدوني بارك الله فيكم (1)
ج: ترك الصلاة كفر أكبر - نعوذ بالله - يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (2) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4) » فترك الصلاة وإن كان تهاونا كفر أكبر في أصح قولي العلماء أما إن كان عن جحد لوجوبها فهذا كفر أكبر عند جميع العلماء ولكن إذا كان عن تساهل وتهاون فهذا كفر أكبر في
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 49.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/129)
أصح قولي العلماء فعليك التوبة إلى الله، وليس عليك القضاء عليك التوبة الصادقة النصوح، تندم على ما مضى منك، والعزم الصادق على ألا تعود لهذا الشيء والاستمرار في الصلاة، وليس عليك القضاء فما فات من الصيام والصلوات السابقة التي تركتها تهاونا فالصوم تابع لذلك؛ لأن ترك الصلاة كفر فليس عليك قضاء الصلاة ولا الصيام، أما ما تركت من الصيام وأنت تصلي بعدما تاب الله عليك وتركت هذا الذنب العظيم فإنك تقضي الصيام، وأما إذا كان ترك الصيام في وقت ترك الصلاة فإنك لا تقضيه، ولا تقضي الصيام لأن المسلم إذا ارتد عن دينه لا يقضي قال الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (1) ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تجب ما قبلها، (2) » فإذا تاب الرجل من ترك الصلاة بعدما تركها ورجع إلى الله فإنه يستمر في العبادة والعمل الصالح ويسأل ربه المغفرة والعفو، وليس عليه قضاء لا لصلاة ولا لصومه السابق الذي تركه في حال ترك الصلاة، نسأل الله السلامة.
__________
(1) سورة الأنفال الآية 38
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (121) .(6/130)
وعليك الصدق مع الله ودعاؤه جل وعلا أن يثبتك على الحق، وعليك الإكثار من العمل الصالح كما قال الله جلا وعلا: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (1) ، ولما ذكر الله سبحانه الشرك والقتل والزنى قال تعالى بعد هذا: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (2) ، فنوصيك وجميع المسلمين بالتوبة إلى الله الصادقة النصوح من جميع الذنوب، ولا سيما ترك الصلاة فإنه ذنب عظيم وكفر عظيم فعليك بالمبادرة والمسارعة للتوبة الصادقة، والعزم الصادق ألا تعود والاستمرار في الصلاة وهكذا نوصى جميع من ترك الصلاة أن يتوب إلى الله وإن يبادر بالتوبة الصادقة النصوح، وليس عليه قضاء فما ترك إلا الصيام الذي تركه وهو يصلي، فيصوم ما يغلب على ظنه أنه تركه إذا لم يعلم العدد.
__________
(1) سورة طه الآية 82
(2) سورة الفرقان الآية 70(6/131)
41 – حكم من يترك بعض الصلوات تكاسلا
س: الأخ ع. أ. ي. ن، من اليمن يسأل ويقول: ما قولكم في الشخص الذي يصلي بعض الصلوات ويترك بعضها تكاسلا منه ويقول:(6/131)
إن الله غفور رحيم، وبم تنصحون حيال هذا الشخص المهمل لدينه؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب على المسلم أن يحافظ على الصلوات الخمس في الجماعة، فهي عمود الإسلام، وليس له أن يتساهل في شيء منها بل متى ترك شيئا منها عمدا كفر عند جمع من أهل العلم إذا كان مقرا بوجوبها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3) » الأمر عظيم، فالواجب نصيحته، وأن يبادر بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى لعل الله يتوب عليه جل وعلا، وهذا من صفات أهل النفاق، نسأل الله العافية، يجب الحذر ويجب تحذيره ونصيحته.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 272.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/132)
42 – حكم التساهل بصلاة الفجر والعصر
س: يتساهل كثير من الناس بهذين الوقتين وهما الفجر والعصر، هل(6/132)
من نصيحة لهؤلاء؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: نعم الواجب على كل مؤمن ومؤمنة الحرص على المحافظة على الصلاة في وقتها جميع الصلوات الخمس، وأن يخص الفجر والعصر بمزيد عناية، الفجر في الحقيقة كثير من يتكاسل عنها وينام حتى طلوع الشمس، وربما لا يقوم لها إلا إذا قام لعمله إن صلى، وهذه مصيبة عظيمة ومنكر عظيم الواجب أن يصلي في الوقت قد ذهب جمع من أهل العلم أنه إذا تعمد تركها حتى تطلع الشمس كفر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » وهذا قد تعمد تركها حتى خرج وقتها وهكذا من تعمد ترك صلاة العصر حتى غابت الشمس يكفر عند جمع من أهل العلم لهذا الحديث الصحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3) » فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة العناية بالصلوات الخمس، والمحافظة عليها في أوقاتها، وأن يخص الفجر بمزيد عناية حتى يقوم لها
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 397.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/133)
ويصليها مع المسلمين في وقتها وتصليها المرأة في وقتها وهكذا العصر، بعض الناس إذا جاء من العمل سقط نائما وترك صلاة العصر وهذا منكر عظيم - والعياذ بالله - وكفر أكبر عند بعض أهل العلم إذا تعمد ذلك، فالواجب الحذر وهكذا بعض الناس يسهر على القيل والقال أو اللعب، ثم نام عن صلاة الفجر، هذا منكر عظيم، الواجب عدم السهر، وأن يتحرى بنومه ما يعينه على القيام لصلاة الفجر، وأن يصليها في الجماعة، ولا يجوز له التشبه بالمنافقين، أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر وهكذا صلاة العصر كل الصلوات ثقيلة عليهم، {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (1) ، فالواجب الحذر من مشابهتهم، والواجب المحافظة عليها في وقتها كلها، الصلوات الخمس جميعا يجب أن يحافظ عليها في أوقاتها مع إخوانه في المساجد، وأن يخص الفجر والعصر والعشاء بمزيد عناية حتى يحذر من صفات المنافقين، نسأل الله للجميع العافية والهداية.
__________
(1) سورة النساء الآية 142(6/134)
43 - حكم ترك صلاة الفجر
س: أحد الإخوة المستمعين من الرياض رمز لاسمه بالحروف م. م.(6/134)
ع، يقول: ما حكم ترك صلاة الفجر (1) ؟ .
ج: هذا فيه تفصيل، ترك صلاة الفجر مع الجماعة لا يجوز؛ لأنه مشابهة لأهل النفاق، الواجب أن تصلي في الجماعة في المساجد، هذا هو الواجب كبقية الصلوات، الواجب أن تؤدى في الجماعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (2) » قيل لابن عباس ما العذر؟ قال خوف أو مرض، وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى يستأذنه أن يصلي في بيته، فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (3) » هذا أعمى يستأذن أن يصلي في البيت ليس له قائد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (4) » ، فإذا كان هذا أعمى ليس له قائد يؤمر بالصلاة في الجماعة في المسجد فالمبصرون من باب أولى، المقصود أن الواجب على المسلم أن يصلي في المسجد جميع الصلوات الخمس مع الجماعة ولو كان كفيفا، يجب عليه أن يصلي
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 342.
(2) سبق تخريجه.
(3) سبق تخريجه.
(4) صحيح مسلم الإيمان (82) .(6/135)
مع الناس، ولا يجوز له الجلوس في البيت والصلاة في البيت، أما تركها بالكلية - ترك الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء - هذا كفر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » فالواجب الحذر ووصيتي لكل مسلم ولكل مسلمة المحافظة على الصلاة في وقتها وعلى الرجل أن يؤديها مع الجماعة في المساجد وأن يتقي الله وأن يتقي مشابهة المنافقين، وأن يحذر تركها، وأما تعمد تركها فهذا من الكفر، نعوذ بالله.
س: بعض الأشخاص لا يصلون صلاة الفجر ويصلون الصلوات الأخرى، فهل صلاتهم هذه مقبولة (3) ؟
ج: الصحيح من أقوال العلماء أن من ترك واحدة من الصلوات كفر، ولا تقبل بقية صلواته ولا بقية أعماله؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وقد صح عن رسول الله
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) السؤال الثاني من الشريط رقم 226.(6/136)
صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1) » وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » وليس لقوله: بين الرجل وبين الكفر مفهوم، فالأحكام تعم الرجال والنساء فكل حكم يرد للرجل فهو للنساء وكل حكم يرد في النساء فهو للرجل إلا ما خصه الدليل، والخلاصة أن من ترك الصلاة من الرجال والنساء كفر بذلك ولو لم يجحد وجوبها.
هذا هو الصواب من قولي العلماء وهو المعروف عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فالواجب على من ترك الصلاة أو ترك فرضا منها أن يتوب إلى الله، وأن يبادر بالرجوع إليه والتوبة إليه توبة نصوحا، والله يتوب على التائبين سواء كانت صلاة الفجر أو المغرب أو العشاء أو الظهر أو العصر أو الجمعة والواجب على أقاربه وإخوانه وزملائه أن ينصحوه وأن يوجهوه إلى الخير، وأن ينكروا عليه فيما يتساهل فيه من الصلاة، وإن لم يبال رفع أمره إلى ولي الأمر حتى يعاقب بما يستحق، ولا يجوز السكوت عنه والتساهل معه؛ لأن الله يقول جل وعلا:
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/137)
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (1) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (2) » وترك الصلاة أعظم المنكرات بعد الشرك، وتركها من الكفر، داخل في الشرك والكفر للحديث السابق: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (4) » وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما سئل عن بعض الأمراء الذين يخالفون بعض الشرع، سأله السائل: هل نقاتلهم؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة (5) » وفي رواية: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (6) » فجعل ترك الصلاة برهانا على الكفر الأكبر الذي يبيح الخروج على ولاة الأمور وجعل إقامتها برهانا على الإسلام، وأنه لا يجوز
__________
(1) سورة التوبة الآية 71
(2) سبق تخريجه.
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(5) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855) .
(6) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709) .(6/138)
الخروج على من أقام الصلاة، فالحاصل أن الواجب على كل مسلم أن يؤدي الصلاة في أوقاتها، وهكذا المسلمات من النساء يجب على كل مسلم ومسلمة مكلف أن يؤدي الصلاة في أوقاتها، ومتى ترك واحدة من هذه الصلوات الخمس كفر بذلك فإن تركها كلها كفر أيضا من باب أولى - نسأل الله السلامة - وقد يفعل بعض الناس منكرا آخر وهو أنه يصلي في رمضان ولا يصلي في غير رمضان أو يصلي الجمعة ولا يصلي غيرها وهذا أشد كفرا ممن ضيع صلاة الفجر، نسأل الله العافية، فالحاصل أن من ترك الصلاة يوما أو شهرا أو سنة أو في الأسبوع مرة أو في الأسبوع مرتين هو كافر بكل حال؛ لأن كل ما كان الترك أكثر صار الكفر أشد، نسأل الله العافية.(6/139)
44 – حكم التساهل بأداء الصلاة حتى يخرج وقتها
س: يقول: إذا سمعت المؤذن يرفع الأذان عند صلاة الصبح، واستحوذ علي الشيطان ولم أقم للصلاة، وصليتها بعد طلوع الشمس، فما حكمها، هل هي قضاء ويسقط الفرض أم أني أكون آثما؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 347.(6/139)
ج: أنت بهذا آثم؛ لأنه ما يجوز لك التساهل، بل يجب القيام إذا أذن بالواجب، يجب أن تقوم وتصلي مع المسلمين إلا إذا كنت عاجزا مريضا صليت في البيت في الوقت أما تأجيلها إلى طلوع الشمس فهذا منكر لا يجوز وقال بعض أهل العلم: إنه كفر من فعل ذلك، إذا تعمد ذلك يكفر لأنه أخرها عن وقتها عمدا وتساهلا.
فالواجب عليك الحذر، وأن تصليها في وقتها إذا دخل الوقت ولو ما سمعت الأذان ولو أريته بالساعة وجب عليك أن تقوم وأن تصلي مع المسلمين في المساجد والمرأة تصلي في البيت في وقت الصلاة ومن أخرها عمدا فهو آثم إثما عظيما، وكافر كفرا أصغر عند الجميع عند جمهور أهل العلم، وكفرا أكبر عند بعض أهل العلم، وهو الصواب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2) » وهو عام للرجال والنساء، إذا تركت المرأة الصلاة عمدا حتى خرج الوقت كفرت، وهكذا الرجل على الصحيح فالواجب التوبة والبدار بالتوبة من تركها، ومن قضاها وإن كان
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/140)
متعمدا فلا حرج عليه خروجا من الخلاف لكن لا يلزم القضاء على الصحيح وإنما يلزمه التوبة والرجوع إلى الله والعمل الصالح والاجتهاد في الخير؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (1) فالواجب على من تركها أن يتوب إلى الله وأن يقلع وأن يندم ندما عظيما، وأن يكثر من التطوعات والاستغفار والعمل الصالح لعل الله أن يتوب عليه سواء كان رجلا أو امرأة، نسأل الله العافية والسلامة.
__________
(1) سورة طه الآية 82(6/141)
45 – حكم تأخير صلاة الفجر عن وقتها وقضائها عند قيامه للعمل
س: الأخ ع. م. ص. ع، من اليمن يقول: ما حكم من سكن مع مجموعة من الشباب، لكنهم لا يصلون صلاة الصبح في وقتها بل يتركونها حتى قيامهم للعمل ثم يصلون؟ آمرهم بهذا ولم يستجيبوا، ويسأل توجيهكم، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر والإنكار عليهم وتحذيرهم من مغبة ذلك، وأنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، الله كتب
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 257.(6/141)
على المسلمين الصلاة موقوتة: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (1) وأمر أن تؤدى في وقتها، وهكذا رسوله عليه الصلاة والسلام، يقول جل وعلا: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} (2) يعني صلاة الفجر {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (3) الواجب أن تؤدى في الوقت، ولا يجوز للمسلم أن يؤخر صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس حتى يقوم لعمله، بل يجب عليه أن يصليها في الوقت، وإذا تعمد ذلك يكفر عند جمع من أهل العلم، تعمد ذلك، قصد ذلك، كفر عند جمع من العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4) » ومن أخرها عن وقتها عمدا فقد تركها، ويقول صلى الله عله وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (5) » فيجب الحذر، الواجب على المؤمن أن يحذر هذه المحارم العظيمة ولو قيل بعدم كفره، يجب أن يحذر؛ لأنها معصية
__________
(1) سورة النساء الآية 103
(2) سورة الإسراء الآية 78
(3) سورة الإسراء الآية 78
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/142)
عظيمة وكبيرة عظيمة حتى ولو قلنا بعدم الكفر مع أن القول القوي والقول الراجح كفر من ترك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها لهذا الحديث الصحيح وما جاء في معناه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » رواه مسلم في الصحيح.
فالذي ترك الصبح حتى طلعت الشمس قد تعمد تركها، وإذا ترك العصر حتى غابت الشمس فقد تعمد تركها وإذا ترك العشاء حتى طلع الفجر فقد تعمد تركها يقال له: إنه ما صلى، ويقال له: ترك الصلاة، وإذا ترك الخمس جميعا صار أشد في الكفر فالذي يترك واحدة أو ثنتين حكمه حكم من ترك الجميع، والله يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) يعني حافظوا عليها في وقتها يجب أن تحافظوا عليها في وقتها ولا يجوز التشبه بأهل النفاق.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) سورة البقرة الآية 238(6/143)
46 - حكم قضاء صلاة الفجر بعد شروق الشمس تهاونا
س: يقول هذا السائل من اليمن: ما حكم من كان مقصرا في أداء صلاة الفجر تهاونا بها حيث إنه لا يصليها إلا بعد شروق(6/143)
الشمس، وهل يعد من المنافقين (1) ؟
ج: من تعمد ترك الصلاة حتى يفوت وقتها كفر في أصح قولي العلماء يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » والذين يتعمدون تأخير الفجر حتى طلوع الشمس يكفرون عند جمع من أهل العلم؛ لأن الحديث يعمهم، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب أن تصلى في وقتها مع الجماعة في المساجد وإن صلاها في البيت أجزأته، وسلم من الكفر، لكنه عاص لأنه ترك الجماعة ولم يصل مع المسلمين في مساجدهم، والنبي عليه الصلاة والسلام أمر بالصلاة في المساجد وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (3) » قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض، وجاءه رجل أعمى قال: «يا رسول الله، هل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هل تسمع
__________
(1) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم 434.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) سبق تخريجه.(6/144)
النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (1) » أعمى أمره أن يجيب، يصلي في الجماعة، وقال عليه الصلاة والسلام: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم انطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم (2) » وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني الجماعة في المساجد - إلا منافق معلوم النفاق أو مريض، نسأل الله العافية.
فالواجب الحذر والواجب أن تؤدى مع المسلمين في المساجد ولا يجوز التخلف عنها في البيوت، نسأل الله للجميع الهداية.
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) سبق تخريجه.(6/145)
47 - حكم قضاء صلاة الفجر بعد العاشرة صباحا
س: يقول السائل: ما حكم صلاة الفجر بعد الساعة العاشرة صباحا (1) ؟ .
ج: الواجب أن يصلي مع المسلمين في وقتها بعد الأذان يصلي في المساجد وليس له التخلف ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 435.(6/145)
48 - حكم تأخير قضاء صلاة الفجر مع الظهر لغير عذر
س: يقول السائل: ما حكم من لم يصل صلاة الفجر ويؤدي صلاة الفجر مع الظهر بدون سبب أو عذر، هل تصح صلاته (1) ؟ .
ج: عند جمهور أهل العلم عليه القضاء مع التوبة إلى الله، عليه أن يتوب إلى الله ويندم على ما فعل من الجريمة السيئة ويقضيها، وذهب بعض أهل العلم أنه إذا تعمد هذا يكون كافرا وعليه التوبة، ولا يلزمه القضاء؛ لأن جريمته عظيمة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » وهذا تعمدها حتى خرج وقتها فيكفر بذلك ولا يلزمه القضاء وعليه التوبة، ولكن إذا قضى احتياطا خروجا من الخلاف مع التوبة إلى الله يكون حسنا إن شاء الله.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 244.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/146)
49 – الأسباب المعينة على صلاة الفجر
س: تقول الأخت أم ع. من الرس: ما الأسباب المعينة على قيام صلاة الفجر (1) ؟ .
__________
(1) السؤال التاسع والستون من الشريط رقم 433.(6/146)
ج: الأسباب المعينة: التبكير بالنوم بعد صلاة العشاء، الإنسان يبكر بالنوم ولا يسهر؟ ويركد الساعة قبل الأذان حتى يستفيد منها؟ وينتفع بها، أو يوصي من حوله من أهل بيته بإيقاظه، لا بد من بذل الأسباب مع سؤال الله الإعانة والتوفيق.(6/147)
50 - حكم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا
س: السائل ي. إ، من سوريا يقول: أسأل عن قضاء الصلاة في حال كون الإنسان لم يكن يصلي، وبلغ من العمر بعد سن البلوغ والتكاليف، وهداه الله إلى الصلاة، هل يجب عليه أن يقضي ما فاته من صلاة أم أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يجب ما قبله (1) » يشمل (2) ؟ .
ج: نعم إذا كان الإنسان لا يصلي ثم هداه الله فالتوبة تجب ما قبلها، والإسلام يجب ما قبله وهكذا المرأة إذا كانت لا تصلي ثم هداها الله ليس عليها القضاء التوبة تكفي والحمد لله، يقول صلى الله عليه وسلم:
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم (17813) .
(2) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم 420.(6/147)
«الإسلام يجب ما قبله والتوبة تجب ما قبلها، (1) » فمن كان لا يصلي فالواجب عليه التوبة إلى الله والرجوع إلى الله والإنابة إليه، وليس عليه قضاء ما فات، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم (17813) .(6/148)
51 - مسألة في حكم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا ثم تاب
س: يقول السائل: هل يقضي الصلاة من تركها عمدا إذا وفقه الله للتوبة، سواء كان ما تركه وقتا واحد أو أكثر (1) ؟ .
ج: التوبة تجب ما قبلها، ليس عليه قضاء، والحمد لله.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 412.(6/148)
س: هل تارك الصلاة، إذا تاب يقضي ما عليه من الصلوات (1) ؟ .
ج: التارك للصلاة عامدا الصواب أنه لا إعادة عليه، وعليه التوبة لأنه يكفر بذلك والكافر يكفيه الإسلام والتوبة فمن كفر فلا يعيد ما مضى من صلاة ولا رمضان ولا غير ذلك وعليه العمل من جديد هذا هو الواجب على من ارتد عن دينه قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) ،
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 382.
(2) سورة الأنعام الآية 88(6/148)
وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (1) ، فالواجب عليه التوبة إلى الله، والرجوع إليه والإنابة إليه، والعناية بالصلاة والمحافظة عليها مستقبلا، وليس عليه قضاء ما مضى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » أخرجه مسلم في صحيحه.
ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3) » أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (4) » والأدلة في هذا كثيرة، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة العناية التامة بالصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها هذا هو الواجب على جميع المسلمين رجالا ونساء، الواجب العناية بالصلاة والمحافظة عليها في الوقت؛ لقول الله عز وجل:
__________
(1) سورة المائدة الآية 5
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .(6/149)
{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (1) ، يعني العصر، {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2) ولقوله جل وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3) ، ولقوله سبحانه {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (4) ، ولما تقدم من الأحاديث.
__________
(1) سورة البقرة الآية 238
(2) سورة البقرة الآية 238
(3) سورة النور الآية 56
(4) سورة العنكبوت الآية 45(6/150)
52 – بيان الحكمة من عدم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا ثم تاب
س: السائل: س. ف، يسأل ويقول: لماذا إذا لم يصل الشخص يكون خارجا عن الملة، وإذا تاب لا يقضي صلواته التي لم يصلها؟ ولماذا يقضي صومه إذا تاب علما بأني لم أكن أصلي من قبل؟ أفيدوني عن هذه القضايا، جزاكم الله خيرا (1)
ج: ينبغي أن يعلم أن الأحكام الشرعية إنما تؤخذ عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام لا عن آراء الناس الأحكام التي يحكم بها على العباد في كفر أو إيمان أو طاعة أو معصية إنما تؤخذ عن الله وعن رسوله
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 263.(6/150)
عليه الصلاة والسلام، فمن ترك الصلاة فقد حكم عليه الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه كافر كما أن من أشرك بالله وعبد ما هو غيره فقد حكم عليه الله ورسوله بأنه كافر وهكذا من استهزأ بالله ودينه حكم الله عليه بأنه كافر أما من ترك الصيام فإنه عاص؛ لأن الله ما حكم عليه بالكفر ولا رسوله فهو عاص، يؤمر بالقضاء أما من ترك الصلاة فإنه يكفر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » رواه مسلم، وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2) » خرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وهناك أحاديث أخرى كلها تدل على كفر تارك الصلاة؛ لأنها عمود الإسلام، وأعظم الأركان بعد الشهادتين، فلهذا كفر تاركها، وإذا أسلم لا يطلب منه القضاء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين ارتدوا ثم أسلموا أن يقضوا بل قبل منهم إسلامهم ولم يأمروهم بالقضاء وهكذا الصحابة رضي الله عنهم، لما قاتلوا أهل الردة لم يأمروهم بالقضاء بعدما أسلموا؛
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/151)
لأن الإسلام يجب ما قبله، الإسلام توبة عظيمة تهدم ما قبلها، ولأن مطالبة الإنسان بقضاء ما فاته في حال الردة قد ينفره في الإسلام، وقد يحول بينه وبين الدخول في الإسلام، وكان من حكمة الله ومن إحسانه إلى عباده أن جعل الإسلام يهدم ما كان قبله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله (1) » فمن أسلم غفر الله له، ما مضى من شرك وغيره.
أما من ترك الصيام فإنه مسلم لا يكون كافرا إذا كان لم يجحد الوجوب، إذا كان ما جحد وجوب صوم رمضان بل يعلم أنه واجب عليه ولكن تكاسل فأفطر في بعض الأحيان، هذا يكون عاصيا، وعليه القضاء والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى.
__________
(1) سبق تخريجه.(6/152)
53 - مسألة في قضاء الصلاة والصيام لمن تركهما تعمدا ثم تاب
س: أفيدكم - أفادكم الله - عن هذه القضية، عمري يتجاوز الثلاثين كنت لا أعرف صلاة ولا صياما - والعياذ بالله - وكنت من الضائعين، ولكن الله من علي والحمد لله فالتزمت، وشرعت في(6/152)
كتاب الله حفظا، هل في السنين التي انتهت في عمري علي صلاة وصيام وأنا بدأت الصوم قبل ثلاث سنوات فقط، وأما بقية السنين فبدون صيام ولا صلاة، وجهوني حول حالتي السابقة، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الحمد لله الذي هداك وردك إلى الصواب، وأوصيك بتقوى الله، والصبر والثبات والاستقامة، وسؤال الله سبحانه دائما أن يثبتك على الحق، وأن يعينك على ذكره وشكره، وحسن عبادته وأن يمنحك التوفيق، وتدعو ربك كثيرا في السجود وفي آخر الصلاة، وفي آخر الليل، وبين الأذان والإقامة تجتهد في الدعاء، تسأله سبحانه أن يمنحك التوفيق، وأن يمنحك الاستقامة وأن يمنحك الفقه في الدين، وأن يعفو عنك عما سلف وليس عليك قضاء لا صلاة ولا صيام؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، ولأن من ترك الصلاة كفر، فلا يقضي ما مضى لقوله سبحانه: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (2) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «التوبة تهدم ما كان قبلها (3) » .
وقوله صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 246.
(2) سورة الأنفال الآية 38
(3) صحيح مسلم الإيمان (121) ، مسند أحمد (4/204) .(6/153)
كمن لا ذنب له (1) » فإذا كان الإنسان على حالة كفرية، ثم تاب فإنه لا يقضي ما مضى من صلاة ولا صوم، وإذا أسلم وتاب فهو على ما أسلم من خير، ما كان قبل ذلك من الخير يبقى له، وليس عليه قضاء لما فاته من صلاة أو صوم في حال كفره بتركه الصلاة.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .(6/154)
54 - مسألة في قضاء الصلوات التي تركت تعمدا
س: أثناء فترة الشباب كان يفوتني البعض من الصلوات مثل العصر والفجر على سبيل المثال، والحمد لله الآن أقضي جميع الصلوات الخمس في المسجد، وأصلي مع الجماعة وأحرص على أن لا يفوتني أي فرض وأفكر كيف أقضي ما فاتني في فترة الشباب، هل ممكن أن أقضي مع كل فرض فرضا لما فاتني حتى ولو بين الأذان والإقامة؟ أرجو منكم بيان ذلك (1)
ج: ليس عليك قضاء والتوبة تجب ما قبلها - والحمد لله - لأن ترك الصلاة كفر، ولا خلاص من ذلك إلا بالتوبة، وما دمت تبت من ذلك
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 380.(6/154)
فالحمد لله ولا قضاء عليك، التوبة تجب ما قبلها؛ لأن من ترك الصلاة كفر فإذا تاب ورجع إلى الحق والهدى فليس عليه قضاء ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم المرتدين أن يقضوا والصحابة لم يأمروا المرتدين أن يقضوا لما أسلموا لم يأمروهم أن يقضوا ما فاتهم من صيام أو صلاة، والحمد لله.(6/155)
س: تقول السائلة: كنت من قبل أضيع بعض الصلوات وأؤخرها عن وقتها، ولكنني الآن تبت إلى الله توبة نصوحا، وأحافظ على الصلوات الخمس، ماذا علي أن أفعل فيما سبق، هل أعيد ما تركت (1) ؟
ج: التوبة كافية، الإنسان الذي ما يصلي أو يصلي تارة ويخلي تارة إذا تاب كفاه وليس عليه القضاء قال الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (2) ،، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها، (3) » وفي الحديث الآخر: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (4) »
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 408.
(2) سورة الأنفال الآية 38
(3) صحيح مسلم الإيمان (121) ، مسند أحمد (4/204) .
(4) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .(6/155)
فليس على من ترك الصلاة ثم هداه الله وتاب الله عليه ليس عليه القضاء لما مضى ويكفيه التوبة - والحمد لله - التوبة والعمل الصالح والاجتهاد في الخير، كما قال تعالى في كتابه العظيم: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (1) .
__________
(1) سورة طه الآية 82(6/156)
س: يقول السائل: إذا كان إنسان لا يصلي ولا يصوم في فترة من حياته، ثم تاب وأقام الصلاة وصام رمضان، هل يلزمه قضاء الصلاة والصيام أم لا (1) ؟
ج: الصواب أنه لا يلزمه ذلك والتوبة تكفي والحمد لله التوبة الصحيحة النصوح تكفي والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها والإسلام يهدم ما كان قبله وتارك الصلاة يكفر بذلك، (2) » فإذا أسلم وتاب ليس عليه إعادة كسائر الكفار إذا ارتد كسائر من ارتد ثم رجع لا يقضي.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 293.
(2) صحيح مسلم الإيمان (121) ، مسند أحمد (4/204) .(6/156)
س: هل على الإنسان الذي كان لا يصلي سابقا هل عليه قضاء(6/156)
الأوقات التي لم يصلها سابقا؟ وهل يجوز القضاء في الأوقات الخمسة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها (1) ؟ .
ج: ليس عليه قضاء إذا تاب الله عليه ليس عليه قضاء التوبة تكفي تجب ما قبلها، والحمد لله، والذي عليه قضاء للصلاة يقضيها، ما لها وقت نهي يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك (2) » فإذا نسي مثلا صلاة الظهر ولا يذكرها إلا بعد العصر يبادر بقضائها أو نسي صلاة العشاء ولم يذكرها إلا بعد صلاة الفجر يبادر بقضائها.
__________
(1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم 418.
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) .(6/157)
س: كيف يقضي المسلم صلاته التي لم يؤدها منذ بلوغه والتي فاتت عليه، وهل يحاسب على تركها؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليه أن يتوب فيما مضى من ذلك، وليس عليه قضاء، وإن تاب
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 294.(6/157)
توبة صادقة محا الله عنه ذلك الكفر وذلك الضلال يقول الله جل وعلا: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1) .
ومن تاب صادقا أفلح، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تمحو ما قبلها (2) » ، «والتائب من الذنب كمن لا ذنب له (3) » والصحيح أن تارك الصلاة تكاسلا كافر كفرا أكبر أما إن كان تركها جحدا لوجوبها فإنه يكون كافرا بإجماع المسلمين والكافر إذا أسلم لا يؤمر بالقضاء فيما ترك من صلاة وصوم.
س: من. م. ص، بعث يسأل ويقول: من ترك الصلاة بخدعة الشيطان لمدد قد تصل لأشهر عديدة، هل يقضيها وكيف يكون القضاء، وهل يصلي كل فرض مع فرضه أم كيف يكون الحال (4) ؟ .
ج: من تعمد ترك الصلاة فقد كفر في أصح قولي العلماء وإن لم يجحد الوجوب، من تعمد تركها كفر بذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) سورة النور الآية 31
(2) صحيح مسلم الإيمان (121) ، مسند أحمد (4/204) .
(3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .
(4) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 327.(6/158)
في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2) » وهناك أحاديث أخرى تدل على هذا المعنى، فإذا تاب ورجع فالتوبة تجب ما قبلها - والحمد لله - وليس عليه قضاء ما فات، الصحيح أنه لا قضاء عليه، الإسلام يجب ما قبله، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا ما قبل إسلامهم، ولم يأمر الذين ارتدوا ثم أسلموا أن يقضوا بل التوبة تكفي والحمد لله تجب ما قبلها ولا قضاء عليه.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/159)
55 – حكم من بلغت سن الحيض ولم تصل ولم تصم إلا بعد سنوات
س: تقول هذه السائلة: سماحة الشيخ، لقد بلغها الحيض وهي في الرابعة عشرة من العمر، ومنذ أن بلغها الحيض إلى التاسعة(6/159)
عشرة من عمرها لم تصل ولم تصم، والآن تقول بأنها تابت إلى الله توبة نصوحا، وبدأت تصلي وتحافظ على الصلوات، وتصوم وتكثر من النوافل، وتحمد الله وتقول: وجهوني سماحة الشيخ تجاه ما فرطت فيه، هل أقضي الصوم والصلاة عما مضى (1) ؟ .
ج: ليس عليك قضاء، التوبة تكفي وتجب ما قبلها، أسلمت على ما أسلفت من خير الحمد لله، نسأل الله لنا ولك الثبات على الحق الذين أسلموا لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صوم ولا صلاة.
__________
(1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم 426.(6/160)
س: رسالة من مستمع بالزبداني في سوريا يسأل ويقول: رجل بلغ من العمر خمسة وخمسين عاما ولم يكن يصلي ولا يصوم، فسأل شخصا فأجابه قائلا: عليك بقضاء ما فاتك من صلاة وصيام، وإن لم تقض ما فاتك فسوف تصلي على بلاط جهنم، هل ما قيل صحيح؟ وبماذا ترشدون هذا الرجل؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 307.(6/160)
ج: الواجب عليه أن يتوب إلى الله، وليس ما قيل بصحيح، من تاب تاب الله عليه وليس عليه قضاء عليه أن يتوب إلى الله بما ترك من الصلاة والصيام ويكفيه ذلك، والتوبة تجب ما قبلها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (1) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «التوبة تهدم ما كان قبلها (2) » ، والله سبحانه يقول: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (3) ، فالكافر إذا تاب ليس عليه قضاء، بل عليه أن يستقبل أمره بالعمل الصالح والتوجيه بتقوى الله وطاعة الله وأداء حقه وترك محارمه أما إذا كان المسلم تاركا للصيام ليس الصلاة، تاركا الصيام أو تاركا الزكاة يقضي لأنه مسلم، أما إذا ترك الصلاة صار كافرا، ترك الصلاة كفر أكبر، والكافر عليه أن يتوب توبة جديدة ولا يقضي ما فاته، وليس عليه قضاء ما مضى من زكوات حال كفره، أو صلوات في حال كفره أو صيام حال كفره، فلا تقضى؛ لأن كفره أعظم، فإذا تاب إلى الله فإنه يستقبل بالأعمال الصالحة والتوبة تجب ما قبلها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا والصحابة لم يأمروا
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .
(2) صحيح مسلم الإيمان (121) ، مسند أحمد (4/204) .
(3) سورة النور الآية 31(6/161)
المرتدين أن يقضوا، لما ارتد جماعة من الناس في عهد الصديق قاتلهم الصديق وقاتلهم الصحابة، وتاب بعضهم ولم يؤمروا بالقضاء.(6/162)
س: الأخ: خ. ش من المملكة الأردنية الهاشمية يسأل ويقول: أنا شاب عمري خمسة وعشرون عاما انقطعت عن الصلاة تهاونا لمدة تسع سنوات، والآن قد تبت إلى الله، لكنني حائر في أمر الصلوات الماضية، هل أقضيها؟ وإذا كنت سأقضيها هل أصلي مع كل فرض جديد فرضا قديما حتى تنتهي المدة؟ أفيدوني أفادكم الله (1)
ج: الحمد لله الذي من عليك بالتوبة، ونوصيك بلزوم التوبة والاستقامة عليها وشكر الله على ذلك سبحانه وتعالى والحذر من صحبة الأشرار الذين قد يجرونك إلى العودة إلى ترك الصلاة وأما القضاء فليس عليك قضاء التوبة كافية؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله، والذين ارتدوا في عهد الصحابة رضي الله عنهم لما تابوا لم يأمرهم الصحابة بالقضاء المقصود أن التوبة تكفي والحمد لله، يقول
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 197.(6/162)
النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها (1) » فليس عليك قضاء للصلوات الماضية السنوات التسع، وعليك أن تلزم التوبة، وهي الندم على ما مضى التوبة حقيقتها الندم على الماضي من الفعل السيئ والإقلاع عن ذلك، والحذر منه مع العزم الصادق أن لا تعود في ذلك، فنوصيك يا أخي بلزوم التوبة والاستقامة عليها وسؤال الله الثبات على الحق والاستقامة عليه، كما نوصيك بالمحافظة على الصلاة وأدائها في الجماعة في المساجد والحذر من صحبة الأشرار الذين قد يجرونك إلى ما حرم الله من ترك الصلاة أو غير ذلك من الشرور نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات على الحق.
__________
(1) سبق تخريجه.(6/163)
س: الأخ س. ر. من القصيم يقول: إنه شاب يبلغ من العمر الثالثة والعشرين، يقول: كنت فيما مضى من الأيام من عمري متهاونا في أداء الصلوات وحتى الصوم، فقد مرت علي شهور من رمضان أفطر فيها أياما بدون عذر شرعي وإنما تهاونا فإذا شعرت بالجوع أو العطش أفطرت، وبعد أن من الله علي بالتوبة والهداية وأيقنت بخطورة هذا الأمر واظبت على الصلاة، ولكن الذي يؤلمني يا(6/163)
سماحة الشيخ هذه الأيام التي مضت من عمري عن تلك الصلوات وعن أيام الصيام التي أفطرت فيها، كيف أبرئ ذمتي؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليك يا أخي التوبة إلى الله والحمد لله ما دمت تبت إلى الله وندمت وأقلعت وأصلحت، كفى ذلك والحمد لله ولا يلزمك قضاء الصلوات ولا قضاء الصيام؛ لأن ترك الصلاة كفر والتوبة تجب ما قبلها، ما دمت تبت إلى الله فالتوبة تجب ما قبلها يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها، (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (3) » فالذي تاب عن ترك الصلاة وتاب من ترك الصيام لا قضاء عليه، أما الصيام الذي تركته بعد ما حافظت على الصلاة، إذا كنت تركت شيئا من الصيام بعد أن حافظت على الصلوات فإنك تقضي، أما الصيام الذي تركته مع ترك الصلاة فالتوبة تكفي فيه والحمد لله أما إذا كان هناك أيام تركت صومها بعد ما من الله عليك بالتوبة من ترك الصلاة فإنك تقضيها.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 421.
(2) صحيح مسلم الإيمان (121) ، مسند أحمد (4/204) .
(3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .(6/164)
س: كنت لا أصلي ولكني الآن والحمد لله أنا محافظ على الصلاة وعندما كان أهلي يحثونني على الصلاة كنت أقول لهم: - حسب ما يصف نفسه - إنه كافر، ولكن ندمت عليها بعد أن هداني الله، فهل لي توبة؟ أفيدوني أفادكم الله (1)
ج: نعم كل ذنب له توبة حتى الشرك الأكبر لذا فعليك التوبة إلى الله عز وجل، والندم على ما مضى منك، والعزم الصادق أن لا تعود، والله يتوب على من تاب سبحانه، والحمد لله الذي من عليك بالتوبة.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 152.(6/165)
س: الأخ س. س. س. مصري من المملكة الأردنية الهاشمية يقول: أنا شاب مصري الجنسية، لم أكن أصلي حتى بلغت العشرين عاما؛ لأنني في هذه الفترة لم أجد من يرشدني، ولم أعرف عن الصلاة شيئا، فارتكبت عدة معاص كثيرة، ثم من الله علي بالتوبة، وجهوني - جزاكم الله خيرا - حول ما فات من حياتي كيف يكون التصرف (1) ؟
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 204.(6/165)
ج: يكفيك يا أخي التوبة، والحمد لله لما من الله عليك بالتوبة، تكفيك التوبة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها (1) » ، يعني: تمحو ما قبلها، ويقول صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2) » فليس عليك قضاء الصلاة الماضية، ولا الصوم الماضي، والتوبة تجب ذلك، والحمد لله.
__________
(1) صحيح مسلم الإيمان (121) ، مسند أحمد (4/204) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .(6/166)
س: يقول هذا السائل: بدأت الصلاة وعمري سبعة عشر عاما فهل علي قضاء ما فاتني من صلوات (1) ؟ .
ج: ليس عليك قضاء وعليك التوبة، التوبة مما سلف من التقصير؛ لأن الواجب عليك بعد إكمال خمس عشرة سنة، بعد البلوغ يجب عليك أن تصلي وهكذا الجارية المرأة، والمرأة تزيد أمرا رابعا وهو الحيض فإذا تركت الصلاة بعد البلوغ فعليك التوبة إلى الله من ذلك، وليس عليك قضاء؛ لأن ترك الصلاة كفر، فالواجب التوبة من ذلك، نسأل الله العافية.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 427.(6/166)
56 - حكم قضاء الصلوات لمن تركها جاهلا أو متهاونا
س: شاب كان تاركا للصلاة فمن الله عليه بالتوبة، أفتى له بعض العلماء أن يقضي الصلاة التي فاتته وإن لم يقضها قضاها في جهنم، أفتونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان تاركا للصلاة جاهلا بوجوبها فهذا لا قضاء عليه وعليه التوبة، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا ما مضى من الصلوات، والمرتدون في عهد الصحابة لما أسلموا لم يأمرهم الصحابة أن يقضوا ما فاتهم من الصلوات أما إن كان غير جاحد لوجوبها بل تساهل وتكاسل وترك بعض الصلوات هذا في كفره خلاف، من أهل العلم من قال: يكفر كفرا أكبر وهو الأصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في الصحيح.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3) » قال الجمهور: لعلها كفر دون كفر، إذا كان ما
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 284.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/167)
جحد الوجوب يكون كفرا دون كفر وعليه القضاء، وإن قضى من باب الاحتياط حسن، أما قول المفتي هذا أنه يقضيها في جهنم فهذا لا أعلم له أصلا، لكن على كل حال الصحيح أنه لا يلزمه القضاء، فإن قضى من باب الاحتياط وخروجا من الخلاف إذا كان ما جحد الوجوب لكن تكاسل إن قضى فهذا حسن من باب الاحتياط وإلا فلا يلزمه القضاء.(6/168)
57 – حكم من ترك الصلاة
س: منذ ولادتي حتى سن الخامسة عشرة لم أؤد فرض الصلاة، ولكني الآن مواظب على الصلاة منذ سبعين سنة، وقد قضيت عن المدة التي فاتتني، غير أن سادتنا العلماء قالوا: إن ذلك لا ينفع، أرشدوني أثابكم الله (1)
ج: الحمد لله الذي من عليك بالاستقامة حتى أكملت هذه المدة الطويلة وأنت تحافظ على الصلاة، أما ما تركته من الصلوات قبل إكمال خمس عشرة سنة فهذا فيه تفصيل: فإن كنت قد بلغت الحلم بإكمال الخمس عشرة سنة أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج - وهو الشعرة - أو
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 125.(6/168)
بإنزال المني عن احتلام أو تفكير أو نظر أو نحو ذلك، فأنت بهذا قد بلغت الحلم والذي تركته من الصلوات بعد ذلك معفو عنه إذا كنت قد تبت إلى الله من ذلك وندمت، فالتوبة تجب ما قبلها فإذا كنت قد تبت إلى الله وندمت على ما قصرت فيه من ترك الصلاة، وعزمت على أن لا تعود في ذلك ثم استمررت على ذلك كما ذكرت فالحمد لله وكل ما تركته من ذلك يمحى عنك بالتوبة، فالتوبة تجب ما قبلها، كما قال النبي عليه السلام: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تجب ما كان قبلها (1) » يعني تمحو ما كان قبلها، والذي قال لك من العلماء إن التوبة لا تنفع، هذا كلام باطل غلط، وليس هذا من العلماء فالتوبة يمحو الله بها الكفر، ويمحو الله بها جميع الذنوب.
أما إن كنت لم تبلغ بأن تبت إلى الله واستقمت على الصلاة قبل إكمال خمسة عشر عاما ولم يسبق منك إنزال ولا إنبات قبل خمس عشرة سنة فأنت في حكم الأطفال وليس عليك صلاة واجبة؛ لأن الصلاة إنما تجب بالبلوغ - بلوغ الحلم - فإذا كنت لم
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها) .(6/169)
تبلغ حين تركت الصلوات فليس عليك شيء لأنك غير مكلف بها تكليف الوجوب وإن كنت مأمورا بها وعلى وليك أن يأمرك بها ويضربك إذا تركتها لكنها لا تجب عليك وجوب المكلفين، لا، وإنما يشرع لك فعلها والمحافظة عليها ويجب عليك أن تعتاد ذلك وعلى وليك أن يحاسبك عن ذلك، لكن لو تركت منها شيئا قبل البلوغ فلا شيء عليك لا قضاء ولا توبة لأنك حينئذ لست من أهل التكليف إنما التكليف بعد بلوغ الحلم فاحمد الله على ما من به عليك من التوبة واطمئن، واعلم أنك بحمد الله على خير وأن توبتك عما تركته من الصلوات قبل خمس عشرة سنة سواء كنت بلغت أو لم تبلغ فهو معفو عنك وممحى عنك بالتوبة، والتوبة يمحو الله بها ما قبلها من الذنوب كما قال الله سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2) » ونسأل الله أن يمن علينا وعليك وعلى جميع المسلمين بالتوبة النصوح، وأن يتقبل منا ومنك ومن كل مسلم.
__________
(1) سورة النور الآية 31
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .(6/170)
س: إنني لم أبدأ الصلاة إلا بعد سن العشرين فماذا علي في المدة السابقة: جزاكم الله خيرا (1)
ج: ليس عليك يا أخي إلا التوبة إلى الله عز وجل والندم على ما فعلت من ترك الصلاة، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2) ، وترك الصلاة كفر، وإنما علاجه بالتوبة إلى الله، فإذا تاب الرجل من ذلك أو المرأة من ذلك كفى ولا قضاء لقول الله عز وجل: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (3) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تجب ما كان قبلها (4) » فاحمد الله يا أخي على الهداية، واسأله الثبات، واندم على ما مضى من تقصيرك، وألزم التوبة النصوح، واستكثر من الخير والعمل الصالح، وأبشر بالخير، والعاقبة الحميدة، نسأل الله لنا ولك الثبات على الحق.
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 111.
(2) سورة طه الآية 82
(3) سورة الأنفال الآية 38
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها) .(6/171)
س: الأخ: ف. ع. س، من جمهورية مصر العربية يقول: إنني شاب،(6/171)
هناك بعض فروض الصلاة لم أقم بتأديتها من قبل، هل أقضيها الآن؟ وكيف يكون القضاء إذا كان واجبا؟ وكيف تكون النية (1) ؟
ج: الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الفرائض، وأهم الفرائض بعد الشهادتين فمن تركها جاحدا لها كفر بإجماع المسلمين ومن تركها تكاسلا وليس بجاحد فإنه كافر في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3) » خرجه مسلم في صحيحه في أحاديث أخرى تدل على ذلك، ومن ضيعها أو ضيع بعضها ثم تاب فلا قضاء عليه، وعليك أن تستقيم أيها السائل وتسأل ربك التوفيق والإعانة وتتوب إلى الله مما مضى من الترك، وليس عليك القضاء؛ لأن الكافر إذا أسلم ليس عليه قضاء، وتاركها تهاونا كافر في الأصح فليس عليه قضاء ولكن عليه التوبة الصادقة عليه أن يندم على ما مضى ويحزن على ما مضى
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 277.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/172)
ويعزم عزما صادقا على أنه يستقيم في المستقبل، ويحافظ عليها وبذلك يتوب الله عليه سبحانه وتعالى كما قال عز وجل: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2) » فأنت يا أخي ليس عليك قضاء هذا هو الصواب.
__________
(1) سورة النور الآية 31
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .(6/173)
58 – مسألة في حكم من ترك الصلاة جهلا
س: تقول السائلة: إن والدتها وهي صغيرة كانت تترك الصلاة، ليس تساهلا ولكن جهلا، ولا تعلم كم كان عدد هذه الصلوات؛ والآن تسأل بعد أن تابت والحمد لله، وأصبحت تحافظ على الصلوات، كيف التصرف فيما مضى (1) ؟
ج: يكفيها التوبة والحمد لله، ليس عليها قضاء، عليها التوبة، والتوبة حصلت والحمد لله؛ لأن ترك الصلاة كفر، والتوبة تكفيها في ذلك، والحمد لله.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 201.(6/173)
59 – حكم صلاة الجاهل بصفة الصلاة
س: كنت أصلي وما زلت - والحمد لله - ولكن بداية صلاتي كنت أصلي نصف صلاة؛ أي مثل صلاة الفجر سجدتين، أتصور أني أصلي صلاة كاملة، وكذلك صلاة الظهر أربع ركعات كنت أصليها أربع سجدات، وكذلك الفرض لصلوات أخرى استمررت على هذا المنهج أربع سنوات، والأمر الذي جعلني أستمر على هذا الخطأ هو الحياء، أستحيي أن أسأل أحدا حتى والدي الذي هو معي في البيت، وإني مقتنع إذا سألت أنه سوف يجيبني بالحقيقة لكن لم أسأله، ولكن بعد هذه الفترة الطويلة - أي أربع سنوات أو أقل أو أكثر - فإني سألت أحد الأشخاص وقال لي إن صلاتك نصف الفرض، سؤالي: هل علي قضاء؟ وكيف أصليها قضاء؟ الله يوفقكم لما فيه الخير (1)
ج: هذه المسألة غريبة جدا، رجل بين المسلمين تخفى عليه صفة الصلاة، ويصلي في كل ركعة سجدة واحدة لا حول ولا قوة إلا بالله، لا ريب أن هذا من ثمرات التخلف عن صلاة الجماعة، لو كان السائل يصلي
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 40.(6/174)
في الجماعة لعرف كيف يصلي ورأى الناس يصلون سجدتين في كل ركعة، ولكن بسبب صلاته في البيت وعدم السؤال وقع في هذا الخطأ الكبير، والعلم يطلب ويسأل عنه ولا يستحيا في طلبه، يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} (1) ، ويقول سبحانه: {وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} (2) ، والله سبحانه لا يستحي أن يقول الحق، ويأمر بالحق جل وعلا وتقول أم سليم لما سألت النبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله «إن الله لا يستحي من الحق هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ فقال النبي: نعم إذا هي رأت الماء (3) » فالحق ليس فيه حياء أن يسأل عنه ويتفقه فيه المسلم والمسلمة قال مجاهد بن جبر التابعي الجليل رحمه الله: لا يتعلم العلم مستح ولا مستكبر فالمستحيي لا يتعلم والمتكبر لا يتعلم، فلا يليق بالمؤمن أن يستحي في العلم وهذا ليس بحياء في الحقيقة، ولكنه ضعف وخور وتهاون وتكاسل وإلا
__________
(1) سورة البقرة الآية 26
(2) سورة الأحزاب الآية 53
(3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الحياء في العلم، برقم (130) ، ومسلم في كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، برقم (313) .(6/175)
فالحياء الصحيح والحياء المشروع يدعو للخير، ولا يمنع من الخير مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحياء خير كله (1) » الحياء لا يأتي إلا بخير، الحياء من الإيمان، فالحياء كله خير وهو خلق كريم يدعو إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وينهي عن سفاسف الأخلاق وسيئ الأعمال، والذي يظهر من الشريعة أنك أيها السائل ليس عليك قضاء لأنك في حكم المتعمد، لعدم سؤالك مع تيسير السؤال، وعلى فرض أنك جاهل وأنك تظن أن هذا هو الصواب فإن المدة قد طالت، والجهل بهذا عظيم، فعليك التوبة والإنابة إلى الله والاستغفار وعدم العود إلى مثل هذا العمل، وعليك أن تسأل أهل العلم عن كل شيء، وأن تصلي مستقبلا كما يصلي المسلمون، كل ركعة فيها ركوع وفيها سجدتان، كل ركعة الفريضة والنافلة فيها ركوع في الهواء وفيها سجدتان في الأرض، لا بد من هذا، فعليك أن تستقبل حياتك بهذه الصلاة كل ركعة فيها ركوع وسجدتان، وعليك أن تصلي مع المسلمين في المساجد ولا تصل في البيت، الصلاة مع المسلمين في المساجد أمر لازم، وأمر مفترض كما في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان، برقم (37) .(6/176)
من عذر (1) » وسأله عليه الصلاة والسلام رجل أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء في الصلاة، قال: نعم، قال: فاجب (2) » فأمره أن يجيب النداء، ولم يرخص له مع أنه أعمى بعيد الدار، ليس له قائد يلائمه ومع هذا أمر أن يصلي في المسجد ولم يرخص له في أن يصلي في بيته، فكيف بحال البصير الصحيح؟ حاله أقل عذرا من ذاك، بل لا عذر له ما دام صحيحا يسمع النداء بصيرا فهو أعظم من ذاك الذي ليس له قائد، وهو أعمى فالواجب عليه أعظم، فإذا كان الأعمى لا يعذر فالذي هو بصير قوي قادر من باب أولى، والنبي صلى الله عليه وسلم لما سأله الأعرابي الذي دخل المسجد فنقر الصلاة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ارجع فصلي فإنك لم تصلي، فصلاها ثلاث مرات، ثم قال: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا، فعلمني، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر من القرآن، ثم اركع حتى
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) سبق تخريجه.(6/177)
تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (1) » هكذا أمره عليه الصلاة والسلام، يصلي هكذا بالطمأنينة والاعتدال والخشوع وعدم العجلة، ولم يأمره بقضاء الماضي، ما أمره بقضاء الصلاة الماضية التي لم يكملها بل نقرها لجهله وقلة بصيرته، فلهذا أمره أن يستقبل أمره، ويصلي صلاة مستقيمة، يطمئن فيها لربه ويخشع، ولم يأمره بقضاء الماضي، هكذا أنت لأنك تركت الصلاة في الحقيقة عن جهل وقلة بصيرة وتفريط، فعليك التوبة إلى الله والإنابة إليه، ولا يلزمك القضاء عن المدة الماضية فيما يظهر من قواعد الشرع، وفي هذا الحديث الشريف، والله يتوب عليك، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحات والاستغفار، والاستكثار من ذكر الله عز وجل، فإن الحسنات يذهبن السيئات والله المستعان
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (757) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397) .(6/178)
60 – نصيحة لمن يصلي ثم يترك الصلاة لغير عذر
س: من دولة الكويت الأخ: ع. س، يقول: قصتي أنني أريد شيئا أمسك به ونصيحة منكم تفيدني في ديني ودنياي وآخرتي، مشكلتي أنني أصلي وأعزم التوبة النصوح، ثم أعود وأترك الصلاة، ثم أصلي وأترك حوالي أسبوع وهكذا وهكذا، أرجو أن توجهوني سماحة الشيخ حتى أستقيم استقامة مستمرة، جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم (1)
ج: وصيتي لك أن تتقي الله عز وجل وأن تراقبه سبحانه في جميع الأحوال، وأن تعلم أن الصلاة هي عمود الإسلام، وأنها الركن الثاني من أركانه، وأن تركها كفر بالله عز وجل، فالواجب عليك الحذر، وأن تسأل ربك الثبات والتوفيق للاستقامة، وأن تراقبه، وتستحضر أنك مسؤول، وأنك على خطر أن تموت في تلك الحالة التي تركت فيها الصلاة فتكون إلى النار يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 340.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/179)
الصلاة فمن تركها فقد كفر (1) » ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (2) » يعني إلى النار، وما ذاك - والله أعلم - إلا لأن التارك للصلاة إما أن يتركها من أجل الرئاسة فيحشر مع فرعون إلى النار؛ لأن فرعون شغلته الرئاسة عن طاعة الله ورسوله وإما أن يتركها من أجل الوظيفة فيحشر مع هامان وزير فرعون لأنه شغله عمله مع فرعون عن طاعة الله وتصديق رسوله عليه الصلاة والسلام، وإما أن يترك الصلاة من أجل المال والشهوات فيكون شبيها بقارون الذي خسف الله به وبداره الأرض فيحشر معه إلى النار، وإما أن يدعها من أجل التجارة والبيع والشراء فيكون شبيها بأبي بن خلف تاجر أهل مكة الكافر، فيحشر معه إلى النار، فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله وأن يراقب الله في كل أموره، وأن يجتهد في المحافظة على الصلوات في أوقاتها في الجماعة، فإن من حافظ عليها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع،
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721) .(6/180)
فاتق الله، واسأل ربك التوفيق وحافظ عليها في أوقاتها في الجماعة، وتب إلى الله مما سلف توبة صادقة، ومن تاب تاب الله عليه، نسأل الله لك الصلاح والهداية والتوفيق للتوبة النصوح.(6/181)
س: إحدى الأخوات تقول: أنا من ليبيا. تسأل عن قضية وقد طولت في السؤال عنها، وملخص ما سألت عنه أنه مر فترة من عمرها وكانت تصلي مرة وتترك مرة حتى إنها أحصت عدد الركعات التي فاتتها فما هو توجيهكم لها؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليها التوبة، ويكفي - والحمد لله - التوبة مما سلف، ومن تاب تاب الله عليه، ومن ترك الصلاة كفر فالتوبة تكفي ولا يلزمها القضاء فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم من ارتد ثم أسلم بالقضاء والصحابة كذلك لما أسلم من أسلم من المرتدين لم يأمروهم بقضاء الصلاة، فالمقصود أنه إذا أسلم بعد تركه الصلاة فإن عليه التوبة الصادقة والحمد لله والعمل الصالح يكفيه، يقول سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2) ، فليس على من أسلم قضاء لما ترك من صيام ولا صلاة إذا
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 308.
(2) سورة طه الآية 82(6/181)
كان قد أتى ناقضا من نواقض الإسلام كترك الصلاة أو جحد بعض ما أوجب الله من صلاة أو زكاة أو نحو ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة وقد أجمع عليه المسلمون كلهم بالحكم بكفره ثم بعد ما أسلم فإنه لا يقضي ما سبق.(6/182)
61 – حكم قضاء من ترك الصلاة لغير عذر ثم تاب والتزم بها
س: رسالة ممن رمز إلى اسمه - خ - من المدينة المنورة يقول: أنا شاب كنت أصلي كل الفرائض في وقتها ثم ابتعدت عن ذلك فترة ثم إني تبت إلى الله سبحانه وتعالى ورجعت عما كنت فيه من الشر، ولكني أشعر بعد هذه التوبة أشعر بالألم والأسى لذلكم الماضي الأسود وجهوني يا شيخ عبد العزيز جزاكم الله خيرا هل أقضي ما فاتني أو بم توجهونني؟ شكر الله لكم (1)
ج: عليك أن تحمد ربك وتشكره كثيرا على ما من به عليك من التوبة، واعلم يا أخي أن التوبة تجب ما قبلها وتمحو ما قبلها إذا كانت التوبة تامة مستوفية لشروطها، يقول الله جل وعلا في كتابه الكريم:
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 307.(6/182)
{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1) ، فدل ذلك على أن من تاب التوبة الشرعية أفلح، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «التوبة تهدم ما كان قبلها (3) » فاحمد الله جل وعلا واشكره سبحانه وأحسن به الظن فالذنوب الماضية تمحى بالتوبة، وليس عليك قضاء، إنما عليك لزوم التوبة، والتوبة النصوح هي المشتملة على أمور ثلاثة: الندم على الماضي من السيئات، والإقلاع عنها وتركها خوفا من الله وتعظيما له، والعزم الصادق على ألا تعود إليها، إذا اشتملت التوبة على هذه الأمور الثلاثة: الندم، والإقلاع، والعزم الصادق ألا تعود؛ محا الله سبحانه عنك الذنب الماضي، وأفلحت، فاستقم واثبت على الحق، وهناك شرط رابع لصحة التوبة وسلامتها إذا كان الحق للمخلوقين كالدماء والأموال والأعراض فلا بد من استحلالهم، أو إعطائهم حقوقهم، فمن تمام التوبة التخلص من حق الآدمي بأن تعطيه حقه المال أو الدم أو القصاص، وهكذا العرض، فتقول: أرحني يا أخي، سامحني جرى مني كذا، وجرى مني كذا، سامحني. فإذا سامحك بحقه
__________
(1) سورة النور الآية 31
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .
(3) صحيح مسلم الإيمان (121) ، مسند أحمد (4/204) .(6/183)
من مال أو دم أو عرض صحت التوبة وبرئت من هذا الحق، وإن لم يسمح سقط ما كان لله، وبقي حق الآدمي بينك وبينه يوم القيامة وإذا استقامت توبتك أرضاه الله عنك يوم القيامة سبحانه وتعالى لكن عليك أن تجتهد في الدنيا في إعطائه حقه، أو تحليله، فإذا عجزت وصدقت في التوبة أوفى الله عنك يوم القيامة، وهكذا العرض إذا كنت تخشى إذا أخبرته أن يكون ما هو أشد وأن يترتب عليه ما لا تحمد عقباه فلا تخبره، ولكن استغفر له واذكره بالخصال الحميدة التي تعرفها عنه بدلا من الخصال الذميمة التي اغتبته بها فهذه بهذا تذكر ما تعلم من أعماله الطيبة في المجالس التي ذكرته فيها بالسوء، وتدعو له وتستغفر له، وهذا يقوم مقام استحلالك، إذا خشيت من الاستحلال أمرا أخطر وأكبر، والله المستعان.(6/184)
س: أنا أصلي منذ خمس سنوات ولكني تركت الصلاة لمدة عشرة أشهر بين السنة الثالثة والرابعة، إلا أنني الآن مستمر في الصلاة والحمد لله هل علي القضاء أم ماذا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: التوبة كافية؛ لأن ترك الصلاة كفر والكفر قضاؤه التوبة، والنبي
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 265.(6/184)
عليه الصلاة والسلام قال: «الإسلام يجب ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها (1) »
والله يقول في كتابه العظيم: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2) ، ذلك بالجد في طاعة الله والاستقامة والاستكثار من العمل الصالح، والاستغفار والتوبة الصادقة ولا قضاء عليك، هذا هو الواجب أن تستقيم على التوبة، وأن تثبت عليها وأن تحذر ترك الصلاة، وأن تحذر أيضا جلساء السوء لا تجالس من يترك الصلاة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4) » والصلاة عمود الإسلام أعظم فرائض الإسلام الصلاة بعد الشهادتين، يقول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (5) » فالواجب على الرجال والنساء جميعا المحافظة على الصلوات الخمس والعناية بها في أوقاتها وعلى الرجل أن يصليها في الجماعة في المساجد
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) سورة طه الآية 82
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .(6/185)
مع المسلمين وعلى الجميع الحذر من تركها والتساهل بها؛ لأن تركها كفر أكبر، نسأل الله العافية.(6/186)
62 - حكم تارك الصلاة والصوم بعد البلوغ جهلا
س: ما قول سماحتكم فيمن بلغت في سن صغيرة، ولم تتعرف على أحكام الدين وأمور الشرع المتعلقة بها بالقدر الذي وصلت إليه من المعرفة بها حاليا فلم تصل ولم تصم، ولم تتحجب عن الأجانب، ثم بعد أن عرفت عن أحكام الدين في هذا الأمر احتجبت، وأصبحت تصلي وتصوم بعد أن كانت تصوم صيام الأطفال، تفطر متى شاءت وتصوم متى شاءت، وطاقت ذلك الآن، هل يلزمها قضاء ما فاتها من الصيام والصلاة؟ وهل يلزمها إلى جانب قضاء الصيام الصدقة؟ وإذا كان هناك صدقة فما مقدارها علما بأن الفترة التي أمضتها وهي جاهلة بأحكام الشرع ولا تلتزم بها سنتان ونصف (1) ؟
ج: الصواب أنه لا يلزمها شيء، ويكفي التوبة؛ لأن الرسول عليه
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 310.(6/186)
الصلاة والسلام لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا ما فاتهم من الصلاة والصيام؛ ولأن ترك الصلاة كفر فالتوبة تكفي في هذا فإذا كانت لا تصلي ولا تصوم فالتوبة تكفي وليس عليها قضاء.(6/187)
س: رسالة بعث بها المستمع ع. ب، مصري الجنسية، يقول: أنا بلغت من العمر السادسة والعشرين، وكنت تاركا للصلاة، أقوم أحيانا وأترك أحيانا، ولما سافرت إلى المملكة هنا وسمعت برنامج نور على الدرب، وسمعت فيه أن تارك الصلاة كافر عدت والحمد لله أقوم بالصلاة المفروضة في أوقاتها، لكني أسأل عما فات من عمري كيف يكون حالي - جزاكم الله خيرا - هل يلزمني القضاء أم تكفى التوبة؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: الحمد لله الذي هداك ووفقك للعودة إلى الخير والمحافظة على الصلاة، نسأل الله لنا ولك الثبات على الحق، أما الماضي فتكفي التوبة والحمد لله؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2) ،
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 338.
(2) سورة طه الآية 82(6/187)
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تهدم ما كان قبلها (1) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2) » نسأل الله أن يمن على الجميع بالتوبة الصادقة النصوح.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .(6/188)
63 - حكم قضاء الصلوات التي تركت جهلا وتكاسلا ولا يعرف عددها
س: إذا كان الشاب في بداية حياته قد ضيع بعض الصلوات وتركها وكذلك الصيام جهلا وتكاسلا، ثم تاب بعد ذلك وندم، فهل عليه الإعادة لما ترك في الصلوات والصيام، علما بأنه لا يستطيع تحديدها؟ أفتونا مأجورين جزاكم الله خيرا (1)
ج: ليس عليه قضاء والتوبة كافية إذا كان لا يصلي ولا يصوم أو عنده أنواع في الكفر الأخرى فإن التوبة تكفي يقول الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (2) ، ويقول جل وعلا:
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 246.
(2) سورة الأنفال الآية 38(6/188)
{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (1) ، أجمع العلماء على أن الآية المذكورة في التائبين، فإذا كان لا يصلي ولا يصوم أو كان يسب الدين أو كان يشرك مع الله غيره، يدعو الأموات، يستغيث بأهل القبور أو بالأصنام والأشجار فإنه متى تاب توبة صادقة تاب الله عليه، والتوبة الصادقة تشمل أمورا ثلاثة: الندم على الماضي، الندم الصادق، والإقلاع عن المعصية أو الشرك وترك ذلك، والعزم الصادق ألا يعود رغبة فيما عند الله وإخلاصا له ومحبة له وتعظيما له، فإن هذه التوبة تمحو ما قبلها من جميع أنواع الشرك والمعاصي الأمر الأول: الندم على الماضي خوفا من الله وتعظيما له، والأمر الثاني: الإقلاع عن الذنوب من الكفر والمعاصي، الأمر الثالث: العزم الصادق ألا يعود في ذلك، ومتى فعل ذلك خوفا من الله وتعظيما له ورغبة فيما عنده وإخلاصا له سبحانه تاب الله عليه، ومحا عنه جميع الذنوب، وليس عليه قضاؤها لا الصيام ولا الصلاة ولا غير ذلك، التوبة تجب ما قبلها، وإن كان عنده حق للمخلوقين فلا بد من الرابع وهو رد حقوقهم إليهم، كالسرقات والغصوب، يعطيهم حقوقهم، وهكذا في القصاص إذا قتل لهم
__________
(1) سورة الزمر الآية 53(6/189)
أحدا يعطيهم حقهم في القصاص أو الدية، لا بد من أداء الحق للمخلوق أو استحلاله إذا تحلله وسامحه لا بأس، وأما إذا كان فعله ليس بكفر أكبر كترك الصيام فقط، وإلا فهو يصلي فهو مفرط في بعض الصيام فإنه يقضي إذا كان يصلي ولكنه فرط في بعض الصيام أو في الزكاة ما زكى ليس بكافر، ترك الصيام ليس بكفر إذا كان يؤمن بالوجوب، وأن رمضان واجب عليه، ولكن تساهل ففرط في بعض الصيام فإن عليه القضاء والتوبة إلى الله، وعليه أداء الزكاة عما مضى إذا كان لا يزكي مع التوبة الصادقة، والله يتوب على التائبين.
أما ترك الصلاة فكفر أكبر - نعوذ بالله من ذلك - كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » الصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها ضيع دينه - نسأل الله العافية - فالواجب على كل مسلم أن يحذر تركها والتساهل فيها على الجميع
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/190)
رجالا ونساء أن يتقوا الله وأن يحافظوا على الصلوات الخمس في أوقاتها، وأن يؤديها الرجل في الجماعة هذا هو الواجب على الجميع، فمن ضيعها وتهاون بها وتركها كفر في أصح قولي العلماء نسأل الله العافية.
أما من جحد وجوبها وقال: إنها ليست واجبة، هذا يكفر عند جميع أهل العلم، عند جميع الأمة من قال: إنها غير واجبة أو أن واحدة منها غير واجبة كالظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر، كفر إجماعا، وأما إن كان يؤمن بأنها واجبة ولكن يتساهل ويتركها أو بعضها فإنه يكفر بذلك نسأل الله العافية.
أما إذا كان يصلي ولكن في البيت فهذا يكون عاصيا، فعليه التوبة إلى الله وأن يصلي في الجماعة وصلاته مجزئة، ولكن لا يعيدها لكن عليه أن يصلي في الجماعة، ويتوب عما سلف إذا كان لا يصلي في جماعة بل يصلي في البيت يجب أن يصلي مع الجماعة وأن يتوب إلى الله مما سلف، وأما النساء فعليهن الصلاة في البيت، السنة لهن صلاة البيوت، ومن صلت مع الجماعة صلاتها صحيحة لكن الأفضل في حق النساء الصلاة في البيت.(6/191)
64 – بيان كيفية قضاء الصلوات الفائتة
س: في فترة شبابي تمر علينا بعض الأيام ولا نصلي فيها الفروض، الأيام كثيرة - سامحنا الله وإياكم - ولقد قرأت في إحدى الصحف بأنه لا بد من قضائها رغم فوات المدة عليها وذلك بعد الصلوات المفروضة، أنا والحمد لله الآن أصلي جميع الفروض في أوقاتها، دلوني على الجواب الصحيح، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب التوبة من ذلك وليس عليه القضاء هذا هو الصحيح من قولي العلماء؛ لأن ترك الصلاة كفر، والكفر لا يزول إلا بالتوبة، فإذا ترك الإنسان الصلاة ثم تاب فإنه لا قضاء عليه، هذا هو المختار والصواب، وليس عليك شيء إن شاء الله إلا التوبة، فعليك التوبة الصادقة والندم على ما مضى منك وتعزم على ألا تعود في ذلك والاستكثار من الحسنات والأعمال الصالحة كما قال الله سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2) ، «والتوبة تجب ما كان قبلها (3) » كما قال النبي
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 145.
(2) سورة النور الآية 31
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها) .(6/192)
عليه الصلاة والسلام، نسأل الله أن يمنحنا وإياك التوبة الصادقة، وأن يعيذنا وإياك والمسلمين من نزغات الشيطان.
س: كنت قاطعة للصلاة منذ مدة طويلة، وفي الوقت الحالي رجعت إلى الصلاة، كيف أعوض؟ أرجو الإجابة على هذا السؤال (1)
ج: الإنسان إذا قطع الصلاة ثم من الله عليه بالتوبة فإن التوبة تجب ما قبلها، فإذا كان الإنسان لا يصلي من رجل أو امرأة ثم هداه الله ورجع إلى الصواب وصلى فإن التوبة تجب ما قبلها فعليه التوبة والندم والاستغفار والإكثار من العمل الصالح ولا قضاء عليه فيما مضى؛ لأن الكافر لا يقضي إذا أسلم والمرتد لا يقضي إذا أسلم، ولكن التوبة تجب ما قبلها كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها (2) » والله جل وعلا يعفو عما سلف بالتوبة الصادقة النصوح، وهذا من فضله سبحانه وتعالى، يقول سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (3) ، ويقول جل وعلا لما ذكر الشرك والقتل
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم 36.
(2) سبق تخريجه.
(3) سورة طه الآية 82(6/193)
والزنى قال: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (1) ، المقصود أن التوبة يكفر الله بها ما مضى وليس عليه القضاء بعد إسلامه، وتوبته ورجوعه إلى الله سواء كان كافرا أصليا أو كان مرتدا بتركه الصلاة، أو بسبه الله ورسوله، أو باستهزائه بالدين أو بغير هذا من المكفرات فإنه متى تاب إلى الله من الناقض الذي نقض إسلامه، وصدقت توبته فإن الله سبحانه يمحو عنه ما مضى وليس عليه إعادة لصومه ولا صلاته.
__________
(1) سورة الفرقان الآية 70(6/194)
س: لقد دار النقاش بين اثنين عما إذا كانت الصلاة تقضى، فهل تقضى مع العلم أنه لا يعرف كم عدد الفروض التي تركت (1) ؟
ج: إذا كان الإنسان تاركا الصلاة عمدا فإنه يكفر بذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3) » ،
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم 14.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/194)
رواه مسلم في الصحيح.
وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (1) » وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (2) » نسأل الله العافية.
هؤلاء من كبار الكفار ومن صناديدهم فمن يضيع الصلاة يحشر مع هؤلاء، والأمر يدل على كفره العظيم؛ لأن من ضيعها شغلا بالرئاسة قد أشبه فرعون وإن ضيعها شغلا بالوزارة والوظيفة قد شابه هامان وزير فرعون، وإن ضيعها شغلا بالمال والشهوات فقد شابه قارون الذي خسف الله به وبداره الأرض بسبب استكباره عن الحق واشتغاله بالشهوات، وإن تركها تشاغلا بالمعاملات والبيع والشراء فقد شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة، فيكون كافرا محشورا مع هؤلاء الكفرة، نسأل الله العافية.
الحاصل أن تركها كفر فلا تقضى إذا أسلم،
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721) .(6/195)
وهداه الله وتاب، ليس عليه قضاء، هذا هو الصواب، ليس عليه قضاؤها ولا قضاء غيرها كالصوم وغيره، إذا تاب بعد ذلك فإن التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله كما قال الله سبحانه: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (1) ، فالتائب من تركه الصلاة ليس عليه قضاء؛ لأنه أسلم من جديد هذا هو الصواب.
__________
(1) سورة الأنفال الآية 38(6/196)
س: م. ش، من سوريا: هل يقضي المسلم الصلاة التي فاتته وكانت بإرادته وكان عامدا متعمدا؟ ماذا يلزمه في هذه الحالة، وهل يقضي ما فاته؟ مأجورين (1)
ج: الصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، قال الله جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2) ، وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3) ، قال جل وعلا: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (4) ،
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 371.
(2) سورة البقرة الآية 238
(3) سورة النور الآية 56
(4) سورة العنكبوت الآية 45(6/196)
والآيات في أمر الصلاة كثيرة جدا، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (1) » ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس - أي على خمس دعائم - شهادة أن لا إله الله، وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت (2) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3) » أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما.
ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (4) » أخرجه أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه فمن يتعمد ترك الصلاة يكفر بذلك على الصحيح وإن لم يجحد وجوبها وأما إذا جحد وجوبها يكفر عند الجميع ولو صلى إذا قال: إنها غير واجبة فهو كافر ولو صلى ولكن إذا تكاسل يعرف أنها واجبة، يعلم
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(2) سبق تخريجه.
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/197)
أنها واجبة ولكن تكاسل، هذا أيضا كافر على الصحيح؛ لهذه الأحاديث السابقة فإن تاب تاب الله عليه، ما عليه قضاء، يبتدئ من جديد يصلي من جديد وليس عليه قضاء إن تركها عمدا عدوانا، أما إذا كان ناسيا أو نائما يقضي، أما إن تركها عمدا متساهلا فعليه التوبة، وليس عليه قضاء، فإن قضى فلا بأس لكن ليس عليه قضاء.(6/198)
65 – بيان شروط التوبة النصوح
س: ما حكم تارك الصلاة لمدة سنتين، ثم العودة إلى الصلاة دون انقطاع، وكيف يعوض هاتين السنتين اللتين لم يصلهما (1) ؟ .
ج: إذا ترك المسلم الصلاة سنة أو أكثر أو أقل ثم تاب تاب الله عليه؛ فإن التوبة تجب ما قبلها، وليس عليه أن يعيد ما ترك، بل عليه التوبة إلى الله والصدق في ذلك بالندم على ما مضى من عمله، والعزم أن لا يعوده ثم الاستكثار من العمل الصالح، من ذكر الله واستغفاره والتطوع بالصلوات وغيرها من الصدقات والصيام ونحو ذلك، ويكفي هذا؛ لأن الله قال جل وعلا في كتابه العظيم لما ذكر المشرك والقاتل بغير حق
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 39.(6/198)
والزاني، قال بعد ذلك: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (1) ، وقال سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها (3) » وقال: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (4) » فالذي ترك الصلاة، ثم هداه الله ورجع إلى دينه وإلى إسلامه فإن توبته صحيحة إذا كان صادقا نادما عازما ألا يعود في ذلك، فإن توبته صحيحة، والله سبحانه يمحو بها ذنبه الماضي، وليس عليه أن يقضي تلك الصلوات هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم.
__________
(1) سورة الفرقان الآية 70
(2) سورة طه الآية 82
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها) .
(4) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .(6/199)
66 – حكم من فاتته أيام لم يصل فيها
س: إنني إذا سمعت القرآن أحلف يمينا أنني لن أترك الصلاة بعد اليوم لكن فاتتني أيام لم أصل فيها، كيف النصيحة في العمل(6/199)
الذي فات (1) ؟
ج: أولا عليك التوبة إلى الله؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، وهي أعظم أركانه بعد الشهادتين، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » فعليك أن تتوب إلى الله من هذا العمل وهو ترك الصلاة في أيام، وعليك أن تبادر وتسارع إلى المحافظة عليها وإن قضيتها خروجا من الخلاف فحسن، وإلا الصواب أن من تركها عمدا يكفر وليس عليه قضاء، لكن إذا كانت قليلة وقضيتها من باب الاحتياط فلا بأس، وعليك كفارة يمين؛ لأنك حلفت ألا تترك وقد تركت، فعليك كفارة يمين عما فعلت من الترك، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة هذا هو الواجب عليك، وأهم شيء وأعظمه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى والبدار بالمحافظة على الصلاة مع إخوانك في مساجد الله جل وعلا والحذر كل الحذر من تركها بعد ذلك.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 83.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/200)
س: أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري بلغت في الثانية عشرة وقد كنت عندما أسمع درس ديانة بخصوص الصلاة أصلي أياما ثم أقطع ربما سنوات، أما الآن فقد اقتنعت بالصلاة، وإن شاء الله لن أتركها، وسؤالي هو: ماذا أفعل بالفروض التي فاتتني هل أحصيها ثم أصليها قضاء؟ وهل واجب علي أن أصلي السنة التي فاتتني والسنة الآن (1) ؟ .
ج: إذا ترك المسلم الصلاة سواء رجلا أو امرأة فإن الواجب عليه التوبة إلى الله والندم والإقلاع والعزم الصادق ألا يعود في ذلك، ويكفيه ذلك وليس عليه قضاء؛ لأن الصلاة عمود الإسلام من تركها كفر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » والكافر تكفيه التوبة فإذا تاب الرجل أو المرأة من ترك الصلاة فلا قضاء، هذا هو الصواب، فأنت أيتها السائلة ليس عليك قضاء - والحمد لله - والتوبة تجب ما قبلها، توبتك مما سلف تجب ما قبلها وتسقط عنك الصلوات الماضية، وليس عليك إلا الاستقامة في المستقبل
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (31) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/201)
والمحافظة وسؤال الله الثبات على الحق والعناية بالدروس الإسلامية، وسماع الدروس الإسلامية من نور على الدرب وغيره؛ لأن هذا يعين المرأة والرجل على الحق، ويثبت الإيمان ويذكر بالله وبالآخرة، فسماع الدروس الإسلامية من أفضل الأعمال ومن أسباب الاستقامة والثبات، وينبغي للقائم على البرنامج إذا ما تيسر له أن يجيب السائلين والسائلات بالكتابة فإن بعضهم قد لا يسمع سؤاله في البرنامج، هذا طيب، إذا تيسر الإجابة بما أجاب به المسؤول في الرسالة على العنوان إذا كان لهم عنوان واضح، فهذا حسن وفيه جمع بين المصلحتين، يذاع للمسلمين وينتفعون به، ويجاب السائل كتابة على عنوانه حتى يستفيد لأنه ربما لم يوفق لسماعه في البرنامج، أو يرسل له الشريط المسجل ليستمع لصوت المسؤول، هذا من باب ضم الخير إلى الخير وضم الحسنة إلى الحسنة إذا أمكن ذلك.(6/202)
س: تقول المرسلة ف، عن نفسها: إنني امرأة متزوجة، لم أصل منذ سبعة وثلاثين عاما، جاء لي الأبناء، وأصبحوا يعلمونني الصلاة - جزاهم الله خيرا - لكنني محتارة في المدة الماضية، هل سيحاسبني الله عليها، أم توصونني بقضائها، أم كيف يكون(6/202)
توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: نوصيك بالتوبة النصوح، التوبة والندم على الماضي، والعزم على ألا تعودي فيه، والمحافظة على الصلاة من حين هداك الله، الزميها وحافظي عليها في أوقاتها بالطمأنينة والخشوع، وأبشري بالخير، والتوبة تجب ما قبلها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «التوبة تجب ما قبلها (2) » أي تهدم ما قبلها وتمحوه، ويقول عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (3) » فأبشري بالخير، التوبة بحمد الله تكفي معناها الندم على ما مضى منك من الترك، والحزن على ذلك، والعزم ألا تعودي إليه، وتستمري على المحافظة والاستقامة على الصلاة وأبشري بالخير، وليس عليك قضاء، والذنب ممحو، يمحى بالتوبة، والحمد لله.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 312.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها) .
(3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .(6/203)
67 – حكم من ترك الصلاة بسبب المرض
س: إنني أصلي والحمد لله، وعمري يبلغ ثلاثا وعشرين سنة،(6/203)
وقطعت الصلاة فترة بسبب مرض، ولكن شفاني الله، وبعدها استمررت في قطعها - يعني الصلاة - والآن أصلي والحمد لله، هل علي إثم أو كفارة، وما هي الكفارة حتى أؤديها؟ ولكم الشكر (1)
ج: عليك يا أخي التوبة إلى الله - والحمد لله - لزوم التوبة ما دمت تبت والحمد لله، فعليك أن تلزمها وأن تكثر من العمل الصالح، وتسأل ربك الثبات على الحق، وعليك أن تحرص على صحبة الأخيار وأن تبتعد عن صحبة الأشرار، وليس عليك سوى ذلك، التوبة تجب ما قبلها كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2) ، وقال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (3) ، ولما ذكر سبحانه الشرك والزنى والقتل في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} (4) ، قال بعدها:
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 192.
(2) سورة طه الآية 82
(3) سورة النور الآية 31
(4) سورة الفرقان الآية 68(6/204)
{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (1) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (2) {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (3) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (4) » فاحمد ربك على التوبة والزمها، واسأل ربك الثبات، واحذر أسباب الفتنة واحذر العودة إلى ترك الصلاة، فإن الصلاة عمود الإسلام وتركها كفر بالله عز وجل فاحذر ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (5) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (6) » خرجه مسلم في صحيحه.
ويقول عليه الصلاة والسلام أيضا: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (7) » فاحذر يا أخي من تركها ومن مجالسة من يتركها لعلك تنجو واسأل ربك الثبات على الحق حتى تلقاه سبحانه وتعالى.
__________
(1) سورة الفرقان الآية 68
(2) سورة الفرقان الآية 69
(3) سورة الفرقان الآية 70
(4) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .
(5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(6) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(7) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/205)
68 - بيان كيفية دعوة من لا يصلي
س: يوجد معي أخي وهو أكبر مني سنا، ولا يصلي وأحاول معه أكثر من مرة بأن يصلي وهو يقول: كثير من الناس لا يصلون، ماذا أفعل معه لإرغامه حتى يصلي مع العلم أنه يعمل في كل شيء حتى في المسكن، يعمل معي، أرجو إرشادي، جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليك أن تستمر في نصيحته والاستعانة أيضا بخواص إخوانك الطيبين حتى ينصحوه معك، مع سؤال الله جل وعلا أن يهديه، تسأل ربك أن يهديه في صلاتك وفي آخر الليل وفي غير ذلك من الأوقات، تسأل الله أن يهديه وأن يشرح صدره للحق وأن يعينه على جهاد نفسه وشيطانه، ولا تيأس بل اجتهد في نصيحته لعل الله يمن عليه بالهداية، فإن أصر فابتعد عنه وقاطعه في الله، واهجره في الله لعل الله ينفع بذلك أيضا.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 192.(6/206)
69 - بيان ما يلزم تارك الصلاة بغير عذر إذا تاب
س: الأخت م. م. ع، من الرياض، تسأل وتقول: لي صديقة في سن(6/206)
المراهقة كانت تصوم ولا تصلي، وقبل مدة تابت إلى الله ورجعت إلى الصواب، ولكن ضميرها يؤنبها ويعذبها على ما بدر منها من ترك للصلاة كسلا وتساهلا وجهلا بالدين، ووالداها لا يعرفان ذلك، أما هي فلا تعرف ماذا تفعل، هل تصلي الصلوات التي تركتها أم تكثر من صلاة السنة بعد وقبل كل فرض لعل الله أن يغفر لها؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير (1)
ج: من نعم الله عليها أن من عليها بالتوبة، ورزقها الندم على ما مضى - والحمد لله - على ذلك فعليها أن تستمر في الخير وأن تلزم طاعة الله ورسوله، وأن تحافظ على الصلاة في وقتها وأن تستكثر من الخير من صلاة النافلة من الصدقة من الدعاء من الذكر وهكذا جميع أنواع الخير، ويكفي هذا والحمد لله، وليس عليها قضاء الصلاة؛ لأن التوبة تهدم ما كان قبلها، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما كان قبلها (2) » وقال عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (3) »
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 114.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها) .
(3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .(6/207)
فلتطمئن ولتحمد الله على ما هداها له من التوبة، ولتعلم أنه لا شيء عليها عما مضى بل التوبة تمحو ذلك مع الصدق والنصح في التوبة، والتوبة الصادقة تشمل أمورا ثلاثة: الندم على الماضي من الذنب، والإقلاع منه وتركه، والعزيمة الصادقة ألا يعود المذنب لفعله سواء كان رجلا أو امرأة، هذه الأمور الثلاثة لا بد منها في التوبة: الندم على الماضي والإقلاع من الذنب والعزم الصادق ألا يعود في فعله.
وهناك شرط رابع إذا كانت الجريمة والذنب يتعلق بالغير، فمن تمام التوبة أن يعطي الحق لصاحبه، ويرد عليه حقه أو يستحله من ذلك، كما لو كان الذنب خيانة في مال أو سرقة أو نحو ذلك، فإن من شرط التوبة وتمامها أن يرد المال إلى صاحبه، أو يستحله من ذلك، يقول الله سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (1)
ويقول سبحانه لما ذكر الشرك والقتل والزنى في آية الفرقان في قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (2) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (3)
__________
(1) سورة طه الآية 82
(2) سورة الفرقان الآية 68
(3) سورة الفرقان الآية 69(6/208)
ثم قال بعد هذا: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (1) فذكر سبحانه أن من تاب من الشرك أو القتل أو الزنى أبدل الله سيئاته حسنات، هذه من نعم الله العظيمة وفضله الكبير، فعلى التائب أن يحمد ربه وأن يصدق في التوبة وأن يلزمها حتى يلقى ربه والله ولي التوفيق.
__________
(1) سورة الفرقان الآية 70(6/209)
س: تقول عن نفسها: في بداية حياتي لم أكن أصلي ولا أصوم بعض أيام رمضان، والآن من الله علي بالهداية، فماذا أفعل فيما مضى (1) ؟
ج: التوبة كافية إذا كانت لا تصلي فالذي لا يصلي كافر، فالواجب التوبة إلى الله والندم على ما مضى والعزم الصادق أن لا تعود في ذلك، وليس عليها قضاء.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 355.(6/209)
س: سائلة تقول: أنا عمري الآن سبع وعشرون سنة، وكنت فيما مضى أصلي وأقطع، لكني الآن والحمد لله أثابر على الصلاة دون انقطاع وإنني أصلي كل فرض في وقت الصلاة المكتوبة، مع السنة القبلية والبعدية والقضاء أيضا؛ لذلك أطيل في صلاتي، وأنا في بعض الأحيان أكون مشغولة ولا أملك متسعا من الوقت لأداء القضاء، فما هو رأي سماحتكم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: التوبة كافية وليس عليك قضاء وإنما عليك أن تستقيمي على طاعة الله، وأن تحافظي على الصلاة في أوقاتها حتى الموت أما على الماضي فعليك التوبة الصادقة والندم وعليك أن تسألي الله المغفرة والعفو، يكفي ذلك والحمد لله؛ لأن الله يقول جل وعلا: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 325.
(2) سورة النور الآية 31(6/210)
«التوبة تهدم ما كان قبلها (1) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (2) »
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .(6/211)
س: رسالة وصلت إلى البرنامج من الجزائر من أخت تسأل سماحتكم عن فتاة تركت الصلاة فترة من عمرها، ثم عادت وتابت وندمت، هل تنصحونها بقضاء ما فات أم كيف يكون توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الحمد لله الذي هداها ومن عليها بالتوبة وليس عليها قضاء؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر فإذا تابت الآن من ذلك فليس عليها قضاء، هذا هو الصواب هذا هو الحق فعليها التوبة النصوح والاستقامة والصبر والإكثار من العمل الصالح والحمد لله يقول الله عز وجل: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (2) فليس عليها قضاء ولكن عليها لزوم التوبة، وعليها
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم 348.
(2) سورة طه الآية 82(6/211)
كثرة الاستغفار والإكثار من العمل الصالح والحمد لله على كل حال.(6/212)
70 – التوبة النصوح تجب ما قبلها من الذنوب والمعاصي
س: السائل يقول: سمعت بأن شابا لم يصل إلا عندما بلغ العشرين وأجيب له بأن الإسلام يجب ما قبله فهل معنى ذلك بأنه لا يحاسب على ما فات (1) ؟
ج: من تاب توبة نصوحا تاب الله عليه عن المعاصي أو ترك الصلاة أو أنواع الشرك والتوبة تجب ما قبلها، فإذا تاب وهو ابن عشرين سنة أو ابن ثلاثين سنة أو ابن خمسين سنة أو ابن مائة سنة توبة صحيحة من الشرك من المعاصي كلها تاب الله عليه إذا تاب توبة صحيحة وندم على ما مضى، وأقلع منه وعزم عزما صادقا على ألا يعود فيه، فإن الله يتوب عليه، وإن كان عنده مظالم للناس فعليه أن يؤديها لأصحابها، لا بد أن يعطى الناس حقوقهم أو يتحلل منهم، والله جل وعلا يقول:
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 374.(6/212)
{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1) ويقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (2) وعسى من الله واجبة، ويقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (3) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (4) {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (5) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله، والتوبة تهدم ما كان قبلها، (6) » والحمد لله.
__________
(1) سورة النور الآية 31
(2) سورة التحريم الآية 8
(3) سورة الفرقان الآية 68
(4) سورة الفرقان الآية 69
(5) سورة الفرقان الآية 70
(6) سبق تخريجه.(6/213)
71 – حكم تأخير الصلاة بسبب العمل
س: كثيرا ما تفوتني صلاة الظهر والعصر بحكم العمل الذي نقضي فيه ما يقرب من ثماني ساعات، فبماذا تنصحونني، وهل يجوز(6/213)
لي القضاء (1) ؟
ج: الواجب عليك المحافظة على جميع الصلوات، وأن تتقي الله عز وجل في ذلك وأن تتوب مما سلف، ومن تركها عامدا تاركا لها قصدا يكفر بذلك، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، ولا يقضي وإن قضى فلا بأس خروجا من الخلاف لمن قال: لا يكفر إذا كان لم يجحد وجوبها أما من جحد وجوب الصلاة كفر بإجماع المسلمين لكن من لم يجحد وجوبها ولكن يتكاسل بعض الأحيان هذا جملة من أهل العلم يقولون: لا يكفر وعليه القضاء.
لكن الصواب أنه يكفر بذلك وأن التوبة تكفي فإذا قضى فلا بأس نسأل الله السلامة.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 216.(6/214)
72 – حكم من ترك الصلاة إذا كان متعبا أو مشغولا
س: الأخ ي. ع، من مصر يقول: أنا والحمد لله أصلي منذ أن كان عمري عشر سنين، ولكن تأتي علي أيام أكون فيها إما تعبان أو مشغولا فلا أصلي ولا أقضي، فما الحكم في ذلك؟ أرجو(6/214)
الإفادة جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليك التوبة إلى الله من ذلك والبدار بالصلاة دائما ولزوم ذلك، وليس لك عذر بالتعب والكسل، بل يجب أن تصلي وإن كنت تعبان أو كسلان، عليك أن تبادر بالصلاة وتصليها في وقتها مع المسلمين، وإذا كنت عاجزا عن الصلاة في المسجد لمرض صليت في البيت ولو على جنبك أو مستلقيا إذا عجزت عن القيام والقعود أما تركها فلا يجوز أبدا ما دمت عاقلا تستطيع أن تصلي ولو على جنبك أو مستلقيا وعليك التوبة إلى الله عما سلف والتوبة تجب ما قبلها.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 176.(6/215)
73 - بيان كيفية زيادة العمل الصالح
س: المرسل ر. ع، من سكاكا الجوف يسأل فيقول: أخبركم بأنني كنت أصلي ولكن لم أحافظ على الصلوات، ولله الحمد أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا بأن من الله علي بالهداية وأنا الآن أحافظ على صلواتي الخمس في أوقاتها، وأقوم الليل لأداء صلاة التهجد وأقرأ كل يوم جزأين أو ثلاثة أجزاء ويوم(6/215)
الجمعة أقرأ فيه من ستة إلى سبعة أجزاء وأتصدق ببعض المال إذا كان معي، وأصوم الاثنين والخميس والأيام البيض، أحمد الله على ذلك، سؤالي: بماذا تنصحونني لزيادة العمل الصالح؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الحمد لله الذي من عليك بالتوبة والرجوع إليه جل وعلا ونوصيك شكره والثناء عليه، وسؤاله الثبات على الحق وسؤاله التوفيق والاستقامة على الحق وأبشر بالخير نوصيك بالاستمرار في هذه الأعمال الطيبة والاستزادة من الخير مهما استطعت والله جل وعلا لا يضيع للعاملين أعمالهم بل يوفرها لهم ويضاعفها لهم على حسب إخلاصهم وصدقهم فاستعن بالله واجتهد في أعمال الخير وأنت على خير من صدقة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ودعوة إلى الله عز وجل، والعناية ببر الوالدين وصلة الرحم وإكرام الجار وغير هذا من وجوه الخير وأبشر بالخير، رزقنا الله وإياك الاستقامة والقبول.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 320.(6/216)
74 – شرح حديث "أول ما يحاسب العبد من عمله صلاته"
س: الأخ ش، من الرياض يقول: أسأل وأقول: أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة عن الصلاة، فإن صلحت، صلح عمله، ما المقصود بصلاح الصلاة (1) ؟
ج: جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أول ما يحاسب العبد من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر (2) » يعني إن صحت صلاته واستقامت وقبلها الله منه، فذلك من أسباب قبول بقية أعماله، وإن أضاع الصلاة ولم تستقم الصلاة فهو من أسباب ضياع أعماله الصلاة كالميزان لبقية الأعمال، فينبغي للمؤمن أن يحرص على إتقانها وإكمالها وحفظها حتى لا يتطرق إليها نقص؛ لأن هذا من أسباب توفيق الله له في جميع أعماله بعد ذلك، ومن حافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ولهذا يقول جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (3) ويقول صلى
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 438.
(2) سبق تخريجه.
(3) سورة البقرة الآية 238(6/217)
الله عليه وسلم: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (1) » نسأل الله العافية، فالمحافظة عليها والعناية بها من أسباب توفيق الله لصلاح أعماله كلها.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721) .(6/218)
75 – الواجب على الأبناء دعوة ونصح آبائهم إذا كانوا لا يصلون
س: يقول عن والدته: والدتي تبلغ من العمر خمسين سنة، إلا أنها - هداها الله - ضعيفة في أداء الصلوات الخمس - هكذا يقول - وقد نصحتها عدة مرات وسنين طويلة، ووالدي كذلك، وهو الآن حي والحمد لله، لكني ألاحظ أن الأمر كما هو فبماذا توجهوننا جميعا؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليها أن تتقي الله وأن تحافظ على الصلوات في أوقاتها؛ لأن الصلاة عمود الدين، وأعظم الفرائض وأهمها بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلاة في أوقاتها بكل
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 320.(6/218)
عناية؛ لقول الله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (1) وقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (2) وقوله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (3) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (4) ثم قال في آخر الآيات: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (5) المقصود أن الواجب على المؤمن والمؤمنة العناية بالصلاة والمحافظة عليها أينما كانت في السفر والإقامة، في الشدة والرخاء، في الصحة والمرض، في الغنى والفقر، حتى ولو كان على فراشه يصلي إن كان يستطيع قاعدا صلى قاعدا فإن عجز صلى على جنبه فإن عجز صلى مستلقيا ليس له عذر في الترك أبدا ما دام عقله معه، ويقول عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (6) » ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة (7) » يعني الرجل والمرأة، والمعنى
__________
(1) سورة البقرة الآية 238
(2) سورة النور الآية 56
(3) سورة المؤمنون الآية 1
(4) سورة المؤمنون الآية 2
(5) سورة المؤمنون الآية 9
(6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(7) سبق تخريجه.(6/219)
واحد؛ لأن الخطاب للرجل والمرأة يعم الجميع ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » فالواجب عليك أنت يا ولدها النصيحة وهكذا الزوج يجب عليه أن ينصحها وأن يؤدبها أيضا ولو بالضرب حتى تستقيم على المحافظة وإذا تعمدت تركها تكفر بذلك - نسأل الله العافية - وينبغي له فراقها حينئذ الواجب عليه فراقها، لا يبقى المسلم مع الكافرة غير الكتابية، المقصود أن الواجب عليكما جميعا أنت وأبوك العناية بها أنت تنصح بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، وأبوك كذلك وله سلطان عليها بأن يؤدبها إذا تخلت وتساهلت بالصلاة نسأل الله لها الهداية، وأن يعيذها مولاها من الشيطان الرجيم.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/220)
76 – حكم من يترك الصلاة بحجة أنه يفعل المعاصي
س: م. م. أ، من العراق، محافظة نينوى يسأل ويقول: إن أكثر الشباب عندما أنصحهم بالصلاة يقولون: لا نستطيع أن نصلي؛ لأننا ننظر إلى النساء وخاصة المتبرجات، فهل النظر يمنع(6/220)
الصلاة أو يبطلها؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: هذا عذر باطل، الواجب عليهم أن يصلوا مع المسلمين ويحافظوا على ما أوجب الله عليهم من الصلاة ومن غض البصر والصلاة في الجماعة في المساجد فريضة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (2) » فيجب على المسلم أن يؤديها إذا كان مكلفا وتركها كفر بالله وضلال، وليس رؤية النساء في الطريق أو في المسجد إذا كن يصلين في المسجد ليس هذا عذرا في ترك الصلاة أو ترك الجماعة بل هذا غلط ومنكر واعتذار لمنكر عن منكر وهو ترك الصلاة - نسأل الله العافية - والواجب على المسلم غض البصر وأن يتقي الله ويغض بصره عن النساء في الأسواق وفي كل مكان، وليس عذرا له إذا ذهب إلى الصلاة أن يصادفه في الطريق نساء فإذا صادفه في الطريق نساء يغض بصره ويجاهد نفسه قال الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (3) فالمسلم
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 158.
(2) سبق تخريجه.
(3) سورة النور الآية 30(6/221)
يغض بصره ويتقي الله ويحفظ فرجه ويؤدي ما أوجب الله عليه من الصلاة في مساجد الله مع المسلمين، يخاف الله ويرجوه قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (1) وقال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (2) » وقال في شأن الصلاة وعظمتها: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح.
وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4) » أخرجه الإمام مسلم في صحيحه رحمه الله في أحاديث أخرى دالة على عظم شأنها، ويقول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (5) » وقد هم عليه الصلاة والسلام أن يحرق على المتخلفين بيوتهم المتخلفين عن الصلاة في الجماعة، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يتقي الله وأن يحافظ على الصلاة في أوقاتها وأن يحذر التخلف عنها، فإن
__________
(1) سورة النور الآية 36
(2) سبق تخريجه.
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .(6/222)
التخلف عنها من صفات أهل النفاق ومن صفات الكفرة، ومن أسباب دخول النار قال الله تعالى في كتابه العظيم عن الكفار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (1) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (2) فأجابوا بأنهم دخلوا النار لأنهم لم يكونوا من المصلين - نسأل الله العافية - فالمؤمن يتقي الله في كل شيء فيغض البصر ويحفظ الفرج، ويحفظ جوارحه عما حرم الله، ويؤدي ما أوجب الله من الصلاة والزكاة وبر الوالدين وصلة الرحم وغير ذلك، يجمع بين هذا وهذا، هذه الدار دار العمل دار التكليف دار الابتلاء والامتحان، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يتقي الله وأن يحافظ على ما أوجب الله، ويتباعد عن محارم الله، وأن يقف عند حدود الله يرجو ثواب الله ويخشى عقاب الله ولهذا خلق يقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (3) وهذه العبادة: الصلاة الزكاة، الصيام، الحج، الجهاد، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، الدعوة إلى الله، بر الوالدين، صلة الرحم، إلى غير هذا مما شرع الله، وهكذا ترك المحارم التي حرم الله على عباده تركها طاعة لله وتعظيما له من أفضل القربات.
__________
(1) سورة المدثر الآية 42
(2) سورة المدثر الآية 43
(3) سورة الذاريات الآية 56(6/223)
77 – حكم بقاء الزوجة مع زوجها الذي لا يصلي
س: المستمعة تقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ، ما حكم الشرع في نظركم في المرأة التي تصلي وزوجها لا يصلي وهي متمسكة بالصلاة، مع العلم بأنها بذلت مجهودا كبيرا في إقناعه ليصلي ولكنه لا يركع ولو ركعة واحدة، لديها أطفال منه وهي تؤمل في صلاحه خيرا، فماذا توجهونها؟ مأجورين (1)
ج: الذي لا يصلي يعتبر كافرا - نسأل الله العافية - هذا هو أصح قولي العلماء في الموضوع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » أخرجه مسلم في الصحيح.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » فالصلاة عمود الإسلام فالذي لا يصلي لا خير فيه ولا يعتبر مسلما وعليها أن تفارقه ولا تمكنه من نفسها عليها أن تفارقه وتمنعه من نفسها، وتذهب إلى أهلها حتى يتوب إلى الله، وحتى يسلم ويدع عمله السيئ
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 400.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/224)
هذا هو الصواب.(6/225)
78 – حكم بقاء الزوجة مع زوجها المتهاون في أداء الصلاة
س: السائلة: م. م. ط، من الرياض تسأل وتقول: زوجي يحافظ على الصلاة في بعض الأوقات، ويهملها في بعض الأوقات، وإذا خالط تاركي الصلاة تركها معهم، هل يجوز لي العيش معه، وكيف أعمل؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان زوجك يفعل هذا العمل فهو كافر - نسأل الله العافية - الذي ما يصلي كافر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3) » الصلاة عمود الإسلام من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
ويقول في الصلاة عليه الصلاة والسلام: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 197.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/225)
يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (1) » نسأل الله العافية، هؤلاء من كبار الكفار وصناديدهم - نسأل الله العافية - لأنه إذا ضيعها من أجل الرئاسة صار شبيها بفرعون، وإن ضيعها من أجل الوزارة صار شبيها بوزيره هامان، وإن ضيعها بأسباب المال والشهوات وجلساء السوء صار شبيها بقارون الذي خسف الله به وبداره الأرض، وإن ضيعها بأسباب التجارة والبيع والشراء صار شبيها بأبي بن خلف تاجر أهل مكة الكفار فيحشر معه يوم القيامة، فالواجب عليك مغادرة البيت والذهاب إلى أهلك، ومعك أولادك، وأنت أولى بأولادك؛ لأنه بهذا يكفر لكن إن تاب ورجع وأناب فالحمد لله، والواجب عليه هو أن يتوب إلى الله، وأن يبادر بالتوبة، وأن يحذر جلساء السوء، جلساء السوء شرهم عظيم، فالواجب الحذر من مجالسة أهل السوء، تراك الصلاة أو أصحاب الخمور والمعاصي، الواجب الحذر منهم، وعليه أن يبادر بالتوبة إلى الله، فيحافظ على الصلوات في الجماعة، ويتوب مما سلف منه، وليس عليه قضاء ما سلف، عليه التوبة، والندم والإقلاع، والعزم الصادق ألا يعود ويكفي هذا وأنت زوجته، لكن إذا أبى التوبة ولم يرجع عما هو عليه من
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721) .(6/226)
الباطل، فأنت تمتنعين منه حتى يتوب أو تذهبين إلى أهلك هذا هو الصحيح من أقوال العلماء وقد حكاه التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي حكاه عن الصحابة جميعا قال: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة (1) » .
فالصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام وقال عليه الصلاة والسلام: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (2) » هذا مثال لترك الصلوات صلاة العصر مع أن الناس قد يشغلون عنها بمجيئهم من الأعمال ونحو ذلك، ومع هذا إذا تركها حبط عمله فكيف بغيرها؟ فالمقصود أن تارك الصلاة ولو بعض الأحيان يكفر وعليه التوبة إلى الله والرجوع إلى الله ومن تاب تاب الله عليه سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية.
__________
(1) سنن الترمذي الإيمان (2622) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553) .(6/227)
79 - مسألة في حكم بقاء الزوجة مع زوجها الذي يصر على ترك الصلاة
س: أحببت أن أعرض على سماحتكم مشكلتي التي تؤرقني وتحرمني لذة العيش وراحة البال، فأنا امرأة متزوجة منذ تسعة أعوام، وأنا والحمد لله أصلي، وأتعبد لله، وألبس اللباس(6/227)
الشرعي وأسير على هدى القرآن الكريم والسنة المحمدية في حياتي، تقبل الله مني ومنكم ومن جميع المسلمين، أما زوجي وعمره أربعون سنة فلا يصلي ولا يتعبد، فقط يصوم شهر رمضان، وقد حاولت كثيرا أن أهديه إلى الطريق الصحيح، وأحثه على الصلاة والعبادة، وأقرأ له بعض الآيات والأحاديث النبوية التي تحث وتدعو إلى الصلاة، وترغب فيها وعقاب تارك الصلاة، ولكنه لا يقبل الهداية، وإن أنا ألححت عليه بدأ يسب ويلعن، وقال لي عدة مرات: إنني إن ألححت عليه فسوف يطردني من البيت، وأنا فكرت عدة مرات بطلب الطلاق منه، ولكن أهلي لا يستقبلونني وأولادي الثلاثة، وأنا في حيرة من أمري وخاصة بعد أن سمعت أنه محرم على الزوجة أن تبقى مع زوج لا يصلي ماذا أفعل؟ إنني في حيرة من أمري، وأكاد أفقد عقلي من كثرة التفكير، أفتني يا سماحة الشيخ، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليك الذهاب لأهلك والتخلص من هذا الزوج الظالم
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 270.(6/228)
لنفسه؛ لأن ترك الصلاة كفر وضلال، وذهب جمع من أهل العلم رحمة الله عليهم إلى أن من تركها كفر كفرا أكبر وإن لم يجحد وجوبها وزوجك هذا ليس ببعيد أنه يجحد وجوبها بسبب عناده وتركه لها وبكل حال فالصواب أن من ترك الصلاة عمدا كفر ولو لم يجحد وجوبها، أما إذا جحد وجوبها أو استهزأ بها هذا كافر بالإجماع وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » خرجه مسلم في صحيحه وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح.
وقال عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل رضي الله عنه ورحمه: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة (3) » .
ذكر عن الصحابة أنهم يرون ترك الصلاة كفرا دون بقية الأعمال كالصوم ونحوه، فالواجب عليك البعد عن هذا الرجل، والذهاب إلى أهلك أو إلى مكان تستقلين فيه أنت وأولادك، وأبشري بالخير والعاقبة الحميدة نسأل الله له الهداية وأن يعيذه من شر نفسه وشر
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) سنن الترمذي الإيمان (2622) .(6/229)
الشيطان، وعليك بالاجتهاد في نصيحته بواسطة من يعرفه من العلماء والطيبين لعل الله أن يهديه بأسبابهم، أما أنت فلا تمكثي عنده ولا تمكنيه من نفسك لا في الفراش ولا في غيره هذا هو الصواب، وهذا هو أرجح أقوال العلماء في هذه المسألة ونسأل الله لك تفريج الكربة وتيسير الأمور، ونسأل الله له الهداية والرجوع إلى الصواب ونسأل الله له أن ييسر له من الإخوان الطيبين من يرشده ويعينه على طاعة الله ورسوله، وأن يرزقه الاستقامة والبصيرة، إنه سميع مجيب، متى صدقت يسر الله أمرها أو تستقل في بيت وحدها - والحمد لله - مع أولادها.(6/230)
س: امرأة تصلي وتصوم وصاحبة طاعة إلا أنها مع رجل لا يصلي (1) ؟
ج: الواجب عليها أن تبتعد عنه وأن تمنعه من نفسها حتى يتوب إلى الله عز وجل؛ لأن تارك الصلاة كافر في أصح قولي العلماء وإن لم يجحد وجوبها.
أما إن جحد وجوبها فهو كافر بإجماع العلماء؛ لأنه مكذب لله ولرسوله لكن ما دام يقر أنها واجبة ولكن يتركها فهو كافر أيضا على الصحيح من قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 271.(6/230)
الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » رواه مسلم في الصحيح.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » فعليها أن تذهب إلى أهلها أو تمنعه من البيت إن كان البيت لها أو من نفسها إن كانت تستطيع الذهاب إلى أهلها أو غيرهم، تمنعه من نفسها وتطلب منه الطلاق أو التوبة، وإن كان هناك محكمة شرعية ترفع الأمر إلى المحكمة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/231)
80 - حكم ترك الصلاة بسبب سلس البول
س: السائلة أ. م، من الرياض تقول: زوجي يعاني من سلس البول، ويعرف حكم الوضوء وحكم الصلاة في الشرع، ولكنه يترك الصلاة بسبب وسوسة الشيطان له بعد طهارته، ولقد جاهدت في ذلك كثيرا، وهو لا يصلي إلا الجمعة، وهو حريص على الصلاة وعلى صلاتي أنا والأولاد، والسؤال: ما حكم بقائي معه سماحة الشيخ (1) ؟
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 413.(6/231)
ج: ما يجوز البقاء معه، من ترك الصلاة كفر - نعوذ بالله - الواجب عليه أن يصلي مع السلس يتوضأ لكل صلاة والحمد لله ويصلي مع الناس ولو خرج منه بول معذور إذا أذن المؤذن يتوضأ ويصلي مع الناس - والحمد لله - ولا يجوز ترك الصلاة من أجل السلس، كالمستحاضة التي معها الدم الدائم تتوضأ لكل صلاة وتصلي كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، أما البقاء مع إنسان لا يصلي إلا الجمعة هذا ضلال وكفر - نسأل الله العافية - ما يجوز يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » نسأل الله العافية
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/232)
81 – حكم ترك الصلاة بحجة عدم القراءة والكتابة
س: زوج أختي لا يصلي أبدا حتى أيام الجمعة، ولا أظنه إنكارا لوجوب الصلاة، إنما بحجة أنه عامي لا يقرأ ولا يكتب، فهل في بقاء أختي معه شيء؟ وإنني لما أسمع عقوبة تارك الصلاة يشفق عليه قلبي ويحن، كما أنني أعانقه أحيانا كأيام الأعياد(6/232)
وغيرها، انصحوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: تركه للصلاة كفر بنص النبي عليه الصلاة والسلام، والصحيح من أقوال أهل العلم أنه كفر أكبر يخرج من الملة، وإن لم يجحد وجوبها، لكن إن جحد وجوبها كفر عند جميع المذاهب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، من تركها فقد كفر (3) » ولا يجوز بقاء أختك معه، بل يجب التفريق بينهما إلا أن يتوب، والواجب عليك هجره وعدم معانقته وعدم صحبته حتى يتوب إلى الله عز وجل، هذا ومثله من أهم المهمات، وأقل الأحوال له سنة مؤكدة والقول بالوجوب قول قوي، القول بالوجوب غير من أظهر المعصية والكفر قول قوي، فعليك يا أخي أن تنصحه لله، وأن تخوفه من الله وأن تجتهد في توبته لعل الله يهديه بأسبابك فإن أصر على الباطل وأبى أن يقبل منك فاهجره هذا هو المشروع وإن رأيت المواصلة
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 265.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/233)
للنصيحة بين وقت وآخر فذلك خير، من باب النصح لله ولعباده من دون أن تتخذه صاحبا أو صديقا أو عشيرا لك، ولكن بين وقت وآخر تمر عليه وتنصحه تقول: اتق الله، راقب الله يا عبد الله، الصلاة عمود الإسلام، من تركها فقد كفر.
لعل الله يهديه بأسبابك وإذا تيسر أن تقول لإخوانه أو أبيه أو أصدقائه أن ينصحوه أيضا حتى يساعدوك، فهذا أمر مطلوب، والمسلمون إخوة يتناصحون، وهذا إنسان قد تعاطى ما يخرجه من الإسلام فالواجب نصيحته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وإلى الخروج إلى الصواب، لعل الله يأتي بأسبابه، وقد قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) وقال سبحانه في كتابه العظيم: {وَالْعَصْرِ} (2) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (4) {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (5) وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (6) » نسأل الله للجمع الهداية.
وكونه لا يقرأ ولا يكتب فهذه
__________
(1) سورة المائدة الآية 2
(2) سورة العصر الآية 1
(3) سورة العصر الآية 2
(4) سورة العصر الآية 3
(5) سورة العصر الآية 3
(6) سبق تخريجه.(6/234)
ليست حجة؛ لأنه يجب عليه أن يصلي ولو كان عاميا ليس من شرط الصلاة أن يكون يقرأ ويكتب عليه أن يصلي ويتعلم ويتثقف في دينه ولا يدع الصلاة، عليه أن يصلي ويؤدي الزكاة، وأن يصوم رمضان وأن يحج البيت إن استطاع، وإن كان غير عالم وإن كان عاميا، لكن يلزمه التثقف في دينه، والسؤال عما أشكل عليه؛ لأنه مخلوق لعبادة الله، والواجب عليه أن يتعلم هذه العبادة، ويتبصر فيها لقول الله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1) ويقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (2) هذه العبادة التي خلقنا لها وأمرنا بها يجب أن نفقهها، وأن نعلمها، وأن نسأل أهل العلم عنها حتى نكون في هذا على بصيرة، وحتى نؤديها على علم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (3) » فمن يعرض فلا يتفقه هذا من علامة أن الله ما أراد به خيرا، نسأل الله العافية.
__________
(1) سورة الذاريات الآية 56
(2) سورة البقرة الآية 21
(3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا، برقم (71) ، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم (1037) .(6/235)
82 – حكم أكل طعام تارك الصلاة
س: السائل يقول: زوج أختي لا يصلي، وقد ألححت عليه كثيرا للصلاة فلم يجب، ويقول: إن الإسلام ليس الصلاة.
وهم يسكنون في قرية بعيدة عني وأقوم بصلتهم، علما أن والدي متوفى وأنا الذي أحل محله، فإذا أحضروا لي الطعام فهل يصح أن آكل منه؟ وإذا اقترضت منهم مبلغا من المال وعلى طول أقوم بسداده، فهل هذا المال يحرم علي (1) ؟
ج: هذا لا يجوز هذا غلط كبير، الإسلام هو التوحيد والصلاة والزكاة والصيام والحج، هذا الرجل جاهل يجب أن يعلم ويرشد ويوجه إلى الخير الإسلام مبني على أركان والصلاة أعظم عموده بعد التوحيد فهي عموده العظيم بعد الشهادتين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (2) » فالواجب أن يحذر من ذلك، وعلى الزوجة أن تفارقه حتى يتوب على أختك أن تفارقه حتى يتوب ولا تبقى عنده يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 233.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .(6/236)
ترك الصلاة (1) » ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » وينبغي أن يرفع أمره إلى ولي الأمر إذا لم يتب حتى يحال إلى المحكمة وحتى تجري المحكمة ما يلزم من استتابته، فإن تاب وإلا قتل، ولا مانع أن تصلهم بالمعروف رجاء أن يهديه الله ويسلم ولا سيما إذا كان فقيرا، لا بأس أن تحسن إليهم لأن معه أختك لعل الله يهديه ويرجع إلى الحق بأسباب حسن خلقك وطيب عملك معهم، والاقتراض منه ينبغي أن تستغني عنه ما دام بهذه الحالة وألا تعاشره وألا تتخذه صاحبا وألا تزوره، بل تهجره لعله يتوب، لكن إذا أحسنت إليه لا بأس، أما الطعام فينظر فيه فإن كان الطعام فاكهة أو نحوه فلا بأس، أما إن كان شيئا يذبح هو الذي ذبحه بنفسه فذبيحته لا تحل، أما إن كان طعاما من غير ذبحه لحم من السوق أو فاكهة أو نحو هذا مما ليس فيه ذبح فلا حرج في قبوله إذا رأيت ذلك، وإن رأيت رده إليه من باب الهجر ومن باب إظهار كراهتك لعمله وغضبك عليه فهذا حسن إن شاء الله، وإن رأيت أن قبول الهدية فيه مصلحة لتأليفه ودعوته إلى التوبة أنت
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/237)
بهذا تجتهد وتعمل ما هو الأصلح لكن مع كراهتك لعمله وهجرك إياه وتحذيرك إياه من هذا العمل السيئ لعل الله يتوب عليه بأسبابك؛ لأن عمله عظيم الجرم وشديد الخبث وهو ترك الصلاة - نعوذ بالله - والصلاة عمود الإسلام من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
والمقصود أن تعالج الأمر بما ترجو فيه الخير، مع هجره وعدم زيارته إلا على وجه تزوره فيه للدعوة فقط، لا للطعام والشراب والأنس معه ولكن تزوره إذا رأيت المصلحة للدعوة والتوجيه إلى الخير وتحذيره غضب الله وإخباره بأن هذا العمل ردة عن الإسلام في أصح قولي العلماء على هذا السبيل تكون مأجورا إن شاء الله أما على سبيل التحاب أو الأنس به فلا تزره على هذا الوجه بل يستحق الهجر.(6/238)
83 – مسألة في حكم الإقامة مع زوج تارك الصلاة
س: المستمعة ح. خ. من الخفجي تقول: لي أخت متزوجة وعندها ثمانية أطفال أصغرهم عمره سنة، وهذه الأخت زوجها لا يقيم الصلاة وقد دخل السجن عدة مرات بجرائم السرقة والنصب وغير ذلك ولا يتورع عن القيام بأي عمل حرام، وأنا أعرف أن أختي تعرف حكم الزواج به، وهي أيضا متأذية وأولادها ولكنني(6/238)
أبشركم أنهم يصلون جميعا، لكن لا يقيمون لأبيهم هذا أي وزن، فما الحكم في إقامتها وأولادها معه وحاله ما ذكر؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان لا يصلي فالواجب عليها مفارقته والذهاب إلى أهلها إن قدرت وإن لم تستطع امتنعت من جماعه لها ورفعت أمرها إلى المحكمة حتى يعاقب بما يستحق؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر من ترك الصلاة كفر - نسأل الله العافية - يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » والصواب أنه يكفر بتركها وإن لم يجحد وجوبها، هذا هو الأصح من قولي العلماء فعليها أن تبتعد عنه إلى أهلها فإذا لم يكن لها أهل تمتنع من جماعه لها حتى يتوب وحتى يرجع إلى الله عز وجل، وإن لم تستطع رفعت الأمر للمحكمة للتفريق بينهما ولو عن طريق المحكمة، أما الأكل
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 331.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/239)
في بيته فلا حرج فيه، لكن يجب أن يهجر وأن يظهر له البغضاء والعداوة، لكن الأكل من بيته لا يحرم مثل من يأكل من طعام اليهود والنصارى وغيرهم، لكن ذبيحته لا تؤكل، أما الخبز والفاكهة فلا بأس أو ذبيحة ذبحها غيره، لكن يجب هجره وتوبيخه ونصيحته لعله يتوب فيتوب الله عليه.(6/240)
84 - حكم كشف حجاب المرأة أمام المرأة التي لا تصلي
س: زوج خالتي تارك للصلاة رغم أنه حج إلى بيت الله، وقد ذكرت له خالتي ما سمعته من البرنامج من حكم تارك الصلاة تهاونا من أنه يكون كافرا كفرا يخرج من الملة، ولكنه ظل تاركا للصلاة، وهي سكتت عن ذلك، فهل معاشرته لها حرام عليها؟ وهل تاركة الصلاة من النساء يجوز كشف الوجه أمامها والنساء هل يكشفن أمامها باعتبار أنها كافرة بتركها للصلاة، وخرجت عن ملة الإسلام؟ أفيدونا عن هذه القضايا وفقكم الله (1)
ج: لا شك أن الذي يترك الصلاة كافر وإن لم يجحد وجوبها في أصح
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 103.(6/240)
قولي العلماء؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » والمرأة كذلك في الحكم الشرعي والقاعدة الشرعية أن الأحكام التي تثبت للرجال تكون للنساء، وهكذا العكس؛ لأن الجميع مكلف، والرسول صلى الله عليه وسلم بعث للجميع، وهكذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » فالذي لا يصلي ليس لزوجته البقاء معه، وهي مسلمة ليس لها أن تبقى معه، بل عليها أن تفارقه، وأن تمنعه من الاتصال بها حتى يتوب فيتوب الله عليه وهكذا المرأة التي تترك الصلاة ليس لزوجها المسلم أن يبقى معها، بل يجتنبها حتى تتوب، فإن تابت وإلا فارقها وسوف يعوضه الله خيرا منها؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (3) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (4) ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (5) وهذه من المصائب العظيمة وترك الصلاة من المصائب العظيمة، فالواجب على المسلمين جميعا أن يحذروا
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) سورة الطلاق الآية 2
(4) سورة الطلاق الآية 3
(5) سورة الطلاق الآية 4(6/241)
ذلك، وأن يتناصحوا في ذلك وأن يهجروا من ترك الصلاة، وألا يقبلوا دعوته، وألا يسلموا عليه، وألا يردوا عليه السلام وألا يدعوه إلى وليمة ولا غيرها، بل يجب أن يهجر كالبعير الأجرب، لا يقرب ولا يزار إلا للدعوة إلى الله، إذا كان للدعوة يدعى وينصح فلا بأس.
وأما طرح الخمار عند الكافرة فلا بأس على الصحيح سواء كانت تاركة للصلاة أو يهودية أو نصرانية أو وثنية، لا حرج على المسلمة أن تراها الكافرة ولا تحتجب منها، هذا هو الصواب وهذا هو الصحيح من قولي العلماء أن التحجب إنما يكون عن الرجل الأجنبي، أما عن المرأة فلا أما قوله سبحانه: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} (1) فالمراد نساء بني آدم فالمرأة لا يحجب عنها على الصحيح، وإنما يحتجب عن الرجل الأجنبي الذي ليس بمحرم وأما المرأة فإنها من جنس المرأة وإن كانت كافرة لا حرج على المسلمة ألا تحتجب عنها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر نساءه أن يحتجبن عن اليهوديات اللاتي كن في المدينة ولا غيرهن من الوثنيات ولا نعلم أن امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أو بناته احتجبت عن امرأة كافرة وقد ثبت في الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما
__________
(1) سورة النور الآية 31(6/242)
«أن أمها وفدت إليها في المدينة في وقت الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة وهي كافرة، جاءت تطلب من بنتها الرفد والمساعدة، فاستأذنت أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم أن تصلها، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: صليها (1) » ولم يأمرها أن تحتجب عن أمها لأنها كافرة والقضايا في هذا كثيرة كلها دالة على أن ليس على المرأة المسلمة أن تحتجب عن المرأة الكافرة، والله ولي التوفيق.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجزية، باب إثم من عاهد ثم غدر، برقم (3183) .(6/243)
س: كانت والدتي لا تصلي ثم إنا علمناها الصلاة، والحمد لله استجابت وداومت على الصلاة بفضل من الله ثم إنها أيضا تخلصت من المعتقدات الشركية مثل الاعتقاد بنفع الموتى وما أشبه ذلك، إلا أن لنا والدا لا يصلي ولا زالت ترتبط به نفسيا ومعنويا فما هو رأي سماحتكم في هذا الموضوع؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الحمد لله على هدايتها، ولكن ليس لها أن تمكن زوجها الذي لا يصلي من نفسها؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر فعليها أن تبتعد عنه وتخبره
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 335.(6/243)
بأنها لا تحل له، وأخبروه أنتم أيضا حتى يتوب، فإذا تاب وصلى فهي زوجته، وإن استمر في ترك الصلاة فهي تحرم عليه، ونسأل الله لنا وله الهداية.(6/244)
85 - حكم التعامل مع الزوجة والبنات اللاتي لا يصلين
س: زوجتي لا تصلي وبناتي أيضا، ولا يتحجبن، فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليك نصيحة الزوجة والبنات، وتأديبهن على ترك الصلاة حتى يستقمن، هذا واجب عليك، الصلاة عمود الإسلام وهي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، والله يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) ويقول جل وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (3) ويقول سبحانه:
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 220.
(2) سورة البقرة الآية 238
(3) سورة البقرة الآية 43(6/244)
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (1) فالواجب على المؤمنين والمؤمنات التناصح والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، وزوجتك وبناتك من أحق الناس بنصيحتك، وأمرك لهن بالمعروف، ونهيك لهن عن المنكر، ولا يجوز التساهل بهذا الأمر أبدا، ولو بضرب الزوجة ضربا غير مبرح، وضرب البنات ضربا غير مبرح حتى يستقمن؛ لأن الصلاة عمود الإسلام من تركها كفر - نسأل الله العافية - يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » نسأل الله العافية، فاتق الله أيها السائل، واحرص على هداية زوجتك وبناتك، واستعن على ذلك أيضا بأقاربك مثل أخوال بناتك إخوان الزوجة، أبيها، أعمامها، يساعدونك، اتفق معهم على أن يساعدوك على زوجتك، وعلى بناتك حتى يقمن الصلاة، حتى يستقمن في دينهن، لا تتساهل في هذا الأمر فإن لم تستقم الزوجة ففارقها طلقها، ولا يجوز بقاؤها معك وهي لا تصلي، فإما أن تتوب وإما أن تفارقها وهكذا البنات لا بد من تأديبهن حتى يتبن إلى الله
__________
(1) سورة التوبة الآية 71
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/245)
وحتى يستقمن على الصلاة.(6/246)
86 - حكم الاستمرار مع زوجة لا تصلي ولا تلتزم بالزي الإسلامي
س: أنا متزوج وزوجتي لم تعرف شيئا من القرآن الكريم، ولم تقم الصلاة وقد حاولت فيها منذ عشر سنوات لكنها لم تستجب حتى الآن وهي أيضا لا تلبس الزي الإسلامي ولم تقبل مني أي نصح أو توجيه حول هذا الموضوع، فما رأي سماحتكم في أمرها؟ (1)
ج: إذا كانت لا تصلي فالأمر منته، الذي لا يصلي لا دين له بل هو كافر نسأل الله العافية، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » خرجه الإمام أحمد في المسند وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه.
ويقول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (3) » فمن ترك العمود فماذا بقي
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 95.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .(6/246)
له؟ ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » رواه مسلم في الصحيح.
والتعبير بالرجل لا يخرج المرأة لأن هذا كعادة النبي صلى الله عليه وسلم، قد يعبر بالرجل وقد يعبر بالمرأة، والحكم عام للجميع، ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء إلا بدليل يخص أحدهما، فالحاصل أن هذه المرأة علاوة على أنها لا تصلي مع ذلك أنها أيضا لا تلبس الزي الإسلامي فهذا يدل على مرض في قلبها يميلها إلى الكفرة وزي الكفرة، فنصيحتي لك أيها السائل فراقها ما دمت معها من عشر سنين وأنت لم تنجح في توجيهها إلى الخير، فماذا ترجو من ورائها؟ النساء كثير والحمد لله {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (2) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (3) ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (4) ففارقها وأبشر بالخير والعاقبة الحميدة، ومع هذا تسأل الله لها الهداية، نسأل الله لنا ولها الهداية، وإن نصحتها آخر شيء وبينت لها إن لم تستجب فإنك سوف تفارقها، فهذا لعله يجدي فيها بعض الشيء، وهو
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) سورة الطلاق الآية 2
(3) سورة الطلاق الآية 3
(4) سورة الطلاق الآية 4(6/247)
أحق بأولاده لا حضانة لها ما دامت بهذه الصفة، هو أولى بأولاده بكل حال، وبقاء أولادها عندها يضرهم، وربما جرتهم إلى شر كثير، فالحاصل أن المسلم هو أولى بأولاده مطلقا.(6/248)
س: تزوجت ابنة عمي في عام 1400 هـ وكان عمرها آنذاك ثنتي عشرة سنة، ولم تنجب أولادا حتى الآن، وأنا أعاملها معاملة حسنة، وهي تبادلني هذه المعاملة الحسنة بالمعاملة السيئة، حتى إنها لا تقوم بفرائض الصلاة، وقد نصحتها عدة مرات ولم تستجب بحجة أنها لا تزال صغيرة، وتقول: إنها ستقوم بواجب الصلاة عند بلوغها سن العشرين، أو واحد وعشرين، وهي أيضا لا تقوم بواجبها نحو الزوج، ويستمر في الشكوى من هذه الزوجة، وأهم ما في الموضوع هي أنها كانت متربية على غير تأدية الصلاة، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه (1)
ج: ما دامت بهذه الصفة فلا خير لك فيها، بل يجب أن تفارقها، وليس لك أن تستمتع بها، وهي لا تصلي وهي بهذا السن، ما دامت بلغت سن النساء المكلفات أكملت خمس عشرة سنة أو أتاها الحيض أو أنزلت عند
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم 103.(6/248)
الجماع أو في الاحتلام أو أنبتت الشعر، المعروف عند الفرج الشعرة، فبهذه الأمور الأربعة تكون بالغة بأي واحد منها فإذا كانت لا تصلي فلا يجوز بقاؤها عندك، يجب إبعادها وعدم الاستمتاع بها حتى يمن الله عليها بالتوبة ولك أن تضربها على هذا وتؤدبها حتى تستقيم؛ لأن ضربها في هذا المقام مهم جدا، ولعل الله يهديها بأسبابك، ومع ذلك لم تنجب فعيوبها كثيرة، هذه المرأة عيوبها كثيرة والسلامة منها خير لك في الدنيا والآخرة، ولا يجوز لك البقاء معها أبدا إلا أن تتوب، نسأل الله أن يهديها ويردها للتوبة، أو يبدلك خيرا منها.(6/249)
87 - حكم عقد النكاح على امرأة تبين أنها لا تصلي
س: تقول السائلة: توفيت والدتي منذ خمسة عشر عاما وتزوج أبي من أختها، ومنذ تزوجها أبي وهي لا تصلي، ولم أرها صلت ولو مرة واحدة رغم ما قلت لها من عقوبة تارك الصلاة، وهي لا تصلي كسلا وتهاونا وتقول بتهاون شديد: صلي أنت نيابة عني، فماذا أفعل معها وما هي حدود تعاملي معها (1) ؟
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 242.(6/249)
ج: إن الواجب هو الإنكار عليها وتعليمها وتنبيهها، وعلى الزوج أيضا أن يؤدبها في ذلك حتى تصلي وإذا كانت حين العقد لا تصلي وجب تجديد العقد إذا كان هو يصلي وهي لا تصلي، فالعقد غير صحيح على الصحيح، بعض أهل العلم يراه صحيحا إذا كانت لا تنكر وجوبها ولكنها تتساهل وتتكاسل، ولكن الصواب أن العقد غير صحيح، فالواجب امتناعه منها حتى تصلي ويجدد العقد، وإلا فليطلقها لأن شرها كثير، ولها حكم الكفرة بتركها الصلاة - نسأل الله العافية - لكن إذا تابت فإنه يجدد العقد بمهر جديد وعقد جديد بحضرة شاهدين.(6/250)
88 – حكم قضاء الصلاة والصيام لمن لم يصل منذ بلوغه حتى بلغ خمسين عاما
س: الأخت ج. ب من الجزائر العاصمة تقول: امرأة تبلغ من العمر خمسين سنة، ولم تصل طيلة حياتها أبدا حتى يومنا هذا، ولم تقض ما أفطرت من رمضان أثناء الحيض أبدا، ماذا يجب عليها أن تفعل إذا أرادت التوبة؟ وهل تصوم جميع تلك السنين التي أفطرتها من رمضان أثناء الحيض، ولم تقض مع العلم بأنها لم تكن تصلي، وما تزال لا تصلي حتى الآن، وهذه المرأة قريبة(6/250)
لأمي، وجارة لنا في نفس الوقت، كيف ننصحها لكي تتوب إلى الله، لأننا نصحناها عدة مرات بدون جدوى، لقد نصحناها برفق وبالتي هي أحسن، هل نكون بريئين من ذمتها إذا لم تتب؟ وجهوها مأجورين (1)
ج: الواجب نصيحتها وإخبارها بأنها إذا تابت تاب الله عليها، عليها التوبة مما مضى ويسقط عنها الصوم والصلاة الماضيان، عليها التوبة الصادقة بالندم على ما مضى والإقلاع من ذلك، والعزم ألا تعود في ذلك مع الضراعة إلى الله وسؤاله أن يقبل منها توبتها، وعليها أن تصلي وتصوم بعد التوبة إلا في وقت الحيض، فالله أسقط عنها الصلاة فإذا جاء الحيض فلا صلاة عليها وإذا جاء الحيض في رمضان أفطرت وقضت، فالواجب أن تعلموها وأن ترشدوها وأن تنصحوها ومن تاب تاب الله عليه، يقول الله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} (2) ويقول جل وعلا في كتابه العزيز: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (3)
__________
(1) السؤال الرابع والخمسون من الشريط رقم 435.
(2) سورة التحريم الآية 8
(3) سورة النور الآية 31(6/251)
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (1) » فإذا تابت عفا الله عنها، وليس عليها قضاء، لا للصلاة ولا للصوم عليها التوبة فقط ولا قضاء عليها، وعليها أن تجتهد في المستقبل في المحافظة على الصلوات والصيام.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250) .(6/252)
89 - مسألة في إطلاق كلمة الكفر على تارك الصلاة
س: هناك أحاديث كثيرة تكفر تارك الصلاة، ويوجد معي إنسان قدمت له النصح أكثر من مرة، ولكنه مصر على ترك الصلاة، فإذا قلت له: أنت كافر بسبب تركك للصلاة، فهل يشملني حديث الرسول صلى الله علبه وسلم الذي يقول: «من قال لأخيه المسلم: يا كافر، فقد باء بها أحدهما. (1) » ؟ وجهوني،
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، برقم (6104) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان حال من قال لأخيه المسلم يا كافر، برقم (60) .(6/252)
جزاكم الله خيرا (1)
ج: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في صحيحه.
وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3) » أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح فأنت إذا قلت له: كافر، فأنت صادق على الصحيح؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كفره.
أما الحديث: «إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما (4) » فالمعنى إذا كان ليس أهلا لذلك إذا قال له: يا كافر وليس أهلا لذلك، أما إذا كان أهلا لذلك فإنه يبوء بها هو، المقول له.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 175.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(4) سبق تخريجه.(6/253)
90 – حكم هجر تارك الصلاة
س: المستمع: س. ع. أ، بعث يسأل ويقول: لي صديق تارك للصلاة، وقد قدمت له النصيحة ولم يستجب، بل قابل ذلك بالقطيعة(6/253)
بيني وبينه، فما هو توجيهكم لي؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: قد أحسنت فيما فعلت، وأديت الواجب في النصيحة، والواجب أن يهجر هو، فإذا قاطعك فأنت تقطعه أيضا لأنه يستحق الهجر، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة لما تأخروا عن غزوة تبوك بغير عذر، فالذي يتأخر عن الصلاة ولا يصلي من باب أولى؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، فالواجب هجره إذا لم يقبل النصيحة، ويرفع أمره إلى ولي الأمر إذا كان في بلاد تحكم بالإسلام، يرفع أمره إلى ولي الأمر حتى يعاقب بما يستحق، وحتى يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله إذا ترك الصلاة؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (2) فدل على أن الذي لا يؤدي الصلاة لا يخلى سبيله، بل يرفع أمره إلى ولي الأمر للمحكمة، للهيئة، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى تنظر في أمره، وأنت قد أديت ما عليك من نصيحته وتوجيهه إلى الخير.
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 299.
(2) سورة التوبة الآية 5(6/254)
91 - بيان كيفية التعامل مع الأبناء إذا امتنعوا عن الصلاة
س: السائلة أم نايف من حائل تقول: لها ولد في الثامنة عشرة من العمر، تقول: آمره بالصلاة ولا يعمل بها ولا يرد علي، وعجزت عن ذلك كثيرا ومرارا ثم تركته، فهل علي إثم في ذلك (1) ؟
ج: الواجب عليك أمره بالصلاة وتحريضه ونصيحته، وإذا كان أبوه موجودا فالواجب على أبيه كذلك أن يقوم عليه حتى ولو بالضرب، حتى يستقيم حتى يصلي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (2) » فإذا كان ابن عشر يضرب فالذي قد بلغ أولى وأولى بالضرب، بل يستحق أن يقتل، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، الأمر عظيم، فإذا عجزت ارفعي بأمره إلى الهيئة أو إلى المحكمة أو إلى الإمارة حتى يؤدبوه، المقصود أن هذا الأمر عظيم لا يجوز السكوت عنه، فإن كان أبوه موجودا أو له أخ أكبر منه يساعدك في ذلك وإلا ارفعي أمره، وإلا قولي له: ابعد عني، البيت يتعذرك، لا تجلس
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 405.
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) .(6/255)
عندي بالكلية.
ترفعين أمره إلى الهيئة أو الإمارة أو المحكمة حتى يؤدب وحتى يعامل بما يستحق لكونه قد بلغ الحلم.(6/256)
92 – حكم إجابة دعوة وليمة من لا يصلي
س: يسأل المستمع ويقول: إذا كان هناك شخص من أحد أقاربنا لا يصلي، فهل يجوز لنا أن نأكل من ماله، وهل نستجيب لدعوته إذا دعانا في المناسبات (1) ؟
ج: الذي لا يصلي يستحق الهجر، ينبغي أن يهجر، ينصح ويوجه إلى الخير ويؤمر بطاعة الله، فإذا أصر ولم يصل يهجر؛ لأنه يستحق الهجر، ولأنه ترك أمرا عظيما، ترك واجبا عظيما، فإن الصلاة عمود الإسلام، والواجب أن يصلي في المسجد مع الناس فإذا تساهل في ذلك وجب هجره، وإن تركها كفر نسأل الله العافية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » وإن
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 403.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/256)
صلى في البيت عصى، كان معصية؛ لأن الواجب أن يصليها مع الناس في المسجد إلا المعذور كالمريض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (1) » قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض.
وفي الصحيح أن رجلا أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (2) » هذا أعمى ليس له قائد يقوده ومع هذا قال له: أجب، يعني التمس من يقودك وأجب إلى الصلاة في المسجد فحضورها في المسجد واجب وترك ذلك معصية أما تركها بالكلية كونه ما يصلي هذا كفر أكبر - أعوذ بالله - على الصحيح من أقوال العلماء وإن لم يجحد وجوبها أما من جحد وجوبها كفر عند الجميع نسأل الله العافية.
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653) .(6/257)
س: السائل أ. أ. يقول: عندي اثنان من إخواني لا يصلون، أخلاقهم سيئة مع الجميع حتى مع الوالد والوالدة، وهما منعزلان عنا فلا(6/257)
يخالطوننا، ما حكم مقاطعتهم أنا وإخوتي لهم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان أخواك لا يصليان فالواجب نصيحتهما والحرص على توجيههما إلى الخير وعلى والدك أن يجتهد في نصيحتهما وأنتم معه أيضا، لعل الله يهديهما بأسبابكم، وإن استطاع أبوك تأديبهما أدبهما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (2) » فإذا كان أبو العشر يضرب فالكبير يضرب، فإن تاب وإلا يقتل، فإذا كان أبوك لا يستطيع وأنتم لا تستطيعون ارفعوا الأمر إلى الهيئة أو إلى المحكمة حتى يقام عليهما أمر الله، فالذي لا يصلي يستتاب فإن تاب وإلا قتل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (4) » ويقول صلى الله عليه وسلم:
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 420.
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/258)
«نهيت عن قتل المصلين (1) » فدل على أن من لا يصلي يقتل، والله يقول جل وعلا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (2) دل على أن الذي لا يؤدي الصلاة لا يخلى سبيله بل يقتل، ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (4) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (5) » المقصود أن الواجب عليكم وعلى الوالد العناية بهذا نصيحتهما وتوبيخهما والحرص على هدايتهما فإن استقاما وإلا ارفعوا أمرهما إلى الهيئة حتى يؤدبا لعلهما يصليان، فإن لم يصليا يرفعان للمحكمة حتى يجري عليهما حكم الله بالاستتابة فإن تابا وإلا قتلا.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في الحكم في المخنثين، برقم (4928) .
(2) سورة التوبة الآية 5
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/259)
93 – حكم ضرب الابن إذا امتنع عن الصلاة وبلغ خمس عشرة سنة
س: الأخت ع. ع. د. من جازان تقول: تذكر بأنها لها أخ يبلغ من العمر خمس عشرة سنة، تارك للصلاة، تقول السائلة: وإخواني لا يتعاملون معه إلا بالضرب حتى يصلي مجبرا وعلى ذلك فهو شديد العقوق لوالديه، فما رأي سماحتكم في التعامل معه؟ وما هي الطريقة الصحيحة التي نتعامل معه؟ مأجورين (1)
ج: ما دام الرجل قد بلغ خمس عشرة سنة فقد أحسن إخوانه في تأديبه وضربه حتى يستقيم حتى يصلي هذا رجل مكلف الآن فالواجب أن يستتاب، يرفع أمره إلى المحكمة، فإن تاب واستقام وإلا استحق القتل، فالوصية أن تجتهدوا في توجيهه إلى الخير وحثه على التوبة، وعلى إخوانه أن يجتهدوا في توجيهه إلى الخير، ونصيحته وتأديبه حتى يستقيم، وحتى يصلي مع المسلمين في بيوت الله وإلا فمن ترك الصلاة كفر واستحق القتل فإن استقام وإلا يرفع أمره إلى المحكمة حتى تجري فيه حكم الله جل وعلا، نسأل الله لنا وله الهداية.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 428.(6/260)
94 – حكم من ترك الصلاة ويخشى أنه لو تاب لربما رجع للفسق
س: السائل يقول: يا سماحة الشيخ، لي مجموعة من الأصدقاء لا أحد منهم يصلي وهم يقطنون معي في نفس القرية، وأنا ملازم لهم لغياب الإخوان في الله في هذه القرية، ولأن لي فيهم مصالح دنيوية ولأنهم جيراني وأصدقاء الطفولة، حاولت مرارا أن أدعوهم فيكون الرد منهم: نخاف أن نتوب وبعد مدة نفسق، نخاف ألا نحافظ على الصلاة فنتركها، ونحن أحسن من فلان لأنه يصلي ويفعل كذا وكذا، ونحن لا نصلي إطلاقا، فعجزت عن جوابهم، ولا أجد ما أقوله لهم إلا: هدانا الله وإياهم، كيف توجهون لهم النصيحة مأجورين سماحة الشيخ (1) ؟
ج: نصيحتي لهؤلاء وأشباههم أن يخافوا الله وأن يراقبوه، وأن يصلوا مع المسلمين جميع الصلوات الخمس؛ لقول الله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) ولقوله سبحانه:
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 426.
(2) سورة البقرة الآية 238(6/261)
{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (1) ولقوله عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2) والآيات في هذا كثيرة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (3) » قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض.
ولقوله صلى الله عله وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4) » رواه مسلم في الصحيح.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (5) » أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (6) » فالواجب على هؤلاء الذين سألت عنهم أن يتقوا الله وأن يراقبوا الله وأن يصلوا وألا يتعذروا بأنهم يخافون أن يتركوا الصلاة، فالواجب عليهم ألا يتركوها، أن يحافظوا
__________
(1) سورة العنكبوت الآية 45
(2) سورة البقرة الآية 43
(3) سبق تخريجه.
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .(6/262)
عليها وإن تركوها فالواجب التوبة ومن تاب تاب الله عليه لا ييأسوا فالله يقول جل وعلا: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (1) فالواجب عليهم التوبة إلى الله والإنابة إليه والصلوات الخمس مع المسلمين في مساجدهم، وعليك أن تحذرهم، وألا تجتمع بهم، وألا تصاحبهم، عليك أن تهجرهم حتى يتوبوا إلى الله جل وعلا لئلا يصيبك ما أصابهم، فالواجب عليك التوبة إلى الله من صحبتهم والحذر منهم ما داموا لم يستجيبوا، فالواجب الحذر منهم، أما إذا استجابوا ورجعوا إلى الله وتابوا فالحمد لله، نسأل الله لنا ولهم الهداية.
__________
(1) سورة الزمر الآية 53(6/263)
95 - بيان الهجر المشروع لتارك الصلاة
س: هل إذا كان لك أخ أو أخت لا يصلي إلا في رمضان، ونصحته عدة مرات في الصلاة، ولكنه لم يقبل النصيحة، إذا قاطعه ولم يعد يكلمه ولا يزوره في بيته، ولا يرد عليه السلام، وكان أكبر منه بعدة سنوات، هل يعتبر ذلك قطيعة للرحم أم لا؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 298.(6/263)
ج: هذا هو المشروع، هذا هو الهجر المشروع، وليس بقطيعة بل هذا من إنكار المنكر، من الجهاد في سبيل الله، هجران أهل المعاصي أمر مشروع، وإذا نصحته واجتهدت ومع هذا لم ينفع فيه فهو كافر بهذا الترك، ترك الصلاة كفر أكبر، وهو يستحق الهجر والابتعاد عنه، والقطيعة له حتى يتوب، نسأل الله السلامة والعافية.(6/264)
س: لي خالة تجاوزت العقد الثالث من عمرها لكنها لا تصلي بالرغم من أنها طيبة المعشر حميدة الخصال، ولقد أمرتها ولكن لم تمتثل لأمري فما هو توجيهكم نحوها وما هو توجيهكم لها؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليها أن تصلي؛ لأن الصلاة عمود الإسلام وهي فرض على كل مسلم ومسلمة، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، قال الله جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) قال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3) وقال جل وعلا:
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 286.
(2) سورة البقرة الآية 238
(3) سورة النور الآية 56(6/264)
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) إلى أن قال في آخر الآيات: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (3) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (4) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (5) وهذا يعم الرجال والنساء جميعا وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (6) » وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (7) » فالواجب عليها أن تصلي الصلوات الخمس، وأن تحافظ عليها في أوقاتها وعليكم أن تنصحوها دائما وعلى أبيها وأمها وأعمامها وأخوالها وإخوتها عليهم أن ينصحوها، وأن يجتهدوا في ذلك لأن هذا واجب الجميع، وإذا أصرت فالواجب تأديبها من أبيها وإخوتها الكبار ولو بالضرب حتى تستقيم حتى تصلي؛ لأن من ترك الصلاة يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافرا - نسأل الله العافية - من الرجال والنساء فالواجب عليها أن تبادر بالصلاة، وعلى أقاربها أن ينصحوها وعلى أبيها أو جدها أو إخوتها الكبار أن يقوموا عليها بذلك بالقوة ولو بالتأديب بالضرب حتى تستقيم،
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 1
(2) سورة المؤمنون الآية 2
(3) سورة المؤمنون الآية 9
(4) سورة المؤمنون الآية 10
(5) سورة المؤمنون الآية 11
(6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(7) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/265)
وينبغي أيضا هجرها إذا كان الهجر ينفع، تهجر بعدم الكلام معها، وعدم السلام عليها وعدم زيارتها لكن الأب ونحوه ما يكفيهم الهجر، بل يجب أن يقوم بما يجب من التأديب اللازم، المقصود أن على الأقارب العناية بهذا الأمر والنصيحة لأن هجرها قد يسبب بقاءها على هذه الحالة الباطلة، لكن العناية بها والحرص على استقامتها هذا هو الواجب على الجميع نسأل الله لنا ولها الهداية.(6/266)
96 - بيان كيفية تعليم كبير السن أحكام الطهارة والصلاة
س: لي جدة لا تصلي، وهي جاهلة لا تقرأ ولا تكتب، كيف أعلمها الصلاة وأعلمها الطهارة فأنا ألاحظ عليها أنها لا تعرف حتى الطهارة الشرعية لجهلها؟ وضحوا لنا ذلك، وهل تبرأ ذمتنا (1) ؟
ج: علمها أنت وأحد أولادها أو غيركم، علموها كيف تصلي وكيف تتوضأ، العلم بالتعلم، هذا واجب عليكم، إذا كانت جاهلة علموها، الله أوجب على من عنده علم أن يعلم، وهذا من برها أيضا، فيجب عليكم تعليمها وإرشادها بالكلام الطيب، والرفق والحلم لا بالشدة والعنف، بل
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 383.(6/266)
عليكم الرفق بها، وتعليمها وتوجيهها للخير، هذا شيء لازم لكم.(6/267)
97 – وجوب تعليم المسلم أهله لأحكام العبادات
س: سماحة الشيخ، يتساهل الكثير من الناس حيث يرون أهلهم وذويهم يخطئون في العبادات، كيف توجهون مثل هؤلاء سماحة الشيخ (1) ؟
ج: الواجب عليهم أن يعلموا جميع من تحت أيديهم وألا يتساهلوا في هذا الأمر يعلم بنته، يعلم أخته، يعلم جدته وأمه، يعلم خالته، يعلم جميع من تحت يده حتى الخدم الذين عنده يعلمهم ويرشدهم إلى الحق، الله أخذ على أهل العلم أن يعلموا كل من كان عنده علم عليه أخذ العهد والميثاق أن يعلم ويتقي الله ولو كان ليس بعالم لكن يعلم مما علمه الله، هو يعرف الصلاة ويعرف كيفيتها والحمد لله يعلم الناس يعلم بنته وأخته وجدته وأمه يعرف أن الغيبة حرام ويعلمهم أن هذا لا يجوز يعرف أن الزنى حرام، يعلمهم أن الزنى محرم، يعرف أن المسكر حرام، فيعلمهم أنه محرم، وهكذا يعلمهم مما علمه الله؛ لأن الأمور قسمان: قسم يحتاج إلى
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم.(6/267)
أهل العلم؛ لأنه يخفى دليله، وقسم لا يحتاج إلى أهل العلم بل هو واضح، الصلاة واضحة يعرفها الخاص والعام من أهل الإسلام الذين تعلموا وتبصروا تحريم الخمر، تحريم الزنى تحريم العقوق للوالدين أو أحدهما وهكذا الشيء الواضح يعلمه، والذي ما هو بواضح يسأل أهل العلم، ثم يعلم أهل بيته.(6/268)
98 - مسألة في هجر ذوي الأرحام إذا امتنعوا عن أداء الصلاة
س: أبعث إليكم كتابي هذا وأرجو من الله أن ترشدوني إلى الصواب، أنا رجل مجتهد فيما أمرني ربي وأسرتي - والحمد لله - تشاركني في ذلك حسب الاستطاعة، ولكن يوجد لي أخت لا تصلي من مدة طويلة، وزوجها يشاركها أيضا في ذلك الحال، وقد أخبرني كثير من الناس أن ذلك هو سلوكهما، وأنهم لا يرضيان الله في ذلك الجانب، وعندما عرفت بنفسي أنها على ذلكم الحال أخذتها وأخبرتها بما حرم الله ورسوله، وأخبرتني بنفسها أنها فعلا كانت تعمل ذلكم العمل، وبعد هذا الموقف قامت وعاهدتني على كتاب الله، ووعدتني أن تتوب من الآن، ولكن للأسف لم توف بالعهد فعندئذ قاطعتها حتى تعود(6/268)
كسائر المؤمنات اللاتي يردن وجه الله تبارك وتعالى أفيدوني - جزاكم الله خيرا - عن حكم ما فعلت، ولا سيما عن حكم مقاطعتي لأختي تلكم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: قد أحسنت فيما فعلت من نصيحتها ودعوتها إلى الخير وقد أساءت في رجوعها إلى الباطل وعدم صلاتها؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، من ضيعها ضيع دينه ومن تركها كفر نعوذ بالله من ذلك، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2) » وهذا يعم الرجال والنساء.
وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (3) » وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4) » فقد أحسنت في مقاطعتها وهجرها حتى تتوب إلى الله عز وجل؛ لأن هذا منكر عظيم بل كفر
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 104.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/269)
فالواجب هجرها وهجر زوجها حتى يتوبا إلى الله عز وجل، وإن ظهر أمرهما وعرف أنهما لا يصليان فيجب رفع أمرهما إلى ولاة الأمور إذا كانا في بلاد إسلامية يقيمون الصلاة ويعاتبون عليها يرفع بأمرهما حتى يستحقا أن يعاقبا على ذلك بالقتل، فإن من ترك الصلاة يستتاب، فإن تاب وإلا قتل يقتله ولي الأمر ولي أمر المسلمين أو نائبه، المقصود أن عليك العناية بنصيحتهما جميعا، ولو من طريق الهاتف أو المكاتبة، أو توكيل من ينصحهم لعل الله يهديهم بأسبابك، أما قطعك لهم وهجرك لهم فهذا كله طيب وواجب إذا كان يرجى فيه خير أما إذا كنت لا ترجو من وراء الهجر خيرا فلا مانع من الاتصال بهم لا للأكل عندهم والشرب والأنس بهم لا ولكن لمجرد الدعوة والتوجيه والإرشاد، وتلقاهم بوجه غير منبسط بل بوجه مكفهر حتى يرجعا إلى الحق وحتى يتوبا إلى الله عز وجل وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة في أقل من هذا تخلفوا عن غزو بغير عذر في يوم تبوك، فهجرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأمر المسلمين بهجرهم، فهجروا خمسين ليلة حتى تاب الله عليهم، فإذا كان من تخلف عن الغزو بغير عذر يهجر فالذي يتخلف عن الصلاة التي هي عمود الإسلام أولى بهذا:؛ لكن لو رجوت فيهم خيرا فلا مانع من(6/270)
الاتصال بهم ودعوتهم إلى الله ونصيحتهم لعل الله يهديهم بأسبابك.(6/271)
س: مستمعة من الجزائر بعثت تسأل وتقول: لي أخ تارك للصلاة، مع أنه كان في صغره يحافظ عليها ولكنه الآن تركها، وقد نصحته وخوفته من تركها، فما هو توجيهكم؟ وبماذا تنصحونه؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: نسأل الله لنا وله الهداية، ننصحه بأن يؤدي الصلاة، ويتقي الله ويتوب إلى الله مما سلف؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3) » فالواجب عليه أن يصلي وأن يتوب إلى الله مما سلك، وعليكم نصيحته باستمرار في نصيحته فإن أصر فالواجب هجره، والمشروع لك هجره حتى يتوب إلى الله وإذا أمكن رفع أمره إلى الهيئة أو إلى المحكمة حتى تجري ما يلزم شرعا فعليك أن تفعلي ذلك.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 348.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/271)
99 - حكم قطع النفقة عن تارك الصلاة
س: أختنا م. ص. ع. من المملكة الأردنية الهاشمية تسأل فتقول: هل يجوز أن أقطع عن أخي المصروف اليومي لأنه لا يصلي (1) ؟
ج: إذا رأيت مصلحة في ذلك لعله يتوب لعله يستقيم بهذا القطع فهذا طيب أما إذا كان فقيرا ولا يبالي بهذا القطع فإذا أحسنت إليه فلعل هذا أقرب إلى النجاة، لعل الله أن يهديه بأسباب ذلك، المقصود أن تفعلي ما هو الأصلح، إن رأيت بأن القطع أصلح فاقطعي، وإن رأيت أن الاستمرار في الهدية والإحسان إليه أصلح لعله يتوب ولعله يهتدي فافعليه افعلي ما هو الأصلح باجتهادك واعتقادك.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 326.(6/272)
100 – حكم العيش والسكن مع أناس لا يصلون
س: يقول في سؤال آخر: هل أفرق في معيشتي بين إخوتي الذين لا يصلون علما بأنهم أفقه مني؟ كما يقول (1)
ج: نعم، ينبغي أن تكون على حدة ما داموا لا يصلون، لا تصحبهم ولا
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 361.(6/272)
تجالسهم بل يستحقون الهجر حتى يتوبوا إلى الله ويصلوا، وأنت خلك على حدة الطعام يكون على حدة اللهم إلا أن تقع صدفة في ضيافة أو دعوة أو نحو ذلك الشيء، القليل العارض مع النصيحة ومع التوجيه، لا يضر إن شاء الله.(6/273)
101 – حكم الموالاة وإظهار المودة لتارك الصلاة
س: المستمع ع. ك. بعث يسأل ويقول: إذا كان أخي لا يصلي فهل لي أن أبدي له المودة علما بأنني قد نصحته كثيرا (1) ؟
ج: عليك أن تنصحه كثيرا وأن تبدي له عدم المودة والبغضاء على عمله ويشرع لك هجره أيضا إذا لم يتب حتى يتوب إلى الله ويرجع عن عمله السيئ، وهذا من باب التعاون على البر والتقوى وعليك أيضا أن تستعين بإخوانك الآخرين وأقربائك عليه لعل الله يهديه بأسبابكم.
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 320.(6/273)
س: لي أخ لا يصلي وغير ملتزم بشرع الله، وقد نصحته كثيرا لكنه لا يسمع، وجهوني كيف أتصرف معه (1) ؟
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم 364.(6/273)
ج: عليك أن تنصحه لله، وأن تجتهد في ذلك، تبين له ما يجب على المؤمن، وأن الصلاة فريضة، وأنها عمود الإسلام وأن تركها كفر لعله يستجيب، أنت وإخوانك وأعمامك فإن لم يستفد ولم يقبل ارفعوا أمره إلى الهيئة أو إمارة البلد إذا كان ما فيه هيئة حتى تقيم عليه الأمر حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، لا يجوز بقاؤه بل يجب أن يستتاب وإلا قتل، الذي لا يصلي يقتل كافرا نسأل الله العافية رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «نهيت عن قتل المصلين (1) » والله يقول: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (2) فدل على أن الذي ما يتوب من ترك الصلاة لا يخلى سبيله بل يقتل، هذه جريمة عظيمة، ترك الصلاة جريمة عظيمة بل كفر وضلال، فإذا لم يقبل النصح فالواجب رفع أمره إلى الهيئة أو إلى المحكمة أو إلى الإمارة حتى يحال إلى المحكمة إن تاب وإلا قتل.
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) سورة التوبة الآية 5(6/274)
102 – حكم تزويج من لا يصلي
س: تقول سائلة: إن لديها أخا لا يصلي ولا يصوم، وعمره خمس(6/274)
وعشرون سنة، وهو من يوم أن بلغ وهو لا يعرف الصلاة ولا الصوم، فهل يجوز أن نأكل معه؟ وهل يجوز أن أخطب له زوجة تصلي عسى أن تعينه على العودة إلى دينه أو نخطب له زوجة مثله لا تصلي، وهل هو خال لبناتي يجوز لهن أن يكشفن عليه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: عليكم أن تنصحوه؛ لأن هذا منكر عظيم فعليكم أن تنصحوه لعل الله يهديه بأسبابكم؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (3) » فالواجب أن ينصح وأن يوجه إلى الخير، فإن لم يستجب يرفع أمره إلى المحكمة إلى ولاة الأمور حتى يستتاب فإن تاب وإلا قتل، أما كشف الوجه له فلا بأس؛ لأنه محرم ولو كان كافرا محرم لأخواته وبنات أخيه وبنات أخته، هو محرم لكن يجب أن يهجر وأن يشدد عليه إذا ما نفع
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم 301.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/275)
الكلام الطيب، ويجب أن يهجر وأن يبين له الكراهة لعمله والمقت لعمله، وأنه أتى منكرا عظيما لعل الله يهديه بأسباب ذلك.
وأما بالنسبة للخطبة له - يعني يريدون أن يزوجوه - فهل يزوجونه مصلية أو تاركة للصلاة؟ فلا يجوز أن يتزوج مصلية؛ لأنه ما يحل له أن يتزوج المصلية، لا يحل لها أن تتزوج إنسانا لا يصلي، بل عليه أن يتوب إلى الله عز وجل، فينبغي أن يترك لعل الله يمن عليه بالتوبة، ولا يغر به أحد؛ لأن التي لا تصلي قد يزيدها شرا؛ إذا كانت لا تصلي تحل له، التي لا تصلي مثله كافرة مثله تحل له، لكن كونه يساعد في ذلك قد يضرها هي أيضا، وقد يزيدها شرا إلى شرها، والتأني في تزويجه أولى لعل الله يهديه، ولعله يرجع إلى الصواب.(6/276)
103 – حكم السلام على تارك الصلاة
س: يقول السائل: هل يجوز السلام على تارك الصلاة، وإذا لم نسلم عليه ماذا يجب علينا (1) ؟
ج: تارك الصلاة يجب أن يهجر ويرفع أمره إلى ولي الأمر إن كان في
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 370.(6/276)
البلد حكومة إسلامية يرفع الأمر إليها حتى يستتاب فإن تاب وإلا قتل، تارك الصلاة لا يترك، يرفع إلى المحكمة إلى الإمارة الشرعية حتى يعترف بالحق ويستتاب فإن تاب وإلا قتل؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (1) دل على أنهم إذا لم يتوبوا لم يخل سبيلهم وهكذا الزاني إذا عرف زناه يقام عليه الحد، وهكذا سائر المعاصي إذا أظهرها صاحبها يقام عليه حدها أو تعزيرها، ولا يترك إذا أعلنها وأظهرها.
__________
(1) سورة التوبة الآية 5(6/277)
104 – حكم الجلوس والأكل مع تارك الصلاة
س: الأخ ت. إ. خ، من السودان يقول: تارك الصلاة هل يجوز الجلوس معه والأكل والشرب مع العلم أنه لا يصلي كسلا ويصلي فقط الجمعة والعيدين (1) ؟
ج: تارك الصلاة يجب هجره، وألا يجالس، وألا تجاب دعوته، وألا يدعى إلى وليمة حتى يتوب إلى الله ويرجع؛ لأن ترك الصلاة جريمة
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 167.(6/277)
عظيمة، ومنكر عظيم وكفر بالله عز وجل وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح.
وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » خرجه الإمام مسلم في صحيحه في أحاديث أخرى تدل على ذلك.
فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك، وأن يحافظ على الصلاة في وقتها وأن يصلي مع المسلمين في بيوت الله وهكذا المرأة يجب أن تحافظ عليها وأن تحرص عليها في أوقاتها، الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، يجب على جميع المؤمنين والمؤمنات المحافظة على الصلوات في أوقاتها، هي عمود الإسلام، وهي الركن الأعظم بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية بالصلاة، والمحافظة عليها وأن تصلي بطمأنينة وإقبال عليها وبصبر وخشوع لا بنقر وعجلة، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (3) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (4) ولما رأى النبي صلى الله عليه
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) سورة المؤمنون الآية 1
(4) سورة المؤمنون الآية 2(6/278)
وسلم رجلا ينقر صلاته، أمره أن يعيد الصلاة وأمره أن يطمئن في صلاته، فالواجب على المسلمين أن ينكروا على من ترك الصلاة وأن يبينوا له خطأه العظيم ومنكره العظيم حتى يعود إلى رشده وإذا استمر في ذلك فإنه يهجر ولا تجاب دعوته ولا يجالس، ولا يدعى إلى وليمة ولا إلى غيرها حتى يتوب إلى الله، وحتى يرجع عما هو عليه من الباطل، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم هل كفره كفر أكبر أو كفر أصغر على قولين والصواب من القولين أنه كفر أكبر حسب ظاهر السنة؛ لأنه ظاهر السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فيجب الحذر من ذلك غاية الحذر، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة.(6/279)
105 – حكم تقبيل رأس تارك الصلاة
س: ما حكم تقبيل رأس تارك الصلاة إذا كان كالأب والعم، وحاله قد يصلي الجمعة فقط، وقد يصلي بعض الفروض ويترك الفروض الأخرى، هل يجوز بدؤهم بالسلام، وما هو توجيهكم حول هذا الموضوع الخطير؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 227.(6/279)
ج: ترك الصلاة جريمة عظيمة ومنكر شنيع، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم في كفر صاحبه إذا لم يجحد وجوبها إنما فعله تكاسلا وتهاونا، فقال بعضهم: يكفر كفرا أصغر.
قال بعضهم: بل يكفر كفرا أكبر.
وهذا هو الصواب ولو صلى الجمعة بعض الأحيان، ولو صلى بعض الأوقات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » فالصواب أن الكفر كفر أكبر، لكن إذا كان التارك أحد الوالدين فإنك ترفق بهما وتنصحهما، كما قال الله عز وجل في الكافرين: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (3) ؛ لأن الوالد له حق عظيم ولو كان كافرا عليك أن ترفق به وتصحبه بالمعروف لعل الله يهديه بأسبابك، ولو قبلت رأسه ترجو أن الله يهديه بذلك فلا بأس بذلك عملا بقوله: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (4) والدعاء له أن الله يوفقه ويهديه ويشرح صدره للحق، والإنفاق عليه إذا كان محتاجا، كل ذلك من أسباب هدايته،
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) سورة لقمان الآية 15
(4) سورة لقمان الآية 15(6/280)
أما غير الوالدين إذا لم يقبل الحق فإنه يهجر، حقه الهجر، لا تجاب دعوته لا عرس ولا غيره، ولا يدعى إلى وليمة، ولا يصافح ولا يسلم عليه، بل يهجر حتى يتوب، وينبغي أن يرفع أمره إلى ولي الأمر إذا كان من أهل البلاد الإسلامية حتى يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله عند جمهور أهل العلم.(6/281)
106 – حكم التعامل مع تارك الصلاة
س: أخي الأصغر مني وهو بالغ، تارك للصلاة، فهو لا يصلي إلا صلاة الجمعة، ونصحته ولكن بدون فائدة، ماذا أفعل تجاهه؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليك نصيحته والتكرار في ذلك والجد في ذلك لعل الله يهديه بأسبابك، ولا تمل ولا تيأس؛ لأن المسلم عليه النصيحة لغيره وعليه التوجيه، والله يقول جل وعلا {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (2) ، ويقول سبحانه:
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 213.
(2) سورة النحل الآية 125(6/281)
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (1) فأحسن إليه بالنصيحة، واجتهد، وليكن ذلك عن صدق وعن عناية وتبين له أن ترك الصلاة كفر وأنه ضلال، وأن الواجب على كل مكلف أن يتقي الله، وأن يؤدي الصلاة إذا كان ينتسب إلى الإسلام، وإلا فلا صحة لدعواه الإسلام فإن إسلامه بدون صلاة ليس بإسلام، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في صحيحه.
ويقول عليه الصلاة والسلام «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » فالواجب على أخيك أن يتقي الله وأن يصلي، وعليك أن تنصحه كثيرا، وتبلغه كثيرا لعل الله يهديه بأسبابك، فإن أصر ولم يبال فعليك أن تهجره إذا رأيت أن الهجر أصلح، وإن رأيت أن عدم الهجر أصلح وأن تستمر معه بالدعوة والتوجيه مع كراهة عمله وإظهار الكراهة والغضب على عمله فلعل الله أن يهديه بأسبابك.
__________
(1) سورة فصلت الآية 33
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/282)
107 – حكم إقامة الوليمة لتارك الصلاة
س: هناك عادة وهي عند قدوم الطالب أو الموظف المبتعث من البعثة إلى أهله تكون هناك وجبات متتابعة من الأقارب، وقد يكون هذا المبتعث لا يصلي أو يصلي، هل يجوز عمل الوجبات له، وهل نحضر هذه الوجبات إذا دعينا إليها؟ وضحوا لنا بالتفصيل - وفقكم الله – مع العلم أن والد هذا المبتعث لا يصلي، هل نأثم إذا حضرنا أو لا (1) ؟
ج: هذه مسألة عظيمة ومهمة، إذا كان الوافد يصلي فلا بأس بدعوته وإقامة وجبات له فرحا بقدومه وفرحا بسلامته ولا بأس، أما إذا كان لا يصلي فلا يجوز أن تجاب دعوته، ولا دعوة من احترمه وعظمه بإقامة الوليمة له؛ لأن الذي لا يصلي كافر فهو يجب أن يهجر، ويجب أن يعادى في الله بعد أن ينصح ويوجه إلى الخير، ويعلم أن هذا أمر خطير، وأن الواجب عليه أن يصلي كما أمره الله، فإذا أصر على ذلك فإن الواجب هجره مع أن هذا الشيء، لا يخفى على الناس، أمر الصلاة معلوم، فالذي لا يصلي يهجر ولا تجاب دعوته، ولا ينبغي أن يحضر مع من حضر من
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 21.(6/283)
المدعوين لإكرامه؛ لأن الواجب هجره من الجميع حتى يتأدب وحتى يرجع إلى الصواب وإلى الحق، ولا مانع من نصيحته في ذلك، ينصح ويوجه إلى الخير، ويحذر من الباطل، ويخبر أن ترك الصلاة كفر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » فتركها كفر نعوذ بالله كفر أكبر في أصح قولي العلماء، فالواجب على من عرف ذلك أن يهجر من فعل هذا المنكر العظيم، وأن لا يجيب دعوته، ولا يحضر وليمته التي دعي إليها وأقيمت من أجله.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/284)
س: يسأل ويقول: هل يجوز التعامل مع رجل لا يصلي لكنه غير منكر للصلاة (1) ؟
ج: يجوز التعامل معه للحاجة في شراء سلعة أو بيع شيء عليه كما يباع على الكفار الآخرين الرسول باع على الكفار واشترى منهم واشترى من اليهود واشترى من الوثنيين، لا بأس من غير محبة ولا موالاة، لكن يبيع عليهم أو يشتري منهم لا بأس وتارك الصلاة كافر على الأصح، وإن لم يجحد وجوبها إذا تركها عمدا كفر في أصح قولي العلماء ولا بأس
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم 347.(6/284)
بالشراء منه مع الإنكار عليه ومع دعوته إلى الله لكن إذا دعت الحاجة إلى شراء شيء منه فلا بأس، لكن هجره وعدم الشراء منه هو الذي ينبغي، لعله يتوب، ينبغي هجره وألا يباع عليه، ولا يشترى منه لعل الله جل وعلا أن يرده إلى التوبة.(6/285)
س: هذا السائل م. أ. أ، من الدمام يقول: ما حكم التعامل مع شخص تارك للصلاة، ومتهاون في أداء العبادات؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: يكره التعامل مع هذا ومع بقية الكفرة؛ لأن فيه خطرا قد يجرك إلى ما هو عليه من الباطل فلا ينبغي التعاون معه، بل ينبغي هجره حتى يتوب إلى الله، وإن كان كافرا أصليا ينبغي إبعاده وعدم صحبته حتى لا يجرك إلى الباطل وإن كان مرتدا مشركا فالمرتد أقبح وأقبح يجب الحذر منه، لكن مع دعوته إلى الله، مع نصيحته لعله يرجع، لعله يتوب إلى الله، لعله يرجع إلى الإسلام، وإن كان كافرا أصليا لعله يتوب، لعله يقبل بالحق فإذا نصحته لله ورجع فالحمد لله، وإلا فاتركه والتمس الطيب من المسلمين.
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 391.(6/285)
108 – حكم العمل عند تارك الصلاة
س: من الأخ م. ز. س يقول: أعمل في مزرعة أحد الأثرياء الذي يزكي وينفق في سبيل الله ويعطي المحتاجين، وأخلاقه حميدة مع الناس ولكنه لا يصلي كسلا منه وتهاونا في الصلاة، وأنا أقيم في مزرعته على أنني حارس، وهو مقيم في مكان يبعد عن المزرعة عشرين كيلو مترا ولا يأتي إلى المزرعة إلا يومين في الأسبوع، فهل علي إثم في العمل في مزرعته علما بأنني محافظ على صلواتي وملتزم والحمد لله، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الذي لا يصلي كافر - نسأل الله العافية - ولو كان طيب الأخلاق ولو كان يتصدق ولو كان يفعل أشياء كثيرة من الخير؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر - نعوذ بالله - قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (3)
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 340.
(2) سورة الأنعام الآية 88
(3) سورة المائدة الآية 5(6/286)
وقال صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (1) » فالإنسان إذا ترك الصلاة حبط عمله وكفر فالواجب على هذا الرجل أن يتوب إلى الله ويحذر ترك الصلاة وأن يستقيم على طاعة الله ورسوله، وأن يشكر الله على نعمه أما أنت فالجلوس عنده فيه خطر يخشى عليك من شره، وأن تقتدي به في الباطل فنصيحتي لك أن تنتقل عنه إلى غيره، وأن تلتمس عملا آخر لئلا تعمك مصيبته وشؤمه - نسأل الله العافية - المقصود أن قرب هذا وخدمته أمر لا ينبغي، نسأل الله العافية.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553) .(6/287)
109 – مسألة في حكم العيش مع تارك الصلاة
س: يسأل ويقول: إن هناك أحد الأشخاص يسكن معنا لكنه لا يصلي بينما جميع الإخوة يصلون، كيف نتصرف؟ جزاكم الله خيرا (1)
ح، عليكم أن تنصحوه وتوجهوه إلى الخير، وتعلموه أن الصلاة عمود الإسلام، وأنها ركن من أعظم أركان الدين بعد الشهادتين، بل هي أعظم
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 258.(6/287)
أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وهي الفارقة بين الكفر والإسلام فعليكم أن تعلموه وتنصحوه وتوجهوه إلى الخير ولا تملوا حتى يهديه الله على أيديكم ولكم مثل أجره إذا هداه الله على أيديكم فإن أبى وأصر يرفع أمره إلى المحكمة أو إلى الإمارة حتى تشوفه المحكمة، أو إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كان في البلد هيئة حتى يلزموه ويؤدبوه، فإن تاب وإلا وجب قتله حسب ما تحكم به المحكمة؛ لأن هذا لا يجوز التساهل معه، إذا كنت في بلد إسلامي فيه محكمة شرعية أما إذا كنت في بلد كافرة فوجهوه وانصحوه فقط، عليكم بنصيحته والاجتهاد في نصيحته من توجيه إلى الخير، وأبشروا بالخير ولكم مثل أجره إذا هداه الله على أيديكم.(6/288)
س: ماذا أفعل مع بعض أفراد البيت الذين لا يصلون مثل أخي أو زوجة أخي أو أخي زوجتي؟ ماذا أفعل تجاههم إذا لم تنفع فيهم النصيحة (1) ؟
ج: الواجب الاستمرار في النصيحة، وأن تنصحهم لأن الصلاة عمود الإسلام من تركها كفر - نعوذ بالله من ذلك - فالواجب أن تنصح لهم وأن
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 240.(6/288)
تجتهد في ذلك حسب الطاقة، ولا تضعف ولا تدع النصيحة، ولعل الله يهديهم بأسبابك، والذي لا يقبل وتابعت النصيحة ولم يقبل يستحق أن يهجر حتى لا يسلم عليه، ولا يرد عليه السلام ولا تقبل دعوته للطعام، ولا يدعى للطعام، يستحق أن يهجر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، من تركها كفر - نعوذ بالله من ذلك - فالواجب عليك أن تناصحهم، وإذا كنت تستطيع أن تؤدبه لكونه زوجة أو ولدا أدبته حتى يستقيم، حتى يصلي، حتى تصلي وتقوم بالواجب وأما زوجة أخيك أو زوجة أبيك أو نحوهما ممن لا تستطيع تأديبه فهذا على أخيك وعلى أبيك أن يقوما بالواجب، على أخيك أن يؤدب زوجته حتى تستقيم وحتى تصلي وعلى أبيك كذلك، وهكذا عمك، وهكذا جيرانك تنصحهم وتدعوهم إلى القوة في هذا الأمر والنشاط في هذا الأمر لعل الله يهديهم بأسباب النشاط والقوة، والتوجيه والتأديب من الزوج إلى زوجته تأديبا ينفعها ويعينها على طاعة الله، ولا يسبب خطرا، والله جل وعلا أمر بالتعاون على البر والتقوى، قال سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) وقال جل وعلا:
__________
(1) سورة المائدة الآية 2(6/289)
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (1) هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (2) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (4) {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (5) التواصي بالحق والتناصح أمر واجب، أمر لازم، وهكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر لازم مع الزوجة، مع زوجة الأب، مع الأخوات، مع البنات لكن من تستطيع تأديبها تؤدبها كالزوجة والبنت والولد تؤدب الجميع أدبا يردع الزوجة عن التساهل بالصلاة، ويردع الولد ويردع البنت مثل ما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مروا أولادكم للصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر (6) » فالأولاد يضربون إذا تخلفوا عن الصلاة وهم أبناء عشر، يضربون على ذلك سواء كانوا ذكورا أو إناثا؛ لأن هذا مما يعينهم على طاعة الله ومما يسبب لهم المبادرة إلى الحق، فعلى وليهم أن يأمرهم بذلك ويضرب من بلغ عشرا على ذلك ضربا غير مبرح ضربا يعين على طاعة الله ضربا يشجعهم على الخير ولا يكون فيه
__________
(1) سورة التوبة الآية 71
(2) سورة العصر الآية 1
(3) سورة العصر الآية 2
(4) سورة العصر الآية 3
(5) سورة العصر الآية 3
(6) سبق تخريجه.(6/290)
خطر وهكذا له أن يضرب المرأة، يؤدبها إذا تساهلت، فإذا خاف نشوزها ضربها، فكيف إذا تركت الصلاة؟ ترك الصلاة أعظم فإذا لم يجد فيها النصح والتوجيه والدعوة إلى الخير فله أن يضربها ويؤدبها ضربا غير مبرح حتى تصلي حتى تقوم بهذا الواجب العظيم فإن أصرت ولم تستقم وجب فراقها؛ لأن من ترك الصلاة كفر ترك الصلاة كفر أكبر - نعوذ بالله من ذلك - فالتي لا تصلي تكون كافرة - نعوذ بالله - يجب فراقها بالكلية، وهكذا الزوج الذي لا يصلي وامرأته تصلي لا تبقى معه بل يجب أن تفارقه وأن تطلب الطلاق لأنه لا يجب بقاؤها معه وهو لا يصلي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » وقوله عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (3) » فالحاصل أن الصلاة أمرها عظيم وهي عمود الإسلام، فلا بد من التأديب عليها من الزوج لزوجته ومن الوالد لولده
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .(6/291)
والأخ لأخيه الصغير حتى يستقيموا على الصلاة حتى ولو كانوا دون البلوغ كابن عشر وابن ثنتي عشرة من الأولاد، والإخوة يؤدبون ويعلمون ويوجهون إلى الخير والزوجة يجب أن تؤدب على هذا الأمر العظيم حتى تستقيم وحتى تحافظ على الصلاة، فإذا أصرت على ترك الصلاة فحينئذ يجب أن يفارقها كما أنها إذا أصر زوجها على ترك الصلاة يجب أن تتركه وتذهب إلى أهلها حتى يتوب توبة صادقة أو يفرق بينهما الحاكم الشرعي نسأل الله للجميع الهداية ولا حول ولا قوة إلا بالله.(6/292)
110 – حكم زيارة القريب تارك الصلاة
س: الأخ يسأل ويقول: إن بعض الأقارب لا يصلون، هل زيارتهم ومجاملتهم واجبة علما أننا ننصحهم، ولكنهم يحاولون الهرب من الموضوع ولا يتأثرون؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان قريبك أو جارك لا يصلي فالواجب نصيحته منك ومن إخوانك، تنصحونه بالكلام الطيب، والتخويف من الله، وأن الصلاة عمود الإسلام، وأن تركها كفر بالله عز وجل أكبر على الصحيح من أقوال
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 280.(6/292)
العلماء وإن لم يجحد بوجوبها، فالصلاة عمود الإسلام، وفيها الخير العظيم والأجر الكبير، فعليك أن تنصح قريبك أو جارك، وتجتهد في ذلك منك ومن إخوانك؛ لأن الله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) فإذا كان معك بعض إخوانك تكون النصيحة أكثر وأجدى، فإن أبوا ولم يقبلوا استحقوا الهجر، يجب هجرهم عند جمع من أهل العلم، وقال جماعة: يستحب هجرهم.
فبكل حال هجرهم مشروع إلا إذا رأيت أن الاتصال بهم بين وقت وآخر للدعوة أنفع فلا بأس للدعوة إلى الله والإرشاد والنصيحة لعلهم يهتدون، وهكذا من تعرفه من جيرانك يشرب الخمر أو يتعامل بالربا أو تعرف منه منكرا آخر قد أظهره وبينه للناس ولم يبال ولم يستح، يجب نصحه وتوجيهه إلى الخير، وتخويفه من الله عز وجل منك ومن إخوانك تعاونوا على البر والتقوى إذا كانت النصيحة من اثنين أو ثلاثة يكون أنفع لعله يتأثر وتكرارها عليه كذلك لعله يستجيب، فإن أصر ولم يبال استحق أن يهجر كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة: كعب بن مالك وصاحباه، هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا وخمسين ليلة؛ لأنهم تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر شرعي وقد
__________
(1) سورة المائدة الآية 2(6/293)
أمرهم بالغزو عليه الصلاة والسلام واستنفرهم، إذا كان الصحابة قد حصل منهم معصية يهجرون فغيرهم من باب أولى في المعصية الظاهرة أما الذي بينه وبين ربه، الله الذي يعلمها سبحانه وتعالى المعصية المستورة، لكن المقصود المعصية الظاهرة كترك الصلاة والتعامل بالربا وشرب الخمر علانية، وما أشبه ذلك يستحق الهجر على ذلك، إلى أن يستجيب ويهتدي، فالحمد لله.(6/294)
س: الأخ إ. ح، يسأل ويقول: ولدي تارك للصلاة، قلت له: إذا لم تصل فحرام علي أن أحادثك لكني لم أصبر وحادثته، فماذا علي (1) ؟
ج: يجب عليك أن تنكر عليه وأن تؤدبه على ذلك بالضرب حتى يصلي وعليك أن تهجره أيضا؛ لأنه مستحق لذلك والصلاة عمود الإسلام من تركها كفر - نسأل الله العافية - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » خرجه مسلم في صحيحه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة،
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 254.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/294)
فمن تركها فقد كفر (1) » خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح في أحاديث أخرى تدل على كفر تارك الصلاة، فالواجب عليك الإنكار عليه والتشديد عليه في ذلك حتى يصلي وهجره من أهم المهمات إذا لم تنفع فيه النصيحة، وإذا استطعت تأديبه بالضرب فلك أن تؤدبه، بل عليك أن تؤدبه، إذا كان الصغير يضرب عليها إذا بلغ عشرا، فالكبير يضرب أشد إذا تركها، ولك أن ترفع أمره إلى ولاة الأمور حتى يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا، لكن مهما أمكن أن تستر عليه وأن تنصحه حتى يستقيم قبل أن يرفع إلى ولي الأمر فلعل الله يهديه بأسبابك ولك أن تعمل ما تستطيع من الأسباب من هجر وضرب وغير ذلك من الأسباب التي تراها مجدية ونافعة في طلب هدايته.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(6/295)
111 – حكم استضافة وإسكان القريب تارك الصلاة
س: ع. ع من المدينة تقول: عندي مشكلة بسبب إحدى قريباتي التي جاءت من إحدى القرى لتعيش معنا في منزل واحد في بيتنا من أجل إكمال الدراسة في الكلية، فمنذ حضورها زادت من(6/295)
همومي؛ ذلك لإهمالها الكثير من أوامر الإسلام وخاصة الصلاة، وقد حاولت معها بشتى الوسائل بيان خطر ذلك، تارة بالنصح وتارة بالكتب وتارة بالأشرطة الإسلامية، فهي قد تصلي فرضا وتترك أياما لمدة، وعندما أذكرها بالصلاة تغضب مني وتقول: أنا التي سوف أدخل النار لست أنت، وإنك بريئة من ذنبي اتركيني لوحدي.
مع العلم بأنها تعرف عقاب ذلك في الدنيا والآخرة، هل أستمر معها في ذلك النصح، وقد استمررت معها من سنتين دون فائدة فهي لم تلتزم بذلك، ثم تعود لما كانت عليه، وبعد تلك المحاولات تركتها، فهل علي إثم في تركي لها؟ وجهوني سماحة الشيخ (1)
ج: الواجب إبعادها منكم وأن لا تبقى عندكم وهذه تستحق الإبعاد، وتستحق أن يرفع أمرها إلى ولي الأمر للمحكمة، فإن تابت وإلا قتلت، ترك الصلاة يوجب القتل ردة عن الإسلام - نعوذ بالله - فالواجب عدم تركها لديكم وإبعادها ورفع أمرها إلى ولي الأمر حتى يستتيبها فإن تابت وإلا قتلت، لا يجوز التساهل في هذا الأمر فالصلاة عمود الإسلام من
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم 370.(6/296)
ضيعها فقد ضيع الإسلام، ومن حفظها فقد حفظ الإسلام، وهذه امرأة خبيثة يجب أن تجاهد فإن استقامت وصلت فالحمد لله وإلا وجب عليها أن يقام عليها حد الشرع بالقتل حتى يستراح منها ومن أمثالها، وقد أحسنت في نصيحتها ولك الأجر العظيم، ولكن يجب أن تستمري في نصيحتها والسعي في إبعادها عنك وعن بيتك ورفع أمرها إلى ولي الأمر.(6/297)
س: إنني أعاني من مشكلة ربما يعاني منها الكثير من الناس، ألا وهي أن معظم أصدقائي ومن أعاشرهم في المدرسة وأحيانا في البيت لا يؤدون الصلاة، وكثيرا ما أسمع في برنامجكم أن الذي لا يصلي يعتبر كافرا، فلا يسلم عليه وما إلى هنالك، ولقد قمت بنصحهم ولكن بدون جدوى مع أنهم ذوو خلق عال، معاملتهم لي ولغيري كلها جيدة لم أر منهم إلا كل خير غير ما ذكرت، أفيدوني في هذا الأمر الذي طالما يضايقني ما هي نصيحتكم لتارك الصلاة، وماذا أعمل معهم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب نصيحة من عرف بترك الصلاة وتحذيره من مغبة ذلك؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 221.(6/297)
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (1) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » فهذه الأحاديث العظيمة تدل أن من تركها يكفر وإن لم يجحد وجوبها، أما إن جحد وجوبها فإنه كافر عند جميع العلماء - نسأل الله العافية - والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (4) ويقول سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (5) ويقول عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (6) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (7) إلى أن قال سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (8) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (9) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (10) نعمة عظيمة
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(4) سورة البقرة الآية 238
(5) سورة البقرة الآية 43
(6) سورة المؤمنون الآية 1
(7) سورة المؤمنون الآية 2
(8) سورة المؤمنون الآية 9
(9) سورة المؤمنون الآية 10
(10) سورة المؤمنون الآية 11(6/298)
وفضل كبير لمن حافظ على الصلاة أن يكون من أهل الفردوس من أهل الجنة، الفردوس أعلى الجنة وأوسطها وخيرها، فمن تخلق بهذه الأخلاق التي ذكرها الله في سورة المؤمنون في قوله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} (3) {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} (4) {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (5) {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (6) {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (7) {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (8) {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (9) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (10) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (11) هذه صفات عظيمة، من حافظ عليها صار من أهل الفردوس، وأعظمها الصلاة، وقال في سورة المعارج: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} (12) {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} (13) {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} (14) {إِلَّا الْمُصَلِّينَ} (15) {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} (16) {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} (17) {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (18) {وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ} (19) {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ} (20) {إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ} (21) {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (22) {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (23) {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (24) {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (25) {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} (26) {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (27) {أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} (28)
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 1
(2) سورة المؤمنون الآية 2
(3) سورة المؤمنون الآية 3
(4) سورة المؤمنون الآية 4
(5) سورة المؤمنون الآية 5
(6) سورة المؤمنون الآية 6
(7) سورة المؤمنون الآية 7
(8) سورة المؤمنون الآية 8
(9) سورة المؤمنون الآية 9
(10) سورة المؤمنون الآية 10
(11) سورة المؤمنون الآية 11
(12) سورة المعارج الآية 19
(13) سورة المعارج الآية 20
(14) سورة المعارج الآية 21
(15) سورة المعارج الآية 22
(16) سورة المعارج الآية 23
(17) سورة المعارج الآية 24
(18) سورة المعارج الآية 25
(19) سورة المعارج الآية 26
(20) سورة المعارج الآية 27
(21) سورة المعارج الآية 28
(22) سورة المعارج الآية 29
(23) سورة المعارج الآية 30
(24) سورة المعارج الآية 31
(25) سورة المعارج الآية 32
(26) سورة المعارج الآية 33
(27) سورة المعارج الآية 34
(28) سورة المعارج الآية 35(6/299)
هذه صفات الأخيار، هذه صفات أهل السعادة، على رأسهم المحافظون على الصلوات، والمحافظة على الصلاة من أسباب الاستقامة، فإن من حافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع قال نافع مولى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: كان عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين يكتب إلى عماله يقول: «إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع (1) » .
والذي لا يصلي يجب أن يهجر إذا لم تجد فيه النصيحة يجب أن يهجر ولا يسلم عليه، ولا تجاب دعوته، ولا يدعى إلى وليمة ولا إلى غيرها لأنه أتى منكرا عظيما وكفرا بواحا - نسأل الله العافية - ويجب أن يرفع أمره إلى ولاة الأمور حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، فإن أمره عظيم وخطير، وهو يجر غيره إلى مثل فعله، يجر غيره من زملائه وجلسائه إلى مثل فعله، فالواجب أن يناصح وأن ينكر عليه من أقاربه وجلسائه وزملائه إنكارا واضحا وشديدا حتى يعلم خطورة ما هو عليه، وحتى يعلم بشاعة ما فعل، وحتى يعلم أنه أتى كفرا بواحا ومنكرا عظيما لعله يستجيب، لعله يهتدي فإن أبى وجب هجره ورفع أمره إلى ولاة الأمور حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل
__________
(1) موطأ مالك وقوت الصلاة (6) .(6/300)
كافرا على الصحيح وإن لم يجحد الوجوب، أما إن جحد وجوبها فإنه يكون كافرا مرتدا عن الإسلام عند جميع العلماء - نسأل الله العافية - والغالب أن الذي لا يصلي ولا يبالي ولا يهتم بالصلاة الغالب عليه أنه لا يقر بالوجوب ولا يهتم بوجوبها فهو في عمله يدل عليه أنه مكذب، فالواجب على المسلمين جميعا أن يعنوا بهذا الأمر، وأن ينكروا على من يتخلف عن الصلاة، وأن يبينوا له خطورة ما فعل وشناعته لعله يهتدي لعله يرجع إلى الصواب.(6/301)
112 – بيان كيفية تعامل الموظف مع زميله الموظف تارك الصلاة
س: الأخت أ. ش. أ. ح، تقول: لي زميلات في العمل بعضهن يصلي والبعض لا يصلي بعضهن متبرجات وبعضهن يلبسن الحجاب ولكن غير كامل، أي غطاء الرأس فقط مع اللبس المحتشم، ولكن ليس الطويل جدا، حاولت إفهامهن وإرشادهن مع إعطائي لهن الكتب الدينية، وطلبت منهن الاستماع إلى برنامجكم نور على الدرب لكي يطبقن الشريعة الإسلامية السمحاء ولكن دون جدوى فتركتهن ولم أتصل بهن أو أجلب لهن الكتب الدينية، ورغم ذلك فإننا في غرفة واحدة نجلس(6/301)
ونتحدث ونأكل معا؛ لأني أحتاج لهن بطبيعة عملنا، وأيضا لمصاحبتهن في الطريق لأني لا أستطيع أن أذهب لوحدي إلى العمل، فهل علي ذنب؟ وما رأي سماحتكم في ذلك؟ أرجو التوجيه والإرشاد لهن؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الواجب عليهن التزام الحجاب وعدم التبرج وعليهن قبول النصيحة وتقوى الله في ذلك، وعليك المتابعة للنصيحة والحرص على ما فيه سعادتهن ونجاحهن وبراءة ذمتك، ولا تيأسي عليك بالمواصلة حتى يجعل الله فرجا ومخرجا وإذا تيسر لك مفارقتهن وعدم صحبتهن في الغرفة لوجود معلمات أو موظفات صالحات فهو الواجب عليك؛ لأنهن بإصرارهن يستحققن الهجر، لكن ما دمت في ضرورة إلى وجودك معهن فاستعملي النصيحة والتوجيه والإرشاد وكراهة ما يفعلن حتى يجعل الله فرجا ومخرجا أما كون بعضهن يصلي والبعض الآخر لا يصلي وبعضهن يحتجب والبعض الآخر لا يحتجب فعليك أن تبدئي بالنصيحة فيما يخص الصلاة، وفيما يخص الحجاب افعلي هذا وهذا فمن لا تحتجب تنصح بأن تحتجب، ومن لا تصلي تنصح بأن تحافظ على
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 175.(6/302)
الصلاة، فالصلاة أعظم وأكبر فعليها أن تنصح هؤلاء وهؤلاء وتنكر على هؤلاء وهؤلاء والله يأجرها ويثيبها على ذلك.(6/303)
س: اكتشفت أن إحدى صديقاتي لا تصلي إلا في رمضان، هل أستمر معها كصديقة لها أو أقاطعها (1) ؟
ج: الواجب نصيحتها وتعليمها ما ينفعها، وإفهامها أن الصلاة فرض دائم في رمضان وفي غيره وأنها عمود الإسلام، وأنها واجبة على المرأة المكلفة أن تصليها وأن تحافظ عليها كالرجل في رمضان وفي غيره، وأن تركها للصلاة في غير رمضان كفر أكبر - نعوذ بالله - كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2) » خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح.
وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (3) » فالصلاة عمود الإسلام وأعظم أركانه بعد الشهادتين، فالتي لا تصلي كالرجل الذي لا يصلي سواء بسواء كلاهما كافر حتى يتوبا إلى
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 118.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) .(6/303)
الله ويرجعا عن عملهما السيئ فإن هداها الله واستجابت لك وتابت إلى الله فلا مانع من اتخاذها صديقة، والبقاء على صحبتها، أما إن أصرت على ترك الصلاة فهي كافرة، ويجب عليك أن تعاديها في الله، وأن تقاطعيها، وأن لا تقربيها بالكلية، لا تجيبي دعوتها ولا تدعيها إلى زيارتك، ولو زارتك لا تقابليها ولا تسلمي عليها حتى ترجع مما هي عليه من الباطل، وحتى تتوب إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن عملها عظيم الشر عملها كفر - نسأل الله العافية - والمسلم واجبه النصيحة لإخوانه في الله وأخواته في الله، فإذا كانت لا تقبل النصيحة ولا تنتفع بالنصيحة وجبت المقاطعة، نسأل الله لنا ولها الهداية، ونسأل الله لك التوفيق في نصيحتها.(6/304)
113 - بيان ضوابط الولاء والبراء في معاملة تارك الصلاة
س: هناك من الأصدقاء من أسير معهم وأعتبرهم كالأخوة، وهم أوفياء ومخلصون ولكنهم لا يصلون والعياذ بالله، وبعضهم يصلي في رمضان فقط، والبعض الآخر يأتي الفواحش ما نهى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه، وأنا بصفتي مسلما أحاول مع بعض الأصدقاء جذبهم إلى الصلاة والعبادة، فهل أقاطعهم التزاما بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين المسلم(6/304)
والكافر ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر» وإن قاطعتهم فهل معنى ذلك أن أقاطع معظم الزملاء من منطقتي ومن في مرحلتي الدراسية الذين لا يصلون وأبقى منعزلا عن هؤلاء الناس؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: نعم، عليك أن تقاطعهم إذا لم يقبلوا النصح ولم يستفيدوا منك، ولم يسترشدوا منك فعليك ألا تصحبهم، وألا يكونوا زملاء لك في الزيارات أو الأكل ونحو ذلك بل تقاطعهم ولا يضرك أن تدرس في المدرسة الذين هم فيها لكن لا تتخذهم أصحابا ولا زملاء في الأكل والشرب، بل قاطعهم حتى يعلموا أنك تهجرهم وأنك تبغضهم في الله؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » الذين لا يصلون، وقد نصحتهم لله، وأعذرت فيهم عليك أن تقاطعهم، لا تجب دعوتهم ولا تدعهم إلى وليمة عندك، ولا تكن معهم في الزيارات بل تقاطعهم حتى يعلموا صدقك في بغضهم في الله، وإنكارك عليهم، وتسأل الله مع هذا أن
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 232.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(6/305)
الله يهديهم في صلاتك وفي سجودك وفي الأوقات الأخرى تسأل الله أن يهديهم ويمن عليهم بالتوبة فأنت تحب لهم الخير، تسأل الله لهم الهداية لكن تظهر لهم الجفاء والكراهة والهجر لعلهم يهتدون فإن رجوت إسلامهم ورجوت هدايتهم فلا تقطع عنهم الزيارة للدعوة فقط، تزورهم بين وقت وآخر للدعوة لا لأنهم أصحاب بل للدعوة والتوجيه لعلهم يهتدون.(6/306)
114 - حكم التعامل مع تارك الصلاة رغبة في دعوته ونصحه
س: الأخ ح. س. ن يقول: يوجد بعض الناس الذين يقومون بأداء الصلاة، ويكونون تاركين للصلاة في نفس الوقت، وأضطر أن آكل معهم، هل يجوز أن نأكل مع الذين لا يؤدون الصلاة أو يتركون الصلاة (1) ؟
ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك مع النصيحة مع نصيحتهم، فإن لم يقبلوا فاهجرهم، ولا تأكل معهم، لكن إذا دعت الضرورة إلى الأكل معهم فكن ناصحا لهم موجها لهم إلى الخير محذرا لهم من ترك الصلاة مبينا
__________
(1) السؤال الثاني والستون من الشريط رقم 432.(6/306)
لهم أن من تركها كفر، لعل الله أن يهديهم بأسبابك، فإن لم يستجيبوا فاهجرهم، ولا تجالسهم ولا تأكل معهم، نسال الله العافية.(6/307)
س: يقول السائل: إن لي صديقا لا يصلي هل أمشي معه أم أتركه في حال سبيله وأبقى في سبيلي (1) ؟
ج: الرفيق الذي لا يصلي لا تجوز مرافقته بل يجب الحذر منه وهجره مع نصيحته وحثه على تقوى الله وإرشاده إلى الخير مع إعلامه أن الصلاة عمود الإسلام وأنها أحد الأركان الخمسة بل هي أعظم الأركان وأكبر الأركان بعد الشهادتين، فعليك أن تنصحه وأن تبلغه أمر الله وأن تجتهد بدعوته إلى الخير لعله يهتدي بأسبابك حتى يكون لك مثل أجره، فإن أبى وأصر فارفض صحبته، ولا تزره ولا يزرك ولا تتخذه صاحبا بل اتخذه عدوا وفارقه واهجره حتى يتوب إلى الله سبحانه وتعالى.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 237.(6/307)
باب الأذان والإقامة
115 - حكم الأذان للصلاة
س: هل الأذان واجب في الصلاة؟ وهل تركه ينقص الصلاة؟ وهل الفرد المصلي يجب عليه أن يؤذن للصلاة وهو منفرد (1) ؟
ج: الأذان فرض كفاية للصلاة، يجب على الجماعة في الحضر وفي السفر أن يؤذن واحد منهم ويقيم الأذان هذا هو الصواب، إنهما فرض كفاية إذا قام به واحد من الجماعة في قرية أو في سفر كفى عن الباقين ولكن ليس شرطا للصلاة، بل هما فرض كفاية خارج الصلاة، فإن فعلهما البعض فقد أحسن ويؤجر وإن تركهما أثم وصلاته صحيحة، وصحتها لا تتوقف على الأذان والإقامة لكن تعتبر ناقصة بدون أذان وبدون إقامة عمدا تكون ناقصة بدون أذان أنقص من الصلاة بأذان وإقامة فهي أكمل
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 7.(6/308)
وأفضل، ولا يجوز للمسلم تعمد ترك الأذان والإقامة، بل الواجب أداء الأذان والإقامة من أحد الجماعة الحاضرين من أهل المدارك ظاهر العدالة، ممن يقيم الأذان مؤذن واحد منهم إذا كان بهذه الصفة بألفاظه وظاهر العدالة فإنه يعتمد عليه في الأذان، وينبغي له أن يكون معروفا بعدالة ظاهرة، وأن يكون يقيم الأذان ليؤذن في الحضر أو في السفر، أما إذا كان فردا واحدا في السفر فله أن يؤذن أيضا أما الوجوب عليه ففيه خلاف ونظر والأفضل له الأذان والسنة في حقه أن يؤذن لما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع صوت المؤذن حجر ولا شجر إلا شهد له يوم القيامة (1) » فدل ذلك على الأكيد بحق الواحد أما الوجوب فلا يجب عليه وفيه خلاف ومحل نظر ولكن ينبغي ألا يدع الأذان، وإذا كانوا جماعة يجب عليهم أن يؤذنوا يؤذن واحد منهم، ويقيموا كذلك.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، برقم (609) .(6/309)
116 – بيان كيفية الأذان
س: ما هي الكيفية الصحيحة للأذان لأنني سمعت أن هناك طرقا متعددة، قرأت عنها أيضا؟ أرجو من سماحتكم التوجيه، جزاكم الله خيرا (1)
ج: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الأذان على أنواع، أفضلها ما كان يفعله بلال رضي الله عنه بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام حتى توفاه الله، وهو الأذان المعروف اليوم بين الناس، وهو خمس عشرة جملة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.
هذا هو الأذان الذي كان يؤذن به بلال رضي الله عنه بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، وثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله تعالى عنه قال: «أمر بلال رضي الله عنه أن يشفع الأذان
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 166.(6/310)
ويوتر الإقامة (1) » يشفع الأذان يعني ثنتين ثنتين، هذا شفع الأذان، ما عدا التكبير الأول فإنه أربع كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه علمه بذلك بعدما رأى الرؤيا الصالحة المعروفة عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه، لكن في أذان الفجر يزيد جملتين: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم.
فيكون أذان الفجر سبع عشرة جملة، الأذان عند طلوع الفجر يقول فيه: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم.
بعد الحيعلة، ثم بعدها يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.
والأفضل أن يكون في الأذان الأخير، ويسمى الأذان الأول بالنسبة للإقامة، أما الأذان الأول الذي يكون في آخر الليل هذا ليس فيه: الصلاة خير من النوم - على الراجح - الأفضل أن يكون في الأخير، وهذا الأخير يسمى الأذان الأول بالنسبة للإقامة؛ لأن الإقامة أذان ثان، والأذان بعد طلوع الفجر هو الأذان الأول، وهو الذي يقال فيه: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم.
كما في حديث بلال رضي الله عنه، وحديث أبي محذورة رضي الله عنه قد ظن بعض الناس أن تسميته الأول أنه يراد به الأذان الذي في آخر الليل، وليس
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان مثنى مثنى، برقم (605) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بشفع الأذان، برقم (378) .(6/311)
كذلك سمي أولا لأنه يكون قبل الإقامة والإقامة هي الأذان الثاني كما في الحديث الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (1) » الأذانان يعني الأذان والإقامة وجاء في حديث أبي محذورة رضي الله عنه نوع آخر وهو تكرار الشهادة، وفي لفظ الشهادتين مرة أخرى، فيكون بتسع عشرة جملة، يأتي بالشهادتين ثم يعيدها، يقول بصوت منخفض: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول، ثم يعيدها بصوت أرفع حتى تكون الجمل تسع عشرة، وهذا صحيح لا بأس به، علمه النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة رضي الله عنه، وأذن به في مكة، فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل ما عليه العمل اليوم، وهو الذي كان يؤذن به بلال رضي الله عنه بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا الإقامة أفراد كما في حديث أنس المتقدم: «أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة (2) » يوتر يعني يفرد الإقامة، إلا التكبير فإنه مثنى فيها
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب كم بين الأذان والإقامة، برقم (624) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافر وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838) .
(2) سبق تخريجه.(6/312)
كما في حديث عبد الله بن زيد وحديث بلال، يقول في أول الإقامة: الله أكبر الله أكبر.
وفي آخرها: الله أكبر الله أكبر.
والبقية أفراد: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة، حي على الفلاح.
أفراد، والإقامة يكررها يقول: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، يثنيها كالتكبير في أولها وفي آخرها يكون مثنى.
وجاء في حديث أبي محذورة تكرار الشهادتين مرتين كالأذان ولا حرج في ذلك إنما هو أفضلية فقط، وهذا يقال له: اختلاف التنوع، ولكن الأفضل مثل ما تقدم في حديث بلال.(6/313)
117 – حكم الزيادة على الأذان المشروع بقول حي على خير العمل
س: كيف يكون الأذان الصحيح، وما هو رأيكم في الزيادة التي تقال بعد: لا إله إلا الله (1) ؟
ج: الأذان الصحيح هو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته، وكان يؤذن به بلال بين يديه حتى توفي عليه الصلاة والسلام، وكان يؤذن به المؤذنون في حياته في مكة والمدينة وغيرها وهو الأذان المعروف
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 157.(6/313)
الآن، وهو خمس عشرة جملة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.
هذا هو الأذان الذي كان يؤذن به بلال بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفاه الله، وفي الفجر زيادة: الصلاة خير من النوم.
وهو الذي ينادى به بعد طلوع الفجر، وهو أذان الصبح، تقول بعد الحيعلة: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم.
ثم يقول بعدها: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.
هذا خاص بصلاة الفجر الذي ينادى به عند طلوع الفجر: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم.
أما ما يزيده بعض الناس: حي على خير العمل.
أو: أشهد أن عليا ولي الله.
وكذلك ما يزيد بعض الناس من الصلاة على النبي مع الأذان عندما يقول: لا إله إلا الله.
يزيد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رافعا بها صوته مع الأذان أو في المكبر هذا لا يجوز هذا بدعة، ولكن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه لا في الأذان، إذا ختم الأذان مشروع للمسلم أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف(6/314)
الميعاد.
هذا مشروع لكل مسلم ولكل مسلمة بعد الأذان، والمؤذن كذلك إذا قال: لا إله إلا الله، شرع للجميع بعد ذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي: اللهم صل على محمد، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه. وإن قال: اللهم صل وسلم - كان أكمل - على نبينا وعلى آله وأصحابه، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة. إلى آخره، لكن لا مع الأذان بل بصوت غير صوت الأذان، بصوت منخفض يسمعه من حوله لا بأس لكن ليس مع الأذان، الأذان ينتهي إذا قال: لا إله إلا الله، يقفل الميكرفون، إذا انتهى الأذان وإن كان بغير الميكرفون كذلك انتهى لا يلحقه شيء ثم يصلي على النبي بينه وبين نفسه، ولا مانع أن يسمعه من حوله ليقتدي به، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (1) » هكذا قال عليه الصلاة والسلام، رواه مسلم
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/315)
في الصحيح.
وهذه سنة للجميع للمؤذن والمستمع من الرجال والنساء في الحاضرة والبادية في كل مكان بعد الفراغ من الأذان، يقول: اللهم صل على محمد، اللهم صل وسلم على نبينا وعلى آله وأصحابه. بصوت غير صوت الأذان، بصوت منخفض ليس مع الأذان، ثم بعد هذا يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. لما روى البخاري في الصحيح - رحمه الله - عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة (1) » هكذا جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، زاد البيهقي في آخره: «إنك لا تخلف الميعاد (2) » بإسناد حسن، هذا هو المشروع، أما الزيادة في الأذان: حي على خير العمل. أو: أشهد أن عليا ولي الله. فهذا لا يجوز لأنه بدعة، وهكذا الزيادة مع الأذان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع: لا إله
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) أخرجه البيهقي في الدعوات الكبير، برقم (49) .(6/316)
إلا الله، بصوت الأذان هذا لا يجوز بل هو من البدع، ولكن مثل ما تقدم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم المؤذن والمستمع بصوت غير صوت الأذان، صوت منخفض غير صوت الأذان، وفي أذان أبي محذورة الترجيع، والترجيع هو أن يأتي بالشهادتين بصوت منخفض، ثم يأتي بهما بصوت مرتفع، فيكون على هذا تسع عشرة جملة يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله. بصوت منخفض، ثم يرفع صوته بهما ويعيدهما، هذا يقال له: الترجيع وهذا علمه النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة رضي الله عنه وكان يؤذن به في مكة رضي الله عنه، فمن فعله فلا بأس، فهو نوع من أنواع الأذان الشرعي، ولكن الأفضل هو أذان بلال رضي الله عنه الذي كان يؤذن به بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، كان بلال رضي الله عنه يؤذن بدون ترجيع بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة حتى توفاه الله، وكلا النوعين بحمد الله مشروع إلا أن الأفضل هو ما كان يفعل بين يديه عليه الصلاة والسلام وهو عدم الترجيع، ومن رجع فلا بأس.(6/317)
118 – حكم الاكتفاء بأذان واحد للفجر
س: هل يجوز أن يكون الفجر بأذان واحد وهو الأخير (1) ؟
ج: لا بأس بذلك وإن أذن الأول فلا حرج، وإن اكتفى بأذان الفجر فلا حرج وإن جعلوا أذانين الأول لتنبيه الناس، حتى يعلموا أن الصبح قريب كما قال صلى الله عليه وسلم في أذان بلال: «ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم (2) » هذا أفضل حتى ينتبه الناس ويستعدوا للفجر وإن اكتفوا بأذان واحد فلا حرج.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 377.
(2) سبق تخريجه.(6/318)
119 - بيان مشروعية أذانين للفجر
س: السائل من اليمن يقول: البعض في المساجد يقوم القائمون عليها في أذان الصبح بأذانين، ما الدليل على ذلك بصحة هذا العمل؟ مأجورين (1)
ج: يشرع للفجر أذانان: أذان قبل الصبح، وأذان بعد الصبح؛ لما ثبت
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 419.(6/318)
في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن بلالا يؤذن بالليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم (1) » وقال: «إن بلالا يؤذن ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم (2) » كان بلال يؤذن في آخر الليل حتى ينتبه القائم أن الصبح قريب حتى يوتر وحتى يوقظ النائم ليستعد لصلاة الفجر، فلا بأس أن يؤذن أذان أول قبل الفجر بوقت بنصف ساعة ونحوها أو ساعة حتى ينتبه الناس أن الفجر قريب، الذي يقوم مثلا يريد الإيتار والتهجد الذي يستعد لصلاة الفجر ثم الأذان الأخير بعد طلوع الفجر.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب أذان الأعمى، برقم (617) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، برقم (1092) .
(2) سبق تخريجه.(6/319)
120 - بيان قول "الصلاة خير من النوم" في الأذان الثاني من الفجر
س: قول: الصلاة خير من النوم، في صلاة الصبح هل هذا القول في الأذان الأول أم الأذان الثاني؟ مع توضيح الأدلة، جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 371.(6/319)
ج: الأفضل أنه في الأذان الأخير عند طلوع الفجر لأنه موعد الصلاة هنا الفريضة، وهي تجب بعد طلوع الفجر، فالأولى أن يكون في الأذان الأخير، ومما يدل على هذا أن عائشة رضي الله عنها كما في البخاري أخبرت «أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع النداء في أذان الفجر كان يقول فيه: الصلاة خير من النوم إذا سمع ذلك صلى ركعتي الفجر ثم خرج يصلي بالناس، (1) » فدل هذا القول أنه يقول في الأذان الأخير الذي بعد طلوع الفجر ولأن هذا هو الأنسب؛ لأن المراد صلاة الفريضة، أما صلاة الليل فقد يكون النوم خيرا منها إذا كان يشق عليه القيام، الإنسان ينام في الليل حتى يستطيع أن يصلي الفريضة، المقصود أن قول الصلاة خير من النوم يكون في الأذان الأخير الذي يؤتى به بعد طلوع الفجر، هذا هو الأولى هذا هو الأرجح.
__________
(1) سنن الترمذي الصلاة (198) ، سنن النسائي الأذان (647) ، سنن أبي داود الصلاة (504) ، سنن ابن ماجه الأذان والسنة فيه (716) ، مسند أحمد (4/43) ، سنن الدارمي الصلاة (1192) .(6/320)
س: أخبروني عن هذه الجملة في الأذان وهي: الصلاة خير من النوم. هل هي في الأذان الأول أم في الأذان الثاني (1) ؟
ج: هذه الجملة في الأذان الثاني عند طلوع الفجر كما بينته عائشة رضي الله عنها، وجاء ذكرها في عدة أحاديث، ويسمى الأذان الأول،
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 324.(6/320)
والإقامة هي الأذان الثاني. أما الأذان الأول الذي يؤذن به بعض الناس في آخر الليل فهذا لتنبيه القائم وإيقاظ النائم، كما في الحديث الصحيح حديث بلال: «ليوقظ نائمكم (1) » أمره النبي صلى عليه وسلم أن يؤذن بليل، يقول صلى الله عليه وسلم: «فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإن بلالا يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويعلم قائمكم (2) » يعني بقرب الفجر حتى يستعد للفجر.
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) سبق تخريجه.(6/321)
121 – حكم قول "الصلاة خير من النوم" عند الأذان الأول من الفجر
س: لدينا في قريتنا جماعة أنصار السنة المحمدية، ولهم مسجد، وفي أذان الفجر يقولون: الصلاة خير من النوم، في الأذان الأول علما بأن المساجد تقولها في الأذان الثاني، وبسؤالنا لهم قالوا لنا: هذا هو الأصل، حيث إنهم قدموا لنا الدليل من كتاب زاد المعاد، قلنا لهم هذا رأي الإجماع كما قال العلماء، فقالوا: إذا كان الإجماع مخالفا للأصل فلا يتبع.
أرجو أن تفيدونا(6/321)
بالصواب، جزاكم الله خيرا (1)
ج: ليس في المسألة إجماع فيما نعلم وإذا فعلوا ذلك في الأول أو في الثاني فلا حرج إن شاء الله، المهم أنه لا يكون في الاثنين يكون في أحدهما حتى لا تلتبس الأمور على الناس، والأفضل أن يكون في الأخير، هذا هو الأفضل؛ لأن الأحاديث الصحيحة تدل على أنه في الأخير وهو الأذان بعد طلوع الفجر، وسمي في بعض الأحاديث الأول؛ لأنه الأول بالنسبة إلى الإقامة، ولهذا ظن إخواننا من أنصار السنة أن الأول يكون قبل الفجر وليس الأمر كذلك، الأول هو الذي بعد طلوع الفجر، سمي أولا لأنه بعده الأذان الثاني وهو الإقامة، وهكذا جاء في حديث أبي محذورة الأول، وأبو محذورة يؤذن بعد الصبح، فسمي أولا في أذانه، يعني خلاف الأذان الأخير وهو الإقامة، وهكذا أخبرت عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري أن الأذان الأول هو الأذان الذي بعد طلوع الفجر الذي بعده تصلى الراتبة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الراتبة ثم يذهب إلى الصلاة، سمته أولا لأن بعده الأذان الثاني وهو الإقامة، فينبغي أن يفهم هذا جيدا حتى يزول الإشكال، وحتى تجتمع الكلمة بين إخواننا في
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 181.(6/322)
السودان، فيكون قول: الصلاة خير من النوم في الأذان الأخير عند الجميع حتى لا يختلفوا وهذا هو الأفضل والأولى.(6/323)
122 – حكم قطع المؤذن أذانه لعذر
س: إذا أذن مؤذن في البلدة أذان الفجر الأول والثاني، وجاء في اليوم الثاني فعندما أذن الأذان الأول قاموا برشقه بالحجارة أهل البلد، هل يجوز قطع الأذان ليدافع عن نفسه أم ماذا يعمل (1) ؟
ج: يستحب أن يكون هناك أذان أول للصبح حتى ينتبه الناس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في أذان بلال قبل الصبح: «ليوقظ نائمكم، ويرجع قائمكم (2) » للتنبيه إلى أن الصبح قريب، أما الأذان الواجب فهو بعد الصبح، هذا فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، إذا طلع الفجر يؤذن حتى يعلم الناس طلوع الفجر، وحتى يحضروا لصلاة الجماعة في المساجد، والذي يؤذي من يؤذن للأول هذا له حالان: إحداهما أن يكون الأذى يمكن تلافيه بعد فراغ الأذان، فهذا يكمل أذانه
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 176.
(2) سبق تخريجه.(6/323)
ولا بأس، أن يشتكيهم، أما إذا كانوا يؤذونه في الأذان ربما ناله الحجر، ربما أصابوه فله أن يقطع الأذان ويدافع عن نفسه، ولا حرج في ذلك.(6/324)
123 – حكم تعطيل المسجد من الأذان
س: أنا أسكن في إحدى القرى، ومحافظ - والحمد لله - على أداء الصلوات في المسجد، وبعد حضوري لهذه المنطقة في المملكة، وهي منطقة القصيم توجهت إلى المسجد لأداء الصلاة، وبعد أن جلست في المسجد مدة طلب مني أحد المواطنين بأن أؤذن لأن المسجد ليس به مؤذن، فقمت على الفور وأديت الأذان، وظللت مدة أؤذن حين لم يحضر المؤذن، وفي يوم من الأيام أذنت لصلاة العشاء فحضر الإمام وقال: من أذن؟ فقلت له: أنا. فقال: لا نريد أحدا أن يؤذن. فمن ذلك اليوم لم أؤذن حتى ولو طلب مني علما بأنني متعلم والحمد لله، ولا أشك في أداء الأذان، أرجو أن تفيدوني لأن هذا الإمام حرمني أجرا عظيما، علما بأنني لا أتقاضى شيئا مقابل هذا الأذان، وما فضل الأذان؟ وما حكم هذا الإمام بالنسبة لي (1) ؟
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 16.(6/324)
ج: الأذان فرض كفاية، والواجب على أهل المسجد أن يؤذن أحدهم، إذا لم يكن هناك مؤذن من وزارة الأوقاف فالواجب أن يؤذن أحدهم، فإذا أذن أحدهم كفى؛ لأنه فرض كفاية وهو يقيم أيضا فالإقامة والأذان فرض كفاية، إذا قام به واحد منهم كفى، أما تركهم للمسجد بدون أذان فهذا لا يجوز اللهم إلا إذا كان قربه مسجد آخر يكتفى بأذانه؛ لأنه يعم جيران المسجد هذا ويسمعونه، فهذا قد يقال بإجزائه، ولكن لا بد أن يقيم أحدهم الإمام أو غيره يقيم الصلاة وبكل حال، فلا ينبغي ترك الأذان بل ينبغي لأهل المسجد أن يؤذنوا فيه من الجماعة، وإذا كان السائل يتبرع بذلك ويقيم الأذان فلا ينبغي للإمام ولا لغيره أن يمنعه من ذلك إلا إذا وجدوا من يقوم مقامه فلهم النظر في ذلك، الإمام ينظر في ذلك والجماعة، فيعينون من يحصل به المقصود من أداء هذه الفريضة، أما أن يعطلوا الأذان بالكلية فهذا لا يجوز ويأثمون بذلك، فالواجب أن يؤذن واحد منهم ممن يقيم الأذان - يعني يحسن الأذان - فإذا لم يتيسر واحد منهم سمحوا لهذا السائل المتبرع - وجزاه الله خيرا - يجب عليهم أن يسمحوا له بأن يؤذن أو يقوموا بالأذان هم، أما تعطيل المسجد بدون أذان فهذا لا يجوز.(6/325)
124 - حكم الاكتفاء بالأذان في المسجد الكبير دون غيره من المساجد
س: إذا كنا نصلي في مسجد صغير ونسمع أذان مسجد كبير، فهل السنة أن يؤذن في هذا المسجد الصغير أم نكتفي بالأذان الذي سمعناه بالمسجد الكبير (1) ؟
ج: ما دام المسجد يصلى فيه فالسنة أن يكون فيه أذان، ويكون فيه إقامة ولو سمعتم أذان المسجد الآخر، فإن المساجد في الغالب ولا سيما مع المكبرات يسمع بعضهم بعضا، فالسنة أن كل مسجد يؤذن فيه ويقام فيه، فقد يتعطل هذا أو يتعطل هذا فالحاصل أن السنة أن يؤذن في كل مسجد وأن تقام فيه الصلاة، ومن سمع الأذان في أي مسجد أجابه.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 38.(6/326)
125 – حكم الاكتفاء بأذان واحد في المدينة وينقل عبر المذياع
س: السائل يقول: سماحة الشيخ، إذا كنت في مدينة لا يؤذن فيها إلا مؤذن واحد ويذاع ذلك الأذان من خلال المذياع ومكبر الصوت في جميع مساجد تلك المدينة فما حكم هذا الأذان وهل أردد(6/326)
معه، وهل يجزئ أم لا بد أن يؤذن كل شخص لنفسه (1) ؟
ج: إذا كان يعم المساجد يردد معه أي يجاب، إذا كان جعل سماعات للمساجد أخرى يسمعونه ويجيبونه ويكتفى به ولكن الأفضل أن يكون كل مسجد له مؤذن، كل مسجد له مؤذن ومقيم لكن لو قلت: إن قرية من القرى جعل مؤذن واحد في أحد مآذنها وجعلت مكبرات أخرى في مساجد يسمعون وجب شرعا الإجابة لهذا المؤذن حيث يقول ما يقول، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا كما يقول (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم لما قالوا: يا رسول الله، إن المؤذنين يغلبوننا، قال: «فقولوا كما يقولون، ثم سلوا الله لي الوسيلة، ثم صلوا علي فإن من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن كون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (3) » المقصود أنه إذا كان الأذان يسمع من المساجد فإنهم يجيبونه ويصلون على النبي بعد النهاية،
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 368.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .
(3) سبق تخريجه.(6/327)
ويدعون له بالوسيلة: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه اللهم المقام المحمود الذي وعدته.
وهكذا من كانوا في البيوت والطرقات إذا كانوا يسمعون يجيبون مثل ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا كما يقول (1) » اللهم صل عليه وسلم.
__________
(1) صحيح البخاري الأذان (611) ، صحيح مسلم الصلاة (383) ، سنن الترمذي الصلاة (208) ، سنن النسائي الأذان (673) ، سنن أبي داود الصلاة (522) ، سنن ابن ماجه الأذان والسنة فيه (720) ، مسند أحمد (3/78) ، موطأ مالك النداء للصلاة (150) .(6/328)
س: هذا سائل للبرنامج من الأردن يقول: ما حكم الأذان الموحد ومثال ذلك أن يوضع جهاز راديو يربط على مسجد ويؤذن ذلك المسجد ويبث الأذان إلى أكثر من مائتي مسجد هل يجوز ذلك؟ وحديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «المؤذنون أطول أعناقا يوم القيامة (1) » . (2)
ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك لا أعلم به بأسا أما إذا وجد المؤذنون فالسنة أن يكون لكل مسجد مؤذن هذا هو السنة لما في رفع الأذان من الخير والمصالح العظيمة والأجر للمؤذنين للحديث المذكور وغيره،
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه، برقم (387) .
(2) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 416.(6/328)
فالسنة أن يكون لكل مسجد مؤذن معروف بالأمانة وحسن الصوت هذا هو المشروع، وهذا هو المعروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد من بعده من الخلفاء الراشدين والسلف الصالح إلى يومنا هذا، السنة أن يكون لكل مسجد مؤذن، لكن لو وجد حاجة لهذا بأن لم يوجد مؤذنون ودعت الحاجة إلى بث الأذان لعدة مساجد للحاجة إلى هذا فلا أعلم به بأسا.(6/329)
126 - حكم الاكتفاء بسماع الأذان من شريط المسجل
س: إذا سجلت صوت أحد المؤذنين في بيت الله الحرام لأن أصواتهم جميلة جدا، ووضعت المسجل أمام الميكروفون وقت الأذان، ثم خرج من المسجل بواسطة الميكرفون، فهل يجوز ذلك أم لا؟ وفقكم الله (1)
ج: لا ينبغي هذا الأذان في المسجد الحرام أما كونه ينقله لبلدان أخرى لا يصح، ولا يجعله على الميكرفون حتى يسمعه الناس، هذا يشوش على الناس ويحصل فيه تلبيس، فكل بلد لها أذانها ولها وقتها
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 35.(6/329)
ومؤذنوها يكفونها، أما أنه ينقل أذان شخص من مكة إلى الرياض أو إلى كذا وكذا فلا يصح.(6/330)
س: إن بعض المؤذنين لا يتقيدون بتوقيت واحد في الصلوات الخمس وخاصة صلاة الفجر بالرغم أن هناك توقيتا معمولا لكل مدينة، فماذا تنصحونهم به؟ وفقكم الله (1)
ج: ننصح المؤذنين بأن يتقيدوا بالوقت دائما الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر هذا هو الواجب عليهم يجب عليهم أن يتقيدوا بالوقت، وأن يتحروا دخول الوقت، ولا يقلدوا التقويمات لأن فيها أخطاء وأغلاطا ينبغي لهم العناية والحرص على ضبط الوقت الظهر يعرف بزوال الشمس، والغروب بغروب الشمس في المغرب، والعشاء بغروب الشفق، والفجر بطلوع الفجر ينبغي أن يتحروا إذا أمكنهم ذلك فإذا ما أمكنهم ذلك يضبطون التقويم ويتحرون صحة التقويم، وإذا كان التقويم يبكر أخروا عنه زيادة خمس دقائق، عشر دقائق حسبما يتضح لهم بالتجارب، وهكذا حتى يضبطوا الأمر بشيء واضح إن كان التقويم يتأخر ضبطوا التأخر وتقدموا عليه، وإن كان التقويم يبكر قبل الوقت ضبطوا النقص
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 9.(6/330)
الذي في التقويم وزادوه من بعد التقويم، ثم أذنوا على البصيرة، فالحاصل أن الواجب عليهم التحري للوقت بكل عناية؛ لأن الناس في ذمتهم، وهم أمناء في الصلاة وفي الفطر في رمضان، فالواجب عليهم التحري للوقت والعناية، وهو في الظهر وفي العصر وفي المغرب والعشاء والفجر بين بحمد الله إذا اعتنوا الظهر بزوال الشمس بعد فيء الزوال، إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر، والعصر إذا صار ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال دخل وقت العصر، والمغرب بغروب الشمس، والعشاء إذا غاب الشفق الأحمر الذي من جهة المغرب، والفجر بطلوع الفجر المستطيل في الأفق المعترض الصادق المنتشر، هذا هو الفجر الصادق، فالواجب عليهم التحري في هذه الأشياء بالعين أو بالتقويم المضبوط الذي قد درس واعتني به وعرف مطابقته للوقت.(6/331)
127 - حكم تأخير الأذان لمدة خمس دقائق
س: هل يجوز تأخير الأذان خمس دقائق لعذر (1) ؟
ج: الأمر واسع، خمس دقائق قليلة لا يضر إذا شغل بشيء، ولكن
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 298.(6/331)
الأحرى والأولى للمؤمن أن يحافظ حتى يؤذن مع الناس، والتأخير خمس دقائق ثلاث دقائق، لا يضر إن شاء الله.(6/332)
128 - بيان المدة بين الأذان الأول والثاني من الفجر
س: كم يكون الوقت الفارق بين الأذان الأول والأذان الثاني سماحة الشيخ (1) ؟
ج: الأفضل أن يكون قريبا، جاء في بعض الروايات أنه ليس بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا - يعني: قريب - يكون الأذان قبل نصف ساعة أو ما يشبه ذلك حتى ينتبه الناس أن الوقت قريب والذي في الصلاة حتى يبادر بالإيتار ونحو ذلك، أما الأذان في منتصف الليل أو في الواحدة ليلا فلا ينبغي بل يكون قريبا من الفجر حتى تحصل الفائدة من التنبيه.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 176.(6/332)
129 - حكم إعادة الأذان لمن فاتته صلاة الجماعة
س: يقول السائل: إذا أذن المؤذن ولم أسمعه وفاتتني صلاة الجماعة هل يجب علي الأذان (1) ؟
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 288.(6/332)
ج: يكفي أذان المسلمين، تقيم وتصلي فقط، لا حاجة إلى أذان.(6/333)
س: ما رأي سماحتكم إذا حان وقت الصلاة وتوجهت للمسجد ووجدت الجماعة قد أدوا الصلاة، هل يجب علي الأذان والإقامة أم أقيم فقط، وإذا صليت بدون ذلك هل صلاتي تعتبر صحيحة سواء سمعت الأذان أم لم أسمع (1) ؟
ج: السنة لك أن تقيم، أما الأذان فلا، قد سبق الأذان والحمد لله، فإن صليت بدون إقامة فلا حرج، صلاتك صحيحة.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 211.(6/333)
130 – حكم الإقامة عند كل صلاة
س: هل الإقامة واجبة عند كل صلاة (1) ؟
ج: الإقامة والأذان فرضا كفاية يجب على المصلين أن يكون واحد منهم يؤذن ويقيم، فلو صلوا بلا أذان ولا إقامة صحت الصلاة مع الإثم، الواجب أن يؤذنوا ويقيموا لكن لو صلوا بدون أذان وبدون إقامة، أو بدون إقامة أذنوا ولم يقيموا صحت الصلاة لكن مع الإثم؛ لأن الرسول
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 187.(6/333)
صلى الله عليه وسلم كان يؤذن، أمر بلالا يؤذن وغيره من المؤذنين، ويقيم وقد استقرت الشريعة على أنه لا بد من أذان وإقامة في الصلوات الخمس خاصة أما العيد فليس له أذان ولا إقامة وهكذا صلاة الاستسقاء ليس لها أذان ولا إقامة، لكن هذا في الصلوات الخمس، إذا دخل الوقت وجب الأذان في البلد وعلى المسافرين كذلك وعند الدخول في الصلاة يقيم الإقامة المعروفة وهذا كله فرض كفاية إذا أقامه واحد منهم من أهل البلد أو من الجماعة في السفر سقط عن الباقين لكن لو تركوه ولم يفعلوا أثموا كلهم والصلاة صحيحة.(6/334)
131 - حكم إطلاق كلمة الأذان على الإقامة
س: الإقامة هل تعتبر أذانا (1) ؟
ج: نعم تسمى أذانا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة (2) » والأفضل أن يجيبوا المقيم كالمؤذن يكبرون معه، يتشهدون معه، وإذا قال: حي على الصلاة، يقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 35.
(2) سبق تخريجه.(6/334)
قال: قد قامت الصلاة، يقولون: قد قامت الصلاة، مثل المقيم: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ثم يأتي بعد هذا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة.
كالأذان سواء هذا هو الأفضل أما قول: أقامها الله وأدامها أو: اللهم أقمها وأدمها.
فهذا لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه حديث ضعيف لا يصح، والسنة أن يفعلوا بالإقامة مثل ما يفعلون بالأذان سواء بسواء إلا أن في الإقامة يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة.
مثل صلاة الفجر يقول: الصلاة خير من النوم.
يقول المتابع: الصلاة خير من النوم.
مثل المؤذن؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إذا أذن المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1) » وبعضهم في أذان الفجر عند قول المؤذن: الصلاة خير من النوم.
يقولون: حقا الصلاة خير من النوم.
وبعضهم يقول: صدق الله ورسوله.
وبعضهم يقول: صدقت وبررت.
والصواب أن يقولوا مثلما يقول المؤذن: الصلاة خير من النوم.
لا يزيد شيئا، هذا هو الأفضل عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2) »
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/335)
132 - حكم الصلاة بدون إقامة
س: هل تصح الصلاة بدون إقامة أم لا (1) ؟
ج: نعم تصح، ولكنه يأثم إذا ترك الإقامة لأنها فرض كفاية، فإذا تركها يأثم ولكن الصلاة صحيحة، وهكذا الأذان فرض كفاية فلو صلوا بدون أذان ولا إقامة صحت صلاتهم، لكن يأثمون؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالأذان والإقامة.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 219.(6/336)
133 - حكم الأذان والإقامة للمنفرد
س: إذا صلى الإنسان منفردا فهل عليه أن يؤذن ويقيم أم ليس عليه بواجب (1) ؟
ج: نعم، إذا صار في السفر مثلا أو في بلد ليس فيها أحد شرع له الأذان والإقامة، شرع له أن يؤذن ويقيم، أما الوجوب ففيه نظر لكن يشرع له أن يقيم وأن يؤذن، وهكذا في السفر ولو وحده يؤذن ويقيم.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 187.(6/336)
س: أصلي الفروض أحيانا كثيرة لوحدي نظرا لعدم وجود مسجد بالقرب مني ولكن هل يلزمني الأذان والإقامة لكل صلاة أم يجوز أن أصلي بدون أذان أو بدون إقامة (1) ؟
ج: السنة أن تؤذن وتقيم هذه السنة، أما الوجوب ففيه خلاف بين أهل العلم، ولكن الأولى بك والأحوط لك أن تؤذن وتقيم؛ لأنه مدعوم بالأدلة، ولكن يلزمك أن تصلي مع جماعة مهما أمكن إذا وجدت جماعة أو سمعت النداء في مسجد بقربك فعليك أن تجيب المؤذن، وأن تحضر مع الجماعة فإن لم تسمع النداء ولم يكن بقربك مسجد فالسنة أن تؤذن أنت وأن تقيم.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 48.(6/337)
س: إذا فاتتني صلاة الفجر ولم أستيقظ إلا في الثامنة صباحا فهل أؤذن وأقيم أم أصلي بدون أذان ولا إقامة، وما حكم الراتبة حينئذ؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: تصلي الراتبة ثم تصلي الفريضة وتقيم للفريضة ولا حاجة للأذان
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 289.(6/337)
في هذا، تكفي الإقامة، أما إذا كنتم جماعة مؤذنون ويقيمون مثل أناس في السفر ناموا فإنهم إذا استيقظوا يؤذنون ويقيمون كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو كنت في السفر أنت وحدك كذلك ونمت عن الفجر ولم تستيقظ إلا بعد الشمس أو قبل الشمس تؤذن وتقيم وتصلي الراتبة أما في الحضر بين الناس فالأقرب - والله أعلم - يكفيك الإقامة إن شاء الله، ولا حاجة للأذان؛ لأن الحضر قد أذنوا، المساجد قد أذنوا صلوها في وقتها فأنت تقيم فقط، وهذا يكفي إن شاء الله في الحضر تقيم الصلاة بعد ما تصلي الراتبة تقيم وتصلي الفريضة ولعل هذا يكفي إن شاء الله عن الأذان، ولو أذنت أذانا لا يسمع من الخارج أذانا لا يشوش على الناس ولا يستنكر في محلك فلا أعلم فيه بأسا كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لما نام عن الصلاة في السفر، أمر بالأذان وبالإقامة وصلى الراتبة، وصلى الفريضة، لكن في الحضر وبين الناس لا، لعله يكفي الإقامة إن شاء الله؛ لأن المساجد قد أذن أهلها وصلوا الصلاة في وقتها والحمد لله.(6/338)
134 – حكم صلاة من نسي الأذان والإقامة
س: لو نسي الرجل الأذان أو الإقامة فما الحكم (1) ؟
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 21.(6/338)
ج: لو نسي فلا يضر حتى لو تركها عمدا صلاته صحيحة، لكنه يأثم إذا تركه في الجماعة إذا كانوا اثنين أو ثلاثة ولم يؤذنوا في السفر أو في القرية التي ما فيها إلا هم في مسجدهم، ولم يؤذنوا أثموا وهكذا إذا لم يقيموا لكن الصلاة صحيحة؛ لأن هذا الواجب خارج الصلاة لا يبطلها وليس في داخلها بل هو خارج منها فإذا ترك المسلم الأذان وترك الإقامة فالصلاة صحيحة لكنه قد يأثم إذا كان في جماعة تركوا الأذان يأثمون جميعا، أما إذا كان واحدا ففي تأثيمه نظر إذا كان في السفر واحد لحاله كونه يؤذن ويقيم هذا هو السنة، لكن لو ترك ذلك هل يأثم أو لا يأثم محل نظر، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لمالك بن الحويرث وصاحبه: «إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما (1) » وفي لفظ: «فليؤذن أحدكما (2) » الحاصل أن الأذان مطلوب من الجميع، حتى من الاثنين، والواحد كذلك مطلوب منه الأذان؛ لأنه شعيرة معروفة للصلاة ومعروفة في حق الرجال، فلا ينبغي تركه حتى للواحد في السفر أو في القرية إذا
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب اثنان فما فوقهما جماعة، برقم (658) ، مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (674) .
(2) أخرجه النسائي في كتاب الأذان، باب إقامة كل واحد لنفسه برقم (669) .(6/339)
كان ما فيها إلا هو، يستحب له أن يؤذن ويقيم، أما إذا كانا اثنين فأكثر وجب الأذان والإقامة، يؤذن واحد منهما ويقيم أحدهما، المؤذن أو غيره.(6/340)
س: السائل: ح. ص، يقول: ما حكم من نسي إقامة الصلاة ولم يذكر إلا بعد قطع التكبيرة، هل يكمل الصلاة أم ماذا يفعل؟ وما حكم الصلاة التي صلاها بدون إقامة؟ وجهونا سماحة الشيخ (1)
ج: لا حرج عليه في ذلك تسقط الإقامة - والحمد لله - لأنها فرض كفاية، فإذا لم يقم الصلاة فلا حرج عليه، وصلاته صحيحة، ولا ينقضها لأجل الإقامة، بل يستمر ويكملها، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 408.(6/340)
135 – حكم من نسي قول "الصلاة خير من النوم" في أذان الفجر
س: يقول هذا السائل: أنا في بعض المرات أنسى في أذان الفجر قول: الصلاة خير من النوم.
وأذكر بعد أن أنتهي من الأذان، ماذا علي في ذلك (1) ؟
ج: قول: الصلاة خير من النوم.
في أذان الفجر، فإذا ذكرتها قريبا فأت
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 408.(6/340)
بها ثم أعد: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.
وإذا أعدت الأذان كله فهو طيب وحسن؛ لأنها سنة مهمة، يعرف بها أذان الفجر، وطلوع الفجر، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تجعل في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم.(6/341)
136 – الأفضل أن يقيم من أذن
س: يوجد عندنا من يقول: الذي يؤذن هو الذي يقيم الصلاة، وتوجد عندنا ظاهرة قراءة آية الكرسي قبل التسبيح الذي بعد الصلاة، ما رأيكم في هذا (1) ؟
ج: الأفضل أنه يتولى الإقامة من يتولى الأذان هذا هو الأفضل ولو أقام غيره فلا حرج، ولكن الأفضل أن المؤذن هو الذي يقيم كما كان بلال يؤذن ويقيم رضي الله عنه، لكن لو أقام غيره بأن شغل المؤذن أو سمح بأن يقيم غيره فلا بأس بذلك، وكذلك ظاهرة قراءة آية الكرسي قبل التسبيح لا حرج في ذلك، الرسول صلى الله عليه وسلم ندب إلى قراءة آية الكرسي بعد الصلاة، فإن قرأها قبل الذكر فلا بأس لكن الأفضل أن
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم 119.(6/341)
تكون بعد الذكر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر الله بعد السلام، فالأفضل أن يبدأ بالذكر ثم يأتي بها سرا بعد الأذكار هذا هو الأفضل، ويقرؤها سرا بينه وبين نفسه لا جماعيا يقرؤها الإنسان بعد السلام وبعد الذكر سرا بينه وبين نفسه، ولا يقرؤها جماعيا مع الناس، لا يجوز قراءتها جماعيا، فهو بدعة، لكن تقرأ بينه وبين نفسه بعد الأذكار، وكذلك قراءة: قل هو الله أحد والمعوذتين يقرؤها بينه وبين نفسه بعد كل صلاة وبعد الفجر ثلاثا وبعد المغرب ثلاثا أما بعد الظهر والعصر والعشاء فمرة واحدة بينه وبين نفسه.(6/342)
137 - بيان جواز أن يأتي بلفظ الإقامة كالأذان
س: إننا نعيش في مؤسسة وكثير من العاملين فيها من الأتراك المسلمين جزاهم الله عنا خيرا، هؤلاء الأتراك مسلمون بمعنى الكلمة يحضوننا على الصلاة، ويؤذنون ويقيمون ويؤموننا في الصلاة، لكن المؤذن عندهم يقيم الصلاة كالأذان - أي إنه يأتي بالإقامة كالأذان بالضبط - فهل هذا جائز أم لا؟ وفقكم الله (1)
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 41.(6/342)
ج: لا حرج في ذلك؛ لأن الأذان جاء على نوعين: نوع بالتكبير في أوله أربع والشهادتين، الشهادة مرتين مرتين، والتكبير في آخره مرتين، والحيعلة كل واحدة مرتين، وجاءت الإقامة على نحوه في حديث أبي محذورة وجاء في حديث أنس في أذان بلال الإيتار في الإقامة، فمن أوتر الإقامة فهو أفضل على حديث بلال، وإقامة بلال: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.
هذا هو الأفضل كما جاء في أذان بلال وفيما رواه عبد الله بن زيد لما أري الأذان فمن أتى بالإقامة على شبه الأذان فلا بأس؛ لأن هذا جاء في حديث أبي محذورة: علمه الإقامة كما علمه الأذان عليه الصلاة والسلام فالأمر في هذا واسع من باب اختلاف التنوع، والأذان كذلك تنوع لأنه جاء فيه كما تقدم، وجاء فيه إعادة الشهادتين مرة أخرى يأتي بها بصوت خفي ليس بجهوري وليس برفيع جدا ثم يأتي برفع الصوت بذلك مرة أخرى بالشهادتين أرفع من اللفظ الأول، وهذا يسمى ترجيعا.(6/343)
138 – حكم التكلف واللحن في الأذان
س: يلاحظ أن كثيرا من المؤذنين يمططون الأذان، آمل التوجيه (1)
ج: ينبغي للمؤمن في أذانه أن يكون سمحا غير ممطط ولا متكلف، وهكذا في الإقامة، السنة في ذلك ألا يلحن فيه وأن يحفظه أيضا من اللحن، لا يلحن ولا يلحن، اللحن كونه يخل بالإعراب، كأن يقول: أشهد أن محمدا رسول الله - بفتح اللام - والمشروع أن يقول: أن محمدا رسول الله؛ لأن رسول الله خبر أن مرفوع، هذا إذا نصب يكون من اللحن، وإن كان لا يخل بالمعنى في الحقيقة؛ لأن مقصود المؤذن الإخبار بأنه رسول الله عليه الصلاة والسلام ولأن بعض أئمة اللغة ينصبون المعمولين، لكن هذا لحن عند جمهور أئمة اللغة وعند جمهور العرب، العرب ينصبون الاسم ويرفعون الخبر في أن، كذلك من اللحن أن يقول مثل: اهدنا الصراط المستقيم - يكسرها - هذا غلط بكسر المفعول، فالمفعول منصوب: الصراط، لكن لا يخل بالمعنى فلا يضر في الأذان أن يقول مثلا: حي على الصلاة، أو: حي على الفلاح.
لا يخل بالمعنى لكن ينبغي أن يكون فاهما عربيا لا يلحن في الأذان وأما التلحين وهو
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 76.(6/344)
تمطيطه كأنه يغني، هذا مكروه لا ينبغي.(6/345)
139 - حكم استقبال القبلة عند الأذان
س: هل يجب على المؤذن أن يكون مستقبلا للقبلة حين الأذان (1) ؟
ج: هو السنة، ولكن ليس هو واجبا، ولكن هو السنة.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 374.(6/345)
140 – حكم الأذان بغير وضوء
س: هل يصح الأذان بغير وضوء (1) ؟
ج: نعم الصحيح أنه لا بأس الأذان والإقامة جميعا ثم يتوضأ لكن الأفضل أن يؤذن على وضوء ويقيم على وضوء لكن لو أذن على غير وضوء ثم أقام على غير وضوء صح وإقامته صحيحة، والنقص عليه هو عندما يقوم ليتوضأ حيث يفوته كثير من فضل الصلاة والجماعة، ونصيحتي للمؤذنين - وهو السنة - أن يؤذنوا على وضوء وأن يقيموا على وضوء هذا هو السنة، جاء في حديث ضعيف: «لا يؤذن إلا متوضئ (2) »
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 352.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب كراهية الأذان بغير وضوء، برقم (200) .(6/345)
لكنه ضعيف.(6/346)
س: ما حكم من يؤذن للصلاة بدون وضوء (1) ؟
ج: الأذان ليس من شرطه الوضوء إذا أذن وهو على غير وضوء أجزأ حتى ولو كان على جنابة، الأذان ليس بقرآن، وإنما هو ذكر والنبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه والمسلم يذكر الله دائما حتى ولو كان على جنابة وحتى الحائض تذكر الله والنفساء تذكر الله والأذان من ذكر الله، فإذا أذن وهو على جنابة أو أذن وهو على غير وضوء فأذانه صحيح لكن الأفضل أن يكون على طهارة، أما حديث: «لا يؤذن إلا وهو متوضئ (2) » فهو حديث ضعيف، فالسنة والأفضل أن يكون حين الأذان على طهارة كاملة للحدثين هذا هو الأفضل ولكن لو أذن وهو على جنابة أو أذن وهو على غير طهارة من الحدث الأصغر فأذانه صحيح ولا حرج في ذلك.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 41.
(2) سبق تخريجه.(6/346)
141 – حكم الأذان بالنعال
س: هل الأذان والرجل لابس الحذاء مكروه أم حرام؟ نرجو الإفادة، ولكم من الله الشكر (1)
ج: الأذان والإنسان لابس نعليه ليس فيه بأس، لا مكروه ولا حرام، بل جائز ولا بأس به، يصلي في نعليه فكيف الأذان؟ الرسول عليه الصلاة والسلام صلى في نعليه، والأذان غير الصلاة، فإذا كانت قد جازت الصلاة في النعلين فالأذان من باب أولى، فالحاصل أنه لا حرج في ذلك.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 32.(6/347)
142 – حكم الإنابة في الأذان بدون أجرة
س: يقول السائل: أنا مؤذن، والآن أنبت ابني في الأذان، وأنا الذي أستلم الراتب، فهل يجوز هذا (1) ؟
ج: إذا كانت الجهات المسئولة التي أنت ترجع إليها ترضى بهذا فلا مانع من ذلك إن كان ولدك يصلح لذلك عدلا يقيم الأذان، فإذا كان ولدك يقيم الأذان ويصلح لهذا الأمر والجهة المسئولة التي وظفتك ترضى بذلك
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 244.(6/347)
فلا بأس.(6/348)
143 - حكم أخذ الأجرة على الأذان
س: أنا رجل أشغل وظيفة مؤذن بمسجد، ولي مرتب من الأوقاف، ويقال لي: إنك استلمت راتبا فليس لك أجر.
وأنا لا أرغب ذلك وإنما أرغب الأجر من الله أحسن من الراتب علما أني في حاجة إلى هذا الراتب حيث ليس لي أي دخل آخر، ولكن أفضل أجر الآخرة على أجر الدنيا (1) ؟
ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعثمان بن العاص رضي الله عنه لما سأله أن يكون إمام قومه، قال: «أنت إمامهم واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا (2) » فدل ذلك على أن المؤذن الذي يتبرع بالأذان يتطوع به يريد ما عند الله أنه أفضل وأولى من غيره، لكن ذكر العلماء أن الذي يعطى من بيت المال ما يعينه على ذلك لا
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 27.
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب أخذ الأجر على التأذين، برقم (531) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الأذان، باب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجرا، برقم (672) .(6/348)
حرج عليه في ذلك ولا بأس عليه؛ لأن بيت المال لمصالح المسلمين، وهكذا الأوقاف التي يوقفها المسلمون على المؤذنين والأئمة لا حرج عليهم إذا أخذوا منها ما يعينهم على هذا العمل الصالح فإذا أخذت أيها السائل من بيت المال المخصص للأوقاف ما يعينك فلا حرج عليك، ونرجو أن يكون لك الأجر كاملا لأنك تأخذ شيئا يعينك على هذا الواجب وعلى هذا العمل الصالح، وربما لو تركت ذلك لتركت هذا العمل لالتماس الرزق قد يتعطل العمل، فالحاصل أن المؤذن إذا دفع إليه ما يعينه على أداء الأذان لحاجته إليه فلا حرج عليه في ذلك؛ لأن الأذان يحبسه يحتاج إلى أوقات فإذا أخذ ما يعينه على ذلك فلا حرج عليه في ذلك لكن من وسع الله عليه وأحب أن يعمل من دون شيء من بيت المال فذلك أفضل وأكمل؛ لأنه حينئذ تكون قربته كاملة ليس فيها شيء من النقص بل عمل عمله لله، يعني كاملا ومن دون شائبة، أما من أخذ من بيت المال فلا حرج عليه؛ لأن بيت المال للمسلمين عامة ولا سيما المصالح كالأذان والإمامة وأشباه ذلك، وهكذا الأوقاف التي توقف على المؤذنين والأئمة هذه كلها من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب تسهيل الإمامة والأذان؛ لأنه ليس كل واحد يتفرغ لهذا الشيء فإذا أمنت حاجته كان هذا أدعى إلى أن يلتزم ويقوم بهذا الأمر العظيم الواجب، أما(6/349)
هذا الأجر الذي يساق اليوم للمؤذنين فالذي يظهر أنه غير داخل في الحديث السابق ذكره، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يؤاجر فيقول: لا أؤذن إلا بأجر.
يأخذ أجرا على ذلك - يعني مشارطة بينه وبين أهل المسجد أو بينه وبين بعض الناس الآخرين - فهذا هو الأقرب في ظاهر النص، أما المال الذي يعطاه من بيت المال كما يعطى لمدرس ويعطى الإمام ويعطى المجاهدون هو غير داخل في هذا إن شاء الله، لكن لا شك أن الذي يريد ألا يأخذ شيئا بالكلية وأن يتفرغ لهذا الشيء من جهة نفسه لأن الله قد أعطاه مالا ووسع عليه فهذا أكمل في الإخلاص.(6/350)
144 – حكم الأذان لغير الصلاة
س: هل يسن الأذان في غير الصلاة كالأذان في أذن المولود وعند الحريق وعند تزاحم الجيش وعند المصروع وعند الغضبان وغير ذلك؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: أصل الأذان للصلاة إعلام بالصلوات الخمس، هذا هو الأصل، والجمعة منها، ويشرع الأذان في أذن الصبي عند تسميته يوم السابع أو قبل
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 103.(6/350)
أو بعد في اليمنى والإقامة في اليسرى وإن سموه بدون ذلك فلا بأس ولكن الأفضل أن يؤذن في الأذن اليمنى ويقام في اليسرى، وهكذا الأذان عند رؤية غول أو شبح من الجن كما في الحديث: «إذا تغيلت الغيلان فبادورا بالأذان (1) » إذا رأى شيئا من الجن فإنه يؤذن فإن الأذان يطردها، وذكر الله يطردها والتكبير عند الحريق، لأنه ما ورد الأذان، وإنما ورد التكبير عند الحريق هذا هو الذي نعلم في هذا الأمر.
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده مسند جابر بن عبد الله، برقم (13865) .(6/351)
145 - حكم الأذان والإقامة للمرأة
س: هل يلزم المرأة أذان أو إقامة عند الصلاة (1) ؟
ج: الرجل عليه أن يؤذن ويقيم، هذا المشروع له أن يؤذن ويقيم ولو كان واحدا وهو فرض كفاية على الجماعة إذا قام به واحد منهم سقط عن الباقين، إذا أذن واحد وأقام كفى، أما الواحد فاختلف في وجوبه عليه، والذي ينبغي أن يفعل ذلك ولو أنه واحد يؤذن ويقيم أما المرأة فلا يشرع لها أذان ولا إقامة؛ لأن هذا من شأن الرجال للدعوة إلى حضور الجماعة
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 21.(6/351)
والعلم بالأوقات والمرأة تصلي في بيتها وليست بحاجة إلى هذا الشيء المقصود أن المرأة ليس عليها إقامة ولا أذان، ولا يشرع لها ذلك، تبدأ صلاتها بالتكبير الله أكبر تستفتح وتصلي كما يصلي الرجال لكنها لا يشرع لها أذان ولا إقامة لعدم الدليل على ذلك.(6/352)
س: قرأت كتابا تحت عنوان: السيدة عائشة رضي الله عنها، وفيه أن السيدة عائشة كانت تؤذن وتقيم الصلاة لنفسها أو لمن يصلي معها من النساء فهل على المرأة أن تؤذن وتقيم الصلاة لنفسها (1) ؟
ج: المشروع أن الأذان يكون للرجال وهكذا الإقامة؛ لأن الأذان دعوة إلى حضور الصلاة وإعلام بالوقت فهو يكفي للنساء؛ لأنهن علمن بالوقت بالأذان فليس هناك حاجة إلى أن يؤذن والإقامة إنما تشرع للحاضرين حتى يعلموا حضور الصلاة وإقامتها، والنساء صلاتهن في البيوت ولسن في حاجة إلى ذلك فالمشروع هو أن تصلي بدون أذان وإقامة، أما ما يروى عن عائشة فلا نعلم صحته، لا نعلم أنه يصح عن عائشة ولا غيرها في هذا شيء من جهة الأذان والإقامة من ادعى ذلك فعليه الدليل،
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 212.(6/352)
والأصل عدم ذلك وإنما شرع الله الأذان والإقامة للرجال.(6/353)
س: السائلة أ. س، من جدة تقول: هل يشرع للنساء أذان وإقامة سواء كن في الحضر أو في السفر أو البرية (1) ؟
ج: لا يشرع لهن أذان ولا إقامة، هذا من خصائص الرجال، الأذان والإقامة من خصائص الرجال تصلي بدون أذان وبدون إقامة، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 412.(6/353)
س: هل يشرع للمرأة الأذان، وهل تشرع لها الإقامة؟ وضحوا لنا ذلك جزاكم الله خيرا (1)
ج: الأذان والإقامة من خصائص الرجال أما المرأة فهي تصلي بدون أذان ولا إقامة، ولم يرد في الشرع أنها تؤذن ولا تقيم، وإنما هذا للرجال فقط.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 250.(6/353)
س: ما حكم الأذان والإقامة للنساء (1) ؟
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 322.(6/353)
ج: غير مشروعة، لا يشرع للنساء لا الأذان ولا الإقامة بل الأذان والإقامة مما يتعلق بالرجال، فالمرأة تصلي بدون أذان ولا إقامة، هذا هو المشروع.(6/354)
س: هل على المرأة المسلمة أذان وإقامة عند الصلاة، وما حكم صلاتها لو فعلت ذلك (1) ؟
ج: ليس على النساء أذان ولا إقامة، لأن هذا للرجال، فالسنة أن تصلي بلا أذان ولا إقامة، فلو صلت بأذان وإقامة أساءت، وفعلت أمرا غير مشروع، وصلاتها صحيحة.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 15.(6/354)
س: هل على المرأة أذان وإقامة حين تريد الشروع في الصلاة أم تكفيها الإقامة بنفسها أو الإقامة في المسجد المجاور (1) ؟
ج: ليس على المرأة أذان ولا إقامة إنما هذا من خصائص الرجال، أما المرأة فتصلي بدون أذان ولا إقامة والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 301.(6/354)
س: هذا السائل السوداني ويقيم ويعمل بالمملكة يقول: بالنسبة(6/354)
لصلاة المرأة هل تقيم الصلاة أم تكبر وتصلي الأوقات المكتوبة عليها؟
ج: المرأة ليس عليها أذان، ولا إقامة، ولا يشرع لها أذان ولا إقامة، تصلي بدون أذان ولا إقامة، والأذان والإقامة من شأن الرجال أما المرأة فتصلي بدون أذان ولا إقامة، تبدأ بالتكبير والنية القلبية.(6/355)
س: عندما تصلي المرأة في بيتها هل تؤذن وتقيم للصلاة سرا أم جهرا؟ وهل يصح للرجل أن يصلي مع زوجته؟ إذا كان ذلك جائزا فأين تقف، خلفه أم عن يمينه؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: النساء ليس عليهن أذان ولا إقامة، الأذان والإقامة من اختصاص الرجال، تصلي بلا أذان ولا إقامة، وإذا صلى هو وامرأته في الليل صلاة الليل أو كان مريضا وصلى هو وإياها فلا بأس، وإلا فهو يجب عليه أن يصلي مع الجماعة في المساجد لكن إذا كان في صلاة الليل أو مريضا لا يستطيع الصلاة في المسجد وصلوا جماعة فلا بأس، لكن تكون خلفه، ما تكون عن يمينه ولا عن شماله يكون موقفها خلفه في الفريضة أو النافلة.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 353.(6/355)
س: يسأل عن المرأة والأذان والإقامة، هل لها أن تؤذن وتقيم في بيتها كالرجل أم تصلي كحال النساء (1) ؟
ج: الأذان والإقامة للرجال أما المرأة فتصلي بدون أذان ولا إقامة، وإن صلت مع الناس فلا بأس إذا خرجت متحجبة متسترة وصلت مع الناس فلا بأس، لكن بيتها خير لها وأفضل ولا يشرع لها أذان ولا إقامة.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 327.(6/356)
س: رسالة من إحدى الأخوات من ليبيا تقول: أختكم في الله أ. ب. أ، إن أمي تقيم للصلاة، فأخبرتها أن ذلك ليس واجبا عليها لكنها تجاهلت، فهل عليها شيء؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: ليس عليها شيء لكن تخبر أنه غير مشروع لها الإقامة، الإقامة تشرع في حق الرجال، الأذان والإقامة للرجال أما هي فغير مشروع لها ذلك، ونخشى عليها من الإثم وأن تكون أتت ببدعة، فالمقصود أن الذي ينبغي لها ترك الإقامة.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 320.(6/356)
146 - حكم ترديد الأذان خلف عدد من المؤذنين
س: إذا سمع السامع الأذان أكثر من مرة لفرض واحد فهل يردد ما يقول المؤذنون أم يكتفي بالترديد خلف مؤذن واحد (1) ؟
ج: السنة أن يجيب الجميع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2) » فهذا عام يعم جميع المؤذنين، فيقول مثل قوله إلا عند الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وإذا ختم الأذان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
رواه البخاري في الصحيح لكن بغير زيادة: إنك لا تخلف الميعاد.
أما هذه الزيادة فرواها البيهقي بإسناد حسن.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 177.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/357)
147 – بيان ما يقال عند قول المؤذن: "الصلاة خير من النوم"
س: إذا قال المؤذن: الصلاة خير من النوم. فماذا نقول (1) ؟
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 302.(6/357)
ج: السنة أن تقول مثل المؤذن: الصلاة خير من النوم.
وهكذا لو قال المؤذن: قد قامت الصلاة - في الإقامة - تقول مثله: قد قامت الصلاة.(6/358)
س: ماذا عن أذان الفجر ولا سيما عند جملة: الصلاة خير من النوم (1) ؟
ج: سبق الذي قلنا عند الأذان وهكذا الإقامة، الإقامة تجاب أيضا لأنها أذان، أما في الفجر فيقول عند: الصلاة خير من النوم.
مثلها: الصلاة خير من النوم.
مثل المؤذن في صلاة الفجر يقول: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم.
مثل المؤذن.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 354.(6/358)
س: يسال السائل ويقول: هل ورد عندما يقول المؤذن: الصلاة خير من النوم. صدقت وبررت وبالحق نطقت (1) ؟
ج: هذا يقوله بعض الفقهاء والصواب أنه يقول مثله: الصلاة خير من النوم.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2) » هذا يعم كلمة: الصلاة خير من النوم.
ولا يقول: صدقت وبررت.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 409.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/358)
ولا غير هذا بل يقول: الصلاة خير من النوم.
عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1) » هذا هو المشروع، إلا الحيعلة فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
عند قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح.
يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك عند الحيعلة، كما رواه مسلم من حديث عمر رضي الله عنه.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/359)
148 – حكم قول: "أقامها الله وأدامها" عند إقامة الصلاة
س: بعض الناس عند إقامة الصلاة يقول: أقامها الله وأدامها، هل ورد ذلك (1) ؟
ج: هذا ورد في حديث ضعيف والصواب أن يقول مثله: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة.
لقوله صلى الله عيه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2) » والإقامة أذان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 409.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/359)
«بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (1) » فسمى الإقامة أذانا فيقول إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة.
يقول مثله: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة.
هذا هو الصواب، أما حديث: «أقامها الله وأدامها (2) » فهو حديث ضعيف عند أهل العلم.
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) سبق تخريجه.(6/360)
149 – حكم البيع عند الأذان
س: ما حكم الاستماع للأذان، وما حكم البيع حين الأذان (1) ؟
ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2) » السنة أن يستمع للأذان يستمع ويقول مثل قوله إلا في الحيعلة، يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وإذا أذن المؤذن ينبغي له أن يبادر بالصلاة يتوضأ ويذهب إلى المسجد، وإذا كان في الجمعة وجب عليه ذلك؛ لقوله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (3) ،
__________
(1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم 382.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .
(3) سورة الجمعة الآية 9(6/360)
هذا واجب، وفي غير الجمعة كذلك يشرع له في غير الجمعة إذا سمع الأذان أن يدع البيع ويشتغل بالوضوء إن كان ما هو على وضوء حتى يتوجه للمسجد يصلي مع المسلمين، وإذا كان الذي بين الأذان والإقامة لا يتسع إلا لذهابه وجب عليه ذلك وجوبا أما إذا كان فيه سعة فلا مانع أن يكمل ما في يده، إن كان في يده سلعة وباعها لا حرج، ثم يبادر إلى الصلاة.(6/361)
150 – حكم الاستماع إلى القرآن والمؤذن يؤذن
س: السائل أ. م.، يقول: إذا كان المؤذن يؤذن وأنت تسمع للقران، هل يطفأ المسجل والقرآن يتلى (1) ؟
ج: نعم إذا سمعت الأذان تمسك عن القراءة وتقفل المسجل، وتجيب المؤذن؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2) »
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 405.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/361)
ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الآخر: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد حلت له شفاعتي يوم القيامة (1) » أخرجه البخاري في صحيحه.
وفي حديث عمر رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن العبد إذا سمع الأذان وقال مثل قوله كلمة كلمة، وقال عند الحيعلة: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر.
مثل المؤذن ثم قال: لا إله إلا الله.
مثل المؤذن من قلبه دخل الجنة.
هذا فضل عظيم والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2) » هذا أمر، وهو يدل على السنة المؤكدة، فإذا كان يقرأ يمسك، وإذا كان يسمع المسجل يمسك يقفل المسجل حتى يجيب المؤذن هذا هو السنة.
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/362)
س: السائلة من السودان تقول: إذا كنت أستمع إلى تلاوة قرآنية وكان المؤذن يؤذن هل أستمع إلى التلاوة أم أردد مع(6/362)
المؤذن (1) ؟
ج: السنة إيقاف القراءة وإجابة المؤذن، ثم بعد ذلك يقرأ القارئ فالذي يقرأ إذا سمع الأذان يقف فإن كانت تسمع القرآن من إذاعة تغلق الإذاعة وتسمع المؤذن، حتى إذا فرغ المؤذن عادت إلى السماع من الإذاعة أو المسجل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2) » فإن كان القارئ موجودا سكت حتى يجيب المؤذن وإن كانت تسمع من الراديو قفلت الراديو حتى تستمع للأذان ثم تكمل استماع القرآن.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 388.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/363)
151 – حكم الكلام أثناء الأذان
س: الأخت: أ. ع، من الرياض تسأل وتقول: هل يجوز الكلام أثناء الأذان أو بعد الأذان (1) ؟
ج: نعم يجوز الكلام في الأذان وبعد الأذان، لا بأس، لكن السنة
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 254.(6/363)
الإنصات للمؤذن وإجابته، وإذا تكلم مع ذلك في حاجة من الحاجات فلا حرج في ذلك، يجيب المؤذن وإذا رد السلام أو شمت عاطسا أو طلب حاجة فلا حرج في ذلك.(6/364)
س: رجل أذن، وأثناء الأذان قام يخاطبه رجل آخر ففصل بين الأذان، فما حكم ذلك (1) ؟
ج: إذا كان شيئا يسيرا يعفى عنه ويتمم الأذان.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم 425.(6/364)
152 - حكم تحية المسجد أثناء الأذان
س: إذا دخلت المسجد والمؤذن يؤذن فهل أشرع في تحية المسجد أم أتابع المؤذن حتى ينتهي ثم أصلي؟ وإذا كنت أقرأ القرآن والمؤذن يؤذن هل أقف عن القراءة لأتابع المؤذن أم كيف؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: نعم الأفضل لك أن تتابع المؤذن إن كنت تقرأ تمسك وإن كنت دخلت والمؤذن يؤذن تقف حتى تكمل الإجابة، ثم تصلي تجمع بين
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 213.(6/364)
المصلحتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1) » متفق على صحته.
وهذا يعم القارئ ويعم غير القارئ إذا دخلت والمؤذن يؤذن فإنك تجيب أذانه في يوم الجمعة وفي غير يوم الجمعة، تجيب الأذان ثم تصلي ركعتين ثم تنصت للخطيب إذا كان يوم الجمعة، الحاصل أنك إذا دخلت المسجد والمؤذن يؤذن فالمشروع لك أن تجيب المؤذن ثم تصلي تحية المسجد وهكذا إذا كنت تقرأ القرآن أو تتحدث مع غيرك تنصت حتى تجيب المؤذن، ثم تعود إلى القراءة أو الحديث مع غيرك عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2) » هذا عمل عظيم وفائدة كبيرة.
وفي صحيح البخاري رحمه الله عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة،
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/365)
والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (1) » هذا خير عظيم وفضل كبير فلا ينبغي للمؤمن أن يضيع هذا الخير العظيم.
__________
(1) سبق تخريجه.(6/366)
س: إذا دخل الإنسان المسجد والمؤذن يؤذن، هل يمكث حتى يؤذن المؤذن ويصلي تحية المسجد أم يصليها والمؤذن يؤذن (1) ؟
ج: الأفضل أنه يقف حتى يكمل الأذان يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2) » وهذا أمر وأقل أحواله التأكد والسنية، لأنه صلى الله عليه وسلم إذا سمع الأذان أجاب المؤذن كلمة كلمة إلا في الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وجاء في حديث عمر رضي الله عنه أن العبد إذا أجاب المؤذن في كلماته إلا في الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ثم يكبر ثم يقول مثله: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة.
وهذا فضل عظيم ما ينبغي له أن يفوته فإذا فرغ من إجابة المؤذن يصلي تحية المسجد هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 34.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/366)
حتى يجمع بين السنتين: سنة الإجابة للمؤذن، وسنة تحية المسجد.(6/367)
س: م. ع. ب.، إذا دخل المسلم إلى المسجد وعند وصوله إلى الصف شرع المؤذن في الأذان، فهل على المسلم أن يبدأ بأداء تحية المسجد أم ينتظر واقفا حتى يفرغ المؤذن حتى يتابعه ويحصل على فضل المتابعة وخاصة الأذان الأول من يوم الجمعة حيث سوف يؤدي تحية المسجد أثناء خطبة الإمام، وقد يفوته بعض الخطبة؟ نرجو إفادتنا لأن كثيرا من الناس يتشككون عند هذه المسألة (1)
ج: الأفضل لمن دخل المسجد وشرع المؤذن في الأذان أنه يقف حتى يجيب المؤذن، ثم يصلي تحية المسجد هذا هو الأفضل إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2) » هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، فالسنة لك أيها الداخل أن تقف وأن تجيب المؤذن، ثم تصلي ركعتين إذا تيسر ذلك، وإذا كان يشق عليك لأن المؤذن يطول، أو لأنك لا تتحمل الوقوف تبدأ بالركعتين ولا
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 7.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/367)
حرج - والحمد لله - ثم تجيب المؤذن بعد ذلك إذا أمكنك إذا انتهيت منها والمؤذن لا يزال يؤذن تجيب المؤذن - والحمد لله - أما أن تجلس فلا ينبغي لك الجلوس حتى تؤدي الركعتين، إما بعد الفراغ من الأذان حتى تجمع بين المصلحتين والفضيلتين وإما أن تبدأ بالركعتين وتترك الاستجابة للمؤذن ولا حرج عليك، وأن تجمع بين المصلحتين وتتحمل الوقوف حتى تجمع إجابة المؤذن وصلاة الركعتين فهذا هو الأفضل لك، وهو الأحسن إذا تيسر ذلك.(6/368)
س: يسأل السائل ويقول: إذا دخلت المسجد والمؤذن ينادي للصلاة هل أصلي ركعتين تحية للمسجد أم أنتظر حتى ينتهي المؤذن من الأذان (1) ؟
ج: الأفضل أن تجيب المؤذن، تنتظر تجيب المؤذن ثم تصلي ركعتين حتى تجمع بين الحسنيين وبين الفضيلتين، وبين الأمر المشروع، تبدأ بالأذان، تجيب المؤذن، ثم تصلي ركعتين.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم 431.(6/368)
153 - حكم متابعة الأذان وهو في الصلاة
س: إذا كنت أصلي وسمعت الأذان، هل أكمل صلاتي أم أعيدها أم أقف حتى انتهاء الأذان (1) ؟
ج: المصلي يستمر في صلاته ولا يجيب المؤذن لأن المصلي مشغول بالصلاة، إذا أذن المؤذن وأنت في الصلاة تكمل الصلاة ولا تجيب المؤذن وإذا كانت فريضة لا يصليها إلا بعد التحقق من دخول الوقت، إذا كان في البيت مريض مثلا أو كان له مانع من الصلاة مع المسلمين في المساجد من خوف أو مرض فإنه يصلي بعد دخول الوقت ولو بعد ما أذن؛ لأن بعض المؤذنين يؤخر الأذان ويفوت بعض الوقت، فإذا تحقق أن الوقت دخل ساغ له أن يصلي فريضة، وإن كان لم يسمع أذانا كالذي في بيت بعيد عن المؤذنين، أو يكون خائفا أو مسافرا لا يسمع الأذان إذا تحقق من الوقت صلى لكن المسافر يسن له أن يؤذن قبل الصلاة إذا تحقق الوقت يؤذن ثم يقيم ويصلي لكن لو كان في البلد ليس له أن يصلي إلا بعد دخول الوقت، وإذا دخل الوقت وعلمه جاز له أن يصلي ولو لم يسمع الأذان.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم 35.(6/369)
س: إذا سمعت الأذان وأنا في صلاة هل أردد مع المؤذن (1) ؟
ج: إذا سمعت الأذان وأنت في صلاة فلا تجيبيه لأنك مشغولة بالصلاة وإنما يجيب المؤذن من كان خارج الصلاة.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 286.(6/370)
154 – حكم متابعة المؤذن أثناء قضاء الحاجة
س: يقول السائل: إذا كنت في دورة المياه وسمعت المؤذن، هل أقول كما يقول مع العلم أن ذلك في السر، وإذا كنت أذكر الله في سري في دورة المياه هل هذا ممنوع (1) ؟
ج: لا يشرع لك ذلك في دورة المياه، ولكن في قلبك لا بأس من دون تلفظ والإنسان في قلبه يستحضر هذا الذكر العظيم لا بأس، وإن كان على حاجته يستذكر حاجات دينية؛ معاني القرآن، معاني الأحاديث لا حرج، إنما المكروه التلفظ.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 238.(6/370)
س: الأخ م. م، يقول: ماذا يجب على الشخص إذا كان في الخلاء وسمع الأذان، هل يردد في قلبه ثم يدعو بعد انتهاء المؤذن(6/370)
دعاء: اللهم رب هذه الدعوة التامة (1) ؟
ج: في قضاء الحاجة لا يردد ولا يجيب المؤذن وإذا خرج من الخلاء من الغائط وأتى بالأذكار الشرعية فلا بأس.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 432.(6/371)
155 – بيان الدعاء الوارد بعد الأذان
س: كثير من الإخوان يسألون هذا السؤال وهو الدعاء الوارد بعد الأذان وهل هناك أدعية بعد أن يتم المؤذن أذانه (1) ؟
ج: النبي صلى الله عليه وسلم أوصى في ذلك قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2) » هذا السنة، وقال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 428.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/371)
المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (1) » فينبغي للمؤمن إذا سمع النداء أن يجيب المؤذن مثله: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله.
كذلك: حي على الصلاة، لا حول ولا قوة إلا بالله، حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله.
الصلاة خير من النوم، يقول مثلها: الصلاة خير من النوم.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.
مثله سواء بسواء، وهكذا في: قد قامت الصلاة.
يقول مثله: قد قامت الصلاة.
في الإقامة، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته.
زاد البيهقي في إسناد زيادة: إنك لا تخلف الميعاد.
وفي لفظ: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، هذا أفضل ما ورد أكمل ما ورد.
وإن قال: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى
__________
(1) سبق تخريجه.(6/372)
أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
هو صحيح ثابت عن النبي أيضا هذا فإذا صلى على النبي بأي نوع من الصفات الواردة فقد فعل السنة، ولو قال: اللهم صل على نبيا محمد - فقط - اللهم رب هذه الدعوة التامة.
فلا بأس لكن إذا كملها فهو أفضل.
س: يقول: ما هو الدعاء الثابت في السنة بعد الأذان يا سماحة الشيخ؟
ج: يجيب المؤذن، وبعد الأذان يصلي على النبي يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد إلى آخره.
ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
هذا المشروع ويقول: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، عند الشهادتين مع إجابة المؤذن للشهادتين بقولهما.(6/373)
156 - مسألة في الأدعية التي تقال بعد الأذان
س: ما هي الأدعية التي تقال بعد الأذان وبعد الصلاة (1) ؟
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 354.(6/373)
ج: بعد الأذان أولا يجيب المؤذن مثل قوله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (1) » فالمشروع للمؤمن والمؤمنة عند سماع الأذان أن يقول مثل قوله: الله أكبر.
يقول: الله أكبر.
أشهد أن لا إله إلا الله.
يقول: أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
يقول مثله: أشهد أن محمدا رسول الله.
عند الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
إذا قال: حي على الصلاة.
يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وعند: حي على الفلاح.
يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم يقول: الله أكبر الله أكبر.
عند قوله: الله أكبر.
ثم يقول: لا إله إلا الله.
عند ختام الأذان مثل المؤذن، ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وإن اختصر وقال: اللهم صل وسلم على رسول الله.
فأرجو أن هذا
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/374)
يكفي ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته.
هكذا رواه البخاري في الصحيح زاد البيهقي: إنك لا تخلف الميعاد.
هذا الذكر الشرعي بعد الأذان، يقول مثل قول المؤذن إلا في الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وبعد الفراغ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة - يعني نبينا - والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
ويقول عند الشهادتين: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا عند قول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله.
يأتي بالشهادتين ويقول معها: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا.
لأنه ورد في الصحيح من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال «من قال حين يجيب المؤذن عند الشهادة: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا غفر له ذنبه (1) » .
يعني عند الشهادتين عند قول: أشهد أن لا إله إلا الله.
__________
(1) صحيح مسلم الصلاة (386) ، سنن الترمذي الصلاة (210) ، سنن النسائي الأذان (679) ، سنن أبي داود الصلاة (525) ، سنن ابن ماجه الأذان والسنة فيه (721) ، مسند أحمد (1/181) .(6/375)
157 – بيان معنى: "آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته"
س: بعض الناس يأتون مبكرين إلى المسجد، فإذا أذن المؤذن أخذنا نتابعه، ثم إننا نسمع كثيرا من الجماعة من يقول بعد أن يفرغ المؤذن من أذانه: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته في الجنة.
هل ذلك صحيح أم لا (1) ؟
ج: المحفوظ عن النبي عليه الصلاة والسلام ما فيه ذكر الجنة، يقول عليه الصلاة والسلام: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (2) » هذا رواه البخاري في الصحيح عن جابر رضي الله عنه زاد البيهقي في آخره: «إنك لا تخلف الميعاد (3) » وهي زيادة لا بأس بها أما زيادة الجنة فلا أصل لها
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 35.
(2) سبق تخريجه.
(3) سبق تخريجه.(6/376)
فيما نعلم وهذه الأمور توقيفية ليس لأحد أن يأتي بشيء من عنده مسألة جواب المؤذن وغيره من العبادات أمور توقيفية ليس للناس أن يزيدوا شيئا من عند أنفسهم، بل يكتفوا بما جاء في النص، ولا يزيدون عليه، هذا هو الواجب.
والوسيلة منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو.
عليه الصلاة والسلام فالداعي والمؤذن بعد الأذان يدعو بالدعاء كما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يزيد شيئا ولا ينقص شيئا، هذا هو السنة، أما مسألة الشفاعة فذلك هو المقام المحمود، الشفاعة العظمى، هذا هو المقام المحمود، الله أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم يشفع للناس حتى يقضى بينهم يوم القيامة بعدما يسجد عند ربه ويحمده ويثني عليه، ثم يؤذن له، فإذا أذن له بالشفاعة شفع عليه الصلاة والسلام حتى يقضى بينهم في الموقف العظيم، وهكذا يشفع لأهل الجنة بدخولهم الجنة؛ هاتان خاصتان للرسول عليه الصلاة والسلام، وأما هنا طلب الوسيلة للرسول عليه الصلاة والسلام، وهي منزلة رفيعة في الجنة لا تنبغي لغيره عليه الصلاة والسلام وقد وعده الله إياها، وعند ذكر إجابة المؤذن مناسب أن نذكر أنه يستحب أيضا عند الشهادتين أن تقول: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا.
إذا قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله.
يقول المستمع مثله ثم يقول عند(6/377)
ذلك: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا.
لأنه ورد في الحديث الصحيح عن سعد بن أبي وقاص في صحيح مسلم أن من قال ذلك غفر له ذنبه، فيستحب أن يقال هذا عند الشهادتين: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا.
عليه الصلاة والسلام كذلك يستحب أن يقول بعد الإقامة مثل ما يقول بعد الأذان؛ لأنها أذان، لأنه جاء في الحديث: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (1) » فالأذانان هما الأذان والإقامة، فالإقامة أذان ثان والأذان أذان أول، يستحب أن يقول بعد الإقامة مثل ما يقول في الأذان، وأما قول بعض الناس: أقامها الله وأدامها.
أو اللهم أقمها وأدمها.
عند قوله: قد قامت الصلاة.
فهذا لم يكن من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جاء في حديث ضعيف: أقامها الله وأدامها.
ولكن المستحب أن يقول: قد قامت الصلاة.
مثل المؤذن سواء وأما كلمة: أقامها الله وأدامها.
فلم تحفظ ولم تثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، فالأولى تركها، وأن يقول بدلها: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة.
مثل ما يقول المؤذن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
__________
(1) سبق تخريجه.(6/378)
«إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1) » فنحن نقول مثلما يقول المؤذن إلا في الحيعلة فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله؛ لأن هذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يقول ذلك، ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه في الحيعلة: حي على الصلاة، حي على الفلاح، يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
أما بقية الأذان فإنه يقول مثل ما يقول المؤذن وهكذا الإقامة.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/379)
158 – حكم ترديد الأذان مع المؤذن
س: إنني كنت وعندما أسمع أي أذان أدعو الله وأطلبه وأؤدي الصلوات الخمس تقريبا جماعة، وبعد صلاة الفرض كنت أدعو لمدة عشر دقائق، ثم كمل صلاة السنة، ولكن عندما فتحت المدرسة لم أستطع أن أستمر على ذلك، فقد كنت عند ما أسمع صوت الأذان منهمكا في حفظ أو قراءة ما ولا أقدر أن أترك ما في يدي، وأدعو الله، كما أنني بعد صلاة الفرض لم أكن أدعو بل أصلي صلاة السنة المباشرة، فهل أنا معاقب على(6/379)
ذلك أم لا (1) ؟
ج: السنة للمؤمن إذا سمع الأذان أن يجيب المؤذن، وأن يقول كما يقول المؤذن كما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام قال عليه الصلاة والسلام: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2) » فالسنة لك يا أخي ولغيرك ممن يسمع الأذان أن يجيب المؤذن بمثل قوله، فإذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر.
فليقل مثل ذلك، وإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله.
يقول مثله، وإذا قال: أشهد أن محمدا رسول الله.
يقول مثله، ويقول عند الشهادتين: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا عليه الصلاة والسلام.
وإذا قال المؤذن: حي على الصلاة حي على الفلاح.
يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله عند كل كلمة كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام فإذا قال: الله أكبر الله أكبر.
قال مثله، فإذا قال: لا إله إلا الله.
قال مثله قال النبي صلى
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 11.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/380)
الله عليه وسلم في مثل هذا إنه إذا قال هذه الكلمات من قلبه دخل الجنة.
هذا فضل عظيم، فينبغي لك أن لا تفرط في هذا الخير، من سمع النداء يقول مثل المؤذن سواء كان السامع رجلا أو امرأة، السنة للجميع إجابة المؤذن بمثل قوله إلا في الحيعلتين يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم بعد الفراغ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته.
هكذا جاء الحديث.
وفي حديث عمر رضي الله عنه عند مسلم أن من قالها دخل الجنة.
فهذا فضل عظيم في إجابة المؤذن، ويقول عند الشهادتين إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله.
يقول عند ذلك: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا عليه الصلاة والسلام.
جاء في الحديث في هذا المقام عن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مثل هذا: «من قال حين يسمع الشهادة: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا (1) » .
قال: غفر له ذنبه.
وهذا يدل على فضل هذه الكلمات عند إجابة المؤذن الشهادتين، يقول عند ذلك: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وأن هذا من أسباب المغفرة، أما الدعاء فيستحب الدعاء بين الأذان والإقامة.
جاء في الحديث أن الدعاء بين الأذان والإقامة لا
__________
(1) صحيح مسلم الصلاة (386) ، سنن الترمذي الصلاة (210) ، سنن النسائي الأذان (679) ، سنن أبي داود الصلاة (525) ، سنن ابن ماجه الأذان والسنة فيه (721) ، مسند أحمد (1/181) .(6/381)
يرد، فيدعو بما يحب، ولذا يستحب للمؤمن أن يكثر الدعاء بين الأذان والإقامة، وأنت يا أخي أيها السائل إذا سمعت الأذان فينبغي لك أن تهتم بالإجابة وأن تذهب بعد ذلك إلى المسجد وأن تدع شغلك الذي في يدك، تدع الشغل الذي بيدك إلى ما بعد الصلاة، تذهب إلى الصلاة وتصلي ما شرع الله لك بعد الأذان، وتستعد لأداء الفريضة، والصلاة قبل الفريضة سنة، فقد تكون راتبة مثل سنة الظهر أربع قبل الصلاة، وقد تكون نافلة ليست راتبة مثل أربع قبل العصر وثنتين قبل المغرب، وثنتين قبل العشاء هذه مستحبة وليست رواتب، ثم تصلي بعد الفرائض ثنتين بعد الظهر، وإن صليت أربعا فهو أفضل، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، هذه كلها رواتب تفعلها بعد الصلوات، وبعد الذكر؛ لأن بعض الناس إذا سلم قام يؤديها حالا هذا خلاف السنة، بل الأفضل والسنة أنه بعدما يسلم يقول: أستغفر الله - ثلاث مرات - ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
ثم يدعو الله يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت،(6/382)
ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يأتي بهذا الذكر بعد الصلوات الخمس هذه الأذكار ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يأتي بها أما الاستغفار ثلاثا و: اللهم أنت السلام.
إلى آخره، هذا ثابت من حديث ثوبان عند مسلم وأما الأذكار الأخرى التي سمعت فقد ثبتت، بعضها من حديث المغيرة في الصحيحين وبعضها من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه عند مسلم فينبغي للمصلي أن لا يدعها رجلا كان أو امرأة وأنا أعيدها، بعد الفرائض الخمس إذا سلم الإمام والمنفرد والمأموم إذا سلم يقول كل واحد: أستغفر الله - ثلاثا - اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
هذا يقوله الإمام والمأموم والمنفرد بعد السلام ثم ينصرف الإمام للناس بعد ذلك يعطيهم وجهه ثم يقول كل واحد بعد ذلك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
ومعنى ذلك: لا ينفع ذا الغناء والحظ منك غناؤه وحظه، بل الكل فقراء إلى الله سبحانه وتعالى كلهم فقراء إلى الله، فلا مانع لما(6/383)
أعطى الله ولا معطي لما منع الله، ولا ينفع ذا الغنى غناؤه بل الكل فقراء إلى الله عز وجل، ثم بعد هذا يسبح الله ثلاثا وثلاثين ويحمد الله ثلاثا وثلاثين ويكبر الله ثلاثا وثلاثين سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كل هذا مستحب قبل أن يأتي بالدعوات التي أشار لها السائل، ثم يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1) هذا أفضل، إلى قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (2) هذه آية الكرسي، ثم يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) والمعوذتين بعد كل صلاة، الظهر والعصر والمغرب والعشاء، هذا أفضل، وفي المغرب يكررها ثلاثا: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (4) والمعوذتين يكررها ثلاثا، المغرب والفجر يكرر: قل هو الله أحد، والمعوذتين ثلاث مرات، هذا هو الأفضل، وإن قام ولم يأت بهذا فلا حرج عليه لكن هذا هو الأفضل وإن دعا بعد هذا دعا بينه وبين ربه خاصة من دون رفع يدين بينه وبين ربه من دون رفع
__________
(1) سورة البقرة الآية 255
(2) سورة البقرة الآية 255
(3) سورة الإخلاص الآية 1
(4) سورة الإخلاص الآية 1(6/384)
يدين سرا بينه وبين الله فلا بأس إذا دعا بعد هذا الذكر أما إنه من حين يسلم يدعو أو يرفع يديه فهذا لا أصل له، ولكن من حين يسلم يشتغل بالذكر الشرعي فإذا دعا بعد ذلك بينه وبين نفسه بينه وبين ربه من دون رفع يدين فلا بأس بذلك ولا حرج في ذلك، وإن ترك هذا وقام ولم يجلس للدعاء ولم يأت بالذكر جاز ذلك، لكن ترك الأفضل، السنة أن يأتي بهذه الأذكار بعد كل فريضة تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، وهذه مهمة ينبغي للمؤمن أن يلاحظها أنا شاهدت بعض الناس ولا سيما في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم نهض في الحال يصلي الراتبة، وهذا خلاف السنة بل السنة أن يبقى يذكر الله ويأتي بهذه الأذكار ثم بعد هذا يقوم فيأتي بالسنة بعد ذلك، لا يعجل بل ينبغي أن يفهم هذا جيدا وينبغي لكل من سمع هذا الدرس أن يبلغه غيره أرجو من إخواني السامعين لهذا الدرس أن يبلغ كل واحد غيره هذه الفائدة؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب التواصي بالحق والصبر عليه، ومن باب الدعوة إلى الله عز وجل، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.(6/385)
159 - حكم الدعاء بين الأذان والإقامة
س: هل هناك دعاء بين الإقامة والأذان (1) ؟
ج: لا نعلم شيئا في ذلك واردا فإذا دعا بشيء فلا حرج لكن ليس هناك شيء مسنون، فإذا دعا بشيء فلا حرج عليه، ويعتبر من السنن التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 328.(6/386)
160 - حكم الدعاء المأثور بعد الأذان للمؤذن
س: أنا مؤذن، هل يلزمني بعد الأذان الدعاء المأثور أم أنه لا يجب على المؤذن (1) ؟
ج: الدعاء ليس بواجب، بل هو سنة للمؤذن وغير المؤذن، الدعاء سنة، فهو مستحب وليس واجبا للمؤذن بعد فراغه من الأذان ولغيره، فالمؤذن بعد الفراغ يقول: اللهم صل وسلم على رسول الله.
أو: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.
ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم 311.(6/386)
إنك لا تخلف الميعاد.
وهكذا كل مسلم سمع الأذان يقول هذا وهكذا كل مسلمة يستحب أن تقول هذا.
يعني من سمع الأذان من رجل أو امرأة يجيب المؤذن يقول مثل قول المؤذن إلا عند الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
عند: حي على الصلاة حي على الفلاح.
يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
أما البقية فيقولون مثله، إذا قال: الله أكبر.
يقول: الله أكبر.
وإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله.
يقول: أشهد أن لا إله إلا الله.
وهكذا ثم بعد الفرض يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (1) » رواه البخاري في صحيحه، زاد البيهقي في آخره: «إنك لا تخلف الميعاد (2) » بإسناد حسن.
وفي الحديث الآخر قال بعض الناس: يا رسول الله إن المؤذنين يقولونها. قال: «قل
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) سبق تخريجه.(6/387)
مثل قولهم، ثم اسأل تعط (1) » . وفي اللفظ الآخر: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، فأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2) » هذا فضل عظيم، فيستحب للمؤمن والمؤمنة إذا سمعا المؤذن أن يجيبا المؤذن بمثل قول المؤذن سواء بسواء إلا عند قول: حي على الصلاة، حي على الفلاح.
يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم بعد الفراغ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم صل وسلم على رسول الله.
أو: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أي نوع من أنواع الصلاة الإبراهيمية تكفي، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته.
والأفضل أن يزيد: إنك لا تخلف الميعاد.
هذا هو الأفضل، وهو سنة وليس بواجب.
__________
(1) الترمذي الدعوات (3443) ، أبو داود الجهاد (2600) ، ابن ماجه الجهاد (2816) ، أحمد (2/7) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/388)
161 – بيان فضل قراءة القرآن قبل الأذان وبعده
س: يا سماحة الشيخ، لو تكرمتم هل القراءة بين الأذان وبين الإقامة أو يستحسن أن تسبق الأذان (1) ؟
ج: كله خير كله طيب، إن قرأ بين الأذان والإقامة فلا بأس، وإن تحرى الدعاء وترك القراءة فلا بأس؛ لأن الدعاء بين الأذان والإقامة ترجى إجابته كما في الحديث: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد (2) » فإذا خص هذه الجلسة بالدعاء بين الأذان والإقامة دعوات جامعة هذا طيب، وترجى إجابته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد (3) » وإن اشتغل بالقراءة على وجه لا يؤذي من حوله من المصلين أو يقرأ قراءة هادئة لا يتأذى بها من حوله ولا يشوش على من حوله فكل ذلك حسن - والحمد لله - وإن بكر وقرأ قبل الأذان حصل له فضل السابقة والتبكير للصلاة، ويكون له أجر المسابقة وأجر التبكير ويحصل له مزيد
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 248.
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة، برقم (521) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة، برقم (521) .(6/389)
من الفضل في انتظار الصلاة وفي قراءة القرآن كل هذا له خير عظيم وفضل عظيم.(6/390)
162 - حكم قراءة بعض الآيات القرآنية قبل البدء بالأذان
س: لدينا مؤذن في المسجد كلما جاء ليؤذن وقتا من الأوقات بدأ بالآية الكريمة: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (1) فما حكم ذلك سماحة الشيخ (2) ؟
ج: هذا غير مشروع، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وإنما يبدأ الأذان بـ الله أكبر.
__________
(1) سورة فصلت الآية 33
(2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 358.(6/390)
س: هل يجوز للمؤذن أن يقرأ قبل الأذان بضع آيات من القرآن وعند انتهاء الأذان يأتي بالدعاء الذي بعد الأذان في مكبرات الصوت؟ وأيضا هل يجوز قراءة القرآن جهرا في مكبرات الصوت والقارئ لا يجيد القراءة والمسجد الذي يقرأ فيه هذا القارئ صغير (1) ؟
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 176.(6/390)
ج: لا حاجة إلى هذا إنما المشروع الأذان في آخر الليل فقط، أما أنه يقرأ هذا قد يشق على الناس وقد يوقظ النوام، فلا ينبغي هذا ولكن يؤذن الأذان الشرعي قبل الصبح بقليل للتنبيه إذا دعت الحاجة إلى ذلك وإن ترك الأذان الأول فلا بأس، ما هو بلازم، وإنما المهم الأذان الأخير على طلوع الفجر، هذا هو المهم، هذا هو الفرض فرض كفاية، وأما أنه ينبه الناس بالقراءة في المكبرات بدلا من الأذان أو قبل الأذان هذا غير مشروع إنما يقرأ بينه وبين نفسه في المسجد أو في بيته من دون أن يقرأ في المكبر لأن هذا قد يشق على الناس، ولم يفعله سلف الأمة.(6/391)
163 - حكم الصلاة على النبي
عليه الصلاة والسلام بعد الأذان عبر مكبر الصوت
س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان في مكبرات الصوت (1) ؟
ج: السنة بعد الأذان قفل المكبر إذا قال: لا إله إلا الله.
انتهى الأذان، يقفل المكبر وأن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصوت
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 290.(6/391)
العادي بعد ذلك من غير أن يكون في المكبر؛ لأن السنة أن المؤذن يجاب، يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1) » يعني يقول مثله: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله.
إلى آخره، إلا: عند حي على الصلاة.
يقول: لا حول ولا قوة إلا الله.
وعند: حي على الفلاح.
يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم يقول بعد هذا: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.
ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مؤذنا بعد قفل المكبر لا يصلي مع الأذان يصلي بعد انتهاء الأذان بقوله: لا إله إلا الله.
ويقفل المكبر ثم يصلي على النبي يصلي عليه بالصوت العادي الذي يسمعه من حوله ثم يكمل ويصلي على النبي ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
هكذا جاء في الحديث الصحيح أن السنة للمسلم أن يقول هذا بعد الأذان.
رواه البخاري في صحيحه لكن بغير زيادة: إنك لا تخلف الميعاد.
وهذه الزيادة رواها البيهقي بسند جيد، والمؤمن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم المؤذن والمستمع بعد الأذان بعد فراغ الأذان لكن
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/392)
المؤذن لا يقولها مع الأذان بل يقفل المكبر ثم يقولها بالصوت العادي.(6/393)
س: تقول السائلة: إن كثيرا من المؤذنين بعد قولهم: لا إله إلا الله في نهاية الأذان يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، فهل هذا بدعة (1) ؟
ج: إذا فرغ المؤذن من الأذان ينتهي إذا قال: لا إله إلا الله.
يقفل الميكرفون لا يزيد شيئا، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ عادي يسمعه من حوله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، فأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2) » فالصلاة على النبي ليست من ألفاظ الأذان، الأذان ينتهي عند: لا إله إلا الله.
والمجيب يقول: لا إله إلا الله.
ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لكن من دون رفع صوت زائد على العادة، بالصوت العادي، والمؤذن كذلك إذا فرغ يأتي بصوت عادي ليس بصوت الأذان، بل بعدما يسكت يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 273.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/393)
بصوت عادي، وإن كان في غير الميكرفون لا يرفع صوته بعد: لا إله إلا الله.
لئلا يظن هذا من الأذان، الأذان انتهى عند: لا إله إلا الله.
فالمجيب يقول: لا إله إلا الله.
والأفضل فقط، لا يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وإنما يقول فقط مثلما قال المؤذن، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1) » فإذا قال: لا إله إلا الله.
يتبعها بقوله: اللهم صل وسلم على رسول الله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته.
هكذا روى البخاري في الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (2) » زاد البيهقي رحمه الله بإسناد جيد: «إنك لا تخلف
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .
(2) سبق تخريجه.(6/394)
الميعاد (1) » فالمقصود أن هذا هو المشروع بعد الأذان للمؤذن والناس جميعا يقولون بعد الأذان إذا كملوا: لا إله إلا الله.
يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقولون بصوت عادي: اللهم رب هذه الدعوة التامة - يعني دعوة الأذان - والصلاة القائمة - يعني التي ستقوم قريبا - آت محمدا - يعني نبينا محمدا - الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
هذه الزيادة ثبتت من رواية البيهقي رحمه الله، وبعضهم يزيد: الدرجة الرفيعة.
وهذه ليست في الحديث، والدرجة الرفيعة هي الوسيلة، اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة.
الوسيلة والفضيلة هي الدرجة الرفيعة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله فأرجو أن أكون أنا هو (2) » اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد.
هذا يقال: بعد الأذان وبعد الإقامة أيضا.
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) سبق تخريجه.(6/395)
س: ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان (1) ؟
ج: الصلاة على النبي بعد الأذان سنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما قالوا له: يا رسول الله، إن المؤذنين يغبنوننا.
قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2) » رواه مسلم في الصحيح.
وفي صحيح البخاري رحمه الله عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (3) » هذا فضل عظيم، زاد البيهقي بإسناد صحيح: «فإنك لا تخلف الميعاد (4) » المقصود أن
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 222.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .
(3) سبق تخريجه.
(4) سبق تخريجه.(6/396)
الصلاة عليه في جميع الأوقات مستحبة فيها خير عظيم، قال الله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «رغم أنف امرئ ذكرت عنده ولم يصل علي (2) » صلى الله عليه وسلم، ويصلي عليه في آخر الصلاة بعد التشهد الأول وبعد التشهد الأخير، يقال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
في التشهد الأخير، وقد أوجب ذلك جمع من أهل العلم، وقال بعضهم: إن ذلك ركن، أما التشهد الأول فيستحب على الصحيح استحبابا، ثم يقوم إلى الثاني، المقصود أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة مشروعة بعد الأذان وفي التشهد الأول والتشهد الأخير، وبعد ذكره عليه الصلاة والسلام، وفي جميع الأوقات.
__________
(1) سورة الأحزاب الآية 56
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب قول رسول الله رغم أنف رجل، برقم (3545) .(6/397)
س: هل يجوز قول: وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وذلك بعد الانتهاء من الأذان (1) ؟
ج: السنة أن يصلي على النبي بعد الأذان اللهم صل على سيدنا.
أو: اللهم صل على محمد.
أو: على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه.
وان أتى بالصلاة المشروعة كاملة اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
هذا أكمل، ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا _ أو آت نبينا محمدا _ الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
هذا رواه البخاري في الصحيح دون قوله: إنك لا تخلف الميعاد.
لكن هذه الزيادة زادها البيهقي بإسناد صحيح.
وإن قال: على سيدنا.
فلا حرج، النبي كرهه لما خوطب به: أنت سيدنا.
والآن لا يخاطب بهذا، لأنه توفي عليه الصلاة والسلا م فلا عليه لو قال: على سيدنا محمد أو سيدنا محمد، لا حرج في ذلك هو سيد ولد
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 377.(6/398)
آدم، يقول صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر (1) » اللهم صل عليه وسلم، هو خير البرية عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق، برقم (2278) .(6/399)
164 – حكم الزيادة على الأذان بقول: "أشهد أن عليا ولي الله"
س: تسال الأخت وتقول: لدينا في بعض جوامع قطرنا عندما يؤذنون للصلاة يقولون: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، وأشهد أن عليا ولي الله حقا وحجة الله.
ثم يكملون الأذان، ونسأل: هل صحيح ما يقولون علما بأننا نسمع أذانا على صورة أخرى مختلفة عما سمعنا (1) ؟
ج: الأذان الشرعي المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه هذه الزيادة، وأشهد أن عليا ولي الله أو حجة الله، هذه الزيادة بدعة لا تجوز، والمحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله،
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 108.(6/399)
أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
هذا المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه وهو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم بلالا وعلمه أبا محذورة في مكة، وهذا هو الثابت في كتب الصحاح كتب الأحاديث الصحيحة، وإن زادوا فيه في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم.
الأذان الذي على الصبح الذي بعده الصلا ة يزاد فيه.
الصلاة خير من النوم، الصلا ة خير من النوم.
بعد قوله: حي على الفلاح.
وقبل قوله: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
يعني في آخره بعد الحيعلتين، يقول: الصلا ة خير من النوم، الصلاة خير من النوم.
ثبت هذا أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زيد وفي حديث أنس وغيرهما وأما زيادة: أشهد أن عليا ولي الله فهذه بدعة وليست ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا عن أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، وهكذا ما يزاد في بعض الأذان عند بعض الشيعة: حي على خير العمل.
كذلك هذا لا أصل له، كلها بدعة، والواجب على الشيعة وعلى غير الشيعة أن يلتزموا بالأذان النبوي الذي ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلا م، وأن لا يزاد فيه: أشهد أن عليا ولي الله ولا حجة الله.
ولا يزاد فيه: حي على خير العمل.
كل هذا منكر(6/400)
وبدعة، فالواجب على جميع المسلمين أن يلتزموا بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأذان وفي غيره، ولهذا قال عليه الصلاة والسلا م: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1) » يعني فهو مردود وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2) » وهذا يعم المحدثات في الأذان وفي الصلاة وفي الصيام وفي الحج وفي غير ذلك، نسأل الله لجميع المسلمين التوفيق والهداية.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718) .
(2) سبق تخريجه.(6/401)
165 – حكم التواشيح قبل أذان الفجر
س: هل تجوز التواشيح قبل أذان الفجر، مثل قول: يا مليح الوجه، يا كريم الأخلاق.
يا سيدي يا رسول الله.
وجهونا في ضوء هذا السؤال، جزاكم الله خيرا (1)
ج: هذه التواشيح التي ذكرها السائل بدعة لا تجوز، بل السنة للمؤذن في الصبح وغيرها أن يبدأ بقوله: الله أكبر.
ولا يكون قبله تواشيح ولا قراءة خاصة ولا كلام خاص بل الأذان مستقل أن يبدأه يقول: الله أكبر، وينهيه
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 377.(6/401)
بـ: لا إله إلا الله.
ولا يكون قبله شيء خاص، لا تواشيح ولا غيرها.(6/402)
166 – حكم الزيادة على الأذان ببعض الآيات أو الأدعية
س: ما حكم الإسلام فيمن يضيف إلى النداء للصلاة شيئا من تلاوة القرآن أو بعض الألفاظ الأخرى عبر مكبرات الصوت حيث إن هذه الظاهرة منتشرة في كثير من المناطق، وأكثر ما تكون في شهر رمضان قبل وقت الفجر وفي أي وقت أرادوه من الليل، وفي مثل هذه الحالة تتكاثر الأصوات من جميع نواحي المنطقة مما يؤثر ذلك على السكان، فهل هذه الأفعال صحيحة أو لا؟ أفيدونا أفادكم الله (1)
ج: هذا شيء لم يشرع بل هو بدعة، والواجب على المؤذن ألا يضيف شيئا إلى الأذان لا قبله ولا بعده، فلا يقرأ قبل الأذان ولا يقول كلاما قبل الأذان ولا بعد الأذان، يرفع صوته بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو بغير ذلك، لا بل يؤدى الأذان كاملا يبدؤه بقوله: الله أكبر.
وينهيه بقول: لا إله إلا الله.
فلا يأتي بشيء قبله ولا يأتي بشيء
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 75.(6/402)
بعده لأن ذلك من البدع، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1) » يعني مردود على صاحبه خرجه مسلم في الصحيح وعلقه البخاري جازما به عن عائشة رضي الله عنها، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2) » أي مردود ولم يكن بلال ولا غيره في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بشيء قبل الأذان ولا بعد الأذان فإذا قال: لا إله إلا الله.
ينتهي وفي الأول يبدأ الله أكبر يبدأ الأذان بهكذا لا يتكلم بشيء قبل هذا فلا يقول صلوا.
أو: سبحان الله.
أو ما أشبه ذلك أو يقرأ قبل الأذان لا ولا بعد الأذان إذا قال: لا إله إلا الله.
يقول: اللهم صل وسلم على رسول الله.
ويجهر بذلك في المكبر لا بل يقفل المكبر ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه وإن سمعه من حوله فلا بأس، لكن يقفل المكبر لأن هذا ليس تابعا للأذان فيقول بعد الأذان بينه وبين نفسه ولا مانع من أن يسمعه من حوله ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا صلى
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718) .
(2) سبق تخريجه.(6/403)
الله عليه وسلم الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد.
كما جاء في الحديث فقد روى البخاري في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (1) » زاد البيهقي رحمه الله بسند جيد: «إنك لا تخلف الميعاد (2) » وفي مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (3) » هذا هو المشروع للمؤمن لكن بعد انتهاء الأذان يقفل المكبر ثم يأتي بهذا وهكذا قبله لا يتكلم بشيء والخلاصة أن الأذان يبدأ بـ: الله أكبر.
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) سبق تخريجه.
(3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/404)
وينتهي بـ: لا إله إلا الله.
فمن زاد معه شيئا يرفع به صوته أو في المكبر فقد أتى بدعة فينكر عليه ويعلم.(6/405)
س: هل شرع الرسول صلى الله عليه وسلم بعد إكمال الأذان أن يقول المؤذن بصوت عال كالأذان: الحمد لله رب العالمين.
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (1) هل يجوز مثل هذا العمل (2) ؟
ج: هذا العمل الذي ذكره السائل منكر وبدعة، وليس للمؤذن أن يقول بعد الأذان: الحمد لله.
مع صوت الأذان بالمكبر أو: صلوا على رسول الله.
أو يقرأ الآية كل هذا بدعة بل متى قال: لا إله إلا الله.
فإنه يقفل المكبر ولا يزيد شيئا وإذا كان بغير مكبر كذلك لا يزيد شيئا، لا يبتدع آخر الأذان، ولا إله إلا الله، هذا آخر الأذان، فمن زاد معها شيئا كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو حمدا لله.
فقد ابتدع ولكن يشرع له بعد ذلك من غير رفع صوت مع الأذان ولا برفع صوت مع المكبر وإنما يشرع له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه
__________
(1) سورة الأحزاب الآية 56
(2) السؤال التاسع من الشريط رقم 195.(6/405)
وبين نفسه، ولو سمعه من حوله ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
يشرع له أن يقول هذا وهكذا الناس الذين سمعوا الأذان يشرع لهم أن يجيبوه، يقولون مثل قول المؤذن إلا في الحيعلة يقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله.
فإذا قال في آخر الأذان لا إله إلا الله.
صلى على النبي صلاة خفية ليست مع الأذان بل يصلي على النبي مثلما يصلي غيره، ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
فالمستمع يقول والمؤذن يقول، وليس لواحد منهم أن يجعلها مع الأذان لا المؤذن ولا غير المؤذن بل الأذان ينتهي عند قول المؤذن: لا إله إلا الله.
انتهى.
فإذا أراد أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يكون بصوت خفي ليس من جنس صوت الأذان ولا مع الأذان ولا في المكبر مع الأذان بل يكون بينه وبين نفسه، أو يسمعه من حوله لا بأس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا(6/406)
هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (1) » هذا فضل من الله جل وعلا وقال أيضا عليه الصلاة والسلا م: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (2) » هذا فضل من الله جل وعلا، فيشرع للمؤمن وللمؤمنة إذا سمعا الأذان أن يقولا مثل قول المؤذن كل منهما الرجل والمرأة، إذا قال: الله أكبر.
يقول: الله أكبر.
وإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله.
قال: أشهد أن لا إله إلا الله.
وإذا قال: أشهد أن محمدا رسول الله.
قال: أشهد أن محمدا رسول الله.
وإذا قال حي على الصلا ة.
يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وإذا قال: حي على الفلاح.
يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا مستثنى، لا يقول مثل المؤذن، يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
كما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا قال: الله أكبر الله أكبر.
قال الله أكبر الله أكبر.
وإذا قال: لا إله إلا الله.
قال: لا إله إلا الله.
ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، صلاة ليست مع الأذان بل منفصلة عن
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .
(2) سبق تخريجه.(6/407)
الأذان يخفضها ويطفئ المكبر إذا كان مؤذنا وهكذا غير المؤذن لا يرفعها رفعا زائدا مثل الأذان بل يأتي بها بصوت عادي ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
هذا رواه البخاري في الصحيح عن جابر إلا كلمة إنك لا تخلف الميعاد.
هذه الزيادة زادها البيهقي بإسناد حسن ولما قيل يا رسول الله، إن المؤذنين يقولونها.
قال: «قولوا مثل ما يقولون ثم صلوا علي فإن من صلى علي صلاة واحدة صلى الله بها عليه عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (1) » هذا خير عظيم وفضل كبير ينبغي لكل مؤمن ولكل مؤمنة عدم التفريط في ذلك بل يحرص عليه.
__________
(1) سبق تخريجه.(6/408)
167 - حكم قول الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله بعد الانتهاء من الأذان عبر مكبر الصوت
س: عندنا في أغلب المساجد يقولون بعد الانتهاء من الأذان وبعد قول لا إله إلا الله.
يقولون بصوت مرتفع وفي الميكرفون الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله.
إلى آخر ما يقولون، ما الحكم في مثل هذا العمل (1) ؟
ج: هذا غير مشروع بعد الأذان لا في المكبر ولا في غيره، الأذان ينتهي عند لا إله إلا الله.
ولا يزيد المؤذن شيئا.
لكن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت آخر غير صوت الأذان وهكذا من سمع الأذان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.
هذا هو المشروع يقول صلى الله عليه وسلم لما قيل له: «إن المؤذنين يغبنوننا. قال عليه الصلاة والسلام: قولوا مثلما يقولون، ثم صلوا علي فإن من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 266.(6/409)
الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (1) » وقال صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، حلت له الشفاعة (2) » رواه البخاري في الصحيح زاد البيهقي بإسناد جيد: «إنك لا تخلف الميعاد (3) » وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (4) » هذه سنة، فيجيب المؤذن كما قال بصوت منخفض وإذا فرغ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن بصوت منخفض غير صوت الأذان، ثم يأتي بـ: اللهم رب هذه الدعوة التامة، إلى آخره.
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) سبق تخريجه.
(3) سبق تخريجه.
(4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/410)
س: يسأل ويقول في بلدتنا وجميع القرى المجاورة لنا يقوم المؤذنون بعد الانتهاء من الأذان الشرعي بزيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جهرا في الميكروفون بقولهم الصلاة(6/410)
والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله.
ونحو ذلك كذا مرة يختمون بها الأذان ثم يقولون الصلاة والسلام عليك أيها النبي صلى الله عليك وعلى آلك وأصحابك أجمعين صلى الله عليك والحمد لله رب العالمين.
ويقولون ذلك في أذان الظهر والعصر والعشاء وقد قرأت في كتيب صغير اسمه كفاية أهل الإيمان في الصلاة على النبي بعد الأذان وهذا الكتيب يحض على هذه الزيادة في الأذان، ثم قرأت في إحدى المجلات أنه لا يصح ذلك ويجب أن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سرية كما ورد في الحديث وأن الذي يجهر بها هكذا يكون عليه إثم كبير فما الحكم؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان سنة مؤكدة للمؤذن والسامعين لكن ليست مع الأذان مع صوت الأذان، بل يجيب المؤذن ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن تكون على هيئة الأذان، بل يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة سرية عادية
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 239.(6/411)
ليس فيها جهر يسمعها من حوله؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (1) » وفي الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد (2) » فالمؤمن يقول هذا كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة. الخ.
وإذا قال هذا حلت له شفاعة النبي يوم القيامة ولكن لا يجهر بها مع الأذان بل يأتي بها سرا كلمات عادية يسمعها من حوله، أما الجهر بها مع الأذان سواء كان بالميكرفون أو بغير الميكرفون فهو بدعة ما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ما كان بلال يفعلها ولا ابن أم مكتوم ولا أبو محذورة ولا غيرهم من
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .
(2) سبق تخريجه.(6/412)
المؤذنين عند النبي صلى الله عليه وسلم بل هي بدعة كونه يجهر بها مع الأذان في المكبر أو في غير المكبر يجهر بها مع قول: لا إله إلا الله.
هذا بدعة محدثة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1) » وقال صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2) » فالواجب على المؤمن أن يتقي الله وألا يحدث في عبادته ما لم يأذن به الله، والله ذم قوما فقال سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (3) نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718) .
(2) سبق تخريجه.
(3) سورة الشورى الآية 21(6/413)
168 – حكم قول: "على حق يا داعي الله ورسوله" بعد الأذان
س: بعض الناس عندما يستمعون إلى الأذان يقولون بأصوات مرتفعة على حق يا داعي الله ورسوله.
فهل هذا القول وارد منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أم هو بدعة؟ وما الدعاء(6/413)
المأثور في هذه المناسبة (1) ؟
ج: ليس لهذا أصل، وإنما المأثور أن يجيب المؤذن يقول مثل قول المؤذن إلا عند حي على الصلاة حي على الفلاح. يقول لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم يكمل فيقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. مثلما يقول المؤذن، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. هكذا السنة. زاد البيهقي رحمه الله: إنك لا تخلف الميعاد.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي فإن من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (2) » فهو فضل عظيم ينبغي للمؤمن أن لا يتركه بل يحرص عليه ويحافظ عليه.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 177.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .(6/414)
169 – حكم قول: "حقا لا إله إلا الله" بعد الأذان
س: بعد أن ينتهي المؤذن وينهي الأذان، بـ: لا إله إلا الله.
في بلادنا يقول بعض الناس حقا لا إله إلا الله.
فما حكمها؟ وهل ذلكم القول صحيح في ذاته (1) ؟
ج: نعم قول: إنه حق كلام صحيح، لا إله إلا الله أعظم الحق، فإنه سبحانه المستحق للعبادة وليس هناك إله معبود بحق سواه جل وعلا كما قال سبحانه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (2) ويقول عز وجل: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} (3) ويقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (4) فهو إله الحق سبحانه وتعالى ليس هناك إله آخر معبود بحق، بل جميع الآلهة كلها باطلة، كلها معبودة بالباطل كما قال سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (5)
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 274.
(2) سورة البقرة الآية 163
(3) سورة طه الآية 98
(4) سورة الإسراء الآية 23
(5) سورة الحج الآية 62(6/415)
فجميع الآلهة التي يعبدها الناس كلها باطلة إلا الإله الحق سبحانه، وهو الله سبحانه وتعالى، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (1) » يكفي أن يقول: لا إله إلا الله.
ما هو بحاجة أن يقول: حق لا شك أنه حق لكن يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «قولوا مثلما يقول (2) » والمؤذن يقول: لا إله إلا الله.
فأنت تقوك مثله: لا إله إلا الله.
ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تقول: «اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد (3) » هذا هو المشروع للمستمع للأذان، ولا يزيد كلمة: حق.
الأفضل تركها، وهي كلمة حق، لكن الأفضل تركها لقوله صلى الله عليه وسلم: «قولوا مثلما يقول (4) » يقول مثله الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله. يقول أشهد أن محمدا رسول الله. إلا الحيعلة يقول لا حول ولا قوة إلا بالله. عند حي على
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384) .
(2) سبق تخريجه.
(3) سبق تخريجه.
(4) سبق تخريجه.(6/416)
الصلاة، يقول لا حول ولا قوة إلا بالله. وحي على الفلاح يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. هكذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول معه: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.(6/417)
170 – حكم رفع السبابة عند قول المؤذن لا إله إلا الله
س: لاحظت عندما تقام الصلاة ويصل المؤذن إلى آخر كلمات الإقامة وهي: لا إله إلا الله.
أرى بعض المصلين يقبض أصابع يده اليمنى ويرفع السبابة كذلك أثناء خطبة الجمعة أو أثناء حلقات العلم إذا ردد الإمام أو الخطيب كلمة: لا إله إلا الله.
أرى كثيرا من الناس يرفعون سبابة اليد اليمنى فهل ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم (1) ؟
ج: لا أعلم شيئا في هذا ولا أحفظ أنه ورد شيء في هذه عنه عليه الصلاة والسلام وإنما ورد الإشارة بالسبابة في التشهدين التشهد الأول،
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 78.(6/417)
والتشهد الأخير كان يرفع سبابته عليه الصلاة والسلام إشارة للتوحيد وأما بعد الفراغ من الذكر من الأذان أو الإقامة فلا أحفظ شيئا في هذا إلا أنه صلى الله عليه وسلم شرع للناس أن يجيبوا المؤذن والمقيم، وأن يقولوا بعد الأذان وبعد الإقامة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقولون اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته.
وقال فيمن فرغ من الوضوء: «من قال حين يفرغ من الوضوء: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء (1) » زاد الترمذي رحمه الله: «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين (2) » وهذا بإسناد صحيح، ويشرع أن يقول ذلك بعد الوضوء: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين.
جاء في رواية ثم يرفع نظره إلى السماء.
لكن لا أحفظ في شيء من الروايات
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، برقم (234) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما يقال بعد الوضوء، برقم (55) .(6/418)
الإشارة بالسبابة في هذا ولا بعد الإقامة ولا عند الدخول في الصلاة إنما هذا في التشهدين كان يرفع بإصبعه السبابة في التشهد الأول والتشهد الأخير عليه الصلاة والسلام.(6/419)
171 – حكم رفع اليدين والدعاء بعد الإقامة للصلاة
س: لاحظت بعض المصلين إذا انتهى المؤذن من إقامة الصلاة رفع يديه ودعا وذلك قبل تكبيرة الإحرام، فهل ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم (1) ؟
ج: ليس لهذا أصل ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بشيء بين الإقامة وبين الدخول في الصلاة ولم يحفظ عنه أنه رفع يديه في هذا الموطن، بل لا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك لأنه خلاف السنة.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 78.(6/419)
172 – حكم مسح العينين وتقبيلهما عند سماع الأذان
س: عندما نسمع الأذان نمسح العينين بباطن أنملة السبابتين بعد تقبيلها، ما هو رأيكم في ذلك علما بأننا وجدنا في كتاب فقه السنة وفي كتاب الحاشية حديثا يحث فيه الرسول صلى الله(6/419)
عليه وسلم أبا بكر الصديق على ذلك (1) ؟
ج: هذا لا أصل له ولم نجد ما يدل عليه، لا أصل لمسح العين بأطراف السبابتين، هذا لا أصل له عند الأذان، بل هذا من البدع والحديث الذي قلت فيه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحث فيه أبا بكر على ذلك لا صحة له.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 316.(6/420)
انتهى بحمد الله تعالى الجزء السادس
ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء السابع
القسم الثاني من الصلاة وأوله
بقية باب شروط الصلاة(6/421)
بسم الله الرحمن الرحيم(7/3)
بقية باب شروط الصلاة(7/5)
بقية باب شروط الصلاة
1 - بيان معرفة دخول وقت الصلاة وخروجه
س: إلى أي وقت بعد الأذان يعتبر الإنسان مؤخرا للصلاة؟ أرجو التحديد بالساعة إذا أمكن، جزاكم الله خيرا (1) .
ج: عليك أن تراعي التقويمات التي تصدر من وزارة الأوقاف؛ حتى تعلمي أول الوقت وآخره، فيه تقويم يصدر إذا كنت في المملكة فانظري التقويم، واعملي به؛ حتى تعرفي أول الوقت وآخره، كل موضح في التقويم بالساعة، فأنت لاحظي ذلك، الحمد لله، أما التوقيت الذي وضحه النبي - صلى الله عليه وسلم - فالظهر يدخل من زوال الشمس، ويستمر إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، بعد فيء الزوال، كلها إذن وقت الظهر، والأفضل أن تصلى في أول الوقت إلا في شدة الحر،
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 286(7/7)
فالأفضل التأخير في الظهر حتى ينكسر الحر، والعصر يبدأ إذا صار ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال إلى أن تصفر الشمس، والأفضل أن تؤدى الصلاة في أول وقتها، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، هذا أفضله، والمغرب يبدأ بغروب الشمس، ويستمر إلى غروب الشفق، وهو الحمرة التي في جهة المغرب، يقال لها: الشفق الأحمر، فإذا غاب الشفق الأحمر دخل وقت العشاء، ويستمر إلى نصف الليل، كله وقت للعشاء، ولا يجوز التأخير إلى ما بعد نصف الليل، والفجر يبدأ بطلوع الفجر الصادق الذي يرتفع في الجهة الشرقية وينتشر، يقال له: الفجر الصادق، ويستمر إلى طلوع الشمس، إذا طلعت الشمس خرج وقت الفجر، هذا التوقيت الشرعي، وبالساعات ينظر في التقويم.
س: بعد انتهاء المصلين من الصلاة، وخروجهم من المسجد، هل يعني هذا أن وقت الصلاة قد انتهى فعلا بخروجهم (1) ؟
ج: وقت الصلاة محدود وله حدود، فالمغرب ينتهي وقتها بغروب الشفق الأحمر من جهة المغرب، والعشاء وقتها إلى نصف الليل، والفجر إلى طلوع الشمس، والظهر إلى أن يكون ظل كل شيء مثله بعد
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 308(7/8)
الزوال، والعصر إلى أن تصفر الشمس، كل الأوقات لها حدود، لا يخرج الوقت بخروج الناس من المسجد، وإنما يخرج الوقت بانتهائه الذي حدده الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وبينه الله في كتابه العظيم سبحانه وتعالى.(7/9)
2 - حكم الاعتماد على أذان المذياع في معرفة دخول وقت الصلاة
س: إذا صلى الإنسان مع المذياع إذا توافق الزمن بين المصلي والمكان الذي تنقل منه الصلاة، علما بأن المصلي في مكان بعيد، لا يوجد فيه أناس، فهل صلاته - والحال ما ذكر - تعتبر صحيحة (1) ؟
ج: الواجب على كل مؤمن، وعلى كل مؤمنة أن يتحرى الوقت، وأن يأخذ بالأسباب، فإذا تيقن الوقت، أو غلب على ظنه دخول الوقت بالأسباب التي يعتقدها صلى، سواء كان من طريق المذياع أو غير المذياع، فإذا سمع الأذان من المذياع وهو في محل بعيد، والوقت واحد لا يتغير، والمذياع قد جرب عليه الصدق، وأنه يذيع الحقيقة، هذا يغلب
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 230(7/9)
على الظن، ولا بأس أن يصلي، فإن كان يشك في ذلك، وليس عنده ما يغلب ظنه بالنسبة للمذياع فإنه يأخذ بالطرق الأخرى، ينظر في الوقت، يسأل أهل الخبرة وقت الظهر إذا كان قد زالت الشمس، وإن كان العصر، وصار ظل كل شيء مثله، حتى يكون قد دخل الوقت، إن كان المغرب هل غابت الشمس؟ إن كان العشاء هل غاب الشفق الأحمر؟ إن كان الفجر قد طلع الفجر؛ ينظر ويسأل أهل الثقة، حتى يصلي على بصيرة، إما يقين وإما بغلبة ظن مبنية على أسس، وعلى علامات، أما المذياع وحده فلا يكفي، إذا كان ليس في ظنه ما يبرره فإن المذياع قد يكون من أناس لا يوثق بهم، فإذا كان المذياع قد جرب عليه الصدق، وأنه يتحرى الوقت، وأنه يذيع الحقيقة، أو يذيع عن إنسان يتحرى الوقت؛ لتسمع صوته أن هذا أذان الظهر، أو أذان المغرب، أو أذان العشاء وهو موثوق تعرفه فلا بأس بذلك.
والحاصل أن المدار على الثقة إما يقينا وإما غلبة ظن من المذياع أو غيره؛ حتى لا تصلي إلا على بصيرة.(7/10)
3 - حكم الاقتداء بالإمام في الصلاة عبر الإذاعة أو التلفاز.
س: هل للمصلي أن يقتدي بالمصلين في المذياع أم لا يجوز ذلك (1) ؟
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط 230(7/10)
ج: لا، لا يقتدي بهم إلا إذا كان في المسجد يسمع صوت الإمام، أما في بيته، أو في محلات أخرى فإنه لا يقتدي بهم؛ بل عليه أن يسعى إلى المسجد، ويصلي مع الناس، وأما إذا كان في بيته، أو في مكان آخر فإنه يصلي وحده، لا يقتدي بالإمام، ولا يعتد بالإمام.(7/11)
4- حكم اعتماد التقويم والمذياع في معرفة أوقات الصلاة
س: رسالة من الأخ: ج. أ. ح، من جمهورية مصر العربية يقول: ما الحكم في أناس لا يسمعون الأذان إلا من خلال الإذاعة، أو من خلال مواعيد الصلاة المدونة في التقويم، هل تقبل صلاتهم أم لا، علما بأنهم يصلون على حسب ما يسمعون في الإذاعة، وحسب ما يرون في ورقة التقويم، هل يجوز هذا أم لا؟ وماذا يعملون في صلاة التراويح في شهر رمضان؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: إذا كانوا بعيدين عن المساجد فعليهم أن يتحروا الوقت بالساعات، أو بالرؤية إن كانوا ينظرون طلوع الفجر وزوال الشمس، وهكذا يتحرون بالأسباب التي تمكنهم من الإذاعة إذا لم يختلف
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 339(7/11)
التوقيت، ومن التقاويم المضبوطة، أو من الرؤية بالبصر، أو من سؤال الثقات عن الوقت؛ حتى تؤدى الصلاة على بصيرة بعد غلبة الظن، فلا يعجلوا حتى يغلب الظن بأنه دخل الوقت، أما إن كان عندهم مساجد يسمعون النداء منها فعليهم أن يصلوا في المساجد مع إخوانهم في مساجد الله، أما إذا كانوا بعيدين في حارات، ليس فيها مساجد، أو في البر فإنهم يتحرون الوقت، ويصلون بعد غلبة الظن أنه دخل الوقت، إما بالتقويم، أو بمشاهدة الوقت، أو بإخبار الثقات.(7/12)
5- حكم صلاة الظهر عند الأذان الثاني للجمعة لأهل الأعذار
س: مستمع بعث برسالة يقول فيها: بلغني أن بعض المرضى، والنساء يبادرون بإقامة صلاة الظهر يوم الجمعة عند سماع النداء الثاني، وحيث إن أكثر خطباء الجوامع يبدؤون بخطبة الجمعة بعد رفع النداء الثاني، وذلك قبل دخول وقت الظهر بعشرين أو خمس عشرة دقيقة، فآمل من سماحتكم توجيه الناس، جزاكم الله خيرا (1) .
ج: الواجب على النساء والمرضى الذين يصلون في البيوت، أو في
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 151(7/12)
المستشفيات ألا يعجلوا؛ حتى يتحققوا دخول الوقت يوم الجمعة، وكذلك بقية الأيام، وعندهم التقاويم التي أصدرتها الأوقاف، في إمكانهم الاستفادة منها، ولا سيما يوم الجمعة؛ فإن بعض الخطباء قد يدخل المسجد، ويبدأ بالخطبة قبل الوقت، وقد يتساهل مع أنه ينبغي للخطباء ألا يبدؤوا إلا بعد الزوال، وألا يؤذن للجمعة إلا بعد الزوال، كما هو قول جمهور أهل العلم.
وأكثر العلماء على أن الخطبة تكون بعد الزوال، ولا تصلح قبل الزوال، فينبغي للخطباء أن يحتاطوا لدينهم، وأن يحتاطوا لإخوانهم المسلمين؛ فيكون الدخول والصلاة بعد الأذان - يعني بعد الزوال – يأتي إلى الجمعة بعد الزوال، والساعات موجودة ومتوفرة والحمد لله، حتى يؤذن المؤذن بعد الزوال، وتكون الخطبة والجمعة بعد الزوال فيحتاطوا للمسلمين، ويبتعدوا عما يسبب وقوعهم فيما يخالف الشرع المطهر، ولا سيما المرضى والنساء.
وعلى النساء، وعلى المرضى التثبت في الأمور، وألا يصلوا إلا بعد دخول الوقت، والتأكد من دخول الوقت: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر في الجمعة وغيرها. هذا هو الواجب على الجميع.(7/13)
6- حكم صلاة المرأة للظهر يوم الجمعة أثناء الخطبة
س: ماذا على المرأة إذا صلت الظهر يوم الجمعة أثناء الخطبة، أو بعد الأذان مباشرة (1) ؟
ج: ليس عليها شيء إذا كان بعد الزوال، بعد الأذان الأخير، تصلي الظهر في بيتها، لا بأس.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 422(7/14)
7 – حكم تأخير الصلاة عن أول الوقت لعذر
س: تقول السائلة إني ملتزمة بدوام رسمي في دائرتين، من الساعة السابعة والنصف صباحا حتى حدود الخامسة عصرا، أو الرابعة عصرا، فإنني أصلي صلاة الظهر حدود الساعة الواحدة والنصف ظهرا، أو الثانية، أو الثانية والنصف، فهل تصح هذه الصلاة؟ مع العلم بأن هذه الصلاة تكون ضمن الدوام الثاني في الدائرة الثانية، وليس لدي وقت، ولا مكان لأصليها في وقتها في الدائرة الأولى، أما صلاة العصر فإنني أصليها عندما أعود إلى المنزل، فهل هذه الصلاة صحيحة (1) ؟
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم 25(7/14)
ج: لا حرج، الصلاة صحيحة، ولكن الواجب عليها أن تحذر التساهل؛ حتى لا يخرج وقت الظهر، فإن الصلاة في الثانية والنصف قرب خروج الوقت، فينبغي أن تقدمي صلاة الظهر قبل هذا؛ تحتاطي لدينك ولصلاتك، فإذا حضرت الصلاة صليتها في الدائرة الأولى، واجتهدت في المكان المناسب حتى تصلي صلاة الظهر في أول وقتها، هذا هو الأفضل.
فإن لم يتيسر ذلك فلا حرج أن تصليها في الدائرة الثانية، أو في البيت قبل خروج الوقت، ولو في آخر الوقت، لا يجوز أبدا أن تؤخر إلى خروج الوقت، يجب أن تقدم قبل العصر، والعصر كذلك تراعي صلاتها، وهي قبل أن تصفر الشمس، يجب أن يراعي المؤمن أداء صلاة العصر قبل أن تصفر الشمس في أي مكان كان، ولا يجوز تأخير صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس؛ بل لا بد أن تصلى والشمس حية بيضاء، ليس فيها اصفرار في أي دائرة، كانت في سفر أو في حضر؛ لأن حق الله يجب أن يقدم على حق المخلوقين، والصلاة مستثناة من هذه الأعمال، لا بد من فعلها في أوقاتها، وإن كان الإنسان في هذه الأعمال فإنه يجب أن يتحرى الوقت المناسب حتى يصلي الصلاة في وقتها، مؤديا حق الله، ومحافظا عليه، ومبتعدا عن كل ما يسبب إضاعة حق الله.(7/15)
8 – حكم تأخير الصلاة إلى آخر الوقت لغير عذر
س: وجهونا حول امرأة متزوجة من رجل يعيش وسط أسرة كبيرة، وتتأخر عن أداء صلاة الظهر إلى الثانية والنصف ظهرا، وإذا نصحتها قالت: إن أهل زوجها إذا تأخرت في وضع الغداء تلقى منهم توبيخا شديدا، حتى لو اعتذرت لهم بالصلاة، وجهوها سماحة الشيخ، ووجهوا أسرتها، جزاكم الله خيرا (1) .
ج: تأخير الصلاة إلى آخر الوقت لا حرج فيه، لكن يفوت الفضل؛ فإن أداءها في أول الوقت أفضل وأعظم أجرا، لكن إذا دعت الحاجة إلى التأخير فلا حرج، بشرط أن تصلي في الوقت، وأن تحرص على أن تصليها في الوقت قبل دخول وقت العصر، وهكذا كل صلاة يجب أن تؤدى في الوقت، لكن كونها تؤدى في أول الوقت هذا هو الأفضل، وفي وسطه أفضل من آخره، ولكن إذا أدتها في الآخر فلا حرج، وإذا كان عليها مشقة من أدائها في أول الوقت؛ لأجل ما تقول لها الأسرة التي هي عندهم فلا حرج عليها، لكن ينبغي للأسرة أن يشجعوها على أداء الصلاة في أول الوقت، وأن يشكروها على عنايتها بالصلاة،
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 301(7/16)
والصلاة وقتها قليل، والحمد لله ليس فيه مشقة، فالمشروع للجميع العناية بأدائها في أول الوقت، والتعاون في ذلك، وأن يعينوها على ذلك، لكن لو أخرتها حتى صلتها في آخر الوقت فلا حرج، لكن مع العناية التامة بعدم تأخيرها إلى الوقت الآخر، فتحرص على أن تؤدى في الوقت.(7/17)
9 – حكم تأخير الصلاة إلى آخر وقتها من أجل الدراسة
س: تسأل الأخت فتقول: في بعض المحاضرات لا ننتهي إلا في الثانية عشرة والنصف، أو الثانية عشرة والربع، في حين أن وقت صلاة الظهر في الساعة الحادية عشرة والنصف، هل نأثم بهذا التأخير (1) ؟
ج: الصلاة في أول الوقت أفضل، ولكن إذا أخرت لأسباب في أثناء الوقت فلا بأس بذلك، إنما المحرم تأخيرها عن وقتها، أما كونها تأخرت عن أول الوقت فلا حرج في ذلك، والحمد لله.
س: الأخت: أم م. هـ، من جدة تسأل فتقول: أنا طالبة في المدرسة، فهل يجوز تأخير صلاة الظهر إلى حين الرجوع إلى المنزل،
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 85(7/17)
علما بأن الساعة قد تكون الواحدة والنصف (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك إذا اشتغلت بالدراسة، ولم يتيسر لها أداء الصلاة في أول الوقت لا حرج؛ لأن وقت الظهر بحمد الله متسع، فإذا كانت تصل إلى بيتها قبل انتهاء الوقت فلا بأس بهذا، وإن صلتها في أول الوقت فهذا أفضل إذا تيسر ذلك.
س: نحن طلبة ندرس في مدرسة ثانوية، تبعد عن قريتنا بحوالي ثلاثة عشر كيلو مترا، نتحرك من المدرسة حوالي الساعة الواحدة ظهرا، ولا نصل إلى القرية إلا في حوالي الساعة الثانية بعد الظهر، فهل يجوز لنا أن نصلي الظهر بعد وصولنا مباشرة، أم نقضيها مع صلاة العصر (2) ؟
ج: الواجب عليكم صلاة الظهر في محلكم قبل الرحيل وبعد الرحيل، أو في أثناء الطريق، ولا تؤجل إلى العصر، لا بد من فعلها في الوقت، وإذا صليتم قبل ذلك وأنتم في محلكم في المدرسة في أول الوقت كان أفضل وأولى من صلاتها في الطريق، ومن صلاتها في بلدكم؛ لأن
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 158
(2) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 177(7/18)
الصلاة في أول وقتها أفضل.(7/19)
10 – حكم ترك صلاة الجماعة، وتأخير الصلاة عن وقتها بغير عذر
س: الأخ إ. ف، من ليبيا منطقة وادي العين يسأل، ويقول: نعلم أن تأخير الصلاة عن وقتها جرم وذنب وأي ذنب، ولكن هناك ظروف قد تؤدي بي إلى تأخير الصلاة عن وقتها، كأن أكون راعيا للماشية، وأسمع الأذان، ولكن أخاف أن تتلف الضأن المزروعات، سواء كانت لنا أو لجيراننا؛ فتفوتنا الصلاة حتى ولو كنت منفردا، أو يفوتنا وقت الظهر كما في المحاضرات، أو العمل، فما هي نصيحتكم (1) ؟
ج: الجواب: على المؤمن أن يعتني بالصلاة في وقتها، وإذا كان حول المزارع التي يخشى عليها فليبدأ بإبعاد الماشية عن المزارع قبل الوقت؛ حتى يتمكن من الصلاة في وقتها، أو الصلاة في الجماعة إذا كان حوله جماعة أو مسجد، ولا يتساهل في هذا الأمر حتى يضيق الوقت، الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يشرع في أسباب حفظ الصلاة قبل وقتها؛
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 136(7/19)
حتى لا يقع في مشابهة أهل النفاق في إضاعة الصلوات: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (1) فالواجب على المؤمن أن يعتني بهذا الأمر، وإن كان في محاضرات أو دراسة فإنه يقطع المحاضرة، ويقطع الدراسة، ويقوم للصلاة ويصلي مع المسلمين في مساجدهم، أما إذا كان في محل ليس حوله مساجد؛ بل إنما يؤدون المحاضرة أو الندوة، ثم يصلون جميعا في محلهم، كمحل بعيد عن المساجد ليس بقربه مساجد، أو في الصحراء أو السفر، كل هذا لا بأس به، إذا فرغوا صلوا في الوقت، لا يؤخرونها عن وقتها؛ بل يصلون في الوقت، لكن من كان في قرب المساجد، وفي القرية أو في البلد فليس له أن يؤخر الصلاة بسبب محاضرة، أو بسبب ندوة، أو بسبب غنم أو إبل، أو غير ذلك، والواجب عليه أن يعتني بما يعينه على أداء الصلاة في الجماعة، ولو كان بدأ بإبعاد الغنم أو الإبل عن المزارع قبل دخول الوقت؛ حتى يتمكن من الصلاة في وقتها مع المسلمين، وليس له التساهل في هذا الأمر؛ لأنه يأثم بذلك.
__________
(1) سورة النساء الآية 142(7/20)
11 – حكم تأخير صلاة العصر وجمعها مع صلاة المغرب بسبب الدراسة
س: الأخ: ن. ظ، من العراق يقول: إني طالب في المرحلة الثانوية، والدوام المدرسي يكون كالآتي: الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع في الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا، أما الأيام الثلاثة الأخرى فيكون في الساعة الثامنة صباحا، لذلك أجد صعوبة في أداء صلاة العصر، فإذا جمعتها مع صلاة الظهر فإنني أتأخر عن الدوام، وإذا تأخرت لا يسمح لي بالدخول، علما أن وصولي للبيت يكون في الساعة الخامسة عصرا، فهل يجوز إقامة صلاة العصر في هذا الوقت، أي في الساعة الخامسة؟ وهل يجوز جمعها مع صلاة المغرب (1) ؟
ج: الواجب عليك أن تصلي الصلاة في وقتها ولو في الدوام، وليس لك أن تؤخرها عن وقتها، فتصلي الظهر في وقتها وأنت في العمل مع إخوانك إن كان معك إخوان طيبون تصلي أنت وإياهم، وهكذا العصر تصليها في وقتها، وليس لك أن تؤخرها، فإذا كان من معك يمنعونك من الصلاة فتصليها بعد انتهاء العمل إذا كان الوقت باقيا لم تصفر
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 207(7/21)
الشمس فلك أن تؤخر، أما إذا كنت لا تخرج إلا بعد أن تصفر الشمس، فليس لك أن تؤخر، وعليك أن تصلي في الوقت، وليس لك طاعتهم في ذلك، ليس لك أن تطيع رؤساءك في ذلك، ولو بطلت العمل ولو تركت الدراسة، عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، ولو أفضى ذلك إلى ترك الدراسة بالكلية، أما إذا كان في الإمكان أن تصلي الظهر قبل الدوام في وقتها، ثم تصلي العصر في وقتها بعد الدوام؛ لأنك تخرج منه، والوقت واسع فلا بأس بذلك ولا حرج، لكن ليس لك أن تؤخرها – يعني العصر – إلى أن تصفر الشمس، وليس لك أن تقدم الظهر قبل وقتها، وليس لك أن تجمع بينهما؛ بل كل صلاة في وقتها؛ لأن هذا ليس محل جمع، ليس بمرض ولا سفر، وإنما شغل عارض وهو الدراسة، فلا ينبغي أن يكون عذرا في الجمع، ولكن تصلي كل صلاة في وقتها، وإذا لم تقدر على ذلك ومنعوك فلا حاجة إلى هذا العمل، يلزمك ترك هذا العمل حفظا لدينك، وحرصا على سلامة دينك، والله المستعان.(7/22)
12- حكم الجمع بين الصلاتين من أجل الدراسة
س: أنا طالب جامعي، وفي بعض الأحيان تفوتني صلاة الظهر بما فيها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل يجوز أن أؤدي صلاة الظهر مع صلاة العصر وبدون السنة، أم أصلي صلاة(7/22)
الظهر بما فيها السنة مع صلاة العصر جمعا (1) ؟
ج: لا يجوز لك الجمع؛ بل يجب عليك أن تصلي الظهر في وقتها، وليس لك تأخيرها إلى العصر، وليست الدراسة عذرا في ذلك؛ بل يجب عليك أن تصلي الظهر في وقتها، ويشرع لك فعل السنة، وهي أربع قبل الظهر وثنتان بعدها، كما كان النبي يفعل عليه السلام، يصلي أربعا قبل الظهر وثنتين بعدها، وهذه نافلة والمهم الفريضة، والواجب عليك أن تصلي الفريضة في وقتها، وهي أربع في حق المقيم وركعتان في حق المسافر كما هو معلوم، وليس لك أن تؤخرها إلى العصر وأنت مقيم، أما المسافر فلا بأس له التأخير، والمريض كذلك، أما الاحتجاج بالدراسة فلا.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 178(7/23)
13- حكم جمع الصلاتين في أقل من مسافة القصر
س: يقول السائل: قريتنا تبعد عن مدينتنا مسافة قليلة، وهي خمسة وثلاثون كيلو مترا، ولكن لصعوبة الطريق وسط الجبال، ووعورتها، وقلة المركبات والسيارات للنقل نحتاج إلى وقت(7/23)
طويل إلى القرية، وبذلك تفوتنا صلاة العصر عندما نسافر وقت الظهر؛ فلذلك نضطر أن نجمع صلاة العصر مع الظهر جمع تقديم، فهل صلاتنا هذه صحيحة بالنسبة لهذه المسافة القليلة والحالة ما ذكر (1) ؟
ج: لا تجمعوها؛ تصلى كل صلاة في وقتها، صل كل صلاة في وقتها ولو تأخر قليلا، ولو تأخر عن أول الوقت، تصلي الأولى في وقتها ولو في آخره، وصل الثانية كذلك ولو في آخره – والحمد لله – ولا تجمع؛ لأن هذا ما هو بسفر، ليس بسفر تقصر فيه الصلاة.
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 432(7/24)
14- حكم جمع الصلاة بسبب عذر العمل
س: أنا منتسبة إلى إحدى الدوائر، وهذه الدوائر تعمل من الثامنة صباحا وحتى الثالثة عصرا، وأحيانا أصلي الظهر مع العصر، فكيف تنصحونني (1) ؟
ج: الواجب على المؤمن والمؤمنة أداء الصلاة في الوقت، فالعصر
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 68(7/24)
تؤدى في وقتها، والظهر تؤدى في وقتها، ولا يجوز الجمع إلا من علة، كالمطر على الصحيح، وكالمرض، وكالسفر، فإذا كان هناك علة شرعية فلا بأس بالجمع، وإلا فالواجب أن تصلى كل صلاة في وقتها: الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والدراسة ليست عذرا في الجمع، فالواجب عليك، وعلى كل مسلم وكل مسلمة أداء الصلوات في أوقاتها؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضحها للأمة وبينها للأمة، وقال بعد ما وقت المواقيت: «الصلاة بين هذين الوقتين (1) » الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، والله بين على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - الأوقات، فعلى الأمة أن تسمع وتطيع لما بينه عليه الصلاة والسلام، وأن تستقيم على ذلك، وألا تترخص في شيء إلا برخصة شرعية ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، برقم (149) ، وأخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في المواقيت، برقم (393) ، وأخرجه النسائي في كتاب المواقيت، باب أول وقت العشاء، برقم (526) .(7/25)
15- حكم صلاة العصر عند اصفرار الشمس
س: قمت من النوم، وكانت الشمس مصفرة تقريبا، فصليت العصر، هل صلاتي صحيحة (1) ؟
ج: الصلاة صحيحة، وعليك التوبة إلى الله؛ لأنه لا يجوز تأخير العصر إلى أن تصفر الشمس، يجب أن تصلي قبل اصفرار الشمس، وعليك أن تخبر أهلك أن يوقظوك، أو تركد الساعة على وقت تدرك فيه الصلاة مع المسلمين، لا يجوز لك التساهل، يجب أن تصلي مع المسلمين في مساجدهم صلاة العصر وغيرها، ولا يجوز تأخير صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، لا للرجل ولا للمرأة، يجب على الرجل والمرأة أداء صلاة العصر قبل أن تصفر الشمس، وعلى الرجل خاصة أن يصليها في جماعة في مساجد الله.
__________
(1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم 301(7/26)
16 – حكم تأخير طلاب المدارس الصلاة حتى يخرج وقتها
س: إنني طالب، ودراستي تبدأ بعد صلاة الظهر، وتنتهي بعد صلاة المغرب، ولذلك فإن صلاة العصر تفوتني، فأضطر أن أصليها(7/26)
قضاء بعد عودتي، علما بأن هذه الظاهرة تتكرر يوميا، فهل ما أفعله صحيح (1) ؟
ج: ليس لك ذلك؛ بل يجب عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، عليك أن تصلي العصر في وقتها في محل الدراسة، وليس لك أن تؤخرها إلى المغرب، أو إلى أن تصفر الشمس؛ بل عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، وتدع العمل سواء كان عمل دراسة أو غير الدراسة.
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 294(7/27)
17 – تحديد وقت صلاة المغرب بالدقائق
س: كم يمتد وقت المغرب بالساعة يا سماحة الشيخ من بعد الأذان (1) ؟ .
ج: الغالب أنها ساعة ونصف تقريبا، ما بين غروب الشمس إلى غروب الشفق ساعة ونصف تقريبا، أو نصف إلا خمس دقائق، والذي يعتمده الناس الآن ساعة ونصف من باب الاحتياط، يكون الشفق قد غاب بالكلية، ودخل وقت العشاء، وهذا يحتاج إلى العناية بالشفق في الصحراء، الذي يرقب الشفق وينظره يستطيع أن يحدد بالدقائق، لكن
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 205(7/27)
المعتمد الآن على سبيل الاحتياط ساعة ونصف، من غروب الشمس إلى غروب الشفق ساعة ونصف.(7/28)
18 – بيان بداية وقت صلاة المغرب ونهايته
س: بعض المصلين يتأخرون عن صلاة المغرب إلى حين يعتقد أن الوقت قد خرج، بم تنصحونني، وتنصحون المستمعين حيال صلاة المغرب بالذات؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: صلاة المغرب وقتها معلوم بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بين غروب الشمس إلى غروب الشفق، وهو الحمرة التي في جهة الغرب، هذا وقت المغرب، وهو وقت لا بأس به طويل ما بين غروب الشمس إلى غروب الشفق الأحمر من جهة الغرب، والأفضل أن تصلى في أول الوقت، هذا هو الأفضل، كان يصليها النبي في أول الوقت عليه الصلاة والسلام، كان إذا أذن صلى الناس ركعتين، ثم أمر بالإقامة عليه الصلاة والسلام، فليس بين إقامة المغرب وبين الأذان إلا شيء قليل، وهو ما فعله المسلمون: صلاة ركعتين، وفي الحديث: «صلوا قبل
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 250(7/28)
المغرب صلوا قبل المغرب (1) » يعني قبل الصلاة، يعني قبل الفريضة، ثم قال في الثانية: لمن شاء. فدل على أنه صلى بينهما بين الأذان والإقامة، ولكن الأفضل عدم التطويل؛ بل يقيم بعد مدة يسيرة، بعد الأذان بمدة يسيرة عشر دقائق، ثمان دقائق، أو ما يشابه ذلك، ولو أخذ نصف ساعة أو أكثر قبل غروب الشفق فلا حرج، الصلاة صحيحة وكله وقت، لكن الأفضل في المساجد، والمسلمون في البيوت: المرضى، والنساء الأفضل أن يصلوها كلهم في أول وقتها؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام.
س: رسالة بعث بها المستمع ج. ع، يقول: إني أعمل في مزرعة، وأقوم بجميع الصلوات الخمس في مواعيدها إلا المغرب، فبعض الأيام تفوتني صلاة المغرب مع الجماعة بسبب ظرف عملي؛ لأنه لم ينته إلا قبل العشاء بنصف ساعة، يعني بعدما أنتهي من صلاة المغرب يحين موعد أذان العشاء، فهل علي إثم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (2) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصلاة قبل المغرب برقم (1183)
(2) السؤال العاشر من الشريط رقم 338(7/29)
ج: نعم إذا كان بقربك جماعة فإنه يلزمك أن تصلي مع الجماعة، أما إذا كنت وحدك ما عندك أحد فلا إثم عليك، لكن فاتك الأفضل، فالأفضل أن تؤديها في أول الوقت، وإذا أديتها في آخر الوقت قبل غروب الشفق فلا شيء عليك - والحمد لله – أما إذا وجد جماعة مسجد حولك، أو أي جماعة فإنه يجب عليك أن تصلي معهم.
س: أعرف أن خروج وقت صلاة المغرب بطلوع الشفق الأحمر، أو بغياب الشفق الأحمر، فمتى ينتهي هذا الشفق؟ وهل من يصلي المغرب قبل العشاء ولو بعشر دقائق يعتبر قد صلى في الوقت (1) ؟
ج: نعم، السنة الترتيب في ذلك، في أول وقتها، ولكن ينتهي بغروب الشفق الأحمر إذا ذهب الشفق الأحمر بجهة المغرب دخل وقت العشاء، ولا يجوز التأخير إلى وقت العشاء، فيجب أن تصلي المرأة والرجل في الوقت، فإذا أخرها نصف ساعة أو ثلث ساعة فلا بأس، لكن الأفضل التبكير للجميع، ومن صلى المغرب قبل العشاء بعشر دقائق هذا فيه خطر؛ لأن الساعات قد تختلف، والوقت قد يختلف، فينبغي ألا يؤخر إلى هذا الوقت؛ بل ينبغي أن يتحرى أن تكون الصلاة
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 331(7/30)
قبل هذا بنصف ساعة، أو أكثر حتى يجزم أنه صلى في الوقت، وإذا بادر بعد غروب الشمس بعشر دقائق، بربع ساعة يكون هذا هو الأفضل إذا صلى في الوقت وقت المغرب فلا حرج، ولكن لا يؤخر إلى قرب الخروج؛ لأن هذا قد يوقعه في خروج الوقت؛ لأن الساعات يكون فيها تقديم أو تأخير، لذا ينبغي له الاحتياط حتى لا يقع في تأخير الصلاة عن وقتها.
س: السائل ع. س. ج: ما حكم صلاة المغرب جماعة قبل أذان العشاء بعشر دقائق (1) ؟
ج: الصلاة صحيحة إذا كان صلوها قبل غروب الشفق، لكن تركوا الأفضل؛ لأن الأفضل أن يصلوا في أول الوقت، لكن لو أخروا صلاة المغرب، وصلوها قبل غروب الشفق الأحمر بعشر دقائق أو بربع ساعة لا حرج، لكن لا ينبغي لهم ذلك، السنة أن تقدم، وأن يبادر بها في أول وقتها.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 268(7/31)
19 – حكم صلاة المسافر بالتيمم في أول الوقت لعدم الماء
س: يتطلب عملنا السفر في كثير من الأحيان، وفي إحدى الأوقات(7/31)
وعندما دخل أول صلاة المغرب لم يكن معنا ماء لنتوضأ منه، وأقرب مدينة لنا تبعد مسافة أربعين كيلو مترا حتى مخرج المدينة، ثم خمس كيلو مترات بعد المخرج، أي أن الزمن الذي تستغرقه المسافة هو ساعة إلا ربعا من بعد دخول الوقت، فهل نتيمم ونصلي أم نذهب إلى المدينة، ونتوضأ بالماء الذي لا شك في وجوده فيها (1) ؟
ج: الأفضل أن تصلوا بالتيمم حتى تصلوا في الوقت -والحمد لله – والله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} (2) فالأفضل لكم أن تصلوا بالتيمم؛ لأن المسافة بعيدة، وإن أخرتم وصليتم في المدينة، وتوضأتم والوقت باق، ولا خطر في خروجه فلا بأس في ذلك، فإذا كان الوقت أول المغرب، وبإمكانكم أن تدركوا الماء في المدينة قبل مجيء وقت العشاء قبل غروب الشفق فلا حرج عليكم في التأخير، ولكن الأفضل لكم ألا تخاطروا، وأن تصلوا المغرب بالتيمم، ثم تصلوا العشاء مع الناس في البلد إن شاء الله، وإن
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 205
(2) سورة النساء الآية 43(7/32)
جمعتم فلا حرج أيضا، أنتم مسافرون ما دمتم في السفر، وبقي عليكم من المسافة أربعون كيلو، هذه مسافة طويلة، لكم أن تصلوا جمعا بين المغرب والعشاء، ثم إذا دخلتم أنتم بالخيار إن صليتم مع الناس العشاء نافلة فلا بأس، وإلا فقد أديتم الفريضة والحمد لله.(7/33)
20 – حكم تأخير صلاة المغرب لمن لا تجب عليه الجماعة
س: من جمهورية مصر العربية هذه السائلة تقول: يا سماحة الشيخ، عندما تحين صلاة المغرب أو أي صلاة أخرى يكون وقت البرامج النافعة، كهذا البرنامج، أو أي برنامج مفيد شرعي، فأنا أقدم سماع البرنامج على الصلاة حتى ينتهي البرنامج، هل عملي صحيح (1) ؟ .
ج: لا بأس، تقديم سماع البرنامج، أو حلقة العلم، أو درس العلماء ما دام الوقت واسعا لا بأس؛ لأن هذا البرنامج يفوت والصلاة وقتها واسع والحمد لله، فإذا أخر الصلاة لأجل سماع هذا البرنامج، أو سماع موعظة، أو ما أشبه ذلك فلا بأس.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 414(7/33)
21 – حكم تقديم صلاة العشاء على المغرب نسيانا
س: تقول السائلة: لقد أذن المغرب، واعتقدت أنه أذان العشاء الآخرة، فصليت المغرب أربعا على هذه النية، ولما جلست أنا وبقية العائلة وأولادي، وأذن للعشاء استنكرت ذلك، فأخبروني أن العشاء لم يؤذن له إلا الآن، هل أعيد صلاة المغرب أم لا؟ وفقكم الله (1) .
ج: المغرب ثلاث ليست أربعا، فإذا كانت قد صلت المغرب ثلاثا بنية المغرب، ثم سمعت الأذان فصلت العشاء تحسبه أذان العشاء، وكانت قد أخرت المغرب، فهذا عليها أن تعيد العشاء فقط، أما إذا كانت ما صلت المغرب، وصلت العشاء قبل أن تصلي المغرب تحسب الأذان أذان العشاء، ونسيت المغرب فإنها تصلي المغرب، ثم تعيد العشاء؛ لأنها صلت العشاء في غير وقتها، وصلتها قبل المغرب، فالواجب أن تصليها بعد المغرب لا قبل المغرب، فإذا كانت قد صلت المغرب بعد غروب الشمس أجزأتها المغرب، وأما العشاء فتعيدها؛ لأنها قد صلتها قبل وقتها، إذا كان الأذان الذي سمعته أذان المغرب
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 37(7/34)
وصلت تحسبه العشاء فإنها تعيد العشاء؛ لأنها فعلت في غير وقتها، والصلاة في غير وقتها لا تصح، لكن إذا كانت ما صلت المغرب لا بد أن تؤدي المغرب، ثم تصلي العشاء، وصلاتها المغرب بنية العشاء هذا غلط، عليها أن تصلي المغرب ثلاثا لا أربعا، المسلم يعرف المغرب ثلاثا، والعشاء أربعا إذا كان مقيما.
فالحاصل هذه إن كانت أدت صلاة المغرب في وقتها فالحمد لله، فعليها أن تعيد العشاء؛ لأنها صلتها في غير وقتها، وإن كانت ما صلت المغرب، وإنما صلت العشاء بنية المغرب أربعا فهذا غلط باطل، فعليها أن تصلي المغرب أولا، تقضي هذا المغرب، ثم تصلي العشاء الذي فعلته في غير وقته.(7/35)
22- حكم أداء الصلاة قبل الوقت المحدد في التقويم
س: يسأل المستمع ويقول: سمعت من أحد الأشخاص قولا وهو: يجوز للمسلم أن يصلي صلاة العشاء قبل الوقت المحدد لها في التقويم، فهل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحا فما هو الدليل على ذلك؟ أفيدونا بارك الله فيكم (1) .
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم 267(7/35)
ج: ليس لأحد أن يصلي الصلوات الخمس قبل التقويم، لأنه صلى قبل الوقت؛ بل عليه أن يتقيد بالتقويم الموضوع حتى لا يوقع الصلاة في غير وقتها، إلا إذا علم أن التوقيت مخالف للوقت الشرعي، كالذي في الصحراء مثلا، ورأى الصبح قد طلع - الصبح الصادق - قبل التقويم يصلي، أو رأى الشمس غربت قبل التقويم، وهو في الصحراء يصلي إذا غابت الشمس ولا عليه من التقويم، أما إذا كان ما عنده علم فإنه يتقيد بالتقويم؛ لأن التقويم قد اشتغلت فيه لجنة، واعتنت به لمصلحة المسلمين وإراحتهم، فالواجب التقيد به في جميع الأوقات، إلا في حق من علم أن الوقت قد دخل قبل التقويم كما مثلنا، كالذي مثلا في الصحراء، أو السفر، ومعه التقويم، لكن رأى الصبح قد بان واتضح قبل التقويم، أو رأى التقويم مبكرا فالصبح ما بعد خرج، فلا يعتمد التقويم، فليعتمد الصبح، فإذا كان التقويم قد بكر وهو في الصحراء يشوف الصبح لا يصلي حتى يتضح الصبح، وإذا كان التقويم قد تأخر، ورأى الصبح خالف التقويم، وطلع طلوعا بينا - الصبح الصادق - يعتمد ما رأى، ولا يهمه التقويم، كذلك في الغروب والظهر والعصر إذا رأى أن الشمس قد زالت قبل التقويم اعتمد ذلك، أو رآها قد غربت قبل التقويم يراها بعينه.(7/36)
23 – حكم تأخير أذان العشاء في رمضان عن أول وقته
س: الناس قبل شهر رمضان كانوا يؤذنون لصلاة العشاء في السابعة تقريبا، وعندما دخل هذا الشهر الكريم صاروا يؤذنون لصلاة العشاء في الحادية عشرة في بلدنا، ما حكم هذا العمل (1) ؟
ج: النبي - صلى الله عليه وسلم - أوضح المواقيت وبينها عليه الصلاة والسلام، فوقت العشاء يدخل حين يغيب الشفق الأحمر من جهة الغرب، إذا غاب الشفق الأحمر دخل وقت العشاء إلى نصف الليل، فللمسلمين أن يؤذنوا في أول الوقت، وهو أفضل، ولهم التأخير إذا رأوا مصلحة في ذلك فلا بأس، والنبي - صلى الله عليه وسلم - رغب في التأخير في العشاء، وقال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة (2) » لما أخرها إلى ثلث الليل عليه الصلاة والسلام، فإذا رأوا في المصلحة أن يؤخرها أهل البلد، أو في المسجد على أن يؤخروها في آخر الوقت - يعني العشاء في رمضان أو في غيره – فلا بأس، لكن لا
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 265
(2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: ''لو أن لي بكم قوة '' برقم (7239) .(7/37)
يؤخروها عن الوقت، لا بد أن يكون في الوقت حتى يصلوا قبل خروج الوقت، هم مخيرون بين أوله وآخره، خصوصا العشاء، أما بقية الأوقات فالأفضل في أول الوقت، يقدمون الصلاة في أول وقتها، فيؤذن في أول الوقت، ثم يتأخر الإمام حتى يتجمع الناس ربع ساعة، ثلث ساعة، ثم يصلون، هذا هو الأفضل، إلا الظهر عند شدة الحر فيها التأخير إلا إذا رأوا الجماعة أهل المسجد، أو في القرية التقديم فلا بأس، وإذا كانوا في رمضان يصلونها مؤخرة في آخر وقتها فلا حرج إذا اتفقوا على هذا، ورأوا المصلحة في ذلك فلا بأس، أو في غير رمضان أيضا.(7/38)
24 – بيان آخر وقت صلاة العشاء
س: تقول السائلة: ما هو آخر وقت للعشاء (1) ؟ .
ج: آخر وقتها نصف الليل، إذا انتصف الليل لم يجز التأخير إليه، لكن لو كان الإنسان ساهيا أو نائما يصلي حين يستيقظ ولو في النصف الأخير؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي صلاة أو نام
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 78(7/38)
عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1) » لكن ليس له أن يؤخرها عمدا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ووقت العشاء إلى نصف الليل (2) » فليس للمؤمن ولا المؤمنة أن يؤخر صلاة العشاء إلى نصف الليل، إذا كان الليل تسع ساعات مثلا، فالنصف أربع ونصف، وإذا كان الليل عشر ساعات فالنصف الساعة الخامسة من غروب الشمس نهايتها، المقصود أن صلاة العشاء لا تؤخر إلى نصف الليل، ولا مانع من تأخيرها إلى قرب نصف الليل، لا حرج في ذلك للمرأة والمريض، أما الرجل فيصلي مع الناس في المساجد، فليس له أن يصلي في بيته ولا يؤخر؛ بل يلزمه أن يصلي مع الناس في المسجد إذا كان صحيحا، أما إذا كان مريضا فهو معذور يصلي في بيته متى شاء قبل نصف الليل.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612) .(7/39)
س: متى ينتهي وقت صلاة العشاء (1) ؟
ج: بنصف الليل، إذا انتصف الليل هذه النهاية، وقت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العشاء إلى نصف الليل، كما في حديث عبد الله بن عمرو، قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل الأوسط (2) » والليل يختلف، فإذا كان الليل عشر ساعات بمضي خمس من الليل انتهى النصف، وإذا كان الليل اثني عشر بمضي ست ساعات انتهى النصف، فلا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة بعد النصف، يصلي قبل النصف، والواجب أن يصلي في الجماعة إلا المعذور، كالمريض أو المرأة فليس لهم أن يؤخروها إلى ما بعد نصف الليل.
س: علمت منكم سماحة الشيخ أن هناك وقتا أيضا يمكن أن يصلي فيه المسلم صلاة العشاء وهو بعد منتصف الليل (3) .
ج: إذا فاتته صلاها بعد النصف؛ لأن ما بعد النصف وقت ضرورة
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 19
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612) .
(3) السؤال العاشر من الشريط رقم 19(7/40)
إلى طلوع الفجر، مثل من فاتته صلاة العصر حتى اصفرت الشمس، يصليها ولو بعد اصفرار الشمس، ويكون آثما إذا كان تعمد هذا، ولكن صلاتها في الوقت، ولكن ليس له أن يؤخر إلى ما بعد نصف الليل، وليس له أن يؤخر العصر إلى ما بعد اصفرار الشمس، لكن لو أنه مثلا عرض عارض، واصفرت الشمس ليس له التأخير، بل يبادر ويصلي قبل غروب الشمس صلاة العصر، ويتوب إلى الله إن كان متعمدا، وهكذا العشاء لو أخرها غفلة منه أو سهوا منه حتى انتصف الليل عليه التوبة مع فعلها بعد نصف الليل. لا يؤخر إلى الفجر، يجب أن يبادر حتى يصليها بعد نصف الليل مع التوبة إلى الله إذا كان عن تعمد، أما إن كان عن نسيان أو عن نوم فلا شيء عليه.
س: هل ينتهي وقت صلاة العشاء بحلول منتصف الليل (1) ؟
ج: نعم، إذا انتصف الليل انتهى وقت العشاء بنص النبي عليه الصلاة والسلام، يبقى وقت الضرورة كما بعد اصفرار الشمس في وقت العصر لو صلاها بعد نصف الليل تكون في الوقت، لكن مع الإثم إذا أخرها عامدا، أما إذا كان ناسيا فلا شيء عليه. ووقت الضرورة يمتد إلى طلوع
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 186.(7/41)
الفجر، وكل ما كان بعد نصف الليل كان في وقت الضرورة، ولا يجوز له التأخير؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل (1) »
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612) .(7/42)
25 – حكم تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها
س: ما حكم تأخير صلاة العشاء عن وقتها، وهل ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تأخيرها حديث (1) ؟
ج: نعم، صلاها مرة متأخرا، وقال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (2) » وكان يستحب أن يؤخر العشاء بعض الشيء، عليه الصلاة والسلام، فوقتها إلى نصف الليل، فإذا اتفق أهل القرية، أو أهل المسجد على التأخير فلا بأس إلى ثلث الليل قبل نصف الليل إذا اتفقوا فلا بأس فهو أفضل، وإلا فالسنة أن يبكر بها حتى لا يشق على الناس، كما كان
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 222
(2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: ''لو أن لي بكم قوة '' برقم (7239) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638) .(7/42)
النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، كان عليه الصلاة والسلام إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخرها، وأخرها في بعض الأوقات فقال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (1) » وكان أخرها إلى ثلث الليل، وفي بعض الأحاديث إلى قرب شطر الليل.
فالحاصل أن الإمام لا يشق على الناس؛ بل يصلي بهم كالعادة يبكر، لكن إذا كانوا يستحبون التأخير، واتفقوا معه على التأخير إلى ثلث الليل قبل نصف الليل فلا بأس مهما تأخروا فهو أفضل إذا تراضوا عليه.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: ''لو أن لي بكم قوة '' برقم (7239) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638) .(7/43)
26 – حكم تأخير صلاة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل
س: سمعت بأنه يجوز أن يؤخر الإنسان صلاة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل، فهل هذا صحيح في بعض الأحيان (1) ؟
ج: لا يجوز تأخيرها عن نصف الليل، النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت إلى نصف الليل، أما بعد نصف الليل فلا، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «وقت العشاء إلى نصف الليل (2) » الصلاة تصلى قبل نصف الليل.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 426
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612) .(7/43)
س: إنني في بعض الأيام أكون متعبة كثيرا، فأنام ولا أقوم لصلاة العشاء إلا بعد منتصف الليل، كيف توجهونني؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: الواجب عليك، وعلى غيرك أداء الصلاة قبل نصف الليل، وإذا كنت متعبة فبادري بها أول وقتها إذا غاب الشفق، يعني إذا أذن العشاء بكري بالصلاة ونامي – والحمد لله – أما التأخير حتى يفوت الوقت فلا يجوز لا للمريض ولا للصحيح، والواجب أن تصلى في وقتها، ووقتها إلى نصف الليل، فإذا كان الليل عشر ساعات إذا مضى خمس من الليل انتهى الوقت، لا يجوز تأخيرها لأكثر من خمس، وإذا كان الليل اثني عشر ينتهي الوقت من الساعة السادسة بعد غروب الشمس، المقصود أنه لا يجوز للرجل ولا للمرأة تأخير الصلاة - صلاة العشاء – إلى بعد نصف الليل ولو كان مريضا؛ بل يلزمه أن يقدمها قبل نصف الليل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ووقت العشاء إلى نصف الليل (2) »
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 320.
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612) .(7/44)
27 – بيان السنة للإمام في تأخير صلاة العشاء في حق الرجال
س: ما حكم تأخير صلاة العشاء عن وقتها؟ لأن بعض الناس(7/44)
يقولون: إن تأخيرها عن وقتها للنساء أفضل (1) .
ج: السنة في العشاء في حق الرجال إذا رآهم الإمام اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخر بعض الشيء حتى يجتمعوا، هكذا النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلها في صلاة العشاء إذا رآهم اجتمعوا وتواصلوا صلى، وإذا رآهم تأخروا لم يعجل عليه الصلاة والسلام حتى يتلاحقوا.
أما المرأة فتصلي في بيتها متى تيسر لها ذلك، إذا غاب وقت المغرب غاب الشفق الأحمر، وأذن العشاء تصلي سواء في أول الوقت أو في آخره، وقت العشاء ينتهي إلى نصف الليل، تصلي قبل نصف الليل - والحمد لله – متى يسر الله لها، من غروب الشفق إلى نصف الليل، والأذان علامة على دخول الوقت إذا دخل وقت العشاء، فإذا صلت بعد الأذان حصل المقصود، أو تأخرت بعض الوقت لا بأس، لكن يكون قبل نصف الليل.
س: السائلة: ن. ح. س. من حائل تقول: سمعت من بعض الناس أنهم يقولون بأن صلاة العشاء تؤخر إلى الساعة العاشرة فقط،
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم 308.(7/45)
وينتهي وقت الصلاة، فهل هذا صحيح (1) ؟
ج: صلاة العشاء وقتها إلى نصف الليل، والليل يختلف: يطول ويقصر، فالواجب أن تؤدى الصلاة قبل النصف؛ لأن الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت العشاء إلى نصف الليل، فالواجب على الرجال والنساء أن يقدموا الصلاة قبل النصف، فالرجل يصلي في الجماعة في المساجد، والمرأة تلاحظ هذا حتى تصلي قبل النصف.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 368.(7/46)
28 – بيان المدة التي يجوز تأخير صلاة العشاء إليها
س: تقول السائلة: هل من الأفضل تأخير صلاة العشاء؟ وكم يكون مقدار هذا التأخير (1) ؟
ج: نعم، الأفضل إذا لم يكن هناك حرج التأخير إلى ثلث الليل، ولا بأس أن يؤخر إلى قبيل نصف الليل، ولا يؤخر عن نصف الليل، فإن نهاية الوقت نصف الليل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ووقت
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 128.(7/46)
العشاء ما لم ينتصف الليل (1) » فإذا أخر إلى ثلث الليل مثل المرأة في بيتها، والجماعة في قرية أو في محل، يختارون التأخير ولا مشقة عليهم، فلا بأس أن يؤخروا؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أخر ذات ليلة حتى قرب النصف، وبعض الروايات إلى ثلث الليل، بين أنه لوقتها، وقال: «لولا أن أشق على أمتي (2) »
الحاصل أنه إذا اتفق أهل القرية، أو جماعة مسافرون، أو أهل البيت من المرضى والنساء أن يؤخروها، وأنه لا مشقة عليهم فهو أفضل، تأخيرها عن أول وقتها إلى وسط وقتها، أو إلى ثلث الليل، أو إلى قبيل النصف هو أفضل؛ كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، أما إذا كانوا جماعة فيجب ملاحظة عدم المشقة عليهم، في المساجد تصلى في أول وقتها، وكان يستحب أن يؤخر العشاء عليه الصلاة والسلام، فلو أخر بعض الشيء حتى يتلاحقوا، ثم يصلي بهم، ولا يشق عليهم في التأخير الطويل، وكان عليه الصلاة والسلام إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخر، يراعيهم في العشاء؛ لأن الناس قد تكون لهم حاجات بين العشاءين، أو قد يكون
__________
(1) أخرجه النسائي في كتاب المواقيت، باب آخر وقت المغرب، برقم (522) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: ''لو أن لي بكم قوة '' برقم (7239) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638) .(7/47)
عندهم ضيوف، أو قد يكون عندهم أشياء، فينبغي للإمام في القرية، وإمام المسجد أن يلاحظ أحوال جماعته، فإذا رآهم اجتمعوا عجل ولم يشق عليهم، وإذا رآهم تأخروا أخر مراعاة لأحوالهم؛ عملا بسنته عليه الصلاة والسلام.(7/48)
29 – بيان أن تأخير صلاة العشاء أفضل عند عدم الخروج
س: يقول البعض: إن تأخير صلاة العشاء أفضل، فهل هذا القول صحيح؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: نعم، تأخير صلاة العشاء أفضل إلى ثلث الليل إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر؛ لخوف، النوم أو مشاغل تحدث لم يؤخرها؛ بل صلاها في أول الوقت، وهكذا الرجال، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رآهم اجتمعوا للعشاء عجلها، وإذا رآهم تأخروا أخرها عليه الصلاة والسلام، وصلاها ذات يوم وقد مضى ثلث الليل، وقال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (2) » فالأفضل مراعاة حال المأمومين في حق الرجال إذا
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 322
(2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: ''لو أن لي بكم قوة '' برقم (7239) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638) .(7/48)
اجتمعوا، صلى بهم ولو في أول الوقت، وإذا تأخروا أخر، أما المرأة والمريض في البيت فإن الأفضل له التأخير، الأفضل تأخير صلاة العشاء إلا إذا كان يخشى أن ينام، أو يخشى من مشاغل أخرى فإنه يقدمها.(7/49)
30 – حكم تأخير صلاة العشاء للنساء
س: الأخت ع. م. ع. من بريدة حي السالمية، تسأل وتقول: سمعت أنه يستحب تأخير وقت صلاة العشاء للرجال، فهل يجوز ذلك للنساء (1) ؟
ج: نعم، يستحب للرجال والنساء تأخير صلاة العشاء؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لما أخرها ذات ليلة إلى نحو ثلث الليل قال عليه الصلاة والسلام: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (2) » فإذا تيسر تأخيرها من دون مشقة فهو أفضل، فلو كان أهل قرية، أو جماعة في السفر أخروها؛ لأنه أرفق بهم إلى ثلث الليل، فلا بأس بذلك؛ بل هو أفضل، لكن لا يجوز تأخيرها بعد نصف الليل، النهاية هي نصف الليل؛
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 156.
(2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: ''لو أن لي بكم قوة '' برقم (7239) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638) .(7/49)
لأن وقت العشاء يتحدد آخره بنصف الليل، يعني الاختباري نصف الليل، كما في حديث عبد الله بن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل (1) » أما إذا كان تأخيرها قد يشق على بعض الناس فإن المشروع تعجيلها، ولهذا قال جابر رضي الله عنه: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في العشاء إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخرها (2) » وقال أبو برزة رضي الله عنه «كان النبي عليه الصلاة والسلام يستحب أن يؤخر من العشاء (3) » فالخلاصة أن تأخيرها أفضل إذا تيسر ذلك من دون مشقة، ولكن لا يجوز تأخيرها بعد نصف الليل؛ بل النهاية نصف الليل.
س: إن والدتي - يحفظها الله – كثيرا ما تؤخر صلاة العشاء إلى ما بعد التاسعة والنصف، فإذا ناقشتها في ذلك قالت: إن وقت العشاء طويل، وهو لا يفوت إن شاء الله. فما هو توجيه
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت المغرب برقم (560) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العصر، برقم (547) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها، برقم (647) .(7/50)
سماحتكم؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: لا حرج في تأخير صلاة العشاء إلى آخر وقتها في حق النساء، وحق المعذورين، والمرضى الذين لا يحضرون الجماعة؛ بل تأخيرها أفضل إلى ثلث الليل، وربما يقارب نصف الليل؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه ذات ليلة وقد مضى ثلث الليل، ثم قال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (2) » وكان عليه الصلاة والسلام في صلاة العشاء إذا رأى الناس اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخرها، فالأفضل تأخيرها في حق النساء والمرضى الذين لا يحضرون الجماعة، ومن أشبههم ممن له عذر في عدم حضور الجماعة، أما أهل المساجد فإنهم يصلون متى اجتمعوا، وإذا أخرها الإمام لانتظارهم حتى يجتمعوا فذلك أفضل؛ لفعله عليه الصلاة والسلام، ومتى اجتمعوا فإنه يعجلها ولا يشق عليهم.
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 325.
(2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: ''لو أن لي بكم قوة '' برقم (7239) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638) .(7/51)
31 – حكم النوم بين المغرب والعشاء
س: أنا طالبة في الكلية، ودائما لا نخرج منها إلا بعد الساعة الثانية،(7/51)
وأكون منهكة، وأحاول الصبر إلى أن تحين صلاة العصر، ثم المغرب، وبعد ذلك أنام ولا أستيقظ إلا في الحادية عشرة ليلا، ثم أصلي العشاء، فهل علي إثم في تأخير صلاة العشاء إلى الحادية عشرة (1) ؟
ج: النوم بين المغرب والعشاء مكروه، كان النبي يكره النوم قبلها والحديث بعدها، فينبغي الصبر حتى تصلي العشاء إذا غاب الشفق، ولكن لو أخرت العشاء وصليتها قبل نصف الليل فلا بأس، المعول عليه نصف الليل، والليل يختلف، فلا بد أن تصلي العشاء قبل نصف الليل، ولكن يكره لك النوم بين المغرب والعشاء، إذا استطعت ذلك، وإذا استرحت بين العصر وبين المغرب كان أولى من النوم بعد المغرب؛ لأن النوم بعد المغرب مكروه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يكره النوم قبله والحديث بعده، يعني بعد العشاء.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 166.(7/52)
32 – حكم تأخير صلاة العشاء إلى منتصف الليل
س: سائلة تقول: أنا أصلي العشاء في منتصف الليل، وأتذكر أمي(7/52)
المتوفاة رحمة الله عليها، وأكثر لها من الدعاء، وأتذكر تصرفات أمي في جميع أرجاء البيت، فأنهمر بكاء، ولم أعد أقدر على الدعاء، ولم أعد أقدر أن أنام، فهل علي ذنب والحال ما ذكرت؟ جزاكم الله خيرا، وهل يلحق أمي تأثير بسبب هذا؟ أفيدوني ووجهوني، جزاكم الله خيرا (1) .
ج: الواجب عليك أن تقدمي الصلاة على نصف الليل، الصلاة قبل نصف الليل، صلاة العشاء إذا غاب الشفق الأحمر من جهة المغرب دخل وقت العشاء إلى نصف الليل، فعليك أن تصليها قبل نصف الليل، وأما الدعاء لوالدتك فهذا أمر مطلوب، النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (2) » والولد يشمل الذكر والأنثى، يقال للبنت: ولد، وللذكر: ولد، والمعنى أن دعاء الولد: الذكر أو الأنثى مطلوب وينفع الوالد، فأنت مأجورة على دعائك لها، لكن لا تنوحي
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 284.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631) .(7/53)
عليها، أما دمع العين فلا يضر لكن لا تنوحي، لا ترفعي الصوت، ومجرد دمع العين لا يضر، والواجب عليك الحذر، والمشروع الإكثار من الدعاء لها، جزاك الله خيرا.(7/54)
33 – حكم تأخير صلاة العشاء إلى الساعة الثانية عشرة للنساء
س: هل صلاة العشاء بعد الثانية عشرة مساء للنساء هل هي جائزة؟ وهل تكره في الحادية عشرة والنصف مثلا (1) ؟
ج: صلاة العشاء إلى نصف الليل، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وقت العشاء إلى نصف الليل (2) » فليس للمرأة أن تؤخرها إلى نصف الليل، والليل يختلف يطول ويقصر، فإذا كان الليل تسع ساعات فالنصف يكون الساعة الرابعة والنصف بالتوقيت الغروبي، وإذا كان الليل اثنتي عشرة ساعة بالتوقيت الغروبي صار النصف الساعة السادسة، فإذا بلغت السادسة هذا النصف ليس للمريض ولا للمرأة تأخيرها إلى نصف الليل، أما المعافى من الرجال فإنه يصلي مع الناس في المساجد،
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 337.
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612) .(7/54)
يلزمه ذلك، لكن لو صلى في البيت لمرضه، والمرأة كذلك فإن عليهما أن يصليا قبل النصف صلاة العشاء.(7/55)
34 – حكم تأخير الصلاة إلى ما بعد منتصف الليل لأجل المذاكرة.
س: الأخت ح. م. أ. من المملكة تقول: فتاة في أيام الامتحانات تذاكر، وجاء وقت صلاة العشاء ولم تصل، وتعلم بخروج الوقت إلى أن أصبحت الساعة الثانية عشرة ليلا، وبعدما انتهت من المذاكرة صلت العشاء، فما الحكم؟ وهي نادمة على ذلك، هل عليها كفارة (1) ؟
ج: الواجب عليها التوبة إلى الله إذا خرج الوقت؛ لأن الوقت ينتهي بنصف الليل، فعليها أن تصلي العشاء قبل نصف الليل، فإذا تساهلت فعليها التوبة والاستغفار، تصلي ولو بعد نصف الليل، لكن تستغفر ربها ولا تعود، النبي قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل (2) » يبتدئ حساب الليل من غروب الشمس بالساعة، المقصود أن السنة لها؛ بل الواجب
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 423.
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612) .(7/55)
عليها وعلى غيرها أن تكون صلاة العشاء قبل نصف الليل، ولا بأس بتأخيرها بعد الثلث الأول قبل نصف الليل لا بأس، لكن التأخير إلى ما بعد نصف الليل لا يجوز.(7/56)
35- حكم الصلاة في حالة النعاس الشديد
س: إذا استيقظ أحد من نومه، وهو في حالة نعاس شديد، ووجد أنه لم يصل العشاء، هل يصلي العشاء وإن كان في حالة النعاس (1) ؟
ج: يلزمه أن يصلي ويعالج الموضوع، يلزمه أن يقوم قبل خروج الوقت، يلزمه أن يجاهد نفسه، يتوضأ ويعتني بالسواك، ويفعل ما يعينه على محاربة النعاس حتى يصلي فريضته التي أوجب الله عليه، وليس له عذر أن ينام ويقول: أنا مشغول بالنعاس. يجب أن يحارب النعاس حتى يصلي الفريضة.
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 204.(7/56)
36 – بيان امتداد الوقت الضروري للعشاء إلى طلوع الفجر
س: ما حكم صلاة العشاء الأخير قبل الفجر بساعة أو ساعتين (1) ؟
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 355.(7/56)
ج: العشاء نهاية وقتها النصف، لا يجوز تأخيرها إلى نصف الليل، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وقت العشاء إلى نصف الليل (1) » فليس للناس أن يؤخروها إلى ما بعد النصف، إذا أخرها أثم، وهي في الوقت ما لم يطلع الفجر وقت ضروري، مثل لو أخر صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس حرم عليه، ولكنها في الوقت إذا صلاها حتى تغرب الشمس، لكن لا يجوز أن تؤخر العصر إلى أن تصفر الشمس، ولا يجوز أن تؤخر العشاء إلى نصف الليل.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612) .(7/57)
37 – بيان أن صلاة الصبح هي صلاة الفجر
س: يخلط كثير من الناس بين صلاة الفجر وصلاة الصبح، كأنهم يجعلونها قسمين، فهل من توجيه؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: صلاة الصبح هي صلاة الفجر، ليس هناك فرق، صلاة الصبح هي صلاة الفجر ليس هناك صلاتان، وهي ركعتان فريضة بإجماع المسلمين بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس ركعتان، والأفضل أن تؤدى بغلس قبل الإسفار الكامل، يؤديها الرجل في جماعة، إلا المريض الذي لا
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 246.(7/57)
يستطيع، فيصليها في البيت، والمرأة تصليها في البيت قبل الشمس، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد طلوع الشمس، بل يجب أن تؤدى قبل طلوع الشمس، والأفضل في أول الوقت، وقت الغلس، مع بيان الفجر واتضاح الفجر وانشقاقه، يقال لها: صلاة الفجر، ويقال لها: صلاة الصبح، ويجب على المسلم أن يعتني بها، ويحافظ عليها في وقتها، ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس كما يفعل بعض الناس يؤخرها حتى يقوم للعمل، هذا منكر عظيم، وهو كفر عند جمع من أهل العلم، نسأل الله العافية، فالواجب الحذر، وأن يحافظ عليها في وقتها الرجل والمرأة جميعا، ويشرع أن يؤدي قبلها ركعتين سنة راتبة، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلها، ويحافظ عليها كما روت عائشة رضي الله عنها: «لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد تعهدا منه على ركعتي الفجر (1) » وكان يقول - صلى الله عليه وسلم -: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما عليها (2) » فينبغي المحافظة عليها، سنة الفجر ركعتان
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب تعاهد ركعتي الفجر، برقم (1163) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب سنة ركعتي الفجر، برقم (725) .(7/58)
خفيفتان، يقرأ فيها الفاتحة و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (1) في الأولى، وفي الثانية الفاتحة، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) وهذا هو الأفضل، أو يقرأ بآية البقرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} (3) . . . . في الأولى، وفي الثانية، آية آل عمران: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} (4) . . . . فعل النبي هذا، وهذا عليه الصلاة والسلام، ومن قرأ بغير ذلك فلا بأس، فمن قرأ مع الفاتحة بغير ذلك فلا حرج، ولكن كونه يقرأ بما قرأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا أفضل، ويقرأ بهاتين السورتين أيضا في سنة المغرب بعد الفاتحة: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (5) في الأولى، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (6) في الثانية، ويقرأ بها أيضا في ركعتي الطواف، كل هذا فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، يقرأ بهاتين السورتين بعد الفاتحة في سنة الفجر والمغرب وسنة الطواف، وإن قرأ في بعض الأحيان في سنة الفجر بآية البقرة:
__________
(1) سورة الكافرون الآية 1
(2) سورة الإخلاص الآية 1
(3) سورة البقرة الآية 136
(4) سورة آل عمران الآية 64
(5) سورة الكافرون الآية 1
(6) سورة الإخلاص الآية 1(7/59)
{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (1) . . . . وبآية آل عمران في الثانية، وهي قوله سبحانه: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} (2) . . . . فهذا أيضا سنة فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن قرأ في هذه الركعات بغير ذلك فلا حرج؛ لقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (3)
__________
(1) سورة البقرة الآية 136
(2) سورة آل عمران الآية 64
(3) سورة المزمل الآية 20(7/60)
38 – بيان أن صلاة الصبح إحدى الفرائض الخمس
س: تسأل المستمعة وتقول: هل صلاة الصبح فرض أم نفل؟ ومتى وقتها؟ أرجو الإيضاح في ذلك جزاكم الله خيرا (1) .
ج: صلاة الفجر إحدى الفرائض الخمس بإجماع المسلمين، يجب على كل مكلف، وعلى كل مكلفة أداء الصلوات الخمس: الفجر ثنتان، والظهر أربع ركعات، والعصر أربع ركعات، والمغرب ثلاث ركعات، والعشاء أربع ركعات.
يجب على جميع المكلفين من الرجال، ومن النساء من المسلمين،
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 404.(7/60)
يجب عليهم أن يصلوا هذه الصلوات الخمس بطمأنينة وإخلاص لله، يصلي الفجر ركعتين، يقرأ الفاتحة وما تيسر معها في الأولى، ثم يركع ويطمئن، ثم يرفع ويعتدل ويطمئن، ثم يسجد السجدتين ويطمئن فيهما، ويقول فيها: سبحان ربي الأعلى. ويقول في الركوع: سبحان ربي العظيم، ويجلس بين السجدتين، ويطمئن ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، ويطمئن ويعتدل بعد الركوع وهو واقف مطمئن قبل أن يسجد، ثم الركعة الثانية كذلك، ثم يجلس ويقرأ التحيات المعروفة، ثم بعد قراءة التحيات، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنه المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ويدعو بما تيسر من الدعاء، ومن ذلك: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ثم يسلم تسليمتين، السلام عليكم ورحمة الله عن يمنه، السلام عليكم ورحمة الله عن يساره، وفي الظهر أربع ركعات يصلي ركعتين بالفاتحة وما تيسر معها، ثم يجلس في التشهد الأول يقرأ التحيات إلى الشهادتين، وإذا صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون أفضل، ثم يقوم يأتي بالركعة الثالثة والرابعة والعصر كذلك، والعشاء كذلك أربع ركعات، أما المغرب فثلاث. . . يصلي ركعتين، ويجلس في التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بركعة ثالثة،(7/61)
ويجلس للتشهد الأخير، بعد الصلاة على النبي والدعاء ويسلم، إلا المسافر فإنه يصلي الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين قصرا، أما الفجر فعلى حالها في السفر والحضر، وهكذا المغرب على حالها في السفر والحضر، والواجب على كل مكلف أن يتعلم، ويتفقه في الدين، هذا هو الواجب؛ لأنه مخلوق لعبادة الله.
الله يقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1) والصلوات من هذه العبادة التي أنت مخلوق لها، فيجب أن تتعلم ويجب على المرأة أن تتعلم، تسال أهل العلم حتى تتفقه في دين الله، وحتى تكون على بينة، وهكذا الرجل يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (2) » ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (3) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «من
__________
(1) سورة الذاريات الآية 56
(2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة برقم 1037.
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره برقم 1893.(7/62)
سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (1) » وأنا أنصح بسماع إذاعة القرآن؛ ففيها علم، وفيها نور على الدرب للعلماء، فيها محاضرات وندوات علمية مفيدة، أنصح جميع إخواني وأخواتي في الله أن يستمعوا لإذاعة القرآن، ويستفيدوا منها، وأن يسألوا أهل العلم عما أشكل عليهم، من طريق الهاتف، أو من طريق المكاتبة، لا بد من التفقه في الدين، لا بد من السؤال، وفق الله الجميع.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر برقم 2699.(7/63)
39 – بيان آخر وقت صلاة الفجر
س: هذا السائل يقول: سماحة الشيخ، هل صلاة الصبح تحل مكان صلاة الفجر لظروف عملي، وعدم المقدرة على الاستيقاظ لصلاة الفجر؟ وما هو آخر وقت لصلاة الفجر؟ وما آخر وقت لصلاة الصبح؟ مأجورين (1)
ج: الواجب عليك أن تصلي مع المسلمين، إذا أذن تذهب إلى المسجد وتصلي مع المسلمين، وآخر وقت لصلاة الفجر طلوع
__________
(1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم 425.(7/63)
الشمس، إذا طلعت ذهب الوقت، ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس، ولا يجوز ترك الجماعة مع المسلمين، يجب أن تصلي مع المسلمين في المسجد، الله جل وعلا يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (1) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (2) » قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض، وجاءه رجل أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (3) » ولا يجوز أن يؤخر الصلاة إلى ما بعد طلوع الشمس، هذا كفر وضلال، نسأل الله العافية، التعمد هذا كفر وضلال، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكافر والشرك ترك الصلاة (4) » نسأل الله
__________
(1) سورة البقرة الآية 43
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(7/64)
العافية، والأسباب المعينة: التبكير، كونه يذهب للنوم مبكرا لا يصيف، ويركد الساعة قبل الأذان حتى يقوم، أو يعمد أهله الطيبين يوقظونه، يفعل الأسباب، أما إذا كان يسهر ولا ينام إلا عند الفجر، هذا كالمتعمد، نسأل الله العافية، فعليه أن يبكر ولا يسهر، وعليه أن يعتني بالساعة يركدها قرب الأذان، أو يعمد أهله الطيبين يوقظونه، لا يتساهل، يفعل الأسباب.(7/65)
40 – حكم تأخير صلاة الفجر
س: قد يعيش مع الإنسان أناس يصلون، ولكنهم يتأخرون في صلاة الفجر بمقدار ساعة، ما هو التوجيه لو تكرمتم (1) ؟
ج: الواجب على المسلم والمسلمة فعل الصلاة في الوقت، الفجر والمغرب والعشاء والظهر والعصر، يجب على المسلم أن يعتني بأداء الصلاة في الوقت، ولا يجوز لكل منهما تأخيرها عن الوقت، ويزيد الرجل في ذلك صلاتها في الجماعة في مساجد الله، والمرأة تصليها في البيت؛ لأنه خير لها، ولا يجوز له ولا لها التأخير عن الوقت، فالفجر تصلى قبل طلوع الشمس، والظهر بعد الزوال وقبل وقت العصر،
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 192.(7/65)
والعصر في وقتها قبل أن تصفر الشمس، والمغرب في وقتها قبل أن يغيب الشفق، والعشاء في وقتها قبل أن ينتصف الليل، عليهما جميعا فعلها في الوقت، وعلى الرجل أن يصليها في الجماعة في مساجد الله لا في البيت، فصلاتها في البيت للرجل مشابهة لأعداء الله المنافقين، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (1) فلا يجوز للمسلم أن يتشبه بأعداء الله المنافقين لا بالكسل في الصلاة والتثاقل عنها، ولا بفعلها في البيت؛ بل يجب أن يسابق إليها، وأن يؤديها مع الجماعة في مساجد الله في وقتها مع الجماعة، وعلى المرأة كذلك أن تؤديها في وقتها، وأن تحذر التكاسل والتثاقل؛ لأن هذا من صفات أهل النفاق، ولا يجوز تأخير الفجر إلى طلوع الشمس؛ بل يجب أن تصلى في الوقت، وما يفعله بعض الناس من تأخيرها حتى يقوم إلى العمل هذا منكر عظيم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى كفر من فعل ذلك وتعمده، نسأل الله العافية.
فالواجب الحذر، وأن يصليها في الوقت، وأن يحرص على أدائها في الجماعة، وألا يطيع الشيطان في ذلك، وعلى زوجته أن تعينه على ذلك
__________
(1) سورة النساء الآية 142(7/66)
بالإيقاظ والوعظ والتذكير، وأن يتخذا ساعة منبهة تعينهما على ذلك، إلا إذا كان عندهما من يوقظهما، فالمقصود أن الواجب أن تؤدى الصلوات الخمس في أوقاتها جميعها مع الجماعة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (1) » فقد ثبت عنه في الصحيحين عليه الصلاة والسلام أنه هم أن يحرق على المتخلفين عن صلاة الجماعة بيوتهم؛ لعظم جريمتهم؛ ولأنهم متشبهون في ذلك بالمنافقين، فعلى المؤمن أن يحذر ذلك، وأن يتقي الله، وعلى المرأة أن تتقي الله، وأن تؤدي الواجب، فالصلاة تؤدى في وقتها، وهكذا بقية الواجبات، عليها أن تحرص عليها، وعلى الرجل أن يحرص على أداء ما أوجب الله عليه بالصلاة في وقتها، والزكاة في وقتها، والصيام في وقته، وهكذا على كل منهما أن يعتني بما أوجب الله عليه، وأن يحذر ما حرم الله عليه؛ لأن هذه الدار دار العمل، وكلاهما مخلوق للعبادة، يقول الله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (2) لم يخلق للأكل والشرب والعمل فيما يحصل الدنيا، لا، خلق لعبادة
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .
(2) سورة الذاريات الآية 56(7/67)
الله، الرجل خلق ليعبد ربه، والمرأة كذلك، فالجن والإنس جميعا خلقوا ليعبدوا الله، وعبادة الله هي طاعته بفعل أوامره وترك نواهيه، والإخلاص له سبحانه، والتعظيم له، والصدق في ذلك، ومتابعة نبيه عليه الصلاة والسلام عن رغبة فيما عند الله، ورهبة فيما عنده سبحانه وتعالى، هكذا يجب على الرجال والنساء من الجن والإنس، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.
س: يقول السائل: أنا أحيانا أصلي الفجر قبل طلوع الشمس بخمس أو بعشر دقائق، هل صلاتي والحال ما ذكر مقبولة (1) ؟
ج: نعم، إذا أديتها قبل طلوع الشمس صحت، ولكن لا يجوز لك التأخير؛ بل يجب عليك أن تصلي مع الجماعة في المساجد في بيوت الله جل وعلا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (2) » وقد سأله رجل أعمى قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 237.
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .(7/68)
بالصلاة، قال: نعم. قال: فأجب (1) » فأمر هذا الأعمى أن يجيب إلى المساجد وهو أعمى، فكيف بالبصير؟ الواجب عليك أن تستيقظ قبل وقت الصلاة حتى تتأهب وتصلي مع الجماعة في مساجد الله، وإذا تأخرت ولم تحضر صلاة الجماعة وجب عليك أن تصلي في الوقت، وأن تبادر بها قبل طلوع الشمس، وأن تبتعد عن الخطر، لا تؤخرها إلى قرب طلوع الشمس؛ لئلا تطلع الشمس عليك، وعليك التوبة إلى الله من تأخيرك، ومن عدم الصلاة في الجماعة، عليك التوبة إلى الله، والندم، وعدم العودة إلى ذلك، وأن تجاهد نفسك جهادا كبيرا حتى تصلي مع الجماعة في وقت الصلاة؛ الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر كلها، الرجل يصلي مع المسلمين في المساجد، ولا يجوز له أن يتشبه بالمنافقين في أدائها في البيت، نسأل الله للجميع التوفيق.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .(7/69)
41 – بيان ما يلزم من قام من النوم قبيل طلوع الشمس
س: إنني أقوم صباحا في بعض الأيام متأخرا، ولم يبق على طلوع الشمس سواء ست أو سبع دقائق، وأتوضأ، فهل أبدأ بصلاة(7/69)
الفرض أم بسنة الصبح، لأنني أخشى إن صليت السنة أن تطلع الشمس، ويخرج وقت صلاة الفرض (1) ؟
ج: الواجب عليك أن تركد الساعة على وقت الفجر، أو قبله بقليل حتى تقوم قبل الأذان، وتتهيأ للصلاة، وتصلي مع المسلمين في الجماعة، ولا يجوز لك التأخير حتى يفوت وقت الجماعة أو يفوت الوقت، هذا حرام منكر، وتشبه بأعداء الله المنافقين، فالواجب على كل مسلم أن يعتني بالصلاة في الجماعة في الفجر وغيرها، ويستعين بالله، ثم بالساعة، الساعة نافعة إذا كان ما عنده من يوقظه حتى يستيقظ قبل الأذان، فيتمكن من الوضوء والغسل إن كان عنده زوجة، والحضور مع المسلمين في المساجد حتى يصلي مع الجماعة، هذا هو الواجب على المسلم، ولا يجوز له التأخر عن هذا والتساهل عن هذا، والتساهل بهذا من مشابهة المنافقين الذين قال الله فيهم سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (2) ثم يتوجه إلى المسجد، ويصلي مع الناس، وإذا كان فاتته الصلاة يبدأ بالسنة الراتبة
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 223.
(2) سورة النساء الآية 142(7/70)
يصلي ركعتين خفيفتين السنة الراتبة، ثم يصلي الفريضة، كان النبي يصليهما، ولو فات الوقت، ربما نام عن الصلاة في بعض أسفاره - صلى الله عليه وسلم -، فلم يستيقظ إلا بحر الشمس، فإذا قام أمر بالأذان، وصلى السنة الراتبة، وصلى الفجر عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن إذا غلبه النوم، ولم يقم إلا متأخرا فإنه يصلي سنة الفجر، ثم يصلي الفريضة، ولو طلعت الشمس ولو بعد طلوع الشمس، السنة أن يقدمها قبل الصلاة، ولو عند طلوع الشمس، لكن لا يجوز له أبدا أن يتأخر في القيام إلى الصلاة إلى أن تفوته صلاة الجماعة؛ بل يجب وجوبا، ويتعين عليه أن يفعل الأسباب التي تجعله يستيقظ حتى يحضر الصلاة مع المسلمين في أوقاتها، الفجر وفي غيرها، رزق الله الجميع الهداية.(7/71)
42 – بيان المدة بين الأذان والإقامة
س: السائل ح. م. ع، من جمهورية مصر العربية يقول: نحن نعمل في مزرعة، ولا يوجد بها مسجد، وأنا أصلي الصلاة بعد الأذان بحوالي نصف ساعة، فهل هذا يكون في وقت الصلاة أم لا؟ وإذا لم يكن في وقتها فما هي المدة المحددة بين الأذان والإقامة (1) ؟
__________
(1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم 399.(7/71)
ج: الأمر في هذا واسع والحمد لله، عندك التقويم، تعرف التقويم، تعمل بالتقويم المعروف، التقويم هذا معروف ومستقيم، لا بأس بالتقويم، تقويم أم القرى يكون عندك في مزرعتك حتى تعرف الأوقات، إذا كان ما تسمع الأذان، ما حولك مساجد يكون عندك التقويم، وتعمل به بعد التوقيت، ربع ساعة، ثلث ساعة، تصلي، نصف ساعة، لا بأس، في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ولكن المغرب يكون الأفضل لا تتأخر بعد عشر دقائق، ربع ساعة، تبادر بالمغرب؛ لأن الرسول كان يبادر به عليه الصلاة والسلام، المقصود يكون عندك نسخة من التقويم حتى تعرف الأوقات إذا كانت المساجد بعيدة عنك لا تسمع الأذان.(7/72)
43 – حكم الصلاة قبل الأذان
س: مستمعة تسأل عن والدها، فتقول: إنه يصلي قبل الأذان، فما هو توجيهكم (1) ؟
ج: إذا كان يعلم أن المؤذن تأخر عن الأذان، وأن الوقت دخل، وهو معذور مريض لا يستطيع أن يذهب إلى المسجد له أن يصلي، أما أن
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 317.(7/72)
يصلي هكذا بدون نظر فلا يجوز إلا بعد الأذان، لكن لو كان الإنسان حصيفا، ويعرف عن يقين أنه تأخر عن الوقت، وصلى قبل الأذان فلا بأس؛ لأن الإنسان يجب عليه أن يعرف الأوقات ويتأمل ولا يعجل، فإذا كان يعرف الأوقات، وصاحب الأذان تأخر في بعض القرى، أو في بعض المساجد صلى قبل الأذان؛ لأنه عرف أن الوقت قد دخل، أو لأن المؤذنين قد أذنوا سواه.
فالحاصل أنه إذا عرف الوقت، وأن المؤذن قد تأخر، وصلى هو؛ لأنه مريض، أو لأنها امرأة تعرف الوقت فلا بأس، لكن الواجب الصبر، وعدم العجلة حتى يعرف الوقت، أو حتى يؤذن المؤذنون؛ لأنهم في الغالب على الوقت، فيؤذنون في أول الوقت، فلا حاجة إلى العجلة، بل يصبر حتى يؤذن المؤذن، لكن لو فرضنا أن إنسانا في محل، وتأخر المؤذن، والوقت معروف أنه دخل وصلى قبل الأذان فلا بأس.
س: إذا صليت أحد الفروض قبل موعد الصلاة بما يقرب من عشر دقائق، وكان ذلك سهوا مني، هل تسقط عني تلك الصلاة أم ما زالت في ذمتي (1) ؟
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 217.(7/73)
ج: إذا صليتها قبل الوقت فهي باطلة ولا تسقط عن ذمتك، مثلا صليت الظهر قبل الزوال، أو المغرب قبل غروب الشمس، أو الفجر قبل طلوع الفجر، فالصلاة باطلة، عليك أن تعيدها، ولا تبرأ الذمة إلا بإعادتها، ولا يجوز لك أن تصلي قبل الوقت أبدا؛ بل أنت آثم، وعليك التوبة من ذلك، والله المستعان.(7/74)
44 – حكم الصلاة أثناء الأذان
س: الأخت أميمة تسأل عن القضية التالية:
تقول: هل يجوز أن أصلي أثناء الأذان – أقصد صلاة السنة القبلية أو صلاة الفرض – دون أن أنتظر المؤذن حتى ينتهي (1) ؟
ج: إذا دخل الوقت جازت الصلاة حتى ولو لم يؤذن، إذا دخل الوقت، وعرف المؤمن أو المؤمنة دخول الوقت لزوال الشمس مثلا، أو بغروب الشمس مثلا، أو بطلوع الفجر في الفجر صلى ولو لم يسمع أذانا، لكن إذا كان هناك اشتباه فلا ينبغي التعجل؛ بل ينبغي التأخر حتى يتحقق دخول الوقت، حتى يؤذن المؤذنون، وليس هناك حاجة للعجلة؛
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 136.(7/74)
بل يبقى الإنسان ذكرا كان أو أنثى، لا يستعجل حتى يتحقق دخول الوقت، أو يغلب على الظن دخوله بأسباب واضحة، ولا ينبغي التعجل في هذا، والمرأة بحمد الله عندها ساعة تبقى في بيتها، ولا تعجل حتى يؤذن المؤذنون، ويمضي وقت بعد الأذان أيضا حتى تحتاط لدينها، وليست مربوطة بالرجال، لكن تحتاط لدينها بالتأخر بعض الوقت بعد الأذان، أما الرجل فإنه يصلي مع الناس، ويذهب إلى المساجد، فإذا كان لا يستطيع لمرضه، أو كونه مقعدا يصلي في البيت، فهذا مثل المرأة لا يعجل حتى يتحقق الوقت، أو يغلب على ظنه دخول الوقت بالعلامات الدالة على ذلك، ولا يستعجل.(7/75)
45 – بيان ما يفعله الداخل إلى المسجد أثناء الأذان
س: بالنسبة للرجل إذا دخل المسجد يا سماحة الشيخ أثناء تأدية الأذان، هل ينتظر الأذان حتى ينتهي أم يؤدي تحية المسجد (1) ؟
ج: الأفضل ينتظر حتى يجيب المؤذن، ثم يصلي ركعتين حتى يجمع بين السنتين، يجيب المؤذن وهو واقف، ثم إذا أجاب المؤذن، وكمل
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 136.(7/75)
ذلك صلى ركعتين، أما إذا كان يشق عليه الوقوف يصلي ركعتين والحمد لله.(7/76)
46 – حكم الصلاة بعد الأذان الأول للفجر
س: السائلة هـ. ن. أ، من اليمن تقول: هل يجوز للمرأة أن تصلي صلاة الفجر بعد الأذان الأول، قبل الإقامة، وقبل الأذان الثاني؟ بحيث إنني سمعت أن المرأة ليس لها إقامة (1) .
ج: الواجب على الرجال والنساء ألا يصلوا الفجر إلا بعد طلوع الفجر الصادق، وبعد الأذان الذي على الفجر، أما الأذان الأول الذي يؤذن به في آخر الليل؛ لتنبيه الناس هذا ما يدخل به وقت الصلاة، ولا تصلى الفريضة بعده، ولكن إذا أذن المؤذن الذي يؤذن على طلوع الفجر الصادق على الصبح، فيصلي الرجال والنساء، أما الأذان الأول الذي قبل دخول الفجر قبل طلوع الفجر فهذا للإعلان فقط أن الفجر قريب، حتى يعلم الناس أنه قريب، الذي يوتر يوتر، والذي يقوم يتوضأ، وأما الفريضة فلا تصلى إلا بعد طلوع الفجر الصادق للرجل والمرأة
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 409.(7/76)
جميعا وليس للمرأة إقامة ولا أذان، لكن متى طلع الفجر، وأذن المؤذن، سمعت الأذان تتأخر بعض الشيء ثم تصلي، لا تعجل حتى يمضي وقت من باب الاحتياط، فإذا مضى وقت ربع ساعة، ثلث ساعة، أو نصف ساعة صلت الفجر، ولا يلزمها التقيد بالمساجد، وأن تسمع الإقامة، صلاتها مستقلة، تصلي سواء سمعت الإقامة أو ما سمعت الإقامة، متى أذن ومضى وقت بعد الأذان ربع ساعة، ثلث ساعة؛ للاحتياط صلت الفريضة، وهكذا الظهر والعصر والمغرب والعشاء.(7/77)
47 – بيان عدم ارتباط صلاة المرأة في بيتها بصلاة الرجال في المسجد
س: بعض النساء سماحة الشيخ ينتظرن حتى يخرج الرجال من المساجد (1) ؟
ج: هذا لا أصل له، صلاة المرأة ليست مربوطة بصلاة الرجال، تصلي في بيتها متى دخل الوقت، وأذن المؤذن والحمد لله، الرجال لهم صلاتهم، وهي لها صلاتها في بيتها غير مربوطة بالرجال.
س: تقول السائلة: عندما يؤذن المؤذن هل يصح للمرأة أن تصلي أم
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 409.(7/77)
تتأخر قليلا حتى تقام الصلاة، وبعد ذلك تصلي لنفسها (1) ؟
ج: ليس لها ارتباط بالرجال؛ بل متى دخل الوقت فإنها تصلي، سواء كان قبل صلاة الرجال، أو بعد صلاة الرجال، وليس لها ارتباط بإقامة الصلاة في المساجد؛ بل متى أذن ومضى بعض الوقت فإنها تصلي، ولا تبادر من حين الأذان؛ لأنه قد يكون الأذان مبكرا، فإذا تركت قليلا، وتمهلت قليلا ثم تصلي فهو أحسن؛ احتياطا من دخول الوقت.
س: هل يجوز للمرأة التي تصلي في بيتها، أن تصلي قبل إقامة الصلاة في الجامع، وأنا أصلي قبل الإقامة، وذلك لأن أكثر صلوات الفجر لم أصلها إلا قضاء، بسبب ذلك أني أسمع الأذان وأقوم، ولكن كثيرا ما يغلبني النعاس وأنام، ولا أصحو إلا بعد زوال وقت الصلاة؛ وذلك لأني أنتظر مدة طويلة حتى يقيم الإمام، ولكني فضلت أن أسأل فأعمل بما أسمع منكم، جزاكم الله خيرا (2) ؟
ج: عليك أن تصلي إذا دخل الوقت، وليس عليك أن تنتظري الإمام،
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 111.
(2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 224.(7/78)
هذا لا أصل له، صلاة المرأة مستقلة، تصلي قبل الإمام أو بعد الإمام ليس لها تعلق بالإمام، والحمد لله.(7/79)
48 – حكم تأخير الصلاة بعد الأذان
س: ما حكم من أخر صلاة فرض ولو دقائق معدودة بعد أن سمع الأذان، وذلك بدون عذر قوي (1) ؟
ج: السنة أن يتأخر بعد الأذان قليلا، وأن لا يبادر بعد الأذان؛ لأنه قد يبكر بالأذان، قد يكون أذن قبل الوقت، فالاحتياط أن تكون الصلاة بعد الأذان بدقائق، كربع ساعة، ثلث ساعة، نصف ساعة، كل هذا لا بأس به، لكن المغرب الأولى فيها التبكير أكثر من غيرها؛ لأن وقتها أقصر من غيرها، فالأفضل التبكير بها كما كان النبي يبكر بها عليه الصلاة والسلام، فإذا صلاها بعد الأذان بعشر دقائق، بثمان دقائق فحسن، وإن أخرها ربع ساعة، ثلث ساعة لا حرج في ذلك، المقصود أنه لا حرج أن يصلي الصلاة في أول وقتها، أو في وسط وقتها، أو في آخر وقتها، لكن الأفضل أن تكون في أول وقتها، هذا هو الأفضل، إلا إذا اشتد
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 115.(7/79)
الحر في الظهر، فالأفضل أن يؤخرها حتى ينكسر الحر، وهكذا في العشاء الأفضل فيها التأخير إلى الثلث الأول من الليل، إلا إذا اجتمع أهل المسجد، فإن السنة أن يبادر وألا يعطلهم، وهكذا المريض والمرأة في البيت إذا أخرا بعض الوقت في صلاة العشاء فهو أفضل، وإن اقتضت المصلحة التبكير؛ لأن كلا منهما يحتاج إلى النوم المبكر في أول الليل، بكر بها.
الخلاصة أن العشاء يستحب فيها التأخير إلى ثلث الليل، أو ما يقارب ذلك، هذا هو الأفضل إذا لم يكن في هذا مضرة على أحد، وهكذا في صلاة الجماعة في العشاء يستحب للإمام أن يؤخرها إذا لم يجتمعوا، فإن اجتمعوا عجل، وهكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخر عليه الصلاة والسلام، والظهر كذلك لشدة الحر، إذا اشتد الحر كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبرد بالظهر، ويأمر بالإبراد، هذا هو السنة.
س: الأخت س. أ. تسأل وتقول: هل صحيح أنه لا تجوز الصلاة إلا بعد نصف ساعة من الأذان (1) ؟
ج: ليس بصحيح، متى دخل الوقت جازت الصلاة، ولو بعد دقائق
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 204.(7/80)
قليلة، متى علم دخول الوقت، زالت الشمس للظهر، صار ظل كل شيء مثله بعد الزوال دخل العصر، وإذا غربت الشمس يصلي المغرب، وإذا غاب الشفق الأحمر من جهة المغرب يصلي العشاء، ومتى طلع الفجر يصلي الفجر، أما تحديد نصف ساعة، أو ثلث ساعة، أو ربع ساعة هذا لا دليل عليه، ولكن لكونه يتأنى بعد الوقت قليلا حتى يطمئن، ويتوثق من دخول الوقت، وإن كان إماما تأخر حتى يجتمع الناس، ويتلاحق الناس لا يعجل، يتأخر ربع ساعة، ثلث ساعة حتى يتلاحق الناس في المسجد، هذا مشروع مأمور به؛ حتى لا تفوتهم الصلاة.
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتأنى بعد الأذان، ولا يعجل عليه الصلاة والسلام، فالسنة للمؤمن أن يلاحظ سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، في الصلاة وغيرها، والمرأة كذلك لا تعجل، لو تأخرت قليلا حتى تتيقن الوقت؛ لأن بعض المؤذنين قد يبكر، بعض المؤذنين ليس عندهم الضبط المطلوب، قد تكون ساعته أيضا متقدمة، فالتأخر ربع ساعة، ثلث ساعة، بعد الأذان يكون فيه احتياط للرجل والمرأة جميعا، للرجل الذي يصلي مفردا كالمريض، وللإمام حتى يحضر الناس إلى المسجد، وحتى يلحقوا الصلاة؛ لأن كثيرا من الناس لا يقوم للصلاة إلا بعد الأذان، يقوم يتوضأ ثم يأتي، فلا ينبغي للمؤمن أن يعجل، والمفرد الذي في بيته(7/81)
لمرضه لا يعجل، والمرأة كذلك لا تعجل للتأكد من دخول الوقت، والحيطة لهذا الأمر.(7/82)
49 – حكم تأخير الصلاة لسماع برامج دينية
س: إذا كان هناك برنامج أحب الاستماع إليه، لكنه يأتي في وقت الصلاة، فهل أستمع إلى ذلك البرنامج، علما بأنه برنامج ديني، أم أبدأ بتأدية الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: الواجب عليك أن تبدأ بالصلاة في الجماعة، أما إذا كنت مريضا أو مسافرا يمكن أن تؤخر قليلا لتسمع الفائدة؛ فلا بأس، أما إذا كان هذا الاستماع يفوت صلاة الجماعة فلا يجوز ذلك؛ بل عليك أن تصلي مع الجماعة.
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 294.(7/82)
50 - حكم تأخير الصلاة بسبب الأعمال المنزلية
س: هل أداء الصلاة بعد الأذان بساعة أو ساعتين بسبب أداء أعمال البيت من غسيل وطبخ وغير ذلك هل يعتبر هذا حراما أم جائزا (1) ؟
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم 331.(7/82)
ج: لا حرج في أداء الصلاة في أول الوقت، وفي وسطه، وفي آخره، لا حرج في ذلك، ولكن في أوله أفضل إذا تيسر ذلك، الصلاة في أوله أفضل، إلا العشاء الأفضل التأخير إلى ثلث الليل إذا تيسر ذلك بدون مشقة، وفي شدة الحر في أيام الصيف الأفضل تأخير الظهر بعض الشيء حتى يبرد الوقت، وما سوى هذين الوقتين فالأفضل التبكير، وإذا دعت الحاجة إلى التأخير من أجل مشاغل البيت أو الأطفال فلا حرج في ذلك بشرط العناية؛ لئلا تؤخر إلى وقت آخر، لا بد أن تكون الصلاة في وقتها، وإذا أخرت إلى نصف الوقت أو آخر الوقت للحاجة فلا بأس، إلا أن الأفضل دائما الصلاة في أول الوقت بعد دخول الوقت بربع ساعة، ثلث ساعة يكون أفضل، إلا في الحالتين: شدة الحر في الظهر، وصلاة العشاء الأفضل فيها التأخير إذا لم يجتمع المأمومون في المسجد، أما إذا اجتمعوا فالأفضل تبكيرها، وهكذا في البيت للمريض والمرأة الأفضل التأخير، إلا إذا دعت الحاجة للتعجيل، هذا بالنسبة للعشاء خاصة، وبالنسبة للظهر الأفضل التأخير في وقت الحر حتى يبرد الوقت للجميع؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا اشتد الحر فأبردوا(7/83)
بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم (1) » هكذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان يفعل هذا في البلد وفي السفر، الأفضل التأخير حتى يمضي نصف الوقت، يعني حتى ينكشف الحر.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الإبراد بالظهر في شدة الحر، برقم (534) ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر، برقم (615) .(7/84)
51 – حكم الاكتفاء بالإقامة عن الأذان
س: هل يكتفى بالإقامة فقط بدون أذان عندما يكون قد اقترب وقت انتهاء الصلاة (1) ؟
ج: إذا كان قد أذن غيره، إذا كان قد أذن المؤذنون في البلد فلا بأس، أما إذا كان ليس فيه إلا هو فإن عليه أن يؤذن حتى يعلم الناس دخول الوقت.
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 331.(7/84)
52 – حكم منع العمال من الصلاة والواجب عليهم
س: يقول السائل: إنه يعمل في إحدى المؤسسات، وليس هناك وقت محدد لأداء الصلوات، ويرجو التوجيه، ويقول: إن المسئول عن(7/84)
الشركة يعارضه إذا أراد تأدية صلاته (1) .
ج: الصلاة لا بد منها، وهي مستثناة من العمل، والذي يقوم على الشركة إذا أبى لا يطاع، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الطاعة في المعروف (2) » ويقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (3) » فإذا جاء وقت الصلاة فالواجب عليك وعلى إخوانك المسلمين أن تصلوا جميعا الصلاة في وقتها: ظهرا أو عصرا أو مغربا أو عشاء أو فجرا، على حسب حالكم في العمل، إذا جاء الوقت صلوا جميعا، ثم ارجعوا إلى عملكم، وإذا كان المأمور من جهة الشركة يأبى ذلك فارفعوا أمره إلى من فوقه، وأخبروه أن هذا الأمر لا بد منه، وأنه لا يجوز لكم أن تتأخروا عن صلاتكم؛ لأجل قوله أو قول غيره، ولكن لا مانع من تأخيرها عن أول الوقت إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وأن تصلوها في وسط الوقت لا
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 144.
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1840) .
(3) أخرجه أحمد في مسند البصريين، حديث الحكم بن عمرو الغفاري، برقم (20656) .(7/85)
حرج في ذلك.(7/86)
53 – حكم تقديم أداء الصلاة قبل وقتها
س: يسأل يقول: سمعت من رجل يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الصلاة قبل وقتها بسبب القتال، فهل صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن قام بذلك (1) ؟
ج: يجوز عند الحاجة الجمع بين الصلاتين إذا كان في السفر، يجمع بين الصلاتين عند الحاجة للقتال، أما أن يصليها قبل وقتها، فلا لكن يؤخر لا بأس؛ لأنه يجوز التأخير، فلا يصلي الظهر قبل وقتها، ولا يصلي المغرب قبل وقتها، لكن يجوز أن يؤخر المغرب مع العشاء والظهر مع العصر المسافر، وفي حالة القتال والحاجة إلى الجميع، وله أن يؤخرها أيضا عن وقتها إذا اضطر إلى ذلك، كما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أخر العصر حتى صلاها بعد المغرب يوم الأحزاب لما اضطره المشركون إلى ذلك وقت الحرب، فإذا اضطر إلى ذلك جاز أن يؤخر الصلاة عن وقتها، لا يقدمها؛ بل يؤخرها عند الضرورة شدة الحرب، وله
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 257.(7/86)
أن يصلي الصلاة، كما صلاها النبي وقت الخوف، يصليها كفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يجعل الغزو طائفتين: طائفة تصلي معه، وطائفة تقوم حذاء العدو تحرس العدو لئلا يهجم، ويصلي بهم كما صلى بهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، يصلي في الأولى ركعتين إذا كان في السفر قصرا، ثم تذهب تحرس، وتأتي الطائفة الأخرى تصلي وحدها، أو يصلي بهذه ركعة ثم تكمل لنفسها، ثم تذهب تحرس، ثم تأتي الثانية وتصلي معه ركعة ثانية، ثم تقضي لنفسها، ثم تجلس معه ويسلم بها، كل هذا فعله - صلى الله عليه وسلم -.
وفعل أمر آخر، وهو أنه صلى بهذه ركعتين وبهذه ركعتين، صلى بطائفة ركعتين، ثم ذهبت تحرس، ثم جاءت الطائفة الأخرى وصلى بها ركعتين، وصارت الركعتان له الأخيرتان نافلة، كل هذا فعله عليه الصلاة والسلام.
وله أفعال أخرى في الخوف إذا كان العدو أمام القبلة له أن يجمعهم جميعا ويصلي بهم جميعا، وإذا سجد في الركعة الأولى سجد معه الصف الأول، وبقي الصف الثاني يحرس ينظر، فإذا قام الصف الأول من السجود سجد الصف الثاني، هذا كله أيضا فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، الخوف له حالات متنوعة، وإذا اضطر إلى أن يؤدي الصلاة، وأن يؤخرها عن وقتها فالصواب أنه لا حرج في ذلك؛ لفعله - صلى الله عليه(7/87)
وسلم - يوم الأحزاب، وقد فعله الصحابة في قتال الفرس، كما ذكر أنس رضي الله عنه أنهم في بعض الأيام التي لاقوا فيها العدو الفرس عند فتح تستر، فتحوها عند طلوع الفجر في وقت صلاة الفجر، وشغل الناس عن الصلاة؛ لأن بعضهم صار على السور، وبعضهم على الأبواب، وبعضهم نزلوا في البلد، فاشتد القتال والحصار، فلم يتمكنوا من صلاة الفجر، فأخروها حتى صلوها ضحى. قال أنس رضي الله عنه: فما أحب أن أعطى بها كذا وكذا، يعني لأنا أخرناها لأمر شرعي، وحاجة شديدة وضرورة، فلا حرج في هذا على الصحيح.(7/88)
54- حكم جمع الصلوات من أجل التفرغ للبيع والشراء
س: سائلة تقول: في سفري أخرج في الصباح، وأصل المنزل بعد العشاء بفترة، فأصلي قبل الخروج الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرا مع بعضها، هل هذا صحيح أم لا؟ وكذلك إذا خرجت للسوق قبل العصر، وأصل المنزل بعد العشاء، هل أصلي العصر والمغرب قبل الخروج من المنزل؛ لأن وقت السوق محدود (1) ؟
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط 282.(7/88)
ج: ليس لك قصر ولا جمع، الواجب عليك الإتمام، هذا غلط عظيم، الواجب عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، الظهر أربعا، والعصر أربعا، والمغرب ثلاثا، والعشاء أربعا، ولو كنت في السوق صلي في السوق في الوقت، والحمد لله.
أما الجمع بين الصلاتين فهذا منكر، ليس لك الجمع من أجل السوق والبيع والشراء، ولكن تصلين في البيت إذا خرجت بعد زوال الشمس بعد أذان الظهر، صلي في البيت الظهر فقط، وإن كان بعد العصر إذا أذن صلي العصر فقط، ثم اذهبي للسوق، وإذا جاء المغرب وأنت في السوق اذهبي للبيت، وصلي في البيت، أو صلي في السوق إن كان البقاء لا بد منه صلي في السوق، ثم ابقي في السوق حتى يأتي وقت العشاء، ثم صلي العشاء في السوق، أما الجمع بينهما فهذا منكر عظيم لا يجوز، وإذا كنت فعلت شيئا من هذا فعليك الإعادة، إذا كنت صليت العصر قبل وقتها، أو الظهر قبل وقتها، أو المغرب قبل وقتها أو العشاء قبل وقتها، فعليك الإعادة مع التوبة إلى الله، هذا منكر عظيم، نسأل الله السلامة والعافية.(7/89)
55 – حكم تأخير الصلاة عن وقتها، والمداومة على ذلك
س: ما حكم من أخر صلاة الفريضة حتى يخرج وقتها وداوم على(7/89)
هذا العمل (1) ؟
ج: هذا منكر وحرام عليه، لا يجوز له ذلك؛ بل الواجب أن يصلي الصلاة في وقتها، هذا هو الواجب، كما قال الله سبحانه: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (2) هي موقوتة على المؤمنين، يعني مفروضة في أوقاتها، فالواجب على المؤمن أن يصليها في الوقت، وليس له تأخيرها إلى ما بعد الوقت، لا الرجل ولا المرأة، يجب عليها جميعا أن تفعل الصلاة في الوقت، فالظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، وليس لأحد أن يؤخر الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، وليس لأحد أن يؤخر المغرب إلى غروب الشفق، وهكذا ليس لأحد أن يؤخر الظهر إلى وقت العصر، ولا أن يؤخر العصر إلى أن تصفر الشمس، كل هذا لا يجوز، وعلى من فعله التوبة إلى الله، والرجوع إليه سبحانه وتعالى، وقد قال بعض أهل العلم: إنه يكفر بذلك؛ لأنه أخرجها عن وقتها الشرعي.
فالحاصل أن هذا منكر عظيم يجب الحذر منه، وأن يجتهد المؤمن
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 39.
(2) سورة النساء الآية 103(7/90)
والمؤمنة في فعل الصلاة في وقتها بكل عناية، هذا هو الواجب.(7/91)
56 – حكم التيمم للصلاة خوفا من خروج الوقت
س: هل علي إثم في ترك الوضوء خوفا من فوات الوقت أم لا بد أن أتوضأ (1) ؟
ج: هذا فيه تفصيل، إن كنت قمت من النوم بأن غلبك النوم وقمت فإنك تتوضأ، ولو خرج الوقت، أو ناسيا ثم انتبهت فإنك تتوضأ ولو خرج الوقت، وقتك وقت استيقاظك ووقت انتباهك، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة، أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (2) » أما إذا كنت متساهلا، ليس عندك نسيان ولا نوم فالواجب عليك أن تصليها في وقتها، ولو بالتيمم لو ضاق الوقت، وليس لك التأخير؛ لأنك حينئذ ظالم بالتأخير معتد، فالواجب عليك البدار أن تصلي في الوقت قبل خروج الوقت ولو بالتيمم، نسأل الله السلامة.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 336.
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) ، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086) .(7/91)
57 – حكم تأخير الصلاة للخوف، وعدم القدرة على الوضوء
س: تقول السائلة: هل يجوز أيضا تأخير الصلاة لخوف، وعدم قدرة على الوضوء (1) ؟
ج: تأخيرها عن وقتها لا يجوز، وعن أول الوقت لا بأس، وهكذا المريض لا بأس أن يؤخر الظهر إلى العصر، والمغرب إلى العشاء، والمسافر كذلك، أما تأخيرها عن الوقت فلا يجوز لا للمريض ولا لغيره، لكن المريض له الجمع: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وهكذا المسافر، فإذا أخر المريض الظهر مع العصر، والمسافر الظهر مع العصر فلا حرج، لكن ليس لهما أن يؤخراها إلى أن تصفر الشمس، وليس لهما أن يؤخرا العشاء إلى ما بعد نصف الليل؛ بل الواجب أن يصليا الصلاتين في وقت واحد إحداهما، وإذا كان يخاف فإنه يصلي على حسب حاله، وعلى حسب قدرته، فالخوف يختلف، إن كان الخوف لخروجه من بيته إلى المسجد يصلي في البيت، وإن كان الخوف من صلاته قائما صلى قاعدا، وإن كان الخوف من صلاته قاعدا صلى على جنب، فالخوف يختلف ولا يضيع الوقت.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 128.(7/92)
س: هل يجوز تأخير الصلاة لآخر وقتها؛ للخوف، أو للبحث عن الماء، أو لطلب حاجة ضرورية، فقد تنقضي في آخر الوقت (1) ؟
ج: يجوز، لكن لا يفوتها، يجوز أن يؤخرها إلى آخر الوقت حتى يصلي في آخر الوقت لطلب الماء، أو لشغل مهم يخشى فواته، وأما إذا استطاع أن يصليها في أول الوقت فهو الأفضل، وإذا كان هناك جماعة وجب عليه أن يصلي مع الجماعة مع المسلمين في بيوت الله عز وجل في المساجد، أما إذا كان وحده كالمريض أو في السفر ليس عنده أحد، وشغل عن ذلك بشيء مهم فصلاته في آخر الوقت لا حرج فيها، لكن يحذر عن تأخيرها عن الوقت، وهو جائز في أوله وفي أوسطه وفي آخره، لكن فعلها في أول الوقت أفضل، إلا إذا اشتد الحر فيشرع تأخير الظهر حتى يبرد، وهكذا العشاء إذا تأخر الجماعة شرع للإمام أن يتأخر حتى يجتمعوا، كما كان النبي يفعله عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 331.(7/93)
58 – حكم تأخير الصلاة للضرورة
س: طبيب يعمل بالعمليات الطارئة، مما يؤدي أحيانا إلى انشغاله(7/93)
عن الصلاة حتى خروج الوقت، ماذا يصنع؟ قيل له: إنه في تلك الحالة عليه أن يؤدي الصلاة بأي طريقة، ما هي هذه الطريقة وفقكم الله (1) ؟
ج: الواجب على المسلم أن يصلي الصلاة في وقتها، وألا يشغل عنها بشيء، اللهم إلا من شيء ضروري الذي لا حيلة فيه كإنقاذ غريق، إنقاذ من حريق، ومن هجوم عدو، هذا لا بأس به بأن تؤخر الصلاة ولو خرج وقتها، أما الأمور العادية التي لا خطر فيها فلا يجوز تأخير الصلاة من أجلها، فقد ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما حصر أهل مكة المدينة يوم الأحزاب أخر صلاة الظهر والعصر إلى ما بعد المغرب.
وفي الرواية الأخرى: صلاة العصر إلى صلاة المغرب من شغله بالقتال، وثبت عن الصحابة لما حاصروا تستر، وانفلق الفجر والقتال قائم، والناس على الأسوار، وعلى الأبواب أجلوا صلاة الفجر حتى فتح لهم، ثم صلوها ضحى؛ لئلا يفوت الفتح، ولئلا يتراجع الكفار، فإذا كان مثل هذا جاز التأخير؛ لأنه شيء ضروري، ومثل إنقاذ حريق، أو حريق وقع في البيت، أو غريق في نهر أو شبهه، فبادر بإنقاذه فإنه
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 38.(7/94)
يجوز ذلك ولو قدر أنه تفوته الصلاة في وقتها بهذا السبب؛ لأن إنقاذ النفوس المسلمة المعصومة له أهمية عظيمة، ولأن هذا الخطر قد لا يستدرك لو قدم الصلاة فتفوت مصلحة، فجاز التأخير؛ لأنه شيء لا يفوت الصلاة كما يؤخر الإنسان بالجمع والمرض ونحوه، هذا أعظم من ذلك، إذا جاز تأخير الظهر إلى العصر، والمغرب إلى العشاء للمرض والسفر جاز تأخيرها عن وقتها، العصر عن وقتها، أو الفجر عن وقتها؛ لإنقاذ غريق أو من حريق ونحو ذلك أسهل وأولى.(7/95)
59 – بيان وجوب الصلاة في الوقت وعلى حسب الحال
س: الأخ: خ. ح. خ. من البحرين يسأل ويقول: إنه يعمل في البحر، ووظيفته حساسة إلى أبعد الحدود كما يصورها، ويقول: إنه لا يستطيع أن يصلي كثيرا من الصلوات في أوقاتها، كما أنه لا يصلي الجمعة إلا مرتين في الشهر؛ نظرا لعدم تمكنه من ذلك، ويرجو من سماحتكم التوجيه، جزاكم الله خيرا (1) .
ج: الواجب على كل مسلم أن يصلي الصلاة في وقتها، وليس له
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم 257.(7/95)
تأخيرها عن وقتها؛ بل يجب على المؤمن أن يصليها على حسب حاله، إن كان مريضا صلاها قاعدا، أو كان عاجزا صلاها على جنبه، أو مستلقيا على حسب طاقته، وليس له التأخير، لكن لا مانع من أن يجمع بين الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء إذا كان مسافرا، أو كان مريضا، أو كان في حالة مطر، وشق عليه الخروج إلى المساجد، فالمقصود أنه لا بد من عذر شرعي، وكونه في البحر لا يمنع من كونه يصلي الصلاة في وقتها، فإذا أراد أن يغوص في البحر فينظر للوقت المناسب فيغوص في الأوقات المناسبة التي لا تمنع أداء الصلاة في وقتها، وإذا كان له أعمال في البحر أخرى لا بد أن يراعي أوقات الصلاة حتى لا يخل بها، تكون أعماله متفقة مع الأوقات حتى لا يخل بالصلاة، وليس له عذر شرعي أن يقدم أعماله الدنيوية والتجارية على الصلاة في وقتها، هذا ليس بعذر لا في البحر ولا في البر ولا في الجو، أما إذا عرض له عارض من مرض أو نوم ليس باختياره، هذا شيء عفا الله عنه، المريض يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، النائم غلبه النوم من غير تعمد منه إذا استيقظ يصلي، لكن التعمد لا، لا يتعمد تأخيرها عن وقتها، ولا تقديمها على وقتها.
وأما إن كان عمله ليس من الغواصين، وإنما عمله على ظهر(7/96)
السفينة فإن هذا أشد في وجوب الملاحظة، لا عذر له، يجب عليه أن يفعل الصلاة في وقتها، مهما كانت الحال، أمر الله مقدم، حق الله مقدم.(7/97)
60 – حكم تأخير الصلاة عن وقتها لعذر شرعي
س: متى يعذر الشخص بتأخير الصلاة عن وقتها (1) ؟
ج: يعذر في الحروب، الحروب التي يعمل فيها، مثل ما أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب صلاة الظهر والعصر حتى صلاها بعد المغرب بسبب الحرب، لم يتمكن من فعلها على الصحيح، وجمهور أهل العلم يقول: لا يؤخر حتى في الحرب يصلي على حسب حاله حتى في الحرب، لكن الصواب أنه إذا غلبه الأمر، وغلبه القتال جاز أن يؤخر، كما فعل النبي يوم الأحزاب، وكما فعل الصحابة في قتال الفرس يوم تستر، أخروا الفجر حتى صلوها ضحى؛ لأنها صادفت وقت الحرب، وقت نزول الناس البلد، وبعضهم على أبواب البلد، وبعضهم على الأسوار لم يتمكنوا من فعل صلاة الفجر، حتى فتحوا البلد، وصلوها ضحى، فالمقصود أن تأخير الصلاة عن وقتها لا يجوز
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 257.(7/97)
إلا في العذر الشرعي في الجمع بين الصلاتين، كالمريض، والمسافر يجمع بين صلاتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، هذا جمع، أما أن يؤخر الصبح إلى ما بعد طلوع الشمس، أو العصر إلى الليل، أو المغرب إلى ما بعد العشاء، أو العشاء إلى ما بعد نصف الليل، أو بعد الفجر هذا لا يجوز؛ بل يجب عليه أن يصلي في الوقت، ولو جمعا إذا كان معذورا.(7/98)
61 – حكم التناوب في العمل من أجل الصلاة
س: كيف تنصحون الناس إذا كانوا مجموعة، هل تنصحونهم بالتناوب بأن يقوم شخص بالعمل، وآخر يؤدي الفريضة مثلا (1) ؟
ج: في الإمكان أن يتناوبوا، إذا كان هناك عمل ضروري، يتناوبون حتى يصلي الكل في الوقت، مثل ما في صلاة الخوف، طائفة يصلون مع الإمام، ثم يذهبون يحرسون، ثم تأتي الطائفة الأخرى تصلي معه والحمد لله، فكذلك إذا كان في البحر، أو في أي مكان، والحاجة ماسة إلى أن يبقى بعض الناس في العمل الذي لا بد من البقاء فيه، يصلون
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 257.(7/98)
جماعة، ثم إذا فرغوا صلت الجماعة الأخرى، إذ التناوب في مثل هذه الأحوال الضرورية وارد.(7/99)
62 – حكم الترتيب بين الفوائت
س: حصلت علي نومة في منتصف النهار، حتى فاتتني صلاة الظهر، هل من الممكن أن أصلي مع العصر؟ وهل أبدأ بصلاة الظهر أم أبدأ بصلاة العصر؟ جزاكم الله خيرا، وحدثوني أيضا عن الإقامة لكل من الفريضتين، جزاكم الله خيرا (1) .
ج: من فاتته صلاة الظهر من أجل نوم أو نسيان أو غير ذلك، ثم انتبه يبدأ بالظهر قبل العصر؛ لأن الله رتبهما، وفرض الظهر قبل العصر، الواجب أن يبدأ بالظهر فيصليها، ثم يصلي العصر، ويسن الإقامة لكل واحدة، أما الأذان فقد كفى أذان أهل البلد والحمد لله.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 344.(7/99)
63 – حكم من صلى العصر قبل الظهر
س: نمت قبل الظهر، فلما استيقظت وجدت أناسا يصلون الظهر،(7/99)
وفكرت أنهم يصلون العصر، فدخلت معهم بنية العصر، فهل أصلي بعد انقضاء الصلاة ظهرا أم لا، ومتى أصليها وفقكم الله (1) ؟
ج: هذا السائل في جوابه تفصيل، إن كان حين صلى معهم العصر ظن أنه قد صلى الظهر، في اعتقاده قد صلى الظهر، وظنهم يصلون العصر؛ لأنه في اعتقاده قد صلى الظهر أجزأته صلاة العصر، وعليه أن يصلي الظهر بعد ذلك؛ لأنه صلى العصر ظانا أنه قد صلى الظهر، فتكون صلاته صحيحة، أما إذا كان تعمد صلاة العصر، وهو يعلم أنه عليه الظهر فإنها لا تجزئه، فعليه أن يعيد العصر بعد ما يصلي الظهر، يصلي الظهر أولا ثم يصلي العصر؛ لأن الله رتب هذه بعد هذه، فالواجب أن تؤدى كما فرضها الله، يصلي الظهر أولا، ثم يصلي العصر، لكن إذا صلى الإنسان العصر ناسيا يحسب أن ليس عليه ظهر، ثم بان أن عليه الظهر بعدما صلى العصر أجزأته.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 15.(7/100)
64 – بيان فضل صلاة العصر وخطورة تركها
س: حدثونا عن صلاة العصر جزاكم الله خيرا؛ حيث سمعت حديثا(7/100)
عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (1) » (2) .
ج: صلاة العصر أمرها عظيم، وهي الصلاة الوسطى، وهي أفضل الصلوات الخمس، قال الله جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (3) وخصها بالذكر زيادة، فالواجب على كل مسلم وكل مسلمة أن يعتني بها أكثر، ويحافظ عليها، ويجب أن يحافظ على كل الصلوات الجميع بطهارتها، والطمأنينة فيها وغير ذلك، وأن يعتني بها في الجماعة للرجل، وخصها النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (4) » وقال: «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله (5) » هذا يعني سلب أهله وماله، وهذا
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553) .
(2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 248.
(3) سورة البقرة الآية 238
(4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553) .
(5) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب إثم من فاتته العصر، برقم (552) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر، برقم (626) .(7/101)
خسارة عظيمة، ودليل على مكانة الصلاة، والصواب أن من ترك بقية الصلوات يحبط عمله أيضا؛ لأنه قد كفر على الصحيح، لكن تخصيص النبي بذكر صلاة العصر يدل على مزية عظيمة، وإلا فالحكم واحد، من ترك صلاة الظهر، أو المغرب، أو العشاء، أو الفجر تعمدا بطل عمله، لأنه يكفر بذلك، لا بد أن يحافظ على الصلوات الخمس كلها، فمن ترك واحدة فكأنما ترك الجميع، لا بد من المحافظة على الصلوات الخمس جميعا في أوقاتها من الرجل والمرأة، ولكن صلاة العصر لها مزية عظمى في شدة العقوبة وشدة الإثم، وفي عظم الأجر لمن حافظ عليها، واستقام عليها مع بقية الصلوات.(7/102)
65 – حكم تعزية من فاتته صلاة العصر
س: سمعت بعضا من الناس يقولون: إن من فاتته صلاة العصر يعزيه الناس بالتعزية المعروفة لأهل الميت، وبعضهم من قال: نعم، يعزى إذا فاتته الصلاة، لكن هو في الصلوات كلها عام، وقالوا في هذه المسألة: موجود حديث يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هل ما ذكره أولئك صحيح، وما المقصود بهذه(7/102)
التعزية؟ جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله (2) » يعني سلب أهله وماله، المعنى أنها مصبية عظيمة، ولكن لا أذكر الآن أن السلف كانوا يعتادون التعزية في ذلك، وثبت عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (3) »
فالحاصل أن فوات الصلوات الخمس أو إحداها كل ذلك من المصائب العظيمة، فينبغي للمؤمن أن يحرص على المحافظة عليهن والاستقامة في ذلك، والحرص على ذلك، والمسابقة إليه حتى لا تقع هذه المصيبة العظيمة، أما كونه يشرع للمؤمن أن يعزي أخاه إذا علم أنه فاتته صلاة العصر أو غيرها من الصلوات، فلا أعلم شيئا في هذا عن النبي، ولا عن الصحابة سوى ما ذكرته. والمقصود من هذا الحديث التحذير والترهيب من التساهل في ترك الصلاة، أو فواتها في الجملة، أو فوات وقتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 166.
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب إثم من فاتته العصر، برقم (552) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر، برقم (626) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553) .(7/103)
س: كثر الترهيب في ترك صلاة العصر سماحة الشيخ، لعل لكم توجيها (1) ؟
ج: الظاهر - والله أعلم – لأنها أفضل الصلوات؛ لأنها الصلاة الوسطى صلاة العصر، فجاء فيها ما لم يجئ في غيرها، ولعل أيضا من الأسباب أنها صلاة تأتي بعد إنهاك العمل للإنسان وتعب الإنسان، فقد يتساهل في عدم أدائها في وقتها أو في الجماعة، وكان من حكمة الله أن بين عظيم شأنها، حتى لا يتساهل بها أحد لا في الجماعة ولا في وقتها، وهي ختام النهار، والأعمال بالخواتيم، فجاء فيها من الأحاديث ما لم يأت في غيرها، والحكم واحد يجب على المؤمن أن يحافظ على الجميع، ويحرص على الجميع لأنها كلها فرض على المؤمن، وكلها عمود الإسلام، فالواجب المحافظة، ولكن تخصص العصر بمزيد العناية، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، وكما جاء في الحديث الآخر: «أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو علموا ما فيها لأتوهما ولو حبوا (2) » المقصود أن المؤمن يجب عليه أن
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 166.
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651) .(7/104)
يحافظ على الجميع، وأن يتخذ الأسباب التي تعينه على ذلك، وأن يخص العصر والفجر والعشاء بمزيد عناية، حتى لا يشبه المنافقين، وحتى لا تفوته صلاة العصر التي فيها الوعيد الشديد.(7/105)
66- بيان وجوب صلاة الجماعة مع المسلمين في المساجد
س: سماحة الشيخ، هناك أمر مطلوب من المسلم بخصوص الصلاة، وذلك الأمر هو أن تكون في جماعة في المساجد، لعل لكم تعليقا (1) .
ج: نعم، هذا من المهمات، يجب على الرجل أن يعتني بالجماعة، وألا يصلي في بيته لا الفجر ولا غيره من الصلوات؛ بل يجب أن يحضر مع المسلمين، وأن يصلي مع المسلمين، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » قيل لابن عباس ما العذر؟ قال: خوف أو مرض. وجاءه رجل أعمى، فقال يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أصلي في بيتي؟ قال: «هل
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 166.
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .(7/105)
تسمع النداء بالصلاة، قال: نعم. قال: فأجب (1) » ولم يرخص له مع أنه أعمى، وليس له قائد يلائمه، لم يرخص له أن يتخلف عن الصلاة مع المسلمين في المساجد، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، وذلك يدل على أن الأمر عظيم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (2) » وفي لفظ: «إلى منازل قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم (3) » هذا يدل على أن الأمر عظيم، وأن المتخلفين جديرون بهذه العقوبة، فينبغي للمؤمن؛ بل يجب عليه أن يحذر صفات المنافقين، وأن يبادر بالمحافظة على الصلاة في الجماعة في جميع الأوقات طاعة لله ورسوله، وحذرا من غضب الله وعقابه.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الخصومات، باب إخراج أهل المعاصي، برقم (2420) .(7/106)
67 – حكم من نام عن صلاة العصر واستيقظ وقت صلاة المغرب
س: إذا نام المسلم قبل صلاة العصر، ولم يكن هناك ما يوقظه، فلم يستيقظ إلا في صلاة المغرب أثناء إقامة الصلاة، فهل يصلي المغرب أولا أم يصلي العصر، علما أنه لو صلى العصر ستفوته صلاة جماعة المغرب (1) ؟
ج: لا بد من الترتيب، يصلي العصر، ثم يصلي المغرب، ليس معذورا في هذا أن يقدم المغرب، ولهذا لما فاتت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر يوم الأحزاب صلاها، ثم صلى المغرب عليه الصلاة والسلام، صلاها بعد المغرب، ثم صلى المغرب.
الحاصل أنه لو نام عن العصر، أو نسيها، ثم ذكر فإنه يصلي العصر، ثم يصلي المغرب.
س: بعض المرات تفوتني صلاة مثل صلاة العصر، ويأتي موعد صلاة المغرب، فماذا أفعل؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (2) .
ج: عليك أن تبدأ بصلاة العصر، أن تبادر بها وتصليها مع التوبة
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 232.
(2) السؤال العشرون من الشريط رقم 167(7/107)
والاستغفار، ثم تصلي المغرب، ولا تبدأ بالمغرب، فلو صليت معهم بنية العصر، ثم إذا سلم قمت فأتيت بالرابعة بنية العصر أجزأ على الصحيح، ولكن ينبغي لك أن تقدمها، ثم تصلي المغرب معهم.(7/108)
68 – حكم النوم قبل العشاء حتى خروج وقتها
س: أنا فتاة في العشرين تقريبا، درست حتى الصف السادس، وتعينت مدرسة للبنات بعد الظهر، وأرجع الرابعة عصرا، ثم أصلي العصر والمغرب، وأجلس أقرأ القرآن، ثم أضطجع وأقرأ انتظارا للعشاء كي أصلي وأنام، ثم أنام بدون صلاة؛ لكثرة التعب دون أن أصلي، فماذا أفعل والحال هكذا، علما بأني أنام دون انتباه حتى الصباح، ثم أقضيه في الليلة التالية فهل علي شيء (1) ؟
ج: هذا عمل منكر لا يجوز أبدا، فالواجب عليك أن تصلي العصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، قد كره النبي - صلى الله عليه وسلم - النوم بعد المغرب، كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها؛ لأنه يكون وسيلة لترك العشاء، فلا يجوز لك التساهل بهذا
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 274.(7/108)
الأمر؛ بل يجب عليك أن تشتغلي بما يمنع النوم حتى تصلي العشاء بعد دخول وقتها إذا دخل وقتها بغروب الشفق الأحمر، إذا غاب الشفق الأحمر دخل وقت العشاء، وليس لك التساهل بهذا الأمر؛ بل يجب وجوبا عظيما شديدا أن تحذري النوم الذي يفضي بك إلى ترك صلاة العشاء، اشتغلي بشيء مع أهلك حتى يدخل وقت العشاء، ثم تصلي العشاء، ولا تصلي العصر إلا في وقتها لا تؤخريها للمغرب، صلي العصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، والظهر في وقتها، هذا هو الواجب عليك، يقول الله جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (1) والنبي - صلى الله عليه وسلم - وقت الصلوات وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (2) » عليه الصلاة والسلام، فالواجب عليك، وعلى غيرك العناية بهذا الأمر، وأن تؤدي الصلاة في وقتها لا قبله ولا بعده؛ بل في وقتها، الظهر بعد زوال الشمس قبل وقت العصر، والعصر إذا دخل وقتها، وذلك بأن يصير ظل كل شيء مثله بعد الفيء الذي زالت عليه الشمس، وعليها أن تصلي
__________
(1) سورة النساء الآية 103
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631) .(7/109)
العصر قبل أن تصفر الشمس في وقتها قبل أن تصفر الشمس، والمغرب إذا غابت الشمس، والعشاء إذا غاب الشفق الأحمر، والفجر إذا طلع الفجر وقبل طلوع الشمس، هذا واجب على جميع المسلمين.(7/110)
69 – حكم من نسي صلاة حتى خرج وقتها
س: في يوم ما لم أصل العشاء، ولم أتذكر ذلك إلا في صباح اليوم التالي: كيف أفعل (1) ؟
ج: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي صلاة، أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (2) » متى ذكرتها بعد الصبح صلها، في الضحى صلها، صلها في الظهر، صلها متى ذكرتها، فإن ذكرتها قبل الفجر فصلها قبل الفجر، فإن لم تذكرها إلا بعد الفجر فصلها بعد الفجر، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 104.
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) .(7/110)
70 – كيفية صلاة من استيقظ بعد طلوع الشمس
س: أخذني النوم ذات يوم عن صلاة الفجر، ولم أستيقظ إلا بعد(7/110)
طلوع الشمس، واحترت هل أصلي النافلة أولا، ثم الفريضة أم أبدأ بالفريضة، كيف يكون الحال لو تكرر الأمر مرة أخرى؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: السنة أن تبدأ بسنة الفجر بالركعتين، تصلي ركعتين خفيفتين سنة الفجر، ثم تصلي الفريضة، هكذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ناموا عن الصلاة في بعض أسفاره - صلى الله عليه وسلم - نام عن الصلاة هو وأصحابه، فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس، فلما استيقظوا أمر بالأذان فأذن بلال، وتوضؤوا وصلوا السنة الراتبة، ثم أمر بالإقامة وصلوا الفريضة، هذا هو المشروع.
س: الأخ: م. ص. غ. من الجمهورية التونسية يسأل يقول: أيهما تصلى أولا صلاة الصبح الفريضة أم سنة الفجر، وذلك بعد طلوع الشمس إذا غلبك النوم مع العلم أن المصلي منفرد (2) ؟
ج: إذا غلب النوم على إنسان، ولم يستيقظ إلا بعد الشمس يبدأ بالسنة سنة الفجر، ثم يصلي الفريضة، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 220.
(2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 153.(7/111)
والسلام أنه في بعض أسفاره نام هو وأصحابه عن الفجر، فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس، فلما استيقظوا أمرهم أن يقودوا رواحلهم عن مكانهم، وقال: «إنه موضع حضرنا فيه الشيطان (1) » وتوضأ وتوضؤوا، وأمر بلالا فأذن وصلى السنة الراتبة، ثم صلى الفريضة عليه الصلاة والسلام، فهذا هو السنة، أن يبدأ بالسنة الراتبة ركعتين ثم يصلي الفريضة.
س: المستمعة من اليمن تقول: إذا تأخرت عن صلاة الفجر – أي بعد طلوع الشمس – فهل أصلي السنة، ثم الفرض أم الفرض دون السنة (2) ؟
ج: إذا نام الإنسان عن صلاة الفجر يصلي النافلة قبل ركعتين، ثم الفريضة، النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره أخذهم النوم فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس، فلما استيقظوا صلاها كما يصليها في وقتها، أمر بالأذان، ثم صلى الراتبة، ثم صلى الفريضة عليه الصلاة والسلام، فالمرأة أو الرجل إذا غلب عليهم النوم ولم يستيقظوا إلى ما بعد طلوع
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (680) .
(2) السؤال الخمسون من الشريط رقم 427.(7/112)
الشمس يصليها كما كان يصليها في الوقت، يصلي الراتبة، ثم يصلي الفريضة، لكن لا يجوز التساهل في هذا؛ بل يجب على الرجل والمرأة فعل الأسباب من ضبط الساعة على وقت الصلاة، أو تنبه الأهل ليوقظوهم، ولا يتساهلوا في هذا، يجب على المؤمن أن يعتني بالصلاة في وقتها، سواء كان بإيجاد ساعة يركدها على الوقت، أو بتنبيه أهل البيت يوقظونه، ويوقظون المرأة كذلك، الصلاة في وقتها أمر لازم وفريضة، ولا يجوز التساهل في هذا، التساهل في هذا من صفات المنافقين، نسأل الله العافية.(7/113)
71 – توجيه من ينام عن صلاة الفجر حتى تطلع الشمس
س: يسأل السائل ويقول: إنه مقصر في صلاة الفجر، وينام عنها ولا ينهض إلا عند طلوع الشمس في الساعة التاسعة، ويعمل جميع الوسائل ولكن بدون فائدة، وأشعر بعد ذلك بالحزن والضيق، فأرجو من سماحتكم توجيهي إلى ما فيه الخير (1) .
ج: الواجب على المؤمن أن يجاهد نفسه حتى يؤدي الصلاة في
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 416.(7/113)
وقتها مع الجماعة، وأنت أيها السائل يجب عليك أن تعتني بهذا الأمر إن كنت تسهر اترك السهر، وبكر بالنوم حتى يعينك ذلك – إن شاء الله – على القيام في وقت الصلاة، وإن كان هناك أسباب أخرى اتركها حتى تنام، وحتى تستيقظ في وقت الصلاة، لا بد من الجهاد، الله يقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (1) ويقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) ؛ فلا بد من الجهاد، ولا بد من الصبر، فعالج الأمر بالشيء الذي تستطيعه، ادرس الأسباب التي تسبب لك هذا الكسل، وهذا الضعف حتى تعرف الأسباب، وابتعد عنها سواء كانت الأسباب تتعلق بالسهر، أو بأشياء أخرى؛ حتى تنام مستريحا، وتقوم على الوقت، وتركد الساعة على الوقت الذي يناسب، سواء وقت الأذان أو قبله بقليل، حتى يتيسر لك الوضوء أو الغسل إذا كان عليك غسل بسهولة، المقصود لا بد من علاج، وسؤال الله التوفيق والإعانة، ولا تضعف في هذا الأمر؛ بل يجب أن تعالج بترتيب النوم، وبتعاطي أسباب اليقظة في وقت الصلاة.
__________
(1) سورة العنكبوت الآية 69
(2) سورة البقرة الآية 238(7/114)
س: سماحة الشيخ، هل له أن يوصي الجيران والإخوان الحريصين على صلاة الفجر لإيقاظه في ذلك (1) ؟
ج: نعم، طيب هذا، من باب التعاون على البر والتقوى، إذا كان قد ينام وقد لا يسمع الساعة في شدته، لا بد أن يوصي أهله الذين عنده في البيت: أمه، وأخواته يجاهدون معه، يوقظونه، عليهم التعاون معه، الله جل وعلا يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2) فعلى أمه وعلى أخته وعلى من في البيت أن يساعدوه في هذا؛ لأنه قد لا يسمع الساعة في شدة نومه.
س: إنني ولله الحمد أصلي جميع الصلوات في المسجد إلا الفجر، فإني دائما أصليها بعد شروق الشمس، والسبب في ذلك أنني أكون نائما، فهل أنا آثم على ذلك؟ أفتوني مأجورين (3) .
ج: يجب عليك يا عبد الله أن تصلي في المسجد الفجر مع الجماعة مثل بقية الصلوات، لا يجوز لك أن تؤخرها إلى طلوع الشمس؛ بل هذا
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 416.
(2) سورة المائدة الآية 2
(3) السؤال السابع من الشريط رقم 298.(7/115)
منكر عظيم؛ بل كفر أكبر عند جمع من أهل العلم، نسأل الله العافية، إذا عزمت عليه وصممت عليه، الواجب عليك أن تتقي الله، وأن تصلي مع الناس الصلاة في وقتها الفجر وغيره، وعليك أن تتقي الله في عدم السهر حتى تقوم إلى الصلاة، وعليك أيضا أن تستعين بالساعة التي تعينك على ذلك، أو ببعض أهل بيتك حتى يوقظوك، أو تركد الساعة على طلوع الفجر حتى تقوم، يعني هي من أسباب العون على هذا الخير، ساعة خراشة دقاقة تعين، ترتبها على طلوع الفجر حتى تستعين بها، هذا لازم.
فالواجب عليك أن تتخذ الأسباب التي تعينك على أن تصلي مع الجماعة الفجر وغيره، ولا يجوز لك أبدا أن تتساهل في هذا الأمر؛ بل هذا من صفات أهل النفاق، هذا العمل من صفات أهل النفاق نعوذ بالله، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (1) فالواجب عليك الحذر من صفاتهم، وقال فيهم سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (2) وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء
__________
(1) سورة النساء الآية 142
(2) سورة النساء الآية 145(7/116)
وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (1) » فاتق الله، واحذر التساهل بشيء من الصلوات الخمس الفجر وغيرها، وعليك أن تتقي الله في أدائها في المسجد مع الجماعة مع إخوانك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء ولم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (2) »
قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض. وجاءه - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي رخصة من الصلاة في بيتي؟ فقال له - صلى الله عليه وسلم -: «هل تسمع النداء؟ قال: نعم. قال: فأجب (3) » رجل أعمى ليس له قائد يقال له: أجب، كيف بحال البصير الطيب الصحيح، الواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وأن يصلي في الجماعة جميع الأوقات، وأن يحذر تأخيرها عن وقتها، حتى ولو كان مريضا فلها وقت فلا يؤخرها عن وقتها، ولو كان مريضا في البيت يصليها في وقتها، فكيف بالصحيح، نسأل الله السلامة والعافية.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651) .
(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يحب إتيان المسجد على من سمع النداء، برقم (653) .(7/117)
س: أنا شاب وعندي مشكلة، وهي أني أصلي جميع الفروض ما عدا صلاة الفجر، فهي تفوتني كل صبح إلا ما شاء الله تعالى، وأنا في حيرة من أمري وقلق من هذه الحالة التي أنا فيها، أرجو أن أجد حلا لمشكلتي هذه (1) .
ج: هذه المشكلة ليست لك وحدك؛ بل معك فيها أناس كثير وشباب كثير، وغير شباب أيضا، وهو التأخر عن صلاة الفجر، ولهذا أسباب من أهمها ومن أخطرها السهر وعدم النوم مبكرا، وهذا هو السبب الوحيد الغالب على الناس يسهرون لمشاهدة التلفاز أو لأسباب أخرى، فإذا سقط في آخر الليل نائما عجز أن يقوم في آخر الليل حتى ولو كان عنده ساعة تنبهه لا يسمعها حتى ولو جاءه المنبهون يعجزون عنه، بسبب ثقل النوم وغلبته عليه، فالعلاج الوحيد لهذا الأمر مع سؤال الله التوفيق والإعانة هو عدم السهر، أن ينام المؤمن مبكرا، وألا يضر نفسه بمشاهدة التلفاز حتى يمضي عليه الليل الكثير، أو يشتغل بأشياء أخرى؛ بسماع أغان، أو سماع قيل وقال من أصحابه وزملائه، أو موانع أخرى تمنعه من النوم مبكرا، وإذا عالج الأمر بهذه الطريقة إن شاء الله يصحو،
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 14.(7/118)
أنت أيها السائل الواجب عليك ألا تسهر، وأن تنظر في الأسباب التي منعتك من القيام، فإن كانت الأسباب أنك تتأخر في النوم تسهر فاتق الله، وبادر بالنوم في أول الليل بعد صلاة العشاء، بادر بالنوم حتى تستطيع القيام لصلاة الفجر، وتصلي مع المسلمين في جماعة المسلمين، وهذا واجب عليك، والتساهل في هذا محرم، ومن التشبه بالمنافقين؛ لأن المنافقين لا يأتون الصلاة إلا كسالى، ولا يشهدون العشاء والفجر، هذه من أعمالهم الخبيثة، فالواجب على المسلم أن يحذر مشابهة المنافقين، وأن يجتهد في أداء فريضة الله في أوقاتها مع إخوانه المسلمين، هذا إذا كان رجلا، والمرأة كذلك عليها أن تتقي الله، وأن تجتهد في أداء الصلاة في وقتها بعد طلوع الفجر قبل الشمس، ولا يجوز أبدا لأحد من الناس أن يؤخرها بعد طلوع الشمس، كما يفعل بعض الناس يؤخرها، فإذا قام لعمله بعد طلوع الشمس صلى، هذا غلط عظيم، ومنكر كبير، لا يجوز لا للرجل ولا للمرأة، ليس للرجل أن يؤخر ذلك حتى يقوم للدراسة، أو للعمل، ثم يصلي بعد طلوع الشمس، هذا لا يجوز هذا محرم؛ بل ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من فعله كفر؛ لأن تأخير الصلاة عن وقتها كفر إذا تعمد ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا(7/119)
وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » هكذا بعض الطالبات تؤخر الصلاة حتى تقوم للدراسة بعد طلوع الشمس، هذا أيضا منكر ولا يجوز، والواجب على الجميع تقوى الله، وعلى أهلهن التنبيه، على آبائهن وأمهاتهن وعلى إخوانهن التنبيه على ذلك، وعلى آباء الشباب كذلك وأمهات الشباب، كل هذه أمور عظيمة يشترك فيه أهل البيت في إثمها إذا لم يتعاونوا على زوالها، والمسلمون شيء واحد، وأهل البيت شيء واحد، يجب عليهم أن يتعاونوا في نصيحة المتخلف، والأخذ على يديه حتى يستقيم على طاعة الله وأداء فرائضه، هذا هو الواجب على الجميع، فإن كان هناك أسباب أخرى غير السهر فالواجب عليك أن تعالجها، وأن تنظر ما هي الأسباب، كالنوم يطير عنك من أول الليل، أنت ما تنام، تسأل الأطباء لعل عندهم دواء يزيل عنك هذا القلق هذا السهر، وتحصل لك الراحة والطمأنينة حتى تنام، وإن كان هناك علل
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(7/120)
أخرى فعالجها، وإن كنت ليس عندك من يوقظك فاجعل عندك الساعة المعروفة المنبهة، وركد الخراش على الوقت المناسب الذي هو وقت الأذان، أو قرب الأذان حتى تسمعها وتقوم، على كل حال الواجب العلاج، والعلاج لا يخفى على العاقل، فالعلاج واضح، تركد الساعة، وتوصية المنبهين، وترك السهر، فالواجب العلاج على الرجل والمرأة، على جميع الناس، على الشباب والشيب، على البنات والعجائز، على الجميع، ليس هذا خاصا بأحد دون أحد.
الواجب على الجميع أن يعالجوا ما يقع لهم من هذا التأخر، وأن ينظروا في الأسباب حتى تزال هذه الأسباب التي تقتضي التأخر حتى لا يصلي إلا بعد طلوع الشمس، هذا منكر عظيم يجب أن يعالج من ابتلي بهذا الوضع حتى يصلي الصلاة في وقتها مع الجماعة إن كان رجلا، وحتى تصليها المرأة في بيتها في الوقت قبل طلوع الشمس، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
س: السائل يقول: رجل يحافظ على الصلوات، إلا أنه يتأخر عن صلاة الفجر بأوقات متفاوتة، فبم تنصحونه؟ جزاكم الله خيرا (1) .
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 233.(7/121)
ج: ننصحه بالحذر من مشابهة أهل النفاق، فإن المنافقين يتأخرون عن صلاة العشاء والفجر ويكسلون عنهما، فالواجب الحذر، والصلاة كلها ثقيلة على المنافقين كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (1) » يعني لو يعلمون ما فيهما من الأجر العظيم لأتوهما ولو حبوا، فالواجب على المؤمن أن يحذر صفات المنافقين، وأن يبتعد عنها، وأن يحافظ على الصلوات الخمس كلها في الجماعة؛ الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، ولا يجوز له التأخر عن صلاة الفجر أبدا، بل يجب أن يعتني بها، وأن يصليها مع إخوانه كما يفعل مع الصلوات الأخرى.
وإذا كان لا يستيقظ يستعين بالله، ثم ببعض أهله يعينونه على اليقظة، أو بوضع الساعة عند رأسه يركدها على قرب الفجر، ثم إذا ضربت قام، الله يسر هذه الساعات نعمة من الله، يجعلها عند رأسه يركدها على الساعة التي يريد قبل الفجر أو عند الفجر، فإذا ضربت سمع الصوت وقام، ومن الأسباب أيضا أن ينام مبكرا ولا يسهر، عليه أن ينام مبكرا إذا كان كثير النوم، وربما شق عليه النوم، عليه أن
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651) .(7/122)
يبكر، عليه ألا يسهر حتى يقوم عند الفجر نشيطا ليس به مانع، ولا يجوز له التساهل في هذا الأمر أبدا؛ بل يجب العناية بهذا الأمر، وهناك أمور منها: التبكير في النوم، لا يسهر، ومنها وضع ساعة تعينه على ذلك يركدها على قرب الفجر، أو تكليف بعض أهله الذين يستيقظون أن يوقظوه، مع سؤال الله الإعانة على هذا الخير، والتوبة إليه مما سلف.(7/123)
72 – وصية نافعة حول السهر
س: الرجاء توجيه كلمة لمن يسهر ويضيع وقت صلاة الصبح، وبالمناسبة هل نقول: صلاة الفجر أم صلاة الصبح (1) ؟
ج: يقال: صلاة الصبح أو صلاة الفجر لا بأس بهذا، يقال لها: صلاة الفجر، ويقال لها: صلاة الصبح، فوصيتي لكل مؤمن ومؤمنة الإقلال من السهر الذي يضر الساهر قبل غيره، السنة البدار في النوم وعدم السهر، والنبي – عليه الصلاة والسلام - كره النوم قبل العشاء والحديث بعدها، وكره السمر بعدها، فالسنة للمؤمن والمؤمنة البدار بالنوم في أول الليل حتى ينشط على الصلاة في آخر الليل، وحتى ينشط على
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 314.(7/123)
أعماله في النهار، إذ ربما سهر وضيع صلاة الفجر، أو ضيع قيام الليل، وهذا خطر عظيم، فإنه إذا ضيع صلاة الفجر أتى جريمة عظيمة، فالواجب الحذر من ذلك، وأن يحافظ على صلاة الفجر في جماعة إن كان رجلا، وفي الوقت إن كانت امرأة، إلا إذا كان السهر لمصلحة عارضة مع ضيف، أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو مع أهله في مصلحة لا في سهر يضره، ولا يضيع صلاة الفجر، فالسهر الذي فيه حاجة لا بأس به، فالرسول كان يسهر مع الضيف، ويسهر في مصالح المسلمين بعض الوقت عليه الصلاة والسلام، مع الصديق ومع عمر، فلا بأس في هذا كون الإنسان يسهر بعض الوقت مع أهله، أو في المساجد عندما تدعو الحاجة لذلك، أو مع الضيف أو في طلب العلم، كما كان أبو هريرة يفعل ذلك، بشرط ألا يضيع صلاة الفجر، وبشرط ألا تمنعه عن أعماله النهارية التي يلزمه أداؤها.
فالحاصل عند السهر في المصلحة الشرعية التي لا يترتب عليه فوات مصالح أخرى، ولا يترتب عليه فوات صلاة الفجر، أظن أنه لا بأس به، والسنة تدل على العناية بالنوم المبكر؛ لما فيه من المصالح العظيمة.(7/124)
73 – وجوب المبادرة إلى الصلاة عند الاستيقاظ لمن نام عنها
س: سائل يقول: إذا نام الرجل عن صلاة الفجر ولم يستيقظ إلا في التاسعة صباحا هل يصلي أم ماذا يفعل؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: نعم، متى استيقظ وجب عليه البدار بالصلاة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (2) » فالنائم عليه أن يحتاط بتنبيه أهل بيته حتى يوقظوه، أو بإيجاد الساعة المنبهة على الوقت حتى يستعين بذلك ولا يتساهل، لا يجوز له التساهل؛ بل إما أن يكون هناك من يوقظه، وإما أن يستعمل الساعة التي يسمع صوتها عندما يركدها على وقت معين، حتى يستعين بذلك على أداء ما أوجب الله عليه من الصلاة في وقتها ومع الجماعة، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، ولكن متى وقع شيء من هذا بأن نام ولو عنده ساعة، قد يكون ما سمع الساعة، قد يكون ما أيقظه أهله ناموا أيضا، فالواجب إذا استيقظ أن يبادر بالصلاة، وقد وقع هذا في حق النبي عليه الصلاة والسلام، فقد وقع له مرات في أسفاره، تأخروا في النزول
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 187.
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) .(7/125)
ونزلوا في آخر الليل، وناموا حتى ما أيقظهم إلا حر الشمس، وقد كان قد جعل من يرقب له الصبح، فنام أيضا المراقب وهو بلال رضي الله عنه.
فالحاصل أنه لما استيقظ بادر بالصلاة، أمر بلالا فأذن، فتوضأ الناس فصلوا سنة الفجر، ثم صلى بهم عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشروع أن يبادر بالوضوء والصلاة من حين يستيقظ، كما لو كان ناسيا، نسي بعض الصلوات، ثم ذكرها، فإنه يبادر أيضا بفعلها عملا بالحديث: «من نسي صلاة، أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1) » ثم تلا قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (2)
س: تسأل الأخت وتقول: إذا نام الإنسان وقت صلاة الصبح، واستيقظ مثلا في الساعة العاشرة صباحا، فهل يجوز أن يصليها في هذا الوقت أم يصليها في اليوم التالي في وقتها على أن تكون قضاء؟ هذا إذا كان الإنسان سليما، أما إذا كان الشخص مريضا، ولا يستطيع الاستيقاظ في وقتها ماذا يفعل، وبأي وقت
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) .
(2) سورة طه الآية 14(7/126)
يصلي صلاة الصبح (1) ؟
ج: من نام عن الصلاة وجب عليه أن يصليها إذا استيقظ، وهكذا إذا نسيها يجب عليه أن يصليها إذا ذكرها؛ لقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (2) » ولا يجوز تأخيرها إلى وقتها في اليوم الآخر، لا؛ بل يجب أن يصليها في الحال إذا استيقظ في الضحى، أو في الظهر، أو في العصر، ليس لها وقت نهي، متى استيقظ أو ذكر وهو ناس بادر وصلى، هذا هو الواجب.
وعلى المسلم والمسلمة أن يتحريا أسباب القيام في الوقت، ومن ذلك أن يبكر كل منهما بالنوم من أول الليل حتى لا يثقل في آخر الليل، ومن ذلك أن يضع الساعة المنبهة، وأن يجعلها على الوقت المناسب عند دخول الوقت وقبل الفجر بقليل، حتى يستيقظ ويتمكن من الوضوء والغسل إن كان عليه غسل إذا كان صاحب زوجة. المقصود أن عليه أن يفعل الأسباب، يجب على المؤمن والمؤمنة فعل الأسباب، فإذا كان النوم من أجل السهر وجب عليه ألا يسهر، وإذا كان النوم من أجل
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 197.
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) .(7/127)
أنه ليس عنده ساعة يجعل عنده ساعة حتى يركدها على الوقت المناسب؛ لأنها تنفع وتفيد، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه في بعض أسفاره نزل في أثناء الليل، وناموا فلم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس، فصلى في الحال، أمر بالوضوء والصلاة، وصلوا في الحال بعدما قادوا رواحلهم عن مكانهم قليلا، وقال: «إنه موضع حضر فيه الشيطان (1) » فاقتادوا رواحلهم عنه قليلا، وصلوا في الحال، ثم السنة أن يصليها بأذان وإقامة الرجل، والمرأة تصليها كذلك بغير أذان ولا إقامة، لكن مع السنة الراتبة، يصلي ركعتين النافلة الراتبة، والمرأة كذلك تصلي الراتبة، ثم تصلي الفريضة، وإذا كان رجل أو جماعة من الرجال أذنوا وأقاموا، ولو أنه في الضحى أذنوا وأقاموا وصلوا، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، تقرأ على هيئتها كما تصلى في الوقت، ولا تؤخر إلى وقتها الدائر إلى مثل وقتها في اليوم الآخر، لا؛ بل يجب البدار بفعلها من حين يستيقظ أو يذكر.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (680) .(7/128)
74 – حكم النوم عن الصلاة والتفصيل في ذلك
س: إنني أضيع صلاة الصبح أحيانا بالنوم، فهل علي إثم بذلك (1) ؟
ج: فإن هذا فيه تفصيل: إذا كان النوم غلبك وليس لك اختيار فالنوم ليس فيه تفريط، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة (2) » أما إذا كنت تستطيعين أن تقومي للفجر بوضع الساعة المنبهة، أو بتكليف من لديك من أهلك بإيقاظك، ثم تساهلت فتأثمين بهذا، وعليك خطر، وعليك أيضا أن تبكري بالنوم، وألا تسهري حتى تستطيعي أن تقومي للفجر، فإذا تساهلت بالسهر، أو بعدم وجود الساعة المنبهة، أو بعدم توكيل من يوقظك فأنت كمتعمدة، عليك إثم عظيم، وقد تكفرين بذلك؛ لأن من ترك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها يكفر عند جمع من أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 124.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في النوم عن الصلاة، برقم (177) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب فيمن نام عن صلاة أو نسيها، برقم (441) ، والنسائي في المجتبى، كتاب المواقيت، باب فيمن نام عن صلاة، برقم (615) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها، برقم (698) .(7/129)
وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » وعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » والتعبير بالرجل لا يخرج المرأة، الأحكام تعم الجميع، فقد يعبر بالرجل والحكم عام، وقد يعبر بالمرأة والحكم عام؛ لأن الجميع مكلف.
وقد قال عبد الله بن شقيق العقيلي رضي الله عنه ورحمه، وهو تابعي جليل: لم يكن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة.
فالصلاة لها شأن عظيم، فتعمد تركها حتى يخرج وقتها كفر عند جمع كبير من أهل العلم لهذه الأحاديث، وما جاء في معناها، أما إذا غلبك النوم كما تقدم فلا شيء عليك، لكن عليك أن تحتاطي، عليك أن تضعي الساعة المنبهة على الوقت، عليك أن تكلفي من يتيسر من أهل بيتك بإيقاظك، عليك أن تنامي مبكرة حتى تستطيعي القيام، كل هذا واجب عليك وعلى أمثالك.
كثير من الناس يسهر ثم لا يقوم إلى صلاة الفجر، وهذا منكر عظيم وإثم عظيم،
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(7/130)
الواجب على الرجال والنساء عدم السهر الذي يفضي بهم إلى ترك الصلاة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - زجر عن الحديث بعد العشاء، وكره النوم قبلها والحديث بعدها؛ بل زجر عن ذلك بعد العشاء؛ لأنه قد يفضي إلى ترك صلاة الفجر، فلا ينبغي السهر إلا لمصلحة شرعية، كالسهر مع الضيف، أو مع الزوجة لحاجة الإنسان ثم ينام، أو في أمور المسلمين، كالعسس لأمور المسلمين، والهيئة ونحو ذلك ممن ينظر لمصالح المسلمين، فالواجب على كل مكلف أن يحتاط لصلاته وينام مبكرا حتى يستطيع القيام لصلاة الفجر، ويستعين بما يسر الله له من الساعات أو غير الساعات من الموقظين من أهله حتى يؤديها في وقتها مع إخوانه المسلمين، وحتى تؤديها المرأة في بيتها في وقتها، وهكذا بقية الصلوات يجب أن تؤدى في الوقت، ولا يجوز التساهل حتى يضيع الوقت ويخرج الوقت.
س: من وضع الساعة المنبهة لصلاة الفجر، وأوصى أهله فلم يصل إلا متأخرا؛ لأن النوم غلب عليه، فما حكم ذلك؟ وما الحكم إذا تكرر ذلك منه بكثرة (1) ؟
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 351.(7/131)
ج: إذا كان ذلك قهرا عليه، ولم يتسبب في ذلك فلا حرج عليه؛ لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) وقوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2)
أما إذا كان هو المتسبب، يتأخر، لا يصلي إلا متأخرا، ولو وضع الساعة، ولو كلفهم هو غير معذور؛ لأنه هو المتسبب، أما إذا صار النوم بعد صلاة العشاء، ولم يستطع القيام لأسباب منعته، مرض أو ثقل نوم، مع وجود الأسباب من الساعة والموقظين، الله يعلم أنه صادق في ذلك، فلا حرج عليه، أما التحيل فلا يجوز كونه يضع الساعة، ويوصيهم ويتأخر ولا ينام إلا متأخرا، ولا يستطيع أن يقوم، هذه حيلة لا تجوز ولا تنفعه.
س: إنني أنام أحيانا عن صلاة الفجر، ولا أقضيها إلا بعد طلوع الشمس بسبب الإرهاق والتعب، مع أنني أضع المنبه على الوقت، وقت الأذان، ولكني لم أستفد منه، فهل علي إثم؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (3) .
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) سورة البقرة الآية 286
(3) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 355.(7/132)
ج: إذا كنت مغلوبا على أمرك، عاجزا فليس عليك شيء؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)
أما إذا كنت متساهلا تتأخر بالليل فوضع الساعة لا يكفي؛ لأنك إذا نمت مجهدا ضعيفا ما تسمع، فالواجب عليك اتخاذ الأسباب التي تعين على القيام بالتبكير بالنوم، ووضع الساعة على وقت الفجر، وتكلم من يوقظك إن كان عندك أهل يوقظونك، يجب عليك الأخذ بالأسباب، أما إذا فعلت الأسباب الممكنة، واجتهدت وغلبت فلا حرج: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2)
أما إذا تأخرت ولا نمت إلا في آخر الليل هذا غلط منك، أنت آثم بهذا، نسأل الله العافية.
س: من الرياض أم هاجر تقول: إنني متزوجة - والحمد لله - مسلمة مصلية، ولي زوج مسلم، أدعو الله أن يجازيه خيرا عن معاملته الطيبة لي، ولا أعتب عليه يا سماحة الشيخ في شيء غير أنه يعمل دوامين، ويعود متأخرا حوالي الحادية عشرة مساء، ولأنني وحيدة، ولا أخرج تقريبا أبدا إلا يوم إجازته فهو يسهر معي حتى
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) سورة البقرة الآية 286(7/133)
يؤنس وحشة الوحدة، وعندما أستيقظ في الفجر لأصلي أوقظه ولكن نومه ثقيل، وطلب مني أن أمسح وجهه بالماء حتى يستيقظ، ولكنه في بعض الأحيان لا يستيقظ نتيجة لذلك السهر، هل علي إثم؟ وهل عليه إثم؟ وهل علي أنا إثم في أنني فشلت في إيقاظه؟ وهل هناك أكثر من الماء لإيقاظه؟ وجهوني لأوجه ذلك الرجل، جزاكم الله خيرا (1) .
ج: أنت مأجورة، جزاك الله خيرا عن عملك، وهذا عمل طيب، وهذا من التعاون على البر والتقوى، وليس عليك ولا عليه شيء إذا كان غلبه الأمر، وليس باختياره ولم يتعمد التساهل في ترك الصلاة ذلك الوقت حينما مسحت وجهه بالماء، ومسح الوجه بالماء جاء به النص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الرش بالماء، رش الزوج بالماء، وإيقاظه بالماء جاء به النص، فأنت مأجورة وهو مأجور حين أمرك بذلك وسمح بذلك، وأنتما على خير إن شاء الله، لكن ينصح هو بأن يستريح من هذا الدوام، وأن يستقيل من هذا الدوام، وأن يطلب من مرجعه أن يسامحه من هذا الدوام حتى لا يتعب نفسه، ولا يشق على نفسه ولا
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 305.(7/134)
على أهله، وحتى لا يضيع الصلاة: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (1) وسوف يرزقه الله إن شاء الله بما يغنيه عن هذا الدوام الثاني حتى يستريح ويريح أهله، ويحافظ على ما أوجب الله عليه؛ لأن الإنسان طاقته محدودة، فينبغي له ألا يكلف نفسه بداومين ما دام بهذه الحالة يشق على نفسه ويشق على أهله، وربما ترك الصلاة مع الجماعة بسبب ذلك، ولو كان على غير عمد واختيار، لكن هو المتسبب في هذا الشيء.
فالذي أنصحه في هذا أن يدع أحد الدوامين؛ حتى يتفرغ لإيناس أهله، وراحة نفسه وبدنه، وراحة قلبه، وحتى يحافظ على الصلوات مع الجماعة في أوقاتها، هذا فيه فضل عظيم، أما إذا كان تركه القيام للصلاة من أجل غلبة النوم ولم يتعمد ذلك، ولم يتساهل في ذلك، ولكن غلب في بعض الأحيان فلا يضره ذلك، وإذا غلب في بعض الأحيان، لكن أخشى عليه أن يكون في هذين الدوامين نوع من الجشع، والحرص على المال فيضره ذلك؛ لأنه يسبب له المشاكل مع أهله، وفروض الصلاة تفوت، والمطلوب منه أن يؤنس أهله، وأن يجتهد بالإحسان إليهم
__________
(1) سورة الطلاق الآية 2(7/135)
وبإحسان عشرتهم كما قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (1) وهذه الأسباب تعينه على صلاة الجماعة وأدائها مع إخوانه، فأخشى أن يكون هذا الدوام الثاني عليه فيه تبعة إذا كان غير مضطر إليه، نسأل الله للجميع الهداية.
__________
(1) سورة النساء الآية 19(7/136)
75 – حكم من يؤخر صلاة الصبح تساهلا
س: أتأخر عن صلاة الصبح وأصليها فائتة، وذلك بسبب النهوض من النوم متأخرا، وأنا لست متعمدا ولا أحس بنفسي إلا والجماعة فائتة، فما حكم ذلك (1) ؟
ج: الواجب على المؤمن أن يتخذ الأسباب التي تعينه على أداء الصلاة في الوقت، وليس له التساهل حتى يفوت الوقت، فالواجب عليك أيها السائل أن تضع الساعة تنبهك وقت الصلاة إذا ما كان عندك منبه، زوجة جيدة أو غيرها، فتضع الساعة حتى تستعين بها على الوقت، أما التساهل في هذا فلا يجوز، وأنت آثم بهذا التساهل.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 28.(7/136)
76 – بيان ما يجب على من استيقظ بعد الشروق ولم يصل الفجر
س: عندما يستيقظ الشخص بعد طلوع الشمس، هل يصلي الصبح حاضرا أم قضاء (1) ؟
ج: إذا استيقظ يبادر فيتوضأ، ويصلي الراتبة، ثم يصلي الفريضة ولو بعد طلوع الشمس يصلي الراتبة أولا، مثل ما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نام في السفر، ولم يقم حتى طلعت الشمس، فأمرهم أن يقتادوا رواحلهم عن المكان، قال: «إنه حضرنا فيه الشيطان (2) » فاقتادوا رواحلهم عنه بعض الشيء، ثم توضؤوا وصلوا الراتبة، وصلوا الفريضة بعد الأذان، أذن وأقام. وهكذا الرجل لو نام عن الصلاة، غلبه النوم إذا استيقظ يتوضأ، ويصلي ركعتين، ويقيم ويصلي الفريضة ولا يعجل.
س: في أحد الأيام لم أستطع تأدية صلاة الصبح بسبب النوم، فكيف أقضيها لو سمحتم (3) ؟
ج: الواجب على المسلم أن يتخذ الأسباب التي تعينه على صلاة
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 349.
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (680) .
(3) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 171.(7/137)
الفجر في الجماعة، وهكذا بقية الصلوات، فإذا كان المانع السهر فالواجب عدم السهر، عليه أن ينام مبكرا حتى يقوم للصلاة في وقتها، فإن كان المانع أنه ليس عنده من يوقظه فليتخذ ساعة منبهه يركدها على الوقت المطلوب، حتى إذا جاء الوقت سمع المنبه فقام إلى الصلاة، أو يؤكد على أهله الذين يثق بهم أن يوقظوه في الوقت.
أما التساهل، وعدم المبالاة فهذا معناها الموافقة على ترك الصلاة، وعدم المبالاة بها والعياذ بالله، فيكون آثما ومتشبها بأعداء الله المنافقين الذين قال فيهم سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (1)
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر (2) » قال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها – يعني الصلاة في الجماعة – إلا منافق معلوم النفاق.
فالواجب على كل مسلم، وعلى كل مسلمة الحذر من التساهل بالصلاة، والواجب اتخاذ الأسباب المعينة على أدائها في الوقت، الفجر وغيره في جميع الأوقات، فالذي يسهر يجب عليه ألا يسهر حتى يقوم
__________
(1) سورة النساء الآية 142
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651) .(7/138)
لصلاة الفجر، والذي يتساهل في عدم توقيت الساعة على الوقت المطلوب أن يعتني بالساعة، ويوقتها على الوقت المطلوب حتى يسمع التنبيه، والذي عنده أهل يوقظونه يوصيهم بذلك، يفعل الأسباب التي تعينه على أداء الصلاة، وليس له التساهل في ذلك أبدا، وهكذا بقية الصلوات، يعتني بالأسباب التي تعينه على أدائها في الوقت ولا يتساهل في ذلك حتى لا يكون في ذلك متشبها بالمنافقين، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة.(7/139)
77 – حكم من يصلي الصبح بعد طلوع الشمس متعمدا
س: بحكم طبيعة عملي ومشقته، فإنني لا أستيقظ من النوم إلا بعد طلوع الشمس، فأصلي الصبح ركعتين فقط، أفيدوني (1) ؟
ج: هذا منكر عظيم، يجب عليك أن تصلي في الوقت، يجب عليك أن تنام مبكرا حتى تقوم في وقت صلاة الفجر، أو تشتري ساعة تركدها على قرب الفجر حتى تعينك على القيام، ولا يجوز لك التساهل حتى تصلي بعد الشمس، هذا منكر عظيم، وتعمده كفر في أصح قولي
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 354.(7/139)
العلماء؛ لأن تعمدها هذا ترك للصلاة في وقتها، فالواجب الحذر، قال الله جل وعلا: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (1) قال جماعة من السلف: أضاعوا الصلاة يعني أخروها عن وقتها. فالواجب الحذر، وذلك بأحد أمرين:
إما أن تبكر في النوم حتى تستيقظ للفجر، وإما أن تتخذ ساعة تعينك، أو تعمد من يوقظك، ولا يجوز لك التساهل في هذا أبدا؛ بل يجب أن تهتم بهذا الأمر حتى تصلي الصلاة في وقتها.
س: تسأل أختنا عن الشخص الذي يصلي بعض الأيام صلاة الفجر بعد طلوع الشمس، أو يصلي صلاة العصر في البيت، ما حكم صلاته؟ وهل تجب مقاطعته أو تجب نصيحته؟ أرشدونا لذلك ولا سيما إذا كان من المقربين لنا (2) .
ج: الواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، يجب على جميع المسلمين المكلفين من رجال ونساء أن يحافظوا على الصلاة في وقتها، الفجر في وقتها قبل الشمس،
__________
(1) سورة مريم الآية 59
(2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 278.(7/140)
والظهر في وقتها بعد الزوال، والعصر في وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله بعد وقت الزوال قبل أن تصفر الشمس، والمغرب بعد غروب الشمس، والعشاء بعد غروب الشفق، والفجر قبل طلوع الفجر قبل الشمس، لا بد من هذا، يجب على جميع المسلمين المكلفين المحافظة على هذه الصلوات الخمس؛ لأنها عمود الإسلام، من تركها كفر، نعوذ بالله من ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » ويقول: «إنه يأتي عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون (3) » «فقيل: يا رسول الله، أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة (4) » فدل على أن إقامة الصلاة لا بد منها؛ عمود الإسلام، من تركها كفر، ولا يجوز تأخير الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، ولا تأخير العصر إلى أن تصفر الشمس؛ بل يجب أن يصليها
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع، برقم (1854) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة، وشرارهم برقم (1855) .(7/141)
في الوقت، والصحيح أنه إذا ترك ولو صلاة واحدة عمدا حتى خرج وقتها كفر – نسأل الله العافية – فكيف إذا ترك الصلاة الكثيرة؟ أما إن جحد وجوبها كفر عند جميع العلماء، إذا جحد وجوب الصلاة كفر ولو فعلها، ولو صلى، وإذا قال: ما هي بواجبة كفر عند الجميع، لكن إذا قال: إنها واجبة فرض، ولكن يتساهل ويتكاسل، الأكثرون من أهل العلم على أنه لا يكفر كفرا أكبر، ولكن كفرا أصغر، وهي كبيرة عظيمة، لكن لا يكفر كفرا أكبر، ولكن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل حدا حلال الدم؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (1)
فدل على أنه من لم يتب لا يخلى سبيله؛ بل يقتل، لكن الجمهور على أنه يقتل حدا، على أنه عاص قد أتى كبيرة عظيمة.
والقول الثاني: يقتل كافرا – والعياذ بالله –؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » ويجب على المؤمن أن
__________
(1) سورة التوبة الآية 5
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(7/142)
يصلي في الجماعة، المرأة تصلي في البيت؛ لأنه خير لها وأستر لها، لكن الرجل يجب عليه أن يصلي في المسجد مع الناس، الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (1) » قيل لابن عباس رضي الله عنهما: ما هو العذر؟ قال: مرض أو خوف، وجاءه رجل أعمى فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (2) » هكذا أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أجب "، وهو أعمى ما له من قائد يتلمس الجدران يبحث عمن يقوده، ومع هذا يجب عليه الذهاب إلى المسجد، فكيف بالبصير المعافى؟ .
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (3) » هم بهذا، وهو لا يهم إلا
__________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651) .(7/143)
بالحق عليه الصلاة والسلام، هم أن يحرق عليهم بيوتهم؛ لأنهم ما حضروا في الجماعة مع المسلمين. وفي رواية أحمد: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقتها عليهم (1) »
المقصود أن هذا يدل على وجوب أداء الصلاة في الجماعة، وأنه لا يجوز للمسلم أن يتخلف عنها، لا الفجر ولا غيرها؛ لأن التخلف عن الجماعة من صفات المنافقين، التخلف عن الجماعة في المسجد من صفات أهل النفاق، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (2) الآية، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (3) »
فالذي يتكاسل عن صلاة الفجر في الجماعة قد تشبه بأعداء الله المنافقين، وترك واجبا عظيما، فالواجب عليه تقوى الله، وعلى أهله أن يناصحوه، وعلى أبيه أن يقوم عليه إن كان عنده أب أو جد أو أخ كبير يلزمه بها، ويؤدبه حتى يصلي في الجماعة، يقول النبي
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8769) .
(2) سورة النساء الآية 142
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651) .(7/144)
- صلى الله عليه وسلم -: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (1) » فالولد الذي يتخلف عن الجماعة وقد بلغ عشرا فأكثر يؤدبه أبوه، وهكذا أخوه الكبير إذا كان قد بلغ الحلم صار الأمر أعظم، نسأل الله للجميع الهداية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة؟ برقم (495) .(7/145)
78 - حكم من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها
س: رجل يهمل أداء صلاة الفجر؛ لعدم استيقاظه مبكرا، ويصلي الأخريات في أوقاتهن، فهل يقبل منه هذا العمل؟ وهل يوجد عندكم ما تنصحونه به؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: لا يجوز للمسلم أن يتساهل في هذا الأمر، لا الفجر ولا غير الفجر، يجب أن يحافظ على الجميع في أوقاتها مع الجماعة، وليس له أن يهمل الفجر، ولا الظهر، ولا العصر، ولا المغرب، ولا العشاء؛ بل يجب أن يحافظ على الجميع في الجماعة في بيوت الله مع إخوانه المسلمين، فإذا قصر في ذلك كان عاصيا متشبها بالمنافقين يستحق أن يؤدب من جهة ولاة الأمور، أما إن تركها بالكلية، تركها حتى طلعت الشمس
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 358.(7/145)
متعمدا فإنه يكفر في أصح قولي العلماء – نسأل الله العافية – لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » فالذي يتعمده، ويجعل الساعة على وقت الذهاب إلى عمله بعد الشمس هذا متعمد، فظاهر الحديث كفره، وهو الأصح، أن من تعمد ترك واحدة حتى يخرج وقتها كفر، فالواجب الحذر غاية الحذر من هذا العمل السيئ، وإذا كان أسباب ذلك السهر لا يسهر، يبادر بالنوم حتى يقوى على القيام في الفجر، فالغالب على هؤلاء أنهم يسهرون، فإذا جاء الفجر ناموا، هذا خطأ، هذا منكر، فالواجب عليهم أن يبكروا حتى يناموا نومة تكفيهم، وحتى يستطيعوا القيام للفجر يركد الساعة، ويقوم يصلي مع المسلمين.
س: سائلة تقول: هل نقاطع من يتخلف عن صلاة الفجر أم نستمر في نصيحته (3) ؟
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) السؤال العشرون من الشريط رقم 278.(7/146)
ج: اعملوا بالأصلح، إن كان الأصلح المواصلة لعل الله يهديه بأسبابكم، فواصلوا النصيحة، واستعينوا على ذلك بمن ترون من خواص أقاربه وأصدقائه لعله ينفع، فإن أصر ولم تنفع النصيحة فالواجب أن يهجر، وأن يرفع أمره إلى ولي الأمر، للمحكمة أو للهيئة حتى يعامل بما يستحق من العقوبة، يرفع بأمره من جهة ولي الأمر قاضي المحكمة والهيئة إذا كان في بلدكم هيئة حتى تحضره، وحتى تقيم عليه أمر الله، أما إذا أجدت النصيحة وأفادت فينصح إذا رجي إفادتها.(7/147)
79 – حكم التكاسل عن صلاة الفجر أحيانا إلى طلوع الشمس
س: الأخ: ج. م. ع. من جمهورية مصر العربية يسأل ويقول: إنني أتخلف أحيانا عن صلاة الفجر بسبب تكاسل شديد يمنعني من أن أفتح عيني، فلا أقوم من النوم إلا بعد طلوع الشمس ثم أصلي، ما هو توجيهكم لي؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: هذا العمل منكر، لا يجوز لك أن تتساهل بصلاة الفجر ولا بغيرها؛ بل يجب على المسلم والمسلمة الصلاة في الوقت، وليس
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 276.(7/147)
للمسلم ولا للمسلمة تأخير الصلاة عن وقتها لا الفجر ولا غيره؛ بل هذا من خصال أهل النفاق، قال الله عز وجل في أهل النفاق: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (1) فأنت بهذا العمل عملك أردى من عمل المنافقين، هم يقومون وأنت ما قمت، أخرتها إلى بعد الشمس، فالواجب عليك أن تصلي في الوقت، وأن تكون نشيطا قويا، وأن تصليها مع الجماعة ولا تتشبه بأهل النفاق، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما – يعني من الأجر – لأتوهما ولو حبوا (2) »
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (3) » قيل لابن عباس رضي الله عنهما: ما هو العذر؟ قال: مرض أو خوف. وجاء إليه - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى فقال: فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني - وفي لفظ: يقودني إلى المسجد – فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه
__________
(1) سورة النساء الآية 142
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651) .
(3) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793) .(7/148)
الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء للصلاة؟ -يعني الأذان- قال: نعم، قال: فأجب (1) » أمره النبي أن يجيب وهو أعمى ليس له قائد يقوده إلى المسجد، فكيف بالصحيح البصير؟ يكون الأمر عليه أعظم، فالواجب عليك أن تتقي الله، وأن تصلي مع الجماعة، وأن تبادر بالصلاة في وقتها.
والذي يتعمد تأخيرها عن وقتها يكفر عند جمع من أهل العلم، يعني متعمدا تركها. وقد قال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) »
وظاهر هذا الحديث أن من تعمد تركها حتى تطلع الشمس بغير عذر يكون كافرا، نسأل الله العافية، فالواجب الحذر، وأن تصلي في الوقت، وأن تصلي مع الجماعة في المسجد، وعليك أن تفعل الأسباب التي تعينك على ذلك، عليك أن تعتني بالأسباب المعينة على قيامك إلى الصلاة، وذلك بالنوم المبكر، عليك أن تنام مبكرا حتى لا تكسل عن الفجر، وعليك أن تحتفظ
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(7/149)
بالساعة التي تسمع صوتها، الساعة الخراشة التي تعينك على ذلك، تركدها على قرب الفجر حتى إذا خرشت قمت وسمعت صوت المنبه، أو يكون عندك امرأة تعينك على ذلك، أو أبوك، أو أخوك، المقصود لا بد من القيام للصلاة، سواء بإيقاظ بعض أهلك، أو بوجود الساعة التي تركد حاسبها على قرب الوقت.(7/150)
80 – بيان إثم من تساهل في إيقاظ أهله للصلاة
س: تقول عن نفسها: أصحو مبكرة دوما لصلاة الفجر، وأحيانا تفوت علي الصلاة، ولكن في الأوقات التي أقوم فيها للصلاة لا أقوم بإيقاظ زوجي للصلاة؛ بل يظل نائما حتى مواعيد العمل وبعدها يصلي، هل في ذلك إثم علي (1) ؟
ج: نعم، في ذلك إثم عليكما جميعا، عليك وعليه، عليك أن توقظيه وأن تتقي الله في ذلك، وتعينيه على الخير، وعليه أن يقوم ويصلي في الوقت مع المسلمين في المساجد، وليس له أن ينام حتى وقت العمل، هذا منكر هذا كفر، إذا تعمد هذا كفر؛ لأن تعمد ترك الصلاة في وقتها
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 364.(7/150)
تعمد إخراجها عن وقتها، نعوذ بالله من ذلك، فالواجب عليك إيقاظه، ونصيحته، والحرص على ذلك، والواجب عليه أن يتقي الله، وأن يقوم في الوقت، وأن يصلي مع المسلمين في المسجد، هذا هو الواجب على الجميع، الله يقول سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) ويقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (2)
ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه (3) » وأنت تستطيعين باللسان ولو غضب ولو كره إيقاظه، ولو غضب اتقي الله، الصلاة الصلاة، أعينيه على الخير، فإن لم يستقم فاطلبي الفراق، اخرجي عنه لأهلك، فارقيه؛ لأن هذا معناه تعمد ترك الصلاة في وقتها – نعوذ بالله – ومن تعمد تركها في وقتها عمدا كفر بذلك في أصح أقوال أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4) » ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد
__________
(1) سورة المائدة الآية 2
(2) سورة التوبة الآية 71
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(7/151)
كفر (1) » ومن تعمد تركها حتى تطلع الشمس عمدا كفر بذلك على الصحيح، فالواجب عليك أن تتقي الله، وأن تعينيه على الخير، فإن أجاب وإلا فارقيه واذهبي إلى أهلك واتركيه وامنعيه من نفسك، نسأل الله العافية والسلامة، نسأل الله لنا وله الهداية.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(7/152)
81 – حكم من ينام عن صلاة الفجر بسبب الأدوية
س: الأخت ر. إ. من عدن تسأل وتقول: أنا أعاني من الربو، ومن حساسية في الأنف مما يضطرني إلى تعاطي دواء للنوم في كل ليلة وخاصة في أيام الشتاء، الأمر الذي يعيقني عن القيام لصلاة الصبح في وقتها، حيث أؤديها قضاء مع صلاة الضحى، فهل يجوز ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: لا يجوز ذلك، يجب عليك أن تصلي في الوقت على أي حالة تستطيعينها، ولا يجوز تأخير الصلاة إلى ما بعد طلوع الشمس؛ بل يجب أن تصلي في الوقت قائمة إن قدرت، فإن عجزت صلي قاعدة، فإن
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 276.(7/152)
عجزت تصلين على جنب، فإن عجزت فصلي مستلقية، هكذا يجب على المؤمن والمؤمنة عند وجود المرض، فقد اشتكى عمران بن الحصين رضي الله عنهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مرضا يجده، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (1) » والله يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)
فالواجب عليك أن تصلي على حسب الطاقة في الوقت قبل طلوع الشمس، والأفضل التبكير بها في الغلس عند اختلاط الصبح بظلمة الليل على حسب القدرة: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) وإن استطعت أن تصلي قائمة صلي قائمة، وإن عجزت صلي قاعدة، وإن عجزت فصلي على جنب، والجنب الأيمن أفضل إذا تيسر، فإن عجزت فصلي مستلقية، والحمد لله.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) ، بدون لفظ (فمستلقيا) .
(2) سورة التغابن الآية 16
(3) سورة التغابن الآية 16(7/153)
82 – بيان ما يجب على من قام من النوم قبل الشروق بدقائق
س: السائلة أم سليمان تقول: بالنسبة لصلاة الفجر عندما يستيقظ الشخص قبل شروق الشمس بدقائق، فهل يصلي الفريضة أولا، أم يصلي النافلة أولا (1) ؟
ج: المشروع له أن يصلي النافلة أولا ولو عند طلوع الشمس، يصلي ركعتين، ثم يصلي الفريضة، هذه السنة، ولما نام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في بعض أسفاره أمر بالأذان، ثم أذنوا، ثم صلى الراتبة، ثم قام وصلى الفريضة، المقصود أن السنة أن يصلي الراتبة قبل الفريضة ولو كان قد تأخر في النوم في الفجر وغير الفجر.
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 417.(7/154)
83 – حكم من فاتته الصلوات في صغره
س: أصلي والحمد لله الصلوات كلها في المسجد ما عدا صلاة الفجر، ومع كل صلاة أصلي وقتا مثله مما فاتني صغيرا، وسؤالي بالنسبة لصلاة العصر هل أصليها قبل الفرض أم بعده؟(7/154)
وأعني تلك التي أقضيها (1) .
ج: الواجب عليك أن تصلي الصلوات في أوقاتها مع المسلمين في مساجد الله، والفجر كذلك يجب أن تصلي مع المسلمين ولا تتشبه بالمنافقين، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر (2) » والله يقول سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (3)
فلا يجوز التشبه بالمنافقين لا في الفجر ولا في غيرها؛ بل الواجب عليك أن تصلي مع الناس الفجر وغيرها في الجماعة في المساجد، وإذا مضى عليك من الصلوات إذا كنت تركت ذلك، فالتوبة كافية ليس عليك قضاء فيما مضى سواء كان ذلك قبل البلوغ، فإنه ليس عليك شيء، أو بعد البلوغ ثم تاب الله عليك؛ فالتوبة تجب ما قبلها وليس عليك القضاء، عليك أن تستقبل أمرك بالتوبة النصوح، والعمل الصالح، وأداء الفرائض في المستقبل، وما تركت من الصلوات سابقا فليس عليك قضاء في
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 230.
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651) .
(3) سورة النساء الآية 142(7/155)
أصح قولي العلماء؛ لأن الكافر لا قضاء عليه، يقول الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (1) وترك الصلاة كفر أكبر في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » رواه مسلم في الصحيح؛ ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) »
والصلاة عمود الإسلام، من تركها من الرجال والنساء كفر إذا كان عمدا، أما إذا كان نسيانا أو عن نوم، فإذا استيقظ وذكر يصلي؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (4) »
وليس لأحد أن يتأخر عنها عمدا، سواء كانت الفجر أو غير الفجر، يجب على المؤمن أن يحافظ على الصلاة وهكذا المؤمنة، يجب على الجميع المحافظة على الصلاة في أوقاتها، والعناية بذلك، والحرص على أدائها في الوقت: الرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله، والمرأة تؤديها في البيت،
__________
(1) سورة الأنفال الآية 38
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) ، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086) .(7/156)
ومن تعمد تركها من غير عذر شرعي؛ بل للتساهل فهو كافر في أصح قولي العلماء، وإن كان جاحدا لوجوبها كفر بإجماع المسلمين، نسأل الله العافية، وقال جماعة من أهل العلم: إنه لا يكفر إذا تركها تساهلا لا جحدا لوجوبها، ولكنه قد أتى كبيرة من كبائر الذنوب أعظم من الزنى والسرقة، أتى منكرا عظيما سماه النبي كفرا، لكن الأكثرون على أنه كفر دون كفر، ولكن الأصح من قولي العلماء أنه كفر أكبر، وهو المروي عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنه كفر أكبر، فالصلاة عمود الإسلام، من أضاعها أضاع دينه، ومن حفظها حفظ دينه، لكن من تركها، ثم هداه الله وتاب تاب الله عليه، وعليه أن يستقبل أمره، وليس عليه قضاء ما فات؛ بل التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله، والله المستعان.(7/157)
84 – وجوب التوبة على من تعمد تأخير الصلاة عن وقتها دون القضاء
س: إذا كان هناك شخص صلى، أو ابتدأ الصلاة في وقت متأخر، فهل يجب عليه القضاء أم يكفي أن يتوب توبة نصوحا ولا يترك الصلاة بعدها أبدا؟ وما دليل ذلك (1) ؟
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 115.(7/157)
ج: إذا صلى، ثم بان أنه صلى قبل الوقت عليه أن يعيد في الوقت، أما إن صلاها بعد الوقت فقد أساء، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وعدم العودة إلى التأخير، وصلاته صحيحة، وتسمى قضاء للفريضة، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وكثير من أهل العلم يقولون: إنه إذا تعمد تأخيرها عن وقتها صار بهذا كافرا، وعليه التوبة إلى الله من ذلك ولا قضاء عليه؛ لأن ذنبه عظيم، والقضاء إنما يدخل في العمل الذي ليس كبيرا جدا، أما إذا عظم الأمر فليس له إلا التوبة، ولهذا فإن القتل العمد ليس فيه كفارة، إنما فيه الدية أو القتل.
والكفارة إنما تكون في قتل الخطأ وشبه العمد، وهكذا إذا نسي الإنسان فلم يصل، أو نام عن الصلاة قضاها بعد ذلك ولا شيء عليه، لكن إذا تعمد بأن أخر الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، أو أخر العصر إلى ما بعد المغرب فهذا قد فعل منكرا عظيما، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، وهل يقضي أو ما يقضي، على خلاف بين أهل العلم؛ من كفره قال: لا يقضي. ومن قال: إنه ليس بكافر أمره بالقضاء، إذا تركه حتى خرج الوقت، فالواجب على الرجال والنساء الحذر من تأخير الصلاة عن أوقاتها، والتوبة إلى الله من ذلك، وليس على من تركها قضاء، إنما عليه التوبة، هذا هو الأصوب، وهذا هو الصحيح إذا كان تركها عمدا وتساهلا حتى خرج وقتها الضروري،(7/158)
أما وقتها المختار فلا يمنع من قضائها لو أخر العصر حتى اصفرت الشمس، فعليه أن يقضي مع التوبة والاستغفار، أما إذا أخرها حتى غابت الشمس فهذا هو محل الكفر لمن أخرها عمدا عدوانا عند بعض أهل العلم، وكثير من أهل العلم يقولون: إنه يقضي، وعليه التوبة إلى الله من ذلك.
فينبغي للمؤمن في مثل هذه الأمور أن يحذر غاية الحذر من تأخير الصلاة عن وقتها، وأن يكون عنده من العناية التامة للصلاة في وقتها ما يجعله يحافظ عليها، ويؤديها في الجماعة مع إخوانه في المساجد في وقتها، وعلى المرأة كذلك أن تعتني بها في وقتها، وأن تؤديها في وقتها في بيتها، وأن تحذر التساهل في ذلك، ولا فرق بين الفجر وغيرها، لكن المجموعة إلى غيرها أسهل من التي لا تجمع كالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء أسهل من تأخير الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، وأسهل من تأخير العصر إلى ما بعد غروب الشمس، وإن كان الواجب على جميع المسلمين أن يصلوا كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، إلا من له عذر كالمريض والمسافر، فلا بأس بالجمع بين الصلاتين: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.(7/159)
85 – حكم تأثيم من أخر الصلاة بسبب النوم
س: إذا تأخر الإنسان عن الصلاة بسبب السهر أو النوم فهل يكون آثما (1) ؟
ج: إذا كان لم يتعمد أسباب ذلك فلا شيء عليه، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة (2) » أي يؤخر الرجل الصلاة إلى أن يخرج وقتها إلى وقت التي بعدها، والله يقول سبحانه: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (3) فقال الله: قد فعلت.
إذا نام الإنسان النوم المعتاد، وغلبه النوم، أو شغله شاغل ونسي فلا شيء عليه، قد نسي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد نسي الصحابة، وقد نام النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ضربته الشمس مع الصحابة، كل ذلك وقع، وابن آدم محل النسيان ومحل الجهل، كما قال - صلى الله
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 295.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في النوم عن الصلاة، برقم (177) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب فيمن نام عن صلاة أو نسيها، برقم (441) ، والنسائي في المجتبى، كتاب المواقيت، باب فيمن نام عن صلاة، برقم (615) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها، برقم (698) .
(3) سورة البقرة الآية 286(7/160)
عليه وسلم -: «إنما أنا بشر أنسى كما تنسون (1) » فالحاصل أن الإنسان يبتعد عن أسباب النوم، فيبكر بالنوم حتى يقوم الفجر يبكر ولا يسهر، ويضع الساعة التي تعينه على ذلك على الوقت المناسب للصلاة، أو كان عنده أهل عندهم انتباه يأمرهم بأن يوقظوه، يفعل الأسباب حتى لا ينام عن فريضة الله جل وعلا، أما النسيان فقد يغلبه فليس باختياره.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة، برقم (401) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (572) .(7/161)
86 – بيان كيفية قراءة من صلى الفجر بعد الشروق
س: الأخوان م. ف، وع. ش. من الظهران يسألان فيقولان: إذا استيقظ المسلم من النوم بعد طلوع الشمس فهل يصلي الفجر سرا أم جهرا (1) ؟
ج: يصليها جهرا، والواجب على المؤمن أن يحذر التكاسل والتساهل في تأخير الصلاة، ويجب عليه أن يتعاطى الأسباب التي تعينه
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 129.(7/161)
على أدائها في وقتها مع المسلمين في مساجد الله من إيجاد الساعة المنبهة حتى يستيقظ بأسبابها، أو تكليف من يرى من أهله بإيقاظه الناس الذين لهم نشاط، ولهم عادة يقومون حتى ينبهوه مع العناية بالتبكير والنوم المبكر حتى لا يثقل عن صلاة الفجر، ولا يجوز أبدا أن يتساهل في هذا؛ حتى لا يصلي إلا إذا قام للعمل، هذا منكر عظيم، وإذا تعمده الإنسان صار عرضه للكفر؛ لأن جمعا من أهل العلم يقولون: من تركها ولو واحدة كفر.
والذي يتعمد تركها كالفجر يكفر عند جمع من أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » والمعنى تركها مطلقا، ولو ترك بعض الأوقات، وهكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » فالواجب على كل مؤمن، وعلى كل مؤمنة خوف الله ومراقبته، وأن يهتم بالصلاة فإنها عمود الإسلام، وأعظم الأركان بعد الشهادتين، والله يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (3)
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) سورة البقرة الآية 238(7/162)
ويقول سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (1) فالواجب على كل مسلم أن يهتم بهذا الأمر في الليل والنهار بصلاة الفجر وغيرها، ولا يجوز أن يتساهل كالمنافقين، وإذا غلبه النوم وقام بعد طلوع الشمس صلاها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (2) » ويصليها كما يصليها في وقتها، يصليها جهرا كما يصليها في وقتها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فاتته صلاة الفجر في بعض مغازيه، وبعض أسفاره في عدة مرات، وناموا عنها فصلوها كما كانوا يصلونها في وقتها، يصلي بهم بأذان وإقامة، وصلى بهم جهرا عليه الصلاة والسلام.
فهكذا من نام عنها وغلبه النوم يصليها بعد استيقاظه جهرا، ويصلي سنتها قبلها ركعتين، ثم يصلي الفريضة، ولكن المهم هو أن يعتني باليقظة في وقت الصلاة، كثير من الناس اليوم – هداهم الله – يتساهلون في الفجر، وكثير منهم بلغنا لا يقوم إلا إذا قام لعمله، وهذا منكر عظيم، وفساد كبير، وتعرض للردة عن الإسلام، فالواجب العناية بهذا الأمر، وأن يهتم المسلم والمسلمة بهذه الصلاة التي هي عمود الإسلام،
__________
(1) سورة البقرة الآية 43
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) ، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086) .(7/163)
وأن يجتهد في أسباب استيقاظه حتى يؤديها في وقتها، الرجل يؤديها مع المسلمين في المساجد، والمرأة تؤديها في وقتها في البيت، أما تأخيرها إلى ما بعد طلوع الشمس فهذا منكر عظيم لا يجوز، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من تعمد ذلك كفر، وهو القول الصواب، وهو القول الحق؛ لعموم الأحاديث الدالة على ذلك، فلا ينبغي للمؤمن أن يعرض نفسه للكفر بالله، والردة عن الإسلام بتساهله وتعمده الباطل، وقد يسر الله بحمد الله أسبابا تعين على أدائها في الوقت: منها وجود الساعة المنبهة الخراش، يركدها على وقت الصلاة، أو قبل الأذان بقليل، حتى يقوم على بصيرة، وحتى يتوضأ على مهل، أو قبل الأذان بوقت حتى يوتر في آخر الليل، وعليه أيضا أن يتعاهد التبكير في نومه حتى لا يغلبه النوم ولا يسمع صوت المنبه، فإنه إذا نام متأخرا قد يغلبه بالنوم ولا يسمع صوت الساعة، فالواجب الحذر من التساهل، والواجب العناية بالأسباب، وإذا كان لديه في البيت من يعينه على ذلك أوصاه بذلك، حتى يوقظه، حتى يتعاهده؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «من كان في
__________
(1) سورة المائدة الآية 2(7/164)
حاجة أخيه كان الله في حاجته (1) » ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (2) » نسأل الله للجميع الهداية.
س: هذا المستمع للبرنامج س. ع. من خميس مشيط يقول: عندما ينام الشخص عن صلاة الفجر، وفي حالة استيقاظه يصلي، فهل يجهر في صلاته أم تكون الصلاة سرية؟ وهل يصلي الراتبة قبل ذلك أم بعدها؟ أفتونا عن هذا السؤال (3) .
ج: نعم، إذا استيقظ ولو بعد طلوع الشمس يصلي الراتبة، ويصلي الفريضة، ويجهر كما لو فعلها في الوقت؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره نام هو والصحابة عن الفجر، فلم يستيقظ إلا بحر الشمس، فلما استيقظوا أمر بالأذان فأذن مؤذن، وصلى الراتبة، وأقام الصلاة، وصلى الفريضة وجهر فيها كما كان يفعل في وقتها، هذا هو
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب المظالم، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم (2442) ، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2580) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن الكريم، برقم (2699) .
(3) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 400.(7/165)
السنة إذا نام عنها واستيقظ بعد طلوع الشمس، يتوضأ ويصلي الراتبة، ويصلي الفريضة، ويجهر فيها كما لو فعلها في الوقت؛ تأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
س: هل يجهر المصلي لصلاة الفجر بعد طلوع الشمس سواء كان منفردا أو جماعة (1) ؟
ج: نعم، إذا فاتته الصلاة في الفجر وصلاها منفردا يجهر حتى ولو كان بعد طلوع الشمس يصليها جهرا، فقد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس هو وأصحابه في بعض أسفاره، صلاها جهرا عليه الصلاة والسلام، كما كان يصليها جهرا عليه الصلاة والسلام، أمر بالأذان ثم صلى السنة الراتبة، ثم أقيمت الصلاة، وصلى الفريضة عليه الصلاة والسلام.
س: من فاتته صلاة الفجر فصلاها بعد طلوع الشمس هل يسر بصلاته أم يجهر بها (2) ؟
ج: يجهر إذا صلاها يجهر بها، النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نام هو
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 224.
(2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 366.(7/166)
وأصحابه عن صلاة الفجر في بعض الليالي في بعض الأسفار صلاها بعد ارتفاع الشمس، وجهر بالقراءة عليه الصلاة والسلام، فالسنة الجهر بالقراءة؛ القضاء يحكي الأداء.
س: إذا فات الإنسان صلاة جهرية، وأراد أن يقضيها فهل يكون ذلك سرا أم جهرا (1) ؟
ج: السنة يقضيها جهرا في النهار، فقد قضاها النبي عليه الصلاة والسلام لما نام عن صلاة الفجر، فلم يوقظه إلا حر الشمس – إلا بعد ظهور الشمس – في بعض أسفاره، صلاها بعد طلوع الشمس جهرا عليه الصلاة والسلام، جهر فيها بالقراءة.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 310.(7/167)
87 – حكم من يؤخر صلاة الفجر ليصليها مع الظهر
س: ما حكم من يؤخر صلاة الفجر ليصليها مع صلاة الظهر، علما بأنه يستيقظ عند أذان الفجر، هل صلاته مقبولة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1) .
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 211.(7/167)
ج: هذا منكر لا يجوز، الله يقول جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (1) ويقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) يعني في أوقاتها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - وقت الصلوات الخمس – الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر – في أوقاتها، فلا يجوز للمسلم أن يؤخرها عن وقتها لا الفجر ولا غيرها، يجب عليه أن يبادر بالصلاة في وقتها مع المسلمين في الجماعة في المساجد، والمرأة تصليها في البيت في وقتها، ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس، فكيف بتأخيرها إلى الظهر، هذا منكر عظيم، وبعض أهل العلم يراه كافرا بذلك، نسأل الله العافية، فالواجب التوبة إلى الله والحذر، وأن يصليها في وقتها، ولا يؤخرها عن وقتها.
__________
(1) سورة النساء الآية 103
(2) سورة البقرة الآية 238(7/168)
88 – بيان معنى الصلاة الفائتة
س: السائل ع. غ. من الأحساء يقول في سؤاله: ما هي الصلاة الفائتة (1) ؟
ج: الفائتة: هي التي خرج وقتها، يقال: فائتة إذا نمت عن الفجر حتى
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 367.(7/168)
طلع الفجر، يقال لها: فائتة، نمت عن الظهر حتى دخل وقت العصر، يقال لها: فائتة، وهكذا الفائتة هي التي خرج وقتها، فالواجب البدار بقضائها إذا كان عن نوم أو عن نسيان، الواجب البدار، أما عن تعمد هذا فضلال وكفر، نسأل الله العافية.
فالواجب التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وإن صلاها وقضاها فلا بأس خروجا من الخلاف، لكن تركها وتعمد تركها حتى يخرج وقتها من أنواع الكفر بالله؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (1) » وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » الوعيد عظيم.
فالواجب على جميع المسلمين العناية بالصلاة وأداؤها في الوقت، فمن تركها تعمدا حتى خرج وقتها كفر، وإن لم يجحد وجوبها، وإن كان يؤمن بالوجوب، لكن إذا تساهل وضيعها حتى خرج الوقت يكفر عند جمع من أهل العلم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3) » ولم يقل: إذا جحدها، وقال
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(7/169)
عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » هذا وعيد عظيم.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(7/170)
89 – حكم قضاء من لم تضبط تقدير عادتها الشهرية
س: تقول السائلة: أريد قضاء بعض الصلوات التي فاتتني، وأريد أن أعرف كيفية الإعادة، حيث إني فيما مضى لا أستطيع تقدير وقت عادتي الشهرية، تمر علي بعض الأيام، ولا أعرف الطهر منها، فتفوتني الصلاة، وكنت أقضيها ولكن كيفية القضاء كانت خاطئة فيما علمت بعد ذلك، الرجاء من سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز أن يوضح لي وللأخوات المسلمات كيفية القضاء، وحبذا لو بعث برسالة خاصة إلى النساء في هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (1) .
ج: الواجب على المرأة أن تعتني بحيضها وطهرها، فإذا مضت العادة التي تعرفها خمسا أو ستا، أو أكثر أو أقل اغتسلت وصلت وصامت
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 145.(7/170)
وحلت لزوجها، حتى تجيء العادة، حتى تجيء الدورة، وإذا كانت الدورة تزيد وتنقص فلا بأس، هذه عادة النساء قد تزيد وتنقص، تكون في بعض الشهور خمسة أيام، وفي بعض الشهور ستة أيام، سبعة أيام، فلا حرج، متى رأت الدم لا تصلي ولا تصوم ولا تحل لزوجها، ومتى رأت الطهارة القصة البيضاء، أو تلطفت بقطن ورأته نظيفا اغتسلت وصلت وصامت.
أما إن استمر معها الدم صار أكثر من خمسة عشر يوما، استمر معها فإنها تكون مستحاضة، تصلي، وتصوم في كل وقت، وتقف عن الصلاة في وقت العادة، فإذا جاء وقت الدورة وقفت لم تصل ولم تصم بعدد أيام الدورة: خمسا أو ستا أو سبعا أو نحو ذلك.
وإذا ذهبت الدورة اغتسلت وصلت وصامت، وصارت هذه الدماء التي معها تعتبر استحاضة دم فساد، تصلي معها وتصوم معها وتحل لزوجها؛ لأنها دماء غير مانعة من الصلاة تسمى استحاضة، وتتوضأ في وقت كل صلاة، وتتحفظ بقطن أو غيره مما يخفف عنها الدم، وتصلي كل وقت في وقته، وإن جمعت بين الوقتين: الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء لا بأس، كما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - حمنة بنت جحش عندما كثر عليها الدم.
وإذا اغتسلت للظهر والعصر غسلا واحدا، والمغرب والعشاء غسلا واحدا كان أفضل، وللفجر تغتسل غسلا واحدا كذلك، مع(7/171)
الوضوء لكل صلاة، ولكن الغسل أفضل وليس بواجب في حال الاستحاضة، يعني في الأيام التي بين الدورتين، الدم يمشي فيها، هذه يقال لها: أيام استحاضة، وإن صلت فيها كل وقت في وقته فلا بأس، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، إذا دخل الوقت تستنجي وتستجمر بالمناديل ونحوها، حتى تزيل الأذى من فرجها، وتتوضأ وضوء الصلاة، وتصلي كل صلاة في وقتها، هذا جائز.
وإن جمعت بين الصلاتين: بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء فهذا أفضل، كما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - حمنة بنت جحش، وإذا اغتسلت مع ذلك فهو أفضل، الظهر والعصر غسل، والمغرب والعشاء غسل، والفجر غسل على سبيل الاستحباب كما ذكرنا.
وبالنسبة للقضاء فإذا كانت تعلم شيئا تقضيه، أما إذا كانت لا تعلم فالوساوس ينبغي اطراحها إذا كانت تعلم أنها قصرت في شيء من الصلوات التي وجبت عليها في حال الطهر، وأنه التبس عليها الأمر، إذا كانت تعلم شيئا تقضيه، أما إن كانت لا تعلم شيئا إنما هي وساوس وظنون، فلا تلتفت إليها وتتعوذ بالله من الشيطان.
أما الشيء الذي يترك عمدا وتساهلا وقلة مبالاة، فهذا ليس له دواء إلا التوبة والندم على ما فعلت، ويكفي هذا، فإن المسلم إذا ترك الصلاة عمدا ليس له كفارة إلا(7/172)
التوبة؛ لأن تركها كفر – نسأل الله السلامة – كما قال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (1) » يعني تركها عمدا متعمدا، ليس له نسيان، ولا عن جهل لبعض الأحكام، إنما متعمدا تركها، فهذا قد أتى كفرا عظيما – والعياذ بالله – لذا عليه التوبة من ذلك ولا يقضي.
أما الذي يتركها لمرض، أو اشتباه ولم يعرف أن الواجب عليه أن يصلي ولم يتعمد تركها تساهلا، ولكن بعض الناس قد يظن أنه إذا أخرها حتى يزول عنه المرض أصلح، هذا غلط، يصلي على حسب حاله، ولو يصلي قاعدا إذا عجز عن القيام، يصلي على جنبه إذا عجز عن القعود، يصلي مستلقيا إذا عجز عن الصلاة على جنب ولا يتركها؛ بل يجب أن يصليها في وقتها على أية حال: قائما، أو قاعدا، أو على جنب، أو مستلقيا حسب طاقته: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)
وهكذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المريض، قال لعمران بن الحصين وهو مريض: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب،
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) سورة التغابن الآية 16(7/173)
فإن لم تستطع فمستلقيا (1) » هكذا علمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يؤخر الصلاة، وليس له تأخيرها؛ بل إنما يصليها في وقتها، أو يجمعها مع قرينتها: الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء لمرض أصابه كالمستحاضة أيضا.
يعني عليها أن تقضي ما تركته نسيانا، أو تركته لمرض، وعلمت أنها مخطئة تقضي كما يقضي الناسي، وكما يقضي النائم، أما الذي تركها عمدا تساهلا منه من قلة مبالاة فهذا ليس له إلا التوبة، ولا يلزمه القضاء في أصح قولي العلماء، القضاء يلزم في الحال إذا كان عن نوم أو نسيان، يبادر؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (2) » هذا المعذور، أما من ترك الصلاة وهو غير معذور عامدا متساهلا فهذا عليه التوبة الصادقة، ولا قضاء عليه على الصحيح.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) ، بدون لفظ (فمستلقيا) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) ، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086) .(7/174)
90 – بيان كيفية قضاء الصلوات الفائتة
س: كيف يقضي المسلم ما فاته من الصلاة – أي صلاة – بكاملها(7/174)
كصلاة الفجر مثلا، وهل إذا كانت الصلاة جهرية يجب عليه أن يجهر بها (1) ؟
ج: من كان عليه صلوات يقضيها كما لو أداها: إن كانت جهرية قضاها جهرا؛ كصلاة الفجر والعشاء والمغرب، وإن كانت سرية يقضيها سرية؛ كصلاة الظهر والعصر، يقضيها كما يؤديها في وقتها، هذا إذا كان تركها عن نسيان أو عن نوم، أو عن شبه مرض يزعم أنه لا يستطيع فعلها في وقت المرض وأخرها جهلا منه، فهذا يقضيها كما كانت.
أما إذا كان تركها تعمدا، ثم هداه الله وتاب فليس عليه قضاء؛ لأن تركها كفر إذا كان تعمدا، فإذا تاب إلى الله من ذلك فليس عليه قضاء، وإنما التوبة تمحو ما قبلها إذا تاب توبة صادقة من تركه للصلاة محا الله عنه بذلك ما ترك، وليس عليه قضاء في أصح قولي العلماء، إنما القضاء في حق من تركها نسيانا أو جهلا منه في وجوب أدائها بشأن مرض أصابه، فأراد أن يؤخرها حتى يصليها وهو صحيح، أو بسبب نوم، فهذا الذي يقضي، أما الذي يتركها تعمدا – والعياذ بالله من ذلك - فهذا كفر، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 69.(7/175)
كفر (1) » خرجه الإمام أحمد، وأهل السنن بإسناد صحيح، عن بريدة رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه أحاديث أخرى تدل على ذلك.
فالخلاصة أنه إذا تركها عمدا تهاونا بها أو جحدا لوجوبها كفر، فإن كان جاحدا لوجوبها كفر إجماعا، أجمع العلماء على أن من جحد وجوب الصلاة كفر إجماعا، نسأل الله العافية، أما إن تركها تهاونا وتكاسلا فهذا قد شابه المنافقين، وذلك كفر أكبر في أصح قولي العلماء، فعليه التوبة إلى الله التوبة الصادقة النصوح، المتضمنة الندم على ما مضى، والإقلاع من ذلك، والعزم ألا يعود لمثل ذلك، فهذا تكفيه التوبة – والحمد لله – ولا قضاء عليه.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(7/176)
91 – حكم من شك في أدائه لصلاة العشاء بعدما صلى الفجر
س: إذا قمت لصلاة الصبح فشككت هل أديت صلاة العشاء، فما الحكم إذا كان الراجح عندي أني صليت، وإذا كان الراجح أني(7/176)
لم أصل، وإذا تساوى الأمران فما الحكم أيضا (1) ؟
ج: الذي يظهر من الشرع المطهر أن الإنسان إذا شك أدى واجبا، أو ما أدى فإن عليه أن يؤدي الواجب إذا كان من عادته أنه قد يتساهل في الصلاة وقد يضيعها، فالذي ينبغي له أن يبادر بقضائها أولا، ثم يصلي الفجر، أما إذا كان ليس من عادته ذلك؛ بل يصلي الصلاة في وقتها مع المسلمين، أو في وقتها في البيت لبعض الأعذار، وإن كان لا يجوز أن يصليها في البيت، الواجب على المسلم أن يصليها في الجماعة في المساجد، ولا يجوز لأحد أن يصليها في البيت إلا من عذر شرعي، كالمرض، أو الخوف الذي يمنعه من الخروج، يخشى على نفسه، لكن إذا كان من عادته أنه يصليها مع الجماعة، أو يصليها في البيت؛ لعذر من الأعذار فلا ينبغي أن ينظر لهذا الشك، ينبغي أن يطرح هذا الشك ولا يلتفت إليه.
أما إذا كان تارة قد يؤخرها قد يمسي وهو ما فعلها قد ينشغل عنها، فإذا كان ما تحقق ما جزم أنه فعلها فليقضها، ثم يصلي الفجر بعد ذلك، أما إذا كانت أوهاما وظنونا لا أساس لها؛ بل من عادته ومن طريقته أنه يأتي بها، ويفعلها في وقتها كما شرعها الله فهذه
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 14.(7/177)
وساوس لا يلتفت إليها، ولا يعمل بها؛ بل يصلي الفجر، ويحمل الأمر على أنه فعلها – والحمد لله – كعادته المتبعة.(7/178)
92 – بيان التفضيل في قضاء الصلوات الفائتة
س: يقول السائل من ليبيا: هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة أم تكفي التوبة فقط (1) ؟
ج: بل يجب قضاء الفائتة، إذا فاته شيء من الصلوات وجب عليه القضاء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا (2) » ولأنها فريضة واجبة عليه، فإذا نام عنها، أو نسيها، أو لم يتعمد تركها وجب عليه القضاء، أما إذا نام أو نسي وجب القضاء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها (3) »
أما إذا كان تعمدها فهذا منكر عظيم، لكن إذا قضاها احتياطا إن كانت قليلة وإلا فالتوبة تجب ما قبلها، لكن إذا كانت قليلة: صلاتين أو ثلاثا قضاها احتياطا؛ خروجا من الخلاف فهو حسن إن شاء الله، أما إذا كانت كثيرة
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 431.
(2) أخرجه النسائي في كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) ، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086) .(7/178)
فلا قضاء، التوبة تكفي؛ لأن تركها كفر، نسأل الله العافية.(7/179)
93 – حكم قضاء الصلاة لمن أغمي عليه
س: ما الحكم إذا ترك المسلم الصلاة لمدة يومين وهو في حالة إغماء، أو عملية (1) ؟
ج: يقضيها كالنائم، يومين، ثلاثة، كالنائم إذا استيقظ ووعى، يقضيها كما يقضيها النائم، إذا كان ثلاثة أيام أو أقل يقضيها كالنائم، هذا أحسن ما قيل في ذلك، أما إذا طالت المدة فلا قضاء عليه.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 383.(7/179)
94 – حكم من فاتته الصلاة بسبب المرض أو التعب
س: إذا كان الإنسان نائما من مرض أو تعب أو أي سبب آخر فاتته صلاة أو صلاتان، مثل لو نام بعد الظهر واستيقظ قبل صلاة العشاء بقليل، ماذا يفعل؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: الواجب على كل مؤمن أن يحرص على أداء صلاة الجماعة مع المسلمين، وأن يجتهد في وجود الأسباب من وجود ساعة ترشده
__________
(1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم 355.(7/179)
للوقت أو موقظ من أهله يوقظه، مع التبكير في أوقات النوم وعدم التأخر، فإذا غلبه النوم مع غير الاختيار، ولا قصد فالله يعذره، مثلما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «ليس في النوم تفريط (1) » إذا كان من غير تساهل إذا غلبه النوم من تعب ومرض، لكن ليس له أن يتساهل، بمعنى أن يتأخر في النوم، أو يأتي وقت الصلاة ينام أو ما شابه، يتحرى النوم في الأوقات المناسبة، يتعاطى أسباب اليقظة بالساعة أو بالموقظين، والله جل وعلا هو يعلم السرائر، فإذا علم سبحانه أن العبد مجتهد، وحريص ولكن غلبه الأمر فلا شيء عليه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2) ، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) لكن المعصية أن يتساهل وألا يبالي، يحتج بالأعذار الباطلة هذا هو الخطأ.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في النوم عن الصلاة، برقم (177) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب فيمن نام عن صلاة أو نسيها، برقم (441) ، والنسائي في المجتبى، كتاب المواقيت، باب فيمن نام عن صلاة، برقم (615) ، وابن ماجه في كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها، برقم (698) .
(2) سورة البقرة الآية 286
(3) سورة التغابن الآية 16(7/180)
95 – كيفية قضاء الفوائت بسبب المرض
س: بعد انتهاء مدة الحيض أصابتني وعكة صحية أقعدتني في الفراش، أي ما يقارب خمسة أيام، خلال هذه الأيام الخمسة(7/180)
التي بعد فترة الحيض لم أؤد فريضة الصلاة، فهل تعتبر هذه الأيام من فترة الحيض أم ينبغي علي أن أصلي هذه الأيام التي تركتها، كأن أصلي كل وقت مرتين لمدة خمسة أيام، أم أصليها دفعة واحدة؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: الفرائض التي تركت بعد الطهارة الواجب أن تقضيها كلها ولو في وقت واحد إن استطعت، وإلا فحسب الطاقة، تصلين صلاة واحدة، أو صلاتين، أو ثلاثا، أو أربع صلوات، أو خمسا، ثم تستريحين، ثم تصلين الباقي هكذا، عليك المبادرة والمسارعة فقد أخطأت في هذا الأمر، فعليك التوبة إلى الله من ذلك؛ لأن المرض لا يمنع من الصلاة، يصلي المرء ولو كان مريضا، إن قدر صلى قائما، وإن عجز صلى قاعدا، وإن عجز صلى على جنبه، ولهذا لما اشتكى عمران بن حصين رضي الله عنه للنبي - صلى الله عليه وسلم - مرضه قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2) »
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 324.
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) ، بدون لفظ (فمستلقيا) .(7/181)
فالمريض يصلي على حسب حاله، ولا يجوز له ترك الصلاة؛ بل يصلي على حسب طاقته قائما إن قدر، فإن عجز صلى قاعدا، فإن عجز صلى على جنبه، فإن عجز صلى مستلقيا؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) والذي على جنبه أو مستلقيا يصلي بالإيماء؛ لأنه لا يستطيع بالفعل أن يكبر ويقرأ ويسبح وينوي به الركوع، يقول: سمع الله لمن حمده ناويا الرفع، وهو على جنبه أو مستلقيا، ثم يكبر ناويا السجود يقول: سبحان ربي الأعلى، وهكذا بالنية والكلام، وفق الله الجميع.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(7/182)
96 – حكم الترتيب بين الفوائت وبين الصلاة الحاضرة
س: ما حكم الترتيب بين الصلوات إذا كانت هذه الصلوات كثيرة، ويخاف الإنسان إن صلى هذه الفروض الفائتة أن يخرج وقت فرض الصلاة الذي يريد أن يؤديها (1) ؟
ج: يصلي حسب التيسير، ويبدأ بالحاضر إذا خاف خروج الوقت، يصلي الفرض الحاضر قبل خروج الوقت، ثم يصلي بقية الفوائت التي
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 382.(7/182)
عليه، أما إذا كان الوقت واسعا يبدأ بالفوائت أولا، فإذا ضاق الوقت صلى الصلاة الحاضرة، ثم صلى بقية ما عليه، وعليه أن يعتني بهذا الأمر يكون عنده العناية التامة.
س: إذا فاتني أداء صلاة العصر والمغرب، وذلك لسبب خارج عن إرادتي، ودخل العشاء، فهل يجوز قضاؤهما مع العشاء (1) ؟
ج: تبدأ بصلاة العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، وعليك أن تجتهد في البعد عن أسباب الترك والحذر، فإن المؤمن لا يتساهل في هذا الأمر، والله يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2)
ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4) » فالأمر عظيم، ولا يتخلف عنها إلا منافق، نسأل الله العافية، فالواجب عليك الحذر من
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 216.
(2) سورة البقرة الآية 238
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(7/183)
مشابهة أهل النفاق، والواجب عليك المحافظة على الصلاة في وقتها، وإذا نسيت منها شيئا، أو نمت عنها، أو شغلت عن شيء فعليك بالترتيب، تبدأ بالعصر، ثم المغرب، ثم العشاء، هكذا بالترتيب.
س: إذا كنت في سفر، وحان وقت الظهر ولم أصل بسبب السفر، وحين وصولي إلى البيت كان وقت صلاة العصر قد دخل، فهل يجوز أن أصلي صلاة الظهر قبل صلاة العصر، أو بعد العصر؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: الواجب عليك الترتيب، تصلي الظهر ثم العصر، وإذا وصلت بلدك تصليها تماما أربعا: الظهر والعصر أربعا، ولو أن الوقت دخل عليك وأنت في السفر إذا أخرتها حتى وصلت بلدك فإنك تصلي الظهر أربعا، ثم تصلي العصر أربعا، والعكس بالعكس لو خرجت من البلد بعد الأذان ولم تصل إلا في السفر بعد ما غادرت البلد تصليها ثنتين، العبرة بوقت الفعل.
__________
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 216.(7/184)
97 – حكم تقديم صلاة العصر إذا أقيمت مع الجماعة لمن لم يصل الظهر
س: الأخ ع. ح. من السودان يسأل ويقول: أذن المؤذن لصلاة العصر، وذهبت إلى المسجد، وكانت علي صلاة الظهر لم أصلها لسبب ما، وكان الوقت قد أقيمت صلاة العصر، هل يكفيني أن أصلي العصر أم لا بد من صلاة الظهر أولا ثم أصلي العصر (1) ؟
ج: إذا كان هذا الواقع صل معهم بنية الظهر، صل معهم العصر وأنت ناو الظهر والحمد لله، ثم تصلي العصر وحدك أو مع جماعة إذا تيسر جماعة ولا حرج في ذلك.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 278.(7/185)
98 – حكم من أدرك الإمام يصلي العشاء وهو لم يصل المغرب
س: يقول السائل: رجل مسافر لم يصل صلاة المغرب، وعندما وصل إلى المدينة وجد الناس يصلون صلاة العشاء في المسجد، هل يصلي المغرب ثم يصلي العشاء أم ينوي بصلاته المغرب، ويصلي معهم ثلاث ركعات ويسلم أم ماذا يفعل (1) ؟
__________
(1) السؤال التاسع والستون من الشريط رقم 432.(7/185)
ج: يصلي المغرب، ثم يصلي معهم العشاء.(7/186)
99 – حكم صلاة الظهر مع جماعة يصلون العصر
س: السائل ي. ح. يقول: هل يجوز لمن فاتته صلاة الظهر أن يصليها مع جماعة يصلون العصر (1) ؟
ج: إذا كانت جماعة مسافرون يصلونها في وقت الظهر صلى الظهر، وإلا يجب أن يصلي الظهر في وقتها لا يؤخرها، يصلي الظهر إذا فاتته مع الجماعة، يصليها في المسجد أو في بيته حالا، فإن وجد جماعة يصلون صلى معهم، سواء كانوا مقيمين أو مسافرين صلى معهم، إذا سلموا قام وكمل، أما أن يؤخرها للعصر لا يجوز أن يؤخرها.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 371.(7/186)
100 – بيان كيفية قضاء الصلوات الفائتة
س: إذا كان على الإنسان قضاء، ولا أعرف عدد هذا القضاء، والآن أنا أصلي مع كل فرض فرضا، هل أصلي الفرض الحاضر الأول أم أصلي القضاء الأول؟ مأجورين (1)
__________
(1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم 359.(7/186)
ج: الواجب عليك أن تبادر بالقضاء، ولا تجعل كل فرض معه فرضا؛ بل بادر، اسرد ما عليك في الضحى في الظهر في الليل حتى تخلص منه، ولا يجوز لك التأخير، فالنبي عليه السلام يقول: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (1) » فأنت الواجب عليك أن تبادر بقضاء الصلوات التي عليك بالتحري الذي تظن، افعله خمس عشرة وعشرين، الذي تظنه، بادر بقضائه ولا تجعله مع كل صلاة؛ بل بادر به، اسرده جميعا في ضحوة، أو في ظهر أو في الليل حتى تنتهي منه.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) ، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086) .(7/187)
101 – حكم من تذكر الصلاة الفائتة بعد الشروع في الحاضرة
س: ما حكم من تذكر الفائتة بعد أن شرع في الحاضرة؟ هل يغير نيته أو يبقى على وضعه؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: إن كان إماما أو مأموما فلا حرج، وإن كان مفردا فله حالان: إن كان عن فريضة نسيها أو نام عنها، ثم أحرم بالتي بعدها ناسيا يقطعها ليصلي الفريضة الفائتة قبل على الترتيب، فلو كان نائما عن الظهر مثلا
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 303(7/187)
ثم نسي، فلما أحرم بالعصر تذكر فإنه يقطعها، وينوي نية الظهر، ولو كان مأموما يقطعها وينوي الظهر، وإن كان إماما وتذكر أن عليه فريضة سابقة فإنه يصليها نافلة، ينويها نافلة ويصلي بهم نافلة وهم صلاتهم صحيحة، وإن كان عند الإحرام ونواها الفائتة التي عليه صحت منه أيضا وصلاتهم صحيحة؛ لأن اختلاف النية على الصحيح لا يؤثر.
وإن كان مأموما أحرم معهم بالعصر يحسب أن ما عليه الظهر، ثم تذكر أن عليه الظهر ينوي قطع الصلاة، ثم يعيد إحراما جديدا بنية الظهر، وتجزي خلف العصر، فإذا صلى الظهر صلى بعدها العصر، سواء في المسجد أو في بيته إن كان وجد جماعة صلى معهم العصر وإلا صلاها في بيته.(7/188)
102 – حكم من شك في تأدية فرض بعد مضي عدة فروض
س: تقول السائلة: إذا شككت في تأدية فرض بعد أداء عدة فروض، هل أصلي ذلك الفرض أم ماذا أفعل (1) ؟
ج: الشك بعد أداء الفرض لا أثر له ما دام الشك إنما جد من جديد، فلا أثر له، الأصل فعل الصلاة والحمد لله إذا شك الإنسان بعد ذلك
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 218.(7/188)
فلا أثر لهذا الشك، وهذا من الشيطان، الأصل أنها أدت الصلاة وليس عليها شيء والحمد لله.(7/189)
103 – بيان كيفية قضاء من فاتته صلاة في السفر
س: إذا فاتتني صلاة وأنا مسافر، هل أقضيها على هيئة صلاة المسافر قصرا وجمعا أم أتمها، وكل صلاة في وقتها (1) ؟
ج: المسافر إذا فاتته صلاة وهو في السفر، وأداها في الحضر فإنه يؤديها أربعا، يسردها كلها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (2) » فإذا نسيها في السفر أو نام عنها فلم يتنبه إلا بعد ما جاء بلده فإنه يصليها تامة كاملة، ويسردها في الحال سواء ثنتين أو ثلاثا أو أكثر في الحال ولا يؤخر وهكذا، لو فاتته صلاة من الحضر وذكرها في السفر فإنه يصليها في السفر تامة؛ لأنها وجبت عليه تامة، وقد خرج وقتها تامة فيصليها أربعا في السفر إذا ذكرها؛ لأنه قد نسيها، وهكذا صلاة السفر إذا ذكرها
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 218.
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) ، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086) .(7/189)
في الحضر فإنه يصليها أربعا؛ لأنه ذكرها حين وجبت عليه الصلاة تامة، فيصليها أربعا، أما لو فاتته الصلاة في السفر وذكرها في السفر يصليها ثنتين، مثلا من نسي الظهر يوم الثلاثاء، وذكرها يوم الأربعاء، وهو في السفر يصليها ثنتين؛ لأنه تركها في السفر، وذكرها في السفر فيصليها ثنتين.
س: الأخ س. ف. ع من العراق يسأل ويقول: فاتتني صلاة الظهر والعصر، هل لي أن أقضيهما جمعا وقصرا (1) ؟
ج: هذا فيه تفصيل، إن كنت في السفر وقضيتهما في السفر تقضيها قصرا ثنتين ثنتين، إذا كنت في السفر تركتهما في السفر وقضيتهما في السفر نفسه، فأنت تقضيهما قصرا، ولك أن تجمع بينهما، ولك أن تفرق.
أما إن كنت تركتهما في الحضر أو السفر، ثم أتيت الحضر محل الإقامة فإنك تقضيهما أربعا أربعا ولا تجمع بينهما، وهكذا إذا تركتهما في الحضر، وقضيتهما في السفر أو في الحضر فإنك تقضيهما أربعا كما شرع الله عز وجل، وإنما تقضيهما قصرا إذا كنت تركتهما في السفر وقضيتهما في السفر، ولك أن تجمع بينهما أيضا في السفر إذا كنت تركتهما في
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 172.(7/190)
السفر وقضيتهما في السفر جميعا.(7/191)
104 – حكم من ترك عدة صلوات لعذر
س: ما حكم من ترك خمس صلوات لعذر كعدم الطهارة لعذر، وكيف يقضي هذه الصلوات؟ وكيف تقضى إذا كانت أكثر من خمس صلوات؟ وكذلك كيف تقضى إذا كانت أقل (1) ؟
ج: كثير من المرضى قد يجهل الحكم الشرعي في الصلاة، فيتساهل، ويؤخر الصلوات، يرجو بزعمه أن يشفى حتى يقضيها على حال أحسن، وهذا غلط، لا يجوز للمريض أن يؤخر الصلوات؛ بل يصليها على حسب حاله؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لعمران لما اشتكى من مرض البواسير: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (2) »
أمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي على حسب حاله ولم يسمح له بالتأخير، ولأن الصلاة واجبة في وقتها ولا يجوز تأخيرها عن وقتها، ولكن يجوز له الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء للمرض كأنه مسافر، أما تأخيرها
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 3
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) ، بدون لفظ (فمستلقيا) .(7/191)
عن وقتها بالكلية وقت تيقنه عن وقتها، وتأخير الفجر عن وقتها، هذا لا يجوز؛ بل يجب عليه أن يصلي في الوقت ولو على جنبه، ولو مستلقيا؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (2) »
فينبغي التنبه لهذا، وتنبيه الناس لهذا الشيء، ينبغي لكل مؤمن ولكل مؤمنة التنبه لهذا الأمر، وتنبيه الناس على هذا الأمر، وأن المريض لا يجوز له التأخر؛ بل يجب عليه الصلاة في وقتها، سواء كان قائما أو قاعدا أو على جنبه أو مستلقيا على حسب قدرته: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3)
وإذا عجز عن الصلاة بالماء صلى بالتيمم إذا كان يشق عليه استخدام الماء لمرض فإنه يستعمل التيمم، يعني يتيمم بالتراب، يتعفر بالتراب، يضرب التراب بيديه، يمسح بهما على وجهه ويديه، ويقوم مقام الماء عند العجز عن الماء، أو عند العجز عن استعماله لمرض والحمد لله، وهكذا لو كانت ملابسه أو فراشه فيه نجاسة، ولم يتيسر له غسل الملابس ولا إبدالها، ولم يتيسر له
__________
(1) سورة التغابن الآية 16
(2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، برقم (7288) .
(3) سورة التغابن الآية 16(7/192)
غسل الفراش ولا إبداله، يصلي على حسب حاله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) وصلاته صحيحة، لكن لو أخرها عن جهل منه فإنه يقضيها بالترتيب ولو في لحظة واحدة، الفجر، ثم الظهر يقضيها بالترتيب ولو في لحظة واحدة يصلي الفجر، ثم الظهر، ثم العصر، ثم المغرب، ثم العشاء مرتبة، ولو صلاها في وقت واحد في الحال، فهذا طيب، المقصود أن الواجب عليه البدار، والمسارعة إلى القضاء، ولا يؤخر ولا يؤجل بعدما يقوى على ذلك.
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(7/193)
105 – حكم قضاء من ترك الصلاة جهلا منه
س: صدر جهلا مني ترك الصلاة، فهل علي قضاؤها (1) ؟
ج: نعم، عليك أن تقضي الصلاة إذا كنت جاهلا في أول شبابك ثم فهمت، عليك أن تقضيها وتصلي ما تركت جهلا، أما إذا كنت متعمدا قصدك عدم مبالاة في الصلاة فأنت كافر بهذا، وليس عليك قضاء إلا التوبة، أما إذا كان الجهل له أسباب: مريض أو شبه ذلك ظننت أنه لا
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 230(7/193)
صلاة عليك، فتقضي إذا تبين لك، وعلمت تقضي لما فاتك، كالمريض الذي ظن أنه لا يصلي حتى يطيب، ويصلي وهو واقف، وهذا يصلي ما ترك إذا شفي، وقد أخر الصلوات، فإن لم يشف يصلي وهو على حاله قائما أو قاعدا أو على جنبه، وهكذا بعض الناس إذا ظن أنه إذا ما حصل الماء ما يصلي حتى يحصل الماء، هذه شبهة، فيصلي أيضا يقضي ما فاته؛ لأن تركه لشبهة ما هو لقصد التعمد والمخالفة.
فالحاصل أن الإنسان إذا تركها عمدا لتأويل وشبهة هذا يقضي، أما إذا تركها عمدا لقلة المبالاة بالصلاة، وعدم العناية بها، والزهد فيها فهذا عليه التوبة إلى الله فقط، فقد كفر وعليه التوبة، وليس عليه قضاء في أصح قولي العلماء.
س: أنا أعمل في العراق، وأصبت في العمل بقدمي مما تسبب لي بعملية تجبيس وبعدها علاج طبيعي، وقد استغرق هذا مدة أربعة شهور، انقطعت فيها عن الصلاة، علما أنني قبلها والحمد لله كنت مستمرا على الصلاة، والآن الحمد لله مداوم عليها، هل يجب علي إعادة هذه الصلاة أم أنه يعتبر عذرا شرعيا (1) .
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 224.(7/194)
ج: إن كنت تركت الصلاة تعتقد أن هذا عذر، وأنه لا شيء عليك من أجل هذا المرض فعليك القضاء، وإن كنت متساهلا متعمدا ترك الصلاة لقلة مبالاتك فعليك التوبة إلى الله عز وجل والرجوع إليه، ولا قضاء عليك على الصحيح؛ لأن تركها كفر، والكافر ليس عليه إلا التوبة، ومن ترك الصلاة كفر إذا تعمد ذلك، لقول الله عز وجل: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (1) ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2) » وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) »
فإذا كنت عامدا تركها متساهلا فالواجب التوبة إلى الله، والندم والعزم ألا تعود في ذلك، ولا قضاء عليك على الصحيح، أما إن كنت تظن أنك معذور، وأنك بهذا المرض ليس عليك أن تفعل فأنت مثل من نسيها، أو نام عنها يقضي ولا شيء عليه.
__________
(1) سورة الأنفال الآية 38
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .(7/195)
106 – حكم القضاء على من فاتته الصلاة بسبب العملية الجراحية والتخدير
س: يقول السائل: ماذا يفعل المريض بالصلوات التي فاتته، وهو في العملية الجراحية تحت التخدير (1) ؟
ج: يقضيها إذا رجع إليه عقله، يقضيها مثل النائم.
س: ما حكم من منعه المرض أثناء عملية جراحية عن أداء الصلاة هل يقضيها (2) ؟
ج: نعم، يقضيها إذا لم يتيسر له فعلها بسبب العلمية، يقضيها ولو بعد خروج الوقت واجب عليه؛ لأنه تركها لعذر، فيقضيها – والحمد لله – مثل الذي غلبه المرض حتى شغله عن الوقت، أو غلبه النوم يقضيها بعد ذلك.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 427.
(2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 233.(7/196)
107 – بيان كيفية صلاة المريض
س: رسالة بعث بها المستمع أ. أ. ز. يقول: إنني مريض في الفراش منذ فترة – أدام الله عليكم الصحة – هل لي أن أقضي الصلاة(7/196)
التي فاتتني من قبل؛ إذ إنني لا أعلم متى يكون الشفاء، فهذا في علم الله (1) ؟
ج: شفاك الله وعافاك، نسأل الله لنا ولك الشفاء والعافية، الواجب عليك أن تصلي في مرضك، وأن تتوضأ الوضوء الشرعي، فإن عجزت تيممت بالتراب وتصلي كل صلاة في وقتها، وإن جمعت الظهر والعصر، والمغرب والعشاء فلا بأس، هذا الواجب عليك، وإن كنت تركت شيئا فعليك القضاء؛ إن كنت تركت شيئا من الصلوات الخمس فعليك القضاء مع التوبة مع التوبة والاستغفار والندم، هذه أمور عظيمة، والصلاة عمود الإسلام، والتعمد في تركها كفر.
فالواجب عليك الحذر وعدم التساهل، صل الصلاة لوقتها ولو جمعا بين المغرب والعشاء، والظهر والعصر، وإذا كنت عاجزا عن الماء تيمم، وإن استطعت الماء فافعل الماء، المقصود أن الواجب عليك أن تصلي كما شرع الله، ربك يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) فعليك أن تصلي حسب الطاقة، قائما إن قدرت، أو قاعدا إن لم تستطع القيام، فإذا عجزت عن القعود وصليت
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 347.
(2) سورة التغابن الآية 16(7/197)
على جنبك، أو عجزت عن الجنب صل مستلقيا، وتقرأ وتنوي بقلبك أمام الصلاة حسب الطاقة، ولا يجوز الترك للصلاة، فإذا كنت تركت شيئا منها، وظنا منك أنه جائز فعليك القضاء، أما إن كنت تعمدت الترك تساهلا منك فعليك التوبة ولا قضاء عليك، التوبة إلى الله، والندم، والإقلاع، وعدم الرجوع إلى هذا الشيء، ولا قضاء عليك، فإن قضيت فلا حرج؛ لأن بعض أهل العلم رأى أن عليك القضاء، وأنك لا تكفر إلا بجحد الوجوب، ولكن الصواب أن من ترك الصلاة وإن لم يجحد الوجوب يكفر، ولا قضاء عليه، وعليه التوبة.(7/198)
108 – حكم من سمع أذان الفجر ولم يصل إلا بعد الشروق
س: يقول: إذا سمع المؤذن يرفع الأذان عند صلاة الصبح، واستحوذ علي الشيطان، ولم أقم للصلاة وصليتها بعد طلوع الشمس، فما حكمها هل هي قضاء، ويسقط الفرض أم أني أكون آثما؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: أنت بهذا آثم؛ لأنه ما يجوز لك التساهل؛ بل يجب القيام إذا أذن بالواجب، يجب أن تقوم وتصلي مع المسلمين إلا إذا كنت عاجزا
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 347.(7/198)
مريضا صليت في البيت في الوقت، أما تأجيلها إلى طلوع الشمس فهذا منكر لا يجوز، وقال بعض أهل العلم: إنه كفر، من فعل ذلك إذا تعمد ذلك، يكفر؛ لأنه أخرها عن وقتها عمدا، وتساهلا.
فالواجب عليك الحذر، وأن تصليها في وقتها، إذا دخل الوقت ولو ما سمعت الأذان ولو أريته بالساعة، وجب عليك أن تقوم وأن تصلي مع المسلمين، في المساجد، والمرأة تصلي في البيت في وقت الصلاة، ومن أخرها عمدا فهو آثم إثما عظيما، وكافر كفرا أصغر، عند الجميع؛ عند جمهور أهل العلم، وكفرا أكبر عند بعض أهل العلم، وهو الصواب؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1) » ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2) » . وهو عام للرجال والنساء إذا تركت المرأة الصلاة عمدا حتى خرج الوقت كفرت، وهكذا الرجل على الصحيح.
فالواجب التوبة والبدار بالتوبة، من تركها، ومن قضاها وإن كان متعمدا فلا حرج عليه؛ خروجا من الخلاف، لكن لا يلزم القضاء على الصحيح، وإنما يلزمه التوبة والرجوع إلى الله، والعمل الصالح، والاجتهاد في الخير؛ لقول الله سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (3)
__________
(1) صحيح مسلم الإيمان (82) ، سنن الترمذي الإيمان (2620) ، سنن أبو داود السنة (4678) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1078) ، مسند أحمد بن حنبل (3/370) ، سنن الدارمي الصلاة (1233) .
(2) سنن الترمذي الإيمان (2621) ، سنن النسائي الصلاة (463) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1079) ، مسند أحمد بن حنبل (5/346) .
(3) سورة طه الآية 82(7/199)
فالواجب على من تركها أن يتوب إلى الله، وأن يقلع، وأن يندم ندما عظيما، وأن يكثر من التطوعات والاستغفار، والعمل الصالح لعل الله أن يتوب عليه، سواء كان رجلا أو امرأة، نسأل الله العافية والسلامة.(7/200)
109 - بيان وجوب القضاء على المريض إذا ترك الصلوات جهلا
س: تسأل وتقول: مرضت لمدة سنة ونصف، وخلال فترة المرض لم أصل، هل علي أن أقضي تلكم الصلاة (1) ؟
ج: نعم عليك أن تقضي جميع الصلوات التي تركتها بسبب المرض، لأن هذا جهل منك وغلط منك، الواجب قضاؤها مع التوبة إلى الله والندم والرجوع إليه سبحانه وتعالى وكثرة الاستغفار والعمل الصالح.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 243.(7/200)
110 - حكم تأخير قضاء الفرض إلى فرض مثله
س: إذا فات شخصا فرض، فهل يجوز قضاء هذا الفرض مع الفرض الثاني؟ وهل يجوز صلاة الفجر بعد طلوع الشمس؟ وهل يجوز قراءتها سرا أم جهرا؟ أفيدونا (1)
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 26.(7/200)
ج: إذا فات المؤمن بعض الصلوات لنوم أو نسيان فإن الواجب عليه البدار بقضائها، ولا يؤخر ذلك إلى صلاة أخرى، من الواجب البدار بالقضاء حالا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1) » هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، فالواجب البدار إلى أن يؤدي الصلاة التي نام عنها أو نسيها، وليس لها وقت نهي، فلو نسي الظهر فلم ينتبه لها إلا العصر بادر وصلاها وصلى العصر، ولو نسي العصر فلم ينتبه لها إلا عند الغروب بادر، وهكذا لو نسي المغرب أو العشاء ثم ذكرها في أثناء الليل بادر وسارع إلى ذلك ولا يؤخر إلى صلاة أخرى، بل هذا واجب عليه وليس له تأخير الصلاة إذا ذكرها، وليس له تأخير الصبح إلى ما بعد طلوع الشمس، لا يجوز لا للرجال ولا للنساء، بل الواجب أن تصلى في الوقت، الرجل يصليها في الجماعة يخرج إلى المساجد بيوت الله جل وعلا مع المسلمين، والمرأة تصليها في البيت في وقتها قبل الشمس، ولا يجوز لمسلم ولا لمسلمة تأخير صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) .(7/201)
الشمس؛ لأن حد الوقت طلوع الشمس إذا طلعت الشمس خرج الوقت، فلا يجوز لمسلم أبدا أن يؤخرها إلى طلوع الشمس، ولا لمسلمة أيضا، بل هذا من عمل المنافقين نعوذ بالله، والله يقول جل وعلا: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (1) يعني خسارا ودمارا، وقيل: إن غيا واد في جهنم بعيد قعره خبيث طعمه، نسأل الله العافية. قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذا: ليس المراد أنهم تركوها لو تركوها لكفروا، ولكن أخروها عن وقتها، هذا الوعيد لمن أخرها عن وقتها نسأل الله السلامة، أما من تركها فإنه يكفر، ومن تركها بالكلية يكون كافرا بذلك - نعوذ بالله - كما تقدم، فالحاصل أنه لا يجوز لأي مسلم ولا لأية مسلمة تأخير الصلاة عن وقتها لا الفجر إلى طلوع الشمس، ولا الظهر إلى وقت العصر، ولا العصر إلى وقت المغرب، ولا إلى أن تصفر الشمس، ولا المغرب إلى أن يغيب الشفق، ولا العشاء إلى نصف الليل، بل يجب أن تصلى كل صلاة في وقتها، هذا الواجب على المسلمين الرجال والنساء، الرجل يصليها في
__________
(1) سورة مريم الآية 59(7/202)
جماعة مع المسلمين، وليس له تأخيرها عن الجماعة، وليس له تأخيرها عن الوقت، والمرأة عليها أن تصليها في الوقت في بيتها وليس لها أن تؤخرها عن الوقت، وإذا كان النوم قد يغلب في الفجر فينبغي أن توضع ساعة - الساعة المنبهة - وتركد على الوقت حتى إذا جاء الوقت نبهتهم على وقت الصلاة؛ لأن هذا من الأسباب التي تعين على الخير، وإذا كان عنده من يوقظه فالحمد لله، فالحاصل أن الواجب على المسلم والمسلمة أن يهتم بهذا الأمر، فإذا كان عندهما من يوقظهما لصلاة الفجر فالحمد لله، وإلا وجب أن توضع ساعة عندهما للتنبيه على وقت الصلاة حتى يقوم الرجل فيصلي مع المسلمين، وحتى تقوم المرأة وتصلي الصلاة في وقتها، هذا هو الواجب، وما أعان على الواجب وجب.
أما القراءة في صلاة الفجر لمن يصلي وحده، فإن من فاتته صلاة الفجر مع الجماعة يقرؤها جهرا لا بأس، يؤديها كما شرع الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته صلاة الفجر ولم يصلها إلا بعد طلوع الشمس صلاها كما كان يصليها في الليل، يعني في أول النهار كما كان يصليها بعد طلوع الفجر، يعني يصليها كما هي ركعتين بصلاة جهرية، ويصلي راتبتها قبلها كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.(7/203)
س: إذا فاتت الصلاة عن وقتها يتركها إلى أن يأتي وقت الثانية، مثلا إذا فاتته الظهر يتركها إلى الظهر اليوم التالي، هل من يقول بهذا هل له شيء يتعلق به (1) ؟
ج: لا، هذا جهل من قول بعض العامة لا أصل له، لا يجوز تأخيرها إلى وقت آخر ولو قريب، إذا فاتته الظهر ليس له أن يؤخرها إلى وقت العصر ولا إلى الظهر الآتي، بل يجب أن يبادر بها إذا تنبه وذكر، متى تنبه وجب أن يفعلها كما تقدم وليس له تأخيرها متى ذكر.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 26.(7/204)
111 - حكم إعادة الصلاة احتياطا لصلاة يرى الإنسان أنها لم تقبل
س: هل تجوز صلاة فروض بدلا من التي يمكن أن تكون لم تقبل، فلقد وجدت أختا تصلي من الفروض التي عسى أن تكون لم تقبل لكثرة سهوها أو أي شيء آخر (1) ؟
ج: هذا بدعة لا يجوز، والأصل الإجزاء، فليس لها ولا للرجل أن يأتي بصلوات احتياطا إن خاف أن الصلوات الأولى ما قبلت، هذه
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 269.(7/204)
وساوس وشكوك لا وجه لها، أما إذا علم أن صلاته باطلة لأنه أحدث فيها أو صلاها بغير طهارة، فهذا يعيد، أما مجرد أنه وسوس فهذا من الشيطان، والأصل السلامة.(7/205)
112 - حكم قضاء من حاضت بعد دخول وقت الصلاة
س: سائلة تقول: هل يجب قضاء الصلاة إذا حاضت المرأة وقت دخول الصلاة أو بعد دخوله بفترة (1) ؟
ج: الصواب ليس عليها القضاء، أما قبل الدخول فلا قضاء، يعني ما أدركت الوقت، وأما بعد الدخول فلا حرج عليها ولا تفريط، فلا قضاء عليها، ولكن إذا طهرت في الوقت تقضي الصلاة التي طهرت في وقتها، طهرت في وقت الظهر تصلي الظهر والعصر، طهرت في وقت المغرب والعشاء تصلي المغرب والعشاء، طهرت في وقت الفجر تصلي الفجر، أما لو جاءها حيض بعد الزوال فإنها لا تقضي الظهر، وكذلك لو جاءها الحيض بعد أذان الفجر أو بعد طلوع الفجر لا يلزمها بعد الطهر قضاء صلاة الفجر، وبعض أهل العلم قالوا: عليها أن تقضي
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 147.(7/205)
هذا الوقت، ولكن ليس عليه دليل، وإن قضت فلا بأس إن قضته فلا حرج.
س: تأخرت قليلا في صلاة العشاء، فنزلت علي الحيضة في هذه الحالة، متى أقضي صلاة العشاء؟ هل بعد ما أطهر مباشرة من الحيضة حتى ولو كان العصر أم أنتظر قضاءها إلى أن يأتي وقت العشاء؟ والحقيقة أنني قد قضيتها بعد الطهر مباشرة في العصر، فهل هذا صحيح (1) ؟
ج: أولا ليس عليك قضاء إذا كنت لم تفرطي جاء الحيض في أول الوقت أو في أثناء الوقت، لم تفرطي فلا قضاء عليك، لكن إذا قضيت فلا حرج، والمقضية ليس لها وقت نهي إذا قضيتها من حين تطهرين في العصر أو في أي وقت فلا حرج في ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (2) » فالمقضية ليس لها وقت نهي، ولكن المرأة إذا حاضت أو نفست في وقت الصلاة ولم تفرط فلا قضاء عليها، أما لو فرطت بأن أخرتها إلى
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 223.
(2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) .(7/206)
آخر وقتها ثم جاءها الحيض فإنها تقضيها لأنها فرطت في عدم فعلها في وقتها.
س: عندما توضأت لأداء صلاة الظهر، اكتشفت أن الدورة قد أتت، فهل يجب علي أن أصلي الظهر عند تطهري، مع أنني لا أعلم هل هي قد أتت قبل دخول الوقت أم بعده (1) ؟
ج: لا يلزمك القضاء، وإن قضيت فلا بأس، بعض أهل العلم يرى أن من أدركها الحيض في وقت تقضي، ولكن ليس عليه دليل، لأنها لم تفرط، فإن قضيت فلا حرج وإلا فلا قضاء عليك، لكن لو طهرت في وقت الظهر أو وقت العصر تصلين الظهر والعصر عند الطهارة، أو طهرت في الليل تصلين المغرب والعشاء، أما إذا هجمت عليك العادة في وقت الظهر فليس عليك قضاء، وإن قضيت فلا حرج، ولو هجمت عليك بعد الغروب فليس عليك قضاء المغرب، وإن قضيت فلا حرج.
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 166.(7/207)
113 - حكم من حاضت أثناء الصلاة
س: ع. د. م. تقول: ماذا على من حاضت أثناء الصلاة، هل تقطع(7/207)
صلاتها وتقضيها بعد طهرها أم تكمل صلاتها (1) ؟
ج: من نزل بها الحيض وهي تصلي تبطل صلاتها مثل من خرج منه البول وهو يصلي تبطل صلاته، لكن الحائض ليس عليها قضاء، وإن قضت فلا بأس، وليس عليها قضاء الصلاة التي نزل الحيض عليها فيها، فإن قضتها بعد الطهر فلا حرج؛ لأنه لا يلزمها ذلك إلا إذا كانت أخرتها حتى ضاق الوقت، فإنها تقضيها، وأما إذا كان نزولها في وسط الوقت أو في أوله فلا تقضيها.
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 357.(7/208)
114 - حكم قضاء من طهرت في وقت الثانية من الصلوات التي يجمع بينها
س: يقول السائل: إذا طهرت المرأة من حيضها في أحد الأوقات الخمسة للصلاة، فماذا يلزمها أن تصلي؟ وهل تقضي الصلاة التي كانت قبل طهرها مباشرة، كأن تطهر في وقت العصر فهل تقضي الظهر؟ أو أن تطهر في وقت المغرب فهل تقضي العصر؟ وهكذا، أفتونا مأجورين (1)
ج: إذا طهرت في وقت صلاة تجمع إلى ما يليها تصلي الثنتين، فإذا
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 417.(7/208)
طهرت في وقت العصر صلت الظهر والعصر، وإذا طهرت في وقت العشاء صلت المغرب والعشاء، وإذا طهرت بعد طلوع الفجر صلت الفجر فقط، هذا هو الواجب عليها كما أفتى بذلك جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم؛ لأنها كالمعذور كالمريض يجمع بين الصلاتين، فإذا طهرت في العصر فهي كالمريض تصلي الظهر والعصر، وإذا طهرت في الليل صلت المغرب والعشاء، أما إذا لم تطهر إلا بعد الفجر فإنها تصلي الفجر فقط، أما إن كان انقطع الدم عنها بعد طلوع الشمس، ما طهرت إلا الضحى فليس عليها شيء؛ لأن الفجر قد زالت قد ذهب وقتها، ولم تطهر إلا بعد طلوع الشمس فليس عليها شيء إلا في المستقبل، الظروف المستقبلة، ولكن إذا طهرت في وقت صلاة، طهرت قبل طلوع الشمس تصلي الفجر، إذا طهرت قبل الفجر تصلي المغرب والعشاء، إذا طهرت قبل غروب الشمس تصلي العصر والظهر.
س: يقول هذا السائل: يا سماحة الشيخ، إذا طهرت المرأة من الحيض وقت الظهر فماذا عليها أن تصلي؟ وإن طهرت وقت العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر، ماذا عليها من قضاء وصلاة (1) ؟
__________
(1) السؤال السبعون من الشريط رقم 425.(7/209)
ج: إذا طهرت الظهر أو العصر تصلي الظهر والعصر، وإذا طهرت في الليل تصلي المغرب والعشاء، هذا هو الواجب عليها كما أفتى به جمع من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
س: التي تغتسل من الحيض العصر، هل تصلي الظهر والعصر أم العصر فقط (1) ؟
ج: إذا اغتسلت الحائض العصر تصلي الظهر والعصر، أفتى به جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وهكذا إذا اغتسلت في الليل في أوله أو في آخره تصلي المغرب والعشاء؛ لأن الظهر والعصر حكمهما حكم الواحدة في حق المعذور؛ لأنهما يجمعان، والمغرب والعشاء كذلك في حق المعذور حكمهما حكم واحد كالمريض، فالحائض إذا اغتسلت كالمريض تصلي الظهر والعصر جميعا تقضيهما إذا اغتسلت العصر، وتقضي المغرب والعشاء جميعا إذا اغتسلت في أثناء الليل ولو بعد نصف الليل.
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 241.(7/210)
115 - بيان الحكمة في قضاء الحائض صلاة الظهر إذا طهرت عصرا
س: تقول الأخت السائلة: ما الحكمة في كون الحائض إذا طهرت قبل المغرب تقضي صلاة الظهر مع أن وقتها قد خرج (1) ؟
ج: لأن الظهر يستمر وقتها إلى غروب الشمس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح (2) » فإذا طهرت في آخر النهار أفتى بعض الصحابة بذلك أنها تصلي الظهر والعصر جميعا؛ لأنها أدركت بعض الوقت، فأشبهت المريض، تصلي الظهر والعصر جميعا، إذا كان طهورها قبل غروب الشمس بركعة فأكثر، وهكذا إذا طهرت قبل الشمس بقليل بركعة تصلي الفجر، أو طهرت قبل طلوع الفجر في آخر الليل تصلي المغرب والعشاء.
س: إذا اغتسلت المرأة من الحيض في وقت المغرب، فهل تصلي
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 427
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (608) .(7/211)
الظهر والعصر مع المغرب (1) ؟
ج: إذا كانت الطهارة بعد غروب الشمس ليس عليها صلاة الظهر والعصر، أما إذا طهرت العصر فإنها تصلي الظهر والعصر، أو طهرت في الليل تصلي المغرب والعشاء، أما إذا كانت الطهارة بعد غروب الشمس، غابت الشمس وهي حائض فإنها ليس عليها أن تصلي الظهر ولا العصر، ولا يشرع لها ذلك، ولكن تصلي المغرب والعشاء.
__________
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 412.(7/212)
116 - حكم قضاء الحائض والنفساء للصلاة
س: تقول السائلة: هل صحيح أن المرأة إذا طهرت من العادة الشهرية عليها أن تعيد الصلاة فرضا بفرض، ووقتا بوقت طلية الأيام التي قضتها بالعادة، أم تصلي الصلاة نفسها غير مكررة (1) ؟
ج: ليس على الحائض والنفساء قضاء، قالت عائشة رضي الله عنها: «كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (2) » . إنما تقضي أيام رمضان التي أفطرتها في حال النفاس، أو في حال الحيض، وأما الصلاة فالله
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 232.
(2) صحيح البخاري الحيض (321) ، صحيح مسلم الحيض (335) ، سنن الترمذي الطهارة (130) ، سنن النسائي الصيام (2318) ، سنن أبو داود الطهارة (262) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (631) ، مسند أحمد بن حنبل (6/232) ، سنن الدارمي الطهارة (986) .(7/212)
سبحانه أسقطها عنهما الحائض والنفساء، والحكمة في ذلك - والله أعلم - أنها كثيرة تتكرر، فلو أمرت بقضائها لشق عليها، فمن رحمة الله أن أسقط عنها الصلوات في حال الحيض وفي حال النفاس، لا تقضيها، وإنما تقضي الصوم عن الأيام التي أفطرتها في رمضان تقضيها.(7/213)
117 - حكم الصلاة إذا نزل السائل بعد الدورة الشهرية
س: إذا انتهت الدورة الشهرية عندي فإني ألاحظ نزول سائل، فهل بنزوله تبطل صلاتي أم أن صلاتي صحيحة (1) ؟
ج: السائل إذا كان ليس بالدم المعروف لا يؤثر إذا رأيت الطهارة وجب الغسل والصلاة صحيحة، وما خرج من السائل حكمه حكم البول، تستنجين منه وتتوضئين وضوء الصلاة وتصلين، ما دمت رأيت الطهارة واغتسلت، تصلين - والحمد لله - والسائل هذا الذي يقع للنساء هذا حكمه حكم البول، ما أصاب الثياب يغسل وما أصاب البدن يغسل، وهو ينقض الوضوء.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 223.(7/213)
118 - حكم صلاة من أغمي عليها قبل الولادة عدة أيام دون نزول الدم
س: امرأة في حالة ولادة، قبل يومين أو ثلاثة من الولادة لم ينزل منها دم، ولكنها في حالة إغماء، ماذا تعمل، هل تقضي الصلاة بعد انتهاء مدة النفاس (1) ؟
ج: تقضي الصلاة إذا طهرت لأن الإغماء مثل ما تقدم يومين، ثلاثة، مثل النوم، أقرب ما له النوم، فالأرجح أنها تقضي، يشبه بالنوم، وقيل: إن بعض الصحابة أغمي عليه يومين أو ثلاثة فقضاها.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 383.(7/214)
119 - حكم من أتتها آلام الولادة بعد دخول وقت الصلاة
س: السائلة ن. ع. ح. من القصيم، تذكر بأنها أصابتها آلام الولادة، وكانت صلاة العشاء قد دخلت، فمن شدة الآلام تقول: لم أستطع الصلاة، وبعد أن يسر الله عليها وانتهت من الأربعين قضت، هل عملها هذا صحيح (1) ؟
ج: إذا كان الألم معه طلق ومعه دم فليس عليها صلاة، هذا تبع
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 409.(7/214)
النفاس، إذا أصابها الطلق وخرج منها الدم ولم تستطع الصلاة صار هذا من النفاس، يحكم به تبع النفاس، فلا قضاء عليها، أما إذا كان لا إنما هو آلام، ليس فيه طلق ولا دم تقضيها، إذا كانت ما قضتها تقضيها مثل ما فعلت، وأما إذا كانت قد أحست بالطلق وخرج الدم فهذه المرأة لا قضاء عليها في تلك الصلاة التي تركتها بعد وجود الطلق وخروج الدم.(7/215)
120 - حكم قضاء من تركت الصلاة والصوم لأجل العادة الشهرية
س: كيف تقضي المرأة التي تركت الصلاة والصيام لعذرها الشرعي، كيف تقضي ما فاتها (1) ؟
ج: إن كان عذرها الحيض والنفاس، فليس عليها قضاء الصلاة، وإنما تقضي الصوم فقط، صوم رمضان.
أما إن كان عذرها نوما واستيقظت، تقضي إذا استيقظت من نومها، وإما إن كانت مجنونة ثم رد الله عليها العقل فليس عليها قضاء.
أما إن كانت مريضة فالواجب عليها أن تصلي في حال المرض ولو على جنب ولو مستلقية، فإن تساهلت جهلا منها ولم تصل من
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 271.(7/215)
أجل المرض تقضيها مرتبة ولو في وقت واحد حسب طاقتها مرتبة: ظهر، عصر، مغرب، عشاء، وهكذا مرتبة ولو في وقت واحد، ولو في ضحوة، أو في ظهر، أو في ليلة حسب طاقتها، إذا كان تركها لها عن مرض تجهل أنها تصلي وهي قاعدة أو على جنبها تقضي، أما إن كانت تتساهل بالصلاة تتركها عمدا فهنا ليس عليها قضاء، عليها التوبة، وهكذا الرجل لا يصلي ثم يتوب، ليس عليه قضاء عليه التوبة إلى الله والرجوع إلى الله والاستقامة على الصلاة، وما فات قبل ذلك مما تركه عمدا تساهلا منه، فهذا فيه التوبة وتكفيه التوبة والحمد لله.(7/216)
121 - حكم من تصلي وتصوم أثناء الحيض خجلا من الناس
س: السائلة أ. ج. ط. من سوريا، تقول: هل يجوز التظاهر بالصلاة والفتاة في الدورة الشهرية (1) ؟
ج: لا، لا تتظاهر بالصلاة وهي في الدورة الشهرية، الحمد لله معذورة إذا تخشى أن يظن بها السوء، تقول: إني الآن لا أصلي، تبين أنها لا تصلي.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 408.(7/216)
س: عندما بلغت لأول مرة كان ذلك في شهر رمضان، ولم أستطع أن أخبر والدتي بهذا؛ لأنني كنت خجولة جدا، ثم جاءتني في المرة الثانية وكان في آخر يوم في رمضان ولم يعلم أحد بهذا، ومن عادة أسرتنا أن نذهب جميعا لصلاة العيد في المسجد الحرام، ولأنني لم أستطع إخبار والدتي ذهبت معهم إلى الحرم وصليت، ويعلم الله كيف كانت حالتي، وأذكر أنني عندما كنت أسجد وأركع أقول: أستغفرك يا رب، إلى أن انتهت الصلاة، ثم بعدها توجهنا إلى المدينة، وعندما وصلنا دخلنا جميعا إلى المسجد، وذهب والدي ليبحث لنا عن مسكن، وبقينا إلى أن انتهت صلاة الظهر، فهل علي ذنب فيما فعلت؟ وأنا الآن قد تزوجت وأنجبت أطفالا، ولكنني عندما أتذكر هذا أخاف عقاب الله، وفي بعض الأحيان أبكي من شدة الخوف، فماذا تنصحني يا سماحة الشيخ (1) ؟
ج: أنصحك بالتوبة إلى الله، لأن هذا منكر وغلط، فعليك التوبة إلى الله والندم وعدم العودة إلى هذا الأمر، وعليك قضاء الأيام التي ما
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 336.(7/217)
صمتها أو صمتها وأنت حائض؛ لأن صيامك لا يصح وأنت معك الحيض، والصلاة باطلة إذا صليت وأنت حائض، الصلاة باطلة، والجلوس في المسجد الحرام والمسجد النبوي وأنت حائض كذلك منكر، عليك التوبة إلى الله من ذلك، نسأل الله أن يتوب عليك وعلى كل مسلم.
س: إن أبي يقول لي: لماذا لم تصل معي المغرب في رمضان، وأنا في حالة العذر، وبعد ذلك أقف معهم وأكبر، هل يجوز ذلك (1) ؟
ج: إذا كنت في العذر - الحيض الدورة الشهرية - فليس لك ذلك، بل عليك أن تعتذري بأنك معذورة شرعا من جهة الصلاة، أما إذا كنت سليمة وصار أبوك يصلي بكن مثلا التراويح أو يصلي بكن فريضة عند تخلفه عنها لسبب المرض أو لأنها فاتته في المسجد، وصليتن معه فلا بأس صلي معهن، خلفه يكون أمامكن ويكون النساء خلفه، فلا بأس بذلك، وليس له أن يصلي في البيت من غير عذر، بل يجب عليه أن يصلي في المساجد، أما النساء فبيوتهن خير لهن وأفضل، لكن لو فرض أنه تأخر لمرض أو علة أخرى حتى فاتته الصلاة في الجماعة وصلى بكن الفريضة فلا بأس، وصلي معهم إذا كنت صالحة للصلاة، أما إذا
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 93.(7/218)
كنت مثلا في نفاس أو حيض فليس لك ذلك والحمد لله، هذا أمر شرعي فلا مانع من بيانه، وأنك معذورة وأنك في الدورة الشهرية، أو في النفاس توضحين حتى لا تتهمي بترك الصلاة.(7/219)
122 - بيان ما يجب على المرء فعله إذا أراد الصلاة
س: ماذا يجب على المسلم أن يوفره لصحة الصلاة، وكيف يكون حال المسلم في الصلاة (1) ؟
ج: يجب عليه أن يتوضأ إذا كان على غير طهارة، وأن يعد المصلى إذا كان ما عنده أرض طيبة طاهرة، يعد المصلى حصيرا، سجادة، قطنا أو غيره، حتى يصلي عليها إذا كان ما عنده مكان طاهر، يعد السترة التي تستر عورته، مثل قميص، إزار ورداء، يعد الشيء الواجب في الصلاة، ويستحب أن يضع سترة يجعلها أمامه، إذا كان ما عنده جدار يلتمس شيئا صندوقا أو حربة يركزها أمامه، والسنة الصلاة إلى السترة.
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 295.(7/219)
123 - حكم من توضأ ولم ينو الصلاة
س: رجل دخل دورة المياه لقضاء الحاجة ثم بعد أن قضى الحاجة(7/219)
توضأ وضوءه للصلاة دون أن يكون قد نوى أن يصلي، وإنما جاءت النية بعد قضاء الحاجة، وهو داخل الحمام، فهل الوضوء صحيح، أم يجب عليه أن يكون قد نوى من قبل (1) ؟
ج: إذا نوى عند بدء الوضوء الشرعي، فالوضوء صحيح، إذا استنجى ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه بنية الوضوء الشرعي فالحمد لله يصلي ما تيسر من ذلك، ويمس المصحف، لا بأس، يعني هذا وضوء شرعي إذا كان نوى الوضوء. أما إذا كان غسل أعضاءه ليس عنده نية في الوضوء فلا بد من النية.
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 432.(7/220)
124 - حكم قضاء الجنب والحائض للصلاة إذا خرج وقتها قبل أن يغتسلا
س: هل على الجنب قضاء الصلاة التي فاتته (1) ؟
ج: نعم، إذا فاتته الصلاة قبل أن يغتسل، يقضيها وهكذا الحائض لو أخرت الغسل إلى طلوع الشمس، وهي طهرت في أول الوقت أول في آخر الليل، عليها أن تقضي صلاة الفجر، فلا يجوز لها هذا العمل، ولا
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 263.(7/220)
يجوز للجنب هذا العمل، يجب على الجنب أن يغتسل في الوقت، وهكذا الحائض يجب عليها أن تغتسل للوقت، وتصلي في الوقت، لكن لو أخرا أثما بهذا وعليهما التوبة مع فعل الصلاة.(7/221)
125 - حكم من لا يغتسل من الجنابة إلا بعد أيام
س: تقول السائلة: إن زوجي لا يغتسل من الحدث الأكبر إلا بعد يوم أو يومين، وأحيانا يجلس من العصر إلى اليوم الثاني صباحا، وفي بعض الأوقات يذهب إلى عمله ويعود في المساء، ثم يغتسل من الحدث بالرغم من توفر الماء والوقت للاغتسال، وهو لا يصلي، وإني دائما أنصحه بالصلاة والاغتسال، ولكنه لا يستمع إلى كلامي، وهذا يعذبني كثيرا، وأنا امرأة مصلية وأعرف أمور ديني (1) ؟
ج: هذا الرجل يظهر من حاله أنه ليس بمؤمن، ولا يعرف أحكام الدين، أو يعرفها ويعاندها، فلا يحل لك البقاء معه، هذا الرجل يعتبر كافرا، لأنه ترك الصلاة عمدا، ولم يبال بها، ولم يبال بغسل الجنابة،
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 174.(7/221)
فهذا يعتبر كافرا وليس للمسلمة أن تبقى مع كافر، والله سبحانه وتعالى يقول: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (1) ويقول جل وعلا: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} (2) يعني لا تزوجوهم حتى يؤمنوا، وترك الصلاة كفر أكبر في أصح قولي العلماء، وإن لم يجحد وجوبها، فإن جحد وجوبها صار كافرا عند جميع العلماء، والذي يظهر من زوجك أنه مع تركه لها أنه لا يؤمن بها، فلو كان يؤمن بها ما فعل هذا الفعل القبيح، لأن الإيمان يدعوه أن يحترم الصلاة، وأن يبادر إليها وأن يغتسل من الجنابة، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3) » أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (4) » أخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، ولم يقل: إذا جحد وجوبها، بل أطلق فدل ذلك على أنه يكفر، ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن الأئمة
__________
(1) سورة الممتحنة الآية 10
(2) سورة البقرة الآية 221
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) ، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463) ، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82) .(7/222)
الذين يتخلفون عن الصلاة، ويظلمون الناس، سألوه: هل يخرجون عليهم، قال: «لا، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (1) » فإنه أخبر صلى الله عليه وسلم أنه يأتي في آخر الزمان أمراء يعرف منهم وينكر من أعمالهم، فسألوه: هل يخرجون عليهم؟ هل يقاتلونهم؟ فقال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ما صلوا (2) » وفي اللفظ الآخر: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (3) » هذا يدل على أن من ترك الصلاة ولم يقمها فقد أتى كفرا بواحا، يحل معه الخروج عليه من ولاة الأمر، أهل الحل والعقد، حتى يزال عن الرئاسة والإمامة ويجعل من يكون بدلا عنه إماما، فالحاصل أن هذا الرجل الذي ذكرت صفاته كافر إذا صح ما قلت عنه، وليس لك البقاء معه بل يجب أن تخرجي إلى أهلك، أو تبقي مع أولادك إن كان لك أولاد، وتمتنعين منه وترفعين أمره إلى الحاكم الشرعي، حتى يفرق بينك وبينه، وحتى يقام عليه حد
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تنكرونها، برقم (7056) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة، وشرارهم برقم (1855) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تنكرونها، برقم (7056) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709) .(7/223)
الله، نسأل الله له الهداية.(7/224)
126 - حكم من تركت غسل الجنابة فترة طويلة جهلا منها
س: ع. ن. من الرياض تقول: قضيتي الأولى ما يلي: تذكر أنها شابة ومتزوجة وعندها طفلان - أحمد الله على ذلك - تقول: المشكلة يا سماحة الشيخ هي أنني عندما كنت في الأيام الأولى من زواجي لم أكن أغتسل من الجنابة بسبب الجهل في ذلك؛ لأنني كنت أظن بأن الاغتسال خاص بالرجال فقط دون النساء، وعندما علمت أن المرأة يجب عليها الاغتسال ندمت ندما كثيرا على ما كان من جهلي، وأنا الآن لا أدري ما عدد الصلوات التي كنت أصليها وأنا على جنابة، وقد جلست على تلك الفترة ما يقارب من شهرين تقريبا، ماذا علي سماحة الشيخ تجاه تلك الصلوات (1) ؟
ج: ليس عليك إلا التوبة، التوبة تجب ما قبلها، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يجب ما قبله (2) » والتوبة تجب ما كان قبلها،
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 370.
(2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص، برقم (17813) .(7/224)
والحمد لله، وإن قضيت الصلوات بالظن فهو طيب وحسن، خروجا من الخلاف، إن قضيت ما تظنين أنك صليتها وعليك الجنابة فهذا حسن من باب الخروج من الخلاف أو تكفيك التوبة - والحمد لله - لأجل جهلك وعدم عنايتك بالسؤال، فأنت قد فرطت وأسأت، فعليك التوبة إلى الله، وترك الصلاة كفر، والكافر توبته تكفي إذا تاب الكافر ما عليه قضاء، والذي يصلي وعليه الجنابة حكمه حكم الذي لا يصلي، نسأل الله العافية.(7/225)
127 - حكم من قام من النوم قبل الشروق بقليل وهو جنب
س: إذا احتلم شخص، وأصبح جنبا، ولم يستيقظ من النوم إلا وقد أوشكت الشمس على الطلوع، فهل يصلي وهو جنب لخوفه من ذهاب الوقت، أم يغتسل ثم يؤدي الصلاة (1) ؟
ج: إذا استيقظ الإنسان وهو جنب يبدأ بالغسل، ولا يصلي وهو جنب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 395.(7/225)
فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (1) » هذا وقتها، يغتسل ثم يصلي، وليس له الصلاة وهو على جنابة، سواء قام عند طلوع الشمس أو بعد طلوع الشمس أو بعد العصر، وهو نائم عن العصر، يغتسل ثم يصلي.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) .(7/226)
128 - حكم من صلى بدون طهارة
س: ما الحكم في رجل ذهب مسافرا إلى مدينة من المدن، فلما وصل أذن المؤذن لصلاة الظهر، فصلى قصرا دون أن يتوضأ، وهو يعرف أنه على غير طهارة، مع وجود الماء والتراب، فلما رجع إلى مدينته ندم على ذلك، فهل يعيد صلاته وهل عليه كفارة (1) ؟
ج: عليه التوبة من ذلك؛ لأن هذا منكر عظيم إذا صلى بغير وضوء وهو يقدر على الماء، وتعمد هذا، هذا منكر عظيم، بل يعد كفرا عند جمع من أهل العلم - نسأل الله العافية - لأنه يعتبر مستهزئا متلاعبا تاركا للصلاة، بل جزم جمع من أهل العلم بأن من ترك الصلاة عمدا يعتبر كافرا وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا تاب تاب الله عليه،
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 198.(7/226)
والتوبة هي الرجوع إلى الله، والإنابة إليه لأنها جريمة عظيمة ومنكر عظيم من نوع الاستهزاء بدين الله، يصلي عمدا بلا وضوء وبلا تيمم ومعلوم أيضا أن التيمم لا يجوز مع وجود الماء، فالحاصل أن هذا العمل منكر عظيم، وشر كبير بل كفر على الصحيح وتلاعب بالدين، نسأل الله العافية، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، والندم والإقلاع والعزم ألا يعود في ذلك، نسأل الله لنا وله الهداية.(7/227)
129 - حكم الاحتفاظ بالوضوء والصلاة به فترة طويلة
س: من احتفظ بوضوئه لفترة طويلة هل يجزئ ذلك أم لا (1) ؟
ج: لا بأس، لو توضأ للظهر وبقي على طهارته في أوقات العصر والمغرب والعشاء لا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح عدة صلوات بوضوء واحد، وقال: «عمدا فعلت (2) » ليتأسى به الناس عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أنه إذا صلى صلوات كثيرة بوضوء واحد ولم يحدث فالحمد لله، حتى لو صلى الفجر وبقي على الطهارة
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 301.
(2) أخرجه أحمد في مسنده، حديث بريدة الأسلمي، برقم (23029) .(7/227)
الظهر والعصر والمغرب والعشاء فلا حرج - والحمد لله - والأفضل أن يتوضأ لكل صلاة، فهذا أفضل لما فيه من النشاط والأجر، ولكن لو صلى عدة صلوات بوضوء واحد فلا حرج.
س: يقول السائل: ما حكم الصلاة على الوضوء، أو في الوضوء لمدة طويلة، مثال ذلك، أنا أتوضأ لصلاة الفجر، فهل يجوز لي أن أصلي صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء في نفس الوضوء بدون حدث طيلة اليوم (1) ؟
ج: إذا صح ذلك فلا بأس، إذا ثبت لديك أنك ما أحدثت، وأنك على وضوء فلا بأس، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى يوم الفتح جميع الصلوات بوضوء واحد، فسأله عمر فقال عليه الصلاة والسلام: «عمدا فعلت (2) » فإذا توضأ الإنسان للظهر وبقي على طهارته العصر والمغرب والعشاء فلا بأس إذا كان قد حفظ نفسه.
__________
(1) السؤال الثامن والخمسون من الشريط رقم 435.
(2) أخرجه أحمد في مسنده، حديث بريدة الأسلمي، برقم (23029) .(7/228)
130 - حكم من صلى ثم تذكر أنه على غير طهارة
س: رجل دخل في الصلاة واستكملها وسلم وبعد ذلك تذكر أنه غير(7/228)
متوضئ، فما الحكم (1) ؟
ج: عليه أن يعيد، إذا عرف أنه صلى بغير وضوء يلزمه أن يعيد الصلاة.
س: هل من صلى وهو يعتقد أنه على وضوء ثم تبين له أنه صلى بدون وضوء هل تصح صلاته أم لا بد عليه من الإعادة (2) ؟
ج: من صلى وإنه يظن أنه على وضوء ثم تبين له أنه ليس على وضوء فإنه يعيد الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور (3) » وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ (4) » هذا بإجماع المسلمين، إن الإنسان إذا صلى ثم اتضح له أنه على غير وضوء فإنه يتوضأ ويعيد الصلاة، بخلاف من صلى وبثوبه نجاسة ولم يعلم إلا بعد الصلاة، فهذا لا يعيد على الصحيح، فالصواب أن صلاته صحيحة ولا تلزمه الإعادة ولو كان يعلمها
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 35.
(2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 341.
(3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224) .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في الصلاة، برقم (6954) . ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (225) .(7/229)
ثم نسيها، أما الذي صلى وهو محدث يحسب أنه طاهر ثم تبين له أنه محدث فهذا تلزمه الإعادة لأن شرط الصلاة الطهارة ولم يأت بذلك.
س: يقول السائل: إذا صليت دون وضوء ناسيا، ولم أعلم إلا بعد الفراغ من الصلاة، فماذا أفعل (1) ؟
ج: عليك أن تعيد الصلاة إذا كانت فريضة، ولا إثم عليك إذا كنت ناسيا، عليك أن تعيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور (2) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ (3) » فالمقصود أن الحدث يبطل الصلاة، فإذا كنت قد أحدثت ثم صليت ناسيا فعليك أن تعيد، وهكذا من أحدث في الصلاة، أو خرج منه بول وهو في الصلاة بطلت صلاته، عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة.
س: يقول السائل: أتذكر أنني صليت ذات مرة على غير وضوء، هل
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 417.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في الصلاة، برقم (6954) . ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (225) .(7/230)
أعيد تلك الصلاة (1) ؟
ج: نعم، تجب الإعادة بإجماع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور (2) » رواه مسلم في الصحيح. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ (3) » متفق على صحته.
س: أسأل سماحتكم عن صلاة صليتها وتذكرت أنني صليتها بدون وضوء، كيف أتصرف (4) ؟
ج: عليك أن تقضيها متى ذكرت ذلك، عليك أن تقضيها، وتبادر بالقضاء بعد ما تذكرت.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 417.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في الصلاة، برقم (6954) . ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (225) .
(4) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 321.(7/231)
131 - حكم من لصق به ما يمنع وصول الماء إلى البشرة
س: يسأل السائل ويقول: وجدت أثرا لعلك في رجلي بعد العصر، فاجتهدت في إزالته، وأعدت صلاة العصر، ثم ذهبت إلى(7/231)
الحرم، ووجدت بقايا صغيرة جدا من العلك، فهل علي أن أعيد العصر والمغرب، أم ماذا علي (1) ؟
ج: إذا كانت يسيرة لا تمنع الماء لا حرج.
س: ما حكم طلاء الأظافر والصلاة فيها (2) ؟
ج: إن كان طلاؤها بالحناء ونحوه مما لا يمنع الماء فلا بأس، أما إذا كان طلاؤها مما يمنع الماء وصوله إلى الظفر فإنه يزال وقت الوضوء، يزال الطلاء ويتوضأ أو تغتسل من الجنابة، ثم إذا وضعته بعد ذلك ثم أزالته عند الوضوء لا بأس، أما الطلاء الذي لا يمنع، كالطلاء بالحناء هذا لا بأس به، ولا حرج فيه مطلقا.
__________
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 409.
(2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 21.(7/232)
132 - حكم من أصابه الرعاف في الصلاة
س: إذا أصاب المصلي رعاف بسيط، يبلل به شيئا من أنفه ويده هل يواصل الصلاة أم ينصرف (1) ؟
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 262.(7/232)
ج: نعم، إذا كان يسيرا يواصل الصلاة، لا ينقض الوضوء إلا إن كان كثيرا، فالأفضل قطع الصلاة؛ لأن جمعا من أهل العلم يرى أنه ينقض الوضوء، ويقطعها ويتنظف، ثم أيضا هو سوف ينجسه الدم النجاسة، إذا كثر يقطع الصلاة ويغسل ما أصابه، ثم يبدل ثيابه ثم يعيد الصلاة.
س: إذا خرج المصلي من الصلاة للرعاف الشديد، وهو مستقبل القبلة، هل يجوز له بعد انتقاله من الرعاف، أن يبني على ما سبق في صلاته (1) ؟
ج: لا، بل يعيدها من أولها، يستأنفها من أولها، يتوضأ من الرعاف، يتوضأ إذا كان الرعاف كثيرا، يتوضأ أحوط وضوءا جديدا، ويستأنفها من أولها، إلا إذا كان الرعاف قليلا فإنه لا يقطع الصلاة، يكملها ويجعل ما يخرج وما حصل في منديل أو في طرف ردائه أو غترته، فلا يضر إذا كان شيئا يسيرا، إذا كان شيئا يسيرا يكمل صلاته، أما إذا كان كثيرا يقطعها بما ينزل الدم ويغسل الدم ويتوضأ وضوء الصلاة خروجا من الخلاف أفضل له وأحوط، ويعيد الصلاة من أولها.
__________
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم 262.(7/233)
س: تقول السائلة أ. ع. من حائل: إذا نزل الدم من الفم أو الأنف فهل تبطل الصلاة، وهل يبطل الصيام والوضوء (1) ؟
ج: إن كان شيئا يسيرا يعفى عنه، ولا تبطل به الصلاة، ولا الوضوء، شيء يخرج من الأنف قليل، أو من الأسنان، أو من اللثة، أو من الحلق، شيء يسير يعفى عنه، أما إذا كان كثيرا عرفا تبطل الصلاة، والإنسان يتوضأ من هذا الشيء ثم يعيد الصلاة إذا كانت فريضة، أما الشيء اليسير يعفى عنه.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 412.(7/234)
133 - بيان كيفية طهارة السجين وصلاته
س: كيف يصلي السجين عندما يتعذر عليه الحصول على الماء، وكيف يتطهر من الجنابة إذا أصابته (1) ؟
ج: السجين له أحوال إن كان يستطيع أن يتوضأ ويستنجي بالحجارة فالحمد لله، وإن كان ما يستطيع فإنه يتيمم ولا حرج في ذلك، المقصود أن السجين فيه تفصيل:
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 10.(7/234)
إذا استطاع أن يتطهر على قدر استطاعته لا بأس إذا كان السجين عنده ماء وتمكن من الماء يتوضأ للحدث الأصغر، ويغتسل من الجنابة كغيره من الناس، فإن كان غير ممكن ليس عنده ماء، ولا يتمكن فإنه يتطهر من النجاسات بالمناديل ونحوها ثلاث مرات أو أكثر بالمناديل، أو بحجر أو بلبن، أو بغير هذا من الجامدات والنواشف الطاهرات، حتى ينقي المحل، ينقي الدبر والذكر من البول والغائط ثلاث مرات فأكثر، لا ينقص عن ثلاث وترا ثلاثا أو أكثر حتى ينقي المحل، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، يتمسح بالوضوء للصلاة، إذا حصل الماء ويغتسل من الجنابة إذا كان عليه جنابة بالماء، فإن لم يتيسر له الماء، وحيل بينه وبين الماء يتيمم بالتراب، يضرب الأرض بيديه ويمسح وجهه وكفيه بالتراب ناويا عن الجنابة وناويا عن الحدث الأصغر والأكبر جميعا.
وإذا لم يتمكن من التراب، إذا ما تمكن من ذلك صلى على حسب حاله، فاتقوا الله ما استطعتم، لا ماء ولا تيمم: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)
__________
(1) سورة التغابن الآية 16(7/235)
134 - بيان لباس الرجل في الصلاة
س: يقول هذا السائل: كيف يكون لباس الرجل في الصلاة يا سماحة الشيخ (1) ؟
ج: اللباس المعتاد قميص أو إزار ورداء، كله كاف يستر عورته، ما بين السرة والركبة عورة الرجل، ويكون على كتفيه رداء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء (2) » فإذا جاء الرداء على عاتقيه وصلى بالإزار أو بالسراويل كفى، صحت صلاته، وإذا لبس ما هو أجمل كقميص زيادة يكون أكمل وأفضل، وهكذا لبس العمامة؛ لأن الله يقول: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (3) يعني عند كل صلاة، فإذا لبس غترته أو عمامته وقميصا وصلى في ذلك فهذا حسن، ويكفي بذلك الإزار والرداء أو القميص، يكفي ولو كان مكشوف الرأس.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 395.
(2) صحيح البخاري الصلاة (360) ، صحيح مسلم الصلاة (516) ، سنن النسائي القبلة (769) ، سنن أبو داود الصلاة (626) ، مسند أحمد بن حنبل (2/464) ، سنن الدارمي الصلاة (1371) .
(3) سورة الأعراف الآية 31(7/236)
135 - حكم صلاة الرجل كاشف الرأس
س: ما هو حكم الصلاة والرجل حاسر الرأس، وهل تغطية الرأس واجبة في كل الأوقات (1) ؟
ج: لا حرج إذا صلى وهو مكشوف الرأس، لا حرج في ذلك للرجل، مثل ما يصلي وهو محرم مكشوف الرأس، وإن غطى رأسه وأخذ زينته فهو أفضل؛ لقوله جل وعلا: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2) أي عند كل صلاة، فإذا غطى رأسه فهو أفضل، وإذا كشف رأسه ورأى ذلك أنه أنشط له في صلاته فلا حرج في ذلك، كما يصلي المحرم وهو مكشوف الرأس.
__________
(1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (434) .
(2) سورة الأعراف الآية 31(7/237)
136 - حكم الصلاة في الملابس الضيقة والشفافة والخفيفة
س: ما حكم الصلاة بالملابس الضيقة للرجال؟ وهل يصلي بالناس من يرتديها (1) ؟
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 157.(7/237)
ج: الملابس الضيقة يكره لبسها للرجال والنساء جميعا، المشروع أن تكون الملابس متوسطة، لا ضيقة تبين حجم العورة، ولا واسعة، ولكن بين ذلك، أما الصلاة فهي صحيحة إذا كانت ساترة، الصلاة صحيحة، ولكن يكره للمؤمن تعاطي مثل هذه الملابس الضيقة، وهكذا المؤمنة يكون اللباس متوسطا بين الضيق والسعة، هذا هو الذي ينبغي.
س: ذات مرة في بيت من بيوت الله تقدم شخص ليصلي بالجماعة، وكنت في الصفوف الأمامية، وكان الشخص يرتدي ملابس شفافة جدا، لدرجة أننا نعرف لون بشرته من وراء الثياب، ما رأيكم في مثل هذا (1) ؟
ج: إذا كانت الملابس تصف العورة ولا تسترها فإنها لا تصح الصلاة، لا صلاته ولا إمامته، يجب أن يعزل ويفصل ولا يؤتم به إذا كان فخذه يبين أو بقية عورته لا يسترها قميصه، ولا إزاره، فإن هذا لا يسمى مستترا، يكون بادي العورة، أما إذا كان البائن إنما هو الصدر أو الساق وإلا فالعورة مستورة ما بين السرة والركبة مستور بالإزار أو بالسراويل مع قميص هذا لا يضر، إنما الذي يضر كون الفخذ يبين، أو
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 184.(7/238)
ما هو أشد من الفخذ، هذا هو الذي يضر ما بين السرة والركبة إذا كان يعرف أنه أحمر اللون أو أبيض اللون، أو أسود اللون ما يستره ما عليه فإن هذا لا يجوز له هذا العمل، لا في الصلاة ولا في خارجها، ولا يتخذ إماما ولا يصلى خلفه، وينبه على أن هذا لا يجوز له، نسأل الله للجميع الهداية.
س: ما حكم الصلاة في الثياب الخفيفة - أي التي يظهر الجسم من خلالها - مثل الثياب البيضاء؟ وهل الصلاة فيها مقبولة؟ أرجو توضيح الحكم في ذلك سماحة الشيخ (1) .
ج: إذا كانت يرى منها اللحم، ما تستر اللحم ما بين السرة والركبة ما تصح الصلاة لخفتها ورقتها، أما إذا كانت خفيفة لكن تستره فلا حرج، الصلاة صحيحة، لكن ينبغي للمؤمن أن يلبس لباسا ساترا، لا يبين حجم الأعضاء، ويستر العورة حتى يكون لباسا كاملا، هذا هو الأكمل والأحسن.
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 375.(7/239)
137 - حكم الصلاة في السراويل القصيرة
س: هل تصح الصلاة في سروال قصير من فوق الركبة؟ لأنني قرأت(7/239)
في أحد الصحف فتوى لعالم مصري يجيز الصلاة في هذا السروال القصير، عندما سأله أحد الناس عن ذلك، وأنا قد سمعت أيضا بأن ذلك لا يجوز، فعلى أي القولين نسير؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصواب أنه لا يصح، وأن الواجب ستر ما بين السرة والركبة، وأن الفخذ عورة، فلا يجوز للمسلم أن يصلي مكشوف الفخذ، بل يجب أن يستر الفخذ، وما تحت السرة، وإذا كان على كتفيه رداء يكون أكمل لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء (2) » فينبغي أن يكون مع ذلك على عاتقه شيء رداء مع السراويل أو مع الإزار، هكذا السنة، وذهب بعض أهل العلم أنه إذا صلى وليس على عاتقه شيء أنه لا تصح صلاته، فالواجب على المسلم أن يتحرى السنة، ويحرص على امتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فيستر ما بين السرة والركبة، ويجعل على عاتقه رداء أو فنيلة تستر منكبيه حتى يجمع بين الأمرين اللذين أرشد إليهما النبي
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 213.
(2) صحيح البخاري الصلاة (360) ، صحيح مسلم الصلاة (516) ، سنن النسائي القبلة (769) ، سنن أبو داود الصلاة (626) ، مسند أحمد بن حنبل (2/464) ، سنن الدارمي الصلاة (1371) .(7/240)
صلى الله عليه وسلم
س: هل تجوز الصلاة في ثياب لا تصل إلا إلى الركبتين (1) ؟
ج: في حق الرجل لا بأس، أما المرأة فلا، لا بد أن تستر بدنها كله إلا الوجه، أما الرجل فلا بأس إذا ستر ما بين السرة والركبة، وستر العاتقين فلا بأس، يكون رأسه مكشوفا والساق كذا لا حرج، لكن كونه في زينته المناسبة في عادة المناسبة يكون أفضل؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2) يعني عند كل صلاة، فكون المؤمن يصلي في حالة حسنة كاملة هذا أطيب وأفضل، وإلا فيجزئ لو بدا ساقاه أو كشف رأسه لا حرج في ذلك، لكن يستر العاتقين لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء (3) » وفي لفظ: «ليس على عاتقه منه شيء (4) » أما المرأة
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 351.
(2) سورة الأعراف الآية 31
(3) صحيح البخاري الصلاة (360) ، صحيح مسلم الصلاة (516) ، سنن النسائي القبلة (769) ، سنن أبو داود الصلاة (626) ، مسند أحمد بن حنبل (2/464) ، سنن الدارمي الصلاة (1371) .
(4) أخرجه النسائي في المجتبى كتاب القبلة، باب صلاة الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، برقم (769) .(7/241)
فهي عورة كلها، تستر بدنها كله ورأسها إلا وجهها، إلا إذا كان عندها أجنبي، فإنها تستر وجهها أيضا، وإن أبدت الكفين فلا حرج، لكن سترهما أولى خروجا من الخلاف.(7/242)
138 - حكم كشف الركبة وهل هي داخلة في العورة
س: هذا السائل يقول: هل الركبة داخلة في العورة، أم ما فوقها داخل في العورة (1) ؟
ج: الركبة هي الفاصلة بين العورة وغير العورة، ما فوق الركبة من العورة، والركبة وما حولها ليست من العورة في حق الرجل، أما المرأة فكلها عورة إلا وجهها في الصلاة، وإذا كان عندها أجنبي سترت وجهها أيضا، وفي الكفين خلاف، هل تسترهما في الصلاة أم لا، وسترهما أحوط وأولى في الصلاة، وأما الرجل فعورته بين الركبة والسرة، والركبة ليست من العورة، بل هي تبع الساق لكن ستر ذلك في الصلاة حتى في حق الرجل أولى.
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 389.(7/242)
139 - حكم لبس البنطلون في الصلاة
س: ما حكم لبس البنطلون للطبيب وما حكم الصلاة به (1) ؟
ج: إذا كان البنطلون ساترا للعورة، غير مميز لها بل هو واسع ضاف فإنه تصح به الصلاة إذا كان على كتفيه شيء، إذا كان البنطلون معه السترة على كتفيه وصدره، المقصود إذا كانت العورة مستورة من السرة إلى الركبة وكان على العاتقين شيء أو على أحدهما فإنه يجزئ، أما إذا كان ضيقا يحدد العورة فلا ينبغي استعماله، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء (2) » فإذا كان عنده قدرة وجب أن يستر العورة، وأن يضع على العاتقين شيئا من الرداء أو على أحدهما.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 38.
(2) أخرجه النسائي في المجتبى كتاب القبلة، باب صلاة الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، برقم (769) .(7/243)
140 - بيان لباس المرأة وحجابها في الصلاة وخارجها
س: أرجو التفضل ببيان حكم الحجاب أثناء تأدية الصلاة بالنسبة للمرأة (1) ؟
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 194.(7/243)
ج: عليها أن تستتر في كل بدنها، ما عدا الوجه والكفين، الواجب على المرأة أن تكون مستورة في جميع بدنها حال الصلاة، حتى القدمين عليها أن تكون الثياب ضافية تستر القدمين، أو يكون على القدمين خفان أو جوربان، أما الوجه فلا يجب ستره بإجماع المسلمين، بل الأفضل كشفه، الوجه تكشفه في الصلاة إذا كانت خالية ليس عندها أجنبي، عليها أن تصلي مكشوفة الوجه، هذا هو السنة وهذا هو الأفضل، إلا إذا كان عندها رجل ليس محرما لها فإنها تغطيه عنه، وأما الكفان فالأفضل سترهما، وإن كشفتهما فلا حرج إن شاء الله.
س: هذه السائلة من سوريا أ. م. تسأل عن الحجاب الشرعي بالنسبة للمرأة في الصلاة وفي غير الصلاة (1)
ج: أما في الصلاة فتستر جميع بدنها إلا الوجه هذا هو الأفضل إذا صار ما عندها أجانب تبدي الوجه، سنة كشف الوجه في الصلاة، وتستر جميع بدنها حتى الكفين، وإن أبدت الكفين فلا حرج لأن سترهما أفضل في الصلاة، أما إذا كان عندها أجنبي فإنها تستر بدنها كله حتى الوجه، وأما عند الناس غير الأجانب في الأسواق والبيوت فإنها تكشف
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 368.(7/244)
ما شاءت من بدنها كالرأس والوجه واليدين والقدمين ما دام ليس عندها أجانب في بيتها، في فراشها، في أي مكان في بيتها، أما عند الأجنبي فهي عورة تستر جميع بدنها لأنها عورة، الله يقول جل وعلا: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (1) ويقول جل وعلا: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (2) الآية، والجلباب ما تغطي به المرأة رأسها ووجهها وبدنها.
س: تلبس المرأة غطاء ساترا أثناء تأديتها الصلاة وهي داخل بيتها، فهل يجوز لها لبس هذا الغطاء حتى وإن كانت لوحدها رغم أنه يستر جميع البدن أم أنه لا بد لها من لبس شيء على رأسها وعلى شعرها بالرغم من وجود هذا الغطاء على جميع بدنها (3) ؟
ج: إذا كان عليها غطاء يستر جميع بدنها كفى والحمد لله، ما عدا الوجه فإن السنة كشفه إذا لم يكن عندها أجنبي فالسنة كشفه، أما الكفان
__________
(1) سورة الأحزاب الآية 53
(2) سورة الأحزاب الآية 59
(3) السؤال العشرون من الشريط رقم 304.(7/245)
إن كشفتهما فلا حرج وإن سترتهما فهو أفضل، أما بقية البدن من الرأس والصدر والقدم وغير ذلك تستره، سواء كان عليها غطاء عام أو غطاء مغط للرأس ستر ولبقية البدن ستر، فالمقصود أن تستر هذا البدن كله ما عدا الوجه والكفين، الوجه سنة كشفه، والكفان سترهما أفضل، فإن كشفا فلا حرج على الصحيح.
س: سائلة من العراق تقول: ما الحكمة لارتداء المسلمة للحجاب أثناء الصلاة، هل هو من أجل حضور الملائكة أثناء الصلاة، أم لأنها تقف بين يدي الله عز وجل؟ لأن ابنتي سألتني هذا السؤال ولا أعرف الإجابة الصحيحة (1)
ج: ليس عليها حجاب إذا كانت تصلي وليس عندها رجال أجانب، لها أن تكشف وجهها، أما كونها تستر رأسها وبدنها هذا لأنها عورة ووقوفها بين يدي الله مستورة أفضل؛ ولأنه قد يبدو من ليس محرما، يدخل المحل من ليس محرما لها فقد تعمل بالحيطة إلا الوجه فإنها تكشفه إذا لم يكن عندها أجنبي وتستر بقية بدنها، هذا هو الواجب عليها إلا الكفين فلا مانع من كشفهما، وسترهما أفضل، أما الوجه
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 356.(7/246)
فالسنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي، أما إذا كان عندها أجنبي فإنها تستره لأنها عورة وفتنة.(7/247)
141 - حكم كشف الكفين والقدمين في الصلاة للنساء
س: ما الذي يجب ستره في الصلاة بالنسبة للمرأة، هل يجب ستر الكفين أثناء الصلاة؟ وهل إذا طلع جزء من القدم تبطل الصلاة بالنسبة للمرأة (1) ؟
ج: المرأة كلها عورة، والواجب عليها التستر في الصلاة في الفرض والنفل إلا الوجه فإنها تكشفه، فالسنة كشف الوجه إذا لم يكن عندها أجنبي تكشف وجهها في الصلاة، أما بقية بدنها فإنها تستره ما عدا الكفين فسترهما مستحب، وإن كشفتهما فلا حرج على الصحيح، أما الوجه فكشفه سنة في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي، وهذا يعم الفرض والنفل إذا كانت بالغة قد بلغت الحلم، وإذا خرج منها شيء، خرج قدمها أو شيء من قدمها، إذا كان كثيرا فإنها تعيد الصلاة عند جمهور أهل العلم، أما إذا كان شيئا يسيرا ثم غطته فيعفى عنه إن شاء الله.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 263.(7/247)
س: ما حكم تغطية اليدين في الصلاة (1) ؟
ج: إن غطتهما فأفضل، وإلا فليس بلازم، لا بأس بكشفهما، والوجه يشرع كشفه في الصلاة، المرأة تكشف وجهها في الصلاة، إلا إذا كان عندها أجنبي تغطي وجهها، أما إذا كان ما عندها إلا زوج أو نساء، السنة أن يكون الوجه مكشوفا، أما اليدان فإن شاءت كشفتهما على الصحيح، وإن شاءت سترتهما وهو أفضل خروجا من خلاف من قال بوجوب سترهما، أما القدمان فيستران.
س: هل يجب على النساء ستر اليدين في الصلاة (2) ؟
ج: الستر أفضل، ولا حرج في كشفهما، فالوجه يكشف في الصلاة إذا كان ما عندها أجانب ما عندها رجل ليس بمحرم، وهكذا الكفان، وإن سترتهما فلا بأس، الأمر في هذا واسع في الكفين، لكن الوجه السنة كشفه إلا إذا كان هناك أجنبي، أما اليدان - يعني الكفين - فهي مخيرة إن سترتهما فهو أفضل وإن كشفتهما فلا حرج، أما القدمان فتسترهما.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم 306
(2) السؤال الثاني من الشريط رقم 330(7/248)
س: سماحة الشيخ، سمعناكم ذات مرة تتحدثون في جواب عن صلاة المرأة وهي تصلي دون ستر يديها وقدميها، إنها لا بد أن تعيد صلاتها كلها، فأرجو الإفادة حول هذا الموضوع وكيف؟ علما بأننا مستقيمون على دين الله، وتطبيق شريعته منذ زواجنا في 84 ميلادي، ومن يوم أن سمعنا تلكم الحلقة وهي تستر قدميها وكفيها (1) ؟
ج: العلماء رحمة الله عليهم قد نصوا على أن المرأة عورة، وأن الواجب عليها ستر بدنها في الصلاة، ما عدا وجهها، وهذا بناء على ما جاء في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيان أن المرأة عورة، واختلفوا في الكفين هل تستران أم يعفى عنهما؟ وأما القدمان فجمهور العلماء على أنهما يستران للصلاة، وأما الوجه فقد أجمعوا على أنه لا مانع من كشفه، وأن السنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي - يعني رجل غير محرم - فهذا هو المعتمد في هذا الباب، إن المرأة عليها أن تستر بدنها كله ما عدا وجهها وكفيها، والصحيح أن الكفين لا يجب سترهما في الصلاة، لكن سترهما أفضل
__________
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 94.(7/249)
خروجا من خلاف من أوجب سترهما، وأما القدمان فالواجب سترهما عند جمهور أهل العلم؛ لأن المرأة عورة وهما من العورة، ولا داعي إلى كشفهما تسترهما بالجوربين، أو بالملابس الضافية التي تستر القدمين حال الصلاة، هذا هو الذي سبق مني غير مرة، وبينته لإخواني في هذا البرنامج: نور على الدرب، أن الواجب على المرأة أن تستر بدنها بالستر الكافي الذي لا يبين معه شيء من بدنها، يعني سترا كافيا ليس رقيقا ولا شفافا، بل يكون سترا يغطي شعرها وبدنها ما عدا الوجه، فإن السنة كشفها له إذا كانت ليس عندها رجل غير محرم، وأما الكفان فاختلف العلماء فيهما، والأفضل سترهما فإن كشفتهما فلا حرج، وأما القدمان مثلما تقدم سترهما هو الواجب، أما كونها تقضي ما مضى من صلاتها فهذا من باب أنها أخلت بالشرط، فإذا كانت صلت صلوات ليست ساترة لقدميها فيها فإذا الواجب قضاؤها، لكن إذا كانت جاهلة بالحكم الشرعي فلعل الله جل وعلا يعفو عنها فيما مضى، ولا يكون عليها القضاء، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه لما «رأى رجلا يصلي وينقر صلاته دعاه فجاءه وسلم عليه، فقال له: " ارجع فصل فإنك لم تصل "، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي عليه الصلاة والسلام، فرد عليه السلام ثم قال له: " ارجع فصل فإنك لم تصل "،(7/250)
فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء في الثالثة فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه النبي السلام ثم قال له: " ارجع فصل فإنك لم تصل " فعلها ثلاثا، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق نبيا لا أحسن غير هذا، فعلمني. فقال له عليه الصلاة والسلام: " إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في الصلاة كلها " (1) » متفق على صحته، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد هذه الصلاة الحاضرة، ولم يأمره أن يعيد الصلوات الماضية لجهله، فإن ظاهر حاله أنه يصلي هذه الصلاة فيما مضى، ولكن لما كان جاهلا عذره صلى الله عليه وسلم، في الأوقات الماضية، وأمره أن يعيد الحاضرة، فدل ذلك على أن من جهل شيئا من فرائض الصلاة، ثم نبه في الوقت الحاضر فإنه يعيد الحاضرة، أما التي
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب أمر النبي الذي لا يتم ركوعه بالإعادة، برقم (793) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397) .(7/251)
مضت فتجزئه من أجل الجهل، هذا هو مقتضى هذا الحديث؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر هذا المسيء في صلاته أن يعيد صلواته الماضية بسبب جهله، وما في ذلك من المشقة، فهكذا التي صلت صلوات كثيرة قبل أن تعلم وجوب ستر القدمين فإنها لا إعادة عليها - إن شاء الله - على الصحيح لأنها معذورة بالجهل، وإنما تلتزم في المستقبل، وتستقيم في المستقبل على ستر قدميها وبقية بدنها ما عدا الوجه والكفين كما تقدم، فإنهما ليسا عورة في الصلاة عند أهل العلم، ولكن إذا سترت الكفين خروجا من خلاف بعض أهل العلم فهذا حسن كما تقدم.
س: ما حكم تغطية اليدين والرجلين في الصلاة، هل هو واجب على المرأة، أم يجوز كشفها ولا سيما إذا لم يكن هناك أجانب، أو كانت في الصلاة مع نساء السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 77.؟
ج: أما الوجه فالسنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن هناك أجانب، وأما القدمان فالواجب سترهما عند جمهور أهل العلم وفيه خلاف، بعض أهل العلم يتسامح في كشف القدمين، ولكن الجمهور على المنع، وأن(7/252)
الواجب سترهما، ولهذا روى أبو داود رحمه الله عن أم سلمة رضي الله عنها: «أنها سئلت عن المرأة تصلي في خمار وقميص، قالت: لا بأس إذا كان الدرع يغطي ظهور قدميها (1) » فستر القدمين أولى وأحوط، بكل حال، أما الكفان فأمرهما أوسع، إن كشفتهما فلا بأس، وإن سترتهما فلا بأس، الأمر فيهما واسع، بعض أهل العلم يرى أن سترهما أولى، ولكن الأمر فيهما واسع إن سترتهما هذا حسن إن شاء الله، وإن صلت وكفاها مكشوفتان فلا بأس.
س: هل تغطية اليدين والقدمين بالنسبة للمرأة في الصلاة واجبة؟ أو بماذا توجهون الناس؟ جزاكم الله خيرا (2)
ج: السنة أن المرأة تستر وجهها في الصلاة إذا كان عندها أجنبي غير محرم، هذه السنة، تكشف عن وجهها، تسجد مكشوفة الوجه، وهكذا في حال القيام، أما القدمان وسائر البدن فتكون مستورة، الواجب عليها ستر جميع البدن، ما عدا الوجه والكفين، أما الوجه فكشفه سنة إلا إذا كان عندها غير محرم، أما الكفان فإن سترتهما فهو أفضل، وإن
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640)
(2) السؤال السابع من الشريط رقم 349.(7/253)
كشفتهما فلا حرج على الصحيح، وبعض أهل العلم يرى وجوب ستر الكفين، فإن سترتهما فهو أفضل خروجا من الخلاف، وإن كشفت الكفين في الصلاة فالصواب أن الصلاة صحيحة، لكن سترهما أفضل خروجا من الخلاف.
س: ما حكم إظهار اليدين والقدمين في الصلاة؟ وإن كان لا يجوز فهل إظهارهما يبطل الصلاة، بمعنى أن صلاة المرأة على تلكم الصورة غير صحيحة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إظهار القدمين في الصلاة لا يجوز عند جمهور أهل العلم، ويبطل الصلاة، فإذا صلت المرأة وقدماها مكشوفتان وجب عليها أن تعيد عند أكثر العلماء، أما الكفان فأمرهما أوسع، إن سترتهما فهو أفضل، وإن أظهرتهما فلا حرج إن شاء الله، نعم كالوجه، الوجه سنة كشفه إلا أن يكون عندها غير محرم أجنبي تستتر، فإنها تستر وجهها وكفيها، أما إذا كان ما عندها أحد، عندها نساء أو محارم فلا مانع من كشف الكفين، وإن سترتهما فهو أفضل، أما الوجه فالسنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (298) .(7/254)
س: ما حكم كشف المرأة يديها وقدميها أثناء الصلاة؟ وما حكم من كانت تصلي دون تغطية وجهها وكفيها وهي لا تعلم بالحكم (1) ؟
ج: الواجب على المرأة عند أكثر أهل العلم ستر رجليها في الصلاة، أما الوجه فالسنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي، وأما الكفان فأمرهما أوسع، إن سترتهما فهو أفضل، وإن كشفتهما فلا حرج فصلاتها صحيحة والحمد لله.
س: ما حكم صلاة المرأة داخل بيتها وهي مكشوفة اليدين والقدمين، ولكن لا يراها أحد من الرجال (2) ؟
ج: المرأة عورة، كلها عورة، يجب أن تستر بدنها في الصلاة ولو ما عندها أحد إلا الوجه فالسنة كشفه، أما بقية بدنها فالمشروع ستره، بل يجب ستره إلا الكفين، بعض أهل العلم أجاز كشفهما، والأفضل والأحوط سترهما، فإذا صلت المرأة وقدماها مكشوفتان أو ذراعها أو صدرها مكشوف لم تصح صلاتها، فالواجب على المرأة أن تستتر إلا الوجه، وهكذا الكفان، الأحوط سترهما، لأنها عورة كلها ولو ما
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 350.
(2) السؤال السابع من الشريط رقم 376(7/255)
حضرها أجنبي.
س: ما حكم تغطية القدمين للمرأة في الصلاة بطبيعة الحال (1) ؟
ج: المرأة تغطي القدمين في الصلاة عند جمهور العلماء؛ لما رواه أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سئلت: «هل تصلي المرأة في درع وخمار؟ قالت رضي الله عنها: نعم إذا كان القميص يغطي ظهور قدميها (2) » فالمقصود أنها تغطي قدميها وقت الصلاة كما تغطيهما عند الرجل الأجنبي، هذا هو المختار وعليه جمهور أهل العلم.
س: إذا صليت وأقدامي مكشوفة فما الحكم (3) ؟
ج: ستر الأقدام واجب على المرأة وشرط من شروط الصلاة عند جمهور العلماء، فإذا صليت والقدمان مكشوفتان فعليك الإعادة، فعليك أن تستري القدمين بالجوارب، أو بالثياب الطويلة، وفقنا الله وإياك للخير.
س: السائل ع. من ليبيا طرابلس يقول: هل يجوز للمرأة أن تصلي
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 246.
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640)
(3) السؤال السابع من الشريط رقم 312.(7/256)
والقدمان مكشوفتان (1) ؟
ج: الواجب عليها ستر القدمين عند جمهور أهل العلم، وقد جاء في حديث أم سلمة «أنها سئلت: هل المرأة تصلي في درع وخمار؟ قالت في جوابها: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (2) » تصلي في درع سابغ يستر أقدامها، أو تكون في أقدامها شراريب، هذا هو المشروع عند جمهور أهل العلم، يجب عليها ستر القدمين، إما بكون الثياب ضافية، أو باتخاذ جوارب في الرجلين، هذا هو المشروع لها، وهو الواجب عند جمهور أهل العلم.
س: سائلة تقول: ألبس فستانا يكشف عن وجه القدم، هل تجوز الصلاة فيه (3) ؟
ج: لا، الواجب عند جمهور أهل العلم أن يكون القدم مستورا، إما بالثياب الضافية وإما بالجوارب، وهكذا جاء عن أم سلمة رضي الله عنها لما سئلت، قيل: «يا أم المؤمنين، هل المرأة تصلي بدرع وخمار؟ فقالت:
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 399.
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640)
(3) السؤال العاشر من الشريط رقم 204.(7/257)
إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (1) » فالذي عليه جمهور أهل العلم أن المرأة عورة في الصلاة كلها، المرأة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها فإنه لا بأس بكشفه، بل يسن كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي - يعني غير محرمها - أما الكفان ففيهما خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا حرج في كشفهما، فإن سترتهما كان ذلك أفضل، وأما القدمان فالواجب سترهما، إما بالملابس الضافية كالقميص الضافي والإزار الضافي أو بالجوارب.
س: ماذا عن كشف باطن القدم عند المرأة أثناء الصلاة (2) ؟
ج: إذا كان ثوبها ساترا يستر أقدامها، في قيامها وركوعها وسجودها فظهور بطن القدم لا يضر في ظاهر السنة، ولا يبطل صلاتها؛ لأن في حديث أم سلمة لما سئلت عن ذلك، قيل لها: «يا أم المؤمنين، أتصلي المرأة في درع وخمار؟ فقالت رضي الله عنها: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (3) » فقد روي مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640)
(2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 118.
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640)(7/258)
وسلم ولكن الراجح عند الأئمة وقفه على أم سلمة رضي الله عنها، فظاهره أن البطون لا يجب سترها عند السجود مثلا، والغالب أنها تستتر لأن ثيابها الساترة إذا سجدت تكون وراءها ساترة، لكن لو فرض أن شيئا من بطن قدميها ظهر في بعض الأحيان عند ركوعها أو كذا عند سجودها فهذا لا يضر؛ «لقول أم سلمة: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (1) » فإذا كانت ملابسها ساترة كفى ذلك.
س: هل الصلاة بدون جوارب جائزة؟ وهل ستر القدمين واجبة في الصلاة أم لا (2) ؟
ج: المشروع سترهما بالجوربين أو بإرخاء الثياب، أرخت الثياب حصل المطلوب ولو ما كان هناك جوربان؛ لأنه جاء في حديث رواه أبو داود عن أم سلمة أنها سئلت رضي الله عنها: «أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ فقالت: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (3) » والجمهور على أن القدمين عورة، وأن الواجب عليها سترهما في
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640)
(2) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 253.
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640)(7/259)
الصلاة فينبغي للمؤمنة ستر القدمين بالجوارب أو بإرخاء الثياب.
س: هل الصلاة والرجل بدون غطاء كالجوارب باطلة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: نعم، عند جمهور أهل العلم أن انكشاف رجلي المرأة يبطل الصلاة، فالواجب سترهما إما بإسباغ الثياب تكون طويلة، أو بلبس الجوربين، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، والأصل في هذا حديث أم سلمة مرفوعا وموقوفا، «لما سئلت: أتصلي المرأة في درع وخمار؟ فقالت رضي الله عنها: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (2) » وروي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وموقوفا عليها، وصحح أئمة الحديث وقفه على أم سلمة رضي الله عنها، ولأن المرأة عورة كما في الحديث: «المرأة عورة (3) » فالرجل من العورة، فالواجب سترها إما بإسباغ الثياب وطول الثياب، وإما بالجوربين التي تستر
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم 177.
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640)
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، برقم (1173) .(7/260)
القدمين، وأما الرجل فمعلوم أن عورته ما بين السرة إلى الركبة في الصلاة، مع ستر أحد العاتقين في الفريضة، وأما الكفان للمرأة فسترهما أولى، وإن كشفتهما مع الوجه فلا بأس في الصلاة إذا كان ما عندها أجنبي، وأما الوجه فالأفضل الكشف إذا كان ما عندها أجنبي، فالسنة كشف وجهها، فهي تصلي مكشوفة الوجه، إذا كانت في محلها وليس عندها أجانب، أما الكفان فهي مخيرة، إن سترتهما فهو أفضل، وإن كشفتهما فلا حرج إن شاء الله.
س: ما حكم لبس الشراب من أجل الصلاة (1) ؟
ج: هذا طيب إذا لبست المرأة الشراب حتى تستر قدميها كليهما فهذا طيب، أو كانت الثياب طويلة تغطي الأقدام فلا بأس، كله طيب.
س: من المستمعة: م. م. أ. من المنطقة الشرقية تقول: أود أن أسأل عن انكشاف القدمين للمرأة في أثناء الصلاة، وهل يؤثر ذلك على الصلاة (2) ؟
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 306.
(2) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم 338.(7/261)
ج: إذا كان الانكشاف قليلا لا يؤثر إذا سترته، أما إذا استمر كثيرا فإنها تعيد الصلاة عند كثير من أهل العلم، أما إذا انكشف قليلا وسترته فلا يضر إن شاء الله.
س: هل يجوز للمرأة أن تصلي داخل بيتها دون أن ترتدي الجوارب لتستر القدمين؟ وهل إذا نسيت ذلك هل تبطل الصلاة (1) ؟
ج: الواجب عليها ستر قدميها بالجوارب أو بالثياب الطويلة، فإذا صلت وثيابها طويلة تغطي قدميها، ما يلزم جوارب، وإذا كانت قصيرة تلبس الجوارب.
س: الأخت أم رشيدة من اليمن تقول: عندما أصلي لا أغطي أطراف أقدامي، فما الحكم في ذلك، هل صلاتي صحيحة (2) ؟
ج: الواجب تغطية الأقدام، الذي عليه أكثر أهل العلم وجوب تغطية الأقدام، فعليك أن تغطي الأقدام، والماضي نسأل الله أن يعفو عنك، لكن في المستقبل عليك أن تغطي أقدامك بالجوارب، أو بالثوب
__________
(1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم 414.
(2) السؤال الثامن والأربعون من الشريط رقم 432.(7/262)
الطويل حتى تتغطى الأقدام، كما في حديث أم سلمة لما سئلت - وهي مرفوعة -: «هل تصلي المرأة في درع وخمار؟ قالت: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (1) »
س: هل تجوز الصلاة والقدمان مكشوفتان بالنسبة للنساء (2) ؟
ج: الواجب ستر القدمين عند جمهور أهل العلم في الصلاة للمرأة.
س: تقول السائلة من ضمن أسئلتها: بالنسبة لإظهار القدمين أثناء الصلاة بالنسبة للمرأة (3)
ج: الواجب ستر القدمين عند أكثر أهل العلم، فالواجب أن تستر قدميها بملابسها.
س: مستمعة تسأل: ما حكم إذا خرجت المرأة وقدمها مكشوفة؟ أو كذلك تكون عند الصلاة (4) ؟
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640)
(2) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 418.
(3) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 425.
(4) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 297.(7/263)
ج: لا تخرج إلى الناس وقدماها مكشوفتان بل تسترهما بالملابس الضافية أو الجوربين، وهكذا في الصلاة تكون مستورة القدمين، عند جمهور أهل العلم، يجب سترهما في الصلاة بملابس ضافية طويلة أو بالجوربين.(7/264)
142 - حكم ظهور شعر المرأة أو ذراعها في الصلاة
س: تسأل أختنا وتقول: ما حكم ظهور شعر المرأة أو ذراعها أو قدمها في أثناء الصلاة بدون قصد منها (1) ؟
ج: الواجب على المرأة التستر في الصلاة، تستر شعرها وبدنها كله وذراعها وبدنها في الصلاة، أما الوجه فيكشف في الصلاة إلا إذا كان عندها أجنبي ليس محرما لها فتغطي وجهها ولو في الصلاة، أما الكفان اختلف العلماء فيهما، والأفضل سترهما، فإن ظهرا فلا حرج في ذلك على الصحيح إن شاء الله، وإذا ظهر شيء من هذا بغير قصد وهو شيء يسير وسترته في الحال لم يضرها ذلك، بأن انتبهت له وسترته في الحال، وحتى إذا كانت في بيتها وتصلي في غرفتها وغرفتها مغلقة
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 150.(7/264)
وليس بها أحد فإنه لا بد من سترها كاملا، شعرها وبدنها كله ما عدا الوجه والكفين، ولا يشترط أن يكون هناك غطاء جديد غير الملابس المعتادة، إذا كان عليها ملابس العادة قميصها وخمارها وقميصها الساتر، أو عليها مثلا جوارب كفى ذلك، وإن لبست زيادة جلبابا فوق ذلك فهو خير إلى خير.
س: ما حكم صلاة المرأة في بيتها غير ساترة لرأسها أو رجليها وليس عندها أحد (1) ؟
ج: ليس لها ذلك، يجب أن تغطي رأسها ورجليها على الصحيح، أما الوجه فالسنة لها كشف الوجه، أما الكفان فالأفضل سترهما، وإن كشفتهما فالصحيح أنه لا حرج لأن بهما الأخذ والعطاء والتعديل، فالأمر فيهما واسع، وسترهما أفضل، أما الرجلان فالجمهور من أهل العلم على أنهما يستران، كما قال أكثر أهل العلم، وجاء في حديث فيه لين عن أم سلمة أنها سئلت عن ذلك، عن كشف القدمين، فقالت رضي الله عنها: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور القدمين، لما قيل لها: «يا أم المؤمنين، هل تصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ قال: إذا كان
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 228.(7/265)
الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (1) » وفي إسناده بعض الضعف، وهو مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصواب أنه موقوف، فالحاصل أن سترها للقدمين أحوط للمؤمنة، وأما الكفان فأمرهما أوسع، وأما الوجه فيكشف في الصلاة إذا كان ما عندها أجنبي.
س: هل ظهور الشعر في الصلاة بالنسبة للمرأة يبطلها (2) ؟
ج: نعم، لا بد من التستر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار (3) » لا بد أن تستر شعرها، لكن لو ظهر شيء يسير ثم غطته في الحال لا يضر إن شاء الله، عليها أن تلاحظ وتعتني.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640)
(2) السؤال العشرون من الشريط رقم 353.
(3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث عائشة - رضي الله عنها - برقم (24641) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء '' لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار '' رقم (377) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار، برقم (655) .(7/266)
143 - حكم ما إذا علمت المرأة بظهور شعرها أثناء الصلاة
س: إذا ظهر شعر المرأة في الصلاة قليلا من المقدمة أو من الجانبين،(7/266)
هل الصلاة صحيحة؟ وهل إذا علمت من إحدى أخواتها ماذا تفعل؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إن استمر تعيد الصلاة، وإن كان قليلا وغطته فالحمد لله يعفى عن ذلك إن شاء الله، وإذا أخبرتها إحدى أخواتها أثناء الصلاة فإنها تستره، وحينئذ الصلاة صحيحة والحمد لله.
__________
(1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم 338(7/267)
144 - حكم صلاة المرأة إذا ظهر شعرها ولم تعلم إلا بعد الصلاة
س: المستمعة م. م. م. تسأل سماحتكم فتقول: إذا كنت أصلي وبعد انتهائي من الصلاة - صلاة الظهر مثلا - اكتشفت أن جزءا من شعري ظاهر، فهل أعيد الصلاة أم أعيد الركعتين الأخيرتين التي اكتشفت أن شعري كان مكشوفا خلالهما؟ وجزاكم الله خيرا (1)
ج: هذا الموضوع فيه تفصيل، فإن كان المنكشف شيئا قليلا ولم تشعري به إلا بعد الصلاة فلا حرج عليك وصلاتك صحيحة، أما إذا كان المكشوف شيئا كثيرا فالأحوط لك الإعادة.
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 320(7/267)
س: تقول السائلة الأخت أم محمد من منطقة جيزان: صليت صلاة الظهر وعند سجودي كشف ابني الغطاء عن جميع رأسي وذلك بسحب الشرشف الذي أصلي فيه، وأخذت الشرشف بسرعة على رأسي وأكملت الصلاة، فهل صلاتي صحيحة (1) ؟
ج: نعم، إذا أخذت السترة بسرعة لا بأس، الصلاة صحيحة والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم 420(7/268)
145 - حكم لبس القفازين في الصلاة
س: أختنا من السودان: حكم الصلاة والمرأة تلبس القفازين (1)
ج: لا مانع، تصلي بالقفازين، وهذا أفضل لها، ستر يديها في الصلاة بقفازين أو بجلالها الذي عليها أو بغير ذلك، هذا أفضل، ولا يبقى مكشوفا إلا الوجه، هذا أفضل، وإن كشفت الكفين صح ذلك في أصح قولي العلماء، وهذا كله إذا كانت في محل ليس فيه أجنبي، أما إذا كان فيه رجل ليس محرما لها فإنها تغطي جميع بدنها حتى الوجه وهي في الصلاة.
س: السائلة من مدينة الزلفي خ. م. تسأل عن حكم لبس القفاز لليدين في الصلاة في المسجد أثناء شهر رمضان المبارك،
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 156(7/268)
جزاكم الله خيرا (1)
ج: نعم، هذا هو الأفضل أن تستر كفيها في البيت وفي المسجد، هذا هو الأفضل، ولو صلت مكشوفة الكفين، ولكن لا يراها الرجال صح، والسنة كشف الوجه إذا كان لا يراها الرجال، أما إذا كان يراها الرجال تستر كفها ووجهها جميعا مع بقية بدنها، أما إذا كانت في البيت فإنها تستر بقية البدن ما عدا الوجه، السنة كشف الوجه إذا كانت عند النساء، وأما الكفان فالأفضل سترهما إذا كان ما عندها أحد بقفازين، وإن كشفتهما فلا حرج في ذلك إذا ما كان عندها إلا نساء أو ما عندها أحد.
س: هل يجوز للمرأة أن تصلي وهي لابسة قفازين وهي غير محرمة، ولا سيما إذا كانت معرضة لرؤية الرجال ولو من بعيد، كأن تكون في المسجد الحرام، ثم أرجو توجيه نصيحة لنا نحن النساء فيما يتعلق بالصلاة في المسجد الحرام، وخاصة عند الزحام في العشر الأواخر من رمضان وفي الحج (2) ؟
ج: لا حرج في لبس القفازين في الصلاة وفي غيرها للمرأة إلا إذا
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 360
(2) السؤال الرابع من الشريط رقم 327.(7/269)
كانت محرمة فإنها لا تلبسهما، أما إذا كانت غير محرمة فلا مانع من لبسهما في الصلاة وغيرها، وأنصح جميع النساء، بيوتهن خير لهن، والصلاة في بيوتهن أفضل، في مكة أو في المدينة، وفي كل مكان بيوتهن أفضل، وأبعد لهن عن الفتنة، فإذا صلين في المسجد فليحرصن على التستر والبعد عن الرجال والاختلاط بهم، ولا شك أن صلاتهن في المسجد قد تدعو لها الحاجة لسماع الحديث والمواعظ، فإذا جاءت من أجل هذا، أو لأنها في البيت قد تكسل ولا تصلي قيام رمضان، فتحضر لأجل النشاط هذا كله لا بأس به، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمعنوا إماء الله مساجد الله (1) » وقال: «بيوتهن خير لهن (2) » وإذا كانت تستطيع أن تصلي في بيتها كما ينبغي فهو أفضل لها، وإن صار خروجها للمسجد فيه مصلحة لسماع العلم والفقه في الدين، أو للنشاط لأنها قد تكسل عن قيام رمضان، فهذه الحال لا بأس بها.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان؟ ، برقم (900) ومسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد، برقم (442) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، برقم (567) .(7/270)
س: السائلة م. ع. تقول: ما حكم الصلاة بالقفازات (1) ؟
ج: لا حرج من القفازين، إذا كانت ما هي بمحرمة لا حرج، أما إذا كانت محرمة لا تلبس القفازين.
__________
(1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم 421.(7/271)
146 - حكم صلاة المرأة في خلاء وهي غير محجبة
س: ما حكم امرأة صلت في الخلاء لعذر مثل السفر أو البعد عن البلاد وهي غير محتجبة الحجاب الشرعي (1) ؟
ج: إذا كانت ليس عندها أحد من الناس فلا بأس، الحجاب الشرعي إنما يلزم عند وجود الأجنبي، فإذا صلت في الصحراء أو في بيتها أو في سطح بيتها، أو في حوش بيتها، وليس عندها أجنبي فلا بأس أن تكشف وجهها وتصلي مكشوفة الوجه، لكن عليها مهما كانت أن تستر شعرها، وجميع بدنها، بالصحراء وبغير الصحراء حتى لو كانت ما عندها أحد في بيتها، عليها أن تستر جميع بدنها من الشعر، وسائر البدن والقدمين حتى تكون مستورة محجبة الحجاب الشرعي، لقول النبي
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 102(7/271)
صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار (1) » فلا بد من ستر الشعر إذا كانت الجارية بالغة، أما الوجه فلا بأس بكشفه، سنة كشفه في الصلاة، إذا كان عندها رجل أجنبي، يحرم عليها الكشف له، كأخي زوجها أو ابن عمها، أو زوج أختها، هؤلاء أجانب، هؤلاء لا تكشف لهم وإن كانوا قريبين منها من جهة المصاهرة ونحوها لكنهم في حكم الأجنبي، يسمى أجنبيا لأنه ليس محرما لها، وهكذا كفاها لو سترتهما يكون أفضل في الصلاة، وإن صلت وهما مكشوفتان فلا بأس بذلك على الصحيح كالوجه لكن سترهما يكون أفضل، وأما القدمان فيجب سترهما عند جمهور أهل العلم بالجوربين أو بالثياب الضافية للمرأة، تسدل ثيابها عليهما أو بجوربين كل هذا يكفي، والأم عند أولادها وعند زوجها في بيتها إذا سترت بدنها وقدميها دون وجهها وكفيها فصلاتها صحيحة، لكن بشرط أن تكون العورة مستورة من الرأس والصدر والبطن والساق ونحو ذلك والقدم، حتى لا تكون هناك يعني مخالفة للشريعة، أما الوجه والكفان مثل ما تقدم لا يجب سترهما إلا عند الأجنبي سواء كانت في الصحراء أو في البيت، ومن صلت ولم
__________
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث عائشة - رضي الله عنها - برقم (24641) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء '' لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار '' رقم (377) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار، برقم (655) .(7/272)
يكتمل الستر الشرعي كما ذكرنا فإنها تعيد الصلاة.(7/273)
147 - حكم صلاة المرأة خارج البيت بقرب الرجال
س: تقول السائلة: هل يجوز للمرأة الصلاة خارج البيت وأمام بعض الأقارب علما أننا في الريف ولا يوجد لدينا بيت، مع أنه أيضا لبسنا غير محتشم؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كانت الصلاة في بيت الأقارب أو في بيت ناس زارتهم المرأة وحضرت الصلاة تصلي عندهم، لكن إذا كان حولها رجل تصلي في محل بعيد عن رؤية الرجل حتى لا يرى منها شيئا ولا سيما إذا كانت ثيابها غير محتشمة يجب عليها أن تبتعد عن رؤية الرجال الأجانب سواء في بيتها أو في غير بيتها، وإذا كانت محتشمة وصلت في البيت أو عند بعض من زارتهم لما حضرت الصلاة كل هذا لا بأس به، أما عند الأجنبي ولو ابن خال أو ابن خالة أو ابن عم أو ابن عمة فلا بد أن تكون تامة الستر، ولا يوجد خلوة، بل تصلي في البيت من دون خلوة بها.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم 285.(7/273)
س: هل يجوز أن تصلي المرأة خارج منزلها، وإذا كانت في السفر مع رجال هل تصلي قاعدة (1) ؟
ج: لا مانع أن تصلي في غير بيتها إن زارت قوما وحضرت الصلاة وهي عندهم تصلي عندهم أو في السفر تصلي قائمة في مكان بعيد من الرجال، أو مع التستر ولو بوجود بعض الرجال، المقصود أن عليها أن تصلي في الوقت كما شرع الله قائمة مع التستر والحجاب عن الرجال، وإذا كانت في بيت أحد مثل أن زارت أحد جيرانها، أو قراباتها تصلي عندهم إذا صادف الوقت.
س: يسأل: كيف تؤدي المرأة صلاتها مع وجود رجال من غير المحارم، هل تؤديها واقفة (2) ؟
ج: تؤديها واقفة متسترة وإن وجدت مكانا آخر تصلي فيه فهو أحسن وأطيب وأخشع لها، وإن لم يتيسر لها صلت في المكان ولكن مع التستر.
س: سائلة تقول: هل يجوز للمرأة الصلاة خارج البيت وأمام بعض
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 216.
(2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 346.(7/274)
الأقارب علما بأننا في الريف ولا يوجد لنا بيت، ولبسي محتشم والحمد لله (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك، تصلي في الريف في خيام في الصحراء متسترة ولو رآها الناس ما دامت متسترة، الحمد لله.
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 431.(7/275)
148 - حكم صلاة المرأة في ملابسها العادية
س: تقول السائلة: هل أستطيع الصلاة دون لباس الصلاة (1) ؟
ج: نعم، في ملابسها العادية إذا سترت قدميها، أما الوجه فمكشوف إذا كان ما عندها أجنبي، السنة كشف الوجه، أما الكفان فالأفضل سترهما، وإن لم تسترهما فلا حرج.
س: هل لباس المرأة العادي يكفيها في أداء صلاتها (2) ؟
ج: العادي من الساتر يكفي، إذا كان ساترا فإنه يكفي، إذا كان عليها غطاء للرأس خمار ساتر وعليها مدرعة ساترة لقدميها أو في قدميها
__________
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 431
(2) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 431.(7/275)
جوارب كفى، والحمد لله.(7/276)
149 - حكم الصلاة في الشرشف الخفيف
س: إحدى الأخوات تسأل وتقول: أرجو من سماحتكم إفادتنا هل يجوز لبس الشرشف للصلاة وهو خفيف (1) ؟
ج: إذا كانت قد سترت بدنها بغير الشرشف فهذا لا بأس به، أما إذا كان الشرشف يستر أقدامها ويستر رأسها فلا بد أن يكون صفيقا يستر، أما إن كان الرأس مستورا والقدم مستورة، وهذا زود لا يضر - والحمد لله - أما إذا كان لا يحتاج إليه في ستر الرأس وستر القدمين فهذا لا بد أن يكون صفيقا.
__________
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 338.(7/276)
150 - حكم ظهور يد المرأة في الصلاة من غير قصد
س: ما حكم ظهور يد المرأة أثناء الصلاة - أي الكف - من غير قصد (1) ؟
ج: الصواب لا حرج في ذلك، إن سترتهما فأفضل، وإلا فلا حرج،
__________
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم 338.(7/276)
أما الوجه فكشفه أفضل في الصلاة إلا إذا كان عندها أجنبي تستره.(7/277)
151 - حكم صلاة المرأة في الملابس الضيقة في بيتها
س: إذا صلت المرأة في بيتها لوحدها فهل تصح صلاتها في الملابس الضيقة (1) ؟
ج: إذا كانت ساترة العورة لا بأس، لكن الأفضل والسنة أن تكون ملابسها وسطا، لا ضيقة ولا واسعة جدا، ولكن بين ذلك، لكن لو صلت في ملابس ضيقة ولكنها ساترة لجميع بدنها إلا الوجه والكفين فإن الصلاة صحيحة، والأفضل ستر الكفين، فإن لم تسترهما فلا حرج في ذلك إن شاء الله، كالوجه إذا لم يكن عندها أجنبي، والخلاصة أن صلاتها صحيحة لكن ينبغي لها أن تعتاد اللبس الوسط الذي ليس بالضيق جدا، وليس بالواسع جدا، بل بين ذلك؛ لأن الضيق يبين حجم أعضائها ويبين حجم العورة فلا ينبغي للمرأة ولا يليق بها.
س: تقول هذه السائلة: حفظكم الله يا سماحة الشيخ، ما الحكم في ملابس تكون ضيقة ومفتوحة في الصلاة، لكن هذه الأخت
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 192.(7/277)
المصلية تضع عليها غطاء كبيرا ومتينا (1) ؟
ج: إذا كانت تستر نفسها بغطاء كفى، ولكن الأفضل أن تكون الملابس وسطا لا ضيقة ولا واسعة كثيرا، هذه السنة، وإذا جعلت اللحاف الذي يغطي بدنها كله كفى.
س: هل تجوز الصلاة في جلباب ضيق ولكنه لا يشف أي إنه من قماش ليس خفيفا مع ارتداء الجورب والخمار (2) ؟
ج: نعم الصلاة صحيحة، لكن مهما كان الجلباب واسعا يريح المرأة في صلاتها وتطمئن إلى أنه يستر قدميها هذا أولى وإلا فالمقصود هو الستر، متى ستر وإن كان ضيقا حصل المقصود.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 434.
(2) السؤال السادس من الشريط رقم 98.(7/278)
152 - حكم الصلاة في الملابس التي فيها صور
س: هل يجوز للمرأة أن تصلي في الثوب الذي يوجد به صور؟ نرجو التوضيح، جزاكم الله خيرا (1) ؟
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 228.(7/278)
ج: قد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريم التصوير، وعلى لعن المصورين، ولما رأى عند عائشة رضي الله عنها سترا فيه تصاوير هتكه، وغضب عليه الصلاة والسلام وقال: «يا عائشة، إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم (1) » فلا يجوز للمرأة أن تصلي في ثوب فيه تصاوير سواء كانت التصاوير لبني آدم أو لحيوانات أخرى، لكن لو صلت صحت الصلاة مع الإثم ولا تعيد الصلاة، لكن عليها التوبة إلى الله، ولا تتعود أن تصلي في ثوب فيه تصاوير لا في فنيلة ولا في قميص ولا في سراويل ولا في خمار، يجب ترك ذلك، وهكذا الرجل لا يصلي في ثوب فيه تصاوير ولا في فنيلة ولا في قميص، ولا غترة ولا سراويل ولا بشت، يجب ترك ذلك، لأن هذا أعظم من الستر الذي على الجدار، نسأل الله السلامة.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب التجارة فيما يكره لبسه، برقم (2105) ، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، برقم (2107) .(7/279)
س: ما حكم الصلاة بالملابس المطبوع عليها صور (1)
ج: الصلاة في الملابس التي فيها صور من صور الحيوانات لا تجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى عند عائشة رضي الله عنها سترا فيه تصاوير غضب وهتكه، وقال: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم (2) » ولما رأى صورا في جدار الكعبة محاها عليه الصلاة والسلام، وقد نهى عن الصور في البيت وقال لعلي: «لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته (3) » فالخلاصة أنه لا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة الصلاة في ثوب فيه تصاوير، ولا يجوز أيضا للمؤمنة أن تجعل لأولادها وأطفالها ملابس فيها تصاوير، كل هذا لا يجوز، وإذا أزيل الرأس كفى، وإذا جعل على الرأس رقعة أو خيط تخفيه فلا بأس، زال المحذور، فالحمد لله.
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 97.
(2) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب التجارة فيما يكره لبسه، برقم (2105) ، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، برقم (2107) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر برقم 969.(7/280)
153 - حكم الصلاة في مكان فيه صور
س: هل يجوز للمرأة أن تصلي عند صورة في كتاب أو صحيفة، وإذا(7/280)
طمستها بوضع شيء ما عليها أو أغلقت الكتاب الذي يحتوي على بعض الصور فهل تقبل الصلاة حينئذ؟ وهل يقبل الاستغفار والتسبيح (1) ؟
ج: الصلاة في المحل الذي فيه صورة، أو عند كتاب فيه صورة، أو بساط فيه صورة، أو وسادة فيها صورة لا يضر، الصلاة صحيحة، فهو لا يضر بذلك، لكن إن كانت الصورة معلقة وجب إزالتها، أما إن كانت الصورة مما يمتهن كالوسادة والبساط فإنها لا تؤثر، ولا حرج في ذلك، وإنما يمنع المعلق الذي يمنع دخول الملائكة، ولا يجوز تعليق الصورة، أما ما كان في كتاب فمطموس؛ لأنه يسفط عليه الكتاب، يغلق عليه الكتاب فلا يبين، وإذا أزال المؤمن صورة الرأس زال المحظور بالكلية، فإذا قطع الرأس بالحبر حتى زال كله وطمس كله، أو من الصورة الذي إذا قطع أزيل بالكلية فلا بأس، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقطع رأس التمثال حتى يكون المصور كالشجرة بلا رأس.
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 304.(7/281)
154 - حكم ظهور وجه المرأة في الصلاة
س: هل يجب على المرأة عندما تضع الشرشف على رأسها وقت الصلاة أن تبين الجبهة؟ لأنهم يقولون: لا بد من ظهورها أثناء الصلاة، وجهونا بهذا (1) ؟
ج: لا حرج، لكن الأفضل ظهور الوجه كله إذا كان ما عندها أحد، والسنة أن تكون مكشوفة الوجه، أما إذا كان عندها رجال فتستر وجهها كله، تستر على خمار والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 359.(7/282)
155 - حكم وضع العباءة على الكتفين في الصلاة
س: تقول السائلة: سمعت من إحدى الأخوات في المصلى أن وضع العباءة على الكتفين حرام في الصلاة، ما صحة هذا القول (1) ؟
ج: الذي يظهر أنه لا يجوز؛ لأن فيه تشبها بالرجال، فإما أن تلبس جلبابا وتصلي فيه، وإلا تصلي في العباءة، وهي على رأسها، وإلا تدع العباءة ويكون عليها جلباب يسترها، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 384.(7/282)
156 - حكم صلاة المرأة بدون عباءة أو أي غطاء آخر
س: هل يجوز للمرأة أن تصلي وهي غير لابسة لعباءة أو أي غطاء آخر (1) ؟
ج: لا بد من ستر عورتها بملابس ساترة تستر بدنها كله مع الرأس ما عدا الوجه، وكذا الكفان لو ظهرا لا يضر ظهورهما لكن سترهما أفضل، أما القدمان فلا بد من سترهما مع القدرة؛ لأن المرأة عورة فلا بد من هذا في حقها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار (2) » والحائض يعني البالغ. إلا بخمار، والثوب الذي يوضع على الرأس، ويقال له: الشيلة، تستر به الرأس، أما الوجه فالسنة إبرازه، تصلي المرأة ووجهها ظاهر بارز غير مستور إلا إذا كان عندها أجنبي فإنها تستر وجهها، كأخي زوجها أو عم زوجها، أو غيرهما من الأجانب الذين ليسوا محارم، أما إذا كان ما عندها إلا النساء أو زوجها فإنها لا تستر وجهها، بل تكشف وجهها، والأفضل ستر الكفين أيضا، وإن كشفتهما فلا حرج على الصحيح، أما الرجلان فالواجب سترهما.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 229.
(2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث عائشة - رضي الله عنها - برقم (24641) ، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء '' لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار '' رقم (377) ، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار، برقم (655) .(7/283)
157 - حكم صلاة المرأة بدون برقع
س: هل يجوز لي أن أصلي متبرجة من البرقع فقط؟ وما حكمها إذا عرض رجل في أثناء الصلاة غير محرم (1) ؟
ج: الواجب التستر وليس التبرج وإظهار المحاسن، فليس للمرأة أن تصلي وهي مظهرة محاسنها، بل عليها أن تستتر ما عدا الوجه لا بأس، ولو كان في الوجه كحل أو غيره من أنواع الزينة لا بأس، لكن عند الرجال تستره إذا كان هناك غير محرم، كأن يكون عندها غير محارمها فإنها تستر وجهها أيضا، وكذلك إذا خرج عليها إنسان تستر وجهها حسب الطاقة، إذا مر عليها وهي في الصلاة تستر وجهها، ولو ظهرت الكفان فلا بأس، لكن ستر الكفين أفضل وأحوط.
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 133.(7/284)
158 - حكم لبس النقاب والصلاة به
س: يسأل عن حكم النقاب إذ إني لاحظت أن بعض الناس يفتي بتحريمه، فما هو القول الصحيح في هذه المسألة؟ جزاكم الله خيرا (1)
__________
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 313.(7/284)
ج: القول الصحيح أنه لا بأس في النقاب بقدر العينين فقط، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما نهى عنه المحرمة دل على حله لغير المحرمة، وإذا سترت وجهها بغير النقاب سترا كاملا كان أفضل وأكمل وأبعد عن الشبهة، وإلا فالنقاب المبسوط بقدر العينين فقط لا بأس به بنص الرسول صلى الله عليه وسلم.
س: هل يجوز للمرأة أن تصلي بالنقاب أو البرقع عندما تصلي أم أنها تخلعه وتضع شيئا على وجهها كاملا وهي تصلي أمام الرجال (1) ؟
ج: الواجب عليها ستر وجهها بخمار أو غيره إذا كان عندها أجنبي ليس محرما لها، تصلي مع ستر الوجه بخمار أو نقاب أو غيرهما، وأما إذا كان ما عندها أحد فالسنة أن تكشف وجهها.
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 373.(7/285)
159 - حكم صلاة المرأة بثوب الرجل
س: المستمع ص. م. هـ. يقول: في قريتنا النساء يصلين بثوب الرجل، فهل يجوز للمرأة أن تصلي بثوب الرجل؟ وهل هذا من(7/285)
التشبه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) ؟
ج: ليس للمرأة أن تصلي بثوب الرجل، ولا أن تلبسه لأي حاجة لأن هذا من التشبه بالرجال، ولا يجوز لها ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله المرأة تلبس لبسة الرجل، ولعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة (2) » كل منهما حرام عليه التشبه بالآخر، فعليها أن تعمل أعمالها في لباسها، ولا تلبس لباس الرجل لا في الصلاة ولا في غيرها.
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 443.
(2) أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب في لباس النساء برقم (4098) .(7/286)
160 - صلاة المرأة في ثوب الحرير
س: السائل ع. م. من اليمن يقول: هل يجوز للمرأة أن تصلي بثوب من حرير (1) ؟
ج: الحرير مباح للنساء، الذهب والحرير مباح للنساء ومحرم على الرجال، فلا بأس أن تصلي في ثوب من حرير إذا كان ساترا لها، لا حرج في ذلك؛ لأنه يجوز لها لبس الحرير، فإذا كان لديها ملابس من
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 419.(7/286)
الحرير ساترة فلا بأس.(7/287)
161 - حكم صلاة المرأة المتزينة بالذهب والملابس الجميلة
س: هل يجوز للمرأة أن تصلي وهي متزينة بالذهب والمكياج (1) ؟
ج: نعم، لها أن تصلي وهي متزينة بالذهب والملابس الجميلة والمكياج إذا كان المكياج نظيفا طاهرا ليس به نجاسة فلا حرج بذلك، لنا أن تصلي مع الخشوع ومع الإقبال على الله عز وجل، الله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2) المؤمن مشروع له أن يصلي بزينته في المساجد في الملابس الحسنة، والعمامة الحسنة، وهكذا المرأة إذا صلت في ملابس جميلة لا حرج إذا كانت مستورة عن الرجال الأجانب، ما عندها رجال أجانب فلا حرج أن تصلي به، والمكياج زينة للوجه وجمال للوجه إذا كان لا يضره، إذا مسحت وجهها بشيء يزينه ولكنه لا يضره فلا بأس.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 252.
(2) سورة الأعراف الآية 31(7/287)
162 - حكم صلاة المرأة بحلي فيها صور أو صليب
س: هل يجوز للمرأة المسلمة أن تصلي في الحلي بمعنى الذهب الذي يحمل صورا لذوات الأرواح (1) ؟
ج: لا يجوز لها لبسها حتى لو ما صلت فيها، ليس لها لبس الحلي التي فيها الصور، يجب عليها أن تعمل ما يزيلها، يزيل الرأس إما بحك وإلا بشيء يجعل عليه، وجعل تحويلة تزيل الرأس أو ما أشبه ذلك، المقصود لا بد من إزالة الرأس، أو الصورة كلها، ولا يجوز لها أن تلبس ما فيه صور، لا من الملابس ولا من الحلي، ولكن الصلاة صحيحة لو صلت فيها، صحت الصلاة مع الإثم، كذلك لا يجوز لها لبس الصليب، الرسول كان إذا وجد صليبا نقضه وأزاله؛ لأنه تشبه بالنصارى، فليس لها أن تصلي في الصليب، ولا في غير الصليب من الصور، والصلاة صحيحة لكن تأثم، يأثم الرجل، وتأثم المرأة إذا صلت في ثياب فيها الصليب أو خمار أو عمامة فيها الصليب.
س: السائلة د. ع. من اليمن تقول: ما حكم لبس الخاتم الذي يوجد
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 398.(7/288)
عليه ثعبان؟ وهل تجوز الصلاة فيه؟ وجهونا بذلك (1) ؟
ج: لا يجوز لبسه ولا تجوز الصلاة فيه إلا إذا قطع رأسه، رأس الثعبان يقطع، يحك حتى يزول الرأس ولا يجوز لبسه سواء كان خاتما أو حلية في الحلق أو غيره، ثعبان أو طير أو حيوان آخر حتى يقطع الرأس، وإلا فالواجب عدم لبسه، لكن الصلاة صحيحة على الصحيح، ولكن لا يجوز استعماله ولو في غير الصلاة، لبس الخاتم فيه صورة ثعبان أو غيره حرام، أو قميص أو غير ذلك لا يجوز حتى يقطع الرأس.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 371.(7/289)
163 - حكم لبس السلاسل والخواتم من النحاس والحديد في الصلاة
س: تقول السائلة: هل صحيح أنه لا تجوز الصلاة بخواتم وسلاسل النحاس؟ أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله خيرا (1)
ج: ليس بصحيح، ولا حرج في الصلاة بخواتم الذهب في حق المرأة، وخاتم الفضة في حق الجميع، وخاتم الحديد في حق الجميع، لا حرج في ذلك، والحديث الذي في تحريم هذا حديث ضعيف شاذ
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 285.(7/289)
مخالف للأحاديث الصحيحة، وقال عليه الصلاة والسلام للذي أراد الزواج وليس عنده شيء، قال له: «التمس ولو خاتما من حديد (1) » رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، فدل على جواز لبس الخاتم من الحديد، وأما الحديث الذي فيه أنه رأى على إنسان خاتما من حديد فقال: «ما لي أرى عليك حلية أهل النار؟ ، ورأى آخر عليه خاتم من صفر قال: ما لي أجد منك ريح الأصنام؟ (2) » فهو حديث ضعيف شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة.
س: سائلة تقول: سمعت أن الصلاة لا تجوز والمرأة تلبس خواتم وسلاسل من النحاس، هل هذا القول صحيح أم لا (3) ؟
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب السلطان ولي، برقم (5135) ، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد، برقم (1425) .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب اللباس، باب ما جاء في الخاتم الحديد، برقم (1785) ، وأبو داود أول كتاب الخاتم، باب ما جاء في خاتم الحديد، برقم (4223) ، والنسائي في المجتبى في كتاب الزينة مقدار ما يجعل في الخاتم من الفضة، برقم (5195) ، واللفظ للترمذي.
(3) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 284.(7/290)
ج: ليس بصحيح، ولا حرج أن تصلي وعليها حلي من الذهب والفضة أو سلاسل من معدن أو غيره، لا حرج في ذلك ولو من النحاس.(7/291)
164 - حكم صلاة المرأة المتطيبة
س: تقول: هل يجوز أن أصلي وأنا متطيبة بالطيب؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: نعم، الصلاة بالطيب لا بأس بها، بل الطيب مشروع للمؤمن والمؤمنة، لكن المؤمنة تتطيب في بيتها وعند زوجها، وليس لها أن تتطيب عند الخروج للأسواق، ولا إلى المساجد، أما المؤمن فيتطيب في بيته وفي أسواقه وفي المسجد، الطيب مطلوب ومن سنة المرسلين، فإذا صلت المرأة في بيتها متطيبة بدهن العود أو الورد أو العنبر ونحو ذلك كله طيب، لا شيء في ذلك ولا حرج في ذلك، بل هو مطلوب، لكن لا تخرج بالطيب الذي يجد الناس رائحته، لا تخرج به إلى الأسواق ولا إلى المساجد، لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 276.(7/291)
165 - حكم صلاة العمال في ملابس عملهم ونصيحتهم
س: نطلب من سماحة الشيخ نصيحة للعمال والصناع والمزارعين(7/291)
ومن ماثلهم فيما يخص ارتداء ملابسهم عند أداء الصلاة، ذلك بأنه يلاحظ أن كثيرا منهم لا يبالي بملابسه، ويعود إلى الصلاة أكثر من مرة وهو في بدلة واحدة وعليها آثار العرق وغبرة واضحة، فما هو رأي سماحتكم وما هو توجيهكم (1) ؟
ج: الذي أنصح به إخواني العمال والمزارعين وغيرهم أن يتقوا الله في العناية بالصلاة، وحفظ أوقاتها والخشوع فيها، وإكمال أدائها وستر العورة فيها، بأن يصلي وعليه إزار أو قميص، أو إزار ومعه الرداء أو سراويل فوقها قميص أو الرداء، لا يصلي مكشوف الكتفين، بل السنة أن يستر كتفيه، وقد أوجب هذا جمع من أهل العلم، فينبغي للمؤمن أن يستر الكتفين أو أحدهما في الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد وليس على عاتقه منه شيء (2) » يعني مع الإزار أو مع السراويل، وإذا تيسر أن يكون بأحسن صورة فهو أفضل، لقوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (3) فالسنة أن يصلي في
__________
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 131.
(2) صحيح البخاري الصلاة (360) ، صحيح مسلم الصلاة (516) ، سنن النسائي القبلة (769) ، سنن أبو داود الصلاة (626) ، مسند أحمد بن حنبل (2/464) ، سنن الدارمي الصلاة (1371) .
(3) سورة الأعراف الآية 31(7/292)
هيئة حسنة وفي لباس حسن حسب الطاقة والإمكان، أما كونه يعرق في الثياب أو كونها وسخة أو كونها قديمة هذا لا يضر، ولكن الأفضل أن تكون حسنة وجميلة إذا تيسر ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال (1) » ولما تقدم من الآية: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2) ولكن لا حرج أن يصلي في ثوب فيه عرق أو فيه وساخة ليست نجاسة أو ثوب قديم يستر العورة، كل هذا لا حرج فيه - والحمد لله - أما إذا كان له رائحة فيكره ذلك، ينبغي أن يستعمل الطيب أو يستعمل الثياب النظيفة التي ليس فيها رائحة كريهة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يحضر المسجد من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا، ويلحق بذلك كل من له رائحة خبيثة كرائحة الدخان أو رائحة الصنان من الإبط، كل هذا ينبغي له الحذر منه والعلاج، يعالج إبطيه حتى يزول ما فيها من الرائحة الكريهة، ويبتعد عن المجيء للصلاة برائحة الدخان أو البصل أو الثوم أو الكراث أو غير هذا، من كل ما له رائحة كريهة لأنها تؤذي المصلين، ينبغي للمؤمن إذا أتى الصلاة أن يأتيها برائحة
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الغضب في الموعظة، برقم (91) .
(2) سورة الأعراف الآية 31(7/293)
طيبة بعيدا عن الرائحة الكريهة.(7/294)
166 - حكم الصلاة في ثوب نجس
س: ما حكم الصلاة في ثوب فيه نجاسة مع علمي بذلك، هل تصح صلاتي في مثل هذه الحالة (1) ؟
ج: لا يجوز أن يصلى في ثوب فيه نجاسة، لا بد أن يزيل النجاسة بالغسل أو بغيره يزيل النجاسة، أما لو صلى ناسيا أو جاهلا ولم يعلم إلا بعد الصلاة فالصلاة صحيحة.
س: السائل ع. خ. صليت المغرب والعشاء ولم تكن ثيابي طاهرة، هل علي الإعادة في مثل هذه الحالة (2) ؟
ج: إذا كنت تعلم أنها نجسة فعليك الإعادة، أما إذا كنت لا تعلم إلا بعد الصلاة لجهل أو نسيان فالصلاة صحيحة، أما إن كنت حين صليت فيها تعلم أنها نجسة فإن الصلاة غير صحيحة، أما لو كنت لا تعلم إلا بعد الصلاة، أخبرت بعد الصلاة أو ذكرت بعد الصلاة فالصلاة صحيحة.
__________
(1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 366.
(2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 393.(7/294)
167 - حكم صلاة المرء في ثوب نجس ناسيا أو جاهلا
س: إذا صلى المسلم بثوب أو قميص نجس ناسيا، فما حكم صلاته هذه من حيث الإعادة وعدمها (1) ؟
ج: إذا صلى المسلم أو المسلمة في ثوب فيه نجاسة سواء كان ثوبا أو سراويل أو قميصا أو إزارا أو كان فنيلة أو غير ذلك ولم يذكر إلا بعد الصلاة فإن صلاته صحيحة على الصحيح، وهكذا لو صلى بثوب نجس ثم لم يعلم بذلك إلا بعد الصلاة فإن جهله عذر كالنسيان، فإذا صلى بثوب نجس ناسيا أو جاهلا حتى فرغ من صلاته فإن صلاته صحيحة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم في نعل فيها قذر، فنبهه جبرائيل على ذلك فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، بل استمر في صلاته، فدل ذلك على أن أولها صحيح، هكذا الذي لم يعلم إلا بعد فراغه منها، صلاته صحيحة لهذا الحديث، حديث أنه صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه وفيهما قذر، فنبهه جبرائيل على ذلك، فخلعهما ثم استمر في صلاته، فدل ذلك على أن أولها صحيح بسبب الجهل، فهكذا الناس، وهكذا من فرغ منها وكملها ناسيا أو جاهلا بالنجاسة
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 39.(7/295)
التي في ثوبه أو في نعله فإن صلاته صحيحة، لكن لو ذكرت في أثناء الصلاة فخلع أجزأت كما خلع النبي نعليه واستمر في صلاته، فلو صار في بشته نجاسة أو في غترته نجاسة أو في إزاره نجاسة فخلعه وعليه ثوب يستر عورته أو سراويله، فخلع في الحال أجزأته صلاته.
أما إذا كان عالما بالنجاسة قبل الصلاة ثم نسي فتصح صلاته، أما لو تعمد الصلاة بطلت صلاته.
س: الأخوان لهما هذا السؤال: إذا اكتشف الإنسان أن في ملابسه شيئا من النجاسة وقد صلى به بعض الفروض، فهل تبطل تلك الصلوات (1) ؟
ج: إذا صلى وهو جاهل بالنجاسة أو ناسيا لها فليس عليه شيء إذا فرغ من الصلاة وقد وجد في ثوبه نجاسة فإن صلاته صحيحة سواء كان ناسيا لها، قد علمها قبل ثم نسي، أو كان جاهلا لها بالكلية، فإن الصواب أن صلاته صحيحة وليس عليه إعادة؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذات يوم صلى في نعليه فنبهه جبرائيل أن فيهما قذرا، فخلعهما ولم يستأنف بل أكمل صلاته عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 158.(7/296)
على أن من صلى في شيء فيه نجاسة ولم يعلم فإن صلاته صحيحة، ولكن متى علم يخلع، وإذا علم وهو في الصلاة كالنعال خلعهما، أو كالغترة والعمامة يخلعها، أو بشت يخلعه وهو في الصلاة ولا يضره، أما إن كان لا يمكن خلعه لأنه ليس عليه إلا ثوب واحد يستر عورته وبان فيه نجاسة، فإنه يقطع الصلاة لأجل إزالة النجاسة بالغسل أو بإبدال الثوب.
س: الأخت ن. ز. ح. م. تقول: إن صلى المرء فرضين ثم اكتشف أن ملابسه بها نجاسة وهو لا يعلم بها، هل يعيد الصلاة أم ماذا يفعل (1) ؟
ج: الصواب أنه لا يعيد ما دام لم يعلم إلا بعد الفراغ من الصلاة، سواء كان ناسيا أو جاهلا فصلاته صحيحة، ومن أدلة ذلك أنه صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه وفيهما قذر، فأخبره جبرائيل بأن بهما قذرا فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، ومن أدلة ذلك قوله جل وعلا: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (2) يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 413.
(2) سورة البقرة الآية 286(7/297)
قال: قد فعلت (1) »
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، برقم (126) .(7/298)
168 - حكم من علم بالنجاسة وهو يصلي
س: إذا تبين لي أثناء أداء الصلاة نجاسة في الثوب، فهل أكمل الصلاة أم أقطعها، وهل دم الإنسان ودم الحيوان نجس (1) ؟
ج: إذا علمت بالنجاسة وأنت في الصلاة في ثوبك هذا فيه تفصيل: إن كان بالإمكان طرح الثوب الذي فيه النجاسة كالعمامة وغترة وثوبين، عليك ثوبان والنجاسة في الأعلى تخلع ذلك ولا حرج ويكفي، أو في البشت تخلعه، أما إذا كان لا يمكن ذلك لأن النجاسة في الثوب الأسفل أو في السراويل ولا يمكن خلعه فإنك تقطعها، وتغسل النجاسة وتعيد الصلاة، أو تبدله بثوب طاهر وتعيد الصلاة، أما إذا كان بالإمكان خلع الثوب الذي فيه نجاسة فلا بأس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي ذات يوم في نعليه فأخبره جبرائيل أن فيهما قذرا، فخلعهما واستمر في صلاته عليه الصلاة والسلام، خلعهما واستمر،
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 289.(7/298)
ولم يعد أولها، فدل ذلك على أنه إذا أمكن الخلع كالغترة أو البشت أو الثوب الأعلى من الثوبين وكان الثوب الذي تحته ساترا فإنه يخلع ذلك ويكفي، وإلا فعليه أن يقطع الصلاة ويبدل الثوب بثوب طاهر، أو يغسل النجاسة، والدم كله نجس دم الحيوانات ودم بني آدم كله نجس إذا كان مسفوحا، أما إذا كان شيئا يسيرا، نقط يسيرة أصابت الإنسان من ذبيحة أو من إنسان يعفى عنه في الصحيح عند أهل العلم، أو كان الدم ليس من المسفوح، مما قد يقع في اللحوم بأن حمل لحما، وأصابه من اللحم شيء من آثار الدم الذي يكون في اللحم، هذا لا يضر هذا محكوم بطهارته، الدم الذي يكون في اللحوم غير الدم الذي يسفح من عند العنق عند الذبح، فالمقصود أن الدم الذي يكون في اللحوم، هذا يعفى عنه، وهكذا النقط اليسيرة، شيء يسير يعفى عنه من الدم الذي يصيب الإنسان من جرح فيه أو جرح في حيوان.(7/299)
169 - حكم من أدركته الصلاة وعنده ثوبان أحدهما نجس ولا يعلم الطاهر منهما
س: تقول أختنا: رجل في سفر أدركته الصلاة، وكان لديه ثوبان أحدهما أصابته نجاسة ولكنه لا يعلم أي الثوبين، فصلى في واحد ثم صلى في الآخر، هل صلاته حينئذ صحيحة، وماذا(7/299)
عليه أن يفعل؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: صلاته صحيحة، وقد احتاط فإذا كانت النجاسة في أحدهما وصلى مرة في هذا ومرة في هذا فقد احتاط، وإن تحرى وصلى في أحدهما يغلب على ظنه أنه الطاهر كفى والحمد لله.
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 338(7/300)
170 - حكم من صلى ثم وجد معه منديلا فيه دم
س: إنسان صلى جماعة، فما خرج من المسجد وجد معه منديلا فيه دم من بشرته، فقذفه ورجع يعيد الصلاة، فوجد جماعة فصلى معهم، هل إذا حصل مثل هذا عليه إعادة الصلاة أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا، ولكم منا جزيل الشكر (1)
ج: إذا الإنسان - رجلا كان أو امرأة - صلى ثم بعد الفراغ وجد في منديله دما أو في ثوبه دما أو في سراويله دما أو غير ذلك من النجاسات، فإن الصواب أنه لا يعيد الصلاة، صلاته تجزئ وتصح، هذا هو الصواب من أقوال العلماء أنه لا إعادة عليه وصلاته صحيحة، وإن
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 13.(7/300)
كان قد علم ذلك سابقا ثم نسيه حتى صلى كذلك صلاته صحيحة وعليه أن يبادر بغسل ذلك وتنظيف ثوبه من ذلك، والحجة في ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى وعليه نعلان، فأخبره جبرائيل أن فيهما أذى، فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، فدل ذلك على أنه لو كملها ما أعاد، المقصود أن من كان في ثوبه نجاسة ما علم بها حتى فرغ من صلاته، أو في سراويله أو في إزاره أو في عمامته أو في منديله أو في خفه ونعله، ولم يعلم حتى فرغ فصلاته صحيحة. هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم، ولا إعادة عليه، لكن هنا شيء آخر قد يظنه بعض الناس مثل هذا، هو إذا صلى يحسب أنه متوضئ أو يحسب أنه قد تطهر من الجنابة ثم بان أن عليه جنابة أو أنه ما توضأ، هذا يعيد بإجماع المسلمين، هذا عليه أن يعيد؛ لأنه صلى بغير طهارة من الحدث، هذا ما هو من جنس النجاسة، هذا إذا صلى مثلا يحسب أنه على وضوء أو يحسب أنه قد اغتسل من الجنابة، ثم لما صلى ذكر أنه عليه جنابة أو أنه ما توضأ، فهذا عليه أن يتوضأ، أو أن يغتسل من الجنابة إذا كانت عليه جنابة، ثم يعيد صلاته، وإن كان إماما ولم يدر إلا بعد الصلاة فإنه يعيد هو، أما المأمومون فلا يعيدون إذا كان ما انتبه إلا بعد الصلاة، هذه المسألة قد تخفى على بعض الناس، وقد تشتبه بصفة(7/301)
النجاسة والحكم يختلف.(7/302)
171 - حكم من صلى ثم اكتشف في ملابسه نجاسة
س: الطالب ع. م. ط، يسأل ويقول: إذا اكتشفت أن في بعض ملابسي شيئا من النجاسة، فهل أعيد ما صليت في تلك الملابس (1) ؟
ج: لا تلزمك الإعادة، إذا وجد الإنسان في ثيابه أو في سراويله أو نحو ذلك نجاسة بعد الصلاة فإنه لا يعيدها، وهكذا لو كان يعلم، ثم نسي حتى فرغ من الصلاة لا يعيد على الصحيح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض صلواته نبهه جبرائيل قال: إن في نعليك قذرا، فخلعهما عليه الصلاة والسلام، ولم يعد أول الصلاة، فدل ذلك على أنه لا تعاد إذا صلاها وهو جاهل أو ناس ولم يعلم إلا بعد الفراغ، فإنه لا يعيد، هذا هو الصواب، وإذا سلم ثم علم أن في إزاره أو سراويله أو بشته نجاسة ولم يعلم إلا بعد الفراغ فإن صلاته صحيحة هذا هو الصواب بخلاف الحدث، أما الحدث فيعيد، لو صلى يظن أنه على طهارة، ثم لما فرغ علم أنه ليس على طهارة؛ لأنه قد أحدث ريحا أو
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 19.(7/302)
بولا أو غير ذلك فإنه يعيد الصلاة عند أهل العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور (1) » فلا تقبل الصلاة إلا بطهارة، أما النجاسة التي في الثوب فلها حكم آخر، نجاسة في الثوب أو في البشت أو في النعل ونحو ذلك إذا لم يعلم إلا بعد الصلاة صلاته صحيحة، هذا هو المعتمد، هذا هو الصواب.
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224) .(7/303)
172 - حكم من صلى في ثوب نجس ناسيا
س: صليت وملابسي الداخلية على غير طهارة وكنت ناسيا، هل أعيد ما صليت (1) ؟
ج: إذا صلى المسلم وفي ثيابه نجاسة، ولم يذكر إلا بعد الصلاة، أو لم يعلم إلا بعد الصلاة فإن صلاته صحيحة على الصحيح، ومعذور بالجهل والنسيان إذا انتهت صلاته قبل أن يعلم؛ لقول الله سبحانه: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (2) ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل الصلاة يوما وفي نعليه قذر، فأخبره جبرائيل في أثناء
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 201.
(2) سورة البقرة الآية 286(7/303)
الصلاة أن بهما قذرا، فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، بل استمر في صلاته؛ لأنه جاهل بذلك القذر، وهكذا من دخل في صلاته وفي ملابسه شيء من النجاسة، ولم يعلم أو لم يذكر إلا بعد الفراغ فإن صلاته صحيحة في أصح قولي العلماء.
س: رجل صلى بثوبه وبه نجاسة عدة فروض ولم ينتبه إلا في اليوم الثاني، هل يعيد ما صلاه سابقا (1) ؟
ج: إذا كان ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء ليس عليه إعادة، النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعله وبهما أذى، فأخبره جبرائيل أن بهما أذى فخلعهما ولم يعد أول الصلاة؛ لأنه جاهل بذلك حتى أخبره جبرائيل، فالمقصود أنه إذا صلى الإنسان في ثوب نجس أو سروال أو فنيلة ولم يذكر إلا بعد الصلاة أو لم يعلم إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، قال الله: قد فعلت. والحمد لله.
__________
(1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم 367.(7/304)
س: يسأل ويقول: إذا صلى إنسان ولاحظ أن في بعض ملابسه بقعا غير طاهرة، فما حكم تلك الصلاة (1) ؟
ج: إذا كان عرف ذلك بعد الصلاة فصلاته صحيحة، أما إذا كان عرف هذا في الصلاة فهذا إذا كان يمكن خلعه خلعه، الغترة أو البشت والنعال يخلعه ويكمل صلاته، أما إذا كانت في ملبس هو الذي يغطي العورة كالسراويل ما عليه غيره، أو ثوب ما عليه غيره يغطي العورة، فإنه يقطع الصلاة ويذهب يغير، يلبس ثوبا طاهرا، أو يغسل النجاسة، أما إذا كان ما ذكر إلا بعد الصلاة فهذا صلاته صحيحة في الثوب الذي فيه نجاسة، أو في بدنه نجاسة، ما ذكرها إلا بعد الصلاة، أو ما علم بها إلا بعد الصلاة.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 258.(7/305)
173 - حكم من صلى وفي ثوبه نقط دم من حيوان مأكول اللحم
س: لقد وقع على ثوبي نقط دم من كبد الإبل وأنا أقطعها ولا أعلم بذلك إلا من بعد ما رأيتها، وقد صليت في ثوبي الظهر والعصر(7/305)
والمغرب، فهل أقضيها أم لا؟ جزاكم الله عني خير الجزاء (1) ؟
ج: لا قضاء، ما أصاب الثوب من نقط الدم ولم تعلم بها إلا بعد الصلاة فلا إعادة على الصحيح، إذا نسي الإنسان النجاسة أو جهلها في ثوبه ولم يعلم إلا بعد الصلاة فلا قضاء عليه على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ذات يوم يصلي وفي نعليه أذى، فأخبره جبرائيل عليه الصلاة والسلام، بأن فيهما قذرا، فخلعهما ولم يعد أول الصلاة عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن الصلاة لا تعاد إذا كان هناك نجاسة في نعل أو في ثوب ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة، لكن الحدث الأصغر أو الأكبر غير ذلك، إذا كان مثلا صلى يظنه على طهارة، ثم بان أنه على غير طهارة هذا يعيد على كل حال عند جميع أهل العلم، إذا صلى الرجل أو صلت المرأة تظن أنها على طهارة، ثم ذكر أو ذكرت أنها حين صلت ليست على طهارة قد خرج منها بول أو ريح، هذا تعيد الصلاة عند جميع أهل العلم ليس مثل النجاسة كالدم وغيره.
__________
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 32.(7/306)
والأقرب أن الدم الواقع من كبد الإبل لا يعتبر نجسا، الأقرب والله أعلم أنه ما يعد نجسا ما دام في الكبد في شيء يتعلق باللحم ما يعد إلا طاهرا، هذا هو الأقرب، ما يكون في أثناء اللحم بعد الذبح في البطن في الكبد في الأمعاء في أشباه ذلك، المقصود أن الدم الذي يبقى في اللحوم وفي العروق ما يضر، إنما الذي ينجس ويضر المسفوح الذي عند الذبح، لكن على كل حال لو فرضنا أن فيها نجاسات، لقيت دما آخر يسمى نجسا من الدم المسفوح أو من نجاسات أخرى من بول أو غيره لم تعلم فيه إلا بعد الصلاة فلا إعادة.(7/307)
174 - حكم من صلى وفي ثوبه دم بسيط
س: ما حكم الصلاة للذي في ثوبه دم بسيط، هل تبطل الصلاة إذا كان يعلم بذلك (1) ؟
ج: الدم اليسير يعفى عنه، أما إن كان كثيرا عرفا فإنه لا يعفى عنه، فإن صلى وهو يعلم أن في ثوبه أو بدنه دما كثيرا فصلاته غير صحيحة، أما الدم اليسير يعفى عنه، وهكذا لو كان كثيرا لكنه نسيه أو جهله،
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 302.(7/307)
وصلى ولم يعلم إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة، وهكذا لو كانت نجاسة أخرى كبول في بعض ثوبه أو في بعض بدنه نسيه حتى صلى فصلاته صحيحة.(7/308)
175 - حكم صلاة المريض في ملابسه وفرشه النجسة
س: مريض يصلي ولا يزال يصلي بثيابه وملابسه وفرشه غير طاهر لعدم استطاعته الطهارة عند محل الصلاة، أفتونا مأجورين عما يجب عليه (1)
ج: الواجب عليه أن يطهر ثيابه ومحل صلاته كل وقت، فإن لم يستطع صلى حسب حاله إذا ما عنده أحد يطهرها له، ولا يستطيع هو، فالله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) يصلي على حسب حاله، والتيمم يجوز له إذا كان عاجزا عن الماء، إذا كان لا يستطيع أن يستعمل الماء، حيث يضره الماء فإنه يتيمم ويكفي، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 334.
(2) سورة التغابن الآية 16(7/308)
176 - بيان أن الأصل في الملابس والأرض والفرش الطهارة
س: المرسلة ح. ع. خ، تسأل وتقول: إذا ذهبنا إلى أحد أقاربنا وحان وقت الصلاة فإننا نصلي عندهم بثياب خاصة للصلاة، وقد نصلي ونحن كارهون هذه الثياب لأننا نشك في طهارتها، والله أعلم بطهارة الأرض أيضا التي نمشي عليها، ونحن نصلي فيها كذلك هل صلاتنا صحيحة أم لا؟ وإذا كان علينا الإعادة إذا عدنا للمنزل فإننا نصلي أحيانا أكثر من وقت عندهم، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الأصل في الثياب والأرض وفي كل شيء الأصل فيه الطهارة إلا ما علمت بنجاسته، فإذا كانت الثياب التي صليتم فيها لا تعلمون بنجاستها فالصلاة صحيحة، والشك لا يعتبر ولا يلتفت إليه، وهكذا الأرض الأصل فيها الطهارة، فإذا كنتم لا تعلمون نجاستها فالأصل الطهارة، وليس عليكم الإعادة - والحمد لله - هذا من الشيطان.
س: عندما أذهب إلى أحد أقاربي ويحين وقت الصلاة، ويقدمون ثيابا خاصة للصلاة، وأصلي بها وأنا كارهة؛ لأنني أرى الصغير
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 282.(7/309)
والكبير يصلي فيها، وتوضع في الأرض ويكون في هذه الغرفة أطفال، فهل صلاتي صحيحة أم يجب علي إعادتها عندما أعود إلى منزلي؟ مع العلم أنني أجلس أحيانا أكثر من وقت هناك، أفتونا جزاكم الله خيرا وعن جميع المسلمين (1)
ج: الأصل - أيها الأخت في الله - الطهارة، فإذا قدم لك أهل البيت ثوبا للصلاة فيها فالأصل الطهارة والحمد لله، ودعي عنك الوساوس والظنون السيئة، وإذا كانت ملابسك كافية صلي في ملابسك، إذا كانت ملابسك التي عندك كافية صلي فيها، وإن كانت غير كافية وقدموا لك جلالا تلبسينه أو سجادة تصلين عليها فلا حرج في ذلك، والأصل الطهارة والحمد لله، فدعي عنك الوساوس والظن السيئ، فإذا كنت قد لاحظت ريبة فاسألي: هذا سليم وهذا طاهر؟ ما فيه بأس.
س: هل لنا أن نصلي على فرش المنازل دون أن يكون هناك سجاد مثلا مخصص للصلاة (2) ؟
ج: نعم، لا حرج في الصلاة على الفرش في البيوت ما لم يعلم أنها
__________
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 269.
(2) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 330.(7/310)
نجسة، فإذا كانت لا تعلم حالها فلا حرج في الصلاة عليها، في مجلس أو في مكتب أو في غير ذلك إلا إذا علم المصلي أنها نجسة، فلا يصلي عليها، بل يضع عليها فراشا أو سجادة طاهرة يصلي عليها، أما إذا كان الضيف لا يعلم حالها فالأصل الطهارة.(7/311)
177 - حكم الصلاة على السجاد الذي عليه رسوم وصور
س: رسالة من ع. ع. أ. يقول: ما حكم الصلاة على السجادة المعتاد الصلاة عليها والمرسوم عليها بعض المساجد، إذ إني سمعت أن الصلاة بها لا تجوز؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: الصلاة على السجادة صحيحة ولو كان عليها رسم مسجد أو أي رسم، الصلاة صحيحة، لكن يشرع للمصلي أن تكون سجادته بعيدة عن النقوش التي فيها صور مسجد وغيره حتى لا تشوش عليه صلاته، تكون السجادة سادة ليس فيها شيء، هذا هو الذي ينبغي، هذا هو الأحوط للمؤمن، ولهذا «لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم في خميص لها أعلام، بعدما سلم بعث بها إلى أبي الجهم، وقال: إن
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 346.(7/311)
أعلامها شغلتني عن صلاتي (1) » فالمقصود أن المؤمن يتحرى في صلاته الملابس السليمة، والسجادة السليمة تكون بعيدة عن الإشغال ليس فيها نقوش، ولا ما يشغله.
س: هل الصلاة تجوز على بسط أو سجاد مرسوم عليها صور حيوانات أو إنسان أو نبات أو غير ذلك (2) ؟
ج: نعم تصح الصلاة لأنها ممتهنة، لكن تركها أولى، كونه يلتمس سجادة أو بساطا ما فيه صور ولا نقوش يكون أفضل حتى لا يتشوش؛ لأن النقوش والصور قد تشوش عليه صلاته أو فكره قد يشتغل بها بعض الشيء، فإذا كان هناك فراش ليس فيه نقوش ولا صور يكون أفضل.
__________
(1) أخرجه البخاري كتاب الصلاة، باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها، برقم (373) .
(2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 217.(7/312)
178 - حكم الصلاة على فراش من القطن أو الصوف أو الوبر
س: الأخ ش. ع. ب. من العراق يسأل ويقول: هل صحيح ما قرأت في كتب الفتاوى بأن القطن والصوف والسجاد لا تجوز الصلاة(7/312)
عليها، وأن الصلاة تجوز على الأرض وما زرع عليها؟ ويقولون بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي على حصير ولم يصل على عباءته أو شيء مصنوع من الصوف والقطن (1)
ج: الصواب في هذا أنه لا حرج في ذلك، وأنه لا بأس بالصلاة على فرش من القطن والصوف والوبر، هكذا إن كان من سعف النخل وغير ذلك، كل هذا لا حرج فيه عند أهل العلم، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى على الخمرة وهي من سعف النخل، وقد صلى الصحابة على الأنماط من القطن وغيرها، وليس في هذا محظور بحمد الله عند أهل العلم، عند علماء السنة، كل ذلك جائز والحمد لله، يصلي الإنسان على القطن والصوف وعلى ما نبت من الأرض من سائر الشجر، من سعف النخل وغيره، كله بحمد الله جائز والأمر واسع.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 196.(7/313)
179 - حكم الصلاة على فراش نجس إذا وضع عليه فراش طاهر
س: السائلة أ. ن. من دمشق في سؤالها: أصاب فراشي نجاسة ثم جفت، وكنت مريضة، فاضطررت للصلاة قاعدة عليها،(7/313)
ولكني مددت فوقها فراشا طاهرا، فهل صلاتي صحيحة، وإذا لم تكن كذلك فهل علي الإعادة لصلواتي الفائتة وهي كثيرة (1) ؟
ج: ليس عليك إعادة ما دام وضعت عليه ملاءة طاهرة على محل النجاسة وصليت، فالحمد لله ليس عليك إعادة.
__________
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 386.(7/314)
180 - حكم حمل الطفل في الصلاة وعليه نجاسة
س: تقول أختنا: أحيانا أقوم بحمل طفلتي أثناء الصلاة لبكائها الشديد، ويكون عليها الحفاظ وقد أحدثت به، فما حكم صلاتي وحملي لها أثناء الصلاة والحال ما ذكرت؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: إذا كان فيها أذى لا تحمليها، إذا كان الحفاظ فيها أذى لا تحمليها، أما إذا كان نظيفا لا بأس، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى وهو حامل أمامة بنت زينب بنت بنته يصلي بها والناس ينظرون، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها عليه الصلاة والسلام، فقد حمل العلماء ذلك على أنها كانت نظيفة طاهرة، فالأحوط لك أن لا
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم 364.(7/314)
تفعليها إلا إذا كنت تعرفين أنها طاهرة، هذا هو الأحوط ولا تحمليها وهي فيها نجاسة، أما حكم الصلاة التي صليتها وحالها كما ذكرت فنرجو أن لا إعادة عليها إن شاء الله، نرجو أن لا إعادة عليها لكن في المستقبل تحتاط.
س: من أسئلة هذه السائلة س. م. من جدة تقول: سماحة الشيخ، ما حكم حمل الطفل أثناء الصلاة أو الطواف وهو لابس حفاظة وفيها نجاسة لكنها لم تتعد إلى الملابس الخارجية؟ وجزاكم الله خيرا (1)
ج: النبي صلى بأمامة بنت زينب وهو يصلي بالناس عليه الصلاة والسلام، فإذا حمل الطفل في الصلاة عند الحاجة أو في الطواف لا حرج، والطفل قد لا يسلم من خروج شيء منه، فإذا لم يكن شيئا ظاهرا ومحفظ فلا بأس، والحمد لله.
__________
(1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم 425.(7/315)
181 - حكم الصلاة في ثوب تقيأ عليه الطفل
س: سائلة تقول: إن طفلي يرضع الحليب الصناعي، وهو يسترجع(7/315)
باستمرار عدة مرات في الساعة الواحدة، وقد يصيب ملابسي بعض الأحيان، وأنا أصلي بها دون غسل، فهل يلزمني أن أجدد وضوئي، أو أغير ملابسي، وهل صلاتي جائزة دون ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: كأنها تعني القيء لهذا الحليب الذي يشربه، المشروع لك أن تغسلي ما أصابك، يعني بعض أهل العلم يرى هذا القيء كبوله، فالمشروع لك أن تغسلي هذه الملابس التي يصيبها القيء إذا كان الشيء كثيرا، أما إذا كان يسيرا يعفى عنه، هذا هو المشروع، والأحوط لك أن تغسلي ما أصابك، أما الطهارة فصحيحة، الطهارة لا تنتقض وإنما ما أصاب الثوب أو الرجل أو غيرها يغسل، هذا هو الأحوط عند جمهور العلماء.
س: هل تجوز الصلاة في ثوب استفرغ عليه طفل رضيع (2) ؟
ج: ينبغي أن يغسل بالنضح إذا كان الطفل رضيعا لا يأكل الطعام، فهو مثل بوله، ينضح بالماء ويغسل به، ولا يصلى فيه قبل النضح بالماء.
__________
(1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 297.
(2) السؤال السادس من الشريط رقم 136.(7/316)
182 - حكم استقبال الحمام في الصلاة داخل الحجرة
س: أصلي أحيانا في حجرتي عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة المرأة في حجرتها أفضل من صلاتها في بيتها (1) » الحديث، لكن عندما أريد الاتجاه نحو القبلة فإن الحمام يكون أمامي وليس بيني وبينه إلا متر تقريبا، ولكن هناك فاصل بين الحجرة والحمام وهو الجدار المشترك، فما حكم صلاتي على النحو الذي ذكرت (2) ؟
ج: لا حرج في ذلك، المنهي عنه هو الصلاة في الحمام أما كونه في قبلة المصلي أو عن يمينه أو شماله فلا حرج في ذلك، وصلاتك في الحجرة أفضل لأنها أبعد عن الرياء، أبعد عن رؤية الرجال فهي أفضل، كلما كانت المرأة في محل أبعد عن الرجال كان أفضل كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب التشديد في ذلك، برقم (570) .
(2) السؤال الثاني من الشريط رقم 230(7/317)
183 - حكم الصلاة في غرفة النوم
س: تسأل أختنا سؤالا آخر وتقول: هل الصلاة في غرفة النوم حلال(7/317)
أم حرام (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك إذا كان المحل طاهرا، أو على فراش طاهر لا بأس في غرفة النوم، يصلون فيه التهجد بالليل وغير ذلك، ولا حرج في ذلك، المقصود إذا كان الفراش طاهرا أو وضع عليه سجادة طاهرة فيصلى في غرفة النوم ولا حرج.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 133.(7/318)
184 - حكم صلاة المرأة وخلفها رجل من محارمها
س: سائلة تقول: هل يجوز أن أصلي وخلفي رجل محرم لي نائم أو غير نائم (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك، لا حرج أن تصلي سواء كان أمامها أو خلفها، لكن لا يضر إذا كان جالسا أو مضطجعا، أما إن كان وجهه إليها فالأولى عدم ذلك، تميل عنه هكذا وهكذا؛ لأنه قد يشوش عليها، إذا كان وجهه قدامها، أو وجه امرأة قدامها، لكن إذا كان معطيا ظهره أو جنبه فلا بأس بذلك، أو مضطجعا لا بأس بذلك.
__________
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 133(7/318)
185 - حكم الصلاة وقراءة القرآن في غرفة فيها نجاسة
س: السائل س. غ. من الأردن يقول: هل تجوز الصلاة وقراءة القرآن داخل غرفة بها نجاسة؟ علما بأنه يصلي على مصلى طاهر (1) ؟
ج: نعم لا بأس، ولو كان فيها نجاسة، لكن لا يقرأ في الحمام محل قضاء الحاجة، أما غرفة فيها ثياب نجسة أو فيها بول من صبي أو فيها كذا لا يضر، يقرأ ويصلي على الشيء الطاهر والحمد لله.
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 399.(7/319)
186 - حكم الصلاة والتيمم في غرفة النوم
س: هل تجوز الصلاة في غرفة النوم؟ وإذا كان ما عندي ماء كيف أتيمم (1) ؟
ج: لا بأس، يصلى في غرفة النوم ولا حرج، الحمد لله، وإذا كان ما عندك ماء أو ما تستطيع الماء تضرب التراب بيديك تمسح وجهك وكفيك بالتراب بضربة واحدة، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 422.(7/319)
عمار بن ياسر، إذا كنت لا تستطيع الماء أو ما تجد الماء في السفر مثلا أو في سجن مغلق عليك ما أحد يعطيك ماء إذا حضرت الصلاة تيمم، أما إذا استطعت الماء ولو بالشراء تشتري ولا تتيمم.(7/320)
187 – حكم الصلاة في غرفة فيها عرائس الألعاب
س: تسأل المستمعة وتقول: ما حكم الصلاة في غرفة يوجد بها عرائس وغيرها من ألعاب الأطفال المجسمة لذوات الأرواح (1) ؟
ج: لا حرج في ذلك، الصلاة في الغرفة التي فيها لعب لا حرج في ذلك إذا لم تشغل، إذا لم تكن أمام المصلي وتشغله وتشوش عليه فلا بأس، لكن الأفضل أن يعطي الصبية الصغار ألعابا أخرى غير الصور، الصور فيها أحاديث عظيمة تدل على وجوب طمسها وإتلافها، فالأحوط للمؤمن والمؤمنة أن يتخذوا للصبية الصغار ألعابا أخرى، ولكن الصلاة في الغرفة التي فيها ألعاب لا تشوش على المصلي لا حرج عليه في ذلك.
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 431.(7/320)
188 – حكم الصلاة في السجادة المزخرفة
س: ما حكم الصلاة في السجادة المزخرفة؟ هل هي بدعة (1) ؟
ج: مكروهة؛ لأنها تشوش عليه صلاته، فالأفضل أن يصلي في سجادة عادية سادة ليس فيها نقوش حتى لا تشغله عن صلاته، أو يصلي على الأرض الطيبة، أما السجادات المنقوشة قد تشوش عليه صلاته وتركها أولى.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 433.(7/321)
189 – حكم الوسوسة وكثرة التفكير أثناء الصلاة
س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم الوسواس في الصلاة؟ فأنا كثير التفكير أثناء الصلاة، هل تبطل صلاتي؟ وبماذا توصون الذي يعاني من كثرة الوساوس أثناء الصلاة (1) ؟
ج: الوسوسة لا تبطل بها الصلاة، لكن عليه أن يتقي الله ويحذر وساوس الشيطان، اشتكى بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم الوساوس في الصلاة فقال له: «ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 428.(7/321)
أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك (1) » ففعلها الصحابي فزالت عنه الوسوسة، فالذي يجدها يستعيذ بالله من الشيطان ويحذر الركون إلى الشيطان والضعف، يصير قويا يتعوذ بالله من الشيطان، يترك الوساوس، وينفث عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من الشيطان ولو في الصلاة، ويزول إن شاء الله.
__________
(1) أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة حديث رقم (4083) .(7/322)
190 – الوسوسة وسبل علاجها في الصلاة
س: أنا كثير السهو في الصلاة، كما أنني كثيرا ما أفكر أثناء الصلاة ببعض أمور الدنيا، وأعلم أن ذلك من وساوس الشيطان، وقد حاولت التغلب على ذلك، ولكن يبدو أنني لم أنجح حتى الآن، أرجو من سماحتكم بيان الطريق الذي يخلصني من هذه الوساوس، ولكم من الله المثوبة والمغفرة (1) ؟
ج: نوصيه بالضراعة إلى الله، وسؤاله أن يعينه وأن يعيذه من الشيطان ووساوسه، فعليك أن تضرع إلى الله وتسأله أن يعينك، وأن تقبل على
__________
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 299.(7/322)
صلاتك، تحضر قلبك بين يدي الله حتى تسلم من هذه الوساوس، والله يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (1) ، فأنت جاهد، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (2) ، جاهد نفسك واطلب من ربك العون والتوفيق، وأقبل على صلاتك واحضر بقلبك فيها، وجاهد عدو الله الشيطان، وإذا غلب عليك في الصلاة فاتفل على يسارك، انفث على يسارك ثلاث مرات، وقل: أعوذ بالله من الشيطان. ولو أنه في الصلاة، هذا من أسباب السلامة من وساوس الشيطان، وقد اشتكى بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوساوس، فأرشده إلى أن ينفث على يساره ثلاث مرات في الصلاة إذا غلب عليه الوسواس، ففعل ذلك فعافاه الله من ذلك.
س: تقول أختنا في سؤالها: عندما أقف بين يدي الله سبحانه وتعالى في الصلاة تخطر في عقلي أفكار وأفكار ووساوس، وأسأل الله يا رب هل صلاتي صحيحة مع هذه الأفكار؟ ما العمل الذي
__________
(1) سورة العنكبوت الآية 69
(2) سورة الطلاق الآية 2(7/323)
أعمله حتى تبتعد عني هذه الأفكار السوداء؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: عليك أن تجاهدي نفسك بإحضار قلبك بين يدي الله واستحضار أنك بين يدي الله، وأن الله سبحانه يراقبك ويرى مكانك حتى تخشعي لله، وحتى تبتعد عنك الوساوس، فإذا كثرت فتعوذي بالله من الشيطان وانفثي على يسارك ثلاث مرات، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات، وتزول هذه الوساوس إن شاء الله، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بذلك، لكن عليك أن تجتهدي في إحضار قلبك بين يدي الله، واستشعار أنك بين يدي الله، وأن الله سبحانه وتعالى مطلع عليك ويعلم مكانك، كما في الحديث الصحيح: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك (2) » استشعري هذه العظمة وهذه الرؤية، وأنه سبحانه يراك ويعلم حالك، فاخشعي لله، واحذري الوساوس، وهذا من أسباب سلامتك من الوساوس، لكن متى
__________
(1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 299.
(2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب سؤال جبريل النبي عن الإيمان، برقم (50) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (8) .(7/324)
بقيت ولم تنته فتعوذي بالله من الشيطان ولو في الصلاة، اتفلي على يسارك ثلاث مرات، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويزول ما تجدين، تزول هذه الوساوس إن شاء الله.
س: السائل أ. أ. يقول: كيف أبتعد عن الهواجس في الصلاة؟ وهل تقبل صلاتي (1) ؟
ج: عليك أن تحذرها وأن تستحضر عظمة الله، وأنه لا يرضى منكم بهذه الوساوس، وأن تعوذ بالله من الشيطان عند وجودها، تتفل عن يسارك ثلاث مرات ولو في الصلاة، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ويزول إن شاء الله، قال عثمان بن أبي العاص: «يا رسول الله، إن الشيطان قد لبس علي صلاتي؟ قال: ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا، (2) » قال عثمان: ففعلت ذلك فأذهب الله عني الوساوس. فأنت افعل ما فعل عثمان، تعوذ بالله من الشيطان، واصدق وكن قويا ضد عدو الله، وانفث عن يسارك ثلاث مرات، وأبشر بالخير.
__________
(1) السؤال العشرون من الشريط رقم 386.
(2) أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة حديث رقم (4083) .(7/325)
191 – حكم من نسي كم صلى من الركعات
س: السائل. ع. من الجزائر يقول: عندما يكون الشخص يصلي وفجأة وسوس له الشيطان، ونسي كم صلى ربما يزيد ركعة، فكيف يتصرف في هذه الحالة (1) ؟
ج: إذا وسوس إليه الشيطان ونسي هل صلى ثلاثا أم أربعا يجعلها ثلاثا ثم يأتي بالرابعة، ويسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم، وإذا كان في الثانية وشك هل هي الثانية أو الثالثة يجعلها الثانية؛ يعني يبني على الأقل، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماما كانتا ترغيما للشيطان (2) » أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، المقصود أنه يبني على اليقين، إذا شك يبني على الأقل، إذا شك هل صلى ثلاثا في
__________
(1) السؤال السادس من الشريط رقم 393.
(2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (571)(7/326)
الظهر أو في العصر أو في العشاء أو أربعا يجعلها ثلاثا، شك هل صلى ثلاثا أو ثنتين يجعلها ثنتين، وهكذا في المغرب إذا شك هل هي ثنتان أو ثلاث يجعلها ثنتين، والفجر شك هل صلى واحدة أو ثنتين يجعلها واحدة، ثم يكمل، ثم يسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم.(7/327)
192 – بيان خطورة الاسترسال مع الوساوس في الصلاة
س: هل ينقص من أجر الصلاة سماحة الشيخ بالنسبة للمسلم إذا أكثر الإنسان من الوساوس وسها في صلاته (1) ؟
ج: لا شك أن الإنسان له من صلاته ما عقل منها، أجره وثوابه على حسب ما عقل من صلاته، كلما أقبل على صلاته وخشع فيها وأحضر فيها قلبه صار أجره أكثر، وكلما كثرت الوساوس صار أجره أقل، فالمشروع للمؤمن أن يقبل على صلاته بقلبه، وأن يجتهد في جمع قلبه في صلاته واستحضار ما في الصلاة من أذكار والأدعية، وليتذكر أنه بين يدي الله حتى يحضر خشوعه، وحتى يحضر قلبه، كما قال الله
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 401.(7/327)
سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) ، وأنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ثلثها، نصفها (3) » فالمقصود أن الإنسان ينبغي له أن يقبل على صلاته، ويشرع له أن يعتني بها، ويجمع قلبه عليها حتى يكون حاضرا بين يدي الله، يقرأ بتدبر، يركع بحضور قلب، يسجد بحضور قلب إلى أن ينهي صلاته، قلبه حاضر خاشع، هذا هو المطلوب من المؤمن، كلما كان الخشوع أكثر صار أجره أكبر.
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 1
(2) سورة المؤمنون الآية 2
(3) أخرجه أحمد في مسنده، حديث عمار بن ياسر، برقم (18136) ، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما جاء في نقصان الصلاة، حديث رقم (675) .(7/328)
193 – بيان العلاج الشافي من وساوس الشيطان
س: عندما أقوم للصلاة أحيانا أشعر بالوسوسة، فهل علي إثم في هذه الوساوس التي تنتابني رغما عني؟ وهل من علاج شاف لها (1) ؟
ج: نعم، عليك التعوذ بالله من الشيطان، وعليك بالحرص على محاربة
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 203.(7/328)
عدو الله الشيطان؛ لأن الوساوس من الشيطان، كما قال الله سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (1) {مَلِكِ النَّاسِ} (2) {إِلَهِ النَّاسِ} (3) {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (4) ، فالمسلم يستعيذ بالله من شره ومن نزغاته في الصلاة وفي غيرها، فإذا كنت مبتلى بالوساوس فعليك بالاستعاذة بالله من الشيطان، والحرص على الإقبال على الله في صلاتك، وحضور قلبك بين يدي الله، والتدبر لكتاب الله ولما أنت فيه من الصلاة حتى تشتغل بهذا عن وساوس الشيطان، وإذا دعت الحاجة أن تستعيذ منه وأنت في الصلاة فاستعذ بالله، تتفل عن يسارك ثلاث مرات وتقول: أعوذ بالله من الشيطان. فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما اشتكى إليه عثمان بن العاص الثقفي، شكا إليه كثرة الوساوس، وأن الشيطان لبس عليه صلاته، أمره أن ينفث عن يساره ثلاث مرات وهو في الصلاة ويتعوذ من الشيطان، قال: ففعلت فذهب عني ذلك. فينبغي للمؤمن أن يستعيذ بالله من الشيطان في الصلاة وخارجها إذا ابتلي بذلك، يكون عنده قوة، يكون عنده عناية بإقباله على الله وحضور القلب بين يدي الله حتى يسلم من عدو الله، فإذا شك هل توضأ أو ما توضأ، وهو يتيقن أنه
__________
(1) سورة الناس الآية 1
(2) سورة الناس الآية 2
(3) سورة الناس الآية 3
(4) سورة الناس الآية 4(7/329)
متوضئ لا يعيد الوضوء، صلى ويعلم أنه صلى لا يعيد الصلاة، غسل وجهه وهو يعلم أنه غسل وجهه لا يعيد غسل الوجه، وهكذا لا يطاوع الشيطان في الوساوس التي تؤذيه وتضره، بل يحاربه بقوة ويتعوذ بالله من مكائده ونزغاته بقوة حتى يسلم من شره ومكائده.(7/330)
194 – نصيحة للموسوس في صلاته
س: تقول السائلة: إنها كثيرة الوسوسة في الصلاة، بم تنصحونها (1) ؟
ج: الواجب عليك أن تتقي الله سبحانه وتعالى وأن تحذري طاعة عدو الله الشيطان؛ لأنه عدو مبين كما قال سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (2) ، ونزل الله فيها سورة مستقلة وهي قوله سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (3) {مَلِكِ النَّاسِ} (4) {إِلَهِ النَّاسِ} (5) {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (6) وهو الشيطان، فالواجب عليك أن تحاربيه وأن تحذري مكائده ووساوسه، وألا تليني له؛ فإن الإنسان متى لان لعدو الله طمع فيه وأشغله في وضوئه وصلاته وسائر
__________
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 59.
(2) سورة فاطر الآية 6
(3) سورة الناس الآية 1
(4) سورة الناس الآية 2
(5) سورة الناس الآية 3
(6) سورة الناس الآية 4(7/330)
أحواله، فعليك بالرفض لوساوسه، إذا توضأت فانتهي ولا تعيدي الوضوء، ولا تقولي: أخاف كذا وأخاف كذا، إذا انتهيت وغسلت قدميك فانتهي واذهبي للصلاة، ومتى صليت فلا تعيدي، أخاف، قصرت في كذا، دعي هذه الوساوس، ومتى كبرت لا تعيدي التكبير، يكفي التكبير الذي مضى، ولا تقولي: أخشى، أخشى، كل هذا من عدو الله، المقصود من هذا أن تحاربي عدو الله محاربة قوية شديدة حتى تتخلصي منه وحتى لا يطمع فيك بعد ذلك، أما إذا أعطيته الليان وتساهلت معه فإنه سوف يطمع فيك، وسوف يضرك ضررا عظيما، وربما صيرك كسائر المجانين في تصرفاتك؛ لأنه غلب عليك بالوساوس، فاتقي الله واحذري عدو الله، وقولي أيضا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، تعوذي بالله من الشيطان الرجيم، واسألي الله أن يقيك عدو الله، وأن يعينك على محاربته، واستحضري عظمة الله عز وجل وذلك بطاعة أمره بالتعوذ من الشيطان وعدم الخضوع لوساوسه، وهذا مما يعينك على طاعة الله وعلى ترك الوساوس.(7/331)
195 – حكم الاستعاذة في الصلاة لمن وسوس له الشيطان
س: إذا أصبت بالوسوسة أثناء تأدية الصلاة، فهل أستعيذ بالله من(7/331)
الشيطان الرجيم وإن كنت في أثناء الصلاة؟ وجهوني! (1)
ج: نعم، السنة أن تستعيذ بالله من الشيطان ولو كنت في أثناء الصلاة، إذا غلب عليك الوسواس استعذ بالله، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ومن الأفضل أن تنفث عن يسارك ثلاث مرات تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وأن تلتفت يسيرا عن يسارك وتنفث عن يسارك وتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. هكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة لما اشتدت عليه الوسوسة، فقد أمره أن ينفث عن يساره ثلاث مرات ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الصحابي - وهو عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: ففعلت هذا فأذهب الله عني ذلك.
س: إذا جاءت الوسوسة المصلي خلال صلاته، فهل يجوز التعوذ أثناء الصلاة (2) ؟
ج: نعم، يسن له التعوذ إذا شغله الوسوسة فإنه يتعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات ويتفل عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 311.
(2) السؤال العشرون من الشريط رقم 336.(7/332)
الشيطان كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة بذلك، فالسنة له أن يتعوذ بالله من الشيطان ويتفل عن يساره ثلاث مرات، ويقبل على صلاته بقلبه، ويستحضر عظمة الله عز وجل، ويزول عنه الوسواس إن شاء الله.(7/333)
196 – حكم من يكثر شكه في الصلاة ونصيحته
س: تصف نفسها سماحة الشيخ تقول: إنها كثيرا ما تشك في الصلاة، وأنها كثيرة الوهم والشك أيضا، وهي تشكو من هذا الحال كثيرا، فماذا توجهونها؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: ننصحك بالحذر من وساوس الشيطان، أقبلي على الصلاة واحضري بقلبك بين يدي الله، واجتهدي في محاربة الشيطان والتعوذ بالله من الشيطان، قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا تضعفي أمام عدو الله، عليك بالقوة، كوني قوية ضد عدو الله وتعوذي بالله من الشيطان، واحضري بقلبك بين يدي الله في الصلاة، وأبشري بالخير متى صدقت في الحذر، أعانك الله عليه وكفاك الله شره.
__________
(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 341.(7/333)
197 – حكم تكرار قراءة الفاتحة بسبب السهو
س: السائل. أ. م. يسأل ويقول: أثناء الصلاة يحدث لي سهو مما أضطر إلى قراءة الفاتحة أكثر من مرة وكذلك التحيات، هل هذه الصلاة جائزة؟ وما الواجب علي نحو ذلك (1) ؟
ج: الصلاة جائزة، لكن المشروع لك ألا تكرر، تعوذ بالله من الشيطان ومن الوساوس، تقرأ الفاتحة مرة والتحيات مرة، لا تكرر، وإذا جاءت الوساوس تعوذ بالله من الشيطان، ولو كررت، الصلاة صحيحة والحمد لله.
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 356.(7/334)
198 – حكم من يشك في عدد الركعات
س: تسأل المستمعة وتقول: الشيطان يشككني في عدد الركعات في الصلاة، فماذا أفعل كي أبتعد عن ذلك؟ مأجورين. (1)
ج: إذا كان هذا يغلب عليك التشكيك فعليك بغلبة الظن، اعملي بظنك - والحمد لله - ويكفي، أما إذا كان إنما هو عارض فهذا عليك أن تعملي ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة، تبنين على
__________
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 385(7/334)
اليقين، إذا شككت صليت ثنتين أو ثلاثا اجعليها ثنتين وابني على اليقين وكملي الصلاة واسجدي للسهو، وإذا في الصيام شككت أنت شربت أو أكلت الأصل أنك ما أكلت شيئا، الأصل الصيام والحمد لله، أنت ما أكلت، هذا من الشيطان، وإذا شككت بعد الصلاة هل أنت صليت على طهارة أو ما أنت على طهارة، وأنت تعلمين أنك توضأت ولكن شككت هل أحدثت أو ما أحدثت فالأصل الطهارة وأنك ما أحدثت؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ذلك قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (1) » أما إذا غلب عليك وصارت الوساوس كثيرة فهذه من الشيطان، ولا تلتفتي إليها.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، برقم (137) ، ومسلم في كتاب الحيض، باب من تيقن الطهارة، ثم شك في الحديث، برقم (361) .(7/335)
199 – حكم صلاة من تنتابه الهواجس في الصلاة والتخلص من ذلك
س: الأخت. م. ع. من الباحة تسأل وتقول: أنا ولله الحمد محافظة على الصلاة، ولا أزكي نفسي، ولكن تنتابني بعض الهواجس والتفكير في الصلاة، فهل تبطل الصلاة؟ وما الطريقة الصحيحة(7/335)
لكي أتخلص من التفكير في الصلاة (1) ؟
ج: المحافظة على الصلاة من نعم الله العظيمة ومن أهم الفرائض وأعظم الواجبات على الرجال والنساء جميعا؛ لأن الصلاة عمود الإسلام وأعظم الأركان بعد الشهادتين، والله سبحانه يقول فيها: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) ، ويقول فيها سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (3) ، ويقول فيها عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (4) ، ويقول عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (5) ، {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (6) ، فنوصيك أيتها الأخت في الله بالعناية بها والإقبال عليها والخشوع فيها وإحضار القلب بين يدي الله إذا دخلت في الصلاة حتى تزول الأفكار والوساوس التي تخطر عليك، إذا تحرر القلب بين يدي الله، واستشعرت أنك بين يدي الله، وأنك تناجين ربك سبحانه ذهبت الوساوس والأفكار الرديئة، فنوصيك
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 127.
(2) سورة البقرة الآية 238
(3) سورة البقرة الآية 43
(4) سورة العنكبوت الآية 45
(5) سورة المؤمنون الآية 1
(6) سورة المؤمنون الآية 2(7/336)
بهذا؛ أن تحرصي جدا على حضور القلب بين يدي الله، وعلى محاربة الأفكار والوساوس غاية المحاربة، وأن تستشعري أنك بين يدي ربك، وأنك في أشد الحاجة إلى الضراعة إليه، واستحضار عظمته، والإكثار من ذكره، والتفكير فيما ينفعك، وأن هذه الصلاة عمود الإسلام، وأن الخشوع فيها من أهم المهمات، وهذا يعينك الله به على تلك الوساوس حتى تزول وحتى تذهب تلك الأفكار، وأبشري بالخير، وإذا غلبك شيء من ذلك فقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو في الصلاة قوليها، وانفثي عن يسارك ثلاث مرات كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه لما اشتكى إليه أن الوساوس تغلب عليه في الصلاة، أمره أن يتعوذ بالله من الشيطان، وينفث عن يساره ثلاثا، بذلك أسأل الله لك التوفيق والهداية.(7/337)
200 – حكم من ينسى بعض الآيات في الصلاة
س: سائلة تقول: إنها كثيرة النسيان، وإنها عندما تكون في الصلاة تنسى الآيات أو تخلط بينها، فماذا يجب أن تفعل؟ هل تعيد الصلاة (1) ؟
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 371.(7/337)
ج: عليها أن تستعيذ بالله من الشيطان، وأن تحرص أن تحضر قلبها بين يدي الله في الصلاة، تجمع قلبها على الله، تعرف أنها بين يدي الله، والواجب عليها إحضار قلبها بين يدي الله، والله سبحانه يقول: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) ، وعليها أن تحذر الشيطان، إذا جاءت الوساوس تتفل عن يسارها ثلاث مرات وتقول: أعوذ بالله من الشيطان. ولو في الصلاة تميل عن يسارها قليلا ولو بوجهها وتقول: أعوذ بالله من الشيطان. وتتفل، وهذا علاج يزيل الله به شر الشيطان، وقد أوصى به النبي بعض الصحابة، فعليها أن تستعيذ بالله، وتستمر في صلاتها ولا تعيد صلاتها ولا وضوءها، وتقرأ ما تيسر من الآيات بعد الفاتحة.
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 1
(2) سورة المؤمنون الآية 2(7/338)
201 – كيف يجتنب المرء الرياء وخاصة في الصلاة؟
س: سماحة الشيخ، أخاف الوقوع في الرياء، فماذا أفعل لاجتنابه وخاصة في الصلاة (1) ؟
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 116.(7/338)
ج: عليك أن تجتهد في إخلاص العمل لله، ولا تلتفت إلى وساوس الشيطان الذي يدعو إلى الرياء، وأما الخطرات التي قد تعرض للإنسان فلا تضره إذا حاربها، خطرات الرياء قل أن يسلم منها أحد، لكن بالمحاربة والحذر لا تضره، إذا أجمع قلبك على الإخلاص لله وأنك تصلي له، فالخطرات التي تخطر لا تضرك ولا تؤثر عليك إذا حاربتها وسألت الله العافية منها.(7/339)
202 – حكم الصلاة التي وسوس فيها الشيطان للإنسان
س: إذا وسوس الشيطان للعبد في صلاته ماذا يفعل؟ وهل صلاته صحيحة (1) ؟
ج: الصلاة صحيحة إذا أداها كما أمر الله بأركانها وواجباتها، فالوسوسة لا تبطلها ولكن تضعف الثواب، فليس للعبد من صلاة إلا ما عقل منها وأقبل عليها وخشع فيها لربه عز وجل؛ كما في الحديث: «إن العبد ليصلي وليس له من صلاته إلا نصفها، إلا ثلثها (2) » إلى آخره، فينبغي للمؤمن أن يقبل على صلاته - وهكذا المؤمنة - بخشوع وحضور
__________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 158.
(2) أخرجه أحمد في مسنده، حديث عمار بن ياسر، برقم (18136) ، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما جاء في نقصان الصلاة، حديث رقم (675) .(7/339)
قلب وطمأنينة حتى يكون ثوابها أكثر، والوسوسة إنما تأتي من الشيطان، فإذا حضر قلبه بين يدي الله واستحضر أنه قائم بين يديه وجاهد نفسه لله فإن الوساوس تقل بتوفيق الله، وإذا دعت الحاجة إلى التعوذ بالله من الشيطان لبقاء الوسوسة فإنه يستعيذ بالله من الشيطان، ينفث عن يساره ثلاث مرات ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وقد قال عثمان بن أبي العاص الثقفي الصحابي الجليل رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن الشيطان قد لبس علي صلاتي! فأمره أن يستعيذ بالله من الشيطان في الصلاة إذا وقع له ذلك، ففعل فأذهب الله عنه تلك الوسوسة.
فالمشروع للمؤمن والمؤمنة عند وجود هذه الوسوسة أن يستعيذ بالله من الشيطان وينفث عن يساره ولو في الصلاة ثلاثا، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن ذهبت الوسوسة بإقباله على الله وحضور قلبه بين يدي الله كفى ذلك والحمد لله، وإلا استعاذ بالله من الشيطان نافثا عن يساره يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وينفث عن يساره ثلاث مرات، ويزول بإذن الله.(7/340)
203 – حكم من يدخل في الصلاة ثم يقطعها ويحرم مرة أخرى
س: أشرع في الصلاة ثم أتذكر أنني لم أنو فأقطع صلاتي ثم أنوي ثم(7/340)
أشرع في الصلاة مرة أخرى، فهل ما فعلته صحيح (1) ؟
ج: هذا من الشيطان، فحين قمت للصلاة قد نويت الصلاة، فإذا قمت للصلاة هذه نية الصلاة، وقطعت فهو من تسويل الشيطان وتزيينه، إذا قمت إلى الصلاة فقد نويت الصلاة، ولا حاجة أن تقولي: نويت كذا وكذا، النية بالقلب تكفي، فمن أتى المسجد وقام مع الإمام إذا أقيمت الصلاة فقد نوى الصلاة، والمرأة إذا قامت لمصلاها فقد نوت الصلاة.
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 320(7/341)
204 – حكم تكرار الصلاة بسبب الشك في الطهارة
س: هل يجوز تكرار الصلاة إذا كنت قد شككت في وضوئي؟ وما العلاج إذا كان الشيطان يجعلني أعمل هذا في كل وضوء (1) ؟
ج: هذا من الشيطان، ليس عليك إعادة، بل عليك أن تحذر هذا وأن ترغم الشيطان ما دمت لا تعلم أنك على غير طهارة، وإنما هي وساوس، فالصلاة صحيحة وليس لك أن تعيدها أبدا، بل هذا من طاعة الشيطان، فالأصل الطهارة حتى تعلم يقينا أنك أحدثت، سئل النبي صلى الله عليه
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 418.(7/341)
وسلم، قيل: «يا رسول الله، الرجل يخيل له أنه أحدث في الصلاة؟ قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (1) » .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، برقم (137) ، ومسلم في كتاب الحيض، باب من تيقن الطهارة، ثم شك في الحديث، برقم (361) .(7/342)
205 – حكم من يشك بعد الصلاة بأنه لم يؤد حقها
س: الأخ. ع. ر. يسأل ويقول: أنا شاب أبلغ من العمر السابعة عشرة، إنني يا سماحة الشيخ مخلص في العبادة لله تعالى، وأؤدي الفروض الخمسة على أكمل وجه، ولا أستمع الأغاني ولا الموسيقى والحمد لله، لكن قضيتي أنني أحس بعد انتهاء كل فريضة أنني لم أوفها حقها، ولا أشعر أن صلاتي قد قبلت، أرجو أن توجهوني حول هذا – جزاكم الله خيرا – علما بأنني بعد ذلكم الإحساس أجلس أدعو الله وأتوسل إليه بالتوبة والمغفرة، أرجو إرشادي، جزاكم الله خيرا. (1)
ج: أسأل الله أن يزيدك خيرا، وأن يثبتنا وإياك على الهدى، واحمد ربك على ما يسر لك من الهداية، اسأل ربك الثبات على الحق، أما هذا
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 114.(7/342)
الذي يعتريك بعد الصلاة فهو من الشيطان ومن وساوسه الخبيثة ليؤذيك ويحزنك، فاتق الله واحذر هذه الوساوس، وأحسن ظنك بربك، والله وعد المؤمنين الصادقين قبول الأعمال، فلا ينبغي لك أن تخضع لوساوس عدو الله، وعليك أن تحسن ظنك بربك، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني (1) » وفي اللفظ الآخر: «وأنا معه حين يذكرني (2) » فاتق الله وأحسن ظنك بربك، ولا تظن به خلاف ذلك، واجتهد في أداء صلاتك بغاية العناية والخشوع والإقبال عليها، وأحسن ظنك بربك، وارجه سبحانه أن يتقبل منك، ولا توسوس ولا تسيء الظن بربك عز وجل، ولكنك ترجوه أن يقبلها منك، وأن تحسن ظنك بربك، ولكنك مع هذا تحرص على الاستقامة والإكمال كما قال الله عن أهل الإيمان والتقوى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} (3)
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب الحث على ذكر الله تعالى، برقم (2675) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب الحث على ذكر الله تعالى، برقم (2675) .
(3) سورة المؤمنون الآية 60(7/343)
{أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} (1) ، فعسى أن تكون من هؤلاء تخاف ربك وتخشاه سبحانه، وتوجل منه مع الجد في العمل، ولكنك تحسن به الظن في قبول أعمالك، وعدم ردها عليك، وأنت قد أحسنت فيها واجتهدت فيها، وأديت ما تستطيع، وهو القائل سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) ، نسأل الله لنا ولك التوفيق.
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 61
(2) سورة التغابن الآية 16(7/344)
206 – حكم من يكرر الوضوء أو الصلاة بسبب كثرة الوساوس
س: أنا فتاة أبلغ من العمر التاسعة عشرة، أعاني من كثرة الشك في طهارتي ووضوئي وصلاتي، فأنا أعاني من التفكير أثناء الصلاة، ولقد حاولت التغلب على هذه الأفكار ولكن لم أفلح، فأنا أغتسل للصلاة الواحدة أكثر من ثلاث مرات، رغم هذا لا أستطيع التغلب على هذه الأفكار، وأحيانا أعيد صلاتي عدة مرات دون جدوى، وأحيانا يصل بي الأمر للبقاء مدة ساعتين للصلاة الواحدة. ثم تستمر السائلة على هذا الحال لتصف حالها، وتستفسر منكم كيف(7/344)
تتصرف، وبالذات في شهر رمضان (1) ؟
ج: هذا من الشيطان، هذا العمل الذي أصابك من الوساوس، هذا كله من الشيطان، والله سبحانه يقول في كتابه العظيم: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} (2) ، فالإنسان يستعيذ بالله من الشيطان، ويقول جل وعلا: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (3) ، {مَلِكِ النَّاسِ} (4) ، {إِلَهِ النَّاسِ} (5) ، {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (6) ، {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} (7) ، {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} (8) ، فالواجب عليك أن تتعوذي من الشيطان، وألا تخضعي لعدو الله بهذه الوساوس، إذا دخلت في الصلاة فصلي الصلاة التي شرعها الله، كبري أولا، ثم استفتحي بقولك: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، هذا أفضل دعاء الاستفتاح، وإن استفتحت باستفتاح آخر مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كفى، ثم تقولين: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 323.
(2) سورة الأعراف الآية 200
(3) سورة الناس الآية 1
(4) سورة الناس الآية 2
(5) سورة الناس الآية 3
(6) سورة الناس الآية 4
(7) سورة الناس الآية 5
(8) سورة الناس الآية 6(7/345)
الرحمن الرحيم. ثم تقرئين الفاتحة: {الحمد لله رب العالمين} (1) ... إلى آخرها، ثم تقرئين ما تيسر معها من السور والآيات، ثم تكبرين: الله أكبر، وتركعين في الهواء معتدلة، وتضعين يديك على ركبتيك معتدلة ورأسك حذاء ظهرك، وتقولي: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ثم ترفعين رأسك وتقولين: سمع الله لمن حمده. تقولينها مرة واحدة، ثم تقفين مستقيمة، وتقولين: ربنا ولك الحمد، بعد الاستقامة والوقوف: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. وأنت واقفة مطمئنة خاشعة، وتضعين يديك على صدرك وأنت واقفة قبل الركوع وبعده، وأنت واقفة تضعين اليمنى على اليسرى على صدرك وأنت واقفة قبل الركوع وبعده، ثم تنحطين للسجود وأنت مكبرة الله أكبر، وتسجدين على الجبهة وعلى الأنف والكفين والركبتين وأصابع الرجلين معتدلة، وترفعين بطنك عن فخذيك معتدلة وتقولين: سبحان ربي الأعلى، وترفعين ذراعيك من الأرض وتعتمدين على
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 2(7/346)
كفيك في الأرض: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى - ثلاثا – وتدعين الله جل وعلا في السجود، الرب جل وعلا يحب الدعاء في السجود، ومن أسباب الإجابة الدعاء في السجود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (1) » فلتقل: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، بعد الثالثة تدعو: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره، اللهم اغفر لي وارحمني، اللهم أعذني من النار، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، اللهم أصلح قلبي. وتدعين الله بما تيسر، ثم ترفع وتقول: الله أكبر، وتجلسين على رجلك اليسرى، رجلك اليسرى تجلسين عليها واليمنى تنصبينها، وتقولين: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي – وأنت مطمئنة – اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني، اللهم أصلح قلبي وعملي. كل هذا دعاء لا بأس به، ثم تكبرين: الله أكبر، وتسجدين السجدة الثانية تقولين: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. الأفضل ثلاثا
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) .(7/347)
فأكثر، والواجب مرة واحدة، وكلما كررت فهو أفضل، وأقل الكمال وأدناه هو ثلاث، ثم تدعين ربك في السجود مثلما فعلت في السجدة الأولى، اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره. كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء، وإذا دعوت بدعاء آخر قلت: اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم اغفر لي ولوالدي. إذا كان الوالدان مسلمين، كله طيب في السجود، ثم تكبرين قائمة للركعة الثانية، تسمين بالله وتقرئين الحمد وما تيسر معها، ثم تركعين مثل الركوع الأول سواء، تخضعين وتطمئنين، وتضعين يديك على ركبتيك معتدلة ورأسك حذاء ظهرك، وتفرجين أصابعك على الركبتين، وتجافين العضدين عن الجنبين وأنت راكعة: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ولو مرة، الواجب مرة واحدة: سبحان ربي العظيم، والتكرار الثلاث أفضل، وما زاد فهو أفضل، وتقول مع هذا: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي - مثل ما تقدم – سبوح قدوس رب الملائكة والروح. إذا قلت هذا فهو طيب أيضا في السجود، كان النبي يقوله عليه الصلاة والسلام، ثم ترفعين قائلة: سمع الله لمن حمده، وأنت رافعة من الركوع، وبعد الانتصاب(7/348)
تقولين: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. والواجب: ربنا ولك الحمد. والباقي سنة، ثم تنحطين مكبرة: الله أكبر. وتسجدين مثلما فعلت في الركعة السابقة سجدتين، في كل سجدة تقولين: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، وتدعين الله فيها، تجلسين بينهما جلسة مطمئنة بين السجدتين، خاشعة مطمئنة على رجلك اليسرى وتنصبين اليمنى، تقولين: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ثم بعد الفراغ من السجدة الثانية تجلسين للتشهد الأول تقرئين التحيات، تتعلمينها، تدرسينها: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يقول هذا الرجل والمرأة، على المرأة والرجل جميعا، هكذا علم الأمة عليه الصلاة والسلام، علم أمته هذا التشهد، والأفضل أن تصلين على النبي: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. كالرجل سواء، ثم تقومين للثالثة، الظهر والعصر(7/349)
والمغرب والعشاء، وإن قمت قبل الصلاة على النبي بعد قولك: أشهد أن محمدا عبده ورسوله، كفى، ولا شيء في ذلك، ولكن الأفضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا التشهد، ثم القيام للثالثة تقومين مكبرة رافعة يديك عند التكبير عند القيام للثالثة كما ترفعين للإحرام كما في التكبيرة الأولى، وعند الركوع وعند الرفع منه، ترفعين يديك مثل الرجل، تقولين عند الرفع: الله أكبر، عند الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه، رافعة يديك عند التكبير وعند التسميع عند رفعك من الركوع، عند قولك: سمع الله لمن حمده، تكونين رافعة يديك كالرجل، وعند القيام للثالثة من التشهد الأول ترفعين يديك مكبرة: الله أكبر. رافعة يديك كالرجل، ثم تكملين الصلاة، إن كانت أربعا صليت الثالثة والرابعة، تقرئين الفاتحة فقط، تكفي الفاتحة الحمد، ثم بعد ذلك إن كان عند الرابعة تأتين بهذا التشهد: التحيات لله، إلى آخره، وتصلين على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تقولين: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. وتدعين أيضا بعد هذا الدعاء كالرجل: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر لي ولوالدي – إذا كان والداك مسلمين – اللهم أجرني من(7/350)
النار، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك – كله طيب – اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كبيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، كله طيب، كالرجل سواء، تدعين الله بما تيسر قبل السلام، ثم تسلمين تسليمتين عن اليمين والشمال، السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. هذا هو المشروع، وهذا التسليم لا بد منه، فرض لا بد منه، وبذلك تمت الصلاة، وإياك والوساوس، فإذا فعلت هذا فقد انتهت الصلاة ولا تعيديها، ولا تطاوعي الشيطان ولا تعيدي القراءة، اعلمي أنه من الشيطان، إذا وسوس في قلبك أنك ما فعلت قولي: كذبت – في نفسك – تكذبين بنفسك بقلبك، لا تطاوعيه، كملي الصلاة وانتهي منها، ولا تعيديها ولا الوضوء، حتى الوضوء إذا فرغت منه لا تعيديه ولا تطاوعي الشيطان، أنت ترين أعضاءك قد غسلتها والحمد لله، والصلاة كذلك، إذا فعلت ما ذكرنا فأنت قد صليت، واتركي الوساوس ولا تطاوعي عدو الله بإعادة الصلاة، بل اعلمي أنك بحمد الله انتهيت، وأن عدو الله إذا قال لك: ما صليت أو ما فعلت كذا، فهو كذاب، فاحذريه، قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو في الصلاة، إذا أشغلك قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.(7/351)
واتفلي عن يسارك ثلاث مرات، قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو كنت في الصلاة، النبي صلى الله عليه وسلم علم بعض الصحابة ذلك، فقد جاءه رجل من الصحابة فقال: «يا رسول الله، قد لبس الشيطان علي صلاتي. قال: اتفل عن يسارك ثلاث مرات وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (1) » قال الصحابي: فعلت فأذهب الله عني ما وجدت – يعني زالت الوساوس – فأنت وهكذا غيرك من الناس من الرجال والنساء الذين يصابون بالوساوس عليهم أن يحذروا عدو الله، وأن يتعوذوا بالله من الشيطان، وألا يعيدوا وضوءا ولا صلاة، بل يكتفون بالمرة الواحدة، ولا ينقادون للشيطان إذا قال: ما فعلت، ما فعلت. لا بل يكذبه بقلبه، يرغمه ويستعيذ بالله من شره، ولا يطاوعه، هذا هو الواجب على كل مسلم ومسلمة، وفقنا الله وإياك للاستقامة، وأعاذنا وإياك من طاعة الشيطان، وأعاذنا أيضا وجميع المسلمين من طاعته ووساوسه.
__________
(1) أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة حديث رقم (4083) .(7/352)
207 – حكم صلاة من يفكر ويسهو فيها
س: السائل. م. إ. ع. من الأردن يقول: عندما أصلي بعض الأحيان(7/352)
يدور في عقلي شيء وأصبح أفكر فيه وأسهو أحيانا، فماذا علي (1) ؟
ج: المشروع لك أن تعتني بالصلاة، وأن تقبل عليها بقلبك وقالبك، تجتهد بأحوال قلبك، والحذر من الوساوس حتى تكمله، وإذا عرض لك الوسواس أكثر فانفث عن يسارك ثلاثا ولو في الصلاة، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه: اشتكيت للنبي صلى الله عليه وسلم كثرة الوساوس في الصلاة فأمرني أن أنفث عن يساري ثلاثا، وأن أتعوذ في الصلاة من الشيطان. قال: ففعلت، فذهب عني ذلك. أذهب الله عنه تلك الوساوس، فأنت أقبل على صلاتك واجتهد في إحضار قلبك، إذا غلب الوسواس فانفث عن يسارك ثلاث مرات ولو في الصلاة، وتعوذ بالله من الشيطان، وأبشر بالخير.
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 275.(7/353)
208 – حكم من لم يتذكر ما قرأ في الصلاة
س: إذا صلى الإنسان ولم يتذكر ما قرأ في الركعة الأولى أو الثانية، فما حكم صلاته (1) ؟
__________
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 254.(7/353)
ج: إذا كان ذلك بعد النهاية أو بعد فراغه منها لا يضره، إنما إذا كان في أثنائها وشك هل قرأ الحمد أو ما قرأ الحمد يعيدها إلا إذا كان عنده وسواس، فيترك هذا ويبني على ظنه أنه قرأها والحمد لله. أما إذا كان لا يعرض له ذلك وإنما جاء له شيء عارض توقف، هل قرأ الفاتحة أو ما قرأها، فإنه يقرؤها، أما بعد ما فرغ منها طرأ عليه الشك لا يلتفت إليه، هذا من الوساوس.(7/354)
209 – حكم من يكرر الركن في الصلاة أكثر من مرة
س: الأخ. س. م. ص. من الأردن يسأل ويقول: أنا في الصلاة أعيد الركن أكثر من مرة، وذلك نتيجة للنسيان وعدم التركيز والوسوسة، بم تنصحونني؟ جزاكم الله خيرا. (1)
ج: ننصحك بالحذر من هذا؛ لأن هذا من طاعة الشيطان، فننصحك بالحذر من الوساوس وأن تتعوذ بالله من الشيطان عند وجودها، وألا تعيد الأركان، متى قرأت تجزم على أنك قرأت واترك العودة، ركعت كذلك، سجدت كذلك، وهكذا، لا تطاوع الشيطان، بل استمر في
__________
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 253.(7/354)
صلاتك على أنك فعلت الركن حسب ما في علمك وفي اجتهادك، فلا تطاوع الشيطان في الشك الذي يجعلك تعيد الركن ظنا منك أنك لم تفعله، هذا كله من طاعة الشيطان، ولكن استمر على العمل وأنت تجزم أنك فعلت وتغلب الشيطان حتى تكمل.(7/355)
210 – حكم صلاة من يحدث نفسه في الصلاة بالأمور الدنيوية
س: سائل يقول: كثيرا ما أحدث نفسي أثناء الصلاة بأمور دنيوية، فهل يؤثر ذلك على صحة الصلاة (1) ؟
ج: الوسوسة في الصلاة وحديث النفس يؤثر في خشوعها وفي الأجر الذي يحصل لك، وليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها وأقبلت عليه بقلبك، واحرص على ترك الوساوس والحديث في أمور دنياك، واجتهد في إقبالك على الصلاة، يقول الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3) ، وفي الحديث الصحيح يقول
__________
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 272.
(2) سورة المؤمنون الآية 1
(3) سورة المؤمنون الآية 2(7/355)
صلى الله عليه وسلم: «ليس للعبد من صلاة إلا عقل منها (1) » المقصود أنك تجتهد في إقبالك على الصلاة وإحضار قلبك والخشوع فيها والحذر من الوساوس وأحاديث النفس التي تشوش عليك صلاتك.
س: أرجو من الله تعالى أن تجدوا لي حلا شافيا لحالة السرحان في الصلاة، ذلكم أنني أرغب أن أقبل على الله تعالى بحب وخشوع، وأترقب موعد الصلاة، وأتعوذ بالله من الشيطان كثيرا، إلا أنني أسرح كما ذكرت، وأتذكر مشاغل الدنيا، فماذا أفعل أرجوكم إنني أتعذب كثيرا كثيرا (2) ؟
ج: ننصحك بالتعوذ بالله من الشيطان إذا دخلت في الصلاة وحدث
__________
(1) قال الحافظ العراقي في المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار: '' حديث ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها، لم أجده مرفوعا، وروى محمد بن نصر المروزي في كتابة الصلاة من رواية عثمان بن أبي دهرش مرسلا: لا يقبل الله من عبد عملا حتى يشهد قلبه بدنه، ورواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي بن كعب، ولابن المبارك في الزهد موقوفا على عمار: لا يكتب للرجل من صلاته ما سها عنه ''. إحياء علوم الدين: 1 / 160، باب اشتراط الخشوع وحضور القلب.
(2) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 294.(7/356)
عليك هذا السرحان – يعني هذه الوسوسة والمشاغل – فاتفلي عن يسارك ثلاث مرات، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، وتسلمين إن شاء الله منه، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بهذا بعض الصحابة ففعله، قال: فلم يعد لهذا الأمر – يعني نجا منه والحمد لله – فأنت عليك بقوة في التعوذ بالله من الشيطان؛ لأن هذا من الشيطان عدو الله، الشيطان عدو لك ولغيرك من المسلمين، فعليك بالقوة إذا دخلت للصلاة فكوني قوية ضد عدو الله وأقبلي على الصلاة، واحضري بقلبك في القراءة وغيرها، وإذا جدت معك الوسوسة فاتفلي عن يسارك ثلاث مرات ولو أنك في الصلاة، التفتي قليلا يسارا واتفلي، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وبهذا تسلمين إن شاء الله، ولا يعود لك السرحان، هذا فعله عثمان بن أبي العاص الثقفي بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فما وجدت بعد ذلك شرا.(7/357)
211 – حكم من يقطع صلاته إلى النافلة بحجة أنه لم يعطها حقها
س: ما حكم الشرع في نظركم في الشخص الذي يصلي في صلاة الفريضة، لكنه إذا أحس في الركعة الأولى أو في الثانية يحس بأنه لم يعط الصلاة حقها فيحول هذه الصلاة إلى نافلة، ثم بعد(7/357)
ذلك يشرع في أداء الصلاة المفروضة (1) ؟
ج: ينبغي للمؤمن الحذر من الوساوس، فإذا أيقن أنه دخل في الصلاة المعينة الفريضة الظهر أو العصر، ثم وسوس يلغي هذه الوساوس، ويستمر في صلاته ويكملها، لأنه إذا تساهل مع الوساوس لعب عليه الشيطان وأشغله، فالواجب في مثل هذا الحذر في إعطاء النفس هواها بالوساوس، وإذا أحس بشيء يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويستمر ما دام يعلم أنه دخل في الصلاة على بصيرة، فإنه يتمها ولا يلتفت للوساوس بالكلية، بل يلغيها ويحذرها لئلا يفتح بابا للشيطان عليه فيؤذيه.
__________
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 381.(7/358)
212 – حكم صلاة من يرى أنه لم يتدبر الفاتحة فيعيد قراءتها
س: إذا سها الإنسان في صلاته وقرأ سورة الفاتحة دون أن يتدبرها، ولم يتذكر ذلك إلا بعد الانتهاء من قراءتها، وأحيانا لا يدري هل قرأ سورة الفاتحة أم لا، وهذا كله أثناء الصلاة رغم اجتهاده، فهل عليه يا سماحة الشيخ أن يعيد قراءة ذلك أم لا(7/358)
يجوز له ذلك، وما العمل في هذه الحالة (1) ؟
ج: إذا كان الشيء عارضا يعيد إذا شك هل قرأ الفاتحة أو ما قرأها يقرؤها، أما إذا كان عن وساوس يكثر عنده ذلك فيطرح الوساوس، ويبني على أنه قرأها ويترك الوسوسة ويتعوذ بالله ولا يعيدها؛ لأن الشيطان حريص على إفساد أعمال بني آدم، فإذا كان شيئا عارضا فإنه يعيدها يقرؤها حتى يتحقق أنه قرأها، أما إذا كان وسوسة هذا يترك ذلك، وإذا وقع عليه هذه الوساوس يبني على أنه قرأها ولا يعيدها، والحمد لله.
__________
(1) السؤال السابع من الشريط رقم 401(7/359)
213 – حكم من تأخذه الوساوس خشية أن يكون المكان الذي صلى فيه غير طاهر
س: يقول السائل: إن له إخوة صغارا، وإذا صلى في البيت تأخذه الوساوس خشية أن يكون المكان الذي صلى فيه غير طاهر، ما توجيهكم سماحة الشيخ (1) ؟
ج: الأصل في الأرض الطهارة، والأصل في الفرش الطهارة، هذا هو
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 306.(7/359)
الأصل، فلا مانع أن تصلي على الأرض والفراش، إلا إذا علمت يقينا أنه أصابته نجاسة، وإلا فالأصل الطهارة ولو كان عندك صغار، الأصل الطهارة في الأرض والفراش، ولا حرج أن تصلي النافلة على هذا الفراش أو على هذه الأرض، أما الفريضة فعليك أن تصلي مع الناس في المساجد، لكن إذا اتخذت مصلى يكون أحسن، فاتخذ مصلى لك معروفا في بعض بيتك تصلي فيه النوافل، أو يكون سجادة خاصة تصلي عليها، تحفظها لك عندما تصلي تهجدك أو النوافل، حتى يطمئن قلبك إلى أن مصلاك طاهر وإلا فالأصل الطهارة والحمد لله.(7/360)
214 – حكم من يخرج عليه الوقت بسبب الوسوسة في الوضوء
س: سائلة تقول: أنا فتاة أعاني من الوسواس، حيث إنني لا أصلي بعض الصلوات في أوقاتها دائما، هكذا حيث إنني أمكث في الوضوء من الأذان حتى آخر وقت الصلاة، وأحيانا خارج وقتها لأنني لا أتأكد من وصول الماء إلى كل جزء من أعضاء الوضوء، فأظل أدلك العضو حتى أتأكد تماما من إسباغه، ولكنني أريد أن أكون مثل الناس، حتى لا أستغرق هذه المدة الطويلة التي(7/360)
تزعجني وتزعج أهلي كثيرا، فوجهوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: هذا العمل منكر لا يجوز لك، هذا من سبيل تزيين الشيطان، والشيطان عدو يأتي الناس من جهة الدين حتى يزين لهم الوسوسة والشدة والمبالغة التي ما شرعها الله، فالواجب عليك أن تتوضئي كما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، ويكفي لهذا مدة يسيرة خمس دقائق أو عشر دقائق تتوضئين، وإذا كان هناك بول أو غائط تستنجين في حالات قليلة بعد الفراغ من البول أو الغائط، تغسلين محله بالماء حتى يعود إلى حاله الأولى يكفي، أو بالاستجمار بالمناديل ونحوها ثلاث مرات أو أكثر حتى يزول محل الأذى بالكلية، ثم تتمضمضين وتستنشقين ثلاث مرات بثلاث غرفات ويكفي مرة، ثم تغسلين وجهك ثلاث مرات ويكفي مرة أو مرتين، ثم تغسلين ذراعيك ثلاث مرات ويكفي مرة أو مرتين مع المرفقين، ويكفي لو ما دلكت، والمرور عليها يكفي على الذراعين، ثم تمسحين رأسك وأذنيك مرة واحدة، ثم تغسلين رجليك كل رجل مرة أو مرتين، وأكثرهما ثلاثا مع الكعبين، ويكفي لهذا خمس دقائق أو ست دقائق أو ثمان دقائق، أما
__________
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 306.(7/361)
الجلوس والدلك والتكرار والإسراف في الماء فعل هذا من الشيطان، وهذا منكر وعليك التوبة إلى الله، والحذر من هذا العمل السيئ، وأن تعملي بما شرع الله من الوضوء السمح الميسر، وفي دقائق قليلة، نسأل الله لك العافية والهداية.(7/362)
215 – بيان طرق معرفة القبلة
س: يقول السائل: كيف يمكن تحديد اتجاه القبلة في الليل والنهار (1) ؟
ج: هذا يختلف باختلاف علم الناس، والناس يختلفون في هذا العلم، فالذي عنده بوصلة يعرف عن طريق البوصلة، والذي ما يعرف هذا يمكن أن ينظر إلى الشمس طلوعها وغروبها، إذا كان يعرف في بلاده هل الكعبة عند الجنوب يستقبل الجنوب، إذا كانت الكعبة عند الشمال يستقبل الشمال، الكعبة عند الغرب يستقبل الغرب، الكعبة عند الشرق يستقبل الشرق، هكذا، والجهات تكفي، فإذا كان في جهة الشرق استقبل المغرب، وإذا كان في جهة المغرب استقبل الشرق، وإذا كان
__________
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 236.(7/362)