سلم المتعلم المحتاج
إلى معرفة رموز المنهاج
تصنيف
الفقيه المحقق السيد أحمد ميقري شميلة الأهدل
اعتنى به
فهد عبد الله محمد الحبيشي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم وبعد.
فإن عطاء هذه الأمة معين لا ينضب، وإن تراثها الفقهي لثري يغنيها عن التكفف على موائد الآخرين .
وإن من أوجه عظمة هذا الدين أن سخر الله لخدمته رجالاً أنفقوا الغالي والرخيص في سبيل المحافظة عليه، وتبيينه وتعليمه، والغوص في دقائقه والاستنباط من نصوصه، وتقديم جهدهم هذا سهلاً ميسوراً لمريدي تعلمه وتعليمه، وطالبي التفقه في دين الله عز وجل.
وقد كان من أهم ما حوته مكتبتنا الفقهية، كتاب (منهاج الطالبين) لمؤلفه الإمام يحيى بن شرف النووي رحمه الله، والذي يعد من أهم كتب الإمام، والذي يشتمل على الكثير من المسائل التي يكثر دورانها وتتكرر في حياتنا اليومية،الفردية أو المجتمعية، والتي تصل تعداد مسائله منطوقاً إلى سبعين ألف مسألة، أما مع االمسائل المفهومة فأكثر من ذلك بكثير.
هذا وقد اختصر الإمام النووي كتابه (المنهاج) من كتاب (المحرر) للإمام الرافعي رحمه الله تعالى .
ولعظم أهمية هذا الكتاب فقد اهتم به العلماء وطلاب العلم، إذ صار مرجعاً للمفتين وعمدة للمتفقهين .
وقد توالت العديد من الكتب والرسائل والأبحاث التي خدمت هذا الكتاب عبر العصور التالية، والتي اختلفت أغراضها، وتنوعت أشكالها وأساليبها بين شرح، وحاشية وتعليق، وذكر أدلة، وإيضاح مشكل، وتبيين غريب، واستدراك، واختصار، ونظم وغيرها.
ومنها ما هو موسوعي، وما هو مختصر، وما هو بينهما، ومنها ما وفّى بالمراد و ما لم يوف، و ما أكمل وما لم يكمل.(1/1)
كما أن قضية الترميز الفقهي قضية مهمة جداً؛ إذ بها تختصر الكثير من الجمل والعبارات، وهذا كان من المطالب الأساسية في صياغة المتون، وكان بيان هذه المصطلحات أمراً مهماً؛ كي لا تلتبس المسائل أو النقول بعضها ببعض، فاعتنى الفقهاء ببيان معاني تلك الرموز والمصطلحات.
ومن هنا كان الاهتمام ببيان مصطلحات الإمام النووي في كتابه المنهاج والذي هو عمدة المفتين على مذهب الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- وهذه الرسالة التي بين أيدينا تندرج في هذا الإطار، وخادمة لهذا المجال.
فقد كان من بين الرسائل التي خدمت هذا الكتاب الجليل، هذه الرسالة الرائعة التي بين أيدينا، والمسماة بـ(سلم المتعلم المحتاج) لمؤلفها الشيخ المحقق السيد: أحمد ميقري شميلة الأهدل -رحمه الله تعالى- والتي خصصها لإيضاح كثير من القضايا التي تهم كل عالم وطالب علم، خاصة للمتخصص في الفقه الشافعي.
فقد بين وشرح فيها مؤلفها معاني الرموز الفقهية التي ذكرها الإمام النووي في كتابه المنهاج -ومثله غيره من كتبه- بأسلوب سهل وجميل ومرتب، كما بين كثيراً من القضايا المهمة التي لها تعلق بهذا الموضوع.
وقد ابتدأ المؤلف رسالته ببيان سبب تأليف الرسالة، وهو أن أحد الأخوان طلب منه بيان رموز ومصطلحات المنهاج مع ذكر أمهات المنهاج ومؤلفيها، وذكر وفياتهم، وهذه كانت عادة العلماء غالباً أنهم لا يؤلفون من تلقاء أنفسهم بل كان غالبهم لا يؤلف إلا بطلب من تلاميذه أو من أقرانه أوغيرهم، لأنهم كانوا يرون أنفسهم أقل من أن يستقلوا بالتأليف ابتداءا.(1/2)
وبين المؤلف أن ما جاء في رسالته من أبحاث ليس جديداً أو مبتكراً بل هو مسبوق ببيان الشراح وأصحاب الحواشي لها، ويذكر المؤلف عن نفسه بأنه ناقل وليس بقائل، وهذا في حقيقته لا يغض من مستوى الرسالة بل على العكس يعطيها قوة أكبر لكونها تعتمد على كلام جهابذة المذهب، كما أن غرض التأليف لا يقتصر على الابتكار في الأفكار فقط كما هم معلوم بل هناك أغراض أخرى منها جمع شتات ومتفرقات موضوع معين كان موزعاً في كتب شتى ونظمها في سلك مؤلف واحد يسهل للباحث والقارئ وطالب العلم مطالعته وقراءته فيكسب الجهد والوقت.
هذا وقد قسم المؤلف رسالته هذه إلى أربعة فصول:
تناول في الفصل الأول ذكر المنهاج ومؤلفه وذكر من اعتنى بحفظه واختصاره ونظمه وشرحه ذكر فيه سنده لكتاب المنهاج، ومختصرات ومنظومات وشروح المنهاج ومعتمد الفتوى وغيرها.
وخصص الفصل الثاني لذكر أمهات المنهاج التي اختصر منها وهي المحرر للرافعي والوجيز للغزالي مع بيان بعض الشروح التي خدمت هذه الكتب.
أما الفصل الثالث فكان لبيان مصطلحات الإمام النووي في كتبه وما يقدم منها إذا اختلف بعضها عن بعض، فبين كتب النووي ومراتبها، ثم دلف لبيان المصطلحات، مع بيان قضايا مهمة مثل زيادات النووي على المحرر، والمسائل الضعيفة في المنهاج، ومنزلة اختيارات النووي في المذهب وغيرها.
أما الفصل الرابع فكان في اصطلاحات صاحب التحفة والنهاية والمغني وغيرهم من الفقهاء وذكر اصطلاحات مهمة ينبغي لطالب العلم الإلمام بها ومعرفتها، والمؤلف في رسالته هذه لم يخلها من الفوائد التي تكون أحياناً خارجة عن موضوعه بيد أنه يرى أن بيانها مفيد نظراً لتعلقها بما طرقه أو لكي يزيل سآمة القارئ -إن حصلت- بذكر فائدة أو لطيفة فقهية أو نحوية أو غيرهما كما في مسألة حكم كتابة العلم ، وفي إعراب كذا، وإغناء الطباعة عن الكتب وغيرها.
هذا وقد جمع المؤلف شتات هذا الموضوع من كتب متعدده أهمها:-
الفوائد المدنية.(1/3)
الفوائد المكية.
مطلب الإيقاظ.
تحفة المحتاج.
نهاية المحتاج.
مغني المحتاج.
وبالجملة فإن هذه الرسالة ثمينة جداً، وبسبب ثرائها ووضوحها وترتيبها الجميل تمنيت لو تطبع؛ كي يستفاد منها، وبحمد الله ها هي الآن تخرج لطلاب العلم بحلة قشيبة .
هذا وقد بذلت في خدمتها جهداً طيباً يتلخص في الآتي:-
عزو المواضع المنقولة إلى مصادرها.
ترجمة الأعلام.
إيضاح الألفاظ الغريبة.
عنونة كل موضوع غير الفصول فهي من وضع المؤلف.
التعليق على المواضع التي تحتاج إلى ذلك.
وفي الأخير أسأل الله عز وجل أن يتقبل عملي هذا، وأرجو أن يدعو كل من قرأ هذه الرسالة لمؤلفها والمعتني بها، والحمد لله رب العلمين.
فهد عبد الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الشريعة الغراء منهاجاً ساطعاً للطالبين، وسلماً يرقى به إلى الفوز برضا رب العالمين.
أحمده سبحانه وتعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، جاءنا بالهدى والبينات، وأوضح سبل الخير والدلالات، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد سيد الأنام، وعلى آله وصحبه البررة الكرام وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.
فإن كتاب منهاج الطالبين في الفقه على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى كتاب عظيم القدر، كثير النفع، شهير الفائدة، غزير البركة على من اشتغل بقراءته وتحقيقه.
وكيف لا! وهو كتاب يعتبر واسطة عقد النظام بين المطولات والمختصرات ومؤلفه هو من اشتهرت جلالته بين العلماء كافة، واعترف بفضله الموءالف والمخالف، فهو العلامة المتقن محرر المذهب الإمام النووي رحمه الله تعالى .
وقد قام فحول العلماء وجهابذة الفقهاء بخدمة هذا الكتاب شرحاً وإعراباً وتعليقاً واختصاراً ونظماً، كلٌ منهم على حسب ما فتح الله عليه، راجين بذلك خدمة العلم وطلابه، وحصول بركة الإمام النووي وكتابه.(1/4)
وممن شارك في خدمة هذا الكتاب بما ينفع الطلاب فضيلة العلامة سلالة الأمجاد وشريف الآباء والأجداد الفقيه المحقق السيد: أحمد ميقري شميلة الأهدل رحمه الله تعالى، فقد ألف رسالة صغيرة الحجم، كبيرة العلم، كثيرة النفع سماها (سلم المتعلم المحتاج إلى معرفة رموز المنهاج) أتى فيها بما لا يستغني عنه طالب العلم، خصوصاً من اشتغل بقراءة المنهاج وغيره من كتب الفقه في مذهب الشافعية.
ونبه فيها على بعض ما يحتوي عليه كتاب المنهاج من جواهر المسائل وغرر الفوائد، بل قد تكون قراءة هذه الرسالة من الضروريات لمن يشتغل بقراءة المنهاج.
هذا وقد كنت والحمدلله تحصلت على الرسالة المذكورة في أيام طلبي للعلم باليمن، وطالعتها واستفدت منها فائدة عظيمة.
ثم قرأها عليّ بعض طلبة العلم فازددت بها فائدة، ثم لما هاجرت إلى مكة المكرمة فقدت مني تلك النسخة، وكنت شديد الحسرة عليها؛ لكونها عزيزة الوجود، حيث لم تطبع؛ فلا توجد إلا نادراً، ولكن لازلت مستحضراً لها في ذاكرتي حتى يسر الله لي وجود نسخة ساقها الله إلي بواسطة بعض الأصدقاء المحبين؛ ففرحت بها فرحاً شديداً، وأمرت بعض تلامذتي أن يقرأها علي في حلقة الدرس بمكة المكرمة ـ درس نهاية المحتاج شرح متن المنهاج ـ فكانت قراءة هذه الرسالة لها مناسبة عظيمة استفاد منها جميع الطلاب، ولله الحمد.
ترجمة مؤلف الرسالة
مؤلف هذه الرسالة هو السيد العلامة المحقق الفقيه المدقق المتفنن ذو التآليف المفيدة والتصانيف النافعة: أبو محمد أحمد ميقري بن السيد أحمد بن السيد عبدالرحمن بن السيد حسين بن السيد علي الملقب شميلة بن السيد حسن بن السيد محمد بن عبدالباري الأهدل، أحد السادة الأهدليين، وسلالة البضعة الطاهرة بضعة سيد المرسلين.(1/5)
ولد رحمه الله تعالى بمدينة المراوعة(1) عام ألف وثلاثمائة وستة وثلاثين (1336) هجرية.
وكانت مدينة المراوعة كعبة الطلاب من مختلف البلدان، فكانت تضاهي مدينة زبيد(2)؛ لما بها من كثرة الوافدين لطلب العلم؛ ولما فيها من علماء أجلاء محققين، أنفقوا نفائس أوقاتهم في النهل من نمير العلم في مختلف الفنون، وعمروا أوقاتهم بالمطالعة والتدريس والإفتاء، وقد ساعدهم على ذلك توفيق الله عز وجل وإخلاصهم وإقبال الطلاب على التعلم، إضافة إلى ما هم فيه من الزهادة والورع وكثرة التنسكات، فغالبهم لا يفوته قيام الليل مهما كانت الأحوال، وجلهم بل كلهم يحفظون القرآن عن ظهر قلب، وعلى الجملة فأرواحهم طاهرة وأسرارهم ظاهرة.
نشأ المترجم له في هذه البيئة العلمية، فقرأ القرآن برواية قالون عن نافع وأتقن القراءة والكتابة ومبادئ الحساب وغير ذلك، ثم قصد حلقات العلم المنعقدة في المساجد والبيوت برغبة أكيدة وذكاء حاد، حتى كان من رآه في تلك السن ورآى اجتهاده وهمته أيقن أنه سيكون من كبار العلماء وقد كان كذلك .
فلازم شيخ الإسلام السيد عبدالرحمن بن محمد الأهدل، وقرأ عليه في التوحيد والتفسير وعلومه، والحديث وعلومه، وفي العربية بجميع فروعها، والفقه وأصوله والمنطق وغير ذلك من العلوم الأدبية والعقلية.
كما أخذ عن السيد العلامة عبد الرحمن بن حسن الأهدل.
__________
(1) المراوعة مدينة تهامية شرقي الحديدة بمسافة 35 كم يعود تاريخ عمارتها إلى القرن الثالث الهجري (معجم المقحفي)
(2) زبيد بفتح أوله وكسر ثانيه ثم ياء مثناة من تحت اسم واد به مدينة يقال لها الحصيب ثم غلب عليها اسم الوادي فلا تعرف إلا به وهي مدينة مشهورة باليمن أحدثت في أيام المأمون وبإزائها ساحل غلافقة وساحل المندب وهو علم مرتجل لهذا الموضع ينسب إليها جمع كثير من العلماء منهم أبو قرة موسى بن طارق الزبيدي قاضيها (معجم البلدان3/131)(1/6)
وعن السيد العلامة محمد بن حسن بن عبد الباري الأهدل وغيرهم من أسرته وآبائه بني الأهدل، وجد واجتهد حتى بلغ درجة الفضلاء والعلماء.
وتصدر للتدريس والإفتاء بعد أن منحه شيوخه الإجازة العلمية، فاستفاد به كثير من طلبة العلم.
وقد تتلمذ على يده الكثير منهم ممن كانوا يحضرون دروسه التي كان يلقيها في المسجد أو في بيته، وكانت دروسه متميزة بالتدقيق، متسمة بالتحقيق لا ينتقل من عبارة إلى أخرى إلا بعد أن يوفيها حقها من الشرح والإيضاح.
وقد أخذ عنه خلق كثير وهم على قسمين:
قسم يعتبر من أقرانه وزملائه، ولكنهم أخذوا عنه لما لديه من التحقيق منهم:
أخونا العلامة الشيخ عبد الله بن سعيد اللحجي المقيم معنا في مكة المكرمة.
ومنهم صديقنا وزميلنا العلامة السيد يوسف بن السيد محمد طاهر الأهدل رحمه الله تعالى.
ومنهم الفقيه العلامة السيد محمد إبراهيم محمد طاهر الأهدل.
ومنهم عبد الله بحر بغداد الأهدل.
والسيد أحمد بن محمد شعيب الأهدل.
والسيد حسن بن السيد علي بحر الأهدل
وأخوه شقيقه العلامة السيد حمود بن أحمد شميلة الأهدل .
وقسم لم يشاركه في مشايخه منهم:
الأستاذ العلامة السيد عبد الرحمن بن عبدالله شميلة الأهدل، وهو الذي وافانا بمعظم هذه الترجمة للمؤلف.
والدكتور العلامة السيد محمد بن عبد الرحمن شميلة.
وأخونا وابننا وتلميذنا القاضي العلامة محمد بن قاسم عمر الصباغ، وهو الآن عضو محكمة الاستئناف ببندر الحديدة(1).
وأخوه تلميذنا الأستاذ عبدالله بن قاسم عمر الصباغ المشهور [عبدالله عبيد] وغيرهم كثير كلهم مستفادون من غزير علمه، وثاقب فهمه.
وقد كان صاحب الترجمة ذا وجاهة بين العامة والخاصة، كلهم يعترفون بجلالة قدره، ويحترمونه لعلمه وشرفه وفضله.
__________
(1) الحُدَيدة: أكبر مدن تهامة الآن، وأشهر موانئ اليمن على البحر الأحمر، ويرجع تاريخها إلى القرن الثامن الهجري، وهي على بعد 226كم من صنعاء غرباً. (معجم المقحفي)(1/7)
وقد شغل منصب القضاء في مدينة المراوعة نيابة عن قاضيها في ذلك الوقت مدة أربعة أشهر، أبرز خلالها مهارة فائقة في القضاء، وأصدر فيها عدة أحكام، وقد وافق على تصديقها رجال التمييز وهيئات الاستئناف من كبار علماء الدولة فلم ينقض منها حكم واحد أصلاً.
وقد كان مرضياً بين المجتمع للإصلاح بين الناس؛ فكان وقته موزعاً بين الإصلاح بين الناس والتدريس والإفتاء والمطالعة والتأليف، وكان تعرض عليه مشاكل معضلات فيوفق لحلها، وكان ميالاً إلى فعل الخيرات وحب المساكين ومواساتهم، وصولاً للرحم، مكرماً لمشايخه، باراً بأهله.
هذا وقد اجتمعت به أنا الفقير عدة مرات، وصحبته ليالي وأياماً في مدينة الحديدة، فكنا ساكنين في منزل واحد، نجتمع أكثر الأوقات على مائدة الطعام والشراب، ومجاذبة أطراف الحديث، فكان يتميز من بيننا بكونه شخصية بارزة تتجسد فيه صلابة الحق وقوة المعرفة، وتظهر عليه طلاقة الوجه وبشر اللقاء وحب الأنس إلى الصغير والكبير، فكانت هيئته تذكرني ما قيل في أحد علماء بلدنا مدينة الضحي وهو الفقيه العلامة إبراهيم الزواك أنه تشم منه رائحة الفقه.(1/8)
وكان المترجم ذا شهامة عالية وكرم عظيم، حصلت لي مع نجله محمد قصة ذكرتني بقصة سيدنا قيس بن سعد بن عبادة التي وقعت له في غزوة ذات السلاسل ففرح بها أبوه سيدنا سعد - رضي الله عنه - ومدحه على ذلك، والقصة هي أنني في عام تسع وسبعين وثلاثمائة وألف (1379) هجرية سافرت من مدينة المراوعة(1) إلى مدينة الحديدة نهاراً، وكانت الطريق كثيرة الرمال، صعبة وعرة، فتعطلت بنا السيارة في أثناء الطريق وارتفع النهار واشتد الحر، فإذا بولده المذكور قد مر علي راكباً على دراجة نارية (دباب) فأشرت إليه، فوقف لي وأردفني خلفه حتى وصلت إلى مدينة الحديدة في منزل فيه أبوه، فحمدت له هذا الفعل، وأردت أن أعطيه شيئاً من المال فامتنع، فلما عرف والده رحمه الله تعالى ذلك فرح بفعل ابنه كثيراً، وحمده على إردافي معه، وحمده على امتناعه عن أخذ المال، وأظهر البشر والسرور.
وفي الحقيقة أن مثل هذه المكارم العالية والأخلاق الفاضلة لا تستغرب من أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة أهل العلم منهم.
ألف صاحب الترجمة مؤلفات كثيرة ورسائل مهمة مفيدة منها:
تحقيق البرهان في إعراب آيات القرآن، وهو أربعة أجزاء بالقطع الكبير مخطوط لم يطبع.
المنح العلية شرح متن الآجرومية، مخطوط لم يطبع.
تسهيل النحو السعيد، مخطوط لم يطبع.
بغية المشتاق إلى أحكام الطلاق وما يتعلق بمسائل الفراق مخطوط لم يطبع.
الدرر البهية في المقاصد النحوية، مخطوط لم يطبع.
رسالة في الحيض، كذلك لم يطبع.
بغية المحتاج إلى ما يجب معرفته للحاج، مخطوط.
مجموع الرسائل والفوائد والمسائل لكل طالب علم ومستفت وسائل جزءان لم يطبعا.
هذه الرسالة التي بين أيدينا وهي سلم المتعلم المحتاج إلى معرفة رموز المنهاج، نسأل الله تعالى أن يطبع وينشر ويعم به النفع الكثير.
__________
(1) المراوعة: مدينة تهامية شرقي الحديدة بمسافة 35 كم، يعود تاريخ عمارتها إلى القرن الثالث الهجري (معجم المقحفي)(1/9)
وهناك رسائل أخرى من مختلف الفنون كلها مخطوطة.
توفي رحمه الله تعالى صبح يوم الجمعة الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول عام تسعين وثلاثمائة وألف هجرية، عن عمر بلغ أربعة وخمسين عاماً مثل عمر إمامنا الشافعي رحمه الله تعالى، وكان يوم وفاته يوماً ذرفت فيه العيون وهرع الناس إلى تشييع جثمانه، وشارك في ذلك جم كثير من العلماء والوجهاء وغيرهم.
ودفن بمدينة المراوعة في مقبرة جده الشيخ السيد علي بن عمر الأهدل المشهور.
وقد رثاه كثير من العلماء والأدباء نثراً ونظماً.
هذا ما يسره الله لنا تصديراً ومقدمة للكتاب، راجين من الله سبحانه وتعالى جزيل الثواب وحسن المنقلب والمآب، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين
والحمدلله رب العالمين.
كتبه الفقير إلى عفو الله راجي غفران الذنوب وستر الشين
إسماعيل عثمان زين لطف الله به وعفا عنه آمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الموحدين القائل: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"(1) وعلى آله وأصحابه والتابعين .
سبب تأليف هذه الرسالة
وبعد فقد سألني من لا تسعني مخالفته من الأعزة علي أن أبين له مصطلحات رموز المنهاج الفقهي للإمام النووي رحمه الله تعالى مع ذكر أمهات المنهاج ومؤلفيها، وذكر وفياتهم، فأجبته إلى ذلك طالباً للثواب، راغباً إلى الله تعالى في التوفيق للصواب إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
وليست إجابتي لسؤاله لقلة بيانها في الشروح، بل لأتبرك بمن فضائله تغدو وتروح، وقد زدت على سؤال السائل زيادات تتعلق بسؤاله يسر بها الناظر إليها، وفوائد مهمة يرفعها المطلع عليها.
__________
(1) صحيح البخاري (1/39) ومسلم (2/718)(1/10)
وسميت هذه الورقات بـ(سلم المتعلم المحتاج إلى معرفة رموز المنهاج) ورتبتها على أربعة فصول وخاتمة، أسأل الله العظيم أن ينفع بها طالب التعليم وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وسبباً للفوز والنعيم المقيم، فإنه القادر على ذلك بكرمه وإجابة سؤاله، وحسب من جعله وكيلاً في سائر أحواله.
والمؤمل ممن رأى فيها شيئاً من الإخوان أن يلتمس لي عذراً واضح البيان لأن العذر لمثلي مقبول؛ لقلة بضاعتي، وجمود قريحتي، وتشتت أفكاري؛ لكثرة أوزاري، لا سيما وأنا ناقل لست بقائل.
الفصل الأول
في ذكر المنهاج ومؤلفه وذكر من اعتنى
بحفظه واختصاره ونظمه وشرحه فأقول:
المنهاج معناه: الطريق الواضح(1)، وقد وجدت تسمية الكتاب بذلك الاسم بخط جلالة الإمام النووي على ظاهر نسخته رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري من تحتها الأنهار.
وهو كتاب جليل من أحسن مختصرات الشافعية، لم تسمح بمثله القرائح فهو العلم الذي يهتدي به سالك سبيل علم الفقه من الطلاب، والإمام الذي يتعين الاقتداء به؛ إذ كان أفقه من كثير من كتب الأصحاب، فلا شك أن اتباعه هو العدل، لأن مختصره رحمه الله تعالى أتى فيه بالعجب العجاب، وبكل ما يستعذب ويطاب.
أودعه المعاني الغزيرة بالألفاظ الوجيزة، وقرب المقاصد البعيدة بالأقوال السديدة، فهو يساجل المطولات على صغر حجمه، ويباهي المختصرات لغزارة علمه، ولله در القائل حيث يقول فيه :
قد صنف العلماء واختصروا فلم
جمع الصحيح مع الفصيح(2) وفاق بالتـ
لم لا وفيه مع النواوي الرافعي
من قاسه بسواه مات وذاك من ... يأتوا بما اختصروه كالمنهاج
ـرجيح عند تلاطم الأمواج
حبران بل بحران كالعجاج
خسف ومن غبن وسوء مزاج
وقول الآخر:
حوى في الشرح منهاج النواوي
كتاب لا يعادله كتاب
__________
(1) انظر لسان العرب (2/383)
(2) المقصود بالفصيح ما استبدله الإمام النووي بالألفاظ غير الفصيحة الموجودة في المحرر كما نبه على ذلك في مقدمة المنهاج.(1/11)
روى سبعين ألفاً باختصار
فحسبك درسه في كل حين ... بتصحيح الشريعة والفتاوي
يزيد على رواية كل راوي
وكم من كامنات في الفحاوي(1)
فهو يكفيك عن بحر وحاوي(2)
وقد تظافرت عليه الخواطر، وتداولته أيدي علماء الإسلام؛ لأنه عمدة المفتين .
كيف لا! ومؤلفه شيخ الإسلام بلا نزاع، وبركة الأنام بلا دفاع القطب الرباني، والعالم الصمداني: محي الدين شرف الإسلام يحي بن شرف بن مرة بن الحسن النواوي، نسبة إلى نوى قرية من قرى الشام.
اشتهر فضله وكراماته فيها وفي غيرها، فمن كراماته المشهورة عنه ما حكاه ابن النقيب -رحمه الله تعالى- أن سبابة يده اليسرى أضاءت له عند التصنيف، حين فقد في وقت التصنيف ما يسرج عليه(3) .
فهذه الكرامة أبلغ من كرامة الإمام الرافعي -رحمه الله تعالى- التي اشتهرت عنه، وهي: أن شجرة العنب أضاءت عليه لما فقد في وقت التصنيف ما يسرج عليه، وكان مجلسه للتصنيف عندها (4).
ووجه الأبلغية أن الأصبع ليست من جنس ما يوقد بخلاف الشجرة.
ولد الإمام النووي -رحمه الله تعالى- بعد وفاة الإمام الرافعي بسبع سنين لأنه ولد في المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة وعمره نحو خمس وأربعين سنة -رحمه الله تعالى- وجزاه عن صنيعه جزاءً موفوراً، وجعل عمله متقبلاً وسعيه مشكوراً.
ولم يزل كل من العلماء والأئمة الأعلام قديماً وحديثاً مذعناً لفضل المنهاج المذكور، ومشتغلاً بإقرائه، فالإقراء فيه مقدم على غيره عند كثير من أولي الفضل .
سند المؤلف للمنهاج
__________
(1) المقصود بالكامنات المسائل المفهومة من المتن.
(2) البحر) كتاب للروياني جمع فيه (الحاوي) للماوردي وفوائد وفتاوى والده.
(3) انظر طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (2/75).
(4) انظر القصة مع ترجمة الإمام الرافعي في المرجع السابق (2/75).(1/12)
وقد كثر الاعتناء به لموقع العناية فيه وصوب صوابه آثار نهج مقتفيه، فلقد أخبرني به شيخي شيخ الإسلام علامة دهره وفريد مصره وعصره العلامة فرعاً وأصلاً، الفهامة شرعاً وعقلاً، قاضي الإسلام ومفتي الأنام السيد الزاهد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن حسن عبد الباري الأهدل عافاه الله تعالى ومتعني والمسلمين بحياته، ولا أخلا الوجود من وجود ذاته بالقرآن وآياته ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ومعجزاته آمين يا رب العالمين .
قراءةً عليه عن شيخه ووالده شيخ الإسلام ومفتي الأنام بدر الدين السيد محمد بن عبد الرحمن بن حسن بن عبد الباري -رحمه الله تعالى- .
قراءةً عليه عن شيخه شيخ الإسلام ومفتي الأنام البدر الساري الأكمل السيد محمد بن أحمد عبد الباري الأهدل -رحمه الله تعالى- .
قراءةً عليه عن شيخه العلامة ولي الله بلا نزاع: شرف الإسلام الحسن بن عبد الباري الاهدل -رحمه الله تعالى- عن شيخه السيد الجليل والعلامة النبيل جمال الإسلام السيد علي بن عبد الله المقبولي الأهدل -رحمه الله تعالى- .
عن والده السيد الجليل والعلامة النبيل شيخ الإسلام عبد الله بن يحيى مقبول الأهدل رحمه الله تعالى.
ح قال السيد الجليل الحسن بن عبد الباري الأهدل: وأخبرني به شيخنا شيخ الإسلام ومفتي الأنام وجيه الدين السيد عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى مقبول الأهدل -رحمه الله تعالى- عن والده الإمام العلامة المحقق السيد سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل -رحمه الله تعالى- قالا: أخبرنا به الإمام العلامة المحقق ولي الله أحمد بن عمر مقبول الأهدل رحمه الله تعالى.(1/13)
ح وأخبرني به شيخنا شيخ الإسلام المحقق السيد محمد بن حسن رحمه الله تعالى عن السيد العلامة رزق بن رزق العلوي رحمه الله تعالى عن السيد العلامة الهمام محمد بن المساوى الاهدل -رحمه الله تعالى- عن السيد العلامة وجيه الدين عبد الرحمن بن سليمان الأهدل -رحمه الله تعالى- عن والده عن شيخه شيخ الإسلام الإمام العلامة صفي الدين أحمد بن محمد مقبول الأهدل رحمه الله تعالى عن خاله خاتمة المحدثين عماد الدين السيد يحيى بن عمر مقبول الأهدل رحمه الله تعالى قال أخبرني به شيخنا العلامة السيد أبو بكر بن علي البطاح الأهدل -رحمه الله تعالى- قال: أخبرني به شيخنا الإمام العلامة شيخ الإسلام يوسف بن محمد البطاح الأهدل -رحمه الله تعالى- قال: أخبرني به شيخنا العلامة الحافظ الحجة الطاهر بن حسين الأهدل -رحمه الله تعالى- قال: أخبرني به شيخنا الإمام الحافظ الضابط وجيه الدين عبدالرحمن بن علي الديبع الشيباني -رحمه الله تعالى- قال: أخبرني به شيخنا الإمام العلامة زين الدين أحمد بن عبد اللطيف الشرجي -رحمه الله تعالى- قال: أخبرني به شيخنا الإمام الشهير محمد بن محمد بن محمد الجزري -رحمه الله تعالى- قال: أخبرني به شيخنا القدوة برهان الدين إبراهيم بن الفقيه -رحمهما الله تعالى- قال: أخبرني به شيخنا العلامة علاء الدين بن العطار رحمه الله تعالى قال أخبرنا به شيخنا المجمع على جلالته وحيد عصره محيي سنة سيد المرسلين عماد الدين يحيى بن شرف النواوي رحمه الله تعالى ذو الترجيحات في الخلافات المتعددة.
قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى-: أخذت العلم والترجيح عن الإمام العلامة الكمال سلار رحمه الله تعالى، وهو عن الإمام العلامة بدر الدين محمد صاحب الشامل الصغير رحمه الله تعالى.
قال: أخذته عن شيخ الإسلام الإمام عبد الغفار القزويني صاحب الحاوي الصغير رحمه الله تعالى.(1/14)
قال: أخذته عن علم العلماء الاعلام أبي القاسم بن عبد الكريم بن محمد القزويني الرافعي رحمه الله تعالى.
قال: أخذته عن شيخ الإسلام بدر الدين محمد بن الفضل رحمه الله تعالى.
قال: أخذته عن الإمام العلامة الحجة عز الدين محمد بن يحيى رحمه الله تعالى.
قال: أخذته عن شيخ الإسلام الحجة محمد بن محمد بن محمد الغزالي رحمه الله تعالى.
قال: أخذته عن شيخ الإسلام إمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك بن محمد الجويني رحمه الله تعالى.
قال: أخذته عن والدي الإمام العلامة شيخ الإسلام محمد الجويني رحمه الله تعالى.
قال: أخذته عن شيخ الإسلام أبي بكر القفال المروزي رحمه الله تعالى.
قال: أخذته عن الإمام العلامة أبي زيد المروزي رحمه الله تعالى.
قال: أخذته عن الإمام العلامة ولي الله بلا نزاع ابن سريج رحمه الله تعالى
قال: أخذته عن الإمام العلامة زين الدين أبي سعيد الأنماطي رحمه الله تعالى.
قال: أخذته عن الإمام العلامة أحد رؤساء المذهب إسماعيل بن يحيى المزني رحمه الله تعالى.
قال: أخذته عن إمام المذهب حبر الأمة وسلطان الأئمة أبي عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الشافعي رحمه الله تعالى، ولد بغزة التي توفي بها هاشم جد النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة خمسين ومائة، ثم حمل إلى مكة وهو ابن سنتين ونشأ بها، وحفظ القرآن العظيم وهو ابن سبع سنين، وموطأ الإمام مالك بن أنس وهو ابن عشر سنين، وأذن له الإمام مالك بالإفتاء وهو ابن خمس عشر سنة، ورحل في طلب العلم إلى اليمن والعراق إلى أن أتى مصر فأقام بها إلى أن توفاه الله تعالى بها شهيداً يوم الجمعة سلخ رجب سنة أربع ومائتين وعمره نحو أربع وخمسين عاماً، وفضائله أكثر من أن تحصى، ومناقبه جمة لا تستقصى(1).
__________
(1) الكتب المؤلفة عن الإمام الشافعي كثيرة منها كتاب توالي التأسيس للحافظ ابن حجر.(1/15)
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: أخذت العلم عن شيخي شيخ الإسلام الإمام الحجة مسلم بن خالد الزنجي رحمه الله تعالى.
عن شيخه شيخ الإسلام وحبر الأنام محمد بن جريج رحمه الله تعالى.
وهو عن شيخه شيخ الإسلام عطاء بن أبي رباح رحمه الله تعالى
وهو عن شيخه شيخ الإسلام وترجمان القرآن عبد الله بن عباس الصحابي رضي الله عنهما
وهو عن سيدنا ومولانا ووسيلتنا إلى ربنا سيد المرسلين وحبيب رب العالمين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
إذا عرفت هذا علمت أن كتاب المنهاج الفقهي من أحسن الكتب؛ لتضلع صاحبه في العلوم من الأئمة الأعلام والمشايخ العظام، فهو مع ما ترى من صغر حجمه قد حوى جل مقاصد مذهب الإمام الأعظم محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى ورضي عنه، فكم علماء من الشافعية في اليمن والحجاز والشام بذلوا هممهم في قراءته وتحقيقه على المشايخ الأعلام، ولهم المناظم عند ختم قراءته، فمن ذلك منظومة السيد العلامة جمال الدين والإسلام السيد علي بن عبد الله الأهدل التي قالها عند ختمه لقراءته على شيخه شيخ الإسلام الحسن بن عبد الباري الأهدل رحمه الله تعالى وهي:
أيها الطالب الأديب الراجي
لاتزال سالكاً طريقة علم
مخلصاً عملاً أديباً منيبا
إنما العلم منة من كريم
فهنيئاً لأهله إذ حباهم
فله الحمد إذ هدانا لهذا
قد قرعنا لبابه وقرأنا
بالشيخ أعني الإمام النواوي
كم رقى في العلى لنيل مرام
حسن نجل عبد بار هو القطب
أسأل الله أن يمن علينا
رب عنا فاجز المشايخ أجرا
أدخل الوالدين جنة عدن
وصلاة من المهيمن تترى
وعلى الآل والصحابة طرا
... نيل شأن العلى لأنت الناجي
جاهداً مقبلاً بغير اعوجاج
لإله مولى الفتوح تناجي
ليل جهل أمسى به في ابتلاج
واجتباهم لنوره الوهاج
وله الشكر إذ يثيب اللاجي
فختمنا دراسة المنهاج
بحر علم للطالب المحتاج
نال في العلم فتح باب الرتاج
من به ظل وقتنا في ابتلاج(1/16)
وعليهم بخير ما أنا راج
وقهم في الحساب شؤم احتجاج
واسقهم من كؤوس حلو المزاج
وسلام لصاحب المعراج
وعلى من قفوا على المنهاج
وأما حفظه عن ظهر قلب فقد اعتنى به كثير من الرجال والنساء .
مختصرات المنهاج
وأما اختصاره فقد اعتنى به شيخ الإسلام أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي(1) وسماه (الوهاج في اختصار المنهاج) توفي سنة خمس وأربعين وسبعمائة.
واختصره أيضاً شيخ الإسلام القاضي زكريا الانصاري رحمه الله تعالى وسماه (منهج الطلاب) فاختصر الاسم والمسمى، وشرح مختصره ذلك بشرح ممزوج جداً أتى فيه بالدليل والتعليل، وسماه بـ(فتح الوهاب إلى شرح منهج الطلاب).
__________
(1) محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان النفزي الجياني الأندلسي ثم المصري، الشيخ الإمام العلامة المحدث البارع، ترجمان العرب ولسان أهل الأدب، أثير الدين الغرناطي المولد والمنشأ، المصري الدار والوفاة، الظاهري المذهب، ولد سنة أربع وخمسين وستماية نشأ بغرناطة، وقرأ بها القراآت والنحو واللغة، وسمع كثيراً، ونظم وأقرأ بها العربية من سنة أربع وسبعين وما بعدها، وسمع أيضا بالمالقة والمرية والجزيرة الخضراء وجبل الفتح وغيرها، ثم ارتحل عن الأندلس في أول سنةسبع وسبعين وسمع بسبتة وبجاية وتونس والإسكندرية وقرأ بها القراآت أيضا(ذيل تذكرة الحفاظ 1/23)(1/17)
وقد اعتنى بالشرح المذكور الإمام العلامة سليمان البجيرمي(1) وعمل عليه حاشية عظيمة في أربعة مجلدات أظهر فيها مخبأه، وكذلك الإمام العلامة سليمان الجمل(2) كتب عليه حاشية جليلة في نحو خمس مجلدات، وكذلك شيخ الإسلام السيد محمد بن أحمد عبد الباري الأهدل(3) وضع عليه حاشية عظيمة وسماها (مفتاح الباب) وغير من ذكر كثير.
وممن شرح المنهج الإمام العلامة الجلال أحمد بن محمد المحلي(4) شارح المنهاج .
ولابن عبد الحق شيخ ابن حجر حاشية على شرح الجلال كثيراً ما يستمد منها ابن حجر في تحفته.
__________
(1) سليمان بن محمد بن عمر البجيرمي الشافعي الأزهري، عالم فقيه حسن الأخلاق، انتفع به أناس كثيرون كف بصره في آخر عمره، من تآليفه: حاشية على شرح المنهج، وحاشية على الإقناع للخطيب توفي13رمضان1221هـ (حلية البشر 2/694)
(2) سليمان بن عمر بن منصور العجيلي المصري الأزهري، المعروف بالجمل، مفسر فقيه مشارك في بعض العلوم، لازم دروس الشيخ عطية الأجهوري، لم يتزوج، وتقشف ولبس الصوف، توفي 1204هـ من تصانيفه: حاشية على تفسير الجلالين، والمواهب اللدنية بشرح الشمائل النبوية (حلية البشر2/694)
(3) محمد بن أحمد عبد الباري الأهدل الحسيني التهامي، كان إماماً راسخاً في جميع العلوم، من مصنفاته:حاشية على الجامع الصحيح، وهداية المعقول إلى ذريعة الوصول، ونشر الأعلام وغيرها توفي سنة1289هـ (نيل الوطر2/224)
(4) جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (791هـ-884هـ) كان عالماً في الفقه والأصول والتفسير وغيره لقبه بعضهم بتفتازاني العرب، كان مهيباً صداعاً بالحق، من مصنفاته: شرح المنهاج، وشرح جمع الجوامع شرح الورقات (الأعلام 5/333).(1/18)
ومنهج الطلاب اختصره الإمام العلامة الجوهري(1) وسماه (نهج الطلب) اختصر الاسم والمسمى أيضاً، وشرحه المختصر شرحاً عظيماً.
منظومات المنهاج
وأما نظمه فقد اعتنى به الإمام العلامة أبو بكر السيوطي(2)، وسماه (الابتهاج إلى نظم المنهاج).
كما نظمه عز الدين محمد بن عبد الكريم الموصلي وغيرهما كثير(3).
شروح المنهاج
وأما الذين شرحوه فكثيرون، فشرحه الإمام العلامة صفي الدين أحمد بن العماد الأقفهسي(4) بـ(البحر المواج إلى شرح المنهاج)
__________
(1) محمد بن أحمد بن حين الخالدي الجوهري المصري (1151هـ-1215هـ) كان آية في الفهم والذكاء مصلحاً بين الناس، اختلط في آخر عمره، اعترته الكثير من الهموم، ونهبت مكتبته الثمينة أيام الحملة الفرنسية من مصنفاته: مختصر النهج، والروض الوسيم المفتى به على المذهب القديم. (حلية البشر 3/321).
(2) عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري الطولوني المصري الشافعي، عالم مشارك في أنواع من العلوم، لمابلغ أربعين سنة اعتزل الناس وصنف أكثر كتبه توفي 911هـ من تصانيف: الدر المنثور الإتقان في علوم القرآن والأشباه والنظائر في القواعد الفقهية وآخر في النحو (البدر الطالع1/328)
(3) كشهاب الدين احمد بن محمد الطوخي، المتوفى سنة 893 ثلاث وتسعين وثمانمائة.
(4) أحمد بن عماد بن محمد الشيخ شهاب الدين الأقفهسي المصري، اشتغل في الفقه والعربية وغير ذلك، من تصانيفه: كتاب تسهيل المقاصد لزوار المساجد، وهو كتاب مفيد في بابه، وكتاب التبيان فيما يحل ويحرم من الحيوان، وكتاب رفع الإلباس عن وهم الوسواس، والاقتصاد في الاعتقاد، ونظم حوادث الهجرة وشرحه، ونظم النجاسات المعفو عنها وشرحه، والقول التام في أحكام المأموم والإمام، توفي سنة ثمان وثمانمائة، والأقفهسي بفتح الهمزة وسكون القاف وفتح الفاء وسكون الهاء (طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة4/15)(1/19)
وشرحه الإمام العلامة محمد بن عبد الله الزركشي(1) بشرح سماه (الديباج إلى شرح المنهاج)
وشرحه الإمام القدوة سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني (2)بشرح (سماه تصحيح المنهاج)
وللإمام السيوطي (در التاج في إعراب مشكل المنهاج)
وشرحه الإمام العلامة بدر الدين محمد بن فخر الدين الأبار المارديني بشرح سماه (البحر المواج) أيضاً وهو أيضاً أربعة عشر مجلداً.
__________
(1) محمد بن بهادر بن عبد الله العالم العلامة المصنف المحرر بدر الدين أبو عبد الله المصري الزركشي أخذ عن الشيخين جمال الدين الإسنوي وسراج الدين البلقيني، ورحل إلى حلب إلى شهاب الدين الأذرعي، وتخرج بمغلطاي في الحديث، كان فقيهاً أصولياً أديباً فاضلاً في جميع ذلك (سابق3/167)
(2) عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن شهاب بن عبد الخالق بن عبد الحق الشيخ الفقيه المحدث الحافظ المفسر الأصولي المتكلم النحوي اللغوي المنطقي الجدلي الخلافي النظار، شيخ الإسلام بقية المجتهدين، سراج الدين أبو حفص الكناني العسقلاني الأصل البلقيني المولد المصري مولده في شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة ببلقينة من قرى مصر الغربية، له تصانيف كثيرة لم تتم، يصنف قطعا ثم يتركها، وقلمه لا يشبه لسانه، توفي في ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة، من تصانيفه: كتاب محاسن الاصطلاح، وتضمين كتاب ابن الصلاح في علوم الحديث، وتصحيح المنهاج أكمل منه الربع الأخير في خمسة أجزاء، وكتب من ربع النكاح تقدير جزء ونصف الكشاف على الكشاف وصل فيه إلى اثناء سورة البقرة في ثلاث مجلدات ضخمة، وشرح البخاري كتب منه نحو خمسين كراسا على أحاديث يسيرة إلى أثناء الإيمان، ومواضع مفرقة سماه بالفيض الباري على صحيح البخاري (طبقات الشافعية 4/36)(1/20)
وشرحه الإمام العلامة الحجة جمال الدين محمد بن موسى الدميري(1) بشرح سماه (النجم الوهاج إلى شرح المنهاج) أربعة مجلدات.
وشرحه الشيخ الإمام العلامة تقي الدين أبو بكر بن أحمد بن قاضي شهبة(2) رحمه الله تعالى.
وشرحه ولده العلامة بدر الدين أبو الفضل محمد بن أبي بكر المعروف بابن شهبة الأسدي(3) بشرحين، أحدهما: (بداية المحتاج على شرح المنهاج) و (إرشاد المحتاج إلى شرح المنهاج)
وشرحه الإمام العلامة شيخ الإسلام أبو الفضل محمد بن عبدالله بن قاضي عجلون(4) بشرح سماه (هادي الراغبين إلى شرح منهاج الطالبين)
__________
(1) محمد بن موسى بن عيسى الدميري المصري، كمال الدين، ولد في حدود الخمسين من القرن الثامن، وتكسب بالخياطة، أخذ عن الشيخ بهاء الدين السبكي، وعن الشيخ جمال الدين الإسنوي، كان ذا حظ في العبادة والتلاوة لا يفتر لسانه غالبا عنهما، له شرح المنهاج في أربع مجلدات، ضمنه فوائد كثيرة خارجة عن الفقه، والديباجة في شرح سنن ابن ماجة في أربع مجلدات، وجمع كتاباً سماه: حياة الحيوان ذكر فيه جملاً طبية وأدبية وحديثية وغير ذلك، وله خطب مدونة جمعية وعظية (طبقات الشافعية 4/61)
(2) أبو بكر بن أحمد بن محمد الأسدي الشهبي الدمشقي الشافعي (779هـ-851هـ) فقيه مؤرخ مفسر، أخذ عن السراج البلقيني وتصدى للإفتاء والتدريس، من مصنفاته: طبقات الفقهاء الشافعية، تفسير القرآن الكريم طبقات النحاة واللغويين (معجم المؤلفين1/435) .
(3) ولد بدمشق وزار القاهرة واجتمع بعلمائها، وناب في القضاء بدمشق، وتوفي به سنة874هـ (سابق3/164)
(4) محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الزرعي الدمشقي الشافعي، المعروف بابن قاضي عجلون، فقيه متكلم ولد بدمشق ونشأ بها ثم رحل إلى القاهرة، وولي إفتاء دار العدل وتدريس الفقه في جامع طولون، توفي 876هـ من تصانيفه: مغني الراغبين في شرح منهاج الطالبين، وزوائد الروضة على المنهاج (البدر الطالع2/297).(1/21)
وشرحه الإمام العلامة شهاب الدين أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي(1) بشرح سماه (تحفة المحتاج إلى شرح المنهاج)
وشرحه الإمام العلامة جمال الدين محمد بن أحمد الرملي(2) بشرح سماه (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)
وشرحه الإمام العلامة الخطيب محمد الشربيني(3) بشرح سماه (مغني المحتاج إلى شرح المنهاج)
وهذه الثلاثة الشروح كل شرح في أربعة مجلدات ضخمة.
وشرحه الإمام العلامة جلال الدين محمد بن أحمد المحلي ولم يسم كتابه
وشرحه الإمام العلامة القدوة شهاب الدين أحمد بن حمدان الأذرعي(4).
__________
(1) أحمد بن محمد بن محمد بن علي ابن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري، ولد في محلة أبي الهيتم بمصر وتوفي بمكة (909هـ-973هـ) وهو فقيه مشارك في أنواع من العلوم، له الكثير من المؤلفات منها: تحفة المحتاج، والصواعق، ومبلغ الإرب (معجم المؤلفين1/293)
(2) محمد بن أحمد بن حمزة الرملي الأنصاري، الشهير بالشافعي الصغير، وذهب جماعة إلى أنه مجدد القرن العاشر، اشتغل على أبيه في الفقه والتفسير والنحو والصرف والمعاني والبيان والتاريخ، توفي في جمادى الأولى1004هـ، من مصنفاته: نهاية المحتاج، وشرح الزبد (خلاصة الأثر 3/342)
(3) محمد بن أحمد الشربيني القاهري الشافعي المعروف بالخطيب (شمس الدين) فقيه، مفسر، متكلم، نحوي صرفي توفي 977هـ من تصانيف: السراج المنير، ومغني المحتاج، وفتح الخالق المالك شرح ألفية ابن مالك والمناسك الكبرى (معجم المؤلفين3/69).
(4) أحمد بن حمدان بن أحمد بن عبد الواحد ، الإمام العلامة المطلع صاحب التصانيف المشهورة، شهاب الدين أبو العباس الأذرعي شيخ البلاد الشامية، وفقيه تلك الناحية ومفتيها، والمشار إليه بالعلم فيها، مولده في إحدى الجماديين سنة ثمان، وتوفي في جمادي الأخرة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بحلب (طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة3/143)(1/22)
وشرحه الإمام العلامة تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي(1) بشرح سماه (الابتهاج إلى شرح المنهاج).
وشرحه الإمام العلامة جمال الدين عبد الرحيم بن حسن الأسنوي.
وشرحه الإمام العلامة الحجة بدر الدين فرج بن محمد الأردبيلي(2) رحمه الله تعالى.
وشرحه شيخ الإسلام وقاضي الأنام زكريا بن محمد الأنصاري رحمه الله تعالى(3).
__________
(1) علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام الأنصاري الخزرجي، الشيخ الإمام الفقيه، المحدث، الحافظ، المفسر، المقرىء، الأصولي، المتكلم، النحوي، اللغوي، الأديب، الحكيم، المنطقي الجدلي، الخلافي، النظار، شيخ الإسلام، قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن بن القاضي زين الدين أبي محمد السبكي، ولد بسبك من أعمال الشرقية سنة ثلاث وثمانين وستمائة، توفي في جمادى الأخرة سنة ست وخمسين وسبعمائة، ودفن بمقابر الصوفية، ومن تصانيفه: الدر النظيم في تفسير القرآن العظيم في ثلاث مجلدات لم يكمل، الابتهاج في شرح المنهاج وصل فيه إلى الطلاق في ثمانية اجزاء، والسيف المسلول وغيرها (ابن قاضي شهبة3/37)
(2) فرج بن محمد بن أحمد بن أبي الفرج الأردبيلي، فقيه أصولي قرأ المعقولات بتبريز، ثم قدم دمشق وتوفي بها شهيداً (749هـ) من آثاره: حقائق الأصول شرح منهاج الوصول (معجم المؤلفين2/618)
(3) زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي القاهري الأزهري الشافعي، قاضي القضاة والملقب بشيخ الإسلام، كان فقيهاً كبيراً مشاركاً في التفسير، والقراءات، والتجويد، والحديث، والنحو وغيرها من العلوم المشهورة في عصره توفي 926هـ من تصانيفه: شرح مختصر المزني، وحاشية على تفسير البيضاوي وشرح صحيح مسلم وغيرها (البدر الطالع2/352)(1/23)
وشرحه شيخ مشايخ مشايخنا البدر الساري الأكمل السيد محمد بن أحمد عبدالباري الأهدل -رحمه الله تعالى- بشرح سماه (إعانة المحتاج إلى شرح المنهاج) شرع فيه إلى الطلاق ومات رحمه الله تعالى قبل إتمامه.
وغير من ذكر ممن شرحه كثير فمنهم من شرح وأجاد، ومنهم من شرح ولم يف بالمراد.
وقد توارد الأئمة الأعلام بالحواشي العظيمة والفوائد العزيزة على الشروح المذكورة، ونقحوا مسائله، ووضحوا فوائده، فنسأل الله أن يثيبهم خيراً ويحشرنا في زمرتهم يوم القيامة إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير.
أحسن شروح المنهاج
(تنبيه) من أحسن الشروح المذكورة شرح الإمام العلامة ابن حجر الهيتمي المسمى بـ(تحفة المحتاج) فقد قيل: إنها حوت العلم لفظاً وضمناً.
وشرح الإمام العلامة محمد بن أحمد الرملي المسمى بـ(نهاية المحتاج)
ثم شرح الإمام العلامة الخطيب محمد الشربيني(1).
الشروح المعتمدة
وقد اختلف في شرح ابن حجر والرملي:-
فذهب علماء مصر إلى اعتماد ما قاله الشيخ محمد رملي في كتبه، خصوصاً في نهايته؛ لأنها قرأت عليه إلى آخرها في أربعمائة من العلماء، فنقدوها وصححوها، فبلغ صحتها إلى حد التواتر.
__________
(1) قال الشرواني في حواشيه على التحفة (1/3): "قال الخطيب الشربيني: إنه شرع في شرح المنهاج عام تسعمائة وتسعة وخمسين اهـ
ونقل عنه أنه فرغ منه سابع عشر جمادى الآخرة، عام ثلاثة وستين وتسعمائة اهـ .
وقال الجمال الرملي: إنه شرع في شرح المنهاج في شهر ذي القعدة، سنة ثلاث وستين وتسعمائة اهـ .
ونقل عنه أنه فرغ منه ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة اهـ
وعلم من ذلك أن تأليف النهاية متأخر عن تأليف التحفة والمغني -كما نص عليه ع ش- وأن تأليف المغني متأخر عن تأليف التحفة".(1/24)
وذهب علماء: حضرموت، والشام، والأكراد، وداغستان، وأكثر اليمن والحجاز إلى أن المعتمد ما قاله ابن حجر في كتبه(1)، فإن اختلفت قدم ما في:-
تحفته لما فيها من إحاطة بنصوص الإمام مع مزيد تشبع المؤلف فيها، ولقراءة المحققين لها عليه الذين لا يحصون كثرة(2) .
ثم فتح الجواد .
ثم الإمداد .
ثم شرح العباب المسمى بالإيعاب .
__________
(1) انظر الفوائد المدنية للكردي (37) والذي قال بعد ذلك:" وإنما قيدت بأكثر أهل اليمن، لأني وجدت في كلام بعضهم ترجيح مقالة الرملي في مواضع كثيرة ".
بيد أنه يمكن أن يقال بأن هذا ترجيح بسبب قوة المدرك وهذا ما فعله بعض اليمانين، بل استنكر بعضهم هذا الترتيب للأخذ من الكتب، وانتقد الترتيب لأصحاب الحواشي .
وقال في الفوائد –أيضاً- ص(41):"وأما أهل الحرمين فكان في الأزمنة السابقة القول عندهم ما قاله ابن حجر، ثم صار السادة المصريون يردون إلى الحرمين في مجاوراتهم بهما، ويقررون لهم في دروسهم معتمد الجمال الرملي إلى أن فشا قوله فيهما، حتى صار من له إحاطة بقولي الجمال الرملي وابن حجر من أهل الحرمين يقرر قولهما من غير ترجيح بينهما".
(2) بيد أن مما يؤخذ على التحفة ما ذكره الكردي في الفوائد المدنية (38) حيث قال:" رأيت في كتاب الصلاة من فتاوى السيد عمر البصري ما نصه : الشيخ ابن حجر بالغ في اختصار هذا الكتاب -يعني التحفة- إيثاراً للحرص على إفادة الطلبة بجميع الشوارد، وتكثير الفوائد والفرائد إلا أنه بلغ من الاختصار إلى حالة بحيث لايمكن الخروج عن عهدة مطالعته إلا بعد تقدم الإحاطة بمنقول المتقدمين ومناقشات المتأخرين".
وقارن بعضهم بين الشرحين فقال: "الشيخ ابن حجر كثيراً ما يرتبك في عبارته في الأبحاث التي تختلف فيها أنظار من قبله؛ لقوة نظره، وتجد عبارة النهاية غالباً -كالإمداد وفتح الجواد- رشيقة سهلة قريبة التناول" (عمدة المفتي والمستفتي للجمال الأهدل 1/177).(1/25)
ثم فتاواه(1).
قال الشيخ الإمام العلامة علي بن عبد الرحيم باكثير(2) في منظومته في التقليد وما يتعلق به:
وشاع ترجيح مقال ابن حجر
وفي اختلاف كتبه في الرجح
فأصله فشرحه العبابا ... في يمن وفي الحجاز فاشتهر
الأخذ بالتحفة ثم الفتح
إذ رام فيه الجمع والإيعابا(3)
بيان معتمد الفتوى
ولا تجوز الفتوى بما يخالف ابن حجر والرملي بل بما يخالف التحفة والنهاية(4) إلا إذا لم يتعرضا له فيفتى:
بكلام شيخ الإسلام زكريا
ثم بكلام الخطيب
__________
(1) انظر الفوائد المدنية (38)
(2) علي بن عبد الرحيم بن محمد الكندي باكثير، كان أديباً وفقيهاً، وانتهت إليه رئاسة الفقه في حضرموت من مصنفاته: حاشية على تحفة المحتاج، والدليل القويم وغيرهما توفي سنة1145هـ (الأعلام 5/113) .
(3) عزا الكردي في الفوائد هذه الأبيات إلى (بعضهم) وعزا لعلي بن عبد الرحيم باكثير هذه الأبيات:-
وشاع ترجيح مقال ابن حجر
وفي اختلاف كتب ابن حجر
فأصله لا شرحه العبابا
وحيث كان الشيخ زكريا
أو الخطيب قدم الشيخ أبو
محمد الرملي يكافي ابن حجر
وإن يك الشيخ إذ الخطيب
ولا ترجح بابن قاسم أحد
في قطرنا على سواه فاستقر
الأخذ بالتحفة فالفتح حري
لزومه الجمع به إيجابا
خالف ذا أو خالف الرمليا
يحيى لفضل فيه يوجب
فاختر إذا تخالفا بلا حذر
مع واحد فكلهم مصيب
كما سبره أكابر عمد
(4) قال في الفوائد المدنية: "... صار شيخنا المرحوم الشيخ سعيد سنبل المكي، ومن نحا نحوه يقررون أنه لا يجوز للمفتي أن يفتي بما يخالفهما، بل بما يخالف التحفة والنهاية وإن وافق بقية كتبهما، وفي ظني أني سمعته يقول: إن بعض الأئمة من الزمازمة تتبع كلام التحفة والنهاية فوجد ما فيهما عمدة مذهب الشافعي وزبدته".(1/26)
ثم بكلام حاشية الزيادي(1)
ثم بكلام حاشية ابن قاسم(2)
ثم بكلام عميرة(3)
ثم بكلام الشبراملسي(4)
ثم بكلام حاشية الحلبي(5)
ثم بكلام حاشية الشوبري(6)
ثم بكلام حاشية العناني(7)
__________
(1) هو: علي بن يحيى الزيادي نور الدين المصري الشافعي، رئيس العلماء بمصر من أجل مشايخه الشهاب الرملي وولده الشمس، له حاشية على شرح المنهج، ت:1024هـ (خلاصة الأثر 3/195).
(2) هو: شهاب الدين أحمد بن قاسم الصباغ العبادي ثم المصري الشافعي الأزهري، أخذ عن ابن حجر والجمال الرملي، ت:994هـ (الأعلام1/198).
(3) هو: شهاب الدين أحمد البرلسي المصري، له حاشية على جمع الجوامع، وحاشية على شرح المنهج، ت:987هـ(انظر شذرات الذهب 8/316).
(4) علي بن علي الشبراملسي الشافعي القاهري (997هـ-1087هـ) فقيه أصولي مؤرخ مشارك في بعض العلوم تعلم بالجامع الأزهر، كان دقيق النظر جيد الفهم، من تصانيفه: حاشية على نهاية المحتاج وحاشية على شرح الشمائل لحج، وحاشية على المواهب (حلية البشر3/174)
(5) علي بن إبراهيم بن أحمد بن علي الحلبي القاهري الشافعي (975هـ-1044هـ) صاحب السيرة النبوية لازم الشمس الرملي سنين عديدة، من مصنفاته: حاشية على شرح المنهج حاشية على شرح الورقات للمحلي وإنسان العيون في سيرة الأمين المأمون - صلى الله عليه وسلم - (خلاصة الأثر3/122)
(6) هو: محمد بن أحمد الخطيب الشوبري الشافعي (977هـ-1069هـ) كان يلقب بشافعي الزمان حضر الشمس الرملي ثمان سنين، من مصنفاته: حاشية على المواهب اللدنية، وحاشية على شرح الأربعين النووية، وحاشية على تحرير اللباب وغيرها (خلاصة الأثر 3/385)
(7) محمد بن داود العناني القاهري، نزل الجنبلاطية بالقاهرة، وأخذ عن علي الحلبي صاحب السيرة وآخرين من آثاره:حاشية على عمدة الرابح في معرفة الطريق الواضح وشرح البردة (معجم المؤلفين3/285) .(1/27)
ما لم يخالفوا أصل المذهب، كقول بعضهم: لو نقلت صخرة من أرض عرفات إلى غيرها صح الوقوف عليها(1)(2)(3).
هذا ما قرره العلماء المتقدمون .
__________
(1) نقل هذا عن الزيادي وابن شرف ونقله قليوبي عن شيخه (انظر حاشية البجيرمي على فتح الوهاب(2/130) وإثمد العينين (5).
(2) انظر الفوائد المدنية (44)
(3) جاء في فتاوي المرحوم بكرم الله الشيخ أحمد الدمياطي ما نصه: فإن قلت ما الذي يفتي به من الكتب وما المقدم منها، ومن الشراح والحواشي ككتب ابن حجر والرمليين وشيخ الإسلام والخطيب وابن قاسم والمحلى والزيادي والشبراملسي وابن زياد اليمني وغيرهم، فهل كتبهم معتمدة أو لا؟ وهل يجوز الأخذ بقول كل من المذكورين إذا اختلفوا أو لا؟ وإذا اختلفت كتب ابن حجر فما الذي يقدم منها؟
الجواب كما يؤخذ من أجوبة العلامة الشيخ سعيد بن محمد سنبل المكي والعمدة عليه كل هذه الكتب معتمدة ومعول عليها لكن مع مراعاة تقديم بعضها على بعض، والأخذ في العمل للنفس يجوز بالكل، وأما الإفتاء فيقدم منها عند الاختلاف التحفة والنهاية، فإن اختلفا فيخير المفتي بينهما إن لم يكن أهلاً للترجيح، فإن كان أهلاً له ففتى بالراجح، ثم بعد ذلك شيخ الإسلام في شرحه الصغير على البهجة، ثم شرح المنهج له، لكن فيه مسائل ضعاف.
فإن اختلفت كتب ابن حجر مع بعضها فالمقدم أولا التحفة، ثم فتح الجواد، ثم الإمداد، ثم الفتاوي وشرح العباب سواء لكن يقدم عليهما شرح بافضل .
وحواشي المتأخرين غالباً موافقة للرملي فالفتوى بها معتبرة، فإن خالفت التحفة والنهاية فلا يعول عليها وأعمد أهل الحواشي: الزيادي ثم ابن قاسم ثم عميرة ثم بقيتهم، لكن لا يؤخذ بما خالفوا فيه أصول المذهب كقول بعضهم: ولو نقلت صخرة من أرض عرفات إلى غيرها صح الوقوف عليها وليس كما قال" فتح المعين (1/19) .(1/28)
وقال المتأخرون: والذي يتعين اعتماده أن هؤلاء الأئمة المذكورين من أرباب الشروح والحواشي، كلهم إمام في المذهب يستمد بعضهم من بعض، فيجوز العمل والإفتاء والقضاء بقول كل منهم وإن خالف من سواه، ما لم يكن سهواً، أو غلطاً، أو ضعيفاً ظاهر الضعف(1).
واعلم أن صاحب النهاية في الربع الأول من النهاية يماشي الشيخ الخطيب الشربيني ويوشح من التحفة ومن فوائد والده(2)، ولذا تجد توافق عبارات المغني والنهاية والتحفة، وليس ذلك من باب وضع الحافر على الحافر كما قد يتوهم وفي الثلاثة الأرباع يماشي التحفة ويوشح من غيرها.
__________
(1) قال السيد عمر في فتاويه: "والحاصل أن ما تقرر من التخيير لا محيد عنه في عصرنا هذا بالنسبة إلى أمثالنا القاصرين عن رتبة الترجيح؛ لأنا إذا بحثنا عن الأعلم بين الحيين لعسر علينا الوقوف فكيف بين الميتين فهذا هو الأحوط الأورع الذي درج عليه السلف الصالحون المشهود لهم بأنهم خير القرون".
وفي المسلك العدل حاشية شرح بافضل: ورفع للعلامة السيد عمر البصري سؤال من الإحساء فيما يختلف فيه ابن حجر والجمال الرملي فما المعول عليه من الترجيحين؟
فأجاب: إن كان المفتي من أهل الترجيح أفتى بما ترجح عنده، قال: وإن لم يكن كذلك -كما هو الغالب في هذه الأعصار المتأخرة- فهو راو لا غير، فيتخير في رواية أيهما شاء أو جميعاً أو بأيها من ترجيحات أجلاء المتأخرين" الفوائد المكية(120) والمدنية(218).
(2) ولهذا فأكثر مخالفات م ر لحج بسبب متابعته لوالده الشهاب الرملي (انظر المدنية40).(1/29)
وأما شرح الخطيب على المنهاج المسمى بـ(مغني المحتاج) فهو مجموع من شروح المنهاج مع توشيحه من فوائد من تصانيف شيخ الإسلام زكريا، ويستمد كثيراً من كلام شيخه الشهاب الرملي ومن شرح ابن شهبة الكبير على المنهاج(1).
والخطيب متقدم على التحفة فهو في مرتبة مشايخ شيخ الإسلام ابن حجر لأنه أقدم منه طبقة .
والإمام ابن حجر يستمد كثيراً في التحفة من حاشية شيخه ابن عبد الحق على شرح المنهج للجلال المحلي(2).
ولكل من التحفة والنهاية والمغني اصطلاحات تأتي إن شاء الله تعالى في الفصل الرابع.
الفصل الثاني
في ذكر أمهات المنهاج التي اختصر منها
وذكر أسماء مؤلفيها وذكر وفياتهم
الرافعي وكتابه المحرر
اعلم أن المنهاج اختصره الإمام النووي -رحمه الله تعالى- من المحرر كتاب للإمام العلامة الحجة ولي الله بلا نزاع: أبي القاسم عبد الكريم بن محمد القزويني الرافعي، نسبة إلى رافع بن خديج الصحابي، كما وجد بخطه، قاله قاضي قزوين: مظفر الدين.
وفيه رد على من قال: هو نسبة إلى رافعان بلدة من بلدان العجم، بل قال القاضي جلال الدين: لا يعرف في نواحي العجم بلدة تسمى بذلك الاسم.
ورد أيضاً على من قال: هي نسبة إلى بني رافع،قبيلة من العرب.
والرافعي المذكور أعجمي اللغة كالإمام النووي، لكنهما تعلما العربية.
قال النووي: كان الرافعي إماماً بارعاً في المعارف والزهد والكرامات الخارقة، توفي في قزوين أواخر سنة ثلاث،أو أوائل سنة أربع وعشرين وستمائة،وعمره نحو خمس وستين سنة، فعلى هذا يكون مولده في سنة سبع أو ثمان وخمسين وخمسمائة.
__________
(1) قال في الفوائد المنية (221) : "والخطيب الشربيني لا يكاد يخرج عن كلام شيخه شيخ الإسلام والشهاب الرملي لكن موافقته للشهاب أكثر من موافقته لشيخ الإسلام" وقال: "وقد رزق الخطيب –رحمه الله تعالى –في كتبه الحلاوة في التعبير وإيضاح العبارة كما هو مشاهد محسوس في كلامه في كتبه".
(2) النظر الفوائد المدنية (222،221)(1/30)
كان -رحمه الله- إماماً في غالب العلوم، شديد الاحتراز في ترجيحها وفي نقلها وعزوها لأهلها إذا شك في أصلها، وكان العلم في أبيه وجده وجد جده كما في كتاب الأمالي، وكتابه المحرر من أجل كتب الشافعية وأحكمها كما قال الإمام النووي رحمه الله تعالى(1).
شروح المحرر
وقد اعتنى بشرح المحرر واختصاره الأئمة الأعلام .
فشرحه القاضي شهاب الدين أحمد بن يوسف السندي(2) المتوفى سنة ثمانمائة وخمس وتسعين في أربعة مجلدات سماه (كشف الدرر في شرح المحرر) التزم فيه ذكر الخلاف بين الأئمة الثلاثة مع تنقية مذهبه، وبيان خلاف الترجيح بين الرافعي والنووي وما عليه الفتوى.
ثم شرحه شرف الدين الشيرازي رحمه الله تعالى(3).
مختصرات المحرر
والذي اختصره من العلماء تاج محمود بن محمد الأصفهيدني الكرماني(4) المتوفى سنة سبع وثمانمائة وسماه (الإيجاز) وهو كثير الفوائد مشتمل على ما حواه المحرر مع زيادات لطيفة، ونكات شريفة.
__________
(1) انظر طبقات الشافعية (2/77) وطبقات الفقهاء (264).
(2) أحمد بن يوسف الحصكفي السندي الحلبي الشافعي، عالم مشارك في بعض العلوم، تولى القضاء، من مصنفاته: كشف الدرر في شرح المحرر، وشرح طوالع الأنوار للبيضاوي (معجم المؤلفين1/328) .
(3) كشف الظنون (2/1612)
(4) تاج بن محمود الأصفهيدي، نزيل حلب قدم من بلاد العجم حاجاً، ثم رجع فسكن بحلب، وتصدى للاشتغال بها، وأقام بالمدرسة الرواحية، وأقرأ العربية وغيرها، وتكاثر عليه الطلبة، مات في شهر ربيع الأول سنة(807هـ) من آثاره: شرح المحرر في الفقه وشرح على ألفية ابن مالك (طبقات الشافعية 4/22)(1/31)
واختصره أيضاً علاء الدين علي بن محمد الناجي(1) المتوفى سنة أربع عشرة وسبعمائة.
واختصره أيضاً الإمام النووي في المنهاج(2)، وقد مر في الفصل الأول.
سبب تسمية المحرر بهذا الاسم
ثم المحرر المذكور قال ابن حجر في تحفته ما لفظه:"وتسميته -أي المحرر- مختصراً لقلة لفظه، لا لكونه ملخصاً من كتاب بعينه"(3) .
ومثله في شرح البكري(4) على المنهاج.
__________
(1) علي بن محمد بن عبد الرحمن بن خطاب، الشيخ الإمام العلامة علاء الدين أبو الحسن الباجي المصري الإمام المشهور، ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة سنة مولد النووي، وتفقه بالشام على ابن عبد السلام، وكان أعلم أهل الأرض بمذهب الأشعري، وكان هو بالقاهرة والصفي الهندي بالشام القائمين بنصرة مذهب الأشعري، وكان ابن دقيق العيد كثير التعظيم له (طبقات الشافعية2/223)
(2) كشف الظنون (2/1612)
(3) تحفة المحتاج (1/35) مع حواشي الشرواني وابن قاسم.
(4) علي بن جلال الدين محمد بن عبد الرحمن بن أحمد البكري الصديقي، أبو الحسن المصري، فقيه ناظم مشارك في بعض العلوم، توفى 952هـ، من تصانيفه: شرح العباب، وحاشية على شرح المحلي وغيرها (معجم المؤلفين 2/510).(1/32)
وقال البجيرمي على شرح المنهج وغيره: "إن المحرر مختصر من الوجيز"(1) وهو كتاب جليل للإمام العلامة حجة الإسلام أبي حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي الشافعي(2)- المتوفى سنة خمس وخمسمائة- وقد قيل في الوجيز: لو كان الغزالي نبياً لكان معجزته الوجيز.
اختصارات وشروح الوجيز
__________
(1) قال البجيرمي: "المحرر هو مختصر من الوجيز، المختصر من الوسيط، المختصر من البسيط المختصر من النهاية لإمام الحرمين، وكل من الوجيز والوسيط والبسيط للغزالي" (حاشية بج على فتح الوهاب 4/133) والذي يترجح هو قول بج؛ إذ من يقرأ ويقارن بين المنهاج والوجيز –وهو مطبوع- يظهر لديه رجحان هذا القول، فالعبارات متشابهة ومتقاربة، والترتيب متشابه إلى حد كبير، سواءً ترتيب الأبواب أم الفصول أم المسائل والفروع، مما يجعل القارئ غير العارف يظن أن المنهاج اختصار للوجيز، والله أعلم.
(2) محمد بن محمد بن محمد الإمام، حجة الإسلام، زين الدين أبو حامد الطوسي الغزالي، ولد بطوس سنة خمسين وأربعمائة، أخذ عن إمام الحرمين ولازمه حتى صار أنظر أهل زمانه، وجلس للإقراء في حياة إمامه، وبعد وفاة الإمام حضر مجلس نظام الملك فأقبل عليه وحل منه محلاً عظيماً، فولاه نظامية بغداد فدرس بها مدة ثم تركها وحج ورجع إلى دمشق وأقام بها عشر سنين، وصنف فيها كتباً يقال: إن الإحياء منها ثم سار إلى القدس والإسكندرية، ثم عاد إلى وطنه بطوس مقبلاً على التصنيف والعبادة ونشر العلم، ودرس بنظامية نيسابور مدة ثم تركها وبنى خانقاه للصوفية ومدرسة للمشتغلين، وأقبل على النظر في الأحاديث خصوصا البخاري وقد ذكر له السبكي في الطبقات الكبرى ترجمة طويلة، من مصنفاته: المستصفى في أصول الفقه والمنخول، وإلجام العوام عن علم الكلام، والرد على الباطنية، ومقاصد الفلاسفة، وتهافت الفلاسفة، وجواهر القرآن، وشرح الأسماء الحسنى، ومشكاة الأنوار، والمنقذ من الضلال وغير ذلك (طبقات الشافعية2/293)(1/33)
وقد اعتنى بشرحه واختصاره الأئمة الأعلام .
فأول من اختصره صاحبه الإمام الغزالي وسماه (الخلاصة).
ثم اختصره تاج الدين عبد الرحمن بن منعة الموصلي(1) -المتوفى سنة إحدى وسبعين وستمائة- وسماه (بالتعجيز في مختصر الوجيز).
واختصره الإمام سراج الدين عمر بن محمد الزبيدي(2)، وسماه (الإبريز في تصحيح الوجيز).
وأما الذين شرحوه من الأئمة الأعلام فكثيرون .
فشرحه الإمام العلامة أبو حامد محمد بن إبراهيم السهيلي الحاجري المتوفى سنة ستمائة وعشر.
وشرحه جلالة الإمام العلامة أبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني بشرحين: صغير لم يسم، وكبير سماه (فتح العزيز إلى شرح الوجيز) في عشرة مجلدات، وبعضهم يطلق (العزيز) على الشرح الكبير بدون ذكر لفظ (فتح)، لكنه قد تورع بعض العلماء من هذا الإطلاق وقالوا: إن إطلاق (العزيز) مختص بكتاب الله عز وجل.
مختصرات فتح العزيز
وفتح العزيز المذكور اختصره الإمام النووي رحمه الله تعالى وسماه (الروضة) في أربعة مجلدات.
واختصر الروضة الشيخ اسماعيل بن المقري الزبيدي(3) إلى الروض
واختصر الروض شيخ الإسلام أحمد بن حجر الهيتمي إلى النعيم(4).
__________
(1) عبد الرحيم بن محمد بن محمد بن يونس بن منعة الفقيه المحقق العلامة تاج الدين أبو القاسم (طبقات الشافعية 2/136)
(2) عمر بن محمد بن عبيد الأشعري الزبيدي اليمني المعروف بالفتى، ولد بزبيد (801هـ) ونشأ بها وتوفي في صفر(887هـ) من آثاره: مختصر مهمات المهمات تلخيص جواهر القمولي (كشف الظنون2/675)
(3) إسماعيل بن أبي بكر بن عبد الله الشرجي الشاوري (نسبة إلى قبيلة شاور) اليماني، درس في تعز وزبيد وبها توفي سنة 837هـ، تولى إمرة بعض البلاد في دولة الأشرف، من مصنفاته: عنوان الشرف الوافي، والإرشاد وغيرهما (الأعلام 1/188).
(4) ولكنه ضاع عليه، انظر الفوائد المدنية (9).(1/34)
ثم اختصر الروضة الإمام العلامة صفي الدين أحمد بن عمر المزجد(1) إلى العباب، فشرحه الإمام ابن حجر وسمى هذا الشرح بالإيعاب.
واختصر الروضة أيضاً الإمام العلامة الحجة عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي إلى الغنية.
حواشي الروضة
وقد اعتنى الإمام الأذرعي بتحشية الروضة بالحواشي الجليلة، ومثله الإمام الأسنوي(2)، وابن العماد، والبلقيني، كل منهم اعتنى بالحواشي عليها وأتى بالعجب العجاب، وبكل ما استعذب لأولي الألباب .
ثم جمع حواشي الأربعة المذكورين شيخ الإسلام بدر الدين محمد بن بهادر الزركشي -المتوفى سنة أربع وتسعين وسبعمائة- وهذا المجموع أربعة عشر مجلداً، كل مجلد يضم خمساً وعشرين كراسة وسماه بـ(الخادم للروضة).
__________
(1) أحمد بن عمر المزجد السيفي المرادي المذحجي الزبيدي، من فقهاء الشافعية الكبار، مولده ووفاته بزبيد (847هـ-930هـ) ولي قضاء عدن ثم قضاء بلده، من مصنفاته: العباب المحيط وتجريد الزوائد (النور السافر137) وكتاب العباب مطبوع.
(2) عبد الرحيم بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن إبراهيم، الإمام العلامة، منقح الألفاظ، محقق المعاني ذو التصانيف المشهورة المفيدة، جمال الدين أبو محمد القرشي الأموي الإسنوي المصري، ولد بإسنا في رجب سنة أربع وسبعمائة، وقدم القاهرة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، وسمع الحديث، واشتغل في أنواع من العلوم من تصانيفه: التمهيد والمهمات وغيرها (طبقات الشافعية3/98)(1/35)
وممن اختصر فتح العزيز الإمام العلامة عبد الغفار القزويني(1) وسماه (الحاوي الصغير) ونظمه ابن الوردي(2) وسمى ذلك النظم بالبهجة، فشرحها شيخ مشايخ الإسلام أبو يحيى زكريا الأنصاري بشرحين.
ثم الحاوي الصغير المذكور اختصره الإمام العلامة إسماعيل بن المقري إلى الإرشاد، فشرحه ابن حجر بشرحين.
ثم وجيز الغزالي اختصره من الوسيط له أيضاً، وهو كتاب أكبر من الوجيز، وأحد الكتب الخمسة المتداولة بين الشافعية التي يعول عليها.
شروح الوسيط ومختصراته
وقد اعتنى بشرحه واختصاره الأئمة الأعلام، فشرحه تلميذ الإمام الغزالي: محي الدين محمد بن محي الدين محمد بن يحيى النيسابوري(3) في ستة عشر مجلداً وسماه بـ(المحيط إلى شرح الوسيط) المتوفى سنة ثمان وأربعين وخمسمائة رحمه الله تعالى.
__________
(1) عبد الغفار بن عبد الكريم بن عبد الغفار القرويني الشيخ نجم الدين صاحب الحاوي الصغير، واللباب والعجاب، وكان أحد الأئمة الأعلام له اليد الطولى في الفقه والحساب وحسن الاختصار (سابق2/137)
(2) عمر بن المظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس بن علي الإمام، العلامة، الأديب، المؤرخ، زين الدين أبو حفص المعري الشهير بابن الوردي، فقيه حلب ومؤرخها وأديبها، تفقه على الشيخ شرف الدين البارزي، له مصنفات جليلة نظماً ونثراً من ذلك: البهجة نظم الحاوي الصغير في خمسة آلاف بيت، ومقدمة في النحو اختصر فيها الملحة سماها النفحة، وشرحها، وله تأريخ حسن مفيد، وأرجوزة في تعبير المنامات، وديوان شعر لطيف، ومقامات مستظرفة، توفي بحلب في آخر سنة تسع وأربعين وسبعمائة (سابق3/45)
(3) هو أبو يحيى الشيخ نجم الدين ابن الرفعة، كان فريد دهره ووحيد عصره، كان إماماً في الفقه والخلاف والأصول، له تصانيف مشهورة، تفقه على أصحاب ابن العطار (طبقات الشافعية1/273)(1/36)
وشرحه الشيخ الإمام نجم الدين أبو العباس أحمد بن علي بن مرتفع المعروف بابن الرفعة -المتوفى سنة عشر وسبعمائة- في ستين مجلداً سماه (المطلب العالي إلى شرح وسيط الغزالي) ولم يكمله.
وشرحه الشيخ الإمام نجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد القمولي(1)-المتوفى سنة سبع وسبعين وسبعمائة- رحمه الله تعالى في مجلدات سماه (البحر المحيط إلى شرح الوسيط) ثم لخصه وسماه (جواهر البحر المحيط) ولخص هذا التلخيص سراج الدين عمر بن محمد اليمني-المتوفى سنة سبع وثمانين وثمانمائه- (وسماه جواهر الجواهر) وشرحه كثير غير من ذكر .
__________
(1) أحمد بن محمد بن مكي بن ياسين القرشي المخزومي الشيخ العلامة نجم الدين أبو العباس القمولي المصري، اشتغل إلى أن برع ودرس وأفتى وصنف وولي قضاء قوص، ثم إخميم ثم أسيوط والمنية والشرقية والغربية، ثم ولي نيابة الحكم بالقاهرة، وحسبة مصر، شرح الوسيط شرحاً مطولاً أقرب تناولاً من المطلب وأكثر فروعاً وإن كان كثير الاستمداد منه، قال الإسنوي: لا أعلم كتاباً في المذهب أكثر مسائل منه، وسماه البحر المحيط في شرح الوسيط، ثم لخص أحكامه خاصة كتلخيص الروضة من الرافعي سماه: جواهر البحر وشرح مقدمة ابن الحاجب في النحو شرحاً مطولاً، وشرح الأسماء الحسنى في مجلد، مات في رجب سنة سبع وعشرين وسبعمائة عن ثمانين سنة (طبقات الشافعية 2/255) .(1/37)
وممن اختصره نور الدين إبراهيم بن هبة الله الإسنادي(1) -المتوفى سنة سبعمائة وإحدى وعشرين- رحمه الله تعالى، واختصره الإمام الغزالي في كتابه الوجيز وقد مر.
وهذا أي كتاب (الوسيط) اختصره صاحبه من كتابه المسمى بـ(البسيط)، وهو -أعني البسيط- كتاب جليل للإمام العلامة الحجة محمد بن محمد الغزالي اختصره من (نهاية المطلب في دراية المذهب) لإمام الحرمين عبد الملك بن محمد بن عبد الله الجويني(2) -المتوفى سنة أربعمائة وثمانية وسبعين- جمعه بمكة المكرمة وأتمه بنيسابور، وقد مدحه ابن خلكان، وقال: ما صنف في الإسلام مثله، قال ابن النجار: إنه مشتمل على أربعين مجلداً، ثم لخصه ولم يتم، جمعه من الأم والإملاء والمسند للشافعي ومختصر المزني.
__________
(1) إبراهيم بن هبة الله بن علي القاضي نور الدين الجميزي الإسنوي(وتصحف على الكاتب إلى الإسنادي) أخذ ببلده عن البهاء القفطي ثم رحل إلى القاهرة في صباه وأخذ عن الأصفهاني -شارح المحصول- والبهاء ابن النحاس وغيرهما، صنف في الفقه والأصول والنحو، واختصر الوسيط وصحيح ما صححه الرافعي والنووي، واختصر الوجيز وشرح المنتخب في الأصول ونثر ألفية أبن مالك وشرحها (طبقات الشافعية2/244)
(2) عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد العلامة إمام الحرمين ضياء الدبن أبو المعالي بن الشيخ أبي محمد الجويني رئيس الشافعية بنيسابور، مولده في المحرم سنة عشرة وأربعمائة، وتفقه والده وأتى على جميع مصنفاته، وتوفي أبوه وله عشرون سنة فأقعد مكانه للتدريس توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ودفن بداره ثم نقل بعد سنين فدفن إلى جانب والده، ومن تصانيفه النهاية والإرشاد والغياثي وغيرها (سابق2/255)(1/38)
ونهاية المطلب اختصرها الإمام أبو سعد عبد الله بن محمد اليمني المعروف بابن أبي عصرون(1) -المتوفى سنة خمسمائة وخمس وثمانون- وسماه (صفوة المذهب من نهاية المطلب) وهو سبعة مجلدات(2) .
كتاب الأم
ثم كتاب (الأم) من أعظم كتب الشافعية الشرقية والغربية، صنفه إمام المذهب: محمد بن إدريس الشافعي رضي الله تعالى عنه، جمع فيه أصول المذهب وفروعه، عبادة ومعاملة، مع بيان النصوص القرآنية والحديثية التي أداه اجتهاده باستنباط الأحكام منها .
وكان عزيز الوجود تسمع بها الأمة ولم تره إلى أن قيض الله صاحب الهمة الشماء علامة دهره في عصره سعادة صفي الدين أحمد بك الحسيني المعظم -رحمه الله تعالى- فجمع أجزاءه المتفرقة بعد شتاتها من مصر فالحجاز فاليمن فالشام فأوربا برواية صاحب إمام المذهب رحمه الله تعالى عنه الربيع بن سليمان المرادي رحمه الله، فطبع على نفقته وانتشر.
هل تغني الطباعة عن الكتابة ؟
(فائدة) الطبع المعروف الذي حدث في رأس الألف وفشا إلى زماننا هل يكفي عن كتابة العلم أم لا ؟
أجاب السيد العلامة محمد بن أحمد عبد الباري الأهدل أنه يكفي، قال: لأن الناس قد صاروا متكلين عليه في غالب تحصيل الكتب؛ لتيسره وقلة ثمنه؛ لأن به يحصل حفظ العلم من الضياع، والمنفعة حاصلة به، لأنه لا يكون غالباً إلا بعد تصحيح المطبوع، وهو جواب وجيه.
حكم كتابة العلم
__________
(1) عبد الله بن محمد هبة الله بن المطهر بن علي بن أبي عصرون قاضي القضاة شرف الدين أبو سعد التميمي الموصلي ثم الدمشقي، مولده في ربيع الأول سنة اثنتين، وقيل ثلاث وتسعين وأربعمائة، أخذ عن أبي علي الفارقي وأسعد الميهني، وأخذ الأصول عن ابن برهان، وقرأ بالسبع والعشر على البارع وأبي بكر المرزوقي وسبط الخياط، وولي قضاء سنجار وحران ثم ولي قضاء دمشق سنة اثنتين وسبعين (طبقات الشافعية 2/27)
(2) كشف الظنون 2/1990(1/39)
وكتابة العلم قال ابن حجر في تحفته: واجبة؛ إذ لو كانت كتابة الصكوك لحفظ الأموال خوفاً من ضياعها واجبة فكتابة العلم لحفظه وخوفاً من ضياعه أولى انتهى(1).
الفصل الثالث
في بيان مصطلحات الإمام النووي في كتبه
وما يقدم منها إذا اختلف بعضها عن بعض
كتب النووي
وهي –أي كتب النووي-:
التحقيق شرح التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي.
والمجموع شرح المهذب للإمام أبي إسحاق الشيرازي أيضاً.
والتنقيح شرح وسيط الإمام الغزالي رحمه الله تعالى.
والروضة مختصر فتح العزيز للإمام الرافعي رحمه الله تعالى .
__________
(1) عبارة التحفة (1/33): "وكتابة العلم مستحبة وقيل واجبة، وهو وجيه في الأزمنة المتأخرة وإلا لضاع العلم، وإذا وجبت كتابة الوثائق لحفظ الحقوق فالعلم أولى" ويمكن أن يجمع بين القولين: الوجوب والاستحباب بأن يحمل الوجوب على الكفاية أي بالنظر إلى مجموع الأمة، والاستحباب بالنظر إلى الأعيان، وهو كذلك فإضاعة العلم لا تجوز بمعنى أنه يحرم على الأمة أن تهمل كتابة العلم أو طباعته جملة وتفصيلاً لأنه بيان للدين، وهذا الأمر لن يكون –بإذن الله- لأن الله تكفل بحفظ القرآن والذي هو أصل العلم، ولأن الأمة معصومة من الخطأ، إلا في آخر الزمان عند رفع القرآن فحينها يرتفع العلم معه .
أما كتابة أو طباعة بعضه وترك آخر فلا حرج فيه وإن كان يستحب كتابة أو طباعة كل مفيد يتيسر، وكذلك بالنسبة للأفراد إذا ما سمع علماً يستحب له كتابته كي يسهل له مراجعته أو حفظه أو إعارته أو إفادة آخرين بأي وجه كان، ولا نقول بالوجوب لأنه محفوظ في حقيقة الأمر وموجود في بطون الكتب المنتشرة وفي صدور العلماء.
وللفائدة فقد نقل الشاطبي في الموافقات (4/98) عن الإمام مالك كراهت كتابة العلم، وقال بأنه أراد "ما كان نحو الفتاوي، فسئل ما الذي نصنع؟ فقال: تحفظون وتفهمون حتى تستنير قلوبكم ثم لا تحتاجون إلى الكتاب".(1/40)
والمنهاج مختصر المحرر للإمام الرافعي أيضاً رحمه الله تعالى .
وفتاواه .
وشرح مسلم.
وتصحيح التنبيه.
ونكته أي التنبيه
مراتب هذه الكتب
فهذه الكتب إذا اختلف بعضها عن بعض قدم:
كلام التحقيق.
ثم المجموع.
ثم التنقيح ، وهذا الثلاثة لم يكملها الإمام النووي.
ثم يليها ما هو مختصر من كلام غيره كالروضة.
ثم المنهاج.
ثم فتاواه.
ثم شرح مسلم.
ثم تصحيح التنبيه.
ثم نكته (1).
مصطلحات النووي في كتبه
وأما اصطلاحاته في هذه الكتب في الرموز التي رمز بها في المنهاج فهي كاصطلاحاته التي سنذكرها في رموز المنهاج .
فذكر في المنهاج عبارات يعلم منها أن الخلاف أقوال للشافعي، أو أوجه لأصحابه، أو مركب منهما، وهي سبعة عشر.
فالأظهر، والمشهور، والقديم، والجديد، وفي قول، وفي قول قديم، وفي قول كذا، والقولان، والأقوال، هذه يعبر بها عن أقوال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه.
والأصح، والصحيح، وقيل، وفي وجه، والوجهان، والأوجه، لأوجه الأصحاب والنص للمركب منهما يقينا.
والمذهب حين يعبر به محتمل لأن يكون من أقوال الشافعي أو من أوجه الأصحاب أو من المركب منهما، وقد يعبر في بعض المسائل بالمنصوص وفي بعضها بفي قول أو وجه، وقد يعبر لما فيه خلاف بقوله وكذا.
التعبير بالأظهر
إذا عرفت هذا فاعلم أن تعبيره بـ(الأظهر) يستفاد منه أربع مسائل:-
__________
(1) قال في التحفة (1/39): "الغالب تقديم ما هو متتبع فيه كالتحقيق، فالمجموع فالتنقيح، ثم ما هو مختصر فيه كالروضة، فالمنهاج، ونحو فتاواه، فشرح مسلم، فتصحيح التنبيه، ونكته من أوائل تأليفه فهي مؤخرة عما ذكر، وهذا تقريب وإلا فالواجب في الحقيقة عند تعارض هذه الكتب مراجعة كلام معتمدي المتأخرين واتباع ما رجحوه منها"، وزاد في حاشية الإيضاح:"...وما اتفق عليه الأكثر من كتبه مقدم على ما اتفق عليه الأقل منها غالباً، وما كان في بابه مقدم على ما في غيره غالباً أيضاً" (الفوائد المدنية34)(1/41)
الأولى: الخلافية، يعني أن المسألة ذات خلاف.
والثانية: الأرجحية، يعني أن في المسالة قولاً راجحاً وقولاً مرجوحاً، والراجح هو المذكور، والمرجوح هو المقابل.
والثالثة: كون الخلاف فيه قولياً، أي من قول الإمام الشافعي - رضي الله عنه - أو من أقواله لا من الأوجه التي ذكرها أصحابه .
والرابعة: ظهور المقابل، يعني أن المقابل ظاهر في نفسه وإن كان المعتمد في الفتوى والحكم على الأظهر.
وجملة ما في المنهاج من التعبير بالأظهر أربعمائة إلا خمسة:
منها: التعبير بأظهرها في موضعين: أحدهما في الرهن، والآخر في الوصايا.
ومنها: التعبير بأظهرهما في كتاب العتق في فصل أعتق في مرض موته .
التعبير بالمشهور
وتعبيره بـ(المشهور) يستفاد منه أربع مسائل :-
الأولى: الخلافية وقد مر معنى ذلك.
الثانية: الأرجحية وقد مر معنى ذلك أيضاً.
والثالثة: غرابة المقابل، أي كونه خفياً غير مشهور، فهو ضعيف .
والرابعة: كون الخلاف قولياً، أي من قولي الإمام الشافعي - رضي الله عنه - أو من أقواله لا من الأوجه التي لأصحابه رضي الله عنهم .
وجملة ما في المنهاج من التعبير بالمشهور ثلاث وعشرون عبارة، منها التعبير بالأشهر في الشهادات في فصل لا يحكم...الخ.
التعبير بالأصح
وتعبيره بـ(الأصح) يستفاد منه أربع مسائل: الخلافية، والأرجحية، وقد مر معناهما.
والثالثة صحة المقابل، لقوة الخلاف بقوة دليل المقابل.
والرابعة كون الخلاف وجهاً لأصحاب الإمام الشافعي، يستخرجونه من قواعده ونصوصه، ويجتهدون في بعضها، فالخلاف لأصحابه في المسألة(1)
__________
(1) تخريج الوجوه: استنباطها من كلام الإمام، كأن يقيس ما سكت عنه على ما نص عليه لوجود معنى ما نص عليه فيما سكت عنه، سواء نص إمامه على ذلك المعنى أو استنبطه من كلامه .
أو يستخرج حكم المسكوت عنه بعد دخوله بعد عمومٍ ذكره، أو قاعدة قررها كذا في الآيات البينات لابن قاسم .
وقد تكون الأوجه باجتهاد من الأصحاب أن يستنبطوا الأحكام من نصوص الشارع، لكن يتقيدون في استنباطهم منها بالجري على طريقة إمامهم في الاستدلال ومراعاة قواعده وشروطه فيه، وبهذا يفارقون المجتهد المطلق، فإنه لا يتقيد بطريق غيره، ولا بمراعاة قواعده وشروطه .
والوجهان قد يكونان لشخصين أو لشخص، فإن كان لواحد فالراجح منهما ما عليه المعظم ترجيحاً، أو ما اتضح دليله، أو من أكثر فبترجيح مجتهد آخر اجتهاداً نسبياً .
الآخذون عن الشافعي بالوساطة
وأصحاب الشافعي الآخذون عنه بالوساطة كثيرون لا يحصون، لكن اشتهر منهم جماعة في استنباط الأحكام من نصوصه، وتوجيهها والتفريع عليها، ويسمون بأصحاب الوجوه منهم:-
أحمد بن يسار .
ومحمد بن نصر المروزي وهما من الطبقة الثانية .
ومنهم:-
أبو الطيب بن سلمة.
وأبو عبد الله الزبيري.
وابن حربويه.
وأبو حفص البابشامي.
وأبو علي بن خيران.
وأبو بكر النيسابوري.
وأبو سعيد الأصطخري.
وأبو بكر الصيرفي.
وابن القاص.
وأبو اسحق المروزي.
وأبو بكر الصبغي.
وأبو علي بن أبي هريرة.
وابن الحداد.
وأبو علي الطبري.
وأبو بكر المحمودي.
وأبو الحسن الصابوني .
وابن القطان .
والقفال الشاشي .
وابن العفريس .
وابن سهل الصعلوكي .
وابن زيد المروزي .
وأبو أحمد الجرجاني .
والماسرجسي .
وأبو القاسم الصيمري .
وزاهر السرخسي .
وابن لال .
والخضري .
وأبو الحسن الجوري .
وأبو عبد الله الحناطي، وهم من الطبقة الثالثة .
ومنهم:-
أبو طاهر الزيادي .
وأبو أسحق الإسفريني .
وأبو بكر البوقاني .
وأبو حاتم القزويني .
والشريف ناصر العمري .
وأبو عبد الله القطان .
وأبو عبدالرحمن القزازي .
وأبو عاصم العبادي .
والشالوشي .
وأبو خلف الطبري وهم من الطبقة الرابعة.
ثم جاء بعدهم بقية أصحاب الوجوه طبقة بعد طبقة، حتى جاء الشيخ أبو حامد أحمد الفقيه، المعروف بالإسفراييني، الذي انتهت إليه الرئاسة في فقه الشافعي ببغداد، قيل كان يحضر درسه سبعمائة فقيه، وتبعه جماعة لا يحصون عدداً أخصهم به:-
القاضي أبو الحسن الماوردي، صاحب الحاوي البصري، المتوفى سنة أربعمائة وخمسين للهجرة .
والقاضي أبو الطيب الطبري، صاحب الكتاب المسمى بالتعليقة في نحو عشر مجلدات، كثير الاستدلال والأقيسة، المتوفى سنة أربعمائه وخمسين للهجرة.
والقاضي أبو علي البندنيجي .
وأبو الحسن أحمد بن محمد المحاملي، المتوفى سنة اربعمائة وخمس، صاحب كتاب المقنع .
وسليم الرازي .
وسلكوا طريقه في تدوين الفروع، واشتهرت طريقتهم في ذلك بطريقة العراقيين .
وجاء القفال المروزي وسلك طريقه أيضا في تدوين الفروع، وتبعه جماعة أخصهم :-
الشيخ أبو محمد عبد الله بن يوسف النيسابوري المعروف بالجويني، المتوفى سنة أربعمائة وثمانية وثلاثين .
وصاحب كتاب الإبانة أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الفوراني المروزي المتوفى سنة أربعمائة وإحدى وستين .
والقاضي حسين بن محمد المروزي، المتوفى سنة اربعمائة واثنين وستين، وله كتاب سماه التعليقة أيضاً في الفروع .
وأبو علي السنجي .
والمسعودي .
واشتهرت طريقة هؤلاء ومن تبعهم بطريقة الخراسانيين، ويقال لهم: المراوزة أيضاً؛ لأن شيخهم ومعظم أتباعهم مراوزة، فتارة يقولون: قال الخراسانيون، وتارة يقولون: قال المراوزة كذا، فهما عبارتان عن معبر واحد. (انظر الابتهاج)(1/42)
.
وقد يشذون(1) عنها كالمزني وأبو ثور، فلا تعد أقوالهم وجوهاً في المذهب(2).
وجملة ما في المنهاج من التعبير بالأصح ألف وثمانية وثلاثون عبارة تقريباً:
منها ما لفظة (صحح) في الضمان(3).
ومنها تعبيره بـ(أصحها) في موضعين: أحدهما في الجراح(4)، وثانيهما: في العدد(5).
ومنها أصحهما الثاني في الصلح(6) .
ومنها واحد ضعيف في باب زكاة الفطر.
التعبير بالصحيح
وتعبيره بـ(الصحيح) يستفاد منه أربع مسائل: الخلافية، والأرجحية، وقد مر معناهما .
والثالثة: فساد المقابل، أي كونه ضعيفاً لا يعمل به، والعمل بالصحيح.
والرابعة: كون الخلاف وجهاً للأصحاب، يستخرجونه من كلام الإمام الشافعي فإن قوي الخلاف لقوة دليل المقابل عبر بالأصح المشعر بذلك، وإن لم يقو الخلاف بأن ضعف عبر بالصحيح .
طريق علمنا بالراجح من أقوال الإمام
والمراد بقوة الخلاف علمنا بالدليل الذي استند إليه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، وقد لا نعلمه لكن نعلم الراجح، وطريق علمنا به يحصل بأمور:
إما بالنص على أرجحيته .
وإما بالعلم بتأخيره.
وإما بالتفريع عليه.
وإما بالنص على فساد مقابله .
وإما بموافقته لمذهب مجتهد(7) .
فإن لم يظهر مرجح فللمقلد أن يعمل بأي القولين شاء .
حكم العمل بالمرجوح
ويجوز العمل بالمرجوح في حق نفسه.
__________
(1) " أي يخرجون عن قواعد الشافعي ونصوصه ويجتهدون في مسألة من غير أخذ منهما بل على خلافهما" (حواشي الشرواني1/48) .
(2) انظر التحفة (1/48).
(3) انظر المنهاج(241) مع السراج، وعبارته: " وصحح القديم ضمان ما سيجب".
(4) 1223)
(5) 116) وبقي عليه موضعان في الصفحتين (50),(95) في قوله: " وفي وجوب أجرة المثل مدة النقل أوجه أصحها تجب أن نقل بعد القبض لا قبله" وقوله: " وفي استحباب الصدقة بما فضل عن حاجة أوجه أصحها إن عليه الصبر استحب وإلا فلا".
(6) 61)
(7) انظر التحفة (1/45)(1/43)
قال السيد العلامة محمد بن أحمد عبد الباري الأهدل رحمه الله تعالى: مما وجدته بخط صحيح عن الشيخ سعيد هلال مفتي مكة المكرمة في الكلام على المنهاج: أنه يجوز تقليد مقابل الأظهر والأصح، دون مقابل المشهور والصحيح اهـ(1) ثم قال: ولا يناقضه قولهم: يجوز تقليد غير الأربعة في عمل النفس دون القضاء والإفتاء كما قالوا:
وجاز تقليد لغير الأربعة
لا في قضاءٍ مع إفتاءٍ ذكر ... في حق نفسه ففي هذا سعة
هذا عن السبكي الإمام المشتهر(2)
وجملة ما في المنهاج من التعبير بالصحيح مائة وستة وسبعون.
التعبير بالجديد
وتعبيره بـ(الجديد) يعني من قول الإمام الشافعي - رضي الله عنه - إذ له قولان قديم وجديد فالقديم سيأتي، والجديد هو ما قاله بعد دخوله مصر، وأشهر رواته:-
__________
(1) نقل صاحب فتح المعين عن الشيخ أحمد الدمياطي نقله عن الشيخ سنبل ف يهذه المسألة ما لفظه: "وأما الأقوال الضعيفة فيجوز العمل بها في حق النفس لا في حق الغير ما لم يشتد ضعفها، ولا يجوز الإفتاء ولا الحكم بها، والقول الضعيف شامل لخلاف الأصح وخلاف المعتمد وخلاف الأوجه وخلاف المتجه، وأما خلاف الصحيح فالغالب أنه يكون فاسداً لا يجوز الأخذ به" فتح المعين (1/19).
(2) قال في التحفة (1/47): "وتبعوه –أي السبكي- في العمل بخلاف المذاهب الأربعة، أي مما علمت نسبته لمن يجوز تقليده وجميع شروطه عنده، وحمل على ذلك قول ابن الصلاح: لا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة أي في قضاءٍ أو إفتاء، ومحل ذلك وغيره من سائر صور التقليد ما لم يتتبع الرخص بحيث تنحل ربقة التكليف من عنقه وإلا أثم به، بل قيل فسق وهو وجيه".وانظر بغية المسترشدين (8).(1/44)
البويطي(1)
والمزني(2) .
والربيع المرادي(3) .
__________
(1) يوسف بن يحيى القرشي أبو يعقوب البويطي المصري الفقيه، أحد الأعلام من أصحاب الشافعي وأئمة الإسلام، قال الربيع: وكان له من الشافعي منزلة، وكان الرجل ربما يسأله عن المسألة فيقول: سل أبا يعقوب فإذا أجاب اخبره فيقول: هو كما قال، وربما جاء إلى الشافعي رسول صاحب الشرطة فيوجه الشافعي أبا يعقوب البويطي ويقول هذا لساني، وخلف الشافعي في حلقته بعده، قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من أبي يعقوب، وليس أحد من أصحابي أعلم منه، وقال النووي في مقدمة شرح المجموع: إن أبا يعقوب البويطي أجل من المزني والربيع المرادي، مات ببغداد في السجن والقيد في المحنة في رجب سنة إحدى وثلاثين ومائتين ( طبقات الشافعية2/70)
(2) إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق أبو إبراهيم المزني المصري الفقيه الإمام صاحب التصانيف، أخذ عن الشافعي وكان يقول: أنا خلق من أخلاق الشافعي، ذكره الشيخ أبو إسحاق أول أصحاب الشافعي وقال: كان زاهداً عالماً مجتهداً مناظراً محجاجاً غواصاً على المعاني الدقيقة، صنف كتباً كثيرة، قال الشافعي: المزني ناصر مذهبي، ولد سنة خمس وسبعين ومائة، وتوفي في رمضان، وقيل في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائتين،وكان مجاب الدعوة (سابق 2/58)
(3) الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي مولاهم أبو محمد المصري المؤذن، صاحب الشافعي وخادمه وراوية كتبه الجديدة، قال الشيخ أبو إسحاق: وهو الذي يروي كتب الشافعي، قال الشافعي: الربيع راويتي، قال الذهبي: كان الربيع أعرف من المزني بالحديث وكان المزني أعرف بالفقه منه بكثير حتى كأن هذا لا يعرف إلا الحديث وهذا لا يعرف إلا الفقه، ولد سنة ثلاث أو أربع وسبعين ومائة، وتوفي في شوال سنة سبعة ومائتين وقد قال الشافعي فيه أنه أحفظ أصحابي (سابق 2/65)(1/45)
والربيع الجيزي(1) .
وحرملة(2) .
ويونس بن عبد الأعلى(3) .
وعبدالله بن الزبير المكي(4) .
__________
(1) الربيع بن سليمان بن داود الجيزي أبو محمد الأزدي مولاهم المصري الأعرج، أحد أصحاب الشافعي والرواة عنه، مات في ذي الحجة سنة ست وخمسين ومائتين (سابق 2/64)
(2) حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي أبو حفص المصري، أحد الحفاظ المشاهير من أصحاب الشافعي وكبار رواة مذهبه الجديد، قال الشيخ أبو إسحاق: كان حافظاً للحديث، وصنف المبسوط والمختصر، وقال ابن يونس: كان أعلم الناس بحديث ابن وهب، ونظر إليه أشهب فقال: هذا خير أهل المسجد ولد سنة ست وستين ومائة، ومات في شوال سنة ثلاث وقيل أربع وأربعين ومائتين (سابق2/61)
(3) يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة بن حفص بن حيان الصدفي أبو موسى المصري، أحد أصحاب الشافعي وأئمة الحديث روى عنه مسلم في صحيحه والنسائي وابن ماجه، قال الطحاوي: كان ذا عقل، روى عن الشافعي أقوالاً غريبة، قال الذهبي: وانتهت إليه رئاسة العلم بديار مصر لعلمه وفضله وورعه ونسكه ومعرفته بالفقه وأيام الناس، مولده في ذي الحجة سنة سبعين ومائة، ومات في ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائتين السنة التي مات فيها المزني (سابق 2/72)
(4) هو أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي الأسدي المكي المعروف بالحميدي، رحل مع الشافعي من مكة إلى بغداد ومنها إلى مصر ولازمه حتى مات، فرجع إلى مكة ليفتي لأهلها إلى أن مات بها سنة تسع عشرة ومائتين، وقيل سنة عشرين (طبقات الفقهاء188)(1/46)
ومحمد بن عبدالله بن عبدالحكم(1) .
وأبوه(2) .
ومن الكتب الجديدة للإمام الشافعي: المختصر، والبويطي، والأم، فإذا عبر الإمام النووي بالجديد فيستفاد منه أربع مسائل:
الأولى: الخلافية، والمعنى أن قوله في الجديد بحكم في مسألة يخالف قوله القديم فيها.
والثانية: الأرجحية، والمعنى أن في المسألة قولين: قولاً راحجاً: وهو القول الجديد، وقولاً مرجوحاً: وهو القديم، والمراد القول الجديد الذي عبر به.
والثالثة: كون الخلاف من قول الإمام الشافعي .
والرابعة: كون المقابل قديماً، أي قولاً قديماً للشافعي.
وجملة ما في المنهاج من التعبير بالجديد خمس وسبعون عبارة تقريباً .
التعبير بالقديم
وتعبيره بـ(القديم) -أي من قولي الإمام الشافعي - رضي الله عنه - وهو ما قاله قبل دخوله مصر وأشهر رواته:-
__________
(1) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، ولد سنة اثنين وثمانين ومائة، وكان أبوه عالماً جليلاً رئيساً، كان محسناً على الشافعي، وكان على مذهب مالك، ونشأ ابنه هذا على مذهب أبيه، وأخذ العلم عن أشهب وابن وهب المالكيين، فلما قدم الشافعي مصر صحبه وتفقه منه، وكان أبوه يأمره سراً بملازمة الشافعي، وكان الشافعي يحبه حتى قال له مرة: وددت لو أن لي ولداً مثل هذا، مات يوم الاربعاء في عشر ذي القعدة سنة ثمان وستين ومائتين، قال البيهقي: وانتقل قبيل وفاته بشهرين إلى مذهب مالك؛ لأنه كان يطلب أن الشافعي يستخلفه بعده واستخلف البويطي (سابق191 والسير4/340)
(2) عبد الله بن عبد الحكم ابن أعين بن ليث الإمام الفقيه مفتي الديار المصرية، أبو محمد المصري المالكي صاحب مالك، ويقال: إنه من موالي عثمان رضي الله عنه، وكان يحرض ولده محمد بن عبد الله على ملازمة الشافعي، مات في شهر رمضان سنة أربع عشرة ومئتين، وله نحو من ستين سنة رحمه الله (السير 10/220)(1/47)
أحمد بن حنبل(1).
والزعفراني(2).
والكرابيسي(3).
__________
(1) أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني رضي الله عنه، ولد سنة أربع وستين ومائة، ومات في رجب يوم الجمعة سنة إحدى وأربعين ومائتين، قال قتيبة بن سعيد: لو أدرك أحمد بن حنبل عصر مالك والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد لكان هو المقدم، فقيل لقتيبة: تضم أحمد إلى التابعين؟ فقال: إلى كبار التابعين وقال أبو ثور أحمد بن حنبل أعلم وافقه من الثوري (طبقات الفقهاء101)
(2) الحسن بن محمد أبو علي البغدادي الزعفراني، قال ابن حبان في الثقات: كان راوياً للشافعي، وكان يحضر أحمد وأبو ثور عند الشافعي وهو الذي يتولى القراءة عليه، وقال الماوردي: هو أثبت رواة القديم توفي، في رمضان سنة ستين ومائتين (انظر طبقات الشافعية2/62وطبقات الفقهاء112)
(3) الحسين بن علي بن يزيد أبو علي البغدادي الكرابيسي، أخذ الفقه عن الشافعي، وكان أولاً على مذهب أهل الرأي، قال ابن عدي: وله كتب مصنفة ذكر فيها اختلاف الناس في المسائل، وكان حافظاً له، وذكر في كتبه أخباراً كثيرة، قال العبادي: لم يتخرج على يدي الشافعي بالعراق مثل الحسين، قال الإسنوي: وكتاب القديم الذي رواه الكرابيسي عن الشافعي مجلد ضخم، توفي سنة خمس وأربعين ومائتين (سابق63)(1/48)
وأبو ثور(1).
-يستفاد منه أربع مسائل:
الأولى: الخلافية، وهي أن قوله في الجديد في مسألة يخالف قوله القديم منها.
والثانية: المرجوحية، وهي كون القديم مرجوحاً، والجديد راجحاً.
والثالثة: كون الخلاف قولياً.
والرابعة: كون المقابل هو الجديد، والعمل عليه، وجملة ما في المنهاج من التعبير بالقديم ثمانية وعشرون لفظة.
المذهب القديم ليس مذهباً للشافعي
(تنبيه) "المذهب القديم ليس مذهباً للشافعي؛ لأن المقلد مع المجتهد كالمجتهد مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكما أن الحادث من أدلة الشرع ناسخ للمتقدم منها إجماعاً حتى يجب على المجتهد الأخذ به كذلك المقلد مع المجتهد(2) .
المسائل المفتى بها على القديم
__________
(1) إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان، أبو ثور، وقيل: كنيته أبو عبد الله، الفقيه العلامة، أخذ الفقه عن الشافعي وغيره، قال أبو بكر الأعين: سألت أحمد بن حنبل عنه، فقال: اعرفه بالسنة منذ خمسين سنة، وهو عندي في مسلاخ سفيان الثوري، قال الخطيب البغدادي: كان أحد الثقات المأمونين ومن الأئمة الأعلام في الدين، وله كتب مصنفة في الأحكام جمع فيها بين الحديث والفقه، قال: وكان أولاً يتفقه بالرأي ويذهب إلى قول أهل العراق، حتى قدم الشافعي بغداد فاختلف إليه ورجع عن الرأي إلى الحديث، توفي سنة أربعين ومائتين وهو أحد رواة القديم وقال الرافعي في باب الغضب أبو ثور وإن كان معدودا وداخلا في طبقة أصحاب الشافعي فله مذهب مستقل ولا يعد تفرده وجها (طبقات الشافعية2/55)
(2) انظر في هذا الموضوع مقدمة المجموع، وفرائد الفوائد، والفوائد المدنية.(1/49)
وأما المسائل التي عدوها وجعلوها مما يفتى به على القديم فسببه أن جماعة من المجتهدين في مذهبه لاح لهم في بعض المسائل أن القديم أظهر دليلاً، فأفتوا به غير ناسبين ذلك إلى الشافعي، فمن بلغ رتبة الترجيح ولاح له الدليل أفتى بها وإلا فلا وجه لعلمه وفتواه، على أن المسائل التي عدوها أكثرها فيه قول جديد فتكون الفتوى به وهي ثمانية عشرة مسئلة :-
الأولى: عدم وجوب التباعد عن النجاسة في الماء الكثير بقدر القلتين(1).
الثانية: عدم تنجس الماء الجاري إلا بالتغير(2).
الثالثة: عدم النقض بلمس المحرم(3).
الرابعة: تحريم أكل الجلد المدبوغ(4).
الخامسة: استحباب التثويب في أذان الصبح(5).
__________
(1) قال في الروضة (1/23): "فرع إذا وقع في الماء الكثير الراكد نجاسة جامدة فقولان أظهرهما وهو القديم أنه يجوز الاغتراف من أي موضع شاء ولا يجب التباعد لأنه طاهر كله والثاني الجديد يجب أن يبعد عن النجاسة بقدر قلتين". وحكى ابن الصلاح عن أبي على السنجي أن القول بعدم التباعد قاله الشافعي في اختلاف الحديث وهو من الكتب الجديدة. (فرائد الفوائد134)
(2) انظر المجموع (1/66)
(3) انظر المصدر السابق (1/27) وعزي إلى رواية حرملة.
(4) انظر المصدر السابق (1/230)
(5) قال في الروضة (1/310): " هو سنة على المذهب الذي قطع به الأكثرون، وقيل قولان القديم الذي يفتى به أنه سنة، والجديد ليس سنة" ونقل التثويب عن نص الشافعي في البويطي فيكون منصوصاً في القديم والجديد .(1/50)
السادسة: مقدار وقت المغرب إلى مغيب الشفق الأحمر(1).
السابعة: استحباب تعجيل العشاء(2).
الثامنة: عدم ندب قراءة السورة في الأخيرتين(3).
__________
(1) قال في الروضة (1/291): " في المغرب وجهان: أصحهما يجوز مدها إلى مغيب الشفق والثاني منعه كغيرها، ثم الأظهر من القولين الجديد، واختار طائفة من الأصحاب القديم ورجحوه وعندهم المسألة مما يفتى فيه على القديم، قلت الأحاديث الصحيحة مصرحة بما قاله في القديم وتأويل بعضها متعذر فهو الصواب" قال في المجموع (3/29): " فإذا عرفت الأحاديث الصحيحة تعين القول به جزماً لأن الشافعي نص عليه في القديم كما نقله أبو ثور وعلق الشافعي القول به في «الإملاء» على ثبوت الحديث، وقد ثبت الحديث بل أحاديث، الإملاء من كتب الشافعي الجديدة، فيكون منصوصاً عليه في القديم والجديد".
(2) وأما العشاء ففيها قولان قال في القديم والإملاء تقديمها أفضل، وهو الأصح كما في سائر الصلاة وقال في الجديد تأخيرها أفضل والإملاء من الكتب الجديدة (انظر المجموع3/59)
(3) قال في الروضة (1/353): " وهل تسن السورة في الركعة الثالثة والرابعة قولان القديم وبه أفتى الأكثرون لا تسن، والجديد تسن لكنها تكون أقصر" وقال في المجموع (3/387): "وصححت طائفة عدم الاستحباب وهو الأصح، وبه أفتى الأكثرون وجعلوا المسألة من المسائل التي يفتى فيها على القديم، قلت: وليس هو قديماً فقط، بل معه نصان في الجديد".(1/51)
التاسعة: الجهر بالتأمين للمأموم في الجهرية(1).
العاشرة: ندب الخط عند عدم الشاخص(2).
الحادية عشرة: جواز اقتداء المنفرد في أثناء صلاته(3) .
الثانية عشرة: كراهة تقليم أظافر الميت(4).
الثالثة عشرة: عدم اعتبار الحول في الركاز(5).
__________
(1) قال في المجموع (3/371): "وأما المأموم فقد قال المصنف وجمهور الأصحاب قال الشافعي في «الجديد» لا يجهر، وفي «القديم» يجهر، وهذا أيضاً غلط من محمود أو من المصنف بلا شك، لأن الشافعي قال في المختصر وهو من الجديد: يرفع الإمام صوته بالتأمين ويسمع من خلفه أنفسهم، وقال في الأم: يرفع الإمام بها صوته فإذا قالها قالوها وأسمعوا أنفسهم، ولا أحب أن يجهروا، فإن فعلوا فلا شيء عليهم، ... ثم للأصحاب في المسألة طرق أصحها وأشهرها والتي قالها الجمهور أن المسألة على قولين أحدهما يجهر والثاني يسر" قال في الروضة (1/352): والمذهب أنه يجهر وقيل قولان.
(2) قال في المجموع (3/218): "فإن لم يجد شيئاً شاخصاً فهل يستحب أن يخط بين يديه؟ نص الشافعي في القديم وسنن حرملة أنه يستحب، وفي البويطي لا يستحب، وللأصحاب طرق: أحدها -وبه قطع أبو حامد والأكثرون- يستحب قولاً واحداً، ونقل في البيان اتفاق الأصحاب عليه، ونقله الرافعي عن الجمهور، والطريق الثاني لا يستحب، وبه قطع إمام الحرمين والغزالي وغيرهما والثالث فيه قولان"
(3) انظر فرائد الفوائد (137)
(4) انظر الروضة (1/621) والمجموع (5/179)
(5) المسألة التي يذكروها ليس اشتراط الحول بل النصاب، انظر المجموع (1/67) والفرائد (141)، وحاشية البجيرمي على الإقناع (1/66)(1/52)
الرابعة عشرة: صيام الولي عن الميت الذي عليه صوم(1).
الخامسة عشرة: جواز اشتراط التحلل من الحج بالمرض(2).
__________
(1) قال ابن الصلاح في فتاويه (1/227): "من مات وعليه صيام فعلى القديم يصوم عنه وليه وهو الصحيح للأحاديث الصحاح في كتاب مسلم وغيره أن من مات وعليه صيام صام عنه وليه ولا تأويل له يفرح به" وقال في المجموع (6/386): "الحال الثاني أن يتمكن من قضائه سواء فاته بعذر أم بغيره، ولا يقضيه حتى يموت، ففيه قولان مشهوران أشهرهما وأصحهما عند المصنف والجمهور وهو المنصوص في الجديد أنه يجب في تركه لكل يوم مد من طعام، ولا يصح صيام وليه عنه، قال القاضي أبو الطيب: هذا هو المنصوص للشافعي في كتبه الجديدة، وأكثر القديمة والثاني وهو القديم -وهو الصحيح عند جماعة من محققي أصحابنا وهو المختار- أنه يجوز لوليه أن يصوم عنه، ويصح ذلك ويجزئه عن الإطعام وتبرأ به ذمة الميت"
(2) قال ابن الصلاح في فتاويه (1/226): "وشرط التحلل في الحج عند المرض ونحوه والقديم أنه يجوز الشرط ويتحلل به"وقال في الروضة (2/445): " فإن شرط أنه إذا مرض تحلل فطريقان: قال الجمهور يصح الشرط في القديم، وفي الجديد قولان: أظهرهما الصحة والثاني المنع، والطريق الثاني قاله الشيخ أبو حامد وغيره القطع بالصحة لصحة الحديث فيه".(1/53)
السادسة عشرة: إجبار الشريك على العمارة(1) .
السابعة عشرة جعل الصداق في يد الزوج مضموناً. (2)
الثامنة عشرة: وجوب الحد بوطء المملوكة المحرم في دبرها(3)، ذكره في حواشي شرح الروض(4)
__________
(1) قال في الروضة (3/450): " ولو إنهدم الجدار بنفسه أو هدماه معا لاستهدامه أو غيره وامتنع، القديم إجباره عليها دفعا للضرر وصيانة للأملاك المشتركة عن التعطيل، والجديد لا إجبار كما لا يجبر على زرع الأرض المشتركة، ولأن الممتنع يتضرر أيضا بتكليفه العمارة ... قلت: لم يبين الإمام الرافعي الأظهر من القولين وهو من المهمات، والأظهر عند جمهور الأصحاب هو الجديد، ممن صرح بتصحيحه المحاملي والجرجاني وصاحب التنبيه وغيرهم، وصحح صاحب الشامل القديم وأفتى به الشاشي، وقال الغزالي في الفتاوى: الأقيس أن يجبر، وقال: والإختيار إن ظهر للقاضي أن امتناعه مضارة أجبره، وإن كان لإعسار أو غرض صحيح أو شك فيه لم يجبر، وهذا التفصيل الذي قاله وإن كان أرجح من إطلاق القول بالإجبار فالمختار الجاري على القواعد أن لا إجبار مطلقا والله أعلم" قال صاحب الفرائد (145): "وليس ذلك بمسلم له بل الجاري على القواعد عدم الأجبار".
(2) اختلف الأصحاب في الصداق إذا تلف في يد الزوج هل يضمنه ضمان عقد أو ضمان يد بناء على اختلاف قول الإمام الشافعي والمصحح في المنهاج (3/221) والروضة (5/567) وهو المعتمد أنه مضون ضمان عقد "والفرق بين ضماني العقد واليد في الصداق أنه على الأول يضمن بمهر المثل وعلى الثاني بالبدل الشرعي وهو المثل إن كان مثليا والقيمة إن كان متقوماً" (مغني المحتاج 3/221)
(3) قال ابن الصلاح في فتاويه (1/226): " وإذا ملك محرما من نسب أو رضاع ووطئها مع العلم بتحريمها القديم أنه لا يلزمه الحد" وهو المصحح في المنهاج (4/144 مع المغني) والروضة (7/311).
(4) نظم بعضهم هذه المسائل فقال:-
مسائل الفتوى بقول الأقدم
لا ينجس الجاري ومنع تباعد
واستجمرن بمجاوز عن مخرج
والوقت مد إلى مغيب المغرب
لا تاتين في الأخريين بسورة
والجهر بالتأمين سن لمقتد
والظفر يكره أخذه من ميت
ويصح عن ميت صيام وليه
ويجوز إجبار الشريك على البنا
والزوج إن يكن الصداق بيده
والجلد بعد الدبغ يحرم أكله
هي للإمام الشافعي الأعظم
والطهر لم ينقض بلمس المحرم
للصفحتين ولو تلوث بالدم
ثوب بصبح والعشاء فقدم
والاقتداء يجوز بعد تحرم
والخط بين يدي مصل علم
وكذا الركاز نصابه لم يلزم
ويجوز شرط تحلل للمحرم
وعلى عمارة كل ما لا يقسم
فضمان يد حكمه في المغرم
والحد في وطىء الرقيق المحرم(1/54)
(1).
قضاء القاضي وإفتاء المفتي بغير الراجح من مذهبه
ويجب اتفاقاً نقض قضاء القاضي وإفتاء المفتي بغير الراجح من مذهبه إذ من يعمل في فتواه أو عمله بكل قول أو وجه في المسألة، ويعمل بما شاء من غير نظر إلى ترجيح جاهل، خارق للإجماع"(2).
التعبير بالمذهب
وتعبيره بـ(المذهب) يستفاد منه أربع مسائل:-
الأولى الخلافية: يعني أن في المسألة خلافاً.
والثانية: الأرجحية، يعني أن ما عبر فيه بالمذهب هوالراجح.
والثالثة: كون الخلاف بين الأصحاب أي في حكاية المذهب، فبعضهم يحكي الخلاف في المذهب، وبعضهم يحكي عدمه، وبعضهم يحكي القطع بالمذكور وبعضهم يحكي الخلاف أقوالاً، وبعضهم يحكي وجوهاً، وغير ذلك، فيعبر النووي عن ذلك بالمذهب.
والرابعة: مرجوحية المقابل، أي أن مقابل المذهب مرجوح لا يعمل به .
وجملة ما في المنهاج من التعبير بالمذهب مائة وسبعة وثمانون عبارة.
التعبير بقيل
__________
(1) هذا وقد زاد بعضهم مسائل أخر وهي:-
عدم الاكتفاء بالحجر إذا انتشر البول.
قبول شهادة فرعين على كل من الأصلين.
غرامة شهود المال إذا رجعوا.
تساقط البينتين عند التعارض.
إذا كانت إحدى البينتين شاهدين وعارضها شاهد ويمين يرجح الشاهدان على القديم.
عدم تحليف الداخل مع بينته إذا عارضها بينة الخارج .
إذا تعارضت البينتان وأرخت أحداهما قدمت على القديم.
إذا علقت الأمة من وطء شبهة ثم ملكها الواطئ صارت أم ولد على أحد القولين في القديم، واختلف في الصحيح.
تزويج أم الولد فيها قولان واختلف في الصحيح.
هذا ولمريد التوسع فاليراجع مقدمة المجموع، والفرائد للسلمي، والأشباه للسيوطي، وحواشي البجيرمي على الإقناع ، والفوائد المدنية والذي بين كالسلمي أن ما عد من القديم هو في حقيقته منصوص عليه في الجديد وأن الأخذ به أخذ بالجديد، وذكر أن المسائل التي قيل بأن العمل فيها على القديم تزيد على الثلاثين مسألة.
(2) بغية المسترشدين (8) نقلاً عن الأشخر.(1/55)
وتعبيره بـ(قيل) يستفاد منه أربع مسائل :
الأولى: الخلافية، يعني أن في المسألة خلافاً بين الأصحاب .
والثانية: كون الخلاف وجهاً من أوجه الأصحاب لا قولاً من أقوال الشافعي رحمه الله .
والثالثة: ضعف المذكور بقيل.
والرابعة: كون مقابله الاصح أو الصحيح الذين يعبر بهما في أوجه الأصحاب لا أن مقابله الأظهر أو المشهور؛ لأنه إنما يعبر بهما عن أقوال الشافعي لا غير وجملة ما في المنهاج من التعبير بقيل اربعمائة وتسعة وثلاثون عبارة.
التعبير بفي قول
وتعبيره بـ(في قول كذا) يستفاد منه أربع مسائل:
الأولى: الخلافية في المسالة.
والثانية: كون الخلاف أقوالاً للشافعي - رضي الله عنه - .
والثالثة: ضعف القول المذكور .
والرابعة: كون مقابله الأظهر أو المشهور، والعمل به.
وجملة ما في المنهاج من التعبير بفي قول كذا اثنتا ومائة عبارة فهي مع جملة التعبير بقيل ستمائة وواحدة وأربعون قولاً كلها ضعيفة ما عدا خمسة عشر موضعاً رجح المتأخرون اعتمادها، اثنا عشر منها التعبير فيها بـ:قيل، و ثلاثة التعبير فيها بقوله: وفي قول .
القيلات المعتمده
وإليك مواضع القيلات المعتمدة الإثنى عشر:-
أحدها: في فصل شرط زكاة التجارة الحول، وهي: "وقيل يتخير المالك" أي فيقوم بما شاء من الأغبط للفقراء أولا، قال الجلال المحلي: "وهو الذي صححه الرافعي في فتح العزيز عن العراقيين والروياني، وعبر عنه في المحرر بأولى الوجهين"(1) .
__________
(1) شرح المحلي على المنهاج (2/31)(1/56)
وقال القليوبي(1): "وهو المعتمد"(2)، واعتمده شيخنا –عافاه الله- كوالده تبعاً للسيد محمد بن أحمد عبدالباري الأهدل.
ثانيها: في كتاب العارية بعد الفصل الثاني في فصل: "لكل منهما رد العارية" وهو: "قيل أو يتملكه بقيمته"(3) اعتمده شيخنا عافاه الله كشيخ الإسلام السيد محمد بن أحمد عبدالباري الأهدل تبعاً للقليوبي(4).
__________
(1) أحمد بن أحمد بن سلامة المصري الشافعي، الإمام العالم الفقيه المحدث، أخذ الفقه والحديث عن الشمس الرملي، ولازمه ثلاث سنين، ولازم غيره من الشيوخ، توفي أواخر شوال 1099هـ، من مصنفاته: حاشية على شرح المنهاج للمحلي، وحاشية على شرح التحرير لزكريا الأنصاري (خلاصة الأثر1/175)
(2) حاشية قليوبي على المحلي (2/31) وانظر التحفة (3/302) والنهاية (3/106)
(3) المسألة في المنهاج كما يلي: "وإذا أعار للبناء أو للغراس ولم يذكر مدة ثم رجع إن كان شرط القلع مجانا لزمه وإلا فإن اختار المستعير القلع قلع ولا تلزمه تسوية الأرض في الأصح قلت الأصح يلزمه والله أعلم وإن لم يختر لم يقلع مجانا بل للمعير الخيار بين أن يبقيه بأجرة أو يقلع ويضمن أرش النقص , قيل أو يتملكه بقيمته" .
(4) قال القليوبي(3/23): "هو المعتمد كما في المنهج وغيره" وانظر التحفة (5/431) والنهاية (5/138) والمغني (3/327).(1/57)
ثالثها: في كتاب الطلاق، وهو قوله: "وقيل يكفي بأوله"(1) اعتمده شيخنا عافاه الله كشيخ الإسلام السيد محمد بن أحمد عبد الباري الأهدل رحمه الله تعالى، وقال في التحفة: "ورجحه كثيرون واعتمده الأسنوي وغيره"(2) .
رابعها: في كتاب الطلاق –أيضاً- في أول الفصل الرابع وهو: "وقيل المنوي"(3) اعتمده شيخنا -عافاه الله تعالى- كشيخ الإسلام السيد محمد بن أحمد عبد الباري الأهدل، وصححه الرافعي في فتح العزيز تبعاً للبغوي، وغيره وعبر عنه في المحرر برجح قال القليوبي: "وهو المعتمد"(4).
خامسها: في باب كيفية القصاص، في أول الفصل الثاني، وهو: "وقيل: لا يدخل"(5) "وهو الذي في الروضة وأصلها، وعليه الأكثرون، ونص عليه"(6).
قال ابن حجر:" فهو المعتمد"(7) ومثله القليوبي (8)
سادسها: في كتاب دعوى الدم والقسامة، في فصل "إنما يثبت موجب القصاص بإقرار" إلى أن قال: "وقيل: يكفي فأوضح رأسه" قال في التحفة: وهو المعتمد"(9) .
__________
(1) قال في المنهاج: "وشرط نية الكناية اقترانها بكل اللفظ , وقيل يكفي بأوله" .
(2) تحفة المحتاج (8/18) ومثله في النهاية (6/435) وانظر مغني المحتاج (3/362) وذكر الرملي والخطيب أن المعتمد تبعا لابن المقري وهو المرجح في أصل الروضة الاكتفاء باقترانها ببعض اللفظ سواء كان أوله أم وسطه أم آخره، في حين اعتمد حج ما في المتن.
(3) قال في المنهاج: "ولو قال : أنت طالق واحدة ونوى عددا فواحدة , وقيل المنوي".
(4) حاشية قليوبي (3/337) وانظر التحفة (8/49) والنهاية (6/457) والمغني (4/479)
(5) قال في المنهاج: "وليتفقوا على مستوف وإلا فقرعة يدخلها العاجز ويستنيب وقيل لا يدخل".
(6) التحفة (8/435) ونحوه في النهاية (7/300)
(7) سابق (8/435) ومثله في النهاية (7/300)
(8) حاشية قليوبي (4/123)
(9) 9/61)(1/58)
وقيد القليوبي عن قول شيخه اعتماده في العامي الذي لا يعرف مدلول الإيضاح الشرعي وإلا فلا(1).
سابعها: في كتاب الردة، وهو: "وقيل: يجب التفصيل"(2) قال شيخنا -عافاه الله-: اعتمده شيخ الإسلام زكريا(3)، قال في التحفة: "وهو القياس، وأطال كثيرون في الانتصار له نقلاً ومعنى، وجرى عليه الرافعي والقاضي في الدعاوى"(4) .
__________
(1) حاشية قليوبي (4/169) وعبارته: "هو المعتمد في عامي لا يعرف مدلول الإيضاح الشرعي وإلا فلا كذا قاله شيخنا الرملي" والذي في النهاية: "ويتجه تقييده بما إذا لم يكن عاميا بحيث لا يعرف مدلول نحو الإيضاح شرعا" ثم رد قول بعضهم أن الإيضاح يشمل إيضاح العظم واللحم فلا ننزل كلام غير الفقيه على اصطلاحات الفقهاء بأن الشارع أناط الأحكام بألفاظ معينة كما في ألفاظ الطلاق، فكأن الرملي جعل الشهود هنا ثلاثة أنواع: عامي غير فقيه ولا يعلم المدلول الشرعي فلا يكتفى بقوله: أوضح رأسه، وعامي غير فقيه ويعرف المدلول الشرعي أو كان عرفه كالاصطلاح الشرعي، فيقبل قوله كالفقيه. انظر النهاية (7/399)
واستوجه حج في التحفة في الشاهد العامي الذي لا يعرف مدلول الإيضاح شرعا أنه لا بد من الاستفصال فإن تعذر وقف الأمر إلي البيان أو الصلح. انظر التحفة (9/61)
(2) قال في المنهاج: "وتقبل الشهادة بالردة مطلقا , وقيل يجب التفصيل".
(3) قال في منهج الطلاب وشرحه فتح الوهاب (5/125 مع الجمل): "(ويجب تفصيل شهادة بردة) لاختلاف الناس فيما يوجبها"وتبعه الخطيب. انظر المغني (4/169)
(4) 9/94)(1/59)
واعتمد القليوبي عدم التفصيل(1).
ثامنها: في آخر كتاب السير قبيل الجزية، وهو: "وقيل: قيمتها"(2) قال شيخنا -عافاه الله-: هو أحد القيلات المعتمدة، وقال القليوبي: "وهو المعتمد"(3) .
تاسعها: في كتاب الصيد والذبائح، وهو: "قيل: يحرم العضو"(4) قال القليوبي: "وهو المعتمد، أخذاً من تصحيحه في الروضة كأصلها"(5).
__________
(1) أي اعتمد ما في المنهاج انظر حاشيته (4/177) كما اعتمده الرملي (7/418) أما ابن حجر فذكر تعين التفصيل في الخارجي، والذي يظهر من كلامه أنه يقول به مطلقا "لأن الألفاظ والأفعال المكفرة كثر الاختلاف فيها لا سيما بين أهل المذهب الواحد"، وذكر أن "اللفظ المسموع قابل للاختلاف فيه فيجب بيانه مطلقا" انظر التحفة (9/94).
(2) قال في المنهاج: "ولو عاقد الإمام علجا يدل على قلعة وله منها جارية جاز فإن فتحت بدلالته أعطيها , أو بغيرها فلا في الأصح , فإن لم تفتح فلا شيء له , وقيل إن لم يعلق الجعل بالفتح فله أجرة مثل , فإن لم يكن فيها جارية أو ماتت قبل العقد فلا شيء , أو بعد الظفر قبل التسليم وجب بدل , أو قبل ظفر فلا في الأظهر , وإن أسلمت فالمذهب وجوب بدل , وهو أجرة مثل , وقيل قيمتها" .
(3) حاشية قليوبي (4/227) واعتمده ابن حجر (9/274) والرملي (8/85) والخطيب (4/302).
(4) قال في المنهاج: "ولو رماه فقده نصفين حلا , ولو أبان منه عضوا بجرح مذفف حل العضو والبدن , أو بغير مذفف ثم ذبحه أو جرحه جرحا آخر مذففا حرم العضو وحل الباقي , فإن لم يتمكن من ذبحه ومات بالجرح حل الجميع , وقيل يحرم العضو".
(5) حاشية قليوبي (4/242) وانظر التحفة (9/321) والنهاية (8/116).(1/60)
عاشرها: في كتاب المسابقة والمناضلة قبيل كتاب الأيمان، وهو: "وقيل: بالسوية"(1) قال القليوبي: "وهو المعتمد كما ذكره في الروضة"(2) .
حادي عشرها: في كتاب الدعوى والبينات آخر الفصل الثاني، وهو: "وقيل: إن ادعى مباشرة سببه حلف"(3) قال في التحفة: "هذا هو المعتمد"(4) .
وسكت القليوبي عن اعتماده(5) .
ثاني عشرها: في كتاب العتق في فصل "إذا ملك أهل تبرع أصله" إلى أن قال: "وقيل: من رأس المال"(6) قال القليوبي –كالتحفة-: "هو المعتمد"(7)(8).
والثلاثة المعبر عنها بـ في قول :-
__________
(1) قال في المنهاج: "وإذا نضل حزب قسم المال بحسب الإصابة , وقيل بالسوية".
(2) 4/269) وانظر المنهج مع شرحه5/286) خلافا للتحفة (9/408) والنهاية (8/172) والمغني (4/402).
(3) جاء في المنهاج مع شرح المحلي (4/344): "( ولو ادعى ولي صبي دينا له ) على شخص ( فأنكر ونكل ) عن الحلف ( لم يحلف الولي ) ; لأن إثبات الحق لغير الحالف بعيد ( وقيل يحلف ) لأنه المستوفي ( وقيل إن ادعى مباشرة سببه حلف ) وإلا فلا يحلف".
(4) 10/325) خلافا للنهاية (8/360) والمغني (4/607) والمنهج (5/426)
(5) 4/343)
(6) قال في المنهاج: "ولو ملك في مرض موته قريبه بلا عوض عتق من ثلثه , وقيل من رأس المال".
(7) حاشية قليوبي (4/354) والتحفة (10/368) وفاقا للمنهج (5/446مع الجمل) للنهاية (10/389) والمغني (4/634)
(8) وقد نظم الشيخ عبدالله بن سعيد اللحجي هذه القيلات، انظرها آخر الرسالة.(1/61)
أحدها: في كتاب الخلع قبل الفصل الاول، وهو: "وفي قول يقع بمهر مثل"(1) اعتمده شيخنا -عافاه الله- كوالده، تبعاً لشيخ الإسلام السيد محمد بن أحمد عبدالباري الأهدل، واعتمده القليوبي(2).
ثانيها، في باب كيفية القصاص في الفصل الثاني، وهو قوله: "وفي قول السيف"(3) اعتمده شيخنا كوالده تبعاً لشيخ الإسلام السيد محمد بن أحمد عبدالباري الأهدل، واعتمده القليوبي(4).
ثالثها: في هذا الفصل أيضاً، وهو: "وفي قول كفعله"(5) اعتمده شيخنا-عافاه الله- والسيد محمد بن أحمد عبد الباري والقليوبي(6) رحمهما الله تعالى.
التعبير بالقولين
وتعبيره بـ(القولين) يستفاد منه ثلاث مسائل: الخلافية في المسألة، وكون الخلاف أقوالاً للشافعي أكثر من اثنين، وأرجحية أحدهما بترجيح الأصحاب له، أو بالنص وجملة ما في المنهاج من التعبير بالأقوال ستة عشر عبارة :-
أحدها: في باب: من تلزمه الزكاة.
ثانيها، وثالثها: في فصل: شرط المرهون به ...الخ.
ورابعها في اختلاف المتبايعين.
وخامسها: في كتاب الوصايا في فصل: إذا ظننا..الخ
وسادسها: في كتاب الإجارة، في فصل: يصح عقد الإجارة.
سابعها: في كتاب الجراح.
ثامنها: في كتاب الكفارة.
تاسعها: في كتاب العدد.
وعاشرها، وحادي عشرها: في كتاب النفقات، في فصل: أعسر بنفقتها.
ثاني عشرها، وثالث عشرها، ورابع عشرها: في كتاب الردة.
__________
(1) قال في المنهاج: "فلو قال لوكيله خالعها بمائة لم ينقص منها , وإن أطلق لم ينقص عن مهر مثل , فإن نقص فيهما لم تطلق , وفي قول يقع بمهر مثل".
(2) 3/310) وفاقا للتحفة (7/473) والنهاية (6/402) والمغني (3/337)
(3) قال في المنهاج: "ولو جوع كتجويعه فلم يمت زيد , وفي قول السيف".
(4) 4/124) وفاقا للنهاية (7/306) والمغني (4/56)
(5) قال في المنهاج: "ولو مات بجائفة أو كسر عضد فالحز , وفي قول كفعله".
(6) 4/125) واعتمده الرملي (7/306) والخطيب (4/57) خلافا للتحفة (8/442)(1/62)
وخامس عشرها: في كتاب العتق.
وسادس عشرها: في فصل الكتابة الفاسدة.
التعبير بالنص والمنصوص
وتعبيره بـ(النص، والمنصوص) يختلف مقصودة بكل منهما، فإنه تارةً يعبر بالنص، ويعني به نص الشافعي فقط .
وتارةً يعبر بالمنصوص، ويعني به الراجح عنده من نص الشافعي.
وقوله: أو وجه للإصحاب، فيستفاد من تعبيره بالنص أربع مسائل:-
الأولى، الخلافية، بمعنى أن مقابل النص يخالفه .
الثانية: الأرجحية، يعني أن ما عبر فيه بالنص هو الراجح في المذهب .
والثالثة: كون النص من أقوال الشافعي فقط.
والرابعة: أن مقابله ضعيف لا يعمل به.
ويستفاد من تعبيره بالمنصوص أربع مسائل:-
الأولى: الخلافية، يعني أن في المسالة خلافاً مذكوراً .
والثانية: الأرجحية، بمعنى أن ما عبر فيه بالمنصوص هو الراجح.
والثالثة: كون المنصوص عليه هو إمّا قول الشافعي، أو نص له، أو وجه للأصحاب.
والرابعة: كون مقابله ضعيفاً لا يعمل به.
وجملة ما في المنهاج من ذكر النص ستة عشر:-
الأول: في كتاب الطهارة .
والثاني: في باب أسباب الحدث .
والثالث: في باب صفة الصلاة .
والرابع، والخامس، والسادس: في باب سجود السهو .
والسابع في الكسوفين .
والثامن: في باب صلاة الجماعة .
والتاسع، والعاشر: في كتاب الجنائز .
والحادي عشر: في الفصل بعد كتاب الإقرار .
والثاني عشر: في فصل تجب سكنى .
والثالث عشر في كتاب الزنا .
والرابع عشر: في كتاب السرقة .
والخامس عشر: في فصل حلف لا يأكل هذه التمرة .
والسادس عشر: في الفصل الثاني بعد كتاب التدبير.
وجملة ما عبر فيه بلفظ المنصوص ثلاثة عشر:-
الأول: في التيمم .
والثاني، والثالث: في باب صفة الصلاة .
والرابع، والخامس: في باب صلاة الجماعة .
والسادس: في كتاب الجنائز .
والسابع: في الفصل الثالث من الجنائز .
والثامن: في باب زكاة الفطر .والتاسع: في كتاب الوقف .
والعاشر: في باب قسم الصدقات .
والحادي عشر: في باب النكاح .
والثاني عشر: في كتاب الاضحية .(1/63)
والثالث عشر: في فصل من عتق عليه.
التعبير بـ(في وجه كذا)
وتعبيره بـ(في وجه كذا) يستفاد منه أربع مسائل:-
الخلافية في المسألة بين الأصحاب .
والثانية: كون الخلاف أوجهاً ثلاثة فأكثر للأصحاب .
والثالثة: ضعف الوجه المذكور .
والرابعة: كون مقابله هو الأصح أو الصحيح، والعمل بالمقابل .
وقد يصف الوجه بالشذوذ، فيفيد قوة ضعفه، أو يصفه بواهٍ، والمراد ضعيف جداً.
وجملة ما في المنهاج من الرمز بـ(في وجه كذا) سبعة وعشرون موضعاً منها وجه موصوف بالشذوذ في الفصل الثالث بعد كتاب الإقرار، ومنها وجه موصوف بواهٍ في كتاب الغصب.
التعبير بالوجهين
وتعبيره بـ(الوجهين) يستفاد منه الخلافية وانحصارها في وجهين، وكون الخلاف للأصحاب، وكون مقابل الضعيف منهما الأصح أو الصحيح.
وجملة ما في المنهاج من ذكر الوجهين سبعة مواضع:-
الأول: في كتاب صلاة الجماعة، وفيه التعبير بالطريقين، ولا ثاني له .
والثاني: في الوكالة .
والثالث: في باب الصلح .
والرابع: في فصل الطريق النافذ .
والخامس: في الفصل الثالث بعد كتاب الطلاق .
والسادس: في النفقات في فصل: يلزمه .
والسابع: في باب صفة الصلاة، وكلها مرجحة إلا في موضعين:-
أحدهما: في كتاب صلاة الجماعة .
والثاني: في كتاب النفقات فتركهما الإمام النووي بلا ترجيح فرجحهما الأئمة الأعلام رضي الله عنهم.
التعبير بالأوجه
وتعبيره بـ(الأوجه) يستفاد منه أربع مسائل:-
الخلافية، وانحصارها في أكثر من وجهين .
وكون الخلاف للأصحاب .
وكون مقابل الضعيف منها الأصح والصحيح.
وجملة ما في المنهاج من المسائل المذكورة بـ(في قول أو وجه) ثلاث مسائل:-
إحداها: في قسم الصدقات .
وثانيها: في فصل: عاشرها كزوج .
وثالثها: في كتاب الجراح، في فصل: قتل مسلماً.
التعبير بـ(في قول أو وجه)
وتعبيره بـ(في قول أو وجه) يستفاد منه:-
الخلافية، والتردد في كونها من أقوال الشافعي أو من أوجه الأصحاب .
وكون الوجه أو القول ضعيفاً .(1/64)
وكون مقابله في القول: الأظهر أو المشهور، وفي الوجه: الأصح أو الصحيح.
وجملة ما في المنهاج من المسائل المذكورة بـ(في قول أو وجه) ثلاث:-
إحداها: في كتاب الخلع، في الفصل الثاني .
وثانيها: في العدد، في فصل: عاشرها كزوج .
وثالثها: في كتاب الرضاع.
التعبير بـ(كذا أو وكذا)
وتعبيره بـ(كذا أو وكذا) يستفاد منه: الخلافية فيما بعدها، فإن عبر بعدها بـ:-
الأصح فمقابله الصحيح.
أو بالصحيح فمقابله الضعيف .
أو بالأظهر فمقابله الظاهر.
أو بالمشهور فمقابله الخفي، وقد علمت الاصطلاح فيها مما مر.
وجملة ما في المنهاج من التعبير بـ(كذا) ثلاثمائة وثلاثة وتسعون .
إعراب ما بعد (كذا)
قال السيوطي في در التاج على إعراب مشكل المنهاج ما لفظه: "قاعدة لطيفة: وجدت بخط والدي -رحمه الله تعالى- كل ما في المنهاج بعد (كذا) مرفوع إلا في ستة مواضع :-
الأول: في باب صفة الصلاة، وهو قوله: "وكذا مضطجعاً"(1) .
والثاني: في الجماعة، وهو قوله: "وكذا جماعة"(2) .
والثالث: في الحوالة، وهو قوله: "وكذا حلولاً وأجلاً وصحةً وكسراً"(3) .
والرابع: في السلم، وهو قوله: "وكذا كيلاً "(4) .
والخامس: في الأيمان، وهو قوله: "وكذا ظاهراً على المذهب"(5) .
والسادس: في العدد، وهو قوله: "وكذا ليلاً إلى دار جارتها"(6) وما عدا هذه الستة يقدر فيه وكذا الحكم انتهى.
(تنبيه) لم يقع للمصنف التعبير بقوله: (وكذا في قول قديم) ولعله ظن صدور ذلك منه فذكره(7).
زيادات النووي على المحرر
__________
(1) المنهاج (10)
(2) سابق (17)
(3) سابق (62)
(4) سابق (53)
(5) سابق (144)
(6) سابق (116)
(7) قال في التحفة (1/54): "لا ينافيه عدم وقوع هذه في كلامه؛ لأنه لم يذكر أنه قالها، بل إن صدرت فهي كسابقها).(1/65)
(فائدة) اعلم أن جملة ما زاده النووي على ما في المحرر مائة واثنتان وثمانون مسألة مميزة عن قول المحرر بقوله في أولها: "قلت" وفي آخرها "والله اعلم" منها نحو خمسين رد منه على صاحب المحرر، لأن صاحب المحرر ذكرها على خلاف المختار في المذهب.
والثاني: مائة واثنتان وثلاثون مسألة زيادة منه، وقد يزيد لفظة أو لفظتين بدون ذكر (قلت) كقوله في فصل الخلاء: "ولا يتكلم"(1)، وكـ(ظاهر) و(كثير) في قوله في التيمم: "في عضو ظاهر"(2)، "وبجرحه دم كثير"(3) وكالهمزة في: "أحق ما قال العبد"(4) وهي جزء كلمة(5).
جملة كتب وأبواب وفصول وفروع المنهاج
(فائدة) جملة كتب المنهاج: أربعة وستون كتاباً.
وأبوابه: اثنان وخمسون باباً.
وفصوله: مائتا فصل وأحد عشر فصلاً.
وفروعه: أحد عشر فرعاً.
المسائل الضعيفة في المنهاج بدون صيغة (قيل) و(في قول)
وجملة المسائل الضعيفة في المنهاج بدون صيغة (قيل) و(في قول) سبع عشرة مسالة(6):-
__________
(1) المنهاج (4)
(2) سابق (7)
(3) سابق.
(4) سابق (11).
(5) انظر المغني (1/24) والتحفة(1/56)
(6) ليست المسائل الآتية ضعيفة باتفاق علماء المذهب خاصة المتأخرين منهم كابن حجر والرملي، بل من هذه المسائل ما هو معتمد عند بعضهم ضعيف عند آخرين.(1/66)
أولها: في التيمم، وهي قوله: "واستدامتها" يعني النية، والأصح أن الاستدامة غير واجبة(1).
وثانيهما: في الجماعة، وهي "أصحهما"(2) والمعتمد أنه يشترط القرب، وهي ثلاثمائة ذراع(3).
__________
(1) قال في المنهاج (7): "ويجب قرنها بالنقل وكذا استدامتها إلى مسح شيء من الوجه على الصحيح" و المقصود بالاستدامة هنا أن يضل المتيمم مستحضراً لنية الاستباحة من حين النقل إلى أن يمسح جزءاً من وجهه فلو عزبت قبل المسح لم يكف وعلل بأن النقل وإن كان ركناً فهو غير مقصود في نفسه، وهذه المسألة ضعفها الرملي والخطيب تبعاً لأبي خلف الطبري وتبعه جمع كالإسنوي فالمتجه الاكتفاء باستحضارها عندهما، وكذلك شيخ الإسلام زكريا والذي علل التعبير بالاستدامة بأنه جري على الغالب، لأن هذا الزمن يسير لا تعزب فيه النية غالباً وعليه لو لم ينو إلا إرادة مسح الوجه أجزأه، وقد خالف الشيخ ابن حجر واعتمد ما في المتن من وجوب الاستدامة وقال مبيناً معنى المتن: "حتى لو عزبت قبل مسح شيء بطلت لأنه المقصود وما قبله وسيله وإن كان ركناً فعلم من كلامهم بطلانه بعزوبها فيما بين النقل المعتد به والمسح وهو كذلك". انظر النهاية (1/296) والمغني (1/138) والتحفة مع حواشي الشرواني1/360).
(2) قال في المنهاج (18):"فإن كانا في بناءين كصحن وصفة أو بيت فطريقان: أصحهما إن كان بناء المأموم يمينا أو شمالا وجب اتصال صف من أحد البناءين" وانظر المغني (1/343).
(3) انظر التحفة (2/319) والمغني (1/343).(1/67)
وثالثها: في النفل، وهي "اثنا عشر في الضحى" (1)
__________
(1) قال في المنهاج (16):"ومنه الضحى وأقلها ركعتان وأكثرها ثنتا عشرة" جاء في المغني (1/306) أن أقلها ركعتان وأدنى الكمال أربع وأكمل منه ست، قال: " واختلف في أكثرها فقال المصنف هنا وأكثرها اثنتا عشرة ركعة لخبر أبي داود قال النبي صلى الله عليه وسلم إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين أو أربعا كتبت من المحسنين، أو ستا كتبت من القانتين، أو ثمانيا كتبت من الفائزين، أو عشراً لم يكتب عليك ذلك اليوم ذنب، أو ثنتي عشرة بنى الله لك بيتاً في الجنة" رواه البيهقي وقال في إسناده نظر، وضعفه في المجموع، وقال في الروضة: أفضلها ثمان وأكثرها ثنتا عشرة، ونقل في المجموع عن الأكثرين أن أكثرها ثمان وصححه في التحقيق وهذا هو المعتمد كما جرى عليه ابن المقري، وقال الإسنوي بعد نقله ما مر: فظهر أن ما في الروضة والمنهاج ضعيف مخالف لما عليه الأكثرون" و"عبارة النهاية وسم والمعتمد كما نقله المصنف عن الأكثرين وصححه في التحقيق والمجموع وأفتى به شيخنا الشهاب الرملي أن أكثرها ثمان وعليه فلو زاد عليها لم يجز ولم يصح ضحى إن أحرم بالجميع دفعة واحدة فإن سلم من كل ثنتين صح إلا الإحرام الخامس فلا يصح ضحى ثم إن علم المنع وتعمده لم ينعقد وإلا وقع نفلاً" (النهاية (2/117، حواشي الشرواني وابن قاسم 2/232) .
أما ابن حجر فقد آثر الجمع بين ما في المنهاج وما في المجموع والتحقيق فحمل ما في المجموع والتحقيق موافقة للروضة على أن الثمان أفضلها لأنها أكثر ما صح عنه- صلى الله عليه وسلم - وورود الزيادة في حديث ضعيف لا يعني ردها إذ إن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال وعليه فتصح الضحي بنية الزيادة على ثمان (انظر التحفة2/232) وقد تبع حج في مسلكه هذا شيخه شيخ الإسلام والذي قال في التحرير (1/292مع الشرقاوي): "وأقلها ركعتان وأفضلها ثمان وأكثرها ثنتا عشرة" وذكر نحو هذا في منهجه.(1/68)
والمعتمد أنه ثمان .
ورابعها: في باب صلاة الخوف، وهي قوله: "ولا قضاء في الأظهر"(1) والمعتمد القضاء.
وخامسها: في الجنائز، في فصل (أقل القبر) وهي قوله: "ويكره المعصفر"(2) والمعتمد الحرمة .
وسادسها: في باب زكاة الفطر، وهي قوله: "قلت الأصح المنصوص لا يلزم الحرة"(3) والمعتمد خلافه .
وسابعها: في كتاب الحج، في فصل (ينوي ويلبي) وهي قوله: "وكذا ثوبه في الأصح"(4) فهو مكروه عند ابن حجر، ومباح عند الرملي(5).
وثامنها: في باب محرمات الإحرام، وهي "دم ترتيب"(6) والمعتمد عند الأكثرين أن الدم في ترك المأمورات دم تخيير وتعديل، كما في دم الحلق(7) .
__________
(1) قال في المنهاج(23):"ويلقى السلاح إذا دمى فإن عجز أمسكه، ولا قضاء في الأظهر" انظر التحفة (3/14) والنهاية (2/369) والمغني (1/414)
(2) قال في المنهاج(28):"ويكره الكفن المعصفر" قال في المغني (1/486): "ويكره للمرأة الكفن المعصفر والمزعفر لما في ذلك من الزينة، وأما الرجل فقد مر في باب اللباس أنه يحرم على الرجل المزعفر دون المعصفر على خلاف في ذلك، وحينئذ فإطلاق كلام المصنف كراهة المعصفر للرجال والنساء صحيح، وأما المزعفر فإنه يكره في حق المرأة بطريق الأولى وأما الرجل فيحرم" وانظر التحفة (3/185) والنهاية (3/21)
(3) المنهاج (33) بل المعتمد ما في المنهاج انظر التحفة (3/316) والنهاية (3/118) والمغني (1/546)
(4) قال في المنهاج (40):"وأن يطيب بدنه للإحرام وكذا ثوبه في الأصح".
(5) اعتمد حج في قوله بالكراهة على ما فهمه من المجموع من أنه لا يندب تطييبه جزماً للخلاف القوي في حرمته قال: "ومنه يؤخذ أنه مكروه" قال الشرواني: "وصحح في الروضة كأصلها الإباحة وهو المعتمد نهاية ومغني وونائي" التحفة (4/58) وانظر المغني (1/645)
(6) المنهاج (170) مع السراج.
(7) انظر التحفة مع حواشي الشرواني (4/197) والمغني (1/712)(1/69)
وتاسعها: في باب الخيار، وهي قوله: "وكذا ذات الثواب"(1) لأن الهبة بثواب في معنى البيع(2) .
وعاشرها: في باب حكم المبيع قبل قبضه وهي قوله: "وبيع الدين لغير من عليه باطل"(3) والمعتمد أنه يصح؛ لاستقراره، كبيعه ممن هو عليه، وهو الاستبدال(4).
الحادية عشرة: في كتاب الهبة، وهي قوله: "ولغيره باطله"(5) ضعفه ابن حجر(6) واعتمد القليوبي(7) والمغني بطلان هبة الدين فلم يضعفا كلام المنهاج(8).
والثانية عشرة: في الوصايا في الفصل الثالث، وهي قوله: "ولا تدخل قرابة أم في وصية العرب في الأصح"(9) والمعتمد(10) أنها تدخل كالعجم .
__________
(1) المرجع السابق(184)
(2) انظر التحفة (4/336) والنهاية (4/7) والمغني (2/61) وفتح الوهاب (3/104) وقليوبي (2/191)
(3) المرجع السابق (192)
(4) انظر التحفة (4/409) والنهاية (4/92) المغني (2/97)
(5) قال في المنهاج (82):" وهبة الدين للمدين إبراء ولغيره باطلة في الأصح".
(6) انظر التحفة (6/305) .
(7) قليوبي (2/112)
(8) واعتمده الشهاب وولده، انظر النهاية (5/413) والمغني(2/540) وقليوبي (2/112) وحواشي الشرواني وابن قاسم على التحفة(6/305)
(9) المنهاج (342) مع السراج.
(10) في المنهج (4/61مع الجمل) والتحفة (7/58) والنهاية (6/81)، والمغني (3/80) وقليوبي (3/170).(1/70)
والثالثة عشرة: في كتاب النكاح وهي قوله: "قلت وكذا بغيرها على الأصح المنصوص"(1) والمعتمد عدم الحرمة هنا(2)، قاله القليوبي.
والرابعة عشرة: في كتاب الصداق، وهي قوله: "إن قلنا إنه يجبر"(3).
والخامسة عشرة: في كتاب السير في الفصل الثاني، وهي قوله: "وزوجته الحربية على المذهب"(4) "والمعتمد فيها الجواز، كزوجة حربيٍ أسلم" كما في التحفة(5).
__________
(1) قال في المنهاج (95):"ويحرم نظر أمرد بشهوة قلت: وكذا بغيرها في الأصح المنصوص".
(2) صحح النووي حرمة النظر للأمرد وخصه بجميل الوجه والنقي البشرة، وعلله بأنه مظنة الفتنة كالمرأة، وقد نازع المصنف جمع متقدمون ومتأخرون حكماً ونقلاً "حتى بالغ بعضهم –كما قال حج- فزعم أنه خرق للإجماع وليس في محله" وتصحيح النووي هنا مخالف لتصريح الرافعي بالجواز وهو ما اعتمده جمع كالشهاب وولده والخطيب وقليوبي وآخرين خلافا لحج والذي اعتمد ما في المنهاج، وقد بسط الخطيب الرد على تصحيح المصنف ثم قال -ونحوه الرملي-: " فعلم مما تقرر أن ما قاله المصنف من اختياراته لا من حيث المذهب وأن المعتمد ما صرح به الرافعي" انظر التحفة مع حواشيه (7/199) والنهاية (6/192) والمغني (3/170) قليوبي (3/210)
(3) المنهاج (389) مع السراج، وانظر التحفة (7/382) والنهاية (6/339) والمغني (3/286)
(4) قال في المنهاج (137):"ويجوز إرقاق زوجة ذمي وكذا عتيقه في الأصح لا عتيق مسلم وزوجته على المذهب".
(5) 9/251) وفاقاً للروض (4/194) والمنهج (5/198) وخلافاً للنهاية (8/70) والمغني (4/286) وقليوبي (4/221)(1/71)
والسادسة عشرة: في كتاب الشهادات آخر الفصل الثاني، وهي قوله: "أو مختلف فيه لم يجب"(1) والأصح الوجوب(2)، قال القليوبي: "هو المعتمد؛ لأن للشاهد أن يتحمل شهادة على ما يخالف معتقده ويوءدي عند حاكمٍ يراها"(3).
السابعة عشرة: في كتاب العتق آخر الفصل الأول، وهي قوله: "عتق وسرى وعلى سيده قيمة باقيه" وهو مرجوح، والمعتمد عدم السراية، كما في القليوبي(4).
القوة والضعيف من المصطلحات
(تنبيه) اعلم أن المشهور أقوى من الأظهر من جهة أن المشهور قريب من المقطوع به، لأنه يقابله الخفي، وهو لا يجوز العمل به .
وأما من جهة التصحيح، فتصحيح الأظهر أقوى من تصحيح المشهور، لأنه يقابله الظاهر، وهو يجوز العمل به كما عرفت مما مر، لأن قوة مقابله تشعر بصرف العناية للتصحيح صرفاً كلياً بخلاف المشهور بضعف مقابله المغني عن تمام صرف العناية للتصحيح، وكذا يقال في الأصح والصحيح .
اختيارات الإمام النووي
__________
(1) جاء في المنهاج مع المحلي (4/330): " (فإن دعي ذو فسق مجمع عليه ) كشارب الخمر ( قيل أو مختلف فيه ) كشارب النبيذ . ( لم يجب ) عليه الأداء".
(2) كما في التحفة (10/271) والنهاية (8/324) والمغني (4/572)
(3) حواشي قليوبي (4/330)
(4) حاشية قليوبي (4/355) والنهاية (8/389) والمغني (4/635).(1/72)
واعلم أن اختيارات الإمام النووي رحمه الله كلها ضعيفة من حيث المذهب وإن كانت قوية من حيث الدليل إلا اختياراته في الروضة، فإنها بمعنى الصحيح أو الراجح(1) إلا في اختياره عدم كراهة المشمس في الروضة، فهو ضعيف من جهة المذهب(2).
اختلاف عبارات النووي التصحيحية
__________
(1) وقد وردت كلمة المختار في الروضة (81)مرة .
(2) للنووي اختيارات كثيرة كالوضوء من لحم الجزور كما هو مذهب أحمد، وعدم كراهة الاستياك في رمضان مطلقاً كما هو مذهب المزني وأكثر العلماء، وأن ابتداء مدة مسح الخف من حين يمسح بعد الحدث وهو رواية عن أحمد وداود قال النووي: وهو المختار الراجح دليلاً، وذهب فيمن خلع خفيه أو انقضت مدته وهو على طهارة المسح أنه لا شيء عليه، لا غسل القدمين ولا غيره بل طهارته صحيحة يصلي بها ما لم يحدث كما لو لم يخلع وهذا المذهب محكي عن الحسن البصري وقتادة وسليمان بن حرب واختاره ابن المنذر قال النووي: وهو المختار الأقوى، وحرمة النظر للأمرد، وغيرها من الاختيارات بيد أنه ينبغي التنبيه هنا على مسألة مهمة يخطئ فيها بعض الطلبة وهي أن اختيارات بعض علماء المذهب لأقوال خارجة عن المذهب لا يعني بالضرورة خروجهم أو عدم انتسابهم للمذهب بل هم مع اختيارهم لتلك الأقوال باقون ضمن إطاره يقلدون أو يرجحون أو يخرجون –كأصحاب الوجوه- وفق قواعد وأصول المذهب، وهم إذا خالفوا المذهب في مسائل فقد اعتمدوا عليه في غيرها من أصول وفروع ولا شك أن الأخيرة هي الكثيرة الغالبة، فاختيارات القفال الشاشي والقاضي الحسين والبغوي وابن خزيمة والنووي وغيرهم لا تخرجهم عن المذهب البتة، ويكون اختيارهم هم أو من هو دونهم سببه قوة دليل أو تقليد أو طلب للتيسير على العامة والمستفتين، والمسألة طويلة أكتفي منها بهذه الإلماحة.(1/73)
وقد يوجد منه التعبير في الروضة بـ(الأصح) وفي المنهاج بـ(الصحيح) في حكم واحد، وهذا منشأ اختلاف الاجتهاد في الأرجحية، فعند التعارض يرجع إلى تأمل المدرك .
ويوجد له في بعض كتبه التعبير بـ(الأظهر)، وفي بعضها التعبير عن ذلك بـ(الأصح)، فإن عرف أن الخلاف أقوال أو أوجه فواضح، والأرجح الدال على أنه أقوال؛ لأن مع قائله زيادة علم بنقله عن الشافعي رضي الله تعالى عنه بخلاف نافيه عنه.
بيان المعتمد
(فائدة مهمة) اعلم أنه حصل الاتفاق بين الأئمة الأعلام من الشافعية على أن المعتمد ما اتفق عليه الشيخان.
فإن اختلفا فالمعتمد ما قاله النووي رحمه الله تعالى.
فإن وجد للرافعي ترجيح دون النووي فهو المعتمد.
ومحل هذا ما لم يجمع المتأخرون على أن ما قالاه سهو، وإلا فالمعتمد حينئذٍ ما قاله المتأخرون .
فإن لم يتعرض الشيخان لذلك الحكم فالكتب المتقدمة على الشيخين لا يعتمد على شيء منها إلا بعد الفحص والتحري حتى يغلب على الظن أنه المذهب(1)(2).
__________
(1) قال في التحفة (1/39): "الكتب المتقدمة على الشيخين لا يعتمد شيء منها إلا بعد مزيد الفحص والتحري حتى يغلب على الظن أنه المذهب، ولا يغتر بتتابع كتب متعددة على حكم واحد فإن هذه الكثرة قد تنتهي إلى واحد، ألا ترى أن أصحاب القفال أو الشيخ أبي حامد مع كثرتهم لا يفرعون ويؤصلون إلا على طريقته غالباً وإن خالفت سائر الأصحاب، فتعين سبر كتبهم، هذا كله في حكم لم يتعرض له الشيخان أو أحدهما وإلا فالذي أطبق عليه محققوا المتأخرين ولم تزل مشايخنا يوصون به وينقلونه عن مشايخهم وهم عمن قبلهم وهكذا أن المعتمد ما اتفقا عليه أي ما لم يجمع متعقبوا كلامهما على أنه سهو وأنى به ... فإن اختلفا فالمصنف فإن وجد للرافعي ترجيح دونه فهو".
(2) قال في فتح المعين (1/19): "المعتمد في المذهب للحكم والفتوى ما اتفق عليه الشيخان فما جزم به النووي فالرافعي فما رجحه الأكثر فالأعلم والأورع".(1/74)
شرط النقل من الكتب المعتمدة
ويجوز النقل من الكتب المعتمدة بشرط الوثوق بصحة النسخة المنقول منها أو تعددها تعدداً يغلب على الظن صحتها، أو رأى لفظها منتظماً، وهو خبير فطن يدرك السقط أو التحريف، فإن انتفى ذلك، وأراد النقل منها قال وجدت كذا ونحوه(1).
الفصل الرابع
في اصطلاحات صاحب التحفة والنهاية والمغني
وغيرهم من الفقهاء مما أودعوه في طي إشاراتهم
اعلم أن الاصطلاح هو: اتفاق طائفة مخصوصة على أمر مخصوص بينهم فحيث قالوا:(الإمام) يريدون به إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن محمد الجويني.
و(القاضي) عند الإطلاق يريدون به القاضي حسين(2).
__________
(1) انظر المرجع السابق .
(2) الحسين بن محمد بن أحمد القاضي أبو علي المروذي، صاحب التعليقة المشهورة في المذهب، توفي في المحرم سنة اثنتين وستين وأربعمائة (طبقات الشافعية2/245)(1/75)
أو (القاضيان) يريدون بهما الروياني(1) والماوردي(2).
أو (الشارح) أو (الشارح المحقق) يريدون به الجلال المحلي، شارح المنهاج.
أو (شارح) يريدون به واحداً من الشراح لأي كتاب كان.
أو (قال بعضهم) فهو أعم من شارح .
أو (الشيخان) يريدون بهما الرافعي والنووي.
أو (الشيوخ) يريدون بهم الرافعي والنووي والسبكي.
وحيث قال في التحفة: (شيخنا) فيريد به شيخ الإسلام زكريا الأنصاري وكذلك الخطيب، وهو مراد صاحب النهاية بقوله:(الشيخ).
__________
(1) عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أحمد، قاضي القضاة، فخر الإسلام، أبو المحاسن الروياني الطبري صاحب البحر وغيره، كانت له الوجاهة والرئاسة والقبول التام، برع في المذهب حتى كان يقول: لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من حفظي، ولهذا كان يقال له: شافعي زمانه، وولي قضاء طبرستان وبنى مدرسة بآمل، وكان فيه إيثار للقاصدين إليه، ولد في ذي الحجة سنة خمس عشرة وأربعمائة، واستشهد بجامع آمل عند ارتفاع النهار، بعد فراغه من الإملاء يوم الجمعة حادي عشر المحرم سنة اثنتين، وقيل سنة أحدى وخمسمائة، قتله الباطنية لعنهم الله تعالى، ومن تصانيفه: البحر وهو بحر كاسمه، والكافي شرح مختصر على المختصر، والحلية مجلد متوسط فيه اختيارات كثيرة وكثير منها يوافق مذهب مالك وكتاب المبتدي بكسر الدال وهو دون الحلية بقليل وكتاب القولين والوجهين مجلدان (سابق2/287)
(2) علي بن محمد بن حبيب القاضي أبو الحسن الماوردي البصري، أحد أئمة أصحاب الوجوه، قال الخطيب: كان ثقة من وجوه الفقهاء الشافعين، وله تصانيف عدة: في أصول الفقه وفروعه، توفي في ربيع الأول سنة خمسين وأربعمائة (سابق2/230)(1/76)
وإن قال الخطيب (شيخي) فيريد به الشهاب أحمد الرملي(1)، وهو مراد الجمال بقوله: (أفتى به الوالد)أو (لا يبعد كذا) فهو احتمال.
أو (على ما شمله كلامهم) فهو إشارة إلى التبري منه، أو أنه مشكل.
أو (كذا قالوه) فهو تبرٍ، أو مشكل ومثله (كذا قاله فلان)(وإن صح هذا فكذا) فهو عدم ارتضائه.
أو (كما أو لكن) فهو المعتمد.
قاعدة كما ولكن في التحفة
واعلم "أن ما بعد كما معتمد في التحفة، وأن ما اشتهر من أن المعتمد ما بعد لكن محله إذا لم يسبقه كما، وإلا فهو حينئذٍ المعتمد عنده"(2) إلا إن قال: لكن المعتمد كذا والأوجه كذا، فهو حينئذٍ المعتمد(3) .
وقول ابن حجر: (على المعتمد) يعني به الأظهر من القولين أو الأقوال للشافعي.
وقوله: (على الأوجه) يعني به: الأصح من الوجهين أو الأوجه للأصحاب.
أو (على ما اقتضاه كلامهم) فصيغة بتر كقولهم: (على ما قاله فلان) بذكر (على) أو (هذا كلام فلان) كله بتر، والمعتمد مقابله.
(والذي يظهر) بحث، وهو: ما يفهم فهماً واضحاً من الكلام العام للأصحاب المنقول عن صاحب المذهب بنقلٍ عام.
أو (لم نر فيه نقلاً) يريدون نقلاً خاصاً.
__________
(1) أحمد بن أحمد بن حمزة الرملي الأنصاري الشافعي، تتلمذ على القاضي زكريا توفي سنة(971هـ) من مصنفاته: شرح منظومة البيضاوي في النكاح، ورسالة في شروط الإمامة (معجم المؤلفين1/94)
(2) هذا منقول الشيخ سعيد سنبل عن شيخه عبد المصري عن شيخه الشوبري (الفوائد المكية 133)
(3) جاء بعد هذا في الفوائد المكية (133) نقلاً عن المسلك العدل للكردي: "وعندي أن ذلك لا يتقيد بهاتين الصورتين بل سائر صيغ الترجيح كهما ورأيت عن الشارح أن ما فيه (لكن)إن كان تقييداً لمسألة بلفظ (كما)فما قبل (لكن) هو المعتمد وإن ل يكن لفظ (كما) فما بعد لكن هو المعتمد ...لكن رأيت نقلاً عن تقرير البشبيشي في درسه أن ما بعد (لكن) في التحفة هو المعتمد سواء كان قبلها (كما) أو غيره ".(1/77)
أو (هو محتمل) فإن ضبطوه بفتح الميم الثانية فهو راجح، أو بالكسر فالمعنى ذو احتمال مرجوح، فإن لم يضبطوه بشيء يلزم مراجعة كتب المتأخرين، فإن وقع بعد أسباب التوجيه فهو بالفتح راجح، أو بعد أسباب التضعيف فهو بالكسر مرجوح.
أو (على المختار) إن كان لغير النووي فهو خارج عن صاحب المذهب، فلا يعول عليه، وإن وقع للنووي في الروضة فهو بمعنى الأصح في المذهب لا بمعناه المصطلح عليه إلا في اختياره عدم كراهة المشمس فهو بمعنى الضعيف.
أو (وقع لفلان كذا) فهو ضعيف إلا أن يلحقوه بترجيح فيكون راجحاً .
أو (في أصل الروضة) فالمراد عبارة النووي في الروضة التي لخصها واختصرها من لفظ العزيز.
أو (في زوائد الروضة) فالمراد الزائد فيها عن لفظ العزيز.
أو (نقله فلان عن فلان) أو (حكاه فلان عن فلان) فالمعنى واحد.
أو (سكت عليه) أي ارتضاه.
أو (أقره فلان) فهو كالجازم به(1).
أو (نبه عليه الأذرعي) معناه أنه معلوم من كلام الأصحاب، وإنما للأذرعي التنبيه عليه لا غير.
أو (كما ذكره الأذرعي) فالمراد أن ذلك من عند نفسه.
أو (الظاهر كذا) فهو من بحث القائل.
و (الفحوى) هو ما فهم من الأحكام بطريق القطع.
و (المقتضى) و (القضية) هو الحكم بالشيء لا على وجه الصراحة.
أو (زعم فلان) فهو بمعنى قال إلا أنه أكثر ما يقال فيما شك فيه.
ومن اصطلاحهم أنهم إذا نقلوا عن الإمام الحي فلا يصرحون باسمه لأنه ربما رجع عن قوله وإنما يقال: (قال بعض العلماء) فإن مات صرحوا باسمه .
والمقرر الناقل متى قال (وعبارته) تعين عليه سوق العبارة المنقولة بلفظها ولم يجز له تغيير شيء منها وإلا كان كاذباً.
ومتى قال: (قال فلان) كان بالخيار بين أن يسوق عبارته بلفظها أو بمعناها من غير نقلها، لكن لا يجوز له تغيير شيء من معاني ألفاظها.
__________
(1) "لأن نقله منه وسكوته عليه مع عدم التبري منه ظاهر في تقريره" (الفوائد المكية 138) نقلاً عن كشف اللثام للعلامة الكردي .(1/78)
وقولهم: (ملخصاً) فالمراد أن يأتي من ألفاظه بما هو المقصود .
وقولهم: (المعنى كذا) المراد به التعبير عن لفظه بما هو المفهوم منه.
وقولهم: (فيرد عليه كذا) وما اشتق من الورود يقال لما لا يندفع بزعم المعترض .
وقولهم: (ويتوجه) وما اشتق منه أعم منه من غيره.
وقولهم: (مع ضعف فيه)قد يقال لما فيه ضعف شديد أيضاً.
وقولهم: (ولقائل) لما فيه ضعف ضعيف.
أو (وفيه بحث) ونحوه لما فيه قوة سواءٌ تحقق الجواب أم لا.
و (قيل) و(يقال) و(لا يبعد) و(يمكن) صيغ تمريض تدل على ضعف مدلولها بحثاً كان أو جواباً.
أو (أقول) أو (قلت) لما هو خاصٌ بالقائل أو (حاصله) أو (محصله) أو (تحريره) أو( تنقيحه) أو نحو ذلك فإشارة إلى قصور في الأصل أو اشتماله على حشو.
(تأمل) إشارة إلى دقة المقام مرة، وإلى خدشٍ فيه أخرى، فهو إشارة إلى الجواب القوي.
(فتأمل) بالفاء إشارة إلى الضعيف.
(فليتأمل) إشارة إلى الأضعف.
(وفيه نظر) يستعمل في لزوم الفساد.
(ولقائل) إذا كان بسؤال قوي فجوابه أقول أو نقول بإعانة سائر العلماء.
(فإن قيل) إذا كان السؤال ضعيفاَ فجوابه أجيب ويقال .
(لا يقال) لما كان أضعف وجوابه لأنا نقول .
(فإن قلت) للسؤال إذا كان قوياً وجوابه قلنا أو قلت.
(قيل) يقال لما فيه اختلاف وضعف ما قالوه.
(محصل الكلام)يقال للإجمال بعد التفصيل.
(وحاصل الكلام) يقال للتفصيل بعد الإجمال.
(والتعسف) ارتكاب ما لا يجوز عند المحققين وقد يطلق على ارتكاب ما لا ضرورة فيه.
(وفيه تساهل) يستعمل في كلامٍ لا خطأ فيه.
(التسامح) هو استعمال اللفظ في غير موضعه الأصلي كالمجاز.
(التأمل) هو إعمال الفكر.
(التدبر) تصرف القلب بالنظر في الدلائل.
(تدبر) للسؤال في المقام.
(فتدبر) بمعنى التقرير والتحقيق لما بعده.
(وفي الجملة) يستعمل في الجزئي والإجمالي.
(وبالجملة) في الكليات والتفصيل.(1/79)
(اللهم إلا أن يكون كذا) قد يجيء حشواً أو بعد عموم حثاً للسامع، وتنبيهاً للمقيد المذكور قبلها.
(وقد يفرق) و(إلا أن يفرق) و(يمكن الفرق) صيغ فرق.
(وقد يجاب) و(إلا أن يجاب) و(لك أن تجيب) كلها جواب من قائله.
(ولك رده) و(يمكن رده) صيغ رد.
(لو قيل كذا) صيغة ترجيح.
ومثله (لم يبعد) ومثله (ليس ببعيد) ومثله (لكان قريباً) ومثله (أو أقرب).
وإذا اختلف المصنف والفتوى فالعمدة ما في المصنف، وإن وجدنا كلاماً في الباب وكلاماً في غير الباب فالعمدة ما في الباب.
وإن قالوا: (وإن) أو (ولو) فهو إشارة إلى الخلاف، فإن لم يوجد خلاف فإن لم يوجد خلاف فهو لتعميم الحكم، وأن البحث والإشكال والاستحسان والنظر لا يرد المنقول والمفهوم لا يرد الصريح.
(الأشهر كذا والعمل على خلافه) تعارض الترجيح من حيث دليل المذهب والترجيح من حيث العمل فساغ العمل بما عليه العمل.
وقول الشيخين (وعليه العمل) صيغة ترجيح.
(اتفقوا) و(هذا المجزوم به) و(هذا لاخلاف فيه) يقال فيما يتعلق بأهل المذهب لاغير.
(هذا مجمع عليه) يقال فيما اجتمعت عليه الأئمة.
(وفي صحته نظر) دليلٌ على أنهم لم يرو فيه نقلاً.
(ينبغي) الأغلب استعمالها في المندوب تارةً والوجوب أخرى، ويحمل على أحدهما بالقرينة وقد يستعمل للجواب والترجيح .
(لا ينبغي) قد تكون للتحريم أو الكراهة.
(وانتحله) ادعاه لنفسه وهو لغيره.
(وليس بشيء) تأكيد للضعيف.
(وفي النفس منه شيء) صيغة رد.
(وزعم كذا ممنوع) صيغة توجيه.
(لم أعثر عليه) صيغة استغراب.
المراد بالأصحاب المتقدمين
(تنبيه) في فتاوى ابن حجر ما لفظه: "وفي الاصطلاح أن المراد بالأصحاب المتقدمون وهم أصحاب الأوجه غالباً، وضبطوه بالزمن، وهم من الأربعمائة، ومن عداهم لا يسمون بالمتقدمين ولا بالمتأخرين .(1/80)
ويوجه هذا الإصطلاح بأن بقية هذا القرن الثالث من جملتهم السلف المشهود لهم على لسانه - صلى الله عليه وسلم - بأنهم خير القرون أي ممن بعدهم، فما قربوا من عصر المجتهدين خصوا تمييزاً لهم على من بعدهم باسم المتقدمين" اهـ(1)(2).
الخاتمة
نسأل الله حسنها
في تراجم الكتب
هي لغة: آخر الشيء(3) .
واصطلاحاً: اسم لألفاظٍ مخصوصة دالة على معانٍ مخصوصة جعلت آخر كتاب أو باب، ومنه هذه الخاتمة جعلتها آخر هذه الورقات في تعريف تراجم الكتب وهي:
(الكتاب) هو مصدر معناه لغةً: الضم والجمع(4).
واصطلاحاًً: اسم لجملة مختصة من العلم، ويعبر عنها بالباب، وبالفصل أيضاً فإن جمع بين الثلاثة قيل: الكتاب: اسم لجملة مختصة من العلم، مشتملة على أبواب وفصول ومسائل غالباً(5).
(والباب) لغةً: فتحة مملوءة بالهواء.
واصطلاحاً: اسم لجملة مختصة من الكتاب، مشتملة على فصول ومسائل غالباً(6).
و(الفصل) لغةً: الحاجز بين الشيئين(7).
واصطلاحاً: اسم لجملة مختصة من الباب، مشتملة على مسائل غالباً(8) .
و(المسألة) لغةً: السؤال(9).
واصطلاحاً: مطلوب خبري يبرهن عليه في العلم، كما في قولنا: الوتر مندوب، فثبوت الندب للوتر مطلوب خبري يبرهن عليه في العلم(10) .
و(الفرع) لغةً: ما انبنى على غيره، ويقابله الأصل(11).
__________
(1) الفتاوى الفقهية الكبرى (4/63)
(2) أما الآن وقبله فيراد بالمتأخرين من بعد الشيخين (انظر الفوائد المكية145) وقليلاً ما يراد بهم النووي والرافعي (انظر حواشي الشرواني1/43)
(3) انظر لسان العرب (12/163)
(4) انظر مختار الصحاح (234)
(5) انظر بجيرمي على الإقناع (1/78)
(6) انظر إعانة الطالبين (1/20)
(7) انظر لسان العرب (11/521)
(8) انظر شرح الزبد للرملي (29) وإعانة الطالبين (1/20)
(9) انظر مختار الصحاح (119)
(10) انظر إعانة الطالبين (1/20)
(11) انظر التعريفات (77)الحدود الأنيقة (66)(1/81)
واصطلاحاً: اسم لألفاظ مخصوصة، مشتملة على مسائل غالباً(1).
و(التنبيه) لغةً: الإيقاظ(2).
واصطلاحاً: عنوان البحث اللاحق الذي تقدمت له إشارة، بحيث يفهم من الكلام السابق إجمالاً، أي لفظ عنون به وعبر به عن البحث اللاحق(3).
و(الفائدة) لغةً: ما استفيد من علمٍ أو مال(4).
واصطلاحاً: المسالة المرتبة على الفعل من حيث هي كذلك، وعرفت بأنها كل نافع ديني أو دنيوي، ويقال: هي حصول مهم يؤثر في الفؤاد(5).
و(القاعدة) هي: أمر كلي يتعرف منه أحكام جزئياته، ويرادفها الضابط(6).
وقال أبو زرعة في الغيث الهامع: المراد بالقاعدة: ما لا يخص باباً من أبواب الفقه، فإن اختص ببعض الأبواب سمي ضابطاً(7).
و(الضابط) أمر كلي ينطبق على بعض جزئياته، لتعرف احكامه(8).
و(التتمة) ما تمم به الكتاب أو الباب، وهو قريب من معنى الخاتمة.
و(المقدمة) مأخوذة من مقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منها(9)، ومقدمة الكتاب لطائفة من كلامه قدمت أمام المقصود لارتباط له بها، وانتفاع بها فيه، سواء توقف عليها أم لا .
و(التذنيب) جعل الشيء ذنابةً للشيء، وهو كالتتميم والتكميل لما قبله(10).
و(الدقيقة) مأخوذة من دق الشيء صار دقيقاً، أي غامضاً، وأصل الدقة ضد الغلظ(11).
و(اللطيفة) طائفة من الكلام إذا كان تأثيرها في النفس بحيث يورث نوعاً من الانبساط.
__________
(1) انظر إعانة الطالبين (1/20)
(2) انظر اللسان (13/546)
(3) انظر إعانة الطالبين (1/21)
(4) انظر المختار (216)
(5) انظر تحفة المحتاج (1/38)
(6) انظر غمز عيون البصائر (1/2)
(7) ونحو هذا ذكره صاحب غمز عيون البصائر (1/2)
(8) انظر غمز عيون البصائر (1/2)
(9) مختار الصحاح (219)
(10) انظر تاج العروس (1/500)
(11) انظر المصباح (211)(1/82)
و(النكتة) طائفة من الكلام منقحة، مشتملة على لطيفة مؤثرة في القلوب(1)، وفي المصباح "والنكتة هي: اللطيفة المستخرجة بالفكرة المؤثرة في القلب، من نكت في الأرض نكتاً إذا أثر فيها بنحو قضيب"(2).
و(الإفادة) بيان ما في الضمير لمن ليس له ذلك.
و(الاستفادة) طلب تحصيل الشيء ممن عنده ذلك.
و(العبارة) ما قصد به الإفادة من لفظ أو غيره.
و(الفرق) ما أبدى معنى مناسباً للحكم في إحدى الصورتين غير مقصود في الأخرى.
و(القانون) عبارة عن المعنى الكلي المنطبق على جزئياته عند تعرفها منه(3).
(اعلم) كلمة يؤتى بها لشدة الاعتناء بما بعدها، والمخاطب بذلك كل من يتأتى منه العلم مجازاً، لأنه موضوع لأن يخاطب به.
وهاهنا أمسكنا جواد اليراع عن الطراد في ميدان البيان، لعله عشا تاسع ذي الحجة الحرام سنة تسعة وستين وثلاثمائة وألف هجرية، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية.
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
نظم القيلات
للشيخ: عبدالله بن سعيد اللحجي
الحمدلله العظيم الهادي
ثم الصلاة والسلام الدائم
محمد من نطقه الفصيح
سواه في أقواله السخيف
وآله وصحبه وعترته
وبعد ذا فعن لي أن أنظما
في سفرنا المعروف بالمنهاج
قصدي بها تيسيرها لحفظها
وربما ضاق مجال النظم
وها أنا أشرع في المراد
فأول منه حواه فصل
وهاك نصه بلفظ: "قيلا
والثاني في الفصل الذي في العارية
ولفظه الصريح فيه "قيل: أو
وفي كتاب الخلع ثالث يلي
مشهور لفظه: "وفي قول يقع
وفي الطلاق ألحقوا برابع
أوله وقبل قلت منطوي
كذاك في كيفية القصاص جا
خامسها ونصه "وقيل: لا
ذا الفصل فيه سادس ولفظه:
وفيه أيضاً سابع تراه في
وثامن قد جاء في القسامة
إليك نصه "وقيل: يكفي
وتاسع جاء قبيل الجزية
مسألة العلج وهاك "قيلا
وفي كتاب الصيد والذبائح
__________
(1) انظر التعريفات (316)
(2) لم أعثر عليه في المصباح وذكر الزبيدي في تاج العروس كلاماً قريبا من هذا (3/51)
(3) التعريفات (219)(1/83)
صريح لفظه: "وقيل: يحرم
وفي المسابقات والمناضله
قبيل أيمان بغير مرية
والثاني بعد العشر يامن قد حوى
بفصله الثاني أتاك آخره
سببه حَلَفَ" ثم لَقطُه
في العتق قد جاءك في الفصل الذي
وهاكه بلفظه: "وقيلا:
وصاحب المنهج زاد آخرا
صريح لفضه: "وقيل: يجب
هذا وتم ما قصدت نظمه
ثم الصلاة على النبي وآله ... إلى بيان مهيع الرشاد
على نبي شأنه المراحم
وقوله المقبول والصحيح
والشاذ والصحيح والضعيف
وتابع لنهجه من أمته
معتمد القيلات نظماً محكما
من أشرقت بنوره الدياجي
وقد تحريت صريح لفظها
فجئت بالممكن في ذا القسم
بعون ربي راحم العباد
شرط الزكاة في التجار الحول
تخير المالكُ" يا نبيلا
بعد الكتاب يا أخي كن دارية
يملكه بقيمةٍ" كذا رووا
بثلثين قبل فصل أول
بمهر مثلٍ" صاح شمر ترتفع
محله منه بفصل رابع
إليك لفظه "وقيل المنوي"
بفصله الثاني أتى مندرجا
يدخل" فافهم واحذر التغافلا
"في قولٍ السيفُ" مهم حفظه
"قولٍ كفعله" فحاذر يختفي
في الفصل بعده أيا من رامه
أوضح رأسه" فخذ ما تلفي
لفصله قد جاء آخر جملة
قيمتها" فادر تكن نبيلا
في نصفه العاشر جا بواضح
العضو" إن ذا لأمر مبرم
حادي عشر جاء بلا مجادلة
ولفظه "وقيل بالسوية"
للعلم خذه بكتاب الدعوى
وهو "وقيل: إن ادعى مباشرة
وثالث العشر أتاك بعده
بعد الكتاب فادر هذا واحتذي
من رأَس المال" تم ما قد قيلا
وهي به تكون أربع عشرا
التفصيل" فاحفظ ما ذكرت تنجب
حمداً لمن يسر على ختمه
وصحبه ومن على منواله
الفهرس
المقدمة
ترجمة مؤلف الرسالة
سبب تأليف هذه الرسالة
الفصل الأول في ذكر المنهاج ومؤلفه وذكر من اعتنى به
سند المؤلف
مختصرات المنهاج
منظومات المنهاج
شروح المنهاج
أحسن شروح المنهاج
الشروح المعتمدة
بيان معتمد الفتوى
الفصل الثاني في ذكر أمهات االمنهاج التي اختصر منها
الرافعي وكتابه المحرر
شروح المحرر
مختصرات المحرر
سبب تسمية المحرر بهذا الاسم
شروح واختصارات الوجيز
مختصرات فتح العزيز(1/84)
حواشي الروضة
شروح الوسيط
كتاب الأم
هل تغني الطباعة عن الكتابة ؟
حكم كتابة العلم
الفصل الثالث: في بيان مصطلحات الإمام النووي في كتبه وما يقدم منها إذا اختلف بعضها عن بعض
كتب النووي
مراتب هذه الكتب
مصطلحات النووي في كتبه
التعبير بالأظهر
التعبير بالمشهور
التعبير بالأصح
تخريج الوجوه
الآخذون عن الشافعي بالوساطة
التعبير بالصحيح
طريق علمنا بالراجح من أقوال الإمام
حكم العمل بالمرجوح
التعبير بالجديد
التعبير بالقديم
المذهب القديم ليس مذهباً للشافعي
المسائل المفتى بها على القديم
قضاء القاضي وإفتاء المفتي بغير الراجح من مذهبه
التعبير بالمذهب
التعبير بقيل
التعبير بفي قول
القيلات المعتمده
التعبير بالقولين
التعبير بالنص والمنصوص
التعبير بـ(في وجه كذا)
التعبير بالوجهين
التعبير بالأوجه
التعبير بـ(في قول أو وجه)
التعبير بـ(كذا أو وكذا)
إعراب ما بعد (كذا)
زيادات النووي على المحرر
جملة كتب وأبواب وفصول وفروع المنهاج
المسائل الضعيفة في المنهاج بدون صيغة (قيل) و(في قول)
القوة والضعيف من المصطلحات
اختيارات الإمام النووي
اختلاف عبارات النووي التصحيحية
بيان المعتمد
شرط النقل من الكتب المعتمدة
الفصل الرابع :في اصطلاحات صاحب التحفة والنهاية والمغني وغيرهم من الفقهاء مما أودعوه في طي إشاراتهم
قاعدة كما ولكن في التحفة
الخاتمة
نظم القيلات(1/85)